(تسنمت من غصون البان منظرة ... تحطه الرّيح أَحْيَانًا وترفعه)
(خضباء ضافية السربال ناعمة ... جنابها دمث الأكناف ممرعه)
(لَا إلفها نازح تنهل أدمعها ... عَلَيْهِ وجدا كَمَا تنهل أدمعه)
)
(عاثت يَد الْبَين فِي قلبِي تقسمه ... على الْهوى وعَلى الذكرى توزعه)
(كَأَنَّمَا آلت الْأَيَّام جاهدة ... لما تبدد شملي لَا تجمعه)
(روعت يَا دهر قلبِي بالبعاد وَكم ... قد بَات قلبِي وَلَا شَيْء يروعه)
(وَأَنت يَا بَين قلبِي كم تذوقه ... مر الأسى وفؤادي كم تجرعه)
(وَكم مرام لقلبي لَيْسَ يبلغهُ ... تصده عَنهُ أَسبَاب وتمنعه)
(من لي بِمن قلبه قلبِي فأسمعه ... بثي فيبسط من عُذْري ويوسعه)
(قل الْوَفَاء فَمَا أَشْكُو إِلَى أحد ... غلا أكب على قلبِي يقطعهُ)
(يَا خَالِي الْقلب قلبِي حشوه حرق ... وهاجع اللَّيْل ليلِي لست أهجعه)
(إِن خُنْت عهدي فَإِنِّي لم أخنه وَإِن ... ضيعت ودي فَإِنِّي لَا أضيعه)
(هَذَا مقَام ذليل عز ناصره ... يشكو إِلَيْك فَهَل شكواه تَنْفَعهُ)
(يلومه فِي الْهوى قوم وَمَا علمُوا ... أَن الْمَلَامَة تغريه وتولعه)
(من لَا يكابد فِيهِ مَا أكابده ... مِنْهُ ويوجعني مَا لَيْسَ يوجعه)
(تمر أَقْوَالهم صفحاً على أُذُنِي ... مر الرِّيَاح بسلمى لَا تزعزعه)
(من منقذي من يَدي من لَيْسَ يرحمني ... يقتادني للهوى المردي فَأتبعهُ)
(آتيه بِالصّدقِ من قولي فيدفعه ... ظنا ويكذبه الواشي فيسمعه)
(لَو خفف الثّقل عَن قلبِي وَعلله ... بالوعد كنت أمنيه وأطمعه)
(لكنه صرح الهجران فالتهبت ... نَار التأسف بالأحشاء تسفعه)
(أَقُول أسلو فتأتيني بدائعه ... تترى بِكُل شَفِيع لست أدفعه)
(وَلَيْلَة زارني فِيهَا على عجل ... والشوق يحفزه وَالْخَوْف يفزعه)
وَبَات مستنطقاً أوتار مزهره الفصاح يتبعهَا طوراً وتتبعه
(إِذا لوت كفها الملوى سَمِعت لَهَا ... وَقعا يلذ على الأسماع موقعه)
(فَبت أنظرهُ بَدْرًا وأرشفه ... خمرًا وأقطفه وردا وأسمعه)
(وَقَامَ والوجد يبطيه ويعجله ... ضوء الصَّباح وأنفاسي تودعه)(6/176)
قلت أَظُنهُ عَارض بِهَذِهِ القصيدة عَيْنِيَّة ابْن زُرَيْق الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا
(لَا تعذليه فَإِن العذل يولعه ... قد قلت حَقًا وَلَكِن لَيْسَ أسمعهُ)
)
وجيد هَذِه أَكثر من جيد تِلْكَ وَكَانَت وَفَاة ابْن الدبيثي بواسط سنة ثَمَان وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو عَليّ النَّحْوِيّ ختن ثَعْلَب)
أَحْمد بن جَعْفَر الدينَوَرِي ختن ثَعْلَب أَبُو عَليّ أحد المبرزين المصنفين فِي نحاة مصر كَانَ يخرج من مجْلِس ثَعْلَب وَهُوَ جَالس على بَاب دَاره والطلبة عِنْده فيتخطى ثعلباً وَأَصْحَابه ومحبرته مَعَه وَيتَوَجَّهُ إِلَى الْمبرد ليقْرَأ عَلَيْهِ كتاب سِيبَوَيْهٍ فيعاتبه ثَعْلَب على ذَلِك وَيَقُول إِذا رآك النَّاس تفعل هَذَا يَقُولُونَ مَاذَا فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ قَالَ المصعبي سَأَلت أَبَا عَليّ كَيفَ صَار الْمبرد أعلم بِكِتَاب سِيبَوَيْهٍ من ثَعْلَب قَالَ لِأَنَّهُ قَرَأَ الْكتاب على الْعلمَاء وثعلب قَرَأَهُ على نَفسه وَقدم أَبُو عَليّ الْبَصْرَة وَأخذ عَن الْمَازِني كتاب سِيبَوَيْهٍ ثمَّ دخل إِلَى بغداذ فَقَرَأَ على الْمبرد ثمَّ قدم مصر وَألف كتاب الْمُهَذّب فِي النَّحْو وَكتب فِي صَدره اخْتِلَاف الْكُوفِيّين والبصريين وَعزا كل مَسْأَلَة إِلَى صَاحبهَا وَلم يعتل لكل مِنْهُم وَلَا احْتج لَهُ فَلَمَّا أمعن فِي الْكتاب ترك الِاخْتِلَاف وَنقل مَذْهَب الْبَصرِيين وعول فِي ذَلِك على كتاب الْأَخْفَش سعيد بن مسْعدَة وَله مُخْتَصر فِي ضمائر الْقُرْآن استخرجه من كتاب الْمعَانِي للفراء وَلما قدم عَليّ بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش إِلَى مصر خرج أَبُو عَليّ مِنْهَا فَلَمَّا رَجَعَ الْأَخْفَش إِلَى بغداذ عَاد أَبُو عَليّ إِلَى مصر وَأقَام بهَا حَتَّى مَاتَ وَله كتاب إصْلَاح الْمنطق وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (جحظة الْبَرْمَكِي)
أَحْمد بن جَعْفَر بن مُوسَى بن يحيى بن خَالِد بن برمك هُوَ أَبُو الْحسن جحظة الْبَرْمَكِي النديم لقِيه ابْن المعتز فَقَالَ لَهُ مَا حَيَوَان إِذا قلب صَار آلَة للبحرية فَقَالَ علق إِذا عكس صَار قلعاً فَقَالَ أَحْسَنت يَا جحظة فَلَزِمَهُ هَذَا اللقب وَكَانَ فِي عَيْنَيْهِ نتو جدا وَكَانَ قَبِيح المنظر وَكَانَ الْمُعْتَمد يلقبه خنياكر وَكَانَ حسن الْأَدَب كثير الرِّوَايَة للْأَخْبَار متصرفاً فِي فنون من النَّحْو واللغة والنجوم مليح الشّعْر مَقْبُول الْأَلْفَاظ حَاضر النادرة وَكَانَ طنبورياً فائقاً لَهُ من التصانيف كتاب الطبيخ كتاب مَا جمعه مِمَّا جربه المنجمون فصح من الْأَحْكَام كتاب الطنبوريتين فَضَائِل السكباج كتاب مَا شهده من الْمُعْتَمد ديوَان شعره كتاب الترنم كتاب المشاهدات وَكَانَ جحظة وسخاً قذراً دني النَّفس قَلِيل الدّين قيل عَنهُ كَانَ لَا يَصُوم شهر رَمَضَان قَالَ أَبُو الْقَاسِم الْحُسَيْن ابْن عَليّ البغداذي كَانَ جحظة عِنْد أبي يَوْمًا(6/177)
فِي شهر رَمَضَان فاحتبسه فَلَمَّا كَانَ نصف النَّهَار سرق من الدَّار رغيفاً وَدخل المستراح وَجلسَ على)
المقعدة يَأْكُل وَاتفقَ أَن دخل أبي فَرَآهُ فاستعظم ذَلِك وَقَالَ مَا هَذَا قَالَ أفت لبنات وردان مَا يَأْكُلُون فقد رحمتهم من الْجُوع وَقَالَ أَبُو الْحسن أَحْمد بن يُوسُف التنوخي حَدثنِي أَبُو عَليّ ابْن الْأَعرَابِي الشَّاعِر قَالَ كنت فِي دَعْوَة جحظة فَأكلت وَجَلَسْنَا نشرب وَهُوَ يني إِذْ دخل رجل فَقدم إِلَيْهِ جحظة زلَّة كَانَ زلها من طَعَامه وَنحن نَأْكُل وَكَانَ بَخِيلًا على الطَّعَام وَكَأن الرجل كَانَ طاوياً فَأتى على الزلة وَرفع الطيفورية فارغة وجحظة يزرقه وَنحن نلمح جحظة وَنَضْحَك فَلَمَّا فرغ قَالَ لَهُ جحظة تلعب معي بالنرد قَالَ نعم فوضعاه بَينهمَا وَلَعِبًا فتوالى الغلب على جحظة فَأخْرج جحظة رَأسه من قبَّة الخيش وَرَفعه إِلَى السَّمَاء وَقَالَ كَأَنَّهُ يُخَاطب الله تَعَالَى وَإِنِّي ستحق هَذَا لِأَنِّي أشبعت من أجعته وَحدث جحظة فِي أَمَالِيهِ قَالَ كنت أشْرب عِنْد بعض إخْوَانِي فِي ناعورة ثَابت الرصاصي فِي يَوْم مطر ومعنا شيخ خضيب حشن البزة متصدر فتجارينا ذكر الْمَطَر وَمَا جَاءَ فِيهِ من الْخَبَر فَقَالَ ذَلِك الشَّيْخ حدثونا يَا سَيِّدي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وعَلى أَصْحَابه با بكر وبا حَفْص وعَلى النَّبِيين السريين مُنكر وَنَكِير وعَلى عمر ابْن الْعَاصِ قَاتل الْكفَّار يَوْم غَدِير خم وَصَاح براية النَّبِي يَوْم القطائف يُرِيد يَوْم الطَّائِف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من قَطْرَة تنزل من السَّمَاء إِلَّا ومحا ملك يتبحا حَتَّى يضحا فِي موضحاً ثمَّ يصعد ويدحا فَقلت يَا شيخ فالقطر يَقع من الكنيف فالملك ينزل مَعَه قَالَ نعم يَا سَيِّدي فيهم مَا فِي النَّاس من الدناءة والخسة قلت يُرِيد مَا من قَطْرَة تنزل من السَّمَاء إِلَّا وَمَعَهَا ملك يتبعهَا حَتَّى يَضَعهَا فِي موضعهَا ثمَّ يصعد ويدعها فأبدل الْعين حاء مُهْملَة وَمن شعره
(لي صديق مغرى بقربي وشدوي ... وَله عِنْد ذَلِك وَجه صفيق)
(قَوْله إِن شدوت أَحْسَنت زِدْنِي ... وبأحسنت لَا يُبَاع الدَّقِيق)
وَقَالَ جحظة
(وَمن كلفي إِيَّاه أمطر ناظري ... إِذا هُوَ أبدي من ثناياه لي برقا)
(كَأَن دموعي تبصر الْوَصْل هَارِبا ... فَمن أجل ذَا تجْرِي لتدركه سبقا)
وَقَالَ
(إِذا مَا ظمئت إِلَى رِيقه ... جعلت المدامة مِنْهُ بديلا)
(وَأَيْنَ المدامة من رِيقه ... وَلَكِن أعلل قلبِي قَلِيلا)
)
وَقَالَ
(أَقُول لَهَا وَالصُّبْح قد لَاحَ ضوءه ... كَمَا لَاحَ ضوء البارق المتألق)
(شبيهك قد وافى وآن افتراقنا ... فَهَل لَك فِي صَوت وكأس مروق)
(فَقلت شفائي فِي الَّذِي قد ذكرته ... وَإِن كنت قد نغصته بالتفرق)
وَقَالَ(6/178)
(أَي شَيْء رَأَيْت أعجب من ذَا ... إِن تفكرت سَاعَة فِي الزَّمَان)
(كل شَيْء من السرُور بِوَزْن ... والبلايا تكال بالقفزان)
وَقَالَ
(وليل فِي كواكبه حران ... فَلَيْسَ لطول مدَّته انْقِضَاء)
(عدمت مطالع الإصباح فِيهِ ... كَأَن الصُّبْح جود أَو وَفَاء)
وَقَالَ
(رحلتم فكم من أنة بعد أنةٍ ... مبينةٍ للنَّاس شوقي إِلَيْكُم)
(وَقد كنت أعتقت الجفون من البكا ... وَقد ردهَا فِي الرّقّ حزني عَلَيْكُم)
وَكتب إِلَى أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الله المسمعي وَكَانَ قائداً جَلِيلًا يتقلد الْبَصْرَة وَفَارِس
(إِلَيْك أَبَا إِسْحَاق عني رِسَالَة ... تزين الْفَتى إِن كَانَ يعشق زينه)
(لقد كنت غضباناً على الدَّهْر زارياً ... عَلَيْهِ فقد أصحلت بيني وَبَينه)
وَقَالَ سلمت على بعض الرؤساء وَكَانَ مبخلاً فَلَمَّا أردْت الِانْصِرَاف قَالَ يَا أَبَا الْحسن إيش تَقول فِي قطائف بائتة وَلم يكن لَهُ بذلك عَادَة فَقلت مَا آبي ذَلِك فأحضر لي جَاما فِيهِ قطائف قد خمت فأوجفت فِيهَا وصادفت مني سغبة وَهُوَ ينظر إِلَيّ شزراً فَقَالَ لي إِن القطائف إِذا كَانَت بجوز أتخمتك وَإِذا كَانَت بلوز أبشمتك قلت هَذَا إِذا كَانَت قطائف وَأما إِذا كَانَت مصوصاً فَلَا وَقلت لوقتي
(دَعَاني صديق لي لأكل قطائف ... فأمعنت فِيهَا آمنا غير خَائِف)
(فَقَالَ وَقد أنضجت بِالْأَكْلِ قلبه ... ترفق قَلِيلا فَهِيَ إِحْدَى المتالف)
(فَقلت لَهُ مَا إِن سمعنَا بميت ... يناح عَلَيْهِ يَا قَتِيل القطائف)
وَقَالَ سَأَلت الْحسن بن مخلد حَاجَة فَقَالَ إِذا كَانَ بعد ثَلَاث عرفتك فَقلت يَا سَيِّدي تعدني أَن)
تعدني وَلِصَاحِب الأغاني أبي الْفرج مُجَلد فِي أَخْبَار جحظة ومولده سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة فَعَاشَ مائَة سنة وَجمع ابْن الْمَرْزُبَان أخباره وأشعاره أَيْضا
3 - (ابْن الْمُنَادِي الْحَافِظ)
أَحْمد بن جَعْفَر ابْن الْمُحدث جَعْفَر ابْن الْمُنَادِي البغداذي الْحَافِظ قَالَ الْخَطِيب كَانَ صلب الدّين شرس الْأَخْلَاق توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة(6/179)
3 - (أَبُو بكر الْخُتلِي)
أَحْمد بن جَعْفَر بن سلم أَبُو بكر الْخُتلِي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالتَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف مُشَدّدَة وَاللَّام أَخُو مُحَمَّد وَعمر وَهُوَ الْأَصْغَر قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَالحا ثِقَة ثبتاً كتب عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ ونقال أَبُو نعيم كتب من الْقرَاءَات والتفاسير أمرا عَظِيما وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو بكر الْقطيعِي)
أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان بن مَالك بن شبيب أَبُو بكر الْقطيعِي البغداذي سمع وروى وَكَانَ مُسْند الْعرَاق فِي زَمَانه كَانَ قد غرقت كتبه فاستحدث نسخا من كتب لم يكن فِيهَا سَمَاعه فغمزه النَّاس وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين غلا أَنا لم نر أحدا ترك الِاحْتِجَاج بِهِ وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَجَمَاعَة ولد فِي أول سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الأكار الزَّاهِد)
أَحْمد بن جَعْفَر الأكار أَبُو الْعَبَّاس الزَّاهِد من أهل الحربية كَانَ ورعاً زاهداً دَائِم الْفِكر سريع الدمعة عِنْد ذكر الله تَعَالَى مخفياً لأحواله مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مَشْغُولًا بِالْعبَادَة مجاب الدعْوَة ظَاهر الكرامات يعد فِي دَرَجَة الشَّيْخ أبي الْحسن الْقزْوِينِي الزَّاهِد سمع الحَدِيث من الْحُسَيْن بن طَلْحَة النعالي وَأبي الْمَعَالِي ثَابت بن بنْدَار الْبَقَّال وَغَيرهمَا وَحدث بِالْقَلِيلِ وَكَانَ يكره من يقبل يَده وَيَقُول من أَنا وَإِذا اجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فِي مَوضِع فِي الْجَامِع صلى الْجُمُعَة الْأُخْرَى فِي مَكَان غَيره حَتَّى لَا يعرف توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس البديعي)
)
أَحْمد بن جَعْفَر أَبُو الْعَبَّاس البديعي ذكره الثعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة وَأورد لَهُ
(ألصق صَدْرِي بصدره فَشَكا ... قلبِي إِلَى قلبه الَّذِي يجد)
(فاعجب لقلب شكا هَوَاهُ إِلَى ... قلب سواهُ وَمَا درى الْجَسَد)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(مَا ترى الجو بالصفا ... ونسيم الصِّبَا كسي)
(ونجوماً تخالها ... بندقاً طحن عَن قسي)
وَأورد لَهُ وَقيل لغيره
(وَمن خدم السُّلْطَان أكْرم نَفسه ... وَلكنه عَمَّا قَلِيل أهانها)(6/180)
(وَمن عبد النيرَان لم ينْتَفع بهَا ... وَلم يلق إِلَّا حرهَا ودخانها)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُعْتَمد)
أَحْمد بن جَعْفَر الْمُعْتَمد على الله أَبُو الْعَبَّاس ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل ابْن المعتصم ولد سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ بسر من رأى وَأمه رُومِية اسْمهَا فتيَان كَانَ أسمر اللَّوْن أعين خَفِيفا لطيف اللِّحْيَة جميلاً توفّي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لإحدى عشر لَيْلَة بقيت من شهر رَجَب فَجْأَة ببغداذ سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَحمل وَدفن بسر من رأى وَكَانَت خِلَافَته ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَسِتَّة أَيَّام وَالصَّحِيح ثَلَاثَة أَيَّام قيل إِنَّه سم فِي رُؤُوس الجداء وَقيل بل غم فِي بِسَاط وَقيل سم فِي كأس وَقيل إِن الَّذين أكلُوا مَعَه الرؤوس مَاتُوا وَكَانَ مهموكاً على اللَّذَّات فاستولى أَخُوهُ الْمُوفق على الْأُمُور وَكَانَ يشرب ويعربد على الندماء واستخلف بعده المعتضد ابْن أَخِيه الْمُوفق قَالَ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء وَكَانَ يَقُول الشّعْر المكسور وَيكْتب لَهُ بِالذَّهَب ويغني فِيهِ المغنون فِيمَا صَحَّ وَزنه من شعره فِي رِوَايَة الصولي
(طَال وَالله عَذَابي ... واهتمامي واكتئابي)
بغزال من بني الْأَصْفَر لَا يعنيه مَا بِي
(أَنا مغرى بهواه ... وَهُوَ مغرى بعذابي)
(فَإِذا مَا قلت صلني ... كَانَ لَا مِنْهُ جوابي)
وَمن شعره وَقد نَقله الْمُوفق من مَكَان إِلَى مَكَان
(ألفت التباعد والغربه ... فَفِي كل يَوْم لنا تربه)
)
(وَفِي كل يَوْم أرى حَادِثا ... يُؤَدِّي إِلَى كَبِدِي كربه)
(أَمر الزَّمَان لنا طعمه ... فَمَا إِن أرى سَاعَة عذبه)
وَمن شعره أَيْضا
(بليت بشادن كالبدر حسنا ... يُعَذِّبنِي بأنواع الْجفَاء)
(ولي عينان دمعهما غزير ... ونومهما أعز من الْوَفَاء)
وأطربته يَوْمًا مغنية فَأمر لَهَا بتبر يسير فَلم ينجز لَهَا فَقَالَ
(أَلَيْسَ من الْعَجَائِب أَن مثلي ... يرى مَا قل مُمْتَنعا عَلَيْهِ)
(وتؤكل باسمه الدُّنْيَا جَمِيعًا ... وَمَا من ذَاك شَيْء فِي يَدَيْهِ)
3 - (المعتز بِاللَّه)
أَحْمد بن جَعْفَر أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتز بِاللَّه فَتقدم ذكره فِي مُحَمَّد بن جَعْفَر فليطلب هُنَاكَ فِي المحمدين(6/181)
3 - (الْكَاتِب الْأَزجيّ)
أَحْمد بن حَنْبَل بن الْحسن بن جميل الشَّيْبَانِيّ أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب الْأَزجيّ كَانَ أديباً فَاضلا أنشأ المقامات الْعشْرين نظماً ونثراً رَوَاهَا عَنهُ وَلَده يُوسُف توفّي سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة من شعره فِي بُسْتَان
(سقتها الْجنُوب بكأس الغيوم ... فقضبانها مائلات سكارى)
(وللطل إِذْ ذَاك فَوق الغصون ... بقايا تساقط مِنْهَا ثمارا)
كَأَن بقاياه فَوق الشَّقِيق دمع الصبى فِي خدود العذارى
(فَإِن مر عَنْهَا نسيم الشمَال ... فأحداقها ناظرات حيارى)
(وَإِن فتقتها أكف الصبى ... ظَنَنْت الْجَوَارِي يفتقن فَارًّا)
قلت شعر متوسط
3 - (الْمروزِي)
أَحْمد بن جميل الْمروزِي وَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (المصِّيصِي)
أَحْمد بن جناب المصِّيصِي قَالَ صَالح جزرة صَدُوق وروى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ)
وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَنَفِيّ الْكُوفِي)
أَحْمد بن جواس الْحَنَفِيّ الْكُوفِي روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الطَّوِيل)
أَحْمد بن حَاتِم الطَّوِيل وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ توفّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْبَاهِلِيّ أَبُو نصر اللّغَوِيّ)
أَحْمد بن حَاتِم أَبُو نصر الْبَاهِلِيّ صَاحب الْأَصْمَعِي روى عَن الْأَصْمَعِي كتبه وَقيل إِنَّه كَانَ ابْن أُخْت الْأَصْمَعِي وَكَانَ أَبُو جَعْفَر ابْن باسويه يُنكره(6/182)
وروى عَن أبي عُبَيْدَة وَأبي زيد وَأقَام ببغداذ وَرُبمَا حكى الشَّيْء بعد الشَّيْء عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَله من التصانيف كتاب الشّجر والنبات كتاب اللبإ وَاللَّبن كتاب الْإِبِل كتاب أَبْيَات الْمعَانِي اشتقاق الْأَسْمَاء الزَّرْع وَالنَّخْل الْخَيل الطير الْجَرَاد كتاب مَا يلحن فِي الْعَامَّة حدث المرزباني عَن أبي عمر الزَّاهِد قَالَ قَالَ ثَعْلَب دخلت على يَعْقُوب بن السّكيت وَهُوَ يعْمل إصْلَاح الْمنطق فَقَالَ يَا أَبَا الْعَبَّاس رغبت عَن كتابي فَقلت لَهُ كتابك كَبِير وَأَنا عملت الفصيح للصبيان ثمَّ قَالَ صر معي إِلَى أبي نصر صَاحب الْأَصْمَعِي فقد سَأَلته عَن بَيت شعر فَأَجَابَنِي جَوَابا لم أرضه وأعيده عَلَيْهِ فَقلت لَا تفعل فَإِنَّهُ عِنْده أجوبة وَقد أجابك بِبَعْضِهَا فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ سَأَلَهُ عَن الْبَيْت فَقَالَ لَهُ يَا مؤاجر أَنْت وَهَذَا وَأَنا قربتك حَتَّى رموني بك عِنْدِي عشرُون جَوَابا فِي هَذَا فَخَجِلَ من ذَلِك وَخَرجْنَا فَقلت لَهُ لَا مقَام لَك هُنَا اخْرُج من سر من رأى واكتب إِلَيّ بِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ لأسأل عَنهُ وأعرفك إِيَّاه وأقدمه الخصيب بن أسلم إِلَى أَصْبَهَان فجَاء بعد سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَمَعَهُ مصنفات الْأَصْمَعِي وأشعار شعراء الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام ثمَّ تأهب لِلْحَجِّ وأودع كتبه لمُحَمد بن الْعَبَّاس مؤدب أَوْلَاد عبد الله بن الْحسن فأنسخها النَّاس فَلَمَّا عَاد من الْحَج علم بذلك وَقَامَت قِيَامَته وَدخل إِلَى عبد الله بن الْحسن وَذكر لَهُ أمره فَجمع لَهُ من أهل الْبَلَد عشرَة آلَاف دِرْهَم
3 - (ابْن أبي كَامِل)
أَحْمد بن حَاتِم بن إِبْرَاهِيم بن زَاذَان فروخ الرَّازِيّ ابْن أبي كَامِل أَبُو الْعَبَّاس مولى بني هَاشم أَصله من فَارس وَكَانَ أديباً ظريفاً مفنناً فِي الْأَدَب وَهُوَ خَال أَوْلَاد أبي الْحسن عَليّ بن يحيى)
المنجم وَكَانَ أَحْمد صديق عبد الصَّمد ابْن المعذل ولعَبْد الصَّمد فِيهِ مديح حسن وَأورد الْمَرْزُبَان فِي المعجم لِأَحْمَد الْمَذْكُور
(لَا أرى فِيمَن أرى شبها ... لَك غير الْبَدْر فِي الظُّلم)
(غير أَن الْبَدْر لَيْسَ لَهُ ... لحظ تَدْعُو إِلَى السقم)
وَقَالَ فِي جَارِيَة اسْمهَا ظَبْي
(وَقَائِل من تحب قلت لَهُ ... ولي فؤاد يطوى على ولهه)
(انْظُر إِلَى الظبي وَهِي جَارِيَة ... تشكره فِي اسْمه وَفِي شبهه)
وَقل فِيهَا
(سميت ظَبْيًا حِين أشبهته ... زيد الَّذِي سماك تثبيتا)
(الْبَدْر أولى أَن تسمى بِهِ ... إِن كنت بالأشباه سميتا)
قلت كَذَا قَالَ الْمَرْزُبَان وَالظَّاهِر أَن هَذَا الشّعْر فِي غُلَام إِذْ لَو كَانَ فِي جَارِيَة لكسر التَّاء فِي قافية الْبَيْت وَالله أعلم(6/183)
3 - (الخراز الراوية)
أَحْمد بن الْحَارِث بن الْمُبَارك الخراز أَبُو جَعْفَر راوية أبي الْحسن الْمَدَائِنِي والعتابي كَانَ راوية مكثراً مَوْصُوفا بالثقة وَكَانَ شَاعِرًا وَهُوَ من موَالِي الْمَنْصُور توفّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَقيل ثَمَان وَخمسين وَهُوَ الَّذِي قَالَ البحتري لما عَابَ عَلَيْهِ شَيْئا من شعره
(الْحَمد لله على مَا أرى ... من قدر الله الَّذِي يجْرِي)
(مَا كَانَ ذَا الْعَالم من عالمي ... يَوْمًا وَلَا ذَا الدَّهْر من دهري)
(يعْتَرض الحرمان فِي مطلبي ... وَيحكم الخراز فِي شعري)
وَمن شعر الخراز فِي إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر وحاجبه بشر
(وَجه جميل وحاجب صلف ... كَذَاك أَمر الْمُلُوك يخْتَلف)
(يَا حسن الْوَجْه والفعال وَيَا ... أكْرم وَجه سما بِهِ شرف)
وَيَا قَبِيح الفعال بالحاجب الغث الَّذِي كل أمره تطف
(فَأَنت تبني وَبشر يهدمه ... والمدح والذم لَيْسَ يأتلف)
وَقَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر كَانَ الخراز ذَا فهم وَمَعْرِفَة صَدُوقًا سمع من الْمَدَائِنِي كتبه كلهَا وَهُوَ)
بغداذي روى عَنهُ السكرِي وَابْن أبي الدُّنْيَا وَغَيرهمَا وَكَانَ كَبِير الرَّأْس طَوِيل اللِّحْيَة كبيرها حسن الْوَجْه كَبِير الْفَم ألثغ خضب قبل مَوته بِسنة خضاباً قانئاً فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ إِن مُنْكرا ونكيراً إِذا حضرا مَيتا فرأياه خضيباً قَالَ مُنكر لنكير تجاف عَنهُ وَله من الْكتب كتاب المسالك والممالك كتاب أَسمَاء الْخُلَفَاء وكتابهم والصحبة كتاب مغازي الْبَحْر فِي دولة بني هَاشم وَذكر أبي حَفْص صَاحب أقريطش وَكتاب الْقَبَائِل وَكتاب الْأَشْرَاف كتاب مَا نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ كتاب أَبنَاء السراري كتاب نَوَادِر الشُّعَرَاء كتاب مُخْتَصر كتاب الْبُطُون كتاب مغازي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسراياه وأزواجه كتاب أَخْبَار بني الْعَبَّاس كتاب الْأَخْبَار والنوادر كتاب سجية الْبَرِيد كتاب النّسَب كتاب الحلائب والرهان
كتاب جمهرة نسب الْحَارِث بن كَعْب وأخبارهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَمن شعره
(إِنِّي امْرُؤ لَا أرى بِالْبَابِ أقرعه ... إِذا تنمر دوني حَاجِب الْبَاب)
(وَلَا ألوم امْرَءًا فِي رد ذِي شرف ... وَلَا أطالب ود الكاره الآبي)(6/184)
وَقَالَ قصدية نوينة لما قتل بغا باغر التركي وهاجت الأتراك على المستعين بِاللَّه وخافهم وَانْحَدَرَ من سر من رأى إِلَى بغداذ أَولهَا
(لعمري لَئِن قَاتلُوا باغراً ... لقد هاج باغر حَربًا طحونا)
وفر الْخَلِيفَة والقائدان بِاللَّيْلِ يَلْتَمِسُونَ السفينا وَحل ببغداذ قبل الشروقفحل بهم مِنْهُ مَا يكرهونا
(فليت السَّفِينَة لم تأتنا ... وغرقها الله والراكبينا)
3 - (صَاحب الْمسند)
أَحْمد بن حَازِم بن أبي غرزة بالغين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا رَاء قبل الزَّاي الْغِفَارِيّ الْكُوفِي أحد الْأَثْبَات المجودين لَهُ مُسْند مَشْهُور ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات توفّي سنة سِتّ وسعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن عصبَة)
أَحْمد بن حَامِد بن عصبَة القَاضِي جمال الدّين قَاضِي بغداذ الْحَنْبَلِيّ الَّذِي عزّر لفي أَيَّام خربندا توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (الْعَزِيز عَم الْعِمَاد)
أَحْمد بن حَامِد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن مَحْمُود بن هبة الله الْمَعْرُوف بأله بِفَتْح الْهمزَة)
وَضم اللَّام وَهُوَ الْعقَاب هَكَذَا قَيده ابْن خلكان فِي تَارِيخ ورأيته بِخَط جمَاعَة بِضَم الْهمزَة وَاللَّام أَبُو نصر ابْن أبي الرَّجَاء الْقرشِي الْكَاتِب الملقب بالعزيز عَم الْعِمَاد الْكَاتِب الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ مُسْتَوْفيا من قبل السُّلْطَان مَحْمُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه مقرباً عِنْده يجْرِي أُمُور الوزارة على يَدَيْهِ إِلَى أَن ولي الوزارة القوام الدركزيني فَلم يزل يحط عَلَيْهِ إِلَى أَن اعتقل بتكريت وَمَات السُّلْطَان وَتَوَلَّى أَخُوهُ طغرل وسعى الْوَزير فِي قتل الْعَزِيز فسم فَمَاتَ شَهِيدا وصلب الدركزيني بعد سمه بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ الْعَزِيز كَاتبا منشئاً ينظم وينثر قدم بغداذ وَأقَام بهَا وَكَانَ ذَا بر ومعروف وصدقات كَثِيرَة ومجلدات وَله فِي محلّة العتابيين مكتب أَيْتَام إِلَى جَانب تربته قَالَ ابْن النجار وَهُوَ على حَاله إِلَى يَوْمنَا وَحدث ببغداذ عَن أبي مُطِيع مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عبد الْعَزِيز الْمصْرِيّ سمع مِنْهُ الْمُبَارك بن كَامِل وَسعد الله بن نصر ابْن الدجاجي الْوَاعِظ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَخمْس مائَة ومدحه الأرجاني وَغَيره من الشُّعَرَاء وَلأبي مُحَمَّد ابْن جكينا فِيهِ
(أميلوا بِنَا نَحْو الْعرَاق ركابكم ... لنكتال من مَال الْعَزِيز بضاعه)
وَلما كَانَ بتكريت وَأمر فِيهِ بِمَا أَمر كَانَ أَيُّوب وَالِد السُّلْطَان صَلَاح الدّين بهَا هُوَ وَأَخُوهُ شيركوه فدفعا عَنهُ جهدهما فَمَا أَفَادَ(6/185)
3 - (الْمُقْرِئ الأرتاحي)
أَحْمد بن حَامِد بن أَحْمد بن حمد بن مفرج أَبُو الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ الأرتاحي ثمَّ الْمصْرِيّ الْمُقْرِئ الْحَنْبَلِيّ ولد سنة أَربع وَسبعين ولازم الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ وَكتب من تصانيفه وتصدر وأقرأ الْقُرْآن حدث عَنهُ الدمياطي والدواداري وَابْن الحلوانية وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وست مائَة
3 - (المعتزلي رَئِيس الحائطية)
أَحْمد بن حَائِط كَانَ هُوَ وَفضل الحدثي من أَصْحَاب النظام المعتزلي وطالعا كتب الفلاسفة وضما إِلَى مَذْهَب النظام ثَلَاث بدع الأولى إِثْبَات حكم من أَحْكَام الإلهية فِي الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام وَأَنه هُوَ الَّذِي يُحَاسب الْخلق فِي الْآخِرَة وَهُوَ المُرَاد بقوله تَعَالَى وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا وَهُوَ الَّذِي فِي ظللٍ من الْغَمَام وَهُوَ المُرَاد بقوله تَعَالَى أَو يَأْتِي رَبك وَهُوَ المُرَاد بقوله عَلَيْهِ السَّلَام إِن الله خلق آدم على)
صُورَة الرَّحْمَن وَبِقَوْلِهِ يضع الْجَبَّار قدمه فِي النَّار وَزعم ابْن حَائِط أَن الْمَسِيح تدرع بالجسد الجسماني وَهُوَ الْكَلِمَة الْقَدِيمَة المتجسدة كَمَا قَالَت النَّصَارَى
الثَّانِيَة القَوْل بالتناسخ زعماً أَن الله تَعَالَى أبدع خلقه أصحاء سَالِمين عقلاء بالغين فِي درا سوى هَذِه الدَّار الَّتِي هم فِيهَا الْيَوْم وَخلق فيهم مَعْرفَته وَالْعَمَل بِهِ فابتداهم بتكليف شكره فأطاعه بَعضهم فِي جَمِيع مَا أَمرهم وَعَصَاهُ بَعضهم فِي جَمِيع ذَلِك وأطاعه بَعضهم فِي الْبَعْض فَمن أطاعه فِي الْكل أقره فِي دَار النَّعيم الَّتِي ابتداهم فِيهَا وَمن عَصَاهُ فِي الْكل أخرجه إِلَى النَّار وَمن أطاعه فِي الْبَعْض أخرجه إِلَى دَار الدُّنْيَا وَألبسهُ هَذِه الْأَجْسَام الكثيفة وابتلاه بالبأساء وَالضَّرَّاء والآلام وَاللَّذَّات على صور مُخْتَلفَة من النَّاس وَسَائِر الْحَيَوَانَات على قدر ذنوبهم فمنم كَانَت مَعَاصيه أقل كَانَت صورته أحسن وآلامه أقل وَمن كَانَت ذنُوبه أَكثر كَانَت صورته أقبح وآلامه أَكثر ثمَّ لَا يزَال يكون(6/186)
الْحَيَوَان فِي الدُّنْيَا كرة بعد كرة وَصُورَة بعد أُخْرَى مَا دَامَت مَعَه ذنُوبه وطاعاته وَهَذَا عين القَوْل بالتناسخ
الثَّالِثَة حملهما كل مَا ورد فِي الْخَبَر من رُؤْيَة الْبَارِي على رُؤْيَة الْعقل الأول الَّذِي هُوَ أول مبدع وَهُوَ الْعقل الفعال الَّذِي تفيض مِنْهُ الصُّور على الموجودات وإياه عني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله أول مَا خلق الله تَعَالَى الْعقل فَقَالَ لَهُ أقبل فَأقبل ثمَّ قَالَ لَهُ أدبر فَأَدْبَرَ فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خلقت خلقا أحسن مِنْك بك أعز وَبِك أذلّ وَبِك أعطي وَبِك أمنع فَهُوَ الَّذِي يظْهر يَوْم الْقِيَامَة وترتفع الْحجب بَينه وَبَين الصُّور الَّتِي فاضت مِنْهُ فيرونه كَمثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر فَأَما واهب الْعقل فَلَا يرى الْبَتَّةَ وَقَالَ أَحْمد بن حَائِط إِن كل نوع من أَنْوَاع الْحَيَوَانَات أمة على حيالها لقَوْله تَعَالَى وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم وَفِي كل أمةٍ رَسُول من نوعها لقَوْله تَعَالَى وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير وَلَهُمَا طَريقَة أُخْرَى فِي التناسخ وكأنهما مزجا كَلَام التناسخية الفلاسفة والمعتزلة بعضه بِبَعْض
وَكَانَ فِي زمانهما أَحْمد بن أَيُّوب بن مانوس وَهُوَ أَيْضا من تلامذة النظام قَالَ مثل مَا قَالَ ابْن حَائِط فِي التناسخ وَخلق الْبَريَّة دفْعَة إِلَّا أَنه زَاد على ذَلِك وَقد تقدم ذَلِك فِي ذكر اسْمه نسْأَل الله تَعَالَى السَّلامَة والعصمة من هَذِه الأضاليل والنجاة من هَذِه الأباطيل
وَمن مَذْهَب أَحْمد وَفضل أَن الديار خمس داران للثَّواب إِحْدَاهمَا فِيهَا أكل وَشرب وبعال وجنات وأنهار وَالثَّانيَِة دَار فَوق هَذِه لَيْسَ فِيهَا أكل وَشرب وبعال بل ملاذ روحانية وروح)
وَرَيْحَان غير جسمانية وَالثَّالِثَة دَار الْعقَاب الْمَحْض وَهِي نَار جَهَنَّم لَيْسَ فِيهَا تَرْتِيب بل هِيَ على نمط التَّسَاوِي وَالرَّابِعَة دَار الِابْتِدَاء الَّتِي خلق الْخلق فِيهَا قبل أَن يهبطوا إِلَى الدُّنْيَا وَهِي الْجنَّة الأولى وَالْخَامِسَة دَار الِابْتِلَاء الَّتِي كلف الْخلق فِيهَا بعد أَن اجترحوا فِي الأولى وَهَذَا التكوير والتكرير لَا يزَال فِي الدُّنْيَا حَتَّى يمتلئ المكيالان مكيال الْخَيْر ومكيال الشَّرّ فَإِذا امْتَلَأَ مكيال الْخَيْر صَار اعْمَلْ كُله طَاعَة والمطيع خيرا صَالحا فينقل إِلَى الْجنَّة وَلم يلبث طرفَة عين فَإِن مطل الْغَنِيّ ظلم وَفِي الْخَبَر أعْطوا الْأَجِير أجرته قبل أَن يجِف عرقه وَإِذا امْتَلَأَ مكيال الشَّرّ صَار الْعَمَل كُله مَعْصِيّة والعاصي شريراً مَحْضا فينقل إِلَى النَّار وَلم يلبث طرفَة عين وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ(6/187)
3 - (النسابة)
أَحْمد بن الْحباب الْحِمْيَرِي النسابة توفّي سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الشَّاعِر)
أَحْمد بن الْحجَّاج قَالَ ابْن النجار ذكره أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن دَاوُد ابْن الجرّاح الْكَاتِب فِي كتاب الورقة فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء الْمُحدثين وَذكر أَنه بغداذي من أَبنَاء موَالِي الْمَنْصُور وَأَنه كَانَ شَاعِرًا محسناً صحب الْمطلب ابْن عبد الله بن مَالك الْخُزَاعِيّ فَفِيهِ أَكثر شعره وَقَالَ أَنْشدني ابْن أبي خَيْثَمَة عَن دعبل عَنهُ
(لم ألق مطلباً إِلَّا بمطلب ... وهمة بلغت بِي غَايَة الطّلب)
(أفردته برجائي أَن يُشَارِكهُ ... فِي الرسائل أَو أَلْقَاهُ بالكتب)
(إِن اعتصمت بِأَسْتَارِ ابْن مطلب ... ذِي الْجُود مرتقباً وَالْبَيْت ذِي الْحجب)
(فَذَاك للآجل المرجو آجله ... وَأَنت للعاجل المرجو من قرب)
(رحلت عيساً إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق على ... مَا كَانَ من تَعب فِيهَا وَمن ندب)
(حَتَّى إِذا مَا انْقَضى نسكي ثنيت لَهَا ... فضل الزِّمَام فأمت سيد الْعَرَب)
(أرمي بهَا وبوجهي كل هاجرةٍ ... تكَاد تقدح يبن الْجلد والعصب)
(هَذَا رجائي وهذي مصر قد سنحت ... ونت أَنْت وَقد ناديت من كثب)
قيل إِن الْمطلب نزل عَن سَرِيره وَقَالَ لَهُ لبيْك لبيْك وَأمر لَهُ بألفي دِينَار وَمن شعره
(زمني بمطلب سقيت زَمَانا ... مَا كنت إِلَّا رَوْضَة وجنانا)
)
(بِأبي وَأمي أَنْت غير فقيد ... لاكن أَنا مسترحم أَحْيَانًا)
(أصلحتني بالجود بل أفسدتني ... فتركتني أتسخط الإحسانا)
3 - (أَمِير آل مرى)
أَحْمد بن حجي بن بريد الْأَعرَابِي الْأَمِير شيخ آل مرى كَانَ أحد الْأَبْطَال المعروفين وإغاراته تصل إِلَى نجد والحجاز يؤدون لَهُ الخفر حَتَّى صَاحب الْمَدِينَة جماز يُؤَدِّي لَهُ القطيعة ويداريه وَكَانَت لَهُ منزلَة رفيعة عِنْد الْملك الظَّاهِر بيبرس العالي الصَّالِحِي وَالْملك(6/188)
الْمَنْصُور وَكَانَ يزْعم أَنه من نسل جَعْفَر الْبَرْمَكِي وَأَنه من أحد أَوْلَاد أُخْت هَارُون الرشيد وَإِذا حضر عِنْد ابْن خلكان كَانَ يَقُول لَهُ أَنْت ابْن عَمَّتي ويضيفه القَاضِي وَكَانَت بَينهمَا مهادة وَكَانَ على النَّاس فِي الطرقات آفَة وَخلف عدَّة أَوْلَاد وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة كتب إِلَى عِيسَى بن مهنا كتابا أغْلظ لَهُ فِيهِ وَكَانَ شهَاب الدّين ابْن غَانِم عِنْده فَأمر لَهُ بالمجاوبة عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ من جملَته ذَلِك
(زَعَمُوا أَنا هجونا ... جمعهم بالافتراء)
(كذبُوا فِيمَا ادعوهُ ... وافتروا بالادعاء)
(إِنَّمَا قُلْنَا مقَالا ... لَا كَقَوْل السُّفَهَاء)
(آل فضل آل فضل ... مَا هم آل مراء)
فَوق ذَلِك عِنْده بموقع وَغَضب
3 - (الصُّوفِي)
أَحْمد بن الْحسن بن عبد الْجَبَّار الصُّوفِي ثِقَة توفّي فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو بكر الفلكي)
أَحْمد بن الْحسن بن الْقَاسِم أَبُو بكر الهمذاني الفلكي الحاسب قَالَ حفيده الْحَافِظ أَبُو الْفضل عَليّ بن الْحُسَيْن كَانَ جدي جَامعا لفنون كَانَ عَالما بالأدب والنحو وَالْعرُوض وَسَائِر الْعُلُوم لَا سِيمَا الْحساب ولقب الفلكي لهَذَا الْمَعْنى حَتَّى كَانَ يُقَال إِنَّه لم ينشأ فِي الْمشرق وَالْمغْرب أعلم بِالْحِسَابِ مِنْهُ وَكَانَ مهوباً ذَا حشمة توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَهُوَ ابْن خمس وَثَمَانِينَ سنة وَقَالَ شيرويه روى عَن الْحسن بن الْحُسَيْن التَّمِيمِي وَأبي الْحسن عَليّ بن الْحسن بن سعد الْبَزَّاز وَأبي بكر عمر بن سهل الْحَافِظ وروى عَنهُ ابناه أَبُو عبد الله)
الْحُسَيْن وَأَبُو الصَّقْر الْحسن
3 - (أَبُو بكر الْحِيرِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَفْص بن مُسلم ابْن يزِيد القَاضِي أَبُو بكر ابْن أبي عَليّ ابْن الشَّيْخ الْمُحدث أبي عَمْرو الْحِيرِي انتقى لَهُ الْحَاكِم فَوَائِد وقلد قَضَاء نيسابور ورخه الْحَافِظ مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانِيّ وَقَالَ هُوَ ثِقَة فِي الحَدِيث ودرس الْأُصُول على أَصْحَاب أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَكَانَ عَارِفًا بِمذهب الشَّافِعِي أُصِيب بوقر فِي آذانه وَتُوفِّي فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (الكنكشي الزَّاهِد)
أَحْمد بن الْحسن بن عنان أَبُو الْعَبَّاس الكنكشي بكافين بَينهمَا(6/189)
نون وَبعد الْكَاف الثَّانِيَة شين مُعْجمَة الزَّاهِد كَانَ من كبار مَشَايِخ الطَّرِيق بالدينور لَهُ معارف وتصانيف وَلَقي الْكِبَار توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو طَاهِر الكرجي)
أَحْمد بن الْحسن بن خداداد أَبُو طَاهِر الكرجي بِالْجِيم الباقلاني سمع ابْن شَاذان وَابْن بَشرَان وَالْبرْقَانِي وَسمع كتبا كبارًا وَانْفَرَدَ بهَا مِنْهَا سنَن سعيد بن مَنْصُور تفرد بِهِ عَن ابْن شَاذان وَلأبي طَاهِر السلَفِي مِنْهُ إجَازَة توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَعمل تَارِيخا بَدَأَ فِيهِ من الْهِجْرَة نقل مِنْهُ ابْن النجار كثيرا
3 - (الجراوي المالقي)
أَحْمد بن الْحسن بن سيد أَبُو الْعَبَّاس الجراوي المالقي كَانَ من كبار النُّحَاة والأدباء بالأندلس وَله شعر توفّي فِي حُدُود السِّتين وَخمْس مائَة تَقْرِيبًا والجراوي بِالْجِيم وَالرَّاء وَبعدهَا ألف وواو قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم وَلَيْسَ باللص وَإِنَّمَا توافقا فِي الِاسْم والكنية وَالنِّسْبَة ذَاك من أهل إشبيلية وَهُوَ كناني النّسَب وَكِلَاهُمَا أَقرَأ الْأَدَب والعربية تقدّمت وَفَاة المالقي مِنْهُمَا وَغلط أَبُو بَحر صَفْوَان بن إِدْرِيس فِي كتبه الإشبيلية مِنْهُمَا عِنْد ذكره فِي كتاب زَاد الْمُسَافِر وَقد ذكرتهما جَمِيعًا فِي كتاب التكملة وَأورد لَهُ قَوْله
(وَبَين ضلوعي للصبابة لوعة ... بِحكم الْهوى تقضي عَليّ وَلَا أَقْْضِي)
(جنى ناظري مِنْهَا على الْقلب مَا جنى ... فيا من رأى بَعْضًا يعين على بعض)
)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(لما رَأَيْتُك عين الزَّمَان ... وَأَن إِلَيْك تحث الخطا)
(بكرت إِلَيْك بكور الْغُرَاب ... ورحت عَلَيْك رواح القطا)
هَكَذَا أنْشد الأول على الخرم وعيوب الشّعْر الْجَائِزَة للْعَرَب لَا تجوز للمحدثين قَالَ ابْن الْأَبَّار وَمن احْتج بهم عِنْدِي لَيْسَ بمصيب على أَنه قد وَقع فِي شعر حبيب هن عوادي يُوسُف وصواحبه وقرأت لعباس بن نَاصح الأندلسي فِي ديوَان شعره
(إِنَّك بِالصبرِ لَا توبن ... وَفِي الْجزع الْخلق الأشين)
وَوَافَقَهُمَا أَبُو الطّيب فِي قَوْله
(لَا يحزن الله الْأَمِير فإنني ... لآخذ من حالاته بِنَصِيب)(6/190)
وحسبنا الْيَوْم الْقبُول إِذا نقحنا وجودنا المقبول وَلابْن سيد المالقي مَا قَالَه فِي جريح بِسَهْم
(حسدتك تشاب القسي لِأَن رَأَتْ ... عَيْنَيْك أمضى فِي الْإِصَابَة مقصدا)
(فجنت عَلَيْك وَيَا لَهَا مِمَّا جنت ... لهفي عَلَيْك فكم خشيت الحسدا)
3 - (سبط ابْن فورك الْوَاعِظ)
أَحْمد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو بكر سبط ابْن فورك وختن أبي الْقَاسِم الْقشيرِي على ابْنَته كَانَ يعظ فِي النظامية فَوَقَعت لسببه الْفِتْنَة بَين الْمذَاهب قَالَ صَاحب الْمرْآة كَانَ مؤثراً للدنيا طَالبا للجاه وَلَا يتحاشى من لبس الْحَرِير وَقيل لِابْنِ جهير الْوَزير أَلا تحضره لتسمع مِنْهُ الحَدِيث فَقَالَ الحَدِيث أصلف من الْحَال الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى الْبِدْعَة يَأْخُذ مكسو الفحم من الحدادين وَيَأْكُل مِنْهُ وَتُوفِّي فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو سهل الحمدوني)
أَحْمد بن الْحسن الشَّيْخ العميد أَبُو سهل الحمدوني ذكره الثعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة وَقَالَ سليل الرياسة وغذي السِّيَادَة وَبدر الأَرْض وشمس الْفضل وعمدة الْملك وبحر الْأَدَب وطود الْكَرم وَمن ارْتَفع مَحَله عَن الوزارة الْكُبْرَى وَهِي التربة الْعُظْمَى فَرغب عَنْهَا وَأورد لَهُ فِي سراج غير مضيئ
(ظلمتك اللَّيْل يَا سراجي ... ظلمَة كفر ويأس راج)
)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(لَا تنتزع عَن عَادَة عودتها ... أحدا فَذَاك من الْفِطَام أَشد)
(واصبر عَلَيْهَا مَا حييت وَلَا تزل ... عَنْهَا فَذَاك من الْجفَاء يعد)
3 - (النسابة السكونِي)
أَحْمد بن الْحسن بن إِسْمَاعِيل أَبُو عبد الله السكونِي الْكِنْدِيّ النسابة كَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالمكتفي ثمَّ بالمقتدر ذكره أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن جَعْفَر ابْن النجار الْكُوفِي فِي تَارِيخ الْكُوفَة وَقَالَ أَخذ عَن ثَعْلَب وَكَانَ مليح الْمجْلس حسن الترسل مُتَمَكنًا فِي نَفسه وَقَالَ قَالَ لي ابْن عُبَيْدَة النساب مَا عرف النساب أَنْسَاب الْعَرَب حَتَّى قَالَ الْكُمَيْت النزاريات فأظهر بهَا علما كثيرا وَلَقَد نظرت فِي شعره فَمَا رَأَيْت أحدا أعلم مِنْهُ بالعرب وأيامهما قَالَ أَبُو عبد الله فَلَمَّا سَمِعت الْكَلَام جمعت شعره فَكَانَ عوني على التصنيف لأيام الْعَرَب وَله كتاب فِي أَسمَاء مياه الْعَرَب
3 - (الديناري الْكَاتِب)
أَحْمد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْيَمَان بن الْفَتْح الديناري أَبُو(6/191)
عبد الله رجل أديب إِلَّا أَن الْغَالِب عَلَيْهِ الْخط الَّذِي بلغ النِّهَايَة فِي الْحسن قَالَ ياقوت وَقَالَ الْوَزير عميد الدولة أَبُو سعد ابْن عبد الرَّحِيم فِي أَخْبَار ابْنه عبد الْجَبَّار ابْن أَحْمد وَكَانَ وَالِده أَبُو عبد الله الديناري مقدما مكرماً يزور لحسن خطه على أبي عبد الله بن مقلة تزويراً لَا يكَاد يفْطن لَهُ وَله ولد أديب يُقَال لَهُ أَبُو يعلى عبد الْجَبَّار يذكر فِي بَابه
3 - (ابْن الباذش)
أَحْمد بن أبي الْحسن بن الباذش بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد ألف ذال مُعْجمَة وشين مُعْجمَة الإِمَام أَبُو جَعْفَر الْأنْصَارِيّ الغرناطي تفنن فِي الْعلم وَكَانَ من الْحفاظ الأذكياء وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (الإِمَام النَّاصِر لدين الله)
أَحْمد بن الْحسن أَمِير الْمُؤمنِينَ الإِمَام النَّاصِر لدين الله أَبُو الْعَبَّاس ابْن الإِمَام المستضيء ابْن الإِمَام المستنجد ولد يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر رَجَب سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة وبويع لَهُ فِي أول ذِي الْقعدَة سنة خمس وَسبعين وَتُوفِّي سلخ رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَكَانَت خِلَافَته سبعا وَأَرْبَعين سنة وَكَانَ أَبيض اللَّوْن تركي الْوَجْه مليح الْعَينَيْنِ أنور الْجَبْهَة)
اقنى الْأنف خَفِيف العارضين أشقر اللِّحْيَة رَقِيق المحاسن نقش خَاتمه رجائي من الله عَفوه أجَاز لَهُ أَبُو الْحُسَيْن عبد الْحق اليوسفي وَأَبُو الْحسن عَليّ بن عَسَاكِر والبطائحي وشهدة وَجَمَاعَة وَأَجَازَ هُوَ لجَماعَة من الْكِبَار فَكَانُوا يحدثُونَ عَنهُ فِي حَيَاته ويتنافسون فِي ذلكن وَمَا غرضهم الْعُلُوّ وَلَا الْإِسْنَاد وَإِنَّمَا غرضهم التفاخر وَإِقَامَة الشعار وَالوهم وَلم يل الْخلَافَة أحد أطول مُدَّة مِنْهُ إِلَّا مَا ذكر عَن العبيديين فَإِنَّهُ بَقِي الْأَمر بديار مصر للمستنصر نَحوا من سِتِّينَ سنة وَكَذَا بَقِي الْأَمِير عبد الرَّحْمَن أَبُو الحكم الأندلسي وَكَانَ أَبوهُ المستضيء قد تخوفه فاعتقله وَمَال إِلَى أَخِيه أبي مَنْصُور وَكَانَ ابْن الْعَطَّار وَأكْثر الدولة وحظية المستضيء بنفشا وَالْمجد ابْن الصاحب مَعَ أبي مَنْصُور وَنَفر يسير مَعَ أبي الْعَبَّاس فَلَمَّا بُويِعَ أَبُو الْعَبَّاس قبض على ابْن الْعَطَّار وَسلمهُ إِلَى المماليك فَخرج بعد سَبْعَة أَيَّام مَيتا وسحب فِي الْأَسْوَاق وَتمكن الْمجد ابْن الصاحب وَزَاد وطغى إِلَى أَن قتل قَالَ عبد اللَّطِيف وَكَانَ النَّاصِر شَابًّا مرحاً عِنْده ميعة الشَّبَاب يشق الدروب والأسواق أَكثر اللَّيْل وَالنَّاس يتهيبون لقاءه وَظهر التَّشَيُّع بِسَبَب ابْن الصاحب ثمَّ انطفى بهلاكه وَظهر التسنن المفرط ثمَّ زَالَ وَظَهَرت الفتوة والبندق وَالْحمام الْهَادِي وتفنن النَّاس فِي ذَلِك وَدخل فِيهِ الأجلاء ثمَّ الْمُلُوك فألبسوا الْملك الْعَادِل وَأَوْلَاده سرارويل الفتوة وألبسوا شهَاب الدّين الغوري ملك غزنة والهند وَصَاحب كيش وأتابك سعد صَاحب شيراز وَالْملك الظَّاهِر صَاحب حلب وتخوفوا من السُّلْطَان طغريل وَجَرت بَينهم حروب وَفِي الآخر استدعوا تكش لحربه وَهُوَ خوارزم شاه فَالتقى مَعَه على الرّيّ واجتز رَأسه وسيره إِلَى بغداذ وَكَانَ النَّاصِر قد خطب لوَلَده الْأَكْبَر أبي نصر بِولَايَة الْعَهْد ثمَّ ضيق(6/192)
عَلَيْهِ لما استشعر مِنْهُ وَعين أَخَاهُ ثمَّ ألزم أَبَا نصر بِأَن أشهد على نَفسه أَنه لَا يصلح وَأَنه قد نزل عَن الْأَمر وأكبر الْأَسْبَاب فِي نفور النَّاصِر من وَلَده الْوَزير نصير الدّين ابْن مهْدي الْعلوِي وَلم يزل الإِمَام النَّاصِر مُدَّة حَيَاته فِي عز وجلالة وقمع الْأَعْدَاء والاستظهار على الْمُلُوك لم يجد ضيماً وَلَا خرج عَلَيْهِ خارجي إِلَّا قمعه وَلَا مُخَالف إِلَّا دمغه وَمن أضمر لَهُ سوءا رَمَاه الله بالخذلان قَالَ محب الدّين ابْن النجار حدثين حَمَّاد بن أبي البركات الْفَتْح وَكَانَ صَدُوقًا متديناً قَالَ حَدثنِي الْملك صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب صَاحب الشَّام وديار مصر وَكنت قد دخلت عَلَيْهِ وأعطيته مَكْتُوبًا من الدِّيوَان قَالَ وصل إِلَيْنَا من عنْدكُمْ رجل يعرف بِأبي رشيد ابْن أبي مَنْصُور البوشنجي واتصل بخدمتنا وَصَارَ لَهُ اخْتِصَاص بِنَا وتقرب إِلَيْنَا وَحسن حَاله)
فأرسلته إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز فِي رِسَالَة فَمضى وَعَاد وَأَنا نَازل على صور من سَاحل الشَّام محاصر لَهَا فاتصل بِنَا إِلَى الْعَسْكَر وَأدّى جَوَاب الرسَالَة فَقلت لَهُ كَيفَ تركت أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأجَاب بِمَا لَا يجوز التفوه بِهِ وَظن أَن ذَلِك يسرني فزبرته ونهيته عَن ذَلِك وَقلت لَهُ هَذَا بَيت مؤيد محروس من الله من قَصده بِسوء عَاد عَلَيْهِ ثمَّ إِنَّه خرج مُتَوَجها إِلَى الْموضع الَّذِي فِيهِ رَحْله فَلَمَّا فارقناه قَلِيلا أَتَاهُ سهم غرب فِيهِ ياسيج فَدخل فِي صَدره وَخرج من ظَهره وخر صَرِيعًا فِي الْحَال وَحمل إِلَى رَحْله وتسابق الغلمان إِلَيّ بِالْحَال فعجبت من تَعْجِيل الله سُبْحَانَهُ عُقُوبَته انْتهى وَكَانَ الإِمَام النَّاصِر شَدِيد الاهتمام بِالْملكِ ومصالحه لَا يكَاد يخفى عَلَيْهِ شَيْء من أُمُور رَعيته كبارهم وصغارهم وَأَصْحَاب أخباره فِي أقطار الْبِلَاد يوصلون إِلَيْهِ أَحْوَال الْمُلُوك الظَّاهِرَة والباطنة وَكَانَت لَهُ حيل لَطِيفَة ومكايد خُفْيَة وخدع لَا يفْطن لَهَا أحد يُوقع الصداقة بَين مُلُوك متعادين ويوقع الْعَدَاوَة مَعَ مُلُوك متفقين وهم لَا يَشْعُرُونَ وَلما دخل رَسُول صَاحب مازندران بغداذ كَانَ يتيه ورقة كل صباح بِمَا عمل فِي اللَّيْل وَصَارَ يُبَالغ فِي الكتم والورقة تَأتيه فاختلى لَيْلَة بِامْرَأَة دخلت إِلَيْهِ من بَاب السِّرّ فصبحته الورقة بذلك وفيهَا كَانَ عَلَيْكُم دواج فِيهِ صُورَة الفيلة فتحير وَخرج من بغداذ وَهُوَ لَا يشك أَن الْخَلِيفَة يعلم الْغَيْب لِأَن الإمامية يَعْتَقِدُونَ أَن الإِمَام الْمَعْصُوم يعلم مَا فِي الْحَامِل وَمَا وَرَاء الْجِدَار وأتى رَسُول خوارزم شاه برسالة مخفية وَكتاب مختوم فَقيل لَهُ ارْجع قد عرفنَا مَا جِئْت بِهِ فَرجع يظنّ أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب وَرفع من المطالعات أَن رجلا كَانَ وَاقِفًا والعسكر خَارج إِلَى ششتر فِي قُوَّة الأمطار وَشدَّة الشتَاء وَالْبرد فَقَالَ كنت أُرِيد من الله تَعَالَى من يُخْبِرنِي إِلَى أَيْن يمْضِي هَؤُلَاءِ المدابير ويسفقني مائَة خَشَبَة فَلم تزل عين الرافع ترقب الْقَائِل حَتَّى وصل مستقره خشيَة أَن يطْلب فَأمر النَّاصِر فِي الْحَال أَن يحضرهُ الْوَزير ويضربه مائَة خَشَبَة فَإِذا تمت أعلمهُ إِلَى أَيْن يذهب الْعَسْكَر فَلَمَّا ضربه الْمِائَة وَهُوَ لَا يعلم علام ضرب نسي أَن يُعلمهُ إِلَى أَيْن يذهب الْعَسْكَر فَمَا انْفَصل عَن الْمَكَان الْمَذْكُور حَتَّى تذكر الْوَزير ذَلِك فَقَالَ ردُّوهُ فَعَاد مَرْعُوبًا خشيَة أَن يُزَاد عُقُوبَة فَلَمَّا وصل قَالَ لَهُ الْوَزير قد أَمر مَوْلَانَا صلوَات الله عَلَيْهِ أَن نعلمك بعد أدبك إِلَى أَيْن يمْضِي الْعَسْكَر والعسكر يمْضِي إِلَى(6/193)
ششتر فَقَالَ لَا كتب الله عَلَيْهِم سَلامَة فغلب ضحك الْحَاضِرين وَرفع الْخَبَر إِلَى النَّاصِر فَقَالَ يغْفر لَهُ سوء أدبه بِحسن نادرته ولطف موقعها وَيدْفَع إِلَيْهِ مائَة دِينَار عدد الْخشب الَّذِي ضرب بِهِ ويحكى عَنهُ من هَذِه)
الْمَادَّة غرائب وعجائب وَكَانَ يُعْطي فِي مَوَاطِن عَطاء من لَا يخَاف الْفقر وَجَاء رجل وَمَعَهُ ببغاء من الْهِنْد تقْرَأ قل هُوَ الله أحد تحفة للخليفة فَأَصْبَحت ميتَة فَجَاءَهُ فرَاش يطْلب مِنْهُ الببغاء فَبكى وَقَالَ اللَّيْلَة مَاتَت فَقَالَ عرفنَا بموتها وَكم كَانَ فِي ظَنك أَن يعطيك فَقَالَ خمس مائَة دِينَار فَقَالَ خُذ هَذِه خمس مائَة دِينَار فَإِنَّهُ علم بحالك مُنْذُ خرجت من الْهِنْد وَقَالَ أَبُو المظفر سبط ابْن الْجَوْزِيّ قل بصر الْخَلِيفَة فِي الآخر وَقيل ذهب جملَة وَكَانَ خادمه ريق قد استولى على الْخلَافَة وَقَامَ مُدَّة يُوقع عَنهُ وَكَانَ بالخليفة أمراض مِنْهَا عسر الْبَوْل والحصر وَوجد مِنْهُ شدَّة وشق ذكره مرَارًا وَمَا زَالَ يَعْتَرِيه حَتَّى قَتله وَقَالَ شمس الدّين الْجَزرِي حَدثنِي وَالِدي قَالَ سَمِعت الْوَزير مؤيد الدّين ابْن العلقمي لما كَانَ على الأستاذدارية يَقُول إِن المَاء الَّذِي يشربه الإِمَام النَّاصِر كَانَت تجبيه الدَّوَابّ من فَوق بغداذ بسبعة فراسخ ويغلى سبع غلوات كل يَوْم غلوة ثمَّ يجلس فِي الأوعية سَبْعَة أَيَّام ثمَّ يشرب مِنْهُ وَبعد هَذَا مَا مَاتَ حَتَّى سقِِي المرقد ثَلَاث مَرَّات وشق ذكره وَأخرج مِنْهُ الْحَصَى وَقَالَ الْمُوفق مَا مرض مَوته فسهو ونسيان بَقِي مِنْهُ سِتَّة أشهر وَلم يشْعر أحد بكنه حَاله من الرّعية حَتَّى خَفِي عَن الْوَزير وَأهل الدَّار وَكَانَ لَهُ جَارِيَة قد علمهَا الْخط بِنَفسِهِ فَكَانَت تكْتب مثل خطه فتكتب على التوقيع بمشورة قهرمانة الدَّار وَلما مَاتَ بُويِعَ لوَلَده أبي نصر ولقب الظَّاهِر بِأَمْر الله وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته تِسْعَة أشهر وَقَالَ ابْن الْأَثِير بَقِي النَّاصِر عاطلاً عَن الْحَرَكَة بِالْكُلِّيَّةِ ثَلَاث سِنِين قد ذهب إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَفِي الآخر أَصَابَهُ دوسنطاريا عشْرين يَوْمًا وَلم يُطلق فِي مَرضه شَيْئا مِمَّا كَانَ أحدثه من الرسوم وَكَانَ يسيء السِّيرَة خرب فِي أَيَّامه الْعرَاق وتفرق أَهله فِي الْبِلَاد وَأخذ أَمْوَالهم وأملاكهم قَالَ وَكَانَ يفعل الشَّيْء وضده وَجعل همته فِي رمي البندق والطيور المناسيب وسراويلات الفتوة وَنقل الظهير الكازروني فِي تأريخه قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَأَجَازَ لي إِن النَّاصِر فِي وسط خِلَافَته هم بترك الْخلَافَة والانقطاع إِلَى التَّعَبُّد وَكتب عَنهُ ابْن الضَّحَّاك توقيعاً فقرئ على الْأَعْيَان وَبنى رِبَاطًا للْفُقَرَاء وَاتخذ إِلَى جَانب الرِّبَاط دَارا لنَفسِهِ كَانَ يتَرَدَّد إِلَهًا ويحادث الصُّوفِيَّة وَعمل لَهُ ثيابًا كَثِيرَة بزِي الصُّوفِيَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين ثمَّ ترك ذَلِك كُله ومل الله يسامحه قَالَ ابْن النجار وَملك من المماليك مَا لم يملكهُ من تقدمه من الخفاء والملوك وخطب لَهُ بالأندلس والصين وَكَانَ أَسد بني الْعَبَّاس وَقيل إِنَّه بلغه أَن شخصا يرى خلَافَة يزِيد فَأحْضرهُ ليعاقبه فَقيل لَهُ أَتَقول بِصِحَّة)
خلَافَة يزِيد فَقَالَ أَنا أَقُول إِن الإِمَام لَا يَنْعَزِل بارتكاب الْفسق فَأَعْرض عَنهُ وَأمر بِإِطْلَاقِهِ وَخَافَ المحاققة(6/194)
وَكتب لَهُ خَادِم اسْمه يمن ورقة فِيهَا عتب فَوَقع فِيهَا بِمن يَمُنّ يُمْنٌ ثَمَ يُمنٍ ثُمنُ ثُمنٍ يُقَال إِنَّه أعَاد الْجَواب وَقد كتب فِيهِ يمنّ يمنٌ بِمن ثمَّن يمنَ ثُمُن ثمنِ وَلما صرف ابْن زبادة عَن عمل كَانَ يَتَوَلَّاهُ وَلم يبن لِابْنِ زبادة سَبَب عَزله رفع لَهُ شعرًا مِنْهُ هَذَا الْبَيْت
(هَب أَن ذَلِك عَن رضاك فَمن ترى ... يدْرِي مَعَ الْإِعْرَاض أَنَّك رَاض)
فَوَقع لَهُ على ورقة الِاخْتِيَار صرفك والاختبار صرفك وَمَا عزلناك لخيانة وَلَا لجناية وَلَكِن للْملك أسرار لَا تطلع عَلَيْهَا الْعَامَّة ولتعلمن نبأه بعد حِين وَمن شعر النَّاصِر ردا على من ادّعى أَنه شيعي
(زَعَمُوا أنني أحب علينا ... صدقُوا كلهم لدي عَليّ)
كل من صَاحب النَّبِي وَلَو طرفَة عين فحقه مرعي
(فَلَقَد قل عقل كل غبي ... هُوَ من شيعَة النَّبِي بري)
وَمِنْه أَيْضا
(إِن طَال عمري فَمَا قصرت فِي كرمٍ ... وَلَا حراسة ملكي من أعاديه)
(عرب وعجم وروم كلهم طمعواً ... فَلم يفوزوا بِشَيْء غير تمويه)
(بليت حَتَّى بِأَدْنَى النَّاس من خلدي ... يُرِيد موتِي وبالأعمال أفديه)
يُشِير بذلك إِلَى وَلَده الظَّاهِر مُحَمَّد وَقد مر شَيْء يدل على هَذَا فِي تَرْجَمَة الظَّاهِر قَالَ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو شامة فِي سنة سبع وست مائَة أظهر الْخَلِيفَة الْإِجَازَة الَّتِي أخذت لَهُ من الشُّيُوخ وَذكرهمْ فِي كتاب روح العارفين وَدفع إِلَى أهل كل مَذْهَب إجَازَة عَلَيْهَا مَكْتُوب بِخَطِّهِ أجزنا لَهُم مَا سَأَلُوهُ على شَرط الْإِجَازَة الصَّحِيحَة وَكتب الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد أَمِير الْمُؤمنِينَ وسلمت إجَازَة أَصْحَاب الشَّافِعِي إِلَى ضِيَاء الدّين عبد الْوَهَّاب بن سكينَة وإجازة أَصْحَاب أبي حنيفَة إِلَى الضياء أَحْمد بن مَسْعُود التركستاني وإجازة أَصْحَاب أَحْمد إِلَى أبي صَالح نصر بن عبد الرَّزَّاق ابْن الشَّيْخ عبد الْقَادِر وإجازة أَصْحَاب مَالك إِلَى التقي عَليّ بن جَابر التَّاجِر المغربي
3 - (حَاكم باخرز وخطيبها)
أَحْمد بن الْحسن الْحَاكِم الْأَمِير الْحَاكِم بباخرز ذكره الباخرزي فِي الدمية وَهَذَا من أهل بَيت)
رياسة وفضائل أورد لَهُ قَوْله فِي حسام الدولة وذم فناخسرو
(ستعلم أَوْلَاد البغايا وحزبهم ... وشيعتهم أَي الْفَرِيقَيْنِ أنْصر)
(إِذا اسودت الرَّايَات واحمرت القنا ... وضاق من الْخَيل الحضيض وعرعر)(6/195)
(سقاتهم زرق النصال وخمرهم ... دِمَاء الأعادي غير أَن لَيْسَ تسكر)
(يرَوْنَ قتال الديلمية مفخراً ... ويرجون رب الْعَرْش يعْفُو وَيقدر)
(وددت وَمَا تغني الودادة أنني ... ملكت عنان الْخَيل سَاعَة غبروا)
(فَكَانُوا رَأَوْا بأسي وصبري ونجدتي ... وَإِن كَانَ موتِي فِيهِ فالموت أعذر)
(وَإِن كنت فِيمَا قلت لست بصادق ... فَلَا نَالَ يَوْمًا قطّ رجْلي مِنْبَر)
(وَلَا كَانَ عنقِي للحمائل والظبى ... وَلَا كبر الْمِحْرَاب خَلْفي مكبر)
وَمن شعره أَيْضا
(أحب النيك إِن النيك حُلْو ... لذيذ لَيْسَ فِي من حموضه)
(يهش إِلَيْهِ من فِي الأَرْض طراً ... إِذا مَا ذاقه حَتَّى البعوضه)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحَاكِم العباسي)
أَحْمد بن الْحسن الإِمَام الْحَاكِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْأَمِير أبي عَليّ الْحسن القبي ابْن أبي بكر بن عَليّ بن أَمِير الْمُؤمنِينَ المسترشد بِاللَّه بن المستظهر بِاللَّه الْهَاشِمِي العباسي البغداذي قدم مصر ونهض ببيعته الْملك الظَّاهِر بيبرس الصَّالِحِي وبويع لَهُ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة وخطب النَّاس وعهد بالسلطنة للسُّلْطَان الْملك الظَّاهِر وَكَانَ ملازماً لداره فِيهِ عقل وشجاعة وَحسن رياسة وَله رابت يَكْفِيهِ من غير سرف امتدت أَيَّامه ثمَّ عهد بالخلافة لوَلَده المستكفي بِاللَّه أبي الرّبيع سُلَيْمَان وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبع مائَة وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ وَكَانَت خِلَافَته أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَ الْحَاكِم قد نجا فِي كائنة بغداذ واختفى ثمَّ سَار مَعَ الزين صَالح بن الْبناء والنجم بن المشا وقصدوا أَمِير خفاجة حُسَيْن بن فلاح فبقوا عِنْده مُدَّة ثمَّ إِنَّه توصل إِلَى دمشق وَأقَام بِالْبرِّ عِنْد عِيسَى بن مهنا فَعرف بِهِ النَّاصِر صَاحب الشَّام فَطَلَبه وَجَاء هولاكوا واشتغل النَّاس بِمَا نزل بهم فَلَمَّا دخل المظفر دمشق بعد وقْعَة عين جالوت بعث أَمِيرا يتطلب الْحَاكِم فَاجْتمع بِهِ وَبَايَعَهُ وتسامع بِهِ عرب الشَّام فَسَار وَمَعَهُ ابْن مهنا وَآل فضل وَخلق فَافْتتحَ بهم عانة وهيت والأنبار وَحَارب القراوول فِي آخر سنة ثَمَان وَخمسين فَهَزَمَهُمْ)
وَقتل مِنْهُم ثَمَانِيَة مقدمين وأزيد من ألف وَمَا قتل من عسكره سوى سِتَّة فَأَقْبَلت التتار مَعَ قرابغا فتحين الْحَاكِم وَأقَام عِنْد ابْن مهنا ثمَّ كَاتبه طيبرس نَائِب دمشق فَقَدمهَا فَبعث إِلَى مصر وصبحته الثَّلَاثَة الَّذين رافقوه من بغداذ فاتفق وُصُول الْمُسْتَنْصر قبله إِلَى مصر بِثَلَاثَة أَيَّام فخاف الْحَاكِم مِنْهُ وتنكر وَقصد الْأَمِير البزلي فَقبل البزلي يَده وَبَايَعَهُ هُوَ وَأهل حلب وَسَارُوا إِلَى حران فَبَايعهُ بَنو تَيْمِية بهَا وَصَارَ مَعَه نَحْو الْألف من التركمان وَغَيرهم وقصدوا عانة فصادفوا(6/196)
الْمُسْتَنْصر الْأسود فَعمل الْمُسْتَنْصر عَلَيْهِ واستمال التركمان وخضع الْحَاكِم وَبَايَعَهُ والتقوا التتار فانكسر الْمُسلمُونَ وَعدم الْمُسْتَنْصر وَنَجَا الْحَاكِم فَأتى الرحبة وَنزل على ابْن مهنا فَكتب إِلَى السُّلْطَان فَطَلَبه فَسَار إِلَى الْقَاهِرَة وبويع بإمرة الْمُؤمنِينَ فِي أول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وأسكن فِي برج بالقلعة لَيْسَ لَهُ من الْأَمر غير الْخطْبَة وَالسِّكَّة وَطلب إِلَى مصر الإِمَام شرف الدّين ابْن الْمَقْدِسِي فَأَقَامَ مَعَه نَحْو سنة يفقهه ويعلمه ويكتبه أجَاز لَهُ ابْن عبد الدَّائِم وَابْن أبي الْيُسْر وَلم يحدث قَالَ شمس الدّين وَخرج لَهُ ابْن الخباز بِخَطِّهِ الْوَحْش وانتخابه العفش أَرْبَعِينَ جُزْءا بالإجازات فبعثها للوراقة
3 - (ابْن اللحياني الصفار)
أَحْمد بن الْحسن بن أَحْمد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو بكر الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن اللحياني الصفار من أهل نهر الدَّجَاج ببغداذ كَانَ من الْقِرَاءَة الموصوفين المجودين بِحسن الْقِرَاءَة وجودة الْأَدَاء ختم الْقُرْآن عَلَيْهِ قَرَأَ بالروايات على أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عمر بن الحمامي وَابْن الفوارس الْحَافِظ وَغَيرهمَا وَمَات سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَقيل إِنَّه نسي الْقُرْآن مولده سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (المخلطي)
أَحْمد بن الْحِين بن أَحْمد الدباس أَبُو عبد المخلطي وَقيل أَبُو الْعَبَّاس وكناه الْأنمَاطِي عبد الْوَهَّاب أَبَا بكر كَانَ حَافِظًا لكتاب الله عز وَجل قَرَأَ طرفا من الْفِقْه على القَاضِي أبي يعلى ابْن الْفراء وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن الْحسن بن غَالب بن الْمُبَارك وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الآبنوسي وَمُحَمّد بن الْمسلمَة وَغَيرهم كَانَ ثِقَة مَأْمُونا توفّي سنة ثَمَان وَخمْس مائَة
3 - (الْحَافِظ ابْن جنيدب)
أَحْمد بن الْحسن بن جنيدب أَبُو الْحسن التِّرْمِذِيّ الْحَافِظ جوال سمع بالعراق وَالشَّام ومصر)
سمع بِالْبَصْرَةِ أَبَا عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد وَالْحجاج ابْن نصير الفساطيطي وَغَيرهمَا وبالعراق يعلى بن عبيد وَعبيد الله بن مُوسَى وَأَبا نعيم الْفضل بن دُكَيْن وَغَيرهم وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَالتِّرْمِذِيّ فِي جَامعه وَإِبْرَاهِيم بن أَبى طَالب وَمُحَمّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة النَّيْسَابُورِي وَمُحَمّد بن النَّضر الجارودي وَغَيرهم وَقدم بغداذ فَحدث بهَا
3 - (الباقلاني ابْن خيرون)
أَحْمد بن الْحسن بن خيرون بن إِبْرَاهِيم الباقلاني أَبُو الْفضل(6/197)
الْمعدل سمع الْكثير بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَصَحب أَبَا بكر الْخَطِيب وَغَيره من الْحفاظ وَكَانَ من الثِّقَات الْأَثْبَات سمع ابْن شَاذان وَابْن بَشرَان وَأَبا بكر أَحْمد البرقاني وَغَيرهم وَلم يزل يسمع إِلَى أَن سمع من أقرانه وَحدث بالكثير وروى الْكتب المطولة وَسمع مِنْهُ الْكِبَار وَكَانَت عِنْده الْأُصُول الحسان وَكَانَ على خطه جلالة وَجمع وفيات الشُّيُوخ من أول السّنة الَّتِي ولد فِيهَا وَهِي سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة إِلَى آخر زَمَانه وَذكر مواليدهم وَكَانَ متقناً لما يَقُوله محققاً لما يَنْقُلهُ وروى عَنهُ الْخَطِيب أَبُو بكر وَهُوَ أسن مِنْهُ توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (المنبجي الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن الْحسن بن سَلامَة بن ساعد المنبجي الأَصْل البغداذي المولد وَالدَّار أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي عَليّ الْفَقِيه الْحَنَفِيّ قَرَأَ الْفِقْه على أَبِيه ودرس مَكَانَهُ بعد وَفَاته بِالْمَدْرَسَةِ الموفقية على شاطئ دجلة سمع عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن بنان الْكَاتِب ونحدث عَنهُ بِكِتَاب الْمَغَازِي لمُحَمد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الغباري)
أَحْمد بن الْحسن بن عبد الْكَرِيم النهرواني أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الغباري وَالِد خَدِيجَة المحدثة سمع الْكثير بِنَفسِهِ من ابْن النقور وَأبي مُحَمَّد الصريفيني وَجَمَاعَة وَكتب بِخَطِّهِ أَجزَاء كَثِيرَة وَحدث باليسير سمع مِنْهُ ولداه عبد الله وَأحمد وَابْن أُميَّة الْحسن بن أَحْمد توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (الْوَزير أَبُو نصر ابْن نظام الْملك)
أَحْمد بن الْحسن بن إِسْحَاق بن الْعَبَّاس الطوسي أَبُو نصر ابْن نظام الْملك أبي عَليّ الْوَزير ابْن الْوَزير سكن بغداذ فِي جوَار مدرسة وَالِده وَولي الوزارة للسُّلْطَان مُحَمَّد بن ملكشاه فِي نصف)
ذِي الْقعدَة سنة خمس مائَة ثمَّ ولي الوزارة للْإِمَام المسترشد فِي ثامن عشر رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة وعزل فِي سلخ ربيع الأول سنة عشرَة وَلزِمَ منزله إِلَى آخر عمره وَلم يتلبس بِخِدْمَة أحد من الْمُلُوك وَكَانَ شَيخا مليح الشيبة مهيباً ذَا ديانَة وصيانة ومروة وَكبر نفس وعلو همة سمع الحَدِيث من وَالِده أبي عَليّ وَمن أبي الْفَتْح عبد الرَّزَّاق الحسناباذي وَحدث باليسير وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَكَانَ بَقِيَّة بَيته ووزر للدولتين وطالت أَيَّامه بعد عله وَسلم من أَيدي الباطنية وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو السُّعُود ابْن قضاعة)
أَحْمد بن الْحسن بن قضاعة أَبُو السُّعُود شَاعِر أديب لَهُ مدائح فِي الْوَزير أبي مَنْصُور بن جهير قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَمن شعره مَا رَأَيْته بِخَط ابْن عَمه فِي مَجْمُوع لَهُ قَوْله
(بَعدت وقلبي يَا عليوة عنْدكُمْ ... وَلم ير قبلي من يروح بِلَا قلب)
(فَإِنِّي على مَا تعهدون محافظ ... على ودكم فِي حَالَة الْبعد والقرب)
(فكونوا على عهد الصفاء فإنني ... منحتكم ودي وأسكنتكم قلبِي)(6/198)
قلت شعر نَازل
3 - (ابْن بطانة)
أَحْمد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن سعيد بن حَيَّان بن أَسد أَبُو الْعَبَّاس الْوراق الصيدلاني المخرمي الْمَعْرُوف بِابْن بطانة نزل الْبَصْرَة وَسكن فِي بني سهم وَكَانَ حَافِظًا يورق للنَّاس حدث بِالْبَصْرَةِ عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة وَأبي الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ وَيحيى بن مُحَمَّد بن صاعد وَأحمد بن إِسْحَاق بن البهلول وَجَمَاعَة قَرَأَ يَوْمًا على أبي إِسْحَاق الجهيمي فَأدْخل جُزْءا فِي جُزْء فَقَالَ لَا تبطن يَا ابْن بطانة
3 - (ابْن العالمة الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن الْحسن بن هبة الله بن الْحُسَيْن الإسكاف أَبُو الْفضل الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن العالمة بنت الرَّازِيّ قَرَأَ الْقُرْآن على أبي مَنْصُور الْخياط ثمَّ قَرَأَ بالروايات على أبي الْوَفَاء طَاهِر بن القواس وَأبي الْخطاب أَحْمد بن عَليّ الصُّوفِي وَغَيرهمَا وَسمع ابْن النقور وَأَبا مُحَمَّد الصريفيني وَمُحَمّد بن الْمسلمَة وروى عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن المعوغي)
)
أَحْمد بن الْحسن بن هِلَال الورداني أَبُو الْعَبَّاس الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن المعوغي أَصله من الوردانية من قرى بغداذ سمع الْكثير وَحصل النّسخ وَكَانَت أجزاؤه بِخَط شُجَاع الذهلي قَرَأَ الْقُرْآن على طَاهِر بن سوار وَسمع الشريف مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي والنقيب أَبَا الفوارس الزَّيْنَبِي وَابْن البطر وَجَمَاعَة حدث فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة فَتكون وَفَاته بعد التَّارِيخ
3 - (الْموصِلِي صَاحب الموشحات)
أَحْمد بن الْحسن بن عَليّ الْموصِلِي صَاحب الموشحات البديعية الَّتِي مِنْهَا قَوْله يمدح الْمَنْصُور صَاحب حماة باسم عَن لآلناسم عَن عطرنافر كالغزالسافر كالبدر
(أَي بدر ربيب ... لي فِيهِ أرب)
(ذُو رضاب ضريب ... للطلا وَالضَّرْب)
(يَا لَهُ من حبيب ... ضَاحِك عَن حبب)
باخل بالوصالسامح بالهجرلي أبقى الخبالحين أفنى صبري
(أغيد إِن رنا ... سل بيض الصفاح)
(وَإِذا مَا انثنى ... هز سمر الرماح)
(لقتالي دنا ... ذَا أَمِير السِّلَاح)(6/199)
ضَارب بالنصالطاعن بالسمرراشق بالنبالنافث بِالسحرِ
(فالنضيد النظيم ... الشتيت الشنيب)
(والأسيل الوسيم ... الخضيب الخصيب)
(والقوام القويم ... الْقَضِيب الرطيب)
(غُصْن ذُو اعتدالمورق بالشعر ... مزهر بالجمالمثمر بالبدر)
(من لدحية شَقِيق ... خَدّه كالشقيق)
(أَو كنار الْحَرِيق ... والحيا والرحيق)
(والعذار الأنيق ... لازورد سحيق)
فَوق خديه سالفهو فِي زنجفرشبه نمل يخالواقفاً لَا يسري)
(لَو رَآهُ إِبْلِيس ... بِالسُّجُود اشْتهر)
(أَو رَأَتْهُ بلقيس ... حَار مِنْهَا النّظر)
(خَاله مغنطيس ... لحديد الْبَصَر)
فَرعه كالليلفرقه كالفجرحرت بَين الضلالوالهدى فِي أَمْرِي قلت وَقد نظم فِي عصري فِي وَقت جمَاعَة وعارضوه فَمنهمْ من خَالف قوافيه وأقفاله وَمِنْهُم من لم يُخَالف أقفاله وكلفت شَيْئا من ذَلِك فَقلت مُوَافقا لَهُ فِي سَائِر أقفاله وقوافي حشواته وَهُوَ جَامع فِي الدلالجانح للهجرخاطر فِي الجمالعاطر فِي النشر
(غُصْن بَان رطيب ... قد زها بالطرب)
(ينثني فِي كثيب ... بالصبا عَن كثب)
(مَا لقلبي نصيب ... مِنْهُ غير النصب)
قمر فِي كمالفوق غُصْن نضرطالعاً لَا يزالفي دياجي الشّعْر
(كم جلا بالسنا ... فرقه لي صباح)
(وحلا فِي الجنا ... مبسم كالأقاح)
(إِن رنا وانثنى ... أَو تبدى ولاح)
(يَا حَيَاء الغز الوافتضاح السمر ... واختفاء الهلالوكسوف الْبَدْر)
(للعذار الرقيم ... خَاله كالرقيب)
(حول روض وسيم ... وسط نَار تذيب)
(فِي النَّعيم الْمُقِيم ... يتشكى اللهيب)(6/200)
ذاق برد الظلالفي لهيب الجمرواهتدى فِي الضلالببروق الثغر
(شقّ خد الشَّقِيق ... مِنْهُ خد أنيق)
(والقوام الرشيق ... فِيهِ معنى دَقِيق)
(كم سقاني الرَّحِيق ... من فَم كالعقيق)
(بعد ذَاك الزلالما حلالي صبري ... والقوام الممالقام فِيهِ عُذْري)
(غُصْن بَان يميس ... فِي رياض الزهر)
(رِيقه الخندريس ... فِي زلال ظهر)
)
(فِيهِ در نَفِيس ... فِي عقيق بهر)
جفْنه حِين صالفي خبايا صدريلو كفاني النباللاكتفى بِالسحرِ وَمن موشحات الْموصِلِي وَقد عَارض موشحة للْقَاضِي الْفَاضِل رَحمَه الله تَعَالَى وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله
(بِي من حوى الْحسن كلهوفاق غيد الأكله ... بدر تَمام مصورما فِيهِ نقص الْأَهِلّة)
(فشعر لليالي ... وفرقه للصباح)
(وجفنه للنصال ... وقده للرماح)
(وريقه للزلال ... وثغره للأقاح)
(فَلَو رأى قيس دلهأنساه حسن المذله ... وَلَو تعناه عنترسلا محبَّة عبله)
(لي جنَّة وحرير ... بخده واحمراره)
(ونضرة وسرور ... بصدغه واخضراره)
(أعنبر أم عبير ... يجْرِي بِخَط عذاره)
(يحار فِيهِ ابْن مقلهحماه جفن ومقله ... فَذا يجرد خنجروذا يفوق نبله)
(من حمرَة وَبَيَاض ... الِاجْتِمَاع تولد)
(فِي وجنة كالرياض ... جنانها الْخَال أسود)
(وبالصحاح المراض ... صان النقي من الخد)
(وكنتن أضمرت قبلهلذا الْجَمِيل الجبله ... بنظرة لي تظهروتلتقي الصدغ غفله)
(فخده للهيب ... ونشره للغوالي)
(وَردفهُ للكثيب ... وجيده للغزال)
(وَعطفه للقضيب ... وَوَجهه للهلال)
(مذ أطلع الصدغ نملهفقلت للقلب نم لَهُ ... لَعَلَّ بِالصبرِ تظفربوصله يَا موله)(6/201)
(جَفا الرقاد جفوني ... وبالسهاد ولوعي)
(وَالْعَادِيات شجوني ... والنازعات ضلوعي)
(والذاريات شؤوني ... والمرسلات دموعي)
(دمعي من الْحبّ قلهوالشوق مَا فِيهِ قله ... ونار وجدي تسعروأدمعي مستهله)
)
قلت وَقد رَأَيْت موشحة تشبه هَذَا وَلم أدر لمن هِيَ فآثرت إِثْبَاتهَا هَهُنَا وَهِي لي مهجة مضمحلة وأدمع مستهلة هَذَا الغزال المزنر عقدت صبري فَحله
(أما وَلَام عذار ... من العبير تخط)
(ومبسم كالنضار ... فِيهِ من الدّرّ سمط)
(مَا إِن خلعت عِذَارَيْ ... فِي غير حبك قطّ)
(وَلَا رضيت بذله حَتَّى تعشقت دله ... وَكم تعزز قسور أَتَا رشا فأذله)
(شَكَوْت مَا بِي إِلَيْهِ ... فَلم يرق لذلي)
(فَقلت لَا مت حَتَّى ... تصير فِي الْحبّ مثلي)
(وَقلت فِي السِّرّ مِنْهُ ... يَا رب لَا تستجب لي)
يَا من جعلني مثله مَا فِي الْبَريَّة مثله لي أدمع تتحدر كالغيث إِن دَامَ هطله
(قَالُوا السلو جميل ... فَقلت لست بسال)
(ذَروا غرامي يطول ... إِلَى الرضاب الزلَال)
(وَكَيف تبقى عقول ... وربنا ذُو الْجلَال)
قد صير السحر كُله فِي مقلتي خشف كُله وكل مقلة جؤذر من حسنه مستمله
(إِن كَانَ فِي الْحبّ دَاء ... فَفِي الجفون الصِّحَاح)
(إِن كَانَ فِيهِ دَوَاء ... فَفِي الرضاب القراح)
(مَتى يكون اللِّقَاء ... وَأَنت روحي وراحي)
يَا من أَبيت بعلهمن حبه ولعلهفي فِيهِ ينبوع سكريا لَيْت لي مِنْهُ عله
(لم أنسه إِذْ تغنى ... مثل الغزال الأغن)
(وكل مَا أَتَمَنَّى ... يَأْتِي على حكم ظَنِّي)
(وَقد بدا يتثنى ... كالبدر من فَوق غُصْن)
عَيْنَيْهِ وَالْملك للهخديه ورد معصفرأعاره الْغَيْم ظله(6/202)
قلت كَذَا وجدته وأظن أَن الحشوة الثَّانِيَة أَو القفل مَعًا لَيست لناظم الأَصْل لِأَنَّهُ لحن ظَاهر
وَمن موشحات الْموصِلِي قَوْله الْهوى ضربمن العبثوبه العشاققد عبثوا)
(بِي مليح وَصله أملي ... يزدري بالشمس فِي الْحمل)
(جَائِر يَسْطُو بمعتدل ... ينثني كالشارب الثمل)
(خنث ناهيك من خنث ... فَهُوَ روح والهوى جثث)
(غُصْن صبري من تمايله ... فشمولي من شمائله)
(وخمولي من خمايله ... وغليلي من غلائله)
(عذلي فِي زينه شعثي ... نزح العذال أَو مَكَثُوا)
(حسنه يزْدَاد بِالنّظرِ ... بقوام ناعم نضر)
(وعذار سَائل خضر ... ورضاب بَارِد خصر)
(من سواهُ الْحسن لم يَرث ... والورى من حسنه ورثوا)
(ثغره أنقى من الْبرد ... رِيقه أشهى من الشهد)
(ظَبْي سرب من بَين أَسد ... سحره النفاث فِي العقد)
(لَو رنا بِالنّظرِ النفث ... نَحْو أهل الْكَهْف مَا لَبِثُوا)
(قمر وَاللَّيْل طرته ... وضياء الصُّبْح غرته)
(وجني الْورْد وجنته ... ناره مِنْهَا وجنته)
(لَو دَعَا الْأَمْوَات من جدث ... قبل يقْضى حشرهم بعثوا)
(فبمَا فِي الطّرف من دعجٌ ... وَبِمَا فِي الخد من ضرج)
(وَبِمَا فِي الثغر من فلج ... وَبِمَا فِي الجفن من غنج)
(وَبِمَا فِي الْخلق من دمث ... الورى فِي وَصفه بحثوا)
(مَا كمحبوبي وَلَا خلقا ... غُصْن بَان فِي كثيب نقا)
(سينه ثاء إِذا نطقا ... قَالَ فِي فِيهِ وَقد صدقا)
(مثكر المثطار من لعث ... وثحيق المثك لي نفث)
وَمِنْهَا قَوْله يُعَارض كللي
(جللي يَا رَاح كأس وَلها كللي ... بالحلي وسوريها وَلها خلخلي)
(من غرر ... حبابك المنظوم مثل الدُّرَر)
(بِالْخمرِ ... كَأَنَّهُ الْيَاقُوت فَوق الْجَمْر)(6/203)
)
(والزهر ... فِي الرَّوْض أَمْثَال النُّجُوم الزهر)
(فانقليمن دنك الْمَخْتُوم بالمندل ... وارسلي طيب الشذا مَعَ نسمَة الشمَال)
(قد قدح ... زناد أنوار الطلا فِي الْقدح)
(والترح ... أدبر إِذا أقبل مِنْهَا الْفَرح)
(وانشرح ... صَدْرِي بهَا وَالْغَم عني سرح)
فاجتلي لإبنة الْكَرم من الجدولسلسليفقد شدا الْقَمَر مَعَ البلبل
(ذِي الشموس ... بأيدي الأقمار تحكي الشموس)
(فِي الكؤوس ... بصرفها يصرف هم وبوس)
(للنفوس ... روح وَرَيْحَان وهدي الْعَرُوس)
تنجلي عَليّ فِي مطرفها الصندلأنمليأخضبها من كأسها إِن ملي
(بِي رشا ... يسمو على بدر الدجى والوشا)
(لَو يشا ... يمشي على رَأْسِي وعيني مَشى)
(الحشا ... بالنَّار من جفوته قد حَشا)
(قد قلي محبه بل قلبه ينقلي يصطلي ... مِنْهُ كنار الْحَرْب فِي القسطل)
(أهيف ... من الصِّبَا فِي لطف ألطف)
(متْلف ... سحر بِعَيْنِه أَو المرهف)
(أَوْطَفُ ... رضابه الشهد أم القرقف)
(والخلي عَليّ قد جَار وَلم يعدل ... إذولي فِي دولة الْحسن وَلم يعْزل)
(مَا خبا ... وجدي وأشواقي فُؤَادِي حبا)
(والظبا ... جردن من أجفانهن الظبى)
(قد صبا ... إِلَيْك قلبِي يَا نسيم الصبى)
(فاقلبي يَا ريح نحوي وَعلي اقبلي فاقبلي ... قولي وأكناف الْحمى قبلي)
وَمِنْهَا قَوْله
(بِي حارس فِي خَدّه الجلنار ... على البهار بنرجس الطّرف وآس العذار)
فالورد من وجنته والشقيق)
والشهد من ريقته والرحيق وثغره البلور غشى العقيق عقد ثمين كاللآلي الصغارله افتراربه حوى رق النُّفُوس الْكِبَار
((6/204)
الصُّبْح وَاللَّيْل لهَذَا ... الْهلَال)
الْفرق وَالْفرع هدى مَعَ ضلال وَعَمه بالْحسنِ فِي الخد خَال
(فخده والصدغ ... بالاحمرار والاخضرار قد ألبساني حلل الاصفرار)
بدر تَمام فِي بروج السُّعُود ظَبْي كناسٍ قَاتل بالأسود غُصْن أَرَاك مائس فِي برود فَذا لَهُ الْأُفق الرفيع المناروذا النفاروذا من الْحسن رنا حساماً وانثنى أسمرا ولاح بَدْرًا وعطا جؤذرا وماج بحراً وسطا قسورا وفاح مسكاً وتغنى هزارحيا وزارورد حبات الْقُلُوب الفتار فِي بَلْدَة الْقلب تبدى الْقَمَر وبالجمال الْفَرد عَقْلِي قهر وأسهر الطّرف الرشا إِذْ هجر وجفنه الْوَسْنَان بالانكسارله انتصاروقده الْعَادِل بالميل جَار وَرب يَوْم قد سقاني المدام رَاح لَهَا بِالروحِ قد سَام سَام وَكم على كاساتها حام حام
(شبهته لما علينا أدَار كأس الْعقار ... بدر الدجى يسْعَى بشمس النَّهَار)
3 - (الْكَرَابِيسِي)
أَحْمد بن الْحسن الْكَرَابِيسِي الشَّاعِر من أهل خوارزم سكن بغداذ ومدح أَبَا الْفضل الْعَبَّاس بن)
الْحسن الشِّيرَازِيّ وَزِير معز الدولة ابْن بويه وَذكره الثعالبي فِي الْيَتِيمَة وَمن شعره
(رأى الْبَرْق من فِيهَا مضيئاً فأمطرا ... وَأظْهر مَا قد كَانَ فِي الْقلب مضمرا)
(رأى جمر خديها فآوى ليصطلي ... فأحرقه لما دنا مِنْهُ وانبرى)
(رأى سقم عينيها فأحمله الْهوى ... تحملهَا مِنْهُ فأبدى تكسرا)
(رأى الْبَدْر مِنْهَا فِي الحجال مخدراً ... وَلم ير بَدْرًا قبلهَا متخدرا)(6/205)
(وَإِنِّي وَإِن صدت وملت وأعرضت ... لراع لَهَا حق الوداد الَّذِي جرى)
(سأرعى الْهوى مَا عِشْت جهدي وطاقتي ... وأبكي بدمع يصْبغ الخد أحمرا)
(وَلَا عَار فِي صبري على ذلة الْهوى ... وَلَا بُد للمشتاق أَن يتصبرا)
(وَلَكِن عاراً أَن يُقَال لعاشقٍ ... سلا قلبه قد كَانَ صبا فأقصرا)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (المضري الأبلي)
أَحْمد بن الْحسن المضري الأبلي قَالَ ابْن حبَان وَابْن البيع كَذَّاب
3 - (أَحْمد بن الْحسن بهاء الدّين)
وَقَالَ أَبُو يعلى الْخَلِيل وَكَانَا فاضلين ينظمان الشّعْر وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه إِن شَاءَ الله تَعَالَى نقلت من خطّ الأديب نور الدّين ابْن سعيد المغربي قَالَ كَانَ يشْتَغل بالدواوين السُّلْطَانِيَّة يَعْنِي بهاء الدّين أَحْمد هَذَا فَأَخذه الْكَامِل وعصره وَأطَال عَذَابه وسجنه فَحلف أَن لَا يعود لعمل سُلْطَان واشتغل بالطب وعاش مِنْهُ من شعره
(وَيَد الشمَال عَشِيَّة مذ أرعشت ... دلّت على ضعف النسيم بخطها)
(كتبت سقيماً فِي صحيفَة جدول ... فيد الغمامة صحصحته بنقطها)
قلت نظم جيد مصقول وَلَكِن النقط مَا يصحح الْخط الضَّعِيف وَلَو اتّفق لَهُ أَن يَقُول كتبت مهملاً فأعجمت الغمامة بنقطها لَكَانَ مُسْتَقِيمًا
3 - (المجير الْخياط)
أَحْمد بن الْحسن بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي مجير الدّين الْخياط الشَّاعِر كَانَ كثير الدَّعْوَى جدا وشعره غث وَلَكِن ينْدر لَهُ الْجيد توفّي فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَقد قَارب السّبْعين كَانَ الشَّيْخ بدر الدّين حسن ابْن الْمُحدث قد كتب إِلَيْهِ أبياتاً فَأَجَابَهُ عَنْهَا فَكتب بدر الدّين الْجَواب)
فَكتب المجير الْخياط
(كاتبتنا فأجبنا ثمَّ ثَانِيَة ... كاتبتنا فأجبنا وانقضى الْأَجَل)
(فَفِيمَ كاتبت يَا ذَا الْجَهْل ثَالِثَة ... ألم تبن لَك عَن تفصيلها الْجمل)
(إِن كَانَ قصدك تعجيزاً لهاجسنا ... فَرب ليل مَشى ففاته الأمل)
وَهُوَ قَائِل فِي حائك كَانَ يَصْحَبهُ فَصَارَ خَطِيبًا فَمر وَلم يسلم عَلَيْهِ
(وحائك صَار خَطِيبًا ومذ ... صَار خَطِيبًا مذقه صرما)
(ظن وَقد صَار على مِنْبَر ... بِأَنَّهُ قد صَار نور السما)
(وَإِن يَك الْمَغْرُور من جَهله ... وحمقه مر وَمَا سلما)(6/206)
(فَهُوَ الَّذِي معنق فِي الثرى ... إِلَى الثريا قد رقى سلما)
وَقَالَ أَيْضا
(لَا ترفعن دنيا ... فرفعه لَك خفض)
(ودسه حَيْثُ ترَاهُ ... بِتَرْكِهِ فَهُوَ أَرض)
وَكَانَ قد كتب إِلَيّ أبياتاً فِي بَحر المديد وَلم يحضرني الْآن نسختها وكتبت جَوَابه نظماً ونثراً
3 - (البردعي المعتزلي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن أَبُو سعيد البردعي شيخ الْحَنَفِيَّة ببغداذ كَانَ فَقِيها مناظراً بارعاً إِلَّا أَنه كَانَ معتزلياً نَاظر دَاوُد الظَّاهِرِيّ فَقطع دَاوُد وَقتل مَعَ الْحَاج نوبَة نقل الْحجر الْأسود لما اقتلعته القرامطة وَكَانَت وَفَاته سنة سبع عشرَة وَثَلَاث مائَة قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة جلس أَبُو سعيد فِي حَلقَة دَاوُد بن عَليّ الظَّاهِرِيّ فَقَالَ لَهُ مَا تَقول فِي بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد قَالَ يجوز قَالَ وَلم قَالَ لأَنا أجمعنا على جَوَاز بيعهنَّ قبل الْعلُوق فَلَا نزُول عَن هَذَا الْإِجْمَاع إِلَّا بِإِجْمَاع مثله فَقَالَ البردعي أجمعنا على أَن بعد الْعلُوق قبل الْوَضع لَا يجوز بيعهنَّ حَتَّى يَضعن فَلَا نزُول عَن هَذَا الْإِجْمَاع إِلَّا بِإِجْمَاع مثله فَانْقَطع دَاوُد وَقَالَ ينظر فِي هَذَا وعزم أَبُو سعيد الْمقَام ببغداذ والتدريس بهَا لما رأى من غَلَبَة أَصْحَاب الظَّاهِر فَلَمَّا كَانَ بعد مديدة رأى فِي الْمَنَام قَائِلا يَقُول فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض فانتبه وَإِذا الْبَاب يدق وَقَائِل يَقُول مَاتَ دَاوُد الظَّاهِرِيّ فَإِن أردْت أَن تصلي فَاحْضُرْ
3 - (أَبُو مجَالد)
)
أَحْمد بن الْحُسَيْن أَبُو مجَالد الضَّرِير مولى المعتصم كَانَ من دعاة الْمُعْتَزلَة توفّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو جهم المشغراني)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن طلاَّبٍ بن كثير أَبُو جهم الدِّمَشْقِي المشغراني كَانَ يُؤَدب بِبَيْت لهيا ثمَّ انْتقل إِلَى مشغرا وَصَارَ خطيبها توفّي سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو بكر الْفَارِسِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن سهل أَبُو كبر الْفَارِسِي صَاحب ابْن(6/207)
سُرَيج فَقِيه إِمَام لَهُ مصنفات باهرة فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَمن وجوهه الْكَلْب الْأسود لَا يحل صَيْده كمذهب ابْن حَنْبَل توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (المسيلي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد المسيلي قَالَ
(مَتى طلعت تِلْكَ الْأَهِلّة فِي الْخمر ... ونابت لنا تِلْكَ الْعُيُون عَم الْخمر)
(وَمن علم الأعجاز تستعجز القنا ... وهذي الثنايا الغر تسطو على الدّرّ)
(شموس أَبَت إِلَّا شماس سجية ... وأقمار حسن فِي الْهوى قمرت صبري)
وَقَالَ أَيْضا
(خطرت على وَادي العذيب بأدمعي ... فَمَا جزته إِلَّا وَأَكْثَره دم)
(وَقد شربت مِنْهُ كرام جيادنا ... فَكَادَتْ بأسرار الْهوى تَتَكَلَّم)
(سرى الْبَرْق من نعْمَان يخبر أَنه ... سيشقى بكم من كَانَ بالْأَمْس ينعم)
(رحلتم وَهَذَا اللَّيْل فِيكُم فَلم يعد ... إِلَيّ سواهُ مِنْكُم إِذْ رحلتم)
(وَمَا أَنا صب بالنجوم وَإِنَّمَا ... تخيل لي الْآفَاق أَنكُمْ هم)
قلت شعر جيد وَلَو قَالَ تخيل لي الأشواق أَنكُمْ هم لَكَانَ أحسن من الْآفَاق
3 - (أَبُو الطّيب المتنبي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن عبد الصَّمد أَبُو الطّيب الْجعْفِيّ الْكُوفِي المتنبي الشَّاعِر ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاث مائَة وَأكْثر الْمقَام بالبادية لِاكْتِسَابِ اللُّغَة وَنظر فِي فنون الْأَخْبَار وَأَيَّام النَّاس وَالْأَدب وَقَالَ الشّعْر من صغره حَتَّى بلغ الْغَايَة وفَاق أهل عصره وَلم يَأْتِ بعده مثله ومدح)
الْمُلُوك وَسَار شعره فِي الدُّنْيَا قَالَ ضِيَاء الدّين ابْن الْأَثِير سَافَرت إِلَى مصر وَرَأَيْت النَّاس يشغلون بِشعر المتنبي فَسَأَلت القَاضِي الْفَاضِل فَقَالَ إِن أَبَا الطّيب ينْطق عَن خواطر النَّاس
وَكَانَ قد خرج إِلَى كلب فَادّعى فهم أَنه علوي ثمَّ ادّعى النُّبُوَّة إِلَى أَن اشْهَدْ عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ بالدعوتين وَحبس دهراً وأشرف على الْقَتْل ثمَّ استنابوه وأطلقوه ثمَّ إِنَّه تنبأ فِي بادية السماوة فَخرج إِلَيْهِ لُؤْلُؤ أَمِير حمص من قبل الإخشيد فَأسرهُ بعد أَن شرد من مَعَه ثمَّ حَبسه دهراً فاعتل وَكَاد يتْلف ثمَّ استتيب بمكتوب وَقيل إِنَّه قَالَ أَنا أول من تنبأ بالشعر ثمَّ الْتحق بالأمير سيف الدولة ابْن(6/208)
حمدَان وحظي عِنْده ثمَّ فَارقه وَدخل مصر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة ومدح كافوراً الإخشيدي وَكَانَ يقف بَين يَدَيْهِ وَفِي رجلَيْهِ خفان وَفِي وَسطه سيف ومنطقة ثمَّ يركب بحاجبين من مماليكه وهما بِالسُّيُوفِ والمناطق وَلما لم يرضه هجاه وفارقه لَيْلَة عيد النَّحْر سنة خمسين وَثَلَاث مائَة وَوجه كافور الإخشيدي خَلفه رواحل إِلَى جِهَات شَتَّى فلمخ يلْحق وَكَانَ كافور وعده بِولَايَة بعض أَعماله فَلَمَّا رأى تعاطيه فِي شعره وسموه بِنَفسِهِ خافه وَعُوتِبَ فِيهِ فَقَالَ يَا قوم من ادّعى النُّبُوَّة بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما يَدعِي المملكة مَعَ كافور فحسبكم وَكَانَ لسيف الدولة مجْلِس يحضرهُ الْعلمَاء فِي لَيْلَة النَّحْر فيتكلمون بِحَضْرَتِهِ فَوَقع بَين المتنبي وَبَين ابْن خالويه كَلَام فَوَثَبَ ابْن خالويه على المتنبي فَضَربهُ فِي وَجهه بمفتاح فَشَجَّهُ وَخرج وَدَمه يسيل وَغَضب وَخرج إِلَى مصر وَلما فَارق مصر قصد بِلَاد فَارس ومدح عضد الدولة ابْن بويه فأجزل جائزته وَرجع من عِنْده قَاصِدا بغداذ ثمَّ إِلَى الْكُوفَة فِي شعْبَان لثمان خلون مِنْهُ فَعرض لَهُ فاتك بن أبي جهل الْأَسدي فِي عدَّة من أَصْحَابه وَكَانَ مَعَ المتنبي جمَاعَة أَيْضا فَقتل المتنبي وَابْنه محسد وَغُلَامه مُفْلِح بِالْقربِ من النعمانية بمَكَان يُقَال لَهُ الصافية وَقيل عِنْد دير العاقول ذكر ابْن رَشِيق فِي الْعُمْدَة لما فر أَبُو الطّيب حِين رأى الْغَلَبَة قَالَ لَهُ غُلَامه لَا يتحدث النَّاس عَنْك بالفرار أبدا وَأَنت الْقَائِل
(فالخيل وَاللَّيْل والبيداء تعرفنِي ... وَالسيف وَالرمْح والقرطاس والقلم)
فكر رَاجعا وَقتل سنة أَربع وَخمسين وَثَلَاث مائَة لست بَقينَ من شهر رَمَضَان وَقيل غير ذَلِك من شهر رَمَضَان وَيُقَال إِن أَبَا عَليّ الْفَارِسِي قَالَ لَهُ يَوْمًا كم لنا من الجموع على وزن فعلى فَقَالَ المتنبي فِي الْحَال حجلي وظربي فَقَالَ أَبُو عَليّ فطالعت كتب اللُّغَة ثَلَاث لَيَال عَليّ أَنا أجد لهذين الجمعين ثَالِثا فَلم أجد وحسبك من يَقُول أَبُو عَليّ فِي حَقه هَذِه الْمقَالة)
وحجلى جمع حجل وَهُوَ الطَّائِر الْمَعْرُوف وظربى جمع ظربان على وزن قطران وَهِي دويبة مُنْتِنَة الرَّائِحَة وَكَانَ الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ يروي لَهُ بَيْتَيْنِ لَا يوجدان بديوانه وهما
(أبعين مفتقر إِلَيْك نظرتني ... فأهنتني وقذفتني من حالق)
(لست الملوم أَنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بِغَيْر الْخَالِق)
وَالصَّحِيح أَنَّهُمَا لأبي الْفرج صَاحب الأغاني وَلما كَانَ بِمصْر كَانَ لَهُ صديق يَغْشَاهُ فِي علته فَلَمَّا أبل انْقَطع عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ وصلتني وصلك الله مُعْتَلًّا وقطعتني مبلاً فَإِن رَأَيْت أَن لَا تحبب الْعلَّة إِلَيّ وَلَا تكدر الصِّحَّة عَليّ فعلت إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ النامي الشَّاعِر كَانَ قد بَقِي من الشّعْر زَاوِيَة دَخلهَا المتنبي وَكنت أشتهي أَن أكون قد سبقته إِلَى مَعْنيين قالهما مَا سبق إِلَيْهِمَا أَحدهمَا
(رماني الدَّهْر بالأرزاء حَتَّى ... فُؤَادِي فِي غشاء من نبال)(6/209)
(فصرت إِذا أصابتني سِهَام ... تَكَسَّرَتْ النصال على النصال)
وَالْآخر قَوْله
(فِي جحفل سر الْعُيُون غباره ... فَكَأَنَّمَا يبصرن بالآذان)
وَقَالَ عَليّ بن ظافر فِي الذيل على بدايع البدائه حكى أَبُو الْحُسَيْن الْمُؤَدب قَالَ كنت ببغداذ فِي دَاري أنسخ شَيْئا فَدخل أَبُو الطّيب رَحمَه الله تَعَالَى فَقلت يَا أَبَا الطّيب إِن فِي شعرك كل مليح إِلَّا أَنَّك تذكر مصراعاً فِي معنى فَخرج فِي المصراع الآخر إِلَى غَيره فَقَالَ لي أَيْن قلت فِي قَوْلك لهوى الْقُلُوب سريرة لَا تعلم وَانْتَظرْنَا أَن يتم المصراع الآخر كشف السريرة فَقلت عرضا نظرت وخلت أَنِّي أسلم مَا فِي هَذَا معنى يُطَابق المصراع الأول فَخَجِلَ من ذَلِك وتمشى فِي الدَّار وَأَنا أنسخ ثمَّ عَاد إِلَيّ وَقَالَ اكْتُبْ
(لَهو الْقُلُوب سريرة لَا تعلم ... كم حَار فِيهِ عَالم مُتَكَلم)
(وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِي تَحْقِيقه ... وَصَحِيحه فِيمَا أَتَوْهُ توهم)
(كل يَقُول وَلَا يصحح قَوْله ... وعَلى النُّجُوم بحيل من يتنجم)
)
(وَإِذا تفكر فِي الْحَقَائِق عَاقل ... ضعفت قواه وخانه مَا يعلم)
(مَا فَاتَنِي من كل علم سره ... وَمن الْحَقَائِق مَا يصان ويكتم)
(وَالْعلم بَحر والقرائح لَيْلَة ... وَمن العناء أزوم مَا لَا يلْزم)
وَيُقَال إِن أَبَاهُ كنن سقاء بِالْكُوفَةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْقَائِل فِيهِ أَي فضل لشاعر يطْلب الْفضل من النَّاس بكرَة وعشيا عَاشَ حينا يَبِيع فِي الْكُوفَة المَاء وحيناً يَبِيع مَاء الْمحيا وَلابْن حجاج فِيهِ أهاج كَثِيرَة وقصائد مُطَوَّلَة فِي ديوانه مِنْهَا قَوْله
(كفوا عَن المتنبي ... فَإِنَّهُ قد تنبه)
(يَا شَاعِرًا مَا يُسَاوِي ... طرطوره نصف حبه)
وَله قَوْله(6/210)
(يَا شيخ أهل الْعلم فِينَا وَمن ... يلْزم أهل الْعلم توقيره)
(مسَائِل جاءتك مفتنة ... فِيهَا من الْعَمَل عقاقيره)
(مشم شرجي كَيفَ تثنيه لي ... وذوق إستي كَيفَ تصغيره)
(وأير بغل طوله سَبْعَة ... فِي مثل دور الدقر تدويره)
(كم إصبعاً واحسبه لي جيدا ... يكون فِي است أمك تكسيره)
(قل لي وطرطورك هَذَا الَّذِي ... فِي غَايَة الْحسن شوابيره)
(مَا ضره إِذْ جَاءَ فصل الشتا ... لَو أَن شعر استي سموره)
وَقَوله
(يَا دِيمَة الصفع صبي ... على قفا المتنبي)
(وَيَا قَفاهُ تقدم ... حَتَّى تصير بجنبي)
مِنْهَا
(إِن كنت أَنْت نَبيا ... فالقرد لَا شكّ رَبِّي)
وَمِمَّا قَالَه من الحماسة فِي صُورَة الْغَزل قَوْله
(كَأَن الْهَام فِي الهيجا عُيُون ... وَقد طبعت سيوفك من رقاد)
(وَقد صغت الأسنة من هموم ... فَمَا يخطرن إِلَّا فِي فؤاد)
)
عد ابْن وَكِيع وَغَيره سرقاته هَذَا الْمَعْنى من أَمَاكِن مِنْهَا قَول مَنْصُور النمري
(وَكَأن موقعه بجمجمة الْفَتى ... حذر الْمنية أَو نُعَاس الهاجع)
وَقَول مهلهل
(الطاعن الطعنة النجلاء تحسبها ... نوماً أَنَاخَ بجفن الْعين يغفيها)
(بلهذم من هموم النَّفس صبغته ... فَلَيْسَ يَنْفَكّ يجْرِي فِي مجاريها)
وَقَول ابْن المعتز
(أَيْن الرماح الَّتِي غذيتها مهجاً ... مذ مت مَا وَردت قلباً وَلَا كبدا)
وَقَول آخر
(كَأَن سِنَان ذابله ضمير ... فَلَيْسَ عَن الْقُلُوب لَهُ ذهَاب)(6/211)
وَقَول أبي تَمام
(كَأَنَّهُ كَانَ ترب الْحبّ مذ زمن ... فَلَيْسَ يعجزه قلب وَلَا كبد)
قلت هَذَا جملَة مَا رَأَيْتهمْ عدوه فِي الموطن وَفِي تَرْجَمَة عَليّ بن عبد الله النَّاشِئ الْأَكْبَر شَيْء يتَعَلَّق بِهَذَا الْمَعْنى يَأْتِي فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد أَخذ الْمَعْنى الشريف الرضي فَقَالَ
(كَأَن سَيْفك ضيف الشيب لَيْسَ لَهُ ... إِذا أَتَى عَن وُرُود الرَّأْس منصرف)
وَقَالَ الأرجاني
(كَأَن سيوف الْهِنْد فِيهَا كواكب ... مَعَ الصُّبْح فِي هام الكماة تغور)
وَهَذَا من قَول ابْن المعتز
(متردياً نصلاً إِذا ... لَاقَى الْمنية لم يراقب)
فَكَأَنَّهُ فِي الْحَرْب شمس والرؤوس لَهُ مغارب وَقَالَ ابْن الساعاتي أَمن الهجر سَيْفه فَهُوَ لَا يَنْفَكّ مذ كَانَ قَاطعا بتارا أم من الْحبّ رمحه فَهُوَ لَا يألف إِلَّا الْقُلُوب والأفكارا وَقَالَ أَيْضا
(بيض الْوُجُوه كَأَن زرق رماحهم ... سر يحل سَواد قلب الْعَسْكَر)
وَقَالَ ابْن عبدون)
(كَأَن عداهُ فِي الهيجا ذنُوب ... وصارمه دُعَاء مستجاب)
وَقَالَ القَاضِي الْفَاضِل
(كَأَنَّمَا أسيافه فِي الوغى ... طير ترى الْهَام لَهَا عشا)
وَقَالَ ديك الْجِنّ
(فَتى ينصب فِي ثغر الفيافي ... كَمَا ينصب فِي الْمقل الرقاد)
حدث أَبُو منصرور ابْن الجواليقي عَن أبي زَكَرِيَّا التبريزي عَن أبي الجوائز الوَاسِطِيّ عَن المخلدي الأديب أَن المتنبي كَانَ بواسط جَالِسا وَعِنْده وَلَده المحسد قَائِما وَجَمَاعَة يقرأون عَلَيْهِ فورد إِلَيْهِ بعض النَّاس فَقَالَ لَهُ أُرِيد أَن تجيز لنا هَذَا الْبَيْت
(زارنا فِي الظلام يطْلب سترا ... فافتضحنا بنوره فِي الظلام)(6/212)
فَرفع رَأسه وقلا يَا محسد قد جَاءَك بالشمال فأته بِالْيَمِينِ فَقَالَ
(فالتجأنا إِلَى حنادس شعر ... سترتنا عَن أعين اللوام)
قَالَ أَبُو الجوائز معنى قَول المتنبي لوَلَده جَاءَك بالشمال فأته بِالْيَمِينِ أَن الْيُسْرَى لَا يتم بهَا عمل وباليمين تتمّ الْأَعْمَال وَأَرَادَ أَن الْمَعْنى يحْتَمل زِيَادَة فأوردها وَقد ألطف المتنبي فِي الْإِشَارَة وَأحسن وَلَده فِي الْأَخْذ انْتهى قلت كَذَا نقلت ذَلِك من خطّ الإِمَام شهَاب الدّين ياقوت فِي كِتَابه مُعْجم الشُّعَرَاء يَقُول عَن أيعن اللوام بِاللَّامِ وَالْوَاو والتستير هُنَا إِنَّمَا يكون عَن الوشاة لِأَنَّهُ قَالَ فِي الأول يطْلب سترا وَلَيْسَ للوام هُنَا مدْخل وَأَظنهُ قَالَ عَن أعين النوام وَهَذَا الْأَلْيَق بِهَذَا الموطن وَلم يقل وَالله أعلم النمام لِأَنَّهُ قَالَ أعين اللوام والأنسب أَن يُقَال عَن مقلة النمام أَو عَن نظرة النمام وَهُوَ الْأَحْسَن ورثاه الإِمَام أَبُو الْفَتْح ابْن جني النَّحْوِيّ بقصيدة وَهِي
(غاض القريض وأودت نَضرة الْأَدَب ... وصوحت بعد ري دوحة الْكتب)
(سلبت ثوب بهاء كنت تلبسه ... كَمَا تخطف بالخطية السَّلب)
(مَا زلت تصْحَب فِي الجلى إِذا نزلت ... قلباً جَمِيعًا وعزماً غير منشعب)
(وَقد حلبت لعمري الدَّهْر أشطره ... تمطو بهمة لَا وانٍ وَلَا نصب)
(من للهواجل تحيي ميت أرسمها ... بِكُل جائلة التصدير والحقب)
(قبَاء خوصاء مَحْمُود علالتها ... تنبو عريكتها بالحلس والقتب)
)
(أم من لسرحانها يقريه فضلته ... وَقد تضور بَين الْيَأْس والسغب)
(أم من لبيض الظبا توكافهن دم ... أم من لسمر القنا والزغف واليلب)
(أم للمحافل إِذْ تبدو لتعمرها ... بالنظم والنثر والأمثال والخطب)
(أم للصواهل محمراً سرابلها ... من بعد مَا غربت مَعْرُوفَة الشهب)
(أم للقساطل تعتم الحروب بهَا ... أم من لضغم الهزبر الضيغم الْحَرْب)
(أم للضراب إِذا الأحساب دَافع عَن ... تذنيبها شَعرَات الوكف القضب)
(أم للملوك تحليها وتلبسها ... حَتَّى تمايس فِي أبرادها القشب)
(نابت وِسَادِي أحزاني تؤرقني ... لما غَدَوْت لقىً فِي قَبْضَة النوب)
(عمرت خدن المساعي غير مضطهد ... ومت كالنصل لم تدنس وَلم تَعب)
(فَاذْهَبْ عَلَيْك سَلام الله مَا قلت ... خوص الركائب بالأكوار والشعب)(6/213)
ورثاه أَبُو الْقَاسِم المظفر بن عَليّ الطبسي بقوله
(لَا رعى الله سرب هَذَا الزَّمَان ... إِذْ دهانا فِي مثل هَذَا اللِّسَان)
(مَا رأى النَّاس ثَانِي المتنبي ... أَي ثَان يرى لبكر الزَّمَان)
كَانَ من نَفسه الْكَبِيرَة فِي جَيش وَفِي كبرياء ذِي سُلْطَان
(هُوَ فِي شعره نَبِي وَلَكِن ... ظَهرت معجزاته فِي الْمعَانِي)
ورثاه جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْكَاتِب النصيبي بقصيدة ذالية مَكْسُورَة وَقد تقدم ذكره وَمِنْهُم ثَابت بن هَارُون الرقي النَّصْرَانِي بقصيدة دالية مَرْفُوعَة مَذْكُورَة فِي تَرْجَمته وَمِنْهُم أَبُو الْقَاسِم يُوسُف بن أَحْمد متويه وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِي شعره فَمنهمْ من يرجحه على أبي تَمام الطَّائِي وَمِنْهُم من يرجح أَبَا تَمام عَلَيْهِ والأذكياء وَالْغَالِب مَعَ المتنبي أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام فتح الدّين ابْن سيد النَّاس قَالَ قلت للشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد يَا سَيِّدي الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن النّحاس يرجح أَبَا تَمام على المتنبي أيش عنْدك فِي ذَا فَسكت وَكَانَ قَلِيل الْكَلَام فَأَعَدْت عَلَيْهِ القَوْل فَقَالَ كَذَا يَا فَقِيه وَقَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لي أحد الْمَشَايِخ الَّذين أخذت عَنْهُم وقفت لَهُ على أَكثر من أَرْبَعِينَ شرحاً يَعْنِي لديوانه مَا بَين مطولات ومختصرات وَلم يفعل هَذَا بديوان غَيره وعد ذَلِك من سعادته انْتهى
قلت وَالَّذِي عَلمته من الشُّرُوح ابْن جني شرحان والواحدي أَبُو الْعَلَاء المعري الْجِرْجَانِيّ)
ابْن الدهان فِي سرقاته رِسَالَة لِابْنِ عباد الْحَاتِمِي ابْن الْأَنْبَارِي وَهُوَ جيد التَّوْحِيد وَهُوَ جيد وَفِيه خطأ عَلَيْهِ وعَلى ابْن جني التبريزي ابْن عُصْفُور أَبُو الْبَقَاء المستوفي الإربلي الإِمَام فَخر الدّين فِيمَا قيل أَبُو عَليّ الْحسن بن عبد الله الصّقليّ التجني على ابْن جني لِابْنِ فورجة
وَالْفَتْح على أبي الْفَتْح يَعْنِي ابْن حني لِابْنِ فورجة أَيْضا فتق نور الكمام الظَّاهِر بن الْحُسَيْن بن يحيى المَخْزُومِي الإفليلي حوائج حَوَاشِي تَاج الدّين الِانْتِصَار الْمَبْنِيّ عَن فضل المتنبي لأبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد المغربي راوية المتنبي أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الله الدلفي الْعجلِيّ وَقيل أَبُو الْحسن عَليّ وَهُوَ فِي عشر مجلدات وَالشَّيْخ شرف الدّين المرسي النَّحْوِيّ لَهُ كَلَام على شعره أَبُو عبد الله محمّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الهراسي الْخَوَارِزْمِيّ شرح جيد
والقزاز مُحَمَّد بن جَعْفَر التَّمِيمِي مَا أَخذ على المتنبي من لحن وَغلط وَله مُجَلد تكلم فِيهِ على أَبْيَات معَان من شعره وَلابْن أياز النَّحْوِيّ كَلَام فِي إِعْرَاب أَبْيَات مشكلة من شعره وَابْن الْفَتى النَّحْوِيّ وَهُوَ سلمَان بن عبد الله النهرواني وَأَبُو حَكِيم عبد الله بن إِبْرَاهِيم الخبري وَأَبُو الْحُسَيْن عبد الله بن أَحْمد الشاماتي الأديب والوأواء الْحلَبِي عبد القاهر بن عبد الله وَعبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ وَأَبُو الْقَاسِم عبيد الله بن عبد الرَّحِيم الْأَصْبَهَانِيّ لَهُ كتاب فِي أخباره ولعثمان بن عِيسَى البلطي النَّحْوِيّ كتاب فِي أخباره ولعلي بن عِيسَى النَّحْوِيّ الربعِي كتاب التَّنْبِيه على خطأ ابْن جني فِي شعر المتنبي وَلأبي حَيَّان التوحيدي رد على ابْن جني وتخطئته فِي شعر المتنبي وَاخْتصرَ الْجُزُولِيّ تَفْسِير ابْن جني فِي شرح المتنبي(6/214)
قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة مدح عضد الدولة فَأعْطَاهُ مَا قِيمَته ثَلَاثُونَ وَقَالَ لَهُ امْضِ واحضر عِيَالك وَقَالَ قبل هَذَا وَصله بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَثَلَاث خلع كل خلعة سبع قطع وَثَلَاثَة أَفْرَاس كل فرس بسرج محلي ثمَّ دس عَلَيْهِ من سَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ أَيْن هَذَا الْعَطاء من عَطاء سيف الدولة فَقَالَ هَذَا أجزل إِلَّا أَنه عَطاء متكلف وَسيف الدولة يُعْطي طبعا فَغَضب عضد الدولة وَأذن لقوم من بني ضبة فَقَتَلُوهُ وَقَالَ قَالَ المتنبي لكافور ولني صيدا فَقَالَ كَيفَ أوليك وَفِي رَأسك مَا فِيهِ من كَانَ يطيقك بعد هَذَا وهجاه الضَّبِّيّ فَقَالَ
(الزم مقَال الشّعْر تحظ برتبة ... وَعَن النُّبُوَّة لَا أَبَا لَك فانتزح)
(تربح دَمًا قد كنت توجب سفكه ... إِن الممتع بِالْحَيَاةِ لمن ربح)
قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ وَكَانَ المتنبي قد تَلا على أهل الْبَوَادِي كلَاما زعم أَنه قُرْآن نزل عَلَيْهِ)
وَهُوَ والنجم السيار والفلك الدوار وَاللَّيْل وَالنَّهَار إِن الْإِنْسَان لفي أخطار إمض على سننك وَاقِف أثر من كَانَ قبلك من الْمُرْسلين فَإِن الله قامع بك زيغ من ألحد فِي دينه وضل عَن سَبيله وَيُقَال إِنَّه أَخذ من سيف الدولة فِي مُدَّة أبع سِنِين خمْسا وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَكَانَ ينشده مدحه قعداً وَيُقَال إِنَّه لما ارتحل من شيراز سَأَلَهُ الخفراء أَن يعطيهم خمسين درهما ليخفروه فَلم يفعل فَقتل وَيُقَال نه حملت إِلَيْهِ صلَة فِي يَوْم وَالنَّاس عِنْده فوزنها ثمَّ وعاها فِي أكياسها فَدخلت قِطْعَة صَغِيرَة فِي شقّ الْحَصِير فظل يُخرجهَا بإصبعه وَيَقُول
(تبدت لنا كَالشَّمْسِ جَادَتْ بحاجب ... تبدى لنا مِنْهَا وضنت بحاجب)
ثمَّ الْتفت إِلَى الْحَاضِرين وَقَالَ إِنَّهَا تحضر الْمَائِدَة وَلَا تحتقروها قَرَأت بعض ديوَان أبي الطّيب أَحْمد بن الْحُسَيْن المتنبي على القَاضِي الْعَلامَة شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود وأجازني رِوَايَته عَنهُ بِحكم رِوَايَته الدِّيوَان عَن الشَّيْخَيْنِ الْإِمَامَيْنِ شرف الدّين الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن الإربلي وتقي الدّين إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم أبي الْيُسْر التنوخي بِحَق سماعهما من تَاج الدّين أبي الْيمن زيد بن الْحسن الْكِنْدِيّ على أبي مُحَمَّد عبد الله سبط الْخياط الْمُقْرِئ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى الْوَكِيل عَن أبي الْحسن عَن المتنبي وقرأت بعض الدِّيوَان أَيْضا على الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن عَتيق بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن الصياد الفاسي فَرَوَاهُ لي عَن أبي الْحِين ابْن أبي الرّبيع سُلَيْمَان الْقرشِي عَن الْحجَّاج بن مُحَمَّد بن ستاري بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَالتَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَبعد الْألف رَاء وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف الإشبيلي عَن بهاء البغداذي عَن ابْن جني عَن المتنبي وَرَوَاهُ لي بطرِيق أُخْرَى
3 - (أَبُو حَامِد الْحَنَفِيّ ابْن الطَّبَرِيّ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن الطَّبَرِيّ أَبُو حَامِد المرزوي(6/215)
الْفَقِيه من رُؤُوس أَئِمَّة الْحَنَفِيَّة وقضاة خُرَاسَان وَكَانَ صَالحا عابداً مصنفاً وانتخب عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ توفّي سنة سبع وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن العقيقي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بالعلوي بَان العقيقي الدِّمَشْقِي صَاحب الدَّار وَالْحمام بنواحي بَاب الْبَرِيد أغلق لَهُ الْبَلَد لما مَاتَ فِي سنة ثَمَان وسبين وَثَلَاث مائَة ومدحه الوأواء الشَّاعِر بقصيدته الَّتِي أَولهَا)
(بدر ليل أَو لَا فشمس نَهَار ... طلعت فِي سحائب الأزرار)
فَوق غُصْن تميله نشوات الدل سكرا من غير شرب عقار يفعل الرِّيق مِنْهُ مَا تفعل الحمرضي الله عَنهُ وَلَكِن بِلَا تأذي خمار
(رشاً كلما سرى اللحظ فِيهِ ... جرحته خناجر الْأَبْصَار)
مِنْهَا قُم نقضي حق الصبوح فقد أذن بالصبح طَائِر الأسحار فِي نُجُوم مثل الدَّرَاهِم أحدقن ببدر فِي الجو كالدينار
(باهتات كأنهن عُيُون ... ناظرات مِنْهَا بِلَا أشفار)
كمزايا خلائق لأبى الْقَاسِم فِينَا منيرة الْأَنْوَار
(غُصْن لين المهزة رطب ... زَاهِر الزهر مثمر الأثمار)
(عصفت حوله ريَاح الْأَمَانِي ... وسقته الْعلَا بِلَا أمطار)
وَمن مدائح الوأواء فِيهِ قَوْله
(إِلَى الَّذِي افتخرت أم العقيق بِهِ ... وَمن بِهِ صيرت بطحاؤها حرما)
(إِلَى فَتى تضحك الدُّنْيَا بغرته ... فَمَا ترى باكياً فِيهَا إِذا ابتسما)
(سما بِهِ الشّرف العالي فَصَارَ بِهِ ... مخيماً فَوق أطباق العلى خيما)
وَأخرج إِلَى الْمصلى وَمَشى فِي جنَازَته بكجور التركي والقواد والأشراف وَلم يتَخَلَّف أحد وَدفن بِالْبَابِ الصَّغِير
3 - (أَبُو مَنْصُور الباخرزي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن الشَّيْخ أَبُو مَنْصُور الباخرزي ذكره الباخرزي فِي الدمية وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة وَالظَّاهِر نه قتل وَمن شعره(6/216)
(من عاذري من عاذلي قَالَ لي ... وَيحك كم تعشق يَا مغرم)
(وآلم الْقلب وَلَا غرو إِذْ ... كل ملومٍ قلبه مؤلم)
قلت لقد أحسن فِي هَذَا لِأَن كل ملوم قلبه مؤلم صُورَة وَمعنى أما الصُّورَة فَإِن قلب ملوم مؤلم أَعنِي فِي الأحرف وَأما الْمَعْنى لِأَن الملوم يتألف قلبه من الملام وَقد جَاءَ لي أَنا مثل هَذَا فَقلت أَنا من هَذِه الْمَادَّة)
(قلب الدن من أحب فأضحت ... نفحة الند من حمياه تهدي)
(قَالَ لي اعْجَبْ فَقلت غير عجيبٍ ... كل دن قلبته كَانَ ندا)
وَمن شعر الباخرزي فِي دنان خمر رجعت خلا
(اخْتَلَّ للأحباب لما غدات ... حبابنا مَنْسُوخَة خلا)
(مجَالِس اللَّهْو وَشرب الطلا ... عز على اللَّهْو إِذا اختلا)
3 - (أَبُو بكر ابْن شقير النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن يعرف بِابْن شقير هُوَ ابْن الْعَبَّاس بن الْفرج النَّحْوِيّ أَخذ عَن أَحْمد بن عبيد بن نَاصح وَكَانَ مَشْهُورا بِرِوَايَة كتب الْوَاقِدِيّ عَن أَحْمد بن عبيد عَنهُ وَهُوَ فِي طبقَة أبي بكر السراج وَله مُخْتَصر فِي النَّحْو والمقصور والممدود والمذكر والمؤنث وَيُقَال إِن الْجمل الَّذِي للخليل هُوَ لِابْنِ شقير توفّي سنة سبع عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (الصَّائِغ الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد الصَّائِغ أَبُو بكر الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بكبة أَحْمد أحد الْقُرَّاء المجودين قَرَأَ الْقُرْآن على أبي بكر مُحَمَّد بن الْخياط وعَلى أَحْمد بن المحسن الْعَطَّار وَسمع الحَدِيث من ابْن النقور وَغَيره وَكَانَ شَيخا صَالحا إِمَامًا فِي الْمدرسَة التاجية بِبَاب أبرز توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو بكر الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْقطَّان أَبُو بكر الْمُقْرِئ من أهل الْقُدس قَرَأَ الْقُرْآن بالقدس على أَحْمد بن عمر الْحلْوانِي وعَلى مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الكارزيني وَقَرَأَ بأرسوف من سَاحل الْبَحْر على إِسْحَاق بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ صَاحب أبي الْفرج مُحَمَّد الشنبوذي وبدمشق على الْحسن الْأَهْوَازِي وَغَيره وبحران على الشريف الْعلوِي الزيدي وَدخل بغداذ بعد
3 - (أَبُو بكر الصائن الْمَقْدِسِي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن ابْن الْبَقَّال الْمَقْدِسِي أَبُو بكر الْمَعْرُوف بالصائن سمع الْكثير من أَصْحَاب أبي عمر بن مهْدي وَأبي مُحَمَّد بن البيع وَأبي عَليّ ابْن شَاذان(6/217)
وَابْن بَشرَان وَالْبرْقَانِي وَلم يقنع بِمَا سمع فدعى سماعات من شُيُوخ لم يدركهم فَظهر كذبه وَتَركه النَّاس حدث بِكَثِير كَانَ الْحَافِظ ابْن نَاصِر يَقُول إِنَّه كَذَّاب وأساء الثَّنَاء عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة)
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الرخجي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْفرج الرخجي أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْوَزير أبي عَليّ كَانَ فَاضلا لَهُ النّظم والنثر روى عَن عَليّ بن عِيسَى الربعِي شَيْئا وَسمع فَارس بن الْحُسَيْن الذهلي وَابْنه شُجَاع بن فَارس وروى عَن عَليّ بن عِيسَى الربعِي ديوَان أبي الطّيب المتنبي وَمن شعره
3 - (الطرابلسي الشَّاعِر)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن خُرَاسَان بن حيدرة الطرابلسي أَبُو الْحُسَيْن الشَّاعِر قدم بغداذ وروى بهَا شَيْئا من شعره وَمن شعره قَوْله
(رهنتك يَا قلبِي على غمض سَاعَة ... فردك من أَهْوى وشح على غمضي)
(إِذا كنت قلبِي ثمَّ أزمعت هِجْرَة ... فَمَا أَنْت لي يَا قلب بالصاحب المرضي)
(وَلكنه قلب تعرض للهوى ... وَلَا شكّ أَنِّي فِي جِنَايَته أَقْْضِي)
3 - (ابْن قُرَيْش النساج)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن عُثْمَان بن قُرَيْش الْبَنَّا النساج أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي عبد الله الْمُقْرِئ من أهل محلّة العباسيين بالجانب الغربي من بغداذ سمع الْكثير من أبي طَالب بن غيلَان وَعلي بن عمر الْبَرْمَكِي وَعلي بن عمر الْقزْوِينِي الزَّاهِد وَغَيرهم وَحدث بالكثير وروى عَنهُ الْأَئِمَّة والحفاظ مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد السَّمرقَنْدِي والحافظ ابْن نَاصِر وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الْفرج بن رَاشد الْمدنِي وَفَارِس بن أبي الْقَاسِم الحفار وَهُوَ أخر من حدث عَنهُ قَالَ محب الدّين ابْن النجار وروى لنا عَنهُ شَيخنَا ابْن كُلَيْب بِالْإِجَازَةِ توفّي سنة عشر وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو سعيد ابْن الْمُعْتَمد على الله)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن الْمُعْتَمد على الله بن المتَوَكل بن المعتصم بن هَارُون الرشيد أَبُو سيعد سكن ديار مصر وَكَانَ يذكر أَنه سمع ببغداذ من ابْن أبي الْحُسَيْن بن الصَّلْت وَأبي الْحُسَيْن بن المتيم وَأبي عمر بن مهْدي وَأبي الْحسن بن رزقويه وَابْن بَشرَان وَابْن أبي الفوارس سنة سبع وَأَرْبع مائَة وَحدث بالإسكندرية سنة تسع وَسِتِّينَ وَربع مائَة وروى عَنهُ أَبُو عبد الله الْحميدِي وَأَبُو الْحسن عَليّ بن المشرف الْأنمَاطِي وَكَانَ شَاعِرًا وَمن شعره
(مَالك الْعَالمين ضَامِن رِزْقِي ... فلماذا أملك النَّاس رقي)(6/218)
)
(قد قضى لي بِمَا عَليّ وَمَا لي ... خالقي جلّ ذكره قبل خلقي)
(صَاحب الْبَذْل والندى فِي يساري ... ورفيقي فِي عسرتي حسن رفقي)
(وكما لَا يفوت رِزْقِي عجزي ... فَكَذَا لَا يجر حذقي رِزْقِي)
3 - (البزوغاني الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْعِرَاقِيّ البزوغاني أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الْمُقْرِئ الْحَنْبَلِيّ قَرَأَ الْقُرْآن على عبد الله بن عَليّ سبط الْخياط وَغَيره وَسمع مُحَمَّد بن سهلول السبط وَغَيره وَسكن دمشق إِلَى أَن مَاتَ وَسمع بهَا من مُحَمَّد بن أَحْمد بن عقيل البعلبكي روى عَنهُ عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة الْمَقْدِسِي فِي مُعْجم شُيُوخه توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الطّيب الْمُؤَدب)
أَحْمد بن الْحُسَيْن أَبُو الطّيب الْمُؤَدب روى عَنهُ سَلام بن هبة الله السامري من شعره
(هَذَا الْفِرَاق أهاج الشوق والكمدا ... وَلم يبْق لنا عقلا وَلَا جلدا)
(فراقكم وَالَّذِي يبقيكم أبدا ... فِي نعْمَة جمة قد فتت الكبدا)
وَمِنْه قَوْله يصف حصانا محلولك الصهوة محبوك القرارحب البنان مشرف المناكب
(تخاله فِي نَصه وجريه ... كَمثل نجم فِي سَمَاء صائب)
قلت شعر سَاقِط
3 - (ابْن السماك الْوَاعِظ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد البغداذي أَبُو الْحُسَيْن الْوَاعِظ ابْن السماك قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ كَانَ مُتَّهمًا وَكَانَ يتَكَلَّم على رُؤُوس النَّاس بِجَامِع الْمَنْصُور وَلَا يحسن شَيْئا من الْعُلُوم إِلَّا مَا شَاءَ الله توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة يُقَال إِنَّه رفعت إِلَيْهِ رقْعَة فِيهَا مسلة من الْفَرَائِض فِيهَا مناسخات فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا وَرَأى فِيهَا تِلْكَ السؤلة الصعبة أَلْقَاهَا من يَده وَقَالَ نَحن إِنَّمَا نتكلم على مَذَاهِب أَقوام إِذا مَاتُوا لم يتْركُوا شَيْئا يَعْنِي أَنهم فُقَرَاء
3 - (الإِمَام الْبَيْهَقِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُوسَى الإِمَام أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ(6/219)
الخسروجردي مُصَنف السّنَن)
الْكَبِير كَانَ أوحد زَمَانه وفرد أقرانه من كبار أَصْحَاب أبي عبد الله الْحَاكِم أَخذ مَذْهَب الشَّافِعِي عَن أبي الْفَتْح نَاصِر بن مُحَمَّد الْعمريّ الْمروزِي وَغَيره ومولده فِي شعْبَان سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبع مائَة سمع الْكثير من أبي الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْعلوِي وَهُوَ من أكبر شُيُوخه وشيوخه أَكثر من مائَة شيخ لم يَقع لَهُ جَامع التِّرْمِذِيّ وَلَا سنَن النَّسَائِيّ وَلَا سنَن ابْن مَاجَه ودائرته فِي الحَدِيث لَيست كَبِيرَة لَكِن بورك لَهُ فِي مروياته وَحسن تصريفه فِيهَا لحذقه وخبرته بالأبواب وَالرِّجَال روى عَنهُ جمَاعَة يُقَال إِن تصانيفه ألف جُزْء سمع مِنْهَا الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَابْن السَّمْعَانِيّ من أَصْحَابه وَهُوَ ول من جمع نُصُوص الشَّافِعِي وَاحْتج لَهَا بِالْكتاب وبالسنة صنف مَنَاقِب الشَّافِعِي فِي مُجَلد والمدخل إِلَى السّنَن الْكَبِير
وَالسّنَن الصَّغِير والْآثَار وَدَلَائِل النُّبُوَّة وَشعب الْإِيمَان والأسماء وَالصِّفَات والبعث والنشور والدعوات الْكَبِير وَالصَّغِير وَالتَّرْغِيب والترهيب والآداب والإسراء وَله خلافيات لم يصنف مثلهَا مجلدان قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ مَا من شَافِعِيّ الْمَذْهَب إِلَى وَللشَّافِعِيّ عَلَيْهِ منَّة غلا أَحْمد الْبَيْهَقِيّ فَإِنَّهُ لَهُ على الشَّافِعِي منَّة وَكَانَت وَفَاته فِي عَاشر جُمَادَى الأولى بنيسابور وَنقل إِلَى بيهق
3 - (بديع الزَّمَان الْأَشْعَرِيّ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن يحيى بن سعيد بن بشر أَبُو الْفضل بديع الزَّمَان الهمذاني سكن هرارة وروى عَن ابْن فَارس صَاحب الْمُجْمل وَعِيسَى ابْن هِشَام الأخباري كَانَ متعصباً لأهل الحَدِيث وَالسّنة روى عَنهُ أَخُوهُ أَبُو سعد ابْن الصفار وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْحُسَيْن النَّيْسَابُورِي قَالَ شيرويه أَدْرَكته وَلم يقْض لي عَنهُ السماع وَكَانَ فِي الحَدِيث ثِقَة ويتهم بِمذهب الأشعرية وَيُقَال جن فِي آخر عمره وَسمعت بعض أَصْحَابنَا يَقُول كَانَ يعرف الرِّجَال والمتون انْتهى قَالَ ياقوت لم يستقص أحد خَبره أحسن مِمَّا اقتصه الثعالبي وَكَانَ قد لقِيه وَكتب عَنهُ قَالَ بديع الزَّمَان ومعجزة همذان ونادرة الْفلك وَبكر عُطَارِد وفرد الدَّهْر وغرة الْعَصْر وَلم نر نَظِيره فِي الذكاء وَسُرْعَة الخاطر وَشرف الطَّبْع وصفاء الذِّهْن وَقُوَّة النَّفس وَلم يدْرك نَظِيره فِي ظرف النثر وملحه وغرر النّظم ونكته وَكَانَ صَاحب عجائب وبدائع فَمِنْهَا أَنه كَانَ ينشد الشّعْر لم يسمعهُ قطّ وَهُوَ أَكثر من خمسين بَيْتا مرّة وَاحِدَة فيحفظها(6/220)
كلهَا ويؤديها منم أَولهَا إِلَى آخرهَا لَا يخرم حرفا وَينظر فِي الْأَرْبَعَة والخمسة الأوراق من)
كتاب لم يعرفهُ وَلَا رَآهُ نظرة وَاحِدَة خَفِيفَة ثمَّ يهذها عَن ظهر قلبه هَذَا ويردها سرداً وَهَذِه حَاله فِي الْكتب الْوَارِدَة وَغَيرهَا وَكَانَ يقترح عَلَيْهِ عمل قصيدة وإنشاء رِسَالَة فِي معنى بديع وَبَاب غَرِيب فيفرغ مِنْهَا فِي الْوَقْت والساعة وَكَانَ رُبمَا كتب الكاب المقترح عَلَيْهِ فيبتدئ بِآخِرهِ وهلم جراً إِلَى أَوله ويخرجه كأحسن شَيْء وأملحه ويوشح القصيدة الفريدة من قيله بالرسالة الشَّرِيفَة من إنشائه فَيقْرَأ من النّظم النثر ويروي من النثر النّظم وَيُعْطِي القوافي الْكَثِيرَة فيصل بهَا الأبيات الرشيقة ويقترح عَلَيْهِ كل عويص وعسير من النّظم والنثر فيرتجله أسْرع من الطّرف على ريق لَا يبلعه ونفسٍ لَا يقطعهُ وَكَلَامه كُله عَفْو السَّاعَة وفيض الْيَد ومسارقة الْقَلَم ومسابقة الْيَد للفم وَكَانَ يترجم مَا يقترح عَلَيْهِ من الأبيات الفارسية الْمُشْتَملَة على الْمعَانِي الغريبة بالأبيات الْعَرَبيَّة فَيجمع فِيهَا بَين الإبداع والإسراع إِلَى عجائب كَثِيرَة لَا تحصى ولطائف تطول أَن تستقصى وَكَانَ مَعَ ذَلِك مَقْبُول الصُّورَة حسن الْعشْرَة فَارق همذان سنة ثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَورد حَضْرَة الصحاب ابْن عباد فتزود من ثمارها وَحسن آثارها ثمَّ قدم جرجان وَأقَام بهَا مُدَّة على مداخلة الإسماعيلية والتعيش فِي أَكْنَافهم واختص بالدهخداه أبي سعيد مُحَمَّد بن مَنْصُور ونفقت بضاعته لَدَيْهِ وَورد إِلَى نيسابور وَنشر بهَا بزه وَأظْهر طرزه وأملى أَربع مائَة مقامة نحلهَا أَبَا الْفَتْح الإسكندري فِي الكدية وَغَيرهَا وَشَجر بَينه وَبَين أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ مَا كَانَ سَببا لهبوب ريح الهمذاني وعلو أمره وَقد أورد مِمَّا جرى بَينهمَا جملَة فِي كتاب مُعْجم الأدباء لياقوت مِنْهَا قَالَ جمع السَّيِّد نقيب السِّيَادَة بنيسابور أَبُو عَليّ بنيهما فَترفع الْخَوَارِزْمِيّ فَبعث إِلَيْهِ السَّيِّد مركوبه فَحَضَرَ مَعَ جمَاعَة من تلاميذه فَقَالَ لَهُ البديع إِنَّمَا دعوناك لتملأ الْمجْلس فَوَائِد وتذكر الأبيات الشوارد والأمثال الفوارد ونناجيك فنسعد بِمَا عنْدك وتسألنا فتسر بِمَا عندنَا ونبدأ بالفن الَّذِي ملكت زمامه وطار بِهِ صيتك وَهُوَ الْحِفْظ إِن شِئْت وَالنّظم إِن أردْت والنثر إِن اخْتَرْت والبديهة إِن نشطت فَهَذِهِ دعواك الَّتِي تملأ مِنْهَا فَاك قَالَ فأحجم الْخَوَارِزْمِيّ عَن الْحِفْظ لكبر سنه وَلم يجل فِي النثر قداحاً وَقَالَ أبادهك فَقَالَ البديع الْأَمر أَمرك يَا أستاذ فَقَالَ لَهُ الْخَوَارِزْمِيّ أَقُول لَك مَا قَالَ مُوسَى للسحرة قَالَ بل ألقوا فَقَالَ البديع
(الشّعْر أصعب مذهبا ومصاعداً ... من أَن يكومن مطيعه فِي فكه)
(وَالنّظم بَحر والخواطر معبر ... فَانْظُر إِلَى بَحر القريض وفلكه)
)
(فَمَتَى تراني فِي القريض مقصراً ... عرضت أذن الامتحان لعركه)
وَهِي أَبْيَات كَثِيرَة فِيهَا مدح الشريف والمفاخرة وتهجين الْخَوَارِزْمِيّ فَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ أبياتاً وَلَكِن مَا أبرزها من الغلاف فَقَالَ البديع أما تَسْتَحي أَن يكون السنور أَعقل مِنْك لِأَنَّهُ يجعر فيغطيه بِالتُّرَابِ فَقَالَ لَهما الشريف انسجا على منوال المتنبي أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرق(6/221)
فابتدأ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَقَالَ
(فَإِذا ابتدهت بديهة يَا سَيِّدي ... فَأَرَاك عِنْد بديهتي تتقلق)
(مَا لي أَرَاك وَلست مثلي فِي الورى ... متموهاً بالترهات تمخرق)
ونظم أبياتاً ثمَّ اعتذر فَقَالَ هَذَا كَمَا يَجِيء لَا كَمَا يجب فَقَالَ البديع قبل الله عذرك لكنك وَقعت بَين قافات خشنة كل قَاف كجبل قَاف فَخذ الْآن جَزَاء عَن قرضك وَأَدَاء لفرضك
(مهلا أَبَا بكر فزندك أضيق ... وأخرس فَإِن أَخَاك حَيّ يرْزق)
(يَا أحمقاً وَكَفاك تِلْكَ فضيحة ... جربت نَار معرتي هَل تحرق)
فَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ أحمقاً لَا يجوز فَإِنَّهُ لَا ينْصَرف فَقَالَ لَهُ البديع لَا نزال نصفعك حَتَّى ينْصَرف وتنصرف مَعَه وللشاعر أَن يرد مَا لَا ينْصَرف وَإِن شِئْت قلت يَا كودناً وسرد الْمجْلس بِكَمَالِهِ ياقوت وَهَذَا الْقدر كَاف وسَاق لَهُ مزدوجة يمدح فِيهَا الصَّحَابَة ويهجو الْخَوَارِزْمِيّ ويجيبه عَن قصيدة رويت لَهُ فِي الطعْن عَلَيْهِ رَضِي الله عَنْهُم أَولهَا
3 - (الْأسد خطيب الرصافة)
أَحْمد بن الْحُسَيْن الْخَطِيب البارع البليغ شرف الدّين أَبُو الْحُسَيْن خطيب الرصافة الملقب بالأسد ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسمع من عمر بن كرم وَله(6/222)
إنْشَاء خطب ومقامات خمسين وَغير ذَلِك كتب عَنهُ ابْن الفوطي وَغَيره توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (ابْن الخبّاز النّحويّ)
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن معالي بن مَنْصُور الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله ابْن الخباز الإربلي الْموصِلِي النَّحْوِيّ الضَّرِير صَاحب التصانيف كَانَ أستاذاً بارعاً فِي النَّحْو واللغة وَالْعرُوض الْفَرَائِض وَله شعر توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَمن شعره
3 - (المغربي)
)
أَحْمد بن حُسَيْن بن سُلَيْمَان المغربي أورد لَهُ أُميَّة بن أبي الصَّلْت فِي الحديقة
(من أسرة غر إِذا مَا استرفدوا ... جادوا وَإِن صَنَعُوا الصَّنِيع أجادوا)
(من كل صعاد إِلَى رتب الْعلَا ... درجاته أبدا قِنَا وصعاد)
(وراد أحواض الْمنون إِذا طمت ... والشهب من علق النجيع وراد)
3 - (قَاضِي نيسابور)
أَحْمد بن حَفْص بن عبد الله بن رَاشد النَّيْسَابُورِي قَاضِي نيسابور ثِقَة مَشْهُور كَبِير الْقدر روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد والنَّسائي وتوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحِيرِي الزَّاهِد)
أَحْمد بن حمدَان بن عَليّ بن سِنَان النَّيْسَابُورِي الْحِيرِي الزَّاهِد الْحَافِظ المجاب الدعْوَة سمع خلقا وصنف الصَّحِيح على شَرط مُسلم وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن شبيب الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن حمدَان بن شبيب بن حمدَان بن مَحْبُوب الْعَلامَة البارع بَقِيَّة الْمَشَايِخ مُسْند الْوَقْت نجم الدّين أَبُو عبد الله الْحَرَّانِي شيخ الْحَنَابِلَة ومصنف الرِّعَايَة(6/223)
فِي الْفِقْه ولد سنة ثَلَاث وست مائَة بحران وَسمع من الْحَافِظ عبد الْقَادِر خَمْسَة عشر جُزْءا وَمن فَخر الدّين ابْن تَيْمِية وَابْن روزبه وَأبي عَليّ الأوقي وَابْن صباح وَابْن غَسَّان وَجَمَاعَة وتفقه فِي الْمَذْهَب ودرس وَأفْتى وناظر وَكَانَ من كبار أَصْحَاب الشَّيْخ المدد وَله الرِّعَايَة الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة وحشاهما بالرواية الغريبة الَّتِي لَا تكَاد تُوجد فِي الْكتب لِكَثْرَة اطِّلَاعه وتبحره فِي الْمَذْهَب وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْأُصُول وَالْخلاف والجبر والمقابلة وَله قصيدة طَوِيلَة فِي السّنة وَسكن الْقَاهِرَة ودرس بهَا واشتغل وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَكَانَ أَبوهُ من فُقَهَاء حران روى عَنهُ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي فِي مُعْجَمه والمزي والبرزالي وزين الدّين ابْن حبيب وَفتح الدّين ابْن سيد النَّاس وقطب الدّين عبد الْكَرِيم توفّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة
3 - (الْحَافِظ الأعمشي)
أَحْمد بن حمدون بن أَحْمد بن رستم أَبُو حَامِد النَّيْسَابُورِي ولقبه أَبُو تُرَاب الأعمشي كَانَ قد جمع حَدِيث الْأَعْمَش كُله وَحفظه وَسمع مُحَمَّد ابْن رَافع وَإِسْحَاق الكوسج وَجَمَاعَة وَتُوفِّي فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة)
3 - (الْمزي)
أَحْمد بن حَمْزَة بن عمرَان بن ثَوْبَان الْمزي أحد الْأَعْرَاب الَّذين نفذوا إِلَى خُرَاسَان وحبسوا بهَا فِي أَيَّام طَاهِر بن عبد الله بن طَاهِر وَله فِيهِ أماديح كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله
(إِلَى طَاهِر أَشْكُو هموماً كَأَنَّهَا ... لَدَى الصَّدْر نَار بَين حضني تلهب)
(إِلَى مَالك فاق الْمُلُوك بفضله ... فَمَا إِن يساميه من النَّاس مخصب)
(همام كسيد الغاب رحب فناؤه ... لَهُ فِي الْعلَا بَيت رفيع ومنصب)
(فَذَاك الَّذِي نرجو لفك أسيرنا ... كَمَا يرتجي عفوا من الله مذنب)
وَقَالَ فِيهِ
(أَبُو الطّيب السباق فِي كل غَايَة ... كرئبال غَابَ هبرزي مسور)
(يَدَاهُ يَد سم زعاف على العدى ... وَأُخْرَى بهَا فيض من الْجُود يزخر)
(إِلَيْك شَكَوْت الْيَوْم هماماً كَأَنَّمَا ... نوافذ نبل بَين حضني تسعر)
(وَنحن أُسَارَى فِي يَديك وكلنَا ... نؤمل فيضاً من نوالك يغمر)
3 - (الْخُزَاعِيّ)
أَحْمد بن حَمْزَة الْخُزَاعِيّ أمه أم عَليّ بنت مُحَمَّد بن الْأَشْعَث بغداذي قَالَ دعبل لَهُ شعر كثير وَهُوَ الْقَائِل
(فَخر الْمسيب بالمناره ... ومناره برحى عماره)(6/224)
وَإِذا تفخرت الْقَبَائِل من تَمِيم أَو فزاره فخرت عَلَيْك شُيُوخ ضبة بالمسيب والمناره
3 - (أَبُو غَانِم الْقزْوِينِي)
أَحْمد بن حَمْزَة بن أَحْمد الْقزْوِينِي أَبُو غَانِم من أهل أَصْبَهَان قدم بغداذ وَحدث بهَا عَن السَّيِّد أبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زيد الْعلوِي وروى عَنهُ أَبُو بكر بن كَامِل فِي مُعْجم شُيُوخه
3 - (الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل)
أَحْمد بن حَنْبَل بن هِلَال بن أَسد بن إِدْرِيس بن عبد الله بن حَيَّان بن عبد الله بن أنس بن عَوْف بن قاسط بن مَازِن بن شَيبَان بن ذهل بن ثَعْلَبَة ابْن عكابة بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل الإِمَام أَبُو عبد الله الشَّيْبَانِيّ هَكَذَا نسبه وَلَده عبد الله وَاعْتَمدهُ أَبُو بكر الْخَطِيب وَغَيره وَأما)
قَول عَبَّاس الدوري وَأبي بكر ابْن أبي دَاوُد الإِمَام أَحْمد كَانَ من بني ذهل بن شَيبَان فقطعهما الْخَطِيب قَالَ إِنَّمَا كَانَ من بني شَيبَان بن ذهل بن ثَعْلَبَة وَذهل بن ثَعْلَبَة هُوَ عَم ذهل بن شَيبَان بن ثَعْلَبَة فَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ الذهلي على الْإِطْلَاق وَقد نسبه البُخَارِيّ فَقَالَ الشَّيْبَانِيّ الذهلي وَأما ابْن مَاكُولَا فَقَالَ مَازِن بن ذهل بن شَيبَان بن ذهل بن ثَعْلَبَة وَلم يُتَابع عَلَيْهِ قَالَ صَالح بن أَحْمد ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة فِي ربيع الأول وَقيل فِي ربيع الآخر وَطلب الحَدِيث سنة تسع وَسبعين وَمن شُيُوخه هشيم وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَإِبْرَاهِيم بن سعد وَجَرِير بن عبد الحميد وَيحيى الْقطَّان والوليد بن مُسلم وَإِسْمَاعِيل بن علية وَعلي بن هَاشم ابْن الْبَرِيد ومعتمر بن سُلَيْمَان وَعمر بن مُحَمَّد ابْن أُخْت الثَّوْريّ وَيحيى بن سليم الطَّائِفِي وغندر وَبشر بن الْمفضل وَزِيَاد البكائي وَأَبُو بكر بن عَيَّاش وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَعباد بن عباد المهلبي وَعباد بن الْعَوام وَعبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد الْعمي وَعمر بن عبيد الطنافسي وَالْمطلب بن زِيَاد وَيحيى بن أبي زَائِدَة وَالْقَاضِي أَبُو يُوسُف ووكيع وَابْن نمير وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَيزِيد بن هَارُون وَعبد الرَّزَّاق وَالشَّافِعِيّ وَخلق وَمِمَّنْ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن بَقِي بِوَاسِطَة وَالْبُخَارِيّ وَدَاوُد أَيْضا بِوَاسِطَة وابناه صَالح وَعبد الله وشيوخه عبد الرَّزَّاق وَالْحسن بن مُوسَى الأشيب وَالشَّافِعِيّ فِي بعض الْأَمَاكِن الَّتِي قَالَ فِيهَا قَالَ الثِّقَة وَلم يسمعهُ وأقرانه عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين ودحيم الشَّامي وَأحمد بن أبي الْحوَاري وَأحمد بن صَالح الْمصْرِيّ وَأَبُو قدامَة(6/225)
وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي وَأَبُو زرْعَة وعباس الدوري وَأَبُو حَاتِم وَبَقِي بن مخلد وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو بكر الْأَثْرَم وَأَبُو بكر الْمَرْوذِيّ وَحرب الْكرْمَانِي ومُوسَى بن هَارُون ومطين وَخلق كثير أخرهم أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل سَمِعت أَبَا زرْعَة يَقُول كَانَ أَبوك يحفظ ألف ألف حَدِيث فَقلت لَهُ وَمَا يدْريك فَقَالَ ذاكرته فَأخذت عَلَيْهِ الْأَبْوَاب وَقَالَ حَنْبَل سَمِعت أَبَا عبد الله يَقُول حفظت كل شَيْء سمعته من هشيم وهشيم حَيّ وَعَن أبي زرْعَة قَالَ حزر كتب أَحْمد يَوْم مَاتَ فَكَانَت اثْنَي عشر حملا وَقَالَ الْمُزنِيّ قَالَ الشَّافِعِي رَأَيْت شَابًّا إِذا قَالَ حَدثنَا قَالَ النَّاس كلهم صدق قلت من هُوَ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَقَالَ جمَاعَة حَدثنَا سَلمَة بن شبيب قَالَ كُنَّا فِي أَيَّام المعتصم عِنْد أَحْمد بن حَنْبَل فَدخل رجل فَقَالَ من مِنْكُم أَحْمد ابْن حَنْبَل فَقَالَ أَحْمد هأنذا قَالَ جِئْت من أَربع مائَة فَرسَخ برا وبحراً كنت)
لَيْلَة جُمُعَة نَائِما فَأَتَانِي آتٍ فَقَالَ لي تعرف أَحْمد بن حَنْبَل قلت لَا قَالَ فأت بغداذ وسل عَنهُ فَإِذا رَأَيْته فَقل إِن الْخضر يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول إِن سَاكن السَّمَاء الَّذِي على عَرْشه رَاض عَنْك وَالْمَلَائِكَة راضون عَنْك بِمَا صبرت نَفسك لله وَلما أظهر أَبُو يَعْقُوب ابْن شيبَة الْوَقْف حذر أَبُو عبد الله أَحْمد عَنهُ وَأمر بهجرانه لمن كَلمه وَلأَحْمَد بن حَنْبَل فِي مسلة اللَّفْظ نُصُوص مُتعَدِّدَة وَأول من أظهر اللَّفْظ الْحُسَيْن بن عَليّ الْكَرَابِيسِي وَذَلِكَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ الْكَرَابِيسِي من كبار الْفُقَهَاء وَمَا زَالَ الْمُسلمُونَ على قانون السّلف من أَن الْقُرْآن كَلَام الله ووحيه وتنزيله غير مَخْلُوق حَتَّى نبغت الْمُعْتَزلَة والجهمية فَقَالُوا بِخلق الْقُرْآن وَكَانَ هَارُون الرشيد قد قَالَ فِي حَيَاته بَلغنِي أَن بشر بن غياث يَقُول إِن الْقرن مَخْلُوق لله عَليّ إِن أَظْفرنِي بِهِ لأقتلنه قَالَ الدَّوْرَقِي وَكَانَ بشر متوارياً أَيَّام الرشيد فَلَمَّا مَاتَ ظهر ودعا إِلَى الضَّلَالَة ثمَّ إِن الْمَأْمُون نظر فِي الْكَلَام وباحث الْمُعْتَزلَة وَبَقِي يقدم رجلا وَيُؤَخر أُخْرَى فِي دُعَاء النَّاس إِلَى القَوْل بِخلق الْقُرْآن إِلَى أَن قوي عزمه على ذَلِك فِي السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَطلب أَحْمد بن حَنْبَل إِلَى الْمَأْمُون فَأخْبر فِي الطَّرِيق أَنه مَاتَ لما وصل إِلَى أذنة وَمَات الْمَأْمُون بالبذندون
وَبَقِي أَحْمد مَحْبُوسًا بالرقة حَتَّى بُويِعَ المعتصم بالروم وَرجع فَرد أَحْمد إِلَى بغداذ وَحبس وَأرْسل إِلَيْهِ فِي كل يَوْم رجلَانِ يناظرانه وَفِي الْيَوْم الرَّابِع وَجه المعتصم إِلَيْهِ بغا الْكَبِير فَحَمله إِلَيْهِ وَبَات فِي بَيت بِلَا سراج وَهُوَ مثقل بالقيود فَخرج تكة من سراويله وَشد بهَا الْقُيُود يحملهَا وَأدْخل على المعتصم وَأحمد ابْن أبي دواد إِلَى جَانِبه وَقد جمع خلقا كثيرا من أَصْحَابه فأدناه المعتصم ثمَّ أجلسه وَقَالَ لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُك فِي يَد من كَانَ قبلي مَا عرضت إِلَيْك ثمَّ قَالَ لَهُم ناظروه وكلموه فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق مَا تَقول فِي الْقُرْآن قَالَ فَقَالَ لَهُ أَحْمد مَا تَقول فِي علم الله فَسكت وَقَالَ بَعضهم أَلَيْسَ قَالَ الله تَعَالَى الله خَالق كل شَيْء وَالْقُرْآن أَلَيْسَ بِشَيْء فَقَالَ قَالَ الله تدمر كل شَيْء بِأَمْر رَبهَا فدمرت إِلَّا مَا أَرَادَ الله فَقَالَ بَعضهم مَا يَأْتِيهم من ذكر من رَبهم مُحدث أفيكون مُحدثا غير مَخْلُوق فَقَالَ قَالَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ذِي الذّكر فالذكر هُوَ الْقُرْآن وَتلك(6/226)
لَيْسَ فِيهَا ألف وَلَام وَذكر بَعضهم حَدِيث عمرَان ابْن حُصَيْن إِن الله خلق الذّكر فَقَالَ هَذَا خطأ حَدثنَا غير وَاحِد أَن الله كتب الذّكر وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث ابْن مَسْعُود مَا خلق الله من جنَّة وَلَا نَار وَلَا سَمَاء وَلَا أَرض أعظم من آيَة الْكُرْسِيّ فَقَالَ إِنَّمَا وَقع الْخلق على الْجنَّة وَالنَّار وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَلم يَقع على)
الْقُرْآن فَقَالَ بَعضهم حَدِيث خباب يَا هنتاه تقرب إِلَى الله بِمَا اسْتَطَعْت فَإنَّك لن تتقرب إِلَيْهِ بِشَيْء أحب إِلَيْهِ من كَلَامه فَقَالَ هَكَذَا هُوَ فَقَالَ ابْن أبي دواد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هُوَ وَالله ضال مضل مُبْتَدع فَقَالَ المعتصم كَلمُوهُ وناظروه فتطول المناظرة بَينهم وَبَينه فَيَقُول المعتصم وَيحك يَا أَحْمد مَا تَقول فَيَقُول أعطوني شَيْئا من كتاب الله أَو سنة رَسُول الله حَتَّى أَقُول بِهِ فَيَقُول ابْن أبي دواد مَا تَقول إِلَّا مَا فِي كتاب الله أَو سنة رَسُوله فَيَقُول أَحْمد ابْن حَنْبَل تأولت تَأْوِيلا فَأَنت أعلم وَمَا تأولت مَا يحبس عَلَيْهِ وَمَا يُقيد عَلَيْهِ فَقَالَ المعتصم لَئِن أجابني لأطلقن عَنهُ بيَدي ولأركبن إِلَيْهِ بجندي ولأطأن عقبه ثمَّ قَالَ يَا أَحْمد إِنِّي وَالله عَلَيْك لشفيق وَإِنِّي لأشفق عَلَيْك كشفقتي على هَارُون ابْني مَا تَقول فَيَقُول أَعْطِنِي شَيْئا من كتاب الله أَو سنة رَسُوله فَلَمَّا طَال الْمجْلس ضجر وَقَالَ قومُوا وحبسه المعتصم عِنْده ثمَّ ناظروه ثَانِي يَوْم وَجرى مَا جرى فِي الْيَوْم الأول وضجروا وَقَامُوا فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث أَخْرجُوهُ فَإِذا الدَّار غاصة وَقوم مَعَهم السيوف وَقوم مَعَهم السِّيَاط وَغير ذَلِك فأقعده المعتصم وقلا ناظروه فَلَمَّا ضجروا وَطَالَ الْأَمر قربه المعتصم ونقال لَهُ مَا قَالَ فِي الْيَوْم الأول فَرد عَلَيْهِ أَيْضا كَذَلِك فَقَالَ عَلَيْك وَذكر اللَّعْن ثمَّ قَالَ خذوه واسحبوه وخلعوه فسحب ثمَّ خلع وسعى بَعضهم إِلَى الْقَمِيص ليخرقه فَنَهَاهُ المعتصم فَنَزَعَهُ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فَظَنَنْت أَنه إِنَّمَا ذرئ عَن الْقَمِيص لِئَلَّا يخرق مَا كَانَ فِي كمتي من الشّعْر الَّذِي وصل إِلَيّ من شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ مدت يَدَاهُ وخلعتا فَجعل الرجل يضْربهُ سوطين فَقيل لَهُ شدّ قطع الله يدك
فَيتَأَخَّر ويتقدم غَيره فيضربه سوطين كَذَلِك ونخسه عجيف بِسَيْفِهِ وَقَالَ تُرِيدُ أَن تغلب هَؤُلَاءِ كلهم وَبَعْضهمْ يقولك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ دَمه فِي عنقِي اقتله وَلم يزل يضْربهُ إِلَى أُغمي عَلَيْهِ وسحب وَخرج بِهِ وَأُلْقِي على ظَهره بآرية وداسوه وَهُوَ مغشي عَلَيْهِ فآفاق بعد ذَلِك وَجِيء إِلَيْهِ بسويق وَقَالُوا اشرب وتقيأ فَقَالَ لَا أفطر وَكَانَ صَائِما ثمَّ خلي عَنهُ فَصَارَ إِلَى منزله فَكَانَ مكثه فِي السجْن مُنْذُ أَخذ وَحمل إِلَى أَن ضرب وخلي عَنهُ ثَمَانِيَة وَعشْرين شهرا وَقَالَ ابْن أبي دواد وَضرب ابْن حَنْبَل نيفاً وَثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ سَوْطًا وَكَانَ أثر الضَّرْب بَينا فِي ظَهره إِلَى أَن توفّي رَضِي الله عَنهُ وَلم يزل بعد أَن برِئ يحضر الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة ويفتي وَيحدث حَتَّى مَاتَ المعتصم وَولي الواثق فأظهر مَا أظهر من المحنة والميل إِلَى ابْن أبي دواد وَفِي أَيَّامه منع ابْن حَنْبَل وَقَالَ لَا يجتمعن إِلَيْك أحد وَلَا تساكني بِأَرْض وَلَا مَدِينَة أَنا فِيهَا)
فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْت من أَرض الله فاختفى أَحْمد بن حَنْبَل فِي غري منزله فِي الْقرب ثمَّ عَاد إِلَيْهِم بعد أَرْبَعَة أشهر أَو سِتَّة لما طفئ خَبره وَلم يزل مختفياً لَا يخرج إِلَى صَلَاة وَلَا غَيرهَا حَتَّى مَاتَ الواثق ثمَّ إِن المتَوَكل أحضرهُ وأكرمه وَأطلق لَهُ مَالا فَلم يقبله فألزم ففرقه بعد مَا قبله وأجرى على أَهله وَولده أَرْبَعَة آلَاف فِي كل شهر وَلم تزل عَلَيْهِم جَارِيَة حَتَّى مَاتَ المتَوَكل ثمَّ إِن أَحْمد بن حَنْبَل اعتل فَكَانَ المتَوَكل يُرْسل إِلَيْهِ(6/227)
ابْن ماسويه الطَّبِيب فيصف لَهُ الْأَدْوِيَة فَلَا يتعالج مِنْهَا بِشَيْء ثمَّ إِنَّه أذن لَهُ فِي الِانْصِرَاف إِلَى منزله وعظمه تَعْظِيمًا كثيرا مُدَّة مقَامه عِنْده فِي الْعَسْكَر ثمَّ إِنَّه اعتل عِلّة مَوته وَمرض فِي أول يَوْم من شهر ربيع الأول لَيْلَة الْأَرْبَعَاء وحم وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت مِنْهُ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَغلط ابْن قَانِع وَغَيره فَقَالُوا فِي ربيع الآخر وَصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر وَقد كَانَ أَوْلَاده والهاشميون صلوا عَلَيْهِ فِي دَاره وَقَالَ أَبُو بكر الْخلال سَمِعت عبد الْوَهَّاب يَقُول مَا بلغنَا أَن جمعا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام مثله حَتَّى بلغنَا أَن الْموضع مسح وحزر على الصَّحِيح فَإِذا هُوَ من نَحْو ألف ألف وحزرنا على الْقُبُور نَحوا من سِتِّينَ ألف امْرَأَة وَفتح النَّاس أَبْوَاب الْمنَازل فِي الشُّرُوع والدروب ينادون من أَرَادَ الْوضُوء وَقَالَ أَبُو سهل ابْن زِيَاد سَمِعت عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل يقولك سَمِعت أبي يَقُول قُولُوا لأهل الْبدع بَيْننَا وَبَيْنكُم يَوْم الْجَنَائِز وَقَالَ الْوَركَانِي جَار ابْن حَنْبَل يَوْم مَاتَ أَحْمد بن حَنْبَل وَقع المأتم وَالنوح فِي أَرْبَعَة أَصْنَاف الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَأسلم يَوْم مَاتَ من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس عشرُون ألفا وَفِي لفظ ابْن أبي حَاتِم عشرَة آلَاف وَهِي حِكَايَة مُنكرَة لَا يعلم أحد رَوَاهَا إِلَّا الْوَركَانِي وَلَا رَوَاهَا عَنهُ إِلَّا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس تفرد بهَا ابْن أبي حَاتِم قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين الْوَركَانِي توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَقد جمع مَنَاقِب الإِمَام أَحْمد غير وَاحِد مِنْهُم أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ فِي مُجَلد وَأَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ فِي مُجَلد
وَأَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَذكرهَا الشَّيْخ شمس الدّين فِي تَارِيخه فِي ثَلَاثِينَ ورقة قطع نصف الْبَلَدِي وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل حسن الْوَجْه ربعَة يخضب بالحنا خضاباً لَيْسَ بالقاني فِي لحيته شَعرَات سود
3 - (أَبُو سعيد الضَّرِير)
أَحْمد بن أبي خَالِد أَبُو سعيد الضَّرِير لَقِي أَبَا عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَابْن الْأَعرَابِي وَكَانَ يلقى)
الْأَعْرَاب الفصحاء الَّذين استوردهم ابْن طَاهِر نيسابور فَيَأْخُذ عَنْهُم مثل عرام وَأبي العميثل وَأبي العيسجور وَأبي العجيس وعوسجة وَأبي العذافر وَغَيرهم وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي لبَعض من لقِيه من الخراسانية وَبَلغنِي أَن أَبَا سعيد الضَّرِير يروي عني أَشْيَاء كَثِيرَة فَلَا تقبولوا مِنْهُ ذَلِك غير مَا يرويهِ من أشعار العجاج ورؤبة فَإِنَّهُ عرضهما عَليّ وصححهما وَخرج أَبُو سعيد على أبي عبيد من غَرِيب الحَدِيث جملَة مِمَّا غلط فِيهِ وَأورد فِي تَفْسِيره فَوَائِد كَثِيرَة ثمَّ عرض ذَلِك على عبد الله بن عبد الْغفار وَكَانَ أحد الأدباء فَقَالَ لأبي سعيد ناولني يدك فَنَاوَلَهُ فَوضع الشَّيْخ فِي كَفه مَتَاعه وَقَالَ لَهُ اكتحل بِهَذَا يَا أَبَا سعيد حَتَّى تبصر فكأنك لَا تبصر وَكَانَ أَبُو سعيد يَقُول إِذا أردْت أَن تعرف خطأ أستاذك فجالس غَيره وَكَانَ مثرياً ممسكاً لَا يكسر رغيفاً إِنَّمَا يَأْكُل عِنْد من يخْتَلف إِلَيْهِم لكنه كَانَ أديب النَّفس عَاقِلا حضر يَوْمًا مجْلِس عبد الله بن طَاهِر فَقدم إِلَيْهِ طبق عَلَيْهِ قصب السكر وَقد قشر وَقطع كاللقم فَأمره عبد الله أَن يتَنَاوَل مِنْهُ فَقَالَ إِن(6/228)
هَذَا لفاظة ترتجع من الأفواه وَأَنا أكره ذَلِك فِي مجْلِس الْأَمِير فَقَالَ عبد الله لَيْسَ بصاحبك مِمَّن احتشمك واحتشمته أما إِنَّه لَو قسم عقلك على مائَة رجل لصار كل رجل مِنْهُم عَاقِلا وَلما قلد الْمَأْمُون عبد الله بن طَاهِر ولَايَة خُرَاسَان وناوله الْعَهْد بِيَدِهِ قَالَ حَاجَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ مقضية قَالَ يسعفني أَمِير الْمُؤمنِينَ باستصحاب ثَلَاثَة من الْعلمَاء قَالَ من هم قَالَ الْحُسَيْن بن الْفضل البَجلِيّ وَأَبُو سيعد الضَّرِير وَأَبُو إِسْحَاق الْقرشِي فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك فَقَالَ عبد الله وطبيب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَيْسَ فِي خُرَاسَان طَبِيب حاذق قَالَ من قَالَ أَيُّوب الرهاوي قَالَ يَا أَبَا الْعَبَّاس لقد أسعفناك بِمَا التمسته وَقد أخليت الْعرَاق من الْأَفْرَاد
وَكَانَ أَبُو سيعد يَوْمًا فِي مَجْلِسه إِذا هجم عَلَيْهِ مَجْنُون من أهل قُم فَسقط على جمَاعَة من أهل الْمجْلس فاضطرب النَّاس لسقوطه ووثب أَبُو سعيد لَا يشك أَن ذَلِك آفَة لحقتهم من سُقُوط جِدَار أَو شرود بَهِيمَة فَلَمَّا رَآهُ الْمَجْنُون على تِلْكَ الْحَالة قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين على رسلك يَا شيخ لَا ترع آذَانِي هَؤُلَاءِ الصّبيان وأخرجوني عَن طبعي إِلَى مَا لَا استحسنه من يغري فَقَالَ أَبُو سعيد امنعوا مِنْهُ عافاكم الله فَوَثَبُوا وشردوا من كَانَ يعبث بِهِ وَسكت سَاعَة لَا يتَكَلَّم إِلَى أَن عَاد الْمجْلس إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ من المذاكرة فابتدأ بَعضهم بِقِرَاءَة قصيدة من شعر نهشل بن جرير التَّمِيمِي حَتَّى بلغ قَوْله
(غلامان خاضا الْمَوْت من كل جَانب ... فآبا وَلم يعْقد وراءهما يَد)
)
(مَتى يلقيا قرنا فَلَا بُد أَنه ... سيلقاه مَكْرُوه من الْمَوْت أسود)
فَمَا استتم هَذَا الْبَيْت حَتَّى قَالَ الْمَجْنُون قف يَا أَيهَا الْقَارئ تتجاوز الْمَعْنى وَلَا تسْأَل عَنهُ مَا معنى قَوْله وَلم يعْقد وراءهما يَد فَأمْسك من حضر عَن القَوْل فَقَالَ قل يَا شيخ فَإنَّك المنظور إِلَيْهِ والمقتدى بِهِ فَقَالَ أَبُو سعيد يَقُول إنَّهُمَا رميا بنفسيهما فِي الْحَرْب أقْصَى مرامهما ورجعا موفورين لم يؤسرا فتعقد أَيْدِيهِمَا كتافاً فَقَالَ يَا شيخ أترضى لنَفسك بِهَذَا الْجَواب فأنكرنا ذَلِك على الْمَجْنُون فَقَالَ أَبُو سيعد هَذَا الَّذِي عندنَا فَمَا عنْدك فَقَالَ الْمَعْنى يَا شيخ آبا وَلم تعقد يَد بِمثل فعلهمَا بعدهمَا لِأَنَّهُمَا فعلا مَا لم يَفْعَله أحد كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(قرم إِذا عدت تَمِيم مَعًا ... ساداتها عدوه بالخنصر)
(ألبسهُ الله ثِيَاب الندى ... فَلم تطل عَنهُ وَلم تقصر)
أَي خلقت لَهُ وَقَرِيب من الأول قَوْله
(قومِي بَنو مذْحج من خير الْأُمَم ... لَا يصعدون قدماً على قدم)
يَعْنِي يتقدمون النَّاس وَلَا يطئون على عقب أحد وَهَذَانِ فعلا مَا لم يُعْطه أحد فاحمر وَجه أبي سعيد واستحيى من أَصْحَابه ثمَّ غطى الْمَجْنُون رَأسه وَخرج وَهُوَ يَقُول يتصدرون فيغرون النَّاس من أنفسهم فَقَالَ أَبُو سعيد بعد خُرُوجه اطلبوه فإنني أَظُنهُ إِبْلِيس فَلم يظفر بِهِ(6/229)
3 - (الْحَافِظ ابْن الْجبَاب)
أَحْمد بن خَالِد بن يزِيد أَبُو عمر ابْن الْجبَاب الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْحَافِظ الْكَبِير مَنْسُوب إِلَى بيع الْجبَاب صنف مُسْند مَالك وَكتاب الصَّلَاة وَكتاب الْإِيمَان وقصص الْأَنْبِيَاء توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (التّونسِيّ)
أَحْمد بن خرباش بالراء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف شين مُعْجمَة أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أَصله من تونس هجاء خَبِيث أنشدت لَهُ وأنشدني الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه
(إِن المليك ابْن نصر ... وَالْملك لله وَحده)
(أعْطى قَلِيلا وأكدى ... وَبعد ذَاك استرده)
3 - (الْقزْوِينِي)
)
أَحْمد بن خسرما بن عبد الْكَرِيم أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي سعيد القوزيني قدم بغداذ وَسمع بهَا القَاضِي أَبَا يُوسُف يَعْقُوب الإسفرائيني توفّي سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْوَزير الجرجرائي)
أَحْمد بن الخصيب الجرجرائي أَبُو الْعَبَّاس الْكَاتِب كَانَ يكْتب للمنتصر وَهُوَ أَمِير فَلَمَّا تولى الْخلَافَة تولى لَهُ الْبيعَة على النَّاس فولاه الوزارة وسمل إِلَيْهِ خَاتمه فَظهر من فَضله مَا كَانَ النَّاس يظنون بِهِ غَيره وَكَانَت فِيهِ حِدة من احتملها بلغ مِنْهُ مُرَاده وَلم يزل وزيره حَتَّى مَاتَ واستخلف المستعين فأقره على وزارته شَهْرَيْن ثمَّ نكبه وَقَالَ للمنتصر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن النَّاس قد نسبوا إِلَيْك مَا نسبوا واستعظموا ذَلِك وَأَنت كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(وذنبي ظَاهر لَا ستر عَنهُ ... لطالبه وعذري بالمغيب)
فَأحْسن إِلَى النَّاس يحبوك واقض عَلَيْهِم الْعدْل يحمدوك وَلَا تطلق لغيرك عَلَيْهِم لِسَانا وَلَا يدا فيدموك وَقَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر كَانَ أَحْمد ابْن الخصيب إِذا ركب رفعت إِلَيْهِ الْقَصَص فيحتد على من يُرَاجِعهُ القَوْل حَتَّى يخرج رجله من الركاب فيرفس من قرب مِنْهُ فَقلت
(قل للخليفة يَا ابْن عَم مُحَمَّد ... شكل وزيرك إِنَّه محلول)
(فلسانه قد جال فِي أعراضنا ... وَالرجل مِنْهُ فِي الصُّدُور تجول)
وَكَانَ أَحْمد بن الخصيب يتَصَدَّق كل يَوْم إِذا ركب بِخَمْسِينَ دِينَارا إِلَى أَن تكب وَأخذت أَمْوَاله فَكَانَ يمْنَع نَفسه الْقُوت وَيتَصَدَّق فِي كل يَوْم بِخَمْسِينَ درهما وَتمكن من المستعين حَتَّى كَانَ إِذا أَرَادَ الْغَدَاء قَالَ قُولُوا لأبي الْعَبَّاس حَتَّى يحضر يتغدى ثمَّ لَا يَأْكُل حَتَّى يحضرن فَلم يزل يبغض نَفسه إِلَى الْخَاصَّة والعامة بتجهم لَهُم وقبح لقائهم وَقلة الِالْتِفَات إِلَيْهِم حَتَّى سخط(6/230)
عَلَيْهِ المستعين سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ واستصفى أَمْوَاله ونفاه إِلَى أقريطش ونهبت دَاره بسر من رَأْي وَأخرج للنَّفْي على حمَار أكاف فِي يَوْم شَدِيد الْحر حامزاً وَفِي رجله سلسلة وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ يَوْم عَرَفَة
3 - (ابْن خضرويه)
أَحْمد بن خضرويه الزَّاهِد من كبار الْمَشَايِخ بخراسان صحب حاتماً الْأَصَم وَأَبا يزِيد البسطامي توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن صَفْوَان)
)
أَحْمد بن الْخطاب بن الْحسن الملاح أَبُو بكر الْمُقْرِئ الغسال الْحَنْبَلِيّ يعرف بِابْن صَفْوَان وبابن الْكرْدِي قَرَأَ بالروايات على أبي عَليّ ابْن أَحْمد ابْن الْبناء وَسمع من الشريف عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَغَيره توفّي سنة أَربع عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (رَاوِي ابْن المعتز)
أَحْمد بن خلف البغداذي روى عَن عبد الله بن المعتز
3 - (الأندي)
أَحْمد بن خَلِيل أَبُو عَمْرو الأندي بالنُّون وَالدَّال الْمُهْملَة من أهل بلنسية قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ طَبِيبا شَاعِرًا صَاحب افتنان ومقطعات حسان وَهُوَ الْقَائِل
(ومذعورة من حليها قد ذعرتها ... بسلة مطرور الغرار مهند)
(فَمَا وجدت للحزم إِلَّا التفاتة ... ترقرقها مَا بَين دمع وإثمد)
(حكمت على ألحاظها بعض حكمهَا ... فحسبك مني معتدٍ غير مُعْتَد)
وَله أَيْضا
(وهيفاء رام الْغُصْن يَحْكِي قوامها ... وَقَالَت لَهَا شمس الضُّحَى أَنْت أَمْلَح)
(يقل رداح الردف مِنْهَا مخصر ... بأضيق من خلْخَالهَا تتوشح)
(تلاعب بالمرآة عجبا وَإِنَّمَا ... تلاعب ظَبْي الْمَوْت فِي المَاء تسبح)
وَله فِي فرس
(ذُو غرَّة إِن مر تحسبه ... ريحًا يمر أمامها قبس)
(شهم كطبعك فِي الوغى يقظ ... سهل كخلقك فِي الندى سَلس)
وَله أَيْضا
(بِحَيْثُ بَدَت خضر الْكَتَائِب مقلةً ... تخال بهَا من مشرعات القنا شفرا)
وَله أَيْضا
(ومنزل مَا بِهِ أنيس ... يلوح للسَّفر فِيهِ نَار)(6/231)
(عللت طرفِي بهَا بخد ... دخانها حوله عذار)
وَله أَيْضا
(وغدير رقت حَوَاشِيه حَتَّى ... بَان فِي قَعْره الَّذِي كَانَ ساخا)
)
وَكَأن الطُّيُور إِذْ كرعت فِيهِ وعلت تزق فِيهِ فراخا قلت شعر جيد وتخيلات جَيِّدَة بعيدَة
3 - (شمس الدّين قَاضِي الْقُضَاة الخويي)
أَحْمد بن خَلِيل بن سَعَادَة بن جَعْفَر بن عِيسَى قَاضِي الْقُضَاة بِالشَّام شمس الدّين أَبُو الْعَبَّاس الخويي الشَّافِعِي ولد سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَدخل خُرَاسَان وَقَرَأَ بهَا الْأُصُول وَالْكَلَام على الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ وَالأَصَح أَنه قَرَأَ على قطب الدّين الْمصْرِيّ تِلْمِيذه وَكَانَ فَقِيها إِمَامًا مناظراً خَبِيرا بالْكلَام أستاذاً فِي الطِّبّ دينا كثيرا وَله مُصَنف فِي الْعرُوض كتب عَلَيْهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو شامة أَحْمد بن الْخَلِيل أرشده الله لما أرشد الْخَلِيل بن أَحْمد
(ذَاك مستخرج الْعرُوض وَهَذَا ... مظهر السِّرّ مِنْهُ وَالْعود أَحْمد)
3 - (ابْن أبي خَيْثَمَة)
أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة وَاسم أبي خَيْثَمَة زُهَيْر النَّسَائِيّ ثمَّ البغداذي الْحَافِظ صَاحب التَّارِيخ الْمَشْهُور كَانَ ثِقَة عَالما متقناً حَافِظًا بَصيرًا بأيام النَّاس راوية للأدب أَخذ علم الحَدِيث وَالنّسب عَن مُصعب الزبيرِي وَأَيَّام الجُمَحِي وَله كتاب التَّارِيخ الَّذِي أحسن فِي تصنيفه وَأكْثر فَوَائده قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلَا أعرف أغزر فَوَائِد مِنْهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة مَأْمُون توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَقد بلغ أَرْبعا وَتِسْعين سنة وَقيل دونهَا وَمن شعره مَا أوردهُ لَهُ ابْن الْمَرْزُبَان فِي مُعْجم الشُّعَرَاء
(أرى الدَّهْر يبلي صرفه كل جدة ... ووجدي على صرف الزَّمَان جَدِيد)
(وتنتقص الْأَيَّام من كَانَ زَائِدا ... وجبي على طول الزَّمَان يزِيد)
(وَلَيْسَ انتئاء الدَّار للصب ضائراً ... إِذا لم يكن بَين الْقُلُوب بعيد)
وَلَكِن قرب الدَّار مِمَّن يُحِبهُ على الْبعد من قلب الحبيب شَدِيد وَله أَيْضا مِمَّا أوردهُ فِي المعجم
(من يلقني يلق مَرْهُونا بصبوته ... متيماً لَا يفك الدَّهْر قيداه)(6/232)
(متيم شفه بالحب مَالِكه ... وَلَو يَشَاء الَّذِي أدواه داواه)
3 - (أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي)
)
أَحْمد بن دَاوُد بن ونند أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي أَخذ عَن الْبَصرِيين والكوفيين وَأكْثر عَن ابْن السّكيت وَكَانَ نحوياً لغوياً مهندساً منجماً حاسباً راوية ثِقَة فِيمَا يرويهِ ويحكيه وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة تسعين وَقيل سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء قَالَ أَبُو حَيَّان فِي كتاب تقريظ الجاحظ وَمن خطه الَّذِي لَا أرتاب بِهِ نقلت قَالَ قلت لأبي مُحَمَّد الأندلسي يَعْنِي عبد الله بن حمود الزبيدِيّ وَكَانَ من عداد أَصْحَاب السيرافي قد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي مجْلِس أبي سعيد السيرافي فِي بلاغة الجاحظ وَأبي حنيفَة صَاحب النَّبَات وَوَقع الرِّضَا بحكمك فَمَا قَوْلك فَقَالَ أَنا أَحْقَر نَفسِي عَن الحكم لَهما وَعَلَيْهِمَا فَقيل لَا بُد من قَول قَالَ أَبُو حنيفَة أَكثر بداوة وَأَبُو عُثْمَان أَكثر حلاوة ومعاني أبي عُثْمَان لائطة بِالنَّفسِ سهلة فِي السّمع وَلَفظ أبي حنيفَة أغرب وأعذب وَأدْخل فِي أساليب الْعَرَب قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي أقوله وأعتقده وآخذ بِهِ وأستهام عَلَيْهِ أَنِّي لم أجد فِي جَمِيع من تقدم وَتَأَخر ثَلَاثَة لَو اجْتمع الثَّقَلَان على تقريظهم ومدحهم وَنشر فضائلهم فِي أَخْلَاقهم وعلمهم ومصنفاتهم ورسائلهم مدى الدُّنْيَا إِلَى أَن يَأْذَن الله بزوالها لما بلغُوا آخر مَا يسْتَحقّهُ كل وَاحِد مِنْهُم أحدهم هَذَا الشَّيْخ الَّذِي أنشأنا لَهُ هَذِه الرسَالَة وبسببه جشمنا هَذِه الكلفة أَعنِي أَبَا عُثْمَان عَمْرو بن بَحر وَالثَّانِي أَبُو حنيفَة أَحْمد بن دَاوُد الدينَوَرِي فَإِنَّهُ من نَوَادِر الرِّجَال جمع بَين حِكْمَة الفلاسفة وَبَيَان الْعَرَب لَهُ فِي كل فن سَاق وَقدم ورواء وَحكم وَهَذَا كَلَامه فِي الأنواء يدل على حَظّ وافر من علم النَّجْم وأسرار الْفلك فَأَما كِتَابه فِي النَّبَات فَكَلَامه فِيهِ فِي عرُوض كَلَام أبدى بدوي وعَلى طباع أفْصح عَرَبِيّ ولد قيل لي إِنَّه لَهُ كتاب يبلغ ثَلَاثَة عشر مجلداً فِي الْقُرْآن مَا رَأَيْته وَإنَّهُ مَا سبق إِلَى ذَلِك النمط هَذَا مَعَ ورعه وزهده وجلالة قدره وَلَقَد وقف الْمُوفق عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ وتحفى بِهِ وَالثَّالِث أَبُو زيد أَحْمد بن سهل الْبَلْخِي فَإِنَّهُ لم يتَقَدَّم لَهُ شَبيه فِي الأعصر الأولى وَلَا يظنّ أَنه يُوجد لَهُ نَظِير فِي مُسْتَأْنف الدَّهْر وَمن تصفح كَلَامه فِي كتاب أَقسَام الْعُلُوم وَفِي كتاب أَخْلَاق الْأُمَم وَفِي نظم الْقُرْآن وَفِي كتاب اخْتِيَار السّير وَفِي رسائله إِلَى إخوانه وَجَوَابه عَمَّا يسْأَل عَنهُ ويبده بِهِ علم أَنه بَحر البحور وَأَنه عَالم الْعلمَاء ونما رثي فِي النَّاس من جمع بَين الْحِكْمَة والشريعة سواهُ وَإِن القَوْل فِيهِ لكثير وَلَو تناصرت إِلَيْنَا أخبارهما لَكنا نحب أَن نفرد لكل مِنْهُمَا تقريظاً مَقْصُورا عَلَيْهِ وكتاباً مَنْسُوبا إِلَيْهِ كَمَا فعلنَا بِأبي عُثْمَان
قَالَ ياقوت قَرَأت فِي كتاب ابْن فورجة الْمُسَمّى بِالْفَتْح على أبي الْفَتْح فِي تَفْسِير قَول المتنبي)(6/233)
(فدع عَنْك تشبيهي بِمَا وَكَأَنَّهُ ... فَمَا أحد فَوقِي وَمَا أحد مثلث)
وَقَالَ فِيهِ مَا لم يرضه ابْن فورجة وَنسبه إِلَى أَنه سَأَلَ عَنهُ أَبَا الطّيب فَأجَاب بِهَذَا الْجَواب فأورد ابْن فورجة هَذِه الْحِكَايَة زَعَمُوا أَن أَبَا الْعَبَّاس الْمبرد ورد الدينور زَائِرًا لعيسى بن ماهان فَأول مَا دخل عَلَيْهِ وَقضى سَلَامه قَالَ لَهُ عِيسَى أَيهَا الشَّيْخ مَا الشَّاة الْمُجثمَة الَّتِي نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل لَحمهَا فَقَالَ هِيَ الشَّاة القليلة اللَّبن مثل اللجبة فَقَالَ هَل من شَاهد قَالَ نعم قَول الراجز
(لم يبْق من ل الحميد نسمه ... إِلَّا عنيز لجبة مجثمه)
فَإِذا بالحاجب يسْتَأْذن لأبي حنيفَة الدينَوَرِي فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ أَيهَا الشَّيْخ مَا الشَّاة الْمُجثمَة الَّتِي نهينَا عَن أكل لَحمهَا فَقَالَ هِيَ الَّتِي جثمت على ركبهَا وذبحت من خلف قفاها فَقَالَ كَيفَ تَقول وَهَذَا شيخ أهل الْعرَاق يَعْنِي الْمبرد يَقُول هِيَ مثل اللجبة وَهِي القليلة اللَّبن وأنشده الشَّاهِد فَقَالَ أَبُو حنيفَة أَيْمَان الْبيعَة تلْزم أَبَا حنيفَة إِن كَانَ هَذَا التَّفْسِير سَمعه هَذَا الشَّيْخ أَو قَرَأَهُ وَإِن كَانَ البيتان إِلَّا لساعتهما هَذِه فَقَالَ الْمبرد صدق الشَّيْخ أَبُو حنيفَة فإنني أنفت أَن أرد عَلَيْك من الْعرَاق وذكري مَا قد شاع فَأول مَا تَسْأَلنِي عَنهُ لَا أعرفهُ فَاسْتحْسن مِنْهُ هَذَا الْإِقْرَار وَترك البهت قَالَ بَان فورجة وَأَنا أَحْلف بِاللَّه العي إِن كَانَ أَبُو الطّيب قطّ سُئِلَ عَن هَذَا الْبَيْت فَأجَاب بِهَذَا الْجَواب الَّذِي حَكَاهُ ابْن جني وَإِن كَانَ إِلَّا متزيداً مُبْطلًا فِيمَا يَدعِيهِ عَفا الله عَنهُ فالجهل وَالْإِقْرَار بِهِ أحسن من هَذَا
وَلأبي حنيفَة كتاب الباه وَمَا يحلن فِيهِ الْعَامَّة الشّعْر وَالشعرَاء الفصاحة الأنواء وحساب الدّور الْبَحْث فِي حسا الْهِنْد الْجَبْر والمقابلة الْبلدَانِ كَبِير النَّبَات لم يصنف فِي مَعْنَاهُ مثله
الرَّد على لغدة الْأَصْبَهَانِيّ الْجمع والتفريق الْأَخْبَار الطوَال الْوَصَايَا نَوَادِر الْجَبْر صَلَاح الْمنطق الْقبْلَة والزوال الْكُسُوف قَالَ أَبُو حَيَّان وَله تَفْسِير الْقُرْآن
3 - (الصريفيني)
أَحْمد بن رَاشد أَبُو الْفضل الصريفيني روى عَنهُ أَبُو عبد الله بن بطة فِي كتاب ذمّ النميمة
3 - (أَبُو الْفَضَائِل التمار)
أَحْمد بن رزق الله بن مُحَمَّد بن أبي عمر التمار أَبُو الْفَضَائِل الْوَكِيل سمع أَحْمد بن النقور)
وَأحمد بن مُحَمَّد السمناني وَعبد الله الصريفيني وَحدث باليسير روى عَنهُ السلَفِي وَأَبُو المعمر الْأنْصَارِيّ وَكَانَ لَهُ جاه وَحُرْمَة ومروءة توفّي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة
3 - (الْعَبَّادِيّ الْعقيلِيّ)
أَحْمد بن ربيعَة الْعَبَّادِيّ الْعقيلِيّ الْأَعرَابِي بدوي روى ابْن المعتز عَن عَليّ بن أَحْمد بن ربيعَة قدم عَلَيْهِم بسر من رأى وأنشدهم لِأَبِيهِ أشعاراً مِنْهَا(6/234)
(دَوَاء ابْن عَم السوء بالنأي والغنى ... كفى بالغنى والنأي عَنهُ مداويا)
(وَلَا تنطق العوراء فِي الْقَوْم سَاهِيا ... فَإِن لَهَا فهما من الْقَوْم واعيا)
(وَلَا تَكُ كلب الْقَوْم عِنْد جزورهم ... فَإِن لَهَا كَلْبا من الْقَوْم حاميا)
وَمِنْهَا
(أغافل إِن حلت وفاتي فاحذري ... هدَانَا يُرِيد الْعرس ذاببة فقرا)
(لُزُوما بعقر الدَّار لم يسر لَيْلَة ... وَلم يعتسف بالبيد داوية قفرا)
(فَإِن تقبلي مني فهذي نصيحة ... وَإِلَّا فقد أبليت فِي شَأْنكُمْ عذرا)
3 - (ابْن مسلمة اللّغَوِيّ)
أَحْمد بن ربيع بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الأصبحي الأندلسي الْمَعْرُوف بِابْن مسلمة وَهُوَ جده لأمه روى عَن القالي وَكَانَ لغوياً أخبارياً توفّي سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
3 - (جمال الدّين الديلمي)
أَحْمد بن رستم بن كيلان شاه الديلمي جمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس قَالَ شهَاب الدّين القوصي وَمن خطه نقلت أَنْشدني بِدِمَشْق سنة أَربع عشرَة وست مائَة لنَفسِهِ فِي تَرْتِيب سِهَام القداح
(يَا سائلي عَن عدد الأقداح ... خُذْهَا من الشّعْر بِلَا جنَاح)
(جاءتك مني أَيهَا الْحَرِيص ... على الْعُلُوم زانها التَّلْخِيص)
(نظمتها للفطن الْمُهَذّب ... وطالب للْعلم خير مطلب)
(قد جعلوها وَاحِدًا وعشره ... أحوالها عِنْدهم مشتهره)
