(الْفِقْه فقه أبي حنيفَة وَحدَه ... وَالدّين دينُ مُحَمَّد بن كرام)
انْتهى قلت وَهَذَا فِي البديهة مخرع لَا يتَّفق ذَلِك لأحد غَيره من حسن هَذَا النّظم وإبرازه فِي هَذَا القالب هَكَذَا شاعت هَذِه الْوَاقِعَة عَن الشَّيْخ صدر الدّين فِي الديار المصرية وَكُنَّا نعتقد صِحَّتهَا دهراً حَتَّى ظفرنا بِالْبَيْتِ الْمَذْكُور وَهُوَ من جملَة بَيْتَيْنِ من شعر الْمُتَقَدِّمين وَالْأول مِنْهُمَا
(إِن الَّذين لجهلهم لَا يقتدوا ... فِي الدّين بِابْن كَرام غير كِرام)
وَكَانَ الظفر بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
وَجمع موشحاته وسمى الْكتاب طراز الدَّار وَهَذَا فِي غَايَة الْحسن لِأَنَّهُ أَخذ اسْم كتاب ابْن سناء الْملك وَهُوَ دَار الطّراز فقلبه وَقَالَ طراز الدَّار لِأَن طراز الدَّار أحسن مَا فِيهَا وَكَانَ الْأَدَب قد امتزج بِلَحْمِهِ وَدَمه
حكى لي قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن عَليّ السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ دخلت عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ فَقلت كَيفَ تجدكأو كَيفَ حالكفأنشدني
(وَرجعت لَا أَدْرِي الطَّرِيق من البكا ... رجعت عداك المبغضون كمرجعي)
فَكَانَ ذَلِك آخر عهدي بِهِ أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله قَالَ وَكَانَ عَارِفًا بالطب والأدوية علما لَا علاجاً فاتفق أَن شكا إِلَيْهِ الأفرم سوء هضم فَركب لَهُ سفوفاً وأحضره فَلَمَّا اسْتعْمل مِنْهُ أفرط بِهِ الإسهال جدا فأمسكه مماليك الأفرم ليقتلوه وأحضر امين الدّين سُلَيْمَان الْحَكِيم لمعالجة الأفرم فعالجه باستفراغ بَقِيَّة الْموَاد الَّتِي اندفعت وَأَعْطَاهُ أمراق الفراريج ثمَّ أعطَاهُ الممسكات حَتَّى صلح حَاله فَلَمَّا صلحت حَاله سَأَلَ الأفرم عَن الشَّيْخ صدر الدّين فَأخْبرهُ المماليك مَا فَعَلُوهُ بِهِ فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِم ثمَّ أحضرهُ وَقَالَ لَهُ يَا صدر الدّين جِئْت تروحني غَلطا وَهُوَ يضْحك فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان الْحَكِيم يَا صدر الدّين اشْتغل بفقهك ودع الطِّبّ فغلط الْمُفْتِي)
يسْتَدرك وَغلط الطَّبِيب مَا يسْتَدرك فَقَالَ لَهُ الأفرم صدق لَك لَا تخاطر ثمَّ قَالَ لمماليكه مثل صدر الدّين مَا يتهم وَالله الَّذِي جرى عَلَيْهِ مِنْكُم أصعب مِمَّا جرى عَليّ وَمَا أَرَادَ وَالله إِلَّا الْخَيْر فَقبل يَده وَبعث إِلَيْهِ الأفرم لما انْصَرف جملَة من الدَّرَاهِم والقماش
وَأَخْبرنِي أَيْضا أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية كَانَ يَقُول عَنهُ ابْن الْوَكِيل مَا كَانَ يرضى لنَفسِهِ بِأَن يكون فِي شَيْء إِلَّا غَايَة ثمَّ يعدد أنواعاً من الْخَيْر وَالشَّر فَيَقُول فِي كَذَا كَانَ غَايَة وَفِي كَذَا كَانَ غَايَة قَالَ وَلما أنكر الْبكْرِيّ اسْتِعَارَة الْبسط والقناديل من الْجَامِع الْعمريّ بِمصْر لبَعض كنائس القبط فِي يَوْم من أَيَّام مهماتهم ونسبت هَذِه الفعلة إِلَى كريم الدّين وَفعل مَا فعل ثمَّ طلع إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان وَكَلمه فِي هَذَا وَأَغْلظ فِي القَوْل لَهُ وَكَاد يجوز ذَلِك على السُّلْطَان لَو لم يحلَّ بعض الْقُضَاة الْحَاضِرين على الْبكْرِيّ وَقَالَ مَا قصر الشَّيْخ كالمستزري بِهِ والمستهزئ بنكيره فحينئذٍ أغْلظ السُّلْطَان فِي القَوْل للبكري فخارت قواه وَضعف ووهن فازداد تأليبُ بعض الْحَاضِرين عَلَيْهِ فَأمر السُّلْطَان بِقطع لِسَانه فَأتى الْخَبَر إِلَى الشَّيْخ صدر الدّين وَهُوَ فِي زَاوِيَة السعودي فطلع إِلَى القلعة على حمَار فاره اكتراه قصدا للسرعة فَرَأى الْبكْرِيّ وَقد أُخذ ليُمضى فِيهِ مَا أُمر بِهِ فَلم يملك دُمُوعه(4/194)
أَن تساقطت وفاضت على خدِّه وبلَّت لحيته فاستمهل الشرطة عَلَيْهِ ثمَّ أَنه صعد الإيوان وَالسُّلْطَان جَالس بِهِ وَتقدم إِلَى السُّلْطَان بِغَيْر اسْتِئْذَان وَهُوَ باكٍ فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان خيرٌ يَا صدر الدّين فَزَاد بكاؤه ونحيبه وَلم يقدر على مجاوبة السُّلْطَان فَلم يزل السُّلْطَان يرفق بِهِ وَيَقُول لَهُ خيرٌ مَا بك إِلَى أَن قدر على الْكَلَام فَقَالَ لَهُ هَذَا البكريُّ من الْعلمَاء الصلحاء وَمَا أنكر إلاَّ فِي مَوضِع الْإِنْكَار وَلكنه لم يحسن التلطف فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان إِي وَالله أَنا أعرف هَذَا مَا هَذَا إِلَّا حطبة ثمَّ انْفَتح الْكَلَام وَلم يزل الشَّيْخ صدر الدّين يرفق السُّلْطَان ويلاطفه حَتَّى قَالَ لَهُ خُذْهُ وروح فَأَخذه وَانْصَرف هَذَا كلُّه والقضاةُ حضورٌ وأمراء الدولة ملْء الإيوان مَا فيهم مَن ساعده وملا أَعَانَهُ إِلَّا أَمِير وَاحِد شَذَّ عني اسْمه
وَحدث عَنهُ من كَانَ يَصْحَبهُ فِي خلواته أَنه كَانَ إِذا فرغ مِمَّا هُوَ فِيهِ قَامَ فَتَوَضَّأ ومرغ وَجهه على التُّرَاب وَبكى حَتَّى يبل ذقنه بالدموع ويستغفر الله ويسأله التَّوْبَة حَتَّى قَالَ بَعضهم لقد رَأَيْته وَقد قَامَ من سُجُوده ولصق بجدار الدَّار كَأَنَّهُ اسطوانة ملصقة
وللشيخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل رَحمَه الله تَعَالَى ديوَان موشحات مِنْهَا قَوْله يُعَارض السراج المحار)
مَا أخجل قده غصون البان بَين الْوَرق إِلَّا سلب المها مَعَ الغزلان حسن الحدق قاسوا غَلطا من حَاز حسن الْبشر بالبدر يلوح فِي دياجي الشّعْر لَا كيد وَلَا كرامةٌ للقمر الْحبّ جماله مدى الْأَزْمَان مَعْنَاهُ بَقِي وازداد سنا وَخص بِالنُّقْصَانِ بدر الْأُفق الصِّحَّة والسقام فِي مقلته وَالْجنَّة والجحيم فِي وجنته من شَاهده يَقُول من دهشته هَذَا وَأَبِيك فر من رضوَان تَحت الغسق للْأَرْض يعيذه من الشَّيْطَان رب الفلق قد أَنْبَتَهُ الله نباتاً حسنا وازداد على المدى سناءً وسنا من جاد لَهُ بِرُوحِهِ مَا غبنا قد زين حسنه مَعَ الْإِحْسَان حسن الْخلق لَو رمت لحسنه شَبِيها ثَان لم يتَّفق فِي نرجس لحظه وزهر الثغر روضٌ نضرٌ قطافه بِالنّظرِ قد دبج خَدّه بنبت الشّعْر فالورد حواه ناعم الريحان بالظل سقِِي وَالْقد يمِيل مَيْلَة الأغصان للمعتنق أحيى وأموت فِي هَوَاهُ كمدا(4/195)
من مَاتَ جوىً فِي حبه قد سَعْدا يَا عاذل لَا أترك وجدي أبدا لَا تعذلني فَكلما تلحاني زَادَت حرقي يستأهل من يهم بالسلوان ضرب الْعُنُق الْقد وطرفه قناةٌ وحسام والحاجب واللحاظ قوسٌ وسهام والثغر مَعَ الرضاب كأسٌ ومدام والدر منظمٌ مَعَ المرجان فِي فِيهِ نقي قد رصع فَوْقه عقيقٌ قان نظم النسق)
وَأما الموشحة الَّتِي للسراج المحار فَهِيَ مذ شمت سنا البروق من نعْمَان باتت حدقي تذكي بمسيل دمعها الهتان نَار الحرق مَا أومض بارق الْحمى أَو خفقا إِلَّا وَأَجد لي الأسى والحرقا هَذَا سببٌ لمحنتي قد خلقا أمسي لوميضه بقلبٍ عان بَادِي القلق لَا أعلم فِي الظلام مَا يَغْشَانِي غير الأرق أضنى جَسَدِي فِرَاق إلفٍ نزحا أفنى جلدي ودمع عَيْني نزحا كم صحت وزند لوعتي قد قدحا لم تبد يَد السقام من جثماني غير الرمق مَا أصنع والسلو مني فان والوجد بَقِي أَهْوى قمراً حُلْو مذاق الْقبل لم يكحل طرفه بِغَيْر الْكحل تركي اللحظات بابلي الْمقل زاهي الوجنات زَائِد الْإِحْسَان حُلْو الْخلق عذب الرشفات سَاحر الأجفان ساجي الحدق مَا حط لثامه وأرخى شعره أَو هز معاطفاً رشاقاً نضره إِلَّا وَيَقُول كل راءٍ نظره هَذَا قمرٌ بدا بِلَا نُقْصَان تَحت الغسق أَو شمس ضحى فِي غُصْن فينان غض الْوَرق مَا أبدع معنى لَاحَ فِي صورته أيناع عذاره على وجنته لما سقِِي الْحَيَاة من ريقته فاعجب لنبات خَدّه الريحان من حَيْثُ سقِِي يُضحي ويبيت وَهُوَ فِي النيرَان لم يَحْتَرِق(4/196)
والمحار عَارض بِهَذَا قَول أَحْمد بن حسن الْموصِلِي وَهُوَ مذ غردت الْوَرق على الأغصان بَين الْوَرق أجرت دمعي وَفِي فُؤَادِي العاني أذكت حرقي لما برزت فِي الدوح تشدو وتنوح)
أضحى دمعي بِسَاحَة السفح سفوح والفكر نديمي فِي غبوق وصبوح قد هيجت الَّذِي بِهِ أضناني مِنْهُ قلقي وَالْقلب لَهُ من بعد صبري الفاني والوجد بَقِي مَا لَاحَ بريق رامةٍ أَو لمعا إِلَّا وسحاب عبرتي قد همعا والجسم على المزمع هجري زمعا بالنازح والنازح عَن أوطاني ضَاقَتْ طرقي مَا أصنع قد حملت من أحزاني مَا لم أطق قلبِي لهوى ساكنه قد خفقا والوجد حبيس واصطباري طلقا والصامت من سري بدمعي نطقا فِي عشق منعمٍ من الْولدَان أَصبَحت شقي من جفوته وَلم يزر أجفاني غير الأرق فالورد مَعَ الشَّقِيق من خديه قد صانهما النرجس من عَيْنَيْهِ والآس هُوَ السياج من صدغيه وَاللَّفْظ وريق الأغيد الروحاني عِنْد الحذق حلوان على غصنٍ من المران غض رشق الصَّاد من المقلة من حَقَّقَهُ وَالنُّون من الْحَاجِب من عرقه وَاللَّام من الْعَارِض من علقه قد سطره بالقلم الريحاني رب الفلق بالمسك على الكافور كالعنوان فَوق الْوَرق الملحة لمع الصَّلْت بالإيضاح والغرة بالتبيان كالمصباح والمنطق نثر الدّرّ بالإصلاح والثغر هُوَ الصِّحَاح كالعقيان كالعقد نقي وَالرَّدّ مَعَ الْخلاف للسلوان عَنهُ خلقي مَا أبدع وضع الْخَال فِي وجنته خطّ الشكل الرفيع من نقطته)
قد حير إقليدس فِي هَيئته(4/197)
كالعنبر فِي نَار الأسيل القاني للمنتشق فاعجب لعبير وَهُوَ فِي النيرَان لم يَحْتَرِق وَقلت أَنا مُعَارضا لذَلِك وزدته توشيح الحشوات مَا هز قضيب قده الريان للمعتنق إِلَّا استترت معاطف الأغصان تَحت الْوَرق أفدي قمراً لم يبْق عِنْدِي رمقا لما رمقا قد زَاد صبابتي بِهِ والحرقا شوقاً وشقا لَو فَوق سهم جفْنه أَو رشقا فِي يَوْم لقا أبطال وغىً تميس فِي غُدْرَان نسج الْخلق أبصرتهم فِي معرك الفرسان صرعى الحدق بدرٌ منعته قسوة الأتراك رحمى الشاكي من ناظره حبائل الشرَاك والإشراك كم ضل بهَا قلبِي من النساك والفتاك قاني الوجنات ينتمي للقان صَعب الْخلق إِن قلت أَمُوت فِي الْهوى ناداني هَذَا يسْقِي كم جَاءَ جَبينه الدجا واقترضا صبحاً فأضا كم جرد جفْنه حساماً ونضا والصب قضى كم أودع رِيقه فؤاداً مَرضا من جمر غضا فاعجب لرضابه شفا الظمآن يذكي حرقي والخد بِهِ الْخَال على النيرَان لم يَحْتَرِق يَا خجلة خد الْورْد فِي جنته من وجنته يَا كسرة غُصْن البان فِي حَضرته من خطرته يَا حسرة بدر الْأُفق من غرته فِي طرته لَا تعتقد الأقمار بالبهتان وسط الْأُفق أَن تشبهه فَلَيْسَ فِي الْإِمْكَان مَا لم تطق مَا أسعد من أَصَابَهُ بالحور سهم النّظر مَا أنعم من يصليه نَار الْفِكر طول الْعُمر أَو قَيده الْحبّ بِقَيْد الشّعْر عِنْد السحر أَو طوقه بذلك الثعبان فَوق الْعُنُق أَو بَات بقفل صُدْغه الريحاني تَحت الغلق ابْن قوام مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن قوام الشَّيْخ الزَّاهِد الْعَالم الْقدْوَة البالسي)
روى للْجَمَاعَة عَن أَصْحَاب ابْن طبرزذ وَكَانَ يحب الحَدِيث وَيسمع أَوْلَاده وَفِيه تواضع(4/198)
ومروءة وَعَلِيهِ سكينَة وهيبة وَفِيه صدق وإخلاص وَتمسك بالسنن وَله قبُول عَظِيم ومحبة فِي الْقُلُوب عرض الدولة عَلَيْهِ راتباً على زاويته فَامْتنعَ ووقف عَلَيْهَا بعض التُّجَّار بعض قَرْيَة وَجمع سيرة لجده وَكَانَ لَهُ حَظّ من تعبد وتجهد وكرم وَانْقِطَاع عَن النَّاس قل أَن ترى الْعُيُون مثله
توفّي سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة وَدفن بزاويته بسفح قاسيون وَله ثَمَان وَثَمَانُونَ سنة
البانياسي مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر البانياسي
شَاب ذكي متيقظ قَرَأَ القرآات وبرع فِيهَا وَقَرَأَ الْفِقْه والعربية وَله شعر أَفَادَ فِي القرآات
وَمَات صَغِيرا وَلم تطلع لَهُ لحية وَلَا بلغ الْعشْرين ووفاته سنة تسع وَتِسْعين وستّ مائَة وَمن شعره
ابْن رشيد السبتي مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن إِدْرِيس بن سعيد بن مَسْعُود بن حسن بن عمر بن مُحَمَّد بن رشيد أَبُو عبد الله الفِهري السبتي
أَخذ الْعَرَبيَّة عنابن أبي الرّبيع ونظرائه واحتفل فِي صغره بالأدبيات وبرع فِيهَا وروى البُخَارِيّ عَن عبد الْعَزِيز الغافقي قِرَاءَة من لَفظه
وارتحل إِلَى فاس واشتغل بِالْمذهبِ وَرجع إِلَى سبته وتصدر لإقراء الْفِقْه خَاصَّة وتأدب مَعَ أشياخه أَن يقرئ غَيره ثمَّ ارتحل إِلَى تونس واشتغل بالأصلين على ابْن زيتون ثمَّ رَحل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَحج سنة خمس وَثَمَانِينَ وجاور بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَنزل مصر
وَله مصنفات كَثِيرَة مِنْهَا الرحلة الشرقية أَربع مجلدات وفهرست مشايخه والمقدمة الْمعرفَة فِي علو الْمسَافَة وَالصّفة والصراط السوي فِي اتِّصَال سَماع جَامع التِّرْمِذِيّ وإفادة النصيح فِي مَشْهُور رُوَاة الصَّحِيح وجزء فِيهِ مسأله العنعنة والمحاكمة بَين الْإِمَامَيْنِ وإيضاح الْمذَاهب فِي تعْيين من ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم الصاحب وجزء فِيهِ حكم رُؤْيَة هِلَال شَوَّال ورمضان وتلخيص كتاب القوانين فِي النَّحْو وَشرح جُزْء التَّجْنِيس لحلزم بن حَازِم الإشبيلي وَحكم الِاسْتِعَارَة وَغير ذَلِك من الْخطب والقصائد النَّبَوِيَّة والمقطعات البديعة
وَكَانَ ارتحاله إِلَى سبته فِي حُدُود سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع مائَة
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ قدم الْمَذْكُور علينا بِالْقَاهِرَةِ حَاجا وَسمع مَعنا)
الحَدِيث وعني بِهِ وَكَانَ قد بحث سِيبَوَيْهٍ على الْأُسْتَاذ أبي الْحُسَيْن ابْن أبي الرّبيع وَلما توجه إِلَى الْحَج صُحْبَة أبي عبد الله ابْن الْحَكِيم اتّفق أَن السُّلْطَان أَبَا عبد الله ابْن السُّلْطَان أبي عبد الله بن الْأَحْمَر استوزر ابْن الْحَكِيم فولى ابْن رشيد الْإِمَامَة وَالْخطْبَة بِجَامِع غرناطة وَلما قتل الْوَزير أخرج أهل غرناطة ابْن رشيد إِلَى العدوة فَأحْسن إِلَيْهِ العدوة ابو سعيد عُثْمَان بن السُّلْطَان أبي يُوسُف يَعْقُوب بن عبد الْحق وَبَقِي فِي إيالته إِلَى أَن توفّي ابْن رشيد وَكَانَ فَاضلا سرياً حسن الْأَخْلَاق سَأَلته أَن يكْتب لي من شعره وَكَانَ مِمَّن(4/199)
ينظم بالعروض إِذْ لم يكن الْوَزْن فِي طبعه فَكتب لي بِخَطِّهِ
(يَا من يفوق النَّجْم موطنه ... كلفتني مَا لَيْسَ أحْسنه)
(ولتغض عَمَّا فِيهِ من خللٍ ... خلدت فِي عزٍ تزينه)
وَله أَبْيَات كتبهَا على حَذْو نعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدار الحَدِيث الأشرفية
(هَنِيئًا لعَيْنِي إِن رَأَتْ نعل أَحْمد ... فيا سعد جدي قد ظَفرت بمقصدي)
(وقبلتها أشفي الغليل فزادني ... فيا عجبا زَاد الظما عِنْد موردي)
(وَللَّه ذَاك الْيَوْم عيداً ومعلماً ... بمطلعه أرخت مولد أسعدي)
(عَلَيْهِ صلاةٌ نشرها طيبٌ كَمَا ... يحب ويرضى رَبنَا لمُحَمد)
الْبَدْر المنبجي مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن الْمثنى الشَّافِعِي الشَّاعِر
ولد بمنبج قبل الْخمسين وَسمع من ابْن عبد الدَّائِم بِدِمَشْق وَمن النجيب بِمصْر وَتخرج فِي الْأَدَب بمجد الدّين ابْن الظهير الإربلي وَتُوفِّي بِمصْر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة
أَنْشدني الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان إجَازَة قَالَ أَنْشدني المنبجي لنَفسِهِ
(ومهفهف ناديته ومحاجري ... تذري دموعاً كالجمان مبددا)
(يَا من أرَاهُ على الملاح مؤمراً ... بِاللَّه قل لي هَل أَرَاك مُجَردا)
قَالَ وأنشدني أَيْضا
(وَبدر دجىً وافى إِلَيّ بوردةٍ ... وَمَا حَان من ورد الرّبيع أَوَانه)
(فَقَالَ وَقد أبديت مِنْهُ تَعَجبا ... رويدك لَا تعجب فعندي بَيَانه)
(هُوَ الْورْد من روضٍ بخدي دنيته ... وَورد خدودي كل وَقت زَمَانه)
قَالَ وأنشدني أَيْضا)
(وَكَأن زهر اللوز صبٌ عاشقٌ ... قد هزه شوقٌ إِلَى أحبابه)
(وَأَظنهُ من هول يَوْم فراقهم ... وبعادهم قد شَاب قبل شبابه)
قَالَ وأنشدني أَيْضا
(وَمن عجبٍ سيفٌ بجفنك ينتضى ... فيفتك فِي العشاق وَهُوَ كليل)
(وأعجب من ذَا لحظ طرفك فِي الْهوى ... يداوي من السقام وَهُوَ عليل)
القَاضِي أَخَوَيْنِ الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عمر بن الْفضل قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين التبريزي الشَّافِعِي الملقب بأخوين
ولد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ ككان صَاحب مُشَاركَة وفنون وتؤدة ومروءة وحلم أتقن علم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَنسخ كتبا كَثِيرَة وَلم يكن من قُضَاة الْعدْل توفّي بِبَغْدَاد(4/200)
سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ قَاضِي بَغْدَاد
نجم الدّين وَكيل بَيت المَال مُحَمَّد بن عمر الشَّيْخ نجم الدّين ابْن أبي الطّيب وَكيل بَيت المَال بِدِمَشْق
كَانَ قد تزوج بنت القَاضِي محيي الدّين ابْن فضل الله فَحصل لَهُ لما توجه القَاضِي محيي الدّين إِلَى كِتَابَة السِّرّ بالديار المصرية كل خير وَولي الْوَظَائِف لكبار مثل نظر الخزانة بقلعة دمشق ووكالة بَيت المَال وَكَانَ بِيَدِهِ نظر الرباع السُّلْطَانِيَّة وتدريس الْمدرسَة الكروسية والمدرسة الصلاحية
وسوف يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة وَالِده عمر بن أبي الْقَاسِم فِي حرف الْعين التَّنْبِيه على تَسْمِيَة بَيتهمْ ببني أبي الطّيب وَأم نجم الدّين هَذَا بنت شمس الدّين ابْن القَاضِي نجم الدّين أبي بكر مُحَمَّد ابْن قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين ابْن سني الدولة وَولي هُوَ الْوكَالَة بعد عزل ابْن الْمجد عبد الله لما ولي قَضَاء الْقُضَاة بِدِمَشْق وَكَانَ وَليهَا بعد عزل القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن القلانسي لما غضب عَلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين تنكز وعزله عَن وظائفه وَكَانَ قد وَليهَا بعد وَفَاة أَخِيه القَاضِي جمال الدّين أَحْمد ابْن القلانسي لما توفّي عَنْهَا وَكَانَ قد وَليهَا بعد الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الشريشي وَكَانَ قد وَليهَا بعد الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني ووليها بعد ابْن الشريشي الْمَذْكُور ووليها بعد نجم الدّين عمر وَالِد نجم الدّين الْمَذْكُور
وَكَانَ نجم الدّين الْمَذْكُور شَافِعِيّ الْمَذْهَب حسن الشكل تَامّ الْخلق لَهُ تودد وملقى وملق)
توفّي فِي حمرَة ظَهرت بِوَجْهِهِ فِي يَوْمَيْنِ وَكَانَت وَفَاته فِي رَابِع شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ حفظَة لأخبار أهل عصره وتواريخهم ووقائعهم لَا يدانيه أحد فِي ذَلِك واعترف لَهُ بذلك شهَاب الدّين ابْن فضل الله
شمس الدّين ابْن الرهاوي مُحَمَّد بن عمر بن إلْيَاس شمس الدّين أَبُو الْعِزّ الرهاوي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْكَاتِب
سمع بِمصْر صَحِيح مُسلم بفوتٍ من ابْن الْبُرْهَان وَسمع من النجيب وَابْن أبي الْيُسْر وَابْن الأوحد وَطَائِفَة وَدَار على الشُّيُوخ وَكتب الطباق وَسمع الْكتب وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة روى عَنهُ الشَّيْخ شمس الدّين فِي المعجم
ابْن المشهدي مُحَمَّد بن عمر بن سَالم الْعدْل الْفَاضِل نَاصِر الدّين المشهدي الْمصْرِيّ
سمع من غَازِي الحلاوي وَخلق وعني بذلك وَكتب الطباق وبرع فِي كِتَابَة السجلات وَحصل مِنْهَا وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد تكلمُوا فِي عَدَالَته
توفّي رَحمَه الله تَعَالَى كهلاً سنة بضع وَعشْرين وَسبع مائَة(4/201)
3 - (ابْن عَمْرو)
ابْن حزم الْأنْصَارِيّ مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ
توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَولد بِنَجْرَان سنة عشر وَأَبوهُ عَامل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكنية مُحَمَّد أَبُو سُلَيْمَان وَقيل أَبُو عبد الْملك روى عَنهُ جمَاعَة من أهل الْمَدِينَة ويروي هُوَ عَن أَبِيه وَغَيره من الصَّحَابَة
قَالَ كنت أكنى أَبَا الْقَاسِم عِنْد أخوالي بني سَاعِدَة فنهوني فحولت كنيتي إِلَى أبي عبد الْملك وَقتل يَوْم الْحرَّة وَمَعَهُ جمَاعَة من أهل بَيته وَيُقَال أَنه كَانَ أَشد النَّاس على عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
اللَّيْثِيّ الْمدنِي ابْن وَقاص مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ الْمدنِي أحد عُلَمَاء الحَدِيث
أَكثر عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَيحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَعَمْرو وَالِده قَالَ أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث وَقَالَ النَّسَائِيّ وَغَيره لَيْسَ بِهِ بَأْس روى لَهُ الْأَرْبَعَة وَالْبُخَارِيّ مَقْرُونا)
توفّي فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة
السويقي مُحَمَّد بن عَمْرو الْبَلْخِي السواق وَيُقَال لَهُ السويقي
روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو زرْعَة الرَّازِيّ وَآخَرُونَ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
ابْن حنان مُحَمَّد بن عَمْرو بن حنان الْكَلْبِيّ روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَوَثَّقَهُ الْخَطِيب وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
السُّوسِي الزَّاهِد مُحَمَّد بن عَمْرو بن يُونُس أَبُو جَعْفَر الثَّعْلَبِيّ يعرف بالسوسي(4/202)
الزَّاهِد
حج سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَعَاد سنة تسع فَدخل فِي الصَّلَاة وَتُوفِّي وَهُوَ ساجد سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَقد بلغ مائَة سنة حدث عَن أبي معوية الضَّرِير وَغَيره وروى عَنهُ صَالح بن عَليّ الدِّمَشْقِي وَغَيره وَكَانَ ثِقَة
ابْن الموجه اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن الموجه الْفَزارِيّ الْمروزِي اللّغَوِيّ الْحَافِظ توفّي سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا
ذُو الشامة مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط وَيعرف بِذِي الشامة ابْن أبي قطيفة
ولاه يزِيد بن عبد الْملك الْكُوفَة وَهُوَ الْقَائِل يرثي مسلمة بن عبد الْملك
(ضَاقَ صَدْرِي فَمَا يحنّ حراكا ... عيّ عَن أَن يَجِيئهُ مَا دهاكا)
كل ميتٍ قد اضطلعت عَلَيْهِ الْحزن ثمَّ اغتفرت فِيهِ الهلاكا قبل ميتٍ أَو قبل قبر على الجالوت لم أستطع عَلَيْهِ أتراكا زائنٌ للقبور فِيهَا كَمَا كنت تزين السُّلْطَان والأملاكا الْحَرْبِيّ الْبَغْدَادِيّ مُحَمَّد بن عَمْرو بن سعيد الْحَرْبِيّ أَبُو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ
قَالَ المرذباني ضَعِيف الشّعْر كَانَ يهاجي التمار والمسلمي وَغَيرهمَا وَهُوَ الْقَائِل فِي جَرَادَة الْكَاتِب
(أَتَيْتُك مشتاقاً وَجئْت مُسلما ... عَلَيْك وَإِنِّي باحتجابك عَالم)
(فَأَخْبرنِي البواب أَنَّك نَائِم ... وَأَنت إِذا استيقظت أَيْضا فنائم)
وَمِنْهُم من رَوَاهُمَا لإسماعيل بلبل وَالصَّحِيح أَنَّهُمَا للحربي توفّي الزف الْمُغنِي مُحَمَّد بن عَمْرو مولى تَمِيم يعرف بالزف بالزاي وَالْفَاء الْمُشَدّدَة)
كَانَ مغنياً ضَارِبًا طيب المسموع صَالح الصَّنْعَة مليح النادرة أسْرع خلق الله أخذا للغناء وأصحه أَدَاء لَهُ وأذكاه إِذا سمع الصَّوْت مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَدَّاهُ حَتَّى لَا يكون بَينه وَبَين من أَخذه عَنهُ فرقئٌ وَكَانَ يتعصب على ابْن جَامع ويميل إِلَى إِبْرَاهِيم الْموصِلِي وَابْنه إِسْحَاق وَكَانَا يرفعانه على غَيره ويجتلبان لَهُ الرفد والصلات من الْخُلَفَاء وَكَانَت فِيهِ عربدة إِذا سكر فعربد بِحَضْرَة الرشيد مرّة(4/203)
فَأمر بِإِخْرَاجِهِ وَمنعه الْوُصُول إِلَيْهِ وجفاه وتناساه
وَمَات الزف فِي خلَافَة الرشيد أَو فِي خلَافَة الْأمين الْحَافِظ الْعقيلِيّ مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُوسَى بن حَمَّاد أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ الْحَافِظ لَهُ مُصَنف جليل فِي الضُّعَفَاء وعداده فِي الْحِجَازِيِّينَ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
أَبُو جَعْفَر الرزاز مُحَمَّد بن عَمْرو بن البخْترِي بن مدرك الْبَغْدَادِيّ أَبُو جَعْفَر الرزاز
قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ثبتاً
توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
الجماز مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء بن يسَار الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالجماز الْبَصْرِيّ النديم
لَهُ أَخْبَار مَعَ أبي نواس وَغَيره توفّي فِي حُدُود الْخمسين والمائتين مر مَعَ رَفِيق لَهُ فرآهما الإِمَام فَأَقَامَ الصَّلَاة فَقَالَ لَهُ الجماز اصبر أما نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تلقي الجلبومن شعره لما تولى حَيَّان بن بشر قَضَاء الشرقية بِبَغْدَاد وَولي سوار بن عبد الله الْعَنْبَري قَضَاء الغربية فِي زمَان يحيى بن أَكْثَم وَكِلَاهُمَا كَانَ أَعور
(رَأَيْت من الْكَبَائِر قاضيين ... هما أحدوثة فِي الْخَافِقين)
الأبيات وَقد مرت فِي تَرْجَمَة أبي العبر مُحَمَّد بن أَحْمد وأوردها صَاحب الأغاني لَهُ
قَالَ رجل للجماز ولد لي البارحة ولد كَأَنَّهُ الدِّينَار المنقوش فَقَالَ لَهُ الجماز لَاعن أمه
وَصلى رجل صَلَاة خَفِيفَة فَقَالَ لَهُ الجماز لَو رآك العجاج لسر بك قَالَ ولمقال لِأَن صَلَاتك رجز
وَسمع مَحْبُوسًا يَقُول اللَّهُمَّ احفظني فَقَالَ لَهُ قل اللَّهُمَّ ضيعني حَتَّى تَنْفَلِت
وَأدْخل يَوْمًا غُلَاما إِلَى منزله فَلَمَّا خرج ادّعى أَنه هُوَ الَّذِي فعل بالجماز فَبلغ ذَلِك الجماز فَقَالَ حرم اللواط إِلَّا بوليّ وشاهدي عدل
وَقيل لَهُ يَوْمًا مَا بَقِي من شهوتك للنساءقال القيادة عَلَيْهِنَّ قَالَ الجماز قلت لرجل قد زَاد سعر)
الدَّقِيق فَقَالَ لَا أُبَالِي أَنا لَا أَشْتَرِي إِلَّا الْخبز وطالب امْرَأَته بِالْجِمَاعِ فَقَالَت أَنا حَائِض وتحركت فضرطت فَقَالَ لَهَا قد حرمتنا خير حرك فاكفينا شَرّ استك
وَقيل لَهُ لأي شَيْء تقصر شعركفقال الَّذِي أجيء بِهِ أَكثر مِمَّا تعطونني وَقَالَ الجماز حرم النَّبِيذ على ثَلَاثَة عشر نفسا على من غنى الْخَطَأ واتكأ على الْيَمين وَأكْثر أكل(4/204)
النَّقْل وَكسر الزّجاج وسرق الريحان وبلّ مَا بَين يَدَيْهِ وَطلب الْعشَاء وَطلب البم وَحبس أول قدح وَأكْثر الحَدِيث وامتخط فِي منديل الشَّرَاب وَبَات فِي مَوضِع لَا يحْتَمل الْمَيِّت ولحن الْمُغنِي
وَكَانَ يَأْكُل عِنْد سعيد بن سَالم على مائدة دون مائدته فَإِذا رفع من مائدة سعيد شَيْء وضع على الْمَائِدَة الَّتِي عَلَيْهَا الجماز فَالْتَفت الجماز فَقَالَ يَا عَمْرو هَذِه الْمَائِدَة عصبَة لتِلْك كَمَا يُقَال وَمَا بَقِي فللعصبة
وشهى جَعْفَر بن سُلَيْمَان أَصْحَابه فتشهى كل إِنْسَان مِنْهُم شَيْئا من الطَّعَام فَقَالَ للجماز وَأَنت مَا تشتهيقال أَن يَصح مَا اشتهوا
وَأدْخل يَوْمًا غُلَاما إِلَى الْمَسْجِد فَلَمَّا فرغ مِنْهُ أقبل الْمُؤَذّن فَقَامَ الجماز إِلَى الْمِحْرَاب وخرئ فِيهِ فَقَالَ الْمُؤَذّن يَا عَدو الله فجرت بالغلام فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ لَيْسَ لَك بَيت مَا حجتك إِن خرئت فِي المحرابقال علمت أَنه يشْهد عَليّ يَوْم الْقِيَامَة فَأَحْبَبْت أَن أجعله خصما لِئَلَّا تقبل شَهَادَته عَليّ
وَدفع إِلَى غسال قَمِيصه ليغسله فضيعه ورد عَلَيْهِ قَمِيصًا صَغِيرا فَقَالَ لَيْسَ هَذَا قَمِيصِي قَالَ بل هُوَ قَمِيصك وَلكنه توزيٌ وَفِي كل غسلة يَتَقَلَّص وَيقصر فَقَالَ لَهُ الجماز أحب أَن تعرفنِي فِي كم غسلة يصير الْقَمِيص زراً
وَقَالَ لَهُ الْفَتْح بن خاقَان قد كلمت لَك أَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى ولاك جَزِيرَة القرود فَقَالَ الجماز أَلَسْت فِي السّمع وَالطَّاعَة أصلحك اللهفحصر الْفَتْح وَسكت
وَقَالَ لَهُ بعض من حضر إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يُرِيد أَن يهب لَك جَارِيَة فَقَالَ لَيْسَ مثلي من عز نَفسه وَلَا كذب عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أرادني على أَن أَقُود عَلَيْهَا وَإِلَّا فَمَا لَهَا عِنْدِي شَيْء فَأمر لَهُ المتَوَكل بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَأَخذهَا وَانْحَدَرَ فَمَاتَ فَرحا
سُلْطَان الْمغل مُحَمَّد بن عنبرجي النوين بنالمغلي ابْن النوين عنبرجي
صبي من أَبنَاء الْعشْرين من أهل توريز لما قتل القان أَبُو سعيد زعمت سَرِيَّة أَنَّهَا حُبْلَى مِنْهُ فَولدت مُحَمَّدًا فَلَمَّا أقبل النوين الشَّيْخ حسن وَهزمَ جمع الْملك مُوسَى وَقتل مُوسَى عمد إِلَى هَذَا)
الصَّبِي وأقامه فِي السلطنة وناب لَهُ هُوَ وَابْن جوبان وَزَوْجَة جوبان ساطي بك وَهِي بنت القان خربندا وتماسك الْأَمر أشهراً ثمَّ أقبل من الرّوم ولدا تمرتاش وأهما إِن أباهما حَيّ مَعَهُمَا وجعلوه فِي خركاه فهرب الشَّيْخ حسن إِلَى خُرَاسَان ثمَّ أهلك الصَّبِي مُحَمَّد هَذَا وماج النَّاس وَاشْتَدَّ الْبلَاء وَالظُّلم والنهب بآذربيجان وافتقر من الْجور جمَاعَة وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة(4/205)
3 - (ابْن عَوْف)
الْحَافِظ الطَّائِي مُحَمَّد بن عَوْف الْحِمصِي الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الطَّائِي
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَكَانَ عَلَيْهِ اعْتِمَاد ابْن جوصاء وَأثْنى عَلَيْهِ غير وَاحِد توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل مَا كَانَ بِالشَّام مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة مثله حدث عَن هِشَام بن عمار وطبقته وَاتَّفَقُوا على فَضله وَصدقه وثقته
الْمُزنِيّ مُحَمَّد بن عَوْف بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْحسن الْمُزنِيّ الدِّمَشْقِي كَانَ يكنى قَدِيما بِأبي بكر فَلَمَّا منعت الدولة التكني بِأبي بكر تكنى بِأبي الْحسن قَالَ الْكِنَانِي كَانَ ثِقَة نبيلاً توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
نَافِلَة القَاضِي عِيَاض مُحَمَّد بن عِيَاض بن مُحَمَّد بن عِيَاض بن مُوسَى بن عِيَاض القَاضِي أَبُو عبد الله الْيحصبِي السبتي وَهُوَ نَافِلَة القَاضِي عِيَاض صَاحب التصانيف توفّي سنة خمس وَخمسين وست مائَة(4/206)
3 - (ابْن عِيسَى)
الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عِيسَى بن رزين التَّيْمِيّ الرَّازِيّ الْأَصْبَهَانِيّ الْمُقْرِئ أحد الْأَعْلَام
قَرَأَ الْقُرْآن الْكَرِيم على نصير وخلاد بن خَالِد وَجَمَاعَة وروى الحَدِيث وَكَانَ رَأْسا فِي الْعَرَبيَّة صنف فِي الْعدَد والرسم وَغير ذَلِك
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عِيسَى بن حبَان أَبُو عبد الله الْمَدَائِنِي الْمُقْرِئ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف وَقَالَ البرقاني لَا بَأْس بِهِ
توفّي سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
التِّرْمِذِيّ الْكَبِير مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة بن مُوسَى السّلمِيّ الْحَافِظ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ الضَّرِير مُصَنف الْكتاب الْجَامِع
ولد سنة بضع وَمِائَتَيْنِ وَسمع قُتَيْبَة بن سعيد وَأَبا مُصعب الزُّهْرِيّ وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله الْهَرَوِيّ وَإِسْمَاعِيل بن مُوسَى السّديّ وَصَالح بن عبد الله التِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن معوية وَحميد بن مسْعدَة وسُويد بن نصر الْمروزِي وَعلي بن حجر السعدى وَمُحَمّد بن حميد الرَّازِيّ وَمُحَمّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رزمة وَمُحَمّد بن عبد الْملك بن أبي الشَّوَارِب وَأَبا كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَمُحَمّد بن أبي معشر السندي ومحمود بن غيلَان وهناد بن السّري وخلقاً كثيرا وَأخذ علم الحَدِيث عَن أبي عبد الله البُخَارِيّ وروى عَنهُ حَمَّاد بن شَاكر وَمَكْحُول بن الْفضل وَآخَرُونَ وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ كَانَ مِمَّن جمع وصنف وَحفظ وذاكر
توفّي ثَالِث عشر رَجَب بترمذ سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
قَرَأت كتاب شمائل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْحَافِظِ أبي عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى التِّرْمِذِيّ رَحمَه الله تَعَالَى على الْحَافِظ الْعَلامَة جمال الدّين يُوسُف بن الزكي عبد الرَّحْمَن الْمزي رَحمَه الله من أَوله إِلَى آخِره قَالَ عِنْد الْقِرَاءَة أَنا بِجَمِيعِ الْكتاب الْمَشَايِخ الثَّلَاثَة فَخر الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد البُخَارِيّ وَكَمَال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن عبد الْملك بن يُوسُف المقدسيان بسفح جبل قاسيون ظَاهر دمشق وَكَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن هبة الله النصيبي بحلب قَالَ المقدسيان أَنا الشَّيْخ الْعَلامَة تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وَقَالَ ابْن النصيبي أَنا الشريف افتخار الدّين أَبُو هَاشم بن عبد الْمطلب(4/207)
بن الْفضل بن)
عبد الْمطلب الْهَاشِمِي قَالَ أَنا الْمَشَايِخ الْأَرْبَعَة أَبُو شُجَاع عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله البسطامي وَأَبُو الْفَتْح عبد الرشيد بن النُّعْمَان بن عبد الرَّزَّاق الْوَلْوَالجيّ وَأَبُو حَفْص عمر بن عَليّ بن أبي الْحُسَيْن الكربيسي الأديب وَأَبُو عَليّ الْحسن بن بشير بن عبد الله الْبَلْخِي النقاش قَالُوا أَنا أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الزيَادي الخليلي أَنا أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن الْخُزَاعِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بِابْن المراغي قِرَاءَة عَلَيْهِ سنة ثَمَان وَأَرْبع مائَة قَالَ أَنا أَبُو سعيد الْهَيْثَم بن كُلَيْب بن سُرَيج بن معقل الشَّاشِي الأديب قِرَاءَة عَلَيْهِ ببخارى سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
قَالَ ثَنَا أَبُو عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة التِّرْمِذِيّ
الطرطوسي مُحَمَّد بن عِيسَى الطرطوسي التَّمِيمِي قَالَ ابْن عدي هُوَ فِي عداد من يسرق الحَدِيث
توفّي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
الْقرشِي مُحَمَّد بن عِيسَى بن طَلْحَة التَّيْمِيّ الْقرشِي روى عَنهُ الزبير بن بكار قَوْله
(وَلَا تعجل على أحدٍ بظلمٍ ... فَإِن الظُّلم مرتعه وخيم)
(وَلَا تفحش وَإِن ملئت غيظاً ... على أحد فَإِن الْفُحْش لوم)
(وَلَا تقطع أَخا لَك عِنْد ذنبٍ ... فَإِن الذَّنب يغفره الْكَرِيم)
(وَلَكِن داو عودته برقعٍ ... كَمَا قد يرقع الْخلق الْقَدِيم)
(وَلَا تجزع لريب الدَّهْر واصبر ... فَإِن الصَّبْر فِي العقبى سليم)
(فَمَا جزعٌ بمغنٍ عَنْك شَيْئا ... وَلَا مَا فَاتَ ترجعه الهموم)
وَقَالَ
(لَا تلم الْمَرْء على فعله ... وَأَنت منسوبٌ إِلَى مثله)
(من ذمّ شَيْئا وأتى مثله ... فَإِنَّمَا أزرى على عقله)
الْحَنَفِيّ قَاضِي بَغْدَاد مُحَمَّد بن عِيسَى الْفَقِيه الْحَنَفِيّ ابو عبد الله ابْن أبي مُوسَى الضَّرِير
ولي قَضَاء بَغْدَاد زمن المتقي والمستكفي وَكَانَ ثِقَة مَشْهُورا بالفقه والتصون لَا مطْعن عَلَيْهِ
قَتله اللُّصُوص فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
الجلودي رَاوِي مُسلم مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمرويه أَبُو أَحْمد النَّيْسَابُورِي الجلودي الزَّاهِد رَاوِي)
صَحِيح مُسلم
سمع وروى وَكَانَ ينتحل مَذْهَب سُفْيَان الثَّوْريّ وبوفاته(4/208)
ختم سَماع كتاب مُسلم فَإِن كل من حدث بعده عَن إِبْرَاهِيم بن سُفْيَان فَإِنَّهُ غير ثِقَة قَالَه الْحَاكِم
توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
ابْن يَقْطِين الشيعي مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبيد بن يَقْطِين
قَالَ ابْن النجار من فُقَهَاء الشِّيعَة لَهُ كتاب الأمل والرجاء ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي كتاب الفهرست
الْقُرْطُبِيّ الْمُؤَدب المعمر مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله الْأمَوِي الْقُرْطُبِيّ الْمُؤَدب المعمر
هُوَ ثِقَة آخر من قَرَأَ على الْأَنْطَاكِي توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
المغامي الطليطلي مُحَمَّد بن عِيسَى بن فَرح أَبُو عبد الله التجِيبِي المغامي بالغين الْمُعْجَمَة الطليلطلي الْمُقْرِئ صَاحب أبي عَمْرو الداني
توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
ابْن اللبانة مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد أَبُو بكر اللَّخْمِيّ الأندلسي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن اللبانة
لَهُ كتاب مناقل الْفِتْنَة ونظم السلوك فِي وعظ الْمُلُوك وسقيط الدُّرَر ولقيط الزهر فِي شعر ابْن عباد توفّي بميورقة سنة سبع وَخمْس مائَة
قَالَ قصيدة يمدح فِيهَا الْمُعْتَمد ابْن عباد
(بَكت عِنْد توديعي فَمَا علم الركب ... أذاك سقيط الطلّ أم لُؤْلُؤ رطب)
(وتابعها سربٌ وَإِنِّي لمخطئ ... نُجُوم الدياجي لَا يُقَال لَهَا سرب)
(لَئِن وقفت شمس النَّهَار ليوشعٍ ... لقد وقفت شمس الْهوى لي والشهب)
مِنْهَا فِي ذكر الْمركب
(هفا بَين عصف الرّيح والموج مثل مَا ... هفا بَين أضلاعي يكوى بِهِ الْقلب)
(كَأَنِّي قذىً فِي مقلةٍ وَهُوَ ناظرٌ ... بهَا والمجاذيف الَّتِي حولهَا هدب)
مِنْهَا فِي المديح
(حوى قصبات السَّعْي عفوا وَلَو سعى ... لَهَا الْبَرْق خطفاً جَاءَ من دونهَا بكبو)
)
(ويرتاح عِنْد الْحَمد حَتَّى كَأَنَّهُ ... وحاشاه نشوانٌ يلذ لَهُ شرب)
(سَأَلت أَخَاهُ الْبَحْر عَنهُ فَقَالَ لي ... شقيقي إِلَّا أَنه الْبَارِد العذب)
(لنا ديمتا ماءٍ ومالٍ فديمتي ... تماسك أَحْيَانًا وديمته سكب)(4/209)
(إِذا نشأت تبريةً فَلهُ الندى ... وَإِن نشأت بحريّة فَلهُ السحب)
قلت قَوْله ويرتاح عِنْد الْحَمد الْبَيْت أَخذه أَبُو الْحُسَيْن الجزار فَقَالَ
(ويهتز عِنْد الْجُود أَن جَاءَ طالبٌ ... كَمَا اهتز حاشى وَصفه شَارِب الْخمر)
وَأحسن حشوٍ وَقع فِي هَذَا قَول أبي الطّيب
(ويحتقر الدُّنْيَا احتقار مجربٍ ... يرى كل مَا فِيهَا وحاشاه فانيا)
وَمن موشحات ابْن اللبانة شقّ النسيم كمامه عَن زاهرٍ يتبسم فَلَا تُطِع لملامه واشرب على الزير والبم حيى النسيم بمندل عَن طيب زهرٍ أنيق ونرجس الرَّوْض تخجل مِنْهُ خدود الشَّقِيق فانهض إِلَى الدن وَأَقْبل مِنْهُ سوار الرَّحِيق وفض عَنهُ ختامه عَن مثل مسكٍ مختم تكَاد مِنْهُ المدامه للشُّرْب أَن تَتَكَلَّم حاكت على النَّهر درعاً ريح الصِّبَا فِي الأصائل وأسبل الْقطر دمعا على جُيُوب الخمائل فاسمع من الْعود سجعاً تشق مِنْهُ الغلائل مَا رنمته حمامه من فَوق غصنٍ منعم وَلَا ادَّعَتْهُ كرامه بنت الْحُسَيْن بن مخدم أما عليٌ فَإِنِّي مِمَّن سَمِعت بِذكرِهِ والود يشْهد عني بِمَا أبوح بفخره وَقد رَأَيْت التَّمَنِّي يختال فِي ثوب بشره فِي حلةٍ من أسَامَه بِظَاهِر الْحسن معلم متوج بالكرامه وبالسماح مختم حيى النسيم تلمسان بواكف الْقطر هطال وَقد قَضَت كل إِحْسَان بجودها يَا ابْن شملال وَقصرت كل إِنْسَان عَمَّا حواه من إجلال)
ندبٌ يذل همامه ربيعَة بن مكدم وَمَا حواه أسَامَه فِي عصره الْمُتَقَدّم قد جَاءَك المتنبي يَا سيف هَذَا الزَّمَان يختال فِي ثوب عجب بِمَا حوى من معَان يشدو ارتجالاً فيسبي كل الْوُجُوه الحسان(4/210)
ابْن قزمان الزجال مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبد الْملك بن قزمان الْقُرْطُبِيّ المتفرد بإبداع الزجل
توفّي سنة أَربع وَخمسين وَخمْس مائَة والأمير أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعد إِذْ ذَاك محاصر قرطبة
أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم
(يَا ربّ يومٍ زارني فِيهِ من ... اطلع من غرته كوكبا)
(ذُو شفةٍ لمياء معسولةٍ ... ينشع من خديه مَاء الصبى)
(قلت لَهُ هَب لي بهَا قبْلَة ... فَقَالَ لي مُبْتَسِمًا مرْحَبًا)
(فذقت شَيْئا لم أذق مثله ... لله مَا أحلى وَمَا أعذبا)
(أسعدني الله بإسعاده ... يَا شقوتي يَا شقوتي لَو أَبى)
وَمن شعره
(كثير المَال يبذله فيفنى ... وَقد يبْقى من الذّكر الْقَلِيل)
(وَمن غرست يَدَاهُ ثمار جودٍ ... فَفِي ظلّ الثَّنَاء لَهُ مقيل)
وَمِنْه
(يمسك الْفَارِس رمحاً بيدٍ ... وَأَنا أمسك فِيهَا قصبه)
(فكلانا بطلٌ فِي حربه ... إِن الأقلام رماح الكتبه)
وَمِنْه
(وعهدي بالشباب وَحسن قدي ... حكى ألف ابْن مقلة فِي الْكتاب)
(وَقد أَصبَحت منحنياً كَأَنِّي ... أفتش فِي التُّرَاب على شَبَابِي)
وَقَالَ يعْتَذر ارتجالاً
(يَا أهل الْمجْلس السَّامِي سرادقه ... مَا ملت لكنني مَالَتْ بِي الراح)
(فَإِن أكن مطفئاً مِصْبَاح بَيتكُمْ ... فَكل من فِيكُم فِي الْبَيْت مِصْبَاح)
)
وَمن أزجال ابْن قزمان
(أفني زماني على اخْتِيَاري ... ونقطع الْعُمر بِاجْتِهَاد)
(لم يخل حس الطَّرب بداري ... حَتَّى يمِيل راس للوساد)
(وَاحِد مُؤذن سكن جواري ... شيخ مليح أزهد الْعباد)
(إِذا طلع فِي السحر يعظني ... يَقُول حَيا على الْفَلاح)(4/211)
(يُبدل الْعود سَماع أُذُنِي ... حَيا على الْعِشْق للملاح)
(نَهَار أم ليل كَانَ مودي ... لم نخل من شرب أَو مجون)
(لما يكون الحبيب عِنْدِي ... لَيْسَ نَعْرِف النّوم أيش يكون)
(وَأَنا هُوَ شيخ الخلاعه وحدي ... نسهر إِذا نَامَتْ الْعُيُون)
(وَلَيْلَة الهجر تفتقدني ... إِذا طلع كَوْكَب الصَّباح)
(لَا شكّ بَين الغصون تجدني ... نعلم الْقمرِي النواح)
(لأي سببٍ قلي أَنْت غَضْبَان ... ايش أخبروك عني من قَبِيح)
(أَكثر نحبك من كل إِنْسَان ... ونكتم السِّرّ مَا نُبيح)
(إياك أَن تبتلي بهجران ... تذوق مَا ذقت يَا مليح)
(من الجفا والصدود أجرني ... فَقَالَ من يعشق الملاح)
يكون أَخا ذلةٍ وحزن فَقلت زِدْنِي فَلَا براح مُحَمَّد بن عِيسَى الشَّيْخ أَبُو الْحسن الكرجي أورد لَهُ الثعالبي فِي التَّتِمَّة
(كَأَن الْهلَال المستنير وَقد بدا ... وَنجم الثريا واقفٌ فَوق هالته)
(مليكٌ على أَعْلَاهُ تاجٌ مرصع ... ويزهى على من دونه بجلالته)
هَذَا النّصْف الثَّانِي من الثَّانِي أَتَى بِهِ سداداً من عوز
وَأورد لَهُ فِي حمام مُصَور
(أعجب ببيتٍ يُرِيك بَاطِنه ... جوارحاً أرْسلت على الْوَحْش)
(تَغْدُو لصيد الظباء مسرعةً ... كَأَنَّهَا فِي غياضها تمشي)
(طيوره قد تقابلت نسقاً ... كَأَنَّهَا وقعٌ على العش)
(فضاؤه طَابَ فسحةً وَهوى ... مصقل الأَرْض مؤنق الْفرش)
)
(وَأَنت فِي خلوةٍ مساعدةٍ ... تولع بالدلك ثمَّ بالرش)
شعر كُله جسم خَال من روح الْمَعْنى لَيْسَ بطائل(4/212)
ابْن بقا الْأَوَانِي مُحَمَّد بن عِيسَى بن عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن بقا أَبُو عِيسَى الْأَوَانِي
أديب كتب عَنهُ عمر بن مُحَمَّد العليمي شَيْئا من شعره بنيسابور سنة خمس وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
وَمن شعره
(مَاذَا على من فِي يَدَيْهِ وثاقي ... لَو جاد لي بِالْعِتْقِ وَالْإِطْلَاق)
(وأدال أَيَّام الْوِصَال من النَّوَى ... وَأقر مَاء الجفن فِي الآماق)
(لله أَيَّام الْوِصَال فَإِنَّهَا ... كَانَت لنا من أطيب الأرزاق)
(كم ليلةٍ فِيهَا شربت مدامةً ... من كف أحور طيب الْأَخْلَاق)
(لَا يرعوي إِلَّا إِلَى مشمولةٍ ... حَمْرَاء تزهر فِي يَمِين الساقي)
(قَامَ الْمُؤَذّن للصَّلَاة فَخفت أَن ... اقضي لفرط صبابتي وفراقي)
(وَحلفت أَنِّي لَو وليت ولَايَة ... لم أبق مأذنةً على الْإِطْلَاق)
الْيَمَانِيّ مُحَمَّد بن عِيسَى الْيَمَانِيّ شَاعِر ورد بَغْدَاد وروى بهَا شَيْئا من شعره وَشعر غَيره كتب عَنهُ الْعِمَاد الْكَاتِب
وَمن شعره
(أَقُول لنَفْسي وَقد أشفقت ... لكَون الهموم إِلَيْهَا قواصد)
(إِذا كنت تبغين كسب العلى ... فَلَا تحفلي بلقاء الشدائد)
وَقَالَ الْعِمَاد رَأَيْته يَدعِي لنَفسِهِ علوماً وَيَدْعُو لنَفسِهِ أمرا عَظِيما من علم المجسطي وهيئات الْفلك والمنطق الَّذِي من شم سمه هلك وَكنت حِينَئِذٍ مُولَعا بإقليدس وَحل أشكاله وَحل مَا يعرض من شكوكه وأشكاله فوصلت إِلَى أَن بلغت إِلَيْهِ وحللت مقالات عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَيْته نافر الطَّبْع بِالْكُلِّيَّةِ أكدت مُفَارقَته بالألية
وَأورد لَهُ الْعِمَاد
(إِلَى الله أَن الدَّهْر أَنْيَاب صرفه ... عَليّ من الغيظ المبرح يصرف)
(وذنبي إِلَيْهِ أَن نَفسِي إِلَى العلى ... تتوق وَعَن طرق المذلة تعسف)
)
مُحَمَّد بن عِيسَى الملقب برغوثا وَإِلَيْهِ تنْسب الْفرْقَة البرغوثية وهم الْقَائِلُونَ بِخلق الْقُرْآن
أَبُو عَليّ الدَّامغَانِي الْوَزير مُحَمَّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي أَبُو عَليّ
ذكره الثعالبي فِي أهل بخارا فَقَالَ تثنى بِهِ الخناصر وتضرب بِهِ الْمِثَال فِي حسن الْخط والبلاغة وأدب الْكِتَابَة والوزارة كَانَ فِي حَدَاثَة سنه يكْتب لأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق ثمَّ تمكن من خدمَة السامانية خمسين سنة يتَصَرَّف وَلَا يتعطل حَتَّى قيل فِيهِ
(وَقَالُوا الْعَزْل للعمال حيضٌ ... لحاه الله من حيضٍ بغيض)(4/213)
(فَإِن يَك هَكَذَا فَأَبُو عَليّ ... من اللائي يئسن من الْمَحِيض)
ولي ديوَان الرسائل دفعات والوزارة مَرَّات وَكَانَ يَقُول الشّعْر وَيُحب الْأَدَب وَأَهله ويكرمهم
وأنشدني بعض كِتَابه لَهُ وكاتبٍ كتبه تذكرني الْقُرْآن حَتَّى أظل فِي عجب
(فاللفظ قَالُوا قُلُوبنَا غلفٌ ... والخط تبت يدا أبي لَهب)
وَفِيه يَقُول أَبُو الْقَاسِم الْيَمَانِيّ
(إِلَى الشَّيْخ الْجَلِيل أبي عليٍ ... مُحَمَّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي)
(وَلم أنسبه للتعريف جهلا ... لرتبته إِلَى الْبَلَد الْفُلَانِيّ)
(وَلَكِن القوافي لَا تحابي ... إِذا ابْتَدَرْت بديعات الْمعَانِي)
القَاضِي شمس الدّين ابْن الْمجد مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبد الْمطلب الْعَلامَة المناظر القَاضِي شمس الدّين ابْن الْمجد البعلبكي الشَّافِعِي ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ ببعلببك وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
تفقه وبرع بحلب وَكَانَ صَاحب فنون ولي قَضَاء بعلبك مُدَّة ثمَّ ترك ذَلِك وَسكن دمشق وأمّ بتربة أم الصَّالح ودرس بالقوصية ثمَّ نقل إِلَى قَضَاء طرابلس فَمَاتَ بعد أشهر
وَسمع الْكثير ورقأ على ابْن مشرف والموازيني وأسمع وَلَده وَكَانَ قد سمع سنَن ابْن مَاجَه من القَاضِي تَاج الدّين عبد الْخَالِق بن عبد السَّلَام بن سعيد ابْن علوان وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة
جمال الدّين الأرمنتي مُحَمَّد بن عِيسَى بن جَعْفَر الْهَاشِمِي الأرمنتي جمال الدّين هُوَ أَخُو شرف الدّين يُونُس)
قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ من الْفُقَهَاء الأخيار والقضاة الْحُكَّام تولى الحكم بدشنا وَاتفقَ أَن قَاضِي قوص شرف الدّين ابْن عَتيق قَالَ مرّة كل نَائِب لي عدل فاتفق أَن جمال الدّين هَذَا اجتاز بسوق الوراقين فَقَالَ لَهُ بعض الشُّهُود اشْهَدْ معي فِي هَذِه الورقة فَشهد مَعَه وَلم يكن جلس قبل ذَلِك فبلغت ابْن عَتيق فنهره بِحَضْرَة الْجَمَاعَة فَقَالَ سيدنَا قَالَ كل نَائِب لي عدل فَقَالَ قلت ذَلِك تَعْظِيمًا لكم مَا أَذِنت فِي الْجُلُوس فَقَامَ من الْمجْلس ومخط دَمًا وَتُوفِّي ن وقته قَالَ حكى لي ذَلِك جمَاعَة
وَكَانَت وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وست مائَة
الشَّيْخ شمس الدّين ابْن كرّ مُحَمَّد بن عِيسَى بن حسن بن كرّ يتَّصل بِمَرْوَان(4/214)
الْحمار هُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله ابْن حسام الدّين أبي الرّوح ابْن فتح الدّين الْحَنْبَلِيّ إِمَام أهل عصره فِي علم الموسيقى
شغل جمَاعَة من أكَابِر علم النغم وقرأوا عَلَيْهِ وَهُوَ صوفي الْخِرْقَة لَهُ زَاوِيَة عِنْد مشْهد الْحُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ
اجْتمعت بِهِ غير مرّة وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي رَابِع عشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بِالْقَاهِرَةِ
قَرَأَ الْقُرْآن على الشَّيْخ عَليّ الشطنوفي وَحفظ الْأَحْكَام لعبد الْغَنِيّ والعمدة فِي الْفِقْه للشَّيْخ موفق الدّين والملحة للحريري وَعرض ذَلِك على القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن التراكيشي الْحَنْبَلِيّ وَسمع على أَشْيَاخ عصره مثل الدمياطي والأبرقوهي وَغَيرهمَا وَقَرَأَ فن الموسيقى على القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن التراكيشي الْحَنْبَلِيّ وَوضع كتابا فِي فن الموسيقى سَمَّاهُ غَايَة الْمَطْلُوب فِي علم الْأَنْغَام والضروب سَمِعت مقدمته مِنْهُ بمنزله الزاوية الْمَذْكُورَة فِي شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَقَالَ لي ظهر لي جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين فِي هَذَا الْفَنّ مثل الفارابي وَغَيره وَقد برهنت ذَلِك(4/215)
3 - (ابْن غَازِي)
الفقاعي مُحَمَّد بن غَازِي الْموصِلِي يعرف بالفقاعي شربدار السِّت ربيعَة خاتون أُخْت الْعَادِل لَهُ شعر توفّي سنة تسع وَعشْرين وست مائَة
الْعَزِيز الظَّاهِر غَازِي مُحَمَّد بن غَازِي بن يُوسُف السُّلْطَان الْملك الْعَزِيز غياث الدّين ابْن السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين صَاحب حلب
ولي بعد وَالِده وَله أَربع سِنِين أنحوها وَجعل اتابكه الطواشي طغريل وَأقر الْعَادِل الْكَبِير ذَلِك وأمضاه لأجل الصاحبة وَالِدَة الْعَزِيز لِأَنَّهَا هِيَ بنت الْعَادِل وَكَانَت هِيَ الْكل وَكَانَ فِيهِ عدل وشفقة وتودد وميل إِلَى الدّين
توفّي شَابًّا طرياً وَله نَيف وَعِشْرُونَ سنة وَخلف وَلَده الْملك النَّاصِر يُوسُف صَغِيرا فأقاموه بعده فِي الْملك وَكَانَت وَفَاة الْعَزِيز سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة الْكَامِل صَاحب ميافارقين مُحَمَّد بن غَازِي بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بن شادي السُّلْطَان الْملك الْكَامِل نَاصِر الدّين أَبُو الْمَعَالِي ابْن المظفر بن الْعَادِل صَاحب ميافارقين
تملك الْبَلَد بعد وَفَاة أَبِيه سنة خمس وَأَرْبَعين وست مائَة كَانَ ملكا جَلِيلًا دينا خيرا عَالما مهيباً شجاعاً محسناً إِلَى الرّعية كثير التَّعَبُّد والخشوع لم يكن فِي بَيته من يضاهيه اسْتشْهد بأيدي التتار بعد أَخذ ميافارقين وَقطع رَأسه وطيف بِهِ فِي الْبِلَاد بالمغاني والطبول ثمَّ علق بسور بَاب الفراديس سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة
فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء فِي ذَلِك وَقد دفنُوا رَأسه فِي مَسْجِد الرَّأْس دَاخل بَاب الفراديس
(أَيْن غازٍ غزا وجاهد قوما ... أثخنوا فِي الْعرَاق والمشرقين)
(ظَاهرا غَالِبا وَمَات شَهِيدا ... بعد صبرٍ عَلَيْهِم عَاميْنِ)
(لم يشنه أَن طيف بِالرَّأْسِ مِنْهُ ... فَلهُ أُسْوَة بِرَأْس الْحُسَيْن)
وَافق السبط فِي الشَّهَادَة وَالْحمل لقد حَاز أجره مرَّتَيْنِ
(ثمَّ واروا فِي مشْهد الرَّأْس ذَاك ... الرَّأْس فاستعجبوا من الْحَالين)
وارتجوا انه يَجِيء لَدَى الْبَعْث رَفِيق الْحُسَيْن فِي الجنتين(4/216)
3 - (ابْن غَالب)
التمتام الْبَصْرِيّ مُحَمَّد بن غَالب بن حَرْب أَبُو حَفْص الضَّبِّيّ الْبَصْرِيّ التمتام نزيل بَغْدَاد
كَانَ حَافِظًا مكثراً ثِقَة روى عَنهُ جَعْفَر بن البحتري وَإِسْمَاعِيل الصفار وَخلق قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة مَأْمُون إِلَّا انه كَانَ يُخطئ
مَاتَ فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
المعداني الْكَاتِب مُحَمَّد بن غَالب الْأَصْبَهَانِيّ الْكَاتِب يكنى أَبَا عبد الله
مترسل بليغ اتَّصل بعبيد الله بن سُلَيْمَان وتقرب إِلَى ابْنه الْقَاسِم بِالنّصب وَله فِي ذَلِك أشعار وَهُوَ الْقَائِل
(ثمن الْمَعْرُوف شكر ... وَيَد الإنعام ذخر)
وَبَقَاء الذّكر فِي الْأَحْيَاء للأموات عمر وَله فِي عبيد الله بن يحيى
(أَبَا حسنٍ شكر الرِّجَال هُوَ الذخر ... إِذا أنفد المَال الْحَوَادِث والدهر)
(فسل بِأُمُور الدَّهْر مني ابْن حنكةٍ ... تعاقبه من دهره الحلو والمر)
بَاشر بالحضرة ديوَان الرسائل ثَلَاثِينَ سنة إِلَى أَيَّام المكتفي لِأَنَّهُ ورد على المعتز كتاب من ملك الرّوم عجز كتاب الحضرة عَن جَوَابه فَأجَاب عَنهُ فقدمه وترشح للوزارة فاحتال عَلَيْهِ الْقَاسِم بن عبيد الله حَتَّى أخرجه إِلَى أَصْبَهَان وَكتب إِلَى المسمعي بإهلاكه فَأحْضرهُ مائدته واكل عِنْده كوامخ وسمكاً مالحاً ثمَّ أدخلهُ بَيْتا وأغلقه فَمَاتَ عطشاً فَقَالَ يُخَاطب المسمعي
(أَبَا صالحٍ أَنْت من صَالح ... بِحَيْثُ السويداء والناظران)
(فَلَا تستهن بكفاة الرِّجَال ... فَإِن الرِّجَال كنوز الزَّمَان)
(ملكت فَأَسْجِحْ وزع بالزمام ... وخف مَا يَدُور بِهِ الدائران)(4/217)
(لِأَنَّك فِي زمنٍ دهره ... كيومٍ ودولته ساعتان)
الرصافي الشَّاعِر مُحَمَّد بن غَالب أَبُو عبد الله الأندلسي الرصافي رصافة بلنسية نزيل مالقة
كَانَ يعِيش بالرفو وَكَانَ شَاعِر زَمَانه شعره مدون ينافس فِيهِ لم يتَزَوَّج وَهُوَ متعفف روى عَنهُ أَبُو عَليّ ابْن كسْرَى المالقي وَأَبُو الْحُسَيْن ابْن جُبَير
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخمْس مائَة)
من شعره من جملَة قصيدة
(لَو جِئْت نَار الْهدى جَانب الطّور ... قبست مَا شِئْت من علمٍ وَمن نور)
(من كل زهراء لم ترفع ذوائبها ... لَيْلًا لسارٍ وَلم تشبب لمقزور)
(نور طوى الله زند الْكَوْن مِنْهُ على ... سقطٍ إِلَى زمن الْمهْدي مدخور)
وَمِنْه أَيْضا
(مرأى عَلَيْهِ اجْتِمَاع للنفوس كَمَا ... تشبثت بلذيذ الْعَيْش أجفان)
(للعين وَالْقلب فِي إقباله أمل ... كَأَنَّهُ للشباب الغض ريعان)
وَمِنْه وَقد قتل إِنْسَان يدعى يُوسُف
(يَا وردةً جَادَتْ بهَا يَد متحفي ... فهمى لَهَا دمعي وهاج تأسفي)
(حَمْرَاء عاطرة النسيم كَأَنَّهَا ... من خد مقتبل الشبيبة مترف)
(عرضت تذكرني دَمًا من صَاحب ... شربت بِهِ الدُّنْيَا سلافة قرقف)
(فلثمتها شغفاً وَقلت لعبرتي ... هِيَ مَا تمج الأَرْض من دم يُوسُف)
وَمِنْه قَوْله مِمَّن البيات الَّتِي قَالَهَا فِي الحائك وأولها
(غزيلٌ لم تزل فِي الْغَزل جائلة ... بنانه جولان الْفِكر فِي الْغَزل)
(جذلان تلعب بالمحواك أنمله ... على السدى لعب الْأَيَّام بالدول)
(مَا عَن تَعب الْأَطْرَاف مشتغلاً ... أقديه من تَعب الْأَطْرَاف مشتغل)
(جَريا بكفيه أَو فحصاً بأرجله ... تخبط الظبي فِي أشراك محتبل)
وَمِنْه وَهُوَ بديع فِي نهر عَلَيْهِ ظلّ
(ومهدل الشطين تحسب أَنه ... متسيلٌ من درةٍ لصفائه)
(فاءت عَلَيْهِ مَعَ العشية سرحةٌ ... صدئت لفيئتها صحيفَة مَائه)(4/218)
(فتراه أَزْرَق فِي غلالة حمرةٍ ... كالدارع اسْتلْقى لظل لوائه)
وَأورد ابْن الْأَبَّار فِي هَذَا الْمَعْنى للخطيب أبي الْقَاسِم ابْن معوية
(وبحرٍ طافح الشطين صافٍ ... نأى عرضاه فِي عرض وَطول)
(توافيه الجداول وَهِي حسرى ... فشكوا تيهاً شكوى العليل)
(كَأَن الموج فِي عيريه ترسٌ ... تذْهب مَتنه كف الْأَصِيل)
)
(تفيء عَلَيْهِ رائحةٌ حسانٌ ... فتؤويه إِلَى ظلٍ ظَلِيل)
(كَأَن مَكَان فَيْء الظل مِنْهُ ... مَكَان اللَّمْس من سيفٍ صقيل)
وَأورد للخطيب الْمَذْكُور من أَبْيَات
(فجدوله فِي سرحة المَاء منصلٌ ... وَلكنه فِي الْجزع عطف سوار)
(وأمواجه أرداف غيدٍ نواعم ... يلفعن بالآصال ربط نضار)
(إِذا قابلته الشَّمْس أذكاه نورها ... فبدل مِنْهُ المَاء جذوة نَار)
(يفِيء عَلَيْهِ الدوح مضاعفاً ... فَيرجع مِنْهُ بدره لسرار)
(كَأَن مَكَان الظل صفحة وجنةٍ ... أظلت عَلَيْهَا خضرةٌ لعذار)
(أَو الْبكر حاذت بالسجنجل خدها ... وَقد سترت من بعضه بخمار)
وَأورد ابْن الْأَبَّار لنَفسِهِ
(ونهرٍ من ذَابَتْ سبائك فضَّة ... حكى بمجانيه انعطاف الأراقم)
(إِذا الشَّفق استولى عَلَيْهِ آحمراره ... تبدى خضيبا مثل دامي الصوارم)
(وتحسبه سنت عَلَيْهِ مفاضة ... لِأَن هاب هبات الرِّيَاح النواسم)
(وتطلعه من دكنة بعد زرقة ... ظلال لأدواح عَلَيْهِ نواعم)
(كَمَا آنفجر الْفجْر المطل على الدجى ... وَمن دونه فِي الْأُفق سحم الغمائم)
وَأورد لنَفسِهِ أَيْضا
(غربت بِهِ شمس الظهيرة لاتني ... إحراق صفحته لهيباً مشعلا)
(حَتَّى كَسَاه الدوح من أفنائه ... بردا يمزق فِي الأصائل هلهلا)
(فَكَأَنَّمَا لمع الظلال بمتنه ... قطع الدِّمَاء جمدن حِين تخللا)
وَأورد لنَفسِهِ أَيْضا غارت على شطيه أبكار المنى عصر الشَّبَاب
(فالظل يَبْدُو فَوْقه ... كالخال فِي خد الكعاب)
لَا بل أدَار عَلَيْهِ خوف الشَّمْس مِنْهُ كالنقاب(4/219)
مثل المجرة جر فِيهَا ذيله جون السَّحَاب قلت هَذِه المقاطيع وَإِن كَانَت فِي غَايَة الْحسن فَإِنَّهَا لَا تداني قَول الرصافي فَإِنَّهُ تخيل لطيف)
إِلَى الْغَايَة والتخيل الَّذِي فِي الْمَقْطُوع الأول للخطيب ثَانِيه فِي الْحسن ونائبه
نصير الدّين كَاتب الحكم مُحَمَّد بن غَالب بن مُحَمَّد بن مري نصير الدّين أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ كَاتب الحكم بِدِمَشْق
كَانَ مليح الشكل حسن الْخط خَبِيرا بِالشُّرُوطِ ووالده كَمَال الدّين قَاضِي بعلبك فِي الْأَيَّام الأمجدية
توفّي نصير الدّين بالديار المصرية وَقد كَانَ انجفل إِلَيْهَا من التتار سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة ومولده سنة تسعين وَخمْس مائَة
وَمن شعره
(حيّ الملاعب من سلعٍ وواديه ... وحيّ سكانه واحلل بناديه)
(وَأنْشد فُؤَادِي إِذا عَايَنت جمعهم ... بَين الْخيام فقد خلفته فِيهِ)
(واشرح هُنَالك أشواقي وصف شجني ... وَقل سليم هواكم من يداويه)
(وَمن لمهجة صبٍ مَسّه وصبٌ ... من الغرام بكم قد عز راقيه)
(يَا جيرة الْحَيّ قد جرتم ببعدكم ... على فَتى قربكم أقْصَى أمانيه)
(قد كَاد من بعدكم تقضى منيته ... لَوْلَا تدارك طيف الْحلم يَأْتِيهِ)
(قد ملّ عواده مِنْهُ زيارته ... ومله أَهله يأساً وآسيه)
(أحن شوقاً إِلَى الْوَادي ويطربني ... نوح الْحمام سحيراً فِي نواحيه)
(ربعٌ يلذ لقلبي لثم تربته ... إِذا حلّ يَوْمًا بواديه بواديه)
(فَهَل تعيد لنا أَيَّام قربهم ... وَطيب عيشي تقضى فِي مغانيه)
الجياني مُحَمَّد بن غَالب بن شُعْبَة الشَّيْخ الإِمَام الصَّالح الزَّاهِد الْبركَة الْمُحدث شمس الدّين أَبُو عبد الله الجياني الأندلسي
ولد بعد الْعشْرين وست مائَة وارتحل فِي طلب الحَدِيث وَسمع من الرضي ابْن الْبُرْهَان وَابْن عبد الدَّائِم وطبقتهما ثمَّ جاور بِمَكَّة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَسبع مائَة(4/220)
3 - (ابْن غَسَّان)
سيف الدولة الْحِمصِي مُحَمَّد بن غَسَّان بن غافل بن نجاد بن ثامر الْحَنَفِيّ الْأَمِير الْأنْصَارِيّ الخزرجي الْحِمصِي سيف الدولة أَبُو عبد الله ولد بحمص وَقدم دمشق وَهُوَ صبي وَسمع وروى
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وست مائَة(4/221)
3 - (ابْن فَارس)
رَضِي الدّين الْمحلي مُحَمَّد بن فَارس بن حَمْزَة المغربي الأَصْل الْمحلي أَبُو عبد الله
خدم فِي الدَّوَاوِين ولقبه رَضِي الدّين وروى عَنهُ الشهَاب القوصي وَله شعر توفّي سنة عشر وست مائَة
وَمن شعره ملغزاً فِي الشطرنج
(وَمَا اسمٌ ثَلَاثَة أخماسه ... هِيَ النّصْف مِنْهُ وَمن غَيره)
(وَبَاقِيه أَن رمت معكوسه ... قطعت رجاءك من خَيره)
الْمَأْمُون وَزِير الْآمِر مُحَمَّد بن فاتك هُوَ الْوَزير الْمَأْمُون أَبُو عبد الله ابْن أبي شُجَاع البطائحي وَزِير الْآمِر العبيدي صَاحب الْقَاهِرَة
استولى عَلَيْهِ لما وزره بعد الْأَفْضَل ابْن أَمِير الجيوش وقبح سيرة الْآمِر وأساءها وَلما كثر ذَلِك مِنْهُ قبض عَلَيْهِ الْآمِر فِي شهر رَمَضَان سنة تسع عشر وَخمْس مائَة واستصفى جَمِيع أَمْوَاله ثمَّ قَتله فِي شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَعشْرين وصلبه بِظَاهِر الْقَاهِرَة وَقتل مَعَه خَمْسَة من اخوته أحدهم يُقَال لَهُ المؤتمن
وَكَانَ جباراً متكبراً خَارِجا عَن طوره وَله فِي ذَلِك أَخْبَار مَشْهُورَة وَكَانَ أَبوهُ من جواسيس أَمِير الجيوش بالعراق
رَبِّي يَتِيما وَصَارَ حمالاً بالأسواق وَدخل مَعَ الحمالين إِلَى دَار الْأَفْضَل مرّة بعد مرّة فَرَآهُ الْأَفْضَل شَابًّا حلواً فأعجبه فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل ابْن فلَان فاستخدمه فراشا وترقت حَاله عِنْده وَفِي آخر الْأَمر عمل على الْأَفْضَل وَتَوَلَّى مَكَانَهُ
وَكَانَ كَرِيمًا شهماً مقداماً سفاكاً للدماء وَفِي آخر الْأَمر والى أَخا الْآمِر ومالأه على قَتله فَلَمَّا أحس الْآمِر بِهِ قبض عَلَيْهِ وَفعل بِهِ مَا ذكر)(4/222)
3 - (ابْن فتح)
زين الدّين الدمياطي الْكَاتِب مُحَمَّد بن فتح بن خلف الْفَقِيه زين الدّين أَبُو عبد الله ابْن أبي مَنْصُور الدمياطي الشَّافِعِي الْكَاتِب
سَمعه وَالِده وَكتب على فَخر الْكتاب وفَاق الأقران فِي حسن الْخط حَتَّى فضلوه على أستاذه وَكتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء مُدَّة وَترسل عَن الْكَامِل وَحدث بِدِمَشْق
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة
ابْن عرق الْمَوْت مُحَمَّد بن فتوح بن خلوف بن يخلف بن مصال الشَّيْخ المعمر الْمسند أَبُو بكر الهمذاني الإسْكَنْدراني عرف بِابْن عرق الْمَوْت
سمع من التَّاج مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المَسْعُودِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن موقا وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَخرج لَهُ الْمُحدث أَبُو المظفر مَنْصُور بن سليم مشيخة وَقد تفرد بالرواية عَن غير وَاحِد
توفّي سنة سِتِّينَ وست مائَة
الإصبهاني الْكَاتِب مُحَمَّد بن فتح بن مُحَمَّد بن أَحْمد الثَّقَفِيّ الْقزْوِينِي أَبُو عبد الله ابْن أبي الهيجاء من أَصْبَهَان يعرف بالمؤيد
كَانَ رَئِيسا نبيلاً فَاضلا يعرف الْأَدَب وينظم ويترسل وَله معارف قدم بَغْدَاد واستوطنها وَتَوَلَّى ديوَان الْعرض للْإِمَام المقتفي إِلَى حِين وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة
وَمن شعره
(لِسَان الْحَال أنطق من لساني ... نعم وسكوته عين الْبَيَان)
(وَلَكِن لَيْسَ يعرف ذَاك إِلَّا ... بصيرٌ بالحقائق والمعاني)
قَالَ ابْن النجار فِي تَرْجَمَة هَذَا سَأَلت صديقنا أَبَا الْعَلَاء عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن فتح بإصبهان عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت وَالِدي أَبَا عَليّ الْحسن عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت وَالِدي أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن فتح بِمَدِينَة السَّلَام عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت أَبَا عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسن الموسياباذي عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت وَالِدي أَبَا الْعَبَّاس احْمَد بن مُحَمَّد عَن عرش رب الْعِزَّة قَالَ سَأَلت أَبَا مَنْصُور عبد الله بن عِيسَى الْمَالِكِي وَأَبا عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن مموش الْوراق عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ كل وَاحِد مهما سَأَلت أَبَا الْحسن عَليّ بن الْحسن الصيقلي الْقزْوِينِي بهمذان عَن عرش رب الْعِزَّة)
قَالَ سَأَلت أَبَا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن النَّضر الْموصِلِي بهَا عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت عبد الله بن أبي سُفْيَان الْموصِلِي عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت يحيى بن أبي طَالب عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت عبد الْوَهَّاب بن عَطاء الْخفاف عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت سعيد بن أبي عرُوبَة عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت قَتَادَة عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت أنس بن مَالك عَن عرش رب الْعِزَّة(4/223)
فَقَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَالَتْ جِبْرِيل عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت مِيكَائِيل عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت إسْرَافيل عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت الرفيع عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت اللَّوْح عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ سَأَلت الْقَلَم عَن عرش رب الْعِزَّة فَقَالَ إِن للعرش ثَلَاث مائَة ألف وَسِتُّونَ ألف قَائِمَة كل قَائِمَة من قوائمه كأطباق الدُّنْيَا سِتُّونَ ألف مرّة تَحت كل قَائِمَة سِتُّونَ ألف مَدِينَة فِي كل مَدِينَة سِتُّونَ ألف صحراء فِي كل صحراء سِتُّونَ ألف عَالم من الثقلَيْن الْإِنْس وَالْجِنّ سِتُّونَ ألف مرّة لَا يعلمُونَ أَن الله عز وَجل خلق آدم وَلَا إِبْلِيس ألهمهم الله عز وَجل أَن يَسْتَغْفِرُوا لأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم انْتهى قَول ابْن النجار
قلت أَنا وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ هَذَا الحَدِيث كذب صراح وبهت غير مُبَاح لَا سامح الله من وَضعه
الشَّيْخ شمس الدّين ابْن أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح ابْن أبي الْفضل ابْن بَرَكَات الإِمَام الْعَلامَة الْمُفْتِي الْمُحدث المتقن النَّحْوِيّ البارع شمس الدّين أَبُو عبد الله شيخ الْعَرَبيَّة البعلي الْحَنْبَلِيّ
ولد سنة خمس وَأَرْبَعين وست مائَة وَسمع من الْفَقِيه مُحَمَّد اليونيني وَابْن عبد الدَّائِم والعز حسن بن المهير وَابْن أبي الْيُسْر وَمن بعدهمْ وعني بالرواية وَحصل الْأُصُول وَجمع وَخرج وأتقن الْفِقْه وبرع فِي النَّحْو وصنف شرحاً كَبِيرا للجرجانية وَأخذ عَن ابْن مَالك ولازمه وَحدث بِمصْر ودمشق وطرابلس وبعلبك وَتخرج بِهِ جمَاعَة
وَكَانَ إِمَامًا متعبداً من يَوْمه متواضعاً ريض الْأَخْلَاق وَكَانَ جيد الْخِبْرَة بِأَلْفَاظ الحَدِيث مشاركاً فِي رِجَاله
توفّي بِمصْر بالمنصورية وَدفن بمقبرة الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ سنة تسع وَسبع مائَة
الطَّبِيب مُحَمَّد بن فتح طملون كَانَ مولى لعمران بن أبي عَمْرو
قَالَ ابْن أبي أصيبعة برع فِي الطِّبّ براعة علا بهَا من كَانَ فِي زَمَانه وَلم يخْدم بالطب وَطلب)
فاستعفى من ذَلِك وَلم يكن أحد من الْأَشْرَاف فِي ذَلِك الْوَقْت إِلَّا وَهُوَ يحْتَاج إِلَيْهِ
الْحَافِظ الْحميدِي مُحَمَّد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد بن يصلبالياء(4/224)
آخر الْحُرُوف وَالصَّاد الْمُهْملَة الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْحميدِي الأندلسي الميورقي
سمع بالأندلس ومصر وَالشَّام والحجاز وبغداد واستوطنها وَكَانَ من كبار أَصْحَاب ابْن حزم الْفَقِيه وَقَالَ ولدت قبل الْعشْرين وَأَرْبع مائَة
سمع ابْن حزم وَأخذ أَكثر كتبه وَجَمَاعَة مِنْهُم ابْن عبد الْبر وروى عَنهُ شَيْخه الْخَطِيب فِي مصنفاته وَابْن مَاكُولَا وَجَمَاعَة آخِرهم أَبُو الْفَتْح ابْن البطي
وَكَانَ من كبار الْحفاظ ثِقَة متديناً بَصيرًا بِالْحَدِيثِ عَارِفًا بفنونه حسن النغمة بِالْقِرَاءَةِ مليح النّظم ظاهري الْمَذْهَب لَهُ شعر فِي المواعظ
توفّي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَدفن بمقبرة بَاب ابرز بِالْقربِ من الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ثمَّ نقل إِلَى بَاب حَرْب وَدفن عِنْد بشر الحافي
نقل ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه أَن الْحميدِي أوصى إِلَى الْأَجَل مظفر بن رَئِيس الرؤساء أَن يدْفن عِنْد بشر الحافي فَخَالف وَصيته فَلَمَّا كَانَ بعد مُدَّة رأى فِي مَنَامه الْحميدِي وَهُوَ يعاتبه على ذَلِك فنقله فِي صفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَكَانَ كَفنه جَدِيدا وبدنه طرياً يفوح مِنْهُ رَائِحَة الْمسك ووقف كتبه وَله الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ تَارِيخ الأندلس جمل تَارِيخ الْإِسْلَام الذَّهَب المسبوك فِي وعظ الْمُلُوك كتاب ترسل مخاطبات الأصدقاء مَا جَاءَ من الْآثَار فِي حفظ الْجَار ذمّ النميمة كتاب الْأَمَانِي الصادقة كتاب أدب الأصدقاء كتاب تَحِيَّة المشتاق فِي ذكر صوفية الْعرَاق كتاب المؤتلف والمختلف كتاب وفيات الشُّيُوخ ديوَان شعوه
وَمن شعره
(لِقَاء النَّاس لَيْسَ يُفِيد شَيْئا ... سوى الهذيان من قيل وَقَالَ)
(فأقلل من لِقَاء النَّاس إِلَّا ... لأخذ الْعلم أَو لصلاح حَال)
وَقَالَ
(كل من قَالَ فِي الصَّحَابَة سوءا ... فاتهمه فِي نَفسه وَأَبِيهِ)
(وأحق الْأَنَام بِالْعَدْلِ من لم ... ينتقصهم بمنطق منن فِيهِ)
(وَإِذا الْقلب كَانَ بالود فيهم ... دلّ أَن الْهدى تَكَامل فِيهِ)
)
وَقَالَ
(من لم يكن للْعلم عِنْد فنائه ... أرجٌ فَإِن بَقَاءَهُ كفنائه)
(بِالْعلمِ يحيى الْمَرْء طول حَيَاته ... وَإِذا انْقَضى أَحْيَاهُ حسن ثنائه)(4/225)
3 - (ابْن الْفرج)
الْأَزْرَق مُحَمَّد بن الْفرج الْأَزْرَق قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
ابْن الطلاع الْمَالِكِي مُحَمَّد بن فرج أَبُو عبد الله مولى مُحَمَّد بن يحيى الْمَعْرُوف بِابْن الطلاع الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي مفتي الأندلس ومسندها فِي الحَدِيث
توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن أبي الْفرج بن معالي بن بركَة بن الْحُسَيْن أَبُو الْمَعَالِي الْموصِلِي الْمُقْرِئ الْفَقِيه الشَّافِعِي
صحب أَبَا بكر يحيى بن سعدون الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن بالروايات وَقدم بَغْدَاد وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي البركات ابْن الْأَنْبَارِي وتفقه بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وبرع فِي الْفِقْه وَالْخلاف وَالْأُصُول وَصَارَ معيداً بهَا سمع بالموصل من خطيبها شَيْئا يَسِيرا وَله فِي القراآت مصنفات وخضب بِالسَّوَادِ مُدَّة ثمَّ تَركه
توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة
وَمن شعره
(وَقد أُوتيت أَخْلَاقًا ... تحير ضَارب الْمثل)
فَأَنت الْكَامِل المتفرد الْخَالِي من الْخلَل لقد أَصبَحت للوفاد من حافٍ ومنتعل
(مسيح مروءةٍ يحيي ... لدينا ميت الأمل)
أَبُو تُرَاب الشعراني اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن الْفرج بن الْوَلِيد الشعراني أَبُو تُرَاب اللّغَوِيّ
ذكره أَبُو مَنْصُور الْأَزْهَرِي فِي مُقَدّمَة كِتَابه فَقَالَ أَبُو تُرَاب مُحَمَّد بن الْفرج صَاحب كتاب الاعتقاب قدم هراة مستفيداً من شمر فَكتب عَنهُ شَيْئا كثيرا وأملى بهراة من كتاب الاعتقاب أَجزَاء ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور وأملى بهَا بَاقِي الْكتاب)
قَالَ وَقد نظرت فِي كِتَابه فاستحسنته وَلم أر(4/226)
فِيهَا تصحيفاً
قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء كنت رَأَيْت نُسْخَة بِكِتَاب الْأَزْهَرِي بِبَغْدَاد وَقد ذكر الْأَزْهَرِي أَبَا تُرَاب فِيهَا وَسَماهُ مُحَمَّد بن الْفرج فَلَمَّا وَردت إِلَى مرو وقفت على النُّسْخَة الَّتِي بِخَط الْأَزْهَرِي وَلم أجد ذكر اسْم أبي تُرَاب فِي الْمُقدمَة إِنَّمَا ذكر كنيته فَقَالَ أَبُو تُرَاب صَاحب كتاب الاعتقاب ورأيته يَقُول فِي ضمن كِتَابه قَالَ إِسْحَاق بن الْفرج وَكَانَ هُنَاكَ نُسْخَة أُخْرَى بِكِتَاب الْأَزْهَرِي لَا توَافق الَّتِي بِخَطِّهِ وفيهَا زيادات ونقصان وَكنت أتأمل ذَلِك القَوْل الَّذِي عزاهُ فِي كِتَابه الَّذِي بِخَطِّهِ إِلَى إِسْحَاق ابْن الْفرج وَهُوَ مَذْكُور فِي النُّسْخَة الْأُخْرَى لأبي تُرَاب وَكَذَا إِذا وجدت فِي خطه شَيْئا قد عزاهُ إِلَى أبي تُرَاب أرَاهُ فِي تِلْكَ النُّسْخَة قد عزاهُ إِلَى إِسْحَاق بن الْفرج وَطلبت نُسْخَة بِكِتَاب الاعتقاب لأصحح اسْمه مِنْهَا فَوَجَدتهَا مترجمة لمُحَمد بن الْفرج بن الْوَلِيد الشعراني وَأَنا فِي حيرة من هَذَا إِلَى أَن يَصح إِن شَاءَ الله تَعَالَى انْتهى كَلَام ياقوت
الذكي النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن الْفرج أَبُو عبد الله الْمَالِكِي الكتاني الْمَعْرُوف بالذكي النَّحْوِيّ
مَاتَ فِيمَا ذكره ابْن الْجَوْزِيّ سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة وَهُوَ من صقلية
كَانَ عَالما بالنحو واللغة وَسَائِر فنون الْأَدَب ورد إِلَى بَغْدَاد وَخرج إِلَى خُرَاسَان وَمضى إِلَى غزنة وَدخل الْهِنْد وَخَاصم هُنَاكَ أَئِمَّة مخاصمات آلت إِلَى طعنهم فِيهِ ثمَّ عَاد إِلَى أَصْبَهَان وَمَات بهَا
كَانَ يَقُول الْغَزالِيّ ملحد وَإِذا ذكره يَقُول الْغَزالِيّ الْمَجُوسِيّ البقرطوسي
كتب إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ مَحْمُود
(فديت الإِمَام المغربي الَّذِي لَهُ ... فَضَائِل شَتَّى مَا تفرقن فِي خلق)
(لَهُ أدب جزلٌ وَعلم مرققٌ ... وشعلة فهمٍ دونهَا خطْفَة الْبَرْق)
(لقد رزقت مِنْهُ المغاربة الْهوى ... مَوَدَّة شيخٍ وَاحِد الغرب والشرق)
فَأجَاب الذكي
(حثثت من أقْصَى المغربين ركائبي ... لَأبْصر من فِي كَفه شعلة الْحق)
(فَمَا زلت فِي عشواء أخبط لَا أرى ... يَقِينا وَلَا دينا يزين بِالصّدقِ)
(إِلَى أَن بدا عَلامَة الدَّهْر مشرقاً ... فَلَا غرو أَن الشَّمْس تطلع من شَرق)
وَلم يخرج من الغرب إِلَّا وَهُوَ إِمَام لِأَنَّهُ قَرَأَ على مُحَمَّد بن يُونُس كتاب الْجَامِع فِي مَذْهَب)
مَالك وعَلى عبد الْخَالِق السوري وَغَيرهمَا بالقيروان وَقَرَأَ الْأَدَب على الحيولي كتاب سِيبَوَيْهٍ والإيضاح للفارسي غير أَنه كَانَ يتبع عثرات الشُّيُوخ فَدَعَا عَلَيْهِ السيوري فَلم يفلح(4/227)
3 - (ابْن الْفضل)
مُحَمَّد بن الْفضل بن عبد الرَّحْمَن بن الْعَبَّاس بن ربيعةَ بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن هَاشم
حَبسه الْمَنْصُور مَعَ اخوته عِنْد خُرُوج أخيهم يَعْقُوب بن الْفضل مَعَ إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حسن
وَهُوَ الْقَائِل
(فَإِن ترجع الْأَيَّام بيني وَبَينهَا ... بِذِي الأثل صيفاً مثل صَيْفِي ومربعي)
(أَشد بأعناق الْهوى بعد هَذِه ... مرائر أَن جاذبتها لم تقطع)
الْخَطِيب السكونِي مُحَمَّد بن الْفضل السكونِي الْخَطِيب
قَالَ يعْتَذر لحماد عجرد
(أَبَا عَمْرو اغْفِر لي هديت فإنني ... قد أذنبت ذَنبا مخطئاً غير حَامِد)
(فَلَا تجداً فِيهِ عَليّ فإنني ... أرى نعْمَة إِن كنت لَيْسَ بواجد)
(وهبه لما تفديك نَفسِي فإنني ... أقرّ بإجرامي وَلست بعائد)
(وعد مِنْك بِالْفَضْلِ الَّذِي أَنْت أَهله ... فَإنَّك ذُو فضل طريف وتالد)
فَأَجَابَهُ حَمَّاد
(مُحَمَّد يَا ابْن الْفضل يَا ذَا المحامد ... وَيَا بهجة النادي وزين الْمشَاهد)
(وَلَو كَانَ ذُو فضلٍ يُسمى لفضله ... بِغَيْر اسْمه سميت أم القلائد)
ابْن غَزوَان الضَّبِّيّ مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان الضَّبِّيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي
روى عَنهُ الْجَمَاعَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل حسن الحَدِيث شيعي منحرف قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين إِنَّمَا كَانَ متوالياً مبجلاً لِلشَّيْخَيْنِ قَالَ يحيى الْحمانِي سَمِعت فضيلاً أَو حدثت عَنهُ قَالَ ضربت أبي البارحة إِلَى الصَّباح أَن يترحم على عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَأبى عَليّ
وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة وَقيل سنة سبع(4/228)
الْحَافِظ عَارِم مُحَمَّد بن الْفضل أَبُو النُّعْمَان السدُوسِي الْبَصْرِيّ الْحَافِظ لقبه عَارِم
روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى الْجَمَاعَة عَن رجل عَنهُ وروى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره قَالَ ابو)
حَاتِم اخْتَلَط عَارِم فِي آخر عمره وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
الْبَلْخِي الْوَاعِظ مُحَمَّد بن الْفضل بن الْعَبَّاس أَبُو عبد الله الْبَلْخِي الزَّاهِد الحبر الْوَاعِظ
كَانَ سيداً عَارِفًا نزل سَمَرْقَنْد وَتلك الديار وَوعظ مرّة فَمَاتَ أَربع أنفس وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة
وَقَالَ مَا خطوت أَرْبَعِينَ سنة لغير الله وَمَا نظرت أَرْبَعِينَ سنة فِي شَيْء فاستحسنته حَيَاء من الله وَمَا أمليت على ملكي مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة خَطِيئَة وَلَو فعلت ذَلِك لاستحيين مِنْهُمَا
الرواس الْمُفَسّر مُحَمَّد بن الْفضل بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن صَالح أَبُو بكر الْبَلْخِي الْمُفَسّر الْمَعْرُوف بالرواس صنف التَّفْسِير الْكَبِير
توفّي سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبع مائَة
الْمسند الْفراء الْمصْرِيّ مُحَمَّد بن الْفضل بن نظيف أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ الْفراء مُسْند ديار مصر فِي زَمَانه وَحَدِيثه فِي الثقفيات
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
الفراوي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن الْفضل بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس أَبُو عبد الله الصاعدي الفراوي النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه أَبوهُ من ثغر فراوة
تفقه على إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَصَارَ من جملَة الْمَذْكُورين من أَصْحَابه حدث بالصحيحين وغريب الْخطابِيّ وَغير ذَلِك قَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ سَمِعت عبد الرشيد بن عَليّ الطَّبَرِيّ يَقُول الفراوي ألف رَاوِي
توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
أَبُو الْفتُوح الْأَشْعَرِيّ مُحَمَّد بن الْفضل بن مُحَمَّد أَبُو الْفتُوح الأسفراييني
ولد سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَقدم بَغْدَاد وَتكلم بِمذهب الْأَشْعَرِيّ وَبَالغ فِي التعصب فَقَامَتْ الْفِتَن فِي الْأَسْوَاق وأفضى الْحَال إِلَى النهب وَالضَّرْب وَاسْتِحْلَال الْأَمْوَال والدماء وَدخل النَّيْسَابُورِي على مَسْعُود وقدح فِيهِ فَقَالَ تقلد دَمه حَتَّى أَقتلهُ فَقَالَ لَا أتقلده فَوكل السُّلْطَان بَابي الْفتُوح وَحمل إِلَى أسفرايين فَمَاتَ ببسطام فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
وَوصل الْخَبَر(4/229)
إِلَى بَغْدَاد بِمَوْتِهِ فقعدوا لعزائه فَحَضَرَ الغزنوي فَقَالَ لَهُ بعض الْعَامَّة مَا حضرت إِلَّا شماتة بِهِ فَقَامَ بعض الْفُقَهَاء وَأنْشد)
(خلا لَك يَا عَدو الجو فاصفر ... ونجس فِي صعودك كل عود)
(كَذَاك الثعلبان يجول كبرا ... وَلَكِن عِنْد فقدان الْأسود)
ورثاه الْمَعْنى ابْن الباطوح الْبَغْدَادِيّ
(أَيهَا الركب ابلغوا بَلغْتُمْ ... إِن سقمي صدني عَن سَفَرِي)
(وَإِذا جئْتُمْ ثنيات اللوى ... فلجوا ربع الْحمى فِي خطري)
(وصفوا شوقي إِلَى سكانه ... واذْكُرُوا مَا عنْدكُمْ من خبري)
(وحنيني نَحْو أيامٍ مَضَت ... بالحمى لم أقض مِنْهَا وطري)
(فَاتَنِي فِيهَا مرادي وحلا ... لتمني الْقرب فِيهَا سهري)
(كنت أخْشَى فَوتهَا قبل النَّوَى ... فَرَمَانِي حذري فِي حذري)
(آه واشوقي إِلَى من بدلُوا ... صفو عيشي بعدهمْ بالكدر)
(كلما اشْتقت تمنيتهم ... ضَاعَ عمري بالمنى واعمري)
الجرجرائي الْكَاتِب مُحَمَّد بن الْفضل الجرجرائي الْكَاتِب
كَانَ يكْتب للفضل بن مَرْوَان ثمَّ وزر للمتوكل وَكَانَ شَيخا ظريفاً حسن الْأَدَب عَالما بِالْغنَاءِ توفّي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ وَقد نَيف على الثَّمَانِينَ وَله مَعَ إِسْحَاق الْموصِلِي أَخْبَار كتب إِلَى إِسْحَاق الْمَذْكُور
(خلٌ أَتَى ذَنبا إِلَيّ وإنني ... لشَرِيكه فِي الذَّنب إِن لم أَغفر)
(فمحا بإحسانٍ إساءةٍ فعله ... وأزال بِالْمَعْرُوفِ قبح الْمُنكر)
وَقَالَ لبَعض كِتَابه
(تعجل إِذا مَا كَانَ أمنٌ وغبطةٌ ... وأبط إِذا مَا استعرض الْخَوْف والهرج)
(وَلَا تيأساً من فرجةٍ أَن تنالها ... لَعَلَّ الَّذِي ترجوه من حَيْثُ لَا ترجو)
الْبَصْرَة الْكَاتِب مُحَمَّد بن الْفضل الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِالْبَصْرَةِ
كَانَ يعاشر أَبَا هفان وَمُحَمّد بن مكرم واليعقوبي وَأَبا عَليّ الْبَصِير وَأَبا العيناء
قَالَ فِي سديف غُلَام ابْن مكرم
(أحبك مَا حييت وَمَا حييتا ... برغمك إِن كرهت وَإِن هويتا)
(وأصبر إِن جفوت وَلَا أُبَالِي ... غضِبت من الْمحبَّة أَو رضيتا)
)
(وأسعى فِي الَّذِي تهواه جهدي ... فَكُن لي مت قبلك كَيفَ شيتا)(4/230)
أَبُو عدنان الْعَنْبَري مُحَمَّد بن الْفضل بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن أبان بن الحكم الْعَنْبَري أَبُو عدنان الْأَصْبَهَانِيّ الْكَاتِب الأديب
قَالَ يحيى بن مَنْدَه هُوَ صَاحب صَلَاة واجتهاد يرجع فِي معرفَة اللُّغَة والنحو إِلَى معرفَة تَامَّة مَا رَأَيْت رجلا أحسن صَلَاة مِنْهُ حسن الْوَجْه جميل الطَّرِيقَة مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة فَجْأَة حدث عَن أَحْمد بن مُوسَى بن مرْدَوَيْه وَأبي بكر بن أبي عَليّ وَمن بعدهمَا من الشُّيُوخ
الزنجاني الشَّاعِر مُحَمَّد بن الْفضل أَبُو عبد الرَّحْمَن الزنجاني الشَّاعِر توفّي سنة عشْرين وست مائَة تَقْرِيبًا
وَمن شعره
(قسما بأيام الصَّفَا ووصالكم ... وَالْجمع فِي جمعٍ وَذَاكَ الْمُلْتَزم)
(مَا اخْتَرْت بعدكم بديلاً لَا وَلَا ... نادمت بعد فراقكم إِلَّا النَّدَم)
وَقَالَ
(الْعين تشتاق أَن تراكم ... فاغتنموا الْأجر فِي الْوِصَال)
(منوا على عبدكم بوصلٍ ... أَو ابْعَثُوا طَارق الخيال)
(جودوا على فَاقَتِي وفقري ... كفيتم حَادث اللَّيَالِي)
(نأيتم عَن سَواد عَيْني ... وَأَنْتُم فِي سَواد بالي)
(سركم فِي صميم قلبِي ... بضَاعَة الْقَوْم فِي الرّحال)
أَبُو الْفَضَائِل الْعلوِي مُحَمَّد بن الْفضل بن يحيى بن عبد الله بن جَعْفَر ابْن زيد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِسْحَاق بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَبُو الْفَضَائِل بن أبي الْقَاسِم الْعلوِي الْحُسَيْنِي
قَالَ ابْن النجار شَاب فَاضل يَقُول الشّعْر الْجيد مدح الإِمَام النَّاصِر بعدة قصائد وأنشدها بِمَجْلِس الوزارة وَكَانَ كيساً لطيف الطَّبْع متواضعاً حسن الْأَخْلَاق
وَمن شعره
(يومٌ أعَاد لنا الزَّمَان المذهبا ... فانقاد فِي رسن السرُور وأصحبا)
(ومحا إساءات اللَّيَالِي شافعٌ ... مِنْهُ وكل عِقَاب دهرٍ إِذْ نبا)
)
(وأضاءت الدُّنْيَا الفضاء وأشرقت ... نورا وَكَانَت قبل ذَلِك غيهبا)
(وشدت بِهِ الْوَرق الحمائم هتفاً ... بذرى الْأَرَاك ترنماً وتطربا)
(وَكَأَنَّهُ نشر الرّبيع وشت بِهِ ... فِي أخريات اللَّيْل أنفاس الصِّبَا)
قلت شعر متوسط توفّي سنة خمس عشرَة وست مائَة
أَبُو ذَر الشَّافِعِي مُحَمَّد بن الْفضل بن عبد الله أَبُو ذَر التَّمِيمِي الْفَقِيه الشَّافِعِي الْجِرْجَانِيّ
كَانَ رَئِيس جرجان وَكَانَ جواداً ممدحاً وداره مجمع الْفُضَلَاء وَالْعُلَمَاء رَحل إِلَى(4/231)
الْبِلَاد وَسمع خلقا كثيرا مِنْهُم الْحسن بن عَليّ بن خلف وَغَيره روى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وأقرانه
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
الدولعي الْخَطِيب مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن زيد بن ياسين الإِمَام جمال الدّين أَبُو عبد الله التغلبي الأرقمي الدولعي
ولد بالدولعية من قرى الْموصل سنة خمس وَخمسين ظنا وَقدم دمشق وتفقه على عَمه خطيب دمشق ضِيَاء الدّين وَسمع وَولي الخطابة بعد عَمه وطالت مدَّته مَنعه الْمُعظم من الْفَتْوَى مُدَّة وَلم يحجّ حرصاً على المنصب وَولي بعده أَخُوهُ وَكَانَ جَاهِلا وَكَانَ جمال الدّين شَدِيدا على الرافضة توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة
وَفِيه يَقُول شرف الدّين ابْن عنين
(طولت يَا دولعي فقصر ... فَأَنت فِي غير ذَا مقصر)
(خطابة كلهَا خطوبٌ ... وَبَعضهَا للورى منفر)
(تظل تهذي وَلست تَدْرِي ... كَأَنَّك المغربي الْمُفَسّر)
وَقَالَ ابْن عنين أَيْضا وَقد أَمر الْعَادِل بنزح المَاء من الخَنْدَق لينهي أساس بعض أبرجة القلعة فأعجر الْعمَّال
(أرح من نزح مَاء البرج قوما ... فقد أفْضى إِلَى تعبٍ وعيّ)
(مر القَاضِي بِوَضْع يَدَيْهِ فِيهِ ... فقد أضحى كرأس الدولعي)
جمال الدّين ابْن الإِمَام مُحَمَّد الْفضل بن الْحسن بن موهوب جمال الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الإِمَام
كَانَ فَاضلا فِي الْأَدَب لَهُ نظم ونثر وَله ديوَان خطب خدم الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة وَالْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص وَصَحب أَوْلَاد شيخ الشُّيُوخ بِمصْر)
مولده سنة تسع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي فِي شهر رَجَب سنة سبع وَخمسين وست مائَة بحماة
العقري النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن فضلون بن أبي بكر بن الْحسن بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الْعَدوي العقريبالعين الْمُهْملَة مَفْتُوحَة وَسُكُون الْقَاف وَلَام بعْدهَا وَاو ونونالنحوي اللّغَوِيّ الْمُتَكَلّم الْحَكِيم
سمع الحَدِيث وَالْأَدب على جمَاعَة من أهل الْعلم قَالَ ياقوت فِي مُعْجم االبلدان كنت مرّة مَعَه أَعْرَاض إِعْرَاب شَيخنَا أبي القباء لقصيدة الشنفري اللامية إِلَى أَن بلغنَا إِلَى قَوْله
(وأستف ترب الأَرْض كي لَا يرى لَهُ ... عَليّ من الطول امرءٌ متطول)
فأنشدني لنَفسِهِ فِي مَعْنَاهُ
(مِمَّا يؤجج كربي أنني رجلٌ ... سبقت فضلا وَلم أحصل على السَّبق)(4/232)
(يَمُوت بِي حسداً مِمَّا خصصت بِهِ ... من لَا يَمُوت بداء الْجَهْل والحمق)
(إِذا سغبت سففت الترب فِي سغبي ... وَلم أقل للئيمٍ سد لي رمقي)
(وَإِن صديت وَكَانَ الصفو مُمْتَنعا ... فالموت أَنْفَع لي من مشرب رنق)
(وَكم غرائب مالٍ دونهَا رمقٌ ... زهدت فِيهَا وَلم أقدر على الملق)
(وَقد أَلين وأجفو فِي مَحلهمَا ... فالحزن والسهل مخلوقان فِي خلقي)
قَالَ ياقوت فَقلت لَهُ قَول الشنفري أبلغ لِأَن نزه نَفسه عَن ذِي الطول وَأَنت نزهتها عَن اللَّئِيم قَالَ صدقت لِأَن الشنفري كَانَ يرى متطولاً فينزه نَفسه عَنهُ وَأَنا لَا أرى إِلَّا اللئام فَكيف أكذب فَخرج من اعتراضي إِلَى أحسن مخرج(4/233)
3 - (ابْن فضل الله)
بدر الدّين ابْن فضل الله مُحَمَّد بن فضل الله القَاضِي بدر الدّين الْموقع أحد الْأُخوة
توفّي سنة سِتّ وَسبع مائَة زهو عَم القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد ابْن القَاضِي محيي الدّين يحيى كَاتب السِّرّ بِالشَّام وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه
وَزِير بوسعيد بالمماليك القانية غياث الدّين مُحَمَّد بن فضل الله بن أبي الْخَيْر ابْن عَليّ الْوَزير الْكَبِير غياث الدّين خواجا ابْن الْوَزير رشيد الدولة الهمذاني
ولد هَذَا فِي الْإِسْلَام وَلما نكب وَالِده وَقتل سلم واشتغل مُدَّة وَصَحب أهل الْخَيْر فَلَمَّا توفّي عَليّ شاه الْوَزير طلب السُّلْطَان بوسعيد غياث الدّين الْمَذْكُور وفوض إِلَيْهِ الوزارة ومكنه ورد إِلَيْهِ الْأَمر وَألقى إِلَيْهِ مقاليد الممالك وَحصل لَهُ من الارتقاء وَالْملك مَا لم يبلغهُ وَزِير غَيره فِي هَذِه الْأَزْمَان وَكَانَت رتبته من نوع رُتْبَة نظام الْملك
وَكَانَ من أجمل النَّاس فِي الصُّورَة وَأمه تركية وَله عقل ودهاء وغور مَعَ ديانَة وَحسن إِسْلَام وكرم وسؤدد وخبرة بالأمور كَانَ خيرا من وَالِده بِكَثِير
لَهُ آثَار جميلَة خرب كنائس بَغْدَاد ورد أَمر الْمَوَارِيث إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة فورث ذَوي الْأَرْحَام وَكَانَ إِلَيْهِ تَوْلِيَة نواب الممالك وعزلهم لَا يُخَالِفهُ القان فِي شَيْء وخدم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَاحب مصر كثيرا وراعى مَصَالِحه وحقن دِمَاء الْإِسْلَام وَقرر الصُّلْح وَمَشى الْأُمُور على أجمل مَا يكون
وَلما توفّي السُّلْطَان بو سعيد نَهَضَ الْوَزير إِلَى شَاب من بقايا النَّسْل يُقَال لَهُ ارباكوون فسلطنه وَأخذ لَهُ الْبيعَة على الْأُمَرَاء واستوسق لَهُ الْأَمر فَخرج عَلَيْهِمَا عَليّ باشا خَال بو سعيد وَابْن بيدو فانفل الْجمع وَقتل ارباكوون والوزير فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
ابْن كَاتب المرج مُحَمَّد بن فضل الله ابْن أبي نصر بن أبي الرضى السديد ابْن كَاتب المرج القوصي
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي فِي تَارِيخ الصَّعِيد أديب كَامِل شَاعِر فَاضل كَأَنَّمَا خلق حلقه من نسمات السحر وصور وَجهه من محَاسِن الْقَمَر مَعَ فصاحة لِسَان وقلم وحياء وكرم وَصدق لهجة يسير بهَا على أوضح محجة وَكَانَ وَالِده قد أعْطى فِي سَعَة الْعَطاء مَا يعز الْآن وجوده فجازاه الله بِمَا أسلف من خير إِسْلَام أبنائه أَجْمَعِينَ وهداهم إِلَى اتِّبَاع(4/234)
سيد الْمُرْسلين وانتقلوا من)
شَرِيعَة عِيسَى إِلَى شَرِيعَة مُحَمَّد الْمُخْتَار وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار
وَله مُشَاركَة فِي النَّحْو وَالْأُصُول وَالْحكمَة والطب وَغَيرهَا قَرَأَ النَّحْو وَالْأُصُول وَالْأَدب على نجم الدّين الطوفي الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ بقوص ثمَّ قَرَأَ التَّقْرِيب على مُؤَلفه الْعَلامَة أثير الدّين أبي حَيَّان وتأدب على تَاج الدّين أبي الْفَتْح مُحَمَّد ابْن الدشناوي ومجير الدّين عمر ابْن اللمطي وَشرف الدّين مُحَمَّد النصيبي بقوص وَغَيرهم
ونظم ونثر وَجرى على مَذْهَب أهل الْآدَاب فِي أَنهم يسْتَحلُّونَ محَاسِن الشَّبَاب ويستحلون التشبيب فِي الشَّرَاب وَوصف الْحباب
وتقلب فِي الولايات السُّلْطَانِيَّة وَهُوَ فِي كلهَا مَحْمُود وَجلسَ بالوراقين بقوص وَولي وكَالَة بَيت المَال بقوص قَالَ وَهُوَ الْآن مُقيم بِمَدِينَة هُوَ
وَأورد لَهُ من شعره
(إِذا حملت طيب الشذا نسمَة الصِّبَا ... فَذَاك سلامي والنسيم فَمن رُسُلِي)
(وَإِن طلعت شمس النَّهَار ذكرتكم ... بصالحةٍ وَالشَّيْء يذكر بِالْمثلِ)
وَمِنْه
(أَقُول لجنح اللَّيْل لَا تحك شعر من ... هويت وَهَذَا القَوْل من جهتي نصح)
(فقد رام ضوء الصُّبْح يَحْكِي جَبينه ... مرَارًا فَمَا حاكاه وانفضح الصُّبْح)
وَمِنْه
(لمن أشتكي البرغوث يَا قوم أَنه ... أراق دمي ظلما وأرق أجفاني)
(وَمَا زَالَ بِي كالليث فِي وثباته ... إِلَى أَن رماني كالقتيل وعراني)
(إِذا هُوَ آذَانِي صبرت تجلداً ... وَيخرج عَقْلِي حِين يدْخل آذَانِي)
وَمِنْه من قصيدة ورد الكأس فَهِيَ نَار إِذا كَانَ وَلَا بُد من وُرُود النَّار
(وتحدى الَّذين لمَم يردوها ... بضروب من معجزات الْكِبَار)
(فاجل فِي اللَّيْل من سناها شموساً ... وادر فِي النَّهَار مِنْهَا الدراري)
(وار الدّرّ من يغوص عَلَيْهِ ... عائماً من حبابها فِي النضار)
(إِنَّمَا لَذَّة المدامة ملكٌ ... لَك فَاشْرَبْ وَمَا سواهَا عوار)
)
وَمِنْه
(برقٌ بدا من دَار علوه ... أَو قلب صبٍ صَار جذوه)
فِيهَا قُلُوب العاشقين تضرمت صداً وجفوه إِنِّي اجتهدت فصرت فِي العشاق قدوة كل قدوة(4/235)
(لَو أَن قيسا مدركي ... لمشى على نهجي وعروه)
(لَا عَيْش من بعد الصبى ... يحلو سوى بجنون صبوه)
بمهفهف يسبي الْعُقُول كَانَ فِي جفنيه قهوه أبدا قضيب الْقد مِنْهُ يمِيل من لينٍ ونشوه
(قد أسكرت رشفاته ... لَكِنَّهَا كالشهد حلوه)
وَمِنْه
(أما وَطيب عشياتٍ وأسحارٍ ... من بعْدهَا أفلت شمسي وأقماري)
(بهَا أذكر دهري كي يجود بهَا ... وَلَا يجود وَلَا يَأْتِي بإعذار)
(لَو أَن تِلْكَ من الْأَيَّام عدن بهَا ... أَو اللَّيَالِي وَلم تحتج لتذكار)
(لله ليلانها الْبيض الْقصار فكم ... سطوت مِنْهَا على دهري ببتار)
(أنْكرت إفشاء سرٍ كنت أكتمه ... فِيهَا ولكنني أنْكرت إنكاري)
(يَا للعجائب ليلٌ مَا هجعت بِهِ ... لنوره كَيفَ تخفى فِيهِ أسراري)
(إِن الضنى عَن جَمِيع النَّاس ميزني ... فَكَانَ على إخفائي وإظهاري)
(فَلَا تَقولُوا إِذا استبطأتم خبري ... أما النسيم عَلَيْهِ سائرٌ سَار)
(فَلَو يمر نسيم بِي لسار إِلَى ... مغناكم بِي كَمَا يسري بإخباري)
وَمِنْه موشح كتبه إِلَى كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي بِي مربعٌ قد خلا من أَهله فِي السبسب عمرَان فَإِن يكن أمحلا فمدمعي كالسحب هتان سروا فؤاد الشميم وكل وادٍ عاطر ولي فؤاد يهيم بالعشق وَهُوَ شَاعِر حكوا ظباء الصريم لَو صيد مِنْهُم نافر)
حذرت أَن لَا يريم فرام مَا أحاذر فَإِن سري فِي بهيم ليلٍ فبدرٌ سَافر وَإِن يسر عجلا فالظبي عِنْد الْهَرَب عجلَان أَو حلّ وسط الفلا فقومه من عرب غزلان يَقُول خل انطلاق الدمع قصد السمعة فَمَا لأهل النِّفَاق ووجنة كالجنة فَقلت دمعٌ يراق هَل رده فِي الْحِيلَة(4/236)
كلفت مَا لَا يُطَاق فِي شرعة الْمحبَّة وَلَا وعدت العناق وقهوة الرِّيق الَّتِي من حاسديها الطلا وَحسن نظم الحبب خجلان لَا لَغْو فِيهَا وَلَا يحرسها من شنب رضوَان لَيست كراحٍ يُطَاف بهَا حَرَامًا لإحلال تدق عِنْد اختطاف عقول قوم كالجبال كم أمنت من يخَاف إِمَّا بِحَق أَو محَال وهونت من تلاف عرضٍ ودينٍ بعد مَال فدع كؤوس السلاف واستجل أَوْصَاف الْكَمَال فَإِنَّمَا يجتلى على الْكِرَام النجب إِحْسَان من عِنْده بالغلا يستعبد الْحر الأبي أَثمَان أثنت عَلَيْهِ العدا وعددت مآثره مَرْكَز بذل الجدا وَمن سواهُ الدائره بِلَا حُرُوف الندا لبت لهاة الغامره اسلف كلا يدا حَتَّى السَّحَاب الهامره وَقد ملا بالندى كل بقاع القاهره حَتَّى رَأينَا الملا لفضله وَالْأَدب قد دانوا إِذْ هم رعايا الْعلَا وجعفر بن تغلب سُلْطَان)
مِنْهُ يفاد الْكَلَام فَمَا يَقُول النَّاظِم فِي الْعلم حبرٌ أَمَام وَفِي السخاء حَاتِم فيا أَبَا الْفضل دَامَ لي ببقاك الْعَالم فَأَنت عين الْأَنَام يقظى وكلٌ نَائِم بك الجدود الْكِرَام تسر حَتَّى آدم أَنْت لمن قد تَلا على صميم النّسَب عنوان يَا آخرا أَولا كَأَنَّك فِي الْكتب قُرْآن وغادةٌ تنجلي فينجلي الْقلب الحزين بهَا يحلى الحليّ ويسحر السحر الْمُبين قلت لَهَا والخلي لم يدر مَا الدَّاء الدفين(4/237)
بِاللَّه من ينطلي عَلَيْك أَو تألفين ابْن عليٍ بعلي قَالَت نعم يَا مُسلمين لَوْلَا عَليّ انطلا تركت أُمِّي وَأبي من شانو كِفَايَة الله البلى يبيت سواي وَذَا الصَّبِي فِي أحضانو وَمن موشحاه أَيْضا افتك بِنَا فِي السقم والهم كل فتك بخمرةٍ كالعندم أَو مرشف ابْن تركي فلونها لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك كم صبرت ذَا ألم من كدرٍ وضنك والعيش مِنْهُ يصفو والطيش يستخف وللسرور زحف مِنْهُ الهموم تهرب وَلَو أَتَت فِي ألف مِنْهُ فِي الخرجة يَا مرْحَبًا بالغائب إِذْ جَاءَ فِي العذار يزري بِكُل كاعب تزور فِي الْإِزَار فَلم أكن بخائب عَلَيْهِ فِي انْتِظَار)
وَلم أقل كالعاتب أَبْطَأت فِي مزاري إِلَّا الْتفت لخلفو وَقَالَ يُشِير بكفو وحاجبو لردفو هَذَا الثقيل حَقًا اعتبوا على انقطاعو خَلْفي نَاظر الْجَيْش مُحَمَّد بن فضل الله القَاضِي الْكَبِير الرئيس فَخر الدّين نَاظر الجيوش بالديار المصرية كَانَ متألهاً عمره لما كَانَ نَصْرَانِيّا وَلما أسلم
حُكيَ لي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس عَن خَاله القَاضِي شرف الدّين ابْن زنبور قَالَ هَذَا ابْن أُخْتِي متعبد لأننا لما كُنَّا نَجْتَمِع على الشَّرَاب فِي ذَلِك الدّين يتركنا وينصرف ونفتقده إِذا طَالَتْ غيبته فنجده وَاقِفًا يُصَلِّي وَلما ألزموه بِالْإِسْلَامِ امْتنع وهم بقتل نَفسه بِالسَّيْفِ وتغيب أَيَّامًا ثمَّ أسلم وَحسن إِسْلَامه إِلَى الْغَايَة وَلم يقرب نَصْرَانِيّا وَلَا آواه وَلَا اجْتمع بِهِ وَحج غير مرّة وزار الْقُدس غير مرّة
وَقيل أَنه فِي آخر أمره كَانَ يتَصَدَّق كل شهر بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَبنى مَسَاجِد كَثِيرَة فِي الديار المصرية وَعمر أحواضاً كَثِيرَة فِي الطرقات وَبنى بنابلس مدرسة وَبنى بالرملة بيمارستاناً وَكثر من أَعمال الْبر
وَأَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله أَنه كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب انْتهى وزار الْقُدس(4/238)
غير مرّة وَفِي بعض المرات أحرم من الْقُدس وَتوجه إِلَى الْحجاز
وَكَانَ إِذا خدمه الْإِنْسَان مرّة فِي عمره بَقِي صَاحبه إِلَى آخر وَقت وَقضى أشغاله وَكَانَت فِيهِ عصبية لأَصْحَابه وانتفع بِهِ خلق كثير فِي الدولة الناصرية من الْأُمَرَاء والنواب والقضاة وَالْفُقَهَاء والأجناد وَغَيرهم من أهل الشَّام ومصر لوجاهته عِنْد أستاذه وإقدامه عَلَيْهِ لم يكن لأحد من التّرْك وَلَا من المتعممين إقدامه عَلَيْهِ
أما أَنا فَسمِعت السُّلْطَان الْملك النَّاصِر يَقُول يَوْمًا فِي خانقاه سرياقوس لجندي وَاقِف بَين يَدَيْهِ يطْلب إقطاعاً لَا تطول وَالله لَو أَنَّك ابْن قلاون مَا أَعْطَاك القَاضِي فَخر الدّين خبْزًا يعْمل أَكثر من ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم
وَحكى القَاضِي عماد الدّين ابْن القيسراني أَنه قَالَ لَهُ فِي يَوْم خدمَة وَنحن فِي دَار الْعدْل يَا فَخر الدّين تِلْكَ الْقَضِيَّة طلعت فاشوش فَقَالَ لَهُ مَا قلت لَك أَنَّهَا عَجُوز نحسيريد بذلك بنت كوكاي امْرَأَة السُّلْطَان لِأَنَّهَا ادَّعَت أَنَّهَا حُبْلَى وأخباره مَعَه من هَذِه النِّسْبَة كَثِيرَة وَكَانَ أَولا كَاتب)
المماليك ثمَّ انْتقل إِلَى نظر الْجَيْش ونال من الوجاهة مَا لم ينله غَيره
وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب على عَظمته يكرههُ وَإِذا قعد للْحكم أعرض عَنهُ وأدار كتفه إِلَيْهِ وَلم يزل فَخر الدّين يعْمل عَلَيْهِ إِلَى أَن توجه أرغون إِلَى الْحجاز
فَقيل أَنه أَتَى بِذكرِهِ يَوْمًا وَقَالَ لَهُ يَا خوند مَا يقتل الْمُلُوك إِلَّا نوابهم هَذَا بيدراً قتل أَخَاك الْأَشْرَف وحسام الدّين لاجين الْمَنْصُور قتل بِسَبَب نَائِبه منكوتمر فتخيل السُّلْطَان مِنْهُ وَلما جَاءَ من الْحجاز لم يره وجهزه إِلَى حلب نَائِبا
وَهُوَ الَّذِي حسن لَهُ أَن لَا يكون لَهُ وَزِير بعد الجمالي وَلذَلِك بقيت جَمِيع أُمُور المملكة مُتَعَلقَة بِهِ فِي الجيوش وَالْأَمْوَال وَغَيرهَا
وَلما غضب عَلَيْهِ وَولى القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية صادره وَأخذ مِنْهُ أَربع مائَة ألف دِرْهَم فَلَمَّا رَضِي عَلَيْهِ أَمر بإعادتها إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا خوند أَنا خرجت عَنْهَا لَك فَابْن بهَا لَك جَامعا فَبنى بهَا الْجَامِع الَّذِي فِي موردة الحلفاء
وَسمعت من قزمان شخص كَانَ كَاتبا يحدث أَنه جَاءَ مرّة إِلَى الْقُدس وَكنت هُنَاكَ فَتوجه إِلَى قمامة وَكنت من خَلفه وَهُوَ لَا يراني وَهُوَ يمشي فِيهَا وَينظر إِلَى تِلْكَ المعابد وَيَقُول رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ للْملك وَالزَّمَان بِهِ جمال
وَكَانَ فِي آخر أمره يُبَاشر بِلَا مَعْلُوم وَترك الْجَمِيع إِلَّا كماجة تحضر لَهُ كل يَوْم من المخابز السُّلْطَانِيَّة وَيَقُول أتبرك بهَا
وَلما قيل للسُّلْطَان أَنه مَاتَ لَعنه وَقَالَ لَهُ خمس عشرَة سنة مَا يدعني أعمل مَا أُرِيد وَمن بعده تسلط السُّلْطَان على النَّاس وصادر وعاقب وتجرأ على كل شَيْء
وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة ووصى من مَاله للسُّلْطَان بِأَرْبَع مائَة ألف دِرْهَم فَأخذ مِنْهُ أَكثر من ألف ألف دِرْهَم
الْمسند الْمُحدث الأندلسي مُحَمَّد بن فطيس بن وَاصل أَبُو عبد الله الغافقي الأندلسي الإلبيري مُحدث مُسْند بِتِلْكَ الديار قَالَ ابْن الفرضي كَانَ ضابطاً نبيلاً صَدُوقًا توفّي سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة(4/239)
مُحَمَّد بن فليح بن سُلَيْمَان قَالَ الْعقيلِيّ لَا يُتَابع على بعض حَدِيثه
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كثير من الثِّقَات قد تفردوا وَيصِح أَن يُقَال فيهم لَا يتابعون على بعض)
حَدِيثهمْ انْتهى وَقد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة
المازيار صَاحب طبرستان مُحَمَّد بن قَارن المازيار صَاحب طبرستان
كَانَ مبايناً لعبد الله بن طَاهِر وَكَانَ الأفشين يدس إِلَيْهِ ويشجعه ويحمله على خلاف المعتصم فَخَالف وصادر النَّاس وأذلهم بطبرستان وَجعل السلَاسِل فِي أَعْنَاقهم وَهدم المدن فهرب النَّاس مِنْهُ إِلَى خُرَاسَان وَكتب المعتصم إِلَى عبد الله بن طَاهِر يَأْمُرهُ بقتاله فَبعث إِلَيْهِ عَمه الْحسن بن الْحُسَيْن بن مُصعب فحاربه وأحاط بِهِ وَأَخذه أَسِيرًا وَقتل أَخَاهُ شهريار وَجَاء بِهِ إِلَى عبد الله بن طَاهِر فوعده إِن هُوَ أظهره على كتب الأفشين إِلَيْهِ أَن يشفع لَهُ عِنْد المعتصم فَأقر لَهُ المازيار بالكتب فَأَخذهَا ابْن طَاهِر وَبعث بهَا وبالمازيار إِلَى المعتصم فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَلم يقر بهَا فَأمر بضربه حَتَّى مَاتَ وصلبه إِلَى جَانب بابك بَعْدَمَا ضرب المازيار أَربع مائَة وَخمسين سَوْطًا وَطلب المَاء فَلم يسق فَمَاتَ من وقته عطشاً
وَكَانَ الْمَأْمُون يعظمه وَيكْتب إِلَيْهِ من عبد الله الْمَأْمُون إِلَى أصبهبذ أصبهبذان وَصَاحب مُحَمَّد بن قَارن مولى أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَفِيه يَقُول أَبُو تَمام الطَّائِي من قصيدة
(وَلَقَد شفيت الْقلب من برحائها ... أَن صَار بابك جَار مازيار)
(ثَانِيه فِي كبد السَّمَاء وَلم يكن ... كاثنين ثانٍ إِذْ هما فِي الْغَار)
قلت وَقد غلط ابو تَمام فِي هَذَا التَّرْكِيب لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَال ثَانِي اثْنَيْنِ وثالث ثَلَاثَة ورابع أَرْبَعَة وَلَا يُقَال اثْنَيْنِ ثَان وَلَا ثَلَاثَة ثَالِث وَلَا أَرْبَعَة رَابِع(4/240)
3 - (ابْن الْقَاسِم)
أَبُو الْعَبَّاس الدِّمَشْقِي مُحَمَّد بن الْقَاسِم الدِّمَشْقِي أَبُو الْعَبَّاس لما قدم أَبُو دلف بَغْدَاد فِي أَيَّام المعتصم أنْشدهُ مُحَمَّد بن الْقَاسِم
(تحدر مَاء الْجُود من صلب آدم ... فأثبته الرَّحْمَن فِي صلب قَاسم)
(أميرٌ ترى صولاته فِي بدوره ... معادلةً صولاته فِي الْمَلَاحِم)
وَقَالَ
(يَا بَيَاض المشيب سودت وَجْهي ... عِنْد بيض الْوُجُوه سود الْقُرُون)
(فلعمري لأحجبنك جهدي ... عَن عياني وَعَن عيان الْعُيُون)
(بخضابٍ فِيهِ ابيضاضٌ لوجهي ... وسوادٌ لوجهك الملعون)
أَبُو جَعْفَر بن الْقَاسِم بن عبيد الله مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب بن سعيد أَبُو جَعْفَر الْوَزير
كَانَ معرقاً فِي الوزارة فَهُوَ وَأَبوهُ وجده وَأَبُو جده وزراء وَأَبُو جَعْفَر هَذَا وزر للقاهر سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة مُدَّة ثَلَاثَة أشهر واثني عشر يَوْمًا وَكَانَ سيء السِّيرَة غير مرضِي الْأَفْعَال
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَكَانَت ولَايَته وعزله وَمَوته فِي سنة وَاحِدَة
وَمن شعره
(ألم تَرَ أَن ثِقَات الرِّجَال ... إِذا الدَّهْر ساعده ساعدوا)
(وَإِن خانه دهره أسلموه ... وَلم يبْق مِنْهُم لَهُ وَاحِد)
(وَلَو علم النَّاس أَن الْمَرِيض ... يَمُوت لما عَاده عَائِد)
القلوسي مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن أَحْمد الْأُسْتَاذ أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي الْمَاوَرْدِيّ الْمَعْرُوف بالقلوسي مُصَنف كتاب الْمِفْتَاح وَغَيره كَانَ فَقِيها متكلماً واعظاً
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
الشهرزوري القَاضِي قَاضِي الْخَافِقين مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مظفر بن عَليّ أَبُو بكر الشهرزوري القَاضِي الْموصِلِي
ولد سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبع مائَة ولي الْقَضَاء بعدة بلدان من الشَّام والجزيرة وَنزل إِلَى بَغْدَاد)
فَتوفي بهَا
وَمن شعره(4/241)
(همتي دونهَا السهى والثريا ... قد علت جهدها فَمَا تتدانى)
(فَأَنا متعبٌ معنى إِلَى أَن ... تتفانى الْأَنَام أَو أتفانى)
توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ تفقه على الشَّيْخ أبي اسحاق الشِّيرَازِيّ وَسمع الحَدِيث من أبي الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن الْأنمَاطِي وَأبي نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي وَأبي الْفضل عمر بن الْبَقَّال وَغَيرهم ورحل إِلَى خُرَاسَان وطوف الْبِلَاد وَلَقي أئمتها
وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه القَاضِي المرتضى عبد الله بن الْقَاسِم فِي مَكَانَهُ
الْفَقِيه أَبُو عبد الله التكريتي مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن هبة الله أَبُو عبد الله الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل تكريت
تفقه بهَا فِي صباه على قاضيها يحيى بن الْقَاسِم ثمَّ قدم بَغْدَاد ودرس الْفِقْه وَالْخلاف على أبي الْقَاسِم بن فضلان وسافر إِلَى الْموصل وَقَرَأَ على فضلائها وبرع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَصَارَ معيداً بالنظامية واستنابه أقضى الْقُضَاة أَحْمد بن عَليّ بن البُخَارِيّ على الحكم بدار الْخلَافَة مُدَّة ولَايَته
وَكَانَ فَقِيها فَاضلا حَافِظًا للْمَذْهَب سديد الفتاوي حَافِظًا لكتاب الله إِلَّا أَنه كَانَ شَدِيد الْحمق فَاسد الفكرة قَلِيل الْعقل سيء التَّصَرُّف وَكَانَ يَدعِي النّظم والنثر وَيكْتب مِنْهُ مَا يضْحك مِنْهُ
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة
ابْن بابجوك مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن بابجوك ببائين موحدتين بَينهمَا ألف بعدهمَا جِيم وَبعد الْوَاو كافالأستاذ أَبُو الْفضل الْخَوَارِزْمِيّ النَّحْوِيّ صَاحب التصانيف يعرف بالآدمي لحفظه مُقَدّمَة فِي النَّحْو للآدمي
تتلمذ للزمخشري وَجلسَ بعده فِي حلقته وَشهر اسْمه وَبعد صيته من تصانيفه شرح السَّمَاء الْحسنى وأسرار الْأَدَب وافتخار الْعَرَب ومفتاح التَّنْزِيل وَالتَّرْغِيب فِي الْعلم وكافي التراجم بِلِسَان الْأَعَاجِم والأسمى فِي سرد الأسما وإذكار الصَّلَاة وَالْهِدَايَة فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وإعجاز الْقُرْآن ومياه الْعَرَب وَتَفْسِير الْقُرْآن وَغير ذَلِك
توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة)
ابْن الشاطبي مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن فيره بن خلف بن أَحْمد أَبُو عبد الله الشاطبي الأَصْل الْمصْرِيّ المولد وَالدَّار الْمُقْرِئ الْعدْل
مولده سنة سِتّ أَو سبع وَسبعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة خمس وَخمسين وست مائَة وَدفن بسفح المقطم
سمع من أَبِيه وَغَيره وَحدث وَأَبوهُ هُوَ الإِمَام الشاطبي الْمُقْرِئ صَاحب القصيدة الْمَشْهُورَة فِي القرآات
أَبُو العيناء مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن خَلاد بن يَاسر اليمامي الْهَاشِمِي مولى الْمَنْصُور(4/242)
الْبَصْرِيّ الأخباري أَبُو العيناء مولده سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ قبل الْعَمى أَحول
قَالَ ياقوت قَرَأت فِي تَارِيخ دمشق قَرَأت على زَاهِر بن طَاهِر عَن أبي بكر الْبَيْهَقِيّ حَدثنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ سَمِعت عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك الْأمَوِي يَقُول سَمِعت إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا العيناء يَقُول أَنا والجاحظ وَضعنَا حَدِيث فدك وَأَدْخَلْنَاهُ على الشُّيُوخ بِبَغْدَاد فقبلوه إِلَّا ابْن شيبَة الْعلوِي قَالَ لَا يشبه آخر هَذَا الحَدِيث أَوله فَأبى أَن يقبله وَكَانَ أَبُو العيناء يحدث بِهَذَا بَعْدَمَا كَانَ
وَكَانَ جد أبي العيناء الْأَكْبَر لَقِي عَليّ بن أبي طَالب فأساء المخاطبة بَينه وَبَينه فَدَعَا عَلَيْهِ عَليّ بالعمى لَهُ ولولده من بعده فَكل من عمي من ولد أبي العيناء فَهُوَ صَحِيح النّسَب فيهم
وَقَالَ الْمبرد إِنَّمَا صَار أَبُو العيناء أعمى بعد أَن نَيف على الْأَرْبَعين وَخرج من الْبَصْرَة واعتلت عَيناهُ فَرمي فيهمَا بِمَا رمي وَالدَّلِيل على ذَلِك قَول أبي عَليّ الْبَصِير فِيهِ قد كنت خفت يَد الزَّمَان عَلَيْك إِذْ ذهب الْبَصَر
(لم أدر أَنَّك بالعمى ... تغنى ويفتقر الْبشر)
وَقَالَ أَحْمد بن أبي دؤاد مَا أَشد مَا أَصَابَك من ذهَاب بصركقال أبدأ بِالسَّلَامِ وَكنت أحب أَن أكون أَنا الْمُبْتَدِئ وأحدث من لَا يقبل على حَدِيثي وَلَو رَأَيْته لم أقبل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْن أبي دؤاد أما من بدأك بِالسَّلَامِ فقد كافأته بجميل نيتك لَهُ وَمن أعرض عَن حَدِيثك فَمَا أكسب نَفسه من سوء الْأَدَب أَكثر مِمَّا نالك من سوء الاستمالة فَأَنْشد أَبُو العيناء
(إِن يَأْخُذ الله من عَيْني نورهما ... فَفِي لساني وسمعي مِنْهُمَا نور)
)
(قلبٌ ذكيٌ وعقلٌ غير ذِي دخلٍ ... وَفِي فمي صارمٌ كالسيف مأثور)
قَالَ المتَوَكل أشتهي أَن أنادم أَبَا العيناء إِلَّا أَنه ضَرِير فَقَالَ أَبُو العيناء أَن أعفاني أَمِير الْمُؤمنِينَ من رُؤْيَة الْأَهِلّة وَنقش الخواتيم فَإِنِّي أصلح
وَخَاصم يَوْمًا علوياً فَقَالَ لَهُ الْعلوِي أتخاصمني وَأَنت تَقول فِي صَلَاتك اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ لكني أَقُول الطيبين الطاهرين فَتخرج أَنْت مِنْهُم
وَصَارَ يَوْمًا إِلَى بَاب صاعد بن مخلد فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ فَقيل هُوَ مَشْغُول بِالصَّلَاةِ ثمَّ اسْتَأْذن بعد سَاعَة فَقيل لَهُ كَذَلِك فَقَالَ لكل جَدِيد لَذَّة وَقد كَانَ قبل الوزارة نَصْرَانِيّا
وَمر بِبَاب عبد الله بن مَنْصُور وَكَانَ مَرِيضا وَقد صلح فَقَالَ لغلامه كَيفَ خبر مولاكفقال كَمَا تحب فَقَالَ مَا لي لَا أسمع الصُّرَاخ عَلَيْهِ
ولقيه بعض أَصْحَابه فِي السحر فَجعل صَاحبه يعجب من بكوره فَقَالَ أَبُو العيناء أَرَاك تشركني فِي الْفِعْل وتفردني بالعجب
وَقَالَ لَهُ المتَوَكل أَرَأَيْت طالبياً ضريراً فِيمَا تقدم وَإِنَّمَا سَأَلتك عَمَّا سلف فَقَالَ نعم رَأَيْت مِنْهُم وَاحِدًا بِبَغْدَاد مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة فَقَالَ نجده كَانَ مؤاجراً ونجدك كنت قواداً عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا بلغ هَذَا من فراغي أدع موَالِي مَعَ كثرتهم وأقود على الغرباءفقال المتَوَكل أردْت أَن أشتفي مِنْهُم فاشتفى لَهُم مني
وَاجْتمعَ أَبُو هفان وَأَبُو العيناء على مائدة فَقَالَ أَبُو هفان هَذِه أَشد حرا من مَكَانك فِي لظى فَقَالَ(4/243)
أَبُو العيناء بردهَا بِشَيْء من شعرك
وَقَالَ لَهُ الْمُنْتَصر بن المتَوَكل يَا أَبَا العيناء مَا أحسن الجوابفقال مَا أسكت الْمُبْطل وحير المحق فَقَالَ أَحْسَنت وَالله
وَدخل على ابْن منازة الْكَاتِب وَعِنْده ابْن الْمَرْزُبَان فَأَرَادَ الْعَبَث بِهِ ابْن الْمَرْزُبَان فَقَالَ لَهُ ابْن منازة لَا تفعلفلم يقبل فَلَمَّا جلس قَالَ لَهُ يَا أَبَا العيناء لم لبست جباعة فَقَالَ وَمَا الجباعة قَالَ الَّتِي لَيست بجبة وَلَا دراعة فَقَالَ أَبُو العيناء وَلم أَنْت صفدثم قَالَ وَمَا الصفدثم قَالَ الَّذِي لَيْسَ بصفعان وَلَا نديم فَوَجَمَ لذَلِك وَضحك أهل الْمجْلس
وَقَالَ عشقتني امْرَأَة بِالْبَصْرَةِ من غير أَن تراني وَإِنَّمَا كَانَت تسمع كَلَامي وعذوبته فَلَمَّا رأتني استقبحتني وَقَالَت قبحه اللههذا هوفكتبت إِلَيْهَا)
(ونبئتها لما رأتني تنكرت ... وَقَالَت ذميمٌ أحولٌ مَا لَهُ جسم)
(فَإِن تنكري مني احولالاً فَإِنِّي ... أديبٌ أريبٌ لاعييّ وَلَا فدم)
فَوَقَعت فِي الرقعة يَا عاض بظر أمه ألديوان الرسائل أريدك أم لنفسيوقال جحظة أنشدنا أَبُو العيناء لنَفسِهِ
(حمدت إلهي غذ منيت بحبها ... على حولٍ يُغني عَن النّظر الشزر)
(نظرت إِلَيْهَا والرقيب يظنني ... نظرت إِلَيْهِ فاسترحت من الْعذر)
وَقَالَ مُحَمَّد بن خلف بن الْمَرْزُبَان قَالَ لي أَبُو العيناء أتعرف فِي شعراء الْمُحدثين رشيدا الرياحيقال قلت لَا قَالَ بلَى هُوَ الْقَائِل فيّ
(لنسبٌ لِابْنِ قاسمٍ مأثراتٌ ... فَهُوَ للخير صاحبٌ وقرين)
(أَحول الْعين وَالْخَلَائِق زينٌ ... لَا احولالٌ بهَا وَلَا تلوين)
لَيْسَ للمرء شائناً حول الْعين إِذا كَانَ فعله لَا يشين فَقلت لَهُ وَكنت قبل الْعَمى أحولمن السقم إِلَى البلى فَقَالَ هَذَا أطرف خبر تعرج بِهِ الْمَلَائِكَة إِلَى السَّمَاء الْيَوْم وَقَالَ أَيّمَا اصلح من السقم إِلَى البلى أَو حَال الْعَجُوز لَا وَأَخذهَا الله من القيادة إِلَى الزناء وَقَالَ الْخَطِيب مولد أبي العيناء بالأهواز ومنشأه بِالْبَصْرَةِ وَبهَا كتب الحَدِيث وَطلب الْأَدَب وَسمع من أبي عُبَيْدَة والأصمعي وَأبي عَاصِم النَّبِيل وَأبي زيد الْأنْصَارِيّ وَغَيرهم وَكَانَ من أحفظ النَّاس وأفصحهم لِسَانا وأسرعهم جَوَابا وأحضرهم نادرة وانتقل من الْبَصْرَة إِلَى بَغْدَاد وَكتب عَنهُ أَهلهَا وَلم يسند من الحَدِيث إِلَّا الْقَلِيل وَالْغَالِب على رواياته الْأَخْبَار والحكايات وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث
الْحَافِظ الْبَيَانِي الْقُرْطُبِيّ مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن سيار الْأمَوِي مَوْلَاهُم الْقُرْطُبِيّ الْبَيَانِي أَو عبد الله الْحَافِظ
كَانَ عَالما بارعاً فِي علم الوثائق توفّي سنة سبع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة(4/244)
الإِمَام أَبُو بكر ابْن الْأَنْبَارِي مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن بشار أَبُو بكر ابْن الْأَنْبَارِي النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الْعَلامَة
ولد سنة إِحْدَى وَسبعين قَالَ أَبُو عَليّ القالي تِلْمِيذه كَانَ يحفظ فِيمَا قيل ثَلَاث مائَة ألف بَيت)
شعر شَاهد فِي الْقُرْآن وَكَانَ يملي من حفظه وَمَا أمْلى من دفتر
وَكَانَ زاهداً متواضعاً حكى الدَّارَقُطْنِيّ أَنه حَضَره فِي مجْلِس يَوْم الْجُمُعَة فصحف اسْما فأعظمت أَن أحمل عَنهُ وهما وهبته وَعرفت مستمليه فَلَمَّا حضرت الْجُمُعَة الثَّانِيَة قَالَ لمستمليه عرف الْجَمَاعَة أَنا صحفنا الِاسْم الْفُلَانِيّ وَنَبَّهنَا ذَلِك الشَّاب على الصَّوَاب
وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ احفظ ثَلَاثَة عشر صندوقاً قَالَ التَّمِيمِي حدث أَنه كَانَ يحفظ عشْرين وَمِائَة تَفْسِير بأسانيدها
كَانَ يتَرَدَّد إِلَى أَوْلَاد الراضي بِاللَّه فَسَأَلته جَارِيَة عَن تَعْبِير رُؤْيا فَقَالَ أَنا حاقن وَمضى فَلَمَّا عَاد من الْغَد عَاد وَقد صَار عابراً مضى من يَوْمه فدرس كتاب الْكرْمَانِي
كَانَ إِمَامًا فِي نَحْو الْكُوفِيّين وأملى كتاب غَرِيب الحَدِيث فِي خمس وَأَرْبَعين ألف ورقة وَله شرح الْكَافِي فِي ألف ورقة وَكتاب الأضداد مَا رَأَيْت أكبر مِنْهُ فِي بَابه والجاهليات فِي سبع مائَة ورقة والمذكر والمؤنث وَخلق الْإِنْسَان وَخلق الْفرس والأماثل والمقصور والممدود والهاءات فِي ألف ورقة الْمُشكل رِسَالَة رد فِيهَا على ابْن قُتَيْبَة وَالْوَقْف والابتداء وَكَانَ يملي هُوَ فِي نَاحيَة فِي الْمَسْجِد وَأَبوهُ فِي نَاحيَة أُخْرَى الزَّاهِر أدب الْكَاتِب لم يتم الْوَاضِح فِي النَّحْو وَنقض مسَائِل ابْن شنبوذ الرَّد على من خَالف مصحف عُثْمَان كتاب اللامات وَكتاب الآلفات شرح شعر زُهَيْر شرح شعر النَّابِغَة الْجَعْدِي وَشرح شعر الْأَعْشَى وَكتاب الأمالي
توفّي لَيْلَة النَّحْر سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
الْأَمِير الثَّقَفِيّ مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي عقيل الثَّقَفِيّ كَانَ عَاملا للحجاج على السَّنَد وَفتحهَا فَلَمَّا وَليهَا حبيب بن الْمُهلب قدم على مقدمته عَاملا من السكاسك ورجلاً من عك فأخذا مُحَمَّدًا فحبساه فَقَالَ
(أينسى بَنو مَرْوَان سَمْعِي وطاعتي ... وَإِنِّي على منا فَاتَنِي لصبور)
(فتحت لَهُم مَا بَين سَابُور بالقنا ... إِلَى الْهِنْد مِنْهُم زاحفٌ ومغير)
(وَمَا وطِئت خيل السكاسك عسكري ... وَلَا كَانَ من عكٍ عَليّ أَمِير)
(وَمَا كنت للْعَبد المزوني تَابعا ... فيالك جدا بالكرام عثور)(4/245)
(وَلَو كنت أزمعت الْفِرَاق لقربت ... إِلَى إناثٌ للوغى وذكور)
فَبلغ سُلَيْمَان بن عبد الْملك شعره فَأَطْلقهُ بعد أَن حبس بواسط)
وَفِيه يَقُول زِيَاد الْأَعْجَم
(قاد الجيوش لخمس عشرَة حجَّة ... ولداته عَن ذَاك فِي أشغال)
(قعدت بهم أهواؤهم وسمت بِهِ ... همم الْمُلُوك وَسورَة الْأَبْطَال)
وَيَقُول آخر
(إِن المنابر أَصبَحت مختالةً ... بِمُحَمد بن الْقَاسِم بنت مُحَمَّد)
(قاد الجيوش لسبع عشرَة حجَّة ... يَا قرب سُورَة سوددٍ من مولد)
وَكَانَ مُحَمَّد بن الْقَاسِم من رجالات الدَّهْر ضرب عُنُقه معوية بن يزِيد بن الْمُهلب وَقيل أَن صَالح بن عبد الرَّحْمَن عذبه فَمَاتَ
ابْن مموله النسابة مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن ممولهبتشديد الْمِيم الثَّانِيَة وَبعد الْوَاو لَام وهاءأبو الْحُسَيْن من أهل الْبَصْرَة وَاحِد عصره علما بِالنّسَبِ وأخبار الْعَرَب أدْرك دولة بني بويه وروى عَنهُ أَبُو أَحْمد العسكري
قَالَ حَمْزَة وَمِمَّنْ تفرد بِعلم الْأَنْسَاب وَالسير وَالْأَيَّام من أهل أَصْبَهَان رجلَانِ لم يتقدمهما فِي الزَّمَان أحد أَبُو بكر وَأَبُو الْحُسَيْن ابْن مموله النسابتان فَأَما أَبُو بكر فَلم يبرح بأصبهان وَأما أَبُو الْحُسَيْن فَإِنَّهُ صحب إِبْرَاهِيم بن عبد الله المسمعي وَكَانَ يتنقل مَعَه فِي الْبلدَانِ الَّتِي يتولاها ثمَّ أَقَامَ أخيراً بِفَارِس وَبهَا مَاتَ وَكَانَ يصنف فِي كل سنة لإِبْرَاهِيم المسمعي كتابا
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق لَهُ من الْكتب كتاب الْفرس وأخبارها وأنسابها كتاب الْأَنْسَاب وَالْأَخْبَار كتاب المنافرات بَين الْقَبَائِل وأشراف العشائر وأقضية الْحُكَّام بَينهم
قَالَ ياقوت وَله كتاب الْفَرْع وَالشَّجر فِي أَنْسَاب الْعَرَب والعجم وَهُوَ كتاب جليل يكون نَحْو الْعشْرين مجلدة
ماني الموسوس مُحَمَّد بن الْقَاسِم أَبُو الْحسن الْمَعْرُوف بماني الموسوس من أهل مصر
قدم بَغْدَاد أَيَّام المتَوَكل وَكَانَ من أظرف النَّاس وألطفهم توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
من شعره زَعَمُوا أَن من تشاغل باللذات عَمَّن يُحِبهُ يتسلى كذبُوا وَالَّذِي تقاد لَهُ الْبدن وَمن عاذ بِالطّوافِ وَصلى إِن نَار الْهوى أحر من الْجَمْر على قلب عاشقٍ يتقلى)(4/246)
وَمِنْه
(دَعَا طرفه طرفِي فَأقبل مسرعاً ... وَأثر فِي خديه فاقتص من قلبِي)
(شَكَوْت إِلَيْهِ مَا لقِيت من الْهوى ... فَقَالَ على رسلٍ فمت فَمَا ذَنبي)
وَمِنْه
(ذَنبي إِلَيْهِ خضوعي حِين أبصره ... وَطول شوقي إِلَيْهِ حِين أذكرهُ)
(وَمَا جرحت بلحظ الْعين وجنته ... إِلَّا وَمن كَبِدِي يقْتَصّ محجره)
(نَفسِي على بخله تفديه من قمرٍ ... وَإِن رماني بذنبٍ لَيْسَ يغفره)
(وعاذلٍ باصطبار الْقلب يَأْمُرنِي ... فَقلت من أَيْن لي قلبٌ فأهجره)
وَقد أورد لَهُ صَاحب الأغاني فِي كِتَابه أَخْبَارًا ظريفة مِنْهَا مَا رَوَاهُ بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن الْبَراء قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ عزم مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر على الصبوح وَعِنْده الْحسن بن مُحَمَّد بن طالوت فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد كُنَّا نحتاج إِلَى أَن يكون مَعنا ثَالِث نأنس بِهِ ونلتذ بمنادمته فَمن ترى أَن يكونقال ابْن طالوت قد خطر ببالي رجل لَيْسَ علينا فِي منادمته ثقل قد خلا من إبرام المجالسين وَبرئ من ثقل المؤانسين خَفِيف الْوَطْأَة إِذا أدنيته سريع الوثبة إِذا أَمرته قَالَ من هوقال مَا ني الموسوس فَقَالَ مُحَمَّد مَا أَسَأْت الِاخْتِيَار ثمَّ تقدم إِلَى صَاحب الشرطة بِطَلَبِهِ وإحضاره فَمَا كَانَ بأسرع من أَن قبض عَلَيْهِ صَاحب الكرخ فَوَافى بِهِ بَاب مُحَمَّد فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ وَسلم رد عَلَيْهِ وَقَالَ مَا حَان لَك أَن تَزُورنَا مَعَ شوقنا إليكفقال لَهُ ماني أعز الله الْأَمِير الشوق شَدِيد والود عتيد والحجاب صَعب والبواب فظ وَلَو سهل لي الْإِذْن لسهلت عَليّ الزِّيَارَة فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد لقد لطفت فِي الاسْتِئْذَان وَأمره بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ وَكَانَ قد أطْعم قبل أَن يدْخل وَأدْخل الْحمام وَأخذ من شعره وألبس ثيابًا نظافاً وَأتي مُحَمَّد بن عبد الله بِجَارِيَة لإحدى بَنَات الْمهْدي كَانَ يحب السماع مِنْهَا وَكَانَت تكْثر عِنْده وَكَانَ أول مَا غنته
(وَلست بناسٍ إِذْ غدوا وتحملوا ... دموعي على الْخَدين من شدَّة الوجد)
(وَقَوْلِي وَقد زَالَت بعيني حمولهم ... بواكر تحدى لَا يكن آخر الْعَهْد)
فَقَالَ ماني أيأذن لي الْأَمِير قَالَ فِي ماذاقال فِي اسْتِحْسَان مَا أسمع قَالَ نعم قَالَ أَحْسَنت وَالله فَإِن رَأَيْت أَن تزيدي مَعَ هَذَا الشّعْر هذَيْن الْبَيْتَيْنِ
(وَقمت أُنَاجِي الدمع والدمع حائرٌ ... بمقلة موقوفٍ على الضّر والجهد)
)
(وَلم يعدني هَذَا الْأَمِير بعدله ... على ظالمٍ قد لج فِي الهجر والصد)
فَقَالَ مُحَمَّد وَمن أَي شَيْء استعديت يَا مانيفاستحيى وَقَالَ لَا من ظلم أَيهَا الْأَمِير وَلَكِن الطَّرب حرك شوقنا وَكَانَ كامناً وأظهره ثمَّ غنت
(حجبوها عَن الرِّيَاح لِأَنِّي ... قلت يَا ريح بلغيها السلاما)(4/247)
(لَو رَضوا بالحجاب هان وَلَكِن ... منعوها يَوْم الرِّيَاح الكلاما)
قَالَ فطرب مُحَمَّد ودعا برطل وَشرب فَقَالَ ماني مَا كَانَ على قَائِل هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لَو أضَاف غليهما هذَيْن
(فتنفست ثمَّ قلت لطيفي ... ويك لَو زرت طيفها إلماما)
(حيها بِالسَّلَامِ سرا وَإِلَّا ... منعوها لشقوتي أَن تناما)
فَقَالَ مُحَمَّد أَحْسَنت يَا ماني ثمَّ غنت
(يَا خليليّ سَاعَة لَا تريما ... وعَلى ذِي صبَابَة فأقيما)
(مَا مَرَرْنَا بقصر زَيْنَب إِلَّا ... فَضَح الدمع سرنا المكتوما)
فَقَالَ ماني لَوْلَا رَقَبَة الْأَمِير لأضفت إِلَى هذَيْن الْبَيْتَيْنِ بَيْتَيْنِ لَا يردان على سمع ذِي لب فيصدران إِلَّا على اسْتِحْسَان لَهما فَقَالَ مُحَمَّد الرَّغْبَة فِي حسن مَا تَأتي بِهِ جائلة على كل رهبة فهات مَا عنْدك فَقَالَ ظبيةٌ كالهلال لَو تلحظ الصخر بطرفٍ لغادرته هشيما وَإِذا مَا تبسمت خلت مَا يَبْدُو من الثغر لؤلؤاً منظوما وَفِي الْخَبَر طول وَهَذَا يَكْفِي مِنْهُ
الْوَزير أَبُو جَعْفَر الْكَرْخِي مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْفضل أَبُو جَعْفَر الْكَرْخِي
ولي وزارة الراضي بِاللَّه سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة بعد عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن الْجراح فَأَقَامَ ثَلَاثَة أشهر وَنصفا فَلَمَّا فسد أَمر الراضي بِاللَّه استتر ووكل بداره وفتش منزله ومنزل أَخِيه جَعْفَر وَحمل مَا وجد فيهمَا ثمَّ أَنه ولي الوزارة ثَانِيًا فَكَانَت وزارته الثَّانِيَة ثَلَاثَة وَخمسين يَوْمًا وَكَانَ بطيء الْكِتَابَة وَالْقِرَاءَة فِيهِ كرم واحترام لقاصديه
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة ومولده سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
ابْن الزبيدية الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عبد الله الزبيدِيّ أَبُو الْعِزّ الْمُقْرِئ وَيعرف)
بِابْن الزبيدية
قَالَ ابْن النجار كَانَ شَابًّا فهما قَارِئًا مجوداً قَرَأَ بالروايات وَسمع الحَدِيث الْكثير من أبي بكر وَأبي الْقَاسِم بن الْحصين وزاهر بن طَاهِر الشحامي وأمثالهم وَكتب الْكثير وتفقه لِابْنِ حَنْبَل ثمَّ انْتقل لمَذْهَب أبي حنيفَة وتأدب وَقَالَ الشّعْر
وَمَات قبل أَوَان الرِّوَايَة سنة ثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
وَمن شعره كل متني من الْوُقُوف على الأطلال يَوْم النَّوَى فَمَا كَلَّمتنِي
(ودعتني آثَار من كَانَ فِيهَا ... مستهاماً وللضنى أودعتني)
لم يكن ثمّ من يخبر بالأحباب إِلَّا حمامةٌ فَوق غُصْن
(فبكتني وأبكأتني وَقَالَت ... هَا أَنا للنوى أُغني فغني)(4/248)
(ثمَّ راحت وراحتي فَوق صَدْرِي ... راحتي حِين ولولت ودعتني)
وَقَالَ يمدح المسترشد حِين رَجَعَ من قتال دبيس بن مزِيد سنة سبع عشرَة وَخمْس مائَة أَولهَا
(أهلاك الرّبع ومشهده ... وجفاك الغمض ومورده)
مِنْهَا رشأٌ كالبدر دَقِيق الخصر يضل الْقلب ويرشده
(تسبي العشاق لواحظه ... ويفوق الْورْد تورده)
(عجبا من منصل ناظره ... فِي قلب العاشق يغمده)
غنج الأجفان كغصن البان من اللحظات مهنده ممشوق الْقد مليح الخد كَانَ الْحسن يساعده أَبُو البهار مُحَمَّد بن الْقَاسِم هُوَ أَبُو البهاربالباء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف رَاء الثَّقَفِيّ الْبَصْرِيّ
قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان إسلامي كَانَ يشرب على البهار ويعجب بِهِ حَتَّى أَنه قَالَ فِيهِ
(اسقياني على البهار فَإِنِّي ... لأرى كل مَا اشْتهيت البهارا)
ولقب أَبَا البهار
الْأَمِير بدر الدّين الهكاري مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْأَمِير بدر الدّين أَبُو عبد الله الهكاري)
اسْتشْهد على الطّور وأبلى ذَلِك الْيَوْم بلَاء حسنا وَكَانَت لَهُ المواقف الْمَشْهُورَة فِي قتال الفرنج وَكَانَ من أكَابِر أُمَرَاء الْمُعظم يصدر عَن رَأْيه ويثق بِهِ لصلاحه وَكَانَ سَمحا لطيفاً دينا ورعاً باراً بأَهْله والفقراء وَالْمَسَاكِين كثير الصَّدقَات بنى بالقدس مدرسة للشَّافِعِيَّة ووقف عَلَيْهَا الْأَوْقَاف وَبنى مَسْجِدا قَرِيبا من الخيلي عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام على قَارِعَة الطَّرِيق
وَكَانَ يتَمَنَّى الشَّهَادَة دَائِما وَيَقُول مَا أحسن وَقع سيوف الْكفَّار على أنفي ووجهيودفن لما مَاتَ شَهِيدا فِي الْقُدس سنة أَربع عشرَة وست مائَة
صناجة الدوح مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عَاصِم الْمَعْرُوف بصناجة الدوح شَاعِر الْحَاكِم صَاحب مصر
هُوَ الْقَائِل لما زلزلت مصر
(بالحاكم الْعدْل أضحى الدّين معتلياً ... نجل العلى وسليل السَّادة الصلحا)
(مَا زلزلت مصر من كيدٍ يُرَاد بهَا ... وَإِنَّمَا رقصت من عدله فَرحا)(4/249)
الشَّمْس مجد الدّين التّونسِيّ مُحَمَّد بن الِاسْم الْعَلامَة ذُو الْفُنُون الشَّيْخ مجد الدّين أَبُو بكر المرسي ثمَّ التّونسِيّ الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ الشَّافِعِي الأصولي نزيل دمشق
ولد سنة سِتّ وَخمسين قدم الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه فَأخذ النَّحْو والقراآت عَن الشَّيْخ حسن الرَّاشِدِي وَحضر حَلقَة الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس وَسمع من الْفَخر عَليّ والشهاب ابْن مزهر وتصدر بِدِمَشْق للقراآت وَهُوَ فِي غُضُون ذَلِك يتزيد من الْعُلُوم ويناظر فِي المحافل وَكَانَ فيعه دين وسكينة ووقار وَخير
ولي الإقراء بتربة أم الصَّالح وبالتربة الأشرفية وَتخرج بِهِ أَئِمَّة وتلا الشَّيْخ شمس الدّين عَلَيْهِ بالسبع
وَتُوفِّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة وتأسف الطّلبَة عَلَيْهِ
وَكَانَ آيَة فِي الذكاء حَدثنِي غير وَاحِد أَثِق بِهِ أَنه لم ير مثله وَقيل أَن النَّاس سَأَلُوا الشَّيْخ شمس الدّين الأيكي عَن الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني وَعَن الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل أَيهمَا أذكى فَقَالَ ابْن الزملكاني وَلَكِن هُنَا مغربي أذكى مِنْهُمَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخ مجد الدّين
وَكَانَ نحوي عصره بِدِمَشْق وامتحن على يَد الْأَمِير سيف الدّين كراي النَّائِب بِدِمَشْق فَقتله)
بِبَاب الْقصر الأبلق بِالْعِصِيِّ ضربا كثيرا لما ألقِي الْمُصحف وَسَب الْأَمِير الْخَطِيب جلال الدّين فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ مجد الدّين اسْكُتْ اسْكُتْ وقوى نَفسه وَنَفسه عَلَيْهِ فَرَمَاهُ وَقَتله وَكَانَ فِي وَقت قد انفعل لِلشِّهَابِ الباجربقي وَدخل عَلَيْهِ أمره ثمَّ أَنه أناب وَتَابَ وَجَاء إِلَى القَاضِي الْمَالِكِي واعترف عِنْده وَتَابَ وَهُوَ الَّذِي كشف أمره
بهاء الدّين البرزالي مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن يُوسُف بهاء الدّين ابْن الشَّيْخ زكي الدّين البرزالي الْفَقِيه الْمُقْرِئ
حفظ التَّنْبِيه وتفنن وَسمع الْكثير من خلق كَابْن الْفراء والغسولي وَحدث وَكتب الطباق
وَمَات سنة ثَلَاث عشرَة وَسبع مائَة وَهُوَ ابْن ثَمَان عشرَة سنة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (ابْن قَائِد)
مُحَمَّد بن قَائِد الشَّيْخ الزَّاهِد من أهل اوانا
كَانَ صَاحب كرامات وإشارات ومجاهدات ورياضات وَكَلَام عَمَّا فِي الخواطر وَبَيَان عَمَّا فِي الضمائر أقعد زَمَانا فَكَانَ يحمل فِي محفة إِلَى الْجَامِع
قدم اوانا واعظ يعرف بالزرزور فَجَلَسَ بالجامع وَذكر الصَّحَابَة بِسوء فَلم يُنكر عَلَيْهِ فحملوا الشَّيْخ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ انْزِلْ يَا كلب أَنْت وَمن تعتز بِهِ وَكَانَ يَدعِي إِلَى سِنَان مقدم الإسماعيلية فثار الْعَوام ورجم الزرزور وهر بِمن الْقَتْل
فَيُقَال أَن سِنَانًا بعث إِلَيْهِ رجلَيْنِ فِي زِيّ الصُّوفِيَّة فأقاما عِنْده فِي الرِّبَاط تِسْعَة أشهر لَا يعرفهما فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْأَرْبَعَاء قَالَ لأَصْحَابه يحدث هَهُنَا حَادِثَة عَظِيمَة وَكَانَ عِنْده للنَّاس ودائع فَردهَا وَقَالَ لِخَادِمِهِ يَا عبد الحميد لَك فِيمَا يجْرِي نصيب بِعني إِيَّاه بالدولة والدولة بُسْتَان إِلَى جَانب الرباطفقال مَا أبيعك نَصِيبي بِالْجنَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وثب الصوفيان على الشَّيْخ فقتلاه وقتلا خادمه عبد الحميد وهربا فلقيهما فلاح(4/250)
فِي يَده مر فَقَتَلَهُمَا وَكَانَ ذَلِك سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
ابْن قَرَار صَاحب آمد نور الدّين مُحَمَّد بن قَرَار سلان بن دَاوُد نور الدّين صَاحب آمد وحصن كيفا
توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَولي بعده ابْنه قطب الدّين سكمان ووزر لَهُ القوام بن سماقا)
3 - (ابْن قرطاي)
الإربلي الْأَمِير مُحَمَّد بن قرطاي الإربلي أَبُو الْعَبَّاس الْأَمِير
كَانَ مليح الصُّورَة مهيباً من أُمَرَاء إربل فَلَمَّا مَاتَ صَاحب إربل قدم هَذَا إِلَى حلب فَأكْرمه الْعَزِيز وأقطعه خبْزًا وَله شعر حسن كأخيه
توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة
وَمن شعره
(أما واشتياقي عِنْد خطرة ذكركُمْ ... إِلَّا قسمٌ لَو تعلمُونَ عَظِيم)
(لَأَنْتُم وَإِن عذبتموني بهجركم ... على كل حالٍ جنةٌ ونعيم)
(سلمتم من الوجد الَّذِي بِي عَلَيْكُم ... وَمن مهجةٍ فِيهَا أسى وكلوم)
(فَلَا ذقتم مَا ذقت مِنْكُم فلي بكم ... رسيس غرامٍ مقعدٌ ومقيم)
قلت هُوَ شعر جيد ومولده سنة سِتّ وست مائَة
3 - (ابْن قلاوون)
السُّلْطَان الْأَعْظَم الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون السُّلْطَان الْأَعْظَم الْملك النَّاصِر نَاصِر الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بَان السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاوون الصَّالِحِي
ولد الْملك النَّاصِر سنة أَربع وَثَمَانِينَ ووالده الْمَنْصُور على حصن المرقب محاصراً وَتُوفِّي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَدفن لَيْلَة الْخَمِيس بِالْمَدْرَسَةِ المنصورية بَين القصرين وَأنزل على وَالِده
كَانَ ملكا عَظِيما دَانَتْ لَهُ الْعباد وملوك الْأَطْرَاف بِالطَّاعَةِ
وَلما قتل أَخُوهُ الْملك الْأَشْرَف خَلِيل على مَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمته فِي عَاشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَقتل من قتل من قاتليه وَقع الِاتِّفَاق بعد قتلة بيدرا أَن يكون السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَخُوهُ هُوَ السُّلْطَان وزين الدّين كتبغا هُوَ النَّائِب والأمير علم الدّين الشجاعي هُوَ الْوَزير وأستاذ الدَّار وَاسْتقر ذَلِك
وَوصل إِلَى دمشق الْأَمِير سيف الدّين ساطلمش والأمير سيف الدّين بهادر التتري على الْبَرِيد فِي رَابِع عشْرين الْمحرم ومعهما كتاب من الْأَشْرَف مضمونه أننا استنبنا أخانا الْملك النَّاصِر نَاصِر الدّين مُحَمَّدًا وجعلناه ولي عهدنا حَتَّى إِذا توجهنا إِلَى لِقَاء الْعَدو يكون لنا من)
يخلفنا فَحلف النَّاس على ذَلِك وخطب الْخَطِيب ودعا للسُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف ثمَّ دَعَا لوَلِيّ عَهده الْملك النَّاصِر أَخِيه وَكَانَ ذَلِك تدبيراً من الشجاعي
وَفِي ثَانِي يَوْم ورد مرسوم من مصر بالحوطة على مَوْجُود بيدرا ولاجين وقراسنقر وطرنطاي الساقي وسنقرشاه وبهادر رَأس نوبَة
وَظهر الْخَبَر بقتل السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف واتفاق الْكَلِمَة على سلطنة الْملك النَّاصِر أَخِيه
واستقل زين الدّين كتبغا نَائِبا والشجاعي مُدبر الدولة وَقبض على جمَاعَة من(4/251)
الْأُمَرَاء الَّذين اتَّفقُوا على قتلة الشّرف وهم الْأَمِير سيف الدّين نوغاي وَسيف الدّين الناق وعلاء الدّين الطنبغا الجمدار وشمس الدّين آقسنقر مَمْلُوك لاجين وحسام الدّين طرنطاي الساقي وَمُحَمّد خواجا وَسيف الدّين اروس وَكَانَ ذَلِك فِي خَامِس صفر فَأمر السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بِقطع أَيْديهم وتسميرهم أَجْمَعِينَ وطيف بهم مَعَ رَأس بيدرا ثمَّ مَاتُوا إِلَى الْعشْرين من صفر فَبلغ كتبغا أَن الشجاعي قد عَامل النَّاس فِي الْبَاطِن على قَتله
فَلَمَّا كَانَ خَامِس عشْرين صفر ركب كتبغا فِي سوق الْخَيل وَقتل بسوق الْخَيل أَمِير يُقَال لَهُ البندقداري لِأَن جَاءَ إِلَى كتبغا وَقَالَ لَهُ ايْنَ حسام الدينأحضرهفق ال مَا هُوَ عِنْدِي فَقَالَ بل هُوَ عنْدك وَمد يَده إِلَى سَيْفه ليسله فَضَربهُ بلبان الْأَزْرَق مَمْلُوك كتبغا بِالسَّيْفِ وَحل كتفه وَنزل مماليك كتبغا فأنزلوه وذبحوه فِي سوق الْخَيل
وَمَال الْعَسْكَر من الْأُمَرَاء والمقدمين والتتار والأكراد إِلَى كتبغا وَمَال البرجية وَبَعض الخاصكية إِلَى الشجاعي لِأَنَّهُ أنْفق فيهم فِي يَوْم ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَقرر أَن كل من أحضر راس أَمِير كَانَ اقطاعه لَهُ
وحاصر كتبغا القلعة وَقطع المَاء عَنْهَا فَنزل البرجية ثَانِي يَوْم من القلعة على حمية وقاتلوا كتبغا وهزموه إِلَى بِئْر الْبَيْضَاء فَركب الْأَمِير بدر الدّين البيسري وَبدر الدّين بكتاش أَمِير سلَاح وَبَقِيَّة الْعَسْكَر نصْرَة لكتبغا وردوهم وكسروهم إِلَى أَن أدخلوهم القلعة وجدوا فِي حصارها فطلعت السِّت وَالِدَة السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إِلَى أَعلَى السُّور وَقَالَت ايش المرادفقالوا مَا لنا غَرَض غير إمْسَاك الشجاعي فاتفقت مَعَ الْأَمِير حسام الدّين لاجين الْأُسْتَاذ دَار وَأَغْلقُوا بَاب الْقلَّة وَبَقِي الشجاعي فِي دَاره محصوراً وتسرب الْأُمَرَاء الَّذين مَعَه وَاحِدًا بعد وَاحِد ونزلوا إِلَى كتبغا فَطلب الشجاعي الْأمان فطلبوه إِلَى السِّت وَإِلَى حسام الدّين لاجين أستاذ الدَّار ليستشيروه)
فِيمَا يَفْعَلُونَهُ فَلَمَّا توجه إِلَيْهِم ضربه ألاقوش المنصوري بِالسَّيْفِ قطع يَده ثمَّ ضربه أُخْرَى برا رَأسه ونزلوا بِرَأْسِهِ إِلَى كتبغا وَجَرت أُمُور وأغلقت أَبْوَاب الْقَاهِرَة خَمْسَة أَيَّام ثمَّ طلع كتبغا إِلَى القلعة سَابِع عشْرين صفر ودقت البشائر وَفتحت الْأَبْوَاب وجددت الْأَيْمَان والعهود للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَأمْسك جمَاعَة من البرجية كَانُوا مَعَ الشجاعي
وَجَاء الْخَبَر إِلَى دمشق ثَالِث شهر ربيع الأول بقتل الشجاعي والحوطة على مَا يتَعَلَّق بِهِ وخطب الْخَطِيب يَوْم الْجُمُعَة حادي عشْرين ربيع الأول للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر اسْتِقْلَالا بِالْملكِ وترحم على أَبِيه الْمَنْصُور وأخيه الْأَشْرَف
وَفِي عشْرين شهر رَجَب ورد الْبَرِيد من مصر بِالْحلف للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَأَن يقرن مَعَه فِي الْأَيْمَان كتبغا وخطب الْخَطِيب بِالدُّعَاءِ للسُّلْطَان ولولي عَهده الْأَمِير زين الدّين كتبغا
وَفِي سلخ رَجَب ورد الْبَرِيد بِأَن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ركب فِي أبهة الْملك وشعار السلطنة ركب وشق الْقَاهِرَة دخل من بَاب النَّصْر وَخرج من بَاب زويلة عَائِدًا إِلَى القلعة وزين الدّين كتبغا والأمراء يَمْشُونَ فِي ركابه وَفَرح النَّاس بذلك ودقت البشائر
وَلم يزل مستمراً فِي الْملك إِلَى حادي عشر الْمحرم سنة أَربع وَتِسْعين فتسلطن زين الدّين كتبغا وَتسَمى الْملك الْعَادِل وَحلف لَهُ الْأُمَرَاء بِمصْر وَالشَّام وزينت لَهُ الْبِلَاد ودقت البشائر
وَجعل أتابكه الْأَمِير حسام الدّين لاجين وَتَوَلَّى الوزارة الصاحب فَخر الدّين عمر بن الخليلي وَصرف تَاج الدّين ابْن حَنى
وَحصل الغلاء الزَّائِد المفرط فِي أَيَّامه حَتَّى بلغ الإردب بِمصْر إِلَى مائَة وَعشْرين درهما(4/252)
والرطل اللَّحْم بالدمشقي بسبعة دَرَاهِم والرطل اللَّبن بِدِرْهَمَيْنِ وَالْبيض سِتّ بيضات بدرهم ورطل بِثمَانِيَة دَرَاهِم وَلم يكن الشَّام مرخصاً وتوقفت الأمطار وفزع النَّاس
وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة وَتبع ذَلِك وباء عَظِيم وفناء كَبِير ثمَّ أَن الغلاء وَقع بِالشَّام وَبَلغت الغرارة مائَة وَثَمَانِينَ درهما
ثمَّ قدم الْملك الْعَادِل كتبغا إِلَى دمشق بالعساكر فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَتِسْعين وَلما عَاد الْعَادِل إِلَى مصر من نوبَة حمص وَكَانَ فِي سلخ الْمحرم سنة سِتّ وتعسين فَلَمَّا كَانَ بوادي فَحْمَة قتل حسام الدّين لاجين الْأَمِير سيف الدّين بتخاص وبكتوت الْأَزْرَق العادليين وَكَانَا عزيزان على الْعَادِل فَلَمَّا رأى الْعَادِل الهوشة خَافَ على نَفسه فَركب فرس النّوبَة وسَاق وَمَعَهُ)
خَمْسَة مماليك وَوصل إِلَى دمشق الْعَصْر وَنزل بالقلعة
وسَاق حسام الدّين لاجين بالخزائن وَركب فِي دست الْملك وَبَايَعَهُ الْجَيْش وَلم يخْتَلف عَلَيْهِ اثْنَان وَتسَمى بالمنصور وخطب لَهُ بالقدس وغزة وَجَاء الْخَبَر إِلَى دمشق بِأَن صفد زينت وَضربت البشائر بهَا وبالكرك ونابلس
وَوصل كجكن والأمراء من الرحبة فَلم يدخلُوا دمشق ونزلوا بِالْقربِ من مَسْجِد الْقدَم وَأظْهر كجكن سلطنة الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين فتحقق الْعَادِل زَوَال ملكه وأذعن لَهُ بِالطَّاعَةِ وَاجْتمعَ الْأُمَرَاء وحلفوا للمنصور
وَفِي مستهل ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين خطب للمنصور بِدِمَشْق واستناب بِمصْر الْأَمِير شمس الدّين قراسنقر ثمَّ قبض عَلَيْهِ واستناب مَمْلُوكه منكوتمر وَجعل الْأَمِير سيف الدّين قبجق نَائِبا بِدِمَشْق
وجهز السُّلْطَان النَّاصِر إِلَى الكرك وَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور لَو علمت أَنهم يخلون الْملك لَك وَالله لتركته وَلَكنهُمْ لَا يخلونه لَك وَأَنا مملوكك ومملوك والدك أحفظ لَك الْملك وَأَنت الْآن تروح إِلَى الكرك إِلَى أَن تترعرع وترتجل وتتخرج وتجرب الْأُمُور وتعود إِلَى ملكك بِشَرْط أَنَّك تُعْطِينِي دمشق وأكون بهَا مثل صَاحب حماة فِيهَا فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فاحلف لي أَن تبقي عَليّ نَفسِي وَأَنا أروح وَحلف كل مِنْهُمَا على مَا أَرَادَهُ الآخر
وَلما توجه إِلَى الكرك أَقَامَ بهَا إِلَى أَن قتل الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وتعسين وست مائَة على مَا يذكر فِي تَرْجَمته
وَحلف الْأُمَرَاء للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر وأحضروه من الكرك وملكوه وَهَذِه سلطنته الثَّانِيَة
وَاسْتقر فِي النِّيَابَة بِمصْر الْأَمِير سيف الدّين سلار وَفِي الأتابكية حسام الدّين لاجين استاد دَار وَفِي جُمَادَى الأولى من السّنة ركب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بِالْقَاهِرَةِ فِي دست الْملك والتقليد الحاكمي وعمره يَوْمئِذٍ خمس عشرَة سنة ورتب الْأَمِير جمال الدّين آقوش الأفرم نَائِبا بِدِمَشْق
وَفِي عود السُّلْطَان إِلَى الْملك ثَانِيًا قَالَ عَلَاء الدّين الوداعي وَمن خطه نقلت
(الْملك النَّاصِر قد أَقبلت ... دولته مشرقة الشَّمْس)
(عَاد إِلَى كرسيه مثل مَا ... عَاد سُلَيْمَان إِلَى الْكُرْسِيّ)
)
وَلما حضر التتار إِلَى الشَّام خرج السُّلْطَان بالعساكر إِلَى الشَّام للقاء الْعَدو فِي أَوَائِل سنة تسع(4/253)
وَتِسْعين وست مائَة فَدخل دمشق فِي ثامن شهر ربيع الأول بَعْدَمَا طول الْإِقَامَة على غَزَّة وَأقَام فِي قلعة دمشق تِسْعَة أَيَّام
وعدى قازان والتتار الْفُرَات وَخرج السُّلْطَان لملتقى الْعَدو وسَاق إِلَى حمص وَركب بكرَة الْأَرْبَعَاء سَابِع عشْرين الشَّهْر الْمَذْكُور وسَاق إِلَى وَادي الخزندار فَكَانَت الْوَقْعَة والتحم الْحَرْب واستحر الْقَتْل ولاحت إمارات النَّصْر للْمُسلمين وثبتوا إِلَى الْعَصْر وَثَبت السُّلْطَان والخاصكية ثباتاً كلياً فَانْكَسَرت ميمنة الْمُسلمين وجاءهم مَا لَا قبل لَهُم بِهِ لِأَن الْجَيْش لم يتكامل يَوْمئِذٍ وَكَانَ الْجَيْش بضعَة وَعشْرين ألفا والتتار قَرِيبا من مائَة ألف فِيمَا قيل وشرعوا فِي الْهَزِيمَة واخذ الْأُمَرَاء السُّلْطَان وتحيزوا بِهِ وحموا ظُهُورهمْ وَسَارُوا على درب بعلبك وَالْبِقَاع وَبَعض الْعَسْكَر المكسور عبروا دمشق وَاسْتشْهدَ بالمصاف جمَاعَة من الْأُمَرَاء
وخطب بِدِمَشْق للْملك مظفر الدّين مَحْمُود قازان وَرفع فِي ألقابه وَتَوَلَّى الْأَمِير سيف الدّين قبجق النِّيَابَة عَن التتار بِدِمَشْق
وَملك قازان دمشق خلا القلعة فَإِن ارجواش قَامَ بحفظها وَأَبَان عَن حزم عَظِيم وعزم قويم
وجبى التتار الْأَمْوَال من دمشق وقاسى النَّاس مِنْهُم شَدَائِد وأهوالاً عَظِيمَة وَكَانَ إِذا قرروا على الْإِنْسَان عشرَة آلَاف دِرْهَم ينوبه ترسيم الْمغل القان وَقرر على كل سوق شَيْء من المَال واستخرجوه بِالضَّرْبِ والإحراق وَكَانَ مَا حمله وجيه الدّين ابْن المنجا إِلَى خزانَة قازان ثَلَاثَة آلَاف ألف وست مائَة ألف دِرْهَم خلاف مَا نَاب النَّاس من البرطيل والترسيم
وَلم يزل قازان بالغوطة نازلاً إِلَى ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى فَرَحل طَالبا بِلَاده وتخلف بِالْقصرِ نَائِبه خطلوشاه فِي فرقة من الْجَيْش وَفِي رَجَب جمع قبجق العيان والقضاة إِلَى دَاره وحلفهم للدولة القازانية بالنصح وَعدم المداجاة ثمَّ إِن قبجق توجه هُوَ والصاحب عز الدّين ابْن القلانسي إِلَى مصر فِي نصف رَجَب وَقَامَ بِحِفْظ الْمَدِينَة وَأمر النَّاس ارجواش
وَفِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر شهر رَجَب أُعِيدَت الْخطْبَة للْملك النَّاصِر وَكَانَ مُدَّة إِسْقَاط ذَلِك مائَة يَوْم
وَأما السُّلْطَان فَإِنَّهُ دخل بعد الكسرة إِلَى مصر وتلاحق بِهِ الْجَيْش ونفق فِي العساكر واشتريت الْخَيل وآلات السِّلَاح بِالثّمن الغالي)
وَفِي يَوْم عَاشر شعْبَان قدم الأفرم نَائِب دمشق بعسكر دمشق وَقدم أَمِير سلَاح والميسرة المصرية ثمَّ دخلت الميمنة ثمَّ دخل الْقلب وَفِيهِمْ سلار وَتوجه سلار بالجيوش إِلَى الْقَاهِرَة
ثمَّ كثرت الأراجيف بمجيء التتار وانجفل النَّاس إِلَى مصر وَإِلَى الْحُصُون وَبلغ كِرَاء المحارة إِلَى مصر خمس مائَة دِرْهَم
ثمَّ فترت أَخْبَار التتار فِي شهر ربيع الأول سنة سبع مائَة ثمَّ دخل التتار إِلَى حلب وَشرع النَّاس فِي قِرَاءَة البُخَارِيّ وَقَالَ الوداعي فِي ذَلِك وَمن خطه نقلت
(بعثنَا على جَيش الْعَدو كتائباً ... بخاريةً فِيهَا النَّبِي مقدم)
(فَردُّوا إِلَى الاردو بغيظٍ وخيبةٍ ... واردوا وجيش الْمُسلمين مُسلم)
(فقوا لَهُم عودوا نعد ووراءكم ... إِذا مَا أتيتم أَو أَبَيْتُم جَهَنَّم)
وَوصل السُّلْطَان إِلَى الْعَريش وَوصل غازان إِلَى حلب وَدخل جُمَادَى الأولى وَالنَّاس فِي أَمر مريج وَوصل بكتمر السلاحدار بِأَلف فَارس وَعَاد السُّلْطَان إِلَى مصر وانجفل النَّاس غنيهم(4/254)
وفقيرهم وَنُودِيَ بالرحيل إِلَى مصر فِي الْأَسْوَاق وضج النِّسَاء والأطفال وغلقت أَبْوَاب دمشق واقتسم النَّاس قلعة دمشق بالشبر وَوَقع على غيارة التتار يزك حمص فكسروهم وَقتلُوا مِنْهُم نَحْو مائَة وَصحت الْأَخْبَار بِرُجُوع غازان من حلب فَبَلع النَّاس ريقهم وَهلك كثير من التتار بحلب من الثَّلج والغلاء وَعز اللَّحْم بِدِمَشْق فأبيع الرطل بِتِسْعَة دَرَاهِم ثمَّ دخل الأفرم والأمراء من المرج بعد مَا أَقَامُوا بِهِ أَرْبَعَة أشهر وَاسْتقر حَال النَّاس بعد ذَلِك
وَفِي شهر شعْبَان ألبس النَّصَارَى الْأَزْرَق وَالْيَهُود الْأَصْفَر والسامرة الْأَحْمَر وَسبب ذَلِك ان مغربياً كَانَ جَالِسا بِبَاب الْقلَّة عِنْد الجاشنكير وسلار فَحَضَرَ بعض الْكتاب النَّصَارَى بعمامة بَيْضَاء فَقَامَ لَهُ المغربي يتَوَهَّم أَنه مُسلم ثمَّ ظهر لَهُ أَنه نَصْرَانِيّ فَدخل إِلَى السُّلْطَان وفاوضه فِي تَغْيِير زِيّ أهل الذِّمَّة ليمتاز الْمُسلمُونَ عَنْهُم وَفِي ذَلِك يَقُول عَلَاء الدّين عَليّ بن مظفر الْكِنْدِيّ الوداعي وَمن خطه نقلت
(لقد ألزم الْكفَّار شاشات ذلةٍ ... تزيدهم من لعنة الله تشويشا)
(فَقلت لَهُم مَا ألبسوكم عمائماً ... وَلَكنهُمْ قد ألزموكم براطيشا)
وَقَالَ أَيْضا
(غيروا زيهم بِمَا غيروه ... من صِفَات النَّبِي رب المكارم)
)
فَعَلَيْهِم كَمَا ترَوْنَ براطيش وَلكنهَا تسمى عمائم وَقَالَ أَيْضا
(لقد البسوا أهل الْكِتَابَيْنِ ذلةً ... ليظْهر مِنْهُم كل من كَانَ كامنا)
(قلت لَهُم مَا ألبسوكم عمائماً ... وَلَكنهُمْ قد ألبسوكم لعائنا)
وَفِي ذَلِك يَقُول شمس الدّين الطَّيِّبِيّ وَهُوَ أحسن من الأول
(تعجبوا لِلنَّصَارَى وَالْيَهُود مَعًا ... والسامريين لما عمموا الخرقا)
(كَأَنَّمَا بالأصباغ منسهلاً ... نسر السَّمَاء فأضحى فَوْقهم ذرقا)
وَفِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسبع مائَة توفّي أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحَاكِم بِأَمْر الله أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد العباسي وَدفن عِنْد السِّت نفيسة وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الأحمدين وَتَوَلَّى الْخلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المستكفي بِاللَّه أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بِولَايَة الْعَهْد إِلَيْهِ من وَالِده الْحَاكِم وَقُرِئَ تَقْلِيده بعد عزاء وَالِده وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف السِّين فِي مَكَانَهُ
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبع مائَة فتحت جَزِيرَة أرواد وَهِي بِقرب انطرسوس وَقتل بهَا عدَّة من الفرنج ودخلوا بالأسرى وهم مَا يُقَارب الْخمسين أَسِيرًا إِلَى دمشق
وَفِي شعْبَان من السّنة عدت التتار الْفُرَات وانجفل النَّاس وَخرج السُّلْطَان بجيوشه مكن مصر
وَفِي عَاشر شعْبَان كَانَ المصاف بَين التتار وَالْمُسْلِمين بِعرْض ان الْمُسلمُونَ ألفا وَخمْس مائَة وَعَلَيْهِم أسندمر واغرلوا العادلي وبهادرآص وَكَانَ التتار نَحوا من أَرْبَعَة آلَاف فانكسروا وَقتل مِنْهُم خلق كثير وَأسر مقدمهم
ثمَّ دخل من المصريين خمس تقادم وَعَلَيْهِم الجاشنكير والحسام أستاذ الدَّار ثمَّ دخل بعدهمْ ثَلَاثَة آلَاف(4/255)
عَلَيْهِم أَمِير سلَاح ويعقوبا وأيبك الخازندار ثمَّ أَتَى عَسْكَر حلب وحماه متقهقراً من التتار وتجمعت العساكر إِلَى الجسورة بِدِمَشْق
واختبط النَّاس واختنق فِي أَبْوَاب دمشق غير وَاحِد وهرب النَّاس وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وَوصل السُّلْطَان إِلَى الْغَوْر وغلقت أَبْوَاب دمشق وضج الْخلق إِلَى الله ويئس النَّاس من الْحَيَاة وَدخل شهر رَمَضَان وتعلقت الآمال ببركاته
وَوصل التتار إِلَى المرج وَسَارُوا إِلَى جِهَة الْكسْوَة وبعدوا عَن دمشق بكرَة السبت ثَانِي شهر)
رَمَضَان وَصعد النِّسَاء والأطفال إِلَى السطوح وكشفوا الرؤوس وضجوا وجأروا إِلَى الله وَوَقع مطر عَظِيم
وَوَقعت الظّهْر بطاقة بوصول السُّلْطَان واجتماع العساكر المحمدية بمرج الصفر ثمَّ وَقعت بعْدهَا بطاقة تَتَضَمَّن طلب الدُّعَاء وَحفظ أسوار الْبَلَد
وَبعد الظّهْر وَقع المصاف والتحم الْحَرْب فَحمل التتار على الميمنة فكسروها وَقتل مقدمها الحسام أستاذ الدَّار وَثَبت السُّلْطَان ذَلِك الْيَوْم ثباتاً زَائِدا عَن الْحَد وَاسْتمرّ الْقِتَال من الْعَصْر إِلَى اللَّيْل ورد التتار من حملتهم على الميمنة بِغَلَس وَقد كل حَدهمْ فتعلقوا بِالْجَبَلِ الْمَانِع وطلع الضَّوْء يَوْم الْأَحَد والمسلمون محدقون بالتتار فَلم يكن ضحوة إِلَّا وَقد ركن التتار إِلَى الْفِرَار وولوا الأدبار وَنزل النَّصْر ودقت البشائر وزين الْبَلَد
وَكَانَ التتار نَحوا من خمسين ألفا عَلَيْهِم خطلوشاه نَائِب غازان وَرجع قاوان من حلب فِي ضيق صدر من كسرة أَصْحَابه يَوْم عرض وبهذه الكسرة سَقَطت قواه لِأَنَّهُ لم يعد إِلَيْهِ من أَصْحَابه غير الثُّلُث وتخطفتهم أهل الْحُصُون وسَاق سلار وقبجق وَرَاء المنهزمين إِلَى القريتين وَلم ينكسر التتار مثل هَذِه الْمرة
وَحكى لي جمَاعَة من أهل دير يسير انهم كَانُوا يأْتونَ إِلَيْنَا عشْرين عشْرين وَأكْثر أَو أقل وَيطْلبُونَ منا أَن نعدي بهم الْفُرَات فِي الزواريق إِلَى ذَلِك الْبر فَمَا نعدي بمركب إِلَّا ونقتل كل من فِيهِ حَتَّى ان النِّسَاء كن يضربنهم بالفؤوس ونذبحهم فِي ذَلِك فَمَا تركنَا أحدا مِنْهُم يعِيش وَهَذِه الْوَاقِعَة إِلَى الْآن فِي قُلُوبهم وَكَانَ قد جَاءَ كتاب غازان يَقُول فِيهِ مَا جِئْنَا هَذِه الْمرة إِلَّا للفرجة فِي الشَّام فَقَالَ عَلَاء الدّين الوداعي وَمن خطه نقلت
(قُولُوا لقازانٍ بِأَن جيوشه ... جَاءُوا ففرجناهم بِالشَّام)
(فِي سرحة المرج الَّتِي هاماتهم ... منثورها وشقائق الْأَجْسَام)
(مَا كَانَ أشأمها عَلَيْهِم فُرْجَة ... غمت وأبركها على الْإِسْلَام)
وَقَالَ لما انهزم
(أَتَى قازان عدوا فِي جنودٍ ... على أَخذ الْبِلَاد غدوا حراصا)
(فَمَا كسبوا سوى قتلٍ وأسرٍ ... وَأَعْطوهُ بحصاته حصاصا)
وأنشدني لنَفسِهِ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة نجم الدّين عَليّ بن دَاوُد القحفازي النَّحْوِيّ فِي ذَلِك)
(لما غَدا غازان فخاراً بِمَا ... قد نَالَ بالْأَمْس وأغراه البطر)
(جَاءَ يرجي مثلهَا ثَانِيَة ... فَانْقَلَبَ الدست عَلَيْهِ وانكسر)(4/256)
وَقد نظم النَّاس فِي هَذِه الْوَاقِعَة وَمن أحسن مَا وقفت عَلَيْهِ فِي ذَلِك قَول شمس الدّين الطَّيِّبِيّ وَهِي تقَارب الْمِائَة بَيت وَلَكِن هَذَا الَّذِي وجدت مِنْهَا وَهُوَ
(برق الصوارم للأبصار يختطف ... وَالنَّقْع يَحْكِي سحاباً بالدما يكف)
(أحلى وأغلى قيمَة وسناً ... من ريق ثغر الغواني حِين يرتشف)
(وَفِي قدود القنا معنى شغفت بِهِ ... لَا بالقدود الَّتِي قد زانها الهيف)
(وَمن غَدا بالخدود الْحمر ذَا كلفٍ ... فإنني بحدود الْبيض لي كلف)
(وَلأمة الْحَرْب فِي عَيْني أحسن من ... لَام العذار الَّذِي فِي الخد يَنْعَطِف)
(كِلَاهُمَا زردٌ هَذَا يُفِيد وَذَا ... يردي فشانهما فِي الْفِعْل يخْتَلف)
(وَالْخَيْل فِي طلب الأوتار صاهلةٌ ... ألذ لحناً من الأوتار تأتلف)
(مَا مجْلِس الشّرْب والأرطال دائرةٌ ... كموقف الْحَرْب والأبطال تزدلف)
(والرزق من تَحت ظلا لرمح مقترنٌ ... بالعز والذل يأباه الْفَتى الصلف)
(لَا عَيْش إِلَّا لفتيان إِذا انتدبوا ... ثَارُوا وَإِن نهضوا فِي غمَّة كشفوا)
(بَقِي بهم مِلَّة الْإِسْلَام ناصرها ... كَمَا يقي الدرة المكنونة الصدف)
(قَامُوا لقُوَّة دين الله مَا وهنوا ... لما أَصَابَهُم فِيهِ وَلَا ضعفوا)
(وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله فانتصروا ... من بعد ظلمٍ وَمِمَّا ساءهم أنفوا)
(لما أَتَتْهُم جموع الْكفْر يقدمهم ... رَأس الضلال الَّذِي فِي عقله حنف)
(جَاءُوا وكل مقَام ظلّ مضطرباً ... مِنْهُم وكل مقَام بَات يرتجف)
(فشاهدوا علم الْإِسْلَام مرتفعاً ... بِالْعَدْلِ فاستيقنوا ان لَيْسَ ينْصَرف)
(لاقاهم الفيلق الجرار فانكسروا ... خوف العوامل بالتأنيث فانصرفوا)
(يَا مرج صفر بيضت الْوُجُوه كَمَا ... فعلت من قبل الْإِسْلَام يؤتنف)
(أَزْهَر روضك أزهى عِنْد نفحته ... أم يانعات رؤسٍ فِيك تقتطف)
(غُدْرَان أَرْضك قد أضحت لواردها ... ممزوجةً بدماء الْمغل تغترف)
(زلت على كتف الْمصْرِيّ أَرجُلهم ... فَلَيْسَ يَدْرُونَ أَنى تُؤْكَل الْكَتف)
)
(آووا إِلَى جبل لَو كَانَ يعصهم ... من موج فرج المنايا حِين يختطف)
(دارت عَلَيْهِم من الشجعان دائرةٌ ... فَمَا نجا سالمٌ مِنْهُم وَقد زحفوا)
(ونكسوا مِنْهُم الْأَعْلَام فَانْهَزَمُوا ... ونكصوهم على الأعقاب فانقصفوا)
(فَفِي جماجمهم بيض الظبى زبرٌ ... وَفِي كلاكلهم سمر القنا قصف)
(فروا من السَّيْف ملعونين حَيْثُ سروا ... وَقتلُوا فِي البراري حَيْثُمَا ثقفوا)(4/257)
(فَمَا استقام لَهُم فِي أَعْوَج نهجٍ ... وَلَا أجارهم من مانعٍ كنف)
(وملت الأَرْض قتلاهم بِمَا قذفت ... مِنْهُم وضاق مِنْهَا المهمه الْقَذْف)
(وَالطير والوحش قد عافت لحومهم ... فَفِي مزاج الضواري مِنْهُم قرف)
(ردوا فَكل طريقٍ نَحْو أَرضهم ... تدل جاهلها الأشلاء والجيف)
(وأدبروا فَتَوَلّى قطع دابرهم ... وَالْحَمْد لله قومٌ للوغى ألفوا)
(ساقوهم فسقوا شط الْفُرَات دَمًا ... وطمهم بعباب السَّيْل فانحرفوا)
(وَأَصْبحُوا بعد لَا عينٌ وَلَا أثرٌ ... عَن القلاع عَلَيْهَا مِنْهُم شعف)
(يَا برق بلغ إِلَى غازان قصتهم ... وصف فقصتهم من فَوق مَا تصف)
(بشر بهلكهم ملك الْعرَاق لكَي ... يعطيك حلوانها حلوان والنجف)
(وَإِن يسل عَنْهُم قل قد تَركتهم ... كالنخل صرعى فَلَا تمرٌ وَلَا سعف)
(مَا أَنْت كفو عروس الشَّام تخطبها ... جهلا وَأَنت إِلَيْهَا الهائم الدنف)
(قد مَاتَ قبلك آباءٌ بحسرتها ... وَكلهمْ مغرمٌ مغرىً بهَا كلف)
(إِن الَّذِي فِي جحيم النَّار مَسْكَنه ... لَا تستباح لَهُ الجنات والغرف)
(وَإِن تعودوا تعد أسيافنا لكم ... ضربا إِذا قابلتها رضت الحجف)
(ذوقوا وبال تعديكم وبغيتكم ... فِي أَمركُم ولكأس الخزي فارتشفوا)
(فَالْحَمْد لله معطي النَّصْر ناصره ... وَكَاشف الضّر حَيْثُ الْحَال تنكشف)
وَفِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة كَانَت الزلزلة الْعَظِيمَة بِمصْر وَالشَّام وَكَانَ تأثيرها بالإسكندرية أعظم ذهب تَحت الرَّدْم بهَا عدد كَبِير وطلع الْبَحْر إِلَى نصف الْبَلَد واخذ الْجمال وَالرِّجَال وغرقت المراكب وَسَقَطت بِمصْر دور لَا تحصى وهدمت جَوَامِع ومآذن فَانْتدبَ الجاشنكير وسلار وَغَيرهمَا من الْأُمَرَاء والكبار وَأخذ كل وَاحِد مِنْهُم جَامعا وعمره وجدد لَهُ)
وقوفاً
وَفِي سنة ثَلَاث وَسبع مائَة توجه أَمِير سلَاح وعسكر من دمشق وقبجق فِي عَسْكَر حماه واسندمر فِي عَسْكَر السَّاحِل وقراسنقر فِي عَسْكَر حلب ونازلوا تل حمدون وأخذوها وَدخل بعض الْعَسْكَر الدربند وانحازوا ونهبوا وأسروا خلقا ودقت البشائر
وَفِي شَوَّال من خدابنده هَذِه السّنة توفّي غازان ملك التتار وَملك بعده أَخُوهُ مُحَمَّد الملقب
وَفِي سنة خمس وَسبع مائَة نَازل الأفرم بعساكره من دمشق جبل الجرد وَكسر الكسروانيين وَسَيَأْتِي ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي ترجمتهلأنهم كَانُوا وافض روكانوا قد آذوا الْمُسلمين وَقتلُوا المنهزمين من العساكر المصرية فِي نوبَة قازان الأولى الكائنة فِي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
وَفِي سنة ثَمَان وَسبع مائَة ذهب السُّلْطَان فِي شهر رَمَضَان إِلَى الْحجاز وَأقَام بالكرك متبرماً من سلار الجاشنكير وحجرهم عَلَيْهِ ومنعهم لَهُ من التَّصَرُّف
قيل أَنه طلب يَوْمًا خروفاً رميساً فَمنع(4/258)
مِنْهُ أَو قيل لَهُ حَتَّى يَجِيء كريم الدّين الْكَبِير لِأَنَّهُ كَانَ كَاتب الجاشنكير
وَأمر نَائِب الكرك بالتحول إِلَى مصر وَعند دُخُوله القلعة انْكَسَرَ بِهِ الجسر فَوَقع نَحْو خمسين مَمْلُوكا إِلَى الْوَادي وَمَات مِنْهُم أَرْبَعَة وتهشم جمَاعَة
وَأعْرض السُّلْطَان عَن أَمر مصر فَوَثَبَ لَهَا بعد أَيَّام الجاشنكير وتسلطن وخطب لَهُ وَركب بخلعة الْخلَافَة وَذَلِكَ عِنْدَمَا جَاءَتْهُم كتب السُّلْطَان باجتماع الْكَلِمَة فَإِنَّهُ ترك لَهُم الْملك
وَفِي سنة تسع وَسبع مائَة فِي شهر رَجَب خرج السُّلْطَان من الكرك قَاصِدا دمشق وَكَانَ قد سَاق إِلَيْهِ من مصر مائَة وَسَبْعُونَ فَارِسًا فيهم أُمَرَاء وأبطال وَجَاء مَمْلُوك السُّلْطَان إِلَى الأفرم يُخبرهُ بَان السُّلْطَان وصل إِلَى الخمان فَتوجه إِلَى السُّلْطَان بيبرس الْمَجْنُون وبيبرس العلائي ثمَّ ذهب بهادر آص لكشف الْقَضِيَّة فَوجدَ السُّلْطَان قد رد إِلَى الكرك
ثمَّ بعد أَيَّام ركب السُّلْطَان وَقصد دمشق بَعْدَمَا ذهب إِلَيْهِ قطلبك الْكَبِير والحاج بهادر وقفز سَائِر المراء إِلَى السُّلْطَان فقلق الأفرم ونزح بخواصه مَعَ عَلَاء الدّين ابْن صبح إِلَى شقيف ارنون فبادر بيبرس العلائي وآقجبا المشد وأمير علم فِي إصْلَاح الجتر والعصائب وأبهة الْملك فَدخل السُّلْطَان قبل الظّهْر إِلَى دمشق وَفتح لَهُ بَاب سر القلعة وَنزل النَّائِب وَقبل لَهُ الأَرْض)
فَلوى عنان فرسه إِلَى جِهَة الْقصر الأبلق وَنزل بِهِ ثمَّ عَن الأفرم حضر إِلَيْهِ بعد أَرْبَعَة أَيَّام فَأكْرمه وَاسْتمرّ بِهِ فِي نِيَابَة دمشق وَبعد يَوْمَيْنِ وصل نَائِب حماة قبجق واسندمر نَائِب طرابلس وتلقاهما السُّلْطَان وَفِي ثامن عشْرين الشَّهْر وصل قراسنقر نَائِب حلب
ثمَّ خرج لقصد مصر فِي تَاسِع رَمَضَان وَمَعَهُ الْأُمَرَاء ونواب الشَّام والأكابر والقضاة وَوصل غَزَّة وَجَاء الْخَبَر بنزول الجاشنكير عَن الْملك وانه طلب مَكَانا يأوي إِلَيْهِ وهرب من مصر مغرباً وهرب سلار مشرقاً
فَلَمَّا كَانَ بالريدانية لَيْلَة الْعِيد اتّفق الْأُمَرَاء عَلَيْهِ وهموا بقتْله فجَاء إِلَيْهِ بهاء الدّين ارسلان دوادار سلار وَقَالَ قُم الْآن اخْرُج من جَانب الدهليز واطلع إِلَى القلعة فرعاها لَهُ فَلم يشْعر النَّاس إِلَّا بالسلطان وَقد خرج رَاكِبًا فتلاحقوا بِهِ وركبوا فِي خدمته وَصعد إِلَى القلعة وَكَانَ الِاتِّفَاق قد حصل أَن قراسنقر يكون نَائِبا بِمصْر وقطلوبك الْكَبِير نَائِب دمشق
فَلَمَّا اسْتَقر الْحَال قبض السُّلْطَان فِي يَوْم وَاحِد على اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَمِيرا من السماط وَلم ينتطح فِيهَا عنزان وَأمر للافرم بصرخد ولقراسنقر بِدِمَشْق وَجعل بكتمر الجوكندار الْكَبِير نَائِبا بِمصْر وَجعل قبجق نَائِب حلب والحاج بهادر نَائِب طرابلس وقطلوبك الْكَبِير نَائِب صفد
وَفِي سنة عشر وَسبع مائَة وصل فِي الْمحرم اسندمر نَائِبا على حماة وفيهَا صرف القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة عَن الْقَضَاء وَتَوَلَّى القَاضِي جمال الدّين الزرعي وَصرف السرُوجِي وَتَوَلَّى القَاضِي شمس الدّين الحريري قَضَاء الْحَنَفِيَّة طلب من دمشق
وَبعد أَيَّام قَلَائِل توفّي الْحَاج بهادر نَائِب طرابلس وَمَات بحلب نائبها قبجق فرسم لاسندمر بحلب وطرابلس لأفرم وَأمره السُّلْطَان بَان لَا يدْخل دمشق على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي هَذِه الْأَيَّام أعْطى السُّلْطَان حماة لعماد الدّين إِسْمَاعِيل بن الْأَفْضَل وَجعله بهَا
وَفِي سنة إِحْدَى عشرَة فِي أَولهَا نقل قراسنقر من نِيَابَة دمشق إِلَى نِيَابَة حلب بَعْدَمَا امسك(4/259)
اسندمر نَائِب حلب وَتَوَلَّى كراي المنصوري نِيَابَة دمشق
وَفِي شهر ربيع الآخر أيعد القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة إِلَى منصبه بِالْقَاهِرَةِ وتقرر القَاضِي جمال الدّين الزرعي قَاضِي الْعَسْكَر ومدرس مدارس
وَفِي جُمَادَى الأولى أمسك كراي المنصوري نَائِب دمشق وَقيد وجهز إِلَى الْبَاب بَعْدَمَا امسك)
الْأَمِير سيف الدّين بكتمر والجوكندار النَّائِب بِمصْر وَأمْسك قطلوبك الْكَبِير نَائِب صفد وَحبس هُوَ وكراي بالكرك ثمَّ جَاءَ الْأَمِير جمال الدّين آقوش الأشرفي نَائِب الكرك إِلَى دمشق نَائِبا
وَفِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة تسحب الْأَمِير عز الدّين الزردكاش وبلبان الدِّمَشْقِي وأمير ثَالِث إِلَى الأفرم وسَاق الْجَمِيع إِلَى عِنْد قراسنقر وَتوجه الْجَمِيع إِلَى عِنْد مهنا فأجارهم وعدوا الْفُرَات طَالِبين خدابنده ملك التتار على مَا سَيَأْتِي عَن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الأفرم وَغَيره
وَفِي ربيع الأول طلب نَائِب دمشق الْأَمِير جمال الدّين الأشرفي إِلَى مصر وفيهَا أمسك بيبرس العلائي نَائِب حمص وبيبرس الْمَجْنُون وطوغان وبيبرس التاجي وكجلي والبرواني وحبسوا فِي الكرك وامسك بِمصْر جمَاعَة
وَفِي ربيع الآخر قدم الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى دمشق نَائِبا وسودي إِلَى حلب نَائِبا
وَفِي أَوَائِل رَمَضَان قويت الأراجيف بمجيء التتار ونازل خدابنده الرحبة على مَا تقدم فِي تَرْجَمته وانجفل النَّاس ثمَّ أَنه رَحل عَنْهَا
وَأما السُّلْطَان فَإِن عيّد بِمصْر وَخرج إِلَى الشَّام فوصل إِلَيْهَا فِي ثَالِث عشْرين شَوَّال وَصلى بالجامع الْأمَوِي وَعمل دَار عدل وَتوجه من دمشق إِلَى الْحجاز
وَفِي سنة ثَلَاث عشرَة وصل السُّلْطَان من الْحَج إِلَى دمشق ثمَّ توجه عَائِدًا إِلَى مصر
وَفِي سنة أَربع عشرَة وَسبع مائَة توفّي سودي نَائِب حلب وَحضر عوضه الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا
وَفِي سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة توجه الْأَمِير سيف الدّين تنكز بعساكر الشَّام وَسِتَّة آلَاف من مصر إِلَى غَزْو ملطية وَفتحهَا وَسبوا ونهبوا وألقوا النَّار فِي جوانبها وَقتل جمَاعَة من النَّصَارَى
وَفِي سنة سِتّ عشرَة توفّي خدابنده ملك التتار وَملك بعده وَلَده بوسعيد على مَا سَيَأْتِي ذكره عَن شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع مائَة وَقع الْحَرِيق بِمصْر وَاحْتَرَقَ دور كَثِيرَة لِلْأُمَرَاءِ وَغَيرهم ثمَّ ظهر أَن ذَلِك من كيد النَّصَارَى لنه وجد مَعَ بَعضهم آلَة الإحراق من النفط وَغَيره فَقتل مِنْهُم وَأسلم عدَّة ورجم الْعَامَّة والحرافيش كريم الدّين الْكَبِير فَأنْكر السُّلْطَان ذَلِك وَقطع أَيدي أَرْبَعَة وَقيد جمَاعَة)
وفيهَا جرى الصُّلْح بَين السُّلْطَان وَبَين بوسعيد ملك التتار سعى فِي ذَلِك مجد الدّين السلَامِي مَعَ النوين جوبان والوزير عَليّ شاه
وَفِي سنة خمس وَعشْرين جهز السُّلْطَان من مصر نَحْو ألفي فَارس نجدةً لصَاحب الْيمن عَلَيْهِم الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الْحَاجِب والأمير سيف الدّين طينال فَدَخَلُوا زبيد وألبسوا الْملك الْمُجَاهِد خلع السلطنة ثمَّ عَاد الْعَسْكَر فَبلغ السُّلْطَان أُمُور نقمها على الأميرين الْمَذْكُورين فاعتقلهما
وَفِي سنة سِتّ وَعشْرين حج الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب وَلما حضر أمْسكهُ السُّلْطَان ثمَّ جهزه إِلَى حلب نَائِبا على مَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمته(4/260)
وَفِي سنة سبع وَعشْرين طلب الْأَمِير شَرق فالدين حُسَيْن بن حندر من دمشق إِلَى مصر ليقيم بهَا أَمِيرا وَطلب قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي إِلَى مصر ليَكُون بهَا حَاكما وفيهَا كَانَ عرس ابْنة السُّلْطَان على الْأَمِير سيف الدّين قوصون على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وفيهَا كَانَت الكائنة بالإسكندرية وَتوجه الجمالي إِلَيْهَا وصادر الكارم والحاكة وَغَيرهم وَضرب القَاضِي وَوضع الزنجير فِي رقبته وَكَانَ ذَلِك أمرا فضيحاً
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة دخل ابْن السُّلْطَان آنوك بن الخوندة طغاي على بنت الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَكَانَ عرساً عَظِيما حَضَره تنكز نَائِب الشَّام وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمَة آنوك عَن شَاءَ الله تَعَالَى
وَتوجه السُّلْطَان فِيهَا إِلَى الْحَج واحتفل المراء بِالْحَجِّ وَفِي الْعود توفّي الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَولده أَمِير أَحْمد
وفيهَا أمسك الصاحب شمس الدّين نَاظر دمشق وَأخذ خطه فِي مصر بألفي دِرْهَم على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ عمر نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين تنكز قلعة جعبر وَصَارَت ثغراً للْمُسلمين
وَفِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة حضر مهنا أَمِير الْعَرَب إِلَى السُّلْطَان وداس بساطه بعد عناء عَظِيم وتسويف كثير فَأقبل عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ شَيْئا كثيرا وَعَاد إِلَى بِلَاده)
وَبهَا أخرج السُّلْطَان من السجْن ثَلَاثَة عشر أَمِيرا مِنْهُم بيبرس الْحَاجِب وتمر الساقي
وَفِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ توفّي بو سعيد رَحمَه الله تَعَالَى على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي سنة أَرْبَعِينَ وَسبع مائَة أمسك السُّلْطَان الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى فِي ثَالِث عشْرين ذِي الْحجَّة على ماسيأتي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين توفّي آنوك رَحمَه الله تَعَالَى ولد السُّلْطَان وفيهَا توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر رَحمَه الله تَعَالَى وَعَفا عَنهُ بعد وَلَده بأشهر قَليلَة فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
وَقَامَ فِي الْملك بعده وَلَده الْملك الْمَنْصُور أَبُو بكر بِوَصِيَّة أَبِيه على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته رَحمَه الله تَعَالَى
وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ملكا عَظِيما محظوظاً مُطَاعًا مهيباً ذَا بَطش ودهاء وحزم شَدِيد وَكيد مديد فَلَمَّا حاول أمرا فانجزم عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء يحاوله لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذ نَفسه فِيهِ بالحزم الْبعيد وَالِاحْتِيَاط أمسك إِلَى أَن مَاتَ مائَة وَخمسين أَمِيرا وَكَانَ يلبس النَّاس على علاتهم ويصبر الدَّهْر الطَّوِيل على الْإِنْسَان وَهُوَ يكرههُ تحدث مَعَ أرغون الدوادار فِي إمْسَاك كريم الدّين الْكَبِير قبل الْقَبْض عَلَيْهِ بِأَرْبَع سِنِين وهمّ بإمساكك تنكز لما ورد من الْحجاز سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بعد بكتمر ثمَّ أَنه أمهله ثَمَانِي سِنِين بعد ذَلِك
وَكَانَ مُلُوك الْبِلَاد الْكِبَار يهادونه ويراسلونه وَكَانَت ترد إِلَيْهِ رسل صَاحب الْهِنْد وبلاد أزبك وملوك الْحَبَشَة وملوك الغرب والفرنج وبلاد الأشكري وَصَاح بِالْيمن
وَأما بوسعيد ملك التتار فَكَانَت الرُّسُل لَا تَنْقَطِع بَينهمَا ويسمي كل مِنْهُمَا الآخر أَخا وَصَارَت الكلمتان وَاحِدَة والمملكتان وَاحِدَة ومراسيم السُّلْطَان تنفذ فِي بِلَاد بوسعيد وَرُسُله يتوجهون بأطلابهم وطبلخاناتهم بأعلامهم المنشورة
ولكما بعد الْإِنْسَان عَن بِلَاده وجد مهابته أعظم ومكانته(4/261)
فِي الْقُلُوب أعظم
وَكَانَ سَمحا جواداً على من يقربهُ ويؤثره لَا يبخل عَلَيْهِ بِشَيْء كَائِنا مَا كَانَ
سَأَلت القَاضِي شرف الدّين النشو قلت أطلق يَوْمًا ألف ألف درهمقال نعم كثير وَفِي يَوْم وَاحِد أنعم على الْأَمِير سيف الدّين بشتاك بِأَلف ألف دِرْهَم فِي ثمن قَرْيَة يبْنى الَّتِي بهَا قبر أبي هُرَيْرَة على سَاحل الرملة وأنعم على مُوسَى ابْن مهنا بِأَلف ألف دِرْهَم)
وَقَالَ لي هَذِه ورقة فِيهَا مَا أبتاعه من الرَّقِيق أَيَّام مباشرتي وَكَانَ ذَلِك من شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ إِلَى سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فَكَانَ جملَته أَربع مائَة ألف وَسبعين ألف دِينَار مصرية كَذَا قَالَ
وَكَانَ ينعم على الْأَمِير سيف الدّين تنكز كل سنة يتَوَجَّه إِلَيْهِ إِلَى مصر وَهُوَ بِالْبَابِ بِمَا يزِيد على ألف ألف دِرْهَم وَلما تزوج سيف الدّين قوصون بابنة السُّلْطَان وَعمل عرسه حمل الْأُمَرَاء إِلَيْهِ شَيْئا كثيرا فَلَمَّا تزوج الْأَمِير سيف الدّين طغاي تمر بابنة السُّلْطَان الْأُخْرَى قَالَ السُّلْطَان مَا نعمل لَهُ عرساً لِأَن الْأُمَرَاء يَقُولُونَ هَذِه مصادرة وَنظر إِلَى طغاي تمر فَرَآهُ قد تغير فَقَالَ للْقَاضِي تَاج الدّين إِسْحَاق يَا قَاضِي اعْمَلْ لي ورقة بمكارمة الْأُمَرَاء لقوصون فَعمل ورقة وأحضرها فَقَالَ كم الْجُمْلَة قَالَ لَهُ خمسين ألف دِينَار فَقَالَ أعطيها من الخزانة لطغاي تمر وَذَلِكَ خَارِجا عَمَّا دخل مَعَ الزَّوْجَة من الجهاز
وَأما عطاؤه للْعَرَب فَأمر مَشْهُور زَائِد عَن الْحَد وَكَانَ راتبه من اللَّحْم لمطبخه ولرواتب الْأُمَرَاء وَالْكتاب وَغَيرهم فِي كل يَوْم سِتَّة وَثَلَاثِينَ ألف رَطْل لحم بالمصري وَأما نفقات العمائر إِلَى أَن مَاتَ فَكَانَ شَيْئا عَظِيما وَبَالغ فِي مشترى الْخُيُول فَاشْترى بنت الكردا بِمِائَتي ألف دِرْهَم وَبِمَا دونهَا إِلَى الْعشْرَة وَأما الْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ ألفا فكثير جدا
وغلا الْجَوْهَر فِي أَيَّامه واللؤلؤ وَمَا رأى النَّاس سَعَادَة ملكه ومسالمة الْأَيَّام لَهُ وَعدم حَرَكَة العادي فِي الْبر وَالْبَحْر هَذِه الْمدَّة الطَّوِيلَة من بعد شقحب إِلَى أَن مَاتَ
وَخلف من الْأَوْلَاد جمَاعَة مِنْهُم البنون وَالْبَنَات فَأَما البنون فَمَاتَ لَهُ عقيب حُضُوره من الكرك فِي الْمرة الْأَخِيرَة عَليّ وَمِنْهُم النَّاصِر أَحْمد وَقتل بالكرك ولإبراهيم وَتُوفِّي فِي حَيَاة وَالِده أَمِيرا والمنصور أَبُو بكر وَقتل بعد خلعه فِي قوص والأشرف كجك وَقَتله أَخُوهُ الْكَامِل شعْبَان وآنوك وَهُوَ ابْن الخوندة طغاي لم أر فِي الأتراك أحسن شكلاً مِنْهُ وَتُوفِّي قبل وَالِده بِنصْف سنة والصالح إِسْمَاعِيل وَتُوفِّي بعد ملكه مصر وَالشَّام ثَلَاثَة أَعْوَام ويوسف وَتُوفِّي فِي أَيَّام أَخِيه الصَّالح ورمضان وَتُوفِّي فِي أَيَّام أَخِيه الصَّالح والكامل شعْبَان وخلع ثمَّ قتل والمظفر حاجي وخلع ثمَّ قتل وحسين والناصر حسن وَالْملك الصَّالح صَالح
نوابه زين الدّين كتبغا الْعَادِل سيف الدّين سلار الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الدوادار سيف الدّين بكتمر الجوكندار الْكَبِير سيف الدّين أرغون الدوادار مَمْلُوكه وَبعده لم يكن لَهُ نَائِب)
نوابه بِدِمَشْق الْأَمِير عز الدّين أيبك الْحَمَوِيّ جمال الدّين آقوش الأفرم شمس الدّين(4/262)
قراسنقر سيف الدّين كراي جمال الدّين آقوش نَائِب الكرك سيف الدّين تنكز عَلَاء الدّين الطنبغا
وزراؤه علم الدّين الشجاعي تَاج الدّين ابْن حنا فَخر الدّين ابْن الخليلي مرَّتَيْنِ الْأَمِير شمس الدّين سنقر الأعسر سيف الدّين الْبَغْدَادِيّ نَاصِر الدّين الشيخي أيبك الْأَشْقَر وَسمي الْمُدبر ابْن عطايا ابْن النشائي ابْن التركماني وَسمي مُدبرا الصاحب أَمِين الدّين مَرَّات الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي الجمالي وَلم يكن لَهُ بعده وَزِير
قُضَاته الشَّافِعِيَّة بِمصْر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة مرَّتَيْنِ القَاضِي جمال الدّين الزرعي القَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي القَاضِي عز الدّين ابْن جمَاعَة
قُضَاته الشَّافِعِيَّة بِالشَّام القَاضِي إِمَام الدّين الْقزْوِينِي القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة القَاضِي نجم الدّين ابْن صصرى القَاضِي جمال الدّين الزرعي القَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي مرَّتَيْنِ الشَّيْخ عَلَاء الدّين القونوي القَاضِي علم الدّين الخنائي القَاضِي جمال الدّين ابْن جملَة القَاضِي شهَاب الدبن ابْن الْمجد عبد الله القَاضِي تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ
كتاب سره بِمصْر القَاضِي شرف الدّين ابْن فضل الله القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير القَاضِي مُحي الدّين ابْن فضل الله وَولده القَاضِي شهَاب الدّين القَاضِي شرف الدّين ابْن الشهَاب مَحْمُود القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن فضل الله
كتاب سره بِالشَّام القَاضِي محيي الدّين ابْن فضل الله القَاضِي شرف الدّين ابْن فضل الله القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود وَولده القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد القَاضِي محيي الدّين ابْن فضل الله وَولده القَاضِي شهَاب الدّين القَاضِي شرف الدّين ابْن الشهَاب مَحْمُود القَاضِي جمال الدّين ابْن الْأَثِير القَاضِي علم الدّين ابْن القطب القَاضِي شهَاب الدّين ابْن القيسراني القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله
دواداريته الْأَمِير عز الدّين أيدمر مَمْلُوكه الْأَمِير بهاء الدّين أرسلان الْأَمِير سيف الدّين اُلجاي الْأَمِير صَلَاح الدّين يُوسُف الْأَمِير سيف الدّين بغا وَلم يُؤمر طبلخاناه الْأَمِير سيف الدّين طاجار)
نظار الْجَيْش بِمصْر ابْن الْحلِيّ القَاضِي فَخر الدّين مرَّتَيْنِ القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية القَاضِي شمس الدّين مُوسَى ابْن تَاج الدّين إِسْحَاق القَاضِي مكين الدّين ابْن قروينة القَاضِي جمال الدّين جمال الكفاة
الَّذين درجوا فِي أَيَّامه من الْخُلَفَاء الْحَاكِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد المستكفي بِاللَّه أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان
وَمن الْمُلُوك كيختوا ابْن هولاكو الْمُسْتَنْصر بِاللَّه يحيى بن عبد الْوَاحِد صَاحب إفريقية(4/263)
الْملك المظفر يُوسُف صَاحب الْيمن السعيد ايلغازي صَاحب ماردين المظفر تَقِيّ الدّين مَحْمُود صَاحب حماة الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين المنصوري أَبُو عبد الله ابْن الْأَحْمَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف صَاحب الأندلس أَبُو نمي صَاحب مَكَّة الْعَادِل زين الدّين كتبغا المنصوري غازان بن أرغون ملك التتار أَبُو يَعْقُوب المريني صَاحب الغرب المظفر ركن الدّين بيبرس الجاشنكير ابْن الْأَحْمَر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد صَاحب الأندلس أَبُو عصيدة صَاحب تونس الْمَنْصُور غَازِي صَاحب ماردين طقطاي سُلْطَان القبجاق دوباج صَاحب جيلان عَلَاء الدّين مَحْمُود صَاحب الْهِنْد خدابنده ابْن أرغون ملك التتار دون بطرو الفرنجي حميضة صَاحب مَكَّة الْمُؤَيد دَاوُد صَاحب الْيمن ابْن الْأَحْمَر أَبُو الجيوش نصر بن مُحَمَّد اللحياني صَاحب تونس زَكَرِيَّاء مَنْصُور بن جماز صَاحب الْمَدِينَة الْغَالِب بِاللَّه إِسْمَاعِيل صَاحب الأندلس أَبُو سعيد عُثْمَان صَاحب فاس وَغَيرهَا الْمُؤَيد إِسْمَاعِيل صَاحب حماة ابْن الْأَحْمَر مُحَمَّد بن أبي الْوَلِيد صَاحب الأندلس ترمشين بن دوا سُلْطَان بَلخ وسمرقند وبخارا ومرو بوسعيد ملك التتار اربكوون ملك التتار صَاحب تلمسان أَبُو تاشفين عبد الرَّحْمَن مُوسَى ملك التتار مهنا بن عِيسَى
3 - (ابْن قنان)
أَبُو الْفضل قَاضِي الْبَصْرَة مُحَمَّد بن قنان بن حَامِد بن الطّيب أَبُو الْفضل الْأَنْبَارِي الْفَقِيه الشَّافِعِي
ولد بِبَغْدَاد تفقه على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وبرع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَصَارَ من أَعْيَان تلامذته وَكَانَ صهراً لأبي بكر الشَّاشِي وخالاً لأولاده ولي قَضَاء الْبَصْرَة وتدريس النظامية فِيهَا
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمْس مائَة
3 - (ابْن كثير)
المصِّيصِي مُحَمَّد بن كثير بن أبي عَطاء المصِّيصِي الصَّنْعَانِيّ الأَصْل
روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ ضعفه الإِمَام أَحْمد وَقَالَ ابْن معِين صَدُوق توفّي سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ
الْعَبْدي الْبَصْرِيّ مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي الْبَصْرِيّ أَخُو سُلَيْمَان
روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وروى مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه عَن رجل عَنهُ قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق
توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ(4/264)
3 - (ابْن كرام)
المجسم مُحَمَّد بن كرام بن عراف بن خُرايه الشَّيْخ أَبُو عبد الله السجسْتانِي الضال المجسم شيخ الكرامية
سمع الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَكَانَ ملبوسه مسك ضان مدبوغ غير مخيط وعَلى رَأسه قلنسوة بَيْضَاء
وَقد نصب لَهُ دكان لبن ويطرح لَهُ قِطْعَة فرو فيجلس عَلَيْهَا ويعظ وَيذكر وَيحدث
وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَة وَاجْتمعَ بِهِ غير مرّة وَأَبُو سعيد الْحَاكِم قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وهما إِمَامًا الفرقين
مَاتَ بِالشَّام فِي صفر سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَمكث فِي سجن نيسابور ثَمَان سِنِين وَلما مَاتَ لم يعلم بِمَوْتِهِ إِلَّا خاصته وَدفن بمقابر الْأَنْبِيَاء عِنْد يحيى وزَكَرِيا بالقدس وَمَات فِي زغر فَحَمله أَصْحَابه إِلَى الْقُدس وَلما توفّي كَانَ أَصْحَابه فِي الْقُدس أَكثر من عشْرين ألفا على التشقف والتعبد
وَكَانَ نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي يُنكر عَلَيْهِم وَيَقُول ظَاهر حسن وباطن قَبِيح
وَكَانَ قد جاور بِمَكَّة خمس سِنِين ثمَّ دخل نيسابور فحبسه مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر وطالت محنته
وَكَانَ يغْتَسل كل يَوْم جُمُعَة ويتأهب لِلْخُرُوجِ إِلَى الْجَامِع وَيَقُول للسجان أتأذن لي فِي الخروجفيقول لَا فَيَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي بذلت مجهودي وَالْمَنْع من غَيْرِي
وَكَانَ مَعَه جمَاعَة من الْفُقَرَاء وَلما أخرج من السجْن وَعقد لَهُ مجْلِس علم قَالَ لَهُ الْأَمِير من أَيْن لَك هَذَا الْعلم الَّذِي جِئْت بهفقال إلحامٌ ألحمينه الله تَعَالَى بِالْحَاء الْمُهْملَة بَدَلا من الهاءفقال لَهُ أتحسن التشهدفقال الطحيات للهبالطاء الْمُهْملَة حَتَّى بلغ قَوْله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله فَأَشَارَ إِلَى إِبْرَاهِيم بن الْحصين فَقَالَ لَهُ قطع الله يدك وَأمر بِهِ فصفع وَأخرج
وَقَالَ ان حبَان كَانَ قد خذل حَتَّى الْتقط من الْمذَاهب أَرْدَاهَا وَمن الْأَحَادِيث أوهاها ثمَّ جَالس الجويباري وَمُحَمّد بن تَمِيم السَّعْدِيّ وَلَعَلَّهُمَا قد وضعا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة ألف حَدِيث ثمَّ جَالس أَحْمد بن حَرْب فَأخذ التقشف عَنهُ وَلم يحسن الْعلم وَلَا الْأَدَب وَأكْثر كتبه صنفها لَهُ مَأْمُون بن أَحْمد السّلمِيّ وَمن مذْهبه الْإِيمَان قَول بِلَا معرفَة وَيَزْعُم أَن النَّبِي صلى)
اله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن حجَّة على خلقه لن الْحجَّة لَا تندرس وَلَا تَمُوت وَيَزْعُم أَن الِاسْتِطَاعَة قبل الْفِعْل ويجسم الرب جلّ وَعلا وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى الْبدع يجب ترك حَدِيثه
وَقَالَ صَاحب كتاب الْفرق الإسلامية كَانَ مُحَمَّد بن ركام من الصفاتية المثبتين لصفات الرب تَعَالَى لكنه انْتهى فِيهَا إِلَى الجسيم والتشبيه
والكرامية فرق يبلغون اثْنَتَيْ عشرَة فرقة لَكِن أُصُولهَا سِتَّة العائذية والنونية والإسحاقية ووالزرينية والهيصمية وأقربهم الهيصمية وَلكُل فرقة رَأْي فِي التجسيم والتكييف إِلَّا(4/265)
أَنهم لما كَانُوا أغبياء جهلاء ذَهَبُوا فِي التجسيم إِلَى اعتقادات خسيسة تنَافِي الْعقل وَالشَّرْع وتخالفهما وَلم يكن فيهم عَالم مُعْتَبر وَلَا لَهُم قَاعِدَة دينية يُمكن القَوْل بهَا فِي الْجُمْلَة أعرضنا عَن ذكر كل فرقة واكتفينا بِنَقْل مَذْهَب زعيمهم مُحَمَّد بن كرام إِذْ كَانَ صَاحب مقالاتهم فَنَقُول نَص مُحَمَّد بن كرام على أَن معبوده على الْعَرْش مُسْتَقر وعَلى انه بِجِهَة فَوق ذاناً وَأطلق عَلَيْهِ اسْم الْجَوْهَر وَأَنه مماس للعرش من الصفحة الْعليا وَجوز الِانْتِقَال والتحول وَالنُّزُول وَمن أَصْحَابه من قَالَ هُوَ على بعض أَجزَاء الْعَرْش وَمِنْهُم من قَالَ امْتَلَأَ بِهِ الْعَرْش قلت تَعَالَى الله الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير
وَقَالَ الشهرستاني كَانَ مُحَمَّد بن كرام قَلِيل الْعلم قد قمش من كل مَذْهَب ضعفا وأثبته فِي كِتَابه وروجه على أغتام فانتظم ناموسه بسواد خُرَاسَان وَصَارَ ذَلِك مذهبا نَصره السُّلْطَان مَحْمُود بن سبكتكين وصب الْبلَاء على أَصْحَاب الحَدِيث من جهتهم انْتهى
وَكَانَ قد نَفَاهُ الْأَمِير يأنس وَكَانَ على الرملة والقدس
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة كَانَ بالقدس رجل يُقَال لَهُ هجام يحب الكرامية وَيحسن الظَّن بهم فَنَهَاهُ الْفَقِيه نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي عَنْهُم فَقَالَ إِن مَالِي مَا ظهر مِنْهُم فَقَالَ لَهُ ظَاهر حسن وباطن قَبِيح فَلَمَّا كَانَ بعد لَيَال رأى هجام فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ اجتاز برباطهم وَقد نبت النرجس فِي حيطانه فَمد يَده ليَأْخُذ طَاقَة مِنْهُ فَوجدَ أُصُوله فِي الْعذرَة فَقص رُؤْيَاهُ على الْفَقِيه نصر فَقَالَ لَهُ هَذَا تَصْدِيق مَا قلت لَك ظَاهِرهمْ حسن وَبَاطِنهمْ خَبِيث
وَأَصْحَاب ابْن كرام الْيَوْم بسجستان وخراسان مِنْهُم خلق كثير وَلَهُم معبد زَائِد وَلَهُم مقالات فِي التَّشْبِيه والحلول انْتهى
3 - (ابْن كشتغدي)
نَاصِر الدّين الْغَزِّي مُحَمَّد بن كشتغدي الْأَمِير نَاصِر الدّين الْغَزِّي الْمصْرِيّ الصَّيْرَفِي ولد سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة سمع من النجيب والمعين الدِّمَشْقِي أجَاز لي بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (ابْن كناسَة)
ابْن كناسَة مُحَمَّد بن كناسَة وَاسم كناسَة عبد الله قيل هُوَ ابْن أُخْت إِبْرَاهِيم ابْن أدهم العابد روى عَنهُ النَّسَائِيّ قَالَ ابْن معِين وَأَبُو دَاوُد وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَالْعجلِي وَغَيرهم ثِقَة لَهُ علم بِالْعَرَبِيَّةِ وَالشعر وَأَيَّام النَّاس مَاتَ بِالْكُوفَةِ سنة سبع وَمِائَتَيْنِ
وَله كتاب الأنواء ومعاني الشّعْر وَكتاب سرقات الْكُمَيْت من الْقُرْآن وَغَيره وَكَانَ راوية للكميت وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي أتيت مُحَمَّد بن كناسَة لأكتب عَنهُ ثر عَلَيْهِ أَصْحَاب الحَدِيث فتضجر مِنْهُم وتجهمهم(4/266)
فَلَمَّا انصرفوا عَنهُ دَنَوْت مِنْهُ فنهش إِلَيّ واستبشر بِي وَبسط وَجهه فَقلت لَهُ لقد تعجبت من تفَاوت حالتيك فَقَالَ لي أضجرني هَؤُلَاءِ بِسوء أدبهم فَلَمَّا جئتني أَنْت انبسطت إِلَيْك وأنشدتك وَقد حضرني فِي هَذَا الْمَعْنى بيتان وهما
(فيّ انقباضٌ وحشمة فَإِذا ... رَأَيْت أهل الْوَفَاء وَالْكَرم)
(أرْسلت نَفسِي على سجيتها ... وَقلت مَا شِئْت غير محتشم)
فَقَالَ لَهُ إِسْحَاق وددت أَنِّي قلتهَا بِمَا أملك فَقَالَ ابْن كناسَة مَا ظهر عَلَيْهِمَا أحد فخذهما وانحلهما نَفسك وَقد وفر الله عَلَيْك مَالك وَالله مَا قلتهما إِلَّا السَّاعَة فَقَالَ استحي من نَفسِي أَن أَدعِي مَا لم أقل أَو قَالَ فَكيف لي بِعلم نَفسِي أَنَّهُمَا ليسَا ليوقال إِسْحَاق فذاكرت ابْن كناسَة هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي مجْلِس يحيى بن معِين بعد فَقَالَ لكني أنْشدك الْيَوْم
(ضعفت عَن الإخوان حَتَّى جفوتهم ... على غير زهدٍ فِي الإخاء وَفِي الود)
(وَلَكِن أيامي تخرّمن مدتي ... فَمَا أبلغ الْحَاجَات إِلَّا على جهد)
وَقَالَ ابْن كناسَة بَعْدَمَا أسنّ
(كَانَ سبعا مَضَت لي فِي تصعدها ... إِلَى الثَّمَانِينَ كَانَت غدْوَة الغادي)
(لم يبْق من رمها إِلَّا تذكرها ... كَالْحلمِ فِي طول إفراعي وإصعادي)
)
وَقَالَ لما توفّي إِبْرَاهِيم بن أدهم
(رَأَيْتُك لَا يَكْفِيك كَمَا دونه الْغنى ... وَقد كَانَ يَكْفِي دون ذَاك ابْن أدهما)
(أخالك يحمي سَيْفه وَلسَانه ... حمال وَلَا يفنى لَك الدَّهْر مجرما)
(وَكَانَ يرى الدُّنْيَا صَغِيرا كبيرها ... وَكَانَ لحق الله فِيهَا مُعظما)
(يشيع الْغنى أَن ناله وكأنما ... يلاقي بِهِ البأساء عِيسَى بن مريما)
(وللحلم سلطانٌ على الْجَهْل عِنْده ... فَمَا يَسْتَطِيع الْجَهْل أَن يترمرما)
(وَأكْثر مَا يلقى من الْقَوْم صامتاً ... فَإِن قَالَ بذّ الْقَائِلين وأحكما)
(يرى مستكيناً خَاشِعًا متواضعاً ... وليثاً إِذا لَاقَى الكريهة ضيغما)
وَقَالَ
(إِذا الْمَرْء يَوْمًا أغلق الْبَاب مرتجاً ... ليستر أمرا كنت كالمتغافل)
(وَأعْرض حَتَّى يحْسب الْمَرْء أنني ... جهلت الَّذِي يَأْتِي وَلست بجاهل)
(وَإِنِّي لأغضي عَن أمورٍ كثيرةٍ ... وَفِي دونهَا قطع الحبيب المواصل)
(حفاظاً وضناً بالإخاء وعقدةً ... إِذا ضيع الإخوان عقد الحبائل)
3 - (ابْن لوي)
ابو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ مُحَمَّد بن لويّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْقرشِي أَبُو مَنْصُور(4/267)
الْبَغْدَادِيّ الأديب من شعراء الدِّيوَان الْعَزِيز
كَانَ مسناً عَاشَ تسعين سنة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وست مائَة
من شعره
(تاه بالْحسنِ شادنٌ عربيٌ ... إِن فِي الْقُلُوب مِنْهُ داءٌ دويّ)
(بدر تمٍ يسبي بغنج لحاظٍ ... ساحراتٍ وسحرها بابليّ)
(يخجل الشَّمْس حسنه حِين يَبْدُو ... وَجهه الْمشرق الْبَهِي الوضيّ)
بعذارٍ كالنمل دب على العاج وَلَكِن لَهُ دَبِيب خفيّ رشأ جِسْمه أرق من المَاء وأندى وَقَلبه جلمديّ
(قد رماني بأسهمٍ من جفونٍ ... وحواجيبه الحسان القسيّ)
(أَنا من عظم هجره مستجيرٌ ... بجوادٍ لَهُ النَّبِي سميّ)
قلت شعر متوسط وَلَكِن الأول ملحون بالقافية
3 - (ابْن اللَّيْث)
أَبُو الرّبيع القيه الْكَاتِب مُحَمَّد بن اللَّيْث بن اذرباذ بن فَيْرُوز بن شاهين يتَّصل نسبه بدارا بن دَارا يعرف بالخطيب وبالفقيه ويكنى أَبَا الرّبيع
كتب ليحيى بن خَالِد وَله وَلَاء فِي بني أُميَّة وَكَانَ بلغياً مترسلاً كَاتبا فَقِيها متكلماً سَمحا وَكَانَت البرامكة تقدمه وتحسن إِلَيْهِ وَكَانَ يرْمى بالزندقة
وَله كتاب رسائله كتاب الهليلجة فِي الِاعْتِبَار كتاب الرَّد على الزَّنَادِقَة كتاب جَوَاب قسطنطين عَن الرشيد كتاب الْخط والقلم كتاب عظة هَارُون كتاب إِلَى يحيى بن خَالِد فِي الْأَدَب
التَّاجِر مُحَمَّد بن لَيْث العدى الْحَاج شمس الدّين ابْن الْحَاج الْفَقِيه زين الدّين التَّاجِر بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
توفّي فِي طاعون سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة رَحمَه الله وَأوصى أَن يصرف من تركته لعمارة حرم مَكَّة وَحرم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحرم بالقدس الشريف وَحرم سيدنَا الْخَيل لكل مَكَان مِنْهَا مبلغ ثَمَان مائَة دِينَار مصرية فَقَالَ لَهُ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد خطيب الْحرم إِن هَذِه الْوَصِيَّة إِنَّمَا تنفذ من الثُّلُث فَقَالَ أعرف ذَلِك وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لسعدالثلث وَالثلث كثير وَثلث مَالِي يزِيد على ذَلِك وَكتب بذلك محْضر وجهز إِلَى دمشق والنائب يَوْمئِذٍ الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه
3 - (ابْن ماهان)
زنبقة السمسار مُحَمَّد بن ماهان السمسار ونبقة بغدادي صَدُوق وَثَّقَهُ البرقاني وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ(4/268)
3 - (ابْن الْمُبَارك)
القلانسي الصُّورِي مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن يعلى الْقرشِي الصُّورِي القلانسي روى عَنهُ الْجَمَاعَة وَيحيى بن معِين وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي قَالَ ابْن معِين كَانَ شيخ الْبَلَد يَعْنِي دمشق بعد أبي مسْهر
توفّي بِدِمَشْق سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ
مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن عَليّ أَبُو عبد الله توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
من شعره فِي مغنٍ اسْمه مَحْمُود يهجوه
(لَو أَرَادَ الْإِلَه بِالْأَرْضِ خصباً ... مَا تغنى من فَوْقهَا مَحْمُود)
كلما أنبتت يَسِيرا من العشب وغنى غطى عَلَيْهِ الجليد ابْن الحصري مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن الْحِين بن إِسْمَاعِيل بن الْخضر أَبُو بكر ابْن أبي البركات
قَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل على عبد الْقَادِر الجيلي ثمَّ انْتقل عَنهُ إِلَى القَاضِي أبي يعلى مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْفراء وَصَارَ بِهِ خصيصاً فَلَمَّا وزلي أَبُو يعلى قَضَاء وَاسِط انحدر ابْن الحصري مَعَه وَشهد عِنْده وولاه قَضَاء قَرْيَة وَأقَام هُنَاكَ إِلَى أَن عزل وَعَاد مَعَه إِلَى بَغْدَاد
وَكَانَت أوقاته مَحْفُوظَة بإقراء الْقُرْآن وَالْفِقْه وَسَمَاع الحَدِيث وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
ابْن الْخلّ الْفَقِيه مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الإِمَام أَبُو الْحسن ابْن أبي الْبَقَاء الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْخلّ الشَّافِعِي
كَانَ خَبِيرا بِالْمذهبِ إِمَامًا تفقه على أبي بكر الشَّاشِي المستظهري درس وَأفْتى وصنف وَتفرد بالفتيا فِي بَغْدَاد فِي الْمَسْأَلَة السريجية صنف شرحاً للتّنْبِيه سَمَّاهُ تَوْجِيه التَّنْبِيه وَهُوَ مُخْتَصر وَهُوَ أول شرح وضع للتّنْبِيه وكتاباً فِي أصُول الْفِقْه وَسمع الحَدِيث من أبي عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد بن طَلْحَة(4/269)
وَأبي الْحُسَيْن عبد الله البسري وَغَيرهمَا وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَغَيره)
وَقيل أَنهم كَانُوا يتحيلون على أَخذ خطه بالفتاوي لِأَنَّهُ كتب الْمَنْسُوب إِلَى الْغَايَة فضاقت أوقاته بالفتاوي وشغلته الْكِتَابَة عَلَيْهَا فَلَمَّا فهم ذَلِك كَانَ يكسر الْقَلَم وَيكْتب على الفتاوي فقصروا عَنهُ
وَقيل أَن الَّذِي كتب مليحاً أَخُوهُ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة
أَبُو غَالب مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَيْمُون أَبُو غَالب أورد لَهُ ابْن السَّاعِي فِي كتاب لطائف الْمعَانِي قَوْله مَا يكْتب على مرْآة
(فيّ يَا قوم خصلتان أَرَانِي ... بهما الدَّهْر ذَات كبرٍ وتيه)
جلبي الشُّكْر والمحامد لله وصدقي فِي كل مَا أحكيه سُئِلَ عَن مولده فَقَالَ فِي سَابِع عشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي تَاسِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَدفن بمقابر قُرَيْش
ابْن مشق الْبَغْدَادِيّ مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْمُحدث الْمُفِيد أَبُو بكر ابْن مشق الْبَغْدَادِيّ البيع
بلغت مجلدات مسموعاته سِتّ مجلدات توفّي سنة خمس وست مائَة حدث باليسير
الباخرزي مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن صَدَقَة بن يُوسُف الباخرزي أَبُو الْحُسَيْن قَرَأَ الْأَدَب بِبَغْدَاد وَصَحب الْعلمَاء وَكتب بِخَطِّهِ
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة
أَبُو الْبَقَاء مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن الْمُبَارك بن هبة الله بن مُحَمَّد بن بكري أَبُو الْبَقَاء ابْن أبي الْمَعَالِي من أهل الْحَرِيم الظَّاهِرِيّ من أَوْلَاد الْمُحدثين وَكَانَ شَيخا صَالحا حسن الطَّرِيقَة توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة
أَبُو الْمَعَالِي الْمَدَائِنِي مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب أَبُو الْمَعَالِي ابْن أبي الْمَنْصُور من أهل الْمَدَائِن
كَانَ بهَا قَاضِيا وَكَانَ فَاضلا متأدباً شَاعِرًا سمع الحَدِيث بِبَغْدَاد من مُحَمَّد ابْن الزَّاغُونِيّ وَأبي الْقُوت السجْزِي وَغَيرهمَا وَلم يبلغ سنّ الراوية توفّي بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَحمل إِلَى الْمَدَائِن
وَمن شعره)
(إِذا لم يكن خير الْقَرِيب مقرباً ... إِلَيْك وَلم تعطف عَلَيْك أواصره)
(فأجود من ذِي المَال من كَانَ معدماً ... وخيرٌ ن الْحيَاء من أَنْت قابره)
وَمِنْه
(لَا تغترر بقبيلٍ صرت سيدهم ... لما وليت فَفِي التَّغْرِير مَا فِيهِ)
(وَلَا تقل أَنهم أَهلِي فَإِنَّهُم ... أَفْعَى يمج لعاب السم من فِيهِ)
(كدودة الْمَيِّت إِن فَكرت مِنْهُ بدا ... وجودهَا وَهِي يَا ذَا اللب تفنيه)
ابْن مقبل الْحِمصِي مُحَمَّد بن مبارك بن مقبل بن الْحسن الأديب الرئيس جمال(4/270)
الدّين الغساني الْحِمصِي الشَّاعِر الناثر
كَانَ أَبوهُ وزيراً من أجلاد الشِّيعَة وغلاتهم ولد مُحَمَّد يَوْم عيد الْفطر سنة سبع وست مائَة وَتُوفِّي سنة سبعين وست مائَة تَقْرِيبًا وَمن شعره ابْن جَارِيَة الْقصار مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن أَحْمد بن عَليّ بن الْقصار الْوَكِيل أَبُو عبد الله ابْن أبي الْقَاسِم الْمَعْرُوف بِابْن جَارِيَة الْقصار
كَانَ وَكيلا على أَبْوَاب الْقُضَاة كَانَت أمه من جواري المقينات الموصوفات بِالْإِحْسَانِ فِي الْغناء وَكَانَ مُحَمَّد هَذَا شَاعِرًا ظريفاً كَاتبا مطبوعاً سمع الحَدِيث وَمَات سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَلم يبلغ أَوَان الرِّوَايَة
وَمن شعره
(وأدهم اللَّوْن ذِي حجولٍ ... قد عقدت صبحه بليله)
(كَأَنَّمَا الْبَرْق خَافَ مِنْهُ ... فجَاء مستمسكاً بذيله)
وَقَالَ يستهدي مداداً إِلَيْك اشتكائي يَا ابْن الْكِرَام شيب دواتي قبل الْهَرم وشيب الدويّ كَمَا قد علمت يعدل فِي الْقبْح شيب اللمم
(فَمر بخضابٍ كفيلٍ برد ... شباب ذوائبها المنعدم)
الْيَمَانِيّ مُحَمَّد بن الْمُبَارك الْيَمَانِيّ قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب من فضلاء الْيمن ونبلاء الزَّمن سَافر إِلَى بَغْدَاد بِالْبركَةِ واليمن وَكَانَ من الفصحاء اللسن
وَأورد لَهُ قَوْله)
(فانشر مطارف من هَوَاك فطالما ... أولعت خوف العاذلين بطيها)
(ودع التَّأَمُّل فِي العواقب إِنَّهَا ... لَا تستبين رشادها من غيها)
3 - (ابْن المتَوَكل)
الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن المتَوَكل بن عبد الرَّحْمَن مولى بني هَاشم اللؤْلُؤِي الْمُقْرِئ صَاحب يَعْقُوب
توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ أسْند عَن الفضيل بن عِيَاض وَغَيره وَأخرج عَنهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَغَيره اتَّفقُوا على صدقه وثقته
قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام فَقلت يَا رَسُول الله اسْتغْفر لي فقد حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزهر عَن جَابر أَنَّك مَا سُئِلت شَيْئا فَقلت لَا فَتَبَسَّمَ وَقَالَ غفر الله لَك
3 - (ابْن الْمثنى)
الْحَافِظ الْعَنزي مُحَمَّد بن الْمثنى بن عبيد بن قيس الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْعَنزي(4/271)
الْبَصْرِيّ الزَّمن
روى عَنهُ الْجَمَاعَة وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَجَمَاعَة كبار
كَانَ أرجح من بنْدَار وأحفظ لِأَنَّهُ رَحل وَبُنْدَار لم يرحل واتفقا فِي المولد والوفاة توفّي بعد بنْدَار بِثَلَاثَة اشهر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَا نظيرين فِي الإتقان وَالْحِفْظ وَاتفقَ الْأَئِمَّة على الرِّوَايَة عَنْهُمَا
3 - (ابْن المجلي)
العنتري الطَّبِيب مُحَمَّد بن المجلي بن الصَّائِغ أَبُو الْمُؤَيد الْجَزرِي الطَّبِيب الْمَعْرُوف بالعنتري لِأَنَّهُ كَانَ فِي أول الْأَمر يكْتب سيرة عنتر
كَانَ طَبِيبا مَشْهُورا عَالما مَذْكُورا حسن المعالجة فيلسوفاً متميزاً فِي الْأَدَب
لَهُ شعر حسن مِنْهُ قَوْله الأبيات السائرة الَّتِي مِنْهَا
(أقلل نكاحك مَا اسْتَطَعْت فَإِنَّهُ ... مَاء الْحَيَاة يراق فِي الْأَرْحَام)
لَهُ كتاب الجمانة فِي الطبيعي والإلهي والأقراباذين وَهُوَ كَبِير مُفِيد ورسالة الشعرى اليمانية إِلَى الشعرى الشمالية كتبهَا إِلَى عَرَفَة النَّحْوِيّ بِدِمَشْق ورسالة الْفرق مَا بَين الدَّهْر وَالزَّمَان وَالْكفْر وَالْإِيمَان رِسَالَة الْعِشْق الإلهي والطبيعي والنور المجتنى فِي المحاضرة
توفّي سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة تَقْرِيبًا
وَمن شعره
(ابلغ الْعَالمين عني أَنِّي ... كل علمي تصورٌ وَقِيَاس)
(قد كشفت الْأَشْيَاء بِالْفِعْلِ حَتَّى ... ظَهرت لي وَلَيْسَ فِيهَا التباس)
(وَعرفت الرِّجَال بِالْعلمِ لما ... عرف الْعلم بِالرِّجَالِ النَّاس)
وَمِنْه
(قَالُوا رضيت وَأَنت أعلم ذَا الورى ... بحقائق الْأَشْيَاء عَن باريها)
(تجتاب أَبْوَاب الخمول فَقلت عَن ... كرهٍ وَلست كجاهلٍ راضيها)
(لي همةٌ مأسورةٌ لَو صادفت ... سَعْدا بِغَيْر عوائق تثنيها)
(ضَاقَ الفضاء بهَا فَلَا تسطيعها ... لعلوها الأفلاك أَن تحويها)
(مَا للمقاصد جمةٌ ومقاصدي ... ناط الْقَضَاء بهَا الفضا والتيها)
(أطوي اللَّيَالِي بالمنى وصروفها ... تنشرنني أَضْعَاف مَا أطويها)
(أَنِّي على نوب الزَّمَان لصابرٌ ... إِمَّا ستفني الْعُمر أَو يفنيها)
(أما الَّذِي يبْقى فقد أحرزته ... والفانيات فَمَا أفكر فِيهَا)
وَمِنْه
(بنيّ كن حَافِظًا للْعلم مطرحاً ... جَمِيع مَا النَّاس فِيهِ تكتسب نسبا)
)
(فقد يسود الْفَتى من غير سابقةٍ ... للْأَصْل بِالْعلمِ حَتَّى يبلغ الشهبا)(4/272)
(غذّ الْعُلُوم بتذكارٍ تعش أبدا ... فَالنَّار تخمد مهما لم تَجِد حطبا)
(إِنِّي أرى عدم الْإِنْسَان أصلح من ... عمرٍ بِهِ لم ينل علما وَلَا نشبا)
(قضى الْحَيَاة فَلَمَّا مَاتَ شيعه ... جهلٌ وفقرٌ لقد قضاهما نصبا)
وَمِنْه
(من لزم الصمت اكتسى هَيْبَة ... تخفي عَن النَّاس مساويه)
(لِسَان من يعقل فِي قلبه ... وقلب من يجهل فِي فِيهِ)
وَمِنْه
(قد أَقبلت غولة الصبايا ... تنظر عَن معلم النقاب)
(فَقلت من أعظم الرزايا ... قفلٌ على منزلٍ خراب)
(أحسن مَا كنت فِي عباةٍ ... ملفوفة الرَّأْس فِي جراب)
قلت شعر جيد
3 - (ابْن محبب)
مُحَمَّد بن محبب أَبُو همام الدَّلال الْقرشِي الْبَصْرِيّ صَاحب الدَّقِيق روى عَنهُ أَبُو دَاوُد عَن رجل وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُد
توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن مَحْبُوب)
الْبنانِيّ مُحَمَّد بن مَحْبُوب أَبُو عبد الله الْبنانِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ أثنى عَلَيْهِ ابْن معِين وَقَالَ كيس صَادِق
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن مُحرز)
ركن الدّين الوهراني مُحَمَّد بن مُحرز أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِرُكْن الدّين الوهراني وَقيل جمال الدّين أحد ظرفاء الْعَالم وأدبائهم
قدم من الْمغرب إِلَى مصر وَهُوَ يَدعِي الْإِنْشَاء فَرَأى الْفَاضِل والعماد وَتلك الحلبة فَعلم أَنه لَيْسَ من طبقتهم فسلك ذَاك الْمنْهَج الحلو والأنموذج الظريف وَعمل الْمَنَام الْمَشْهُور وَله ديوَان ترسل
قدم دمشق وَأقَام بهَا مُدَّة وَبهَا توفّي سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة
ووهران مَدِينَة كَبِيرَة وَبَينهَا وَبَين تلمسان يَوْمَانِ بنيت سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ
والمنام الَّذِي عمله سلك فِيهِ مَسْلَك أبي الْعَلَاء المعري فِي رِسَالَة الغفران لكنه ألطف(4/273)
مقصداً وأعذب عبارَة
وَكَانَ قد سلطه الله تَعَالَى على الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وعَلى الْمُهَذّب ابْن النقاش الطَّبِيب وعَلى القَاضِي الْفَاضِل
أما القَاضِي الْفَاضِل فَإِنَّهُ مَا كَانَ يَجْسُر على التَّصْرِيح بِذكرِهِ بل يعرض بِهِ كَقَوْلِه فِي رِسَالَة كتبهَا إِلَى مجد الدّين ابْن الْمطلب وَقد ذكر الْحمام الفيوم فلمز أشعر إِلَّا والحائط الشمالي قد انْشَقَّ وَخرج مِنْهُ شخص عَجِيب الصُّورَة لَيْسَ لَهُ رَأس وَلَا رَقَبَة الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا وَجهه فِي صَدره ولحيته فِي بَطْنه مثل بعض النَّاس فَهَذَا تَعْرِيض بالفاضل رَحمَه الله
وَأما الْمُهَذّب فَذكره صَرِيحًا كَقَوْلِه فِي جملَة الْمَنَام الَّذِي رَآهُ وَإِن الْقِيَامَة قد قَامَت والخلق فِي الْموقف وغذا بِحَلقَة عَظِيمَة بعيدَة الأقطار فِيهَا من الْأُمَم مَا لَا يُحْصى كلهم يصفقون ويلعبون وَثَلَاثَة فِي وَسطهمْ يرقصون إِلَى أَن تعبوا ووقعوا إِلَى الأَرْض فسألنا بعض الْحَاضِرين عَن ذَلِك الْفَرح وَعَن الثَّلَاثَة الَّذين يرقصون فَقَالَ أما الثَّلَاثَة فعبد الرَّحْمَن بن ملجم الْمرَادِي والشمر بن ذِي الجوشن وَالْحجاج بن يُوسُف مجرمو هَذِه الْأمة وَأما الْفَرح الَّذِي ألهاهم عَن توقع)
الْعقَاب حَتَّى رقصوا من الطَّرب مَعَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ من رجاحة الْعقل ونزاهة النَّفس فَهُوَ الطمع فِي رَحْمَة الله تَعَالَى بعد الْيَأْس مِنْهَا وَالسَّبَب فِيهِ كَون البارئ عز وَجل غفر الْيَوْم للفقيه المجير والمهذب ابْن النقاش فَخُذُوا أَنْتُم بحظكم رحمكم الله من الْفَرح وَالسُّرُور فَقلت وَأي شَيْء ينالنا نَحن من نجاة هذَيْن الرجلَيْن وَمن فوزهما بِالرَّحْمَةِ والرضوان وَنحن إِلَى الْحزن أقرب منا للسرورفقال قد أجمع النَّاس على أَنه لم يُولد مَوْلُود فِي الْإِسْلَام ارق دينا من هذَيْن الرجلَيْن وَلَا أقل خيرا مهما فَإِذا غفر لَهما فَمَا عَسى أَن يكون ذنُوب الْحجَّاج وَأَصْحَابه وَمَا ذنوبهم فِي جنب ذنُوب هذَيْن إِلَّا كالشعرة الْبَيْضَاء فِي الثور الْأسود
ثمَّ أَن الوهراني استطرد بعد هَذَا فِي ذكره من شَيْء إِلَى شَيْء فِي ذكر معائب وقبائح بمقاصد غَرِيبَة خُفْيَة الكيد وَكرر ذكره فِي ترسله رَمَاه بِكُل عَظِيمَة
وَأما تَاج الدّين الْكِنْدِيّ فَذكره أَيْضا فِي غير مَوضِع من ذَلِك فِي رِسَالَة مِنْهَا وَقد ذكر قصيدة للكندي أَولهَا
(قدمت فَلم أترك لذِي قدمٍ حكما ... كَذَلِك عادي فِي العدى والندى قدما)
وَمَعَ هَذَا فَمَا يَنْبَغِي أَن يَبْتَدِئ مثل هَذِه الْبدَاءَة إِلَّا مُصعب بن الزبير أَو يزِيد بن الْمُهلب أَو مُسلم بن قُتَيْبَة الَّذين جمعُوا الشجَاعَة وَالْكَرم وَأما الرجل السوقة إِذا قَالَ هَذَا الْكَلَام فَمَا يُجَاوب إِلَّا بمكاوي البيطار فِي اليأفوخ والأصداغ
وَأما قَوْله
(إِذا وطئ الضرغام أَرضًا تضايقت ... خطا وحشها عَنهُ فيوسعها هزما)
فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ من الشّعْر الَّذِي تمجه الأسماع وتأباه النُّفُوس فَمَا لَهُ عمدي جَوَاب إِلَّا الضراط المغربي الصلب يصفى فِي جَوف لحية قَائِله من مَكَان قريب
وَأما قَوْله
(وَإِن أك فِي صدرٍ من الْعُمر شارخاً ... فكم يفنٍ عَن همتي بفتىً هما)
فَلَو أَن لي بِهِ قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد لكتبت هَذَا الْبَيْت بالخرا على روق القنبيط ثمَّ ألزمته أَن يَأْكُلهُ فَيكون الخرا قد أكل الخرا من خرا على خرا فِي خرا
وَأما قَوْله
(سبقت إِلَى غايات كل فضيلةٍ ... تعز على طلابها الْعَرَب والعجما)(4/274)
)
فَهَذَا الْبَيْت الْمُصِيبَة الْعُظْمَى والطامة الْكُبْرَى وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يُجَاوب فِي هَذَا بِجَوَاب إِلَّا أَن يحضرهُ بعض السلاطين وَيَقُول لَهُ أَنْت قلتسبقت إِلَى غايات كل فَضِيلَة فَيَقُول نعم فَيَرْمِي قوساً وَيَقُول جر هَذَا الْقوس فَيَقُول مَا أقدر فَيَقُول اصفعوه فيصفع ثمَّ يقدم لَهُ فرسا ورمحاً وَدِرْعًا وَيَقُول لَهُ قَاتل هَذَا الْغُلَام بِهَذَا السِّلَاح فَيَقُول مَا أقدر فَيَقُول اصفعوه فيصفع فَيَقُول لَهُ فَحل لنا شكلاً من إقليدس فَيَقُول لَا أعلم فَيَقُول اصفعوه فيصفع فَيَقُول مسالة من المجسطي فَيَقُول لَا أعلم فَيَقُول اصفعوه فيصفع فَيَقُول لَهُ مَسْأَلَة من النُّجُوم فَيَقُول لَا أعلم فَيَقُول اصفعوه فيصفع فَيَقُول لَهُ يَا ابْن عشرَة آلَاف قحبة فَأَي شَيْء تعلمفيقول أعلم شَيْئا فِي النَّحْو والتصريف لَا غير فَيَقُول لَهُ وَلأَجل النَّحْو والتصريف تقولسبقت إِلَى غايات كل فَضِيلَة رحم امْرَأَة سِيبَوَيْهٍ وَالْكَلب على عِيَال الْأَخْفَش واصفع الْفَارِسِي عشرَة آلَاف فلعة قَفاهُ فيصفع حَتَّى يعمى
وَمن كَلَامه عشرَة أَشْيَاء من أَبْوَاب الْبر تسخط الله وترضي الشَّيْطَان وَهِي انْقِطَاع ابْن الصَّابُونِي إِلَى الله عز وَجل فِي القرافة وتعصب الخبوشاني لقبر الشَّافِعِي رَحمَه الله وتنفل القَاضِي الْأَثِير قبل صَلَاة الْجُمُعَة وَبعدهَا وَظُهُور سجادة فِي هَذِه الْأَيَّام على وَجهه وَصَلَاة السديد الطَّبِيب التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان وبكاء الْفَقِيه الْبَهَاء على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة
وَقِرَاءَة الوهراني السَّبع فِي صباح كل يَوْم وَسَمَاع ابْن عُثْمَان الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جُمُعَة وَاحِدَة وَرِوَايَة ذَلِك على رُؤُوس الأشهاد وَحُضُور ابْن مماتي مجَالِس الْوَعْظ فِي القرافة وبكاؤه عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن وإنكار أبي عبد الله الْبَغْدَادِيّ على المزارين خَاصَّة وَلَا يلْتَفت إِلَى غَيره من الذُّنُوب وبنيان ابْن أبي الْحجَّاج لقبر آسِيَة رَضِي الله عَنْهَا وترتيب الْقُرَّاء فِيهِ فِي كل جُمُعَة ذكر أَن هَذِه الْأَعْمَال الصَّالِحَة لَا يعبأ بهَا وَهِي أحب إِلَى إِبْلِيس من كَبَائِر الذُّنُوب
قلت وعَلى أجملة فَمَا كَاد يسلم من شَرّ لِسَانه أحد مِمَّن عاصره وَمن طالع ترسله وقف على الْعَجَائِب والغرائب وَمَا كَانَ يَخْلُو سامحه الله من تجرٍ(4/275)
3 - (ابْن المحسن)
خطيب مصر البعلبكي مُحَمَّد بن المحسن بن الْحُسَيْن بن أبي المضاء الْخَطِيب شمس الدّين أَبُو عبد الله البعلبكي ثمَّ الْمصْرِيّ
نَشأ بِمصْر وَقَرَأَ الْأَدَب وَسمع بِدِمَشْق من ابْن عَسَاكِر وَغَيره ورحل إِلَى بَغْدَاد وَسمع بهَا وَقَرَأَ بهَا الْفِقْه واتصل بصلاح الدّين وَهُوَ أول من خطب بِمصْر لبني الْعَبَّاس ثمَّ نفذه صَلَاح الدّين رَسُولا إِلَى بَغْدَاد
وَمَات بِدِمَشْق وَلم يكمل لَهُ أَرْبَعُونَ سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخمْس مائَة
مُحَمَّد بن المحسن بن أَحْمد أَبُو عبد الله السّلمِيّ اصله من ملح قَرْيَة بحوران
ولي أَبوهُ على حلب زَمَانا وَكَانَ فَاضلا وَله نظم ونثر قَالَ يمدح القَاضِي ابْن أبي عقيل وَهُوَ شعر منحط
(يَا هِنْد هَل وصلٌ فيرتقب ... إِن كَانَ يحفظ فِي الْهوى نسب)
(أنسيت موقفنا بِذِي سلمٍ ... أَيَّام أَثوَاب الصبى قشب)
(قد زرت بغداذاً وَطَالَ بهَا ... عهدي وحرك نَحْوهَا سَبَب)
(دَار الْمُلُوك وكل من ضربت ... فَوق السماك لمجده طُنب)
توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَقيل سنة تسع وَأَرْبَعين
أَبُو الْحسن الكارزيني مُحَمَّد بن المحسن بن سهل الكارزيني أَبُو الْحسن الأديب
ذكره السَّمْعَانِيّ فِي كتاب النّسَب فَقَالَ حدث بِبَغْدَاد بِشَيْء من الشّعْر عَن أَبِيه روى عَنهُ أَبُو شُجَاع كيخسرو بن يحيى بن باكير هَذِه الأبيات قَالَ أَنْشدني أَبُو سعد بن خلف النيرماني لنَفسِهِ
(مولَايَ عَبدك من جفاك بِحَال ... فارحمه قبل شماتة العذال)
(أحبابنا فِي النَّاس مثل حبابنا ... فِي الكأس أسماءٌ بِلَا أَفعَال)
(يُلْهِيك أول نظرة ترمي بهَا ... مِنْهَا إِلَيّ كَاللُّؤْلُؤِ المتلالي)
(فَإِذا طردت الطّرف فيهم ثَانِيًا ... حَالَتْ عهود وُجُوههم فِي الْحَال)(4/276)
3 - (ابْن مَحْمُود)
الحمامي الهمذاني مُحَمَّد بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن الْفَرح بن إِبْرَاهِيم الحمامي الهمذاني تَقِيّ الدّين أَبُو جَعْفَر
طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَسمع الْكثير بِبَلَدِهِ من أبي الْفضل مُحَمَّد بن نبيهان الْمُؤَدب وَاللَّيْث بن سعد بن بوغة والحافظ أبي الْعَلَاء الْحسن بن أَحْمد الهمذاني وَخلق كثير ثمَّ رَحل إِلَى أَصْبَهَان بعد السّبْعين وَالْخمس مائَة وَسمع بهَا من عبد الله بن عمر الْمعدل وَكَانَ من أَصْحَاب أبي عبد الله الثَّقَفِيّ وَمن جمَاعَة وَقدم بَغْدَاد سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة وَسمع من الأسعد بن بلدرك ابْن أبي اللِّقَاء الجبريلي وَغَيره ثمَّ عَاد إِلَى أَصْبَهَان الرشتياني وأمثالهم ثمَّ قدم بَغْدَاد سنة إِحْدَى وست مائَة وَحج وَعَاد وَسمع من أَصْحَاب ابْن الْحصين وَأبي غَالب ابْن الْبناء وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وسَمعه محب الدّين ابْن النجار قَالَ وَكَانَ يملي بِمَعْرِِفَة الصَّحَابَة ثمَّ غَرِيب الحَدِيث وَيتَكَلَّم على النَّاس على طَرِيق الوعاظ وَكَانَت أوقاته مستغرقة فِي عقد الْمجَالِس فِي كل يَوْم فِي مَوضِع معِين وَكَانَ لَهُ الْقبُول التَّام بَين الْخَاص وَالْعَام بِفقه الحَدِيث وغريبه ومعانيه وَأَسْمَاء رِجَاله وتواريخ أعمارهم وَمَعْرِفَة أَحْوَالهم وَكَانَ فصيحاً ذَا عبارَة منقحة كثير الْكتب والفوائد وَله الْأُصُول الحسان والكتب الْكَثِيرَة وَله المصفنات المليحة وَيكْتب خطا صَحِيحا وَهُوَ نبيل ورع متدين زاهد عَابِد عفيف أمار بِالْمَعْرُوفِ نهاء عَن الْمُنكر نَاصِر السّنة قامع الْبدع طيب الْأَخْلَاق حسن الْعشْرَة متودد متواضع محب للغرباء وطلاع الْعلم كريم النَّفس جواد بِمَا فِي يَدَيْهِ ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَلما استولى التتار على همذان خرج إِلَى الْجِهَاد وَولده بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يحثه على الْقِتَال حَتَّى استشهدا سنة ثَمَان عشرَة وست مائَة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ تكلم فِيهِ الرفيع الأبرقوهي وَقَالَ لَا يَصح سَمَاعه
الْخَطِيب القرقوبي مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن حَامِد بن الْحسن بن يُوسُف القرقوبي أَبُو عبد الله الْخَطِيب وقرقوب بليدَة قريبَة من الطّيب
شَاعِر حسن الشّعْر مدح النَّاس واجتداهم ومدح الإِمَام المستظهر بِاللَّه وَسمع مِنْهُ ابو الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ وَأَبُو مُحَمَّد ابْن الخشاب النَّحْوِيّ شَيْئا من شعره
قَالَ سَأَلَني بعض الْمَشَايِخ إجَازَة بيتٍ للشبلي وَهُوَ
(بأيّ نواحي الأَرْض أبغي وصالكم ... وَأَنْتُم ملوكٌ مَا لقصدكم سبل)(4/277)
)
فَقلت مجيزاً لَهُ
(إِذا لم يكن وصلٌ يقرب مِنْكُم ... وَلَا مِنْكُم تَأتي إِلَى عندنَا رسل)
(فنصبر حَتَّى نستلين حجابكم ... ويدرأ عَنهُ جور هجركم الْوَصْل)
(فَمَا قرع الصبار بَاب لبانةٍ ... إِلَيْكُم وَإِلَّا دونه انْفَتح القفل)
(وَإِلَّا علاهُ من سوابغ طولكم ... نسيمٌ لَهُ فِي كل مكرمةٍ فعل)
(أيقنط من إحسانكم عبد مثلكُمْ ... وَأَنْتُم ملوكٌ فِي الورى دأبها الْفضل)
(أَلا حققوا المظنون فِيكُم وَصَدقُوا ... فأكبر ظَنِّي أَن سيتصل الْحَبل)
قلت شعر متوسط وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة خمس مائَة بِبَغْدَاد وَدفن بِبَاب أبرز
أَبُو عبد الله الْوَاعِظ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن حيوية أَبُو عبد الله الْوَاعِظ الْأَصْبَهَانِيّ
كَانَ ختن الْحَافِظ أبي مُوسَى على ابْنَته وَكَانَ أديباً فَاضلا واعظاً من وُجُوه الْحَنَابِلَة سمع الحَدِيث الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ وَجمع معجماً لمشايخه وَكَانَ متديناً حسن الطَّرِيقَة صَدُوقًا سمع أَبَا سعد أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي سعد الْبَغْدَادِيّ وَأَبا الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن الحمامي وَأَبا رشيد أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْخرقِيّ وَأَبا الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم الدواتي وخلقاً كثيرا وَقدم بَغْدَاد وَحدث باليسير سمع مكنه بلديه مُحَمَّد بن حَامِد بن عبد الْوَاحِد الْبَقَّال
توفّي سنة تسع وَسبعين وَخمْس مائَة
ابْن الْقزْوِينِي مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الْحسن بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عِكْرِمَة بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ أَبُو الْفرج ابْن أبي حَاتِم الْمَعْرُوف بِابْن الْقزْوِينِي من أهل آمل طبرستان
سمع أَبَاهُ وَأَبا سعد مَنْصُور بن إِسْحَاق الخزرجي الْحَافِظ وَأَبا عَليّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله الْحُسَيْنِي وَأَبا مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الفلاس وَأَبا الْعَبَّاس أَحْمد بن بنْدَار الدَّامغَانِي وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد وَحدث بهَا وروى عَنهُ من أَهلهَا أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن عَليّ بن هبة الله بن عبد السَّلَام وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن الْخلّ الْفَقِيه والحافظ مُحَمَّد بن نَاصِر وَأَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ بن عبد الْملك الْكَاتِب وَأَبُو الْفضل عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الطوسي نزيل الْموصل)
قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ فَاضلا صَدُوقًا حسن السِّيرَة بكاء صَاحب مُعَاملَة
توفّي سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة
ابْن خمارتاش الْوَاعِظ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن خمارتاش التَّاجِر أَبُو عبد الله الْوَاعِظ الْأَصْبَهَانِيّ
طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَسمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل الْكتب والأجزاء وَقَرَأَ على(4/278)
الْمَشَايِخ والحفاظ وَكَانَ يعْقد مجْلِس الْوَعْظ وَله معرفَة بالتفسير والْحَدِيث وَالْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَله حَظّ من الْأَدَب وَيكْتب الْخط الْحسن سمع أَبَا الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن الحمامي وَأَبا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر الباغبان وَأَبا عبد الله الْحسن بن الْعَبَّاس الرستمي وَأَبا الْفرج مَسْعُود بن الْحسن بن الْقَاسِم الثَّقَفِيّ وَجَمَاعَة
قَالَ محب الدّين ابْن النجار سَمِعت مِنْهُ بأصبهان وَكَانَ صَدُوقًا متديناً حسن الطَّرِيقَة مَحْمُود الْأَفْعَال طيب الْأَخْلَاق متواضعاً ولد سنة أَرْبَعِينَ وَخمْس مائَة
الطرازي البُخَارِيّ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَليّ بن أبي عَليّ الْحُسَيْن بن يُوسُف الْأَسدي أَبُو الرِّضَا البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالطرازي
كَانَ من أَئِمَّة الْفُقَهَاء على مَذْهَب الشَّافِعِي جال فِي خُرَاسَان فِي طلب الْعلم وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة من الشُّيُوخ وَحدث روى عَنهُ أَبُو المظفر ابْن السَّمْعَانِيّ أورد لَهُ مُحي الدّين ابْن النجار
(قَالُوا تهنّ بِيَوْم الْعِيد قلت لَهُم ... قُولُوا لمن رحلوا عَن ربعنا عودوا)
(فَإِن أجابوا فهنوني بعيدكم ... أَو لَا فَعَن سقم فقداني لَهُم عودوا)
تفقه ببخارا على وَالِده وعَلى عبد الْعَزِيز بن عمر الْمَعْرُوف بالبرهان
قَالَ ابْن النجار كتبت عَنهُ ببخارا وَمَات بعد السِّتين وَخمْس مائَة
آخر الْجُزْء الرَّابِع من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عون بن فريج أَبُو عبد الله وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله(4/279)
(الْجُزْء الْخَامِس)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(ربِّ أَعِنْ)
)
ابْن جري الرقي مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عون بن فريج أَبُو عبد الله التَّاجِر الْمَعْرُوف بِابْن جري بجيم مَضْمُومَة وَرَاء مُشَدّدَة مَفْتُوحَة من أهل الرقة قدم بغداذ مَرَّات وَقَرَأَ بهَا الْأَدَب على أبي البركات ابْن الْأَنْبَارِي وَسمع المقامات الحريرية من منوجهر وَقَرَأَ بواسط الْقُرْآن على أبي بكر بن الباقلاني وعَلى ابْن خطيب شافيا وَكَانَا من أَصْحَاب القلانسي وَقَرَأَ الْفِقْه ببغداذ على ابْن فضلان وَسمع الحَدِيث من ابْن شاتيل وَابْن زُرَيْق وَابْن الطراح وَغَيرهم وَسمع بِالشَّام من يحيى بن أَحْمد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ الْأَصْبَهَانِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن النجار كتاب الشُّكْر لِابْنِ أبي الدُّنْيَا قَالَ ابْن النجار كَانَ بَخِيلًا شَدِيد الْإِمْسَاك على نَفسه ظَاهره ظَاهر الْفُقَرَاء ويعيش عيشهم وَطول فِي وَصفه بالبخل وَسُوء الْحَال وَكَثْرَة المَال وَقَالَ قَصده أَصْحَاب الحَدِيث فَلم يسمعهم شَيْئا إِلَّا بِأَجْر يَأْخُذهُ من حطام الدُّنْيَا وَقتل وَأخذ مَاله فِي سنة ثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (ابْن العلويه الصُّوفِي)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خسر فَيْرُوز بن بهمنيار الشِّيرَازِيّ الأَصْل البغداذي المولد أَبُو طَالب الصُّوفِي الْمَعْرُوف بِابْن العلوية تولى قَضَاء النّيل ثمَّ عزل وَكَانَ أديباً كيساً ظريفاً حدث عَن أبي غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الباقلاني وَسمع مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بن الخشاب وَمن شعره
(أَلا إِن قلبِي هائم ومروع ... لأجلكم يَا سادتي كَيفَ أصنع)
(وَمن أجلكم فَارَقت إلفي وملني ... سروري ودمعي بعدكم أتجرع)
(وحقكم إِنِّي مشوق إِلَيْكُم ... وكبدي عَلَيْكُم كل يَوْم تقطع)(5/5)
قلت شعر مرذول ولد سنة تسعين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (السناباذي الْوَاعِظ)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن أَحْمد السناباذي الطوسي أَبُو الْفَتْح سمع أَبَا سعد مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْخَلِيل النوقاني وَقَرَأَ الْفِقْه على مُحَمَّد بن يحيى وَكَانَ من أَئِمَّة الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة مليح الْوَعْظ حسن الْعبارَة فصيحاً قدم بغداذ سنة سبع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة بعد موت البروي وَجلسَ للوعظ وَلم يُصَادف قبولاً فَتوجه إِلَى الشَّام وَدخل مصر واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته وصادف بهَا الْقبُول التَّام من الْمُلُوك والعوام وَلما مَاتَ سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة دفن بالقرافة وَحمله أَوْلَاد السُّلْطَان على رقابهم)
3 - (ابْن الْمروزِي)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمروزِي من بَيت مَشْهُور بِالْعلمِ وَالدّين وَالرِّوَايَة وَالْفضل حفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وعلق التعليقة فِي الْخلاف عَن مُحَمَّد بن أبي عَليّ النوقاني وصحبة إِلَى حِين وَفَاته وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَقَرَأَ الأصولين والجدل والمنطق وَقَرَأَ النَّحْو واللغة حَتَّى برع فيهمَا وَكَانَ يكْتب خطا مليحاً وَولي الإشراف على ديوَان التركات الحشرية وَكَانَ كيساً ظريفاً لطيفاً متودداً أوصى أَن يكْتب على كَفنه
(يكون أجاجاً دونكم فَإِذا انْتهى ... إِلَيْكُم تلقى طيبكم فيطيب)
توفّي سنة سِتّ عشرَة وست مائَة
3 - (أَبُو الْعَلَاء الغزنوي)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أبي الْحسن النَّيْسَابُورِي الغزنوي أَبُو الْعَلَاء ذكره تَاج الْإِسْلَام فِي تَارِيخ مرو وَقَالَ لَقيته ببلخ فِي شهر رَجَب سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَقَالَ هُوَ من أهل غزنة وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا وَاسع الْعلم متفنناً عَارِفًا بالأدب مليح المحاورة كثير الْمَحْفُوظ جمع كتابا مليحاً فِي شعراء عصره سَمَّاهُ سر السرُور وَكَانَ وَالِده من مشاهير الْعلمَاء صَاحب الْكتب الحسان مثل التَّفْسِير وَخلق الْإِنْسَان وَقدم وَلَده مُحَمَّد خُرَاسَان رَسُولا مرَّتَيْنِ من صَاحب غزنة إِلَى السُّلْطَان سنجر بن ملكشاه وَكَانَ ولي الْقَضَاء بغزنة(5/6)
3 - (ابْن مَحْمُود بن سبكتكين)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن سبكتكين تولى الْملك بعد أَبِيه بِوَصِيَّة مِنْهُ وَكَانَ أَخُوهُ مَسْعُود غَائِبا فجَاء وَأظْهر خِلَافه وَجرى لَهما مَا سَيَأْتِي ذكره فِي تَرْجَمَة أَخِيه مَسْعُود بن مَحْمُود فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ وَآخر أمره خلعه الْجند واعتقلوه ووكلوا بِهِ وَتَوَلَّى أَخُوهُ مَسْعُود الْأَمر بميل الْجند إِلَيْهِ وَذَلِكَ بعد الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرين وَأَرْبع مائَة كَانَ كَرِيمًا إِلَّا أَنه انهمك على لذاته ففاته الْمَطْلُوب وَلما سجنه أَخُوهُ مَسْعُود سمل عَيْنَيْهِ ثمَّ إِنَّه بعد ذَلِك أطاعه الْجند فولوه عَلَيْهِم وَقتل أَخَاهُ مسعوداً سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة وَالله أعلم
3 - (السُّلْطَان السلجوقي)
مُحَمَّد شاه بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه أَخُو ملكشاه السُّلْطَان السلجوقي طلب أَن يخْطب أَن لَهُ ببغداذ فَلم يجب إِلَى ذَلِك فَسَار إِلَيْهَا وحاصرها ثمَّ رَحل عَنْهَا وَتُوفِّي بِالْقربِ من همذان)
بعلة السل سنة أَربع وَخمسين وَخمْس مائَة وَله ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْعقلِ وَالْكَرم والتأني فِي أُمُوره وَاخْتلف الْأُمَرَاء بعده فقوم طلبُوا أَخَاهُ ملكشاه وَقوم طلبُوا أَخَاهُ سُلَيْمَان شاه وهم الْأَكْثَر وَقوم طلبُوا أرسلان شاه وَكَانَ سُلَيْمَان شاه مَحْبُوسًا بالموصل فجهزه زين الدّين بِإِشَارَة نور الدّين الشَّهِيد فَأَجْلَسُوهُ على سَرِير الْملك بهمذان وَكَانَ قصدهم أَن يَأْكُلُوا بِهِ الْبِلَاد لِأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا باللعب وَاللَّهْو
3 - (الطوسي الْأَشْعَرِيّ)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الشهَاب الطوسي أَبُو الْفَتْح الْفَقِيه الشَّافِعِي نزيل مصر إِمَام مفت عَلامَة مَشْهُور سمع وروى كَانَ جَامعا للفنون درس بمنازل الْعِزّ وانتفع بِهِ جمَاعَة قدم بغداذ وَركب بالسنجق وَالسُّيُوف المسللة والغاشية والطوق فِي عنق البغلة فَمنع من ذَلِك فسافر إِلَى مصر وَوعظ وَأظْهر مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وثارت عَلَيْهِ الْحَنَابِلَة وَكَانَ يجْرِي بَينه وَبَين زين الدّين ابْن نجية الْعَجَائِب من السباب وَسُئِلَ أَيّمَا أفضل دم الحلاج أَو دم الْحُسَيْن فَغَضب من ذَلِك فَقيل لَهُ إِن دم الحلاج كتب على الأَرْض الله الله وَلَا كَذَلِك دم الْحُسَيْن فَقَالَ الْمُتَّهم يحْتَاج إِلَى تَزْكِيَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن النجار)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الْحسن بن هبة الله بن محَاسِن الْحَافِظ الْكَبِير(5/7)
محب الدّين أَبُو عبد الله ابْن النجار البغداذي صَاحب التَّارِيخ ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَخمْس مائَة وَسمع من عبد الْمُنعم بن كُلَيْب وَيحيى بن بوش وذاكر بن كَامِل وَأبي الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَأَصْحَاب ابْن الْحصين وَالْقَاضِي أبي بكر فَأكْثر وَأول سَمَاعه وَله عشر سِنِين وَله الرحلة الواسعة إِلَى الشَّام ومصر والحجاز وأصبهان وخراسان ومرو وهراة ونيسابور وَسمع الْكثير وَحصل الْأُصُول وَالْمَسَانِيد وَخرج لنَفسِهِ ولجماعة وَجمع التَّارِيخ الَّذِي ذيل بِهِ على تَارِيخ الْخَطِيب لبغداذ واستدرك فِيهِ على الْخَطِيب فجَاء فِي ثَلَاثِينَ مجلداً دلّ على تبحره فِي هَذَا الشَّأْن وَسعه حفظه وَقد نقلت مِنْهُ تراجم عديدة فِي هَذَا الْكتاب رحم الله مُصَنفه وَكَانَ إِمَامًا ثِقَة حجَّة مقرئاً مجوداً حُلْو المحاضرة كيساً متواضعاً اشْتَمَلت مشيخته على ثَلَاثَة آلَاف شيخ ورحل سبعا وَعشْرين سنة يُقَال إِنَّه حضر مَعَ الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ لَيْلَة فِي مجْلِس الْمُعظم عِيسَى أَو الْأَشْرَف مُوسَى لِأَنَّهُ كَانَ ذكره وَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أحضرهُ فَسَأَلَهُ السُّلْطَان عَن وَفَاة الشَّافِعِي مَتى)
كَانَت فبهت وَهَذَا من التَّعْجِيز لمثل هَذَا الْحَافِظ الْكَبِير الْقدر فسبحان من لَهُ الْكَمَال وَله كتاب الْقَمَر الْمُنِير فِي الْمسند الْكَبِير ذكر كل صَحَابِيّ وَمَا لَهُ من الحَدِيث وَله كتاب كنز الإِمَام فِي معرفَة السّنَن وَالْأَحْكَام والمختلف والمؤتلف ذيل بِهِ على ابْن مَاكُولَا والمتفق والمفترق على منهاج كتاب الْخَطِيب نسب الْمُحدثين إِلَى الْآبَاء والبلدان كتاب عواليه كتاب مُعْجمَة جنَّة الناظرين فِي معرفَة التَّابِعين الْكَمَال فِي معرفَة الرِّجَال العقد الْفَائِق فِي عُيُون أَخْبَار الدُّنْيَا ومحاسن تواريخ الْخَلَائق الدرة الثمينة فِي أَخْبَار الْمَدِينَة نزهة الورى فِي أَخْبَار أم الْقرى رَوْضَة الأوليا فِي مَسْجِد إيليا الأزهار فِي أَنْوَاع الْأَشْعَار سلوة الوحيد غرر الْفَوَائِد سِتّ مجلدات مَنَاقِب الشَّافِعِي وأنوار الزهر فِي محَاسِن شعر شعراء الْعَصْر كتاب نحا فِيهِ نَحْو نشوار المحاضرة مِمَّا التقطه من أَفْوَاه الرِّجَال مَجْمُوع غرر الْفَوَائِد ومنثور دُرَر القلائد نزهة الطّرف فِي أَخْبَار أهل الظّرْف إِخْبَار المشتاق إِلَى أَخْبَار العشاق الْكَافِي فِي الصّلاح الشافي فِي الطِّبّ ووقف كتبه بالنظامية وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وأنشدني لنَفسِهِ
(وَقَائِل قَالَ يَوْم الْعِيد لي وَرَأى ... تململي ودموع الْعين تنهمر)
(مَالِي أَرَاك حَزينًا باكياً أسفا ... كَأَن قَلْبك فِيهِ النَّار تستعر)
(فَقلت إِنِّي بعيد الدَّار عَن وطني ... ومملق الْكَفّ والأحباب قد هجروا)
وَنظر إِلَى غُلَام تركي حسن الصُّورَة فرمد بَاقِي يَوْمه فَقَالَ
(وَقَائِل قَالَ قد نظرت إِلَى ... وَجه مليح فاعتادك الرمد)(5/8)
(فَقلت إِن الشَّمْس المنيرة قد ... يعشى بهَا النَّاظر الَّذِي يقد)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (المراتبي الْحَنْبَلِيّ)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عبد الْمُنعم الإِمَام تَقِيّ الدّين المراتبي الْحَنْبَلِيّ كَانَ فَقِيها ورعاً فِي مذْهبه ذَا فنون توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (الرصاصي الطَّبِيب)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أبي زيد الْحَكِيم الطَّبِيب أَبُو عبد الله الرَّازِيّ الرصاصي شيخ فَاضل مسن لَهُ أَربع وَثَمَانُونَ سنة توفّي سنة سِتِّينَ وست مائَة وَلم يذكرهُ ابْن أبي أصيبعة)
3 - (الْمَنْصُور صَاحب حماة)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب صَاحب حماة وَابْن مُلُوكهَا الْملك الْمَنْصُور أَبُو الْمَعَالِي نَاصِر الدّين ابْن الْملك المظفر تَقِيّ الدّين ابْن الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة المعرة بعد وَالِده وليهما وعمره عشر سِنِين وَأَيَّام سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين رِعَايَة لأمه الصاحبة غَازِيَة بنت الْملك الْكَامِل وَقَامَ بتدبير دولته أمه وَسيف الدّين طغريل أستاذ الدَّار وَشَيخ الشُّيُوخ شرف الدّين عبد الْعَزِيز وَكَانَ فِيهِ كرم وَحسن عشرَة وَلكنه كَانَ يلْعَب وينهمك على اللَّهْو وَغير ذَلِك وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن عباد الْكَافِي الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ الأصولي قدم الشَّام بعد الْخمسين وست مائَة وناظر الْفُقَهَاء واشتهرت فضائله وَسمع بحلب من طغريل المحسني وَغَيره وانتهت إِلَيْهِ الرياسة فِي معرفَة الْأُصُول فِي الْفِقْه وَشرح الْمَحْصُول للْإِمَام فَخر الدّين شرحاً كَبِيرا حافلاً وصنف كتاب الْقَوَاعِد مُشْتَمِلًا على أصُول الدّين وأصول الْفِقْه والمنطق وَالْخلاف وَهُوَ حسن تصانيفه وَله غَايَة الطّلب فِي الْمنطق وَله معرفَة جَيِّدَة بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْأَدب وَالشعر لكنه قَلِيل البضاعة فِي الْفِقْه وَالسّنة ولي قَضَاء منبج فِي أَيَّام النَّاصِر ثمَّ دخل مصر وَولي قَضَاء قوص ثمَّ قَضَاء الكرك وَرجع إِلَى مصر وَولي تدريس الصاحبية وَأعَاد وَأفَاد وَولي تدريس مشْهد الْحُسَيْن وتدريس الشَّافِعِي وَتخرج بِهِ خلق ورحل إِلَيْهِ الطّلبَة وَكتب عَنهُ الحَدِيث علم الدّين البرزالي وَغَيره مولده بأصبهان سنة سِتّ عشرَة وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست مائَة(5/9)
3 - (ابْن شهَاب الدّين مَحْمُود)
مُحَمَّد بن مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد القَاضِي شمس الدّين صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق وَابْن صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بهَا جَاءَ وَالِده إِلَى دمشق من مصر وَكَانَ حول وَالِده يكْتب المطالعة هُوَ وَولده القَاضِي شرف الدّين أَبُو بكر وَكَانَ القَاضِي شمس الدّين إِذا سَافر الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى الصيود يُسَافر هُوَ مَعَه ويتخلف وَالِده بِالْمَدِينَةِ لضَعْفه عَن الْحَرَكَة وَكبر سنه فَلَمَّا توفّي وَالِده فِي شعْبَان سنة خمس وَعشْرين وَسبع مائَة تولى هُوَ صحابة ديوَان الْإِنْشَاء مَكَان وَالِده اسْتِقْلَالا فَلم تطل مدَّته بعد ذَلِك وَتُوفِّي فِي عَاشر شَوَّال سنة سبع وَعشْرين وَسبع)
مائَة وَكَانَ رَحمَه الله خطا مَنْسُوبا نقشاً نغشاً مليحاً إِلَى الْغَايَة وَكتب مجاميع أدبية كَثِيرَة وَلم يكن فِيهِ شَرّ من خِيَار عباد الله طباعاً كثير التَّوَاضُع لم يُغَيِّرهُ المنصب وَلم يكن لَهُ فِيمَا علمت نظم وَلَا نثر وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تُنْكُز يحبّه كثيرا ويميل إِلَيْهِ وَلما توفّي رثاه جمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة بقصيدةٍ أَولهَا
(أطلق دموعك إِن الْقلب مَعْذُور ... وَإنَّهُ بيد الأحزان مأسور)
(وخل عَيْنَيْك يهمي من مدامعها ... در على كَاتب الْإِنْشَاء منثور)
(يسوءني ويسوء النَّاس أجمع يَا ... بَيت البلاغة أَن الْبَيْت مكسور)
(فِي كل يَوْم برغمي من مَنَازِلكُمْ ... ينأى وَيذْهب مَحْمُود ومشكور)
(خبا الشهَاب فَقُلْنَا الشَّمْس فاعترضت ... أَيدي الردى فزمان الْأنس ديجور)
(آهاً لمنظر شمس لَا يذم لَهَا ... بالسعي فِي فلك العلياء تسيير)
مِنْهَا
(لهفي عَلَيْهِ لأخلاق مهذبة ... سعي الثَّنَاء بهَا وَالْأَجْر مبرور)
(تواضع لاسمه مِنْهُ أزدياد عُلى ... وَفِي التكبر للأسماء تَصْغِير)
(وهمة بَين خدام العلى نشأت ... فاللفظ وَالْعرض ريحَان وكافور)
(لَا عيب فِيهِ سوى فكر عوائده ... للحمد رق وللألفاظ تَحْرِير)
(حَتَّى إِذا لَاحَ مَرْفُوعا مدائده ... وَرَاح ذيل علاهُ وَهُوَ مجرور)
(تخيرته أكف الْمَوْت عارفة ... بنقده وتنقته الْمَقَادِير)
مِنْهَا
(والمرء فِي الأَصْل فخار فَلَا عجب ... إِن رَاح وَهُوَ بكف الدَّهْر مكسور)
(جَادَتْ ضريحك شمس الدّين سَارِيَة ... يُمْسِي صداك لَدَيْهَا وَهُوَ مسرور)(5/10)
3 - (الْكَاتِب)
مُحَمَّد بن مخلد الْكَاتِب أورد لَهُ صَاحب كتاب البارع
(تخطي النُّفُوس على العيا ... ن وَقد تصيب على المظنه)
(كم من مضيق فِي الفضا ... ء ومخرج بَين الأسنة)
3 - (شرف الدّين ابْن مُخْتَار)
)
مُحَمَّد بن مُخْتَار شرف الدّين الْحَنَفِيّ اجْتمعت بِهِ غير مرّة بقلعة الْجَبَل جرت بيني وَبَينه مبَاحث أصولية فَكَانَ يمِيل إِلَى اعْتِقَاد الفلاسفة وَكَانَ جيد الذِّهْن يعرف الهندسة جيدا وَله يَد طولى فِي الْهَيْئَة والحساب وَكَانَ فِي الأَصْل صائغاً وتسلط بالصياغة على معرفَة كتاب الْحِيَل لبني مُوسَى فَكَانَ يصنع مِنْهَا بِيَدِهِ أَشْيَاء غَرِيبَة ويقدمها للأمير سيف الدّين قجليس الناصري فراج عِنْده وَأخذ فقاهات فِي مدارس الْحَنَفِيَّة ورواتب وَكَانَت لَهُ يَد فِي الْمنطق وَكَانَ يحب الْأَدَب وَلم يكن لَهُ فِيهِ يَد بل وَلَا ذوق ولشهاب الدّين العسجدي فِيهِ أَبْيَات أنشدنيها مِنْهَا أَولهَا
(لَيْسَ ابْن مُخْتَار فِي كفر بمختار ... وَإِنَّمَا كفره تَقْلِيد كفار)
توفّي فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ
3 - (الدَّمِيرِيّ)
مُحَمَّد بن الْمَرْزُبَان الدَّمِيرِيّ قَالَ حَمْزَة كَانَ بليغاً عَالما بمجاري اللُّغَة تصدر عَنهُ الْكتب الطوَال وَكَانَ يتعاطى الْأَوْصَاف ويركب مركب عَليّ بن عُبَيْدَة الريحاني وَكَانَ أحد التراجمة وَمن ينْقل الْكتب من الفارسية إِلَى الْعَرَبيَّة وَله أَكثر من خمسين نقلا من كتب الْفرس وَله بضعَة عشر كتابا فِي الْأَوْصَاف مِنْهَا كتاب فِي وصف الْفرس والفارس وَكتاب فِي وصف السَّيْف وَكتاب فِي وصف الْقَلَم وَمن الكرج آخر يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن سهل ابْن الْمَرْزُبَان لَهُ كتاب الْمُنْتَهى لَيْسَ هُوَ هَذَا وَتقدم ذكره فِي مَوْضِعه
3 - (الْبَاهِلِيّ)
مُحَمَّد بن مَرْزُوق الْبَاهِلِيّ روى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا(5/11)
3 - (الزَّعْفَرَانِي الْفَقِيه)
مُحَمَّد بن مَرْزُوق بن عبد الرَّزَّاق بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَحْمد الْجلاب الزَّعْفَرَانِي أَبُو الْحسن الْفَقِيه الشَّافِعِي درس الْفِقْه على الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ولازمه حَتَّى برع فِيهِ وَألف فِي الْمَذْهَب عدَّة كتب مِنْهَا تَحْرِير أَحْكَام الصّيام ومناسك الْحَج وَسمع الحَدِيث الْكثير ببغداذ ورحل فِي طلبه إِلَى الْبَصْرَة وخوزستان والأهواز وأصبهان وَالشَّام وديار مصر وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَجمع وَحصل وَكَانَ شَيخا فَاضلا ورعاً دينا على طَرِيق السّلف وَكتب خطا حسنا مضبوطاً محققاً توفّي سنة سبع عشرَة وَخمْس مائَة وَدفن ببغداذ فِي الْجَانِب الشَّرْقِي فِي)
الوردية
3 - (الْمَالِكِي وَالِد ابْن زهر)
مُحَمَّد بن مَرْوَان بن زهر أَبُو بكر الْإِيَادِي الإشبيلي كَانَ فَقِيها حَافِظًا لمَذْهَب مَالك حاذفاً فِي الْفَتْوَى عُمّر وَكَانَ وَاسع الرِّوَايَة وَهُوَ وَالِد الطَّبِيب الماهر ابْن زهر توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (مُحَمَّد بن مَرْوَان بن أبي حَفْصَة)
مُحَمَّد بن مَرْوَان بن أبي الْجنُوب بن مَرْوَان بن أبي حَفْصَة شَاعِر ابْن شَاعِر ذكره الطَّبَرِيّ وَأورد مدائحه فِي المعتز وَذكره ابْن الْجراح فِي كتاب الورقة وَقَالَ وَكَانَ مطرحاً فِي أَيَّام المستعين فَلَمَّا وَقعت الْفِتْنَة لزم المعتز ومدحه مدحاً كثيرا وَخص بِهِ فقلده الْيَمَامَة والبحرين فتعدى على أَهلهَا وأوقع العصبية وَقتل خلقا فتظلموا مِنْهُ فَصَرفهُ وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده وجده فِي مكانيهما وَمن قَوْله يمدح المعتز فِي الْفِتْنَة
(أعَاد لنا المعتز أَيَّام جَعْفَر ... وَأَحْيَا لنا بِالْعَدْلِ والجود جعفرا)
(إِمَام لَهُ فِي كل قلب محبَّة ... كوالده قولا وفعلاً ومنظرا)
(ظَفرت بِحَق طالما قد ظلمته ... وَمن كَانَ يَبْغِي الْحق أَمْسَى مظفرا)
3 - (أَبُو بكر البغداذي)
مُحَمَّد بن مَرْوَان بن عبد الله أَبُو بكر أورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار قَوْله
(وَعَدتنِي زِيَارَة ذَات يَوْم ... حِين طالبتها نَهَارا جهارا)
(قلت يَا منيتي فَهَلا بلَيْل ... فَهُوَ أخْفى لمن أَرَادَ استتارا)(5/12)
(فاستشاطت تجبراً ثمَّ قَالَت ... لَو رأى وَجْهي الظلام أنارا)
(أَي شمس رَأَيْت تطلع لَيْلًا ... إِنَّمَا تطلع الشموس نَهَارا)
3 - (أَبُو عبد الله الْأَزْدِيّ)
مُحَمَّد بن مزاح الْأَزْدِيّ يَقُول فِي ثقيل
(لنا صديق زَائِد ثقله ... فظفره كالجبل الراسي)
(تحمل مِنْهُ الأَرْض أَضْعَاف مَا ... تحمله من سَائِر النَّاس)
وَقد ألم فِي ذَلِك بقول بعض الأندلسيين)
(لَيْسَ بِإِنْسَان وَلكنه ... يحسبه النَّاس من النَّاس)
(أثقل فِي أنفس إخوانه ... من جبل راس على راس)
3 - (ابْن أبي الْأَزْهَر النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن مزِيد بن مَحْمُود بن مَنْصُور بن رَاشد أَبُو بكر ابْن أبي الْأَزْهَر الْخُزَاعِيّ النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن أبي الْأَزْهَر هَكَذَا ذكره الْخَطِيب وَذكره مُحَمَّد بن إِسْحَق فَقَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مزِيد النَّحْوِيّ الاخباري البوسنجي وَتُوفِّي عَن سنّ عالية وَقَالَ الْوَزير عبد الرَّحْمَن فِي كِتَابه فِي أَخْبَار أَخِيه حَدثنِي مُحَمَّد بن مزِيد أبي الْأَزْهَر مَاتَ فِيمَا ذكره الْخَطِيب سنة خمس وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَحدث عَن إِسْحَق بن أبي إِسْرَائِيل وَمُحَمّد ابْن سُلَيْمَان لوين وَأبي كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَالزُّبَيْر بن بكار والمبرد وَكَانَ مستمليه وَحَمَّاد بن إِسْحَق الْموصِلِي روى عَنهُ كتاب الأغاني لِأَبِيهِ روى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو بكر ابْن شَاذان والمعافى بن زَكَرِيَّاء وَأَبُو الْفرج عَليّ بن الْحُسَيْن الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ الْخَطِيب وَكَانَ كذابا يضع الْأَحَادِيث على الثِّقَات وَله شعر كثير زَاد فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله لعَلي عَلَيْهِ السَّلَام أما ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هرون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نَبِي بعدِي زَاد فِيهِ وَلَو كَانَ لكنته لم يرو هَذِه الزِّيَادَة غَيره وَله من هَذِه الْأَخْبَار مَا لست بصدد ذكره وَله تصانيف مِنْهَا أَخْبَار عقلاء المجانين وَكتاب الْهَرج والمرج فِي أَخْبَار المستعين والمعتز وَمن شعره
(لَا تبع لَذَّة يَوْم لغد ... وبع الغي بتعجيل الرشد)
(إِنَّهَا إِن أخرت عَن وَقتهَا ... باختداع النَّفس فِيهَا لم تعد)
(فاشغل النَّفس بهَا عَن شغلها ... لَا تفكر فِي حميم وَولد)(5/13)
(أَو مَا خبرت عَمَّا قيل فِي ... مثلٍ باقٍ على مر الْأَبَد)
(إِنَّمَا دنياي نَفسِي فَإِذا ... تلفت نَفسِي فَلَا عَاشَ أحد)
وَمِنْه
(إِذا كنت أحتاج فِي حَاجَتي ... وَأَنت صديقي أَن أذكرك)
(فحقك عِنْدِي إِذا مَا قضي ... ت بعد اقتضائي أَن أهجرك)
(فَلَا حَظّ فِيك لذِي حَاجَة ... إِذا كَانَ حظك أَن يعذرك)
قلت شعر جيد)
3 - (قطرب اللّغَوِيّ)
مُحَمَّد بن مستنير النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الْبَصْرِيّ مولى سلم بن زِيَاد الْمَعْرُوف بقطرب أَخذ الْأَدَب عَن سِيبَوَيْهٍ وَعَن جمَاعَة من الْعلمَاء الْبَصرِيين وَكَانَ حَرِيصًا على الِاشْتِغَال كَانَ يبكر إِلَى سِيبَوَيْهٍ قبل حُضُور التلاميذ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا أَنْت إِلَّا قطرب ليل فَبَقيَ علما عَلَيْهِ والقطرب دويبة لَا تزَال تدب وَلَا تفتر وَكَانَ من أَئِمَّة عصره وَله من التصانيف مَعَاني الْقُرْآن والاشتقاق والقوافي والنوادر والأزمنة وَالْفرق والأصوات وَالصِّفَات والعلل فِي النَّحْو والأضداد وَخلق الْفرس وَخلق الْإِنْسَان وغريب الحَدِيث والهمز وَالْمجَاز فِي الْقُرْآن والمثلث وَله تصانيف لطاف فِي النَّحْو وَفعل وَافْعل وَالرَّدّ على الْمُلْحِدِينَ فِي تشابه الْقُرْآن وَهُوَ أول من وضع المثلث فِي اللُّغَة وَكَانَ قطرب يعلم أَوْلَاد أبي دلف الْعجلِيّ أورد لَهُ صَاحب البارع قَوْله
(إِن كنت لست معي فالذكر مِنْك معي ... يراك قلبِي وَإِن غيبت عَن بَصرِي)
(وَالْعين تبصر من تهوى وتفقده ... وناظر الْقلب لَا يَخْلُو من النّظر)
توفّي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ يُقَال اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد وَيُقَال الْحسن بن مُحَمَّد وَالْأول أصح حدث المرزباني قَالَ صَار قطرب إِلَى أبي دلف يُؤَدب وَلَده فَلَمَّا مَاتَ كَانَ الْحسن بن قطرب يؤدبه عوضا عَن أَبِيه فَحَضَرَ مَعَه يَوْمًا بعض الحروب فَوَقع فِي رَأسه سهم فَسقط فحامى عَنهُ أَبُو دلف وَحَارب أَشد حَرْب حَتَّى استنفذه وَحمله إِلَى مأمنه وَهُوَ مغشي عَلَيْهِ وَجمع الْأَطِبَّاء وَأمرهمْ باستخراج السهْم فَقَالُوا إِن خرج السهْم وَلم يخالط الدِّمَاغ عَاشَ وَإِن خالطه لم يَعش(5/14)
فَفتح عَيْنَيْهِ الْحسن بن قطرب وَرفع رَأسه وَقَالَ انزعوه فَلَو كَانَ لَهُ دماغ مَا حضر هَذَا الْموضع فَقَالَ أَبُو دلف فِي ذَلِك
(وليشركن أَبُو عَليّ قطرب ... مني يدا بَيْضَاء غير عقام)
(ردي عَلَيْهِ فتاه بعد ثوائه ... رهنا لكل مهندٍ قضام)
(فِي حَيْثُ لَا تجدي عَلَيْهِ دفاتر ... مرسومة برواقش الأقلام)
(لَا النَّحْو يَنْفَعهُ وَلَا إتقانه ... علم الْعرُوض وَمذهب النظام)
وَكَانَ قطرب يرى رَأْي الْمُعْتَزلَة النظامية وَعَن النظام أَخذ مذْهبه وَكَانَ يغِيظ الْأَصْمَعِي لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا غُلَاما خلف الْأَحْمَر قَالَ المرزباني وَلم يكن ثِقَة قَالَ ابْن السّكيت كتب عَن)
قطرب قمطراً ثمَّ تبينت أَنه يكذب فِي اللُّغَة فَلَيْسَ أذكر عَنهُ شَيْئا وَقَالَ أَبُو زيد قطرب وَأَبوهُ معتزليان وهما متهمان فِي عظم الدّين وَفِيه يَقُول أَبُو ربيعَة ممويه
(مَا زلت بالكرخ الدنية سَاكِنا ... أَرْجُو الْغنى وأؤمل الآمالا)
(حَتَّى رَأَيْت أَبَا خراشة رَاكِبًا ... وَرَأَيْت رز يقلب الأموالا)
(وَرَأَيْت مثل أبي عَليّ قطربٍ ... فِيهَا ومثلي معدماً عيالا)
(فَعلمت أَن الدَّار دَار مذلة ... تضع الْكِرَام وترفع الأنذالا)
3 - (القَاضِي الْكُوفِي)
مُحَمَّد بن مَسْرُوق بن معدان الْكِنْدِيّ الْكُوفِي الْفَقِيه من أَصْحَاب الرَّأْي كَانَ عجبا فِي التيه والصلف ولي قَضَاء مصر فَأوقف الشُّهُود أجمع فَوَثَبُوا بِهِ وشتموه لِأَنَّهُ كَانَ فِي غَايَة الْكبر توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (ابْن الشدنك)
مُحَمَّد بن مَسْعُود بن أَحْمد بن الشدنك أَبُو الْغَنَائِم سمع أَبَا الْحسن عَليّ ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَأَبا الْحُسَيْن عَاصِم بن الْحسن العاصمي وَأَبا مُحَمَّد رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأَبا الْحُسَيْن الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار ابْن أَحْمد الصَّيْرَفِي وَغَيرهم روى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد ابْن الْأَخْضَر وَأَبُو البركات ابْن السَّقطِي وَكَانَ شَيخا صَالحا مَسْتُورا توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو يعلى الْهَرَوِيّ اللّغَوِيّ)
مُحَمَّد بن مَسْعُود بن أبي يعلى الْمَالِينِي الْهَرَوِيّ(5/15)
أَبُو يعلى الأديب اللّغَوِيّ قَالَ ابْن النجار شيخ فَاضل حسن الْمعرفَة باللغة وَالْأَدب وَهُوَ كرامي الْمَذْهَب لَقيته بقرية غروان من مالين وكتبت عَنهُ من شعره وَأورد لَهُ
(دع الْحِرْص وَانْظُر فِي تمتّع قَانِع ... لتفريق إِرْث كَانَ ذُو الْحِرْص جَامِعَة)
(وَشَاهد ذباباً قَادَهُ الْحِرْص طعمة ... إِلَى عنكبوت يلْزم الْبَيْت قانعه)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(مَاذَا نؤمل من زمَان لم يزل ... هُوَ رَاغِب فِي خامل عَن نابه)
(نَلْقَاهُ ضاحكة إِلَيْهِ وُجُوهنَا ... وتراه جهماً كاشراً عَن نابه)
)
(فَكَأَنَّمَا مَكْرُوه مَا هُوَ نَازل ... عَنهُ بِنَا هُوَ نَازل عَنَّا بِهِ)
قلت هُوَ شعر مَقْبُول
3 - (الْخَطِيب الشَّاعِر الْقُرْطُبِيّ)
مُحَمَّد بن مَسْعُود أَبُو عبد الله الْقُرْطُبِيّ الْخَطِيب سمع من قَاسم بن أصبغ وَجَمَاعَة وَكَانَ خَطِيبًا مفوهاً بليغاً شَاعِرًا توفّي يَوْم الْفطر سنة تسع وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ يتقعر فِي كَلَامه وأسجاعه ويؤدب بِالْعَرَبِيَّةِ ثمَّ صَار يخْطب بَين يَدي الْمُسْتَنْصر بِاللَّه فِي الْعِيد وَفِي قدوم الْوُفُود ثمَّ ولي قَضَاء يابرة قَالَ ابْن الفرضي سمعته مرَارًا يخْطب مرَارًا فِي جَامع الزهراء وَلم يحدث
3 - (ابْن أبي الركب النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن مَسْعُود أَبُو بكر الخشبي من أهل جيان الأندلسي يعرف بِابْن أبي الركب نحوي عَظِيم من مفاخر الأندلس لَهُ كتاب فِي شرح سِيبَوَيْهٍ وَابْنه أَبُو ذَر مُصعب إِمَام فِي النَّحْو أَيْضا يذكر فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ السلَفِي أَنْشدني لَهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يُوسُف بن بسام الْيَعْمرِي البياسي
(بِسَاط ذِي الأَرْض سندسي ... وماؤها العذب لؤلؤي)
(كَأَنَّهَا الْبكر حِين تجلى ... والزهر من فَوْقهَا الْحلِيّ)
3 - (القسام النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن مَسْعُود القسام الْأَصْبَهَانِيّ الْمَعْرُوف بالفخر النَّحْوِيّ لَهُ تصانيف فِي الْأَدَب مَرْغُوب فِيهَا وَشعر متداول بَين أهل بَلَده ورسائل مدونة وَكَانَت وَفَاته بعد(5/16)
السِّتين وَخمْس مائَة وَكَانَ قد فاق فِي الْفِقْه والمساحة والفرائض والحساب وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة شعرًا كثيرا وَكتب إِلَى جمَاعَة من أهل عصره فتاوي شعرًا وأجابوه عَنْهَا وَمن شعره
(وَلما أَن توليت القضايا ... وفاض الْجور من كفيك فيضا)
(ذبحت بِغَيْر سكين وَإِنَّا ... لنَرْجُو الذّبْح بالسكين أَيْضا)
وَمِنْه فِي نقرة الذقن
(أيا قمراً جَار فِي حسنه ... على عاشقيه وَلم ينصف)
(سمعنَا بِيُوسُف فِي جبه ... وَلم نسْمع الْجب فِي يُوسُف)
)
وَمِنْه
(مَاذَا العذار على أكناف عَارضه ... كَأَنَّهُ من سَواد الْقلب وَالْبَصَر)
(إِن كَانَ فرْصَة مسك فَهِيَ فِي رشإ ... أَو كَانَ كلفة بدر فَهِيَ فِي قمر)
3 - (البجاني الْقُرْطُبِيّ)
مُحَمَّد بن مَسْعُود البجاني الْقُرْطُبِيّ شَاعِر مفلق توفّي سنة أَربع مائَة أَو مَا دونهَا تَقْرِيبًا
3 - (المعمر ابْن بهروز)
مُحَمَّد بن مَسْعُود بن بهروز الطّيب المعمر أَبُو بكر البغداذي سمع وروى وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (ابْن التوزي الْمُحدث)
مُحَمَّد بن مَسْعُود بن أَيُّوب ابْن التوزي بالزاي الْحلَبِي القَاضِي بدر الدّين مُحدث حمص توفّي سنة خمس وَسبع مائَة
مُحَمَّد بن مَسْعُود صَلَاح الدّين اجْتمعت بِهِ غير مرّة وأنشدني لنَفسِهِ فِي ربيع الأول سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ
(صرف الزبيبي لصرف همي ... نَص على نَفعه طبيبي)
(آه على سكرة لعَلي ... أَن أخلط الْهم بالزبيبي)
3 - (الزُّهْرِيّ)
مُحَمَّد بن مُسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهَاب بن الْحَارِث بن زهرَة(5/17)
الْقرشِي الزُّهْرِيّ أحد الْفُقَهَاء الْمُحدثين بِالْمَدِينَةِ حَافظ زَمَانه ولد سنة خمسين وَطلب الْعلم فِي أَوَاخِر عصر الصَّحَابَة وَله نَيف وَعِشْرُونَ سنة فروى عَن ابْن عمر حديثين فِيمَا بلغنَا قَالَه الشَّيْخ شمس الدّين وَعَن سهل بن سعد وَأنس بن مَالك ومحمود بن الرّبيع وَعبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر وسنين أبي جميلَة وَأبي الطُّفَيْل وَرَبِيعَة بن عباد وَعبد الله بن ثَعْلَبَة وَكثير بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وعلقمة بن وَقاص والسائب بن يزِيد وَسَعِيد بن الْمسيب وَأبي أُمَامَة بن سهل وَعُرْوَة وَسَالم وَعبيد الله بن عبد الله وَخلق كثير قَالَ أَبُو دَاوُد حَدِيثه أَلفَانِ وَمِائَتَا حَدِيث النّصْف مِنْهَا مُسْند وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ لَهُ نَحْو ألفي حَدِيث وَقَالَ مَكْحُول وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَهَذَا لَفظه لم يبْق أحد أعلم بِسنة مَاضِيَة من الزُّهْرِيّ قَالَ ابْن عُيَيْنَة رَأَيْت الزُّهْرِيّ أعيمش أَحْمَر الرَّأْس)
واللحية وَفِي حمرتها انكفاء كَانَ يَجْعَل فِيهِ كتماً وجالس الزُّهْرِيّ سعيد بن الْمسيب ثَمَانِي سِنِين وَقَالَ الزُّهْرِيّ من سنة الصَّلَاة أَن يقْرَأ فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ فَاتِحَة الْكتاب ثمَّ تقْرَأ سُورَة وَكَانَ يَقُول أول من قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سرا بِالْمَدِينَةِ عَمْرو بن الْعَاصِ
قَالَ الْحَافِظ لَا يُولد فِي كل أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَقَالَ يُونُس بن مُحَمَّد الْمُؤَدب حَدثنَا أَبُو أويس سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فِي الحَدِيث فَقَالَ هَذَا لَا يجوز فِي الْقُرْآن فَكيف فِي الحَدِيث إِذا أصبت معنى الحَدِيث فَلَا بَأْس وَكَانَ الزُّهْرِيّ قَصِيرا قَلِيل اللَّحْم لَهُ شَعرَات طوال خَفِيف العارضين قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل الزُّهْرِيّ أحسن النَّاس حَدِيثا وأجود النَّاس إِسْنَادًا وَقَالَ أَبُو حَاتِم أثبت أَصْحَاب أنس الزُّهْرِيّ وَقَالَ يَعْقُوب بن شيبَة ثَنَا الْحسن الْحلْوانِي ثَنَا الشَّافِعِي قَالَ حَدثنَا عمي قَالَ دخل سُلَيْمَان بن يسَار على هِشَام فَقَالَ لَهُ يَا سُلَيْمَان من الَّذِي تولى كبره مِنْهُم فَقَالَ ابْن سلول قَالَ كذبت بل هُوَ عَليّ فَدخل ابْن شهَاب فَقَالَ يَا ابْن شهَاب من الَّذِي تولى كبره مِنْهُم فَقَالَ ابْن أبي فَقَالَ لَهُ كذبت بل هُوَ عَليّ فَقَالَ أَنا أكذب لَا أَبَا لَك فو الله لَو نَادَى مُنَاد من السَّمَاء أَن الله قد أحل الْكَذِب مَا كذبت حَدثنِي سعيد وَعُرْوَة وَعبيد الله وعلقمة ابْن وَقاص عَن عَائِشَة أَن الَّذِي تولى كبره مِنْهُم عبد الله بن أبي يُقَال إِن قبر الزُّهْرِيّ بأدما وَهِي خلف شغب وبدا وَهِي أول عمل فلسطين وَآخر عمل الْحجاز وَبهَا ضَيْعَة لِلزهْرِيِّ وَهُوَ مسنم مجصص قَالَ الْوَاقِدِيّ عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَقَالَ غَيره أَرْبعا وَسبعين وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة وَهُوَ الْقَائِل لعبد الله بن عبد الْملك بن مَرْوَان(5/18)
(أَقُول لعبد الله لما لَقيته ... يسير بِأَعْلَى الرقتين مشرقا)
(ترج خبايا الأَرْض وارج مليكها ... لَعَلَّك يَوْمًا أَن تجاب فترزقا)
(لَعَلَّ الَّذِي أعْطى الْعَزِيز بقدرة ... وَذَا خشب أعْطى وَقد كَانَ دودقا)
(سيؤتيك مَالا وَاسِعًا ذَا مثابة ... إِذا مَا مياه النَّاس غارت تدفقا)
3 - (أَبُو عبد الله الطَّائِفِي)
مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي أَبُو عبد الله الْمَكِّيّ قَالَ ابْن مهْدي كتبه صِحَاح وَقَالَ أَحْمد مَا أَضْعَف حَدِيثه وَقَالَ ابْن عدي لَهُ غرائب روى عَنهُ الْجَمَاعَة خلا البُخَارِيّ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَة وَالصَّحِيح سنة سبع وَسبعين وَمِائَة)
3 - (الْحَافِظ ابْن واره)
مُحَمَّد بن مُسلم بن واره بواو بعْدهَا ألف وَرَاء وهاء الرَّازِيّ طوف وَسمع الْكثير روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي مَعَ تقدمه كَانَ أَبُو زرْعَة لَا يقوم لأحد ويجلسه مَكَانَهُ إِلَّا لَهُ توفّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الصَّالِحِي الْمُتَكَلّم)
مُحَمَّد بن مُسلم أَبُو الْحُسَيْن الصَّالِحِي من أهل الْبَصْرَة أحد الْمُتَكَلِّمين على مَذْهَب الإرجاء ورد بغداذ حَاجا واجتمعه إِلَيْهِ المتكلمون وَأخذُوا عَنهُ وَله من المصنفات كتاب الْإِدْرَاك الأول وَكتاب الْإِدْرَاك الثَّانِي ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَق النديم فِي كتاب الفهرست
3 - (أَبُو غَالب الْفَزارِيّ)
مُحَمَّد بن المسلك بن مَيْمُون أَبُو غَالب الْفَزارِيّ أورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار قَوْله
(يهوى هوا نجد وَأَيْنَ لَهُ ... من أَن يرى من سَاكِني نجد)
(فَعَسَى صروف الدَّهْر تسعده ... فَيحل نجداً وَهُوَ ذُو سعد)
كَانَ مَوْجُودا بعد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة بحلة ابْن مزِيد
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن مُسلم)
مُحَمَّد بن مُسلم بتَشْديد اللَّام بن مَالك بن مزروع الزيني ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الزَّاهِد الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْمُحدث الْفَقِيه النَّحْوِيّ بركَة(5/19)
الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو عبد الله ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ فِي صفر وَمَات أَبوهُ وَله سِتّ سِنِين وَكَانَ ملاحاً فِي سوق الْجَبَل وَحفظ الْقُرْآن وَتعلم الْخياطَة واشتغل وتفقه وَسمع الْكثير لَهُ حُضُور على ابْن عبد الدَّائِم وَسمع من الشَّيْخ شمس الدّين وطبقته وَخرج لَهُ ابْن الْفَخر مشيخة فِي مُجَلد سَمعهَا مِنْهُ خلق وبرع فِي الْفِقْه والعربية وتصدر لإقرائهما وَتخرج بِهِ فضلاء لم يطْلب تدريساً وَلَا فتيا وَلَا زاحم على الدُّنْيَا سمع الشَّيْخ شمس الدّين بقرَاءَته الْأَجْزَاء وَكَانَ رُبمَا يكْتب الْأَسْمَاء والطباق ويذاكر بَقِي مُدَّة على الخزانة الضيائية فَلَمَّا توفّي القَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان عين للْقَضَاء وأثني عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان بِالْعلمِ والنسك والسكينة فولاه الْقَضَاء فتوقف وطلع إِلَيْهِ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية إِلَى بَيته وقوى عزمه ولامه فَأجَاب بِشَرْط أَن لَا يركب بغله وَلَا يَأْتِي موكباً فَأُجِيب وَكَانَ ينزل إِلَى الجوزية مَاشِيا وَرُبمَا ركب حمَار المكاري وَكَانَ مِئْزَره سجادته)
ودواة الحكم زجاجة وَاتخذ فرجية مقتصدة من صوف وَكبر الْعِمَامَة قَلِيلا فَنَهَضَ بأعباء الحكم بِعلم وحلم وَقُوَّة ورزانة وَعمر الْأَوْقَاف وحاسب الْعمَّال وحرر الإسجالات وحمدت قضاياه ولازم الْوَرع والتحري ولاطف العتاه وَحكم إِحْدَى عشرَة سنة وَشهد لَهُ أهل الْعلم وَالدّين أَنه من قُضَاة الْعدْل وَحج مَرَّات وَخرج لَهُ ابْن سعد الْأَرْبَعين المتباينة المسانيد وَخرج لَهُ الْمزي تساعيات وَخرج لَهُ شمس الدّين جُزْءا وَأَجَازَ لَهُ من مصر جمَاعَة من أَصْحَاب البوصيري وأوذي بالْكلَام لما انتصر لِابْنِ تَيْمِية فتألم وكظم وَسَار لِلْحَجِّ والمجاورة فَمَرض من العلى فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة تحامل حَتَّى وقف مُسلما على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَدخل إِلَى منزل فَلَمَّا كَانَ السحر توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وَسبع مائَة وَدفن بِالبَقِيعِ وَله أَربع وَسِتُّونَ سنة وَأشهر
3 - (الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي)
مُحَمَّد بن مسلمة الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي حليفهم وَمن الطَّبَقَة الأولى من الْأَنْصَار وَأمه وَأم سهم واسْمه خليدة من الْخَزْرَج أسلم مُحَمَّد بِالْمَدِينَةِ على يَدي مُصعب بن عُمَيْر وَذَلِكَ قبل الْإِسْلَام أسيد بن الْحضير وَسعد بن معَاذ وآخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين أبي عُبَيْدَة بن الْجراح وَشهد بَدْرًا وأُحُداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلا تَبُوك لأنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَخْلَفَهُ على الْمَدِينَة وَثَبت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما انهزم النَّاس وَكَانَ فِيمَن قتل كَعْب بن الْأَشْرَف قَالَ ابْن يُونُس شهد فتح مصر وَكَانَ فِيمَن طلع الْحصن مَعَ الزبير بن الْعَوام واختط بِمصْر ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة وَقدم مرّة أُخْرَى مصر فِي مقاسمة عَمْرو بن الْعَاصِ لما قَاسم عمر الْعمَّال ورشاه عَمْرو بن الْعَاصِ فَلم يقبل وَحكى أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر عَن خَليفَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لمُحَمد بن مسلمة كَيفَ تراني يَا مُحَمَّد فَقَالَ قَوِيا على جمع المَال عفيفاً عَنهُ عادلاً فِي الْقِسْمَة وَلَو ملت عدلناك كَمَا نعدل السهْم فِي الثقاف فَقَالَ عمر الْحَمد لله الَّذِي جعلني فِي قوم(5/20)
إِذا ملت عدلوني وَقَالَ الْوَاقِدِيّ بلغ عمر بن الْخطاب أَن سعد بن أبي وَقاص بني قصراً بِالْكُوفَةِ فَأرْسل مُحَمَّد بن مسلمة فَحرق بَاب الْقصر بالنَّار وَكَانَ عمر إِذا أَرَادَ شَيْئا من هَذِه الْأَشْيَاء بعث مُحَمَّد بن مسلمة فِيهِ وَقَالَ هِشَام كَانَ مُحَمَّد من فضلاء الصَّحَابَة وَاعْتَزل الْفِتَن وَلم يشْهد صفّين وَلَا الْجمل وَأقَام بالربذة وَاتخذ سَيْفا من خشب وعلقه فِي الجفن فِي بَيته وَقَالَ أهيب بِهِ ذاعراً وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أعْطى مُحَمَّد بن مسلمة سَيْفا وَقَالَ قَاتل بِهِ الْمُشْركين مَا قَاتلُوا فَإِذا رَأَيْت الْمُسلمين قد أقبل بَعضهم على بعض فَائت أحدا فَاضْرِبْهُ بِهِ حَتَّى تقطعه ثمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتك حَتَّى تَأْتِيك يَد خاطئة أَو منية قاضية وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه توفّي سنة ثَلَاث أَو اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بالربذة وَقيل بِالْمَدِينَةِ وَدفن إِلَى جَانب أبي ذَر بالربذة
3 - (أَبُو جَعْفَر الطَّيَالِسِيّ)
مُحَمَّد بن مسلمة بن الْوَلِيد الوَاسِطِيّ أَبُو جَعْفَر الطَّيَالِسِيّ حدث ببغداذ عَن يزِيد بن هَارُون وَغَيره قَالَ الْخَطِيب لَهُ مَنَاكِير وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ الأرغياني الاسنفنجي)
مُحَمَّد بن الْمسيب بن إِسْحَق بن عبد الله النَّيْسَابُورِي الأرغياني الإسفنجي الْحَافِظ الجوال الزَّاهِد روى عَنهُ ابْن خُزَيْمَة مَعَ جلالة قدره قيل إِنَّه بَكَى حَتَّى عمي كَانَ من الْعباد الْمُجْتَهدين وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (الْأَمِير أَبُو الذواد صَاحب الْموصل)
مُحَمَّد بن الْمسيب الْأَمِير أَبُو الذواد تغلب على الْموصل وَأَخذهَا وصاهر لولد عضد الدولة توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَقَامَ بعده أَخُوهُ حسام الدولة مقلد بن الْمسيب
3 - (الدوركي الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن مصطفى بن زَكَرِيَّاء بن خواجا بن حسن فَخر الدّين التركي الصلغري الدوركي الْحَنَفِيّ أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ صلغر فَخذ من التّرْك ودورك بلد بالروم مولده سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة بدورك كَانَ شَيخا فَاضلا عِنْده أدب وَله نظم ونثر وَقد نظم الْقَدُورِيّ فِي الْفِقْه نظماً فصيحاً سهلاً جَامعا ونظم قصيدة فِي النَّحْو تَضَمَّنت أَكثر الحاجبية وفخر الدّين هَذَا كتبنَا عَنهُ لِسَان التّرْك ولسان الْفرس وَكَانَ عَالما(5/21)
باللسانين يعرفهما إفراداً وتركيباً أَعَانَهُ على ذَلِك مشاركته فِي علم الْعَرَبيَّة وَله قصائد كَثِيرَة مِنْهَا قصيدة فِي قَوَاعِد لِسَان التّرْك ونظم كثير فِي غير فن وأنشدني كثيرا مِنْهُ درس بالحسامية الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَكَانَ قَدِيما قد تولى الْحِسْبَة بغزة وَكَانَ الْخط جميل الْعشْرَة متواضعاً منصفاً تالياً لِلْقُرْآنِ حسن النغمة بِهِ وَقد أدب بقلعة الْجَبَل بعض أَوْلَاد الْمُلُوك قلت هُوَ السُّلْطَان الْملك)