(خيرتها فِي السَّبْعَة العوالي ... تتبع بالأربعة الأغفال)
(جَاءَت على مَا يَقْتَضِي التَّرْتِيب ... الْفَذ والتوأم والضريب)
(والحلس والنافس وَهُوَ الْخَامِس ... مِنْهُنَّ والمسبل وَهُوَ السَّادِس)
)
(ثمَّ الْمُعَلَّى سَابِع السِّهَام ... يفوز بالمياسر الْعِظَام)
(وَالرّبع الأغفال هن بعد ... أَولهَا رقيبها والوغد)
(ويبدل الرَّقِيب بِالْمَصْدَرِ ... والوغد بالمضعف الْمُؤخر)
(ثمَّ المنيح بعده السفيح ... وَذَاكَ عِنْدِي نسق صَحِيح)
3 - (ابْن روح)
أَحْمد بن روح بن أبي بح شَاعِر مليح أديب يمدح أَبَا نواس ويهاجيه وَفِيه يَقُول أَبُو نواس
(لَا رعى الله ابْن روح ... وسخ اسْمِي بلعابه)(6/235)
(أسقم اسْمِي ريح فِيهِ ... فأظن اسْمِي لما بِهِ)
فَأَجَابَهُ أَحْمد ودعي غر قحطان جَمِيعًا بانتسابه أورثته أمه الإخناء جهلا فِي خطابه فغدا العيوق من كفيه أدنى من صَوَابه
(يصرع الْجلاس طراً ... نفحات من ثِيَابه)
بذل الهامة وَالْعرض لخلصان صحابه
(فرغبنا فِي قَفاهُ ... وزهدنا فِي سبابه)
3 - (أَبُو عِيسَى الحبشي)
أَحْمد بن روح أَبُو عِيسَى الحبشي من بني بكر بن وَائِل قَالَ المرزباني لقِيه الْمبرد وأنشده من شعره
(أجد فِرَاق الْحَيّ فانصاعت النَّوَى ... وَهل آئل من خشيَة الْبَين يفرق)
(لعمري لقد طَال ارتياعي من النَّوَى ... ودان لَهَا بعد اجْتِمَاع تفرق)
(وأتبعتهم يَوْم الْبحيرَة مقلة ... فإنسانها فِي جمة الدمع يغرق)
(إِذا مَا امترتها لوعة الْبَين بيّنت ... لعذالها الْعِصْيَان والدمع يصدق)
3 - (القَاضِي أَبُو بكر)
أَحْمد بن زَكَرِيَّاء القَاضِي حدث عَن جَعْفَر الْخَواص روى عَنهُ احْمَد ابْن إِبْرَاهِيم الصرام
3 - (مِلَّة الْأَصْبَهَانِيّ)
)
أَحْمد بن زُهَيْر بن مُحَمَّد بن الْفضل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْقَاسِم الْمَعْرُوف بِملَّة الْأَصْبَهَانِيّ سمع الْكثير من الْحسن بن أَحْمد الْحداد وَحَمْزَة بن الْعَبَّاس الْعلوِي وَحمد بن عَليّ الْحُسَيْن الحبال وَجَمَاعَة كَثِيرَة وَقدم بغداذ وَسمع بهَا أَبَا الْقَاسِم بن الْحصين وَأَبا الْعِزّ بن كادش وَأَبا الْقَاسِم الحريري وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَجَمَاعَة ثمَّ قدمهَا ثَانِيًا وَحدث بهَا عَن شُيُوخه وروى عَنهُ قُرَيْش بن السبيع بن المهنا الْعلوِي
3 - (قَاضِي زنجان)
أَحْمد بن سَالم بن نَبهَان بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْأَبْهَرِيّ أَبُو سَالم ابْن أبي النَّجْم الْأَسدي المطوعي قَاضِي زنجان كَانَ مَشْهُورا بِالْفَضْلِ والنبل قدم بغداذ حَاجا سنة ثَمَان وَخمْس مائَة وَحدث بهَا عَن أَحْمد بن مُحَمَّد الزنجوي بِالْإِجَازَةِ وَكَانَ مولده سنة خمس مائَة فِي شهر ربيع الآخر وَتُوفِّي
3 - ((6/236)
أَبُو نصر الْكَاتِب)
أَحْمد بن سَعْدَان من أهل فقارس قَالَ محب الدّين ابْن النجار ذكره أَبُو الْحُسَيْن هِلَال بن المحسن بن الصَّابِئ فِي تَارِيخه وَذكر أَنه توفّي يَوْم الْخَمِيس لليلتين بَقِيَتَا من شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة قَالَ وَكَانَ فَاضلا أديباً كَاتبا مترسلاً وَلم يرد الْعرَاق من أهل فَارس من يجْرِي مجْرَاه فِي حسن الْعَارِضَة وحلاوة المحاضرة وغزارة الْأَدَب وامتاع الْمجْلس
3 - (أَبُو الْفضل الْكَاتِب)
أَحْمد بن أبي السُّعُود بن حسان أَبُو الْفضل الْكَاتِب من أهل الرصافة سكن بغداذ وَكَانَ يكْتب خطا مليحاً على طَريقَة ابْن البواب وَكتب كثيرا من كتب الْأَدَب ودواوين الْأَشْعَار وَكتب عَلَيْهِ جمَاعَة وَكَانَ حسن الطَّرِيقَة من أهل السّنة طيب المعاشرة لطيف الْأَخْلَاق متودداً وَمن شعره
(وَلما خلت كفاي مِمَّا أفدته ... وَأعْرض عني نابه وجليل)
وغلق أَبْوَاب لَهُم دون بغيتي وَعز لديهم مُشفق ومنيل
(أطفت بآمالي وأسندت حَاجَتي ... إِلَى جنب ملك مَا لَدَيْهِ وَكيل)
(وَقلت لَهَا إِن الْمُلُوك بأسرها ... وحاجاتها هَذَا الْمَآل تؤول)
)
قلت شعر منحط سافل توفّي بِمَكَّة بعد قَضَاء نُسكه سنة سبع وَعشْرين وست مائَة
3 - (البديع الهمذاني)
أَحْمد بن سعد بن عَليّ بن الْحسن بن الْقَاسِم بن عنان بن الْقَاسِم بن سِنَان الْعجلِيّ أَبُو عَليّ ابْن أبي مَنْصُور الْمَعْرُوف بالبديع من أهل همذان وَأحد الْمَشَايِخ الْأَعْيَان رَحل فِي طلب الْعلم والْحَدِيث وَكتب وَجمع وَحدث وأملى وانتشرت عَنهُ الرِّوَايَة سمع بهمذان عَليّ بن مُحَمَّد البَجلِيّ ويوسف بن مُحَمَّد الْخَطِيب وَعبد الرَّحْمَن الشعراني وَجَمَاعَة وَسمع من الغرباء الواردين إِلَى همذان بكر بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي وَإِبْرَاهِيم بن يُوسُف الفيوزابادي وَالْفضل بن أبي حَرْب الْجِرْجَانِيّ وَسمع بأصبهان أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الذكواني وَالقَاسِم ابْن الْفضل الثَّقَفِيّ وَغَيرهمَا وبقزوين أَبَا عمر الشَّافِعِي التَّمِيمِي وَقدم بغداذ وَسمع ابْن البطر وَغَيره ثمَّ قدمهَا ثَانِيًا وَحدث بهَا فروى عَنهُ من أَهلهَا الْحَافِظ ابْن نَاصِر وَالْمبَارك بن كَامِل الْخفاف وَأَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَكَانَ قدومه إِلَى بغداذ ثَانِيًا سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة قَالَ
(نَحن غادون فِي غَد لَا فتراق ... فتراني أَمُوت قبل يكون)
فلئن مت واسترحت منم الْبَين لقد أَحْسَنت إِلَيّ الْمنون وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة(6/237)
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب الْأَصْبَهَانِيّ)
أَحْمد بن سعد أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء ذكره حَمْزَة فِي أهل أَصْبَهَان فَقَالَ ندب فِي أَيَّام القاهر بِاللَّه إِلَى عمل الْخراج فورد أَصْبَهَان غرَّة جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة ثمَّ صرف أَبُو عَليّ بن رستم فِي جُمَادَى الْآخِرَة من هَذِه السّنة قَالَ ياقوت قَرَأت فِي كتاب عَتيق حَدثنِي سرح دنبن قَالَ تنبأ فِي مَدِينَة أَصْبَهَان رجل فِي زمن أبي الْحُسَيْن بن سعد فتي بِهِ وأحضر الْعلمَاء والكبراء فَقيل لَهُ من أَنْت قَالَ أَنا نَبِي مُرْسل فَقيل لَهُ وَيلك إِن لَك نَبِي آيَة فَمَا آيتك وحجتك قَالَ مَا معي من الْحجَج لم يكن لأحد قبيل من الْأَنْبِيَاء وَالرسل فَقيل لَهُ أظهرها فَقَالَ من كَانَ مِنْكُم لَهُ زَوْجَة حسناء أَو بنت جميلَة أَو أُخْت صَبِيحَة فليحضرها فَإِنِّي أحبلها بِابْن فِي سَاعَة وَاحِدَة فَقَالَ ابْن سعد أما أَنا فَأشْهد أَنَّك رَسُول وأعفني من ذَلِك فَقَالَ لَهُ رجل نسَاء مَا عندنَا وَلَكِن عِنْدِي عنز حسناء فأحبلها لي)
فَقَامَ يمْضِي فَقَالُوا لَهُ إِلَى أَيْن تمْضِي قَالَ أمضي إِلَى جِبْرِيل وأعرفه أَن هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ تَيْسًا وَلَا حَاجَة لَهُم إِلَى نَبِي فضحكوا مِنْهُ وأطلقوه وَمن شعر أبي الْحُسَيْن ابْن سعد أَبْيَات على أَربع قواف كلما أفردت قافية كَانَ شعرًا بِرَأْسِهِ
(وبلدة قطعتهابضامر ... خفيددعيرانه ركُوب)
(وَلَيْلَة سهرتهالزائر ... ومسعدمواصل حبيب)
وقينة وصلتهابطاهرمسودترب الْعلَا نجيب
(إِذا غوت أرشدتهابخاطر ... مسددوهاجس مُصِيب)
وقهوة باكرته التاجرذي عندفي دينه وحوب
(سورتها كسرتهابماطر ... مبردمن جمة القليب)
(وَحرب خصم هجتهابكاثر ... ذِي عددفي قومه مهيب)
(مغردا بل سقتهابباتر ... مهنديفري الطلى رسوب)
(وَكم حظوظ نلتهامن قَادر ... ممجدبصنعة الْقَرِيب)
(كافيت إِذْ شكرتهافي سامر ... ومشهدللملك الرَّقِيب)
3 - (القزم النَّاسِخ)
أَحْمد بن سعيد بن الْفرج أَبُو السعادات الْكَاتِب الْمَعْرُوف بالقزم وجدته مضبوطاً بِفَتْح الْقَاف وَالزَّاي وَتَشْديد الْمِيم كَانَ يكْتب خطا مليحاً وَنسخ كثيرا من الْكتب الأدبيات ودواوين الْأَشْعَار وَهُوَ أَخُو أبي نصر مُحَمَّد بن سعيد بن الْفَرد وَكَانَ أَصْغَر من أَخِيه وَقد سمع من أَخِيه شَيْئا من الحَدِيث وَمن شعره
(بعثت لقلبي الْهم يَوْم هويتكم ... وباتت عُيُون للرقاد هجوعا)(6/238)
(وَكنت غريراً لَو عصيت عواذلي ... وَبت لنصح العاذلات مُطيعًا)
(بحقكم لَا تهجروني لأنني ... أملت إِلَيْكُم جَانِبي جَمِيعًا)
3 - (أَبُو الْحَارِث العسكري)
أَحْمد بن سعيد بن أَحْمد بن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن العسكري أَبُو الحراث الْمُقْرِئ الْخياط البغداذي سمع الْكثير وَحصل الْأُصُول وَقَرَأَ الْقُرْآن وَحدث قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَلم يكن ثِقَة سمع مُحَمَّد بن عَليّ النَّرْسِي وَهبة الله بن مُحَمَّد بن الْحصين وَأَبا غَالب أَحْمد وَابْن)
كادش وأمثالهم توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو بكر الطَّائِي الدِّمَشْقِي)
أَحْمد بن سعيد الطَّائِي أَبُو بكر الْكَاتِب من أهل مصر سكن دمشق فنسب إِلَيْهَا وَقدم بغداذ سنة ثَلَاث عشرَة وَثَلَاث مائَة وَحضر إملاء على أبي الْحسن عَليّ بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش النَّحْوِيّ وروى شَيْئا من شعره وَشعر غَيره وروى عَنهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن يحيى الصولي وَأَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان المرزباني وَمن شعره
(لنا مغن مَا تغنى لنا ... إِلَّا استعذنا الله من شَره)
(يَا لَيْت مَا أصبح فِي حلقه ... من انْقِطَاع كَانَ فِي ظَهره)
وَمِنْه أَيْضا
(قد غدونا إِلَى صَلَاة الْغَدَاة ... ثمَّ ملنا مِنْهَا إِلَى الحانات)
فشربنا مدامة كَدم الخشف عقارا تضيء فِي الكاسات
(فَإِذا شجها السقاة بِمَاء ... برزت مثل ألسن الْحَيَّات)
(وَكَأن الأنامل اعتصرتها ... من شَقِيق الخدود والوجنات)
وَمن شعره
(عضضت بنانه فَبكى ... عَلَيْهِ ضمير وامقه)
(وَأظْهر خَدّه وردا ... جناه لحظ رامقه)
فَسَالَ دم حكى مَا احمر لوناً من شقائقه
(وَمَا أدميت إصبعه ... وَلَكِن قلب عاشقه)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي الْمُؤَدب)
أَحْمد بن سعيد بن عبد الله الدِّمَشْقِي أَبُو الْحسن(6/239)
نزل بغداذ وَحدث عَن الزبير بن بكار بالموفقيات وَغَيرهَا من مصنفاته وَكَانَ مؤدب ولد المعتز واختص بِعَبْد الله بن المعتز روى عَنهُ إِسْمَاعِيل الصفار وَكَانَ صَدُوقًا وَهُوَ الَّذِي كتب إِلَيْهِ ابْن المعتز وَهُوَ ابْن ثَلَاثَة عشرَة عَاما أبياته الَّتِي أَولهَا
(أَصبَحت يَا ابْن سعيد حزت مكرمَة ... عَنْهَا يقصر من يحفى وينتعل)
)
(سربلتني حِكْمَة قد هذبت شيمي ... وأججت غرب ذهني فَهُوَ مشتعل)
(أكون إِن شِئْت قساً فِي خطابته ... أَو حارثاً وَهُوَ يَوْم الْفَخر مرتجل)
(وَإِن أشأ فكزيد فِي فَرَائِضه ... أَو مثل نعْمَان مَا ضَاقَتْ بِي الْحِيَل)
(أَو الْخَلِيل عروضياً أَخا فطن ... أَو الْكسَائي نحوياً لَهُ علل)
(وَفِي فمي صارم مَا سَله أحد ... من غمده فدرى مَا الْعَيْش والجذل)
(عقباك شكر طَوِيل لَا نفاد لَهُ ... تبقى معالمه مَا أطت الْإِبِل)
3 - (أَحْمد بن سعيد بن شاهين)
3 - (بن عَليّ بن ربيعَة)
ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فَقَالَ هُوَ من أهل الْأَدَب وَله من الْكتب كتاب مَا قالته الْعَرَب وَكثر فِي أَفْوَاه الْعَامَّة
3 - (أَبُو عمر الصَّدَفِي)
أَحْمد بن سعيد بن حزم بن يُونُس الصَّدَفِي الأندلسي المنتجيلي أَبُو عمر ذكره الْحميدِي فَقَالَ سمع بالأندلس جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن أَحْمد الزراد وَذكره غَيره ورحل فَسمع إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن النُّعْمَان وَأحمد بن عِيسَى الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن أبي عجينة وَغَيرهمَا وَألف كتاب تَارِيخ الرِّجَال كَبِيرا جمع فِيهِ مَا أمكنه من أَقْوَال النَّاس فِي الْعَدَالَة وَالتَّجْرِيح سَمعه مِنْهُ خلف بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن أبي جَعْفَر وَأحمد بن مُحَمَّد الإشبيلي الْمَعْرُوف بالحراز قَالَ ابْن عبد الْبر وَيُقَال إِن سَمَاعه لم يكمل إِلَّا لَهما وَمَات أَبُو عمر الصَّدَفِي فِي سنة خمس وَثَلَاث مائَة ومولده سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَعَلَّ الصَّحِيح مَا قَالَه الْحميدِي سنة خمسين وَثَلَاث مائَة تَارِيخ وَفَاته وَقَالَ الشَّيْخ فِي هَذَا التَّارِيخ
3 - (الْحَافِظ الْأَشْقَر)
أَحْمد بن سعيد بن إِبْرَاهِيم الرباطي الْأَشْقَر الْحَافِظ نزيل نيسابور روى الْجَمَاعَة عَنهُ خلا ابْن مَاجَه توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ(6/240)
3 - (الْهَمدَانِي الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن سعيد الهمذاني الْمصْرِيّ روى عَنْهُن أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ)
3 - (أَبُو جَعْفَر الدَّارمِيّ)
أَحْمد بن سعيد بن صَخْر أَبُو جَعْفَر الدَّارمِيّ السَّرخسِيّ الْحَافِظ روى عَنهُ الْجَمَاعَة سوى النَّسَائِيّ وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَن رجل عَنهُ وَكَانَ من العملاء الْكِبَار أولي الرحلة والإنفاق ولي الْقَضَاء بسرخس وَرجع إِلَى نيسابور وَبهَا توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (وَالِد ابْن حزم الْعَلامَة)
أَحْمد بن سيعد بن حزم بن غَالب أَبُو عمر الأديب وَالِد الْعَلامَة أبي مُحَمَّد بن حزم قَالَ الْحميدِي كَانَ لَهُ فِي البلاغة يَد قَوِيَّة توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع مائَة وَقد وزر فِي دولة الْمَنْصُور ابْن أبي عَامر وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده الْحَافِظ أبي مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن سعيد فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ وَلَده أَبُو مُحَمَّد أَنْشدني وَالِدي فِي بعض وَصَايَاهُ
(إِذا شِئْت أَن تحيى غَنِيا فَلَا تكن ... على حَالَة إِلَّا رضيت بِدُونِهَا)
وَقد تقدم ذكر وَاقعَة جرت لَهُ مَعَ الْمَنْصُور مُحَمَّد بن أبي عَامر فلي تَرْجَمَة الْمَذْكُور
3 - (حفيد ابْن حزم)
أَحْمد بن سعيد ابْن الإِمَام أبي مُحَمَّد عَليّ بن حزم اليزيدي مَوْلَاهُم الْقُرْطُبِيّ أَبُو عمر نزيل شلب كَانَ ظاهرياً كجده وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى مَذْهَبهم صليباً فِيهِ مَعَ معرفَة بالنحو وَالشعر توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَالْخمس مائَة بعد محنة عَظِيمَة من ضربه وحبسه وَأخذ أَمْوَاله لما نسب إِلَيْهِ من الثورة على السُّلْطَان
3 - (تَاج الدّين ابْن الْأَثِير)
أَحْمد بن سعيد بن مُحَمَّد الصاحب تَاج الدّين بن شرف الدّين بن شمس الدّين بن الْأَثِير الْحلَبِي الْموقع كَاتب السِّرّ توفّي بغزة ذَاهِبًا إِلَى الْقَاهِرَة فِي شَوَّال سنة(6/241)
إِحْدَى وَتِسْعين وست مائَة وَكَانَ كَبِير الْقدر عديم الشَّرّ وَبَيت ابْن الْأَثِير هَؤُلَاءِ غير بَيت ابْن الْأَثِير بالموصل ولي كِتَابَة السِّرّ بعد فتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر شهرا ولحقه إِلَى الله تَعَالَى ثمَّ ولي ابْنه عماد الدّين إِسْمَاعِيل ثمَّ طلب القَاضِي شرف الدّين عبد الْوَهَّاب بن فضل الله وَصرف عماد الدّين إِلَى التوقيع عِنْد النواب وباشر الْإِنْشَاء فِي الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة وأنشده الْأَمِير عز الدّين أيدمر أول اجتماعه بِهِ وملم يكن يعلم اسْمه وَلَا اسْم أَبِيه قَول الشَّاعِر)
(كَانَت مساءلة الركْبَان تخيرني ... عَن أَحْمد بن سعيد أطيب الْخَيْر)
(حَتَّى التقيا فَلَا وَالله مَا سمعَت ... أُذني بأحسنَ ممّا قد رأى بَصرِي)
فَقَالَ لَهُ تَاج الدّين يَا مَوْلَانَا أتعرف أَحْمد بن سعيد فَقَالَ لَا فَقَالَ الْمَمْلُوك أَحْمد بن سعيد
كتب إِلَيْهِ القَاضِي محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر من حلب كتابا فَأجَاب القَاضِي تَاج الدّين يقبل الْيَد المحيوية المجنوبة إِلَى كل قبْلَة المحتوية على الْكَرم الَّذِي هُوَ للكرام قبْلَة لَا زَالَت مَخْصُوصَة بفضيلة الإعجاز والبلاغة الَّتِي كل حَقِيقَة لَدَيْهَا مجَاز وَالْإِحْسَان لَا إِحْسَان الَّذِي يظنّ الإطناب والإسهاب فِي شكره وَذكره من الإيجاز وَيُنْهِي وُرُود مشرفته الَّتِي أخذت البلاغة فِيهَا زخرفها وأشبهت الرَّوْضَة الْأنف مِنْهَا أحرفها وأبانت عَن معجزات البراعة ومثلت كَيفَ ينفث السحر فِي تِلْكَ اليراعة وأبانت مجاري وأفردته بالرتبة الَّتِي لَا يصل إِلَيْهَا زيد وَلَا عَمْرو وعلمته كَيفَ يكون الْإِنْشَاء وَإِن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء ووقف الْمَمْلُوك عَلَيْهَا وقُوف من أقحمه الْحصْر وتطاول لمباراته فِيهَا وَلم يطلّ من بباعه قصر واستقدم قلمه جوابها فأحجم واستنطق لِسَانه ليعرب عَن وصفهَا فأعجم وَقَالَ لحسنها الَّذِي اسْترق الْقُلُوب ملكت فَأَسْجِحْ وَبلغ الْغَايَة فِي عذر نَفسه ومبلغ نفس عذرها مثل منجح وَمن أَيْن لأحد مثل تِلْكَ البديهة المتسرعة والروية الَّتِي هِيَ عَن كل مَا يتَجَنَّب متورعة والمعاني الَّتِي تولد مِنْهَا أبكار أَو الغرائب الَّتِي لَا يقبل الدّرّ من بحرها إِلَّا كبار أَو الخاطر الَّذِي يستجدي الفضلة من سماحته وَاللِّسَان الَّذِي يخرس الفصحاء عِنْد فَصَاحَته والقلم الَّذِي هُوَ مِفْتَاح الأقاليم وَالطَّرِيق الَّذِي من دلّ فِيهِ ضل وَلَو أَنه عبد الحميد أَو ابْن العميد أَو عبد الرَّحِيم والألفاظ الَّتِي تشرق بهَا أنوار الْمعَانِي فَكَأَنَّهَا لَيْلَة المقمرة وَالْيَد الَّتِي إِن لم تكن الأقلام بهَا مورقة فَإِنَّهَا مثمرة
(ومولانا حرس الله مجد ... هَذَا قد أُوتِيَ ملك الْبَيَان)
وَاجْتمعَ لَهُ طَاعَة الْقَلَم وَاللِّسَان فَخَطب الأقلام بِحَمْدِهِ قد أُوتِيَ ملك الْبَيَان وَاجْتمعَ لَهُ طَاعَة الْقَلَم وَاللِّسَان فَخَطب الأقلام بِحَمْدِهِ على مَنَابِر الْأَعْلَام وَقد أخذت لَهُ الْبيعَة بالتقدم على كل فَاضل وَلَو كَانَ الْفضل وأًبح مَحَله مِنْهَا الْأَسْنَى وأسماؤه فِيهَا الْحسنى وَجَاء من المحاسن بِكُل مَا تزهى بِهِ الدول وأصبحت طَرِيقَته فِي الْفُنُون كلمة الْإِسْلَام فِي الْملَل وَعرف بِالْإِشَارَةِ فِي حلب مَا صنعت فِيهِ الْأَيَّام وَمَا أشجاه من ربعهَا الَّذِي لم تبْق فِيهِ بشاشة بشام ووقوف)
مَوْلَانَا فِي أطلالها وملاحظته الْآثَار الَّتِي(6/242)
أَعرَضت السَّعَادَة عَنْهَا بعد إقبالها وتفجعه فِي دمنها وتوجعه لتِلْك المحاسن الَّتِي أخذت من مأمنها وَإنَّهُ وجدهَا وَقد خلت من عراصها وزمت للنوى قلاصها وغربانها فِي رسومها ناعية وأيدي الرزايا بهَا لاعبة
(فَلم يدر رسم الدَّار كَيفَ يجيبنا ... وَلَا نَحن من فرط الأسى كَيفَ نسْأَل)
فنشكر الله بوقفه على تِلْكَ الدمن رقته الَّتِي قَابل بهَا جفوة الزَّمن وَرَأى لَهُ هَذَا الْعَهْد الَّذِي تمسكت الْآن مِنْهُ بِحَسب ورعى لَهُ حق الَّذِي جرى فَقضى للربع مَا وَجب وشاق الْمَمْلُوك توقفه فِي رسومها واسترواحه بنسيمها وسقياها بدمعه وتجديد الْعَهْد بمغناها الَّذِي كَانَ يرَاهُ بطرفه فَأصْبح يرَاهُ بسمعه وَلَقَد يعلم الله أَن الأحلام مَا مثلتها الْعين إِلَّا تأرقت وَلَا ذكرتها النَّفس إِلَّا تمزقت وَلَا تخيلها فكرته إِلَّا اسْتَقَرَّتْ على حَال من القلق وَلَا تمثلتها أمانيه إِلَّا وأمست مطايا دمعه فِي السَّبق
مَا قلت إيه بعدة المتسامرين النَّاس إِلَّا قَالَ دمعي آها على أَنه قد أصبح من ظلّ مَوْلَانَا فِي وَطن ونساه أَنه من ظعن وَمن قطن ومشرف بخدمته الَّتِي تعلي لمن خدمها منارا واستعار من الْأَيَّام الَّذِي أخذت مِنْهُ درهما وأعاضته عَنهُ دِينَارا واصبح لي عَن كل سفل بل شغل وَأما الأشواق
(فسل فُؤَادك عني ... يُخْبِرك مَا كَانَ مني)
(فَمَا ذكرت حبيباً ... إِلَّا وَذَلِكَ أَعنِي)
وَلَو أَنِّي اسْتَطَعْت غمضة طرفِي ووصفت مَا عَسى أَن أصف من الشوق كَانَ الْأَمر فَوق وصفي
(وَإِنِّي فِي دَاري وَأَهلي كأنني ... لبعدك لَا دَار لدي وَلَا أهل)
وَعرف الْمَمْلُوك الْإِشَارَة إِلَى هَذِه السفرة ومتاعبها والطرق ومصاعبها والثلوج الَّتِي شابت مِنْهَا مفارق الْجبَال والمفاوز الَّتِي تهيب المسرى بهَا طيف الخيال والمرجو من الله تَعَالَى أَن تكون العقبى مِنْهَا مَأْمُونَة والسلامة فِيهَا مَضْمُونَة وَكَأن مَوْلَانَا بالديار وَقد دنت وبالراحة وَقد أَنْت والتهاني وَقد شرفت بورودها هاتيك الرحاب والرياض وَقد أبدت من محَاسِن حسناتها مَا يكفر ذَنْب السَّحَاب والأنس قد أَمْسَى وَهُوَ مُجْتَمع القوى والرحلة وَقد أَلْقَت عصاها واستقرت بهَا النَّوَى)
قلت وَانْظُر إِلَى هَذَا السجع المصقول والقرائن الَّتِي تمكنت قوافيها واطمأنت وَهَذَا الْإِنْشَاء وَمَا فِيهِ من المنظوم وإيراده هَذِه الأبيات فِي أماكنها الَّتِي كَأَنَّهَا لم تقل إِلَّا فِي هَذَا الموطن وَتَأمل هَذِه الْفقر كَيفَ يغلب الْوَزْن على أَكْثَرهَا وَهَذِه غَايَة المنشئ البليغ وَلَيْسَ وَرَاء هَذِه غَايَة وَلكنه كَانَت وريته جَيِّدَة وَلَيْسَ لَهُ بديهة فَهُوَ يبطئ وَلَا يُخطئ وَقد تقدم ذكره فِي تَرْجَمَة فَخر الدّين ابْن لُقْمَان وَكَانَ تَاج الدّين مِمَّن كتب للناصر ابْن الْعَزِيز صَاحب الشَّام كتب لَهُ كتابا إِلَى هولاكو على يَد وَلَده(6/243)
وَقد جهزه بتحف إِلَى أردو هولاكو وَكَانَ كتابا حسنا جَاءَ فِيهِ عِنْد ذكر الْوَلِيد مَا قَالَ الشَّاعِر
(يجود بِالنَّفسِ إِن ضن الْجواد بهَا ... والجود بِالنَّفسِ أقْصَى غَايَة الْجُود)
فَلَمَّا عرضه على النَّاصِر قَالَ هَذَا حسن وَقلت هَاهُنَا مَا قَالَه ابْن حمدَان
(فدى نَفسه بِابْن عَلَيْهِ كنفسه ... وَفِي الشدَّة الصماء تفنى الذَّخَائِر)
(وَقد يقطع الْعُضْو النفيس لغيره ... وتدحر بِالْأَمر الْكَبِير الْكَبَائِر)
فَأقر لَهُ بِالْإِحْسَانِ
3 - (الْمُقْرِئ الطرابلسي)
أَحْمد بن سعيد بن أَحْمد بن نَفِيس الْمُقْرِئ أَصله من طرابلس الغرب انْتَقَلت إِلَيْهِ رياسة الإقراء بِمصْر وفَاق قراء الْأَمْصَار بعلو الْإِسْنَاد وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن سَلام)
أَحْمد بن سَلام الرضائي هُوَ الْقَائِل فِي تَفْضِيل الْمبرد على ثَعْلَب
(رَأَيْت مُحَمَّد بن زيد يسمو ... إِلَى العلياء فِي جاه وَقدر)
(جليس خلائف وغذي ملك ... وَأعلم من رَأَيْت بِكُل أَمر)
(وشبابية الظرفاء فِيهِ ... وأبهة الْكَبِير بِغَيْر كبر)
(وَقَالُوا ثَعْلَب رجل عليم ... وَأَيْنَ النَّجْم من شمس وَبدر)
(وَقَالُوا ثَعْلَب يملي ويفتي ... وَأَيْنَ الثعلبان من الهزبر)
قَالَ المرزباني رَوَاهَا مُحَمَّد بن دَاوُد لَهُ وَقد رويت لغيره وَهِي أَكثر من هَذَا وَغير مُحَمَّد بن دَاوُد يَرْوِيهَا لِأَحْمَد بن عبد السَّلَام
3 - (ابْن الرطبي)
)
أَحْمد بن سَلامَة بن عبيد الله بن مخلد بن إِبْرَاهِيم بن مخلد البَجلِيّ الْكَرْخِي أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بِابْن الرطبي أَصله من كرخ جدان وَهُوَ أحد من يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْخلاف وَالنَّظَر قَرَأَ الْفِقْه على ابْن الصّباغ وعَلى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ رَحل إِلَى أَصْبَهَان وَقَرَأَ على مُحَمَّد بن ثَابت الخجندي ثمَّ رَجَعَ إِلَى بغداذ وَصَارَ بهَا من الْأَئِمَّة الْمشَار(6/244)
إِلَيْهِم فِي علم النّظر وَالتَّحْقِيق وَعَلِيهِ دَرَجَة واستخلفه قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الدَّامغَانِي على قَضَاء الْحَرِيم ثمَّ ولي الْحِسْبَة ببغداذ بعد وَفَاة أَخِيه أبي مُحَمَّد عبد الله ثمَّ استنابه قَاضِي الْقُضَاة دجيلاً مُضَافا إِلَى ذَلِك وَجَرت أُمُوره فِي ذَلِك على السداد وَكَانَ كثير الْفضل وافر الْعقل حسن السمت سمع ببغداذ عَليّ بن أَحْمد البسري ومحمداً وطراداً ابْني مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَمَالك بن أَحْمد البانياسي وقاضي الْقُضَاة مُحَمَّد بن عَليّ الدَّامغَانِي وَالشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَابْن الصّباغ وَجَمَاعَة ببغداذ وأصبهان وَخرجت لَهُ فَوَائِد عَن شُيُوخه وسمعها مِنْهُ جمَاعَة من الأكابر وروى عَنهُ ابْن بوش وَغَيره وَنظر فِي أَمر ترب الْخُلَفَاء وَصلى على الإِمَام المسترشد وأدب وَلَده الراشد ولد سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (الْمسند أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْخَيْر)
أَحْمد بن سَلامَة بن إِبْرَاهِيم بن سَلامَة بن مَعْرُوف بن خلف الْمسند المعمر أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْخَيْر الدِّمَشْقِي الْحداد الْحَنْبَلِيّ الْمُقْرِئ الْخياط الدَّلال ولد فِي ربيع الأول سنة تسع وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وست مائَة سمع من الْكِنْدِيّ وشمس الدّين أَحْمد بن عبد الْوَاحِد البُخَارِيّ وَالِد الْفَخر وَأَجَازَ لَهُ من أَصْبَهَان خَلِيل بن أبي الرَّجَاء الراراني وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل الطرسوسي ومسعود بن أبي مَنْصُور الْجمال وَعبد الرَّحِيم الكاغذي وَتفرد فِي الدُّنْيَا عَنْهُم وَأَجَازَ لَهُ طَائِفَة من أَصْحَاب فَاطِمَة الجوزدانية وَأبي عبد الله الْخلال وَأَجَازَ لَهُ من مصر البوصيري وَفَاطِمَة بنت سعد الْخَيْر وَابْن نجا وَابْن حَمْزَة والحافظ عبد الْغَنِيّ وَأَبُو عبد الله الأرتاحي وَغَيرهم وَأَجَازَ لَهُ من بغداذ ابْن كُلَيْب وَابْن بوش وَأَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَأَبُو المعطوش وَعبد الْخَالِق بن البندار وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عليان وَطَائِفَة من أَصْحَاب أبي الْحصين وقاضي المارستان وَأَجَازَ لَهُ من دمشق أَبُو طَاهِر الخشوعي وَأَبُو جَعْفَر الْقُرْطُبِيّ وَأَبُو مُحَمَّد ابْن عَسَاكِر وَغَيرهم وَسمع مِنْهُ عمر بن الْحَاجِب بِعَرَفَات وروى عَنهُ الدمياطي)
وَابْن الحلوانية وَابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار وَابْن جعوان والمزي وَابْن أبي الفت وَابْن الشريشي وَابْن تَيْمِية وَأَخُوهُ أَبُو مُحَمَّد وَالْمجد بن الصَّيْرَفِي والبرزالي وَأَبُو بكر بن مشرف وَطَائِفَة سواهُم قل الشَّيْخ شمس الدّين سَأَلت الْمزي عَنهُ فَقَالَ شيخ جليل متيقظ تفرد بالرواية عَن جمَاعَة وَحدث سِنِين وأضر بِأخرَة وَتُوفِّي يَوْم عَاشُورَاء فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَأَجَازَ لشمس الدّين جَمِيع مروياته
3 - (ابْن سَلامَة المغربي)
أَحْمد بن سَلامَة بن سَالم المغربي التَّاجِر أَخْبرنِي الإِمَام الْحَافِظ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ لَقيته بِالْقَاهِرَةِ وقرأت عَلَيْهِ من شَرعه قَوْله
(باكر إِلَى الراح والراحات فِي الْبكر ... واستجل شمس الضُّحَى فِي رَاحَة الْقَمَر)
(واشرب على ورد خديه النَّضِير فكم ... فِي حسنه لأولي الْأَلْبَاب من نظر)
(سلافة كم على خمارها سلفا ... للشُّرْب بالشرب والقيان بِالْخمرِ)
(بكرا عجوزاً لَهَا فِي دنها حقب ... كم خَاطب رَاغِب فِيهَا مَعَ الْكبر)(6/245)
(صفراء تحسب فِي كاساتها قبساً ... لَوْلَا المزاج خشينا سُورَة السُّور)
(ونهض إِلَى الحان والألحان مغتنماً ... واخلع عذارك واشرب غير مستتر)
(من كف أهيف غُصْن البان معتدلاً ... من حسن خطوته يمشي على خطر)
(وروضة قَابل الخيري سوسنها ... وَقبل الظل فِيهَا وجنة الزهر)
(وفاح نشر العبير المندلي بهَا ... وَرَاح بِالرَّاحِ دَاعِي الْهم والفكر)
(كَأَنَّمَا عطرت أرجاؤه بشذا ... أبي الْمعَانِي رَئِيس البدو والحضر)
وأنشدني للمذكور أَيْضا
(تَأمل أبدر التم أحسن أم بَدْرِي ... وَقس نظرا عطفيه بالغصن النَّضر)
(وَقل مَا تشا عَن لحظه ورضابه ... وَحدث فَكل مَعْدن السحر وَالْخمر)
(ودع ذكر أَخْبَار العذيب وبارق ... وصف عَن عذيب الرِّيق أَو بارق الثغر)
(وَكن مستضيئاً بِالْهدى من جَبينه ... إِذا ضل هادي الْفِكر فِي ظلمَة الشّعْر)
قلت وَقد رَأَيْت الْمَذْكُور كتب بِخَطِّهِ كتاب الريحانة والريعان لِابْنِ خيرة وَهُوَ مجلدان كبيران وخطه فِي غَايَة الْحسن مَنْسُوب وَأما شعره هَذَا فَإِنَّهُ وسط)
3 - (الْجمال البغداذي)
أَحْمد بن سلمَان بن أَحْمد بن سلمَان بن أبي شريك الْجمال أَبُو الْعَبَّاس الْمُقْرِئ البغداذي قَرَأَ بالروايات عَن جمَاعَة من أَصْحَاب البارع أبي عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الدباس وَأبي بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن المزرفي وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن أَحْمد الحريري وَغَيرهم وأسمعه وَالِده الْكثير فِي صباه وَسمع هُوَ بِنَفسِهِ الْكثير وَقَرَأَ على الْمَشَايِخ بِخَطِّهِ كثيرا سمع سعيد بن أَحْمد الْبناء وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي وَأحمد بن سلمَان وَأحمد بن بنيمان الْمُسْتَعْمل وَجَمَاعَة من أَصْحَاب أبي الْقَاسِم ابْن بَيَان وَأبي عَليّ ابْن نَبهَان وَأبي طَالب بن يُوسُف وَأبي عَليّ بن الْمهْدي وَأبي الْعِزّ بن كادش وَغَيرهم حَتَّى سمع من أَصْحَاب أبي الْفضل الأرموي وَأبي بكر ابْن الزَّاغُونِيّ والحافظ ابْن نَاصِر وَأبي الْوَقْت السجْزِي وَلم يزل يسمع إِلَى أَن مَاتَ سنة إِحْدَى وست مائَة
وسافر الْحجاز والجزيرة وَالشَّام وواسط قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا أَمينا متديناً حسن الطَّرِيقَة سليم الْجَانِب طيب الْأَخْلَاق يقْرَأ فِي التَّرَاوِيح كل لَيْلَة نصف الْقُرْآن بَقِي على ذَلِك سِنِين وَكَانَ حسن التِّلَاوَة
3 - (النجاد الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن سلمَان بن الْحسن بن إِسْرَائِيل بن يُونُس الْفَقِيه أَبُو بكر(6/246)
البغداذي النجاد الْحَنْبَلِيّ قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَدُوقًا عَالما صنف كتابا كَبِيرا فِي السّنَن وَكَانَ لَهُ فِي جَامع الْمَنْصُور حلقتان قبل الصَّلَاة للْفَتْوَى وَبعدهَا للإقراء قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ حدث من كتاب غَيره بِمَا لم يكن فِي أُصُوله قَالَ الْخَطِيب كَانَ قد أضرّ فعل بَعضهم قَرَأَ عَلَيْهِ مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ من كبار أَئِمَّة الْحَنَابِلَة وصنف كتابا كَبِيرا فِي الْخلاف توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْحَافِظ أَبُو الْفضل النَّيْسَابُورِي)
أَحْمد بن سَلمَة بن عبد الله أَبُو الْفضل النَّيْسَابُورِي الْبَزَّار الْمعدل الْحَافِظ رَفِيق مُسلم فِي الرحلة إِلَى قُتَيْبَة وَإِلَى الْبَصْرَة وَسمع قُتَيْبَة وَابْن رَاهَوَيْه وَجَمَاعَة وروى عَنهُ ابْن وارة وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وهم أكبر مِنْهُ وَتُوفِّي فِي غرَّة جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ الرهاوي)
أَحْمد بن سُلَيْمَان الرهاوي الْحَافِظ أحد الْأَئِمَّة رَحل وطوف روى عَنهُ النَّسَائِيّ فَأكْثر وَقَالَ ثِقَة توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ)
3 - (أَبُو الْفضل الْكَاتِب)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن وهب بن سعيد أَبُو الْفضل الْكَاتِب وَأَبوهُ أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بن وهب الْوَزير وَعَمه الْحسن بن وهب معروفان مشهوران يذكران فِي مكانيهما إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَنسبه يذكر فِي تَرْجَمَة الْحسن بن وهب توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أَبُو الْفضل هَذَا بارعاً فَاضلا ناظماً ناثراً تقلد الْأَعْمَال وَنظر فِي جباية الْأَمْوَال وَأَخُوهُ عبيد الله بن سُلَيْمَان وَالقَاسِم بن عبيد الله وَزِير المعتضد والمكتفي سَأَلَ أَبُو الْفضل صديقا لَهُ حَاجَة فَلم يقضها لَهُ فَقَالَ
(قل لي نعم مرّة إِنِّي أسر بهَا ... وَإِن عداني مَا أرجوه من نعم)
(فقد تعودت لَا حَتَّى كَأَنَّك لَا ... تعد قَوْلك لَا إِلَّا من الْكَرم)
فَقضى حَاجته فَقَالَ
(ضحوك لسؤاله ... قطوب إِذا لم يسل)(6/247)
(كَأَن نعم نحلة ... بغته لمج الْعَسَل)
وَكَانَ لِأَحْمَد غُلَام يكنى أَبَا الحسام وَكَانَ يهواه جدا فَخرج مرّة إِلَى الْكُوفَة بِسَبَب رزقه مَعَ إِسْحَاق بن عمرَان فَكتب إِلَى إِسْحَاق
(دموع الْعين مذروفه ... وَنَفس الصب مشغوفه)
من الشوق إِلَى الْبَدْر الَّذِي يطلع بالكوفه فَلَمَّا قرأهما وفاه رزقه وأنفذه إِلَيْهِ سَرِيعا وَمن كَلَامه النعم أيديك الله ثَلَاث مُقِيمَة ومتوقعة وَغير محتسبة فحرس الله لَك مقيمها وبلغك متوقعها وآتاك مَا لم تحتسب مِنْهَا وَدخل إِلَى صديق لَهُ فَلم يره كَمَا ظن من السرُور فَدَعَا بِدَوَاةٍ وَكتب
(قد أَتَيْنَاك زائرين خفافاً ... وَعلمنَا بن عنْدك فَضله)
من شراب كَأَنَّهُ دمع مرهاء أَضَاءَت لَهَا من الهجر شعله
(ولدينا من الحَدِيث هَنَات ... معجبات نعدها لَك جمله)
(إِن يكن مثل مَا تُرِيدُ وَإِلَّا ... فَاحْتَمَلْنَا فَإِنَّمَا هِيَ أكله)
وَكتب إِلَى أَخِيه الْوَزير عبيد الله وَلم يودعه أَطَالَ الله بَقَاء الْوَزير مصحباً لَهُ السَّلامَة الشاملة وَالْغِبْطَة الْكَامِلَة وَالنعَم المتظاهرة والمواهب المتواترة فِي ظعنه ومقامه وحله وترحاله)
وحركته وسكونه وليله ونهاره وَعجل إِلَيْنَا أوبته وَأقر عيوننا برجعته وَمَتعْنَا بِالنّظرِ إِلَيْهِ كَانَ شخوص الْوَزير أعزه الله فِي هَذِه الْمدَّة بَغْتَة أعجل عَن توديعه فَزَاد ذَلِك فِي ولهي وإضرام لوعتي واشتدت لَهُ وحشتي وَذكرت قَول كثير
(وكنتم تزينون الْبِلَاد ففارقت ... عَشِيَّة بنتم زينها وجمالها)
(فقد جعل الراضون إِذْ أَنْتُم لَهَا ... بخصب الْبِلَاد يشتكون وبالها)
والوزير أعزه الله يعلم مَا قيل فِي يحيى بن خَالِد
(ينسى صنائعه ويذك وعده ... ويبيت فِي أَمْثَاله يتفكر)
وَكتب إِلَى ابْن أَخِيه الْحسن بن عبيد الله بن سُلَيْمَان
(يَا ابْني وَيَا ابْن أخي الْأَدْنَى وَيَا ابْن أبي ... والمرتدي برداء الْعقل وَالْأَدب)
(وَمن يزِيد جناحي من قواك بِهِ ... وَمن إِذا عد مني زَان لي حسبي)
وَمن شعره وَهُوَ مَشْهُور
(حفت بسرو كالقيان تلحفت ... خضر الْحَرِير على قوام معتدل)
(فَكَأَنَّهَا وَالرِّيح حِين تميلها ... تبغي التعانق ثمَّ يمْنَعهَا الخجل)(6/248)
وَله من التصانيف ديوَان شعره وديوان رسائله وَتُوفِّي وَله نَيف وَسِتُّونَ سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن أبي هُرَيْرَة)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن زبان بالزاي وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف نون أَبُو بكر الْكِنْدِيّ الضَّرِير الْمَعْرُوف بِابْن أبي هُرَيْرَة توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن خلف بن سعد بن أَيُّوب الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم بن القَاضِي أبي الْوَلِيد الْبَاجِيّ سكن سرقسطة وَغَيرهَا وروى عَن أَبِيه مُعظم علمه وَخَلفه بعد وَفَاته فِي حلقته وَغلب عَلَيْهِ علم الْأُصُول وَالنَّظَر وَله تصانيف تدل على حذقه وَله العقيدة فِي الْمذَاهب السديدة ورسالة الاستعداد للخلاص من الْمعَاد وَكَانَ غَايَة فِي الْوَرع توفّي بجدة بعد مُنْصَرفه من الْحَج سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن كسا الْمصْرِيّ)
)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن كسا الْمصْرِيّ كَانَ محتشماً ذَا ثروة وَله غلْمَان ترك توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَقيل سنة خمس وَهُوَ الصَّحِيح
3 - (ابْن المرجان)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن سُلَيْمَان قَاضِي الْإسْكَنْدَريَّة شرف الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن المرجان الْمُقْرِئ الْمَالِكِي درس وَأفْتى وناب فِي الفضاء ثمَّ إِنَّه اسْتَقل بِهِ وَكَانَ من أَعْيَان فضلاء الثغر روى عَنهُ الدمياطي وَغَيره توفّي سنة تسع وَخمسين وست مائَة
3 - (ابْن أبي الْعَبَّاس الطوسي)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن دَاوُد بن مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس الطوسي كَانَ فَاضلا مَاتَ فِيمَا ذكره الْخَطِيب سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة على ثَلَاث وَثَمَانِينَ سنة روى عَنهُ أَبُو جَعْفَر ابْن شاهين وَصَاحب الأغاني أَبُو الْفرج وَأَبُو عبيد الله المرزباني وَكَانَ صَدُوقًا وروى عَنهُ المخلص أَيْضا روى عَنهُ كتاب النّسَب للزبير لِأَنَّهُ قدم سُلَيْمَان بن دَاوُد على الْبَرِيد فأهدى إِلَى الزبير هَدَايَا كَثِيرَة فأهدى إِلَيْهِ الزبير كتاب النّسَب فَقَالَ سُلَيْمَان أحب أَن يقْرَأ عَلَيْك فقرئ عَلَيْهِ وسَمعه وَلَده أَحْمد بن سُلَيْمَان
3 - (أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي الْأَسدي)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أَيُّوب بن دَاوُد بن عبد الله بن حذلم أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي الْأَسدي القَاضِي الْفَقِيه الْأَوْزَاعِيّ الْمَذْهَب كَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع دمشق يدرس فِيهَا مَذْهَب الْأَوْزَاعِيّ قَالَ الْكِنَانِي كَانَ ثِقَة مَأْمُونا نبيلاً قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقع لي حَدِيثه بعلو توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة(6/249)
3 - (الصاحب تَقِيّ الدّين)
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن هِلَال الصاحب تَقِيّ الدّين بن القَاضِي جمال الدّين بن القَاضِي أَمِين الدّين بن هِلَال طلع إِلَى الديار المصرية وَخرجت لَهُ شَفَاعَة من الدّور إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز بِأَن يرتبه من جمل كتاب الدرج بِالشَّام فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فَمَا اتّفق هَل شَيْء وَكَانَ ذَلِك بِوَاسِطَة السِّت مسكة ثمَّ إِنَّه بعد ذَلِك لما مَاتَ جمال الدّين عبد الله ابْن غَانِم وَقصد أَن يكون مَكَانَهُ كتب توقيعه بذلك وَمَات تمّ لَهُ أَمر فَتوجه إِلَى مصر وسعى فِي أَيَّام الْملك الْكَامِل شعْبَان وبذل مبلغا كثيرا فرتب فِي وكَالَة بَيت المَال والحسبة وتوقيع الدست)
بِالشَّام ثمَّ توقفت الْقَضِيَّة فَلَمَّا تولى الْملك المظفر سعى الْأَمِير سيف الدّين سيف بن فضل والصواف تَاجر الْخَاص فرسم لَهُ بِنَظَر النَّاظر بِالشَّام لِأَن عَلَاء الدّين بن الْحَرَّانِي كَانَ قد تصور كثيرا فَحَضَرَ إِلَى دمشق بعد عيد شهر رَمَضَان سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي وكابد الْأُمُور وصبر وَاحْتمل وَطول روحه وَجَاءَت الْجِهَات فِي أَيَّامه وَكثر الْمطلب عَلَيْهِ وَزَاد الشناع وَقلت حرمته وتناهب النَّاس الْأَمْوَال بِالْيَدِ فَطلب الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي من السُّلْطَان أَن يكون عوضه الصاحب شمس الدّين مُوسَى بن تَاج الدّين إِسْحَاق فَحَضَرَ إِلَيْهَا فِي أَوَاخِر شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
وَلزِمَ الصاحب تَقِيّ الدّين الْمَذْكُور بَيته وَكَانَ قد استأدى من الصَّواف التَّاجِر مبلغ ثَمَانِينَ ألفا وَهَذَا التَّاجِر هُوَ الَّذِي جلب الْأَمِير سيف الدّين صرغتمش الناصري وَكَانَ هَذَا الْأَمِير قد حضر من بَاب السُّلْطَان مُتَوَجها بالأمير فَخر الدّين إياز نَائِب حلب فَلَمَّا وصل إِلَى دمشق طَالب تَقِيّ الدّين الْمَذْكُور مُطَالبَة عُتَيّة وجد لَهُ فِي الْمطلب واكفهر فشفع فِيهِ الْأَمِير فَخر الدّين وَضمن لَهُ أَنه مَا يعود من حلب إِلَّا وَقد حصل لَهُ الْمبلغ فَلَمَّا كَانَ قبل وُصُول الْأَمِير سيف الدّين صرغتمش من حلب بليلة وَاحِدَة ثار على تَقِيّ الدّين الْمَذْكُور دم كثير قَتله فَمَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس شهر رَجَب سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وخلصه الله مِنْهُ وَكَانَ شَابًّا حسن الْوَجْه والشكل والعمة يكْتب سَرِيعا قَوِيا وَفِيه كرم نفس وَكَانَ عمره خمْسا وَعشْرين سنة تَقْرِيبًا كتب إِلَيْهِ جمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة الْمصْرِيّ وأنشدني من لَفظه
(هنئت مَا أُوتِيتهُ من دولة ... حَملتك فِي الْعَينَيْنِ من إجلالها)
(فِي مقلة الأجفان أَنْت فَقل لنا ... أَنْت ابْن مقلتها أم ابْن هلالها)
وانتقد الْأَفْضَل عَلَيْهِ هَذَا الْمَعْنى لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيم مَا أَرَادَهُ فأنشدني لنَفسِهِ شمس الدّين مُحَمَّد الْخياط الدِّمَشْقِي
(إِن الوزارة وَالْكِتَابَة لم نجد ... أحدا سواك يزِيد فِي إجلالها)(6/250)
(جعلتك فِي الْعَينَيْنِ مِنْهَا مَا ترى ... أَنْت ابْن مقلتها أَو ابْن هلالها)
3 - (الوَاسِطِيّ)
أَحْمد بن سِنَان بن أَسد بن حبَان أَبُو جَعْفَر الوَاسِطِيّ الْقطَّان الْحَافِظ قَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة صَدُوق توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ)
3 - (الأشناتي)
أَحْمد بن سهل بن الفيرزان أَبُو الْعَبَّاس الأشناتي أحد الْقُرَّاء المجودين قَرَأَ على عبيد بن الصَّباح صَاحب حَفْص واشتهر بِهَذِهِ الْقِرَاءَة لمعرفته بهَا وعلو سنة توفّي سنة سبع وَثَلَاث مائَة
3 - (الهمذاني)
أَحْمد بن سهل الهمذاني أَبُو نصر قَالَ المرزباني معتضدي وَهُوَ الْقَائِل يمدح مُحَمَّد بن الْحسن السكرِي ولقيه بجرجان من قصيدة
(إِن الْأَمِير أَبَا عبد الْإِلَه فَتى ... مِنْهُ على الْبشر الإفضال ينسجم)
(مِنْهُ الْحَيَاة وَمِنْه الْمَوْت يُعلمهُ ... وَالْخَيْر مِنْهُ وَمِنْه الشَّرّ ينحسم)
(من معشر لبِنَاء الْمجد مذ خلقُوا ... من فضل فَخْرهمْ الْأَركان والدعم)
(قوم إِذا اعْتصمَ الْجَانِي اللهيف بهم ... مدت عَلَيْهِ ظلال الْأَمْن يعتصم)
قلت شعر متوسط
3 - (الْبَلْخِي)
أَحْمد بن سهل الْبَلْخِي قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان هُوَ الْقَائِل يرثي الْحسن ابْن الْحُسَيْن الْعلوِي
(إِن الْمنية رامتنا بأسهمها ... فأوقعت سهمها المسموم بالْحسنِ)
(إِن مُحَمَّدًا الْأَعْلَى يغادره ... تَحت الصفيح مَعَ الْأَمْوَات فِي قرن)
(يَا قبر إِن الَّذِي ضمنت جثته ... من عصبَة سادة لَيْسُوا ذَوي أفن)
(مُحَمَّد وَعيلَ ثمَّ زَوجته ... ثمَّ الْحُسَيْن ابْنه والمرتضى الْحسن)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو زيد الْبَلْخِي)
أَحْمد بن سهل الْبَلْخِي أَبُو زيد كَانَ فَاضلا قيمًا بِجَمِيعِ الْعُلُوم(6/251)
الْقَدِيمَة والحديثة يسْلك فِي مصنفاته طَريقَة الفلاسفة إِلَّا أَنه بِأَهْل الْأَدَب أشبه وَكَانَ معلما للصبيان ثمَّ رَفعه الْعلم وَقد وَصفه أَبُو حَيَّان التوحيدي وَقد ذكرت ذَلِك فِي تَرْجَمَة أبي حنيفَة الدينَوَرِي وَحكي عَنهُ أَنه قَالَ كَانَ للحسين بن عَليّ المروروذي وأخيه صعلوك صلات يجريانها عَليّ دَائِما فَلَمَّا صنفت كتاب ي فِي الْبَحْث عَن التأويلات قطعاها عني وَكَانَ لأبي عَليّ مُحَمَّد بن أَحْمد بن جيهان من)
خرخان الجيهاني وَزِير نصر بن أَحْمد الساماني جوَار يدرها عَليّ فَلَمَّا صنفت كتاب القرابين والذبائح حرمنيها قَالَ فَكَانَ الْحُسَيْن قرمطياً وَكَانَ الجيهان ثنوياً قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم كَانَ أَبُو زيد يرْمى بالإلحاد من تصانيفه أَقسَام الْعُلُوم شرائع الْأَدْيَان اختيارات السّير
السياسة الْكَبِير السياسة الصَّغِير كَمَال الدّين فضل صناعَة الْكِتَابَة مصَالح الْأَدْيَان والأنفس يعرف بالمقالتين أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته صناعَة الشّعْر فَضِيلَة علم الْأَخْبَار الْأَسْمَاء والكنى والألقاب أسامي الْأَشْيَاء النَّحْو والتصريف الصُّورَة والمصور حُدُود الفلسفة مَا يَصح من أَحْكَام النُّجُوم الرَّد على عَبدة الْأَوْثَان فَضِيلَة عُلُوم الرياضة أَقسَام عُلُوم الفلسفة
القرابين والذبائح عصمَة الْأَنْبِيَاء نظم الْقُرْآن قوارع الْقُرْآن الفتاك والنساك مَا أغلق من غَرِيب الْقُرْآن فِي أَن سُورَة الْحَمد تنوب عَن جَمِيع الْقُرْآن أجوبة أبي الْقَاسِم الكعبي النَّوَادِر فِي فنون شَتَّى أجوبة أهل فَارس السَّمَاء والعالم أجوبة أبي عَليّ بن مُحْتَاج أجوبة أبي إِسْحَاق الْمُؤَدب المصادر أجوبة مسَائِل أبي الْفضل السكرِي الشطرنج فَضَائِل مَكَّة على سَائِر الْبِقَاع جَوَاب رِسَالَة أبي عَليّ بن الْمُنِير الزيَادي الْبَحْث عَن التأويلات كَبِير الرسَالَة السالفة إِلَى العاتب مدح الوراقة الْوَصِيَّة صِفَات الْأُمَم القرود فضل الْملك الْمُخْتَصر فِي اللُّغَة صولجان الكتبة نثر من كَلَامه أدب السُّلْطَان والرعية فَضَائِل بَلخ تَفْسِير الْفَاتِحَة والحروف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور رسوم الْكتب كتاب كتبه إِلَى أَحْمد المستنير بن المظفر فِي شرح مَا فيل فِي حُدُود الفلسفة أَخْلَاق الْأُمَم
ولد أَبُو زيد الْبَلْخِي بقرية تدعى شامستيان وَكَانَ يعلم بهَا الصّبيان فِيمَا قيل وَكَانَ يمِيل إِلَيْهَا ويحبها وَلذَلِك لما حسنت حَاله اعْتقد بهَا ضيعته ووكل بهَا همته وَكَانَت تِلْكَ الضّيَاع بَاقِيَة بأيدي أحفاده وأقاربه إِلَى أَن خربَتْ بَلخ وَقيل إِن الْأَمِير أَحْمد بن سهل بن هَاشم كَانَ ببلخ وَعِنْده أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن أَحْمد بن مَحْمُود الكعبي وَأَبُو زيد فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي وَفِي يَد الْأَمِير عقد لآلئ(6/252)
نفيسة تتلألأ ويتوهج نورها قد حملت إِلَيْهِ من بِلَاد الْهِنْد حِين افتتحت فأفرد الْأَمِير مِنْهَا عشر حبات وناولها أَبَا الْقَاسِم وأفرد عشرا وناولها أَبَا زيد وَقَالَ هَذِه اللآلئ فِي غَايَة النفاسة فَأَحْبَبْت أَن أشرككما فِيهَا وَلَا أستبد بهَا فشكرا لَهُ ذَلِك ثمَّ إِن أَبَا الْقَاسِم وضع لآلئه بَين يَدي أبي زيد وَقَالَ إِن أَبَا زيد مهتم بشأنها فَأَرَدْت أَن أصرف مَا برني بِهِ الْأَمِير إِلَيْهِ فَقَالَ الْأَمِير نعم مَا فعلت وَرمى بِالْعشرَةِ الْبَاقِيَة إِلَى أبي زيد وَقَالَ خُذْهَا فلست فِي)
الفتوة بِأَقَلّ حظاً وَلَا أوكس سَهْما من أبي الْقَاسِم فَلَا تغبنن عَنْهَا فَإِنَّهَا ابتيعت للخزانة بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم فَبَاعَهَا بِثمن جليل وَصَرفه فِي ثمن الضَّيْعَة الَّتِي اشْتَرَاهَا وَكَانَ أَبُو زيد ربعَة نحيفاً مصفاراً أسمر جاحظ الْعين فِيهَا تَأَخّر وميل وبوجهه آثَار جدري وَهُوَ صموت سكيت ذُو وقار وهيبة دخل الْعرَاق وَأخذ عَن الْعلمَاء وطوف الْبلدَانِ وتتلمذ لأبي يُوسُف يَعْقُوب الْكِنْدِيّ وَحصل من عِنْده علوماً جنَّة وتعمق فِي الفلسفة وهجم على أسرار التنجيم والهيئة وبرز فِي علم الطِّبّ وَبحث عَن أصُول الدّين أتم بحث وَأبْعد استقصاء وَلَقَد جرى ذكره فِي مجْلِس الإِمَام أبي بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الْبَزَّار وَكَانَ الإِمَام ببلخ والمفتي بهَا فَأثْنى عَلَيْهِ خيرا وَقَالَ إِنَّه كَانَ قويم الْمَذْهَب حسن الِاعْتِقَاد لم يعرف بِشَيْء فِي ديانته كَمَا ينْسب إِلَيْهِ من نسب إِلَى علم الفلسفة وكل من حضر من الأفاضل أثنى عَلَيْهِ وَنسبه إِلَى الاسْتقَامَة والاستواء وَإنَّهُ لم يعثر لَهُ مَعَ مَا لَهُ من المصنفات الجمة على كلمة تدر على قدح عقيدته ونمن حسن عقيدته أَنه كَانَ لَا يثبت من علم النُّجُوم الْأَحْكَام بل كَانَ يثبت مَا جرى عَلَيْهِ الحسبان حُكيَ عَنهُ أَنه قدمت الْمَائِدَة وَأَبُو زيد يُصَلِّي وَكَانَ حسن الصَّلَاة فطول فِيهَا وَكَانَ أَبُو بكر الْبكْرِيّ فَاضلا خليعاً لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَيحْتَمل مِنْهُ ذَلِك لعلو سنه فضجر الْبكْرِيّ من طول صَلَاة أبي زيد فَالْتَفت إِلَى أبي مُحَمَّد الخجندي وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّد ريح الْإِمَامَة بعد فِي رَأس أبي زيد فَخفف أَبُو زيد الصَّلَاة وَضحك وَكَانَ أَبُو زيد فِي أول الْأَمر قد خرج إِلَى الْعرَاق فِي طلب الإِمَام لِأَنَّهُ كَانَ أَولا يرى إِلَى الإمامية وَلما ورد أَحْمد ابْن سهل بن هَاشم الْمروزِي إِلَى بَلخ وَاسْتولى تخومها راود أَبَا زيد على أَن يستوزره فَأبى عَلَيْهِ فَاتخذ أَبَا الْقَاسِم الكعبي وزيراً وَأَبا زيد كَاتبا ورزق أبي الْقَاسِم ألف دِرْهَم وَرقا ورزق أبي زيد خمس مائَة دِرْهَم وَكَانَ أَبُو الْقَاسِم يَأْمر الخازن بِزِيَادَة مائَة دِرْهَم لأبي زيد من رزقه فَيتَنَاوَل أَبُو زيد سِتّ مائَة دِرْهَم وَأَبُو الْقَاسِم تسع مائَة دِرْهَم وَيَأْخُذ لنَفسِهِ مكسرة وَيَأْمُر لأبي زيد بالوضح الصِّحَاح وَحكي أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد الوزيري وَكَانَ لَقِي أَبَا زيد وتتلمذ لَهُ قَالَ كَانَ أَبُو زيد ضابطاً لنَفسِهِ قَلِيل البديهة نزر الشّعْر وَاسع الْكَلَام فِي الرسائل والتأليفات إِذا أَخذ فِي الْكَلَام أمطر اللآلئ المنثورة وَكَانَ قَلِيل المناظرة حسن الْعبارَة وَكَانَ يتنزه عَمَّا يُقَال فِي الْقُرْآن إِلَّا الظَّاهِر المستفيض من التَّفْسِير والتأويل والمشكل من الْأَقَاوِيل ويتحرج أَيْضا عَن تَفْضِيل بعض الصَّحَابَة على بعض وَعَن مفاخرة الْعَرَب والعجم وَيَقُول لَيْسَ فِي هَذِه المناظرات مَا يجدي)
طائلاً وَلَا يتَضَمَّن حَاصِلا لِأَن الله تَعَالَى يَقُول فِي الْقُرْآن إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج الْآيَة وَأما الصَّحَابَة فَقَوله(6/253)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ وَكَذَلِكَ الْعَرَبِيّ والشعوبي فَإِن الله تَعَالَى قَالَ فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون وَقَالَ إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم وَقَالَ بعض أهل الْأَدَب اتّفق أهل صناعَة الْكَلَام على أَن متكلمي الْعَالم ثَلَاثَة الجاحظ وَعلي بن عُبَيْدَة اللطفي وَأَبُو زيد الْبَلْخِي فَمنهمْ من يزِيد لَفظه على مَعْنَاهُ وَهُوَ الجاحظ وَمِنْه من يزِيد مَعْنَاهُ على لَفظه وَهُوَ عَليّ بن عُبَيْدَة وَمِنْهُم من توَافق لَفظه وَمَعْنَاهُ وَهُوَ أَبُو زيد وَلما دخل أَبُو زيد على أَحْمد بن سهل الْمروزِي أول دُخُوله سَأَلَهُ عَن اسْمه فَقَالَ أَبُو زيد فَعجب أَحْمد بن سهل من ذَلِك وعد ذَلِك سقطة مِنْهُ فَلَمَّا خرج ترك خَاتمه فِي مَجْلِسه فَأَبْصَرَهُ فازداد تَعَجبا وَأَخذه وَنظر فِي نفس خَاتمه وَقبل فصه فَإِذا فِيهِ أَحْمد بن سهل فَعلم حِينَئِذٍ أَنه إِنَّمَا أجَاب بكنيته للموافقة الْوَاقِعَة بَين اسْمه واسْمه وَكَانَ أَبُو زيد فِي حَال حداثته وَفَقره التمس من أبي عَليّ المنيري حِنْطَة فَأمره بِحمْل جراب إِلَيْهِ فَفعل فَلم يُعْطه حِنْطَة وَحبس الجراب وَمضى على ذَلِك أَعْوَام كَثِيرَة وَخرج شَهِيد بن الْحُسَيْن إِلَى مُحْتَاج بن أَحْمد بالصغانيان وَكتب إِلَى أبي زيد كتبا فَلم يجبهُ أَبُو زيد عَنْهَا فَكتب إِلَيْهِ شَهِيد
(أمني النَّفس مِنْك جَوَاب كتبي ... وأقطعها لتسكن وَهِي تابى)
(إِذا مَا قلت سَوف يُجيب قلت ... إِذا رد المنيري الجرابا)
وَقَالَ أَبُو زيد كَانَ ببلخ مَجْنُون يعرف بِأبي إِبْرَاهِيم إِسْحَاق بن إِسْحَاق البغداذي دخل عَليّ وَأَنا ألاعب الْأَهْوَازِي بالشطرنج فَقَالَ أَبُو زيد والأهوازي لَك فتحيرت فِي هَذَا الْكَلَام فَقَالَ لي احسب فحسبت بحروف الْجمل فَكَانَ سِتِّينَ وَقَالَ فصل بَين كنيتك والأهوازي قَالَ فوصلت فَإِذا أَبُو زيد ثَلَاثُونَ والأهوازي ثَلَاثُونَ فَقضيت عجبا من اختراعه فِي تِلْكَ الوهلة هَذَا الْحساب وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة ضحوة لعشر بَقينَ من ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة واستدعى صَاحب خُرَاسَان أَبَا زيد إِلَى بُخَارى ليستعين بِهِ على سُلْطَانه فَلَمَّا بلغ جيحون وَرَأى تغطمط أمواجه وجرية مَائه وسعة قطره كتب إِلَيْهِ إِن كنت استدعيتني لما بلغك من صائب رَأْيِي فَإِنِّي إِن عبرت هَذَا النَّهر فلست بِذِي رَأْي ورأيي يَمْنعنِي من عبروه فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابه عجب مِنْهُ وَأمره بِالرُّجُوعِ إِلَى بَلخ(6/254)
3 - (القَاضِي الصَّيْمَرِيّ)
)
أَحْمد بن سيار بن مُحَمَّد الصَّيْمَرِيّ أَبُو بكر القَاضِي قلد قَضَاء الْجَانِب الشَّرْقِي من بغداذ ثمَّ قلد قَضَاء الْحَرِيم بدار الْخلَافَة ثمَّ عزل عَنهُ وقلد الْقَضَاء بطرِيق خُرَاسَان وَكَانَ أديباً فَاضلا وَله نظم وَمن نظمه
(لَا تستهين عَالما وَإِن قصرت ... أواله فِي لحاظ رامقه)
(وَانْظُر إِلَيْهِ بِعَين ذِي إرب ... مهذب الرَّأْي فِي طرائقه)
(فالمسك تَيْسًا ترَاهُ ممتهناً ... بفهر عطاره وساحقه)
(حَتَّى ترَاهُ فِي عارضي ملك ... أَو مَوضِع التَّاج من مفارقه)
وَكَانَ هَل هَيْبَة ومنظر عَظِيم وجثة مهولة ولحية طَوِيلَة فَتقدم إِلَيْهِ امْرَأَتَانِ ادَّعَت إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر مَا تَقُولِينَ فِي دعواهما فَقَالَت أفزع أيد الله القَاضِي فَقَالَ القَاضِي مِم ذَا فَقَالَت لحية طولهَا ذِرَاع وَوجه طوله ذِرَاع ودنية طولهَا ذِرَاع فَأَخَذَتْنِي هيبتها فَرفع القَاضِي دنيته من رَأسه وحطها على الأَرْض وغطى لحيته بكمه وَقَالَ لَهَا قد نقصتك ذراعين أجيبي عَن دَعْوَاهَا توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الجهم الْأَنْبَارِي)
أَحْمد بن سيف الْأَنْبَارِي أَبُو الجهم الْكَاتِب أورد لَهُ مُحَمَّد بن دَاوُد ابْن الْجراح فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء وَقَالَ شَاعِر محسن ظريف أشعاره قصار ملاح
(عِلّة الْبَدْر راقبي الْحسن فِيهِ ... لَا تضري بِهِ وَلَا تنحليه)
(أَنا أقوى على احتمالك مِنْهُ ... حمليني أَضْعَاف مَا يشتكيه)
(وذري سَيِّدي ودونك جسمي ... منزلا مَا أردته فاسكنيه)
وَأورد لَهُ ابْن الْمَرْزُبَان
(أعاذل لَيْسَ الْبُخْل مني سيجة ... وَلَكِن رَأَيْت الْفقر شَرّ سَبِيل)
(لمَوْت الْفَتى خير من الْبُخْل للفتى ... وللبخل خير من سُؤال بخيل)
(لعمرك مَا شَيْء كوجهك قيمَة ... فَلَا تلق إنْسَانا بِوَجْه ذليل)
3 - (ابْن شاهنشاه)
أَحْمد بن شاهنشاه بن بدر الجمالي هُوَ الْأَكْمَل بن الْأَفْضَل بن أَمِير الجيوش الأرمني ثمَّ الْمصْرِيّ وكنيته أَبُو عَليّ صَاحب مصر وسلطانها لما قتل الْأُمَرَاء أَبَاهُ سجنوا هَذَا فَلَمَّا قتل)
الْآمِر شغلوا الْوَقْت بِابْن عَمه الْحَافِظ عبد الْمجِيد إِلَى أَن يُولد حمل الْآمِر فجَاء بِنْتا فأخرجوا أَبَا عَليّ أَحْمد هَذَا من السجْن وَجعلُوا الْأُمُور إِلَيْهِ وَكَانَ عَليّ الهمة وَحجر على الْحَافِظ(6/255)
وَمنعه من الظُّهُور وأودعه فِي خزانَة لَا يدْخل إِلَيْهِ أحد غلا بِأَمْر الْأَكْمَل هَذَا فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا فِي اللّعب بالكرة خرج عَلَيْهِ مَمْلُوك إفرنجي لِلْحَافِظِ فطعنه فَقتله وجزوا رَأسه وَأخرج الْحَافِظ وَكَانَت قتلته فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (الحبطي)
أَحْمد بن شبيب الحبطي الضَّرِير الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة والحبطات من تَمِيم وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن شبوبه)
أَحْمد بن شبوبه الْمروزِي روى عَنهُ أَبُو دَاوُد توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (النَّسَائِيّ أَبُو الرَّحْمَن)
أَحْمد بن شُعَيْب بن عَليّ بن سِنَان بن بَحر أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ القَاضِي مُصَنف السّنَن وَغَيرهم بَقِيَّة الْأَعْلَام ولد سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاث مائَة سمع قُتَيْبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَهِشَام بن عمار وَعِيسَى بن حَمَّاد ولاحسين بن مَنْصُور السّلمِيّ وَعَمْرو ابْن زُرَارَة وَمُحَمّد بن النَّصْر الْمروزِي وسُويد بن نصر وَأَبا كريب وخلقاً سواهُم بعد الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ بخراسان وَالْعراق وَالشَّام ومصر والحجاز والجزيرة وروى عَنهُ أَبُو بشر الدولابي وَأَبُو عَليّ الْحُسَيْن النَّيْسَابُورِي وَحَمْزَة ابْن مُحَمَّد الْكِنَانِي وَأَبُو بكر أَحْمد بن السّني وَمُحَمّد بن عبد الله بن حيويه وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ وَخلق سوهم وَسكن بزقاق الْقَنَادِيل فِي مصر وَكَانَ مليح الْوَجْه ظَاهر الدَّم مَعَ كبر السن ويلبس البرود النوبية الْخضر وَيكثر الْجِمَاع مَعَ صَوْم يَوْم وإفطار يَوْم وَله أَربع زَوْجَات يقسم لَهُنَّ وَلَا يَخْلُو مَعَ ذَلِك من سَرِيَّة(6/256)
وَيكثر أكل الديوك الْكِبَار المسمنة قَالَ بعض الطّلبَة مَا أَظُنهُ غلا يشرب النَّبِيذ للنضارة الَّتِي فِي وَجهه وَأنكر عَلَيْهِ قوم كتاب الخصائص لعي رَضِي الله عَنهُ وَتَركه تصنيفه فَضَائِل الشَّيْخَيْنِ فَذكر لَهُ ذَلِك فَقَالَ دخلت دمشق والمحرف بهَا عَن عَليّ كثير فصنفت الخصائص رَجَاء أَن يهْدِيهم الله تَعَالَى ثمَّ صنف بعد ذَلِك فَضَائِل الصَّحَابَة فَقيل لَهُ أَلا تخرج فَضَائِل مُعَاوِيَة فَقَالَ أَي شَيْء أخرج اللَّهُمَّ لَا تشبع بَطْنه فَسكت السَّائِل قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَعَلَّ)
هَذَا فَضِيلَة لَهُ لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ من لعنته أَو سببته فَاجْعَلْ ذَلِك لَهُ زَكَاة وَرَحْمَة قَالَ أَبُو طَالب أَحْمد بن نصر الْحَافِظ من يصبر على مَا يصبر عَلَيْهِ النَّسَائِيّ كَانَ عِنْده حَدِيث ابْن لَهِيعَة تَرْجَمَة تَرْجَمَة يَعْنِي عَن قُتَيْبَة فَمَا حدث بهَا وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن مقدم على كل من يذكر بِهَذَا الْعلم من أهل عصره وَقَالَ ابْن طَاهِر الْمَقْدِسِي سَأَلت سعد بن عَليّ الزنجاني عَن رجل فوثقه فَقلت ضعفه النَّسَائِيّ فَقَالَ يَا بني إِن لأبي عبد الرَّحْمَن شرطا فِي الرِّجَال أَشد من شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ ابْن الْحداد أَبُو بكر كثير الحَدِيث وَلم يحدث عَن غير النَّسَائِيّ وَقَالَ رضيت بِهِ حجَّة بيني وَبَين الله وَلما خرج من مصر إِلَى دمشق فِي آخر عمره سُئِلَ عَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ وَمَا رُوِيَ من فضائله فَقَالَ أَلا يرضى أساً بِرَأْس حَتَّى يفضل فَمَا زَالُوا يطعنون فِي خصيته حَتَّى أخرج من الْمَسْجِد ثمَّ حمل إِلَى مَكَّة وَقيل الرملة وَتُوفِّي بهَا وَكَانَت وفته فِي شعْبَان وَقيل يَوْم الِاثْنَيْنِ لثلاث عشرَة خلت من صفر فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَهُوَ الصَّحِيح
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الشَّيْبَانِيّ)
أَحْمد بن شَيبَان بن تغلب بن حيدة المعمر الْمسند بدر الدّين أَبُو الْمَعَالِي الشَّيْبَانِيّ الصَّالِحِي الْعَطَّار ثمَّ الْخياط ولد سنة سبع وَتِسْعين ثمَّ وجدت مولده بِخَط وَالِده فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسمع من حَنْبَل جَمِيع الْمسند وَمن ابْن طبرزد فَأكْثر من الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو جَعْفَر الصيدلاني وَأَبُو الْفَخر أسعد بن سعيد والمفتي خلف بن أَحْمد الْفراء وَدَاوُد بن مُحَمَّد بن ماشاذة وزاهر بن أبي طَاهِر وَعبد الرَّحِيم ابْن مُحَمَّد بن حمويه رَاوِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير حضوراً عَن أبي نهشل الْعَنْبَري وَعبد الْوَاحِد بن أبي المطهر الصيدلاني وَأَبُو زرْعَة عبيد الله بن اللفتواني وعفيفة الفارقانية وَطَائِفَة سواهُم روى عَنهُ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي وتقي الدّين ابْن الْحَنْبَلِيّ القَاضِي رَحمَه الله من القدماء وَابْن الخباز وَابْن تَيْمِية والمزي والبرزالي وَابْن المهندس وَخلق وَكَانَ شَيخا حسنا متواضعاً منقاداً توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (أَبُو جَعْفَر الْقَيْسِي)
أَحْمد بن صابر الْقَيْسِي أَبُو جَعْفَر أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو(6/257)
حَيَّان قَالَ كَانَ الْمَذْكُور رَفِيقًا للأستاذ أبي جَعْفَر ابْن الزبير شَيخنَا وَكَانَ كَاتبا مترسلاً ساعداً شَاعِرًا حسن الْخط على)
مَذْهَب أهل الظَّاهِر وَذكر أَنه كَانَ كَاتبا للأمير أبي سعيد لفرج بن السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه بن الْأَحْمَر ملك الأندلس خرج أَبُو جَعْفَر من الأندلس وَسبب خُرُوجه مِنْهَا أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة على مَا صَحَّ فِي الحَدِيث فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان أَبَا عبد الله فتوعده بِقطع يَدَيْهِ فَضَجَّ من ذَلِك وَقَالَ إِن إقليماً يمات فِيهِ سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يتوعد بِقطع الْيَد مِمَّن يقيمها لجدير أَن يرحل مِنْهُ فَخرج وَقدم ديار مصر وَسمع بهَا الحَدِيث وَكَانَ فَاضلا نبيلاً وأنشدني أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم النَّحْوِيّ المالقي قَالَ أنشدنا أَبُو جَعْفَر ابْن صابر لنَفسِهِ
(أتنكر أَن يبيض رَأْسِي لحادث ... من الدَّهْر لَا يقوى لَهُ الْجَبَل الراسي)
(وكل شعار فِي الْهوى قد لبسته ... فرأسي أميتي وقلبي عباسي)
وأنشدني لَهُ
(فَلَا تَعَجبا مِمَّن عوى خلف ذِي علا ... لكل عَليّ فِي الْأَنَام مُعَاوِيه)
وأنشدني أثير الدّين للمذكور أرى الدَّهْر سَاد بِهِ الأرذلون كالسيل يطفو عَلَيْهِ الغثاء
(وَمَات الْكِرَام وَفَاتَ المديح ... فَلم يبْق لِلْقَوْلِ إِلَّا الرثاء)
وأنشدني أثير الدّين للمذكور أَيْضا
(لَوْلَا ثَلَاث هن وَالله من ... أكبر آمالي فِي الدُّنْيَا)
(حج لبيت الله أَرْجُو بِهِ ... أَن يقبل النِّيَّة والسعيا)
(وَالْعلم تحصيلاً ونشراً إِذا ... رويت أوسعت الورى ريا)
(وَأهل ود أسأَل الله أَن ... يمتع بالبقيا إِلَى اللقيا)
(مَا كنت أخْشَى الْمَوْت أَنى أَتَى ... بل لم أكن ألتذ بالمحيا)
وأنشدني أثير الدّين لنَفسِهِ فِي هَذِه الْمَادَّة
(أما إِنَّه لَوْلَا ثَلَاث أحبها ... تمنيت أَنِّي لَا أعد من الأحيا)
(فَمِنْهَا رجائي أَن أفوز بتوبة ... تكفر لي ذَنبا وتنجح لي سعيا)
(ومنهن صون النَّفس عَن كل جَاهِل ... لئيم فَلَا أَمْشِي إِلَى بَابه مشيا)
(ومنهن أخذي للْحَدِيث إِذا الورى ... نسوا سنة الْمُخْتَار واتبعونا الرأيا)
(أنترك نصا للرسول ونقتدي ... بشخص لقد بدلت بِالرشد الغيا)
)
قلت وَفِي تَرْجَمَة عز الدّين عبد الحميد بن أبي الْحَدِيد لَهُ ولي مقطوعات فِي هَذِه الْمَادَّة(6/258)
3 - (أَحْمد بن أبي الْمجد)
أَحْمد بن صاعد بن أبي الْغَنَائِم الإسكاف أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْمجد قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَالِد شَيخنَا عبد الله وَكَانَ مَشْهُورا بِأَحْمَد بن أبي الْمجد وَقد سمى أَبَاهُ صاعداً القَاضِي عمر الْقرشِي ورأيته بِخَطِّهِ وَكَانَ أَخا لعمر بن عبد الله بن عَليّ الْحَرْبِيّ من مَه وَقد وهم فِيهِ أَبُو سعد ابْن السَّمْعَانِيّ فَجعله أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ فَظَنهُ أَخا لعمر من أَبِيه ثمَّ ذكره فِي آخر الأحمدين وَقَالَ أَحْمد بن أبي الْمجد شيخ لَا أعرفهُ وَلم يلم أَنه الأول وَأَنه أَخ لعمر من أمه سمع أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وَالْمبَارك بن عبد الْجَبَّار بن أَحْمد الصَّيْرَفِي وشجاعاً صَالحا ورعاً كثير الْبكاء والفكرة حَافِظًا لكتاب الله يؤم بِالنَّاسِ وَيغسل الْمَوْتَى لوجه الله تَعَالَى مكث على ذَلِك سِنِين عديدة توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو بكر القطربلي)
أَحْمد بن صَالح بن سيردار أَبُو بكر القطربلي كَانَ المستعين بِاللَّه أَرَادَهُ على الوزارة بعد استتار وزيره أبي صَالح بن يزْدَاد فخاف أَن يُطَالِبهُ الموَالِي فاستعفى ثمَّ ولاه الْمُعْتَمد الوزارة بعد وزارة الْحسن بن مخلد الثَّالِثَة وَكَانَ حسن الْمَرْوَة شَاعِرًا ظريفاً وَكَانَ يُسمى ظريف الْكتاب وَلم يبْق من الدَّوَاوِين الجليلة ديوَان حَتَّى وليه أَحْمد بن صَالح وهجاه جمَاعَة من الْكتاب وَمن شعره
(يَا غاصبي نوم عَيْني ... لَعَلَّ عنْدك ذاكا)
(هَب لي من الغمض قرباً ... لَعَلَّ عَيْني تراكا)
(من صير النّوم حزنا ... لمقلتي سواكا)
(وَمَا ألوم مَنَامِي ... جفوتني فحكاكا)
وَمِنْه أَيْضا
(وَا بِأبي من مر يختال فِي ... ثَوْبَيْنِ من عجب وَمن تيه)
(وَمن أرى أَوْصَاف كل الورى ... من حسنه مَجْمُوعَة فِيهِ)
(فَمن تمنى أَن يرى مثله ... فِي النَّاس لم يُعْط تمنيه)
وَمِنْه أَيْضا)
(بِأبي الَّذِي لَا شَيْء أحسن مِنْهُ فِي ... عَيْني ولي بالْقَوْل مني شَاهد)
(نَظَرِي إِلَيْهِ إِذا بدا فَإِذا مضى ... فالطرف مِنْهُ حَيْثُ يقْصد قَاصد)
(خلص الْجمال لَهُ فَلَيْسَ يعِيبهُ ... خلق تنقص فِيهِ إِلَّا حَاسِد)
(فالحسن مِنْهُ على تصنع زِينَة ... وعَلى التشعث والتموه وَاحِد)(6/259)
حُمّ بسُرَّ من رأى ففصد ففلج وَحمل إِلَى بغداذ من وقته وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت وزارته خَمْسَة وَأَرْبَعين يَوْمًا
3 - (أَبُو الْفضل الجيلي)
أَحْمد بن صَالح بن شَافِع بن صَالح بن حَاتِم بن أبي عبد الله الجيلي أَبُو الْفضل قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد سبط أبي مَنْصُور الْخياط وعَلى غَيره وَبكر بِهِ وَالِده وأسمعه من أَحْمد بن الْحسن ابْن الْبناء وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن الْفراء وَهبة الله بن أَحْمد الحريري وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي الْبَزَّار وَغَيرهم وَسمع هُوَ من عبد الْملك بن أبي الْقَاسِم الكروخي وَأبي بكر بن الزَّاغُونِيّ والحافظ ابْن نَاصِر وَقَرَأَ أَكثر مَا عِنْده وَكَانَ خصيصاً بِهِ وَكثر عَن أَصْحَاب ابْن بَيَان وَابْن نَبهَان وَابْن الطيوري وَابْن يُوسُف وَابْن الْمهْدي ثمَّ سمع من أَصْحَاب ابْن الْحصين وَابْن كادش والمزرفي والبارع حَتَّى سمع مِنْهُ من سمع من مشايخه وَلم يزل وافر الهمة فِي طلب الحَدِيث على قدم الِاشْتِغَال إِلَى حِين وَفَاته وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَحصل الْأُصُول الحسان وَحدث باليسير لِأَنَّهُ توفّي شَابًّا قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ أَكثر مَا كتبت عَن رُفَقَائِي وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (الحرون)
أَحْمد بن صَالح أَبُو جَعْفَر الْحرار الْمَعْرُوف بالحرون ذكر أَن ابْن الرُّومِي نحله أشعاره الَّتِي فِي الزّهْد على مَذَاهِب الْمُعْتَبر وَكَانَ الحروني يتعاطى صوغ ألحانها وَلَيْسَ لشعره حلاوة لكنه قَادر على الْوَزْن والتقفية وَابْنه الْقَاسِم شَاعِر مثله وَمن شعر الحرون قَوْله
(قد أردْت الْإِعْرَاض عَنْك احتقاراً ... لَك لَا أنني جنحت لسلمك)
(فتذكرت موبقات ذُنُوبِي ... فرجوت الْخُرُوج مِنْهَا بشتمك)
وَأورد لَهُ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء لست للقاطب ذَا بشر على فرط اختياله)
(بل ألاقيه عبوساً ... قاطباً فِي مثل حَاله)
(أَنا كالمرآة تلقى ... كلى وَجه بمثاله)
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْحرار تميمي بغداذي بَارِد الشّعْر أَكثر شعره فِي العزاء والدفن
3 - (ابْن أبي فنن)
أَحْمد بن صَالح وكنيته صَالح أَبُو فنن ابْن أبي معشر مولى الْمَنْصُور(6/260)
وَقيل مولى الرّبيع وَكَانَ أسود اللَّوْن بلغ سنا عالية توفّي بَين السِّتين وَالسبْعين والمائتين هُوَ الْقَائِل سر من عَاشَ مَاله فَإِذا حَاسبه الله سره الإعدام وَله أَيْضا
(غَدا بنيي وَرَاح مثلث ... يلبس مَا قد نزعت عني)
(فسرني مَا رَأَيْت مِنْهُ ... وغمني مَا رَأَيْت مني)
وَكَانَ يَقُول أَنا ابْن قولي
(صب بهجر متيم صب ... حبيه فَوق نِهَايَة الْحبّ)
(أَشْكُو إِلَيْهِ ضيع جفونه ... فَيَقُول مت بتأثر الْخطب)
(وَإِذا نظرت إِلَى محاسنه ... أخرجته عطلاً من الذَّنب)
(أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من الْقلب)
وَقَالَ
(ذَرِينِي وإيلافي الْبِلَاد فإنني ... أحب من الْأَخْلَاق مَا هُوَ أجمل)
(وَأحمد نَارِي الَّتِي حرت الْقرى ... وَأحمد زادي الْقَرِيب الْمُعَجل)
(وَإِن أَحَق النَّاس باللوم شَاعِر ... يلوم على الْبُخْل الرِّجَال وَيبْخَل)
3 - (أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ الطَّبَرِيّ)
أَبوهُ من أجناد طبرستان الْحَافِظ أحد أَرْكَان الْعلم وَالْحِفْظ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد ثمَّ روى عَنهُ البُخَارِيّ عَن رجل عَنهُ جَالس أَحْمد بن حَنْبَل وناظره وَكَانَ جَامعا للنحو والْحَدِيث وَالْفِقْه قَالَ أَحْمد الْعجلِيّ صَالح ثِقَة صَاحب سنة وَقَالَ النَّسَائِيّ لم يكن فِيهِ آفَة غير الْكبر توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (السنبلي)
)
أَحْمد بن صَالح أَبُو الْعَبَّاس شهَاب الدّين السنبلي كَانَ فَاضلا شَاعِرًا حسن الشكل كثير الْمَرْوَة كريم النَّفس طيب الْأَخْلَاق وَكَانَ مبَاشر أَعمار الْجَامِع الْأمَوِي بِدِمَشْق فِي زمن الصَّالح نجم الدّين فَلَمَّا ملك النَّاصِر صَاحب الشَّام ودمشق وباشر عز الدّين عبد الْعَزِيز بن ودَاعَة(6/261)
شدّ الدَّوَاوِين مدحه وَطلب النقلَة إِلَى جِهَة خير مِنْهَا فَقَالَ لَهُ ابْن ودَاعَة ابصر جِهَة مثل جهتك ومعلومها فَقَالَ لَهُ يَا خوند فَحِينَئِذٍ لَا يحصل للملوك إِلَّا نقلة وحركة لَا غير فَاسْتحْسن ذَلِك مِنْهُ وولاه جِهَة أرضته وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَمن شعره أوردهُ الشَّيْخ قطب الدّين اليونيني لَهُ فِي ذيله على الْمرْآة
(علقته مكارياً ... شرد عَن عَيْني الْكرَى)
(قد أشبه الْبَدْر فَمَا ... يمل من طول السرى)
وَقَالَ فِي السَّيْف عَامل الْجَامِع
(ربع الْمصَالح دائر ... لم يبْق مِنْهُ طائل)
(هَيْهَات تعمر بقْعَة ... وَالسيف فِيهَا عَامل)
وَقَالَ فِي زهر اللوز
(للوز زهر حسنه ... يصبي إِلَى زمن التصابي)
(شكت الغصون من الشتا ... فأعارها بيض الثِّيَاب)
وَكَأَنَّهُ عشق الرّبيع فشاب من قبل الشَّبَاب وَقَالَ وَقد وَقع مطر كثير يَوْم عَاشُورَاء
(يَوْم عَاشُورَاء جَادَتْ بالحيا ... سحب تهطل بالدمع الهمول)
(عجبا حَتَّى السَّمَوَات بَكت ... رزء مولَايَ الْحُسَيْن ابْن البتول)
3 - (ابْن كليزا)
أَحْمد بن صَدَقَة بن أبي الْحُسَيْن بن كليزا بِالْكَاف وَاللَّام وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَالزَّاي وَالْألف أَبُو بكر الْخياط الوَاسِطِيّ قَالَ محب الدّين روى لنا جُزْءا من مُسْند أَحْمد بن سِنَان الْقطَّان عَن القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن الجلابي وَكَانَ شَيخا لَا بَأْس بِهِ توفّي سنة أَربع عشرَة وست مائَة
3 - (الضَّرِير النَّحْوِيّ)
)
أَحْمد بن صَدَقَة أَبُو بكر الضَّرِير النَّحْوِيّ من أهل النهروان حكى عَن أبي عمر الزَّاهِد اللّغَوِيّ روى عَنهُ مُحَمَّد بن بكران
3 - (الماهنوسي)
أَحْمد بن صَدَقَة الماهنوسي الضَّرِير كَانَ مُقيما بقوسان وماهنوس من(6/262)
نواحي وَاسِط كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا ظريفاً وَكَانَ طبقَة فِي لعب الشطرنج مَعَ كَونه مَحْجُوب الْبَصَر وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب قصيدة يُخَاطب فِيهَا الرّبع
(ألفتك للعين الأوانس جَامعا ... وللعان والآرام لست بِجَامِع)
(وَهَا أَنْت للأطلاء مأوى ومربع ... أنيق سقيت الرّيّ بَين المرابع)
(علام تبدلت القراهب والمها ... وأقصيت ربات الحلى والبراقع)
(أسح دموعي فِي طلالك أَبْتَغِي ... بذلك نفعا والبكا غير نَافِع)
وَأورد لَهُ قِطْعَة أُخْرَى بعد هَذِه أسقط مِنْهَا وَكِلَاهُمَا من أرك الشّعْر
3 - (ابْن الصنديد الْعِرَاقِيّ)
أَحْمد بن الصنديد الْعِرَاقِيّ يكنى أَبَا مَالك كَانَ من أهل الْأَدَب وَالشعر روى شعر المعري عَنهُ وَله فِيهِ شرح وَله مَعَ الحصري مناقصات دخل الأندلس وَكَانَ عِنْد بني طَاهِر ومدح الرؤساء والأكابر
3 - (ابْن أبي السَّرَايَا)
أَحْمد بن طَارق بن سِنَان بن مُحَمَّد بن طَارق الْقرشِي الكركي أَبُو الرِّضَا بن أبي السَّرَايَا التَّاجِر من سَاكِني دَار الْخلَافَة ببغداذ وَهُوَ ابْن أُخْت أبي الْحسن الْعَطَّار اللّغَوِيّ سمع الحَدِيث فِي صباه إِلَى حِين وَفَاته فَأكْثر وَكَانَ حَرِيصًا على حُضُور الْمجَالِس ولقاء الْمَشَايِخ وَتَحْصِيل الْأُصُول وسافر الْكثير إِلَى مصر وَالشَّام فِي التِّجَارَة وَحدث وأملى سمع النَّقِيب مُحَمَّد بن الْكثير إِلَى مصر وَالشَّام فِي التِّجَارَة وَحدث وأملى سمع النَّقِيب مُحَمَّد بن طراد الزَّيْنَبِي وموهوب بن الجواليقي وَهبة الله بن الحاسب وَمُحَمّد بن عمر الأرموي وَأَبا بكر ابْن الزَّاغُونِيّ والحافظ ابْن نَاصِر وَأَبا الْوَقْت عبد الأول السجْزِي وَجَمَاعَة ببغداذ والكوفة ودمشق ومصر والإسكندرية قَالَ محب الدّين وَلم أسمع مِنْهُ شَيْئا وَسمعت مَعَه كثيرا وأجازني جَمِيع مروياته وَكَانَ يوادني وَكَانَ صَدُوقًا ثبتاً أَمينا إِلَّا أَنه كَانَ غالياً فِي التَّشَيُّع وَكَانَ شحيحاً سَاقِط)
الْمَرْوَة يَشْتَرِي من لقم المكدين وَيتبع طلبة الحَدِيث ليَأْكُل مَعَهم وَمَات فِي الظلمَة وَخلف قماشاً مصرياً يُسَاوِي ثَلَاث آلَاف دِينَار وَكَانَ من كرك الْبِقَاع وَكَانَ جده سِنَان بهَا قَاضِيا توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو عبد الله الخازن)
أَحْمد بن طَاهِر بن أَحْمد أَبُو عبد الله الخازن من أهل الكرخ كَانَ خَازِن ابْن الْبناء فِي مشيخته وَمُحَمّد بن عقيل الْكَاتِب الدسكري وَأورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار
(وزائر زارني بطلعته ... وَهنا على غَفلَة وَلم أدر)
(مَا زلت مِنْهُ معانقاً قمراً ... طول الدجى نَحره على نحري)(6/263)
(ألثمه قارة وأرشفه ... وَقد ظفرنا بغفلة الدَّهْر)
حَتَّى تقضى الدجى وَجَاء على الرغم رَقِيب من طلعة الْفجْر
(فَالْحَمْد لله إِذْ ظَفرت بِمن ... نزهني قربه من الْوزر)
قلت شعر منحط وَكَانَ فِي بعض لأبيات كسر فأقمته توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة ومولده سنة ثَمَان وَسبعين
3 - (ابْن أبي طَالب)
أَحْمد بن أبي طَالب قَاضِي القيروان تفقه على سَحْنُون وَكَانَ جواداً سرياً عادلاً توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين يُقَال إِن الْأَغْلَب سقَاهُ سما فَمَاتَ
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتضد بِاللَّه)
أَحْمد بن طَلْحَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتضد بِاللَّه أَبُو الْعَبَّاس ابْن ولي الْعَهْد أبي أَحْمد الْمُوفق بِاللَّه ابْن المتَوَكل ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ أَيَّام جده وَتُوفِّي فِي رَجَب وَقيل فِي شهر ربيع الآخر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ قدم دمشق لحروب خمارويه الطولوني وهزمه على حمص وَكَانَ قد اسْتخْلف بعد عَمه الْمُعْتَمد فِي شهر رَجَب سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ كَانَ شجاعاً مهيباً أسمر نحيفاً معتدل الْخلق أقنى الْأنف إِلَى الطول مَا هُوَ وَكَانَ فِي مقدم لحيته امتداد وَفِي مقدم رَأسه شامة بَيْضَاء وَلذَلِك لقب الْأَغَر ظَاهر الجبروت وافر الْعقل شَدِيد الْوَطْأَة من أَفْرَاد خلفاء بني الْعَبَّاس كَانَ يقدم على الأس وَحده لشجاعته قَالَ خَفِيف السَّمرقَنْدِي كنت مَعَه فِي الصَّيْد وَانْقطع عَنَّا الْعَسْكَر فَخرج علينا أَسد فَقَالَ أفيك خير)
قلت لَا قَالَ وَلَا تمسك فرسي قلت بلَى وَنزل وتحزم وسل سَيْفه وَقصد الْأسد فقصده وتلقاه بِسَيْفِهِ فَقطع عضده فَنَشَأَ على الْأسد بهَا فَضَربهُ ضَرْبَة فلقت هامته وَمسح سَيْفه فِي صوفه وَركب وصحبته إِلَى أَن مَاتَ مَا سمعته يذكر ذَلِك لقلَّة احتفاله بذلك وَكَانَ يبخل وَيجمع المَال وَولي حَرْب الزنج وظفر بهم وَفِي أَيَّامه سكنت الْفِتَن لفرط هيبته وَكَانَ يُسمى السفاح الثَّانِي لِأَنَّهُ جدد ملك بني الْعَبَّاس وَكَانَ قد خلق وَضعف وَكَاد يَزُول لِأَنَّهُ كَانَ فِي اضْطِرَاب من وَقت موت المتَوَكل وَكَانَت أَيَّامه طيبَة كَثِيرَة الْأَمْن والرخاء وَسقط المكوس وَنشر الْعدْل وَرفع الْمَظَالِم عَن الرّعية وَأَنْشَأَ قصراً أنْفق عَلَيْهِ أَربع مائَة ألف دِينَار وَكَانَ مزاجه قد تغير من إفراطه فِي الْجِمَاع وَعدم الحمية بِحَيْثُ إِنَّه أكل فِي علته زيتوناً وسمكاً وَشَكوا فِي مَوته فَتقدم الطَّبِيب فجس نبضه فَفتح عينه ورفس الطَّبِيب فدحاه أذرعاً فَمَاتَ الطَّبِيب ثمَّ مَاتَ المعتضد وَقيل إِنَّه غم فِي بِسَاط إِلَى أَن مَاتَ
وبويع ابْنه المكتفي فَكَانَت ولَايَة المعتضد تسع سِنِين وَتِسْعَة أشهر وأياماً وَكَانَت أمه يُقَال لَهَا ضرار توفيت قبل خِلَافَته فِي آخر سنة ثَمَان وَتِسْعين
وَهُوَ أحد من ولي الْخلَافَة وَلم يكن أَبوهُ خَليفَة وهم السفاح والمنصور والمستعين والمعتضد
وَكَانَ المعتضد حسن الْميل إِلَى آل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرؤيا رَآهَا وكاتبه أَبُو الْقَاسِم عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب ثمَّ(6/264)
ابْنه الْقَاسِم بن عبيد الله وَنقش خَاتمه فوضت أَمْرِي إِلَى الله وَقيل أَحْمد يُؤمن بِاللَّه وَقيل الْحَمد لله الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ خَالق كل شَيْء
وَتزَوج قطر الندى بنت خمارويه أصدقهَا ألف ألف دِرْهَم وَنفذ الْحُسَيْن ابْن عبد الله الْجَوْهَرِي الْمَعْرُوف بِابْن الْجَصَّاص فحملها إِلَيْهِ وَمن شعره
(غلب الشوق اصْطِبَارِي ... لتباريح الْفِرَاق)
إِن جسمي حَيْثُ مَا سرت وقلبي بالعراق أملك الأَرْض وَلَا أملك دفع الإشتياق وَحكى ابْن حمدون النديم أَن المعتضد كَانَ قد شَرط علينا أَنا إِذا رَأينَا مِنْهُ شَيْئا تنكره نفوسنا نقُول لَهُ وَإِن اطَّلَعْنَا لَهُ على عيب واجهناه بِهِ قَالَ فَقلت لَهُ يَوْمًا يَا مَوْلَانَا فِي قلبِي شَيْء أردْت سؤالك عَنهُ مُنْذُ سِنِين قَالَ وَلم أَخَّرته إِلَى الْآن قلت لاستصغاري قدري ولهيبة الْخلَافَة قَالَ قل وَلَا تخف قلت اجتاز مَوْلَانَا ذَلِك الْيَوْم بِبِلَاد فَارس فتعرض الغلمان للبطيخ)
الَّذِي كَانَ فِي تِلْكَ الأَرْض فَأمرت بضربهم وحبسهم وَكَانَ ذَلِك كَافِيا ثمَّ أمرت بصلبهم وَكَانَ ذنبهم لَا يجوز عَلَيْهِ الصلب فَقَالَ أوتحسب أَن المصلوبين كَانُوا أولائك الغلمان وَبِأَيِّ وَجه كنت ألْقى الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة لَو صلبتهم جَزَاء الْبِطِّيخ وَإِنَّمَا أمرت بِإِخْرَاج قوم من قطاع الطَّرِيق قد وَجب عَلَيْهِم الْقَتْل وَأمرت أَن يلبسوا أقبية الغلمان وَقَلَانِسِهِمْ إِقَامَة للهيبة فِي قُلُوب الْعَسْكَر لِيَقُولُوا إِذا صلب أخص غلمانه على غصب الْبِطِّيخ فَكيف يكون على غَيره وَكَذَلِكَ أمرت بتلثيمهم ليستتر أَمرهم على النَّاس
3 - (ابْن طولون التركي)
أَحْمد بن طولون التركي الْعَبَّاس أَمِير الشَّام والثغور ومصر ولاه المعتز بِاللَّه مصر ثمَّ استولى على دمشق وَالشَّام وأنطاكية والثغور فِي مُدَّة شغل الْمُوفق ابْن المتَوَكل بِحَرب الزنج وَكَانَ أَحْمد بن طولون عادلاً جواداً شجاعاً متواضعاً حسن السِّيرَة صَادِق الفراسة يُبَاشر الْأُمُور بِنَفسِهِ ويعمر الْبِلَاد ويتفقد أَحْوَال رعاياه وَيُحب أهل الْعلم وَكَانَت لَهُ مائدة يحضرها كل يَوْم الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ لَهُ فِي كل شهر ألف دِينَار للصدقة فَقَالَ لَهُ ونكيله إِنِّي تَأتِينِي الْمَرْأَة وَعَلَيْهَا الْإِزَار وَفِي يَدهَا خَاتم ذهب فتطلب مني أفأعطيها فَقَالَ من مد يَده إِلَيْك أعْطه وَبنى الْجَامِع الْمَنْسُوب إِلَيْهِ بِظَاهِر الْقَاهِرَة قَالَ الْقُضَاعِي فِي كتاب الخطط شرع فِي عِمَارَته سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَفرغ مِنْهُ فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَأنْفق على عِمَارَته مائَة ألف وَعشْرين ألف دِينَار وأري فِي النّوم كَأَنَّهُ يمشمش عظما فَقَالَ لَهُ العابر لقد سمت همة مَوْلَانَا إِلَى مكسب لَا يشبه خطره فَأخذ الذَّهَب وَتصدق بِهِ وَكَانَ صَحِيح الْإِسْلَام إِلَّا أَنه كَانَ طائش السَّيْف سفاكاً للدماء قَالَ الْقُضَاعِي أحصي من قَتله بِالسَّيْفِ صبرا وَكَانَ جُمْلَتهمْ مَعَ من(6/265)
مَاتَ فِي حَبسه ثَمَانِيَة عشر ألفا وَعَن مُحَمَّد بن عَليّ الماذرائي قَالَ كنت أجتاز بتربة أَحْمد بن طولون فَأرى شَيخا يلازم الْقَبْر ثمَّ إِنِّي لم أره مُدَّة ثمَّ رَأَيْته فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ كَانَ لَهُ علينا بعض الْعدْل إِن لم يكن الْكل فَأَحْبَبْت أَن أَصله بِالْقِرَاءَةِ قلت فَلم انْقَطَعت قَالَ رَأَيْته فِي النّوم وَهُوَ يَقُول لي أحب أَن لَا تقْرَأ عِنْدِي فَمَا تمر بِآيَة إِلَّا قرعت بهَا وَقيل لي أما سَمِعت هَذِه وَكَانَ أَحْمد بن طولون أطيب النَّاس صَوتا بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ حفظ الْقُرْآن وأتقنه وَطلب الْعلم
وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال إِلَى أَن ملك مصر وعمره أَرْبَعُونَ سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ فملكها بضع عشرَة سنة وَخلف من الذَّهَب الْأَحْمَر عشرَة آلَاف ألف دِينَار وَأَرْبَعَة وَعشْرين ألف مَمْلُوك)
وَخلف ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ ولدا ذكرا وَأُنْثَى وست مائَة بغل وَقيل إِن خراج مصر فِي أَيَّامه كَانَ أَرْبَعَة آلَاف ألف دِينَار وَثَلَاث مائَة ألف دِينَار وَولد بسامرا فِي شهر رَمَضَان سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أَبوهُ مَمْلُوكا أهداه نوح بن أَسد الساماني إِلَى الْمَأْمُون فِي جملَة رَقِيق وَمَات طولون سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة ثَلَاثِينَ وَيُقَال إِن طولون تبنى أَحْمد وَلم يكن ابْنه وَيُقَال كَانَ اسْم أم أَحْمد هَاشم وَكَانَ طولون تركياً من جنس يُقَال لَهُم طغزغز وَكَانَ أَحْمد قد سَأَلَ الْوَزير عبيد الله بن يحيى بن خاقَان فَوَقع لَهُ برزقه على الثغر وَكَانَت أمه مُقِيمَة بسر من رأى فَبَلغهُ أَنَّهَا باكية فَرجع إِلَيْهَا مَعَ رفقه فَخرج عَلَيْهِم جمَاعَة من الْأَعْرَاب فَقَاتلهُمْ أَشد قتال وانتصر عَلَيْهِم وخلص من أَيْديهم أَمْوَالًا حملهَا إِلَى المستعين فَحسن مَكَانَهُ عِنْده وَوَصله بجملة من المَال ووهبه جَارِيَة هِيَ أم ابْنه خمارويه فَلَمَّا خلع الأتراك المستعين فأحدروه إِلَى وَاسِط قَالُوا لَهُ من تخْتَار أَن يكون فِي صحبتك فَقَالَ أَحْمد بن طولون فبعثوه مَعَه وَأحسن صحبته ثمَّ كتب الأتراك إِلَى ابْن طولون بقتل المستعين وَقَالُوا لَهُ إِن قتلته وليناك وَاسِط فَقَالَ لَا يراني الله أقتل خَليفَة بايعته فأنفذوا إِلَى المستعين سعيداً الْحَاجِب فَقتله وَحمل رَأسه إِلَى بغداذ فَدفن ابْن طولون جثته هُنَاكَ بعد أَن غسلهَا وَعَاد إِلَى سر من رأى فزادت محلته عِنْد الأتراك واشتهر بِحسن الْمَذْهَب فولوه مصر نِيَابَة عَن أميرها فَلَمَّا دَخلهَا قَالَ غَايَة مَا وعدت على قتل المستعين ولَايَة وَاسِط فَتركت ذَلِك لأجل الله فولاني مصر وَالشَّام وَحكى بعض المتصوفة أَنه رأى أَحْمد بن طولون فِي النّوم بِحَال حَسَنَة وَهُوَ يَقُول مَا يَنْبَغِي لمن سكن الدُّنْيَا أَن يحقر حَسَنَة فيدعها وَلَا سَيِّئَة فيأتيها عدل بِي عَن النَّار إِلَى الْجنَّة بتثبتي على متظلم عيي اللِّسَان شَدِيد التهيب فَسمِعت مِنْهُ وَصَبَرت عَلَيْهِ حَتَّى قَامَت حجَّته وَتَقَدَّمت بإنصافه وَمَا فِي الْآخِرَة على رُؤَسَاء الدُّنْيَا أَشد من الْحَاجِب الملتمسي الْإِنْصَاف وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَقَامَ بعده وَلَده خمارويه
(الْجُزْء السَّابِع)(6/266)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(رب أعن)
3 - (أَبُو نصر القادسي)
أَحْمد بن الطّيب بن خلف أَبُو نصر القادسي من قادسية سرَّ من رأى سمع الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الرشنائي وَحدث باليسير وروى عَنهُ مُحَمَّد بن أَحْمد المطيري
3 - (أَبُو الْعَبَّاس السَّرخسِيّ المتفلسف)
أَحْمد بن الطّيب السَّرخسِيّ يُعرف بِابْن الفرانقي أحد الْعلمَاء الفهماء الفصحاء البلغاء المتقنين لَهُ فِي علم الْأَثر باعٌ طَوِيل وَفِي عُلُوم الْحُكَمَاء ذهن ثاقب وَهُوَ تلميذ الْكِنْدِيّ لَهُ فِي كل فن تصانيف ومجاميع وَكَانَ أحد ندماء المعتضد المختصين بِهِ فَأنْكر مِنْهُ بعض شَأْنه فأذاقه حمامه وَكَانَ قد ولي الْحِسْبَة يَوْم الِاثْنَيْنِ والمواريث يَوْم الثُّلَاثَاء وسوق الرَّقِيق يَوْم الْأَرْبَعَاء لسبع خلون من شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لخمس خلون من جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ غضب عَلَيْهِ المعتضد وَضرب مائَة سَوط وحول إِلَى المطبق وَفِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ مَاتَ قيل إِنَّه دَعَا الْخَلِيفَة المعتضد إِلَى الْإِلْحَاد فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا أَنا ابْن عمّ صَاحب هَذِه الشَّرِيعَة وَأَنا الْآن منتصبٌ منصبه فألحد حَتَّى أكون من قَالَ المعتضد كَانَ قَالَ لي أَحْمد بن الطّيب إِن الْخُلَفَاء لَا تغْضب وَإِذا غضِبت لم ترض فعاملته بذلك وَقَالَ لَهُ لَك سالف خدمَة فاختر أَي قتلةٍ تحب أَن أَقْتلك قَالَ أخْتَار أَن تطعمني اللَّحْم المكبّب وتسقيني الشَّرَاب الْعَتِيق حَتَّى أسكر وتفصدني فِي يَدي فَفعل بِهِ ذَلِك وَظن أَحْمد أَن دَمه إِذا انْقَطع مَاتَ فِي الْحَال بِغَيْر ألم فانعكس عَلَيْهِ ذَلِك فنزف دَمه وَبَقِي مَعَه بَقِيَّة وغلبت عَلَيْهِ الصَّفْرَاء وَصَارَ كَالْمَجْنُونِ يضْرب بِرَأْسِهِ الْحِيطَان ويصيح ويستغيث لفرط الْأَلَم ويعدو فِي محبسه ساعاتٍ كَثِيرَة فَبلغ ذَلِك المعتضد فَقَالَ هُوَ الَّذِي اخْتَار هَذَا
وَكَانَ لِأَحْمَد مجْلِس يجْتَمع إِلَيْهِ النَّاس ويبحثون مَعَه فَسَأَلَهُ يَوْمًا المعتضد عَمَّا جرى لَهُ فِي ذَلِك الْمجْلس فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مرَّ بِي فِيهِ الْيَوْم أَمر ظريف دخل إليَّ فِي جملَة النَّاس(7/5)
رجل لَا أعرفهُ لَهُ رواء وهيبة وتوسمت أَنه من أهل الْمعرفَة وَقعد لَا ينْطق من أول الْمجْلس إِلَى آخِره فَلَمَّا انْصَرف النَّاس لم ينْصَرف فَقلت لَهُ أَلَك حَاجَة قَالَ نعم تخلي لي نَفسك فأبعدت غلماني وَبقيت وحدي فَقَالَ أَنا رجل أَرْسلنِي الله إِلَى هَذَا الْبشر وَقد بدأت بك لفضلك وأمّلت أَن أجد عنْدك مَعُونَة فَقلت لَهُ يَا هَذَا أما علمت أَنِّي مُسلم أعتقد أَنه لَا نبوة بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ علمت ذَلِك وَمَا جئْتُك إِلَّا ببرهان ومعجزة هَل لَك فِي الْوُقُوف على معجزتي فَأَرَدْت أَن أعلم كلَّ مَا عِنْده فَقلت لَهُ هَاتِهَا فَقَالَ تحضرني سطلاً فِيهِ مَاء فأحضرت ذَلِك فَأخْرج من كمه حجرين أصمين أَشد مَا يكون من الْحِجَارَة فَقَالَ)
خذهما فأخذتهما فَقَالَ مَا هما فَقلت حجران فَقَالَ لي رم كسرهما فرمت ذَلِك فتعذّر لشدَّة صلابتهما فَقَالَ ضعهما بِيَدِك فِي السطل وغطه بمنديل فَفعلت من حَيْثُ لم يتولَّ هُوَ شَيْئا من الْأَمر وَلَا قرب من السطل وَأَقْبل يحدثني فَوَجَدته ممتعاً كثير الحَدِيث سديد الْعبارَة حسن الْبَيَان صَحِيح النَّقْل لَا أنكر مِنْهُ شَيْئا فَلَمَّا طَال الْأَمر قلت لَهُ فَأَي شَيْء بعد هَذَا فَقَالَ أخرج لي الحجرين فَكشفت السطل وطلبتهما فَلم أجدهما وتحيرت وَقلت لَهُ لَيْسَ فِي السطل شَيْء فَقَالَ أما فِي هَذَا إعجاز فَقلت لَهُ بقيت عَلَيْك وَاحِدَة وَهِي أنني آتِيك بحجرين من عِنْدِي فَقَالَ لي وَهَكَذَا قَالَ أَصْحَاب مُوسَى لَهُ إِذْ جَاءَهُم بعصاه نُرِيد أَن تكون هَذِه الْعَصَا من عندنَا فتوقفت عَن جَوَابه لأفكر فِيهِ فَقَامَ وَقَالَ لي فكّر فِي أَمرك وأعود إِلَيْك فندمت على تَركه بعد انْصِرَافه وَأمرت غلماني فتتبعوه فِي كل طَرِيق فَلم يجدوه قَالَ الْقَاسِم بن عبيد الله قَالَ لي المعتضد أَتَدْرِي مَا أَرَادَ أَحْمد بن الطّيب لَعنه الله بِهَذَا الحَدِيث فَقلت لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ إِنَّمَا أَرَادَ أَن سَبِيل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْعَصَا سَبِيل هَذَا الرجل فِي الحجرين وَأَن الْجَمِيع بحيلة فأحسست بِمَا ذهب إِلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك من أكبر مَا نقمه عَلَيْهِ المعتضد
وَفِيه يَقُول أَبُو أَحْمد يحيى بن عليّ النديم
(يَا من يُصَلِّي رِيَاء ... وَيظْهر الدّين سَمعه)
(وَلَيْسَ يعبد رَبًّا ... وَلَا يدين بشرعه)
(قد كنت عطلت دهراً ... فَكيف أسلمت دَفعه)
(لَو ظلت فِي كل يومٍ ... مُصَليا ألف ركعه)
(وَصمت دهرك لَا مف ... طراً لعيدٍ وَجمعه)
(مَا كنت فِي الْكفْر إِلَّا ... كالنار فِي رَأس تلعه)
(تقرا الْقرَان وَلَو تس ... طيع فرَّقت جمعه)
(وَإِن سَمِعت بحقٍّ ... حاولت بالزّور دَفعه)
(قل لي أبعد اتِّبَاع ال ... كنديّ تعمر ربعه)(7/6)
(وتستقي الْكفْر مِنْهُ ... وَلَا تحاذر شنعه)
(أظهرت تقوى ونسكاً ... أيهات فِي الْأَمر صنعه)
(وَلَو بدا لَك سلحٌ ... مِنْهُ لآثرت لطعه)
)
(فَارْجِع إِلَى مَذْهَب الشي ... خَ رب صكٍّ برجعه)
(فَمَا تقاك مليحاً ... وَلَيْسَ كفرك بدعه)
(وَلَيْسَ من ألسن النا ... س للمرائين مَنعه)
3 - (أَبُو الْفضل ابْن أبي طَاهِر)
أَحْمد بن طيفور أَبُو الْفضل ابْن أبي طَاهِر مروروذي الأَصْل أحد البلغاء الشُّعَرَاء الروَاة من أهل الْفَهم الْمَذْكُورين بِالْعلمِ وَهُوَ صَاحب كتاب تَارِيخ بَغْدَاد فِي أَخْبَار الْخُلَفَاء والأمراء وأيامهم توفّي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ ومولده سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ مدْخل الْمَأْمُون إِلَى بَغْدَاد ذكر ذَلِك وَلَده عبيد الله فِيمَا ذيّل بِهِ على تَارِيخ وَالِده
وَكَانَ مؤدب كتاب عامّياً ثمَّ تخصّص وَجلسَ فِي سوق الوراقين فِي الْجَانِب الشَّرْقِي قَالَ صَاحب كتاب الباهر جَعْفَر بن حمدَان وَلم أر مِنْهُ وَلَا أبلد علما وَلَا أَلحن وَلَقَد أَنْشدني شعرًا يعرضه عليَّ فِي إِسْحَاق بن أَيُّوب لحن فِي بضعَة عشر موضعا مِنْهُ وَكَانَ أسرق النَّاس لنصف بَيت وَثلث بَيت وَكَذَا قَالَ لي البحتري فِيهِ وَكَانَ مَعَ هَذَا جميل الْأَخْلَاق ظريف الْعشْرَة
حدث أَبُو هفان قَالَ كنت أنزل فِي جوَار المعلّى بن أَيُّوب صَاحب الْعرض والجيش أَيَّام الْمَأْمُون وَكَانَ أَحْمد بن أبي طَاهِر ينزل عِنْده فأضقنا إضاقةً شَدِيدَة فَقلت لِابْنِ أبي طَاهِر هَل لَك فِي شَيْء لَا بَأْس بِهِ تدعني حَتَّى أسجيك وأمضي إِلَى المعلّى فَأعلمهُ أَن لي صديقا قد توفّي فآخذ مِنْهُ ثمن كفنٍ فننفقه فَقَالَ نعم وَجئْت إِلَى وَكيل المعلّى فعرَّفته خبرنَا فَصَارَ معي إِلَى منزلي فَتَأمل ابْن أبي طَاهِر ثمَّ نقر أَنفه فضرط فَقَالَ لي مَا هَذَا فَقلت هَذِه بَقِيَّة من روحه كرهت نكهته فَخرجت من آسته فَضَحِك وعرَّف المعلّى خبرنَا فَأمر لنا بجملة دَنَانِير
وَله من المصنفات كتاب المنثور والمنظوم أَرْبَعَة عشر جُزْءا سرقات الشّعْر كتاب بغداذ الْجَوَاهِر المؤلفين الْهَدَايَا الْمُشْتَقّ الْمُخْتَلف من المؤتلف أَسمَاء الشُّعَرَاء الْأَوَائِل الموشىَّ ألقاب الشُّعَرَاء وَمن عرف بالكنى وَمن عرف بِالِاسْمِ المعرقين من الْأَبْنَاء المعتذرين اعتذار وهب من ضرطته من أنْشد شعرًا وَأجِيب بِكَلَام الحجّاب مرثية هُرْمُز بن كسْرَى أنوشروان خبر الْملك العاتي فِي تَدْبِير الْملك والسياسة الْملك المصلح والوزير الْمعِين الْملك البابلي وَالْملك الْمصْرِيّ الباغيين وَالْملك الْحَكِيم الرُّومِي)(7/7)
كَبِير الطَّرْد سرقات البحتري من أبي تَمام جمهرة بني هَاشم رِسَالَة إِلَى إِبْرَاهِيم ابْن الْمُدبر النَّهْي عَن الشَّهَوَات رِسَالَة إِلَى عَليّ بن يحيى الْجَامِع فِي الشُّعَرَاء وأخبارهم فضل الْعَرَب على الْعَجم لِسَان الْعُيُون أَخْبَار المتظرفات اخْتِيَار أشعار الشُّعَرَاء وَاخْتِيَار شعر بكر بن النطاح المؤنس الْغلَّة والغليل المعتذرين اخْتِيَار شعر دعبل اخْتِيَار شعر مُسلم اخْتِيَار شعر العتّابي اخْتِيَار شعر مَنْصُور النمري اخْتِيَار شعر أبي الْعَتَاهِيَة اخْتِيَار بشار وأخباره أَخْبَار مَرْوَان وَآل مَرْوَان أَخْبَار ابْن الدمينة أَخْبَار قيس الرقيات وشعره
وَمن شعر ابْن أبي طَاهِر
(وَمَا الشّعْر إِلَّا السَّيْف ينبو وحدّه ... حسامٌ ويمضي وَهُوَ لَيْسَ بِذِي حدّ)
(وَلَو كَانَ بِالْإِحْسَانِ يرْزق شاعرٌ ... لأكدى الَّذِي يجدي وأجدى الَّذِي يكدي)
3 - (أَبُو حَامِد المروروذي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عَامر بن بشر أَبُو حَامِد المروروذي الْفَقِيه الشَّافِعِي تفقه على أبي إِسْحَاق الْمروزِي وصنف الْجَامِع فِي الْفِقْه وَشرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ وصنف فِي أصُول الْفِقْه وَكَانَ إِمَامًا لَا يشق غباره نزل الْبَصْرَة وَعنهُ أَخذ فقهاؤها توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (إِمَام جَامع قرطبة)
أَحْمد بن عبَادَة بن علكدة بِسُكُون اللَّام الرعيني الْمَالِكِي إِمَام جَامع قرطبة كَانَ زاهداً فَاضلا قلد الشورى توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْوَزير أبي أَحْمد)
أَحْمد بن الْعَبَّاس بن الْحسن بن أَيُّوب أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْوَزير أبي أَحْمد كَانَ وَالِده وَزِير المكتفي والمقتدر وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ يخلف أَبَاهُ فِي الْعرض على المقتدر وَكَانَ شابّاً فَاضلا أديباً مترشحاً للوزارة لَكِن عاجله ريب الْمنون وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاث مائَة وَكَانَ عمره سِتا وَعشْرين سنة
3 - (ابْن الفقاعي)
أَحْمد بن الْعَبَّاس بن الرّبيع أَبُو بكر الْحَافِظ الْمَعْرُوف بِابْن الفقاعي كَانَ موسوماً بِالْحِفْظِ)
والمعرفة انتقى بِمصْر على القَاضِي عَليّ بن الْحُسَيْن بن بنْدَار وَسمع(7/8)
النَّاس بانتخابه وحدّث بِدِمَشْق عَن مُحَمَّد بن مخلد الدوري وَمُحَمّد ابْن عبد الله البغداذي وهبيرة بن مُحَمَّد الطَّبِيب وروى عَنهُ تَمام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ
3 - (ابْن الإِمَام الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن الْعَبَّاس بن عبيد الله أَبُو بكر البغداذي يعرف بِابْن الإِمَام قَرَأَ الْقُرْآن على الْأُشْنَانِي وَكَانَ مجوّداً حاذقاً وَتُوفِّي سنة خمس وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (شهَاب الدّين بن جعوان)
أَحْمد بن الْعَبَّاس بن جعوان الإِمَام الْمُحَقق الزَّاهِد شهَاب الدّين الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو الْحَافِظ شمس الدّين مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره روى أَحْمد جُزْء ابْن عَرَفَة عَن ابْن عبد الدايم وَسمع من أَخِيه وَأَقْبل على الْفِقْه فبرع فِيهِ وَأفْتى وَانْقطع عَن النَّاس وَكَانَ من تلامذة محيي الدّين النَّوَوِيّ توفّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (شهَاب الدّين الصعيدي)
أَحْمد بن عبد الْبَارِي بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْكَرِيم شهَاب الدّين الصعيدي الْمُؤَدب أَبُو الْعَبَّاس أحد شُيُوخ الْإسْكَنْدَريَّة ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة بالإسكندرية وَقَرَأَ الْقرَاءَات على أبي الْقَاسِم ابْن عِيسَى وَسمع على أبي الْقَاسِم ابْن الصفراوي وَأبي الْفضل الهمذاني وعني بِالْحَدِيثِ وَسمع الْكثير وَكَانَ شَدِيد الوسواس توفّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة
3 - (أَبُو غَالب الْعَطَّار)
أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن بشر الْعَطَّار أَبُو غَالب ابْن أبي الْقَاسِم من أهل الكرخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة سمع ابْن غيلَان وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَعبد الْملك بن مُحَمَّد الْعَطَّار وروى عَنهُ أَبُو المعمر الْمُبَارك بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن عقيل الْبَصْرِيّ قَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ سَأَلت أَبَا المعمر الْأنْصَارِيّ عَنهُ فَقَالَ كَانَ يشرب إِلَى أَن مَاتَ يَعْنِي الْخمر توفّي سنة عشْرين وَخمْس مائَة
3 - (القَاضِي ابْن النَّرْسِي)
أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن النَّرْسِي أَبُو المظفر بن أبي البركات القَاضِي البغداذي عزل عَن الشَّهَادَة ثمَّ أُعِيد وَولي الْحِسْبَة ببغداذ وعزل عَنْهَا وَعَن الشَّهَادَة)
ثمَّ ولي الْحِسْبَة ثَانِيًا وَولي قَضَاء بَاب الأزج مُضَافا إِلَى الْحِسْبَة وَمَات وَهُوَ يليهما سمع من الْحُسَيْن بن البشري وروى عَنهُ أَبُو بكر ابْن كَامِل فِي مُعْجم شُيُوخه قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَحدثنَا عَنهُ الْأَخْضَر توفّي سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة(7/9)
3 - (أَبُو بكر ابْن البطّي)
أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن سلمَان أَبُو بكر الْمَعْرُوف بِابْن البطي أَخُو أبي الْفَتْح مُحَمَّد كَانَ أَصْغَر مِنْهُ سمع الْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وَعلي بن الْحُسَيْن الربعِي ومحفوظاً الكلوذاني وَغَيرهم قَالَ ابْن النجار حَدثنَا عَنهُ ابْن الْأَخْضَر وَأحمد بن الْبَنْدَنِيجِيّ وَسَأَلته عَنهُ فَقَالَ كَانَ شَيخا حَرِيصًا على الدُّنْيَا وَجَمعهَا سيئ الْأَحْوَال والطريقة مقنطاً على نَفسه توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو المكارم السقلاطوني)
أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن الْحسن بن منَازِل الشَّيْبَانِيّ أَبُو المكارم السقلاطوني من أهل الْحَرِيم الظَّاهِرِيّ وَهُوَ ابْن عَم أبي غَالب مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن زُرَيْق القزّاز سمع الْكثير من ابْن النقور وَمُحَمّد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي وَمُحَمّد بن عَليّ الدقاق وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا قَالَ محب الدّين ابْن النجار روى لنا عَنهُ أَبُو حَامِد ابْن النخاس وَكَانَ شَيخا صَالحا صَدُوقًا توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الْجلاء)
أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد النجار أَبُو البركات الْمُقْرِئ يعرف بِابْن الْجلاء أَمِين القَاضِي على أَمْوَال الْأَيْتَام ويصلّي إِمَامًا بِمَسْجِد ابْن الفاعوس ببغداذ سمع ابْن البطر وحدّث باليسير وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَغَيره توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو سعد الكتبي)
أَحْمد بن عبد الْجَبَّار بن أَحْمد بن الْقَاسِم بن أَحْمد الْمروزِي الصَّيْرَفِي أَبُو سعد الكتبي الْمَعْرُوف بِابْن الطيوري أَخُو أبي الْحُسَيْن الْمُبَارك وَكَانَ الْأَصْغَر قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على مُحَمَّد بن عَليّ الْخياط وَالْحسن بن أَحْمد بن الْبناء وَسمع الْكثير بإفادة أَخِيه من ابْن غيلَان وَإِبْرَاهِيم بن عمر الْبَرْمَكِي وَأبي الطيّب طَاهِر الطَّبَرِيّ وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَجَمَاعَة وَكَانَت لَهُ إجازات قديمَة من أبي مُحَمَّد الْخلال وَمُحَمّد بن عبد الْوَاحِد ابْن زوج الْحرَّة وَمُحَمّد بن عَليّ)
الصُّورِي الْحَافِظ وَحدث بالكثير وروى عَنهُ الْحَافِظ ابْن نَاصِر وذاكر الْخفاف وَابْن بوش وَهُوَ آخر من حدث عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا صَحِيح السماع وَكَانَ دلالاً فِي الْكتب توفّي سنة سبع عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو عمر العطاردي)
أَحْمد بن عبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد بن عمر بن عُطَارِد أَبُو عمر التَّمِيمِي العطاردي الْكُوفِي حدث ببغداذ عَن أبي بكر ابْن عَيَّاش وَغَيره وَكَانَ أسْند من بَقِي إِلَّا أَنه ضَعِيف قَالَ ابْن عدي رَأَيْتهمْ مُجْمِعِينَ على ضعفه وَلم أر لَهُ حَدِيثا مُنْكرا وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ قد أثنى عَلَيْهِ أَبُو كريب وَأثْنى عَلَيْهِ الْخَطِيب وقوّاه توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو يعلى ابْن الْحَافِظ كوتاه)
أَحْمد بن عبد الْجَلِيل بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن(7/10)
إِبْرَاهِيم الْأَصْبَهَانِيّ أَبُو يعلى ابْن أبي مَسْعُود الْحَافِظ الْمَعْرُوف بكوتاه من أهل اصبهان وَهُوَ أَخُو أبي حَامِد مُحَمَّد الْمُقدم ذكره من أَوْلَاد الْمُحدثين قدم بغداذ وَحدث بهَا عَن وَالِده توفّي فِي عنفوان شبابه سنة سِتّ وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (الْعَلامَة تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية)
أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام بن عبد الله بن أبي الْقَاسِم الْحَرَّانِي ابْن تَيْمِية الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْمُفَسّر الْفَقِيه الْمُجْتَهد الْحَافِظ الْمُحدث شيخ الْإِسْلَام نادرة الْعَصْر ذُو التصانيف والذكاء والحافظة المفرطة تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْعَالم الْمُفْتِي شهَاب الدّين ابْن الإِمَام شيخ الْإِسْلَام مجد الدّين أبي البركات مؤلف الْأَحْكَام وتيميمة لقب جده الْأَعْلَى ولد بحران عَاشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وتحول بِهِ أَبوهُ إِلَى دمشق سنة سبع وَسِتِّينَ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة وَسمع من ابْن عبد الدَّائِم وَابْن أبي اليُسر والكمال ابْن عبد وَابْن أبي الْخَيْر وَابْن الصَّيْرَفِي وَالشَّيْخ شمس الدّين وَالقَاسِم الإربلي وَابْن عَلان وَخلق كثير وَبَالغ وَأكْثر وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على جمَاعَة وانتخب وَنسخ عدَّة أَجزَاء وَسنَن أبي دَاوُد وَنظر فِي الرِّجَال والعلل وَصَارَ من أَئِمَّة النَّقْد وَمن عُلَمَاء الْأَثر مَعَ التديّن والتأله وَالذكر والصيانة والنزاهة عَن حطام هَذِه الدَّار وَالْكَرم الزَّائِد ثمَّ إِنَّه أقبل على الْفِقْه ودقائقه وغاص على مباحثه وَنظر فِي أدلته وقواعده وحججه والاجماع وَالِاخْتِلَاف حَتَّى كَانَ يقْضى مِنْهُ الْعجب إِذا)
ذكر مَسْأَلَة من الْخلاف وَاسْتدلَّ ورجَّح واجتهد حُكيَ لي أَنه قَالَ يَوْمًا للشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل يَا صدر الدّين أَنا أنقل فِي مَذْهَب الشَّافِعِي أَكثر مِنْك أَو كَمَا قَالَ وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مَا رَأَيْت أحدا أسْرع انتزاعاً للآيات الدَّالَّة على الْمَسْأَلَة الَّتِي يوردها مِنْهُ وَلَا أَشد استحضاراً لمتون الْأَحَادِيث وعزوها إِلَى الصَّحِيح أَو الْمسند أَو السّنَن كأنَّ ذَلِك نصب عينه وعَلى طرف لِسَانه بِعِبَارَة رشقة حلوة وإفحام للمخالف وَكَانَ آيَة من آيَات الله تَعَالَى فِي التَّفْسِير والتوسع فِيهِ لَعَلَّه يبْقى فِي تَفْسِير الْآيَة الْمجْلس والمجلسين قلت حكى لي من سَمعه يَقُول إِنِّي وقفت على مائَة وَعشْرين تَفْسِيرا أستحضر من الْجَمِيع الصَّحِيح الَّذِي فِيهَا أَو كَمَا قَالَ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَأما أصُول الدّين وَمَعْرِفَة أَقْوَال الْخَوَارِج وَالرَّوَافِض والمعتزلة والمبتدعة فَكَانَ لَا يشقّ فِيهَا غباره هَذَا مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْكَرم الَّذِي لم أشاهد مثله قطّ والشجاعة المفرطة والفراغ عَن ملاذّ النَّفس من اللبَاس الْجَمِيل والمأكل الطّيب والراحة الدُّنْيَوِيَّة قلت حُكيَ لي عَنهُ أَن والدته طبخت يَوْمًا قرعية وَلم تذقها أَولا فَكَانَت مرّة فَلَمَّا ذاقتها تركتهَا على حَالهَا فطلع إِلَيْهَا وَقَالَ هَل عنْدك مَا آكل(7/11)
قَالَت لَا إِلَّا أنني طبخت قرعاً كَانَ مرّاً فَقَالَ أَيْن هُوَ فأرته الْمَكَان الَّذِي فِيهِ تِلْكَ القرعية فأحضرها وَقعد أكلهَا إِلَى أَن شبع وَمَا أنكر شَيْئا مِنْهَا أَو كَمَا قيل وَحكي لي عَنهُ أَنه كَانَ قد شكا إِلَيْهِ إِنْسَان أَو جمَاعَة من قطلوبك الْكَبِير وَكَانَ الْمَذْكُور فِيهِ جبروت على أَخذ أَمْوَال النَّاس واغتصابها وحكاياته فِي ذَلِك مَشْهُورَة فَقَامَ يمشي إِلَيْهِ فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ وَتكلم مَعَه فِي ذَلِك قَالَ لَهُ قطلوبك أَنا الَّذِي أُرِيد أجيء إِلَيْك لِأَنَّك رجل عَالم زاهد يعرّض بقَوْلهمْ إِذا كَانَ الْأَمِير بِبَاب الْفَقِير فَنعم الْأَمِير وَنعم الْفَقِير فَقَالَ لَهُ قطلوبك لَا تعْمل عليَّ دركواناتك مُوسَى كَانَ خيرا مني وَفرْعَوْن كَانَ شرا مِنْك وَكَانَ مُوسَى كلَّ يَوْم يَجِيء إِلَى بَاب فِرْعَوْن مراتٍ فِي كلّ يَوْم ويعرض عَلَيْهِ الْإِيمَان أَو كَمَا قيل وَحكى لي عَنهُ الشَّيْخ شمس الدّين ابْن قيم الجوزية قَالَ كَانَ صَغِيرا عِنْد بني المنجا فبحث مَعَهم فادّعوا شَيْئا أنكرهُ فأحضروا النَّقْل فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ ألْقى المجلد من يَده غيظاً فَقَالُوا لَهُ مَا أَنْت إِلَّا جريء ترمي المجلد من يدك وَهُوَ كتاب علم فَقَالَ سَرِيعا أَيّمَا خير أَنا أَو مُوسَى فَقَالُوا مُوسَى فَقَالَ أَيّمَا خير هَذَا الْكتاب أَو أَلْوَاح الْجَوْهَر الَّتِي كَانَ فِيهَا الْعشْر كَلِمَات قَالُوا الألواح فَقَالَ إِن مُوسَى لما غضب ألْقى الألواح من يَده أَو كَمَا قَالَ وَحكى لي عَنهُ أَيْضا قَالَ سَأَلَهُ فلَان أنسيته فَقَالَ أَنْت تزْعم أَن أفعالك كلهَا من السنَّة فَهَذَا الَّذِي تَفْعَلهُ)
بِالنَّاسِ من عَرك آذانهم من أَيْن جَاءَ هَذَا فِي السّنة فَقَالَ حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ صليت خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا فَكنت إِذا أغفيت أَخذ بأذني أَو كَمَا قَالَ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وصنف فِي فنون الْعلم وَلَعَلَّ تواليفه وفتاويه فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع والزهد وَالْيَقِين والتوكل وَالْإِخْلَاص وَغير ذَلِك تبلغ ثَلَاث مائَة مجلدة وَكَانَ قوالاً بِالْحَقِّ نهاء عَن الْمُنكر ذَا سطوة وإقدام وَعدم مداراة ومسائله المفردة يحْتَج لَهَا بِالْقُرْآنِ والْحَدِيث أَو بِالْقِيَاسِ ويبرهنها ويناظر عَلَيْهَا وينقل فِيهَا الْخلاف ويطيل الْبَحْث أُسْوَة من تقدمه من الْأَئِمَّة فَإِن كَانَ أَخطَأ فَلهُ أجر وَاحِد وَإِن كَانَ أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَكَانَ أَبيض أسود الرَّأْس واللحية قَلِيل الشيب شعره إِلَى شحمة أُذُنَيْهِ كَأَن عَيْنَيْهِ لسانان ناطقان ربعَة من الرِّجَال بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ جهوريّ الصَّوْت فصيح اللِّسَان سريع الْقِرَاءَة تعتريه حِدة ثمَّ يقهرها بحلم وصفح توفّي مَحْبُوسًا فِي قلعة دمشق على مَسْأَلَة الزِّيَارَة وَكَانَت جنَازَته عَظِيمَة إِلَى الْغَايَة وَدفن فِي مَقَابِر الصُّوفِيَّة صلّى عَلَيْهِ الشَّيْخ عَلَاء الدّين قَاضِي الْقُضَاة القونوي وَلم يصلِّ عَلَيْهِ جمال الدّين بن جمله انْتهى كَلَام الشَّيْخ شمس الدّين(7/12)
قلت رَحِمهم الله أَجْمَعِينَ هم الْآن قد رَأَوْا عين الْيَقِين فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَمَا أَظُنهُ رأى مثله فِي الحافظة والاطلاع وَأرى أَن مادته كَانَت من كَلَام ابْن حزم حَتَّى شناعه على من خَالفه وَكَانَ مغرىً بسبّ ابْن عَرَبِيّ محيي الدّين والعفيف التلمساني وَابْن سبعين وَغَيرهم من الَّذين ينخرطون فِي سلكهم وَرُبمَا صرح بسب الْغَزالِيّ وَقَالَ هم قلاووز الفلاسفة أَو قَالَ ذَلِك عَن الإِمَام فَخر الدّين سمعته يَقُول الْغَزالِيّ فِي بعض كتبه يَقُول الرّوح من أَمر رَبِّي وَفِي بَعْضهَا يدسّ كَلَام الفلاسفة ورأيهم فِيهَا وَكَذَلِكَ الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ كَانَ كثير الحطّ عَلَيْهِ وَكَانَ مسلطاً على هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاء الأحمدية واليونسية والقرندلية وَغَيرهم من هَؤُلَاءِ المبتدعة حُكيَ لي أَنه جَاءَ إِلَيْهِ بعض الأحمدية وَقَالَ مَا يَقُولُونَهُ على الْعَادة فِي دُخُول التَّنور من بعد ثَلَاثَة أَيَّام وقود النَّار فِيهِ فَقَالَ لَهُ أَنا مَا أكلفك ذَلِك وَلَكِن دَعْنِي أَضَع هَذِه الطوّافة فِي ذقنك فجزع ذَلِك الْفَقِير وأبلس قلت وَقد نقل الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا من قَول بعض الشُّعَرَاء فِي النَّار الَّتِي يزْعم النَّصَارَى أَنَّهَا تنزل يَوْم سبت النُّور من السَّمَاء إِلَى القمامة بالقدس)
(لقد زعم القسيّس أنَّ إلهه ... ينزّل نورا بكرَة الْيَوْم أَو غَد)
(فَإِن كَانَ نورا فَهُوَ نورٌ ورحمةٌ ... وَإِن كَانَ نَارا أحرقت كلَّ مُعْتَد)
(يقربهَا القسيس من شعر ذقنه ... فَإِن لم تحرقها وَإِلَّا اقْطَعُوا يَدي)
وسمعته يَقُول عَن نجم الدّين الكاتبي الْمَعْرُوف بدبيران بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ الكاتبي صَاحب التواليف البديعة فِي الْمنطق فَإِذا ذكره لَا يَقُول إِلَّا دبيران بِضَم الدَّال وَفتح الْبَاء وسمعته يَقُول ابْن المنجس يُرِيد ابْن المطهّر الحلّي وَكَانَت سمعته فِي الْبِلَاد الْبَعِيدَة أَكثر وأكبر وَأشهر مِمَّا هِيَ بِالشَّام خُصُوصا بَلَده دمشق وَكتب رِسَالَة إِلَى صَاحب قبرس يَأْمُرهُ فِيهَا بالرفق بالأسارى الْمُسلمين وَتَخْفِيف الْوَطْأَة عَنْهُم وقصَّ عَلَيْهِ أقوالاً من كَلَام الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام مثل قَوْله من ضربك على خدك الْأَيْمن فدر لَهُ الخدَّ الْأَيْسَر وَأَشْبَاه ذَلِك فَقيل إِنَّه خفف عَنْهُم وَعمر لَهُم جَامعا على مَا قيل(7/13)
وَطلب إِلَى مصر أَيَّام ركن الدّين بيبرس الجاشنكير وَعقد لَهُ مجْلِس فِي مقَالَة قَالَ بهَا فطال الْأَمر وحكموا بحبسه فحبس بالإسكندرية ثمَّ إِن الْملك النَّاصِر لما جَاءَ من الكرك أخرجه فِيمَا أَظن وَلم يزل الْعَوام بِمصْر يعظمونه إِلَى أَن أَخذ فِي القَوْل على السيدة نفيسة فأعرضوا عَنهُ
ورأيته مراتٍ بمدرسة القصاعين وبالحنبلية جوَّا بَاب الفراديس وَكَانَ إِذا تكلم أغمض عَيْنَيْهِ وازدحمت الْعبارَة على لِسَانه فَرَأَيْت الْعجب العجيب والحبر الَّذِي مَا لَهُ مشاكل فَيْء فنونه وَلَا ضريب والعالم الَّذِي أَخذ من كل شَيْء بِنَصِيب سَهْمه للأغراض مُصِيب والمناظر الَّذِي إِذا جال فِي حومة الْجِدَال رمي الْخُصُوم من مباحثه بِالْيَوْمِ العصيب
(وعاينت بَدْرًا لَا يرى الْبَدْر مثله ... وخاطبت بحراً لَا يرى العبر عائمه)
أَخْبرنِي الْمولى عَلَاء الدّين بن الْآمِدِيّ وَهُوَ من كبار كتاب الْحساب قَالَ دخلت يَوْمًا إِلَيْهِ وَأَنا وَالشَّمْس النفيس عَامل بَيت المَال وَلم يكن فِي وقته أكتب مِنْهُ فَأخذ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يسْأَله عَن الِارْتفَاع وَعَما بَين الفذلكة واستقرار الْجُمْلَة من الْأَبْوَاب وَعَن الفذلكة الثَّانِيَة وخصمها وَعَن أَعمال الاسحتقاق وَعَن الْخَتْم والتوالي وَمَا يطْلب من الْعَامِل وَهُوَ يجِيبه عَن الْبَعْض ويسكت عَن الْبَعْض ويسأله عَن تَعْلِيل ذَلِك إِلَى أَن أوضح لَهُ ذَلِك وعلّله قَالَ فَلَمَّا خرجنَا من عِنْده قَالَ لي النفيس وَالله تعلمت الْيَوْم مِنْهُ مَا لَا كنت أعلمهُ انْتهى مَا ذكره عَلَاء الدّين
وَسَأَلته فِي سنة ثَمَانِي عشرَة أَو سبع عشرَة وَسبع مائَة وَهُوَ بمدرسته بالقصاعين عَن قَوْله)
تَعَالَى وَأخر متشابهاتٌ فَقلت لَهُ الْمَعْرُوف بَين النُّحَاة أَن الْجمع لَا يُوصف إِلَّا بِمَا يُوصف بِهِ الْمُفْرد من الْجمع بالمفرد من الْوَصْف فَقَالَ كَذَا هُوَ فَقلت مَا تفرد متشابهات فَقَالَ متشابهة فَقلت كَيفَ تكون الْآيَة الْوَاحِدَة فِي نَفسهَا متشابهة وَإِنَّمَا يَقع التشابه بَين آيَتَيْنِ وَكَذَا قَوْله تَعَالَى فَوجدَ فِيهَا رجلَيْنِ يقتتلان كَيفَ يكون الرجل الْوَاحِد يقتتل مَعَ نَفسه فَعدل بِي من الْجَواب إِلَى الشُّكْر وَقَالَ هَذَا ذهن جيد وَلَو لازمتني سنة لانتفعت وَسَأَلته فِي ذَلِك الْمجْلس عَن تَفْسِير قَوْله تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس واحدةٍ وَجعل مِنْهَا زَوجهَا إِلَى قَوْله تَعَالَى عَمَّا يشركُونَ فَأجَاب بِمَا قَالَه الْمُفَسِّرُونَ فِي ذَلِك وَهُوَ آدم وحواء وَأَن حَوَّاء لما أثقلت بِالْحملِ أَتَاهَا إِبْلِيس فِي صُورَة رجل وَقَالَ أَخَاف من هَذَا الَّذِي فِي بَطْنك أَن يخرد من دبرك أَو يشق بَطْنك وَمَا يدْريك لَعَلَّه يكون بَهِيمَة أَو كَلْبا فَلم تزل فِي همّ حَتَّى أَتَاهَا ثَانِيًا وَقَالَ سَأَلت الله تَعَالَى أَن يَجعله بشرا سويّاً وَإِن كَانَ كَذَلِك سميه عبد الْحَارِث وَكَانَ اسْم إِبْلِيس فِي الْمَلَائِكَة الْحَارِث فَذَلِك قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا آتاهما صَالحا جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما وَهَذَا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس فَقلت لَهُ هَذَا فَاسد من(7/14)
وُجُوه لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي الْآيَة الثَّانِيَة فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ فَهَذَا يدل على أَن الْقِصَّة فِي حق جمَاعَة الثَّانِي أَنه لَيْسَ لإبليس فِي الْكَلَام ذكر الثَّالِث أَن الله تَعَالَى علم آدم الْأَسْمَاء كلهَا فَلَا بُد وَأَنه كَانَ يعلم أَن إِبْلِيس الْحَارِث الرَّابِع أَنه تَعَالَى قَالَ أيشركون مَا لَا يخلق شَيْئا وَهُوَ يخلقون وَهَذَا يدل على أَن المُرَاد بِهِ الْأَصْنَام لِأَن مَا لما لَا يعقل وَلَو كَانَ إِبْلِيس لقَالَ من الَّتِي هِيَ لمن يعقل فَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى فقد ذهب بعض الْمُفَسّرين إِلَى أَن المُرَاد بِهَذَا قصيّ لِأَنَّهُ سمى أَوْلَاده الْأَرْبَعَة عبد منَاف وَعبد الْعُزَّى وَعبد قصي وَعبد الدَّار وَالضَّمِير فِي يشركُونَ لَهُ ولأولاده من أعقابه الَّذين يسمون أَوْلَادهم بِهَذِهِ الْأَسْمَاء وأمثالها فَقلت لَهُ وَهَذَا أَيْضا فَاسد لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ خَلقكُم من نفسٍ واحدةٍ وَخلق مِنْهَا زَوجهَا وَلَيْسَ كَذَلِك إِلَّا آدم لِأَن الله تَعَالَى خلق حَوَّاء من ضلعه فَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى المُرَاد بِهَذَا أَن زوجه من جنسه عَرَبِيَّة قرشية فَمَا رَأَيْت التَّطْوِيل مَعَه
وَسَأَلته فِي ذَلِك الْمجْلس عَن قَول الْمُتَكَلِّمين فِي الْوَاجِب والممكن لأَنهم قَالُوا الْوَاجِب مَا لَا يتَوَقَّف وجوده على وجود مُمكنَة والممكن مَا يتَوَقَّف وجوده على وجود واجبه فَقَالَ رَحمَه الله هَذَا كَلَام مُسْتَقِيم فَقلت هَذَا القَوْل هُوَ عين القَوْل بِالْعِلَّةِ والمعلول فَقَالَ كَذَا هُوَ إِلَّا أَن ذَلِك عِلّة نَاقِصَة وَلَا يكون عِلّة تَامَّة إِلَّا بانضمام إِرَادَته فَإِذا انضمت الْإِرَادَة إِلَى وجود الْوَاجِب)
تعين وجود الْمُمكن ثمَّ اجْتمعت بِهِ بعد ذَلِك مَرَّات عديدة وَكَانَ إِذا رَآنِي قَالَ أيش حس الإيرادات أيش حس الْأَجْوِبَة أيش حس الشكوك أَنا أعلم أَنَّك مثل الْقدر الَّتِي تغلي تَقول بق بق بق أَعْلَاهَا أَسْفَلهَا وأسفلها أَعْلَاهَا لازمني لازمني تنْتَفع وَكنت أحضر دروسه وَيَقَع لي فِي أثْنَاء كَلَامه فَوَائِد لم أسمعها من غَيره وَلَا وقفت عَلَيْهَا فِي كتاب رَحمَه الله تَعَالَى
وعَلى الْجُمْلَة فَمَا رَأَيْت وَلَا أرى مثله فِي اطّلاعه وحافظته وَلَقَد صدَّق مَا سمعنَا بِهِ عَن الْحفاظ الأول وَكَانَت هممه علية إِلَى الْغَايَة لِأَنَّهُ كَانَ كثيرا مَا ينشد
(تَمُوت النُّفُوس بأوصابها ... وَلم تشك عوَّداها مَا بهَا)
(وَمَا أنصفت مهجةٌ تَشْتَكِي ... هَواهَا إِلَى غير أحبابها)
وينشد أَيْضا
(من لم يقد ويدس فِي خيشومه ... رهج الْخَمِيس فَلَنْ يَقُود خميسا)
وَكَانَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَتِسْعين قد قَامَ عَلَيْهِ جمَاعَة من الشَّافِعِيَّة وأنكروا عَلَيْهِ كَلَامه فِي الصِّفَات وَأخذُوا فتياه الحموية وردّوا عَلَيْهِ فِيهَا وَعمِلُوا لَهُ مَجْلِسا فدافع الأفرم عَنهُ وَلم يبلغهم فِيهِ أرباً وَنُودِيَ فِي دمشق بِإِبْطَال العقيدة الحموية فانتصر لَهُ جاغان المشدّ وَكَانَ قد منع من(7/15)
الْكَلَام ثمَّ إِنَّه جلس على عَادَته يَوْم الْجُمُعَة وَتكلم ثمَّ حضر عِنْد قَاضِي الْقُضَاة إِمَام الدّين وَبَحَثُوا مَعَه وَطَالَ الْأَمر بَينهم ثمَّ رَجَعَ القَاضِي إِمَام الدّين وَأَخُوهُ القَاضِي جلال الدّين وَقَالُوا من قَالَ عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين شَيْئا عزَّرناه ثمَّ إِنَّه طلب إِلَى مصر هُوَ وَالْقَاضِي نجم الدّين ابْن صصري فانتصر لَهُ الْأَمِير سيف الدّين سلار وحطّ الْأَمِير ركن الدّين الجاشنكير عَلَيْهِ وعقدوا لَهُ مَجْلِسا انْفَصل على حَبسه فحبس فِي خزانَة البنود ثمَّ نقل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة ثمَّ أفرج عَنهُ وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة ثمَّ اعتقل أَيْضا ثمَّ أفرج عَنهُ وَحضر إِلَى دمشق فَمَا كَانَ فِي أَيَّام القَاضِي جلال الدّين تكلّموا مَعَه فِي مَسْأَلَة الزِّيَارَة وَكتب فِي ذَلِك إِلَى مصر فورد مرسوم السُّلْطَان باعتقاله فِي القلعة فَلم يزل معتقلاً بهَا إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة
ورأيته بعد مَوته رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ فِي جَامع بني أُميَّة وَأَنا فِي يَدي صُورَة عقيدة ابْن حزم الظَّاهِرِيّ الَّتِي ذكرهَا فِي أول المحلّى وَقد كتبتها بخطي وكتبت فِي آخرهَا
(وَهَذَا نَص ديني واعتقادي ... وغيري مَا يرى هَذَا يجوز)
وَقد أوقفته على ذَلِك فتأملها وَرَآهَا وَلم يتَكَلَّم بِشَيْء)
ذكر تصانيفه وَمن الَّذِي يَأْتِي على مجموعها وَللَّه الْقَائِل
(إنَّ فِي الموج للغريق لعذراً ... وَاضحا أَن يفوتهُ تعداده)
وَلَكِن أذكر مِنْهَا مَا تيَسّر وَإِلَّا فَهِيَ أَكثر مِمَّا أوردته فِي هَذِه التَّرْجَمَة وَلَعَلَّ بعض أَصْحَابه يعرفهَا كتب التَّفْسِير قَاعِدَة فِي الِاسْتِعَاذَة قَاعِدَة فِي الْبَسْمَلَة وَكَلَام على الْجَهْر بهَا قَاعِدَة فِي قَوْله تَعَالَى إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين وَقطعَة كَبِيرَة من أول سُورَة الْبَقَرَة وَفِي قَوْله تَعَالَى وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر نَحْو ثَلَاث كراريس قَوْله تَعَالَى مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا نَحْو كراسين يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا ربكُم سبع كراريس إِلَّا من سفه نَفسه كراسة آيَة الْكُرْسِيّ كراسان وَغير ذَلِك من سُورَة الْبَقَرَة مِنْهُ آيَات محكمات إِلَى آخرهَا نَحْو مجلّد شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ سِتّ كراريس مَا أَصَابَك من حسنةٍ عشر كراريس وَغير ذَلِك من سُورَة آل عمرَان تَفْسِير الْمَائِدَة مُجَلد لطيف يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة ثَلَاث كراريس وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم سبع كراريس قَوَاعِد وَغير ذَلِك سُورَة يُوسُف مُجَلد كَبِير سُورَة النُّور مُجَلد لطيف سُورَة الْقَلَم وَأَنَّهَا أول سُورَة أنزلت تَضَمَّنت أصُول الدّين مُجَلد سُورَة لم يكن سُورَة الْكَافِرُونَ سُورَة تبت والمعوذتين الْإِخْلَاص مُجَلد وَغير ذَلِك من آيَات مُتَفَرِّقَة
كتب الْأُصُول الاعتراضات المصرية على الْفتيا الحموية أَربع مجلدات أملاه فِي الْجب رد على تأسيس التَّقْدِيس سَمَّاهُ بَيَان تلبيس الْجَهْمِية فِي تأسيس بدعهم الكلامية وَرُبمَا سَمَّاهُ(7/16)
تَلْخِيص التلبيس من تأسيس التَّقْدِيس شرح أول المحصل للْإِمَام فَخر الدّين بلغ ثَلَاثَة مجلدات شرح بضع عشرَة مَسْأَلَة من الْأَرْبَعين للْإِمَام فَخر الدّين تعَارض الْعقل وَالنَّقْل أَربع مجلدات جَوَاب مَا أوردهُ كَمَال الدّين ابْن الشريشي مُجَلد الْجَواب الصَّحِيح لمن بدل دين الْمَسِيح رد على النَّصَارَى ثَلَاث مجلدات منهاج الاسْتقَامَة شرح عقيدة الْأَصْبَهَانِيّ مُجَلد نقض الِاعْتِرَاض عَلَيْهَا لبَعض المشارقة أَربع كراريس شرح أول كتاب الغزنوي فِي أصُول الدّين مُجَلد الرَّد على الْمنطق مُجَلد رد آخر لطيف الرَّد على الفلاسفة مجلدات قَاعِدَة فِي القضايا)
الوهمية قَاعِدَة فِيمَا يتناهى وَمَا لايتناهى جَوَاب الرسَالَة الصفدية جَوَاب فِي نقض قَول الفلاسفة إِن معجزات الْأَنْبِيَاء قوى نفسانية مُجَلد كَبِير إِثْبَات الْمعَاد وَالرَّدّ على ابْن سينا شرح رِسَالَة ابْن عَبدُوس فِي كَلَام الإِمَام أَحْمد فِي الْأُصُول ثُبُوت النبوات عقلا ونقلاً والمعجزات والكرامات مجلدان قَاعِدَة فِي الكليات مُجَلد لطيف الرسَالَة القبرسية رِسَالَة إِلَى أهل طبرستان وجيلان فِي خلق الرّوح والنور وَالْأَئِمَّة المقتدى بهم مَسْأَلَة مَا بَين اللَّوْحَيْنِ كَلَام الله تَحْقِيق كَلَام الله لمُوسَى هَل سمع جِبْرِيل كَلَام الله أَو نَقله من اللَّوْح الْمَحْفُوظ الرسَالَة البعلبكية الرسَالَة الأزهرية القادرية البغداذية أجوبة الشكل والنقط إبِْطَال الْكَلَام النفساني أبْطلهُ من نَحْو ثَمَانِينَ وَجها جَوَاب من حلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث أَن الْقُرْآن حرف وَصَوت وَله فِي إِثْبَات الصِّفَات وَإِثْبَات الْعُلُوّ والاستواء مجلدات المراكشية صِفَات الْكَمَال وَالضَّابِط فِيهَا أجوبة فِي مباينة الله تَعَالَى لخلقه جَوَاب فِي الاسْتوَاء وَإِبْطَال تَأْوِيله بِالِاسْتِيلَاءِ جَوَاب من قَالَ لَا يُمكن الْجمع بَين إِثْبَات الصِّفَات على ظَاهرهَا مَعَ نفي التَّشْبِيه نصف كراس أجوبة كَون الْعَرْش وَالسَّمَوَات كرّية وَسبب قصد الْقُلُوب جِهَة الْعُلُوّ جَوَاب كَون الشَّيْء فِي جِهَة الْعُلُوّ مَعَ أَنه لَيْسَ جَوْهَر وَلَا عرضٍ مَعْقُول أَو مُسْتَحِيل جَوَاب هَل الاسْتوَاء وَالنُّزُول حَقِيقَة وَهل لَازم الْمَذْهَب مَذْهَب سَمَّاهُ الإربلية مَسْأَلَة النُّزُول وَاخْتِلَاف وقته باخْتلَاف الْبلدَانِ والمطالع مُجَلد لطيف شرح حَدِيث النُّزُول
فِي أَكثر من مُجَلد بَيَان حل إِشْكَال ابْن حزم الْوَارِد على الحَدِيث قاعدتان فِي قرب الرب من عابديه وداعيه مُجَلد لطيف الْكَلَام على نقض المرشدة الْمسَائِل الْإسْكَنْدَريَّة فِي الرَّد على الاتحادية والحلولية مَا تضمنه فصوص الحكم من الْكفْر والإلحاد والحلول والاتحاد جَوَاب فِي لِقَاء الله جَوَاب رُؤْيَة النِّسَاء ربهن فِي الْجنَّة الرسَالَة المدنية فِي إِثْبَات الصِّفَات النقلية الهلاوونية جَوَاب ورد على لِسَان ملك التتار مُجَلد قَوَاعِد فِي إِثْبَات الْقدر وَالرَّدّ على الْقَدَرِيَّة والجبرية مُجَلد رد على الروافض فِي الْإِمَامَة على ابْن مطهر جَوَاب فِي حسن إِرَادَة الله تَعَالَى لخلق الْخلق وإنشاء الْأَنَام لعِلَّة أم لغير عِلّة شرح حَدِيث فحجّ آدم مُوسَى كتاب تَنْبِيه الرجل الغافل على تمويه المجادل مُجَلد تناهي الشدائد فِي اخْتِلَاف العقائد كتاب الْإِيمَان مُجَلد شرح حَدِيث جِبْرِيل فِي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام فِي عصمَة الْأَنْبِيَاء فِي مَا يبلّغونه مَسْأَلَة فِي الْعقل وَالروح فِي المقربين هَل يسألهم مُنكر وَنَكِير هَل يعذب)
الْجَسَد مَعَ الرّوح فِي الْقَبْر وَهل تفارق الْبدن بِالْمَوْتِ أم لَا الرَّد على أهل كسروان مجلدان
فِي فضل أبي بكر(7/17)
وَعمر على غَيرهمَا قَاعِدَة فِي فضل مُعَاوِيَة وَفِي ابْنه يزِيد أَنه لَا يسب فِي تَفْضِيل صالحي النَّاس على سَائِر الْأَجْنَاس مُخْتَصر فِي كفر النصيرية فِي جَوَاز قتال الرافضة كراسة فِي بَقَاء الْجنَّة وَالنَّار وفنائهما وردّ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ
كتب أصُول الْفِقْه قَاعِدَة غالبها أَقْوَال الْفُقَهَاء مجلدان قَاعِدَة كل حمد وذم من المقالات وَالْأَفْعَال لَا يكون إِلَّا بِالْكتاب وَالسّنة شُمُول النُّصُوص للْأَحْكَام مُجَلد لطيف قَاعِدَة فِي الْإِجْمَاع وَأَنه ثَلَاثَة أَقسَام جَوَاب فِي الْإِجْمَاع وَخبر التَّوَاتُر قَاعِدَة خبر الْوَاحِد يُفِيد الْيَقِين قَاعِدَة فِي كَيْفيَّة الِاسْتِدْرَاك على الْأَحْكَام بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع فِي الرَّد على من قَالَ إِن الْأَدِلَّة اللفظية لَا تفِيد الْيَقِين ثَلَاث مصنفات قَاعِدَة فِيمَا يظنّ من تعَارض النُّصُوص وَالْإِجْمَاع مُؤَاخذَة لِابْنِ حزم فِي الْإِجْمَاع قَاعِدَة فِي تَقْرِير الْقيَاس قَاعِدَة فِي الِاجْتِهَاد والتقليد فِي الْأَحْكَام مُجَلد رفع الملام عَن الْأَئِمَّة الْأَعْلَام قَاعِدَة فِي الِاسْتِحْسَان وصف الْعُمُوم والاطلاق قَوَاعِد فِي أَن الْمُخطئ فِي الِاجْتِهَاد لَا يَأْثَم مُجَلد هَل الْعَاميّ يجب عَلَيْهِ تَقْلِيد مَذْهَب معِين جَوَاب فِي ترك التَّقْلِيد فِي من يَقُول مذهبي مَذْهَب النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَلَيْسَ أَنا مُحْتَاج إِلَى تَقْلِيد الْأَرْبَعَة جَوَاب من تفقه فِي مَذْهَب وَوجد حَدِيثا صَحِيحا هَل يعْمل بِهِ أَو لَا جَوَاب تَقْلِيد الْحَنَفِيّ فِي الْجمع للمطر وَالْوتر الْفَتْح على الإِمَام فِي الصَّلَاة تَفْضِيل قَوَاعِد مَذْهَب مَالك وَأهل الْمَدِينَة تَفْضِيل الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَمَا امتاز بِهِ كل وَاحِد مِنْهُم قَاعِدَة فِي تَفْضِيل الإِمَام أَحْمد مُجَلد جَوَاب هَل كَانَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قبل الرسَالَة نبيّاً جَوَاب هَل كَانَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام متعبداً بشرع من قبله قَوَاعِد أَن النَّهْي يَقْتَضِي العناد كتب الْفِقْه شرح الْمُحَرر فِي مَذْهَب أَحْمد وَلم يبيَّض شرح الْعُمْدَة لموفق الدّين أَربع مجلدات جَوَاب مسَائِل وَردت من أَصْبَهَان جَوَاب مسَائِل وَردت من الأندلس جَوَاب مسَائِل وَردت من الصَّلْت ومسائل من بغداذ مسَائِل وَردت من زرع مسَائِل وَردت من الرحبة أَرْبَعُونَ مَسْأَلَة لقبت الدُّرَر المضية فِي فتاوي ابْن تَيْمِية الماردانية الطرابلسية قَاعِدَة فِي الْمِيَاه)
والمائعات وأحكامها الْمَائِعَات وملاقاتها النَّجَاسَات طَهَارَة بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه قَاعِدَة فِي حَدِيث القُلتين وَعدم رَفعه قَوَاعِد فِي الِاسْتِجْمَار وتطهير الأَرْض بالشمس وَالرِّيح جَوَاز الِاسْتِجْمَار مَعَ وجود المَاء نواقض الْوضُوء قَوَاعِد فِي عدم نقضه بلمس النِّسَاء التَّسْمِيَة على الْوضُوء خطأ القَوْل بِجَوَاز مسح الرجلَيْن جَوَاز الْمسْح على الْخُفَّيْنِ المنخرقين والجوربين واللفائف فِي من لَا يُعْطي أُجْرَة الْحمام تَحْرِيم دُخُول الْحمام بِلَا مئزر فِي الْحمام والاغتسال ذمّ الوسواس جَوَاز طواف الْحَائِض تيسير الْعِبَادَات لأرباب الضرورات بِالتَّيَمُّمِ وَالْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ للْعُذْر كَرَاهِيَة التَّلَفُّظ بِالنِّيَّةِ وَتَحْرِيم الْجَهْر بهَا قَاعِدَة فِي الِاسْتِعَاذَة قَاعِدَة فِي الْبَسْمَلَة هَل هِيَ من السُّور فِيمَا يعرض للْمُصَلِّي من الوسواس هَل يبطل أَو لَا الْكَلم الطّيب فِي الْأَذْكَار كَرَاهِيَة تَقْدِيم بسط سجادة الْمُصَلِّي قبل مَجِيئه فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تصليان قبل الْجُمُعَة فِي الصَّلَاة بعد أَذَان الْجُمُعَة الْقُنُوت فِي الصُّبْح وَالْوتر قتل تَارِك أحد المباني وكفره مُجَلد الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر فِيمَا(7/18)
يخْتَلف حكمه بِالسَّفرِ والحضر أهل الْبدع هَل يصلى خَلفهم صَلَاة بعض أهل الْمذَاهب خلف بعض الصَّلَوَات المبتدعة تَحْرِيم السماع تَحْرِيم الشبّابة تَحْرِيم اللّعب بالشطرنج تَحْرِيم الحشيشة وَوُجُوب الْحَد فِيهَا وتنجيسها النَّهْي عَن الْمُشَاركَة فِي أعياد النَّصَارَى وَالْيَهُود وَإِيقَاد النيرَان فِي الميلاد وَنصف شعْبَان وَمَا يفعل فِي عَاشُورَاء من الْحُبُوب قَاعِدَة فِي مِقْدَار الْكَفَّارَة فِي الْيَمين خمس كراريس فِي أَن الْمُطلقَة ثَلَاثًا لَا تحل إِلَّا بِنِكَاح زوج ثَان بَيَان الطَّلَاق الْمُبَاح وَالْحرَام فِي الْحلف بِالطَّلَاق وتنجيزه ثَلَاثًا فِي الْحيض جَوَاب من حلف لَا يفعل شَيْئا على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة ثمَّ طلق ثَلَاثًا الْفرق الْمُبين بَين الطَّلَاق وَالْيَمِين لمحة المختطف فِي الْفرق بَين الطَّلَاق وَالْحلف الْحلف بِالطَّلَاق من الْأَيْمَان حَقِيقَة كتاب التَّحْقِيق فِي الْفرق بَين الايمان والتطليق الطَّلَاق البدعي لَا يَقع مسَائِل الْفرق بَين الْحلف بِالطَّلَاق وإيقاعه وَالطَّلَاق البدعي وَالْخلْع وَنَحْو ذَلِك تَقْدِير خَمْسَة عشر مجلداً مَنَاسِك الْحَج عدَّة نَحْو مُجَلد فِي حجَّة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْعمرَة المكية فِي شهر السِّلَاح بتبوك وَشرب السويق بِالْعقبَةِ وَأكل التَّمْر بالروضة وَمَا يلبس الْمحرم وزيارة الْخَلِيل عقيب الْحَج زِيَارَة الْقُدس مُطلقًا جبل لبنان كأمثاله من الْجبَال لَيْسَ فِيهِ رجال غُيَّبٌ وَلَا أبدال جَمِيع أَيْمَان الْمُسلمين مكفّرة)
الْكتب فِي أَنْوَاع شَتَّى جمع بعض النَّاس فَتَاوِيهِ بالديار المصرية مُدَّة مقَامه بهَا سبع سِنِين فِي عُلُوم شَتَّى فَجَاءَت ثَلَاثِينَ مجلدة الْكَلَام على بطلَان الفتوة المصطلح عَلَيْهَا بَين الْعَوام وَلَيْسَ لَهَا أصل مُتَّصِل بعليٍّ عَلَيْهِ السَّلَام كشف حَال الْمَشَايِخ الأحمدية وأحوالهم الشيطانية بطلَان مَا يَقُوله أهل بَيت الشَّيْخ عدي النُّجُوم هَل لَهَا تَأْثِير عِنْد الاقتران والمقابلة وَفِي الْكُسُوف هَل يقبل قَول المنجمين فِيهِ ورؤية الْأَهِلّة مُجَلد تَحْرِيم أَقسَام المعزمين بالعزائم الْمُعْجَمَة وصدع الصَّحِيح وَصفَة الْخَوَاتِم إبِْطَال الكيمياء وتحريمها وَلَو صحت ولراجت كشف حَال المرازقة قَاعِدَة فِي العبيديين
وَمن نظم الشَّيْخ تَقِيّ الدّين رَحمَه الله تَعَالَى على لِسَان هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاء المجردين وَغَيرهم
(وَالله مَا فقرنا اخْتِيَار ... وَإِنَّمَا فقرنا اضطرار)
(جماعةٌ كلنا كسَالَى ... وأكلنا مَا لَهُ عيار)
(تسمع منا إِذا اجْتَمَعنَا ... حَقِيقَة كلهَا فشار)
وَله أجوبة سؤالاتٍ كَانَ يسْأَلهَا نظماً فيجيب عَنْهَا نظماً أَيْضا وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع إِيرَاد ذَلِك
ومدحه جمَاعَة من أهل عصره مِنْهُم شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد البغداذي الْمَعْرُوف بِابْن الأبرادي الْحَنْبَلِيّ وَالشَّيْخ شمس الدّين بن الصايغ وَسعد الدّين أَبُو مُحَمَّد سعد الله بن عبد الْأَحَد الْحَرَّانِي وَأكْثر من ذَلِك وَمِنْه
(لَئِن نافقوه وَهُوَ فِي السجْن وابتغوا ... رِضَاهُ وأبدوا رقةً وتوُّددا)(7/19)
(فَلَا غروَ أَن ذلَّ الْخُصُوم لِبَأْسِهِ ... وَلَا عجبٌ أَن هاب سطوته العدى)
(فَمن شِيمَة العضب المهند أَنه ... يخَاف ويرجى مُغمداً ومجرَّدا)
وَلما دخل مصر امتدحه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان بِأَبْيَات وَلما توفّي رَحمَه الله رثاه جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن غَانِم وَالشَّيْخ قَاسم ابْن عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ وبرهان الدّين إِبْرَاهِيم بن الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن عبد الْكَرِيم العجمي ومحمود بن عَليّ بن مَحْمُود بن مقبل الدقوقي الْبَغْدَادِيّ ومجير الدّين أَحْمد بن الْحسن الْخياط الدِّمَشْقِي وشهاب الدّين أَحْمد بن الكرشت وزين الدّين عمر بن الحسام وشمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْقَاسِم الْحلَبِي الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الاسكاف وصفي الدّين عبد الْمُؤمن ابْن عبد الْحق البغداذي الْحَنْبَلِيّ)
وجمال الدّين مَحْمُود بن الْأَثِير الْحلَبِي وَعبد الله بن خضر بن عبد الرَّحْمَن الرُّومِي الحريري الْمَعْرُوف بالمتيم وتقي الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن سَالم الجعبري وجمال الدّين عبد الصَّمد بن إِبْرَاهِيم ابْن الْخَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْخَلِيل الخليلي وَحسن بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ المارداني وَالْقَاضِي زين الدّين عمر بن الوردي الشَّافِعِي وَغَيرهم وَفِي هَؤُلَاءِ من رثاه بقصيدتين وَثَلَاث وقصيدة الشَّيْخ عَلَاء الدّين ابْن غَانِم
(أيّ حبرٍ مضى وأيّ إِمَام ... فجعت فِيهِ مِلَّة الْإِسْلَام)
(ابْن تَيْمِية التقيّ وحيد الده ... ر من كَانَ شامةً فِي الشَّام)
بَحر علمٍ قد غاض من بعد مَا فاض نداه وعمَّ بالإنعام زاهدٌ عابدٌ تنزّه فِي دُنْيَاهُ عَن كل مَا بهَا من حطام
(كَانَ كنزاً لكلّ طَالب علمٍ ... وَلمن خَافَ أَن يرى فِي حرَام)
ولعافٍ قد جَاءَ يشكو من الْفقر لَدَيْهِ فنال كل مرام
(حَاز علما فَمَا لَهُ من مساوٍ ... فِيهِ من عالمٍ وَلَا من مسام)
(لم يكن فِي الدُّنْيَا لَهُ من نظيرٍ ... فِي جَمِيع الْعُلُوم وَالْأَحْكَام)
عَالم فِي زَمَانه فاق بالعلالإمام جَمِيع الْأَئِمَّة الْأَعْلَام
(كَانَ فِي علمه وحيداً فريداً ... لم ينالوا مَا نَالَ فِي الأحلام)
(كلّ من فِي دمشق ناح عَلَيْهِ ... ببكاءٍ من شدَّة الآلام)
فجع النَّاس فِيهِ فِي الشرق والغرب وأضحوا بالحزن كالأيتام
(لَو يُفِيد الْفِدَاء بِالروحِ لَكنا ... قد فديناه من هجوم الْحمام)
(أوحدٌ فِيهِ قد أُصِيب البرايا ... فيعزّى فِيهِ جَمِيع الْأَنَام)
(وعزيزٌ عَلَيْهِم أَن يروه ... غَابَ بالرغم فِي الثرى والرغام)
مَا يرى مثل يَوْمه عِنْدَمَا سَار على النعش نَحْو دَار السَّلَام(7/20)
(حملوه على الرّقاب إِلَى القب ... ر وكادوا أَن يهْلكُوا بالزحام)
(فهمو الْآن جَار رب السموا ... ت الرَّحِيم الْمُهَيْمِن العلام)
(قدس الله روحه وَسَقَى قب ... راً حواه بهاطلات الْغَمَام)
(فَلَقَد كَانَ نَادرا فِي بني الده ... ر وحسناً فِي أوجه الْأَيَّام)
)
وأنشدني إجَازَة لنَفسِهِ القَاضِي زين الدّين عمر بن الوردي الشَّافِعِي وَمن خطه نقلت
(قُلُوب النَّاس قاسيةٌ سلاط ... وَلَيْسَ لَهَا إِلَى الْعليا نشاط)
(أتنشط بطّ بعد وَفَاة حبرٍ ... لنا من نثر جوهره الْتِقَاط)
(تَقِيّ الدّين ذُو ورعٍ وعلمٍ ... خروق المعضلات بِهِ تخاط)
(توفّي وَهُوَ محبوسٌ فريدٌ ... وَلَيْسَ لَهُ إِلَى الدُّنْيَا انبساط)
(وَلَو حَضَرُوهُ حِين قضى لألفوا ... مَلَائِكَة النَّعيم بِهِ أحاطوا)
(قضى نحباً وَلَيْسَ لَهُ قرينٌ ... وَلَيْسَ يلفّ مشبهه القماط)
(فَتى فِي علمه أضحى فريداً ... وَحل المشكلات بِهِ يناط)
(وَكَانَ يخَاف إِبْلِيس سطاه ... لوعظٍ للقلوب هُوَ السِّيَاط)
(فيا لله مَا قد ضم لحدٌ ... وَيَا لله مَا غطى البلاط)
(وَحبس الدّرّ فِي الأصداف فخرٌ ... وَعند الشَّيْخ بالسجن اغتباط)
(بَنو تَيْمِية كَانُوا فبانوا ... نُجُوم الْعلم أدْركهَا انهباط)
(وَلَكِن يَا ندامتنا عَلَيْهِ ... فشكّ الْمُلْحِدِينَ بِهِ يماط)
(إمامٌ لَا ولَايَة قطّ عانى ... وَلَا وقفٌ عَلَيْهِ وَلَا رِبَاط)
(وَلَا جارى الورى فِي كسب مالٍ ... وَلم يشْغلهُ بِالنَّاسِ اخْتِلَاط)
(وَلَوْلَا أَنهم سجنوه شرعا ... لَكَانَ بِهِ لقدرهم انحطاط)
(لقد خفيت عليّ هُنَا أمورٌ ... فَلَيْسَ يَلِيق لي فِيهَا انخراط)
(وَعند الله تَجْتَمِع البرايا ... جَمِيعًا وانطوى هَذَا الْبسَاط)
3 - (ابْن مكندا)
أَحْمد بن عبد الحميد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن مكندا بِالْمِيم المضمومة وَبعد الْكَاف الْمَكْسُورَة نون وَبعدهَا دَال مُهْملَة وَألف من أهل أوانا(7/21)
أسمعهُ وَالِده من أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز العباسي الْمَكِّيّ وَغَيره وَكَانَ فِيهِ أدب وَيَقُول الشّعْر امتدح الْوَزير أَبَا المظفر ابْن هُبَيْرَة بقصيدة أَولهَا
(نوح الْحمام على فروع البان ... أهْدى إليّ بلابل الأشجان)
(ورقٌ تداعى فِي ذرى أَغْصَانهَا ... بهديلها وترجّع الألحان)
)
(يخطرن بالأطواق وَالْحلَل الَّتِي ... قد زخرفت بعجائب الألوان)
(ناديتهن ودمع عَيْني هاطلٌ ... لما صمتن وملن بالأفنان)
(بِاللَّه يَا ورق الْحمام أعنني ... بهديلكنَّ وكنّ من أعواني)
قلت شعرٌ منحطّ يقبل
3 - (عز الدّين ابْن الْعِمَاد الْمَقْدِسِي)
أَحْمد بن عبد الحميد بن عبد الْهَادِي بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن قدامَة الشَّيْخ الْمسند الْمُبَارك عز الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْعِمَاد أبي الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي ولد تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسمع من الْمُوفق ومُوسَى بن عبد الْقَادِر وَابْن رَاجِح وَابْن أبي لقْمَة والبهاء وَأبي الْقَاسِم ابْن صصرى وشمس الدّين أَحْمد البُخَارِيّ وَابْن غَسَّان وَابْن الزبيدِيّ وَجَمَاعَة خرجت لَهُ مشيخةٌ فِي ثَلَاثَة أَجزَاء وسمعها جمَاعَة وَظهر لَهُ أَيَّام التتار سَماع مُسْند أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ من الشَّيْخ موفق وحدّث بالكثير وَصَارَ من أَعْيَان المسندين فِي زَمَانه وَتفرد بشيوخ وأجزاء وَتُوفِّي سبع مائَة
3 - (ابْن عبد الدايم الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عبد الدايم بن نعْمَة بن أَحْمد بن نعْمَة بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن بكير المعمر الْعَالم مُسْند الْوَقْت زين الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الفندقي الْحَنْبَلِيّ النَّاسِخ ولد بفندق الشُّيُوخ من جبل نابلس سنة خمس وَسبعين وَأدْركَ الْإِجَازَة الَّتِي من السلَفِي لمن أدْرك حَيَاته وَأدْركَ الْإِجَازَة الْخَاصَّة من خطيب الْموصل أبي الْفضل الطوسي وَأبي الْفَتْح ابْن شاتيل وَنصر الله الْقَزاز وَخلق سواهُم وَسمع من يحيى الثَّقَفِيّ وَأبي الْحُسَيْن الموازيني وَمُحَمّد بن عَليّ بن صَدَقَة وَإِسْمَاعِيل الجنزوي والمكرم بن هبة الله الصُّوفِي وبركات الخشوعي وَابْن طبرزذ والحافظ عبد الْغَنِيّ ورحل إِلَى بغداذ وَسمع من ابْن كُلَيْب بقرَاءَته من عبد الْخَالِق ابْن البندار وَابْن سكينَة وَعلي بن يعِيش الْأَنْبَارِي وَغَيرهم وتفقه على الشَّيْخ الْمُوفق وَكتب بِخَطِّهِ الْمليح السَّرِيع مَا لَا يُوصف لنَفسِهِ وبالأجرة حَتَّى كَانَ يكْتب إِذا تفرغ فِي الْيَوْم تسع كراريس(7/22)
أَو أَكثر وَيكْتب الكراسين وَالثَّلَاثَة مَعَ اشْتِغَاله فِي يَوْم وَلَيْلَة قيل إِنَّه كَانَ يكْتب الْقَدُورِيّ فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَعِنْدِي أَن هَذَا مُسْتَحِيل وَقيل إِنَّه كَانَ ينظر فِي الصفحة نظرة وَاحِدَة ويكتبها وَلذَلِك يُوجد لَهُ الْغَلَط فِيمَا كتبه كثيرا ولازم النّسخ خمسين سنة وخطه لَا نقط وَلَا ضبط وَكتب على)
مَا قَالَه فِي شعره ألفي مجلدة وَكَانَ تَامّ الْقَامَة حسن الْأَخْلَاق والشكل ذكر ابْن الخباز أَنه سمع ابْن عبد الدايم يَقُول كتبت بخطي ألفي جُزْء وَذكر أَنه كتب بِخَطِّهِ تَارِيخ دمشق مرَّتَيْنِ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين الْوَاحِدَة فِي وقف أبي الْمَوَاهِب ابْن صصري وَكتب من التصانيف الْكِبَار شَيْئا كثيرا وَولي خطابة كفر بَطنا وَأَنْشَأَ خطباً عديدة وَحدث سِنِين كَثِيرَة روى عَنهُ الشَّيْخ مُحي الدّين وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَالشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي وَابْن الظَّاهِرِيّ وَابْن جعوان وَابْن تَيْمِية وَنجم الدّين ابْن صصري وَشرف الدّين الْفَزارِيّ الْخَطِيب وَأَخُوهُ تَاج الدّين وَولده برهَان الدّين وشمس الدّين إِمَام الكلاسة وَشرف الدّين منيف قَاضِي الْقُدس وعلاء الدّين ابْن الْعَطَّار وَخلق كثير بِمصْر وَالشَّام ورحل إِلَيْهِ غير وَاحِد وَتفرد بالكثير وكفّ بَصَره فِي آخر عمره وَتُوفِّي لتسْع خلون من شهر رَجَب سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وست مائَة
وَمن شعره فِيمَا يَكْتُبهُ فِي الْإِجَازَة
(أجزت لَهُم عني رِوَايَة كل مَا ... رِوَايَته لي مَعَ توقٍّ وإتقان)
(وَلست مجيزاً للرواة زِيَادَة ... بَرِئت إِلَيْهِم من مزيدٍ ونقصان)
وَمن شعره لما أضرّ
(إِن يذهب الله من عينيَّ نورهما ... فإنّ قلبِي بصيرٌ مَا بِهِ ضَرَر)
(أرى بقلبي دنياي وآخرتي ... وَالْقلب يدْرك مَا لَا يدْرك الْبَصَر)
(وَالله إِن لكم فِي الْقلب منزلَة ... مَا نالها قبلكُمْ أُنْثَى وَلَا ذكر)
(وصالكم لي حياةٌ لَا نفاد لَهَا ... والهجر موتٌ فَلَا عينٌ وَلَا أثر)
وَمِنْه
(عجزت عَن حمل قرطاس وَعَن قلم ... من بعد إلفي بالقرطاس والقلم)
(كتبت ألفا وألفاً من مجلدةٍ ... فِيهَا عُلُوم الورى من غير مَا ألم)
(مَا الْعلم فَخر امرئٍ إِلَّا لعامله ... إِن لم يكن عملٌ فالعلم كَالْعدمِ)
(الْعلم زينٌ وتشريفٌ لصَاحبه ... فاعمل بِهِ فَهُوَ للطلاب كَالْعلمِ)
(مَا زلت أطلبه دهري وأكتبه ... حَتَّى ابْتليت بِضعْف الْجِسْم والهرم)(7/23)
3 - (الشارمساحي)
أَحْمد بن عبد الدايم بن يُوسُف بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الْخَالِق ابْن ساهل أمره الْكِنَانِي)
الشارمساحي يكنى أَبَا يُوسُف قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان مولده بشارمساح سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وست مائَة وأنشدني من لَفظه قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ بدمياط سنة أَربع وَتِسْعين من قصيدة
(محجَّبةٌ بَين الترائب والحشا ... فدمعي لَهَا طلقٌ وقلبي بهَا رهن)
(وَحَال الْهوى مَا لَيْسَ يدْرك كنهه ... وَهل هُوَ وهمٌ يعتري الْقلب أم وَهن)
(ومسلكه بالطرف سهلٌ وَإِنَّمَا ... لَهُ منهجٌ أعيا الْقُلُوب بِهِ حزن)
(لَدَيْهِ الْأَمَانِي بالمنايا مشوبةٌ ... وَفِيه الرجا واليأس وَالْخَوْف والأمن)
(وَكم مهلكٍ فِيهِ يقينٌ لعاشقٍ ... ومطلبه من دونه فِي الورى ظنّ)
وَأنْشد بالسند الْمَذْكُور قَالَ أَنْشدني لَهُ سنة سبع وَسبع مائَة
(تخشى الظبى والظبا من فتك ناظره ... وَإِن تثنى فَلَا تسْأَل عَن الأسل)
(لَا واخذ الله عَيْنَيْهِ فقد نشطت ... إِلَى تلافي وفيهَا غَايَة الكسل)
(ترمي الْقُلُوب فَمَا تَدْرِي أَقَامَ بهَا ... هاروت أم ذَاك رامٍ من بني ثعل)
(هَذَا الغزال الَّذِي راقت محاسنه ... فَلَا عجيبٌ عَلَيْهِ رقّة الْغَزل)
(لما تواليت من وجدٍ وَمن شغفٍ ... تحقق النَّاس أَنِّي مغرمٌ بعلي)
وأنشدني بالنسد الْمَذْكُور لَهُ
(جدّ بِنَفس المشوق هازلها ... غزالةٌ لم أزل أغازلها)
(كَأَنَّهَا الْبَدْر طالعاً فَلِذَا ... قُلُوب عشاقها منازلها)
(أرْسلت طرفِي لَهَا فوا أسفا ... مَا عَاد قلبِي وَلَا رسائلها)
(لم يبْق إِلَّا خيال طلعتها ... فِي اللَّيْل أَو نسمةٌ أسائلها)
(عَيْني لكسري بعد الوفا رجعت ... مَجْنُونَة دمعها سلاسلها)
(كأنّ فِيهَا سَحَابَة هطلت ... فطلّها هاملٌ ووابلها)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور أَيْضا
(لَا تعجبوا للمجانيق الَّتِي رشقت ... عكا بنارٍ وهدّتها بأحجار)
(بل اعجبوا للسان النَّار قائلةً ... هذي منَازِل أهل النَّار فِي النَّار)(7/24)
قلت أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة القَاضِي شهَاب الدّين أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود رَحمَه الله تَعَالَى)
(مَرَرْت بعكا عِنْد تَعْلِيق سورها ... وزند أوار النَّار من تحتهَا وار)
(فعاينتها بعد التنصر قد غَدَتْ ... مَجُوسِيَّة الْأَحْجَار تسْجد للنار)
3 - (الْحَافِظ أَبُو بكر الشِّيرَازِيّ)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُوسَى الْحَافِظ أَبُو بكر الشِّيرَازِيّ مُصَنف كتاب الألقاب سمع جمَاعَة وَكَانَ صَدُوقًا ثِقَة توفّي سنة سبع وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو بكر الْخَولَانِيّ الْمَالِكِي)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو بكر الْخَولَانِيّ القيرواني شيخ الْمَالِكِيَّة بالقيروان كَانَ حَافِظًا للْمَذْهَب أديباً نحوياً تفقه بِابْن أبي زيد وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (المشاط الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي الْحُسَيْن الشَّيْخ أَبُو الْحُسَيْن الكيالي النَّيْسَابُورِي المشاط الْمُقْرِئ شيخ ثِقَة جليل عَالم توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (الْكرْمَانِي الصُّوفِي)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن الْكرْمَانِي الزَّاهِد شيخ الصُّوفِيَّة أحد أَوْلِيَاء الله تَعَالَى فِي عصره مجاهدة ومعاملة توفّي سنة سِتّ وَخمْس مائَة
3 - (الْحَافِظ البطروجي)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْبَارِي أَبُو جَعْفَر البطروجي بِالْجِيم وَيُقَال البطروشي بالشين الْمُعْجَمَة الْحَافِظ أحد الْأَئِمَّة الْمَشَاهِير بالأندلس كَانَ إِمَامًا حاذقاً بِمذهب مَالك عَارِفًا بِالرِّجَالِ وأحوالهم وتواريخهم وَله مصنفات مَشْهُورَة وَكَانَ إِذا سُئِلَ عَن شَيْء كَأَن الْجَواب على رَأس لِسَان يُورد الْمَسْأَلَة بنصها توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن نفادة)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن نفادة الأديب البارع بدر الدّين نشئ الدولة السّلمِيّ الدِّمَشْقِي شَاعِر محسن روى عَنهُ الشهَاب القوصي وَكَانَ رَئِيسا وديوانه مَوْجُود عَاشَ سِتِّينَ سنة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وست مائَة وَله مدائح كَثِيرَة فِي السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْكَبِير وَفِي أَوْلَاده وأخيه الْعَادِل وجماعته وَفِي الْوَزير صفي الدّين ابْن الْقَابِض وَفِي القَاضِي الْفَاضِل وَالْقَاضِي(7/25)
ابْن الشهرزوري ضِيَاء الدّين وَالْقَاضِي محيي الدّين ابْن الزكي وَغَيره وَهُوَ أحد الْمَشْهُورين)
بِحسن النّظم فَمن شعره قَوْله
(قيل تهوى ذَات اللمى قلت إِنَّه ... أوما سقمه عَلَيْهِ مئنّه)
ولنار الْهوى دُخان بِهِ تعرف لكنه زفيرٌ وَأَنه
(لسوى الحبّ ينفع الصَّبْر ذخْرا ... وَسوى اللحظ ينسج الدرْع جنّه)
(يَا لقومي لأعينٍ نافذاتٍ ... حَيْثُ لَا تنفذ القنا بالأسنه)
وظباء تنضو لقلبي ظبى الألحاظ أجفانهن أجفانهنه وبنفسي هيفاء تقعدها الأرداف عجلى إِذا مشت مطمئنّه
(ذَات وجهٍ إِن أَقبلت فصباحٌ ... ذَات شعرٍ إِن أَدْبَرت فدجنّه)
من بَنَات الشموس أَو أَخَوَات الْبَدْر حسنا أَو بعض حور الجنّه نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي قَالَ أَنْشدني ابْن نفاذة لنَفسِهِ ملغزاً فِيمَن اسْمه يُوسُف
(يَا سائلي مَا اسْم الَّذِي أحببته ... إِنِّي بسرّ هَوَاهُ غير مصرّح)
(لَكِن إِذا فَكرت فِيهِ وجدته ... معكوس سَابِع لفظةٍ من سبّح)
قلت يُرِيد قَوْله تَعَالَى فسوى
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ
(قل للزكيّ المرتضى ... ذخر الورى بل ذِي الأيادي)
(يَا من غَدا شكري لَهُ ... كفريضةٍ بَين الْعباد)
(قد كدت أنسخ شكره ... لولاه فِي جاه الوداد)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ وَكتب بهما إِلَى الشَّمْس ابْن حيوس يطْلب مشمشاً يَا شمس لَا زلت مشكور الْخَلَائق محممود الفعال وَمن يشناك مَذْمُوم
(هَل أَنْت من فلك الإنعام تطلع لي ... شمساً مصحفةً من قبلهَا مِيم)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ
(إِن أعوز الحاذق فاستبدلوا ... مَكَانَهُ آخر لم يحذق)
(فلاعب الشطرنج من شَأْنه ... وضع حصاةٍ مَوضِع البيذق)(7/26)
وَقَالَ عَارضه شَيخنَا عماد الدّين الْكَاتِب فَقَالَ
(مَا سدّ مَوْضِعه بمشبه فَضله ... وَلَقَد سما فضلا عَن الْأَشْبَاه)
)
(وضعُوا حَصَاة وَهِي يصغر قدرهَا ... عَن بيذقٍ غَلطا مَكَان الشاه)
وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ أَيْضا
(أفدي الَّتِي سفرت فقابل ناظري ... مرْآة وَجه بالجمال صقيل)
(أبْكِي فأبصر أدمعي فِي خدّها ... لصقاله فأظنّها تبْكي لي)
قلت أَخذه من قَول الأرّجاني
(قابلني حَتَّى بَدَت أدمعي ... فِي خَدّه المصقول مثل المراه)
(يُوهم صحبي أَنه مسعدي ... بأدمعٍ لم تذرها مقلتاه)
(وَإِنَّمَا قلدني منّةً ... بدمع عينٍ من جفوني مراه)
(وَلم تقع فِي خدّه قطرةٌ ... إِلَّا خيالات دموع البكاه)
وَقَالَ أَنْشدني يرثي ابْنه لنَفسِهِ
(قَالُوا تعيش فَقلت لَا ... بِاللَّه لَا تدعوا عليا)
قَالُوا تَمُوت فَقلت ذَلِك لَو غَدا أَمْرِي إليّا لَو كَانَ أسعدني إلهي لم أكن إِذْ ذَاك حيّا
(قد كَانَ موتِي راحتي ... قبل الرزيّة لَو تهيّا)
وَأورد لَهُ تخميس قصيدة التهامي الَّتِي أَولهَا
(حكم الْمنية فِي الْبَريَّة جَار ... مَا هَذِه الدُّنْيَا بدار قَرَار)
وَمن شعره أَيْضا
(حتّام إِن أَمر الغرام وَإِن نهى ... طاوعته وعصيت فِي الحبّ النّهى)
(أرضيت جفوني للدموع مؤهلاً ... أبدا وقلبي بالولوع مولَّها)
(قد كنت مُعْتَمدًا على صبري إِذا ... مَا الْخطب فاجأني وَهَا صبري وهى)
(ومدلّلٍ مَا زلت من هجرانه ... أبدا على مرّ الزَّمَان مدلّها)
(متأوّد الأعطاف قلب محبّه ... مَا زَالَ من إعراضه متأوّها)
(تجني على عشاقه وجناته ... بالصدّ فَهِيَ المشتكى والمشتهى)
(فبه إِذا عدّ الملاح المبتدا ... وَإِلَى غرامي فِي هَوَاهُ الْمُنْتَهى)
(يَا مطلعين لنا بدوراً أوجهها ... فلك الْجُيُوب فَكيف تسمى أوجها)
)
(وملاحظين بأعينٍ من أمّها ... لم يدر غزلاناً يغازل أم مها)
(فحذار من تِلْكَ الْعُيُون خديعةً ... فبمكرها سلبت فُؤَادِي مكْرها)(7/27)
وَمِنْه يذكر المشمش
(هبّ وَنجم الصَّباح لم يغب ... لرشف حَمْرَاء لَا ابْنة الْعِنَب)
(نارية اللَّوْن فِي الْجنان بَدَت ... يَا عجبا للجنان فِي اللهب)
(تلوح كالتبر فِي الزبرجد من ... فَوق عروق المرجان فِي القضب)
(فَهِيَ سَمَاء من الزمرد فِي ... آفاقها أنجمٌ من الذَّهَب)
فَمَا ترقى للسمع شيطانها الْكَافِر إِلَّا رمته بِالشُّهُبِ
(إِذا الثريا تكاملت كملت ... وأبرزت وَجه غير منتقب)
(وَكم ثريا فِي الْغُصْن طالعةً ... مِنْهَا جَمِيع النَّهَار لم تغب)
(زمانها كالأعياد مرتقبٌ ... أَيَّامهَا للسرور والطرب)
(حجّ لميقاتها الْبَريَّة من ... مصر إِلَى جلقٍ وَمن حلب)
(كالنار بل كالنارنج منظرها ... وطعمها فِي حلاوة الضَّرْب)
(حلت وحلت لمن تنَاولهَا ... والراح لَوْلَا التَّحْرِيم لم تطب)
(يرشف ريق الندى مقبلها ... فيجتنيها معسولة الشنب)
(تذوب فِيهِ من لطافتها ... من غير مضغٍ يُفْضِي إِلَى تَعب)
وَمِنْه أَيْضا
(دَعه مثلي يبكي الصِّبَا وزمانه ... إنّ ذكرَاهُ هيجت أحزانه)
ناح شجواً على لَيَال وَأَيَّام تقضّت لم يقْض مِنْهَا لبانه
(كَيفَ ترجو فِي الْأَرْبَعين وَفَاء ... من شبابٍ قبل الثَّلَاثِينَ خانه)
أَو ينَال اللَّذَّات فِي أخريات الْعُمر من لم يفز بهَا ريعانه مِنْهَا وتجاف الجفون وَاحْذَرْ على قَلْبك تِلْكَ اللواحظ الفتانه
(رامياتٍ فكلّ شَعْرَة هدبٍ ... ثمَّ سهمٌ وكل جفنٍ كنانه)
وبروحي هيفاء أعطافها نشوى تهادى كَأَنَّهَا خوط بانه)
(فَهِيَ بدرٌ من تَحْتَهُ غُصْن بانٍ ... وكثيبٌ من فَوْقه خيزرانه)
تلبس الْحسن فَوق قمصانها ثوبا وتكساه حلَّة عُرْيَانَهُ ينْبت الْورْد والشقيق بخديها لنا من قوامها ريحانه وترينا باللحظ نرجسة الأحداق والثغر باسماً أقحوانه فبلثمي والضمّ من خدّها والنهد أجني التفاح والرمانه(7/28)
وَمِنْه أَيْضا
(قد حجبوا الْبيض ببيض الصفاح ... وَمنعُوا السمر بسمر الرماح)
(وأطبقوا أصداف أسجافهم ... فَمَا ترى شمس الصَّباح الصَّباح)
مِنْهَا
(يثبت تأليف الْهوى حسنها ... وقدّها للصبر إِن ماح ماح)
(وطرفها مسكرٌة خمرهُ ... إِذا أديرت وَهُوَ يَا صاحِ صاحْ)
(أمدّ قلبِي نَحْو كاساتها ... رشفاً إِذا مدّت إِلَى الراح راحْ)
(واضحها موضح عُذْري فَمَا ... يلومني فِيهَا إِذا لَاحَ لاحْ)
قلت هَذَا النَّوْع بديع يُوهم أَنه توكيد فِي الظَّاهِر وَهُوَ فِي الْبَاطِن غير توكيد وَمثل هَذَا مَا أنشدنيه لنَفسِهِ إجَازَة القَاضِي زين الدّين عمر ابْن الوردي وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(تعشقت أحوى لي إِلَيْهِ وسائلٌ ... وَإِصْلَاح أحوالي لَدَيْهِ لَدَيْهِ)
(أمرّ بِهِ مستعطفاً متلطفاً ... فيثقل تسليمي عَلَيْهِ عَلَيْهِ)
(فَلَا كَانَ واشٍ كدّر الصفو بَيْننَا ... وبغّض تحبيبي إِلَيْهِ إِلَيْهِ)
وَلابْن نفادة قصيدة ذَات أَربع قواف وَهِي
(جمر غرامي وَاقد يَحْكِي لظى ... شراره فِي الْقلب لَيْسَ ينطفي)
(ودمع عَيْني شَاهد على الْهوى ... مدراره والوجد مَا لَا يختفي)
(وَالنَّوْم عني شارد لَا يرتجى ... غراره فيا لصبٍّ مدنف)
(هَل فِي الْهوى مساعد لما عَنى ... أعذاره فِي حب ظَبْي أهيف)
(مائل قدٍّ مائد إِذا انثنى ... خطّاره كالغصن المهفهف)
(فلحظه لي صائد إِذْ ينتضى ... بتاره هَل فِي الجفون مشرفي)
)
(قلبِي عَلَيْهِ وَاجِد لما نأى ... قراره بَين الأسى والأسف)
(أَرغب وَهُوَ زاهد وَهُوَ المنى ... أختاره من لي بِهِ فأشتفي)
(أسهر وَهُوَ رَاقِد لما جنى ... نفاره عرّضني للتلف)
(وجدي عَلَيْهِ زَائِد يَا لجوى ... إسعاره بَين الدُّمُوع الذّرّف)
(يَبْدُو فيصبو للعابد إِذا بدا ... عذاره مثل قوام الْألف)
قلت وَكَانَ مَعَ هَذِه الْقُدْرَة على النّظم وَحسنه يسرق السرقات الْفَاحِشَة بِالْمَعْنَى وَاللَّفْظ فَيظْهر ذَلِك لمن لَهُ أدنى اطلَاع وأيسر ذوق كَقَوْلِه(7/29)
(غالطتني حِين حاكى جسمها ... جسمي الممرض وجدا وغراما)
(ثمَّ قَالَت أَنْت عِنْدِي ناظري ... ولعمري صدقت لَكِن سقاما)
وَهَذَا بِعَيْنِه قَول الأرجاني
(غالطتني إِذْ كنت جسمي للضنى ... كسْوَة أعرت من اللَّحْم العظاما)
(ثمَّ قَالَت أَنْت عِنْدِي فِي الْهوى ... مثل عَيْني صدقت لَكِن سقاما)
وَكَقَوْلِه
(وامتدّ ليلِي إِذْ سهرت وَكلما ... قصرت جفوني زَاد ليلِي طولا)
وكأنّ مرْآة الصَّباح تنفسي الصعداء أصدأ وَجههَا المصقولا