النَّاصِر قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين وَعمي فِي آخر عمره وأنشدني من قصيدة مدح بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(قيل اتخذ مدح النَّبِي مُحَمَّد ... فِينَا شعارك إِن شعرك ريق)
(وعَلى بنانك لليراعة بهجة ... وعَلى بيانك للبراعة رونق)
(يَا قطب دَائِرَة الْوُجُود بأسره ... لولاك لم يكن الْوُجُود الْمُطلق)
(مذ كنت أَوله وَكنت أخيره ... فِي الْخَافِقين لِوَاء مجدك يخْفق)
(كل الْوُجُود إِلَى جمالك شاخص ... فَإِذا اجتلاك فَعَن جلال يطْرق)
(كنت النَّبِي وآدَم فِي طينه ... مَا كَانَ يعلم أَي خلق يخلق)
(فَأتيت وَاسِطَة لعقد نبوة ... مِنْهَا أنار عقيقها والأبرق)
قلت شعر جيد فصيح
3 - (القرقساني)
مُحَمَّد بن مُصعب القرقساني روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه رَحل إِلَى الْأَوْزَاعِيّ قَالَ النَّسَائِيّ ضَعِيف وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عبد الله الْمُقْرِئ)
مُحَمَّد بن مُصعب أَبُو عبد الْمُقْرِئ أورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار قَوْله
(أَيهَا الْعَالم الَّذِي لَيْسَ فِي الأر ... ض لَهُ مشبه يضاهيه علما)
(أَي شَيْء من الْكَلَام ترَاهُ ... عَاملا فِي الْأَسْمَاء لفظا وَحكما)
(خَافِضًا ثمَّ رَافعا إِن تفهم ... ت يزدْ فهمك التفهم فهما)
(يشبه الْحَرْف تَارَة فَإِذا مَا ... ضارع الْحَرْف نَفسه صَار إسما)
(هُوَ مَرْفُوع رَافع وَهُوَ أَيْضا ... رَافع غَيره وَلَيْسَ معمى)
(وَهُوَ من بعد ذَاك للجر حرف ... فأجبنا إِن كنت فِي النَّحْو شهما)
وَقدم بغداذ فِي زمن الْوَزير ابْن هُبَيْرَة واللغز فِي مذ ومنذ(5/22)
3 - (البغداذي العابد)
مُحَمَّد بن مُصعب أَبُو جَعْفَر البغداذي كَانَ أحد الْعباد الْمَذْكُورين والقراء المعروفين أثنى عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد وَوَصفه بِالسنةِ وَقَالَ كَانَ رجلا صَالحا يقص فِي الْمَسْجِد وَيَدْعُو وَرُبمَا كَانَ)
ابْن علية يجلس إِلَيْهِ فَيسمع دعاءه جَاءَنِي وَكتب عني الحَدِيث كَانَ يَقُول يَا رب اخبأني تَحت عرشك وَكَانَ يَقُول يَا نفس ابْن مُصعب من أَيْن لَك فِي النَّار برادة ثمَّ رفع صَوته وَقَرَأَ وَإِن يستغيثوا يغاثوا بِمَاء كَالْمهْلِ يشوي الْوُجُوه الْآيَة كَانَ مجاب الدعْوَة بلغ الْمَأْمُون عَنهُ شَيْء فَأمر بِحَسبِهِ فَلَمَّا دخله رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء وَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك أَن حبستني عِنْدهم اللَّيْلَة فَأخْرج فِي جَوف اللَّيْل وَصلى الْغَدَاة فِي منزله أسْند عَن ابْن الْمُبَارك وَغَيره وروى عَنهُ ابْن سَام وَغَيره اتَّفقُوا على صدقه وثقته وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن بهْلُول الْحِمصِي)
مُحَمَّد بن مصفى بن بهْلُول الْقرشِي الْحِمصِي روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة اعتل بِالْجُحْفَةِ وَمَات بمنى قَالَ مُحَمَّد بن عَوْف رَأَيْته فِي الْمَنَام فَقلت يَا أَبَا عبد الله أَلَيْسَ قدمت إِلَى مَا صرت قَالَ إِلَى خير وَمَعَ ذَلِك فَنحْن نرى رَبنَا كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَقلت يَا أَبَا عبد الله صَاحب سنة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالَ فَتَبَسَّمَ إِلَيّ توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو غَسَّان الْمدنِي)
مُحَمَّد بن مطرف بن دَاوُد أَبُو غَسَّان الْمدنِي أحد الْعلمَاء الْأَثْبَات روى عَنهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَة أَو مَا دونهَا
3 - (الْحَافِظ الْبَزَّاز)
مُحَمَّد بن المظفر بن مُوسَى بن عِيسَى أَبُو الْحُسَيْن الْبَزَّاز الْحَافِظ البغداذي رَحل إِلَى الْأَمْصَار وبرع فِي علم الحَدِيث وَمَعْرِفَة الرِّجَال وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسبعين وَثَلَاث مائَة سمع الطَّبَرِيّ وَغَيره وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره وَاتَّفَقُوا على فَضله وَصدقه وثقته(5/23)
3 - (البغداذي الْمعدل)
مُحَمَّد بن المظفر بن عبد الله أَبُو الْحسن البغداذي الْمعدل روى عَنهُ الْخَطِيب توفّي سنة عشر وَأَرْبع وَقد بلغ أَرْبعا وَسبعين سنة
3 - (قَاضِي بغداذ أَبُو بكر الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي)
مُحَمَّد بن المظفر بن بكر قَالَ ابْن النجار ابْن بكران بن عبد الصَّمد الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة أَبُو بكر الشَّامي الْحَمَوِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي ولد بحماة سنة أَربع مائَة ورحل إِلَى بغداذ شَابًّا فسكنها وتفقه بهَا إِلَى أَن ولي قَضَاء الْقُضَاة بعد موت الدَّامغَانِي تفقه على أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَكَانَ)
يحفظ تعليقته صنف كتاب الْبَيَان عَن أصُول الدّين توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة طول ابْن النجار تَرْجَمته وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا
3 - (أَبُو الْحسن ابْن رَئِيس الرؤساء)
مُحَمَّد بن المظفر بن عَليّ بن الْمسلمَة ولد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة سمع الحَدِيث وَتفرد وَتعبد وَجعل دَاره الَّتِي فِي دَار الْخَلِيفَة رِبَاطًا للصوفية توفّي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَحمل إِلَى جَامع الْقصر وأزيلت شقة من شباك الْمَقْصُورَة الَّتِي فِيهَا الْمِحْرَاب ليحصل التابوت فِي الْمِحْرَاب فَيصَلي عَلَيْهِ الْخَلِيفَة وَتقدم فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ وَزِير الْخَلِيفَة ابْن صَدَقَة وَدفن عِنْد جَامع الْمَنْصُور قَرِيبا من رِبَاط الزوزني وَكَانَ من بني رَئِيس الرؤساء وَترك الدُّنْيَا عَن قدرَة وزهد وَانْقطع إِلَى الْعِبَادَة وَكَانَ يتَكَلَّم بِكَلَام شَدِيد على طَريقَة أهل الْحَقِيقَة
3 - (صفي الدّين الزرزاري)
مُحَمَّد بن المظفر بن يحيى بن المظفر الزرزاري صفي الدّين أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور عدلا بِالْقَاهِرَةِ يُفْتِي فِي مَذْهَب مَالك وَكَانَ خَفِيف الرّوح فِيهِ طرف مزاح وَكَانَ لَهُ نظم فَمن ذَلِك قَوْله
(دَلِيل وجدي مَعْقُول ومنقول ... وَمَا غرامي عَن المحبوب مَنْقُول)
(يميس غُصْن نقاً من تَحت بدر دجى ... من فَوْقه جنح ليل الشّعْر مسدول)
(مَا بَين برق ثناياه ولؤلؤه ... صوب من المزن بالصهباء مَعْلُول)
(كَيفَ السَّبِيل إِلَى سلسال مبسمه ... وسلسبيل اللمى مَا فِيهِ تسبيل)
(خلعت ثوب اصْطِبَارِي حِين طرزه ... بالمسك ديباج خد مِنْهُ مصقول)
(شهِدت أَنِّي مشوق فِيهِ مكتئب ... وأنني عِنْد قَاضِي الْحسن مَقْبُول)
قلت شعر متوسط(5/24)
3 - (أَبُو يعلي المنجم)
مُحَمَّد بن المظفر بن إِسْمَاعِيل بن بشر أَبُو يعلي المنجم الشَّاعِر روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن ناقيا الشَّاعِر وَأَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد ابْن مُحَمَّد الحمامي شَيْئا من شعره من شعره فِي الشمعة)
(وهيفاء قامتها كالقضيب ... إِلَى الشَّمْس فِي نورها تنتسب)
(بَدَت فِي قَمِيص من الياسمين ... لنا وقلنسوة من ذهب)
(وباتت كفاقدة إلفها ... إِلَى الصُّبْح أدمعها تنسكب)
وَمِنْه قَوْله
(يَا من على ضعف صبري ... بهجره قد تقوى)
(قلبِي لديك رهين ... مَا يَسْتَطِيع سلوا)
(مولَايَ كل صديق ... قد صَار فِيك عدوا)
وَمِنْه قَوْله
(لقد أرضيت مَشْغُولًا ... عَن اللوام بالفكر)
(وَعلم مقلتي سهراً ... خلي نَام عَن سهري)
(يعذب غير مصطبر ... وَيظْلم غير منتصر)
(تملك مهجتي قمر ... فَمن يعدي على الْقَمَر)
قلت شعر جيد منسجم
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الْخرقِيّ ابْن نحرير)
مُحَمَّد بن المظفر بن عبد الله بن مظفر بن نحرير الْخرقِيّ أَبُو الْحُسَيْن الشَّاعِر مولى بني فَهد وَأمه تميمية من بني الْحَارِث بن كَعْب روى عَنهُ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز العكبري والخطيب التبريزي وَالْمبَارك بن عبد الْجَبَّار بن أَحْمد الصَّيْرَفِي وَأَبُو غَالب شُجَاع بن فَارس الذهلي وَأَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمد بن النقور وَغَيرهم من شعره
(إرم بهَا فِي لَهَوَات الوهاد ... وخض بهَا لجة وَاد فواد)
(إِن دسوت الْمجد مَضْرُوبَة ... فِي صهوات الصافنات الْجِيَاد)
(أقبح بِذِي اللب إِذا لم ينل ... بِأول الرَّأْي أخير المُرَاد)
(مَا الْعَزْم إِلَّا نشطة هَكَذَا ... إِمَّا إِلَى الغي وَإِمَّا الرشاد)
(الْمَرْء مَرْهُون على نهضة ... تقعده فِي نطع أَو وساد)(5/25)
(وَصَاحب نبهني غالطاً ... وَالْفَجْر لم يبد وَلَا قيل كَاد)
(وجلدة اللَّيْل على صبغها ... تماطل النُّقْصَان بالإزدياد)
)
(غم عَلَيْهِ الجو حَتَّى رأى ... نجومه كالجمر تَحت الرماد)
وَمِنْه قَوْله
(أَلَيْسَ وَعَدتنِي يَا قلب أَنِّي ... إِذا مَا تبت من لبني تتوب)
(فها أَنا تائب من حب لبني ... فَمَا بالي أَرَاك بهَا تذوب)
(أما نظرت إِلَيْك بِفعل غدر ... وَبَين فعلهَا النّظر الْمُرِيب)
(فَقَالَ بلَى وَلَكِنِّي لأمرٍ ... رجعت فتبت عَن قولي أَتُوب)
(إِذا جَازَيْتهَا غدراً بغدرٍ ... فَمن منا يكون هُوَ الحبيب)
وَمِنْه
(يَا نسَاء الْحَيّ من مُضر ... إِن سلمى ضرَّة الْقَمَر)
(إِن سلمى لَا فجعت بهَا ... أسلمت طرفِي إِلَى السهر)
(وَهِي إِن صدت وَإِن وصلت ... مهجتي مِنْهَا على خطر)
(وَبَيَاض الشّعْر أسكنها ... فِي سَواد الْقلب وَالْبَصَر)
وَمن شعره أَيْضا
(لساني كتوم لأسراركم ... وَلَكِن دمعي لسري يذيع)
(وَلَوْلَا دموعي كتمت الْهوى ... وَلَوْلَا الْهوى لم يكن لي دموع)
وَمِنْه أَيْضا
(قُم فاسقني خمرة مُعتقة ... تفوح مِنْهَا رَوَائِح العنبر)
(حَمْرَاء قد شجها المزاج وَقد ... صَار من الضعْف لَوْنهَا أصفر)
(تحير النَّاس فِي الصِّفَات لَهَا ... لَا عرضا أثبتوا وَلَا جَوْهَر)
قلت شعر جيد وَكَانَ رَافِضِيًّا توفّي سنة خمس وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَدفن بالشونيزية مولده سنة سبع وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَمن شعره مَا رَوَاهُ التبريزي الْخَطِيب عَنهُ
(خليلي مَا أحلى صبوحي بدجلة ... وَأطيب مِنْهَا بالصراة غبوقي)
(شربنا على الماءين من مَاء كرمةٍ ... فَكَانَا كدر ذائب وعقيق)
(على قمري أرضٍ وأفق تقابلا ... فَمن شائق حُلْو الْهوى ومشوق)(5/26)
(فَمَا زلت أسقيه وأشرب رِيقه ... وَمَا زَالَ يسقيني وَيشْرب ريقي)
)
(وَقلت لبدر التم تعرف ذَا الْفَتى ... فَقَالَ نعم هَذَا أخي وشقيقي)
3 - (الْعَنْبَري)
مُحَمَّد بن معَاذ بن عباد بن معَاذ الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم قَالَ ابو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْمسند دران)
مُحَمَّد بن معَاذ بن سُفْيَان الْبَصْرِيّ الْحلَبِي أَبُو بكر دران تَثْنِيَة در سمع وَحدث كَانَ أسْند من بَقِي بحلب عمر دهراً وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (التَّيْمِيّ الْمدنِي)
مُحَمَّد بن معَاذ بن عبد الله بن معمر التَّيْمِيّ الْمدنِي قَالَ يرثي من أُصِيب من أَهله بِقديد
(وَكَأن الْمنون تطلب مني ... ذحل وترٍ فَمَا تُرِيدُ براحي)
(بعد رزء أصبته بِقديد ... هد ركني وهاض مني جناحي)
(لخيار الْجَمِيع قومِي بَنو عث ... مان كَانُوا ذخيرتي وسلاحي)
(ولخصم أَلد يشغب بالظل ... م إِذا كثر الْخُصُوم التلاحي)
وَقَالَ يرثيهم
(وَإِنِّي وَإِن كَانَت قديد بغيضة ... بهَا صادفت تِلْكَ النُّفُوس حمامها)
(لداع بسقياها على بعد دارها ... وَمَا ذَاك بِي إِلَّا بسقياي هامها)
3 - (ابْن الْمعَافى الْجريرِي)
مُحَمَّد بن الْمعَافى بن زَكَرِيَّاء بن يحيى بن حميد بن طرار أَبُو الْحُسَيْن ابْن أبي عَليّ من أهل النهروان كَانَ وَالِده الْجريرِي بِالْجِيم على مَذْهَب ابْن جرير من المفننين فِي الْعُلُوم وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى حدث عَن جده لأمه مُحَمَّد بن يحيى بن حميد النهرواني وَأبي بكر أَحْمد ابْن يُوسُف بن خَلاد الْعَطَّار وروى عَنهُ أَبُو سعد إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن السمان الرَّازِيّ فِي مُعْجم شُيُوخه وَغَيره
3 - (ابْن غنيمَة الحلاوي الْحَنْبَلِيّ)
مُحَمَّد بن معالي بن غنيمَة الحلاوي أَبُو بكر الْفَقِيه(5/27)
الْحَنْبَلِيّ قَرَأَ الْفِقْه على أبي الْفَتْح ابْن الْمَنِيّ حَتَّى برع وَكَانَ مُنْقَطِعًا فِي مَسْجده منعكفاً على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ والفتيا والإمامة بِالنَّاسِ لَا)
يخرج إِلَّا لصَلَاة الْجُمُعَة أَو حُضُور جَنَازَة سمع الْكثير فِي صباه من أبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ وَأبي بكر مُحَمَّد بن عبيد الله الزَّاغُونِيّ وَأبي الْفَتْح عبد الْملك بن أبي الْقَاسِم الكروخي وَأبي الْقَاسِم سعيد بن أَحْمد بن الْحسن بن الْبناء توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة
3 - (أَبُو جَعْفَر الْمُقْرِئ)
مُحَمَّد بن أبي الْمَعَالِي ابْن مُحَمَّد بن غَرِيب أَبُو جَعْفَر الْمُقْرِئ ولد بدار الْخلَافَة وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وانتقل إِلَى الرصافة بِبَاب الطاق وَكَانَ يقْرَأ فِي ترب الْخُلَفَاء هُنَاكَ سمع أَبَا الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن سلمَان قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَهُوَ صَدُوق توفّي سنة عشْرين وست مائَة
3 - (ابْن قشندة)
مُحَمَّد بن معالي بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن قشندة بقاف مَكْسُورَة بعْدهَا شين مُعْجمَة مَكْسُورَة وَنون سَاكِنة ودال مُهْملَة مَفْتُوحَة وَبعدهَا هَاء من أهل بَاب الْبَصْرَة حدث باليسيرعن أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن سلمَان قَالَ ابْن النجار لم يتَّفق لنا لقاؤه توفّي بواقصة رَاجعا من الْحَج سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة
3 - (ابْن شدقيني العابر)
مُحَمَّد بن معالي بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد البغداذي ابْن شدقيني كَانَ عَارِفًا بتعبير الرُّؤْيَا سمع وروى وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة قَالَ ابْن النجار سَمَّاهُ بعض أهل الحَدِيث بِالْفَضْلِ وَهَذَا الِاسْم أظهر وَأشهر وَهُوَ أَخُو شَيخنَا أبي الْقَاسِم فَرح وَكَانَ الْأَكْبَر سمع أَبَا الْقَاسِم هبة الله بن مُحَمَّد ابْن عبد الْوَاحِد بن الْحصين وَأَبا الْحسن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الدينَوَرِي وَأَبا بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأَبا نصر مُحَمَّد بن سعد بن الْفَرح الْمُؤَدب وَغَيرهم
3 - (النَّيْسَابُورِي)
مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة النَّيْسَابُورِي نزيل مَكَّة طوف وصنف كَانَ ضَعِيفا قَالَ ابْن معِين كَذَّاب توفّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْفتُوح الْكَاتِب)
مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة بن الْفضل بن عبيد الله أَبُو الْفتُوح الْكَاتِب الْأَصْبَهَانِيّ قدم بغداذ واستوطنها وَحدث بهَا عَن أَبِيه وَعَن أبي عبد الله الْقَاسِم بن الْفضل ابْن أَحْمد الثَّقَفِيّ وَأبي الْفَتْح أَحْمد بن)
مُحَمَّد الْحداد سمع مِنْهُ أَبُو بكر ابْن كَامِل وَأَبُو مُحَمَّد ابْن الخشاب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة قَالَ ابْن الخشاب شيخ لَا بَأْس بِهِ مولده سنة سبع وَسبعين وَأَرْبع مائَة ووفاته(5/28)
3 - (أَبُو بكر ابْن الْأَحْمَر الْقُرْطُبِيّ)
مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن إِسْحَق بن عبد الله بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان أَبُو بكر الْأمَوِي الْقُرْطُبِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْأَحْمَر رَحل إِلَى الْمشرق سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَسمع النَّسَائِيّ وَغَيره وَدخل إِلَى أَرض الْهِنْد تَاجِرًا وَكَانَ شَيخا جميلاً صَدُوقًا حمل النَّاس عَنهُ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (بدر الدّين ابْن معبد)
مُحَمَّد بن معبد الْأَمِير بدر الدّين أَخُو الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن معبد وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَكَان من حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَصلهمَا من بعلبك أَخذ الْعشْرَة للطبلخاناه وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى قد تغير عَلَيْهِ لما غضب على نَاصِر الدّين الدوادار ثمَّ إِنَّه رَضِي عَنهُ بعد ذَلِك وَكَانَت لَهُ نعْمَة طائلة وأملاك كَثِيرَة وَيُحب الْفُضَلَاء وعَلى ذهنه أَيَّام النَّاس ووقائعهم وَعِنْده مجلدات وَولي الصَّفْقَة الْقبلية فِي أَوَاخِر أَيَّام تنكز وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ شكلاً طوَالًا بطيناً وَأَبوهُ اسْمه مَحْمُود بن معبد ومعبد جده
3 - (أَبُو جَعْفَر الْعلوِي الشيعي)
مُحَمَّد بن معد بن عَليّ بن رَافع بن فَضَائِل بن عَليّ بن حَمْزَة بن أَحْمد بن حَمْزَة أَبُو جَعْفَر الْعلوِي الموسوي الْحلِيّ من حلَّة سيف الدّين صَدَقَة قدم بغداذ واستوطنها وصاهر مؤيد الدّين القمي كَاتب الْإِنْشَاء على أُخْته وَكَانَ عَلَيْهِ وقار وسكينة فَقِيها فَاضلا على مَذْهَب الشِّيعَة عَالما بالْكلَام على مَذْهَب الإمامية وَله تعبد وَفِيه تدين أجَاز لَهُ الإِمَام النَّاصِر فقرىء عَلَيْهِ كتاب روح العارفين فِي دَاره وَحضر عِنْده ابْن الْأَخْضَر وَولده عَليّ وَعبد الْعَزِيز ابْن دلف الخازن وَجَمَاعَة كَثِيرَة من أهل الْعلم وأعيان النَّاس مولده فِي شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَسبعين وَخمْس مائَة وَمَات فِي شهر رَمَضَان سنة عشْرين وست مائَة وَحمل إِلَى مشْهد الْحُسَيْن وَدفن هُنَاكَ
3 - (الْأَسدي اللّغَوِيّ)
)
مُحَمَّد بن الْمُعَلَّى بن عبد الله الْأَسدي أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ روى عَن أبي الْعَبَّاس الْفضل بن مُحَمَّد بن سهل عَن الحزنبل وَعَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب عَن أبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن بن حمادة البلعي وَشرح ديوَان تَمِيم بن أبي بن مقبل
3 - (اللبناني)
مُحَمَّد بن معمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن أبان اللبناني أَبُو روح الْأَصْبَهَانِيّ من أَوْلَاد الْمَشَايِخ والمحدثين قدم بغداذ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة(5/29)
حَاجا وَحدث عَن وَالِده أبي مَنْصُور وَعَن أبي عبد الله الْقَاسِم بن الْفضل بن أَحْمد الثَّقَفِيّ وَأبي مُطِيع مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْمصْرِيّ وَأبي بكر أَحْمد بن زَاهِر الطوسي وَأبي مَسْعُود سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الْحَافِظ وَجَمَاعَة وَسمع مِنْهُ جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْفضل أَحْمد بن صَالح بن شَافِع وَأَبُو بكر الْمُبَارك بن كَامِل بن أبي غَالب الْخفاف وَعلي بن يعِيش القواريري وَأحمد بن عمر بن لبيدة المقرىء وَأَبُو مُحَمَّد عبد الله بن سكينَة الْأنمَاطِي شيخ ابْن النجار توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن معمر الْأَصْبَهَانِيّ الشَّافِعِي)
مُحَمَّد بن معمر بن عبد الْوَاحِد بن الفاخر أَبُو عبد الله ابْن أبي أَحْمد الْقرشِي الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ فَقِيها فَاضلا حسن الْمعرفَة بِمذهب الشَّافِعِي وَله معرفَة حَسَنَة بِالْحَدِيثِ وَيَد باسطة فِي الْأَدَب وتفنن فِي الْعُلُوم وَيكْتب خطا حسنا وَكَانَ من ظرفاء النَّاس سَمعه وَالِده فِي صباه الْكثير حضوراً وسماعاً من أبي الْفضل الثَّقَفِيّ وَأبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي ذَر الصالحاني وَأبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن الْأَفْضَل بن الإخشيذ وَفَاطِمَة الجوزدانية وخجسته بنت عَليّ الصالحانية وَخلق كثير وَقدم بغداذ مَعَ وَالِده فِي صباه وَسمع من جمَاعَة فِي مَرَّات من قدومه ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وَحدث بهَا وَحج وَعَاد وأملى بِالْقصرِ وَكَانَ ثِقَة متديناً لَهُ مكانة عِنْد الْمُلُوك والسلاطين توفّي سنة ثَلَاث وست مائَة وَولد سنة عشْرين وَخمْس مائَة قَالَ ابْن النجار لم يتَّفق لي لقاؤه وَكتب إِلَيّ بِالْإِجَازَةِ وَمن شعره
(تبدت مِثْلَمَا برزت براح ... وآذنت الْكَوَاكِب بالبراح)
(فَقلت فضحت حِين وضحت لَيْلًا ... وَطَالَ لِسَان واش فِي لَاحَ)
(فَقَالَت بَعْدَمَا جَادَتْ وَنَادَتْ ... وأبدت عَن ثغور كالأقاح)
)
(وَهل تستنجح الْحَاجَات إِلَّا ... بِوَجْه فِي مساعيه وقاح)
3 - (الْحَافِظ البحراني)
مُحَمَّد بن معمر بن ربعي أَبُو عبد الله الْقَيْسِي الْبَصْرِيّ البحراني بِالْحَاء الْمُهْملَة الْحَافِظ روى عَنهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا
3 - (المعتصم ابْن صمادح)
مُحَمَّد بن معن بن مُحَمَّد بن صمادح الملقب بالمعتصم التجِيبِي صَاحب المرية وبجانة بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْجِيم الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف نون والصمادحية من بِلَاد الأندلس كَانَ جده مُحَمَّد بن أَحْمد بن صمادح صَاحب مَدِينَة وشقة وأعمالها فِي أَيَّام(5/30)
الْمُؤَيد هِشَام بن الحكم الْأمَوِي فحاربه ابْن عَمه مُنْذر ابْن يحيى التجِيبِي وَاسْتظْهر عَلَيْهِ وَعجز عَن دَفعه وَكَانَ داهية لم يعدله أحد من أَصْحَاب السيوف فِي الدهاء وَكَانَ وَلَده معن مصاهراً لعبد الْعَزِيز بن أبي عَامر صَاحب بلنسية فَوَثَبَ عبد الْعَزِيز على المرية لما قتل زُهَيْر لِأَنَّهُ مَوْلَاهُم فحسده صَاحب دانية مُجَاهِد بن عبد الله العامري فقصد بِلَاد عبد الْعَزِيز وَهُوَ مشتغل فِي تَرِكَة زُهَيْر فَلَمَّا أحس بِهِ خرج إِلَيْهِ من المرية وَخلف بهَا صهره ووزيره معن بن صمادح فخانه فِي الْأَمَانَة وغدر بِهِ وطرده عَن الْإِمَارَة وَلم يبْق من مُلُوك الطوائف أحد إِلَّا ذمه إِلَّا أَنه تمّ لَهُ الْأَمر واستتب فَلَمَّا مَاتَ انْتقل الْملك إِلَى وَلَده مُحَمَّد المعتصم تسمى بأسماء الْخُلَفَاء وَكَانَ رحب الفناء جزل الْعَطاء حَلِيمًا عَن الدِّمَاء فطافت بِهِ الآمال واتسع فِي مدحه الْمقَال وَلَزِمَه جمَاعَة من الشُّعَرَاء كَابْن الْحداد وَغَيره وَكَانَ يُوسُف بن تاشفين قد أقبل على المعتصم بِخِلَاف مُلُوك الطوائف فَلَمَّا خرج عَن طَاعَته الْمُعْتَمد شَاركهُ فِي ذَلِك المعتصم فعزم ابْن تاشفين على خلعهما فَلَمَّا كَانَ إِلَّا أَن قصدهما وخيم بِفنَاء المعتصم فَمَاتَ المعتصم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة بالمرية قَالَت أروى بعض حظاياه إِنِّي لعِنْد المعتصم وَهُوَ يُوصي بِشَأْنِهِ وَنحن بِحَيْثُ نعد خيمات ابْن تاشفين ونسمع صوتهم إِذْ سمع وجبة من وجباتهم فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله نغص علينا كل شَيْء حَتَّى الْمَوْت فَدَمَعَتْ عَيْني فَلَا أنسى طرفا يرفعهُ إِلَيّ وإنشاده لي بِصَوْت لَا أكاد أسمعهُ
(ترفق بدمعك لَا تفنه ... فَبين يَدي بكاء طَوِيل)
كتب المعتصم إِلَى ابْن عمار يعاتبه
(وزهدني فِي النَّاس معرفتي بهم ... وَطول اختباري صاحباً بعد صَاحب)
)
(فَلم ترني الْأَيَّام خلا تسرني ... مباديه إِلَّا سَاءَنِي فِي العواقب)
(وَلَا صرت أرجوه لدفع ملمةٍ ... من الدَّهْر إِلَّا كَانَ إِحْدَى النوائب)
فَأجَاب ابْن عمار بقوله
(سواك يعي قَول الوشاة من العدى ... وَغَيْرك يقْضِي بالظنون الكواذب)
(وَلَو أَن دهري ساعدتني صروفه ... ركبت إِلَى مغناك هوج الركائب)
(وَقبلت من يمناك أعذب موردٍ ... وَأديت من رُؤْيَاك آكِد وَاجِب)
وَمن شعر المعتصم أَيْضا
(يَا من بجسمي لبعده سقم ... مَا مِنْهُ غير الدنو يبريني)
(بَين جفوني وَالنَّوْم معترك ... تصغر عَنهُ حروب صفّين)
(إِن كَانَ صرف الزَّمَان أبعدني ... عَنْك فطيف الخيال يدنيني)
وامتدحه ابْن الْحداد بقصيدة أَولهَا
(لَعَلَّك بالوادي الْمُقَدّس شاطئ ... فكالعنبر الْهِنْدِيّ مَا أَنا واطئ)(5/31)
وامتدحه الأسعد ابْن بليطة بقصيدة أَولهَا
(برامة ريم زارني بَعْدَمَا شطا ... تقنصته فِي الْحلم بالشط فاشتطا)
3 - (ابْن الْمُغلس البغداذي)
مُحَمَّد بن الْمُغلس بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْمُغلس أَبُو الْحسن البغداذي سكن مصر وَسمع بهَا أَبَا مُحَمَّد الْحسن بن رَشِيق العسكري وَأَبا الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِدْرِيس الشَّافِعِي الرَّازِيّ وروى عَنهُ أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الصَّقْر الْأَنْبَارِي فِي مشيخته وجده ابْن الْمُغلس الدَّاودِيّ صَاحب كتاب الموضح وَتُوفِّي أَبُو الْحسن سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (المغربي الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن أبي مغنوج من أهل باجة الزَّيْت بالسَّاحل من كورة رصفة بهَا نَشأ وتأدب وَكَانَ من تلاميذ مُحَمَّد بن سعيد الأبروطي وَكَانَ هجاء بديهاً وَهُوَ الْقَائِل من أَبْيَات
(وَإِذا مَرَرْت بِبَاب شيخ زبنة ... فَاكْتُبْ عَلَيْهِ قوارع الْأَشْعَار)
(يُؤْتِي ويؤتي شَيْخه وعجوزه ... وَبنَاته وَجَمِيع من فِي الدَّار)
وَكَانَ من خَاصَّة ابْن أبي الكتامي ينادمه ويؤدب بنيه فَقَالَ لَهُ يَوْمًا صف لنا لحية هَذَا وَأَشَارَ)
إِلَى سناط بِحَضْرَتِهِ يُسمى ميموناً قَالَ على أَن آخذ كَذَا وَكَذَا قَالَ نعم فَقَالَ ارتجالاً
(لحية مَيْمُون إِذا حصلت ... لم تبلغ المعشار من ذره)
وَسكت فَقَالَ ابْن أبي الكتامي إِنَّمَا أَمرتك أَن تقرن ذَلِك بالهجاء فَقَالَ لَا أفعل إِلَّا بِزِيَادَة فِي شرطي فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك فَقَالَ من سَاعَته
(تطلعت فاستقبحت وَجهه ... فأقسمت لَا أنبتت شعره)
قتل سنة سبع وَأَرْبع مائَة بِسَبَب الروافض
3 - (المغربي)
مُحَمَّد بن مغيث قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ شَاعِرًا مطبوعاً مُرْسل الْكَلَام مليح الطَّرِيقَة يَقع على النكت ويصيب الْأَغْرَاض وَيُقِيم حَرْب الشُّعَرَاء وَكَانَ مفتوناً بِالْخمرِ متبذلاً فِيهَا مدمناً عَلَيْهَا لَا يفِيق مِنْهَا سَأَلَهُ بعض إخوانه فِي مَرضه ليخبر قواه الْمَرَض(5/32)
الَّذِي مَاتَ فِيهِ هَل تقدر على النهوض لَو رمته فَقَالَ لَو شِئْت مشيت من هَهُنَا إِلَى حَانُوت أبي زَكَرِيَّاء النباذ فَقَالَ فألا قلت إِلَى الْجَامِع فَقَالَ لكل امْرِئ من دهره مَا تعودا وَلم تجر الْعَادة بذلك وَلَقي صَاحب الْمَظَالِم المرناقي وَهُوَ مخمور فَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ كَيفَ تجدك فَقَالَ بِخَير مَا لم أرك يَا مولَايَ وَأَرَادَ أَن يَقُول بِخَير مَا رَأَيْتُك فَأَطْرَقَ المرناقي وَمضى مُحَمَّد وجماً فَعمل قصيدة يعْتَذر إِلَيْهِ فِيهَا أَولهَا
(فرط الْحيَاء وهيبة السُّلْطَان ... جبرا على ضد الصَّوَاب لساني)
وَكتب إِلَى بعض الرؤساء وَقد جَاءَتْهُ بنت لَهُ فَوَجَمَ لَهَا وحزن حزنا شَدِيدا
(لَا تأس إِن رحت أَبَا لابنةٍ ... تكظم أشجاناً إِلَى كاظمه)
(فَإِن أَبنَاء نَبِي الْهدى ... كلهم من وَلَدي فاطمه)
فَحسن موقع ذَلِك مِنْهُ وَوَصله وأتى عبد الْمجِيد بن مهذب زَائِرًا فحجبه فَقَالَ
(زرت عبد الْمجِيد زورة مشتا ... ق إِلَيْهِ فصد عني صدودا)
(فَكَأَنِّي أَتَيْته أنزع الع ... مة عَن رَأسه وأخصي سعيدا)
وَكَانَ فِي رَأس الْمَذْكُور قُرُوح وَله عبد يؤثره قلت تشبه تَعْرِيض ولادَة بنت المستكفي فِي قَوْلهَا)
(إِن ابْن زيدون على فَضله ... يغتابني ظلما وَلَا ذَنْب لي)
(يلحظني شَزراً إِذا جِئْته ... كأننّي جئتُ لأخصِي عَليّ)
وَقَالَ مُحَمَّد بن مغيث
(لَا عد منا عميرَة ابْنة كف ... إِنَّهَا تسعد الْمُحب الشجيا)
(نقدها الرِّيق ثمَّ لَا مهر إِلَّا ... دلو مَاء إِن لم تكن دهريا)
وشاجر شيلون المصاحفي يَوْمًا وعيره فَقَالَ أبياتاً شافهه بِبَعْضِهَا وَهِي من أفسد الْقصر من أفنى خزائنه فَقَالَ شيلون أَنا فَقَالَ من صير الْعود قِنْطَارًا بِدِينَار فَقَالَ أَنا فَقَالَ من لَا يُصَلِّي وَإِن صلى فَمن نجس فَقَالَ لَهُ أَنْت فَقَالَ من يستخف بِحَق الْخَالِق الْبَارِي(5/33)
فَقَالَ لَهُ أَبوك فَسكت عَن بَاقِي الأبيات مُنْقَطِعًا وَمن قَوْله فِي قرهب يهجوه وَقيل إِنَّهَا لغيره
(سلوا الَّذِي سمى الْفَتى قرهباً ... أَكَانَ عمدا أم كَمَا نجما)
(عمري لقد أغربت فِي شَتمه ... إِن كنت حاولت لَهُ شتما)
(هَل هُوَ إِلَّا النّصْف من شَتمه ... ونبحة الْكَلْب فقد تما)
توفّي ابْن مغيث آخر سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة وَقد بلغ الْخمسين وَالسّن ظَاهِرَة عَلَيْهِ
3 - (السكرِي الهمذاني)
مُحَمَّد بن الْمُغيرَة بن سِنَان الضَّبِّيّ الهمذاني السكرِي الْحَنَفِيّ مُحدث همذان ومسندها وَشَيخ فقهائها الْحَنَفِيَّة توفّي سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا
3 - (الْقَائِد أَبُو الشوائل)
مُحَمَّد بن مفرج بن وليد الْأَمِير الْقَائِد الْمُجَاهِد أَبُو الشوائل السياري الغرناطي كَانَ كثير الْأَمْوَال وأكثرها من الْغَنَائِم لَهُ بر ومعروف وصدقات وافرة جدا وَأما جهاده فَقل من يصل إِلَى رتبته لم يكن فِيهِ عُضْو إِلَّا وَفِيه طعنة رمح فِيمَا أقبل من جسده وَلم يُولد لَهُ ولد أوصى)
بِثلث مَاله للْمَسَاكِين وَأعْتق عبيده وَأعْطى لكل وَاحِد خمسين دِينَارا وَبلغ تسعين سنة توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (أَبُو الطّيب الضَّبِّيّ الشَّافِعِي)
مُحَمَّد بن الْمفضل بن سَلمَة بن عَاصِم أَبُو الطّيب الضَّبِّيّ البغداذي الْفَقِيه الشَّافِعِي صَاحب ابْن سُرَيج كَانَ مَوْصُوفا بفرط الذكاء صنف كتبا عدَّة وَهُوَ صَاحب وَجه وَهُوَ وَأَبوهُ وجده من مشاهير أَئِمَّة اللُّغَة والنحو توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاث مائَة وَهُوَ غض شَاب كَانَ ابْن سُرَيج يمِيل إِلَى تَعْلِيمه وَيقبل عَلَيْهِ لفرط ذكائه
3 - (ابْن كاهويه)
مُحَمَّد بن الْمفضل بن إِسْمَاعِيل بن الْفضل أَبُو الْفضل ابْن كاهوية الْأَصْبَهَانِيّ الْكَاتِب سمع كثيرا وَخرج لنَفسِهِ معجماً وَكَانَ بليغاً كَاتبا شَاعِرًا مرضِي الْأَخْلَاق توفّي سنة سِتِّينَ تَقْرِيبًا وَخَمْسمِائة قَالَ ابْن النجار مولده سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة من شعره
(أَقُول للائمي فِي وجنتيه ... ووردهما تبدل بالبهار)
(وُجُوه العاشقين بِهِ أطافت ... فأعدي وَجهه أثر اصفرار)
وَمِنْه أَيْضا
(لَا تركنن إِلَى الْبَريَّة كلهَا ... وَاحْذَرْ تغيرها على أحوالها)(5/34)
(فَمَتَى أحبك وَاحِد لملمةٍ ... زَالَت محبته بِقدر زَوَالهَا)
وَمِنْه أَيْضا
(بيني وَبَين معاندي ... مَا لَا يَزُول بِغَيْر شكّ)
(كعداوةٍ لَا تَنْقَضِي ... بَين البهارج والمحك)
وَمِنْه أَيْضا
(تناسيتم حق الوداد عَلَيْكُم ... وأظهرتم نقض العهود لديكم)
(وَلَو كَانَ قلبِي يَسْتَطِيع فراقكم ... لما كنت من يشكو هواكم إِلَيْكُم)
قلت شعر متوسط
3 - (خطيب المرية)
مُحَمَّد بن الْمفضل بن الْحسن أَبُو بكر اللَّخْمِيّ الأندلسي خطيب المرية كَانَ فَاضلا شَاعِرًا أديباً)
متصوفاً توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (الْمُقْرِئ التكريتي)
مُحَمَّد بن مُفْلِح بن عَليّ أَبُو عبد الله الْمُقْرِئ التكريتي سمع بتكريت أَبَا الْفَرح مَنْصُور بن الْحسن بن عَليّ البَجلِيّ قَاضِي البوازيج وَحدث عَنهُ ببغداذ واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ أحد قراء الدِّيوَان فِي المواكب والمجالس سمع مِنْهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم التكريتي الصُّوفِي توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَدفن بِبَاب أبرز
3 - (رخ الْمروزِي)
مُحَمَّد بن مقَاتل أَبُو الْحسن الْمروزِي الْكسَائي ولقبه رخ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو زرْعَة قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (سيف الدّين ابْن الْمَنِيّ)
مُحَمَّد بن مقبل بن فتيَان بن مطر الْعَلامَة الْمُفْتِي سيف الدّين أَبُو المظفر ابْن أبي الْبَدْر بن الْمَنِيّ النهرواني ثمَّ البغداذي الْحَنْبَلِيّ ولد سنة سبع وَسِتِّينَ وتفقه على عَمه نَاصح الْإِسْلَام أبي الْفَتْح بعض التفقه وَسمع من الحيص بيص الشَّاعِر وَكَانَ فَقِيها مفتياً حسن الْكَلَام فِي مسَائِل الْخلاف عدلا متميزاً سمع مِنْهُ أَئِمَّة وفضلاء وروى عَنهُ الدمياطي وَغَيره وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست مائَة(5/35)
3 - (الْأَمِير ابْن مقن)
مُحَمَّد بن مقن بن الْمُقَلّد بن جَعْفَر بن عَمْرو بن المهيأ أَبُو عبد الله الْأَمِير كَانَت إِلَيْهِ الْإِمَارَة بسامرا وأعمالها وَكَانَ أديباً شَاعِرًا من بَيت إِمَارَة وَتقدم ذكره الْوَزير أَبُو سعد مُحَمَّد بن الْحُسَيْن فِي كتاب أَخْبَار الشُّعَرَاء كَانَ فِيهِ شح وإمساك وَكَانَ إِذا فرغ من طَعَامه نثر الْخبز فِي الجفان وخلطه بِالْمَاءِ الْحَار وصب عَلَيْهِ الأمراق الحامضة والحلوة الْبَارِدَة والحارة ويحضر الضُّعَفَاء للْأَكْل فَقيل لَهُ لَو أفردت كل طَعَام لَكَانَ أحب إِلَيْهِم فَقَالَ هَذَا لَا يَأْكُلهُ إِلَّا مُضْطَر إِلَيْهِ وَإِذا ميزنا الْأَطْعِمَة رغب فِيهَا من لَا حَاجَة لَهُ بهَا وَمن شعره
(يهيج عَليّ الشوق بعد اندماله ... حمام على شرف الْقُصُور جنوح)
(حمام يُغني بالْعَشي وبالضحى ... ويهتف أَحْيَانًا بِهِ وينوح)
(وذكرني مَا قد نسيت وَلم أكن ... أبوح فَأَصْبَحت الْغَدَاة أبوح)
)
حدث أَبُو الْحسن ابْن الصناديقي الْبَزَّاز قَالَ قلت لَهُ يَوْمًا أَيهَا الشَّيْخ الْأَمِير بِالَّذِي يغْفر ذَنْبك وَكَانَ يحب أَن يدعى لَهُ بذلك أَنْت فِيمَن قلع الْحجر الْأسود فَأمْسك وكررت عَلَيْهِ القَوْل وَكَانَ فِي الْموضع غليم من صبيان الْبَادِيَة فَقَالَ الْحق بأهلك يَا غليم وَأخذ بكتفي وَجعل يضْرب رَأْسِي بعمود الْبَيْت وَيَقُول كنت فِيمَن رده يَا فُضُولِيّ ويكرر القَوْل وَالْفِعْل
3 - (ابْن مكرم)
مُحَمَّد بن مكرم الْكَاتِب لَهُ مَعَ أبي العيناء وَمَعَ أبي عَليّ الْبَصِير أَخْبَار مَشْهُورَة قَالَ لِأَحْمَد بن إِسْرَائِيل عِنْد تقلده وزارة المعتز يشكو لصوصاً دخلُوا عَلَيْهِ
(يَا أَبَا جَعْفَر اسْمَع ... قَول محروب حريب)
(عجب النَّاس وَمَا جو ... ر زمَان بعجيب)
(من لصوص تركوني ... بَين أَهلِي كالغريب)
(تركوني بعد خصب ال ... حَال فِي عَيْش جديب)
(فأغث لهفان يَا ذَا ال ... جود بالباع الرحيب)
(بجميل النّظر المج ... دي على كل أديب)
فَلم يحظ مِنْهُ بطائل فَقَالَ يهجوه
(إِن زَمَانا أَنْت مستوزر ... فِيهِ زمَان عسر أنكد)
(يَا لبد الدَّهْر ويأجوجه ... أَنْت كنوح عمره سرمد)(5/36)
(يذمك النَّاس جَمِيعًا فَمَا ... يلقاك مِنْهُم وَاحِد يحمد)
(طرف الَّذِي استرعاك أَمر الورى ... بعد اختبارٍ غائر أرمد)
فَلَمَّا قتل أَحْمد قَالَ ابْن مكرم يرثيه
(عين بكي على ابْن إِسْرَائِيل ... لَا تملي من البكا والعويل)
(واجزعي وارفضي التصبر عَنهُ ... إِنَّه فِي الْوَفَاء غير جميلٍ)
3 - (جمال الدّين ابْن مكرم)
مُحَمَّد بن مكرم بتَشْديد الرَّاء بن عَليّ بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ الرويفعي الإفْرِيقِي ثمَّ الْمصْرِيّ القَاضِي جمال الدّين أَبُو الْفضل من ولد رويفع بن ثَابت الصَّحَابِيّ ولد أول سنة ثَلَاث وَسمع من يُوسُف بن المخيلي وَعبد الرَّحْمَن بن الطُّفَيْل ومرتضى بن حَاتِم وَابْن المقير وَطَائِفَة)
وَتفرد وَعمر وَكبر وَأَكْثرُوا عَنهُ وَكَانَ فَاضلا وَعِنْده تشيع بِلَا رفض مَاتَ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة خدم فِي الْإِنْشَاء بِمصْر ثمَّ ولي نظر طرابلس كتب عَنهُ الشَّيْخ شمس الدّين أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ ولد الْمَذْكُور يَوْم الِاثْنَيْنِ الثَّانِي وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة ثَلَاثِينَ وست مائَة وَهُوَ كَاتب الْإِنْشَاء الشريف وَاخْتصرَ كتبا وَكَانَ كثير النّسخ ذَا خطّ حسن وَله أدب ونظم ونثر وأنشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ سادس ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة
(ضع كتابي إِذا أَتَاك إِلَى الأر ... ض وَقَلبه فِي يَديك لماما)
(فعلى خَتمه وَفِي جانبيه ... قبل قد وضعتهن تؤاما)
(كَانَ قصدي بهَا مُبَاشرَة الأر ... ض وكفيك بالتثامي إِذا مَا)
وأنشدني الْمَذْكُور لِأَبِيهِ المكرم
(النَّاس قد أثموا فِينَا بظنهم ... وَصَدقُوا بِالَّذِي أَدْرِي وتدرينا)
(مَاذَا يَضرك فِي تَصْدِيق قَوْلهم ... بِأَن نحقق مَا فِينَا يظنونا)
(حملي وحملك ذَنبا وَاحِدًا ثِقَة ... بِالْعَفو أجمل من إِثْم الورى فِينَا)
أَنْشدني لَهُ أَيْضا
(توهم فِينَا النَّاس أمرا وصممت ... على ذَاك مِنْهُم أنفس وَقُلُوب)
(وظنوا وَبَعض الظَّن إِثْم وَكلهمْ ... لأقواله فِينَا عَلَيْهِ ذنُوب)(5/37)
(تعال نحقق ظنهم لنريحهم ... من الْإِثْم فِينَا مرّة ونتوب)
قلت أَخذه من قَول الْقَائِل
(قُم بِنَا تفديك نَفسِي ... نجْعَل الشَّك يَقِينا)
(فَإلَى كم يَا حَبِيبِي ... يَأْثَم الْقَائِل فِينَا)
وَأخذ هَذَا من قَول الأول
(مَا أنس لَا أنسَ قَوْلهَا بمنى ... وَيحك إِن الوشاة قد علمُوا)
(ونم واشٍ بِنَا فَقلت لَهَا ... هَل لَك يَا هِنْد فِي الَّذِي زَعَمُوا)
(قَالَت لماذا ترى فَقلت لَهَا ... كي لَا تضيع الظنون والتهم)
قلت أَنا كَأَنِّي حَاضر خطابهما)
(هَذَا محب وَمَا يخلصه ... فِي دينه إِن وشاته أثموا)
(فواصليه واصغي لمغلطةٍ ... يقبلهَا من طباعه الْكَرم)
(يَا وَيْح وصل أَتَى بمغلطة ... إِن كنت لم يرع عنْدك الذمم)
وَلَكِن المكرم فِي مَعْنَاهُ زِيَادَة على من تقدمه وَقَوله ثِقَة بِالْعَفو من أحسن متممات البلاغة وأنشدني الشَّيْخ أثير الدّين قَالَ أَنْشدني فتح الدّين أَبُو عبد الله الْبكْرِيّ قَالَ أَنْشدني ابْن المكرم لنَفسِهِ
(بِاللَّه إِن جزت بوادي الْأَرَاك ... وَقبلت عيدانه الْخضر فَاك)
(ابْعَثْ إِلَى الْمَمْلُوك من بعضه ... فإنني وَالله مَا لي سواك)
قلت مَا أعرف فِي كتب الْأَدَب شَيْئا إِلَّا وَقد اخْتَصَرَهُ جمال الدّين بن المكرم فمما اخْتَصَرَهُ كتاب الأغاني ورتبه على الْحُرُوف وزهر الْآدَاب وَكتاب الْحَيَوَان فِيمَا أَظن واليتيمة والذخيرة ونشوار المحاضرة وَغير ذَلِك حَتَّى مُفْرَدَات ابْن البيطار وَكَانَ يختصر وَيكْتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء وَاخْتصرَ تَارِيخ ابْن عَسَاكِر وتاريخ الْخَطِيب وذيل ابْن النجار وَجمع بَين كتاب الصِّحَاح للجوهري والمحكم لِابْنِ سَيّده وَكتاب الْأَزْهَرِي فجَاء ذَلِك فِي سَبْعَة وَعشْرين مجلداً وَرَأَيْت أَولهَا وَقد كتب عَلَيْهِ أهل ذَلِك الْعَصْر يقرظونه ويصفونه بالْحسنِ كالشيخ بهاء الدّين ابْن النّحاس وشهاب الدّين مَحْمُود وَغَيره ومحيي الدّين بن عبد الظَّاهِر فِيمَا أَظن وَأَخْبرنِي من لَفظه وَلَده قطب الدّين بقلعة الْجَبَل فِي ديوَان الْإِنْشَاء أَن وَالِده مَاتَ وَترك بِخَطِّهِ خمس مائَة مُجَلد(5/38)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي النَّجْم الرَّمْلِيّ)
مُحَمَّد بن مكي بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الدَّارِيّ الرَّمْلِيّ أَبُو الْمَعَالِي المنجم الشَّاعِر روى عَنهُ أَبُو عبد الله الْحَرَّانِي فِي رَوْضَة الأدباء من جمعه وَكتب عَنهُ أَبُو الْوَفَاء أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحصين الْكَاتِب من شعره
(لَيْسَ للعدل رَجْعَة وقفول ... وولاه الْأُمُور عَنهُ عدُول)
(من قُضَاة على النُّفُوس قُضَاة ... وعدول عَن كل خير عدُول)
وَمِنْه أَيْضا
(تعرض لي وَالْقلب صَاح من الْهوى ... غزال سقتني سكرة الوجد عَيناهُ)
)
(على مطلع البدرين يطلع وَجهه ... وَفِي حلل النجمين تبدو ثناياه)
(إِذا مَا اعتزام التيه هز قوامه ... رَأَيْت قَضِيبًا هزت الرّيح أَعْلَاهُ)
(رواء الشموس الباهرات رواؤه ... وريا نسيم المندل الرطب رياه)
وَمِنْه قَوْله ملغزاً فِي الدفتر
(وأخرس ذِي نطق فصيح لِسَانه ... يحدث بالأشياء وَهُوَ صموت)
(إِذا ناله مَاء الْحَيَاة أباده ... وَمَا مثله من قيل عَنهُ يَمُوت)
قلت شعر متوسط ومولده سنة سبع عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْهَيْثَم الْكشميهني)
مُحَمَّد بن مكي بن مُحَمَّد بن مكي بن زراع بن هرون أَبُو الْهَيْثَم الْكشميهني الْمروزِي حدث بِصَحِيح البُخَارِيّ غير مرّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلَا أعلمهُ إِلَّا من الثِّقَات وَكَانَ يرويهِ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفربرِي وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الدَّجاجية)
مُحَمَّد بن مكّي بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله أَبُو عبد الله الْقرشِي الدِّمَشْقِي الْعدْل الأديب الْمَعْرُوف بِابْن الدجاجية ويلقب ببهاء الدّين ابْن الْحِفْظ كَانَ يجيد النّظم كَانَ وَالِده قد درس ببصرى ونظم الْمُهَذّب روى عَنهُ الدمياطي شعره وَمن شعره
(إِلَى سلم الجرعاء أهْدى سَلَامه ... فَمَاذَا على من قد لحاه ولامه)
(تجلد حَتَّى لم يدع مُعظم الجوى ... لرائيه إِلَّا جلده وعظامه)
توفّي سنة سبع وَخمسين وست مائَة وَمن شعر بهاء الدّين ابْن حفظ الدّين
(كم تكْتم الوجد يَا معنى ... عَنَّا وَمَا يختفي اللهيب)
(فسل غراب الْكَثِيب عَمَّن ... بانوا فَمَا بَيْننَا غَرِيب)(5/39)
وَمِنْه
(من أَيْن لقدك ذَا الهيف ... قد حَار الواصف مَا يصف)
(الرمْح الأسمر يحسده ... والغصن الْأَخْضَر وَالْألف)
(فَتَبَارَكَ من أنشاك لقد ... فِي الْخلق تفاضلت الطّرف)
(قسما بهواك وَمَا أحلى ... قسم العشاق إِذا حلفوا)
)
(وبمن خَاضُوا غَمَرَات منى ... وحصى الجمرات بهَا حذفوا)
(لَا حلت عَن الْمِيثَاق وَلَو ... أودى بحشاشتي التّلف)
(يلحاني قوم مَا فَهموا ... مَا شأني فِيك وَمَا عرفُوا)
وَمِنْه أَيْضا
(غرته غرته لما سرى ... ظن بِأَن الصُّبْح قد أسفرا)
(أقبل يسْعَى خفراً خَائفًا ... على ذمام الْوَعْد أَن يخفرا)
(يحِق يَا قوم لمن قده ال ... خطار أَن لَا يرهب الأخطرا)
(ضممته إِذْ نَام سماره ... كَمَا يضم البطل الأسمرا)
(بتنا وَمَا فِي ليلنا من كرى ... كَأَنَّمَا النّوم غَدا مُنْكرا)
وَمِنْه دوبيت
(بِاللَّه قفوا بعيشكم فِي الرّبع ... كي نسْأَل عَن سكان وَادي الْجزع)
(إِن لم أرهم أَو اسْتمع ذكرهم ... لَا حَاجَة لي فِي بَصرِي أَو سَمْعِي)
وَمِنْه أَيْضا
(مَا عذر فَتى مَا مد للهو يدا ... والدوح قد اكتسى ثيابًا جددا)
(مَالَتْ طَربا أغصانه راقصة ... لما صدح الطير عَلَيْهَا وشدا)
3 - (الْفَقِيه الشَّافِعِي)
مُحَمَّد بن مكي بن الْحسن الفامي أَبُو بكر الْفَقِيه الشَّافِعِي سبط أبي عَمْرو عُثْمَان بن احْمَد بن مُحَمَّد بن دوست العلاف البغداذي تفقه على الشَّيْخ أبي إِسْحَق الشِّيرَازِيّ وَسمع أَبَا مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَأَبا بكر مُحَمَّد ابْن عبد الْملك بن بَشرَان وَأَبا الطّيب طَاهِر بن عبد الله الطَّبَرِيّ وَأَبا طَالب مُحَمَّد بن عَليّ بن الْفَتْح العشاري وروى عَنهُ أَبُو المعمر الْمُبَارك بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ وَأَبُو طَالب الْمُبَارك بن عَليّ بن خضير وَأَبُو طَاهِر السلَفِي(5/40)
فِي مُعْجم شُيُوخه وَقَالَ كَانَ يحضر مَعنا الدَّرْس عِنْد الكيا كل يَوْم وروى عَنهُ ابْن الكليب بِالْإِجَازَةِ توفّي سنة سبع وَخمْس مائَة وَولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (بدر الدّين ابْن مكي)
مُحَمَّد بن مكي بن أبي الْغَنَائِم القَاضِي بدر الدّين وَكيل بَيت المَال بطرابلس وَكَاتب الْإِنْشَاء بهَا)
لَهُ النّظم الْحسن ونثره وسط وَيعرف فقهاً جيدا وَيكْتب خطا مليحاً أَخْبرنِي عَنهُ القَاضِي شرف الدّين مُحَمَّد النهاوندي بصفد قَالَ قَالَ لي بدر الدّين مُحَمَّد بن مكي بطرابلس فتحت بِدِمَشْق دكان كتبي فَكنت أتجر فِيهَا يَعْنِي فِي المجلدات وأتبلغ من المكسب وأدخر من المجلدات مَا أحتاج إِلَيْهِ إِلَى أَن حصلت من ذَلِك مَا أردْت من الْكتب وَفضل لي رَأس المَال والقوت تِلْكَ الْمدَّة أَو كَمَا قَالَ وَأما أَنا فَلم يتَّفق لي لقاؤه وَحضر إِلَى دمشق وَأَنا بهَا وَمَا اجْتمعت بِهِ وكتبت لَهُ استدعاء قرين قصيدة أَولهَا
(أنفحة رَوْضَة أم عرف مسك ... يضوع أم الثَّنَاء على ابْن مكي)
(إِمَام فِي الْفَتَاوَى لَا يجاري ... وفرد فِي الْبَيَان بِغَيْر شكّ)
(إِذا مَا خطّ سطراً خلت روضاً ... تَبَسم من غمام بَات يبكي)
(ويحكي نثره درا فَأَما ... إِذا حققت مَا يحْتَاج يَحْكِي)
(لَهُ نظم يروق ألذ وَقعا ... على الأسماع من أوتار جنك)
(كَأَن كَلَامه نفثات سحر ... يغازلني بهَا ألحاظ تركي)
(وآنق فِي النواظر من رياض ... نواضر بل جَوَاهِر ذَات سلك)
وَأما الاستدعاء فَكَانَ يشْتَمل على نثر فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ عَاد إِلَيّ جَوَابه بعد مديدة يخبر فِيهِ بوصوله وَأَنه عقيب ذَلِك توجه إِلَى اللاذقية فِيمَا يتَعَلَّق بأشغال الدولة وَأَنه عقيب ذَلِك يُجهز الْجَواب ثمَّ إِنَّه مرض عقيب ذَلِك وَجَاء الْخَبَر إِلَى دمشق بوفاته فِي أَوَاخِر شهر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة رَحمَه الله قَالَ رَحمَه الله كنت أَنا وشمس الدّين الطَّيِّبِيّ نمشي فِي وَحل
فَقلت الْمَشْي خلف الدَّوَابّ صَعب فَقَالَ فِي الوحل وَالْمَاء وَالْحِجَارَة فَقلت(5/41)
لِأَن هَذَا لَهُ رشاش فَقَالَ)
وَرُبمَا تزلق الحماره وَأَخْبرنِي الْمولى شرف الدّين حُسَيْن بن رَيَّان قَالَ كنت أَنا وَهُوَ جالسين فِي مَكَان فِيهِ شباك بيني وَبَينه فَلَمَّا جَاءَت الشَّمْس رَددته فَقَالَ
(لَا تحجب الشَّمْس عَن أَمر تحاوله ... فَإِن مقصودها أَن تبلغ الشرفا)
فَقلت
(فِي الشَّمْس حر لهَذَا الْأَمر نحجبها ... وحسبنا الْبَدْر فِي أنواره وَكفى)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا قَالَ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(أهواه كالبدر لَكِن فِي تبذله ... والغصن فِي ميله عَن لوم لائمه)
(سمح بمهجته مَا رد نائله ... كَأَنَّمَا حَاتِم فِي فص خَاتمه)
وَمن شعره ابْن مكي
(كَأَن الشَّمْس إِذْ غربت غريق ... هوى فِي الْبَحْر أَو وافى مغاصا)
(فأتبعها الْهلَال على غرُوب ... بزورقه يُرِيد لَهَا خلاصا)
3 - (السُّلْطَان غياث الدّين السلجوقي)
مُحَمَّد بن ماكشاه بن ألب رسْلَان أبي شُجَاع مُحَمَّد بن دَاوُد بن مِيكَائِيل ابْن سلجوق بن دقاق السُّلْطَان غياث الدّين أَبُو شُجَاع لما توفّي أَبوهُ اقتسم الْأَوْلَاد الثَّلَاثَة المملكة هم غياث الدّين هَذَا وبركياروق وسنجر وَذَلِكَ سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة فَلم يكن للأخوين مَعَ بركياروق أَمر ووردا بغداذ وسألا المستظهر أَن يجلس لَهما فَجَلَسَ وَحضر الْأَعْيَان ووقف سيف الدولة صَدَقَة من مزِيد صَاحب الْحلَّة عَن يَمِين السدة وعَلى كتف أَمِير الْمُؤمنِينَ الْبردَة النَّبَوِيَّة وعَلى رَأسه الْعِمَامَة وَبَين يَدَيْهِ الْقَضِيب فأفيض على مُحَمَّد سبع خلع وألبس التَّاج والطوق وَعقد الْخَلِيفَة اللِّوَاء بِيَدِهِ وقلده سيفين وَأَعْطَاهُ خَمْسَة أَفْرَاس على خلع على سنجر دونه وخطب للسُّلْطَان مُحَمَّد فِي جَوَامِع بغداذ وَتركت الْخطْبَة لبركياروق سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَكَانَ مُحَمَّد هَذَا رجل الْمُلُوك السلجوقية وفحلهم وَله سيرة حَسَنَة وبر وافر حَارب الْمَلَاحِدَة واستقل بِالْملكِ بعد أَخِيه بركياروق وصفت لَهُ الدُّنْيَا وَتزَوج المقتفي ابْنَته فَاطِمَة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَتوفيت فِي عصمته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَكَانَ عمره سبعا وَثَلَاثِينَ سنة وأشهراً وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَخمْس مائَة بِمَدِينَة أَصْبَهَان وَدفن بهَا فِي مدرسة عَظِيمَة للحنفية)
وَلما أيس من نَفسه أحضر وَلَده مَحْمُودًا وَقَبله وَبكى وَأمره أَن يجلس على تخت السلطنة وَينظر فِي(5/42)
أُمُور النَّاس فَقَالَ لوالده إِنَّه يَوْم غير مبارك يَعْنِي من جِهَة النُّجُوم فَقَالَ صدقت وَلَكِن على أَبِيك وَأما عَلَيْك فمبارك بالسلطنة وَلم يخلف أحد من الْمُلُوك السلجوقية مَا خَلفه من الذَّخَائِر وَالْأَمْوَال وَالدَّوَاب وَغير ذَلِك
3 - (ابْن مملاذ الْكَاتِب)
مُحَمَّد بن مملاذ بن بيكامذ بن عَليّ بن منوجهر التبريزي أَبُو الْفضل الْكَاتِب توفّي ببغداذ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة وَكَانَ سريع الْكِتَابَة والإنشاء ذكر أَنه كتب فِي يَوْم وَاحِد سِتَّة عشر كراساً قطع الثّمن وَكَانَ ينشئ الرسَالَة معكوسة يبْدَأ بالحمدلة وَيخْتم بالبسملة وَمَات فِي عشر السّبْعين قَالَ ابْن النجار قَرَأَ الْأَدَب وجالس الْعلمَاء وَأكْثر مطالعة الْكتب فِي السّير وأخبار الْمُلُوك وعانى الْكِتَابَة والإنشاء وَله فِي ذَلِك كتب مدونة وَهُوَ متدين حسن الطَّرِيقَة أورد لَهُ من شعره
(فَلَو كَانَ لي حَظّ من الْحجر والنهى ... كفاني بكف الزّجر أَن أطلب الحدا)
(وَلَكِن عَقْلِي فِي اعتقال صبابتي ... سَيجْعَلُ لي فِي كل جارحة وجدا)
وَمِنْه يصف مُكَاتبَة
(يود أَخُو إياد لَو وعاها ... ويسحب ذيله سحبان ذلا)
(وتحسبها شمالاً وَهِي تسري ... لِتجمع من شُمُول الراح شملا)
(وَلَو كحلت عُيُون الْعين مِنْهَا ... لأبقت فِي الْعُيُون النجل كحلا)
3 - (الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن مناذر أَبُو ذريح وَقيل أَبُو عبد الله الشَّاعِر الْبَصْرِيّ مولى عبد الله بن أبي بكرَة مدح الْمهْدي وَغَيره وَكَانَ فصيحاً قدم بغداذ وتنسك ثمَّ عَاد إِلَى الْبَصْرَة فابتلي بمحبة بن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ فَسقط فَمَاتَ فرثاه ابْن مناذر وَمَات بعده بِيَسِير سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة قَالَ الثَّوْريّ سَأَلت أَبَا عُبَيْدَة عَن الْيَوْم الثَّانِي من أَيَّام النَّحْر مَا كَانَت الْعَرَب تسميه فَقَالَ لَا أعلم فَلَقِيت ابْن مناذر فَأَخْبَرته فَقَالَ أُخْفِي هَذَا على أبي عُبَيْدَة هَذِه أَيَّام مُتَوَالِيَات كلهَا على حرف الرَّاء فَالْأول يَوْم النَّحْر وَالثَّانِي يَوْم القر وَالثَّالِث يَوْم النَّفر وَالرَّابِع يَوْم الصَّدْر قَالَ فَلَقِيت أَبَا عُبَيْدَة فَأَخْبَرته فَكَتبهُ عني عَن مُحَمَّد بن مناذر أسْند ابْن مناذر عَن شُعْبَة وَعَن ابْن عُيَيْنَة)
وَغَيرهمَا وَقد أسقط يحيى بن معِين رِوَايَته قَالَ وَكَانَ صَاحب شعر لَا صَاحب حَدِيث كَانَ يتعشق عبد الْمجِيد وَيَقُول فِيهِ الشّعْر ويشبب بنساء ثَقِيف فطردوه من الْبَصْرَة فَخرج إِلَى مَكَّة وَكَانَ يُرْسل العقارب فِي الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى تلسع النَّاس وَيصب المداد فِي اللَّيْل بالأماكن الَّتِي(5/43)
يتَوَضَّأ النَّاس مِنْهَا حَتَّى تسود وُجُوههم لَا يرْوى عَن رجل فِيهِ خير وَقَالَ ابْن مناذر يرثي عبد الْمجِيد
(كل شَيْء لَاقَى الْحمام فمودي ... مَا لحي مُؤَمل من خُلُود)
(لَا تهاب الْمنون شَيْئا وَلَا تب ... قي على وَالِد وَلَا مَوْلُود)
(إِن عبد الْمجِيد يَوْم تولى ... هد ركنا مَا كَانَ بالمهدود)
(هد ركني عبد الْمجِيد وَقد كن ... بِرُكْن أنوء مِنْهُ شَدِيد)
(مَا درى نعشه وَلَا حاملوه ... مَا على النعش من عفاف وجود)
(لأقيمن مأتماً كنجوم ال ... ليل زهراً يلطمن حر الخدود)
(كنت لي عصمَة وَكنت سَمَاء ... بك تحيا أرضي ويخضر عودي)
وَهِي طَوِيلَة ورثاه بغَيْرهَا وَقَالَ يرثي سُفْيَان بن عُيَيْنَة
(إِن الَّذِي غودر بالمنحنى ... هد من الْإِسْلَام أركانا)
(يَا وَاحِد الْأمة فِي علمه ... لقِيت من ذِي الْعَرْش غفرانا)
(لَا يبعدنك الله من ميت ... ورثنا علما وأحزانا)
كَانَ ابْن مناذر يجلس إِلَى إسكاف بِالْبَصْرَةِ فَلَا يزَال يهجوه فيضج الإسكاف وَيَقُول لَهُ أَنا صديقك فَاتق الله وابق على الصداقة وَابْن مناذر يلح فَقَالَ الإسكاف فَإِنِّي أستعين بِاللَّه عَلَيْك وأتعاطى الشّعْر فَلَمَّا أصبح غَدا عَلَيْهِ ابْن مناذر كَمَا كَانَ يفعل وَأخذ يهجوه ويعبث بِهِ فَقَالَ الإسكاف
(كثرت أبوته وَقل عديده ... وَرمى الْقَضَاء بِهِ فرَاش مناذر)
(عبد الصبيريين لم تَكُ شَاعِرًا ... كَيفَ ادعيت الْيَوْم نِسْبَة شَاعِر)
فشاع البيتان بِالْبَصْرَةِ ورواهما أعداؤه وتناشدوهما كلما رَأَوْهُ فَخرج من الْبَصْرَة هَارِبا إِلَى مَكَّة وجاور بهَا وَمن شعره فِي البرامكة
(أَتَانَا بَنو الْأَمْلَاك من آل برمك ... فيا طيب أَخْبَار وَيَا حسن منظر)
)
(إِذا وردوا بطحاء مَكَّة أشرقت ... بِيَحْيَى وبالفضل بن يحيى وجعفر)
(وتظلم بغداذ ويجلو لنا الدجى ... بِمَكَّة مَا كَانُوا ثَلَاثَة أقمر)
(فَمَا صلحت إِلَّا لجود أكفهم ... وأرجلهم إِلَّا لأعواد مِنْبَر)
3 - (أَبُو شُجَاع الْوَاعِظ)
مُحَمَّد بن المنجح بن عبد الله أَبُو شُجَاع الْوَاعِظ تفقه على(5/44)
أبي مُحَمَّد عبد الله بن أبي بكر الشَّاشِي وسافر إِلَى الشَّام فِي سنة أَرْبَعِينَ وَخمْس مائَة وَوعظ بِدِمَشْق وَأقَام بهَا مُدَّة وَخرج إِلَى بعلبك وَولي الْقَضَاء بهَا وَصرف عَنْهَا بعد مُدَّة وَعَاد إِلَى بِلَاد الجزيرة وَلَقي ابْن البزري الْفَقِيه الشَّافِعِي وَأحكم عَلَيْهِ قِرَاءَة الْمَذْهَب وَكتب بِيَدِهِ الشَّامِل لِابْنِ الصّباغ والبسيط للغزالي وَغير ذَلِك من الْكتب الْكِبَار وَقدم بغداذ وَوعظ بهَا وَعَاد إِلَى بِلَاد الجزيرة ولازم ابْن البزري إِلَى أَن توفّي فِي أَوَائِل سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة ثمَّ عَاد إِلَى بغداذ وَكَانَ فَقِيها فَاضلا حسن الْكَلَام فِي المناظرة أديباً مليح الشّعْر لطيفاً ظريفاً سمع الحَدِيث من أبي بكر مُحَمَّد بن عبدِ الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن طَاهِر بن سعيد الميهني وَغَيرهمَا وَحدث باليسير سمع مِنْهُ القَاضِي أَبُو المحاسن عمر بن عليّ بن الْخضر الْقرشِي من شعره
(عذيري من زمن كلما ... شددت عرى أملي حلهَا)
(عرائس فكري قد عنست ... لِأَنِّي عدمت لَهَا أَهلهَا)
(وَنَفْسِي تنهل من مورد ... ترى الْمَوْت فِي الْورْد إِن علها)
(عَلَيْهَا من الدَّهْر أثقاله ... وَلَا يغلط الدَّهْر يَوْمًا لَهَا)
وَمِنْه قَوْله
(سَلام من وَادي الغضا مَا تناوحت ... على ضفتيه شمأل وجنوب)
(أحمل أنفاس الخزامي تَحِيَّة ... إِذا آن مِنْهَا بالْعَشي هبوب)
(لعمري لَئِن شطت بِنَا غربَة النَّوَى ... وحالت صروف دُوننَا وخطوب)
(فَمَا كل رمل جِئْته رمل عالج ... وَمَا كل مَاء عَمت فِيهِ سروب)
(رعى الله هَذَا الدَّهْر كل محاسني ... لَدَيْهِ وَإِن أكثرتهن ذنُوب)
قلت شعر منسجم عذب وَلما كَانَ بواسط طَابَ وعظه لجَماعَة فَسَأَلُوهُ أَن يجلس لَهُم الْأُسْبُوع مرَّتَيْنِ كلما عين لَهُم يَوْمًا يحتجون بِأَن الْقُرَّاء يكونُونَ فِيهِ يَوْمًا فِي ختمة ديوَان الْخلَافَة وَيَوْما)
ديوَان الْإِمَارَة وَيَوْما عِنْد ابْن الغزنوي وَيَوْما عِنْد غَيره إِلَى أَن ذكرُوا الْأَيَّام كلهَا فَأَطْرَقَ ثمَّ قَالَ لَو عرفت هَذَا كنت أتيتكم معي بِيَوْم من بغداذ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَدفن بالشونيزية
3 - (الْحَافِظ شكر)
مُحَمَّد بن الْمُنْذر بن سعيد بن عُثْمَان السّلمِيّ الْهَرَوِيّ الْحَافِظ(5/45)
أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بشكر بكاف مُشَدّدَة بعد الشين الْمُعْجَمَة وَفِي الطّرف رَاء أَكثر الترحال وصنف توفّي فِي أحد الربيعين سنة ثَلَاث مائَة صنف كتاب التَّارِيخ لهراة صَغِيرا وَكتاب الْجَوَاهِر
3 - (ابْن أبي عقيل المراكشي الشَّافِعِي)
مُحَمَّد بن الْمُنْذر بن مُحَمَّد بن أبي عقيل عبد الرَّحْمَن بن الْمُنْذر المغربي المراكشي أَبُو مَنْصُور الْفَقِيه الشَّافِعِي نزيل حلب قدم وَالِده إِلَى بغداذ واتصل بِابْن هُبَيْرَة قبل وزارته وَتُوفِّي بالموصل وَولد مُحَمَّد الْمَذْكُور ببغداذ وَسمع بهَا الحَدِيث من أبي عبد الله ابْن خَمِيس وتفقه على أبي البركات الشيرجي وَغَيره وَقَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْقُرْطُبِيّ وَصَحب أَبَا النجيب السهروردي وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن المظفر بن الشبلي وَابْن المادح وَابْن البطي وَغَيرهم وَسمع كتاب اللالكائي من سعد الله بن حمدين فِي دَار ابْن هُبَيْرَة وَلَقي عبد الْقَادِر الجيلي وسافر إِلَى الشَّام وَقَرَأَ قِطْعَة من تأريخ دمشق على مُصَنفه عَليّ أبي الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَكَانَ يمْتَنع من الرِّوَايَة وَيَقُول مَشَايِخنَا سمعُوا وهم صغَار لَا يفهمون وَكَذَلِكَ مشايخهم وَأَنا لَا أرى الرِّوَايَة عَمَّن هَذِه سَبيله وَعمر وعلت سنة وَلم يرو شَيْئا وَكَانَ فَقِيها فَاضلا غزير الْعلم عَالما بالأدب قَالَ ابْن النجار اجْتمعت بِهِ بحلب غير مرّة وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق كيساً ممتعاً بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وست مائَة بحلب وَدفن خَارج بَاب النَّصْر وَله شعر
3 - (القرقساني)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن صَدَقَة القرقساني كَانَ من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَإِنَّمَا كَانَ كثير الْغَلَط لِأَنَّهُ كَانَ يحدث من حفظه أسْند عَن الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره وروى عَنهُ الإِمَام أَحْمد وَغَيره قَالَ البُخَارِيّ كَانَ ابْن معِين سيء الرَّأْي فِيهِ جَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أَبَا الْحسن أخرج إِلَيْنَا كتابا من كتبك فَقَالَ لَهُ عَلَيْك بأفلح الصيدلاني كَأَنَّهُ احتقر ابْن معِين فَقَامَ ابْن معِين مغضباً وَهُوَ يَقُول لَا ارْتَفَعت لَك معي راية أبدا توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَتَيْنِ)
3 - (أَبُو بكر القصري الْمُقْرِئ)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن إِبْرَاهِيم القصري أَبُو بكر الْمُقْرِئ الْمُفَسّر قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي طَاهِر أَحْمد بن عَليّ بن سوار وَأبي الْمَعَالِي ثَابت ابْن بنْدَار وَسمع الحَدِيث مِنْهُمَا وَمن أبي الْحسن عَليّ بن قُرَيْش قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن جمَاعَة كَانَ حَافِظًا للتفسير عَالما بالقراءات وَله حَلقَة بِجَامِع الْمَنْصُور يُورد فِيهَا التَّفْسِير كل جُمُعَة وَكَانَ طَوِيل اللِّحْيَة إِذا جلس تصل إِلَى حجره توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَدفن بِبَاب حَرْب(5/46)
3 - (ابْن جميل صَاحب المخزن)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن جميل بن مَحْفُوظ أَبُو عبد الله ابْن أبي الْعِزّ الْكَاتِب قدم بغداذ فِي صباه وَقَرَأَ الْأَدَب ولازم مُصدق بن شبيب النَّحْوِيّ حَتَّى برع فِي النَّحْو واللغة وَقَرَأَ الْحساب والفرائض وَقَرَأَ على أبي الْفَرح ابْن كُلَيْب شَيْئا من كتب الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر ومدح الإِمَام النَّاصِر فَعرف واشتهر وَكَانَ مليح الصُّورَة مَقْبُول الشكل طيب الْأَخْلَاق متواضعاً رتب كَاتبا فِي ديوَان التركات مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ ولي نظرة ثمَّ ولي الصدرية بالمخزن ثمَّ عزل واعتقل وَأَفْرج عَنهُ بعد مُدَّة ورتب وَكيلا للأمير عدَّة الدّين ابْن الإِمَام النَّاصِر وَبَقِي على وكَالَته إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ كَاتبا مليح الْخط غزير الْفضل لَهُ النّظم والنثر من شعره قَوْله
(إِن حَال دُونك أسمر وسمير ... فدما الظبي لدمى الظباء مُهُور)
(يَا هِنْد فِي أجفان لحظك فَتْرَة ... ألجفن هندي يكون فتور)
(أبليتني بقنا الأشم وَطوله ... وقنى المشيم أتم وَهُوَ قصير)
(أَسد يغار على محَاسِن ظَبْيَة ... فِيهَا نفار وَهُوَ فِيهِ نفور)
(بَيْضَاء مذهبَة الشَّبَاب يزينها ... وَجه تحار إِذا رَأَتْهُ الْحور)
(ويهز عطفيها الصِّبَا وَيَد الصِّبَا ... فيملها الْمَمْدُود والمقصور)
(تفتر ضاحكة وأندب باكياً ... فلهَا بحزني غِبْطَة وسرور)
(دران إِلَّا أَن ذَاك منضد ... عذب وَهَذَا مالح منثور)
قلت شعر جيد توفّي فِي شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وست مائَة وَدفن بمقابر قُرَيْش بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ بالنظامية
3 - (الْجَوَاز)
)
مُحَمَّد بن مَنْصُور الْجَوَاز توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الطوسي العابد)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن دَاوُد بن إِبْرَاهِيم الطوسي العابد نزيل بغداذ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي فِي شَوَّال سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ(5/47)
3 - (ابْن الْقطَّان البغداذي)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن عَليّ أَبُو طَاهِر البغداذي الشَّاعِر الأديب الْمَعْرُوف بالقطان صَاحب رِسَالَة التَّبْيِين فِي أصُول الدّين توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة وَمن شعره
(من منصفي من عاذلي ... ومنقذي من قاتلي)
(وَمن مجيري فِي الْهوى ... من أسْهم قواتلي)
(لَا تَأْمُرنِي بالعزا ... بعد الحبيب الراحل)
(وَلَا تلومني على ... إسبال دمع هاتل)
(فإنني فِي حيرة ... عَنْك وشغلٍ شاغل)
(سقيا لأيام الصِّبَا ... وللحبيب الزائل)
(مَا ضرّ من قاطعني ... لَو أَنه مواصلي)
(ظَبْي أصَاب سَهْمه ... لما رمى مقاتلي)
وَمن شعره لَا تأمن الْأَيَّام والدهر فللأيام والدهر دوَل كالمرء فِي أَحْوَاله مُقَلِّب بَين الْأَمَانِي والأمل قلت شعر أشبه شَيْء بالجسم الَّذِي لَا روح فِيهِ كَانَ مَوْجُودا فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة قَالَ ابْن النجار وَتُوفِّي بعْدهَا بِقَلِيل وَكَانَ يمدح الصَّحَابَة وَله خطب جِيَاد وَخط حسن
3 - (ابْن زميل الْكَاتِب)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن زميل بالزاي المضمومة وَالْمِيم الْمَفْتُوحَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَلَام على وزن قبيل وبعيد أَبُو نصر الْكَاتِب الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ يلقب بالكامل وَولي عمَارَة بغداذ سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا روى عَنهُ أَبُو نصر عَليّ بن هبة الله ابْن مَاكُولَا وَأَبُو الْعِزّ بن كادش شَيْئا من شعره من شعره قَوْله)
(لاقيت فِي حبيك مَا لم يلقه ... فِي حب ليلى قيسها الْمَجْنُون)
(لكنني لم أتبع وَحش الفلا ... كفعال قيس وَالْجُنُون فنون)
3 - (الْبَيْهَقِيّ الأديب)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حميد الْبَيْهَقِيّ الأديب أَبُو عبد الله قَالَ عبد الغافر فِي كتاب السِّيَاق هُوَ رجل فَاضل كَبِير صنف فَوَائِد مِنْهَا كتاب(5/48)
زهرَة الْعُلُوم فِي مَعَاني الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث من الْأُسْتَاذ أبي سهل الصعلوكي وَأبي نعيم المهرجاني الْأَزْهَرِي وروى عَنهُ القَاضِي نَاصِر الْمروزِي وأقرانه من الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَله رِوَايَات كَثِيرَة ومسموعات
3 - (الْوَزير عميد الْملك الكندري)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد وَمِنْهُم من قَالَ مَنْصُور بن مُحَمَّد وَالْأول أصح الْوَزير عميد الْملك أَبُو نصر الكندري وَزِير طغرلبك كَانَ من رجال الدَّهْر جوداً وسخاء وَكِتَابَة وشهامة استوزره طغرلبك ونال عِنْده الرُّتْبَة الْعليا وَهُوَ أول وَزِير كَانَ لبني سلجوق وَلَو لم يكن لَهُ منقبة إِلَّا صُحْبَة إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَ ابْن الْأَثِير كَانَ الْوَزير شَدِيد التعصب على الشَّافِعِيَّة كثير الوقيعة فِي الشَّافِعِي وَبلغ من تعصبه أَنه خَاطب السُّلْطَان ألب أرسلان فِي لعن الرافضة على المنابر بخراسان فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فأضاف إِلَيْهِم الأشعرية فَأَنف من ذَلِك أَئِمَّة خُرَاسَان مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيرهمَا وفارقوا خُرَاسَان وَكَانَ قد تَابَ فِيمَا ذَلِك من الوقيعة فيهم فَلَمَّا جَاءَت الدولة النظامية أحضر من انتزح مِنْهُم وَأحسن إِلَيْهِم وَكَانَ الْوَزير عميد الْملك ممدحاً قَصده الشُّعَرَاء ومدحوه مِنْهُم الْكَاتِب الرئيس الْمَعْرُوف بصردر امتدحه بالقصيدة الَّتِي أَولهَا
(أكذا يجازي ود كل قرين ... أم هَذِه شيم الظباء الْعين)
(قصوا عَليّ حَدِيث من قتل الْهوى ... إِن التأسي روح كل حَزِين)
مِنْهَا فِي المديح
(بأغر مَا أَبْصرت نور جَبينه ... إِلَّا اقتضاني بِالسُّجُود جبيني)
(تجلو النواظر فِي نواحي دسته ... والسرج بدر دجى وَلَيْث عرين)
(عَمت فواضله الْبَريَّة فَالتقى ... شكر الْغَنِيّ ودعوة الْمِسْكِين)
(قَالُوا وَقد شنوا عَلَيْهِ غَارة ... أصلات جود أم قَضَاء دُيُون)
)
(لَو كَانَ فِي الزَّمن الْقَدِيم تظلمت ... مِنْهُ الْكُنُوز إِلَى يَدي قَارون)
(وَشهِدت علاهُ أَن عنصر ذَاته ... مسك وعنصر غَيره من طين)
وَهِي من القصائد المليحة وَلم يزل الْوَزير عميد الْملك فِي دولة طغرلبك عَظِيم الجاه وافر الْحُرْمَة إِلَى أَن توفّي طغرلبك وَقَامَ بالمملكة من بعده ابْن أَخِيه ألب رسْلَان فأقره وزاده إِكْرَاما ثمَّ إِنَّه سيره إِلَى خوارزم شاه ليخطب لَهُ ابْنَته فَأَرْجَفَ أعداؤه أَن الْوَزير خطبهَا لنَفسِهِ وشاع ذَلِك فَعمد إِلَى لحيته فحلقها وَإِلَى مذاكيره فجبها وَكَانَ ذَلِك سَببا لسلامته فنظم الباخرزي أَبُو الْحسن عَليّ فِي ذَلِك(5/49)
(قَالُوا محا السُّلْطَان عَنهُ بعدكم ... سمة الفحول وَكَانَ قرماً صائلا)
(قلت اسْكُتُوا فَالْآن زَاد فحولة ... لما اغتدى من أنثييه عاطلا)
(فالفحل يأنف أَن يُسمى بعضه ... أُنْثَى لذَلِك جذه مستاصلا)
وَهُوَ معنى جيد ثمَّ إِن ألب رسْلَان عَزله لسَبَب يطول شَرحه وَولي نظام الْملك وَحبس عميد الْملك بنيسابور فِي دَار عميد خُرَاسَان ثمَّ نَقله إِلَى مرو الروذ وحبسه فِي دَار فِيهَا عيالة وَلما أحس بِالْقَتْلِ دخل إِلَى حجرَة وَأخرج كَفنه وودع عِيَاله وأغلق بَاب الْحُجْرَة واغتسل وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَأعْطى الَّذِي هم بقتْله مائَة دِينَار وَقَالَ حَقي عَلَيْك أَن تكفنني فِي هَذَا الثَّوْب الَّذِي غسلته بِمَاء زَمْزَم وَقَالَ لجلاده قل للوزير بئس مَا فعلت علمت الأتراك قتل الوزراء وَأَصْحَاب الدِّيوَان وَمن حفر مهواة وَقع فِيهَا وَمن سنّ سنة فَعَلَيهِ وزرها ووزر من عمل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ الباخرزي مُخَاطبا للسُّلْطَان
(وعمك أدناه وَأَعْلَى مَحَله ... وبوأه من ملكه كنفاً رحبا)
(قضى كل مولى مِنْكُمَا حق عَبده ... فخوله الدُّنْيَا وخولته العقبى)
وَقتل سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبع مائَة أورد لَهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة قَوْله
(الْمَوْت مر وَلَكِنِّي إِذا ظمئت ... نَفسِي إِلَى الْعِزّ تستحلي لمشربه)
(رياسة باض فِي رَأْسِي وساوسها ... تَدور فِيهِ وأخشى أَن تَدور بِهِ)
وَقَوله عِنْدَمَا قتل
(إِن كَانَ بِالنَّاسِ ضيق عَن مزاحمتي ... فالموت قد وسع الدُّنْيَا على النَّاس)
(قضيت والشامت الْمَغْرُور يَتبعني ... إِن الْمنية كاس كلنا حاس)
)
وَالْعجب أَن ألب رسْلَان ونظام الْملك مَاتَا مقتولين وَمن الْعَجَائِب أَن آلَات التناسل من الكندري مدفونة بخوارزم وَدَمه مصبوب بمرو الروذ وَجَسَده مقبور بقرية كندر من طريثيث وجمجمته ودماغه مدفونان بنيسابور وسوأته محشوة بالتبن نقلت إِلَى كرمان ودفنت هُنَاكَ وَفِي ذَلِك يَقُول الباخرزي
(مفرقاً فِي الأَرْض أجزاؤه ... بَين قرى شَتَّى وبلدان)
(جب بخوارزم مذاكيره ... طغرل ذَاك الْملك الفاني)
(ومص مرو الروذ من جيده ... معصفراً يخضبها قان)
(والشخص فِي كندر مستبطن ... وَرَاء أرماس وأكفان)
(وَرَأسه طَار فلهفي على ... مجثمه فِي خير جثمان)
(فلوا بنيسابور مضمونه ... وقحفه الْخَالِي بكرمان)
(وَالْحكم للجبار فِيمَا مضى ... وكل يَوْم هُوَ فِي شان)(5/50)
3 - (ابْن مَنْصُور النسوي)
مُحَمَّد بن مَنْصُور النسوي عميد خُرَاسَان ورد بغداذ زمن طغرلبك وَبنى مدرسة ووقفها على أبي بكر ابْن أبي المظفر السَّمْعَانِيّ وَأَوْلَاده قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة فهم فِيهَا إِلَى هَلُمَّ جراً وَبنى مدرسة بنيسابور وفيهَا تربته وَكَانَ كثير الْخيرَات وَالصَّدقَات محسناً إِلَى الرّعية توفّي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو بكر وَالِد الْحَافِظ السَّمْعَانِيّ)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الإِمَام أَبُو بكر ابْن الْعَلامَة أبي المظفر التَّمِيمِي السَّمْعَانِيّ وَالِد الْحَافِظ أبي سعد نَشأ فِي عبَادَة وَتَحْصِيل وحظي فِي الْأَدَب وثمرته نظماً ونثراً وبرع فِي الْفِقْه وَزَاد على أقرانه بِعلم الحَدِيث وَالرِّجَال والأنساب والتواريخ والوعظ توفّي سنة تسع وَخمْس مائَة وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى من شعره قَوْله
(فيا لَيْت أَنِّي النُّور من كل نَاظر ... فيبصر بِي من كَانَ وَجهك مبصرا)
(وَأَنِّي كنت الذِّهْن من كل خاطر ... فيفكر بِي من كَانَ فِيك مفكرا)
وَمِنْه قَوْله)
(فلأبعثن على الْعُيُون لغيرتي ... عينا أَرَاك بهَا مَعَ الْأَبْصَار)
(ولأنزلن من الْقُلُوب مكامناً ... كَيْمَا أفوز بلذة الأفكار)
(ولأسرين مَعَ النسيم إِذا سرى ... حَتَّى أَمر عَلَيْك فِي الأسحار)
(ولأفرشن الخد من فَوق الثرى ... فأقي بِهِ نعليك كل غُبَار)
(كلا فعلت فَمَا انتفعت بحيلة ... عجزت مجالسنا عَن الأقدار)
3 - (وَالِد ابْن الْمُنِير)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن أبي الْقَاسِم بن مُخْتَار القَاضِي الْجَلِيل أَبُو الْمَعَالِي ابْن الْمُنِير الجذامي الجروي الإسْكَنْدراني الْمعدل أجَاز لَهُ الإِمَام النَّاصِر وَكتب عَنهُ الطّلبَة وَهُوَ وَالِد زين الدّين وناصر الدّين توفّي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة
3 - (شمس الدّين الحاضري)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُوسَى الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله الحاضري الْحلَبِي الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ قَرَأَ الْقرَاءَات على الْكَمَال الضَّرِير وَالشَّيْخ عَليّ الدهان والعربية على ابْن مَالك جمال الدّين وَله تصدير فِي الْجَامِع وَكَانَ متوسطاً فِي النَّحْو والقراءات توفّي سنة سبع مائَة والحاضري بِالْحَاء الْمُهْملَة وَبَين الْألف وَالرَّاء ضاد مُعْجمَة(5/51)
3 - (بدر الدّين ابْن الْجَوْهَرِي)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن إِبْرَاهِيم بن مَنْصُور الإِمَام الْعَالم الصَّدْر الصاحب بدر الدّين الْجَوْهَرِي نزيل مصر ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسمع من إِبْرَاهِيم ابْن خَلِيل بحلب وَمن الْكَمَال العباسي وَابْن عزون وَابْن عبد الْوَارِث والنجيب وعدة بِمصْر وتلا بالروايات على الصفي خَلِيل وتفقه وشارك فِي فَضَائِل وَكَانَ ينطوي على دين وَعبادَة وَخير وَله جلالة وَصُورَة كَبِيرَة ذكر للوزارة وَكَانَ لَهُ خلق حاد حدث بِدِمَشْق ومصر وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَسبع مائَة
3 - (القباري)
مُحَمَّد بن مَنْصُور الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم القباري يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْقَاف فِي ذكر الْقَاسِم
3 - (ابْن مَنْصُور موقع غَزَّة)
مُحَمَّد بن مَنْصُور شمس الدّين موقع غَزَّة أَقَامَ بهَا مُدَّة طَوِيلَة يُبَاشر التوقيع وَكِتَابَة الْجَيْش ثمَّ)
إِنَّه نقل إِلَى توقيع صفد عوضا عَن بهاء الدّين أبي بكر بن غَانِم لما نقل إِلَى طرابلس فِي أَوَاخِر سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة تَقْرِيبًا وَتوجه إِلَى غَزَّة مَكَانَهُ جمال الدّين يُوسُف بن رزق الله ثمَّ إِن ابْن مَنْصُور عمل على الْعود إِلَى غَزَّة لِأَن صفد لم توافقه وَكَانَ لَهُ متاجر بغزة فِي الْكَتَّان والصابون وَغير ذَلِك وَحصل نعْمَة وافرة ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز عَزله من غَزَّة بعلاء الدّين ابْن سَالم وَبَقِي ابْن مَنْصُور بطالاً وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين طينال قد نَاب فِي غَزَّة فِي وَقت وَابْن مَنْصُور موقعها فَعرفهُ ذَلِك الْوَقْت فَلَمَّا بَطل سَأَلَ من طينال أَن يسْأَل الْأَمِير سيف الدّين تنكز فِي أَن يكون من جملَة كتاب الدرج بطرابلس فرسم لَهُ بذلك وَتوجه إِلَى طرابلس وَأقَام بهَا قَلِيلا وَتُوفِّي فِيمَا أَظن فِي سنة وَكَانَ داهية يكْتب خطا حسنا وَله نظم مَا بِهِ بَأْس أَنه لم يكن طبقَة مَعَ مَا فِيهِ من اللّحن أَنْشدني الْمولى زين الدّين عمر بن دَاوُد الصَّفَدِي قَالَ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ شمس الدّين الْمَذْكُور وَقد أُعِيد الْوَزير تَقِيّ الدّين تَوْبَة إِلَى الوزارة
(عتبت على الزَّمَان وَقلت مهلا ... أَقمت على الْخَنَا ولبست ثَوْبه)
(ففاق من التجاهل والتعامي ... وَعَاد إِلَى التقى وأتى بتوبه)
قلت صَوَابه أَفَاق
3 - (الْقرشِي الْقزْوِينِي)
مُحَمَّد بن مَنْظُور الْقرشِي من أهل قزوين يَقُول فِي آل عبد الْعَزِيز المذحجيين كَانُوا ينزلون الرّيّ وقزوين
(بَنو عبد الْعَزِيز إِذا أَرَادوا ... سماحاً لم يلق بهم السماح)
(لَهُم عَن كل مكرمَة حجاب ... فقد تركُوا المكارم واستراحوا)(5/52)
فَقتله مُوسَى بن عبد الْعَزِيز
3 - (ابْن الْمُنْكَدر)
مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بن عبد الله بن الهدير التَّيْمِيّ الْمدنِي الزَّاهِد العابد أحد الْأَعْلَام روى عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وَأبي قَتَادَة وَأبي أَيُّوب وَابْن عَبَّاس وَجَابِر بن عبد الله وَأبي رَافع وسفينة وَابْن عمر وَابْن الزبير وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وَأُمَيْمَة بنت رقيقَة وَأنس بن مَالك وَعَمه ربيعَة بن عبد الله وَسَعِيد بن الْمسيب وَعُرْوَة وَخلق كَانَ فِي غَايَة الإتقان وَالْحِفْظ والزهد حجَّة قَالَ)
أَبُو حَاتِم وَطَائِفَة ثِقَة وروى عَنهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (الْعَطَّار)
مُحَمَّد بن الْمنْهَال الْعَطَّار الْبَصْرِيّ أَخُو حجاج بن الْمنْهَال توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَالله أعلم
3 - (الْحَافِظ الضَّرِير)
مُحَمَّد بن الْمنْهَال التَّمِيمِي الْمُجَاشِعِي الْبَصْرِيّ الضَّرِير الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى عَنهُ النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة قَالَ الْعجلِيّ بَصرِي ثِقَة توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (القَاضِي أَبُو حَاتِم الزبني)
مُحَمَّد بن أبي الْمنْهَال القَاضِي أَبُو حَاتِم من دارة بن الأزد كَانَ قَاضِيا بمكانه من السَّاحِل فِي كورة تسمى زبنة وإليها ينْسب قَالَ فِيهِ ابْن أبي مغنوج وَقد تقدم ذكره
(أَبَا حَاتِم سد من أسفلك ... أَلَيْسَ هُوَ الشّطْر من مَنْزِلك)
قَالَ ابْن رَشِيق كَانَ أَبُو حَاتِم شَاعِرًا مَشْهُورا متفنناً فِي كثير من الْعُلُوم توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبع مائَة وَقد ناهز التسعين وَأورد لَهُ(5/53)
(يَا كَرِيمًا صد عني ... لم يكن ذَا بك ظَنِّي)
(بعد أَن كنت سناني ... وحسامي ومجني)
(وقذى فِي عين ضدي ... وشجاً فِي حلق قَرْني)
(صرت منكوساً ذليلاً ... بعد إعراضك عني)
3 - (ابْن البطريق)
مُحَمَّد بن مُنِير بن البطريق نصيح الدّين الْعجلِيّ البغداذي الْجَزرِي الشَّاعِر البغداذي سمع مِنْهُ الزكي الْمُنْذِرِيّ شعره بِالْقَاهِرَةِ وكناه أَبَا بكر وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره
(أقصد القلعةَ السَّحوقَ كأنّي ... حَجَرٌ من حجارةِ المنجنيق)
(فدوابي تحفى وثوبي يبْلى ... هَذِه قلعة على التَّحْقِيق)
وَمِنْه أَيْضا)
(ورد ومسك ودر ... خد وخال وثغر)
(لحظ وجفن وغنج ... سيف ونبل وسحر)
(غُصْن وَبدر وليل ... قد وَوجه وَشعر)
وَمِنْه فِي بر أَتَاهُ منغصاً
(ألبس قلبِي بركم فكرة ... يكَاد مِنْهَا ناظري يعمى)
(أورثني هما وَمن قبله ... لم أر برا يُورث الهما)
وَمِنْه
(كَيفَ يحمي تدرعي واحترازي ... من شبا أعين الظباء الجوازي)
(مقل من أسنة بقدود ... كالعوالي فِي اللين والاهتزاز)
(كحلت بالسهاد جفني لما ... غازلتني بالأكحل الغماز)
(جزت أَقْْضِي أمرا فَقضيت عمرا ... لَيْت لم يقْض لي على جوازي)
(بعثت لي حَقًا بإيماء طرف ... جد فِي أَخذ مهجتي وَهُوَ هاز)
وَله مدائح فِي الْملك الْأَشْرَف شاه أرمن وَفِي الظَّاهِر غَازِي الْملك وَمِنْه
(اثْنَان قد كسدا والحمق دأبهما ... أَنا بشعري وبالنحو ابْن عَدْلَانِ)
(فاصفع أَبَا حسن رَأْسِي وقمته ... فأحمق بكساد جد صفعان)(5/54)
وَمِنْه
(مَا هيجتك معالم ورسوم ... إِلَّا لِأَنَّك للغرام غَرِيم)
(للظاعنين عَن الْمنَازل فِي الحشا ... شوق على مر الزَّمَان مُقيم)
(لي نحوهم نفس يُقيم زفيره ... عوج الضلوع ومدمع مسجوم)
(وأغن أحوى رشفة من ثغره ... برْء لمن هُوَ من هَوَاهُ سليم)
(انْظُر إِلَى جَسَدِي وناحل خصره ... تَرَ كَيفَ أودى بِالصَّحِيحِ سقيم)
(أحرير خديه كساك عذاره ... حسنا فَأَنت بوشيه مرقوم)
(قسما بِمن خلق الْهوى إِن الْهوى ... عذب وَإِن عَذَابه لأليم)
(ووحق من سنّ المكارم إِنَّهَا ... مَاتَت فأحياها أغر كريم)
3 - (أَبُو جَعْفَر العكبري)
)
مُحَمَّد بن مهْدي العكبري أَبُو جَعْفَر كَانَ خَبِيث اللِّسَان يهجو الْكتاب يَقُول لِلْحسنِ بن وهب
(وسائلة عَن الْحسن بن وهب ... وَعَما فِيهِ من حسب وَخير)
(فَقلت هُوَ الْمُهَذّب غير أَنِّي ... أرَاهُ كثير إسبال الستور)
(وَأكْثر مَا يُغْنِيه فتاه ... رَشِيق حِين يَخْلُو بالسرور)
(فلولا الرّيح أسمع من بِحجر ... صليل الْبيض تقرع بالذكور)
وَقَالَ
(هديتي تقصر عَن همتي ... وهمتي تقصر عَن حَالي)
(وخالص الود ومحض الثنا ... أحسن مَا يهديه أمثالي)
3 - (الْحَافِظ الرَّازِيّ)
مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ الْجمال أَبُو جَعْفَر الْحَافِظ روى عَن مُعْتَمر ابْن سُلَيْمَان وَغَيره وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن كوشاذ)
مُحَمَّد بن مهْرَان بن كوشاذ الْأَصْبَهَانِيّ سكن سامرا وَحدث بهَا عَن(5/55)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْهَرَوِيّ روى عَنهُ عبد الْبَاقِي ابْن قَانِع وَذكره الْحَافِظ أَبُو نعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان
3 - (أَبُو عبد الله البغداذي)
مُحَمَّد بن مهْرَان أَبُو عبد الله البغداذي حدث عَن مُحَمَّد بن الْفرج الْأَزْرَق روى عَنهُ إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة الْأَصْبَهَانِيّ فِي مُعْجم شُيُوخه
3 - (الْبنانِيّ البغداذي)
مُحَمَّد بن المهنا بن مُحَمَّد البناي أَبُو بكر الشَّاعِر من سَاكِني بَاب الأزج أَكثر القَوْل فِي المدائح والغزل قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ شَيْئا من شعره وَكَانَ شَيخا فَاضلا طيب الْأَخْلَاق كيساً قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(أَيَنَامُ عذالي وأسهر ... وألام فِي النادي وأزجر)
(ويروم مني عاذلي ... مَا فِي شُرُوط الْحبّ يُنكر)
(هَيْهَات أَن يغتالني ... أَو بالملام عَليّ ينصر)
(وَأَنا المتيم أشتكي ... ككثير وجدا وَأكْثر)
)
(ومسامعي عَن عذله ... موقورة وَالظّهْر موقر)
(ومهفهف حُلْو الشما ... ئل أسحم الصدغين أحور)
(يشكو إِلَيْهِ نهوضه ... ظلم المؤزر للمزير)
(قمر شقائق وجنتي ... هـ تَقول للعذال مجهر)
(قسما بلام عذاره ... إِن المتيم فِيهِ يعْذر)
وَقَالَ وأنشدني لنَفسِهِ
(حَشْو الحشاشة جمر كلما اتقدا ... أَسهرت ليلِي والمحبوب قد رقدا)
(أرعى النُّجُوم وعهداً لَيْسَ يحفظه ... من لَيْسَ يعرف إِلَّا نقض مَا عهدا)
(وأطلب الْوَصْل من ريم يماطلني ... وَكلما رمته فِي الْيَوْم قَالَ غَدا)
(هويته وهواني فِي محبته ... عذب وعيشي مر كلما بعدا)
(يَا ورد خديه لي من آس عَارضه ... آس مَتى جس نبضي لم أمت كمدا)
(وَيَا بريق ثناياه بريقته ... أطفي حرارة قلبِي قَلما بردا)
(وَيَا حساماً على العشاق يشهره ... من اللحاظ أمتني ميتَة الشهدا)
وَقَالَ ذكر لي أَنه تزوج بتسعين امْرَأَة وَتُوفِّي فِي شَوَّال سنة سِتّ مائَة قلت شعر عذب منسجم(5/56)
3 - (ابْن مهنا)
مُحَمَّد بن مهنا بن عبد الرافع بن زيد بن أبي بكر شمس الدّين القاهري مولده سنة خمسين وست مائَة أَنْشدني الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(وَمَا ذقت طعم الشهد إِلَّا وريقه ... ألذ وَأحلى فِي المساغ وأعذب)
(كَذَلِك أصوات المثاني وَلَفظه ... أرق وأشهى للنفوس وأطرب)
(وحسبك بدر التم إِن قسته بِهِ ... فطلعته أبهى وأشهى وَأغْرب)
(فيا آمري بِالصبرِ عَنهُ وَقد أرى ... عيوني عَلَيْهِ بالمدامع تسكب)
(ترفق فقلبي لَا يمِيل لغيره ... أغالب فِيهِ الشوق والشوق أغلب)
قلت شعر منحط
3 - (الفطري)
)
مُحَمَّد بن مُوسَى الفطري الْمدنِي مولى الفطريين وثقة التِّرْمِذِيّ وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق يتشيع روى لَهُ الْجَمَاعَة خلا البُخَارِيّ توفّي سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا
3 - (الْقطَّان)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عمرَان الوَاسِطِيّ الْقطَّان روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَتُوفِّي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا
3 - (ابْن مُوسَى صَاحب الْحِيَل)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن شَاكر أحد الْإِخْوَة الثَّلَاثَة الَّذين تنْسب إِلَيْهِم حيل بني مُوسَى وأخواه أَحْمد وَالْحسن كَانَت لَهُم ههم علية فِي تَحْصِيل الْعُلُوم الْقَدِيمَة أنفذوا إِلَى بِلَاد الرّوم من أحضرها لَهُم وأحضروا النقلَة من أَطْرَاف الْبِلَاد بالبذل السّني وَكَانَت الْغَالِب عَلَيْهِم الهندسة والحيل فِي جر الأثقال والموسيقى والنجوم وَلَهُم فِي الْحِيَل كتاب عَجِيب مَشْهُور كَانَ الْمَأْمُون مغرى بعلوم الْأَوَائِل وتحقيقها وَرَأى فِيهَا أَن دور كرة الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف ميل كل ثَلَاثَة أَمْيَال فَرسَخ فَيكون الْمَجْمُوع ثَمَانِيَة آلَاف فَرسَخ بِحَيْثُ لَو وضع طرف حَبل على أَي نقطة كَانَت وأدير الْحَبل على كرة الأَرْض حَتَّى انْتهى بالطرف الآخر إِلَى تِلْكَ النقطة وَمسح الْحَبل كَانَ طوله أَرْبَعَة وَعشْرين ألف ميل فَسَأَلَ بني مُوسَى الْمَذْكُورين عَن حَقِيقَة ذَلِك فَقَالُوا لَهُ نعم هَذَا قَطْعِيّ فَقَالَ اعْمَلُوا الطَّرِيق الَّتِي ذكرهَا المتقدمون حَتَّى يتحرر لنا ذَلِك فسألوا عَن الأَرْض المتساوية فدلوا على صحراء بسنجار أَو وَطْأَة الْكُوفَة فَأخذُوا مَعَهم جمَاعَة يَثِق بهم الْمَأْمُون وبمعرفتهم وتوجهوا إِلَى صحراء سنجار فوقفوا فِي مَوضِع مِنْهَا وَأخذُوا(5/57)
ارْتِفَاع القطب الشمالي وَجعلُوا فِي ذَلِك الْموضع وتداً وربطوا فِيهِ حبلاً طَويلا ثمَّ توجهوا إِلَى الْجِهَة الشمالية على الاسْتوَاء من غير انحراف حسب الْإِمْكَان فَلَمَّا فرغ الْحَبل نصبوا وتداً آخر وربطوا فِيهِ حبلاً آخر وفعلهم فعلهم الأول وَلم يزَالُوا كَذَلِك إِلَى مَوضِع أخذُوا فِيهِ ارْتِفَاع القطب الْمَذْكُور فوجدوه قد زَاد دَرَجَة فمسحوا ذَلِك الْقدر الَّذِي قدروه من الأَرْض بالحبال فَبلغ سِتَّة وَسِتِّينَ ميلًا وثلثي ميل فعملوا أَن كل دَرَجَة من الْفلك يقابلها من الأَرْض سنة وَسِتُّونَ ميلًا وَثلثا ميل ثمَّ عَادوا إِلَى الْموضع الأول وفعلوا فِي جِهَة الْجنُوب كَمَا فَعَلُوهُ فِي جِهَة الشمَال وَأخذُوا الِارْتفَاع فِي مَوضِع فوجدوا القطب فِيهِ قد نقص دَرَجَة ومسحوا الحبال فوجدوا الْقدر الثَّانِي من الْجنُوب كالقدر الأول من الشمَال فَعَلمُوا أَن حسابهم صَحَّ وَأَن الَّذِي ذكره أَرْبَاب الْهَيْئَة فِي ذَلِك مُحَقّق)
فَحَضَرُوا إِلَى الْمَأْمُون وعرفوه مَا اتّفق فجهزهم إِلَى وَطْأَة الْكُوفَة وَقَالَ افعلوا فِيهَا كَمَا فَعلْتُمْ فِي صحراء سنجار فتوجهوا وفعلوا مَا فَعَلُوهُ هُنَاكَ فطابق فعلهم مَا رَأَوْهُ فِي صحراء سنجار وتوافق الحسابان فعادوا إِلَى الْمَأْمُون وأعلموه مَا صَحَّ مَعَهم فَعلم صِحَة مَا حَرَّره القدماء ولبني مُوسَى الْمَذْكُورين أوضاع غَرِيبَة وَأَشْيَاء عَجِيبَة فِي جر الأثقال وَقَالَ لي بعض الأذكياء إِن الْأَعْمَال الثَّقِيلَة والعمائر الجبارة كلهَا عملت بالطليات وَالْبكْر من جر الأثقال وَتُوفِّي مُحَمَّد بن مُوسَى الْمَذْكُور سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الوَاسِطِيّ الصُّوفِي)
مُحَمَّد بن مُوسَى أَبُو بكر الوَاسِطِيّ أَصله من فرغانة واستوطن مرو وَكَانَ من أَصْحَاب الْجُنَيْد والنوري لم يتَكَلَّم أحد فِي أصُول التصوف مثل كَلَامه وَكَانَ عَالما بأصول الدّين والعلوم الظَّاهِرَة قَالَ إِذا ظهر الْحق على السرائر لم يبْق فِيهَا فضلَة لرجاء وَلَا خوف فَسئلَ أَن يَدْعُو فَقَالَ أخْشَى أَن يُقَال لي إِن سألتنا مَا لَيْسَ لَك عندنَا فقد أَسَأْت إِلَيْنَا وَإِن سألتنا مَا لَك عندنَا فقد اتهمتنا وَأنْشد
(ذَرِينِي تجئني ميتتي مطمئنة ... وَلم أتجشم هول تِلْكَ الْمَوَارِد)
(فَإِن عليات الْأُمُور منوطة ... بمستودعات فِي بطُون الأساود)
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْحَنَفِيّ قَاضِي مصر)
مُحَمَّد بن مُوسَى السَّرخسِيّ الْحَنَفِيّ قَاضِي مصر ولاه الْقَاهِرَة توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة تَقْرِيبًا
3 - (الْحَافِظ السمسار)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْحُسَيْن أَبُو الْعَبَّاس السمسار الدِّمَشْقِي(5/58)
الْحَافِظ أَخُو أبي الْحسن عَليّ قَالَ أَبُو مُحَمَّد الكتاني كَانَ ثِقَة نبيلاً توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الظَّاهِرِيّ الأثري)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْمثنى الْفَقِيه أَبُو بكر البغداذي الأثري الدَّاودِيّ الظَّاهِرِيّ كَانَ فَقِيها نبيلاً توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن مرْدَوَيْه الْفَقِيه)
)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن مرْدَوَيْه أَبُو عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ أَخُو الْحَافِظ أبي بكر كَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْه وَالْأُصُول وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن شَاذان)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْفضل بن شَاذان أَبُو سعيد بن عَمْرو النَّيْسَابُورِي الصَّيْرَفِي أحد الثِّقَات الْمَشَاهِير روى عَنهُ الْخَطِيب وَالْبَيْهَقِيّ وَخلق كثير توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن أبي عمرَان)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عبد الله أَبُو الْخَيْر ابْن أبي عمرَان الْمروزِي الصفار آخر من روى صَحِيح البُخَارِيّ بعلو فِي الدُّنْيَا رَوَاهُ عَن الْهَيْثَم الْكشميهني وَقَالَ الْحَافِظ ابْن طَاهِر سَمِعت عبد الله بن أَحْمد السَّمرقَنْدِي يَقُول لم يَصح لهَذَا الرجل أبي الْخَيْر ابْن أبي عمرَان مُوسَى من الْكشميهني سَماع وَإِنَّمَا وَافق الِاسْم الِاسْم توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (البلاساغوني القَاضِي الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عبد الله القَاضِي أَبُو عبد الله التركي البلاساغوني الْحَنَفِيّ سمع من الدَّامغَانِي وَمن أبي الْفضل ابْن خيرون وَنزل دمشق وَولي قَضَاء الْقُدس ودمشق وعزم على نصب إِمَام حَنَفِيّ بِجَامِع دمشق من محبته فِي مذْهبه وَعين إِمَامًا فَامْتنعَ النَّاس من الصَّلَاة خَلفه وصلوا بأجمعهم فِي دَار الْخَيل وَهِي القيسارية الَّتِي قبل الدرسة الأمينية وَهُوَ الَّذِي رتب الْإِقَامَة فِي الْجَامِع مثنى مثنى فَبَقيت إِلَى أَن أزيلت زمن صَلَاح الدّين سنة سبعين قَالَ ابْن عَسَاكِر سَمِعت الْحُسَيْن بن قبيس يذمه وَيذكر أَنه كَانَ يَقُول لَو كَانَ لي أَمر لأخذت من الشَّافِعِيَّة الْجِزْيَة وَكَانَ مبغضاً للمالكية أَيْضا توفّي سنة سِتّ وَخمْس مائَة
3 - (الْحَافِظ الْحَازِمِي)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عُثْمَان بن مُوسَى بن عُثْمَان بن حَازِم(5/59)
الْحَافِظ أَبُو بكر الْحَازِمِي الهمذاني كتب الْكثير وصنف فِي الحَدِيث عدَّة وَكَانَ كثير الْمَحْفُوظ حُلْو المذاكرة يغلب عَلَيْهِ معرفَة أَحَادِيث الْأَحْكَام وأملى من طرق الْأَحَادِيث الَّتِي فِي مَذْهَب لأبي إِسْحَق وأسندها وَلم يتم لَهُ كتاب النَّاسِخ والمنسوخ وعجالة الْمُبْتَدِي فِي الْأَنْسَاب والمؤتلف والمختلف فِي الْبلدَانِ واسناد الْأَحَادِيث الَّتِي فِي الْمُهَذّب وتحفة السَّفِينَة وَكتاب مَا اتّفق فِي إِسْنَاده أَرْبَعَة من الصَّحَابَة أَو التَّابِعين بَعضهم عَن بعض وَكتاب شُرُوط الْأَئِمَّة الْخَمْسَة البُخَارِيّ وَمُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ)
وَابْن مَاجَه وَكتاب سلسلة الذَّهَب وَهُوَ مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل عَن الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنْهُمَا وَكتاب الفيصل فِي مشتبه النِّسْبَة وَلم يتمه قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَكَانَ ثِقَة حجَّة نبيلاً ورعاً زاهداً عابداً كثير الصَّلَاة وَالصِّيَام والمجاهدة والتقلل نزهاً عفيفاً ملازماً للخلوة والتصنيف وَنشر الْعلم أدْركهُ أَجله شَابًّا وَلم يبلغ الْأَرْبَعين وَقَالَ سَمِعت بعض الْأَئِمَّة من أَصْحَاب الحَدِيث يذكر أَن الْحَازِمِي كَانَ يحفظ كتاب الْإِكْمَال فِي المؤتلف والمختلف وَكَانَ يُكَرر عَلَيْهِ ولد فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (المزالي)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن النُّعْمَان الشَّيْخ أَبُو عبد الله المزالي التلمساني وَقيل الفاسي المغربي ولد سنة سِتّ أَو سبع وست مائَة بتلمسان وَقدم الْإسْكَنْدَريَّة وَسمع بهَا أَبَا عبد الله الْحَرَّانِي وَأَبا الْقَاسِم الصفراوي وَأَبا الْفضل جعفراً الهمذاني وبمصر أَبَا الْحسن ابْن الصَّابُونِي وَأَبا الْقَاسِم ابْن الطُّفَيْل وَابْن المقير وَجَمَاعَة وَكَانَ فَقِيها مالكياً زاهداً عابداً عَارِفًا إِلَّا أَنه كَانَ متغالياً فِي أشعريته توفّي بِمصْر وَدفن بالقرافة وشيعه الْخَلَائق وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وست مائَة وَمن شعره
(أتطمع أَن ترى ليلى بعينٍ ... وَقد نظرت إِلَى حسن سواهَا)
(سواهَا لَا يروق الطّرف حسنا ... وأوصاف الْجمال لَهَا حماها)
(حماها منزل الأحباب قدماً ... وَإِن كَانَ الْجلَال لَهَا حماها)
(أتنظرها بِعَين بعد عين ... فَتلك الْعين تمنعها قذاها)
(قذاها إِن أردْت يَزُول عَنْهَا ... بِعَين الدَّهْر غَيْرك لَا ترَاهَا)
وَهِي أَكثر من هَذَا وَله تصانيف مِنْهَا كتاب مِصْبَاح الظلام فِي المستغيثين بِخَير الْأَنَام فِي الْيَقَظَة والمنام(5/60)
3 - (أَبُو جَعْفَر الزامي النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عمرَان الزامي أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ ذكره الثعالبي فِي البخاريين وَقَالَ هُوَ من أَفْرَاد الأدباء وَالشعرَاء بخراسان عَامَّة وحسنات نيسابور خَاصَّة وَكَانَ مَعَ سبقه فِي ميادين الْفضل راجحاً فِي مَوَازِين الْعقل وترقت حَاله من التَّأْدِيب إِلَى التصفح فِي ديوَان الرسائل ببخارا بعد أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْفَارِسِي وَغلب على شعره التَّجْنِيس حَتَّى كَاد)
يذهب بهاءه ويكدر مَاءَهُ وكل كثير عَدو الطبيعة وَأورد لَهُ
(مضى رَمَضَان المرمض الدّين فَقده ... وَأَقْبل شَوَّال يشول بِهِ قهرا)
(فيا لَك شهرا شهر الله قدره ... لقد شهرت فِيهِ سيوف الْهدى شهرا)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(سقى الله أَيَّام اللوى إِن ذكرهَا ... لوى فِي الحشا يلوي ذواب الحشا ليا)
(ليَالِي ريعان الشبيبة رائع ... وغصني مياد أسوق بِهِ هيا)
(تريع إِلَى شوق الظباء حوانياً ... إِلَيّ كَأَن الظبي يحسبني ظَبْيًا)
قلت شعر متكلف
3 - (سِيبَوَيْهٍ المعتزلي)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عبد الْعَزِيز الْكِنْدِيّ أَبُو بكر الصَّيْرَفِي الْمَعْرُوف بِابْن الجبائي وَيعرف أَيْضا بسيبويه وبالفصيح سمع الْكِبَار وتفقه للشَّافِعِيّ وَكَانَ معتزلياً متظاهراً بذلك فِي الزّهْد والتصوف وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ قد تفقه على أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد الْحداد
3 - (الأقشتين الْقُرْطُبِيّ)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن هَاشم بن يزِيد الْقُرْطُبِيّ الْمَعْرُوف بالأقشتين قَالَ الزبيدِيّ مَاتَ فِي شهر رَجَب سنة سبع وَثَلَاث مائَة وَهُوَ من أهل الأندلس وَمن موَالِي الْمُنْذر وَكَانَ متصرفاً فِي عُلُوم الْأَدَب ورحل إِلَى الْمشرق وَلَقي أَبَا جَعْفَر الدينَوَرِي بِمصْر وانتسخ كتاب سِيبَوَيْهٍ من نسخته وَأَخذه عَنهُ رِوَايَة وروى كتب ابْن قُتَيْبَة عَن إِبْرَاهِيم بن جميل الأندلسي أَخذهَا عَنهُ بِمصْر وَسمع بقيسارية من عَمْرو بن ثَوْر صَاحب الْفرْيَابِيّ وَله كتاب شَوَاهِد الحكم وَكتاب طَبَقَات الْكتاب بالأندلس وَكتاب الْمُوفق وَكتاب الرَّائِق وَكتاب فَضَائِل المستبصرة
3 - (أَبُو عبد الله السبتي)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن عَفَّان السبتي أَبُو عبد الله كَانَ من أعرف النَّاس بالتواريخ وَجمع من كتب التَّارِيخ مَا لم يجمعه أحد وَكَانَ لَا يعبر كتابا وَيكْتب على كتبه(5/61)
(إِنِّي حَلَفت يَمِينا غير كَاذِبَة ... أَن لَا أعبر كتابي الدَّهْر إنْسَانا)
(إِلَّا برهن وإيمان مغلطة ... كَيْلا يضيع كتابي أَيْنَمَا كَانَا)
)
توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (السلوي النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن مُوسَى السلوي النَّحْوِيّ الأديب اخبرني الشَّيْخ أثير الدّين شفاهاً قَالَ قَرَأَ الْمَذْكُور كتاب سِيبَوَيْهٍ على الْأُسْتَاذ أبي الْحُسَيْن ابْن أبي الرّبيع وبرع فِيهِ ورحل إِلَى مَدِينَة فاس فأقرأ بهَا النَّحْو وَكَانَ وقوراً فَاضلا نزهاً وَتُوفِّي بهَا سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة وسنه نَحْو من خمس وَعشْرين سنة أنشدنا لَهُ أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي يَعْقُوب المحساني مِمَّا أنْشدهُ فِي شَاب جرح فِي جَبينه لنَفسِهِ
(دِمَاء جرح بَدَت مَا بَين منبلج ... من الجبين وَشعر صِيغ من غسق)
(هُوَ اتضاح نَهَار وانبلاج دجى ... لَا بُد بَينهمَا من حمرَة الشَّفق)
قلت الْمَعْنى جيد والألفاظ نازلة التَّرْكِيب وَأحسن مِنْهُ فِي اللَّفْظ قَول ابْن التلمساني أَو ابْن تَمِيم الْحَمَوِيّ الإسعردي وَالْأول أكمل معنى
(بكوا لجراحةٍ شقَّتْ جبين ال ... حبيب فَقلت مَا فِي ذَا جنَاح)
(أَلَيْسَ جَبينه صبحاً منيراً ... وَلَا عجب إِذا انْشَقَّ الصَّباح)
وَمثله مَا نقلته من خطّ محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر
(وَلَقَد أَقُول وَقد شجتني شجةٌ ... تبدو بصبح جبينك الوضاح)
(الله أكبر قَالَ مَا لَك قلت قد ... نَادَى جمالك فالق الإصباح)
3 - (البريري)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن حَمَّاد يعرف بالبريري ويكنى أَبَا أَحْمد قَالَ الْخَطِيب مَاتَ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ كَانَ اخبارياً صَاحب فهم وَمَعْرِفَة بأيام النَّاس حدث عَن عَليّ بن الْجَعْد وَغَيره وروى عَنهُ يحيى ابْن صاعد وَأحمد بن كَامِل القَاضِي وَإِسْمَاعِيل بن عَليّ الخطبي وَغَيرهم وَذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ القَاضِي أَحْمد بن كَامِل مَا جمع أحد من الْعلم مَا جمع مُحَمَّد بن مُوسَى البريري وَكَانَ لَا يحفظ إِلَّا حديثين حَدِيث الطَّائِر وَحَدِيث إِن عماراً لتقتله الفئة الباغية(5/62)
3 - (الْكُوفِي النسابة)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْحسن بن جَعْفَر التغلبي الْكُوفِي الشَّاعِر النسابة ذكره الْحَاكِم أَبُو عبد الله)
مُحَمَّد بن عبد الله بن البيع فِي تَارِيخ نيسابور وَقَالَ ورد علينا سنة خمسين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ يكثر الْكَوْن عِنْد أبي أَحْمد التَّمِيمِي وَكَانَ من أحفظ النَّاس لأيام النَّاس وأخبارهم وأشعارهم الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين ثمَّ إِنَّه خرج إِلَى بخارا وَتُوفِّي بهَا
3 - (أَبُو بكر الْهَاشِمِي)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن يَعْقُوب بن عبد الله الْمَأْمُون بن هرون الرشيد أَبُو بكر الْهَاشِمِي ولي مَكَّة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَقدم مصر فَحدث بهَا عَن عَليّ ابْن عبد الْعَزِيز بالموطإ عَن القعْنبِي عَن مَالك وَتُوفِّي بِمصْر فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو بكر الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ إِمَام الْحَنَفِيَّة انْتَهَت إِلَيْهِ رياستهم وَكَانَ مُعظما عِنْد الْخُلَفَاء والملوك وَمن تلامذته الشريف الرضي وَالْقَاضِي الصَّيْمَرِيّ قَالَ أَبُو بكر البرقاني سمعته يَقُول ديننَا دين الْعَجَائِز ولسنا من الْكَلَام فِي شَيْء وَكَانَ لَهُ إِمَام حنبلي وَمَا شهد النَّاس مثله فِي حسن الْفَتْوَى والإصابة فِيهَا دعِي مرَارًا إِلَى الحكم فَامْتنعَ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة
3 - (شرف الدّين الْقُدسِي)
مُحَمَّد بن مُوسَى الْكَاتِب شرف الدّين الْقُدسِي كَاتب أَمِير السِّلَاح ثمَّ كتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء بقلعة الْجَبَل أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ أثير الدّين أَبُو حيَّان من لَفظه قَالَ هُوَ رجل حسن الْأَخْلَاق كريم الْعشْرَة مُحْتَمل فِيهِ كرم وَله خطّ حسن ونثر كثير ونظم جالسته مرَارًا وكتبت عَنهُ وَقَرَأَ علينا من نظمه ونثره كثيرا وَقد خمس شذوز الذَّهَب فِي(5/63)
صَنْعَة الكيمياء تخميساً حسنا يقْضِي لَهُ بسبق النّظم وجودة حوك الْكَلَام ومطابقة الْفضل وأنشدني قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور من لَفظه لنَفسِهِ
(الْيَوْم يَوْم سرُور لَا شرور بِهِ ... فزوج ابْن سَحَاب بِابْنِهِ الْعِنَب)
(مَا أنصف الكاس من أبدى القطوب لَهَا ... وثغرها باسم عَن لُؤْلُؤ الحبب)
وأنشدني قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور من لَفظه لنَفسِهِ
(صرف بِصَرْف الحميا مَا حمى طَربا ... فَإِن فِيهَا لسم الْهم درياقا)
(دنياك معشوقة والراح ريقتها ... فارشف مراشفها ان كنت عشاقا)
)
وأنشدني قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ يُخَاطب الشجاعي وَكَانَ كَاتبه
(أيا علم الدّين الَّذِي عين علمه ... تريه الْمَعَالِي نثرها ونظامها)
(قذفت لنا يَا بَحر أَي جَوَاهِر ... وَهَا هِيَ فالبس فذها وتؤامها)
مِنْهَا
(رأى الْملك الْمَنْصُور أَنَّك صَالح ... لدولته يلقِي إِلَيْك زمامها)
(فولاكها إِذْ كنت فِي الرَّأْي شيخها ... وَكنت إِذا نَادَى الصَّرِيخ غلامها)
(فَمَا احتفلت إِلَّا وَكنت خطيبها ... وَلَا استبقت إِلَّا وَكنت إمامها)
(فَلَو غَابَ بدر الْأُفق نبت مَنَابه ... بل الشَّمْس لَو غَابَتْ لقمت مقَامهَا)
(نهضت بعبء الْملك وَالْأَمر فادح ... وسست الرعايا مصرها وشآمها)
قلت وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة وَمن شعره
(تَبَسم فاستبكى ببارق ثغره ... سحائب جفن مَا أخلت بِعَارِض)
(مليح أصبناه بِعَين ونظرة ... فَمن اجل هَذَا قد أُصِيب بِعَارِض)
وَقَالَ
(بِي فرط ميل إِلَى الغزلان والغزل ... فَكيف لَا يقصر العذال عَن عذلي)
(مالوا عَليّ ولاموا فِي الْهوى عَبَثا ... من لم يمل سَمعه مذ كَانَ للملل)
(أضحى الغرام غريمي فِي هوى رشإ ... يُغْنِيه عَن كحله مَا فِيهِ من كحل)
(فالبدر من حَسَنَة قد رَاح ذَا كلف ... والورد من خَدّه قد رَاح فِي خجل)
(تشاغل النَّاس فِي الأسمار بِي وَبِه ... وانني عَن حَدِيث النَّاس فِي شغل)
وَقَالَ فِي مليح اسْمه سَالم(5/64)
(وأهيف تهفو نَحْو بانة قده ... قُلُوب تثبت الشجو فَهِيَ حمائم)
(عجبت لَهُ إِذْ دَامَ توريد خَدّه ... وَمَا الْورْد فِي حَال على الْغُصْن دَائِم)
(وأعجب من ذَا أَن حَيَّة شعره ... تجول على أعطافه وَهُوَ سَالم)
وَقَالَ فِي كريم الدّين الْكَبِير
(إِذا مَا بار فضلك عِنْد قوم ... قصدتهم وَلم تظفر بطائل)
(فخلهم خلاك الذَّم وأقصد ... كريم الدّين فَهُوَ أَبُو الْفَضَائِل)
)
وَكتب شرف الدّين مُحَمَّد بن الوحيد الْكَاتِب إِلَى الشّرف الْقُدسِي لما أَن خمس شذور الذَّهَب
(لقد رق تخميس الشذور وأصبحت ... مداماً وَلَكِن كرمها حَضْرَة الْقُدسِي)
(هِيَ الشَّمْس والأشعار فِي جنب حسنها ... نُجُوم وَمَا قدر النُّجُوم مَعَ الشَّمْس)
وَكتب إِلَيْهِ الْحَكِيم شمس الدّين مُحَمَّد بن دانيال
(إِذا نَاب فِي التَّقْبِيل عَن شفتي طرسي ... وَعَن بَصرِي فِي رؤيتي لكم نَفسِي)
(وواصلني مِنْكُم خيال مُخَصص ... بروحي فِي حلم فَمَا لي وللحسن)
(وَمن لي بمرآك الْجَمِيل الَّذِي بِهِ ... لعَيْنِي غنى عَن طلعة الْبَدْر وَالشَّمْس)
(على أنني مستأنس بعد وحشتي ... بأنس ولي الدولة الأرخن القس)
(غَدَوْت بِهِ بعد البطالة عَاملا ... وَلَا مِثْلَمَا أعملت فِي زَاده ضرسي)
(وَإِن ابْنه الشَّيْخ الخطير لمسعفي ... بِمَا شِئْت من رفد جزيل وَمن أنس)
(وَأقسم مَا للِابْن وَالْأَب عِنْدهم ... حَيَاة بِلَا روح تَجِيء من الْقُدسِي)
وَمن شعر شرف الدّين الْقُدسِي
(يَا لَيْلَة بت أستجلي محياها ... كَأَنَّمَا بت أستجلي حمياها)
(أولت يدا ثن ألوت بِي فَقلت إِذا ... مَا كَانَ أرخصها عِنْدِي وأغلاها)
(بِيُوسُف الْحسن جُزْء من محاسنه ... فاعجب لَهَا وَهِي كنز كَيفَ جزاها)
(طَال النَّهَار انتصاراً فانطوت قصراً ... كَأَن فِي شفقيها كَانَ فجراها)
مِنْهَا
(يُدِير من لحظه أَو لَفظه لطفاً ... لَو نستطيع لَهَا شرباً شربناها)
(والزير والبم والمثنى ومثلثه ... محركات من الأوتار أشباها)(5/65)
وَمن شعر شرف الدّين الْقُدسِي رَحمَه الله وَالنَّاس ينسبون ذَلِك إِلَى محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر وَأَخْبرنِي الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي أَنَّهَا للقدسي وَقَالَ أَنْشدني بَعْضهَا من لَفظه
(مَا ملت عَنْك لجفوة وملال ... يَوْمًا وَلَا خطر السلو ببالي)
(يَا مانحاً جسمي السقام ومانعاً ... جفني الْمَنَام وتاركي كالآل)
(عَمَّن أخذت جَوَاز منعي ريقك ال ... معسول يَا ذَا المعطف الْعَسَّال)
)
(من شعرك الفحام أم عَن ثغرك ال ... نظام أم عَن طرفك الْغَزالِيّ)
(فَأَجَابَنِي أَنا مَالك أهل الْهوى ... وَالْحسن أضحى شَافِعِيّ وجمالي)
(وشقائق النُّعْمَان أضحى نابتاً ... فِي وجنتي حماه رشق نبالي)
(وَالصَّبْر أَحْمد للمحب إِذا ابتلى ... فِي الْحبّ من محن الْهوى بسؤالي)
(وعَلى أُسَارَى الْحبّ فِي سجن الْهوى ... بَين الملاح عرفت بالقفال)
(وَقتلت معتزلي فِي شرع الْهوى ... وطرفت بالتنبيه عين السال)
(وتفقه العشاق فِي فَكل من ... نقل الصَّحِيح اجزته بوصال)
(والجوهري غَدا بثغري سَاكِنا ... يحمي الصِّحَاح بقدي الميال)
(وشهود حسني لَو نظرت إِلَيْهِم ... بَين الْأَنَام عجبت من أفعالي)
(جرح الْبكاء عيونهم وَقُلُوبهمْ ... وزكوا لقذف الدمع فِي الأطلال)
(وَالشَّاهِد الْمَجْرُوح عِنْدِي صَادِق ... هَل فِي قُضَاة العاشقين مثالي)
(وعَلى رحيق الثغر صارم مقلتي ... وليته وَلكُل ثغر وَال)
(وعَلى مقامات الغرام شَوَاهِد ... جسمي الحريري والبديع مقالي)
(ولبست من حلل الْجمال مفصلا ... حسن الملابس مدهش الغزال)
(ولحسني الْكَشَّاف فِي جمل الضيا ... لمعاً لإيضاح الفصيح مقالي)
(وأتى الْمُطَرز نَحْو خدي راقماً ... طرز العذار وحار فِي أشكالي)
(والواقدي بِنَار هجري والجفا ... وكلته فَلِكُل سَالَ صال)
(وبلفظي الْفراء يفري قلب من ... وافى يناظر ناظري بنصالي)
(ومصارع العشاق بَين خيامنا ... وَمُقَاتِل الفرسان يَوْم نزالي)
(ورفضت يَوْم العاشقين فَكل من ... ذكر الْفِرَاق فدمعه متوالي)
(وَلَدي سلوان المطاع سفاهة ... لمتيم أوثقته بحبالي)
(وخصصت إخْوَان الصَّفَا برسائل ... وَلَهُم صفا ودي وهم آمالي)(5/66)
(وَالْبَيْهَقِيّ بِوَجْه كل معنف ... فِي موقف التوديع والترحال)
(وبوجهي النقاش رَاح مُفَسرًا ... سور الملاحة من دَلِيل دلالي)
(ورقيبي الْكَلْبِيّ قد اخسأته ... بوقوفه فِي بَاب ذل سُؤَالِي)
)
(وَمُجاهد أضحى عَليّ مُقَاتِلًا ... خوفًا من الرقباء والعذال)
(وَأَبُو نعيم منعم فِي حليتي ... إِذْ بَات يُمْلِيهَا على النقال)
(ومحاسني قوت الْقُلُوب تكرماً ... ومناقب الْأَبْرَار حسن فعالي)
(وتطلعي زَاد الْمسير ومبسمي ال ... ضحاك والمنثور حسن لآلي)
(وبخدي الزُّهْرِيّ جنَّات المنى ... أضحى بهَا الثَّوْريّ من عمالي)
(وبمنطقي قس الفصاحة واعظ ... فِي فَتْرَة الأجفان للضلال)
(وقميص حسني قد من قبل الورى ... بيَدي الْيَمين وَتارَة بشمالي)
(والثعلبي رأى الْوُجُوه بِجهْدِهِ ... وحلا لَهُ فِي النَّقْل وَجه الْحَال)
(ولحسني الْأَنْسَاب يَرْوِيهَا عَن ال ... عدل الزكي بِصِحَّة النقال)
(فيراه للتمييز نصبا وَاجِبا ... وَرفعت عَنهُ الهجر من أفعالي)
(ولي الْخلَافَة فِي الملاح بلحظي ال ... سفاح والمنصور فِي أقوالي)
(وعَلى محلي بالجمال رِوَايَة ... فِي راية نشرت ليَوْم جدالي)
(ومدينة الْعلم السخاوي أَصبَحت ... فِي راحتي فَعرفت بالبذال)
(قَالَ الْأَوَائِل مَا رَأينَا مثله ... غُصْن رطيب مثمر بِهِلَال)
(قد عَمه الْحسن الْغَرِيب وخاله ... مَا فِي الْبَريَّة مِنْهُ قلب خَال)
(فوصلت عشاقي فلام معنفي ... فأجبته هَذَا الَّذِي يبْقى لي)
(الْقَوْم أَبنَاء السَّبِيل وَعِنْدنَا ... تُعْطى زَكَاة الْحسن كالأموال)
(قد طالما نقلوا حَدِيث محاسني ... فهم عدولي صِحَة ورجالي)
(هذي القصيدة بالأئمة شرفت ... قدري وفقت بهَا على أمثالي)
(فَكَأَنَّهَا العقد الثمين وهم بهَا ال ... در النظيم مكللاً بلآلي)
قلت قصيدة فريدة رائقة فائقة إِلَّا أَنَّهَا لَا بُد فِيهَا من أَلْفَاظ غير قَاعِدَة والتسامح يسكن قلقها
3 - (وَجه الْفلس)
مُحَمَّد بن موفق الْمَعْرُوف بِوَجْه الْفلس الجياني ذكره حرقوص فِي كِتَابه وَأورد لَهُ
(أنف السلو لِقَلْبِهِ الأسف ... وَمضى يَقُود عنانه الكلف)(5/67)
(أَو مَا رَأَيْت نظيم شملهم ... قد بددته النِّيَّة الْقَذْف)
)
(رَحل الأحية كَيفَ بعدهمْ ... يلتذ محزون وملتهف)
قلت شعر متوسط
3 - (الخبوشاني)
مُحَمَّد بن الْمُوفق بن سعيد بن عَليّ بن نجم الدّين أَبُو البركات الخبوشاني بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة بعد الْوَاو الصُّوفِي الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ يستحضر كتاب الْمُحِيط وَله كتاب تَحْقِيق الْمُحِيط وَهُوَ فِي سِتَّة عشر مجلداً وَكَانَ يستحضره لِأَنَّهُ أملاه عَن خاطره على مَا قيل فِي سِتَّة عشر مجلداً كَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يقربهُ ويكرمه ويعتقد فِيهِ وَعمر لَهُ الْمدرسَة الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ حضر إِلَيْهِ الْملك الْعَزِيز وَصَافحهُ فاستدعى بِمَاء وَغسل يَده وَقَالَ يَا وَلَدي إِنَّك تمسك الْعَنَان فَقَالَ لَهُ نعم فامسح وَجهك واغسله فَإنَّك مسحت وَجهك فَقَالَ نعم وَغسل وَجهه وَكَانَ إِذا رأى ذِمِّيا رَاكِبًا قصد قَتله وَكَانَ الذِّمَّة يتحامونه وَلم يَأْكُل من وقف مدرسة لقْمَة وَدفن فِي الكساء الَّذِي حضر فِيهِ من خبوشان وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَدفن فِي قبَّة تَحت رجْلي الشَّافِعِي وَبَينهمَا شباك يُقَال إِن العاضد خَليفَة مصر رأى فِي مَنَامه آخر دولته أَنه خرجت إِلَيْهِ عقرب من مَسْجِد فِي مصر مَعْرُوف بهَا فلدغته فَلَمَّا قصه على العابر قَالَ لَهُ ينالك مَكْرُوه من شخص مُقيم فِي ذَلِك الْمَسْجِد فَقَالَ العاضد لوالي مصر أحضر إِلَيّ من هُوَ مُقيم فِي ذَلِك الْمَسْجِد الْفُلَانِيّ فَاحْضُرْ إِلَيْهِ رجلا صوفياً فَلَمَّا رَآهُ من أَيْن حُضُوره وَمَتى قدم فَكلما سَأَلَهُ عَن شَيْء أَجَابَهُ فَلَمَّا ظهر لَهُ حَاله وَضَعفه وعجزه عَن إِيصَال مَكْرُوه مِنْهُ إِلَى العاضد أعطَاهُ شَيْئا وَقَالَ يَا شيخ ادْع لنا وَأطْلقهُ فَلَمَّا استولى السُّلْطَان صَلَاح الدّين وعزم على الْقَبْض على العاضد استفتى الْفُقَهَاء فِي خلعه فَكَانَ أَكْثَرهم مُبَالغَة فِي الْحَط على العاضد وأشدهم قيَاما فِي أمره وحضاً على خلعه ذَلِك الصُّوفِي الَّذِي أحضرهُ العاضد لما رأى الرُّؤْيَا وَكَانَ هُوَ نجم الدّين الخبوشاني الْمَذْكُور
3 - (الشَّيْبَانِيّ)
مُحَمَّد بن المؤمل بن نصر بن المؤمل الشَّيْبَانِيّ أَبُو بكر بن أبي طَاهِر من أهل بعقوبا من قَرْيَة تعرف بقباب لَيْث قَالَ ابْن النجار ذكر لنا أَنه من ولد اللَّيْث بن نصر بن سيار الشَّيْبَانِيّ الْأَمِير قدم بغداذ مرَارًا كَثِيرَة وَسمع بهَا من أبي الْوَقْت السجْزِي ثمَّ قدم علينا بعد علو سنه وكتبنا عَنهُ وَهُوَ شيخ صَالح متدين حسن الطَّرِيقَة توفّي سنة سبع عشرَة وست مائَة(5/68)
)
3 - (أَبُو نصر الفرضي)
مُحَمَّد بن موهوب بن الْحسن أَبُو نصر الفرضي الضَّرِير كَانَ أوحد وقته فِي علم الْفَرَائِض والحساب وَله مصنفات حَسَنَة فِي ذَلِك قَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وتخرجوا بِهِ وَذكره ابْن كَامِل الْخفاف فِي مُعْجم شُيُوخه الَّذين سمع مِنْهُم وَلم يخرج عَنهُ حَدِيثا وَكَانَ لَا يَأْخُذ أُجْرَة على تَعْلِيمه الْفَرَائِض والحساب وَلَكِن يَأْخُذ الْأُجْرَة على تَعْلِيمه الْجَبْر والمقابلة وَيَقُول الْفَرَائِض مهمة وَهَذَا من الْفضل
3 - (ابْن حوارِي الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن الْمُؤَيد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حوارِي مهذب الدّين أَبُو جَعْفَر التنوخي المعري الشَّاعِر سمع وروى وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وست مائَة من شعره
(توق زَوَال الْحسن عِنْد كَمَاله ... لِأَنَّك من صرف النَّوَى غير خَائِف)
(ألأم تَرَ أَن الْورْد لما تكاملت ... محاسنه أوردت بِهِ كف قاطف)
وَمِنْه
(لاحظته فَبَدَا النجيع بخده ... فاقتص لَا مُتَعَدِّيا من ناظري)
(وَكِلَاهُمَا حَتَّى الْمعَاد مضرج ... بدمائه من جَابر أَو ثَائِر)
وَمِنْه
(خف الزَّمَان وَلَا تأمن غوائله ... فَمَا الزَّمَان على شَيْء بمأمون)
(غَدا ترى الشّعْر قد غطت غياهبه ... ضِيَاء خديك فاستسعيت فِي الْهون)
3 - (سعد الدّين الْجُوَيْنِيّ الصّوفي)
مُحَمَّد بن الْمُؤَيد بن عبد الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حمويه الشَّيْخ سعد الدّين الْجُوَيْنِيّ الصُّوفِي كَانَ صَاحب رياضات وأحوال وَله كَلَام فِي التصوف على طَرِيق أهل الْوحدَة أَقَامَ بقاسيون يتأله ويتعبد مُدَّة وَلما ضَاقَ بِهِ الْحَال رَجَعَ إِلَى خُرَاسَان وَاجْتمعَ بِهِ جمَاعَة من التتار وأسلك على يَده غير وَاحِد مِنْهُم وَتُوفِّي سنة خمسين وست مائَة
3 - (ابْن الْمُؤَيد الألسي)
مُحَمَّد بن الْمُؤَيد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الألسي أَبُو المظفر بن أبي سعد الشَّاعِر ولد ببغداذ وَنَشَأ بهَا وَقَالَ الشّعْر ومدح الْأَعْيَان وروى شَيْئا من شعره وَشعر أَبِيه ذكره الْعِمَاد فِي)
الخريدة قَالَ هَاجر إِلَى الْعَادِل نور الدّين بِالشَّام وَأقَام فِي خَيْمَتي بالمعسكر سنة أَربع وَسِتِّينَ وَكُنَّا فِي صرخد فَمَرض فنفذناه إِلَى دمشق فَتوفي فِي الطَّرِيق وَمن شعره(5/69)
(أَيهَا الْعَادِل الَّذِي مَلأ الأر ... ض عَطاء غمراً وَمنا وعدلا)
(لم أسر طَالبا سوى ظلك الصا ... فِي وحاشاي لَا أصادف ظلا)
(لست أرْضى من بعد ظلّ إِمَام ال ... حق ظلّ الدعي حاشا وكلا)
(ظلّ قوم إِذا تشنفت فيهم ... سحبوا لي كَمَا وزيقاً ورجلا)
(كل هَذَا إِذا سلمت وَلَا أَو ... ثق أسراً وَلَا أبضع قتلا)
(فِي يَدي كَافِر إِذا قلت فِيهِ ال ... شعر سهل الْمَعْنى وأعربت جزلا)
(لم يرققه لي وَلم يُعْط إِلَّا ... حمل صَخْر على الْيَدَيْنِ ونقلا)
قلت شعر منحط
3 - (السُّلْطَان طغرلبك)
مُحَمَّد بن مِيكَائِيل بن سلجوق بن دقاق السُّلْطَان الْكَبِير ركن الدّين أَبُو طَالب طغرلبك أول مُلُوك السلجوقية أصلهم من بر سنجار وهم قوم لَهُم عدد وَقُوَّة كَانُوا لَا يدْخلُونَ تَحت طَاعَة السُّلْطَان وَإِذا قصدهم من لَا طَاقَة لَهُم بِهِ دخلُوا المفاوز فَلَمَّا عبر السُّلْطَان مَحْمُود إِلَى مَا وَرَاء النَّهر استمال زعيمهم حَتَّى قدم عَلَيْهِ وَقبض عَلَيْهِ ثمَّ اتّفق الرَّأْي على تَفْرِيق أَعْيَان قومه فِي النواحي وَوضع الْخراج عَلَيْهِم فَدَخَلُوا فِي الطَّاعَة وتهذبوا وطمع النَّاس فيهم فظلموهم فانفصل مِنْهُم ألفا بَيت ومضوا إِلَى كرمان وملكها يَوْمئِذٍ بهاء الدولة بن بويه فأكرمهم وَتُوفِّي عَن قرب فخافوا من الديلم فقصدوا أَصْبَهَان ونزلوا بظاهرها وصاحبها عَلَاء الدولة ابْن كاكويه فَرغب فيهم واستخدمهم فَكتب إِلَيْهِ السُّلْطَان مَحْمُود يَأْمُرهُ بِحَرْبِهِمْ فَاقْتَتلُوا فَقتل مِنْهُم جمَاعَة وَقصد الْبَاقُونَ أذربيجان ثمَّ قصدهم السُّلْطَان مَحْمُود بِنَفسِهِ وشتتهم وَتُوفِّي فَقَامَ بعده ابْنه مَسْعُود وَاحْتَاجَ إِلَى الْجند فَكتب إِلَى الَّذين مِنْهُم بِأَذربِيجَان فَقدم عَلَيْهِ مِنْهُم ألف فَارس ورتبهم كَمَا فعل أَبوهُ أَولا ثمَّ دخل الْهِنْد فخلت لَهُم الْبِلَاد فعاثوا فِيهَا وَلم يزل أَمرهم يقوى ويشتد حَتَّى ملكوا الرّيّ ثمَّ نيسابور وَضعف عَنْهُم السُّلْطَان مَسْعُود بن مَحْمُود ثمَّ إِن طغرلبك ملك الْعرَاق سنة سبع وَأَرْبَعين وَعدل فِي النَّاس وَكَانَ ملكا حَلِيمًا كَرِيمًا محافظاً على الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة يَصُوم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس وخطب ابْنه الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله فشق ذَلِك عَلَيْهِ وَلم)
يجد بدا من زواجها فَقدم بغداذ وَحمل مائَة ألف دِينَار برسم نقل جهازها وَعمل الْعرس وَتُوفِّي بعد أشهر بِالريِّ سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبع مائَة وعمره سَبْعُونَ سنة وَنقل إِلَى مرو وَدفن عِنْد قبر أَخِيه دَاوُد وَكَانَ السُّلْطَان يكثر الصَّدقَات وَيَقُول أستحيي من الله أَن أبني دَارا وَلَا أبني إِلَى جَانبهَا مَسْجِدا وَكَانَ عقده على ابْنه الْقَائِم بِظَاهِر تبريز سنة ثَلَاث وَخمسين ثمَّ توجه إِلَى بغداذ وَنزل بدار المملكة وحملت إِلَيْهِ وَجَلَست على سَرِير ملبس بِالذَّهَب وَدخل إِلَيْهَا السُّلْطَان وَقبل الأَرْض بَين يَديهَا وَلم يكْشف البرقع عَنْهَا ذَلِك الْوَقْت وَقدم لَهَا تحفاً يقصر الْوَصْف عَنْهَا وَقبل الأَرْض وخدم وَانْصَرف(5/70)
وَحكى وزيره مُحَمَّد بن مَنْصُور الْكِنْدِيّ عَنهُ أَنه قَالَ يَعْنِي السُّلْطَان رَأَيْت وَأَنا بخراسان فِي الْمَنَام كَأَنِّي رفعت إِلَى السَّمَاء وَأَنا فِي ضباب لَا أبْصر مَعَه شَيْئا غير أنني أَشمّ رَائِحَة طيبَة فَإِذا مُنَاد يُنَادي أَنْت قريب من الْبَارِي جلت قدرته فاسأل شَيْئا ليقضى فَقلت فِي نَفسِي أسأَل طول الْعُمر فَقيل لَك سَبْعُونَ سنة فَقلت يَا رب لَا تكفيني فَقيل لَك سَبْعُونَ سنة وَلما حَضرته الْوَفَاة قَالَ إِنَّمَا مثلي مثل شَاة تشد قَوَائِمهَا لجز الصُّوف فتظن أَنَّهَا تذبح فتضطرب حَتَّى إِذا أطلقت تفرح ثمَّ تشد للذبح فتظن أَنَّهَا لجز الصُّوف فتسكن وَهَذَا الْمَرَض الَّذِي أَنا فِيهِ هُوَ شدّ القوائم للذبح فَمَاتَ مِنْهُ وَلم تقم ابْنه الْقَائِم مَعَه إِلَّا سِتَّة أشهر وَمَاتَتْ بعده سنة سِتّ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَلم يخلف السُّلْطَان ولدا ذكرا وانتقل الْملك إِلَى ابْن أَخِيه ألب رسْلَان
3 - (الْخياط الْمَكِّيّ)
مُحَمَّد بن مَيْمُون الْمَكِّيّ الْخياط روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا
3 - (مركوش النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن مَيْمُون الأندلسي النَّحْوِيّ الأديب الْمَعْرُوف بمركوش كَانَ مَشْهُورا أورد لَهُ الْحميدِي شعرًا قَالَ فِي غُلَام يقص من شعره
(تَبَسم عَن مثل نور الأقاحي ... وأقصدنا بمراض صِحَاح)
(وَمر يميس كَمَا مَاس غُصْن ... تلاعب عطفيه هوج الرِّيَاح)
(وَقصر من ليله سَاعَة ... فأعقب ذَلِك ضوء الصَّباح)
(وَإِنِّي وَإِن زعم العاذلو ... ن من خمر أجفانه غير صَاح)
)
قلت شعر جيد
3 - (الْحَافِظ ابْن نَاصِر)
مُحَمَّد بن نَاصِر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الْحَافِظ أَبُو الْفضل السلَامِي تفقه للشَّافِعِيّ وَقَرَأَ اللُّغَة وَالْأَدب على الْخَطِيب التبريزي قَالَ تِلْمِيذه أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ حَافِظًا متقناً ضابطاً ثِقَة من أهل السّنة لَا مغمز فِيهِ صنف التصانيف وَتُوفِّي سنة خمسين وَخمْس مائَة وخطه فِي غَايَة الإتقان وَالصِّحَّة توفّي وَالِده وَهُوَ صَغِير فكلفه جده لأمه(5/71)
أَبُو حَكِيم الخبري الفرضي وأسمعه فِي صباه شَيْئا من الحَدِيث وشغله بِحِفْظ الْقُرْآن والتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي ثمَّ إِنَّه صحب الْخَطِيب التبريزي اللّغَوِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْأَدَب وَمهر وجد فِي طلب الحَدِيث فَسمع من مَشَايِخ وقته وَصَاحب أَبَا مَنْصُور الجواليقي فِي قِرَاءَة الْأَدَب وَسَمَاع الحَدِيث ولازم أَبَا الْحُسَيْن ابْن الطيوري وَسمع مِنْهُ كثيرا ثمَّ إِنَّه خالط الْحَنَابِلَة وَمَال إِلَيْهِم وانتقل عَن مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَى مَذْهَب ابْن حَنْبَل لمنام رَآهُ ذكره محب الدّين ابْن النجار فِي تَارِيخه وَذكر أشياخه الَّذين روى عَنْهُم وَكَانَ من المكثرين حدث بِأَكْثَرَ مسموعاته وَكَانَت لَهُ إجازات قديمَة من جمَاعَة من الشُّيُوخ كَابْن النقور والصريفيني وَابْن مَاكُولَا وَغَيرهم من الغرباء أَخذهَا لَهُ ابْن مَاكُولَا فِي رحلته إِلَى الْبِلَاد وَلابْن نَاصِر كتاب المأخذ على أبي عبيد الْهَرَوِيّ فِي كتاب الغريبين مُجَلد قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَكَانَ مَعَ علمه بِالْحَدِيثِ وَرِجَاله جيد الْمعرفَة بالأدب صَحِيح الْخط غَايَة فِي إتقان الضَّبْط ثبتاً إِمَامًا إِلَّا أَنه كَانَ وقاعة فِي الْعلمَاء مغرى بالمثالب وَكَانَ هُوَ وَالشَّيْخ أَبُو مَنْصُور موهوب ابْن الجواليقي يقرآن على أبي زَكَرِيَّاء التبريزي وَكَانَ أَبُو مَنْصُور يطْلب الحَدِيث وَابْن نَاصِر يطْلب اللُّغَة فَقَالَ لَهما أَبُو زَكَرِيَّاء سيقع المر بِالْعَكْسِ فَتَصِير أَنْت يَا ابْن نَاصِر مُحدثا وَتصير أَنْت يَا أَبَا مَنْصُور لغوياً فَكَانَ الْأَمر على مَا ذكره وَكَانَ ابْن نَاصِر شافعياً ثمَّ صَار حنبلياً فبلغني أَنه أعَاد صلَاته الَّتِي صلاهَا وَهُوَ شَافِعِيّ مُنْذُ احْتَلَمَ إِلَى أَن تحنبل وَأَنه غسل جَمِيع مَا فِي منزله من آلَة وفرش وَثيَاب حَتَّى جِدَار دَاره فَقلت لبَعض الْحَنَابِلَة ببغداذ لَيْت شعري لم فعل ذَلِك وَأَنْتُم تروون فِي كتبكم بأسانيدكم أَن أَبَا عبد الله بن حَنْبَل إمامكم قَرَأَ على الشَّافِعِي وَأَنه كَانَ يثني عَلَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ وَأَنه كَانَ يسْتَغْفر لَهُ وَيَقُول مَا عرفنَا تَأْوِيل الْأَحَادِيث حَتَّى ورد هَذَا الْحِجَازِي وَأَنه مَشى إِلَى جنب بغلة الشَّافِعِي إِلَى غير ذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا فعل ذَلِك لأجل مَا كَانَ يَعْتَقِدهُ من مَذْهَب)
الْأَشْعَرِيّ فَقلت وَمَا صنع الْأَشْعَرِيّ حَتَّى يسْتَحق مُعْتَقد مذْهبه أَن يفعل الْمُنْتَقل عَنهُ مثل هَذَا فَقَالَ إِنَّه كَانَ لَا يَقُول بالحرف وَالصَّوْت وَهِي بِدعَة فَقلت لَهُ أوتزعم أَن القَوْل بالحرف وَالصَّوْت لَيْسَ ببدعة قَالَ نعم قلت محَال لِأَنَّهُ لم يرد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَنه قَالَ بِهِ وأصل الْبِدْعَة قَول مُحدث لم يقل بِهِ الْحَد الأول فَإِن زعمت أَن الْأَشْعَرِيّ ابتدع هَذَا القَوْل فَهُوَ يزْعم أَنكُمْ ابتدعتم هَذَا القَوْل وَلَيْسَ هَهُنَا تَرْجِيح صرتم إِلَيْهِ أولى بِالْحَقِّ مِنْهُ بل التَّرْجِيح فِي حيزه لمعاضدة الْعقل إِيَّاه بالبديهة إِلَّا أَن تكابروا فَإِن كابرتم وأصدرتم ألزمتم أَن تتبروا من البُخَارِيّ وَمُسلم صَاحِبي الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ مَعَ كثير من عقلاء أَصْحَاب الحَدِيث لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق وَهَذَا مَشْهُور عَنْهُمَا وخبرهما فِي ذَلِك مُتَعَارَف لَا يجهله إِلَّا من لَا خبْرَة لَهُ بأخبار النَّاس فَلم يكن عِنْده غير السُّكُوت وحكمت على الشَّيْخ ابْن نَاصِر(5/72)
بِالْجَهْلِ وَقلة الْعقل والتصور وَعظم التهور وَمِمَّا بَلغنِي من جَهله وَقلة عقله أَنه أَرَادَ ذمّ أبي بكر الْخَطِيب صَاحب التَّارِيخ فضاقت مسالك الذَّم عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّه كَانَ فَاسِقًا يعشق وَالِدي وَكَانَ وَالِدي يلازم صحبته لذَلِك وَيكثر فَوَائده فَمن هَهُنَا قيل عَدو عَاقل خير من صديق جَاهِل
3 - (أَبُو مَنْصُور اليزدي)
مُحَمَّد بن نَاصِر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هَارُون الصَّائِغ الصراف أَبُو مَنْصُور من أهل يزدْ قدم بغداذ وَهُوَ فِي سنّ الشبيبة وَأقَام بهَا مُدَّة يسمع وَيكْتب وينتخب ويعلق وَكَانَ خطه حسنا وَله معرفَة بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب وَيَقُول الشّعْر قَرَأَ الْقُرْآن على أبي مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق الْخياط وتفقه بِالْمَدْرَسَةِ النظامية على أبي سعد الْمُتَوَلِي وَسمع الْكثير من أبي الْحسن بن العلاف وَأبي الْقَاسِم بن بَيَان وَأبي عَليّ بن نَبهَان وأمثالهم قَالَ الْحَافِظ ابْن نَاصِر عَنهُ كَانَ فِيهِ تساهل فِي الحَدِيث وَكَانَ يصحف وَمن شعره قَوْله
(أرى عمرا فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ... يغيض وعيشاً فيهمَا يتنغص)
(زِيَادَة عمر الْمَرْء آفَة نَقصه ... فيا عجبا من زَائِد يتنقص)
وَقبض عَلَيْهِ عَلَاء الدولة كرشاسب بن عَليّ بن فرامرز وَحمله إِلَى طبس وَقَتله وَدفن فِي تِلْكَ الْبَريَّة بعد الْعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (الْوَزير علجة)
)
مُحَمَّد بن نَاصِر بن مَنْصُور بن أَحْمد بن عبد الله بن عمر أَبُو الْفَضَائِل الْمَعْرُوف بعلجة الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ من الْأَعْيَان قدم بغداذ قَدِيما وَتَوَلَّى بهَا الْعِمَارَة قَدِيما ثمَّ ولي الوزارة للخاتون بنت السُّلْطَان مُحَمَّد زوج الإِمَام المقتفي وَأقَام ببغداذ إِلَى حِين وَفَاته وَحدث بهَا فروى عَنهُ أَبُو بكر بن كَامِل الْخفاف توفّي سنة أَربع وَخمْس مائَة ببغداذ
3 - (أَبُو عبد الله الْعلوِي)
مُحَمَّد بن نَاصِر بن مهْدي بن حَمْزَة أَبُو عبد الله الْعلوِي الحسني من أهل الرّيّ قدم مَعَ وَالِده إِلَى بغداذ صَغِيرا فَنَشَأَ بهَا وَقَرَأَ الْقُرْآن وَالْأَدب على أبي الْبَقَاء الْأَعْمَى وتميز وعلت مرتبته وناب عَن وَالِده فِي ديوَان الْمجْلس ثمَّ رتب صَدرا بالمخزن وناظراً وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن عزل وعزل وَالِده من الْغَد ونقلا إِلَى دَار الْخلَافَة وَتُوفِّي هُنَاكَ وَالِده سنة سبع عشرَة وست مائَة وَأذن لوَلَده أَيْن شَاءَ فِي السكن وَغير زيه وهيئته وَطلب الرَّاحَة وَرغب فِي الخمول
3 - (أفضل الدّين الخونجي)
مُحَمَّد بن ناماور بن عبد الْملك القَاضِي أفضل الدّين(5/73)
الخونجي الشَّافِعِي ولد سنة تسعين وَخمْس مائَة وَولي قَضَاء مصر وأعمالها ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية وَأفْتى وصنف ودرس قَالَ أَبُو شامة كَانَ حكيماً منطقياً وَكَانَ قَاضِي قُضَاة مصر وَقَالَ ابْن أبي أصيبعة تميز فِي الْعُلُوم الحكميه وأتقن الْأُمُور الشَّرْعِيَّة قوي الِاشْتِغَال كثير التَّحْصِيل اجْتمعت بِهِ وَوَجَدته الْغَايَة القصوى فِي سَائِر الْعُلُوم وقرأت بعض الْكتاب من الكليات عَلَيْهِ وَشرح الكليات إِلَى النبض لَهُ مقَالَة فِي الْحُدُود والرسوم وَكتاب الْجمل فِي الْمنطق والموجز فِي الْمنطق وَكتاب كشف الْأَسْرَار فِي الْمنطق وَكتاب أدوار الحميات توفّي خَامِس شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين وست مائَة ورثاه الْعِزّ الضَّرِير الإربلي حسن بن مُحَمَّد بقصيدة أَولهَا
(قضى أفضل الدُّنْيَا فَلم يبْقى فَاضل ... وَمَاتَتْ بِمَوْت الخونجي الْفَضَائِل)
وَكَانَ رَحمَه الله تلْحقهُ غَفلَة فِيمَا يفكر فِيهِ من الْمسَائِل الْعَقْلِيَّة وَله فِي ذَلِك حكايات مأثورة عَنهُ مِنْهَا أَن جلس يَوْمًا عِنْد السُّلْطَان وَأدْخل يَده فِي رزة هُنَاكَ وَنسي روحه فِي الفكرة الَّتِي هُوَ فِيهَا فنشبت أُصْبُعه فِي الرزة وَقَامَ الْجَمَاعَة وَهُوَ جَالس قد عاقته أُصْبُعه عَن الْقيام فَظن السُّلْطَان أَن لَهُ شغلاً أَخّرهُ فَقَالَ لَهُ أللقاضي حَاجَة قَالَ نعم تفك أُصْبُعِي فأحضر حداد وخلصها فَقَالَ إِنَّنِي فَكرت فِي بسط هَذَا الإيوان بِهَذِهِ الْبسط فَوَجَدته يتوفر فِيهِ بِسَاط إِذا بسط)
على مَا دَار فِي ذهني فَبسط كَمَا قَالَ لَهُم ففضل من الْبسط بِسَاط وَاحِد
3 - (شيخ حلب)
مُحَمَّد بن نَبهَان الشَّيْخ الصَّالح الزَّاهِد كَانَ مُقيما بِبَيْت جبرين من بِلَاد حلب شاع ذكره بالصلاح واشتهر بِالْخَيرِ وإطعام كل وَارِد يرد عَلَيْهِ من الْمَأْمُور والأمير وَالْكَبِير وَالصَّغِير وَلم يقبل لأحد شَيْئا فَلَمَّا كَانَ الْأَمِير سيف الدّين طشتمر بحلب اشْترى للزاوية أَرضًا وألزمه بإيقافها عَلَيْهَا فَبعد جهد شَدِيد حَتَّى وَافق على ذَلِك ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر لما جَاءَ إِلَى حلب اشْترى لَهُ مَكَانا آخر ووفقه على الزاوية فاتسع الزرق عَلَيْهِ وفاض الْخَيْر على أَوْلَاده وجماعته وَلم نسْمع عَنهُ إِلَّا صلاحاً وَخيرا وبركة وانقطاعاً عَن النَّاس وانجماعاً وَهُوَ كَانَ فَقير الْبِلَاد الحلبية وشيخها الْمشَار إِلَيْهِ بالصلاح وَجَاء الْخَبَر إِلَى دمشق بوفاته رَحمَه الله تَعَالَى فِي شعْبَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَصلى عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي يَوْم الْجُمُعَة صَلَاة الْغَائِب أَخْبرنِي القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الصاحب شرف الدّين يَعْقُوب قَالَ كَانَ كثير التِّلَاوَة كَانَ لَهُ كل يَوْم ختمة وَمن لَا يرَاهُ لَا يحسبه يَتْلُو شَيْئا
3 - (شرف الدّين النصيبي)
مُحَمَّد بن نجام شرف الدّين الشَّيْبَانِيّ النصيبي أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور مُقيما بقوص وأنشدني مجير الدّين اللمطي قَالَ أنشدنا شرف الدّين النصيبي لنَفسِهِ
(جبتي الصُّوف غَدا حَالهَا ... ينشد مَا يطرب ذَا الْكيس)(5/74)
(بالْأَمْس قد كنت على نعجة ... وَالْيَوْم أَصبَحت على تَيْس)
3 - (ابْن أبي الْبِئْر)
مُحَمَّد بن نزار بن أبي سعد بن الْحسن بن أبي الْبِئْر أَبُو بكر من أهل الْقرْيَة بالجانب الغربي من بغداذ قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد بن شنيف وَأبي الْحسن سعد الله بن نصر بن الدجاجي وَأبي السعادات الْمُبَارك بن عَليّ بن مُحَمَّد الخباز وَأبي جَعْفَر أَحْمد بن أَحْمد بن الْقَاص وَسمع الحَدِيث من أبي بكر أَحْمد بن المقرب الْكَرْخِي وَأبي عبد الله مَنْصُور بن الْموصِلِي وَأبي طَالب الْمُبَارك بن عَليّ بن خضير الصَّيْرَفِي وَغَيرهم قَالَ ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق متودداً توفّي سنة خمس عشرَة وست مائَة
3 - (العيشوني)
)
مُحَمَّد بن نسيم بن عبد الله العيشوني بالشين الْمُعْجَمَة أَبُو عبد الله الْخياط كَانَ وَالِده مولى لأبي الْفضل بن عيشون المنجم سمع أَبَا الْحسن عَليّ بن العلاف وَأَبا الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن بَيَان وَأَبا الْفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن عيشون مولى أَبِيه وَغَيرهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ شَيخا لَا بَأْس بِهِ سقط من غرفَة فِي دَاره فَمَاتَ فِي سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة
مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الإِمَام مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي)
مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي الإِمَام أَبُو عبد الله أحد الْأَعْلَام فِي الْعُلُوم والأعمال قَالَ الْحَاكِم فِيهِ إِمَام أهل الحَدِيث فِي عصره بِلَا مدافعة كَانَ أعلم النَّاس باخْتلَاف الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ وَقَالَ أَبُو بكر الصَّيْرَفِي لَو لم يصنف إِلَّا كتاب الْقسَامَة لَكَانَ من أفقه النَّاس قَالَ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن عبيد الله البلغمي سَمِعت الْأَمِير إِسْمَاعِيل بن أَحْمد يَقُول كنت بسمرقند فَجَلَست يَوْمًا للمظالم وَجلسَ أخي إِسْحَاق إِلَى جَنْبي إِذْ دخل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن نصر فَقُمْت إجلالاً لَهُ لعلمه فَلَمَّا خرج عَاتَبَنِي أخي وَقَالَ أَنْت وَالِي خُرَاسَان تقوم لرجل من الرّعية هَذَا ذهَاب السياسة فَبت تِلْكَ اللَّيْلَة متقسم الْقلب فَرَأَيْت(5/75)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بعضدي فَقَالَ لي ثَبت ملكك وَملك بنيك بإجلالك مُحَمَّد بن نصر ثمَّ الْتفت إِلَى إِسْحَاق وَقَالَ ذهب ملك إِسْحَاق وَملك بنيه باستخفافه بِمُحَمد بن نصر وَكَانَ زوج خنة بخاء مُعْجمَة وَنون مُشَدّدَة أُخْت القَاضِي يحيى بن أَكْثَم وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَله كتاب رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة فِي أَرْبَعَة مجلدات وَكَانَ ابْن حزم يعظمه
3 - (القَاضِي الْهَرَوِيّ)
مُحَمَّد بن نصر بن مَنْصُور بن سعد القَاضِي الْهَرَوِيّ كَانَ فِي بداية أمره وراقاً فِي بعض الْمدَارِس فَسَار إِلَى بغداذ وتقلب بِهِ الزَّمَان واتصل بالخليفة وَصَارَ سفيراً بَينه وَبَين الْمُلُوك وَكَانَت لَهُ يَد فِي النّظم والنثر مر بقرية فاختفى رئيسها مِنْهُ فَكتب بديهاً
(أَقُول لركبٍ عائدين إِلَى الْحمى ... إِذا مَا وقفتم فِي جوَار قبابنا)
(فأهدوا لفتيان الندى سلامنا ... وقصوا عَلَيْهِم حَالنَا فِي ذهابنا)
(لنا جَارة قَالَت لنا كَيفَ حالكم ... وَقد ساءها مس الضنى من جنابنا)
)
(رَأَتْ حولنا غرثى يرومون عِنْدهَا ... فضَالة زَاد من بقايا جرابنا)
(فَقلت لَهَا أما الْجَواب فإننا ... أنَاس غلطنا مرّة فِي حسابنا)
(فعدنا وَقُلْنَا عل ثمَّ ضَرُورَة ... ولمنا وأمسكنا عنان عتابنا)
(شفينا قلوباً صلنا عِنْد ظننا ... بِكُل تداوينا فَلم يشف مَا بِنَا)
وَمن شعره
(أودعكم وأودعكم جناني ... وأنثر دمعتي نثر الجمان)
(وَإِنِّي لَا أُرِيد لكم فراقاً ... وَلَكِن هَكَذَا حكم الزَّمَان)
وَتُوفِّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (ابْن القيسراني)
مُحَمَّد بن نصر بن صَغِير بن خَالِد أَبُو عبد الله مهذب الدّين أَو عدَّة الدّين الشَّاعِر الْمَشْهُور صَاحب الدِّيوَان الْمَعْرُوف بِابْن القيسراني حَامِل لِوَاء الشّعْر فِي زَمَانه ولد بعكا سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَنَشَأ بقيسرية السَّاحِل فنسب إِلَيْهَا وَسكن دمشق وَتَوَلَّى إدارة السَّاعَات الَّتِي على بَاب الْجَامِع وَسكن فِيهَا فِي دولة تَاج الْمُلُوك وَبعده وَسكن حلب مُدَّة وَولي بهَا خزانَة الْكتب وَتردد إِلَى دمشق وَبهَا مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَقَرَأَ الْأَدَب(5/76)
على توفيق بن مُحَمَّد وأتقن الهندسة والحساب والنجوم وَصَحب أَبَا عبد الله ابْن الْخياط الشَّاعِر وَبِه تخرج وروى عَنهُ شعره وَكَانَ عِنْدِي ديوَان ابْن الْخياط وَعَلِيهِ خطّ ابْن القيسراني وَقد قرئَ عَلَيْهِ ووقفت على ديوانه بِخَطِّهِ من أَوله إِلَى آخِره وملكت بِهِ نُسْخَة عَلَيْهَا خطه وَدخل بغداذ ومدح صَاحب الْإِنْشَاء سديد الدولة مُحَمَّد بن الْأَنْبَارِي وَسمع بحلب من الْخَطِيب أبي طَاهِر هَاشم بن أَحْمد الْحلَبِي وَغَيره وَسمع مِنْهُ الحافظان أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعيد سُفْيَان السَّمْعَانِيّ وَهُوَ وَالِد موفق الدّين خَالِد وَزِير نور الدّين الشَّهِيد وَجَاء فِي أَوْلَاده جمَاعَة فضلاء ووزراء وَكتاب وَكَانَ هُوَ وَابْن مُنِير شاعري الشَّام وَجَرت بَينهمَا وقائع ونوادر وملح وَكَانَ ابْن مُنِير يرْمى بالتشيع فَبلغ ابْن القيسراني أَنه هجاه فَقَالَ
(يَا ابنَ مُنيرٍ هَجُوتَ منّي ... حَبراً أَفَادَ الورى صَوَابه)
(وَلم تضيق بِذَاكَ صَدْرِي ... فَإِن لي أُسْوَة الصَّحَابَة)
وَقَالَ فِي خطيب)
(شرح الْمِنْبَر صَدرا ... بترقيك خَطِيبًا)
(أتُرى ضمَّ خَطِيبًا ... أم تُرى ضُمِّخ طِيبا)
قَالَ ابْن خلكان هما لأبي الْقَاسِم زيد بن أبي الْفَتْح أَحْمد بن عبيد بن فضال الموازيني الْمَعْرُوف أَبوهُ بالماهر وَلَكِن ابْن القيسراني أنشدهما لِابْنِ هَاشم الْخَطِيب لما تولى الخطابة وَقَالَ
(وَقَالُوا لَاحَ عَارضه ... وَمَا ولت ولَايَته)
(فَقلت عذار من أَهْوى ... أمارته إمارته)
ونقلت من خطه لَهُ وَهُوَ لطيف
(أهيم إِلَى الْعَذَاب من رِيقه ... إِذا تيم العاشقين العذيب)
(شهِدت عَلَيْهِ وَمَا ذقته ... يَقِينا وَلَكِن من الْغَيْب غيب)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا لَهُ
(وَلما دنا التوديع قلت لصاحبي ... حنانيك سربي عَن مُلَاحظَة السرب)
(إِذا كَانَت الأحداق نوعا من الظبى ... فَلَا شكّ أَن اللحظ ضرب من الضَّرْب)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا لَهُ
(كم لَيْلَة بت من كأسي وريقته ... نشوان أمزج سلسالاً بسلسال)
(وَبَات لَا تحتمي مني مراشفه ... كَأَنَّمَا ثغره ثغر بِلَا وَال)(5/77)
ونقلت مِنْهُ لَهُ أَيْضا
(اِسْعَدْ بغراء عروضيةٍ ... ميزانها فِي الشّعْر طيار)
(وَإِن تكن جَاءَت بديهية ... فَرُبمَا أسكر مسطار)
ونقلت مِنْهُ لَهُ أَيْضا
(بدور حجي يرفض سيوف نورها الدجى ... وينجاب مِنْهَا عَن شمائل أنجاب)
(تهز الوغى مِنْكُم سيوف صوارم ... وتجلو العلى مِنْكُم شمائل كتاب)
ونقلت مِنْهُ لَهُ أَيْضا
(استشعر الْيَأْس فِي لَا ثمَّ تطمعني ... إِشَارَة فِي اعتناق اللَّام بِالْألف)
وَمن أنشأ مهذب الدّين ابْن القيسراني رِسَالَة صُورَة مَنَام تعرف بظلامة الخالدي صنفها فِي)
حق واعظٍ كَانَ يمدح النَّاس بأشعار أبي تَمام الطَّائِي وَهِي إِنِّي مخبركم عَن سرى سريتها ورؤيا رَأَيْتهَا ومنام حَضرته وَكَلَام حفظته فِيهِ فحصرته طَال بِهِ اللَّيْل عَن تجانف قصره وَمَال بِهِ القَوْل عَن مَوَاقِف حصره فَبت فِي غماره عائماً وَقد تعتري الأحلام من كَانَ نَائِما وَمن حق تَأْوِيله أَن يُقَال خيرا رَأَيْت وَخيرا يكون وَهُوَ أَنِّي رَأَيْت فِي مَا يرى الحالم الرَّائِي أَبَا تَمام حبيب بن أَوْس الطَّائِي فِي صُورَة رجل كهل كاس من الْفضل عَار من الْجَهْل الْعَرَبيَّة تعرب عَن شمائله والألمعية تلمع فِي مخايله فَجعل يرمقني فِي اعْتِرَاض ويستنطقني من غير اعْتِرَاض ثمَّ سعى إِلَيّ بإقدام عَليّ فعرفني بِنَفسِهِ بعد أَن عرفني بثاقب حدسيه
(فَقُمْت للزور مرتاعاً وأرقني ... حَقًا أرى شخصه أم عادني حلم)
فَلَمَّا سلم عَليّ وَحيا حاورت مِنْهُ كريم الْمحيا فَقَالَ أَلَسْت ابْن نصر شَاعِر الْعَصْر فَقلت نعم فغار مَاء وَجهه ونضب وأثار كامن حقده عَليّ الْغَضَب وَقَالَ يَا معشر الأدباء والفضلاء الألباء مَتى أهملت بَيْنكُم الْحُقُوق وَحدث فِيكُم هَذَا العقوق وأضيعت عنْدكُمْ حُرْمَة السّلف وَخلف فِيكُم هَذَا الْخلف أأنهب وتغضون ويغار عَليّ وترتضون أَلَسْت أول من شرع لكم البديع وأنبع لكم عُيُون التَّقْسِيم والترصيع وعلمكم شن الغارات على مَا سنّ من عجائب الاستعارات وأراكم دون النَّاس غرائب أَنْوَاع الجناس فَكل شَاعِر بعدِي وَإِن أغرب وزين أبكار أفكاره فأعرب فَلَا بُد لَهُ من الِاعْتِرَاف بأساليبي والاغتراف من منابع قليبي وَهَذَا حق لي على من بعدِي لَا يسْقطهُ موتِي وَلَا بعدِي
(وَمن الحزامة لَو تكون حزامة ... أَن لَا تُؤخر من بِهِ تتقدم)
فَلَمَّا ملكتني سُورَة دَعْوَاهُ وحركتني فورة شكواه قلت أَيهَا الشَّيْخ الْأَجَل سلبت الْمهل(5/78)
وألبست الخجل فَمَا ذَاك وَمن ذَاك قَالَ كنت بِحَضْرَة الْقُدس ومستقر الْأنس إِذْ جَاءَنِي عَبْدَانِ لم يكن لي بهما يدان فأزلفاني إِلَى مقرّ الْخُلَفَاء ووقفاني بَين يَدي الْأَئِمَّة الْأَكفاء وَإِذا لديهم جمَاعَة الوزراء والقضاة وَمن كنت أمتدحهم أَيَّام الْحَيَاة فأومأوا بِالدَّعْوَى عَليّ إِلَى ابْن أبي دَاوُد وَكَانَ عَليّ شَدِيد الاتقاد سديد سِهَام الأحقاد فَحكم عَليّ برد صَلَاتي والفدية بِجَمِيعِ صومي وصلاتي فَقلت قَول المدل الواثق عَائِدًا بالمأمون والمعتصم والواثق يَا أُمَرَاء الْمُؤمنِينَ مَا هَذِه الْمُؤَاخَذَة بعد الرضى وَقد مضى لي من خدمتكم مَا مضى فَقَالَ الْمَأْمُون وَصمت الْبَاقُونَ يَا ابْن أَوْس إِنَّك مدحتنا وَالنَّاس بأشعار منحولة وقصائد مقولة منقولة وَكَلَام)
مختلق سَرقته من قَائِله قبل أَن يخلق فَلَمَّا آن أَوَانه واتسق زَمَانه اسْتردَّ ودائعه مِنْك وَهُوَ غير رَاض عَنْك فَقلت وَمن ذَا الَّذِي أعدمني بعد الْوُجُود وأعاضني الْمَعْدُوم بالموجود وَملك عَليّ فني وَأصْبح أَحَق بِهِ مني فَقَالَ كَأَنَّك لَا تعرف الْوَاعِظ الْموصِلِي الولاد الحوصلي الْبِلَاد الْغَرِيب الْعمة الْقَرِيب الهمة البعبعي الْإِيرَاد الودعي الإنشاد
(كَأَنَّمَا بَين خياشيمه ... مفكر يضْرب بالطبل)
الَّذِي انتزعك مدائحه وارتجعك منائحه واستلبك قلائده واحتلبك قصائده بَعْدَمَا كنت تغير أسماءها وتحلي بِغَيْر نجومها سماءها فَأصْبح يتَقرَّب إِلَى مُلُوك عصره بِمَا كنت تدعيه ويعي مِنْهُ مَا لم تكن تعيه نازعاً عَن وجوهها سواتر النقب وَاضِعا هناءها مَوَاضِع النقب قد جعل إِلَيْهِ عقدهَا وحلها وَكَانَ أَحَق بهَا وَأَهْلهَا فَقلت خَابَ الساعون وَإِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قد كَانَ عهدي بِهَذَا الرجل فارضاً فَمَتَى صَار قارضاً وأعرفه يتستر بالحشوية فَمَتَى ارتبك بَين البديهة والروية وَكَانَ ذَا طبع جافي عَن التَّعَرُّض لنظم القوافي وَقد كَانَ أخرج من الْموصل وَلَيْسَ مَعَه قرَان يُوصل فاشتغل بترهات الْقصاص نصبا على ذَوَات الْأَعْين من وَرَاء الخصاص
(وعاش يظنّ نثر الْإِفْك وعظاً ... وَينصب تَحت مَا نثر الشباكا)
وَأَيْنَ منابذة الوعاظ من جهابذة الْأَلْفَاظ بل أَيْن أشعار الكراسي من قولي مَا فِي وقوعك سَاعَة من باس وَالْعَبْد يسْأَل الإقراء عَنهُ ليتلطف فِي ارتجاع مَا انتزع مِنْهُ فَقَالَ اذْهَبْ وأتني بِيَقِين أدفَع بِهِ عَنْك بَوَادِر الظنون وشاور فِي النُّصْرَة وانتصح واستعين بقومك وَصَحَّ
(يَا آل جلهمة بدارك إِنَّمَا ... أشفار عَيْنك ذابل ومهند)
وَقد بدأت من قومِي ببني جراح فآتيهم شاكين بِالسِّلَاحِ جادين فِي إِلْحَاق الجلنبك بِصَاحِب الشوبك وَقد بدأوا من قَتله بِكَسْر رجله
(وَكنت إِذا قومِي غزوني غزوتهم ... فَهَل أَنا فِي ذَا آل هَمدَان ظَالِم)(5/79)
فَقلت خفض عَلَيْك من الْكَلَام يَرْحَمك الله أَبَا تَمام الْخطب أيسر والخصم أعْسر أما علمت أَن هَذَا الرجل قد أسْند ظَهره إِلَى أمنع معقل وَأحْصن موئل وأرحب دَار وأحوط جِدَار وأثقب نَار وَأَعْلَى منار وأحرز حرم وأعز ذمم وَأَنه قد حط رَحْله من الْمَكَان الأمنع)
وَأثبت رجله بالعنان الأرفع من مجْلِس سيدنَا الْوَزير الرئيس ولي الدّين معِين الدولة كريم الْملك ثِقَة الحضرة ذِي الرياستين أبي الْفضل فَقَالَ اسْمَع مَا لَا يدْفع إِذا كَانَ الْأَمر على مَا ذكرت وَوَقع اعترافي بِمَا أنْكرت فَلم وَقع هَذَا الذَّنب على تحتي وَكَيف لم يستلن ملابس تختي وَلم خصني بإذالة مصوني وحصني بتحيف غصوني وهلا تصدى بالنهب لمدائح ابْني وهب وهما غماما الزَّمن الجديب وهماما الْيَوْم العصيب وَمَا هَذَا الِانْفِرَاد ببناتي والحصاد لناضر نباتي والانقضاض على قصائدي والاقتناص من حبائل مصائدي
(سرقات مني خُصُوصا فَهَلا ... من عَدو أَو صَاحب أَو جَار)
وَلم لَا عدل عَن شومي إِلَى شعر ابْن الرُّومِي وهلا كَانَ يجتري بِمثل هَذَا على البحتري وَكَيف آثر قربي على الْقرب من المتنبي وليته قنع وَرَضي بِشعر الشريف الرضي أَو يسْتَدرك مَا فَاتَهُ من ديوَان ابْن نَبَاته أَو انتحل الِاخْتِيَار من أشعار مهيار إِلَى مثل هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاء أيوجب عَليّ الزَّكَاة وَلَيْسَ فِي الشّعْر نِصَاب وَيقرب عَليّ أَمر الزَّكَاة اعتصاب
(وَإِن أَتصدق بِهِ حسبَة ... فَإِن الْمَسَاكِين أولى بِهِ)
فَقلت إِن هَذَا الرجل لم يكن للقريض بلص وَلكنه قريب عهد بحمص وَكَانَ أَقَامَ بهَا جامح الْعَنَان طامح السنان لَو أضَاف قلادة الجوزاء إِلَيْهِ لم يجد من يُنكر عَلَيْهِ فَهُوَ يَقُول مَا شا من غير أَن يتحاشى
(لأَنهم أهل حمص لَا عقول لَهُم ... بهائم أفرغوا فِي قالب النَّاس)
وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى انتدب لَهُ من سراة جندها من بحث عَنهُ ونقب فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب فَلَمَّا ورد دمشق رمى فِي أغراضها بذلك الرشق
(وَقد يَسْتَوِي المصران حمص وجلق ... وَلَا حصن جيرون بهَا والقنيحك)
فَكَانَت عَادَة حمص تخدعه وسَادَة دمشق تردعه حَتَّى كوشف وقوشف وَرجع بِهِ الْقَهْقَرِي وَدفع فِي صَدره من ورا وَقيل لَهُ أَيْن يذهب بك وَمَا هَذِه الشقشقة فِي غببك إِلَى مجْلِس هَذَا الشريف قهره المنيف صَدره العالي ذكره الغالي شكره تشمرج لبائس الْأَيَّام(5/80)
وتبرز عوانس الْكَلَام وتطري من القوافي مَا خلق ورث وتوري مِنْهَا مَا أنهكه العث وَلم يزل يضطره كَثْرَة التوبيخ وَقلة النَّاصِر والصريخ إِلَى أَن أشهد على نَفسه مُنْذُ لَيَال بِالْبَرَاءَةِ من أناشيده الخوالي والتوالي وأذعن بِالْإِقْرَارِ بِمَا دافعت عَنهُ يَد الْإِنْكَار)
(وَمذهب مَا زَالَ مستقبحاً ... فِي الْحَرْب ان يقتل مستسلم)
وَأَزِيدك فِيمَا أفيدك أَن هَذَا الرجل من الانحراف عَن شعرك على شفا وكأنك بِهِ عَنْك قد انكفا لعلمه أَن أخلق مِنْهُ مَا جدد وَإِلَى مَتى هَذَا الكعك المردد وَقد كَانَ طالبني مُنْذُ أَيَّام بإعارة شعر ابْن المعتز مُطَالبَة مُضْطَر إِلَيْهِ ملتز وَقد استرحت من شَره وضيره والسعيد من كفي بِغَيْرِهِ
(رب أَمر أَتَاك لَا تحمد الفع ... ال فِيهِ وتحمد الأفعالا)
فَقَالَ إِن كَانَ الْأَمر على مَا شرحت فقد أَشرت بِالرَّأْيِ وَنَصَحْت وَلَكِن مَتى إنجاز هَذَا الْوَعْد وَالْحلف مَنُوط بِخلق هَذَا الوغد فَإِنَّهُ يَقُول ويحول وَأَنت تعرف مَا يَلِي فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول وَلَو أمكن إِقَامَة هَذَا الْأَمر المنآد بِحَضْرَة ابْن أبي دواد لبرئت عِنْد الْجُمْهُور ساحتي وعدت من رَحْمَة الله إِلَى مُسْتَقر باحتي وَلَكِن دون الْوُصُول إِلَى الْحَاكِم عقبَة كؤود وَلَا حَاجَة لنا إِلَى الِاضْطِرَار بالشهود وَإِذ قد ضمنت عَنهُ مَا ضمنت وَأمنت عَليّ مِنْهُ مَا أمنت فلي حَاجَة إِلَيْك وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك وَهُوَ أَن تعدل بِنَا فِي الْقَضِيَّة إِلَى الْحَال المرضية وتفضل عَليّ وتسديها يدا إِلَيّ وتسفر لي فِي إنشاد أَبْيَات مدحت بهَا هَذَا الرئيس قلتهَا خدمَة لَهُ وقربة إِلَيْهِ لعلمي بِنفَاق الْأَدَب عِنْده وَعَلِيهِ فَإِذا هززته بهَا هز الحسام وانثالت عَلَيْك مواطر أياديه الجسام اقترح عَلَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ أَن تكون الْجَائِزَة خُرُوج الْأَمر العالي بإحضار الْخصم إِلَى مجْلِس الحكم وَأَن يُوكل بِهِ من أجلاد المساخرة من يسيره معي إِلَى الدَّار الْآخِرَة لأبرأ بِإِقْرَارِهِ لي عِنْد قَاضِي الْقُضَاة بِمَا شهِدت بِهِ هَذِه المقاضاة وليسلم عِنْد الْخُلَفَاء الرَّاشِدين عرضي وَيحسن على الله تَعَالَى عرضي وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ وَالله عَزِيز ذُو انتقام فضمنت لَهُ عَن سيدنَا مَا اشْتهى وانتهيت من اقتراحه إِلَى حَيْثُ انْتهى وَلم يزل يُكَرر عَليّ أبياته حَتَّى وعيتها وَرب سَائل مَا هِيَ وَقَائِل هَا هِيَ
(يَا معمل اليعملات فِي طعنه ... سرى وسيراً مخالفي قرنه)
(يجوز جوز الفلا بِهِ أملي ... جافي جفون الْوَسْنَان عَن وسنه)
(لَا يمتطي سَاكن الْمطِي وَلَا ... يبيت طيف الخيال من سكنه)
(إِذا استنان السراب خادعه ... عَاد بفيض الندى على سنَنه)
(وَإِن أجن الظلام مقلته ... أَمْسَى صباح النجاح من جننه)
)
(يبيت عرف الْكِرَام فِي يَده ... ينشيه عرف الْجنان فِي أُذُنه)(5/81)
(إِن باعدته الأرزاق قربه ... جود ابْن عبد الرَّزَّاق من مننه)
(قف بِمحل الْعلَا وَقل يَا كري ... م الْملك قَول البليغ فِي لسنه)
(يَا مُشْتَرِي الفاخر النفيس من ال ... حمد بأغلى الْعَطاء من ثمنه)
(عمرت ربع الندى لرائده ... بعد وقُوف الرَّجَاء فِي دمنه)
(ثنى لِسَان الثَّنَاء نَحْوك مَا ... أَحييت من فَرْضه وَمن سنَنه)
(خلقا وخلقاً تقسما فكري ... مَا بَين إحسانه إِلَى حسنه)
(عد معد الندى لوارده ... لَا يحوج المستقي إِلَى شطنه)
(فرع سَمَاء تبيت أنجمها ... تلوح لوح الثِّمَار فِي غصنه)
(إِذا اجتنته أَيدي العفاة رَأَتْ ... أقرب من ظله إِلَى فننه)
(ينافس الوشي فِي جلالته ... مِنْهُ ثِيَاب التقي على بدنه)
(يرى بعيني قلب لَهُ يقظ ... مُسْتَقْبل الكائنات من زَمَنه)
(أروعه نَدبه مهذبه ... ثاقبه ألمعيه فطنه)
(مقتبل الْوَالِدين بورك فِي ... ميلاده والصريح من لبنه)
(فاجتلها ذَا الرياستين فقد ... أفْصح فِيهَا القريض عَن لقنه)
(واستغن من لبه بغانية ... تميل عَن لهوه وَعَن ددنه)
(والبس لِبَاس الثَّنَاء مقتبلاً ... تسحب من ذيله وَمن ردنه)
(برد علا لَيْسَ من معادنه ... صناع صنعائه وَلَا عدنه)
(يأنف أَن ينتمي إِلَى يمن ال ... أَرض وَإِن كَانَ من ذرى يمنه)
وَمن شعره البديع قَوْله
(هَذَا الَّذِي سلب العشاق نومهم ... أما ترى عينه ملأى من الوسن)
وَكَانَ كثير الْإِعْجَاب بقوله
(وأهوى الَّذِي أَهْوى لَهُ الْبَدْر سَاجِدا ... أَلَسْت ترى فِي وَجهه أثر الترب)
حضر مرّة سَمَاعا وَكَانَ الْمُغنِي حسن الصَّوْت فَلَمَّا أطرب الْجَمَاعَة قَالَ
(وَالله لَو أنصف العشاق أنفسهم ... أعطوك مَا ادخروا مِنْهَا وَمَا صانوا)
)
(مَا أَنْت حِين تغني فِي مجَالِسهمْ ... إِلَّا نسيم الصِّبَا وَالْقَوْم أَغْصَان)
وَمن شعره
(نزلنَا على الْقصب السكرِي ... نزُول رجال يُرِيدُونَ نهبه)
(بحز كحز رِقَاب العدى ... ومص كمص شفَاه الْأَحِبَّة)(5/82)
3 - (ابْن عنين)
مُحَمَّد بن نصر الله بن مَكَارِم بن الْحُسَيْن بن عنين الأديب الرئيس شرف الدّين أَبُو المحاسن الْكُوفِي الأَصْل الزرعي المنشإ الدِّمَشْقِي الشَّاعِر صَاحب الدِّيوَان الْمَشْهُور ولد بِدِمَشْق سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَسمع من الْحَافِظ أبي الْقَاسِم بن عَسَاكِر لم يكن فِي عصره آخر مثله طوف وجال فِي الْعرَاق وخراسان وَمَا وَرَاء النَّهر والهند ومصر فِي التِّجَارَة ومدح الْمُلُوك والوزراء وهجا الصُّدُور والكبراء وَكَانَ غزير الْمَادَّة قيل إِنَّه كَانَ يستحضر غَالب الجمهرة هجا جمَاعَة من رُؤَسَاء دمشق فِي قصيدة سَمَّاهَا مقراض الْأَعْرَاض فنفاه السُّلْطَان صَلَاح الدّين على ذَلِك فَقَالَ
(فعلام أبعدتم أَخا ثِقَة ... مَا خانكم يَوْمًا وَلَا سرقا)
(انفوا الْمُؤَذّن من بِلَادكُمْ ... إِن كَانَ ينفى كل من صدقا)
وَمن شعره مفرق فِي تراجم هَذَا الْكتاب فِي من هجاه أَو مدحه أَو جاراه دخل الْيمن ومدح صَاحبهَا أَخا صَلَاح الدّين سيف الْإِسْلَام طغتكين وَقدم مصر وَقدم إربل رَسُولا من جِهَة الْمُعظم وَولي الوزارة آخر دولة الْمُعظم وَمُدَّة سلطنة وَلَده النَّاصِر بِدِمَشْق وَلما ولي الْعَادِل أَخُو صَلَاح الدّين مدحه واستأذنه فِي الْوُصُول إِلَى دمشق واستعطفه وَهِي مَشْهُورَة ذكرتها فِي تَرْجَمَة الْعَادِل فَأذن لَهُ فجَاء إِلَيْهَا وَقَالَ
(هجوت الأكابر فِي جلق ... ورعت الرفيع بسب الوضيع)
(وأخرجت مِنْهَا ولكنني ... رجعت على رغم أنف الْجَمِيع)
واشتغل بِطرف من الْفِقْه على القطب النَّيْسَابُورِي والكمال الشهرزوري وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي الثَّنَاء مَحْمُود بن رسْلَان وَسمع ببغداذ من منوجهر ابْن تركانشاه رَاوِي المقامات وَلما ولي كَانَ مَحْمُود الْولَايَة كثير النصفة مكفوف الْيَد عَن أَمْوَال النَّاس مَعَ عظم الهيبة إِلَّا أَنه ظهر مِنْهُ فِي الآخر سوء اعْتِقَاد وَطعن على السّلف واستهتار بِالشَّرْعِ وَكثر عسفه وظلمه وَترك الصَّلَاة)
وَسَب الْأَنْبِيَاء وَلم يزل يتَنَاوَل الْخمر إِلَى قبل وَفَاته وَله تَرْجَمَة فِي تَارِيخ ابْن النجار توفّي سنة ثَلَاثِينَ تَقْرِيبًا كتب إِلَى أَخِيه من الْهِنْد مضمناً قَول المعري(5/83)
(سامحت كتبك فِي القطيعة عَالما ... إِن الصَّحِيفَة اعوزت من حَامِل)
(وعذرت طيفك فِي الْجفَاء فَإِنَّهُ ... يسري فَيُصْبِح دُوننَا بمراحل)
يُقَال إِن الْمُعظم أحضرهُ وَالشعرَاء يَوْمًا فَقَالَ لَهُم لَا بُد أَن تهجوني قدامي فَقَالُوا الله الله يَا خوند فألح عَلَيْهِم فَتقدم ابْن عنين وَقَالَ
(نَحن قوم مَا ذكرنَا لامرئ ... قطّ إِلَّا واشتهى أَن لَا يَرَانَا)
فَقَالَ الْمُعظم صدقت فَقَالَ ابْن عنين شعرنَا مثل الخرا فَقَالَ الْمُعظم صدقت فَقَالَ ابْن عنين ذقت الخرا فَقَالَ الْمُعظم قبحك الله فَقَالَ ابْن عنين صفع الله بِهِ أصل لحانا وَكتب إِلَيْهِ أَخُوهُ وَهُوَ بِالْهِنْدِ يذكرهُ أَيَّام الصبى ويصف لَهُ دمشق وطيبها ليستميله إِلَيْهَا فَأجَاب
(يَا سَيِّدي وَأخي لقد ذَكرتني ... عهد الصبى ووعظتني وَنَصَحْت لي)
(أذكرتني وَادي دمشق وظله ال ... ضافي على الصافي البرود السلسل)
(ووصفت لي زمن الرّبيع وَقد بدا ... هرم الزَّمَان إِلَى شباب مقبل)
(وتجاوب الأطيار فِيهِ فمطرب ... يلهي الشجي ونائح يشجي الخلي)
(يُغني النديم عَن القيان غنَاؤُهَا ... فالعندليب بهَا رسيل البلبل)
(وكأنما أخذت عَن ابْن مقلد ... قَول المسرح فِي الثقيل الأول)
(ومدامةً من صيدنايا نشرها ... من عنبر وقميصها من صندل)
(مسكية النفحات يشرف أَصْلهَا ... عَن بابل ويجل عَن قطربل)
(وَتقول أهل دمشق أكْرم معشرٍ ... وأجله ودمشق أفضل منزل)
(وصدقت إِن دمشق جنَّة هَذِه ال ... دنيا وَلَكِن الْجَحِيم ألذ لي)
(لَا الدائص الْحلَبِي ينفذ حكمه ... فِيهَا عَليّ وَلَا العواني الْموصِلِي)
)
وَقَالَ(5/84)
(لم يبْق لي غير أَن أَمُوت كَمَا ... قد مَاتَ قبلي مني إِلَى آدم)
(كل إِلَى الله صائر وعَلى ... مَا قدم الْمَرْء قبله قادم)
(يدْرك مَا قدمت يَدَاهُ كَمَا ... قيل فإمَّا جذلان أَو نادم)
(فيا لَهَا حسرة مخلدة ... إِذا تساوى المخدوم وَالْخَادِم)
وَمَات لِابْنِ عنين حمَار بالموصل فَقَالَ يرثيه
(ليل بِأول يَوْم الْحَشْر مُتَّصِل ... ومقلة أبدا إنسانها خضل)
(وَهل ألام وَقد لاقيت داهيةً ... ينهد لَو حَملته بَعْضهَا الْجَبَل)
(ثوى المتل الَّذِي قد كنت آمله ... عوناً وَخيَّب فِيهِ ذَلِك الأمل)
(لَا تبعدن تربة ضمت شمائله ... وَلَا عدا جانبيها الْعَارِض الهطل)
(لقد حوت غير مكسال وَلَا رعشٍ ... إِن قيد الْقود من دون السرى الكسل)
(قد كَانَ لَو سابقته الرّيح غادرها ... كَأَن اخمصها بالشوك منتعل)
(لَا غامزاً عِنْد حمل المثقلات وَلَا ... يمشي الهوينى كَمَا يمشي الوجى الوجل)
(مكمل الْخلق رحب الصَّدْر منتفخ ال ... جنبين لَا ضامر طاو وَلَا سغل)
(يطوي على ظمإ خمْسا أضالعه ... فِي كَوْكَب القيظ والرمضاء تشتعل)
(وَيقطع المقفرات الموحشات إِذا ... عَن قطعهَا كلت المهرية البزل)
(فَفِي الأباطح هيق راعه قنص ... وَفِي الْجبَال المنيفات الذرى وعل)
(لَو كَانَ يفدى بِمَال مَا ضننت بِهِ ... وَلم تصن دونه خيل وَلَا خول)
(لَكِنَّهَا خطة لَا بُد يبلغهَا ... هَذَا الورى كل مَخْلُوق لَهُ أجل)
(وَإِن لي بنظام الدّين تَعْزِيَة ... عَنهُ وَفِي النجل عَن آبَائِهِ بدل)
وَمن شعر شرف الدّين ابْن عنين يمدح الْعَزِيز سيف الْإِسْلَام صَاحب الْيمن
(حنين إِلَى الأوطان لَيْسَ يَزُول ... وقلب عَن الأشواق لَيْسَ يحول)
(أَبيت وأسراب النُّجُوم كَأَنَّهَا ... قفول تهادى إثرهن قفول)
(أراقبها فِي الْأَثر من كل مطلع ... كَأَنِّي برعي السائرات كَفِيل)
(فيا لَك من ليل نأى عَنهُ صبحه ... فَلَيْسَ لَهُ فجر إِلَيْهِ يؤول)
)
(أما لعقود النَّجْم فِيهِ تصرم ... أما لخضاب الْفجْر فِيهِ نصول)(5/85)
(كَأَن الثريا غرَّة وَهُوَ أدهم ... لَهُ من وميض الشعريين حجول)
(أَلا لَيْت شعري هَل أبين لَيْلَة ... وظلك يَا مقرى عَليّ ظَلِيل)
(وَهل أريني بَعْدَمَا شطت النَّوَى ... ولي فِي رَبِّي روضٍ هُنَاكَ مقيل)
(دمشق فَبِي شوق إِلَيْهَا مبرح ... وَإِن لَام واشٍ أَو ألح عذول)
(بِلَاد بهَا الْحَصْبَاء در وتربها ... عبير وأنفاس الشُّمُول شُمُول)
(تسلسل فِيهَا مَاؤُهَا وَهُوَ مُطلق ... وَصَحَّ نسيم الرَّوْض وَهُوَ عليل)
(فيا حبذا الرَّوْض الَّذِي دون عزتا ... سحيراً إِذا هبت عَلَيْهِ قبُول)
(وَيَا حبذا الْوَادي إِذا مَا تدفقت ... جداول باناس إِلَيْهِ تسيل)
(فِي كَبِدِي من قاسيون حزازة ... تَزُول رواسيه وَلَيْسَ يَزُول)
(إِذا لَاحَ برق من سنير تدافقت ... لسحب جفوني فِي الخدود سيول)
(فَللَّه أيامي وغصن الصبى بهَا ... وريق وَإِذ وَجه الزَّمَان صقيل)
(هِيَ الْغَرَض الْأَقْصَى وَإِن لم يكن بهَا ... صديق وَلم يصف الوداد خَلِيل)
(وَكم قَائِل فِي الأَرْض للْحرّ مَذْهَب ... إِذا جَار دهر واستحال ملول)
(وَهل نافعي أَن الْمِيَاه سوافح ... عَذَاب وَلم ينقع بِهن غليل)
(فقدت الصَّبِي والأهل وَالدَّار والهوى ... فَللَّه صبري إِنَّه لجميل)
(وَوَاللَّه مَا فارقتها عَن ملالةٍ ... سواي عَن الْعَهْد الْقَدِيم يحول)
(وَلَكِن أَبَت أَن تحمل الضيم همتي ... وَنَفس لَهَا فَوق السماك حُلُول)
(فَإِن الْفَتى يلقِي المنايا مكرماً ... وَيكرهُ طول الْعُمر وَهُوَ ذليل)
(تعاف الْوُرُود الحائمات مَعَ الْأَذَى ... وللقيظ فِي أكبادهن صليل)
(كَذَلِك ألْقى ابْن الْأَشَج بِنَفسِهِ ... وَلم يرض عمرا فِي الإسار يطول)
(سألثم إِن وافيتها ذَلِك الثرى ... وهيهات حَالَتْ دون ذَاك حؤول)
(وملتطم الأمواج جون كَأَنَّهُ ... دجى اللَّيْل نائي الشاطئين مهول)
(يعاندني صرف الزَّمَان كَأَنَّمَا ... عَليّ لأحداث الزَّمَان ذحول)
(على أنني وَالْحَمْد لله لم أزل ... أصُول على أحداثه وأطول)(5/86)
)
(وَكَيف أخافُ الفَقر أَو أُحرَمُ الغِنى ... ورأيُ ظهير الدّين فِي جميل)
(من الْقَوْم أما أحنف فمسفه ... لَدَيْهِ وَأما حَاتِم فبخيل)
(فَتى الْجد أما جَاره فممنع ... عَزِيز وَأما ضِدّه فذليل)
وَقَالَ فِي نوبَة دمياط
(سلوا صهوات الْخَيل يَوْم الوغى عَنَّا ... إِذا جهلت آيَاتنَا والقنا اللدنا)
(غَدَاة لَقينَا دون دمياط جحفلاً ... من الرّوم لَا يُحْصى يَقِينا وَلَا ظنا)
(قد اتَّفقُوا رَأيا وعزماً وهمةً ... وديناً وَإِن كَانُوا قد اخْتلفُوا لسناً)
(تداعوا بأنصار الصَّلِيب فَأَقْبَلت ... جموع كَأَن الموج كَانَ لَهُم سفنا)
(عَلَيْهِم من الماذي كل مفاضةٍ ... دلاصٍ كقرن الشَّمْس قد أحكمت وضنا)
(وأطمعهم فِينَا غرور فأرقلوا ... إِلَيْنَا سرَاعًا بالجياد وأرقلنا)
(فَمَا بَرحت سمر الرماح تنوشهم ... بأطرافها حَتَّى استجاروا بِنَا منا)
(سقيناهم كأساً نفت عَنْهُم الْكرَى ... وَكَيف ينَام اللَّيْل من عدم الأمنا)
3 - (أَبُو الْعِزّ التغلبي)
مُحَمَّد بن نصر بن جَامع بن المظفر بن نَاصِر الدولة أبي مُحَمَّد الْحسن بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن حمدَان بن حمدون أَبُو الْعِزّ التغلبي من أَوْلَاد الْمُلُوك روى عَن أبي عَليّ بن الْحُسَيْن بن الشبل الشَّاعِر شَيْئا من شعره وروى عَن غَيره أَيْضا وروى عَنهُ أَبُو الْحُسَيْن الْمُبَارك ابْن الطيوري وَأَبُو طَاهِر السلَفِي فِي مُعْجم شُيُوخه وَقَالَ سمع الحَدِيث ببغداذ وَالْبَصْرَة ولد فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو بكر الصُّوفِي)
مُحَمَّد بن نصر بن جَعْفَر بن الْحُسَيْن الصُّوفِي من أهل روبا قَرْيَة بَين بغداذ ودير العاقول روى عَن أبي بكر الشبلي وَمُحَمّد بن حَامِد العناي وروى عَنهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عبد الله الْهَاشِمِي وَأَبُو سعد أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَالِينِي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله الصُّورِي
3 - (ابْن الْبَصْرِيّ)
مُحَمَّد بن نصر بن الْحسن أَبُو سعد الْمَعْرُوف بِابْن الْبَصْرِيّ حدث باليسير عَن أبي قَاسم عبد)
الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِشران وَسمع مِنْهُ شُجَاع ابْن فَارس الذهلي وَأَبُو غَالب بن عبد الْوَاحِد الْقَزاز وروى عَنهُ أَبُو نصر هبة الله وَأَبُو السُّعُود أَحْمد وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ شَيخا كَبِيرا كثير الصَّدَقَة
مُحَمَّد بن نصر بن عبد الرَّحْمَن بن مَحْفُوظ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الشّرف أَبُو عبد الله الْقرشِي الدِّمَشْقِي حدث وَكَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس صَالحا توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَمن شعره(5/87)
3 - (تَاج الدّين بن صلايا)
مُحَمَّد بن نصر بن صلايا بن يحيى الصاحب تَاج الدّين أَبُو المكارم ابْن صلايا الْهَاشِمِي الْعلوِي نَائِب إربل الشيعي كَانَ نَائِب الْخَلِيفَة بإربل وَكَانَ من رجالات الْعَالم رَأيا وعقلاً وحزماً وصرامة وَكَانَ سَمحا جواداً كَانَت صدقاته وهباته تبلغ فِي السّنة ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَكَانَ بَينه وَبَين لولو صَاحب الْموصل مُنَافَسَة فَلَمَّا أحضرهما هولاكو قَالَ لولو هَذَا شرِيف وَنَفسه تحدثه بالخلافة وَلَو قَامَ تبع النَّاس أمره فَقتله هولاكو بِقرب توريز سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة وَكَانَ عِنْده أدب وَله نظم وَكَانَ يشدد الْعقُوبَة على شَارِب الْخمر بِأَن يقْلع أَضْرَاسه وَكَانَ قد دارى التتار حَتَّى إِنَّهُم إِذا دخلُوا إربل ألقوا الْخُمُور الَّتِي مَعَهم رِعَايَة لَهُ كتب إِلَيْهِ عميد الدّين ابْن عَبَّاس الْحَنْبَلِيّ وَكَانَ نَاظر الْأَعْمَال الْمُجَاورَة لإربل وَبَينهمَا مَوَدَّة عَظِيمَة
(سَلام كأنفاس النسيم إِذا سرى ... سحيراً ورياها لَهُ عطر شمأل)
(تزر على الرائين أزرار ضوعه ... فأرج مِنْهُ الْعرف أرجاء إربل)
(على الْعلوِي الفاطمي مُحَمَّد ب ... ن نصر بن يحيى الْمُنعم المتفضل)
(شأى النَّاس تَاج الدّين حسن مَنَاقِب ... يفوق بهَا فخراً على غَيره عَليّ)
(أوالي علاهُ فِي التغالي تشيعاً ... وَإِن كنت عِنْد النَّاس أحسن حنبلي)
فَأَجَابَهُ تَاج الدّين بقوله
(أَتَانِي كتاب من كريم أوده ... وَكَانَ كنشر الْمسك شيب بمندل)
(ووافى مِثَال مِنْهُ خلت كَأَنَّهُ ... كَلَام الأديب الْفَارِسِي أبي عَليّ)
(فقابلت مِنْهُ مسك ريا ختامه ... فيا مُرْسلا قد جَاءَ خير مُرْسل)
(وَغير بديع أَن بعثتم أمينكم ... إِلَيّ بِوَحْي الْبر ضمن التفضل)
)
(لقد زِدْت فِي الْحسنى وطبت منابتاً ... وحزت من العلياء أشرف منزل)
(وحقك إِنِّي لست أخْشَى تشيعاً ... عَلَيْك وَلَكِن سَوف أَدعِي بحنبلي)
(فَإِن نفترق فِي مذهبين فإننا ... سيجمعنا صدق الْمحبَّة فِي عَليّ)
3 - (ابْن مُبشر الحاسب)
مُحَمَّد بن نصر بن مُحَمَّد بن مُبشر أَبُو بكر الحاسب كَانَ يتوكل للأمير أبي نصر ابْن الإِمَام قَدِيما وَكَانَ فَاضلا فِي معرفَة الْحساب والهندسة وَله فِي ذَلِك يَد باسطة قَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وتخرجوا بِهِ قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ كيساً حسن الْهَيْئَة جميل الْأَخْلَاق حدث بِشَيْء يسير عَن أبي الْعَلَاء بن عقيل الْبَصْرِيّ كتبت عَنهُ توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وست مائَة وَدفن بمقابر قُرَيْش من بغداذ
3 - (الْوَاعِظ الغزنوي)
مُحَمَّد بن نصر بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد أَبُو بكر بن أبي الْفتُوح الحدادي الْوَاعِظ من أهل غزنة قدم بغداذ مَعَ وَالِده لما قدم رَسُولا من السُّلْطَان شهَاب الدّين مُحَمَّد بن سَام ملك الْهِنْد وغزنة وَأقَام مُدَّة وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَحصل الْأُصُول قَالَ(5/88)
محب الدّين ابْن النجار وَكَانَ شَابًّا حسنا وفقيهاً متأدباً حسن الْأَخْلَاق متودداً علقت عَنهُ حَدِيثا أَو حديثين فِي المذاكرة وَأَظنهُ كَانَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة أَو نَحْوهَا
3 - (أَبُو عبد الله الْمُقْرِئ الهمذاني)
مُحَمَّد بن أبي نصر بن أبي عَليّ جيل أَمِير بن أبي نصر بن أبي يعلى أَبُو عبد الله الْمُقْرِئ من أهل همذان قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات الْكَثِيرَة وأفنى عمره فِي ذَلِك وَأقَام بواسط مُدَّة يقْرَأ على أبي بكر بن الباقلاني وَغَيره وَقدم بغداذ واستوطنها وَقَرَأَ بهَا كثيرا من كتب الْقرَاءَات وَحصل نسخهَا وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين كَأبي الْفَتْح بن شاتيل وَأبي السَّعادات بن زُريق وأبوي الْقَاسِم ذَاكر بن كَامِل وَيحيى بن بوش وَأبي الْفرج ابْن كُلَيْب وَغَيرهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَسمع مَعنا وَلم يتَّفق لي أَن أكتب عَنهُ وَقد روى كثيرا من الْقرَاءَات وَمن المصنفات فِيهَا وَحدث باليسير وَكَانَ إِمَامًا بتربة الْجِهَة السلجوقية بالجانب الغربي من بغداذ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة
3 - (الْحَارِثِيّ العابد)
)
مُحَمَّد بن النَّضر الْحَارِثِيّ الْكُوفِي العابد كَانَ من الْأَوْلِيَاء توفّي سنة خمسين وَمِائَة أَو دونهَا كَانَ إِذا ذكر الْمَوْت اضْطَرَبَتْ مفاصله وَقيل وَفَاته سنة ثَمَانِينَ أَو مَا دونهَا
3 - (ابْن الأخرم الْمُقْرِئ)
مُحَمَّد بن النَّضر بن مر بن الْحر الربعِي الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن الأخرم من أهل دمشق كَانَ أحد الْأَئِمَّة فِي علم الْقرَاءَات وَالتَّفْسِير والعربية قَرَأَ الْقُرْآن على أبي عبد الله هَارُون بن مُوسَى بن شريك الْأَخْفَش وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو الْحسن الدَّارَانِي وَأَبُو بكر السّلمِيّ ورويا عَنهُ وَقدم بغداذ أَيَّام أبي بكر ابْن مُجَاهِد وَأمر ابْن مُجَاهِد أَصْحَابه فقرأوا عَلَيْهِ وَكَانَ متواضعاً حسن الْخلق منبسطاً يعين من يقْرَأ عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ بِيَدِهِ وَفِيه مرّة إِلَى الضَّم وَمرَّة إِلَى الْفَتْح وَمرَّة إِلَى الْكسر وَمرَّة إِلَى الأدغام وَمرَّة إِلَى الْإِظْهَار بإشارات عرفت مِنْهُ وفهمت عَنهُ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ يَوْمًا صائفاً فَصَعدت غمامة على جنَازَته من الْمصلى إِلَى قَبره
3 - (قَاضِي مصر)
مُحَمَّد بن النُّعْمَان بن مُحَمَّد بن مَنْصُور أَبُو عبد الله المعزي قَاضِي مصر وَابْن قاضيها وأخو قاضيها لبني عبيد ارْتَفَعت رتبته حَتَّى أقعده الْعَزِيز مَعَه على الْمِنْبَر يَوْم عيد النَّحْر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَهُوَ الَّذِي غسل الْعَزِيز لما مَاتَ وازدادت عَظمته عِنْد الْحَاكِم ثمَّ إِنَّه تعلل ولازمه النقرس والقولنج وَمَات فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث ماتئة وَولي بعده ابْن أَخِيه الْحُسَيْن بن عَليّ بن النُّعْمَان ثمَّ إِنَّه عزل وَضربت رقبته وأحرق وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْحَاء(5/89)
3 - (ابْن حطيط)
مُحَمَّد بن النُّعْمَان بن عبد السَّلَام بن حبيب بن حطيط بِالْحَاء الْمُهْملَة المضمومة وطائين مهملتين وَبَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة الْأَصْبَهَانِيّ وشيخها وَابْن شيخها توفّي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا
3 - (أَبُو نصر الْأَنْبَارِي)
مُحَمَّد بن النفيس بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب الْأَنْبَارِي أَبُو نصر من أهل الأنبار من بَيت الخطابة وَالْعَدَالَة والْحَدِيث وَالرِّوَايَة قَالَ ابْن النجار وَهُوَ عَم شَيخنَا عبد الله وَصَالح)
ابْني عَليّ بن النفيس حدث بالأنبار عَن عَمه أبي نصر يحيى بن عَليّ سمع مِنْهُ يُوسُف بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْكَاتِب الشِّيرَازِيّ واسفندار بن الْمُوفق البوشنجي
3 - (أَبُو الْفَتْح الصُّوفِي)
مُحَمَّد بن النفيس بن مُحَمَّد بن عَطاء أَبُو الْفَتْح ابْن أبي الْمَعَالِي الصُّوفِي برباط المأمونية سمع أَبَا الْوَقْت عبد الأول بن عِيسَى بن شُعَيْب الصُّوفِي وَأَبا بكر سَلامَة بن أَحْمد بن الصَّدْر وَغَيرهمَا وَحدث بِصَحِيح البُخَارِيّ عَن أبي الْوَقْت وَكَانَ شَيخا صَالحا متديناً حسن الطَّرِيقَة مشتغلاً بِمَا يعنيه توفّي سنة خمس وَعشْرين وست مائَة
3 - (ابْن صعوة الْحَنْبَلِيّ)
مُحَمَّد بن النفيس بن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن عَليّ الدقاق أَبُو سعد الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن صعوة من سَاكِني المأمونية قَرَأَ الْقُرْآن وتفقه على أبي الْفَتْح ابْن الْمَنِيّ وعَلى إِبْرَاهِيم بن الصقال وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَحصل طرفا من الْأَدَب وَسمع الحَدِيث من أبي عَليّ أَحْمد بن مُحَمَّد الرَّحبِي وَأبي مُحَمَّد عبد الله بن مَنْصُور بن هبة الله الْموصِلِي وَأبي الْحسن عَليّ بن عَسَاكِر البطايحي الْمُقْرِئ وَغَيرهم وَحدث باليسير قَالَ محب الدّين ابْن النجار علقت عَنهُ فِي المذاكرة شَيْئا من الْأَسَانِيد وَكَانَ من الْفُضَلَاء طيب الْأَخْلَاق لطيف الْعشْرَة بساماً متحبباً إِلَى النَّاس مَقْبُول الشكل متودداً من شعره
(رق يَا من قلبه حجر ... لجفون حشوها سهر)
(ولجسم مَا لناظره ... مِنْهُ إِلَّا الرَّسْم والأثر)
(فغرامي لَو تحمله ... صَخْر رضوى كَاد ينفطر)
(إِن لومي فِي هَوَاك لمن ... شَرّ مَا يجْرِي بِهِ الْقدر)
(يَا بديعاً جلّ عَن شبه ... مَا يداني حسنك الْقَمَر)
(صل وَوجه الدَّهْر مقتبل ... فزمان الْوَصْل مُخْتَصر)
(كم رَأينَا وجنة فتكت ... فمحا آثارها الشّعْر)
قلت شعر مَقْبُول منسجم توفّي سنة أَربع وست مائَة وَدفن بمقبرة الزرادين من بَغْدَاد(5/90)
3 - (أَبُو عبد الله الرزاز)
مُحَمَّد بن النفيس بن منجب بن الْمُبَارك بن موهوب الرزاز أَبُو عبد الله من أهل بَاب الأزج)
من بغداذ قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات وتفقه على إِبْرَاهِيم بن الصقال وصحبة إِلَى آخر عمره وَكَانَ يتَكَلَّم فِي مسَائِل الْخلاف وَسمع الحَدِيث الْكثير من ابْن كُلَيْب وَابْن الْجَوْزِيّ وذاكر بن كَامِل وَابْن بوش وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَحصل الْأُصُول وَقَرَأَ بِنَفسِهِ كثيرا وَكَانَت قِرَاءَته مبينَة مفهومة معربة صَحِيحَة مهذبة وَيكْتب خطا مليحاً ويضبط صَحِيحا وَله معرفَة حَسَنَة بِالْحَدِيثِ وأنسة بِالْعَرَبِيَّةِ قَالَ محب الدّين ابْن النجار سَمِعت مَعَه وبقراءته كثيرا وَسمع أَيْضا بِقِرَاءَتِي كثيرا واصطحبنا فِي الطّلب وَمَا رَأَيْت فِي الطّلب أميز مِنْهُ وَكَانَ ثِقَة ثبتاً صَدُوقًا متثبتاً مَا علمت عَلَيْهِ فِي الحَدِيث طَعنا وَولي النّظر على غلات التمور الْوَاصِلَة من الْبَصْرَة وواسط فَسَاءَتْ سيرته وارتكب أموراً شنيعة فِي ظلم النَّاس وَكَثُرت الشكاوي عَلَيْهِ وَعم جوره فأزيلت يَده عَن ذَلِك وَترك الْقُضَاة قبُول شَهَادَته ثمَّ أُعِيد إِلَى قبُول الشَّهَادَة توفّي سِتَّة سبع وَعشْرين وست مائَة
3 - (الْعجلِيّ صَاحب أَحْمد)
مُحَمَّد بن نوح بن مَيْمُون بن عبد الحميد بن أبي الرِّجَال الْعجلِيّ صَاحب الإِمَام أَحْمد يعرف وَالِده بالمضروب كَانَ مُحَمَّد عَالما زاهداً ورعاً مَشْهُورا بِالسنةِ وَالدّين والثقة امتحن بالْقَوْل بِخلق الْقُرْآن فَثَبت على السّنة حمله الْمَأْمُون وَمَعَهُ أَحْمد بن حَنْبَل إِلَى الرقة على بعير متزاملين فَمَرض مُحَمَّد بن نوح فِي الطَّرِيق فَقَالَ لِأَحْمَد أَبَا عبد الله الله الله فَإنَّك لست مثلي إِنَّك رجل يَقْتَدِي بك وَقد مد هَذَا الْخلق أَعْنَاقهم إِلَيْك لما يكون مِنْك فَاتق الله واثبت لأَمره فَمَاتَ بعانة فدفنه الإِمَام أَحْمد بهَا سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (التَّيْمِيّ العامري)
مُحَمَّد بن نَوْفَل التَّيْمِيّ العامري الْكُوفِي من ولد الْحَارِث بن تيم لَهُ قصيدة طَوِيلَة يطعن فِيهَا على يحيى بن عمر الْعلوِي عِنْد ظُهُوره بِالْكُوفَةِ مِنْهَا
(عجبت ليحيى الطَّالِبِيُّ وخبثه ... وتغريره بِالنَّفسِ عِنْد فَنًّا الْعُمر)
(تمنى بَنو بيض الرماد سفاهةً ... أماني كَانَت مِنْهُم مَوضِع السِّرّ)
(إِزَالَة ملك قدر الله أَنه ... على ولد الْعَبَّاس وقف مدى الدَّهْر)
(وَوَاللَّه مَا تنفك بالرغم مِنْكُم ... حكومتهم فِيمَا يجوز إِلَى الْحَشْر)
(رَضِينَا بِملك المستعين وهديه ... على رغم آناف الروافض والصعر)
)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الْأمين)
مُحَمَّد بن هَارُون أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو عبد الله الْأمين ابْن أَمِير(5/91)
الْمُؤمنِينَ الرشيد ابْن الْمهْدي كَانَ ولي الْعَهْد بعد أَبِيه وَكَانَ من أحسن الشَّبَاب صُورَة أَبيض طَويلا ذَا قُوَّة مفرطة وبطش وشجاعة مَعْرُوفَة وفصاحة وأدب وَفضل وبلاغة لَكِن سيء الرَّأْي كثير التبذير أرعن لَا يصلح للإمارة وَمن قوته يُقَال إِنَّه قتل أسداً بيدَيْهِ قَالَ المَسْعُودِيّ وَلم يل الْخلَافَة إِلَى وقتنا هَذَا هاشمي ابْن هاشمية سوى الْحسن وَأَبِيهِ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ والأمين لِأَنَّهُ ابْن زبيدة وَهِي أم جَعْفَر بنت جَعْفَر بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور عَاشَ سبعا وَعشْرين سنة وَآخر أمره خلع ثمَّ أسر وَقتل صبرا فِي الْمحرم سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة وطيف بِرَأْسِهِ لِأَنَّهُ فِي سنة خمس وَتِسْعين خلع الْمَأْمُون أَخَاهُ وَعقد الْولَايَة لوَلَده مُوسَى وَهُوَ طِفْل وَبلغ ذَلِك الْمَأْمُون فتسمى بِإِمَام الْمُؤمنِينَ وكوتب بذلك وَعقد الْأمين لعَلي بن عِيسَى بن ماهان على بِلَاد الْجبَال وهمذان ونهاوند وقم وأصبهان وَأمر لَهُ فِيمَا قيل بِمِائَتي ألف دِينَار وَأعْطى لجنده مَالا عَظِيما وَفرق الْأمين على أهل بغداذ ثَلَاثَة آلَاف ألف دِرْهَم وشخص عَليّ من بغداذ وَمَعَهُ قيد فضَّة ليقيد بِهِ الْمَأْمُون بِزَعْمِهِ وَسَار مَعَه الْأمين إِلَى النهروان وَعرض الْجند الَّذين جهزهم مَعَ ابْن ماهان فَلَقِيَهُ طَاهِر بن الْحُسَيْن من قبل الْمَأْمُون وَهُوَ فِي أقل من أَرْبَعَة آلَاف فَارس فَقتل ابْن ماهان وَلما وصل رَأسه إِلَى الْمَأْمُون سلم عَلَيْهِ بالخلافة فِي خُرَاسَان وَجَاء خَبره إِلَى الْأمين فَقَالَ للَّذي أخبرهُ ويك دَعْنِي فَإِن كوثراً صَاد سمكتين وَأَنا إِلَى الْآن مَا صدت شَيْئا وَقيل إِن جَيش ابْن ماهان كَانَ أَرْبَعِينَ ألفا وَنَدم الْأمين على خلع الْمَأْمُون وطمع الْأُمَرَاء فِيهِ وشغبوا جندهم بِالطَّلَبِ من الْأمين ثمَّ جهز عبد الرَّحْمَن بن جبلة الْأَنْبَارِي أَمِير الدينور بالعدة وَالْقُوَّة فِي عشْرين ألف فَارس فَسَار إِلَى همذان وَضبط طرقها وحصن سورها واستعد لمحاربة طَاهِر فَقتل عبد الرَّحْمَن وانكسر جَيْشه بعد حروب عَظِيمَة وَسَار طَاهِر وَقد خلت الْبِلَاد فَأَقَامَ بحلوان وَخَنْدَق بهَا على جنده وَلم يزل الْأمين يُجهز عسكراً بعد عَسْكَر إِلَى طَاهِر وَهُوَ ينتصر عَلَيْهِم إِلَى أَن دَعَا الْمَأْمُون الْفضل بن سهل فولاه على جَمِيع الْمشرق من همذان إِلَى جبل سقينان والتبت طولا وَمن بَحر فَارس والهند إِلَى بَحر الديلم وجرجان عرضا وَقرر لَهُ ثَلَاثَة آلَاف ألف دِرْهَم ولقبه ذَا الرياستين وَولى أَخَاهُ الْحسن بن سهل ديوَان الْخراج ثمَّ إِن الْأمين عَفا عَن الْحُسَيْن بن عَليّ بن عِيسَى بن ماهان بَعْدَمَا جرى مِنْهُ مَا جرى وجهزه إِلَى حلوان)