3 - (أَبُو بكر الْفَارِسِي الصُّوفِي)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن عبد الله بن مُحَمَّد الْفَارِسِي أَبُو بكر الصُّوفِي شيخ رِبَاط الزوزني ببغداذ قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَهُوَ أَخُو شَيخنَا أبي عَليّ الْحسن وَكَانَ الْأَصْغَر سمع الحَدِيث بإفادة خَاله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن التكريتي من مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْبَزَّاز وَهبة الله بن أَحْمد الحريري وَغَيرهمَا وحدّث باليسير وَكَانَ مديماً للصيام كثير الصَّلَاة متعبداً توفّي سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو نصر الْوَاعِظ الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن أبي نصر ابْن الغزال أَبُو نصر ابْن أبي مُحَمَّد الْوَاعِظ وَيُسمى هبة الْكَرِيم أَيْضا وَهُوَ سبط أَحْمد بن بكروس الْفَقِيه حفظ الْقُرْآن وجوّده وَقَرَأَ بالروايات الْكَثِيرَة على أَصْحَاب أبي مُحَمَّد بن بنت الشَّيْخ وتفقه على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل)
وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَوعظ على الْمِنْبَر وأسمعه وَالِده الْكثير من ابْن كُلَيْب وَابْن بوش وذاكر بن كَامِل وَابْن المعطوش وَابْن الْجَوْزِيّ أبي الْفرج وَابْن كادش وأمثالهم وَطلب بِنَفسِهِ وَقَرَأَ على الْمَشَايِخ وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَكَانَ حسن الطَّرِيقَة متديناً مَاتَ شَابًّا وَقد جَاوز الْعشْرين مولده سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وست مائَة قَالَ محبُّ الدّين ابْن النجار ورأيته فِي الْمَنَام وَعَلِيهِ ثِيَاب فاخرة قَمِيص فوط جَدِيد وبقيار أَبيض مليح فَسَأَلته مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَقَلِيل الْعَمَل ينفع عِنْد الله وَسَأَلته عَن عَذَاب الْقَبْر أَحَق هُوَ قَالَ لَا فَقلت لَهُ مرّة ثَانِيَة عَذَاب الْقَبْر حق وجبذته جبذة شَدِيدَة كالمنكر عَلَيْهِ فَقَالَ لي أَنا مَا رَأَيْته فَقلت لَهُ مُنكر وَنَكِير قَالَ أَي وَالله حق نزلا عليّ وسألاني
3 - (نجم الدّين قَاضِي الْقُضَاة الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن قدامَة قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الشَّيْخ شمس الدّين أبي عمر الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ(7/30)
مولده سنة إِحْدَى وَخمسين وَسمع حضوراً من خطيب مردا وَسمع من إِبْرَاهِيم ابْن الْخَلِيل وَابْن عبد الدايم وَلم يحدث وَكَانَ مهيباً تَامّ الشكل بديناً لَيْسَ لَهُ اللِّحْيَة إِلَّا شَعرَات وَكَانَت إِلَيْهِ مَعَ الْقَضَاء خطابة الْجَبَل والإمامة بِحَلقَة الْحَنَابِلَة وَنظر أوقاف الْحَنَابِلَة وَكَانَ حسن السِّيرَة مليح البزة ذكياً لَهُ قدرَة على الْحِفْظ ومشاركة فِي الْعُلُوم وَشعر ولي الْقَضَاء لما عزل وَالِده نَفسه وعاش ثمانياً وَثَلَاثِينَ سنة وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَمن شعره
3 - (الْمسند تَقِيّ الدّين الْحَنْبَلِيّ بن مُؤمن)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُؤمن ابْن أبي الْفَتْح الْمَقْدِسِي الشَّيْخ الصَّالح الْمسند الْمُقْرِئ تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس الصُّورِي ثمَّ الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ سمع حضوراً من الشَّيْخ موفق وَهُوَ خَاتِمَة أَصْحَابه وَمن ابْن أبي لقْمَة وَمن ابْن صصري والقزويني واليها عبد الرَّحْمَن وَابْن الزبيدِيّ وخرّج أَبُو عَمْرو المقاتلي لَهُ مشيخة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سمعناها مِنْهُ وروى الْكثير وَحدث عَنهُ ابْن الخباز فِي حَيَاة ابْن عبد الدايم والبرزالي والواني والمقاتلي وَابْن الْمُحب وَآخَرُونَ عَاشَ أَرْبعا وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبع مائَة
3 - (الكزبراني)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمفضل أَبُو بكر الْحَرَّانِي الكزبراني توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ)
وَمِائَتَيْنِ
3 - (بحشل)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب الْقرشِي مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ الملقب بِبَحْشَلٍ بِالْحَاء الْمُهْملَة بعد الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْحَاء شين مُعْجمَة وَلَام روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو زرْعَة توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الهكاري الصرخدي القواس الْمسند)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الهكاري الصرخدي ثمَّ الصَّالِحِي القواس الْمسند المعمر شهَاب الدّين سمع من خطيب مردا وَغَيره وَكَانَ دينا خيّراً عَاشَ تسعين سنة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
3 - (ابْن الصَّقْر الخزرجي)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الصَّقْر الخزرجي أَصله من سرقسطة انْتقل جد أَبِيه مِنْهَا فسكن بلنسية وَولد بهَا أَبوهُ عبد الرَّحْمَن وَولد أَبُو الْعَبَّاس هَذَا بالمرية فِي آخر شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَكَانَ من أكَابِر الطّلبَة(7/31)
وَولي الْقَضَاء بإشبيلية وَتُوفِّي بمراكش فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَهُوَ الْقَائِل
(لله إخوانٌ تناءت دَارهم ... حفظوا الوداد على النَّوَى أَو خانوا)
(يهدي لنا طيب الثَّنَاء ودادهم ... كالندّ يهدي الطّيب وَهُوَ دُخان)
وَله فِي الحضّ على السياسة والمداراة
(أَرض العدوّ بظاهرٍ متصنّع ... إِن كنت مُضْطَرّا إِلَى استرضائه)
(كم من فَتى ألْقى بوجهٍ باسمٍ ... وجوانحي تنقدّ من بغضائه)
قلت يشبه قَول الْقَائِل
(إِذا مَا عدوّك يَوْمًا سما ... إِلَى حالةٍ لم تطق نقضهَا)
(فَقبل وَلَا تأنفن كفّه ... إِذا أَنْت لم تستطع عضّها)
وَقَول الآخر
(وَكم من يدٍ قبلتها وَلَو أنني ... أمكّن مِنْهَا سَاعَة لقطعتها)
3 - (شهَاب الدّين العابر الْحَنْبَلِيّ)
)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم بن نعْمَة بن سُلْطَان بن سرُور الشَّيْخ الإِمَام شهَاب الدّين الْمَقْدِسِي النابلسي الْحَنْبَلِيّ مُفَسّر المنامات ولد بنابلس سنة ثَمَان وَعشْرين وَسمع من عَمه التقي يُوسُف سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمن الصاحب محيي الدّين ابْن الْجَوْزِيّ وَسمع بِمصْر من ابْن رواج والساوي وَابْن الجميزي وبالاسكندرية من سبط السلَفِي وروى الْكثير بِدِمَشْق والقاهرة وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا واشتهر عَنهُ فِي ذَلِك عجائب ويخبر صَاحب الرُّؤْيَا بالمغيبات الَّتِي لَا يقتضيها الْمَنَام أصلا وَكَانَ بعض النَّاس يَعْتَقِدُونَ فِيهِ الْكَشْف والكرامات وَبَعْضهمْ يَقُول ذَلِك مستنبطٌ من المنامات وَبَعْضهمْ يَقُول كهانات وإلهامات وَلكُل مِنْهُم فِي دَعْوَاهُ شبهٌ وعلامات قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين حَدثنِي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن التيمية أَن الشهَاب العابر كَانَ لَهُ رئيّ من الْجِنّ يُخبرهُ بالمغيبات وَالرجل فَكَانَ صَاحب أورادٍ وَصَلَاة ومقامات وَمَا برح على ذَلِك حَتَّى مَاتَ صنف فِي التَّعْبِير مُقَدّمَة سَمَّاهَا الْبَدْر الْمُنِير قَرَأَهَا عَلَيْهِ الشَّيْخ علم الدّين البرزالي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَسَمعنَا مِنْهُ أَجزَاء وَكَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ وَولي التدريس بالجوزية لما قدم علينا وَنزل بهَا وَكَانَ شَيخا حسن الْبشر وافر الْحُرْمَة مُعظما فِي النُّفُوس أَقَامَ بِمصْر مُدَّة وَقَامَ لَهُ بهَا سوق وارتبط عَلَيْهِ بهَا جمَاعَة ثمَّ رسم بتحويله من الْقَاهِرَة وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة وَحضر جنَازَته ملك الْأُمَرَاء والقضاة والأكابر
قلت وَكَانَ قد ارْتبط عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ من(7/32)
الْأُمَرَاء أَمِير يعرف بالطبرس وَهُوَ الَّذِي عمر الْمَجْنُونَة الَّتِي على الخليج ظَاهر الْقَاهِرَة وَلِهَذَا الشَّيْخ عمّرها وَأَخْبرنِي الْحَافِظ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس قَالَ كنت عِنْده يَوْمًا فجَاء إِلَيْهِ إِنْسَان وَقَالَ لَهُ رَأَيْت كَأَنِّي صرت أترجة فَقَالَ أترجة ات ر ج ة وعدها على أَصَابِعه خَمْسَة أحرف أَنْت تَمُوت بعد خَمْسَة أَيَّام فَقَالَ لي بعض من حضر ذكره وَلَكِن أنسيته أَنا الْقَاعِدَة عِنْد أَرْبَاب التَّعْبِير أَنه من رأى أَنه صَار ثَمَرَة تُؤْكَل فَإِنَّهُ يَمُوت وَهَذِه زِيَادَة من عِنْده يَعْنِي عدّ حُرُوف الأترجة وَحكي لي عَنهُ بهاء الدّين أَبُو بكر ابْن غَانِم موقع صفد قَالَ كُنَّا عِنْده بِدِمَشْق وَجَاء إِلَيْهِ اثْنَان فَقَالَ لَهُ أَحدهمَا رَأَيْت رُؤْيا وقصّها فَقَالَ لَهُ مَا رَأَيْت شَيْئا وَإِنَّمَا تُرِيدُ الامتحان فَخَرَجَا بَعْدَمَا اعترفا فَقُلْنَا لَهُ من أَيْن لَك هَذَا قَالَ لما تلكما نظرت فِي ذيل أَحدهمَا نقطة دم فَذكرت الْآيَة وَهِي قَوْله تَعَالَى وَجَاءُوا على قَمِيصه بدمٍ كذبٍ فاتفق أَن رَأَيْت أَحدهمَا فِيمَا بعد فَسَأَلته عَن الْقَضِيَّة فَقَالَ لما اجتزنا عَلَيْهِ ذكرنَا أمره الْغَرِيب وَقُلْنَا نمتحنه وصنفنا رُؤْيا للْوَقْت فَكَانَ مَا سَمِعت فَقلت إِنَّه قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ)
صدق وَنحن داخلون إِلَيْهِ كَانَ إِنْسَان فِي الطَّرِيق يذبح فروجاً فَرمى بِهِ فلوّثنا بِهِ بِالدَّمِ
وَحكى لي أَيْضا قَالَ جَاءَ إِلَيْهِ إِنْسَان وَقَالَ لَهُ رَأَيْت كأنّ فِي دَاري شَجَرَة يَقْطِين قد نَبتَت فلقال لَهُ أعندك جَارِيَة غير الزَّوْجَة قَالَ نعم قَالَ بِعني إِيَّاهَا فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ الَّذِي تسمعه فَقَالَ إِنَّهَا ملك زَوْجَتي فَقَالَ قل لَهَا تبيعني إِيَّاهَا فراح وَعَاد فَقَالَ إِنَّهَا لم تبعها فَقَالَ قل لَهَا بكسب مِائَتي ردهم فَعَاد وَقَالَ لم تبعها فألح عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّهَا لم تبعها فَقَالَ أما الْآن فقد آن تَعْبِير رُؤْيَاك امْضِ إِلَى هَذِه الْجَارِيَة واعتبرها فَتوجه وَعَاد وَقَالَ إِنَّه كَانَ عبدا وزوجتي تكتمني أمره وتلبسه لِبَاس النِّسَاء وَأَخْبرنِي غَيره عَنهُ قَالَ جَاءَ إِلَيْهِ إِنْسَان وَقَالَ لَهُ رَأَيْت كَأَنِّي قد وضعت رجْلي على رَأْسِي فَقَالَ لَهُ أفسر لَك هَذِه الرُّؤْيَا بيني وَبَيْنك أَو فِي الظَّاهِر فَقَالَ بل فِي الظَّاهِر فَقَالَ لَهُ أَنْت كنت من ليالٍ تشرب الْخمر وسكرت ووطئت أمك فاستحيا وَمضى وَأَخْبرنِي عَنهُ الشَّيْخ الْحَافِظ عَلَاء الدّين مغلطاي شيخ الحَدِيث بظاهرية بَين القصرين بِالْقَاهِرَةِ قَالَ جَاءَ إِلَيْهِ إِنْسَان وَقَالَ لَهُ رَأَيْت قَائِلا يَقُول لي اشرب شراب الهكاري فَقَالَ لَهُ فُؤَادك يوجعك قَالَ نعم قَالَ اشرب الْعَسَل تَبرأ فَسئلَ من أَيْن لَك هَذَا قَالَ سمعتهم يَقُولُونَ شراب الديناري وَلم أسمع بالهكاري فَرَجَعت إِلَى الْحُرُوف فَوَجَدته شراب الهك أرِي والأري هُوَ الْعَسَل وَذكرت الحَدِيث قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام كذب بطن أَخِيك أسقه الْعَسَل(7/33)
3 - (الربضي الْقُرْطُبِيّ)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن اللَّخْمِيّ الْكَاتِب أَبُو جَعْفَر من أهل قرطبة يعرف بالربضي لسكناه الربض الشَّرْقِي مِنْهَا كتب للولاة ثمَّ قعد عَن الْخدمَة وَالْتزم عمَارَة أَرض لَهُ مُقْتَصرا على التعيش من غَلَّتهَا إِلَى أَن توفّي فِي أول شَوَّال سنة سِتّ عشرَة وست مائَة لَهُ فِي صباه وَقد عوتب على شرب الْخمر
(وَأبي المدامة مَا أُرِيد بشربها ... صلف الرفيع وَلَا انهماك اللاهي)
(لم يبْق من عصر الشَّبَاب وطيبه ... شَيْء كعهدي لم يحل إِلَّا هِيَ)
(إِن كنت أشربها لغير وفائها ... فتركتها للنَّاس لَا لله)
قَالَ ابْن الْأَبَّار وَهَذِه الأبيات قد أنشدنيها بعض الْأَعْلَام لأبي الْقَاسِم عَامر بن هِشَام وَإِنَّمَا هِيَ لأبي جَعْفَر هَذَا أنشدنيها صاحبنا أَبُو الْحسن حَازِم ابْن مُحَمَّد الأديب قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن)
ابْن أبي الْقَاسِم ابْن بَقِي وَأَبُو عبد الله ابْن أبي الْحسن ابْن قطرال قَالَ أنشدنا الربضي وَرَوَاهَا أَيْضا بعض أَصْحَابنَا وأنشدناها لأبي سُلَيْمَان دَاوُد بن أَحْمد المالقي الطَّبِيب إنشاداً عَنهُ
وَله فِي فوّارة رُخَام كلفه وصفهَا وَالِي قرطبة حينئذٍ فَقَالَ وأنشدته عَن أبي الْقَاسِم ابْن الطيلسان عَنهُ
(مَا شغل الطّرف مثل فاترةٍ ... تمجّ صرف الْحَيَاة من فِيهَا)
(اشرب بهَا والحباب فِي جذلٍ ... يظهره حسنه ويخفيها)
(تكَاد من رقة تضمنّها ... تخطبها الْعين إِذْ توافيها)
(كَأَنَّهَا درّةٌ منعّمةٌ ... زهراء قد ذاب نصفهَا فِيهَا)
وَله أَيْضا
(ضحك المشيب بِرَأْسِهِ ... فَبكى بأعين كاسه)
رجل تخونه الزَّمَان ببؤسه وبباسه
(فَجرى على غلوائه ... طلق الجموح بناسه)
(أخذا بأوفر حَظه ... لرجائه من ياسه)
3 - (ابْن شطريه)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بِابْن شطريه بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الطَّاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا هَاء هَكَذَا وجدته مُقَيّدا فِي نُسْخَة موثوق بهَا قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم هُوَ من أهل قرطبة وَأحد تلاميذ الْأُسْتَاذ أبي جَعْفَر بن يحيى الْحِمْيَرِي وَتُوفِّي فِي حَيَاته محتضراً بمرسى قرطبة(7/34)
عِنْد وُصُوله إِلَيْهَا من مراكش قَالَه لي أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الْقُرْطُبِيّ القَاضِي صاحبنا وأنشدني لَهُ
(لقد ظلمت يَوْم الْوَدَاع ظلوم ... أما علمت أَن الْفِرَاق أَلِيم)
(وغادرت المشتاق لهفان شجوه ... صحيحٌ ولكنّ العزاء سقيم)
(هِلَال سماءٍ أَو غزال سماوةٍ ... إِلَى خلدي يسمو وَفِيه يسيم)
وَلم يكن عِنْده عَنهُ غير هَذِه الأبيات وَحكى عَنهُ أَنه كَانَ شَاعِرًا مجيداً انْتهى
3 - (ابْن مندويه الطَّبِيب)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مندويه أَبُو عَليّ كَانَ من الْأَطِبَّاء الْمَذْكُورين فِي بِلَاد الْعَجم وخدم)
هُنَالك جمَاعَة من مُلُوكهَا ورؤسائها وَكَانَت لَهُ أَعمال مَشْهُورَة مشكورة فِي صناعَة الطِّبّ وَكَانَ من البيوتات الأجلة بأصبهان وَكَانَ أَبُو عبد الرَّحْمَن فَاضلا فِي علم الْأَدَب وافر الدّين وَله أشعار وَلأَحْمَد وَلَده فِي الطِّبّ رسائل عدَّة من ذَلِك أَرْبَعُونَ رِسَالَة مَشْهُورَة إِلَى جمَاعَة من أَصْحَابه فِي الطِّبّ وَهِي رِسَالَة إِلَى أَحْمد بن سعد فِي تَدْبِير الْجَسَد رِسَالَة إِلَى عياد بن عَبَّاس فِي تَدْبِير الْجَسَد رِسَالَة إِلَى أبي الْقَاسِم أَحْمد بن عَليّ بن بَحر فِي تَدْبِير الْمُسَافِر رِسَالَة إِلَى حَمْزَة بن الْحسن فِي تركيب طَبَقَات الْعين رِسَالَة إِلَى أبي الْحُسَيْن الْوَارِد فِي علاج انتشار الْعين رِسَالَة إِلَى أَحْمد بن سعد فِي وصف الْمعدة وَالْقَصْد لعلاجها رِسَالَة إِلَى مستسقٍ فِي تَدْبِير جسده وعلاج دائه رِسَالَة إِلَى أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن فِي القولنج رِسَالَة أُخْرَى إِلَيْهِ فِي تَدْبِير أَصْحَاب القولنج وتدبير صَاحب القولنج فِي أَيَّام صِحَّته رِسَالَة إِلَى أبي مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر فِي تَدْبِير ضعف الكلى رِسَالَة إِلَى أبي الْفضل فِي علاج المثانة رِسَالَة إِلَى الْأُسْتَاذ الرئيس فِي علاج شقَاق البواسير رِسَالَة فِي أَسبَاب الباه رِسَالَة فِي الابانة عَن السَّبَب الَّذِي يُولد فِي الأدرة القرقرة عِنْد إيقاد النَّار فِي خشب التِّين رِسَالَة فِي علاج وجع الرّكْبَة رِسَالَة فِي علاج الحكة الْعَارِضَة للمشيخة رِسَالَة فِي فعل الْأَشْرِبَة فِي الْجَسَد رِسَالَة فِي وصف مُسكر الشَّرَاب ومنافعه ومضاره رِسَالَة فِي أَن المَاء لَا يغذو رِسَالَة إِلَى ابْنه فِي علاج بثور خرجت فِي جسده بِمَاء الْجُبْن وَهُوَ صَغِير رِسَالَة فِي مَنَافِع الفقاع ومضاره رِسَالَة إِلَى أَحْمد بن سعيد فِي الحنديقون والفقاع وَجَوَابه إِلَيْهِ رِسَالَة فِي التَّمْر الْهِنْدِيّ رِسَالَة فِي الكافور رِسَالَة فِي النَّفس وَالروح على أرِي اليونانيين رِسَالَة فِي الِاعْتِذَار عَن اعتلال الْأَطِبَّاء رِسَالَة فِي الرَّد على الجاحظ فِي نقض الطِّبّ رِسَالَة فِي الرَّد على من أنكر حَاجَة الطَّبِيب إِلَى علم اللُّغَة رِسَالَة إِلَى المتقلدين علاج المرضى ببيمارستان أَصْبَهَان رِسَالَة فِي الْبَحْث عَمَّا ورد من إِسْحَاق بن يوحنا الطَّبِيب فِي شَأْن علته رِسَالَة إِلَى يُوسُف بن يزْدَاد المتطبب فِي إِنْكَاره دُخُول لعاب بزر الْكَتَّان فِي أدوية الحقنة رِسَالَة إِلَى أبي مُحَمَّد عبد الله بن(7/35)
إِسْحَاق يُنكر عَلَيْهِ ضروباً من العلاج رِسَالَة إِلَى أبي مُحَمَّد المتطبب فِي عِلّة الْأَمِير الْمُتَوفَّى شيرزيل بن ركن الدولة رِسَالَة فِي التكميد بالجاورس رِسَالَة إِلَى أبي مُسلم مُحَمَّد بن بَحر عَن لِسَان أبي مُحَمَّد الطَّبِيب الْمَدِينِيّ رِسَالَة فِي عِلّة الأهزل أَحْمد بن إِسْحَاق الْبُرْجِي وَذكر الْغَلَط الْجَارِي من يُوسُف بن اصطفن رِسَالَة)
كناش فِي أوجاع الْأَطْفَال كتاب الْمدْخل إِلَى الطِّبّ كتاب الْجَامِع الْمُخْتَصر من علم الطِّبّ عشر مقالات كتاب المغيث فِي الطِّبّ كتاب الشَّرَاب كتاب الْأَطْعِمَة والأشربة كتاب نِهَايَة الِاخْتِصَار فِي الطِّبّ كتاب الْكَافِي فِي الطِّبّ وَيعرف ب القانون الصَّغِير
وَأورد لَهُ ابْن أبي أصيبعة
(ويمسي الْمَرْء ذَا أجلٍ قريبٍ ... وَفِي الدُّنْيَا لَهُ أملٌ طويلٌ)
(ويعجل بالرحيل وَلَيْسَ يدْرِي ... إِلَى مَاذَا يقرّبه الرحيل)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(ويحرز أَمْوَالًا رجالٌ أشحّةٌ ... وتشغل عَمَّا خلفهنّ وتذهل)
(لعمرك مَا الدُّنْيَا بشيءٍ وَلَا المنى ... بِشَيْء وَمَا الْإِنْسَان إِلَّا معلّل)
3 - (جلال الدّين الدشنائي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ جلال الدّين الْكِنْدِيّ الدشنائي بِالدَّال الْمُهْملَة والشين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا نون وَألف بَلْدَة بالصعيد من الديار المصرية كَانَ إِمَامًا عَالما جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل وَالْعقل والزهد والورع حَتَّى قيل إِنَّه من الأبدال سمع من بهاء الدّين عَليّ بن هبة الله بن سَلامَة الشَّافِعِي عرف بِابْن بنت الجميزي وَمن الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ وَمن مجد الدّين عَليّ الْقشيرِي وَابْن عبد السَّلَام وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْفِقْه وَالْأُصُول وَقَرَأَ الْأُصُول على شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ حِين كَانَ حَاكما بقوص وَقَرَأَ النَّحْو على المرسي وَشَيْخه مجد الدّين وَشرح التَّنْبِيه إِلَى كتاب الصّيام فِي مجلدين لطيفين وصنف مَنَاسِك الْحَج ومقدمة فِي النَّحْو لَطِيفَة وَجمع مَوَانِع الصّرْف فِي بَيت وَاحِد وَهُوَ
(يَا صَاح زن وصف عدل الْجمع إِن عرفا ... وزد وَأَنت وَركب عجمة وَكفى)
وصنف مُخْتَصرا فِي أصُول الْفِقْه وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْفَتْوَى والتدريس بقوص وانتفع بِهِ خلائق مِنْهُم ابْنه تَاج الدّين مُحَمَّد ومحيي الدّين يحيى بن ركن الدّين القوصي وجمال الدّين مُحَمَّد بن يحيى الأرمنتي وزين الدّين مُحَمَّد بن الشريشي وَعلم الدّين ابْن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي وَشرف الدّين مُحَمَّد وَأَخُوهُ علم الدّين يُوسُف ابْنا أبي المنى القناوي قَالَ كَمَا الدّين جَعْفَر الأدفوي بَلغنِي أَن الشَّيْخ نصير الدّين ابْن الطباخ قَالَ للشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام مَا أَظن فِي الصَّعِيد مثل هذَيْن الشابين يعين جلال الدّين وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي فَقَالَ)
الشَّيْخ وَلَا فِي المدينتين ولد سنة خمس عشرَة وست مائَة بدشنا وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وست مائَة بقوص(7/36)
وَمن شعره
(يَا لائمي كفّ عَن ملامي ... عَن انعزالي عَن الْأَنَام)
(إِن نذيري الَّذِي نهاني ... يخبر حَالي على التَّمام)
(رأى مشيي ووهن عظمي ... قد أدنياني من الْحمام)
(وَمَا تزوّدت لارتحالي ... وَلَا لدارٍ بهَا مقَامي)
3 - (ابْن رَوَاحَة)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن رَوَاحَة نور الدّين الْأنْصَارِيّ الْحَمَوِيّ الْكَاتِب كتب الْإِنْشَاء بطرابلس والفتوحات وَلما تولى الْأَمِير سيف الدّين أسْند مر النِّيَابَة بهَا فِي سنة إِحْدَى وَسبع مائَة رتب عوضه نور الدّين ابْن المغيزل وَتُوفِّي ابْن المغيزل بعد شهور وأعيد نور الدّين ابْن رَوَاحَة إِلَى مَكَانَهُ وَاسْتمرّ إِلَى بعض سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة ورتب عوضه ابْن مقبل الْحِمصِي فَعَاد ابْن رَوَاحَة إِلَى حماة وَتُوفِّي بهَا رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة
3 - (الْأَشْرَف ابْن الْفَاضِل)
أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ القَاضِي الْأَشْرَف أَبُو الْعَبَّاس ابْن القَاضِي الْفَاضِل ولد سنة ثَلَاث وَسبعين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة وَسمع من الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر والأثير ابْن بنان والعماد الْكَاتِب وَجَمَاعَة وَأَقْبل على الحَدِيث فِي الكهولة واجتهد فِي الطّلب وَحصل الْأُصُول الْكَثِيرَة وَسمع أَوْلَاده وَكَانَ صَدرا نبيلاً يصلح للوزارة وَسمع ببغداذ وبدمشق ودرس بمدرسة أَبِيه وَكَانَ مَجْمُوع الْفَضَائِل كثير الافضال على الْمُحدثين استوزره الْعَادِل فَلَمَّا مَاتَ عرضت عَلَيْهِ فَلم يقبلهَا ونفذه الْكَامِل رَسُولا إِلَى بغداذ فأظهر من الحشمة وَالصَّدقَات والصلات أمرا عَظِيما وَمَا أعطَاهُ الْخَلِيفَة من الجوائز فرقه وَحسب مَا أنفقهُ تِلْكَ الْمدَّة فَكَانَ سِتَّة عشر ألف دِينَار وَتُوفِّي فِي تَارِيخه الْمَذْكُور وَصلى عَلَيْهِ وَلَده ضِيَاء الدّين وَدفن بالقرافة بتربة وَالِده
وَمن شعره
(قد وَفد الصُّبْح فَقُمْ نصطبح ... من الَّذِي لَا صَبر لي عَنهُ)
(فنهرنا قد درّجته الصِّبَا ... فَصَارَ شَاذ روانه مِنْهُ)
)
وَمِنْه أَيْضا
(من شرف الْعِفَّة لَا كَانَ لي ... فِي غَيرهَا قسمٌ وَلَا رزق)
(أَنَّك إِن رحت لَهَا مؤثراً ... أحبّك الْخَالِق والخلق)
وَمِنْه أَيْضا
(أستودع الله الَّذين فقدتهم ... فقد الْعُيُون الساهرات كراها)(7/37)
(وحمدت رَبِّي حَيْثُ كَانَ لقاؤهم ... يَوْمًا على الْحَال الَّتِي نهواها)
3 - (المنيعي)
أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق بن حسان بن سعيد أَبُو إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْفَتْح ابْن أبي عَليّ المنيعي المروروذي من بَيت الرياسة والتقدم تفقه على وَالِده وعَلى الْحسن بن عبد الرَّحْمَن النيهي وَكَانَ فَاضلا قدم بغداذ وحدّث بَعْدَمَا حجّ عَن جده حسان وَعَن الْفَقِيه أبي الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشيزري وَعَن القَاضِي الإِمَام أبي عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد المروروذي سمع مِنْهُ وَكتب عَنهُ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن شهفيروز اللارزي الطَّبَرِيّ نزيل بغداذ توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (الخالدي صَاحب ديوَان الممالك الغازانية)
أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق الخالدي صَاحب ديوَان الممالك الغازانية قتل هُوَ وَأَخُوهُ القطب وأخوهما زين الدّين وَكَانَ ظَالِما عسوفاً ووفاته فِي سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (كريم الْملك الْوَزير)
أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق كريم الْملك أَبُو الْحسن وَزِير شمس الْمُلُوك صَاحب دمشق كَانَ من خِيَار النَّاس وَلما مَاتَ فِي سنة خمس وَعشْرين وَخمْس مائَة تأسّف النَّاس عَلَيْهِ كثيرا
3 - (أَبُو جَعْفَر الرصافي)
أَحْمد بن عبد السَّلَام الرصافي أَبُو جَعْفَر الشَّاعِر عمر عمرا طَويلا كَانَ من أهل بغداذ وَهُوَ قريب من خَالِد الْكَاتِب وكل وَاحِد مِنْهُمَا يفضّل على صَاحبه ويتعصب لَهُ وَعَلِيهِ قَالَ مُحَمَّد بن دَاوُد الْجراح وَهُوَ أشعرهما لتفننه فِي الشّعْر وَله مديح فِي الْحسن بن وهب أَوله
(نبّهت نَدْمَانِي فهبّوا ... قبل الصَّباح لما استحبوا)
فتنبهوا والأريحية شَأْنهَا طرب وَشرب)
هَذَا أجَاب وَذَا أناب إِلَى الصبوح وَذَاكَ يحبو أنشدتهم شعرًا يعلم ذَا الصبابة كَيفَ يصبو
(مَا الْعَيْش إِلَّا أَن تحبَّ ... وَأَن يحبك من تحبّ)
(فشربتها بزجاجةٍ ... وَكَأَنَّهَا قبسٌ يشبُّ)
وَلَقَد شهِدت الْخَيل يحمل شكتي نهد أقب وَلَقَد جريب مَعَ الزَّمَان فَمَا كبوت وَكَانَ يكبو(7/38)
وَقَالَ يُعَاتب ولد سعيد بن سلم
(عَلَيْك سلامٌ سَوف تعلم أنني ... بعيد المدى أسمو إِلَى كل صَالح)
(وَقد علم الأقوام أَنِّي مفوّهٌ ... وحسبك مني مَا تكنّ جوانحي)
(جنانٌ جرئ لَا يفلّ ومقولٌ ... بليغٌ يؤدّي عَن صَحِيح القرائح)
(سأركب أهوال الخطوب مخاطراً ... على ظهر خنذيذٍ من الْخَيل سابح)
(فإمَّا فَتى نَالَ الْغنى بحسامه ... وَإِمَّا ثوى بَين القنا والصفائح)
وَقَالَ
(أسرك أَنِّي قد تصبرت مكْرها ... وَفِي النَّفس مني مِنْك مَا سيميتها)
(سأبقى بَقَاء الضبّ فِي المَاء أَو كَمَا ... يعِيش بديموم الصريمة حوتها)
(إِذا كنت قوت النَّفس ثمَّ هجرتهَا ... فكم تلبث النَّفس الَّتِي أَنْت قوتها)
(تحبّ حبيباً لَا يحبّك قلبه ... وتزهد فِي نفسٍ وَأَنت مقيتها)
3 - (ابْن صبوخا الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عبد السَّلَام بن الْمزَارِع أَبُو الْكَرم الْقصار الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن صبوخا البغداذي كَانَ شَيخا صَالحا حَافِظًا لكتاب الله قَرَأَ الْقُرْآن بواسط على أبي الْحسن ابْن الْقَاسِم الْمُقْرِئ غُلَام الهرّاس بِقِرَاءَة أبي عَمْرو وَالْكسَائِيّ وطرقه وَقَرَأَ ببغداذ على الْحسن بن أَحْمد بن الْبناء قِرَاءَة ابْن عَامر وَالْكسَائِيّ وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وروى شَيْئا يَسِيرا وَهُوَ وَالِد أَحْمد بن أَحْمد بن صبوخا المقدّم ذكره وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (قطب الدّين ابْن أبي عصرون)
أَحْمد بن عبد السَّلَام بن المطهر بن أبي سعد عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي عصرون الرئيس الْعَالم)
الْفَاضِل القَاضِي قطب الدّين أَبُو الْمَعَالِي ابْن أبي مُحَمَّد التَّيْمِيّ الْحلَبِي الشَّافِعِي ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَختم الْقُرْآن فِي أَوَاخِر سنة تسع وَتِسْعين وَأَجَازَ لَهُ ابْن كليبٍ وَأَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن المعطوش وَجَمَاعَة من الْعرَاق وَأَبُو طَاهِر الخشوعي وَغَيره من دمشق وَسمع من ابْن طبرزذ والكندي وَعبد الْجَلِيل بن مندويه وَابْن الحرستاني وَابْن ملاعب وَغَيرهم وتفقه مُدَّة وَلم يبرع فِي الْفِقْه لَكِن لَهُ محفوظات وَبَيت وجلالة ودرّس بالأمينية والعصرونية بِدِمَشْق وَطَالَ عمره وعلت سنه ورواياته وَأكْثر الطّلبَة عَنهُ روى عَنهُ الدمياطي وَابْن تَيْمِية وَابْن الْعَطَّار وَابْن الخباز والدواداري وَجَمَاعَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد أجَاز لي جَمِيع مروياته وَهُوَ من أكبر شيوخي واسْمه فِي إجَازَة ابْن عَبْدَانِ المؤرخة بالمحرم سنة خمس وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وست مائَة(7/39)
3 - (الجراوي صَاحب الحماسة)
أَحْمد بن عبد السَّلَام الجراوي الشَّاعِر نزيل مراكش شَاعِر محسن لَهُ ديوَان وحماسة أَجَاد فِيهَا مَاتَ عَن سنّ عالية سنة تسع وست مائَة وَقيل إِنَّه مَاتَ قبل السِّت مائَة
3 - (ابْن عكبر الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عبد السَّلَام بن تَمِيم بن عكبر الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَامِل الْخَيْر الناسك الْوَرع التقي المعمر نصير الدّين أَبُو الْعَبَّاس البغداذي الْحَنْبَلِيّ أحد المعيدين لطائفة مذْهبه بِالْمَدْرَسَةِ البشيرية غربي بغداذ ولد لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة قبيل وَفَاة الإِمَام الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وَتُوفِّي رَحمَه الله غرَّة جُمَادَى الأولى سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَدفن بتربتهم بالجانب الغربي فِي تربة مَعْرُوف الْكَرْخِي كَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه والعربية وَله مُشَاركَة فِي الْعُلُوم سمع الْكثير وَمن أشياخه الإِمَام عبد الصَّمد ابْن أبي الْجَيْش الْمُقْرِئ وَابْن أبي الدينة وَابْن الدباب وَابْن الزّجاج وَابْن أبي زنبقة ومجد الدّين ابْن بلدجي وَخلق وَله إجازات عالية وَله نظم ونثر وبيته مَعْرُوف بِالْفَضْلِ اقعد قبل وَفَاته بسنين وأضرّ وَالنَّاس يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ ويشتغلون ويسمعون ويستجيزون وَلم يزل حَرِيصًا على الْعلم وَالْعِبَادَة رَحمَه الله تَعَالَى وَمن شعره
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الْهَاشِمِي)
أَحْمد بن عبد السَّمِيع بن عَليّ بن عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْعَبَّاس بن عَليّ بن أَحْمد بن أَحْمد بن)
مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الصَّمد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو الْعَبَّاس الْهَاشِمِي البغداذي سمع الشريف أَبَا نصر الزيني وَعَاصِم بن الْحسن وَغَيرهمَا وروى عَنهُ أَبُو المعمر الْأنْصَارِيّ والحافظ أَبُو الْقَاسِم الدِّمَشْقِي فِي مُعْجم شيوخهما وَكَانَ خَطِيبًا فَقِيها حنفيّاً
3 - (صَلَاح الدّين الإربلي)
أَحْمد بن عبد السَّيِّد بن شعْبَان بن مُحَمَّد بن جَابر بن قحطان الْأَمِير الْكَبِير صَلَاح الدّين الإربلي كَانَ حَاجِب مظفر الدّين صَاحب اربل فَتغير عَلَيْهِ وسجنه مُدَّة وَأطْلقهُ فقصد الشَّام مَعَ الْملك القاهر أَيُّوب بن الْعَادِل فخدم مَعَ الْملك المغيث مَحْمُود بن الْعَادِل فَلَمَّا توفّي دخل مصر وخدم الْكَامِل وأحبه وَكَانَ فَقِيها أديباً شَاعِرًا ظريفاً فصيحاً ثمَّ تغيّر عَلَيْهِ الْكَامِل وحبسه سنة ثَمَانِي عشرَة فَبَقيَ فِي الْحَبْس خمس سِنِين فَصنعَ قَوْله الْمَشْهُور دوبيت(7/40)
(مَا أَمر تجنيِّك على الصبّ خَفِي ... أفنيت زماني بالأسى والأسف)
(مَاذَا غضبٌ بِقدر ذَنبي فَلَقَد ... أسرفت وَمَا أردْت إِلَّا تلفي)
وأوصلها لبَعض القيان فَلَمَّا غنّت بهما قَالَ لمن هَذَا فَقَالَت للصلاح الاربلي فَأَطْلقهُ وَأَعَادَهُ إِلَى منزله ومكانته وَكَانَ قد غضب عَلَيْهِ وَهُوَ بالمنصورة قبالة الفرنج وَقيل سَبَب خلاصه إِنَّمَا كَانَ قَوْله
(اصْنَع مَا شِئْت أَنْت أَنْت المحبوب ... مَا لي ذنبٌ بل كَمَا قلت ذنُوب)
(هَل تسمح بالوصال فِي ليلتنا ... تجلو صدأ الْقلب وَتَعْفُو وَأَتُوب)
وَكَانَ الْكَامِل قد تغيّر على أَخِيه الْملك الفائز سَابق الدّين إِبْرَاهِيم بن الْعَادِل فَدخل على صَلَاح الدّين وَسَأَلَهُ أَن يصلح أمره مَعَ أَخِيه الْكَامِل فَكتب صَلَاح الدّين إِلَيْهِ
(وَشرط صَاحب مصرٍ أَن يكون كَمَا ... قد كَانَ يُوسُف فِي الْحسنى لإخوته)
(أسوا فقابلهم بِالْعَفو وافترقوا ... فبرّهم وتولاهم برحمته)
وَلما وصل الانبرور صَاحب صقلية إِلَى سَاحل الشَّام سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة بعث الْكَامِل إِلَيْهِ صَلَاح الدّين رَسُولا فَلَمَّا قرروا الْقَوَاعِد وَحلف الأنبرور على الْوَفَاء بِمَا اشْترط عَلَيْهِ كتب صَلَاح الدّين إِلَى الْكَامِل
(زعم الزعيم الانبرور بِأَنَّهُ ... سلمٌ يَدُوم لنا على أَقْوَاله)
(شرب الْيَمين فَإِن تعرّض نَاكِثًا ... فليأكلنّ لذاك لحم شِمَاله)
)
وَكتب إِلَيْهِ شرف الدّين ابْن عنين على يَد ابْن عَدْلَانِ الْموصِلِي النَّحْوِيّ المترجم كتابا يتَضَمَّن الْوَصِيَّة بِهِ وَفِي أَوله
(أبثّك مَا لقِيت من اللَّيَالِي ... فقد حصّت نوائبها جناحي)
(وَكَيف يفِيق من عنت اللَّيَالِي ... عليلٌ لَا يرى وَجه الصّلاح)
وَمن شعر صَلَاح الدّين الْمَذْكُور
(وَإِذا رَأَيْت بنيك فَاعْلَم أَنهم ... قطعُوا إِلَيْك مفاوز الْآجَال)
(وصل البنون إِلَى محلّ أَبِيهِم ... وتجهّز الْآبَاء للترحال)
وَمِنْه أَيْضا
(يَوْم الْقِيَامَة فِيهِ مَا سَمِعت بِهِ ... من كل هولٍ فَكُن مِنْهُ على حذر)
(يَكْفِيك من هوله أَن لست تبلغه ... إِلَّا إِذا ذقت طعم الْمَوْت فِي السّفر)
وَله ديوَان شعر وديوان دوبيت وَمَا زَالَ وافر الْحُرْمَة عالي المكانة عِنْد الْكَامِل وَعند الْمُلُوك إِلَى أَن قصد الْكَامِل بِلَاد الرّوم فَمَرض الصّلاح بِالْقربِ من السويداء بالمعسكر فَحمل إِلَى الرها فَمَاتَ فِي الطَّرِيق سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَدفن بظاهرها بمقبرة بَاب حران ثمَّ إِن وَلَده نَقله(7/41)
من هُنَاكَ إِلَى الديار المصرية وَدَفنه بالقرافة الصُّغْرَى فِي ترتبه سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَلما مَاتَ كَانَ عمره تَقْرِيبًا إِحْدَى وَسِتِّينَ سنة وَمن شعر صَلَاح الدّين الْمَذْكُور
(تعدّى إِلَى الْخَيل الغرام فَإِنَّهَا ... بِطيب زمَان الْوَصْل يخبرها عَنَّا)
(فنجذبها رفقا بِنَا وتجرّنا ... إِلَيْكُم من الشوق الَّذِي اكْتسبت منا)
3 - (ابْن الْأَشْقَر النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن عبد السَّيِّد بن عَليّ بن الْأَشْقَر أَبُو الْفضل النَّحْوِيّ البغداذي كَانَ أديباً فَاضلا حسن الْمعرفَة بالنحو قَرَأَ على التبريزي ولازمه حَتَّى برع وَيُقَال إِن ابْن الخشاب كَانَ يمْضِي إِلَى منزله ويسأله عَن مسَائِل فِي النَّحْو ويبحث مَعَه فِيهَا وَكَانَ يحضر حَلقَة الْحَافِظ ابْن نَاصِر وَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن الزَّاهِد وَتُوفِّي قبل الْخمس مائَة أَو بعْدهَا بِقَلِيل وَالله أعلم
3 - (ابْن طومار)
أَحْمد بن عبد الصَّمد بن صَالح بن عَليّ بن الْمهْدي مُحَمَّد بن الْمَنْصُور عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بِابْن طومار كَانَ يتَوَلَّى)
النقابة على جَمِيع بني هَاشم العباسيين والطالبيين وَكَانَ شيخ بني هَاشم فِي وقته وجليلهم جَالس الْمُوفق والمعتضد والمكتفي وَله شعر وَعلم بِالْغنَاءِ وصنعة فِيهِ كتب إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله بن بشر المزيدي أَيهَا السَّيِّد المحبب فِي النَّاس أَطَالَ الْإِلَه عمرك حينا
(فِي سرورٍ ونعمةٍ وحبورٍ ... لم يَا أوصل الْأَنَام جفينا)
(أغثاثاً رَأَيْتنَا أم ثقالاً ... عِنْدَمَا تشْتَهي فتزهد فِينَا)
(أدهانا واشٍ لديك بسوءٍ ... صَار ذَنبا لم نجنه فقلينا)
(قد أَتَيْنَا مطفّلين مرَارًا ... فَرَأَيْنَا الْحجاب حصناً حصينا)
مَا من الْعدْل أَن نرد إِذا جِئْنَا وَإِن لم نجئ فَمَا تدعونا
(نَحن لَوْلَا شوقٌ يجرّ كلَاما ... لتمادى سكوتنا مَا بَقينَا)
(لَو وثقنا من الْحجاب بلينٍ ... ثمَّ لم تدعنا اخْتِيَارا لجينا)
وَلما رَحل الْمُوفق من وَاسِط يُرِيد بغداذ أهدي لَهُ من عبد السَّلَام بن مُحَمَّد حَاجِبه أَصْنَاف الْأَطْعِمَة والفواكه وَكَانَ فِيمَا أهدي إِلَيْهِ جمارة فِي لَوْنهَا توريد قد خالط بياضهما فاستحسنها وَقَالَ قُولُوا فِي هَذِه شَيْئا فَسبق ابْن طومار وَقَالَ
(شبّهت حسن تورّد الجمّار ... خدّ الحبيب فهاج لي تذكاري)
(خدٌّ تجرحه الْعُيُون بلحظها ... فيظلُّ مجروحاً من الْأَبْصَار)
فَاسْتحْسن سرعته ووهب لَهُ صينية فضَّة كَانَت بَين يَدَيْهِ مَمْلُوءَة دَرَاهِم توفّي سنة اثْنَتَيْنِ(7/42)
وَثَلَاث مائَة وَتَوَلَّى ابْنه مُحَمَّد بن أَحْمد مَكَانَهُ والقطعة الأولى شعر نَازل وَفِيه اللّحن وَهُوَ ظَاهر فِي تدعونا
3 - (الرقاشِي)
أَحْمد بن عبد الصَّمد بن الْفضل الرقاشِي مولى ربيعَة قَالَ المرزباني هُوَ وَإِخْوَته الْفضل وَالْعَبَّاس وَعبد المبدئ وأبوهم عبد الصَّمد شعراء كلهم أصلهم من الْبَصْرَة وَنزل أَحْمد طبرستان وَهُوَ الْقَائِل فِي رِوَايَة دعبل والمبرد
(أَقَامُوا الديدبان على يفاعٍ ... وَقَالُوا فاستمع للديدبان)
(فَإِن أَبْصرت شخصا من بعيدٍ ... فصفّق بالبنان على البنان)
)
(تراهم خشيَة الأضياف خرساً ... يصلونَ الصَّلَاة بِلَا أَذَان)
3 - (الخزرجي الْقُرْطُبِيّ)
أَحْمد بن عبد الصَّمد بن أبي عُبَيْدَة مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو جَعْفَر الخزرجي الْقُرْطُبِيّ نزيل بجاية وغرناطة سمع وروى وصنّف كتاب الْأَحْكَام وَسَماهُ آفَاق الشموس وأعلاق النُّفُوس وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (محيي الدّين قَاضِي عجلون)
أَحْمد بن عبد الصَّمد بن عبد الله بن أَحْمد القَاضِي محيي الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي يعرف بقاضي عجلون كَانَ أَبوهُ رشيد الدّين قَاضِي قليوب وَكَانَ هَذَا فَقِيها عَالما رَئِيسا كَرِيمًا حكم بعجلون مُدَّة وَله شهرة فِي السخاء وعلو الهمة وَكَانَ ذَا مكانة عِنْد النَّاصِر صَاحب الشَّام وَولي أَبوهُ قَضَاء بعلبك وَولي محيي الدّين وكَالَة بَيت المَال بِدِمَشْق المحروسة وتدريس الشامية الْكُبْرَى فِي أول الدولة الظَّاهِرِيَّة ثمَّ عزل سَرِيعا وَكَانَ لَهُ سَماع من ابْن اللتي وَالْعلم ابْن الصَّابُونِي وَحدث وَتُوفِّي بدمياط سنة ثَمَانِينَ وست مائَة وَكَانَت لَهُ عِنْد النَّاصِر صَاحب الشَّام مكانة كَبِيرَة أقطعه عدَّة قرى وَكَانَ يتنوع فِي المكارم ويقري النَّاس ضيوفاً وخدم الْملك الظَّاهِر بيبرس فِي دولة النَّاصِر خدمَة بَالِغَة عِنْد تردده إِلَى تِلْكَ الأَرْض فَلَمَّا ترجى محيي الدّين أَن يجازيه على خدمته فَلم ينل طائلاً وَجعله أول دولته وَكيل بَيت المَال بِالشَّام ثمَّ صرفه سَرِيعا وَطَلَبه إِلَى الديار المصرية وَمنعه من الْعود إِلَى الشَّام ولحقه ضَرَر عَظِيم وَرُبمَا عوق ثمَّ جلس مَعَ الشُّهُود بَين القصرين ثمَّ ولي آخر عمره قَضَاء دمياط
3 - (ابْن الأطروش الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو بكر الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن الأطروش الْقَدُورِيّ قَرَأَ الْقُرْآن على عبد الْملك بن بكران الْقطَّان وَعلي بن أَحْمد بن عمر الحمامي وَسمع الحَدِيث من أَحْمد بن مُحَمَّد بن الصَّلْت وَأحمد بن مُحَمَّد بن الْمسلمَة وَعلي بن أَحْمد الحمامي وَعبد الْملك بن بَشرَان وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الْمعَافى)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن شَيبَان أَبُو الْغَنَائِم ابْن أبي الْقَاسِم(7/43)
الْمَعْرُوف بِابْن المافى من ولد الْمُغيرَة بن حبناء البغداذي سمع عَليّ بن بَشرَان وَمُحَمّد ابْن عبد الله السكرِي وَغَيرهمَا)
وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَعبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي توفّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الْقَاص الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن أبي يعلى الشِّيرَازِيّ أَبُو نصر الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن الْقَاص كَانَ من المجوّدين مَوْصُوفا بالصلاح والديانة وَكَثْرَة الْبكاء من خشيَة الله عز وَجل سكن بغداذ وَولد بهَا توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو عمر صَاحب القالي النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْفَرح بن أبي الْحباب أَبُو عمر الْقُرْطُبِيّ النَّحْوِيّ صَاحب القالي كَانَ متقد الذِّهْن وَفِيه غَفلَة زَائِدَة وَلكنه حافظٌ ثَبت بَصِير بِالْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ مؤدب المظفر عبد الْملك ابْن أبي عَامر توفّي سنة أَربع مائَة
3 - (ابْن الخليع النَّاسِخ الأندلسي)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْفضل بن الخليع الْأنْصَارِيّ النَّاسِخ الأندلسي الشربوني أحكم الْعَرَبيَّة وَكَانَ شَاعِرًا أديباً بديع الْكِتَابَة نسخ الْكثير وَقتل صبرا بإشبيلية سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخمْس مائَة وَمن شعره
3 - (كَمَال الدني ابْن العجمي الْكَاتِب)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم ابْن العجمي كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس كَانَ رَئِيسا محتشماً جيد الْإِنْشَاء بارع الْكِتَابَة حسن الدّيانَة ذَا مُرُوءَة وَحسن عشرَة وَفِيه محَاسِن كتب الْإِنْشَاء فِي أَيَّام النَّاصِر صَاحب الشَّام ثمَّ كتب فِي الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة وَتُوفِّي بِظَاهِر صور وَنقل إِلَى دمشق وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست مائَة وَمن إنشائه جَوَاب كتبه وَيُنْهِي أَنه وَردت عَلَيْهِ مشرّفة شريفة وتحفة بمنّتها على الْأَعْنَاق ثَقيلَة وبمواقعها من الْقُلُوب خَفِيفَة فقبلها الْمَمْلُوك ولثمها ونثر عَلَيْهَا دُرَر قبله ونظمها وَنقل مَعْنَاهَا إِلَى قلبه فشف وَنقد ذهبها الْخَالِص وأعاذه من الصّرْف وانْتهى إِلَى مَا تضمنه من صدقَات مولى ملك رقّه وآتاه من الْفضل فَوق مَا اسْتَحَقَّه وَأنزل لَهُ الْكَوَاكِب فَتَنَاولهَا بِلَا مشقة وَأَوَى إِلَى حمى حرمه وتغطى عَن الْخطب بستور نعمه وَرَأى فِيهِ الأزاهر وشم شذاها والجواهر وَضم إِلَى الْعُقُود حلاها وشكر هَذِه المنن وَمن أولاها وَسبح لمن وهب قريحته هَذِه الْبَدَائِع وآتاها وَعمل بِمَا أمره بِهِ)
مَوْلَاهُ فِي أَمر تِلْكَ الورقة وسدد سهمها إِلَى الْغَرَض وفوّقه وتحجب لَهَا فأخلى الطَّرِيق وطرقه وعرضها فِي مجْلِس الوزارة الشَّرِيفَة وَنشر استبرقه وبرز المرسوم الشريف(7/44)
بالكشف ويرجو أَن يتكمل بالتوقيع ويتوصل بالتأصيل والتفريع ثمَّ جهزه إِلَى الْخدمَة الْكَرِيمَة كَمَا أَمر وَمَا أخر الْجَواب هَذِه الْمدَّة إِلَّا ليجهزه مَعَه فيعذر وَمَا أَرَادَ الله ذَلِك وَمَا قدر
وَمن قَوْله أَيْضا فِي توقيع لقاض اسْمه يُوسُف لِأَنَّهُ المستوجب بهجرته إِلَيْنَا تَحْقِيق مَا نَوَاه وَأَنه يُوسُف الْفضل الَّذِي لما قدم مصر قيل لشيمنا الشَّرِيفَة أكرمي مثواه وأرته أحلامه من الْأَمَانِي مَا حوّلناه صدقا وأنجز الله تَعَالَى لَهُ مِنْهَا مَا قَالَ مَعَه هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ من قبل قد جعلهَا رَبِّي حَقًا فليعتصم من تقوى الله بأقوى حَبل وليقف عِنْد مراضيه ليجتبيه وَيتم نعْمَته عَلَيْهِ كَمَا أتمهَا على أَبَوَيْهِ من قبل وليتمسك من أَسبَاب التَّقْوَى بِمَا يكون لَهُ جنَّة ويحرص على أَن يكون الرجل الَّذِي عرف الْحق فَقضى بِهِ وَكَانَ الْمَخْصُوص من الْقُضَاة الثَّلَاثَة بِالْجنَّةِ وَيجْعَل دَاء الْهوى عَنهُ محسوماً ولحظه وَلَفظه بَين الْخُصُوم مقسوماً وَلَا يأل فِيمَا يجب من الِاجْتِهَاد إِذا اشْتبهَ عَلَيْهِ الْأَمْرَانِ وَيعلم أَنه إِن اجْتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجرٌ وَإِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَصوب الصَّوَاب وَاضح لمن استشف بِنور الله برهانه وليتوكل على الله فِي قَصده ويثق فَإِن الله سيهدي قلبه وَيثبت لِسَانه وليجعل الِاعْتِصَام بِحَبل الله تَعَالَى فِي كل مَا تراود عَلَيْهِ النُّفُوس من دواعي الْهوى معَاذًا ويتبصر من برهَان ربه مَا يَتْلُو عَلَيْهِ عَن كل دَاعِيَة يُوسُف أعرض عَن هَذَا
وَكتب إِلَى محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وهم نازلون بالإسكندرية صُحْبَة السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر يَسْتَدْعِي مِنْهُ حبرًا وورقاً
(يَا من فضائله سنت فواضله ... حَتَّى تَكَامل مِنْهُ الْخلق والخلق)
(وَمن مناقبه أَو درّ مَنْطِقه ... عقدٌ نظيمٌ بجيد الدَّهْر متسق)
(قد أعوز العَبْد يَا مولَايَ عنْدكُمْ ... كلا المعينين حَتَّى الحبر وَالْوَرق)
(فجد بذا أسوداً حظّي يشاكله ... فِي مصركم وحظوظ النَّاس تفترق)
(وَذَا كعرضك أَو كالوجه مِنْك سنا ... فكلّ ذَا أبيضٌ صَاف بكم يقق)
(وَإِن أقل كعذارٍ فَوق وجنة من ... سبى فُؤَادك مِنْهُ القدّ والعنق)
(فَذا بقلبك أحلى موقعاً وَله ... مَا زَالَ تهفو بك الأشواق والحرق)
)
(فَإِن مسودّ ذَا من فَوق أَبيض ذَا ... شيءٌ تنافس فِيهِ الصُّبْح والغسق)
فأخرّ جَوَابه فَكتب إِلَيْهِ أبياتاً بائية طَوِيلَة يداعبه فَجهز إِلَيْهِ محيي الدّين الْمَطْلُوب وَكتب جَوَابه
(يَا من معاليه مثل العقد تتسق ... وَمن ثناه كَمثل الْمسك ينتشق)
(أسْتَغْفر الله أَيْن الْمسك من مدحٍ ... تغيّظ الْمسك مِنْهَا وَهُوَ منسحق)
(يَا من لَهُ الْوَجْه طلقٌ بالسماح كَمَا ... لَهُ اللِّسَان بِمَا يُرْضِي الورى طلق)(7/45)
(شكرا لَهَا أسطراً جَاءَت تحفّ بهَا ... من الْجَلالَة نورٌ مِنْك يأتلق)
(جَاءَت بِمَا شَاءَت الْأَلْبَاب من نعمٍ ... أَمْسَى بهَا مملق الأفكار يرتزق)
(مَا خلت من قبل أَن أهْدى بنيّرها ... أنّ البدور لَهَا من لفظكم أفق)
(وَكَيف لَا وَهُوَ من حبرٍ وَمن ورقٍ ... أَمْسَى يُشَاهد مِنْهُ النُّور والغسقُ)
(إِن شرفت بالتماس الطرس لَا عجبٌ ... إِن العقائل قد يبغى لَهَا السّرق)
(أَو تَبْغِ حبرًا فإنّ الغيد عَادَتهَا ... من غير مَا حاجةٍ للكحل تستبق)
قلت نثر كَمَال الدّين رَحمَه تَعَالَى أحسن من نظمه وأفحل وأبيات ابْن عبد الظَّاهِر أحسن من نظم كَمَال الدّين
وَقَالَ كَمَال الدّين رَحمَه الله فِي الْخَال
(وَمَا خَاله ذَاك الَّذِي خَاله الورى ... على خَدّه نقطاً من الْمسك فِي ورد)
(ولكنّ نَار الخدّ للقلب أحرقت ... فَصَارَ سَواد الْقلب خالاً على الخدّ)
وَقَالَ أَيْضا فِي مليح لابس أَخْضَر
(ومهفهفٍ قيد النواظر خصره ... مَا إِن تزَال ترى نطاق نطاقه)
(كالغصن فِي ميلاته والظبي فِي ... لفتاته والبدر فِي إشراقه)
(وافى يهزّ قوامه فِي حلّةٍ ... خضراء مثل الْغُصْن فِي أوراقه)
3 - (أَبُو الطّيب الْمَقْدِسِي الْوَاعِظ)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد أَبُو الطّيب الْمَقْدِسِي إِمَام جَامع الرافقة سَافر إِلَى الْبِلَاد وَسمع الحَدِيث وَكَانَ يعظ النَّاس قَالَ ابْن عَسَاكِر أَنْشدني لنَفسِهِ
(يَا وَقفا بَين الْفُرَات ودجلةٍ ... عطشان يطْلب شربةً من مَاء)
)
(إنّ الْبِلَاد كثيرةٌ أنهارها ... وسحابها فغزيرة الأنواء)
(مَا اختلت الدُّنْيَا وَلَا عدم الندى ... فِيهَا وَلَا ضَاقَتْ على الْعلمَاء)
(أرضٌ بِأَرْض وَالَّذِي خلق الورى ... قد قسّم الأرزاق فِي الْأَحْيَاء)
توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الباجسرائي)
أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد بن حنيفَة أَبُو الْمَعَالِي الباجسرائي سمع الحَدِيث الْكثير مَعَ أَبِيه وَإِخْوَته قَدِيما وبكّر بِهِ أَبوهُ فَسمع ابْن البطر وَالْحُسَيْن ابْن أَحْمد النعالي وثابت الْبَقَّال وَمُحَمّد بن أَحْمد الْخياط الْمُقْرِئ وَغَيرهم وَحدث بالكثير مَعَ عسرٍ(7/46)
كَانَ فِيهِ وروى كتاب الجمهرة لِابْنِ دُرَيْد عَن ثَابت بن بنْدَار عَن أبي الْحُسَيْن ابْن رزمة عَن أبي سعيد السيرافي عَنهُ وَهُوَ آخر من روى هَذَا الْكتاب عَن ثَابت وَكَانَ صَدُوقًا صَحِيح السماع روى عَنهُ ابْن الْأَخْضَر وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة بهمذان
3 - (النفيس القطرسي)
أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن خلف بن الْمُسلم الْفَقِيه الأديب نَفِيس الدّين أَبُو الْعَبَّاس اللَّخْمِيّ الْمَالِكِي الْمَعْرُوف بالقطرسي بِالْقَافِ والطاء الْمُهْملَة وَبعدهَا رَاء وَبعدهَا سين مُهْملَة على وزن قطرب هَذِه النِّسْبَة إِلَى جده قطرس حَكَاهُ ابْن خلكان عَن الْبَهَاء زُهَيْر تفقه وَقَرَأَ الْأُصُول والمنطق وَقَرَأَ الْأَدَب على موفق الدّين ابْن الْخلال كَاتب إنْشَاء العاضد وتصدر للاقراء والإفادة وَتصرف فِي الْخدمَة الديوانية ومدح الْمُلُوك والوزراء وَله ديوَان شعر روى عَنهُ الشهَاب القوصي وَمن شعره قصيدة كتبهَا إِلَى الْأَمِير شُجَاع الدّين جِلْدك التقوي الْمَعْرُوف بوالي دمياط
(قل للحبيب أطلت صدّك ... وَجعلت قَتْلِي فِيهِ وكدك)
(إِن شِئْت أَن أسلو فردّ ... عليّ قلبِي فَهُوَ عنْدك)
أخلفت حَتَّى فِي زيارتنا بطيف مِنْك وَعدك وَأَنا عَلَيْك كَمَا عهِدت وَإِن نقضت عليّ عَهْدك
(أحرقت يَا ثغر الحبيب ... حشاي لما ذقت بردك)
(وَشهِدت أَنِّي ظالمٌ ... لما طلبت إِلَيْك شهدك)
)
أتظنّ غُصْن البان يُعجبنِي وَقد عَايَنت قدك أم يخدع التفاح ألحاظي وَقد شاهدت خدّك أم خلت آس عذارك المنشوق يحمي مِنْك وردك
(لَا وَالَّذِي جعل الْهوى ... مولَايَ حَتَّى صرت عَبدك)
يَا قلب من لانت معاطفه علينا مَا أشدّك
(أتظنني جلد القوى ... أَو أنّ لي عَزمَات جِلْدك)
وَهَذَا التَّخَلُّص فِي غَايَة الْحسن وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَقَالَ فَقِيه مالكي الْمَذْهَب لَهُ يَد فِي عُلُوم الْأَوَائِل وَالْأَدب
(يسرّ بالعيد أقوامٌ لَهُم سعةٌ ... من الثراء وَأما المقترون فَلَا)
(هَل سرّني وثيابي فِيهِ قوم سبا ... أَو راقني وعَلى رَأْسِي بِهِ ابْن جلا)
يُشِير إِلَى قَول الله تَعَالَى ومزقناهم كل ممزّقٍ وَإِلَى قَول الشَّاعِر(7/47)
(أَنا ابْن جلا وطلاع الثنايا ... مَتى أَضَع الْعِمَامَة تعرفوني)
وَأورد لَهُ الْعِمَاد فِي ذيل الخريدة
(يَا راحلاً وَجَمِيل الصَّبْر يتبعهُ ... هَل من سبيلٍ إِلَى لقياك يتَّفق)
(مَا أنصفتك جفوني وَهِي داميةٌ ... وَلَا وفى لَك قلبِي وَهُوَ يَحْتَرِق)
وروى لَهُ الْبَهَاء زُهَيْر
(وَذي هيئةٍ يزهى بوجهٍ مهندسٍ ... أَمُوت بِهِ فِي كل يومٍ وأبعث)
(محيطٌ بأشكال الملاحة وَجهه ... كَأَن بِهِ اقليدساً يتحدث)
(فعارضه خطّ استواءٍ وخاله ... بِهِ نقطةٌ والصدغ شكلٌ مثلث)
3 - (تَاج الدّين ابْن مَكْتُوم)
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن مَكْتُوم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سليم الْقَيْسِي النَّحْوِيّ نقلت هَذِه النِّسْبَة من خطه هُوَ الإِمَام تَاج الدّين اشْتغل بِالْحَدِيثِ وفنونه وَأخذ الحَدِيث عَن أَصْحَاب النجيب وَابْن علاق وَهَذِه الطَّبَقَة وَهُوَ مُقيم بالديار المصرية بَلغنِي أَنه يعْمل تَارِيخا للنحاة ووقفت لَهُ على الدّرّ اللَّقِيط من الْبَحْر الْمُحِيط فِي تَفْسِير الْقُرْآن وَهُوَ كتاب ملكته بِخَطِّهِ فِي مجلدين الْتقط فِيهِ إِعْرَاب الْبَحْر الْمُحِيط تصنيف شَيخنَا الْعَلامَة أثير الدّين فجَاء فِي غَايَة)
الْحسن وَقد اشْتهر هَذَا الْكتاب وَورد إِلَى الشَّام ونقلت بِهِ النّسخ رَأَيْته بِالْقَاهِرَةِ مَرَّات ثمَّ إِنَّنِي اجْتمعت بِهِ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ وَسَأَلته الْإِجَازَة بِكُل مَا يجوز أَن يرويهِ فَأجَاز لي متلفظاً بذلك وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائةٍ فِي طاعون مصر وَمن شعر تَاج الدّين
(مَا على الْفَاضِل المهذّب عارٌ ... إِن إِذا حَامِلا وذ وَالْجهل سَام)
(فاللباب الشهيّ بالقشر خافٍ ... ومصون الثِّمَار تَحت الكمام)
(والمقادير لَا تلام بحالٍ ... والأماني حقيقةٌ بالملام)
وأخو الْفَهم من تزوّد للْمَوْت وخلّى الدُّنْيَا لنهب الطّغام وَمِنْه أَيْضا
(ومعذرٍ قَالَ العذول عَلَيْهِ لي ... شبهه وَاحْذَرْ من قُصُور يعتري)(7/48)
(فأجبته هُوَ بانةٌ من فَوْقهَا ... بدرٌ يحفّ بهالةٍ من عنبر)
وَمِنْه أَيْضا من أَبْيَات
(أغار عَلَيْهِ من نَظَرِي ... فأصرفه إِذا نظرا)
(وَمن لم يدر مَا خبري ... يراني أستر الخبرا)
(وَكَيف يكون مستتراً ... خليعٌ يعشق القمرا)
وَمِنْه أَيْضا
(نفضت يَدي من الدُّنْيَا ... وَلم أضرع لمخلوق)
(لعلمي أَن رِزْقِي لَا ... يجاوزني لمرزوق)
(وَمن عظمت جهالته ... يرى فعلي من الموق)
وَمِنْه أَيْضا
(إِن ضيّع النَّاس لي حقوقي ... وَقَابَلُوا البرّ بالعقوق)
(وَلم يبالوا أَن صَار مثلي ... يعِيش فِي قلةٍ وضيق)
(فلست بالعاجز المعنّى ... وَلَا بهيابةٍ فروق)
(وَلَا بشاكٍ من ريب دهري ... مَا نَالَ قلبِي من الْحَرِيق)
(حَتَّى لفرط العفاف منّي ... يشكُّ فِي فَاقَتِي صديقي)
)
3 - (كَمَال الدّين نَاظر قوص)
أَحْمد بن عبد الْقوي بن عبد الله بن شَدَّاد كَمَال الدّين بن برهَان الربعِي نَاظر قوص ورئيسها سمع من أبي الْفِدَاء إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بِدِمَشْق وَمن غَيره وبمصر من الشَّيْخ قطب الدّين الْقُسْطَلَانِيّ وَمن غَيره وَمن عبد الْوَهَّاب ابْن عَسَاكِر وَمن ابْن المليحي وَغَيرهم وبقوص من التقي صَالح وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي وَأَجَازَ لَهُ جمع كَبِير بدمش ومصر والإسكندرية وبغداذ مِنْهُم الْحَافِظ وجيه الدّين مَنْصُور بن سليم الإسكندري وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الْمَالِكِي وَعبد الْوَهَّاب بن الْحسن بن الْفُرَات وخلائق كثير وَكتب كثيرا وخرّج وَقَرَأَ وَحدث سمع مِنْهُ جمَاعَة مِنْهُم تَاج الدّين عبد الْغفار بن عبد الْكَافِي السَّعْدِيّ والشرف النصيبي وَغَيرهمَا وَهُوَ الَّذِي بنى على الضريح النَّبَوِيّ شرفه الله تَعَالَى الْقبَّة الْمَوْجُودَة وَقصد خيرا وَتَحْصِيل ثَوَاب فَقَالَ بَعضهم أَسَاءَ الْأَدَب بعلو النجارين ودقّ الْحَطب
وَفِي تِلْكَ السّنة حصل بَينه وَبَين بعض الْوُلَاة كَلَام فورد المرسوم بِضَرْب كَمَال الدّين فَكَانَ من يَقُول إِنَّه أَسَاءَ الْأَدَب يرى أَن هَذَا الضَّرْب مجازاة لَهُ وصادره الشجاعي وَخرب دَاره وَأخذ رخامها للمنصورية وَكَانَ يَقع لَهُ عجائب فيظن بَعضهم أَن لَهُ رئيّاً من الْجِنّ يُخبرهُ بذلك توفّي فَجْأَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَمن شعره لما وصل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة شرفها الله تَعَالَى(7/49)
(أنخ هَذِه وَالْحَمْد لله يثرب ... فبشراك قد نلْت الَّذِي كنت تطلب)
(فعفِّر بِهَذَا التُّرَاب وَجهك إِنَّه ... أحقّ بِهِ من كلّ طيبٍ وَأطيب)
(وقبّل عراصاً حولهَا قد تشرّفت ... بِمن جَاوَرت وَالشَّيْء للشَّيْء يحبب)
(وسكّن فؤاداً لم تزل باشتياقه ... إِلَيْهَا على جمر الغضا تتقلّب)
(وكفكف دموعاً طالما قد سفحتها ... وبرّد جوىً نيرانه تتلهّب)
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي فِي تَارِيخ الصَّعِيد حكى لي صاحبنا الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن نجم الدّين حسن ابْن السديد العجمي قَالَ قَالَ لي أبي كنت فِي طَرِيق عيذاب ومعنا شخص من المغاربة ففتشته فَوجدت مَعَه فِي دفاسه ذَهَبا فَأَخَذته وَلم يعرف بِهِ أحد ثمَّ وصلت إِلَى قوص وتوجهت إِلَى الْكَمَال فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ لي ذَاك الذَّهَب الَّذِي عدّته كَذَا الَّذِي أَخَذته من المغربي أحضرهُ وَأَنا أعوّضك فأحضرته إِلَيْهِ)
3 - (ابْن الْخَطِيب الاسنائي)
أَحْمد بن عبد الْقوي بن عبد الرَّحْمَن بن ضِيَاء الدّين ابْن الْخَطِيب الاسنائي اشْتغل باسنا ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ وأتى دمشق وَقَرَأَ بهَا على النَّوَوِيّ وَسمع الحَدِيث ثمَّ صحب الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن معضاد الجعبري وَاعْتَزل وَأقَام بِبَلَدِهِ سِنِين مُنْقَطِعًا متعبداً ملازماً للخير وَتوجه إِلَى الْحجاز فَمَرض بادفو وَحمل إِلَى إسنا وَتُوفِّي بهَا سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة
3 - (منتجب الدّين دفترخوان)
أَحْمد بن عبد الْكَرِيم بن أبي الْقَاسِم بن أبي الْحسن دفتر خوان منتجب الدّين أَبُو الْعَبَّاس قَالَ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه وَمن خطه نقلت أَنْشدني لنَفسِهِ لما غضب عَلَيْهِ السُّلْطَان الْملك الْعَادِل
(أضعت وُجُوه الرَّأْي حَتَّى كأنني ... على خَبَرهَا مَا إِن عرفت لَهَا وَجها)
(فَلَا لوم لي إِلَّا لروحي وَإِن غَدَتْ ... بِمَا حَملته من مصيبتها ولهى)
(ذهبت بنفسي بعد حزمٍ ويقظةٍ ... وَمَا كنت لولاها من النَّاس من يدهى)
وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(أضحت دمشق جنَّة جنابها ... روضٌ عَلَيْهِ للحيا تَبَسم)
(أودع فِي أقطارها الْقطر سنا ... محاسنٍ على الدنا تقسّم)(7/50)
(فسهلها مفضّضٌ مذهّبٌ ... وحزنها مدنّرٌ مدرهم)
(وجوُها معنبرٌ ودوحها ... حالٍ رِدَاء الْحسن مِنْهُ معلم)
(يُمْسِي السَّحَاب فِي ذراها باكياً ... وَيُصْبِح النبت بهَا يبتسم)
وَقَالَ أَيْضا أَنْشدني لنَفسِهِ
(يَا هَاتِف البان مَا أبكتك مؤلمةٌ ... وَفِي توجعك الألحان والنغم)
(إِلَيْك فالحزن بِي لَا مَا سررت بِهِ ... شتان باكٍ من الْبلوى ومبتسم)
(تهوى الغصون وأهواها فيجمعنا ... حبّ القدود وَفِي الأحزان نقتسم)
وَقَالَ أَيْضا أَنْشدني لنَفسِهِ وَكتب بهَا إِلَى الْعَادِل
(انْظُر إليّ بِعَين جودك نظرةً ... فلعلّ محروم المطالب يرْزق)
(طير الرَّجَاء إِلَى علاك محلّقٌ ... وأظنّه سيعود وَهُوَ مخلّق)
)
وَقَالَ شهَاب الدّين القوصي كَانَ شَابًّا شَاعِرًا مجيداً فصيح اللِّسَان وخدم دفتر خوان مُدَّة طَوِيلَة للْملك الْعَادِل ووشى بِهِ حساده فَجمع لَهُ بَين الحرمان والهجران وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس عشرَة وست مائَة بعد موت السُّلْطَان وَرضَاهُ عَنهُ ومولده بِدِمَشْق
قلت هَذَا الشّعْر الَّذِي أوردهُ لَهُ متوسط الرُّتْبَة ودفتر خوان هُوَ الَّذِي يتحدث فِي أَمر الْكتب المجلدات وَيكون أمرهَا رَاجعا إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يقْرَأ على السُّلْطَان فِيهَا إِمَّا لَيْلًا وَإِمَّا نَهَارا ينادمه بذلك وَكَانَ يتوسط بِالْخَيرِ أَخذ الْعَرَبيَّة عَن الْكِنْدِيّ وَأما دفتر خوان الآخر وَهُوَ عَليّ بن مُحَمَّد بن الرضى بن مُحَمَّد فَذَاك غير هَذَا وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (السدُوسِي)
أَحْمد بن عبد الله بن سُوَيْد بن منجوف السدُوسِي الْبَصْرِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وللبصلاني عَنهُ جزءٌ مَشْهُور توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ الْعجلِيّ الْكُوفِي)
أَحْمد بن عبد الله بن صَالح أَبُو الْحسن الْكُوفِي الْعجلِيّ الْحَافِظ الزَّاهِد نزيل طرابلس الغرب روى عَنهُ ابْنه صَالح بن أَحْمد كِتَابه فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَهُوَ كتابٌ مُفِيد يدل على إِمَامَته وسعة حفظه قَالَ عَبَّاس الدوري كُنَّا نعده مثل ابْن حَنْبَل وَابْن معِين نزح إِلَى الْمغرب أَيَّام المحنة وَأَبوهُ من أَصْحَاب حَمْزَة الزيات توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ(7/51)
3 - (الْحَافِظ البرقي)
أَحْمد بن عبد الله البرقي الْمصْرِيّ الْحَافِظ مولى بني زهرَة لَهُ كتاب فِي معرفَة الصَّحَابَة وأنسابهم رَوَاهُ عَنهُ أَحْمد بن عَليّ ابْن الْمَدِينِيّ كَانَ إِمَامًا حَافِظًا متقناً توفّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب)
أَحْمد بن عبد الله بن مُسلم بن قُتَيْبَة أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب ولد ببغداذ وَمَات بِمصْر وَهُوَ على قَضَائهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة روى عَن أَبِيه تصانيفه كلهَا حدث عَنهُ أَبُو الْفَتْح المراغي النَّحْوِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الزجاجي وَغَيرهمَا وَحدث بكتب أَبِيه كلهَا بِمصْر حفظا وَلم يكن مَعَه كتاب وَقدم مصر سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة قَاضِيا)
3 - (الخجستاني الْأَمِير)
أَحْمد بن عبد الله الخجستاني الْأَمِير المتغلب على نيسابور كَانَ جباراً ظَالِما غاشماً من أَتبَاع يَعْقُوب بن اللَّيْث ثمَّ إِنَّه خرج عَن طَاعَة يَعْقُوب توفّي فِي حُدُود السّبْعين وَمِائَتَيْنِ وَلما خرج عَن طَاعَة يَعْقُوب الصفار فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ كَانَ يظْهر الْميل إِلَى الْأُمَرَاء الظَّاهِرِيَّة ليملك بذلك قُلُوب أهل نيسابور حَتَّى إِنَّه كَانَ يكْتب فِي كتبه أَحْمد بن عبد الله الظَّاهِرِيّ ثمَّ كتب الخجستاني إِلَى رَافع بن هرثمة يستقدمه عَلَيْهِ وَكَانَ يَعْقُوب الصفار قد أبعد رَافع بن هرثمة فَقدم عَلَيْهِ فَجعله صَاحب جَيْشه وَكَانَ للخجستاني مَوَاقِف وحروب مَشْهُورَة ثمَّ إِن غلامين من غلمانه اتفقَا عَلَيْهِ وقتلاه وَقد سكر ونام وَكَانَ رَافع غَائِبا فَلَمَّا قدم قدّمه جَيش الخجستاني عَلَيْهِم بعده وسوف يَأْتِي ذكر رَافع هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الرَّاء مَكَانَهُ
3 - (ابْن البخْترِي)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن البخْترِي أَبُو الْعَبَّاس الدَّاودِيّ كَانَ مَوْصُوفا بِالْعلمِ مَشْهُورا بِالْفَضْلِ وَالتَّصَرُّف فِي الحكم نَاب عَن الْقُضَاة ببغداذ روى عَن ابْن الْمُغلس وَأبي بكر ابْن الْمَرْزُبَان وروى عَنهُ الصاحب بن عباد فِي أَمَالِيهِ وَالْقَاضِي أَبُو عَليّ التنوخي
3 - (الْحَافِظ أَبُو نعيم)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِسْحَاق بن مُوسَى بن مهْرَان أَبُو نعيم الْحَافِظ سبط مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْبناء الْأَصْبَهَانِيّ تَاج الْمُحدثين وَأحد أَعْلَام الدّين لَهُ(7/52)
الْعُلُوّ فِي الرِّوَايَة وَالْحِفْظ والفهم والدراية وَكَانَت الرّحال تشد إِلَيْهِ أمْلى فِي فنون الحَدِيث كتبا سَارَتْ فِي الْبِلَاد وانتفع بهَا الْعباد وامتدت أَيَّامه حَتَّى ألحق الأحفاد بالأجداد وَتفرد بعلو الْإِسْنَاد سمع بأصبهان أَبَاهُ وَعبد الله بن جَعْفَر ابْن أَحْمد بن فَارس وَسليمَان بن أَحْمد الطَّبَرَانِيّ وَجَمَاعَة كثيرين إِلَى الْغَايَة وبواسط مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَعْدَان وَمُحَمّد بن حُبَيْش بن خلف الْخَطِيب وَجَمَاعَة كثيرين وبجرجرايا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب الْمُفِيد وَمُحَمّد بن مَحْمُود البرتي وبتشتر مُحَمَّد بن أَحْمد بن سختويه الْمعدل وَعمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن جيكان الديباجي وَغَيرهمَا وبعسكر مكرم مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْحَاق الْأنمَاطِي وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن بشير العسكري وبالأهواز القَاضِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْأَهْوَازِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن إِسْحَاق الدقيقي وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّافِعِي وَغَيرهم وبالكوفة مُحَمَّد بن الطَّاهِر بن الْحُسَيْن الْهَاشِمِي وَمُحَمّد بن)
مُحَمَّد بن عَليّ الْقرشِي الْعَطَّار وَغَيرهمَا وبجرجان مُحَمَّد بن أَحْمد بن الغطريف وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن الطلقي وَغَيرهمَا وباستراباذ أَبَا زرْعَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بنْدَار وَمُحَمّد بن عَليّ الخباز وَغَيرهمَا وبنيسابور مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان وَالْحَاكِم الْحَافِظ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَمُحَمّد بن الْفضل بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة وَغَيرهم وخلقاً كثيرا وَقد سرد مِنْهُم محب الدّين ابْن النجار فِي ذيل تَارِيخ بغداذ جملَة وَكتب عَن أقرانه وَجمع معجماً لشيوخه وَحدث بالكثير من مصنفاته وروى عَنهُ الْأَئِمَّة الْأَعْلَام كَأبي بكر ابْن عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ وَتُوفِّي قبله باثنتي عشرَة سنة وأخيه عبد الرَّزَّاق بن أَحْمد بن إِسْحَاق وَتُوفِّي قبله وكوشيار بن لياليزور الجيلي وَتُوفِّي قبله بِأَكْثَرَ من أَرْبَعِينَ سنة وروى عَنهُ الْخَطِيب وَأَبُو صَالح أَحْمد بن عبد الْملك الْمُؤَذّن النَّيْسَابُورِي وَأَبُو رَجَاء هبة الله بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْعَطَّار وَكَانَ يستملي عَلَيْهِ وَأَبُو مَسْعُود وَسليمَان بن إِبْرَاهِيم بن المليحي وَالْقَاضِي أَبُو يُوسُف عبد السَّلَام بن أَحْمد الْقزْوِينِي وَأَبُو الْقَاسِم يُوسُف بن الْحسن التفكري وَأَبُو الْفضل حمد بن أَحْمد بن الْحسن بن الْحداد وَأَخُوهُ أَبُو عَليّ الْحسن وَخلق كثير من أهل أَصْبَهَان آخِرهم أَبُو طَاهِر عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الصّباغ الْمَعْرُوف بالدشتج وَكَانَ أَبُو نعيم إِمَامًا فِي الْعلم والزهد والديانة وصنف مصنفات كَثِيرَة مِنْهَا حلية الْأَوْلِيَاء والمستخرج على الصَّحِيحَيْنِ
ذكر فِيهَا أَحَادِيث سَاوَى فِيهَا البُخَارِيّ وَمُسلمًا وَأَحَادِيث علا عَلَيْهِمَا فِيهَا كَأَنَّهُمَا سمعاها مِنْهُ وَذكر فِيهَا حَدِيثا كَانَ البُخَارِيّ وَمُسلم سمعاه مِمَّن سَمعه مِنْهُ وَدَلَائِل النُّبُوَّة وَمَعْرِفَة الصَّحَابَة وتاريخ بَلَده وفضائل الْجنَّة وَكَثِيرًا من المصنفات الصغار وَبَقِي أَربع عشرَة سنة بِلَا نَظِير لَا يُوجد شرقاً وَلَا غرباً أَعلَى إِسْنَادًا مِنْهُ وَلَا أحفظ مِنْهُ وَلما حمل كتاب الْحِلْية إِلَى نيسابور بيع بأربعمائة دِينَار
قَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر وَقد رَأَيْت لأبي نعيم أَشْيَاء يتساهل فِيهَا مِنْهَا أَنه يَقُول فِي الْإِجَازَة(7/53)
أخبرنَا من غير أَن يبين قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد ولامع ابْنا أَحْمد الصيدلاني عَن يحيى بن عبد الْوَهَّاب بن مَنْدَه قَالَ سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن القَاضِي يَقُول سَمِعت عبد الْعَزِيز النخشبي يَقُول لم يسمع أَبُو نعيم مُسْند الْحَارِث بِتَمَامِهِ من أبي بكر بن خَلاد فحدّث بِهِ كُله وَقَالَ سَأَلت أَبَا بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْعَطَّار مستملي أبي نعيم عَن حَدِيث مُحَمَّد بن عَاصِم الَّذِي يرويهِ أَبُو نعيم فَقلت لَهُ كَيفَ قَرَأت عَلَيْهِ وَكَيف رَأَيْت سَمَاعه فَقَالَ أخرج إليّ كتابا وَقَالَ هُوَ سَمَاعي)
فَقَرَأت عَلَيْهِ قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَفِي هَاتين الحكايتين نظر أما حَدِيث مُحَمَّد بن عَاصِم فقد رَوَاهُ الْأَثْبَات عَن أبي نعيم وَإِذا قَالَ الْمُحدث الْحَافِظ الصَّادِق هَذَا الْكتاب سَمَاعي جَازَ أَخذه عَنهُ عِنْد جَمِيع الْمُحدثين وَأما قَول الْخَطِيب عَنهُ إِنَّه كَانَ يتساهل فِي الْإِجَازَة من غير أَن يبين فَبَاطِل فقد رَأَيْته فِي مصنفاته يَقُول كتب إليّ جَعْفَر الْخُلْدِيِّ وحَدثني عَنهُ فلَان وَأما قَول النخشبي إِنَّه لم يسمع مُسْند الْحَارِث كَامِلا وَقد رَوَاهُ فقد وهم فَإِنِّي رَأَيْت نُسْخَة من الْكتاب عتيقة وَعَلَيْهَا خطّ أبي نعيم سمع مني إِلَى آخر سَمَاعي من هَذَا الْمسند من ابْن خَلاد فلَان فَلَعَلَّهُ روى بَاقِيه بِالْإِجَازَةِ فَبَطل مَا ادّعوه وَسلم أَبُو نعيم من الْقدح وَفِي إِسْنَاد الحكايتين غير وَاحِد مِمَّن يتحامل على أبي نعيم لمُخَالفَته لمَذْهَب وعقيدته فَلَا يقبل جرحه لَو ثَبت فَكيف وَقد انْتَفَى وَقد أَنْشدني شَيخنَا أَبُو بكر النَّحْوِيّ لنَفسِهِ
(لَو رجم النَّجْم جَمِيع الورى ... لم يصل الرَّجْم إِلَى النَّجْم)
ولد أَبُو نعيم سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الطَّائِي الشَّامي)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو الْحسن الطَّائِي القصري الشَّامي روى ببغداذ شَيْئا من شعره
سمع مِنْهُ وَكتب عَنهُ أَبُو سعد مُحَمَّد بن أَحْمد بن دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة وَمن شعره وغريرة كالدرة الْبَيْضَاء صَافِيَة الْأَدِيم
(قد بتّ أرشف ثغرها ... وَاللَّيْل معتكر النُّجُوم)
حيران يرتقب الصَّباح بِنَا مراقبة الْغَرِيم
(وَلَقَد وزعت الْخَيل وه ... ي تعوم فِي زبد الْحَمِيم)
شعثاً كأشباح الظهيرة بَين طاوية وهيم بمهند يفري الجماجم عِنْد معترك الْخُصُوم ذِي رونق عَبث السقام بِهِ وَفِيه شفا السقيم وَله أَيْضا
(وَلِلنَّاسِ أبصارٌ إِذا مَا بَدَت لَهُم ... من النَّاس سوءاتٌ رأوها كَمَا تبدو)(7/54)
(كفاني مَا ألْقى من الْقَوْم أنني ... أروح عَلَيْهِم بالملامة أَو أغدو)
)
وَله أَيْضا
(نظرت وَمَا كلّ امرئٍ ينظر الْهدى ... إِذا اشتبهت أَعْلَامه ومذاهبه)
(فأيقنت أَن الْخَيْر والشرّ فتنةٌ ... وخيرهما مَا كَانَ خيرا عواقبه)
(أرى الْخَيْر كل الْخَيْر أَن يهجر الْفَتى ... أَخَاهُ وَأَن ينأى عَن النَّاس جَانِبه)
(يعِيش بخيرٍ كلّ من عَاشَ وَاحِدًا ... ويخشى عَلَيْهِ الشرّ مِمَّن يصاحبه)
قتل شعر جيد
3 - (القَاضِي ابْن الْبَنْدَنِيجِيّ الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن عَسْكَر الْبَنْدَنِيجِيّ أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي مُحَمَّد القَاضِي الْحَنَفِيّ ولي الْقَضَاء والحسبة بالجانب الغربي من بغداذ وحمدت سيرته سمع هبة الله بن الْحصين وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَغَيرهمَا وَحدث باليسير وَمَات سنة ثَلَاث وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن السمين)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن عَليّ بن عَليّ بن السمين أَبُو الْمَعَالِي من أهل قطفتا من أَوْلَاد الْمُحدثين سمع أَبَا نصر يحيى بن موهوب بن السدنك وَغَيره وَحدث باليسير قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَلَا بَأْس بِهِ توفّي سنة أَربع عشرَة وست مائَة
3 - (أَبُو طَاهِر الْخَطِيب الْموصِلِي)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن هِشَام الطوسي أَبُو طَاهِر بن أبي الْفضل ولد ببغداذ سنة سبع عشرَة وَخمْس مائَة وَسمع بهَا جده أَبَا نصر وسافر مَعَ أَهله إِلَى الْموصل وَسمع من أبي البركات ابْن خَمِيس ثمَّ قدم بغداذ وَسمع بهَا عبد الْخَالِق بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن يُوسُف وَسمع من غَيره وَتَوَلَّى الخطابة بحمص مُدَّة وَعَاد إِلَى الْموصل وَلم يزل بهَا حَتَّى مَاتَ وَكَانَ من الشُّهُود المعدّلين بهَا وَفِيه فضل وَله أدب وَكَانَ يَقُول الشّعْر وينشئ الْخطب قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَقد أجَاز لي جَمِيع مروياته وَمن شعره
(حَيّ نجداً عني وَمن حلّ نجدا ... أَرْبعا هجن لي غراماً ووجدا)
واقر عني اللَّام آرام ذَاك الشّعب والأجرع الخصيب الفردا وابك عني حَتَّى ترتح بالوجد أراكاً بِهِ وباناً ورندا فلكم وقفةٍ ضللت على الضال بدمعٍ أذاع سرّي وَأبْدى)
وعَلى البان كم من الْبَين أذريت لآلي للدمع مثنى ووحدا
(آه والهفتا على طيب عيشٍ ... كنت قَضيته زَمَانا بسعدى)(7/55)
(حَيْثُ عود الوصا غضٌّ نضيرٌ ... وَيَد المكرمات بالجود تندى)
والخليل الْوَدُود ينعم إسعافا وَعين الرَّقِيب إِذْ ذَاك رقدا كم بهَا من لبانة لي وأوطار تقضت وَجَازَت الحدَّ حدا
(فاستعاد الزَّمَان مَا كَانَ أعْطى ... خلسةً لي ببخله واستردّا)
قلت شعر جيد فِي أول طبقَة الْجَوْدَة توفّي سنة إِحْدَى وست مائَة
3 - (أَبُو مَنْصُور الفرغاني)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد الفرغاني كَانَ أَبوهُ صَاحب مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ روى أَحْمد هَذَا وكنيته أَبُو مَنْصُور عَن أَبِيه تصانيف مُحَمَّد بن جرير وصنّف أَبُو مَنْصُور عدَّة تصانيف مِنْهَا كتاب التَّارِيخ وصل بِهِ تَارِيخ وَالِده وَكتب سيرة الْعَزِيز صَاحب مصر وسيرة كافور الإخشيدي وَكَانَ مقَامه بِمصْر وَبهَا مَاتَ سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة ومولده سنة سبع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن بدر الْقُرْطُبِيّ النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن عبد الله بن بدر الْقُرْطُبِيّ النَّحْوِيّ أَبُو مَرْوَان مولى الحكم الْمُسْتَنْصر روى عَن أبي عمر ابْن أبي الْحباب وَأبي بكر ابْن هُذَيْل وَكَانَ نحوياً لغوياً شَاعِرًا عروضياً وَحدث عَنهُ أَبُو مَرْوَان الطبني وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَحْمد بن زيدون)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن غَالب بن زيدون المَخْزُومِي الأندلسي الْقُرْطُبِيّ أَبُو الْوَلِيد أثنى عَلَيْهِ بسام فِي الذَّخِيرَة وَابْن خاقَان فِي قلائد العقيان وَكَانَ من أَبنَاء وُجُوه الْفُقَهَاء بقرطبة برع أدبه وجاد شعره وَعلا شَأْنه وَانْطَلق لِسَانه ثمَّ انْتقل عَن قرطبة إِلَى المعتضد عباد صَاحب إشبيلية سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة فَجعله من خواصه يجالسه فِي خلوته ويركن إِلَى إشاراته وَكَانَ مَعَه فِي صُورَة وَزِير وَكَانَ أَولا قد انْقَطع إِلَى ابْن جهور أحد مُلُوك الطوائف المغلبين بالأندلس فخف عَلَيْهِ وَتمكن مِنْهُ وَاعْتمد عَلَيْهِ فِي السفارة بَينه وَبَين مُلُوك الأندلس فأعجب بِهِ الْقَوْم وتمنوا ميله إِلَيْهِم لبراعته وَحسن سيرته فاتفق أَن نقم عَلَيْهِ ابْن جهور فحسبه)
واستعطفه ابْن زيدون بفنون النّظم(7/56)
والنثر من ذَلِك رسَالَته الَّتِي أَولهَا يَا مولَايَ وسيدي الَّذِي ودادي لَهُ واعتمادي عَلَيْهِ واعتدادي بِهِ وَمِنْهَا إِن سلبتني أعزّك الله لِبَاس إنعامك وعطّلتني من حلي إيناسك وأظمأتني إِلَى برد إسعافك وغضضت عني طرف حمايتك بعد أَن نظر الْأَعْمَى إِلَى تأميلي فِيك وأحسَّ الجماد باستحمادي لَك وَسمع الْأَصَم ثنائي عَلَيْك وَلَا غرو فقد يغص بِالْمَاءِ شَاربه وَيقتل الدَّوَاء المستشفي بِهِ وَيُؤْتى الحذر من مأمنه وَتَكون منية المتمني فِي أمْنِيته والحين قد يسْبق جهد الْحَرِيص
(كلّ المصائب قد تمرّ على الْفَتى ... وتهون غير شماتة الحساد)
إِنِّي لأتجلد وأري الحاسدين أَنِّي لَا أتضعضع وَأَقُول هَل أَنا إِلَّا يدٌ أدماها سوارها وجبين عض بِهِ إكليله ومشرفي ألصقه بِالْأَرْضِ صاقله وسمهريّ عرضه على النَّار مثقفه وعبدٌ ذهب فِيهِ سَيّده مَذْهَب الَّذِي تَقول
(فقسا ليزجره وَمن يَك حازماً ... فليقس أَحْيَانًا على من يرحم)
مِنْهَا حنانيك بلغ السَّيْل الزبى ونالني مَا حسبي بِهِ وَكفى وَمَا أَرَانِي إِلَّا لَو أمرت بِالسُّجُود لآدَم فأبيت واستكبرت وَقَالَ لي نوح اركب مَعنا فَقلت سآوي إِلَى جبلٍ يعصمني من المَاء وَأمرت بِبِنَاء الصرح لعَلي أطّلع إِلَى إِلَه مُوسَى وعكفت على الْعجل واعتديت فِي السبت وتعاطيت فعقرت النَّاقة وشربت من النَّهر الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ جنود طالوت وقدّمت الْفِيل لأبرهة وعاهدت قُريْشًا على مَا فِي الصَّحِيفَة وتأولت فِي بيعَة الْعقبَة ونفرت إِلَى العير ببدر واعتزلت بِثلث النَّاس يَوْم أحد وَتَخَلَّفت عَن صَلَاة الْعَصْر فِي(7/57)
بني قُرَيْظَة وَجئْت بالإفك على عَائِشَة وأنفت من إِمَارَة أُسَامَة وَزَعَمت أَن إِمَارَة أبي بكر فلتة وروّيت رُمْحِي من كَتِيبَة خَالِد ومزقت الْأَدِيم الَّذِي بَارك الله فِيهِ وضحيت بالأشمط الَّذِي عنوان السُّجُود بِهِ وَبِذَلِك لقطام
(ثَلَاثَة آلَاف وعبداً وقينة ... وَضرب عليٍّ بالحسام المسمم)
وكتبت إِلَى عمر بن سعد أَن جعجع بالحسين وتمثلت عِنْدَمَا بَلغنِي من وقْعَة الْحرَّة
(لَيْت أشياخي ببدرٍ شهدُوا ... جزع الْخَزْرَج من وَقع الأسل)
ورجمت الْكَعْبَة وصلبت العائذ بهَا على الثَّنية لَكَانَ فِيمَا جرى عليّ مَا يحْتَمل أَن يُسمى نكالاً ويدعى وَلَو على الْمجَاز عقَابا)
(وحسبك من حادثٍ بامرئٍ ... ترى حاسديه لَهُ راحمينا)
هَذَا جُزْء مِنْهَا وَكلهَا فِي غَايَة الْحسن من هَذَا النمط وختمها بقصيدة أَولهَا
(الْهوى فِي طُلُوع تِلْكَ النُّجُوم ... والمنى فِي هبوب ذَاك النسيم)(7/58)
(سرّنا عيشنا الرَّقِيق الْحَوَاشِي ... لَو يَدُوم السرُور للمستديم)
وَقد أثبت هَذِه الرسَالَة بكمالها مَعَ القصيدة ابْن ظافر فِي نفائس الذَّخِيرَة وَمَا أَجدت هَذِه الرسَالَة عَلَيْهِ شَيْئا فَلَمَّا أعياه الْخطب هرب من محبسه واتصل بِابْن عباد وَكتب إِلَى بعض أصدقائه رِسَالَة يعْتَذر فِيهَا من هروبه من السجْن فِي غَايَة الْحسن وَله الرسَالَة الَّتِي كتبهَا على لِسَان ولادَة بنت المستكفي إِلَى الْوَزير أبي عَامر ابْن عَبدُوس يتهكم بِهِ فِيهَا وَوجد مَكَان القَوْل ذَا سَعَة وتلعّب فِيهَا بأطراف الْكَلَام وأجاد فِيهَا مَا شَاءَ وكل رسائله مشحونة بفنون الْأَدَب ولمع التواريخ والأمثال من كَلَام الْعَرَب نثراً ونظماً وَأَنت ترى هَذَا السحر كَيفَ يخدعك ويهز عطفك وَلَيْسَ فِيهِ سجع تروّجه القوافي على النُّفُوس وَلَكِن هَذِه الْقُدْرَة على البلاغة قَالَ بعض الوزراء بإشبيلية عهدي بِأبي الْوَلِيد ابْن زيدون قَائِما على جَنَازَة بعض حرمه وَالنَّاس يعزّونه على اخْتِلَاف طبقاتهم فَمَا سمعته يُجيب أحدا بِمَا أجَاب بِهِ غَيره لسعة ميدانه وَحُضُور جنانه وَله مَعَ ولادَة بنت المستكفي أَخْبَار نورد بَعْضهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي ترجمتها وَلم يزل عِنْد عباد وَابْنه الْمُعْتَمد قَائِم الجاه وافر الْحرم إِلَى أَن توفّي بإشبيلية سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَقَالَ ابْن بشكوال توفّي سنة خمس وَأَرْبع مائَة وَكَانَت وَفَاته بالبيرة وسيق إِلَى قرطبة وَدفن بهَا ومولده سنة أَربع وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ يخضب بِالسَّوَادِ
وَكَانَ لَهُ ولد يُقَال لَهُ أَبُو بكر تولى وزارة الْمُعْتَمد وَقتل يَوْم أَخذ يُوسُف ابْن تاشفين قرطبة من ابْن عباد
وَمن شعره أَعنِي أَبَا الْوَلِيد النونية الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا
(أضحى التنائي بديلاً عَن تدانينا ... وآن من طيب دُنْيَانَا تلاقينا)
واشتهرت إِلَى أَن صَارَت محدودة يُقَال مَا حفظهَا أحد إِلَّا وَمَات غَرِيبا وَقَالَ بعض الأدباء من لبس الْبيَاض وتختم بالعقيق بالعقيق وَقَرَأَ لأبي عَمْرو وتفقه للشَّافِعِيّ وروى شعر ابْن زيدون فقد اسْتكْمل الظّرْف وَكَانَ يُسمى بحتري الغرب لحسن ديباجة نظمه وسهولة مَعَانِيه وَتَمام القصيدة النونية لَا بَأْس بِذكرِهِ وَهُوَ)(7/59)
(من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم ... ثوبا مَعَ الدَّهْر لَا يبْلى ويبلينا)
(أنّ الزَّمَان الَّذِي مَا زَالَ يضحكنا ... أنسا بقربهم قد عَاد يُبكينا)
(بنتم وبنا فَمَا ابتلت جوانحنا ... شوقاً إِلَيْكُم وَلَا جفّت مآقينا)
(تكَاد حِين تناجيكم ضمائرنا ... يقْضِي علينا الأسى لَوْلَا تأسيّنا)
(حَالَتْ لفقدكم أيامنا فغدت ... سُودًا وَكَانَت بكم بيضًا ليالينا)
(إِذْ جَانب الْعَيْش طلقٌ من تألّفنا ... ومورد اللَّهْو صافٍ من تصافينا)
(وَإِذ هصرنا غصون الْأنس دانيةً ... قطوفها فاجتنينا مِنْهُ ماشينا)
(ليسق عهدكم عهد السرُور فَمَا ... كُنْتُم لأرواحنا إِلَّا رياحينا)
(لَا تحسبوا نأيكم عَنَّا يغيّرنا ... أَن طالما غيّر النأي المحبيّنا)
(وَالله مَا طلبت أَرْوَاحنَا بَدَلا ... مِنْكُم وَلَا انصرفت عنّا أمانينا)
(يَا ساري الْبَرْق غاد الْقصر فَاسق بِهِ ... من كَانَ صرف الْهوى والود يسقينا)
(وَيَا نسيم الصِّبَا بلّغ تحيّتنا ... من لَو على الْبعد حيّاً كَانَ يحيينا)
(ربيب ملكٍ كأنَّ الله أنشأه ... مسكاً وَقدر إنْشَاء الورى طينا)
(إِذا تأوّد آدته رفاهيةً ... تؤم الْعُقُود وأدمته البرى لينًا)
(يَا رَوْضَة طالما أجنت لواحظنا ... وردا جناه الصِّبَا غضّاً ونسرينا)
(يَا جنّة الْخلد أبدلنا بسلسلها ... والكوثر العذب زقّوماً وغسلينا)
(كأننا لم نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غضّ من أجفان واشينا)
(سرّان فِي خاطر الظلماء يكتمنا ... حَتَّى يكَاد لِسَان الصُّبْح يفشينا)
(إِنَّا قَرَأنَا الأسى يَوْم النَّوَى سوراً ... مَكْتُوبَة وأخذنا الصَّبْر تلقينا)
(أما هَوَاك فَلم نعدل بمنهله ... شرباً وَإِن كَانَ يروينا فيظمينا)
(لم نجف أفق جمالٍ أَنْت كوكبه ... سالين عَنهُ وَلم نهجره قالينا)
(وَلَا اخْتِيَارا تجنبناك عَن كثبٍ ... لَكِن عدتنا على كره عوادينا)
(نأسى عَلَيْك وَقد حثت مشعشعةً ... فِينَا الشُّمُول وغنّانا مغنّينا)
(ل أكؤس الراح تبدي من شَمَائِلنَا ... سِيمَا ارتياحٍ وَلَا الأوتار تلهينا)
(دومي على الْوَصْل مَا دمنا مُحَافظَة ... فالحرّ من دَان إنصافاً كَمَا دينا)
)
(فَمَا استعضنا خَلِيلًا عَنْك يصرفنا ... وَلَا استفدنا حبيباً مِنْك يسلينا)
(وَلَو صبا نحونا من علو مطلعه ... بدر الدجى لم يكن حاشاك يصبينا)
(أبدي وَفَاء وَإِن لم تبذلي صلَة ... فالذكر يقنعنا والطيف يكفينا)(7/60)
قَالَ ابْن بسام وَقد عارضها جمَاعَة قصرت عَنْهَا مِنْهُم أَبُو بكر بن الْملح قَالَ من قصيدة أَولهَا
(هَل يسمع الرّبع شكوانا فيشكينا ... أَو يرجع القَوْل مغناه فيغنينا)
(يَا باخلين علينا أَن نودّعهم ... وَقد بعدتم عَن اللقيا فحيوّنا)
(قفوا نزركم وَإِن كَانَت فوائدكم ... نزراً ومنكم بالوصل ممنونا)
(سترتم الْوَصْل ضنّاً لَا فقدتكم ... وَكَانَ بالوهم مَوْجُودا ومظنونا)
(سرى من الْمسك عَن مسراكم خبرٌ ... يُعِيد عهد هواكم نشره فِينَا)
(أَيَّام بدركم يحيي ليالينا ... قرباً وظبيكم يرْعَى بوادينا)
(مهلا فَلم نعتقد دين الْهوى تبعا ... وَلَا قَرَأنَا بصحف الْحسن تلقينا)
(قد نصرف العذل يغوينا ويرشدنا ... ونترك الدَّار تشجينا وتسلينا)
(وَنَتبع الحيَّ والأشواق محرقةٌ ... تحوم بِالْمَاءِ والأرماح تحمينا)
(كواكبٌ بسماء النَّقْع قد جعلت ... لنا رجوماً وَمَا كُنَّا شياطينا)
وَمن شعر ابْن زيدون
(أما منى قلبِي فَأَنت جَمِيعه ... يَا لَيْتَني أَصبَحت بعض مناك)
(يدني مزارك حِين شطَّ بِهِ النَّوَى ... وهمٌ أكاد بِهِ أقبِّل فَاك)
وَمِنْه قَوْله
(إِن الجهاورة الْمُلُوك تبوّأوا ... شرفاً جرى مَعَه السماك جنيبا)
(فَإِذا دَعَوْت وليدهم لعظيمةٍ ... لبّاك رقراق السماح أريبا)
(هممٌ تعاقبها النُّجُوم وَقد تَلا ... فِي سؤدد مِنْهَا العقيب عقيبا)
(ومحاسنٌ تندى دقائق ذكرهَا ... فتكاد توهمك المديح نسيبا)
وَمِنْه قَوْله من قصيدة فِي عباد يمدحه فِي الْعِيد
(وَلما قضينا مَا عنانا قَضَاؤُهُ ... وكلٌّ بِمَا أوليت داعٍ فملحف)
)
(رَأَيْنَاك فِي أَعلَى الْمصلى كَأَنَّمَا ... تطلّع من محراب دَاوُد يُوسُف)
وَمِنْه قَوْله(7/61)
(بيني وَبَيْنك مَا لَو شِئْت لم يضع ... سرٌّ إِذا ذاعت الْأَسْرَار لم يذع)
(يَا بَائِعا حظّه مني وَلَو بذلت ... لي الْحَيَاة بحظّي مِنْهُ لم أبع)
(يَكْفِيك أَنَّك إِن حمّلت قلبِي مَا ... لم تستطعه قُلُوب النَّاس يسْتَطع)
(ته أحتمل واستطل أَصْبِر وعزَّ أهن ... وولِّ أقبل وَقل أسمع وَمر أطع)
وَمِنْه أَيْضا
(ألم يَأن أَن يبكي الْغَمَام على مثلي ... وَيطْلب ثاري الْبَرْق منصلت النصل)
(وهلا أَقَامَت أنجم الزهر مأتماً ... لتندب فِي الْآفَاق مَا ضَاعَ من نبلي)
(أمقتولة الأجفان مَا لَك والهاً ... ألم ترك الْأَيَّام نجماً هوى قبلي)
(وَللَّه فِينَا علم غيبٍ وحسبنا ... بِهِ عِنْد جور الدَّهْر من حكمٍ عدل)
(وَفِي أم مُوسَى عبرةٌ إِذْ رمت بِهِ ... إِلَى اليمّ فِي التابوت فاعتبري واسلي)
وَمِنْه
(وَلَقَد شكوتك بالضمير إِلَى الْهوى ... ودعوت من حنقٍ عَلَيْك فأمّنا)
(منيت نَفسِي من صفاتك ضلّةً ... وَلَقَد تغرّ الْمَرْء بارقة المنى)
وَمِنْه
(إِنِّي ذكرتك بالزهراء مشتاقا ... والجوّ طلق وَوجه الرَّوْض قد راقا)
(وللنّسيم اعتلالٌ فِي أصائله ... كَأَنَّهُ قّ لي فاعتلّ إشفاقا)
(وَالرَّوْض عَن مَائه الفضيّ مبتسمٌ ... كَمَا شققت عَن اللبّات أطواقا)
(يومٌ كأيام لذاتٍ لنا انصرمت ... بتنا بهَا حِين نَام الدَّهْر سراقا)
(نَلْهُو بِمَا يستميل الْعين من زهرٍ ... جال الندى فِيهِ حَتَّى مَال أعناقا)
(كأنّ أعينه إِذْ عَايَنت أرقي ... بَكت لما بِي فجال الدمع رقراقا)
(لَا سكن الله قلباً عنّ ذكركُمْ ... وَلم يطر بجناح الشوق اخفّاقا)
(لَو شَاءَ حملي نسيم الرّيح نحوكم ... وافاكم بفتىً أضناه مَا لَاقَى)
3 - (أَبُو الْعَلَاء المعري)
)
أَحْمد بن عبد الله بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن(7/62)
سُلَيْمَان بن دَاوُد بن المطهر بن زِيَاد بن ربيعَة بن الْحَارِث بن ربيعَة بن أَرقم بن أنون بن أسحم بن النُّعْمَان وَيُقَال لَهُ سَاطِع الْجمال بن عدي بن عبد غطفان بن عَمْرو بن برِيح بن جذيمة بن تيم الله بن أَسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمرَان بن الحاف بن قضاعة وتيم الله مُجْتَمع تنوخ المعرّي التنوخي من أهل معرة النُّعْمَان الْمَشْهُور صَاحب التصانيف الْمَشْهُورَة كَانَ عجبا فِي الذكاء المفرط والحافظة قَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فِي كتاب النّسَب ذكر تِلْمِيذه أَبُو زَكَرِيَّاء التبريزي أَنه كَانَ قَاعِدا فِي مَسْجده بمعرة النُّعْمَان بَين يَدي أبي الْعَلَاء يقْرَأ شَيْئا من تصانيفه قَالَ وَكنت قد أَقمت عِنْده سِنِين وَلم أر أحدا من أهل بلدي فَدخل الْمَسْجِد مغافصةً بعض جيراننا للصَّلَاة فرأيته وعرفته فتغيرت من الْفَرح فَقَالَ لي أَبُو الْعَلَاء ايش أَصَابَك فحكيت لَهُ أَنِّي رَأَيْت جاراً لي بعد أَن ألق أحدا من أهل بلدي سِنِين فَقَالَ لي قُم فكلمّه فَقلت حَتَّى أتمم السَّبق فَقَالَ لي قُم أَنا أنْتَظر لَك فَقُمْت وكلمته بِلِسَان الأذربية شَيْئا كثيرا إِلَى أَن سَأَلت عَن كل مَا أردْت فَلَمَّا رجعت وَقَعَدت بَين يَدَيْهِ قَالَ لي أَي لِسَان هَذَا قلت هَذَا لِسَان أذربيجان فَقَالَ لي مَا عرفت اللِّسَان وَلَا فهمته غير أَنِّي حفظت مَا قلتما ثمَّ أعَاد عَليّ اللَّفْظ بِعَيْنِه من غير أَن ينقص مِنْهُ أَو يزِيد عَلَيْهِ جَمِيع مَا قلت وَقَالَ جاري فتعجبت غَايَة التَّعَجُّب كَيفَ حفظ مَا لم يفهمهُ
قلت وَهَذَا معجز فَإِنَّهُ بلغنَا عَن جمَاعَة من الْحفاظ وَمَا يحْكى عَن البديع الهمذاني والأنباري وَغير هَؤُلَاءِ وَهُوَ أَمر قريب من الْإِمْكَان لِأَن حفظ مَا يفهمهُ الْإِنْسَان وَيعرف تراكيبه أَو مفرداته سهل وَأما أَنه يحفظ مَا لم يسمعهُ وَلَا يعلم لَهُ مُفردا وَلَا مركبا وَهُوَ أقل مَا يكون أَرْبَعمِائَة سطر من سُؤال غَائِب عَن أهل بَلَده سِنِين وَجَوَابه وَلِلنَّاسِ حكايات يضعونها فِي عجائب ذكائه وَهِي مَشْهُورَة أظنها مستحيلة وَكَانَ اطِّلَاعه على اللُّغَة وشواهدها أمرا باهراً
ولد يَوْم الْجُمُعَة عِنْد مغيب الشَّمْس لثلاث بَقينَ من شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة بالمعرة وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث وَقيل ثَانِي شهر ربيع الأول وَقيل ثَالِث عشرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وجدّر من السّنة الثَّالِثَة من عمره فَعميَ مِنْهُ وَكَانَ يَقُول لَا أعرف من(7/63)
الألوان إِلَّا الْأَحْمَر لِأَنِّي ألبست فِي الجدري ثوبا مصبوغاً بالعصفر لَا أَعقل غير ذَلِك
قَالَ الْحَافِظ السلَفِي أَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْوَلِيد بن غَرِيب الايادي أَنه دخل مَعَ عَمه على أبي الْعَلَاء يزوره فَرَآهُ قَاعِدا على سجادة لبد وَهُوَ شيخ فانٍ فَدَعَا لي وَمسح على رَأْسِي)
قَالَ وَكَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ السَّاعَة وَإِلَى عينه إِحْدَاهمَا نادرة وَالْأُخْرَى غائرة جدا وَهُوَ مجدر الْوَجْه نحيف الْجِسْم انْتهى وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الثعالبي وَكَانَ حَدثنِي أَبُو الْحسن الدلفي المصِّيصِي الشَّاعِر وَهُوَ مِمَّن لَقيته قَدِيما وحديثاً فِي مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة قَالَ لقِيت بمعرة النُّعْمَان عجبا من الْعجب رَأَيْت أعمى شَاعِرًا ظريفاً يلْعَب بالشطرنج والنرد وَيدخل فِي كل فن من الْجد والهزل يكنى أَبَا الْعَلَاء وسمعته يَقُول أَنا أَحْمد الله على الْعَمى كَمَا يحمده غَيْرِي على الْبَصَر انْتهى
وَهُوَ من بَيت علم وَفضل ورياسة لَهُ جمَاعَة من أَقَاربه قُضَاة وعلماء وشعراء مثل سُلَيْمَان بن أَحْمد بن سُلَيْمَان جده قَاضِي المعرة وَولي الْقَضَاء بحمص ووالده عبد الله بن سُلَيْمَان كَانَ شَاعِرًا وأخيه مُحَمَّد بن عبد الله وَكَانَ أسنّ من أبي الْعَلَاء وَله شعر وَأبي الْهَيْثَم أخي أبي الْعَلَاء وَله شعر وَجَاء من بعده جمَاعَة من أهل بَيته وَقَالُوا الشّعْر ورأسوا ساقهم الصاحب كَمَال الدّين ابْن العديم على التَّرْتِيب وَذكر أشعارهم وأخبارهم فِي مُصَنف لَهُ سَمَّاهُ دفع التجرّي على أبي الْعَلَاء المعري وَذكرهمْ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء عِنْد ذكر المعري أبي الْعَلَاء وَقَالَ أَبُو الْعَلَاء الشّعْر وَهُوَ ابْن إِحْدَى عشرَة سنة أَو اثْنَتَيْ عشرَة سنة ورحل إِلَى بغداذ ثمَّ رَجَعَ إِلَى المعرة وَكَانَ رحيله إِلَيْهَا سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَأقَام ببغداذ سنة وَسَبْعَة أشهر وَقصد أَبَا الْحسن عَليّ بن عِيسَى الربعِي النَّحْوِيّ ليقْرَأ عَلَيْهِ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ ليصعد الاصطبل فَخرج مغضباً وَلم يعد إِلَيْهِ والاصطبل فِي لُغَة أهل الشَّام الْأَعْمَى كَذَا قَالَ ياقوت وَقَالَ لعلّها معرّبة وَدخل على المرتضى أبي الْقَاسِم فعثر برجلٍ فَقَالَ من هَذَا الْكَلْب فَقَالَ أَبُو الْعَلَاء الْكَلْب من لَا يعرف للكلب سبعين اسْما وَسمعت المرتضى وَأَدْنَاهُ فاختبره فَوَجَدَهُ عَالما مشبعاً بالفطنة والذكاء فَأقبل عَلَيْهِ إقبالاً كثيرا وَكَانَ المعري يتعصب لأبي الطّيب ويفضله على بشار وَأبي نواس وَأبي تَمام وَكَانَ المرتضى يبغضه ويتعصب عَلَيْهِ فَجرى يَوْمًا ذكره فتنقصه المرتضى وَجعل يتبع عيوبه فَقَالَ المعري لَو لم يكن للمتنبي من الشّعْر إِلَّا قَوْله لَك يَا منَازِل الْقُلُوب منَازِل(7/64)
لكفا فضلا فَغَضب المرتضى وَأمر بِهِ فسحب بِرجلِهِ وَأخرج من مَجْلِسه وَقَالَ لمن بِحَضْرَتِهِ أَتَدْرُونَ أَي شَيْء أَرَادَ الْأَعْمَى بِذكر هَذِه القصيدة فَإِن لأبي الطّيب مَا هُوَ أَجود مِنْهَا لم يذكرهَا فَقيل النَّقِيب السَّيِّد أعرف فَقَالَ أَرَادَ قَوْله فِي هَذِه القصيدة)
(وَإِذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ... فَهِيَ الشَّهَادَة لي بِأَنِّي كَامِل)
وَلما رَجَعَ المعري لزم بَيته وسمى نَفسه رهين المحبسين يَعْنِي حبس نَفسه فِي الْمنزل وَحبس بَصَره بالعمى وَكَانَ قد رَحل أَولا إِلَى طرابلس وَكَانَت بهَا خَزَائِن كتب مَوْقُوفَة فَأخذ مِنْهَا مَا أَخذ من الْعلم واجتاز باللاذقية وَنزل ديراً كَانَ بِهِ رَاهِب لَهُ علمٌ بأقاويل الفلاسفة سمع كَلَامه فَحصل لَهُ بذلك شكوك وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِي أمره وَالْأَكْثَرُونَ على إكفاره وإلحاده
أورد لَهُ الإِمَام فَخر الدّين فِي كتاب الْأَرْبَعين قَوْله
(قُلْتُمْ لنا صانعٌ قديمٌ ... قُلْنَا صَدقْتُمْ كَذَا نقُول)
(ثمَّ زعمتم بِلَا زمانٍ ... وَلَا مكانٍ أَلا فَقولُوا)
(هَذَا كلامٌ لَهُ خبيءٌ ... مَعْنَاهُ لَيْسَ لنا عقول)
ثمَّ قَالَ الإِمَام فَخر الدّين وَقد هَذَا هَذَا فِي شعره وَأما ياقوت فَقَالَ وَكَانَ مهتماً فِي دينه يرى رَأْي البراهمة لَا يرى إِفْسَاد الصُّورَة وَلَا يَأْكُل لَحْمًا وَلَا يُؤمن بالرسل وَلَا الْبَعْث والنشور
قَالَ القَاضِي أَبُو يُوسُف عبد السَّلَام الْقزْوِينِي قَالَ لي المعري لم أهج أحد قطّ فَقلت لَهُ صدقت إِلَّا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَتغير لَونه أَو قَالَ وَجهه وَدخل عَلَيْهِ القَاضِي المنازي فَذكر لَهُ مَا يسمعهُ عَن النَّاس من الطعْن عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ مَا لي وَلِلنَّاسِ وَقد تركت دنياهم فَقَالَ لَهُ القَاضِي وأخراهم فَقَالَ يَا قَاضِي وأخراهم وَجعل يكررها قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَحدثنَا عَن أبي زَكَرِيَّا أَنه قَالَ قَالَ لي المعري مَا الَّذِي تعتقد فَقلت فِي نَفسِي الْيَوْم يبين لي اعْتِقَاده فَقلت لَهُ مَا أَنا إِلَّا شَاك فَقَالَ وَهَكَذَا شيخك وَأما الشَّيْخ شمس الدّين فَحكم بزندقته فِي تَرْجَمته لَهُ وطوّلها وَذكر لَهُ فِيهَا قبائح وأظن الْحَافِظ السلَفِي قَالَ إِنَّه تَابَ وأناب وَأما الباخرزي فَقَالَ فِي حَقه ضَرِير مَا لَهُ فِي أَنْوَاع الْأَدَب ضريب ومكفوف فِي قَمِيص الْفضل ملفوف ومحجوب خَصمه الألد محجوج قد طَال فِي ظلال الْإِسْلَام آناؤه وَلَكِن رُبمَا رشح بالإلحاد إناؤه وعندما خبر بَصَره وَالله الْعَالم ببصيرته والمطلع على سَرِيرَته وَإِنَّمَا تحدثت الألسن بإساءته لكتابه الَّذِي زَعَمُوا أَنه عَارض بِهِ الْقُرْآن وعنونه ب الْفُصُول والغايات محاذاة للسور والآيات وَأظْهر من نَفسه تِلْكَ الْخِيَانَة وجذ تِلْكَ الهوسات كَمَا يجذّ العير الصليانة حَتَّى قَالَ فِيهِ القَاضِي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن إِسْحَاق البحاثي الزوزني قصيدة أَولهَا(7/65)
(كلبٌ عوى بمعرة النُّعْمَان ... لما خلا عَن ربقة الْإِيمَان)
)
(أمعرة النُّعْمَان مَا أنجبت إِذْ ... أخرجت مِنْك معرة العميان)
وَأما ابْن العديم فَقَالَ فِي المُصَنّف الْمَذْكُور الَّذِي لَهُ فِي أَمر المعري قَرَأت بِخَط أبي الْيُسْر شَاكر بن عبد الله بن سُلَيْمَان المعري أَن الْمُسْتَنْصر صَاحب مصر بذل لأبي الْعَلَاء المعري مَا بِبَيْت المَال بالمعرة من الْحَلَال فَلم يقبل مِنْهُ شَيْئا وَقَالَ لَا أطلب الأرزاق وَالْمولى يفِيض عليّ رِزْقِي إِن أعْط بعض الْقُوت أعلم أَن ذَلِك فَوق حَقي وَقَالَ أَيْضا
(كَأَنَّمَا غانة لي من غنى ... فعدّ عَن مَعْدن أسوان)
(سرت برغمي عَن زمَان الصِّبَا ... يعجلني وقتي وأكواني)
(صدّ أبي الطّيب لما غَدا ... منصرفاً عَن شعب بوّان)
قَالَ وقرأت بِخَط أبي الْيُسْر المعري فِي ذكره وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ يرْمى من أهل الْحَسَد لَهُ بالتعطيل وَيعْمل تلامذته وَغَيرهم على لِسَانه الْأَشْعَار يضمنونها أقاويل الملحدة قصدا لهلاكه وإيثاراً لإتلاف نَفسه فَقَالَ رَضِي الله عَنهُ
(حاول إهواني قومٌ فَمَا ... واجهتهم إِلَّا بإهوان)
(يحرّشوني بسعاياتهم ... فغيّروا نِيَّة إخْوَانِي)
لَو اسْتَطَاعُوا لوشوا بِي إِلَى المريخ فِي الشهب وكيوان وَقَالَ أَيْضا
(غربت بذمي أمّةٌ ... وبحمد خَالِقهَا غريت)
وعبدت رَبِّي مَا اسْتَطَعْت وَمن بريّته بريت
(وفرتني الْجُهَّال حا ... شدَّة عليّ وَمَا فريت)
(سعروا عَليّ فَلم أحسّ ... وَعِنْدهم أَنِّي هويت)
(وَجَمِيع مَا فاهوا بِهِ ... كذبٌ لعمرك حنبريت)
انْتهى
قلت الْمَوْضُوع على لِسَانه فَلَعَلَّهُ لَا يخفى على من لَهُ لب وَأما الْأَشْيَاء الَّتِي دوّنها وَقَالَهَا فِي لُزُوم مَا لَا يلْزم وَفِي اسْتغْفر واستغفري فَمَا فِيهِ حِيلَة وَهُوَ كثير فِيهِ مَا فِيهِ من القَوْل)(7/66)
بالتعطيل وَالِاسْتِخْفَاف بالنبوات وَيحْتَمل أَنه ارعوى وَتَابَ بعد ذَلِك كُله وَحكي لي عَن الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني رَحمَه الله أَنه قَالَ فِي حَقه هُوَ جَوْهَرَة جَاءَت إِلَى الْوُجُود وَذَهَبت
وَسَأَلت الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس فَقلت لَهُ مَا كَانَ رَأْي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد فِي أبي الْعَلَاء فَقَالَ كَانَ يَقُول هُوَ فِي حيرة قلت وَهَذَا أحسن مَا يُقَال فِي أمره لِأَنَّهُ قَالَ فِي داليّته الَّتِي فِي سقط الزند
(خلق النَّاس للبقاء فصلت ... أمةٌ يحسبونهم للنفاد)
إِنَّمَا ينقلون من دَار أَعمال إِلَى دَار شقوةٍ أَو رشاد ثمَّ قَالَ فِي لُزُوم مَا لَا يلْزم
(ضحكنا وَكَانَ الضحك منا سفاهةً ... وحقّ لسكان البسيطة أَن يبكوا)
(تحطمنا الْأَيَّام حَتَّى كأننا ... زجاجٌ وَلَكِن لَا يُعَاد لنا سبك)
وَهَذِه الْأَشْيَاء كَثِيرَة فِي كَلَامه وَهُوَ تنَاقض مِنْهُ وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور وَمكث مُدَّة خمس وَأَرْبَعين سنة لَا يَأْكُل اللَّحْم تديناً وَلَا مَا تولد من الْحَيَوَان رَحْمَة للحيوان وخوفاً من إزهاق النُّفُوس قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَكَانَ يُمكنهُ أَن لَا يذبح رَحْمَة فَأَما مَا ذبحه غَيره فَأَي رَحْمَة بقيت انْتهى ولقيه رجل فَقَالَ لَهُ لم لَا تَأْكُل اللَّحْم فَقَالَ أرْحم الْحَيَوَان قَالَ لَهُ فَمَا تَقول فِي السبَاع الَّتِي لَا طَعَام لَهَا إِلَّا لُحُوم الْحَيَوَان فَإِن كَانَ لذَلِك خَالق فَمَا أَنْت بأرأف مِنْهُ وَإِن كَانَت الطباع المحدثة لذَلِك فَمَا أَنْت بأحذق مِنْهَا وَلَا أتقن فَسكت
وَلما مَاتَ رثاه عَليّ بن همام فَقَالَ من قصيدة طَوِيلَة
(إِن كنت لم ترق الدِّمَاء زهادةً ... فَلَقَد أرقت الْيَوْم من عَيْني دَمًا)
(سيرت ذكرك فِي الْبِلَاد كَأَنَّهُ ... مسكٌ فسامعةً يضمّخ أَو فَمَا)
(وَأرى الحجيج إِذا أَرَادوا لَيْلَة ... ذكراك أوجب فديَة من أحرما)
وَلما وقف دَاعِي الدعاة أَبُو نصر هبة الله بن مُوسَى أبي عمرَان بِمصْر على قَوْله
(غَدَوْت مَرِيض الْعقل والرأي فألقني ... لِتُخْبِرَ أنباء الْعُقُول الصحائح)
(فَلَا تأكلن مَا أخرج المَاء ظَالِما ... وَلَا تَبْغِ قوتاً من غريض الذَّبَائِح)
(وَلَا تفجعنّ الطير وَهِي غوافلٌ ... بِمَا وضعت فالظلم شَرّ القبائح)(7/67)
(ودع ضرب النَّحْل الَّذِي بكرت لَهُ ... كواسب من أزهار نبتٍ فوائح)
)
كتب إِلَيْهِ يَقُول أَنا ذَلِك الْمَرِيض عقلا ورأياً وَقد أَتَيْتُك مستشفياً فاشفني وَجَرت بَينهمَا مكاتبات كَثِيرَة من أسولةٍ وأجوبة انْقَطع الْخطاب بَينهمَا على المساكتة وَقد سردها مُلَخصا الْغَرَض مِنْهَا ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَقَالَ أَبُو غَالب ابْن مهذب المعري فِي تَارِيخه فِي سنة سبع عشرَة وَأَرْبع مائَة صاحت امْرَأَة فِي جَامع المعرة وَذكرت أَن صَاحب الماخور أَرَادَ أَن يغتصبها نَفسهَا فنفر كل من فِي الْجَامِع وهدوا الماخور وَأخذُوا خشبه ونهبوه وَكَانَ أَسد الدولة فِي نواحي صيدا فجَاء واعتقل من أعيانها سبعين رجلا وَذَلِكَ بِرَأْي وزيره بادرس بن الْحسن الْأُسْتَاذ وأوهمه أَن فِي ذَلِك إِقَامَة الهيبة قَالَ وَلَقَد بَلغنِي أَنه دعِي لهَؤُلَاء المعتقلين بآمد وميافارقين على المنابر وَقطع عَلَيْهِم بادرس ألف دِينَار وَخرج الشَّيْخ أَبُو الْعَلَاء المعري إِلَى أَسد الدولة صَالح وَهُوَ بِظَاهِر المعرة فَقَالَ لَهُ مَوْلَانَا السَّيِّد الْأَجَل أَسد الدولة مقدمها وناصحها كالنهار الماتع اشْتَدَّ هجيره وطاب أبراده وكالسيف الْقَاطِع لَان صحفه وخشن حداه خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين فَقَالَ صَالح قد وهبتهم لَك أَيهَا الشَّيْخ وَلم يعلم أَبُو الْعَلَاء أَن المَال قد قطع عَلَيْهِم وَإِلَّا كَانَ قد سَأَلَهُ فِيهِ ثمَّ قَالَ أبياتاً فِيهَا
(بعثت شَفِيعًا إِلَى صالحٍ ... وَذَاكَ من الْقَوْم رأيٌ فسد)
(فَيسمع مني سجع الْحمام ... وأسمع مِنْهُ زئير الْأسد)
وروى عَن أبي الْعَلَاء الْقَاسِم التنوخي وَهُوَ من أقرانه والخطيب التبريزي وَالْإِمَام أَبُو المكارم عبد الْوَارِث بن مُحَمَّد الْأَبْهَرِيّ والفقيه أَبُو تَمام غَالب بن عِيسَى الْأنْصَارِيّ والخليل بن عبد الْجَبَّار الْقزْوِينِي وَأَبُو طَاهِر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الصَّقْر الْأَنْبَارِي وَغير وَاحِد وَكَانَ أكله العدس وحلاوته التِّين ولباسه الْقطن وفراشه اللباد وحصيره بردية وشعره كثير إِلَى الْغَايَة وَأحسنه سقط الزند
فهرست كتبه الْفُصُول والغايات الشادن فِي غَرِيب هَذَا الْكتاب إقليد الغايات فِي اللُّغَة الأيك والغصون وَهُوَ ألف وَمِائَتَا كراس مُخْتَلف الْفُصُول أَرْبَعمِائَة كراس الْخطب خطب الْخَيل خطْبَة الفصيح رسيل الراموز تَاج الْحرَّة فِي وعظ النِّسَاء أَرْبَعمِائَة كراس لُزُوم مَا لَا يلْزم زجر النابح نجر الزّجر رَاحَة اللُّزُوم شرح مَا لَا يلْزم ملقى السَّبِيل حماسة الراح فِي ذمّ الْخمر مواعظ وَقْفَة الْوَاعِظ الْحلِيّ والحلي سجع الحمائم جَامع الأوزان والقوافي غَرِيب مَا فِي هَذَا الْكتاب سقط الزند اسْتغْفر)
واستغفري الصاهل والشاحج على لِسَان فرس وبغل الْقَائِف فِي معنى كليلة ودمنة منار الْقَائِف تَفْسِير مَا فِيهِ من اللغز من الْغَرِيب السجع السلطاني سجع الْفَقِيه سجع(7/68)
الْمُضْطَرين رِسَالَة المعونة ذكرى حبيب شرح شعر أبي تَمام معجز أَحْمد شرح شعر أبي الطّيب عَبث الْوَلِيد شرح البحتري تَعْلِيق الخلس إسعاف الصّديق قَاضِي الْحق الحقير النافع فِي النَّحْو الْمُخْتَصر الفتحي اللامع العزيزي فِي شرح شعر المتنبي ديوَان الرسائل مائَة كراس خَادِم الرسائل مَنَاقِب عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ رِسَالَة العصفورين السجعات الْعشْر عون الْجمل شرف السَّيْف شرح بعض سِيبَوَيْهٍ خَمْسُونَ كراساً الأمالي رِسَالَة الغفران رِسَالَة الْمَلَائِكَة تضمين الْآي تَفْسِير الْهمزَة والردف نشر شَوَاهِد الجمهرة وَلم يتم ثَلَاثَة أَجزَاء مجد الْأَنْصَار فِي القوافي دُعَاء سَاعَة الرياشي إسعاف الصّديق الظل الظَّاهِرِيّ ضوء السقط دُعَاء الْأَيَّام السَّبْعَة رِسَالَة على لِسَان ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام ظهير العضدي نَحْو تظلم السُّور عظات السُّور الرسَالَة الحضية مِثْقَال النّظم عرُوض
وَمن نظم أبي الْعَلَاء المعري فِي رجل اسْمه أَبُو الْقَاسِم
(هَذَا أَبُو الْقَاسِم أعجوبةٌ ... لكلِّ من يدْرِي وَلَا يدْرِي)
لَا ينظم الشّعْر وَلَا يحفظ الْقُرْآن وَهُوَ الشَّاعِر الْمقري وَمِنْه فِي الْغَزل
(يَا ظَبْيَة علقتني فِي تصيدها ... أشراكها وَهِي لم تعلم بأشراكي)
(رعيت قلبِي وَمَا راعيت حرمته ... فَلم رعيت وَمَا راعيت مرعاك)
(أتحرقين فؤاداً قد حللت بِهِ ... بِنَار حبك عمدا وَهُوَ مأواك)
(أسكنته حِين لم يسكن بِهِ سكنٌ ... وَلَيْسَ يحسن أَن تسخي بسكناك)
(مَا بَال دَاعِي غرامي حِين يَأْمُرنِي ... بِأَن أكابد حر الوجد ينهاك)
(وَلم غَدا الْقلب ذَا يأسٍ وَذَا طمعٍ ... يرجوك أَن ترحميه ثمَّ يخشاك)
وَمِنْه
(مِنْك الصدود ومني بالصدود رضى ... من ذَا عليّ بِهَذَا فِي هَوَاك قضى)
(بِي مِنْك مَا لَو غَدا بالشمس مَا طلعت ... من الكآبة أَو بالبرق مَا ومضا)
)
(جريت دهري وأهليه فَمَا تركت ... لي التجارب فِي ود امْرِئ غَرضا)
(إِذا الْفَتى ذمّ عَيْشًا فِي شبيبته ... فَمَا يَقُول إِذا عصر الشَّبَاب مضى)
(وَقد تعوضت عَن كل بمشبهه ... فَمَا وجدت لأيام الصِّبَا عوضا)
وَمِنْه(7/69)
(لم يكن الدن غير نكرٍ ... سلافة الراح عرّفته)
(كآدمٍ صِيغ من ترابٍ ... ونفخة الرّوح شرفته)
وَمِنْه
(قد أورقت عمد الْخيام وأعشبت ... قلل الْجبَال ولون رَأْسِي أغبر)
(وَلَقَد سلوت عَن الشَّبَاب كَمَا سلا ... غَيْرِي وَلَكِن للحزين تذكر)
وَمِنْه قصيدته الَّتِي أَولهَا
(أَلا فِي سَبِيل الْمجد مَا أَنا فَاعل ... عفافٌ وإقدامٌ وحزمٌ ونائل)
مِنْهَا
(تعد ذُنُوبِي عِنْد قومٍ كَثِيرَة ... وَلَا ذَنْب لي إِلَّا العلى والفواضل)
(كَأَنِّي إِذا طلت الزَّمَان وَأَهله ... رجعت عِنْدِي للأنام طوائل)
(وَقد سَار ذكري فِي الْبِلَاد فَمن لَهُم ... بإخفاء شمسٍ ضوءها متكامل)
(يهم اللَّيَالِي بعض مَا أَنا مضمرٌ ... ويثقل رضوى بعض مَا أَنا حَامِل)
(وَإِنِّي وَإِن كنت الْأَخير زَمَانه ... لآتٍ بِمَا لم تستطعه الْأَوَائِل)
(وَإِن كَانَ فِي لبس الْفَتى شرفٌ لَهُ ... فَمَا السَّيْف إِلَّا غمده والحمائل)
(وَلما رَأَيْت الْجَهْل فِي النَّاس فاشياً ... تجاهلت حَتَّى ظن أَنِّي جَاهِل)
(فوا عجبا م يَدعِي الْفضل نَاقص ... ووا أسفا كم يظْهر النَّقْص فَاضل)
(وَكَيف تنام الطير فِي وكناتها ... وتحسد أسحاري عليّ الأصائل)
(وَطَالَ اعترافي بِالزَّمَانِ وَأَهله ... فلست أُبَالِي من تغول الغوائل)
(فَلَو بَان عضدي مَا تأسف مَنْكِبي ... وَلَو مَاتَ زندي مَا رثته الأنامل)
(إِذا وصف الطائيّ بالبخل ماردٌ ... وعيّر قساً بالفكاهة بَاقِل)
(وَقَالَ السها للشمس أَنْت خفيةٌ ... وَقَالَ الدجى يَا صبح لونك حَائِل)
)
(وطاولت الأَرْض السَّمَاء سفاهةً ... وفاخرت الشهب الْحَصَى والجنادل)
(فيا موت زر إِن الْحَيَاة ذميمةٌ ... وَيَا نفس جدي إِن دهرك هازل)
مِنْهَا
(إِذا أَنْت أَعْطَيْت السَّعَادَة لم تبل ... وَلنْ نظرت شزراً إِلَيْك الْقَبَائِل)(7/70)
(تقتك على أكتاف أبطالها القنا ... وهابتك فِي أغمادهن المناصل)
مِنْهَا
(وَإِن كنت تهوى الْعَيْش فابغ توسطاً ... فَعِنْدَ التناهي يقصر المتطاول)
(توفى البدور النَّقْص وَهِي أهلةٌ ... ويدركها النُّقْصَان وَهِي كوامل)
وَمِنْه قَوْله
(لاقاك فِي الْعَام الَّذِي ولى وَلم ... يَسْأَلك إِلَّا قبْلَة فِي الْقَابِل)
(إِن الْبَخِيل إِذا تمد لَهُ المدى ... فِي الْوَعْد هان عَلَيْهِ بذل النائل)
مِنْهَا
(وَسَأَلت كم بَين العقيق إِلَى الغضا ... فَجَزِعت من أمد النَّوَى المتطاول)
(وعذرت طيفك فِي الْجفَاء لِأَنَّهُ ... يسري فَيُصْبِح دُوننَا بمراحل)
وَمِنْه قَوْله
(فيا وطني إِن فَاتَنِي بك سابقٌ ... من الدَّهْر فلينعم لساكنك البال)
(وَإِن أستطع فِي الْحَشْر آتِك زَائِرًا ... وهيهات لي يَوْم الْقِيَامَة أشغال)
وَمِنْه قَوْله
(إِلَى الله أَشْكُو أنني كل ليلةٍ ... إِذا نمت لم أعدم خواطر الأوهام)
(فَإِن كَانَ شرا فَهُوَ لَا بُد واقعٌ ... وَإِن كَانَ خيرا فَهُوَ أضغاث أَحْلَام)
وَمِنْه قَوْله
(اضْرِب وليدك تأديباً على رشدٍ ... وَلَا تقل هُوَ طفلٌ غير محتلم)
(فربّ شقٍ برأسٍ جرّ مَنْفَعَة ... وَقس على شقّ رَأس السهْم والقلم)
وَمن شعره فِي الِاسْتِخْدَام وَهُوَ نوع أشرف من التورية يصف درعاً
(نثرةٌ من ضَمَانهَا للقنا الخطيّ ... عَن اللقا نثر الكعوب)
)
مثل وشي الْوَلِيد وَإِن كَانَت من الصنع مثل وشي حبيب تِلْكَ ماذيةٌ وَمَا لذباب السَّيْف والصيف عِنْدهَا من نصيب(7/71)
قلت استخدم لفظ الذُّبَاب فِي معنييه الأول طرف السَّيْف وَالثَّانِي الذُّبَاب الطَّائِر الْمَعْرُوف وَهُوَ الذبان وَقَوله أَيْضا وفقيها أفكاره شدن للنعمان مَا لم يشده شعر زِيَاد استخدم لفظ النُّعْمَان هُنَا فِي معنييه الأول النُّعْمَان هُوَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَالثَّانِي النُّعْمَان بن الْمُنْذر يَعْنِي أَن النَّابِغَة كَانَ يمدحه فأورثه ذكرا حميدا وَمن شعره البديع
(هزت إِلَيْك من الْقد ابْن ذِي يزن ... ولاحظتك بهاروتٍ على عجل)
(أرتك عَم رَسُول الله منتقباً ... أَبَا حُذَيْفَة يَحْكِي أَو أَبَا حمل)
قلت ابْن ذِي يزن هُوَ سيف وهاروت مَعْرُوف بِالسحرِ وَعم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَأَبُو حُذَيْفَة وَحمل هُوَ بدر وَمثله أَيْضا قَوْله
(نهارهم ابْن يعفر فِي ضحاه ... وَلَيْلَة جَاره بنت المحلق)
أَرَادَ بقوله ابْن يعفر الْأسود لِأَن الْأسود اسْم يعفر وَأَرَادَ ببنت المحلق ليلى لِأَنَّهَا إِحْدَى بَنَات المحلق يعين مظْلمَة تَقول لَيْلَة ليلاء قَالَ فِي الْمرْآة سبط الْجَوْزِيّ قَالَ الْغَزالِيّ حَدثنِي يُوسُف بن عَليّ بِأَرْض الهركار قَالَ دخلت معرة النُّعْمَان وَقد وشى وَزِير مَحْمُود بن صَالح صَاحب حلب إِلَيْهِ بِأَن المعري زنديق لَا يرى إِفْسَاد الصُّور وَيَزْعُم أَن الرسَالَة تحصل بصفاء الْعقل فَأمر مَحْمُود بِحمْلِهِ إِلَيْهِ من المعرة وَبعث خمسين فَارِسًا ليحملوه فأنزلهم أَبُو الْعَلَاء دَار الضِّيَافَة فَدخل عَلَيْهِ عَمه مُسلم بن سُلَيْمَان وَقَالَ يَا ابْن أخي قد نزلت بِنَا هَذِه الْحَادِثَة الْملك مَحْمُود يطلبك فَإِن منعناك عجزنا وَإِن أسلمناك كَانَ عاراً علينا عِنْد ذَوي الذمام ويركب تنوخاً الذل والعار فَقَالَ لَهُ هون عَلَيْك يَا عَم فَلَا بَأْس علينا فلي سُلْطَان يذب عني ثمَّ قَامَ واغتسل وَصلى إِلَى نصف اللَّيْل ثمَّ قَالَ لغلامه انْظُر إِلَى المريخ أَيْن هُوَ فَقَالَ فِي منزلَة كَذَا وَكَذَا فَقَالَ زنه وَاضْرِبْ تَحْتَهُ وتداً وَشد فِي رجْلي خيطاً واربطه إِلَى الوتد فَفعل غُلَامه ذَلِك فسمعناه يَقُول يَا قديم الْأَزَل يَا عِلّة الْعِلَل يَا صانع الْمَخْلُوقَات وموجد الموجدات أَنا فِي عزك الَّذِي لَا يرام وكنفك الَّذِي لَا يضام الضيوف الضيوف الْوَزير الْوَزير ثمَّ ذكر كَلِمَات لَا تفهم وَإِذا بهدة عَظِيمَة فَسئلَ عَنْهَا فَقيل وَقعت الدَّار على الضيوف الَّذين كَانُوا بهَا فقتلت)
الْخمسين وَعند طُلُوع الشَّمْس وَقعت بطاقة من حلب على جنَاح طَائِر لَا تزعجوا الشَّيْخ فقد وَقع الْحمام على الْوَزير قَالَ يُوسُف ابْن عَليّ فَلَمَّا شاهدت ذَلِك دخلت على المعري فَقَالَ من أَيْن أَنْت فَقلت من أَرض الهركار فَقَالَ زَعَمُوا أَنِّي زنديق ثمَّ قَالَ اكْتُبْ وأملى عليّ وَذكر أبياتاً من قصيدة ذكرتها أَنا وأولها
(أسْتَغْفر الله فِي أمني وأوجالي ... من غفلتي وتوالي سوء أعمالي)(7/72)
(قَالُوا هرمت وَلم تطرق تهَامَة فِي ... مشَاة وفدٍ وَلَا ركبان أجمال)
(فَقلت إِنِّي ضريرٌ وَالَّذين لَهُم ... رأيٌ رَأَوْا غير فرضٍ حج أمثالي)
(مَا حج جدي وَلم يحجج أبي وَأخي ... وَلَا ابْن عمي وَلم يعرف منى خَالِي)
(وَحج عَنْهُم قَضَاء بَعْدَمَا ارتحلوا ... قومٌ سيقضون عني بعد ترحالي)
(فَإِن يفوزوا بغفرانٍ أفز مَعَهم ... أَو لَا فَإِنِّي بنارٍ مثلهم صال)
(وَلَا أروم نعيماً لَا يكون لَهُم ... فِيهِ نصيبٌ وهم رهطي وأشكالي)
(فَهَل أسر إِذا حمت محاسبتي ... أم يَقْتَضِي الحكم تعتابي وتسآلي)
(من لي برضوان أَدْعُوهُ فيرحمني ... وَلَا أنادي مَعَ الْكفَّار أمثالي)
(باتوا وحتفي أمانيهم مصورة ... وَبت لم يخطروا مني على بَال)
(وفوقوا لي سهاماً من سِهَامهمْ ... فَأَصْبَحت وَقعا عني بأميال)
(فَمَا ظنونك إِذْ جندي ملائكةٌ ... وجندهم بَين طوافٍ وبقال)
(لقيتهم بعصا مُوسَى الَّتِي منعت ... فِرْعَوْن ملكا ونجت آل إسرال)
(أقيم خمسي وَصَوْم الدَّهْر آلفه ... وأدمن الذّكر أَبْكَارًا بآصال)
(عيدين أفطر فِي عَامي إِذا حضرا ... عيد الْأَضَاحِي يقفو عيد شَوَّال)
(إِذا تنافست الْجُهَّال فِي حللٍ ... رَأَيْتنِي من خسيس الْقطن سربالي)
(لَا آكل الْحَيَوَان الدَّهْر مأثرةً ... أَخَاف من سوء أعمالي وآمالي)
(وأعبد الله لَا أَرْجُو مثوبته ... لَكِن تعبد إكرامٍ وإجلال)
(أصون ديني عَن جعلٍ أؤمله ... إِذا تعبد أقوامٌ بأجعال)
وَمن شعره
(رددت إِلَى مليك الْخلق أَمْرِي ... فَلم أسأَل مَتى يَقع الْكُسُوف)
)
(وَكم سلم الجهول من المنايا ... وعوجل بالحمام الفيلسوف)
أَخذه من قَول المتنبي وَهُوَ أحسن
(يَمُوت راعي الضَّأْن فِي جَهله ... ميتَة جالينوس فِي طبه)
(وَرُبمَا زَاد على عمره ... وَزَاد فِي الْأَمْن على سربه)(7/73)
وَقَالَ المعري
(إِذا مَا ذكرنَا آدماً وفعاله ... وتزويجه لابْنَيْهِ بنتيه فِي الْخَنَا)
(علمنَا بِأَن الْخلق من نسل فاجرٍ ... وَأَن جَمِيع الْخلق من عنصر الزِّنَا)
فَأَجَابَهُ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أبي عقامة من الْيمن
(لعمرك أما فِيك فَالْقَوْل صادقٌ ... وَتكذب فِي البَاقِينَ من شط أَو دنا)
(كَذَلِك إِقْرَار الْفَتى لازمٌ لَهُ ... وَفِي غَيره لغوٌ كَذَا جَاءَ شرعنا)
وَمن شعر المعري
(صرف الزَّمَان مفرق الإلفين ... فاحكم إلهي بَين ذَاك وبيني)
(أنهيت عَن قتل النُّفُوس تعمداً ... وَبعثت تقبضها مَعَ الْملكَيْنِ)
(وَزَعَمت أَن لَهَا معاداً ثَانِيًا ... مَا كَانَ أغناها عَن الْحَالين)
وَمن شعر المعري أَيْضا
(يدٌ بِخمْس مئ من عسجدٍ فديت ... مَا بالها قطعت فِي ربع دِينَار)
(تحكمٌ مَا لنا إِلَّا السُّكُوت لَهُ ... وَأَن نَعُوذ بمولانا من النَّار)
قَالَ ياقوت لِأَن المعري حمارٌ لَا يفقه شَيْئا وَإِلَّا فَالْمُرَاد بِهَذَا بَين لَو كَانَت الْيَد لَا تقطع إِلَّا فِي سَرقَة خَمْسمِائَة دِينَار لكثر سَرقَة مَا دونهَا طَمَعا فِي النجَاة وَلَو كَانَت الْيَد تفدى بِربع دِينَار لكثر من يقطعهَا وَيُؤَدِّي ربع دِينَار دِيَة عَنْهَا نَعُوذ بِاللَّه من الضلال انْتهى قلت وَقَالَ الشَّيْخ علم الدّين السخاوي يُجيب المعري ردا عَلَيْهِ
(صِيَانة الْعرض أغلاها وأرخصها ... صِيَانة المَال فَافْهَم حِكْمَة الْبَارِي)
وَله بيتان فِي تَرْجَمَة أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن خذيو أَجَابَهُ عَنْهُمَا صَاحب التَّرْجَمَة الْمَذْكُور فَيُؤْخَذ من هُنَاكَ
وَمن شعره فِي البعوض)
(إِذا هِيَ غنت لم يشقني غنَاؤُهَا ... فبعداً لَهَا من قينةٍ لم تكرم)
(تجمش من لَا يَبْتَغِي اللَّهْو عِنْدهَا ... وتطرد نوم الناسك المتأثم)
(وأحلف لَا عانقتها وَلَقَد غَدا ... لَهَا أثرٌ مَا بَين كفي ومعصميد)
وَقَالَ أَبُو الرضى عبد الْوَاحِد بن نَوَت المعري يرثي أَبَا الْعَلَاء
(سمر الرماح وبيض الْهِنْد تشتور ... فِي أَخذ ثارك والأقدار تعتذر)
(والدر فَاقِد أهل الْعلم قاطبةً ... كَأَنَّهُمْ بك فِي ذَا الْقَبْر قد قبروا)(7/74)
(فَهَل ترى بك دَار الْعلم عالمةٌ ... أَن قد تزعزع مِنْهَا الرُّكْن وَالْحجر)
(الْعلم بعْدك غمدٌ فَاتَ منصله ... والفهم بعْدك قوسٌ مَا لَهَا وتر)
3 - (النعيمي)
أَحْمد بن عبد الله بن نعيم بن خَلِيل أَبُو حَامِد النعيمي روى صَحِيح البُخَارِيّ سمع الْفربرِي وَأَبا الْعَبَّاس الدغولي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو العبر)
أَحْمد بن عبد الله أَبُو العبر تقدم فِي مُحَمَّد بن أَحْمد فليكشف من هُنَاكَ
3 - (ابْن الصفار المغربي)
أَحْمد بن عبد الله بن عمر أَبُو الْقَاسِم ابْن الصفار كَانَ متحققاً بِعلم الْعدَد والهندسة والحساب والنجوم وَقعد فِي قرطبة لتعليم ذَلِك وَله زيج مُخْتَصر على مَذَاهِب السَّنَد وَكتاب فِي الْعَمَل بالاسطرلاب موجز حسن الْعبارَة قريب المأخذ وَكَانَ من جملَة تلاميذ أبي الْقَاسِم مسلمة بن أَحْمد المجريطي وَخرج ابْن الصفار عَن قرطبة بعد أَن مضى صدر الْفِتْنَة وَاسْتقر بِمَدِينَة دانية وَتُوفِّي بهَا بعد أَن أَنْجَب لَهُ بهَا جمَاعَة من التلاميذ وَكَانَ لَهُ أَخ يُسمى مُحَمَّدًا مَشْهُور بِعَمَل الاسطرلاب لم يكن قبله بالأندلس أَحْمد صَنْعَة لَهَا مِنْهُ
3 - (المهاباذي الضَّرِير)
أَحْمد بن عبد الله المهاباذي الضَّرِير من تلاميذ عبد القاهر الْجِرْجَانِيّ لَهُ شرح كتاب اللمع
3 - (أَحْمد بن معالي الْوَاعِظ)
أَحْمد بن عبد الله بن بركَة بن الْحُسَيْن الْحَرْبِيّ أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي الْمَعَالِي الْوَاعِظ البغداذي يعرف بِأَحْمَد بن معالي بن باجيه وَهِي أم وَالِده سمع الْحُسَيْن ابْن البشري وَالْمبَارك بن عبد)
الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَأحمد بن مُحَمَّد البرداني وَغَيرهم روى عَنهُ عبد الْعَزِيز بن الْأَخْضَر وَأحمد بن يحيى بن هبة الله الخازن وَعبد الْوَهَّاب بن عَليّ الْأمين وَكَانَ فَقِيها فَاضلا دينا حسن الْكَلَام فِي الْمسَائِل حُلْو الْمنطق فِي الْوَعْظ تفقه على أبي الْخطاب الكلوذاني وبرع فِي الْفِقْه وَكَانَت لَهُ يَد فِي النّظر باسطة وَكَانَ حنبلياً ثمَّ صَار حنفياً ثمَّ صَار شافعياً ثمَّ قَالَ أَنا الْآن مُتبع الدَّلِيل مَا أقلد أحدا من الْأَئِمَّة توفّي سنة أَربع وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (القطربلي الْكَاتِب)
أَحْمد بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن مَسْعُود القطربلي الْكَاتِب من عُلَمَاء الْكتاب وأفاضلهم وَله تَارِيخ عمله على أَيَّامه ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي كتاب الفهرست
3 - (طماس الصولي)
أَحْمد بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن صول مولى يزِيد بن مهلب الصولي ولقبه طماس بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَالسِّين الْمُهْملَة ذكره أَبُو عبيد الله المرزباني فِي كتاب الألقاب وَقَالَ هُوَ عَم شَيخنَا أبي بكر مُحَمَّد بن يحيى ابْن عبد الله الصولي وَإِبْرَاهِيم(7/75)
بن الْعَبَّاس الصولي عَمه وَكَانَ إِبْرَاهِيم يستثقله ويستجفي أخلاقه وَكَانَ طماس أَعور وَفِيه صلف وَكبر وَكَانَ يهاجي البحتري وَهُوَ الْقَائِل يرثي الْحُسَيْن بن مخلد
(مضى جبل الدُّنْيَا وسائس ملكهَا ... وأحذق خلق الله النَّهْي وَالْأَمر)
(مضى سيد الْكتاب غير مدافعٍ ... وَمن لَا يرى شبهٌ لَهُ آخر الدَّهْر)
(وَمَا جمع الْأَمْوَال مثل ابْن مخلد ... يقرب مِنْهَا مَا تبَاعد عَن خبر)
(فَلَا وهب الله الْبَقَاء خِلَافه ... لأعدائه من آل وهب حمى الْكفْر)
(وَمن هُوَ عونٌ للضلال على الْهدى ... عكوف على لحم الْخَنَازِير وَالْخمر)
قَالَ الْحسن بن وهب لإِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يَا أَبَا إِسْحَاق تعال حَتَّى نعد الْبغضَاء فَقَالَ لَهُ خذني أَولا لأجل ابْن أخي وثن بِمن شِئْت وَقَالَ طماس الْعلم رَاقِد فِي الأفئدة مستيقظ على الأفواه سَائِر بالأقلام وَقَالَ القرطاس أمره مَا لم يكحله ميل الدواة
3 - (أَبُو بكر الصَّيْرَفِي)
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أَبُو بكر الصَّيْرَفِي الْمَعْرُوف ببكير وَالِد الْحَافِظ أبي عبد الْحُسَيْن حدث باليسير عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو البخْترِي الرزاز وَسمع مِنْهُ ابْنه أَبُو)
عبد الله وَتُوفِّي بعد وَفَاة ابْنه ووفاة ابْنه الْحَافِظ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الآبنوسي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُوسَى ابْن الآبنوسي أَبُو الْحسن ابْن أبي مُحَمَّد الْفَقِيه الشَّافِعِي البغداذي أسمعهُ وَالِده فِي صباه من الشريف أبي نصر مُحَمَّد الزنيني وَعلي بن البشري وَمُحَمّد بن عَليّ بن أبي عُثْمَان وَابْن البطر وَجَمَاعَة وَسمع هُوَ جمَاعَة بِنَفسِهِ وتفقه على قَاضِي الْقُضَاة أبي بكر مُحَمَّد بن المظفر الشَّامي وبرع فِي الْمَذْهَب وَكَانَ يعرف الْفَرَائِض معرفَة حَسَنَة ويصيب فِي فَتَاوِيهِ وَاعْتَزل عَن النَّاس فَلَا يدْخل عَلَيْهِ أحد قبل صَلَاة الظّهْر واشتغل بالأذكار والأوراد وَيكون بعد الظّهْر متفرغاً لمن يقْرَأ عَلَيْهِ الحَدِيث أَو الْفِقْه توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة رَحمَه الله
3 - (العكبري)
أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْفَرح بن إِبْرَاهِيم الْبَزَّاز أَبُو جَعْفَر الْمُقْرِئ وَقيل أَبُو الْفَتْح الْمَعْرُوف بِابْن أخي نصر الْفَقِيه العكبري سمع مَعَ أَخِيه أبي نصر مُحَمَّد من ابْن البطي وَابْن النقور وَابْن خضير وسافر إِلَى الْحجاز وَحدث بِمَكَّة وَدخل مصر وَحدث بهَا
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ المستظهر)
أَحْمد بن عبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ المستظهر بِاللَّه أَبُو الْعَبَّاس بن الْمُقْتَدِي بِأَمْر الله أبي الْقَاسِم بن الذَّخِيرَة أبي الْعَبَّاس بن الْقَائِم بن الْقَادِر بن إِسْحَاق بن المقتدر(7/76)
بن المعتضد بن الْمُوفق بن المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور أبي جَعْفَر عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب ولد يَوْم السبت الْعشْرين من شَوَّال سنة سبعين وَأَرْبع مائَة وبويع لَهُ وَهُوَ ابْن سِتَّة عشر وشهرين وَتِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ولي الْخلَافَة يَوْم الثُّلَاثَاء قبل الظّهْر ثامن عشر الْمحرم سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي لَيْلَة الْأَحَد سَابِع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخمْس مائَة فَكَانَت ولَايَته خَمْسَة وَعشْرين سنة وأشهراً وَلما بُويِعَ صلى على وَالِده بَعْدَمَا صلى بِالنَّاسِ الظّهْر وَكَانَ مَيْمُون الطلعة حميد الْأَيَّام وَكَانَ لين الْأَخْلَاق مَوْصُوفا بِالْكَرمِ وَالعطَاء ومحبة الْعلمَاء وَأهل الدّين يتفقد الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَهُوَ حسن الْحَظ جيد التوقيعات لَا يُقَارِبه فِيهَا أحد تدل على فضل غزير لما قبض على عميد الدولة ابْن جهير)
كتب إِلَيْهِ بعض أشرار الْوَقْت سِعَايَة فِيهِ وأغراه بِهِ غَايَة الإغراء فَوَقع على السّعَايَة
(غير مَا طَالِبين ذحلاً وَلَكِن ... مَال دهرٌ على أناسٍ فمالوا)
وَقَالَ محب الدّين ابْن النجار أَنْشدني مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أبي الْحسن الْمعدل بهراة قَالَ أنشدنا أَبُو سعد عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانِيّ وَذكر أَنَّهَا للمستظهر بِاللَّه
(أذاب حر الْهوى فِي الْقلب مَا جمدا ... يَوْمًا مددت على رسم الْوَدَاع يدا)
(فَكيف أسلك نهج الإصطبار وَقد ... رأى طرائق فِي مهوى الْهوى قددا)
(قد أخلف الْوَعْد بدرٌ قد شغفت بِهِ ... من بعد مَا قد وفى دهري بِمَا وَعدا)
(إِن كنت أنقض عهد الْحبّ فِي خلدي ... من بعد هَذَا فَلَا عاينته أبدا)
وَقَالَ أَيْضا أَنبأَنَا مُحَمَّد بن سعيد الْمعدل ونقلته من خطه قَالَ سَمِعت أَبَا الْقَاسِم موهوب بن الْمُبَارك يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد أَحْمد بن عبيد الله بن الْحُسَيْن الْآمِدِيّ يَقُول كتب وَزِير المستظهر بِاللَّه إِلَى مُلُوك الْعَجم عَن الإِمَام لنَفسِهِ
(قومٌ إِذا أخذُوا الأقلام عَن غضبٍ ... ثمَّ استمدوا بهَا مَاء المنيات)
(نالوا بهَا من أعاديهم وَإِن بعدوا ... مَا لم ينالوا بِحَدّ المشرفيات)
وَقَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الدَّامغَانِي بَلغنِي أَن الإِمَام المستظهر بِاللَّه أنْشد قبل مَوته بِقَلِيل وَهُوَ يبكي
(يَا كوكباً مَا كَانَ أقصر عمره ... وكذاك عمر كواكب الأسحار)
وَوَقع إِلَى سيف الدولة صَدَقَة بن مَنْصُور فِي جَوَاب شَفَاعَة شفاعتك مَقْبُولَة وعراص آمالك بغيوث عنايتنا بك مطلولة
وَطلب من يؤم بِهِ فِي الصَّلَوَات ويلقن أَوْلَاده الْقُرْآن وَقصد أَن يكون من أَرْبَاب الْبيُوت الصَّالِحين والقراء المجودين وَأَن يكون مكفوف الْبَصَر فَوَقع الِاخْتِيَار على حميه لأمه جد القَاضِي(7/77)
أبي الْحسن الْمُبَارك بن الدواس الْمُقْرِئ فَوَقع مِنْهُ موقعاً حسنا وَلما صلى بِهِ أول لَيْلَة التَّرَاوِيح قَرَأَ فِي كل رَكْعَة آيَة فَلَمَّا سلم قَالَ لَهُ زِدْنَا فَلم يزل يزِيدهُ إِلَى أَن صلى بِهِ فِي كل رَكْعَة بِجُزْء كَامِل وَلما كَانَ أول لَيْلَة جُمُعَة أحضر لَهُ كاغذ طيب وعود ند وكافور وَمَا أشبه ذَلِك وكاغذاً فِيهِ ذهب وَوَضعه على مُصَلَّاهُ فَلَمَّا فرغ وضع يَده على ذَلِك فدفعهما بِظَاهِر كَفه وَانْصَرف فَلَمَّا وصل إِلَى الْمَكَان الَّذِي أفرد لَهُ جَاءَ إِلَيْهِ خَادِم بالكاغذين وَقَالَ إِن أَمِير)
الْمُؤمنِينَ اسْتحْسنَ مِنْك ذَلِك وَقَالَ صدق الرجل قَالَ لكم مَا أَنا حمال ومنزلي تعرفونه إِن أردتم تعطوني شَيْئا فاحملوه إِلَى منزلي
ووزر لَهُ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جهير وَالْقَضَاء أَبُو بكر بن المظفر الشَّامي قَلِيلا وَمَات وَولي بعده أَبُو الْحسن الدَّامغَانِي ووزر أَبُو الْمَعَالِي سديد الدولة الْأَصْبَهَانِيّ ثمَّ زعيم الرؤساء ثمَّ مجد الدّين أَبُو الْمَعَالِي هبة الله بن الْمطلب ثمَّ نظام الْملك أَبُو مَنْصُور الْحُسَيْن ابْن أبي شُجَاع الْوَزير وَمَات المستظهر بعلة المراقيا وَوَقع بِخَطِّهِ على رَأس قصَّة كتبهَا إِلَيْهِ أَبُو الهيجاء شبْل الدولة مقَاتل توقيعاً مسجوعاً هُوَ مَذْكُور فِي تَرْجَمَة مقَاتل الْمَذْكُور
3 - (أَبُو نصر ابْن الشَّاشِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الشَّاشِي أَبُو نصر بن أبي مُحَمَّد بن الإِمَام أبي بكر صَاحب المصنفات وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين قَرَأَ أَبُو نصر الْفِقْه على أبي الْحسن بن الْخلّ ولازمه حَتَّى برع وَولي التدريس بالنظامية سمع شَيْئا من الحَدِيث من شَيْخه ابْن الْخلّ وَمن أبي الْوَقْت عبد الأول وَحدث باليسير وَكَانَت لَهُ معرفَة بالفقه توفّي سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (الدستجردي)
أَحْمد بن عبد الله بن مَرْزُوق أَبُو الْعَبَّاس الدستجردي من أَصْبَهَان سمع بهَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمُطَرز وَالْحسن بن أَحْمد الْحداد وغانم بن مُحَمَّد الْبُرْجِي وَغَيرهم وَقدم بغداذ سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة وتفقه على الْحسن بن سلمَان بالنظامية وَسمع أَحْمد بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَعلي بن مُحَمَّد بن الْمهْدي وَهبة الله بن الْحُسَيْن وَغَيرهم وَسمع بشيراز عبد الرَّحِيم الشرابي ثمَّ قدم بغداذ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَحدث بهَا سمع مِنْهُ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ وَحدث بِدِمَشْق وروى عَنهُ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر ثمَّ قدم بغداذ بعد الْأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَحدث بهَا وروى عِنْد دَاوُد بن بوش وَكَانَ مولده سنة سِتّ وَثَمَانِينَ
3 - (الْوَزير الْأَصْبَهَانِيّ)
أَحْمد بن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ أَبُو الْعَبَّاس الْكَاتِب ولي الوزارة للْإِمَام المقتفي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة فَأَقَامَ فِيهَا وَاحِدًا وَخمسين يَوْمًا قَالَ هِلَال بن الصَّابِئ وَكَانَ فِي غَايَة الرقاعة وَسُقُوط الْمُرُوءَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة)
3 - (القَاضِي أَبُو الْحسن الْخرقِيّ)
أَحْمد بن عبد الله بن إِسْحَاق أَبُو الْحسن الْخرقِيّ(7/78)
تقلد الْقَضَاء بواسط ثمَّ بِمصْر وَالْمغْرب وَولي قَضَاء بغداذ وَكَانَ هُوَ وَأَبوهُ وعمومته من التُّجَّار يشْهدُونَ على الْقُضَاة وَكَانَ المتقي لله يرعاه فَلَمَّا أفضت إِلَيْهِ الْخلَافَة أحب أَن يُنَوّه باسمه وَلم يكن لَهُ خدمَة للْعلم وَلَا مجالسة لأَهله فتعجب النَّاس لذَلِك لَكِن ظَهرت مِنْهُ كِفَايَة وعفة ونزاهة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن أبي دُجَانَة)
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الله بن عَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان أَبُو بكر بن أبي دُجَانَة النصري الدِّمَشْقِي الْعدْل قَالَ الْكِنَانِي كَانَ ثِقَة مَأْمُونا توفّي سنة سِتّ وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْعَلَاء ابْن شقير البغداذي)
أَحْمد بن عبد الله بن الْحسن بن شقير أَبُو الْعَلَاء البغداذي النَّحْوِيّ حدث وصنف لسيف الدولة كتابا فِي أَجنَاس الْعطر وأنواع الطّيب وَسَماهُ المسلسل فِي اللُّغَة لِأَنَّهُ كالسلسلة وَله شعر توفّي فِي حُدُود السّبْعين وَالثَّلَاث مائَة وَقد تقدم ذكر آخر يعرف بَان شقير وَهُوَ أَحْمد بن الْحُسَيْن وكنيته أَبُو الْعَبَّاس وَهُوَ غير هَذَا وَلَعَلَّ هَذَا من بني ذَاك وَالله أعلم
وَمن شعره
3 - (ابْن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي)
أَحْمد بن عبد الله بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ بِوَاسِطَة قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق ثِقَة توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (صَاحب الْخَال القرمطي)
أَحْمد بن عبد الله القرمطي الْخَال رَأس القرامطة وطاغيتهم هُوَ سمى نَفسه هَكَذَا وَهُوَ حُسَيْن بن زكرويه بن مهرويه بعث المكتفي عسكراً لقتاله سنة إِحْدَى وَتِسْعين فَالْتَقوا فَانْهَزَمَ وَأمْسك وَأتي بِهِ وطيف بِهِ فِي بغداذ فِي جمَاعَة ثمَّ قتلوا تَحت الْعَذَاب وَكَانَ القرامطة قد بَايعُوهُ بعد قتل أَخِيه ولقبوه الْمهْدي وَكَانَ شجاعاً فاتكاً شَاعِرًا وَلما قتل خرج بعده أَبوهُ زكرويه فَخرج إِلَيْهِ عَسْكَر فَأسر جريحاً وَمَات وَذَلِكَ فِي حُدُود الثَّلَاث مائَة وَقَالَ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء قتل فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَأورد لَهُ)
(مَتى أرى الدُّنْيَا بِلَا كَاذِب ... وَلَا حروريٍّ وَلَا ناصبي)
(مَتى أرى السَّيْف على كل من ... عادى عَليّ بن أبي طَالب)
(مَتى يَقُول الْحق أهل النهى ... وينصف المغلوب من غَالب)(7/79)
(هَل لبغاة الْخَيْر من ناصرٍ ... هَل لكؤوس الْعدْل من شَارِب)
قَالَ ويروى لَهُ
(نفيت من الْحُسَيْن وَمن عليٍّ ... وجعفرٍ الغطارف من جدودي)
(وَخيَّب سَائل وجفوت ضَيْفِي ... وَبت فقيد مكرمةٍ وجود)
(وَأعْطيت القياد الدَّهْر مني ... يَمِين فَتى وفيٍّ بالعهود)
(لَئِن لم أعْط مَا ملكت يَمِيني ... لحربي من طريفٍ أَو تليد)
(وأفتتحنَّها حَربًا عواناً ... تقحم بالبنود على البنود)
(فإمَّا أَن أَبُوء بِروح عزٍّ ... وجدٍّ آخذ ثار الجدود)
(وَإِمَّا أَن يُقَال فَتى أبيٌّ ... تخرّم فِي ذرى مجدٍ مشيد)
وَهِي أَكثر من هَذَا وَيُقَال إِن عبد الله بن المعتز أَجَابَهُ عَنْهَا بقصيدة مِنْهَا
(تهددنا زعمت بشوب حربٍ ... تقحم بالبنود على البنود)
(فَكَانَ السَّيْف أدنى عِنْد وردٍ ... إِلَى ودجيك من حَبل الوريد)
3 - (القَاضِي ابْن عبيدوس)
أَحْمد بن عبد الله بن هرثمة بن ذكْوَان بن عبيدوس بن ذكْوَان أَبُو الْعَبَّاس الْأمَوِي قَاضِي الْجَمَاعَة بقرطبة وخطيبها كَانَ أعظم أهل الأندلس رثته الشُّعَرَاء لما مَاتَ وشيعه الْخَلِيفَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الران الْوَاعِظ)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي الْوَاعِظ أَصله من الجزيرة وَيعرف بِابْن الران كَانَ صَالحا عَارِفًا لَهُ مصنفات فِي الْوَعْظ توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وَأورد لَهُ سبط ابْن الْجَوْزِيّ شعرًا
3 - (أَبُو نصر الثابتي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن ثَابت أَبُو نصر الثابتي البُخَارِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي قَالَ الْخَطِيب)
كتبت عَنهُ وَكَانَ لينًا فِي الرِّوَايَة توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الحطيئة النَّاسِخ)
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن هِشَام أَبُو الْعَبَّاس بن الحطيئة اللَّخْمِيّ الْفَارِسِي الْمُقْرِئ النَّاسِخ إِمَام صَالح كَبِير الْقدر مقرئ بارع مجود من الْأَعْلَام نسخ الْكثير بِالْأُجْرَةِ وَكَانَ جيد الضَّبْط وَلَيْسَ خطه بالطائل ولد بفاس وَحج وَدخل الشَّام فلقي الْكِبَار واستوطن جَامع مصر الْمَعْرُوف بِجَامِع راشدة خَارج الْفسْطَاط كَانَ لأهل مصر فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير لَا مزِيد عَلَيْهِ وَلَا يقبل لأحد شَيْئا وَعلم زَوجته وَابْنَته الْكِتَابَة فكانتا تكتبان مثل خطه سَوَاء فَإِذا شرعوا فِي نسخ كتاب أَخذ كل وَاحِد جُزْءا وكتبوه فَلَا يفرق بَين خطهم إِلَّا الحاذق وخطه(7/80)
مَعْرُوف مَرْغُوب فِيهِ لصِحَّته وَقد رَأَيْت بِخَطِّهِ كثيرا من كتب الْأَدَب وَاتفقَ بِمصْر مجاعَة شَدِيدَة فَسَأَلَهُ المصريون قبُول شَيْء فَامْتنعَ فَأَجْمعُوا على أَن خطب أحدهم ابْنَته وَكَانَ يعرف بِالْفَضْلِ بن يحيى الطَّوِيل وَكَانَ عدلا بزازاً بِالْقَاهِرَةِ فَتَزَوجهَا وَسَأَلَ أَن تكون أمهَا عِنْدهَا فَأذن لَهُ فِي ذَلِك وقصدوا بذلك تَخْفيف العائلة عَنهُ وَبَقِي مُنْفَردا ينْسَخ وَيَأْكُل وَكَانَ يَقُول أدرجت سَعَادَة الْإِسْلَام فِي أكفان عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يُرِيد أَن الْإِسْلَام فِي أَيَّامه لم يزل فِي نمو وازدياد وَبعده فِي تضعضع واضطراب وَفِي تَرْجَمَة أبي الميمون عبد الْمجِيد صَاحب مصر فِي الدول المنقطعة أَن النَّاس أَقَامُوا بِلَا قَاض ثَلَاثَة أشهر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة ثمَّ اختير فِي ذِي الْقعدَة أَبُو الْعَبَّاس بن الحطيئة فَاشْترط أَن لَا يقْضِي بِمذهب الدولة فَلم يُمكن وَولي غَيره وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة وقبره بالقرافة الصُّغْرَى يزار وَعِنْده أنس رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (قَاضِي حلب كَمَال الدّين ابْن رَافع)
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّزَّاق بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رَافع قَاضِي حلب كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس وَأَبُو بكر ولد الإِمَام قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين ابْن الْمُحدث الزَّاهِد أبي مُحَمَّد الْأُسْتَاذ الْأَسدي الْحلَبِي الشَّافِعِي ولد سنة إِحْدَى عشرَة وَسمع حضوراً من الافختار الْهَاشِمِي وَمن جده أبي مُحَمَّد بن علوان وَابْن روزبه وَطَائِفَة وَحدث وَأفْتى ودرس وَأقَام بِمصْر بعد أَخذ حلب ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعزية بِمصْر وبالهكارية بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ صَدرا مُعظما مَجْمُوع الْفَضَائِل ولي الْقَضَاء مُدَّة فحمدت سيرته روى عَنهُ الدمياطي وَكَانَ يَدْعُو لَهُ وَولي قَضَاء حلب بعد وَالِده وَكَانَ ذَا مكانة عِنْد النَّاصِر صَاحب الشَّام وَلما أخذت حلب)
أُصِيب فِي مَاله وسلمت نَفسه وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (ابْن الحلوانية مجد الدّين)
أَحْمد بن عبد الله بن أبي الغنايم الْمُسلم بن حَمَّاد بن مَحْفُوظ بن ميسرَة الْمُحدث الرئيس مجد الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْأَزْدِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي التَّاجِر الْمَعْرُوف بِابْن الحلوانية ولد سنة أَربع وست مائَة وَسمع من ابْن الحرستاني وَالشَّمْس أَحْمد بن عبد الله الْعَطَّار والعماد إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد وَالْقَاضِي أبي الْفضل إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الشَّيْبَانِيّ الْحَنَفِيّ ابْن الْموصِلِي وسماعه مِنْهُ فِي سنة عشر وست مائَة وَلكنه نَازل وَالْمُسلم بن أَحْمد الْمَازِني وَابْن صباح وَابْن الزبيدِيّ والموفق وَابْن قدامَة ابْن اللتي والناصح وَابْن الْحَنْبَلِيّ وَخلق بِدِمَشْق وَجَمَاعَة مِنْهُم أَحْمد بن يَعْقُوب المارستاني وَإِبْرَاهِيم الكاشغري وَجَمَاعَة بِمصْر وَجَمَاعَة بالإسكندرية وعني بِالْحَدِيثِ وَالسَّمَاع وَكتب الْكثير وَحصل الْأُصُول وَصَارَت لَهُ أنسة جَيِّدَة بالفن وَخرج لنَفسِهِ معجماً كَبِيرا ومعجماً صَغِيرا روى عَنهُ الدمياطي والأبيوردي وَابْن الخباز وَابْنَته صَفِيَّة(7/81)
بنت الحلوانية وَالِدَة شمس الدّين مُحَمَّد بن السراج وَكَانَ عدلا رَئِيسا حسن البزة لَهُ دكان بالخواتيميين توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (ابْن قطنة النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن عبد الله بن عزاز بن كَامِل الْعَلامَة زين الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمصْرِيّ النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن قطنة كَانَ من أَئِمَّة الْعَرَبيَّة المنتصبين لإقرائها بِمصْر توفّي وَقد نَيف على السّبْعين سنة تسع وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (الأشتري الشَّافِعِي الْحلَبِي)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار بن طَلْحَة بن عمر الْفَقِيه أَمِين الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الاشتري الْحلَبِي الشَّافِعِي ولد بحلب سنة خمس عشرَة وَسمع من أبي مُحَمَّد بن علوان والموفق عبد اللَّطِيف وَابْن شَدَّاد وَابْن روزبه وَابْن اللتي روى عَنهُ ابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار والمزي وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين وان الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رَحمَه الله إِذا جَاءَهُ صبي يقْرَأ عَلَيْهِ بعث بِهِ إِلَى أَمِين الدّين يُعلمهُ لعفته وَدينه مَاتَ بِدِمَشْق فَجْأَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (شمس الدّين الخابوري)
)
أَحْمد بن عبد الله بن الزبير الخابوري الإِمَام الْمُقْرِئ المجود شمس الدّين خطيب حلب ومقرئها كَانَ إِمَامًا ماهراً محرراً للقراءات ووجوهها وعللها مليح الشكل قوي الْكِتَابَة صَاحب نَوَادِر وخلاعة وظرف وَله فِي ذَلِك حكايات قَرَأَ الْقرَاءَات على السخاوي وَغَيره وَسمع بحران من الْخَطِيب فَخر الدّين ابْن تَيْمِية وبحلب من أبي مُحَمَّد بن الْأُسْتَاذ وَيحيى ابْن الدَّامغَانِي وَابْن روزبه وببغداذ من عبد السَّلَام الداهري وبدمشق من ابْن صَادِق وَابْن صباح ومولده بالخابور سنة سِتّ مائَة وَأسْندَ عَنهُ الْقرَاءَات والشاطبية الشَّيْخ يحيى المنيجي وَرَوَاهَا عَنهُ سنة أَربع وَسِتِّينَ وَذَلِكَ قبل مَوته بدهر سمع مِنْهُ الْمزي وَابْن الظَّاهِرِيّ وَولده أَبُو عَمْرو والبرزالي وَابْن شامة وَغَيرهم توفّي بحلب سِتَّة تسعين وست مائَة وَصلي عَلَيْهِ بِدِمَشْق
وَمن نوادره أَنه كَانَ صَاحب قطان يجلس على دكانه فاتفق أَن جَاءَهُ إِلَى الدّكان وَمَا وجده فَقعدَ ينتظره وَكَانَ أَيَّام حلج الْقطن لما يَدُور الفلاحون يحلجون الْقطن بِالْأُجْرَةِ فجَاء إِلَيْهِ بعض الفلاحين وَقَالَ يَا سَيِّدي عنْدك قوطين حَتَّى أحلج وأشبح الضمة فِي قطن على الْقَاف إِلَى أَن نشأت واواً فَقَالَ لَهُ الخابوري لَا وَالله مَا عِنْدِي إِلَّا قوط وَاحِد وَأَنا الَّذِي أحلجه
وَحكي عَنهُ أَنه كَانَ أَيَّام قراسنقر بحلب مُسْتَوْفِي على الْأَوْقَاف يَهُودِيّ فضايق الْفُقَهَاء وَأهل الْأَوْقَاف وشدد عَلَيْهِم فشكوه إِلَى قراسنقر وعزله ثمَّ إِن الْيَهُودِيّ سعى وبرطل ثمَّ تولى وعاملهم أَشد من الْمرة الأولى فشكوه فَعَزله ثمَّ تولى فشكوه فَعَزله ثمَّ سعى وَتَوَلَّى فَضَاقَ الْفُقَهَاء وَقَالُوا مَا لنا فِي الْخَلَاص مِنْهُ غير الْخَطِيب شمس الدّين فَجَاءُوا إِلَيْهِ فَقَالَ مَا أصنع بِهَذَا الْكَلْب ابْن الْكَلْب فَقَالُوا مَا لَهُ غَيْرك فَقَالَ يدبر الله وَأمر غُلَامه أَن يَأْخُذ سجادته ودواة وأقلاماً وورقاً(7/82)
ومصحفاً على كرْسِي وَقَالَ لَهُ توجه بِهَذَا إِلَى كَنِيسَة الْيَهُود وافرش لي السجادة وَكَانَ ذَلِك بعد عصر الْجُمُعَة فَحَضَرَ الشَّيْخ وَجلسَ على السجادة وَفتح الْمُصحف من أَوله وَأخذ يقْرَأ فجَاء الْيَهُود ورأوه وَمَا أمكنهم يَقُولُونَ لَهُ شَيْئا لِأَنَّهُ خطيب الْبَلَد وَهُوَ ذُو وجاهة فَضَاقَ عَلَيْهِم الْوَقْت وَأَرَادُوا الدُّخُول فِي السبت وانحصروا فَقَالُوا لَهُ يَا سَيِّدي قد قرب أَذَان الْمغرب ونريد نغلق الْكَنِيسَة فَقَالَ أَبيت فِيهَا لِأَنِّي نذرت أَن أنسخ هَذَا الْمُصحف هُنَا فضاقوا وضجوا وَقَالُوا يَا سَيِّدي وَالله مَا نطيق هَذَا وَغدا السبت فَقَالَ كَذَا اتّفق وَلَا بُد من الْمقَام هُنَا إِلَى أَن يفرغ الْمُصحف فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وقبلوا أقدامه وأقسموا عَلَيْهِ فَقَالَ وَلَا بُد قَالُوا نعم قَالَ التزموا لي بِأَن تحرموا هَذَا المستوفي حَتَّى لَا يعود يُبَاشر الْأَوْقَاف فألزموا)
الديَّان أَن حرم الْيَهُودِيّ واستراح الْمُسلمُونَ مِنْهُ
3 - (جمال الدّين التَّمِيمِي الصّقليّ)
أَحْمد بن عبد الله بن سعيد بن محمّد بن عبد الله أَبُو الْعَبَّاس جمال الدّين التَّمِيمِي الصّقليّ ثمَّ الدِّمَشْقِي قَرَأَ بالروايات على الشَّيْخ علم الدّين السخاوي وَسمع الْكثير وَحدث وَكَانَت كتبه نفيسة وأصوله حَسَنَة وَكَانَ فِي شبابه تزوج ابْنة الشَّيْخ علم الدّين وأولدها وتوفيه هِيَ وَالْولد وَلم يتَزَوَّج بعْدهَا وَكَانَ شَدِيد الشُّح على نَفسه كثير التقتير مَعَ الْجدّة الوافرة ووقف دَاره على الْفُقَهَاء الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الصّلاح يُعجبهُ بَحثه ويعظمه وَقَرَأَ عَلَيْهِ كتاب عُلُوم الحَدِيث من أَوله إِلَى آخِره ومدحه بِأَبْيَات وَهِي
(لقد صنف النَّاس علم الحَدِيث ... وصانوه عَن صُورَة الْبَاطِل)
(وذبوا من الزُّور قَول النَّبِي ... إِمَام الهداة الرضى الْعَادِل)
(وَلم يلْحقُوا شأو هَذَا الْكتاب ... وَلَا سيب أفضاله النائل)
(فيمم دَقِيق الْمعَانِي بِهِ ... تَجِد مَا يشق على الدَّاخِل)
(وجاد بِهِ للورى عالمٌ ... صَرِيح التقى لَيْسَ بالباخل)
(يُفِيد الْعُلُوم لطلابها ... ويصفح عَن زلَّة الْجَاهِل)
(فَلَا مثل لِابْنِ الإِمَام الصّلاح ... لكشف الغوامض للسَّائِل)
(فسقيا لَهُ ثمَّ رعياً على ... فَوَائِد كالعارض الهاطل)
(ودام لَهُ السعد فِي نمعةٍ ... دوَام الْفَضَائِل للفاضل)
قلت شعر نَازل وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (الأعيمى التطيلي)
أَحْمد بن عبد الله بن هُرَيْرَة أَبُو الْعَبَّاس الْقَيْسِي التطيلي الإشبيلي المنشأ الضَّرِير الْمَعْرُوف بالأعيمى توفّي سنة خمس وَعشْرين وَخمْس مائَة من شعره(7/83)
(بحياة عصياني عَلَيْك عواذلي ... إِن كَانَت القربات عنْدك تَنْفَع)
(هَل تذكرين ليالياً بتنا بهَا ... لَا أَنْت باخلةٌ وَلَا أَنا أقنع)
قلت قد مر فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم بن خفاجة مَا يشبه هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فليطلب فِي مَكَانَهُ وَمِنْه
(مللت حمص وملتني فَلَو نطقت ... كَمَا نطقت تجارينا على قدر)
)
(وسولت لي نَفسِي أَن أفارقها ... وَالْمَاء فِي المزن أصفى مِنْهُ فِي الْغدر)
(هَيْهَات بل رُبمَا كَانَ الرحيل عَنَّا ... بِالْمَالِ أحيي بِهِ فقرا من الْعُمر)
(كم ساهرٍ يستطيل اللَّيْل من دنفٍ ... لم يدر أَن الردى آتٍ مَعَ السحر)
(أما اشتفت مني الْأَيَّام فِي وطني ... حَتَّى تضايق فِيمَا عنّ عَن وطري)
(وَلَا قَضَت من سَواد الْعين حَاجَتهَا ... حَتَّى تكرّ على مَا كَانَ فِي الشّعْر)
قلت شعر جيد وحمص هُنَا هِيَ إشبيلية لِأَن أهل حمص لما دخلُوا الْمغرب استوطنوها وَمن شعره يمدح بعض الوزراء
(أعد نظرا فِي روضتي ذَلِك الخدّ ... فَإِنِّي أَخَاف الياسمين على الْورْد)
(وَخذ لَهما دمعي وعللهما بِهِ ... فَإِن دموعي لَا تعيد وَلَا تبدي)
(وَإِلَّا فَفِي كأس المدامة بلغةٌ ... تقوم مقَام الريّ عنْدك أَو عِنْدِي)
(وَفِي ريقك المعسول لَو أَن رَوْضَة ... تعلل بالكافور والمسك والشهد)
(وَمَاء شَبَابِي كَانَ أعذب مورداً ... لَو أنّ اللَّيَالِي لم تزاحمك فِي الْورْد)
(أمنك الخيال الطارقي كل ليلةٍ ... على مثل حد السَّيْف أَو طرة الْبرد)
(منى لَا أُبَالِي أَن تكون كواذباً ... فتفنى وَلَكِن الْمدَار على وجدي)
(يباري إليّ اللَّيْل لَو أَن شافعاً ... من النّوم أَو لَوْلَا رَقِيب من السهد)
(تعلم مني كَيفَ ينعم بالهوى ... ويشقى فَهَلا كَيفَ يبْقى على الْعَهْد)
(يهون عليّ الْوَصْل مَا دَامَ نازحاً ... وأسرع شَيْء حِين يدنو إِلَى الصدّ)
(وَلَيْلَة وافاني وَقد ملت مَيْلَة ... وَكنت أَنا والنجم بتنا على وعد)
(ألم فَحَيَّا بَين رقبي ورقةٍ ... وَلَا شَيْء أحل من دنوٍّ على بعد)(7/84)
(وَقد رابه لمحٌ من اللَّيْل فِي الدجى ... كَمَا لَاحَ وسم الشيب فِي الشّعْر الْجَعْد)
(رأى أدمعي حمراً وشيبي ناصعاً ... وفرط نحولي واصفراري على خدي)
(فود لَو أَنِّي عقده أَو وشاحه ... وَإِن لم يطق حمل الوشاح وَلَا العقد)
(ألم فأعداني ضناه وسهده ... وَقد كَانَ هَذَا الشوق أولى بِأَن يعدي)
(وَولى فَلَا تسْأَل بحالي بعده ... وَلَكِن سل الْأَيَّام عَن حَاله بعدِي)
(تفَاوت قومِي فِي الحظوظ وسبلها ... فمكدٍ على حرصٍ ومثرٍ على زهد)
)
(وَأما أَنا والحضرميّ فإننا ... قسمنا الْمَعَالِي بَين غور إِلَى نجد)
(فَأَبت أَنا بالشعر أحمي لِوَاءُهُ ... وآب ابْن عِيسَى بالسيادة وَالْمجد)
(فَتى لَا يُبَالِي فوز من فَازَ بالعلى ... إِذا امْتَلَأت كفا يَدَيْهِ من الْحَمد)
وَمِنْه قَوْله وبديع الْأَوْصَاف كَالشَّمْسِ كالدمية كالغصن كالقنا كالريم
(سكريّ اللمى وضيء الْمحيا ... يستخفّ النُّفُوس قبل الجسوم)
(متهدٍّ إِلَى الحلوم بلحظٍ ... رُبمَا كَانَ ضلةً للحلوم)
(مَا يُبَالِي من بَات يلهو بِهِ إِن ... لم ينل ملك فارسٍ وَالروم)
قُمْت أسقيه من لمى ثغره العذب على صحن خدّه المرقوم بَين ليلٍ كخضرة الرَّوْض فِي اللَّوْن وصبحٍ كعرفه فِي الشميم وَكَأن النُّجُوم فِي غبش الصُّبْح وَقد لفَّها فُرَادَى بتوم أعين العاشقين أدهشها الْبَين فأغضت بَين الضنى والوجوم وَمِنْه
(أما والهوى وَهُوَ إِحْدَى الْملَل ... لقد مَال قدّك حَتَّى اعتدل)
(وأشرق وَجهك للعاذلات ... حَتَّى رَأَتْ كَيفَ يعْصى العذل)
(وَلم أر أفتك من مقلتيه ... على أَن لي خبْرَة بالمقل)
(كحلتهما بهوى قاتلٍ ... وَقلت الردى حِيلَة فِي الْكحل)
(وَإِنِّي وَإِن كنت ذَا غفلةٍ ... لأعْلم كَيفَ تكون الْحِيَل)
(وَلست أسائل عَيْنَيْك بِي ... وَلَكِن بِعَهْد الرضى مَا فعل)(7/85)
(وَقد كنت جاريت تِلْكَ الجفون ... إِلَى الْمَوْت بَين المنى والعلل)
وَمِنْه قَوْله وَهِي طَوِيلَة يرثي بهَا ابْن اليناقي وَقد قتل غيلَة
(خذا حدثاني عَن فلٍ وَفُلَان ... لعَلي أرِي باقٍ على الْحدثَان)
(وَعَن دولٍ جسن الديار وَأَهْلهَا ... فنين وَصرف الدَّهْر لَيْسَ بفان)
(وَعَن هرمي مصر الْغَدَاة أمتعا ... بشرخ شبابٍ أم هما هرمان)
(وَعَن نخلتي حلوان كَيفَ تناءتا ... وَلم يطويا كشحاً على شنآن)
)
(وَطَالَ ثواء الفرقدين بغبطةٍ ... أما علما أَن سَوف يفترقان)
(وزايل بَين الشعريين تصرفٌ ... من الدَّهْر لَا وانٍ وَلَا متوان)
(فَإِن تذْهب الشعرى العبور لشأنها ... فَإِن الغميصا فِي بَقِيَّة شان)
(وجنّ سهيلٌ بِالثُّرَيَّا جُنُونه ... وَلَكِن سلاه كَيفَ يَلْتَقِيَانِ)
(وهيهات من جور الْقَضَاء وعدله ... شآميةٌ ألوت بدين يمَان)
(فأزمع عَنْهَا آخر الدَّهْر سلوةً ... على طمعٍ خلاه للدبران)
(وأعلن صرف الدَّهْر لِابْني نويرةٍ ... بِيَوْم تناءٍ غال كلّ تدان)
(وَكَانَا كندماني جذيمة حقبةً ... من الدَّهْر لَو لم ينصرم لِأَوَانِ)
(فهان دمٌ بَين الدكادك واللوى ... وَمَا كَانَ فِي أَمْثَالهَا بمهان)
(وضاعت دموعٌ بَات يبعثها الأسى ... يهيجها قبرٌ بِكُل مَكَان)
(وَمَال على عبسٍ وذبيان مَيْلَة ... فأودى بمجنيٍّ عَلَيْهِ وجان)
(فعوجا على جفر الهباءة فاعجبا ... لضيعة أعلاقٍ هُنَاكَ ثَمَان)
(دماءٌ جرت مِنْهَا التلاع بِمِثْلِهَا ... وَلَا ذحل إِلَّا أَن جرى فرسَان)
(وأيم حربٍ لَا يُنَادى وليدها ... أهاب بهَا فِي الحيّ يَوْم رهان)
(فآب الرّبيع والبلاد تهره ... وَلَا مثل مودٍ من وَرَاء عمان)
(وأنحى على ابْني وائلٍ فتهاصرا ... غصون الردى من كزّةٍ ولدان)
(تعاطى كليبٌ فاستمر بطعنةٍ ... أَقَامَت لَهَا الْأَبْطَال سوق طعان)
(وَبَات عديٌ بالذنائب يصطلي ... بِنَار وغىً لَيست بِذَات دُخان)
(فدلت رقابٌ من رجالٍ أغرّةٍ ... إِلَيْهِم تناهى عز كل زمَان)(7/86)
(وهبوا يلاقون الصوارم والقنا ... بِكُل جبينٍ واضحٍ ولسان)
(فَلَا خدّ إِلَّا فِيهِ خدّ مهندٍ ... وَلَا صدر إِلَّا فِيهِ صدر سِنَان)
(وصال على الجونين بِالشعبِ فانثنى ... بأسلاب مطلولٍ وربقة عان)
(وأمضى على أَبنَاء قيلة حكمه ... على شرسٍ أدلوا بِهِ وليان)
(وأيّ قبيلٍ لم يصدّع جَمِيعهم ... ببكرٍ من الأرزاء أَو بعوان)
(خليليّ أَبْصرت الردى وسمعته ... فَإِن كنتما فِي مريةٍ فسلاني)
)
(وَلَا تعداني أَن أعيش إِلَى غدٍ ... لَعَلَّ المنايا دون مَا تعداني)
(ونبهني ناعٍ مَعَ الصُّبْح كلما ... تشاغلت عَنهُ عنّ لي وعناني)
(أغمض أجفاني كَأَنِّي نائمٌ ... وَقد لجت الأحشاء فِي الخفقان)
(أَبَا حسنٍ أم أَخُوك فقد مضى ... فوا لهف نَفسِي مَا التقى أَخَوان)
(أَبَا حسنٍ إِحْدَى يَديك رزئتها ... فَهَل لَك بِالصبرِ الْجَمِيل يدان)
(أَبَا حسنٍ ألق السِّلَاح فَإِنَّهَا ... منايا وَإِن قَالَ الجهول أماني)
(أَبَا حسنٍ هَل يدْفع الْمَرْء حِينه ... بأيد شُجَاع أَو بكيد جبان)
(توقّوه شَيْئا ثمَّ كروا وجعجعوا ... بأروع فضفاض الرِّدَاء هجان)
(أخي فتكاتٍ لَا يزَال يجيبها ... بحزم معينٍ أَو بعزم معَان)
(رأى كلّ مَا يستعظم النَّاس دونه ... فولّى غَنِيا عَنهُ أَو متغاني)
(قَلِيل حَدِيث النَّفس عَمَّا يروعه ... وَإِن لم يزل من ظَنّه بمَكَان)
(أبيٌّ وَإِن يتبع رِضَاهُ فمصحبٌ ... بعيدٌ وَإِن يطْلب جداه فدان)
(لَك الله خوّفت العدى وأمنتهم ... فذقت الردى من خيفةٍ وأمان)
(إِذا أَنْت خوّفت الرِّجَال فخفتهم ... فَإنَّك لَا تجزى هوى بهوان)
(رياحٌ وَهبهَا عارضتك عواصفاً ... فَكيف انثنى أَو كَاد ركن أبان)
(بلَى ربّ مَشْهُور العلى متشيعٍ ... قَلِيل بمنهوب الْفُؤَاد هدان)
(أتيحت لبسطامٍ حَدِيدَة عاصمٍ ... فخرّ كَمَا خرّت سحوق ليان)
(بنفسي وَأَهلي أيّ بدر دجنّةٍ ... لستٍّ خلت من شهره وثمان)
(وَأي أتّيٍ لَا تقوم لَهُ الربى ... ثنى عزمه دون القرارة ثَان)
(وأيّ فَتى لَو جَاءَكُم فِي سلاحه ... مَتى صلحت كفّ بِغَيْر بنان)
(وَمَا غرّكم لَوْلَا الْقَضَاء بباسلٍ ... أصاخ فقعقعتم لَهُ بشنان)
(يَقُولُونَ لَا يبعد وَللَّه دره ... وَقد حيل بَين العير والنزوان)(7/87)
(ويأبون إِلَّا ليته وَلَعَلَّه ... وَمن أَيْن للمقصوص بالطيران)
(رويد الْأَمَانِي إنّ رزء محمدٍ ... عدا الْفلك الْأَعْلَى عَن الدوران)
(وَحسب المنايا أَن تفوز بِمثلِهِ ... كَفاك وَلَو أخطأته لكفاني)
)
(أثاكلتيه والثواكل جمةٌ ... لَو أنكما بِالنَّاسِ تأتسيان)
(أذيلا وصونا واجزعا وتجلدا ... وَلَا تأخذا إِلَّا بِمَا تدعان)
وَمن موشحات أَحْمد الأعيمى
(مَا حَال الْقُلُوب وَفِي غمض الجفون ... عيونٌ ظباها أمضى سِهَام الْمنون)
(قسيّ الحواجب ... سهامها عَيناهُ)
(كنوين كَاتب ... قد خطهنّ الله)
(وخضرة شَارِب ... مَعَ مَا حوت شفتاه)
(من درٍ وَطيب لَو بِعْت روحي وديني ... فِي رشف لماها مَا كنت بالمغبون)
(يَا من يتعزر ... اخضع لعبد الْعَزِيز)
(إِن كنت تميّز ... جماله تمييزي)
(والخدّ الْمُطَرز ... بأبدع التطريز)
(وَالْخَال العجيب قد جال فِي النسرين ... كزنجيٍّ تاها فِي روض الياسمين)
(لَا أصغي للاحي ... يلحّ فِي تعذالي)
(وَوجه الصّلاح ... حبّي لهَذَا الغزال)
(من هُوَ فِي الملاح ... من الطّراز العالي)
(قدٌّ كالقضيب فِي الانثنا واللين ... وخصرٌ إِن ضاهى بِهِ لرقة ديني)
(كشفت القناعا ... مستوهباً مِنْهُ قبله)
(فاستحيا امتناعا ... أظنّها مِنْهُ خجله)
(فَقلت انخضاعا ... مَا قَالَ قيسٌ لعبله)
(أما أَنا حَبِيبِي نطيش من غرشوني ... شيم غين رشاها أَلا تغرش منوني)(7/88)
3 - (ابْن عميرَة المَخْزُومِي)
أَحْمد بن عبد اله بن عميرَة المَخْزُومِي القَاضِي أَبُو الْمطرف من أهل الجزيرة سقر وَسكن بلنسية قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم فَائِدَة هَذِه الْمِائَة وَالْوَاحد يفئ بالفئة الَّذِي اعْترف باتحاده الْجَمِيع واتصف بالإبداع فَمَاذَا يُوصف بِهِ البديع ومعاذ الله أَن أحابيه بالتقديم لما لَهُ من حق التَّعْلِيم كَيفَ وَسَبقه الْأَشْهر ونطقه للياقوت والجوهر تحلّت بِهِ الصحائف والمهارق)
وَمَا تخلت عَنهُ المغارب والمشارق فحسبي أَن أجهد فِي أَوْصَافه ثمَّ أشهد بِعَدَمِ إنصافه هَذَا على تنَاول الْخُصُوص والعموم لذكره وتناوب المنثور والمنظوم على شكره
وَمِمَّا أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار
(وأجلت فكري فِي وشاحك فانثنى ... شوقاً إِلَيْك يجول فِي جوّال)
(أنصفت غُصْن البان إِذْ لم تَدعه ... لتأودٍ مَعَ عطفك الميال)
(ورحمت درّ العقد حِين وَضعته ... متوارياً عَن ثغرك المتلالي)
(كَيفَ اللِّقَاء وَفعل وَعدك سينه ... أبدا تخلصه للاستقبال)
(وكماة قَوْمك نارهم ووقودها ... للطارقين أسنةٌ وعوال)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(أنظر إِلَى الْوَادي غَدا كدراً ... وصفاؤه قد عَاد كالعلق)
(فَكَأَنَّهُ لما بدا أفقٌ ... سَالَتْ عَلَيْهِ حمرَة الشَّفق)
وَله مِمَّا يكْتب على قَوس
(مَا انآد معتقل القنا إِلَّا لِأَن ... يَحْكِي تأطر قامتي العوجاء)
(تحنو الضلوع على الْقُلُوب وإنني ... ضلعٌ ثوى فِيهَا بأعضل دَاء)
وَله وَقد أهْدى وردا
(خُذْهَا إِلَيْك أَبَا عبد الْإِلَه فقد ... جاءتك مثل خدودٍ زانها الخفر)
(أتتك تحكي سجايا مِنْك قد عذبت ... لَكِن تغيّر هَذَا دونه الْغَيْر)
(إِن شمت مِنْهَا بروق الْغَيْث لامعةً ... فَسَوف يَأْتِيك من ماءٍ لَهَا مطر)
قَالَ ابْن الْأَبَّار وَكتب إِلَيّ مَعَ تحفةٍ أهداها مكافئاً عَن مثلهَا
(يَا وَاحِد الْأَدَب الَّذِي قد زانه ... بمناقبٍ جعلته فَارس مقنبه)
(بِالْفَضْلِ بِالْهبةِ ابتدأت فَإِن تعر ... طرف الْقبُول لما وهبت ختمت بِهِ)(7/89)
قَالَ وَله ارتجالاً من قصر الْإِمَارَة من بلنسية وَأَنا حَاضر فِي صَبِيحَة بعض الْجمع وَقد حجم صاحبٌ لنا من أهل النّظم والنثر وَأحسن إِلَى الْحجام الْمَخْصُوص
(أرى من جَاءَ بِالْمُوسَى مواسى ... وراحة ذِي القريض تعود صفرا)
(فَهَذَا مخفقٌ إِن قصّ شعرًا ... وَهَذَا منجحٌ إِن قصّ شعرًا)
)
وَله أَيْضا
(هُوَ مَا علمت من الْأَمِير فَمَا الَّذِي ... تزداد مِنْهُ وَفِيه لَا ترتاب)
(لَا يَتَّقِي الأجناد فِي أَيَّامه ... فقرا وَلَا يَرْجُو الْغنى الْكتاب)
وَله بعد انْفِصَاله من بلنسية عَن وحشةٍ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَعشْرين وست مائَة
(أَسِير بأرجاء الرَّجَاء وَإِنَّمَا ... حَدِيث طريقي طَارق الْحدثَان)
(وأحضر نَفسِي إِن تقدّمت خيفةً ... لغضّ عنانٍ أَو لعضّ زمَان)
(أينزل حظي للحضيض وَقد سرى ... لإمكانه فَوق الذرى جبلان)
(وأخبط فِي ليل الْحَوَادِث بَعْدَمَا ... أَضَاء لعَيْنِي مِنْهُمَا القمران)
(فيحيى لآمالي حَيَاة معادة ... وإنّ عَزِيزًا عزّةٌ لمكاني)
(وَقَالُوا اقترح إنّ الْأَمَانِي مِنْهُمَا ... وَإِن كنّ فَوق النَّجْم تَحت ضَمَان)
(فَقلت إِذا ناجاهما بقضيتي ... ضميري لم أحفل بشرح لساني)
وَله أَيْضا
(سلب الْكرَى من مقلتيّ فَلم يجِئ ... مِنْهُ على نأيٍ خيالٌ يطْرق)
(أهفو ارتياحاً للنسيم إِذا سرى ... إنّ الغريق بِمَا يرى يتعلّق)
3 - (القَاضِي محب الدّين الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم شيخ الْحرم محب الدّين أَبُو الْعَبَّاس الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْفَقِيه الزَّاهِد الْمُحدث ولد سنة خمس عشرَة وَسمع من ابْن المقير وَشُعَيْب الزَّعْفَرَانِي وَابْن الجميزي والمرسي وَعبد الرَّحْمَن بن أبي حرمي الْعَطَّار وَجَمَاعَة ودرّس وَأفْتى وَكَانَ شيخ الشَّافِعِيَّة ومحدّث الْحجاز صنّف كتابا كَبِيرا فِي الْأَحْكَام فِي سِتّ مجلدات وتعب عَلَيْهِ مُدَّة ورحل إِلَى الْيمن وأسمعه لصَاحب الْيمن روى عَنهُ الدمياطي قصيدة من نظمه وَابْن الْعَطَّار وَابْن الخباز والبرزالي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَهُوَ وَالِد جمال الدّين مُحَمَّد الْمُتَقَدّم ذكره فِي المحمدين(7/90)
وجدّ نجم الدّين قَاضِي مَكَّة وَقد مرّ ذكره فِي المحمدين أَيْضا توفّي محبّ الدّين سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (جمال الدّين الْمُحَقق)
أَحْمد بن عبد الله بن الْحُسَيْن الشَّيْخ جمال الدّين الْمُحَقق فَقِيه مدرس مناظر جيد الْمُشَاركَة فِي)
الْأُصُول والعربية بارع فِي الطِّبّ كَانَ معيداً فِي الْمدَارِس الْكِبَار حدث عَن الْكَمَال بن طَلْحَة وَغَيره وَله نَوَادِر وحكايات كَانَ مدرساً بمدرسة فروخشاه ومدرس الطِّبّ بالدخوارية وطبيباً بالمارستان بِدِمَشْق وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (ابْن شلبطور)
أَحْمد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْهَاشِمِي البلنسي المرويّ الدَّار الْمَعْرُوف بِابْن شلبطور بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَضم الطَّاء الْمُهْملَة وَبعد الْوَاو الساكنة رَاء على وزن منجنون أَخْبرنِي الْحَافِظ العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ الْمَذْكُور أديب من أهل المرية كَانَ بهَا أَيَّام إقامتي بالمرية وَلم يقْض لي بلقائه وَمن شعره
(بملعب الْحَيّ من أكناف يبرين ... مصارعٌ لم تكن فِي حَرْب صفّين)
(تؤتي المنى سؤلها فِيهِ فتسهده ... فينثني بَين مسلوبٍ ومطعون)
3 - (ابْن مهَاجر)
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الله بن مهَاجر الأندلسي الْوَادي آشي شهَاب الدّين الْحَنَفِيّ سكن طرابلس الشَّام ثمَّ انْتقل إِلَى حلب وَأقَام بهَا وَصَارَ من الْعُدُول المبرزين فِي الْعَدَالَة بحلب يعرف النَّحْو وَالْعرُوض ويشتغل فيهمَا وَله انتماء إِلَى قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين ابْن العديم رَأَيْته بحلب أَيَّام مقَامي بهَا سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة فرأيته حسن التودد أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(مَا لَاحَ فِي درعٍ يصول بِسَيْفِهِ ... وَالْوَجْه مِنْهُ يضئ تَحت المغفر)(7/91)
(إِلَّا حسبت الْبَحْر مدّ بجدولٍ ... وَالشَّمْس تَحت سحائبٍ من عنبر)
قلت جمع فِي هَذَا الْمَقْطُوع بَين قَول الْمُعْتَمد بن عباد
(وَلما اقتحمت الوغى دارعاً ... وقنعّت وَجهك بالمغفر)
(حَسبنَا محياك شمس الضُّحَى ... عَلَيْهَا سحابٌ من العنبر)
وَبَين قَول أبي بكر الرصافي
(لَو كنت شَاهده وَقد غشي الوغى ... يختال فِي درع الْحَدِيد المسبل)
(لرأيت مِنْهُ والقضيب بكفّه ... بحراً يريق دم الكماة بجدول)
وَقَالَ يمدح الشَّيْخ كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الزملكاني وَقد توجه إِلَى حلب قَاضِي الْقُضَاة)
(يمنٌ ترنّم فَوق الأيك طَائِره ... وطائرٌ عَمت الدُّنْيَا بشائره)
(وسؤددٌ أصبح الإقبال ممتثلاً ... فِي أمره مَا أَخُوهُ العزّ آمره)
مِنْهَا من مخبرٌ عني الشَّهْبَاء أَن كَمَال الدّين قد شيّدت فِيهَا مقاصره
(وَأَن تَقْلِيده الزاهي وخلعته ... الَّتِي تطرّز عطفيها مآثره)
(بِالنَّفسِ أفديك من تَقْلِيد مجتهدٍ ... سواهُ يُوجد فِي الدُّنْيَا مناظره)
(أنشدت حِين أدَار الْبشر كأس طلا ... حكت أَوَائِله صفواً أواخره)
(وَقد بَدَت فِي بَيَاض الطرس أسطره ... سُودًا لتبدي مَا أَهْدَت محابره)
(ساقٍ تكن من صبحٍ وَمن غسقٍ ... فابيض خداه واسودت غدائره)
(وخلعة قلت إِذْ لاحت لتزرينا ... بالروض تطفو على نهرٍ أزاهره)
(وَقد رَآهَا عدوٌّ كَانَ يضمر لي ... من قبل سوءا فخانته ضمائره)
(ورام صبرا فأعيته مطالبه ... وغيّض الدمع فانهلّت بوادره)
(بعودة الدولة الغرّاء ثَانِيَة ... أمنت مِنْك ونام اللَّيْل ساهره)
وَقَالَ أَيْضا
(تسعر فِي الوغى نيران حربٍ ... بِأَيْدِيهِم مهنّدةٌ ذُكُور)
(وَمن عجبٍ لظى قد سعرتها ... جداول قد أقلتها بدور)(7/92)
وَمن قَوْله ملغزاً فِي قالب لبن
(مَا آكلٌ فِي فمين ... يغوط من مخرجين)
(مغرىً بقبضٍ وبسطٍ ... وَمَا لَهُ من يدين)
(وَيقطع الأَرْض سعياً ... من غير مَا قدمين)
وَخمْس لامية الْعَجم مدحاً فِي سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلما كنت فِي حلب كتب إليّ أبياتاً
3 - (القَاضِي شقير)
أَحْمد بن عبد الله بن الزكي الْقرشِي الْمَعْرُوف بِالْقَاضِي شقير هُوَ القَاضِي شرف الدّين الدِّمَشْقِي الْجَزرِي تجرد للفقر خمْسا وَسِتِّينَ سنة ثمَّ إِنَّه جاور بِمَسْجِد الكهفت التحتاني بجبل قاسيون)
مولده فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة
3 - (شهَاب الدّين الظَّاهِرِيّ)
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ شهَاب الدّين الظَّاهِرِيّ الشَّافِعِي أحد الْمُفْتِينَ والمدرسين بِدِمَشْق أَخذ الْعلم عَن الشَّيْخ برهَان الدّين الْفَزارِيّ وَغَيره وَله محاضرة حَسَنَة وأخلاق رضية ينتمي إِلَى الْفُقَرَاء ويصحبهم كثيرا وأعرفه يتَوَجَّه إِلَى الْحجاز غَالب السنين وَهُوَ قَاضِي الركب الشَّامي مولده تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة أنْشد من لَفظه لنَفسِهِ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
(رَأَتْ شيبتي قَالَ عجيبٌ مَعَ الصِّبَا ... مشيبك هَذَا صفه لي بحياتي)
(فَقلت لَهَا مَا ذَاك شيبٌ وَإِنَّمَا ... سناك بقلبي لَاحَ فِي وجناتي)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي مليح بِهِ دمل
(قَالُوا حَبِيبك يشتكي من دملٍ ... مسته فَهُوَ بنارها يتحرّق)
(فأجبتهم حاشا نعيم جماله ... أَن تعتريه ملمّةٌ أَو تطرق)
(مَا ذَاك غير قُرُوح قلب محبه ... من نارها ذهبت بِهِ تتعلّق)
كَذَا أنشدنيه من لَفظه وَمن نظمه أَيْضا
(عجبوا لخالك كَيفَ مِنْك مقبّلاً ... شفةً رقت عَن لؤلؤٍ وجمان)
(فأجبتهم لَا تعجبوا مَا زَالَ ذَا ... مستلزماً لشقائق النُّعْمَان)
وَمِنْه أَيْضا
(رعف الحبيب فَقيل هَل قبلته ... شوقاً إِلَيْهِ ودمع عَيْنك يسجم)
(فأجبت لَا لكنه أخْفى دمي ... فِي سفكه وَعَلِيهِ قد ظهر الدَّم)(7/93)
3 - (المترجم البغداذي)
أَحْمد بن عبد الله بن دَاوُد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد شهَاب الدّين البغداذي الْمَعْرُوف بالمترجم رَأَيْته بِدِمَشْق غير مرّة وَهُوَ فَرد الزَّمَان ونادرة الأوان فِي حل المترجم وَإِمَام فِي الْكِتَابَة المنسوبة وتعتيقها أول وُرُوده إِلَى دمشق وصف لشَيْخِنَا الْعَلامَة شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود فأحضروه إِلَيْهِ إِلَى ديوَان الْإِنْشَاء فَكتب لَهُ لغزاً مترجماً فحلّ المترجم واللغز فِي الْوَقْت)
الْحَاضِر فَمَا كَاد يقْضِي مِنْهُ الْعجب واعترف لَهُ بِالْإِحْسَانِ وبحل المترجم بِلَا فاصلة وَهَذَا بديع وَآخر عهدي بِهِ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة بِدِمَشْق ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة
كتب تقريظاً على كتابي جنان الجناس
(زِينَة الْمَرْء بَيَان الْمنطق ... مقرناً مِنْهُ بِحسن الْخلق)
(وأخصّ النَّاس فِيهِ رجلٌ ... نظم الْحِكْمَة نظم النسق)
(فِي جنان من جناس زخرفت ... بحسانٍ من لسانٍ ذلق)
(أودعتها كَفه فِي دعةٍ ... وأمانٍ فِي بطُون الْوَرق)
(ناظماً أحرفه فِي أسطرٍ ... ذَاهِبًا فِيهَا لأسى الطّرق)
(كنظام الدّرّ من أَنْوَاعه ... زِينَة فِي صفحات الْعُنُق)
(رَاكِبًا أسودها أبيضها ... كركوب اللَّيْل متن الشَّفق)
(فبياضٌ فِي سوادٍ حلكٍ ... وسوادٌ فِي بياضٍ يقق)
(نطقت وَهِي جمادٌ كلهَا ... وعجيبٌ نطق من لم ينْطق)
(حملتنا بعده أَلْفَاظه ... فِي اصْطِلَاح الشّعْر مَا لم نطق)
(كل معنى دقّ فِيهَا فاختفى ... عَن سنا الْفِكر وَنور الحدق)
(فِي افتراقٍ واتفاقٍ قَصده ... فاغن بالمفترق الْمُتَّفق)
(كمنت فطنته فِيهَا كَمَا ... كمنت أشخاصنا فِي العلق)
(أَيهَا الطَّالِب يَبْغِي شأوه ... حكم الْعلم بِأَن لم يلْحق)
(لست تَدْرِي من تجاري فاتئد ... أَنْت والبرق مَعًا فِي طلق)
(وَبَنُو الْفضل مَتى جاراهم ... غير ذِي الْفضل يَمِينا يسْبق)
(هَكَذَا الْمَعْنى فَكُن محتفلاً ... وَكَذَا الْأَلْفَاظ فاسمع وذق)
(أَي نارٍ لخليلٍ أضرمت ... حذرا مِنْهَا وَإِن لم تحرق)
(قلبت أَرضًا أريضاً أنفًا ... أرج الأرجاء بِالْفَضْلِ سقِِي)
(فبها أفكارنا فِي سنةٍ ... وَبهَا أَعيننَا فِي أرق)
(سحر النَّاس بهَا مَنْطِقه ... فأعاذوه بِرَبّ الفلق)(7/94)
(زدهم سحرًا وَلَا تَرث لَهُم ... فَهُوَ ذنبٌ إثمه فِي عنقِي)
)
(لَو وعى نطقك قسٌ لم يقل ... أَيهَا النَّاس اسمعوا من منطقي)
(دمت للنَّاس صلاحاً مَا شدت ... فَوق غصنٍ صادحات الْوَرق)
فَكتبت أَنا الْجَواب إِلَيْهِ مُخْتَصرا
(أرياحين أَتَت فِي طبق ... عرفهَا سارٍ إِلَى منتشق)
(أم غصون من سطور قد شدت ... فَوْقهَا الأطيار بَين الْوَرق)
(أم ثغورٌ بسمت عَن شنب ... أم نُجُوم بَدَت فِي غسق)
(أم عقودٌ وَيَد الْإِحْسَان قد ... جبرت عطلي فحلّت عنقِي)
(هَكَذَا النّظم الَّذِي رونقه ... لسوى مولَايَ لم يتَّفق)
(طرسه صفحة خذٍ أبيضٍ ... وَله النقس سَواد الحدق)
(قلت للخلّ وَقد عاينه ... هَكَذَا السكر يهدي فذق)
(ثمَّ لما ذاقه اهتزّ لَهُ ... كنديمٍ صفوة الراح سقِِي)
(قَالَ هَذَا سكرٌ أَو مسكرٌ ... قلت بل هَذَا وَذَا فِي نسق)
(دمت يَا فَرد الورى فِي فنه ... تبْعَث الْبُسْتَان لي فِي ورق)
3 - (فَخر الدّين البليسي)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن فَخر الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن تَاج الدّين البلبيسي ولد سنة خمسين وست مائَة ببليس أجَاز لي فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (الغرافي التَّاجِر)
أَحْمد بن عبد المحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن يَنْتَهِي إِلَى مُوسَى الكاظم الوَاسِطِيّ الغرافي التَّاجِر السفار ولد سنة بضع وَثَمَانِينَ وَسمع بمرو من أبي المظفر عبد الرَّحِيم بن السَّمْعَانِيّ وبالإسكندرية من مُحَمَّد بن عماد وَغَيره وببغداذ من ابْن الْقطيعِي أبي الْحسن والغراف من أَعمال وَاسِط روى عَنهُ وَلَده وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم والدمياطي وَجَمَاعَة وَتُوفِّي بالإسكندرية سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (شرف الدّين ابْن الرّفْعَة)
أَحْمد بن عبد المحسن بن الرّفْعَة الشَّيْخ شرف الدّين ابْن الشَّيْخ مجير الدّين سمع من النجيب عبد اللَّطِيف الْحَرَّانِي وَأبي إِبْرَاهِيم البروجردي ومعين الدِّمَشْقِي وَعبد الْهَادِي الْقَيْسِي وَغَيرهم)
وَأَجَازَ لي فِي أَن أروي عَنهُ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ
3 - (الأطروش النَّاسِخ)
أَحْمد بن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز ابْن القَاضِي أَبُو الْقَاسِم(7/95)
الأطروش النَّاسِخ أَخُو أبي عَليّ الْمُبَارك البغداذي كَانَ دمثاً حفظَة للحكايات والأشعار مَعَ صَلَاح وديانة سمع أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن قُرَيْش وَحدث باليسير توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو طَاهِر بن بَشرَان)
أَحْمد بن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِشران أَبُو طَاهِر بن أبي الْقَاسِم من أَوْلَاد الْمُحدثين طلب الحَدِيث وَسمع وَكتب بِخَطِّهِ وروى يَسِيرا سمع الْحُسَيْن بن عمرَان الضراب وَالْحُسَيْن بن هَارُون الضَّبِّيّ وَمُحَمّد بن المظفر الْحَافِظ وَغَيرهم
3 - (ابْن باتانه الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن يُوسُف أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بِابْن باتانه البغداذي أسمعهُ وَالِده فِي صباه وَقَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على الْمُبَارك بن الْحسن ابْن الشهرزوري وَسعد الله ابْن الدجاجي وَغَيرهمَا وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَيحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حشيش الفارقاني وَمُحَمّد بن عبد الْملك بن خيرون وَأحمد بن عَليّ الدَّلال وَغَيرهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا حسن الْمعرفَة بالقراءات مجوداً صَالحا متديناً سديد السِّيرَة جميل الطَّرِيقَة أضرّ آخر عمره وَلم يرو شَيْئا عَن أبي بكر مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول دَائِما أَنا أحقّ أَو وَالِدي أسمعني مجلدة من كتاب الطَّبَقَات لِابْنِ سعد من القَاضِي أبي بكر ويمنعنا التواني عَن التفتيش عَلَيْهَا وَلما ظفر محب الدّين بالنسخة أَخذهَا وَتوجه إِلَيْهِ فَوَجَدَهُ قد مَاتَ قبله بِيَوْم
3 - (ابْن المكوي الْمَالِكِي)
أَحْمد بن عبد الْملك بن هَاشم أَبُو عمر ابْن المكوي الإشبيلي الْمَالِكِي كَبِير الْمُفْتِينَ بقرطبة كَانَ حَافِظًا للْمَذْهَب مقدما فِيهِ بَصيرًا بأقوال أَصْحَاب مَالك دعِي لقَضَاء قرطبة مرَّتَيْنِ فَأبى وصنف كتاب الِاسْتِيعَاب فِي رَأْي مَالك للْحكم أَمِير الْمُؤمنِينَ فجَاء بِهِ فِي مائَة جُزْء وَعَلِيهِ تفقه الْحَافِظ أَبُو عمر ابْن عبد الْبر وَأخذ عَنهُ الْمُدَوَّنَة توفّي فَجْأَة فِي سَابِع جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَأَرْبع وَمِائَة وَكَانَت لَهُ جَنَازَة عَظِيمَة)
3 - (الْوَزير ابْن شَهِيد)
أَحْمد بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن ذِي الوزارتين الْأَعْلَى أَحْمد بن عبد الْملك بن عمر بن شَهِيد الْأَشْجَعِيّ أَبُو عَامر بن أبي مَرْوَان الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الشَّاعِر قَالَ(7/96)
الْحميدِي كَانَ من الْعلمَاء بالأدب ومعاني الشّعْر وأقسام البلاغة وَله حَظّ من ذَلِك بسق فِيهِ وَلم ير أحدا فِي البلاغة يجاريه وَله كتاب حَانُوت الْعَطَّار والتوابع والزوابع وكشف الدك وإيضاح الشَّك وَسَائِر رسائله وَكتبه نافعة الْجد كَثِيرَة الْهزْل توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة بعلة ضيق النَّفس والنفخ قَالَ ابْن مَاكُولَا يُقَال إِنَّه جاحظ الأندلس وَلم يعقب أَبُو عَامر وانقرض عقب الْوَزير أَبِيه بِمَوْتِهِ وَكَانَ جواداً لَا يمسك شَيْئا وَلَا يأسى على فَائت عَزِيز النَّفس مائلاً إِلَى الْهزْل وَكَانَ لَهُ فِي علم الطِّبّ نصيبٌ وافر وَمن شعره
(وَمَا ألان قناتي غمز حادثةٍ ... وَلَا استخفّ محلي قطّ إِنْسَان)
(أمضي على الْقَوْم قدماً لَا ينهنهني ... وأنثني لسفيهي وَهُوَ حردان)
(وَلَا أقارض جُهَّالًا بجهلهم ... وَالْأَمر أَمْرِي والأعوان أعوان)
(أهيب بِالصبرِ والشحناء ثائرةٌ ... وأكظم الغيظ والأحقاد نيران)
وَمِنْه أَيْضا
(ألمت بالحب حَتَّى لَو دنا أَجلي ... لما وجدت لطعم الْمَوْت من ألم)
(وذادني كرمي عَمَّن ولهت بِهِ ... ويلي من الْحبّ أَو ويلي من الْكَرم)
وَمِنْه أَيْضا
(وَلما تملأ من سكره ... ونام ونامت عُيُون العسس)
(دَنَوْت إِلَيْهِ على بعده ... دنوّ الرفيق درما مَا التمس)
(أدب إِلَيْهِ دَبِيب الْكرَى ... وأسمو إِلَيْهِ سموّ النَّفس)
(وبتّ بِهِ لَيْلَتي نَاعِمًا ... إِلَى أَن تبسمّ ثغر الْغَلَس)
(أقبل مِنْهُ بَيَاض الطلى ... وأرشف مِنْهُ سَواد اللعس)
قلت قَوْله أسموا إِلَيْهِ سمو النَّفس هَذَا الْمَعْنى مَشْهُور لامرئ الْقَيْس لِأَنَّهُ قَالَ
(سموت إِلَيْهَا بَعْدَمَا نَام أَهلهَا ... سموّ حباب المَاء حَالا على حَال)
وَقَالَ وضاح الْيمن)
(واسقط علينا كسقوط الندى ... لَيْلَة لَا ناهٍ وَلَا آمُر)(7/97)
أَخذه ابْن صردرّ فَقَالَ
(وحيٍّ طرقناه على غير موعدٍ ... فَمَا إِن وجدنَا عِنْد نارهم هدى)
(وَمَا غفلت أحراسهم غير أننا ... سقطنا عَلَيْهِم مِثْلَمَا يسْقط الندى)
وَمن شعر ابْن شَهِيد قَوْله
(وَتَدْرِي سِبَاع الطير أَن كماته ... إِذا لقِيت صيد الكماة سِبَاع)
(تطير جياعاً فَوْقهَا وتردها ... ظباه إِلَى الأوكار وَهِي شباع)
قلت مَأْخُوذ من قَول مُسلم بن الْوَلِيد
(قد عوّد الطير عادات وثقن بهَا ... فهن يتبعنه فِي كل مرتحل)
وَمن شعر ابْن شَهِيد قَوْله
(أما الرِّيَاح بجو عَاصِم ... فحلبن أخلاف الغمائم)
(سهر الحيا برياضها ... فأسالها والزهر نَائِم)
مِنْهَا ورد كَمَا خجلت خدود الغيد من لحظات هائم
(بكر الحسان يردنه ... من كلّ وَاضِحَة الملاغم)
(وضحكن عجبا فالتقت ... فِيهَا المباسم بالمباسم)
(ضحِكت وازعج بارقٌ ... فظللت للبرقين شائم)
(طاردتهن بفتيةٍ ... صبرٍ على حَرْب المسالم)
فكأنني فيهم لَقِيط قاد من آساد دارم قَالَ جمال الدّين عَليّ بن ظافر غفل عَن نَفسه إش شبهها بِولد زنا قوادٍ وَإِن كَانَ قصد لَقِيط بن زُرَارَة الدَّارمِيّ وقواد الفرسان إِلَى الحروب وَلَكِن تورية اللَّفْظ تُعْطِي مَا ذَكرْنَاهُ وَقَالَ مِنْهَا وتكاوست فِيهَا الأبارق وَهِي قاذفة الحلاقم فَكَأَنَّهَا عصب رعفن فثرن دامية الخياشم قَالَ جمال الدّين عَليّ بن ظافر هَذَا مَأْخُوذ من قَول أبي إِسْحَاق الصَّابِئ)(7/98)
(عروس كرمٍ صفت وَطَابَتْ ... لوناً وطعماً فَمَا تعاف)
(كأنّ إبريقها لديهم ... ناكس رأسٍ بِهِ رُعَاف)
وَقَالَ مِنْهَا
(وَعلا بِنَا سكرٌ أَبى ... إِلَّا الْإِنَابَة للمحارم)
(نرمي قلانسنا لَهُ ... ونجرّ من عذب العمائم)
وترنمت فِيهِ القيان لنا ورجّعت البواغم
(قمنا نصفق بالأكفّ ... لَهَا ونرقص بالجماجم)
قَالَ جمال الدّين عَليّ بن ظافر أَخذه من أبي عُثْمَان الناجم وقصّر عَنهُ فِي قَوْله
(بِأبي أغانٍ علّقت ... أبدا بأفراح النُّفُوس)
تشدو فنزمر بالكؤوس لَهَا ونرقص بالرؤوس وَقَالَ مِنْهَا
(وأغرّ قد لبس الدجى ... بردا فراقك وَهُوَ فَاحم)
يَحْكِي بغرته هِلَال الْفطر لَاحَ لعين صَائِم وكأنما خَاضَ الصَّباح فجَاء مبيضّ القوادم قَالَ جمال الدّين عَليّ بن ظافر أَخذه من قَول ابْن نباتة وقصّر عَنهُ
(وكأنما لطم الصَّباح جَبينه ... فاقتص مِنْهُ فَخَاضَ فِي أحشائه)
وَقَالَ مِنْهَا
(وكأنما أرواقها ... مسودةً أَقْلَام عَالم)
قَالَ ابْن ظافر أَخذه من قَول عدي بن الرّقاع
(تزجي أغنّ كأنّ إبرة روقه ... قلمٌ أصَاب من الدواة مدادها)
وَزَاد ابْن ظافر فِي مؤاخذته فِي هَذِه القصيدة وَفِي مَا أوردته كِفَايَة
3 - (شهَاب الدّين العزازي)
أَحْمد بن عبد الْملك بن عبد الْمُنعم بن عبد الْعَزِيز بن جَامع بن راضي بن جَامع الزازي التَّاجِر بقيسارية جهاركس بِالْقَاهِرَةِ كَانَ مطبوعاً ظريفاً جيد النّظم فِي(7/99)
الشّعْر والموشحات
أَنْشدني من لَفظه الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس قَالَ أَنْشدني شهَاب الدّين العزازي)
لنَفسِهِ بِالْقَاهِرَةِ
(مُنْذُ عشقت الشارعيّ الَّذِي ... بالْحسنِ يغتال ويختال)
(لم يبْق فِي ظَهْري وَلَا راحتي ... تالله لَا مَاء وَلَا مَال)
وأنشدني من لَفظه قَالَ أَنْشدني من لَفظه شهَاب الدّين الْمَذْكُور لنَفسِهِ يمدح سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(دمي بأطلال ذَات الْخَال مطلول ... وجيش صبري مهزومٌ ومفلول)
(وَمن يلاق الْعُيُون الفاتكات بِلَا ... صبرٍ يدافع عَنهُ فَهُوَ مخذول)
(قتلت فِي الحبّ حبّ الغانيات وَمَا ... قارفت ذَنبا وَكم فِي الحبّ مقتول)
(لم يدر من سلب العشاق أنفسهم ... بِأَنَّهُ عَن دم العشاق مسؤول)
وَبِي أغن غضيض الطّرف معتدل القوام لدن مهزّ الْعَطف مجدول
(كَأَنَّهُ فِي تثنيه وخطراته ... غصنٌ من البان مطلولٌ ومشمول)
(سلافةٌ مِنْهُ تسبيني وسالفةٌ ... وعاسلٌ مِنْهُ يُصِيبنِي ومعسول)
(وكل مَا تدّعي أجفان مقلته ... يصحّ إِلَّا غرامي فَهُوَ منحول)
مِنْهَا
(يَا برق كَيفَ الثنايا الغرّ من إضمٍ ... يَا برق أم كَيفَ لي منهنّ تَقْبِيل)
(وَيَا نسيم الصِّبَا كرر على أُذُنِي ... حديثهنّ فَمَا التّكْرَار مملول)
(وَيَا حداة المطايا دون ذِي سلمٍ ... عوجوا وشرقيّ بانات اللوى ميلوا)
مِنْهَا
(منازلٌ لأكفّ الْغَيْث توشيةٌ ... بهَا وللنور توشيعٌ وتكليل)
(كأنّما طيب ريّاها ونفحتها ... بِطيب ترب رَسُول الله مجبول)
(أوفى النَّبِيين برهاناً ومعجزةً ... وَخير من جَاءَهُ بِالْوَحْي جِبْرِيل)
(لَهُ يدٌ وَله باعٌ يزينهما ... فِي السّلم طولٌ وَفِي يَوْم الوغى طول)
مِنْهَا
(سلَّ الْإِلَه بِهِ سَيْفا لملّته ... وَذَلِكَ السَّيْف حَتَّى الْحَشْر مسلول)
(وشاد ركنا أثيلاً من نبوّته ... وَالْكفْر واهٍ وعرش الشّرك مثلول)
)
(ويلٌ لمن جَحَدُوا برهانه وثنى ... عنان رشدهم غيّ وتضليل)
(أُولَئِكَ الخاسئون الخاسرون وَمن ... لَهُم من الله تعذيبٌ وتنكيل)(7/100)
(نمته من هاشمٍ أسدٌ ضراغمةٌ ... لَهَا السيوف نيوبٌ والقنا غيل)
إِذا تفاخر أَرْبَاب العلى فهم الغر المغاوير وَالصَّيْد البهاليل
(لَهُم على الْعَرَب العرباء قاطبةً ... بِهِ افتخارٌ وترجيحٌ وتفضيل)
قومٌ عمائمهم ذلت لعزتها القعساء تيجان كسْرَى والأكاليل وأنشدني من لَفظه الإِمَام الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أنشدن العزازي لنَفسِهِ
(مَا عذر مثلك والركاب تساق ... أَلا تفيض بدمعك الآماق)
(فأذل مصونات الدُّمُوع فَإِنَّمَا ... هِيَ سنةٌ قد سنّهَا العشاق)
(ولربّ دمعٍ خَان بعد وفائه ... مذ حَان من ذَاك الْفَرِيق فِرَاق)
(ووراء ذيّاك العذيب منيزلٌ ... لعبت بقلبك نَحوه الأشواق)
(خُذ أَيمن الْوَادي فكم من عاشقٍ ... فتكت بِهِ من سربه الأحداق)
(واحفظ فُؤَادك إِن هفا برق الْحمى ... أَو هبّ مِنْهُ نسيمه الخفّاق)
وَمن شعره
(تعشقته سَاحر المقلتين ... كبدرٍ يلوح وغصنٍ يمِيل)
(إِذا احمرّ من وجنتيه الأسيل ... واحورّ من مقلتيه الكحيل)
(فَقل للشقائق مَاذَا تَرين ... وللنرجس الغضّ مَاذَا تَقول)
(وَقَالُوا ذبولٌ بأعطافه ... فَقلت يزين الْقَنَاة الذبول)
(وعابوا تمرض أجفانه ... فَقلت أصحّ النسيم العليل)
قلت مَا هَذَا الْبَيْت الْأَخير فِي صِحَة الَّذِي قبله لِأَن ذبول الْقَنَاة مناسبٌ للأعطاف وَأما النسيم فَمَا يُنَاسب مرض الجفن
وَكتب العزازي إِلَى نَاصِر الدّين ابْن النَّقِيب ملغزاً فِي شَبابَة وَأحسن فِي ذَلِك
(وَمَا صفراء شاحبةٌ وَلَكِن ... يزينها النضارة والشباب)
(مكتبةٌ وَلَيْسَ لَهَا بنانٌ ... منقبةٌ وَلَيْسَ لَهَا نقاب)
(تصيخُ لَهَا إِذا قبّلت فاها ... أحاديثاً تلذّ وتستطاب)
)
(ويحلو الْمَدْح والتشبيب فِيهَا ... وَمَا هِيَ لَا سعاد وَلَا الربَاب)
فَأَجَابَهُ نَاصِر الدّين عَن ذَلِك بقوله
(أَتَت عجميةً أعربت عَنْهَا ... لسلمانٍ يكون لَهَا انتساب)
(وَيفهم مَا تَقول وَلَا سؤالٌ ... إِذا حققت ذَاك وَلَا جَوَاب)
(يكَاد لَهَا الجماد يهزّ عطفا ... ويرقص فِي زجاجته الْحباب)(7/101)
وَقَالَ الشهَاب العزازي ملغزاً فِي الْقوس والنشاب مَا عَجُوز كَبِيرَة بلغت عمرا طَويلا وتتقيها الرِّجَال قد علا جسمها صفارٌ وَلم تشك سقاماً وَلَا عراها هزل
(وَلها فِي الْبَنِينَ سهمٌ وقسمٌ ... وبنوها كبار قدٍ نبال)
(وأراها لم يشبهوها فَفِي الأمّ ... اعوجاجٌ وَفِي الْبَنِينَ اعْتِدَال)
وَقَالَ
(قَالَ لي من أحبه عِنْد لثمي ... وجناتٍ يحدّث الْورْد عَنْهَا)
خلّ عني أما شبعت فناديت رَأَيْت الْحَيَاة يشْبع مِنْهَا وَقَالَ
(جعلت يَوْم قارةٍ كلّ وجهٍ ... شدَّة الْبرد وَهُوَ للقار يَحْكِي)
وأسالت منا الدُّمُوع فَمَا زلنا بهَا فِي منَازِل النبك نبكي ووقفت على ديوَان العزازي وَهُوَ فِي مجلدين الشّعْر فِي مُجَلد والموشح فِي مُجَلد فَمن موشحاته قَوْله يُعَارض أَحْمد بن حسن الْموصِلِي وَقد تقدم ذكره وسقت الموشح هُنَاكَ
(يَا لَيْلَة الْوَصْل وكأس الْعقار دون استتار ... علمتماني كَيفَ خلع العذار)
اغتنم اللَّذَّات قبل الذّهاب وجرّ أذياك الصِّبَا والشباب واشرب وَقد طابت كؤوس الشَّرَاب
(على خدودٍ تنْبت الجلنار ذَات احمرار ... طرّزها الْحسن بآس العذار)
الراح لَا شكّ حَيَاة النُّفُوس فحلِّ مِنْهَا عاطلات الكؤوس)
واستجلها بَين الندامى عروس
(تجلى على خطابها فِي إِزَار من ... النضار حبابها قَامَ مقَام النثار)
أما ترى وَجه الهنا قد بدا وطائر الْأَشْجَار قد غرّدا وَالرَّوْض قد وشاه قطر الندى
(فكمّل اللَّهْو بكاسٍ تدار على افترار ... مباسم النوّار غبّ القطار)
اجن من الْوَصْل ثمار المنى وواصل الكاس بِمَا أمكنا(7/102)
مَعَ طيب الريقة حُلْو الجنى
(بمقلةٍ أفتك من ذِي الفقار ذَات احورار ... منصورة الأجفان بالإنكسار)
زار وَقد حلّ عُقُود الجفا وافترّ عَن ثغر الرضى والوفا فَقلت وَالْوَقْت لنا قد صفا
(يَا لَيْلَة أنعم فِيهَا وزار شمس النَّهَار ... حييت من بَين اللَّيَالِي الْقصار)
وَقَول العزازي أَيْضا
(مَا على من هام وجدا بذوات الحلى ... مبتلى بالحدق السود وبيض الطلى)
باللوى مليّ حسنٍ لديوني لوى كم نوى قَتْلِي وَكم عذّبني بالنوى قد هوى فِي حبه قلبِي بِحكم الْهوى
(واصطلى نَار تجنيّه ونار القلى ... كَيفَ لَا يذوب من هام بريم الفلا)
(هَل ترى ... يجمعنا الدَّهْر وَلَو فِي الْكرَى)
(أم ترى ... عَيْني محيا من لجسمي بَرى)
(بالسرى ... يَا حاديي ركبٍ بليلي سرى)
(عللا قلبِي بتذكار اللقا علّلا ... وانزلا دون الْحمى حييّ الْحمى منزلا)
(بِي رشا ... دمعي بسرّي فِي هَوَاهُ فَشَا)
)
(لَو يشا ... برّد مني جمرات الحشا)
(مَا مَشى ... إِلَّا انثنى من سكره وانتشى)
(عطلا من الحميّا يَا مدير الطّلا ... مَا حلا إِذا أَرَادَ النَّاظر الأكحلا)
(هَل يلام ... من غلب الْحبّ عَلَيْهِ فهام)
(مستهام ... بفاتر اللحظ رَشِيق القوام)
(ذِي ابتسام ... أحسن نظماً من حباب المدام)
(لَو ملا من رِيقه كأساً لأحيا الملا ... أَو جلا وَجها رَأَيْت الْقَمَر المجتلى)
(لَو عَفا ... قَلْبك عَمَّن زلّ أَو من هفا)
(أَو صفا ... مَا كَانَ كالجلمد أَو كالصفا)
(بالوفا ... سل عَن فَتى عذّبته بالجفا)
(هَل خلا فُؤَاده من خطرات الولا ... أَو سلا أَو خَان ذَاك الموثق الأوّلا)(7/103)
وَقَالَ العزاري أَيْضا يُعَارض أَحْمد بن حسن الْموصِلِي
(مَا سلت الْأَعْين الفواتر ... من غمد أجفانها الصفاح)
(إِلَّا أسالت دم الْحَنَاجِر ... من غير حربٍ وَلَا كفاح)
(تالله مَا حرّك السواكن ... غير الظباء الجآذر)
(لما استجاشت بِكُل طَاعن ... من القدود النواظر)
(وفوقت أسْهم الكنائن ... من كل جفنٍ وناظر)
(عربٌ إِذا صحن يَا لعامر ... بَين سَرَايَا من الملاح)
(طلت علينا من المحاجر ... طلائعٌ تحمل السِّلَاح)
(أحبب بِمَا تطلع الْجُيُوب ... مِنْهَا وَمَا تبرز الكلل)
(من أقمرٍ مَا لَهَا مغيب ... وأغصنٍ زانها الْميل)
(هَيْهَات أَن تعدل الْقُلُوب ... عَنْهَا وَلَو جارت الْمقل)
(لما توشحن بالغدائر ... سفرن عَن أوجهٍ صباح)
(فَانْهَزَمَ اللَّيْل وَهُوَ عاثر ... بذيله واختفى الصَّباح)
(وأهيفٍ ناعم الشَّمَائِل ... تهزّه نسمَة الشمَال)
)
(فينثني كالقضيب مائل ... كَمَا انثنى شاربٌ وَمَال)
(لَهُ عذارٌ كالندّ سَائل ... لله كم من دمٍ أسَال)
(شقّت على نبته المرائر ... من دَاخل الْأَنْفس الصِّحَاح)
(تكلّ فِي وَصفه الخواطر ... وتخرس الألسن الفصاح)
(ظبيٌ إِلَى الْأنس لَا يمِيل ... الشَّمْس والبدر من حلاه)
(وَالْحسن قَالُوا وَلم يَقُولُوا ... مبداه مِنْهُ ومنتهاه)
(وطرفه الناعس الكحيل ... هَيْهَات من سَيْفه النجاه)
(أذلَ بالسرح كلّ سَاحر ... فَهُوَ لَهُ خافض الْجنَاح)
(يجول فِي بَاطِن الضمائر ... كَمَا يجول القضا المتاح)
(أما ترى الصُّبْح قد تطلّع ... مذ غمّضت أعين الغسق)
(والبدر نَحْو الْغُرُوب أسْرع ... كهاربٍ ناله فرق)
(والبرق بَين السَّحَاب يلمع ... كصارمٍ حِين يمتشق)
(وتحسب الأنجم الزواهر ... أسنّةً أَلْقَت الرماح)
(فَانْهَزَمَ النَّهر وَهُوَ سَائِر ... فدرّعته يَد الرِّيَاح)(7/104)
وَأما موشحة الْموصِلِي فَهِيَ
(رنا بأجفانه الفواتر ... وَقد تثنى زين الملاح)
(فسلّ من طرفه بواتر ... وهزّ من عطفه رماح)
(ناظره جرّد المهنّد ... وغمده مني الحشا)
(وعامل القدّ فَهُوَ أملد ... يطعن للقلب إِذْ مَشى)
(والعارض الْقَائِم المزرّد ... لفتنة النَّاس قد نشا)
(والحاجب الْقوس بالفواتر ... لنبله فِي الحشا جراح)
(ومشرف الصدغ فَهُوَ جَائِر ... سُلْطَانه للدما أَبَاحَ)
(فجفنه الفاتك الْكِنَانِي ... من ثغلٍ راش لي نبال)
(وَهُوَ الخفاجيّ قد غزاني ... وَوَجهه من بني هِلَال)
(عبسيّ لحظٍ لَهُ سباني ... جسمٌ زبيديّ بالدلال)
)
(والردف يدعى من آل عَامر ... وواضح الصَّلْت من صباح)
(وخصره من هتيم ضامر ... يَدُور من حوله وشاح)
(فوجهه جنةٌ وكوثر ... رضابه العذب لي حلا)
(وَالنَّار فِي وجنتيه تسعر ... وَالْخَال حبا لَهَا اصطلى)
(عجبت من خَاله المعنبر ... إِذْ يعبد النَّار كَيفَ لَا)
(يحرق بالنَّار وَهُوَ كَافِر ... وَمَا سقِِي رِيقه القراح)
(كَامِل حسنٍ مَعْنَاهُ وافر ... بسيط وصف كالمسك فاح)
(مَا اخضرّ نبت العذار إِلَّا ... بآسه سيّج الشَّقِيق)
(وَهُوَ كنملٍ سعو وولّى ... وَلم يجد للجنى طَرِيق)
(من رِيقه الْبَدْر إِذْ تجلّى ... فِي هَالة الْعَارِض الأنيق)
(لما تبدى بِالْوَجْهِ دَار ... وحيّر الْعقل حِين لَاحَ)
(شقَّ على خَدّه المرائر ... وقطّع الْأَنْفس الصِّحَاح)
(وربّ يومٍ أَتَى وحيّا ... بِالنَّجْمِ وَالشَّمْس وَالْقَمَر)
(بالكاس والراح والمحيّا ... ثلاثةٌ تفتن الْبشر)
(وَقَالَ قُم يَا نديم هيّا ... اقْضِ بِنَا لَذَّة الوطر)
(فالحمر تجلى على المزاهر ... من اغتباقٍ إِلَى اصطباح)
(وطافت الراح بالمجامر ... من عنبر الزهر فِي البطاح)(7/105)
3 - (أَبُو صَالح الْحَافِظ الْمُؤَذّن)
أَحْمد بن عبد الْملك بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الصَّمد بن بكر أَبُو صَالح النَّيْسَابُورِي الْمُؤَذّن الْحَافِظ الصُّوفِي مُحدث نيسابور توفّي سنة سبعين وَأَرْبع مائَة قَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ رَآهُ بعض الصَّالِحين لَيْلَة وَفَاته وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَخذ بِيَدِهِ وَقَالَ لَهُ جَزَاك الله خيرا فَنعم مَا أَقمت بحقّي وَنعم مَا أدّيت من قولي ونشرت من سنتي وَكَانَ عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد فِي الودائع من كتب الحَدِيث الْمَجْمُوعَة فِي الخزائن الموروثة عَن الْمَشَايِخ الْمَوْقُوفَة على أَصْحَاب الحَدِيث وَكَانَ يصونها ويتعهد حفظهَا ويتولى أوقاف المحدّثين من الحبر وَالْوَرق وَغير ذَلِك وأذّن على مَنَارَة الْمدرسَة البيهقية سِنِين احتساباً وَوعظ وَكَانَ يَأْخُذ صدقَات التُّجَّار والرؤساء)
ويوصلها إِلَى ذَوي الْحَاجَات وَإِذا فرغ جمع وصنّف وَأفَاد وَكَانَ حَافِظًا ثِقَة ديّناً خيرا كثير السماع وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَعمل تَارِيخ مرو وَكتب عَن الْخَطِيب وَكتب الْخَطِيب عَنهُ
3 - (أَبُو سعيد الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن أبي طَالب الشعيري أَبُو سعيد الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل أَصْبَهَان البغداذي تفقه وَسمع الحَدِيث من الْحَافِظ أبي مُوسَى وأقرانه وَقَرَأَ الْأَدَب وَصَحب الْعلمَاء وَجلسَ للوعظ وَكَانَ فَقِيها فَاضلا حسن الْمعرفَة بالأدب متديناً صَالحا جميل الطَّرِيقَة صبوراً حسن الْأَخْلَاق متودّداً مولده سنة تسع وَخمسين وَخمْس مائَة وَكَانَ حيّاً بأصبهان سنة عشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو الْفضل الميهني)
أَحْمد بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن طَاهِر بن سعيد بن فضل الله الميهني أَبُو الْفضل ابْن أبي الْفَضَائِل من أَوْلَاد الْمَشَايِخ أَرْبَاب الطَّرِيقَة وأعيان الصُّوفِيَّة ولي مشيخة الرِّبَاط الناصري المجاور لتربة الْجِهَة السلجوقية ورباط الْحَرِيم ببغداذ وَرَأى من الجاه والتقدم والرفعة مَا لم يره أحد من أَمْثَاله وَكَانَ سمع أَبَاهُ وَأحمد بن مُحَمَّد بن الرَّحبِي والكاتبة شهدة قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ على عسر كَانَ فِيهِ ونكد وحمق وَكبر وجهمةٍ وَسُوء عقيدة وَكَانَ مَذْمُوم الطَّرِيقَة والسيرة عَفا الله الله عَنَّا وَعنهُ وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وست مائَة
3 - (ركن الدّين الصُّوفِي المعمر)
أَحْمد بن عبد الْمُنعم بن أبي الْغَنَائِم الشَّيْخ المعمر الْمُقْرِئ كَبِير الصُّوفِيَّة ركن الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْقزْوِينِي الصُّوفِي الشَّافِعِي ولد سنة إِحْدَى وست مائَة وَسمع من أبي بكر بن الخازن ببغداذ وَأبي الْحسن السخاوي بِدِمَشْق وَجَمَاعَة وَخرجت لَهُ عوالٍ فِيهَا بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّة عَن أبي جَعْفَر الصيدلاني وَذَوِيهِ وَكَانَ تَامّ الشكل مُحكم البنية سمع عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين مُسْند الشَّافِعِي وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبع مائَة(7/106)
3 - (الشريشي شَارِح المقامات)
أَحْمد بن عبد الْمُؤمن بن مُوسَى الْقَيْسِي أَبُو الْعَبَّاس الشريشي النَّحْوِيّ جلس للإقراء فِي الْعَرَبيَّة قَالَ ابْن الْأَبَّار لَهُ شرح الْإِيضَاح لأبي عَليّ وَشرح المقامات صنف لَهَا ثَلَاثَة شُرُوح سَمِعت مِنْهُ وَأَجَازَ لي توفّي سنة تسع عشرَة وست مائَة)
3 - (الدفوفي الْمُحدث)
أَحْمد بن عبد النصير بن بِنَا بن سُلَيْمَان الشَّيْخ الْمُحدث شهَاب الدّين أَبُو البركات ابْن الدفوفي الْمصْرِيّ الْمُقْرِئ ولد سنة عشْرين وَسمع من ابْن رواج وَابْن الجميزي وَابْن الْحباب وسبط السلَفِي وَمن بعدهمْ من أَصْحَاب البوصيري وَغَيره وعني بِالْحَدِيثِ وَكتب وَنسخ الْكثير وخطه مَعْرُوف وَكَانَ من الْمَشْهُورين بِالطَّلَبِ وَضبط الْأَسْمَاء وَكَانَ نَقِيبًا للطلبة بالظاهرية والمنصورية وَنسخ كتبا كبارًا مِنْهَا حلية الْأَوْلِيَاء لأبي نعيم وروى عوالي مسموعاته سمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة
3 - (ابْن عبد الْهَادِي)
أَحْمد بن عبد الْهَادِي الْمَقْدِسِي سمع من ابْن البُخَارِيّ وَمن الشَّيْخ شمس الدّين ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وست مائَة وَأَجَازَ لي بخطّه سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائةٍ بِدِمَشْق
3 - (ابْن زُرَيْق الْقَزاز)
أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن الْحسن بن منَازِل الشَّيْبَانِيّ أَبُو الْعَبَّاس الْقَزاز يعرف بِابْن زُرَيْق الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ أَخُو أبي غَالب مُحَمَّد سمع مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَعبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَابْن النقور وَأَبا الْقَاسِم الْأنمَاطِي والخطيب أَبَا بكر وَغَيرهم وروى عَنهُ أَبُو المعمر الْمُبَارك الْأنْصَارِيّ توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (وَالِد الْفَخر عَليّ بن البُخَارِيّ)
أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الْمَعْرُوف بالبخاري وَالِد الْفَخر عَليّ وأخو الْحَافِظ الضياء رَحل إِلَى بغداذ وَسمع وروى وَكَانَ فَقِيها ورعاً ثِقَة لم يكن فِي المقادسة أفْصح مِنْهُ أَقَامَ بحمص مُدَّة وَدفن إِلَى جَانب خَاله الإِمَام موفق الدّين لما مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وست مائَة
3 - (تَقِيّ الدّين الجوراني)
أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن مري بن عبد الْوَاحِد الشَّيْخ الزَّاهِد تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الحوراني ولد سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسمع بحلب من الافتخار وَحدث روى عَنهُ الدمياطي والشريف عز الدّين والدواداري وَرَضي الطَّبَرِيّ وَهَذِه الطَّبَقَة وَكَانَ فَقِيها شافعياً عَارِفًا بالفرائض جَامعا بَين الْعلم وَالْعَمَل صَاحب تجرد وَانْقِطَاع وأورادٍ ولي(7/107)
إِعَادَة المستنصرية)
ببغداذ ثمَّ تزهد وَأَقْبل على شَأْنه وجاور بِمَكَّة وَكَانَ يحطّ على ابْن سبعين وينكر طَرِيقه وَابْن سبعين يرميه بالتجسيم توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة سبع وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (ابْن عبود الدِّمَشْقِي)
أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن عبود الدِّمَشْقِي توفّي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (البتي الْكَاتِب)
أَحْمد بن عبد الْوَلِيّ أَبُو جَعْفَر البتي الْكَاتِب ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَقَالَ ذكره ابْن الزبير فِي الْجنان وَأورد لَهُ أشعاراً مِنْهَا
(غصبت الثريا فِي البعاد مَكَانهَا ... وأودعت فِي عينيَّ صَادِق نوئها)
(وَفِي كل حالٍ لم تزالي بخيلةً ... فَكيف أعرت الشَّمْس حلَّة ضوئها)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(صدني عَن حلاوة التشييع ... اجتنابي مرَارَة التوديع)
(مَا يَفِي أنس ذَا بوحشة هَذَا ... فَرَأَيْت الصَّوَاب ترك الْجَمِيع)
3 - (قَاضِي البندنيجين الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن دِينَار الْأَصْغَر بن مُحَمَّد بن دِينَار الْأَكْبَر بن باه بن بوه بن أَشك بن ششك بن زَاذَان فروخ بن كسْرَى أنوشروان أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي يعلى من أهل البندنيجين كَانَ قاضيها وَسكن بغداذ وتفقه على الْمَذْهَب الشَّافِعِي وَسمع هبة الله بن الْحصين وَحدث عَنهُ باليسير توفّي فِي حُدُود سنة خمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مَنْصُور الْوَاعِظ)
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن مُوسَى الشِّيرَازِيّ أَبُو مَنْصُور الشَّافِعِي الْوَاعِظ قَرَأَ الْفِقْه على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَكَانَ مليح الْوَعْظ يغسّل الْمَوْتَى سمع أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَبدُوس السراج وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَغَيرهمَا روى مُحَمَّد بن طَاهِر الْحَافِظ الْمَقْدِسِي فِي مُعْجم الْبلدَانِ أَنه توفّي فِي سنة الجرف طعن من رَوَائِح الْمَوْتَى الَّذين غسلهم وَخلف من سلب الْمَوْتَى شَيْئا كثيرا توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة(7/108)
3 - (أَبُو عمر الْقُرْطُبِيّ الشَّافِعِي)
)
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن يُونُس أَبُو عمر الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي تلميذ عبيد الشَّافِعِي كَانَ ذكياً عَالما بالاختلاف لسناً مناظراً نحوّياً لغويّاً وينسب إِلَى الاعتزال توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن السيبي)
أَحْمد بن عبد الوهَّاب بن هبة الله بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن يحيى بن السيبي أَبُو البركات ابْن أبي الْفرج ابْن أبي الْحسن كَانَت لَهُ معرفَة بالأدب وَالشعر تولى تَأْدِيب أَوْلَاد المتسظهر فَحصل لَهُ أنس بِالْإِمَامِ المسترشد فَلَمَّا ولي الْخلَافَة ولاه النّظر فِي المخزن وَالْوكَالَة فِي جَمِيع تَصَرُّفَاته فقبقي على الْولَايَة سنة وَثَمَانِية أشهر وأياماً وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَخمْس مائَة صلى عَلَيْهِ الْوَزير أَبُو عَليّ بن صَدَقَة وأرباب الدولة وَبلغ من الْعُمر سِتا وَخمسين سنة وَثَلَاثَة أشهر وخلّف مَالا كثيرا قيل إِن مبلغه مائَة ألف دِينَار وَأوصى بِثُلثي مَاله وأوقف وقوفاً على مَكَّة وَالْمَدينَة وَكَانَ كثير الصَّدَقَة يتفقد الْفُقَرَاء بالحرمين وَأهل الْعلم سمع الحَدِيث من عبد الله الصريفيني وَابْن النقور وَعلي بن أَحْمد البشري وَغَيرهم وَحدث باليسير روى عَنهُ المقتفي لأمر الله وَأَبُو بكر بن كَامِل فِي مُعْجم شُيُوخه
3 - (عَلَاء الدّين ابْن بنت الْأَعَز الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن خلف بن مَحْمُود بن بدر العلامي عَلَاء الدّين الْمَعْرُوف بِابْن بنت الْأَعَز أَخْبرنِي من لَفظه الْإِمَامَة الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ درس الْمَذْكُور بالكهارية والقطبية وَتَوَلَّى الْحِسْبَة بِأخرَة وَكَانَ لَهُ معرفَة بالأدب وتقييده وَكَانَ فصيح الْعبارَة جميل الصُّورَة حسن الشارة فِيهِ إِحْسَان وَمَكَارِم ومروءة لطيف المزاج كثير التبسم شهماً جزلاً حج وَدخل الْيمن ترددت إِلَيْهِ مرَارًا بِالْقَاهِرَةِ واستدعانا يَوْمًا لمأدبة صنعها لنا بالروضة وَحضر مَعنا القَاضِي فَخر الدّين ابْن صدر الدّين المارداني فَرَأَيْنَا شَابًّا حسنا يسبح فتلطخ بِالتُّرَابِ فَقَالَ لنا القَاضِي عَلَاء الدّين لينظم كل منا فِي هَذَا الشَّاب شَيْئا فَقَامَ كل منا إِلَى نَاحيَة وَانْفَرَدَ فنظمنا نظماً قريب الِاتِّفَاق وَلم يطّلع أحد منا على مَا نظم صَاحبه إِلَى أَن أكمل كل منا مَا نظمه وَكَانَ الَّذِي نظمه القَاضِي عَلَاء الدّين
(ومتربٍ لَوْلَا التُّرَاب بجسمه ... لم تبصر الْأَبْصَار مِنْهُ منْظرًا)
(وَكَأَنَّهُ بدرٌ عَلَيْهِ سحابةٌ ... والترب ليلٌ من سناه أقمرا)
)
وَكَانَ الَّذِي نظمه فَخر الدّين
(ومتربٍ تربت يدا من حازه ... كقضيبٍ تبرٍ ضمّخوه بعنبر)(7/109)
(وَكَأن طرّته وَنور جَبينه ... ليلٌ أطلّ على صباحٍ أنور)
وَكَانَ الَّذِي نظمته يَعْنِي الشَّيْخ أثير الدّين نَفسه
(ومترّبٍ قد ظن أَن جماله ... سيصونه منا بتربٍ أعفر)
(فغدا يضمخه فَزَاد ملاحةً ... إِذْ قد حوى لَيْلًا بصبح أنور)
(وكأنما الْجِسْم الصَّقِيل وتربه ... كافورةٌ لطخت بمسكٍ أذفر)
قلت أحسن هَذِه المقاطيع قَول عَلَاء الدّين ابْن بنت الْأَعَز وَأما مَقْطُوع فَخر الدّين فَفِي الثَّانِي فَسَاد الْمَعْنى لِأَن اللَّيْل مَا يطلّ على الصَّباح وَإِنَّمَا اللَّيْل يطلّ على النَّهَار والصباح يطلّ على اللَّيْل قَالَ الْعَلامَة أثير الدّين وحضرنا مرّة أُخْرَى مَعَ الْمَذْكُور بالروضة فَكتب لي وَوَجهه مَعَ بعض غلمانه
(حييت أثير الدّين شيخ الأدبا ... أَقْْضِي حقّاً لَهُ كَمَا قد وجبا)
(حيّيت فَتى بطاق آسٍ نضرٍ ... كالقدّ بدا ملئت مِنْهُ طَربا)
فَأَنْشَدته
(أهْدى لنا غصناً من ناضر الآس ... أقضى الْقُضَاة حَلِيف الْجُود والباس)
(لما رأى سقمي أهداه مَعَ رشأ ... حُلْو التثني فَكَانَ الشافي الآسي)
وأنشدني من لَفظه قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(تعطّلت فابيضّت دواتي لحزنها ... ومذ قلّ مَا لي قلّ مِنْهَا مدادها)
(وَلِلنَّاسِ مسودّ اللبَاس حدادهم ... ولكنّ مبيضّ الدواة حدادها)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(فِي السمر معانٍ لَا ترى فِي الْبيض ... تالله لقد نصحت فِي تعريضي)
(مَا الشهد إِذا طعمته كاللبن ... يَكْفِي فطناً محَاسِن التَّعْرِيض)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(وَقُولُوا بالعذار تسلّ عَنهُ ... وَمَا أَنا عَن غزال الْحسن سَالَ)
(وَإِن أبدت لنا خدّاه مسكاً ... فإنّ الْمسك بعض دم الغزال)
)
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قدم دمشق وَولي تدريس الظَّاهِرِيَّة والقيمرية وَكَانَ مليح الشكل لطيف الشَّمَائِل يتحنك بطيلسانه ويركب البغلة ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَأقَام بهَا مديدةً وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة وَهُوَ أَخُو الْأَخَوَيْنِ قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد صدر الدّين وقاضي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن
3 - (النويري)
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْكَرِيم شهَاب الدّين النويري المحتد(7/110)
القوصي المولد سمع على الشريف مُوسَى بن عَليّ بن أبي طَالب وعَلى يَعْقُوب بن أَحْمد وَأحمد الحجّار وَزَيْنَب بنت منجا وقاضي الْقُضَاة ابْن جمَاعَة وَغَيرهم وَكتب كثيرا كتب البُخَارِيّ مراتٍ وَجمع تَارِيخا كَبِيرا فِي ثَلَاثِينَ مجلداً رَأَيْته بِخَطِّهِ حصل لَهُ قربٌ من السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد ووكله فِي بعض أُمُوره وَعمل عَلَيْهِ حَتَّى رَافع ابْن عبَادَة وَهُوَ الَّذِي قربه من السُّلْطَان فَضرب بالمقارع ثمَّ عَفا عَنهُ ابْن عبَادَة وتقلب فِي الخدم وباشر نظر الْجَيْش بطرابلس وَنظر الدِّيوَان بالدقهلية والمرتاحية قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ ذكي الْفطْرَة حسن الشكل فِيهِ مكرمَة وأريحية وودّ لأَصْحَابه صَامَ شهر رَمَضَان وَهُوَ كل يَوْم بعد الْعَصْر يستفتح قِرَاءَة الْقُرْآن إِلَى قريب الْمغرب ثمَّ حصل لَهُ وجع فِي أَطْرَاف أَصَابِع يَدَيْهِ كَانَ سَبَب مَوته فِي شهر رَمَضَان الْحَادِي وَالْعِشْرين سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَله نظم ونثر
3 - (الْحَافِظ الشِّيرَازِيّ)
أَحْمد بن عَبْدَانِ بن مُحَمَّد بن الْفَرح أَبُو بكر الشِّيرَازِيّ الْحَافِظ نزيل الأهواز من كبار أَئِمَّة الحَدِيث سَأَلَهُ يُوسُف بن حَمْزَة عَن الرِّجَال وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الضَّبِّيّ)
أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه كَانَ ثِقَة نبيلاً توفّي فِي شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عصيدة النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن عبيد بن نَاصح بن بلنجر الديلمي البغداذي بِأبي عصيدة النَّحْوِيّ لَهُ مَنَاكِير وَكَانَ من أَئِمَّة الْعَرَبيَّة توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ من(7/111)
موَالِي بني هَاشم حدث عَن الْوَاقِدِيّ)
والأصمعي وَأبي دَاوُد والطنافسي وَزيد بن هَارُون وَغَيرهم وروى عَنهُ الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن بشار الْأَنْبَارِي وَأحمد بن حسن بن شهير وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق كَانَ أَبُو عصيدة وَابْن قادم يؤدبان ولد المتَوَكل وَكَانُوا قد جمعوهما ومعهما الطوَال وَغَيره فَقَالُوا لَهُم تَذَاكَرُوا ليظْهر فَضلكُمْ فَألْقوا بَينهم بَيت ابْن عنقاء الْفَزارِيّ
(ذَرِينِي إِنَّمَا خطأي وصوبي ... عليَّ وَإِن مَا أنفقت مَال)
فَقَالُوا ارْتَفع مَال بإنما إِذْ كَانَت بِمَعْنى الَّذِي وسكتوا فَقَالَ لَهُم أَبُو عصيدة من آخر النَّاس هَذَا الْإِعْرَاب فَمَا الْمَعْنى فأحجم النَّاس عَن القَوْل فَقيل لَهُ فَمَا عنْدك فَقَالَ أَرَادَ مَا لومك إياك وَإِنَّمَا أنفقت مَال وَلم أنْفق عرضا فَالْمَال لَا ألام على إِنْفَاقه فَجَاءَهُ خَادِم من صدر الْمجْلس فَأخذ بِيَدِهِ حَتَّى تخطأ بِهِ إِلَى أَعْلَاهُ وَقَالَ لَهُ لَيْسَ هَذَا موضعك فَقَالَ لِأَن أكون فِي مجْلِس أرتفع مِنْهُ إِلَى أَعْلَاهُ أحب إليّ من أَن أكون فِي مجْلِس أحط عَنهُ فاختير هُوَ وَابْن قادم
وَلما أَرَادَ المتَوَكل أَن يعْقد للمعتز ولَايَة الْعَهْد حطه أَبُو عصيدة عَن مرتبته قَلِيلا وَأخر غداءه قَلِيلا فَلَمَّا كَانَ وَقت الِانْصِرَاف قَالَ للخادم احمله فَحَمله فَضَربهُ لغير ذَنْب فَكتب بذلك إِلَى المتَوَكل فَأحْضرهُ وَقَالَ لم فعلت هَذَا بالمعتز فَقَالَ بَلغنِي مَا عزم عَلَيْهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ فحططت مَنْزِلَته ليعرف هَذَا الْمِقْدَار فَلَا يعجل بِزَوَال نعْمَة أحد وأخرت غداءه ليعرف مِقْدَار الْجُوع إِذا شكي إِلَيْهِ وضربته لغير ذَنْب ليعرف مِقْدَار الظُّلم فَلَا يعجل على أحد فَقَالَ المتَوَكل أَحْسَنت وَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم ثمَّ لحقه رَسُول قبيحة بِعشْرَة أُخْرَى فَانْصَرف بِعشْرين ألفا وَله من المصنفات كتاب الْمَقْصُور والممدود كتاب الْمُذكر والمؤنث عُيُون الْأَخْبَار والأشعار كتاب الزِّيَادَات فِي مَعَاني الشّعْر لِابْنِ السّكيت فِي إِصْلَاحه
3 - (ابْن عبيد)
أَحْمد بن عبيد قَالَ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء من الْأَبْنَاء معتمديّ أغري بضرطة وهب بن سُلَيْمَان يَقُول فِيهَا الْأَشْعَار فَمن ذَلِك
(تواضع من وهبنا نبله ... وطأطأ من علوه سفله)
(فَكيف يعز فَتى لم يزل ... يذلّل من قَوْله فعله)
(ضراطك يَا وهب عِنْد الْوَزير ... ضراط امرئٍ قد دنا عَزله)
3 - (الدسكري البغداذي)
)
أَحْمد بن عُبَيْدَة بن أَحْمد أَبُو الْعَبَّاس الصُّوفِي البغداذي سَافر إِلَى خرسان وَدخل نوقان طوس وَسمع بهَا مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد النوقاني وَسمع بنيسابور الْأُسْتَاذ عبد الْكَرِيم بن هوزان الْقشيرِي وَحدث بنيسابور ونوقان وروى عَنهُ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عَليّ الهمذاني فِي مشيخته وَأَبُو سعد مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الْخَلِيل النوقاني فِي أَمَالِيهِ
3 - (الخصيبي الْكَاتِب)(7/112)
أَحْمد بن عبيد الله بن أَحْمد بن الخصيب أَبُو الْعَبَّاس الْكَاتِب الخصيبي كَانَ جده أَحْمد بن الخصيب وزيراً للمستنصر وَتقدم ذكره وَأحمد هَذَا ولي الوزارة للمقتدر يَوْم الْخَمِيس لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت من شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث عشرَة وَثَلَاث مائَة والدواوين وخلع عَلَيْهِ ثمَّ عزل يَوْم الْخَمِيس لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْقعدَة سنة أَربع عشرَة وَثَلَاث مائَة فَكَانَت وزارته سنة وَاحِدَة وشهرين ثمَّ ولي الوزارة للقاهر بن المتضد فِي نصف ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَلم يزل على الوزارة إِلَى أَن خلع القاهر فِي سادس جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة فَكَانَت وزارته خَمْسَة أشهر وَعشْرين يَوْمًا وَكَانَ أَولا يكْتب للسيدة أم المقتدر ولثمل القهرمانة وَكَانَ أنعم النَّاس عَيْشًا وأنفذهم أمرا يحكم على الوزراء ويضطرون إِلَى مداراته وأحبت لَهُ ثمل القهرمانة الوزارة فَلَمَّا وَليهَا لم يمض عَلَيْهِ أُسْبُوع حَتَّى شغب عَلَيْهِ الْجند وطالبوه الأرزاق ورموا طيّاره بالنشاب وَصَارَت المشغبة إِلَى بَاب دَاره فَقَالَ لعن الله من أَشَارَ عليّ بِالدُّخُولِ فِي هَذَا قَالَ الصولي وَكَانَ صَالح الْأَدَب حسن الْعقل سَاكن الطَّبْع مليح الْخط حسن البلاغة يذاكر بالأخبار والأشعار وَكَانَ أَمينا غير خائن فِي مَال السُّلْطَان قَالَ لي أَبُو عَليّ الْحسن بن هَارُون وَكَانَ يكْتب لِابْنِ أبي الصَّباح حملت إِلَى الخصيبي مائَة ألف دِينَار هَدِيَّة من ابْن أبي الصَّباح وحرصت بِهِ كل الْحِرْص فِي قبُولهَا فَمَا وضع يَده على دِرْهَم وَقَالَ كل مَا أَرَادَ مني بعد قبولي لَهَا فَأَنا أبلغه لَهُ بُلُوغ من أَخذ مِنْهُ هَذِه وأضعافها فليستعن بهَا فِي مؤونته فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَيْهَا وَإِلَى غَيرهَا قَالَ الصولي وَكَانَ يَحْكِي عَن أبي العيناء ويحفظ عَنهُ أَخْبَارًا كَثِيرَة وَكَانَ ابْن أبي الْفرج ينشدني أشعاراً وَيَقُول أَجدهَا بِخَطِّهِ وفيهَا آثَار تدل على أَنه عَملهَا فَمِنْهَا قَوْله
(من مبلغٌ عني الَّتِي ... نفس المحبّ فداؤها)
أَنِّي اعتللت فَلم تعدني والشفاء لقاؤها)
(يَا دَاء علتي الَّتِي ... طَالَتْ وعزّ دواؤها)
(مسي مَوَاضِع علتي ... بيديك فَهُوَ شفاؤها)
وَقَالَ الصولي حَدثنِي أَبُو الْفرج ابْن حَفْص كنت مَعَ الخصيبي فِي مجْلِس قبل الوزارة فَحَضَرت مَعنا صبية مليحة الْغناء فَغَضب عَلَيْهَا فَلم يكلمها فَلَمَّا عمل فِيهِ النَّبِيذ جذب الدواة وَكتب أَيهَا العاشق الَّذِي هجر المعشوق دع عَنْك مَا يضرّ بجسمك لَا تعرّض لهجر من هُوَ شافيك فَإِن شَاءَ كَانَ مِفْتَاح سقمك وأضاق آخرا حَتَّى لم يكن يُقَام لَهُ وَظِيفَة من قَلِيل اللَّحْم وَلَا كَثِيره إِلَّا فِي أَيَّام وَهُوَ مَعَ ذَلِك حسن التصون يجوجه إِلَيْهِ بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ خطر فَلَا يقبله ويشكر الموجه بِهِ وَيَردهُ وَتُوفِّي بعلة السكتة فَجْأَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الْهَاشِمِي)
أَحْمد بن عبيد الله بن إِسْحَاق بن المتَوَكل على الله أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي لَقِي الْجُنَيْد ورويماً وَسمع مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ وَمُحَمّد بن دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ(7/113)
وسافر إِلَى شيراز وَأقَام بهَا إِلَى حِين وَفَاته وعاش حَتَّى جَاوز الْمِائَة روى عَنهُ ابْنه أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد وَأَبُو أَحْمد اللبان وَمُحَمّد بن عبد الْعَزِيز الْقصار الشِّيرَازِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار قَرَأت على أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي سعيد الأديب بأصبهان عَن أبي طَاهِر بن أبي نصر التَّاجِر قَالَ أخبرنَا عبد الرَّحْمَن ابْن أبي عبد الله بن مَنْدَه إِذْنا أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الله اللبان الشِّيرَازِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن أَحْمد بن عبيد الله الْهَاشِمِي يَقُول سَمِعت أَبَا الْقَاسِم الْجُنَيْد بن مُحَمَّد الصُّوفِي يَقُول ببغداذ مَا زلت أطلب إِلَى الله فِي صَلَاتي خمس عشرَة سنة أَن يريني إِبْلِيس فَلَمَّا كَانَ يَوْم بِنصْف النَّهَار فِي صيف وَأَنا قَاعد بَين الْبَابَيْنِ أسبخ إِذْ دق عليّ الْبَاب فَقلت من ذَا قَالَ أَنا قلت الثَّانِي من أَنْت قَالَ أَنا قلت الثَّالِث من أَنْت قَالَ أَنا قلت لَا تكون إِلَّا إِبْلِيس قَالَ نعم فمضيت ففتحت لَهُ الْبَاب فَدخل عليّ شيخ عَلَيْهِ برنس من الشّعْر وَعَلِيهِ قَمِيص من الصُّوف وَبِيَدِهِ عكاز فَجئْت أقعد مَكَاني بَين الْبَابَيْنِ فَقَالَ لي قُم من مجلسي فَإِن بَين الْبَابَيْنِ مجلسي وَخرجت فَقعدَ فَقلت بِمَ تستضل النَّاس فَأخْرج لي رغيفاً من كمه وَقَالَ بِهَذَا فَقلت بِمَ تحسن لَهُم أفعالهم السَّيئَة فَأخْرج مرْآة فَقَالَ أريهم سيئاتهم حسناتٍ بِهَذِهِ)
الْمرْآة ثمَّ قَالَ لي قل مَا تُرِيدُ وأوجز فِي كلامك فَقلت حَيْثُ أَمرك بِالسُّجُود لآدَم لم لَا تسْجد فَقَالَ غيرَة مني عَلَيْهِ أَسجد لغيره وغاض مني وَلم أره
3 - (ابْن خاقَان أَخُو الْوَزير)
أَحْمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقَان أَبُو بكر أَخُو مُحَمَّد بن عبيد الله الْوَزير كَانَ أديباً فَاضلا يرشح نَفسه للوزارة أورد أَبُو مُحَمَّد ابْن شيران فِي تَارِيخه هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَذكر أَنَّهُمَا من قَوْله
(إِن للعنكبوت بَيْتا وَمَا لي ... برضى الْجُود والمكارم بَيت)
كَيفَ يَبْنِي بشطّ دجلة من لَيْسَ لَهُ فِي السراج بِاللَّيْلِ زَيْت توفّي سنة سبع وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْحسن البديهي)
أَحْمد بن عبيد الله أَبُو الْحسن البديهي شَاعِر روى عَنهُ أَبُو عَليّ التنوخي فِي كتاب النشوار وَمن قَوْله
(انْظُر إِلَى النارنج فِي أغصانه ... نزهاً لأعيننا وعطراً فِي الْيَد)
(ككباب نارٍ فِي قباب زبرجدٍ ... متوقداً بالطيب أيّ توّقد)
(ورقٌ كآذان الْجِيَاد قدودها ... قد أثقلت بقلائدٍ من عسجد)
3 - (حمَار الْعَزِيز الْكَاتِب)
أَحْمد بن عبيد الله بن مُحَمَّد بن عمار أَبُو الْعَبَّاس الثَّقَفِيّ(7/114)
الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِحِمَار الْعَزِيز كَذَا قَالَ الْخَطِيب قَالَ وَله مصنفات وَكَانَ يتشيع وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَثَلَاث مائَة حدث عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَسليمَان بن أبي شيخ وَعمر بن شبة وَمُحَمّد بن دَاوُد الْجراح وَغَيرهم
روى عَنهُ القَاضِي الجعابيّ وَابْن زنجي الْكَاتِب وَأَبُو عمر ابْن حيويه وَأَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ وَغَيرهم وَفِيه يَقُول ابْن الرُّومِي
(وَفِي ابْن عمارٍ عزيزيةٌ ... يُخَاصم الله بهَا وَالْقدر)
(مَا كَانَ لم كَانَ وَمَا لم يكن ... لمْ لم يكن فَهُوَ وَكيل الْبشر)
(لَا بل فَتى خَاصم فِي نَفسه ... لم لم يفز قدماً وفاز الْبَقر)
(فَكل من كَانَ لَهُ ناظرٌ ... صافٍ فَلَا بُد لَهُ من نظر)
)
وَكَانَ صديقا لِابْنِ الرُّومِي يعْمل لَهُ الْأَشْعَار وينحله إِيَّاهَا يستعطف بهَا من يَصْحَبهُ وَكَانَ ابْن عمار محدوداً فَقِيرا وقاعة فِي الْأَحْرَار وَكَانَ أَيَّام فقره كثير التسخط لما تجْرِي بِهِ الأقدار حَتَّى عرف بذلك فَقَالَ لَهُ ابْن الرُّومِي يَا أَبَا الْعَبَّاس إِنِّي قد سميتك العزير قَالَ وَكَيف وَقعت على هَذَا الِاسْم قَالَ لِأَن العزير خَاصم ربه فِي أَن أسَال من دِمَاء بني إِسْرَائِيل على يَدي بخت نصر سبعين ألف دم فَأوحى الله إِلَيْهِ لَئِن لم تتْرك مجادلتي لأمحونك من ديوَان النُّبُوَّة
وَمَا زَالَ ابْن الرُّومِي يمدح النَّاس ويعرّض بِذكرِهِ ويشفع لَهُ إِلَى النَّاس حَتَّى أشخصه مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح مَعَه إِلَى الْجَبَل بشفاعة ابْن الرُّومِي واستخرج لَهُ أقساطاً أغناه بهَا وأجرى عَلَيْهِ أَيْضا من مَاله فَمَا شكر ابْن عمار لِابْنِ الرُّومِي ذَلِك وَجعل يتخلفه وَيَقَع فِيهِ ويعيبه فَبلغ ذَلِك ابْن الرُّومِي فَقَالَ يصحف قل لعمَّار ابْن عمار أَلا تعظم قدري
(بخراجيك وخرؤ ... الديك لَا تعرض لشعري)
(وتذكر حِين تنسى ... جر عميك واثري)
واذقني فرج الروحة منقادا لأمري جرحا لبك للجيران لَكِن لست تَدْرِي قَالَ ابْن الْمسيب وَمن عَجِيب أَمر عُزَيْر هَذَا أَنه كَانَ ينتقص ابْن الرُّومِي فِي حَيَاته ويزري على شعره ويتعرض لهجائه فَلَمَّا مَاتَ ابْن الرُّومِي عمل كتابا فِي تفضيله ومختار شعره وَجلسَ يمليه على النَّاس وَله من الْكتب كتاب المبيضة وَهُوَ مقَاتل الطالبين كتاب الأنواء مثالب أبي نواس أَخْبَار سُلَيْمَان بن أبي شيخ الزِّيَادَة فِي أَخْبَار الوزراء لِابْنِ الْجراح أَخْبَار حجر بن عدي أَخْبَار أبي نواس أَخْبَار ابْن الرُّومِي ومختار شعره المناقضات أَخْبَار أبي الْعَتَاهِيَة الرسَالَة فِي بني أُميَّة الرسَالَة فِي تَفْضِيل بني هَاشم ومواليهم وذم بني أُميَّة(7/115)
وأتباعهم الرسَالَة فِي الْمُحدث والمحدَّث أَخْبَار عبد الله بن مُعَاوِيَة الْجَعْدِي الرسَالَة فِي مثالب مُعَاوِيَة
وَأورد لَهُ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء
(أعيرتني النُّقْصَان وَالنَّقْص شَامِل ... وَمن ذَا الَّذِي يعْطى الْكَمَال فيكمل)
(وَأقسم أَنِّي ناقصٌ غير أنني ... إِذا قيس بِي قومٌ كثيرٌ تقلّلوا)
)
(تفاضل هَذَا الْخلق بِالْعلمِ والحجى ... فَفِي أَيّمَا هذَيْن أَنْت مفضل)
(وَلَو منح الله الْكَمَال ابْن آدمٍ ... لخلده وَالله مَا شَاءَ يفعل)
3 - (الماهر الْحلَبِي)
أَحْمد بن عبيد الله بن فضال أَبُو الْفَتْح الموازيني الْحلَبِي الشَّاعِر الْمَعْرُوف روى عَنهُ من شعره أَبُو عبد الله الصُّورِي وَأَبُو الْقَاسِم النسيب من شعره
(برغمي أَن ألوم عَلَيْك دهراً ... قَلِيلا فكره بمعنفيه)
(وَأَن أرعى النُّجُوم وَلست فِيهَا ... وَأَن أَطَأ التُّرَاب وَأَنت فِيهِ)
توفّي الماهر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبع مائَة
وَمن شعره أَيْضا
(الشّعْر كالبحر فِي تلاطمه ... مَا بَين ملفوظه وسائغه)
(فَمِنْهُ كالمسك فِي لطائمه ... وَمِنْه كالمسك فِي مدابغه)
وَمِنْه
(أرى نَفسِي تَجِد بهَا الظنون ... بِأَن الْبَين بعد غدٍ يكون)
(وَمَا ترك الْفِرَاق عليّ دمعاً ... يسحّ وَلَا تسحّ بِهِ الجفون)
(وجيش الصَّبْر منهزمٌ فَقل لي ... عَلَيْك بِأَيّ دمعٍ أستعين)
(كَأَنِّي من حَدِيث النَّفس عِنْدِي ... جُهَيْنَة عِنْدهَا الْخَبَر الْيَقِين)
وَمِنْه
(من صَحَّ قَلْبك فِي الْهوى ميثاقه ... حَتَّى تصح وَمن وفى حَتَّى تفي)
(عرف الْهوى فِي الْخلق مذ خلق الورى ... بمذلة الْأَقْوَى وَعز الأضعف)
(يَا من توقد فِي الحشا بصدوده ... نارٌ بِغَيْر وصاله مَا تنطفي)
(وظننت جسمي أَن سيخفى بالضنى ... عَن عاذليّ فقد ضنيت وَمَا خَفِي)(7/116)
وَمِنْه أَيْضا
(أموجبة الدَّعْوَى عَلَيْهَا وَلَا تفي ... وسامعة الشكوى إِلَيْهَا وَلَا تَشْتَكِي)
(أَظن الأسى والدمع لَا يبقيان لي ... فؤاداً بِهِ أَهْوى وعيناً بهَا أبْكِي)
3 - (ابْن قرعه)
)
أَحْمد بن عبيد الله بن أَحْمد أَبُو الْحُسَيْن الكلوذاني الْمَعْرُوف ابْن قرعه
قَالَ ياقوت من أهل الْأَدَب وَالْفضل الغزير كتب بِخَطِّهِ الْكثير من المصنفات الطوَال ولازم أَبَا بكر الصولي وتضلع عَلَيْهِ من أدبه وروى عَنهُ وَطلب الْأَدَب طول عمره ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده كلواذا فَأَقَامَ بهَا طول عمره وقصده النَّاس وَكَانَ أديبها وفاضلها وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ
3 - (أَبُو الْعَلَاء ابْن شقير)
أَحْمد بن عبيد الله بن الْحسن بن شقير أَبُو الْعَلَاء البغداذي ذكره الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق وَقَالَ حدث عَن أبي بكر مُحَمَّد بن هَارُون بن المحد وحامد بن شُعَيْب الْبَلْخِي والهيثم بن خلف وَأبي بكر الباغندي وَالْبَغوِيّ وَأبي عمر الزَّاهِد وَأبي بكر ابْن الْأَنْبَارِي وَأحمد بن فَارس وَابْن دُرَيْد وَأحمد بن عبد الله السجسْتانِي وروى عَنهُ تَمام الرَّازِيّ ومكي بن مُحَمَّد بن معمر وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الله بن الحنان وَمُحَمّد بن عبد الله الدوري
3 - (الْفَقِيه شرف الدّين ابْن قدامَة)
أَحْمد بن عَبدِي الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام الْفَقِيه شرف الدّين أَبُو الْحسن ولد سنة ثَلَاث وَسبعين وَخمْس مائَة وَسمع الْكثير ورثي لما مَاتَ كثيرا ورؤيت لَهُ منامات صَالِحَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة
3 - (البلنسي الذَّهَبِيّ)
أَحْمد بن عَتيق بن الْحسن بن زِيَاد بن جرج أَبُو جَعْفَر البلنسي الذَّهَبِيّ ويكنى أَبَا الْعَبَّاس أَيْضا مهر فِي علم النّظر وَكَانَ أحد الأذكياء لَهُ غوص على الدقائق صنف كتاب الْإِعْلَام بفوائد الْمُسلم وَكتاب حسن الْعبارَة فِي فضل الْخلَافَة والإمارة وَله فتاوٍ بديعة أَقرَأ النَّاس الْعَرَبيَّة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وست مائَة
3 - (الأودي الْكُوفِي)
أَحْمد بن عُثْمَان بن حَكِيم الأودي الْكُوفِي روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة توفّي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ(7/117)
3 - (ابْن بويان الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عُثْمَان بن بويان أَبُو الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ المجود بِحرف قالون قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة)
3 - (ابْن أبي الْحَدِيد)
أَحْمد بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن أبي الْحَدِيد السّلمِيّ الدِّمَشْقِي من بَيت مَشْهُور بِالْحَدِيثِ وَالرِّوَايَة كَانَ عِنْدهم نعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع الحَدِيث بِدِمَشْق من جمَاعَة كَأبي طَاهِر الخشوعي وطبقته وسافر إِلَى مصر فَسمع بهَا من البوصيري وَابْن ياسين وَقدم بغداذ قَالَ ابْن النجار وَسمع مَعنا من أَصْحَاب أبي الْقَاسِم ابْن الْحصين وَأبي غَالب ابْن الْبناء وَأبي الْعِزّ بن كادش وَأبي الْقَاسِم الحريري وَسمع بأصبهان وَسمع بهَا من أَصْحَاب مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي ذَر الصالحاني وزاهر الشحامي وَجَمَاعَة وَسمع كثيرا وَحصل من الْكتب والأجزاء عدَّة أحمال وَكتب عَنهُ الطّلبَة والرحالة وَتُوفِّي بِبَعْض قرى دمشق هِيَ الذهبانية من حوران سنة خمس وَعشْرين وست مائَة وَفِي بَيته جمَاعَة رووا الحَدِيث وَفِيهِمْ الْعلمَاء والخطباء وَسكن حلب وَكَانَ مليحاً وَلما سَافر نظم فِيهِ مهذب الدّين ماجد بن مُحَمَّد بن نصر بن القيسراني
(لَا للصفي صافى وَلَا للرضي ... راضى وَلَا رقّ لخطب الْخَطِيب)
واتصل بِخِدْمَة الْأَشْرَف بن الْعَادِل وَكَانَ مَعَه فردة نعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورثهَا من آبَائِهِ وَالْأَمر مَعْرُوف فِيهِ فَإِن الْحَافِظ ابْن السَّمْعَانِيّ ذكر أَنه رأى هَذِه النَّعْل لما قدم دمشق عِنْد الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن أبي الْحَدِيد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ الْأَشْرَف يقربهُ لأَجلهَا ويؤثر أَن يَشْتَرِيهَا ويوقفها فِي مَكَان تزار فِيهِ فَلم يسمح بذلك وَلَعَلَّه سمح أَن يقطع لَهُ مِنْهَا قِطْعَة ففكر الْأَشْرَف أَن الْبَاب ينفتح فَامْتنعَ ورتبه الْأَشْرَف بمشهد الْخَلِيل الْمَعْرُوف بالذهباني بَين حران والرقة وَقرر لَهُ مَعْلُوما فَأَقَامَ هُنَاكَ حَتَّى توفّي وَأوصى بالنعل للأشرف ففرح بهَا وأقرها بدار الحَدِيث بِدِمَشْق وَكَانَ دمث الْأَخْلَاق وَتُوفِّي فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور بالمشهد الخليلي الْمَذْكُور كَذَا ذكره الشَّيْخ شمس الدّين وَالْأول نقلته من كَلَام محب الدّين ابْن النجار
3 - (ابْن شكا الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عُثْمَان بن عَلان أَبُو بكر الكبشي الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن شكا صحب عبد الْعَزِيز بن الْحَارِث التَّمِيمِي وتفقه عَلَيْهِ وَمن بعده على أبي حَامِد وَكتب الحَدِيث عَن ابْن بطة وَله فِي الْفَرَائِض رُتْبَة عالية وَكَانَ مجاب الدعْوَة مَاتَ قبل الْأَرْبَع مائَة ببغداذ)
3 - (أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب)
أَحْمد بن أبي عُثْمَان أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب ذكره المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء وَقَالَ بغداذي ظريف غزل لَهُ
(تمر بِنَا الْأَيَّام تسرع فِي عمري ... وَلست بباقٍ يَا شقائي على الهجر)(7/118)
(وَكَيف بقائي والهوى قد تعلّقت ... حبائله قلبِي وضاق بِهِ صَدْرِي)
(رَأَيْت جَمِيع العاشقين وَأَنَّهُمْ ... إِذا أفرطوا يرضون بِالنّظرِ الشزر)
3 - (ابْن أبي الحوافر الطَّبِيب)
أَحْمد بن عُثْمَان بن هبة الله بن أَحْمد بن عقيل فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الْمَعْرُوف بِابْن أبي الحوافر الْقَيْسِي الدِّمَشْقِي الأَصْل الْمصْرِيّ الطَّبِيب برع فِي الطِّبّ وَصَارَ رَئِيس الْأَطِبَّاء بالديار المصرية وعني بِالْحَدِيثِ فِي الكهولة وَكَانَ بَصيرًا بالعلاج توفّي سنة سبع وَخمسين وست مائَة
3 - (الذَّهَبِيّ)
أَحْمد بن عُثْمَان بن قايماز بن أبي مُحَمَّد عبد الله التركماني الفارقي الأَصْل الدِّمَشْقِي الذَّهَبِيّ الْمَعْرُوف بالشهاب وَالِد الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وبرع فِي صَنْعَة الذَّهَب المدقوق وتميز فِيهَا وَسمع صَحِيح البُخَارِيّ سنة سِتّ وَسِتِّينَ على الْمِقْدَاد الْقَيْسِي عَن سعيد بن الرزاز عَن أبي الْوَقْت وَأَجَازَ لَهُ تَقِيّ الدّين بن أبي الْيُسْر وجمال الدّين بن مَالك وَجَمَاعَة وَسمع مَعَ وَالِده ببعلبك من التَّاج عبد الْخَالِق وَزَيْنَب بنت كندي وَجَمَاعَة واستفك من عكا امْرَأتَيْنِ وَأعْتق غلامين وَجَارِيَة وَدفن بتربة اشْتَرَاهَا بِالْجَبَلِ وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (ابْن السعلوس أَخُو الْوَزير)
أَحْمد بن عُثْمَان بن أبي الرَّجَاء الرئيس شهَاب الدّين ابْن السعلوس التنوخي الدِّمَشْقِي أَخُو الصاحب شمس الدّين كَانَ دينا عَاقِلا ثقيل السّمع يحب سَماع الحَدِيث وَهُوَ كثير الْبر وَالصَّدَََقَة ولي نظر الْجَامِع ورزق الجاه العريض فِي دولة أَخِيه ثمَّ ذهب ذَلِك وَعَاد إِلَى حَاله وَسمع من ابْن عبد الدايم وبالاسكندرية فِي تِجَارَته من عُثْمَان بن عَوْف سمع مِنْهُ البرزالي وَمَات كهلاً سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة)
3 - (شرف الدّين السنجاري)
شرف الدّين السنجاري أَحْمد بن عُثْمَان بن عمر المجدلي عرف بالسنجاري أَخْبرنِي الْعَلامَة الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ مولده سنة خمس وَعشْرين وست مائَة بالمجدل لقِيه شرف الدّين كَانَ إِمَام الْجَامِع الْأَزْهَر بِالْقَاهِرَةِ متصدراً فِي النَّحْو فِي جَامع الْأَقْمَر يقرئ ألفية ابْن معطي ويتغالى فِي مَعْرفَتهَا أنشدنا لنَفسِهِ وَذكر أَنه ارتجال
(لاقيته فصددت عَنهُ كأنني ... سَالَ هَوَاهُ وَلست بالمتصنع)
(وظننت أَن سريرتي تخفى وَلم ... أشعر فَنمت عِنْد ذَلِك أدمعي)
وأنشدنا لنَفسِهِ من قصيدة
(مَا قست بالغيث العطايا مِنْك إِذْ ... يبكي وتضحك أَنْت إِذْ تولي الندى)(7/119)
(وَإِذا أَفَاضَ على الْبَريَّة جوده ... مَاء تفيض لنا يَمِينك عسجدا)
قلت أَخذه من قَول الوأواء الدِّمَشْقِي
(من قَاس جدواك بالغمام فَمَا ... أنصف فِي الحكم بَين إثنين)
(أَنْت إِذا جدت ضاحكٌ أبدا ... وَهُوَ إِذا جاد دامع الْعين)
3 - (أَبُو مَسْعُود الخشنامي)
أَحْمد بن عُثْمَان الخشنامي أَبُو مَسْعُود ذكره الثعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة وَقَالَ هُوَ من حَسَنَات نيسابور وفضلائها وشعرائها وَكَلَامه كثير الرونق ظريف الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل كَقَوْلِه
(وجاهلٍ لج فِي مشاتمتي ... وَلم يكن مبقياً على جاهي)
(سكت عَنهُ وَلم أبال بِهِ ... والحلم مِمَّا يزين أشباهي)
(وَبَين فكي صارمٌ ذكرٌ ... أغمده عَنهُ خشيَة الله)
وَقَوله
(يَا والياً عز الْولَايَة غره ... فسطا لذاك على الْأَنَام وتاها)
(أقصر فذل الْعَزْل يتبع عزه ... عطر الْولَايَة لَا يَفِي بفساها)
وَقَوله
(أَقُول لمن يعد الشيب نورا ... وَيَزْعُم أَنه يكسو وقارا)
)
(أحب من الْوَقار إليّ شعرٌ ... يحاكي لَونه سبجاً وقارا)
وَقَوله
(وَجه أبي الْفَتْح إِذا مَا بدا ... يُغني عَن الْبَدْر إِذا مَا طلع)
(لَوْلَا دفاع الله عَن خصره ... إِذا ثناه رَاكِعا لانقطع)
وَقَوله فِيمَن يشتكي ضرسه
(شكت أقاحيك فاشتكيت لَهَا ... يَا قبْلَة الْحسن فتْنَة الْبَلَد)
(وَجهك شمس الضُّحَى إِذا طلعت ... تضرّ بالأقحوان وَالْبرد)
وَقد أوردت فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق الزوزني البحاثي أبياتاً آخرهَا قَوْله
(هَل تقولن أحبتي بعد موتِي ... رحم الله ذَلِك البحاثي)
وَقد اقْتدى بِهِ أَبُو مَسْعُود الخشنامي هَذَا فَقَالَ
(لَيْت شعري إِذا تصرم عمري ... ودنا الْمَوْت وَانْقَضَت أيامي)(7/120)
(هَل تقولنّ إخوتي بعد موتِي ... رحم الله ذَلِك الخشنامي)
قَالَ الأديب أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْيَاء مَكَانَهُ لما لَحقا باللطيف الْخَبِير قلت محققاً ظنونهما ومصدقاً تخمينهما
(يَا ابْن عُثْمَان كنت خلا ودوداً ... نَاصح الجيب ذَا سجايا كرام)
(فطوتك الْمنون دوني طيّاً ... وكذاك الْمنون قصر الْأَنَام)
(فَأَنا الْيَوْم قائلٌ كلّ وقتٍ ... رحم الله ذَلِك الخشنامي)
قَالَ وَقلت فِي البحاثي
(يَا أَبَا جَعْفَر ابْن إِسْحَاق إِنِّي ... خانتي فِيك نَازل الْأَحْدَاث)
(وَهوى عَن منَازِل النَّجْم قسراً ... بك تَحت الرجام فِي الأجداث)
(فلك الْيَوْم من قوافٍ حسانٍ ... سرن فِي الْمَدْح سَيرهَا فِي المراثي)
(مَعَ كتبٍ جمعت من كل فنٍ ... حِين يروين ألف باكٍ وراث)
(قَائِل كلهَا بِغَيْر لسانٍ ... رحم الله ذَلِك البحاثي)
3 - (الإِمَام تَاج الدّين ابْن التركماني)
أَحْمد بن عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم بن مصطفى بن سُلَيْمَان تَاج الدّين أَبُو الْعَبَّاس المارديني الْحَنَفِيّ)
الْمَعْرُوف بِابْن التركماني ولد بالديار المصرية سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ فِي أول جُمَادَى الأولى رَحمَه الله تَعَالَى فَقِيه مجيد وأديب مُفِيد لَهُ تعليقة على المحصل للْإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ ووشرح منتخب الْبَاجِيّ فِي أصُول الْفِقْه مُخْتَصر الْمَحْصُول وتعليقة على الْمَحْصُول وتعليقة على الْمُنْتَخب فِي أصُول الْفِقْه للحنفية وَثَلَاث تعاليق على خُلَاصَة الدَّلَائِل فِي تَنْقِيح الْمسَائِل فِي الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ الأولى فِي حل مشكلاته وتبيين معضلاته وَشرح أَلْفَاظه وَتَفْسِير مَعَانِيه لحفاظه وَالثَّانيَِة فِي ذكر مَا أهمله من مسَائِل الْهِدَايَة وَالثَّالِثَة فِي ذكر أَحَادِيثه وَالْكَلَام عَلَيْهَا وعَلى متونها وتصحيحها وتخريجها شرح الْجَامِع الْكَبِير لمُحَمد بن الْحسن وَشرح الْهِدَايَة أَظُنهُ لم يكمل وكتابان فِي علم الْفَرَائِض مَبْسُوط ومتوسط وَتَعْلِيق على مقدمتي ابْن الْحَاجِب وَشرح المقرب لِابْنِ عُصْفُور أَظُنهُ لم يكمل وَشرح عرُوض ابْن الْحَاجِب كتاب فِي أَحْكَام الرماية والسبق والمحلل وَكتاب الأبحاث الجلية على مَسْأَلَة ابْن تَيْمِية وَشرح الشمسية فِي الْمنطق أَظُنهُ لم يكمل وَشرح التَّبْصِرَة للخرقي فِي(7/121)
الْهَيْئَة أَظُنهُ لم يكمل وَأما نظمه ونثره فجيدان وكتابته جَيِّدَة قويه نقلت من خطه فِي أثْنَاء الرسَالَة كتبهَا إِلَى القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله
(غرامي بكم بَين الْبَريَّة قد فَشَا ... فلست أُبَالِي بالرقيب وَمن وشى)
(وَلَا غرو إِذْ عزت صفاتك من حكى ... فَمَا قدر مَا حاك الرّبيع وَمَا وشى)
(وَإِن قستها بالدر قَالَ لي السها ... أفق إِن ذَاك الدرّ فِي بحره انتشا)
(فَقُمْت بهَا أشدو على كل مشهدٍ ... فكلٌّ بِهِ عجبا تواجد وانتشى)
(مغاارسه طابت وطاب أبوةً ... وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يشا)
(فَمَا أنبت الخطيّ إِلَّا وشيجه ... وَلَا بَات إِلَّا فِي مطهرة الحشا)
(فجَاء فريد الدَّهْر أوحد عصره ... وَكم بَين ذِي نورٍ وَمن كَانَ ذَا عشا)
ونقلت مِنْهَا أَيْضا
(ملكت عذارى الجامحات وعونها ... وفجرت من عقم الْمعَانِي عيونها)
(رددت وُجُوه الشاردات أوانساً ... وذللت بِاللَّفْظِ البليغ متونها)
(فَلَا غرو أَن هز الصِّبَا قضب الصِّبَا ... وَقبل من بَان العذيب غصونها)
)
(وأسكر صبا مغرماً بحديثكم ... وفرّع من حسن الحَدِيث شجونها)
(وأذكر قيسا حبّ ليلى وَقد سرى ... وحقّق من طرق الْجُنُون فنونها)
(وَمَا كَانَ مِمَّن هزّه نشوة الصِّبَا ... فَكيف وَقد عمّ المشيب شؤونها)
(وَلكنهَا سحر البلاغة والنهى ... وَأَنت شهَاب الدّين بانٍ حصونها)
3 - (الرُّوذَبَارِي الصُّوفِي)
أَحْمد بن عَطاء بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَطاء أَبُو عبد الله الرُّوذَبَارِي الصُّوفِي الْكَبِير نزيل صور حدث عَن أبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة وَهُوَ أَحْمد مَشَايِخ وقته فِي بَابه وطريقته قَالَ الْخَطِيب روى أَحَادِيث غلط فِيهَا غَلطا فَاحِشا توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو عَليّ الضَّرِير الشَّاعِر)
أَحْمد بن عَطِيَّة بن عَليّ أَبُو عبد الله الضَّرِير الشَّاعِر وَله معرفَة بالنحو واللغة تَامَّة محد الإِمَام الْقَائِم بِأَمْر الله وَابْن ابْنه الإِمَام الْمُقْتَدِي وَابْنه الإِمَام المستظهر ووزراءهم وَكَانَ خصيصاً بِسيف الدولة صَدَقَة بن مزِيد وَأحد ندمائه وجلسائه وَله فِيهِ مدائح كَثِيرَة روى عَنهُ أَبُو البركات ابْن السَّقطِي وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي بن بشر الْمُقْرِئ شَيْئا من شعره
من شعره(7/122)
(النَّفس فِي عدَّة الوساوس تطمع ... وزخارف الدُّنْيَا تغر وتخدع)
(والمرء يكدح واصلاً آماله ... وأمامه أجلٌ يخون ويخدع)
وَله أَيْضا
(كَأَن انزعاج الْقلب حِين ذكرتكم ... وَقد بعد المسرى خفوق جناحين)
(سَيعْلَمُ إِن لجت بِهِ حرق الجوى ... وَلم تسمحوا بالوصل كَيفَ جنى حيني)
3 - (ابْن أبي الحوافر)
أَحْمد بن عقيل بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن رَافع أَبُو الْفَتْح بن أبي الْفضل الْقَيْسِي الْفَارِسِي الْمَعْرُوف بِابْن أبي الحوافر الدِّمَشْقِي أَصله من بعلبك سمع أَبَاهُ وَعبد الْعَزِيز بن أَحْمد الكتاني والفقيه نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي وَقدم بغداذ حاجّاً وَحدث بهَا وروى عَنهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم عليّ بن الْحسن بن هبة الله الشَّافِعِي وَكَانَ شَيخا كثير التِّلَاوَة لِلْقُرْآنِ حسن التِّلَاوَة صَحِيح)
السماع توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَدفن بِالْبَابِ الصَّغِير
3 - (أَبُو الْوَفَاء الصُّوفِي)
أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْوَفَاء الصُّوفِي من أهل فيروزاباذ صحب الْمَشَايِخ بهَا وخدمهم وَقدم بغداذ واستوطنها وَسمع بهَا الْكثير من مُحَمَّد بن أبي نصر الْحميدِي وَأبي طَاهِر أَحْمد وَأبي غَالب مُحَمَّد ابْني الْحسن بن أَحْمد الباقلاني الكرجي وَعلي بن أَحْمد بن يُوسُف الهكاري وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ من كل فن وَحدث باليسير وَكَانَ شيخ رِبَاط الزوزني وَكَانَ كَامِلا فِي فنه أخلاقه حَسَنَة ومحاورته مليحة حُلْو الْمنطق لَا يمل جليسه يحفظ من كَلَام الصُّوفِيَّة وأحوالهم وأشعارهم وحكاياتهم شَيْئا كثيرا وَتُوفِّي ببغداذ سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (الكوكبي الْكَاتِب)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عِيسَى بن رستم المادرائي أَبُو الطّيب الْكَاتِب الْأَعْوَر الْمَعْرُوف بالكوكبي وَهُوَ أَصْغَر من أَخِيه مُحَمَّد طلب الحَدِيث وَأكْثر مِنْهُ وَمن كِتَابَته وَقَرَأَ الْأَدَب وَكَانَ فَاضلا أديباً وَبَينه وَبَين أبي الْعَبَّاس الْمبرد صداقة ومكاتبات بالأشعار ومدح الْحسن بن مخلد ولي ديوَان الْخراج بِمصْر أَيَّام المعتضد والمكتفي من قبل هَارُون ابْن أبي الْجَيْش خمارويه وَلما رَجَعَ مؤنس وَصفه للمقتدر وخاطبه فِي أَن يستوزره وهيئت لَهُ الْخلْع وَكتب التَّقْلِيد وَنفذ إِلَيْهِ الرَّسُول إِلَى دمشق فلقيتهم رسله بوفاته وروى عَنهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن جَعْفَر الخرائطي وَمُحَمّد بن الْعَبَّاس الشلمغاني
وَمن شعره
(وَإِذا بدا جلدٌ عَلَيْك من امرئٍ ... وأملّه الغشيان والإلمام)
(فتسلّ عَنهُ بفرقةٍ لَا مبدياً ... شكوى لتصلحه لَك الْأَيَّام)
وَمِنْه أَيْضا(7/123)
(عَاقِر الراح ودع نعت الطلل ... واعص من لامك فِيهَا أَو عذل)
(غادها واغن بهَا وَاسع لَهَا ... وَإِذا قَالُوا تصابى قل أجل)
(إِنَّمَا دنياك فَاعْلَم ساعةٌ ... أَنْت فِيهَا وَسوى ذَاك أمل)
قَالَ أَخُوهُ مُحَمَّد أَرَادَ أخي أَبُو الطّيب السّفر إِلَى الشَّام فلمته على الثّقل فَقَالَ مَا معي إِلَّا مَا لَا بُد مِنْهُ وَلَا أقدر أَن أؤخره وأحصى فِي جملَة مَا حمله ثَلَاث مائَة حمل دفاتر وَكَانَ لَا يدع)
النّسخ بِحَال وَهُوَ فِي مَجْلِسه يَأْمر وَينْهى ولد ببغداذ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي بِمصْر سنة ثَلَاث وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن النَّجَاشِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْعَبَّاس أَبُو الْحُسَيْن الصَّيْرَفِي الْأَسدي الْكُوفِي الْمَعْرُوف جده بالنجاشي حدث عَن القَاضِي أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن النصيبي وَأحمد بن مُحَمَّد بن عمرَان بن الجندي وَالْحسن بن مُحَمَّد بن يحيى بن الفحام وروى عَنهُ وَلَده عَليّ توفّي سنة خمسين وَأَرْبع مائَة بمطيراباذ
3 - (قَاضِي الطّيب)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل بن بهمن بن النجار أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل الطّيب دخل بغداذ واستوطنها وتفقه على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَسمع بهَا الحَدِيث من عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَغَيرهمَا وَحدث باليسير ولي قَضَاء الطّيب وَتوجه إِلَيْهَا وسكنها إِلَى أَن أستشهد بهَا بعد سنة خمس مائَة ومولده سنة أَربع وَأَرْبَعين
3 - (ابْن المعبي الْوَاعِظ)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن سَلامَة الْأنْصَارِيّ أَبُو الْعَبَّاس الْوَاعِظ الْمَعْرُوف بِابْن المعبي من أهل الْبَصْرَة كَانَ أحد المعدلين بهَا مليح الْوَعْظ كثير الْمَحْفُوظ حسن الْأَخْلَاق سمع عَليّ بن أَحْمد التسترِي وَمُحَمّد بن أَحْمد النهاوندي وَمُحَمّد بن عبيد الْبَصْرِيّ وَغَيرهم وَقدم بغداذ وَأقَام بهَا مُدَّة وَحدث وروى عَنهُ أَبُو بكر بن كَامِل والمعبي بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الْمُقْرِئ الضَّرِير)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْعَبَّاس الضَّرِير الْمُقْرِئ من البردان قدم بغداذ فِي صباه وَحفظ الْقُرْآن وأحكمه وَقَرَأَ بالروايات على الْمَشَايِخ وَقَرَأَ بواسط على أبي بكر بن الباقلاني وَغَيره واشتغل بالتجويد وَوصف بِحسن الْأَدَاء وَقُوَّة الصَّوْت وَحفظ حُرُوف الْخلاف وَكَانَ يخْطب فِي الْقرى وَكَانَ يقْرَأ فِي الْمِحْرَاب فِي صَلَاة التَّرَاوِيح بالشواذ الْمَكْرُوهَة طلبا للدنيا قَالَ ابْن النجار وَلم يكن فِي دينه بِذَاكَ توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة(7/124)
3 - (الْحَافِظ ابْن الْأَزْرَق)
)
أَحْمد بن عَليّ بن الْأَزْرَق أَبُو بكر الْحَافِظ من أهل الْمَطِيرَة حدث عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن دَاوُد بن صَدَقَة الشحام المطيري وَالْحسن بن مُحَمَّد الْعَطَّار وروى عَنهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن خلف بن نجيب الدقاق
3 - (ابْن هُبل الطَّبِيب)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ شمس الدّين ابْن هُبل بِالْهَاءِ وَالْبَاء المحركة بالفتحة ثَانِيَة الْحُرُوف الطَّبِيب وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده مهذب الدّين فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله كَانَ مَشْغُولًا بصناعة الطِّبّ متميزاً فِي الْأَدَب وجيهاً فِي الدولة سَافر إِلَى بِلَاد الرّوم وأكرمه الْملك الْغَالِب كيكاوس بن كيخسرو إِكْرَاما كثيرا وَبَقِي عِنْده قَلِيلا وَتُوفِّي هُنَاكَ
3 - (الصُّوفِي ابْن الأستاذدار)
أَحْمد بن عَليّ بن بختيار بن عبد الله أَبُو الْقَاسِم الصُّوفِي كَانَ وَالِده أستاذدار الْخلَافَة وَنَشَأ أَبُو الْقَاسِم هَذَا متأدباً فَاضلا حسن الطَّرِيقَة متديناً صَالحا
قَالَ محب الدّين ابْن النجار أَنْشدني لنَفسِهِ
(أعاذلتي فِي الْحبّ هَل غير ذَلِك ... فَإِنِّي لأسباب الْهوى غير تَارِك)
(دعيني وأوصابي فلست بعاشقٍ ... إِذا رمت ميلًا عَن طَرِيق المهالك)
(أرى الحبّ أَن ألْقى الْمنية مُسْفِرًا ... إِذا شِئْت أَن ألْقى عَذَاب المضاحك)
(أيا ظَبْيَة الوعساء إِن حَال بَيْننَا ... سباسب تنضي ناجيات الرواتك)
(فلست بناسٍ وَقْفَة لم تزل بهَا ... دِمَاء المآقي سافحات المسافك)
(تربعت من دون الأراكة معهداً ... وغادرت عهدي بَين تِلْكَ الأرائك)
(وملت إِلَى الواشي وَكنت غريّةً ... إِذا مَا سعى الواشي بِمَا غير ذَلِك)
(ألم تعلمي أَنِّي ألمّ بعالجٍ ... وأشتاق آثاراً خلت من جمالك)
وَقَالَ أَنْشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(مل بِي إِلَى الدَّيْر من نَجْرَان مصطحباً ... يَا صَاح قبل التفاف السَّاق بالساق)
(أما ترى الْوَرق تشدو فِي الغصون وَكم ... من سَاق حر تغنينا على سَاق)
(والنور يضحكه باكي الْغَمَام فَقُمْ ... مشمّراً لارتضاع الكاس عَن سَاق)
)
(وهاتها كشعاع الشَّمْس صَافِيَة ... تعشي الْعُيُون رعاك الله من سَاق)
قلت السَّاق الَّذِي فِي الْبَيْت الثَّالِث هُوَ الَّذِي فِي الْبَيْت الأول وَهَذَا الإيطاء وَهُوَ عيب وشعره مَقْبُول وَتُوفِّي بعد افتقار وملازمة لرباط وَالِده سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة(7/125)
3 - (خالوه الْحلْوانِي)
أَحْمد بن عَليّ بن بدران بن عَليّ الْحلْوانِي أَبُو بكر بن أبي الْحسن الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بخالوه بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على الْحسن بن غَالب بن الْمُبَارك وَعلي بن مُحَمَّد بن فَارس الْخياط وَغَيرهمَا وَسمع الحَدِيث بالكثير من الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَالْقَاضِي طَاهِر بن عبد الله الطَّبَرِيّ وَعلي بن مُحَمَّد بن حبيب الْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهم وَسمع بِالْبَصْرَةِ وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَخرج تخريجاتٍ وفوائد فِي فنون وانتقى أَبُو عبد الله الْحميدِي لَهُ فَوَائِد من أُصُوله وَتكلم على أحاديثها وَحدث بالكثير وروى عَنهُ ابْن كُلَيْب وَأَبُو الْفرج وَهُوَ آخر من حدث عَنهُ قَالَ محب الدّين ابْن النجار أَنبأَنَا أَبُو بكر الجيلي عَن أبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ قَالَ أَحْمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي كَانَ شَيخا لَيْسَ لَهُ معرفَة بطرِيق الحَدِيث روى كتاب التَّرْغِيب لِابْنِ شاهين عَن العشاري من نُسْخَة طرية مستجدة وَلم نر لَهُ أصلا عتيقاً بِهِ وَهُوَ شيخ صَالح فِيهِ ضعف لَا يحْتَج بحَديثه توفّي سنة سبع وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو بكر الْحَافِظ خطيب بغداذ)
أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت بن أَحْمد بن مهْدي أَبُو بكر الْخَطِيب الْحَافِظ إِمَام هَذِه الصَّنْعَة انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة فِي الْحِفْظ والإتقان وَالْقِيَام بعلوم الحَدِيث وَحسن التصنيف ولد بقرية من أَعمال نهر الْملك تعرف بهنيقيا بهاء مَفْتُوحَة وَنون مَكْسُورَة وياء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وقافٍ مَكْسُورَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف مَفْتُوحَة وَبعدهَا ألف مَقْصُورَة كَذَا وجدته مضبوطاً
قَالَ أَبُو الْخطاب ابْن الْجراح يمدح الْخَطِيب
(فاق الْخَطِيب الورى صدقا وَمَعْرِفَة ... وأعجز النَّاس فِي تصنيفه الكتبا)
(حمى الشَّرِيعَة من غاوٍ يدنسها ... بِوَضْعِهِ وَنفى التَّدْلِيس والكذبا)
(جلى محَاسِن بغداذٍ فأودعها ... تَارِيخه مخلصاً لله محتسبا)
(وَقَالَ فِي النَّاس بالقسطاس منحرفاً ... عَن الْهوى وأزال الشَّك والريبا)
(سقى ثراك أَبَا بكرٍ على ظمأ ... جونٌ ركامٌ يسح الواكف السربا)(7/126)
)
(ونلت فوزاً ورضواناً ومغفرةً ... إِذا تحقق وعد الله واقتربا)
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي يمدح مصنفات الْخَطِيب
(تصانيف ابْن ثابتٍ الْخَطِيب ... ألذّ من الصِّبَا الغضّ الرطيب)
(يَرَاهَا إِذْ حواها من رَوَاهَا ... رياضاً رَأسهَا ترك الذُّنُوب)
(وَيَأْخُذ حسن مَا قد صاغ مِنْهَا ... بقلب الْحَافِظ الفطن الأريب)
(فأية راحةٍ ونعيم عيشٍ ... يوازي كتبه أم أَي طيب)
سمع ببغداذ شُيُوخ وقته وبالبصرة والري والدينور والكوفة ونيسابور وَقدم دمشق سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة حاجّاً فَسمع بهَا وبصور وَقَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ فِي خَمْسَة أَيَّام بِمَكَّة على كَرِيمَة المروزية وَعَاد إِلَى بغداذ وَصَارَ لَهُ قرب من الْوَزير رَئِيس الرؤساء فَلَمَّا وَقعت فتْنَة البساسيري ببغداذ استتر الْخَطِيب وَخرج إِلَى الشَّام لما آذاه الْحَنَابِلَة بِجَامِع الْمَنْصُور وَحدث بِدِمَشْق بعامة كتبه ثمَّ قصد صور وَأقَام بهَا وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى الْقُدس للزيارة ثمَّ يعود إِلَى صور وَتوجه إِلَى طرابلس وحلب وَأقَام بهما أَيَّامًا قَلَائِل ثمَّ عَاد إِلَى بغداذ فِي أعقاب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأقَام بهَا سنة إِلَى توفّي وَحِينَئِذٍ روى تَارِيخ بغداذ وروى عَنهُ من شُيُوخه أَبُو بكر البرقاني والأزهري وَغَيرهمَا
وَكَانَ يَقُول شربت مَاء زَمْزَم ثَلَاث مَرَّات وَسَأَلت الله عز وَجل ثَلَاث حاجاتٍ آخِذا بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ فالحاجة الأولى أَن أحدث بتاريخ بغداذ وَالثَّانيَِة أَن أملي الحَدِيث بِجَامِع الْمَنْصُور وَالثَّالِثَة أَن أدفن إِذا مت عِنْد قبر بشر الحافي فَلَمَّا عَاد إِلَى بغداذ حدث بتاريخه بهَا وَوَقع إِلَيْهِ جُزْء فِيهِ سَماع الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله فَحمل الْجُزْء وَمضى إِلَى بَاب حجرَة الْخَلِيفَة وَسَأَلَ أَن يُؤذن لَهُ فِي قِرَاءَة الْجُزْء فَقَالَ الْخَلِيفَة هَذَا رجل كَبِير فِي الحَدِيث وَلَيْسَ لَهُ إِلَى السماع مني حَاجَة وَلَعَلَّ لَهُ حَاجَة أَرَادَ أَن يتَوَصَّل إِلَيْهَا بذلك فَاسْأَلُوهُ حَاجته فَسَأَلُوهُ فَقَالَ حَاجَتي أَن أملي الحَدِيث بِجَامِع الْمَنْصُور فَتقدم الْخَلِيفَة إِلَى نقيب النُّقَبَاء بِأَن يُؤذن لَهُ فِي ذَلِك وَلما مَاتَ أَرَادوا دَفنه عِنْد بشر الحافي بوصيةٍ مِنْهُ وَكَانَ الْموضع الَّذِي بِجنب بشر قد حفر فِيهِ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الطريثيثي قبراً لنَفسِهِ وَكَانَ يمْضِي إِلَى ذَلِك الْموضع وَيخْتم فِيهِ الْقُرْآن وَيَدْعُو وَمضى على ذَلِك سنُون فَلَمَّا مَاتَ الْخَطِيب سَأَلُوهُ أَن يدفنوه فِيهِ فَامْتنعَ وَقَالَ هَذَا قَبْرِي قد حفرته وختمت فِيهِ عدَّة ختمات وَلَا أمكن أحدا من الدّفن)
فِيهِ وَهَذَا مِمَّا لَا يتَصَوَّر فَانْتهى الْخَبَر إِلَى سعد الصُّوفِي فَقَالَ لَهُ يَا شيخ لَو كَانَ بشر فِي الْأَحْيَاء وَدخلت أَنْت والخطيب إِلَيْهِ أيكما كَانَ يقْعد إِلَى جَانِبه أَنْت أَو الْخَطِيب فَقَالَ لَا بل الْخَطِيب فَقَالَ فَكَذَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي حَالَة الْمَوْت فَإِنَّهُ أَحَق بِهِ مِنْك فطاب قلبه وَرَضي بِأَن يدْفن الْخَطِيب فِي ذَلِك الْموضع(7/127)
وَكَانَ بعض الْيَهُود قد أظهر فِي بغداذ كتابا وَادّعى أهـ كتاب رَسُول الهل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْقَاط الْجِزْيَة عَن أهل خَيْبَر وَفِيه شَهَادَات الصَّحَابَة وَأَنه خطّ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فعرضه رَئِيس الرؤساء على الْخَطِيب فَقَالَ هَذَا مزوّر فَقيل لَهُ من أَيْن لَك ذَلِك قَالَ فِي الْكتاب شَهَادَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَمُعَاوِيَة أسلم يَوْم الْفَتْح وخيبر كَانَت فِي سنة سبع وَفِيه شَهَادَة سعد بن معَاذ وَكَانَ قد مَاتَ يَوْم الخَنْدَق فِي سنة خمس فَاسْتحْسن ذَلِك مِنْهُ وتقد رَئِيس الرؤساء إِلَى الْقصاص والوعاظ أَن لَا يُورد أحد حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يعرضه إِلَى الْخَطِيب فَمَا أَمرهم بإيراده أوردوه وَمَا مَنعهم مِنْهُ ألغوه وَقَالَ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ الْخَطِيب قَدِيما على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل فَمَال عَلَيْهِ أَصْحَابنَا لما رَأَوْا من ميله إِلَى المبتدعة وآذوه فانتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وتعصب فِي تصانيفه عَلَيْهِم فرمز إِلَى ذمهم وَصرح بِقدر مَا أمكن فَقَالَ فِي تَرْجَمَة أَحْمد بن حَنْبَل سيد الْمُحدثين وَفِي تَرْجَمَة الشَّافِعِي تَاج الْفُقَهَاء فَلم يذكر أَحْمد بالفقه وَقَالَ فِي تَرْجَمَة حُسَيْن الْكَرَابِيسِي إِنَّه قَالَ عَن أَحْمد أيش نعمل بِهَذَا الصَّبِي إِن قُلْنَا لفظنا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق قَالَ بِدعَة وَإِن قُلْنَا غير مَخْلُوق قَالَ بِدعَة ثمَّ الْتفت إِلَى أَصْحَاب أَحْمد فقدح فيهم بِمَا أمكن وَله دسائس فِي ذمهم عَجِيبَة وَذكر شَيْئا مِمَّا زعم أَبُو الْفرج أَنه قدح فِي الْحَنَابِلَة وتأوّل لَهُ ثمَّ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن أبي الْفضل القومسي وَكَانَ من أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ يَقُول ثَلَاثَة من الْحفاظ لَا أحبهم لشدَّة تعصبهم وَقلة إنصافهم الْحَاكِم أَبُو عبد الله وَأَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ وَأَبُو بكر الْخَطِيب قَالَ أَبُو الْفرج وَصدق إِسْمَاعِيل وَكَانَ من أهل الْمعرفَة فَإِن الْحَاكِم كَانَ متشيعاً ظَاهر التَّشَيُّع والآخران كَانَا يتعصبان للمتكلمين والأشاعرة وَمَا يَلِيق هَذَا بأصحاب الحَدِيث لِأَن الحَدِيث جَاءَ فِي ذمّ الْكَلَام وَقد أكد الشَّافِعِي فِي هَذَا حَتَّى قَالَ رَأْيِي فِي أَصْحَاب الْكَلَام أَن يحملوا على البغال وَيُطَاف بهم وصنف ابْن الْجَوْزِيّ أَبُو الْفرج السهْم الْمُصِيب فِي بَيَان تعصب الْخَطِيب وَقَالَ ابْن طَاهِر سَأَلت أَبَا)
الْقَاسِم هبة الله الشِّيرَازِيّ قلت هَل كَانَ أَبُو بكر الْخَطِيب كتصانيفه فِي الْحِفْظ فَقَالَ لَا كُنَّا إِذا سألناه عَن شَيْء أجابنا بعد أَيَّام وَإِن ألححنا عَلَيْهِ غضب وَكَانَت لَهُ بادرة وَحْشَة وَأما تصانيفه فمصنوعة مهذبة وَلم يكن حفظه على قدر تصانيفه قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء ونقلت من خطّ أبي سعد السَّمْعَانِيّ ومنتخبه لمعجم شُيُوخ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد النخشبي قَالَ وَمِنْهُم أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب يخْطب فِي بعض قرى بغداذ حَافظ فهم وَلكنه كَانَ يتهم بِشرب النَّبِيذ كنت كلما لَقيته بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ فَلَقِيته فِي بعض الْأَيَّام فَلم يسلم عَليّ ولقيته شبه الْمُتَغَيّر فَلَمَّا جَازَ عني لَحِقَنِي بعض أَصْحَابنَا وَقَالَ لي لقِيت أَبَا بكر الْخَطِيب سَكرَان فَقلت لَهُ لقد لَقيته متغيراً واستنكرت حَاله وَلم أعلم أَنه سَكرَان(7/128)
وَلَعَلَّه قد تَابَ إِن شَاءَ الله قَالَ السَّمْعَانِيّ وَلم يذكر عَن الْخَطِيب رَحمَه الله هَذَا إِلَّا النخشبي مَعَ أَنِّي لحقت جمَاعَة من أَصْحَابه كَثِيرَة وَقَالَ فِي المذيل والخطيب فِي دَرَجَة القدماء من الْحفاظ وَالْأَئِمَّة الْكِبَار كيحيى بن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَأحمد بن أبي خَيْثَمَة وطبقتهم وَكَانَ عَلامَة الْعَصْر اكتسى بِهِ هَذَا الشَّأْن غضارة وبهجة ونضارة وَكَانَ مهيباً وقوراً نبيلاً خطيراً ثِقَة صَدُوقًا متحرياً حجَّة فِيمَا يصنفه ويقوله وينقله ويجمعه حسن النَّقْل والخط كثير الشكل والضبط قَارِئًا للْحَدِيث فصيحاً وَكن فِي دَرَجَة الْكَمَال والرتبة الْعليا خلقا وخلقاً وهيئة ومنظراً انْتهى إِلَيْهِ معرفَة علم الحَدِيث وَحفظه وَختم بِهِ الْحفاظ رَحِمهم الله بَدَأَ بِسَمَاع الحَدِيث سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة وَقد بلغ إِحْدَى عشرَة سنة من عمره قَالَ وَسمعت بعض مشايخي يَقُول دخل بعض الأكابر جَامع دمشق أَو صور وَرَأى حَلقَة عَظِيمَة للخطيب والمجلس غاص يسمعُونَ مِنْهُ الحَدِيث فَصَعدَ إِلَى جَانِبه وَكَأَنَّهُ استكثر الْجمع فَقَالَ لَهُ الْخَطِيب الْقعُود فِي جَامع الْمَنْصُور مَعَ نفر يسير أحب إِلَيّ من هَذَا انْتهى وَحدث الْخَطِيب وَله عشرُون سنة حِين قدم من الْبَصْرَة وَكتب عَنهُ شَيْخه أَبُو الْقَاسِم الْأَزْهَرِي أَشْيَاء أدخلها فِي تصانيفه وَسَأَلَهُ الْخَطِيب فقرأها عَلَيْهِ وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبع مائَة قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاء يحيى بن عَليّ الْخَطِيب اللّغَوِيّ لما دخلت دمشق سنة سِتّ وَخمسين كَانَ بهَا إِذْ ذَاك الإِمَام أَبُو بكر الْحَافِظ وَكَانَت لَهُ حَلقَة كَبِيرَة يَجْتَمعُونَ فِي بكرَة كل يَوْم فَيقْرَأ لَهُم وَكنت أَقرَأ عَلَيْهِ الْكتب الأدبية المسموعة وَكَانَ إِذا مر فِي كِتَابه شَيْء يحْتَاج إِلَى إصْلَاح يصلحه وَيَقُول أَنْت مني الرِّوَايَة وَأَنا أُرِيد مِنْك الدِّرَايَة قَالَ وَكَانَ إِذا قَرَأَ الحَدِيث فِي جَامع دمشق يسمع صَوته فِي آخر الْجَامِع وَكَانَ يقْرَأ مَعهَا صَحِيحا)
وَحدث مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي سَمِعت أَبَا الْقَاسِم مكي بن عبد السَّلَام الرَّمْلِيّ يَقُول سَبَب خُرُوج أبي بكر الْخَطِيب من دمشق إِلَى صور أَنه كَانَ يخْتَلف إِلَيْهِ صبي صبيح الْوَجْه وَقد سَمَّاهُ مكي أَنا نكبت عَن ذكره فَتكلم النَّاس فِي ذَلِك وَكَانَ أَمِير الْبَلدة رَافِضِيًّا متعصباً فبلغته الْقِصَّة فَجعل ذَلِك سَببا للفتك بِهِ فَأمر صَاحب الشرطة أَن يَأْخُذهُ بِاللَّيْلِ ويقتله وَكَانَ صَاحب الشرطة من أهل السّنة فقصده صَاحب الشرطة تِلْكَ اللَّيْلَة مَعَ جمَاعَة من الشرطة من أَصْحَابه وَلم يُمكنهُ أَن يُخَالف الْأَمِير وَأَخذه وَقَالَ لَهُ أمرت بِكَذَا وَكَذَا وَلَا أجد لَك حِيلَة إِلَّا أنني أعبر بك على دَار الشريف ابْن أبي الْحسن الْعلوِي فَإِذا حاذيت الْبَاب فَادْخُلْ الدَّار فَإِنِّي أرجع إِلَى الْأَمِير وَأخْبرهُ بالقصة فَفعل ذَلِك وَدخل دَار الشريف وَأعلم صَاحب الشرطة الْأَمِير فَبعث الْأَمِير إِلَى الشريف أَن يبْعَث بِهِ فَقَالَ الشريف أَيهَا الْأَمِير أَنْت تعرف اعتقادي فِيهِ وَفِي أَمْثَاله وَلَكِن لَيْسَ لي فِي قَتله مصلحَة هَذَا الرجل مَشْهُور بالعراق وَإِن قتلته قتل بِهِ جمَاعَة من الشِّيعَة بالعراق وَخَربَتْ الْمشَاهد قَالَ فَمَا ترى قَالَ أرى أَن يخرج من بلدك فَأمر بِهِ فَخرج إِلَى صور وَبَقِي بهَا مُدَّة إِلَى أَن عَاد إِلَى بغداذ وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ
قَالَ محب الدّين ابْن النجار أخبرنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الْحداد بأصبهان قَالَ أَنا الْحَافِظ أَبُو(7/129)
مُوسَى مُحَمَّد بن أبي بكر الْمَدِينِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا عَليّ الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن بَقِي الأندلسي الجذامي الْحَافِظ وَقل من رايت من الْحفاظ مثله يَقُول قَالَ أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ رَأَيْت الْحفاظ فِي ديار الْإِسْلَام أَرْبَعَة أَبَا ذَر عبد بن أَحْمد والصوري والأرموي وَأَبا بكر الْخَطِيب وَأما الْفُقَهَاء فكثير انْتهى وَحضر أَبُو بكر الْخَطِيب درس الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فروى الشَّيْخ حَدِيثا من رِوَايَة بَحر بن كنيز بالنُّون والزاء السقاء ثمَّ قَالَ للخطيب مَا تَقول فِيهِ فَقَالَ الْخَطِيب إِن أَذِنت لي ذكرت حَاله فأسند الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق ظَهره إِلَى من الحائظ وَقعد مِثْلَمَا يقْعد التلميذ بَين يَدي الْأُسْتَاذ يسمع كَلَام الْخَطِيب وَشرع الْخَطِيب فِي شرح أَحْوَاله وَيَقُول قَالَ فِيهِ فلَان كَذَا وَقَالَ فِيهِ فلَان كَذَا وَشرح أَحْوَاله شرحاً حسنا وَمَا ذكر فِيهِ الْأَئِمَّة من الْجرْح وَالتَّعْدِيل إِلَى أَن فرغ مِنْهُ فَأثْنى الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق عَلَيْهِ ثَنَاء حسنا وَقَالَ هُوَ دارقطني عهدنا وَكَانَ الْخَطِيب يمشي فِي الطَّرِيق وَفِي يَده جُزْء يطالعه وَرُبمَا أعلم على الْأَحَادِيث وتفقه الْخَطِيب على الْمحَامِلِي وعَلى القَاضِي أبي الطّيب وَقَالَ أَبُو عَليّ البرداني لَعَلَّ الْخَطِيب لم ير مثل نَفسه وَكَانَ يذهب مَذْهَب أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مذْهبه يَعْنِي الْخَطِيب فِي)
الصِّفَات أَنَّهَا تمر كَمَا جَاءَت صرح فِي تصانيفه بذلك قلت الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى لَهُ فِي آيَات الصِّفَات مذهبان أَحدهمَا أَنه إِذا مرت بِهِ آيَة ظَاهرهَا يفهم مِنْهُ الجسمية كَالْيَدِ وَالْجنب ردهَا بالتأويل إِلَى مَا يَنْفِي الجسمية وَالثَّانِي أَنه يمر بظاهرها كَمَا جَاءَت لَا يتأولها ويكل الْعلم بهَا إِلَى الله تَعَالَى من غير اعْتِقَاد الجسمية فَاخْتَارَ الْخَطِيب الْمَذْهَب الثَّانِي وَهُوَ الأسلم وَولد الْخَطِيب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله يَوْم الِاثْنَيْنِ السَّابِع من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ أحد من حمل جنَازَته الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ
وَقَالَ أَبُو الْفضل بن خيرون جَاءَنِي بعض الصَّالِحين فَأَخْبرنِي لما مَاتَ الْخَطِيب وَقَالَ إِنِّي رَأَيْته فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ كَيفَ حالك قَالَ أَنا فِي روح وَرَيْحَان وجنة نعيم وَقَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن جدا رَأَيْت فِي الْمَنَام بعد موت الْخَطِيب شخصا قَائِما بحذائي فَأَرَدْت أَن أسأله عَن الْخَطِيب فَقَالَ لي ابْتِدَاء أنزل وسط الْجنَّة حَيْثُ يتعارف الْأَبْرَار وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي سَمِعت أَبَا الْعِزّ نجا بن الْمُبَارك بن طَالب المحرمي الْفَقِيه يحلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَيْهِ إِلَّا هُوَ وَهُوَ صَدُوق صَالح من أهل الْعلم أَنه رأى فِي الْمَنَام أَبَا بكر الشَّامي قَاضِي بغداذ بعد مَوته كَأَنَّهُ قَاعد على كرْسِي قَالَ فدنوت مِنْهُ وسلمت عَلَيْهِ وصافحته فَالْتَفت فَإِذا أَبُو بكر الْخَطِيب على كرْسِي آخر فَقَالَ لي القَاضِي الحَدِيث الْفُلَانِيّ فَأَجَابَهُ الْخَطِيب بِشَيْء ذهب عني فتنازعنا فَقَالَ الْخَطِيب فَهَذَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُم حَتَّى نَسْأَلهُ فقاما جَمِيعًا إِلَى زَاوِيَة فرفعا سترا أخرض ودخلا فوقفت أَنا على الْبَاب ثمَّ انْتَبَهت وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْمَكِّيّ بن عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي كنت نَائِما فِي منزل الشَّيْخ أبي السن بن الزَّعْفَرَانِي ببغداذ لَيْلَة الْأَحَد الثَّانِي عشر من ربيع الأول سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة فَرَأَيْت فِي(7/130)
الْمَنَام عِنْد السحر كأنا اجْتَمَعنَا عِنْد الْخَطِيب بمنزله بِبَاب الْمَرَاتِب لقِرَاءَة التَّارِيخ على الْعَادة وَكَانَ الشَّيْخ جَالِسا وَالشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح نصر بن إِبْرَاهِيم عَن يَمِينه وَعَن يَمِين الْفَقِيه نصر رجل جَالس لم أعرفهُ فَسَأَلت عَنهُ فَقلت من هَذَا الرجل الَّذِي لم تجر عَادَته بالحضور مَعنا فَقيل لي هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ ليسمع التَّارِيخ فَقلت فِي نَفسِي هَذِه جلالة للشَّيْخ أبي بكر يحضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَجْلِسه فَقلت فِي نَفسِي وَهَذَا أَيْضا رد لقَوْل من يعيب التَّارِيخ وَيذكر أَن فِيهِ تحاملاً على أَقوام وَقَالَ الْخَطِيب فِي تَرْجَمَة الْحِيرِي إِسْمَاعِيل بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي الضَّرِير)
حج وَحدث وَنعم الشَّيْخ كَانَ وَلما حج كَانَ مَعَه حمل كتب ليجاور وَكَانَ فِي جملَة كتبه صَحِيح البُخَارِيّ سَمعه من الكشمهيني فَقَرَأت جَمِيعه عَلَيْهِ فِي ثَلَاثَة مجَالِس قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهَذَا شَيْء لَا أعلم أحد فِي زَمَاننَا يستطيعه
وَكتبه الَّتِي صنفها تَارِيخ مَدِينَة السَّلَام مائَة وَسِتَّة أَجزَاء شرف أصَاب الحَدِيث ثَلَاثَة أَجزَاء الْجَامِع خَمْسَة عشر جُزْءا الْكِفَايَة فِي معرفَة الرِّوَايَة ثَلَاثَة عشر جُزْءا تَلْخِيص الْمُتَشَابه سِتَّة عشر جُزْءا تالي التَّلْخِيص الْفَصْل للوصل المدرج فِي النَّقْل تِسْعَة أَجزَاء المكمل فِي المهمل ثَمَانِيَة أَجزَاء غنية المقتبس فِي تَمْيِيز الملتبس سِتَّة أَجزَاء من وَافَقت كنيته اسْم أَبِيه ثَلَاثَة أَجزَاء الْأَسْمَاء المبهمة جُزْء مُجَلد الموضح أَرْبَعَة عشر جُزْءا من حدث وَنسي تَمْيِيز مُتَّصِل الْأَسَانِيد ثَمَانِيَة أَجزَاء الْخَيل ثَلَاثَة أَجزَاء الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء الرحلة الِاحْتِجَاج بالشافعي البخلاء أَرْبَعَة أَجزَاء التطفيل ثَلَاثَة أَجزَاء الْقُنُوت ثَلَاثَة أَجزَاء الروَاة عَن مَالك سِتَّة أَجزَاء الْفَقِيه والمتفقه اثْنَا عشر جُزْءا المؤتنف لتكملة المؤتلف والمختلف مُبْهَم الْمَرَاسِيل ثَلَاثَة أَجزَاء الْبَسْمَلَة من الْفَاتِحَة الْجَهْر بالبسملة جزءان مقلوب الْأَسْمَاء الْأَنْسَاب اثْنَا عشر جُزْءا صِحَة الْعَمَل بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد أَسمَاء المدلسين اقْتِضَاء الْعلم للْعَمَل تَقْيِيد الْعلم ثَلَاثَة أَجزَاء القَوْل فِي علم النُّجُوم رِوَايَات الصَّحَابَة عَن التَّابِعين صَلَاة التَّسْبِيح مُسْند نعيم بن هماز النَّهْي عَن صَوْم يَوْم الشَّك الْإِجَازَة للمعدوم والمجهول رِوَايَات السِّتَّة من التَّابِعين بَعضهم عَن بعض مُعْجم الروَاة عَن شُعْبَة ثَمَانِيَة أَجزَاء المؤتلف والمختلف أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ جُزْءا حَدِيث مُحَمَّد بن سوقة أَرْبَعَة أَجزَاء المسلسلات ثَلَاثَة أَجزَاء طرق قبض الْعلم ثَلَاثَة أَجزَاء غسل الْجُمُعَة ثَلَاثَة أَجزَاء الدَّلَائِل والشواهد
وَمن شعر الْخَطِيب رَحمَه الله
(لَا تغبطن أَخا الدُّنْيَا بزخرفها ... وَلَا للذة وقتٍ عجلت فَرحا)
(فالدهر أسْرع شيءٍ فِي تقلبه ... وَفعله بينٌ لِلْخلقِ قد وضحا)
(كم شاربٍ عسلاً فِيهِ منيته ... وَكم تقلد سَيْفا من بِهِ ذبحا)(7/131)
وَمِنْه
(تغيب الْخلق عَن عَيْني سوى قمرٍ ... حسبي من الْخلق طراً ذَلِك الْقَمَر)
)
(مَحَله فِي فُؤَادِي قد تملكه ... وَحَازَ روحي وَمَا لي عَنهُ مصطبر)
(فالشمس أقرب مِنْهُ فِي تنَاولهَا ... وَغَايَة الْحَظ مِنْهُ للورى النّظر)
(أردْت تقبيله يَوْمًا مخالسةً ... فَصَارَ من خاطري فِي خَدّه أثر)
(وَكم حليمٍ رَآهُ ظَنّه ملكا ... وراجع الْفِكر فِيهِ أَنه بشر)
وَمِنْه
(لَو قيل مَا تتمنى قلت فِي عجلٍ ... أَخا صَدُوقًا أَمينا غير خوان)
(إِذا فعلت جميلاً ظلّ يشكرني ... وَإِن أَسَأْت تَلقانِي بغفران)
(وَيسْتر الْعَيْب فِي سخطٍ وَحَال رضى ... ويحفظ الْغَيْب فِي سرٍّ وإعلان)
(وَأَيْنَ فِي الْخلق هَذَا عز مطلبه ... فَلَيْسَ يُوجد مَا كرّ الجديدان)
3 - (قَاضِي الهمامية)
أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت أَبُو الْعَبَّاس من أهل الهمامية تولى الْقَضَاء بالهمامية مديدةً ثمَّ عزل وَقدم بغداذ وَسكن بالنظامية وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالفرائض والحساب فَقَرَأَ النَّاس عَلَيْهِ وانتفعوا وَكَانَ قدم بغداذ قَدِيما وتفقه بهَا وَقَرَأَ وَسمع الحَدِيث من أبي طَالب غُلَام ابْن الْخلّ وَحدث عَنهُ ببغداذ بِيَسِير وَكَانَ متديناً حسن الطَّرِيقَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (أَخُو الْوَزير ابْن مقلة)
أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن بن مقلة أَبُو الْحُسَيْن الملقب بالغنيم تَصْغِير غنم وَهُوَ أَخُو الْوَزير أبي عَليّ توفّي سنة سبع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن أبي زنبور)
أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن أَبُو الرضى ابْن أبي الزنبور النيلي سكن الْموصل وَكَانَ أديباً فَاضلا قدم دمشق ومدح السُّلْطَان صَلَاح الدّين بن أَيُّوب وَعمر طَويلا وتأدب على سعيد ابْن الدهان وَكَانَ من غلاة الرافضة وَصله صَلَاح الدّين بِخمْس مائَة دِينَار قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَدخلت الْموصل وَهُوَ حَيّ وَلم يتَّفق لي لقاؤه وَأورد لَهُ قَوْله
(إِن زارنا أحدٌ شكرنا سَعْيه ... وَإِذا أراح من الزِّيَارَة نشكر)
(إِن المواصل حَظه متوفرٌ ... عِنْدِي وحظّ مريح قلبِي أوفر)
(علمي مباحٌ للأنام ونصحهم ... فرضٌ عَليّ وإنني لَا أضجر)
)
(وَجب الْقِتَال على معدٍ دارعٍ ... وأريح مِنْهُ حاسرٌ متدثر)(7/132)
(لَا يحمدني مستفيدٌ إِنَّمَا ... لإِفَادَة الإخوان ليلِي أسهر)
قلت شعر متوسط
كَانَ حَيا سنتة ثَلَاث عشرَة وست مائَة وسافر إِلَى الْبَحْرين وعمان والهند وكرمان وأصبهان وبغداذ وجالس ابْن الخشاب وَسَأَلَهُ مسَائِل وَدخل الْموصل سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة
3 - (ابْن قدامَة الْحَنَفِيّ قَاضِي الأنبار)
أَحْمد بن عَليّ بن قدامَة أَبُو الْمَعَالِي الأنبار أحد عُلَمَاء الْأَدَب الْمَشْهُورين توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَله من الكتبكتاب فِي القوافي كتاب فِي النَّحْو روى عَنهُ مُحَمَّد بن عقيل الْكَاتِب الدسكري وَأحمد بن مُحَمَّد بن غَالب العطاردي
3 - (قَاضِي بعقوبا)
أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن كردِي أَبُو الْبَقَاء من بِبَيْت مَشْهُور بِالْعَدَالَةِ وَالْقَضَاء وَالرِّوَايَة تقلد الْقَضَاء ببعقوبا بعد السِّتين وَخمْس مائَة وَبَقِي على ذَلِك إِلَى أَن مَاتَ وأضرّ فِي آخر عمره وَكَانَ نزهاً عفيفاً سمع مُحَمَّد بن عبيد الله بن سَلامَة الْكَرْخِي وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن سُلَيْمَان قَالَ ابْن النجار كتبت عَنهُ وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وست مائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس المهلبي)
أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن بن المعقل بن المحسن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن عبد الله بن معقل أَبُو الْعَبَّاس المهلبي من أهل حمص قَالَ ابْن النجار شَاب من أهل حمص رَأَيْته عِنْد شَيخنَا الْوَجِيه أبي بكر النَّحْوِيّ الوَاسِطِيّ يقْرَأ عَلَيْهِ الْأَدَب وَكَانَ كيس الْأَخْلَاق أَنْشدني لنَفسِهِ ببغداذ
(أظبى جفونٍ أم جفون ظباءٍ ... سلبتك قُوَّة عزةٍ وعزاء)
(وقدود سمرٍ أم قدود ذوابلٍ ... سمرٍ حمتك موارد الإغفاء)
(عرّضت قَلْبك للهوى متوقعاً ... نيل المنى فَوَقَعت فِي ضراء)
(كم نظرة زرعت بقلب متيمٍ ... حبا يغل عَلَيْهِ حب بلَاء)
)
(وَلكم جهولٍ بالهوى فِيهِ هوى ... وأطاع بعد تمنعٍ وإباء)
(لَا أعرفنك بعد عرفان بِهِ ... تنقاد عزا زَائِد الإغراء)
(وتوق أحداق المها فسهامها ... تصمي صميم الْقلب والأحشاء)
قَالَ سَأَلت أَبَا الْعَبَّاس عَن مولده فَقَالَ فِي آخر سنة سبع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة بحمص(7/133)
3 - (ابْن زهراء الصُّوفِي)
أَحْمد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن زَكَرِيَّاء الطريثيثي أَبُو بكر الصُّوفِي الْمَعْرُوف بِابْن زهراء كَانَ من أَعْيَان مَشَايِخ الصُّوفِيَّة خدم الأكابر وَكَانَ حسن التِّلَاوَة من أَصْحَاب سعيد الصُّوفِي وبرباطه كَانَ مُقيما سمع أَبَاهُ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مخلد الْبَزَّاز وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الْفضل الْقطَّان وَعبد الرَّحْمَن بن عبيد الله الحرقي وَابْن شَاذان وَغَيرهم وَكَانَت سماعاته صَحِيحَة إِلَّا مَا أدخلهُ عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الْحسن بن مُحَمَّد الْكرْمَانِي فتقبله وَرَوَاهُ وَادّعى أَنه سَمعه من أبي الْحسن بن رزقويه وَمَا يَصح سَمَاعه مِنْهُ وَقد أجمع المحدثون على ضعفه وَترك الِاحْتِجَاج بِهِ روى عَنهُ جمَاعَة توفّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو طاهرالخزاز)
أَحْمد بن عَليّ بن دَاوُد الدينَوَرِي أَبُو طَاهِر الخزاز من أهل الكرخ كَانَ صَاحب أخبارٍ وأشعار وَفِيه أدب وَيَقُول الشّعْر روى عَن عبد الْوَاحِد بن برهَان النَّحْوِيّ وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الشبل ومهيار وَأبي الْقَاسِم الْمُطَرز شَيْئا من شعرهم سمع مِنْهُ أَبُو الْوَفَاء أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحصين وَعمر بن ظفر المغازلي الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف سنة ثَمَان وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْخطاب الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله الصُّوفِي أَبُو الْخطاب الْمُقْرِئ الْمُؤَدب البغداذي كَانَ أحد الْقُرَّاء المجودين الْمَشْهُورين قَرَأَ على عليّ بن عمر الحمامي الْمُقْرِئ وَله قصيدة فِي عدّ آي الْقُرْآن رَوَاهَا عَنهُ مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وقصيدة فِي السّنة رَوَاهَا عَنهُ عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي توفّي سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن ميكال الْأَمِير)
أَحْمد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن ميكال الْأَمِير أَبُو نصر النَّيْسَابُورِي العريض الجاه إِنْسَان عين آل ميكال توفّي سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة وَله شعر رائق من ذَلِك أَبْيَات مِنْهَا)
(وَإِذا الْكَرِيم مضى وَولى عمره ... كفل الثَّنَاء لَهُ بعمرٍ ثَان)
كَانَ بِمَكَّة سنة حج فِيهَا الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ الدقاق فَالتقى بِهِ وَحضر عِنْده وشاوره فِي أَن يُقيم بِمَكَّة سنة مجاوراً فَقَالَ لَهُ الْأُسْتَاذ إِن احترام الْبَيْت يقل بطول الْمقَام وَلِأَن تَنْصَرِف إِلَى أهلك وبيتك وقلبك إِلَى الْكَعْبَة خير من أَن تلازم الْكَعْبَة وقلبك إِلَى أهلك وبيتك كَمَا تَقول لِأَن فِي السُّوق وقلبك فِي الصَّلَاة خير من أَن تكون فِي الصَّلَاة وقلبك فِي السُّوق فَقَالَ الْأَمِير يَا أستاذ نَحن حَيْثُمَا كُنَّا فالقلب مَعنا فَسكت الْأُسْتَاذ وَوَقع مِنْهُ كَلَام الْأَمِير بموقع
3 - (شهَاب الدّين الأدفي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْوَهَّاب بن يُوسُف بن منجى شهَاب الدّين الأدفوي قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ من الأذكياء الْعُقَلَاء المتدينين نَشأ فِي(7/134)
الْخَيْر والديانة وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا اشْتغل بالفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَقَرَأَ النَّحْو وَفهم وأعرب وَكَانَ فِيهِ صَدَقَة وتلقٍ للنا وإكرام للوارد من الطّلبَة والفقراء وَحضر إِلَى الْقَاهِرَة وَشرع فِي حفظ التسهيل فَقَرَأَ مِنْهُ قَلِيلا ثمَّ مرض وَتُوفِّي بالصالحية فِي صفر سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة وَكَانَ أحسن النَّاس ذهناً
3 - (أَبُو البركات الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن الأبرادي أَبُو البركات الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ البغداذي صحب أَبَا الْحسن ابْن الفاعوس الزَّاهِد وَغَيره من الصَّالِحين وَقَرَأَ الْفِقْه على ابْن عقيل وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن عَليّ الدقاق وَعلي بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن اللحاس وَعبد الْوَاحِد بن عَليّ بن فَهد العلاف وَغَيرهم توفيّ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن سوار الْمُقْرِئ الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن عبيد الله بن عمر بن سوار أَبُو طَاهِر الْمُقْرِئ قَرَأَ الْقُرْآن على فرج بن عمر بن الْحُسَيْن الضَّرِير وَالْقَاضِي أبي الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الواسطيين وَأحمد بن مسرور بن عبد الْوَهَّاب وَعلي بن طَلْحَة بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ وَعتبَة بن عبد الْملك بن عُثْمَان العثماني وَغَيرهم وَسمع الْكثير من مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن رزمة وَعمر بن إِبْرَاهِيم الْأَزْهَرِي وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن الْحَرَّانِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن غيلَان وَعبد الله بن مُحَمَّد بن لُؤْلُؤ الْوراق وَالْحُسَيْن بن عَليّ الطناجيري وَخلق كثير غَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الحَدِيث والقراءات)
وصنف كتاب المستنير فِي الْقرَاءَات وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا ثِقَة نبيلاً كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَدفن جوَار قبر مَعْرُوف الْكَرْخِي
3 - (أَبُو جَعْفَر الْقُرْطُبِيّ الْمُقْرِئ إِمَام الكلاسة)
أَحْمد بن عَليّ بن عَتيق بن إِسْمَاعِيل الْقُرْطُبِيّ أَبُو جَعْفَر الْمُقْرِئ الفنكي قَرَأَ الْقُرْآن بالمغرب على جمَاعَة وَدخل الشَّام فَسمع من الْحَافِظ أبي الْقَاسِم عَليّ وَمن أَمْثَاله وَتوجه إِلَى الْموصل وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على يحيى بن سعدون بن تَمام الْأَزْدِيّ الْقُرْطُبِيّ وَسمع الحَدِيث من عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطُّوسيّ خطيب الْموصل ثمَّ عَاد إِلَى دمشق واستوطنها وَسمع بهَا الحَدِيث الْكثير وَكتب وَحصل وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَكَانَ يُصَلِّي إِمَامًا بالكلاسة وَحدث باليسير لنزول إِسْنَاده وَكَانَ عَالما فَاضلا متديناً أَمينا صَدُوقًا قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتب إِلَيّ الْإِجَازَة بِجَمِيعِ مروياته توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن السمين)
أَحْمد بن عَليّ بن عَليّ بن عبد الله بن سَلامَة السيبي الخباز الْمَعْرُوف وَالِده بالسمين البغداذي سمع الْكثير بِنَفسِهِ من ابْن البطر وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن طَلْحَة وَمن(7/135)
الْخَطِيب التبريزي شَيْئا من مصنفاته وَمن غَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الحَدِيث وَالْأَدب وَكَانَت فِيهِ غَفلَة وَكَانَ قَلِيل الْعلم وَحدث بالكثير قَالَ محب الدّين ابْن النجار روى لنا عَنهُ عبد الْوَهَّاب بن عَليّ الْأمين وَابْن الْأَخْضَر وَمُحَمّد بن عَليّ بن حَمْزَة الْحَرَّانِي وَيحيى بن الْحُسَيْن الْأَوَانِي أنبأ أَبُو بكر الجيلي عَن أبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي ابْن السمين أفسد سماعاته بِأخرَة فَإِن أَحْمد بن إقبال كَانَ يَشْتَرِي الْأَجْزَاء غير مسموعة لَهُ وَيكْتب اسْم جمَاعَة هُوَ مِنْهُم على وريقة وَيُعْطِي ابْن السمين حَتَّى يَنْقُلهُ إِلَى الْجُزْء ثمَّ قَالَ ابْن نَاصِر الصائن وَابْن السمين كاذبان توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الواثق)
أَحْمد بن عَليّ بن عِيسَى بن هبة الله بن عبد الله بن مُحَمَّد بن احْمَد بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن الواثق أَبُو جَعْفَر الْهَاشِمِي البغداذي الْمُقْرِئ كَانَ أحد الْقُرَّاء بالترب الَّتِي للخلفاء بالرصافة وَكَانَ متأدباً قَالَ محب الدّين ابْن النجار سَمِعت أَنه غسل ديوانه قبل مَوته)
وَكَانَ كثير الهجاء خَبِيث اللِّسَان سمع الحَدِيث من أَحْمد بن الْبناء وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الْكَرْخِي وَعبد الأول بن عِيسَى السجْزِي وَحدث باليسير وَأورد لَهُ
(قطعت مطامعي واعتضت عَنْهَا ... عَزِيزًا بالقناعة والخمول)
(ورمت الزّهْد فِي الدُّنْيَا لِأَنِّي ... رَأَيْت الْفضل فِي ترك الفضول)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(دع عَنْك فخرك بِالْآبَاءِ منتسباً ... وافخر بِنَفْسِك لَا بالأعظم الرمم)
(فكم شريفٍ وهت بِالْجَهْلِ رتبته ... وَمن هجينٍ علا بِالْعلمِ فِي الْأُمَم)
قلت شعر متوسط توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن السواق)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الْأنْصَارِيّ البندار أَبُو طَاهِر الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن السواق وَهُوَ أَخُو أبي الغنايم حَمْزَة وَكَانَ الْأَكْبَر قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على عَليّ بن أَحْمد بن عمر الحمامي وَسمع الْكثير من عبيد الله بن أَحْمد الصيدلاني وَعبيد الله بن مُحَمَّد الفرضي وَأحمد بن مُحَمَّد بن الصَّلْت وَعلي بن مُحَمَّد بن بَشرَان وَحدث باليسير وَكَانَ صَالحا ثِقَة فَقِيها وَقَرَأَ بقراءات توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (الْهَبَّاري)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن الْفرج بن الْحَارِث الْهَاشِمِي أَبُو نصر الْمُقْرِئ وَيعرف بالهباري وبالعاجي من أهل الْبَصْرَة قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات بِدِمَشْق على الْحسن بن عَليّ الْأَهْوَازِي وبحران على الشريف عي بن مُحَمَّد وببغداذ على عَليّ بن عمر الحمامي وجال فِي الْعرَاق وَدخل كور خُرَاسَان وَقَرَأَ الْفَرَائِض وَحدث بمرو بِكِتَاب السّنَن لأبي دَاوُد عَن القَاضِي أبي عمر الْهَاشِمِي وَدخل بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر وَحدث ببخارا وسمرقند وَطعن أهل الْعرَاق فِي الْهَبَّاري ورموه بِالْكَذِبِ والتعمد فِيهِ توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة(7/136)
3 - (ابْن برهَان الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن برهَان بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء الْوَكِيل أَبُو الْفَتْح الْفَقِيه الشَّافِعِي تفقه فِي صباه على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل على ابْن عقيل ثمَّ تمذهب للشَّافِعِيّ وَقَرَأَ على أبي بكر الشَّاشِي وَالْغَزالِيّ والكيا الطَّبَرِيّ وَكَانَ ذكياً خاذق الذكاء حفظَة لَا يسمع شَيْئا)
إِلَّا حفظه وَلم يزل يُبَالغ فِي الطّلب والاشتغال وَالْحِفْظ والتنقيح وَالتَّحْقِيق وَحل المشكلات واستخراج المععاني حَتَّى صَار يضْربهُ بِهِ الْمثل فِي تبحره فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَصَارَ إِمَامًا كَبِيرا من أَئِمَّة الْمُسلمين وَولي التدريس بالنظامية وعزل ثمَّ أُعِيد ثمَّ عزل بعد يَوْم وَكَانَ الطّلبَة يقصدونه من الْبلدَانِ إِلَى أَن صَار جَمِيع نَهَاره وَقطعَة من اللَّيْل مستوعباً للأشغال وإلقاء الدُّرُوس وَطلب مِنْهُ درس فِي الاحياء للغزالي فَلم يكن لَهُ وَقت إِلَى أَن سَأَلُوهُ أَن يكون الدَّرْس نصف اللَّيْل فَأجَاب سمع الحَدِيث الْكثير بِنَفسِهِ من أَحْمد بن الْحُسَيْن الكرجي وَابْن البطر وَالْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وَعلي بن الْحُسَيْن الْبَزَّاز وَجَمَاعَة وَسمع ابْن كُلَيْب صَحِيح البُخَارِيّ بقرَاءَته على أبي طَالب الزيني وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَخمْس مائَة وَدفن بِبَاب أبرز كَذَا ذكر ابْن النجار وَقَالَ غَيره توفّي سنة عشْرين وَخمْس مائَة وَهُوَ فِيمَا أَظن الصَّحِيح وَله الْوَجِيز فِي أصُول الْفِقْه
3 - (القَاضِي أَبُو عبيد الله الدَّامغَانِي)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الْملك الدَّامغَانِي القَاضِي ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله أذن لَهُ أَبوهُ أَن يشْهد عَلَيْهِ فِي السجلات وَيَضَع خطه فِيمَا عَداهَا من الْكتب فَلَمَّا توفّي أَبوهُ ولي أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الزَّيْنَبِي قَضَاء الْقُضَاة وَولي هَذَا قَضَاء بَاب الْبَصْرَة مُضَافا إِلَى قَضَاء مَدِينَة الْمَنْصُور سمع الحَدِيث من النَّقِيب أبي الفوارس طراد الزَّيْنَبِي وَالْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وَالْمبَارك بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَغَيرهم وفوض إِلَيْهِ قَضَاء ربع الكرخ ثمَّ الْجَانِب الغربي بأسره ثمَّ ضم إِلَيْهِ قَضَاء بَاب الأزج وَكَانَ جميل السِّيرَة محمودها توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الْمُقْرِئ الْحَاجِب)
أَحْمد بن عَليّ بن الْمُقْرِئ الْحجب البغداذي ظريف لطيف قَالَ محب الدّين ابْن النجار سمع شَيْئا من الحَدِيث وَلم تكن طَرِيقَته محمودة وَلَا أَفعاله حَسَنَة وَكَانَ كثير المخالطة لأهل الْعَبَث وَالْفساد حَتَّى جَرّه ذَلِك إِلَى حِينه على حَال نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا وَأورد لَهُ
(عذارك موضحٌ للنَّاس عُذْري ... وصدرك مفعمٌ بالشوق صَدْرِي)
(لعمري لست أسمع فِيك عذلاً ... وَلَا أبغي سلواً عَنْك عمري)(7/137)
(يَمِينا برةً إِنِّي مشوقٌ ... إِلَيْك وطالبٌ مَا أَنْت تَدْرِي)
)
وَأورد لَهُ فِي غلامٍ سجن
(أسفي على طول الْوِصَال المسعف ... يَا بدر لَو أجدى عليّ تأسفي)
(مَا بَال عَيْني بعد بعْدك بالكرى ... بخلت وجادت بالدموع الذرف)
(قد رقّ لي العذاك من أرقي على ... ريقٍ بفيك من المدام القرقف)
(مَا زَالَ صرف الدَّهْر يعبث بَيْننَا ... حَتَّى تفرق مألفٌ عَن مألف)
(شيم الزَّمَان لئيمةٌ فَلِذَا إِذا ... حاولت مِنْهُ قَضِيَّة لم ينصف)
(لم تشترى بدراهمٍ معدودةٍ ... إِلَّا لبخسك قيمَة لم تعرف)
(وسجنت لَا لقضيةٍ أَخْطَأت بل ... كَيْلا تخلّ بخلةٍ من يُوسُف)
قلت الْقطعَة الأولى مرذولة وَهَذِه متوسطة وَأحسن من هَذَا قَول ابْن سناء الْملك رَحمَه الله تَعَالَى فِي غُلَام ضرب وسجن
(بنفسي من لم يضربوه لريبةٍ ... وَلَكِن ليبدو الْورْد فِي سَائِر الْغُصْن)
(وَلم يودعوه فِي السجْن إِلَّا مَخَافَة ... من الْعين أَن تعدو على ذَلِك الْحسن)
(وَقَالُوا لَهُ شاركت فِي الْحسن يوسفاً ... فشاركه أَيْضا فِي الدُّخُول إِلَى السجْن)
(فَلَا تعجبوا إِن فرّ من نَار سجنهم ... وَمن قبلهَا قد فرّ من جنتي عدن)
قَالَ ابْن النجار اجْتمع ابْن الْمُقْرِئ بصبي من جِيرَانه من أَوْلَاد آص بِهِ أَمِير الْحَاج وَجَرت بَينهمَا معاتبة وموافقة أدَّت إِلَى أَن ضرب ابْن الْمُقْرِئ ابْن آص بِهِ بسكين فجرحه جِرَاحَة أثخنته وَحمل وقيذاً إِلَى منزله وهرب ابْن الْمُقْرِئ واختفى وَمَات الْمَجْرُوح من ليلته نصف جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وست مائَة وَاشْتَدَّ الطّلب على ابْن الْمُقْرِئ إِلَى أَن وجد تَاسِع جُمَادَى الأولى فَقبض عَلَيْهِ وَحمل إِلَى حبس الجرائم فَلَمَّا كَانَ من الْغَد وَقت صَلَاة الْعَصْر سلم إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول فَحَمَلُوهُ إِلَى الموضح الَّذِي جرح فِيهِ وقتلوه ضربا بِالسُّيُوفِ ووطئوه بخيلهم وَبَقِي ملقىً على وَجه الأَرْض على حَاله إِلَى لَيْلَة ثَالِث عشْرين جُمَادَى الأولى فَحمل إِلَى منزله وَغسل وكفن وَمَا أَظُنهُ بلغ الثَّلَاثِينَ سامحه الله وإيانا وَعمل بَيْتَيْنِ قبل أَن يقتل بساعة فِي الْحَبْس وَقَالَ لوَلَده اجعلهما فِي كفني وهما
(قدمت على الْكَرِيم بِغَيْر زادٍ ... من الْأَعْمَال بل قلبٍ سليم)
(وَسُوء الظَّن أَن يعْتد زادٌ ... إِذا كَانَ الْقدوم على كريم)
)
3 - (ابْن السقاء)
أَحْمد بن عَليّ بن مَسْعُود بن عبد الله بن الْحسن بن عبد الله بن عطاف(7/138)
الْوراق أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف ابْن السقاء البغداذي سمع فِي صباه من أبي الْوَقْت السجْزِي وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على أَحْمد بن مُحَمَّد بن شنيف ولاحق بن عَليّ بن كارة وَقَرَأَ شَيْئا من الْأَدَب على ابْن الخشاب وَمن بعده على أبي مُحَمَّد بن عُبَيْدَة الْكَرْخِي وَكَانَ أديباً فَاضلا حسن الْمعرفَة بالنحو كيساً فِيهِ ود جمع لنَفسِهِ مجموعاً كَبِيرا انتخبه من الْكتب والمجاميع وَلم يكن مَحْمُود السِّيرَة عَفا الله عَنَّا وَعنهُ توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة
3 - (نقيب الطالبين)
أَحْمد بن عَليّ بن المعمر بن مُحَمَّد بن المعمر يَنْتَهِي إِلَى الْحُسَيْن الْأَصْغَر أَبُو عبد الله الْحُسَيْنِي الْعلوِي نقيب الطالبين ببغداذ سمع عَليّ بن مُحَمَّد بن العلاف وَالْمبَارك بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن مَيْمُون النَّرْسِي وَغَيرهم وَحدث بالكثير وَكَانَ يحب الرِّوَايَة وَيكرم أَصْحَاب الحَدِيث إِذا أَتَوْهُ روى عَنهُ الْأَخْضَر وَأحمد بن الْبَنْدَنِيجِيّ وَأحمد بن عمر بن بكرون وَأحمد بن يحيى بن هبة الله الخازن وَغَيرهم وَله ترسل وَشعر وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره
(دمعٌ يخد ووجنة تتخدد ... وجوىً يزِيد وزفرةٌ تتجدد)
(وصبابةٌ تنمي وصبرٌ نافرٌ ... وضنىً يجول وجور وجد يلبد)
(وَهوى يشعب فكرتي ويذيبني ... شوقاً تقسمه كواعب خرّد)
(وحنين قلبٍ واشتجار وساوس ... ودوام تهيام وجفنٌ يسهد)
وأنين خلب محدق وغرام وجد مقلقٌ وجوارحٌ تتلبد ونحول جسم واضحٌ وسقام حب فاضحٌ وجياد عقل تشرد
(وغريم تذكارٍ مقيمٌ ساخطٌ ... أبدا عليّ رَسُوله يتمرّد)
(وتلفتٌ نَحْو الديار وأنةٌ ... يحيا بهَا دمعي الَّذِي لَا يجمد)
(وتطلعٌ نَحْو الغوير ولوعةٌ ... تسيارها شغفاً يخب ويزبد)
قلت شعر كالجسد الَّذِي لَا روح فِيهِ كَمَا ترَاهُ قعقعة وجعجعة وَلَا طحين وَله كتاب نثر المنظوم كَالَّذي لِابْنِ خلف)
3 - (ابْن الشرابي النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله الرماني النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الشرابي سمع عبد الْوَهَّاب بن حسن الْكلابِي والهيثم بن أَحْمد الْفَقِيه وَعبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن الْعقب حدث بِكِتَاب إصْلَاح الْمنطق عَن مُحَمَّد بن أَحْمد الْجِرْجَانِيّ عَن الْحسن بن(7/139)
إِبْرَاهِيم الْآمِدِيّ عَن أبي الْحسن عَليّ بن سُلَيْمَان بن الْأَخْفَش عَن ثَعْلَب عَن ابْن السّكيت توفّي سنة خمس عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الْمَأْمُون النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون النَّحْوِيّ القَاضِي صَاحب الْخط الْمليح وَالنَّقْل الصَّحِيح مولده سنة تسع وَخمْس مائَة ووفاته سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَهُوَ ابْن عَليّ بن هبة الله بن الْحسن بن عَليّ الزَّوَال وَأَصله الزول وَإِنَّمَا غَيره المتكلمون بِهِ وزادوه ألفا والزول الرجل الشجاع ابْن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن الْحُسَيْن بن عبد الله الْمَأْمُون بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور ختم الْقُرْآن وقرأه للعشرة هُوَ وَإِسْمَاعِيل بن الجواليقي وَكَانَا يتعاضدان على الْقِرَاءَة وَكتب الْخط على الْحسن بن مُتَصَوّر بن الْحسن الْجَزرِي وَقَرَأَ اللُّغَة والنحو على أبي مَنْصُور بن الجواليقي قَرَأَ عَلَيْهِ من حفظه وَغير حفظه كثيرا وَتَوَلَّى الْقَضَاء سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَلما تولى المستنجد حبس الْقُضَاة وَبَقِي ابْن الْمَأْمُون فِي الْحَبْس إِحْدَى عشرَة سنة وَأخذ جَمِيع مَا يملكهُ وَكتب فِي الْحَبْس ثَمَانِينَ مجلدة مِنْهَا الجمهرة لِابْنِ دُرَيْد مجلدان وَشرح سِيبَوَيْهٍ ثَلَاث مجلدات وَإِصْلَاح الْمنطق محشى مجلدة والغريبين للهروي مجلدة وأشعار الهذليين ثَلَاث مجلدات وَشعر المتنبي مجلدة وغريب الحَدِيث لأبي عبيد مجلدتان وَأَشْيَاء غير ذَلِك وَحفظ أَوْلَاده الختمة وحفظهم كتبا كَثِيرَة فِي الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير وغريب الْقُرْآن والخطب والأشعار وَشرح لَهُم كتاب الفصيح وَجمع لَهُم كتابا سَمَّاهُ كتاب أسرار الْحُرُوف يبين مخارجها ومواقعها من الزَّوَائِد والمنقلب والمبدل والمتشابه والمضاعف وَغير ذَلِك وَلما ولي المستضيئ رَحمَه الله تَعَالَى أفرج عَمَّن كَانَ فِي الْحَبْس وَأعَاد عَلَيْهِم كل مَا كَانَ فِي الخزانة بِأَسْمَائِهِمْ وَكَانَ فِي ذَلِك صرة فِيهَا ثَلَاث مائَة دِينَار إمامية صِحَاح وَأعد سهاماً فِي ثَلَاث قرايا على ابْن الْمَأْمُون وَأَعَادَهُ إِلَى ولَايَته وَمن شعره
(فؤاد المشوق كثير العنا ... وَمن كتم الوجد أبدى الضنى)
)
(وَكم مدنفٍ فِي الْهوى بعدهمْ ... وَكَانُوا الْأَمَانِي لَهُ والمنى)
(يُنَادي من الشوق فِي إثرهم ... إِذا آده مَا بِهِ قد منا)
(بيا جسداً ناحلاً بالعراق ... مُقيما وَقَلْبًا بوادي المنى)
(تحرقه زفرات الحنين ... وَيَغْدُو بِهن الشجا ديدنا)
3 - (بو جعفرك الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو جَعْفَر بن أبي جَعْفَر بن(7/140)
أبي صَالح الْبَيْهَقِيّ الْمُقْرِئ اللّغَوِيّ مَاتَ فِي مَا ذكره أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة كَانَ إِمَامًا فِي الْقِرَاءَة وَالتَّفْسِير والنحو واللغة صنف فِي ذَلِك التصانيف وَظَهَرت فِي الْبِلَاد وَظهر لَهُ أَصْحَاب نجباء وَتخرج بِهِ خلق وَكَانَ ملازماً لبيته وَالْمَسْجِد الْقَدِيم بنيسابور سمع القَاضِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن صاعد وَعلي بن الْحسن بن الْعَبَّاس الصندلي الْوَاعِظ وَغَيرهمَا قَالَ تَاج الدّين مَحْمُود بن أبي الْمَعَالِي الخواري فِي مُقَدّمَة كتاب ضَالَّة الأديب وَذكر بو جعفرك فَقَالَ أَحْمد بن عَليّ الْبَيْهَقِيّ كَانَ إِمَامًا فِي الْقرَاءَات وَالْأَدب حفظ كتاب الصِّحَاح فِي اللُّغَة عَن ظهر قلب بَعْدَمَا قَرَأَهُ على أبي الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد الميداني وكتباً كَثِيرَة وَله مؤلفات مِنْهَا كتاب الْمُحِيط بلغات الْقُرْآن كتابينابيع اللُّغَة جرد فِيهِ صِحَاح اللُّغَة من الشواهد وَضم إِلَيْهِ من تَهْذِيب اللُّغَة والشامل لأبي مَنْصُور الجبان والمقاييس لِابْنِ فَارس قدرا صَالحا من الفرائد والفوائد فِي حجم الصِّحَاح وَله كتاب تَاج المصادر
وَقَالَ عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ زله الْجُوَيْنِيّ يمدح بو جعفرك وَيذكر كِتَابه تَاج المصادر
(أَبَا جعفرٍ يَا من جعافر فَضله ... موارد مِنْهَا قد صفت ومصادر)
(كتابك ذَا غيل تأشب نبته ... وَأَنت بِهِ ليثٌ بخفان خادر)
(لبست صدار الصَّدْر يَا خير مصدرٍ ... مصَادر لَا يُنْهِي إِلَيْهَا المصادر)
(فَقل لرواة الْفضل وَالْأَدب انْتَهوا ... إِلَيْهَا وَنَحْو الريّ مِنْهَا فبادروا)
وَكَانَ يلقب ببو جعفرك وَهَذِه الْكَاف كَاف التصغير فِي لِسَان الْعَجم فَإِذا صغروا عليّاً قَالُوا عَلَيْك وجعفراً قَالُوا جعفرك
3 - (الْحَافِظ الْأَبَّار)
أَحْمد بن عَليّ الْحَافِظ الْأَبَّار حدث ببغداذ عَن مُسَدّد وَأُميَّة بن بسطَام وَجَمَاعَة وروى عَنهُ ابْن)
صاعد ودعلج والنجاد وَأَبُو بكر الْقطيعِي وَخلق قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة حَافِظًا متقناً حسن الْمَذْهَب وَله تَارِيخ وتصانيف توفّي فِي نصف شعْبَان سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ ابْن الْجَارُود)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْجَارُود الْحَافِظ رَحل وطوف وصنف التصانيف وَحدث وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا(7/141)
3 - (الصفاري الْكَاتِب)
أَحْمد بن عَليّ الصفاري الْخَوَارِزْمِيّ أَبُو الْفضل قَالَ مُحَمَّد بن أرسلان كَانَ من فضلاء خوارزم وبلغائهم وكتابهم وَله أشعار مونقة لَطِيفَة ورسائل لبقة خَفِيفَة جمع رسائله أَبُو حَفْص عمر بن الْحُسَيْن بن المظفر الأديبي وَجعلهَا خَمْسَة عشر بَابا
3 - (أَبُو بكر الرَّازِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن شهريار أَبُو بكر الرَّازِيّ النَّيْسَابُورِي صَاحب التصانيف كَانَ من كبار أَئِمَّة الحَدِيث بخراسان توفّي سنة خمس عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الاخشياذ المعتزلي)
أَحْمد بن عَليّ بن بيغجور بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَضم الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وَبعدهَا رَاء أَبُو بكر بن الأخشياذ المتلكم المعتزلي توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو حَامِد بن شَاذان)
أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن بن شَاذان أَبُو حَامِد بن حسنويه النَّيْسَابُورِي التَّاجِر سمع أَبَا عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَأَبا حَاتِم الرَّازِيّ وَالسري بن خُزَيْمَة والْحَارث بن أبي أُسَامَة وَمُحَمّد بن عبد الْوَهَّاب الْفراء وطبقتهم قَالَ الْحَاكِم كَانَ من الْمُجْتَهدين فِي الْعِبَادَة اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَو اقْتصر على سَمَاعه الصَّحِيح من المسمين لَكَانَ أولى بِهِ لكنه حدث عَن جمَاعَة أشهد بِاللَّه أَنه لم يسمع مِنْهُم توفّي سنة خمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْحَافِظ السُّلَيْمَانِي)
أَحْمد بن عَليّ بن عَمْرو الْحَافِظ أَبُو الْفضل السُّلَيْمَانِي البيكندي بِكَسْر الْبَاء الموحّدة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْكَاف وَسُكُون النُّون وَكسر الدَّال الْمُهْملَة رَحل إِلَى الْآفَاق وَلم يكن)
لَهُ نَظِير فِي عصره ببخارا حفظا وإتقاناً وَكَثْرَة تصنيف توفّي سنة أَربع وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن لال الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفرج أَبُو بكر الهمذاني الشَّافِعِي الْفَقِيه الْمَعْرُوف بِابْن لال بلامين بَينهمَا ألف سمع أَبَاهُ وَغَيره وروى عَنهُ جمَاعَة كَانَ إِمَامًا ثِقَة مفتياً لَهُ مصنفات فِي عُلُوم الحَدِيث غير أَنه كَانَ مَشْهُورا بالفقه وَله كتاب السّنَن ومعجم الصَّحَابَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مَا رَأَيْت شَيْئا أحسن مِنْهُ توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة(7/142)
3 - (الْحَافِظ ابْن منجويه)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منجويه أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ اليزدي نزيل نيسابور إِمَام كَبِير وحافظ مَشْهُور ثِقَة صَدُوق وصنف كتبا كَثِيرَة وَمَات فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (تَاج الْأَئِمَّة)
أَحْمد بن عَليّ بن هَاشم أَبُو الْعَبَّاس الْمصْرِيّ الْمُقْرِئ المجود الملقب بتاج الْأَئِمَّة قَرَأَ على أبي حَفْص عمر بن عرَاك وَغَيره رَحل إِلَى الْعرَاق وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (القَاضِي جلال الدولة بِدِمَشْق)
أَحْمد بن عَليّ بن القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن الْحُسَيْنِي النصيبي ثمَّ الدِّمَشْقِي جلال الدولة أَبُو الْحسن ولي قَضَاء دمشق فِي دولة الْمُنْتَصر العبيدي وَهُوَ آخر قُضَاة العبيديين بِدِمَشْق كَانَ يرْمى بِالْكَذِبِ توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْمسند أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي)
أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن عمر بن خلف أَبُو بكر الشِّيرَازِيّ ثمَّ النَّيْسَابُورِي الأديب الْعَلامَة مُسْند نيسابور فِي وقته أَكثر عَن الْحَاكِم أبي عبد الله توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (اللص الشَّاعِر)
أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْملك بن سُلَيْمَان بن سيد أَبُو الْعَبَّاس الأندلسي الْكِنَانِي النَّحْوِيّ من أهل إشبيلية كَانَ يعرف باللص لإغارته على الْأَشْعَار فِي حداثته أَقرَأ الْعَرَبيَّة وَالْأَدب واللغة وَكَانَ شَاعِرًا محسناً توفّي سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الرِّفَاعِي)
)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يحيى بن حَازِم بن عَليّ بن رِفَاعَة الزَّاهِد الْكَبِير سُلْطَان العارفين فِي زَمَانه أَبُو الْعَبَّاس الرِّفَاعِي المغربي رَضِي الله عَنهُ قدم أَبوهُ الْعرَاق وَسكن البطائح بقرية اسْمهَا أم عُبَيْدَة فَتزَوج بأخت الشَّيْخ مَنْصُور الزَّاهِد ورزق مِنْهَا أَوْلَادًا مِنْهُم الشَّيْخ أَحْمد وَكَانَ رجلا صَالحا شافعياً انْضَمَّ إِلَيْهِ خلق من الْفُقَرَاء وأحسنوا فِيهِ الِاعْتِقَاد وَيُقَال لَهُم الأحمدية والبطائحية وَلَهُم أَحْوَال عَجِيبَة من أكل الْحَيَّات حَيَّة وَالنُّزُول إِلَى التنانير وهيت تضرم وَالدُّخُول فِي الأفرنة وينام أحدهم فِي جَانب الفرن والخباز يخبز فِي الْجَانِب الآخر ويرقصون فِي السماعات على النيرَان إِلَى أَن تنطفئ وَيُقَال إِنَّهُم فِي بِلَادهمْ يركبون(7/143)
على الْأسود وسَاق الشَّيْخ شمس الدّين فِي تَرْجَمته قَرِيبا من خمس أوراق وَلم يكن للشَّيْخ أَحْمد رَحمَه الله عقب إِنَّمَا الْعقب لِأَخِيهِ وَأَوْلَاده يتوارثون المشيخة وَالْولَايَة على تِلْكَ النَّاحِيَة إِلَى الْآن وللشيخ أَحْمد على مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْعِبَادَة شعرٌ فَمِنْهُ على مَا قيل
(إِذا جن ليلِي هام قلبِي بذكرهم ... أنوح كَمَا ناح الْحمام المطوق)
(وفوقي سحابٌ يمطر الْهم والأسى ... وتحتي بحارٌ للأسى تتدفق)
(سلوا أم عمروٍ كَيفَ بَات أسيرهم ... تفك الْأُسَارَى دونه وَهُوَ موثق)
(فَلَا هُوَ مقتولٌ فَفِي الْقَتْل راحةٌ ... وَلَا هُوَ ممنونٌ عَلَيْهِ فيطلق)
توفّي الشَّيْخ رَحمَه الله يَوْم الْخَمِيس الثَّانِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَخمْس مائَة بِأم عُبَيْدَة وَهُوَ فِي عشر السّبْعين
3 - (القَاضِي الرشيد بن الزبير)
أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن الزبير الغساني الأسواني الْمصْرِيّ القَاضِي الرشيد أَبُو الْحُسَيْن كَانَ كَاتبا شَاعِرًا فَقِيها نحوياً لغوياً عروضياً منطقياً مؤرخاً مهندساً طَبِيبا موسيقاراً منجماً مفنناً وَهُوَ من بَيت كَبِير بالصعيد مَعْرُوف بِالْمَالِ ولي النّظر بثغر الْإسْكَنْدَريَّة بِغَيْر اخْتِيَاره وَله تواليف الْتحق فِيهَا بالأوائل المجيدين قتل ظلما وعدواناً فِي محرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَقيل سنة ثَلَاث وَمن تصانيفه منية الألمعي وَبَيِّنَة الْمُدَّعِي يشْتَمل على عُلُوم كَثِيرَة كتاب المقامات جنان الْجنان وروضة الأذهان فِيهِ ذكر لشعراء مصر وَمن طَرَأَ عَلَيْهِم الْهَدَايَا والطرف شِفَاء الْغلَّة فِي سمت الْقبْلَة ديوَان شعره ديوَان رسائله
من شعره قَوْله)
(سمحنا لدنيانا بِمَا بخلت بِهِ ... علينا وَلم نحفل بجل أمورها)
(فيا ليتنا لما حرمنا سرورها ... وقتنا أَذَى آفاتها وشرورها)
يَا ربع أَيْن ترى الْأَحِبَّة يمموا فَقَالَ القَاضِي الرشيد
(رحلوا فَلَا خلت الْمنَازل مِنْهُم ... ونأوا فَلَا سلت الجوانح عَنْهُم)(7/144)
(وسروا وَقد كتموا الْغَدَاة مَسِيرهمْ ... وضياء نور الشَّمْس مَا لَا يكتم)
(وتبدلوا أَرض العقيق عَن الْحمى ... رَوَت جفوني أَي أَرض يمموا)
(نزلُوا العذيب وَإِنَّمَا هِيَ مهجتي ... نزلُوا وَفِي قلب المتيم خيموا)
(مَا ضرهم لَو ودعوا مَا أودعوا ... نَار الغرام وسلموا من أَسْلمُوا)
(هم فِي الحشا إِن أعرقوا أَو أشأموا ... أَو أيمنوا أَو أنجدوا أَو أتهموا)
مِنْهَا
(لَا ذَنْب لي فِي الْبعد أعرفهُ سوى ... أَنِّي حفظت الْعَهْد لما خنتم)
(فأقمت حِين ظعنتم وَعدلت لما ... جرتم وسهرت لما نمتم)
وَمِنْه قَوْله
(وَلما نزلنَا فِي ظلال بُيُوتهم ... أمنا ونلنا الخصب فِي زمنٍ مَحل)
(وَلَو لم يزدْ إحسانهم وجميلهم ... على الْبر من أَهلِي حسبتهم أَهلِي)
قلت فِيهِ زِيَادَة ومبالغة على بَيْتِي الحماسة الْمَشْهُورين وهما
(نزلت على آل الْمُهلب شاتياً ... بَعيدا عَن الأوطان فِي زمنٍ مَحل)
(فَمَا زَالَ بِي إحسانهم وجميلهم ... وبرهم حَتَّى حسبتهم أَهلِي)
وَمِنْه قَوْله
(جلت لدي الرزايا بل جلت هممي ... وَهل يضر جلاء الصارم الذّكر)
(غَيْرِي يُغَيِّرهُ عَن حسن شيمته ... صرف الزَّمَان وَمَا يَأْتِي من الْغَيْر)
(لَو كَانَت النَّار للياقوت محرقةً ... لَكَانَ يشْتَبه الْيَاقُوت بِالْحجرِ)
(لَا تغررن بأطماري وَقيمتهَا ... فَإِنَّمَا هِيَ أصدافٌ على دُرَر)
(وَلَا تظنّ خَفَاء النَّجْم من صغرٍ ... فالذنب فِي ذَاك محمولٌ على الْبَصَر)
)
وَمِنْه أَيْضا قَوْله
(لَئِن خَابَ ظَنِّي فِي رجائك بَعْدَمَا ... ظَنَنْت بِأَنِّي قد ظَفرت بمنصف)
(فَإنَّك قد قلدتني كل منةٍ ... ملكت بهَا شكري لَدَى كلّ موقف)
(لِأَنَّك قد حذرتني كل صاحبٍ ... وأعلمتني أَن لَيْسَ فِي الأَرْض من يَفِي)
وَكَانَ السَّبَب فِي تقدمه فِي الدولة المصرية أَنه دخل بعد مقتل الظافر إِلَى مصر وَقد جلس الفائز وَعَلِيهِ أطمارٌ رثَّة وطيلسان صوف أَخْضَر فَحَضَرَ المأتم وَقد حضر شعراء الدولة فأنشدوا(7/145)
مراثيهم على مَرَاتِبهمْ فَقَامَ فِي آخِرهم وَأنْشد قصيدة أَولهَا
(مَا للرياض تميل سكرا ... هَل سقيت بالمزن خمرًا)
إِلَى أَن وصل إِلَى قَوْله أفكربلاء بالعراق وكربلاء بِمصْر أُخْرَى فذرفت الْعُيُون وعج الْقصر بالكباء والعويل وانثالت عَلَيْهِ العطايا من كل جَانب من الْأُمَرَاء والحظايا وَحمل الْوَزير إِلَى منزله جملَة من المَال وَقَالَ لَوْلَا المأتم لجاءتك الْخلْع
وَكَانَ على جلالته أسود الْجلد جهم الْوَجْه ذَا شفة غَلِيظَة وأنف مَبْسُوط سمح الْخلق كخلقة الزنوج قَصِيرا قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء حَدثنِي الشريف مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الإدريسي عَن أَبِيه قَالَ كنت أَنا والرشيد والفقيه سُلَيْمَان الديلمي نَجْتَمِع بِالْقَاهِرَةِ فِي منزل فَغَاب عَنَّا الرشيد يَوْمًا وَكَانَ ذَلِك فِي عنفوان شبابه فجاءنا وَقد مضى مُعظم النَّهَار فَقُلْنَا لَهُ مَا أَبْطَأَ بك عَنَّا فَتَبَسَّمَ وَقَالَ لَا تسألوا عَمَّا جرى فَقُلْنَا لَا بُد وألححنا عَلَيْهِ فَقَالَ مَرَرْت الْيَوْم بالموضع الْفُلَانِيّ وَإِذا امْرَأَة شَابة صَبِيحَة الْوَجْه وضيئة المنظر حسانة الْخلق ظريفة الشَّمَائِل فَلَمَّا رأتني نظرت إليّ نظر مطمع لي فِي نَفسهَا فتوهمت أَنِّي وَقعت مِنْهَا بموقع ونسيت نَفسِي وأشارت إِلَيّ بطرفها فتبعتها وَهِي تدخل فِي سكَّة وَتخرج من أُخْرَى حَتَّى دخلت دَارا وأشارت إِلَيّ فَدخلت وَرفعت النقاب عَن وَجه كَالْقَمَرِ فِي لَيْلَة تَمَامه ثمَّ صفقت بِيَدَيْهَا منادية يَا سِتّ الدَّار فَنزلت إِلَيْهَا طفلة كَأَنَّهَا فلقَة قمر فَقَالَت لَهَا إِن رجعت تبولين فِي الْفراش تركت سيدنَا القَاضِي يَأْكُلك ثمَّ الْتفت إِلَيّ وَقَالَت لَا أعدمني الله فضل سيدن القَاضِي أدام الله عزه فَخرجت وَأَنا خزيان خجل لَا أهتدي الطَّرِيق
قلت وَمن هُنَا نقل الصاحب بهاء الدّين زُهَيْر تِلْكَ الحكايات الَّتِي كَانَ يعضها على نَفسه)
وَفِي القَاضِي الرشيد رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول مَحْمُود بن قادوس الشَّاعِر يهجو إِن قلت من نَار خلقت وفقت كل النَّاس فهما
(قُلْنَا صدقت فَمَا الَّذِي ... أطفاك حَتَّى صرت فحما)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا
(يَا شبه لُقْمَان بِلَا حكمةٍ ... وخاسراً فِي الْعلم لَا راسخا)
(سلخت أشعار الورى كلهَا ... فصرت تدعى الْأسود السالخا)
وَلما اتَّصل بملوك مصر وَتقدم أنفذوه رَسُولا إِلَى الْيمن ثمَّ قلد قضاءها ولقب بقاضي قُضَاة الْيمن وداعي دعاة الزَّمن ثمَّ سمت نَفسه إِلَى الْخلَافَة فسعى فِيهَا وأجابه قوم إِلَى ذَلِك وسلموا عَلَيْهِ بهَا وَضربت لَهُ السِّكَّة على الْوَجْه الْوَاحِد قل هُوَ الله أحد وعَلى الآخر الإِمَام الأمجد أَبُو(7/146)
الْحُسَيْن أَحْمد ثمَّ قبض عَلَيْهِ وَنفذ مكبلاً إِلَى قوص فَدَخلَهَا وَهُوَ مغطى الْوَجْه وهم ينادون عَلَيْهِ بَين يَدَيْهِ هَذَا عَدو السُّلْطَان أَحْمد بن الزبير وَكَانَ الْأَمِير بهَا طرخان سليط اللِّسَان وَكَانَت بَينهمَا ذحولٌ قديمَة فحبسه فِي المطبخ وَكَانَ ابْن الزبير قد تولى المطبخ قَدِيما فَقَالَ الشريف الْأَخْفَش يُخَاطب ابْن رزيك
(تولى على الشَّيْء أشكاله ... فَيُصْبِح هَذَا لهَذَا أَخا)
أَقَامَ على المطبخ ابْن الزبير فولى على المطبخ المطبخا فَقَالَ بعض الْحَاضِرين لطرخان يَنْبَغِي أَن تحسن إِلَيْهِ لِأَن أَخَاهُ الْمُهَذّب قريب من قلب الصَّالح وَمَا يستبعد أَن يستعطفه عَلَيْهِ فَتَقَع فِي خجل فَلم يمض على ذَلِك غير لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ حَتَّى ورد كتاب الصَّالح على طرخان يَأْمُرهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ فَأحْضرهُ من محبسه مكرماً فجَاء إِلَيْهِ وزاحمه فِي رتبته
وَأما سَبَب مَقْتَله فلميله إِلَى أَسد الدّين شيركوه لما قدم مصر ومكاتبته لَهُ فاتصل ذَلِك بشاور وَزِير العاضد فَطَلَبه فاختفى بالإسكندرية وَاتفقَ التجاء صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة ومحاصرتها فَخرج ابْن الزبير مُتَقَلِّدًا سَيْفا وَقَاتل بَين يَدَيْهِ وَكَانَ مَعَه مُدَّة مقَامه فتزايد وجد شاور وجد فِي طلبه فظفر بِهِ فَأمر بركوبه على جمل وعَلى رَأسه طرطورٌ ووراءه جلواز ينَال مِنْهُ وَهُوَ ينشد
(إِن كَانَ عنْدك يَا زمَان بقيةٌ ... مِمَّا تهين بِهِ الْكِرَام فهاتها)
)
ثمَّ يهمهم بِتِلَاوَة الْقُرْآن ثمَّ إِنَّه بعد إشهاره بِمصْر والقاهرة أَمر أَن يصلب شنقاً فَلَمَّا وصل إِلَى مَكَانَهُ شنقه جعل يَقُول لمن تولى ذَلِك عجل عجل فَلَا رَغْبَة لكريم فِي حَيَاة بعد هَذِه الْحَال ثمَّ صلب وَمَا مضى على ذَلِك إِلَّا مديدة حَتَّى قتل شاور وسحب فاتفق أَن حفر لَهُ ليدفن فَوجدَ الرشيد بن الزبير مَدْفُونا فدفنا مَعًا ثمَّ نقل كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى تربة بقرافة مصر والقاهرة
وَلما دخل الْيمن رَسُولا قَالَ بعض شعراء الْيمن يُخَاطب صَاحب مصر وَكَانَ قد لقب علم المهتدين
(بعثت لنا علم المهتدين ... وَلكنه علمٌ أسود)
يُرِيد أَن أعلامكم بيض والسود إِنَّمَا هِيَ لبني الْعَبَّاس
ورثاه فَخر الْكتاب أَبُو عَليّ حسن بن عَليّ الْجُوَيْنِيّ الْكَاتِب بقصيدة دالية أَولهَا
(حرقي مَا لنارها من خمود ... كَيفَ تخبو وَالنَّار ذَات الْوقُود)
مِنْهَا لَك يَا ابْن الزبير قلت لأيام سروري ولذتي لَا تعودي
(عبراتي يَا أَحْمد بن عليٍّ ... صيرت فِي الخدود كالأخدود)(7/147)
(عبراتٌ ترمي بهَا فِي حدورٍ ... زفراتٌ ترقى لَهَا فِي صعُود)
(إِن حزني عَلَيْك غضٌّ جديدٌ ... وفؤادي المحزون غير جليد)
إِن تمت عبطة فَإِن أياديك الْبَوَاقِي قد بشرت بالخلود كَيفَ تحلو لي الْحَيَاة وَقد حلئت عَن عذب خلقك المورود وَزعم بَعضهم أَن عمَارَة اليمني سعى فِي أمره مَعَ شاور سعياً عَظِيما إِلَى أَن صلب القَاضِي الرشيد رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ لَهُ هَذَا أَبُو الْفِتَن مَا برح يثير الْكَبَائِر ويجر الجرائر يَعْنِي لميله إِلَى شيركوه فَإِن كَانَ ذَلِك صَحِيحا فبحقٍِّ مَا صلب الْفَقِيه عمَارَة اليمني وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن المجازاة من جنس الْعَمَل والمرء مقتول بِمَا قتل بِهِ
3 - (الْأَمِير عماد الدّين ابْن المشطوب)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي الهيجاء بن عبد الله بن أبي الْجَلِيل ابْن مرزبان الهكاري عماد الدّين أَبُو الْعَبَّاس بن سيف الدّين الْمَعْرُوف بِابْن المشطوب كَانَ أَمِيرا كَبِيرا وافر الْحُرْمَة عِنْد)
الْمُلُوك وَهُوَ بَينهم كَأَنَّهُ وَاحِد مِنْهُم عالي الهمة غزير الْجُود شجاعاً أبي النَّفس تهابه الْمُلُوك وَله وقائع مَشْهُورَة فِي الْخُرُوج عَلَيْهِم وَكَانَ من أُمَرَاء السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَلما توفّي وَالِده كَانَت نابلس إقطاعاً لَهُ فأرصد مِنْهَا للسُّلْطَان لأجل مصَالح الْقُدس الثُّلُث وأقطع الثُّلثَيْنِ عماد الدّين وَكَانَ عبرتها يَوْمئِذٍ ثَلَاث مائَة ألف دِينَار وَكَانَ جده أَبُو الهيجاء صَاحب قلعة الْعمادِيَّة وَغَيرهَا من قلاع الهكارية وَلم يزل وافر الْحُرْمَة إِلَى أَن كَانَت سنة دمياط فَظهر للكامل أَن عماد الدّين اتّفق مَعَ أُمَرَاء كبار على أَن يخلعوا الْكَامِل ويملكوا الْملك الفائز إِبْرَاهِيم فَمَا أمكنه إِلَّا مداراتهم لكَونه قبالة الْعَدو فوصل الْمُعظم صَاحب دمشق فأطلعه الْكَامِل على الْقَضِيَّة وَقَالَ رَأسه هَذِه الْفِتْنَة الْعِمَاد ابْن المشطوب فَجَاءَهُ يَوْمًا على غَفلَة إِلَى خيمته واستدعاه سرا وَقَالَ أُرِيد أَن أتحدث مَعَك خلْوَة فَركب فرسه وَسَار مَعَه جَرِيدَة وَقد جرد الْمُعظم جَرِيدَة مِمَّن يعْتَمد عَلَيْهِم وَقَالَ اتبعوني وَلم يزل الْمُعظم يشاغله حَتَّى أبعد عَن المخيم وَقَالَ لَهُ يَا عماد الدّين هَذِه الْبِلَاد لَك ونشتهي أَن تهبها لنا ثمَّ أعطَاهُ شَيْئا من النَّفَقَة وَقَالَ لأولئك المجردين تسلموه حَتَّى تخرجوه من الرمل فَلم يَسعهُ إِلَّا الْمُوَافقَة لانفراده وَعدم الْقُدْرَة على الممانعة ثمَّ إِنَّه بعد ذَلِك حوصر بقلعة تل يَعْفُور وَهِي بَين الْموصل وسنجار لِأَنَّهُ خرج على الْأَشْرَف فراسله الْأَمِير بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل وَلم يزل يخادعه إِلَى أَن انْقَادَ لَهُ فانتقل إِلَى الْموصل وَأقَام بهَا قَلِيلا ثمَّ قبض عَلَيْهِ وأرسله إِلَى الْأَشْرَف مُوسَى بن الْعَادِل فاعتقله فِي قلعة حران وأثقله بالحديد فِي رجلَيْهِ وبالخشب فِي يَدَيْهِ وَحصل فِي رَأسه ولحيته وثيابه من الْقمل شَيْء كثير فَكتب بعض أَصْحَابه إِلَى الْأَشْرَف
(يَا من بداوم سعده دَار فلك ... مَا أَنْت من الْمُلُوك بل أَنْت ملك)
(مملوكك ابْن المشطوب فِي السجْن هلك ... أطلقهُ فَإِن الْأَمر لله وَلَك)(7/148)
وَلم يزل فِي الاعتقال إِلَى أَن توفّي على تِلْكَ الْحَال سنة تسع عشرَة وست مائَة وَبنت لَهُ ابْنَته قبَّة على بَاب مَدَنِيَّة رَأس عين ونقلته من حران إِلَيْهَا ودفنته بهَا رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ مولده سنة خمس وَسبعين تَقْديرا
3 - (ابْن خشكنابجه)
أَحْمد بن عَليّ بن وصيف أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن خشكنانجه كَانَ من متأدبي الْكتاب وَيذْهب مَذْهَب الشِّيعَة ويحضر مجَالِس النّظر فَيسْأَل عَن مسَائِل وَيتَكَلَّم عَلَيْهَا نادم)
الوزراء ومدحهم مُنْذُ أَيَّام المهلبي وَأدْركَ عضد الدولة وأنشده وَبَقِي إِلَى أَيَّام شرف الدولة واختصه ابْن بَقِيَّة وَتُوفِّي عَن سنٍّ عالية كتب إِلَى أبي إِسْحَاق الصَّابِئ سلمت بالجفون سلمى فَسلمت إِلَيْهَا قلباً سليما سقيما
(بالقوام القويم يَهْتَز لدنا ... زَاده الهز فِي النقا تقويما)
(كم لَهَا من مقاتلٍ وقتيلٍ ... وكلامٍ بِهِ تداوي الكلوما)
(رب ليلٍ من فرعها ونهارٍ ... من سنا وَجههَا اتَّخذت نديما)
(جِئْته قَاطعا بوخد المهاري ... قد براها السرى وأنضى الشحوما)
وَهِي تحكي قلامة من شبا الظفر إِذا قطّ رَأسه تقليما حَيْثُ لَا يعرف النَّهَار من اللَّيْل وَلَا تبصر النُّجُوم النجوما
(فَإِذا لوّح الصَّباح ضِيَاء ... قلت فجرٌ يردّ لَيْلًا بهيما)
(لَيْسَ يجلو الظلام وَالظُّلم إِلَّا ... وَجه كَهْف الْأَنَام إبراهيما)
الألد الْخِصَام فِي المأزق الضنك إِذا كَانَ ذُو الحجى مخصوما
(كلمٌ كالشفاء من بعد سقمٍ ... قسم الدّرّ بَينه تقسيما)
قلت شعر متوسط وَله كتاب النثر الْمَوْصُول بالنظم كتاب صناعَة البلاغة كتاب الْفَوَائِد
3 - (أَبُو عِيسَى بن المنجم)
أَحْمد بن عَليّ بن هَارُون بن عَليّ بن يحيى بن أبي مَنْصُور بن المنجم أَبُو عِيسَى ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي كتاب فهرست الْعلمَاء وَقَالَ كَانَ من أفاضلهم وَله كتاب تَارِيخ سني الْعَالم وَذكره الثعالبي فَقَالَ كَانَ ينادم الصاحب ابْن عباد وَمن شعره(7/149)
(رغيف أبي عَليّ حل خوفًا ... من الْأَسْنَان ميدان السماك)
(إِذا كسروا رغيف أبي عليٍ ... بَكَى يبكي بكاء فَهُوَ باك)
وَمِنْه قَوْله
(آخ من شِئْت ثمَّ رم مِنْهُ شيّاً ... تلف من دون مَا تروم الثريا)
وَمِنْه قَوْله
(الْعَيْش عافيةٌ والرح وَالْعود ... فَكل من حَاز هَذَا فَهُوَ مَسْعُود)
)
(هَذَا الَّذِي لكم فِي مجلسٍ أنقٍ ... شجاره العنبر الهنديّ وَالْعود)
(وقينةٌ وعدها بالخلف مقترن ... بِمَا يؤمله راجٍ وموعود)
(وفتية كنجوم اللَّيْل دأبهم ... إِعْمَال كأسٍ حداها النَّار وَالْعود)
(فاغدوا عليّ بكأس الراح مترعةً ... عوداً وبدءاً فَإِن أحمدتم عودوا)