لقِتَال طَاهِر ثمَّ إِنَّه غدر وهرب فَقتل وَأتي بِرَأْسِهِ إِلَى الْأمين وَتقدم طَاهِر إِلَى الأهواز وَولي عماله على الْيَمَامَة والبحرين وَتوجه إِلَى وَاسِط فَدَخلَهَا وَوجه إِلَى الْكُوفَة أَحْمد بن الْمُهلب الْقَائِد وَعَلَيْهَا يَوْمئِذٍ الْعَبَّاس بن مُوسَى الْهَادِي فَبَلغهُ الْخَبَر فَخلع الْأمين وَكتب بِالطَّاعَةِ لطاهر وَكَذَلِكَ عَامل الْبَصْرَة وَغلب طَاهِر على الْمَدَائِن فَجهز الْأمين مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْقَائِد وَمُحَمّد بن حَمَّاد الْبَرْبَرِي فَكَانَت بَينهمَا وَبَين طَاهِر وقْعَة شَدِيدَة وَانْهَزَمَ مُحَمَّد الْقَائِد وَبَقِي أَمر الْأمين كل يَوْم فِي إدبار وَالنَّاس معذورون لكَونه خلع أَخَوَيْهِ الْمَأْمُون والمؤتمن وَأقَام بدلهما ابْنه مُوسَى طفْلا رضيعاً وَأما دَاوُد بن عِيسَى فَإِنَّهُ خلع الْأمين وَبَايع لِلْمَأْمُونِ وُجُوه أهل الْحَرَمَيْنِ وَسَار فِي وُجُوه أَهله إِلَى الْمَأْمُون بمرو وَأقَام طَاهِر لَا(5/92)
يَأْتِيهِ جَيش من الْأمين إِلَّا قهره وهزمه وَفِي سنة سبع لحق الْقَاسِم الملقب بالمؤتمن وَهُوَ أَخُو الْمَأْمُون وَمَنْصُور بن الْمهْدي بالمأمون وَتقدم طَاهِر فَنزل بِبَاب الأنبار بالبستان فَضَاقَ ذرع الْأمين وتفرق مَا كَانَ فِي يَده من الْأَمْوَال فَأمر بِبيع مَا فِي الخزائن من الْأَمْتِعَة وَضرب أواني الذَّهَب وَالْفِضَّة وَكَثُرت الْحَرْب وَالْهدم حَتَّى درست محَاسِن بغداذ وعملت فِيهَا المراثي وطاهر مصابر الْأمين وجنده حَتَّى مل أهل بغداذ قِتَاله فاستأمن إِلَى طَاهِر المتوكلون للأمين بقصر صَالح وسلموه الْقصر بِمَا فِيهِ ثمَّ استأمن صَاحب الشَّرْط مُحَمَّد بن عِيسَى فضعف ركن الْأمين واستسلم دَاخل قصر صَالح أَبُو الْعَبَّاس يُوسُف ابْن يَعْقُوب الباذغيسي وَجَمَاعَة القواد وَلما كَانَت وقْعَة هَذَا الْقصر وَقع الْأمين على الْأكل وَالشرب وَاللَّهْو ووكل الْأَمر إِلَى مُحَمَّد بن عِيسَى بن نهيك وَبَقِي يُقَاتل عَن الْأمين غوغاء بغداذ والعيارون والحرافشة فأنكوا فِي أَصْحَاب طَاهِر وأيقن مُحَمَّد بِالْهَلَاكِ ودام حِصَار بغداذ هَكَذَا خَمْسَة عشر شهرا وَفِي سنة ثَمَان قفر خُزَيْمَة بن خازم من كبار قواد الْأمين إِلَى طَاهِر بن الْحُسَيْن هُوَ وَمُحَمّد بن عَليّ بن عِيسَى بن ماهان فوثبا على جسر دجلة وقطعاه وركزا أعلامهما وخلعا الْأمين ودعوا لِلْمَأْمُونِ فَأصْبح طَاهِر وَقد ألح بِالْقِتَالِ على أَصْحَاب الْأمين وَقَاتل بِنَفسِهِ وَدخل بِالسَّيْفِ قسراً ونادى من دخل بَيته فَهُوَ آمن ثمَّ أحَاط بِمَدِينَة الْمَنْصُور وبقصر زبيدة وَقصر الْخلد فَخرج مُحَمَّد بأَهْله وَأمه من الْقصر إِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور وتفرق عَامَّة جنده وغلمانه وَقل عَلَيْهِم الْقُوت وَالْمَاء ثمَّ إِنَّه خرج لَيْلَة فِي حراقة لما قوي الْحصار يَوْم الْخَمِيس وَالْجُمُعَة والسبت وَطلب هزيمَة فَلَمَّا سمع بذلك طَاهِر خرج إِلَيْهِ ورماه بالنشاب فَانْكَفَأت الحراقة وغرق الْأمين وَمن كَانَ فِيهَا فسبح حَتَّى صَار إِلَى بُسْتَان)
مُوسَى فَعرفهُ مُحَمَّد بن حميد الظَّاهِرِيّ فصاح بِأَصْحَابِهِ وَأخذ بِرجلِهِ وَحمل على برذون وَخَلفه من يمسِكهُ كالأسير وَحمل إِلَى طَاهِر فَدَعَا طَاهِر بمولاه قُرَيْش الدنداني فَأمره بقتْله وَنصب رَأسه على حَائِط بُسْتَان وَنُودِيَ عَلَيْهِ هَذَا رَأس المخلوع مُحَمَّد ثمَّ بعث بِهِ مَعَ الْبرد والقضيب والمصلى وَهُوَ من سعف مبطن مَعَ ابْن عَمه مُحَمَّد بن مُصعب إِلَى الْمَأْمُون وَقَالَ لَهُ قد بعثت لَك بالدنيا وَهُوَ رَأس الْأمين وبالآخرة وَهِي الْبرد والقضيب فَأمر الْمَأْمُون لمُحَمد بن مُصعب بِأَلف ألف دِرْهَم وَلما رأى رَأس الْأمين سجد وَكَانَ قَتله سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة وخلافته أَربع سِنِين وأياماً وَكَانَ الْأمين بُويِعَ بالخلافة فِي عَسْكَر أَبِيه بطوس صَبِيحَة اللَّيْلَة الَّتِي توفّي فِيهَا أَبوهُ وَذَلِكَ يَوْم السبت لأَرْبَع خلون من جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَعشْرين سنة أَو اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَكَانَ الْمَأْمُون يَوْمئِذٍ بمرو واستوزر الْفضل بن الرّبيع وَولى إِسْمَاعِيل بن صبيح الرسائل والتوقيعات وَعِيسَى بن عَليّ بن ماهان الشرطة وَقيل عبد الله بن حَازِم وَأول مَا بَدَأَ بِهِ الْأمين إِطْلَاق عبد الْملك بن صَالح بن عَليّ الْهَاشِمِي من الْحَبْس وَكَانَ قد حَبسه هَارُون وَكَانَ هَارُون الرشيد يعرف بفراسته مَا وَقع بَين الْأمين والمأمون فَكَانَ ينشده
(مُحَمَّد لَا تبغض أَخَاك فَإِنَّهُ ... يعود عَلَيْك الْبَغي إِن كنت بَاغِيا)
(فَلَا تعجلن فالدهر فِيهِ كِفَايَة ... إِذا مَال بالأقوام لم يبْق بَاقِيا)(5/93)
وَفِي الْأمين يَقُول أَبُو الهول الْحِمْيَرِي
(ملك أَبوهُ وَأمه من نبعة ... مِنْهَا سراج الْأمة الْوَهَّاج)
(شربوا بِمَكَّة فِي ذرى بطحائها ... مَاء النُّبُوَّة لَيْسَ فِيهِ مزاج)
يُرِيد أَن أَبَاهُ وَأمه من هَاشم وَمن شعر مُحَمَّد الْأمين فِي محبوبه كوثر الْخَادِم
(مَا يُرِيد النَّاس من ص ... ب بِمن يهوى كئيب)
(كوثر ديني وَدُنْيا ... ي وسقمي وطبيبي)
(أعجز النَّاس الَّذِي يل ... حى محباً فِي حبيب)
وَمِنْه فِي طَاهِر
(زعم العَبْد طَاهِر ... أنني الْيَوْم غادر)
(كذب العَبْد وَهُوَ عَن ... سبل الرشد جَائِر)
)
(نقض الْعَهْد وَالَّذِي ... ينْقض الْعَهْد كَافِر)
(مظهر سوء فعله ... معلن لَا يساتر)
(وَعَلِيهِ تَدور بَال ... بغي مِنْهُ الدَّوَائِر)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتصم)
مُحَمَّد بن هَارُون أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو إِسْحَاق المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي ابْن الْمَنْصُور ولد سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة وَأمه أم ولد اسْمهَا ماردة روى عَن أَبِيه وَعَن أَخِيه الْمَأْمُون وروى عَنهُ إِسْحَاق الْموصِلِي وحمدون بن إِسْمَاعِيل وَآخَرُونَ بُويِعَ بعد الْمَأْمُون بِعَهْد مِنْهُ إِلَيْهِ فِي رَابِع عشر شهر رَجَب سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أَبيض أصهب اللِّحْيَة طويلها ربع الْقَامَة مشرب اللَّوْن ذَا شجاعة وَقُوَّة وهمة عالية وَكَانَ يُقَال لَهُ الْمُثمن لِأَنَّهُ ثامن خلفاء بني الْعَبَّاس وَملك ثَمَانِي سِنِين وَثَمَانِية أشهر وَفتح ثَمَانِيَة فتوح وَقتل ثَمَانِيَة أَعدَاء بابك وباطيش ومازيار والافشين وعجيفاً وَقَارُون وقائد الرافضة وَرَئِيس الزَّنَادِقَة وَخلف من الذَّهَب ثَمَانِيَة آلَاف ألف دِينَار وَمن الدَّرَاهِم مثلهَا وَمن الْخَيل ثَمَانِينَ ألف فرس وَثَمَانِية آلَاف مَمْلُوك وَثَمَانِية آلَاف جَارِيَة وَبنى ثَمَانِيَة قُصُور وَقيل بلغ عدد مماليكه ثَمَانِيَة عشر ألف مَمْلُوك وَكَانَ عرياً من الْعلم وَكَانَ مَعَه صبي يتَعَلَّم فِي الْكتاب فَقَالَ لَهُ أَبوهُ مَاتَ يَا مُحَمَّد غلامك فَقَالَ نعم واستراح من الْكتاب فَقَالَ أَبوهُ وَإِن الْكتاب ليبلغ مِنْك هَذَا دَعوه وَلَا تعلموه وَكَانَ يكْتب(5/94)
وَيقْرَأ ضَعِيفا وغزا عمورية وَفتحهَا وَقتل ثَلَاثِينَ ألفا وَسبي مثلهم وَكَانَ من أهيب الْخُلَفَاء وامتحن الْعلمَاء بِخلق الْقُرْآن وَقَالَ أَحْمد بن أبي دؤاد كَانَ المعتصم يخرج يَده إِلَيّ وَيَقُول عض ساعدي بِأَكْثَرَ قوتك فَأَقُول مَا تطيب نَفسِي فَيَقُول إِنَّه لَا يضرني فأروم ذَلِك فَإِذا هُوَ لَا تعْمل فِيهِ الأسنة فضلا عَن الْأَسْنَان وَقبض يَوْمًا على جندي أَخذ ابْنا لامْرَأَة فَأمره برده فَامْتنعَ فَقبض عَلَيْهِ فَسمِعت صَوت عِظَامه ثمَّ أطلقهُ فَسقط كَانَ ذَلِك فِي حَيَاة الْمَأْمُون وَجعل زند رجل بَين اصبعين فَكَسرهُ وَمَات لَيْلَة الْخَمِيس لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من ربيع الأول سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَصلى ابْنه الواثق عَلَيْهِ ولكثرة عسكره وضيق بغداذ عَلَيْهِ بنى سر من رأى وانتقل إِلَيْهَا بعسكره وَسميت الْعَسْكَر وَذَلِكَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وعلق لَهُ خَمْسُونَ ألف مخلاة وَلما احْتضرَ قَالَ ذهبت الْحِيلَة وَلَيْسَ حِيلَة كررها حَتَّى صمت أَوْلَاده هَارُون الواثق وجعفر المتَوَكل وَأحمد المستعين قيل هُوَ ابْن ابْنه وقضاته أَحْمد)
بن أبي دؤاد وَمُحَمّد بن سَمَّاعَة ووزراؤه الْفضل بن مَرْوَان ثمَّ مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات وحاجبه وصيف مَوْلَاهُ وَهُوَ أول من تسمى بخليفة الله وَأول من تزيا بزِي الأتراك وَلبس التَّاج ورفض زِيّ الْعَرَب وَترك سُكْنى بغداذ وَأورد لَهُ ابْن الْمَرْزُبَان فِي المعجم
(قرب النحام واعجل يَا غُلَام ... واطرح السرج عَلَيْهِ واللجام)
(أعلم الأتراك إِنِّي خائض ... لجة الْمَوْت فَمن شَاءَ أَقَامَ)
وَقَوله أَيْضا
(لم يزل بابك حَتَّى ... صَار للْعَالم عبره)
(ركب الْفِيل وَمن ير ... كب فيلاً فَهُوَ شهره)
وَقَالَ فِي غُلَامه عَجِيب
(إِنِّي هويت عجيبا ... هوى أرَاهُ عجيبا)
(طَبِيب مَا بِي من الح ... ب لَا عدمت الطبيبا)
(الْوَجْه مِنْهُ كبدرٍ ... وَالْقد يَحْكِي القضيبا)
3 - (أَبُو عِيسَى ابْن الرشيد)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو عِيسَى بن هَارُون الرشيد ولي إمرة الْكُوفَة سنة أَربع كَانَ مَوْصُوفا بِحسن الصُّورَة وَكَمَال الظّرْف وَله أدب وَشعر قَالَ ابْن حَاتِم العكلي لم ير النَّاس أجمل مِنْهُ قطّ إِذا أَرَادَ أَن يركب جلس النَّاس حَتَّى يروه أَكثر مِمَّا يَجْلِسُونَ(5/95)
للخلفاء قَالَ لَهُ الرشيد وَهُوَ صَغِير لَيْت جمالك لعبد الله يُرِيد الْمَأْمُون فَقَالَ على أَن حَظه لي فأعجبه جَوَابه على صغره وضمه إِلَيْهِ وَقَبله وَكَانَ يصرع فِي الْيَوْم مَرَّات حَتَّى مَاتَ سنة عشر وَمِائَتَيْنِ أَو مَا قبلهَا وَنزل الْمَأْمُون فِي قَبره وَوجد عَلَيْهِ وَامْتنع من الطَّعَام أَيَّامًا وَكَانَت أمه بربرية وَيُقَال اسْمه أَحْمد وَإِنَّمَا اشْتهر بكنيته وَكَانَت بَينه وَبَين طَاهِر ابْن الْحُسَيْن عَدَاوَة وَكَانَ يهجو طَاهِرا ويرثي الْأمين وَمن شعر أبي عِيسَى
(لساني كتوم لأسرارهم ... ودمعي نموم بسري مذيع)
(فلولا دموعي كتمت الْهوى ... وَلَوْلَا الْهوى لم تكن لي دموع)
وَمِنْه أَيْضا
(قَامَ بقلبي وَقعد ... ظَبْي نفي عني الْجلد)
)
(أسهرني ثمَّ رقد ... وَمَا رثى لي من كمد)
(بدر إِذا ازددت هوى ... وذلة تاه وَصد)
(واعطشا إِلَى فَم ... يمج خمرًا من برد)
3 - (أَبُو أَحْمد ابْن الرشيد)
مُحَمَّد بن هَارُون الرشيد أَبُو أَحْمد أَخُو أبي الْعَبَّاس الْآتِي ذكره أمه أم ولد يُقَال لَهَا كتمان كَانَ ظريفاً أديباً معاشراً للفضلاء منادماً للخلفاء كَانَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ يُؤَدب أَبَا أَحْمد ابْن الرشيد فَلَمَّا كبر أَبُو أَحْمد لم ير أبوعمر مِنْهُ مَا أمل فَكتب إِلَيْهِ
(إِن حق التَّأْدِيب حق الْأُبُوَّة ... عِنْد أهل النهى وَأهل المروه)
(وأحق الأقوام أَن يعرفوا الح ... ق ويرعوه أهل بَيت النبوه)
توفّي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَصلى عَلَيْهِ أَحْمد بن المتَوَكل
3 - (أَبُو سُلَيْمَان ابْن الرشيد)
مُحَمَّد بن هَارُون الرشيد أَخُو الْإِخْوَة الْمَذْكُورين ذكره ابْن جرير الطَّبَرِيّ وَقَالَ أمه أم ولد يُقَال لَهَا رواح وكنيته أَبُو سُلَيْمَان
3 - (أَبُو أَيُّوب ابْن الرشيد)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو أَيُّوب أَخُو الْإِخْوَة الْمَذْكُورين أمه مولدة من الْكُوفَة يُقَال لَهَا خلوب كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا ذكره أَبُو بكر الصولي قَالَ وَمن شعره فِي الْمَأْمُون
(يَا إِمَام الْعَصْر طَالَتْ غيبتي ... عَنْك فالحاسد مَبْسُوط اللِّسَان)
(عاقب المذنب إِن شِئْت وَلَا ... تلقه بالهجر فِي بَحر الهوان)
وَمن شعره فِي خَادِم لبَعض إخْوَته(5/96)
(ضَاقَ بِي للصدود وَاسع أرضي ... بَين طول مِنْهَا فسيح وَعرض)
(وَمَشى السقم بَين أحشاي حَتَّى ... صَار بَعْضِي للسقم يرحم بَعْضِي)
(قلت والغمض قد تمنع واللي ... ل مُقيم مَا إِن يهم بنهض)
(أَي ذَنْب أذنبت يَا رب حَتَّى ... حل غمض الورى وَحرم غمضي)
3 - (أَبُو يَعْقُوب ابْن الرشيد)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو يَعْقُوب أَخُو الْإِخْوَة الْمَذْكُورين أمه أم ولد يُقَال لَهَا سررة توفّي سنة)
ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَقد خرج مَعَ إخْوَته لتلقي الافشين بقناطر خدينة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس ابْن الرشيد)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو الْعَبَّاس ابْن الرشيد وَهُوَ مَعْرُوف بكنيته لِأَنَّهُ لَهُ عدَّة أخوة لَا يعْرفُونَ إِلَّا بكناهم كَانَ مغفلاً توفّي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا
مُحَمَّد بن هَارُون بن مخلد وَهُوَ أَخُو مَيْمُون بن هَارُون الرِّوَايَة وَيعرف مُحَمَّد بكبة الْكَاتِب قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان متوكلي يَقُول فِي رِوَايَة أبي هفان وَقد رُوِيَ لغيره
(كَأَنِّي بإخواني على حافتي قَبْرِي ... يهيلونه فَوقِي وأعينهم تجْرِي)
(عَفا الله عني حِين أصبح ثاوياً ... أزار فَلَا أَدْرِي وأجفى فَلَا أَدْرِي)
وَكتب لبَعض إخوانه وَقد حبس
(يعز علينا أَن نزورك فِي الْحَبْس ... وَلم نستطع نفديك بِالْمَالِ وَالنَّفس)
(فَقدنَا بك الْأنس الطَّوِيل وعطلت ... مجَالِس كَانَت مِنْك تأوي إِلَى أنس)
(لَئِن سترتك الْجدر عَنَّا فَرُبمَا ... رَأينَا جلابيب السَّحَاب على الشَّمْس)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُهْتَدي)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو إِسْحَاق وَقيل أَبُو عبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ الْخَلِيفَة الصَّالح الْمُهْتَدي بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور ولد فِي خلَافَة جده سنة بضع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وبويع بالخلافة لليلة بقيت من رَجَب سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَله بضع وَثَلَاثُونَ سنة وَمَا قبل بيعَة أحد حَتَّى أُتِي بالمعتز فَلَمَّا رَآهُ قَامَ لَهُ وَسلم على المعتز بالخلافة وَجلسَ بَين يَدَيْهِ وَجِيء بالشهود فَشَهِدُوا على المعتز أَنه عَاجز عَن الْخلَافَة فاعترف بذلك وَمد يَده فَبَايع الْمُهْتَدي بِاللَّه وَهُوَ ابْن عَمه فارتفع الْمُهْتَدي حِينَئِذٍ إِلَى صدر الْمجْلس وَقَالَ لَا يجْتَمع سيفان فِي غمد وَكَانَ أسمر رَقِيقا مليح الْوَجْه ورعاً متعبداً عادلاً قَوِيا فِي أَمر الله(5/97)
بطلاً شجاعاً لكنه لم يجد ناصراً وَلَا معينا على الْخَيْر وَكَانَ يلبس فِي اللَّيْل جُبَّة صوف وَكسَاء وَيُصلي فيهمَا وَيفْطر فِي رَمَضَان على خبز نقي وملح وخل وزيت وَيَقُول فَكرت فِي أَنه كَانَ فِي بني أُميَّة عمر بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ من التقلل والتقشف على مَا بلغنَا فغرت على بني هَاشم وَأخذت نَفسِي بذلك وَكَانَ اطرَح الملاهي وَحرم الْغناء وحسم أَصْحَاب السُّلْطَان عَن الظُّلم وَكَانَ شَدِيد الإشراف على أَمر الدَّوَاوِين ثمَّ إِن الأتراك خَرجُوا عَلَيْهِ وحاربهم بِنَفسِهِ وجرح فأسروه)
وخلعوه ثمَّ قَتَلُوهُ سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ قَالَ العمراني إِن الأتراك عصروا خصاه حَتَّى مَاتَ وَبَايَعُوا أَحْمد بن المتَوَكل ولقبوه الْمُعْتَمد على الله فِي سادس عشر رَجَب فَكَانَت خلَافَة الْمُهْتَدي سنة إِلَّا خَمْسَة عشر يَوْمًا جلس يَوْمًا للمظالم فاستعداه رجل على ابْن لَهُ فَأحْضرهُ وَحكم عَلَيْهِ برد الْحق للرجل فَقَالَ الرجل أَنْت وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَمَا قَالَ الْأَعْشَى
(حكمتموه فَقضى بَيْنكُم ... أَبيض مثل الْقَمَر الزَّاهِر)
(لَا يقبل الرِّشْوَة فِي حكمه ... وَلَا يُبَالِي غبن الخاسر)
فَقَالَ الْمُهْتَدي أما أَنا فَمَا جَلَست هَذَا الْمجْلس حَتَّى قَرَأت وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة فَلَا تظلم نفس شَيْئا وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل أَتَيْنَا بهَا وَكفى بِنَا حاسبين قَالَ الإسكافي فَمَا رَأَيْت باكياً أَكثر من ذَلِك الْيَوْم ومدحه البحتري بقصيدة أَولهَا
(إِذا عرضت أحداج ليلى فنادها ... سقتك الغوادي المزن صوب عهادها)
وبقصيدة أُخْرَى مِنْهَا
(هجرت الملاهي خشيَة وتفردا ... بآيَات ذكر الله يُتْلَى حكيمها)
(وَمَا تحسن الدُّنْيَا إِذا هِيَ لم تعن ... بآخرة حسناء يبْقى نعيمها)
أَوْلَاده سَبْعَة عشر ذكرا وست بَنَات وَأَوْلَاده أَعْيَان أهل بغداذ وهم الخطباء بالجوامع وَمِنْهُم الْعُدُول وَلم يبْق ببغداذ من الْخُلَفَاء أَكثر من وَلَده وزراؤه أَبُو أَيُّوب بن وهب وجعفر بن مُحَمَّد ثمَّ صرفه وقلدها عبد الله بن مُحَمَّد بن يزْدَاد قُضَاته الْحسن بن أبي الشَّوَارِب فَعَزله وَولي عبد الرَّحْمَن بن نائل الْبَصْرِيّ أسْند الْمُهْتَدي الحَدِيث فَقَالَ حَدثنِي عَليّ ابْن هَاشم ثَنَا مُحَمَّد بن حسن الْفَقِيه عَن ابْن أبي ليلى عَن دَاوُد بن عَليّ عَن أَبِيه عبد الله بن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ للْعَبَّاس وَقد سَأَلَهُ مَا لنا فِي هَذَا الْأَمر فَقَالَ لي النُّبُوَّة وَلكم الْخلَافَة بِي فتح الله هَذَا الْأَمر وبكم يختمه وَأورد الصولي للمهتدي فِي الأوراق
(أما وَالَّذِي أَعلَى السَّمَاء بقدرة ... وَمَا زَالَ قدماً فَوق عرش قد اسْتَوَى)
(لَئِن تمّ لي التَّدْبِير فِيمَا أريده ... لتفتقدن التّرْك يَوْمًا فَلَا ترى)(5/98)
3 - (ابْن المقتدر)
مُحَمَّد بن هَارُون بن جَعْفَر المقتدر بن أَحْمد المعتضد بن الْمُوفق بن جَعْفَر المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس ذكره)
هِلَال بن المحسن الصابي فِي تَارِيخه وَقَالَ إِنَّه توفّي فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الواثق)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو إِسْحَاق ابْن الواثقي بن المعتصم بن الرشيد قَالَ الصولي سَمَّاهُ المعتصم باسمه وكناه بكنيته حمل مَعَ إخْوَته بعد قتل أَخِيه مُحَمَّد الْمُهْتَدي بِاللَّه إِلَى بغداذ من سر من رأى وَهُوَ صبي صَغِير فحبس بهَا
3 - (أَبُو الرؤوس الْمُقْرِئ)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو جَعْفَر الْمُقْرِئ الملقب أَبَا الرؤوس ذكره أَبُو بكر الْبَاطِرْقَانِيُّ فِي طَبَقَات الْقُرَّاء قَرَأَ على رُوَيْم بن يزِيد وروى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس بن أبي طَالب كَانَ صَدُوقًا من خِيَار النَّاس وأفضلهم توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
مُحَمَّد بن هَارُون بن شُعَيْب بن عبد الله بن عبد الْوَاحِد من ولد أنس بن مَالك سمع بِالشَّام ومصر وَالْعراق وأصبهان وصنف وَخرج وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْحَافِظ شيطا)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو جَعْفَر المخرمي البغداذي الفلاس الْحَافِظ شيطا بالشين الْمُعْجَمَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف والطاء الْمُهْملَة توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الرؤياني)
مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو بكر الرؤياني الْحَافِظ لَهُ مُسْند مَشْهُور وَله تصانيف فِي الْفِقْه توفّي سنة سبع وَثَلَاث مائَة
3 - (إِمَام جَامع الْمَنْصُور)
مُحَمَّد بن هَارُون بن الْعَبَّاس بن عِيسَى بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور ولي إِقَامَة الْحَج فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأقَام خمسين سنة يُصَلِّي بِجَامِع الْمَنْصُور إِمَامًا وَكَانَ من أهل السّتْر والصيانة وَالْفضل توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاث مائَة وَهُوَ ابْن خمس وَسبعين سنة وَولي ابْنه جَعْفَر مَكَانَهُ فَأَقَامَ بعد أَبِيه تِسْعَة أشهر ثمَّ توفّي سنة تسع وَثَلَاث مائَة
3 - (الْحَضْرَمِيّ البغداذي)
مُحَمَّد بن هَارُون بن عبد الله بن حميد أَبُو حَامِد الْحَضْرَمِيّ بغداذي وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره)
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة(5/99)
3 - (البعلبكي)
مُحَمَّد بن الهاشم الْقرشِي البعلبكي روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ صَدُوق يحْتَج بِهِ توفّي فِي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الخالدي الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن هَاشم بن وَعلة بن عُثْمَان بن بِلَال الخالدي الْموصِلِي الشَّاعِر الْمَشْهُور أَخُو سعيد بن هَاشم وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف السِّين فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَا شاعرين اشْتَركَا فِي كثير من الشّعْر وَنسب إِلَيْهِمَا مَعًا وَكِلَاهُمَا من خَواص سيف الدولة بن حمدَان وَمُحَمّد الْأَكْبَر والخالدية قَرْيَة من عمل الْموصل توفّي سنة ثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة تَقْرِيبًا وَكَانَا خَزَنَة كتب سيف الدولة وَقد اختارا من الدَّوَاوِين كثيرا وجمعا مجاميع أدبية مليحة وَمن شعر مُحَمَّد الْمَذْكُور
(حَيّ الْجِيَاد من العقيق وَإِن عفت ... فِيهِ عهود أحبة ومعاهد)
(وبكت بكاي على رباه غمائم ... يحتثهن بوارق ورواعد)
(وعَلى الصَّبِي أَيَّام صبري نَاقص ... عَن شمس كلته ووجدي زَائِد)
(طلعت لنا فأنار بدر طالع ... وتأودت فاهتز غُصْن مائد)
(وبكت أسى فانهل در ذائب ... وتبسمت فأضاء طل جامد)
وَقَالَ
(وصبغ شقائق النُّعْمَان يَحْكِي ... يواقيتاً نظمن على اقتران)
(وَأَحْيَانا نشبهها خدوداً ... كستها الراح ثوبا أرجواني)
(شقائق مثل أقداح ملاء ... وخشخاش كفارغة القناني)
(وَلما غازلتها الرّيح خلنا ... بهَا جيشي وغى يتقابلان)
(تخال بِهِ ثغوراً باسماتٍ ... إِذا مَا افتر نور الأقحوان)
(وآذريونه قد شبهوه ... بتشبيه صَحِيح فِي الْمعَانِي)
(بكأس من عقيق فِيهِ مسك ... وَهَذَا الْحق أيد بِالْبَيَانِ)
3 - (صَاحب مَكَّة)
)
مُحَمَّد بن هَاشم الْعلوِي صَاحب مَكَّة كَانَ يخْطب لبني عبيد مرّة ولبني الْعَبَّاس مرّة بِحَسب من تقوى مِنْهُمَا توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْخَطِيب الْحلَبِي)
مُحَمَّد بن هَاشم بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد الْخَطِيب الْعَالم(5/100)
أَبُو عبد الرَّحْمَن ابْن أبي طَاهِر الْأَسدي نَيف على الثَّمَانِينَ وَحدث عَن أَبِيه ولأبيه ديوَان خطب وَكَانَا شافعيين توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (ابْن الْوراق النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن هبة الله أَبُو الْحسن ابْن الْوراق النَّحْوِيّ شيخ الْعَرَبيَّة ببغداذ قَالَ السَّمْعَانِيّ تفرد بِعلم النَّحْو وَهُوَ سبط أبي سعيد السيرافي توفّي سنة سبعين وَثَلَاث مائَة أَو مَا يقاربها
3 - (أَبُو بكر الْأَوَانِي)
مُحَمَّد بن هبة الله بن أَحْمد بن عبد الله أَبُو بكر الْأَوَانِي ولي قَضَاء دجيل مُدَّة نِيَابَة عَن ابْن المرخم فِي أَيَّام المقتفي ثمَّ تولى النّظر بديوان التركات الحشرية فِي أَيَّام المستضيء وَلم يكن مَحْمُود السِّيرَة توفّي فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو بكر الطَّبَرِيّ)
مُحَمَّد بن هبة الله بن الْحسن بن مَنْصُور أَبُو بكر بن أبي الْقَاسِم كَانَ وَالِده من حفاظ الحَدِيث أسمعهُ الْكثير وَحدث بِأَكْثَرَ مسموعاته وَمضى على استقامة سمع أَبَا الْفَتْح هِلَال بن مُحَمَّد الحفار وَأَبا عبد الله الْحُسَيْن بن الْحسن المَخْزُومِي وأبوي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْفضل الْقطَّان وَعلي بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِشران وَأَبا الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مخلد الْبَزَّاز وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم السَّمرقَنْدِي وَعبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي وَأَبُو الْحسن ابْن عبد السَّلَام وَأَبُو مَنْصُور الْقَزاز وَعبد الْخَالِق بن عبد الصَّمد بن الْبدن وَأَبُو المفائز أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْبزورِي وَأَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد الْخياط الْمُقْرِئ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَدفن بمقبرة الشونيزي
3 - (ابْن المندوف)
مُحَمَّد بن هبة الله بن الْحسن بن عَليّ بن الجعفروني العكبري أَبُو بكر الْعَطَّار الْمَعْرُوف بِابْن المندوف البغداذي حدث عَن أبي عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد ابْن الْحُسَيْن بن السراج سمع مِنْهُ)
أَبُو محمدٍ عبد الله بن أَحْمد بن الخشاب وَقَالَ كَانَ شَيخا صَالحا توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن جزنا الْكُوفِي)
مُحَمَّد بن هبة الله بن الْحُسَيْن بن جزنا أَبُو مَنْصُور التَّمِيمِي الْكُوفِي قَرَأَ الْأَدَب على أَحْمد بن نَاقَة وَسمع الحَدِيث مِنْهُ وَمن أبي الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن غبرة الْحَارِثِيّ وَكتب بِخَطِّهِ شَيْئا من الحَدِيث والنحو وَغير ذَلِك قَالَ محب الدّين النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ شَيخا حسنا أديباً فَاضلا صَالحا متديناً صَدُوقًا أَمينا زيدي الْمَذْهَب حسن الِاعْتِقَاد جميل الطَّرِيقَة لَازِما لمنزله مشتغلاً بِمَا يعنيه توفّي سنة سبع وست مائَة فِي صفر وَدفن بالوردية
3 - (ابْن كلبون النسابة)
مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد السَّمِيع بن عَليّ بن عبد الصَّمد بن(5/101)
عَليّ بن الْعَبَّاس ابْن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الصَّمد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس أَبُو تَمام الْهَاشِمِي الْخَطِيب النسابة الْمَعْرُوف بِابْن كلبون كَانَ يتَوَلَّى الخطابة بِجَامِع القطيعة وَكَانَ قيمًا بِمَعْرِِفَة أَنْسَاب الطالبيين حفظه للحكايات والأشعار كتب عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن الخشاب النَّحْوِيّ والشريف أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الزيدي شَيْئا من الْأَسَانِيد وروى عَنهُ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد ابْن حَمْزَة الموازيني الدِّمَشْقِي إنشاداً فِي مشيخته توفّي سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة وَقد نَيف على الثَّمَانِينَ
3 - (ابْن أبي حَامِد)
مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن سعيد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن نجا بن مُوسَى ابْن سعد بن أبي وَقاص الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ الْمَعْرُوف بِابْن أبي حَامِد من بَيت مَشْهُور بالحشمة والثروة والجاه والتقدم وَهُوَ بَقِيَّة بَيته سمع عَمه أَبَا بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز والنقيب أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن طراد الزَّيْنَبِي وَأَبا الْوَقْت عبد الأول السجْزِي قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ شَيخا صَالحا متديناً سليم الْجَانِب مَحْمُود الطَّرِيقَة حسن الْأَخْلَاق صَدُوقًا توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وست مائَة عَن ثَلَاث وَتِسْعين سنة
3 - (أَبُو رضوَان الْموصِلِي)
)
مُحَمَّد بن هبة الله بن عَليّ أَبُو رضوَان الْموصِلِي سمع ببغداذ أقضى الْقُضَاة أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن حبيب الْمَاوَرْدِيّ وَقدم دمشق وَسمع أَبَا بكر الْخَطِيب وَأَبا الْحسن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن أبي الْحَدِيد وَالْقَاضِي أَبَا الْحُسَيْن يحيى بن زيد الزُّبْدِيُّ وَحدث هُنَاكَ روى عَنهُ الْفَقِيه نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي وَأَبُو الْفرج الإِسْفِرَايِينِيّ
3 - (أَبُو الدلف الْكَاتِب)
مُحَمَّد بن هبة الله بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن الْقَاسِم بن زهمويه أَبُو الدلف الْكَاتِب من أهل الأزج كَانَ كَاتبا حاذفاً أديباً فَاضلا لَهُ شعر وبلاغة كَانَ كَاتبا للأمير أبي الْحسن ابْن المستظهر بِاللَّه فَلَمَّا خرج على أَخِيه المسترشد وهرب من دَار الْخلَافَة وَنهب الْبِلَاد وآذى الْعباد كَانَ أَبُو الدلف مَعَه فأركب على جمل بسرج وألبس قَمِيصًا أَحْمَر وَجعل فِي عُنُقه مخانق من برم وَعِظَام وبعر وَجعل على رَأسه برنس أَحْمَر بودع وخرز وَشهر من بَاب النوبي الشريف إِلَى بَاب الأزج وَخَلفه غُلَام بِالدرةِ يعلوه بهَا وينادي عَلَيْهِ ثمَّ سجن فِي الْحَبْس من شعره
(يَا من يقرب وَصلي مِنْهُ موعده ... لَوْلَا عوائق من خلف تباعده)
(لَا تحسبن دموعي الْبيض غير دمي ... وَإِنَّمَا نَفسِي الحامي يَصْعَدهُ)
وَمِنْه أَيْضا(5/102)
(يَا أَبَا الْفَتْح أَن ودك عِنْدِي ... مثل روض قد جاده الْقطر لَيْلًا)
(واشتياقي إِلَيْك افرط حَتَّى ... خفت إِن زَاد صرت مَجْنُون ليلى)
وَقَالَ وَقد أَرَادَ العبور إِلَى الْجَانِب الغربي فاشتدت الرّيح فِي دجلة وَامْتنع من العبور
(كل أَمْرِي فِي هواكم عجب ... قادني من منعا)
(كلما أقدم بِي مقصوره ... زِدْت بالممدود مِنْهُ جزعا)
توفّي فِي السجْن سنة ثَلَاث عشرَة وَخمْس مائَة وَأخرج قبل الْعشَاء الْآخِرَة فِي تَابُوت وَدفن فِي مَقْبرَة الدِّمَشْقِي فجَاء أَهله وأخرجوه وَحَمَلُوهُ إِلَى قبر أَحْمد ودفنوه قبل نصف اللَّيْل
3 - (أَبُو الْفرج الْوَكِيل)
مُحَمَّد بن هبة الله بن كَامِل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْفرج ابْن أبي الْقَاسِم من سَاكِني دَار الْخلَافَة ببغداذ قَرَأَ الْقُرْآن على أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد الْمُقْرِئ وتفقه على أبي الْحسن ابْن الْخلّ وَأبي نصر بن زرما وتأدب وَصَحب الْعلمَاء وَكَانَ وَالِده قد أسمعهُ فِي صباه)
من أبي غَالب أَحْمد بن الْبناء وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن عبد الوَاسِطِيّ وَأبي النَّجْم بدر بن عبد الله الشيخي وَجَمَاعَة قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا حسن الْأَخْلَاق لَدَيْهِ فضل وَكَانَ وَكيلا للخليفة ثمَّ عزل وَلزِمَ بَيته وافتقر وَسَاءَتْ حَاله وَلَزِمتهُ الْأَمْرَاض إِلَى حِين وَفَاته توفّي سنة سبع وست مائَة وَدفن بالشونيزية
3 - (أَبُو تَمام الْخَطِيب)
مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى الْهَاشِمِي أَبُو تَمام الْخَطِيب كَانَ فَقِيها فَاضلا على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل وَسمع الحَدِيث الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ وَحدث باليسير عَن أبي الْخطاب نصر بن أَحْمد بن البطر وَأبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل الْحَافِظ الْأَصْفَهَانِي سمع مِنْهُ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن نَاصِر اليزدي وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد الْجَوْهَرِي البروجردي وروى عَنهُ فِي مُعْجم شُيُوخه وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (ابْن البوقي الشَّافِعِي)
مُحَمَّد بن هبة الله بن يحيى بن الْحسن بن أَحْمد بن عبد الْبَاقِي أَبُو الْعَلَاء ابْن أبي جَعْفَر الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن البوقي من أهل وَاسِط كَانَ وَالِده إِمَامًا فِي الْفِقْه والزهد وَأَبُو الْعَلَاء هَذَا كَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالفقه وَالْخلاف والفرائض والحساب وَله فِيهِ مصنفات قدم بغداذ وسكنها مُدَّة وَتكلم مَعَ الْفُقَهَاء فِي مسَائِل الْخلاف وناب فِي ديوَان الْمجْلس عَن الْوَزير أبي جَعْفَر ابْن الْبَلَدِي ي أَيَّام المستنجد وَسمع الحَدِيث بواسط من القَاضِي(5/103)
أبي عَليّ الْحسن بن إِبْرَاهِيم الفارقي وَأبي الْكَرم نصر الله بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ وَأبي الْحسن عَليّ بن هبة الله وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة تسعين وَخمْس مائَة بقرية من سَواد الْحلَّة وَدفن بعْدهَا حمل فِي مشْهد الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا
3 - (أَبُو جَعْفَر الصُّوفِي)
مُحَمَّد بن هبة الله بن المكرم بن عبد الله أَبُو جَعْفَر الصُّوفِي النَّيْسَابُورِي من أَوْلَاد الْمُحدثين سمع أَبَاهُ أَبَا نصر وَالْقَاضِي أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن عمر الأرموي وَأَبا الْفضل الْحَافِظ مُحَمَّد بن نَاصِر والمظفر بن أردشير وَأَبا الْوَقْت عبد الأول السجْزِي وَغَيرهم توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة
3 - (الْبَنْدَنِيجِيّ الشَّافِعِي)
)
مُحَمَّد بن هبة الله بن ثَابت الإِمَام أَبُو نصر الْبَنْدَنِيجِيّ الشَّافِعِي كَانَ من أكبر أَصْحَاب الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ سمع وَحدث كَانَ يقْرَأ فِي كل أُسْبُوع سِتَّة آلَاف مرّة قل هُوَ الله أحد ويعتمر فِي رَمَضَان ثَلَاثِينَ عمْرَة وَهُوَ ضَرِير يُؤْخَذ بِيَدِهِ توفّي بِمَكَّة سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (السلماسي الشَّافِعِي)
محمّد بن هبة الله بن عبد الله السديد السلماسي الْفَقِيه الشَّافِعِي هُوَ الَّذِي شهر طَريقَة الشريف بالعراق قَصده النَّاس وَاشْتَغلُوا عَلَيْهِ وَتخرج بِهِ جمَاعَة مِنْهُم الْعِمَاد مُحَمَّد والكمال مُوسَى ولدا يُونُس وحسبك بهما وَكَانَ أحد المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وَسمع من أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن محمويه اليزدي وَغَيره توفّي سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة وَدفن بالعطافية وَلم يعقب
3 - (أَبُو نصر ابْن الشِّيرَازِيّ الْكَبِير)
مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن يحيى بن مميل الشِّيرَازِيّ أَبُو نصر بن أبي الْعَلَاء الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل شيراز وَمن أهل البيوتات الْكِبَار بهَا قدم بغداذ وَبهَا توفّي قَرَأَ الْمَذْهَب وَالْخلاف على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ولازمه حَتَّى برع فِي ذَلِك وَصَارَ أحد المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وَطلب الحَدِيث وَسمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ أَكثر مَا سمع سمع أَبَا مُحَمَّد عبد الله الصريفيني وَأَبا الْحُسَيْن أَحْمد بن النقور وَأَبا مَنْصُور عبد الْبَاقِي الْعَطَّار وَأَبا الْقَاسِم عَليّ بن البسري والشريف أَبَا نصر مُحَمَّدًا الزَّيْنَبِي وَأَبا الْقَاسِم عبد الْعَزِيز الْأنمَاطِي وَأَبا مُحَمَّد أَحْمد الدقاق وأخاه أَبَا الْغَنَائِم مُحَمَّدًا وَأَبا الْخطاب نصر بن البطر وَأَبا الْقَاسِم عبد الله الْحَلَال وَأَبا الْقَاسِم يُوسُف المهرواني وَأَبا الْحُسَيْن عَاصِمًا العاصمي وخلقاً غَيرهم وَحدث(5/104)
بالكثير وروى عَنهُ وَلَده أَبُو مُحَمَّد هبة الله بن المكرم الصُّوفِي وَمُحَمّد بن بركَة بن كرما وَغَيرهم وَابْن بوش التَّاجِر وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْه وَالْخلاف وَيعرف الحَدِيث ثِقَة صَدُوقًا توفّي سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة ومولده تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَيَأْتِي بعد هَذَا ذكر حفيده القَاضِي شمس الدّين
3 - (القَاضِي شمس الدّين ابْن الشِّيرَازِيّ)
مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن يحيى ابْن بنْدَار بن مميل)
القَاضِي شمس الدّين أَبُو نصر ابْن الشِّيرَازِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة أجَاز لَهُ الْوَقْت وَنصر ابْن سيار الْهَرَوِيّ وَجَمَاعَة وَسمع الْكثير وَطَالَ عمره وَتفرد عَن أقرانه اسْتَقل بِالْقضَاءِ بعد نِيَابَة فِي الشَّام ودرس بمدرسة الْعِمَاد الْكَاتِب وَتركهَا ودرس بالشامية الْكُبْرَى وَكَانَ عديم النظير فِي عدم الْمُحَابَاة فِي الحكم يَسْتَوِي عِنْده الخصمان فِي النّظر وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَهُوَ حفيد أبي نصر الْمُقدم ذكره
3 - (عَم الصاحب كَمَال الدّين ابْن العديم)
مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن أَحْمد القَاضِي الزَّاهِد أَبُو غَانِم ابْن القَاضِي أبي الْفضل ابْن العديم الْعقيلِيّ الْحلَبِي سمع وروى وتفقه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَتعبد وَانْقطع لِلْعِبَادَةِ وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء حلب فَامْتنعَ وَهُوَ عَم الصاحب كَمَال الدّين عمر توفّي سنة سبع وَعشْرين وست مائَة وَكَانَ يكْتب فِي رَمَضَان إِذا اعْتكف مُصحفا أَو مصحفين وَكتب تصانيف التِّرْمِذِيّ وعني بهَا وَكتب على طَريقَة ابْن البواب
مُحَمَّد بن هبة الله بن أَحْمد بن يحيى بن زُهَيْر بن هَارُون بن مُوسَى ابْن العديم الْعقيلِيّ الْحلَبِي أَبُو غَانِم كَانَ فَقِيها فَاضلا زاهداً عفيفاً سمع أَبَاهُ وَغَيره وَولي قَضَاء حلب وأعمالها وخطابتها فِي أَيَّام تَاج الدولة تتش سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَلم يزل قَاضِيا إِلَى أَن عَزله رضوَان لما خطب للمصريين وَولي الْقَضَاء الزوزني العجمي وَلما أُعِيدَت الْخطْبَة للعباسيين أُعِيد أَبُو غَانِم للْقَضَاء وجاءه التَّقْلِيد من بغداذ بِالْقضَاءِ والحسبة وَكَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب كَانَ يَوْمًا قد صلى بالجامع وخلع نَعْلَيْه قرب الْمِنْبَر وَكَانَا جديدين فَلَمَّا قضى الصَّلَاة وَقَامَ ليلبسهما وجد نَعْلَيْه العتيقين مكانهما فَسَأَلَ غُلَامه عَن ذَلِك فَقَالَ جَاءَ إِلَيْنَا وَاحِد السَّاعَة وطرق الْبَاب(5/105)
وَقَالَ يَقُول لكم القَاضِي أنفذوا إِلَيْهِ مداسه الْعَتِيق فقد سرق مداسه الْجَدِيد فَضَحِك وَقَالَ جزاه الله خيرا فَإِنَّهُ لص شفوق وَهُوَ فِي حل مِنْهُ توفّي أَبُو غَانِم سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو شُجَاع الْوَاعِظ)
مُحَمَّد بن هبة الله أَبُو شُجَاع الْوَاعِظ ذكره أَبُو بكر ابْن كَامِل الْخفاف فِي مُعْجم شُيُوخه وروى عَنهُ شَيْئا من شعره وَمن شعره
(إلام الْتفت وفيم افتكرت ... رَأَيْت الْأُمُور عمى كلهَا)
)
(عذيري من زمن كلما ... شددت عرى أملي حلهَا)
وَمِنْه
(يَا نسيم الشمَال من أَرض نجد ... خبر الظاعنين شوقي ووجدي)
(لم تزل بِي نَوَائِب الدَّهْر حَتَّى ... تَرَكتنِي نَوَائِب الدَّهْر وحدي)
(من معيد أيامي الْبيض فِي نج ... د وهيهات أَيْن أَيَّام نجد)
وَمِنْه
(قلت للقمري إِذْ نَا ... ح بلَيْل فشجاني)
(لَيْت شعري مَا الَّذِي أش ... جاك والمحبوب دَان)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (الْعِمَاد ابْن الشّرف الاصبهاني)
مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد الْوَهَّاب أَبُو الْعَلَاء الْأَصْبَهَانِيّ يعرف بالعماد ابْن الشّرف كَانَ جده قَاضِي خوزستان اجْتمع بِهِ الْعِمَاد الْكَاتِب بأصبهان فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَلم يبقل شَاربه وَكَانَ فَقِيها فَاضلا أديباً وَمن شعره
(أَضَاء بوادي الأثل وَاللَّيْل مظلم ... بريق كَحَد السَّيْف ضرجه الدَّم)
(فشبهته إِذْ لَاحَ فِي غسق الدجى ... بأسنان زنجي غَدَتْ تتبسم)
(إِذا الْبَرْق أجْرى طرفه فصهيله ... إِذا مَا تفرى رعده المترنم)
(ترى صفحة الخضراء والنجم فَوْقه ... ككف سدوسي بدا فِيهِ دِرْهَم)
(سرى وعَلى الْآفَاق أَثوَاب ظلمَة ... وأزرارها مِنْهَا سماك ومرزم)
(وذكرني عهد الغواني وَلم تزل ... تفيض دموعي فِي هَواهَا وتسجم)
(ومذ غربت بالبعد عني شموسها ... تطلع فِي عَيْني من الدمع أنجم)
3 - (صعوداء النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن هُبَيْرَة الْأَسدي أَبُو سعيد النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بصعوداء(5/106)
من أهل الْكُوفَة وَمن أَعْيَان علمائها بالنحو واللغة وفنون الْأَدَب قدم بغداذ وَكَانَ مُخْتَصًّا بِعَبْد الله بن المعتز وَعمل لَهُ رِسَالَة فِيمَا انكرته الْعَرَب على أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام ووافقته فِيهِ وَكَانَ مؤدب أَوْلَاد مُحَمَّد بن يزْدَاد وَزِير الْمَأْمُون وَله كتاب مُصَنف فِيمَا يَسْتَعْمِلهُ الْكتاب)
3 - (أَبُو الْهُذيْل العلاف)
مُحَمَّد بن الْهُذيْل بن عبد الله بن مَكْحُول العلاف الْبَصْرِيّ المعتزلي أَبُو الْهُذيْل وَقيل اسْمه أَحْمد وَكَانَ من أجلاد الْقَوْم رَأْسا فِي الاعتزال وَمن الْمُعْتَزلَة فرقة ينسبون إِلَيْهِ يعرفونه بالهذيلية يَقُولُونَ بمقالاته زعم أَن أهل الْجنَّة تَنْقَطِع حركاتهم حَتَّى لَا يتكلموا كلمة وَيَنْقَطِع نعيمهم وَكَذَلِكَ أهل النَّار خمود سكُوت وتجتمع اللَّذَّة لأهل الْجنَّة والآلام لأهل النَّار فِي ذَلِك السّكُون وَهَذَا قريب من مَذْهَب جهم بن صَفْوَان فَإِنَّهُ حكم بِفنَاء الْجنَّة وَالنَّار وَإِنَّمَا الْتزم أَبُو الْهُذيْل هَذَا الْمَذْهَب لِأَنَّهُ لما الْتزم فِي مسئلة حدث الْعَالم أَن الْحَوَادِث الَّتِي لَا أول لَهَا كالحوادث الَّتِي لَا آخر لَهَا إِذْ كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا يتناهى قَالَ إِنِّي لَا أَقُول بحركات لَا تتناهى بل يصيرون إِلَى سُكُون دَائِم فَظن أَن مَا الْتزم من الْإِشْكَال فِي الْحَرَكَة لَا يلْزمه فِي السّكُون وَغلط فِي ذَلِك بل هُوَ لَازم فَلَا فرق فِي امْتنَاع عدم التناهي بَين الحركات والسكون وَأثبت إرادات لَا فِي مَحل وَهُوَ أول من أحدث هَذِه الْمقَالة وَتَابعه عَلَيْهَا جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين وَقَالَ بعض كَلَام البارئ لَا فِي مَحل وَهُوَ قَوْله كن وَبَعضه فِي مَحل كالأمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر والاستخبار وابتدع القَوْل بِأَن الْمَقْتُول بِالسَّيْفِ أَو غَيره لم ينْتَه أَجله وَلَا مَاتَ بأجله حَتَّى لَو فَرضنَا أَنه لم يقتل لبقي إِلَى أَجله فَيَمُوت وَكَذَلِكَ من أكل حَرَامًا لم يَأْكُل رزقه وَانْفَرَدَ بأَشْيَاء غير هَذِه يرْوى عَن الْمَأْمُون قَالَ لحاجبه من بِالْبَابِ فَقَالَ أَبُو الْهُذيْل وَعبد الله بن إباض الْخَارِجِي وَهِشَام ابْن الْكَلْبِيّ الرافضي فَقَالَ مَا بَقِي من رُؤُوس جَهَنَّم أحد إِلَّا وَقد حضر شرب مرّة عِنْد أنَاس فراود غُلَاما أَمْرَد فَضَربهُ بتور فَدخل فِي رقبته مثل الطوق فأحضر حداد حَتَّى فكه من عُنُقه وَقَالَ أَبُو الْهُذيْل أول مَا تَكَلَّمت كَانَ عمري خمس عشرَة سنة فبلغني أَن يَهُودِيّا قدم الْبَصْرَة وَقطع كل من فِيهَا فَقلت لِعَمِّي امْضِ بِي إِلَيْهِ حَتَّى أناظره فَقَالَ لَا طَاقَة لَك بِهِ فَقلت بلَى فمضينا إِلَيْهِ فَوَجَدته فِي إِثْبَات نبوة مُوسَى وإنكار نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول نَحن قد اتفقنا على نبوة مُوسَى فأثبتوا لنا نبوة مُحَمَّد حَتَّى نقر بِهِ فَقلت لَهُ أَسأَلك أَو تَسْأَلنِي فَقَالَ مستصغراً أَو مَا ترى مَا فعلت بمشايخك فَقلت دع هَذَا واسألني أَو أَسأَلك فَقَالَ أَلَيْسَ قد ثبتَتْ نبوة مُوسَى وَصحت دلائله اتقر بِهَذَا أم تجحده فَقلت لَهُ سَأَلتنِي عَن نبوة مُوسَى وَهَذَا على أَمريْن أَحدهمَا مُوسَى الَّذِي أخبر عَن نبوة مُحَمَّد وَبشر بِهِ وَأمر باتباعه فَإِن كنت سَأَلتنِي عَن نبوة هَذَا فَأَنا أقرّ بِهِ وَهُوَ نَبِي وَالثَّانِي مُوسَى الَّذِي لم يخبر)
عَن نبوة مُحَمَّد وَلَا بشر بِهِ وَلَا أَمر باتباعه فَلَا أقرّ بِهِ وَلَا أعرفهُ فَإِنَّهُ شَيْطَان فتحير الْيَهُودِيّ ثمَّ قَالَ لي مَا تَقول فِي التَّوْرَاة فَقلت هِيَ أَيْضا منقسمة إِلَى(5/107)
قسمَيْنِ توراة فِيهَا ذكر النَّبِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والبشارة بِهِ وَالْأَمر باتباعه فَهِيَ التَّوْرَاة الْحق الْمنزلَة وتوراة لَيْسَ فِيهَا ذكر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا الْبشَارَة بِهِ فَهِيَ بَاطِلَة لَا أصدق بهَا فتحير الْيَهُودِيّ وَانْقطع ثمَّ قَالَ لي أُرِيد أسارك فِي شَيْء فتقدمت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ يَشْتمنِي ويشتم معلمي وأبوي وَظن أَنِّي أرد عَلَيْهِ وأضاربه بِحَضْرَة النَّاس فَيَقُول إِنَّهُم تغلبُوا عَليّ فَقلت للْجَمَاعَة مَا قَالَ وعرفتهم مَا أَرَادَ فَأَخَذته الْأَيْدِي بالنعال فَخرج هَارِبا من الْبَصْرَة ولد أَبُو الْهُذيْل سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَمَات سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ فعمر مائَة عَام فَقيل توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقَالَ المَسْعُودِيّ فِي مروج الذَّهَب إِنَّه توفّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ قد كف بَصَره وخرف آخر عمره إِلَّا أَنه لَا يذهب عَلَيْهِ شَيْء من الْأُصُول لكنه ضعف عَن المناظرة ومحاجة الْمُخَالفين لَهُ حُكيَ عَنهُ أَنه لَقِي صَالح ابْن عبد القدوس وَقد مَاتَ لَهُ ولد وَهُوَ شَدِيد الْجزع عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْهُذيْل لَا أرى لجزعك عَلَيْهِ وَجها إِذْ كَانَ الْإِنْسَان عنْدك كالزرع فَقَالَ صَالح يَا أَبَا الْهُذيْل إِنَّمَا أجزع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يقْرَأ كتاب الشكوك فَقَالَ وَمَا كتاب الشكوك قَالَ كتاب وَضعته من قَرَأَهُ يشك فِيمَا كَانَ حَتَّى يتَوَهَّم أَنه لم يكن ويشك فِيمَا لم يكن حَتَّى يتَوَهَّم أَنه كَانَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْهُذيْل فَشك أَنْت فِي مَوته واعمل على أَنه لم يمت وَشك فِي قِرَاءَته الْكتاب واعمل على أَنه قَرَأَهُ وَإِن لم يكن قَرَأَهُ فأخجله وَقيل إِنَّمَا قَالَ ذَلِك ابْن أُخْته إِبْرَاهِيم النظام وَهُوَ الصَّحِيح وَلأبي الْهُذيْل كتاب يعرف بميلاس وَكَانَ ميلاس هَذَا مجوسياً جمع بَين أبي الْهُذيْل وَبَين جمَاعَة من الثنوية فقطعهم أَبُو الْهُذيْل فَأسلم ميلاس عِنْد ذَلِك
3 - (الْمهْدي الْأمَوِي)
مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار ابْن النَّاصِر لدين الله أبي الْمطرف عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد الْأمَوِي هُوَ أول من فتح على بني أُميَّة بالمغرب بَاب الْفِتْنَة قَامَ فِي ثَلَاثَة عشر رجلا توثب على الْأَمر بالأندلس وخلع الْمُؤَيد بِاللَّه هشاماً وَحَارب عبد الرَّحْمَن الْحَاجِب ابْن أبي عَامر القحطاني الَّذِي وثب قبله بِسنة وسمى نَفسه ولي الْعَهْد وَجعل ابْن عَمه مُحَمَّد بن الْمُغيرَة حَاجِبه وَأمر بِإِثْبَات كل من جَاءَهُ فِي الدِّيوَان فَلم يبْق زاهد وَلَا جَاهِل وَلَا حجام حَتَّى جَاءَهُ)
فَاجْتمع لَهُ نَحْو من خمسين ألفا وذلت لَهُ الوزراء والصقالبة وَجَاءُوا وَبَايَعُوهُ وَأمر بِنَهْب دور بني عَامر وانتهب جَمِيع مَا فِي الزهراء من الْأَمْوَال وَالسِّلَاح حَتَّى قلعت الْأَبْوَاب فَيُقَال إِن الَّذِي وصل إِلَى خزانَة ابْن عبد الْجَبَّار خَمْسَة آلَاف ألف دِينَار وَخمْس مائَة ألف دِينَار وَمن الْفضة ألف ألف دِرْهَم ثمَّ وجد بعد ذَلِك خوابي فِيهَا ألف ألف وَمِائَة ألف دِينَار وخطب لَهُ بالخلافة بقرطبة وَتسَمى بالمهدي وَقطعت دَعْوَة الْمُؤَيد وَصلى الْمهْدي الْجُمُعَة بِالنَّاسِ وخطب بلعنة عبد الرَّحْمَن بن أبي عَامر الملقب بشنشول ثمَّ سَار إِلَى حربه إِثْر ذَلِك سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ القَاضِي ابْن ذكْوَان يحرض على قِتَاله وَيَقُول هُوَ كَافِر وَكَانَ قد اسْتَعَانَ بعسكر من الفرنج وَقَامَ مَعَه ابْن غومص القومص فَسَار إِلَى قرطبة وَأخذ أَمر ابْن عبد الْجَبَّار يقوى وَأمر شنشول(5/108)
يضعف وَأَصْحَابه تنسحب عَنهُ فَقَالَ لَهُ القومص ارْجع بِنَا قبل أَن يدهمنا الْعَدو فَأبى وَمَال إِلَى دير شريش جوعان سهران فَنزل لَهُ الراهب بِخبْز ودجاجة فَأكل وَشرب وسكر وَجَاء لحربه حَاجِب الْمهْدي فِي خمس مائَة فَارس فجدوا فِي السّير وقبضوا عَلَيْهِ فَقَالَ أَنا فِي طَاعَة الْمهْدي وَظهر مِنْهُ جزع وذل وَقيل قدم الْحَاجِب ثمَّ ضربت عنق شنشول وَنُودِيَ عَلَيْهِ هَذَا شنشول المأبون وَلما استوسق الْأَمر لِابْنِ عبد الْجَبَّار أظهر من الخلاعة أَكثر مِمَّا ظهر من شنشول وأربى عَلَيْهِ فِي الْفساد وَأخذ الْحرم وَعمد إِلَى نَصْرَانِيّ يشبه الْمُؤَيد بِاللَّه ففصده حَتَّى مَاتَ وَأخرجه للنَّاس وَقَالَ هَذَا هِشَام وَصلى عَلَيْهِ وَدَفنه وَوصل إِلَى ابْن عبد الْجَبَّار رَسُول صَاحب طرابلس الغرب فلفل بن سعيد الزناتي دَاخِلا فِي الطَّاعَة وَسَأَلَهُ إرْسَال سكَّة يضْرب بهَا الذَّهَب على اسْمه كل ذَلِك ليعينه على باديس بن الْمَنْصُور فَخرج باديس وَأخذ طرابلس وَكتب إِلَى عَمه حَمَّاد فِي إغراء الْقَبَائِل على ابْن عبد الْجَبَّار وَكَانَ ابْن عبد الْجَبَّار لخذلانه قد همّ بالغدر بالبربر الَّذين حوله وَصرح بذلك الجهلة فنم عَلَيْهِ هِشَام بن سُلَيْمَان بن النَّاصِر لدين الله وحرضهم على خلعه فَقتلُوا وزيريه مُحَمَّد بن درى وَخلف بن طريف وثار الهيج وَاجْتمعَ لهشام عَسْكَر وحرقوا السراجين وعبروا القنطرة ثمَّ تخاذلوا عَن هِشَام فاخذ هُوَ وَولده وَأَخُوهُ أَبُو بكر فَقتله ابْن عبد الْجَبَّار صبرا وَقتل خلقا من البربر ثمَّ إِن البربر تحيزوا إِلَى قلعة رَبَاح وهرب مَعَهم سُلَيْمَان بن الحكم فَبَايعُوهُ وسموه المستعين بِاللَّه وجمعوا لَهُ مَالا نَحْو مائَة ألف دِينَار وَتوجه بالبربر إِلَى طليطلة فامتنعوا عَلَيْهِ ثمَّ ملكهَا وَقتل واليها فاعتد ابْن عبد الْجَبَّار للحصار وجزع حَتَّى جرأ عَلَيْهِ الْعَامَّة ثمَّ بعث عسكراً فَهَزَمَهُمْ)
سُلَيْمَان فَوَثَبَ النَّاس لِلْقِتَالِ وَكَانَ أَكثر عَسْكَر ابْن عبد الْجَبَّار فحامين وحاكة وقارب سُلَيْمَان قرطبة فبرر إِلَيْهِ عَسْكَر ابْن عبد الْجَبَّار فناجزهم سُلَيْمَان فَكَانَ من غرق مِنْهُم فِي الْوَادي أَكثر مِمَّن قتل وَكَانَت وقْعَة هائلة وَذهب فِيهَا خلق من الأخيار والمؤذنين وَالْأَئِمَّة فَلَمَّا أصبح ابْن عبد الْجَبَّار أخرج الْمُؤَيد بِاللَّه هشاماً الَّذِي كَانَ أظهر مَوته فأجلسه للنَّاس وَأَقْبل القَاضِي يَقُول هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا مُحَمَّد نَائِبه فَقَالَ لَهُ البربر يَا ابْن ذكْوَان بالْأَمْس تصلي عَلَيْهِ وَالْيَوْم تحييه وَخرج أهل قرطبة إِلَى المستعين سُلَيْمَان فَأحْسن ملتقاهم واختفى ابْن عبد الْجَبَّار واستوسق أَمر المستعين وَدخل الْقصر وَأرى النَّاس قتلاهم وَكَانُوا نَحْو اثْنَي عشر ألفا ثمَّ هرب ابْن عبد الْجَبَّار إِلَى طليطلة فَقَامُوا مَعَه وَكتب إِلَى الفرنجية وَوَعدهمْ بالأموال فَاجْتمع إِلَيْهِ خلق عَظِيم وَهُوَ أول مَال انْتقل من بَيت مَال الأندلس إِلَى الفرنج وَكَانَت الثغور كلهَا بَاقِيَة على طَاعَة ابْن عبد الْجَبَّار فقصد قرطبة فِي جَيش كَبِير وَكَانَ الْمُلْتَقى على عقبَة الْبَقر على بريد من قرطبة فَاقْتَتلُوا قتالاً شَدِيدا ثمَّ انهزم ابْن عبد الْجَبَّار أقبح هزيمَة وَقتل من الفرنج ثَلَاثَة آلَاف وغرق مِنْهُم خلق وَأسر ابْن عبد الْجَبَّار ثمَّ ضربت عُنُقه وَقطعت أربعته فِي ثامن ذِي الْحجَّة سنة أَربع مائَة وَله أَربع وَثَلَاثُونَ سنة وَمن شعر الْمهْدي الْمَذْكُور فِي غُلَام حَيَّاهُ بقضيب آس
(أهديت مشبه قدك المياس ... غصناً رطيباً نَاعِمًا من آس)
(فَكَأَنَّمَا تحكيه فِي حركاته ... وكأنما يحكيك فِي الأنفاس)(5/109)
وَمِنْه فِي جَارِيَة اطَّلَعت عَلَيْهِ فِي مجْلِس أنسه ويهواها
(إِذا طلعت فَلَا شمس وَلَا قمر ... أَنْت الَّتِي لَيْسَ يهوى غَيْرك الْبَصَر)
(وكل يَوْم طواك الدَّهْر عَن نَظَرِي ... فَذَاك ذَنْب لَدَيْهِ لَيْسَ يغْتَفر)
(يَا زائري وكؤوس الراح دَائِرَة ... لح بدر تمّ فهذي الأنجم الزهر)
مُحَمَّد بن هِشَام بن ملاس أَبُو جَعْفَر النميري لَهُ جُزْء رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن رَوَاحَة عَالِيا توفّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو بكر الْأمَوِي الْمُقْرِئ)
مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن سعيد الْخَيْر ابْن الْأَمِير الحكم ابْن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم أَبُو بكر أديب شَاعِر مَشْهُور)
بالتقدم فِي الْأَدَب يَقُول الشّعْر بِفضل أدبه فيكثر وَيحسن وَله كتاب أَلفه فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء بالأندلس من شعره
(وروضة من رياض الْحزن حالفها ... طل اطلت بِهِ فِي أفقها الْحلَل)
(كَأَنَّمَا الْورْد فِيمَا بَينهَا ملك ... موف ونوارها من حوله خول)
3 - (أَبُو محلم الراوية)
مُحَمَّد بن هِشَام أَبُو محلم الراوية التَّمِيمِي ثمَّ السَّعْدِيّ هُوَ أَعْرَابِي بَصرِي كَانَ احفظ النَّاس للْعلم وأذكاهم وَكَانَ يهاجي أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الْكَاتِب وأباه وَمن قَوْله فِي إِبْرَاهِيم
(تصيخ لكسرى حِين يسمع ذكره ... بصماء عَن ذكر النَّبِي صدوف)
(وتعرف فِي إطراء كسْرَى ورهطه ... وَمَا أَنْت فِي أعلاجهم بشريف)
وَله وَقيل لمعقل بن عِيسَى أخي أبي دلف
(مَا غاض دمعي عِنْد نازلة ... إِلَّا جعلتك للبكا سَببا)
(فَإِذا ذكرتك سامحتك بِهِ ... مني الجفون فَفَاضَ وانسكبا)
وَتُوفِّي أَبُو محلم سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقَالَ ابْن السّكيت كَانَ رَافِضِيًّا
3 - (السدري)
مُحَمَّد بن هِشَام بن أبي حميضة مولى لبني عَوَالٍ اشْترى المتَوَكل ولاءه بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم هُوَ أَبُو نبقة السدري كَانَ يصحب الجماز وَعبد الصَّمد ابْن المعذل والجاحظ وأدباء الْبَصْرَة وَهُوَ الْقَائِل(5/110)
(سأترك هَذَا الْبَاب مَا دَامَ إِذْنه ... على مَا أرى حَتَّى يلين قَلِيلا)
(إِذا لم أجد يَوْمًا إِلَى الْإِذْن سلما ... وجدت إِلَى ترك الْمَجِيء سَبِيلا)
3 - (ابْن الباقلاني)
مُحَمَّد بن هِلَال بن أبي الْجَيْش بن عَليّ أَبُو بكر الْمَعْرُوف بِابْن الباقلاني نزيل مشْهد بَاب ابرز ببغداذ روى عَن أبي بكر بن ثوابة العابر حِكَايَة رَوَاهَا عَنهُ شُجَاع الذهلي وَهِي قَالَ أَبُو بكر العابر سَافَرت إِلَى مَكَّة فِي جمَاعَة من الصُّوفِيَّة فَلَمَّا بلغُوا ذَات عرق لبوا ولبسوا ثِيَاب الْإِحْرَام وَكَانَ فيهم عبد أسود سكيتاً فَلم يلب ذَلِك الْيَوْم مَعَ النَّاس فَقَالَ لَهُ شيخ لنا مُتَقَدم علينا من شَرط الْحَج التَّلْبِيَة وَأَنت مَا لبيت فَقَالَ أَقُول لبيْك وَلم يقل لي يَا مقبل إِذا قَالَ لي يَا)
مقبل قلت لبيْك قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِي غَد صلى بِنَا الشَّيْخ الْفجْر وَسَمعنَا مُقبلا يَقُول لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك ثمَّ وَقع مَيتا قَالَ فَقُلْنَا قد دَعَاهُ مَوْلَاهُ وواريناه
3 - (ابْن الصابي غرس النِّعْمَة)
مُحَمَّد بن هِلَال بن المحسِّن بن إِبْرَاهِيم بن هِلَال بن إِبْرَاهِيم بن زهرون ابْن حيون بن الْوَلِيد بن مَرْوَان بن مَالك بن بروسن أَبُو الْحسن بن أبي الْحُسَيْن ابْن أبي عَليّ بن أبي إِسْحَق الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن الصابي ويلقب بغرس النِّعْمَة من بَيت مَشْهُور بالرياسة وَالْفضل والتقدم والوجاهة وَالْكِتَابَة والبلاغة وَكَانَ جده المحسن فَاضلا كتب الْخط الْمليح وَأَبوهُ إِبْرَاهِيم صَاحب الْفضل الْمَشْهُور والتقدم فِي النّظم والنثر وَكَانَ على دين الصابئة وَأما وَالِده أَبُو الْحُسَيْن هِلَال فَإِنَّهُ أسلم لرؤيا رأى فِيهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحسن إِسْلَامه وَتُوفِّي مُحَمَّد بن هِلَال سنة ثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة ومولده سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبع مائَة وَولي ديوَان الْإِنْشَاء أَيَّام الإِمَام الْقَائِم قَالَ ذَلِك ابْن الدبيثي وَله كتاب الهفوات النادرة والذيل على تَارِيخ أَبِيه وَكتاب الرّبيع سلك فِيهِ مَسْلَك نشوار المحاضرة وَخلف سبعين ألف دِينَار مَا كَانَ يظنّ أحد أَنه مَعَه زَكَاتهَا وَقَالَ هبة الله بن الْمُبَارك السَّقطِي أَنه كَانَ يجازف فِي تَارِيخه وَيذكر مَا لَيْسَ بِصَحِيح وابتنى بشارع ابْن أبي عَوْف دَار كتب وقف فِيهَا نَحوا من أَربع مائَة مُجَلد فِي فنون من الْعلم ورتب بهَا خَازِنًا يُقَال لَهُ ابْن الأقساسي الْعلوِي وَتردد الْعلمَاء إِلَيْهَا سِنِين كَثِيرَة ثمَّ صرف الخازن وحك ذكر الْوَقْف من الْكتب وباعها فأنكرت ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ قد أستغني عَنْهَا بدار الْكتب النظامية قَالَ هبة الله فَقلت بيع الْكتب بعد وقفيتها مَحْظُور فَقَالَ صرفت ثمنهَا فِي الصَّدقَات
3 - (نَاصِر الدّين ابْن الْهمام)
مُحَمَّد بن الْهمام بن إِبْرَاهِيم بن الْخضر بن همام بن فَارس نَاصِر الدّين الْقرشِي أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ صاحبنا كَانَ لَهُ سَماع فِي الحَدِيث وَقد حدث عَن النجيب الْحَرَّانِي وَكَانَ ذَا خطّ حسن وَصُورَة حَسَنَة كَرِيمًا محباً فِي الْفُقَرَاء مأمناً(5/111)
للأدباء حسن النغمة بِالْقُرْآنِ وإنشاد الشّعْر باشاً بِأَصْحَابِهِ يحب من يَأْكُل طَعَامه وَمن يجْتَمع بِهِ وَكَانَ يعرف الْحساب واشتغل بالخدم وناب فِي نظر البيمارستان المنصوري وَكَانَ الْفُقَهَاء مَعَهم فِي الجوامك على أحسن حَال وَتُوفِّي سنة سبع وَسبع مائَة)
3 - (زنبيلويه)
مُحَمَّد بن هميان بن مُحَمَّد بن عبد الحميد البغداذي الْوَكِيل ولقبه زنبيلويه ويه بعد زنبيل حدث عَن عَليّ بن مُسلم الطوسي توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أفضل الدّين الْأَصْبَهَانِيّ)
مُحَمَّد بن الْهَيْثَم بن مُحَمَّد بن الْهَيْثَم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْهَيْثَم أفضل الدّين أَبُو سعد السّلمِيّ الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب لَقيته بأصبهان سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَفِي هَذِه السّنة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى مولده فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ شَيخا كَبِيرا يحوي علما غزيراً ملازماً لبيته يَقْصِدهُ الْفُضَلَاء والمستفيدون لأخذ الْعلم عَنهُ وَمن نظمه قصيدة يمدح بهَا سيف الدولة صَدَقَة بن مَنْصُور بن دبيس المزيدي بالحلة
(ألم بِنَا وَاللَّيْل يعتسف الدجى ... خيال لَهُ اللَّيْل التَّمام تبلجا)
(يَخُوض خدارياً من اللَّيْل داجياً ... ويفري غدافياً من الجنح أدعجا)
(فَمَا جر ذيلاً فَوق شعب وَلَا أنثنى ... إِلَى جَانب بالقاع إِلَّا تأرجا)
مِنْهَا
(وَلما تشاكينا النَّوَى بدموعنا ... تحلى وِسَادِي لؤلؤاً مترجرجا)
3 - (عَارض الْعَسْكَر)
مُحَمَّد بن أبي الهيجاء الْأَصْبَهَانِيّ قدم بغداذ أَيَّام المقتفي فولاه عرض الْعَسْكَر وَكَانَ ذَا دهاء توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة وَمن شعره
(إِذا لم أنل فِي دولة الْمَرْء غِبْطَة ... وَلم يغشني إحسانه ورعايته)
(فسيان عِنْدِي مَوته وحياته ... وسيان عِنْدِي عَزله وولايته)
3 - (ابْن أبي الهيجاء وَالِي دمشق)
مُحَمَّد بن أبي الهيجاء بن مُحَمَّد الْأَمِير الْفَاضِل عز الدّين الهذباني الإربلي وَالِي دمشق ولد سنة عشْرين بإربل وَقدم الشَّام شَابًّا واشتغل وجالس الْعِزّ الضَّرِير وَكَانَ جيد الْمُشَاركَة فِي التَّارِيخ وَالْأَدب وَالْكَلَام وَهُوَ مَعْرُوف بالتشيع والرفض وَكَانَ شَيخا كردياً مهيباً يلبس عِمَامَة مُدَوَّرَة وَيُرْسل شعره على كَتفيهِ ولي دمشق فَكَانَ جيد السياسية مَاتَ بالسوادة الَّتِي فِي رمل مصر سنة سبع مائَة)
3 - (ابْن الهيصم الكرامي)
مُحَمَّد بن الهيصم أَبُو عبد الله شيخ الكرامية وعالمهم فِي(5/112)
وقته وَهُوَ الَّذِي ناظره ابْن فورك بِحَضْرَة السُّلْطَان مَحْمُود بن سبكتكين وَلَيْسَ للكرامية مثله فِي الْكَلَام وَالنَّظَر وَكَانَ فِي زَمَانه رَأس طائفته كَمَا كَانَ القَاضِي عبد الْجَبَّار رَأس الْمُعْتَزلَة فِي عصره وَأَبُو إِسْحَق الإِسْفِرَايِينِيّ فِي هَذَا الْعَصْر رَأس الأشاعرة وَالشَّيْخ الْمُفِيد رَأس الرافضة وَأَبُو الْحسن الحمامي رَأس الْقُرَّاء وَأَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ رَأس الصُّوفِيَّة وَأَبُو عمر ابْن دراج القسطلي رَأس الشُّعَرَاء وَالسُّلْطَان مَحْمُود ابْن سبكتكين رَأس الْمُلُوك والحافظ عبد الْغَنِيّ رَأس الْمُحدثين وَابْن هِلَال الْمَعْرُوف بِابْن البواب رَأس الْكتاب المجودين وَعند الْيَهُود شخص كَانَ معاصر ابْن البواب كتب فِي العبراني مثل ابْن البواب فِي الْعَرَبِيّ قَالَ ابْن الهيصم مَا أطلقته المشبهة على الله تَعَالَى من الْهَيْئَة وَالصُّورَة والجوف والاستدارة والوفرة والمصافحة والمعانقة وَنَحْو ذَلِك لَا تطلقه الكرامية عَلَيْهِ بالمعاني الْفَاسِدَة الَّتِي أطلقها المشبهة وَإِنَّمَا أطلقت الكرامية عَلَيْهِ مَا أطلقهُ الْقُرْآن وَالسّنة فَقَط من غير تَشْبِيه وَلَا تكييف وَمَا لم يرد بِهِ قُرْآن وَلَا سنة فَلَا تطلقه عَلَيْهِ بِخِلَاف سَائِر المشبهة وَقَالَ إِن البارئ عَالم بِمَا سَيكون على الْوَجْه الَّذِي يكون فَلَا يَنْقَلِب علمه جهلا ومريد لما يخلق فِي الْوَقْت الَّذِي يخلق بِإِرَادَة حَادِثَة وَقَالَ نَحن نثبت الْقدر خَيره وشره من الله تَعَالَى وَإنَّهُ أَرَادَ الكائنات خَيرهَا وشرها وَخلق الموجودات كلهَا حسنها وقبيحها وَنثْبت للْعَبد فعلا بِلَا قدرَة حَادِثَة فَسمى ذَلِك كسباً
3 - (السلَامِي)
مُحَمَّد بن لاجين أَبُو عبد الله السلَامِي قَالَ محب الدّين ابْن النجار ذكره شَيخنَا يحيى بن الْقَاسِم قَاضِي تكريت أَنه قدم عَلَيْهِ وأنشده مادحاً لَهُ قصيدة أَولهَا
(كم لي أعنف فِي هَوَاك عذولا ... وأجن مِنْك صبَابَة ونحولا)
(وأود مِنْك على التَّقَرُّب والنوى ... طيفاً يبشر باللقاء رَسُولا)
(يَا شادناً سمحت بِحِفْظ وداده ... نَفسِي فَأصْبح بالوصال بَخِيلًا)
(رفقا جعلت لَك الْفِدَاء فإنني ... رمت السلو فَمَا وجدت سَبِيلا)
(أخليت قلبِي من سواك فَلم يزل ... بجفاك من دون الورى مأهولا)
(ومنعت فِي حبيك من سنة الْكرَى ... جفني فَأصْبح بالسهاد كحيلا)
)
(كن كَيفَ شِئْت فلست أول من غَدا ... دَمه لغير جِنَايَة مطلولا)
(لَا تحسبن جفاك يحدث سلوة ... عِنْدِي فأرغب فِي سواك بديلا)
(كلا وَمن أَعْطَاك من دون الورى ... وَجها يسر الناظرين جميلا)
قلت شعر عذب منسجم
3 - (العابد الْبَصْرِيّ)
مُحَمَّد بن وَاسع بن جَابر بن الْأَخْنَس أَبُو بكر الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ عَابِد(5/113)
الْبَصْرَة أحد الْأَئِمَّة الْعباد روى عَن أنس بن مَالك ومطرف بن الشخير وَعبيد بن عُمَيْر الْمَكِّيّ وَعبد الله بن الصَّامِت وَأبي صَالح السمان وَابْن سِيرِين وَغَيرهم روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ قَالَ الْعجلِيّ ثِقَة صَالح قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ ثِقَة لكنه بلي برواة ضعفاء قَالَ الْأَصْمَعِي لما صَاف قُتَيْبَة التّرْك وهاله أَمرهم سَأَلَ عَن مُحَمَّد بن وَاسع فَقيل هُوَ ذَاك فِي الميمنة جانح على قوسه يبصبص بإصبعه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ تِلْكَ الإصبع أحب إِلَيّ من مائَة ألف سيف شهر وشاب طرير وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة
3 - (تَاج الدّين الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن وثاب بن رَافع أَبُو عبد الله تَاج الدّين الْحَنَفِيّ كَانَ فَقِيها عَالما فَاضلا حسن الشكل درس وَأفْتى وناب فِي الحكم بِدِمَشْق وَكَانَ سديداً فِي أَحْكَامه مشكور السِّيرَة توفّي بِدِمَشْق سنة سبع وَسِتِّينَ وست مائَة وَهُوَ فِي عشر السّبْعين
3 - (الوَاسِطِيّ)
مُحَمَّد بن وَزِير الوَاسِطِيّ روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو جَعْفَر الْقَائِد)
مُحَمَّد بن وَرْقَاء بن نصلة الشَّيْبَانِيّ الْقَائِد قَالَ
(شَيبَان قومِي وَلَيْسَ النَّاس مثلهم ... لَو ألقموا مَا تضيء الشَّمْس لالتقموا)
(لَو يقسم الْمجد أَربَاعًا لَكَانَ لنا ... ثَلَاثَة وبربع تجتزي الْأُمَم)
(ثَلَاثَة صافيات قد جمعن لنا ... وَنحن فِي الرّبع بَين النَّاس نستهم)
وَهَذَا الْبَيْت جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد هَذَا وَأَبُو مُحَمَّد جَعْفَر بن وَرْقَاء بن مُحَمَّد ابْن وَرْقَاء وَأَبُو أَحْمد)
عبد الله بن وَرْقَاء وَسَيَأْتِي ذكر كل وَاحِد مِنْهُم فِي مَكَانَهُ
3 - (ابْن وشاح)
مُحَمَّد بن وشاح بن عبد الله أَبُو عَليّ ولد سنة تسع وَسبعين وَثَلَاث مائَة كَانَ كَاتبا لنقيب النُّقَبَاء الْكَامِل وَكَانَ فَاضلا توفّي عَن أَربع وَثَمَانِينَ سنة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَمن شعره
(حملت الْعَصَا لَا الضَّعِيف أوجب حملهَا ... عَليّ وَلَا أَنِّي تحنيت من كبر)
(ولكنني ألزمت نَفسِي بحملها ... لأعلمها أَن الْمُقِيم على سفر)(5/114)
3 - (الْحَافِظ ابْن وضاح المغربي)
مُحَمَّد بن وضاح الْقُرْطُبِيّ الْحَافِظ ولد سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة بقرطبة وَسمع يحيى بن يحيى وَمُحَمّد بن خَالِد وَجَمَاعَة بالأندلس قَالَ ابْن الفرضي رَحل إِلَى الْمشرق رحلتين فَسمع فِي الثَّانِيَة خلقا كثيرا من البغداذيين والكوفيين والبصريين والشاميين والمصريين والقزوينيين وعدة شُيُوخه مائَة وَسِتُّونَ رجلا وَبِه وببقي بن مخلد صَارَت الأندلس دَار حَدِيث وَكَانَ عَالما بِالْحَدِيثِ بَصيرًا بِطرقِهِ متكلماً على علله وَله خطأ كثير مَحْفُوظ عَنهُ وَأَشْيَاء يغلط فِيهَا ويصحفها وَكَانَ لَا علم لَهُ بالفقه وَلَا الْعَرَبيَّة توفّي فِي الْمحرم سنة سبع وَثَمَانِينَ
3 - (القَاضِي الْحِمصِي)
مُحَمَّد بن الْوَلِيد أَبُو الْهُذيْل الزبيدِيّ الْحِمصِي القَاضِي أحد الْأَئِمَّة الثِّقَات قَالَ ابْن سعد كَانَ أعلم أهل الشَّام بالفتوى والْحَدِيث روى لَهُ الْجَمَاعَة سوى التِّرْمِذِيّ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الطرطوشي)
مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن مُحَمَّد بن خلف بن سُلَيْمَان بن أَيُّوب أَبُو بكر الفِهري الطرطوشي الأندلسي الْفَقِيه الْمَالِكِي نزيل الاسكندرية وطرطوشة بالشين الْمُعْجَمَة آخر بِلَاد الْمُسلمين من الأندلس صحب القَاضِي أَبَا الْوَلِيد الْبَاجِيّ وَأخذ عَنهُ مسَائِل الْخلاف وصنف سراج الْمُلُوك لِلْمَأْمُونِ ابْن البطائحي وَزِير مصر بعد الْأَفْضَل وصنف طَريقَة فِي الْخلاف روى عَنهُ السلَفِي وَغَيره توفّي سنة عشْرين وَخمْس مائَة دخل على الْأَفْضَل ابْن أَمِير الجيوش فَبسط مئزراً كَانَ مَعَه تَحْتَهُ وَجلسَ عَلَيْهِ وَكَانَ إِلَى جَانب الْأَفْضَل رجل نَصْرَانِيّ فوعظ الْأَفْضَل حَتَّى بَكَى فأنشده)
(يَا ذَا الَّذِي طَاعَته قربَة ... وَحقه مفترض وَاجِب)
(إِن الَّذِي شرفت من اجله ... يزْعم هَذَا أَنه كَاذِب)(5/115)
وَأَشَارَ إِلَى النَّصْرَانِي فأقامه الْأَفْضَل وَكَانَ الْأَفْضَل قد أنزلهُ فِي مَسْجِد شَقِيق الْملك بِالْقربِ من الرصد وَكَانَ يكرههُ فَلَمَّا طَال مقَامه بِهِ ضجر وَقَالَ لِخَادِمِهِ إِلَى مَتى نصبر اجْمَعْ لي الْمُبَاح فَجَمعه فَأَكله ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا كَانَ عِنْد صَلَاة الْمغرب قَالَ لِخَادِمِهِ رميته السَّاعَة فَلَمَّا كَانَ من الْغَد ركب الْأَفْضَل فَقتل وَولي بعده الْمَأْمُون ابْن البطائحي فَأكْرم الشَّيْخ إِكْرَاما كثيرا
3 - (النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن ولاد عرف بذلك وَإِنَّمَا هُوَ ابْن الْوَلِيد التَّمِيمِي النَّحْوِيّ صَاحب التصانيف فِي علم الْعَرَبيَّة أَخذ عَن الْمبرد النَّحْو وَعَن ثَعْلَب وَمَات كهلاً فِي سنة ثَلَاث مائَة أَو مَا دونهَا وَكَانَ بِهِ عرج وَقَرَأَ على الْمبرد كتاب سِيبَوَيْهٍ وَكَانَ حسن الْخط جيد الضَّبْط وَتزَوج أَبُو عَليّ الدينَوَرِي أمه وَله فِي النَّحْو كتاب سَمَّاهُ المنمق
3 - (الأندلسي الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن ولاد أَبُو بكر من أهل شلطيش بغرب الأندلس أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي التُّحْفَة
(نطوي سبوتاً وآحاداً وننشرها ... وَنحن فِي الطي بَين السبت والأحد)
(فعد مَا شِئْت من سبت وَمن أحد ... حَتَّى تصير مَعَ الْمَدْخُول فِي الْعدَد)
وَكَانَ لِابْنِ ولاد حفيد صَغِير يتَعَلَّم فِي الْمكتب فتغدى مَعَه يَوْمًا فَقَالَ لَهُ أجز أكلنَا الْخبز مصبوغاً بِزَيْت فَقَالَ الصَّبِي غداء نَافِعًا فِي وسط بَيت فَقَالَ ابْن ولاد فَلَو شَيْء يرد الْمَيِّت حَيا فَقَالَ الصَّبِي لَكَانَ الْخبز يحيي كل ميت وَوجد بِخَطِّهِ بعد مَوته)
(أرجوك يَا رب فِي سري وَفِي علني ... إِن الرَّجَاء إِلَيْك الْيَوْم يحملني)
(من ذَا يؤنسني فِي الْقَبْر مُنْفَردا ... إِن لم تكن أَنْت مولَايَ تؤنسني)
(وسوف يضْحك خل قد بَكَى جزعاً ... بعدِي ويسلو الَّذِي قد كَانَ يندبني)
(ذَنبي عَظِيم ومنك الْعَفو ذُو عظم ... فَكيف يَا رب من عَفْو تخيبني)
(سميت نَفسك رحماناً فقد وثقت ... نَفسِي بأنك يَا رحمان ترحمني)(5/116)
3 - (ابْن الزنف)
مُحَمَّد بن وهب بن سلمَان بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْمَعَالِي ابْن أبي الْقَاسِم السّلمِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الزنف من أهل دمشق سمع فِي صباه من أبي الدّرّ ياقوت بن عبد الله البُخَارِيّ والفقيه أبي الْفَتْح نصر الله بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي المصِّيصِي وَأبي مُحَمَّد الْحسن بن الْحُسَيْن بن البن الْأَسدي وَأبي الْقَاسِم نصر بن أَحْمد بن مقَاتل السُّوسِي وَأبي طَالب عَليّ بن حيدرة بن جَعْفَر الْعلوِي وَأبي طَاهِر إِبْرَاهِيم ابْن الْحسن بن الحصني وَغَيرهم وَعمر حَتَّى حدث بالكثير وانتشرت عَنهُ الرِّوَايَة قَالَ محب الدّين ابْن النجار قدم علينا بغداذ سنة خمس وست مائَة مُتَوَجها إِلَى الْحَج وَكَانَت مَعَه شدَّة من عواليه سمعناها مِنْهُ وكتبناها عَنهُ وَكَانَ شَيخا صَالحا حسن الْهَيْئَة صَدُوقًا ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة بِدِمَشْق وَتُوفِّي بهَا فِي شعْبَان سنة سِتّ وست مائَة
3 - (العابد)
مُحَمَّد بن وهب أَبُو جَعْفَر العابد صَاحب الْجُنَيْد قَالَ سَافَرت لألقى أَبَا حَاتِم الْعَطَّار الزَّاهِد الْبَصْرِيّ فطرقت عَلَيْهِ بَابه فَقَالَ من فَقلت رجل يَقُول رَبِّي الله فَفتح الْبَاب وَوضع خَدّه على التُّرَاب وَقَالَ طأ عَلَيْهِ فَهَل بَقِي فِي الدُّنْيَا من يحسن أَن يَقُول رَبِّي الله توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وغسله الْجُنَيْد وَصلى عَلَيْهِ وَدَفنه إِلَى جَانب سري السَّقطِي
3 - (ابْن وهب الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن وهب من شعراء الْمَأْمُون شَاعِر مليح جيد الْمعَانِي فصيح الْأَلْفَاظ من شعره
(وليل فِي جوانبه فُصُول ... من الأظلام أدهم غيهبان)
(كَأَن نجومه دمع حبيس ... ترقرق بَين أجفان الغواني)
وَقَالَ)
(رَأَيْت وضحاً فِي مفرق الرَّأْس راعها ... شريجان مبيض بِهِ وبهيم)
(تفاريق شيب فِي السوَاد لوامع ... وَمَا خير ليل لَيْسَ فِيهِ نُجُوم)
وَقَالَ فِي مدح الْمَأْمُون وَهُوَ من حسن التَّخَلُّص
(وبدا الصَّباح كَأَن غرته ... وَجه الْخَلِيفَة حِين يمتدح)
(نشرت بك الدُّنْيَا محاسنها ... وتزينت بصفاتك الْمَدْح)
وَقَالَ
(أَلا رُبمَا ضَاقَ الفضاء بأَهْله ... وَأمكن من بَين الأسنة مخرج)
(وَقد يركب الْخطب وَهُوَ قَاتل ... إِذا لم يكن إِلَّا عَلَيْهِ معرج)(5/117)
وَقَالَ من مديح الْمَأْمُون
(فَكَأَنَّهُ روح تدبرنا ... حركاته وكأننا جَسَد)
وَقَالَ
(نراع لذكر الْمَوْت سَاعَة ذكره ... وتعترض الدُّنْيَا فنلهو وَنَلْعَب)
(يَقِين كَأَن الشَّك أغلب أمره ... عَلَيْهِ وعرفان إِلَى الْجَهْل ينْسب)
(وَقد نعت الدُّنْيَا إِلَى نعيمها ... وخاطبني إعجامها وَهُوَ مُعرب)
(ولكنني مِنْهَا خلقت لغَيْرهَا ... وَمَا كنت مِنْهُ فَهُوَ شَيْء محبب)
3 - (الْحِمْيَرِي الْبَصْرِيّ)
مُحَمَّد بن وهيب الْحِمْيَرِي الْبَصْرِيّ شَاعِر مطبوع مكثر يكنى أَبَا جَعْفَر مدح الْمَأْمُون والمعتصم وَهُوَ الْقَائِل
(نراع لذكر الْمَوْت سَاعَة ذكره ... وتعترض الدُّنْيَا فنلهو وَنَلْعَب)
(يَقِين كَأَن الشَّك أغلب أمره ... عَلَيْهِ وعرفان إِلَى الْجَهْل ينْسب)
وَقَالَ
(أَلا رُبمَا كَانَ التصبر ذلة ... وَأدنى إِلَى الْحَال الَّتِي هِيَ أسمج)
(وَيَا رُبمَا ضَاقَ الفضاء بأَهْله ... وَأمكن من بَين الأسنة مخرج)
وَقَالَ
(مَا لمن تمت محاسنه ... أَن يعادي طرف من رمقا)
)
(لَك أَن تبدي لنا حسنا ... وَلنَا أَن نعمل الحدقا)
قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَكَانَ يتشيع وَله مراث فِي آل الْبَيْت وَقَالَ صَاحب الأغاني كَانَ تياهاً شَدِيد الذّهاب بِنَفسِهِ وَقَالَ دخل على أَحْمد بن هِشَام وَقد مدحه فَرَأى بَين يَدَيْهِ غلماناً روقة مردا وخدماً بيضًا فرهاً فِي نِهَايَة الْحسن والكمال والنظافة فدهش لما رأى وَبَقِي متبلبلاً لَا ينْطق حرفا فَضَحِك أَحْمد مِنْهُ وَقَالَ لَهُ مَا لَك وَيحك تكلم بِمَا تُرِيدُ فَقَالَ
(قد كَانَت الْأَصْنَام وَهِي قديمَة ... كسرت وجذعهن إِبْرَهِيمُ)
(ولديك أصنام سلمن من الْأَذَى ... وصفت لَهُنَّ نضارة ونعيم)
(وبنا إِلَى صنم نلوذ بركنه ... فقر وَأَنت إِذا هززت كريم)
فَقَالَ لَهُ اختر من شِئْت مِنْهُم فَاخْتَارَ وَاحِدًا فَأعْطَاهُ إِيَّاه فمدحه بِأَبْيَات
3 - (البديهي)
مُحَمَّد بن وهيب البديهي حضر مجْلِس بعض الْفُقَهَاء فِي عقد نِكَاح فَقَالَ لَهُ الْفَقِيه لَو أملكتك عقد هَذَا النِّكَاح لشاركتنا فِي الْحَسَنَة فَقَالَ لَهُ نعم كَيفَ تُرِيدُ(5/118)
ذَلِك نظماً أَو نثراً فاقترحوا نظماً فَقَالَ هَات كَاتبا فأملى عَلَيْهِ نظماً ذكر الشُّرُوط والتاريخ وكل مَا لَهُ علاقَة بِالصَّدَاقِ لم يتَرَدَّد فِيهِ وَلَا أَبْطَأَ كَأَنَّهُ يتلوه من حفظه فبهت الْقَوْم وَقَالَ لَهُ الْفَقِيه أَمرك وَالله عَجِيب كَاد لَوْلَا الْمُشَاهدَة أَلا أصدقه وَركب إِلَى الْمَنْصُور بن أبي عَامر فَأخْبرهُ بِالْمَجْلِسِ وَأرَاهُ الشّعْر فَعجب من ذَلِك وَأمر لَهُ بصلَة حملت إِلَيْهِ وَكَانَ عدَّة مَا ارتجله ثَلَاثِينَ بَيْتا مِنْهَا
(لأصدق عبد الله نجل مُحَمَّد ... فَتى أموي زوجه الْبكر مريما)
(وَأَمْهَرهَا عشْرين عجل نصفهَا ... دَنَانِير يحويها أَبوهَا مُسلما)
(وأنكحها مِنْهُ أَبوهَا مُحَمَّد ... سلالة إِبْرَاهِيم من حَيّ خثعما)
(وَبَاقِي صدَاق الْبكر بَاقٍ إِلَى مدى ... ثَلَاثَة أَعْوَام زَمَانا متمما)
(مؤخرة عَنهُ يُؤَدِّي جَمِيعهَا ... إِذا لم يكن عِنْد التطلب معدما)
(وَمن شَرطهَا أَن لَا يكون مُؤَجّلا ... لَهَا أبدا عَن دارها أَيْن يمما)
(وَألا يرى حتما بِشَيْء يضيرها ... يصرف فِيهِ الدَّهْر كفا وَلَا فَمَا)
وَكَانَ ابْن وهيب إِذا جلس ابْن أبي عَامر للشعراء وَأذن لَهُم فِي الإنشاد بَدَأَ ابْن وهيب ينشده بديهة فَلَا تَأتيه نوبَته حَتَّى يفرغ كَمَا أَرَادَهُ وَيقوم فينشده وَإِن مداده مَا جف)
3 - (ابْن الأسقف)
مُحَمَّد بن ياسين شرف الدّين أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الأسقف نقلت من خطّ شرف الدّين مُسْتَوْفِي إربل قَالَ كَانَ نَصْرَانِيّا وَأسلم وَتسَمى بِمُحَمد تصرف فِي الديار المصرية عَاملا فِي أَعمالهَا الحقيرة لَا الخطيرة وَلما أسلم قَرَأَ الْقُرْآن وَعرف شَيْئا من الْعَرَبيَّة وَكَانَ يرْمى بالأبنة ورد إربل وَأقَام بهَا أَيَّامًا فَقيل إِنَّه اتهمَ بِهِ غُلَام لَهُ وَكثر القَوْل عَلَيْهِ فسافر أَنْشدني لنَفسِهِ
(دَعْنِي أقبل راحتيك لِأَنَّهَا ... أعنت رجَالًا مسهم إملاق)
(لَا زَالَت الْعليا على أعدائها ... أبدا تُشِير لنحوها الأرزاق)
قلت شعر رَكِيك مختل الانتظام والارتباط
3 - (أَبُو طَاهِر الْحلَبِي الْبَزَّاز الْمُقْرِئ)
مُحَمَّد بن ياسين بن مُحَمَّد الْبَزَّاز أَبُو طَاهِر الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بالحلبي هُوَ بغداذي قَرَأَ الْقُرْآن على أبي حَفْص عمر بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الكتاني وَأبي الْفرج مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشنبوذي وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف العلاف وروى عَنْهُم سَمَاعا وتلاوة وصنف فِي الْقرَاءَات عدَّة مُفْرَدَات سمع مِنْهُ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الوني الفرضي وروى عَنهُ عبد السَّيِّد بن عتاب وَعلي ابْن الْحُسَيْن الطريثيثي وَأَبُو الْحسن أَحْمد بن المحسن بن مُحَمَّد المقرئون وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو بكر الْحداد)
مُحَمَّد بن يَاسر بن عبد الله بن عبد الْخَالِق أَبُو بكر الْحداد من أهل(5/119)
بغداذ سكن جبيل وَكَانَ إِمَام جَامعهَا وَنسب إِلَى دمشق سمع بِدِمَشْق هِشَام بن عمار وَعَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد الْحِمصِي وَعبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم دحيماً وروى عَنهُ أَبُو نصر قيس بن بشر السندي الجبيلي وَأَبُو الْحسن أَحْمد بن عَامر ابْن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الدِّمَشْقِي وَسليمَان الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو عبد الله جَعْفَر بن مُحَمَّد ابْن جَعْفَر ابْن بنت عدبس الْكِنْدِيّ
3 - (الْأَمِير مُحَمَّد بن ياقوت)
مُحَمَّد بن ياقوت بن عبد الله أَبُو بكر الْأَمِير كَانَ وَالِده أحد حجاب المقتدر ولي حَجَبته بعد أَحْمد بن نصر القشوري وَكَانَ مُحَمَّد يحجب ابْنه الراضي وَكَانَت هَذِه الْمنزلَة فِي ذَلِك الْوَقْت)
تزيد على الوزارة ويخاطب من يتولاها بالإمارة على رسم بدر المعتضدي وَإِلَيْهِ أُمُور الْجند وتدبير الدولة بِيَدِهِ والوزراء كالمنصرفين على أوامره من شعره
(لَا وَالَّذِي يبقيك لي ... ويسرني بِالْقربِ مِنْك)
(مَا طَابَ عَيْش غبت عَن ... هـ وَلَا سرُور غَابَ عَنْك)
وَمِنْه
(حَمْرَاء يمزجها ظَبْي بريقته ... كَأَنَّمَا عصرت من مَاء وجنته)
(حَيا بمنطقه النَّفس الَّتِي وقفت ... على المتالف من تفتير مقلته)
وَمِنْه
(أَعرَضت عني وقتك نَفسِي ... كل مخوف من اللَّيَالِي)
(لقَوْل واش وشى بِأَنِّي ... أَقُول إِن صد لَا أُبَالِي)
(لَا وَالَّذِي ألتجي إِلَيْهِ ... لكشف ضري وَسُوء حَالي)
(مَا كَانَ مِمَّا حَكَاهُ حرف ... وَلَا جرى خاطراً ببالي)
قلت شعر جيد منسجم عذب ولد ببغداذ سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي فِي حبس الراضي فِي قصر الْخلَافَة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْفَقِيه الْمَالِكِي الْقُرْطُبِيّ)
مُحَمَّد بن يبْقى بن زرب بن يزِيد أَبُو بكر الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي صنف كتاب الْخِصَال فِي مَذْهَب مَالك عَارض بِهِ كتاب الْخِصَال لِابْنِ كاس الْحَنَفِيّ فجَاء فِي غَايَة الإتقان وَله الرَّد على ابْن مَسَرَّة وَكَانَ بَصيرًا بِالْعَرَبِيَّةِ والحساب توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة(5/120)
3 - (البتلهي)
مُحَمَّد بن يحيى بن حَمْزَة البتلهي قَاضِي دمشق وَابْن قاضيها روى عَن أَبِيه وجادةً وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عبد الله اليزيدي)
مُحَمَّد بن يحيى بن الْمُبَارك الْعَدوي أَبُو عبد الله اليزيدي كَانَ لاصقاً بالمأمون من أهل أنسه بالحضرة وخراسان قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان كَانَت رتبته أَن يدْخل إِلَيْهِ مَعَ الْفجْر فَيصَلي بِهِ ويدرس عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ آيَة وَكَانَ لَا يزَال يعادله فِي أَسْفَاره ويفضي إِلَيْهِ الْمَأْمُون بأسراره وسنه)
وَسن الرشيد وَاحِدَة وَقد مدح الرشيد مدحاً كثيرا وَهُوَ الْقَائِل
(أتظعن وَالَّذِي تهوى مُقيم ... لعمرك إِن ذَا خطر عَظِيم)
(إِذا مَا كنت للحدثان عوناً ... عَلَيْك وللفراق فَمن تلوم)
(شقيت بِهِ فَمَا أَنا عَنهُ سَالَ ... وَلَا هُوَ إِن تلفت بِهِ رَحِيم)
وَقَالَ
(تقاضاك دهرك مَا أسلفا ... وكدر عيشك بعد الصَّفَا)
(فَلَا تنكرن فَإِن الزَّمَان ... رهين بتشتيت مَا ألفا)
(يجوز على الْمَرْء فِي حكمه ... وَلكنه رُبمَا أنصفا)
وَقَالَ
(يَا بَعيدا مزاره ... حل بَين الجوانح)
(نازح الدَّار ذكره ... لَيْسَ عني بنازح)
وَقَالَ
(يَا بعيد الدَّار موصو ... لَا بقلبي ولساني)
(رُبمَا باعدك الده ... ر فأدنتك الْأَمَانِي)
وَبَقِي أَبُو عبد الله إِلَى أَيَّام المعتصم وَخرج مَعَه إِلَى مصر وَتُوفِّي بهَا
3 - (التمار)
مُحَمَّد بن يحيى بن أبي سَمِينَة البغداذي التمار روى عَنهُ أَبُو دَاوُد قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَقَالَ ابْن حَنْبَل لَوْلَا أَن فِيهِ تِلْكَ الْعلَّة يَعْنِي شرب النَّبِيذ على مَذْهَب الْكُوفِيّين توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(5/121)
3 - (الْقطعِي)
مُحَمَّد بن يحيى بن أبي حزم مهْرَان الْقطعِي الْبَصْرِيّ أَبُو عبد الله روى عَنهُ الْجَمَاعَة خلا البُخَارِيّ قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (المرتضي الْعلوِي)
مُحَمَّد بن يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ابْن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ الشريف الرسي وسوف يَأْتِي ذكر وَالِده فِي حرف الْيَاء)
فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى خلف يحيى الْمَذْكُور وَلَده مُحَمَّدًا هَذَا بصعدة وَتسَمى بالمرتضي لدين الله وَكَانَ خَطِيبًا شَاعِرًا فصيحاً وَلما قَامَ بِالْأَمر اضْطربَ النَّاس عَلَيْهِ واتصلت الدعْوَة لنسلهم وَقيل إِن مُحَمَّدًا لما اخْتلفُوا عَلَيْهِ خطب النَّاس خطْبَة يَدْعُو إِلَى نَفسه وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَأَبَوا إِلَّا قِتَاله فَقَاتلهُمْ وَرفع صَوته فِي حَال الْقِتَال وَقَالَ
(كرر الْورْد علينا والصدر ... فعل من بدل حَقًا وَكفر)
(أَيهَا الْأمة عودي للهدى ... ودعي عَنْك أَحَادِيث السمر)
(وأقبلي مَا قَالَ يحيى لكم ... ابْن بنت الْمُصْطَفى خير الْبشر)
(عدمتني الْبيض والسمر مَعًا ... وتبدلت رقادي بسهر)
(لأجرن على أَعْدَائِنَا ... نَار حَرْب بضرامٍ مستعر)
3 - (الْأَسدي)
مُحَمَّد بن يحيى الْأَسدي قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان متوكلي يَقُول
(لَيْت الْكرَى عاود الْعَينَيْنِ ثَانِيَة ... لَعَلَّ طيفاً لَهَا فِي النّوم يلقاني)
(أَو لَيْت أَن نسيم الرّيح يبلغهَا ... عني تضَاعف أسقامي وأشجاني)
وَقَالَ
(وآمن لصروف الدَّهْر قلت لَهُ ... وأجهل النَّاس بِالْأَيَّامِ آمنها)
(لَا تفعلن ورحى الْأَيَّام دَائِرَة ... فكم ترى سافلاً دقَّتْ طواحنها)
3 - (الزَّعْفَرَانِي النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى أَبُو الْحسن الزَّعْفَرَانِي النَّحْوِيّ أحد تلاميذ أبي الْحسن عَليّ ابْن عِيسَى الربعِي وَكَانَ الربعِي يثني عَلَيْهِ ويصفه وَصفا كثيرا وَهُوَ بَصرِي وَلَقي أَبَا عَليّ الْفَارِسِي وَأخذ عَنهُ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن زنجي وَحدث ابْن نصر قَالَ قَالَ لي أَبُو الْحسن الزَّعْفَرَانِي نزل عَليّ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي لما قدم الْبَصْرَة وقرأت عَلَيْهِ الْكتاب فَقَالَ لي أَنْت مستغن عني يَا أَبَا الْحسن قلت إِن اسْتَغْنَيْت عَن الْفَهم لم أغن عَن الْفَخر وَالْجمال قَالَ ابْن نصر فَسَأَلت الربعِي عَن هَذَا فَصدقهُ وَقَالَ لي قدم أَبُو عَليّ الْفَارِسِي الْبَصْرَة وَأَبُو الْحسن(5/122)
الزَّعْفَرَانِي نحوي مُسْتَقل قَالَ ابْن نصر وحَدثني الزَّعْفَرَانِي وَقد سَأَلته فِي بَاب مَا لم يسم فَاعله لِمَ لم يجز تصدير مَا يشْتَغل بِحرف الْجَرّ قَائِما مقَام الْفَاعِل وَلم قصر بِهِ شغله بِحرف الْجَرّ عَن رُتْبَة)
الْفَاعِل فَصَارَ مَفْعُولا فَذكر فِي ذَلِك مَا أوضحه وَقَالَ لي مَا نَفَعَنِي شَيْء من النَّحْو قطّ سوى هَذَا الْبَاب فَإِنِّي كتبت رقْعَة إِلَى أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن كَامِل عَامل الْبَصْرَة سَأَلته النّظر لي من جملَة المساحة بجريبين فَوَقع يتْرك لَهُ من عرض الْمَرْفُوع فِي ذكر المساحة ووقف وَقْفَة وَلم يدر كَيفَ الْإِعْرَاب فَكتب ثَلَاثَة أجرية فتبركت بِهَذَا الْبَاب فَقَط
3 - (الْحَافِظ الذهلي)
مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خَالِد بن فَارس الإِمَام الذهلي مَوْلَاهُم النَّيْسَابُورِي الْحَافِظ سمع من خلق كثير روى عَنهُ الْجَمَاعَة خلا مُسلم قَالَ ارتحلت ثَلَاث رحلات وأنفقت مائَة وَخمسين ألفا قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة مَأْمُون قَالَ أَبُو عَمْرو أَحْمد بن نصر الْخفاف رَأَيْت مُحَمَّد بن يحيى فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي قلت فَمَا فعل بحديثك قَالَ كتب بِمَاء الذَّهَب وَرفع فِي عليين توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَسَيَأْتِي خَبره مَعَ مُسلم فِي تَرْجَمَة مُسلم وَكَانَ سَبَب الوحشة بَينه وَبَين البُخَارِيّ لما دخل البُخَارِيّ نيسابور شغب عَلَيْهِ مُحَمَّد بن يحيى فِي مَسْأَلَة خلق اللَّفْظ وَكَانَ قد سمع مِنْهُ وَلم يُمكنهُ ترك الرِّوَايَة عَنهُ وروى عَنهُ فِي الصَّوْم والطب والجنائز وَالْعِتْق وَغير ذَلِك مِقْدَار ثَلَاثِينَ موضعا وَلم يُصَرح باسمه فَيَقُول حَدثنَا مُحَمَّد ابْن يحيى الذهلي بل يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد وَلَا يزِيد عَلَيْهِ وَيَقُول مُحَمَّد بن عبد الله فينسبه إِلَى جده وينسبه أَيْضا إِلَى جد أَبِيه
3 - (صقْلَابٍ الْمَدِينِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى بن نَافِع مولى عبد الله بن عمر بن الْخطاب الْمَعْرُوف بصقلاب قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان رَشِيدِيّ هُوَ الْقَائِل
(مل فَمَا تعطفه رَحمَه ... وَاتخذ العلات إخْوَانًا)
(إِن ساءك الدَّهْر بهجرانه ... فَرُبمَا سرك أَحْيَانًا)
(لَا تيأسن من وصل ذِي مِلَّة ... أطرف بعد الْوَصْل هجرانا)
(يمل هَذَا مِثْلَمَا مل ذَا ... فَيرجع الْوَصْل كَمَا كَانَا)
3 - (أَبُو غَسَّان الْكَاتِب)
مُحَمَّد بن يحيى بن عَليّ أَبُو غَسَّان الْكَاتِب الْمدنِي الراوية قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان مأموني روى عَنهُ عمر بن شبة وَهُوَ الْقَائِل لعبد الله بن مُوسَى بن عبد الله بن حسن)(5/123)
(لطيت بأجبال الْحجاز كَأَنَّهَا ... لَك الْيَوْم أم ترْضع الدّرّ أَو أَب)
(وَأَنت ترى أَن الأولى لست دونهم ... ببغداذ قد نالوا الثراء وأتربسوا)
(وَأَنت امْرُؤ ضخم الْحمالَة ماجد ... عَلَيْك قبُول والمكشف أطيب)
فَأَجَابَهُ عبد الله
(لحاني أَبُو غَسَّان فِي ضعف همتي ... وَأَنِّي لَا أغشى الْمُلُوك فأترب)
(وَأَنِّي بِأَدْنَى الْعَيْش والرزق قَانِع ... وَأَنِّي أَسبَاب الْغنى أتجنب)
(فَلم أر هَذَا الرزق عَن حِيلَة الْفَتى ... وَلكنه كَاللَّحْمِ حِين يؤرب)
(حظوظ وأقسام تقسم بَينهم ... فكلهم من قسْمَة الله منصب)
3 - (الْحَافِظ حيويه)
مُحَمَّد بن يحيى بن مُوسَى الإِسْفِرَايِينِيّ الْحَافِظ حيويه توفّي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا
3 - (الْقَزاز)
مُحَمَّد بن يحيى الْقَزاز الْبَصْرِيّ سمع وروى وَمَات فِي شهر رَجَب سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من شُيُوخ الطَّبَرَانِيّ
3 - (حَامِل كَفنه)
مُحَمَّد بن يحيى البغداذي حَامِل كَفنه توفّي فِي سنة ثَلَاث مائَة أَو مَا دونهَا قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الألقاب حَامِل كَفنه هُوَ أَبُو سعيد مُحَمَّد بن يحيى الْبَزَّاز الدِّمَشْقِي يروي عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة أَنا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أَنا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب قَالَ بَلغنِي أَن الْمَعْرُوف بحامل كَفنه توفّي وَغسل وكفن وَصلي عَلَيْهِ وَدفن فَلَمَّا كَانَ أول اللَّيْل جَاءَهُ نباش فنبش عَلَيْهِ فَلَمَّا حل أَكْفَانه ليأخذها اسْتَوَى قَاعِدا فَخرج النباش هَارِبا مِنْهُ فَقَامَ وَحمل كَفنه وَخرج من الْقَبْر وَجَاء إِلَى منزله وَأَهله يَبْكُونَ فدق الْبَاب عَلَيْهِم فَقَالُوا من أَنْت فَقَالَ أَنا فلَان فَقَالُوا لَهُ لَا يحل لَك أَن تزيدنا على مَا بِنَا فَقَالَ يَا قوم افتحوا فَأَنا وَالله فلَان فعرفوا صَوته ففتحوا لَهُ الْبَاب وَعَاد حزنهمْ فَرحا وَسمي من يَوْمه حَامِل كَفنه وحامل كَفنه آخر اسْمه مُحَمَّد بن سعيد ويكنى أَبَا يحيى يروي عَن مُجَاهِد بن مُوسَى لقب بذلك وحامل كَفنه آخر اسْمه عبد الرَّحِيم بن حَاتِم أَبُو سعيد الْعَتكِي يروي عَن إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي انْتهى قلت كَذَا رَأَيْت الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ فِي مُحَمَّد بن يحيى)
هَذَا إِنَّه بغداذي وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ إِنَّه دمشقي وَقَالَ إِنَّه يروي عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعُثْمَان ابْن أبي شيبَة توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وحامل كَفنه هَذَا توفّي فِي حُدُود الثَّلَاث مائَة فَيحمل أَن يكون هَذَا الْمَذْكُور هُوَ المُرَاد بحامل كَفنه(5/124)
3 - (الْحَافِظ ابْن مندة)
مُحَمَّد بن يحيى بن مندة الْحَافِظ الْمَشْهُور أَبُو عبد الله صَاحب تَارِيخ أَصْبَهَان كَانَ أحد الْحفاظ الثِّقَات وَهُوَ من أهل بَيت كَبِير خرج مِنْهُم جمَاعَة من الْعلمَاء لم يَكُونُوا عبديين وَإِنَّمَا أم الْحَافِظ أبي عبد الله الْمَذْكُور كَانَت من بني عبد ياليل وَاسْمهَا برة بنت مُحَمَّد فنسب الْحَافِظ إِلَى أَخْوَاله ذكر ذَلِك الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي كتاب زيادات الْأَنْسَاب توفّي الْحَافِظ أَبُو عبد الله ابْن مندة سنة إِحْدَى وَثَلَاث مائَة
3 - (الْكسَائي الصَّغِير)
مُحَمَّد بن يحيى الْكسَائي الصَّغِير الْمُقْرِئ يروي عَنهُ ابْن مُجَاهِد وروى عَن خلف بن هِشَام الْبَزَّاز
3 - (الصولي الشطرنجي)
مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن صول أَبُو بكر الصولي البغداذي أحد الأدباء الْمُتَقَدِّمين فِي الْآدَاب وَالْأَخْبَار وَالشعر والتاريخ حدث عَن أبي العيناء والمبرد وثعلب وَأبي دَاوُد السجسْتانِي والحافظ الْكُدَيْمِي نادم عدَّة من الْخُلَفَاء وصنف أَخْبَار الْخُلَفَاء وأخبار الشُّعَرَاء وأخبار الوزراء وأخبار القرامطة وَكتاب الورقة وَكتاب الْغرَر وأخبار أبي عَمْرو ابْن الْعَلَاء وَكتاب الْعِبَادَة وأخبار ابْن هرمة وأخبار السَّيِّد الْحِمْيَرِي وأخبار إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم وَجمع أَخْبَار جمَاعَة من الشُّعَرَاء ورتبه على حُرُوف المعجم كلهم محدثون وَكتاب أدب الْكَاتِب على الْحَقِيقَة وَكتاب الشبَّان عمله لِابْنِ الْفُرَات كتاب الشَّامِل فِي علم الْقُرْآن لم يتم كتاب مَنَاقِب ابْن الْفُرَات كتاب سُؤال وَجَوَاب كتاب رَمَضَان أَخْبَار أبي نواس أَخْبَار أبي تَمام كتاب أَخْبَار أبي سعيد الجنابي كتاب فِي السعاة كتاب الأمالي يُسمى الْغرَر وَجمع شعر ابْن الرُّومِي وَجمع شعر أبي تَمام وَشعر البحتري وَشعر أبي نواس وَشعر الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف وَشعر عَليّ بن الجهم وَشعر ابْن طَبَاطَبَا وَشعر إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي وَشعر أبي عُيَيْنَة المهلبي وَشعر أبي شراعة وَكتاب شعراء مُضر وَقَالَ أَبُو بكر الصولي أَنْشدني بعض)
الوزراء بَيْتا للبحتري وَجعل يردده ويستحسنه وَهُوَ
(وَكَأن فِي جسمي الَّذِي ... فِي ناظريك من السقم)(5/125)
فجذبت الدواة وعملت فِي حَضرته
(أَحْبَبْت من أَجله من كَانَ يُشبههُ ... وكل شَيْء من المعشوق معشوق)
(حَتَّى حكيت بجسمي مَا بمقلته ... كَأَن سقمي من جفنيه مَسْرُوق)
فَاسْتحْسن ذَلِك ووصلني ثمَّ إِن رجلا من الْكتاب يعرف بالرحوفي ادّعى هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فعاتبته فَقَالَ هبهما لي فَقلت أَخَاف أَن تمتحن بقول مثلهمَا فَلَا تحسن فَقَالَ اعْمَلْ أَنْت فَعمِلت بِحَضْرَتِهِ
(إِذا شَكَوْت هَوَاهُ قَالَ مَا صدقا ... وَشَاهد الدمع فِي خدي قد نطقا)
(ونار قلبِي فِي الأحشاء ملهبة ... لَوْلَا تشاغلها بالدمع لاحترقا)
(يَا رَاقِد الْعين لَا يدْرِي بِمَا لقِيت ... عين تكابد فِيهِ الدمع والأرقا)
(يكَاد جسمي يخفي فِي ضنى جَسَدِي ... كَأَن سقمي من عَيْنَيْك قد سرقا)
وَفِيه يَقُول ابْن زُرَيْق الْكُوفِي
(دَاري بِلَا خيش ولكنني ... عقدت من خيشين طاقين)
(دَار إِذا مَا اشْتَدَّ حر بهَا ... أنشدت للصولي بَيْتَيْنِ)
وَكَانَ حسن الِاعْتِقَاد جميل الطَّرِيقَة مَقْبُول القَوْل وَحَدِيثه بعلو عِنْد أَصْحَاب السلَفِي وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة بخلف وَكَانَ أوحد زَمَانه فِي لعب الشطرنج كَانَ الْمَاوَرْدِيّ اللاعب عِنْد المكتفي مُتَقَدما فوصف لَهُ الصولي فَأحْضرهُ وَلَعِبًا بَين يَدَيْهِ فَأخذ المكتفي فِي تشجيع الْمَاوَرْدِيّ والزهزهة لَهُ الْفَا بِهِ وعناية بِهِ إِلَى أَن دهش الْوَلِيّ فَلَمَّا اتَّصل اللّعب بَينهمَا وَتبين حسن لعبه وغلبه غلبا بَينا قَالَ المكتفي للماوردي صَار مَاء وردك بولاً وَقَالَ أَبُو سعيد الْعقيلِيّ يهجو الصولي
(إِنَّمَا الصولي شيخ ... أعلم النَّاس خزانه)
(إِن سألناه بِعلم ... طلبا مِنْهُ إبانه)
(قَالَ يَا غلْمَان هاتوا ... رزمة الْعلم فُلَانُهُ)
3 - (أَبُو الذّكر الْمَالِكِي)
)
مُحَمَّد بن يحيى بن مهْدي أَبُو الذّكر الْمصْرِيّ الأسواني كَانَ من كبار الْفُقَهَاء الْمَالِكِيَّة توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَثَلَاث مائَة تَقْرِيبًا
3 - (الرباحي النَّحْوِيّ المغربي)
مُحَمَّد بن يحيى بن عبد السَّلَام الْأَزْدِيّ الأندلسي النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بالرباحي كَانَ عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ صَادِقا ذكياً فَقِيها عَالما أدب الْمُغيرَة بن النَّاصِر(5/126)
لدين الله وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ يعرف بالقلفاط وَهُوَ شَاعِر مَشْهُور وَمن شعر القلفاط
(مزن تغنيه الصِّبَا فَإِذا همى ... لبت حَيَّاهُ رَوْضَة غناء)
(فالأرض من ذَاك الحيا موشية ... وَالرَّوْض من تِلْكَ السَّمَاء سَمَاء)
(مَا إِن وشت كفا صناع مَا وشى ... ذَاك الْغناء بهَا وَذَاكَ المَاء)
(زهر لَهَا مقل جواحظ تَارَة ... ترنو وتارات لَهَا إغضاء)
وَمِنْه
(طوى عني مودته غزال ... طوى قلبِي على الأحزان طيا)
(إِذا مَا قلت يسلوه فُؤَادِي ... تجدّد حبه فازددت غيا)
(أحييه وأفديه بنفسي ... وَذَاكَ الْوَجْه أهل أَن يحيا)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو عبد الله الْجِرْجَانِيّ الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى أَبُو عبد الله الْجِرْجَانِيّ الْفَقِيه الْحَنَفِيّ من عُلَمَاء الْعرَاق كَانَ زاهداً عابداً نظيراً لأبي بكر الرَّازِيّ فلج آخر أَيَّامه وَدفن إِلَى جَانب قبر أبي حنيفَة سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
مُحَمَّد بن يحيى بن يحيى أَبُو الْوَفَاء كتب إِلَيْهِ أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ الْبَغَوِيّ
(رَأَيْت الْفضل يحيى يَابْنَ يحيى ... فجانبه أَبُو يحيى طَويلا)
(مودته ممازحة لقلبي ... كَمَا قد مازج المَاء الشمولا)
فَأَجَابَهُ أَبُو الْوَفَاء
(أَبَا عبد الْإِلَه بقيت جزل ال ... كَلَام تنيلنا برا جزيلاً)
(فَمَا ابْن المزن زوج بنت كرم ... ليمهرها أَخُو الْكَرم الغفولا)
)
(بأشهى من كلامك فِي فُؤَادِي ... وَقد أسلى الجوى وشفى الغليلا)
وَقَالَ أَبُو الْوَفَاء
(بقيت بمرو الروذ فِي عدَّة الْمَطَر ... وَطول مقَام الْمَرْء فِي مثلهَا خطر)
(إِذا مَا أَذَان الرَّعْد آذاننا وعت ... لَقينَا بهَا الْحِيطَان تسْجد للمطر)(5/127)
أحسن من هَذَا وأكمل قَول بعض شعراء الذَّخِيرَة
(بدار سقتها دِيمَة إِثْر دِيمَة ... فمالت بهَا الجدران شطراً على شطر)
(فَمن عَارض يسْقِي وَمن سقف مجْلِس ... يُغني وَمن بَيت يمِيل من السكر)
3 - (ابْن حزم المغربي)
مُحَمَّد بن يحيى بن حزم من شعراء الذَّخِيرَة قَالَ ابْن بسام أحلى النَّاس شعرًا لَا سِيمَا إِذا عَاتب أَو عتب جعل هَذَا الْغَرَض هجيراه وكنيته أَبُو الْوَلِيد من شعره
(أتجزع من دمعي وَأَنت أسلته ... وَمن نَار أحشائي ومنك لهيبها)
(وتزعم أَن النَّفس غَيْرك علقت ... وَأَنت وَلَا من عَلَيْك حبيبها)
(إِذا طلعت شمس عَلَيْك بسلوةٍ ... أثار الْهوى بَين الضلوع غُرُوبهَا)
وَمن شعره من قصيدة
(شمس ترمق من محاجر أرمد ... والظل يرْكض فِي النسيم الواني)
(والراح تَأْخُذ من معاطف أغيد ... أَخذ الصِّبَا من عطف غُصْن البان)
(ملنا نؤمل غير ذَلِك منزلا ... والراح تقصر خطوه فيداني)
(ثمَّ اعتنقنا والوشاة بمعزل ... وَقد الْتَقت فِي جفْنه سنتَانِ)
(والبدر يرميني بمقلة حَاسِد ... لَو يَسْتَطِيع لَكَانَ حَيْثُ يراني)
وَمِنْه أَيْضا
(وَكم لَيْلَة بَات الْهوى يستفزني ... وَلَا رَقَبَة دون الْأَمَانِي وَلَا ستر)
(وَفِي ساعدي بدر على غُصْن بانة ... يود مَكَاني بَين لباته الْبَدْر)
(وَفِي لَحْظَة كالسكر لَا عَن مدامة ... وَلَوْلَا اعْتِرَاض الشَّك قلت هُوَ السكر)
(فَلم يَك إِلَّا مَا أَبَاحَ لي التقى ... وَلم يبْق إِلَّا أَن تحل لي الْخمر)
وَمِنْه أَيْضا)
(وَكم لَيْلَة ظافرت فِي ظلها المنى ... وَقد طرفت من أعين الرقباء)
(وَفِي ساعدي حُلْو الشَّمَائِل مترف ... لعوب بيأسي تَارَة ورجائي)
(أطارحه حُلْو العتاب وَرُبمَا ... تغاضب فاسترضيته ببكائي)
(وَفِي لَفظه من سُورَة الراح فَتْرَة ... تمت إِلَى ألحاظه بولاء)
(وَقد عابثته الراح حَتَّى رمت بِهِ ... لقاً بَين ثنيي بردتي وردائي)
(على حَاجَة فِي النَّفس لَو شِئْت نلتها ... وَلَكِن حمتني عفتي وحيائي)(5/128)
وَمِنْه أَيْضا
(كم ليل ضمت عَلَيْهِ ساعدي ... والمسك يَأْخُذ مِنْهُ مَا يُعْطِيهِ)
(والبدر من حسد يجمجم قَوْله ... مَا ضرّ مجدك لَو شركتك فِيهِ)
3 - (ابْن سراقَة الشَّافِعِي)
مُحَمَّد بن يحيى بن سراقَة أَبُو الْحسن العامري الْبَصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الفرضي الْمُحدث صَاحب التصانيف فِي الْفِقْه والفرائض وَأَسْمَاء الضُّعَفَاء والمجروحين توفّي بعد الْأَرْبَع مائَة
3 - (ابْن الْحذاء الْقُرْطُبِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب التَّمِيمِي أَبُو عبد الله ابْن الْحذاء الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي كَانَ عَارِفًا بِالْحَدِيثِ بارعاً فِي الْأَثر صنف كتاب التَّعْرِيف بِمن ذكر فِي الْمُوَطَّإِ من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَكتاب الإنباه والخطباء والخطب فِي مجلدين والبشرى فِي تاويل الرُّؤْيَا فِي عشرَة أسفار وَولي قَضَاء بجاية ثمَّ قَضَاء إشبيلية وعهد أَن يدْفن بَين أَكْفَانه كِتَابه الْمَعْرُوف بالإنباه على أَسمَاء الله فنثر ورقه وَجعل بَين الْقَمِيص والأكفان ذكر القَاضِي عِيَاض فِي طَبَقَات الْمَالِكِيَّة توفّي سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الصَّائِغ)
مُحَمَّد بن يحيى بن باجة وَقيل مُحَمَّد بن باجة أَبُو بكر الأندلسي السَّرقسْطِي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن الصَّائِغ تقدم فِي أول فصل الْبَاء مُسْتَوفى
3 - (ابْن نيق الشاطبي)
مُحَمَّد بن يحيى بن خَليفَة بن نيق أَبُو عَامر الشاطبي مهر فِي الْأَدَب والعربية وَبلغ الْغَايَة من البلاغة وَالْكِتَابَة وَالشعر وَلَقي أَبَا الْعَلَاء ابْن زهر وَأخذ عَنهُ الطِّبّ وَبعد صيته فِي ذَلِك مَعَ)
الْمُشَاركَة فِي عدَّة عُلُوم كَانَ رَئِيسا مُعظما جميل الرواء لَهُ مُصَنف كَبِير فِي الحماسة وتصنيف آخر فِي ذكر مُلُوك الأندلس والأعيان وَالشعرَاء وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (محيي الدّين النَّيْسَابُورِي)
مُحَمَّد بن يحيى بن أبي مَنْصُور الْعَلامَة أَبُو سعد النَّيْسَابُورِي الشَّافِعِي محيي الدّين تلميذ الْغَزالِيّ برع فِي الْفِقْه وصنف فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْفُقَهَاء بنيسابور وصنف الْمُحِيط فِي شرح الْوَسِيط والانتصاف فِي مسَائِل(5/129)
الْخلاف قَتله الغُزّ فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة لما دخلُوا نيسابور وَهُوَ الْقَائِل
(وَقَالُوا يصير الشّعْر فِي المَاء حَيَّة ... إِذا الشَّمْس لاقته فَمَا خلته صدقا)
(فَلَمَّا التوى صدغاه فِي مَاء وَجهه ... وَقد لسعا قلبِي تيقنته حَقًا)
حضر بعض فضلاء عصره درسه وَسمع فَوَائده فَأَنْشد
(رفات الدّين والاسلام تحيا ... بمحيي الدّين مَوْلَانَا ابْن يحيى)
(كَأَن الله رب الْعَرْش يلقِي ... عَلَيْهِ حِين يلقِي الدَّرْس وَحيا)
وَكَانَ الغز فِي وقعتهم مَعَ السُّلْطَان سنجر السلجوقي قد أخذُوا محيي الدّين ودسوا فِي فِيهِ التُّرَاب إِلَى أَن مَاتَ فرثاه جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي الْقَاسِم الْبَيْهَقِيّ قَالَ
(يَا سافكاً دم عَالم متبحر ... قد طَار فِي أقْصَى الممالك صيته)
(بِاللَّه قل لي يَا ظلوم وَلَا تخف ... من كَانَ محيي الدّين كَيفَ تميته)
3 - (أَبُو بكر الْمُزَكي الْمُحدث)
مُحَمَّد بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى بن سختويه أَبُو بكر الْمُزَكي النَّيْسَابُورِي الْمُحدث ابْن الْمُحدث أبي زَكَرِيَّاء ابْن الْمُزَكي توفّي سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (اليمني الْوَاعِظ)
مُحَمَّد بن يحيى بن عَليّ بن مُسلم بن مُوسَى بن عمرَان الْقرشِي اليمني الزبيدِيّ الْحَنَفِيّ الْوَاعِظ قدم دمشق وَكَانَ لَهُ معرفَة بالنحو وَالْأَدب قيل إِنَّه كَانَ يمِيل إِلَى مَذْهَب السالمية وَيَقُول إِن الْأَمْوَات يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وَيَنْكِحُونَ فِي قُبُورهم والشارب وَالزَّانِي وَالسَّارِق لَا يلام على فعله لِأَن ذَلِك بِقَضَاء الله وَقدره توفّي سنة خمس وَخمسين وَخمْس مائَة وَله منار)
الِاقْتِضَاء ومنهاج الاقتفاء وَالرَّدّ على ابْن الخشاب وَكتاب القوافي تَعْلِيل من قَرَأَ وَنحن عصبَة بِالنّصب والحساب وَغير ذَلِك
3 - (ابْن الْوَزير عون الدّين هُبَيْرَة)
مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن هُبَيْرَة ابْن الْوَزير عون الدّين ابْن هُبَيْرَة نَاب فِي الوزارة عَن أَبِيه وَلما توفّي أَبوهُ حبس فهرب من الْحَبْس فَأخذ وَضرب وَدفن بمطمورة حَتَّى مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ يلقب بعز الدّين وَهُوَ(5/130)
رفيع الشَّأْن عالي الْمَكَان ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَأورد لَهُ فِي الذيل
(كم منحت الْأَحْدَاث صبرا جميلا ... وَلكم خلت صابها سلسبيلا)
(وَلكم قلت للَّذي ظلّ يلحا ... ني على الوجد والأذى سل سَبِيلا)
وَأورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار
(ذاعت لنا فِي هَوَاك أسرار ... يَا ظَبْيَة فِي الحشا لَهَا دَار)
(وَاعجَبا للوصال أوثره ... وَهِي ليَوْم الْفِرَاق تخْتَار)
(لما اسْتَقَلت بهَا ظعائنها ... وهتكت للفراق أَسْتَار)
(ناديت يَا ظَبْيَة بكاظمة ... هَا دمع عَيْني عَلَيْك مدرار)
(قلبِي وَفِي على تقلبه ... لَكِن دمعي الْغَدَاة غدار)
(المَاء وَالنَّار فِي قد جمعا ... مَا اجْتمع المَاء قطّ وَالنَّار)
قلت شعر منحط
3 - (ابْن النّحاس الوَاسِطِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى بن هبة الله أَبُو نصر ابْن النّحاس الوَاسِطِيّ وَبهَا توفّي سنة ثَلَاث عشر وست مائَة من شعره
(وقائلة لما عمرت وَصَارَ لي ... ثَمَانُون عَاما عش كَذَا وابق واسلم)
(وَدم وانتشق روح الْحَيَاة فَإِنَّهُ ... لَأَطْيَب من بَيت بصعدة مظلم)
(فَقلت لَهَا عُذْري لديك ممهد ... بِبَيْت زُهَيْر فاعلمي وتعلمي)
(سئمت تكاليف الْحَيَاة وَمن يَعش ... ثَمَانِينَ عَاما لَا محَالة يسأم)
3 - (البَجلِيّ الوَاسِطِيّ)
)
مُحَمَّد بن يحيى بن طَلْحَة أَبُو عبد الله البَجلِيّ الوَاسِطِيّ الشَّاعِر دخل بغداذ وَالشَّام وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة مدح الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين وَغَيره وَمن شعره
(لقد أوحشتني الدَّار بعد أنيسها ... وضاق عَليّ الرحب وَهُوَ فسيح)
(وَأصْبح مغنى كُنْتُم تسكنونه ... كجسم خلت مِنْهُ العشية روح)
(ترى ترجع الْأَيَّام تجمع بَيْننَا ... وَيرجع وَجه الدَّهْر وَهُوَ صبيح)
(وَيَأْتِي بشير مِنْكُم فأضمه ... وأشركه فِي مهجتي وأبيح)
(فَإِن تسمحوا بالبعد عني فإنني ... بخيل بِهِ لَو تعلمُونَ شحيح)
قلت شعر نَازل(5/131)
مُحَمَّد بن يحيى أَبُو عبد الله ذكره حرقوص فِي كِتَابه وَطول الثَّنَاء عَلَيْهِ وَأورد لَهُ قَوْله يصف غيثاً
(يَا بارقاً برقتْ لَهُ الأصواء ... وتكشفت عَن نوره الأضواء)
(لَا تبعدن فَإِن بعْدك للورى ... حتف وللترب الرغيب ظماء)
(برق براق الأَرْض تضمر عَشِقَهَا ... وتوده الميثاء والمعزاء)
(نَار إِذا التهبت وَلم يَك حَدهَا ... هزلا تولد من سناها مَاء)
(ضحك إِذا استبكى السَّحَاب فَمَا لَهُ ... إِذْ يلتظي إِلَّا الأياء أياء)
(فالروض من ذَاك الحيا موشية ... وَالْأَرْض من تِلْكَ السَّمَاء سَمَاء)
(مَا إِن وشت كفا صناع مَا وشى ... ذَاك الضياء بهَا وَذَاكَ المَاء)
(لما خبا ذَاك اللهيب ترقرقت ... فِي الأَرْض من ذَاك اللهيب إضاء)
(رزق لَهَا مقل جواحظ تَارَة ... ترنو وتارات لَهَا إغضاء)
3 - (القَاضِي ابْن فضلان)
مُحَمَّد بن يحيى بن عَليّ بن الْفضل بن هبة الله قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين أَبُو عبد الله بن فضلان بِالْفَاءِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة على وزن سلمَان البغداذي الشَّافِعِي مدرس المستنصرية ولي الْقَضَاء للْإِمَام النَّاصِر آخر دولته تفقه على وَالِده وبرع فِي الْمَذْهَب ورحل إِلَى خُرَاسَان وناظر علماءها وَكَانَ عَلامَة فِي الْمَذْهَب وَالْأُصُول وَالْخلاف والمنطق سَمحا جواداً لَا يدّخر شَيْئا وَكَانَ قوالاً ازدحموا على نعشه لما مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة كتب إِلَى)
النَّاصِر فِي مضاعفة الْجِزْيَة على أهل الذِّمَّة وَقَالَ يجوز أَخذهَا مِنْهُم فَوق الدِّينَار إِلَى الْمِائَة حسب امتداد الْيَد عَلَيْهِم وعزله الظَّاهِر بعد شَهْرَيْن من ولَايَته ثمَّ ولي النّظر على البيمارستان وعزل بعد سِتَّة أشهر وَولي نظر الجوالي ثمَّ ولي تدريس مدرسة أم النَّاصِر وَتَوَلَّى تدريس المستنصرية وَتوجه رَسُولا إِلَى الرّوم وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده فِي حرف الْيَاء
3 - (أَبُو بكر البرذعي)
مُحَمَّد بن يحيى بن هِلَال أَبُو بكر البرذعي ذكره أَبُو سعد الإدريسي فِي تَارِيخ سَمَرْقَنْد وَقَالَ سكن بغداذ وَكَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا قدم علينا سَمَرْقَنْد سنة خمسين وَثَلَاث مائَة وكتبنا عَنهُ بهَا يروي عَن أبي بكر مُحَمَّد ابْن الْفضل بن حَاتِم الطَّبَرِيّ وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن شُعَيْب الْغَازِي الطَّبَرِيّ وروى عَنهُ الإدريسي حَدِيثا
3 - (ابْن البرذعي النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى بن هِشَام الْعَلامَة أَبُو عبد الله النصاري(5/132)
الخزرجي الأندلسي الْمَعْرُوف بِابْن البرذعي من أهل الجزيرة الخضراء كَانَ رَأْسا فِي الْعَرَبيَّة عاكفاً على التَّعْلِيم كَانَ أَبُو عَليّ الشلوبين يثني عَلَيْهِ ويعترف لَهُ صنف فصل الْمقَال فِي أبنية الْأَفْعَال وَله كتاب الْمسَائِل النخب فِي عدَّة مجلدات والإفصاح وَغير ذَلِك توفّي بتونس سنة سِتّ وَأَرْبَعين وست مائَة وَقد نَيف على السّبْعين
3 - (القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن الغرناطي الْأَشْعَرِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الرّبيع الْعَلامَة القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْعَلامَة المُصَنّف الْمُتَكَلّم قَاضِي غرناطة أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ الْيَمَانِيّ الْقُرْطُبِيّ أحد فرسَان الْكَلَام روى عَن أَبِيه وَعَمه أبي جَعْفَر أَحْمد وَأبي الْقَاسِم أَحْمد بن بَقِي وَغَيرهم قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان أجَاز لي ونقلت أَسمَاء شُيُوخه وَعمل برنامجاً إِلَى أَن قَالَ وَهُوَ كَانَ الْمشَار إِلَيْهِ بالأندلس فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة من أصُول الدّين وَالْفِقْه والحساب والهندسة وَله معرفَة بالطب ووجاهة عِنْد السُّلْطَان ابْن الْأَحْمَر وَكَانَ أشعري النّسَب وَالْمذهب وَله تصانيف فِي المعقولات قَالَ وَسمعت قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد يَقُول مَا وقفنا على كَلَام أحد من متأخري المغربة مشبه لكَلَام الْعَجم مثل هَذَا توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة)
3 - (صَاحب تونس)
مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الْوَاحِد بن عمر الْأَمِير الْمُسْتَنْصر أَبُو عبد الله ابْن الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء الهنتاتي ولي أَبوهُ يحيى مُدَّة وَمَات سنة سبع وَأَرْبَعين وهما بربريان موحدان صاحبا تونس وَأجل مُلُوك الغرب فِي زمانهما كَانَ جده الشَّيْخ الهنتاتي من الْعشْرَة أَصْحَاب ابْن تومرت وَكَانَ مُحَمَّد ملكا عَظِيما شجاعاً سؤوساً متحيلاً على بُلُوغ قَصده يقتحم الأخطار وَهُوَ ذُو غرام بالعمارات وَاللَّذَّات تزف إِلَيْهِ كل لَيْلَة جَارِيَة وَقتل عمية لما تملك وأباد جمَاعَة من الْخَوَارِج وَوضع جمَاعَة مِنْهُم فِي قبَّة أساسها ثمَّ أرسل المَاء عَلَيْهَا وارتدمت عَلَيْهِم وَكَانَت أسلحة الْجَيْش كلهَا فِي خزائنه فَإِذا وَقع أَمر أخرجهَا وَلم يكن لجنده اقطاع بل يجمع ارْتِفَاع الْبِلَاد وَيَأْخُذ لنَفسِهِ الرّبع وَالثمن وَينْفق مَا بَقِي فيهم كل عَام نفقات روى عَنهُ الْخَطِيب أَبُو بكر ابْن سيد النَّاس توفّي سنة خمس وَسبعين وست مائَة أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ أَخْبرنِي رَئِيس الأدباء أَبُو الْحسن حَازِم أَنه قَالَ كنت أساير الْمُسْتَنْصر وَنحن فِي الْبُسْتَان الَّذِي أنشأه ظَاهر تونس فَكُنَّا نتمالط فِي الشّعْر يبْدَأ هُوَ بِالْبَيْتِ وأتمه أَنا وأبدأ ويتمه هُوَ وَكَانَ مائلاً إِلَى الْفِقْه على طَريقَة أهل الحَدِيث وأنشدني أثير الدّين من لَفظه قَالَ أَنْشدني صاحبنا أَبُو عَمْرو ابْن الْحَافِظ أبي بكر ابْن سيد النَّاس قَالَ أَنْشدني أبي قَالَ أنشدنا الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أَبُو عبد الله ملك أفريقية لنَفسِهِ(5/133)
(مَالِي عَلَيْك سوى الدُّمُوع معِين ... إِن كنت تغدر فِي الْهوى وتخون)
(من منجدي غير الدُّمُوع وَإِنَّهَا ... لمغيثة مهما اسْتَغَاثَ حَزِين)
(الله يعلم أَن مَا حَملتنِي ... صَعب وَلَكِن فِي رضاك يهون)
وَقَالَ أَخْبرنِي أَبُو الزهر أَن الْمُسْتَنْصر كَانَ فِي بعض متصيداته فَكتب لأبي عبد الله ابْن أبي الْحُسَيْن يَأْمُرهُ بإحضار الأجناد لأخذ أَرْزَاقهم
(ليحضر كل لَيْث ذِي منال ... زكا فرعا لإسداء النوال)
(غَدا يَوْم الْخَمِيس فَمَا شغلنا ... بأسد الْوَحْش عَن أَسد الرِّجَال)
انْتهى مَا قَالَه أثير الدّين وَكَانَ وَالِده يحيى قد صنع دَارا عَظِيمَة تَحت الأَرْض وأودع فِيهَا من أَنْوَاع الْأَمْوَال وَالسِّلَاح مَا جعله عدَّة وذخيرة لسلطانه وَلم يتْرك على وَجه الأَرْض من لَهُ علم بِهَذَا الْموضع إِلَّا صَاحب وزارة الْفضل وَهُوَ أَبُو عبد الله ابْن الْحُسَيْن بن سعيد فَلَمَّا جرت)
الْفِتْنَة واستقرت قدم ابْن يحيى فِي السلطنة وَكَانَ الْوَزير الْمَذْكُور مِمَّن سخط عَلَيْهِ وَقبض على دياره وأمواله وصيره كالمحبوس كتب الْوَزير إِلَيْهِ رقْعَة وَطلب الِاجْتِمَاع بِهِ فِي مصلحَة الدولة فَأحْضرهُ وَسَأَلَهُ فَقَالَ إِن المرحوم صنع تَحت الأَرْض دَارا أودعها نفائس أَمْوَاله وَلَيْسَ يعرفهَا غَيْرِي ووصاني أَنه إِذا انْتقل إِلَى جوَار ربه إِذْ توقع أَن تقع فتْنَة بَين أَقَاربه وَقَالَ إِذا انْقَضتْ سنة وَاسْتقر الْأَمر لأحد من وَلَدي أَو من تتيقن أَنه يصلح لأمر الْمُسلمين فأطلعه على هَذِه الذَّخَائِر فَرُبمَا فنيت الْأَمْوَال بالفتنة فَلَا يجد الْقَائِم بِالْأَمر مَا يصلح بِهِ الدولة إِذا تفرغ للتدبير والسياسة ففرح السُّلْطَان وبادر إِلَى تِلْكَ الدَّار فَرَأى مَا مَلأ عينه وسر قلبه وَخرج الْوَزير وَالْخَيْل تجنب أَمَامه وَبدر الْأَمْوَال بَين يَدَيْهِ وَأعَاد الْوَزير إِلَى أحسن حالاته وَقَالَ السُّلْطَان إِن من أجب شكر الله عَليّ أَن أفْتَتح المَال بِأَن أؤدي مِنْهُ للرعية الَّذين نهبت دُورهمْ واحترقت فِي الْفِتْنَة الَّتِي كَانَت بيني وَبَين أقاربي مَا خسروه وَأمر بالنداء فيهم وأحضرهم وكل من حلف على شَيْء قَبضه وَانْصَرف
3 - (أَبُو عصيدة صَاحب تونس)
مُحَمَّد بن يحيى الْمَنْصُور بِاللَّه أَبُو عصيدة ابْن الواثق الهنتاتي تملك تونس بِإِشَارَة الْمرْجَانِي فِي آخر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَكَانَ دينا صَالحا حميد السِّيرَة منفقاً من جنده وَكَانُوا نَحوا من سَبْعَة آلَاف وَكَانَ مليح الشكل شرِيف النَّفس مهيباً سائساً توفّي سنة تسع وَسبع مائَة وَلم يعْهَد إِلَى أحد فَقَامَ بعده ابْن عَمه فَقتل بعد أَيَّام توثب عَلَيْهِ المتَوَكل خَالِد بن يحيى من بني عَمه وتملك ثمَّ خلع بعد يَوْمَيْنِ وَمَات أَبُو عصيدة شَابًّا لقب بذلك لِأَنَّهُ عمل فِي سماط لَهُ عصيدة عَظِيمَة فِي وعَاء سعته تفوق الْعبارَة فِي وَسطه بركَة وَاسِطَة مَمْلُوءَة من سمن ويليها خَنْدَق من عسل ثمَّ خَنْدَق من دهن ثمَّ خَنْدَق من دبس ثمَّ خَنْدَق من زَيْت ثمَّ خَنْدَق من رب سَبْعَة خنادق وَالله أعلم
3 - (ابْن الصَّيْرَفِي)
مُحَمَّد بن يحيى بن أبي مَنْصُور ابْن أبي الْفَتْح محيي الدّين أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الصَّيْرَفِي مولده سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة بِدِمَشْق وَدفن بمقابر بَاب الفراديس كَانَ عِنْده فَضِيلَة وَحسن عشرَة وعَلى ذهنه حكايات(5/134)
وأشعار وَقطعَة صَالِحَة من التواريخ سمع الْكثير فِي صغره وَكبره وَتَوَلَّى عدَّة جِهَات وَكَانَ لَهُ حُرْمَة)
ومكانة وتوكل للأمير علم الدّين سنجر أَمِير جاندار الْملك الظَّاهِر ولازم الْأَمِير افتخار الدّين وَولده نَاصِر الدّين
3 - (الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي الْأَشْعَرِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الْعَلامَة أَبُو عبد الله الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي الْأَشْعَرِيّ نزيل مالقة ولد بقرطبة سنة سِتّ وَعشْرين وَكَانَ شيخ مالقة وعالمها ووزيرها مُحدثا فَقِيها أشعرياً من محفوظاته المقامات كَانَ آخر من حدث عَن وَالِده بِالسَّمَاعِ وَسمع من الدباج والشلوبين وَابْن الطيلسان وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَسبع مائَة
3 - (ابْن الغليظ)
مُحَمَّد بن يحيى بن الغليظ هُوَ ابْن الأديب أبي زَكَرِيَّاء قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين أديب هيجاء أنشدنا أَبُو الزهر قَالَ أنشدنا ابْن الغليظ لنَفسِهِ
(وليتم ابْن أبي طاطو بِلَادكُمْ ... وَرُبمَا خفيت عَنْكُم معائبه)
(أَلَيْسَ من شؤمه إِن حل فِي بلد ... دارت رحاه وَمَا درت سحائبه)
3 - (الْكرْمَانِي الْمعبر)
مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْكرْمَانِي أَبُو عبد الله الْمعبر كَانَ فَقِيها على مَذْهَب الشَّافِعِي وَسمع الحَدِيث كثيرا من أبي الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الصَّلْت الْقرشِي وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن رزقويه الْبَزَّاز وَأبي الْحُسَيْن عَليّ بن بَشرَان وَأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحسن الْأَصْبَهَانِيّ وَأبي عبد الله أَحْمد بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي وَأبي عَليّ الْحسن بن شَاذان وَأبي مُحَمَّد الْحسن بن الْجَوْهَرِي وَغَيرهم وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على الْمَشَايِخ وَسمع أَبُو بكر الْخَطِيب الْحَافِظ بقرَاءَته وروى عَنهُ فِي تَارِيخه فِي مَوَاضِع وَحدث بِكَثِير وَسمع مِنْهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي نصرٍ الْحميدِي وطاهر بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي وَأَخُوهُ عَليّ بن مُحَمَّد وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن مواهب البرداني)
مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن مواهب بن إِسْرَائِيل بن عقيل أَبُو الْفَتْح البرداني البغداذي سمع الشريفين أَبَا عَليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الْمهْدي وَأَبا الْغَنَائِم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه وَأَبا عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان الْكَاتِب وَغَيرهم وَحدث بالكثير روى عَنهُ)
أَبُو الْفتُوح نصر بن عَليّ بن الْخضر بن الْحَافِظ وَكَانَ شَيخا صَالحا حَافِظًا لكتاب الله كثير الْعِبَادَة يقوم اللَّيْل إِلَّا أَنه لعب بِهِ الصّبيان وَقَالُوا لَهُ لَو ادعيت سَماع المقامات لَكَانَ يحصل لَك بروايتها من المحتشمين شَيْء كثير وحسنوا لَهُ ذَلِك وَادّعى سماعهَا قَالَ أَبُو الْفتُوح فنهيته عَن ذَلِك فَصَارَ يَدْعُو عَليّ فِي الْمجَالِس وَيَقُول فلَان حرمني كَذَا وَكَذَا من المَال فَالله بيني وَبَينه وَلَا أَدْرِي أحدث بهَا أم لَا توفّي سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَدفن بِبَاب حَرْب(5/135)
3 - (السلَامِي ابْن الحبير)
مُحَمَّد بن يحيى بن مظفر بن نعيم السلَامِي قَالَ محب الدّين ابْن النجار أَبُو بكر ابْن شَيخنَا أبي زَكَرِيَّاء الْمَعْرُوف بِابْن الحبير تَصْغِير حبر قَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل على أبي الْفَتْح ابْن الْمَنِيّ ثمَّ لَازم النوقاني وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْخلاف وَالْأُصُول حَتَّى برع فِي ذَلِك وناظر الْفُقَهَاء ودرس مُدَّة وانتفع بِهِ الطّلبَة وانتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وَولي تدريس الاسبابذية الَّتِي بَين الدربين وَصَارَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْقصر وَيتَكَلَّم عِنْده الْفُقَهَاء فِيهَا وناب فِي الحكم وَالْقَضَاء عَن ابْن فضلان مُدَّة ولَايَته ثمَّ ولي التدريس بمدرسة ابْن الْمطلب ثمَّ ولي تدريس النظامية وَكَانَ يخرج إِلَى مَكَّة فِي كل سنة على كسْوَة الْكَعْبَة وصدقات الْحَرَمَيْنِ وَسمع الحَدِيث من شهدة الكاتبة وَمن أبي الْفرج ابْن كُلَيْب وَمن جمَاعَة من الشُّيُوخ وَصَحب أَبَا الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَسمع مِنْهُ كثيرا من مروياته ومصنفاته وكتبت عَنهُ وَهُوَ فَاضل صَدُوق غزير الْعلم كثير الْمَحْفُوظ حسن الْكَلَام فِي المناظرة مضطلع بفنون الْعلم متدين كثير الْعِبَادَة والتهجد وتلاوة الْقُرْآن حسن الخلاق متواضع جميل السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة سليم الْجَانِب ولد سنة تسع وَخمسين وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (الْجِرْجَانِيّ الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى بن مهْدي الْجِرْجَانِيّ أَبُو عبد الله الْفَقِيه الْحَنَفِيّ قَرَأَ الْفِقْه على أبي بكر الرَّازِيّ حَتَّى برع فِيهِ وَعَلِيهِ تفقه أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْقَدُورِيّ وَحدث عَن عبد الله بن إِسْحَاق بن يَعْقُوب النصري وَأبي أَحْمد الغطريفي روى عَنهُ أَبُو سعد إِسْمَاعِيل بن عَليّ السمان الرَّازِيّ وَأَبُو نصر الشِّيرَازِيّ وَذكره الْخَطِيب أَبُو بكر فِي التَّارِيخ وَلم يذكر لَهُ رِوَايَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
3 - (المنجم)
)
مُحَمَّد بن يحيى بن أبي مَنْصُور المنجم أكبر ولد يحيى كَانَ عَالما فَاضلا أديباً لَهُ تصانيف حسان وبلاغة جَيِّدَة وفصاحة بَالِغَة وَمن تصانيفه كتاب أَخْبَار الشُّعَرَاء وَهُوَ كتاب مَشْهُور مقدم على كتب أَخْبَار الشُّعَرَاء وَكَانَت عنايته بِعلم النُّجُوم تَامَّة وَكَانَ حسن الْعلم بالموسيقى والهندسة والطب وَالْكَلَام وَله مؤلفات فِي الْعَرَبيَّة
3 - (أَبُو عبد الله الأسواني الصَّالح)
مُحَمَّد بن يحيى بن أبي بكر ابْن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِدْرِيس صفي الدّين أَبُو عبد الله الأسواني الهرغي نزيل إخميم كَانَ مَشْهُورا بالصلاح يعْتَقد النَّاس بركته وينقلون عَنهُ مكاشفات وكرامات كتب عَنهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَأَبُو بكر ابْن عبد الْبَاقِي الْخَطِيب وَأَبُو عبد الله ابْن النُّعْمَان وَالشَّيْخ قطب الدّين ابْن الْقُسْطَلَانِيّ والكمال ابْن الْبُرْهَان وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّيْخ أبي يحيى ابْن شَافِع قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وَكَانَ(5/136)
يَدعِي أَنه يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويجتمع بِهِ قَالَ حكى عَنهُ شَيخنَا الْعَالم الْفَقِيه تَاج الدّين مُحَمَّد بن الدشنائي قَالَ كنت أسمع بِهِ فأشتهي رُؤْيَته فَلَمَّا اتّفق سَفَرِي إِلَى إخميم تَوَجَّهت إِلَيْهِ فَتكلم إِلَى أَن قَالَ مَا يبْقى فِي النَّار أحد فَقلت وَلَا الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى فَقَالَ وَلَا الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى قَالَ قلت لَهُ الله تَعَالَى قَالَ كَذَا وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا قَالَ كنت أعتقد مَا تعتقده إِلَى أَن وجدت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالَ جَاءَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لي كَذَا فتألمت مِنْهُ وَقمت وَرجعت إِلَى قوص وَاجْتمعت بوالدي فَقَالَ لي وصلت إِلَى أخميم فَقلت نعم فاجتمعت بِأبي عبد الله الأسواني قلت نعم فَقَالَ مَا قَالَ فحكيت لَهُ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ حضرت أَنا وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين عِنْده وَجرى مثل ذَلِك ونازعناه طَويلا فَقَالَ يَا أَصْحَابنَا مَا تبقى فِي النَّار إِلَّا هَذَانِ الرّجلَانِ قَالَ وَحكى لي صاحبنا الشَّيْخ الْفَقِيه شرف الدّين مُحَمَّد بن الفاسح الإخميمي قَالَ جرى شَيْء من ذَلِك عِنْد شَيخنَا ابْن دَقِيق الْعِيد فَقَالَ كَانَ فِي بلدك من يَقُول هَذِه الْمقَالة فَقلت من سَيِّدي فَقَالَ عَجِيب تعرفنِي أذكر أحدا وَبَلغت مقَالَته بعض قُضَاة الْقُضَاة فَأرْسل إِلَى قَاضِي إخميم أَن يحضرهُ وَيعْمل مَعَه الشَّرْع وَكَانَ الْحَاكِم بهَا ابْن المطوع وَكَانَ عَاقِلا فِيهِ سياسة فَأحْضرهُ والعوام تعتقده فَقَالَ يَا شيخ أَبَا عبد الله مَا نتوب كلنا إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ نعم نقُول كلنا اللَّهُمَّ إِنَّا نتوب إِلَيْك فَقَالَ ذَلِك وَتَركه وَكتب إِلَى قَاضِي الْقُضَاة أَنه أحضرهُ وَأَنه تَابَ وَذكر حَاله وَقيام الْعَوام مَعَه وَمَا ينْقل عَنهُ من خير وَقَالَ)
لنا شَيخنَا أثير الدّين أَبُو حَيَّان سَمِعت الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي يَقُول سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن يحيى الهرغي يَقُول سَمِعت أَبَا زيد التكروري يَقُول سَمِعت الشَّيْخ أَبَا مَدين يَقُول كفى بالحدوث نقصا فِي جَمِيع الْخَلِيفَة وَمن كَانَ معلولاً لم يدْرك الْحَقِيقَة وَتُوفِّي بإخميم سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَدفن برباطة بهَا ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة وَأَبوهُ أَبُو زَكَرِيَّاء من الْمغرب قدم أسوان وَأقَام بهَا وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وست مائَة وَمن شعر أبي عبد الله
(من يَوْم أَلَسْت كَانَ مِنْهُم مَا كَانَ ... وَصلي بهم من قبل أَيْن وَمَكَان)
(لَا صد وَلَا هجران أخشاه وَلَا ... مَا يحدثه يَا صَاحِبي صرف زمَان)
وَمِنْه
(يَا ليالينا بِذِي سلم ... وَمنى والخيف وَالْعلم)
(هَل ترى من عودة وَعَسَى ... أَقْْضِي حق الْعَهْد والذمم)
(لَا وعيش مر لي بهم ... إِنَّه من أعظم الْقسم)
(لست أسلو حبهم أبدا ... لَو أرى فِي ذَاك سفك دمي)
(يَا عذولي قل عَن عذلي ... وغرامي زد وَدم سقمي)
(وَسَقَى تِلْكَ الربوع حَيا ... وبله من وَاسع الْكَرم)
قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وَوجدت بِخَط الْكَمَال ابْن الْبُرْهَان سَمِعت الشَّيْخ(5/137)
أَبَا عبد الله يَقُول دخلت دمشق فَحَضَرت مجْلِس واعظ كَانَ مُعظما فِيهَا فَقَالَ لَيْسَ أحد يَخْلُو من هوى فَقَالَ لَهُ شخص وَلَا رَسُول الله فَقَالَ وَلَا رَسُول الله فأنكرت عَلَيْهِ فَقَالَ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حبب إِلَيّ من دنياكم ثَلَاث فَقلت هَذَا عَلَيْك لِأَنَّهُ مَا قَالَ أَحْبَبْت ثمَّ فارقته وَرَأَيْت قَائِلا يَقُول لي فِي النّوم أَو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ضربنا عُنُقه فَخرج من دمشق فَقتل
3 - (ابْن الفويرة الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن يحيى الشَّيْخ الإِمَام الْمُفْتِي بدر الدّين ابْن الفويرة الْحَنَفِيّ كَانَ قد اشْتغل اشتغالاً كثيرا وَهُوَ رَفِيق القَاضِي فَخر الدّين الْمصْرِيّ فِي الِاشْتِغَال تفنن فِي الْعُلُوم وشارك فِي الْفُنُون وَتُوفِّي رَحمَه الله كهلاً سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة حضرت حَلقَة أشغاله بالجامع الْأمَوِي عِنْد شباك الكاملية بِالْحَائِطِ الشمالي وأوردت عَلَيْهِ فِي لَفظه طهُور وَأَن هَذِه الصِّيغَة للْمُبَالَغَة)
فِي تكْرَار الْفِعْل من الْفَاعِل على مَا تقدم من سُؤَالِي نظماً فِي تَرْجَمَة أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف السُّبْكِيّ فأعجبه ذَلِك إعجاباً كثيرا وزهزه لَهُ وَلم تكن إِقَامَة الْوَزْن فِي طباعه رَحمَه الله تَعَالَى فَإِنَّهُ كَانَ ينشد على ماحكاه لي عَنهُ القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله معاوي إننا بشر فأسجحي بِإِثْبَات الْيَاء بعد الْحَاء
3 - (القَاضِي بدر الدّين ابْن فضل الله)
مُحَمَّد بن يحيى بن فضل الله القَاضِي بدر الدّين صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بِالشَّام يَأْتِي نسبه مُسْتَوفى فِي تَرْجَمَة أَخِيه القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد توجه إِلَى الديار المصرية صُحْبَة وَالِده وَأقَام بهَا وَأدْخلهُ أَخُوهُ القَاضِي عَلَاء الدّين عَليّ إِلَى دَار الْعدْل بعد وَفَاة أَبِيه وَوَقع فِي الدست وَلما توجه أَخُوهُ القَاضِي عَلَاء الدّين إِلَى الكرك صُحْبَة النَّاصِر أَحْمد وتسلطن الصَّالح إِسْمَاعِيل سد الْوَظِيفَة إِلَى أَن عَاد أَخُوهُ ثمَّ إِنَّه جهز إِلَى الشَّام على صحابة ديوَان الْإِنْشَاء فورد إِلَيْهَا فِي أول شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ سَاكِنا عَاقِلا وادعاً كثير الإطراق والصمت وأحبه النَّاس وخضع لَهُ الْأُمَرَاء والأكابر وَعمر دوراً متلاصقة عِنْد قناة صَالح جوا بَاب توما وَأَنْشَأَ إِلَى جَانبهَا حَماما يتَّصل بِبَعْض مَا هُوَ ساكنه فَمَا متع بذلك وَلَا دَخلهَا غير مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاث وَتُوفِّي بعد مرض حاد سادس عشْرين شهر رَجَب الْفَرد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَت لَهُ جَنَازَة عَظِيمَة وَصلى عَلَيْهِ نَائِب الشَّام والأمراء والقضاة وَالْعُلَمَاء وَغَيرهم وَدفن فِي تربة وَالِده بجبل الصالحية ومولده سنة عشر وَسبع مائَة وَهُوَ شَقِيق أَخِيه القَاضِي شهَاب الدّين وَخلف نعْمَة طائلة وأملاكاً كَثِيرَة وكتبت إِلَى أَخِيه القَاضِي عَلَاء الدّين أعزيه على لِسَان الْأَمِير عز الدّين طقطاي الدوادار كتابا من رَأس الْقَلَم يَوْم وَفَاته والبريد وَاقِف(5/138)
يقبل الأَرْض لَا سَاق إِلَيْهَا الله بعْدهَا وَفد عزاء وَلَا أذاقها فقد أحبة وَلَا فِرَاق أعزاء وَلَا أعدمها جملَة صَبر يفْتَقر مِنْهُ إِلَى أقل الْأَجْزَاء وَينْهى مَا قدره الله تَعَالَى من وَفَاة المخدوم القَاضِي بدر الدّين أخي مَوْلَانَا جعله الله وَارِث الْأَعْمَار وأسكن من مضى جنَّات عدن وَإِن كَانَت الْقُلُوب بعده من الأحزان فِي النَّار فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قَول من غَابَ بدره وخلا من الدست صَدره وَعمر مصابه فَهُوَ يتأسى بِالنَّاسِ وَعدم جلده فَقَالَ للدمع اجرِ فكم فِي وقوفك الْيَوْم من باس وَهَذَا مصاب لم يكن فِيهِ مَوْلَانَا بأوحد وعزاء لَا يَنْتَهِي النَّاس فِيهِ إِلَى)
غَايَة أَو حد
(علينا لَك الإسعاد إِن كَانَ نَافِعًا ... بشق قُلُوب لَا بشق جُيُوب)
فَمَا كَانَ الدست الشريف إِلَّا صدر نزع مِنْهُ الْقلب أَو نُجُوم بَيْنَمَا بدرها يشرق إِذا بِهِ فِي الغرب وَمَا يَقُول الْمَمْلُوك إِلَّا إِن كَانَ الْبَدْر قد غَابَ فَإِن النير الْأَعْظَم واف وَبَيْنكُم الْكَرِيم سَالم الضَّرْب وَإِنَّمَا أدْركهُ بالوهم خَفِي زحاف وَمَا بَقِي إِلَّا الْأَخْذ بِسنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّبْر والاحتساب وَتَسْلِيم الْأَمر إِلَى صَاحبه الَّذِي كتب هَذَا المصرع على الرّقاب وَفِي بقائك مَا يسلي من الْحزن وظل مَوْلَانَا بِحَمْد الله تَعَالَى بَاقٍ على بَيته وَمَا نقص عدد ترجع جملَته إِلَى مَوْلَانَا وكلنَا ذَلِك الدارج وَالله لَا يذيقه بعْدهَا فقد قرين قريب ويعوض ذَلِك الذَّاهِب عَمَّا تَركه فِي هَذِه الدَّار الفانية من الدَّار الْبَاقِيَة بأوفر نصيب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقلت أرثيه وَلم أكتب بذلك إِلَى أحد
(لفقدك بدر الدّين ق مسنا الضّر ... وأظلم أفق الشَّام وَاسْتَوْحَشْت مصر)
(وشقق جيب الْبَرْق واستعبر الحيا ... وَلَطم خد الرَّعْد وانصدع الْفجْر)
(وكادت لنوح الْوَرق فِي غسق الدجى ... تَجف على الأغصان أوراقها الْخضر)
(لَك الله من غاد إِلَى ساحة البلى ... وَمن بعده تبقى الْأَحَادِيث وَالذكر)
(كَأَن بني الْإِنْشَاء يَوْم مصابه ... نُجُوم سَمَاء خر من بَينهَا الْبَدْر)
3 - (القَاضِي ابْن يخلفتن)
مُحَمَّد بن يخلفتن بن أَحْمد بن تنفليت أَبُو عبد الله الحبشي الْبَرْبَرِي الفازازي التلمساني الْفَقِيه قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ فَقِيها أديباً مقدما فِي الْكِتَابَة وَالشعر ولي قَضَاء مرسية وقرطبة وَكَانَ حميد السِّيرَة حدث أَنه كَانَ يحفظ صَحِيح البُخَارِيّ توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة وَمن شعره
3 - (وَزِير الْمَأْمُون)
مُحَمَّد بن يزْدَاد بن سُوَيْد الْكَاتِب الْمروزِي الْوَزير وزر لِلْمَأْمُونِ(5/139)
كَانَ حسن البلاغة كثير الْأَدَب مَشْهُورا بقول الشّعْر لَهُ فِي الْمَأْمُون مرثية مَعْرُوفَة وَكَانَ سُلَيْمَان بن وهب يكْتب بَين يَدَيْهِ وَكَانَ بِهِ خَاصّا ثمَّ اتَّصل بِهِ أَن سُلَيْمَان سعى عَلَيْهِ فَاطْرَحْهُ ولمحمد فِيهِ أشعار مِنْهَا قَوْله)
(الْمَرْء مثل هِلَال عِنْد مطلعه ... يَبْدُو ضئيلاً ضَعِيفا ثمَّ يتسق)
(يزْدَاد حَتَّى إِذا مَا تمّ أعقبه ... كرّ الجديدين نُقْصَانا فينمحق)
وَسمع قَول الشَّاعِر
(إِذا كنت ذَا رَأْي فَكُن ذَا عَزِيمَة ... فَإِن فَسَاد الْمَرْء أَن يترددا)
فأضاف إِلَيْهِ
(وَإِن كنت ذَا عزم فأنفذه عَاجلا ... فَإِن فَسَاد الْعَزْم أَن يتفندا)
وَقَالَ فِي جَارِيَة كَانَ يهواها
(أيا من بهَا أَرض من النَّاس كلهم ... وَإِن كنت أَشْكُو تيهها وازورارها)
(لَو أَن الْأَمَانِي خيرت فتخيرت ... على الْحسن إنْسَانا لَكُنْت اخْتِيَارهَا)
وَقَالَ
(فَلَا تأمنن الدَّهْر حرا ظلمته ... فَمَا ليل حر إِن ظلمت بنائم)
توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ بسر من رأى
3 - (المرواني)
مُحَمَّد بن يزِيد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم هُوَ الْقَائِل وَقد جرت بَينه وَبَين عبد الله بن مُصعب الزبيرِي مفاخرة بِحَضْرَة الْمهْدي
(إِن النُّبُوَّة والخلافة وَالْهدى ... وَالدّين وَالدُّنْيَا لعبد منَاف)
(نزل الْقرَان على أَبِيهِم واحيهم ... بِالْحَقِّ والبرهان والإنصاف)
(فِيهِ الْحَلَال وَمَا يحرم كُله ... شاف لمن يَبْغِي الطَّرِيقَة كَاف)
3 - (الخزرجي الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن يزِيد الخزرجي الشَّاعِر الْأَعْوَر لقِيه عَليّ بن الْمهْدي الكسروي وَأخذ عَنهُ وَهُوَ الْقَائِل
(يَا ابْن من يكْتب فِي الأع ... ناق من غير دَوَاة)
(لم يكن يكْتب فِيهَا ... غير خطّ الألفات)
يُرِيد أَن أَبَاهُ حجام وَالله أعلم
3 - (البشري الشَّاعِر)
)
مُحَمَّد بن يزِيد البشري الْأمَوِي أَبُو جَعْفَر من ولد بشر بن مَرْوَان(5/140)
ابْن الحكم من أهل ميافارقين قدم إِلَى سر من رأى وَأقَام بهَا دهراً واتصل بِعِيسَى بن فرخانشاه وَله فِي المتَوَكل مراث وَهُوَ الْقَائِل
(أترضى لي أَن أرْضى ... بتقصيرك فِي بري)
(وَقد أخلقت من ود ... ك مَا أخلقت من عمري)
(لَعَلَّ الله أَن يصن ... ع لي من حَيْثُ لَا أَدْرِي)
(فألقاك بِلَا شكر ... وتلقاني بِلَا عذر)
وَمن شعره
(لَهَا وأعارني وَلها ... وَأبْصر حرقتي فزها)
(لَهُ وَجه يدل بِهِ ... ولي حرق أذلّ بهَا)
3 - (الرِّفَاعِي قَاضِي بغداذ)
مُحَمَّد بن يزِيد بن مُحَمَّد بن كثير بن رِفَاعَة أَبُو هَاشم الْعجلِيّ الرِّفَاعِي الْكُوفِي الْفَقِيه قَاضِي بغداذ روى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ البُخَارِيّ رَأَيْتهمْ مُجْمِعِينَ على تَضْعِيفه توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (محمش الْحَنَفِيّ)
مُحَمَّد بن يزِيد بن عبد الله السّلمِيّ النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه محمش بِالْحَاء الْمُهْملَة والشين الْمُعْجَمَة كَانَ شيخ الْحَنَفِيَّة فِي عصره بنيسابور وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْمبرد النَّحْوِيّ)
مُحَمَّد بن يزِيد بن عبد الْأَكْبَر الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد إِمَام الْعَرَبيَّة ببغداذ فِي زَمَانه أَخذ عَن الْمَازِني وَأبي حَاتِم السجسْتانِي وَغَيرهمَا وروى عَنهُ إِسْمَاعِيل الصفار وَلَزِمَه مُدَّة وَإِبْرَاهِيم بن نفطويه وَمُحَمّد بن يحيى الصولي وَجَمَاعَة وَكَانَ فصيحاً بليغاً مفوهاً ثِقَة اخبارياً عَلامَة صَاحب نَوَادِر وظرافة وَكَانَ جميلاً وسيماً لَا سِيمَا فِي صباه وَله تصانيف مَشْهُورَة مِنْهَا كتاب الْكَامِل قَالَ القَاضِي الْفَاضِل طالعته سبعين مرّة وكل مرّة أزداد مِنْهُ فَوَائِد والمقتضب وَالرَّوْضَة وَلما صنف الْمَازِني كتاب الْألف وَاللَّام سَأَلَ الْمبرد عَن دقيقه وعويصه فَأَجَابَهُ بِأَحْسَن جَوَاب فَقَالَ لَهُ قُم فَأَنت الْمبرد بِكَسْر الرَّاء أَي الْمُثبت للحق(5/141)
فَغَيره)
الْكُوفِيُّونَ وفتحوا الرَّاء وَتُوفِّي آخر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وعاش خمْسا وَسبعين سنة وَلم يخلف مثله ذكر القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان فِي تَرْجَمَة الْمبرد أَنه رأى مناماً لَهُ علاقَة بالمبرد وَهُوَ مَنَام غَرِيب عَجِيب أودعهُ تَارِيخه وَكَانَت الْعَدَاوَة قد اشتهرت بَين الْمبرد وثعلب حَتَّى نظم النَّاس ذَلِك فِي أشعارهم فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء
(كفى حزنا أَنا جَمِيعًا ببلدة ... ويجمعنا فِي أَرض برشهر مشْهد)
(وكل لكل مخلص الود وامق ... ولكننا فِي جَانب عَنهُ مُفْرد)
(نروح ونغدو لَا تزاور بَيْننَا ... وَلَيْسَ بمضروب لنا عَنهُ موعد)
(فأبداننا فِي بَلْدَة والتقاؤنا ... عسير كأنا ثَعْلَب والمبرد)
وَقَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر يهجوه
(يَوْم كحر الشوق فِي الْقلب والحشا ... على أَنه مِنْهُ أحر وأوقد)
(ظللت بِهِ عِنْد الْمبرد قَاعِدا ... فَمَا زلت من أَلْفَاظه أتبرد)
وَكَانَ الْمبرد حسن الصُّورَة وَلأبي حَاتِم السجسْتانِي فِيهِ أغزال يَأْتِي ذكر شَيْء مِنْهَا فِي تَرْجَمَة أبي حَاتِم وَمن شعر الْمبرد
(حبذا مَاء العناقي ... د بريق الغانيات)
(بهما ينْبت لحمي ... وَدمِي أَي نَبَات)
(أَيهَا الطَّالِب شَيْئا ... من لذيذ الشَّهَوَات)
(كل بِمَاء المزن تفا ... ح خدود ناعمات)
وللمبرد من المصنفات كتاب الِاشْتِقَاق وَكتاب الأنواء والأزمنة وَكتاب القوافي وَكتاب الْخط والهجاء والمدخل إِلَى كتاب سِيبَوَيْهٍ والمقصور والممدود والمذكر والمؤنث ومعاني الْقُرْآن وَيعرف بِالْكتاب التَّام وَالرَّدّ على سِيبَوَيْهٍ والرسالة الْكَامِلَة وإعراب الْقُرْآن والحث على الْأَدَب والصدق وَنسب عدنان وقحطان وَالزِّيَادَة على المنتزعة من كتاب سِيبَوَيْهٍ وَكتاب التعازي وَشرح شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ وضرورة الشّعْر وأدب الجليس والحروف فِي مَعَاني الْقُرْآن إِلَى طه صِفَات الله عز وَجل والممادح والمقابح الرياض المونقة الدَّوَاهِي الْجَامِع وَلم يتم الوشي معنى كتاب سِيبَوَيْهٍ كتاب النَّاطِق كتاب الْعرُوض كتاب البلاغة معنى كتاب الْأَوْسَط للأخفش شرح كَلَام الْعَرَب وتلخيص ألفاظها ومزاوجة كَلَامهَا وتقريب مَعَانِيهَا واتفقت أَلْفَاظه وَاخْتلفت مَعَانِيه)
الْفَاضِل والمفضول طَبَقَات النُّحَاة الْبَصرِيين كتاب الْعبارَة عَن أَسمَاء الله تَعَالَى الْحُرُوف التصريف الْكَافِي فِي الْأَخْبَار
مُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ توفّي سنة تسعين وَمِائَة فِي قَول(5/142)
3 - (المسلمي أَبُو الاصبع)
مُحَمَّد بن يزِيد بن مسلمة بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم أَبُو الاصبع الحصني كَانَ ينزل حصن مسلمة بديار مُضر فنسب إِلَيْهِ قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان شَاعِر محسن مدح الْمَأْمُون وهجا عبد الله بن طَاهِر وعارضه فِي قصيدته الَّتِي أَولهَا
(مدمن الإغضاء مَوْصُول ... ومديم العتب مملول)
وَكَانَ فَخر فِيهَا بأَشْيَاء مثل قتل أَبِيه للأمين فَأَجَابَهُ المسلمي بقصيدة أَولهَا
(لَا يرعك القال والقيل ... كل مَا بلغت تجميل)
مِنْهَا
(أَيهَا البادي ببطنته ... مَا لأغلاطك تَحْصِيل)
(قَاتل المخلوع مقتول ... وَدم الْقَاتِل مطلول)
(لَا تنجيه مذاهبه ... نهر بوشنج وَلَا النّيل)
(يَا أخي المخلوع طلت يدا ... لم يكن فِي بَاعهَا طول)
وَكَانَ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن صَالح الْهَاشِمِي يُنَاقض أَبَا الاصبع فَقَالَ المسلمي قصيدةً يفخر فِيهَا أَولهَا
(أما صفاتي فلهَا شان ... وَقد نماني الشَّيْخ مَرْوَان)
فَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك
(بانوا فَبَان الْعَيْش إِذا بانوا ... وأبدت الْمكنون أجفان)
3 - (الْكلابِي الأبرص)
مُحَمَّد بن يزِيد الْكلابِي الأبرص هُوَ ابْن أبي الْوَلِيد كَانَ يزِيد حجَّة فِي اللُّغَة احْتج بِهِ الْفراء وَابْن الْأَعرَابِي فِي شواهدهما وَهُوَ وَابْنه مُحَمَّد شاعران وَقَالَ مُحَمَّد فِي المتَوَكل
(أدوى الشَّبَاب فَلَا عين وَلَا أثر ... وارتد باليأس عَن أهوائه النّظر)
(كل مضى فانقضى إِلَّا تذكره ... كَمَا تحمل أهل الدَّار فانشمروا)
)
مِنْهَا
(هم أنَاس أبوهم كلما نسبوا ... عَم النَّبِي الَّذِي استسقي بِهِ الْمَطَر)
(وجعفر لقريش كلهَا غرر ... بأمنا وأبينا تلكم الْغرَر)
3 - (ابْن مَاجَه)
مُحَمَّد بن يزِيد مولى ربيعَة الْحَافِظ أَبُو عبد الله ابْن مَاجَه الْقزْوِينِي(5/143)
مُصَنف السّنَن وَالتَّفْسِير والتاريخ كَانَ مُحدث قزوين غير مدافع ولد سنة تسع وَمِائَتَيْنِ وَسمع على مُحَمَّد الطنافسي وَعبد الله بن مُعَاوِيَة وَهِشَام بن عمار وَمُحَمّد بن رمح وسُويد بن سعيد وَعبد الله بن الْجراح الْقُهسْتَانِيّ وَمصْعَب بن عبد الله بن الزبير وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّافِعِي وَيزِيد بن عبد الله اليمامي وجبارة بن الْمُغلس وَدَاوُد بن رشيد وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي وَأبي بكر ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير وَخلق كثير وروى عَنهُ مُحَمَّد بن عِيسَى الْأَبْهَرِيّ وَأَبُو عَمْرو أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَكِيم الْمَدَائِنِي وَعلي بن إِبْرَاهِيم الْقطَّان وَسليمَان بن يزِيد الفامي وَأَبُو الطّيب أَحْمد بن روح البغداذي كَانَ أَبوهُ يعرف بماجه وَلَاؤُه لِرَبِيعَة قَالَ عرضت هَذِه السّنَن على أبي زرْعَة فَنظر فِيهِ فَقَالَ أَظن إِن وَقع هَذَا فِي أَيدي النَّاس تعطلت هَذِه الْجَوَامِع أَو أَكْثَرهَا ثمَّ قَالَ لَعَلَّ لَا يكون فِيهِ تَمام ثَلَاثِينَ حَدِيثا مِمَّا فِي إِسْنَاده ضعف أَو نَحْو ذَا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين إِنَّمَا نقص رُتْبَة كِتَابه بروايته أَحَادِيث مُنكرَة فِيهِ توفّي لثمان بَقينَ من شهر رَمَضَان يَوْم الِاثْنَيْنِ وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء وَصلى عَلَيْهِ أَخُوهُ أَبُو بكر سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي)
مُحَمَّد بن يزِيد بن عبد الصَّمد أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي سمع وَحدث وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو بكر اليزيدي)
مُحَمَّد بن يزِيد اليزيدي أَبُو بكر كَانَ قد هاجى نصرا الخبزرزي بِالْبَصْرَةِ فَزَاد عَلَيْهِ نصر فِي الْفُحْش وَوجد فِيهِ مقَالا ومطعناً توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَهُوَ من ولد يزِيد بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَكَانَ مضطلعاً بعلوم كَثِيرَة مقدما فِي النَّحْو واللغة وَغير ذَلِك وَله شعر)
3 - (الشَّيْبَانِيّ)
مُحَمَّد بن يزِيد بن مزِيد بن زَائِدَة الشَّيْبَانِيّ كَانَ مَوْصُوفا بِالْكَرمِ لَا يرد سَائِلًا فَإِن لم يحضرهُ مَال لم يقل لَا بل يعده ويعجل الْعدة مدحه أَحْمد ابْن أبي فنن صَالح بن سعيد وَقيل هِيَ لأبي الشيص الْخُزَاعِيّ
(عشق المكارم فَهُوَ مشتغل بهَا ... والمكرمات قَليلَة العشاق)
(بَث الصَّنَائِع فِي الْبِلَاد فَأَصْبَحت ... تجبى إِلَيْهِ محامد الْآفَاق)
(وَأقَام سوقاً للثناء وَلم تكن ... سوق الثَّنَاء تعد فِي الْأَسْوَاق)
وَكَانَ لَهُ أَخ اسْمه خَالِد وَسَيَأْتِي ذكره وَذكر وَالِده فِي مكانيهما إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (القَاضِي الْبَصْرِيّ)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن زيد بن دِرْهَم(5/144)
أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ ولد سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ وَولي قُضَاة الْبَصْرَة سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَضم إِلَيْهِ قَضَاء وَاسِط ثمَّ قَضَاء الشرقية ببغداذ وَكَانَ حسن السِّيرَة جميل الْمَذْهَب مُسْتَقِيم الطَّرِيقَة صَالحا ورعاً عفيفاً حَاكما بِالْحَقِّ مَاتَ مصروفاً عَن الْقَضَاء فِي شهر رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ غير مطعون عَلَيْهِ فِي شَيْء سمع سُلَيْمَان بن حَرْب وَغَيره وروى عَنهُ ابْن قَانِع وَغَيره وَلما احْتضرَ دخل عَلَيْهِ إخوانه يعودونه فَقَالُوا كَيفَ تجدك فَقَالَ
(أَرَانِي فِي انتقاص كل يَوْم ... وَلَا يبْقى مَعَ النُّقْصَان شيُّ)
(طوى العصران مَا نشراه مني ... فأخلق جدتي نشر وطي)
3 - (الصُّوفِي السامري)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن الْفرج أَبُو جَعْفَر الصُّوفِي السامري ورث مَالا كثيرا فأنفقه فِي طلب الْعلم وعَلى الْفُقَرَاء والزهاد والصوفية والمحدثين توفّي بالرملة سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ حدث عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَغَيره وروى عَنهُ بشر بن يُوسُف الْهَرَوِيّ وَغَيره قَالَ بَيَان بن أَحْمد دخلت عَلَيْهِ فِي مصر وَهُوَ فِي بَيت مَمْلُوء كتبا فَقلت لَهُ اختصر لي من هَذِه الْكتب كَلِمَتَيْنِ أنتفع بهما فَقَالَ ليكن همك مجموعاً فِيمَا يُرْضِي الله تَعَالَى فَإِن اعْترض عَلَيْك شَيْء فتب من وقتك
3 - (مِثْقَال الوَاسِطِيّ)
)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب يعرف بمثقال الوَاسِطِيّ يكنى أَبَا جَعْفَر استفرغ شعره فِي الهجاء وَكَانَ ابْن الرُّومِي أول أَيَّامه ينحله شعره فِي هجاء القحطبي قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان أَخطَأ مُحَمَّد بن دَاوُد فِيمَا رَوَاهُ لمثقال من أشعار ابْن الرُّومِي ولمثقال
(يَا ابْن الَّتِي لم تزل تجاري ... فِي الغي شيطانها اللعينا)
(حَتَّى إِذا يَوْمهَا أَتَاهَا ... أوصت بنيها خُذُوا بنينَا)
(بِأَن إِذا مت فاجعلوني ... ذريرة للمخنثينا)
3 - (الْأَصَم الْمُحدث)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن معقل بن سِنَان أَبُو الْعَبَّاس الْأمَوِي مَوْلَاهُم النَّيْسَابُورِي الْأَصَم كَانَ يكره أَن يُقَال لَهُ الْأَصَم قَالَ الْحَاكِم إِنَّمَا ظهر بِهِ الصمم بعد انْصِرَافه من الرحلة فاستحكم فِيهِ حَتَّى بَقِي لَا يسمع نهيق الْحمار وَكَانَ مُحدث عصره بِلَا مدافعة حدث فِي الْإِسْلَام سِتا وَسبعين سنة وَلم يخْتَلف فِي صدقه وَصِحَّة سماعاته وَضبط وَالِده يَعْقُوب الْوراق لَهَا أذن سبعين سنة فِي مَسْجده وكف بَصَره بِآخِرهِ وانقطعت الرحلة(5/145)
إِلَيْهِ وَرجع أمره إِلَى أَن كَانَ يناول قَلما فَإِذا أَخذه بِيَدِهِ علم أَنهم يطْلبُونَ الرِّوَايَة فَيَقُول حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان ويسرد أَحَادِيث يحفظها وَهِي أَرْبَعَة عشر حَدِيثا وَسبع حكايات وَصَارَ بأسوإ حالٍ وَتُوفِّي فِي شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة قَالَ الْحَاكِم سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس يَقُول رَأَيْت أبي فِي الْمَنَام فَقَالَ لي عَلَيْك بِكِتَاب الْبُوَيْطِيّ فَلَيْسَ فِي كتب الشَّافِعِيَّة مثله
3 - (أَبُو حَاتِم الْهَرَوِيّ)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن مَحْمُود بن إِسْحَاق أَبُو حَاتِم الإِمَام الْهَرَوِيّ روى عَن جمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا توفّي فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (محيي الدّين ابْن النّحاس)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن طَارق بن سَالم الإِمَام الْعَلامَة محيي الدّين أَبُو عبد الله ابْن القَاضِي الإِمَام بدر الدّين ابْن النّحاس الْأَسدي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ ولد بحلب سنة أَربع عشرَة وَسمع من ابْن شَدَّاد وجده لأمه موفق الدّين يعِيش شَيْئا يَسِيرا وَكَأَنَّهُ كَانَ مكباً على الْفِقْه والاشتغال قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لم أَجِدهُ سمع من ابْن روزبه وَلَا من الْمُوفق عبد اللَّطِيف وَلَا هَذِه الطَّبَقَة واشتغل ببغداذ وجالس بهَا الْعلمَاء وناظر وَبَان فَضله وَسمع من أبي إِسْحَاق)
الكاشغري وَأبي بكر ابْن الخازن وَكَانَ صَدرا مُعظما متبحراً فِي الْمَذْهَب وغوامضه مَوْصُوفا بالذكاء وَحسن المناظرة انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الْمَذْهَب بِدِمَشْق ودرس بالريحانية والظاهرية وَولي نظر الدَّوَاوِين وَولي نظر الْأَوْقَاف وَالْجَامِع وَكَانَ معماراً مهندساً كَافِيا مَوْصُوفا بِحسن الْإِنْصَاف فِي الْبَحْث وَكَانَ يَقُول أَنا على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة فِي الْفُرُوع وَمذهب الإِمَام أَحْمد فِي الْأُصُول وَكَانَ يحب الحَدِيث وَالسّنة سمع مِنْهُ ابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار والفرضي والمزي والبرزالي وَابْن تَيْمِية وَابْن حبيب والمقاتلي وَأَبُو بكر الرَّحبِي وَابْن النابلسي وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة وَدفن بتربته بالمزة وَحضر جنَازَته نَائِب السلطنة والقضاة والأعيان وَفِيه يَقُول عَلَاء الدّين الوداعي وَقد قرر قَوَاعِد مَذْهَب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ويعرض بِذكر وَلَده شهَاب الدّين يُوسُف وَمن خطه نقلت
(وَمن مثل محيي الدّين دَامَت حَيَاته ... إِلَى مَذْهَب الدّين الحنيفي يرشد)
(لقد أشبه النُّعْمَان وَهُوَ حَقِيقَة ... أَبُو يُوسُف فِي علمه وَمُحَمّد)
3 - (عماد الدّين الجرائدي)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن بدران الإِمَام الْمسند الْمُقْرِئ عماد الدّين أَبُو عبد الله ابْن الْمُقْرِئ ابْن الجريدي الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري نزيل بَيت الْمُقَدّس ولد بِدِمَشْق سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأَجَازَ لَهُ السخاوي وَسمع بِمصْر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَبعدهَا من ابْن(5/146)
الجميزي وسبط السلَفِي وَالْمُنْذِرِي والرشيد الْعَطَّار وتلا بالسبع مُفْرَدَات على الْكَمَال الضَّرِير وَسمع مِنْهُ الشاطبية وَمن ابْن الشاطبي وحفظها وجود الْخط وَدخل الْيمن وروى بأماكن روى عَنهُ البرزالي والواني والسبكي وَجَمَاعَة واستوطن الْقُدس ثَمَانِي سِنِين وَبِه توفّي سنة عشْرين وَسبع مائَة وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده تَقِيّ الدّين يَعْقُوب إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ من حرف الْيَاء
3 - (عسقلنج الشَّاعِر)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب الجرجرائي الْمَعْرُوف بعسقلنج قدم للعسكر سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة وَمن شعره
(قف بالملاح فَمَا لي دمعة تقف ... سَارُوا بروحي إِذْ سَارُوا وَلم يقفوا)
(مَاتَ العزاء وَأمسى الوجد بعدهمْ ... لَهُ لوجدي وجدا مدمع يكف)
(وَكَيف صَبر سليب الصَّبْر ذِي دنف ... بمدنف بعذابي مَا بِهِ دنف)
)
قلت مَا هَذَا إِلَّا شعر غث وَبرد رث ومعذور من سَمَّاهُ بِهَذَا الِاسْم وَلَو كَانَ لي فِيهِ حكم لَسَمَّيْته عجقفلج أَعنِي كَلَامه عجق أفلج فَإِن كَانَ نظمه هَذَا طبعا فالطبع خير مِنْهُ وَإِن كَانَ تطبعاً فالعجب مِنْهُ كَونه يرضى بِهَذَا
3 - (الكليني الشيعي)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب أَبُو جَعْفَر الكليني بِضَم الْكَاف وإمالة اللَّام وَقبل الْيَاء الْأَخِيرَة نون من أهل الرّيّ سكن بغداذ إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ من فُقَهَاء الشِّيعَة والمصنفين على مَذْهَبهم حدث عَن أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ الْجَعْفَرِي السَّمرقَنْدِي وَمُحَمّد بن أَحْمد الْخفاف النَّيْسَابُورِي وَعلي بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (الفرغاني)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب أَبُو عمر الفرغاني حدث بالأنبار بِحَدِيث عَجِيب قَالَ محب الدّين ابْن النجار أخبرناه عبد السَّلَام بن شُعَيْب بن طَاهِر الوطيسي فِي كِتَابه إِلَيّ قَالَ أَنا أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن ينمان بن يُوسُف الْمُؤَدب أَنا جدي أَبُو ثَابت ينجير بن مَنْصُور الصُّوفِي أَنا أَبُو مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد الْأَبْهَرِيّ قَالَ سَأَلت أَبَا عمر مُحَمَّد بن يَعْقُوب الفرغاني بالأنبار مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت الْحُسَيْن بن الْفضل مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت دَاوُد ابْن سُلَيْمَان مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت حجر بن هِشَام مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت عُثْمَان بن عَطاء مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت أبي مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت ابْن عَبَّاس مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت جِبْرِيل مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت مِيكَائِيل مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت(5/147)
إسْرَافيل مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت الرفيع مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت اللَّوْح مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ سَأَلت الْقَلَم مَتى ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَ إِن الله تَعَالَى خلق ملكا يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَأمره أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَهُوَ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله مَادًّا بهَا صَوته لَا يقطعهَا وَلَا يتنفس فِيهَا وَلَا يُتمهَا فَإِذا أتمهَا أَمر إسْرَافيل بنفخ الصُّور وَقَامَت الْقِيَامَة
قلت هَذَا بهت يشْهد بِهِ الْعقل وَتكَذبه أصُول النَّقْل ثمَّ هَذَا يلْزم مِنْهُ الْكفْر لِأَنَّهُ أَن يَنْتَهِي التَّلَفُّظ بِالشَّهَادَةِ إِلَى قَوْله إِلَه فَيكون قد قَالَ لَا إِلَه وَهَذَا نفي مُطلق للإلهية وَهُوَ قَول المعطلة وَلَا يَصح)
الْإِقْرَار بالإلهية لله تَعَالَى حَتَّى يُقَال إِلَّا الله ليَكُون قد اسْتثْنِي الْخَاص من الْعَام ثمَّ إِن الِاسْتِثْنَاء لَا يَأْتِي إِلَّا بعد زمَان لَا يعلم مدَّته إِلَّا الله تَعَالَى وَلَو قَالَ الْقَائِل الْيَوْم لَا إِلَه وَفِي غَد لما عد ذَلِك إِقْرَارا بالربوبية لله تَعَالَى بل لَو قَالَ الْآن لَا إِلَه وَسكت مُدَّة ثمَّ قَالَ فِي يَوْمه إِلَّا الله لم يكن ذَلِك شَهَادَة لله بالربوبية سلمنَا أَن هَذَا غير لَازم فَأَي فَائِدَة فِي ملك يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فِي مَا شَاءَ الله من أُلُوف السنين مرّة وَاحِدَة فِي عمره وَلَو قَالَ مرَّتَيْنِ كَانَ أفضل وَلَو قَالَ ثَلَاثًا كَانَ أفضل وَهَكَذَا إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ
3 - (النَّاصِر ابْن عبد الْمُؤمن)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَبُو عبد الله الْقَيْسِي المغربي الملقب بأمير الْمُؤمنِينَ وَأمه أمة رُومِية اسْمهَا زهر بُويِعَ بِعَهْد أَبِيه إِلَيْهِ وَكَانَ أَبيض أشقر أشهل أسيل الخد حسن الْقَامَة كثير الإطراق بعيد الْغَوْر بِلِسَانِهِ لثغة شجاعاً حَلِيمًا فِيهِ بخل بِالْمَالِ وعفة عَن الدِّمَاء وَقلة خوض فِيمَا لَا يعنيه وَله من الْأَوْلَاد وَلَده يُوسُف ولي عَهده وَيحيى وَتُوفِّي فِي حَيَاته وَإِسْحَاق واستوزر أَخَاهُ إِبْرَاهِيم ابْن السُّلْطَان يَعْقُوب وَهُوَ أولى مِنْهُ بِالْملكِ أوصى عبيده وحرسه أَنه من ظهر لكم بِاللَّيْلِ فَهُوَ مُبَاح الدَّم ثمَّ أَرَادَ أَن يختبرهم فَسَكِرَ لَيْلَة وَقَامَ يمشي فِي بستانه فجعلوه غَرضا لرماحهم فَجعل يَقُول أَنا الْخَلِيفَة أَنا الْخَلِيفَة فَلم يُمكنهُم اسْتِدْرَاك الْفَائِت فَمَاتَ سنة عشر وست مائَة وَقَامَ بعده بِالْأَمر ابْنه يُوسُف أَبُو يَعْقُوب الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وضعفت دولة بني عبد الْمُؤمن فِي أَيَّام وَلَده يُوسُف الْمَذْكُور وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده يَعْقُوب بن يُوسُف وَذكر وَلَده يُوسُف بن مُحَمَّد فِي مكانيهما من هَذَا الْكتاب
3 - (المعمر ابْن الديني)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن أبي الْفَرح بن عمر بن الْخطاب الشَّيْخ المعمر مُسْند الْعرَاق شهَاب الدّين أَبُو سعد ابْن الدينة وَيُقَال ابْن الديني البغداذي ولد سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسمع من أبي الْفَتْح المندائي وَابْن سكينَة وحنبل الرصافي وَابْن الحريف وَابْن الْأَخْضَر وَيُقَال إِنَّه سمع من أبي الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَذَلِكَ مُمكن لِأَنَّهُ سمع فِي صباه من ابْن كُلَيْب وَمن ابْن الْأَخْضَر وَذَلِكَ سنة أَربع وَتِسْعين ولي مشيخة المستنصرية وروى عَنهُ الدمياطي وَأَبُو الْعَلَاء الفرضي وَأَجَازَ لمن أدْرك حَيَاته وَتُوفِّي سنة سبعين وست مائَة
3 - (مجير الدّين ابْن تَمِيم)
)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن عَليّ مجير الدّين ابْن تَمِيم الإسعردي(5/148)
وَهُوَ سبط فَخر الدّين ابْن تَمِيم سكن حماة وخدم الْملك الْمَنْصُور وَكَانَ جندياً محتشماً شجاعاً مطبوعاً كريم الْأَخْلَاق بديع النّظم رَقِيقه لطيف التخيل إِلَّا أَنه لَا يجيد إِلَّا فِي المقاطيع فَأَما إِذا طَال نَفسه ونظم القصائد انحط نظمه وَلم يرْتَفع توفّي بحماة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وست مائَة وَهُوَ فِي التضمن الَّذِي عاناه فضلاء الْمُتَأَخِّرين آيَة وَفِي صِحَة الْمعَانِي والذوق اللَّطِيف غَايَة لِأَنَّهُ يَأْخُذ الْمَعْنى الأول وَيحل تركيبه وينقله بألفاظه الأولى إِلَى معنى ثانٍ حَتَّى كَأَن النَّاظِم الأول إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنى الثَّانِي وَقد أَكثر من ذَلِك حَتَّى قَالَ
(أطالع كل ديوَان أرَاهُ ... وَلم أزْجر عَن التَّضْمِين طيري)
(أضمن كل بَيت فِيهِ معنى ... فشعري نصفه من شعر غَيْرِي)
وَمِمَّا نقلته من خطه لَهُ فِي التَّضْمِين الْمَذْكُور
(أهديته قدحاً فَإِن أنصفته ... أوسعته بجماله تقبيلا)
(نظمت بِهِ الصَّهْبَاء در حبابها ... حَتَّى يصير لرأسه إكليلا)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا
(لَو أَنَّك إِذْ شربناها كؤوساً ... ملئن من المدام الأرجواني)
(حسبت سقاتها دارت علينا ... بأشربة وقفن بِلَا أواني)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا
(إِن كَانَ راووق المدامة عِنْدَمَا ... مَاتَ الْأَمِير بَكَى بدمع قان)
(فاليوم ينشد وَهُوَ يبكي عِنْدَمَا ... شرب المدامة من يَد السُّلْطَان)
(يَا عين صَار الدمع عنْدك عَادَة ... تبكين فِي فَرح وَفِي أحزان)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(قَالُوا فلَان تولى نتف عَارضه ... ليُصبح الْحسن عَنهُ غير منتقل)
(فَقلت سد طَرِيق الشّعْر يعجزه ... وَمن يسد طَرِيق الْعَارِض الهطل)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(تعيب تحتي جواداً لَا حراك بِهِ ... يكَاد من همزه بالركض ينخذم)
(فَلَا يغرك مِنْهُ سنه غَلطا ... إِن الْجواد على علاته هرم)
)
ونقلت مِنْهُ لَهُ يهجو كحالاً
(دعوا الشَّمْس من كحل الْعُيُون فكفه ... تَسوق إِلَى الطّرف الصَّحِيح الدواهيا)
(فكم ذهبت من نَاظر بسواده ... وخلت بَيَاضًا خلفهَا ومآقيا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ(5/149)
(لَو كنت فِي الْحمام والحنا على ... أعطافه ولجسمه لألاء)
(لرأيت مَا يسبيك مِنْهُ بقامة ... سَالَ النضار بهَا وَقَامَ المَاء)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي بركَة أَلْقَت الشَّمْس عَلَيْهَا الشعاع
(لَو كنت إِذْ أبصرتها فوارةً ... للشمس فِي أمواهها لألاء)
(لرأيت أعجب مَا يرى فِي بركَة ... سَالَ النضار بهَا وَقَامَ المَاء)
ونقلت مِنْهُ لَهُ يرثي قدحاً
(أيا قدحاً قد صدع الدَّهْر شَمله ... فَأصْبح بعد الراح قد جاور التربا)
(سأبكيك فِي وَقت الصبوح وإنني ... سأكثر فِي وَقت الغبوق لَك الندابا)
(وَإِن قطبت شمس المدام فحقها ... لِأَنَّك كنت الشرق للشمس والغربا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي مليح كَانَ عِنْده خصي انْتقل إِلَى غَيره
(يَقُول ويبدي للخصي اعتذاره ... برغبته فِي غَيره واجتنابه)
(رَأَيْتُك مخصياً فملت إِلَى الَّذِي ... لَهُ فضلَة عَن جِسْمه فِي إهابه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي فوازة
(لقد نزهت عَيْني أنابيب بركَة ... تقابلني أمواهها بالعجائب)
(أنابيب لجت فِي غلو كَأَنَّمَا ... تحاول ثأراً عِنْد بعض الْكَوَاكِب)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي عوادة
(جَاءَت بِعُود كلما لعبت بِهِ ... لعبت بِي الأشجان والتبريح)
(غنت فجاوبها وَلم يَك قبلهَا ... شجر الْأَرَاك مَعَ الْحمام ينوح)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(يَا لَيْلَة قصرت بزورة غادة ... سفرت فأغنى وَجههَا عَن بدرها)
(حَتَّى إِذا خَافت هجوم صباحها ... نشرت ثَلَاث ذوائب من شعرهَا)
)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(وأهيف من الْبَدْر غُصْن قوامه ... عَلَيْهِ قُلُوب العاشقين تطير)
(يَدُور عذاراه لتقبيل وجنة ... على مثلهَا كَانَ الخصيب يَدُور)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(وَلم أنس قَول الْورْد وَالنَّار قد سطت ... عَلَيْهِ فأمسى دمعه يتحدر)
(وترفق فَمَا هذي دموعي الَّتِي ترى ... وَلكنهَا نفس تذوب فتقطر)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي جَارِيَة تحمل فانوساً(5/150)
(يَقُول لَهَا الفانوس لما بَدَت لَهُ ... وَفِي قلبه نَار من الوجد تسعر)
(خذي بيَدي ثمَّ اكشفي الثَّوْب تنظري ... بِي الضّر إِلَّا أنني أتستر)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(وطرف تخط الأَرْض رجلاي فَوْقه ... إِذا مَا مَشى ضَاقَتْ عَليّ المنافس)
(وَمَا أَنا إِلَّا راجل فَوق ظَهره ... ولكنني فِيمَا ترى الْعين فَارس)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي مليح يشرب من بركَة
(أفدي الَّذِي أَهْوى بِفِيهِ شارباً ... من بركَة راقت وَطَابَتْ مشرعا)
(أبدت لعَيْنِي وَجهه وخياله ... فأرتني القمرين فِي وَقت مَعًا)
ونقلت مِنْهُ
(طُوبَى لمرآة الحبيب فَإِنَّهَا ... حملت براحة غُصْن بَان أينعا)
(واستقبلت قمر السَّمَاء بوجهها ... فأرتني القمرين فِي وَقت مَعًا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(لم أنس قَول الْورْد حِين جنيته ... ودموعي خوف الْحَرِيق تراق)
(لَا تعجلوا فِي أَخذ روحي فَاصْبِرُوا ... فإليكم هَذَا الحَدِيث يساق)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(سقيت إِلَيْك من الحديقة وردة ... وأتتك قبل أوانها تطفيلا)
(طمعت بلثمك إِذْ رأتك فَجمعت ... فمها إِلَيْك كطالب تقبيلا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي غير التَّضْمِين)
(وَلَيْلَة بتها من ثغر حبي ... وَمن كأسي إِلَى فلق الصَّباح)
(أقبل أقحواناً فِي شَقِيق ... وأشربها شقيقاً فِي أقاحي)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(وَلَيْلَة بت أسْقى فِي غياهبها ... رَاحا تسل شَبَابِي من يَد الْهَرم)
(مَا زلت أشربها حَتَّى نظرت إِلَى ... غزالة الصُّبْح ترعى نرجس الظُّلم)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(أَلا رب يَوْم قد تقضى ببركةٍ ... غَدَوْت بِهِ فِيمَا جرى متفكرا)
(بعيني رَأَيْت المَاء فِيهَا وَقد هوى ... على رَأسه من شَاهِق فتكسرا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(تَأمل إِلَى الدولاب وَالنّهر إِذا جرى ... ودمعهما بَين الرياض غزير)(5/151)
(كَأَن نسيم الرَّوْض قد ضَاعَ مِنْهُمَا ... فَأصْبح ذَا يجْرِي وَذَاكَ يَدُور)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(ونهر حَالف الْأَهْوَاء حَتَّى ... غَدَتْ طَوْعًا لَهُ فِي كل أَمر)
(إِذا سرقت حلى الأغصان أَلْقَت ... إِلَيْهِ بهَا فيأخذها وَيجْرِي)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(كَيفَ السَّبِيل للثم من أحبيته ... فِي رَوْضَة للزهر فِيهَا معرك)
(مَا بَين منثور وناظر نرجس ... مَعَ أقحوان وَصفه لَا يدْرك)
(هَذَا يُشِير بإصبع وعيون ذَا ... ترنو إِلَيْهِ وثغر هَذَا يضْحك)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(أيا حسنها من رَوْضَة ضَاعَ نشرها ... فنادت عَلَيْهِ فِي الرياض طيور)
(ودولابها كَادَت تعد ضلوعه ... لِكَثْرَة مَا يبكي بهَا ويدور)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(لَو كنت إِذْ نادمت من أحببته ... فِي رَوْضَة تسبي الْعُقُول وتفتن)
(لرأيتها وعيونها من غيرَة ... مني تفيض ووجهها يَتلون)
ونقلت مِنْهُ لَهُ)
(لَو كنت تشهدني وَقد حمي الوغى ... فِي موقف مَا الْمَوْت عَنهُ بمعزل)
(لترى أنابيب الْقَنَاة على يَدي ... تجْرِي دَمًا من تَحت ظلّ القسطل)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(راقبت غفوة من أحب وَلم أكن ... أَدْرِي بِأَن الرّيح من رقبائه)
(حَتَّى هَمَمْت بِأَن أقبل خَدّه ... هبت وغطت وَجهه بقبائه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(لي بُسْتَان كَبِير ... نجده أصبح غورا)
(دارت الْأَيَّام حَتَّى ... كبشه قد صَار ثورا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(إِنِّي لأعجب فِي الوغى من فَارس ... حارت دقائق فكرتي فِي كنهه)
(أدّى الشَّهَادَة لي بِأَنِّي فَارس ال ... هيجاء حِين جرحته فِي وَجهه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ يصف بحرة
(وَلما احتمت منا الغزالة بالسما ... وَعز على قناصها أَن ينالها)(5/152)
(نصبنا شباك المَاء فِي الأَرْض حِيلَة ... عَلَيْهَا فَلم نقدر فصدنا خيالها)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي حجرَة شهباء أهديت إِلَيْهِ
(أَتَتْنِي الْحجر الشَّهْبَاء تزهى ... بِحسن جلّ عَن وصفي ونعتي)
(وَأَرْجُو أَن رسم الصرم يَأْتِي ... لسعد مِنْهُمَا حظي وبختي)
(فألبسه وأركبها جَمِيعًا ... فَيُصْبِح جودكم فَوقِي وتحتي)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(للبركة الغراء فِي نقصانها ... عذر فجد بقبوله متصدقا)
(لما أَرَادَ المَاء يَعْلُو أنشأت ... كَفاك غيثاً بالعطايا مُغْدِقًا)
(لزم الثرى خجلاً وَلم يرفع لَهُ ... رَأْسا فَلَمَّا غبت عَنهُ تدفقا)
ونقلت مِنْهُ وَقد أهدي تفاحاً وخشكنانجاً
(يَا أَيهَا الْملك الَّذِي أَوْصَافه ... كملت فَلم تحتج إِلَى تتميم)
(أفنيت مَا فَوق البسيطة كلهَا ... كرماً يُغطي فعل كل كريم)
)
(ثمَّ ارتقيت إِلَى السَّمَاء فجدت لي ... من أفقها بأهلة ونجوم)
ونقلت مِنْهُ لَهُ وَقد أذن لَهُ بِالرُّجُوعِ من البيكار مضمناً
(أَذِنت لي فِي رحيل لَا أسر بِهِ ... وَلَا تلذ بِهِ روحي وَلَا بدني)
(لأنني مِنْك فِي عز وَفِي دعة ... وَهَكَذَا كنت فِي أَهلِي وَفِي وطني)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(وحمائم قد قصرت عَن سجعها ... فَوق الغصون عبارَة الخطباء)
(كررن حرف الرَّاء فِي أسجاعها ... لتغيظ مِنْهَا وَاصل بن عَطاء)
(هُوَ لم يطق بالراء نطقاً وَهِي لم ... تنطق إِذا خطبت بِغَيْر الرَّاء)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(يَا جَاعل المَاء مثل الرّيح فِي عظم ... خفض مقالك إِن القَوْل ينْتَقد)
(الْبَحْر وَالْبَحْر لَا تخفي مهابته ... للخوفي من سطوات الرّيح يرتعد)
(وَرُبمَا صرعته من مهابتها ... أما ترَاهُ على أشداقه الزّبد)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(انْظُر إِلَى الرَّوْضَة الْغناء حِين بَدَت ... واعجب إِذا الْغَيْم فِيهَا أسبل المطرا)
(بَينا ترَاهُ خيوطاً عِنْد ناظره ... حَتَّى ترَاهُ على غدرانها إبرا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ(5/153)
(زار الْحمى فتعطرت أنفاسه ... شغفاً بِمن تصبو إِلَيْهِ الْأَنْفس)
(وَأحب رُؤْيَته فأنبت نرجساً ... إِن الرياض عيونهن النرجس)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(يَا حسنه من قدح ثَوْبه ... يروق عَيْني وشيه الْمَذْهَب)
(رق إِلَى أَن كَاد من رقة ... يجْرِي مَعَ الْخمْرَة إِذْ يشرب)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(لما اقتنيت من الصوارم أعوجا ... يجْرِي الفضاء بنهره المتموج)
(جِئْت القفار وَمَا حملت إداوةً ... للْمَاء من ثقتي بنهر الأعوج)
ونقلت مِنْهُ لَهُ)
(وَكَأن أرغفة الخوان وحولها ... بقل يهش إِلَيْهِ نفس الْآكِل)
(وجنات غيد صففت وجميعها ... يَبْدُو بِهِ خطّ العذار الباقل)
3 - (بدر الدّين ابْن النحوية)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب الشَّيْخ الإِمَام النَّحْوِيّ الأديب بدر الدّين ابْن النحوية كَانَ بحماة وَله يَد طولى فِي الْأَدَب اختصر الْمِصْبَاح لبدر الدّين ابْن مَالك فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان والبديع وَسَماهُ ضوء الْمِصْبَاح وَهَذِه تَسْمِيَة حَسَنَة كَمَا اختصر ابْن سناء الْملك كتاب الْحَيَوَان للجاحظ وَسَماهُ روح الْحَيَوَان وكما اختصر الْبَرْق الشَّامي وَسمي سنا الْبَرْق وصنف الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن عَليّ السُّبْكِيّ كتابا سَمَّاهُ النُّور فِي مسَائِل الدّور وَاخْتَصَرَهُ فَسَماهُ قطب النُّور واختصرت أَنا ديوَان السراج الْوراق وسميته لمع السراج وَهَذِه مناسبات فِي تَسْمِيَة المختصرات وَشرح بدر الدّين ابْن النحوية ضوء الْمِصْبَاح فِي مجلدين وَسَماهُ إسفار الصَّباح عَن ضوء الْمِصْبَاح وَعِنْدِي فِي هَذِه التَّسْمِيَة شَيْء وَهُوَ أَن الشُّرُوح مَا تُوضَع إِلَّا لبَيَان الْأُصُول وضوء الصَّباح إِذا أَسْفر ذهب نور الْمِصْبَاح وَلم يبن وَشرح أَيْضا ألفية ابْن معطي شرحاً حسنا وَسَماهُ حرز الْفَوَائِد وَقيد الأوابد أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة نجم الدّين عَليّ بن دَاوُد القحفازي الْحَنَفِيّ قَالَ أَنْشدني شَيخنَا بدر الدّين مُحَمَّد ابْن النحوية مَا كتبه ارتجالاً على قصيدة أحضرها بعض شعراء الْعَصْر يمدح صَاحب حماة
(لَا ينشداً هَذَا القريض متيم ... خوداً يحاذر من أَلِيم صدودها)
(فتمله وتصده وتظنه ... أَن قد أغار على فريد عقودها)
قلت لَا يُقَال إِلَّا حاذرت كَذَا وَلَا يُقَال إِلَّا صد عَنهُ إِلَّا أَن يكون حمل ذَلِك على الْمَعْنى وَيكون أَرَادَ حاذرت بِمَعْنى خفت وتصده بِمَعْنى تجفوه وَفِي هَذَا مَا فِيهِ وَقد كتبت إسفار(5/154)
الصَّباح بخطي ووقفت فِيهِ على مَوَاضِع غلط فِي التَّمْثِيل بهَا مِنْهَا مَا قلد غَيره فِيهِ وَمِنْهَا مَا استبد بِهِ وَبَلغنِي عَن قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ اجْتمعت ببدر الدّين ابْن النحوية فِي العادلية بِدِمَشْق وَسَأَلته عَن قَول أبي النَّجْم
(قد أَصبَحت أم الْخِيَار تَدعِي ... عَليّ ذَنبا كُله لم أصنع)
فِي تَقْدِيم حرف السَّلب وتأخيره فَمَا أجَاب بِشَيْء أَو كَمَا قَالَ وَقد تكلم على هَذَا الْبَيْت كلَاما جيدا فِي إسفار الصَّباح وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن كل من وضع مصنفاً لَا يلْزمه أَن يستحضر الْكَلَام)
عَلَيْهِ مَتى طلب مِنْهُ لِأَنَّهُ حَالَة التصنيف يُرَاجع الْكتب الْمُدَوَّنَة فِي ذَلِك الْفَنّ ويطالع الشُّرُوح فيحرر الْكَلَام فِي ذَلِك الْوَقْت ثمَّ يشذ عَنهُ
3 - (كَاتب سر دمشق)
مُحَمَّد بن يَعْقُوب هُوَ القَاضِي نَاصِر الدّين ابْن الصاحب شرف الدّين وسوف يَأْتِي ذكر وَالِده فِي حرف الْيَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى سَأَلته عَن مولده فَقَالَ تَقْرِيبًا سنة سبع وَسبع مائَة بحلب وَقَالَ لي قَرَأت الْقُرْآن لأبي عَمْرو على الشَّيْخ تَاج الدّين الرُّومِي وعَلى الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْفَتْح وعَلى القَاضِي فَخر الدّين ابْن خطيب جبرين قَالَ وقرأت التَّلْقِين لأبي الْبَقَاء والحاجبية وألفية ابْن معطي على الشَّيْخ علم الدّين طَلْحَة ثمَّ القَاضِي فَخر الدّين ابْن خطيب جبرين قَالَ وحفظت تصريف ابْن الْحَاجِب وقرأت عَلَيْهِ قَالَ وقرأت التَّنْبِيه للشَّيْخ أبي إِسْحَاق حفظا على القَاضِي فَخر الدّين الْمَذْكُور وعَلى الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني وقرأت الْمُخْتَصر لِابْنِ الْحَاجِب حفظا وبحثاً على الشَّيْخ كَمَال الدّين إِلَى الْعَام وَالْخَاص وَالْقَاضِي فَخر الدّين كَامِلا وحفظت نصف الْحَاصِل قبل الْمُخْتَصر وبحثت على القَاضِي فَخر الدّين ثَلَاث سور من أول الْكَشَّاف وقرأت عُلُوم الحَدِيث للنووي على القَاضِي شمس الدّين ابْن النَّقِيب وقرأت على أَمِين الدّين الْأَبْهَرِيّ نصف التَّذْكِرَة للنصير الطوسي فِي الْهَيْئَة وقرأت عَلَيْهِ رسائل الاسطرلاب وَسمعت بعض البُخَارِيّ على الْمزي وَسمعت الْمُوَطَّأ على ابْن النَّقِيب وَسنَن أبي دَاوُد وأجزاء حَدِيثِيَّةٌ قَالَ وَسمعت على سنقر مَمْلُوك ابْن الْأُسْتَاذ فِي الرَّابِعَة حضوراً وعَلى الشَّيْخ عز الدّين ابْن العجمي وَأَجَازَ لي الحجار وَحَجَجْت مَعَ وَالِدي سنة عشْرين وَسبع مائَة وَلم أبلغ الْحلم قلت وَأذن لَهُ الشَّيْخ كَمَال الدّين بالإفتاء على مَذْهَب الشَّافِعِي لما كَانَ قَاضِيا بحلب وَكَانَ قد تولى فِي حَيَاة وَالِده نظر الْخَاص المرتجع عَن العربان بحلب مُدَّة تقَارب ثَمَانِيَة أشهر ثمَّ نقل بذلك إِلَى كِتَابَة الْإِنْشَاء بحلب ثمَّ لما كَانَ الْأَمِير سيف الدّين أرغون بحلب نَائِبا جعله من موقعي الدست وَكَانَ يُحِبهُ كثيرا وَيَقُول لَهُ يَا فَقِيه وَيجْلس عِنْده فِي اللَّيْل وَتَوَلَّى تدريس النورية والشعيبية بحلب فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة وَتَوَلَّى تدريس الأَسدِية سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة ورسم لَهُ بِكِتَابَة سر حلب عوضا عَن القَاضِي شهَاب الدّين ابْن القطب سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَتَوَلَّى قَضَاء الْعَسْكَر بحلب تِلْكَ السّنة وَلم يزل بحلب إِلَى أَن توفّي تَاج الدّين ابْن(5/155)