وَمِنْه قَوْله
(سَيِّدي أَنْت وَمن عَادَته ... باعتدالٍ ويجود جاريه)
(أنصف الْمَظْلُوم وَارْحَمْ عِبْرَة ... بدموعٍ وَدِمَاء جاريه)
(رُبمَا أكني بوقلي سَيِّدي ... عِنْد شكواي الْهوى عَن جاريه)
3 - (ابْن البن)
أَحْمد بن عَليّ بن هَارُون بن البن أَبُو الْفضل من أهل سرّ من رأى من بَيت رئاسة وجلالة كَانَ أديباً فَاضلا سمع الْحسن بن مُحَمَّد بن يحيى بن الفحام وَأَبا الْحسن عَليّ بن أَحْمد الرفاء وَحدث بِقِطْعَة من كتب الْأَدَب عَن ابْن الفحام وَسمع مِنْهُ أَبُو نصر بن مَاكُولَا وروى عَنهُ الْخَطِيب وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن هِلَال بن المحسن بن الصَّابِئ وَكَانَ يتشيع
3 - (أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب)
أَحْمد بن عَليّ بن هبة الله بن رزين أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب كَانَت والدته قد حجت مَعَ وَالِده وَهِي حَامِل بِهِ فَوَضَعته بِمَكَّة وَقدم بِهِ وَالِده رضيعاً فاتفق أَن الإِمَام النَّاصِر ولد فِي رَجَب من تِلْكَ السّنة وأرضعته والدته مديدة ومرضت فأحضرت لَهُ المراضع فَأبى أَن يرضع من إِحْدَاهُنَّ فأحضرت وَالِدَة أبي مَنْصُور الْمَذْكُور فَقبل ثديها وَأنس بهَا فربي مَعَ الإِمَام النَّاصِر فِي مَكَان وَاحِد وَلما ولي الْخلَافَة عرف لَهُ ذَلِك وأنعم عَلَيْهِ بإنعامات كَثِيرَة وَرغب إِلَيْهِ فِي ولايات جليلة فَامْتنعَ من ذَلِك وعاش فارغ البال أسمعهُ وَالِده فِي صباه من ابْن البطي شَيْئا من الحَدِيث قَرَأَهُ عَلَيْهِ محب الدّين ابْن النجار وَلم يرو بعد ذَلِك شَيْئا وَكَانَ ظريفاً متواضعاً حسن الْأَخْلَاق توفّي سنة أَربع وست مائَة وَحضر إِلَيْهِ أَعْيَان النَّاس وأرباب المناصب
3 - (ابْن الدباس المعتزلي)
أَحْمد بن عَليّ بن الدباس أَبُو غَالب من أهل الكرخ المعتزلي كَانَ فَاضلا فصيح اللِّسَان كثير الْمَحْفُوظ للحكايات وَرَأى الْمَشَايِخ والأكابر فَكَانَ يروي(7/150)
عَنْهُم اللطائف والنكت كتب عَنهُ مُحَمَّد)
بن عبد الْملك بن الهمذاني صَاحب التَّارِيخ وَغَيره حكايات توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (المعمم الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عَليّ بن هِلَال بن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد الله بن صَالح بن مُحَمَّد بن دعبل بن عَليّ الْخُزَاعِيّ الشَّاعِر أَبُو الْفتُوح الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بالمعمم البغداذي كَانَ شَيخا فَاضلا من قدماء قراء الدِّيوَان وَكَانَ يُغني فِي صباه مَعَ مظفر التوثي وَله معرفَة بالألحان صنف تلقيح الأفهام فِي معرفَة أسرار صور الأقلام وَله شعر
(يَا من إِذا مَا غَابَ عَن ... عَيْني فقلبي مَعَه)
صل مدنفا حسن رضاك فِيك قد أطمعه
(صَاح بِهِ حادي النَّوَى ... فارتاع إِذْ أسمعهُ)
(شَمل المنى مبددٌ ... هَل لَك أَن تجمعه)
قَالَ أَتَانِي آتٍ فِي الْمَنَام وَقَالَ لي أَيهَا الغافل لَا يغررك ذَا الْعُمر الْقصير قَالَ فاسيتقظت وأتمته بِقَوْلِي
(واغتنم مَا فَاتَ مِنْهُ ... فَإلَى اللَّحْد الْمصير)
وَأعد الزَّاد للرحلة قد آن الْمسير أوما أنذرك الشيب وَقد لَاحَ القتير توفّي سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (البتي)
أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْحسن البتي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالتَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف الْمُشَدّدَة وَبعدهَا يَاء النّسَب الْكَاتِب كَانَ يكْتب للقادر بِاللَّه لما أَقَامَ بالبطحية وَلما وصلته الْبيعَة كتب عَنهُ إِلَى بهاء الدولة
كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ تالياً مليح المذاكرة بالأخبار والآداب عَجِيب النادرة ظريف المجون وَكَانَ فِي بَدْء أمره يلبس الطيلسان وَقَرَأَ الْقُرْآن على زيد بن أبي بِلَال وَكَانَ غَايَة فِي جمع خلال الْآدَاب يتَعَلَّق بصدور وافرة من فنون الْعلم وَيكْتب خطا جيدا ويترسل وينظم الشّعْر ثمَّ لبس الدراعة وَلبس ملابس الْكتاب الأقدمين من الْخُفَّيْنِ والمبطنة ويتعمم الْعمة الثغرية وَإِن لبس)
لالجة لم تكن إِلَّا مريدية وَلَا يتَعَرَّض لحلق شعره وَكَانَ شكله وَلَفظه وَمَا يُورِدهُ من النَّوَادِر يَدْعُو إِلَى مكاثرته وَلم يكن لأحد من الرؤساء مَسَرَّة تتمّ وَلَا أنس يكمل إِلَّا بِحُضُورِهِ فَكَانُوا يتداولونه ونادم الوزراء حَتَّى انْتهى إِلَى منادمة فَخر الْملك فأعجب بِهِ غَايَة الْإِعْجَاب(7/151)
وَأحسن إِلَيْهِ غَايَة الْإِحْسَان وَكَانَ يذهب إِلَى مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فِي الْأُصُول وَإِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة فِي الْفُرُوع ويتعصب للطائي تعصباً زَائِدا ويفضل البحتري على أبي تَمام وَكَانَ صَاحب الْخَبَر والبريد فِي الدِّيوَان القادري وَكتب فَخر الْملك أَبُو غَالب إِلَى عمار بن أَحْمد الصَّيْرَفِي احْمِلْ إِلَى أبي الْحسن البتي مِائَتي دِينَار مَعَ امْرَأَة لَا يعرفهَا واكتب مَعهَا رقْعَة مترجمة وَقل فِيهَا قد دَعَاني مَا آثَرته من مخالطتك ورغبت فِيهِ من مودتك إِلَى استدعاء المواصلة مِنْك وافتتاح بَاب الملاطفة بيني وَبَيْنك وَقد أنفذت مَعَ الرَّسُول مِائَتي دِينَار فَأَخذهَا أَبُو الْحسن وَكتب على ظهر الرقعة مالٌ لَا أعرف مهديه فأشكر لَهُ مَا يوليه إِلَّا أَنه صَادف إضاقة دعت إِلَى أَخذه والاستعانة بِهِ فِي بعض الْأُمُور وَقلت
(وَلم أدر من ألْقى عَلَيْهِ رِدَاءَهُ ... سوى أَنه قد سل عَن ماجدٍ مَحْض)
وَإِذا سهل الله اتساعاً رددت الْعِوَض موفوراً وَكَانَ الْمُبْتَدِئ بِالْبرِّ مشكوراً
وَخرج إِلَيْهِ خَادِم فِي يَوْم الْأَضْحَى على الْعَادة فِي مثل ذَلِك فَقَالَ لَهُ رسم أَن تحصي أسقاط الْأَضَاحِي فَقَالَ لغلامه خُذ الدواة فَإِن الْقَوْم يُرِيدُونَ كيرعانياً وَلَا يُرِيدُونَ كَاتبا وَانْصَرف بِهَذَا المزح من الْخدمَة وَكَانَ بَينه وَبَين الرضي قد جرى كَلَام أوجب الْإِعْرَاض فاتفق أَن اجتاز بِالْقربِ من دَار الرضي فَقَالَ لغلامه مل بِنَا عَن تِلْكَ الدَّار فَإِنِّي أكره الْمُرُور بهَا
والتفت فَوَقَعت عينه على عين الرضي فَقَالَ متمماً لكَلَامه من غير أَن يقطعهُ فإنني لَا وَجه لي فِي لِقَائِه لطول جفائه فَاسْتحْسن مِنْهُ هَذَا وَدخل دَار الرضي واصطلحا
وَرَأى معلما يعرف بنفاط الْجِنّ قَبِيح الْوَجْه وَقد انكشفت سوءته فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا اسْتُرْ عورتك السُّفْلى فَإنَّك قد أدليت وَلَكِن بِغَيْر حجَّة
واستقبل أَبَا عبد الله بن الدراع وَهُوَ متكئ على يَد غُلَام أسود فَقَالَ أَبُو عبد الله هَذَا الْأسود يصلح لخدمة سيدنَا فَقَالَ البتي أَي الخدم فَقَالَ خدمَة الْفراش فَقَالَ اللَّهُمَّ غفراً أرمى بالبغاء وَلَيْسَ فِي منزلي خنفساء ويعرى مِنْهُ سيدنَا وَفِي دَاره جَمِيع بني حام
وَكَانَ يرْمى بالبغاء والأبنة والبخر فَوَقع بَينه وَبَين أبي الْقَاسِم ابْن فَهد ملاحاة ومنابذة ثمَّ أصلح)
فَخر الْملك بَينهمَا فَقَالَ فِي ذَلِك
(وكل شرطٍ للصلح أقبله ... إِن أَنْت أعفيتني من الْقبل)
وسقاه الفقاعي يَوْمًا فِي دَار فَخر الْملك فقاعاً لم يستلذه فَرد الْكوز مفكراً فَقَالَ لَهُ الفقاعي فِي أَي شَيْء تفكر فَقَالَ فِي دقة صنعتك كَيفَ أمكنك أَن تخرى فِي هَذِه الكيزان كلهَا مَعَ ضيق رَأسهَا(7/152)
وَأَتَاهُ غُلَامه فِي مجْلِس حفل وَقَالَ إِن ابْنك وَقع من ثَلَاث درج فَقَالَ وَيلك من ثَلَاث بَقينَ أَو خلون فَلم يفهم عَنهُ فَقَالَ إِن كَانَ خلون فسهلٌ وَإِن كَانَ بَقينَ فَيحْتَاج إِلَى نائحة
وَدخل الرقي الْعلوِي على فَخر الْملك فَقَالَ أَطَالَ الله بَقَاء مَوْلَانَا وأسعده بِهَذَا الْيَوْم فَقَالَ لَهُ وَأي يَوْم هَذَا فَقَالَ أيلون فَقَالَ البتي بالنُّون فَقَالَ مَا قَرَأت النَّحْو فَقَالَ البتي أَنْت إِذا مَعْذُور فَإنَّك ثَلَاث أَربَاع رقيع وَلم يكن أحد يسلم من لِسَانه وثلبه وَإِذا اتّفق أَن يسمعهُ من يَقُول ذَلِك فِيهِ الْتفت إِلَيْهِ معتذراً وَقَالَ مولَايَ هَا هُنَا مَا علمت بِحُضُورِهِ وَكَأَنَّهُ يُبَاح لَهُ ثلبه غَائِبا وَكَانَ مَعَ ذكائه وتوقده أَشد النَّاس غباوةً فِي الْأُمُور الجدية وأبعدهم من تصورها وَكَانَ لَهُ معرفَة بِالْغنَاءِ وصنعته لَا تكَاد الْمُغنيَة تغني بِصَوْت إِلَّا ذكر صنته وشاعره وَجَمِيع مَا قَالَ فِي مَعْنَاهُ
وَقَالَ البتي يصف كوز الفقاع
(يَا رب ثديٍ مصصته بكرا ... وَقد عراني خمار مغبوق)
(لَهُ هديرٌ إِذا شربت بِهِ ... مثل هدير الفحول فِي النوق)
كَأَن ترجيعه إِذا رشف الراشف فِيهِ صياح مخنوق وَقَالَ
(مَا احْمَرَّتْ الْعين من دمعٍ أضرّ بهَا ... فِي عرصتي طللٍ أَو إِثْر مرتحل)
(لَكِن رَآهَا الَّذِي تهوى وَقد نظرت ... فِي وَجه آخر فاحمرت من الخجل)
وَله تصانيف مِنْهَا كتاب القادري وَكتاب العميدي وَكتاب الفخري قَالَ الْوَزير أَبُو الْقَاسِم المغربي كَانَ ابوالحسن البتي أحد المتفننين فِي الْعُلُوم لَا يكَاد يجارى فِي فن من الْعُلُوم فيعجز عَنهُ وَكَانَ مليح الْحَاضِرَة طيب المذاكرة مَقْبُول الشَّاهِد رَأَتْهُ على بَاب أحد رُؤَسَاء الْعمَّال وَقد حجب عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ)
(على أَي بابٍ أطلب الْإِذْن بَعْدَمَا ... حجبت عَن الْبَاب الَّذِي أَنا حَاجِبه)
فَخرج الْإِذْن لَهُ فِي الْحَال وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة فَقَالَ الرضي يرثيه
(مَا للهموم كَأَنَّهَا ... نارٌ على قلبِي تشبّ)
(والدمع لَا يرقا لَهُ ... غربٌ كَأَن للعين غرب)
(مَا كنت أَحسب أنني ... جلدٌ على الأرزاء صَعب)
مَا أَخْطَأتك النائبات إِذا أَصَابَت من تحبّ ورثاه الشريف المرتضى أَخُوهُ أَيْضا بِأَبْيَات مِنْهَا
(يَا أَحْمد بن عَليّ والردى عرضٌ ... يزور بالرغم منا كل زوار)(7/153)
(وَقد بلوتك فِي سخطٍ وَعند رضى ... وَبَين طيٍّ لإنباء وَإِظْهَار)
(علقت مِنْك بحبلٍ غير منتكثٍ ... عِنْد الْحفاظ وعودٍ غير خوّار)
(فَلم تفدني إِلَّا مَا أضنّ بِهِ ... وَلم تزدني إِلَّا طيب أَخْبَار)
(لَا عَار فِيمَا شربت الْيَوْم غصته ... من الْمنون وَهل بِالْمَوْتِ من عَار)
(وَلم ينلك سوى مَا نَالَ كل فَتى ... عالي الْمَكَان ولاقى كل جَبَّار)
3 - (ابْن خيران الْكَاتِب)
أَحْمد بن عَليّ بن خيران الْكَاتِب الْمصْرِيّ أَبُو مُحَمَّد ولي الدولة صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بِمصْر بعد أَبِيه كَانَ أَبوهُ فَاضلا بليغاً أعظم قدرا من ابْنه وَأكْثر علما وَكَانَ أَحْمد يتقلد ذَلِك للظافر ثمَّ للمستنصر وَكَانَ رزقه فِي كل سنة ثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَله عَن كل مَا يَكْتُبهُ من السجلات والعهود والتقاليد رسوم يستوفيها وَكَانَ شَابًّا حسن الْوَجْه جميل الْمُرُوءَة وَاسع النِّعْمَة طَوِيل اللِّسَان جيد الْعَارِضَة كثير الْوَصْف لشعره وَالثنَاء على براعته حمل إِلَى بغداذ جزءين من شعره ورسائله لتعرض على الشريف المرتضى وَغَيره ويستشير فِي تخليدهما دَار الْعلم لينفذ بَقِيَّة الدِّيوَان ثمَّ مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة أَيَّام الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وَمن شعره
(ولي لسانٌ صارمٌ حَده ... يدمي إِذا شِئْت وَلَا يدمى)
(ومنطقٌ ينظم شَمل العلى ... ويستميل الْعَرَب والعجما)
(وَلَو دجا اللَّيْل على أَهله ... فأظلموا كنت لَهُم نجما)
وَقَالَ)
(وَلَقَد سموت على الْأَنَام بخاطرٍ ... ألله أجْرى مِنْهُ بحراً زاخرا)
(فَإِذا نظمت نظمت روضاً حالياً ... وَإِذا نثرت نثرت درا فاخرا)
وَقَالَ
(خلقت يَدي للمكرمات ومنطقي ... للمعجزات ومفرقي للتاج)
(وسموت للعلياء أطلب غَايَة ... يشقى بهَا العادي ويحظى الراجي)
وَقَالَ
(أَنا شيعي لآل الْمُصْطَفى ... غير أَنِّي لَا أرى سبّ السّلف)
(أقصد الْإِجْمَاع فِي الدّين وَمن ... قصد الْإِجْمَاع لم يخْش التّلف)
(لي بنفسي شغلٌ عَن كل من ... للهوى قرّظ قوما أَو قذف)
وَقَالَ(7/154)
(من كَانَ بِالسَّيْفِ يَسْطُو عِنْد قدرته ... على الأعادي وَلَا يبقي على أحد)
(فَإِن سَيفي الَّذِي أسطو بِهِ أبدا ... فعل الْجَمِيل وَترك الْبَغي والحسد)
وَقَالَ
(فَقَامَ يُنَاجِي غرَّة الشَّمْس وَجهه ... وتنصف من ظلم الزَّمَان عَزَائِمه)
(أغرّ لَهُ فِي الْعدْل شرعٌ يقيمه ... وَلَيْسَ لَهُ فِي الْفضل ندٌّ يقاومه)
وَهُوَ الَّذِي كتب وَقد خرج أَمر الْإِمَامَة بهدم كَنِيسَة القمامة حَتَّى يصير سقفها أَرضًا وطولها عرضا
3 - (الْمَيْمُونِيّ النَّحْوِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عَليّ أَبُو بكر الْمَيْمُونِيّ البرزندي النَّحْوِيّ ذكره أَبُو الْفَتْح مَنْصُور ابْن المعذر النَّحْوِيّ الْأَصْبَهَانِيّ الْمُتَكَلّم وَقد ذكر جمَاعَة من الْمُعْتَزلَة النَّحْوِيين ثمَّ قَالَ وَأحمد بن عَليّ النَّحْوِيّ البرزندي الشَّافِعِي النَّحْوِيّ المعتزلي الْقَائِل
(إِذا مت فانعيني إِلَى الْعلم والعلى ... وَمَا حبرت كفي بِمَا فِي المحابر)
(فَإِنِّي من قومٍ بهم يضح الْهدى ... إِذا أظلمت بالقوم طرق البصائر)
3 - (الزماني)
أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْعَبَّاس الزماني الشَّاعِر من أهل عكبرا هُوَ الْقَائِل فِي النيلوفر)
(يرتاح للنيلوفر الْقلب الَّذِي ... لَا يستفيق من السقام وجهده)
(يَا حسنه فِي بركةٍ أضحت بِهِ ... مَمْلُوءَة مسكاً يشاب بنده)
(فَكَأَنَّهُ فِيهَا وَقد لحظ الضُّحَى ... وَرمى الْمِيَاه بهجره وبصده)
(مهجور صبٍّ ظلّ يرفع رَأسه ... كالمستجير بربه من صده)
(وَكَأَنَّهُ إِذْ غَابَ عِنْد مسائه ... فِي المَاء واحتجبت نضارة قده)
(صبٌّ تهدده الحبيب ببعده ... ظلما فغرّق نَفسه من وجده)
3 - (البايعقوبي)
أَحْمد بن عَليّ بن يُوسُف بن حبيب أَبُو الْفرج البايعقوبي أديب شَاعِر مليح القَوْل ظريف وَكَانَ منحوس الْحَظ ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَخمْس مائَة وَمن شعره قَوْله
(فلست أُبَالِي أَن تراني شاحباً ... وَمَالِي منقوصٌ وعرضي وافر)
(فَمَا الْفقر بِالثَّانِي عناني عَن العلى ... وَقد حسنت فِي الْحَيّ عني المآثر)
(وَذي صبوة مَالَتْ بِهِ سنة الْكرَى ... توسد يمناه وطرفي ساهر)(7/155)
وَمِنْه أَيْضا
(مهلا فعذلك ضائري يَا صَاح ... هَيْهَات أَن يثني عناني لَاحَ)
(أمعنفي يَبْغِي الصّلاح بعذله ... رفقا فقد جانبت كل صَلَاح)
مِنْهَا
(فَكَأَن ريقتها بعيد منامها ... مسكٌ وشهدٌ يمزجان براح)
(وَلَقَد سكرت برشف ريقة ثغرها ... سكر النزيف يعلّ بالأقداح)
3 - (ابْن النقاش)
أَحْمد بن عَليّ بن النقاش أَبُو الْقَاسِم الشَّاعِر قَالَ محب الدّين ابْن النجار روى عَنهُ شَيخنَا حَمْزَة بن عَليّ بن حَمْزَة الْحَرَّانِي وَذكر أَنه مَاتَ بِدِمَشْق فِي زمن المقتفي وَأورد لَهُ
(وَمَا احتجاب الَّذِي وافيت أمدحه ... عني بداعٍ إِلَى سبي لمذهبه)
(أحسّ أَن الَّذِي يلقى بِهِ كذبٌ ... فصان نطقي عَن كذبٍ أفوه بِهِ)
3 - (الْأَوَانِي أَبُو عبد الله)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو عبد الله الْأَوَانِي شعر محسن من شعره)
3 - (الْقُسْطَلَانِيّ الْمَالِكِي)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس الْقُسْطَلَانِيّ ثمَّ الْمصْرِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي الزَّاهِد ولي التدريس بمدرسة الْمَالِكِيَّة بِمصْر وَتوجه إِلَى مَكَّة وجاور بهَا وَحدث بهَا وبمصر
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الأندلسي الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن شكر أَبُو الْعَبَّاس الأندلسي الْمُقْرِئ رَحل وَأخذ الْقرَاءَات عَن أبي الْفضل جَعْفَر الهمذاني وَسمع من أبي الْقَاسِم ابْن عِيسَى وَسكن الفيوم وَاخْتصرَ التَّيْسِير وصنف شرحاً للشاطبية وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة
3 - (عز الدّين ابْن معقل الْحِمصِي)
أَحْمد بن عَليّ بن معقل أَبُو الْعَبَّاس المهلبي الْحِمصِي عز الدّين أديب شَاعِر رَحل إِلَى الْعرَاق وَأخذ الرَّفْض بالحلة عَن جمَاعَة والنحو(7/156)
ببغداذ عَن أبي الْبَقَاء العكبري والوجيه الوَاسِطِيّ وبدمشق عَن الْكِنْدِيّ حَتَّى برع فِي الْعَرَبيَّة وَالْعرُوض وصنف فيهمَا وَقَالَ الشّعْر الرَّائِق ونظم الْإِيضَاح والتكملة فأجاد وَحكم لَهُ الْكِنْدِيّ بِأَن كِتَابه أعلق بالقلوب وَأثبت بالأفكار من كَلَام الْفَارِسِي وَلما قدمه للمعظم عِيسَى أجَازه ثَلَاثِينَ دِينَارا وخلعة واتصل بالأمجد ونفق عَلَيْهِ وَقرر لَهُ جامكية وانتفع بِهِ رافضة تِلْكَ النَّاحِيَة وَله ديوَان فِي مديح آل الْبَيْت والتنقص بالصحابة وَكَانَ أَحول قَصِيرا وافر الْعقل غالي التَّشَيُّع دينا متزهداً ولد سنة سبع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة وَمن شعره
(أما والعيون النجل حلفة صَادِق ... لقد بيّض التَّفْرِيق سود المفارق)
(وجرعني كأساً من الْمَوْت أحمراً ... غَدَاة غَدَتْ بالبيض حمر الأيانق)
(حملن بدوراً فِي ظلام ذوائبٍ ... تضلّ وَلَا يهدى بهَا قلب عاشق)
(أشرن لتوديعي حذار مراقبٍ ... بقضبان درٍّ قمعت بعقائق)
(فَلم أر آراماً سواهن كنسّاً ... على فرشٍ موشيةٍ ونمارق)
(وَلَكِن فُؤَادِي خافقٌ جازعٌ وَقد ... أبرقت لبرق من حمى الْجزع خافق)
(وظبيٍ من الأتراك أرهق مهجتي ... هَوَاهُ وَلم يسْتَوْف سنّ الْمُرَاهق)
(غَدا قدّه غصناً رطيباً لعاطفٍ ... وطلعته بَدْرًا منيراً لرامق)
)
وَمِنْه
(مَا لي أَزور شيبي بِالسَّوَادِ وَمَا ... من شأني الزُّور فِي فعلٍ وَلَا كلم)
(إِذا بدا سرّ شيبٍ فِي عذار فَتى ... فَلَيْسَ يكتم بِالْحِنَّاءِ والكتم)
قلت شعر متوسط يُقَارب الْجيد
3 - (الْمسند معِين الدّين الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن يُوسُف بن عبد الله بن بنْدَار الْمسند الْعَالم معِين الدّين أَبُو الْعَبَّاس قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين أبي الْحسن ابْن الْعَلامَة أبي المحاسن الدِّمَشْقِي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي
ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسمع من أَبِيه وَمن عَمه أبي حَفْص والبوصيري وَابْن ياسين وَأبي الفل الغزنوي والعماد الْكَاتِب وروى الْكثير مُدَّة روى عَنهُ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي وقاضي الْقُضَاة ابْن جمَاعَة والدواداري وَجَمَاعَة وَكَانَ آخر من روى صَحِيح البُخَارِيّ عَن هبة الله البوصيري توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنّ سبعين وست مائَة
3 - (نجم الدّين ابْن الْحلِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن مظفر الرئيس نجم الدّين ابْن الْحلِيّ الْمصْرِيّ كَانَ ذَا نعْمَة طائلة ومتاجر وَتقدم فِي الدول روى عَن ابْن باجا وَإِلَيْهِ ينْسب الْأَمِير عز الدّين الْحلِيّ ولد سنة ثَلَاث وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة(7/157)
3 - (ابْن الطباع الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى الْعَلامَة الشهير الْخَطِيب البليغ أَبُو جَعْفَر بن الطباع بِالطَّاءِ الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف عين مُهْملَة الرعيني الأندلسي شيخ الْقُرَّاء بغرناطة مولده بعد السِّت مائَة قَرَأَ بالروايات على الْخَطِيب عبد الله بن مُحَمَّد الكواب بِالْوَاو الْمُشَدّدَة بعد الْكَاف وَالْبَاء الْمُوَحدَة بعد الْألف وَولي الْقَضَاء كرها فَحكم حُكُومَة وَاحِدَة وعزل نَفسه وَأخذ عَنهُ الْقرَاءَات شَيخنَا الْحَافِظ الْعَلامَة أَبُو حَيَّان وَأَبُو الْقَاسِم ابْن سهل وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (أَبُو يعلى الْحَافِظ التَّمِيمِي الْموصِلِي)
أَحْمد بن عَليّ بن الْمثنى بن يحيى بن عِيسَى بن هِلَال التَّمِيمِي الْموصِلِي الْحَافِظ صَاحب الْمسند سمع جمَاعَة كبارًا وَله تصانيف فِي الزّهْد وَغَيره غلقت لَهُ الْأَسْوَاق يَوْم جنَازَته)
وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَثَلَاث مائَة وكنيته أَبُو يعلى
3 - (الْعَلامَة أَبُو بكر الرَّازِيّ الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن عَليّ أَبُو بكر الرَّازِيّ الْعَلامَة صَاحب التصانيف وتلميذ أبي الْحسن الْكَرْخِي انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة الْحَنَفِيَّة ببغداذ وَكَانَ مَشْهُورا بالزهد وَالْفِقْه وَتُوفِّي سنة سبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن السوادي مؤلف الْخطب)
أَحْمد بن عَليّ بن عُثْمَان بن الْجُنَيْد أَبُو الْحسن البغداذي الْمَعْرُوف ابْن السوادي مؤلف الْخطب سمع أَبَا بكر ابْن الْقطيعِي وَثَّقَهُ الْخَطِيب وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (حفيد إِمَام الْحَرَمَيْنِ)
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حمش بِالْحَاء الْمُهْملَة وَبعد الْمِيم شين مُعْجمَة القَاضِي أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي حفيد قَاضِي الْحَرَمَيْنِ من بَيت الحشمة والسيادة والثروة وَولي قَضَاء نيسابور أَيَّام اخْتِلَاف العساكر وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (الصاحب شرف الدّين ابْن التيتي)
أَحْمد بن عَليّ الصاحب الْعَالم شرف الدّين أَبُو الْفِدَاء الشَّيْبَانِيّ الْآمِدِيّ الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن التيتي بتاءين ثَالِث الْحُرُوف وَبَينهمَا يَاء آخر(7/158)
الْحُرُوف سَاكِنة صدر فَاضل صَاحب أدب وفنون وَمَعْرِفَة بِالْحَدِيثِ والتاريخ وَالْأَيَّام وَالشعر مَعَ الدّين وَالْعقل والرئاسة والحشمة جمع تَارِيخا لآمد وَترسل عَن صَاحب ماردين إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز وَسمع بِالْقَاهِرَةِ مَعَ وَلَده شمس الدّين من ابْن المغير وَابْن الجميزي وَسمع بِالشَّام وماردين وروى عَن الدمياطي وعاش أَرْبَعِينَ سنة وَتُوفِّي بماردين فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة
3 - (أَبُو بكر الضبعِي)
أَحْمد بن عَليّ الضبعِي ذكره الثعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة وَقَالَ من أهل البيوتات بنيسابور كَانَ يجمع أدباً وظرفاً ويناسب شعره روحه خفَّة وَيخرج فِي الشعرة من القشرة فاختضر فِي عنفوان شبابه وَأورد لَهُ
(رحم الله من رأى نظم شعري ... فَدَعَا لي بِمَا أَشرت إِلَيْهِ)
(قَالَ يَا رب نجني من هَوَاهُ ... أَو فَرد الَّذِي يحب عَلَيْهِ)
وَأورد لَهُ أَيْضا)
(باكر أَبَا بكرٍ بكاس ... واشرب على وردٍ وآس)
(واخلع عذارك جامحاً ... مَا بَين إبريقٍ وطاس)
(فالعيش عَيْش ذَوي الصِّبَا ... وَالدّين دين أبي نواس)
3 - (القلانسي مُفِيد بغداذ)
أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن أبي الْبَدْر الْمُحدث جمال الدّين أَبُو بكر البغداذي القلانسي ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ وعني بالرواية وَهُوَ ابْن عشْرين سنة وَسمع الْكثير من عبد الصَّمد وَمُحَمّد بن أبي الْمَدِينَة وَابْن بلدجي وعدة وخرّج وَأفَاد وَكتب وروى قَلِيلا حدث عَنهُ التقي مُحَمَّد بن مَحْمُود الكرجي وَابْنه أَحْمد وَأحمد بن عبد الْغَنِيّ الوفاياتي وَعبد الله ابْن سُلَيْمَان الغراد وَمُحَمّد بن يُوسُف بن منكلي وَكَانَ صَدُوقًا كتب عَن الْمَشَايِخ فِي الإجازات وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبع مائَة
3 - (شهَاب الدّين المشتولي)
أَحْمد بن عَليّ بن أَيُّوب عَن علوي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن زين الدّين الشَّافِعِي العلامي المشتولي سمع من النجيب والحافظ اليغموري أجَاز لي
3 - (تَاج الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد)
أَحْمد بن عَليّ بن وهب الْعدْل المعمر تَاج الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْعَلامَة مجد الدّين الْقشيرِي المنفلوطي أَخُو قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد(7/159)
الْمُتَقَدّم ذكره فِي المحمدين ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسمع الثقفيات الْعشْرَة وَثَانِي المحامليات وَثَانِي حَدِيث سَعْدَان وَأَرْبَعين السلَفِي من ابْن الجميزي وَسمع جُزْء الصولي من ابْن رواج وَسمع من الزكي الْمُنْذِرِيّ وَغير وَاحِد وَحدث قَدِيما سمع مِنْهُ البرزالي والقطب عبد الْكَرِيم وَجَمَاعَة وَطَالَ عمره وَتفرد
توفّي بقوص سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة ومولده فِي أحد الربيعين سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي اشْتغل بالفقه بالمذهبين مَالك وَالشَّافِعِيّ على أَبِيه ودرس بِالْمَدْرَسَةِ النجيبية بقوص مَكَان وَالِده وَكَانَ يلقِي درساً فِي المذهبين وردس بدار الحَدِيث السابقية وَسمع مِنْهُ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز ابْن جمَاعَة وَالشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وَالْقَاضِي تَاج الدّين عبد الْغفار السَّعْدِيّ وَكَانَ قَلِيل الْعلم والمعرفة بالمذهبين وَتَوَلَّى الحكم بغرب قمولا وبقوص عَن قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ وَكَانَ كثير التَّعَبُّد يَصُوم الدَّهْر ويكفل)
الْأَيْتَام وَكَانَ يتساهل فِي الشَّهَادَة وَفِي الْكَلَام وَذكر عَنهُ أَشْيَاء فِي التساهل وَقَالَ اخْتَلَط بِأخرَة
3 - (شمس الدّين ابْن السديد)
أَحْمد بن عَليّ بن هبة الله شمس الدّين ابْن السديد الإسنائي الشَّافِعِي قَرَأَ الْفِقْه على الشَّيْخ بهاء الدّين هبة الله القفطي وَتَوَلَّى الخطابة بإسنا وناب بهَا فِي الحكم وبأدفو وبقوص ودرس بهَا وَبنى بهَا مدرسة ووقف عَلَيْهَا أملاكاً جَيِّدَة ووقف على الْفُقَرَاء بإسنا انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة بالصعيد قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ قوي النَّفس كثير الْعَطاء محافظاً على رياسة دُنْيَاهُ وَاقِفًا مَعَ هَوَاهُ وَكَانَ ممدحاً مهيباً يُعْطي الآلاف فِي الْأَمر اللَّطِيف ليقهر معانده انْصَرف مِنْهُ على نِيَابَة الحكم بقوص ثَمَانُون ألف دِرْهَم وصادره الْأَمِير سيف الدّين كرآي المنصوري فِي آخر عمره أَخذ مِنْهُ مائَة وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم وَتوجه إِلَى مصر وتمارض فَمَرض فِي شهر رَجَب وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبع مائَة
3 - (شمس الدّين الصُّوفِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عَليّ بن الزبير بن سُلَيْمَان بن مظفر القَاضِي الْفَقِيه شمس الدّين أَبُو الْعَبَّاس الجيلي أَبوهُ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الشَّاهِد من صوفة الطواويس ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة سمع مجلدين من سنَن الْبَيْهَقِيّ من ابْن الصّلاح روى عَنهُ سَائِر الطّلبَة وَكَانَ دينا منطبعاً منادماً كثير التِّلَاوَة والنوافل
3 - (ابْن عبَادَة)
أَحْمد بن عَليّ بن عبَادَة القَاضِي شهَاب الدّين الْأنْصَارِيّ الْحلَبِي كَانَ أَصله حلب وَنَشَأ بالديار المصرية وَكتب واشتغل وَولي شَهَادَة الخزانة بِمصْر واتصل بِخِدْمَة(7/160)
السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وحظي عِنْده وباشر الْوَقْعَة صحبته سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة وَتَأَخر بِدِمَشْق بعد عود السُّلْطَان إِلَى مصر وَولي أَمر التربة المنصورية بِالْقَاهِرَةِ والأملاك والأوقاف المصرية والشامية الَّتِي للسُّلْطَان ولازمه وَتوجه مَعَه إِلَى الكرك وَأقَام بالقدس شهوراً وَلما عَاد السُّلْطَان إِلَى الْقَاهِرَة سنة تسع وَسبع مائَة توجه صحبته وَعرض عَلَيْهِ الوزارة فَلم يُوَافق وَأطلق لَهُ قَرْيَة بحلب وقرية بِالسَّوَادِ من دمشق تعرف بزبد احلاح وَكَانَ جيد الطباع سهل الانقياد لمن يَقْصِدهُ وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي سنة عشر وَسبع مائَة)
3 - (أَخُو القَاضِي برهَان الدّين الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن الشَّيْخ الزَّاهِد يُوسُف بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم سبط الشَّيْخ ضِيَاء الدّين أبي المحاسن عبد الْحق بن خلف بن عبد الْحق الوَاسِطِيّ الْحَنَفِيّ هُوَ القَاضِي شهَاب الدّين أَخُو قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين ابْن عبد الْحق تقدم ذكر أَخِيه
3 - (بهاء الدّين أَبُو حَامِد السُّبْكِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْكَافِي بن عَليّ بن تَمام السُّبْكِيّ الْأنْصَارِيّ الإِمَام الْفَقِيه الْمُفَسّر الْمُحدث الأصولي الأديب بهاء الدّين أَبُو حَامِد الشَّافِعِي يَأْتِي تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة وَالِده قَاضِي الْقُضَاة فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ ولد لَيْلَة الْأَرْبَعَاء الْعشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع عشرَة وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ استجاز لَهُ وَالِده مَشَايِخ عصره من الديار المصرية وَالشَّام ثمَّ أحضرهُ مجَالِس الحَدِيث وسَمعه الْكثير على مَشَايِخ بَلَده وَسمع بِنَفسِهِ وَقدم عَلَيْهِم الْمسند أَحْمد بن أبي طَالب الحجار فَسمع عَلَيْهِ فِي الْخَامِسَة من عمره صَحِيح البُخَارِيّ كَامِلا عَن ابْن الزبيدِيّ وَسمع من الْكتب والأجزاء شَيْئا كثيرا وَحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم وَصلى بِهِ الْقيام سنة ثَمَان وَعشْرين ثمَّ إِنَّه اشْتغل بالفقه والنحو وَالْأُصُول وَغير ذَلِك على وَالِده وعَلى الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وَغَيرهمَا وَلم يبلغ الْحلم إِلَّا وَقد حصل من ذَلِك على شَيْء كَبِير ونظم الشّعْر وَأدْركَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الصايغ صَاحب السَّنَد الْعَظِيم فِي الْقرَاءَات وَسمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة وَالِده وَغَيره نَحوا من سِتّ قراءات فِي بعض أَجزَاء من الْقُرْآن وَلما كنت بِالْقَاهِرَةِ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة أَخْبرنِي عَنهُ تَقِيّ الدّين ابْن رَافع أَنه صنف مجلدة ضخمة فِيهَا تنَاقض كَلَام الرَّافِعِيّ وَالشَّيْخ محيي الدّين النويي رحمهمَا الله تَعَالَى وَلما صنف ذَلِك كَانَ عمره سِتّ عشرَة سنة وَأذن لَهُ بالإفتاء وعمره عشرُون سنة وَلما(7/161)
توجه وَالِده إِلَى قَضَاء الْقُضَاة بِالشَّام ولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد مناصب وَالِده فِي تدريس المنصورية وَغير ذَلِك من السيفية والهكارية ومشيخة الحَدِيث بالجامع الطولوني وَالْجَامِع الظَّاهِرِيّ وَولى أَخَوَيْهِ أَيْضا وهما جمال الدّين الْحُسَيْن وتاج الدّين عبد الْوَهَّاب وَسَيَأْتِي ذكر كل مِنْهُمَا فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَقَامَ بالوظائف الْمَذْكُورَة أحسن من قيام وَالِده وَبلغ ذَلِك وَالِده وَهُوَ بِالشَّام فَقَالَ أَنْشدني ذَلِك من لَفظه
(دروس أَحْمد خيرٌ من دروس عَليّ ... وَذَاكَ عِنْد عَليّ غَايَة الأمل)
فَقلت مجيزاً لَهُ)
(لِأَن فِي الْفَرْع مَا فِي أَصله وَله ... زيادةٌ وَدَلِيل النَّاس فِيهِ جلي)
وَقَالَ أَيْضا وأنشدنيه من لَفظه
(أَبُو حامدٍ فِي الْعلم أَمْثَال أنجمٍ ... وَفِي النَّقْد كالإبريز أخْلص بالسبك)
(فأولهم من اسفرايين نشؤه ... وثانيهم الطوسي وَالثَّالِث السُّبْكِيّ)
فَقلت مجيزاً لَهُ
(وَلَكِن هَذَا آخرٌ فاق أَولا ... لقد فضل الحاكي لدي على المحكي)
(فَهَل ملكا ذَا الْفضل وَالسّن هَكَذَا ... على مَا أرى إِنِّي لذَلِك فِي شكّ)
واقترح عَلَيْهِ وَالِده قَاضِي الْقُضَاة وعمره يَوْمئِذٍ سِتّ عشرَة سنة أَو دون ذَلِك أَن ينظم على قَول ابْن المعتز
(علموني كَيفَ أسلو وَإِلَّا ... فاحجبوا عَن مقلتيّ الملاحا)
فَقَالَ وَهُوَ أول مَا نظم
(بِي ظباء قد تبدت صباحا ... نورها أصبح يَحْكِي الصباحا)
(قلت للعذال لما تغَالوا ... فِي ملامي بَعْدَمَا الْعذر لاحا)
(علموني كَيفَ أبْكِي وَإِلَّا ... فاحجبوا عَن مقلتي الملاحا)
وَقَالَ يمدح الْعَلامَة أثير الدّين أَبَا حَيَّان بقصيدة أَولهَا
(فداكم فؤادٌ حَان للبعد فَقده ... وصبٌ قضى وجدا وَمَا حَال عَهده)
(وقلبٌ جريحٌ بالغرام ميتمٌ ... وطرفٌ قريحٌ طَال فِي اللَّيْل سهده)
فَعجب الشَّيْخ أثير الدّين مِنْهُ وَمن سنه فَقَالَ فِيهِ
(أَبُو حامدٍ حتمٌ على النَّاس حَمده ... لما حَاز من علمٍ بِهِ بَان رشده)
(غذيّ علومٍ لم يزل مُنْذُ نشئه ... يلوح على أفق المعارف سعده)
(ذكيٌ كَأَن من جاحم النَّار ذهنه ... ذكاءً وَمن شمس الظهيرة وقده)(7/162)
(وَمن حَاز فِي سنّ الْبلُوغ فضائلاً ... زمَان اغتدى بالعيّ وَالْجهل ضِدّه)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا
(أَبَا حامدٍ إِنِّي لفضلك حَامِد ... وَإنَّك فِي كل الْعُلُوم لوَاحِد)
وَمن شعر بهاء الدّين أبي حَامِد قصيدة مدح بهَا وَالِده أَولهَا)
(بحبي سَبِيل الْحبّ قَامَ منارها ... فَلَا تسألا عَن مهجتي فيمَ نارها)
(فحال الْهوى لَا يختفي وجحيمه ... تزيد ظهوراً حِين يُرْجَى استتارها)
(وَمَا قتل العشاق إِلَّا صوارمٌ ... بَدَت من حمى ليلى يلوح غرارها)
(إِذا أَقبلت فالقلب مرمى سهامها ... وَإِن أَدْبَرت فالعين تطفو بحارها)
(بنفسي من صادت فُؤَادِي وأصدأت ... حَياتِي إِذْ صدت ودام نفارها)
(تزيد لقلبيي إِن تبَاعد ربعهَا ... دنواً وتجفو حِين تقرب دارها)
(وَتَأْتِي بِعُذْر عَن تعذر وَصلهَا ... وَمَا فتْنَة الْعَذْرَاء إِلَّا اعتذارها)
(يصير جنح اللَّيْل صبحاً جبينها ... وَيظْلم بالفرع الطَّوِيل نَهَارهَا)
(مهاةٌ يزين الخصر مِنْهَا سقامه ... بِهِ ألمٌ مِمَّا حواه إزَارهَا)
(فللكثب مَا قد ضمّ مِنْهَا وشاحها ... وللبدر مَا قد حَاز مِنْهَا خمارها)
(على أَن بدر التمّ يصفرّ إِن بَدَت ... ويخجله من وجنتيها احمرارها)
(أيشبهها وَالْفرق بِالْفرقِ واضحٌ ... وشمس الضُّحَى أضحى إِلَيْهَا افتقارها)
(لقد شقّ حبات الْقُلُوب شقيقها ... فَكَانَ إِلَى خالٍ حواه قَرَارهَا)
(وَمَا روضةٌ أغْنى عَن الزهر زهرها ... وغنى بهَا قمريها وهزارها)
(وصفقت الأوراق حِين تراقصت ... بمر النسيم الرطب فِيهَا بحارها)
(بأرجائها الغزلان تحكي حسانها ... وأفنانها الأفنان تجنى ثمارها)
(يروقك من هيف القدود طوالها ... ويسبيك من لحظ الجفون قصارها)
(بهَا الكأس تُكْسَى بالشمول شمائلاً ... ويخلفها بعد اللجين نضارها)
(بأطيب عرفا من ثنائي على الَّذِي ... لَهُ من نفيسات الْمَعَالِي خِيَارهَا)
(لَهُ همةٌ فَوق السَّمَاء قَرَارهَا ... ومكرمةٌ بذل النوال شعارها)
(حمى مِلَّة الْإِسْلَام بَحر علومه ... وزان فَمِنْهُ سورها وسوارها)
(فكم حل إِشكالاً عقده)
(وَكم قهر النظار فِي حومة الوغى ... ببيض علومٍ لَا يفلّ غرارها)
(فَلَيْسَ فَتى إِلَّا عليّ وسيفه ... يصان بِهِ من ذِي الفقار فقارها)(7/163)
(تقيٌّ نقيٌّ طاهرٌ علمٌ لَهُ ... محَاسِن مجدٍ لَا تعدّ صغارها)
)
فَأَجَابَهُ وَالِده عَن ذَلِك بقصيدة أَنْشدني مِنْهَا
(أياديك رَبِّي غيثها وانهمارها ... عليّ كثيرات وَقد عز جارها)
(فَمن ذَاك نجلي أَحْمد الْفَاضِل الَّذِي ... غَدا وَهُوَ بحرٌ للعلوم ودارها)
(أَبَا حامدٍ لَا زلت فِي الْعلم صاعداً ... إِلَى رتبةٍ يَعْلُو السماك قَرَارهَا)
(تشيد أركاناً لَهُ وتشيدها ... فمنك مبانيها وَأَنت منارها)
(أَتَانِي قصيدٌ مِنْك فاقت بصنعةٍ ... فَمَا إِن تسامى أَو يرام اقتدارها)
(وَمَا لي قوىً تَأتي إليّ بِمِثْلِهَا ... وَقد أعجز الطائيّ منهنا احورارها)
(فأسأل رَبِّي أَن يوقيك الردى ... وَيصرف عَنْك الْعين شطّ مزارها)
واقترح عَلَيْهِ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان أَن ينظم لَهُ فِي الشطرنج مثل بَيت ذكره لَهُ على قافية الْهمزَة فَقَالَ أبياتاً مِنْهَا
(فنظمي حبيب للقلوب برقةٍ ... وَمعنى بِهِ يعزى إِلَى المتنبئ)
(وَلست عَن الْأَشْعَار يَوْمًا بعاجز ... وَلَا أَنا عَن نظم القوافي بجبأ)
وَلما ورد إِلَى دمشق فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة لزيارة وَالِده على الْعَادة الَّتِي لَهُ من زمن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد كتبت إِلَيْهِ
(أَبَا حامدٍ إِنِّي بشكرك مطرب ... كَأَن ثنائي فِي المسامع شيز)
(لقد حزت فضل الْفِقْه وَالْأَدب الَّذِي ... يفوت الْغنى من لَا بِذَاكَ يفوز)
(وفتّ المدى مهلا إِلَى الْغَايَة الَّتِي ... لَهَا عَن لحاق السَّابِقين بروز)
(فَأَصْبَحت فِي حل الغوامض آيَة ... تميل إِلَى طرق الْهدى وتميز)
(كَأَن حُرُوف المشكلات إِذا أَتَت ... لديك على حل العويص رموز)
(وأثريت فاصرف للْمَسَاكِين فضلَة ... فعندك من درّ الْبَيَان كنوز)
(تجيد القوافي والقوى فِي بنائها ... فبيتك للمعنى الشرود حريز)
(سَأَلت فخبر عَن صَلَاة امْرِئ غَدَتْ ... يحار بسيطٌ عِنْدهَا ووجيز)
(تجوز إِذا صلى إِمَامًا ومفرداً ... وَإِن كَانَ مَأْمُوما فَلَيْسَ تجوز)
(فأوف لنا كيل الْهدى متصدقاً ... فَأَنت بمصرٍ والشآم عَزِيز)
(فَمن ذَا الَّذِي يُرْجَى وَأَنت كَمَا نرى ... مجيدٌ مجيبٌ للسؤال مجيز)
)
فَكتب الْجَواب عَن ذَلِك سَرِيعا
(أيا من لشأو الْعلم بَات يحوز ... وَمن لسواه الْمَدْح لَيْسَ يجوز)(7/164)
(وَمن حَاز فِي الْآدَاب مَا اقتسم الورى ... فَلَيْسَ لشَيْء مِنْهُ عَنهُ نشوز)
(وَمن ضَاعَ عرف الْفضل مِنْهُ وَلم يضع ... بجدواه عرف الْجُود فَهُوَ حريز)
(سَأَلت وَمَا الْمَسْئُول أعلم الَّذِي ... أردْت وَلَا مِنْهُ عَلَيْك بروز)
(وَقلت امْرُؤ لَا يَقْتَدِي غير أَنه ... إِمَامًا وفرداً بِالْجَوَازِ يفوز)
(وَذَاكَ فَتى أعمى نأى عَنهُ سَمعه ... وَلَيْسَ لأفعال الإِمَام يُمَيّز)
(فهاك جَوَابا وَاضحا قد أبنته ... ومثلي عَن حلّ الصعاب ضموز)
(فَإِن كَانَ هَذَا مَا أردْت فَإِنَّمَا ... بِفَضْلِك فِي الدُّنْيَا تفكّ رموز)
(وَإِن لم يكنه فَالَّذِي هُوَ لَازم ... جوابٌ لمضمون السُّؤَال يجوز)
(فَلَا زلت تبدي من فضائلك الَّتِي ... تزيد مَعَ الْإِنْفَاق وَهِي كنوز)
(فَأَنت صَلَاح الدّين وَالنَّاس والدنا ... وَأَنت خليلٌ والخليل عَزِيز)
وكتبت إِلَيْهِ وَهُوَ بِدِمَشْق ملغزاً
(مَا غائصٌ فِي يَابِس كلما ... تضربه سَوْطًا أَجَاد الْعَمَل)
(ذُو مقلةٍ غاص بهَا رَأسه ... وَالرَّأْس فِي الْعَادة مأوى الْمقل)
فَكتب الْجَواب من وقته
(لله لغزٌ فاق فِي حسنه ... فظلّ فِي الألغاز فَردا فضل)
(أرَاهُ فِي المثقاب إِن لم يكن ... قد غَابَ عَن فَاسد فكري فضل)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أبياتاً يخرج مِنْهَا الضَّمِير على الْعَادة لكنه عكس الْعدَد فَجعل للْأولِ سِتَّة عشر وَللثَّانِي ثَمَانِيَة وللثالث أَرْبَعَة وللرابع اثْنَيْنِ وللخامس وَاحِدًا وَهِي
(أغنّ عناني لَا أفِيق لظلمه ... ويطمعني فِي أَن يفكّ عناء)
(يذود أُنَاسًا لَا يصدهم صداً ... يزِيد ضناهم مَا يرى ويشاء)
(خلا حَيْثُ أضحى فِي حَشا كل شيق ... جليّ خصالٍ لَاحَ لَيْسَ خَفَاء)
(وكل الورى تزهو بِعَارِض خَاله ... لغرته ضوء الصَّباح إزاء)
(إِذا قَالَ آتِي خَان غيّاً لجهله ... يظنّ الضنى إِن جَاءَ زَالَ شقاء)
)
3 - (الْأَمِير شهَاب الدّين ابْن صبح)
أَحْمد بن عَليّ بن صبح الْأَمِير شهَاب الدّين ابْن صبح أحد مقدم الألوف بِدِمَشْق كَانَ وَالِده الْأَمِير عَلَاء الدّين لَهُ خُصُوصِيَّة زَائِدَة بالأفرم وَلما حضر الْملك النَّاصِر مُحَمَّد من الكرك فِي الْمرة الْأَخِيرَة وَجلسَ على كرْسِي ملكه بِالْقَاهِرَةِ أمسك الْأَمِير عَلَاء الدّين وَأقَام فِي السجْن مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ وَأطْلقهُ من الاعتقال بالإسكندرية وَأَعَادَهُ إِلَى دمشق أَمِير طبلخاناه فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله(7/165)
لكفايته وَكَانَ قد ولاه ولَايَة الْوُلَاة بالصفقة الْقبلية فباشرها على أحسن مَا يكون من المهابة وَالْأَمَانَة والعفة وَبلغ خَبره السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فَطَلَبه وولاه كاشفاً بالشرقية فباشرها على أحسن مَا يكون وَلما توجه الفخري لحصار النَّاصِر أَحْمد فِي الكرك كَانَ الْأَمِير شهَاب الدّين مَعَه وَحضر مَعَه إِلَى دمشق وَكَانَ صُورَة حَاجِب وَلما تَوَجَّهت العساكر صُحْبَة الفخري إِلَى مصر توجه مَعَه وجهزه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة لَقلت الطنبغا وقوصون وطاجار الدوادار وَمن كَانَ فِي الاعتقال ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى دمشق وَلم يزل بهَا يظْهر فِي مُهِمّ بعد مُهِمّ إِلَى أَن أعطي إمرة مائَة وتقدمة ألف وجرد فِي نوبَة سنجار صُحْبَة العساكر وَلما أمسك الْوَزير منجك اتهمه الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي بِأَنَّهُ من جِهَة منجك فرسم النَّاصِر حسن باعتقاله فِي قلعة دمشق فاعتقل هُوَ والأمير سيف الدّين ملك آص فِي يَوْم الْخَمِيس عشْرين ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسبع مائَة ثمَّ إِنَّه أفرج عَنهُ فِي شهر صفر من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ إِنَّه ورد المرسوم الشريف عَن الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين بِأَن يتَوَجَّه إِلَى غَزَّة وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة فَتوجه إِلَيْهَا فَكتبت إِلَيْهِ
(بأفق غَزَّة نورٌ ... أضا بِهِ كل جنح)
(لم لَا ينير دجاها ... وَقد أَتَاهَا ابْن صبح)
3 - (الْأَصْبَهَانِيّ)
أَحْمد بن عُلْوِيَّهُ الْأَصْبَهَانِيّ الكراني قَالَ حَمْزَة كَانَ صَاحب لُغَة يتعاطى التَّأْدِيب وَيَقُول الشّعْر الْجيد ثمَّ رفض التَّأْدِيب وَصَارَ من أَصْحَاب أَحْمد بن عبد الْعَزِيز ودلف بن أبي دلف الْعجلِيّ وَله رِسَالَة مختارة دوّنها أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن سعد فِي كِتَابه المُصَنّف فِي الرسائل وَله ثَمَانِيَة كتب فِي الدُّعَاء من إنشائه ورسالة فِي الخضاب والشيب وَمن شعره)
(إِذا مَا جنى الْجَانِي عَلَيْهِ جِنَايَة ... عَفا كرماً عَن ذَنبه لَا تكرما)
(ويوسعه رفقا يكَاد لبسطه ... يودّ برِئ الْقَوْم لَو كَانَ مجرما)
قلت هُوَ من قَول الأول مَا زلت فِي الْبَذْل والنوال وَإِطْلَاق لعانٍ بجرمه علق
(حَتَّى تمنى البراة أَنهم ... عنْدك أضحوا فِي القدّ وَالْحلق)
وَمن شعر أَحْمد بن عُلْوِيَّهُ
(دنيا مغبة من أثرى بهَا عدم ... ولذةٌ تَنْقَضِي من بعْدهَا نَدم)
(وَفِي الْمنون لأهل اللبّ معتبرٌ ... وَفِي تزوّدهم مِنْهَا التقى غنم)
(والمرء يسْعَى لفضل الرزق مُجْتَهدا ... وَمَا لَهُ غير مَا قد خطّه الْقَلَم)(7/166)
(كم خاشعٍ فِي عُيُون النَّاس منظره ... وَالله يعلم مِنْهُ غير مَا علمُوا)
قَالَ حَمْزَة أَنْشدني هَذِه الأبيات سنة عشر وَثَلَاث مائَة وَله ثَمَان وَتسْعُونَ سنة وَقَالَ بعد أَن أَتَت عَلَيْهِ مائَة
(حَتَّى الدَّهْر من بعد استقامته ظَهْري ... وأفضى إِلَى ضحضاح عيشته عمري)
(ودبّ البلى فِي كل عضوٍ ومفصلٍ ... وَمن ذَا الَّذِي يبْقى سليما على الدَّهْر)
قَالَ حَمْزَة لَهُ قصيدة على ألف قافية شِيعِيَّة عرضت على أبي حَاتِم السجسْتانِي فأعجب بهَا وَقَالَ يَا أهل الْبَصْرَة غَلَبَكُمْ أهل أَصْبَهَان وأولها
(مَا بَال عَيْنك ثرة الْإِنْسَان ... عبرى اللحاظ سقيمة الأجفان)
وَقَالَ يهجو زامراً اسْمه حمدَان
(حذار يَا قوم من حمدَان وانتبهوا ... حذار يَا سادتي من زامرٍ زَان)
(فَمَا يُبَالِي إِذا مَا دبّ مغتلماً ... بدا بِصَاحِب دارٍ أَو بضيفان)
(يلهي الرِّجَال بمزمارٍ فَإِن سَكِرُوا ... ألهى النِّسَاء بمزمارٍ لَهُ ثَان)
وَقَالَ
(حكم الْغناء تسمعٌ ومدام ... مَا للغناء مَعَ الحَدِيث نظام)
(لَو أنني قاضٍ قضيت قَضِيَّة ... إنّ الحَدِيث مَعَ الْغناء حرَام)
3 - (وَزِير المعتصم)
)
أَحْمد بن عمار بن شادي الْبَصْرِيّ وَزِير المعتصم كَانَ مَوْصُوفا بالعفة والصدق توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا وَقيل سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَقد أناف على الْخمسين احْتَاجَ الْفضل بن مَرْوَان أَيَّام الْمَأْمُون إِلَى أَن يقف على ضيَاع أقطعها المعتصم فكاتب ابْن عمار ف يالقيام بذلك فأرضى الْفضل ووفر مَا تولاه فاصطنعه وأقدمه وَكَانَ يصف عفته للمعتصم فَلَمَّا نكب المعتصم الْفضل ولى ابْن عمار الْعرض عَلَيْهِ وَسمي وزيراً وَلم يكن ابْن عمار يصلح للوزارة وَلَا لمخاطبة الْمُلُوك فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام ورد كتاب من الْجَبَل يصف فِيهِ اسْتِوَاء الغلات وَكَثْرَة الْكلأ فَقَالَ المعتصم لِابْنِ عمار مَا الْكلأ فَلم يعرفهُ فَدَعَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا رطب من الْحَشِيش فَهُوَ كلأ فَإِذا جف ويبس فَهُوَ حشيش وَيُسمى أول مَا ينْبت الرطب والبقل فَقَالَ المعتصم لِأَحْمَد بن عمار انْظُر أَنْت فِي الْأُمُور والدواوين وَهَذَا يعرض عَليّ فَعرض عَلَيْهِ أَيَّامًا ثمَّ استوزره وَولى ابْن عمار ديوَان الأزمة فاستعفى وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نَوَيْت الْمُجَاورَة بِمَكَّة سنة فوصله بِعشْرَة آلَاف دِينَار وَدفع إِلَيْهِ عشْرين ألف دِينَار وَقَالَ تصدق بهَا وَلَا تعط مِنْهَا إِلَّا هاشمياً أَو قرشياً أَو أَنْصَارِيًّا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رُبمَا كَانَ من غير هَؤُلَاءِ من لَهُ تقدم فِي الزّهْد وَالْعلم فَدفع إِلَيْهِ خَمْسَة آلَاف دِينَار فحج ابْن عمار وَفرق كل ذَلِك فِي الْعشْرَة الَّتِي وَصله بهَا ثمَّ انْصَرف فَكَانَ يضْرب بذلك الْمثل وَيُقَال مَا رَأينَا مثل عَام ابْن(7/167)
عمار وَكَانَ أَيَّام ووزارته يتَصَدَّق كل يَوْم بِمِائَة دِينَار وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن كل ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ ابْن عمار وجده شادي طحانين
3 - (مجد الشّرف الْكُوفِي)
أَحْمد بن عمار بن أَحْمد بن عمار بن الْمُسلم يَنْتَهِي إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَبُو عبد الله الْعلوِي الْحُسَيْنِي وَيعرف بمجد الشّرف من أهل الْكُوفَة شَاعِر مجيد حسن الْمعَانِي قدم بغداذ ومدح المسترشد والوزير جلال الدّين ابْن صَدَقَة وأدركه أَجله ببغداذ سنة سبع وَعشْرين وَخمْس مائَة وعمره اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ سنة من شعره يمدح الْوَزير جلال الدّين ابْن صَدَقَة
(خله ينض لَيْلَة الإنضاء ... فعساه يشفي جواره الجواء)
فقد استنجدت حَيَّاهُ رَبِّي نجد وشامت بروقه شماء
(وثنت نَحوه الثَّنية قلباً ... قلبا تستخفه الْأَهْوَاء)
عاطفات إِلَيْهِ أعطافها شوقا كَمَا يلفت الطلى الإطلاء)
(دمنٌ دَامَ لي بهَا اللَّهْو حينا ... وَصفا لي فِيهَا الْهوى والهواء)
(وأسرت السَّرَّاء فِيهَا بقلبٍ ... أسرته من بعْدهَا الضراء)
(فسقت عهدها العهاد وروت ... مِنْهُ تِلْكَ النوادي الأنداء)
(وأربت على الربى من ثراها ... ثرةٌ للرياض مِنْهَا ثراء)
(يستجم الْحمام مِنْهَا إِذا مَا ... نزح المقلة البكيّ الْبكاء)
ناضر كلما تعطفت الأعطاف مِنْهُ تثنت الْأَثْنَاء وَإِذا هزت الكعاب كعاب الْخط سلت ظَبْي السيوف الظباء
(فِي رياضٍ راضت خلال جلال ... الدّين أرواحهن والصهباء)
ثمَّ إِنَّه اسْتمرّ على هَذَا الحكم فِي الجناس الحلو بِهَذَا النَّفس إِلَى أَن أكملها أحدا وَسِتِّينَ بَيْتا
وَمن شعره
(وَلما غنينا بالأحاديث خلسة ... أَخذنَا من الشكوى بِكُل زِمَام)
(حديثٌ يضوع الْمسك مِنْهُ كَأَنَّهُ ... رذاذ غمامٍ أَو رحيق مدام)
(أَفَاضَ من الأجفان كل ذخيرةٍ ... وفضّ من الأشواق كل ختام)
وَمِنْه
(وباكيةٍ أبكت فأبدت محاسناً ... أراقت فراقت أنفس الركب عَن عمد)
(حباباً على خمرٍ وليلاً على ضحى ... وغصناً على دعصٍ ودرّاً على ورد)
وَمِنْه يصف الأتراك(7/168)
(وبغلمةٍ شوسٍ كَأَن عيونهم ... مَا سربلوه من الدلاص الْمُحكم)
(مَا قلدوا غير القسي تمائماً ... فكأنهم فِيهَا مَكَان الأسهم)
(خلقت مهودهم السُّرُوج فَمَا اغتدوا ... بالدر إِلَّا فِي لبان مطهم)
وَمِنْه أَيْضا
(وشادنٍ فِي الشّرْب قد أشربت ... وجنته مَا مجّ راووقه)
(مَا شبهت يَوْمًا أباريقه ... بريقه إِلَّا أَبى رِيقه)
3 - (الْمَهْدَوِيّ الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عمار أَبُو الْعَبَّاس الْمَهْدَوِيّ الْمُقْرِئ المجود من أهل المهدية كَانَ مقدما فِي الْقرَاءَات)
والعربية وصنف كتبا مفيدة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين والأربع مائَة
3 - (المروروذي)
أَحْمد بن عمار بن حبيب المروروذي أَبُو عبد الله كَانَ يهاجي دعبل بن عَليّ وَنقض عَلَيْهِ نونيته الطَّوِيلَة الَّتِي فَخر فِيهَا وَأحمد هُوَ الْقَائِل يفخر بالأبناء
(وَمنا الَّذِي أنجى من الذل قومه ... وحامى عَلَيْهِم عزّةً وتكرما)
(وَحكم فِي الأَرْض الْخلَافَة بُرْهَة ... وأورثنا ملكا وعزّاً عرمرما)
(وَأثبت لِلْمَأْمُونِ أَرْكَان ملكه ... وجاهد حَتَّى صيّر النَّقْض مبرما)
وَقَالَ
(وَنحن عَقدنَا لِابْنِ شكْلَة ملكه ... فَأصْبح ذَا ملكٍ وعزّ مؤيد)
(وقدنا رِقَاب النَّاس لِلْبيعَةِ الَّتِي ... تلاقى بهَا الأقوام فِي كل مشْهد)
3 - (ابْن الْأَشْعَث الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن عمر بن الْأَشْعَث وَيُقَال ابْن أبي الْأَشْعَث أَبُو بكر الْمُقْرِئ السَّمرقَنْدِي سكن دمشق مُدَّة وَقَرَأَ بهَا على الْحسن بن عَليّ الْأَهْوَازِي وَسمع مِنْهُ وَمن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْحلَبِي وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي وَإِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي وَغَيرهم وَكَانَ يكْتب الْمَصَاحِف وَهُوَ يقرئ الْقُرْآن قدم بغداذ واستوطنها إِلَى أَن مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة كَانَ يكْتب مليحاً طَريقَة الْكُوفَة وَيكْتب الْمَصَاحِف من خاطره فَإِذا فرغ من الْوَجْه كتبا لوجه الآخر إِلَى أَن يجِف ثمَّ يكْتب الْوَجْه الَّذِي بَينهمَا فَلَا يكَاد يزِيد وَلَا ينقص وَيكْتب فِي قطع كَبِير وصغير وَكَانَ ينْسَخ ويقرئ جمَاعَة بروايات مُخْتَلفَة وَيرد على الْمُخطئ مِنْهُم وَيقْرَأ هُوَ لنَفسِهِ وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِك كل عَجِيبَة(7/169)
قَالَ محب الدّين ابْن النجار أخبرنَا أَبُو البركات الْأمين بِدِمَشْق قَالَ أَنا عمي أَبُو الْقَاسِم الْحَافِظ قَالَ سَمِعت الْحسن بن قبيس يذكر أَنه يَعْنِي أَبَا بكر السَّمرقَنْدِي خرج مَعَ جمَاعَة إِلَى ظَاهر الْبَلَد فِي فُرْجَة فقدموه يُصَلِّي بهم وَكَانَ مزاحا فَلَمَّا سجد بهم تَركهم فِي الصَّلَاة وَصعد فِي شَجَرَة فَلَمَّا طَال عَلَيْهِم انْتِظَاره رفعوا رؤوسهم فَلم يجدوه فِي مُصَلَّاهُ وَإِذا بِهِ فِي الشَّجَرَة يَصِيح مثل السنانير فَسقط من أَعينهم وَخرج إِلَى بغداذ وَترك أَوْلَاده بِدِمَشْق
3 - (الْوَجِيه الشَّافِعِي)
)
أَحْمد بن عمر بن الْحسن الْكرْدِي أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ يعرف بالوجيه قَرَأَ الْفِقْه بتبريز على فقيهها ابْن أبي عَمْرو حَتَّى برع فِيهِ وَيُقَال إِنَّه حفظ الْمُهَذّب لأبي إِسْحَاق جَمِيعه وَقدم بغداذ وَأقَام بهَا حَتَّى مَاتَ ورتب معيداً بالنظامية وَكَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء الْمَشْهُورين
قَالَ محب الدّين ابْن النجار رَأَيْته غير مرّة وَكَانَ عَلَيْهِ مهابة وجلالة وأنوار الْعلم وَالصَّلَاح ظَاهِرَة وَلما مَاتَ كَانَ يَوْمًا مشهوداً امْتَلَأت الصَّحرَاء من النَّاس وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (الْحَنْبَلِيّ الْوَاعِظ الْقطيعِي)
أَحْمد بن عمر بن الْحُسَيْن بن خلف الْقطيعِي أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْوَاعِظ البغداذي قَرَأَ الْفِقْه على أبي يعلى مُحَمَّد بن الْفراء ولازمه حَتَّى برع وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَكَانَ حسن المناظرة جريئاً فِي الجدل يعظ النَّاس على الْمِنْبَر سمع بِنَفسِهِ بعد علو سنه من عبد الْخَالِق بن أَحْمد بن يُوسُف وَالْفضل بن سهل الأسفراينيي والحافظ ابْن نَاصِر وَغَيرهم وَحدث باليسير توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (الدلايي)
أَحْمد بن عمر بن أنس بن دلهاث بن أنس بن فلذان بن عمر بن منيب أَبُو الْعَبَّاس العذري الدلايي بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة ودلاية من عمل المرية توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن سُرَيج)
أَحْمد بن عمر بن سُرَيج القَاضِي أَبُو الْعَبَّاس البغداذي إِمَام أَصْحَاب(7/170)
الشَّافِعِي شرح الْمُهَذّب ولخصه وصنف التصانيف ورد على مخالفي النُّصُوص سمع الْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح الزَّعْفَرَانِي وَعلي بن اشكاب وَأَبا دَاوُد السجسْتانِي وعباس بن مُحَمَّد الدوري وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو أَحْمد الغطريفي وتفقه على عدَّة أَئِمَّة وَوَقع حَدِيثه بعلو فِي جُزْء الغطريفي لأَصْحَاب ابْن طبرزذ قَالَ أَبُو إِسْحَاق كَانَ يُقَال لَهُ الباز الْأَشْهب ولي الْقَضَاء بشيراز وَكَانَ يفضل على جَمِيع أَصْحَاب الشَّافِعِي حَتَّى على الْمُزنِيّ وفهرست كتبه يشْتَمل على أَربع مائَة مُصَنف وَكَانَ أَبُو حَامِد الأسفراييني يَقُول نَحن نجري مَعَ أبي الْعَبَّاس فِي ظواهر الْفِقْه دون دقائقه تفقه على أبي الْقَاسِم الْأنمَاطِي قَالَ رَأَيْت كأنا مُطِرْنَا كبريتاً أحمراً فملأت أكمامي وحجري فَعبر لي أَن أرزق علما غزيراً كعزة الكبريت الْأَحْمَر قَالَ الْحَاكِم)
سَمِعت حسان بن مُحَمَّد الْفَقِيه يَقُول كُنَّا فِي مجْلِس ابْن سُرَيج سنة ثَلَاث وَثَلَاث مائَة فَقَامَ شيخ من أهل الْعلم فَقَالَ أبشر أَيهَا القَاضِي إِن الله يبْعَث على رَأس كل مائَة سنة من يجدد يَعْنِي للْأمة دينهَا وَإِن الله بعث على رَأس الْمِائَة الأولى عمر بن عبد الْعَزِيز وعَلى رَأس الْمِائَتَيْنِ الشَّافِعِي ثمَّ أنشأ يَقُول
(اثْنَان قد مضيا فبورك فيهمَا ... عمر الْخَلِيفَة ثمَّ حلف السؤدد)
(الشَّافِعِي الألمعي مُحَمَّد ... إِرْث النُّبُوَّة وَابْن عَم مُحَمَّد)
(أبشر أَبَا الْعَبَّاس إِنَّك ثَالِث ... من بعدهمْ سقيا لتربة أَحْمد)
فصاح ابْن سُرَيج وَبكى وَقَالَ لقد نعى إليّ نَفسِي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ على رَأس الْأَرْبَع مائَة أَبُو حَامِد الأسفراييني وعَلى رَأس الْخمس مائَة الْغَزالِيّ وعَلى السِّت مائَة الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ وعَلى السَّبع مائَة شَيخنَا ابْن دَقِيق الْعِيد
قلت مَعَ وجود الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ على رَأس السِّت مائَة مَا يذكر الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ لِأَن الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ رَحمَه الله مَا ينخرط فِي سلك ابْن سُرَيج وَأبي حَامِد الأسفراييني وَالْغَزالِيّ وفخر الدّين الرَّازِيّ من نمطهم والرازي مَاتَ سنة سِتّ وست مائَة
وَكَانَ ابْن سُرَيج يناظر أَبَا بكر مُحَمَّد بن دَاوُد الظَّاهِرِيّ حُكيَ أَنه قَالَ لَهُ يَوْمًا أبلعني ريقي قَالَ لَهُ أبلعتك دجلة وَقَالَ لَهُ يَوْمًا أمهلني سَاعَة فَقَالَ أمهلتك من السَّاعَة إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وَقَالَ لَهُ يَوْمًا أُكَلِّمك من الرجل فتجاوبني من الرَّأْس فَقَالَ لَهُ هَكَذَا الْبَقر إِذا حفيت أظلافها ذهبت قُرُونهَا وَكَانَ لَهُ نظم حسن وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاث مائَة وعمره سبع وَخَمْسُونَ سنة وست أشهر ودفي فِي حجرته بسويقة غَالب بالجانب الغربي بِالْقربِ من محلّة الكرخ وقبره يزار
3 - (أَبُو طَاهِر ابْن شبة)
أَحْمد بن عمر بن شبة بن عُبَيْدَة بن زيد أَبُو طَاهِر بن أبي زيد(7/171)
النميري من أهل سر من رأى وَالِده بَصرِي ذكر مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح الْكَاتِب فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء الْمُحدثين قَالَ شَاعِر محسن متخلص إِلَى كل معنى رَقِيق لطيف أعجله الْمَوْت عَن بُلُوغ مَا بلغه الشُّعَرَاء المجيدون بأشعارهم وَتُوفِّي بعد أَبِيه بِعشر سِنِين أَو نَحْوهَا وَمَا رَأَيْت أحدا من الشُّعَرَاء والرواة إِلَّا يفضله ويقدمه حَدثنِي مُحَمَّد بن الْقَاسِم قَالَ خرجت أَنا وَأَبُو طَاهِر بسر من رأى فِي يَوْم عيد)
فَجعل النَّاس يَمرونَ بِنَا فِي هيئتهم فَقَالَ أَبُو طَاهِر وَنحن نَنْظُر فِي دفتر
(نظرت فَلم أر فِي الْعَسْكَر ... كشؤمي وشؤم أبي جَعْفَر)
(غَدا النَّاس للعيد فِي زينةٍ ... من النُّور فِي منظرٍ أَزْهَر)
(ونغدو عَلَيْهِم بل هيئةٍ ... فِرَارًا من الْمنزل المقفر)
(فنقعد للشؤم فِي عزلةٍ ... من النَّاس نَنْظُر فِي دفتر)
توفّي بعد السّبْعين والمائتين وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ
3 - (ابْن الْمُحْتَسب)
أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن علكان بن يُوسُف بن البيع أَبُو بكر الْفَقِيه الشُّرُوطِي يعرف بِابْن الْمُحْتَسب من أهل همذان سمع الْكثير من شيوخها وَقدم بغداذ وَحدث بهَا عَن أبي الْفضل عبد الله بن عَبْدَانِ وَسمع مِنْهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْحسن بن هِلَال الورداني وَسَالم بن عبد الْملك الْآمِدِيّ كَانَ صَدُوقًا صَالحا توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو نصر الْحَافِظ الْغَازِي)
أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْحَاق الْغَازِي أَبُو بكر الْحَافِظ من أهل أَصْبَهَان سمع الْكثير بِبَلَدِهِ ورحل إِلَى خُرَاسَان وَسمع بهَا كثيرا وببغداد وَمَكَّة وَالْبَصْرَة وَحدث بالكثير كتب الْكثير بِخَطِّهِ وَحصل الْكتب وَقَرَأَ الْكتب الْكِبَار ونسخها بِخَطِّهِ وَمَا كَانَ يفرق بَين السماع وَالْإِجَازَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث وَخمْس مائَة
3 - (نجم الدّين الكبري الصُّوفِي)
أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد الزَّاهِد الْقدْوَة الشَّيْخ نجم الدّين الكبري بِضَم الْكَاف وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء أَبُو الجناب الخيوقي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَضم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْوَاو قَاف الصُّوفِي شيخ خوارزم قَالَ أَبُو الْعَلَاء الفرضي إِنَّمَا هُوَ نجم الكبراء ثمَّ خفف وَغير وخيوق قَرْيَة من خوارزم طَاف الْبِلَاد وَسمع الحَدِيث واستوطن خوارزم وَصَارَ شيخ تِلْكَ النَّاحِيَة ملْجأ الغرباء عَظِيم الجاه لَا يخَاف فِي الله لومة لائم سمع بالإسكندرية وبهمذان من الْحَافِظ أبي الْعَلَاء وَقَالَ ابْن نقطة هُوَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب إِمَام فِي السّنة وَقَالَ غَيره إِنَّه فسر الْقُرْآن فِي اثْنَي عشر مجلداً قَالَ الشَّيْخ شمس(7/172)
الدّين كَانَ شَيخنَا عماد الدّين الْحزَامِي يعظمه)
وَلَكِن فِي الآخر رأى لَهُ كلَاما فِيهِ شَيْء من لَوَازِم الْإِلْحَاد وَهُوَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى سالمٌ من ذَلِك فَإِنَّهُ مُحدث عَارِف بِالسنةِ والتعبد كَبِير الشَّأْن وَمن مناقبه أَنه اسْتشْهد فِي سَبِيل الله تَعَالَى لما قَاتل التتار على بَاب خوارزم وَاجْتمعَ بِهِ الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ وفقيه آخر وَقد تناظرا فِي معرفَة الله تَعَالَى وتوحيده فأطالا الْجِدَال فسألا الشَّيْخ نجم الدّين عَن علم الْمعرفَة فَقَالَ وارداتٌ ترد على النُّفُوس تعجز النُّفُوس عَن ردهَا فَسَأَلَهُ الإِمَام فَخر الدّين كَيفَ الْوُصُول إِلَى إِدْرَاك ذَلِك قَالَ تتْرك مَا أَنْت فِيهِ من الرِّئَاسَة والحظوظ أَو كَمَا قَالَ فَقَالَ هَذَا مَا أقدر عَلَيْهِ وَانْصَرف وَأما رَفِيقه فَإِنَّهُ تزهد وتجرد وَصَحب الشَّيْخ فَفتح الله عَلَيْهِ وَتُوفِّي الشَّيْخ نجم الدّين سنة ثَمَانِي عشرَة وست مائَة
3 - (جمال الدّين ابْن أبي عمر)
أَحْمد بن عمر ابْن الزَّاهِد الْكَبِير أبي عمر أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قدامَة جمال الدّين أَبُو حَمْزَة وَأَبُو طَاهِر الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ رَحل إِلَى بغداذ وَهُوَ صبي وَسمع بهَا واشتغل اشتغالاً يَسِيرا واشتغل بِالْخدمَةِ وركوب الْخَيل والفروسية وَحمل فِي الغيارة وَقتل إفرنجياً وَتَوَلَّى على جماعيل مُدَّة وروى عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس المرسي)
أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد الشَّيْخ الزَّاهِد الْكَبِير الْعَارِف أَبُو الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ المرسي وَارِث شَيْخه الشاذلي تصوفاً الْأَشْعَرِيّ مُعْتَقدًا توفّي بالإسكندرية سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَلأَهل مصر وَلأَهل الثغر فِيهِ عقيدة كَبِيرَة وَقد زرته لما كنت بالإسكندرية سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة قَالَ ابْن عرام سبط الشاذلي وَلَوْلَا قُوَّة اشتهاره وكراماته لذكرت لَهُ تَرْجَمَة طَوِيلَة كَانَ من الشُّهُود بالثغر
3 - (الْقُرْطُبِيّ مُخْتَصر الصَّحِيحَيْنِ)
أَحْمد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن عمر الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي الْمُحدث الْمدرس الشَّاهِد نزيل الْإسْكَنْدَريَّة ولد بقرطبة سنة ثَمَان وَسبعين وَسمع بهَا وَقدم وَحدث بهَا وبمصر وَاخْتصرَ الصَّحِيحَيْنِ ثمَّ شرح مُخْتَصر صَحِيح مُسلم وَسَماهُ الْمُفْهم وأتى فِيهِ بأَشْيَاء مفيدة وَكَانَ بارعاً فِي الْفِقْه والعربية عَارِفًا بِالْحَدِيثِ وَتُوفِّي بالإسكندرية سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة وَكَانَ يعرف فِي بِلَاده بِابْن المزين وَله كتاب كشف القناع عَن الوجد وَالسَّمَاع)
أَجَاد فِيهِ وَأحسن وَكن أَولا اشْتغل بالمعقول وَله اقتدار على تَوْجِيه الْمعَانِي بِالِاحْتِمَالِ قَالَ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي أخذت عَنهُ وَأَجَازَ لي مصنفاته
3 - (أَبُو الْحُسَيْن النهرواني)
أَحْمد بن عمر بن روح أَبُو الْحُسَيْن النهرواني كَانَ فَاضلا(7/173)
شَاعِرًا توفّي ببغداذ سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة قَالَ كنت على شاطئ دجلة فَمر بِي إِنْسَان فِي سفينة وَهُوَ يَقُول
(وَمَا طلبُوا سوى قَتْلِي ... فهان عليّ مَا طلبُوا)
فَقلت لَهُ قف ثمَّ قلت بديهاً
(على قتل الْأَحِبَّة بالتم ... ادي فِي الجفا غلبوا)
وبالهجران طيب النّوم من عينيّ قد سلبوا
(وَمَا طلبُوا سوى قَتْلِي ... فهان عليّ مَا طلبُوا)
قلت البيتان اللَّذَان ابتدههما ليسَا فِي طبقَة الْبَيْت الْمَذْكُور لِأَنَّهُ أرشق نظماً وأعذب لفظا
3 - (قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عمر بن عبد الله قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين أبي حَفْص الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ تولى هُوَ وَأَبوهُ قَضَاء الْقُضَاة بالديار المصرية للحنابلة أجَاز لي بِخَطِّهِ بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (أَبُو بكر الْخصاف)
أَحْمد بن عَمْرو بن مهير الشَّيْبَانِيّ أَبُو بكر الْخصاف أحد الْفُقَهَاء على مَذَاهِب أهل الْعرَاق حدث عَن هِشَام بن عبد الْملك وَإِبْرَاهِيم بن بشار الرَّمَادِي ومسدد بن مسرهد وَعبد الله بن مسلمة القعْنبِي وَيحيى بن عبد الحميد الْحمانِي والواقدي وَعبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة وَأبي مُعَاوِيَة الضَّرِير وَعلي بن الْمَدِينِيّ ومعاذ بن أَسد الْخُرَاسَانِي وَالْحُسَيْن بن الْقَاسِم النَّخعِيّ الْكُوفِي وَعَمْرو بن عَاصِم الْكلابِي وَأبي عَامر الْعَقدي وَمُحَمّد بن الْفضل عَارِم ووهب بن جرير بن حَازِم وَالْحسن بن عَنْبَسَة الْوراق وَالْفضل بن دُكَيْن أبي نعيم وَمعلى بن أَسد وَأبي عمر حَفْص بن عمر الضَّرِير وَعَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ وَخلق كثير غير هَؤُلَاءِ وَكَانَ فَاضلا فارضاً حاسباً عَالما بمذاهب أَصْحَابه وَكَانَ مقدما عِنْد الْمُهْتَدي بِاللَّه حَتَّى قَالَ النَّاس هُوَ ذَا يحيى دولة بن أبي دؤاد وَيقدم الْجَهْمِية وصنف للمهتدي كِتَابه)
فِي الْخراج فَلَمَّا قتل الْمُهْتَدي نهب الْخصاف وَذهب بعض كتبه وَمن مصنفاته كتاب الْحِيَل
كتاب الْوَصَايَا(7/174)
كتاب الشُّرُوط الْكَبِير كتاب الشُّرُوط الصَّغِير كتاب الرَّضَاع كتاب المحاضر والسجلات كتاب أدب القَاضِي كتاب النَّفَقَات كتاب الْإِقْرَار بالورثة كتاب الْعصير وَأَحْكَامه كتاب أَحْكَام الْوُقُوف كتاب ذرع الْكَعْبَة وَالْمَسْجِد والقبر وَكَانَ الْخصاف زاهداً عابداً يَأْكُل من كسب يَده وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم سَمِعت أَبَا سهل مُحَمَّد بن عمر يَحْكِي عَن بعض مشايخه ببلخ قَالَ دخلت بغداذ وَإِذا بِرَجُل على الجسر يُنَادي ثَلَاثَة أَيَّام يَقُول أَلا إِن القَاضِي أَحْمد بن عَمْرو الْخصاف استفتي فِي مَسْأَلَة كَذَا فَأجَاب بِكَذَا وَكَذَا وَهُوَ خطأ وَالْجَوَاب كَذَا وَكَذَا رحم الله من بلغَهَا صَاحبهَا وَتُوفِّي الْخصاف سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْموصِلِي الْكَاتِب)
أَحْمد بن عَمْرو الْموصِلِي الْكَاتِب ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب نَشأ ببغداذ وخدم الْخُلَفَاء فِي الحضرة والسواد وَكَانَ شَيخا من فضلاء الْكتاب وظرفائهم كثير الْمَحْفُوظ ممتع المجالسة مَعْرُوفا بالعفة والنزاهة وَله شعر ورسائل وَمن شعره مَا كتبه إِلَى أبي نصر الْأَوَانِي من جملَة رِسَالَة وَقد نفذ إِلَيْهِ حجرا حَمْرَاء عَرَبِيَّة ينزي عَلَيْهَا حمارا
(قل لي جعلت لَك الفدا من محسنٍ ... كَيفَ ارتضيت الْحمر للحمراء)
(وَهِي المفيدة والمغيثة فِي الوغى ... وَالنَّقْع يمزج ظلمَة بضياء)
(وَلَو أَنَّهَا لبجيلةٍ مَا أقعدوا ... رصداً لرفقة ثَابت بِالْمَاءِ)
(أَو قربت لجذيمة يَوْم الْعَصَا ... لم تلفه فِي قَبْضَة الزباء)
3 - (أَخُو أَشْجَع الشَّاعِر)
أَحْمد بن عَمْرو أَخُو أَشْجَع بن عَمْرو السّلمِيّ الشَّاعِر وَأحمد يكنى أَبَا جَعْفَر وَهُوَ قَلِيل الشّعْر وَكَانَ أسن من أَشْجَع وَله قَالَ أَشْجَع
(أَبَت غفلات قَلْبك أَن تريحا ... لكأسٍ لَا تزايلها صَبُوحًا)
(تغضّ عَن المكاره طرف عين ... إِلَى اللَّذَّات ذَا شوقٍ طموحا)
(كَأَنَّك لَا ترى حسنا جميلاً ... بِعَيْنِك يَا أخي إِلَّا قبيحا)
فَأَجَابَهُ أَحْمد)
(أغرّك أَن قَوْلك لي قبيحٌ ... وَأَنِّي لَا أَقُول لَك القبيحا)
(وَقد نبئت أَنَّك عبت شعري ... فَخذ بيديك هَل تَسْتَطِيع ريحًا)
(وَلَا وَالله مَا أحسست شعرًا ... هجاء مذ خلقت وَلَا مديحا)
(سأعرض عَنْك إِذْ أَعرَضت عني ... وأسكن صدرك الْقلب القريحا)
3 - (الْحَافِظ الْبَزَّاز)
أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق الْبَزَّاز الْحَافِظ صَاحب الْمسند(7/175)
الْمَشْهُور قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة يُخطئ ويتكل فِي حفظه توفّي بالرملة فِي شهر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عَمْرو الْأَهْوَازِي)
أَحْمد بن عَمْرو بن حَيَّان الأشتر الْقَيْسِي يكنى أَبَا عَمْرو أهوازي أسره الزنج بِالْبَصْرَةِ فَعرض على أبي زَكَرِيَّاء النجراني فِي الأسرى فَقَالَ لَهُ أَنا بالتشيع أشهر مني باسمي الَّذِي أدعى بِهِ فَقَالَ فَمَا أقعدك عَن الْهِجْرَة فأنشده
(وَلَو هَاجَرت نَحْوك كَانَ أجدى ... عليّ من التطوفي فِي الْبِلَاد)
(وَلَكِن الحذار عدا مسيري ... إِلَيْك وَحكم سَيْفك فِي الْعباد)
فَأَخَّرَهُ وَلم يستبق غَيره ووعده بِالْإِطْلَاقِ ثمَّ أعرض عَنهُ وَعرض عَلَيْهِ بعد مُدَّة فَقَالَ
(يَا من لَهُ الْفضل على عَبده ... مثلك لَا يخلف فِي وعده)
فَأَطْلقهُ
ومدح الْفَتْح بن خاقَان بِغَيْر قصيدة وَفِيه يَقُول بعد مَوته
(سطت بفتحٍ يَد الزَّمَان ... فصيرته حَيْثُ كَانَ)
(فَلَا تثق بعده بدهرٍ ... فكلّ شَيْء لَهُ أَوَان)
3 - (الشَّيْبَانِيّ قَاضِي أَصْبَهَان)
أَحْمد بن عَمْرو بن أبي عَاصِم الضَّحَّاك الشَّيْبَانِيّ الزَّاهِد الْفَقِيه قَاضِي أَصْبَهَان بعد صَالح ابْن الإِمَام أَحْمد سمع خلقا كثيرا بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَة وبغداذ ودمشق ومصر والحجاز والنواحي توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ ابْن أبي حَاتِم صَدُوق وصنف كتاب خلاف فِي السّنَن وَقع لنا عدَّة كتب صغَار مِنْهُ وَكَانَ فَقِيها إِمَامًا يُفْتِي بِظَاهِر الْأَثر وَله قدم فِي الْوَرع وَالْعِبَادَة قَالَ الْكسَائي رَأَيْت أَبَا بكر فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنَّهُ يُصَلِّي من قعُود فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ فَقلت)
أَنْت أَحْمد بن عَمْرو قَالَ نعم فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ يؤنسني رَبِّي فَقلت يؤنسك رَبك قَالَ نعم فشهقت شهقة فانتبهت
3 - (الْحَافِظ أَبُو بكر الطَّحَّان)
أَحْمد بن عمر بن جَابر الْحَافِظ أَبُو بكر الطَّحَّان نزل الرملة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة(7/176)
3 - (الْأَخْفَش الْأَلْهَانِي)
أَحْمد بن عمرَان بن سَلامَة الْأَلْهَانِي أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ يعرف بالأخفش قديم ذكره أَبُو بكر الصولي فِي كِتَابه الَّذِي أَلفه فِي شعراء مصر فَقَالَ كَانَ نحويا لغويا أَصله من الشَّام وتأدب بالعراق فَلَمَّا قدم مصر أكْرمه إِسْحَاق بن عبد القدوس وَأخرجه إِلَى طبرية فأدب وَلَده وَله أشعار كَثِيرَة فِي آل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام
مِنْهَا
(إِن بني فَاطِمَة الميمونه ... الطيبين الأكرمين الطينه)
(ربيعنا فِي السّنة الملعونه ... كلهم كالروضة المهتونه)
وَله كتاب غَرِيب الْمُوَطَّأ وَكَانَ قد نزل على رعلٍ حَيّ من بني سليم فَلم يقروه فَقَالَ
(تضيفت بغلتي وَالْأَرْض معشبةٌ ... رعلاً فَكَانَ قراها عِنْدهم عدس)
(وأكلباً كأسود الغابة ضاريةً ... وواقباتٍ بأيدي أعبد عبس)
(وَالْعَام أرغد وَالْأَمْوَال فاضلةٌ ... وَمَا ترى فِي سَواد الْحَيّ من قبس)
(يستوحشون من الضَّيْف الملم بهم ... ويأنسون إِلَى ذِي السوءة الشرس)
قلت كَذَا وجدت هَذِه الأبيات وَفِي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا كَانَت وَفَاته
3 - (نَاظر سَواد الْعرَاق)
أَحْمد بن عمرَان الرئيس نجم الدّين الباجسرائي نَاظر الْعرَاق كَانَ نصيرياً ظَاهر الْفسق قَتَلُوهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (ابْن جوصا الْحَافِظ)
أَحْمد بن عُمَيْر بن يُوسُف بن مُوسَى بن جوصا بِالْجِيم الْمَفْتُوحَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة أَبُو الْحسن مولى بني هَاشم حَافظ الشَّام سمع جمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة وَثَّقَهُ)
الطَّبَرَانِيّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تفرد بِأَحَادِيث وَلم يكن بِالْقَوِيّ كَانَ ذَا مالٍ كثير وَتُوفِّي سنة عشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْعلوِي)
أَحْمد بن عِيسَى بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي(7/177)
الله عَنْهُم خرج بعبادان فِي خلَافَة الرشيد وبويع لَهُ سرا سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَة ثمَّ إِنَّه هرب فَلم يزل مستخفياً إِلَى أَن مَاتَ فِي اختفائه بِالْبَصْرَةِ سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت مُدَّة استتاره اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة وَلَا يعرف من استتر وخفي أمره هَذِه الْمدَّة كلهَا غير هَذَا
3 - (ابْن عِيسَى الْعلوِي)
أَحْمد بن عِيسَى بن عَليّ بن حُسَيْن ظهر فِي ذِي الْحجَّة سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ ودعا النَّاس بِالريِّ إِلَى الرضى من آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغلب على الرّيّ وَلم تطل أَيَّامه وأسره السُّلْطَان
3 - (ابْن التسترِي الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن عِيسَى الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن التسترِي روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن الْأُسْتَاذ)
أَحْمد بن عِيسَى بن عباد بن عِيسَى بن مُوسَى أَبُو الْفضل الدينَوَرِي الْمَعْرُوف بِابْن الْأُسْتَاذ قدم همذان قبل السّبْعين وَحدث عَن أَبِيه وَغَيره وَكَانَ صَدُوقًا توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن سائله)
أَحْمد بن عِيسَى بن مُوسَى بن أَحْمد أَبُو بكر الْبَزَّاز الْمَعْرُوف بِابْن سائله الْحَنْبَلِيّ حدث عَن عبد الله بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْمَدَائِنِي وَعبيد الله بن عُثْمَان بن مُحَمَّد العثماني وروى عَنهُ عَامر بن مُحَمَّد بن عَامر بن عُلْوِيَّهُ البسطامي وَعلي بن بشري اللَّيْثِيّ فِي مُعْجم شُيُوخه وَوَجَدته فِي مَوضِع ابْن سائله بِالسِّين الْمُهْملَة وَاللَّام وَفِي مَوضِع ابْن شانكه بالشين الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَالْكَاف وَفِي مَوضِع ابْن شَارك بالراء وَالْكَاف بِلَا هَاء توفّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة)
3 - (الوشاء البغداذي)
أَحْمد بن عِيسَى بن الوشاء البغداذي شَاعِر خُرَاسَان ومدح أكابرها ذكره الباخرزي فِي دمية الْقصر وَأورد قَوْله
(صلي حَبل عذلي يَا أَمَام أَو اقطعي ... فَمَا خلتني عِنْد الملام بمقلع)
(أعاذلتي لَيْسَ الدَّوَاء بنافعي ... إِذا كَانَ دائي ثاوياً بَين أضلعي)
(أَقُول وَقد ولى الشَّبَاب وعممت ... مفارق رَأسه من مشيبي بمقنع)
(لَك الْخَيْر هَذَا الشيب قد قَامَ واعظاً ... وأوجز وعظاً كَيْفَمَا شِئْت فَاصْنَعْ)(7/178)
(صلي خلتي إِن شِئْت أصفيك خلة ... وَإِلَّا فجذي حَبل وصلك واقطعي)
قلت شعر سَاقِط
3 - (سيف الدّين ابْن الْمجد الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن عِيسَى بن الْعَلامَة موفق الدّين عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة الإِمَام الْحَافِظ الزَّاهِد سيف الدّين ابْن الْمجد الْحَنْبَلِيّ كتب بِخَطِّهِ الْمليح مَا لَا يُوصف وَخرج وسود مسودات لم يتَمَكَّن من تبييضها وَكَانَ ثِقَة حجَّة وَلَو طَال عمره لساد أهل زَمَانه توفّي قبل أَوَان الرِّوَايَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (كَمَال الدّين القليوبي قَاضِي الْمحلة)
أَحْمد بن عِيسَى بن رضوَان الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الضياء الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الشَّافِعِي قَاضِي الْمحلة لقِيه الفرضي وَسمع مِنْهُ وَحدث عَن ابْن الجميزي وَكَانَ يعرف بالقليوبي شرح التَّنْبِيه فِي اثْنَي عشر مجلداً وصنف فِي عُلُوم الْقُرْآن وَكَانَ دينا ولد فِي حُدُود سنة سبع وَعشْرين وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (ابْن العريق الْهَاشِمِي)
أَحْمد بن عِيسَى الْهَاشِمِي من ولد الواثق بِاللَّه يعرف بِابْن العريق كَانَ شَاعِرًا فَاضلا أديباً توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة عَن ثَمَانِينَ سنة وَمن شعره
(ظهر اللؤم فِي الْأَنَام لهَذَا ... صنت نَفسِي عَن الْبَريَّة طرا)
(وَرَأَيْت الخمول أنفس شَيْء ... وَلُزُوم الْبيُوت أولى وَأَحْرَى)
وَمِنْه)
(لَا ترج من نعْمَته أحدثت ... من بعد إملاقٍ وإعدام)
(فَمَا ترى من وَجهه رَاحَة ... هَل يُوجد الريّ من الظامي)
وَمِنْه
(لم أكتحل فِي صباح يومٍ ... أهريق فِيهِ دم الْحُسَيْن)
(إِلَّا لحزني وَذَاكَ أَنِّي ... سودت حَتَّى بَيَاض عَيْني)
قلت شعر متوسط(7/179)
3 - (ابْن الخشاب)
أَحْمد بن عِيسَى صدر الدّين بن مجد الدّين بن الخشاب وَكيل بَيت المَال بالديار المصرية مولده سنة تسع وَسِتِّينَ وست مائَة وَتُوفِّي تَاسِع شعْبَان سنة أَربع عشرَة وَسبع مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (أَبُو سعد الْأَهْوَازِي)
أَحْمد بن عِيسَى هُوَ أَبُو سعد الْأَهْوَازِي من أهل جندي سَابُور قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان معتمدي ضَعِيف الشّعْر خرج مَعَ صديقٍ لَهُ يتصيدان فأقاما يومهما وانصرفا فَكتب إِلَيْهِ صديقه من الْغَد يسْأَله عَن حَاله فَكتب إِلَيْهِ
(لصيد ظبيٍ من ظباء الْإِنْس ... وَحمل جامات الطلا بالخمس)
(من قهوةٍ صافيةٍ كالورس ... ونظرٌ فِي كتبٍ ودرس)
أحسن مِمَّا كنت فِيهِ أمس
3 - (أَبُو سعيد الصُّوفِي البغداذي)
أَحْمد بن عِيسَى أَبُو سعيد الخراز البغداذي الْعَارِف شيخ الصُّوفِيَّة سمع وَحدث أَخذ عَن ذِي النُّون يُقَال إِنَّه أول من تكلم فِي علم الفناء والبقاء قَالَ السّلمِيّ أَبُو سعيد إِمَام الْقَوْم فِي كل فن من علومهم لَهُ فِي مبادئ أمره عجائب وكرامات ظَهرت بركته عَلَيْهِ وعَلى من صَحبه
وَهُوَ من أحسن الْقَوْم كلَاما خلا الْجُنَيْد وَقَالَ كل كَلَام يُخَالف ظَاهره الْبَاطِن فَهُوَ بَاطِل لَهُ تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي تَارِيخ دمشق توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الصَّالح صَاحب عينتاب)
أَحْمد بن غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين ابْن السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر ابْن)
السُّلْطَان الْكَبِير صَلَاح الدّين الأيوبي صَاحب عينتاب وَعم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَاحب الشَّام كَانَ أكبر من أَخِيه الْعَزِيز وَإِنَّمَا أخروه عَن سلطنة حلب لِأَنَّهُ ابْن جَارِيَة وَلِأَن الْعَزِيز ابْن الصاحبة بنت الْعَادِل وَتزَوج هَذَا بعد موت أَخِيه بامرأته فَاطِمَة بنت الْكَامِل وَكَانَ مهيباً وقوراً متجملاً وافر الْحُرْمَة حدث عَن الافتخار الْهَاشِمِي وروى عَنهُ الدمياطي وَذكر أَنه امْتنع من الرِّوَايَة وَقَالَ مَا أَنا أهل لذَلِك بل أَنا أسمع عَلَيْك ثمَّ سمع مِنْهُ وَوَصله ولد الصَّالح سنة سِتّ مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وست مائَة بعينتاب وَعمل لَهُ النَّاصِر العزاء بدار السَّعَادَة ورثاه الشُّعَرَاء وَخلف ولدا ذكرا
3 - (القَاضِي أَبُو بكر الْحَرْبِيّ)
أَحْمد بن غَالب بن أَحْمد بن غَالب بن عبد الله أَبُو بكر البغداذي أحد الْفُقَهَاء الْحَنَابِلَة كَانَ حَافِظًا لكتاب الله لَهُ معرفَة بالفرائض والحساب والنجوم والأوقات تولى قَضَاء دجيل مُدَّة ثمَّ عزل سمع من أَحْمد بن الْحُسَيْن بن قُرَيْش وَهبة الله بن(7/180)
مُحَمَّد بن الْحصين وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي الْبَزَّاز وَغَيرهم وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة خمس وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (الجبابيني الضَّرِير)
أَحْمد بن أبي غَالب بن أبي عِيسَى بن شيخون الأبروذي أَبُو الْعَبَّاس الضَّرِير يعرف بالجبابيني والجبابيني قَرْيَة بدجيل دخل بغداذ صَبيا وَحفظ الْقُرْآن وقرأه بالروايات على عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد الْخياط وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن سعد الْخَيْر بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وَمن جمَاعَة وَقَرَأَ الْفِقْه على أَحْمد بن بكروس وَحصل مِنْهُ طرفا صَالحا وَلما مَاتَ ابْن بكروس خَلفه فِي مدرسته ومسجده توفّي سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (الزَّاهِد ابْن الطلاية)
أَحْمد بن أبي غَالب بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْوراق أَبُو الْعَبَّاس الزَّاهِد الْمَعْرُوف بِابْن الطلاية كَانَت والدته تطلي الْوَرق بالدقيق المعجون بِالْمَاءِ رَقِيقا قبل صقله وَكَانَ اسْم أَبِيه مُحَمَّدًا وَلَا يَشْتَهِي أَن يُقَال عَنهُ إِلَّا ابْن أبي غَالب وَكَانَ من عباد الله الصَّالِحين كثير الْعِبَادَة مَشْهُورا بالزهد ذكر أَنه سمع فِي صباه من عبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأنمَاطِي بن بنت السكرِي وَظهر سَمَاعه فِي آخر عمره فِي الْجُزْء التَّاسِع من حَدِيث المخلص من ابْن بنت السكرِي وسَمعه النَّاس مِنْهُ وَانْفَرَدَ بالرواية عَنهُ توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة)
3 - (أَبُو الْفلك الصُّوفِي تلميذ الحلاج)
أَحْمد بن فاتك أَبُو الفاتك الصُّوفِي كَانَ من تلاميذ الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج خصيصاً وينقل من أَحْوَاله كثيرا قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتب إِلَيّ أَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن الْقَاسِم بن الْفضل بن عبد الأول الصيدلاني أَن أَبَا الرَّجَاء أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْقَارِي أخبرهُ قَالَ أَنا مَنْصُور بن نَاصِر السجْزِي أَنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد الله بن أَحْمد الشِّيرَازِيّ ثَنَا حمد بن الْحُسَيْن بن مَنْصُور بتستر قَالَ سَمِعت أَحْمد بن فاتك البغداذي تلميذ وَالِدي يَقُول بعد ثَلَاث من قتل وَالِدي رَأَيْت رب الْعِزَّة فِي الْمَنَام كَأَنِّي وَاقِف بَين يَدَيْهِ فَقلت ترى مَا فعل الْحُسَيْن بن مَنْصُور فَقَالَ كاشفته بِمَعْنى فَدَعَا الْخلق إِلَى نَفسه فأنزلت بِهِ مَا رَأَيْت
3 - (ابْن فَارس صَاحب الْمُجْمل الشَّافِعِي)
أَحْمد بن فَارس بن زَكَرِيَّاء بن مُحَمَّد بن(7/181)
حبيب أَبُو الْحُسَيْن اللّغَوِيّ الْقزْوِينِي سكن الرّيّ فنسب إِلَيْهَا سمع بقزوين أَبَاهُ وَعلي بن إِبْرَاهِيم بن سَلمَة الْقطَّان وَعلي بن مُحَمَّد بن مهرويه وَأحمد بن عَلان وَغَيرهم وببغداذ مُحَمَّد بن عبد الله الدوري وروى عَنهُ حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِي الْجِرْجَانِيّ وَالْقَاضِي أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ الصميري وَقَرَأَ عَلَيْهِ البديع الهمذاني صَاحب المقامات وَكَانَ مُقيما بهمذان إِلَى أَن حمل مِنْهَا إِلَى الرّيّ ليقْرَأ عَلَيْهِ أَبُو طَالب بن فَخر الدولة عَليّ بن ركن الدولة الْحسن بن بويه فسكنها وَكَانَ شافعياً فَقِيها فانتقل فِي آخر عمره إِلَى مَذْهَب مَالك وَسُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ أخذتني الحمية لهَذَا الإِمَام المقبول على جَمِيع الْأَلْسِنَة أَن يَخْلُو مثل هَذَا الْبَلَد عَن مذْهبه فَإِن الرّيّ أجمع الْبِلَاد للمقالات وَالِاخْتِلَاف وَكَانَ يرى نَحْو الْكُوفَة وَكَانَ يَقُول مَا رَأَيْت مثل أبي عبد الله أَحْمد بن طَاهِر المنجم وَلَا رأى هُوَ مثل نَفسه
وَأخذ ابْن فَارس عَن أبي بكر أَحْمد بن الْحسن الْخَطِيب رِوَايَة ثَعْلَب وَأبي الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْقطَّان وَأبي عبد الله أَحْمد بن طَاهِر المنجم وَكَانَ صَاحب بن عباد رَوَاهُ الْبَزَّار يتلمذ لَهُ ويقلو شَيخنَا أَبُو الْحسن مِمَّن رزق حسن التصنيف وَأمن فِيهِ من التَّصْحِيف وَكَانَ كَرِيمًا جواداً لَا يبقي شَيْئا روبما سُئِلَ فيهب ثِيَاب جِسْمه وفرش بَيته
وَله من التصانيف كتاب الْمُجْمل كتاب متخير الْأَلْفَاظ كتاب فقه اللُّغَة كتاب غَرِيب إِعْرَاب الْقُرْآن كتاب تَفْسِير أَسمَاء النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كتاب مُقَدّمَة نَحْو كتاب دارات الْعَرَب)
كتاب حلية الْفُقَهَاء كتابالفرق مُقَدّمَة فِي الْفَرَائِض ذخائر الْكَلِمَات شرح رِسَالَة الزُّهْرِيّ إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان كتاب الْحجر سيرة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب اللَّيْل وَالنَّهَار كتاب الْعم وَالْخَال كتاب أصُول الْفِقْه كتاب أَخْلَاق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصاحبي صنفه لخزانة الصاحب جَامع التَّأْوِيل فِي تَفْسِير الْقُرْآن أَربع مجلدات
كتاب الشيات والحلى كتاب خلق الْإِنْسَان كتاب الحماسة المحدثة كتاب مقاييس اللُّغَة وَهُوَ جليل لم يصنف مثله كِفَايَة المتعلمين فِي اخْتِلَاف النَّحْوِيين وَمن شعره
(قيل لي اختر فَقلت ذَا هيفٍ ... بِي من وصالي وصده برح)
(بدرٌ مليح القوام معتدلٌ ... قَفاهُ وجهٌ وَوَجهه ربح)
وَقَالَ
(اسْمَع مقَالَة ناصحٍ ... جمع النَّصِيحَة والمقه)
إياك وَاحْذَرْ أَن تكون من الثِّقَات على ثقه وَقَالَ(7/182)
(مرت بِنَا هيفاء مجدولة ... تركيةٌ تعزى لتركي)
(ترنو بِطرف فاتنٍ فاترٍ ... أَضْعَف من حجَّة نحويّ)
وَقَالَ
(إِذا كَانَ يُؤْذِيك حر الصَّيف ... وكرب الخريف وَبرد الشتا)
(ويلهيك حسن زمَان الرّبيع ... فأخذك الْعلم قل لي مَتى)
وَكَانَ ابْن فَارس بِالْجَبَلِ نَظِير ابْن لنكك بالعراق جمع إتقان الْعلمَاء الظرفاء وَالْكتاب الشُّعَرَاء وَكَانَ شَدِيد التعصب لآل العميد فَكُن الصاحب يكرههُ لذَلِك فألف كتاب الْحجر وأهداه إِلَيْهِ فَقَالَ ردوا الْحجر من حَيْثُ جَاءَ وَأَجَازَهُ قَلِيلا وَكَانَ يَقُول من قصر علمه عَن اللُّغَة وغولط غلط
3 - (الْحَافِظ الرَّازِيّ)
أَحْمد بن الْفُرَات الرَّازِيّ الْحَافِظ مُحدث أَصْبَهَان وعالمها طوف الْبِلَاد وَسمع روى عَنهُ أَبُو دَاوُد قَالَ كتبت ألف ألف حَدِيث وَخمْس مائَة ألف حَدِيث من التفاسير وَالْأَحْكَام والفوائد وَغَيره توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ)
3 - (الْحَافِظ الفاسي)
أَحْمد بن فرتون أَبُو الْعَبَّاس الفاسي الْحَافِظ نزيل سبتة لَهُ ذِي على صلَة ابْن بشكوال وَكَانَ يعْقد الوثائق وَلَيْسَ بِذَاكَ المتقن أَكثر عَن ابْن الزبير توفّي سنة سِتِّينَ وست مائَة
3 - (حسام الْأَدَب)
أَحْمد بن الْفَتْح الْمَعْرُوف بحسام الْأَدَب من أهل النّيل شَاعِر بغداذي مجيد ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَأورد لَهُ قَوْله
(كَيفَ برئي من علتي وانتكاسي ... ومعلي هُوَ الطَّبِيب الآسي)
ذبت شوقاً حَتَّى خفيت عَن الْعَائِد لَوْلَا تصاعد الأنفاس
(فتتنا يَوْم الْتَقَيْنَا ظباءٌ ... ربيت فِي الْخُدُور لَا فِي الكناس)(7/183)
مِنْهَا فسقى ربعنا بمنعرج النّيل هطالاً مغدودق الإنبجاس كأيادي الْأَمِير ذِي الطول تَاج الدّين رب العلى أبي الْعَبَّاس
3 - (القَاضِي ابْن أبي دؤاد)
أَحْمد بن فرج بن جرير بن مَالك بن عبد الله بن عباد يَنْتَهِي إِلَى معد بن عدنان أَصله من قَرْيَة بِقِنِّسْرِينَ وتجر أَبوهُ إِلَى الشَّام وَكَانَ مَعَه حَدثا فَنَشَأَ فِي طلب الْعلم وخاصة الْفِقْه وَالْكَلَام وَصَحب هياج بن الْعَلَاء السّلمِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب وَاصل بن عَطاء فَصَارَ إِلَى الاعتزال قَالَ أَبُو العيناء مَا رَأَيْت رَئِيسا قطّ أفْصح وَلَا أنطق من ابْن أبي دؤاد وَولي الْقَضَاء للمعتصم والواثق وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى القَوْل بِخلق الْقُرْآن وَكَانَ مَوْصُوفا بالجود والسخاء وَحسن الْخلق وغزارة الْأَدَب قَالَ الصولي كَانَ يُقَال أكْرم من كَانَ فِي دولة بني الْعَبَّاس البرامكة ثمَّ ابْن أبي دؤاد وَلَوْلَا مَا وضع بِهِ نَفسه من محبَّة المحنة لاجتمعت الألسن عَلَيْهِ وَلم يضف إِلَى كرمه كرم أحد وَقَالَ عون بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ لعهدي بالكرخ وَأَن رجلا لَو قَالَ ابْن أبي دؤاد مُسلم لَقلت فِي مَكَانَهُ ثمَّ وَقع الْحَرِيق فِي الكرخ وَهُوَ الَّذِي لم يكن مثله قطّ كَانَ الرجل يقوم فِي صينية فِي شَارِع الكرخ فَيرى السفن فِي دجلة فَقَالَ ابْن أبي دؤاد للمعتصم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رعيتك فِي بلد آبَائِك وَدَار ملكهم نزل بهم هَذَا الْأَمر فاعطف عَلَيْهِم بِشَيْء تفرقه فيهم يمسك أرماقهم ويبنون بِهِ مَا انْهَدم فَلم يزل ينازله حَتَّى أطلق لَهُ خَمْسَة آلَاف دِرْهَم فَقَالَ يَا أَمِير)
الْمُؤمنِينَ إِن فرقها غَيْرِي خفت أَن لَا يقسم بِالسَّوِيَّةِ فَقَالَ ذَلِك إِلَيْك فَقَسمهَا على مقادير مَا ذهب مِنْهُم وَغرم من مَاله جملَة فَقَالَ عون لعهدي بعد ذَلِك بالكرخ لَو قَالَ زر ابْن أبي دؤاد وسخٌ لقتل وَقَالَ أَبُو العيناء كَانَ الأفشين يحْسد أَبَا دلف للعربية والشجاعة فاحتال عَلَيْهِ حَتَّى شهد عَلَيْهِ بخيانة وقتلٍ فَأَخذه بِبَعْض أَسبَابه وَجلسَ لَهُ وأحضره السياف وَبلغ ابْن أبي دؤاد الْخَبَر فَركب فِي وقته مَعَ من حضر من عدوله فَدخل على الأفشين وَقد جِيءَ بِأبي دلف ليقْتل فَوقف ثمَّ قَالَ إِنِّي رَسُول أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَيْك وَقد أَمرك أَن لَا تحدث فِي أبي دلف حَدثا حَتَّى تسلمه إِلَيّ ثمَّ الْتفت إِلَى الْعُدُول فَقَالَ اشْهَدُوا أَنِّي أدّيت رِسَالَة أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَبُو دلف حَيّ معافى فَقَالُوا(7/184)
شَهِدنَا فَلم يقدر الأفشين عَلَيْهِ وَصَارَ ابْن أبي دؤاد إِلَى المعتصم من وقته وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد أدّيت عَنْك رِسَالَة لم تقلها لي مَا أَعْتَد بِعَمَل خيرٍ خيرا مِنْهَا وَإِنِّي لأرجو لَك الْجنَّة بهَا ثمَّ أخبرهُ الْخَبَر فصوب رَأْيه وَوجه أحضر أَبَا دلف فَأَطْلقهُ ووهب لَهُ وعنف الأفشين فِيمَا عز عَلَيْهِ
وَكَانَ المعتصم قد اشْتَدَّ غيظه على مُحَمَّد بن الجهم الْبَرْمَكِي فَأمر بِضَرْب عُنُقه فَلَمَّا رأى ابْن أبي دؤاد ذَلِك وَأَن لَا حِيلَة لَهُ فِيهِ وَقد شدّ بِرَأْسِهِ وأقيم فِي النطع وهز لَهُ السَّيْف قَالَ ابْن أبي دؤاد وَكَيف تَأْخُذ مَاله إِذا قتلته قَالَ وَمن يحول بيني وَبَينه قَالَ يَأْبَى الله ذَلِك ويأباه رَسُوله ويأباه عدل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن المَال للْوَارِث إِذا قتلته حَتَّى تقيم الْبَيِّنَة على مَا فعله وَأمره فِي اسْتِخْرَاج مَا اختانه أقرب عَلَيْك وَهُوَ حَيّ فَقَالَ أحبسوه حَتَّى يناظر فَتَأَخر أمره على مَال حمله وخلص مُحَمَّد وَله فِي تَرْجَمته فِي تَارِيخ ابْن خلكان وَغَيره عدَّة مَنَاقِب من هَذَا النَّوْع
وَقَالَ الْحُسَيْن بن الضَّحَّاك الشَّاعِر الْمَشْهُور لبَعض الْمُتَكَلِّمين ابْن أبي دؤاد عندنَا لَا يعرف اللُّغَة وَعند الْفُقَهَاء لَا يحسن الْفِقْه وعندكم لَا يعرف الْكَلَام وَهُوَ عِنْد المعتصم يعرف هَذَا كُله
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْحسن كُنَّا عِنْد الْمَأْمُون فَذكرُوا من بَايع من الْأَنْصَار لَيْلَة الْعقبَة فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِك وَدخل ابْن أبي دؤاد فعدهم وَاحِدًا وَاحِدًا بِأَسْمَائِهِمْ وَكُنَاهُمْ وأنسابهم فَقَالَ الْمَأْمُون إِذا استجلس النَّاس فَاضلا فَمثل أَحْمد فَقَالَ ابْن أبي دؤاد إِذا جَالس الْعَالم خَليفَة فَمثل أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي يفهم عَنهُ وَيكون أعلم مِنْهُ بِمَا يَقُوله وَكَانَ الواثق قد أَمر أَن لَا يرى أحد من النَّاس مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات الْوَزير إِلَّا قَامَ لَهُ فَكَانَ ابْن أبي دؤاد إِذا رَآهُ قَامَ واستقبل الْقبْلَة فصلى فَقَالَ ابْن الزيات)
(صلى الضُّحَى لما اسْتَفَادَ عَدَاوَتِي ... وَأرَاهُ ينْسك بعْدهَا ويصوم)
(لَا تعد منّ عَدَاوَة مَسْمُومَة ... تركتك تقعد تَارَة وَتقوم)
وهجا بعض الشُّعَرَاء ابْن الزيات بقصيدة عَددهَا سَبْعُونَ بَيْتا فَبلغ الْخَبَر ابْن أبي دؤاد فَقَالَ
(أحسن من سبعين بَيْتا هجا ... جمعك معناهن فِي بَيت)
(مَا أحْوج النَّاس إِلَى مطرةٍ ... تغسل عَنْهُم وضر الزَّيْت)
فَبلغ الْخَبَر ابْن الزيات فَقَالَ إِن بعض أجداد القَاضِي كَانَ يَبِيع القار وَقَالَ
(يَا ذَا الَّذِي يطْمع فِي هجونا ... عرضت بِي نَفسك للْمَوْت)
(الزَّيْت لَا يزري بأحسابنا ... أحسابنا مَعْرُوفَة الْبَيْت)
(قيرتم الْملك فَلم ينقه ... حَتَّى غسلنا القار بالزيت)(7/185)
وأصابه فالج بعد موت الْوَزير ابْن الزيات بِمِائَة يَوْم وَأَيَّام وَقيل بِخَمْسِينَ وَقيل بسبعة وَأَرْبَعين يَوْمًا وَولي مَوْضِعه وَلَده أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد وَلما مَاتَ القَاضِي أَحْمد بن أبي دؤاد حضر بِبَابِهِ جمَاعَة وَقَالُوا يدْفن من كَانَ على ساقة الْكَرم وتاريخ الْأَدَب وَلَا يتَكَلَّم فِيهِ إِن هَذَا وَهن وتقصير فَلَمَّا طلع سَرِيره قَامَ إِلَيْهِ ثَلَاثَة مِنْهُم فَقَالَ أحدهم
(الْيَوْم مَاتَ نظام الْملك واللسن ... وَمَات من كَانَ يستعدى على الزَّمن)
(وأظلمت سبل الْآدَاب إِذْ حجبت ... شمس المكارم فِي غيمٍ من الْكَفَن)
وَتقدم الثَّانِي فَقَالَ
(ترك المنابر والسرير تواضعاً ... وَله مَنَابِر لَو يشا وسرير)
(وَلغيره يجبى الْخراج وَإِنَّمَا ... تجبى إِلَيْهِ محامدٌ وأجور)
وَتقدم الثَّالِث فَقَالَ
(وَلَيْسَ فتيق الْمسك ريح حنوطه ... وَلكنه ذَاك الثَّنَاء المخلف)
(وَلَيْسَ صرير النعش مَا تسمعونه ... وَلكنه أصلاب قومٍ تقصف)
وَقَالَ أَبُو العيناء مَا رَأَيْت فِي الدُّنْيَا أقوم على أدب من ابْن أبي دؤاد مَا خرجت من عِنْده يَوْمًا قطّ فَقَالَ يَا غُلَام خُذ بيد هَذَا بل قَالَ يَا غُلَام اخْرُج مَعَه فَكنت أنتقد هَذِه الْكَلِمَة عَلَيْهِ فَلَا يخل بهَا وَلَا أسمعها من غَيره
وَابْن أبي دؤاد أول من فتح الْكَلَام مَعَ الْخُلَفَاء وَكَانَ النَّاس لَا يبدأونهم بالْكلَام إِلَّا جَوَابا)
ومدحه جمَاعَة من الشُّعَرَاء فَمن ذَلِك أَبُو تَمام الطَّائِي وَمن قَوْله فِي قصيدته الَّتِي مِنْهَا
(لقد أنست مساوئ كل دهرٍ ... محَاسِن أَحْمد بن أبي دؤاد)
(مَتى تحلل بِهِ تحلل جناباً ... رضيعاً للسواري والغوادي)
مِنْهَا
(وَمَا سَافَرت فِي الْآفَاق إِلَّا ... وَمن جدواك رَاحِلَتي وزادي)
(مُقيم الظَّن عنْدك والأماني ... وَإِن قلقت ركابي فِي الْبِلَاد)
وَقَوله من قصيدة قَالَ فِيهَا
(إِلَى أَحْمد الْمَحْمُود رامت بِنَا السرى ... نواعب فِي عرض الفلا ونواسم)
(إِلَى سَالم الْأَخْلَاق من كل عائبٍ ... وَلَيْسَ لَهُ مالٌ على الْجُود سَالم)
وَله فِيهِ غير ذَلِك وللشعراء فِيهِ مدائح عَظِيمَة وَإِنَّمَا تصدى للْإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وَقَامَ فِي(7/186)
أمره وإلزامه بالْقَوْل بِخلق الْقُرْآن على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد قَالَ خَالِد بن خِدَاش رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن آتِيَا أَتَانِي بطبق فَقَالَ اقرأه فَقَرَأت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ابْن أبي دؤاد يُرِيد أَن يمْتَحن النَّاس فَمن قَالَ الْقُرْآن كَلَام الله لبس خَاتم ذهب فصه ياقوت حَمْرَاء وَأدْخلهُ الله الْجنَّة وَغفر لَهُ وَمن قَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق جعلت عينه عين قرد وعاش بعد ذَلِك يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ يصير إِلَى النَّار وَرَأَيْت قَائِلا يَقُول مسخ ابْن أبي دؤاد ومسخ شعيبو أصَاب ابْن سَمَّاعَة فالج وَأصَاب آخر الذبْحَة وَلم يسم قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هَذَا مَنَام صَحِيح الْإِسْنَاد وَتُوفِّي ابْن أبي دؤاد سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (وَالِد شهدة الكاتبة)
أَحْمد بن الْفرج بن عمر الدينَوَرِي أَبُو نصر الابري وَالِد الكاتبة شهدة سمع الْكثير من القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَعبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الفّراء وَأحمد بن مُحَمَّد بن النقّور والخطيب أبي بكر وَسمع بِالْكُوفَةِ من مُحَمَّد بن أَحْمد الخازن وَحدث باليسير روى عَنهُ أَبُو طَاهِر السلَفِي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن فَرح الإشبيلي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن فَرح بِالْحَاء الْمُهْملَة بن أَحْمد بن مُحَمَّد الإِمَام الْحَافِظ الزَّاهِد بَقِيَّة السّلف شهَاب الدّين)
أَبُو الْعَبَّاس اللَّخْمِيّ الإشبيلي الشَّافِعِي ولد سنة خمس وَعشْرين وست مائَة بإشبيلية وأسره الفرنج سنة سِتّ وَأَرْبَعين وخلص وَقدم مصر سنة بضع وَخمسين وتفقه على الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام قَلِيلا وَسمع من شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين الْأنْصَارِيّ الْحَمَوِيّ والمعين أمد بن زين الدّين وَإِسْمَاعِيل بن عزوز والنجيب بن الصَّقِيل وَابْن علاق وبدمشق من ابْن عبد الدايم وَخلق وعني بِالْحَدِيثِ وأتقن أَلْفَاظه ومعانيه وفقهه وَصَارَ من كبار الْأَئِمَّة إِلَى مَا فِيهِ من الْوَرع والصدق والديانة وَكَانَ فَقِيها بالشامية وَله حَلقَة أشغال بكرَة بالجامع وَعرضت عَلَيْهِ مشيخة دَار الحَدِيث النورية فَامْتنعَ وَكَانَ بزِي الصُّوفِيَّة سمع عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين واستفاد مِنْهُ وَله قصيدة غزلية فِي صِفَات الحَدِيث سَمعهَا مِنْهُ وأولها
(غرامي صحيحٌ والرجا فِيك معضل ... ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسل)
وَهِي عشرُون بَيْتا وسمعها مِنْهُ الدمياطي واليونيني وَسمع مِنْهُ البرزالي والمقاتلي والنابلسي وَأَبُو مُحَمَّد بن الْوَلِيد مَاتَ بالإسهال بتربة أم صَالح وشيعه الْخلق سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (الْحِجَازِي الْمُؤَذّن)
أَحْمد بن الْفرج الْكِنْدِيّ الْحِمصِي الْمَعْرُوف بالحجازي الْمُؤَذّن(7/187)
روى عَنهُ النَّسَائِيّ فِي غير السّنَن كَانَ ابْن جوصا وَغَيره يُضعفهُ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الصَّقْر النَّحْوِيّ الهمذاني)
أَحْمد بن الْفضل بن شبانه بالشين الْمُعْجَمَة وبالباء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف نون وهاء الْكَاتِب أَبُو الصَّقْر النَّحْوِيّ الهمذاني قَالَ شيرويه كَانَ يلقب بساسي دوير روى عَن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن ديزيل وَأبي خَليفَة الْفضل بن الْحباب الجُمَحِي وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ وَأبي سعيد بن زَكَرِيَّاء الْعَدوي وثعلب والمبرد وَابْن دُرَيْد وَأبي الْحسن السكرِي وَعلي بن الْفضل الرَّشِيدِيّ وَغَيرهم روى عَنهُ أَحْمد بن عَليّ بن لال وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن ترْكَان وَإِبْرَاهِيم بن جَعْفَر الْأَسدي وَخلف بن مُحَمَّد الْخياط وَأحمد بن عمر الْكَاتِب وَابْن روزبه وَغَيرهم
قَالَ كنت بِالْبَصْرَةِ فاستأذنت على ابْن خَليفَة وَعِنْده جمَاعَة من الهاشميين يتغدون فحجبني البواب فَكتبت فِي رقْعَة وناولتها البواب وفيهَا
(أَبَا خَليفَة تجفو من لَهُ أدب ... وتتحف الغر من أَوْلَاد عَبَّاس)
)
(مَا كَانَ قدر رغيفٍ لَو سمحت بِهِ ... شَيْئا وتأذن لي فِي جملَة النَّاس)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا قَالَ عَليّ بالهمذاني صَاحب الشّعْر فأدخلت عَلَيْهِ فَقدم إِلَيّ طبق رطبٍ وأجلسني مَعَه توفّي سنة خمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْبَاطِرْقَانِيُّ الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن الْفضل بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْبَاطِرْقَانِيُّ الْمُقْرِئ قَالَ السَّمْعَانِيّ كَانَ مقرئاً فَاضلا مُحدثا كتب بِنَفسِهِ الْكثير وَكَانَ حسن الْخط دقيقه قَرَأَ الْقُرْآن على جمَاعَة من مشاهير القدماء بالروايات وصنف التصانيف مِنْهَا كتاب طَبَقَات الْقُرَّاء وَكتاب الشواذ
وَصلى إِمَامًا فِي الْجَامِع الْكَبِير سِنِين بعد المظفر بن الشبيب وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن خرشيده التَّاجِر وروى لنا عَن جمَاعَة كَثِيرَة قَالَ ابْن مَنْدَه جرى ذكر الْبَاطِرْقَانِيُّ عِنْد الإِمَام عمي رَحمَه الله يَوْمًا وَالشَّيْخ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد النخشبي وَجَمَاعَة حاضرون فَقَالَ عبد الْعَزِيز صنف مُسْندًا ضمنه مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ صَحِيح البُخَارِيّ إِلَّا أَنه قد كتب الْمَتْن من الأَصْل ثمَّ ألحقهُ الْإِسْنَاد وَهَذَا لَيْسَ من(7/188)
شَرط أَصْحَاب الحَدِيث وَأَهله يتَكَلَّم فِي مسَائِل لَا يسع الْموضع ذكرهَا لَو اقْتصر على الإقراء والْحَدِيث كَانَ خيرا لَهُ مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْفضل الشِّيرَازِيّ)
أَحْمد بن الْفضل بن عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر الشِّيرَازِيّ أَبُو الْفضل بن أبي أَحْمد الْكَاتِب كَانَ أديباً فَاضلا لَهُ شعر ومكاتبات إِلَى مُلُوك بني بويه وكتابها وَكَانَ أَبوهُ كَاتبا للْإِمَام الْمُطِيع وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى من شعره
(ليسي الزَّمَان بمرضٍ من يعاتبه ... وَلَا يفوتك مَا تهوى نوائبه)
مِنْهَا
(قد أنْكرت أكعب الأقداح رَاحَته ... وأريحيته للوصل كاعبه)
(حَتَّى استراح من التوبيخ عاذله ... وَمن كِتَابَة مَا يجنيه كَاتبه)
(كَيفَ السَّبِيل إِلَى مَا قد أَشَارَ بِهِ ... من سهم فكرته فِي الرَّأْي صائبه)
(مَا ذَاك إِلَّا بِمن ظلت مرتبَة ... فَوق النعائم بالنعمى مراتبه)
(لَا يسبل السّتْر دون الضَّيْف خادمه ... وَلَا يردّ وُفُود الْحَمد حَاجِبه)
)
(وَأَنت أجدى من الْغَيْث الرويّ إِذا ... سرت على قدر الدُّنْيَا سحائبه)
3 - (كَمَال الدّين الدخميسي التَّاجِر)
أَحْمد بن أبي الْفَضَائِل بن أبي الْمجد بن أبي الْمَعَالِي الْمُحدث الرئيس كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الدخميسي الْحَمَوِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي التَّاجِر صدرٌ محتشم مُتَمَوّل سمع الْكثير وعني بِالْحَدِيثِ وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير ورحل فِي طلب الحَدِيث وَحصل وَفهم وَحدث بِالْإِجَازَةِ عَن حَنْبَل المكبر وَأَقْبل على الطّلب سنة نَيف وَعشْرين وست مائَة وَسمع من أبي الْقَاسِم بن صصري والناصح بن الْحَنْبَلِيّ وَابْن صباح وَابْن اللتي والهمذاني وَأبي عَليّ الأوقي وَخلق كثير وَسمع ببغداذ من عمر بن كرم وَعبد السَّلَام الداهري وَكَانَ لَهُ مماليك ملاح تركٌ قد سمعُوا مَعَه وَدخل الْهِنْد وَأقَام بِهِ وخطه طَريقَة مَعْرُوفَة بَين الْمُحدثين قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين عَاشَ إِلَى هَذَا الْوَقْت يَعْنِي سنة إِحْدَى وَسبعين وست مائَة وَلَا أتحقق وَفَاته وَولد فِي حُدُود السِّت مائَة قلت وخطه مَشْهُور وملكت بِخَطِّهِ كتاب البديع لِابْنِ منقذ وَكتاب الوشي المرقوم لِابْنِ الْأَثِير وَقد كتب عَلَيْهِ رِوَايَة مَالِكه أَحْمد بن أبي الْفَضَائِل الدخميسي إجَازَة عَنهُ مَعَ جَمِيع مصنفاته ومقولاته ومنقولاته وَاجْتمعت بِهِ فِي الْموصل فِي رحلتي الأولى إِلَى مَدِينَة السَّلَام عجلاً مجتازاً فَلم يقدر لي أَن أكتب عَنهُ إِلَّا أَربع مكاتبات من كَلَامه وقرأتها عَلَيْهِ وَكتب لي خطه بِالْإِجَازَةِ وَذَلِكَ فِي شهور سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة
3 - (الْمُوفق)
أَحْمد بن أبي الْفضل أَبُو الْعَبَّاس الينشي الْمَعْرُوف بالموفق كَانَ جده مولى عجمياً وَآل أمره إِلَى أَن تنبه عقبه بسبتة وَصَارَ لَهُم مَال وَذكر واشتغل أَبُو الْعَبَّاس بالطب(7/189)
واشتهر ورحل وَحج وَكَانَ يحدث نَفسه بِالْملكِ فتدرج من كاتبٍ فِي الدِّيوَان إِلَى أَن ولي الدِّيوَان وَظهر وَصَارَ لَهُ حديثٌ مَعَ أَصْحَاب الدولة وَتقدم عِنْد أبي مُوسَى بن عبد الْمُؤمن صَاحب سبتة وأغراه بِأَن خَالف أَخَاهُ الْمَأْمُون وَعصى عَلَيْهِ بسبتة وَضمن لَهُ الْأَمْوَال وإمالة قُلُوب الرِّجَال وَهُوَ يعْمل فِي الْبَاطِن لنَفسِهِ ثمَّ أَخذ مَعَ أَعْيَان سبتة فِي أَن يخاطبوا ابْن هودٍ سُلْطَان الأندلس بِالطَّاعَةِ وَأَن ينصرهم بمراكبهم البحرية وَتَكون مدينتهم مِنْهُ ببال فأنفذ إِلَيْهِم ابْن هود قَائِد الْبَحْر أَبَا الاصبع الغشي وَكَانَ لَهُ صيت عَظِيم فِي الْبَحْر ووقائع مَشْهُورَة فِي الْعَدو فَصَارَ فِي سبتة وَأخرج مِنْهَا أَبَا مُوسَى بن عبد الْمُؤمن واشتغل الينشي بتدبير أمره ثمَّ أغراه بِأَن يخلع)
طَاعَة ابْن هود ويخطب لنَفسِهِ فَفعل ذَلِك فَلَمَّا علم أَن لَا نَاصِر لَهُ وَقد قطع يَده من ابْن هود أغرى أهل سبتة بِالْقيامِ عَلَيْهِ فطردوه وَخرج هَارِبا فكرب زورقاً فَحصل فِي أسر عباد الصَّلِيب وَبَقِي الينيشي يدبر أَمر سبتة ثمَّ اسْتَقل وخطب لنَفسِهِ وَأقَام سوق الْفضل وقصده الأدباء وَالشعرَاء وَقتل خلقا على الْملك وحصره الفرنج فِي بَحر سبتة وَأَقَامُوا على حصاره فَلم يقدروا عَلَيْهِ وَظَهَرت مِنْهُ فحولية فِي دفاعهم وَآل أمره إِلَى أَن امتدت مدَّته وحسده أهل بَلَده وَكَانَ لَهُ صديق يُقَال لَهُ ابْن مَسْعُود تغير عَلَيْهِ فَأخْرجهُ من سبتة فَلم يزل يسْعَى عَلَيْهِ ويخاطب أهل سبتة ويخطبها للرشيد بن الْمَأْمُون بن عبد الْمُؤمن إِلَى أَن خلعه أهل سبتة وَحمل إِلَى الرشيد بن الْمَأْمُون وشاع أَنه مَاتَ حتف أَنفه بالوباء وَالله أعلم وَمن شعره قَوْله بالإسكندرية
(ذكرت بأقصى الشرق أقْصَى المغارب ... فجال نجي الْفِكر بَين الترائب)
(فصبرتها نفسا لَا تكَاد من الأسى ... تسرب مَا بَين الدُّمُوع السوارب)
(وَقلت لَئِن كابدت ترحة راحلٍ ... لسوف يُرِيك الله فرحة آيب)
(وَيَا جفن كم تجفو الْمَنَام حفيظةً ... وَكم أَنْت معقودٌ بزهر الْكَوَاكِب)
(لَعَلَّ الَّذِي ترعاه لَيْسَ بحافظٍ ... لعهدك وَالْأَيَّام ذَات عجائب)
(فكم منزلٍ بدلت مِنْهُ بمنزلٍ ... وَكم صاحبٍ عوضت مِنْهُ بِصَاحِب)
(سلامٌ عَلَيْك مَا حييت فإنني ... أَزِيد لكم حبا بطول التجارب)
3 - (بهاء الدولة بن بويه)
أَحْمد بن فناخسرو السُّلْطَان بهاء الدولة أَبُو نصر ابْن السُّلْطَان عضد الدولة ابْن بويه توفّي بأرجان فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة وَله اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سنة وَكَانَت أَيَّامه اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة ويومين بعلة الصرع وَولي بعده ابْنه سُلْطَان الدولة وَولي بهاء الدولة السلطنة ببغداذ وَهُوَ الَّذِي خلع الطائع لله وَقطع أُذُنه وَفعل بِهِ مَا فعل وَكَانَ ظلوماً غشوماً سفاكاً للدماء يهرب خواصه مِنْهُ وَجمع من المَال مَا لم يجمعه غَيره وصادر النَّاس وَكَانَ يبخل بالدرهم وَينظر فِيهِ ويستكثره وَلم يكن فِي بني بويه أظلم مِنْهُ وَلَا أقبح سيرةً وَكَانَ يصرع(7/190)
فِي دسته ورث ذَلِك عَن أَبِيه وَكَانَت هَذِه الْعلَّة تلازمه وَلم يحتم من النَّبِيذ ويشربه لَيْلًا وَنَهَارًا وَيكثر التَّخْلِيط وَلما مَاتَ حمل تابوته إِلَى الْكُوفَة وَدفن عِنْد أَبِيه وَتَوَلَّى الْملك بعده وَلَده سُلْطَان الدولة)
أَبُو شُجَاع وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الشين مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (ابْن مَعْرُوف التَّمِيمِي)
أَحْمد بن الْقَاسِم بن مَعْرُوف بن أبي نصر بن حبيب بن أبان أَبُو بكر التَّمِيمِي البغداذي ولد بسامرا وَقدم مَعَ أَبِيه دمشق فسكناها وَسمع بهَا أَبَا زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو النصري وبيافا أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْكِنَانِي وَعبد الْوَاحِد بن عبد الْجَبَّار الإِمَام اليافوني وروى عَنهُ أخوة أَبُو عَليّ مُحَمَّد وَابْن أَخِيه أَبُو مُحَمَّد بن أبي نصر وَتَمام الرَّازِيّ وَعقيل بن عبيد الله بن عَبْدَانِ وَغَيرهم توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الطّيب الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عَليّ البغداذي أَبُو الطّيب الْمُقْرِئ صَاحب أبي بكر بن مُجَاهِد نزل شيراز واستوطنها وَحدث بهَا عَن أبي الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ وَغَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن أَبُو الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مندويه الْأَصْبَهَانِيّ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْحَافِظ ابْن الخشاب)
أَحْمد بن الْقَاسِم بن عبيد الله بن مهْدي أَبُو الْفرج ابْن الخشاب البغداذي الْحَافِظ نزيل ثغر طوس حدث بِدِمَشْق عَن جمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن حَدِيدَة)
أَحْمد بن الْقَاسِم بن أبي اللَّيْث الْمَعْرُوف بِابْن حَدِيدَة قَالَ ابْن رَشِيق شَاعِر فكه الشّعْر رائق التَّشْبِيه مولع بِهِ قَلِيل التَّكَلُّف قوي الْمنْهَج والظرف ورفض الْمَدْح والهجاء ويخبر التصنيع خَبرا جيدا وَلَا يركبه إِلَّا فِي الْأَمَاكِن الَّتِي تصلح لَهُ كَمَا شَرط حذاق الْمُتَقَدِّمين قَالَ أنشدته فِي سَاق وشربتها من راحتيه كَأَنَّهَا من وجنتيه
(وَكَأَنَّهَا فِي فعلهَا ... تحكي الَّذِي فِي ناظريه)
وَقتل أجزنا أَبَا الْعَبَّاس قَالَ ألوقتك البيتان قلت نعم فَقَالَ بنشاط
(وشممت وردة خَدّه ... نظرا ونرجس مقلتيه)
قَالَ وأنشدني من قصيدة فِي السَّحَاب)
(يَا رب متأقةٍ تنوء بثقلها ... تَسْقِي الْبِلَاد بوابلٍ غيداق)(7/191)
(مرت فويق الأَرْض تسحب ذيلها ... واللوح يحملهَا على الْأَعْنَاق)
(وَدنت فكاد الأَرْض تنهض نَحْوهَا ... كنهوض مشتاقٍ إِلَى مشتاق)
(فَكَأَنَّمَا جَاءَت تقبل تربها ... أَو حاولت مِنْهَا لذيذ عنَاق)
انْتهى كَلَام ابْن رَشِيق
وَقد نظمت أَنا أصل هَذَا الْمَعْنى فِي بَيْتَيْنِ وهما أقصر وزنا فَقلت
(سحابةٌ قد تدلت ... إِلَى الثرى باشتياق)
(لَو أَن للْأَرْض عقلا ... تلازما للعناق)
ونظمت هَذَا الْمَعْنى أَيْضا فِي غير هَذَا الْمَقْصد فَقلت
(انْظُر إِلَى السحب الَّتِي ذيلها ... مرخىً وثغر الأَرْض مَا قبله)
(مثل رئيسٍ زَاد فِي لطفه ... أَتَى إِلَى نذلٍ فَمَا اهتز لَهُ)
وَمن شعر ابْن حَدِيدَة
(هن البدور النيرات سوافرٌ ... تهتز فِي كثبٍ بِهن غصون)
(الْبُرْء مَا أَهْدَت لَهُنَّ مباسم ... والسقم مَا بعثت لَهُنَّ عُيُون)
(وَلَقَد حمى عَن مقلتي كراهما ... ورقٌ لَهُنَّ على الْأَرَاك حنين)
(فِي ليلةٍ لبس الْحداد هواؤها ... فَكَأَنَّمَا هُوَ راهبٌ محزون)
(قد رصعت زهر النُّجُوم سماءها ... فَكَأَنَّمَا هِيَ لُؤْلُؤ موضون)
(وَكَأَنَّهَا خلل الظلام روانياً ... أحداق رومٍ مَا لَهُنَّ جفون)
(وكأنما الْفلك الْمدَار على الدجى ... بحرٌ أحَاط بهَا وَهن سفين)
وَمِنْه من رجز
(وَاللَّيْل ملقى كالأسير الموثق ... نجومه وسط السَّمَاء ترتقي)
كلؤلؤ فَوق زجاجٍ أَزْرَق وَمِنْه
(يَا رب أغيد ساجي الطّرف ساحره ... أحوى سقتني عقار السحر عَيناهُ)
(كالورد وجنته والبدر طلعته ... والغصن قامته والمسك رياه)
)
وَمِنْه
(يَا رب ليلٍ جبته ... وَرِدَاؤُهُ لم يدرج)
(تبدو نُجُوم سمائه ... مثل الذبال المسرج)
(تحكي قلائد لؤلؤٍ ... نثرت على فيروزج)(7/192)
(وبدا المجرّ كجدولٍ ... فِي وسط روض بنفسج)
قلت قَول ابْن حجاج أوقع وَأكْثر تَشْبِيها وَهُوَ
(هذي المجرة والنجوم كَأَنَّهَا ... نهرٌ تدفق فِي حديقة نرجس)
فَإِن النرجس أشبه بالنجوم من البنفسج
3 - (ابْن أبي أصيبعة الطَّبِيب)
أَحْمد بن الْقَاسِم بن خَليفَة الخزرجي موفق الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بِابْن أبي أصيبعة الطَّبِيب الْفَاضِل صنف تَارِيخا للأطباء وجوده توفّي بصرخد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وست مائَة وَكَانَ أديباً طَبِيبا شَاعِرًا كَانَ الرشيد ابْن الصُّورِي أهْدى إِلَيْهِ تأليفاً يحتوي على فَوَائِد ووصايا طبية فَكتب إِلَيْهِ
(لعلم رشيد الدّين فِي كل مشْهد ... منار على يأتمه كل مهتد)
(حكيمٌ لَدَيْهِ المكرمات بأسرها ... توارثها عَن سيدٍ بعد سيد)
(حوى الْعلم عَن آبَائِهِ وجدوده ... فَذَاك قديمٌ فِيهِ غير مُجَدد)
(تفرد فِي ذَا الْعَصْر عَن كل مشبهٍ ... بِخَير صفاتٍ حصرها لم يحدد)
(أَتَتْنِي وَصَايَاهُ الحسان الَّتِي حوت ... نثير كلامٍ كل فضلٍ منضد)
(فأهدى إِلَى قلبِي السرُور وَلم يزل ... بإحسانه يسدي لمثلي من يَد)
(وجدت بهَا مَا أرتجيه وإنني ... بهَا أبدا فِيمَا أحاول مقتدي)
(وَلَا غرو من علم الرشيد وفضله ... إِذا كَانَ بعد الله فِي الْعلم مرشدي)
3 - (ابْن السختكمالي)
أَحْمد بن قايماز بن عبد الله عرف بِابْن السختكمالي بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة الساكنة وَالتَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَالْكَاف وَالْمِيم وَالْألف وَاللَّام أنْشد الْحَافِظ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان للمذكور)
(ومسكي الْعَوَارِض بَات وردي ... لمى فِيهِ ووردي من خدوده)
(حباني بالرضى من بعد سخطٍ ... وأنصفني التواصل من صدوده)
وأنشدني الْمَذْكُور أَيْضا
(نفثات سحر فِي جفونك فعلهَا ... أمضى وأفتك من شبا الأسياف)
(فاستغن باللحظات عَن بيض الظبى ... وَعَن الرماح السمر بالأعطاف)(7/193)
3 - (أَبُو شُجَاع ركن الدّين التركي)
أَحْمد بن قرطائي الْأَمِير ركن الدّين أَبُو شُجَاع التركي الإربلي مولى السُّلْطَان مظفر الدّين صَاحب إربل ولد سنة ثَمَان وَتِسْعين وَحدث عَن مِسْمَار بن العويس وَله شعر جيد روى عَنهُ الدمياطي وَغَيره وَقدم رَسُولا إِلَى دمشق من الدِّيوَان الْعَزِيز وَكَانَ أَبوهُ من أُمَرَاء إربل وَغَضب عَلَيْهِ أستاذه وسجنه حَتَّى مَاتَ فَلَمَّا توفّي مظفر الدّين قدم أَحْمد وَإِخْوَته إِلَى حلب وخدم عِنْد الْعَزِيز وَتقدم هُوَ وَأَخُوهُ مُحَمَّد عِنْده وَتقدم ذكر أَخِيه فِي المحمدين وَلما توفّي الْعَزِيز توجه أَحْمد إِلَى بغداذ وخدم بهَا وزادت حرمته وَمَات فَجْأَة سنة خمس وَخمسين وست مائَة
وَمن شعره
3 - (البغداذي)
أَحْمد بن قره البغداذي أَبُو الْعَبَّاس من أَبنَاء خُرَاسَان كَانَ يتوكل للواثقي وَمَات أَيَّام المعتضد
أنْشد لَهُ الْمبرد فِي ياسين الحزان وَكَانَ يهواه
(هجرٌ ولومٌ وتباريح ... من دون ذَا تختلس الرّوح)
(يَا رَاقِدًا عَن ليل ذِي صبوة ... فُؤَاده بالهم مَجْرُوح)
(نمت وَمن يهواك فِي زفرةٍ ... يعتاده العواد مطروح)
(بعضٌ يبكيه وبعضٌ لَهُ ... لَدَيْهِ تهليلٌ وتسبيح)
(وَبَعْضهمْ يقْرَأ ياسين والدمع ... على خديه مسفوح)
(وَلَيْسَ يدْرِي أَن من ذكره ... ياسين تزداد التباريح)
وَله أَيْضا
(بَين ثِيَابِي جسدٌ ناحل ... وَفِي فُؤَادِي شغلٌ شاغل)
)
(ولي جفونٌ نومها عازبٌ ... فماؤها منسكبٌ هاطل)
(واستعذب العذال لومي مَعًا ... وَكلهمْ عَن صبوتي غافل)
(فَكلما أسلمني عاذلٌ ... قَامَ لنصحي بعده عاذل)
(يَا رب لَا أقوى على كل ذَا ... موتٌ وَإِلَّا فرجٌ عَاجل)
قلت شعر منسجم عذب
3 - (صَاحب خلع النَّعْلَيْنِ)
أَحْمد بن قسي من أهل الأندلس كَانَ فِي مبدأ أمره يدَّعي الْولَايَة وَكَانَ ذَا حيل وشعبذةٍ وَمَعْرِفَة بالبلاغة قَامَ بحصن مارتله ودعا إِلَى بيعَته ثمَّ اخْتلف عَلَيْهِ(7/194)
أَصْحَابه ودسوا لَهُ من أخرجه من الْحصن بحيلة حَتَّى اسلموه إِلَى الموحَّدين فَأتوا بِهِ عبد الْمُؤمن فَقَالَ بَلغنِي أَنَّك دَعَوْت إِلَى الْهِدَايَة فَقَالَ أَلَيْسَ الْفجْر فجرين كَاذِب وصادق قَالَ بلَى قَالَ أَنا الفجرالكاذب فَضَحِك وَعَفا عَنهُ لَهُ كتاب سَمَّاهُ خلع النَّعْلَيْنِ فِيهِ أوابد ومصائب توفّي فِي حُدُود سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (القَاضِي ابْن كَامِل)
أَحْمد بن كَامِل بن شَجَرَة بن مَنْصُور بن كَعْب بن يزِيد أَبُو بكر القَاضِي قَالَ الْخَطِيب قَالَ القَاضِي ابْن كَامِل ولدت سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ وَمَات فِي الْمحرم سنة خمسين وَثَلَاث مائَة وَهُوَ أحد أَصْحَاب مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ وتقلد قَضَاء الْكُوفَة من قبل أبي عمر مُحَمَّد بن يُوسُف وَكَانَ من الْعلمَاء بِالْأَحْكَامِ وعلوم الْقُرْآن والنحو وَالشعر وَأَيَّام النَّاس والتواريخ وَأَصْحَاب الحَدِيث وَله مصنفات فِي أَكثر ذك قَالَ النديم مِنْهَا كتاب غَرِيب الْقُرْآن كتاب الْقرَاءَات كتاب التَّقْرِيب فِي كشف الْغَرِيب موجز التَّأْوِيل عَن مُحكم التَّنْزِيل الْوُقُوف التَّارِيخ الْمُخْتَصر فِي الْفِقْه كتاب الشُّرُوط الْكَبِير الشُّرُوط الصَّغِير الْبَحْث والحث أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ كتاب الشُّعَرَاء كتاب الزَّمَان كتاب أَخْبَار الْقُضَاة قَالَ الْخَطِيب وَحدث عَن مُحَمَّد بن سعد الْعَوْفِيّ وَمُحَمّد بن الجهم السمري وَأبي قلَابَة الرقاشِي وَأحمد بن أبي خَيْثَمَة وَأبي إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ روى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو عبيد الله المرزباني وَحدثنَا عَنهُ ابْن رزقويه وَغَيره وَقَالَ ابْن رزقويه لم تَرَ عَيْنَايَ مثله وَلما بلغ الثَّمَانِينَ أنشدنا
(عقد الثَّمَانِينَ عقدٌ لَيْسَ يبلغهُ ... إِلَّا الْمُؤخر للْأَخْبَار والغير)
)
قَالَ وأنشدنا القَاضِي ابْن كَامِل لنَفسِهِ
(صرف الزَّمَان تنقل الْأَيَّام ... والمرء بَين مُحَلل وَحرَام)
(وَإِذا تقشعت الْأُمُور تكشفت ... عَن فضل أَيَّام وقبح أثام)
وَسُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ فَقَالَ كَانَ متساهلاً رُبمَا حدث من حفظه بِمَا لَيْسَ عِنْده فِي كِتَابه
وأهلكه الْعجب فَإِنَّهُ كَانَ يخْتَار وَلَا يضع لأحد من الْأَئِمَّة أصلا قيل لَهُ أَكَانَ جرير الْمَذْهَب فَقَالَ بل خَالفه وَاخْتَارَ لنفهس وأملى كتابا فِي السّير وَتكلم على الْأَخْبَار
3 - (كَمَال الدّين الدزماري الشَّافِعِي)
أَحْمد بن كشاسب بن عَليّ بن أَحْمد الإِمَام(7/195)
كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الدزماري الْفَقِيه الشَّافِعِي لَهُ تصانيف متضلع فِي نقل وُجُوه الْمَذْهَب توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (شهَاب الدّين الصَّيْرَفِي)
أَحْمد بن كشتغدي الْأَمِير شهَاب الدّين الْعزي الصَّيْرَفِي سمع من النجيب وَغَيره وَأَظنهُ أَخا مُحَمَّد الْمُقدم ذكره أجَاز لي بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (ابْن كُلَيْب النَّحْوِيّ الأندلسي)
أَحْمد بن كُلَيْب النَّحْوِيّ صَاحب أسلم الأندلسيين قَالَ الْحميدِي هُوَ شَاعِر مَشْهُور الشّعْر لَا سِيمَا شعره فِي أسلم اشْتَدَّ كلفه بأسلم وَفَارق صبره وَصرف فِيهِ القَوْل مستتراً إِلَى أَن فَشَتْ أشعاره على الْأَلْسِنَة فِي المحافل فَانْقَطع أسلم عَن مجَالِس الطّلب وَلزِمَ بَيته فَكَانَ يمر على بَابه ذَاهِبًا وعائداً إِلَى أَن ترك أسمل الْجُلُوس على بَابه نَهَارا وَيخرج فِي أول اللَّيْل إِذا أظلم يسرتح على بَابه فعيل صَبر ابْن كُلَيْب فتزيا بزِي الْعَرَب وأتى بدجاج وبيض وَجَاء إِلَى أسلم وَقبل يَده فَقَالَ لَهُ من أَنْت قَالَ فلَان من ضيعتك فُلَانَة فَلَمَّا طَال سُؤَاله أنكر كَلَامه وعرفه وَالْتزم أَن لَا يخرج من بَيته أبدا فعيل صبره وأدنقه الْحبّ وأشرف على الْهَلَاك فسعى لَهُ بعض أَصْحَابه وكلف أسلم أَن يعودهُ رَجَاء صَلَاحه فَلَمَّا جَاءَ مَعَه إِلَى نصف الدَّرْب توقف وَقَالَ مَا أُطِيق الدُّخُول إِلَيْهِ وكر رَاجعا فجاذبه ذَلِك الصاحب إِلَى أَن مزق رِدَاءَهُ وَبَقِي بعضه فِي يَده وَذهب مسرعاً وَكَانَ غُلَامه قد رآهما فِي أول الدَّرْب فَدخل عرف ابْن كُلَيْب مَجِيء أسلم فنشط من علته فرحةً بقدومه فَدخل ذَلِك الصاحب إِلَى ابْن كُلَيْب فَقَالَ لَهُ وَأَيْنَ أسلم فَعرفهُ الْخَبَر فاستحال لَونه وَاخْتَلَطَ كَلَامه فعنفه ذَلِك الصاحب فَقَالَ بِاللَّه اسْمَع وَأنْشد)
(أسلم يَا رَاحَة العليل ... رفقا على الهائم النحيل)
(وصلك أشهى إِلَى فُؤَادِي ... من رَحْمَة الْخَالِق الْجَلِيل)
فَقَالَ لَهُ اتَّقِ الله مَا هَذِه الْعَظِيمَة فَقَالَ قد كَانَ مَا كَانَ فَخرج من عِنْده فَمَا توَسط الدَّرْب حَتَّى سمع الصُّرَاخ عَلَيْهِ وَفَارق الدُّنْيَا قَالَ الْحميدِي وَهَذِه قصَّة مَشْهُورَة عندنَا والرواة ثِقَات وَأسلم هَذَا من بَيت جليل وَهُوَ صَاحب الْكتاب الْمَشْهُور فِي أغاني زرياب وَكَانَ شَاعِرًا أديباً قلت نقلت هَذَا مُخْتَصرا من مُعْجم الْأَدَب لياقوت وسَاق مثل هَذِه الْحِكَايَة حكايتين أُخْرَيَيْنِ من هَذَا النمط(7/196)
وَكَانَ أَحْمد بن كُلَيْب قد أهْدى إِلَى أسلم فِي أول أمره كتاب الفصيح وَكتب عَلَيْهِ
(هَذَا كتاب الفصيح ... بِكُل لفظٍ مليح)
(وهبته لَك طَوْعًا ... كَمَا وَهبتك روحي)
وَكَانَت وَفَاة ابْن كُلَيْب سنة سِتّ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وَأسلم الْمَذْكُور هُوَ أسلم بن أَحْمد بن سعيد ابْن قَاضِي الْجَمَاعَة أسلم بن عبد الْعَزِيز صَاحب الْمُزنِيّ
3 - (الْأَمِير أَبُو الْقَاسِم)
أَحْمد بن كيغلغ أَبُو الْقَاسِم أَخُو إِبْرَاهِيم الْمُقدم ذكره ولاه الراضي بِاللَّه ونفذه إِلَيْهَا وعمره ثَمَانُون سنة وَكَانَ أديباً شَاعِرًا فَمن شعره قَوْله
(لَا يكن للكأس فِي كفك ... يَوْم الْغَيْث لبث)
أوما تعلم أَن الْغَيْث ساقٍ مستحثّ وَقَوله
(وَا عطشا إِلَى فمٍ ... يمج خمرًا من برد)
(إِن قسم النَّاس فحس ... بِي بك من كل أحد)
وَقَوله
(رعى الله من أمسيت أرعى لأَجله ... نُجُوم ليالٍ مَا لَهُنَّ صباح)
(أشبههَا فِي الْمكْث شَيْطَان آدم ... فَمَا إِن لَهَا حَتَّى النشور براح)
وَكَانَ أَحْمد قد ولي مصر فجرت بَينه وَبَين مُحَمَّد بن تكين حروب إِلَى أَن خلص لَهُ الْأَمر ثمَّ قدم مُحَمَّد بن طغج أَمِيرا على مصر من قبل الراضي فَسلم إِلَيْهِ مصر)
3 - (أَبُو نصر السدري)
أَحْمد بن مَا شَاءَ الله بن إِسْمَاعِيل بن رزق الله السدري أَبُو نصر البغداذي سمع أَحْمد بن الْحسن بن خيرون وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن البشري وَغَيرهمَا وَحدث باليسير روى عَنهُ أَبُو بكر الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف فِي مُعْجم شُيُوخه توف سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (الْحَافِظ حكمويه)
أَحْمد بن الْمُبَارك الْحَافِظ الزَّاهِد المجاب الدعْوَة أَبُو عمر الْمُسْتَمْلِي النَّيْسَابُورِي الْمَعْرُوف بحكمويه كَانَ مجاب الدعْوَة رَاهِب عصره توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ(7/197)
3 - (تَقِيّ الدّين الْخرقِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن الْمُبَارك بن نَوْفَل الإِمَام تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس النصيبي الْخرقِيّ بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الساكنة وَالْقَاف وَهِي قَرْيَة من عمل نَصِيبين كَانَ إِمَامًا عَالما قدم الْموصل بعد السِّت مائَة وَقَرَأَ بهَا الْعَرَبيَّة على أبي حَفْص عمر بن أَحْمد السفني بكسرالسين وبرع فِي الْعلم قَرَأَ عَلَيْهِ الْملك المظفر وَالْملك الصَّالح وصنف كتابا فِي الْأَحْكَام وَشرح الدريدية وَألف كتابا فِي الْعرُوض وكتاباً فِي الْخطب وَشرح الملحة وَله منظومة فِي الْفَرَائِض ومنظومة فِي الْمسَائِل الملقبات وَسكن سنجار ودرس بهَا مَذْهَب الشَّافِعِي ثمَّ إِنَّه انْتقل إِلَى الجزيرة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (ابْن الْخلّ)
أَحْمد بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن عبد الله أَخُو ابْن الْخلّ الْفَقِيه مُحَمَّد بن الْمُبَارك وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وتوفيّ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة وَمن شعره دوبيت
(سَارُوا وَأقَام فِي فُؤَادِي الكمد ... لم يلق كَمَا لقِيت مِنْهُم أحد)
(شوقٌ وجوى ونار وجدٍ تقد ... مَا لي جلدٌ ضعفت مَا لي جلد)
وَمِنْه أَيْضا
(هَذَا ولهي وَكم كتمت الولها ... صونا لحَدِيث من هوى النَّفس لَهَا)
(يَا آخر محنتي وَيَا أَولهَا ... أَيَّام عنائي فِيك مَا أطولها)
)
وَمِنْه فِي بعض الوعاظ
(وَمن الشقاوة أَنهم ركنوا إِلَى ... نزغات ذَاك الأحمق التمتام)
(شيخٌ يبهرج دينه بنفاقه ... ونفاقه مِنْهُم على أَقوام)
(وَإِذا رأى الْكُرْسِيّ تاه بِأَنْفِهِ ... أَي أَن هَذَا موضعي ومقامي)
(ويدق صَدرا مَا انطوى إِلَّا على ... غل يواريه بكف عِظَام)
(وَيَقُول أيش أَقُول من حصرٍ بِهِ ... لَا لازدحام عبارةٍ وَكَلَام)
قلت رَأَيْت من قَالَ فِي هَذَا ابْن الْخلّ أَنه أَحْمد وَأوردهُ ابْن النجار فِي ذيل تَارِيخ بَغْدَاد وَقَالَ الْحسن وَاعْتذر أَنه رأى خطّ يَده وَقد كتب الْحسن وَقد أوردت أَنا الْحسن فِي مَكَانَهُ على مَا رَأَيْته وَلَعَلَّه كَانَ لَهما أَخ آخر اسْمه أَحْمد وَهُوَ هَذَا وَلَكِن يُعَكر عليّ ذكر الْوَفَاة فَإِنَّهُمَا وَاحِدَة(7/198)
وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَمِمَّنْ سَمَّاهُ أَحْمد القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة أَخِيه مُحَمَّد بن الْمُبَارك
3 - (أَبُو الْفتُوح الْحَاجِب)
أَحْمد بن المحسن بن جَعْفَر السلماسي أَبُو الْفتُوح كَانَ أحد الْحجاب بديوان الْخلَافَة ثمَّ ولي حجبة الْحجاب فِي أَيَّام الإِمَام المقتفي ثمَّ عزل سمع من الْوَزير أبي الْقَاسِم عَليّ بن طراد الزَّيْنَبِي فِي الْمجَالِس الديوانية قَالَ محب الدّين ابْن النجار مَا أَظُنهُ روى شَيْئا توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْحسن الْعَطَّار الْوَكِيل)
أَحْمد بن المحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْعَبَّاس بن أَحْمد الْعَطَّار أَبُو الْحسن بن أبي يعلى الْوَكِيل قَرَأَ الْقُرْآن على القَاضِي أبي يعلى محمّد بن عليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وَسمع الحَدِيث من الْحسن بن شَاذان وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْحرفِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مخلد الْبَزَّاز وَغَيرهم قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن جمَاعَة وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَعبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي وَيحيى بن الطراح وَكَانَ عَالما بِالْوكَالَةِ والشروط متبحراً فِي إبِْطَال الْحُقُوق وَإِثْبَات الْبَاطِل وَله فِي ذَلِك حكايات كَانَ إِذا حمل إِلَيْهِ محْضر كتب خطه فِيهِ ثمَّ إِذا حمل إِلَيْهِ بعد ذَلِك محْضر آخر خلاف الأول كتب خطه فِيهِ أَيْضا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ مَا تَدْرُونَ أيش أكتب فِيهِ أَنا أكتب فِيهِ مَا ذكر صَحِيح وَكتب فلانٌ ومقصودي نفي الصِّحَّة وهم يظنون أنني)
أشهد بِصِحَّتِهِ وطلق رجل امْرَأَته فَتزوّجت بِزَوْج بعد يَوْم فجَاء الزَّوْج إِلَى القَاضِي أبي عبد الله بن الْبَيْضَاوِيّ وَكَانَ على الْقَضَاء بِربع الكرخ وَشرح لَهُ الْحَال فأحضرها القَاضِي وأركبها حمارا وَأمر أَن يُطَاف بهَا فِي السُّوق فَجَاءَت إِلَى ابْن المحسن الْوَكِيل وأعطته مبلغا من المَال فجَاء إِلَى القَاضِي وَقَالَ يَا سيدنَا القَاضِي الله الله لَا يسمع النَّاس بِهَذَا فيظنون أَنَّك لَا تعرف هَذَا إِن هَذِه الْمَرْأَة كَانَت حَامِلا فَطلقهَا زَوجهَا أمس وَوضعت حملهَا البارحة وَمَات الصَّبِي وَتَزَوَّجت الْيَوْم أَلا يجوز هَذَا فَسكت القَاضِي وتخلصت الْمَرْأَة بقوله وَكَانَ صَحِيح السماع إِلَّا أَن أَفعاله كَانَت مُدبرَة وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (نجم الدّين بن ملي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن محسن بتَشْديد السِّين بن ملي بن حسن بن عَتيق أَو عتق بن ملي الْعَالم البارع الْكَبِير الْمَعْرُوف بِابْن ملي الْأنْصَارِيّ البعلبكي الشَّافِعِي الْمُتَكَلّم ولد سنة سبع عشرَة ببعلبك وَسمع من الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن وَأبي الْمجد بن الْقزْوِينِي وَابْن الزبيدِيّ وَابْن رَوَاحَة واشتغل بِدِمَشْق وَأخذ عَن ابْن الْحَاجِب الْعَرَبيَّة وَعَن ابْن عبد السَّلَام الْفِقْه وَعَن الزكي الْمُنْذِرِيّ الحَدِيث وَالْأُصُول عَن جمَاعَة والفلسفة والرفض عَن جمَاعَة ودرس وَأفْتى وناظر واشتغل وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وَكَانَ متبحراً فِي الْعُلُوم كثير الْفَضَائِل أسداً فِي المناظرة فصيح الْعبارَة ذكياً متيقظاً حَاضر الْحجَّة حاد القريحة اشْتغل مُدَّة بحلب ودمشق وَدخل مصر غير(7/199)
مرّة وَكَانَ شهماً جريئاً قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مشتلقاً يخل بالصلوات وَيتَكَلَّم فِي الصحابه وَكَانَ يَقُول فِي الدَّرْس عينوا آيَة حَتَّى نتكلم عَلَيْهَا فيعينون آيَة وَيتَكَلَّم عَلَيْهَا بِعِبَارَة جزلة كَأَنَّمَا يقْرَأ من كتاب قَرَأَ الشَّيْخ علم الدّين عَلَيْهِ موطأ القعْنبِي وَغير ذَلِك وَسمع مِنْهُ الطّلبَة وَتُوفِّي بقرية بخعون من جبل الظنين وَهِي بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَضم الْعين الْمُهْملَة وَبعد الْوَاو نون فِي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (أَبُو الْفَرح الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مَحْفُوظ بن أَحْمد بن احسن الكلوذاني أَبُو الْفَرح بن أبي الْخطاب الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ سمع أَبَاهُ وَأَبا بكر أَحْمد بن المظفر بن سوسن التمارو عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ العلاف وَحدث باليسير توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَدفن عِنْد قبر أَحْمد
3 - (أَبُو حَامِد الساوي الشَّافِعِي)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الساوي أَبُو حَامِد بن أبي عبد الله الْفَقِيه الشَّافِعِي سمع أَبَا الْوَقْت عبد الأول السجْزِي وَأَبا الْخَيْر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الباغبان الْأَصْبَهَانِيّ وَغَيرهمَا قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ فِي رحلتي الأولى إِلَى همذان وَفِي رحلتي الثَّانِيَة سَمِعت مِنْهُ فِي عدَّة أمكنة وَكَانَ شَيخا نبيلاً فَقِيها فَاضلا حسن الْمعرفَة بِمذهب الشَّافِعِي وَيعرف طرقاً حسنا من الحَدِيث وَالْأَدب ويعقد مجْلِس الْوَعْظ بِجَامِع همذان وَهُوَ صدوقٌ متدينٌ حسن الْأَخْلَاق محب للْعلم وَأَهله سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة بهمذان
3 - (الغزال الْمُسْتَمْلِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو بكر الغزال الْمُسْتَمْلِي سمع الْكثير من عُبيد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد الفرضي وَعلي بن عبد الْعَزِيز الطاهري وَأحمد بن عمر النَّرْسِي وَعلي بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِشران وَالْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وَأحمد بن مُحَمَّد بن خَالِد الْكَاتِب وَمن جمَاعَة كتب بِخَطِّهِ كثيرا لنَفسِهِ وتوريقاً للنَّاس وَكَانَ يكْتب مليحاً وَحدث باليسير وَكَانَ صَدُوقًا روى عَنهُ أَبُو بكر الْخَطِيب وَأَبُو عَليّ بن الْبناء فِي مشيخته
3 - (أَبُو عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن بن سعيد أَبُو عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ الْمُقْرِئ سكن دمشق وصنف تصانيف وَقَرَأَ على زيد بن عَليّ بن أَحْمد الْكُوفِي وَأبي بكر النقاش وَأبي الْعَبَّاس بن الْحسن بن سعد الفاسي وَغَيرهم وَسمع بِدِمَشْق عبد الله بن عَطِيَّة وَعبد الْوَهَّاب بن الْحسن الْكلابِي وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن الْفُرَات وَغَيرهم وَلما مَاتَ كَانَ يَوْمًا مشهوداً وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة(7/200)
3 - (الثَّعْلَبِيّ الْمُفَسّر)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْحَاق النَّيْسَابُورِي الثَّعْلَبِيّ صَاحب التَّفْسِير كَانَ أوحد زَمَانه فِي علم الْقُرْآن وَله كتاب العرائس فِي قصَص الْأَنْبِيَاء
قَالَ السَّمْعَانِيّ يُقَال لَهُ الثَّعْلَبِيّ والثعالبي وَهُوَ لقبٌ لَا نسب روى عَن جمَاعَة وَكَانَ حَافِظًا عَالما بارعاً فِي الْعَرَبيَّة موثقًا أَخذ عَنهُ أَبُو الْحسن الواحدي وَقد جَاءَ عَن أبي الْقَاسِم الْقشيرِي قَالَ رَأَيْت رب الْعِزَّة فِي الْمَنَام وَهُوَ يخاطبني وأخاطبه فَكَانَ فِي أثْنَاء ذَلِك أَن قَالَ الرب جلّ)
اسْمه أقبل الرجل الصَّالح فَالْتَفت فَإِذا أَحْمد الثَّعْلَبِيّ مقبل وَذكره عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي فِي تَارِيخ نيسابور وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ هُوَ صَحِيح النَّقْل موثوق بِهِ حدث عَن أبي طَاهِر بن خُزَيْمَة وَالْإِمَام أبي بكر بن مهْرَان الْمُقْرِئ وَكَانَ كثير الحَدِيث كثير الشُّيُوخ توفّي سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين بن خلكان)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خلكان قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْبَرْمَكِي الإربلي الشَّافِعِي ولد بإربل سنة ثَمَان وست مائَة وَسمع بهَا صَحِيح البُخَارِيّ من أبي مُحَمَّد بن هبة الله بن مكرم الصُّوفِي وَأَجَازَ لَهُ الْمُؤَيد الطوسي وَعبد الْمعز الْهَرَوِيّ وَزَيْنَب الشعرية روى عَنهُ الْمزي والبرزالي والطبقة وَكَانَ فَاضلا بارعاً متفنناً عارفاًُ بِالْمذهبِ حسن الفتاوي جيد القريحة بَصيرًا بِالْعَرَبِيَّةِ عَلامَة فِي الْأَدَب وَالشعر وَأَيَّام النَّاس كثير الِاطِّلَاع حُلْو المذاكرة وافر الْحُرْمَة فِيهِ رياسة كَبِيرَة لَهُ كتاب وفيات الْأَعْيَان وَقد اشْتهر كثيرا وَله مجاميع أدبية
قد الشَّام فِي شبيبته وَقد تفقه بالموصل على كَمَال الدّين بن يُونُس وَأخذ بحلب عَن القَاضِي بهاء الدّين ابْن شَدَّاد وَغَيرهمَا وَدخل مصر وسكنها مُدَّة وتأهل بهَا وناب بهَا فِي الْقَضَاء عَن القَاضِي بدر الدّين السنجاري ثمَّ قدم الشَّام على الْقَضَاء فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَخمسين مُنْفَردا بِالْأَمر ثمَّ أقيم مَعَه فِي الْقَضَاء ثَلَاثَة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَكَانَ ذَلِك فِي جُمَادَى الأولى جَاءَ من مصر ثَلَاثَة تقاليد لشمس الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن عَطاء الْحَنَفِيّ ولزين الدّين عبد السَّلَام الزواوي الْمَالِكِي وَوَافَقَ الْحَنَفِيّ والحنبلي وَكَانَ الْحَنَفِيّ قبل ذَلِك نَائِبا للشَّافِعِيّ ثمَّ إِن الْأَمر من مصر ورد(7/201)
بإلزام الْمَالِكِي وَامْتنع الْمَالِكِي والحنبلي من أَخذ الجامكية وَقَالا نَحن فِي كِفَايَة قَالَ شهَاب الدّين أَبُو شامة وَمن العجيب اجْتِمَاع ثَلَاثَة من قُضَاة الْقُضَاة لقب كل وَاحِد مِنْهُم شمس الدّين فِي زمن وَاحِد وَاتفقَ أَن الشَّافِعِي استناب نَائِبا لقبه شمس الدّين فَقَالَ بعض الأدباء الظرفاء
(أهل دمشق استرابوا ... من كَثْرَة الْحُكَّام)
(إِذْ هم جَمِيعًا شموسٌ ... وحالهم فِي الظلام)
وَقَالَ أَيْضا
(بدمشقٍ آيةٌ قد ... ظَهرت للنَّاس عَاما)
)
(كلما ازدادوا شموساً ... زَادَت الدُّنْيَا ظلاما)
ثمَّ عزل عَن الْقَضَاء سنة تسع وَسِتِّينَ بِالْقَاضِي عز الدّين ابْن الصايغ ثمَّ عزل ابْن الصايغ بعد سبع سِنِين بِهِ وَقدم من مصر فَدخل دُخُولا لم يدْخل غَيره مثله من الاحتفال والزحمة وَأَصْحَاب البغال وَالشُّهُود وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَجلسَ فِي منصب حكمه وَتكلم الشُّعَرَاء وَلما قدم ابْن خلكان إِلَى دمشق ثَانِيًا وَكَانَ لثامن سنة قَالَ رشيد الدّين الفارقي فِي ذَلِك أَنْت فِي الشَّام مثل يُوسُف فِي مصر وَعِنْدِي أَن الْكِرَام جناس
(وَلكُل سبعٌ شدادٌ وَبعد السَّبع ... عامٌ يغاث فِيهِ النَّاس)
وَقَالَ سعد الدّين الفارقي
(أذقت الشَّام سبع سِنِين جدباً ... غَدَاة هجرته هجراً جميلا)
(فَلَمَّا زرته من أَرض مصرٍ ... مددت عَلَيْهِ من كفيك نيلا)
وَقَالَ ابْن جعوان
(لما تولى قَضَاء الشَّام حاكمه ... قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْعَبَّاس ذُو الْكَرم)
(من بعد سبعٍ شدادٍ قَالَ خادمه ... ذَا الْعَام فِيهِ يغاث النَّاس بِالنعَم)
وَقَالَ نور الدّين ابْن مُصعب
(رَأَيْت أهل الشَّام طراً ... مَا فيهم قطّ غير رَاض)
(نالهم الْخَيْر بعد شرّ ... فالوقت بسطٌ بِلَا انقباض)
(وعوضوا فرحةً بحزنٍ ... مذ أنصف الدَّهْر فِي التقاضي)
(وسرهم بعد طول غمّ ... قدوم قاضٍ وعزل قَاض)
(فكلهم شاكرٌ وشاكٍ ... بِحَال مستقبلٍ وماض)
قلت بَيْتا رشيد الدّين الفارقي خير هَذِه المقاطيع
وَكَانَ كَرِيمًا جواداً ممدوحاً فِيهِ ستر وحلم وعفو وحكاياته فِي ذَلِك مَشْهُورَة ثمَّ عزل بِابْن(7/202)
الصايغ ودرس بالأمينية إِلَى أَن مَاتَ عَشِيَّة نَهَار السبت سادس عشْرين شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة بالنجيبية جوَار النورية وشيعه الْخَلَائق
أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم كَاتب الْإِنْشَاء يرثي قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين)
(يَا شمس الْعُلُوم فِي الثرى قد غَابَتْ ... كم نبت عَن الشَّمْس وَهِي مَا نابت)
(لم تأت بمثلك اللَّيَالِي أبدا ... إِمَّا قصرت عَنهُ وَإِمَّا هابت)
وَكَانَ وجيه الدّين مُحَمَّد بن سُوَيْد صَاحبه وَكَانَ يسومه قَضَاء أشغال كَثِيرَة ويقضيها فَحَضَرَ فِي بعض الْأَيَّام ورام مِنْهُ أمرا متعذراً فَاعْتَذر فَقَالَ مَا يكون الصاحب صاحباً حَتَّى يعرق جَبينه مَعَ صَاحبه فِي جَهَنَّم فَقَالَ القَاضِي بلَى يَا وجيه الدّين صرنا مَعَك قشلمشا وَمَا ترْضى وَيُقَال إِنَّه عمل تَارِيخا للْملك الظَّاهِر وَوصل نسبه بجنكزخان فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ قَالَ هَذَا يصلح أَن يكون وزيراً اطلبوه فَطلب وَبلغ الْخَبَر الصاحب بهاء الدّين ابْن حنا فسعى فِي الْقَضِيَّة إِلَى أَن أبطل ذَلِك وناسى السُّلْطَان عَلَيْهِ فَبَقيَ فِي الْقَاهِرَة يركب كل يَوْم وَيقف فِي بَاب القرافة وَيَمْشي قُدَّام الصاحب إِلَى أَن يوصله بَيته وافتقر حَتَّى لم يكن لَهُ غير البغلة لركوبه وَكَانَ لَهُ عبد يعْمل بَابا ويطعمه وَالشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس يؤثره وَمَعَ ذَلِك فَلَا يحنو عَلَيْهِ الصاحب وَلَا يحن إِلَى الْإِحْسَان إِلَيْهِ حَتَّى فاوضه الدوادار وَقَالَ لَهُ إِلَى مَتى يبْقى هَذَا على هَذِه الْحَالة فَجهز إِلَى مَكَانَهُ بِدِمَشْق على الْقَضَاء وَحضر إِلَيْهِ وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ عز الدّين مُحَمَّد بن شَدَّاد بكتب فقارس من الْغَوْر وانتقالها إِلَى الظَّاهِر وَقد ثبتَتْ عَلَيْهِ بِالشَّام وَطلب مِنْهُ الْإِشْهَاد عَلَيْهِ بِمَا فِيهَا لتثبت بِمصْر قَالَ كَيفَ أشهد عَليّ قَالَ يَأْذَن لَك قَاضِي الْقُضَاة ابْن رزين فَقَالَ لَو كنت موليا مَا كنت آذن لَهُ أفأكون مولى من جِهَته هَذَا لَا يكون أبدا
واطلع الظَّاهِر على ذَلِك فَعظم عِنْده وَتحقّق شرف نَفسه وَأمر لَهُ بدر الدّين ببليك الخزندار تِلْكَ الْأَيَّام بألفي دِرْهَم وَمِائَة إِرْدَب قَمح فَأبى من قبُولهَا وتلطف مَعَه مَعَ القاصد فَقَالَ تجوع الْحرَّة وَلَا تَأْكُل بثدييها وَلم يقبل وأصر على الِامْتِنَاع مَعَ الْفَاقَة الشَّدِيدَة وَكَانَ لَهُ ميلٌ إِلَى بعض أَوْلَاد الْمُلُوك وَله فِيهِ الْأَشْعَار الرائقة يُقَال إِنَّه أول يَوْم جَاءَ إِلَيْهِ بسط لَهُ الطرحة وَقَالَ مَا عِنْدِي أعز من هَذِه طأ عَلَيْهَا وَلما فَشَا أَمرهمَا وعله بِهِ أَهله منعُوهُ الرّكُوب فَقَالَ
(يَا سادتي إِنِّي قنعت وحقكم ... فِي حبكم مِنْكُم بأيسر مطلب)
(إِن لم تجودوا بالوصال تعطفاً ... ورأيتم هجري وفرط تجنبي)
(لَا تمنعوا عَيْني القريحة أَن ترى ... يَوْم الْخَمِيس جمالكم فِي الموكب)
(لَو كنت تعلم يَا حَبِيبِي مَا الَّذِي ... أَلْقَاهُ من ألمٍ إِذا لم تركب)
(لرحمتني ورثيت لي من حالةٍ ... لولاك لم يَك حملهَا من مذهبي)
)
(قسما بِوَجْهِك وَهُوَ بدرٌ طالعٌ ... وبليل طرتك الَّتِي كالغيهب)(7/203)
(وبقامةٍ لَك كالقضيب ركبت فِي ... أخطارها فِي الْحبّ أصعب مركب)
وبطيب مبسمك الشهي الْبَارِد العذب النمير اللؤْلُؤِي الأشب لَو لم أكن فِي رُتْبَة أرعى لَهَا الْعَهْد الْقَدِيم صِيَانة للمنصب
(لهتكت ستري فِي هَوَاك ولذ لي ... خلع العذار وَلَو ألحّ مؤنبي)
(لَكِن خشيت بِأَن تَقول عواذلي ... قد جن هَذَا الشَّيْخ فِي هَذَا الصَّبِي)
(فَارْحَمْ فديتك حرقةً قد قاربت ... كشف القناع بِحَق ذياك النَّبِي)
(لَا تفضحن محبك الصبّ الَّذِي ... جرّعته فِي الحبّ أكدر مشرب)
أَخْبرنِي من لَفظه القَاضِي جمال الدّين عبد القاه التبريزي وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ كَانَ الَّذِي يهواه القَاضِي شمس الدّين هُوَ الْملك المسعود وَكَانَ قد تيمه حبه فَكنت أَنَام عِنْده فِي العادلية فتحدثنا فِي بعض اللَّيَالِي إِلَى أَن رَاح النَّاس من عِنْده فَقَالَ لي نم أَنْت وَألقى عليّ فَرْوَة وَقَامَ يَدُور حول الْبركَة فِي العادلية ويكرر هذَيْن الْبَيْتَيْنِ إِلَى أَن أصبح وَتَوَضَّأ وصلينا
والبيتان الْمَذْكُورَان
(أَنا وَالله هالكٌ ... آيسٌ من سلامتي)
(أَو أرى الْقَامَة الَّتِي ... قد أَقَامَت قيامتي)
وَيُقَال إِنَّه سَأَلَ بعض أَصْحَابه عَمَّا يَقُوله أهل دمشق عَنهُ فاستعفاه فألحّ عَلَيْهِ فَقَالَ يَقُولُونَ إِنَّك تكذب فِي نسبك وتأكل الحشيشة وتحب الغلمان فَقَالَ أما النّسَب وَالْكذب فِيهِ فَإِذا كَانَ وَلَا بُد مِنْهُ فَكنت أنتسب إِلَى الْعَبَّاس أَو إِلَى عَليّ بن أبي طَالب أَو إِلَى أحد الصَّحَابَة وَأما النّسَب إِلَى قوم لم يبْق لَهُم بَقِيَّة وأصلهم فرس مجوس فَمَا فِيهِ فَائِدَة وَأما الحشيشة فَالْكل ارْتِكَاب محرم وَإِذا كَانَ وَلَا بُد فَكنت أشْرب الْخمر لِأَنَّهُ ألذّ وَأما محبَّة اللغلمان فَإلَى غدٍ أجيبك عَن هَذِه الْمَسْأَلَة قَالَ قطب الدّين اليونيني سَمِعت من يذكر إِنَّمَا خرّج لَهُ النّسَب إِلَى البرامكة أَبُو شامة وَلَيْسَ كَذَلِك ووقفت على مجلدة من تَارِيخ إربل لوزيرها شرف الدّين وَقد ذكر وَفَاة ابْن عَم قَاضِي الْقُضَاة وَقد نسبه إِلَى البرامكة وَلَعَلَّ ذَلِك قبل خُرُوجه من إربل وَذكره الصاحب كَمَال الدّين فِي تَارِيخ حلب وَنسبه إِلَى البرامكة
وَمن شعره)
(وسرب ظباءٍ فِي غديرٍ تخالعوا ... بدورٌ بأفق المَاء تبدو وتغرب)
(يَقُول عذولي والغرام مصاحبي ... أما لَك عَن هذي الصبابة مَذْهَب)
(وَفِي دمك المطلول خَاضُوا كَمَا ترى ... فَقلت لَهُ ذرهم يخوضوا ويلعبوا)
وَمِنْه مضمناً
(كم قلت لما اطَّلَعت وجناته ... حول الشَّقِيق الغضّ دوحة آس)
(لعذاره الساري العجول بخدّه ... مَا فِي وقوفك سَاعَة من باس)(7/204)
وَمِنْه
(لما بدا الْعَارِض فِي خَدّه ... بشرت قلبِي بالنعيم الْمُقِيم)
(وَقلت هَذَا عارضٌ ممطرٌ ... فَجَاءَنِي فِيهِ الْعَذَاب الْأَلِيم)
وَمِنْه على مَا قيل
(أنظر إِلَى عَارضه فَوْقه ... لحاظه ترسل مِنْهَا الحتوف)
(تشاهد الْجنَّة فِي وَجهه ... لَكِنَّهَا تَحت ظلال السيوف)
وَمِنْه
(وَلما أَن تفرقنا ... وحالت نوب الدَّهْر)
(رَأَيْت الشهد لَا يحلو ... فَمَا ظَنك بِالصبرِ)
وَمِنْه
(وَمَا سر قلبِي مُنْذُ شطت بك النَّوَى ... نعيمٌ وَلَا لهوٌ وَلَا متصرف)
(وَلَا ذقت طعم المَاء إِلَّا وجدته ... سوى ذَلِك المَاء الَّذِي كنت أعرف)
(وَلم أشهد اللَّذَّات إِلَّا تكلفاً ... وأيّ سرورٍ يَقْتَضِيهِ التَّكَلُّف)
وَمِنْه
(أحبابنا لَو لَقِيتُم فِي إقامتكم ... من الصَّبابة مَا لاقيتُ فِي ظَعَني)
(لأصبح الْبَحْر من أنفاسكم يبساً ... والبرّ من أدمعي ينشقّ بالسفن)
وَمِنْه
(تمثلتم لي والبلاد بعيدةٌ ... فخيل لي أَن الْفُؤَاد لكم مغنى)
(وناجاكم قلبِي على الْبعد والنوى ... فأوحشتم لفظا وآنستم معنى)
)
وَقَالَ فِي ملاحٍ أَرْبَعَة يلقب أحدهم بِالسَّيْفِ
(ملاك بَلْدَتنَا بالْحسنِ أربعةٌ ... بحسنهم فِي جَمِيع الْخلق قد فتكوا)
(تملكوا مهج العشاق وافتتحوا ... بِالسَّيْفِ قلبِي وَلَوْلَا السَّيْف مَا ملكوا)
وَمِنْه
(أيّ ليلٍ على المحبّ أطاله ... سائق الظعن يَوْم زمّ جماله)
يزْجر العيس طاويا يقطع المهمه عسفاً سهوله ورماله
(أَيهَا السَّائِق المجدّ ترفق ... بالمطايا فقد سئمن الرحاله)
(وأنخها هنيهةً وأرحها ... قد براها السرى وفرط الكلاله)
لَا تطيل سَيرهَا العنيف فقد برح بالصبّ فِي سراها الإطاله(7/205)
(وتركتم وراءكم حلف وجدٍ ... نادباً فِي محلكم أطلاله)
(يسْأَل الرّبع عَن ظباء الْمصلى ... مَا على الرّبع لَو أجَاب سُؤَاله)
(ومحالٌ من الْمُحِيل جوابٌ ... غير أنّ الْوُقُوف فِيهَا علاله)
هَذِه سنة المحبين يَبْكُونَ على كل منزل لَا محاله يَا ديار الأحباب لَا زَالَت الأدمع فِي ترب ساحتيك مذاله
(وتمشي النسيم وَهُوَ عليلٌ ... فِي مغانيك ساحباً أذياله)
أَيْن عيشٌ مضى لنا فِيك مَا أسْرع عَنَّا ذَهَابه وزواله
(حَيْثُ وَجه الشبابب طلقٌ نضيرٌ ... والتصابي غصونه مياله)
(وَلنَا فِيك طيب أَوْقَات أنس ... ليتنا فِي الْمَنَام نلقى مِثَاله)
(وبأرجاء جوك الرحب سربٌ ... كلّ عينٍ ترَاهُ تهوى جماله)
(من فتاةٍ بديعة الْحسن ترنو ... من جفونٍ لحاظها مغتاله)
(ورخيم الدَّلال حُلْو الْمعَانِي ... تتثنى أعطافه مختاله)
ذِي قوام تودّ كل غصون البان لَو أَنَّهَا تحاكي اعتداله
(وَجهه فِي الظلام بدر تمامٍ ... وعذاره حوله كالهاله)
وَمن ذَلِك
(كأنني يَوْم بَان الْحَيّ عَن إضمٍ ... وَالْقلب من سطوات الْبَين مذعور)
)
(وَرْقَاء ظلّت لفقد الإلف ساجعةً ... تبْكي عَلَيْهِ اشتياقاً وَهُوَ مأسور)
(يَا جيرة الْحَيّ هَل من عودةٍ فَعَسَى ... يفِيق من نشوات الشوق مخمور)
(إِذا ظَفرت من الدُّنْيَا بقربكم ... فكلّ ذنبٍ جناه الدَّهْر مغْفُور)
وَله فِي الدوبيت شَيْء كثير من أحْسنه قَوْله
(فِي هَامِش خدك البديع القاني ... أسرار هوى لكلّ صبٍّ عان)
(قد خرجها الْبَارِي فَمَا أحْسنهَا ... من حاشيةٍ بالقلم الريحاني)
وَقَوله
(روحي بك يَا معذبي قد شقيت ... فِي جنب رضاك فِي الْهوى مَا لقِيت)
(لَا تعجل بِاللَّه عَلَيْهَا فَعَسَى ... أَن تدركها برحمةٍ إِن بقيت)
وَقَوله
(يَا سعد عساك تطرق الْحَيّ عساك ... قصدا فَإِذا رَأَيْت من حل هُنَاكَ)
(قل صبك مَا زَالَ بِهِ الوجد إِلَى ... أَن مَاتَ غراماً أحسن الله عزاك)(7/206)
وَكتب إلهي السراج الْوراق لغزا فِي مئذنة
(يَا إِمَامًا لَهُ ضِيَاء ذكاءٍ ... يتلاشى لَهُ ضِيَاء ذكاء)
مَا مُسَمّى بِالرَّفْع يعرب وَالنّصب وَإِن كَانَ مُسْتَقر الْبناء
(علمٌ مفردٌ فَإِن رَفَعُوهُ ... رَفَعُوهُ عمدا لأجل النداء)
أنثوه وَمِنْه قد عرف التَّذْكِير فَانْظُر تنَاقض الْأَشْيَاء
(وَهُوَ ظرفٌ فَأَيْنَ من فِيهِ ظرفٌ ... ليجلّي من هَذِه العمياء)
فَأجَاب
قَالَ نَاصِر الدّين أَحْمد بن الْمُنِير فِي قَاضِي الْقُضَاة الْمَذْكُور لَيْسَ شمس الضُّحَى كأوصاف شمس الدّين قَاضِي الْقُضَاة حاشاً وكلاّ
(تِلْكَ مهما علت محلا ثنت ظ ... لاًّ وَهَذَا مهما علا مدّ ظلا)
3 - (الإِمَام الْخطابِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْخطاب الْخطابِيّ أَبُو سُلَيْمَان من ولد زيد بن الْخطاب قَالَ السلَفِي ذكر الجمّ الْغَفِير وَالْعدَد الْكثير أَن اسْمه حمد وَهُوَ الصَّوَاب وَعَلِيهِ الِاعْتِمَاد وَذكره)
ياقوت فِي مُعْجم الأدباء فِي بَاب أَحْمد وَقَالَ إِن الثعالبي وَأَبا عبيد الْهَرَوِيّ كَانَا معاصريه وتلميذيه سمياه أَحْمد وَقد سَمَّاهُ الكحاكم ابْن البيع فِي كتاب نيسابور حمداً وَجعله فِي بَاب من اسْمه حمد وَذكر أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فِي كتاب مرو وَسُئِلَ أَبُو سُلَيْمَان عَن اسْمه فَقَالَ اسْمِي الَّذِي سميت بِهِ حمد لَكِن النَّاس كتبوه أَحْمد فتركته عَلَيْهِ ورثاه أَبُو بكر عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْحَنْبَلِيّ فَقَالَ
(وَقد كَانَ حمداً كاسمه حمد الورى ... شمائل فِيهَا للثناء ممادح)
(خلائق مَا فِيهَا معابٌ لعائبٍ ... إِذا ذكرت يَوْمًا فهنّ مدائح)
قَالَ السَّمْعَانِيّ كَانَ الْخطابِيّ حجَّة صَدُوقًا رَحل إِلَى الْعرَاق والحجاز وجال فِي خُرَاسَان وَخرج إِلَى مَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ يتجر فِي ملكه الْحَلَال وَينْفق على الصلحاء من إخوانه وَقَالَ الثعالبي كَانَ يشبه فِي زَمَاننَا بِأبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَقد طوف وَألف فِي فنون الْعلم وَأخذ الْفِقْه عَن أبي بكر الْقفال الشَّاشِي وَأبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة ونظرائهما من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَمن تصانيفه معالم السّنَن شرح السّنَن لأبي دَاوُد كتاب غَرِيب الحَدِيث وَفِيه مَا لم يذكرهُ ابْن(7/207)
قُتَيْبَة وَلَا أَبُو عبيد فِي كِتَابَيْهِمَا وَهُوَ كتاب ممتع كتاب تَفْسِير أَسمَاء الرب عز وَجل كتاب شرح الْأَدْعِيَة المأثورة كتاب شرح البُخَارِيّ كتاب الْعُزْلَة كتاب إصْلَاح الْغَلَط
كتاب الْعَرُوس كتاب أَعْلَام الحَدِيث كتاب الغنية عَن الْكَلَام كتاب شرح دعوات لِابْنِ خُزَيْمَة
وَمن شُيُوخ الْخطابِيّ فِي الْأَدَب وَغَيره إِسْمَاعِيل الصفار وَأَبُو عمر الزَّاهِد وَأَبُو الْعَبَّاس الْأَصَم وَأحمد بن سُلَيْمَان النجار وَأَبُو عَمْرو السماك ومكرم القَاضِي وجعفر الخالدي كلهم بغداذي سوى الْأَصَم فَإِنَّهُ نيسابوري وروى عَن الْخطابِيّ خلق مِنْهُم عبد بن أَحْمد بن عفير الْهَرَوِيّ وَالْحسن بن مُحَمَّد الْكَرَابِيسِي البستي وَمُحَمّد بن الْحسن الْمُقْرِئ وَعلي بن الْحسن الْفَقِيه السجْزِي وروى عَنهُ أَبُو حَامِد الأسفراييني وَالْحَاكِم بن البيع وَأَبُو عبيد الْهَرَوِيّ والثعالبي وَمن شعره
(وَمَا غربَة الْإِنْسَان فِي شقة النَّوَى ... وَلكنهَا وَالله فِي عدم الشكل)
(وَإِنِّي غريبٌ بَين بستٍ وَأَهْلهَا ... وَإِن كَانَ فِيهَا أسرتي وَبهَا أَهلِي)
وَمِنْه)
(وَلَيْسَ اغترابي فِي سجستان أنني ... عدمت بهَا الإخوان وَالدَّار والأهلا)
(وَلكنه مَا لي بهَا من مشاكلٍ ... وَإِن الْغَرِيب الْفَرد من يعْدم الشكلا)
وَمِنْه
(مَا دمت حَيا فدار النَّاس كلهم ... فَإِنَّمَا أَنْت فِي دَار المداراة)
(من يدر دَاري وَمن لم يدر سَوف يرى ... عَمَّا قليلٍ نديماً للندامات)
وشعره كثير جيد وللحافظ السلَفِي فِيهِ أمداحٌ كَثِيرَة وَلغيره مولده سنة تسع عشرَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن دق الأديب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ الأديب الْمَعْرُوف بِابْن دق توفّي سنة أَربع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (البلاذري الْوَاعِظ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطوسي أَبُو مُحَمَّد البلاذري الْوَاعِظ قَالَ الْحَاكِم كَانَ أوحد عصره فِي الْحِفْظ والوعظ وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الْعِمَاد الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن سرُور الْمَقْدِسِي البغداذي المولد ثمَّ الْمصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ الشَّيْخ الْفَقِيه الْمُقْرِئ الْمسند عماد الدّين أَبُو الْعَبَّاس(7/208)
أَحْمد ابْن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن الشَّيْخ الْقدْوَة عماد الدّين ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسمع سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين من الكاشغري وَابْن الخازن وَسمع بِمصْر من عبد الْوَهَّاب بن رواج وطائفةٍ تفرد بأجزاء عالية أَخذ عَنهُ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ يؤم بمسجدٍ لَهُ وَله مدارس وَتُوفِّي سنة عشر وَسبع مائَة
3 - (العشاب الْقُرْطُبِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفَقِيه الأديب الْمُحدث أَبُو الْعَبَّاس الْمرَادِي الْقُرْطُبِيّ الْمَشْهُور بالعشاب ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وروى مسلسل الراحمون عَن أبي مُحَمَّد بن برطله وَكَانَ صاحباً للبطرني يسمعان مَعًا وَسمع الْمُوَطَّأ من ابْن هَارُون وروى عَن أبي الْقَاسِم ابْن الْبَراء التنوخي وَأبي مُحَمَّد بن السّفر وَسمع الشِّفَاء عَن أبي إِسْحَاق بن عَيَّاش التجِيبِي بِسَمَاعِهِ من الشقوري عَن مُؤَلفه إجَازَة وَسمع من عُثْمَان بن سُفْيَان التَّمِيمِي سنة خمس)
وست وفيهَا مَاتَ ووزر للحياني صَاحب تونس واشتغل فِي النَّحْو سمع مِنْهُ الْيَسِير ابْن عرام وَالشَّيْخ حسن البغداذي بقرَاءَته لَهُ وتلاوته بِهِ على أبي مُحَمَّد عبد الله بن يُوسُف بن عبد الْأَعْلَى الشبارتي عَن أبي جَعْفَر الْحصار تِلَاوَة وسماعاً بِسَنَدِهِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
3 - (صفي الدّين الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الْمسند)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه الْمسند صفي الدّين أَبُو الْعَبَّاس الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ أَخُو الشَّيْخ رَضِي الدّين ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَسبع مائَة سمع صَحِيح البُخَارِيّ من عبد الرَّحْمَن بن أخي حرمي الْعَطَّار صَاحب ابْن عمار وَسمع شعيباً الزَّعْفَرَانِي وَأَبا الْحسن بن الجميزي وَحدث غير مرّة وَكَانَ دينا خيرا أضرّ مُدَّة مديدة ثمَّ اتّفق أَن وَقع من مَكَان فانقدحت عَيناهُ وَأبْصر
3 - (الْقَدُورِيّ الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان الْفَقِيه الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بالقدوري انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة الْحَنَفِيَّة بالعراق وَكَانَ حسن الْعبارَة فِي النّظم وَسمع الحَدِيث وروى عَنهُ الْخَطِيب فِي تَارِيخه وصنف فِي مذْهبه الْمُخْتَصر الْمَشْهُور وَغَيره وَكَانَ يناظر الشَّيْخ أَبَا حَامِد الاسفراييني الشَّافِعِي وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبع مائَة ببغداذ وَمن شعره
3 - ((7/209)
ابْن الْقطَّان الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن الْقطَّان البغداذي الْفَقِيه الشَّافِعِي من كبار أَئِمَّة الْأَصْحَاب أَخذ الْفِقْه عَن ابْن سُرَيج ثمَّ من بعده عَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي ودرس ببغداذ وَأخذ عَنهُ اللعماء وَله مصنفات كَثِيرَة كَانَت الرحلة إِلَيْهِ بالعراق مَعَ أبي الْقَاسِم الداركي اسْتَقل بالرئاسة وَذكره الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي الطَّبَقَات وَله مصنفات فِي أصُول الْفِقْه وفروعه وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْمحَامِلِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن سعيد بن أبان الضَّبِّيّ الْمحَامِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي أَخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ أبي حَامِد الاسفراييني وَله عَنهُ تعليقة تنْسب إِلَيْهِ وزرق من الذكاء وَحسن الْفَهم مَا أربى بِهِ على أقرانه وبرع فِي الْفِقْه ودرس فِي حَيَاة)
شَيْخه أبي حَامِد وَبعده وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن مظفر وطبقته ورحل بِهِ أَبوهُ إِلَى الْكُوفَة وسَمعه بهَا وَله فِي الْمَذْهَب الْمَجْمُوع وَهُوَ كَبِير وَالْمقنع مُجَلد وَاحِد واللباب وَهُوَ صَغِير والأوسط وصنف فِي الْخلاف كثيرا ودرس ببغداذ ذكره الْخَطِيب فِي تَارِيخه توفّي سنة خمس عشرَة وَأَرْبع مائَة رَحمَه الله تَعَالَى والمحاملي نِسْبَة إِلَى المحامل الَّتِي يحمل النَّاس عَلَيْهَا فِي السّفر
3 - (الْمعلم ابْن شهمردان)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شهمردان الْمعلم الْأَصْبَهَانِيّ أديب فَاضل بارع فصيح كثير السماع حسن الْخط صَاحب أصُول قَالَ يحيى بن مَنْدَه سَمِعت من الثِّقَات مِنْهُم أَبُو غَالب بن هَارُون تِلْمِيذه أَنه كَانَ رجلا فَاضلا إِلَّا أَنه كَانَ لَا يُصَلِّي الصَّلَوَات فِيمَا قيل توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو عَليّ البرداني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن هَارُون البرداني أَبُو عَليّ بن أبي الْحسن الْحَافِظ سمع أَبَاهُ وَأَبا طَالب مُحَمَّد بن غيلَان وَإِبْرَاهِيم وَعلي ابْني الْبَرْمَكِي وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَعبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأَزجيّ وَأحمد بن مُحَمَّد بن النقور وَأَبا يعلى ابْن الْفراء وخلقاً كثيرين وَلم يزل يكْتب إِلَى حِين وَفَاته وَكتب كثيرا عَن(7/210)
الْمُتَأَخِّرين حَتَّى عَن أقرانه وَمن هُوَ دونه وَكتب كثيرا من الْكتب الْكِبَار والأجزاء وَجمع مجاميع وَخرج تخريجات وصنف فِي عدَّة فنون وَحدث بأكثرها وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْحِفْظِ والمعرفة والصدق والتفقه والديانة روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن طراد الْوَزير وَمُحَمّد بن مُحَمَّد الضَّرِير الحفني وَأحمد بن عَليّ كوكان وَأحمد بن المقرب الْكَرْخِي توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْفَتْح الْحداد)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن يُوسُف الْحداد أَبُو الْفَتْح التَّاجِر من أهل أَصْبَهَان وَهُوَ ابْن أُخْت الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن ابْن أبي عبد الله بن مَنْدَه قَرَأَ الْقُرْآن بأصبهان على جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عمر الْحرفِي وبمكة على الكارزيني سمع بإفادة خَاله من الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْجمال وَمُحَمّد بن عَليّ بن عَمْرو النقاش وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يزْدَاد وَجَمَاعَة وَحدث بالكثير وانشترت عَنهُ الرِّوَايَة سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة والحفاظ وَكَانَ أَمينا)
صَدُوقًا حسن الطَّرِيقَة جميل السِّيرَة كثير الْبر وَالصَّدَََقَة تفرد بِالْإِجَازَةِ من إِسْمَاعِيل بن ينَال المحبوبي الَّذِي يروي عَن ابْن مَحْبُوب جَامع التِّرْمِذِيّ وَتُوفِّي سنة خمس مائَة
3 - (أَبُو المظفر الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عمر الشَّاشِي أَبُو المظفر بن أبي بكر الْفَقِيه الشَّافِعِي قَرَأَ الْفِقْه على أَبِيه فأحكمه وَأفْتى وَسمع الحَدِيث من أبي عبد الله بن طَلْحَة وَحدث باليسير
روى عَنهُ أَبُو بكر بن كَامِل وَأَبُو الْقَاسِم الدِّمَشْقِي فِي معجميهما توفّي سنّ تسع وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو بكر الدينَوَرِي الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الدينَوَرِي أَبُو بكر بن أبي الْفَتْح الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ البغداذي قَرَأَ الْفِقْه على أبي الْخطاب الكلوذاني حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب واالخلاف وَكَانَ مليح المناظرة جيد الْعبارَة مَعَ لحن وَعدم معرفَة بِالْعَرَبِيَّةِ وَولي الإشراف على البيمارستان سمع رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَالْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وَحدث باليسير وَقَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد البروجردي يَقُول كَانَ شَيخنَا أسعد المهيني ببغداذ يَقُول أَبُو بكر الدينَوَرِي الإِمَام مَا اعْترض على دَلِيل أحدٍ إِلَّا ثلم فِي ذيله ثلمة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الْمُقْرِئ الرناني)
أَحْمد بن محمدبن أَحْمد بن هَالة الرناني بالراء المضمومة ونونين بَينهمَا ألف كَذَا وجدته الْأَصْبَهَانِيّ أَبُو الْعَبَّاس الْمُقْرِئ قَرَأَ الْقُرْآن بأصبهان على أبي الْحداد وَسمع مِنْهُ وَمن غَانِم بن مُحَمَّد الْبُرْجِي وَمن دونهمَا وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة(7/211)
3 - (ابْن أبي عقيل الحريري)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي عقيل أَحْمد بن عِيسَى بن زيد بن الْحسن بن عِيسَى بن مُوسَى بن هادي بن مهْدي السّلمِيّ أَبُو بكر الحريري سمع مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَعَاصِم بن الْحسن بن عَاصِم الشَّاعِر وَمُحَمّد ابْن أبي نصر الْحميدِي وَغَيرهم وَحدث باليسير وروى عَنهُ عبد الْحق بن يُوسُف شَيْئا من شعره ذكر أَنه سمع مِنْهُ سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة وَمن شعره
(وسائلٍ يسألني كم مضى ... حزت الثَّمَانِينَ فَقلت انْقَضى)
)
(حِسَاب عمرٍ لَيْت أَيَّامه ... علقت مِنْهَا بحبال الرضى)
(وَالْغَائِب الْفِكر إِذا لم يبن ... جَوَاب مَا يسْأَله عرضا)
(أما ترى الْمِصْبَاح يوريكم ... من قبل أَن يخبو ضياه أضا)
وَمن قَوْله
(إِن الثَّمَانِينَ وتعدادها ... جذرٌ إِلَيْهِ يَنْتَهِي الحاسب)
(عمرٌ خليق بالحجى والنهى ... لكنه منقطعٌ ذَاهِب)
وَمِنْه أَيْضا
(إِن الثَّمَانِينَ وأعوامها ... مراحلٌ تدني إِلَى الْآخِرَه)
(أراع إِن عددت أَيَّامهَا ... من زلةٍ أَو قدمٍ عاثره)
توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة أَو كَانَ حَيا فِي هَذَا التَّارِيخ
3 - (أَبُو سعد الْوَاعِظ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن بن عَليّ بن أَحْمد بن سُلَيْمَان البغداذي أَبُو سعد بن أبي الْفضل الْوَاعِظ من أَصْبَهَان إِمَام فِي الحَدِيث والزهد سمع الْكثير بِبَلَدِهِ من أَبِيه وَأبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن أبي عبد الله وَأبي عمروٍ عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مَنْدَه وَعبد الْجَبَّار بن عبد الله بن يزده الرَّازِيّ وَمن خلق كثير ورحل إِلَى بغداذ وَسمع عَاصِم بن الْحسن وَمَالك بن أَحْمد البانياسي وَأَبا الْخطاب بن البطر وَأحمد بن الْحسن بن خيرون وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الْكتب والأجزاء وَحدث بالكثير وَسمع مِنْهُ الْأَئِمَّة والكبار وَجمع مجموعات وَخرج تخايج وَكَانَ ثِقَة نبيلاً سمع مِنْهُ الْحَافِظ ابْن نَاصِر وشجاع بن فَارس الدهلي وروى عَنهُ عبد الْوَهَّاب بن عَليّ الْأمين وَعبد الْعَزِيز بن الْأَخْضَر وَكَانَ يسْتَعْمل السّنَن الَّتِي وَردت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأقصى جهده وَكَانَ يَصُوم فِي طَرِيق الْحجاز فِي شدَّة الْحر توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو نصر الحديثي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن صَالح الحديثي أَبُو نصر الشَّاهِد(7/212)
وَالِد قَاضِي الْقُضَاة روح نزل بغداذ وَكَانَ يسكن بدار الْخلَافَة وتفقه على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَسمع النَّقِيب طراد بن مُحَمَّد الزيني وَمُحَمّد بن أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن طوق الْموصِلِي وَحدث باليسير روى عَنهُ)
ابْن عبد الْملك بن روح وَالْمبَارك ابْن كَامِل الْخفاف فِي مُعْجم شُيُوخه توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (الميداني اللّغَوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الميداني النَّيْسَابُورِي الأديب أَبُو الْفضل كَانَ أديباً فَاضلا عَارِفًا اخْتصَّ بِصُحْبَة أبي الْحسن الواحدي صَاحب التَّفْسِير ثمَّ قَرَأَ على غَيره وأتقن الْعَرَبيَّة خُصُوصا اللُّغَة وأمثال الْعَرَب وَله فِيهَا التصانيف المفيدة مِنْهَا كتاب الْأَمْثَال وَلم يعْمل فِي بَابه مثله وَفِيه سِتَّة آلَاف مثل وَكتاب السَّامِي فِي الْأَسَامِي وَهُوَ جيد فِي بَابه وَالْهَادِي فِي الْحُرُوف والأدوات والأنموذج فِي النَّحْو وَكتاب النَّحْو الميداني وَكتاب المصادر
وَكتاب نزهة الطّرف فِي علم الصّرْف وَشرح المفضليات ومنية الراضي فِي رسائل القَاضِي
وَلما صنف الْأَمْثَال وقف عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ فحسده وَزَاد فِي لَفْظَة الميداني نوناً قبل الْمِيم فَصَارَت النميداني وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ الَّذِي لَا يعرف شَيْئا فَعمد إِلَى تصنيف الزَّمَخْشَرِيّ وَزَاد فِي نسبته وَعمل الْمِيم نوناً فَصَارَت الزنخشري وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَائِع زَوجته وَله ولدٌ فَاضل أديب اسْمه أَبُو سعد سعيد بن أَحْمد وَكَانَ دينا سمع وَحدث توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَله كتاب الأسمى فِي الْأَسْمَاء وَقَالَ مُحَمَّد بن أبي الْمَعَالِي الْحوَاري فِي ضَالَّة الأديب من الصِّحَاح والتهذيب سَمِعت غير مرّة من كبار أَصْحَاب أبي الْفضل الميداني يَقُولُونَ لَو كَانَ للذكاء والشهامة وَالْفضل صُورَة لَكَانَ الميداني تِلْكَ الصُّورَة وَمن تَأمل كَلَامه واقتفى أَثَره علم صدق دَعوَاهُم وَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عَليّ الْمُقْرِئ الْبَيْهَقِيّ وَابْنه سعيد وَمن شعر أبي الْفضل الميداني
(تنفس صبح الشيب فِي ليل عارضي ... فَقلت عساه يَكْتَفِي بعذاري)
(فَلَمَّا فَشَا عاتبته فَأَجَابَنِي ... أَلا هَل يرى صبحٌ بِغَيْر نَهَار)
وَمِنْه
(حننت إِلَيْهِم والديار قريبَة ... فَكيف إِذا سَار المطيّ مراحلا)(7/213)
(وَقد كنت قبل الْبَين لَا كَانَ بَينهم ... أعاين للهجران فيهم دلائلا)
(وَتَحْت سجوف الرقم أغيد ناعمٌ ... يميس كخوط الخيزرانة مائلا)
)
(وينضو علينا السَّيْف من جفن مقلةٍ ... تريق دم الْأَبْطَال فِي الْحبّ بَاطِلا)
(ويسكرنا لحظاً ولفظاً كَأَنَّمَا ... بِفِيهِ وَعَيْنَيْهِ سلافة بابلا)
وَمِنْه
(شفةٌ لماها زَاد فِي آلامي ... فِي رشف ريقتها شِفَاء سقامي)
(قد ضمنا جنح الدجى وللثمنا ... صوتٌ كقطك أرؤس الأقلام)
وَمِنْه
(يَا كَاذِبًا أصبح أعجوبه ... وَكذبه آيَة أعجوبه)
(وناطقاً ينْطق فِي لفظةٍ ... واحدةٍ سبعين أكذوبه)
(شبهك النَّاس بعرقوبهم ... لما رَأَوْا أخذك أسلوبه)
(فَقلت كلا إِنَّه كَاذِب ... عرقوب لَا يبلغ عرقوبه)
قلت شعر جيد ونثره جيدٌ غَايَة وَمن وقف على صدر الْأَمْثَال علم ذَلِك وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَانِي عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (ابْن شرام النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَلمَة بن شرام الغساني أحد النُّحَاة الْمَشْهُورين بِالشَّام صحب أَبَا الْقَاسِم الزجاجي وَأخذ عَنهُ وَكتب تصانيفه وَكَانَ جيد الْخط والضبط صَحِيح الْكِتَابَة سمع أَبَا بكر الخرائطي وابا الدحداح وَأحمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل التَّمِيمِي وَأحمد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الصيدلاني وَعبد الغافر بن سَلامَة الْحِمصِي وَعبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الزجاجي وَأحمد بن مُحَمَّد بن سعيد بن فطيس وَالْحسن بن حبيب الحضائري وَغَيرهم روى عَنهُ رشا بن نظيف وَأحمد بن الْحسن الطبال وَغَيرهمَا توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْحسن الْعَرُوضِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو الْحسن الْعَرُوضِي معلم أَوْلَاد الراضي بِاللَّه كَانَ أوحد الزَّمَان فِي علم الْعرُوض حَتَّى قَالَ فِيهِ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي وَقد احْتَاجَ إِلَى أَن يستشهد بِبَيْت قد تكلم لعيه فِي التقطيع وَقد كفانا أَبُو الْحسن الْعَرُوضِي الْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب وَلَقي ثعلباً وَأخذ عَنهُ وروى عَنهُ أَبُو عُبَيْدَة الله ابْن الْمَرْزُبَان قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء نقلت(7/214)
من كتاب ألقه أَبُو الْقَاسِم عبيد الله بن جرو الْأَسدي فِي الْعرُوض وَكَانَ الْكتاب بِخَط أبي الْحسن السمسماني يَقُول فِيهِ)
وَكَانَ أَبُو الْحسن الْعَرُوضِي عمل كتابا كَبِيرا وحشاه بِمَا قد ذكر أَكْثَره وَنقل كَلَام أبي إِسْحَاق الزّجاج وَزَاد فِيهِ شَيْئا قَلِيلا وَضم إِلَيْهِ بَابا فِي علم القوافي وَذَاكَ علم مُفْرد وَلم أره كَبِير عملٍ وَلَو نسخ كتاب أبي الْحسن الْأَخْفَش لَكَانَ أعذر عِنْدِي ثمَّ ضم إِلَيْهِ بَابا فِي اسْتِخْرَاج المعمى وَهَذَا لَا يتَعَلَّق بالعروض وَضم إِلَيْهِ بَابا فِي الْإِيقَاع وَغَيره بِهِ أحذق وخمته بقصيدة فِي الْعرُوض وَلم يفد بهَا غير التكرير وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يُوفي صناعته حَقّهَا وَلَا يخل بِشَيْء مِنْهَا وَلَا يتَعَرَّض إِلَى مَا ضمه إِلَيْهَا انْتهى قلت مَا أنصف أَبُو الْقَاسِم الْأَسدي أَبَا الْحسن الْعَرُوضِي لِأَن علم القافية لَهُ علاقَة بالعروض كعلاقة التصريف بالنحو لِأَن كل علم مِنْهُمَا مُسْتَقل بِرَأْسِهِ وَأما الْإِيقَاع فَإِنَّهُ أنسب بالعروض من غَيره لِأَن النقرات والضروب بِمَنْزِلَة التفعيل وَلذَلِك قَالَ الرئيس ابْن سيناء وَوَاضِع النَّحْو وَالْعرُوض فِي العربيَّة يشبه وَاضع الْمنطق والموسيقى فِي اليونانية وَيُقَال إِن الْخَلِيل إِنَّمَا استنبط الْعرُوض من سَمَاعه وَقع مطرقة بعض الصفارين وَأما المعمى فَنعم مَا لَهُ علاقَة بالعروض ماسة
3 - (اشكابه النَّحْوِيّ الضَّرِير)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر بن مَيْمُون بن مَرْوَان الْأَسْلَمِيّ الكفيف النَّحْوِيّ أَبُو عَمْرو
قَالَ ابْن الفرضي هُوَ من أهل قرطبة وَيُقَال لَهُ اشكابه سمع من قَاسم بن أصبغ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد الْخُشَنِي وَغَيرهمَا وَكَانَ صَالحا عفيفاً أدب عِنْد الرؤساء والجلة من الْمُلُوك وَمَات سنة تسعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْقُرْطُبِيّ من أَوْلَاد بَقِي بن مخلد)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مخلد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن الْحَافِظ الْكَبِير بَقِي بن مخلد بن يزِيد أَبُو الْقَاسِم الأندلسي الْقُرْطُبِيّ كَانَ بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ درباً بالفتوى رَأْسا فِي معرفَة الشُّرُوط وعللها أَخذ النَّاس عَنهُ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الجسور الْقُرْطُبِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد بن الْحباب بن الجسور أَبُو عمر الْقُرْطُبِيّ مولى بني أُميَّة حدث عَنهُ الصاحبان وَابْن عبد الْبر وَغَيره وَكَانَ خيرا فَاضلا عالي الْإِسْنَاد مكثراً شَاعِرًا توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبع مائَة أَيَّام الطَّاعُون
وَمن شعره)(7/215)
3 - (الْحَافِظ الْمَالِينِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ أَبُو سعد الْهَرَوِيّ الْمَالِينِي الصُّوفِي الصَّالح طَاوُوس الْفُقَرَاء قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة مَأْمُونا متيقناً صَالحا توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (الْحَافِظ البرقاني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن غَالب أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ البرقاني الْحَافِظ الْفَقِيه الشَّافِعِي روى عَن جمَاعَة وروى عَنهُ الصُّورِي وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَغَيرهم قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ورعاً متديناً لم يكن فِي شُيُوخنَا أثبت مِنْهُ عَارِفًا بالفقه لَهُ حَظّ من الْعَرَبيَّة صنف مُسْندًا ضمنه مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ صَحِيح البُخَارِيّ وَجَمِيع حَدِيث الثَّوْريّ وَشعْبَة وَعبيد الله بن عمر وَعبد الْملك بن عُمَيْر وَبَيَان بن بشر ومطر الْوراق وَغَيرهم وَلم يقطع التصنيف حَتَّى مَاتَ
ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسكن بغداذ وَمَات بهَا فِي أول يَوْم من رَجَب سنة خمس وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (القَاضِي الْجِرْجَانِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْجِرْجَانِيّ أَبُو الْعَبَّاس قَاضِي الْبَصْرَة قدم بغداذ فِي شبابه وتفقه للشَّافِعِيّ وَسمع بهَا الحَدِيث من مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غيلَان وَعلي ابْن المحسن التنوخي وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وهلال بن المحسن بن الصَّابِئ وَعبيد الله بن عَليّ الرقي وَغَيرهم وَسمع بواسط من القَاضِي أبي تَمام عَليّ ابْن مُحَمَّد بن الْحسن وَكَانَ فَقِيها فَاضلا أديباً كَامِلا لَهُ النّظم الْمليح والنثر قدم بغداذ بعد علو سنة وَحدث بهَا وروى عَنهُ أَبُو طَاهِر أَحْمد بن الْحسن الكرجي وَأَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي خرج إِلَى الْبَصْرَة وَمَات فِي الطَّرِيق سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَله كتاب الأدباء أرود فِيهِ نفائس النّظم والنثر وَكتاب الْكِنَايَات رَأَيْته من أَنْفَع الْكتب يدل على مَادَّة عَظِيمَة واطلاع كثير وذكاء ولطف ذوق وَكنت قد عزمت على وضع كتابٍ مثله قبل رُؤْيَته فللما رَأَيْته أَعرَضت عَمَّا كنت عزمت عَلَيْهِ وَلَكِن أَرْجُو أَن أَضَع هَذَا التصنيف إِن قدر الله تَعَالَى قلت قد شرعت فِيهِ وَأَرْجُو من الله إكماله وَقد سميته الْعِنَايَة بِالْكِتَابَةِ وَمن شعره
(ترحلت عَن بغداذ أيطب منزلٍ ... وأبهى بِلَاد الله مرأى ومخبرا)
)
(وَفَارَقت أَقْوَامًا إِذا مَا ذكرتهم ... ترقرق مَاء الْعين ثمَّ تحدرا)(7/216)
(فكم من أديبٍ فِي مَعَانِيه بارعٍ ... وأبلج فِي علم الشَّرِيعَة أزهرا)
(أروح على برح الهموم وأغتدي ... أكابد أحزاناً تضيق بهَا الثرى)
(وَلم أبك ربع العامرية باللوى ... وَلَا رسم دارٍ بالثنية مقفرا)
(ولكنني أبْكِي مقَامي ببلدةٍ ... أُؤَمِّل أَن ألْقى صديقا فَلَا أرى)
وَقَالَ يمدح الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ
(للمحبين من حذار الْفِرَاق ... عبراتٌ تجول بَين المآقي)
فَإِذا مَا اسْتَقَلت العيس للبين وسارت حداتها بالرفاق
(استهلت على الخدود انحداراً ... كانحدار الجمان فِي الإتساق)
(كم محب يرى التجلد دينا ... فَهُوَ يخفي من الْهوى مَا يلاقي)
ازدهاره النَّوَى فأعرب بالوجد لساني من دمعه المهراق وانحداره الدُّمُوع فِي موقف الْبَين على الخد آيَة العشاق
(هون الْخطب لست أوّل صبٍّ ... فضحته الدُّمُوع يَوْم الْفِرَاق)
قلت شعر متوسط
3 - (الزين كتاكت)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو الْعَبَّاس الأندلسي الإشبيلي الْمَعْرُوف بزين الدّين كتاكت الْمصْرِيّ الْوَاعِظ الْمُقْرِئ مولد بتنيس سنة خمس وست مائَة توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وست مائَة وَكَانَ لَهُ معرفَة بالأدب وَمن شعره
(اكشف البرقع عَن بكر الْعقار ... واخل فِي ليلك مَعَ بكر الْعقار)
(وانهب الْعَيْش ودعه يَنْقَضِي ... غَلطا مَا بَين هتكٍ واستتار)
(إِن يكن شيخ خلاعات الصِّبَا ... فالبس الصبوة فِي خلع العذار)
(وَارْضَ بالعار وَقل قد لذ لي ... فِي هوى خمار كاسي لبس عاري)
وَقَالَ
(حَضَرُوا فمذ نظرُوا جمالك غَابُوا ... وَالْكل مذ سمعُوا خطابك طابوا)
(فكأنهم فِي جنةٍ وَعَلَيْهِم ... من خمر حبك طافت الأكواب)
)
(يَا سالب الْأَلْبَاب يَا من حسنه ... لقلوبنا الْوَهَّاب والنهاب)
(الْقرب مِنْك لمن يحبك جنةٌ ... قد زخرفت والبعد عَنْك عَذَاب)
(يَا عَامِرًا مني الْفُؤَاد بحبه ... بَيت العذول على هَوَاك خراب)(7/217)
(أَنْت الَّذِي ناولتني كأس الْهوى ... فَإِذا سكرت فَمَا عليّ عتاب)
(وتركتني فِي كل دَار هائماً ... وأخذتني مني فَأَيْنَ أصَاب)
(وعَلى النقا حرمٌ لعلوة آمنٌ ... من حوله تتخطّف الْأَلْبَاب)
(لفريقها كَيفَ الْوُصُول ودونه ... نارٌ لَهَا بحشاشي إلهاب)
وَقَالَ
(ظَهرت كَالشَّمْسِ لَا يقوى لَهَا بصر ... فَلَا تلم عَنْك من ولى وَلَا نظرا)
(تُرِيدُ تفهمنا حرفا وتعجمه ... وَكَيف يقرأه من لَا عَلَيْك قرا)
(لكأس صرفك فِي يمناك بارقةٌ ... يكَاد لألاؤها أَن يخطف البصرا)
(إِن لم يروها فَإِن الْكل قد قنعوا ... عَمَّن سقاك بِأَن يروي لَهُم خَبرا)
وَقَالَ
(أدارت خمرها الأحداق سرا ... على الْأَرْوَاح واتصل النَّعيم)
(وبتنا واغتبقنا واصطبحنا ... وَلم تشعر بوصلتنا الجسوم)
(فها أَنا والعروسة تَحت سترٍ ... بِهِ ألقاب عفتنا رقوم)
(وَمَا فهمت بروق الْحَيّ عَنَّا ... إشارتنا وَلَا فطن النسيم)
وَقَالَ
(يَا بارق الْحَيّ كرر فِي حَدِيثك لي ... تذكارهم وَأعد روحي إِلَى بدني)
(وَأَنت يَا دمع مَا هَذَا الْوُقُوف وَقد ... جرى حَدِيث الْحمى النجدي فِي أُذُنِي)
وَقَالَ
(جرد السَّيْف لحظه ... فَحلت لي منيتي)
(وسباني بوجنةٍ ... هِيَ نَارِي وجنتي)
وَقَالَ
(أحنّ وَلَكِن نَحْو ضمّ قوامه ... وأصبو وَلَكِن نَحْو لثم لثامه)
)
(وأعشق مَا لي نَغمَة من حَدِيثه ... تفرج إِلَّا من همو غرامه)
وَقَالَ
(حلوتم أهل نعمانٍ بقلبي ... فكلّ عَذَاب حبكم نعيم)
(وَقد أَصْبَحْتُم كنز الْأَمَانِي ... فواجد غَيْركُمْ عِنْدِي عديم)
وَقَالَ
(جَوَاز العذل فِي أُذُنِي محَال ... وَمَا للصبر فِي قلبِي مجَال)(7/218)
(شغلتم كل جارحةٍ بحسنٍ ... فَلَيْسَ لَهَا بغيركم اشْتِغَال)
(سقى الهضبات من نجدٍ سحابٌ ... ملثّ الْغَيْث تحدوه الشمَال)
(وَلَا بَرحت أثيلات الْمصلى ... ترفّ على منابتها الظلال)
(منَازِل جيرةٍ مَا كَانَ أهنا ... بهم إِلَى الْعَيْش لَو دَامَ الْوِصَال)
(يهبّ نسيمها فأميل سكرا ... فَهَل هبت شمولٌ أم شمال)
3 - (كَون خر الزوزني)
أَحْمد بن مُحَمَّد الزوزني أَبُو بكر الْمَعْرُوف بِكَوْن خر أوردهُ الباخرزي فِي شعراء الدمية وَأورد قَوْله
(تأوّبني من حبّ أَسمَاء أولق ... عشَاء إِلَى أَن كَادَت الشَّمْس تشرق)
(وَمَا فِي طُلُوع الشَّمْس كشفٌ لكربةٍ ... ولكنّ صدر الْمَرْء بِاللَّيْلِ أضيق)
(تصديت لي فِي اللَّيْل فارتحت هائماً ... وَمَا كلّ رُؤْيا فِي هوى النَّفس تصدق)
وَقَوله فِي الْأَمِير أبي إِسْمَاعِيل الميكالي
(كَأَنَّهُمْ فلق الإصباح منبلجاً ... كلٌّ أميرٌ وكلٌّ بالعلى حَال)
(سيادة ورثوها عَن أوائلهم ... كفّ الأذاة وبذل الْكَفّ بِالْمَالِ)
(إِن الْأُصُول إِذا طابت منابتها ... طَابَ الْفُرُوع وَلَيْسَ النبع كالضال)
3 - (ابْن حمدوه)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن حمدوه بِالْحَاء الْمُهْملَة المضمومة وَالْمِيم الْمُشَدّدَة الْمَفْتُوحَة وَبعد الدَّال الْمُهْملَة وَاو وهاء وَيُقَال حَمْدَوَيْه أَبُو بكر البغداذي الْمُقْرِئ الرزاز عمر وَكَانَ آخر من حدث عَن ابْن سمعون قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا توفّي سنة)
سبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (الكببو)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد اللَّخْمِيّ عرف بالكببو بِالْكَاف وبالباء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة المفخمة وَبعدهَا بَاء أُخْرَى مَضْمُومَة وَبعدهَا وَاو أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ حضرت مَعَه فِي بُسْتَان استدعاني إِلَيْهِ الْكَاتِب أَبُو الْحُسَيْن ابْن ديسم وَكَانَ يحسن الضَّرْب بِالْعودِ والغناء وأنشدنا لنَفسِهِ
(كل معنى من مَعَانِيه بدا ... لست أسلو عَن هَوَاهُ أبدا)
(مُطلق الْحسن خلا عَن مشبهٍ ... وَأَنا فِي الحبّ مِمَّن قيّدا)
(شهد الْكَوْن لَهُ أجمعه ... لَا ترى فِي حبه من فنّدا)
(إِن غيّي فِي هَوَاهُ رشدي ... وضلالي فِيهِ لَا شكّ هدى)(7/219)
وأنشدنا لفنسه أَيْضا
(مَاذَا يُرِيد العذول مني ... صمّت عَن العاذلين أُذُنِي)
(بمهجتي شادنٌ ربيبٌ ... يسبي البرايا بِكُل فنّ)
(رشا كناسٍ قضيب آسٍ ... رياض حسنٍ هِلَال دجن)
(قلبِي مُقيم على هَوَاهُ ... إِن ضجّ أَو لجّ فِي التجني)
(فَحَدثُوا بالدلال عَنهُ ... وَحَدثُوا بالخضوع عني)
وَلما تولى الدعي الْمُسَمّى بِالْفَضْلِ ملك إفريقية كَانَ هَذَا ابْن الإِمَام يمدحه ويهجو من عَادَاهُ وَيُصَرح بذلك فِي تونس فَلَمَّا قتل الدعيّ وَتَوَلَّى أَبُو حَفْص قَتله لما كَانَ بلغه من ذمه وهجوه
3 - (كَمَال الدّين ابْن الشريشي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبكْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الشريشي الشَّيْخ كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الشَّافِعِي وَكيل بَيت المَال بِدِمَشْق وَشَيخ دَار الحَدِيث الأشرفية ومدرس الناصرية ترشح لقضاة الْقُضَاة بِالشَّام وَكَانَ ذَا هَيْئَة وَشك وقعدد مولده بسنجار سنة ثَلَاث وَخمسين وست مائَة وَتُوفِّي بدرب الْحجاز بالكرك سنة ثماين عشرَة وَسبع مائَة اشْتهر عَنهُ أَنه كتب إِلَى بدر الدّين مُحَمَّد بن الدقاق صهر الشَّيْخ صدر الدّين وناظر أوقاف حلب أخيراً وَأَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله هُوَ بدر الدّين ابْن الْعَطَّار)
(مولَايَ بدر الدّين صل مدنفاً ... صيّره حبك مثل الْخلال)
(لَا تخش من عارٍ إِذا زرتني ... فَمَا يعاب الْبَدْر عِنْد الْكَمَال)
فَلَمَّا بلغا صدر الدّين ابْن الْوَكِيل قَالَ
(يَا بدر لَا تسمع كَلَام الْكَمَال ... فَكل مَا نمّق زورٌ محَال)
(فالنقص يعرو الْبَدْر فِي تمه ... وَرُبمَا يخسف عِنْد الْكَمَال)
وَكتب إِلَى ابْن الرقاقي يستعفيه من وكَالَة بَيت المَال وَقد بلغه أَنه سعى لَهُ فِيهَا
(إِلَى بابك الميمون وجهت آمالي ... وَفِي فضلك الْمَعْهُود قصدي وإقبالي)
(وَأَنت الَّذِي فِي الشَّام مَا زَالَ محسناً ... إليّ وَفِي مصر على كل أحوالي)(7/220)
(أَتَتْنِي أيادٍ مِنْك فِي طيّ بَعْضهَا ... تملك رقّ الحرّ بِالثّمن الغالي)
(وَقمت بِحَق المكرمات وَإِنَّمَا ... هُوَ الرزق لَا يَأْتِي بحيلة محتال)
(عليّ لكم أَن أعمر الْعُمر بالثنا ... وبالمدح مهما عِشْت من غير إخلال)
(وأهدي إِلَيْكُم مَا حييت مدائحاً ... يُغني بهَا الْحَادِي ويصبو بهَا السالي)
(وَقد بقيت لي بعد ذَلِك حاجةٌ ... لَهَا أَنْت مسؤولٌ فَلَا تلغ تسآلي)
(أرحني من وَاو الْوكَالَة عاطفاً ... عليّ بإحسانٍ بدأت وإفضال)
(وصن مَاء وَجْهي عَن مشاققة الورى ... فَهَذَا على أرضٍ وَهَذَا على مَال)
(وَلَا تتأوّل فِي سُؤَالِي تَركهَا ... فوَاللَّه مَا لي نَحْوهَا وَجه إقبال)
(ورزقي يأتيني وَإِنِّي لقانعٌ ... لراحة قلبِي من زماني بإقلال)
(وحالي حالٍ بافتقارٍ يصونني ... ولبسي أسمالي مَعَ الْعِزّ أسمى لي)
(وتجبر وقتي كسرة الْخبز وَحدهَا ... وأرضى ببالي الثَّوْب مَعَ رَاحَة البال)
(فهذي إِلَيْكُم قصتي قد رفعتها ... لتغتنموا أجري ورأيكم العالي)
فَقطع الأبيات كلهَا من الورقة وَأبقى الْبَيْت الْأَخير وَكتب تَحْتَهُ رَأينَا العالي أَن تعد إِلَى شغلك وعملك وَقَالَ فِي القَاضِي حسام الدّين أَحْمد لما عزل
(يَا أَحْمد الرازيّ قُم صاغراً ... عزلت عَن أحكمك المسرفه)
(مَا فِيك إِلَّا الْوَزْن وَالْوَزْن لَا ... يمنعك الصّرْف بِلَا معرفه)
3 - (القنائي)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن يُوسُف بن عبد الْمُنعم الْأنْصَارِيّ النجاري القنائي محيي الدّين بن كَمَال الدّين بن ضِيَاء الدّين الْقُرْطُبِيّ قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ شَيخا ثبتاً سَاكِنا عدلا لَهُ رئاسة بِبَلَدِهِ قِنَا سمع الحَدِيث من شرف الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي الْفضل المرسي وَغَيره وَحدث بقوص وَتُوفِّي بقنا فِي سنة تسع وَسبع مائَة
3 - (ضِيَاء الدّين الْقُرْطُبِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ هُوَ جد الْمَذْكُور كَانَ عَالما فَاضلا أديباً كَامِلا ناظماً ناثراً لَهُ رئاسة وَمَكَارِم وعلو همة سمع من زَاهِر بن رستم الْأَصْبَهَانِيّ وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي الصَّيف اليمني وَيُونُس بن يحيى بن أبي الْحُسَيْن الْهَاشِمِي وَمن القَاضِي أبي مُحَمَّد بن عبد الله بن المجلي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن الْبناء وَأبي الْقَاسِم حَمْزَة بن عَليّ بن عُثْمَان المَخْزُومِي وَمن الْحَافِظ أبي الْحسن عَليّ بن الْمفضل الْمَقْدِسِي وَمن أبي عبد الله الْحُسَيْن بن الْمُبَارك بن الزبيدِيّ وَحدث فَسمع مِنْهُ جمَاعَة مِنْهُم عز الدّين الشريف أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْحُسَيْنِي النَّقِيب وقاضي الْقُضَاة سعد(7/221)
الدّين مَسْعُود بن أَحْمد الْحَارِثِيّ وَأَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الأبيوردي وَأَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن يُونُس بن أَحْمد الإربلي وَعبد الْغفار بن مُحَمَّد بن عبد الْكَافِي السَّعْدِيّ وَغَيرهم قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وَقد وهم فِيهِ جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين وَقَالُوا فِيهِ يعرف بِابْن المزين وَالوهم سَببه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْقُرْطُبِيّ مُخْتَصر صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَهُوَ يعرف بِابْن المزين والقرطبي القناوي هَذَا مقدم فِي الْأَدَب وَأكْثر مقَامه بقنا وَتُوفِّي بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وست مائَة وَهُوَ ساجد ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة وَكَانَ مَشْهُورا بالأدب وَمن ترسله كتاب كتبه جَوَابا للشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَهُوَ يخْدم الْمجْلس العالي العالمي صفاتٌ يقف الْفضل عِنْدهَا ويقفو الشّرف مجدها وتلتزم الْمَعَالِي حمدها وسمات يبسم ثغر الرياسة مِنْهَا وتروى أَحَادِيث السِّيَادَة عَنْهَا الصدري الرئيسي المفيدي معَان اسْتحقَّهَا بالتمميز واستوجبها بالتبريز وسبكته الْإِمَامَة لَهَا فألفته خَالص الإبريز وَمَعَان أقرته فِي سودائها وأطلعته فِي سمائها وألبسته أفضل صفاتها وأشرف أسمائها العلامي الْفَاضِل التقوي نسب اخْتصّت بِهِ اخْتِصَاص التشريف لَا تَشْرِيفًا لَهُ فالشمس تَسْتَغْنِي عَن التَّعْرِيف لَا زَالَت إِمَامَته كافلة بصون الشَّرَائِع ورادةً من دين الله وكفالة رَسُول الله أشرف الْمَوَارِد وأعذب الشَّرَائِع آخذة بآفاق سَمَاء الشّرف)
فلهَا قمراها والنجوم الطوالع قَاطِعَة أطماع الآمال عَن إِدْرَاك فَضله وَمَا زَالَت تقطع أَعْنَاق الرِّجَال المطامع صارفة عَن جلالته مكاره الْأَيَّام صرفا لَا تعتوره القواطع وَلَا تعترضه الْمَوَانِع وَيُنْهِي وُرُود عذرائه الَّتِي لَهَا الشَّمْس خدن والنجوم ولائد وحسنائه الَّتِي لَهَا اللَّفْظ در والدراري قلائد ومشرفته الَّتِي لَهَا من براهين الْبَيَان شَوَاهِد وكريمته الَّتِي لَهَا الْفضل ورد والمعالي موارد وبديعته الَّتِي لَهَا بَين أحشائي وقلبي معاهد
(وآيته الْكُبْرَى الَّتِي دلّ فَضلهَا ... على أنّ من لم يشْهد الْفضل جَاحد)
(وَأَنَّك سيفٌ سَله الله للورى ... وَلَيْسَ لسيفٍ سَله الله غامد)
فلمثلها يحسن صوغ السوار ولفضلها يُقَال أَنَاة أَيهَا الْفلك الْمدَار وَإِنَّهَا فِي الْعلم أصل فرع ثَابت وَالْأَصْل عَلَيْهِ النشأة والقرار وَفرع أصل نابت وَالْأَصْل فِيهِ الْوَرق وَالثِّمَار هَذِه الَّتِي وقفت قرائح الْفُضَلَاء عِنْد استحسانها وأوقفتني على قدم التَّعَبُّد لإحسانها وأيقنت أَن مفترق الْفَضَائِل مُجْتَمع فِي إنسانها وَكنت أعلم علمهَا بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة فَإِذا هِيَ فِي النثر ابْن مقفعها وَفِي القصائد أَخُو حسانها هَذِه وَأَبِيك أم الرسائل المبتكرة وَبنت الأفكار الَّتِي هذبتها الْآدَاب فَهِيَ فِي سهل الإيجاز البرزة وَفِي صون الإعجاز المخدّرة والملية ببدائع البدائه فَمَتَى تقاضاها متقاضٍ لم تقل فنظرة إِلَى ميسرَة والبديعة الَّتِي لم توجه إِلَيْهَا الآمال فكرها اسْتِحَالَة غير مَسْبُوق بالشعور وَلم تسم إِلَيْهَا مقل الخواطر لعدم الْإِحَاطَة بِغَيْب الصُّدُور قبل الصُّدُور والبديهة فصل الْبَيَان كلماتها تَفْصِيل الدّرّ بالشذور وَإِن كلمها لتميس فِي صدرها وأعجازها وتختال فِي صدورها بَين بديعها وإعجازها وتنثال عَلَيْهَا أَعْرَاض الْمعَانِي بَين إسهابها وإيجازها فَهِيَ فرائد(7/222)
ائتلفت من أفكار الوائلي والإيادي وقلائد انتظمت انتظام الدُّرَر والدراري ولطائف فضّت عَن العنبر الشحريّ أَو الْمسك الدَّارِيّ لَا جرم أَن غوّاصي الْفَضَائِل ضلوا فِي غمراتها خائضين وفرسان الْكَلَام أَصْبحُوا فِي حلباتها راكضين وَأَبْنَاء الْبَيَان تليت آياتها عَلَيْهِم فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين
(فالعجز عَنْهَا معجزٌ متيقّنٌ ... ونبيها فِي الْفضل فِينَا مُرْسل)
(مَا إِن لَهَا فِي الْفضل مثلٌ كائنٌ ... وبيانها أجلى الْبَيَان وأمثل)
(مَا ذَاك إِلَّا أَن مَا يَأْتِي بِهِ ... وَحي الْكَلَام على البراعة ينزل)
بزغت شمساً لَا ترْضى غير صَدره فلكاً وانقادت مَعَانِيهَا طَائِعَة لَا تخْتَار سواهُ ملكا وانتبذت)
بالعراء لَا تخشى إِدْرَاك الأفكار وَلَا تخَاف دركاً وندّت شواردها فَلَا تقتنصها الخواطر وَلَو نصبت هدب الجفون شركا
(فللأفاضل فِي عليائها سمرٌ ... إِن الحَدِيث عَن العلياء أسمار)
(وللبصائر هادٍ فِي فضائلها ... يهدي أولي الْعَزْم وَإِن ضلوا وَإِن حاروا)
(بَادِي الْإِبَانَة لَا يخفى على أحدٍ ... كَأَنَّهُ علم فِي رَأسه نَار)
أعجب بهَا من كلم جَاءَت كغمام الظلال على سَمَاء الْأَنْهَار وسرت كعليل النسيم فِي أندية الْأَشْجَار وجليت محاسنها كلؤلؤ الطل على خدود الأزهار وتجلت كوجه الْحَسْنَاء فِي فلك الأزرار فأحيتنا بذلك النَّفس المعطار حيتنا بِأَحْسَن من كأسي لمى وعقار وآسي ريحانٍ وعذار ولؤلؤي حبب وثغر وعقيقي شفة وخمر وربيعي زهر ونهر وبديعي نظم ونثر وَلم أدر مَا هِيَ أثغور ولائد أم شذور قلائد أم توريد خدود أم هيف قدود أم نهود صُدُور أم عُقُود نحور أم بدور ائتلقت فِي أضوائها أم شموس أشرقت فِي سمائها
(جمعن شتيت الْحسن من كل وجهةٍ ... فحيرن أفكاري وشيبن مفرقي)
(وغازلها قلبِي بودٍّ محققٍ ... وواصلها ذكري بحمدٍ مُصدق)
(وَمَا كنت عَاشِقًا لذات محاسنٍ ... وَلَكِن من يبصر جفونك يعشق)
(وَلم أدر والألفاظ مِنْهَا شريفةٌ ... إِلَى الْبَدْر تسمو أم إِلَى الشَّمْس ترتقي)
إِنَّمَا هِيَ جملَة إِحْسَان يلقِي الله الرّوح من أمره على قَلبهَا أَو رَوْضَة بَيَان تؤتي أكلهَا كل حينٍ بِإِذن رَبهَا أَو ذَات فضلٍ اشْتَمَلت على أدوات الْفَضَائِل وجنت ثَمَرَات الْعُلُوم فأجنتها بالضحى والأصائل أَو نفس زكتْ فِي صنيعها فنفث روح الْقُدس فِي روعها فسلكت سبل الْبَيَان ذللاً وعدمت مماثلاً فَأَصْبَحت فِي أَبنَاء الْمَعَالِي مثلا وسرت إِلَى حوز الْمعَانِي فقسم لَهَا(7/223)
واهب النعم أشرف الْأَقْسَام فجادت فِي الْإِنْفَاق وَلم تمسك خشيَة الإملاق وقيدت نَفسهَا فِي طلق الطَّاعَة فَجَاءَهَا توقيع التفضل على الْإِطْلَاق
(أبن لي مغزاها أَخا الْفَهم إِنَّهَا ... إِلَى الْفضل تعزى أم إِلَى الْمجد تنْسب)
(هِيَ الشَّمْس إِلَّا أَن فكرك مشرقٌ ... بإبدائها عِنْدِي وصدري مغرب)
(وَقد أبدعت فِي فَضلهَا وبديعها ... فَجَاءَت إِلَيْنَا وَهِي عنقاء مغرب)
(فأعرب عَن كل الماني فصيحها ... بِمَا عجزت عَنهُ نزارٌ ويعرب)
)
(ومذ أشرقت قبل التناهي بأوجها ... عَفا عَن سناها بدر تمٍّ وكوكب)
(تناهت عَلَاء والشباب رداؤها ... فَمَا ظنكم بِالْفَضْلِ وَالرَّأْس أشيب)
(لَئِن كَانَ ثغري بالفصاحة باسماً ... فثغرك بسام الفصاحة أشنب)
(وَإِن ناسبتني بالمجاز بلاغةٌ ... فَأَنت إِلَيْهَا بِالْحَقِيقَةِ تنْسب)
(ومذ وَردت سَمْعِي وقلبي فَإِنَّهَا ... لتؤكل حسنا بالضمير وتشرب)
(وَإِنِّي لأشدو إِلَى الورى ببيانها ... كَمَا ناح فِي الْغُصْن الْحمام المطرّب)
(وَيشْهد أَبنَاء الْبَيَان إِذا انتدوا ... بِأَنِّي من قسّ الفصاحة أَخطب)
(وَإِنِّي لتدنيني إِلَى الْمجد عصبةٌ ... كرامٌ حوتهم أول الدَّهْر يثرب)
(وَإِنِّي إِذا خَان الزَّمَان وفاءه ... وفيٌّ على الضراء حرٌّ مجرّب)
(إباء أَبَت نَفسِي سواهُ وشيمةٌ ... قضى لي بهَا فِي المدد أصلٌ مهذب)
(ونفسٌ أَبَت إِلَّا اهتزازاً إِلَى العلى ... كَمَا اهتز يَوْم الروع رمحٌ ومقضب)
(ولي نسبٌ فِي الأكرمين تعرفت ... إِلَيْهِ الْمَعَالِي خدنٌ والسيادة مركب)
(تلاقى عَلَيْهِ المطمعون تكرّماً ... إِذا احمرّ أفقٌ بالمجرّة مجدب)
(من اليمنيني الَّذين سما بهم ... إِلَى العزّ بيتٌ فِي الْعَلَاء مطنّب)
(قروا تبعا بيض المواضي ضحاءه ... وكوم عشار بالعشيات يهضب)
(فرحله الْجُود العميم ومنصل ... لَهُ الغمد شرقٌ والذوائب مغرب)
(هم نصروا وَالدّين قل نصيره ... وآووا وَقد كَادَت يَد الدّين تقضب)
(وخاضوا غمار الْمَوْت فِي حومة الوغى ... فَعَاد نَهَارا بِالْهدى وَهُوَ غيهب)
(أُولَئِكَ قومِي حسبي الله مثنياً ... عَلَيْهِم وآي الله تتلى وتكتب)
هَذِه الْيَتِيمَة أيدك الله ملحة الإحماض وتحكيم الْأَلْفَاظ فِي بعض الْأَعْرَاض لتسرح مقل الخواطر فِي مختلفات الْأَنْوَاع ويتنوع الْوَارِد على الْقُلُوب والأسماع وَإِلَّا فَلَا تقَابل فِي الأدوات(7/224)
وَإِن وَقع التَّمَاثُل فِي الذوات وكالجمع فِي النورية بَين السراج وَالشَّمْس واشتمال الإنسانية على القلامة وَالنَّفس والتوادر الإدراكي بَين كلي الْعقل وجزئي الْحس وكالعناصر فِي افتقار الذوات إِلَيْهَا وَإِن تميزت الْحَرَارَة عَلَيْهَا وكالمشاركة الحيوانية فِي الْبضْعَة اللسانية واختصاص الناطقية بِالذَّاتِ الإنسانية فسيدنا ثمرالروض ونسيمه وسواه ثراه)
وهشيمه وزهره وأنداؤه وَغَيره شوكه وغثاؤه والبدر نوره وإشراقه وسواه هلاليه ومحاقه اشْتِرَاك فِي الْأَشْخَاص وامتياز فِي الْخَواص ومشابهة فِي الْأَنْوَاع والأجناس ومغايرة فِي الْعُقُول والحواس كالورد والشقيق والبهرمان والعقيق تماثلا فِي الْجَوَاهِر والأعراض وتغايرا فِي تَمْيِيز الْأَغْرَاض فسيدنا فِي كل جنس رئيسه وَمن كل جَوْهَر نفيسه وَأما حسناء العَبْد على مَذْهَبهم فِي تسميتهم الْقَبِيح بالْحسنِ وَالْحسن بالقبيح والضرير بالبصير والأخرس بالفصيح فَمَا صدت وَلَا صدت عَن كاسها وَلَا شذت فِي مَذْهَب ولائها عَن اطراد قياسها وَلَا زوت عَن وَجه جلالته وَجه إيناسها وَلَا جهلت فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة أَنه ابْن أُنْسُهَا وَفِي الْمعَانِي الأدبية أَبُو نواسها وَلَا خَفِي عَنْهَا أَن سيدنَا مجْرى الْيَمين وَأَنه فِي وَجه السِّيَادَة إِنْسَان المقلة وغرة الجبين والدرة فِي تَاج الْجَلالَة والشذرة فِي العقد الثمين وَأَنه الصَّدْر الَّذِي بارز الْعلم إِلَى صَدره وتفترع عقائل الْمَعَالِي من فكره وتأتم الهداة ببدره وتنتهي الْهِدَايَة إِلَى سره وَأَنَّهَا فِي الْإِيمَان بمحمديته لأم عمَارَة لَا أم عَمْرو وَأَنه غَايَة فخارها وَنِهَايَة إيثارها وَآيَة نَهَارهَا ومستوطن إفادتها بَين شموس غَايَة فضائلها وأقمارها فَكيف تصد وَفِيه كُلية أعراضها وَمِنْه علية جُمْلَتهَا وأبعاضها وَفِي مَحَله قَامَت حقائق جواهرها وأعراضها لَكِنَّهَا تَوَارَتْ بالحجاب ولاذت بالاحتجاب وقرت بِمَجْلِس الْكَمَال ليكمل مَا بهَا من نقص كَمَال وَكَمَال عيب وَتجمع بَين حقيقتي إِيمَان الشَّهَادَة والغيب وَتعرض على الرَّأْي التقوي سليمَة الصَّدْر نقية الجيب وَأشْهد أَنَّهَا جَاءَت تمشي على استحياء وَلَيْسَت كَبِنْت شُعَيْب هَذَا وَلم تشاهد وَجه حسنائه وَلَا عَايَنت سكينَة حسينه وَهِنْد أَسْمَائِهِ وَلَا قابلت نير فَضله وَبدر سمائه أقسم لقد كَانَ يصرفهَا الوجل ويصدها الخجل عَالِمَة أَن الْبَحْر لَا يساجل وَالشَّمْس لَا تماثل وَالسيف لَا يخاشن والأسد لَا تكعم والطود لَا يزحم والسحاب لَا يُبَارى والسيل لَا يجارى وأنى يبلغ الْفلك هَامة المتطاول وَأَيْنَ الثريا من يَد المتناول تِلْكَ معارف استولت على الْمَعَالِي استيلاءها على المعالم وَشهِدت لَهُ الْفَضَائِل بِالشَّهَادَةِ شَهَادَة النُّبُوَّة بسيادة قيس بن عَاصِم وَلَا خَفَاء بواضح هَذَا الصَّوَاب عِنْد مُقَابلَة الْبِدَايَة بِالْجَوَابِ أقتصر وللبيان فِي بَحر فضائله سبح طَوِيل وللسعي فِي غاياته معرّسٌ ومقيل وللمحامد ببثينة محاسنه صبَابَة جميل وَإِنِّي وَإِن كنت كثير عزة ودها إِلَّا أَنِّي فِي حلبة الْفضل لست من فرسَان ذَلِك الرعيل لَا سِيمَا وَقد وَردت مشرع أَلْفَاظه الَّتِي راقت مَعَانِيهَا ورقت حواشيها فأدنت ثَمَرَات الْفضل من يَد جَانبهَا)
فَجَاءَت كالنسيم العليل والشذا من نفحة الْأَصِيل والمشرع الْبَارِد والظل الظليل
(طبعٌ تدفق رقةً وسلاسةً ... كَالْمَاءِ عَن متن الصفاء يسيل)
(والمقلة الْحَسْنَاء زَان جفونها ... كحلٌ وَأُخْرَى زانها التكحيل)(7/225)
(وَالرَّوْضَة الْغناء يحسن عرفهَا ... وتزاد حسنا والنسيم عليل)
(والخاطر التقويّ كمّل ذَاته ... علما وَلَيْسَ لكاملٍ تَكْمِيل)
وَالله تَعَالَى يبقيه جَامعا للعلوم جمع الرَّاحَة بنانها رَافعا لَهَا رفع الْقَنَاة سنانها حَافِظًا لَهَا حفظ العقائد أديانها والقلوب إيمَانهَا
(ليضحي نديماً للمعالي كَأَنَّهُ ... نديم صفاء مالكٌ وَعقيل)
(وَيُصْبِح ظلّ الْفضل فِي فَيْء ظله ... على كنف الْإِسْلَام وَهُوَ ظَلِيل)
(وتنشأ أَبنَاء الْعُلُوم وَكلهمْ ... لحسنائه فِي الْعَالمين جميل)
(دلالتها فِي الْفضل من ذَات نَفسه ... وَلَيْسَ على شمس النَّهَار دَلِيل)
وَمن شعر ضِيَاء الدّين أَيْضا
(مَا افتر عَن ثغره البسام فِي غسقٍ ... إِلَّا أَضَاء سَبِيل السالك الساري)
(يَا للعجائب قد عَايَنت مغربةً ... نبتاً من النُّور فِي أرضٍ من النَّار)
وَقَالَ وَفِيه لُزُوم
(انْظُر إِلَى سندسي الرَّوْض حِين بدا ... مطرّزاً بطراز النُّور كالذهب)
(وَفِي حَشا المَاء من مصفره لهبٌ ... فاعجب لضدين جمع المَاء واللهب)
(كَأَنَّهُ فِي ضمير الْبَحْر مضطرباً ... لمعٌ من الْبَرْق فِي صافٍ من الذَّهَب)
وَقَالَ
(بِأبي خيالك إِذْ سرى متوجساً ... والأفق يسحب فضل ذيل الغيهب)
(فِي حلَّة الخفر الَّذِي ستر الحيا ... فتنقبت وَالْحسن لم يتنقب)
(فاصطاده إِنْسَان عينٍ ساهرٌ ... متمكنٌ من جفْنه فِي مرقب)
قلت شعر جيد
3 - (الرئيس الفراتي الْخُرَاسَانِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بن أَحْمد الرئيس أَبُو الْفضل ابْن ابْن الْأُسْتَاذ أبي عَمْرو)
الفراتي الْخُرَاسَانِي ولي رئاسة نيسابور مُدَّة وَورد إِلَى بغداذ فَأكْرم فِي دَار الْخلَافَة إِكْرَاما لم تجز بِهِ الْعَادة لمثله توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن حني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن حني بِالْحَاء الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة وَتَشْديد النُّون كَذَا وجدته مضبوطاً البغداذي سمع كثيرا من الْمُتَأَخِّرين كَأبي الْحسن بن الطيوري وَأحمد بن الْحُسَيْن بن قُرَيْش وَهَذِه الطَّبَقَة وَكتب كثيرا بِخَطِّهِ وَلم يكن عِنْده معرفَة حدث باليسير عَن القَاضِي أبي يعلى بن الْفراء قَالَ محب الدّين ابْن النجار قَرَأت بِخَط أبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ على وَجه كتاب بِخَط أَحْمد بن مُحَمَّد بن حني هَذَا تَحت اسْمه هلك عذبه الله فَإِنَّهُ كَانَ رَافِضِيًّا خَبِيث الْمَذْهَب وَرَأَيْت بِخَط ابْن حني هَذَا حِكَايَة فِي الْأَخْبَار(7/226)
الموفقيات فِي ذكر يزِيد بن مُعَاوِيَة وَفِي الْأُصُول الْعتْق بِخَط الغزال وَخط ابْن دودان لَعنه الله وَلم يكْتب ابْن حني لعنته فِي كِتَابه فَدلَّ على خلاف قَول ابْن نَاصِر وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن جكينا الدَّلال)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جكينا الدَّلال أَبُو عبد الله البغداذي كَانَ أديباً مليح الشّعْر وَهُوَ تلميذ أبي عَليّ بن الشبل الشَّاعِر ويروي عَنهُ شعره كتب عَنهُ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن خسرو الْبَلْخِي وَأحمد بن مُحَمَّد بن الْحصين وَأَبُو طَاهِر السلَفِي وَهُوَ وَالِد أبي مُحَمَّد الْحسن الشَّاعِر الْمَشْهُور وَمن شعره
(إِذا جفاك خليلٌ كنت تألفه ... فاطلب سواهُ فكلّ النَّاس إخْوَان)
(وَإِن نبت بك أوطانٌ نشأت بهَا ... فارحل فكلّ بِلَاد الله أوطان)
(لَا تركننّ إِلَى خلٍّ وَلَا زمنٍ ... إِن الزَّمَان مَعَ الإخوان خوّان)
(واستبق سرك إِلَّا عَن أخي ثقةٍ ... إِن الأخلاء للأسراء خزّان)
وَمِنْه
(مَا كنت أعلم أَن قَلْبك قد قسا ... حَتَّى أطلت مَعَ الصدود عَذَابي)
(روحي فداؤك مَا مللت وَإِنَّمَا ... حذرا عَلَيْك حبست عَنْك كتابي)
(كَيْلا يحسّ بِمَا أجنّ من الْهوى ... قلمٌ وَلَا القرطاس يعلم مَا بِي)
(أفنيت عمري بالمطال وبالمنى ... وطويت بالحسرات شرخ شَبَابِي)
)
(وغصصتني المَاء القراح وطيبه ... وَجعلت من مَاء الجفون شرابي)
وَمِنْه
(يَا من أَقَامَ على هجري ليقتلني ... رفقا بعبدك قد ضَاقَتْ بِهِ الْحِيَل)
(مَا زَالَ يأمل عطفا مِنْك ينعشه ... حَتَّى هجرت فَلَا عطفٌ وَلَا أمل)
(يَا مستطيلاً على ذلي بعزته ... والكلّ مِنْهُ على الأحداق يحْتَمل)
(وَبَعض مَا أَنا لاقٍ مِنْهُ يقتلني ... وَإِنَّمَا لشقائي طَال بِي الْأَجَل)
قلت شعر فِي الْمرتبَة الْعليا من التَّوَسُّط
3 - (ابْن نميران)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي سعد بن شبيب شهَاب الدّين ابْن نميران
(مَا لخيل الدُّمُوع من آماقي ... تتبارى كَأَنَّهَا فِي سباق)
(هَل درى سائق الركائب أَن ... الصب أَمْسَى من بعدهمْ فِي السِّيَاق)
وَله
(وَمَال عليّ ميلًا كَانَ مِنْهُ ... مجَازًا جَاءَ بِالْأَمر الْحَقِيقِيّ)(7/227)
(وَكَاد يطير قلبِي من سرورٍ ... وهشّ إِلَيْهِ عرقٌ من عروقي)
(وأبرز ترسه فهززت رُمْحِي ... وحرّك طبله فنفخت بوقي)
(فَأكْرمه وَأدْخلهُ عَلَيْهِ ... وخلّقه وحقّك بالخلوق)
(فَكَانَ الظبي وَهُوَ يئنّ تحتي ... وَكنت عَلَيْهِ كَالْكَلْبِ السلوقي)
وَله
(كلما أوصلت إِلَيْهِم سُرُورًا ... قابلتها الندمان بالتقطيب)
وَله
(فالموت بِالسَّيْفِ من كف ابْن زانيةٍ ... وَلَا افتقارٌ إِلَى سيف بن ذِي يزن)
وَله
(وجهٌ يري الشَّمْس فِيهِ وَهِي مشرقةٌ ... خيلانه أنجمٌ فِيهِ قد اتّفقت)
(سوادها كَونهَا فِي الأوج قد حصلت ... تَحت الشعاع رَمَاهَا الجرم فاحترقت)
3 - (ابْن الْخَطِيب العزفي)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد اللَّخْمِيّ الْفَقِيه الْمُحدث الرئيس أَبُو الْعَبَّاس بن الْخَطِيب أبي عبد الله السبتي الْمَعْرُوف بالعزفي بِالْعينِ مَفْتُوحَة وَالزَّاي مَفْتُوحَة وَالْفَاء سمع الْكثير وَأَجَازَ لَهُ ابْن بشكوال وَكَانَ ذَا فضلٍ وَصَلَاح صنف كتابا فِي مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجوده وَكَانَ ذَا فنون وَألف فِي الحَدِيث أَجزَاء مفيدة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (الْمسند ابْن السراج الإشبيلي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن قَاسم الْمُحدث المعمر مُسْند الغرب أَبُو الْحُسَيْن بن السراج الْأنْصَارِيّ الإشبيلي ولد سنة سِتِّينَ وَتفرد عَن جمَاعَة من أشياخه بأَشْيَاء وَكَانَت إِلَيْهِ الرحلة بالمغرب مَاتَ سنة سبع وَخمسين وست مائَة
3 - (الغافقي الطَّبِيب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سيد أَبُو جَعْفَر الغافقي إِمَام فَاضل وَحَكِيم عَالم يعد من أكَابِر الْأَطِبَّاء بالأندلس كَانَ أعرف أهل زَمَانه بقوى الْأَدْوِيَة المفردة لَا نَظِير لَهُ فِي الْجَوْدَة لَهُ كتاب الْأَدْوِيَة المفردة وَهُوَ كتاب جيد حفلٌ جامعٌ لكَلَام الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين
3 - (ابْن برد الأندلسي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن برد الأندلسي ذكره الْحميدِي وقالِ هُوَ مولى أَحْمد بن عبد الْملك بن عمر بن مُحَمَّد بن شَهِيد أَبُو حَفْص الْكَاتِب مليح الشّعْر بليغ الْكِتَابَة من أهل بَيت أدب ورئاسة لَهُ رِسَالَة فِي السَّيْف والقلم مفاخرة وَهُوَ أول من(7/228)
سبق إِلَى ذَلِك بالأندلس وَقد رَأَيْته بالمرية بعد الْأَرْبَعين والأربع مائَة وَله كتب فِي علم الْقُرْآن مِنْهَا كتاب التَّحْصِيل فِي تَفْسِير الْقُرْآن كتاب التَّفْصِيل فِي التَّفْسِير أَيْضا وَله غير ذَلِك وَكَانَ جده أَحْمد بن برد وزيراً فِي الْأَيَّام العامرية وَكَانَ كَاتبا بلغياً أَيْضا توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَأَرْبع مائَة أَعنِي الْوَزير وَمن شعر أَحْمد بن مُحَمَّد هَذَا قَوْله
(تَأمل فقد شقّ البهار مغلّساً ... كماميه عَن نوّاره الخضل الندي)
(مداهن تبرٍ فِي أنامل فضةٍ ... على أذرعٍ مخروطةٍ من زبرجد)
وَمِنْه أَيْضا
(لما بدا فِي لازور ... دي اللبَاس وَقد بهر)
كَبرت من فرط الْجمال وَقلت مَا هَذَا بشر)
(فَأَجَابَنِي لَا تنكرن ... ثوب السَّمَاء على الْقَمَر)
وَمِنْه أَيْضا
(قلبِي وقلبك لَا محَالة واحدٌ ... شهِدت بذلك بَيْننَا الألحاظ)
(فتعال فلنغظ الحسود بوصلنا ... إِن الحسود بِمثل ذَاك يغاظ)
3 - (القَاضِي الدلوي الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن دلويه أَبُو حَامِد الاستوائي قَالَ الْخَطِيب يعرف بالدلوي قدم بغداذ وَسمع من الدَّارَقُطْنِيّ واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته وَولي الْقَضَاء بعكبرا من قبل القَاضِي أبي بكر بن الطّيب الباقلاني وَكَانَ ينتحل فِي الْفِقْه مَذْهَب الشَّافِعِي وَفِي الْأُصُول مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَله حظٌ فِي معرفَة الْأَدَب والعربية وَحدث بِشَيْء يسير وكتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا وَلما مَاتَ فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة دفن بالشونيزية وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء كَانَ الدلوي فَاضلا وَكَثِيرًا مَا تُوجد كتب الْأَدَب بِخَطِّهِ وَكَانَ صَحِيح النَّقْل جيد الضَّبْط مُعْتَبر الْخط فِي الْغَالِب
3 - (الْحَافِظ السلَفِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سلفه بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَالْفَاء وَأَصله سلبه بِالْبَاء مَعْنَاهُ ثَلَاث شفَاه لِأَن شفته كَانَت مشقوقة(7/229)
الْحَافِظ صدر الدّين أَبُو طَاهِر السلَفِي الْأَصْبَهَانِيّ سمع بِبَلَدِهِ الْقَاسِم بن الْفضل بن أَحْمد الثَّقَفِيّ ومكي بن مَنْصُور بن عَلان الكرجي وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف النضري وخلقاً كثيرا وسافر إِلَى بغداذ فِي شبابه وَسمع أَبَا الْخطاب بن البطر وَالْحُسَيْن بن عَليّ البشري وثابت بن بنْدَار الْبَقَّال وخلقاً كثيرا وَعمل معجما بشيوخ بغداذ ومعجما بالأصبهانيين وسافر للحجاز وَسمع بِمَكَّة وَالْمَدينَة والكوفة وواسط وَالْبَصْرَة وخوزستان ونهاوند وهمذان وساوة والري وقزوين وزنجان وَدخل بِلَاد أذربيجان وطافها إِلَى أَن وصل إِلَى الدربند وَكتب بِهَذِهِ الْبِلَاد عَن شيوخها وَعَاد إِلَى الجزيرة من ثغر آمد وَسمع بخلاط ونصيبين والرحبة ودمشق وَأقَام بهَا عَاميْنِ ورحل إِلَى صور وَركب مِنْهَا فِي الْبَحْر الْأَخْضَر إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة واستوطنها إِلَى الْمَوْت وَلم يخرج مِنْهَا إِلَّا مرّة وَاحِدَة إِلَى مصر وَكَانَ إِمَامًا مقرئاً مجوداً مُحدثا حَافِظًا جهبذاً فَقِيها مفنناً نحوياً ماهراً لغوياً محققاً ثِقَة فِيمَا يَنْقُلهُ حجَّة ثبتاً انْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد فِي الْبِلَاد وَجمع معجماً ثَالِثا لباقي)
الْبلدَانِ الَّتِي سمع بهَا سوى أَصْبَهَان وبغداذ قَالَ الزَّاهِد أَبُو عَليّ الأوقى سَمِعت السلَفِي يَقُول لي سِتُّونَ سنة مَا رَأَيْت المنارة إِلَّا من هَذِه الطَّاقَة وَقَالَ ابْن الْمفضل فِي مُعْجَمه عدَّة شُيُوخ شَيخنَا السلَفِي تزيد على سِتّ مائَة نفس بأصبهان ومشيخته البغداذية خمس وَثَلَاثُونَ جُزْءا وَقَالَ الْحَافِظ عمر بن الْحَاجِب مُعْجم السّفر للسلفي يشْتَمل على ألفي شيخ وَله تصانيف كَثِيرَة
وَلما دخل بغداذ أقبل على الْفِقْه والعربية حَتَّى برع فيهمَا وأتقن مَذْهَب الشَّافِعِي على الكيا الهراسي وعَلى الخيطب أبي زَكَرِيَّاء التبريزي وَحدث ببغداذ وَهُوَ شَاب ابْن سبع عشرَة سنة أَو أقل وَلَيْسَ فِي وَجهه شَعْرَة كالبخاري وَأول سَمَاعه سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ قَالَ محب الدّين ابْن النجار روى لي عَنهُ ببغداذ وَمَكَّة ودمشق وحلب وحماة والقدس ونابلس ومصر والقاهرة والإسكندرية أَكثر من مائَة شيخ وَأورد لَهُ
(إِن علم الحَدِيث علم الرِّجَال ... تركُوا الإبتداع لِلِاتِّبَاعِ)
(فَإِذا اللَّيْل جنهم كتبوه ... وَإِذا أَصْبحُوا غدوا للسماع)
وَله أَيْضا
(كم جبت طولا وعرضا ... وَجَبت أَرضًا فأرضا)
(وَمَا ظَفرت بخلٍّ ... من غير غلٍّ فأرضى)
وَله أَيْضا
(أذابني فرط تجافيه ... وعذل عذالي مَعًا فِيهِ)
(دعوا ملامي وانظروا طرفه ... فِي طرفه والدر فِي فِيهِ)
(ولاحظوا الْحسن بألبابكم ... كي تعذروا قلب مصافيه)
(ثمَّ اعذلوني بعد إِن كَانَ مَا ... أصابني الْعقل يُنَافِيهِ)(7/230)
وَله أَيْضا
(عفتم من الْحبّ بداياته ... وعبتم أقْصَى نهاياته)
(ولمتموني فِيهِ واللوم لَا ... يصلح فِي أهل ولاياته)
(فبالغوا فِي لومكم وابلغوا ... أقْصَى تناهيه وغاياته)
(فوالذي أرجوه فِي محشري ... وَحُرْمَة الذّكر وآياته)
)
(أليةً آليتها برّةً ... لَا متّ إِلَّا تَحت راياته)
وَله أَيْضا
(فَلم تذق عَيْني مذ أبصرته ... من شقائي طول ليلِي وسنا)
(وَلها فِي ذَاك عذر وَاضح ... فَهُوَ كالبدر سناء وسنا)
وَله أَيْضا
(لَيْسَ على الأَرْض فِي زماني ... من شَأْنه فِي الحَدِيث شاني)
(نقلا ونقداً وَلَا علوّاً ... فِيهِ على رغم كل شاني)
وَكَانَ جيد الضَّبْط وخطه مَعْرُوف وَله أَجزَاء كَثِيرَة يَقُول فِي آخر كل مِنْهَا وَهِي أَجزَاء كبار كتبت جَمِيع هَذَا الْجُزْء فِي اللَّيْلَة الْفُلَانِيَّة وَقَالَ أكتب إِلَى قبيل الْفجْر ثمَّ أَنَام وَكَانَ كَأَنَّهُ شعلة نارٍ فِي تَحْصِيل الحَدِيث وَكَانَ ابْن الْأَكْفَانِيِّ شَيْخه يقوم لَهُ ويتلقاه ويعظمه وَإِذا خرج يشيعه
وَكتب حَتَّى عَن من كتب عَنهُ وَلم يزل يسمع إِلَى لَيْلَة وَفَاته وَلم يزل أمره يعظم بالإسكندرية حَتَّى صَار لَهُ عِنْد مُلُوك مصر الِاسْم والجاه العريض والكلمة النافذة مَعَ مُخَالفَته لَهُم فِي الْمَذْهَب وَقلة مبالاته بهم فِي أَمر الدّين لعقله وَدينه وَحسن مُجَالَسَته وأدب نَفسه وتألفه النَّاس واعترافه بالحقوق وشكره لَهَا وإرفاده للوفاد وَكَانَ لَا يكَاد تبدو مِنْهُ جفوة فِي حق أحد وَإِن بَدأته بادرها حَتَّى لَا ينْفَصل عَنهُ أحد إِلَّا طيب الْقلب وَكَانَ يجلس من أول الْمجْلس إِلَى آخِره لَا يبصق وَلَا يتنخم وَلَا يشرب وَلَا يتورك فِي جُلُوسه وَلَا يَبْدُو لَهُ قدم وَإِن بَدَت غطاها وَكَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين تحدث هُوَ وَأَخُوهُ فِي مَجْلِسه وهما يسمعان عَلَيْهِ فزبرهما وَقَالَ أيش هَذَا نَحن نَقْرَأ أَحَادِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنتما تتحدثان وقصده النَّاس ورحلوا حَتَّى السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَأَوْلَاده وَإِخْوَته وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة بعد الزياة على الْمِائَة بسنين لِأَن مولده بعيد السّبْعين والأربع مائَة على خلاف فِيهِ لِأَنَّهُ قَالَ أَنا أذكر قتل نظام الْملك فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَكَانَ عمري فِي حُدُود عشر سِنِين وَبنى لَهُ الْعَادِل عَليّ بن السلار أَمِير مصر مدرسة بالإسكندرية وَلما مَاتَ وجدت خَزَائِن كتبه قد التصقت وعفنت لكثرتها فَكَانُوا يستخلصونها بالفأس وَتلف أَكْثَرهَا
وارتحل إِلَيْهِ ابْن سناء الْملك الْمَشْهُور وَسمع عَلَيْهِ الحَدِيث وامتدحه بقصيدة الَّتِي أَولهَا(7/231)
(حمد السرى وَهِي الْحَقِيقَة بالذم ... لفرقة أرضٍ غَابَ عَن أفقها نجمي)
)
مِنْهَا
(نسيت سوى دارٍ بَكَيْت برسمها ... وَذَلِكَ رسمي إِن وقفت على رسمي)
(وَدِيعَة مسكٍ فِي ثراها وَجدتهَا ... فصيرت لثمي للوديعة كالختم)
(على سنة العشاق أَو بِدعَة الْهوى ... حلمت بجهلي أَو جهلت بِهِ حلمي)
(ولكنني أنشرت فهمي من البلى ... كَمَا أنني أيقظت حلمي من الْحلم)
(وَأَقْبل نسكي حِين ولت شبيبتي ... وآض اعتزامي حِين عاينه حزمي)
(فَجئْت إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة قَاصِدا ... إِلَى كعبة الْإِسْلَام أَو علم الْعلم)
(إِلَى خير دينٍ عِنْده خير مرشدٍ ... وَخير إمامٍ عِنْده خير مؤتمّ)
(إِلَى أَحْمد المحيي شَرِيعَة أحمدٍ ... فَلَا عدمت مِنْهُ أَبَا أمة الْأُمِّي)
(حمى بدعاءٍ أَو همى بفوائد ... فبورك مِمَّا زَالَ يحمي كَمَا يهمي)
(تقوّس تقويس الْهلَال تهجداً ... وَذَاكَ هِلَال يفضح الْبَدْر فِي التمّ)
(إِذا مَا شياطين الضلال تمردت ... جدالاً فَمن أَقْوَاله كَوْكَب الرَّجْم)
(تكَاد لَدَيْهِ الْعَرَب وَالْفَخْر فخرها ... تقرّ لَهُ أَن المفاخر فِي الْعَجم)
(أَبُو الدَّهْر عمرا واعتزاماً ومنصباً ... فَلَا ذاق مِنْهُ دهره فجعة الْيُتْم)
وغزل هَذِه القصيدة فِي غَايَة الْحسن
وَأما ابْن قلاقس الإسكندري الشَّاعِر فَأكْثر مدائحه فِيهِ فَمن ذَلِك قَوْله قصيدة أَولهَا
(قرنت بواو الصدغ صَاد الْمقبل ... وأغريت بِي لَام العذار المسلسل)
مِنْهَا
(وَهل أَنا إِلَّا نبعة يمنية ... منضرة الأفنان فِي رَأس يذبل)
(سقى أَصْلهَا النُّعْمَان مَاء مفاخرٍ ... فأثمر مِنْهَا كلّ فرع بِأَفْضَل)
(وَمن كَانَ صدر الدّين أَحْمد شَيْخه ... أَطَالَ بهَا باعي يمينٍ ومقول)
(إمامٌ لقِيت الدَّهْر أدهم دونه ... فألبسه وصف الأغرّ المحجّل)
(أَقَامَ بِهِ الله الشَّرِيعَة فاعتلت ... دعائمها فَوق السماك وتعتلي)
(يُفَسر من ألفاظها كل مبهمٍ ... وَيفتح من أعراضها كل مقفل)(7/232)
(وَمَا كَانَ لَوْلَا أحمدٌ دين أحمدٍ ... ليدرى صَحِيح سَالم من مُعَلل)
)
(وَلَا عرفت حفاظه بَين مسندٍ ... بعنعنةٍ رفعا وَلَا بَين مُرْسل)
(لسر العطايا فِي أسارير وَجهه ... مخايل برق الْعَارِض المتهلل)
مِنْهَا
(فَللَّه ألفاظٌ جلاها يراعه ... لعقدٍ على جيد الزَّمَان مفصّل)
(لآلئ لَو كَانَت نجوماً لغادرت ... لياليها وَالصُّبْح مَا لَاحَ ينجلي)
(بَنو الخاطر العجلان إِن عنّ مشكلٌ ... لَهَا لَا بَنو العجلان رَهْط ابْن مقبل)
3 - (عَلَاء الدولة البيابانكي السمناني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الملقب بعلاء الدولة البيابانكي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا ألف وباء مُوَحدَة وَبعدهَا ألف وَنون وكانف وياء النّسَب الْعَلامَة الزَّاهِد ركن الدّين السمناني مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَخمسين وست مائَة بسمنان تفقه وشارك فِي الْفَضَائِل وبرع فِي الْعلم وداخل التتار واتصل بالقان أرغون بن أبغا ثمَّ أناب وَأَقْبل على شَأْنه وَمرض زَمَانا بتبريز فَلَمَّا عوفي تعبد وتأله وَعمل الْخلْوَة وَقدم بغداذ وَصَحب الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن وَحج ثمَّ رد إِلَى الوطن برا بِأُمِّهِ وَخرج عَن بعض مَاله وأسبابه وَحج ثَلَاث مَرَّات وَتردد كثيرا إِلَى بغداذ وَسمع من عز الدّين الفاروثي والرشيد ابْن أبي الْقَاسِم وَلبس مِنْهُ عَن السهرودي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أَخذ عَنهُ شَيخنَا صدر الدّين إِبْرَاهِيم بن حمويه وَنور الدّين وَطَائِفَة وروى عَنهُ سراج الدّين الْقزْوِينِي الْمُحدث وَإِمَام الدّين عَليّ بن الْمُبَارك الْبكْرِيّ صاحبنا وَحدث ب صَحِيح مُسلم وبشرح السّنة لِلْبَغوِيِّ وبعدة كبت ألفها وَهِي كَثِيرَة قَالَ الْبكْرِيّ لَعَلَّهَا تبلغ ثَلَاث مائَة مُصَنف مِنْهَا كتاب الْفَلاح ثَلَاث مجلدات ومصابيح الْجنان ومدارج المعارج وَكَانَ إِمَامًا ربانياً خَاشِعًا كثير التِّلَاوَة لَهُ وَقع فِي النُّفُوس وَكَانَ يحط على محيي الدّين ابْن عَرَبِيّ وعَلى كتبه ويكفره وَكَانَ مليح الشكل حسن الْخلق حسن الْخلق غزير الْمُرُوءَة كثير الْبر يحصل لَهُ من أملاكه فِي الْعَام نَحْو من تسعين ألف دِرْهَم ينفقها فِي الْبر
زَارَهُ الْملك بو سعيد وَبنى خانقاه للصوفية ووقف عَلَيْهَا وَقفا وَكَانَ أَبوهُ وَعَمه من الوزراء
توفّي بعد أَن أوتر لَيْلَة الْجُمُعَة فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة بقرية بيابانك وَدفن بهَا
3 - (أَبُو حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الإِمَام أَبُو حَامِد بن أبي طَاهِر(7/233)
الإِسْفِرَايِينِيّ الشَّافِعِي قدم بغداذ وَهُوَ)
صبي وتفقه على أبي الْحسن بن الْمَرْزُبَان والداركي حَتَّى صَار أحد أَئِمَّة وقته وَعظم عِنْد الْمُلُوك وَحدث عَن جمَاعَة وعلق عَنهُ تعاليق فِي شرح الْمُزنِيّ وطبق الأَرْض بالأصحاب وَجمع مَجْلِسه ثَلَاث مائَة فَقِيه قَالَ الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ تَعْلِيق الشَّيْخ أبي حَامِد فِي نَحْو خمسين مجلداً تفقه عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيّ وسليم الرَّازِيّ والمحاملي أَبُو الْحسن وَأَبُو عَليّ السنجي
قَالَ الْخَطِيب حدثونا عَنهُ وَكَانَ ثِقَة مَاتَ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً ومولده سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة سنة وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة ابْن سُرَيج أَنه أحد الَّذين بعثوا على رَأس كل مائَة سنة ليجدد لهَذِهِ الْأمة دينهَا وَكَانَ يَقُول مَا قُمْت من مجْلِس النّظر قد فندمت على معنى يَنْبَغِي أَن يذكر فَلم أذكرهُ وقابله بعض الْفُقَهَاء فِي مجْلِس النّظر بِمَا لَا يَلِيق ثمَّ أَتَاهُ فِي اللَّيْل معتذراً إِلَيْهِ فأنشده
(جفاءٌ جرى جَهرا إِلَى النَّاس وانبسط ... وعذرٌ أَتَى سرا فأكد مَا فرط)
(وَمن ظن أَن يمحو جليّ جفائه ... خفيّ اعتذارٍ فَهُوَ فِي غَايَة الْغَلَط)
وَقَالَ الْخَطِيب حدث بِشَيْء عَن عبد الله بن عدي وَأبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَبدك الإِسْفِرَايِينِيّ وَغَيرهم وَكَانَ ثِقَة ورأيته غير مرّة وَحَضَرت تدريسه فِي مَسْجِد عبد الله بن الْمُبَارك وَسمعت من يذكر أَنه كَانَ يحضر تدريسه سبع مائَة متفقه وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ لَو رَآهُ الشَّافِعِي لفرح بِهِ وَحكى الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي طَبَقَات الْفُقَهَاء أَن أَبَا الْحُسَيْن الْقَدُورِيّ كَانَ يعظمه ويفضله على كل أحد وَأَن الْوَزير أَبَا الْقَاسِم حكى لَهُ عَن الْقَدُورِيّ أَنه قَالَ أَبُو حَامِد عِنْدِي أفقه وَأنْظر من الشَّافِعِي قَالَ الشَّيْخ فَقلت لَهُ هَذَا القَوْل من الْقَدُورِيّ حمله اعْتِقَاده فِي الشَّيْخ أبي حَامِد وتعصبه بالحنفية على الشَّافِعِي وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ فَإِن أَبَا حَامِد وَمن هُوَ أعلم مِنْهُ وأقدم على بعدٍ من تِلْكَ الطَّبَقَة وَمَا مثل الشَّافِعِي وَمثل من بعده إِلَّا كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(نزلُوا بِمَكَّة فِي قبائل نوفلٍ ... وَنزلت الْبَيْدَاء أبعد منزل)
وَله فِي الْمَذْهَب التعليقة الْكُبْرَى وَكتاب الْبُسْتَان وَهُوَ صَغِير وَذكر فِيهِ غرائب
3 - (أَبُو الْحسن العتيقي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَنْصُور أَبُو الْحسن العتيقي المجهز البغداذي قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَدُوقًا قَالَ ابْن مَاكُولَا قَالَ لي شَيخنَا العتيقي إِنَّه روياني الأَصْل خرج على الصَّحِيحَيْنِ وَكَانَ ثِقَة متقناً يفهم مَا عِنْده وَكَانَ الْخَطِيب رُبمَا دلسه وَيَقُول أَنا أَحْمد بن أبي)
جَعْفَر الْقطيعِي توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة(7/234)
3 - (ابْن قدامَة)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن قدامَة الْمَقْدِسِي سمع من ابْن عبد الدايم وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة بِدِمَشْق
3 - (الفار الشطرنجي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشهَاب الفار الشطرنجي جده أَحْمد يعرف بالجرافة بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الرَّاء وَبعد الْألف فَاء وهاء اجْتمعت بِهِ غير مرّة وَهُوَ عالية فِي الشطرنج ينظم المواليا أَنْشدني بِالْقَاهِرَةِ من لَفظه لنَفسِهِ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
(حبي الَّذِي مَا حوت مثلود من سنجار ... وَلَا ثَبت لقوموا غُصْن فِي الْأَشْجَار)
(لَو خد أَحْمَر وخال أَخْضَر حكى الزنجار ... يجب عليّ احْتمل جورو فديتو جَار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(حبي الَّذِي فِي مديحو يعجز المحار ... أخْفى الواكب بجسنو حقّ فِي الأسحار)
(لَو لحظ تركي فديتو بابلي سحار ... وجفن فاتر فُؤَادِي فِي غرامو حَار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(جواد صبري لبعد الْحبّ مني خار ... وبحر دمعي جرى فِي عشقتو زخار)
(ظَبْي بِخَير الْجَوَاهِر وَهُوَ من فخار ... قد ادخرتو لأيام الوغى إدخار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(وهبت للحب مركوبي وَهُوَ غدّار ... غضب وَولى بوجهو صرت فِي اكدار)
(ناديت يَا منيتي يَا عالي الْمِقْدَار ... خُذ لَك بدالو ودر وَجهك فديتو دَار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(جيت عطار لحظو فِي المهج جزّار ... يغلب بحسنو ملاح التّرْك فِي البازار)
(صاددق إِذا قَالَ هُوَ فِي الْوَعْد لَا نزّار ... قصدي رِضَاهُ انْقَطع عني الرجا أَو زار)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا
(سُلْطَان حسنو قد ارسل للمهج أفكار ... يجرّد الْبيض من لحظو بِلَا إِنْكَار)
(نكس بقدو عصايب ساير الْأَبْكَار ... وَطلب جَيش عذار وَدَار بالبيكار)
)
وأنشدني لَهُ أَيْضا(7/235)
(غنت فأغنت عَن المسموع فِي الأقطار ... ودقت الدفّ أجرت أدمعي أمطار)
(وصرت فِي حبها لَا أختشي أخطار ... لما اسْتمع لب قلبِي من يَديهَا طَار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(ترجلو من على نجبٍ غَدَتْ أوطار ... وحولها من خدمها والحشم أدوار)
(فخلت تِلْكَ المعاطف فِي ضيا الأكوار ... قضبان فضه قد اقنضّت من الأكوار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(بسالفو خمل يَنْمُو مثل خضرَة غَار ... فِي ورد جوري على قلبِي بجورو جَار)
(رشا وفالي على كيد العدى فِي غَار ... واكمد حسودي وضدي فِي الثرى قد غَار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(جاني بشير أَتَى مقبل وأطفا نَار ... وَبت مسرور مُفْلِح والدجى قد نَار)
(وارتجي اقبال سَاعَة نصر من خنار ... مختصّ بالْحسنِ كم أرْسلت لَو دِينَار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(من أمهَا فِي القيادة أَصبَحت آفَة ... وَأُخْتهَا فِي ربوع الْحَيّ وقافة)
(فَكيف يُمكن تجي فِي القصف خوافة ... وستها الأَصْل شامية وطوافة)
3 - (المرسي النَّحْوِيّ ابْن بِلَال)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن بِلَال المرسي النَّحْوِيّ صَاحب شرح غَرِيب المُصَنّف وَشرح إصْلَاح الْمنطق توفّي فِي حُدُود السِّتين والأربع مائَة
3 - (الْملك الْمفضل ابْن الْعَادِل)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب الْملك الْمفضل قطب الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْملك الْعَادِل توفّي بالفيوم سنة تسع عشرَة وست مائَة وَحمل إِلَى الْقَاهِرَة وَدفن خَارج بَاب النَّصْر
3 - (الْحَافِظ الماماي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أحيد بن ماما الْحَافِظ أَبُو حَامِد الْأَصْبَهَانِيّ الماماي صَاحب التصانيف سكن بخارا وذيل على تَارِيخ غُنْجَار وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْحَافِظ ابْن السّني)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن اسباط مولى(7/236)
جَعْفَر بن أبي طَالب أَبُو بكر بن السّني الدينَوَرِي الْحَافِظ سمع النَّسَائِيّ وَغَيره وروى عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو بكر الْوَاعِظ الْفَارِسِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب أَبُو بكر الْفَارِسِي الْوَاعِظ الْمُفَسّر نزيل نيسابور كَانَ أَتْبَاعه ومريدوه كثيرين وعظ ببخارا فَكثر جمعه وَخَافَ الْحَنَفِيَّة من تغلبه وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو جَعْفَر النّحاس النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل النّحاس أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ من أهل مصر رَحل إِلَى بغداذ وَأخذ عَن أَصْحَاب الْمبرد وَعَن الْأَخْفَش عَليّ بن سُلَيْمَان ونفطويه والزجاج وَغَيرهم ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَسمع بهَا جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلامَة الطَّحَاوِيّ وَالنَّسَائِيّ وَبكر بن سهل الدمياطي وَمُحَمّد بن جَعْفَر الْأَنْبَارِي وَسمع بالرملة من عبيد الله بن إِبْرَاهِيم البغداذي وَسمع ببغداذ من عمر بن إِسْمَاعِيل بن أبي غيلَان وَأبي الْقَاسِم عبد الله الْبَغَوِيّ وَالْحُسَيْن بن عمر ابْن أبي الْأَحْوَص وَجَمَاعَة وَقَرَأَ كتاب سِيبَوَيْهٍ على الزّجاج ببغداذ وَلما عَاد إِلَى مصر اشْتغل بالتصنيف فِي عُلُوم الْقُرْآن وَالْأَدب فَيُقَال إِن تصانيفه تزيد على خمسين مصنفا مِنْهَا تفسيرعشرة دواوين للْعَرَب وإعراب الْقُرْآن ومعاني الْقُرْآن والناسخ والمنسوخ وَالْكَافِي فِي علم الْعَرَبيَّة وَالْمقنع ذكر فِيهِ اخْتِلَاف الْكُوفِيّين والبصريين وَشرح المعلقات وَشرح المفضليات وَشرح أَبْيَات الْكتاب كتاب الِاشْتِقَاق كتاب الأنواء كتاش الِاشْتِقَاق لأسماء الله تَعَالَى أَخْبَار الشُّعَرَاء أدب الْكتاب أدب الْمُلُوك التفاحة فِي النَّحْو وَلم تكن لَهُ مُشَاهدَة وَإِذا خلا بقلمه جود وَأحسن وَكَانَ لَا يُنكر أَن يسْأَل أهل النّظر وَالْفِقْه ويفاتشهم عَمَّا أشكل عَلَيْهِ فِي تصانيفه قَالَ قَاضِي الْقُضَاة بالأندلس وَهُوَ الْمُنْذر بن سعيد البلوطي أتيت وَابْن النّحاس فِي مَجْلِسه بِمصْر يملي فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء شعر قيس الْمَجْنُون حَيْثُ يَقُول
(خليليّ هَل بِالشَّام عينٌ حزينة ... تبْكي على نجدٍ لعَلي أعينها)
(قد اسلمها الباكون إِلَّا حمامة ... مطوّقة باتت وَبَات قرينها)
(تجاوبها أُخْرَى على خيزرانةٍ ... يكَاد يدنيها من الأَرْض لينها)
)
فَقلت لَهُ يَا با جَعْفَر مَاذَا أعزّك الله باتا يصنعان فَقَالَ لي وَكَيف تَقوله أَنْت يَا أندلسي(7/237)
فَقلت لَهُ بَانَتْ وَبَان قرينها فَسكت وَمَا زَالَ يستقلني بعد ذَلِك حَتَّى مَنَعَنِي كتاب الْعين وَكنت ذهبت إِلَى الانتساخ من نسخته فَلَمَّا قطع بِي قيل لي أَيْن أَنْت عَن أبي الْعَبَّاس ابْن ولاد فقصدته فلبيت رجلا كَامِل الْعلم حسن الْمُرُوءَة فَسَأَلته الْكتاب فَأخْرجهُ إليّ ثمَّ تندم أَبُو جَعْفَر لما بلغه إِبَاحَة أبي الْعَبَّاس الْكتاب لي وَعَاد إِلَى مَا كنت أعرفهُ مِنْهُ قَالَ وَكَانَ أَبُو جَعْفَر لئيم النَّفس شَدِيد التقتير على نَفسه وَكَانَ رُبمَا وهبت لَهُ الْعِمَامَة فيقطعها ثَلَاث عمائم وَكَانَ يَأْبَى شِرَاء حَوَائِجه بِنَفسِهِ ويتحامل فِيهَا على أهل مَعْرفَته وحبب إِلَى النَّاس الْأَخْذ عَنهُ وانتفع بِهِ خلقٌ جلس على درج المقياس بالنيل يقطع شَيْئا بالعروض من الشّعْر فَسَمعهُ جَاهِل فَقَالَ هَذَا يسحر النّيل حَتَّى لَا يزِيد فَدفعهُ بِرجلِهِ فِي النّيل فَمَاتَ غريقاً سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الشجاعي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ أَبُو الْحُسَيْن الشجاعي النَّيْسَابُورِي أَمِين مجْلِس الْقَضَاء بنيسابور كَانَ من ذَوي الرَّأْي الْكَامِل وَمن الشَّافِعِيَّة المتعصبين لمذهبه توفّي فِي حُدُود التسعين والأربع مائَة
3 - (ابْن طَبَاطَبَا الْعلوِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن طَبَاطَبَا بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن حسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب الْعلوِي الرئيس أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ نقيب الطالبيين بِمصْر لَهُ الشّعْر الْجيد فِي الزّهْد والغزل مدونٌ لقب طَبَاطَبَا لِأَنَّهُ كَانَ يلثغ بِالْقَافِ طاء فَطلب يَوْمًا ثِيَابه فَقَالَ الْغُلَام أجيء بدراعةٍ فَقَالَ لَا طِبًّا طِبًّا يَعْنِي قبا قبا توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
أورد لَهُ الثعالبي فِي الْيَتِيمَة
(خليلي إِن للثريا لحاسد ... وَإِنِّي على ريب الزَّمَان لواجد)
(أيبقى جَمِيعًا شملها وَهِي ستةٌ ... وَيُؤْخَذ مني مؤنسي وَهُوَ وَاحِد)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا
(قَالَت لطيف خيالٍ زارني وَمضى ... بِاللَّه صفه وَلَا تنقص وَلَا تزد)
(فَقَالَ خفته لَو مَاتَ من ظمأ ... وَقلت قف عَن وُرُود المَاء لم يرد)
(قَالَت صدقت الوفا فِي الْحبّ شيمته ... يَا برد ذَاك الَّذِي قَالَت على كَبِدِي)
)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا
(كَأَن نُجُوم اللَّيْل سَارَتْ نَهَارهَا ... ووافت عشَاء وَهِي أنضاء أسفار)
(وَقد خيّمت كي يستريح ركابهَا ... فَلَا فلكٌ جارٍ وَلَا كوكبٌ سَار)
3 - (سعد الأمّة الْكَاتِب)
أَحْمد بن محمّد بن أَيُّوب بن سُلَيْمَان أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْوَزير(7/238)
أبي طَالب من أهل بَاب الْمَرَاتِب كَانَ يعرف بِسَعْد الْأمة كَانَ منشئاً فَاضلا كَاتبا سديداً مليح الْخط عَزِيز الْفضل وَلما دخل عميد الْملك الكندري بغداذ سَأَلَ عَمَّن بهَا من أَوْلَاد الأكابر لينادمه فأحضر لَهُ أخوا سعد الْأمة فآثرهما كثيرا وَكَانَ سعد الْأمة فَقِيرا فَقَالَ لأخويه لَو أوصلتماني إِلَى هَذَا الْوَزير لنظر فِي حَالي فامتنعا فَكتب رقْعَة بِخَطِّهِ فِي كاغدٍ حسنٍ وأوصلها إِلَى الْوَزير فَلَمَّا قَرَأَ عنوانها ابْن أَيُّوب قَالَ من تكون من صاحبيّ فَقَالَ أخوهما فهجرهما الْوَزير وَأَقْبل على سعد الْأمة وخلع عَلَيْهِ كل مَا كَانَ عَلَيْهِ بمركوبه واستكتبه فِي الْإِنْشَاء بِالْعَرَبِيَّةِ ثمَّ سَافر مَعَه وفوض إِلَيْهِ مَا فِيهِ الْمَنَافِع إِلَى أَن أثرت حَاله وَكثر كراعه فَقَالَ لَهُ لَيْلَة إِن هَذَا السُّلْطَان قد تغير عَليّ فارحل عني غَدا وَأظْهر فراقي وكراهيتي ثمَّ أقِم أَيَّامًا وارحل إِلَى بغداذ سالما بل لي إِلَيْك حَاجَة هِيَ هَذَا الملصق توصله إِلَى أخي دبيس بالحلة المزيدية وَكَانَ بَينهمَا مؤاخاة فَلَمَّا فعل ذَلِك وشاع الْخَبَر بِمَا جرى من فِرَاق سعد الْأمة للوزير قصد بغداذ فَبَلغهُ الْخَبَر فِي الطَّرِيق بِالْقَبْضِ على الْوَزير وَصَارَ إِلَى دبيس وأوصله الملصق فَلَمَّا رَآهُ بَكَى وعانقه وَقَالَ يعز عَليّ يَا أخي فراقك لأخي فَلَمَّا فض الملصق إِذا هُوَ مَكْتُوب إِن كل أحد يحفظ عهد الْحَيّ وَإِنَّمَا الْأَحْسَن أَن يحفظ عهد الْمَيِّت بعده فِي مخلفيه وَخَلْفِي موصل هَذِه الرقعة فمهما فعلته فِي حَقه فَهُوَ فِي حَقي فَلَمَّا قَرَأَهَا دبيس اشْتَدَّ بكاؤه وَقَالَ هَل عرفت مَا فِي الْكتاب فَقَالَ لَا فَأَقْرَأهُ إِيَّاه ثمَّ سَأَلَهُ عَمَّا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ من جراية ومعيشة وَغير ذَلِك فأضعفه لَهُ وَأقَام عِنْده إِلَى أَن مَاتَ وَتُوفِّي سنة سبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (صَاحب الْخط الْمليح)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَسد بن عَليّ بن سعيد أَبُو الْحسن بن أبي الْحسن الْكَاتِب البغداذي صَاحب الْخط الْمليح وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا يكْتب خطا مليحاً ذكره الْخَطِيب فِي تَارِيخه وروى عَنهُ حَدِيثا
وَتُوفِّي أَبُو الْحُسَيْن سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة)
3 - (قَاضِي الأنبار)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْبَراء أَبُو الْعَبَّاس قَاضِي الأنبار ثمَّ قَاضِي مَدِينَة الْمَنْصُور وَربع بَاب الشَّام كَانَ يلبس السوَاد وَلم يكن ذَا فقه ورأي بل كَانَ سليما تعتريه غَفلَة وَكَانَ يلبس السوَاد الفتوجية حَتَّى لَا يُمَيّز بَين أكماكه وأكما النِّسَاء لسعة ذَلِك وَإِذا برز من عِنْده بعض حرمه لبسوا ذَلِك السوَاد اجتاز يَوْمًا بسوق الطير وَهُوَ بسواده والقمطر بَين يَدَيْهِ والمسودة من أَصْحَاب الشَّرْط والرجالة فَرَأى صياداً مَعَه صعوة فَقَالَ هَذِه وَالله شَهْوَة وَلَدي مُحَمَّد وَمَا أزول إِلَّا بِهِ فَوقف وَالنَّاس بَين يَدَيْهِ وَأخرج خرقَة من خفه وَفتح طرفها وَأخرج دانقاً فَنَاوَلَهُ الصياد وَتَنَاول الصعوة فَقَالُوا لَهُ تحْتَاج إِلَى قفص فَقَامَ والخلق حُضُور فَتَنَاول دنيته عَن رَأسه وَوضع الصعوة على هامته ثمَّ أطبق الدنية وَسَار إِلَى منزله وَالنَّاس يتضاحكون مِنْهُ فَلَمَّا رأى ابْنه قَالَ خُذ يَا بني وتطأطأ ليأخذها فطارت الصعوة فَقَالَ يَا بني كَانَت فِي حرز وَلَكِنَّك لم تحسن تنَاولهَا ثمَّ أَخذ يَقُول واحسرتا على فَوت منية وَلَدي الْعود أَحْمد غَدا مجْلِس الحكم نظفر إِن شَاءَ الله بالصياد وبالصعوة وكرره مرَارًا
3 - (أَبُو الْحُسَيْن ابْن ثَابت البغداذي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثَابت أَبُو الْحُسَيْن البغداذي(7/239)
ذكره الثعالبي فِي الْيَتِيمَة وَله شعر كثير النكت وَالْملح من ذَلِك قَوْله
(هِيَ حالان شدةٌ ورخاء ... وسجالان نعمةٌ وبلاء)
(والفتى الحازم اللبيب إِذا مَا ... خانه الدَّهْر لم يخنه العزاء)
(إِن ألمت ملمةٌ بِي فَإِنِّي ... فِي الملمات صخرةٌ صماء)
صابرٌ فِي الْبلَاء طبٌّ بِأَن لَيْسَ على أَهله يَدُوم الْبلَاء والتداني يَتْلُو التنائي والإقتار يُرْجَى من بعده الإثراء وأخو المَال مَا لَهُ مِنْهُ فِي دُنْيَاهُ إِلَّا مذمّةٌ أَو ثَنَاء وَإِذا مَا الرَّجَاء أسقط بَين النَّاس فَالنَّاس كلهم أكفاء وَقَوله كل من لم يعدك فِي حَالَة السقم تمنى لَك الردى والهلاكا
(حذرا أَن يراك يَوْمًا صَحِيحا ... فِي طريقٍ فيسحتي أَن يراكا)
)
سَوف تبرا ويمرضون وتجفوهم فَإِن عاتبوا فَقل ذَا بذاكا
3 - (أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثوابة)
3 - (بن خَالِد الْكَاتِب أَبُو الْعَبَّاس)
كَانَ من جلة الْكتاب وأعيانهم لَهُ الرسائل الْحَسَنَة وَالنّظم الْجيد روى عَنهُ أَحْمد بن أبي طَاهِر وَأَبُو عبد الله بن أبي عَوْف الْبزورِي والمبرد وَغَيرهم طلب كَاتبا يُوقع بَين يَدَيْهِ فجيء بفتىً فَكتب بَين يَدَيْهِ فَقَالَ أَرِنِي مَا كتبت فَأرَاهُ فَقَالَ الْوَجْه صبيح والخط ملحي غير أَنَّك تقصر الْمَمْدُود وَهُوَ أقربها وتمد الْمَقْصُور وَهُوَ أبعدها وَتصل مَقْطُوعًا وتقطع مَوْصُولا فالق علبنا أَو مبردنا ليسكنا ميدك ويقيما أودك وَليكن مِنْك عودةٌ إِلَيْنَا تَجِد مَا ترغب إِلَيْهِ لدينا فَقَالَ الْفَتى أَو غير هَذَا أعزّك الله قَالَ هاته إِن كَانَ لَك حرفا ووثب فَخرج فاستكتبه إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر وَوَصله وَقَالَ هَذَا لجوابك لِابْنِ ثوابة قَالَ أَبُو عبد الله بن أبي عَوْف الْبزورِي دخلت على ابْن ثوابة وَكَانَ مَحْبُوسًا فَقَالَ لي أتحفظ عني قلت نعم فَقَالَ
(عواقب مَكْرُوه الْأُمُور خِيَار ... وَأَيَّام شيءٍ لَا يَدُوم قصار)
(وَلَيْسَ بباقٍ بؤسها وَنَعِيمهَا ... إِذا كرّ ليلٌ ثمَّ كرّ نَهَار)
وَيُقَال إِن جده يُونُس كَانَ حجاماً يعرف بلبابة وَقيل أمّهم اسْمهَا لبَابَة وأصلهم نَصَارَى وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس من الثُّقَلَاء الْبغضَاء وَله كلامٌ مدوّنٌ مستهجن مستثقل مِنْهُ عَليّ بِمَاء ورد لأغسل فمي من كَلَام الحاجم وَمِنْه لما رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ النَّاس تدرأسوا وتدقلموا وتدبسقوا وتذوزروا تدسفن وَله من المصنفات كتاب رسائله الْمَجْمُوعَة رِسَالَة فِي الْخط وَالْكِتَابَة وَأَخُوهُ جَعْفَر(7/240)
بن مُحَمَّد بن ثوابة تولى ديوَان الرسائل فِي أَيَّام عبيد الله بن سُلَيْمَان وَله ابْن اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد كَانَ أَيْضا مترسلاً بليغاً وَله كتاب رسائل وَسَيَأْتِي ذكره بعْدهَا وَلأبي الْعَبَّاس الْمَذْكُور صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة رِسَالَة يذم فِيهَا مُسلما ونصرانياً أَتَيَاهُ يعلمَانِهِ الهندسة ويذم علم الهندسة وَهِي تدل على أَنَّهَا مَوْضُوعَة عَلَيْهِ أوردهَا بكمالها ياقوت فِي كتاب مُعْجم الْأَدَب من وقف عَلَيْهَا من الأفاضل علم أَنَّهَا كَلَام جَاهِل قَالَ رَشِيق الْخَادِم كُنَّا فِي مجْلِس صاعد فَسَأَلَ عَن رجلٍ فَقَالَ أَبُو الصَّقْر أنفي يُرِيد نفي فَقَالَ ابْن ثوابة فِي الخراء فَسَمعَهَا فَقَالَ أَبُو الصَّقْر كَيفَ نُكَلِّم من حَقه أَن يشد وَيحد فَقَالَ ابْن ثوابة وَهَذَا أَيْضا من جهلك إِن من يحد لَا يشد وَمن يشد لَا يحد ثمَّ ضرب الدَّهْر ضربانه فَرَأَيْت ابْن ثوابة قد دخل إِلَى أبي)
الصَّقْر بواسط فَوقف بَين يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيهَا الْوَزير لقد آثرك الله علينا وَإِن كُنَّا لخاطئين فَقَالَ لَهُ أَبُو الصَّقْر لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم يَا أَبَا الْعَبَّاس ثمَّ رفع مَجْلِسه وقلده طساسيج بابل وسورا وبربسما وضاعف وَزَاد فِي الدُّعَاء فَمَا زَالَ والياً إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
قلت قَول ابْن ثوابة فِي الخراء لما قَالَ أَبُو الصَّقْر لَا يَصح التندير فِيهِ لِأَن الْأنف بِفَتْح الْهمزَة وَهُوَ فِي كَلَام أبي الصَّقْر بِضَم الْهمزَة لِأَنَّهُ فعل مغير لما لم يسم فَاعله من النَّفْي قَالَ الصولي وَكَانَ أَبُو العيناء يعادي ابْن ثوابة لمعاداة أبي الصَّقْر فاجتمعا فِي مجْلِس بعقب مَا اتّفق لِابْنِ ثوابة مَعَ أبي الصَّقْر فِي مجْلِس صاعد فتلاحيا فَقَالَ لَهُ ابْن ثوابة أما تعرفنِي فَقَالَ بلَى أعرفك ضيق العطن كثير الوسن قَلِيل الفطن خاراً على الذقن قد بَلغنِي تعديك على أبي الصَّقْر وَإِنَّمَا حلم عَنْك لِأَنَّهُ لم ير عزا فيذله وَلَا علوا فيضعه وَلَا مجداً فيهدمه فعاف لحمك أَن يَأْكُلهُ وسهك دمك أَن يسفكه فَقَالَ لَهُ اسْكُتْ فَمَا تساب اثْنَان إِلَّا غلب ألأمهما قَالَ أَبُو العيناء لهَذَا غلبت بالْأَمْس أَبَا الصَّقْر فأسكته
وَلأَحْمَد بن عَليّ الماردائي الكوكبي الْأَعْوَر فِي ابْن ثوابة أهاجٍ مِنْهَا
(بني ثوابة أَنْتُم أثقل الْأُمَم ... جمعتم ثقل الأوزار والتخم)
(أهاض حِين أَرَاكُم فِي بشامتكم ... على الْقُلُوب وَإِن لم أوت من بشم)
(كم قائلٍ حِين غاظته كتابتكم ... لَو شِئْت يَا رب مَا علمت بالقلم)
ولجماعة فِيهِ أهاجٍ كَثِيرَة وللبحتري فِيهِ هجو فاستصلحه فَعَاد مدحه
وَكتب ابْن ثوابة إِلَى عَليّ بن طَاهِر يَدعُوهُ يَوْمًا
(الْقدر قد هدرت والدن مبزول ... والخيش قد بل وَالريحَان مَوْصُول)
(وقرة الْعين قد جَاءَت ومزهرها ... يَصِيح فِي يَدهَا وَالنَّار مشعول)
(وَنحن من طيبها فِي لذةٍ عجب ... وبيننا مذ أَتَت عضّ وتقبيل)
(وَلَا يتم لنا عيشٌ وَلَا طربٌ ... حَتَّى نرَاك فَأَنت النَّفس والسول)(7/241)
(وكل عيشٍ بِلَا راحٍ ومسمعةٍ ... وَلَا نديمٍ وَلَا أنسٍ فتعليل)
قلت شعر نَازل مَعَ مَا فِيهِ من تذكير النَّار وَهُوَ يؤمنثة
3 - (أَبُو عبد الله بن ثوابة)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن ثوابة أَبُو عبد الله الْكَاتِب ولي ديوَان الرسائل أَيَّام المقتدر بعد)
وَفَاة أَبِيه فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَلَاث مائَة وَلم يزل على ذَلِك إِلَى حِين وَفَاته قَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن عِيسَى لأبي عبد الله هَذَا مَا قَالَ أما بعد أحدٌ على وَجه الأَرْض أكتب من جدك وَكَانَ أَبوك أكتب مِنْهُ وَأَنت أكتب من أَبِيك وَمن شعره
(رب يومٍ نعمت فِيهِ بخشفٍ ... يخطف الطّرف خصره أَي خطف)
(مَا عطفت المنى عَلَيْهِ وَلَكِن ... أتحفتني بِهِ اللَّيَالِي لحتفيتي)
توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة وَهُوَ ابْن أخي أبي الْعَبَّاس الْمَذْكُور أَولا
3 - (ابْن السكن)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن جُمُعَة بن السكن النَّسَفِيّ سمع مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البوشنجي وَغَيره وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن حسن الْمَقْدِسِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَازِم بن حَامِد بن حسن الْمَقْدِسِي سمع من ابْن عبد الدَّائِم وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة بِدِمَشْق
3 - (ابْن بسطَام الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن بسطَام أَبُو الْعَبَّاس الْكَاتِب ولي ولايات جليلة وتنقل فِيهَا إِلَى أَن توفّي بِمصْر وَكَانَ من الْأَعْيَان الْفُضَلَاء قَرَأَ على يَعْقُوب بن السّكيت وروى عَن مشرف بن سعيد الوَاسِطِيّ وروى عَنهُ عَليّ بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن هَارُون بن حميد بن المجدر قَالَ محب الدّين ابْن النجار أَنبأَنَا سعيد بن مُحَمَّد بن عطاف عَن أَحْمد بن عبيد الله بن كاذش أخبرنَا الجوائز الْحسن بن عَليّ الوَاسِطِيّ إِذْنا حَدثنَا أَبُو الْحسن بن قيس الْكَاتِب حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم الْآمِدِيّ حَدثنَا أَبُو الْحسن الْأَخْفَش أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن بسطَام قَالَ قَرَأت الْكتاب الْمَعْرُوف ب الفصيح الَّذِي ينْسب إِلَى أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى على أبي يُوسُف يَعْقُوب بن إِسْحَاق السّكيت وَسَأَلته من أَلفه قَالَ أَنا ألفته توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو طَالب الْحَاتِمِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن المظفر أَبُو طَالب بن أبي عَليّ الْحَاتِمِي البغداذي كَانَ شَاعِرًا جيد الْخط لَهُ ديوَان شعر ومكاتبات وَكَانَ فَاضلا)
من شعره
(يَا شامتاً بِي سَائِلًا ... بعد الْأَحِبَّة مَا صنيعي)
(قذيت جفوني بعدهمْ ... فغدت تعثر فِي الدُّمُوع)(7/242)
وَمِنْه أَيْضا
(سأحمي الْكرَى عني وأفترش الثرى ... حَياتِي إِذا صَار الثرى لي مضجعا)
(وقيتك مَا يوقى بجهدي وَلم أطق ... ليومٍ قَضَاهُ الله إِذْ حمّ مدفعا)
(ودافعت عَنهُ الْمَوْت أبغيه نجوةً ... فأوردته من حومة الْمَوْت مصرعا)
وَتُوفِّي سنة عشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو بكر الفوركي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن أبي عمرَان بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ أَبُو بكر الفوركي سبط الإِمَام أبي بكر بن فورك السَّمرقَنْدِي نزل بغداذ واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته كَانَ يعظ بالنظامية ويترسل إِلَى المعسكر وَكَانَ حسن الْمعرفَة بالْكلَام وَالنَّظَر والوعظ درس الْكَلَام للأشعري على أبي الْحُسَيْن الْقَزاز وَتزَوج بابنة الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم الْقشيرِي الْوُسْطَى وَكَانَ ملازماً للعسكر مُقبلا على طلب الدُّنْيَا والجاه والحشمة سمع بنيسابور أَحْمد بن الْحسن الْحِيرِي وَأحمد بن مُحَمَّد الصيدلاني وَمُحَمّد بن أَحْمد بن جَعْفَر الْفَقِيه وَغَيرهم توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (حفيد ابْن الْحجَّاج الشَّاعِر)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج الشَّاعِر روى عَن جده أبي عبد الله الْحُسَيْن شَيْئا من شعره وروى عَنهُ أَبُو شُجَاع فَارس الدهلي ورزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي الْفَقِيه توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (نَاصح الدّين الأرجاني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ الشِّيرَازِيّ الحاجي أَبُو بكر بن أبي عبد الله هُوَ القَاضِي نَاصح الدّين الأرجاني بتَشْديد الرَّاء وَالْجِيم الْمَفْتُوحَة كَانَ أحد أفاضل الزَّمَان لطيف الْعبارَة غواصاً على الْمعَانِي إِذا ظفر على الْمَعْنى لَا يدع فِيهِ لمن بعده فضلا كَامِل الْأَوْصَاف قَالَ أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن الْفضل الشَّاعِر كَانَ الْغَزِّي صَاحب معنى لَا لفظ وَكَانَ الأبيوردي)
صَاحب لفظ لَا معنى وَكَانَ القَاضِي أَبُو بكر الأرجاني قد جَمعهمَا أَعنِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى قَالَ ابْن الخشاب الْأَمر كَمَا قَالَ أشعارهم تصدق هَذَا الحكم إِذا تؤملت كَانَ فِي عنفوان شبابه بِالْمَدْرَسَةِ النظامية بأصبهان وَلم يزل نَائِب القَاضِي بعسكر مكرم وَهُوَ مبجل مكرم وَهُوَ من سمع وروى وَمن شعره
(وَمن النوائب أنني ... فِي مثل هَذَا الشّغل نَائِب)
(وَمن الْعَجَائِب أَن لي ... صبرا على هذي الْعَجَائِب)(7/243)
وَكَانَ فَقِيها شَاعِرًا وَلذَلِك قَالَ
(أَنا أفقه الشُّعَرَاء غير مدافع ... فِي الْعَصْر لَا بل أشعر الْفُقَهَاء)
وَقدم بغداذ مَرَّات ومدح الإِمَام المستظهر وسديد الدّين ابْن الْأَنْبَارِي والعزيز عَم الْعِمَاد الْكَاتِب وَمن شعره وَهُوَ غَرِيب
(رثى لي وَقد ساويته فِي نحوله ... خيالي لما لم يكن لي رَاحِم)
(فدلس بِي حَتَّى طرقت مَكَانَهُ ... وأوهمت إلفي أَنه بِي حالم)
(وبتنا وَلم يشْعر بِنَا النَّاس لَيْلَة ... أَنا ساهرٌ فِي جفْنه وَهُوَ نَائِم)
وَمِنْه وَالثَّانِي مِنْهُ يقْرَأ مقلوباً
(أحب الْمَرْء ظَاهره جميلٌ ... لصَاحبه وباطنه سليم)
(مودته تدوم لكل هولٍ ... وَهل كلٌّ مودته تدوم)
وَمن قصائده الطنانة
(سِهَام نواظرٍ تصمي الرمايا ... وَهن من الحواجب فِي حنايا)
(وَمن عجبٍ سهامٌ لم تفارق ... حناياها وَقد أصمت حشايا)
(نهيتك أَن تناضلها فَإِنِّي ... رميت فَلم يصب سهمي سوايا)
(جعلت طليعتي طرفِي سفاهاً ... فَدلَّ على مقاتلي الخفايا)
(وَهل يحمى حريمٌ من عدوٍ ... إِذا مَا الْجَيْش خانته الرمايا)
(وَيَوْم عرضت جَيش الصَّبْر حَتَّى ... أشنّ بِهِ على وجدي سَرَايَا)
(هززن من القدود لنا رماحاً ... فخلينا الْقُلُوب لَهَا درايا)
(وأبكى الْعين شَتَّى من عيونٍ ... فَكَانَ سوى مدامعي البكايا)
)
(ولي نفسٌ إِذا مَا امْتَدَّ شوقاً ... أطار الْقلب من حرقٍ شظايا)
(ودمعٌ ينصر الواشين ظلما ... وَيظْهر من سرائري الخبايا)
(ومحتكمٍ على العشاق جوراً ... وَأَيْنَ من الدمى عدل القضايا)
(يُرِيك بوجنتيه الْورْد غضّاً ... وَنور الأقحوان من الثنايا)
(تَأمل مِنْهُ تَحت الصدغ خالاً ... لتلعم كم خبايا فِي الزوايا)
(وَلَا تلم المتيم فِي هَوَاهُ ... فلوم العاشقين من الْخَطَايَا)
(خطبت وصاله الْمَمْنُوع حَتَّى ... أثرت بِهِ على قلبِي بلايا)(7/244)
(فأرق مقلتي وجدا وشوقاً ... وعذّب مهجتي هجراً ونايا)
(وأتعب سائري إِذْ رق قلبِي ... وَفِي ضعف الْمُلُوك أَذَى الرعايا)
(تغنم صحبتي يَا صَاح إِنِّي ... نزعت عَن الصِّبَا إِلَّا بقايا)
(وَخَالف من تنسك من رجالٍ ... لقوك بأكبد الْإِبِل الأبايا)
(وَلَا تسلك سوى طرقي فَإِنِّي ... أَنا ابْن جلا وطلاع الثنايا)
(وقم نَأْخُذ من اللَّذَّات حظاً ... فَإنَّا سَوف تدركنا المنايا)
(وساعد زمرةً ركنوا إِلَيْهَا ... فآبوا بالنهاب وبالسبايا)
(وأهد إِلَى الْوَزير الْمَدْح يَجْعَل ... لَك المرباع مِنْهَا والصفايا)
(وَقل للسائرين إِلَى ذراه ... ألستم خير من ركب المطايا)
قلت لَا يخفى على من لَهُ ذوق حسن هَذَا التَّضْمِين الَّذِي فِي هَذِه الأبيات وَله قصيدة يصف فِيهَا الشمعة أحسن فِيهَا كل الْإِحْسَان كل الْإِحْسَان وَقد استغرق سَائِر الصِّفَات وَلم يكد يخلي لمن بعده فضلا كَمَا فعل ابْن الرُّومِي فِي قصيدته القافية فِي وصف السَّوْدَاء وقصيدة الأرجاني
(نمت بأسرار ليلٍ كَانَ يخفيها ... وأطلعت قَلبهَا للنَّاس من فِيهَا)
(قلبٌ لَهَا لم يرعنا وَهُوَ مكتمنٌ ... إِلَّا ترقيه نَارا فِي تراقيها)
(سفيهةٌ لم يزل طول اللِّسَان لَهَا ... فِي الْحَيّ يجني عَلَيْهَا صرف هاديها)
(غريقةٌ فِي دموعٍ وَهِي تحرقها ... أنفاسها بدوامٍ من تلظيها)
(تنفست نفس المهجورة ادكرت ... عهد الخليط فَبَاتَ الوجد يبكيها)
)
(يخْشَى عَلَيْهَا الردى مهما ألم بهَا ... نسيم ريحٍ إِذا وافى يُحْيِيهَا)
(بَدَت كنجمٍ هوى فِي إِثْر عفريةٍ ... فِي الأَرْض فاشتعلت مِنْهُ نَوَاصِيهَا)
(كَأَنَّهَا غرةٌ قد سَالَ شادخها ... فِي وَجه دهماء يزهاها تجليها)
(أَو ضرةٌ خلقت للشمس حاسدةٌ ... فَكلما حجبت قَامَت تحاكيها)
(وحيدةٌ بشباة الرمْح هازمةٌ ... عَسَاكِر اللَّيْل إِن حلت بواديها)
(مَا طنبت قطّ فِي أَرض مخيمةً ... إِلَّا وأقمر للأبصار داجيها)
(لَهَا غرائب تبدو من محاسنها ... إِذا تفكرت يَوْمًا فِي مَعَانِيهَا)
(فالوجنة الْورْد إِلَّا فِي تنَاولهَا ... والقامة الْغُصْن إِلَّا فِي تثنيها)
(قد أثمرت وردةً حَمْرَاء طالعةً ... تجني على الأكف إِن أهويت تجنيها)
(وردٌ تشابك بِهِ الْأَيْدِي إِذا قطفت ... وَمَا على غصنها شوكٌ يوقيها)
(صفرٌ غلائلها حمرٌ عمائمها ... سودٌ ذوائبها بيض لياليها)(7/245)
(كصعدةٍ فِي حَشا الظلماء طاعنةٍ ... تَسْقِي أسافلها ريا أعاليها)
(كلوءة اللَّيْل مهما أَقبلت ظلمٌ ... أمست لَهَا ظلمٌ للصحب تذكيها)
(وصيفةٌ لست مِنْهَا قَاضِيا وطراً ... إِن أَنْت لم تكسها تاجاً يحلّيها)
(صفراء هنديّةٌ فِي اللَّوْن إِن نعتت ... والقدّ واللين إِن أتمت تَشْبِيها)
(فالهند تقتل بالنيران أَنْفسهَا ... وَعِنْدهَا أنّ ذَاك الْقَتْل يُحْيِيهَا)
(مَا إِن تزَال تبيت اللَّيْل لاهيةً ... وَمَا بهَا علةٌ فِي الصَّدْر تظميها)
(تحيي اللَّيَالِي نورا وَهِي تقتلها ... بئس الْجَزَاء لعمر الله تجزيها)
(ورهاء لم يبد للأبصار لَابسهَا ... يَوْمًا وَلم يحجتب عَنْهُن غاديها)
(قدٌّ كقدّ قَمِيص قد تبطّنها ... وَلم يقدر عَلَيْهَا الثَّوْب كاسيها)
(غرّاء فرعاء لَا تنفكّ فاليةً ... تقص لمتها طوراً وتفليها)
(شيباء شعثاء لَا تُكْسَى غدائرها ... لون الشبيبة إِلَّا حِين تبليها)
(قناة ظلماء مَا يَنْفَكّ يأكلها ... سنانها طول طعنٍ أَو يشظّيها)
(مَفْتُوحَة الْعين تفني لَيْلهَا سهراً ... نعم وإفناؤها إِيَّاه يفنيها)
(وَرُبمَا نَالَ من أطرافها مرضٌ ... لم يشف مِنْهُ بِغَيْر الْقطع مشفيها)
)
(ويلمها فِي ظلام اللَّيْل مسْعدَة ... إِذا الهموم دعت قلبِي دواعيها)
(لَوْلَا اخْتِلَاف طباعينا بواحدةٍ ... وللطباع اختلافٌ فِي مبانيها)
(بِأَنَّهَا فِي سَواد اللَّيْل مظهرةٌ ... تِلْكَ الَّتِي فِي سَواد الْقلب أخفيها)
(وبيننا عبراتٌ إِن هم نظرُوا ... غيّضتها خوف واشٍ وَهِي تجريها)
(وَمَا بهَا موهناً لَو أَنَّهَا شكرت ... مَا بِي من الحرق اللَّاتِي أقاسيها)
(مَا عاندتها فِي اللَّيَالِي فِي مطالبها ... وَلَا عدتهَا العوادي فِي مباغيها)
(وَلَا رمتها ببعدٍ من أحبتها ... كَمَا رمتني وقربٍ من أعاديها)
(وَلَا تكابد حساداً أكابدها ... وَلَا تداجي بني دهرٍ أداجيها)
(وَلَا تشكى المطايا طول رحلتها ... وَلَا لأرجلها طردٌ بأيديها)
(إِلَى مَقَاصِد لم تبلغ أدانيها ... مَعَ كَثْرَة السَّعْي فضلا عَن أقاصيها)
(فليهنها أَنَّهَا باتت وَلَا هممي ... وَلَا همومي تعنيها وتعنيها)
(أبدت إليّ ابتساماً فِي خلال بكاً ... وعبرتي أَنا مَحْض الْحزن يمريها)
(فَقلت فِي جنح ليلٍ وَهِي واقفة ... وَنحن فِي حضرةٍ جلّت أياديها)
(لَو أَنَّهَا علمت فِي قرب من نصبت ... من الوى لثنت أعطافها تيها)(7/246)
(وخبرت أَنَّهَا لَا الْحزن خامرها ... بل فرحة النَّفس أبكاها تناهيها)
(وَأَنَّهَا قدمت فِي حَيْثُ غرّته ... تهدي سناها فزادت فِي تلاليها)
وَخرج إِلَى المديح
وَمِنْه قَوْله
(تَقول للبدر فِي الظلماء طلعته ... بأيّ وجهٍ إِذا أَقبلت تَلقانِي)
(وَجه السما لي مرآةٌ أطالعها ... والبدر وَهنا خيالاً فِيهِ لاقاني)
(لم أنسه يَوْم أبكاني وأضحكه ... وقوفنا حَيْثُ أرعاه ويرعاني)
(كلٌّ رأى نَفسه فِي عين صَاحبه ... فالحسن أضحكه والحزن أبكاني)
وَمِنْه
(تمتعتما يَا ناظريّ بنظرةٍ ... وأوردتما قلبِي أشرّ الْمَوَارِد)
(أعينيّ كفّا عَن فُؤَادِي فَإِنَّهُ ... من الْبَغي سعي اثْنَيْنِ فِي قتل وَاحِد)
)
وَمِنْه
(اقرن بِرَأْيِك رَأْي غَيْرك وَاسْتَشِرْ ... فالحقّ لَا يخفى على اثْنَيْنِ)
(فالمرء مرآةٌ تريه وَجهه ... وَيرى قَفاهُ بِجمع مرآتين)
وَمِنْه
(شاور سواك إِذا نابتك نائبةٌ ... يَوْمًا وَإِن كنت من أهل المشورات)
(فالعين تلقى كفاحاً مَا نأى ودنا ... وَلَا ترى نَفسهَا إِلَّا بِمِرْآة)
وعَلى الْجُمْلَة فمعانيه كَثْرَة ومحاسنه جمة وجيده جزيل وديوانه كَبِير وَيُقَال إِنَّه كَانَ لَهُ كل يَوْم ثَمَانِيَة أَبْيَات ينظمها على الدَّوَام وَتُوفِّي بتستر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة ومولده سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْجريرِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن أَبُو مُحَمَّد الْجريرِي بِالْجِيم والراءين كَذَا وجدته سمع شَيْئا من السّري كَانَ الْجُنَيْد يُكرمهُ ويبجله وَإِذا تكلم الْجُنَيْد فِي الْحَقَائِق قَالَ هَذَا من بابة أبي مُحَمَّد الْجريرِي توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَلَاث مائَة وَقيل سنة إِحْدَى عشرَة
3 - (الْحَافِظ ابْن الشَّرْقِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسن الْحَافِظ أَبُو حَامِد بن الشَّرْقِي بالشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء كَذَا وجدته النَّيْسَابُورِي الْحجَّة تلميذ مُسلم كَانَ وَاحِد عصره حفظا وثقةً وَمَعْرِفَة حج مَرَّات نظر إِلَيْهِ ابْن خُزَيْمَة فَقَالَ حَيَاة أبي حَامِد تحجز بَين النَّاس وَبَين الْكَذِب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَعشْرين وَثَلَاث مائَة(7/247)
3 - (الصنوبري)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مرار بميم وراءين بيينهما ألف أَبُو بكر الضَّبِّيّ الْحلَبِي الْمَعْرُوف بالصنوبري الشَّاعِر كَانَ جده الْحسن صابح بَيت حِكْمَة من بيُوت حكم الْمَأْمُون فَتكلم بَين يَدَيْهِ فأعجبه شكله ومزاحه فَقَالَ إِنَّك لصنوبري الشكل فَلَزِمَهُ هَذَا اللقب وَتُوفِّي أَبُو بكر هَذَا سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَله ديوَان مَشْهُور وَفِيه مراثٍ جَيِّدَة فِي الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ وَمن شعره فِي الْورْد
(زعم الْورْد أَنه هُوَ أبهى ... من جَمِيع الْأَنْوَار وَالريحَان)
)
(فأجابته أعين النرجس الغض ... بذلٍّ من قَوْلهَا وهوان)
أَيّمَا أحسن التورد أم مقلة ريمٍ مرضية الأجفان
(أم فَمَاذَا يَرْجُو بحمرته الخدّ ... إِذا لم تكن لَهُ عينان)
(فزهي الْورْد ثمَّ قَالَ مجيباً ... بقياسٍ مستحسنٍ وَبَيَان)
إِن ورد الخدود أحسن من عين صفرةٌ من اليرقان وَمِنْه أَيْضا
(أَرَأَيْت أحسن من عُيُون النرجس ... أم من تلاحظهنّ وسط الْمجْلس)
(درٌّ تشقق عَن يواقيتٍ على ... قضب الزمرّد فَوق بسط السندس)
(أجفان كافورٍ حبين بأعينٍ ... من زعفرانٍ ناعمات الملمس)
(فَكَأَنَّهَا أقمار ليل أحدقت ... بشموس أفقٍ فَوق غصنٍ أملس)
(مغرورقاتٌ من ترقرق طلها ... ترنو رنوّ النَّاظر المتفرس)
(وَإِذا تغشّها الرِّيَاح تنفّست ... عَن مثل ريح الْمسك أيّ تنفس)
وَمِنْه أَيْضا
(يَا ريم قومِي الْآن وَيحك فانظري ... مَا للربى قد أظهرت إعْجَابهَا)
(كَانَت محَاسِن وَجههَا محجوبةً ... فَالْآن قد كشف الرّبيع حجابها)
(وردٌ بدا يَحْكِي الخدود ونرجسٌ ... يَحْكِي الْعُيُون إِذا رَأَتْ أحبابها)
(ونبات باقلى يشبه نوره ... بلق الْحمام مشيلةً أذنابها)
(وَكَأن خرّمة البديع وَقد بدا ... روس الطواوس إِذْ تدير رقابها)
(والسرو تحسبه الْعُيُون غوانياً ... قد شمرت عَن سوقها أثوابها)(7/248)
(وكأنّ إحدهنّ من نفح الصِّبَا ... خودٌ تلاعب موهناً أترابها)
(لَو كنت أملك للرياض صِيَانة ... يَوْمًا لما وطئ اللئام ترابها)
وَمِنْه قَوْله من أَبْيَات خجل الْورْد حِين لاحظه النرجس من حسنه وغار البهار
(فعلت ذَاك حمرةٌ وعلت ذَا ... حيرةٌ واعترى البهار اصفرار)
(وَغدا الأقحوان يضْحك عجبا ... عَن ثنايا لثاتهنّ نضار)
)
ثمَّ نم النمام واستمع السوسن لما أذيعت الْأَسْرَار
(عِنْدهَا أبرز الشَّقِيق خدوداً ... صَار فِيهَا من لطمه آثَار)
سكتب فَوْقهَا دموع من الطل كَمَا تسكب الدُّمُوع الغزار فاكتسى ذَا البنفسج الغض أَثوَاب حدادٍ إِذْ خانه الإصطبار وأضرّ السقام بالياسمين الغض حَتَّى أذابه الْإِضْرَار ثمَّ نَادَى الخيريّ فِي سَائِر الزهر فوافاه جحفل جرار فاستجاشوا على محاربة النرجس بالخرّم الَّذِي لَا يبار
(فَأتوا فِي جواشنٍ سابغاتٍ ... تَحت سجفٍ من العجاج يثار)
(ثمَّ لما رَأَيْت ذَا النرجس الغضّ ... ضَعِيفا مَا إِن لَدَيْهِ انتصار)
لم أزعل أعمل التلطف للورد حذاراً أَن يغلب النّوّار فجمعناهم لَدَى مجلسٍ تصخب فِيهِ الأطيار والأوتار
(لَو ترى ذَا وَذَا لقت خدودٌ ... تدمن اللحظ نَحْوهَا الْأَبْصَار)
وَمِنْه أَيْضا
(إِن هِيَ تاهت فمثلها تاها ... لم يجر خلقٌ فِي الْحسن مجْراهَا)
(للغصن أعطافها وقامتها ... وللرشا جيدها وعيناها)
(فضَض بالياسمين عارضها ... ذهب بالجلنار خدّاها)
(تِلْكَ الثنايا من عقدهَا نظمت ... أم نظم العقد من ثناياها)
(جاعلةٌ رِيقهَا مدامتنا ... إِذا سقتنا وكأسنا فاها)
(لَئِن كفاني التفاح وجنتها ... لقد كفاني الأترجّ ثدياها)
وَمِنْه أَيْضا
(بدرٌ غَدا يشرب شمساً غَدَتْ ... وحدّها فِي الْوَصْف من حدّه)
(تغرب فِي فِيهِ وَلكنهَا ... من بعد ذَا تطلع فِي خَدّه)(7/249)
وَمِنْه أَيْضا
(وَيقْرَأ فِي الْمِحْرَاب وَالنَّاس حوله ... وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله)
(فَقلت تأمّل مَا تَقول فَإِنَّهَا ... فعالك يَا من تقتل النَّاس عَيناهُ)
)
حُكيَ عَن الصنوبري أَنه قَالَ بت لَيْلَة بالناعورة من حلب فَرَأَيْت فِي النّوم كَأَن إنْسَانا أَتَانِي وَقَالَ انْظُر من أَتَاك فَإِذا إِنْسَان كنت آلفه بحلب وَهُوَ ينشدني
(لَا خير فِي الطيف إِلَّا طيف مشتاق ... مناضل بَين إزعاج وإملاق)
(سرى إِلَى دير إِسْحَاق وربتما ... قضى لبانته فِي دير إِسْحَاق)
(كم ليلةٍ بت بالناعورة انكشفت ... فِيهَا سرائر أحشاءٍ وآماق)
(ار الخيال فأنبانا بزورته ... وَهنا عنَاق وشاحاتٍ وأطواق)
فانتبهت فكتبتها ثمَّ ذكرتها لإخواني وأنشدتهم الشّعْر وَقلت لَهُم نَحن بالناعورة ودير إِسْحَاق فلست أعرفهُ فَقَالُوا هُوَ قريبٌ من حمص وَمَا كنت رَأَيْته وَلَا عَرفته قطّ وَقَالَ الصنوبري من قصيدة خائية رثى بهَا الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
(هَل أضاخٌ كَمَا عهدنا أضاخا ... حبذا ذَلِك المناخ منَاخًا)
يَقُول مِنْهَا
(لَو يعافى حيٌ لعوفي أرخٌ ... فِي قلال الْجبَال يفلو إراخا)
تتقرى شثاً وتألف طباقا ويقرو ضَالًّا ويرعى مراخا أَو أقبٌّ طوراً يؤم أضا الرَّوْض وطوراً ميثاءها الجلواخا أَو أصكٌّ أسكٌّ لَا يعرف الغضروف سمٌّ مِنْهُ وَلَا صملاخا
(أَو فشغوٌ قتم الجآجئ مِنْهُ ... يعجل القرهب الشّبوب امتلاخا)
(هنّ أَو أعصمٌ كَأَن مدرياه ... حِين عاجا على القذالين حا خا)
قلت إِنَّمَا أثبت هَذِه الأبيات على مَا فِيهَا من الْغَرِيب لأجل هَذَا الْأَخير فَإِنَّهُ تخيلٌ غَرِيب وتشبيه عَجِيب إِلَى الْغَايَة
3 - (الرَّازِيّ الضَّرِير)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الرَّازِيّ الضَّرِير وَيُقَال لَهُ الْبَصِير أَبُو الْعَبَّاس ولد أعمى وَكَانَ ذكيّاً حَافِظًا وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن فاذشاه الْأَصْبَهَانِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن فاذشاه أَبُو(7/250)
الْحُسَيْن الْأَصْبَهَانِيّ الرئيس سمع الْكثير من الطَّبَرَانِيّ وَغَيره وروى عَنهُ مُعْجَمه الْكَبِير وَله شعر توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع)
مائَة وَمن شعره
3 - (ابْن الصَّواف الْمَالِكِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن زَكَرِيَّاء بن دِينَار أَبُو يعلى الْعَبْدي الْبَصْرِيّ الْفَقِيه شيخ مالكية الْعرَاق يعرف بِابْن الصَّواف سمع الحَدِيث وصنف ودرّس وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وَتُوفِّي سنة تسعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن تامتيت)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن تامتيت بتاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَمثلهَا بعد الْمِيم مُشَدّدَة وَمثلهَا بعد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمُحدث المعمّر أَبُو الْعَبَّاس الفاسي نزيل الْقَاهِرَة لَهُ تصانيف عديدة روى عَنهُ علم الدّين الدواداري حدث عَن أبي الْوَقْت بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّة وَكَانَ شَيخا مُبَارَكًا
توفّي سنة سبع وَخمسين وست مائَة
3 - (الْمُسْتَنْصر بِاللَّه العباسي الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أَبُو الْقَاسِم ابْن الظَّاهِر بن النَّاصِر بن المستضئ ولي الْخلَافَة بعد قتل ابْن أَخِيه المستعصم بِثَلَاث سِنِين وَنصف فَخَلا الْوَقْت فِيهَا من خَليفَة قَالَ أَبُو شامة فِي رَجَب قرئَ بالعدلية كتاب السُّلْطَان إِلَى قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين ابْن سني الدولة بِأَنَّهُ قدم عَلَيْهِم مصر أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن الظَّاهِر بن النَّاصِر وَهُوَ أَخُو الْمُسْتَنْصر وَأَنه جمع لَهُ النَّاس من الْأُمَرَاء وَالْعُلَمَاء والتجار وَأثبت نسبه عِنْد القَاضِي فِي ذَلِك الْمجْلس فَلَمَّا ثَبت بَايعه النَّاس وَبَدَأَ بالبيعة السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر ثمَّ الْكِبَار على مَرَاتِبهمْ وَنقش امسه على السِّكَّة وخطب لَهُ ولقب بلقب أَخِيه وَفَرح النَّاس وَقَالَ الشَّيْخ قطب الدّين كَانَ أَبُو الْقَاسِم الْمُسْتَنْصر مَحْبُوسًا ببغداذ فَلَمَّا أخذت أطلق فَصَارَ إِلَى عرب الْعرَاق فاختلط بهم فَلَمَّا تسلطن الظَّاهِر وَفد عَلَيْهِ وَمَعَهُ عشرَة من بني مهارش فَركب السُّلْطَان للقائه وَمَعَهُ الْقُضَاة والدولة فشق الْقَاهِرَة وَركب يَوْم الْجُمُعَة من البرج الَّذِي كَانَ بالقلعة بَعْدَمَا أثبت نسبه وبويع وَعَلِيهِ السوَاد إِلَى جَامع القلعة وَصلى بِالنَّاسِ وَفِي شعْبَان رسم بِعَمَل خلعة خليفتية وبكتابة تَقْلِيد ثمَّ نصبت خيمة بِظَاهِر الْقَاهِرَة وَركب الْمُسْتَنْصر وَالسُّلْطَان يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع شعْبَان إِلَى الْخَيْمَة وَحضر الْأُمَرَاء والقضاة والوزير وَلبس الْخَلِيفَة السُّلْطَان الخلعة بِيَدِهِ وطوّقه وقيّده وَنصب مِنْبَر فَصَعدَ فَخر الدّين ابْن لُقْمَان وَقَرَأَ التَّقْلِيد ثمَّ ركب السُّلْطَان بالخلعة وَدخل)
من بَاب النَّصْر وزينت الْقَاهِرَة وَحمل الصاحب التَّقْلِيد على رَأسه والأمراء مشَاة وَهَذَا هُوَ الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ من خلفاء بني الْعَبَّاس وَأول من بَايعه قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين ثمَّ السُّلْطَان ثمَّ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام وَكَانَ شَدِيد السمرَة جسيماً عالي الهمة شجاعاً وَمَا(7/251)
بُويِعَ أحد بعد أَخِيه إِلَّا هُوَ والمقتفي ابْن المستظهر بُويِعَ بعد الراشد بن المسترشد بن المستظهر وَولي الْأَمر ثَلَاثَة إخْوَة الراضي والمقتفي والمطيع بَنو المقتدر وَولي قبلهم المقتفي والمقتدر والقاهر بَنو المعتضد وَولي من قبلهم الْمُنْتَصر والمعتز وَالْمُعْتَمد بَنو المتَوَكل ووليها الْأمين والمأمون والمعتصم بَنو الرشيد وَولي من بني أُميَّة من الْإِخْوَة الْأَرْبَعَة الْوَلِيد وَسليمَان وَيزِيد وَهِشَام بَنو عبد الْملك قَالَ ورتب لَهُ السُّلْطَان أتابكاً وأستاذدار وشرابياً وخزنداراً وحاجباً وكاتباً وَعين لَهُ خزانَة وَجُمْلَة من المماليك وَمِائَة فرس وَثَلَاثِينَ بغلاً وَعشرَة قطارات جمالاً وأمثال ذَلِك وَسَار هُوَ وَالظَّاهِر فِي تَاسِع عشر شهر رَمَضَان فَدَخَلُوا دمشق فِي ساعب الْقعدَة ثمَّ جهز السُّلْطَان الْخَلِيفَة وَمَعَهُ مُلُوك الشرق صَاحب الْموصل وَصَاحب سنجار والجزيرة من دشمق فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين من الْقعدَة وَأنْفق الظَّاهِر عَلَيْهِم ألف ألف دِينَار وَسِتِّينَ ألف دِينَار
حَكَاهُ محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر قَالَ سمعته من الظَّاهِر وَكَانَ نُزُوله بالتربة الناصرية بِالْجَبَلِ وَدخل يَوْم الْجُمُعَة جَامع دمشق إِلَى الْمَقْصُورَة وَجَاء إِلَيْهَا بعده السُّلْطَان ثمَّ خرجا ومشيا إِلَى جِهَة مركوب الْخَلِيفَة إِلَى بَاب الْبَرِيد ثمَّ رَجَعَ السُّلْطَان إِلَى بَاب الزِّيَادَة وسافر الْخَلِيفَة وَصَاحب الْموصل إِلَى الرحبة فَفَارَقَ الْخَلِيفَة صَاحب الْموصل هُوَ وَأَخُوهُ ثمَّ نزل الْخَلِيفَة بِمن مَعَه مشْهد عَليّ وَلما وصلوا إِلَى عانة وجدوا بهَا الْحَاكِم بِأَمْر الله وَمَعَهُ نَحْو سبع مائَة نفس فاستمالهم الْمُسْتَنْصر وأنزله الْحَاكِم مَعَه فِي دهليزه وتسلم الْخَلِيفَة عانة وَحمل إِلَيْهِ وإليها وناظرها الْإِقَامَة فأقطعها ثمَّ وصل إِلَى الحديثة فَفَتحهَا أَهلهَا لَهُ فَلَمَّا اتَّصل ذَلِك بِمقدم الْمغل وشحنة بغداذ خرج الْمُقدم إِلَيْهِ بِخَمْسَة آلَاف وَقصد الأنبار فَدَخلَهَا وَقتل جمعي من فِيهَا ثمَّ لحقه الشّحْنَة وَوصل الْخَلِيفَة إِلَى هيت فأغلق أَهلهَا الْأَبْوَاب فحصرها ثمَّ دَخلهَا وَنهب من بهَا من أهل الذِّمَّة فَجَاءَت عَسَاكِر الْمغل والتلقوا مَعَ الْخَلِيفَة وانكسر أَولا عَسْكَر الشّحْنَة وَوَقع مُعظم أَصْحَابه فِي الْفُرَات ثمَّ خرج كمين التار وَأَحَاطُوا بعسكر الْخَلِيفَة فصدقوا الحملة فأفرج التتار لَهُم فنجا جماعةٌ من الْمُسلمين مِنْهُم الْحَاكِم فِي نَحْو خمسين نفسا وَأما الْخَلِيفَة فَالظَّاهِر أَنه قتل وَقيل إِنَّه سلم وأضمرته الْبِلَاد وَقَالَ بَعضهم قتل الْخَلِيفَة يَوْمئِذٍ بَعْدَمَا قتل ثَلَاثَة وَذَلِكَ)
فِي سنة سِتِّينَ وست مائَة
3 - (ابْن الغماز قَاضِي تونس)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن الغماز قَاضِي الْجَمَاعَة بتونس كَانَ إِمَامًا مُحدثا فَقِيها مقرئاً كَبِير الْقدر يكنى أَبَا الْعَبَّاس كَانَ وَالِده من زهاد بلنسية وفقهائها ولد سنة تسع وست مائَة وَسمع الْكثير من أبي الرّبيع بن سَالم وَطَالَ عمره وَأكْثر عَن أهل تونس مِنْهُم الإِمَام أَبُو عبد الله بن جَابر الْوَادي آشي وَكَانَ أَعلَى أهل الْمغرب إِسْنَادًا فِي الْقُرْآن وَله معرفَة بالفقه والْحَدِيث وَله شعر توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَمن شعره(7/252)
3 - (ابْن طلامي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ أَبُو الْعَبَّاس الطَّائِي الْمَعْرُوف بِابْن طلامي بِالطَّاءِ الْمُهْملَة من أهل وَاسِط تفقه على القَاضِي أبي الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الفارقي وَسمع مِنْهُ وَمن أَحْمد بن بعيد الله الْآمِدِيّ وَدخل بغداذ بعد الثَّلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَسمع بهَا من أبي الْقَاسِم بن السَّمرقَنْدِي وَعمر بن مُحَمَّد السهروردي وروى بهَا شَيْئا من شعره روى عَنهُ يُوسُف بن مُحَمَّد بن مقلد الدِّمَشْقِي وَذكر أَنه كَانَ شَيخا صَالحا وَمن شعره
(لعمرك إِن الْحبّ لله جنةٌ ... إِذا لم يشبه غير حبّ مُحَمَّد)
(وَأَصْحَابه الأخيار ثمَّ تبيعهم ... وَمن حبّ آل الله لَيْسَ بمعتدي)
(ونفسك وَالدُّنْيَا وإبليس والهوى ... فَإنَّك إِن تهجرهم سَوف تهتدي)
3 - (أَبُو عبد الله الجهمي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حميد بن ثَوْر بن سُلَيْمَان بن حَفْص بن عبد الله ابْن أبي الجهم بن حُذَيْفَة الْعَدوي الْقرشِي من بني عدي بن كَعْب يعرف بالجهمي نِسْبَة إِلَى جده أبي الجهم يكنى أَبَا عبد الله حجازي نَشأ بالعراق وَكَانَ أديباً راوية شَاعِرًا خَبِيث اللِّسَان هجاء وَقع بَينه وَبَين قومٍ من العمريين والعثمانيين كَلَام فَذكر سلفهم بأقبح ذكر فَنَهَاهُ بعض العباسيين فَذكر الْعَبَّاس بأقبح ذكر ورماه بِأَمْر عَظِيم وتشاهدوا عَلَيْهِ وأنهي خَبره إِلَى المتَوَكل فَأمر بضربه مائَة سَوط فَضَربهُ إِيَّاهَا إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فِي مجْلِس الْعَامَّة بسر من رأى فَلَمَّا فرغ من ضربه أنشأ يَقُول
(تبرا الكلوم وينبت الْعشْر ... ولكلّ مورد غيّةٍ صدر)
)
(واللؤم فِي أَثوَاب منبطحٍ ... لعبيده مَا أَوْرَق الشّجر)
وَله من التصانيف كتاب أَنْسَاب قُرَيْش وأخبارها كتاب المعصومين كتاب المثالب
كتاب الِانْتِصَار فِي الرَّد على الشعوبية كتاب فَضَائِل مصر
3 - (أَبُو الْحسن الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حمادة أَبُو الْحسن الْكَاتِب حسن الْأَدَب من أفاضل الْكتاب صنف الْكتب وَلَقي الأدباء وَله كتاب امتحان الْكتاب وديوان ذَوي الْأَلْبَاب وَكتاب شحذ الفطنة وَكتاب الرسائل
3 - (الْخَثْعَمِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد الْخَثْعَمِي أَبُو عبد الله وَيُقَال أَبُو الْعَبَّاس وَيُقَال أَبُو الْحسن كَانَ يتشيع وهاجى البحتري وناقض الإصبع المسلمي وَقَالَ اذْهَبَا بِي إِن لم يكن لَكمَا عقر إِلَى بوب قَبره فاعقراني وانضحا من دمي عَلَيْهِ فقد كَانَ دم من نداه لَو تعلمان وَقَالَ
(لَا تبخلنّ بدنيا وَهِي مقبلةٌ ... فَلَيْسَ ينقصها التبذير والسرف)(7/253)
(يسْتَخْلف الله مَالا أَنْت مُتلِفُه ... وَمَا عَن النَّفس إِن أتلفتها خلف)
3 - (أَبُو جَعْفَر اليزيدي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد يحيى اليزيدي أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ كَانَ جده من ندماء الْمَأْمُون وَسمع أَحْمد جده يحيى وَأَبا زيد الْأنْصَارِيّ وَكَانَ مقرئاً روى عَنهُ أَخَوَاهُ عبيد الله وَالْفضل ابْنا مُحَمَّد وَابْن أَخِيه مُحَمَّد بن الْعَبَّاس مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
دخل يَوْمًا على الْمَأْمُون وَهُوَ بقارا يُرِيد الْغَزْو فأنشده يمدحه
(يَا قصر ذَا النخلات من بارا ... إِنِّي حننت إِلَيْك من قارا)
(أَبْصرت أشجاراً على نهرٍ ... فَذكرت أشجاراً وأنهارا)
(لله أيامٌ نعمت بهَا ... فِي القفص أَحْيَانًا وَفِي بارا)
(إِذْ لَا أَزَال أَزور غانيةً ... ألهو بهَا وأزور خمارا)
(لَا أستجيب لمن دَعَا لهدى ... وَأجِيب شطاراً وذعّارا)
)
(أعصي النصيح وكل عاذلةٍ ... وَأطِيع مِزْمَارًا وأوتارا)
قَالَ فَغَضب الْمَأْمُون وَقَالَ أَنا فِي وَجه عَدو أحض النَّاس عى ل الْغَزْو وَأَنت تذكرهم نزههم ببغداذ قلت الشَّيْء بِتَمَامِهِ ثمَّ أنشدته
(فصحوت بالمأمون من سكري ... وَرَأَيْت خير الْأَمر مَا اختارا)
(وَرَأَيْت طَاعَته مؤديةً ... للْفَرض إعلاناً وإسرارا)
(فخلعت ثوب الْهزْل من عنقِي ... ورضيت دَار الْخلد لي دَارا)
(وظللت معتصماً بِطَاعَتِهِ ... وجواره وَكفى بِهِ جارا)
(إِن حلّ أَرضًا فَهِيَ لي وطنٌ ... وأسير عَنْهَا حَيْثُمَا سارا)
فَقَالَ يحيى بن أَكْثَم مَا أحسن مَا قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أخبر أَنه كَانَ فِي سكرٍ وخسارٍ فَترك ذَلِك وارعوى وآثر طَاعَة خَلِيفَته وَعلم أَن الرشد فِيهَا فسكن وَأمْسك
وَلأبي جَعْفَر هَذَا بَيت جمع فِيهِ حُرُوف المعجم كلهَا وَهُوَ
(وَلَقَد شجتني طفلةٌ برزت ضحى ... كَالشَّمْسِ خثماء الْعظم بِذِي الغضا)
قلت ألطف من هَذَا وَأحسن قَول ابْن حمديس الصّقليّ
(مزرقن الصغ يَسْطُو لحظه عَبَثا ... بالخلق جذلان إِن أَشك الْهوى ضحكا)
(لَا تعرضن لوردٍ فَوق وجنته ... فَإِنَّمَا نصبته عينه شركا)(7/254)
المُرَاد الْبَيْت الأول ولليزيدي
(إِذا أظلم الشيب رَأس الْفَتى ... فثار لَهُ وَهُوَ غضّ الشَّبَاب)
(فَأحْسن حالاته ستره ... ليترك أحبابه فِي ارتياب)
(فَإِن طَال عمرٌ فَترك الخضاب ... أولى بِهِ لانقضاء التصابي)
3 - (الْأَحول ابْن سهل)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن سهل وَيُقَال ابْن أبي سهل الْأَحول أَبُو الْعَبَّاس ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فَقَالَ هُوَ من مُتَقَدِّمي الْكتاب وأفاضلهم وَكَانَ عَالما بصناعة الْخراج مُتَقَدما فِي ذَلِك على أهل عصره لَهُ كتاب الْخراج مَاتَ سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو جَعْفَر البرقي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن خَالِد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ البرقي أَبُو جَعْفَر الْكُوفِي الأَصْل)
كَانَ يُوسُف بن عمر الثَّقَفِيّ وَالِي الْعرَاق من قبل هِشَام بن عبد الْملك قد حبس جده مُحَمَّد بن عَليّ بعد قتل زيد بن عَليّ ثمَّ قَتله وَكَانَ خَالِد صَغِير السن فهرب مَعَ أَبِيه عبد الرَّحْمَن إِلَى برقة فأقاموا بهَا وَكَانَ ثِقَة فِي نَفسه غير أَنه أَكثر الرِّوَايَة عَن الضُّعَفَاء وَاعْتمد الْمَرَاسِيل وصنف كتبا كَثِيرَة مِنْهَا كتاب الإبلاغ كتاب التراحم والتعاطف كتاب أدب النَّفس كتاب الْمَنَافِع كتاب أدب المعاشرة كتاب الْمَعيشَة كتاب المكاسب كتاب الرَّفَاهِيَة كتاب المعاريض كتاب السّفر كتاب الْأَمْثَال كتابالشواهد من كتاب الله عز وَجل كتاب النُّجُوم كتاب الْمرَافِق كتاب الدواجن كتاب الشؤم كتاب الزِّينَة كتاب الْأَركان كتاب الزي كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث كتاب المآكل كتاب الْفَهم كتاب الإخوان كتاب الثَّوَاب كتاب تَفْسِير الأحايث وأحكامها كتاب الْعِلَل كتاب الْعقل كتاب التخويف
كتاب التحذير كتاب التَّهْذِيب كتاب التسلية كتاب التَّارِيخ كتاب التَّبْصِرَة كتاب غَرِيب كتب المحاسن كتاب مذام الْأَخْلَاق كتاب المآثر والأحساب كتاب النِّسَاء كتاب أَنْسَاب الْأُمَم الزّهْد وَالْمَوْعِظَة الشّعْر وَالشعرَاء الْعَجَائِب الْحَقَائِق الْمَوَاهِب والحظوظ النُّور وَالرَّحْمَة كتاب التَّعْيِين والتأويل مذام الْأَفْعَال الفروق الْمعَانِي والتحريف الْعقَاب الامتحان الْعُقُوبَات الْعين الخصائص والنحو العيافة والقيافة الزّجر والفأل الطَّيرَة المراشد الأفانين الغرائب الْخَيل الصيانة الفراسة العويص النَّوَادِر مَكَارِم الْأَخْلَاق ثَوَاب(7/255)
الْقُرْآن فضل الْقُرْآن الصفوة الرُّؤْيَا المحبوبات والمكروهات مصابيح الظُّلم المنتجات الدعابة والمزاح التَّرْغِيب خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بَدْء خلق إِبْلِيس وَالْجِنّ الدواحن والدواحر مغازي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَنَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأزواجه الْأَجْنَاس وَالْحَيَوَان طَبَقَات الرِّجَال الْأَوَائِل الطِّبّ التِّبْيَان الْجمل مَا خَاطب الله بِهِ خلقه جداول الْحِكْمَة الأشكال والقرائن الرياضة ذكر الْكَعْبَة التهاني التعازي
3 - (ابْن نوسه الْأَصْبَهَانِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن نوسه الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ حَمْزَة فِي كتاب أَصْبَهَان وَذكره فِي جملَة الأدباء الَّذِي كَانُوا بهَا وَقَالَ كتابٌ فِي طَبَقَات البلغاء وَكتاب فِي طَبَقَات الخطباء لم يسْبق إِلَى مثلهمَا وَكتاب فِي أدب الْكَاتِب قَالَ فِي رجل عدل عَن انتحال عمل الْإِسْلَام إِلَى علم)
الفلاسفة
(فَارَقت علم الشَّافِعِي وَمَالك ... وشرعت فِي الْإِسْلَام رَأْي برقلس)
(وأراك فِي دين الْجَمَاعَة زاهداً ... ترنو إِلَيْهِ بِمثل طرف الأشوس)
وَكتب إِلَى بعض إخوانه
(نَفسِي فداؤك من خليلٍ مصقبٍ ... لم يشفني مِنْهُ اللِّقَاء الشافي)
(عِنْدِي غَدا فئةٌ يقوم بمثلهم ... لله حجَّته على الْأَصْنَاف)
(مثل النُّجُوم تلذّ حسن حَدِيثهمْ ... لَيْسُوا بأوباشٍ وَلَا أجساف)
(أَو روضةٍ زهراء معشبة الثرى ... كال الرّبيع لَهَا بكيلٍ واف)
(من بَين ذِي علمٍ يصول بِعِلْمِهِ ... أَو شاعرٍ يعْصى بحدّ قواف)
(مِنْهُم أَبُو حسن برقلس دهره ... وَأَبُو الْهُذيْل وَلَيْسَ بالعلاف)
(والهرمزاني الَّذِي يسمو بِهِ ... شرفٌ أناف بِهِ على الْأَشْرَاف)
(فَاجْعَلْ حَدِيثك عندنَا يشفي الجوى ... فنفوسنا ولهى إِلَى الألاف)
(وَكن الْجَواب فَلَيْسَ يُعجبنِي أخٌ ... فِي الدّين شَاب وفاقه بِخِلَاف)
3 - (أَبُو بكر الْمروزِي الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج أَبُو بكر الْمروزِي الْفَقِيه أحد الْأَعْلَام وَأجل أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل كَانَ أَبوهُ خوارزمياً وَأمه مروزية حمل عَن أَحْمد علما كثيرا وَلَزِمَه إِلَى أَن مَاتَ وصنف فِي الحَدِيث وَالسّنة وَالْفِقْه وَهُوَ الَّذِي تولى غماض أَحْمد بن حَنْبَل وغسله توفّي فِي سادس جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَدفن إِلَى جَانب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل(7/256)
3 - (المرثدي الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن بشر بن سعد المرثدي أَبُو الْعَبَّاس ذكره الْخَطِيب وَقَالَ كنيته أَبُو عَليّ مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَذكر اب نبت الْفرْيَابِيّ أَنه مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسمع لي بن الْجَعْد والهيثم بن خَارِجَة وَآخَرين وروى عَنهُ أَبُو بكر الشَّافِعِي وَغَيره قَالَ ابْن الْمُنَادِي هُوَ أحد الثِّقَات وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم إِن كنيته أَبُو الْعَبَّاس الْكَبِير وَهُوَ الَّذِي كَانَ ابْن الرُّومِي يكاتبه فِي السّمك وَكَانَ المرثدي يكْتب للموفق فِي خاصته وَله كتاب الأنواء فِي نِهَايَة الْحسن وَكتاب رسائله وَكتاب أشعار قُرَيْش وَعَلِيهِ عول أَبُو بكر الصولي فِي)
كتاب الأوراق وَله انتحل
3 - (أَبُو سهل الْحلْوانِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَاصِم أَبُو سهل الْحلْوانِي ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم وَقَالَ كَانَ بَينه وَبَين أبي سعيد السكرِي نسبٌ قريب فروى عَن أبي سعيد كتبه وَكَانَ كثيرا مَا تُوجد بِخَطِّهِ وخطه فِي نِهَايَة من الْقبْح إِلَّا أَنه من الْعلمَاء وَله كتاب المجانين الأدباء
3 - (القَاضِي البرتي)
أَحْمد بن مُحَمَّد البرتي بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف القَاضِي أَبُو الْعَبَّاس الْحَنَفِيّ الْفَقِيه الْحَافِظ الْحجَّة كَانَ دينا عفيفاً على مَذْهَب أهل الْعرَاق وَكَانَ من أَصْحَاب يحيى بن أَكْثَم قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ثبتاص يذكر بالصلاح وَالْعِبَادَة عَن الْعَلَاء بن صاعد قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد دخل عَلَيْهِ القَاضِي البرتي فَقَامَ إِلَيْهِ وَصَافحهُ وَقَالَ مرْحَبًا بِالَّذِي يعْمل بسني وأثري قَالَ فَذَهَبت إِلَيْهِ وبشرته بالرؤيا وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (نجم الدّين بن الرّفْعَة الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الرّفْعَة نجم الدّين شيخ الشَّافِعِيَّة فِي عصره بِمصْر كَانَ إِمَامًا عَالما قيمًا بِمذهب الشَّافِعِي شرح التَّنْبِيه فِي خَمْسَة عشر مجلداً وَشرح الْوَسِيط توفّي فِي شهر رَجَب سنة عشر وَسبع مائَة وَقد شاخ ودرّس بالمعزيّة وَحدث بِشَيْء من تصانيفه سمع من محيي الدّين ابْن الدَّمِيرِيّ وَولي الْحِسْبَة بِالْقَاهِرَةِ وَلم يكمل شرح الْوَسِيط وعاش خمْسا وَسِتِّينَ سنة رَحمَه الله تَعَالَى(7/257)
3 - (الْحَافِظ ابْن عقدَة)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْعَبَّاس الْكُوفِي مولى بني هَاشم الْمَعْرُوف بِابْن عقدَة وَهُوَ لقب لِأَبِيهِ كَانَ حَافِظًا كَبِيرا جمع الْأَبْوَاب والتراجم قَالَ أَنا أُجِيب فِي ثَلَاثَة مائَة ألف حَدِيث من حَدِيث أهل الْبَيْت وَبني هَاشم رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ وَكَانَ ضَعِيفا قَالَ ابْن عدي كَانَ أَبُو الْعَبَّاس صَاحب معرفَة وَحفظ مقدما فِي الصَّنْعَة إِلَّا أَنِّي رَأَيْت مَشَايِخ بغداذ يسيئون الثَّنَاء عَلَيْهِ وَرَأَيْت فِيهِ مجازفات وَقَالَ حَمْزَة بن مُحَمَّد بن طَاهِر سَمِعت الدَّارَقُطْنِيّ يَقُول ابْن عقدَة رجل سوء وَقَالَ أَبُو عمر بن حيويه كَانَ ابْن عقدَة يملي مثالب الصَّحَابَة أَو)
قَالَ الشَّيْخَيْنِ فَتركت حَدِيثه توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الصعلوكي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْحَافِظ أَبُو الطّيب الشَّافِعِي كَانَ إِمَامًا مقدما فِي معرفَة الْفِقْه واللغة أدْرك الْأَسَانِيد الْعَالِيَة وصنف فِي الحَدِيث وَأمْسك عَن الرِّوَايَة بعد أَن عمر كَانَ من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَكَانَ يعرف بالصعلوكي النَّيْسَابُورِي وَهُوَ عَم الْأُسْتَاذ أبي سهل
3 - (ابْن الصّلاح الطَّبِيب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن السّري نجم الدّين أَبُو الْفَتْح الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح كَانَ فَاضلا فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة جيد الْمعرفَة مطلعاً على دقائقها فصيح اللِّسَان مليح التصنيف متميزاً فِي صناعَة الطِّبّ وَكَانَ عجمياً أَصله من همذان أَقَامَ ببغداذ واستدعاه حسام الدّين تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق إِلَيْهِ وأكرمه غَايَة الْإِكْرَام وَبَقِي فِي صحبته مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى دمشق وَلم يزل بهَا مُقيما إِلَى أَن توفّي فِي نَيف وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَكَانَ ابْن الصّلاح قد اسْتعْمل شمشكاً بغداذياً وَسَأَلَ عَن صانع مجيد فدلّ على رجل يُقَال لَهُ سَعْدَان الإسكاف فَاسْتعْمل الشمشك عِنْده وَلما فرغ مِنْهُ بعد مُدَّة وجده ضيق الصَّدْر زَائِد الطول رَدِيء الصَّنْعَة فَبَقيَ فِي أَكثر الْأَوْقَات يستعيبه ويستقبحه وَيَلُوم الَّذِي اسْتَعْملهُ وَبلغ ذَلِك الشَّيْخ أَبَا الحكم المتطبب فَقَالَ على لِسَانه هَذِه القصيدة على سَبِيل المجون
(مصابي مصابٌ تاه فِي وَصفه عَقْلِي ... وأمري عجيبٌ شَرحه يَا أَبَا الْفضل)
(أثبك مَا بِي من أسى وصبابةٍ ... وَمَا قد لقِيت فِي دمشق من الذلّ)(7/258)
(قدمت إِلَيْهَا جَاهِلا بأمورها ... على أنني حوشيت فِي الْعلم من جهل)
(وَقد كَانَ فِي رجْلي شمشكٌ فخانني ... عَلَيْهِ زمانٌ لَيْسَ يحمد فِي فعل)
(فَقلت عَسى أَن يخلف الدَّهْر مثله ... وهيهات أَن أَلْقَاهُ فِي الْحزن والسهل)
(ولاحقني نذلٌ دهيت بِقُرْبِهِ ... فَللَّه مَا لاقيت من ذَلِك النذل)
(فَقلت لَهُ يَا سعد جد لي بحاجةٍ ... تحوز بهَا شكرا مبراً على مثلي)
(بحقي عَسى تستنخب الْيَوْم قِطْعَة ... من الْأدم المدبوغ بالعفص والخل)
(فَقَالَ على رَأْسِي وحقك واجبٌ ... على كل إنسانٍ يرى مَذْهَب الْعقل)
)
(فناولته فِي الْحَال عشْرين درهما ... وسوّفني شَهْرَيْن بالفع والمطل)
(فَلَمَّا قضى الرَّحْمَن لي بنجازه ... وَقلت ترى سَعْدَان أنْجز لي شغلي)
(أَتَى بشمشكٍ ضيق الصَّدْر أحنفٍ ... بكعبٍ غَدا حتفاً على الكعب وَالرجل)
(وبشتيكه بشتيك سوءٍ مقاربٌ ... أضيف إِلَى فعلٍ شبيهٍ بِهِ فسل)
(بشكلٍ على الأذهان يعسر حلّه ... ويعيي ذَوي الأرباب وَالْعقد والحلّ)
(وكعبٍ إِلَى القطب الشماليّ مائلٍ ... ووجهٍ إِلَى القطب الجنوبي مستعلي)
(وَمَا كَانَ فِي هندامه لي صحةٌ ... وَلَكِن فسادٌ شاع فِي الْفَرْع وَالْأَصْل)
(موازاة خطي جانبيه تخالفا ... فجزءٌ إِلَى علوٍ وجزءٌ إِلَى سفل)
(بوصلٍ ضروريٍ وَقد كَانَ مُمكنا ... لعمرك أَن يَأْتِي الشمشك بِلَا وصل)
(وَفِيه اختلالٌ من قياسٍ مركّب ... فَلَا ينْتج الشّرطيّ مِنْهُ وَلَا الحملي)
(فَلَا شكله القطاع مِمَّا يَلِيق أَن ... أصون بِهِ رجْلي فَلَا كَانَ من شكل)
(وَلَا جنس إيساغويه بينٌ وَلَا ... يحدّ لَهُ نوعٌ إِذا جِيءَ بِالْفَصْلِ)
(فسادٌ طرا فِي شكله عِنْد كَونه ... فَقل أيّ شيءٍ عَن مقابحه يسلي)
(وَقد كَانَ فِيهِ قوةٌ لمرادنا ... فأعوزنا مِنْهُ الْخُرُوج إِلَى الْفِعْل)
(وَلَو كَانَ معدول الْكَمَال احتملته ... وَلَكِن سلبت الْحسن فِي الْجُزْء وَالْكل)
(فيا لَك من إِيجَاب مَا الصدْق سلبه ... وَعدل قضايا جَاءَ من غير ذِي عدل)
(وَمَا عازني فِيهِ اختلال مقولةٍ ... فجوهركم والكيف والكمّ فِي خبل)
(وَأي القضايا لم يبن فِيهِ كذبهَا ... وَأي قياسٍ لَيْسَ فِيهِ بمعتلّ)
(لقد أعوز الْبُرْهَان مِنْهُ شرائطٌ ... تجانسه ثمَّ الضَّرُورِيّ والكلي)
(إِذا خطّ فِي شمسٍ فمخروط باشه ... كملتفتٍ يُبْدِي انحرافاً إِلَى الظل)
(وطبطب فِي رجليّ والصيف مَا انْقَضى ... فَكيف بِهِ إِن صرت فِي الطين والوحل)(7/259)
(فأوهلني حَتَّى بقيت مغيّباً ... وَلم يبْق لي سَعْدَان يَا صَاح من عقل)
(وَفِي كلّ ذَا قد بَان نقف دماغه ... فأهون بشخص نَاقص الْعقل مختلّ)
(وأخرب ببيتٍ مِنْهُ فِي الْخلق مَا يرى ... سَرِيعا وَأولى بالهوان وبالأزل)
(واقليدسٌ لَو عَاشَ أعيا انحلاله ... عَلَيْهِ لأنّ الشكل مُمْتَنع الحلّ)
)
(فحينئذٍ أَقْسَمت بِاللَّه خالقي ... وهودٍ أخي عادٍ وشيثٍ وَذي الكفل)
(وَسورَة يسٍ وطه ومريمٍ ... وصادٍ وحمٍ ولقمان والنمل)
(لَئِن لم أجد فِي المزلقان ملاسةً ... توافي كراعي لَا جَعَلْنَاهُ فِي حلّ)
(وَلَا قلت شعرًا فِي دمشق وَلَا أرى ... أعاتب إسكافاً بجدٍّ وَلَا هزل)
(دهيت بِهِ خلا ينغص عيشتي ... فَلَا بَارك الرَّحْمَن لي فِيهِ من خلّ)
(وَكم آلم الإسكاف قلبِي بمطله ... ولاقيت مَا لاقاه مُوسَى من الْعجل)
(وَكَانَ أرسطاليس يدهى بمعشرٍ ... يرومون مِنْهُ أَن يُوَافق فِي الْهزْل)
(وبقراط قد لَاقَى أموراً كَثِيرَة ... وَلكنه لم يلق فِي أَهله مثلي)
(وَقد كَانَ جالينوس إِن عضّ رجله ... شمشكٌ يدواي العقد بالمرهم النخلي)
(وقسطا بن لوقا كَانَ يحفى لأجل ذَا ... وَمَا كَانَ يصغي فِي حفاه إِلَى عذل)
(وَكَانَ أَبُو نصرٍ إِذا زار معشراً ... وَضاع لَهُ نعلٌ يروح بِلَا نعل)
(وأرباب هَذَا الْعلم مَا فتئوا كَذَا ... يقاسون مَا لَا يَنْبَغِي من ذَوي الْجَهْل)
(كَذَلِك إِنِّي مذ حللت بجلّق ... نَدِمت فأزمعت الرُّجُوع إِلَى أَهلِي)
(وَلَو كنت فِي بغداذ قَامَ بنصرتي ... هُنَالك أقوامٌ كرامٌ ذَوُو نبل)
(وَمَا كنت أَخْلو من وليٍّ مساعدٍ ... وَذي رغبةٍ فِي الْعلم يكْتب مَا أملي)
(فيا لَيْتَني مستعجلاً طرت نَحْوهَا ... وَمن لي بِهَذَا وَهُوَ ممتنعٌ من لي)
(فَفِي الشَّام قد لاقيت ألف بليةٍ ... فيا لَيْت أَنِّي مَا حططت بهَا رحلي)
(على أنني فِي جلّقٍ بَين معشرٍ ... أعاشر مِنْهُم معشراً لَيْسَ من شكلي)
(فأقسم مَا نوء الثريا إِذا همى ... وجاد على الْأَرْضين دائمة الْمحل)
(وَلَا بَكت الخنساء صخراً شقيقها ... وأدمعها فِي الخدّ دائمة الهطل)
(بأغزر من دمعي إِذا مَا رَأَيْته ... وَقد جَاءَ فِي رجليّ منحرف الشكل)
(وأمرضني مَا قد لقِيت لأَجله ... فيا لَيْت أَنِّي قد بقيت بِلَا رجل)
(فَهَذَا وَمَا عددت بعض خصاله ... وَكَيف احتراسي من أذيته قل لي)
(وَمن عظم مَا قاسيت من ضيق باشه ... أَخَاف على جسمي من السقم والسل)(7/260)
(فيا لشمشك مذ تأمّلت شكله ... علمت يَقِينا أَن موجبٌ قَتْلِي)
)
(ويوقعني فِي علةٍ مَا إخال أَن ... يخلّصني مِنْهَا بزرٌ وَلَا مغلي)
(وينشد من يَأْتِيهِ نعيي بجلّقٍ ... بِنَا مِنْك فَوق الرمل مَا بك فِي الرمل)
(فَلَا تعجبوا مِمَّا دهاني فإنني ... وجدت بِهِ مَا لم يجد أحدٌ قبلي)
3 - (وَالِد أبي مَنْصُور موهوب الجواليقي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْخضر بن الْحسن بن مُحَمَّد أَبُو طَاهِر الجواليقي البغداذي وَالِد أبي مَنْصُور موهوب اللّغَوِيّ سمع عبد الْملك بن مُحَمَّد بن بَشرَان وَحدث باليسير روى عَنهُ عبد الْوَهَّاب الآنماطي توفّي فَجْأَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن خَمِيس المغربي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن خَمِيس الْحَضْرَمِيّ أَبُو الْعَبَّاس من أهل ميورقة من بِلَاد الأندلس دخل بغداذ وتفقه بهَا ولازم عَليّ بن الْحُسَيْن الغرنوي الْوَاعِظ وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَكَانَ يُصَلِّي إِمَامًا بالوزير عَليّ بن طرّاد الزَّينبي وروى ببغداذ شَيْئا يَسِيرا عَن أبي بكر الطرطوشي كتب عَنهُ أَبُو عَامر الْعَبدَرِي
3 - (ابْن سرهنك الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سرهنك الْكَاتِب صَاحب إنْشَاء ورسائل بغداذي قدم تكريت قَالَ يحيى بن الْقَاسِم قَاضِي تكريت كَانَ فَاضلا
3 - (الْحَافِظ ابْن رُمَيْح)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن رُمَيْح بن عصمَة أَبُو سعيد النَّخعِيّ النسوي ثمَّ الْمروزِي طوّف وَسمع الْكثير وصنف وَحدث ضعّفوه وَوَثَّقَهُ الْخَطِيب توفّي سنة سبع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الْبَلَدِي الْوَزير)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد نب إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي أَبُو جَعْفَر بن أبي الْفَتْح بن أبي مَنْصُور الْوَزير الْمَعْرُوف بِابْن الْبَلَدِي ولاه الإِمَام المستنجد النّظر بواسط فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ كَاتبه الوزارة فَتوجه إِلَى بغداذ وَكَانَ شهماً مقداماً شَدِيد الْوَطْأَة عَظِيم الهيبة دخل لما أَتَى الْخَلِيفَة من بَاب السرداب رَاكِبًا وَحضر قُدَّام الْخَلِيفَة فَأَفَاضَ الْخلْع عَلَيْهِ جُبَّة وعمامة وسيفاً ومركباً وفرشاً رائعاً وَسكن دَار ابْن هُبَيْرَة وَلما وقف بَين يَدي الْخَلِيفَة قَالَ
(بأيّ لسانٍ أم بأيّ بَيَان ... أقابل مَا أوليتنيه زماني)
)
(فَلَا زلت يَا مولى الْأَنَام مؤيداً ... مدى الدَّهْر حَتَّى يذهب الملوان)
(خَليفَة رب الْعَالمين ووارث النَّبِيين ... والمعدي على الْحدثَان)
(لقد سعد الدَّهْر الَّذِي أَنْت ملكه ... وَبَات بنوه فِي غنى وأمان)
وَلم يزل وزيراً إِلَى أَن أرجف بِمَوْت المستنجد فَجمع الجموع وحشد وَلبس السِّلَاح وأيقن(7/261)
بِأَنَّهُ يقْصد وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْجُمُعَة فَبَاتَ لَيْلَة السبت إِلَى قريب الظّهْر فنفلّل الأجناد وَبَقِي الْوَزير وَحده وَمَات الْخَلِيفَة ذَلِك الْوَقْت فغلق بَاب النوبي وَبَاب الْعَامَّة واستدعي بالوزير إِلَى الْبيعَة فَخرج من دَاره حافياً مفتوق الجيب وَمَعَهُ صَاحب المخزن وَابْن النجاري ووصلوا صحن السَّلَام فَتقدم إِلَيْهِم بِأَن يجلسوا وَلَا يبايعوا فَخرج أستاذ الدَّار وَمَعَهُ ابْن السيبي فَقَالَ أستاذ الدَّار لِابْنِ السيبي قد تقدم السُّلْطَان بِأَن تستوفي الْقصاص من هَذَا واشار إِلَى الْوَزير فَأخذ وسحب وَقطع أَنفه وَيَده وَرجله وَضربت رقبته وَجمع فِي ترس وَأُلْقِي على التل الَّذِي يَلِي بَاب الْمَرَاتِب وَدفع من أَعْلَاهُ إِلَى المَاء وَكَانَ الْوَزير قد قطع أنف أم ابْن السيبي هَذَا وَقطع يَد أَخِيه وَرجله أَيَّام ولَايَته فاقتص مِنْهُ وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (الْمسند عماد الدّين الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعد بن عبد الله بن سعد بن مُفْلِح الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل الْمسند عماد الدّين ابْن الأديب الْعَالم شمس الدّين الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ ولد سنة سبع عشرَة يروي عَن الْمجد الْقزْوِينِي وَابْن الزبيدِيّ والإربلي وَابْن اللتي وَابْن المقير وَأَجَازَ لَهُ الْمُوفق وَفتح الدّين ابْن عبد السَّلَام ومسمار ابْن العويس وَحدث قبل السِّتين وَحج مَرَّات وَحدث بالحجاز وحماة ودمشق وَتُوفِّي سنة سبع مائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس المسيلي الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد بن حَرْب أَبُو الْعَبَّاس المسيلي الْمُقْرِئ من أهل الحذق والتجويد
صنف كتاب التَّقْرِيب فِي الْقرَاءَات وتصدر للإقراء بإشبيلية وَتُوفِّي فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (التاريخي الرعيني)
أَحْمد بن مُحَمَّد التاريخي الرعيني الأندلسي قَالَ الْحميدِي عَالم بالأخبار ألف فِي مآثر الْمغرب كتبا جمة مِنْهَا كتاب ضخم ذكر فِيهِ مسالك الأندلس ومراسيها وَأُمَّهَات مدنها وأجنادها)
السِّتَّة وخواص كل بلدٍ مِنْهَا
3 - (ابْن فطيس الْوراق)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد بن عبيد الله بن أَحْمد بن سعيد بن أبي مَرْيَم أَبُو بكر الْقرشِي الْوراق وراق أَحْمد بن عُمَيْر بن جوصا الْحَافِظ الدِّمَشْقِي يعرف بِابْن فطيس مَاتَ سنة خمسين وَثَلَاث مائَة ومولده سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ صَاحب الْخط الْحسن الْمَشْهُور روى الحَدِيث عَن جمَاعَة من أهل الشَّام قَالَ ابْن عَسَاكِر وَذكره عبد الْعَزِيز الْكِنَانِي وَقَالَ كَانَ ثِقَة مَأْمُونا يورق للنَّاس بِدِمَشْق لَهُ خطّ حسن
3 - (ابْن شميعة)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن شميعة أَبُو الْعَبَّاس البغداذي شَاعِر مطبوع قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب رَأَيْته ببغداذ سنة إِحْدَى وَخمسين فِي سوق الْكتب واستنشدته وَرَأَيْت لَهُ خاطرا(7/262)
مطواعاً وَكَانَ من دأبه نظم قصائد الأوزان والرويّ فِي قصيدة وَاحِدَة ويمدح الْأَعْيَان وَيكْتب ذَلِك بالحمرة والألوان المخلتفة أَنْشدني لَهُ من قصيدة
(لَا أشتكيها وَإِن ضنّت بإسعاف ... وَإِنَّمَا أتشكّى طيفها الجافي)
مِنْهَا
(حقفٌ لمعتنقٍ خمرٌ لمغتبقٍ ... وردٌ لمنتشقٍ مسكٌ لمستاف)
مِنْهَا
(هم الْأَحِبَّة إِلَّا أَن عِنْدهم ... مَا فِي المعادين من خلفٍ وإخلاف)
وَمن شعره ودّ أهل الزَّوْرَاء زور فَلَا يسكن ذُو خبرةٍ إِلَى ساكنيها هِيَ دَار السَّلَام حسب فَلَا مطمع فِيهَا فِي غير مَا قيل فِيهَا وَمِنْه
(لَا تَسْأَلُونِي عَن الرقاد فقد ... أنسيت لَوْلَا سؤالكم خَبره)
(مرّ بعيني مذ برهةٍ غَلطا ... فَهِيَ إِلَى الْآن مِنْهُ معتذره)
وَمِنْه فِي قَوس بندق
(أَنا من برٍّ وبحرٍ ... جمعا بَطْني وظهري)
)
لي عين دمعها الْمَوْت إِلَى الْأَرْوَاح يسري
(غير أَنِّي كهلالٍ ... طالعٍ فِي كفّ بدر)
توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس مائَة وَكَانَ محارفاً
3 - (أَبُو الْفضل الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن شنيف بن مُحَمَّد أَبُو الْفضل الْمُقْرِئ البغداذي قَرَأَ بالروايات على أَحْمد بن عَليّ بن سوار وثابت بن بنْدَار الْبَقَّال وَمُحَمّد بن أَحْمد الخيّاط وَغَيرهم وتفقه لِابْنِ حَنْبَل وَحصل مِنْهُ طرفا صَالحا وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن الْحسن الْقَزاز وَمُحَمّد بن سعيد بن نَبهَان وَيحيى بن عبد الْوَهَّاب بن مندة الْأَصْبَهَانِيّ وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (الوائلي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن شراعة بن ثَعْلَبَة الوائلي قَالَ صَاحب الأغاني كَانَ شَاعِرًا جيد الشّعْر جزله كالبدوي فِي مذْهبه وَكَانَ جواداً لَا يسْأَل مَا يقدر عَلَيْهِ إِلَّا يسمح بِهِ وقف عَلَيْهِ سائلٌ يَوْمًا فَرمى إِلَيْهِ بنعله وَانْصَرف حافياً وعثر فدميت إصبعه فَقَالَ(7/263)
(أَلا لَا أُبَالِي فِي العلى مَا لَقيته ... وَإِن نقبت نعلاي أَو حفيت رجْلي)
(فَلم تَرَ عَيْني قطّ أحسن منْظرًا ... من الرجل تدمى فِي الْمُوَاسَاة والبذل)
(وَلست أُبَالِي من تأوّب منزلي ... إِذا بقيت عِنْدِي السَّرَاوِيل أَو نَعْلي)
وبلغه أَن أَخَاهُ قَالَ إِن أخي مَجْنُون قد أفقرنا وَنَفسه فَقَالَ
(أإن كنت فِي الفتيان ألوث سيداً ... شَدِيد شحوب اللَّوْن مُخْتَلف العصب)
(فَمَا لَك من مَوْلَاك إِلَّا حفاظه ... وَمَا الْمَرْء اباللسان أَو الْقلب)
(سما الأصغران الذائدان عَن الْفَتى ... مكارهه والصاحبان على الْخطب)
(فإلا أطق سعي الْكِرَام فإنني ... أفكّ عَن العاني وأصبر فِي الْحَرْب)
وَله فِي هَذَا الأنموذج كثير وَقصد الْحسن بن رَجَاء فصادف على بَابه دعبلاً وَجَمَاعَة من الشُّعَرَاء وَقد اعتلّ عَلَيْهِم بدينٍ لزمَه ومصادرة فَكتب إِلَيْهِ
(المَال وَالْعقل شيءٌ يستعان بِهِ ... على الْمقَام بِأَبْوَاب السلاطين)
(وَأَنت تعلم أَنِّي مِنْهُمَا عطلٌ ... إِذا تأملتني يَا ابْن الدهاقين)
)
(هَل تعلم الْيَوْم فِي الأهواز من رجلٍ ... سواك يصلح للدنيا وللدين)
فوعده وَعدا ثمَّ تدافع فَكتب إِلَيْهِ
(أَذِنت جنتي بأمرٍ قَبِيح ... من فراقي للطيلسان الْمليح)
(أَنْت روح الأهواز يَا ابْن رجاءٍ ... أَي شيءٍ يعِيش إِلَّا بِروح)
فَأذن للْجَمَاعَة وَقضى حوائجهم وَكَانَ بَينه وَبَين قوم من بني عَمه وَحْشَة فَصَالَحُوهُ ثمَّ دَعوه إِلَى وَلِيمَة فَأَنف من طعامهم وَقَالَ أمثلي يخرج من ضرام إِلَى طَعَام وَمن شتيمة إِلَى وَلِيمَة وَمَا لي وَلكم مثلا إِلَّا قَول الملتمس
(فَإِن تقبلُوا بالود نقبل بِمثلِهِ ... وَإِلَّا فَإنَّا نَحن آبى وأشمس)(7/264)
(الْجُزْء الثَّامِن)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(ربِّ أعن)
3 - (المرزوقي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن أَبُو عَليّ المرزوقي من أهل أَصْبَهَان كَانَ غَايَة فِي الذكاء والفطنة حسن التصنيف وَإِقَامَة الْحجَج وَحسن الِاخْتِيَار وتصانيفه لَا مزِيد عَلَيْهَا فِي الْجَوْدَة مَاتَ فِيمَا ذكره يحيى بن مَنْدَه فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة قَالَ وكنب عَنهُ سعيد الْبَقَّال وَأخرجه فِي مُعْجَمه وَكَانَ قد قَرَأَ سِيبَوَيْهٍ على أبي عَليّ الفارسيّ وتتلمذ لَهُ بعد أَن كَانَ رَأْسا بِنَفسِهِ وَله من الْكتب كتاب شرح الحماسة وجوّده وَشرح المفضليات وَشرح الفصيح وَشرح أشعار هُذَيل وَكتاب الْأَزْمِنَة وَشرح الموجز وَكتاب شرح نَحْو قَالَ الصاحب ابْن عبّاد فَازَ بِالْعلمِ من أَصْبَهَان ثَلَاثَة حائك وحلاّج وإسكاف فالحائك هُوَ المرزوقي والحلاج أَبُو مَنْصُور بن ماشذه والإسكاف أَبُو عبد الله الْخَطِيب بالرّيّ صَاحب التصانيف فِي اللُّغَة
كَانَ معلم أَوْلَاد بني بويه بأصبهان دخل عَلَيْهِ الصاحب ابْن عباد فَمَا قَامَ لَهُ فَلَمَّا أفضت إِلَيْهِ الوزارة جفاه
3 - (الخلاّل الورّاق الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن الخلاّل الورّاق الأديب صَاحب الْخط الْمليح الرَّائِق والضبط المتقن الْفَائِق قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الْأَدَب أَظُنهُ ابْن أبي الْغَنَائِم الأديب وجدت خطه على كتاب قد كتبه فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (ابْن حسان الْخُرَاسَانِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسّان الْخُرَاسَانِي مدح مُوسَى بن بغا وهجا صَالح بن وصيف فَقَالَ
(نَفسي تَقيك من الأسواء ياموسى ... مازلت َذا نعمةٍ بالنصرِ محروسا)
(وأينَ منكَ أَبُو عمرَان من ملكٍ ... يَرْجُو الْأَنَام بِهِ للكرب تنفيسا)(8/5)
(أدركتَ ثأرك من طاغٍ بغى سَفَهاً ... وَلم تزل لبناءِ الْخَيْر تأسيسا)
(من بعد مَا هَدَّ ركن الملكِ مُعْتَمدًا ... ودنّس الْملك والإسلامَ تدَنيسا)
(وجرَّع الشَّيْخ كأس الْمَوْت مترَعةً ... ظُلماً صراحاً وأردى بعْدهَا عِيسَى)
(وغادرَ الحسنَ المسلوب نعْمَته ... بعدَ الْعَذَاب وَأخذ المَال مَحْبُوسًا)
يَعْنِي بالشيخ لِأَحْمَد بن إِسْرَائِيل وَعِيسَى يُرِيد أَبَا نوح وَيُقَال إنَّ أَبَا صَالح بن يزْدَاد هُوَ الَّذِي حمل صَالح بن وصيف على قَتلهمَا وَالْحسن هُوَ ابْن مخلَّد
3 - (الحبشي)
أَحْمد بن مُحَمَّد الحبشي من شعراء مصر لَهُ قصيدة مِنْهَا
(لايهلكنَّكَ قَالَ الزُّورِ والقيل ... فللمقالات تكثيرٌ وتقليل)
(أمسك عَلَيْك فَخير القَوْل أصدقه ... وَشر مل قيل فِي الدُّنْيَا الأباطيل)
وَقَالَ
(ياسراج الْحسن يَا شمس الضُّحَى ... يانقا الْيَاقُوت يَا صفو الذَّهب)
(لاتقف بِالْبَابِ إِنِّي خائفٌ ... بَيْنَمَا ترقبني أَن تستلب)
3 - (جراب الدولة)
أَحْمد بن مُحَمَّد جراب الدولة قَالَ ياقوت هُوَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن علَّويه من أهل سجستان يكنى أَبَا الْعَبَّاس كَانَ طنبوريّاً أحد الظرفاء كَانَ فِي أَيَّام المقتدر وَأدْركَ دولة بني بويه فَلذَلِك سمّى نَفسه بجراب الدولة لأَنهم كَانُوا يفتحرون بِالتَّسْمِيَةِ فِي الدولة كَانَ يلقّب بالرَّيح أَيْضا
وَله كتاب ترويح الْأَرْوَاح ومفتاح السرُور والأفراح لَو يصنَّف فِي فنه مثله اشتمالاً على فنون الْهزْل والمضاحك
3 - (البشي الخارزنجي)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد البشّي الخارزنجي قَالَ السَّمْعَانِيّ الخارزنجي خارزنج قَرْيَة بنواحي نبسابور من نَاحيَة بِشَتٍّ وَالْمَشْهُور من هَذِه الْقرْيَة أَبُو حَامِد أَحْمد ابْن مُحَمَّد الخارزنجي إِمَام أهل الْأَدَب بخراسان فِي عصره بِلَا مدافعة فَإِن فضلاء عصره لمّا حجّ بعد الثَّلَاثِينَ وثلاثمائة شهد لَهُ أَبُو عمر الزَّاهِد ومشايخ الْعرَاق بالتقديم وَكتابه الْمَعْرُوف ب التكملة هُوَ الْبُرْهَان فِي تفدّمه وفضله وَلما دخل بَغْدَاد تعجب أَهلهَا من تقدمه فِي معرفَة اللُّغَة فَقيل هَذَا الْخُرَاسَانِي لم يدْخل الْبَادِيَة قطّ وَهُوَ من أدب النَّاس فَقَالَ أَنا بَين عربين بِشَتٍّ وتوش سمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البوشنجي وَحدث وَسمع مِنْهُ الْحَاكِم أَبُو عبد الله وَمَات فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وثلاثمائة(8/6)
قَالَ الْأَزْهَرِي وَمِمَّنْ ألّف وَجمع من الخرسانيين فِي زَمَاننَا هَذَا فصحّف وَأكْثر فغّير رجلَانِ أَحدهمَا يسمّى أَحْمد بن مُحَمَّد البشي وَيعرف بالخارزنجي وَالْآخر أَبُو الْأَزْهَر البُخَارِيّ فَأَما الخارزنجي فَإِنَّهُ ألّف كتابا سَمَّاهُ التكملة أَرَادَ أَنه كمل كتاب الْعين الْمَنْسُوب إِلَى الْخَلِيل بن أَحْمد بكتابه وَأما البُخَارِيّ فَإِنَّهُ سمّى كِتَابه الحصائل فأعاره هَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ قصد تَحْصِيل مَا أغفله الْخَلِيل وَنظرت فِي كتاب البشي فرأيته أثبت فِي صَدره الْكتب الْمُؤَلّفَة الَّتِي استخرج كِتَابه مِنْهَا وعدَّد كتبا قَالَ الخارزنجي استخرجت مَا وضعت فِي كتابي هَذَا من الْكتب الْمَذْكُورَة ثمَّ قَالَ وَلَعَلَّ بعض النَّاس يَبْتَغِي الْعَبَث بتهجينه والقدح فِيهِ لِأَنِّي أسندت مَا فِيهِ إِلَى هَؤُلَاءِ الْعلمَاء من غير سَماع وَإِنَّمَا إخباري عَن صُحُفهمْ وَلَا يزري ذَلِك على من عرف الغثَّ والسمين وميّز بَين الصَّحِيح والسقيم وَقد فعل مثل ذَلِك أَبُو تُرَاب صَاحب كتاب الاعتقاب فَإِنَّهُ روى عَن الْخَلِيل بن أَحْمد وَأبي عَمْرو ابْن الْعَلَاء وَالْكسَائِيّ وَبَينه وَبَين هَؤُلَاءِ فَتْرَة وَكَذَلِكَ القتبي روى عَن سِيبَوَيْهٍ والأصمعي وَأبي عَمْرو وَهُوَ لم ير مِنْهُم أحدا قَالَ ياقوت وردَّ عَلَيْهِ الْأَزْهَرِي فِي هَذَا الْفَصْل بِمَا يطول عليّ كتبه وَله كتاب التكملة وَكتاب التفصلة وَتَفْسِير أَبْيَات أدب الْكَاتِب
3 - (الحرميّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق ابْن أبي حميضة يعرف بالحرمي ابْن أبي الْعَلَاء أَبُو عبد الله من أهل مَكَّة سكن بغداذ ذكره الْخَطِيب فَقَالَ مَاتَ سنة سبع عشرَة وثلاثمائة وَكَانَ كَاتب أبي عمر مُحَمَّد بن يُوسُف القَاضِي وحدّث عَن الزبير بن بكار بِكِتَاب النَّسب وَغَيره وروى عَنهُ أَبُو حَفْص ابْن شاهين وَأَبُو عمر ابْن حيُّويه وَأكْثر عَنهُ أَبُو الْفرج عَليّ بن الْحُسَيْن الْأَصْبَهَانِيّ)
وَغَيره
3 - (الطّحاوي الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلامَة بن عبد الْملك أَبُو جَعْفَر الْأَزْدِيّ(8/7)
الحجري الطَّحَاوِيّ بِالطَّاءِ الْمُهْملَة والحاء الْمُهْملَة وَبعد الْألف وَاو نِسْبَة إِلَى طحا قَرْيَة بصعيد مصر الْحَنَفِيّ الْحَافِظ المحدّث أحد الْأَعْلَام سمع جمَاعَة وَخرج إِلَى الشَّام سنة ثمانٍ وَسِتِّينَ فلقي قاضيها أَبَا خازم فتفقه بِهِ وَبِغَيْرِهِ وَكَانَ ثِقَة نبيلاً ثبتاً فَقِيها عَاقِلا لم يتَخَلَّف بعده مثله قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة أَصْحَاب أبي حنيفَة بِمصْر وَكَانَ شافعياً يقْرَأ على الْمُزنِيّ فَقَالَ لَهُ يَوْمًا وَالله لَا جَاءَ مِنْك خير فَغَضب من ذَلِك وانتقل إِلَى ابْن أبي عمرَان فَلَمَّا صنف مختصرة قَالَ رحم الله أَبَا إِبْرَاهِيم لَو كَانَ حَيا لكفّر عَن يَمِينه وَمن نظر فِي تصانيفه علم محلّه ومعرفته وناب فِي الْقَضَاء عَن أبي عبيد الله مُحَمَّد بن عَبدة وصنف اخْتِلَاف الْعلمَاء والشروط وَأَحْكَام الْقُرْآن ومعاني الْآثَار وَله تَارِيخ كَبِير وَكَانَ الْمُزنِيّ خَاله توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة وَقيل لَهُ لم انْتَقَلت إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة قَالَ لِأَنِّي كنت أرى الْمُزنِيّ يديم النّظر فِيهَا
3 - (ابْن عبد ربّه)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد ربّه بن حبيب بن حدير بن سَالم مولى هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي مولده سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمائة عَن إِحْدَى وَثَمَانِينَ سنة وَثَمَانِية أشهر وَثَمَانِية أَيَّام كنيته أَبُو عمر قَالَ الْحميدِي من أهل الْعلم وَالْأَدب وَالشعر وَهُوَ صَاحب كتاب العقد فِي الْأَخْبَار مقسم على عدَّة فنون وسمّى كلّ بَاب مِنْهُ على نظم العقد كالواسطة والزبرجدة والياقوتة والزمردة وَمَا أشبه ذَلِك وَبَلغنِي أَن الصاحب ابْن عباد سمع بِكِتَاب العقد فحرص حَتَّى حصله فَلَمَّا تَأمله قَالَ هَذِه بضاعتنا ردَّت إِلَيْنَا ظَنَنْت أَن هَذَا الْكتاب يشْتَمل على شَيْء من أَخْبَار بِلَادهمْ وَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَمل على أَخْبَار بِلَادنَا لَا حادة لنا فِيهِ فردّه قَالَ الْحميدِي وشعره كثير مَجْمُوع رَأَيْت مِنْهُ نيفاً وَعشْرين جُزْءا من جملَة مَا جمع للْحكم بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْأمَوِي وَبَعضهَا بِخَطِّهِ وَكَانَت لَهُ بِالْعلمِ جلالة وبالأدب رئاسة وَشهر مَعَ ديانته وصيانته واتفقت لَهُ أَيَّام ولاياتٍ للْعلم فِيهَا نفاقٌ فَسَاد بعد الخمول وأثرى بعد فقر إِلَّا أَنه غلب عَلَيْهِ الشّعْر وَيُقَال أَنه أول من نظم الموشحات)
بالمغرب وَقسم كتاب العقد على خمس(8/8)
وَعشْرين كتابا كلّ مِنْهَا جزءان فجَاء خَمْسُونَ جُزْءا كلّ كتاب باسم جَوْهَرَة فأوَّلها اللؤلؤة فِي السُّلْطَان الفريدة فِي الحروب الزبرجدة فِي الأجواد الجمانة فِي الْوُفُود المرجانة فِي مُخَاطبَة الْمُلُوك الياقوتة فِي الْعلم وَالْأَدب الْجَوْهَرَة فِي الْأَمْثَال الزمردة فِي المواعظ الدّرة فِي النوادب والمراثي الْيَتِيمَة فِي الْأَنْسَاب العسجدة فِي كَلَام الأعرب المجنَّبة فِي الْأَجْوِبَة الْوَاسِطَة فِي الْخطب المجنَّبة الثَّانِيَة فِي التوقيعات والفصول والصدور وأخبار الكتبة العسجدة الثَّانِيَة فِي الْخُلَفَاء وأيامهم الْيَتِيمَة الثَّانِيَة فِي أَخْبَار زِيَاد وَالْحجاج والطالبيين والبرامكة الدرة الثَّانِيَة فِي فَضَائِل الشّعْر ومقاطعه ومخارجه الْجَوْهَرَة الثَّانِيَة فِي أعاريض الشّعْر وَعلل القوافي الياقوتة الثَّانِيَة فِي علم الألحان وَاخْتِلَاف النَّاس فِيهِ المرجانة الثَّانِيَة فِي النِّسَاء وصفاتهن الجمانة الثَّانِيَة فِي المتنبئين والمرورين والطفيليين الزبرجدة الثَّانِيَة فِي النُّتف والهدايا والتحف والفكاهات وَالْملح الفريدة الثَّانِيَة فِي الهيئات واللباس وَالطَّعَام وَالشرَاب اللؤلؤة الثَّانِيَة فِي طبائع الْإِنْسَان وَسَائِر الْحَيَوَان وتفاضل الْبلدَانِ
وَله أشعار سمّاها الممحَّصات وَذَلِكَ أَنه نقض كل قِطْعَة قَالَهَا فِي صباه وغزله بِقِطْعَة فِي المواعظ والزهد من ذَلِك
(أَلا إِنَّمَا الدُّنْيَا غضارة أيكة ... إِذا اخضرَّ مِنْهَا جَانب جفَّ جانبُ)
(هِيَ الدَّار مَا الآمال إِلَّا فجائعٌ ... عَلَيْهَا وَلَا اللَّذَّات إلاّ مصائب)
(وَكم سخنت بالْأَمْس عينٌ قريرةٌ ... وقرَّت عيونٌ دمعها الْآن ساكب)
(فَلَا تكتحل عَيْنَاك مِنْهَا بعبرةٍ ... على ذَاهِب مِنْهَا فَإنَّك ذَاهِب)
وَمن شعره
(يَا ذَا الَّذِي خطَّ العذار بِوَجْهِهِ ... خطَّين هاجا لوعةً وبلابلا)
(مَا صحّ عِنْدِي أنَّ لحظك صارمٌ ... حَتَّى لبست بعارضيك حمائلا)
قَالَ ابْن خلكان قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَخذه الْبَهَاء أسعد السنجاري فَقَالَ
(يَا سيف مقلته كملت ملاحةً ... مَا كنت قبل عذاره بحمائل)
وَمن شعر ابْن عبد ربه
(إنّ الغواني إِن رأينك طاوياً ... برد الشَّبَاب طوين عَنْك وصالا)
)
(وَإِذا دعونك عمهنَّ فإنّه ... نسبٌ يزيدك عندهنَّ خبالا)(8/9)
وَقَالَ فِي الْمُنْذر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم الْأمَوِي من أَبْيَات
(بالمنذر بن مُحَمَّد ... شرفت بِلَاد الأندلس)
(فالطير فِيهَا ساكنٌ ... والوحش فِيهَا قد أنس)
قَالَ الْوَزير المغربي فِي كتاب أدب الْخَواص وشٌقت هَذِه القصيدة عِنْد انتشارها على المعّز أبي تَمِيم معدّ وساءه مَا تضمنته من الْكَذِب والتمويه إِلَى أَن عارضها شاعره الإياديّ بِأَبْيَات أَولهَا
(ربعٌ لميّة قد درس ... واعتاض من نطقٍ خرس)
وَلابْن عبد ربّه
(نعق الْغُرَاب فَقلت أكذب طائرٍ ... مَا لم يصدقهُ رُغَاء بعيرٍ)
قَالَ ابْن خلكان وَفِيه الْتِفَات إِلَى قَول بَعضهم
(لهنّ الوجى لم كنّ عوناً على النَّوَى ... وَلَا زَالَ مِنْهَا ظالعٌ وحسير)
(وَمَا الشؤم فِي نعق الْغُرَاب ونعبه ... وَلَا الشؤم إلاّ ناقةٌ وبعير)
قلت والتفاتٌ إِلَى قَول الآخر مَا فرق الأحباب بعد الله إِلَّا الْإِبِل وَمَا غراب الْبَين إِلَّا نَاقَة وجمل وَحَام على هَذَا أَبُو الطّيب فَقَالَ
(وَمَا عفت الرِّيَاح لَهُم محلاًّ ... عفاها من حدا بهم وساقا)
وَهُوَ كثير
وَلابْن عبد ربّه أَيْضا
(يَا لؤلؤاً يسبي الْعُقُول أنيقا ... ورشاً بتقطيع الْقُلُوب رَفِيقًا)
(مَا إِن رَأَيْت وَلَا سَمِعت بِمثلِهِ ... درّاً يعود من الْحيَاء عقيقا)
وَقَالَ وَهُوَ آخر مَا قَالَه
(بليت وأبلتني اللَّيَالِي بكرّها ... وصرفان للأيام معتوران)
(وَمَالِي لَا أبلى لسَبْعين حجّةً ... وعشرٍ أَتَت من بعْدهَا سنتَانِ)
)
وأصابه الفالج قبل وَفَاته بأعوام
وَكَانَ ابْن عبد ربّه صديقا لأبي مُحَمَّد يحيى القلفاط الشَّاعِر ثمَّ فسد مَا بَينهمَا وتهاجيا وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن ابْن عبد ربّه مرّ بِهِ يَوْمًا وَكَانَ فِي مَشْيه اضْطِرَاب فَقَالَ أَبَا عمر مَا علمت(8/10)
أَنَّك آدر إِلَّا الْيَوْم لمّا رَأَيْت مشيك فَقَالَ لَهُ ابْن عبد ربّه كذبتك عرسك أَبَا مُحَمَّد فعزّ على القلفاط كَلَامه وَقَالَ لَهُ أتتعرّض للحرم وَالله لأرينّك كَيفَ الهجاء ثمَّ صنع فِيهِ قصيدة أَولهَا
(يَا عرس أَحْمد إِنِّي مزمعٌ سفرا ... فودّعيني سرا من أبي عمرا)
ثمَّ تهاجيا بعد ذَلِك وَكَانَ القلفاط يلقبه بطلاس لِأَنَّهُ كَانَ أطلس اللِّحْيَة ويسمّى كتاب العقد حَبل الثوم فاتفق اجتماعها يَوْمًا عِنْد بعض الوزراء فَقَالَ الْوَزير للقلفاط كَيفَ حالك الْيَوْم مَعَ أبي عمر فَقَالَ مرتجلاً
(حَال طلاسٌ لي عَن رائه ... وَكنت فِي قعدد أبنائه)
فبدر ابْن عبد ربّه وَقَالَ
(إِن كنت فِي قعدد أبنائه ... فقد سقى أمَّك من مَائه)
فَانْقَطع القلفاط خجلاً
3 - (الصُّوفِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد ن دست دادا شيخ الشُّيُوخ النَّيْسَابُورِي الصُّوفِي الزَّاهِد صحب الزَّاهِد أَبَا سعيد فضل الله أبن أبي الْخَيْر الميهني وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن مُخْتَار النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُخْتَار الوَاسِطِيّ أَبُو عَليّ النَّحْوِيّ الْعدْل ابْن أخي أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُخْتَار النَّحْوِيّ مَاتَ بعد الْخَمْسمِائَةِ وَله عقب بواسط فِيمَا ذكره ياقوت
أَخذ النَّحْو عَن أبي غَالب ابْن بَشرَان وَكَانَ منزله مؤلفاً لأهل الْعلم وَكَانَ من الشُّهُود المعدلين وَكَانَ طحّاناً دخل فِي بعض الْأَوْقَات عَسْكَر الْأَعَاجِم ونهبوا قِطْعَة من وَاسِط ونهبوا دكانه ونزلوا دَاره قَالَ الشريف عبد الْوَهَّاب ابْن أبي غَالب عَن الشريف أبي الْعَلَاء ابْن التقّي فَدخلت مَعَه إِلَيْهِم نستعطفهم أَن يردّوا عَلَيْهِ بعض مَا أخذُوا لَهُ فَلم نر لذَلِك وَجها فخرجنا وَهُوَ يَقُول
(تذكرت مَا بَين العذيب وبارق ... مجرَّ عوالينا ومجرى السّوابقِ)
)
ثمَّ الْتفت إليّ وَقَالَ مَا الْعَامِل فِي الظّرْف فِي هَذَا الْبَيْت فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي مَا أشغلك مَا أَنْت فِيهِ عَن النَّحْو وَالنَّظَر فَقَالَ يَا بنيّ مَا يفيدني إِذا حزنت وَمن شعره أنْشدهُ الْحَافِظ السلَفِي
(كم جاهلٍ متواضعٍ ... ستر التَّوَاضُع جَهله)(8/11)
(ومميزٍ فِي علمه ... هدم التكبر فَضله)
(فدع التكبر مَا حييّ ... ت وَلَا تصاحب أَهله)
(فالكبر عيبٌ للفتى ... أبدا يقبّحٌ فعله)
3 - (ابْن الطحّان الستيتي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلامَة بن عبد الله أَبُو الْحُسَيْن الستيتي الدِّمَشْقِي الأديب الْمَعْرُوف بِابْن الطحّان روى عَن خثيمَةَ وَأبي الطّيب المتنبي الشاعروأبي الْقَاسِم الزجّاجي النَّحْوِيّ وَكَانَت لَهُ أصُول حَسَنَة وَهُوَ من ولد ستيتة مولاة يزِيد توفّي سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن سَالم الصُّوفِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَالم أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ الصُّوفِي ابْن الصُّوفِي الْمُتَكَلّم صَاحب الْمقَالة السالمية لَهُ أَحْوَال ومجاهدة وَأَتْبَاع ومحبّون وَهُوَ شيخ أهل الْبَصْرَة فِي زَمَانه عمَّر دهراً وَأدْركَ سهل بن عبد الله التستريّ أَخذ عَنهُ وَبَقِي إِلَى السِّتين والثلاثمائة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين ابْن صصرى)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَالم ابْن أبي الْمَوَاهِب الْحَافِظ بن صصرى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين أَبُو الْعَبَّاس الرَّبعي التغلبي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي قَاضِي قُضَاة الشَّام ولد سنة خمس وَخمسين وَحضر على الرشيد الْعَطَّار فِي سنة تسع والنجيب عبد الطيف وَسمع بِدِمَشْق من ابْن عبد الدايم وَابْن أبي الْيُسْر وجدّه لأمه الْمُسلم بن علاّن وتفقه على الشَّيْخ تَاج الدّين وَدخل ديوَان الْإِنْشَاء ونظم ونثر وشارك فِي فنون وَكَانَ فصيح الْعبارَة قَادِرًا على الْحِفْظ يحفظه أَرْبَعَة دروس درساً للغزاليّة ودرساً للعادليّة ودرساً للناصريّة ودرساً للأتابكيّة وَكَانَ طَوِيل الرّوح مسالماً محسناً إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِ بلغه أَن الشَّيْخ صدر الدّين نظم فِيهِ بليَّقةً فتحيّل إِلَى أَن وَقعت بخطّه فِي يَده فَتَركهَا عِنْده إِلَى أَن قيل لَهُ يَوْمًا إِن الشَّيْخ صدر الدّين بِالْبَابِ فَقَالَ يدْخل وَوضع تِلْكَ الورقة مَفْتُوحَة على مصلاّه قد أمه فرآها الشَّيْخ صدر الدّين وَعلم أَنَّهَا خطه وَلم يزل القَاضِي إِلَى أَن تحقق أَن صدر الدّين رأى الورقة وَعرفهَا فَقَالَ)
للطواشي أحضر للشَّيْخ مَا عنْدك فأحضر لَهُ بقجة قماش بزبكند وبدلة وشاش وصرة فِيهَا سِتّمائَة أَو خَمْسمِائَة دِرْهَم على مَا قيل وَقَالَ هَذِه جَائِزَة تِلْكَ البلَّقية وَكَانَ(8/12)
يَوْمًا قد توجه مغلساً إِلَى صَلَاة الصُّبْح بالجامع فَلَمَّا كَانَ فِي الخضراء ضربه إِنْسَان بمطرق كَبِير رَمَاه إِلَى الأَرْض وظنه مَاتَ فَلَمَّا أَفَاق حضر إِلَى بَيته وَكَانَ يَقُول أعرفهُ وَمَا أذكرهُ لأحد
وَأَخْبرنِي من لَفظه الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي رَحمَه الله قَالَ تراهنّا فِيمَا بَين الموقّعين على أَن أَحَدنَا يسْبقهُ بِالسَّلَامِ فَلم نقدر على ذَلِك وَكَانَ سريع الْكِتَابَة قيل لي إِنَّه كتب فِي يومٍ خمس كراريس وَكَانَ ينطوي على دين وتعبّد وَله أَمْوَال وخدمٌ ومماليك وَهُوَ من بَيت حشمة وَقيل لي إِنَّه قَالَ يَوْمًا للشَّيْخ صدر الدّين وَغَيره فرّق مَا بَيْننَا أنني اشتغلت على الشمع الكافوري وَأَنْتُم على قناديل الْمدَارِس وَكَانَ اشْتغل بِمصْر عاى الْأَصْبَهَانِيّ فِي أصُول الْفِقْه ودرس بالعادليّة الصُّغْرَى وبالأمينية ثمَّ بالغزاليّة مَعَ قَضَاء الْعَسْكَر ومشيخة الشُّيُوخ بِالشَّام وَولي الْقَضَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة إِلَى أَن مَاتَ وَأذن لجَماعَة فِي الْفَتْوَى وخرّج لَهُ الشَّيْخ صَلَاح الدّين العلائي مشيخة فَأَجَازَهُ عَلَيْهَا بجملة وَقيل إِنَّه لم يقدر أحد يدلَس عَلَيْهِ قَضِيَّة وَلَا يشْهد زوراً وَكَانَ متحرّياً فِي أَحْكَامه بَصيرًا بقضاياها وَلم أسمع عَنهُ أَنه ارتشى فِي حُكُومَة وَتُوفِّي بعد تعلل أَصَابَهُ ببستانه فجاءة فِي نصف شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة
وَكَانَ مَوته مفتاحاً لمَوْت رُؤَسَاء دمشق وعلمائها ورثاه شعراء ورثاه المرحوم شهَاب الدّين مَحْمُود ولشعراء زَمَانه فِيهِ مدائح كَثِيرَة وَكَانَ القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود كتب للأمير علم الدّين سنجر الدواداري يهنّئه بِفَتْح طرابلس وَيذكر جِرَاحَة أَصَابَته بقصيدة أَولهَا
(مَا الْحَرْب الاّ الَّذِي تدمى بِهِ اللَّمم ... وَالْفَخْر إِلَّا إِذا زَان الْوُجُوه دمٌ)
(وَلَا ثبات لمن لم تلق جَبهته ... حدَّ السيوف وَلَا يثنى لَهُ قدم)
فَكتب الْجَواب قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين
(وافى كتابك فِيهِ الْفضل وَالْكَرم ... فجلّ قدرا وجلّت عِنْدِي النعّم)
(وَجَاء من بَحر فضلٍ قد طما وسما ... درُّ الْمعَانِي فِي الألفاط تنتظم)
(وصفت حَالي حَتَّى خلت أنّك قد ... شاهدتها ولهيب الْحَرْب يضطرم)
(وَمَا جرى فِي سَبِيل الله محتسبٌ ... فَهُوَ الَّذِي لم يزل تسمو لَهُ الهممُ)
(وجاءنا النَّصْر وَالْفَتْح الْمُبين فَلَو ... شاهدت نور الظُّبى تجلى بِهِ الظُّلمُ)
)
(غَدا العدوّ ذليلاً بعد عزَّته ... حليُّ أجيادهم بعد الْعُقُود دمٌ)
(قد فرق الْجمع مِنْهُم عزم طائفةٍ ... لم يثن همّتها يَوْم الوغى سأم)
(ترك إِذا مَا انتضّوا عزماً لَهُم تركُوا ... أمامهم كلَّ جمعٍ وَهُوَ مُنْهَزِم)
(لمّا بقتل العدى خاضت سيوفهم ... صلّت فقبلها يَوْم الوغى القمم)(8/13)
(حازوا الثَّوَاب الَّذِي راموا وَبَعْضهمْ ... فازوا بِمَا كسبوا مِنْهَا وَمَا غنموا)
(وَكنت مشتغلاً فِي وَقت كسبهم ... عَنهُ بِمَا كَسبه عِنْدِي هُوَ النّعم)
(فَكيف يطْلب مني الأرفغان وَقد ... شهِدت لي وَلِهَذَا بَيْننَا حكمُ)
(أَلَسْت أَنْت الَّذِي قد قَالَ مبتدئاً ... وَذَاكَ قَول بِحكم الحقّ مُلْتَزم)
(هجمته وسيوف الْهِنْد مصلتةٌ ... وعدت والسبي وَالْأَمْوَال تقتسم)
(وَكَانَ همُّك فِي الْأَرْوَاح تكسبها ... وهمّ غَيْرك فِيهَا المالُ والنّعم)
وَوجدت مَنْسُوبا إِلَيْهِ
(ومذ خفيت عني بدور جمَالهمْ ... غَدا سقمي فِي حبّهم وَهُوَ ظَاهر)
(وَقد بتُّ مَا لي فِي الغرام مسامر ... سوى ذكرهم يَا حبّ ذَاك المسامر)
(وَإِنِّي على قرب الديار وَبعدهَا ... مُقيم على عهد الأحبّة صابر)
(ودمعي سريعٌ والتّشوّق كَامِل ... ووجدي مديدٌ والتأسف وافر)
(وَمَا لي أنصار سوى فيض أدمعي ... إِذا بَات من أهواه وَهُوَ مهَاجر)
(أأحبابنا غبتم فغابت مسرّتي ... وَأصْبح حزني بعدكم وَهُوَ حَاضر)
(وَمَا الْقَصْد إِلَّا أَنْتُم ورضاكم ... وَغير هواكم مَا تسر السرائر)
(وَمَا فِي فُؤَادِي مَوضِع لسواكم ... وَلَا غَيْركُمْ فِي خاطر الْقلب خاطر)
(وَمَا راقني من بعدكم حسن منظرٍ ... وَلَا شاقني زاه من الرَّوْض زَاهِر)
(وَمَا كلفي بِالدَّار إِلَّا لأجلكم ... وَإِلَّا فَمَا تغني الرسوم الدَّوَائِر)
(وَمَا حاجرٌ إِلَّا إِذا كُنْتُم بهَا ... إِذا غبتم عَنْهَا فَمَا هِيَ حاجر)
3 - (شهَاب الدّين ابْن غَانِم)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حمائل الْجَعْفَرِي بن عَليّ بن معلّى بن طريف أخي الشريف حصن الدّين ثَعْلَب ابْن أبي جميل دحيّة بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء)
آخر الْحُرُوف بن جَعْفَر بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم ابْن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي كَذَا أمْلى نِسْبَة علَّي الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حيّان والعهدة عَلَيْهِ فِي ذَلِك الشَّافِعِي ابْن بنت الْقدْوَة الشَّيْخ غَانِم إِمَام كَاتب مترسل نديم إخباري يتفيهق فِي كَلَامه وإنشائه ويطوّل نَفسه فِي إنشائه ويستحضر من اللُّغَة شَيْئا كثيرا وَمن شعر المعري كثيرا خُصُوصا لُزُوم مَا لَا يلْزم وزهدياته وباشر الْإِنْشَاء بصفد وغزَّة وقلعة الرّوم فِيمَا أَظن وَفِي كل مَكَان لَهُ وقائع مَعَ نوّاب ذَلِك وأوابد وَيخرج هَارِبا وَكتب قُدَّام الصاحب شمس الدّين(8/14)
غبريال فاتفق أَن هرب مَمْلُوك للأمير شهَاب الدّين قرطاي فظفر بِهِ الصاحب وَأمره أَن يكْتب على يَده إِلَى مخدومه كتابا يَقُول فِيهِ إِنَّه إِنَّمَا هرب خوفًا مِنْك فَكتب الْكتاب وَجَاء فِي هَذَا الْمَعْنى الْمَقْصُود فَقَالَ وَإِذا حسن المقرّ فَلَمَّا وقف الصاحب على ذَلِك أنكر هَذَا وَقَالَ مَا هَذِه مليحة فطار عقل شهَاب الدّين لِأَنَّهُ ظنَّ أَن ذَلِك يُصَادف موقعاً يهش لَهُ ويزهزه فَضرب الدَّواة إِلَى الأَرْض وَقَالَ مَا أَنا ملزوم بالغلف القلف وَخرج مُتَوَجها إِلَى الْيمن وَكتب لصَاحِبهَا ثمَّ خرج مِنْهَا هَارِبا
وشهاب الدّين رَحمَه الله إِنَّمَا أَخذ هَذَا من قَول الشَّاعِر
(تجنّبت الأباعد والأداني ... لِكَثْرَة مَا يعاودني أذاهم)
(إِذا خشن المقّر لَدَى أناسٍ ... فقد حسن المفرّ إِلَى سواهُم)
وَكَانَ خشن الملبس شظف الْعَيْش مطّرح الكلفة يلبس البابوج الَّذِي يلْبسهُ الصُّوفِيَّة ويلف الطول المقفّص الاسكندراني والقماش الْقصير وَكَانَ حُلْو المعاشرة ألف بِهِ القَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش واستكتبه فِي بَاب السُّلْطَان وَلما توفّي فَخر الدّين رَجَعَ إِلَى الشَّام كَاتب إنْشَاء وَاخْتَلَطَ قبل مَوته بِسنتَيْنِ وَكَانَ مولده قبل مولد أَخِيه عَلَاء الدّين بشهور سنة إِحْدَى وَخمسين تَقْرِيبًا بِمَكَّة ووفاته بعد أَخِيه بشهور سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ يَقُول دَائِما زاحمني أخي عَليّ فِي كل شَيْء حَتَّى قي لبن أُمِّي وَمَات وَله سِتّ وَثَمَانُونَ سنة تَقْرِيبًا وَسمع من ابْن عبد الدايم وَقَرَأَ على ابْن مَالك وَعرض عَلَيْهِ الْعُمْدَة وَبعده على وَلَده بدر الدّين وعَلى مجد الدّين بن الظهير الإربلي وخرّج لَهُ البرازالي مشيخةً مِنْهُم ابْن أبي الْيُسْر ولأيوب الحمامي والزين خَالِد وَعبد الله بن يحيى ابْن البانياسي وَمُحَمّد بن النشبي وَيحيى بن الناصح وَكَانَ إِذا أنشأ أَطَالَ فكره ونتف شعر ذقنه أَو وَضعه فِي فَمه وقرّضه بثناياه أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(وَالله مَا أَدْعُو على هاجري ... إلاّ بِأَن يمحن بالعشق)
)
(حَتَّى يرى مِقْدَار مَا قد جرّى ... مِنْهُ وَمَا قد تمّ فِي حقّي)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(يَا حسنها من رياضٍ ... مثل النُّضار نضاره)
(كالزهر زهراً وعنها ... ريح العبير عباره)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(بِأبي صائغٌ مليح التثني ... بقوامٍ يزري بخوط البان)
(أمسك الكلبتين يَا صَاح فاعجب ... لغزالٍ بكفّه كلبتان)
وأنشدني العلاّمة أثير الدّين من لَفظه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ بِالْقَاهِرَةِ
(طرفك هَذَا بِهِ فتورٌ ... أضحى لقلبي بِهِ فتون)
(قد كنت لولاه فِي أمانٍ ... لله مَا تفعل الْعُيُون)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور لَهُ(8/15)
(يَا نازحاً عني بِغَيْر بعاد ... لولاك مَا علق الْهوى بفؤادي)
(أَنْت الَّذِي أفردتني منّي فلي ... بك شاغل عَن مقصدي ومرادي)
(سهرت بحبّك مقلتي فحلا لَهَا ... فِيك السهاد فَلَا وجدت رقادي)
(ورضيت مَا ترضي فَلَو أقصيتني ... أَيَّام عمري مَا نقضت ودادي)
(أَنْت الْعَزِيز علَّي أَن أَشْكُو لَك ال ... وجد الَّذِي اهديته لفؤادي)
ولشهاب الدّين لبن غَانِم رَحمَه الله تَعَالَى
(مَا اعْتِكَاف الْفَقِيه أخذا بأجرٍ ... بل بحكمٍ قضى بِهِ رَمَضَان)
(هُوَ شهر تغلُّ فِيهِ الشياطي ... نُ وَلَا شكّ أَنه شَيْطَان)
وَله أَيْضا
(أَيهَا اللائمي لأكلي كروشاً ... أتقنوها فِي غَايَة الإتقان)
(لَا تلمني على الكروش فحبّي ... وطني من علائم الْإِيمَان)
قلت هُوَ وَالشَّيْخ صدر الدّين أخذا الْمَعْنى من النصير الحمامي حَيْثُ قَالَ
(رَأَيْت شخصا آكلاً كِرشةً ... وهُو أَخُو ذوقٍ وَفِيه فِطَن)
(وَقَالَ مَا زِلتُ مُحباً لَهَا ... قلت من الْإِيمَان حبُّ الوطن)
)
ولشهاب الدّين ابْن غَانِم أَيْضا
(تعجّب النَّاس للبطيخ حِين أَتَى ... بِحِين حينٍ وَإِذ وافى بطاعون)
(وَكَيف لَا يقطع الْأَعْمَار مقدمه ... وَلَيْسَ يُؤْكَل إِلَّا بالسكاكين)
وَله وَقد أَضَافَهُ الْملك الْكَامِل ولمّا خرج نسي عِنْده فرجّية فطلبها فمطله بهَا فَكتب إِلَيْهِ
(يَا ذَا الَّذِي أَطْعمنِي ... فِي بَيته سبع لقم)
(ورام أَخذ جبّتي ... هَذَا على الرطل بكم)
لمّا كَانَ قراسنقر نَائِبا بِدِمَشْق أَمر أَن يبيت كلّ لَيْلَة بِالْقصرِ الأبلق وَاحِد من الموقّعين فَنَامَ لَيْلَة الشَّيْخ نجم الدّين حسن بن مُحَمَّد الصَّفَدِي وَكتب فِي حَائِط الْمَكَان الَّذِي يبيتُونَ بِهِ
(عذبت لَيْلَة الْمبيت بقلبي ... فَهِيَ عِنْدِي مأمولة التَّوْقِيت)
فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الثَّانِيَة نَام شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم وَرَأى الْبَيْت فَكتب تَحْتَهُ
(لَيْت شعري من بيّت الشَّيْخ حَتَّى ... رَاح يثني خيرا على التبييت)
وَكتب إِلَى قَاضِي قلعة الرّوم وَكَانَ اسْمه مُبَارَكًا وَقد جَاءَهُ ابْن سَمَّاهُ أنسا(8/16)
(تهنّ يَا مُبَارَكًا ... بِالْوَلَدِ الْمُبَارك)
(بِمن سموهُ أنسا ... لِأَنَّهُ ابْن مالكي)
وَكتب إِلَى قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين بن وَاصل وَقد أقعده عاقداً بحماة فِي مكتب فِيهِ السَّيْف عَليّ بن المغيزل
(مولَايَ قَاضِي الْقُضَاة يَا من ... لَهُ على العَبْد ألف منّه)
(إِلَيْك أَشْكُو قرين سوء ... بليت مِنْهُ بِأَلف محنه)
(شهرته بَيْننَا اعتداء ... أغمده فالسيف سيف فتنه)
وَكَانَ لَيْلَة فِي سَماع فرقصوا ثمَّ جَلَسُوا وَقَامَ من بَينهم شخص وَطَالَ الْحَال فِي استماعه وَزَاد الْأَمر فظلّ شهَاب الدّين ساكتاً مطرقاً فَقَالَ لَهُ شخص إيش بك مطرق كَأَنَّمَا يُوحى إِلَيْك فَقَالَ نعم) قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفرٌ من الجنّ (
وَكَانَ يَوْمًا عِنْد صَاحب حماة الْملك الْمَنْصُور وَقد حضر السّماط وَكَانَ أَكْثَره مرقاً فلمّا وضع قَالَ شهَاب الدّين لما قيل الصَّلَاة نعم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم نَوَيْت رفع الْحَدث واستباحة الصَّلَاة الله أكبر وَكَانَ المظفر ولد الْمَنْصُور يكره شهَاب الدّين فاغتنم الوقيعة فِيهِ عِنْد وَالِده)
وَقَالَ اسْمَع مَا يَقُول ابْن غَانِم يهجّن طعامنا ويشبهه بِالْمَاءِ الَّذِي يرفع بِهِ الْحَدث فَعَاتَبَهُ الْمَنْصُور على ذَلِك فَقَالَ ماقصدت ذَلِك وَلَكِن الْبَسْمَلَة فِي بَدْء كل أَمر مُسْتَحبَّة وَالْحَدَث الَّذِي نَوَيْت رَفعه حدث الْجُوع واستباحة الصَّلَاة فِي الْأكل فَقَالَ مامعنى الله أكبر فَقَالَ على كل ثقيل فَاسْتحْسن الْمَنْصُور ذَلِك وخلع عَلَيْهِ وَاجْتمعَ لَيْلَة عِنْد كريم الدّين الْكَبِير فِي مولده بعلاء الدّين ابْن عبد الظَّاهِر يتحدث مَعَه فجَاء إِلَيْهِ شخص وَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة الْخَادِم يقْصد الِاجْتِمَاع بك فَقَالَ والك من يُفَارق عليّاً وَيروح إِلَى مُعَاوِيَة وَكَانَ شهَاب الدّين قد فَارق أَبَاهُ وَهُوَ صَغِير وَتوجه إِلَى السماوة وَنزل على الْأَمِير حُسَيْن من خفاجة وَأقَام عِنْده مُدَّة يُصَلِّي بِهِ وَيتَكَلَّم فِي شَيْء من الْعُلُوم وَكَانَ الْوَقْت قريب الْعَهْد بخراب بغداذ وَقتل المستعصم وتشتت أهل بغداذ فِي أَطْرَاف الْبِلَاد فظنَّ بِهِ ابْن الْخَلِيفَة المستعصم واشتهر ذَلِك واتصل خَبره بِالْملكِ الظَّاهِر فَلم يزل فِي اجْتِهَاد إِلَى أَن أقدمه عَلَيْهِ لما أهمه من أمره فَلَمَّا حضر سَأَلَهُ ابْن من أَنْت فَوقف وَقَالَ ابْن شمس الدّين ابْن غَانِم فَطلب وَالِده إِلَى الْقَاهِرَة وحضرا بَين يَدي الظَّاهِر فاعترف وَالِده بِهِ فَقَالَ خُذْهُ وَتوجه بِهِ إِلَى دمشق وَكَانَ صَاحب حماة قد خرج مرّة إِلَى شجريّات المعرّة وَكَانَ إِذْ ذَاك فِي خدمَة الْملك الظَّاهِر وَقد ضربت الوطاقات وامتلأت الصَّحرَاء خياماً فَاحْتَاجَ إِلَى الْخَلَاء وَمَا كَانَ يرى الدُّخُول إِلَى الخربشت فَصَعدَ إِلَى شَجَرَة تين ليتخلى وَالْملك الْمَنْصُور تَحت الشَّجَرَة وَقد تهَيَّأ لقَضَاء شغله قَالَ لَهُ أَطْعمنِي من هَذِه التينة فَقَالَ خُذ وسلح فِي وَجهه فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ أطعمتك من هَذِه التينة فَلَمَّا اطلع الْمَنْصُور على الْوَاقِعَة خرّ مغشيّاً عَلَيْهِ من الضحك وَمن شعره فِي مقصوص الشّعْر(8/17)
(قَالُوا ذوائبه مقصوصة حسداً ... فَقلت قاطعها لِلْحسنِ صوّاغ)
(صدغان كَانَ فُؤَادِي هائماً بهما ... فَكيف أسلو وكلّ الشّعر أصداغ)
3 - (الصُّوفِي الأدميّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سهل بن عَطاء أَبُو الْعَبَّاس الأدميّ الصُّوفِي الزَّاهِد كَانَ كثير الْعِبَادَة وَالِاجْتِهَاد ينَام فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ساعتين وَله فِي كل يَوْم ختمة وَفِي رَمَضَان فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ثَلَاث ختمات
3 - (الشهَاب القَاضِي نجم الدّين الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن خلف بن رَاجِح بن بِلَال بن هِلَال بن عِيسَى القَاضِي العلاّمة نجم الدّين أَبُو)
الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ الشَّافِعِي ولد فِي نصف شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين واشتغل وبرع فِي علم الْخلاف وارتحل هُوَ وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم إِلَى بخارا وَصَارَ لَهُ صيت بِتِلْكَ الْبِلَاد ومنزلة رفيعة وَمن جملَة محفوظاته الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ للحميدي وَكَانَ يقْرَأ كل لَيْلَة ثلث الْقُرْآن
كثرت الشناعات على وكلاء مَجْلِسه وَمَا يَعْمَلُونَهُ فِي المحاضر وأشرفت بعض الْحُقُوق على الضّيَاع فصرف عَن الْقَضَاء ودرّس بالعذراوية والصارمية الَّتِي بحارة الغرباء ودرّس بمدرسة أم الصَّالح وبالشامية البرّانية وَمَات وَهُوَ مدرّس بالعذراوية وناب فِي الْقَضَاء عَن القَاضِي جمال الدّين الْمصْرِيّ وَابْن الخويّي وعماد الدّين الحرستاني وَابْن سني الدولة وصنف طَريقَة فِي الْخلاف وَهِي مجلدان وَكتاب الْفُصُول وَكتاب الفروق والدلائل الأنيقة وَغير ذَلِك
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة فِي شَوَّال وَدفن بقاسيون
3 - (شهَاب الدّين بن جبارَة المقرىء)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن جبارَة بن عبد الْمولى الْحَنْبَلِيّ المرداوي الصَّالِحِي الإِمَام الْمُفْتِي الْعَلامَة المقرىء النَّحْوِيّ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس سمع عَليّ ابْن عبد الدايم وطبقته وَقَرَأَ الْقرَاءَات على النبيه الرَّاشِدِي ولأخذ النَّحْو عَنهُ وَرُبمَا حضر فِي دروس عِنْد الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس ثمَّ برع فِي النَّحْو والقراءات واشتهر بهما وَقصد على تخبيطٍ عِنْده شرح الشاطبية شرحاً مطولا والرائية والنونية للخاوي فِي التجويد وَله تعاليق سكن حلب مُدَّة ثمَّ ارتحل مِنْهَا وَأقَام بالقدس إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة مولده سنة تسع وَأَرْبَعين تَقْرِيبًا
وَمن شعره(8/18)
(خلت الزوايا من خباياها كَمَا ... خلت الْقُلُوب من المعارف والتّقى)
(وتنكر الْوَادي فَمَا غزلانه ... تِلْكَ الظباء وَلَا النّقا ذَاك النّقا)
وَمِنْه أَيْضا
(ترك السَّلَام عَلَيْهِم تَسْلِيم ... فَاذْهَبْ وَأَنت من الملام سليم)
(لَا تخد عَنْك زخارف من ودّهم ... فلئن سَأَلتهمْ بدا المكتوم)
(مَا للْفَقِير مَعَ الغنيّ مودَّة ... أنّي تصاحب وَاجِد وعديم)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سمع السِّيرَة حضوراً فِي الرَّابِعَة من خطيب مّردا وَسمع من الْكرْمَانِي وَابْن أبي عمر وَأخذ الْأُصُول عَن الْقَرَافِيّ وجاور بِمَكَّة وَكَانَ ذَا زهد وقناعة وَفِي شَرحه)
للشاطبية احتمالات واهية وقرأت بِخَطِّهِ أَنه قَالَ فِي قَول الشاطبي
(وَفِي الْهَمْز أنحاء وَعند نحاته ... يضيء سناه كلّما اسودّ أليلا)
يحْتَمل خَمْسمِائَة ألف وَجه وَثَمَانِينَ ألف وَجه وَسمعت مِنْهُ انْتهى
3 - (ابْن الْبَراء التجِيبِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْبَراء التجِيبِي من أهل الجزيرة الخضراء قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم هُوَ مَعْدُود فِي المجيدين من الشُّعَرَاء وَله ديوَان نظم ونثر كَبِير فَارق وَطنه وَهُوَ صَغِير منتزحاً إِلَى بِلَاد الصَّحرَاء ممتدحاً من كَانَ بهَا من الْأُمَرَاء وَأرَاهُ لم يعد إِلَى ذراه كَمَا لم يعد الحنين إِلَيْهِ فِي تأويبه وسراه فَمن شعره فِي ذَلِك
(عِنْدِي على الخضراء دمع واكف ... وَالْقلب أبرد حرّه الرمضاء)
(أودى ثقاف فراقنا بقناتنا ... فانآدت اليزنيّة السمراء)
(نزحت بِي الأقدار عَن دَار الْهوى ... وقذفنني حَيْثُ الْفُؤَاد هَوَاء)
(فإقامتي مَا بَين أظهر معشرٍ ... سيّان عِنْدهمَا الدّجى وذكاء)
وَقَالَ أَيْضا
(أحنُّ إِلَى أَرض لبست بهَا الصّبا ... فعندي لَهَا من أجل ذكر الصّبا وجد)
(وَمن أجل نصل السَّيْف أكْرم جفْنه ... وَمن جِهَة الرّيا سما العنبر الْورْد)
وَقَالَ أَيْضا
(سقى واكف الْقطر الجزيرة إِنَّنِي ... إِلَيْهَا وَإِن جدّ الْفِرَاق لوامق)
(ديارًا بهَا فَارَقت عصر شبيبتي ... فيا حبّذا عصر الشَّبَاب المفارق)
(شباب شفى نَفسِي وودّع مسرعاً ... كَمَا زار طيفٌ أَو تبّرج بارق)(8/19)
وَقَالَ أَيْضا
(بِي جؤذر هام الْفُؤَاد بحبّه ... عنيت لواحظه بقتل محبّه)
(قد أتلف المهجات بَين لطافةٍ ... فِي وجنتيه وقسوةٍ فِي قلبه)
(وَإِذا رأى الْمرْآة هام فُؤَاده ... فِي حسن صورته فرق لصبه)
قلت فِي هَذَا زِيَادَة على قَول أبي الْحسن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى
(يجْرِي النسيم على غلالة خَدّه ... وأرق مِنْهُ مَا يمر عَلَيْهِ)
)
(ناولته الْمرْآة ينظر بِوَجْهِهِ ... فعكست فتْنَة ناظريه إِلَيْهِ)
وَلابْن الْبَراء فِي أعرج
(أبن لي يَا أَبَا مُوسَى بحالٍ ... بَدَت لي مِنْك يضْحك من رَآهَا)
(تكيل الأَرْض باعاً بعد باعٍ ... كَأَنَّك قد عزمت على شراها)
(وتنبحك الْكلاب بكلّ أرضٍ ... كَأَنَّك قد طبعت على أذاها)
وَقَالَ
(ماخيّم الْمجد إلاّ فِي مَنَازلنَا ... فَلَيْسَ يعد لنا فِي الأَرْض من أحد)
(إِذا بلوت فأخلاقٌ مهذّبة ... وَإِن سَأَلت فبذل من فمٍ وَيَد)
(من كل مكرمةٍ فزنا بأوفرها ... حفظ الْجوَار لنا وَالْأَخْذ بالقود)
(لنا نفوس عَن الجارات معرضةٌ ... وَفِي التّقى لأفاعيهن بالرّصد)
(إِن شِئْت من كلم الْأَعْرَاب أفصحها ... فَخذه عَن والدٍ منّا وَعَن ولد)
(تنبو حداد الظُّبى عَن غرب منطقتنا ... نبوّ ظفر الْفَتى عَن مخلب الْأسد)
3 - (ابْن شَاذان)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن شَاذان أَبُو مَسْعُود الْجَلِيّ البزّاز الْحَافِظ جال فِي الْعرَاق وخراسان وَسمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْحِفْظِ والمعرفة قدم بغداذ فِي شبابه وذاكر بهَا قَالَ ابْن النجار وَلم أر لَهُ رِوَايَة عَن البغداذيين فَلَعَلَّهُ لم يسمع بهَا شَيْئا وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن الْحصين)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك الْمَعْرُوف بِابْن الْحصين أَبُو الْوَفَاء الْكَاتِب سمع الْكثير بِنَفسِهِ من مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَعَاصِم بن الْحسن بن عَاصِم وَمُحَمّد بن عَليّ ابْن أبي عُثْمَان الدقّاق وَنصر بن أَحْمد بن البطر وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الحَدِيث والحكايات والأناشيد وَحدث باليسير وَمن شعره
(من قَالَ بالدّنيا تصحّ ديانتي ... فَلَقَد أَتَى بالزور والبهتان)(8/20)
(ضدّان مفترقان فِي حاليهما ... دين وَدُنْيا كَيفَ يَجْتَمِعَانِ)
(لم يَجْعَل الرَّحْمَن فِي جَوف امرىء ... قلبين كلاّ من لَهُ قلبان)
)
وَقَالَ نظمت فِي الْمكتب
(شَقِيقَة روحي لم خلا من خيالك ... وِسَادِي وَلم حرّمت طيب وصالك)
(بخلت بوصلٍ فِي الْحَقِيقَة يقظةً ... وَفِي النّوم أحلى مَا بخلت بذلك)
(وأسرفت فِي هجري وأخفرت ذمّتي ... بغدرٍ وَلم تخطر عهودي ببالك)
(ألم أك عبدا طَائِعا غير زائلٍ ... عَن الرقّ يَا روحي وحبك مالكي)
(ألم يَك مهما تأمري الْقلب مسرعاً ... إِلَيْهِ وَلَو أَلقيته فِي المهالك)
(ولكنّما الْأَيَّام غيّرت الَّذِي ... عهِدت وطرق الْغدر شرّ المسالك)
(وَلم يزل الدّهر الخؤون مبادراً ... لتفريق ذَات الْبَين يَا أمَّ مَالك)
(وَمَا كنت أخْشَى للَّيالي وصرفها ... سوى بتّ حبلٍ مكْرها من حبالك)
(فَأَما وَقد آيستني وقطعتني ... سأنشد بَيْتا ضقت ذرعاً بذلك)
(فَقل بعْدهَا للدهر يَأْتِي بصرفه ... وَقل لليالي اصنعي مَا بدا لَك)
قلت شعر متوسط
توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن هَارُون العسكري)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن هَارُون أَبُو الْحُسَيْن قَالَ ياقوت أَظُنهُ من عَسْكَر مكرم لِأَنَّهُ اعتنى بشرح مُخْتَصر مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل المبرمان ثمَّ قَرَأت فِي بعض المجموعات تَّم رجلَانِ إِلَى القَاضِي أبي أَحْمد ابْن أبي علاّن رَحمَه الله فَادّعى أَحدهمَا على الآخر شَيْئا فَقَالَ المدَّعى عَلَيْهِ مَا لَهُ عِنْدِي حق فَقَالَ القَاضِي من هَذَا فَقَالُوا ابْن هَارُون العسكري النَّحْوِيّ فَقَالَ القَاضِي فأعطه مَا أَقرَرت لَهُ بِهِ قلت يُرِيد أَن النُّحَاة يعلمُونَ أَن هَذَا لَيْسَ بِنَفْي وَإِنَّمَا هُوَ إِثْبَات لِأَن مَا بِمَعْنى الَّذِي تَقْدِيره الَّذِي لَهُ عِنْدِي حق وَلَيْسَت مَا نَافِيَة لَهُ البارع شرح التَّلْقِين وَشرح الْعُيُون وَشرح المجاري قَالَ ياقوت رَأَيْت شرح التَّلْقِين بِخَطِّهِ وَقد كتبه فِي رَجَب سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (الزردي اللّغَوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الزَّردي اللّغَوِيّ الْعَلامَة النَّيْسَابُورِي أَبُو عَمْرو والزَّرد من قرى أسفرايين من رساتيق نيسابور ذكره الْحَاكِم وَقَالَ مَاتَ أَبُو عَمْرو الزّردي سنة ثَمَان)
وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة فِي شعْبَان قَالَ وَكَانَ وَاحِدًا فِي هَذِه الديار بلاغةً وبراعةً(8/21)
وتقدماً فِي معرفَة أصُول الْأَدَب وَكَانَ رجلا ضَعِيف البنية مسقاماً يركب حمارا ضَعِيفا ثمَّ إِذا تكلم يحير الْعلمَاء فِي براعته سمع الْكثير من أبي عبد الله مُحَمَّد بن المسّيب الأرغياني وَأبي عوَانَة يَعْقُوب بن إِسْحَق وأقرانهما قَالَ الْحَاكِم سَمِعت الْأُسْتَاذ أَبَا عَمْرو الزردي فِي منزلنا يَقُول إِن الله إِذا فوّض سياسة خلقه إِلَى وَاحِد يَخُصُّهُ بهَا مِنْهُم وفّقه لسداد السِّيرَة وأعانه بإلهامه من حَيْثُ رَحمته تسع كلّ شيىء ولمثل ذَلِك كَانَ يَقُول ابْن المقفع تفقدوا كَلَام ملوككم إِذْ هم موفّقون للحكمة ميسَّرون للإجابة فَإِن لم تحط بِهِ عقولكم فِي الْحَال فَإِن تَحت كَلَامهم حيّاتٍ فواغر وبدائع جَوَاهِر وَكَانَ بَعضهم يَقُول لَيْسَ لكلامٍ سَبِيل أولى من قبُول ذَلِك فَإِن ألسنتهم ميازيب الْحِكْمَة والإصابة
3 - (ابْن شيخ صَاحب ثَعْلَب الْأَسدي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن صَالح بن شيخ بن عُمَيْر أَبُو الْحسن أحد أَصْحَاب ثَعْلَب ذكره المرزباني فِي كتاب المقتبس وَقَالَ ابْن شيران فِي تَارِيخه فِي سنة عشْرين وثلاثمائة مَاتَ أَبُو بكر ابْن أبي شيخ وَكَانَ مُحدثا إخبارياً وَله مصنفات وَقَالَ ياقوت لَا أَدْرِي أهوَ هَذَا أم غَيره فَإِن الزَّمَان وَاحِد وَكِلَاهُمَا إخباري وَالله أعلم ولعلّ ابْن شيران غلط فِي جعله ابْن أبي شيخ وَجعله أَبَا بكر وَالله اعْلَم
حدث المرزباني عَن عبد الله بن يحيى العسكري قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن صَالح بن شيخ بن عُمَيْر الْأَسدي لنَفسِهِ وَكتب بهَا إِلَى بعض إخوانه
(كنت يَا سيّدي على التطفيل ... أمس لَوْلَا مَخَافَة التثقيل)
وتذكرت دهشة القارع الْبَاب إِذا مَا أَتَى بِغَيْر رسولٍ وتخوفت أَن أكون على الْقَوْم ثقيلاً فقدت كلَّ ثقيلٍ
(لَو تراني وَقد وقفت أروّي ... فِي دخولي إِلَيْك أَو فِي قفولي)
(لرأيت الْعَذْرَاء حِين تحايى ... وَهِي من شهوةٍ على التَّعْجِيل)
وَقَالَ أَبُو الْحسن تركت النَّبِيذ وأخبرت ثعلباً بِتَرْكِهِ ثمّ لقِيت مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر فسقاني فمررت على ثَعْلَب وَهُوَ جَالس على بَاب منزله عشياً فَلَمَّا رَآنِي أتكفأ فِي مشيّتي علم أَنِّي شَارِب فَقَامَ ليدْخل منزله ثمَّ وقف على بَابه فلمّا حاذيته وسلمت عَلَيْهِ أنشأ يَقُول)
(فتكت من بعد مَا نسكت وصا ... حبت ابْن سهلان صَاحب السقّط)
(إِن كنت أحدثت زلَّة غَلطا ... فَالله يعْفُو عَن زلّة الْغَلَط)(8/22)
قَالَ عمر بن بَيَان الْأنمَاطِي سَأَلت ثعلباً عَن ابْن سهلان صَاحب السقط فَقَالَ أهل الطَّائِف يسمون الخمّار صَاحب السّقط
وَلأبي الْحسن قصيدة مزدوجة وَصلهَا بقصيدة عَليّ بن الجهم الَّتِي ذكر فِيهَا الْخُلَفَاء وَأول مَا قَالَه أَبُو الْحسن الْأَسدي
(ثمّ تولّى المستعين بعده ... فحار بَيت مَاله وجنده)
(ثمّ أَتَى بغداذ فِي محرَّم ... إِحْدَى وَخمسين بِرَأْي مبرم)
وَذكر قِطْعَة من أخباره من بعده إِلَى الْمُعْتَمد على الله
3 - (أَبُو عمر الطلمنكي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أبي عِيسَى لبّ بن أَبُو يحيى أَبُو عمر الْمعَافِرِي الأندلسي الطلمنكيبفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَاللَّام وَالْمِيم وَسُكُون النُّون وَبعدهَا كافالمقرىء نزيل قرطبة صنّف كتبا حسانا نافعةً على مَذَاهِب السنّة ظهر فِيهَا علمه كَانَ ذَا عناية تَامَّة بالأثر قديم الطّلب عالي الْإِسْنَاد وَكَانَ سَيْفا مُجَردا على أهل الْأَهْوَاء والبدع قَالَ ابْن بشكوال أَخْبرنِي أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل ابْن عِيسَى بن مُحَمَّد بن بَقِي الحجاري عَن أَبِيه قَالَ خرج علينا أَبُو عمر الطلمنكي يَوْمًا وَنحن نَقْرَأ عَلَيْهِ فَقَالَ اقرأوا وَأَكْثرُوا فَإِنِّي لَا أتجاوز هَذَا الْعَام فَقُلْنَا لَهُ وَلم يَرْحَمك الله قَالَ رَأَيْت البارحة فِي مَنَامِي من ينشدني
(اغتنموا البرّ بشيخٍ ثوى ... ترحمه السوقة وَالصَّيْد)
(قد ختم الْعُمر بعيدٍ مضى ... لَيْسَ لَهُ من بعده عيد)
فَتوفي فِي ذَلِك الْعَام فِي ذيالحجة سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (السهلي الْعَرُوضِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن مَالك السهلّي الأديب أَبُو الْفضل الْعَرُوضِي الصفّار الشَّافِعِي ذكره عبد الغفّار فِي السِّيَاق فَقَالَ مَاتَ بعد سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة ومولده سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَهُوَ شيخ أهل الْأَدَب فِي عصره حدّث عَن الأصمّ والمكاريّ وَأبي الْفضل المزكّي وَأبي مَنْصُور الْأَزْهَرِي وأقرانهم وَتخرج بِهِ جمَاعَة من)
الْأَئِمَّة مِنْهُم عَليّ بن أَحْمد الواحدي وَغَيره وَذكره الثعالبي فَقَالَ إِمَام فِي ألأدب خنّق التسعين فِي خدمَة الْكتب وَأنْفق عمره على مطالعة الْعُلُوم وتدريس مؤدبي نيسابور وإحراز الْفَضَائِل والمحاسن وَهُوَ الْقَائِل فِي صباه(8/23)
(أوفى على الدِّيوَان بدر الدُّجى ... فسل نُجُوم السّعد مَا حظّه)
(أخدُّه أَمْلَح أم خطّه ... ولحظه أفتن أم لَفظه)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ
(لعزّة الفضّة المبرّة ... أودعها الله قلب صخره)
(حَتَّى إِذا النَّار أخرجتها ... بِأَلف كدٍّ وَألف كرّه)
(أودعها الله كفّ وغدٍ ... أقسى من الصخر ألف مرّه)
3 - (أَبُو سهل الْقطَّان)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زِيَاد بن عباد الْمُحدث أَبُو سهل الْقطَّان بغداذي مَشْهُور سمع وروى قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَدُوقًا أديباً شَاعِرًا راوية للأدب عَن ثَعْلَب ويميل إِلَى التشيّع توفّي سنة خمسين وثلاثمائة وَمن شعره
3 - (قَاضِي الْحَرَمَيْنِ الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله القَاضِي أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي الْحَنَفِيّ قَاضِي الْحَرَمَيْنِ وَشَيخ الحنيفة فِي زَمَانه ولي قَضَاء الْحَرَمَيْنِ بضع عشرَة سنة ثمّ ولي قَضَاء نيسابور تفقّه على أبي الْحسن الْكَرْخِي وَأبي طَاهِر ابْن الدبّاس وبرع فِي الْمَذْهَب توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وثلاثمائة
3 - (القَاضِي أَبُو الْحسن ابْن أبي الشَّوَارِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي الشَّوَارِب أَبُو الْحُسَيْن الْأمَوِي الْفَقِيه ولي قَضَاء الْقُضَاة بالعراق قَالَ الْخَطِيب كَانَ عفيفاً نزهاً رئياً يُقَال أَن المتَوَكل عرض الْقَضَاء على مُحَمَّد بن عبد الْملك فَامْتنعَ فَيرى النَّاس أَن بركته دخلت على وَلَده وَولي الْقَضَاء مِنْهُم أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ قَاضِيا ثَمَانِيَة مِنْهُم تقلدوا بَغْدَاد آخِرهم أَبُو الْحسن هَذَا توفّي سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن ررا الْوَاعِظ)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو الْحُسَيْن الْأَصْبَهَانِيّ الْفَقِيه الْوَاعِظ الْمَعْرُوف بِابْن ررابراءين وَالِد أبي الْخَيْر إِمَام جَامع أَصْبَهَان كَانَ غالياً فِي الاعتزال توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن النقور)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن النقور أَبُو الْحُسَيْن البغداذي الْبَزَّاز مُسْند الْعرَاق فِي وقته رَحل النَّاس إِلَيْهِ من الأقطار وَتفرد فِي الدُّنْيَا بنسخٍ رَوَاهَا الْبَغَوِيّ عَن(8/24)
أشياخه وَكَانَ متحرياً فِيمَا يرويهِ روى عَنهُ الْخَطِيب وَأَبُو بكر ابْن الخاضبة وَجَمَاعَة قَالَ الْخَطِيب ثِقَة وَقَالَ ابْن خيرون صدوقٌ وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي يحضر مَجْلِسه وَيسمع مِنْهُ وَيَقُول حَدِيث ابْن النقور سبيكة الذّهب وَكَانَ يَأْخُذ على نُسْخَة طالوت دِينَارا فِي إسماعه توفّي سنة سبعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (القَاضِي أَبُو الْفضل الْهَاشِمِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو الْفضل الْهَاشِمِي من ولد هَارُون الرشيد ولي الْقَضَاء بسجستان وَسمع الحَدِيث وتأدب وَله شعر توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره
(قَالُوا اقتصد فِي الْجُود إنّك منصف ... عدل وَذُو الْإِنْصَاف لَيْسَ يجور)
(فأجبتهم اني سلالة معشرٍ ... لَهُم لِوَاء فِي النّدى منشور)
(تالله إنّي شائد مَا قد بنى ... جدّي الرشيد وَقَبله الْمَنْصُور)
3 - (بدر الدّين العباسي الْحلَبِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشريف أَبُو هَاشم العباسي الْحلَبِي الشَّاعِر بدر الدّين من ذرّية صَالح بن عَليّ الْهَاشِمِي الْأَمِير عَم الْمَنْصُور لم يزل آباؤه بحلب مُنْذُ وَليهَا صَالح وَلَهُم وقف عَلَيْهِم وَكَانَ شَاعِرًا مجوّداً توفّي فِي حُدُود سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وَمن شعره
3 - (الْحَافِظ جمال الدّين الظَّاهِرِيّ الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الْحَافِظ الْقدْوَة الزَّاهِد جمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الشَّيْخ الْقدْوَة مُحَمَّد الظَّاهِرِيّ الْحلَبِي مولى الظَّاهِر صَاحب حلب ولد سنة سِتّ وَعشْرين وَسمع سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَبعد من الْفَخر الإربلي وَابْن اللتي والموفق يعِيش وَابْن رَوَاحَة وَابْن خَلِيل وَابْن قميرة وخلقٍ بحلب وكريمة والضياء وَابْن مسلمة وَخلق بِدِمَشْق وَصفِيَّة القرشية وَجَمَاعَة بحماه وَعبد الْخَالِق ابْن أَنْجَب النشتيري بماردين وَعبد الرازق بن أَحْمد ابْن أبي الْوَفَاء وَإِبْرَاهِيم بن)
الْحسن الزيات وَاحْمَدْ بن سَلامَة النجار بحرّان وَسمع شعيباً الزَّعْفَرَانِي وَابْن الجميزي والمرسي وَجَمَاعَة بِمَكَّة ويوسف الساوي وَأحمد بن الْحباب وخلقاً كثيرا بِمصْر وَهبة الله بن روين الإسْكَنْدراني وَطَائِفَة بالاسكندرية وَسمع بحمص وبعلبك والقدس وَغير ذَلِك وعني بِهَذَا الشَّأْن أتمّ عناية وتعب وحصّل وَكتب مَا لَا يُوصف كَثْرَة وَكَانَت لَهُ إجازات عالية من أبي الْحُسَيْن الْقطيعِي وزكرياء العلبي وَابْن روزبه وَأبي حَفْص السهروردي وَالْحُسَيْن بن الزبيدِيّ وَإِسْمَاعِيل بن فاتكين والأنجب الحمامي وطبقتهم وخرّج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا فِي أَرْبَعِينَ بَلَدا وانتقى على شُيُوخ مصر وَالشَّام وخرّج لأَصْحَاب ابْن كُلَيْب ثمّ لأَصْحَاب ابْن طبرزذ والكندي ثمّ لأَصْحَاب ابْن البن وَابْن الزبيدِيّ حَتَّى إِنَّه خرّج لتلميذه ومريده الشَّيْخ شعْبَان وَكَانَ عجبا فِي حسن التَّخْرِيج وجودة الانتخاب لَا يلْحقهُ أحد فِي(8/25)
ذَلِك وَقَرَأَ الْقرَاءَات بحلب على الشَّيْخ أبي عبد الله الفاسي وتفقه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَسمع من نَحْو سَبْعمِائة شيخ توفّي بزاويته الجمالية الَّتِي فِي المقس قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَبِه افتتحت السماع فِي الديار المصرية وَبِه اختتمت وَعِنْده نزلت وعَلى أَجْزَائِهِ اتكلت وَسمع مِنْهُ علم الدّين البرزالي أَكثر من مِائَتي جُزْء وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (ابْن عمروس الْمَالِكِي)
أَحْمد بن محمّد بن عبيد الله بن عمروس أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الْمَالِكِي من أهل محلّة النّصرية ببغداذ كَانَ صَالحا عَارِفًا بِمذهب مَالك وَكَانَ أَبوهُ إِمَامًا مبرّزاً فِي مَذْهَب مَالك أجَاز لَهُ عَليّ ابْن شَاذان وَأحمد بت البادا وَتُوفِّي سنة سبع وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن الْمُدبر الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبيد الله الْمُدبر الْكَاتِب أَبُو الْحسن كَانَ أسنّ من أَخِيه إِبْرَاهِيم وَقد تقدم ذكره تقلّد أَحْمد ديوَان الْخراج والضياع مجموعين للمتوكل إِلَى غير ذَلِك من الْأَعْمَال الجلية ثمّ تمالأ عَلَيْهِ الكتّاب فأخرجوه إِلَى الشَّام والياً عَلَيْهَا فكسب بهَا مَالا عَظِيما ثمَّ قَتله أَحْمد بن طولون فِيمَا قبل سبعين وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا وَكَانَ فَاضلا يصلح للْقَضَاء وللبحتري فِيهِ مدائح مَاتَ تَحت الْعَذَاب قيل فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سبعين وَقيل سنة إِحْدَى وَهُوَ الْقَائِل
(أتصبر للدّهر أم تجزع ... وماذا ك من جزع ينفع)
)
(فَأَما تصابيك بالغانيات ... فولّى بِهِ الفاحم الأفرع)
(غَدَاة ابتدلت بِهِ حلّةً ... من الشيب ناصعها يلمع)
(وَقد كنت أزمان شرخ الشَّبَاب ... تصول مدلاًّ وَلَا تخشع)
(تطاع ويعصى عَلَيْك العذول ... ويصفو لَك الْعَيْش والمرتع)
وَكتب إِلَيْهِ أَخُوهُ إِبْرَاهِيم يشكو حَاله وَهُوَ مَحْبُوس فَكتب إِلَيْهِ
(أَبَا إِسْحَاق إِن تكن اللَّيَالِي ... عطفن عَلَيْك بالخطيب الجسيم)
(فَلم أر صرف هَذَا الدَّهْر يجني ... بمكروهً على غير الْكَرِيم)
وَكتب إِلَى عبيد الله يستعطفه عِنْد مُطَالبَة وَقعت عَلَيْهِ أَيَّام المتَوَكل
(معاذي وجاري وَجهك الْيَوْم إِنَّه ... هُوَ الْوَجْه من يطْلب بِهِ النُّجح ينجح)
(وعدلك مَبْسُوط وأمنك شَامِل ... وحلمك من ثهلان أوفى وأرجح)
(وَمَالك مبذول وفعلك فَاضل ... وزندك يوري المكرمات ويقدح)
(وَإِن قلت لم تصعب عَلَيْك مقَالَة ... بِحَق كضوء الصُّبْح بل هُوَ أوضح)
وَقَالَ
(صباح الحبّ لَيْسَ لَهُ مسَاء ... وداء الحبّ لَيْسَ لَهُ دَوَاء)(8/26)
(ولي نفس تنفُّسها اشتياق ... وَعين فيض عبرتها الدِّمَاء)
(وليلي والنّهار عليّ مِمَّا ... أقاسي فيهمَا أبدا سَوَاء)
وَقَالَ المعتصم يَوْمًا للفضل بن مَرْوَان وَقد أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى القاطول غلماني تَحت السَّمَاء مَا لَهُم شَيْء يكنهم فَابْن لَهُم غَدا أَرْبَعَة آلَاف بَيت فَخرج مفكراً فلقه أَحْمد بن الْمُدبر فَسَأَلَهُ عَن غمّه فَقَالَ إِنَّمَا أَمرك أتشتري لَهُم أَرْبَعَة آلَاف لبادة ليستكنوا فِيهَا فَاشْترى لَهُم ماوجد وَتقدم فِي عمل الْبَاقِي لمن بَقِي فَلَمَّا أصبح المعتصم وَرَآهَا على غلمانه قَالَ للفضل أَحْسَنت بِهَذَا أَمرتك وَقيل إِن أَحْمد بن المدبّر قَالَ حبست فِي حبس لِابْنِ طولون ضيّق وَكَانَ خلق وبعضنا على بعض فحبس مَعنا أَعْرَابِي فَلم يجد مَكَانا يقْعد فِيهِ فَقَالَ يَا قوم لقد خفت من كلّ شَيْء إِلَّا أَنِّي مَا خفت قطّ أَلا يكون لي مَوضِع من الأَرْض فِي الْحَبْس أقعد فِيهِ وَلَا خطر ذَلِك ببالي فاستعيذوا بِاللَّه من حَالنَا وَقَالَ يَمُوت ابْن المزرع كَانَ أَحْمد بن المدّبر إِذا مدحه شَاعِر لم يرض شعره قَالَ لغلامه امْضِ بِهِ إِلَى الْجَامِع فَلَا تُفَارِقهُ حَتَّى يُصَلِّي مائَة رَكْعَة ثمّ خلّه)
فتحاماه الشُّعَرَاء إِلَّا الْأَفْرَاد المجيدون فَجَاءَهُ الْجمل الْمصْرِيّ واسْمه حيسن فاستأذنه فِي النشيد فَقَالَ قد عرفت الشَّرْط قَالَ نعم قَالَ فهات إِذا فأنشده
(أردنَا فِي أبي حسنٍ مديحاً ... كَمَا بالمدح تنتجع الْوُلَاة)
(فَقُلْنَا أكْرم الثقلَيْن طرّاً ... وَمن كفّاه دجلة والفرات)
(فَقَالُوا يقبل المدحات لَكِن ... جوائزه عَلَيْهِنَّ الصَّلَاة)
(فَقلت لَهُم وَمَا يُغني عيالي ... صَلَاتي إِنَّمَا الشَّأْن الزَّكَاة)
(فيأمر لي بِكَسْر الصَّاد مِنْهَا ... فتضحي لي الصّلاة هِيَ الصّلات)
فَضَحِك وَقَالَ لَهُ من أَيْن لَك هَذَا قَالَ من قَول أبي تَمام الطَّائِي
(هن الْحمام فَإِن كسرت عيافة ... من حائهن فإنهنَّ حمام)
فاستظرفه وَوَصله
3 - (مهذّب الدولة أَمِير البطيحة)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبيد بن جبر بن سُلَيْمَان وَهُوَ أَبُو الْجَبْر ابْن مَنْصُور بن إِسْمَاعِيل بن مَالك بن طريف يَنْتَهِي إِلَى معدّ بن عدنان أَبُو الْعَبَّاس الملقّب بمهذّب الدولة أَمِير البطيحة وعالمها وبيته يعرف بِبَيْت أبي الْجَبْر تولّى النّظر بواسط مُضَافا إِلَى إِمَارَة البطيحة وَأقَام بهَا وَكَانَ أديباً فَاضلا لَهُ معرفَة بأيام النَّاس وَله ديوَان شعر وَلم يزل آباؤه وأجداده أُمَرَاء بالبطيحة
توفّي ببغداذ سنة ثمانٍ وَخَمْسمِائة مدح الإِمَام المستظهر بِاللَّه بقصيدة أَولهَا(8/27)
(ياحبذا رمل الْكَثِيب الراسي ... وظلال دوح يفاعه الميّاس)
(وغياث وَادي الروضتين وحزنه ... ملهى ظباء كنائس وكناس)
(مشتًى ومرتبع لهندٍ والهوى ... عذب الْمَوَارِد مُسْفِر الإيناس)
مِنْهَا
(فدع الْمنَازل وادّ كارك عهدها ... واعمل لنجع الوابل الرجّاس)
(فبأحمد المستظهر الْبَانِي العلى ... ذِي الطّل مدراها أبي الْعَبَّاس)
(المستقل بعبء كلّ ملمّةٍ ... قدحت بطخيتها بِلَا مقباس)
(نجل الخلائف وَالَّذِي درع الندى ... من جوده قبل الْبَخِيل القاسي)
(بالمقتدي خلف الذَّخِيرَة ان دعِي ... والقائم ابْن الْقَادِر القنعاس)
)
(عارٍ من الْفَحْشَاء حالٍ بالتقي ... والنسك أنفس مَا ارتداه الكاسي)
قلت شعر متوسط
3 - (واعظ تكريت)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن محيي الدّين الْمَعْرُوف بواعظ تكريت كَانَ ظريفاً لطيفاً دمث الْأَخْلَاق كثير الْجد والهزل وحصّل بذلك دنيا عريضة حضر إِلَى الشَّام فِي الدولة الناصرية يُوسُف وَوعظ بحلب ثمّ بِدِمَشْق وَكَانَ يلازم وجيه الدّين بن سُوَيْد التكريتي وأحضره مجْلِس النَّاصِر بِدِمَشْق وَتكلم وَوعظ فأعجب السُّلْطَان وَحضر مرَارًا وَوَصله بِدَرَاهِم ودنانير وَكَانَ يَوْمًا عِنْد وجيه الدّين وَولده الْكَبِير حَاضر وَسيف الدّين السامري فَقَالَ وجيه الدّين عظنا يَا محيي الدّين فوعظ بجدّ ثمّ خرج إِلَى الْهزْل وأضحكهم فَقَالَ وجيه الدّين امدحوا واعظنا فَقَالَ تَاج الدّين ابْن سُوَيْد
(واعظ كريتٍ إِذا مَا رأى ... علقاً جرى فِي إثره حافي)
(يدرس إِن لاحت لَهُ قودة ... كالدرس فِي الْمقنع وَالْكَافِي)
وَقَالَ سيف الدّين السامر
(أَيهَا الْوَاعِظ الَّذِي هُوَ قطب ... لجَمِيع اللّواط والفساق)
(نجس الشَّام مُنْذُ أَصبَحت فِيهِ ... واعظاً مضمراً لكلّ نفاق)
(وَلَقَد أفلحت ببعدك تكري ... ت وأعمالها وَأَرْض الْعرَاق)
قَالَ الْوَجِيه أَن الْمَذْكُور مَشى مَعَه من عكّا إِلَى الْقُدس حافياً وَتُوفِّي بِدِمَشْق رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (شهَاب الدّين العسجدي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن عبد المحسن شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بالعسجدي أديب مُحدث فَقِيه فَاضل ظريف حسن(8/28)
الْأَخْلَاق يصحب الْأُمَرَاء وَله دكان يشْهد فِيهَا عِنْد مشْهد الْحُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ رَأَيْته غير مرّة وَاجْتمعت بِهِ كثيرا وَسمع بِقِرَاءَتِي وَسمعت بقرَاءَته كثيرا لَهُ معرفَة بالكتب ومصنّفيها وَأَيَّام النَّاس وطبقاتهم لَهُ مُشَاركَة جَيِّدَة فِي الْعُلُوم
ومولده سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة سمع أَصْحَاب ابْن علاّق والنجيب وَرُبمَا أدْرك العزَّ أَخا النجيب وَسمع من هَذِه الطَّبَقَة وَله اعْتِقَاد عَظِيم فِي الشَّيْخ صدر الدّين لِأَنَّهُ خدمه ولازمه مُدَّة)
مقَامه بِالْقَاهِرَةِ ويحكي عَن معارفه وعوارفه ويظن فِيهِ أَن الله مَا خلق أفضل مِنْهُ وَيكْتب خطّاً رديئاً وَكَانَ يكْتب الطباق فَإِذا فرغ مِنْهَا أَلْقَاهَا من يَده فيأخذها الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس رَحمَه الله تَعَالَى ويتأملها فيجدها قد كتبهَا من أول الورقة إِلَى آخرهَا فَيَقُول عجبا مِنْك كونك لم تكْتب بعض الْحُرُوف فِي الْهَوَاء من شعره فِي مليح يُسمى زبالة
(يَا هلالاً السوالف هاله ... وغزالاً يفوق حسن الغزالة)
(أَنْت من جَوْهَر الْجمال مصوغ ... فلماذا يُقَال عَنْك زبالة)
وَله أَيْضا فِيمَا نظم أهل الْعَصْر فِيهِ
(وغزالةٍ تسبي الغزالة فِي الضُّحى ... ويذيب قلب الصبّ طول مطالها)
(نطقت بِسحر حلالها فتصاممت ... أُذُنِي لتستدعي لذيذ مقالها)
وَله أَيْضا
(رَأَيْته ممتطياً أشهباً ... يحمل بازاً حمل قفازه)
(وطرفه أسبق من طرفه ... ولحظه أصيد من بازه)
وَله أَيْضا
(وافى بشمعته وضوء جَبينه ... مثل الْهلَال على الْقَضِيب المائس)
(فِي خدّه مثل الَّذِي فِي كفّه ... فاعجب لماء فِيهِ جذوة قابس)
وَله أَيْضا
(ومورّد الوجنات نرجس لحظه ... ترك الْقُلُوب بأسرها فِي أسره)
(حيّا بنسرينٍ ذكيٍ عرفه ... من ثغره وبياضه من نَحره)
وَله أَيْضا
(لمّا جنيت الْورْد من وجناته ... باللّحظ مختلساً جنى هجراني)
(فتصعدت نَار الأسى فاستقطرت ... مَا أجتنيه فَسَالَ من أجفاني)
3 - (ابْن دانكا الْفَقِيه)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عمر الطَّبَرِيّ الملقب بِابْن(8/29)
دنكا كَانَ أحد الْفُقَهَاء أَصْحَاب الرَّأْي ذكره أَبُو بكر الْخَطِيب فِي الكنى وَلم يسمه توفّي سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة
3 - (القَاضِي الأيبوردي)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُعِيد أَبُو الْعَبَّاس الأبيوردي القَاضِي الشَّافِعِي صَاحب الشَّيْخ أبي حَامِد سكن بغداذ وبرع فِي الْفِقْه وَولي الْقَضَاء ببغداذ على الْجَانِب الشَّرْقِي قيل إِنَّه كَانَ يَصُوم الدَّهْر توفّي سنة خمس وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَله شعر وَمن شعره
3 - (نقيب الْأَشْرَاف عز الدّين ابْن الْحلَبِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الإِمَام الْحَافِظ الشريف السَّيِّد عز الدّين أَبُو الْقَاسِم ابْن الإِمَام أبي عبد الله الْعلوِي الْحُسَيْنِي الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن الْحلَبِي نقيب الْأَشْرَاف بالديار المصرية ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسمع من فَخر الْقُضَاة ابْن الْحباب ثمّ سمع من الزكي الْمُنْذِرِيّ فَأكْثر وَمن الرشيد الْعَطَّار وَعبد الْغَنِيّ ابْن بَنِينَ والكمال الضَّرِير وطبقتهم
وَأَجَازَ لَهُ ابْن رواج وَابْن الجميزي والسبط وَصَالح المدلجي وَخلق كثير وَطلب الحَدِيث على الْوَجْه وَكَانَ ذَا فهم وحفظٍ وإتقان خرّج التخاريج المفيدة وَله وفيات ذيّل بهَا على شَيْخه الْمُنْذِرِيّ إِلَى سنة أَربع وَسبعين وَلَعَلَّه ذيّلها إِلَى أَن مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (شمس الدّين ابْن العجمي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحسن الشَّيْخ الْجَلِيل الْمسند شمس الدّين أَبُو بكر ابْن العجمي الْحلَبِي الشَّافِعِي ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَسَبْعمائة وَسمع من جده وَأبي الْقَاسِم ابْن رَوَاحَة وَابْن خَلِيل وَحضر الموفّق ابْن يعِيش وروى الْكثير وروى عَنهُ المقاتلي وَابْن الواني وَابْن الْفَخر والمزي وَالشَّيْخ شمس الدّين وقاسى بن هولاكو عذَابا شَدِيدا وَأخذ مَاله وَحصل لَهُ غَفلَة وبله مَا وَفَاته بحلب
3 - (ابْن الرومية العشاّب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مفرج أَبُو الْعَبَّاس الأندلسي الإشبيلي الْأمَوِي الحزمي الظَّاهِرِيّ وَيعرف بِابْن الرومية العشّاب الزَّهري كَانَ ظاهريّاً يتعصب لِابْنِ حزم بعد أَن كَانَ مالكياً وفَاق أهل الْعَصْر فِي النَّبَات ومعرفته والحشائش وَقعد فِي دكان ليبيعها وَكَانَ بَصيرًا بِالْحَدِيثِ وَرِجَاله وَله فِيهِ مصنّف سَمَّاهُ الْمعلم بِمَا زَاد على البُخَارِيّ وَمُسلم توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة(8/30)
3 - (الطرائفي الْعَنزي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَبدُوس بن سَلمَة أَبُو الْحسن الْعَنزي الطرائفي توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وثلاثمائة)
3 - (أَبُو جَعْفَر الْأَبْهَرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمَرْزُبَان بن أذرجشنش أَبُو جَعْفَر الْأَبْهَرِيّ أبهر أَصْبَهَان سمع جُزْء لوين من أبي جَعْفَر الحزوري وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الْخفاف)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر الزَّاهِد أَبُو الْحُسَيْن الْخفاف النَّيْسَابُورِي كَانَ مجاب الدعْوَة وسماعاته صَحِيحَة قَالَه الْحَاكِم توفّي سنة تسع وَخمسين وثلاثمائة
3 - (ابْن أبي دلف)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عجلٍ ابْن الْأَمِير أبي دلف أَبُو نصر حدّث بِدِمَشْق عَن الْفضل بن الْفضل الْكِنْدِيّ وَتُوفِّي سنة أَرْبَعمِائَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَبُو عمر الْقُرْطُبِيّ الْأمَوِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عفيف أَبُو عمر الْأمَوِي الْقُرْطُبِيّ استوسع فِي الرِّوَايَة وَالْجمع والإتقان وَكَانَ يغسل الْمَوْتَى وصنّف فِي تغسيلهم كتابا وصنّف كتابا فِي أدب المعلمين وَفِي أَخْبَار الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء بقرطبة توفّي سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو جَعْفَر الْأنْصَارِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة الْأنْصَارِيّ من أهل جَزِيرَة شقر تجوَّل غرب بِبِلَاد الأندلس كَاتبا لِابْنِ هود ثمّ فَارقه وَلحق بسبتة فَقتل بهَا ثامن شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم لَهُ شعر كثير لم أَقف الْآن إِلَّا على قَوْله
(أغصصت بالريق قوما مَا جنيت لَهُم ... إِلَّا نفائس مَا قدّرت من حسن)
(إنّي قتلت غبياً مَا برزت لَهُ ... إلاّ تقلّب فِي أَثوَاب مندفن)
(إِن سلّ غرب ذكائي حدّ قافيه ... فِي النّوم أدرج من ثوبيه فِي كفن)
(قد كَابر الحقَّ بهتاً وَهُوَ مُعْتَقد ... فِي السرّ إِثْبَات مَا يَنْفَعهُ فِي العلّن)
(وأبصرت عينه الْآفَات باهرةً ... لاتستسرُّ لساهٍ لَا وَلَا فطن)
(فلازم الغيَّ واستهوته منقصة ... كَأَنَّهُ عاكف مِنْهَا على وثن)
(مَا للغضاضة سُلْطَان على أدبٍ ... تحدى بِهِ العيس من مصرٍإلى عدن)(8/31)
قَالَ وأنشدني سنة عشْرين وسِتمِائَة لنَفسِهِ)
(عجبي لقومٍ أملّوا أَن يبلغُوا ... من كلّ مأثرةٍ وَفضل مبلغي)
(من بعض حاصلي الَّذِي لَا أَبْتَغِي ... يئسوا فَمن لَهُم بِمَا أَنا أَبْتَغِي)
وَأمر بقتْله الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس البناشتي لأمورٍ نقمها عَلَيْهِ مِنْهَا أنّه هجاه فَقَالَ
(سمعنَا بالموفّق فارتحلنا ... وشافعنا لَهُ حسب وَعلم)
(ورمت يدا أقبلها وَأُخْرَى ... أعيش بفضلها أبدا وأسمو)
(فأنشدنا لِسَان الْحَال عَنهُ ... يَد شلاَّ وَأمر لَا يتمُّ)
3 - (ابْن مُحَمَّد المقرىء)
أَحْمد بن مُحَمَّد المقرىء قَالَ أرجوزة فِي الْأمين يرثيه ذكره المرزباني والأرجوزة
(الْحَمد للرحمن ... ذِي المنَّ وَالْإِحْسَان)
(تبَارك الغفور ... لَيْسَ لَهُ نَظِير)
(ياعين فابكي ملكا ... حرّاً كَرِيمًا هلكا)
(ابكي على المرحوم ... على الْفَتى الْمَظْلُوم)
(ابكي على الْمَفْقُود ... على الندى والجود)
(ابكي على الشَّبَاب ... صَار إِلَى التُّرَاب)
(محمّد خير الْبشر ... صلّى عَلَيْهِ المقتدر)
(ابكي إِمَام النَّاس ... من ولد العبّاس)
(ابكي على الإِمَام ... مُحَمَّد الْهمام)
(كَانَ لَهُ وَزِير ... فخانه الْوَزير)
(ولاّه أَمر النَّاس ... وَقد خلا بالكاس)
(مَا يستفيق شربا ... لم يبْق حَربًا)
(فالفضل لَيْسَ يالو ... ورأيه الْقِتَال)
(فَقَالَ للماهان ... أَنْت لهَذَا الشّان)
(امْضِ إِلَيْهِم فَفعل ... وَلم يزل حَتَّى قتل)
(فانهزمت عساكره ... وانتهبت ذخائره)(8/32)
3 - (الدَّورقي)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد الدّورقي أحد شعراء الْعَسْكَر يَقُول فِي الْحسن بن وهب يهجوه
(تنكّر آل وهبٍ للصديق ... وَلم أك للتنكر بالمطيق)
(وهبت مَوَدَّة الْحسن بن وهبٍ ... الْمَسَاجِد وَالطَّرِيق)
(وعفت أَخَاهُ إِذْ قد كَانَ يزهى ... بدين أَبِيه دين الجاثليق)
وَله فِيهِ وَقيل فِي أَخِيه سُلَيْمَان
(لابدَّ يَا نفس من سُجُود ... فِي زمن السوء للقرود)
(هبّت لَك الرّيح يَا ابْن وهبٍ ... فَخذ لَهَا أهبة الركود)
3 - (ابْن درّاج القسطلي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْعَاصِ بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن عِيسَى بن درّاج الأندلسي القسطلّي الْكَاتِب كَاتب الْمَنْصُور ابْن أبي عَامر وشاعره كَانَ من جملَة الفحول فِي شعراء المغاربة وَالْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمين ذكره الثعالبي فِي الْيَتِيمَة وَقَالَ فِي حَقه كَانَ بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشَّام وَهُوَ أحد الشُّعَرَاء الفحول وَكَانَ يجيد مَا ينظم وَيَقُول وَأورد لَهُ أَشْيَاء مليحة وَذكره ابْن بسام فِي الذَّخِيرَة وسَاق طرفا من رسائله ونظمه وَأمره الْمَنْصُور ابْن أبي عَامر أَن يُعَارض أَبَا نواس فِي قصيدته الَّتِي أَولهَا أجارة بيتينا أَبوك غيور فأنشده قصيدة بليغه من جُمْلَتهَا
(ألم تعلمي أنَّ الثَّواء هُوَ التَّوى ... وَأَن بيُوت العاجزين قُبُور)
(تخّوفني طول السَّفار وَإنَّهُ ... لتقبيل كفّ العامريّ سفير)
(دعيني أرد مَاء المفاوز آجناً ... إِلَى حَيْثُ مَاء المكرمات نمير)
(فإنَّ خطيرات الْهَالِك ضمَّن ... لراكبها أَن الْجَزَاء خطير)
وَمِنْهَا يصف وداعه زَوجته وَولده الصَّغِير
(ولّما تداعت للوداع وَقد هفا ... بصبري مِنْهَا أَنه وزفير)
(تناشدني عهد المودّة والهوى ... وَفِي المهد مبغوم النداء صَغِير)(8/33)
(عييُّ بمرجوع الْخطاب ولحظه ... بموقع أهواء النُّفُوس خَبِير)
(تبوّأ مَمْنُوع الْقُلُوب ومهّدت ... لَهُ أذرعٌ محفوفة ونحور)
)
(فكلّ مفدّاة الترائب مرضع ... وكلُّ محيّاة المحاسن ظير)
(عصيت شَفِيع النّفس فِيهِ وقادني ... رواح لتدآب السُّرى وبكور)
(لَئِن ودّعت مني غيوراً فإنّني ... على عزمتي من شجوها لغيور)
(وَلَو شاهدتني والهواجر تلتظي ... علَّي ورقراق السَّراب يمور)
(أسلَّط حرّ الهاجرات إِذا سَطَا ... على حرّ وَجْهي والأصيل هجير)
(وأستنشق النكباء وَهِي لوافح ... وأستوطن الرمضاء وَهِي تَفُور)
(وللموت فِي عين الجبان تلوّن ... وللذعر فِي سمع الجريء صفير)
(لبان لَهَا أنّي من الضيم جازعٌ ... وأنّي على مضَّ الخطوب صبور)
(وَلَو بصرت بِي والسُّرى جلُّ عزمتي ... وجرسي لجنّان الفلاة سميرُ)
(وأعتسف الموماة فِي غسق الدُّجى ... وللأسد فِي غيل الغياض زئير)
وَقد حوَّمت زهر النُّجُوم كَأَنَّهَا كواعب فِي خضر الحدائق حور
(ودارت نُجُوم القطب حَتَّى كَأَنَّهَا ... كئوس مهاً والى بهنَّ مدير)
(وَقد خيّلت طرق المجرَّة أنّها ... على مفرق اللَّيْل البهيم قتير)
(وثاقب عزمي والظلام مروع ... وَقد غضّ أجفان النُّجُوم فتور)
(لقد أيقنت أنَّ المنى طوع همتّي ... وأنّي بعطف العامريّ جدير)
وَمن شعر ابْن درّاج
(سأمنع قلبِي أَن يحنَّ إِلَيْك ... وأنهى دموعي أَن تفيض عَلَيْك)
(أغدراً وَلم أغدر وخوناً وَلم أخن ... لقد ضَاعَ لي صدق الْوَفَاء لديك)
(أصدُّ بوجهي عَن سنا الشَّمْس طالعاً ... لِأَن صَار مَنْسُوب الصِّفَات إِلَيْك)
(وأستفظع الشُّد اللّذيذ مذاقه ... لمطعمه الْمَوْجُود فِي شفتيك)
(وأصرف عَن ذكراك سَمْعِي ومنطقتي ... وَلَو نازعتنيه حمامة أيك)
(وَلَو عَن لي ظَبْي الفلاة اجتنبته ... لتمثال عَيْنَيْك وسالفتيك)
وَمن شعره يمدح الْمَنْصُور ابْن أبي عَامر(8/34)
(كفّي شئونك سَاعَة فتأمّلي ... فلعلّها بشرى الصَّباح الْمقبل)
(وتنجّزي وعد الْمَشَارِق وانظري ... واستخبري زهر الْكَوَاكِب واسألي)
)
(فلعلّ غايات الدجى أَن تَنْتَهِي ... وَعَسَى غيابات الأسى أَن تنجلي)
(لَا تخدعي بدموع عَيْنك فِي الورى ... قلباً يعزُّ عَلَيْهِ أَن تتذلّلي)
(تحمّلي شجن النّوى لَا تمكني ... أَيدي الصبابة من عنان تجمُّلي)
(لَا تخذلي بِالْعَجزِ عزمي بَعْدَمَا ... شافهت أعجاز النّجوم الأفَّل)
(فليسعدنَّ الحزم إِن لم تسعدي ... وليفعلنَّ الحقُّ إِن لم تفعلي)
(ولأعسفنَّ اللَّيْل غير مشيعٍ ... ولأركبنَّ الهول غير مذللَّ)
مِنْهَا
(وكأنما الشَعّرى سراج موقد ... وقف على طرق النُّجُوم الضُّلَلّ)
(وَكَأن مُلْتَزم الفراقد قطبها ... ركب على عرفان داثر منزل)
(وتحوَّلت أمُّ النّجوم كَأَنَّهَا ... زهر تراكم فَوق مجْرى جدول)
وَمن شعره أَيْضا
(إِلَى أَي ذكرى بعد ذكراك أرتاح ... وَمن أيّ بحرٍ بعد بحرك أمتاح)
(إِلَيْك انْتهى الرّيّ الَّذِي بك يَنْتَهِي ... ويسرح لي الرَّأْي الَّذِي بك يلتاح)
(وَفِي مائك الإغداق والصفو والروا ... وَفِي ظلّك الريحان والرَّوح والراح)
(وكلُّ بأثمار الْحَيَاة مهدَّل ... وبالعطف ميّاس وبالعرف ميّاح)
(فأغدق للظّمآن محياً ومشرب ... وأفسح بالضاحي غصون وأدواح)
(تغنّي طيور الْيمن فِيهَا كَأَنَّمَا ... بعلياك تشدو أَو لذكراك ترتاح)
(فألحانها فِي سمع من أَنْت حزبه ... أغانٍ وَفِي أسماع شانيك أنواح)
وَمِنْه
(أوجفت خيلي فِي الْهوى وركابي ... وقذفت نبلي بالصبا وحرابي)
(وسللت فِي سبل الغواية صَارِمًا ... عضباً ترقرق فِيهِ مَاء شَبَابِي)
(وَرفعت للشّوق المبَّرح رايةً ... خفّاقةً بهوائج الأطراب)
(ولبست للّوّام لأمة خالعٍ ... مسرودةً بصبابةٍ وتصاب)
(وبرزت للشّكوى بشكّة معلمٍ ... نكص الملام بهَا على الأعقاب)
(فاسأل كمين الشّوق كَيفَ أثرته ... بغروب دمع صبَابَة التسكاب)
)
(واسأل جنود العذل كَيفَ لقيتها ... فِي جحفل البرحاء والأوصاب)(8/35)
ولد ابْن دراج سنة سبع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن بشّار الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن بشار الْكَاتِب ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم وَقَالَ هُوَ أستاذ أبي عبد الله الْكُوفِي الْوَزير وَكَانَ أحد الأفاضل من الكتّاب بلاغة وفصاحة وصناعة وَله كتاب الْخراج كَبِير نَحْو ألف ورقة وَكتاب الشَّرَاب والمنادمة
3 - (المهلّبي الرحاني النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد المهلبي أَبُو الْعَبَّاس كَذَا ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي كِتَابه وَقَالَ هُوَ مُقيم بِمصْر وَيعرف بالرحاني لَهُ كتاب شرح علل النَّحْو والمختصر فِي النَّحْو وَكَانَ بِمصْر نحوي يعرف بالمهلبي اسْمه عَليّ بن أَحْمد وَكَانَ فِي هَذَا الْعَصْر فَإِن كَانَ هَذَا فقد وهم النديم فِي اسْمه وإلاّ فَهُوَ غَيره كَذَا قَالَه ياقوت فِي مُعْجم الأدباء
3 - (الجيهاني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن نصر الجيهاني أَبُو عبد الله وَزِير نصر بن أَحْمد السّاماني صَاحب خُرَاسَان كَانَ أديباً فَاضلا ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم وَقَالَ لَهُ من الْكتب كتاب المسالك والممالك كتاب الزِّيَادَات فِي كتاب الناشىء من المقالات وَكتاب العهود والحلفاء والأمراء
وَلأَحْمَد بن أبي بكر الْكَاتِب يهجوه
(أيا ربَّ فِرْعَوْن لمّا طَغى ... وتاه وأبطره مَا ملك)
(لطفت وَأَنت الطيف الْخَبِير ... فأقحمته اليمَّ حَتَّى هلك)
(فَمَا بَال هَذَا الَّذِي لاأراه ... يسْلك إِلَّا الَّذِي قد سلك)
(مصوناً على نائبات الدهور ... يَدُور بِمَا يشتهيه الْفلك)
(أَلَسْت على أَخذه قَادِرًا ... فَخذه وَقد خلص الْملك لَك)
(فقد قرب الْأَمر من أَن يُقَال ... ذَا الْأَمر بَينهمَا مُشْتَرك)
(وإلاّ فَلم صَار يملى لَهُ ... وَقد لجّ فِي غيّه وانهمك)
(وَلنْ يصفو الْملك مادام فِيهِ ... شريك وَإِن شكّ)(8/36)
وَقَالَ فِيهِ آخر)
(لَا لِسَان لَا رواء ... لَا بيانٌ لَا عبارَة)
(لَا وَلَا ردُّ سلامٍ ... مِنْك إلاّ بالإشاره)
(أَنا أهواك وَلَكِن ... أَيْن آثَار الوزاره)
قَالَ ثمَّ مَاتَ السديد مَنْصُور بن نوح وَقَامَ مقَامه الرضي أَبُو الْقَاسِم نوح ابْن مَنْصُور وَهُوَ على وزارته ثمّ صرفت عَنهُ الوزارة فِي شهر ربيع الآخر سنة سبع وَسِتِّينَ وثلاثمائة ووليها أَبُو الْحُسَيْن عبد الله بن أَحْمد الْعُتْبِي
قلت وَقد تقدم فِي المحمدين مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر أَبُو عبد الله الجيهاني وَأَظنهُ هَذَا وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَلَكِن هَذَا أثْبته ياقوت فِي المحمدين وَفِي الأحمدين
3 - (موفق الدّين التلسماني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ الخزرجي التلّمساني ثمّ الْمصْرِيّ الشَّيْخ موفق الدّين أدْرك ابْن رِفَاعَة وَكَانَ يُمكنهُ السماع مِنْهُ لَكِن كَانَت السنّة ميتَة بدولة بن عبيد وَسمع من البوصيري وَجمع مجاميع فِي التصوف وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (فَخر الْقُضَاة ابْن الْحباب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن أَحْمد فَخر الْقُضَاة أَبُو الْفضل ابْن الْحباب التَّمِيمِي السَّعْدِيّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الْعدْل نَاظر الْأَوْقَاف حدّث ب صَحِيح مُسلم مرّات عدَّة وروى عَنهُ الحافظان الْمُنْذِرِيّ والدمياطي وجمال الدّين ابْن الظَّاهِرِيّ وَفتح الدّين ابْن القيسراني وَكَانَ صَحِيح السماع توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (أَبُو بكر الوشّاء)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الْجَعْد الوشّاء أَبُو بكر البغداذي قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ
توفّي سنة إِحْدَى وثلاثمائة
3 - (تَقِيّ الدّين ابْن الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَاحِد الإِمَام تَقِيّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْعِزّ الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ اشْتغل على جده لأمه موفق الدّين حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَحفظ الْكَافِي لجدّه جَمِيعه ودرَّس وَأفْتى وَلم يكن فِي المقادسة فِي وقته أعلم مِنْهُ بِالْمذهبِ وروى عَنهُ جمَاعَة توفّي سنة)
ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة(8/37)
3 - (أَبُو عبد الْملك الْأمَوِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْبر بن يحبى أَبُو عبد الْملك الْقُرْطُبِيّ الْأمَوِي صَاحب تَارِيخ الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء طلب الْعلم كثيرا وَتُوفِّي سنة وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
3 - (أَبُو نصر الْموصِلِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن هِشَام الطوسي أَبُو نصر الْفَقِيه الشَّافِعِي الْموصِلِي قدم بغداذ ودرس بهَا الْفِقْه على الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ولازمه إِلَى حِين وَفَاته وَسمع القَاضِي أَبَا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَأَبا جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَأحمد بن مُحَمَّد بن النقور وَغَيرهم وَمن شعره
(إنّي وَإِن بَعدت دَاري لمقتربٌ ... مِنْكُم بمحض موالاةٍ وإخلاص)
(وربَّ دانٍ وَإِن دَامَت مودّته ... أدنى إِلَى الْقلب مِنْهُ النازح القاصي)
وَمِنْه أَيْضا
(إنّي وَإِن بعد اللِّقَاء فودُّنا ... باقٍ وَنحن على النَّوَى أحباب)
(كم نازحٍ بالودّ وَهُوَ مقارب ... ومقاربٌ بوداده يرتاب)
وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (كَمَال الدّين ابْن النصيبي الْمسند)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن هبة الله ابْن النصيبي الشَّيْخ كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْحلَبِي ولد فِي شهر رَجَب سنة تسع وسِتمِائَة وَسمع من الافتخار وَهُوَ آخر من روى عَنهُ وَأبي مُحَمَّد ابْن علوان وثابت بن مشَّرف وَمُحَمّد ابْن عمر العثماني وَإِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الكاشغري وَجَمَاعَة وَكَانَ أسْند من بَقِي بحلب روى عَنهُ الدمياطي والدواداري وَابْن الْعَطَّار والمزي والموفّق الْعَطَّار وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَكَانَ أجَاز لَهُ جمَاعَة مِنْهُم الْمُؤَيد الطوسي وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (ابْن عَطاء الله الاسكندري)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن عَطاء الله الشَّيْخ الْعَارِف تَاج الدّين أَبُو الْفضل الإسكندري)
كَانَ رجلا صَالحا يتَكَلَّم على كرْسِي فِي الْجَامِع بِكَلَام حسن وَله ذوق وَمَعْرِفَة بِكَلَام الصُّوفِيَّة وآثار السّلف وَله عبارَة عذبة لَهَا وَقع فِي الْقُلُوب وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْفَضَائِل وَكَانَ تلميذاً لأبي عَبَّاس المرسي صَاحب الشاذلي وَكَانَ من(8/38)
كبار القائمين على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَكَانَت لَهُ جلالة توفّي بالمنصورية فِي الْقَاهِرَة سنة تسع وَسَبْعمائة
وَمن شعره
(مرادي مِنْك نِسْيَان المُرَاد ... إِذا رمت السَّبِيل إِلَى الرّشاد)
(وَأَن تدع الْوُجُود فَلَا ترَاهُ ... وتصبح ماسكاً حَبل اعْتِمَاد)
(إِلَى كم غفلةٍ عنّي وإنّي ... على حفظ الرِّعَايَة والوداد)
(ودّي فِيك لَو تَدْرِي قديم ... وَيَوْم السبت يشْهد بانفرادي)
(وَهل ربّ سواي فترتجيه ... غَدا ينجيك من كربٍ شَدَّاد)
(فوصف الْعَجز عمَّ الْكَوْن طرّاً ... فمفتقر بمفتقرٍ يُنَادي)
(وَبِي قد قَامَت الأكوان طرّاً ... وأظهرت الْمظَاهر من مرادي)
(أَفِي دَاري وَفِي ملكي وفلكي ... توجَه للسَوى وَجه الرَّجَاء عَن الْعباد)
(ووصفك فالزمنه وَكن ذليلاً ... ترى منّي المنى طوع القياد)
(وَكن عبدا لنا وَالْعَبْد يرضى ... بِمَا تقضي الموَالِي من مُرَاد)
قلت شعر نَازل
3 - (ابْن التنّبي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد بن صاعد بن سَلامَة بن أَيُّوب نجم الدّين ابْن الْوَزير عز الدّين ابْن التنّبي بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف وَالنُّون المشدّدة وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة أَخْبرنِي الإِمَام العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ كَانَ جندياً يعاني الْأَدَب ولمسعود السنهوري فِيهِ عدَّة مدائح ثمّ ترك ذَلِك وَظهر عَلَيْهِ الخمول وأنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(رَأَيْت الَّذِي أهواه يبكي فسرنَّي ... وَقلت لما قد نالني يتوجّع)
(وَمَا ذَاك مِنْهُ رَحْمَة غير أَنه ... سقى طرفه وَالسيف يسقى فَيقطع)
3 - (ابْن الصُّهَيْبِيُّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الشَّيْخ شرف الدّين الْجَزرِي التَّاجِر السفّار الْمَعْرُوف بِابْن)
الصّهيبي دخل الْهِنْد والبلاد النائية ذكره شمس الدّين الْجَزرِي فِي تَارِيخه فَقَالَ أَنا شرف الدّين ابْن الصُّهَيْبِيُّ قَالَ حَدثنِي النجيب الشهراباني سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة بِجَزِيرَة كيش ثَنَا الزَّاهِد عَليّ الكفتي سنة أَرْبَعِينَ ثَنَا المعمر عبد الْأَحَد السَّمرقندي قَالَ اجْتمعت برتن بن معمّر بسرنديب فَقَالَ كنت صَغِيرا مَعَ أبي عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حفر(8/39)
الخَنْدَق فَمسح على رَأْسِي ودعا بطول الْعُمر وَذكر حَدِيثا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين إِنَّمَا ذكرت هَذَا للفرجة وإلاّ فَهَذَا النمط أقل من أَن يعده الْحفاظ فِي الموضوعات بل إِذا سمعُوا من يذاكر بِهِ تعجبوا وَقَالُوا) ويخلق مَالا تعلمُونَ (وَهَذِه عَجِيبَة من عجائب بَحر الْهِنْد
قلت يَأْتِي ذكر رتن هَذَا فِي حرف الرَّاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى توفّي شرف الدّين الْمَذْكُور فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (جمال الدّين المغاري)
أَحْمد بن أبي مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن هبة الله الصَّالح الْمسند جمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الصَّالِحِي الْعَطَّار المغاري سمع أَبَا نصر مُوسَى ابْن الشَّيْخ عبد الْقَادِر والموفق بن قدامَة والنفيس بن البنّ وَالْمجد القزوييني وَأحمد بن طَاوُوس وَجَمَاعَة روى عَنهُ ابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار والمزي وَجَمَاعَة وَكَانَ إِمَام مغارة الدَّم لَهُ هَيْبَة وأخلاق رضية وديانة ولد سنة إِحْدَى وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الورّاد)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن التّجيبي الغرناطي أَبُو جَعْفَر يعرف بالورّاد قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان هُوَ طَبِيب فَاضل مقرىء نقلت من شعره بخطّ الْأُسْتَاذ أبي جَعْفَر ابْن الزبير شَيخنَا قَوْله فِي فَتى انثلم ثغره وَقد كلَّف ذَلِك وسمعته من لفظ أثير الدّين
(لم تنكسر سنّ طلًى لحظه ... مَتى رمت أسهمه صابت)
(هَل هِيَ إلاّ برد عِنْدَمَا ... سرى إِلَيْهَا نَفسِي ذَابَتْ)
(ريقته الْخمر وَهِي حبا ... بَات إِذا مَا لمست غَابَتْ)
3 - (ابْن الجرادي الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الحمن بن مَنْصُور الْمروزِي أَبُو بكر الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن الجرادي وَهُوَ أَخُو أبي مُحَمَّد عبيد الله وَأَبُو بكر الْأَكْبَر سمع أَبَا الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأَبا حَامِد بن)
هَارُون الْحَضْرَمِيّ وجعفر بن مُحَمَّد الدَّير عاقولي وَأَبا بكر مُحَمَّد بن بشار الْأَنْبَارِي وَغَيرهم
توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو بكر ابْن الْأَنْبَارِي النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان الْأَنْبَارِي أَبُو بكر النَّحْوِيّ سمع أَبَاهُ وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن بشار الْأَنْبَارِي وَإِبْرَاهِيم بن السريّ وَمُحَمّد بن دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ وَابْن دُرَيْد وَالْحُسَيْن بن الْقَاسِم الكوكبي روى عَنهُ وَلَده أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد
3 - (ابْن برنفا الوَاسِطِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو نعيم البزّاز الشَّاعِر الوَاسِطِيّ(8/40)
الْمَعْرُوف بِابْن برنفابفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَضم الرَّاء وَسُكُون النُّون وَبعد الْفَاء ألف كَذَا وجدته مضبوطاً سمع مِنْهُ الْحسن ابْن الْبناء وَابْنه يحيى أناشيد ببغداذ فِي شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
من شعره
(لقد كمّل الرَّحْمَن شخصك فِي الورى ... فَلَا شان شَيْئا من كمالك بالنّقص)
(وَمن جمع الْآفَاق فِي الْعين قَادر ... على جمع أشتات الْفَضَائِل فِي شخص)
قلت أَخذه من أبي نواس حَيْثُ قَالَ
(وَلَيْسَ لله بمستنكرٍ ... أَن يجمع الْعَالم فِي وَاحِد)
وَزَاد عَلَيْهِ بالمبالغة والتمثيل لِأَن الْإِنْسَان إِذا فتح عينه رأى نصف الْعَالم الظَّاهِر وَفَاته مُبَالغَة وَهُوَ أَن الْعين كلهَا مَا ترى ذَلِك وَإِنَّمَا يرَاهُ النَّاظر وَهُوَ قدر نصف العدسة وَهُوَ البؤبؤ الَّذِي يرى النَّاظر شخصه فِيهِ دَاخل سَواد الْعين فَتَبَارَكَ الخلاّق الْعَلِيم الْحَكِيم المدّبر
وَمن شعره
(أَلا قَاتل الله الْفِرَاق فكم لَهُ ... قَتِيل اشتياقٍ لَا يباء لَهُ دم)
(فَمَا أحد إِلَّا وَمِنْه إِذا نأت ... بِهِ الدَّار عَن أحبابه يتظلم)
(سأمنع طرفِي نظرةً من سواكم ... فَمَا تنظر العينان أحسن مِنْكُم)
3 - (القَاضِي الْمُوفق الأسترشني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الأسترشني البازكندي أَبُو نصر القَاضِي الْمَعْرُوف بالموفقوبازكند بَلْدَة بَين كاشغر وختن من بِلَاد التركقدم فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة رَسُولا)
من صَاحب غزنة إِلَى المستظهر بِاللَّه وحدّث بهَا عَن أَحْمد بن عِيسَى بن عبد الله الدّلفي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد الصدَّيقي الحسني وَسمع مِنْهُ جَعْفَر بن أَحْمد السرَّاج وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْبَلْخِي وَأَبُو نصر الْأَصْبَهَانِيّ وَمُحَمّد بن طرخان بن سلكين بن بجكم بن هزارسب
3 - (ابْن قضاعة البغداذي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن قضاعة أَبُو الْعَبَّاس البغداذي من بَيت مَشْهُور بالرئاسة وَالْكِتَابَة سمع أَبَوي الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الربعِي وَعلي بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن بَيَان الْكَاتِب وَأَبا عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان وَغَيرهم وروى عَنهُ ابْن الْأَخْضَر توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ خَمْسمِائَة
3 - (ابْن الكجلو الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو طَالب الْفَقِيه الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف(8/41)
بِابْن الكجلوبضم الْكَاف وَسُكُون الْجِيم وَضم اللَّام وَبعدهَا واومن أهل الْمَدَائِن تولى الخطابة بعْدهَا مُدَّة وَقدم بغداذ وسكنها وَكَانَ أديباً فَاضلا وَله شعر حسن من ذَلِك
(لهيب فؤاد حرّه لَيْسَ يبرد ... وذائب دمعٍ بالأسى لَيْسَ يجمد)
(تكنّفه ليلان جنح دجنّةٍ ... وليل من الهمّ المبَرح أسود)
(وصبّ تحاماه لذيذ رقاده ... وَمن هَذِه حالاته كَيفَ يرقد)
(وماكلّ مرتاح إِلَى الْمجد ماجد ... وَلَا كلّ من يهوى السِّيَادَة سيَّد)
(وَمن زرع الْمَعْرُوف بذراً فَإِنَّهُ ... على قدر مَا قد قدّم الْبذر يحصد)
3 - (أَبُو الْغَنَائِم الْكَاتِب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن هبة الله بن عبد السَّلَام أَبُو الغنايم ابْن أبي الْفَتْح الْكَاتِب البغداذي سمع أَبَاهُ وَمُحَمّد بن الْمُهْتَدي وَهبة الله ابْن مُحَمَّد بن الْحصين وَغَيرهم وَحدث باليسير وَكَانَ أديباً فَاضلا يكْتب خطّاً حسنا وينشىء وَله رِسَالَة فِي الطَّرْد كتبهَا الى المستنجد بِاللَّه قتل سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَلم يعلم قَاتله
3 - (شمس الدّين ابْن الْوَزير ابْن القصاب)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن القصاب أَبُو الْقَاسِم ابْن الْوَزير مؤيد الدّين أبي الْفضل
كَانَ يلقب بشمس الدّين نَاب فِي الوزارة عَن وَالِده مدّة سَفَره فَلَمَّا وصل خبر مَوته عزل عَن)
النِّيَابَة وَكَانَ شَابًّا حسنا وكاتباً مجوّداً مَحْمُود السِّيرَة توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (الباشاني الْهَرَوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن رزين أَبُو عَليّ الباشاني الْهَرَوِيّ كَانَ ثِقَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (ابْن نمير الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن نمير أَبُو سعيد الْخَوَارِزْمِيّ الضَّرِير الْفَقِيه الْعَلامَة الشَّافِعِي تلميذ الشَّيْخ أبي حَامِد قَالَ الْخَطِيب درَّس وَأفْتى وَلم يكن بعد أبي الطيّب الطَّبَرِيّ أفقه مِنْهُ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن مزدئن الزَّاهِد)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مزدئنبفتح الْمِيم وَسُكُون الزَّاي وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وياء مَهْمُوزَة بعْدهَا نونأبو عَليّ القومساني النهاوندي الزَّاهِد سكن أنبط قَرْيَة من همذان روى وحدّث قَالَ شيرويه سَمِعت أَبَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الصُّوفِي(8/42)
يَقُول سَمِعت الْأَبْهَرِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا عَليّ القومساني يَقُول رَأَيْت ربَّ الْعِزَّة فِي الْمَنَام سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ فناولني كوزين شبه الْقَوَارِير فَشَرِبت مِنْهُمَا فانتبهت وَأَنا أتلو هَذِه الْآيَة وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا وَرَأَيْت مرّة رب الْعِزَّة فِي الْمَنَام فِي أَيَّام الْقَحْط فَقَالَ لي يَا أَبَا عَليّ لَا تشغل خاطرك فَإنَّك عيالي وَعِيَالك عيالي وأضيافك عيالي توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (الْوَزير ابْن النَّاقِد)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن النَّاقِد أَبُو الْأَزْهَر ابْن أبي السعادات رَبِّي فِي الحشمة وَالنعْمَة وَحفظ الْقُرْآن وجوَّده وأتقنه ولازم ابْن شبيب الوَاسِطِيّ النَّحْوِيّ حَتَّى برع وَكَانَ يدعى نصير الدّين وعانى الْكِتَابَة والبلاغة وَكَانَ يكثر من التِّلَاوَة فِي الْمشَاهد والمزارات ليَالِي الْجمع وَرُبمَا قَرَأَ الْقُرْآن كُله وَهُوَ قَائِم من أول اللَّيْل إِلَى السَّحر إِلَى أَن استخدم فِي عنفوان شبابه فِي عدَّة خدم فِي أَيَّام الإِمَام النَّاصِر ثمَّ ترك الخدم وَاخْتَارَ الخمول وَالْعُزْلَة إِلَى أَن توفّي النَّاصِر وَولي الظَّاهِر فاستدعاه وَجعله وَكيلا لوَلَده الْمُسْتَنْصر فقرَّبه واختص بِهِ فَلَمَّا أفضت إِلَيْهِ الْخلَافَة أقره على وكَالَته وَرفع مَحَله فلمّا توفّي ابْن الضحّاك أستاذ الدَّار رتبّه مَكَانَهُ فلّما قبض على القمي نَائِب الوزارة خلع الوزارة وَركب إِلَى الدِّيوَان بَعْدَمَا دخل إِلَى الْخَلِيفَة وشافهه)
بِالْولَايَةِ وَكَانَت الْأُمُور كلهَا بِيَدِهِ يصدرها ويوردها بذهن ثاقب وَلم تزل طَرِيقَته محمودة وأموره مَرِيضَة وَفِيه محبَّة لأهل الدّين وتواضع لَهُ وَكَانَ جيد الْخط رَشِيق الْعبارَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَمن شعره فِي الظَّاهِر
(مرْحَبًا مرْحَبًا وَأهلا وسهلاً ... بِإِمَام قد طبّق الأَرْض سهلا)
(يَا إِمَامًا أَتَى يبدّد وفراً ... لصلاح الورى وينظم شملا)
(جَاءَ مستمسكاً من الْبر والتق ... وى بحبلٍ أَعَارَهُ الله فَتلا)
(يَا إِمَام الورى الَّذِي مدَّ بالإح ... سان وَالْعدْل فِي البسيطة ظلاّ)
(أَنْت من معشرٍ أهل بَيت ال ... لّه حَقًا وزمزمٍ والمصلّى)
(أنزل الله فيهم فِي الحوامي ... م وَفِي هَل أَتَى مدائح تتلى)
(وَاصْطفى مِنْهُم لتبليغ مَا أل ... قي من الْوَحْي أَنْبيَاء ورسلا)
(وهم السِّرّ فِي قُلُوب أولي الإي ... مان حَقًا يَوْم السرائر تبلى)
(وَقد زَاد فَخْرهمْ حِين أصبح ... ت لَهُم يَا خَليفَة الله نجلا)
(حسبهم أَنهم نموك وَيَكْفِي ... هم على الْعَالمين ذَلِك فضلا)
(بِالْإِمَامِ المهديّ والقائم الطّا ... هر أضحى الْأَعَز يخْشَى الأذلاّ)
وَهِي طَوِيلَة وَكلهَا من هَذَا النَّفس الْجيد وَكَانَ بَينه وَبَين الظَّاهِر رضَاع ثمَّ إِنَّه عرض لَهُ فِي(8/43)
سنة أَربع وَثَلَاثِينَ ألم المفاصل فاستناب من يكْتب عَنهُ وَحضر يَوْم بيعَة المستعصم فِي محفة وَأقر على الوزارة إِلَى أَن مَاتَ وشيعه عَامَّة الدولة وَولي بعده الْوَزير المشؤوم الطلعة ابْن العلقمي
3 - (سيف الدّين السامرّي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر الصَّدْر الأديب الرئيس سيف الدّين السامريبفتح الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء نِسْبَة إِلَى سرّ من رأى نزيل دمشق شيخ متميز مُتَمَوّل ظريف حُلْو المجالسة مطبوع النادرة جيد الشّعْر طَوِيل الباع فِي الهجو كَانَ من سروات النَّاس ببغداذ قدم الشَّام بأمواله وحظي عِنْد الْملك النَّاصِر صَاحب الشَّام وامتدحه وَعمل تِلْكَ الأرجوزة الْمَشْهُور بالسامريّة الَّتِي أَولهَا
(يَا سائق العيس إِلَى الشآم ... مدَّرعاً مطارف الظلام)
)
حطَّ فِيهَا على الْكتاب وأغرى النَّاصِر بمصادرتهم وَكَانَ مزّاحاً كثير الْهزْل لَا يكَاد يحمل مَعَ أَن الصاحب بهاء الدّين ابْن حنّي صادره وَأخذ مِنْهُ نَحْو ثَلَاثِينَ ألف دِينَار عِنْدَمَا قدم أَخُوهُ نور الدّين الدولة السامري من الْيمن ونكب فِي دولة الْمَنْصُور وَطَلَبه الشجاعي إِلَى مصر وَأخذت مِنْهُ حزرما وَغَيرهمَا وَتَمام مِائَتي ألف دِرْهَم وَكَانَ يسكن دَار المليحة الَّتِي وَقفهَا رِبَاطًا ومسجداً ووقف عَلَيْهَا بَاقِي أملاكه وروى عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه وَذكر أنّه يعرف بالمقرىء وَمَات سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ وَدفن فِي إيوَان دَاره
وَمن شعره
(من سرَّ من رَاء وَمن أَهلهَا ... عِنْد الطيف الراحم الْبَارِي)
(وَأي شَيْء أَنا حَتَّى إِذا ... أذنبت لَا تغْفر أوزاري)
(ياربَّ مَالِي غير سبّ الورى ... أَرْجُو بِهِ الْفَوْز من النَّار)
كَانَ قد سَافر مرّة مَعَ وجيه الدّين ابْن سُوَيْد إِلَى الْموصل فَحَضَرَ المكّاسة فعفُّوا عَن جمال الْوَجِيه ومكّسوا جمال السّامري وأجحفوا بِهِ فَقَالَ
(صَحِبت وجيه الدّين فِي الدَّهْر مرّةً ... ليحمل أثقالي ويخفر أجمالي)
(فوزَّنني عَن كلّ حقٍ وباطلٍ ... وَعَن فرسي والبغل والجمل الْخَالِي)
فَبلغ ذَلِك صَاحب الْموصل فَأطلق القفل بأجمعه
وَقَالَ يشْكر الْأَمِير سيف الدّين طوغان وأستدمر واليي الْبَرِيد بِدِمَشْق ويشكو نائبيهما همّام وَالْعلم سنجر
(اسْم الْولَايَة للأمير وَمَا لَهُ ... فِيهَا سوى الأوزار والآثام)
(وَجِنَايَة الْقَتْلَى وكل جِنَايَة ... تجبى بأجمعها إِلَى همّام)
(سُفْيَان قد وليا فَكل مِنْهُمَا ... فِي حفظ مَا وليه كالضرغام)(8/44)
(وَإِذا عرا خطب فَكل مِنْهُمَا ... أَسد يصول ببأسه ويحامي)
(وبباب كلٍ مِنْهُمَا علم غَدا ... فِي ظلمه علاّمة الْأَعْلَام)
(فَمَتَى أرى الدُّنْيَا بِغَيْر سناجرٍ ... وَالْكَسْر والتنكيس للأعلام)
3 - (ابْن الْخياط الدِّمَشْقِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن صَدَقَة التغلبي الْمَعْرُوف بِابْن الْخياط الدِّمَشْقِي الْكَاتِب من)
الشُّعَرَاء المجيدين وديوانه مَشْهُور طَاف الْبِلَاد ومدح النَّاس وَدخل بِلَاد الْعَجم وَلما اجْتمع بِأبي الفتيان ابْن حيّوس الشَّاعِر الْمَشْهُور بحلب وَعرض عَلَيْهِ شعره قَالَ قد نعاني هَذَا الشَّاب إِلَى نَفسِي فقلّما نَشأ ذُو صناعَة وَمهر فِيهَا إلاّ وَكَانَ دَلِيلا على موت الشَّيْخ من أَبنَاء جنسه
وَدخل مرّة إِلَى حلب وَهُوَ رَقِيق الْحَال لَا يقدر على شَيْء فَكتب إِلَى ابْن حيّوس يستميحه
(لم يبْق عِنْدِي مَا يُبَاع بحبةٍ ... وَكَفاك شَاهد منظري عَن مخبري)
(إلاّ بقيّة مَاء وجهٍ صنتها ... عَن أَن تبَاع وَأَيْنَ أَيْن المُشْتَرِي)
فَقَالَ ابْن حيّوس لَو قَالَ وَأَنت نعم المُشْتَرِي لَكَانَ أحسن
وَمن قصائده الْمَشْهُور قَوْله
(خذا من صبا نجدٍ أَمَانًا لصبّه ... فقد كَاد ريّاها يطير بلبّه)
(وإيّاكما ذَاك النسيم فإنّه ... مَتى هبّ كَانَ الوجد أيسر خطبه)
(خليليّ لَو أحببتما لعلمتما ... محلّ الْهوى من مغرم الْقلب صبّه)
(تذكّر والذكرى تشوق وذوالهوى ... يتوق وَمن يعلق بِهِ احبّ يصبهُ)
(غرام على يأس الْهوى ورجائه ... وشوق على بعد المزار وقربه)
(إِذا خطرت من جَانب الرمل نفحة ... تضمّن مِنْهَا داءه دون صَحبه)
(ومحتجبٍ بَين الأسنّة معرضٍ ... وَفِي الْقلب من إعراضه مثل حجبه)
(أغار إِذا آنست فِي الحيّ أَنه ... حذاراً عَلَيْهِ أَن تكون لحبّه)
وَمِنْه قَوْله
(وبالجزع حَيّ كلما عنّ ذكرهم ... أمات الْهوى مني فؤاداً وأحياه)
(تمنّيتهم بالرقمين ودارهم ... بوادي الغضا يَا بعد مَا أتمناه)(8/45)
وَمِنْه قَوْله
(لَاحَ الْهلَال كَمَا تعوّج مرهفا ... والكوكبان فأعجبا بل أطرفا)
(مُتَتَابعين تتَابع الْكَعْبَيْنِ فِي ... رمحٍ أقيم الصَّدْر مِنْهُ وثقفّا)
(فَكَأَنَّهُ وَقد استقاما فَوْقه ... كفّ تخَالف أكرتين تلقفا)
وَمِنْه قَوْله فِي النَّرْد
(أَقُول وَالْيَوْم بهيم خطبه ... مسودّ أوضاح الضُّحَى دغوشها)
)
(يظلم فِي عينيَّ لَا من ظلمةٍ ... بل من همومٍ جمّةٍ غطوشها)
(والنرد كالناورد فِي مجالها ... أَو كالمجوس ضمّها ماشوشها)
(كَأَنَّهَا دساكر للشُّرْب أَو ... عَسَاكِر جائشةٌ جيوشها)
(وللفصوص جَوْلَة وصولة ... تحيّر الْأَلْبَاب أَو تطيشها)
(قاتلها الله فَلَا بنوجها ... ترفع بِي رَأْسا وَلَا ششوشها)
(أرسلها بيضًا إِذا أرسلتها ... كَأَنَّهَا قد محيت نقوشها)
(كأنّي أَقرَأ مِنْهَا أسطراً ... من الزبُور درست رقوشها)
(كَأَن نكراً أَن أَبيت لَيْلَة ... مقمورها غَيْرِي أَو مقموشها)
(تطيع قوما عمّهم نصوحها ... وخصَّني من بَينهم غشوشها)
(يُجِيبهُمْ مَتى دعوا أخرسها ... وَإِن يَقُولُوا يستمع أطروشها)
(مديدبين دأبهم غيظي فَمَا ... تسلم مِنْهُم عيشةٌ أعيشها)
(كَأَن روحي بَينهم أيكيّة ... راحت وكف أجدلٍ تنوشها)
وَمِنْه
(أسوم الْجبَاب فَلَا خزنّها ... أُطِيق ابتياعاً وَلَا صوفها)
(وَكَيف السَّبِيل إِلَى جبّةٍ ... لمن لَيْسَ يملك تصحيفها)
وَمِنْه
(مَا لأبي الْيمن علينا يدٌ ... لَكِن أيادينا جَمِيعًا عَلَيْهِ)
(لأنّه يعْتد إسداءه ال ... جميل إسداء جميلٍ إِلَيْهِ)(8/46)
(كَأَنَّمَا نُعْطِيه من جود أَي ... دينا الَّذِي نَأْخُذهُ من يَدَيْهِ)
ولد بِدِمَشْق سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة فِي شهر رَمَضَان
وروى ابْن القيسراني شعره وَبِه تخرّج وَكَانَ حَافِظًا لشعر الأقدمين ذكياً عَارِفًا باللغة وَيعرف بِابْن سني الدولة أبي الْكَتَائِب لطرابلسي وَكتب مُحَمَّد لبَعض الْأُمَرَاء وَكتب أَبُو عبد الله لأبي الفوارس ابْن مانك وروى عَنهُ الَسلفي
3 - (عز الين ابْن ميسّر)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن ميسّر عز الدّين الْمصْرِيّ ولي النّظر بِمصْر وَالشَّام)
وَغَيرهمَا وَتَوَلَّى نظر الْأَوْقَاف بِدِمَشْق وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي أول شهر رَجَب سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة
3 - (أَبُو عبد الله ابْن الْأَخْضَر المقرىء)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله بن الْأَخْضَر أَبُو عبد الله المقرىء كَانَ بَقِيَّة بَيته وَمن أحسن النَّاس تِلَاوَة فِي الْمِحْرَاب سمع الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وَالْحُسَيْن بن عمر بن مُحَمَّد العلاّف وَعبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأَزجيّ وَإِبْرَاهِيم بن عمر بن أَحْمد الْبَرْمَكِي وَغَيرهم وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَعلي بن أَحْمد بن بكار المقرىء توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن خُذاداذ الباذرائي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن هبة الله بن خذاداذ الغرنوي الأَصْل الباذرائي المولد أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ من فُقَهَاء النظامية ببغداذ فَقِيها أدبياً وَكَانَ أحد تلامذة يُوسُف الدِّمَشْقِي ويتولى بعض الْأُمُور بَين يَدي الْوَزير ابْن هُبَيْرَة ولّما مَاتَ اعتقل بالديوان أشهراً ثمَّ أطلق وولاّه رَئِيس الروساء فِي أَيَّام المستضيء مَا كَانَ إِلَيْهِ بِالْبَابِ وَصَارَت لَهُ حشمة وَتمكن أورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب يمدح الْوَزير ابْن هُبَيْرَة
(ولّما بدا ربع الْأَحِبَّة باللّوى ... وَقد جدّ جدُّ الركب قلت لَهُم قفوا)
(قفوا نرح الأنضاء أبدي تعطُّفاً ... عَلَيْهَا وَمَا منّي عَلَيْهَا تعطُّف)
(وإنَّ بودّي لَو تعرقب سوقها ... لتمكث حينا باللوى وتجدَّف)
(أحاول كتمان الْهوى ومدامعي ... تفيض فتبدي مَا أجنُّ وَتكشف)
(كَأَنِّي فعولن فِي الطَّوِيل ومهجتي ... بكفّ الأسى كالنون بالكف ترجف)
(وَهَا أَنا معتل الثلاثي والضَّنى ... من النَّحْو تصريف بِهِ يتصرَّف)
(وَقد كنت تأسيساً فيا لَيْت أنّني ... دخيل إِذا علَّت قوافٍ وأحرف)
(بليت سوى آسمي فِي هواكم كزائدٍ ... مَعَ اللَّفْظ يَبْدُو وَهُوَ فِي الْكتب يحذف)(8/47)
وَقَالَ كن لبيا لَا تألفن سوى الله فَمَا غير ذِي الْجلَال بباق وعَلى قدر لَذَّة الْأنس بالمألوف فَاعْلَم يكون وَقع الْفِرَاق)
قلت أَخذه من قَول بعض الْحُكَمَاء وَقد سُئِلَ عَن الرّوح كم تبْكي على فِرَاق الْجَسَد فَقَالَ مُدَّة لبثها فِيهِ
3 - (أَبُو بكر المؤدبَّ الْأَزجيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن عبيد الله الْأَزجيّ أَبُو بكر الْمُؤَدب البغداذي تفقّه بِالْمَدْرَسَةِ الكمالية على أبي الْقَاسِم الفراتي الضَّرِير غُلَام ابْن الخلّ وَسمع الحَدِيث الْكثير من ابْن كُلَيْب وَأبي الْقَاسِم ذَاكر بن كَامِل وَيحيى بن بوش وأمثالهم وسافر إِلَى الْموصل وَصَحب شيخها عبد الْقَادِر الرُّهاوي وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَتُوفِّي سنة عشر وسِتمِائَة وَمن شعره
(أحبّة قلبِي طَال شوقي إِلَيْكُم ... وعزَّ دوائي ثمَّ لم يبْق لي صَبر)
(أحنُّ إِلَيْكُم والحنين يذيبني ... وأشتاقكم عمري وينصرم الْعُمر)
(فوَاللَّه مَا اخْتَرْت البعاد ملالةً ... وَلَا عَن قلى يَا سادتي فلي الْعذر)
(وَلَكِن قضى رَبِّي بتشتيت شملنا ... لَهُ الْحَمد فِيمَا قد قضى وَله الشُّكْر)
(فصبراً لعلّ الله يجمع بَيْننَا ... نعود كَمَا كُنَّا ويصفو لنا الدَّهْر)
قلت شعر سَاقِط
3 - (ابْن ورد المغربي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر أَبُو الْقَاسِم التَّمِيمِي المرّي الْمَعْرُوف بِابْن ورد كَانَ فَقِيها حَافِظًا متقناً قَالَ بَعضهم كَانَ من بحور الْعلم بالأندلس شرح البُخَارِيّ وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة قَالَ ابْن الأبّار فِي تحفة القادم سَمِعت الْحَافِظ أَبَا الرّبيع ابْن سَالم يَقُول سَمِعت أَبَا الْخطاب ابْن الْحسن هُوَ ابْن الجميَّل يَقُول سَمِعت أَبَا مُوسَى عِيسَى بن عمرانيعني قَاضِي الْجَمَاعَة يَقُول لم يكن بالأندلس مثل أبي الْقَاسِم ابْن ورد وَلَا أحاشي من الأقوام من أحد وَأورد لَهُ ابْن الْأَبَّار
(سُكْنى الفنادق ذلُّ ... وَالْبَيْت مِنْهُ أذلُّ)
(فَإِن دفعت إِلَيْهَا ... فحجرةٌ لَا أقل)(8/48)
وَأورد لَهُ
(كلّ خلٍّ صحبته ... من ذَوي الْمجد والعلى)
)
(أَنا مِنْهُ بواحدٍ ... من عظيمين مبتلى)
(باصطبارٍ على الْأَذَى ... أَو فراقي على القلى)
(وَاعْتبر حَال من دنا ... مِنْهُم بِالَّذِي علا)
(ودع النَّاس كلّهم ... تعف من فادح البلى)
(غير تَسْلِيمه اللّقا ... وَالَّذِي بعْدهَا فَلَا)
(هاكها من مجرَّبٍ ... فاغتنمها معجَّلا)
وَأورد لَهُ فِي ابْن صَغِير
(فلذة كَبِدِي أمسّها بيَدي ... يَقُول إِن حاول الْكَلَام أغ)
(لَو جمع الواصفون أَن يصفوا ... مِقْدَار حبي لَهُ لّما بلغُوا)
وَقَالَ ابْن الْأَبَّار حَدثنِي أَبُو الرّبيع ابْن سَالم بِلَفْظِهِ ثمَّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ حَدثنِي أَبُو عبد الله ابْن أبي عمر هُوَ ابْن عبّاد عَن أَبِيه قَالَ حَدثنِي أَبُو بكر ابْن إِبْرَاهِيم بن نجاح الْوَاعِظ قَالَ دَخَلنَا على أبي الْقَاسِم ابْن ورد عائدين لَهُ فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ فَسَأَلْنَاهُ عَن حَاله فَأَنْشد بَعْدَمَا اسْتندَ لنَفسِهِ
(عشر الثَّمَانِينَ وَعمر طَوِيل ... لم يبْق للصحبة إلاّ الْقَلِيل)
(لَا تحسبوني ثاوياً فِيكُم ... فقد دنا الْمَوْت وآن الرحيل)
3 - (البُخَارِيّ الْحَنَفِيّ أَبُو الْقَاسِم)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر العلاّمة الزَّاهِد زين الدّين أَبُو الْقَاسِم البُخَارِيّ العتّابي من محلّة عتّاب ببخارا كَانَ من كبار الحنيفة صنّف الْجَامِع الْكَبِير والزيادات وَتَفْسِير الْقُرْآن وَمَات فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الصاحب كَمَال الدّين ابْن شيخ الشُّيُوخ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حمّويه الصاحب الْجَلِيل مقدم الجيوش الصالحية كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الشَّيْخ الإِمَام شيخ الشُّيُوخ صدر الدّين أبي الْحسن الْجُوَيْنِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الصُّوفِي الشَّافِعِي ولد بِدِمَشْق سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَجَازَ لَهُ الخشوعي وَغَيره درّس بمدرية الشَّافِعِي وبالناصرية الْمُجَاورَة للجامع الْعَتِيق ومشيخة الشُّيُوخ وَدخل فِي أُمُور الدولة وَكَانَ نَافِذ الْكَلِمَة هُوَ وَإِخْوَته(8/49)
وَخرج من الديار المصرية بالعساكر محاصراً للصالح إِسْمَاعِيل)
بِدِمَشْق فأدركه أَجله بغزَّة سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ أَخُوهُ معِين الدّين وَزِير الصَّالح يَوْمئِذٍ
وَفِي الْعَام الْمَاضِي جرد الصَّالح نجم الدّين عسكراً عَلَيْهِم كَمَال الدّين لِحَرْب النَّاصِر دَاوُد فالتقاه بجبل الْقُدس واقتتلوا أَشد قتال فانكسر المصريون وَأسر النَّاصِر جمَاعَة مِنْهُم كَمَال الدّين ثمَّ إِنَّه منّ عَلَيْهِم وأطلقهم وَفِي الْمرة الْأُخْرَى مَاتَ بغزة وَدفن بهَا فِي التَّارِيخ
3 - (ضِيَاء الدّين الْقُرْطُبِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الشَّيْخ الْعَالم ضِيَاء الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الإِمَام المقرىء أبي عبد الله الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ تقدم ذكره أَولا عِنْد ذكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
3 - (أَبُو بشر المصعبي الْكِنْدِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمرٍو أَبُو بشر الْكِنْدِيّ المصعبي حدّث ببغداذ قَالَ ابْن حبَان كَانَ مِمَّن يضع الْمُتُون ويقلب الْأَسَانِيد توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (ابْن الميراثي الْقُرْطُبِيّ)
أجمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو بكر البلويّ الْقُرْطُبِيّ يعرف بِابْن الميراثي مُحدث حَافظ ولّما رَآهُ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ لقبه غندراً توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (المكّي الإخباري)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْمَكِّيّ أَبُو بكر إخباري مُحدث موثق ببغداذ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وثللاثمائة
3 - (أَبُو السعادات العطاردي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب بن عبد الله العطاردي الخزاّز أَبُو السعادات البيّع الْمَعْرُوف بِابْن الماصرائي من أهل الكرخ من ولد مُحَمَّد بن عُمَيْر بن عُطَارِد
سمع عبد السَّلَام بن مُحَمَّد الْقزْوِينِي وَأحمد بن عَليّ بن قدامَة الْحَنَفِيّ وَغَيرهمَا وَكَانَ أديباً لَهُ شعر وَقَرَأَ على ابْن الْوَلِيد شَيْئا من الْكَلَام قَالَ محب الدّين بن النجار وَأَظنهُ كَانَ عدليّاً توفّي سنة اثنيين وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بالكرخ وَمن شعره
(عج على سلسلة الرمل عساها ... تخبر السَّائِل عَن أَدَم ظباها)
(واسأل الأرسم عَن ساكنها ... وارو من عَيْنك بالدمع صداها)
(دمن طابت بسلمى منزلا ... قبل أَن أَلْقَت على الْخيف عصاها)
)
(طَال مثواها على خيف منّى ... ليتها طَال على الرمل ثواها)(8/50)
(غادةٌ غادرت الصبّ بهَا ... غَرضا ترميه عَن قَوس جفاها)
(فَلَقَد أصمت ببغداذ الحشا ... وَهِي بالخيف فَلَا شلّت يداها)
قلت مَأْخُوذ من قَول الشريف الرضي
(سهم أصَاب وراميه بِذِي سلمٍ ... من بالعراق لقد أبعدت مرماك)
وَمِنْه أَيْضا
(إنّي ظمئت إِلَى لمى قدحٍ ... لم أظم قطّ إِلَى لمى هِنْد)
(من خمرةٍ قد عتّقت زَمنا ... من قبل أَن تهدي إِلَى المهد)
(حَمْرَاء كالياقوت برقعها ... فِي رَأسهَا من لؤلؤٍ فَرد)
(تبدي محَاسِن وَجه شاربها ... جدّاً وتخفي ضدَّ مَا تبدي)
مِنْهَا
(وَإِذا نهى عَن شربهَا ورع ... فَاشْرَبْ وسقَّ وغنَّ ذَا الزّهْد)
(إِن كنتما لَا تشربان معي ... خوف الْفِرَاق شربتها وحدي)
3 - (الطَّبِيب الهمذاني الدِّمَشْقِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مَنْصُور الطَّبِيب الْفَاضِل نجم الدّين أَبُو الْعَبَّاس الهمذاني ثمَّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بالحنبلي طَبِيب مارستان الْجَبَل بالصالحيّة ولد سنة خمس أَو سِتّ وَتُوفِّي بدويرة حمدٍ سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَولي مشارفة الْجَامِع وَسمع من ابْن الزبيدِيّ وَابْن اللتي والحصيري قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين ثلاثيات البُخَارِيّ
3 - (الْحَافِظ الشرمقاني)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حمدون بن بنْدَار أَبُو الْفضل الشرمقاني وشرمقان بليدَة من نَاحيَة نسا كَانَ حَافِظًا فَقِيها أديباً توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (ابْن فرج الأندلسي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن فرج الجياني الأندلسي أَبُو عَمْرو وَقد ينْسب إِلَى جده فَيُقَال أَحْمد بن فرج وَكَذَلِكَ أَخُوهُ وَهُوَ وافر الْأَدَب كثير الشّعْر مَعْدُود فِي الْعلمَاء وَالشعرَاء وَله كتاب الحدائق أَلفه للْحكم الْمُسْتَنْصر عَارض فِيهِ كتاب الزهرة لِابْنِ دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ إلاّ أَن ابْن دَاوُد ذكر)
مائَة بابٍ فِي كل بَاب مائَة بَيت وَأَبُو عَمْرو ذكر مِائَتي بَاب فِي كل بَاب مِائَتَا بَيت لَيْسَ مِنْهَا بَاب تكَرر اسْمه لِابْنِ دَاوُد وَلم يُورد فِيهِ لغير الأندلسيين شَيْئا(8/51)
وَأحسن الِاخْتِيَار مَا شَاءَ وَله كتاب المنتزين القائمين بالأندلس وأخبارهم وَكَانَ الحكم قد سجنه لأمر نقمه عَلَيْهِ قَالَ الْحميدِي وَأَظنهُ مَاتَ فِي سجنه وَله فِي السجْن أشعار كَثِيرَة مَشْهُورَة وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين والثلاثمائة تَقْرِيبًا وَمن شعره
(بأيّهما أَنا فِي الشُّكْر باد ... أشكر الطيف أم شكر الرَّقاد)
3 - (ابْن الخازن)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل بن عبد الْخلق الْمَعْرُوف بِابْن الخازن الْكَاتِب الشَّاعِر الدينَوَرِي الأَصْل البغداذي المولد والوفاة كَانَ فَاضلا نَادِر الْخط أوحد وقته فِيهِ وَهُوَ وَالِد أبي الْفَتْح نصر الله الْكَاتِب الْمَشْهُور كتب من المقامات نسخا كَثِيرَة وَهِي مَوْجُودَة بأيدي النَّاس واعتنى بِجمع شعر وَالِده فَجمع مِنْهُ ديواناً فَمن ذَلِك
(من يستقم يحرم مناه وَمن يزغ ... يختصَّ بالإسعاف والتمكين)
(انْظُر إِلَى الْألف استقام ففاته ... نقط وفاز بِهِ اعوجاج النُّون)
قلت عكس قَول الْقَائِل وَمن شعر ابْن الخازن
(من لي بأسمر حجّبوه بِمثلِهِ ... فِي لَونه والقدّ والعسلان)
(من رامه فليدَّرع صبرا على ... طرف السنان وطرفه الْوَسْنَان)
(رَاح الصَبا تثنيه لَا ريح الصَّبا ... سَكرَان بِي من حبّه سَكرَان)
(طرفِي كطرفٍ جامحٍ مرحٍ مَتى ... أرْسلت فضل عنانه عنّاني)
وَمِنْه
(أيا عَالم الْأَسْرَار إنّك عَالم ... بِضعْف اصْطِبَارِي عَن مداراة خلقه)
(ففتَّر غرامي فِيهِ تفتير لحظه ... وَأحسن عزائي فِيهِ تَحْسِين خَلفه)
(فَحمل الرواسِي دون مَا أَنا حَامِل ... بقلبي المعنّى من تكاليف عشقه)
وَكتب إِلَى الْحَكِيم أبي الْقَاسِم الْأَهْوَازِي وَقد فصده فآلمه
(رحم الْإِلَه مجدَّلين سليمهم ... من ساعديك مبضّعٌ بالمبضع)
(فعصائب تأتيهم بعصائبٍ ... نشرت فتطوى أذرعاً فِي أَذْرع)
)
(أفصدتهم بِاللَّه أم قصَّدتهم ... وخزاً بأطراف الرماح الشرَّع)
(دست المباضع أم كنَانَة أسهمٍ ... أم ذُو الفقار من البطين الأنزع)
(غرراً بنفسي إِن لقيتك بعْدهَا ... يَا عنتر العبسيّ غير مدرَّع)(8/52)
وَكَانَ الْحَكِيم الْمَذْكُور قد أَضَافَهُ يَوْمًا وَزَاد فِي خدمته وَكَانَ فِي دَاره بُسْتَان وحمّام فَأدْخلهُ إِلَيْهِمَا فَقَالَ أَبُو الْفضل الْمَذْكُور
(وافيت منزله فَلم أر حاجباً ... إلاّ تَلقانِي بسنٍ ضَاحِك)
(والبشر فِي وَجه الْغُلَام أَمارَة ... لمقدّ مَاتَ حَيَاء وَجه الْمَالِك)
(وَدخلت جنته وزرت جحيمه ... فَشَكَرت رضواناً ورأفة مَالك)
واالعماد الْكَاتِب نسب هَذِه الأبيات للحكيم الْمَذْكُور
وَمن شعر أبي الْفضل الْمَذْكُور
(وأهيف ينميه إِلَى الْعَرَب لَفظه ... وناظره الفتّان يعزى إِلَى الْهِنْد)
(تجرّعت كأس الصَّبْر من رقبائه ... لساعة وصلٍ مِنْهُ أحلى من الشهد)
(وهادنت أعماماً لَهُ وخؤولةً ... سوى واحدٍ مِنْهُم غيور على الخدّ)
(كنقطة مسكٍ أودعت جلّنارةً ... رَأَيْت بهَا غرس البنفسج فِي الْورْد)
وَمِنْه أَيْضا
(وافى خيالك فاستعارت مقلتي ... من أعين الرقباء غمض مروّع)
(مَا استكملت شفتاي لثم مسلّمٍ ... مِنْهُ وَلَا كفّاي ضمَّ مودَّع)
(وأظنهم فطنوا فَكل قَائِل ... لَو لم يزره خياله لم يهجع)
(فانصاع يسرق نَفسه فَكَأَنَّمَا ... طلع الصَّباح لنا وَإِن لم يطلع)
وَتُوفِّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَخَمْسمِائة وعمره سبع وَأَرْبَعُونَ سنة وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ سنة اثْنَتَيْ عشرَة
3 - (أَبُو بكر الخزّاز)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الجرّاح أَبُو بكر الخزاز سمع أَبَا بكر ابْن دُرَيْد وَأَبا بكر ابْن السراج وَأَبا بكر ابْن الْأَنْبَارِي وروى كثيرا من تصانيفهم وَمَات سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَكَانَ ثِقَة حسن الْخط والإتقان والضبط فَاضلا أديباً كثير الْكتب حسن الْحَال)
ظَاهر الثروة روى عَنهُ القَاضِي أَبُو الْعَلَاء الوَاسِطِيّ والصَّيمري والتنوخي وهلال ابْن المحسّن وَأَوْلَاد الصابىء كلهم كثيرا من كتب الْأَدَب قَالَ ياقوت مُتَّصِلَة الرِّوَايَة إِلَى الْآن وَقد روى شَيخنَا أَبُو الْيمن الْكِنْدِيّ من طَرِيقه عدَّة كتب أدبية قَالَ أَبُو الْقَاسِم التنوخي سَمِعت ابْن الْجراح يَقُول كتبي بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم ودوابّي بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم قَالَ التنوخي وَكَانَ أحد الفرسان يلبس أداته وَيخرج إِلَى الميدان يطارد الفرسان
3 - (ابْن كَبِير)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل الْأَهْوَازِي يعرف بِابْن كَبِير صَاحب بلاغة(8/53)
وَفضل ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم وَقَالَ لَهُ من الْكتب كتاب مَنَاقِب الكتّاب توفّي فِي سنة
3 - (الخفيفي الصُّوفِي الْأَبْهَرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أبي الْقَاسِم الخفيفي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة والفاءينأبو الرشيد الصُّوفِي من أهل أبهر زنجان قدم بغداذ شابّاً ودرس الْفِقْه بهَا مُدَّة وَسمع الحَدِيث ثمَّ إنّه رفض ذَلِك وَصَحب أَبَا النجيب السهرودي وَانْقطع وَجلسَ فِي الْخلْوَة وَظَهَرت لَهُ الكرامات وَفتح عَلَيْهِ بالْكلَام وَجلسَ فِي الْخلْوَة اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَقد كتب من كَلَامه مَا يُقَارب ثَمَانِينَ مجلدة وَكَانَ مَنْسُوبا إِلَى ابْن خَفِيف الشِّيرَازِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَدفن بالشونيزية
3 - (ذُو الْفَضَائِل الأخسيكّتي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن أَحْمد بن خذيو الأخسيكتي أَبُو رشاد الملقب بِذِي الْفَضَائِل أخسيكت مَدِينَة من فرغانة يُقَال بِالتَّاءِ والثاءوكان هُوَ وَأَخُوهُ ذُو المناقب مُحَمَّد أديبي مرو غير مدافعين يقرُّ لَهما بذلك قدماء مرو وسكناها إِلَى أَن مَاتَا وَكَانَ ذُو الْفَضَائِل شَاعِرًا أديباً مصنّفاً كَاتبا مترسلاً فِي ديوَان السلاطين وَله تصانيف مِنْهَا كتاب فِي التَّارِيخ وَكتاب فِي قَوْلهم كذب عَلَيْك كَذَا وَكتاب زَوَائِد فِي شرح سقط الزند وَغير ذَلِك وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة
قَالَ أَبُو الْعَلَاء المعري
(هفت الحنيفة وَالنَّصَارَى مَا اهتدت ... ومجوس حارت وَالْيَهُود مضلّله)
(إثنان أهل الأَرْض ذُو عقلٍ بِلَا ... دينٍ وَآخر ديّن لَا عقل لَهُ)
فَقَالَ ذُو الْفَضَائِل ردّاً عَلَيْهِ)
(الدّين آخذه وتاركه ... لم يخف رشدهما وغيّهما)
(رجلَانِ أهل الأَرْض قلت فَقل ... يَا شيخ سوءٍ أَنْت أيُّهما)
3 - (شهَاب الدّين الدّشتي)
أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أبي الْقَاسِم بن بدران الشَّيْخ الْفَاضِل شهَاب الدّين أَبُو بكر الْكرْدِي الدشتي الْحَنْبَلِيّ الْمُؤَدب ولد بحلب سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَحضر فِي الثَّانِيَة على جَعْفَر الهمذاني وَسمع من ابْن رَوَاحَة وَابْن يعِيش وَابْن خَلِيل والنفيس ابْن رَوَاحَة وَصفِيَّة(8/54)
القرشية وَابْن الصّلاح والضياء وَتفرد وروى الْكثير وَكَانَ يتعزز بالرواية وَيطْلب نسخ عدَّة أَجزَاء لنَفسِهِ وَحدث بِمصْر ب مُسْند الطَّيَالِسِيّ ورتّب مسمعاً بِالدَّار الأشرفية ومعلماً بمكتب الطواشي ظهير الدّين
أَكثر عَنهُ الطّلبَة وخرّج علم الدّين البرزالي لَهُ مشيخةً وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة
3 - (وَالِد الشَّيْخ أبي عمر)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام بن نصر الرجل الصَّالح أَبُو الْعَبَّاس الجمّاعيلي الْحَنْبَلِيّ وَالِد الشَّيْخ أبي عمر وَالشَّيْخ الْمُوفق نزيل سفح قاسيون سمع صَحِيح مُسلم من رزين الْعَبدَرِي وحدَّث بِهِ وروى عَنهُ ابناه كَانَ صَاحب أَحْوَال وكرامات جمع أخباره سبطه الْحَافِظ ضِيَاء الدّين وسَاق لَهُ عدَّة كرامات وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن قرصة)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن قرصة شهَاب الدّين ابْن شمس الدّين الْأنْصَارِيّ هُوَ من بَيت مَشْهُور بالصعيد مِنْهُم جمَاعَة فضلاء ورؤساء تفرد شهَاب الدّين هَذَا بنظم القرقيات وجودّها وأتى بهَا عذبة منسجمة فصيحة وينظم الشّعْر جيدا مدح النَّاس والأكابر وَتردد فِي بِلَاد الشَّام سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَكتب لي عدَّة قصائد مِنْهَا قَوْله
(مَا لي أرى الشّعراء تكسب عارا ... بهجائهم وتحملّوا أوزارا)
(مدحوا الأخسّاء اللئام فضيعوا ال ... أشعار لما أرخصوا الأسعارا)
(فلذاك طفت بِبَاب كلّ مهذّبٍ ... وَجعلت شعري فِي الْكِرَام شعارا)
(وَجعلت فِي حلب الشمَال إقامتي ... يَا حبّذا دَار الْكِرَام جوارا)
(وَلكم دَعَا مدحي نوال معظّمٍ ... فَأَبت غنوّاً عَنهُ واستكبارا)
(حَتَّى وجدت لَهَا إِمَامًا عَالما ... أَوْصَافه تستغرق الأشعارا)
)
(لَوْلَا صَلَاح الدّين لم أر جلّقاً ... ولكنت مِمَّن جَانب الأسفارا)
(أسدى المكارم من أيادٍ لم يزل ... معروفها يستعبد الأحرارا)
(وصنائعاً غرّاً أفدن منائحاً ... عوناً ولدن مدائحاً أَبْكَارًا)
(فَوجدت فِي إجماله وجماله ... مَا يمْلَأ الأسماع والأبصارا)
(مولّى غَدَتْ يمناه يمناً لامرىء ... يَبْغِي نوالاً واليسار يسارا)
(حلّى الزَّمَان وَكَانَ قدماً عاطلاً ... وَأعَاد ليل الآملين نَهَارا)(8/55)
(وحوى معالي فِي دمشق مُقِيمَة ... وحديثها بَين الورى قد سارا)
(بلغت بِهِ رتباً قرعن محلّةً ... أمست نُجُوم سمائها أقمار)
(زانت فضائله بَدَائِع نظمها ... كم معصمٍ أضحى يزين سوارا)
(ومظفّر الأقلام كم أردى بهَا ... ملكا وخَّوفً جحفلاً جرّارا)
(عجبا لَهَا تجْرِي بأسود فاحمٍ ... يكسو الطروس ظلامه أنوارا)
(تمْضِي بِحَيْثُ ترى السيوف كليلةً ... وتطول حَيْثُ ترى الرماح قصارا)
(تجْرِي بواحدها ثَلَاث سحائبٍ ... تحوي الصَّوَاعِق والحيا المدرارا)
(وتمدّه بِالْفَضْلِ حِين تمدّه ... ببديهةٍ لَا تتعب الأفكارا)
(إِن رام نائله العفاة أمدهَّا ... كرماً وَإِن رام الْخَمِيس مغارا)
(مَلأ الْكتاب تهدّدأً فكأنّما ... مَلأ الْكتاب أسنّةً وشفارا)
(تجني النّواظر من محَاسِن خطّه ... روضاً وَمن أَلْفَاظه أزهارا)
(خطّ رماح الخطّ من خدّامه ... إِن رام ذمراً أَو أعزّ ذمارا)
(وبلاغة تضحي بِأَدْنَى فقرةٍ ... تغني فَقِيرا أَو تقدّ فقارا)
(ويشتم روّاد النّدى من بشره ... برقاً وَمن إحسانه أمطارا)
(بشر يبشّر بالجميل وَعَادَة ال ... أزهار أَن تتقدّم الأثمارا)
(وندىً يعمّ وَلَا يخصّ كَأَنَّهُ ... هامي قطارٍ طبّق الأقطارا)
(يستصغر الْأَمر الْعَظِيم إِذا عرا ... بعزيمةٍ تستهل الأوعارا)
(ويردّ غرب الحادثات مفلَّلاً ... بسعادة تستخدم الأقدارا)
(كم ذلّلت صعباً وردّت ذَاهِبًا ... وحمت أذلَّ وذلًّلت جبّارا)
)
(وَلَقَد عرفت النَّاس من أوطارهم ... سُبْحَانَ من خلق الورى أطوارا)
(يَا من عرفت بجوده وَجه الْغنى ... حَقًا وَكنت جهلته إنكارا)
(أغنيتني بمواهبٍ موصولةٍ ... لم تبْق لي عِنْد الْحَوَادِث ثارا)
(لازلت فِي عزٍّ يَدُوم ونعمةٍ ... توفّي على شمّ الْجبَال وقارا)
وَكَانَ قد غَابَ مُدَّة عَن دمشق فِي الديار المصرية ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فَأَقَامَ بهَا دون الشَّهْر فِي التَّعْدِيل فلّما كَانَ يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة أصبح فِي بَيته مذبوحاً وَقد أَخذ مَا كَانَ مَعَه من الحطام وقلّ مَا كَانَ مَعَه وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ثلبةً للأعراض لَا يكفّ غرب لِسَانه عَن أحد فِي الشرق وَلَا فِي الغرب وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ بدر الدن حسن بن عَليّ الْغَزِّي(8/56)
(مَاتَ ابْن قرصة بعد طول تعرضٍ ... للْمَوْت ميتَة شرَّ كلبٍ نابح)
(مَا زَالَ يشحذ مدية الهجو الَّتِي ... طلعت عَلَيْهِ طُلُوع سعد الذَّابِح)
(حَتَّى فرى ودجيه عبد صَالح ... عقر النطيحة عقر نَاقَة صَالح)
(فليحي قَاتله وَلَا شلّت يَد ... كفت المؤونة كفَّ كلّ جرائحي)
وَقلت أَنا أذكر فقره المدقع
(دع الهجو واقنع بِمَا نلته ... من الرزق لَو كَانَ دون الطفيف)
(فقرض ابْن قرصة عمَّ الورى ... وراع الَّدنَّي بهجو الشريف)
(وَمَات ابْن قرصة من جوعه ... وشهوته عضَّةٌ فِي رغيف)
3 - (النَّاصِر ابْن النَّاصِر)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن قلاون السُّلْطَان الْملك النَّاصِر شهَاب الدّين أَحْمد ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ابْن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور كَانَ أحسن الْإِخْوَة شكلاً ووجهاً وأكمل خلقا صَاحب بأسٍ وَقُوَّة مفرطة أخرجه وَالِده إِلَى الكرك وَهُوَ صَغِير لَعَلَّه يكون عمره لم يبلغ عشر سِنِين وَكَانَ نَائِب الكرك الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر السرجواني ثمَّ جهّز إِلَيْهِ أَخَوَيْهِ إِبْرَاهِيم وَأَبا بكر الْمَنْصُور وَقد تقدم ذكر إِبْرَاهِيم وسوف يَأْتِي ذكر أبي بكر فِي حرف الْبَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى فأقاموا هُنَالك إِلَى أَن ترعرعوا ثمَّ طَلَبهمْ والدهم إِلَى الْقَاهِرَة فَرَآهُمْ وَأعَاد النَّاصِر أَحْمد وَترك إِبْرَاهِيم وَأَبا بكر عِنْده بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ إِنَّه طلبه من الكرك وزوّجه بابنة الْأَمِير سيف الدّين طاير)
بغّا من أقَارِب السُّلْطَان وَأقَام قَلِيلا وَأَعَادَهُ إِلَى الكرك وَمَعَهُ أَهله ثمَّ إِنَّه وَقع بَينه وَبَين الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر السرجواني تنافس اتَّصل بالسلطان فأحضرهما وَغَضب عَلَيْهِ وَالِده وَتَركه قَلِيلا ثمَّ جهزه إِلَى الكرك وَحده بِلَا نَائِب فَلم يزل بهَا مُقيما مُنْفَردا إِلَى أَن توفّي وَالِده على مَا تقدم فِي تَرْجَمته وَلم يسند أَمر الْملك إِلَيْهِ على مَا سَوف يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وَغلب الْأَمِير سيف الدّين قوصون الْآتِي ذكره فِي مَكَانَهُ على رَأْي بشتاك وَجلسَ الْملك الْمَنْصُور أَبُو بكر على كرسيّ الْملك ولّما خلع بعد مُضِيّ شَهْرَيْن على مَا يَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة أبي بكر أَخِيه وَأقَام قوصون أَخَاهُ الْملك الْأَشْرَف كجك وَكَانَ قوصون هُوَ النَّائِب سيّر إِلَى أَحْمد هَذَا يَطْلُبهُ إِلَى الْقَاهِرَة فَلم يُوَافق وَكتب فِي الْبَاطِن إِلَى نواب الشَّام وَإِلَى أكَابِر الْأُمَرَاء مقدّمي الألوف يستجير بهم ويستعفي من الرواح إِلَى الْقَاهِرَة وَأظْهر لَهُم المسكنة الوائدة فرقّوا لَهُ فِي الْبَاطِن وحملوا الْكتب الَّتِي جَاءَت مِنْهُ إِلَى قوصون خلا الْأَمِير سيف الدّين طشتمر حمّص أَخْضَر الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الطَّاء فَإِنَّهُ تظاهر بِالْخرُوجِ على قوصون وبالتعصب لِأَحْمَد وَقَامَ قيَاما عَظِيما كَمَا يَأْتِي فِي تَرْجَمته وَأما قوصون فَلَمَّا كتبه إِلَى النواب جردَّ لَهُ قطلو بغا الفخري وَمَعَهُ ألفا فَارس(8/57)
من مصر وَأمرهمْ بمحاصرة الكرك فَتوجه الفخري إِلَى الكرك بالعساكر وحصره أيامأً ثمَّ إِنَّه رقَّ لَهُ وَلما بلغه توجه الْأَمِير عَلَاء الدّين الطًّنبغا نَائِب دمشق إِلَى حلب لإمساك طشتمر جَاءَ الفخري بِمن مَعَه من الْعَسْكَر وَملك دمشق وانحرف عَن قوصون ودعا النَّاس إِلَى طَاعَة النَّاصِر أَحْمد وَجرى ماجرى على مايأتي فِي تَرْجَمَة الفخري والطنبغا وَلما ملك الفخري دمشق وَنزل بِالْقصرِ الأبلق وَانْهَزَمَ الطنبغا وَمن مَعَه وَلَحِقُوا بقوصون جهز الْفَخر إِلَى الكرك الْأَمِير سُلَيْمَان بن مُهنا والأمير سيف الدّين قماري وَغَيرهمَا من الْأُمَرَاء الْكِبَار وَسَأَلَ من النَّاصِر الْحُضُور إِلَى دمشق وَقَالَ لَهُ قد حلّفت لَك العساكر فَلم يحضر وتعلل بِحُضُور طشتمر من الْبِلَاد الرومية وَكتب كتبا إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر نَائِب حماة وَإِلَى الْأَمِير بهاء الدّين أصلم نَائِب صفد وَإِلَى الْأُمَرَاء مقدمي الألوف بِدِمَشْق يَقُول إِن الفخري هُوَ نائبي وَهُوَ يولّي من يُرِيد فِي النيابات الْكِبَار بِالشَّام وَلم يزل يعد الفخري ويمنَيه بالحضور إِلَى أَن جَاءَ طشتمر من الْبِلَاد الرومية وَجرى مَا جرى من خُرُوج الْأُمَرَاء بِالْقَاهِرَةِ على قوصون وإمساكه وتجهيزه إِلَى إسكندرية واعتقاله فَأخذ أَحْمد النَّاصِر يمّني طشتمر والفخري بالحضور إِلَى)
دمشق بعد رَمَضَان وَكَانَ ذَلِك فِي أَوَائِل رَمَضَان وَتوجه إِلَيْهِ من أُمَرَاء الألوف المصريين الْأَمِير بدر الدّين جنكلي ابْن البابا وَأَمْثَاله وَمن الْأُمَرَاء الخاصكية أَزوَاج أخواته جمَاعَة وسألوه على التَّوَجُّه مَعَهم إِلَى مصر فَلم يُوَافق وعادوا خائبين وَترك النَّاس من الشاميين والمصريين فِي حيرة بَعْدَمَا حلف الْمُسلمُونَ جَمِيعهم لَهُ ثمّ إنّه توجه وَحده إِلَى الْقَاهِرَة وَلم يشعروا بِهِ إلاّ وَقد جَاءَ المصريين بِخَبَرِهِ بوصوله فطلع إِلَى الْقصر الأبلق بِالْقَاهِرَةِ فَلَمَّا بلغ الفخري ذَلِك توجه هُوَ وطشتمر بعساكر الشَّام والدولة والقضاة الْأَرْبَعَة مَعَهم وَكَانَت سنة كَثِيرَة الأمطار والثلوج وقاسى الرعايا شدّة وجبيت الْأَمْوَال من النَّاس كَبِيرهمْ وصغيرهم لنفقات العساكر ولعمل شعار الْملك وأبهة السلطنة فَهَلَك النَّاس ولّما وصل الفخري وطشتمر بالعساكر إِلَى الْقَاهِرَة جلس النَّاصِر أَحْمد على كرْسِي الْملك وَإِلَى جَانِبه أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحَاكِم بِأَمْر الله أَبُو الْقَاسِم أَحْمد ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الرّبيع سُلَيْمَان وَحضر قُضَاة الْقُضَاة الثَّمَانِية من المصريين والشاميين وعهد الْخَلِيفَة إِلَيْهِ بِحُضُور الْعَالم وَحلف المصريون والشاميون وَكَانَ يَوْمًا عَظِيما وَلم يتَّفق مثل هَذِه الْبيعَة لأحد مُلُوك الأتراك بِالشَّام ومصر لِاجْتِمَاع أهل الإقليمين فِي يَوْم وَاحِد بِحُضُور الْخَلِيفَة والحكام ثمَّ إِن النَّاصِر أَحْمد ولّي نِيَابَة مصر للأمير سيف الدّين طشتمر وولّي نِيَابَة دمشق لقطلو بغا الفخري وَأخرج الْأَمِير عَلَاء الدّين ايدغمش أَمِير آخور إِلَى نِيَابَة حلب وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِأَمْر قوصون وَجرى مَا جرى فِي قلب الدولة على قوصون لأجل النَّاصِر أَحْمد وَأخرج الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي إِلَى نِيَابَة صفد وَأخرج الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج الْملك إِلَى نِيَابَة حماة وَأخرج الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر الناصري إِلَى نِيَابَة غَزَّة فَلَمَّا فعل ذَلِك بالأكابر خافه النَّاس وأعظموه وهابوه وَجعلُوا أَيْديهم على رؤوسهم مِنْهُ(8/58)
ثمَّ إِنَّه بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا أمسك نَائِب مصر الْأَمِير سيف الدّين طشتمر وَأَخذه وَتوجه بِهِ إِلَى الكرك وَبعث إِلَى ايدغمش أَن يمسك الفخري فأمسكه وجهّزه إِلَيْهِ إِلَى مصر مَعَ ابْنه فوصل إِلَيْهِ فِي الرمل من تسلّمه مِنْهُ وَأَعَادَهُ إِلَى أَبِيه وَتوجه بالفخري وبطشتمر إِلَى الكرك وَأخذ الْخُيُول المثمنّة الجيدة من الاسطبلات وَأخذ جَمِيع الْبَقر وَالْغنم الَّتِي بالقلعة وَأخذ الْجَوَاهِر وَالذَّهَب وَالدَّرَاهِم وَجَمِيع مَا فِي الخزائن وَتوجه بِالْجَمِيعِ إِلَى الكرك وَأقَام الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر السلاّري فِي نِيَابَة مصر وَأخذ النَّاصِر مَعَه القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن فضل الله كَاتب السّر وَالْقَاضِي جمال الدّين جمال الكفاة نَاظر الْخَاص والجيش وجعلهما مقيمين عِنْده فِي الكرك واستغرق فِي)
لهوه ولعبه واحتجب عَن النَّاس وسيّر من يمسك الأحمدي من صفد فَلَمَّا أحس بذلك هرب وَجَاء إِلَى دمشق جرى مَا جرى لَهُ على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته ثمَّ إِنَّه أحضر الفخري وطشتمر يَوْمًا وَضرب عنقيهما صبرا فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ واستوحش النَّاس مِنْهُ وَلم يعد يحضر كتاب وَلَا توقيع بخطّ كَاتب السّر وَلَا كتّاب الْإِنْشَاء وَإِنَّمَا بِخَط نصرانّي يعرف بالرضي وَإِذا حضر أحد إِلَى الكرك لَا يرى السُّلْطَان وَإِنَّمَا وَاحِد يعرف بِابْن البصّارة من أهل الكرك هُوَ الَّذِي يدبر الْأُمُور فماج النَّاس فِي الشَّام ومصر وجهز المصريون الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي ليرى وَجه السُّلْطَان فلّما بلغه خَبره جعله مُقيما بالصافية وَلم يَدعه يطلع إِلَى الكرك وَلَا اجْتمع بِهِ فردّ إِلَى مصر فأجمع النَّاس أَمرهم على خلعه وَإِقَامَة أَخِيه الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فَأَجْلَسُوهُ وجهزوا الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الصلاحي إِلَى دمشق يحلّف الْأُمَرَاء وَكَانَ خلع النَّاصِر احْمَد يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشْرين الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَكَانَ مُدَّة ملكه بِالْقَاهِرَةِ والكرك دون الْأَرْبَعَة أشهر
وَلما اسْتَقَرَّتْ الْأَحْوَال وَثَبت ملك الْملك الصَّالح أَمر بتجهيز العساكر من مصر وَالشَّام إِلَى الكرك ومحاصرتها فَكَانَ يحضر من مصر وَمن دمشق العساكر ويحاصرونه كلّما جَاءَت فرقة إِلَيْهِ تَوَجَّهت الأولى فَيقْتل من هَؤُلَاءِ وَمن هَؤُلَاءِ ويجرح من هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء وَهلك النَّاس مَعَه وراحت أَمْوَالهم وأرواحهم وأديانهم وَهلك الرعايا من التجاريد والفلاحون من السّخر وَحمل الأتبان وجرّ الماجنيق وآلات الْحصار من الدبّابات وَغَيرهَا وَطَالَ الْأَمر وَلم يبْق بِمصْر أَمِير وَلَا بِالشَّام حَتَّى تجرد إِلَيْهِ مرّة ومرتين وَأمْسك بِسَبَبِهِ جمَاعَة من أُمَرَاء الشَّام ومصر ثمّ أمسك نَائِب مصر الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر وَجَمَاعَة مَعَه ووسطّ الْأَمِير سيف الدّين بكا الخضري وَمَعَهُ جمَاعَة من مماليك السُّلْطَان وَأمْسك أَخُوهُ يُوسُف وَقضى الله أمره فيهم وَأخذ أَمر النصار يتلاشى وَهلك من عِنْده من الْجُوع وَضرب الذَّهَب وخلط فِيهِ الْفضة والنحاس ونفق ذَلِك فِي النَّاس فَكَانَ الدِّينَار خَمْسَة دَرَاهِم وهرب النَّاس من عِنْده وهرب من عِنْده شخص يعرف ببالغ وتوجّه إِلَى مصر فَأعْطِي إمرة مائَة وَعَاد إِلَى حصاره مَعَ الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي وجدّوا فِي الْحصار ورموا القلعة(8/59)
بالمنجنيق فانكوا فِيهَا وهدموا مِنْهَا جانباً ودخلوا القلعة وأمسكوا النَّاصِر أَحْمد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ الظّهْر ثَانِي عشْرين صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكتب إِلَى مصر بذلك فَتوجه الْأَمِير سيف الدّين منجك الناصري)
وحزّ رَأسه وَتوجه بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة
3 - (ابْن المعتصم ابْن صمادح)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن معن بن صمادح أَبُو جَعْفَر ابْن المعتصم بن صمادح تقدم ذكر أَبِيه فِي المحمدين وَسَيَأْتِي ذكر جمَاعَة من أهل بَيته فِي أَمَاكِن من هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ فِي وَصفه الْحِجَازِي جرى فِي طلق أَبِيه وَإِخْوَته فَأحْسن فِي النظام إحساناً أوجب أَن ينبّه عَلَيْهِ فممّا أحسن فِيهِ قَوْله
(أَتَى بالبدر من فَوق الْقَضِيب ... فطارت نَحوه طير الْقُلُوب)
(وأشرق مَا بأفقي من ظلامٍ ... لنورٍ مِنْهُ فِي أفق الْجُيُوب)
(وولّى بعد تأنيسٍ وبرٍّ ... كَمثل الشَّمْس ولّت للمغيب)
وَقَوله
(وحقّها إنّها جفون ... تسلُّ من لحظها الْمنون)
(لَا صَبر عَنْهَا وَلَا عَلَيْهَا ... الْمَوْت من دونهَا يهون)
(لأركبن الْهوى إِلَيْهَا ... يكون فِي ذَاك مَا يكون)
3 - (ابْن الْمولى)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد عز الدّين ابْن الْمولى أَخُو نظام الدّين ابْن الْمولى تقدم ذكره فِي المحمدين قَالَ ابْن الصقّاعي كَانَ يتَوَلَّى نظر الدِّيوَان العالي بحلب وَله مِائَتَا فدان ملك بنواحي حلب وَكَانَ فِي غَايَة الشُّح وَالِاجْتِهَاد فِي جمع الْأَمْوَال وَلم يكن لَهُ من العائلة إلاّ مملوكان وَغُلَام للخيل ولخدمته وَلَا يُؤثر أحدا بفلس فردٍ واشتهر عَنهُ بحلب وشاع أَنه من حِين ولي النّظر بحلب إِلَى أَن حوصرت لم ينْفق من مقرره الدِّرْهَم الْفَرد وَإِذا حضرت الصرّة فِيهَا ألف وَخَمْسمِائة دِرْهَم جامكيّته يكْتب عَلَيْهَا جامكيّة الشَّهْر الْفُلَانِيّ ويرميها فِي الصندوق وَينْفق من بعض مَا يحضر من أملاكه نَفَقَة يسيرَة إِلَى الْغَايَة ولّما أخذت بغداذ وانجفل النَّاس وصل سعر المكّوك إِلَى سِتِّينَ درهما فأباع عزّ الدّين ابْن الْمولى بستمائة ألف دِرْهَم قَالَ بديوان الْمَوَارِيث فِي شغلٍ عرض لي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَقد أحضر خفراء طَرِيق الْكسْوَة خرجا فِيهِ سلب رث قِيمَته ثَلَاثُونَ درهما ذكرُوا أَن صَاحبه حضر من مصر رَاكب فرس والخرج وَرَاءه فَخرج عَلَيْهِ حرامية أَرَادوا أَخذه مِنْهُ فمانعهم فضربوه)
وظنوا مَوته وَأَقْبل البريدية فهرب الحرامية فأحضروه إِلَى الْكسْوَة وسألوا عَن أمره فَأخْبرهُم أَنه يعرف بعز الدّين ابْن الْمولى حضر طَالب حلب(8/60)
3 - (القَاضِي نجم الدّين الْقَمُولِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مكي أبي الْحرم ابْن ياسين القَاضِي نجم الدّين الْقَمُولِيّ قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الإدفوي كَانَ من الْفُقَهَاء الأفاضل وَالْعُلَمَاء المتعبدين والقضاة المتعينين وافر الْعقل حسن التَّصَرُّف مَحْفُوظًا قَالَ لي رَحْمَة الله يَوْمًا لي قريب من أَرْبَعِينَ سنة أحكم مَا وَقع لي حكم خطأ وَلَا أثبت مَكْتُوبًا تكلّم فِيهِ أَو ظهر فِيهِ خلل سمع من قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة وَغَيره واشتغل بالفقه بقوصى ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ الْأُصُول والنحو وَشرح الْوَسِيط فِي الْفِقْه فِي مجلدات كَثِيرَة وَفِيه نقُول عزيزة ومباحث مفيدة وَسَماهُ الْبَحْر الْمُحِيط ثمَّ جرّد نّقوله فِي مجلدات وَسَماهُ جَوَاهِر الْبَحْر وَشرح مُقَدّمَة ابْن الْحَاجِب فِي مجلدين وَشرح الْأَسْمَاء الْحسنى فِي مُجَلد وكمل تَفْسِير ابْن الْخَطِيب وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا تولى الحكم بقمولا عَن قَاضِي قوص شرف الدّين إِبْرَاهِيم بن عَتيق ثمَّ تولى الْوَجْه القبلي من عمل قوص فِي ولَايَة قَاضِي الْقُضَاة عبد الرَّحْمَن ابْن بنت الأعزَّ وَكَانَ قد قسم الْعَمَل بَينه وَبَين الْوَجِيه عبد الله السمرباوي ثمَّ ولي أخميم مرَّتَيْنِ وَولي أسيوط والمنية والشرقية والغربية ثمَّ نَاب بِالْقَاهِرَةِ ومصر وَتَوَلَّى الْحِسْبَة بِمصْر وَاسْتمرّ فِي النِّيَابَة بِمصْر والجيزة والحسبة إِلَى أَن توفّي ودرَّس بالفخرية بِالْقَاهِرَةِ وَمَا زَالَ يُفْتِي ويدرّس وَيكْتب ويصنّف وَهُوَ مبجّل مُعظم إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل يَقُول مَا فِي مصر أفقه مِنْهُ وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق كثير الْمُرُوءَة محسناً إِلَى أَهله وأقاربه وَأهل بِلَاده وَتُوفِّي فِي شهر رَجَب سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَيُقَال إِن أَصله من أرمنت
3 - (القَاضِي الْقُرْطُبِيّ النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَاشم بن خلف بن عَمْرو بن عُثْمَان بن سلمَان الْقَيْسِي الْقُرْطُبِيّ أَبُو عَمْرو
سمع مُحَمَّد بن عمر بن لبَابَة وَأسلم بن عبد الْعَزِيز وَأحمد ابْن خَالِد وَمَال إِلَى النَّحْو فغلب عَلَيْهِ وأدب بِهِ وَكَانَ وقوراً مهيباً لَا يقدّم أحد عَلَيْهِ وَلَا عِنْده هزل وَكَانَ يلقب القَاضِي لوقاره مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَكَانَ أعرج
3 - (المستعين بِاللَّه العباسي)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَارُون أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس(8/61)
المستعين بن المعتصم بن الرشيد ابْن الْمهْدي بن الْمَنْصُور ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وبويع فِي شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين عِنْد موت الْمُنْتَصر ابْن المتَوَكل واستقام لَهُ الْأَمر واستوزر أَبَا مُوسَى أوتامش بِإِشَارَة شُجَاع بن الْقَاسِم ثمَّ قَتلهمَا ثمَّ استوزر صَالح بن شيرازاذ فلّما قتل وصيف وبغا باغراً التركيَّ الَّذِي قتل المتَوَكل تعصب الموَالِي وتنكروا لَهُ فخاف وَانْحَدَرَ من سرّ من رأى إِلَى بغداذ فأخرجوا المعتز بِاللَّه من الْحَبْس وَبَايَعُوهُ وخلعوا المستعين وبنوا الْأَمر على شُبْهَة وَهِي أَن المتَوَكل بَايع لِابْنِهِ المعتز بعد الْمُنْتَصر وأخرجوا الْمُؤَيد بِاللَّه إِبْرَاهِيم بن المتَوَكل ثمَّ إِن المعتز جهّز أَخَاهُ أَحْمد لِحَرْب المستعين واستعد المستعين وَابْن طَاهِر للحصار وتجرد أهل بغداذ لِلْقِتَالِ ودام أشهراً وغلت الأسعار ببغداذ ودام الْبلَاء وَصَاح أهل بغداذ فالجوع فانحل أَمر المستعين لما كَاتب ابْن طَاهِر للمعتز وَعلم أهل بغداذ بالمكاتبة فانتقل المستعين إِلَى الرصافة وخلع المسعتين نَفسه وأحدر إِلَى وَاسِط تَحت الحوطة وَأقَام بهَا مسجوناً ثمَّ إِنَّه ردّ إِلَى سرّ من رأى فَقتل بقارسيتها فِي ثَالِث شَوَّال سنة اثْنَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَقيل ليومين بقيا من شهر رَمَضَان وَله إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة
كَانَ مَرْبُوع الْقَامَة أَحْمَر الْوَجْه خَفِيف العارضين بِمقدم رَأسه طول وَكَانَ حسن الْوَجْه والجسم بِوَجْهِهِ أثر جدري عبل الْجِسْم وَكَانَ يلثغ بِالسِّين نَحْو الثَّاء وَأمه أمُّ ولد وَكَانَ مُسْرِفًا مبذراً للخزائن وَيُقَال أَنه قيل لَهُ اختر أيَّ بلد تكون فِيهِ فَاخْتَارَ وَاسِط فَلَمَّا أحدروه قَالَ لَهُ فِي السَّفِينَة بعض أَصْحَابه لأي شَيْء اخترتها وَهِي شَدِيدَة الْحر فَقَالَ مَا هِيَ بأحر من فقد الْخلَافَة وَأورد لَهُ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء لما خلع
(كلُّ ملكٍ مصيره لذهاب ... غير ملك الْمُهَيْمِن الوهّاب)
(كلُّ مَا قد ترى يَزُول ويفنى ... ويجازى الْعباد يَوْم الْحساب)
وَقَالَ لما استفحل أَمر المعتز
(أستعين الله فِي أم ... ري على كلَّالعباد)
(وَبِه أدفَع عنّي ... كيد باغٍ ومعادي)
وَأورد لَهُ صَاحب الْمرْآة
(أَحْبَبْت ظَبْيًا ثمين ... كَأَنَّهُ غثن تين)
)
(بِاللَّه أَي عَالمين ... مَا فِي الثما مثلمين)
(من لامني فِي هَوَاهُ ... شوّكته بالعجين)
قلت يُرِيد(8/62)
(أَحْبَبْت ظَبْيًا سمين ... كَأَنَّهُ غُصْن تين)
(بِاللَّه أَي عَالمين ... مَا فِي السما مُسلمين)
قلت وَلَا فِي الأَرْض لأَنهم اتخذوك خَليفَة وأظن هَذَا منحولاً وَقيل إِنَّه كَانَ يَأْمر المغنين أَن يغنوا لَهُ بِهَذَا الشّعْر وأشباهه فيتضاحكون مِنْهُ ويتغامزون عَلَيْهِ وصنع يَوْمًا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وهما
(شربت كأساً أذهبت ... عَن ناظريَّ الخمرا)
(فنشّطتني وَلَقَد ... كنت حَزينًا خاثرا)
ثمَّ إنّه قَالَ لَهُم بِاللَّه أجيزوهما فَقَالَ أحدهم
(هَذَا خرا هَذَا خرَا ... هَذَا خرَا هَذَا خرَا)
وَكَانَ للطف أخلاقه يحْتَمل ذَلِك مِنْهُم وَكَانَ يَقُول لَهُم ويومىء بِيَدِهِ إِلَى الْبَاب أَي شيىء تَصْحِيف بَاب فَيَقُولُونَ لَا نَدْرِي فَيَقُول لم لَا تَقولُونَ بَاب فَيَقُولُونَ بِسم الله عَلَيْك وَيَقُول أَي شَيْء تَصْحِيف مخدَّة وَيَضَع يَده خلف ظَهره على المخدة فَيَقُولُونَ لَا نعلم فَيَقُول لم لَا تَقولُونَ مخدة فَيَقُولُونَ بِسم الله عَلَيْك
وَكَانَ السَّبَب فِي توليه أَن الأتراك لّما قتلوا الْمُنْتَصر خَافُوا من تَوْلِيَة الْخلَافَة لأحد أَوْلَاد المتَوَكل فَيَأْخُذ بثأر أَبِيه وأخيه فولّوا المستعين وَكَانَ خاملاً يرتزق بالنسخ وَلَيْسَ بِابْن خَليفَة وَلم يلٍ الْخلَافَة من لَا هُوَ ابْن خَليفَة من الْمَنْصُور إِلَيْهِ إلاّ هُوَ وَلما جَاءَهُ الْأَمر بَغْتَة تطلع إِلَيْهِ قَالَ جَاءَ لطف الله بِالْأَمر الَّذِي لَا أرتجيه فعلي الْيَوْم أَن أَقْْضِي حقّ الله فِيهِ وأعداؤه رَوَوْهُ أَنه قَالَ حق الشّرْب فِيهِ ولّما وَردت خلَافَة المستعين إِلَى مصر أحضر الْوَالِي بهَا المنجمين وَقَالَ انْظُرُوا فِي طالعه وَمُدَّة عمره فنظروا فِي طالع الْوَقْت فَقَالَ لَهُم الْجمل الشَّاعِر لَا تتعبوا أَنا أعلم بعمره وأيامه قَالُوا كم يعِيش قَالَ مَا شَاءَ بغا وأوتامش ووصيف)
فارتج الْمجْلس بالضحك
3 - (أَبُو الْفَتْح النزلي النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَارُون النَّزلي أَبُو الْفَتْح النَّحْوِيّ أَخذ عَن أبي الْحسن عَليّ بن عِيسَى الرَّبعي وَهُوَ من أَقْرَان أبي يعلى السراج
3 - (النامي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَارُون الدَّارمِيّ المصّيصي الْمَعْرُوف بالنامي الشَّاعِر الْمَشْهُور كَانَ من المفلقين من شعراء عصره وخواصّ مدّاح سيف الدولة وَكَانَ عِنْده تلو أبي(8/63)
الطّيب فِي الْمنزلَة والرتبة وَكَانَ فَاضلا أديباً بارعاً عَارِفًا باللغة وَالْأَدب وَله أمالي أملاها بحلب روى عَن عَليّ بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش وَابْن درسْتوَيْه وَأبي عبد الله الْكرْمَانِي وَأبي بكر الصولي وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الْعَرُوضِي وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم الْحُسَيْن بن عَليّ بن أُسَامَة الْحلَبِي وَأَخُوهُ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد وَأَبُو الْفرج الببغّاء وَأَبُو الْخطاب ابْن عون الحريري وَالْقَاضِي أَبُو طَاهِر صَالح بن جَعْفَر الْهَاشِمِي وَاخْتلف فِي وَفَاته فَقيل سنة سبعين وثلاثمائة أَو إِحْدَى وَسبعين وَقيل سنة سبع وَسبعين وعمره تسعون سنة وَمن شعره قَوْله
(أحقّاً أنّ قاتلتي زرود ... وأنّ عهودها تِلْكَ العهود)
(وقفت وَقد فقدت الصَّبْر حَتَّى ... تبيّن موقفي أنّي الفقيد)
(وشكّت فيّ عذالي فَقَالُوا ... لرسم الدَّار أيّكما العميد)
وَمِنْه
(أَمِير العلى إِن العوالي كواسب ... علاءك فِي الدُّنْيَا وَفِي جنَّة الْخلد)
(يمرُّ عَلَيْك الْحول سَيْفك فِي الطلى ... وطرفك مَا بَين الشكيمة واللّبد)
(ويمضي عَلَيْك الدَّهْر فعلك للعلى ... وقولك للتقوى وكفّك للرفد)
قَالَ ابْن عون الحريري النَّحْوِيّ دخلت على أبي الْعَبَّاس النامي فَوَجَدته جَالِسا وَكَأن رَأسه الثغامة الْبَيْضَاء وَفِيه شَعْرَة وَاحِدَة سَوْدَاء فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي فِي رَأسك شَعْرَة سَوْدَاء فَقَالَ نعم هَذِه بَقِيَّة شَبَابِي وَأَنا أفرج بهَا ولي فِيهَا أشعار فَقلت أنشدنيها فأنشدي
(رَأَيْت فِي الرَّأْس شَعْرَة بقيت ... سَوْدَاء تهوى الْعُيُون رؤيتها)
(فَقلت للبيض إِذْ تروّعها ... بِاللَّه إلاّ رحمت غربتها)
)
(فقلَّ لبث السَّوْدَاء فِي وطنٍ ... تكون فِيهِ الْبَيْضَاء ضرّتها)
ثمَّ قَالَ يَا أَبَا الْخطاب بَيْضَاء وَاحِدَة تروّع ألف سَوْدَاء فَكيف حَال سَوْدَاء بَين ألف بَيْضَاء
وَله مَعَ المتنبي وقائع ومعارضات فِي الأناشيد وَمن شعره
(أَتَانِي فِي قَمِيص اللاذ يسْعَى ... عدوٌّ لي يلقّب بالحبيب)
(وَقد عَبث الشَّرَاب بمقلتيه ... فصيّر خدّه كَسَنا اللهيبِ)
(فَقلت لَهُ بِمَا استحسنت هَذَا ... لقد أَقبلت فِي زِيّ عَجِيب)
(أحمرة وجنتيك كستك هَذَا ... أم أَنْت صبغته بِدَم الْقُلُوب)
(فَقَالَ الشَّمْس أَهْدَت لي قَمِيصًا ... بلونٍ قد حكى شفق الْغُرُوب)(8/64)
(فثوبي والمدام ولون خدي ... قريبٌ من قريبٍ من قريب)
وَمن شعر النامي يصف مَنَارَة سرَّ من رأى
(سامية فِي الجوّ مثل الفرقد ... قَاعِدَة فِيهِ وَإِن لم تقعد)
(يكَاد من تحويه إِن لم يبعد ... يغْرف من حَوْض الْغَمَام بِالْيَدِ)
وَقَالَ ابْن بابك يهجو النامي
(تقدَّم النّامي ولكنّه ... تَأَخّر فِي زيّ تَقْدِيم)
(معلّم فِيهِ قويقيّة ... أغبس مبيضّ المقاديم)
(قد سوّد الإثمد آماقه ... تسويد أَبْوَاب المآتيم)
(إِذا اسْتَدَارَ الْكحل فِي جفْنه ... أشبه إلاّ مقلة الريم)
(مَا ضرّ من لقّبه نامياً ... لَو قدّم الْيَاء على الْمِيم)
وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الصَّقْر الْكَاتِب كَانَ أَبُو الْعَبَّاس النامي بطيء الخاطر سديد القَوْل إِذا أَرَادَ أَن يعْمل شعرًا خلا خلْوَة طَوِيلَة أَيَّامًا وليالي فَإِن نطقت فِي دَاره جَارِيَة أَو غُلَام كَاد يقْتله وَانْقطع خاطره وَإِذا أَرَادَ أَن يعْمل قصيدة جمع جَمِيع مَا للْعَرَب والمحدثين من الشّعْر على وزن تِلْكَ القصيدة وَجعله حوله وَنظر فِيهِ حَتَّى يجتلب مَعَانِيه وَكَانَت ترْتَفع لَهُ القصيدة فِي سَبْعَة أشهر أَو أَكثر وتحدث الْحَادِثَة عِنْد سيف الدولة من فتح أَو هدّية أَو قصَّة أَو عيد أَو غير ذَلِك فَيعْمل الشُّعَرَاء وينشدونه فِي الْحَال أَو بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَإِذا كَانَ بعد ثَلَاثَة لأشهر أَو أَرْبَعَة أَو سَبْعَة أَو أَكثر بِحَسب مَا ترْتَفع إِلَيْهِ جَاءَ واستأذنه فِي الْإِنْشَاء فيكايده سيف)
الدولة وَيَقُول لَهُ فِي أيّ فتح وَأي قصَّة وَلَا يزَال بِهِ ويريه أَنه أنسي تِلْكَ الْحَال لبعدها توبيخاً إِلَى أَن يكَاد يبكي فَيَقُول نعم هَاتِهَا الْآن وربّما اغتاظ لطول الْعَهْد وَخُرُوج الزَّمَان عَن الحدّ فَلَا يَأْذَن لَهُ أصلا قَالَ وَكنت قَائِما بَين يَدي سيف الدولة وَقد ولد لَهُ ولد قبل ذَلِك بسبعة أشهر فجَاء النامي فاستأذنه فِي إنشاد تهنئة بالمولود فَقَالَ لَهُ سيف الدولة يَا أَبَا الْعَبَّاس الصبيّ قد حَان لنا أَن نسلمه إِلَى الكتّاب فَمَا زَالَ يضرع لنا إِلَى أَن أذن لَهُ فأنشده قَالَ وَقَالَ لي النامي كنت البارحة أعمل شعرًا فصقع ديك فَانْقَطع خاطري
3 - (أَبُو بكر الْفَقِيه الْخلال)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو بكر الخلاّل الْفَقِيه(8/65)
حنبلي صنّف الْجَامِع وَهُوَ فِي عدَّة مجلدات
وَكتاب السّنة وَكتاب الْعِلَل لِأَحْمَد ابْن حَنْبَل توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وثلاثمائة قَالَ ابو بكر الْخَطِيب اخبرني إِبْرَاهِيم بن عمر الْبَرْمَكِي عَن عبد الْعَزِيز بن جَعْفَر قَالَ سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن بشّار والخلال بِحَضْرَتِهِ فِي مَسْجده وَقد سُئِلَ عَن مَسْأَلَة فَقَالَ سلوا الشَّيْخ فكأنَّ السَّائِل احبَّ جَوَاب أبي الْحسن فَقَالَ سلوا الشَّيْخ هَذَا الشيخيعني الخلالإمام فِي مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل سمعته يَقُول هَذَا مرَارًا
3 - (ابْن قدس الأرمنتي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن قدس شمس الدّين الأرمنتي الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ شَاعِرًا فَقِيها أديباً سمع من الشَّيْخ مجد الدّين وَولده الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَقَرَأَ على مجد الدّين وَتخرج عَلَيْهِ فِي الْأَدَب وَالْفِقْه وَغَيرهم وتولّى الحكم وناب فِيهِ بقوص فجَاء كتاب القَاضِي بصرفه إِلَيْهِ وَحضر درسه وأنشده لنَفسِهِ
(حاشاكم أَن تقطعوا صلَة الَّذِي ... أَو تصرفوا علم المعارف أحمدا)
(هُوَ مبتدا نجباء أبنا جنسه ... وَالله يأبي غير رفع المبتدا)
(أغريتم الزَّمن المشتَّ بشمله ... وحذفتموه كَأَنَّهُ حرف الندا)
فَأمره أَن يستمّر فِي نِيَابَة الحكم وَمن شعره
(صِفَات عَليّ مهمت اضيفت إِلَى اسْمه ... غَدَتْ حللاً للفخر وَهُوَ طراز)
(فَسَبَّتْهَا إِلَّا إِلَيْهِ اسْتِعَارَة ... واطلاقها إِلَّا عَلَيْهِ مجَاز)
(لِابْني بنيّ تَحت حبّي لَهُ ... معنى لطيف فَوق معنى الحنوّ)
)
(هُوَ الصّديق الْمَحْض أحبب بِهِ ... وَكَيف لَا وَهُوَ عدوّ العدوّ)
وَمِنْه يمدح الْهمام مُوسَى السّمهودي
(لقد أَصبَحت مرموسا ... إِلَى أَن زارني مُوسَى)
(فأهدى الرّاح والرّوح ... فَلَا بَأْس وَلَا بوسى)
(فَلَا وَالله لَا أَدْرِي ... أموسى هُوَ أم عِيسَى)
توجه من قوص إِلَى أرمنت لزيارة ابْنَته فتوفى بهَا رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة(8/66)
3 - (أَبُو الْعَبَّاس ولاّد النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن مُحَمَّد يعرف بولاّد من أهل بَيت علم وكنيته أَبُو الْعَبَّاس توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وثلاثمائة وَكَانَ بَصيرًا بالنحو أستاذاً فِيهِ رَحل إِلَى بغداذ من وَطنه مصر وَلَقي إِبْرَاهِيم الزّجاج وَغَيره وَكَانَ الزّجاج يقدمهُ ويفضله على أبي جَعْفَر النّحاس وَكَانَا تلميذيه وَكَانَ الزّجاج لَا يزَال يثني عَلَيْهِ عِنْد كل من يقدم بغداذ من مصر وَيَقُول لَهُم لي عنْدكُمْ تلميذ من حَاله وَصفته فَيُقَال لَهُ أَبُو جَعْفَر فَيَقُول بل أَبُو الْعَبَّاس ابْن ولاّد قَالَ وَجمع بعض مُلُوك مصر بَين ابْن ولاّد والنحاس وَأَمرهمَا بالمناظرة فَقَالَ النّحاس لِابْنِ ولاّد كَيفَ تبني مِثَال افعلوت من رميت فَقَالَ ابْن ولاّد أَقُول ارمييت فخطّأه أَبُو جَعْفَر وَقَالَ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب افعلوت وَلَا افعليت فَقَالَ ابْن ولاّد إِنَّمَا سَأَلتنِي أَن أمثل لَك بِنَاء فَفعلت قَالَ الزبيدِيّ وَلَقَد أحسن فِي قِيَاسه حِين قلب الْوَاو يَاء وَقد كَانَ أَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة الْأَخْفَش يَبْنِي من الْأَمْثِلَة مَا لَا مِثَال لَهُ فِي كَلَام الْعَرَب وَله الْمَقْصُور والممدود والانتصار لسيبوسه فِيمَا ذكره المبّرد وَقد تقدم ذكر وَالِده فِي المحمدين
3 - (ابْن الحلاوي الْموصِلِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أبي الْوَفَاء ابْن الْخطاب مُحَمَّد بن الهزبر الأديب الْكَبِير شرف الدّين أَبُو الطّيب ابْن الحلاوي الرّبعي الشَّاعِر الْموصِلِي الجندي ولد سنة ثَلَاث وسِتمِائَة وَقَالَ الشّعْر الْجيد الْفَائِق ومدح الْخُلَفَاء والملوك وَكَانَ فِي خدمَة بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل روى عَنهُ الدّمياطي وَغَيره وَكَانَ من ملاح الْموصل وَفِيه لطف وظرف وَحسن عشرَة وخفة روح وَله القصائد الطنانة الَّتِي رَوَاهَا الدّمياطي عَنهُ فِي مُعْجَمه توفّي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة
وَمِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي فِي مُعْجَمه لَهُ)
(حَكَاهُ من الْغُصْن الرطيب وريقه ... وَمَا الْخمر إلاّ وجنتاه وريقه)
(هِلَال وَلَكِن أفق قلبِي مَحَله ... غزال وَلَكِن سفح عَيْني عقيقه)
(وأسمر يَحْكِي الأسمر اللّدن قدّه ... غَدا راشقاً قلب المحبّ رشيقه)
(على خدّه جمر من الْحسن مضرم ... يشب وَلَكِن فِي فُؤَادِي حريقه)
(أقرّ لَهُ من كلّ حسنٍ جليله ... وَوَافَقَهُ من كلّ معنّى دقيقه)
(بديع التثني رَاح قلبِي أسيره ... على أنَّ دمعي فِي الغرام طليقه)
(على سالفيه للعذار جديده ... وَفِي شَفَتَيْه للسلاف عتيقه)(8/67)
(يهدّد مِنْهُ الطّرف من لَيْسَ خَصمه ... ويسكر مِنْهُ الرِّيق من لَا يذوقه)
(على مثله يستحسن الصبُّ هتكه ... وَفِي حبّه يجفو الصّديق صديقه)
(من التّرك لَا يصبيه وجد إِلَى الْحمى ... وَلَا ذكر بانات الغوير يشوقه)
(وَلَا حلّ فِي حيٍّ تلوح قبابه ... وَلَا سَار فِي ركبٍ يساق وسيقه)
(وَلَا بَات صبّاً بالفريق وَأَهله ... وَلَكِن إِلَى خاقَان يعزى فريقه)
(لَهُ مبسم ينسي المدام بريقه ... ويخجل نوّار الأقاحي بريقه)
(تداويت من حرّ الغرام بِبرْدِهِ ... فأضرم من حرّ الْحَرِيق رحيقه)
(إِذا خَفق الرّقّ اليمانيّ موهناً ... تذكرّته فاعتاد قلبِي خفوقه)
(حكى وَجهه بدر السَّمَاء فَلَو بدا ... مَعَ الْبَدْر قَالَ النَّاس هَذَا شقيقه)
(رَآنِي خيالاً حِين وافى خياله ... فَأَطْرَقَ من فرط الْحيَاء طروقه)
(فَأَشْبَهت مِنْهُ الخصر سقماً فقد غَدا ... يحمّلني كالخصر مَا لَا أُطِيقهُ)
(فَمَا بَال قلبِي كلّ حبٍّ يهيجه ... وحتّام طرفِي كلّ حسنٍ يروقه)
(فَهَذَا ليَوْم الْبَين لم تطف ناره ... وَهَذَا فَبعد الْبعد ماجفّ موقه)
(وَللَّه قلبِي مَا أشدَّ عفافه ... وَإِن كَانَ طرفِي مستمراً فسوقه)
(أرى النَّاس أضحوا جاهليّة ودَّه ... فَمَا باله عَن كلّ صبٍّ يعوقه)
(فَمَا فَازَ إلاّ من يبيت صبوحه ... شراب ثناياه وَمِنْهَا غبوقه)
وَقَالَ
(أألقى من خدودك فِي جحيم ... وثغرك كالسّراط الْمُسْتَقيم)
)
(وأسهدني لديك رقيم خدٍّ ... فواعجبا أأسهر بالرَّقيم)
مِنْهَا
(وحتّام الْبكاء بكلّ رسمٍ ... كأنَّ علّي رسماً للرّسوم)
واجتمعوا فِي بعض الْأَيَّام عِنْد شخص يلقب بالشمس فَقَالُوا أطعمنَا شَيْئا فَامْتنعَ فَقَالَ أحدهم الطّامع فِي منال قرص الشَّمْس فَقَالَ ابْن الحلاوي كالطّامع فِي منال قرص الشَّمْس وأنشده بعض الأفاضل لغزاً فِي شبابه
(وناطقةٍ خرساء بادٍ شحوبها ... تكنّفها عشر وعنهنَّ تخبر)(8/68)
(يلذَّ إِلَى الأسماع رَجَعَ حَدِيثهَا ... إِذا جاش مِنْهَا منخر سدَّ منخر)
فَأجَاب عَن ذَلِك فِي الْوَقْت
(نهاني النهى والشيب عَن وصل مثلهَا ... وَكم مثلهَا فارقتها وَهِي تصفر)
قلت هَذَا من البديه المخرع والبديع المعجز لِأَنَّهُ أجَاب التَّضْمِين بتضمين من بَقِيَّة الْقطعَة وَهِي من أَبْيَات الحماسة وَسُئِلَ أَن ينظم أبياتاً تكْتب على مشطٍ للْملك الْعَزِيز مُحَمَّد صَاحب حلب فَقَالَ
(حللت من الْملك الْعَزِيز براحةٍ ... غَدا لثمها عِنْدِي أجلَّ الْفَرَائِض)
(وأصبحت مفترَّ الثنايا لأنني ... حللت بكفٍّ بحرها غير غائض)
(وَقبلت سامي كفّه بعد خدّه ... فَلم أخل فِي الْحَالين من لثم عَارض)
وَقَالَ وَهُوَ مَشْهُور عَنهُ
(جَاءَ غلامي فَشَكا ... أَمر كميتي وَبكى)
(وَقَالَ لي لاشكّ بر ... ذونك قد تشبّكا)
(قد سقته الْيَوْم فَمَا ... مَشى وَلَا تحرَّكا)
(فَقلت من غيظي لَهُ ... مجاوباً لما حكى)
(تُرِيدُ أَن تخدعني ... وَأَنت أصل المشتكى)
(ابْن الحلاويَّ أَنا ... خلَّ الرَّياء والبكا)
)
(وَلَا تخادعني ودع ... حَدِيثك المعلَّكا)
(لَو انّه مسيَّر ... لما غذا مشبكا)
فمذ رأى حلاوة الْأَلْفَاظ منّي ضحكا وَكتب إِلَى القَاضِي محيي الدّين ابْن الزكّي يصف خطّه
(كتبت فلولا أنَّ هَذَا محرم ... وَهَذَا حَلَال قست خطّك بِالسحرِ)
(فوَاللَّه مَا أَدْرِي أَزْهَر خميلةٍ ... بطرسك أم درُّ يلوح على نحر)
(فَإِن كَانَ زهراً فَهُوَ صنع سحابةٍ ... وَإِن كَانَ درّاً فَهُوَ من لجّة الْبَحْر)
وَقَالَ من قصيدة يمدح الْملك النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك رَحمَه الله تَعَالَى(8/69)
(أَحْيَا بموعده قَتِيل وعيده ... رشأ يشوب وصاله بصدوده)
(قمر يفوق على الغزالة وَجهه ... وعَلى الغزال بمقلتيه وجيده)
(يَا ليته يعد الْهلَال فَإِنَّهُ ... مَا زَالَ ذَا لهجٍ بخلف وَعوده)
مِنْهَا
(قمر أطَاع الْحسن سنّة وَجهه ... حَتَّى كَأَن الْحسن بعض عبيده)
(أَنا فِي الغرام شهيده مَا ضرَّه ... لَو أنَّ جنّة وَصله لشهيده)
(يَا يُوسُف الْحسن الَّذِي أَنا فِي الْهوى ... يعقوبه بثّي إِلَى داوده)
وَلما توجه بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل إِلَى الْعَجم للاجتماع بهولاكو كَانَ ابْن الحلاوي مَعَه فَمَرض فِي تبريز وَتُوفِّي فِيمَا قبل سلماس وَهُوَ فِي حُدُود السِّتين من عمره وَمن شعر ابْن الحلاوي
(لحاظ عَيْنَيْك فاتنات ... جفونها الوطف فاترات)
(فرّق بيني وَبَين صبري ... مِنْك ثنايا مفرّقات)
(يَا حسنا صدّه قَبِيح ... فَجمع شملي بِهِ شتات)
(قد كنت لي واصلاً وَلَكِن ... عداك عَن وَصلي العداة)
(إِن لم يكن مِنْك لي وَفَاء ... دنت بهجرانك الْوَفَاة)
(حيّات صدغيك قاتلات ... فَمَا لملسوعها حَيَاة)
(والثغّر كالثغر فِي امْتنَاع ... تحميه من لحظك الرّماة)
)
(يابدر تمّ لَهُ عذار ... بحسنه تمّت الصِّفَات)
(منمنم الوشي فِي هَوَاهُ ... يَا طالما نمّت الوشاة)
(نَبَات صدغٍ حلاّك حسنا ... والحلو فِي السكّر النَّبَات)
وَمن شعره من قصيدة
(فِي حدَّها رَوْضَة إِذا رعيت ... باللحظ راحت بطرفها تحمى)
(بقامةٍ تلتوي وناظرها ... يدمي البرايا ووجنةٍ تدمى)
(كَأَنَّمَا الرَّدف خلفهَا أجأ ... كَيفَ استقلّت بِحمْلِهِ سلمى)
قلت أجأ وسلمى جبلان معروفان من جبال طَيء وَكَانَ السُّلْطَان بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل فِي أول الْحَال لَا ينادمه وَلَا يحضرهُ مَجْلِسه وَإِنَّمَا كَانَ ينشده أَيَّام المواسم والأعياد المدائح الَّتِي يعملها فِيهِ فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام رَآهُ فِي الصَّحرَاء وَهُوَ فِي رَوْضَة معشبة وَبَين يَدَيْهِ برذون لَهُ مَرِيض يرْعَى فجَاء إِلَيْهِ ووقف(8/70)
عِنْده وَقَالَ مَالِي أرى هَذَا البرذون ضَعِيفا فَقَامَ وقبّل الأَرْض وَقَالَ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان حَاله مثل حَالي وَمَا تخلّفت عَنهُ فِي شَيْء يَدي بِيَدِهِ فِي كل رزق يرزقنا الله فَقَالَ لَهُ هَل عملت فِي برذونك هَذَا شَيْئا قَالَ نعم وأنشده بديهاً أصبح برذوني المرقع باللمصقات فِي حسرةٍ يكابدها
(رأى حمير الشّعير عابرةً ... عَلَيْهِ يَوْمًا فظلّ ينشدها)
(قفا قَلِيلا بهَا علّي فَلَا ... أقلَّ من نظرةٍ أزودَّها)
فأعجب السُّلْطَان بديهته وَأمر لَهُ دِينَارا وَخمسين مكوكاً من الشّعير وَقَالَ لَهُ هَذِه الدَّنَانِير لَك وَالشعِير لبرذونك ثمَّ أمره بملازمة مَجْلِسه كَسَائِر الندماء وَلم يزل يترقّي عِنْده إِلَى أَن صَار لَا يصبر عَنهُ وَمن شعر ابْن الحلاوي
(أرثَّ صرف الزَّمَان حَالي ... فَمَا لدهري ترى وَمَا لي)
(حَتَّى كَأَنِّي لَهُ عدوٌّ ... يرشقني مِنْهُ بالنبال)
(وطالما كنت وَهُوَ عنّي ... وَعَن أخلاي فِي اشْتِغَال)
(وَلَو أَتَانِي لصلت فِيهِ ... أمرا ونهياً وَلَا أُبَالِي)
(أَيْن زماني الَّذِي تقضّى ... وَأَيْنَ جاهي وَأَيْنَ مَالِي)
)
(وَأَيْنَ خفّي وطيلساني ... وَأَيْنَ قيلي وَأَيْنَ قالي)
(وَأَيْنَ عيشي وَأَيْنَ طيشي ... وَأَيْنَ حسني وَحسن حَالي)
(وَنحن فِي فتيةٍ كرامٍ ... نجارهم فِي الفخار عَال)
(قد جعلُوا اللَّهْو رَأس مالٍ ... فدته نَفسِي من رَأس مَال)
(قد درسوا الْفسق من قديمٍ ... فكم لَهُم فِيهِ من جِدَال)
من أَرغب النَّاس فِي الفقاح اللذيذة المنيك الثّقال
(مخنّث عِنْدهم لنيكٍ ... أحسن من زينةٍ وَمَال)
(فَمَا لَهُم قطّ من حَدِيث ... فِيهِ سوى النّيك والبدال)
(فَقَائِل ناكني فلَان ... ونكته لَا لَهُ وَلَا لي)
(وَقَائِل حِين طاح سكرا ... وَرَاح يحبو إِلَى البزال)
(شواربي فقحتي سبالي ... مقعدتي قمّتي تعالي)
(وَنحن فِي مجلسٍ بديعٍ ... جلّ عَن الْوَصْف والمثال)
(جمَّع فِيهِ من كلّ شيءٍ ... فتمَّ فِي غَايَة الْكَمَال)(8/71)
(فالرَّاحُ فِي الراح والملاهي ... فِي اللَّهْو والنُّقل فِي النّقال)
(وللملاهي بِهِ ضجيجٌ ... وللرّواويق والمقالي)
(فالدّفُّ دف دف ددف ددف دف ... والزّمر تلّى تلل تلالي)
(والجنك دن دن ددن ددن دن ... تصلحه ربّة الحجال)
(خريدة رودة رداح ... سبحلةٌ عذبة الْمقَال)
(تفتن بالّدلّ والتجنّي ... وَالْحسن والتّيه والدّلال)
(عنّت فهام الْفُؤَاد منّي ... وجداّ إِلَى سحرها الْحَلَال)
(وبيننا قهوة كتبرٍ ... رصّعها المزج باللآلي)
(حَدِيدَة الطّعم عتّقتها ... ألفا فألفا يَد اللَّيَالِي)
(صفراء كالنار بل ترَاهَا ... مذ شابها المَاء ذَا اشتعال)
(يسْعَى بهَا شادن رَشِيق ... مهفهف القدَّ ذُو اعْتِدَال)
(مورَّد الوجنتين حُلْو ... سواهُ فِي النَّاس مَا حلا لي)
)
(قلت لَهُ إِذْ أَطَالَ وعدي ... ولجَّ فِي العذل والمطال)
(دع التّجنّي فلست أسلو ... أَخ أَخ أَخ يَا محالي)
(لما بدا وَهِي فِي يَدَيْهِ ... كَالشَّمْسِ فِي رَاحَة الْهلَال)
(فطبَّ طرطبَّ فَوق رَأْسِي ... وطاق طرطاق فِي قذالي)
(وتفّ تخ وسط وَجْهي ... وقاع قع قاع فِي سبالي)
(وبظر أمّي ورحم أُخْتِي ... ولحيتي فِي خَرا عيالي)
(ونع عمّي بِلَا امتراءٍ ... مدحرج فِي قذال خَالِي)
(إِن كنت عَايَنت قطّ غصناً ... مرّت بِهِ نسمَة الشّمال)
(أحسن مِنْهُ إِذا تثنّى ... تميله نشوة الدَّلال)
3 - (ابْن مسكويه)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب أَبُو عَليّ الخازن صَاحب التجارب ابْن مسكويه مَاتَ فِيمَا ذكره يحيى بن مَنْدَه فِي تَاسِع صفر سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة قَالَ أَبُو حَيَّان فِي كتاب الامتاع وَقد ذكر طَائِفَة من متكلمي زَمَانه ثمَّ قَالَ وَأما مسكويه ففقير بَين أَغْنِيَاء(8/72)
وعيّي بَين أبيناء وَقَالَ الثعالبي فِي الذرْوَة الْعليا من الْفضل وَالْأَدب والبلاغة وَالشعر وَكَانَ فِي ريعان شبابه مُتَّصِلا بِابْن العميد مُخْتَصًّا بِهِ وَفِيه يَقُول
(لَا يعجبنّك حسن الْقصر تنزله ... فَضِيلَة الشَّمْس لَيست فِي منازلها)
(لَو زيدت الشَّمْس فِي أبراجها مائَة ... مَا زَاد ذَلِك شَيْئا فِي فضائلها)
ثمَّ تنقلت بِهِ أَحْوَال جليلة فِي خدمَة بني بويه والاختصاص ببهاء الدولة وَعظم شَأْنه وارتفع مِقْدَاره عَن خدمَة الصاحب وَلم ير نَفسه دونه وَلم يخل من نَوَائِب الدَّهْر حَتَّى قَالَ ماهو متنازع بَينه وَبَين نفر من الْفُضَلَاء
(من عذيري من حادثات الزَّمَان ... وجفاء الإخوان والخلاّن)
قَالَ وَله قصيدة فِي عميد الْملك تفنّن فِيهَا وهنأه بِاتِّفَاق الْأَضْحَى والمهرجان فِي يَوْم وشكا سوء الْهَرم وبلوغه إِلَى أرذل الْعُمر
(قل للعميد عميد الْملك وَالْأَدب ... اِسْعَدْ بعيديك عيد الْفرس وَالْعرب)
(هَذَا يُشِير بِشرب ابْن الْغَمَام ضحى ... وَذَا يُشِير عشيّاً بِابْنِهِ الْعِنَب)
)
(خلائق خيّرت فِي كلّ صاحةٍ ... فَلَو دَعَاهَا لغير الْخَيْر لم تجب)
(أعدت شرخ شبابٍ لست أذكرهُ ... بعدا وزدت علّي الْعُمر من كثب)
(فطاب لي هرمي والعمر يلحظني ... لحظ الْمُرِيب وَلَوْلَا أَنْت لم يطب)
(فَإِن تمرس بِي خصم تعصّب لي ... وَإِن أَسَاءَ إليّ الدَّهْر أحسن بِي)
(وَقد بلغت إِلَى أقْصَى مدى عمري ... وكلّ غربي واستأنست بالنوب)
(إِذا تملأت من غيظٍ على زمني ... وجدتني نافخاً فِي جذوة اللهب)
وَكَانَ مسكويه مجوسياً وَأسلم وَكَانَ عَارِفًا بعلوم الْأَوَائِل وَلابْن مسكويه كتاب الْفَوْز الْأَكْبَر وَكتاب الْفَوْز الْأَصْغَر وصنّف فِي التَّارِيخ كتاب تجارب الْأُمَم ابتدأه من بعد الطوفان إِلَى سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَله كتاب أنس الفريد وَهُوَ مَجْمُوع يتَضَمَّن أَخْبَارًا وأشعاراً مختارة وَحكما وأمثالاً غير مبوب وَكتاب تَرْتِيب الْعَادَات وَكتاب الْمُسْتَوْفى أشعار مختارة وَكتاب الْجَامِع وَكتاب جاوذان خرد وَكتاب السّير ذكر مَا يسيّر بِهِ الرجل نَفسه من أُمُور دُنْيَاهُ مزجه بالأثر وَالْآيَة وَالْحكمَة وَالشعر وَكَانَ ابْن العميد اتَّخذهُ خَازِنًا لكتبه
وللبديع الهمذاني إِلَيْهِ رِسَالَة أجابها ابْن مسكويه وذكرهما ياقوت فِي تَرْجَمَة ابْن مسكويه فِي مُعْجم الأدباء وَلابْن مسكويه عهد وَهَذَا نَصه هَذَا مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ أَحْمد بن مُحَمَّد وَهُوَ يَوْمئِذٍ آمن فِي سربه معافًى فِي جِسْمه عِنْده قوت يَوْمه لَا يَدْعُو إِلَى هَذِه المعاهدة ضَرُورَة نفس وَلَا بدن وَلَا يُرِيد بهَا مراءاة مَخْلُوق وَلَا استجلاب مَنْفَعَة وَلَا دفع مضرَّة عَاهَدَ على أَن يُجَاهد(8/73)
نَفسه ويتفقدّ أمره فيعفّ ويشجع وَيحكم عَلامَة عفّته أَن يقتصد فِي مآرب بدنه حَتَّى لَا يحملهُ الشره على مَا يضر جِسْمه أَو يهتك مروءته وعلامة شجاعته أَن يحارب دواعي نَفسه الذميمة حَتَّى لَا تقهره شَهْوَة قبيحة وَلَا غضب فِي غير مَوْضِعه وعلامة حكمته أَن يستبصر فِي اعتقاداته حَتَّى لَا يفوتهُ بِقدر طاقته شَيْء من الْعُلُوم والمعارف الصَّالِحَة ليصلح أَولا نَفسه ويهذبها وَيحصل لَهُ من هَذِه المجاهدة ثَمَرَتهَا الَّتِي هِيَ الْعَدَالَة وَعَلِيهِ أَن يتَمَسَّك بِهَذِهِ التَّذْكِرَة ويجتهد فِي الْقيام بهَا وَالْعَمَل بموجبها وَهِي خَمْسَة عشر بَابا إِيثَار الْحق على الْبَاطِل فِي الِاعْتِقَاد والصدق على الْكَذِب فِي الْأَقْوَال وَالْخَيْر على الشَّرّ فِي الْأَفْعَال وَكَثْرَة الْجِهَاد الدَّائِم لأجل الْحَرْب الدَّائِم بَين الْمَرْء وَنَفسه والتمسك بالشريعة وَلُزُوم وظائفها وَحفظ المواعيد حَتَّى ينجزها وَأول ذَلِك مَا بيني وَبَين الله جلّ وعزّ قلَّة الثِّقَة بِالنَّاسِ بترك الاسترسال محبَّة الْجَمِيل)
لِأَنَّهُ جميل لَا لغير ذَلِك الصمت فِي أَوْقَات حَرَكَة النَّفس للْكَلَام حَتَّى يستشار فِيهِ الْعقل حفظ الْحَال الَّتِي تحصل فِي شَيْء حَتَّى تصير ملكة وَلَا تفْسد بالاسترسال الْإِقْدَام على كل مَا كَانَ صَوَابا الإشفاق على الزَّمَان الَّذِي هُوَ الْعُمر ليستعمل فِي المهم دون غَيره ترك الْخَوْف من الْمَوْت والفقر ليعْمَل مَا يَنْبَغِي وَترك التواني ترك الاكتراث لأهل الشَّرّ والحسد لِئَلَّا يشْتَغل بمقابلتهم وَترك الانفعال لَهُم وَحسن احْتِمَال الْغنى ة الْفقر والكرامة والهون لجِهَة وَجهه ذكر الْمَرَض وَقت الصِّحَّة والهم وَقت السرُور والرضى عِنْد الْغَضَب ليقلّ الطغى وَالْبَغي قُوَّة الأمل وَحسن الرَّجَاء والثقة بِاللَّه عز وَجل وَصرف جَمِيع البال إِلَيْهِ
وَهَذَا ابْن مسكويه مَعْدُود فِي فلاسفة الْإِسْلَام
3 - (أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن يزْدَاد بن رسم أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ الطَّبَرِيّ سكن بغداذ قَالَ الْخَطِيب وحدّث بهَا عَن نصر بن يُوسُف وهَاشِم بن عبد الْعَزِيز صَاحِبي عَليّ بن حَمْزَة الْكسَائي وَله من الْكتب كتاب غَرِيب الْقُرْآن كتاب الْمَقْصُور والممدود كتاب الْمُذكر والمؤنث كتاب صُورَة الْهَمْز كتاب التصريف كتاب النَّحْو وَكَانَ مؤدباً فِي دَار الْوَزير ابْن الْفُرَات وَكَانَ لايوصل إِلَيْهِ إلاّ بالشفاعات والحيل وَكَانَ بَصيرًا بالنحو حاذقاً فِيهِ أَخذ الْقِرَاءَة عَن نصير ابْن يُوسُف أبي الْمُنْذر النَّحْوِيّ(8/74)
3 - (الْوَزير اليزيدي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق أَبُو عبد الله اليزيدي من أهل الْبَصْرَة كَانَ من ذَوي الْيَسَار مَعَ قُوَّة نفس وتهور وإقدام ولي الوزارة للراضي بِاللَّه وَهُوَ بواسط وَخَلفه بالحضرة أَبُو بكر عبد الله بن عَليّ الْبَصْرِيّ ثمّ عزل وَكَانَت مُدَّة وزارته سنة وَاحِدَة وَأَرْبَعَة أشهر وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا ثمَّ ولي الوزارة للمتقي لله فَأَقَامَ بالحضرة مشوّشاً عَلَيْهِ أمره ثمَّ اخْتلف عَلَيْهِ الْجند وحاربوه وكسروه فانحدر مُنْهَزِمًا إِلَى وَاسِط وَكَانَت مُدَّة هَذِه الوزارة أَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ ولي الوزارة للمتقي مرّة ثَانِيَة وَهُوَ بواسط ونفذت إِلَيْهِ الْخلْع واستخلف لَهُ بالحضرة أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن يحيى بن شيرزاد ثمَّ عزل وَكَانَت مُدَّة وزارته خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ إِنَّه جمع العساكر واستنجد بعماد الدولة أبي الْحسن عَليّ بن بويه الديلمي على التغلب على أَعمال خوزستان وَالْبَصْرَة وَلما بلغ بِهِ مَا أَرَادَ فَارقه وَجَرت لَهُ أُمُور وحروب ووقائع يطول)
شرحها وَبعد هَذَا كُله مَاتَ حتف أَنفه قَالَ ابْن عبدون الطّيب قلت لأبي عبد الله اليزيدي وَقد لحقته حمّى خلّط وَاسْتعْمل الْقَيْء فَقَالَ أَي شَيْء أفعل فِي التَّخْلِيط أَكثر مماّ فعلت جلبت الزنج وجمعت التّرْك وأحضرت الديلم ورميت فريقاً بفريق وَضربت جانباً بِجَانِب فَهَل بعد ذَلِك تَخْلِيط وَضحك
وَلأبي عبد الله زنجي الْكَاتِب فِي بني اليزيدي
(رَأَيْت الدّهر يرفع كلّ وغد ... وَلم يَك فِي الْحساب بَنو اليزيدي)
(قرود بالفعال وَلَيْسَ روح ... تخفّ لَهُم كأرواح القرود)
(وَلَو دفنُوا مَعَ الْأَمْوَات حولا ... لما بلّوا الثرى بندى صديد)
وَتُوفِّي الْوَزير فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
3 - (ابْن بكروس الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن أَحْمد بن بكروس أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي بكر ابْن أبي العزّ الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ البغداذي قرا بالروايات على مُحَمَّد بن الْحُسَيْن المزرفي والبارع أبي عبد الله ابْن الدبّاس وَغَيرهمَا وَقَرَأَ الْفِقْه على مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الفّراء وَأبي بكر أَحْمد بن مُحَمَّد الدينَوَرِي وحصّل مِنْهُ طرفا صَالحا وَسمع الحَدِيث الْكثير من الشريف الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَأبي الْغَنَائِم مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُهْتَدي وَهبة الله ابْن مُحَمَّد بن الْحصين وَغَيرهم وحدّث بالسير وَكَانَ كثير الصَّوْم وَالصَّلَاة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة وَأورد لَهُ صَاحب الْمرْآة بَعْدَمَا قَالَ وزوجه جدّي سِتّ الْعلمَاء أكبر بَنَاته(8/75)
(أحبابنا لَا سلمت من الرّدى ... يَمِين من يخون فِي الْيَمين)
(بَكَيْت دمعاً ودماً لبينهم ... وقرحت من أدمعي جفوني)
(مذ رحلوا أحباب قلبِي سحرًا ... فالشوق والتذكار أودعوني)
(فيا غراب بَينهم لَا سترت ... فراخك الأوراق فِي الغصون)
(لَئِن حَلَفت أنّ عيشي بعدهمْ ... صافٍ لقد حنثت فِي يَمِيني)
(فَكيف أَشْكُو وَالْوَفَاء مذهبي ... أم كَيفَ أنسى والوداد ديني)
(قَالُوا وَقد ودّعتهم وأدمعي ... تجْرِي وَخَوف الْبَين يَعْتَرِينِي)
(الصَّبْر أَحْرَى فاصطبر إِن لعبت ... أَيدي النّوى بقلبك المحزون)
)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن أبي عبيد أَبُو عبيد الْعَبْدي الْمُؤَدب الْهَرَوِيّ الفاشاني بِالْفَاءِ صَاحب كتاب الغريبين قَالَ ابْن خلّكان هَذَا هُوَ الْمَنْقُول فِي نسبه وَرَأَيْت على ظهر كتاب الغريبين أَنه أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَالله أعلم قلت وَكَذَا أثْبته ياقوت فِي مُعْجم الأدباء كَانَ من الْعلمَاء الأكابر وَمَا قصّر فِي كِتَابَة الْمَذْكُور كَانَ يصحب أَبَا مَنْصُور الْأَزْهَرِي وَيُقَال إِنَّه كَانَ يحب البذة ويتناول فِي الْخلْوَة ويعاشر أهل الْأَدَب فِي مجَالِس اللَّذَّة والطرب عَفا الله عَنَّا وَعنهُ وَأَشَارَ الباخرزي فِي تَرْجَمَة بعض أدباء خُرَاسَان إِلَى ذَلِك ذكره ابْن الصّلاح فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة واشتغل على الْخطابِيّ أَيْضا وَله كتاب وُلَاة هراة وَكتابه فِي الغريبين جيد إِلَى الْغَايَة وَرَوَاهُ عَنهُ أَبُو عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد المليحي وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الأردستاني وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَخُو الْغَزالِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الطوسي الْغَزالِيّ مجد الدّين أَخُو حجَّة الْإِسْلَام أبي حَامِد الْغَزالِيّ كَانَ واعظاً مليح الْوَعْظ حسن المنظر صَاحب كرامات وإرشارات وَكَانَ من الْفُقَهَاء خلا أَنه مَال إِلَى الْوَعْظ فغلب عَلَيْهِ ودرَّس بالنظامية عَن أَخِيه لما ترك التدريس وَاخْتصرَ كتاب الْإِحْيَاء فِي مجلّدة وَسَماهُ لباب الْإِحْيَاء وَله الذَّخِيرَة فِي علم البصيرة طَاف الْبِلَاد وخدم الصُّوفِيَّة بِنَفسِهِ وَكَانَ يمِيل للانقطاع وَالْعُزْلَة ولّما قَرَأَ الْمُقْرِئ فِي(8/76)
بعض مجَالِس وعظه قَوْله تَعَالَى يَا عبَادي الّذين أَسْرفُوا على أنفسهم قَالَ شرفهم بياء الْإِضَافَة إِلَى نَفسه بقوله يَا عبَادي ثمَّ أنْشد
(وَهَان علّي اللّوم فِي جنب حبّها ... وَقَول الأعادي إِنَّه لخليع)
(أَصمّ إِذا نوديت باسمي وإنّني ... إِذا قيل لي يَا عَبدهَا لسميع)
قَالَ ابْن خلكان يشبه قَول الْقَائِل
(لَا تدعني إلاّ بيا عَبدهَا ... لِأَنَّهُ أشرف أسمائي)
وَلما ذكر آدم وَأَنه وهب لِابْنِهِ دَاوُد عمرا ثمّ جَحده قَالَ جَاءَهُ ملك الْمَوْت فتمنّع وكأنَّ لِسَان الْحَال خَاطب الرّوح أَنْت الَّتِي نحت على نَفسك لّما أمرت بِالدُّخُولِ فِي هَذَا الْجَسَد وَقلت بَيت)
مظلم مستقذرٌ فَمَا الَّذِي يصعب عَلَيْك من الْخُرُوج عَنهُ فَكَأَنَّهَا أجابت بِلِسَان الْحَال
(نزلنَا كارهين لَهَا فلمّا ... ألفناها خرجنَا مكرهينا)
(وَمَا حبُّ الديار بِنَا وَلَكِن ... أَمر الْعَيْش فرقة من هوينا)
وَسُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى فِي قَول الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ أولم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن ليطمئنَّ قلبِي وَقَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ لَو كشف الغطاء مَا ازددت يَقِينا
فَقَالَ الْيَقِين يتَصَوَّر عَلَيْهِ الْجُحُود والطمأنينة لَا يتَصَوَّر عَلَيْهَا الْجُحُود قَالَ الله تَعَالَى وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم وَسُئِلَ عَن آدم وإبليس فَقَالَ لم يدر ذَلِك الْمِسْكِين أَن أظافر الْقَضَاء إِذا حكّت أدمت وقسي الْقدر إِذا رمت أصمت وَأنْشد
(وَكنت وليلى فِي صعودٍ من الْهوى ... فلّما توافينا ثبتّ وزلّت)
وَجَاء فِي كَلَامه من كَانَ فِي الله تلفه كَانَ علّي خَلفه وَقَالَ قيل إِن بعض العشاق كَانَ مشغوفاً بجميل وَكَانَ ذَلِك الْجَمِيل مُوَافقا لَهُ فاتفق أَنه جَاءَهُ يَوْمًا بكرَة وَقَالَ لَهُ أنظر إِلَى وَجْهي فَأَنا الْيَوْم أحسن من كلّ يَوْم فَقَالَ لَهُ وَكَيف ذَلِك فَقَالَ نظرت فِي الْمرْآة فَرَأَيْت وَجْهي فاستحسنته فَأَرَدْت أَن تنظر إِلَيْهِ فَقَالَ بعد أَن نظرت إِلَى وَجهك قبلي لَا تصلح لي
وَمن شعره
(أَتَانِي الحبيب بِلَا موعدٍ ... فأخلق خلق الورى بِالْكَرمِ)
(أعَاد الْوِصَال وعادى الْفِرَاق ... فحقَّ التَّلاف وَزَالَ التهم)
(فَمَا زلت أرتع روض المنى ... كَمَا كنت أَقرع سنّ النَّدَم)
وَمِنْه
(أَنا صبٌّ مستهام ... وهموم لي عِظَام)(8/77)
(طَال ليلِي دون صحبي ... سهرت عَيْني وناموا)
(أرقت عَيْني لبرقٍ ... فشربناها وصاموا)
(بِي غليل وعليل ... وغريم وغرام)
(ففؤادي لحبيبي ... وَدمِي لَيْسَ حرَام)
(ثمّ عرضي لعذولي ... أمّة الْعِشْق كرام)
قَالَ محب الدّين ابْن النجار أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مَحْمُود الشذباني بهراة قَالَ سَمِعت أَبَا سعد)
ابْن السَّمْعَانِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن هبة الله بن يُوسُف الصُّوفِي يَقُول خرج أَحْمد الغزال المحّول وحرجنا مَعَه فَرَكبْنَا إِلَى الْبَسَاتِين والنواعير الَّتِي على الْفُرَات فَوقف عِنْد ناعورة تئنُّ أَنِين المصابة فطاب وقته وَأخذ الطيلسان من رَأسه ورماه على الناعورة وأدارها المَاء وَصَارَ نتفةً نتفةً انْتهى
وعظ فِي دَار السُّلْطَان مَحْمُود فَأعْطَاهُ ألف دِينَار فَلَمَّا خرج رأى فرس الْوَزير فَرَكبهُ فَقَالَ دَعوه وَلَا يُعَاد قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد رمي بأَشْيَاء صدرت مِنْهُ تخَالف الطَّرِيق قَالَ ابْن طَاهِر كَانَ لايرجع إِلَى دينٍ وَقَالَ مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي كَانَ آيَة فِي الْكَذِب وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ يتعصب لإبليس وشاع أَنه يَقُول بِالشَّاهِدِ وَينظر إِلَى المرد ويجالسهم وَكَانَ لَهُ مَمْلُوك تركي وَقَالَ السَّمْعَانِيّ كَانَ مليح الْوَعْظ حُلْو الْكَلَام حسن المنظر قَادِرًا على التَّصَرُّف توفّي سنة عشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو نصر الأقطع الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو نصر الأقطع الْفَقِيه الْحَنَفِيّ البغداذي درس الْفِقْه على أبي الْحُسَيْن ابْن الْقَدُورِيّ حَتَّى برع فِيهِ وأتقن الْحساب وَمَال إِلَى حدثٍ فظهرت سَرقه على الْحَدث فاتهم بِأَنَّهُ شَاركهُ فِيهَا فَقطعت يَده الْيُسْرَى وَخرج من بغداذ إِلَى الأهواز وَأقَام برام هُرْمُز وَشرح مُخْتَصر الْقَدُورِيّ شرحاً حسنا وَكَانَ يدرس هُنَاكَ إِلَى أَن توفّي سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن سميكة الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن بن يحيى بن عبد الْجَبَّار بن سميكة الشَّافِعِي أَبُو نصر ابْن طَالب البغداذي من أَوْلَاد المحدّثين كَانَ أحد وكلاء الْمُقْتَدِي على الطَّعَام سمع الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وحدّث باليسير توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (القَاضِي أَبُو مَنْصُور الصّباغ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن الصّباغ أَبُو مَنْصُور الْفَقِيه درس الْفِقْه على عَمه أبي نصر عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد وعَلى القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَكَانَ يَنُوب عَن القَاضِي أبي مُحَمَّد الدَّامغَانِي بِربع الكرخ وَولي الْحِسْبَة بالجانب(8/78)
الغربي وَكَانَ فَقِيها حَافِظًا للْمَذْهَب فَاضلا متدّيناً يَصُوم الدَّهْر وَيكثر الصَّلَاة سمع الحَدِيث من القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَمُحَمّد بن أَحْمد الآبنوسي وَأبي يعلى مُحَمَّد بن الفرّاء وَأحمد بن)
مُحَمَّد بن ساوش وَأحمد بن مُحَمَّد بن النقور وَعلي بن أَحْمد البشري وَغَيرهم وَسمع بأصبهان سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الْحَافِظ وغانم بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد وَالْحسن بن أَحْمد الْحداد وَسمع مِنْهُ الحافظان أَحْمد بن ثَابت الطرقي وَأَبُو نصر الْحسن بن مُحَمَّد اليونارتي بأصبهان وَأَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي وروى عَنهُ من أهل بغداذ أَبُو المعمر الْأنْصَارِيّ وَأَبُو الْحسن ابْن الخلّ الْفَقِيه وَله مصنفات ومجموعات حَسَنَة وَكَانَ خطه رديئاً توفّي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن النَّقِيب البغداذي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النَّقِيب الشهرستاني أَبُو الْعَبَّاس ولد بتكريت وَنَشَأ بهَا وَقدم بغداذ وتفقه بهَا على الْمَذْهَب الشَّافِعِي وَقَرَأَ النَّحْو واللغة على أبي مَنْصُور ابْن الجواليقي وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وحدّث ذكر كَمَال الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سعيد الْأَنْبَارِي النَّحْوِيّ أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فتيا فَقِيه الْعَرَب لِابْنِ فَارس سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَولي الْحِسْبَة ببغداذ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَحسنت سيرته وَكَانَ أديباً فَاضلا لَهُ نظم جيد ومصنفات وَمن نظمه قَوْله
(يَا من لَهُ الدّنيا مَعَ الْآخِرَه ... لم أجد شخصا أَمينا)
(وانتهت حَالي إِلَى أَن ... صرت للبيت خدينا)
(أمدح الْوحدَة حينا ... وأذمّ الْجمع حينا)
(إنّما السّالم من لم ... يتّخذ خلقا قرينا)
3 - (أَبُو الْعَبَّاس السَّرخسِيّ الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السَّرخسِيّ الوزيري أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي بكر الْفَقِيه الْحَنَفِيّ البغداذي كَانَ يخْدم لقَاضِي الْقُضَاة أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الزَّيْنَبِي سمع الشريفين أَبَا نصرٍ مُحَمَّدًا وَأَبا الفوارس طراداً ابْني مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعد ابْن السَّمْعَانِيّ توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس العباسي الحويزي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان أَبُو الْعَبَّاس العباسي من أهل الحويزة من خوزستان قدم بغداذ وتفقه بالنظاميه وَكَانَت لَهُ معرفَة بالأدب ونقول واختص بالديوان ورتّب نَاظرا فِي الْأَعْمَال وعلت مَنْزِلَته وظلم النَّاس وتعدّى وارتكب العظائم(8/79)
وَكَانَ مَعَ ذَلِك عابداً قَانِتًا متهجّداً)
كثير الْبكاء والخشوع والأوراد وَرُبمَا أَتَاهُ الأعوان فَقَالُوا إنّ فلَانا ضَرَبْنَاهُ ضربا عَظِيما وَلم يحمل شَيْئا وَهُوَ عَاجز فيبكي وَيَقُول ياسبحان الله قطعْتُمْ علّي وردي واصلو عَلَيْهِ الضَّرْب ثمَّ يعود إِلَى ورده وَلَا يخون فِي مَال الدولة حَتَّى فِي الشَّيْء الْيَسِير هجم عَلَيْهِ الْحمام ثَلَاثَة من الشراة فقطّعوه بِالسَّيْفِ وَمن شَره
(إِن أعر من طلّ وَمن تهتان ... فلأنّني فَوق السَّحَاب مَكَاني)
(ألفت مزاحمة الْكَوَاكِب همّتي ... فبليلها بدد من الشّهبان)
(سدك التغرّب بِي فَقلت لصاحبي ... إنّ العلى تقصى عَن الأوطان)
(أوما ترى الْبيض المؤلّلة الظّبي ... ينكسن مهما دمن الأجفان)
وَمِنْه قَوْله من قصيدة مدح بهَا الْوَزير أَبَا عَليّ ابْن صَدَقَة
(أَحْبَبْت ريّا طامعاً فِي ريّها ... فكرعت مِنْهَا فِي رياض هيام)
(قد جرت إِذْ قسّمت مِنْك حظوظنا ... أعزز بِهَذَا الجائر القسّام)
(كلّ يُنَازعنِي دعاوي ودّكم ... فعلام أفرد فِي ضنىً وغرام)
(نسبوا بكم ونسبت إلآّ أَنكُمْ ... سويتم المنطيق بالتمتام)
(وخلطتم سور الْكتاب بِبَعْضِهَا ... فجعلتم الشُّعَرَاء فِي الْأَنْعَام)
مِنْهَا
(خير الْأَنَام يسوس خير وزارةٍ ... فِي خير أَيَّام لخير إِمَام)
(يابحر أفسدت العفاة على الورى ... هَيْهَات أَن يرْضوا بصوب غمام)
(شاموا بِوَجْهِك غير برقٍ خلّبٍ ... واستمطروا بيديك غير جهام)
(لَا افترّ مِنْك الدست عَن عدمٍ وَلَا ... شابت لديك ذوائب الأقلام)
وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة مدائح فِي عَمه الْعَزِيز مِنْهَا قَوْله
(الصبُّ مغلوب على آرائه ... فهبوه معشر عاذليه لدائه)
(وَمَتى يرجّي اللائمون سلوّه ... باللوم وَهُوَ يزِيد فِي إغرائه)
(والعذل كالنّفس الضَّعِيف بعثته ... يطفي الضرام فجدّ فِي إذكائه)
(مَا كنت أبخل بالفؤاد على لظًى ... لَوْلَا حبيب حلّ فِي حوبائه)
(وَلَقَد سكنت إِلَى مصاحبة الضنّى ... لما حمدت إِلَيْهِ حسن وفائه)
)
(وسلبت من ظمأ المطامع نُطْفَة ... فِي الْوَجْه قد حبست على إروائه)
(أَيْن الْخَلِيل فَمَا أرى إلاّ الَّذِي ... إِن برّ أعقب برّه بجفائه)
(ولربّ خلٍّ كَانَ قبل بُلُوغه ... أقْصَى العلى حدباً على خلطائه)(8/80)
(وكذلكم قرص الغزالة كلّما ... يَعْلُو يكفُّ علاهُ من أفيائه)
(إنّي يهشّمني أذلّ عشيرتي ... وكذاك روض الحيّ أَكلَة شائه)
(فضل الَّذِي يجني علّي وربّما ... ضحك الْفَتى أفْضى إِلَى إبكائه)
(ولربّ ذِي قدرٍ يفاق بخاملٍ ... كالبحر يعلى مَاؤُهُ بغثائه)
(أَنا للعلى كالزَّند إِن مارسته ... بدرت إِلَيْك النّار من أنحائه)
(دلّ الجهول على أذاي تحمّلي ... كَالْمَاءِ دلّ على القذى بصفائه)
(والحلم ينفع ربّه لكنّه ... إِن زَاد حدّاً زَاد قي إيذائه)
(كالنور يهدي الطّرف معتضد السنا ... وَمَتى يزدْ ينْهض إِلَى إعشائه)
(ياخلّتي عطفا علّي فإنني ... ممّن يفدّي داءه بشفائه)
(وَلَقَد عرفت بكم كَمَا عرف السّهى ... ببنات نعشٍ فِي نقاب خفائه)
(إنّي أضرَّ بِي الزّمان وريبه ... بِأبي فتّى يعدي على ضرّائه)
(فعلت نوائبه بحرّ تجلّدي ... فعل الْعَزِيز لَدَى الندى بثرائه)
قلت شعر جيد وأمثال صَحِيحَة التخيل
وَكَانَ الحويزيّ من نهر يُقَال لَهُ نهر الْعَبَّاس فَلذَلِك سمي العباسي وَلابْن الْفضل فِيهِ
(أمّا الحويزيّ الدعُّي فإنّه ... نذل يشوب رقاعةً بتكبّر)
(يكنى أَبَا الْعَبَّاس وَهُوَ بصورةٍ ... حكمت عَلَيْهِ وأسجلت بمعمّر)
(فِي كفّ وَالِده وَفِي أَظْفَاره ... آثَار نيلٍ لَا تزَال وعصفر)
(وَإِذا رأى الفرجيل رعّد خيفةً ... ذِي الهاشمّية أَصْلهَا من خَيْبَر)
(نسب إِلَى الْعَبَّاس لَيْسَ شبيهه ... فِي الضعْف غير الباقلاء الْأَخْضَر)
وَلما أخرج الحويزي ليدفن ضرب النَّاس تابوته بالآجرّ وَلَو لم يكن الأستاذدرا مَعَه أحرق تابوته
3 - (ابْن الدباس)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبيد الله ابْن الْوَزير الْقَاسِم ابْن الْوَزير عبيد الله ابْن الْوَزير سُلَيْمَان بن وهب بن سعيد أَبُو المحاسن ابْن أبي نصر الْمَعْرُوف بِابْن الدّباس من أَرْبَاب الْبيُوت الْكِبَار كَانَ أديباً فَاضلا يَقُول الشّعْر قعد بِهِ الزَّمَان حَتَّى صَار يورّق للنَّاس بِالْأُجْرَةِ سمع النَّقِيب أَبَا الفوارس طرّاداً الزَّيْنَبِي وَابْن البطر وَالْحُسَيْن بن أَحْمد النّعالي وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(وَمَا نفس إلاّ ينَال حشاشتي ... تردّده لَا يستبين حَسِيسهَا)(8/81)
(بأرواح من تذكارها بعد هجعةً ... وَقد أدنت الإحلام مني أنيسها)
(تحثّ جيوش الْفِكر فِي الصَّدْر تقتفي ... لميّة آثاراً بقلبي طروسها)
(فَلَا تنسني يَا ربّ مَا عِشْت ذكرهَا ... إِلَى أَن تدير الدائرات كؤوسها)
3 - (أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْفراء الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن خلف الْفراء الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي حَازِم ابْن القَاضِي أبي يعلى البغداذي من بَيت الْقَضَاء وَالْعَدَالَة وَالْعلم وَالرِّوَايَة وتقدّم ذكر جمَاعَة من بَيته سمع فِي صباه سعيد بن أَحْمد بن البنّاء وَمُحَمّد بن عبيد الزَّاغُونِيّ وَأَبا الْوَقْت عبد الأول السَّجزي وَسمع بِنَفسِهِ من جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة
3 - (تَاج الدّين ابْن المغيزل الْحَمَوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله تَاج الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْعَبْدي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن المغيزل ولد سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة وَسمع ابْن رَوَاحَة وَمَات بحماة وَكَانَ فَقِيها مفتياً مدرّساً ولي مشيخة الشُّيُوخ بحماة ودّرس بالعصرونية وَدخل بغداذ وناظر بهَا وَأكْرم مورده وَكَانَ فِيهِ ديانَة وَعبادَة وَخير ومهابة وورع ترك المناصب لأولاده واشتغل بِنَفسِهِ وَأَوْلَاده زين الدّين وفخر الدّين وناصر الدّين توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (زين الدّين ابْن المغيزل)
أَحْمد بن مُحَمَّد ين مُحَمَّد بن زين الدّين ابْن المغيزل الْحَمَوِيّ الْخَطِيب أَبُو عبد الله ابْن الشَّيْخ تَاج الدّين خطيب الْجَامِع الْأَسْفَل سمع من شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين عبد الْعَزِيز وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة)
3 - (ابْن مَيْمُون الْمَالِكِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُبَيْدَة الْأمَوِي الطليطلي يعرف بِابْن مَيْمُون صَاحب أبي إِسْحَاق ابْن شنظبر وَنَظِيره فِي الْجمع والإكثار والملازمة مَعًا وهما الصاحبان كَانَ حَافِظًا لرأي مَالك دَقِيق الذِّهْن فِي جَمِيع الْعُلُوم مَحْمُودًا محبوباً مَعَ الزّهْد وَالْفضل وَكتبه وَكتب صَاحبه بطليطلة أصحّ الْكتب توفّي سنة أَرْبَعمِائَة
3 - (شهَاب الدّين ابْن البغداذي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ ين الننبنونين مشددتينشهاب الدّين ابْن محيي الدّين البغداذي هُوَ وَالِد محيي الدّين الكحّال ابْن البغداذي من شعره أنشدنيه الْحَافِظ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس
(قد رَأينَا الذّهاب لَا شكّ فِيهِ ... فَعَن الْعود بعده خبَّراني)
أتعاد الْأَرْوَاح لَا الْجِسْم أم بِالْعَكْسِ أم لَا رُجُوع أم يرجعان
3 - (ابْن خَوْلَة الغرناطي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن أَبُو جَعْفَر الّسَلمي الغرناطي القصري الْمَعْرُوف بِابْن خَوْلَة رَحل وَسمع بالعراق وَفَارِس وكرمان وَدخل(8/82)
الْهِنْد وبخارى وَسكن هراة وَأقَام بهَا إِلَى أَن دَخلهَا التتار بِالسَّيْفِ فاستشهد وَكَانَ شَاعِرًا امتدح الْمُلُوك ونال الدُّنْيَا وَسمع الْكثير ورافق الحفّاظ وَتُوفِّي سنة ثَمَانِي عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره قَوْله
3 - (أَبُو ذَر الباغندي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حريّ أَبُو ذّر الباغندي توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (جمال الدّين ابْن القلانسي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي وَكيل بَيت المَال وقاضي الْعَسْكَر ومدّرس الأمينية والظاهرية وَكَاتب توقيع فِي الدست كَانَ صَدرا نبيلاً مليح الشكل روى عَن ابْن البُخَارِيّ وَبنت مكي وَأذن لجَماعَة فِي الْإِفْتَاء عَاشَ نيفاً وَسِتِّينَ سنة وَهُوَ أحد الْأُخوة وَسَيَأْتِي ذكر أَخَوَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وبلغتنا وَفَاته وَنحن على حمص صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام فِي الصَّيْد فَكتب بوظائفه لِأَخِيهِ)
القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن القلانسي وكتبت من حمص لِابْنِهِ القَاضِي أَمِين الدّين الموقَّع أعزّيه فِي وَالِده رَحمَه الله تَعَالَى بنظم ونثر وأوّل القصيدة
(أيُّ خطبٍ أصمى الحشا بنباله ... حِين رَاع الْوُجُود فقد جماله)
(يَا لدمع الْغَمَام ينهلُّ حزنا ... ولنوح الْحمام من فَوق ضاله)
(أسعداني فإنّ خطبي جليل ... وَأَعْيُنًا من لم تَكُونَا بِحَالهِ)
مِنْهَا كَيفَ لايظلم الْوُجُود لمن كَانَ الثريّا مَعْدُودَة فِي نعاله
(وَإِذا مَا النسيم أهْدى عبيراً ... فتَش الطّيب تلقه من خلاله)
(وَإِذا مَا احتبى بِمَجْلِس حفلٍ ... أطرق الْقَوْم هَيْبَة من جَلَاله)
يَا جمالاً مضى فأورث وَجه الدَّهْر قبحاً لّما ارتضى بزواله
(ولعمري مَا غَابَ لَيْث تقضّى ... وَحمى غابه بقا أشباله)
(أيّ شبلٍ أبقيت إِذْ سرت عنّا ... صبره للخطوب من أحماله)
(وَهُوَ عِنْد الْمُلُوك خير أمينٍ ... قد سما فِي الورى بفقد مِثَاله)(8/83)
(وَإِذا أتحف الأعادي بدرجٍ ... كَانَ قطع الْأَعْمَار فِي أوصاله)
أَيهَا الْفَاضِل الْمُهَذّب لَا تجزع لذاك الْخَلِيل عِنْد انْتِقَاله
(كلُّنا فِي الْمُصَاب رهن التأسي ... بِالنَّبِيِّ الْكَرِيم والغرَّ آله)
3 - (كَمَال الدّين ابْن الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله الشَّيْخ الإِمَام الْمُفْتِي كَمَال الدّين أَبُو الْقَاسِم ابْن الصَّدْر الْكَبِير عماد الدّين ابْن القَاضِي الْكَبِير شمس الدّين أبي نصر ابْن الشِّيرَازِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي
ولد سنة سبعين وسِتمِائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وتفقه بالشيخ تَاج الدّين الْفَزارِيّ وَالشَّيْخ زين الدّين الفارقي وَأخذ الْأُصُول عَن الشَّيْخ صفي الدّين الْهِنْدِيّ وَسمع من الْفَخر علّي ووالده وَغَيرهمَا وَحفظ كتاب الْمُزنِيّ وتميز وبرع ودرّس بالباذرائية فِي وَقت وبالشامية الْكُبْرَى ثمَّ اسْتمرّ يدرّس بالناصرية مُدَّة وَذكر لقَضَاء الشَّام وَكَانَ خيّراً متواضعاً حميد النشأة خَبِيرا بالأمور أثنى عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة وَابْن الحريري وَقَالا يصلح للْقَضَاء وَكَانَ بديع الْخط وَفِيه سُكُون وحياء حاققه مرّة ابْن جملَة بِحَضْرَة)
الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَأَرَادَ مناظرته فتألم لذَلِك وَترك السَّعْي فِي الشامية وَلما مَاتَ دفن بتربتهم
3 - (الخوافي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مظفر الخوافي الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ أنظر أهل زَمَانه تفقه على إِمَام الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيّ وَصَارَ أوجه تلامذته وَولي الْقَضَاء بطوس وَكَانَ مَشْهُورا بِحسن المناظرة وإفحام الْخُصُوم وَهُوَ رَفِيق أبي حَامِد الْغَزالِيّ فِي الِاشْتِغَال ورزق الْغَزالِيّ السَّعَادَة فِي التصانيف ورزق الخوافي السَّعَادَة فِي مناظراته وَتُوفِّي سنة خَمْسمِائَة
3 - (نَاصِر الدّين ابْن المنّير)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن الْقَاسِم بن مُخْتَار القَاضِي نَاصِر الدّين ابْن الْمُنِير الجذامي الجروي الإسْكَنْدراني قَاضِي الاسكندرية وعالمها وأخو زين الدّين عَليّ ولد سنة عشْرين وسِتمِائَة كَانَ مَعَ علومه لَهُ الْيَد الطُّولى فِي الْأَدَب وفنونه وَله مصنفات مفيدة وَتَفْسِير نَفِيس وَهُوَ سبط الصاحب نجيب الدّين أَحْمد بن فَارس فالشيخ كَمَال الدّين بن(8/84)
فَارس شيخ الْقُرَّاء خَاله وَقد سمع الحَدِيث من أَبِيه وَمن يُوسُف ابْن المخيلي وَابْن رواج وَغَيرهم وَكَانَ لَا يناظر تَعْظِيمًا لفضيلته بل تورد الأسولة بَين يَدَيْهِ ثمَّ يسمع مَا يُجيب فِيهَا
وَله تأليف على تراجم صَحِيح البُخَارِيّ وَولي قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة وخطابتها مرَّتَيْنِ ودرّس بعدة مدارس وَقيل إِن الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام كَانَ يَقُول ديار مصر تفتخر برجلَيْن فِي طرفيها ابْن الْمُنِير بالإسكندرية وَابْن دَقِيق الْعِيد بقوص وكنيته أَبُو الْعَبَّاس ابْن الإِمَام الْعدْل وجيه الدّين أبي الْمَعَالِي ابْن أبي عَليّ وَله ديوَان حطب وَتَفْسِير حَدِيث الْإِسْرَاء فِي مُجَلد على طَريقَة الْمُتَكَلِّمين لَا على طَريقَة السّلف وَتُوفِّي فِي مستهل ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بالثغر وَكتب إِلَى الفائزي يسْأَله رفع التصقيع عَن الثغر
(إِذا اعتلَّ الزَّمَان فمنك يَرْجُو ... بَنو الأيّام عَاقِبَة الشّفاء)
(وَإِن ينزل بِسَاحَتِهِمْ قَضَاء ... فَأَنت اللطف فِي ذَاك الْقَضَاء)
وَقَالَ فِي من نازعه الحكم
(قل لمن يَبْتَغِي المناصب بالجه ... ل تنحّى عَنْهَا لمن هُوَ أعلم)
(إِن تكن فِي ربيع ولّيت يَوْمًا ... فَعَلَيْك الْقَضَاء أَمْسَى محرّم)
)
وَكتب إِلَى قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلّكان لَيْسَ شمس الضُّحَى كأوصاف شمس الدّين قَاضِي الْقُضَاة حاشاً وكلاّ تِلْكَ مهما علت محلا ثنت ظلاً وَهَذَا وَمهما علا زَاد ظلاّ وَفِي نَاصِر الدّين ابْن الْمُنِير يَقُول أَبُو الْحُسَيْن الجزّار
(قد اعْتبرت البرايا ... فتوّةً وفتاوي)
(فَمنهمْ من يُسَاوِي ... شَيْئا وَمن لَا يُسَاوِي)
(هم كالدارهم فِيهَا ... محَاسِن ومساوي)
(من لم يكن ناصرياً ... فَإِنَّهُ عكّاوي)
وَقَالَ ابْن الْمُنِير يمدح الفائزي ويسأله أَن يستنيبه عَنهُ فِي الْخمس بالثغر
(أَلا أيّها الْبَدْر الْمُنِير وإنّني ... لأخجل إِن شبّهت وَجهك بالبدر)
(لَئِن غبت عَن عَيْني وشطّت بك النَّوَى ... فَمَا زلت أستجليك بالوهم فِي فكري)
(وحقَّ زمانٍ مرَّ لي بطويلعٍ ... وَأَنت معي مَا سرَّ بعدكم سرّي)
مِنْهَا
(وَيَا سيدّاً تَأتي الْوُفُود لبابه ... فَتَلقاهُمْ بالبشر والنائل الْغمر)
(وَيَا من لَهُ فِي الْجُود ضرب بلاغةٍ ... تقَابل منظوم المدائح بالنّثر)
(مَتى مَا أَقمت العَبْد فِي الْخمس نَائِبا ... غَدا مستقلاًّ بِالدُّعَاءِ وبالشكر)(8/85)
وَفِي ابْن مُنِير يَقُول الْبُرْهَان الغزولي
(أَقُول لخلًّ قد غَدا متكبّراً ... علّي ترفّق إِنَّنِي مِنْك أكبر)
(وَإِن كنت فِي شكّ فعندي دَلِيله ... بِأَنِّي غزولي وَأَنت منيّر)
وَفِيه يَقُول أَيْضا وَقد قطع جواري المتصدّرين
(أَلا يَا ابْن الْمُنِير لَا تدار ... فذنبك لَيْسَ يمحى باعتذار)
(لبست ثِيَاب لؤمٍ عَنْك شفّت ... وَمن يكسى ثِيَاب الْعَار عارِ)
(قوي حبُّ العبيد عَلَيْك حَتَّى ... أَرَاك سعيت فِي قطع الْجَوَارِي)
3 - (مرْدَوَيْه السمسار)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى الَسمسار الْمروزِي روى عَنهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَكَانَ)
مكثراً عَن ابْن الْمُبَارك وَيعرف بمردويه وَرُبمَا قيل فِيهِ أَحْمد بن مُوسَى توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْعَبَّاس)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْعَبَّاس أَبُو مُحَمَّد ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي المنتظم وَقَالَ كَانَ معنياً بِأَمْر الْأَخْبَار وَطلب التواريخ وَولي حسبَة سوق الدَّقِيق وَكتب عَنهُ وَمَات سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (ابْن الصَّلْت الْمُجبر)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْقَاسِم بن الصَّلْت الْعَبدَرِي البغداذي أَبُو الْحسن الْمُجبر سمع وروى قَالَ الْخَطِيب شل البرقاني وَأَنا أسمع عَن ابْن الصَّلْت الْمُجبر فَقَالَ ابْنا الصَّلْت ضعيفان توفّي سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن لَقِيط الرَّازِيّ الأندلسي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن بشير بن جناد بن لَقِيط الرَّازِيّ الأندلسي أَصله من الرّيّ ذكره أَبُو نصر الْحميدِي وَقَالَ لَهُ كتاب فِي أَخْبَار مُلُوك الأندلس وكتّابهم وخططها على نَحْو كتاب أَحْمد بن طَاهِر فِي أَخْبَار بغداذ وَكتاب فِي أَنْسَاب مشاهير أهل الأندلس فِي خمس مجلدات ضخم من أحسن كتاب وأوسعه كتاب تَارِيخه الْأَوْسَط كَنَابِ تَارِيخه الْأَصْغَر وَقَالَ ابْن الفرضي أَصله رازي قدم أَبوهُ على الإِمَام مُحَمَّد(8/86)
وَكَانَ أَبوهُ من أهل اللسن والخطابة وَولد أَحْمد هَذَا بالأندلس سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الْوَزير ابْن الْفُرَات)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْفُرَات أَبُو الْعَبَّاس أَخُو الْوَزير أبي الْحسن علّي وَهُوَ الْأَكْبَر
كَانَ أكتب أهل زَمَانه وَأَحْسَنهمْ حَالا فِي تَنْفِيذ الْأُمُور والأعمال وأعلمهم بالدنيا ومبلغ ارتفاعها حَتَّى وَقع الْإِجْمَاع عَلَيْهِ وَكَانَ أحسن النَّاس حفظا لكل شَيْء من سَائِر الْعُلُوم والآداب وَكَانَ قد وظّف على نَفسه فَيقوم من مَجْلِسه كثيرا إِلَى بَيت لَهُ فِيهِ دفاتر الْعُلُوم فَينْظر فِيهَا ويدرس
وَكَانَ أعلم النَّاس بالفقه على سَائِر الْمذَاهب وَلما قدم الْوَزير عبيد الله ابْن سُلَيْمَان من الْجَبَل أَيَّام المعتضد صَار إِلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس وَأَبُو الْحسن ابْنا الْفُرَات فِي عشّي يَوْم فوجداه يُمَيّز أعمالاً وكتباً وَبَين يَدَيْهِ كانون عَظِيم يحرق فِيهِ مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَدفع إِلَى أبي الْعَبَّاس إضبارة)
ضخمة وَقَالَ هَذِه يَا أَبَا الْعَبَّاس رفائع وسعايات بك وبأخيك من أسبابكما وثقاتكما وصنائعكما وَردت علّي بِالْجَبَلِ فخبأتها لَك لتعرف بهَا من يَبْتَغِي أَن تحترس مِنْهُ وتقابل كلّ أحد بِمَا يسْتَحقّهُ فَأكْثر أَبُو الْعَبَّاس فِي شكره وَالدُّعَاء لَهُ وَبَدَأَ أَبُو الْحسن فَقَرَأَ شَيْئا من الإضبارة فانتهزه أَبُو الْعَبَّاس وَقَالَ لَا تقْرَأ شَيْئا مِنْهَا وَأَخذهَا فطرحها فِي الكانون وَقَالَ مَا كنت لأقابل نعْمَة الله علّي بِمَا وهبه لي من تفضل الْوَزير بِمَا يُوجب الْإِسَاءَة إِلَى أحد وَلَا حَاجَة بِي إِلَى قِرَاءَة مَا يوحشني من أسبابي ويّجر عَلَيْهِم إساءة مني فَلَمَّا نهضا قَالَ عبيد الله بن سُلَيْمَان أردْت التفّرد بمكرمة فَسَبَقَنِي أَبُو الْعَبَّاس إِلَيْهَا وَزَاد فِيهَا
وَحضر عِنْده فِي بعض الْأَيَّام عدَّة مغنياتٍ وغنّت إِحْدَاهُنَّ لأبي الْعَتَاهِيَة
(أخلاّي بِي شجو وَلَيْسَ بكم شجو ... وكلّ فَتى من شجو صَاحبه خلو)
(رَأَيْت الْهوى جمر الغضا غير أَنه ... على حرّه فِي حلق ذائقه حُلْو)
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس هَذَا خطأ وَإِنَّمَا يجب أَن يكون الْبَارِد ضدّ الْحَار والحلو ضدّ المرّ فَقيل لَهُ فَكيف كَانَ يجب أَن يَقُول قَالَ يَقُول
(غَدَوْت على شجو وَرَاح بِي الشجو ... وكلّ فتّى من شجو صَاحبه خلو)
(وباكرني العذّال يلحون فِي الْهوى ... ومرّ الْهوى فِي حلق ذائقه حُلْو)
وَمن شعره
(أَلا لَيْت شعري هَل تنفّست حسرةً ... كأنفاسي اللَّاتِي تقدّ الحشا قدّا)
(وَهل بتَّ فِي ليلِي كَمَا بتّ ساهراً ... أعدّ نُجُوم اللَّيْل من أجلكم عدّا)
توفّي سنة وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ(8/87)
3 - (ابْن العريف الأندلسي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عَطاء الله الصنهاجي الأندلسي المرّبي الْمَعْرُوف بِابْن العريف
كَانَ من كبار الْعلمَاء الصَّالِحين والأولياء المتورعين وَله المناقب الْمَشْهُورَة وَله كتاب الْمجَالِس وَغَيره من الْكتب الْمُتَعَلّقَة بطرِيق الْقَوْم وَبَينه وَبَين القَاضِي عِيَاض بن مُوسَى مكاتبات وَكَانَ عِنْده مُشَاركَة فِي أَشْيَاء من الْعُلُوم وعناية بالقراءات وَجمع للروايات واهتمام بطرقها وَحملهَا
وَكَانَ الْعباد والزهاد يألفونه ويحمدون صحبته قَالَ ابْن خلكان حكى بعض الْمَشَايِخ الْفُضَلَاء أَنه رأى بِخَطِّهِ فصلا فِي حق أبي مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن حزم الظَّاهِرِيّ الأندلسي فَقَالَ فِيهِ)
كَانَ لِسَان ابْن حزم الْمَذْكُور وَسيف الْحجَّاج ابْن يُوسُف شقيقين وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن ابْن حزم كثير الْوُقُوع فِي الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين لم يكد يسلم مِنْهُ أحد وسعي بِابْن العريف إِلَى صَاحب مراكش فَأحْضرهُ إِلَيْهَا فَمَاتَ فاحتفل النَّاس بجنازته وَظَهَرت لَهُ كرامات وَنَدم علّي بن يُوسُف بن تاشفين صَاحب مراكش على استدعائه وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة بمراكش رَحمَه الله تَعَالَى وَمن شعره
(شدّوا المطّي وَقد نالوا المنى بمنّى ... وكلّهم بأليم الشوق قد باحا)
(سَارَتْ ركائبهم تندى روائحها ... طيبا بِمَا طَابَ ذَاك الْوَفْد أشباحا)
(نسيم قبر النّبي الْمُصْطَفى لَهُم ... روح إِذا شربوا من ذكره رَاحا)
(يَا واصلين إِلَى الْمُخْتَار من مضرٍ ... زرتم جسوماً وزرنا نَحن أَرْوَاحنَا)
(إنّا أَقَمْنَا على عذرٍ وَعَن قدرٍ ... وَمن أَقَامَ على عذرٍ كمن رَاحا)
وَأورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم
(تمشّى والعيون لَهُ سوامٍ ... وَفِي كلّ النُّفُوس إِلَيْهِ حاجه)
(وَقد ملئت غلاثله شعاعاً ... كَمَا ملئت من الْخمر الزجاجه)
وَلابْن العريف أَيْضا إِيرَاد ابْن الْأَبَّار
(إِذا نزلت بساحتك الرّزايا ... فَلَا تجزع لَهَا جزع الصبيّ)
(فإنَّ لكلّ نازلةٍ عزاءً ... بِمَا قد كَانَ من فقد النَّبِي)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(إِن لم أمت شوقاً إِلَيْك فإنني ... سأموت شوقاً أَو أَمُوت مشوقا)
(ألبستني ثوب الضنى فعشقته ... من ذَا رَأْي قبلي ضنّى معشوقا)(8/88)
(لَا قرّ قلبِي فِي مقرّ جوانحي ... إِن لم يطر قلبِي إِلَيْك خفوقا)
(وبرئت من عَيْني إِذا هِيَ لم تدع ... للدمع فِي مجْرى الدُّمُوع طَرِيقا)
(بحلاوة الْإِخْلَاص جد لي بالرّضى ... إنّي رَأَيْتُك بالعباد رَفِيقًا)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(قفا وَقْفَة بَين المحصّب والحمى ... نصافح بأجفان الْعُيُون المغانيا)
(وَلَا تنسيا أَن تسألا سمر اللّوى ... مَتى بَات من سمر الأسنّة عَارِيا)
)
(فعهدي بِهِ وَالْمَاء ينساب فَوْقه ... سَمَاء وَمَاء الْورْد ينساب وَاديا)
(كأنَّ فُؤَادِي فِي فَم اللَّيْث كلّما ... رَأَيْت سنا برق الْحمى أَو آنيا)
(أَقَامَ على أطلالهم ضوء بارقٍ ... من الْحسن لَا يبقي على الأَرْض ساليا)
(سَلام على الأحباب تحدوه لوعةٌ ... من الشوق لم يفقد من الْبَين حَادِيًا)
قلت شعر جيد
3 - (شهَاب الدّين الكركي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مكيال الأديب الْأَمِير العلاّمة شهَاب الدّين الربعِي الكركي لَهُ تصانيف ونظم ونثر وَيَد طولى فِي الْعَرَبيَّة وَكَانَ من أَعْيَان الْجند توفّي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (وَزِير المتقي لله)
احْمَد بن مُحَمَّد بن مَيْمُون بن هَارُون بن مخلد بن أبان أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب ولي الوزارة للمتقي لله إِبْرَهِيمُ بن المقتدر يَوْم الْأَحَد لثلاث خلون من شعْبَان سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة فَأَقَامَ وزيراً ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا عمل فِيهَا أعمالاً عَظِيمَة واستخرج من أَمْوَال بجكم ألف ألف دِينَار ومائتي ألف دِينَار وَدخل أَبُو عبد الله اليزيدي بغداذ فَقبض عَلَيْهِ يَوْم السبت لست خلون من شهر رَمَضَان من السّنة وَنفذ إِلَى الْبَصْرَة فاعتقل بهَا إِلَى أَن مَاتَ يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشر الْمحرم سنة ثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَحمل فِي تَابُوت إِلَى بغداذ
3 - (الواثقي صَاحب الشرطة)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى أَبُو الْحسن الواثقي صَاحب الشرطة ببغداذ أَيَّام المكتفي بِاللَّه عمل اللُّصُوص فِي أَيَّامه عملةً عَظِيمَة فَاجْتمع التُّجَّار لَهَا وتظلّموا إِلَى المكتفي فألزمه بإحضار اللُّصُوص أَو غَرَامَة المَال فَقَامَتْ قِيَامَته وَكَانَ يركب بِنَفسِهِ ويختفي وَيَطوف أَنْصَاف النَّهَار وأنصاف اللَّيْل مَعَ نفرٍ من رِجَاله فاجتاز يَوْمًا فِي زقاق خالٍ فِي بعض أَطْرَاف بغداذ فدخله فَرَأى على بعض أَبْوَاب الدّور شوك سمكةٍ كَبِيرَة تَقْدِير السَّمَكَة أَن يكون فِيهَا مائَة وَعِشْرُونَ رطلا فَقَالَ لمن بَين يَدَيْهِ أَلا ترَوْنَ إِلَى هَذِه السَّمَكَة كم يكون ثمن(8/89)
هَذِه فَقَالُوا دِينَار فَقَالَ أهل هَذَا الزقاق مَا حَالهم حَال من يَأْكُل السَّمَكَة بِدِينَار لِأَنَّهُ زقاق قريب من الصَّحرَاء لَا ينزله من مَعَه شَيْء وَهَذِه بلية يجب كشفها فاستبعدوا الْقَضِيَّة فَقَالَ اطْلُبُوا لي إمرأة من الدَّرْب
فاستسقي لَهُ مَاء من غير ذَلِك الْبَاب فَلم يزَالُوا يطْلبُونَ مِنْهَا شربة بعد شربة والوالي يسْأَل)
ويفحص عَن دارٍ دارٍ وَهِي تخبره إِلَى أَن قَالَ لَهَا فَهَذِهِ الدَّار من يسكنهَا فَقَالَت لَا وَالله مَا أَدْرِي غبر أَن فِيهَا خَمْسَة شباب أغمارٍ كَأَنَّهُمْ تجار نزلُوا هَهُنَا مُنْذُ شهرٍ لَا نراهم يخرجُون نَهَارا إِلَّا فِي كلّ مُدَّة طَوِيلَة وهم مجتمعون يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ ويلعبون الشطرنج والنرد وَلَهُم صبيّ يلْعَب مَعَهم ويخدمهم وَإِذا كَانَ اللَّيْل انصرفوا إِلَى دارٍ لَهُم فِي الكرخ على مَا نسمعهم يَقُولُونَ وَلَا يبيتُونَ عندنَا وَيدعونَ الصَّبِي فِي الدَّار يحفظها فَإِذا كَانُوا سحيراً جَاءُوا وَنحن نائمون فَقَالَ الْوَالِي توكلوا بحوالي الدَّار ودعوني على بَابهَا وأنفذ فِي الْحَال يَسْتَدْعِي بِرِجَال ورقّاهم إِلَى سطوح الْجِيرَان ودقّ هُوَ الْبَاب فَخرج الصَّبِي وَدخل الرِّجَال الدَّار فَمَا فاتهم من الْقَوْم أحد وَحَملهمْ إِلَى مجْلِس الشرطة وقرّرهم فَوَجَدَهُمْ أَصْحَاب الْجِنَايَة فارتجع مِنْهُم أَكثر مَا كَانُوا أَخَذُوهُ ودلّوه على بَقِيَّة أَصْحَابه فتتبّعهم توفّي الواثقي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْقطَّان)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى الْقطَّان روى عَنهُ ابْن مَاجَه وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم صَدُوق وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن الْأَبَّار الإشبيلي)
أَحْمد بن مُحَمَّد الْخَولَانِيّ الأندلسي الإشبيلي الْمَعْرُوف بِابْن الْأَبَّار الشَّاعِر الْمَشْهُور كَانَ من شعراء المعتضد عبادٍ صَاحب إشبيلة الْمُحْسِنِينَ فِي فنونهم وَكَانَ عَالما جمع وصنّف وَمن محَاسِن شعره قَوْله
(لم تدر مَا خلّدت عَيْنَاك فِي خلدي ... من الغرام وَلَا مَا كابدت كَبِدِي)
(أفديه من زائرٍ رام الدنوّ فَلم ... يسطعه من غرقٍ فِي الدمع متقد)
(خَافَ الْعُيُون فوافاني على عجلٍ ... معطّلاً جيده إِلَّا من الْجيد)
(عاطيته الكأس فاستحيت مدامتها ... من ذَلِك الّشنب المعسول وَالْبرد)
(حَتَّى إِذا غازلت أجفانه سنة ... وصيّرته يَد الصَّهْبَاء طوع يَدي)(8/90)
(أردْت توسيده خدّي وَقل لَهُ ... فَقَالَ كفّك عِنْدِي أفضل الوسد)
(فَبَاتَ فِي حرمٍ لَا غدر يذعره ... وبتَّ ظمآن لم أصدر وَلم أرد)
(بدر ألمّ وَبدر التّمّ ممّحق ... والأفق محلولك الأرجاء من حسد)
(تحيّر اللَّيْل مِنْهُ أَيْن مطلعه ... وَمَا درى اللَّيْل أَن الْبَدْر فِي عضدي)
)
توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الديبني الشَّافِعِي الْخياط)
أَحْمد بن مُحَمَّد الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس الدّيبلي بباء مُوَحدَة بعد الْيَاء آخر الْحُرُوف ولامالشافعي الزَّاهِد الْخياط نزيل مصر سليم الْقلب صوّام تالي الْقُرْآن كثير النّظر فِي كتاب الْأُم للشَّافِعِيّ وَكَانَ وكاشفاً شوهدت مِنْهُ أَحْوَال سنية توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة
3 - (أَبُو الْخطاب الصلحي)
أَحْمد بن مُحَمَّد الصلحي أَبُو الْخطاب كَانَ كَاتبا أديباً فَاضلا حسن الْخط ذكره أَبُو سعد فِي المذيل وَأورد لَهُ قَوْله
(ياراقد الْعين عَيْني فِيك ساهرة ... وفارغ الْقلب قلبِي فِيك ملآن)
(إِنِّي أرى عذب الثغر عذّبني ... وأسهر الجفن جفن مِنْك وَسنَان)
قلت تقدّم الْكَلَام عَلَيْهِمَا ومعناهما وغالب ألفاظهما فِي قصيدة لِابْنِ التعاويذي ذكرت فِي تَرْجَمته فِي المحمدين
3 - (أَبُو الريحان البيروني)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الريحان البيرونيبفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَضم الرَّاء وَبعد الْوَاو الساكنة نونالخوارزمي قَالَ ياقوت بيرون مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ برّا وَسَأَلت بعض الْفُضَلَاء عَن ذَلِك فَزعم أَن مقَامه بخوارزم كَانَ قَلِيلا وَأهل خوارزم يسمون الْغَرِيب بِهَذَا الِاسْم كَأَنَّهُ لما طَالَتْ غربته صَار غَرِيبا وَمَا أظنّه أَنه يُرَاد بِهِ إِلَّا أنّه يُرَاد بِهِ أَنه من أهل الرستاق يَعْنِي أَنه من برّا الْبَلَد وَقَالَ غَيره بيرون من بِلَاد الْهِنْد انْتهى
وَتُوفِّي أَبُو الريحان فِي عشر الثَّلَاثِينَ والأربعمائة وعاصر ابْن سيناء وَبَينهمَا أسولة وجوابات(8/91)
ولّما صنف كتاب القانون المَسْعُودِيّ أجَازه السُّلْطَان بِحمْل فيلٍ من نَقده الفضّي فردّه إِلَى الخزانة بِعُذْر الِاسْتِغْنَاء عَنهُ وَكَانَ مكباً على تَحْصِيل الْعُلُوم وَلَا يكَاد يُفَارق الْقَلَم يَده وَلَا عينه النّظر فِي الْكتب وَقَلبه الْفِكر إِلَّا فِي يومي النوروز والمهرجان حدث القَاضِي كثير بن يَعْقُوب النَّحْوِيّ البغداذي عَن الْفَقِيه أبي الْحسن عَليّ بن عِيسَى الْوَلْوَالجيّ قَالَ دخلت على أبي الريحان وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ وَقد حشرج نَفسه وضاق بِهِ صَدره فَقَالَ لي فِي تِلْكَ الْحَال كَيفَ قلت لي يَوْمًا فِي حِسَاب الجدّات الْفَاسِدَة فَقلت لَهُ إشفاقاً عَلَيْهِ أَفِي هَذِه الْحَالة قَالَ ياهذا)
أودّع الدُّنْيَا وَأَنا عَالم بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة أَلا يكون خيرا من أَن أخلّيها وَأَنا جَاهِل بهَا فَأَعَدْت ذَلِك عَلَيْهِ وَحفظ وعلّمني مَا وعد وَخرجت من عِنْده وَأَنا فِي الطَّرِيق فَسمِعت الصُّرَاخ عَلَيْهِ وَبلغ من حظوته عِنْد الْمُلُوك أَن شمس الْمَعَالِي قابوساً أَرَادَ أَن يستخلصه لنَفسِهِ على أَن تكون لَهُ الإمرة المطاعة فِي جَمِيع مَا يحويه ملكه ويشتمل عَلَيْهِ ملكه فَأبى وَلم يطاوعه وَلما سمح للملوك الخوارزمشاهيّة بذلك أنزلهُ فِي دَاره مَعَه ودخّل خوارزمشاه يَوْمًا وَهُوَ يشرب على ظهر الدَّابَّة فَأمر باستدعائه من الْحُجْرَة فَأَبْطَأَ قَلِيلا فتصّور الْأَمر على غير صورته وثنى الْعَنَان نَحوه ورام النُّزُول فسبقه أَبُو الريحان إِلَى البروز وَنَاشَدَهُ الله أَن لَا يفعل فتمثّل خوارزمشاه
(الْعلم من أشرف الولايات ... يَأْتِيهِ كلّ الورى وَلَا ياتي)
ثمَّ قَالَ لَوْلَا الرسوم الدُّنْيَوِيَّة لما استدعيتك فالعلم يَعْلُو وَلَا يعلى وَكَانَ لما توجّه السُّلْطَان مَحْمُود إِلَى غزنة وَاسْتولى على خوارزم قبض عَلَيْهِ عبد الصَّمد الْحَكِيم واتهمه بالقرمطة وَالْكفْر وأذاقه الْحمام وهم أَن يلْحق بِهِ أَبَا الريحان فَقيل لَهُ إِن هَذَا إِمَام وقته فِي علم النُّجُوم والملوك لَا يستغنون عَن مثله فَأَخذه مَعَه وَدخل بِهِ بِلَاد الْهِنْد وَأقَام بَينهم وَتعلم لغتهم واقتبس علومهم وَأقَام بغزنة حَتَّى مَاتَ بهَا عَن سنٍ عالية وَكَانَ حسن المحاضرة طيّب الْعشْرَة خليعاً فِي أَلْفَاظه عفيفاً فِي أَفعاله لم يَأْتِ الزَّمَان بِمثلِهِ علما وفهماً وَمن تصانيفه كتاب الْجمَاهِر فِي الْجَوَاهِر والصيدلة فِي الطِّبّ ومقاليد الْهَيْئَة وتسطيح الْهَيْئَة مقَالَة فِي اسْتِعْمَال آلَة الاسطرلاب الْكُبْرَى الزيج المَسْعُودِيّ صنّفه للْملك مَسْعُود بن سبكتكين والْآثَار الْبَاقِيَة عَن الْأُمَم الخالية والتفهيم فِي صناعَة التنجيم وتلافي عوارض الزّلّة فِي دَلَائِل الْقبْلَة وَأورد لَهُ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء قَوْله لشاعر اجتداه
(يَا شَاعِرًا جَاءَنِي يخرى على الْأَدَب ... وافى ليمدحني والذمّ من أربي)
(وجدته ضارطاً فِي لحيتي سفهاً ... كلاّ فلحيته عثنونها ذَنبي)
(وذاكراً فِي قوافي شعره حسبي ... وَلست وَالله حَقًا عَارِفًا نسبي)
(إِذْ لست أعرف جدي حقّ معرفةٍ ... وَكَيف أعرف جدي إِذْ جهلت أبي)(8/92)
(أبي أَبُو لَهب شيخ بِلَا أدبٍ ... نعم ووالدتي حمّالة الْحَطب)
(الْمَدْح والذم عِنْدِي يَا أَبَا حسنٍ ... سيّان مثل اسْتِوَاء الجدَّ واللعب)
)
(فأعفني عَنْهُمَا لَا تشتغل بهما ... بِاللَّه لَا توقعن مفساك فِي تَعب)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(وَمن حام حول الْمجد غير مجاهدٍ ... ثوى طاعماً للمكرمات وكاسيا)
(وَبَات قرير الْعين فِي ظلّ راحةٍ ... ولكنّه عَن حلّة الْمجد عَارِيا)
قلت يُرِيد قَول الحطيئة يهجو
(دع المكرم لَا ترحل لبغيتها ... واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(فَلَا يغررك مني لين مسّي ... ترَاهُ فِي دروسي واقتباسي)
(فَإِنِّي أسْرع الثقلَيْن طراً ... إِلَى خوض الرّدى فِي وَقت باس)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(تنغّض بالتباعد طيب عيشي ... فَلَا شَيْء أَمر من الْفِرَاق)
(كتابك إِذْ هُوَ الْفرج المرجّى ... أطبّ لما ألم من الْفِرَاق)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(أتأذنون لصبٍّ فِي زيارتكم ... إِن كَانَ مجلسكم خلوا من النَّاس)
(فَأنْتم النَّاس لَا أبغي بكم بَدَلا ... وَأَنْتُم الراس وَالْإِنْسَان بالرّاس)
(وكدكم لمعالٍ تنهضون بهَا ... وغيركم طاعم مسترجع كاسي)
(وَلَيْسَ يعرف من أَيَّام عيشته ... سوى التلهي بأيرٍ قَامَ أَو كاس)
(لَدَى المكايد إِن راجت مكايده ... ينسى الْإِلَه وَلَيْسَ الله بالناسي)
وَأورد لَهُ يمدح أَبَا الْفَتْح البستي
(مضى أَكثر الْأَيَّام فِي ظلّ نعمةٍ ... على رتبٍ فِيهَا عَلَوْت كراسيا)
(فآل عراقٍ قد غذوني بدرهم ... وَمَنْصُور مِنْهُم قد تولّى غراسيا)
(وَأَوْلَاد مأمونٍ وقهم علّيهم ... تبدّى بصنعٍ صَار للْحَال آسيا)
(وَآخرهمْ مَأْمُون رفّه حالتي ... ونوّه باسمي ثمَّ رَأس راسيا)
(وَلم ينقبض مَحْمُود عني بِنِعْمَة ... فأقنى وأغنى مغضياً عَن مكاسيا)
(عَفا عَن جهالاتي وَأبْدى تكرماً ... وطرّى بجاهٍ رونقي ولباسيا)
)
(عفاء على دنياي بعد فراقهم ... وواحزني إِن لم أزر قبر آسيا)(8/93)
(وَلما مضوا واعتضت مِنْهُم عِصَابَة ... دعوا بالتناسي فاغتنمت التناسيا)
(وخلَفت فِي غزنين لَحْمًا كمضغةٍ ... على وضمٍ للطير للْعلم نَاسِيا)
(فأبدلت أَقْوَامًا وَلَيْسوا كمثلهم ... معَاذ إلهي أَن يَكُونُوا سواسيا)
وَهِي طَوِيلَة
قلت شعر جيد وَيَا عجبا كل الْعجب من نظم مثل هَذَا الرجل هَذَا النّظم إِذْ لَيْسَ هَذَا فنّه وَلَا عرف بِهِ ذَلِك فضل الله
3 - (أَبُو الْمُخْتَار النوبندجاني)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْمُخْتَار الشريف الْعلوِي النّوبندجاني ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة فَقَالَ شَاعِر مفلق كثير الشّعْر كَانَ معاصر الأرجاني وطبقته وَمن شعره
(اخضرَّ بالزّغب المنمنم خدّه ... فالخدُّ ورد بالنفسج معلم)
(يَا عاشقيه تمتّعوا بعذاره ... من قبل أَن يَأْتِي السوَاد الْأَعْظَم)
وَكتب إِلَى بعض الْأُمَرَاء
(مَرَرْت على كلاب الصَّيْد يَوْمًا ... وَقد طرح الْغُلَام لَهَا سخالا)
(فَلَو أنّي وَمن تحويه دَاري ... كلابك لم نجد أبدا هزالًا)
(فَقل مَا شِئْت فِي شيخٍ شريفٍ ... يكون الْكَلْب أحسن مِنْهُ حَالا)
وَلما توفّي القَاضِي عماد الدّين قَاضِي شيراز رثاه الشريف الْمَذْكُور وَكَانَت وَفَاته لَيْلًا
(على قَاضِي الْقُضَاة نَسِيج وَحده ... سَلام لَا يزَال حَلِيف لحده)
(سرى لَيْلًا إِلَى الرَّحْمَن شوقاً ... فسبحان الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ)
3 - (أَبُو الرقعمق)
أَحْمد بن مُحَمَّد الْأَنْطَاكِي المنبور بِأبي الرقعمق الشَّاعِر الْمَشْهُور ذكره الثعالبي فِي الْيَتِيمَة وَقَالَ هُوَ نادرة الزَّمَان وَجُمْلَة الْإِحْسَان وَمِمَّنْ تصرف بالشعر فِي أَنْوَاع الْجد والهزل وأحرز قصبات الخصل وَهُوَ أحد المدّاح المجيدين وَالشعرَاء الْمُحْسِنِينَ وَهُوَ بِالشَّام كَابْن حجّاج بالعراق فَمن غرر محاسنه قَوْله يمدح الْوَزير ابْن كلّس
(قد سمعنَا مقاله واعتذاره ... وأقلناه ذَنبه وعثاره)
)
(والمعاني لمن عنيت وَلَكِن ... بك عرّضت فاسمعي يَا جَاره)
من تراديه أَنه أَبَد الدَّهْر ترَاهُ محللاً أزراره(8/94)
عَالم أَنه عَذَاب من الله مُبَاح لأعين النظّاره هتك الله ستره فلكم هتك من ذِي تسترٍ أستاره سحرتني ألحاظه وَكَذَا كل مليحٍ عيونه سحاره مَا على مُؤثر التباعد والإعراض لَو آثر الرّضا والزياره وعَلى أنني وَإِن كَانَ قد عذب بالهجر مُؤثر إيثاره
(لم أزل لَا عدمته من حبيبٍ ... أشتهي قربه وآبى نفاره)
مِنْهَا لم يدع للعزيز فِي سَائِر الأَرْض عدوا إِلَّا وأخمد ناره كلّ يومٍ لَهُ على نوب الدَّهْر وكرّ الخطوب بالبذل غاره ذُو يدٍ شَأْنهَا الْفِرَار من الْبُخْل وَفِي حومة الندى كرّاره
(هِيَ فلّت عَن الْعَزِيز عداهُ ... بالعطايا وَكَثُرت أنصاره)
هَكَذَا كلّ فَاضل يَده تمسي وتضحي نفّاعةً ضرّاره
(لم يدع بالذكاء والذّهن شَيْئا ... فِي ضمير الغيوب إلاّ أثاره)
وَإِذا مَا رَأَيْته مطرقا يعْمل فِيمَا يُريدهُ أفكاره
(فاستجره فَلَيْسَ يَأْمَن إِلَّا ... من تغيا ظلاله واستجاره)
(لَا وَلَا موضعا من الأَرْض إلاّ ... كَانَ بِالرَّأْيِ مدْركا أقطاره)
(زَاده الله بسطةً وَكَفاهُ ... خَوفه من زَمَانه وحذاره)
وَأكْثر شعره جيد على هَذَا الأسلوب مثل صريع الدلاء القصّار أَقَامَ بِمصْر زَمَانا ومدح رؤساءها وملوكها ووزراءها وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة
وَله قصيدة طَوِيلَة مَشْهُورَة أَولهَا
(وقوققي وقوققي ... هَدِيَّة فِي طبق)
(أما ترَوْنَ بَيْنكُم ... تَيْسًا طَوِيل الْعُنُق)
3 - (أَبُو الْفضل الصخري الْكَاتِب)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد الصخري أَبُو الْفضل قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء قتل فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَأَرْبَعمِائَة هَكَذَا ذكره أَبُو مُحَمَّد مَحْمُود بن أرسلان فِي تَارِيخ خوارزم وَقَالَ هُوَ أحد مفاخر خوارزم أديب كَامِل وعالم ماهر وَكَاتب بارع وشاعر سَاحر انْتهى(8/95)
رَحل إِلَى الصاحب ابْن عباد ونال مِنْهُ عَاد وَأقَام بِحَضْرَة سُلْطَانه فِي جلة الْكتاب ووجوه الْعمَّال من أخص الجلساء لَا يكَاد تَخْلُو مِنْهُ مجَالِس أنسه تقترح عَلَيْهِ الْمعَانِي البديعة فيكمل لَهَا ويعلقها فِي الْوَقْت والساعة بَين يَدَيْهِ ويعرضها عَلَيْهِ جرى لَيْلَة ذكر البديع الهمذاني وَأَنه كَانَ يكْتب الرقعة من الآخر إِلَى الأول واقترح عَلَيْهِ معنى من الْمعَانِي وَقد أخذت الكأس مِنْهُ وَفرغ من ذَلِك فِي أسْرع وَقت وأتى بِهِ من أحسن شَيْء وَمن كَلَامه طبع كرمه أغلب من أَن يحْتَاج إِلَى هزّ وحسام فَضله أقطع من أَن يهز لّحز
وَمِنْه أما إِنِّي لَا أرْضى من كرمه العدّ أَن يجّر أولياءه على شوك الرّدّ فبحقّ مجده الْمَحْض الَّذِي فاق بِهِ أهل الأَرْض أَن يرفع عَن حَاجَتي قناع الخجل وَلَا يقبر أملي فِيهَا قبل حُلُول الْأَجَل وَهَذَا قسم أَرْجُو أَن يصونه عَن الْحِنْث وعهد أَظن بِرَأْيهِ لَا يعرضه للنكث وَقَالَ فِي أبي الْفَتْح البستي
(نسب كريم فَاضل أنسى بِهِ ... من كَانَ مُعْتَمدًا أنسابه)
(قد كنت فِي نوب الزَّمَان وَصَرفه ... إّذ عضني صرف الزَّمَان بنابه)
(فاليوم جانبت الْحَوَادِث جَانِبي ... إِذْ قد نسب إِلَى كريم جنابه)
وَقَالَ
(جمعت إِلَى العلى شرف الأبوّه ... وحزت إِلَى النّدى فضل المروّة)
(أَتَيْتُك خَادِمًا فَرفعت قدري ... إِلَى حَال الصداقة والأخوّه)
(فَمَا شبّهتني إِلَّا بمُوسَى ... أَتَى نَارا فشرّف بالنّبوه)
وَقَالَ أسمعت يَا مولَايَ دهري بعد بعْدك مَا صنع
(أخنى علّي بصرفه ... فَرَأَيْت هول المطّلع)
وَقَالَ
(لَئِن بخلت بإسعادي سعاد ... فَإِنِّي بالفؤاد لَهَا جواد)
)
(وَإِن نفد اصْطِبَارِي فِي هَواهَا ... فدمع الْعين لَيْسَ لَهُ نفاد)
(أرى ثلجاً بوجنتها وَنَارًا ... لتِلْك النَّار فِي قلبِي اتّقاد)
(فَهَب من نارها كَانَ احتراقي ... فلّم بالثلج مَا برد الْفُؤَاد)
وَقَالَ فِي أبي الْحُسَيْن السهلي
(يَا أَحْمد بن مُحَمَّد يَا خير من ... ولي الوزارة عِنْد خير ولاتها)
(مَا دَامَت الْأَيَّام فِي الغفلات عَن ... عرصات مجدك فاغتنم غفلاتها)
قلت شعر متوسط(8/96)
3 - (السهلي الْوَزير الْخَوَارِزْمِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْحُسَيْن السهلي الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ ياقوت قَالَ مَحْمُود ابْن مُحَمَّد الأرسلاني فِي تَارِيخ خوارزم إِنَّه مَاتَ بسرَّ من رأى فِي سنة ثَمَانِي عشرَة وَأَرْبَعمِائَة قَالَ وَهُوَ من أجلّة خوارزم وبيته بَيت رئاسة ووزارة وكرم ومروءة قَالَ الثعالبي وَهُوَ وَزِير ابْن وَزِير قَالَ وَكَانَ يجمع بَين آلَات الرِّئَاسَة وأدوات الوزارة وَيضْرب فِي الْعُلُوم والآداب بِالسِّهَامِ الفائزة وَيَأْخُذ من الْكَرم وَحين الشيم بالحظوظ الوافرة وَله كتب الرَّوْضَة السهلية فِي الْأَوْصَاف والتشبيهات وبأمره والتماسه صنّف الْحسن بن الْحَارِث الحنوني فِي الْمَذْهَب كتاب السهلي يذكر فِيهِ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَله شعر فَمن ذَلِك وَلم يسْبق إِلَى مَعْنَاهُ
(أَلا سقّنا الصَّهْبَاء صرفا فَإِنَّهَا ... أعزّ علينا من عنَاق الترحّل)
(وَإِنِّي لأقلي النّقل حبّاً لطعمه ... لِئَلَّا يَزُول الطّعْم عِنْد التنقل)
وَقَالَ فِي النُّجُوم
(والشهب تلمع فِي الظلام كَأَنَّهَا ... شرر تطاير من دُخان النَّار)
فَكَأَنَّهَا فَوق السَّمَاء بَنَادِق الكافور فَوق صلاية العطّار قلت الأول مَأْخُوذ من قَول الْخَوَارِزْمِيّ
(والشهب تلمع فِي الظلام كَأَنَّهَا ... شرر تطاير فِي دُخان العرفج)
ولكنّ دُخان النَّار أحسن وأعذب من العرفج وللوزير فِي شُعَاع الْقَمَر على المَاء
(كَأَنَّمَا الْبَدْر فَوق المَاء مطّلعاً ... وَنحن بالشطّ فِي لهوٍ وَفِي طرب)
(ملك رآنا فَأَهوى للعبور فَلم ... يقدر فمدَّ لَهُ جسر من الذَّهَب)
)
وَخرج السهلي من خوارزم فِي سنة أَربع وَأَرْبَعمِائَة إِلَى بغداذ وَأقَام بهَا وَترك وزارة خوارزم شاه وَلما قدمهَا أكْرمه فَخر الْملك أَبُو غَالب مُحَمَّد بن خلف وَهُوَ وَالِي الْعرَاق يَوْمئِذٍ وتلقّاه بالجميل فلّما مَاتَ فَخر الْملك خرج من بغداذ هَارِبا حَتَّى لحق بعريب بن معن خوفًا على مَاله وَكَانَ عريب صَاحب الْبِلَاد الْعليا تكريت ودجيل وَمَا لاصقها فَأَقَامَ عِنْده إِلَى أَن مَاتَ وَخلف عشْرين ألف دِينَار سلّمها عريب إِلَى ورثته(8/97)
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الآبي)
أَحْمد بن مُحَمَّد الآبي أَبُو الْعَبَّاس كَانَ من أهل آبه من نَاحيَة برقة سَافر إِلَى الْيمن تَاجِرًا وَاجْتمعَ بِأبي بكر السَّعيدي بعدن قَالَ ياقوت وحَدثني الْمولى الْمفضل جمال الدّين بِقِصَّتِهِ مَعَ السعيديّ عَنهُ أَنَّهَا سَمعهَا مِنْهُ ثمَّ قدم إسكندرية وَأقَام بهَا فَجرى بَينه وَبَين القَاضِي شرف الدّين عبد الرَّحْمَن مَا أحوجه إِلَى قدومه إِلَى الْقَاهِرَة وشكا لصفي الدّين ابْن شكر فَلم يشكه فَأَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ من شكواه قطع رزقه من مَسْجِد كَانَ يصلّي أَو نَحْو ذَلِك وَكَانَ قدومه إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمَات بعد ذَلِك فِي نَحْو سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمن شعر الآبي يمدح جمال الدّين أَبَا الْحجَّاج يُوسُف ابْن القَاضِي الأكرم علم الدّين إِسْمَاعِيل بن عبد الْجَبَّار ابْن أبي الْحجَّاج
(يَا خير من فاق الأفاضل سؤددا ... وامتاز خيماً فِي الفخار ومحتدا)
(وسما لأعلام الْمَعَالِي فاحتوى ... فضلا بِهِ وفضلاً يجتدى)
(وَإِذا الْمَعَالِي لم تزن بمعارف ... وعوارف يسدى بهَا كَانَت سدى)
(لَا تنس من لم ينس ذكرك أحمداً ... وافى جنابكم الْكَرِيم فأحمدا)
(يهدي إِلَى الأسماع من أوصافكم ... ملحاً كزهر الرَّوْض باكره النّدى)
قلت شعر متوسط
3 - (العمركي اللّغَوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد العمركي الهمذاني أَبُو عبد الله اللّغَوِيّ ذكره شيرويه وَقَالَ روى عَن عبد الرَّحْمَن بن حمدَان الجلاّب وَأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد ابْن الْجَزرِي صَاحب أبي شُعَيْب الحرّاني وَغَيرهمَا روى عَنهُ أَبُو عبد الله الإِمَام وَغَيره
3 - (أَبُو دقاقة الْبَصْرِيّ)
)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو دقاقة الْبَصْرِيّ من شعراء البرامكة ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد ابْن الْجراح وَقَالَ كَانَ جيد الشّعْر وَمن شعره
(سأودع مَالِي الْحَمد وَالْأَجْر كلّه ... فَمَا الْعَيْش فِي الدُّنْيَا وَلَا الْملك دَائِم)
(فرحت بِمَا قطّعت مِنْهُ وإنني ... على حبس مَا أَمْسَكت مِنْهُ لنَادِم)
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الْموصِلِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْعَبَّاس النَّحْوِيّ الْموصِلِي(8/98)
كَانَ إِمَامًا فِي النَّحْو فَقِيها فَاضلا عَالما بِمذهب الشَّافِعِي مفتياً قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن جني النَّحْو بالموصل وَقدم بغداذ وَأقَام بهَا وَكَانَت لَهُ حَلقَة فِي جَامع الْمَنْصُور قَرِيبا من حَلقَة أبي حَامِد الأسفراييني وَله كتاب فِي تَعْلِيل وُجُوه الْقرَاءَات السَّبع الَّتِي جمعهَا أَبُو بكر ابْن مُجَاهِد
3 - (العلافي الشَّاعِر)
أَحْمد بن مُحَمَّد العلاّفي الشَّاعِر من أهل النهروان ذكره ابْن المعتز فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء وَقَالَ ممّا اخترنا لَهُ قَوْله
(يتلقّى الندى بوجهٍ حيّي ... وصدور القنا بوجهٍ وقاح)
(هَكَذَا هَكَذَا تكون الْمَعَالِي ... طرق الجدَّ غير طرق المزاح)
قَالَ وممّا يستحسن من غزله
(أداري بضحكي عَن هَوَاك وَرُبمَا ... سَهَوْت فتبدي مَا أجنّ المدامع)
(وَأَمْنَع طرفِي وَهُوَ ظمآن ورده ... وأخفي الَّذِي تحنى عَلَيْهِ الأضالع)
(عجبت لطرفي كَيفَ يقوى على الْهوى ... وَلَيْسَ لقلبي من ضميرك شَافِع)
(أذوب وأبكي من رسيس هواكم ... وأسهر عَيْني والعيون هواجع)
(بَكَيْت وَمَا أبْكِي لما قد خبرته ... وَلَكِنِّي أبْكِي لما هُوَ وَاقع)
وَقَالَ زعم خَالِد بن يزِيد الْكَاتِب أَن أَبَاهُ كَانَ يَبِيع اللفت فِي قنطرة بردَان وَقَالَ ابْن المعتز وَهُوَ أحد المجيدين راوية للشعر الحَدِيث وَالْقَدِيم
3 - (القَاضِي أَبُو الْفرج الرقي)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْفرج القَاضِي من أهل الرّقَّة قَالَ محب الدّين النجار قدم بغداذ وروى بهَا شَيْئا من شعره فِيمَا زعم وروى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي قَالَ أنشدنا)
أَبُو الْفرج القَاضِي الرقي قدم علينا لنَفسِهِ وأنشدناها الْوَزير أَبُو الْقَاسِم المغربي لنَفسِهِ وَلَا أَدْرِي من الصَّادِق مِنْهُمَا
(هَل لما فَاتَ من شَبَابِي رُجُوع ... أم هُوَ الْبَين مِنْهُ والتوديع)
(قد لبسناه بُرْهَة وَنَزَعْنَا ... هُـ وبالرغم كَانَ ذَاك النّزوع)
(ربع أحبابنا سقيت من المز ... نٍ كَمَا قد سقتك منّا الدُّمُوع)
انْتهى قلت إِذا دَار الْأَمر بَينهمَا فالوزير أقرب إِلَى الصدْق
3 - (أَبُو طَالب النَّحْوِيّ البغداذي)
أَحْمد بن مُحَمَّد الأدمِيّ أَبُو طَالب النَّحْوِيّ البغداذي أورد لَهُ الباخرزي فِي دمية الْقصر
(تأمّل حمول الحّي تسْتَرق البدرا ... كَأَن عَلَيْهَا أَن تفارقنا نذرا)(8/99)
(سروا بهلالٍ من هِلَال بن عامرٍ ... يحل سَواد الْقلب من برجه خدرا)
(وَكَيف ألذُّ الْعَيْش أَو أطْعم الْكرَى ... بِأَرْض أرى الْيَوْم الْقصير بهَا شهرا)
(وخلّفت مغلوب العزاء كأنّني ... وَرَاءَهُمْ من سرعةٍ أَطَأ الجمرا)
(فإلا أكن للوصل أَهلا فسائلاً ... أَتَى يطْلب الْمَعْرُوف فاغتنموا الأجرا)
(إِذا مَا دعت فَوق الْأَرَاك حمائم ... بأصواتها جَهرا دعوتكم سّرا)
قَالَ وَله
(وشادنٍ من بني الأتراك مرّ بِنَا ... خوف الرَّقِيب وطرفي عَنهُ مَصْرُوف)
(يغضي حَيَاء إِذا قبّلت رَاحَته ... كأنّما طرفه بالشوك مطروف)
(كَأَن أصداغه والرّيح يضْربهَا ... عقارب بَعْضهَا بِالْبَعْضِ ملفوف)
3 - (ابْن الخشاب البغداذي)
أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن الخشاب أَبُو المحاسن ابْن بنت الْمعِين روى عَنهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف الهكّاري وَأَبُو نصر عبيد الله بن عبد الْعَزِيز ابْن الرسولي وَكتب عَنهُ أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن خسرو الْبَلْخِي وَمن شعره
(مازال يَبْنِي للعلى كعبةً ... وَيجْعَل الْجُود لَهَا ركنا)
(حَتَّى أَتَى الْخلق وطافوا بهَا ... واستلموا رَاحَته الْيُمْنَى)
وَمِنْه)
(بحياة جمع مشتّت التَّفْرِيق ... ووحقَّ كشف الكرب يَوْم الضّيق)
(وبحرمة الْقَوْم الَّذين قُلُوبهم ... تصبو وَلَكِن لَا إِلَى مَخْلُوق)
(أَجْسَادهم وقف الضنى وثيابهم ... وقف على الترقيع وَالتَّحْرِيق)
(وَإِذا حدا الْحَادِي رَأَيْت قُلُوبهم ... طبعت على الْإِيمَان وَالتَّحْقِيق)
(إلاّ نظرت إلَي مِنْك بنظرةٍ ... لترى علّي عَلامَة التَّوْفِيق)
3 - (المرندي الضَّرِير المقرىء)
أَحْمد بن مُحَمَّد المرندي الضَّرِير المقرىء البغداذي كَانَ عَالما بتفسير الْقُرْآن وَقِسْمَة الْفَرَائِض وَتَفْسِير المنامات كَانَ مارّاً بالموصل فِي الطَّرِيق فَسقط فاضطرب فَمَاتَ فَجْأَة سنة ثَمَان أَو تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (المعري القنوع)
أَحْمد بن مُحَمَّد المعريمعرة النعمانكان يلقب بالقنوع لأنّه قَالَ يَوْمًا فِي كَلَامه قد قنعت وَالله من الدُّنْيَا بكسرة وَكِسْوَة
وَمن شعره(8/100)
رب هم قطعته فِي دجى اللَّيْل بهجر الْكرَى وَوصل الشّراب والثريا قد غرّبت تطلب الْبَدْر بسير المروَّع المرتاب كزليخا وَقد بَدَت كفها تطلب أذيال يوسفٍ بِالْبَابِ وَمِنْه فِي بعض الْعُدُول
(يَا ابْن علّي قَالُوا وَلَو صدقُوا ... لَكُنْت تجْرِي مجْرَاه فِي الْخلق)
(دينك ذَا لَو كشفت بَاطِنه ... أرق من طيلسانك الْخلق)
وَمِنْه
(يَا من بنى مَسْجِدا ضِرَارًا ... وَالْبخل مِنْهُ يَلِيهِ لوم)
(لَو كَانَ إسلامكم قَدِيما ... كَانَ لكم مَسْجِد قديم)
3 - (أَبُو بكر القوهي)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو بكر القوهي ذكره الثعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة وَقَالَ أحد فضلاء الزوازنة وشعرائها يَقُول فِي شكاية فقهائها لما اخْتَارُوا لزعامتهم اسرافيل الغرنوي)
(لنا فُقَهَاء شرّهم جدّ محكمٍ ... وَإِن زلّ خير مِنْهُم فَهُوَ ينْسَخ)
(أَقَامُوا على النَّاس الْقِيَامَة جهرةً ... وَجَاءُوا بإسرافيل فِي الصُّور ينْفخ)
وَله من قصيدة
(كم من مؤدٍ لَهُ عقار ... عقاره شدّ وَهُوَ خفّا)
يَعْنِي صَار عقارا بِالتَّشْدِيدِ وَصَارَ هُوَ مودياً بِالتَّخْفِيفِ
3 - (أَبُو نصر الخالدي)
أَحْمد بن مُحَمَّد الخالدي أَبُو نصر ذكره الثعالبي أَيْضا وَقَالَ أديب شَاعِر حسن الشّعْر من المقيمين بغزنة وَأورد لَهُ
(قل للنؤوم عَن التفضّ ... ل وادعاً وسط الْكرَى مَه)
أحسن فَإِن الْحر عبد للمبرّة والكرامه وَأورد لَهُ
(قاضٍ لنا ابليس يشْهد أنّه ... مَا فِي الفضائح مثله إِبْلِيس)
(فكأنّما زبر الْحَدِيد فياشل ... وكأنما مفساه مغناطيس)
3 - (أَبُو الْحسن الطَّبَرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن الطَّبَرِيّ الطَّبِيب من أهل(8/101)
طبرستان فَاضل عَالم بالطب كَانَ طَبِيب ركن الدولة وَلَك كتاب الكنّاش الْمَعْرُوف ب المعالجات البقراطية قَالَ ابْن أبي أصيبعة هُوَ من أجلَّ الْكتب وأنفعها قد استقصى فِيهِ ذكر الْأَمْرَاض ومداواتها على أتم مَا يكون وَهُوَ يحتوي على مقالات كَثِيرَة
3 - (أَبُو طَاهِر الشِّيرَازِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد الأديب أَبُو طَاهِر الشِّيرَازِيّ الشَّاعِر توفّي قبل الأربعمائة تَقْرِيبًا وَمن شعره فِي الشمعة
(قَامَت على الكرسيّ تجلو نَفسهَا ... وتشقُّ عَنْهَا داجي الظُّلُمَات)
(جسم حكى شفق الْغُرُوب وغرّة ... تحكي الشروق وقامه كقناة)
(لما رَأَتْ ليل التَّمام يفوتها ... طولا وَيُؤذن شملها بشتات)
(أكلت من الغيظ المبّرح نَفسهَا ... وتلمّظت كتلمّظ الحيّات)
)
وَمن شعره فِي الحماحم
(أَرَاك الحماحم لما بدا ... بَدَائِع من صنعه المعجز)
(أُنَاسًا يجّرون خضر الخزوز ... عَلَيْهَا قلانس من قرمز)
(أَوَان الرّبيع كَمثل الشَّبَاب ... يزورون زورة مستوفز)
وَمن شعره أَيْضا
(جَاءَت وَقد شمّرت مآزرها ... عَن سَاقهَا بالمجون واللعب)
(فأنهبت عَيْني السرُور بهَا ... وانتهبتني من كلَّ منتهب)
(فظلت للهو بَين أربعةٍ ... شبت لأهوالها وَلم أشب)
(حمرَة حنّا سَواد لَا لكةٍ ... بَيَاض ساقين صفرَة الذَّهَب)
قلت شعر جيد لَكِن برّد فِي الرَّابِع باللاّلكة
3 - (الإفْرِيقِي المتيّم)
أَحْمد بن مُحَمَّد الإفْرِيقِي الْمَعْرُوف بالمتيم أَبُو الْحسن أحد الأدباء الْفُضَلَاء الشُّعَرَاء لَهُ من التصانيف كتاب الشُّعَرَاء الندماء كتاب الِانْتِصَار المنبي عَن فضل المتنبي وَغير ذَلِك وَله ديوَان شعر كَبِير قَالَ الثعالبي رَأَيْته ببخارا شَيخا رثّ الْهَيْئَة تلوح عَلَيْهِ سيماء الحرفة وَكَانَ يتطبب وينجم فَأَما صناعته الَّتِي يعْتَمد عَلَيْهَا فالشعر وممّا أَنْشدني لنَفسِهِ
(وفتيةٍ أدباءٍ مَا عَلَّمْتهمْ ... شبهتهم بنجوم اللَّيْل إِذْ نجموا)(8/102)
(فرّوا إِلَى الراح من خطبٍ يلمّ بهم ... فَمَا درت نوب الْأَيَّام أَيْن هم)
قَالَ وأنشدني لنَفْسي أَيْضا
(تلوم على ترك الصَّلَاة حليلتي ... فَقلت أغربي عَن ناظري أَنْت طَالِق)
(فوَاللَّه لَا صلّيت لله مُفلسًا ... يصلّي لَهُ الشَّيْخ الْجَلِيل وفائق)
(وَلَا عجب إِن كَانَ نوح مُصَليا ... لِأَن لَهُ قسراً تدين الْمَشَارِق)
(لماذا أُصَلِّي أَيْن باعي ومنزلي ... وَأَيْنَ خيولي والحلى والمناطق)
(أُصَلِّي وَلَا فتر من الأَرْض تحتوي ... عَلَيْهِ يَمِيني إننّي لمنافق)
(بلَى إِن علّي الله وسّع لم أزل ... أُصَلِّي لَهُ مَا لَاحَ فِي الجوّ بارق)
)
وَقَالَ فِي تركي
(قلبِي أَسِير فِي يَدي مقلةٍ ... تركيّةٍ ضَاقَ لَهَا صَدْرِي)
(كَأَنَّهَا من ضيقها عُرْوَة ... لَيْسَ لَهَا زرّ سوى السّحر)
3 - (الصُّوفِي الْحلَبِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر ابْن أبي الْفرج الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْحلَبِي الصُّوفِي مولده سنة إِحْدَى وَخمسين وسِتمِائَة سمع من النجيب عبد اللَّطِيف الْحَرَّانِي وَأَجَازَ لي
3 - (ابْن البققي)
أَحْمد بن مُحَمَّد فتح الدّين ابْن البققيبباء مُوَحدَة وقافين على وزن الثقفيالحموي أَقَامَ بديار مصر وَكَانَت تبدو مِنْهُ أَشْيَاء ضبطت عَلَيْهِ وَكَانَ جيد الذِّهْن ذكياً وَلَكِن أدَّاه ذَلِك إِلَى الاستخفاف بِالْقُرْآنِ وَالشَّرْع فَضرب القَاضِي الْمَالِكِي عُنُقه بَين القصرين سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة فِي شهر ربيع الأول وطيف بِرَأْسِهِ وَقد تكهل وَمن شعره
(الكسُّ للجحر غَدا ... معانداً من قدم)
(فَانْظُرْهُ يبكي حسداً ... فِي كل شهر بِدَم)
وَمِنْه
(لحا الله الْحَشِيش وآكليها ... لقد خبثت كَمَا طَابَ السّلاف)
(كَمَا يصبي كَذَا تضني وتشقي ... كَمَا يشفي وغايتها الحراف)(8/103)
(وأصغر دائها والداء جم ... بغاء أَو جُنُون أَو نشاف)
وَمِنْه فِيمَا قيل
(جبلت على حبّي لَهَا وألفته ... وَلَا بُد أَن ألقِي بِهِ الله مُعْلنا)
(وَلم يخل قلبِي من هَواهَا بِقدر مَا ... أَقُول وقلبي خَالِيا فتمكنا)
قلت يُشِير إِلَى قَول الْقَائِل
(أَتَانِي هَواهَا قبل أَن أعرف الْهوى ... فصادف قلباً خَالِيا فتمكنا)
وَمِنْه
(أَيْن الْمَرَاتِب فِي الدُّنْيَا ورفعتها ... من الَّذِي حَاز علما لَيْسَ عِنْدهم)
(لَا شكّ أَن لنا قدرا رَأَوْهُ وَمَا ... لمثلهم عندنَا قدر وَلَا لَهُم)
)
(هم الوحوش ونخن الْإِنْس حكمتنا ... تقودهم حَيْثُمَا شِئْنَا وهم نعم)
(وَلَيْسَ شيءٌ سوى الإهمال يقطعنا ... عَنْهُم لأَنهم وجدانهم عدم)
(لنا المريحان من علمٍ وَمن عدمٍ ... وَفِيهِمْ المتعبان الْجَهْل والحشم)
قلت عَارض بِهَذِهِ الأبيات أبياتاً نظمها الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَقد أوردتها فِي تَرْجَمته فِي مُحَمَّد بن عَليّ وَهِي فِي وَزنهَا ورويّها لَكِن الْمَعْنى عكس ذَاك وَمِنْه
(يَا من يخادعني بأسهم مكره ... بسلاسةٍ نعمت كلمس الأرقم)
(اعتدّ لي زردا تضايق نسجه ... وعلّي فكّ عيونها بالأسهم)
وَله وَقد دخل إِلَى إِنْسَان طبيبٍ وَقعد عِنْده سَاعَة طَوِيلَة وَلم يطعمهُ شَيْئا فَلَمَّا قَامَ من عِنْده قَالَ
(وَلَا تحسبوا أَن الْحَكِيم لبخله ... حمانا الغذا مَا ذَاك عِنْدِي من الْبُخْل)
(ولكنّه لما تَيَقّن أنّنا ... مرضنا برؤياه حمانا من الْأكل)
وَمَا أحسن قَول شمس الدّين ابْن دانيال فِيهِ
(لَا تلم البقّيّ فِي فعله ... إِن زاغ تضليلاً عَن الحقّ)
(لَو هذّب الناموس أخلاقه ... مَا كَانَ مَنْسُوبا إِلَى البقّ)
وَقَوله لما سجن ليقْتل
(يظنُّ فَتى البققي أَنه ... سيخلص من قَبْضَة الْمَالِكِي)
(نعم سَوف يُسلمهُ الْمَالِكِي ... قَرِيبا وَلَكِن إِلَى مَالك)(8/104)
3 - (ابْن أبي الْخَوْف)
أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أبي بكر ابْن عماد الدّين أبي الْحرم مكي بن مُسلم ابْن أبي الْخَوْف الْمَعْرُوف بعوكل شهَاب الدّين كَانَ لَهُ مطالعات كَثِيرَة فِي كتب الْأَدَب ويحفظ شعرًا كثيرا للْمُتَقَدِّمين والمتأخرين أَكثر وَيعرف سرقات غَالب الشُّعَرَاء لَا سِيمَا شعراء الْمُتَأَخِّرين وَأهل الْعَصْر وَكَانَ لَا اشْتِغَال لَهُ غير المطالعة وَكَانَ جيد النَّقْد للشعر وَالِاخْتِيَار وَكتب مجاميع كَثِيرَة من شعر الْمُتَأَخِّرين وينظم المقاطيع الجيدة وَله وقف يحصل مِنْهُ فِي الصَّيف مَا يكون لَهُ مُؤنَة فِي الشتَاء فَيتَوَجَّه إِلَى الديار المصرية فِي الشتَاء ويحضر إِلَى دمشق فِي الصَّيف وَكَانَ متمزقاً إِلَى الْغَايَة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي مستهل شهر رَجَب الْفَرد سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي طاعون دمشق وَله من الْعُمر أَرْبَعُونَ سنة تَقْرِيبًا أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ)
نَاظر الْجَامِع الْكَبِير ظلوم إِذا قدر
(ابله ربّ بالعمى ... وأرحه من النّظر)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أَيْضا
(قلت لَهُ إِذْ بدا وطلعته ... قد أشرقت فَوق قامةٍ تامه)
(هَب لي مناماً فَقَالَ كَيفَ وَقد ... رَأَيْت شمس الضُّحَى على قامه)
قلت هُوَ مَأْخُوذ من قَول شمس الدّين مُحَمَّد بن التلمساني
(بدا وَجهه من فَوق أسمر قدّه ... وَقد لَاحَ من سود الذوائب فِي جنح)
(فَقلت عَجِيب كَيفَ لم يذهب الدجى ... وَقد طلعت شمس النَّهَار على رمح)
وَمن شعره فِي ابْن العايق الطّباخ
(قد غلب العايق فِي قَوْله ... لمّا أَتَى الطَّاعُون بالحادث)
(قمحيّتي تقتل فِي يَوْمهَا ... وَذَاكَ فِي يَوْمَيْنِ وَالثَّالِث)
وَكتب إلّي وَنحن بِالْقَاهِرَةِ
(أيا فَاضلا سَاد الورى بفضائلٍ ... تناهت فَمَا أضحى لهنَّ عديل)
(تقمّصت ثوب الْعلم والحلم والندى ... فَأَنت صَلَاح للورى وخليل)
(وَلست خَلِيلًا بل خليجاً لواردٍ ... غَلطت فسامحني فنيلك نيل)
فَكتبت أَنا جَوَابه
(أيا ابْن أبي الْخَوْف الَّذِي أمنت بِهِ ... طرائق نظمٍ واستبان دَلِيل)
(لقد فتّ غايات الأولى سبقوا إِلَى ... نهايات فضلٍ مَا إِلَيْهِ سَبِيل)(8/105)
(فَأَنت على هَذَا الزَّمَان كثير ... ورأيك فِي النّظم البديع جميل)
3 - (ابْن الحاجبي الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الْمَعْرُوف بالحاجبي شَاب جندي رَأَيْته بِالْقَاهِرَةِ فِي سوق الْكتب سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(أَقُول شبّه لنا جيد الرّشا ترفاً ... يَا معمل الْفِكر فِي نظمٍ وإنشاء)
(فظلّ يجْهد أَيَّامًا قريحته ... وشبّه المَاء بعد الْجهد بِالْمَاءِ)
وَبَلغنِي عَنهُ مقاطيع رائقة وأبيات رائعة مِنْهَا قَوْله)
(مالوا بِغَيْر الراح أغصانا ... والتفتوا يَا صَاح غزلانا)
(وَاحْتَملُوا فِي الخصر لما مَشوا ... فِي عقدات الرّمل كثبانا)
(غيد حلت أفنان أوصافهم ... هَذَا الَّذِي وَالله أفنانا)
(فِي وَجه كل مِنْهُم رَوْضَة ... حوت من الأزهار ألوانا)
(يَقُول لي لين تثننّيهم ... ضلَّ الَّذِي بِالرُّمْحِ حاكانا)
(هَب سنّه يَغْزُو كألحاظنا ... فَهَل رَأَيْت الرّمح وسنانا)
(أَشْكُو إِلَيْهِم تعباً من جَفا ... صيّرني فِي اللَّيْل سهرانا)
(قَالُوا أترجوه رَاحَة فِي الْهوى ... لم يزل العاشق تعبانا)
(وَلَا تكن ذَا طمع فِي الْكرَى ... إنّا فتحنا لَك أجفانا)
وَلما سمع قولي
(قَالَت لأيري وَهُوَ فِيهَا ضائعٌ ... كالحبل وسط الْبِئْر إِذْ تلقيه)
(قد عِشْت فِي كُس كَبِير قلت مَا ... كذبت لأنّ الْكَاف للتشبيه)
قَالَ هُوَ مُخْتَصرا
(ربَّ صغيرٍ حِين ولّفته ... أيقنت لَا يدْخل إلاّ الْيَسِير)
(ألفيته كالبئر فِي وَسعه ... حَتَّى عجبنا من صغيرٍ كَبِير)
وَكَذَا لما سمع قولي
(يَا طيب نشرٍ هبَّ لي من أَرْضكُم ... فأثار كامن لوعتي وتهتكي)
(أدّى تحيتكم وأشبه لطفكم ... وَحكى شذاكم إنَّ ذَا نشر ذكي)
قَالَ هُوَ(8/106)
(لَا تبعثوا غير الصّبا بتحيةٍ ... مَا طَابَ فِي سَمْعِي حَدِيث سواهَا)
(حفظت أَحَادِيث الْهوى وتضوّعت ... نشراً فيا لله مَا أذكاها)
وَمن نظمه
(وصفت خصره الَّذِي ... أخفاه ردف رَاجِح)
(قَالُوا وصف جَبينه ... فَقلت ذَاك وَاضح)
وَمن نظم شهَاب الدّين أَحْمد ابْن الحاجبي)
(لم أنس أَيَّام الصّبا والهوى ... لله أَيَّام النّجا والنّجاح)
(ذَاك زمَان مرّ حُلْو الجنى ... ظَفرت فِيهِ بحبيبٍ وَرَاح)
وَمِنْه
(يميس على حقفٍ هُوَ الردف عطفه ... فَللَّه مهتز بقدّ القنا يهزو)
(رشاً عَاجز من ردفه عَن نهوضه ... فَإِن قَامَ ذَاك الْعَطف أقعده الْعَجز)
وَمِنْه
(يَا ناصحاً أتعبه لوم ذِي ... عقلٍ سليبٍ وفؤادٍ لسيب)
(لَا ذقت مَا يشكوه من شادنٍ ... بعيد وصلٍ ورقيبٍ قريب)
وَمِنْه
(تَقول وَقد تجاذبنا للثمٍ ... ورحت لسلكها وَنَثَرت حبّه)
(أحبّاً تدّعي وفرطت عقدي ... فَقلت وَذَاكَ من فرط المحبه)
وَمِنْه
(قعدت أصطاد بنيل مصرٍ ... يَوْم وفاه وَهُوَ محمرّ الصّفا)
(فشلت مِنْهُ رايةً قلت لَهُ ... ذِي الرَّايَة البيضا عَلَيْهِ بالوفا)
وَمِنْه
(وَلَقَد نثرت مدامعي وَدمِي مَعًا ... يَوْم الرحيل وخاطري مكسور)
(لَا تعجبوا لتلوّنٍ فِي أدمعي ... لَا غرو أَن يتلوّن المنثور)
وَمِنْه
(أَلا ربّ بستانٍ نزلت فناءه ... أنيساً وَفِيه دوَل يتدفّقً)
(تفتّح فِيهِ النّور إِذْ بَاشر الندى ... وَقد ضَاعَ مِنْهُ نشره وَهُوَ مغلق)
وَمِنْه
(ربَّ خيّاطٍ كخوط بانةٍ ... لن يكفَّ الهجر عَن مظلومه)(8/107)
(إِن يكن يرضيه كتمان الْهوى ... لَيْسَ لي طوق على مكتومه)
وَمِنْه
(عدلت عَن عشق رشاً جائرٍ ... يروم عمدا بالجفا قَتْلِي)
)
(فَالْحَمْد لله على سلوةٍ ... قابلت فِيهَا الْجور بِالْعَدْلِ)
وَمِنْه
(لما أَتَيْنَا نَحْو روضٍ غَدا ... لكلَّ من يَرْجُو الهنا مطلبا)
(والغيم يبكيه ونوَّاره ... مقطب هبّت علينا الصّبا)
(فَقطعت أَثوَاب سحب الحيا ... وفتّقت أكمام زهرالرّبى)
وَمِنْه
(كلّ الظّبا نعرفها ... قَاطِعَة إِذا انجلت)
(وَذَا سيوف لحظه ... إِذا تصدّت قتلت)
وَمِنْه
(وحديقةٍ خطر الحبيب بهَا ضحى ... وعَلى الغصون من الْغَمَام نثار)
(فجرت تقبّل تربه أنهارها ... وتبسّمت فِي وَجهه الأزهار)
3 - (أَحْمد بن مَحْمُود)
3 - (أَبُو طَاهِر الثَّقَفِيّ)
أَحْمد بن مَحْمُود أَبُو طَاهِر الثَّقَفِيّ الْمُؤَدب وَهُوَ الْجد الْأَعْلَى ليحيى الثَّقَفِيّ صَاحب أصُول حَسَنَة شيخ صَالح ثِقَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين متعصب لأهل السّنة توفّي سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الحصيري الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن مَحْمُود بن أَحْمد بن عبد السيّد بن عُثْمَان بن نصر بن عبد الْملك الشَّيْخ نظام الدّين التَّاجِر الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بالحصيري بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالصَّاد الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَالرَّاء وياء النسبصاحب الطَّرِيقَة الْمَشْهُورَة وشارح الْإِرْشَاد العميدي قَتله التتار بنيسابور عِنْد أول خُرُوجهمْ إِلَى الْبِلَاد سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة كَانَ وَالِده من أَعْيَان الْعلمَاء وَكَانَ يدّرس بِالْمَدْرَسَةِ النورية بِدِمَشْق وَلم يكن فِي عصره من يُقَارِبه فِي مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ يُنكر على وَلَده نظام الدّين الْمَذْكُور وتضييع فكره وذهنه(8/108)
وَكَانَ من أسدّ النَّاس ذهناً وإدراكاً وَيَقُول عَنهُ ذَاك شَاب وَكَانَ نظام الدّين يَقُول عَن أَبِيه أبي شيخ كودن لاقتصاره على الْمَذْهَب)
3 - (القَاضِي أَبُو الْعَبَّاس الوَاسِطِيّ الحمداني)
أَحْمد بن مَحْمُود بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن أبي الهيجاء ابْن حمدَان أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل وَاسِط قَرَأَ بالروايات على أبي بكر الباقلاّني وعَلى عَليّ بن عَبَّاس الْخَطِيب هما من أَصْحَاب أبي الْعِزّ القلانسي ودرس الْفِقْه على عَمه أبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد وعَلى يحيى بن الرّبيع وَقَرَأَ شَيْئا من أصُول على المجير مَحْمُود البغداذي وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الْكِنَانِي وَهبة الله بن نصر الله بن مخلد الْأَزْدِيّ وَمُحَمّد بن عبد السَّمِيع بن عبد الله الْهَاشِمِي وَغَيرهم وَقدم بغداذ وَقَرَأَ الْمَذْهَب وَالْخلاف على أبي الْقَاسِم ابْن فضلان وَسمع من أبي الْفَتْح ابْن شاتيل الدباس وَغَيره قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَسَمعنَا بقرَاءَته كثيرا وَكَانَ يقْرَأ سَرِيعا صَحِيحا ولي الْإِعَادَة بمدرسة ابْن الْمطلب مُدَّة ثمَّ ولي مدرسة الْجِهَة أم الْخَلِيفَة وَولي الْقَضَاء بالجانب الغربي وَلم يزل على الْقَضَاء إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ حَافِظًا لمَذْهَب الشَّافِعِي سديد الْفَتَاوَى وَمَا رَأَيْت أجمل طَريقَة مِنْهُ وَلَا أحسن سيرة مَعَ ديانَة كَامِلَة وزهد وَعبادَة وعفة ونزاهة وَكَانَ من ألطف النَّاس وأكيسهم وَأَكْثَرهم تودداً وتواضعاً وتحبباً إِلَى النَّاس كتبت عَنهُ شَيْئا يَسِيرا وَكَانَ ثِقَة نبيلاً توفّي سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة
3 - (ابْن الْجَوْهَرِي الْمُحدث)
أَحْمد بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن نَبهَان الْحَافِظ الْمُفِيد شرف الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الثَّنَاء الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الْجَوْهَرِي أحد من عني بِهَذَا الشَّأْن وتعب عَلَيْهِ ورحل وسهر وَكتب الْكثير وَحصل مَا لم يحصله غَيره ثمَّ أدْركهُ الْأَجَل شَابًّا وَكَانَت لَهُ دنيا أنفقها فِي طلب الْعلم وَكَانَت الصدرية قاعة فاشتراها مِنْهُ ابْن المنجّا ووقفها مدرسة وَلما احْتضرَ وقف كتبه وأجزاءه بالنورية وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (كَمَال الدّين ابْن الْعَطَّار)
أَحْمد بن مَحْمُود الإِمَام الأديب البليغ المنشىء كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْفَتْح الشَّيْبَانِيّ الدِّمَشْقِي ابْن الْعَطَّار ولد سنة سِتّ وَعشْرين وَأَجَازَ لَهُ ابْن روزبه وَسمع من ابْن المقيّر وَأبي نصر ابْن الشِّيرَازِيّ والسخاوي وخرَّجت لَهُ مشيخة وسمعها الشَّيْخ شمس الدّين وَحدث ب صَحِيح البُخَارِيّ بالكرك بِالْإِجَازَةِ سنة سَبْعمِائة وَكَانَ ديّناً وقوراً بديع الْكِتَابَة والترسل جيد)
النّظم والنثر توفى سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَلم يزل رَئِيسا فِي ديوَان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق مشاراً إِلَيْهِ بالتعظيم إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى كتب إِلَى محيي الدّين عبد الله ابْن عبد الظَّاهِر(8/109)
(سقى وحيّا الله طيفاً أَتَى ... فَقُمْت إجلالاً وقبّلته)
(لشدَّة الشوق الَّذِي بَيْننَا ... قد زارني حَقًا وَقد زرته)
وافى من الجناب العالي المحيوي آنس الله الْمَمْلُوك بِقُرْبِهِ وَحفظ عَلَيْهِ مَنْزِلَته من قلبه وهداه إِلَى الطَّرِيق الَّتِي كَانَ ظفر فِيهَا بمطلب البلاغة من كتبه وَلَا شغله بسواه حَتَّى لَا يسمع غير كَلَامه وَلَا يرى غير شخصه وَلَا ينْطق إِلَّا بِذكرِهِ لغَلَبَة حبه وَمَا زَارَهُ فِي الْمَنَام وَلَا أَتَاهُ فِي خفيةٍ واكتتام وَلَا شَاهده بِدَعْوَى الإحلام بل فَإِن المنى أَحْلَام المستيقظ وَهُوَ بِهِ طول المدى حالم وَالنَّاس نيام وَلَا يُنكر الْإِخْلَال بالمكاتبة على نَائِم الْقَلَم مَرْفُوع عَن النَّائِم غير أَن الْمَمْلُوك أَمَاتَهُ الشوق فانتبه بعد مَا رَآهُ بِعَيْنِه فَهُوَ لَا يتَأَوَّل وَلَا سِيمَا فِي أَمر مَا اشْتبهَ وَمَا كَانَت زيارته لَهُ إِلَّا مُنَافَسَة لَهُ بظنّه أَن الْمَمْلُوك علقت بِهِ أَسبَاب الْكرَى ومناقشة لطلبه زور الخيال حَقِيقَة لما سرى لينفي الوسن عَن نظره ثمَّ ينْصَرف على أَثَره وَلما سجدت لَهُ الأجفان ظنّ بهَا سنة فزارها منبّهاً وَمَا كَانَ إلاّ سَاهِيا بمزاره عَن خدمته فَلَا يُنكر على جفْنه السُّجُود لمّا سَهَا وَلكم علّةٍ للشوق أطفأ حرّها بمزاره وأعلق بِهِ أشراك الأجفان خيفةً من نفاره وعقله بحبائل جفنيه خشيَة أَن تنْزع يَد الْيَقَظَة حَبِيبه من يبن جَنْبَيْهِ وَضمّهَا على خياله ضمّ الْمُحب للعناق يَمِينه على شِمَاله وَلَكِن مَا فَازَ بالعناق إِلَّا يَد أَو يدان وعناق الْمَمْلُوك للطيف من فرط الوجد بأَرْبعَة أيدٍ من الأجفان وَإِن لم تُؤْخَذ هَذِه الدَّعْوَى مِنْهُ بِالتَّسْلِيمِ وَقيل مَا زَارَهُ بل استزاره فكر لَهُ فِي كلّ وادٍ يهيم فبلى وحقّه لقد قصد مزارا إِن الْكَرِيم إِذا لم يستزر زارا وتالله لقد وافاه ويسراه على حشاه ويمناه متشبثة بأذيال دجاه
ومحبه فَوَجَدَهُ على أَبْرَح مَا يكون من الوجد الَّذِي عَهده إِلَّا أَن ضيف الطيف مَا أهتدى إلاّ بِنَار أشواقه وَمَا سرى بل سَار فِي ضياءٍ من بارق دمعه وَمَا يوري قدحاً من سنابك براقه
وتسوّر أسوار الجفون وخاض السُّيُول من الْعُيُون
فَكتب ابْن عبد الظَّاهِر الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك
(فِي النّوم واليقظة لي راتب ... عَلَيْك فِي الْحَالين قرَّرته)
(تفضّل الْمولى إِذا زَارَهُ ... طيف خيالي مِنْهُ أَن زرته)
)
ورد على المملوكأدام الله نعْمَة الجناب الكمالي وَلَا أسهر جفْنه إِلَّا فِي سَبِيل المكارم وَلَا سهّدها إِلَّا فِي تَأْوِيل رُؤْيا مغارم الْفضل الَّتِي يَرَاهَا من جملَة الْمَغَانِم وَجعله يتعزّز بحلمه هفوة الطيف وَكَيف لَا يحلم الحالمكتاب شرِيف حبّب إِلَيْهِ التَّشْبِيه بِنصب حبائل الهدب من الجفون والاستغشاء بالنعاس لعلّ خيالاً فِي الْمَنَام يكون وليغنم اجتماعه وَلَو فِي الْكرَى وتصبح عينه مَدِينَة وَإِن مضى عَلَيْهَا زمن وَهِي من الْقرى وينعم طرفه من التلاقي بِأَحْسَن الطّرف وَيَقُول هَذَا من تِلْكَ السجايا أطيب الْهَدَايَا وَمن تِلْكَ المزايا ألطف التحف وَيرْفَع محلّ الطيف فيرقّيه من الهدب فِي سلالم لَا بل يمطيه طرف طرفه ويجعلها لَهُ شكائم لَا بل يرخيها لصونه أستاراً وَلَا يصفها بِأَنَّهَا دُخان إِذْ كَانَ يجلّ موطن الطيف الْكَرِيم أَن يؤجّج نَارا ويعظمه عَن أَنه إِذا أرسل خياله رائداً أَن يتبعهُ النَّاظر وَأَن يكلّفه مشقة بسلوك مدارج الدُّمُوع إِذْ هِيَ محاجر ثمَّ(8/110)
يخْشَى أَن يحصل نفور من التغالي فِي وصف الدُّمُوع بِأَنَّهَا سيول فيهول من أمرهَا مَا يهول وَيَقُول هَل الدمع إِلَّا مَاء يرش بِهِ بَين يَدي الطيف وَهل الهدب على تَقْدِير أَنَّهَا دُخان إِلَّا مَا لَعَلَّه يرْتَفع لما يقرى بِهِ الضَّيْف وَعَن إِيرَاد الجفون بِهَذَا وإسخان الْعُيُون بِهَذِهِ هَل هما لِإِيلَافِ الخيال إِلَّا مَا يَقْصِدهُ من رحْلَة الشتَاء والصيف ثمَّ يحتقر الْمَمْلُوك إِنْسَان عينه عَن أنّه يلْزمه لهَذَا الْأَمر تكليفاً ويتدبر قَوْله تَعَالَى وخُلِقَ الإنسانُ ضَعِيفا وَيَقُول لَهُ لَا تطِيق الْقيام لهَذِهِ الزورة الشَّرِيفَة من الْوَظِيفَة لِأَن النّوم سُلْطَان وَأي يَد لَك مَعَ خَليفَة الحبيب خَليفَة الحبيب وَيَد الْخلَافَة لَا تطاولها يَد والعيون فِي الصِّبَا أَو الْكبر لَا تُوصَف إِلَّا بِأَنَّهَا ضَعِيفَة فَيَقُول كم مثلي إِنْسَان تطاول لاستزارة الطيف حَتَّى طرق وَكم خيال أَتَى على أعين النَّاس فجَاء مَحْمُولا على الحدق وَكم محبّ دَرأ عَن النّوم بِشُبْهَة تغميض الأجفان عَن غير عمد حدَّ الْقطع على السرق ثمَّ يَأْخُذ فِي طريقةٍ غير هَذِه الطَّرِيقَة وَيرى الِاكْتِفَاء بالمجاز عَن الْحَقِيقَة وَإِذا أَوْمَأت الْعين للحجة فِي تصويب استزارة الخيال تَقول مَا هَذِه من الْحجَج الَّتِي تسمى وَثِيقَة وَترى أنّ تمثل الشَّخْص لشريف فِي الخاطر قد أغناه عَن أنّه يَنْقُلهُ من الْكرَى وَكَفاهُ أنّه ينشد سرّ الخيال بطيفه لّما سرى وَلم يحوجه حاشاه إِلَى أنّه يزوّر لَهُ محضرا وَلَا أنّه ينشد أَتَرَى درى ذَاك الرَّقِيب بِمَا جرى)
اللَّهُمَّ ليورد مورد الْعين انفع مَا يدّخر وَالْعين الصافية مَا برح عِنْدهَا من الخيال الْخَبَر وَإِذا كَانَ الْقلب مُتَوَلِّي الْحَرْب مَعَ الأشواق فَكيف يشاحح الخيال على أنّه مُتَوَلِّي النّظر فَحِينَئِذٍ يسكن إِلَى الوسن ويمدّ لَهُ من الهدب الرّسن ويزور ويستزير وَيقصر وَيَتْلُو وَيَعْفُو عَن كثير وَيذْهب لأجل ذَاك مَذْهَب من يقّدم على الْأَيَّام اللَّيَالِي ويعظمها لأنّه مَظَنَّة هجوم الخيال وَيجْعَل جفونه أَرض تِلْكَ الهجمة الَّتِي يغلب عَلَيْهَا وَمَا بَرحت تغلب لَهَا أَرض الْجبَال وَأما النّيل فكم احتقره الْمَمْلُوك بِالنِّسْبَةِ إِلَى كرم مَوْلَانَا ونواله وَيكرهُ مذاقه بِالْإِضَافَة إِلَى زلاله ويحقق أَن مقياس رَاحَته هُوَ الَّذِي يستسعد بِهِ الْأُمَم وَإِن الْأَصَابِع من الْأَصَابِع الْكَرِيمَة والعمود الْقَلَم وَأَن طَالب ورد ذَاك تَعب وطالب جود سيدنَا مستريح وَيَكْفِي واصف نواله لَهُ وَهُوَ غَايَة المديح
قلت هَذَانِ كِتَابَانِ بَين كاتبين كَانَا فاضلي عصرهما وكاملي دهرهما كل مِنْهُمَا اعتنى بِمَا كتب وَالْمعْنَى وَاحِد فَأَنت ترى كتاب ابْن عبد الظَّاهِر مشحوناً بالتورية والاستخدام وَهُوَ أميل إِلَى الطَّرِيقَة الْفَاضِلِيَّةِ على أَن كلاّ مِنْهُمَا حلّ منظوم النَّاس وَأَشَارَ إِلَى أَبْيَات مَشْهُورَة وأحال عَلَيْهَا وَلَكِن محَاسِن ابْن عبد الظَّاهِر الَّتِي من كيسه أحسن وَلَو كَانَ هَذَا مَوضِع الْكَلَام لأوردت الأبيات الَّتِي حلاّها وساقها كل مِنْهُمَا فِي مُكَاتبَته وحلاها وَلَكِن لَا يخفي ذَلِك على المطلع الْفَاضِل
وَمن شعر كَمَال الدّين ابْن الْعَطَّار رَحمَه الله تَعَالَى
(وَلما بدا مرخى الذوائب وانثنى ... ضحوك الثنايا مُرْسل الصدغ فِي الخدّ)
(بدا الْبَدْر فِي الظلماء والغصن فِي النّقا ... وزهر الرِّبَا فِي الرَّوْض والآس فِي الْورْد)(8/111)
وأنشده محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر
(لَا تنكرن على الأقلام إِن قصرت ... لَهَا مساعٍ ّذا أبصرتها وخطا)
(فعارض الطّرس فِي حد الطروس بدا ... من أَبيض الرمل شيب فِيهِ قد وخطا)
فَقَالَ كَمَال الدّين
(أَقْلَام فضلك مَا شابت وَلَا قصرت ... لَهَا مساعٍ إِذا أنصفتها وخطا)
(بل عَارض الطرس لما شَاب عنبره ... بعشبه قيل شيب فِيهِ قد وخطا)
)
وَقَالَ من قصيدة يرثي بهَا الْملك الظَّاهِر بيبرس
(بَكت القسي لفقده حَتَّى انْثَنَتْ ... وَلها عَلَيْهِ من الرنين تحسّر)
(ولحزنها بيض الصفّاح قد انحنت ... وتبيت فِي أغمادها تتستّر)
(أرخت ذوابله ذوائبها أسىً ... ولرنكه وَجه عَلَيْهِ أصفر)
(وَلِوَاؤُهُ لبس الْحداد فَهَل ترى ... كَانَ الشعار لفقده يستشعر)
(ملك بكته أرائك وترائك ... وملائك وممالك لَا تحصر)
(وَلكم بكته حصنه وحصونه ... ونزيله ونزاله والعسكر)
(من للممالك بعده من كافلٍ ... كم حاطها بِالرَّأْيِ مِنْهُ مسوّر)
(قد حرّك الثقلَيْن فقد مصابه ... فَالظَّاهِر المودي أَو الاسكندر)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ)
أَحْمد بن الْمُخْتَار بن مبارك الرَّازِيّ القطّان أَبُو الْقَاسِم الشَّاعِر كَانَ أَبوهُ رازيّاً وَهُوَ بغداذي
وَمن شعره
(إِذا ذكر الْغَرِيب مجالسيه ... وعيشاً صافياً قد كَانَ فِيهِ)
(تحادر دمعه وازداد شوقاً ... كيعقوب النبّي إِلَى بنيه)
3 - (أَبُو بكر العباسي الاسكندراني الشَّافِعِي)
أَحْمد بن الْمُخْتَار بن ميّسر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مظفر بن الطَّاهِر ابْن عبد الله بن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى الْهَادِي بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور العباسي الاسكندراني واسكندرية على نهر دجلة بِإِزَاءِ الحامدة وَبَينهَا وَبَين وَاسِط خَمْسَة عشر فرسخاً كَانَ فَقِيها شافعياً لَهُ معرفَة بالأدب وَيَقُول الشّعْر قدم بغداذ سنة عشر وَخَمْسمِائة متظلماً من الدِّيوَان وروى ببغداذ شَيْئا من شعره
من شعره
(ببغداذ أرقت وَبَات صحبي ... نياماً مَا يملّون الرّقادا)
(وَذَاكَ لأَنهم باتوا برَاء ... من الهمّ الَّذِي مَلأ الْفُؤَاد)
(وَلَو سكن الغرام لَهُم قلوباً ... أَو اقتدم الْهوى فيهم زنادا)(8/112)
(إِذا لَو جدتهم مثلي سكارى ... بكأس الحبّ قد هجروا الوسادا)
)
(وممّا قرّب اتسهيد مني ... وصدّ النّوم عَن عَيْني وذادا)
(تذكر قَول ذَات الْخَال لما ... انتجعنا عَن بِلَادهمْ بلادا)
(نرَاك سئمتنا ورغبت عنّا ... وقدماً كنت تمنحنا الودادا)
وَهِي أَكثر من هَذَا
3 - (الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس)
أَحْمد بن الْمُخْتَار بن مُحَمَّد بن عبيد بن جبر بن سُلَيْمَان أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْفتُوح ابْن أخي مهذب الدولة الْمَذْكُور آنِفا وَأحمد هَذَا وَأَبوهُ من أُمَرَاء البطيحة كَانَ كثير الشّعْر قدم بغداذ ومدح الْإِمَامَيْنِ المستظهر والمسترشد ومدح المقتفي لأمر الله مَاتَ لَهُ ابْن فَبكى عَلَيْهِ إِلَى أَن ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ ثمَّ تلتها الْأُخْرَى فَقَالَ يشكو الزَّمَان
(كَأَنَّمَا آلى على نَفسه ... أَن لَا يرى شملاً لإثنين)
(لم يكفه أَن نَالَ من مهجتي ... حَتَّى أصَاب الْعين بِالْعينِ)
وَقَالَ يمدح المستظهر بِاللَّه
(أللحمامة أم للبرق تكتئب ... لَا بل لكلًّ دعَاك الشوق والطرب)
(إِن أومض الْبَرْق أَو غنّت مطّوقة ... قضيت من حقّ ضيف الحبّ مايجب)
(وَالْحب كالنار تمسي وَهِي سَاكِنة ... حَتَّى تحركها ريح فتلتهب)
وَقَالَ أَيْضا
(دنت دَار الْأَحِبَّة ثمَّ شطّت ... كَذَاك الدَّار تَدْنُو أَو تشطّ)
(فلي فِي الْقرب قسط من سرورٍ ... وَعند الْبعد لي فِي الهمّ قسط)
(وَمَا يَأْتِي على شرح اشتياقي ... حَشا تملي وَلَا كف تخطّ)
وَقَالَ أَيْضا
(وَلَقَد أَقُول لصاحبي قُم فاسقني ... بكر الدّنان وَمَا تغنّى الديك)
(قُم داوني مِنْهَا بهَا إِنِّي امْرُؤ ... نشوان من إدمانها موعوك)
(فَكَأَنَّهَا فِي الكاس لما شجّها ... ذهب بجاحم ناره مسبوك)
(فِي رَوْضَة أنف النَّبَات كَأَنَّهَا ... برد بكفّ العصفريّ محوك)
(جيدت بأنواء النّجوم فَلم تزل ... تبْكي عَلَيْهَا السّحب وَهِي ضحوك)
)
(حَتَّى اغتدت عجبا فكلّ خميلةٍ ... مِنْهَا تزف كَأَنَّهَا درنوك)(8/113)
توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (أَحْمد بن مَرْزُوق)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الزَّعْفَرَانِي)
أَحْمد بن مَرْزُوق بن عبد الرّازق الزَّعْفَرَانِي أَبُو الْمَعَالِي سمع الْكثير وَطلب بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَحدث باليسير عَن أَحْمد ابْن الْأَخْضَر وَأحمد بن مُحَمَّد العكبري الوَاسِطِيّ وَهبة الله بن مُحَمَّد بن مخلد الْأَزْدِيّ وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الدعي المغربي)
أَحْمد بن مَرْزُوق ابْن أبي عمَارَة البجائي المغربي السُّلْطَان الدعيّ الدعي قَالَ أَنا ابْن الواثق بِاللَّه أبي زَكَرِيَّاء يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عمر الهنتاتي
سَار فِي جَيش وَقصد تونس وتوثّب على صَاحبهَا الْمُجَاهِد أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم ابْن يحيى الهنتاني وظفر بِهِ فَقبض عَلَيْهِ ثمَّ ذبحه صبرا وَغلب على إفريقية وَتسَمى بأمير الْمُؤمنِينَ وَقَامَ بالوقاحة وَتمّ أمره وَعرف النَّاس أنّه زغل وَكَانَ سيء السِّيرَة فَانْتدبَ لَهُ أَبُو حَفْص عمر بن يحيى أَخُو الْمُجَاهِد الْمَذْكُور وَقَامَ مَعَه خلق فخارت قوى الدعّي واختفى فبويع أَبُو حَفْص ولقب بالمستنصر بِاللَّه الْمُؤَيد وظفر بالدعي وعذّبه فَأقر بأنّه أَحْمد بن مَرْزُوق وأنّه كذب فَمَاتَ تَحت السِّيَاط سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وَكَانَت أَيَّامه دون العامين
3 - (أَبُو جَعْفَر الْأَبْهَرِيّ)
أَحْمد بن الْمَرْزُبَان بن آذرجشنس أَبُو جَعْفَر الْأَبْهَرِيّ أبهر أَصْبَهَان سمع جُزْء لوين من أبي جَعْفَر الحزوري وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة
أَحْمد بن مَرْوَان
3 - (أَبُو مسْهر الرَّمْلِيّ)
أَحْمد بن مَرْوَان الْمُؤَدب أَبُو مسْهر من أهل الرملة كَانَ فِي أَيَّام المتَوَكل وَكَانَ عَالما باللّغة وَهُوَ الْقَائِل
(غيث وَلَيْث فغيث حِين تسأله ... عرفا وَلَيْث لَدَى الهيجاء ضرغام)
(يحيا الْأَنَام بِهِ فِي الجذب إِن قحطوا ... جوداً وتشقى بِهِ يَوْم الوغى الْهَام)
)
(حالان ضدّان مجموعان فِيهِ فَمَا ... ينفكُّ بَينهمَا بؤسي وإنعام)
(كالمزن تَجْتَمِع الْحَالَات فِيهِ مَعًا ... مَاء ونار وإرهام وإضرام)(8/114)
3 - (نصر الدولة صَاحب ميافارقين)
أَحْمد بن مَرْوَان بن دوستك الْكرْدِي الْحميدِي نصر الدولة صَاحب ميافارقين ودياربكر ملك الْبِلَاد بعد قتل أَخِيه أبي سعيد مَنْصُور فِي قلعة الهتّاخ قيل إنّه الَّذِي قتل أَخَاهُ وَكَانَ رجلا مسعوداً عالي الهمة حسن السياسة كثير الحزم قضى من اللَّذَّات وَبلغ من السَّعَادَة مَا يقصّر عَنهُ الْوَصْف وَنقل ابْن الْأَزْرَق فِي تَارِيخه أنّه لم يصادر أحدا فِي أَيَّامه غير شخص وَاحِد وقصّ قصَّة لَا حَاجَة إِلَيْهَا وَأَنه لم تفته صَلَاة الصُّبْح مَعَ انهماكه فِي اللَّذَّات وَكَانَ لَهُ ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ جَارِيَة يَخْلُو كل لَيْلَة من السّنة مَعَ وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَلَا تعود النّوبَة إِلَيْهَا إِلَّا بعد سنة وَقسم أوقاته فِي مصَالح دولته ولذاته والاجتماع بأَهْله وألزمه وَخلف أَوْلَادًا كَثِيرَة وقصده شعراء عصره ومدحوه ووزر لَهُ الْوَزير أَبُو الْقَاسِم المغربي مرَّتَيْنِ وفخر الدولة ابْن جهير وهما وزيرا خليفتين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة قتل فِي قصره بالسدلي وعاش سبعا وَسبعين سنة وَكَانَت إمارته اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة وَكَانَ عِنْده الْحَبل الْيَاقُوت الْأَحْمَر الَّذِي كَانَ لبني بويه وأنفذه إِلَى طغرلبك مَعَ هَدَايَا كَثِيرَة تَسَاوِي ثَلَاثمِائَة ألف دِينَار وَمَعَ مائَة ألف دِينَار عينا وَكَانَ مدارياً إِذا قَصده عَدو يَقُول كم مِقْدَار مَا ينْفق لرده فَإِذا قيل مائَة ألف دِينَار مثلا بعث بهَا إِلَى الْعَدو فَيدْفَع شَره ويأمن على عسكره من المخاطرة وَتزَوج عدَّة من بَنَات الْمُلُوك وَكَانَ فِي قصره ثَلَاثَة آلَاف جَارِيَة عمالات يبلغ شرى الْجَارِيَة الْوَاحِدَة من ألف دِينَار إِلَى خَمْسَة عشر ألف دِينَار وَملك خَمْسمِائَة سَرِيَّة سوى توابعهن وَخَمْسمِائة خَادِم وَكَانَ فِي مَجْلِسه من الْأَوَانِي والآلات والجواهر مَا يزِيد على مِائَتي ألف دِينَار ورخصت الأسعار فِي زَمَانه وتظاهر النَّاس بالأموال ووفد إِلَيْهِ الشُّعَرَاء وَسكن عِنْده الْعباد وبلغه أَن الطُّيُور تخرج من الْجبَال إِلَى الْقرى فِي الشتَاء فتصاد فَأمر بِفَتْح الأهراء وَأَن يحمل إِلَيْهَا من الأهراء مَا يشبعها وَكَانَت الطُّيُور فِي ضيافته طول عمره وَلَا يتجاسر أحد أَن يصيد طيراً وَقيل لبَعض أَصْحَابه إِن أَيَّام نصر الدولة كَانَت ثَلَاثًا وَخمسين سنة فَقَالَ لَا بل مائَة وست سِنِين فَقيل لَهُ وَكَيف قَالَ لِأَن لياليه كَانَت أحسن من أَيَّامه
ووفد عَلَيْهِ منجّم حاذق من الْهِنْد فَأكْرمه فَقَالَ لَهُ يَوْمًا أَيهَا الْأَمِير يخرج على دولتك بعْدك)
رجل قد أَحْسَنت إِلَيْهِ وأكرمته فَيَأْخُذ الْملك من ولدك ويقلع الْبَيْت وَلَا يلبث إِلَّا مُدَّة يسيرَة وَتُؤْخَذ مِنْهُ ففكر سَاعَة وَكَانَ الْوَزير ابْن جهير وَاقِفًا على رَأسه فَرفع رَأسه إِلَيْهِ وَقَالَ إِن كَانَ صَحِيحا فَهُوَ هَذَا الشَّيْخ فَقبل ابْن(8/115)
جُبَير الأَرْض وَقَالَ الله الله يَا مَوْلَانَا وَمن أَنا قَالَ بلَى إِن ملكت فَأحْسن إِلَى وَلَدي وَكَانَ ابْن جهير قد اطلع على الخزائن والذخائر وارتفاع الْبِلَاد
قَالَ ابْن جهير لبَعض أَصْحَابه من يَوْم قَالَ المنجم مَا قَالَ وَقع فِي قلبِي صِحَة كَلَامه وَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ
3 - (الْبَلَدِي الخباز المقرىء)
أَحْمد بن مسرور بن عبد الْوَهَّاب بن مسرور بن أَحْمد من أَسد بن خُزَيْمَة أَبُو نصر الْبَلَدِي الخباز المقرىء قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على آبَاء الْحسن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الْقَزاز صَاحب أبي بكر وَمُجاهد وَعلي بن مُحَمَّد بن العلاف وَعلي بن أَحْمد بن عمر الحمامي وَغَيرهم وَسمع بِبَلَد من أبي الطّيب المطهر بن إِسْمَاعِيل القَاضِي عَن أبي يعلى الْموصِلِي وببغداذ من ابْن سمعون الْوَاعِظ وَأبي عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان المرزباني وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد الطَّبَرِيّ وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ عَن شُيُوخه وصنف كتاب الْمُفِيد فِي الْقرَاءَات السَّبع وأقرأ وحدّث توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة خلّط فِي بعض سماعاته
3 - (أَبُو الْفضل الْحَنَفِيّ التركستاني)
أَحْمد بن مَسْعُود بن عَليّ التركستاني أَبُو الْفضل الْفَقِيه الْحَنَفِيّ قدم بغداذ واختص بِخِدْمَة الْوَزير نَاصِر بن مهْدي الْعلوِي وَكَانَ ينفذهُ فِي الرسائل إِلَى الْأَطْرَاف وَجعله بَين يَدَيْهِ يعرض عَلَيْهِ الرّقاع للنَّاس وَلما عزل ابْن مهْدي عَن الوزارة رتّب مدرساً بمشهد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَجعل إِلَيْهِ النّظر فِي أوقاته والرئاسة على أَصْحَابه وخلع عَلَيْهِ خلعة سَوْدَاء بطرحة وخوطب بالاحترام التَّام وَأَجَازَ لَهُ الإِمَام النَّاصِر الرِّوَايَة عَنهُ فحدّث بِجَامِع الْقصر فِي حلقته وَسمع مِنْهُ جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَتُوفِّي سنة عشر وسِتمِائَة
3 - (السنهوري المادح)
أَحْمد بن مَسْعُود بن أَحْمد بن مَمْدُود بن برسق شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس الضَّرِير السنهوري الْمَعْرُوف بالمادح لأنّه يكثر من مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ اجْتمعت بِهِ غير مرّة بِالْقَاهِرَةِ عِنْد)
الصاحب أَمِين الدّين فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة ورأيته حفظه وَله قدرَة على النّظم ينظم القصيدة وَفِي كل بَيت حُرُوف المعجم وَفِي كل بَيت ظاء وَفِي كل بَيت ضاد وَهَكَذَا من هَذَا اللُّزُوم وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي طاعون مصر وَمن شعره
(إِن أنْكرت مقلتاك سفك دمي ... فورد خدّيك لي بِهِ شَاهد)
(يجرحه ناظري وَيشْهد لي ... أَلَيْسَ ظلما تجريحي الشَّاهِد)
(أطاعك الخافقان ته بهما ... قلبِي المعّنى وقرطك المائد)(8/116)
قلت هُوَ من قَول ابْن سناء الْملك
(أما وَالله لَوْلَا خوف سخطك ... لهان علّي مَا ألْقى برهطك)
(ملكت الْخَافِقين فتهت عجبا ... وَلَيْسَ هما سوى قلبِي وقرطك)
وَمن شعر ابْن مَسْعُود المادح
(يَا من لَهُ عندنَا أياد ... يعجز عَن وصفهَا الْإِيَادِي)
(فِيك رَجَاء وفيك يأس ... كالحرّ وَالْبرد فِي الزِّنَاد)
أَحْمد بن مُسلم
3 - (الراذاني الشَّاعِر)
أَحْمد بن مُسلم الراذاني الشَّاعِر أورد لَهُ ابْن النجار قَوْله
(أطلّ الرّبيع فطاب الطّرب ... فَقُمْ نقص من حقّه مَا وَجب)
(وهات الدّنان بعذرانها ... لنفتض مِنْهَا بَنَات الْعِنَب)
(فَهَذَا الرّبيع ونوّاره ... وَهَذَا جُمَادَى وَهَذَا رَجَب)
(فَخذ فرْصَة فِي اختلاس السرُور ... وصبّ المدامة قبل الأصب)
(فَمَا رَاحَة الْقلب إلاالمدام ... وَلَا لذّة الْعَيْش إِلَّا نهب)
(أَلا رب يومٍ لهونا بِهِ ... بصهباء مرّت عَلَيْهَا الحقب)
(كميتٍ إِذا فضّ عَنْهَا الختام ... رَأَيْت الشرار فويق الحبب)
(وَإِن أهدروا دَمهَا فِي الكئوس ... خشيت على الكأس مِنْهَا اللهب)
وَهِي أَكثر من هَذَا كلهَا جيد)
3 - (عز الدّين ابْن علاّن)
أَحْمد بن المسلّم بن مُحَمَّد بن الْمُسلم الأجلّ عز الدّين ابْن الشَّيْخ شمس الدّين ابْن علاّن الْقَيْسِي الدِّمَشْقِي ولد سنة لأَرْبَع وَعشْرين وَسمع من القَاضِي ابي نصر ابْن الشِّيرَازِيّ وَشَيخ الشُّيُوخ ابْن حموّيه والسخاوي وَإِبْرَاهِيم الخشوعي وَلم ير لَهُ سَماع من ابْن اللتي وَلَا من ابْن الزبيدِيّ
وَحفظ كتاب التَّنْبِيه ثمَّ خدم فِي الْجِهَات وَولي نظر بعلبك مَرَّات وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة(8/117)
أَحْمد بن مطرف
3 - (أَبُو الْفَتْح الْمصْرِيّ القَاضِي)
أَحْمد بن مطّرف بن إِسْحَاق القَاضِي أَبُو الْفَتْح الْمصْرِيّ كَانَ فِي الدولة الحاكمية وَله تواليف فِي الْأَدَب مِنْهَا كتاب النوائح كتاب كَبِير فِي اللُّغَة رِسَالَة فِي الضَّاد والظاء كتب بهَا إِلَى الشريف أبي الْحسن مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْحُسَيْنِي عَامل تنّيس
3 - (أَبُو الْفَتْح الْعَسْقَلَانِي قَاضِي دمياط)
أَحْمد بن مطرف أَبُو الْفَتْح الْعَسْقَلَانِي كَانَ يَلِي الْقَضَاء بدمياط وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبَعمِائَة ومولده سنة نبف وَعشْرين وثلاثمائة كَانَ أديباً فَاضلا وَله كتب كَثِيرَة فِي الْأَدَب واللغة وَغَيرهَا وديوانه جمعه على نسختين دون الْألف ورقة حكى ذَلِك الْحَافِظ الصُّورِي وأنّه أنْشدهُ قِطْعَة من شعره وناوله بَقِيَّته وَأذن لَهُ فِي رِوَايَته وَرِوَايَة سَائِر مصنّفاته وَأنْشد لَهُ
(علمي بعاقبة الْأَيَّام يَكْفِينِي ... وَمَا قضى الله لي لَا بدّ يأتيني)
(وَلَا خلاف بِأَن النَّاس قد خلقُوا ... فِيمَا يرومون معكوسي القوانين)
مِنْهَا
(إِذْ ينْفق الْعُمر فِي الدُّنْيَا مجازفةً ... وَالْمَال ينْفق فِيهَا بِالْمَوَازِينِ)
3 - (اللّغَوِيّ المغربي)
أَحْمد بن مطرف اللّغَوِيّ المغربي لَهُ ديوَان الْكَلم وَهُوَ أَكثر من عشْرين مجلداً فِي اللُّغَة توفّي بعد الْخمسين وثلاثمائة ظنّاً
3 - (فَخر الدّين ابْن مزهر)
أَحْمد بن مظفر بن مزهر القَاضِي فَخر الدّين النابلسي الْكَاتِب الْمَشْهُور أَخُو الصاحب شرف)
الدّين ابْن مزهر وَسَيَأْتِي ذكره لِأَن اسْمه يَعْقُوب
كَانَ فَخر الدّين كاتباًَ خَبِيرا بصناعة الْحساب لَهُ عدَّة مباشرات ووقائع فِي الدِّيوَان ورتب فِي أول الدولة المظفرية قطز مُقَابل الِاسْتِيفَاء بِدِمَشْق وَلما ولي الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبرس النِّيَابَة فِي أول الدولة الظَّاهِرِيَّة عَزله وَجعله نَاظر بعلبك قَالَ ابْن الصقاعي فَحصل لَهُ من جِهَة الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن التبنيني النَّائِب بهَا صداع وأخرق لأمرٍ تعرض إِلَيْهِ بِسَبَب الْحَرِيم
فَأرْسلهُ مقرّماً إِلَى النَّائِب بِدِمَشْق وَكَانَ طيبرس يكره بني مزهر من أجل نجم الدّين أَخِيه لملازمته عَلَاء الدّين البندقدار وَكَانَ طيبرس رَاكِبًا فَلَمَّا أقبل من الرّكُوب رَآهُ فَأمر برميه فِي الْبركَة وَأَن يدوسه المماليك بأرجلهم(8/118)
وَأَن يحمل عشرَة آلَاف دِرْهَم ثمَّ إنّه عَاد إِلَى مُقَابلَة الِاسْتِيفَاء ورتّبه الأفرم صَاحب الدِّيوَان وَتُوفِّي سنة سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة
3 - (أَحْمد بن معدّ)
3 - (المستعلي صَاحب مصر)
أَحْمد بن معدّ المستعلي العبيدي صَاحب مصر ابْن الْمُسْتَنْصر ابْن الظَّاهِر ابْن الْحَاكِم ابْن الْعَزِيز ابْن المعزّ ابْن الْمَنْصُور ابْن الْقَائِم ابْن الْمهْدي عبيد الله ولي الْأَمر بعد أَبِيه الْمُسْتَنْصر بالديار المصرية والشامية وَفِي أَيَّامه اختلت دولتهم وَضعف أَمرهم وانقطعت من أَكثر مدن الشَّام دعوتهم وتقاسمها الأتراك والفرنج وَلم يكن لَهُ حكم مَعَ الْأَفْضَل أَمِير الجيوش وَفِي أَيَّامه هرب نزار إِلَى الاسكندرية ونزار هُوَ الْأَكْبَر وَهُوَ جد أَصْحَاب الدعْوَة بقلعة الألموت وَتلك القلاع وَكَانَ من أمره مَا يذكر فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَولي الْأَمر سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وسنّه يَوْمئِذٍ إِحْدَى وَعِشْرُونَ سنة
وبويع يَوْم عيد غَدِير خمّ ثامن عشر الْحجَّة وَتُوفِّي لثلاث عشرَة لَيْلَة بقيت من صفر سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الأقليشي)
أَحْمد بن معد بن عِيسَى بن وَكيل الزَّاهِد أَبُو الْعَبَّاس التجِيبِي الأقليشي ثمَّ الداني كَانَ عَارِفًا باللغة الْعَرَبيَّة والْحَدِيث وَله شعر توفّي سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
3 - (أَبُو الْفضل الْمَالِكِي)
أَحْمد بن المعذلبضم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الذّال الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة ابْن غيلَان بن)
الحكم بن البحتري الْعَبْدي من عبد الْقَيْس من أنفسهم يكنى أَبَا الْفضل كَانَ فَقِيها عفيفاً ورعاً عَالما بِمذهب مَالك بن أنس متكلماً لَهُ مصنفات وَكَانَ أهل الْبَصْرَة يسمونه الراهب لدينِهِ وَهُوَ أستاذ إِسْمَاعِيل ابْن إِسْحَاق القَاضِي وَكَانَ بَعيدا من الْهزْل مؤثراً للجدّ نبيها خطيراً وَله أشعار زهدية وأشعار حكمِيَّة وَأَبوهُ من أهل الْبَصْرَة وَكَانَ أَخُوهُ عبد الصَّمد ضدّّه فِي المجون والانهماك على الشَّرَاب وَكَانَ يُؤْذِي أَخَاهُ أَحْمد ويتأذى مِنْهُ فَكَانَ يَقُول كَيفَ أصنع بِمن ولد بَين قدر وتنور وألقح بَين دف وطنبور وَكَانَ يَقُول لَهُ أَنْت يَا أخي كالأصبع الزَّائِدَة إِن قطعت آلمت وَإِن تركت شانت وَتُوفِّي قبل الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا وَكَانَ(8/119)
يَوْمًا تَحت أَخِيه مَعَ جمَاعَة من أخوانه على مجْلِس شرابهم وَقد علا صوتهم وارتفع كَلَامهم بفحش وَغَيره على عَادَة الشَّرَاب فشوشوا على أَحْمد حَاله فَتَطلع إِلَيْهِم وَقَالَ فَرفع رَأسه إِلَى عبد الصَّمد وَقَالَ وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ وَقَالَ أَحْمد
(قَالَ لي أَنْت أَخُو الْكَلْب وَفِي ... ظنّه أَن قد هجاني واجتهد)
(أحمدُ الله تَعَالَى أنّه ... مَا درى أَنِّي أَخُو عبد الصَّمد)
وَقد ظرف فِي هَذَا إِلَى الْغَايَة وَقَالَ
(عَدَاوَة ذِي الْقُرْبَى تميق ذَوي النهى ... وتؤثم ذَا التَّقْوَى وتؤذي وتتعب)
(إِذا مَا أَتَاك الدَّاء من قبل الدّوا ... أَتَاك بأمرٍ صدعه لَيْسَ يرأب)
وَقَالَ فِي عبد الله بن سوّار القَاضِي
(أَفِي حقّ الأخّوة أَن نقضّي ... ذمامكم وَلَا تقضوا ذماما)
(لقد قَالَ الْحَكِيم مقَال صدقٍ ... رَآهُ الْأَولونَ لَهُم إِمَامًا)
(إِذا أكرمتكم فأهنتموني ... وَلم أغضب لذلكم فداما)
3 - (ختن دُحَيْم)
أَحْمد بن المعلّى الدِّمَشْقِي ختن دُحَيْم نَاب فِي قَضَاء دمشق عَن أبي زرْعَة مُحَمَّد بن عُثْمَان
روى عَنهُ النّسائي وخيثمة وَعلي ابْن أبي الْعقب وَآخَرُونَ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (رشيد الدّين نَاظر الْأَيْتَام)
أَحْمد بن المفرّج بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن مسلمة المعمّر رشيد الدّين أَبُو الْعَبَّاس الدِّمَشْقِي نَاظر الْأَيْتَام ولد سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق وَسمع من الْحَافِظ أبي الْقَاسِم ابْن)
عَسَاكِر وَغَيره وعمّر دهراً طَويلا وتفّرد بالرواية عَن أَكثر أشياخه وروى عَنهُ الدمياطي وَغَيره وَكَانَ عدلا سَاكِنا وقوراً مهيباً مَحْمُود السِّيرَة توفّي سنة خمسين وسِتمِائَة
أَحْمد بن الْمِقْدَام
3 - (ذُو القرنين قَاضِي باذغيس)
أَحْمد بن الْمِقْدَام الْهَرَوِيّ قَاضِي باذغيس يعرف بِذِي القرنين توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ(8/120)
3 - (كَمَال الدّين ابْن شكر الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن مِقْدَام بن أَحْمد بن شكر القَاضِي الْأَجَل كَمَال الدّين أَبُو السعادات الْمصْرِيّ أحد كبار الْبَلَد لَهُ عقل ودهاء ورأي وَفِيه حشمة وسؤدد وعيّن للوزارة وَله شعر توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَمن شعره
3 - (أَبُو مَنْصُور الْفَقِيه الصُّوفِي)
أَحْمد بن المقرّب بن الْحُسَيْن بن الْحسن الْكَرْخِي أَبُو بكر ابْن أبي مَنْصُور الْفَقِيه الصُّوفِي قَرَأَ بالروايات وَسكن الْمدرسَة النظامية وَقَرَأَ الْفِقْه على أبي بكر الشَّاشِي وَسمع الْكثير بإفادة وَالِده وخاله أَحْمد بن مُحَمَّد من النَّقِيب طِراد بن مُحَمَّد الزَّينبي وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد ابْن البسري وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ وحصلّ وَحدث بالكثير وَكَانَ صَدُوقًا حسن الْأَخْلَاق متواضعاً محبّاً للرواية صبوراً على أَصْحَاب الحَدِيث وَرُبمَا حدّث من لَفظه وَكَانَت لَهُ أصُول وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
3 - (أَحْمد بن مَنْصُور)
3 - (أَبُو الْعَبَّاس قَاضِي كازرون)
أَحْمد بن مَنْصُور بن أَحْمد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر أَبُو الْعَبَّاس الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل كازرون قدم بغداذ فِي صباه سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة للتفقه وَسمع بهَا من جمَاعَة مثل شيخ الشُّيُوخ إِسْمَاعِيل ابْن أبي سعد الصُّوفِي وَعبد الله بن عَليّ بن أَحْمد سبط الشَّيْخ وَأبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الدَّلال وَغَيرهم وَجمع معجماً لأشياخه فِي سَبْعَة أَجزَاء وَحدث بِهِ وَولي الْقَضَاء بِبَلَدِهِ ثمَّ سكن شيراز إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مُحدثا صَدُوقًا قدم رَسُولا من شيراز إِلَى الدِّيوَان ببغداذ من صَاحب شيراز وَحدث بهَا وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة)
3 - (أَحْمد بن خَنْدَق الحديثي)
أَحْمد بن مَنْصُور بن أَحْمد بن خَنْدَق أَبُو الْعَبَّاس من أهل الحَدِيث كَانَ فِيهِ أدب وَيَقُول الشّعْر سمع مِنْهُ شَيْئا من شعره أَحْمد بن سلمَان الْحَرْبِيّ وَإِبْرَاهِيم بن محَاسِن بن شادي وموهوب بن سعيد الحمامي قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَلم يتَّفق لي لقاؤه وَمن شعره
(أشاقك الْبَرْق الَّذِي ... من الْحمى قد لمعا)
(أم سائق الأظعان لّما ... أَن حدا ورجعّا)
(أم أبرق الْوَادي وَقد ... أصبح خصباً ممرعا)(8/121)
(يَا لائمي على الْهوى ... لومك لي مَا نفعا)
دَعْنِي فقد قطعت قلبِي بملامي قطعا توفّي سنة ثَمَان وسِتمِائَة
3 - (أَبُو مُزَاحم الصُّوفِي)
أَحْمد بن مَنْصُور بن مهْرَان أَبُو مُزَاحم الصُّوفِي من أهل شيراز كَانَ يسمّى الْحَكِيم وَكَانَ من أهل الْأَدَب ذكره أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن زَكَرِيَّاء النسوي فِي تَارِيخ الصُّوفِيَّة وَكَانَ أحد الشطّاحين وَكَانَ الشُّيُوخ يهابونه وَكَانَ صَاحب حلقٍ وفتوةٍ وَتَجْرِيد وفقر وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ ترك التصنع وَاسْتِعْمَال الْحَقَائِق ويحفظ الحَدِيث وَحفظ عَنهُ أَحَادِيث مذاكرة وَدخل بغداذ وَجرى بَينه وَبَين الشبلي نفار توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الْحَافِظ أَبُو حَامِد الطوسي)
أَحْمد بن مَنْصُور بن عِيسَى الْحَافِظ أَبُو حَامِد الطوسي الأديب الْفَقِيه الشَّافِعِي ذُو الْفُنُون والفضائل توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الْمروزِي الْمَشْهُور)
أَحْمد بن مَنْصُور زاج الْمروزِي صَاحب النّضر بن شُمَيْل أحد الْعلمَاء الْمَشْهُورين قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس الشِّيرَازِيّ)
أَحْمد بن مَنْصُور بن ثَابت أَبُو الْعَبَّاس الشِّيرَازِيّ الْحَافِظ حدّث بِدِمَشْق عَن الْقَاسِم بن الْقَاسِم اليساري وَجَمَاعَة قَالَ الْحَاكِم جمع مَا لم يجمعه أحد فِي زَمَانه وَصَارَ لَهُ الْقبُول بشيراز بِحَيْثُ)
يضْرب بِهِ الْمثل توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (أَحْمد جي)
أَحْمد بن مَنْصُور أَبُو نصر الطَّفْرِيُّ الأسبيجابي بِالْهَمْزَةِ وَالسِّين الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَالْجِيم وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة كَذَا وجدته مضبوطاً الْمَعْرُوف بأحمدجي كَانَ أحد الْأَئِمَّة الْكِبَار شرح مُخْتَصر الطَّحَاوِيّ وتبحر وَحفظ الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب
توفّي بعد الثَّمَانِينَ والأربعمائة
3 - (ابْن باخل نَائِب الاسكندرية)
أَحْمد بن أبي الْمَنْصُور بن باخل بن عبد الله الْأَمِير عماد الدّين الهكاري نَائِب السلطنة بالإسكندرية أَخْبرنِي الشَّيْخ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ كَانَ الْمَذْكُور رجلا داهيةً فِيهِ مَكَارِم ومحبة لأهل الْعلم وَله ولأخيه اشْتِغَال بِالْعلمِ الفلكي وَذكر لي أنّ لَهُ شعرًا
قلت وَقد تقدم ذكر أَخِيه الْأَمِير شمس الدّين ابْن باخل فِي المحمدين
3 - (ابْن الجبّاس الدمياطي)
أَحْمد بن مَنْصُور بن أسطوراس الدمياطي يعرف بِابْن الجبّاس قَالَ لي من لَفظه الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان لَهُ نظم كثير وَقَرَأَ الْقرَاءَات(8/122)
قلت وَقد اجْتمعت أَنا بِهِ فِي ديوَان الْإِنْشَاء بقلعة الْجَبَل وأنشدني لنَفسِهِ يصف الموز وَلم أر لغيره أحسن مِنْهُ
(كَأَنَّمَا الموز فِي عراجنه ... وَقد بدا يانعاً على شَجَره)
(فروع شعرٍ بِرَأْس غانيةٍ ... عقصن من بعد ضمّ منتشره)
(كَأَن من ضمّه وعقّصه ... أرسل شرّابةً على أَثَره)
(وَفِي اعْتِدَال الخريف أحسن مَا ... ترَاهُ فِي ورده وَفِي صَدره)
(كَأَن أشجاره وَقد نشرت ... ظلال أوراقه على ثمره)
(حاملة طفلها على يَدهَا ... تظلّه بالخمار من شعره)
(كَأَنَّمَا سَاقه الصَّقِيل وَقد ... بَدَت عَلَيْهِ نقوش معتبره)
(سَاق عروس أميط مئزرها ... فَبَان وشي الخضاب فِي حبره)
(يصاغ من جدولٍ خلاخلها ... فتنجلي والنثار من زهره)
)
(حدائق خَفَقت سناجقها ... كأنّها الْجَيْش أمّ فِي زمره)
(زهي فِرَاق الْعُيُون منظره ... فَمَا تملّ الْعُيُون من نظره)
(وكلّ آيَاته فباهرة ... تبين فِي ورده وَفِي صَدره)
(كأنّما عمره الْقصير حكى ... زمَان وصل الحبيب فِي قصره)
(كَأَن عرجونه المشيب أَتَى ... يخبر أَن خانه انقضا عمره)
(كأنّه الْبَدْر فِي الْكَمَال وَقد ... أُصِيب بالخسف فِي سنا قمره)
كَأَنَّهُ بعد قطعه وقداصفر لما نَالَ من أَذَى حجره
(متيم قد أذابه كمد ... يبيت من وجده على خطره)
(معلّق بالرجاء ظَاهره ... يخبر عمّا أجنّ من خَبره)
(يطيب ريحًا ويستلذ جنّى ... على أَذَى زَاد فَوق مصطبره)
(كأنّه الحرّ حَال محنته ... يزِيد صبرا على أَذَى ضَرَره)
قلت تكَرر مَعَه لفظ فِي ورده وَفِي صَدره مرَّتَيْنِ على أنّه جَائِر لكنه لَيْسَ بِحسن
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ وَكَانَ قد أصمّ
(إِن قلّ سَمْعِي إنّ لي ... فهما توفّر مِنْهُ قسم)
(يدني إليّ مقاصدي ... ويروقك الرمْح الْأَصَم)
(ولربّ ذِي سمعٍ بعي ... د الْفَهم عيّ النُّطْق فدم)
(زادوا على عيب التصا ... مِم أنّهم صمّ وبكم)(8/123)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي رمانةٍ
(كتمت هوى قد لجّ فِي أشجانها ... وحشت حشاها من لظى نيرانها)
(فتشقّقت من حبّها عَن حبّها ... وجدا وَقد أبدى خفا كتمانها)
(رمّانة ترمي لَهَا أَيدي النّوى ... من بعد مَا رمّت على أَغْصَانهَا)
(فاعجب وَقد بَكت الدُّمُوع عقائقاً ... لَا من محاجرها وَلَا أجفانها)
وَفِي تَرْجَمَة الباخرزي عَليّ بن الْحسن من شعره فِي الرّمانة المشقوقة وجوّده
وأنشدني قِطْعَة من تخميسه قصيدة الْعَلامَة شَيخنَا شهَاب الدّين مَحْمُود رَحمَه الله الَّتِي أَولهَا
(هَذَا اللِّقَاء وَمَا شفيت غليلا ... كَيفَ احتيالي إِن عزمت رحيلا)
)
وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة وأجازني مَا يجوز لَهُ تسميعه وَكتب لي خطه بذلك فِي سَابِع عشر صفر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ خطيب الورّادة الَّتِي فِي رمل مصر
3 - (الْحَافِظ أَبُو بكر الرَّمَادِي)
أَحْمد بن مَنْصُور بن سيار الْحَافِظ أَبُو بكر الرَّمَادِي أحد الثِّقَات الْمَشَاهِير كتب وصنف الْمسند وَكَانَ لَهُ حفظ وَمَعْرِفَة روى عَنهُ ابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (شهَاب الدّين الْجَوْهَرِي)
أَحْمد بن مَنْصُور بن إِبْرَاهِيم القَاضِي شهَاب الدّين الْحلَبِي الْجَوْهَرِي مولده سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة
سمع من الْمعِين الدِّمَشْقِي وَغَيره وَهُوَ مكثر أجَاز لي بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة
3 - (الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الْأَصَم)
أَحْمد بن منيع الْحَافِظ ابْن عبد الرَّحْمَن أَبُو جَعْفَر(8/124)
الْبَغَوِيّ الْأَصَم المروروذي الأَصْل نزيل بغداذ صَاحب الْمسند الْمَشْهُور روى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وروى البُخَارِيّ بواسطةٍ قَالَ صَالح جزرة وَغَيره ثِقَة توفّي فِي شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن مُنِير الطرابلسي)
أَحْمد بن مُنِير بن أَحْمد بن مُفْلِح الطرابلسي الملقب مهذب الْملك عين الزَّمَان الشَّاعِر الْمَشْهُور ديوانه كَانَ أَبوهُ ينشد الْأَشْعَار ويغني فِي أسواق طرابلس ونَشأ أَبُو الْحُسَيْن وَلَده وَحفظ الْقُرْآن وَتعلم اللُّغَة وَالْأَدب وَقَالَ الشّعْر وَقدم دمشق وسكنها وَكَانَ رَافِضِيًّا كثير الهجاء خَبِيث السان وَلما كثر ذَلِك مِنْهُ سجنه بوري بن أتابك طغتكين صَاحب دمشق مُدَّة وعزم على قطع لِسَانه ثمَّ شفع فِيهِ يُوسُف بن فَيْرُوز الْحَاجِب فنفاه فَلَمَّا ولي ابْنه إِسْمَاعِيل عَاد إِلَى دمشق فَتغير عَلَيْهِ لشَيْء بلغه فتطلبه وَأَرَادَ صلبه فهرب إِلَى حماة وشيزر وحلب ثمَّ قدم دمشق صُحْبَة نور الدّين ثمَّ رَجَعَ مَعَ الْعَسْكَر إِلَى حلب وَمَات بهَا وَكَانَ بَينه وَبَين أبي عبد الله مُحَمَّد بن نصر بن صَغِير القيسراني مكاتبات وأجوبة ومهاجاة وَكَانَا مقيمين فِي حلب متنافسين فِي صنعتهما على عَادَة المتماثلين وَمن شعره)
(وَإِذا الْكَرِيم رأى الخمول نزيله ... فِي منزلٍ فالحزم أَن يترحّلا)
(كالبدر لّما أَن تضاءل جدّ فِي ... طلب الْكَمَال فحازه متنقلا)
(سفهاً بِحِلْمِك إِن رضيت بمشرب ... رنقٍ ورزق الله قد مَلأ الملا)
(ساهمت عيسك مرّ عيشك قَاعِدا ... أَفلا فليت بِهن نَاصِيَة الفلا)
(فَارق ترق كالسيف سلّ فَبَان فِيهِ ... متنيه مَا أخْفى القراب وأخملا)
(لَا تحسبنّ ذهَاب نَفسك ميتَة ... مَا الْمَوْت إلاّ أَن تعيش مذلّلا)(8/125)
(للقفر لَا للفقر هبها إنّما ... مغناك مَا أَغْنَاك أَن تتوسلاّ)
(لَا ترض من دنياك مَا أدناك من ... دنسٍ وَكن طيفاً جلا ثمَّ انجلى)
(وصلِ الهجير بهجر قومٍ كلّما ... أمطرتهم عسلاً جنوا لَك حنظلا)
(من غادرٍ خبثت مغارسٍ وده ... فَإِذا محضت لَهُ الْوَفَاء تأولا)
(لله علمي بِالزَّمَانِ وَأَهله ... ذَنْب الْفَضِيلَة عِنْدهم أَن تكملا)
(طبعوا على لؤم الطباع فَخَيرهمْ ... إِن قلت قَالَ وَإِن سكتّ تقولا)
(أَنا من مَا الدَّهْر همّ بخفضه ... سامته همته السماك الأعزلا)
(واعٍ خطاب الْخطب وَهُوَ مجمجم ... راعٍ أكلّ العيس من عدم الكلا)
(زعم كمنبلج الصَّباح وَرَاءه ... عزم كحدّ السَّيْف صَادف مقتلا)
وَمِنْه قَوْله
(من ركب الْبَدْر فِي صدر الردينيّ ... وموّه السحر فِي حدّ اليمانيّ)
(وَأنزل النيّرّ الْأَعْلَى إِلَى فلكٍ ... مَدَاره فِي القباء الخسروانيّ)
(طرف رنا أم قرَاب سلّ صارمه ... وأغيد مأس أم أعطاف خطيّ)
(أذلني بعد عزٍ والهوى أبدا ... يستعبد اللّيث للظبي الكناسي)
(أما وذائب مسكٍ من ذوائبه ... على أعالي الْقَضِيب الخيزارنيّ)
وَمَا يجنّ عقيقي الشفاه من الرِّيق الرحيقيّ والثغر الجمانيّ
(لَو قيل للبدر من فِي الأَرْض تحسده ... إِذا تجلّى لقَالَ ابْن الْفُلَانِيّ)
(أربى عليّ بشتّى من محاسنه ... تألفت بَين مسموعٍ ومرئي)
(إباء فَارس فِي لين الشآم مَعَ ... الظّرْف العراقّي والنطق الْحِجَازِي)
)
(وَمَا المدامة بالألباب أفتك من ... فصاحة البدو فِي أَلْفَاظ تركيّ)
وَمِنْه أَيْضا
(أنْكرت مقلته سفك دمي ... وَعلا وجنته فَاعْترفت)
(لَا تَخَالُّوا خَاله فِي خدّه ... قَطْرَة من دم جفني نقطت)
(ذَاك من نَار فُؤَادِي جذوة ... فِيهِ شبّت وانطفت ثمَّ طفت)
وَمِنْه أَيْضا
(لَا تغالطني فَمَا تخ ... فى عَلَامَات الْمُرِيب)
(أَيْن ذَاك الْبشر يامو ... لاي من هَذَا القطوب)
وَمِنْه أَيْضا(8/126)
(أحلى الْهوى مَا تحلّه التّهم ... باح بِهِ العاشقون أَو كتموا)
(أغرى المحبّين بالأحبة بَال ... عذل كَلَام أسماؤها كلم)
(سعوا بِنَا لَا سعت بهم قدم ... فَلَا لنا أصلحوا وَلَا لَهُم)
(ضرّوا بهجراننا وَمَا انتفعوا ... وصدّعوا شملنا وَمَا التأموا)
(ياربّ خذلي من الوشاة إِذا ... قَامُوا وقمنا لديك نَخْتَصِم)
وَمِنْه
(عدمت دهراً ولدت فِيهِ ... كم أشْرب المرّ من بنيه)
(مَا تعتريني الهموم إِلَّا ... من صَاحب كنت أصطفيه)
(فَهَل صديق يُبَاع حَتَّى ... بمهجتي كنت أشتريه)
(وَكم عدوٍّ رغبت عَنهُ ... فعشت حَتَّى رغبت فِيهِ)
وَكَانَ ابْن مُنِير كثيرا مَا ينْكث ابْن القيسراني بأنّه مَا صحب أحدا قطّ إِلَّا نكب فاتفق أَن أتابك عماد الدّين زنكي صَاحب الشَّام غنّاه مغنّ على قلعة جعبر وَهُوَ يحاصرها قَول ابْن مُنِير
(ويلي من المعرض الغضبان إِذْ نقل ال ... واشي إِلَيْهِ كلَاما كلّه زور)
(سلّمت فازورّ يثني قَوس حَاجِبه ... كأنني كأس خمر وَهُوَ مخمور)
فاستحسنهما زنكي وَقَالَ لمن هما فَقيل لِابْنِ مُنِير الطرابلسي وَهُوَ بحلب فَكتب إِلَى وَالِي حلب يتجهيزه إِلَيْهِ سَرِيعا فليلة وصل ابْن مُنِير قتل أتابك زنكي فَرجع ابْن الْمُنِير إِلَى حلب)
فَقَالَ لَهُ ابْن القيسراني هَذِه بِكُل مَا كنت تنكثني بِهِ وَقَالَ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق حدث الْخَطِيب السديد أَبُو مُحَمَّد عبد القاهر بن عبد الْعَزِيز خطيب حماة قَالَ رَأَيْت أَبَا الْحُسَيْن ابْن مُنِير الطرابلسي فِي النّوم بعد مَوته وَأَنا على قرنة بُسْتَان مُرْتَفعَة فَسَأَلته عَن حَاله وَقلت لَهُ اصْعَدْ إِلَى عِنْدِي فَقَالَ مَا أقدر من رائحتي فَقلت تشرب الْخمر فَقَالَ شرا من الْخمر يَا خطيب فَقلت مَا هُوَ قَالَ تَدْرِي مَا جرى علّي من هَذِه القصائد الَّتِي قلتهَا فِي مثالب النَّاس فَقلت ماجرى عَلَيْك مِنْهَا فَقَالَ لساني قد وثخن وَصَارَ مدّ الْبَصَر وَكلما قَرَأت قصيدة مِنْهَا قد صَارَت كلاّباً تتَعَلَّق فِي لساني وأبصرته حافياً عَلَيْهِ ثِيَاب رثَّة إِلَى الْغَايَة وَسمعت قَارِئًا يقْرَأ من فَوْقه لَهُم من فَوْقهم ظللٌ من النّار ثمَّ انْتَبَهت مَرْعُوبًا
وَقَالَ أَبُو الحكم عبد الله المغربي صَاحب نهج الوضاعة فِي ابْن مُنِير لّما مَاتَ
(أَتَوا بِهِ فَوق أعوادٍ تسير بِهِ ... وغسلّوه بشطّي نهر قلّوط)
(وأسخنوا المَاء فِي قدرٍ مرصّصةٍ ... وأشعلوا تحتهَا عيدَان بلّوط)(8/127)
قَالَ ابْن خلكان رَحمَه الله زرت قَبره وَرَأَيْت عَلَيْهِ مكتوباُ
(من زار قَبْرِي فَلْيَكُن موقناً ... أَن الَّذِي لاقيت يلقاه)
(فيرحم الله امْرَءًا زارني ... وَقَالَ لي يَرْحَمك الله)
ولد ابْن مُنِير سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَقيل سنة سبع وَدفن بجبل جوشن بحلب
3 - (ابْن مهنا)
أَحْمد بن مهنا بن عِيسَى الْأَمِير شهَاب الدّين أَمِير الْعَرَب بِالشَّام من آل فضل يَأْتِي ذكر أَبِيه مهنا وإخواته مُوسَى وَسليمَان وفياض كل مِنْهُم فِي مَكَانَهُ ذكر لي أَن مولده سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة لم يكن فِي أَوْلَاد مهنا أدين مِنْهُ وَلَا خيرا مِنْهُ وَهُوَ شَقِيق سُلَيْمَان ومُوسَى ذكر لي نَائِبه على سلميّة شخص يعرف بحميد قَالَ لّما جِئْنَا فِي أَيَّام الصَّالح إِلَى دمشق جَاءَهُ مرحلّ ونصحه وَقَالَ لَهُ إنّ كتاب السُّلْطَان جَاءَ إِلَى طقزتمر فِيهِ أنّه يمسك أيّ من حضر من أولد مهنا وَمَتى دخلت دمشق أمسكوك فَقلت لَهُ يَا أَحْمد لَا تعبر دمشق وعد من هُنَا إِلَى بيوتك فَقَالَ لَا أروح والسلّطان حَبسه ثَلَاثَة ليالٍ وَالْبَاقِي بعد ذَلِك حبس الله وَلَا أعصي الله وَلَا السُّلْطَان وَإِن أَخذ خبزي أكلت من أملاكي وَإِن أَخذ أملاكي بِعْت أباعري وخيلي وأكلت مِنْهَا)
إِلَى أَن أَمُوت قَالَ وَهُوَ لَا يتداوى لمَرض يكون بِهِ وَلَا يَأْكُل من أحد شَيْئا فيتّهمه وَلَو قيل لَهُ هَذَا طَعَام مَسْمُوم تنَاوله مِنْهُ وَقَالَ بِسم الله وَأكله أَو كَمَا قَالَ قلت وَهَذِه عقيدة صَحِيحَة سَالِمَة لَيْسَ فِيهَا شكّ وَلما ورد فِي آخر أَيَّام الصَّالح سنة أَيَّام الصَّالح سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي أحد شَهْري جُمَادَى أمْسكهُ الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر واعتقله بقلعة دمشق فَبَقيَ فِيهَا مُدَّة ثمَّ إِنَّه نقل إِلَى قلعة صفد وَأقَام بهَا معتقلاً إِلَى أَن توفّي الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وَتَوَلَّى أَخُوهُ الْكَامِل طلب أَحْمد بن مهنا إِلَى مصر وَأَعْطَاهُ الْكَامِل إمرة آل فضل وَلم يزل فِيهَا إِلَى أَن تولى الإمرة سيف بن فضل وَهُوَ ابْن عَمه فِي أَيَّام المظفّر حاجي فَلَمَّا كَانَ فِي آخر أَيَّام المظفر أُعِيدَت الإمرة إِلَى أَحْمد بن مهنا فتولاها بَعْدَمَا طلب إِلَى مصر وَلم يزل أَمِير آل فضل إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بمنزله كواتل فِي أَوَائِل شهر رَجَب الْفَرد سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَنقل إِلَى مشْهد الإِمَام عَليّ بن طَالب رَضِي الله عَنهُ عِنْد رحبة مَالك بن طوق وَدفن هُنَاكَ
3 - (أَحْمد بن مهْدي)
3 - (أَحْمد بن مهْدي الهيتي)
أَحْمد بن مهْدي الهيتي عَارض بقصيدته التائية القصيدة التائيّة الَّتِي للسّوسي وأولها
(الْحَمد لله لَيْسَ لي بخت ... وَلَا ثِيَاب يضمّها تخت)
وقصيدة ابْن مهْدي ثَمَانمِائَة وَأَرْبَعُونَ بَيْتا وأولها(8/128)
(لحا العاذل إِذْ بتّ ... على الْفقر وأصبحت)
(وَمَا نلْت الْغنى حَتَّى ... يَقُول النَّاس أفلست)
3 - (أَبُو جَعْفَر العابد)
أَحْمد بن مهْدي بن رستم أَبُو جَعْفَر الْأَصْبَهَانِيّ العابد أحد حفاظ الحَدِيث
رَحل وَسمع أَبَا نعيم أنْفق على أهل الْعلم ثَلَاثمِائَة ألف دِرْهَم وَلم يعرف لَهُ فراشا أَرْبَعِينَ سنة
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ قَالَ جَاءَتْنِي امْرَأَة ببغداذ لَيْلَة من اللَّيَالِي فَذكرت أَنَّهَا من بَنَات النَّاس وَأَنَّهَا امتحنت واسألك بِاللَّه أَن تسترني فَقلت وَمَا محنتك فَقَالَت أكرهت على نَفسِي وَأَنا حُبْلَى وَذكرت للنَّاس أَنَّك زَوجي فَلَا تفضحني استرني سترك الله فنكبت عَنْهَا وَمَضَت فَلم أشعر حَنى وضعت وَجَاء الإِمَام الْمحلة فِي جمَاعَة من الْجِيرَان يهنّني بِالْوَلَدِ)
فأظهرت لَهُم التهلل ووزنت فِي الْيَوْم الثَّانِي دينارين ودفعتها إِلَى الإِمَام وَقلت أبلغ هَذَا إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَة للنَّفَقَة على الْمَوْلُود فإنّه سبق مني مَا فرّق بَيْننَا وَكنت أفعل ذَلِك كل شهر وأوصلهما إِلَيْهَا عَليّ يَد الإِمَام إِلَى أَن أَتَى على ذَلِك سنتَانِ ثمَّ توفّي الْوَلَد فجاءوني يعزونني فأظهرت لَهُم التَّسْلِيم والرضى فجاءتني الْمَرْأَة بعد شهر وَمَعَهَا تِلْكَ الدَّنَانِير فَردَّتهَا وَقَالَت سترك الله كَمَا سترتني فَقلت هَذِه الدَّنَانِير صلَة مني إِلَى الْمَوْلُود فافعلي فِيهَا مَا تريدين
3 - (أَحْمد بن مُوسَى)
3 - (الأشنهي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن مُوسَى بن حوشين أَبُو الْعَبَّاس الأشنهي قدم بغداذ واستوطنها ودرس الْفِقْه للشَّافِعِيّ على المتولّي وَغَيره وَسمع من أبي جَعْفَر النجاري وَأبي الْغَنَائِم ابْن أبي عُثْمَان وَغَيرهمَا وَحدث بِكِتَاب تَنْبِيه الغافلين وَكَانَ زاهداً ورعاً فَقِيها مفتياً توفّي سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو بكر المقرىء البغداذي ابْن مُجَاهِد)
أَحْمد بن مُوسَى بن الْعَبَّاس ين مُجَاهِد(8/129)
أَبُو بكر البغداذي شيخ الْقُرَّاء فِي عصره ومصنف السَّبْعَة سمع جمَاعَة وَحدث عَنهُ آخَرُونَ وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا توفّي سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة ومولده سنة خمس وَأَرْبَعين قَالَ الْخَطِيب حدث عَن عبد الله بن أَيُّوب المحزمي وَمُحَمّد بن الجهم السمري وَحدث عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو بكر الجعابي وَأَبُو بكر ابْن شَاذان وَأَبُو حَفْص ابْن شاهين وَقَالَ ثَعْلَب فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ مَا بَقِي فِي عصرنا هَذَا أعلم بِكِتَاب الله من أبي بكر ابْن مُجَاهِد وَحدث الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن خلف المقرىء قَالَ سَمِعت أَبَا الْفضل الزُّهْرِيّ يَقُول انتبه أبي فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيهَا أَبُو بكر ابْن مُجَاهِد فَقَالَ يَا بني ترى من مَاتَ اللَّيْلَة فَإِنِّي رَأَيْت فِي مَنَامِي كَأَن قَائِلا يَقُول قد مَاتَ اللَّيْلَة مقوّم وَحي الله مُنْذُ خمسين سنة فلّما أَصْبَحْنَا إِذا ابْن مُجَاهِد قد مَاتَ وَقَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فِي اخْتِيَار تَارِيخ يحيى ابْن مَنْدَه سَمِعت الإِمَام أَبَا المظفر عبد الله ابْن شبيب المقرىء يَقُول سَمِعت أَحْمد بن مَنْصُور المذكّر يَقُول سَمِعت أَبَا بكر ابْن مُجَاهِد المقرىء يَقُول سَمِعت الْحسن بن سَالم الْبَصْرِيّ يَقُول وَهُوَ صَاحب سهل بن عبد الله التسترِي قَالَ سَمِعت أَبَا بكر ابْن مُجَاهِد المقرىء يَقُول رَأَيْت ربّ العزّة فِي الْمَنَام فختمت عَلَيْهِ ختمتين فلحنت فِي موضِعين فاغتممت لذَلِك فَقَالَ لي يَا ابْن مُجَاهِد الكمالّ لي الكمالُ لي)
وَكَانَ كثيرأ مَا ينشد
(إِذا عقد الْقَضَاء عَلَيْك أمرا ... فَلَيْسَ يحلّه إِلَّا الْقَضَاء)
وَحضر هُوَ وَجَمَاعَة من أهل الْعلم فِي بُسْتَان فانبسط وداعب وَقَالَ وَقد لاحظه بَعضهم التعاقل فِي الْبُسْتَان كالتخالع فِي الْمَسْجِد وَقَالَ التنوخي بَلغنِي عَن ابْن مُجَاهِد أنّه قَالَ النَّاس أَرْبَعَة مليح يتبغّض فَيحْتَمل لملاحته وبغيض يتملح فَذَاك الحمّى والداء الَّذِي لَا دَوَاء لَهُ وبغيض يتبغّض فيعذر لأنّه طبعه ومليح يتملح فَذَاك الْحَيَاة الطّيبَة وَكَانَ لَهُ الجاه العريض عِنْد السُّلْطَان وَله كتاب القراآت الْكَبِير كتاب القراآت الصَّغِير كتاب الياءات كتاب الهاءات كتاب قِرَاءَة أبي عَمْرو قِرَاءَة ابْن كثير قِرَاءَة عَاصِم قِرَاءَة نَافِع قِرَاءَة حَمْزَة قِرَاءَة الْكسَائي قِرَاءَة ابْن عَامر قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب السَّبْعَة انْفِرَاد الْقُرَّاء السَّبْعَة قِرَاءَة عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ(8/130)
3 - (الْحَافِظ ابْن مرْدَوَيْه)
أَحْمد بن مُوسَى بن مرْدَوَيْه أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ والحافظ العلاّمة
صنف التَّفْسِير والتاريخ والأبواب والشيوخ وخرّج حَدِيث الْأَئِمَّة وَسمع الْكثير بأصبهان وَالْعراق وَتُوفِّي سنة عشرٍ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن يُونُس شَارِح التَّنْبِيه)
أَحْمد بن مُوسَى بن يُونُس بن مُحَمَّد بن مَنْعَة بن مَالك بن مُحَمَّد بن سعد بن سعيد بن عَاصِم الإِمَام شرف الدّين أَبُو الْفضل ابْن الشَّيْخ كَمَال الدّين أبي الْفَتْح ابْن الشَّيْخ رَضِي الدّين أبي الْفضل الإربلي الأَصْل الْموصِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي تفقّه على وَالِده وبرع فِي الْمَذْهَب وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها مفتياً مصنفاً عَاقِلا حسنا فِي سمته شرح كتاب التَّنْبِيه فأجاد وَاخْتصرَ الْإِحْيَاء للغزالي مرَّتَيْنِ وَكَانَ يلقِي الْإِحْيَاء دروساً من حفظه وَهُوَ غزير الْمَادَّة كثير الْمَحْفُوظ تخرج عَلَيْهِ جمَاعَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين بَعْدَمَا حكى مَا قرظه بِهِ ابْن خلكان شَرحه للتّنْبِيه يدل على توسطه فِي الْفِقْه وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان وَلَقَد كَانَ من محَاسِن الدُّنْيَا وَمَا أذكرهُ إِلَّا وتصغر الدُّنْيَا فِي عَيْني وَلَقَد أفكرت فِيهِ مرّة فَقلت هَذَا الرجل عَاشَ مدّة خلَافَة النَّاصِر الإِمَام أبي الْعَبَّاس أَحْمد فإنّه ولي الْخلَافَة سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَهِي السّنة الَّتِي ولد فِيهَا وَمَاتَا فِي سنة وَاحِدَة وَكَانَ مبدأ شُرُوعه فِي شرح التَّنْبِيه بإربل واستعار منّا)
نُسْخَة بالتنبيه عَلَيْهَا حواشٍ مفيدة بخطّ بعض الأفاضل ورأيته بعد ذَلِك وَقد نقل الْحَوَاشِي كلهَا فِي شَرحه والفاضل الَّذِي كَانَت النُّسْخَة والحواشي بِخَطِّهِ هُوَ الشَّيْخ رَضِي الدّين أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان بن مظفّر بن غَانِم بن عبد الْكَرِيم الجيلي الشَّافِعِي الْمُفْتِي الْمدرس بالنظامية ببغداذ وَكَانَ من أكَابِر فضلاء عصره وصنف كتابا فِي الْفِقْه يدْخل فِي خَمْسَة عشر مجلداً وَعرضت عَلَيْهِ المناصب فَلم يفعل وَكَانَ متديناً وَقَالَ القَاضِي شمس الدّين فِي حق ابْن يُونُس مَا سَمِعت أحدا يلقِي الدُّرُوس مثله وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة(8/131)
3 - (الْأَمِير شهَاب الدّين ابْن يغمور)
أَحْمد بن مُوسَى بن يغمور الْأَمِير شهَاب الدّين ابْن الْأَمِير جمال الدّين
أديب فَاضل لَهُ شعر ولي الْأَعْمَال الغربيّة بالديار المصرية فهذّبها وَقطع وشنق ووسّط وأفرط فِي ذَلِك وَرَاح البريء بِجَزِيرَة الْمُفْسد إِلَّا أنّه هذّب تِلْكَ النَّاحِيَة مَاتَ بالّمحلة فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة أَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة الْحَافِظ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ ابْن يغمور بن جِلْدك تّولى الْمحلة نَائِبا عَن السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر وَكَانَ يُوصف بكرمٍ وَكَانَ الأدباء يقصدونه ويمدحونه فيثيبهم وَكَانَ لَهُ أدب وَمن شعره
(وَإِذا حللت ديار قوم فاكسها ... حلُللاً من الْإِكْرَام وَالْإِحْسَان)
(وأغضض وصن طرفا وفرجاً وَاخْتصرَ ... لفظا وزد فِي كَثْرَة الكتمان)
(تكن السعيد مبجّلاً ومعظّماً ... متحليلاً بملابس الْإِيمَان)
وَله أَيْضا
(خطبُ أَتَى مسرعاً فآذى ... أصبح جسمي بِهِ جذاذا)
(خصّص قلبِي وعمّ غَيْرِي ... يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا)
وَله أَيْضا
(ومليحٍ تعلم النَّحْو يَحْكِي ... مشكلاتٍ لَهُ بلفظٍ وجيز)
(مَا تميزت حسنه قطّ إِلَّا ... قَامَ أيري نصبا على التَّمْيِيز)
وَله يُخَاطب الْأَمِير علم الدّين الدواداري وَقد بَعثه الْملك الظَّاهِر كاشفاً إِلَى الْبِلَاد البحرية فاجتاز بالغربي وَكَانَ إِذا ذَاك واليها ثمَّ رَحل إِن صدرتم عَن منزلي فلكم فِيهِ ثناءُ كنشر روضٍ بهيّ)
(أَو وردتم فللمحبّ الَّذِي من ... آل مُوسَى فِي الجتنب الغربي)
وَأهْدى إِلَى الْأَمِير بدر الدّين بيليك الحازندار الظَّاهِرِيّ شاهيناً بَدْرِيًّا وَكتب إِلَيْهِ
(يَا سيد الْأُمَرَاء يَا من قد غَدا ... وَجه الزَّمَان بِهِ جميلاً ضَاحِكا)
(وافى لَك الشاهين قبل أَوَانه ... ليفوز قبل الحائمات ببابكا)
(حَتَّى الْجَوَارِح قد غَدَتْ بدريةً ... لما رَأَتْ كلّ الْوُجُود كذلكا)
وَقَالَ فِي مليح عنبريّ
(تحكّم فِي الْأَلْبَاب حَتَّى رَأَيْته ... ينظّم حبّات الْقُلُوب قلائدا)
وَقَالَ فِي مليح يمدّ شريط الذَّهَب
(وَبِي رشأ كالبدر والظبي بهجةً ... وجيداً بقلبي ناره وَهُوَ جنتي)(8/132)
(منعّم خدّ كاللجين بياضه ... يمدّ نضاراً كاصفراري ودقّتي)
وَقَالَ
(وَبِي أهيف وافى وَفِيه محَاسِن ... بَدَت وَعَلَيْهَا للعيون تهافت)
(مَشى فِي ضِيَاء الْبَدْر كالبدر وَجهه ... وَبَينهمَا للنّاظرين تفَاوت)
(وأعجب مَا شاهدته فِيهِ أَنه ... يكلّم قلبِي لحظه وَهُوَ سَاكِت)
وَقَالَ
(قَالَ العواذل إنّ من أحببته ... قد شانه كيّ ألّم بزنده)
(فأجبت قلبِي فِي يَدَيْهِ وإنّما ... طارت عَلَيْهِ شرارة من وَقد)
3 - (البطرني المقرىء التّونسِيّ)
أَحْمد بن مُوسَى بن عِيسَى ابْن أبي الْفَتْح شيخ الْقرَاءَات والْحَدِيث بتونس الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ المغربي البطرني الْمَالِكِي أَخذ الْقرَاءَات عَن أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبد الْأَعْلَى الشبارتيبسكون الْألف وَالرَّاء وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة الحروفصاحب ابْن عون الله وَعَن أبي بكر ابْن مشليون وَطَائِفَة وروى عَن صَالح بن مُحَمَّد بن وليد وَمُحَمّد بن أَحْمد بن ماجة وَعلي بن مُحَمَّد الْكِنَانِي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة وتبرك الْخلق بجنازته
3 - (عز الدّين ابْن قرصة الفيومي)
أَحْمد بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن أَحْمد عز الدّين ابْن قرصة الفيومي المولد القوصي الدَّار والوفاة)
كَانَ فَقِيها وشاعراً أديباً من تلاميذ ابْن عبد السَّلَام تقلب فِي الخدم السُّلْطَانِيَّة وتولّى نظر قوص والإسكندرية ودرّس بِالْمَدْرَسَةِ الأفرمية ظَاهر قوص وَكَانَ قَلِيل الْكَلَام يتَكَلَّم معرباً طلبه الْأَمِير علم الدّين الشجاعي فَلَمَّا حضر قَالَ لَهُ المَال فَقَالَ لَهُ مُبْتَدأ بِلَا خبر فَقَالَ لَهُ تعال إِلَى هُنَا فَقَالَ أَخَاف أَن تضربني بِهَذِهِ الْعَصَا الَّتِي فِي يدك فَتَبَسَّمَ مِنْهُ وَكَانَ تصدر مِنْهُ عجائب وَله كتاب سَمَّاهُ نتف المحاضرة وَله مسَائِل فقهيّة ونحوية وأدبية ولغوية وَتُوفِّي بقوص فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة وَمن شعره
(إِذا تزّوج شيخ الدَّار غانيةً ... مليحة القدّ تزهى سَاعَة النّظر)
(فقد تراقع فِي أَحْوَالهم وَأَتَتْ ... قَاف القيادة تستقصي عَن الْخَبَر)
وَمِنْه
(لَا تحقرنّ من الْأَعْدَاء من قصرت ... يَدَاهُ عَنْك وَإِن كَانَ ابْن يَوْمَيْنِ)
(فَإِن فِي قرصة البرغوث مُعْتَبرا ... فِيهَا أَذَى الْجِسْم والتسهيد للعين)
وَمِنْه(8/133)
(الشيب عيب وَلَكِن عينه قلعت ... بالشين من شدةٍ فِيهِ وتعذيب)
(والشيب شينٌ وَلَكِن نونه حذفت ... بباء بعدٍ عَن اللَّذَّات وَالطّيب)
وَمِنْه
(يَا من يعذَّب قلبه فِي صُورَة ... سَوْدَاء مظلمةٍ كفحم النَّار)
(أَتعبت نَفسك فِي سوادٍ مظلمٍ ... إِن السوَاد يضرّ ٌبالأبصار)
(وَإِذا عدلت عَن الْبيَاض وَحسنه ... مَاذَا تؤمّل فِي سَواد القار)
وَمِنْه
(نَحن نسعى وَالسَّعْي غير مفيدٍ ... إِن أَرَادَ الْإِلَه منع الْمَغَانِم)
(وَإِذا مَا الْإِلَه قدّر شَيْئا ... جَاءَ سعياً إِلَى الْفَتى وَهُوَ نَائِم)
3 - (أَحْمد بن المؤمل)
3 - (الشَّاعِر)
أَحْمد بن المؤمل بن الْحسن بن السعيد بن أَحْمد بن المؤمل يَنْتَهِي إِلَى ذِي الإصبع العدواني أَبُو الْعَبَّاس الشَّاعِر البغداذي كَانَ أديباً فاضلاُ لَهُ نثر جيد ونظم مليح مدح جمَاعَة وهجاهم)
سمع عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَعبد الله بن عَليّ بن أَحْمد الْخياط المقرىء وَمُحَمّد بن عمر بن يُوسُف الأرموي وَغَيرهم وَحدث باليسير توفّي بواسط سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة لأنّه نفي إِلَى وَاسِط فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَمن شعره
(وقائلةٍ أَرَاك أَخا همومٍ ... فَقل لي مَا دهاك من البلايا)
(فَقلت لَهَا دهاني فاندبيني ... وُقُوفِي وسط معترك المنايا)
وَمِنْه أَيْضا
(هَاجر معي إِن رحمتني هَاجر ... واسترضِ عني زماني الهاجر)
(وقف على منزلٍ كلفت بِهِ ... بَين ربى رامةٍ إِلَى حاجر)
مِنْهَا
(يقبل ذُو الوجد عَن مقاصده ... فِيهَا فهديه نشرها العاطر)
(تبْكي رباها لفقد ساكنها ... حزنا ًويفتر ٍّروضها الزَّاهِر)
(منازلِ اللَّهْو لَا عداك حَيا ... يؤنس من طيب ربعك النافر)
(سقاكِ يَا دَرَاهِم ومعهدهم ... كلُّ سحابٍ مزمجرٍ ماطر)
وَمِنْه أَيْضا
(كم ترشق النكبات نفس عزائمي ... وعليّ من جزع أعدُّ دلاص)(8/134)
(وَمن الْعَجَائِب أنّ كلّ بلاغةٍ ... جمحت مطاوعتي وحظّي عاصِ)
(وَالطير جنس واحدٌ لكنّما ... للغاتهنّ حبسن فِي الأقفاص)
قلت أَخذه من الآخر وَقصر عَنهُ
(الصّعو يرتع فِي الرياض وَإِنَّمَا ... حبس الهزار لأنّه يترنّم)
وَقَالَ ممّا يحسن أَن يكْتب على قبر
(أمرت فَلم نقبل لسوء اختيارنا ... وَهَا نَحن أسرى فِي يَديك إلهنا)
(وَكَانَت أماني الْحَيَاة تسوقنا ... بتسويقها بِالْخَيرِ حَتَّى إِلَى هُنَا)
(فَإِن أَنْت ياربّ انتقمت فعادلٌ ... وَإِن أَنْت حققت المنى فلنا الهنا)
3 - (الْحَافِظ أَبُو الْفضل المخرمي)
أَحْمد بن ملاعب بن حَيَّان أَبُو الْفضل المخرمي الْحَافِظ كَانَ صَدُوقًا بَصيرًا بِالْحَدِيثِ عالي)
الرِّوَايَة توفّي سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (نجم الدّين القوصي)
أَحْمد بن ناشىء بن عبد الله القَاضِي نجم الدّين القوصي قَرَأَ الْقرَاءَات على أَبِيه وَسمع من ابْن المقير وَمن أَصْحَاب السّلفي وَسمع مِنْهُ عبد الْغفار بن عبد الْكَافِي السَّعْدِيّ والخطيب فتح الدّين عبد الرَّحْمَن وَجَمَاعَة بقوص وَقَرَأَ الْفِقْه على مجد الدّين الْقشيرِي وَكَانَ من أهل الْخَيْر وناب فِي الحكم بقوص وباشر التوقيع للقضاة توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة من شعره لمّا منع السّفر من عيذاب ثمَّ أذن لَهُ
(يَا ثغر عيذاب ابتسم ... صدر الطَّرِيق قد انْشَرَحَ)
(تالله لَو وزن النب ... يّ بكلّ مخلوقٍ رجح)
وَمِنْه
(لقد كَانَ فِي الدُّنْيَا شيوخٌ صوالحٌ ... إِذا دهم النّاس الدَّوَاهِي ترسّلوا)
(مفرح مِنْهُم فِي الْبِلَاد وَشَيخنَا ... أَبونَا أَبُو الحجَّاج ذَاك المبجَّل)
(وَشَيخ شُيُوخ الأَرْض كَانَ بأرضنا ... أَبُو الْحسن الصبّاغ ذَاك المدلّل)
(وللشيخ مجد الدّين كَانَ انتسابنا ... فَذَاك الَّذِي ينحلُّ صوما وينحل)
(فَإِن كَانَت الدُّنْيَا من الكلّ أقفرت ... وَلم يبْق فِيهَا لِلْخَلَائِقِ موئل)(8/135)
(فجاه رَسُول الله باقٍ مؤبّد ... وجاه رَسُول الله يَكْفِي ويفضل)
3 - (الشريف الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن نَاصِر بن طَاهِر العلاّمة برهَان الدّين الْحُسَيْنِي الشريف الْحَنَفِيّ إِمَام محراب الْحَنَفِيَّة الَّذِي بمقصورة الحلبيين بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق كَانَ مفتياً عَالما زاهداً توفّي ببيته فِي المنارة الشرقية سنة تسع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وصنف تَفْسِيرا قي سبع مجلدات وصنف فِي أصُول الدّين كتابا فِيهِ سَبْعُونَ مَسْأَلَة ذكر أنّه سمع من ابْن اللتِّي وَغَيره وخلّف دنيا وَاسِعَة
3 - (أَبُو عون الْكَاتِب الْأَنْبَارِي)
أَحْمد أبن أبي النَّجْم هِلَال مولى بني سليم أَبُو عون الْكَاتِب الْأَنْبَارِي كَانَ متكلماً مترسلاً شَاعِرًا وَله كتاب فِي التَّوْحِيد وأقاويل الفلاسفة ذكره المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء وَقَالَ هُوَ الْقَائِل فِي حَاتِم بن الْفَرح وَكَانَ أَبُو شبْل البرجمي الشَّاعِر فِي قَدمته سرّ من رأى نزل عَلَيْهِ)
وَكَانَ أَبُو شبْل أهتم فَقَالَ فِيهِ أَبُو عون
(لحاتم فِي بخله فطنة ... أدقُّ حسّاً من خطا النّمل)
(قد جعل الهتمان ضيفانه ... فَصَارَ فِي أمنٍ من الْأكل)
(لَيْسَ على خبز امرىءٍ ضَيْعَة ... آكله عظم أَبُو شبْل)
(كم قدر مَا تحمله كفّه ... إِلَى فمٍ من سنّه عطل)
(فحاتم الْجُود أَخُو طيءٍ ... كَانَ وَهَذَا حَاتِم الْبُخْل)
توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَله أَربع وَسَبْعُونَ سنة وَكَانَ أَبُو عون وعمّاه صَالح وماجد كلهم شعراء وَلأبي عون أَيْضا هزئت أَن رَأَتْ مشيبي وَهل غير المصابيح زِينَة للسماء إنّما الشيب فِي المفارق كالنور بدا والشباب كالظلماء
(لم أبدَّل بالشيب إِذْ شبت إِلَّا ... عمّةً من عمائم الْحُكَمَاء)
(منحت سؤدداً وَحلية مجد ... ووقارٍ بادٍ على العظماء)
إِن عمرا عوضت مِنْهُ الْمَوْت بشيبٍ من أعظم النعماء
3 - (أَحْمد بن نصر)
3 - (الديبلي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن نصر بن الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بالدَّيبلي أَبُو الْعَبَّاس(8/136)