الزين خضر بِدِمَشْق فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي فسير طلبه)
من الْكَامِل أَن يكون عِنْده بِدِمَشْق كَاتب سر فرسم لَهُ بذلك فَحَضَرَ إِلَى دمشق رَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وطلع النَّاس وتلقوه من عز الدّين طقطاي الدوادار والأمير سيف الدّين تمر المهمندار والموقعين وَلم أر أحدا دخل دُخُوله من كتاب السِّرّ إِلَى دمشق ورأيته سَاكِنا مُحْتملا مدارياً لَا يرى مشاققة أحد وَلَا منازعته كثير الْإِحْسَان إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين يبرهم وَيَقْضِي حوائجهم وَيكْتب كِتَابَة حَسَنَة وينظم وينثر سَرِيعا ويستحضر قَوَاعِد الْفِقْه فروعاً وأصولاً وقواعد أصُول الدّين وقواعد الْإِعْرَاب والمعاني وَالْبَيَان والهيئة وقواعد الطبل ويستحضر من كليات الطِّبّ جملَة ولي دمشق سنة ثَمَان وَأَرْبَعين سمع صَحِيح مُسلم على الشَّيْخ مُحَمَّد السلاوي وَسمع سنَن أبي دَاوُد على الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن نباتة وعَلى بنت الخباز وَسمع عَلَيْهَا جملَة من الْأَجْزَاء ومشيخة ابْن عبد الدَّائِم وَغير ذَلِك وَكتب إِلَيّ وَنحن بمرج الغشولة صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي نَائِب الشَّام وَقد وَقع مطر كثير برعد وبرق
(كَأَن الْبَرْق حِين ترَاهُ لَيْلًا ... ظَبْي فِي الجو قد خرطت بعنف)
(تخال الضَّوْء مِنْهُ نَار جَيش ... أَضَاءَت والرعود فجيش زحف)
فَكتبت الْجَواب
(يحاكي الْبَرْق بشرك يَوْم جود ... إِذا أَعْطَيْت ألفا بعد ألف)
(وَصَوت الرَّعْد مثل حَشا عَدو ... يخَاف سطاك فِي حيف وحتف)
فَكتبت الْجَواب إِلَيّ
(لَئِن أوسعت إحساناً وفضلاً ... وجدت بنظم مدح فِيك لَائِق)
(فَهَذَا الْفضل أخجل صوب سحب ... وَهَذَا الْبشر أخجل بشر بارق)
وَكتب هُوَ إِلَيّ أَيْضا
(وَكَأن الْقطر فِي ساجي الدجى ... لُؤْلُؤ رصع ثوبا أسودا)
(فَإِذا مَا قَارب الأَرْض غَدا ... فضَّة تشرق مَعَ بعد المدى)
فَكتبت أَنا إِلَيْهِ الْجَواب
(مَا مُطِرْنَا الْآن فِي المرج سدى ... ورأينا الْعذر فِي هَذَا بدا)
(نظر الجو لما تبذله ... فَهُوَ يبكي بالغوادي حسدا)
)
وَكتب هُوَ إِلَيّ أَيْضا
(طبق الجو بالسحاب صباحاً ... ومطرنا سَحا مغيثاً وبيلا)
(نسخ الرّيّ كل قحط ويبس ... بغمام أهْدى لنا سلسبيلا)
(ارتشفنا الرضاب مِنْهُ فخلنا ... عَن يَقِين مزاجه زنجبيلا)(5/156)
فَكتبت أَنا الْجَواب إِلَيْهِ
(جلت الأَرْض بعد يبس وقحط ... من بكاء الْغَمَام وَجها جميلا)
(وَتثني الْقَضِيب فِيهَا رطيباً ... وتمشي النسيم فِيهَا عليلا)
(هَكَذَا كل بَلْدَة أَنْت فِيهَا ... يَجْعَل الْغَيْث فِي حماها مسيلا)
فَكتب هُوَ الْجَواب إِلَيّ
(أوضح الله للْبَيَان سَبِيلا ... بك يَا أقوم المجيدين قيلا)
(إِن تثنى الْقَضِيب فِي الرَّوْض عجبا ... أَو تبدي نضاره مستطيلا)
(فبأقلامك المباهاة فخراً ... كل غُصْن رطب وحداً صقيلا)
(وَلَئِن زِدْت فِي ثنائي إِنِّي ... شَاكر فضلك الجزيل طَويلا)
وَكتب هُوَ إِلَيّ أَيْضا
(لَيْلَة المرج خلتها ألف شهر ... زلزلت أَرْضنَا من الرَّعْد عصرا)
(خامنا فِيهِ كَاد لَوْلَا رجال ... أمسكوه ينشق شفعاً ووترا)
(ويكاد العمود من شدَّة الرّيّ ... ح بِهِ أَن ينحط وَهنا وكسرا)
فَكتبت أَنا الْجَواب إِلَيْهِ
(لم تزلزل أَرض بهَا أَنْت لَكِن ... رنحت عطفها بِفَضْلِك شكرا)
(وكذاك الْأَطْنَاب تثني وَتَدْعُو ... لَك من تحتهَا فتهتز سكرا)
(وَعَجِيب من العواميد إِذْ لم ... تمس أوراقها بجودك خضرًا)
فَكتب الْجَواب هُوَ إِلَيّ
(يَا إِمَامًا لَهُ الْفَضَائِل تعزى ... وبليغاً قولا ونظماً ونثرا)
(إِن تفضلت بالثناء فَإِنِّي ... بأياديك مَا بَرحت مقرا)
(إِن أمنا الزلزال فَهُوَ يَقِينا ... رَحْمَة تَقْتَضِي قيَاما وشكرا)
)
(أَنْت للْأَرْض طود فضل عَظِيم ... منعهَا تهتز طَوْعًا وقسرا)
(دمت فِي نعْمَة وَفضل ومجد ... دَائِم ترتقي وهنيت عشرا)
وَكنت مرّة فِي خدمته وَنحن على ضمير فَاشْتَدَّ علينا الْحر وَزَاد فَكتبت إِلَيْهِ
(رب يَوْم على ضمير تقضى ... فقطعناه فِي عَنَّا وبلاء)
(يتَمَنَّى الحرباء من شدَّة الح ... ر لَو انساب ضفدعاً فِي المَاء)
فَكتب هُوَ الْجَواب إِلَيّ(5/157)
(يَوْمنَا فِي ضمير يَوْم كريه ... مَا رَأينَا كحره فِي الفلاء)
(كَاد حرباؤه يَمُوت حريقا ... من لظى شمسه على الصَّحرَاء)
وَكتب هُوَ إِلَيّ أَيْضا فِي الْمَعْنى
(يَوْمًا نزلنَا على ضمير ... أوقد حر النَّهَار ناره)
(وَصَارَت الشَّمْس ذَا التهاب ... وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة)
3 - (ابْن أَخْبَار التركي)
مُحَمَّد بن يلتكين بن أَخْبَار بن عبد الله التركي القائمي أَبُو بكر أسمعهُ والدُهُ الْكثير فِي صِباه من أبي الْقَاسِم ابْن بَيَان وَأبي عَليّ ابْن نَبهَان وَأبي الْغَنَائِم ابْن النَّرْسِي وَأبي عَليّ ابْن الْمهْدي وَأبي الْغَنَائِم ابْن الْمُهْتَدي وَأبي طَالب ابْن يُوسُف وَخلق من هَذِه الطَّبَقَة وَخرج لَهُ الْحَافِظ أَبُو نصر الْحسن بن مُحَمَّد اليونارتي الْأَصْبَهَانِيّ فَوَائِد وَحدث بنسخة الْحسن بن عَرَفَة عَن ابْن بَيَان سَمعهَا مِنْهُ أَبُو المظفر عبد الْملك بن عَليّ الهمذاني وَابْنه ببغداذ ثمَّ تغرب عَن بغداذ وَسكن دهستان وَكَانَ فَقِيها فَاضلا أديباً شاعراًن سمع مِنْهُ الْمُبَارك ابْن كَامِل الْخفاف وَمن شعره
(رحلت وقلبي بهم مولع ... فعيني لفرقتهم تَدْمَع)
(وحقهم مَا التذذت الْكرَى ... وَلَا طَابَ لي بعدهمْ مَضْجَع)
(أَقْْضِي نهاري بذكراهم ... وَأتبعهُ اللَّيْل لَا أهجع)
(وَإِنِّي على حفظ ودي لَهُم ... تراهم على الْعَهْد أم ضيعوا)
وَمِنْه
(أَتَرَى مَا مضى من الْأَزْمَان ... عَائِدًا بعد بعده عَن عياني)
)
(أم ترى من عهِدت من أهل بغدا ... ذ على مَا عهِدت أم قد سلاني)
قلت شعر متوسط توفّي سنة سِتّ أَو سبع وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَخُو الْحجَّاج)
مُحَمَّد بن يُوسُف الثَّقَفِيّ أَخُو الْحجَّاج توفّي سنة مائَة أَو مَا قبلهَا قدم أَمِيرا على الْيمن وَلما قتل ابْن الزبير بعث الْحجَّاج بكفه إِلَيْهِ فعلقها بِصَنْعَاء وَكَانَ طَاوُوس ووهب بن مُنَبّه يصلبان خَلفه وَاسْتعْمل طاووساً الْيَمَانِيّ على الصَّدقَات ثمَّ قَالَ لَهُ ارْفَعْ حِسَابك فَقَالَ لَهُ وَأي حِسَاب لَك عِنْدِي أَخَذتهَا من الْأَغْنِيَاء ودفعتها إِلَى الْفُقَرَاء وَكَانَ مُحَمَّد يسب عليا رضوَان الله عَلَيْهِ على الْمِنْبَر وَيَأْمُر بذلك وَأخذ حجرا الْمدنِي وَكَانَ رجلا صَالحا فأقامه عِنْد الْمِنْبَر وَقَالَ سبّ أَبَا تُرَاب فَقَالَ إِن الْأَمِير مُحَمَّدًا أَمرنِي أَن أسب عليا فالعنوه لَعنه الله فَتفرق النَّاس(5/158)
على ذَلِك وَلم يفهمها إِلَّا رجل وَاحِد وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لحجر هَذَا كَيفَ بك إِذا قُمْت مقَاما تُؤمر فِيهِ بلعنتي قَالَ أوَيكون ذَلِك قَالَ نعم سبني وَلَا تتبرأ مني وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز بن حَيَّان بالحجاز والوليد بِالشَّام وقرة بن شريك بِمصْر امْتَلَأت بِلَاد الله جوراً وَقدم مُحَمَّد من الْيمن بِهَدَايَا عَظِيمَة فَأرْسلت أم الْبَنِينَ إِلَى مُحَمَّد أَن أرسل إِلَيّ بالهدية فَقَالَ لَا حَتَّى يَرَاهَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَغضِبت وَرَآهَا الْوَلِيد فَبعث بهَا إِلَيْهَا فَقَالَت لَا حَاجَة لي بهَا فقد غصبهَا من أَمْوَال النَّاس وَأَخذهَا ظلما فَسَأَلَهُ الْوَلِيد فَقَالَ معَاذ الله فأحلفه بَين الرُّكْن وَالْمقَام خمسين يَمِينا أَنه مَا ظلم أحدا وَلَا غصبه فَأَخذهَا الْوَلِيد وَبعث بهَا إِلَى أم الْبَنِينَ وَرجع مُحَمَّد إِلَى الْيمن فَأَصَابَهُ دَاء فتقطعت أمعاؤه وأعضاؤه وَمَات
3 - (عروس الزهاد)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن معدان الْأَصْبَهَانِيّ الملقب بعروس الزهاد وَهُوَ من أجداد الْحَافِظ أبي نعيم توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الْفرْيَابِيّ)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن وَاقد أَبُو عبد الله الْفرْيَابِيّ ولد سنة عشْرين وَمِائَة كَانَ عَالما زاهداً ورعاً من الطَّبَقَة السَّادِسَة قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام أَنِّي دخلت كرماً فِيهِ عِنَب فَأكلت من عنبه كُله إِلَّا الْأَبْيَض فقصصت رُؤْيَايَ على سُفْيَان الثَّوْريّ فَقَالَ تصيب من الْعُلُوم كلهَا إِلَّا الْفَرَائِض فَإِنَّهَا جَوْهَر الْعلم كَمَا أَن الْعِنَب الْأَبْيَض جَوْهَر الْعِنَب وَكَانَ كَمَا قَالَ روى عَن الثَّوْريّ وَغَيره)
وروى عَنهُ الإِمَام أَحْمد وَغَيره قَالَ البُخَارِيّ كَانَ الْفرْيَابِيّ من أفضل أهل زَمَانه وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا مجاب الدعْوَة توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة أَو ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن الطباع الْمُحدث)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عِيسَى أَبُو بكر ابْن الطباع قدم سر من رأى فَنزل فِي البغويين فَاجْتمع النَّاس والمحدثون إِلَيْهِ فَسمع مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر الضوضاء فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا كَلَام الْمُحدثين عِنْد ابْن الطباع فَكتب إِلَيْهِ يَطْلُبهُ فَكتب إِلَيْهِ أما بعد فأكرمك الله كَرَامَة تكون لَك فِي الدُّنْيَا عزا وَفِي الْآخِرَة حرْزا لم أَتَخَلَّف عَنْك صِيَانة بل ديانَة لِأَن الْعلم يُؤْتى وَلَا يَأْتِي فَلَمَّا قَرَأَهَا مُحَمَّد قَالَ صدق ثمَّ صَار إِلَيْهِ هُوَ وَبَنوهُ فحدثه عَامَّة اللَّيْل ثمَّ قَامَ مُحَمَّد وَانْصَرف وَقَالَ لحاجبه سَله مَا يُرِيد فَقَالَ ابْن الطباع قل لَهُ يبْعَث لنا مَا نتغطى بِهِ من الْبرد فَأرْسل إِلَيْهِ بمطرف خَز يُسَاوِي خمس مائَة دِينَار توفّي سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ(5/159)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن معدان الثَّقَفِيّ الْأَصْبَهَانِيّ الْبناء الزَّاهِد المجاب الدعْوَة جد وَالِد أبي نعيم الْحَافِظ لأمه لَهُ مصنفات فِي الزّهْد مِنْهَا كتاب معاملات الْقُلُوب وَكتاب الصَّبْر وَمِمَّنْ روى عَنهُ أَبُو الشَّيْخ توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقد تقدم ذكر جده آنِفا
3 - (أَبُو الْحسن الاخباري)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن أَحْمد بن الْحسن الاخباري أديب شَاعِر سمع بأرجان أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن حبيب وبشيراز أَبَا زرْعَة أَحْمد بن الْفضل الطَّبَرِيّ وبمصر أَبَا مُحَمَّد الْحسن بن رَشِيق العسكري وَأَبا مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد ابْن مَحْمُود بن ثرثال وبالبصرة أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد الْمَكِّيّ الْبَزَّاز وَسمع من أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عقدَة الْكُوفِي وَغَيره وَحدث بِدِمَشْق سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَمن شعره
3 - (الاستراباذي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن حَمَّاد أَبُو بكر الاستراباذي كَانَ عِنْده كتب أبي بكر ابْن أبي شيبَة عَنهُ توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (الْفربرِي رَاوِي البُخَارِيّ)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطر بن صَالح أَبُو عبد الله الْفربرِي بِفَتْح الْفَاء وَكسرهَا وباء مُوَحدَة بَين رائين سمع الصَّحِيح من البُخَارِيّ بفرير كَانَ ثِقَة ورعاً حدث عَنهُ بِالصَّحِيحِ أَبُو عَليّ سعيد)
بن السكن الْحَافِظ بِمصْر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَهُوَ أول من حدث عَن الْفربرِي توفّي الْفربرِي سنة عشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (القَاضِي أَبُو عمر البغداذي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب الْأَزْدِيّ مَوْلَاهُم أَبُو عمر البغداذي القَاضِي توفّي سنة عشْرين وَثَلَاث مائَة ولد القَاضِي أَبُو عمر الْأَزْدِيّ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَسمع الشُّيُوخ وَلَقي الْعلمَاء لم يكن لَهُ نَظِير فِي الْحُكَّام عقلا وحلماً وذكاء وتمكناً وإيجازاً للمعاني الْكَثِيرَة فِي الْأَلْفَاظ القليلة وَصفه الْخَطِيب بأوصاف جميلَة من الْجُود وَالْفضل وَالْحيَاء وَالْكَرم وَالْإِحْسَان إِلَى القَاضِي والداني واستخلف لِأَبِيهِ يُوسُف على الْقَضَاء بالجانب الشَّرْقِي من بغداذ وَكَانَ يحكم بَين أهل مَدِينَة الْمَنْصُور رياسةً وَبَين أهل الْجَانِب الشَّرْقِي نِيَابَة وَصرف هُوَ ووالده ثمَّ تولى زمن المقتدر قَضَاء الْجَانِب الشَّرْقِي من بغداذ وعدة نواح من السوَاد وَالشَّام والحرمين واليمن وَغير ذَلِك ثمَّ قلد قَضَاء الْقُضَاة سنة سبع عشرَة وَثَلَاث مائَة وَحمل النَّاس عَنهُ علما كثيرا من الحَدِيث وَالْفِقْه وصنف مُسْندًا كَبِيرا وَلم ير النَّاس ببغداذ أحسن من مَجْلِسه كَانَ يجلس للْحَدِيث وَعَن يَمِينه أَبُو الْقَاسِم ابْن منيع وَهُوَ قريب من أَبِيه فِي السن والسند وَعَن(5/160)
يسَاره ابْن صاعد وَأَبُو بكر النَّيْسَابُورِي بَين يَدَيْهِ وَسَائِر الْحفاظ حول سَرِيره وَمَا عثروا عَلَيْهِ بخطإ قطّ لَا فِي رِوَايَة الحَدِيث وَلَا فِي أَحْكَامه حضر عِنْده يَوْمًا ثوب يمَان قِيمَته خَمْسُونَ دِينَارا وَعِنْده جمَاعَة من أَصْحَابه وشهوده الَّذين يأنس بهم فاستحسنوه فَقَالَ عَليّ بالقلانسي ففصله قلانس على عَددهمْ وَقَالَ لَو استحسنه وَاحِد مِنْكُم وهبته لَهُ فَلَمَّا اشتركتم فِي استحسانه وَجب قسمته بَيْنكُم وَهُوَ لَا يقوم بملابسكم فَجَعَلته قلانس لكم ورؤي فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ أدركتني دَعْوَة العَبْد الصَّالح إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَكَانَا قد اجْتمعَا فِي مَكَان فَقَالَ القَاضِي لغلامه ارْفَعْ نَعْلي إِبْرَاهِيم فِي منديلك فَفعل فَلَمَّا قَامَ الْحَرْبِيّ قَالَ القَاضِي لغلامه قدم نَعْلي إِبْرَاهِيم فأخرجهما من المنديل فَقَالَ إِبْرَاهِيم للْقَاضِي رفع الله قدرك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أسْند القَاضِي عَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد وَمُحَمّد بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي وَعُثْمَان بن هِشَام بن دلهم وَغَيرهم وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ ويوسف ابْن عمر القواس وَأَبُو الْقَاسِم ابْن حبابة وَآخَرُونَ
3 - (ابْن مرداس الشَّافِعِي)
)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن بشر بن النَّضر بن مرداس الْفَقِيه الشَّافِعِي أحد الرحالين توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة أَو مَا دونهَا
3 - (أَبُو عمر الْكِنْدِيّ)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن حَفْص بن يُوسُف بن نصير أَبُو عمر الْكِنْدِيّ مُصَنف تَارِيخ مصر توفّي فِي شَوَّال سنة خمسين وَثَلَاث مائَة تَقْرِيبًا
3 - (الْحَافِظ أَبُو زرْعَة الْكشِّي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن جُنَيْد الْحَافِظ أَبُو زرْعَة الْجِرْجَانِيّ الْكشِّي توفّي سنة تسعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الكفرطابي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عمر أَبُو عبد الله ابْن منيرة الكفرطابي نزيل شيراز توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة من شعره
(يَا قوم خَابَ مطلبي ... لَا واخذ الله أبي)
(لِأَنَّهُ درسني ... أَصْنَاف علم الْخطب)
(وَعِنْده أَنِّي بهَا ... أحوي جزيل النشب)
(فَمَا أفادتني سوى ... حِرْفَة أهل الْأَدَب)
(وليته عَلمنِي ... صَنعته وَهُوَ صبي)
(الحاكة لَا ... مسَائِل المقتضب)(5/161)
(تَبًّا لدهر أَصبَحت ... صروفه تلعب بِي)
(كَأَنَّهُ وليدة ... لاهية باللعب)
وَله كتاب فِي نقد الشّعْر وَكتاب غَرِيب الْقُرْآن وَكتاب بَحر النَّحْو فِيهِ نقض مسَائِل كَثِيرَة على أصُول النَّحْوِيين وَمن شعر الكفرطابي بيتان فِي كل كلمة مِنْهُمَا زَاي
(تجاوزت أجواز المفاوز جازياً ... بأزرق غزته نزوع النواهز)
(وزجيت بزلاً كالجوازي مجهزاً ... وأزجيت عزم الهبرزي المناجز)
وَمن شعره فِي السَّيْف
(ومهند تقفو الْمنون سَبيله ... أبدا فَكيف يُقَال ريب منون)
)
(ترك المنايا فِي النُّفُوس فرحن عَن ... غبن وَرَاح وَلَيْسَ بالمغبون)
(لَو أَن سَيْفا ناطقاً لتحدثت ... شفراته بسرائر وشجون)
(وكأنما الْقدر المتاح مجسم ... فِي حَده أَو عزم عز الدّين)
والكفرطابي هَذَا هُوَ شيخ لأبي الثَّنَاء مَحْمُود بن نعْمَة بن أرسلان الشِّيرَازِيّ الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ وَقيل إِن الكفرطابي قَرَأَ على الطليطلي
3 - (المنجم المغربي)
مُحَمَّد بن يُوسُف المنجم قَالَ ابْن رَشِيق غلب عَلَيْهِ التنجيم وَأورد لَهُ قَوْله
(لقد طبع الله الْحُسَيْن بن عَسْكَر ... على الْخلق الفضفاض وَالْكَرم الْمَحْض)
(فَتى الدَّهْر متلاف لكل ذخيرة ... سماحاً وجودا سَالم الدّين وَالْعرض)
وَقَوله
(لعمري لَئِن كُنَّا حليفي صناعَة ... لقد سبقت ريش الخوافي القوادم)
(فَقل للَّذي استهزا بِنَا فِي فعاله ... مقالي يقظان وعرضك نَائِم)
(سيغسل عني المَاء فعلك كُله ... وَقَوْلِي بَاقٍ وَالْعِظَام رمائم)
(تدب على الْأَعْضَاء مِنْهُ عقارب ... وتنفث فِي الأحشاء مِنْهُ أراقم)
(فَإِن كَانَ ذَا عرض تلوح كلومه ... فعندي ضمادات لَهُ ومراهم)
قلت هَذَا يشبه مَا جرى ليزِيد بن مفرغ لما هجا عبيد الله بن زِيَاد وَأمكنهُ الله مِنْهُ وَلم يُمكنهُ يزِيد بن مُعَاوِيَة من قَتله ومكنه من عُقُوبَته فَسَقَاهُ نبيذاً حلواً جعل فِيهِ مسهلاً فأسهل بَطْنه وطيف بِهِ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال وَقرن مَعَه هرة وخنزير فَجعل يسلح وَالصبيان يتبعونه ويصيحون بِهِ(5/162)
وألح عَلَيْهِ مَا يخرج مِنْهُ حَتَّى أضعفه وَسقط فَقيل لِعبيد الله لَا نَأْمَن أَن يَمُوت فَأمر بِهِ أَن يغسل فَلَمَّا اغْتسل قَالَ
(يغسل المَاء مَا فعلت وَقَوْلِي ... راسخ مِنْك فِي الْعِظَام البوالي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ بن أبي مَنْصُور الهمذاني أَبُو شُجَاع الْفَقِيه الشَّافِعِي سكن بغداذ وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وَسمع ببغداذ أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأَبا الْقَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشحامي وَغَيرهمَا وَحدث باليسير
3 - (أَبُو الْفَتْح الْوَاعِظ)
)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد المطوعي أَبُو الْفَتْح الْوَاعِظ من أهل بست قدم بغداذ حَاجا وَعقد بهَا مجْلِس الْوَعْظ فِي كل جُمُعَة بِجَامِع السُّلْطَان قَالَ الْحَافِظ السلَفِي كَانَ حسن الْوَعْظ بِالْفَارِسِيَّةِ قَلِيل البضاعة فِي الْعَرَبيَّة يحضر مَجْلِسه الأتراك العسكرية وَفِيه تواضع زَائِد وَكتب عني فَوَائِد ثمَّ رَأَيْته بالأشتر من مدن الْجَبَل
مُحَمَّد بن يُوسُف بن أبي الْقَاسِم أَبُو المحاسن الشَّاشِي قدم بغداذ ومدح بهَا جمَاعَة ذكره الْوراق الحظيري فِي زِينَة الدَّهْر وَمن شعره
(لَا تحقرن أديباً راق رونقه ... من الفصاحة إِمَّا رَاح فِي سمل)
(فالسكر العسكري الحلو من قصب ... والنرجس البابلي الغض من بصل)
وعارض قصيدة الْفَيَّاض الْهَرَوِيّ الَّتِي أَولهَا السَّعْي إِلَى فِي رضاك محَال فَقَالَ يمدح برهَان الدّين عليا الغزنوي الْوَاعِظ
(الْمجد مَاء وَهُوَ مِنْك زلال ... وَالْفضل ريح وَهِي مِنْك شمال)
(وَالنّظم شهب وَهِي فِيك ثواقب ... وَالشعر حر وَهُوَ فِيك حَلَال)
(والشبع إِلَّا من يَديك مجاعَة ... والري إِلَّا من ثراك محَال)
(والنجح إِلَّا من نوالك خيبة ... والوعد إِلَّا من لهاك مطال)
(والبدر إِلَّا من جبينك كاسف ... وَالْبَحْر إِلَّا من يَمِينك آل)
(للمدح فِي أَوْصَاف مجدك فسحة ... لَا بل لَهُ مندوحة ومجال)
(عنوان فضلك للمآثر حلَّة ... وطراز عقلك للعلى سربال)
(ورواء بشرك للمناقب رونق ... وبهاء وَجهك للعقول صقال)
مِنْهَا
(خُذْهَا حديقة خاطر هِيَ وردة ... فِي خد مجدك بل عَلَيْهِ خَال)
3 - (المرسي الْخَطِيب)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن سَعَادَة أَبُو عبد الله المرسي مولى سعيد بن(5/163)
نصر نزيل شاطبة كَانَ عَارِفًا بالآثار مشاركاً فِي التَّفْسِير حَافِظًا للفروع بَصيرًا باللغة مائلاً إِلَى التصوف ذَا حَظّ من علم الْكَلَام فصيحاً مفوهاً صنف كتاب شَجَرَة الْوَهم المترقية إِلَى ذرْوَة الْفَهم لم يسْبق إِلَى)
مثله توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (موفق الدّين البحراني)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن قَائِد موفق الدّين الإربلي البحراني الشَّاعِر كَانَ بارع الْأَدَب رائق الشّعْر لطيف الْمعَانِي قدم دمشق ومدح صَلَاح الدّين وَكَانَ يعرف الهندسة وَله اشْتِغَال فِي الفلسفة توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره
3 - (التاريخي الأندلسي)
مُحَمَّد بن يُوسُف أَبُو عبد الله التاريخي الْوراق الأندلسي ألف بالأندلس للْحكم الْمُسْتَنْصر كتابا فِي مسالك إفريقية وممالكها وَألف فِي أَخْبَار مُلُوكهَا وحروبهم والقائمين عَلَيْهِم كتبا جمة وَكَذَلِكَ ألف أَخْبَار تيهرت ووهران وسجلماسة وتنس ونكور وَالْبَصْرَة هُنَاكَ وَغَيرهَا تواليف حسانا
3 - (خواجا إِمَام صَلَاح الدّين)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن أبي بكر الشَّيْخ ضِيَاء الدّين أَبُو بكر الآملي الطَّبَرِيّ الْمُقْرِئ إِمَام السُّلْطَان صَلَاح الدّين يعرف بخواجا إِمَام صَلَاح الدّين توفّي سنة سِتّ مائَة تَقْرِيبًا
3 - (الْملك الْأَشْرَف عز الدّين مُحَمَّد)
مُحَمَّد بن يُوسُف الْملك الْأَشْرَف عز الدّين ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين توفّي بحلب سنة خمس وست مائَة
3 - (ابْن المنتجب الْكَاتِب)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله النَّيْسَابُورِي البغداذي الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن المنتجب قَرَأَ الْأَدَب وَكَانَ أَبوهُ صوفياً فَنَشَأَ لَهُ سعد الدّين أَبُو عبد الله هَذَا وبرع فِي الْخط وَكَانَ جمَاعَة من الْفُضَلَاء يفضلون خطه على خطّ ابْن البواب وَكَانَ ضنيناً بِخَطِّهِ جدا توفّي شَابًّا سنة ثَمَان وست مائَة قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتب إِلَيّ مرّة رقْعَة فِي(5/164)
حَاجَة سألنيها ثمَّ أعَاد إِلَيّ الرَّسُول الَّذِي أوصلها إِلَيّ يطْلبهَا مني فامتنعت من ردهَا فألح عَليّ كثيرا وردد الرَّسُول مرَارًا حَتَّى أضجرني فرددتها عَلَيْهِ وَكَانَ فِيهِ بِأَو وَكبر
3 - (الْحَافِظ الزكي البرزالي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن يداس بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَالدَّال الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة وَالسِّين الْمُهْملَة بعد الْألف الْحَافِظ الرّحال زكي الدّين أَبُو عبد الله البرزالي ذكر أَن مولده تَقْرِيبًا سنة)
سبع وَسبعين وَخمْس مائَة قدم دمشق سنة خمس وست مائَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى مصر ثمَّ رد إِلَى دمشق ورحل إِلَى خُرَاسَان وبلاد الْجَبَل وَسمع بأصبهان ونيسابور ومرو وهراة وهمذان وبغداذ والري والموصل وتكريت وإربل وحلب وحران وَعَاد إِلَى دمشق بعد خمس سِنِين واستوطنها وَكتب بِخَطِّهِ عَمَّن دب ودرج وَأم بِمَسْجِد فلوس طرف ميدان الْحَصَا وَولي مشيخة مشْهد عُرْوَة وَلم يفتر عَن السماح حدث بالكثير وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (أَبُو الْفَتْح الْمَقْدِسِي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن همام بن عَليّ أَبُو الْفَتْح الْمَقْدِسِي من أهل دمشق قدم بغداذ شَابًّا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وسكنها إِلَى حِين وَفَاته وتفقه على أبي الْفَتْح ابْن الْمَنِيّ وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة الشُّيُوخ فِي ذَلِك الْوَقْت ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وَصَحب عبد الْعَزِيز بن دلف الخازن وَكَانَ يناول الْكتب بَين يَدَيْهِ فِي خزانَة الشريف الزيدي بتربة الْجِهَة السلجوقية وَيبِيع الْكتب وَترك الِاشْتِغَال ثمَّ ولي آخر عمره خزانَة الْكتب بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وَصَارَ لَهُ رسم يَأْخُذهُ كل سنة من صدقَات الْخَلِيفَة وأثرت حَاله وَكَانَ متديناً حسن الطَّرِيقَة متودداً إِلَى النَّاس توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَدفن بِبَاب حَرْب وَقد بلغ السّبْعين
3 - (الرفاء البلنسي)
مُحَمَّد بن يُوسُف الرفاء البلنسي أورد لَهُ أُميَّة بن أبي الصَّلْت فِي الحديقة قَوْله
(وَإِذا تنثني حَولي غصون معاطف ... تأطر من حلي بروق سواجع)
(وأرعى ثريا كل قرط خفوقه ... لقلبي وَأما دره لمدامعي)
وأنشده بعض الْفُضَلَاء فِي الشمعة
(وناحلة صفراء لم تدر مَا الْهوى ... فتبكي لهجر أَو لطول بعاد)
(حكتني نحولاً واصفراراً وحرقة ... وفيض دموع واتصال سهاد)
فَزَاد ذَلِك وَقَالَ
(صفراء لم تدر الْهوى غير أَنَّهَا ... رثت لي فباتت تسعد الوجد أجمعا)
(حكتني نحولاً واصفراراً وحرقةً ... وخفقاً وسقما واصطباراً وأدمعا)(5/165)
3 - (الْفَخر الكنجي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الْفَخر الكنجي نزيل دمشق عني بِالْحَدِيثِ وَسمع ورحل)
وَحصل كَانَ إِمَامًا مُحدثا لكنه كَانَ يمِيل إِلَى الرَّفْض جمع كتبا فِي التَّشَيُّع وداخل التتار فَانْتدبَ لَهُ من تأذى مِنْهُ فبقر جنبه بالجامع فِي سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَله شعر يدل على تشيعه وَهُوَ
(وَكَانَ عَليّ أرمد الْعين يَبْتَغِي ... دَوَاء فَلَمَّا لم يحس مداويا)
(شفَاه رَسُول الله مِنْهُ بتفلة ... فبورك مرقياً وبورك راقيا)
(وَقَالَ سأعطي الرَّايَة الْيَوْم فَارِسًا ... كمياً شجاعاً فِي الحروب محاميا)
(يحب الْإِلَه والإله يُحِبهُ ... بِهِ يفتح الله الْحُصُون كَمَا هيا)
(فَخص بهَا دون الْبَريَّة كلهَا ... عليا وَسَماهُ الْوَصِيّ المؤاخيا)
3 - (ابْن مسدي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُوسَى بن يُوسُف بن مسدي الْحَافِظ أَبُو بكر الغرناطي الْأَزْدِيّ المهلبي سمع الْكثير بالمغرب وديار مصر وصنف وانتقى على الْمَشَايِخ وَظَهَرت فضائله روى عَن أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن ابْن الْأُسْتَاذ الْحلَبِي وَمُحَمّد بن عماد الْحَرَّانِي وَخرج معجماً لنَفسِهِ عمل تراجمه مسجوعة وَهُوَ سجع مُتَمَكن روى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره وجاور بِمَكَّة وَبهَا مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وست مائَة فِي شَوَّال وَلبس الْخِرْقَة من جده أبي مُوسَى سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة وَمن الْأمين عبد اللَّطِيف النَّرْسِي ولبسهم عَن الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَسمع سنة ثَمَان وَبعدهَا بالأندلس وَمن الْفَخر الْفَارِسِي بِمصْر وَقد تكلم فِيهِ فَكَانَ يُدَلس الْإِجَازَة وَحكى أَبُو مُحَمَّد الدلاصي عَنهُ أَنه غض من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَقَالَ الْحَافِظ اليغموري مَا نقمنا عَلَيْهِ إِلَّا أَنه كَانَ يتَكَلَّم فِي عَائِشَة وَقَالَ الْعَفِيف ابْن المطري إِنَّه يصاحب الزيدية ويداخلهم وقدموه لخطابة الْحرم وَأكْثر كتبه بأيدي الزيدية وَكَانَ ينشيء الْخطْبَة ببلاغة وفصاحة وَله مصنفات كَثِيرَة وَله منسك كَبِير ضخم ذكر فِيهِ الْمذَاهب وحججها وأدلتها روى عَنهُ أَمِين الدّين عبد الصَّمد والعفيف ابْن مزروع والرضي مُحَمَّد بن خَلِيل قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين رَأَيْت لَهُ قصيدة طَوِيلَة تدل على التَّشَيُّع وَرَأَيْت لَهُ مَنَاقِب الصّديق مُجَلد وطالعت مُعْجمَة بِخَطِّهِ وَفِيه عجائب وتواريخ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (السُّلْطَان ابْن الْأَحْمَر)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن نصر السُّلْطَان أَبُو عبد الله بن الْأَحْمَر(5/166)
الأرجوني صَاحب الأندلس بُويِعَ)
سنة تسع وَعشْرين بأرجونة وَهِي بليدَة بِالْقربِ من القرطبة وَكَانَ سعيداً مُدبرا مؤيداً حازماً بطلاً شجاعاً ذَا دين وعفاف هزم ابْن هود ثَلَاث مَرَّات وَلم تكسر لَهُ راية قطّ وَجَاء الأذفونش وحاصر جيان عَاميْنِ وَأَخذهَا بِالصُّلْحِ وعقدت بَينهمَا الْهُدْنَة عَام اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين فدامت عشْرين سنة فعمرت الْبِلَاد حَتَّى توفّي فِي شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة وتملك بعده ابْنه مُحَمَّد
3 - (شهَاب الدّين التلعفري)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مَسْعُود بن بركَة الأديب البارع شهَاب الدّين أَبُو عبد الله الشَّيْبَانِيّ التلعفري الشَّاعِر الْمَشْهُور ولد بالموصل سنة ثَلَاث وَتِسْعين واشتغل بالأدب ومدح الْمُلُوك والأعيان وَكَانَ خليعاً معاشراً امتحن بالقمار وَكلما أعطَاهُ الْملك الْأَشْرَف شَيْئا قامر بِهِ فطرده إِلَى حلب فمدح الْعَزِيز فَأحْسن إِلَيْهِ وَقرر لَهُ رسوماً فسلك مَعَه ذَلِك المسلك فَنُوديَ فِي حلب أَي من قامر مَعَ الشهَاب التلعفري قَطعنَا يَده فضاقت عَلَيْهِ الأَرْض فجَاء إِلَى دمشق وَلم يزل يستجدي ويقامر حَتَّى بَقِي فِي أتون ثمَّ فِي الآخر نادم صَاحب حماة توفّي سنة خمس وَسبعين وست مائَة أَنْشدني من لَفظه القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم ورشيد الدّين يُوسُف بن أبي الْبَيَان كِلَاهُمَا قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور من لَفظه لنَفسِهِ بحماة وفيهَا توريات حَسَنَة
(جريت بِحَمْرَاء الْكُمَيْت إِلَى الشقرا ... مقرّ الْهوى حسنا وأعرضت عَن مقرا)
(وَلم أخل بالخلخال أَعمال كاسها ... وَأثبت فِي تَارِيخ مَا سرني سطرا)
(وأبصرت مَا بَين الميادين سَائِلًا ... فَلم أر إِلَّا أَن أقابله نَهرا)
(وَلَا سِيمَا وَالرَّوْض من حوله لَهُ ... بِسَاط وَقد مد النسيم لَهُ نشرا)
(فَللَّه أَيَّام تولت بجانبي ... يزِيد فقد كَانَت ببهجتها العمرا)
(وَمَا كَانَ مقصودي يزِيد وبرده ... وَلَكِن قصدي كَانَ أَن أنظر الزهرا)
وأنشدني من لَفظه شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم بالسند الْمَذْكُور لَهُ
(وَإِذا الثَّنية أشرقت وشممت من ... نفس الْحمى أرجاً كنشر عبير)
(سل هضبها الْمَنْصُوب أَيْن حَدِيثهَا ال ... مَرْفُوع عَن ذيل الصِّبَا الْمَجْرُور)(5/167)
ونقلت من خطّ الْفَاضِل عَليّ الوداعي
(وَلَقَد وقفت على الثَّنية سَائِلًا ... عَمَّا أَشَارَ بِهِ فَتى شَيبَان)
)
(فروت أَحَادِيث الْحمى عَن عَامر ... وَحَدِيث روض السفح عَن أبان)
وَقَالَ التلعفري أَيْضا
(أيطرق فِي الدجى مِنْكُم خيال ... وطرفي ساهر هَذَا محَال)
(سقت أيامنا بأراك حزوي ... وهاتيك الربى سحب ثقال)
(منَازِل للصبى مَا زَالَ شملي ... لَهُ فِيهَا بِمن أَهْوى اتِّصَال)
(دموعي بعْدهَا دَال وَمِيم ... على خدي لَهَا مِيم ودال)
وَقَالَ أَيْضا
(حتام أرفل فِي هَوَاك وتغفل ... وإلام أهزل من جفاك وتهزل)
(يَا مضرماً فِي مهجتي بصدوده ... حرقاً يكَاد لَهُنَّ يذبل يذبل)
(الْقلب دلّ عَلَيْك أَنَّك فِي الدجى ... قمر السَّمَاء لِأَنَّهُ لَك منزل)
(هَب أَن خدك قد أُصِيب بِعَارِض ... مَا بَال صدغك رَاح وَهُوَ مسلسل)
(قسما بحاجبك الَّذِي لم ينْعَقد ... إِلَّا أرانا السَّبي وَهُوَ مُحَلل)
(وَبِمَا بثغرك من سلافة رِيقه ... عذبت فَقيل هِيَ الرَّحِيق السلسل)
(لَوْلَا مقبلك المنظم عقده ... مَا بَات من يهواك وَهُوَ مقبل)
(حزني وحسنك إِن لَغَا من لامني ... ونحوت هجري مُجمل ومفصل)
(لَو كنت فِي شرع الْمحبَّة عادلاً ... يَا ظالمي مَا كنت عني تعدل)
(وَأما عَجِيب أَن دمعي مُعرب ... عَن سر مَا أخفيه وَهُوَ المهمل)
(أضحى وَيَا لَك من عناء هاتكاً ... ستر الْهوى وَعَلِيهِ أصبح يسبل)
(يَا آمري بسلوه ليغرني ... إِن السلو كَمَا تَقول لأجمل)
(لَكِن يعز خلاص قلب متيم ... تركته أَيدي الهجر وَهُوَ مبلبل)
(هَيْهَات كلا لَا نجاة لمن غَدا ... من جِسْمه فِي كل عُضْو مقتل)
فَأَنْشد قبيل مَوته وَهُوَ آخر شعره رَحمَه الله تَعَالَى
(إِذا مَا بَات من ترب فِرَاشِي ... وَبت مجاور الرب الرَّحِيم)(5/168)
(فهنوني أصيحابي وَقُولُوا ... لَك الْبُشْرَى قدمت على كريم)
وَقَالَ أَيْضا من أَبْيَات)
(طيف غنيت بِهِ عَن شيم بارقة ... وَعَن تلقي صبا مسكية النَّفس)
(أراحني من مواعيد مزخرفة ... أجريت مِنْهُنَّ آمالي على يبس)
(فَبت فِي نعْمَة لِليْل سابغة ... ممتعاً باللمى والثغر واللعس)
(أردد الطّرف فِي خد نضارته ... وقف على مستق مِنْهَا ومقتبس)
(خد مَتى قلت إِن الْورْد يُشبههُ ... قَالَ الْجمال تَأمل ذَا وَذَا وَقس)
وَقَالَ أَيْضا
(لم أنس لَيْلَة زرتها فِي غَفلَة ... من كاشح ومراقب وحسود)
(فضممت مِنْهَا غُصْن بَان أهيف ... مترنح من بانة مقدود)
(ولثمت ثغراً واحياي وخجلتي ... إِن قلت مثل اللُّؤْلُؤ المنضود)
(فَشَكَرت صمت خلاخل وأساور ... وشكوت نطق مخانق وعقود)
وَقَالَ أَيْضا
(فِي ثغره والقوام اللدان ألف غنى ... عَن أبرق الْحزن بل عَن بانة الْوَادي)
(سُبْحَانَ مطلع بدر التم مِنْهُ على ... غُصْن رطيب من الأغصان مياد)
(سكرت من نشوة فِي مقلتيه صَحا ... مِنْهَا وَزَاد ضلالي وَجهه الْهَادِي)
(مَا ضرني مَا اقاسي فِيهِ من سقم ... وَمن ضنى لَو غَدا من بعض عوادي)
وَقَالَ أَيْضا
(يَا نقي الخد الَّذِي لم يزل فِي ... هـ اجْتِمَاع لحمرة وَبَيَاض)
(لَك وعد مُسْتَقْبل حَال قسراً ... دونه سيف مقلتيك الْمَاضِي)
وَقَالَ أَيْضا
(إِن كَانَ يرضيك بِأَن أبقى كَذَا ... رهن الصبابة والغرام فحبذا)
(سهل بكم هَذَا السقام وهين ... فِي حبكم مَا ألتقيه من الْأَذَى)
(يَا عاذلي مَا العذل ضَرْبَة لازب ... لفتى عَلَيْهِ غَدا الْهوى مستحوذا)
(لي لَا لَك الْقلب المشوق وأدمعي ... لَا دمعك الْجَارِي فَمن يصغي إِذا)
(بِي شادن لَا قيض الله الَّذِي ... أبلى بِهِ من أسره لي مأخذا)
(ليلِي لون الشّعْر صبحي السنا ... خوطي لين الْقد مسكي الشذا)
)
(لَو قَابل الْقَمَر الْمُنِير وَقيل لي ... هذاك أم هَذَا الْهلَال لَقلت ذَا)(5/169)
(يَا من لَهُ خد غَدا متنزهاً ... ياقوته عَن أَن يكون زمرذا)
وَقَالَ أَيْضا
(أَي دمع من الجفون أساله ... إِذْ أَتَتْهُ مَعَ النسيم رساله)
(حَملته الرِّيَاح أسرار عرف ... أودعتها السحائب الهطاله)
(يَا خليلي وللخليل حُقُوق ... وَاجِبَات الْأَحْوَال فِي كل حَاله)
(سل عقيق الْحمى وَقل إِذْ ترَاهُ ... خَالِيا من ظبائه المختاله)
(أَيْن تِلْكَ المراشف العسليا ... ت وَتلك المعاطف العساله)
(وليال قضيتها كلآل ... بغزال تغار مِنْهُ الغزاله)
(بابلي الألحاظ والريق والأل ... فاظ كل مدامة سلساله)
(من بني التّرْك كلما جذب القو ... س رَأينَا فِي برجه بدر هاله)
(يقطع الْوَهم حِين يَرْمِي وَلَا يَد ... رى يَدَاهُ أم عينه النباله)
(قلت لما لوى دُيُون وصالي ... وَهُوَ مثر وقادر لَا محاله)
(بَيْننَا الشَّرْع قَالَ سربي فعندي ... من صفاتي لكل دَعْوَى دلاله)
(وشهودي من خَال خدي وقدي ... فشهود مَعْرُوفَة بالعداله)
(أَنا وكلت مقلتي فِي دم الْخلّ ... ق فَقلت قبلت هذي الوكاله)
وَفِيه يَقُول شهَاب الدّين ابْن العزازي يهجوه
(مَا يَقُول الهاجون فِي شيخ سوء ... رَاجِح الْجَهْل نَاقص الْمِقْدَار)
(شان تلعفراً فأضحت بِهِ أل ... أم أَرض نعم وأخبث دَار)
(ذُو محيا فِي غَايَة الْقبْح لم ير ... خَ عَلَيْهِ الْحيَاء فضل خمار)
(فلكم جَاءَ لابساً ثوب عَابَ ... وَلكم رَاح ساحباً ثوب عَار)
(بَين ميمي مهانة ومساو ... ثمَّ قافي قيادة وقمار)
هَذَا على أَن العزازي مدحه بموشحة مليحة وَلَكِن هَذِه الْعَادة جَارِيَة بَين أهل كل عصر وَفِي تَرْجَمَة عَليّ بن عُثْمَان السُّلَيْمَانِي لَهُ قصيدة ذكرتها هُنَاكَ وَهِي الَّتِي أَولهَا
(هَذَا العذول عَلَيْكُم مَا لي وَله ... أَنا قد رضيت بذا الغرام وَذَا الوله)
)
وَأما الموشحة الَّتِي للعزازي يمدح التلعفري فَهِيَ قَوْله
(بَات طرفِي يتشكى الأرقا ... وتوالت أدمعي لَا ترتقي)
لَيْت أيامي ببانات اللوى غفلت عَنْهَا ليالات النَّوَى(5/170)
عاذلاتي باعتلاقي بالهوى كَيفَ سلواني وقلبي والجوى
(أقسما فِي الْحبّ لن نفترقا ... وجفوني أَقْسَمت لَا تلتقي)
وَلَقَد هَمت بِذِي قد نضر قامة البانة مِنْهُ تنهصر ذِي رضاب بَارِد الظُّلم خصر فِي فُؤَادِي مِنْهُ نَار تستعر
(رشأ قلبِي بِهِ قد علقا ... جلّ من صوره من علق)
سَالَ فِي سالفه الْمسك فنم وشذا الْمسك أَبى أَن يكتتم أحور صَحِيح عَيْنَيْهِ السقم مذ تبدى وتثنى وابتسم
(خلته بَدْرًا على غُصْن نقا ... باسماً عَن أنفس الدّرّ نقي)
سَاد بالدل وفرط الخفر سانحات الظبيات العفر مِثْلَمَا فاق فَتى التلعفري قالة الشّعْر بوشي الحبر
(أريحي خص لما خلقا ... بسخا النَّفس وَحسن الْخلق)
شَاعِر فاق فحول الشعرا بقواف مثل إطراق الْكرَى باسمات يجتلي مِنْهَا الورى)
ثغراً يبسم أَو زاهراً يرى
(كلما لَاحَ سناها مشرقا ... سجد الغرب لفضل الْمشرق)
شِيمَة أصفى من الراح الشُّمُول همة أوفت على العلياء طول نبعة جرت على النَّجْم الذيول دوحة طابت فروعاً وأصول
(سح جود فِي ذراها وَرقا ... فكساها يانعات الْوَرق)
أَيهَا الموفي على عهد الزَّمن(5/171)
كرماً مَحْضا وفضلاً ومنن حاكه الْخَادِم من غير ثمن جالب الوشي لصنعاء الْيمن
(فاستمعها زادك الله بقا ... مِدْحَة لم يحكها إِبْنِ بَقِي)
فَأَجَابَهُ شهَاب الدّين التلعفري عَن ذَلِك بقوله وَهُوَ فِي غير الروي لكنه من مادته
(كَيفَ يروي مَا بقلبي من ظما ... غير برق لائح من إضم)
إِن تبدي لَك بَان الأجرع وأثيلات النقا من لعلع يَا خليلي قف على الدَّار معي وَتَأمل كم بهَا من مصرع
(وَاحْترز وَاحْذَرْ فأحداق الدمى ... كم أراقت فِي رباها من دم)
حَظّ قلبِي فِي الغرام الوله فعذولي فِيهِ مَا لي وَله حسبي اللَّيْل فَمَا أطوله لم يزل آخِره أَوله
(فِي هوى أهيف معسول اللمى ... رِيقه كم قد شفى من ألم)
سائلي عَن أَحْمد مِمَّا حوى)
من خلال هِيَ للداء دوا مَا سواهُ وَهُوَ يَا صَاح سوا ناشر من كل فن مَا انطوى
(بَحر آدَاب وَفضل قد طمى ... فاخش من آذيه الملتطم)
العزازي الشهَاب الثاقب شكره فرض علينا وَاجِب فَهُوَ إِذْ تبلوه نعم الصاحب سَهْمه فِي كل فن صائب
(جائل فِي حلبة الْفضل كَمَا ... جال فِي يَوْم الوغى شهم كمي)
شَاعِر أبدع فِي أشعاره وَمَتى أنْكرت قولي باره لَو جرى مهيار فِي مضماره(5/172)
والخوارزمي فِي آثاره
(قلت عودا وارجعا من أَنْتُمَا ... ذَا امْرُؤ الْقَيْس إِلَيْهِ ينتمي)
3 - (شمس الدّين الْجَزرِي)
مُحَمَّد بن يُوسُف شمس الدّين الْجَزرِي الْخَطِيب كَانَ عَالما بالأصول وصنف فِيهِ وَله شرح لطيف على ألفية ابْن مَالك واشتغل على شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ شَارِح الْمَحْصُول فِي العقليات ودرس بالشريفية وبالغربة بِمصْر وانتفع النَّاس بِهِ وَكَانَ حسن الصُّورَة كريم الْأَخْلَاق تولى الخطابة بِجَامِع ابْن طولون وبالقلعة أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ أثير الدّين لشمس الدّين الْجَزرِي
(سل عَن أَحَادِيث أشواقي إِذا خطرت ... رسل النسيم فقد أودعتها لمعا)
(واستوضح البارق النجدي عَن نَفسِي ... بعد النَّوَى فسيحكية إِذا لمعا)
(واستمل من طير غُصْن البان بَث جوى ... أخفيته فسيمليه إِذا سجعا)
(ومذ رمتنا النَّوَى وَالله مَا هدأت ... أشجان قلبِي وطرفي قطّ مَا هجعا)
(وَلَيْسَ يمسك من بعد النَّوَى رمقي ... إِلَّا أماني قلبِي أَن نعود مَعًا)
)
3 - (أَمِين الدّين ابْن القباقبي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد الشَّاب أَمِين الدّين ابْن الرئيس مجد الدّين القباقبي الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الْكَاتِب بديوان الْجَيْش كَانَ مليح الصُّورَة لطيف الشَّمَائِل عَاقِلا عَاشَ سِتا وَعشْرين سنة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وست مائَة رثاه الشَّيْخ نجم الدّين القحفازي النَّحْوِيّ بقصيدة أَولهَا
(أسعدي يَا حمام قلباً عميدا ... لدروس الْفِرَاق أَمْسَى معيدا)
3 - (بهاء الدّين البرزالي)
مُحَمَّد بن يُوسُف ابْن الْحَافِظ زكي الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن يداس الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم المرتضى بهاء الدّين أَبُو الْفضل ابْن أبي الْحجَّاج ابْن البرزالي الإشبيلي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ولد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وأحضره وَالِده على جمَاعَة مِنْهُم السخاوي وَابْن الصّلاح وكريمة وعتيق السَّلمَانِي والمخلص ابْن هِلَال والتاج ابْن أبي جَعْفَر ومحاسن الْجُورِي والمرجى ابْن شقيرة ثمَّ توفّي وَالِده شَابًّا وَخَلفه وَله خَمْسَة أَعْوَام فربي فِي حجر جده الإِمَام علم الدّين الْقَاسِم بن أَحْمد اللورقي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن وشيئاً من النَّحْو وَكتب الْخط الْمَنْسُوب وبرع فِيهِ وَنسخ جملَة من الْكتب وَأَجَازَ لَهُ طَائِفَة من شُيُوخ بغداذ ومصر وَالشَّام وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَلَده الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم شَيْئا كثيرا مِنْهَا الْكتب السِّتَّة بالإجازات وَحدث بِدِمَشْق(5/173)
ومصر والحجاز وبرع فِي كِتَابَة الشُّرُوط وَكتب الحكم للقضاة ورزق حظوة من التصون والديانة وَالتَّقوى والتعبد وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
مُحَمَّد بن يُوسُف محيي الدّين الْمَقْدِسِي الْمصْرِيّ النَّحْوِيّ توفّي سنة ثَلَاث وَسبع مائَة
3 - (الذَّهَبِيّ الإربلي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن أبي طَاهِر الإربلي ثمَّ الدِّمَشْقِي الذَّهَبِيّ ولد سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو مُحَمَّد ابْن البن وَجَمَاعَة وَسمع من ابْن الْمُسلم الْمَازِني وَأبي نصر ابْن عَسَاكِر وَابْن الزبيدِيّ وَابْن اللتي وَابْن مكرم والزكي البرزالي وعدة وَخرجت لَهُ مشيخة وذيل عَلَيْهَا الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ مكثراً وَسمع السّنَن الْكَبِير للبيهقي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ على المرسي وَكَانَ شَيخا عامياً سقط من السّلم فَمَاتَ لوقته فِي رَمَضَان سنة أَربع وَسبع مائَة وَتفرد بأَشْيَاء)
3 - (ابْن المهتار)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن المهتار الْمصْرِيّ الْعدْل الْجَلِيل نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله ابْن الشَّيْخ مجد الدّين الْمصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي سمع من ابْن الضلاح والمرجى ابْن شقيرة ومكي ابْن عَلان وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ ظافر بن شَحم وَابْن المقير وَتفرد بأجزاء وَكَانَ نقيب قَاضِي الْقُضَاة إِمَام الدّين الْقزْوِينِي مولده سنة سبع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة
3 - (ابْن سعد الْملك جمال الدّين)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن نحرير جمال الدّين الْمَعْرُوف بِابْن سعد الْملك الأسواني المولد وَالدَّار الطنبذي المحتد قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ فَقِيها حفظ الْوَجِيز فَاضلا أديباً رَئِيسا ورزق عشرَة أَوْلَاد وَسَمَّاهُمْ بأسماء الصَّحَابَة الْعشْرَة رَضِي الله عَنْهُم وَكَانَ شجاعاً مقداماً غيوراً وَله فِي ذَلِك حكايات توفّي بأسوان بعد السِّتين وست مائَة وقفت لَهُ على مقامة كتبهَا لبَعض الْأُمَرَاء يصف فِيهَا الْجَوَارِح وَالْخَيْل مِنْهَا فِي مدح الْأَمِير الممدوح قَوْله من أضحت نعمه سوارح واستعبدت رياسته الْقُلُوب والجوارح وَأصْبح لبها للمجد مقرا ولغرائب الثَّنَاء والسودد مُسْتَقرًّا وَمِنْهَا إِنَّه خرج يَوْمًا مَعَ النَّاس وَقد وصلوا برهم بإيناس كل مِنْهُم يَهْتَز للأكرومه ويأوي إِلَى شرف أرومه على خيل مسومه مثقفة مقومه مَا بَين جون وأدهم أذكى من فارسه وَأفهم إِذا زاغ عَن سِنَان أَو انعطف لعنان ظننته عتد مواصله أَو انفضل عَن مفاصله وأشقر كالطراف عبل الْأَطْرَاف ينهب كريم لَهُ سالفة ريم كَأَنَّمَا خلق من عقيق أَو تردى برداء من شَقِيق إِن أوردته الطراد أوردك المُرَاد وكميت كالطود ذِي وظيف كذراع الْعود يلطم الأَرْض بزبر وَينزل من السَّمَاء بِخَبَر وهملاج أَشهب(5/174)
إِن زجرته ألهب أديمه رَوْضَة بهار ينظر من ليل فِي نَهَار ينساب انسياب الأيم ويمر مُرُور الْغَيْم لَا يُنَبه النَّائِم إِذا عبر بِهِ وَلَا يُحَرك الْهوى فِي مسربه أخْفى وطأ من الطيف وأوطأ ظهرا من مهاد الصَّيف قَالَ فَلم يزل بِنَا الْمسير وكل منا طَاعَة صَاحبه أَسِير إِلَى أَن قصدنا وَاديا كَانَ لعيوننا باديا فَمَا قَطعنَا مِنْهُ عرضا حَتَّى أَتَيْنَا أَرضًا كَأَنَّمَا فرش قَرَارهَا بزبرجد وصيغت أنوارها من لجين وعسجد وَقد وفرت فِيهَا السَّحَاب دموعها وأحسنت فِي قيعانها جمعهَا نسيمها سقيم وماؤها مُقيم فَهِيَ تهدي للناشق أنفاس المعشوق)
للعاشق وَمِنْهَا فِي وصف كلب ذُو خطم مخطوف ومخلب كصدغ مَعْطُوف غَائِب الْحصْر حَاضر النَّصْر لَهُ طَاعَة التَّهْذِيب واختلاس ذيب وَتَلفت مريب وحذاقة تدريب لَهُ من الطّرف أوراكه وَمن الطّرف إِدْرَاكه وَمن الْأسد صولته وعراكه إِذا طلب فَهُوَ منون وَإِذا انطوى فَهُوَ نون
3 - (الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ بن يُوسُف بن حَيَّان الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ الْعَلامَة فريد الْعَصْر وَشَيخ الزَّمَان وَإِمَام النُّحَاة أثير الدّين أَبُو حَيَّان الغرناطي قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات وَسمع الحَدِيث بِجَزِيرَة الأندلس وبلاد إفريقية وثغر الاسكندرية وديار مصر والحجاز وَحصل الإجازات من الشَّام وَالْعراق وغي ذَلِك واجتهد وَطلب وَحصل وَكتب وَقيد وَلم أر فِي أشياخي أَكثر اشتغالاً مِنْهُ لِأَنِّي لم أره إِلَّا يسمع أَو يشْتَغل أَو يكْتب وَلم يكْتب وَلم أره على غير ذَلِك وَله إقبال على الطّلبَة الأذكياء وَعِنْده تَعْظِيم لَهُم نظم ونثر وَله الموشحات البديعة وَهُوَ ثَبت فِيمَا يَنْقُلهُ مُحَرر لما يَقُوله عَارِف باللغة ضَابِط لألفاظها وَأما النَّحْو والتصريف فَهُوَ إِمَام الدُّنْيَا فيهمَا لم يذكر مَعَه فِي أقطار الأَرْض غَيره فِي الْعَرَبيَّة وَله الْيَد الطُّولى فِي التَّفْسِير والْحَدِيث والشروط وَالْفُرُوع وتراجم النَّاس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم خُصُوصا المغاربة وَتَقْيِيد أسمائهم على مَا يتلفظون بِهِ من إمالة وترخيم وترقيق وتفخيم لأَنهم مجاورو بِلَاد الفرنج وأسماؤهم قريبَة وألقابهم كَذَلِك كل ذَلِك قد جوده وَقَيده وحرره وَالشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ لَهُ سُؤَالَات سَأَلَهُ عَنْهَا فِيمَا يتَعَلَّق بالمغاربة وأجابه عَنْهَا وَله التصانيف الَّتِي سَارَتْ وطارت وانتشرت وَمَا انتثرت وقرئت ودريت وَنسخت وَمَا فسخت أخملت كتب الأقدمين وألهت المقيمين بِمصْر والقادمين وَقَرَأَ النَّاس عَلَيْهِ وصاروا أَئِمَّة وأشياخاً فِي حَيَاته وَهُوَ الَّذِي جسر النَّاس على مصنفات الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك رَحمَه الله ورغبهم فِي قرَاءَتهَا وَشرح لَهُم غامضها وخاض بهم لججها وَفتح لَهُم مقفلها وَكَانَ يَقُول عَن مُقَدّمَة ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه نَحْو الْفُقَهَاء وَالْتزم أَن لَا يقرئ أحدا إِلَّا إِن كَانَ فِي سِيبَوَيْهٍ أَو فِي التسهيل لِابْنِ مَالك(5/175)
أَو فِي تصانيفه وَلما قدم الْبِلَاد لَازم الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس رَحمَه الله كثيرا وَأخذ عَنهُ كتب الْأَدَب وَهُوَ شيخ حسن الْعمة مليح الْوَجْه ظَاهر اللَّوْن مشرباً حمرَة منور الشيبة كَبِير اللِّحْيَة مسترسل الشّعْر فِيهَا لم تكن كثة عِبَارَته فصيحة لُغَة الأندلس يعْقد الْقَاف قَرِيبا من الْكَاف على)
أَنه ينْطق بهَا فِي الْقُرْآن فصيحة وسمعته يَقُول مَا فِي هَذِه الْبِلَاد من يعْقد حرف الْقَاف وَكَانَ لَهُ خُصُوصِيَّة بالأمير سيف الدّين أرغون الدوادار الناصري نَائِب السُّلْطَان بالممالك الاسلامية ينبسط مَعَه ويبيت عِنْده وَلما توفيت ابْنَته نضار طلع إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَسَأَلَ مِنْهُ أَن يدفنها فِي بَيتهَا دَاخل الْقَاهِرَة فَأذن لَهُ فِي ذَلِك وَسَيَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ أَولا يرى رَأْي الظَّاهِرِيَّة ثمَّ إِنَّه تمذهب للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ وَتَوَلَّى تدريس التَّفْسِير بالقبة المنصورية والإقراء بالجامع الْأَقْمَر وقرأت عَلَيْهِ الْأَشْعَار السِّتَّة والمقامات الحريرية وحضرها جمَاعَة من أفاضل الديار المصرية وسمعوها بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وَكَانَ بِيَدِهِ نُسْخَة صَحِيحَة يَثِق بهَا وبيد الْجَمَاعَة قريب من اثْنَتَيْ عشرَة نُسْخَة وإحداهن بِخَط الحريري وَوَقع مِنْهُ وَمن الْجَمَاعَة فِي أثْنَاء الْقِرَاءَة فَوَائِد ومباحث عديدة وَقَالَ لم أر بعد ابْن دَقِيق الْعِيد أفْصح من قراءتك وَلما وصلت المقامة الَّتِي أورد الحريري فِيهَا الأحاجي قَالَ مَا أعرف مَفْهُوم الأحجية المصطلح عَلَيْهَا بَين أهل الْأَدَب فَأخذت فِي إِيضَاح ذَلِك وَضرب الْأَمْثِلَة لَهُ فَقَالَ لي لَا تتعب معي فَإِنِّي تعبت مَعَ نَفسِي فِي معرفَة ذَلِك كثيرا وَمَا أَفَادَ وَلَا ظهر لي وَهَذَا فِي غَايَة الْإِنْصَاف مِنْهُ وَالْعَدَالَة لاعْتِرَافه لي فِي ذَلِك الْجمع وهم يسمعُونَ كَلَامه بِمثل ذَلِك وقرأت عَلَيْهِ أَيْضا سقط الزند لأبي الْعَلَاء وقرأت عَلَيْهِ بعض الحماسة لأبي تَمام الطَّائِي ومقصورة ابْن دُرَيْد وَغير ذَلِك وَسمعت من لَفظه كتاب تَلْخِيص الْعبارَات بلطيف الإشارات فِي الْقرَاءَات السَّبع لِابْنِ بليمة وَسمعت عَلَيْهِ كتاب الفصيح لثعلب بِقِرَاءَة القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله بِالْقَاهِرَةِ وَسمعت من لَفظه خطْبَة كِتَابه الْمُسَمّى ب ارتشاف الضَّرْب من لِسَان الْعَرَب وانتقيت ديوانه وكتبته وسمعته مِنْهُ وَسمعت من لَفظه مَا اخترته من كِتَابه مجاني الهصر وَغير ذَلِك أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(سبق الدمع بِالْمَسِيرِ المطايا ... إِذْ نوى من أحب عني نَقله)
(وأجاد السطور فِي صفحة الخ ... د وَلم لَا يجيد وَهُوَ ابْن مقله)
وأنشدني أَيْضا فِي صِفَات الْحُرُوف
(أَنا هاو لمستطيل أغن ... كلما اشْتَدَّ صَارَت النَّفس رخوه)
(أهمس القَوْل وَهُوَ يجْهر سبي ... وَإِذا مَا انخفضت أظهر علوه)
(فتح الْوَصْل ثمَّ أطبق هجراً ... بصفير وَالْقلب قلقل شجوه)
)
(لَان دهراً ثمَّ اغتدى ذَا انحراف ... وَفَشَا السِّرّ مذ تَكَرَّرت نَحوه)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(يَقُول لي العذول وَلم أطعه ... تل فقد بدا للحب لحيه)(5/176)
(تخيل أَنَّهَا شانت حَبِيبِي ... وَعِنْدِي أَنَّهَا زين وحليه)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(شوقي لذاك الْمحيا الزَّاهِر الزاهي ... شوق شَدِيد وجسمي الواهن الواهي)
(أَسهرت طرفِي ودلهت الْفُؤَاد هوى ... فالطرف وَالْقلب مني الساهر الساهي)
(نهبت قلبِي وتنهى أَن يبوح بِمَا ... يلقاه واشوقه للناهب الناهي)
(بهرت كل مليح بالبهاء فَمَا ... فِي النيرين شَبيه الباهر الباهي)
(لهجت بالحب لما أَن لهوت بِهِ ... عَن كل شَيْء وويح اللاهج اللاهي)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(رَاض حَبِيبِي عَارض قد بدا ... يَا حسنه من عَارض رائض)
(وَظن قوم أَن قلبِي سلا ... وَالْأَصْل لَا يعْتد بالعارض)
أَنْشدني أَيْضا لنَفسِهِ موشحةً
(إِن كَانَ ليل داج وخاننا الإصباح ... فنورها الْوَهَّاج يُغني عَن الْمِصْبَاح)
(سلافة تبدو ... كالكواكب الْأَزْهَر)
(مزاجها شهد ... وَعرفهَا عنبر)
(يَا حبذا الْورْد ... مِنْهَا وَإِن أسكر)
(قلبِي بهَا قد هاج فَمَا تراني صَاح ... عَن ذَلِك الْمِنْهَاج وَعَن هوى يَا صَاح)
(وَبِي رشا أهيف ... قد لج فِي بعدِي)
(بدر فَلَا يخسف ... مِنْهُ سنا الخد)
(بلحظه المرهف ... يَسْطُو على الْأسد)
(كسطوة الْحجَّاج فِي النَّاس والسفاح ... فَمَا ترى من نَاجٍ من لحظه السفاح)
(علل بالمسك ... قلبِي رشا أحور)
(منعم الْمسك ... ذُو مبسم أعطر)
)
(رياه كالمسك ... وريقه كوثر)
(غُصْن على رجراج طاعت لَهُ الْأَرْوَاح ... فحبذا الآراج إِن هبت الْأَرْوَاح)
(مهلا أَبَا الْقَاسِم ... على أبي حَيَّان)
(مَا إِن لَهُ عَاصِم ... من لحظك الفتان)
(وهجرك الدَّائِم ... قد طَال بالهيمان)
(فدمعه أمواج وسره قد لَاحَ ... لكنه مَا عاج وَلَا أطَاع اللاح)(5/177)
(يَا رب ذِي بهتان ... يعذل فِي الراح)
(وَفِي هوى الغزلان ... دافعت بِالرَّاحِ)
(وَقلت لَا سلوان ... عَن ذَاك يَا لاحي)
(سبع الْوُجُوه والتاج هِيَ منية الأفراح ... فاخترلي يَا زجاج قمصال وَزوج أقداح)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا لنَفسِهِ يُعَارض شمس الدّين مُحَمَّد بن الْعَفِيف التلمساني
(عاذ لي فِي الأهيف الانس ... لَو رَآهُ كَانَ قد عذرا)
(رشا قد زانه الْحور ... غُصْن من فَوْقه قمر)
(قمر من سحبه الشّعْر ... ثغر فِي فِيهِ أم دُرَر)
(جال بَين الدّرّ واللعس ... خمرة من ذاقها سكرا)
(رجة بالردف أم كسل ... ريقة بالثغر أم عسل)
(وردة بالخد أم خجل ... كحل بِالْعينِ أم كحل)
(يَا لَهَا من أعين نعس ... جلبت لناظري سهرا)
(مذ نأى عَن مقلتي سني ... مَا أذيقا لَذَّة الوسن)
(طالما أَلْقَاهُ من شجني ... عجبا ضدان فِي بدني)
(بفؤادي جذوة القبس ... وبعيني المَاء منفجرا)
(قد أَتَانِي الله بالفرج ... إِذْ دنا مني أَبُو الْفرج)
(قمر قد حل فِي المهج ... كَيفَ لَا يخْشَى من الوهج)
(غَيره لَو صابه نَفسِي ... ظَنّه من حره شررا)
(نصب الْعَينَيْنِ لي شركا ... فانثنى وَالْقلب قد ملكا)
)
(قمر أضحى لَهُ فلكا ... قَالَ لي يَوْمًا وَقد ضحكا)
(أَنْت جِئْت فِي أَرض أندلس ... نَحْو مصر تعشق القمرا)
والموشحة الَّتِي لشمس الدّين مُحَمَّد التلمساني فِي هَذَا الْوَزْن هِيَ
(قمر يجلو دجى الْغَلَس ... بهر الْأَبْصَار مذ ظهرا)
(آمن من شُبْهَة الكلف ... ذبت فِي حبيه بالكلف)
(لم يزل يسْعَى إِلَى تلفي ... بركاب الدل والصلف)(5/178)
(آه لَوْلَا أعين الحرس ... نلْت مِنْهُ الْوَصْل مقتدرا)
(يَا أَمِيرا جَار مذ وليا ... كَيفَ لَا ترثي لمن بليا)
(فبثغر مِنْك قد جليا ... قد حلا طعماً وَقد حليا)
(وَبِمَا أُوتيت من كيس ... جد فَمَا أبقيت مصطبرا)
(بدر تمّ فِي الْجمال سني ... وَلِهَذَا لقبوه سني)
(قد سباني لَذَّة الوسن ... بمحيا باهر حسن)
(هُوَ خشفي وَهُوَ مفترسي ... فارو عَن أعجوبتي خَبرا)
(لَك خد يَا أَبَا الْفرج ... زين بالتوريد والضرج)
(وَحَدِيث عاطر الأرج ... كم سبى قلباً بِلَا حرج)
(لَو رآك الْغُصْن لم يمس ... أَو رآك الْبَدْر لاستترا)
(يَا مذيباً مهجتي كمدا ... فت فِي الْحسن البدور مدى)
(يَا كحيلاً كحله اعتمدا ... عجبا أَن تبرئ الرمدا)
(وبسقم الناظرين كسي ... جفنك السحار فانكسرا)
وَتوجه الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان يَوْمًا لزيارة الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل فَلم يجده فِي منزله فَكتب بالجبس على عَادَة المصريين حضر أَبُو حَيَّان وَكَانَت الْكِتَابَة على مصراع الْبَاب فَلَمَّا حضر الشَّيْخ صدر الدّين رأى اسْم الشَّيْخ وَكتب إِلَيْهِ
(قَالُوا أَبُو حَيَّان غير مدافع ... ملك النُّحَاة فَقلت بِالْإِجْمَاع)
(اسْم الْمُلُوك على النُّقُود وإنني ... شاهدت كنيته على المصراع)
وَفِيه يَقُول القَاضِي محيي الدّين عبد الله بن عبد الظَّاهِر وَقد سَمعه يتَكَلَّم فِي مَسْأَلَة أصولية)
نقلت ذَلِك من خطّ محيي الدّين وأنشدنيه أثير الدّين من لَفظه
(قد قيل لما أَن سَمِعت مباحثاً ... فِي الذَّات قررها أجل مُفِيد)
(هَذَا أَبُو حَيَّان قلت صَدقْتُمْ ... وبررتم هَذَا هُوَ التوحيدي)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ القصيدة الدالية الَّتِي نظمها فِي مدح النَّحْو والخليل وسيبويه ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى مديح صَاحب غرناطة وَغَيره من أشياخه وأولها
(هُوَ الْعلم لَا كَالْعلمِ شَيْء تراوده ... لقد فَازَ باغيه وأنجح قاصده)
وَهِي تزيد على الْمِائَة بَيت قصيدة مليحة حُكيَ لي أَن الشَّيْخ أثير الدّين نظمها وَهُوَ ضَعِيف وَتوجه إِلَيْهِ جمَاعَة يعودونه فيهم شمس الدّين ابْن دانيال فأنشدهم الشَّيْخ القصيدة الْمَذْكُورَة فَلَمَّا فرغت قَالَ ابْن دانيال يَا جمَاعَة وأخبركم أَن الشَّيْخ عوفي وَمَا بَقِي بِهِ بَأْس لِأَنَّهُ لم يبْق عِنْده فَضله قومُوا بِنَا بِسم الله وأنشدني الشَّيْخ أثير الدّين لنَفسِهِ قصيدته السينية الَّتِي أَولهَا(5/179)
(أهاجك ربع حَائِل الرَّسْم دارسه ... كوحي كتاب أَضْعَف الْخط دارسه)
وَهِي قصيدة مليحة تلعب فِيهَا بفنون الْكَلَام تقَارب الْمِائَة وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة
(تقشقته شَيخا كَأَن مشيبه ... على وجنتيه ياسمين على ورد)
(أَخا الْعقل يدْرِي مَا يُرَاد من النهى ... أمنت عَلَيْهِ من رَقِيب وَمن ضد)
(وَقَالُوا الورى قِسْمَانِ فِي شرعة الْهوى ... لسود اللحى نَاس وناس إِلَى المرد)
(أَلا إِنَّنِي لَو كنت أصبو لأمرد ... صبوت إِلَى هيفاء مائسة الْقد)
(وسود اللحى أَبْصرت فيهم مشاركاً ... فَأَحْبَبْت أَن أبقى بأبيضهم وحدي)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي مليح أحدب
(تعشقته أحدباً كيساً ... يحاكي نجيباً حنين البغام)
(إِذا كدت أسقط من فَوْقه ... تعلّقت من ظَهره بالسنام)
أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي مليح أسود
(علقته سبجي اللحظ حالكه ... مَا ابيض مِنْهُ سوى ثغر حكى الدررا)
(قد صاغه من سَواد الْعين خالقه ... وكل عين إِلَيْهِ تقصد النظرا)
وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة وَمن خطه نقلت
(أَلا مَا لَهَا لخصاً بقلبي عوابثا ... أَظن بهَا هاروت أصبح نافثا)
)
(إِذا رام ذُو وجد سلواً منعنه ... وَكن على دين التصابي بواعثا)
(وقيدن من أضحى عَن الْحبّ مُطلقًا ... وأسرعن للبلوى بِمن كَانَ رائثا)
(بروحي رشاً من آل خاقَان راحل ... وَإِن كَانَ مَا بَين الجوانح لَا بثا)
(غَدا وَاحِدًا فِي الْحسن للفضل ثَانِيًا ... وللبدر وَالشَّمْس المنيرة ثَالِثا)
وأنشدني لنَفسِهِ
(عداتي لَهُم فضل عَليّ ومنة ... فَلَا أذهب الرَّحْمَن عني الأعاديا)
(هم بحثوا عَن زلتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا)
وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة وَمن خطه نقلت
(أَسحر لتِلْك الْعين فِي الْقلب أم وخز ... ولين لذاك الْجِسْم فِي اللَّمْس أم خَز)
(وأملود ذَاك الْقد أم أسمر غَدا ... لَهُ أبدا فِي قلب عاشقه هز)
(فتاة كساها الْحسن أَفْخَر ملبس ... فَصَارَ عَلَيْهِ من محاسنها طرز)
(وَأهْدى إِلَيْهَا الْغُصْن لين قوامه ... فماس كَأَن الْغُصْن خامره الْعِزّ)
(يضوع أَدِيم الأَرْض من نشر طيبها ... ويخضر فِي آثارها تربة الجرز)(5/180)
(وتختال فِي برد الشَّبَاب إِذا مشت ... فينهضها قد ويقعدها عجز)
(أَصَابَت فؤاد الصب مِنْهَا بنظرة ... فَلَا رقية تجدي الْمُصَاب وَلَا حرز)
وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة فِي مليح أبرص وَمن خطه نقلت
(وَقَالُوا الَّذِي قد صرت طوع جماله ... ونفسك لاقت فِي هَوَاهُ نزاعها)
(بِهِ وضح تأباه نفس أخي الحجى ... وأفظع دَاء مَا يُنَافِي طباعها)
(فَقلت لَهُم لَا عيب فِيهِ يشينه ... وَلَا عِلّة فِيهِ يروم دفاعها)
(ولكنما شمس الضُّحَى حِين قابلت ... محاسنه أَلْقَت عَلَيْهِ شعاعها)
وأنشدني لنَفسِهِ وَمن خطه نقلت
(رجاؤك فلسًا قد غَدا فِي حبائلي ... قنيصاً رَجَاء للنتاج من العقم)
(أأتعب فِي تَحْصِيله وأضيعه ... إِذا كنت معتاضاً من الْبُرْء بِالسقمِ)
وأنشدني لنَفسِهِ وَمن خطه نقلت فِي نوتي
(كلفت بنوتي كَأَن قوامه ... إِذا ينثني خوط من البان ناعم)
)
(مجاذفه فِي كل قلب مجاذب ... وهزاته للعاشقين هزائم)
وأنشدني لنَفسِهِ وَمن خطه نقلت فِي فحام
(وعلقته مسود عين ووفرة ... وثوب يعاني صَنْعَة الفحم عَن قصد)
(كَأَن خطوط الفحم فِي وجناته ... لطاخة مسك فِي جني من الْورْد)
وأنشدني لنَفسِهِ وَمن خطه نقلت فِي مليح أعمى
(مَا ضرّ حسن الَّذِي أهواه أَن سنا ... كريمتيه بِلَا شين قد احتجبا)
(قد كَانَتَا زهرتي روض وَقد ذوتا ... لَكِن حسنهما الفتان مَا ذَهَبا)
(كالسيف قد زَالَ عَنهُ صقله فغدا ... أنكى وآلم فِي قلب الَّذِي ضربا)
وأنشدني إجَازَة لنَفسِهِ وَمن خطه نقلت
(سَأَلَ الْبَدْر هَل تبدى أَخُوهُ ... قلت يَا بدر لن يُطيق طلوعا)
(كَيفَ يَبْدُو وَأَنت يَا بدر باد ... أَو بدران يطلعان جَمِيعًا)
وكتبت لَهُ أستدعي إِجَازَته بِمَا صورته المسؤول من إِحْسَان سيدنَا الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَامِل الْعَلامَة لِسَان الْعَرَب ترجمان الْأَدَب جَامع الْفَضَائِل عُمْدَة وَسَائِل السَّائِل حجَّة المقلدين زين المقلدين قطب المولين أفضل الآخرين وَارِث عُلُوم الْأَوَّلين صَاحب الْيَد الطُّولى فِي كل مقَام ضيق والتصانيف الَّتِي تَأْخُذ بِمَجَامِع الْقُلُوب فَكل ذِي لب إِلَيْهَا شيق والمباحث الَّتِي أثارت الْأَدِلَّة الراجحة من مكامن(5/181)
أماكنها وقنصت أوابدها الجامحة من مواطئ مواطنها كشاف معضلات الْأَوَائِل سباق غايات قصر عَن شأوها سحبان وَائِل فارع هضبات البلاغة فِي اجتلاء اجتلابها وَهِي فِي مرقى مرقدها سالب تيجان الفصاحة فِي اقْتِضَاء اقتعابها من فرق فرقدها حَتَّى أبرز كَلَامه جنان فضل جنان من بعده عَن الدُّخُول إِلَيْهَا جبان وأتى ببراهين وُجُوه حورها لم يطمثهن إنس قبله وَلَا جَان وأبدع خمائل نظم ونثر لَا تصل إِلَى أفنان فنونها يَد جَان أثير الدّين أبي حَيَّان مُحَمَّد
(لَا زَالَ ميت الْعلم يحييه وَلَا ... عجب لذَلِك من أبي حَيَّان)
(حَتَّى ينَال بَنو الْعُلُوم مرامهم ... ويحلهم دَار المنى بِأَمَان)
إجَازَة كَاتب هَذِه الأحرف مَا رَوَاهُ فسح الله فِي مدَّته من المسانيد والمصنفات وَالسّنَن)
والمجاميع الحديثية والتصانيف الأدبية نظماً ونثراً إِلَى غير ذَلِك من أَصْنَاف الْعُلُوم على اخْتِلَاف أوضاعها وتباين أجناسها وأنواعها مِمَّا تَلقاهُ بِبِلَاد الأندلس وإفريقية والاسكندرية والديار المصرية والبلاد الحجازية وَغَيرهَا من الْبلدَانِ بِقِرَاءَة أَو سَماع أَو منازلة أَو إجَازَة خَاصَّة أَو عَامَّة كَيفَ مَا تأدى ذَلِك إِلَيْهِ وإجازة مَا لَهُ أدام الله إفادته من التصانيف فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم والعلوم الحديثية والأدبية وَغَيرهَا وَمَا لَهُ من نظم ونثر إجَازَة خَاصَّة وَأَن يثبت بِخَطِّهِ تصانيفه إِلَى حِين هَذَا التَّارِيخ وَأَن يُجِيزهُ إجَازَة عَامَّة لما يَتَجَدَّد لَهُ من بعد ذَلِك على رَأْي من يرَاهُ ويجوزه منعماً متفضلاً إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فَكتب الْجَواب بِمَا صورته أعزّك الله ظَنَنْت بالإنسان جميلاً فغاليت وأبديت من الْإِحْسَان جزيلاً وَمَا باليت وصفت من هُوَ القتام يَظُنّهُ النَّاظر سَمَاء والسراب يحسبه الظمآن مَاء يَا ابْن الْكِرَام وَأَنت أبْصر من يشيم أمع الرَّوْض النَّضِير يرْعَى الهشيم أما أغنتك فواضلك وفضائلك ومعارفك وعوارفك عَن بغبة من دأماء وتربة من يهماء لقد تبلجت المهارق من نور صفحاتك وتأرجت الأكوان من أريج نفخاتك ولأنت أعرف بِمن تقصد للدراية وأنقذ بِمن تعتمد عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَة لكنك أردْت أَن تكسو من مطارفك وتتفضل بتالدك وطارفك وتجلو الخامل فِي منصة النباهة وتنقذه من لَكِن الفهاهه فتشيد لَهُ ذكرا وتعلي لَهُ قدرا وَلم يُمكنهُ إِلَّا إسعافك فِيمَا طلبت وإجابتك فِيمَا إِلَيْهِ ندبت فَإِن الْمَالِك لَا يعْصى والمتفضل المحسن لَا يقصى وَقد أجزت لَك أيدك الله جَمِيع مَا رويته عَن أشياخي بِجَزِيرَة الأندلس وبلاد إفريقية وديار مصر والحجاز وَغير ذَلِك بِقِرَاءَة وَسَمَاع ومناولة وإجازة بمشافهة وَكِتَابَة ووجادة وَجَمِيع مَا أُجِيز لي أَن أرويه بِالشَّام وَالْعراق وَغير ذَلِك وَجَمِيع مَا صنفته واختصرته وَجمعته وأنشأته نثراً ونظماً وَجَمِيع مَا سَأَلت فِي هَذَا الاستدعاء فَمن مروياتي الْكتاب الْعَزِيز قرأته بقراءات السَّبْعَة على جمَاعَة من أعلاهم الشَّيْخ الْمسند المعمر فَخر الدّين أَبُو الظَّاهِر إِسْمَاعِيل بن هبة الله بن عَليّ بن هبة الله الْمصْرِيّ ابْن المليجي آخر من(5/182)
روى الْقُرْآن بالتلاوة عَن أبي الْجُود والكتب السِّتَّة والموطأ ومسند عبد ومسند الدَّارمِيّ ومسند الشَّافِعِي ومسند الطَّيَالِسِيّ والمعجم الْكَبِير للطبراني والمعجم الصَّغِير لَهُ وَسنَن الدَّارَقُطْنِيّ وَغير ذَلِك وَأما الْأَجْزَاء فكثيرة جدا وَمن كتب النَّحْو والآداب فأروي بِالْقِرَاءَةِ كتاب سِيبَوَيْهٍ والإيضاح والتكملة والمفصل وجمل الزجاجي وَغير)
ذَلِك والأشعار السِّتَّة والحماسة وديوان حبيب وديوان المتنبي وديوان المعري
وَأما شيوخي الَّذين رويت عَنْهُم بِالسَّمَاعِ أَو الْقِرَاءَة فهم كثير وأذكر الْآن جملَة من عواليهم فَمنهمْ القَاضِي أَبُو عَليّ الْحسن بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْأَحْوَص الْقرشِي والمقرئ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن سعد بن أَحْمد بن بشير الْأنْصَارِيّ وَإِسْحَاق بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن درباس وَأَبُو بكر بن عَبَّاس بن يحيى بن غَرِيب البغداذي القواس وصفي الدّين الْحُسَيْن بن أبي الْمَنْصُور ظافر الخزرجي وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن ربيع الْأَشْعَرِيّ ووجيه الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الْأَزْدِيّ ابْن الدهان وقطب الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْقُسْطَلَانِيّ وَرَضي الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الشاطبي اللّغَوِيّ ونجيب الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد الهمذاني وَمُحَمّد بن مكي بن أبي الْقَاسِم بن حَامِد الْأَصْبَهَانِيّ الصفار وَمُحَمّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ السَّعْدِيّ الضَّرِير ابْن الفارض وزين الدّين أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن الْأنمَاطِي وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن ترْجم بن حَازِم الْمَازِني وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن ابْن الْحسن بن إِبْرَاهِيم الدَّارِيّ ابْن الخليلي وَمُحَمّد بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ ابْن الخيمي وَمُحَمّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر الْعَنسِي عرف بِابْن النن وَعبد الله بن مُحَمَّد بن هرون بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الطَّائِي الْقُرْطُبِيّ وَعبد الله بن نصر الله بن أَحْمد بن رسْلَان بن فتيَان بن كَامِل الخزمي وَعبد الله بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن فَارس التَّمِيمِي وَعبد الرَّحِيم بن يُوسُف بن يحيى بن يُوسُف ابْن خطيب المزة وَعبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعلي الْمصْرِيّ السكرِي وَعبد الْعَزِيز ابْن عبد الْمُنعم بن عَليّ بن نصر بن الصيقل الْحَرَّانِي وَعبد الْعَزِيز بن عبد الْقَادِر بن إِسْمَاعِيل الفيالي الصَّالِحِي الكتاني وَعبد الْمُعْطِي بن عبد الْكَرِيم ابْن أبي المكارم من منجى الخزرجي وَعلي بن صَالح بن أبي عَليّ بن يحيى بن إِسْمَاعِيل الْحُسَيْنِي البهنسي المجاور وعازي بن أبي الْفضل بن عبد الْوَهَّاب الحلاوي وَالْفضل بن عَليّ بن نضر بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن رَوَاحَة الخزرجي ويوسف بن إِسْحَاق بن أبي بكر الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ واليسر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خلف بن الْيُسْر الْقشيرِي ومؤنسة بنت السُّلْطَان الْملك الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب بن شاذي وشامية بنت الْحَافِظ أبي عَليّ الْحسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد التيمية وَزَيْنَب بنت عبد اللَّطِيف بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَليّ)
البغداذي
وَمِمَّنْ كتبت عَنْهُم من مشاهير الأدباء أَبُو الحكم مَالك بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَليّ بن الْفَرح(5/183)
المالقي ابْن المرحل وَأَبُو الْحسن حَازِم بن مُحَمَّد بن حَازِم الْأنْصَارِيّ القرطاجني وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الله الْهُذلِيّ التطيلي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زنون المالقي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن جُبَير الجلياني العكي المالقي وَأَبُو الْحُسَيْن يحيى بن عبد الْعَظِيم بن يحيى الْأنْصَارِيّ الجزار وَأَبُو عَمْرو عُثْمَان بن سعيد ابْن عبد الرَّحْمَن بن تولو الْقرشِي وَأَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن أبي عَليّ الْحسن الْمصْرِيّ الْوراق وَأَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن ياتيبن الكومي التلمساني وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي الْفَتْح نصر الله بن باتكين القاهري وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعيد بن حَمَّاد بن محسن الصنهاجي البوصيري وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْملك بن عبد الْمُنعم العزازي
وَمِمَّنْ أخذت عَنهُ من النُّحَاة أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْخُشَنِي الأبذي وَأَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الكتامي ابْن الضائع وَأَبُو جَعْفَر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الزبير بن مُحَمَّد بن الزبير الثَّقَفِيّ وَأَبُو جَعْفَر أَحْمد بن يُوسُف بن عَليّ بن يُوسُف الفِهري اللبلي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن نصر الْحلَبِي ابْن النّحاس
وَمِمَّنْ لقِيت من الظَّاهِرِيَّة أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ بن خَالص الْأنْصَارِيّ الإشبيلي الزَّاهِد وَأَبُو الْفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعدون الفِهري الشنتمري وَجُمْلَة الَّذين سَمِعت مِنْهُم نَحْو من أَربع مائَة شخص وَخمسين وَأما الَّذين أجازوني فعالم كثير جدا من أهل غرناطة ومالقة وسبتة وديار إفريقية وديار مصر والحجاز وَالْعراق وَالشَّام
وَأما مَا صنفت فَمن ذَلِك الْبَحْر الْمُحِيط فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم إتحاف الأريب بِمَا فِي الْقُرْآن من الْغَرِيب كتاب الْأَسْفَار الملخص من كتاب الصفار شرحاً لكتاب سِيبَوَيْهٍ كتاب التَّجْرِيد لأحكام سِيبَوَيْهٍ كتاب التذييل والتكميل فِي شرح التسهيل كتاب التنخيل الملخص من شرح التسهيل كتاب التَّذْكِرَة كتاب الْمُبْدع فِي التصريف كتاب الموفور كتاب التَّقْرِيب كتاب التدريب كتاب غَايَة الْإِحْسَان كتاب النكت الحسان كتاب الشذا فِي مَسْأَلَة كَذَا كتاب الْفَصْل فِي أَحْكَام الْفَصْل كتاب اللمحة كتاب الشذرة كتاب الارتضاء فِي الْفرق بَين الضَّاد والظاء كتاب عقد اللآلي كتاب نكت الأمالي كتاب النافع فِي قِرَاءَة نَافِع الْأَثِير فِي قِرَاءَة)
ابْن كثير المورد الْغمر فِي قِرَاءَة أبي عَمْرو الرَّوْض الباسم فِي قِرَاءَة عَاصِم المزن الهامر فِي قِرَاءَة ابْن عَامر الرمزة فِي قِرَاءَة حَمْزَة تقريب النائي فِي قِرَاءَة الْكسَائي غَايَة الْمَطْلُوب فِي قِرَاءَة يَعْقُوب الْمَطْلُوب فِي قِرَاءَة يَعْقُوب قصيدة النير الْجَلِيّ فِي قِرَاءَة زيد بن عَليّ الْوَهَّاج فِي اخْتِصَار الْمِنْهَاج الْأَنْوَار الأجلي فِي اخْتِصَار المجلي الْحلَل الحالية فِي أَسَانِيد الْقُرْآن الْعَالِيَة كتاب الْإِعْلَام بأركان الْإِسْلَام نثر الزهر ونظم الزهر قطر الحبي فِي جَوَاب أسئلة الذَّهَبِيّ فهرست مسموعاتي نوافث السحر فِي دمائث الشّعْر تحفة الندس فِي نحاة الأندلس الأبيات الوافية فِي علم القافية جُزْء فِي الحَدِيث مشيخة ابْن أبي مَنْصُور كتاب الْإِدْرَاك للسان الأتراك زهو الْملك فِي(5/184)
نَحْو التّرْك نفحة الْمسك فِي سيرة التّرْك كتاب الْأَفْعَال فِي لِسَان التّرْك منطق الخرس فِي لِسَان الْفرس
وَمِمَّا لم يكمل تصنيفه كتاب مَسْلَك الرشد فِي تَجْرِيد مسَائِل نِهَايَة ابْن رشد كتاب مَنْهَج السالك فِي الْكَلَام على ألفية ابْن مَالك نِهَايَة الإغراب فِي علمي التصريف وَالْإِعْرَاب رجز مجاني الهصر فِي آدَاب وتواريخ لأهل الْعَصْر خُلَاصَة التِّبْيَان فِي علمي البديع وَالْبَيَان رجز نور الغبش فِي لِسَان الْحَبَش المخبور فِي لِسَان اليخمور
قَالَه وَكتبه أَبُو حَيَّان مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ بن يُوسُف بن حَيَّان ومولدي بغرناطة فِي أخريات شَوَّال سنة أَربع وَخمسين وست مائَة تمت
وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي ثامن عشري صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع دمشق صَلَاة الْغَائِب فِي شهر ربيع الأول وَقلت أَنا فِي رثائه
(مَاتَ أثير الدّين شيخ الورى ... فاستعر البارق واستعبرا)
(ورق من حزن نسيم الصِّبَا ... واعتل فِي الأسحار لما سرى)
(وصادحات الأيك فِي نوحها ... رثته فِي السجع على حرف را)
(يَا عين جودي بالدموع الَّتِي ... يروي بِهِ مَا ضمه من ثرى)
(واجري دَمًا فالخطب فِي شَأْنه ... قد اقْتضى أَكثر مِمَّا جرى)
(مَاتَ إِمَام كَانَ فِي علمه ... يرى إِمَامًا والورى من ورا)
(أَمْسَى مُنَادِي للبلى مُفردا ... فضمه الْقَبْر على مَا ترى)
(يَا أسفا كَانَ هدى ظَاهرا ... فَعَاد فِي تربته مضمرا)
)
(وَكَانَ جمع الْفضل فِي عصره ... صَحَّ فَلَمَّا أَن قضى كسرا)
(وَعرف الْفضل بِهِ بُرْهَة ... والآن لما أَن مضى نكرا)
(وَكَانَ مَمْنُوعًا من الصّرْف لَا ... يطْرق من وافاه خطب عرا)
(لَا أفعل التَّفْضِيل مَا بَينه ... وَبَين من أعرفهُ فِي الورى)
(لَا بدل عَن نَعته بالتقى ... فَفعله كَانَ لَهُ مصدرا)
(لم يدغم فِي اللَّحْد إِلَّا وَقد ... فك من الصَّبْر وثيق العرى)
(بَكَى لَهُ زيد وَعَمْرو فَمن ... أمثله النَّحْو وَمِمَّنْ قرا)
(مَا أعقد التسهيل من بعده ... فكم لَهُ من عسرة يسرا)
(وجسر النَّاس على خوضه ... إِذا كَانَ فِي النَّحْو قد استبحرا)
(من بعده قد حَال تَمْيِيزه ... وحظه قد رَجَعَ الْقَهْقَرَى)
(شَارك من قد سَاد فِي فنه ... وَكم لَهُ فن بِهِ استأثرا)(5/185)
(دأب بني الْآدَاب أَن يغسلوا ... بدمعهم فِيهِ بقايا الْكرَى)
(والنحو قد سَار الردى نَحوه ... وَالصرْف للتصريف قد غيرا)
(واللغة الفصحى غَدَتْ بعده ... يلغى الَّذِي فِي ضَبطهَا قررا)
(تَفْسِيره الْبَحْر الْمُحِيط الَّذِي ... يهدي إِلَى وارده الجوهرا)
(فَوَائِد من فَضله جمة ... عَلَيْهِ فِيهَا نعقد الخنصرا)
(وَكَانَ ثبتاً نَقله حجَّة ... مثل ضِيَاء الصُّبْح إِن أسفرا)
(ورحلة فِي سنة الْمُصْطَفى ... أصدق من تسمع إِن خَبرا)
(لَهُ الْأَسَانِيد الَّتِي قد علت ... فاستفلت عَنْهَا سوامي الذرى)
(سَاوَى بهَا الأحفاد أجدادهم ... فاعجب لماض فَاتَهُ من طرا)
(وشاعراً فِي نظمه مفلقاً ... كم حرر اللَّفْظ وَكم حبرًا)
(لَهُ معَان كلما خطها ... تستر مَا يرقم فِي تسترا)
(أفديه من مَاض لأمر الردى ... مُسْتَقْبلا من ربه بالقرى)
(مَا بَات فِي أَبيض أَكْفَانه ... إِلَّا وأضحى سندساً أخضرا)
(تصافح الْحور لَهُ رَاحَة ... كم تعبت فِي كل مَا سطرا)
)
(إِن مَاتَ فالذكر لَهُ خَالِد ... يحيا بِهِ من قبل أَن ينشرا)
(جاد ثرى واراه غيث إِذا ... مساه بالسقيا لَهُ بكرا)
(وَخَصه من ربه رَحْمَة ... تورده فِي حشره الكوثرا)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الْغَنِيّ بن ترشك بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف وَالرَّاء وشين مُعْجمَة وَبعدهَا كَاف الشَّيْخ تَاج الدّين الْمُقْرِئ الصُّوفِي البغداذي مولده ثَالِث عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وست مائَة ببغداذ حفظ الْقُرْآن الْعَظِيم فِي صباه بالروايات وأقرأه وَسمع الْكثير من ابْن حُصَيْن وَمن فِي طبقته وإجازاته عالية وروى وَحدث وَسمع مِنْهُ خلق ببغداذ وبدمشق وبغيرهما من الْبِلَاد وَكَانَ ذَا سمت حسن وَخلق طَاهِر وَنَفس عفيفة رضية وَصَوت مطرب إِلَى الْغَايَة وَقدم الشَّام مرَارًا وَحدث وَحج غير مرّة ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة خمسين وَسبع مائَة وَقد أضرّ بِأخرَة
3 - (شمس الدّين الْخياط)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الله شمس الدّين الشَّاعِر الْخياط الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ تردد إِلَى شمس الدّين الصَّائِغ وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَتردد كثيرا إِلَى شَيخنَا الإِمَام الْعَلامَة(5/186)
شهَاب الدّين مَحْمُود وَكتب عَنهُ كثيرا وَكَانَ يثني عَلَيْهِ ويميل إِلَيْهِ ونظم قصيدة جيمية مدح بهَا قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين ابْن صصري فَكتب عَلَيْهَا شهَاب الدّين مَحْمُود وقرظها وَأثْنى عَلَيْهَا وَكتب عَلَيْهَا أَيْضا فضلاء الْعَصْر وانصقل نظمه وجاد وَهُوَ طَوِيل النَّفس فِي النّظم قَادر عَلَيْهِ يدْخل ديوانه فِي سِتّ مجلدات وسافر إِلَى الديار المصرية ومدح أعيانها واتصل بالأمير سيف الدّين ألجاي الدوادار وَكَانَ يبيت عِنْده ومدح السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بِأَبْيَات قَرَأَهَا عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي فرسم لَهُ براتب على دمشق فِي كل يَوْم دِرْهَمَيْنِ وغالب مَا ينظمه يقرأه عَليّ وأسمعه من لَفظه سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة بِدِمَشْق وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي عودة من لحج فِي الْمَفَازَة وَدفن فِي معَان لَيْلَة الرَّابِعَة عشرَة من محرم سنة سِتّ وَخمسين وَسبع مائَة سامحه الله وعامله بِلُطْفِهِ وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(قصدت مصرا من رَبِّي جلق ... بهمة تجْرِي بتجريب)
(فَلم أر الطرة حَتَّى جرت ... دموع عَيْني فِي المزيريب)
وأنشدني من لَفظه لَهُ)
(تركت لقوم طلاب الْغنى ... لحب الْغناء وَلَهو الطَّرب)
(وَعِنْدِي من زهر فضَّة ... وَعِنْدِي من خندريس ذهب)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(خلفت بِالشَّام حَبِيبِي وَقد ... يممت مصرا لعناً طَارق)
(وَالْأَرْض قد طَالَتْ فَلَا تبعدي ... بِاللَّه يَا مصر على العاشق)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(يَا أهل مصر أَنْتُم للعلا ... كواكب الْإِحْسَان وَالْفضل)
(لَو لم تَكُونُوا لي سعوداً لما ... وافيتكم أضْرب فِي الرمل)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا
(كم تظهر الْحسن البديع وتدعي ... وَبَيَاض شكلك فِي النواظر مظلم)
(هَل تصدق الدَّعْوَى لمن فِي وَجهه ... بالذقن كذبه السوَاد الْأَعْظَم)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ وَقد أجَازه قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين ابْن صصرى على قصيدة مدحه بهَا
(لم يجزني القَاضِي على قدر شعري ... بل حباني مضاعف الأبيات)
(فَلهَذَا أعدهَا صدقَات ... من عطاياه لَا من الصَّدقَات)
وأنشدني أَيْضا(5/187)
(حتام شخصي بَين هَذَا الورى ... حَيّ وفضلي عِنْدهم ميت)
(أبني بيُوت الشّعْر فِي جلق ... وَلَيْسَ يبْنى لي بهَا بَيت)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا
(ويلاه من ظَبْي لَهُ وجنة ... شاماتها تلعب بالأنفس)
(لَو لم يكن فِي خَدّه جنَّة ... لما اكتسى بالعارض السندسي)
وأنشدني لنَفسِهِ
(يَا كعبة الْحسن الَّتِي رميت لَهَا ... فِي كل قلب بالهوى جمرات)
(قد تمّ مِيقَات الصدود وقصدنا ... لَو تمّ مِنْك لوصلنا مِيقَات)
وأنشدني أَيْضا)
(قد طَال فكري فِي القريض الَّذِي ... نم نَفعه لست على طائل)
(أَمرنِي زوراً فصرت امْرَءًا ... صَاحب ديوَان بِلَا حَاصِل)
وأنشدني لَهُ فِي الْفُلُوس
(يَا لَيْت شعري أَي خير يرتجى ... للمعتفي من هَذِه الْأَزْمَان)
(لَو لم يكن عدم الدَّرَاهِم قد بدا ... مَا كَانَ صَار الْفلس بالميزان)
وأنشدني لَهُ فِي المشمش
(حبذا مشمش يروق لطرفي ... مِنْهُ حسن حَدِيثه مَشْهُور)
(قد بلاني بحبه وَهُوَ مثلي ... أصفر الْجِسْم قلبه مكسور)
وأنشدني أَيْضا
(يَا أَيهَا الْبَحْر الَّذِي فِي ورده ... ري لقلب الحائم المتعطش)
(أَشْكُو إِلَيْك هوان شعر لم يقم ... لي رخصه بغلو سعر المشمس)
وأنشدني أَيْضا
(يَا من بِهِ أدرأ عَن مهجتي ... من حَادث الْأَيَّام مَا أختشي)
(قد أقبل الصَّيف وَمَا فِي يَدي ... من دِرْهَم للتوت والمشمش)
وأنشدني أَيْضا
(لوزي جلق شَيْء ... يذوب قلبِي عَلَيْهِ)
(كالسلسبيل وَلَكِن ... كَيفَ السَّبِيل إِلَيْهِ)
وأنشدني لَهُ مَا يكْتب على بَاب
(نَحن إلفان مَا افترقنا لِبُغْض ... لَا وَلَا فِي اجتماعنا مَا يريب)(5/188)
(نكتم السِّرّ بَيْننَا فِي زمَان ... كاتم السِّرّ فِي بنيه غَرِيب)
وأنشدني إِلَيْهِ أَيْضا مَا يكْتب على بَاب
(من ذَا الَّذِي يُنكر فضلي وَقد ... فزت من الْحسن بِمَعْنى غَرِيب)
(عِنْدِي لمن يَخْذُلهُ دهره ... نصر من الله وَفتح قريب)
وَكَانَ الْمولى جمال الدّين ابْن نباتة إِذا جَاءَ إِلَى دَار السَّعَادَة يُقَال لَهُ ملك الْأُمَرَاء فِي الْقصر فَيحْتَاج أَن يروح إِلَى الْقصر الأبلق مَاشِيا فَقَالَ فِي ذَلِك)
(يَا سائلي فِي وظيفتي عَن ... كنه حَدِيثي وَعَن معاش)
(مَا حَال من لَا يزَال يَنْوِي ... مَسَافَة الْقصر وَهُوَ ماش)
فَقَالَ شمس الدّين جَوَابا لَهُ
(يَا شَاعِرًا يُخطئ الْمعَانِي ... فِيمَا يعاني من المعاش)
(أَنْت شَبيه الْحمار عِنْدِي ... مركب الْجَهْل وَهُوَ ماش)
وأنشدني لنَفسِهِ من لَفظه
(أَلا حبذا وَادي دمشق إِذا سرى ... نسيم الصِّبَا فِي رَوْضَة المتأرج)
(فَمَا بَان فضل البان حَتَّى رَأَيْته ... مطلاً عَلَيْهِ من جبال البنفسج)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(لربوتنا وَاد حوى كل بهجة ... وعيش الورى يحلو لَدَيْهِ ويعذب)
(تروق لنا الْأَنْهَار من تَحت جنكه ... فَلَا عجب أَنا نَخُوض وَنَلْعَب)
وأنشدني لنَفسِهِ وَقد خلع على ابْن نباتة فِي صدَاق كتبه وَمَشى بهَا فِي الْبَلَد
(مَا خلعة العقد على شَاعِرنَا ... يَوْم الهنا إِلَّا شقاء وعنا)
(رَأَيْته فِيهَا وَقد أرْخى لَهُ ... ذؤابة تبدي عَلَيْهِ الحزنا)
(فَقلت من هَذَا الَّذِي سوَاده ... بَين الورى سوده قَالَ أَنا)
(نباتةً كَانَ أبي فَقلت مَا ... أنبتك الله نباتاً حسنا)
وأنشدني من لَفظه فِيهِ أَيْضا أبياتاً مِنْهَا
(مَا خلعة ابْن نباتة إِلَّا كمن ... ألْقى الرياض على الكنيف المنتن)
مِنْهَا(5/189)
(واختص عمته بِفضل ذؤابة ... هِيَ فِي الْقُلُوب قبيحة والأعين)
(فَكَأَنَّهَا ذَنْب لكَلْب نابح ... تَحت الدجى من فرط دَاء مزمن)
(فَالله يَجْعَلهَا لَهُ كفن البلى ... وَيكون غَايَة كل سوء يقتني)
(حَتَّى يَقُول مسير فِي هجوه ... هَذَا لعمر أَبِيك شَرّ مكفن)
ونظم الْمولى جمال الدّين ابْن نباتة مَا يكْتب على دَوَاة فولاذ وَهُوَ
(معنى الْفَضَائِل والندى والبأس لي ... وَالسيف مشتهر بِمَعْنى وَاحِد)
)
(بِالنَّفسِ أضْرب من نضار ذائب ... وَالنَّاس تضرب فِي حَدِيد بَارِد)
فأنشدني شمس الدّين لنَفسِهِ
(قل للَّذي وصف الدواة وحسنها ... مَا جِئْت عَن لَفْظِي بِمَعْنى زَائِد)
(أسخنت عَيْنك فِي نضار ذائب ... وذبحت نَفسك بالحديد الْبَارِد)
وَلما نظم جمال الدّين ابْن نباتة قصيدته التائية الطنانة فِي الْعَلامَة كَمَال الدّين ابْن الزملكاني رَحمَه الله تَعَالَى جعل غزلها الْمُقدم على المديح فِي وصف الْخمر وأولها
(قضى مَا قضيت مِنْكُم لبانات ... متيم عبثت فِيهِ الصبابات)
نظم شمس الدّين قصيدة أُخْرَى فِي وَزنهَا ورويها ومدح الشَّيْخ كَمَال الدّين أَيْضا وَجَاء مِنْهَا مَا أَنْشدني من لَفظه
(مَا شان مدحي لكم ذكر المدام وَلَا ... أضحت جَوَامِع لَفْظِي وَهِي حانات)
(وَلَا طرقت حمى خمارة سحرًا ... وَلَا اكتست لي بكأس الراح كاسات)
(عَن منظر الرَّوْض يغنيني القريض وَعَن ... رقص الزجاجات تلهيني الجزازات)
(عشوت مِنْهَا إِلَى نور الْكَمَال وَلم ... يدر على خاطري دير ومشكاة)
وأنشدني لَهُ فِي يَوْم بَارِد
(وَيَوْم شَدِيد الْبرد حجب شمسه ... عَن الْعين نوء لَاحَ فِي الجو أسود)
(فَأمْطر أجفاني وميض بروقه ... وصيرني من شدَّة الْبرد أرعد)
وأنشدني لَهُ فِي الْمَعْنى
(رثاثة حَالي عَن رثاثة منزلي ... تبين وَفِي هذَيْن قد كمل النَّقْص)
(وبالدفء قلبِي لَيْسَ بالدف مولع ... ولي أضلع بالبرد شيمتها الرقص)
وَكتب على كتابي جنان الجناس لمَّا وقف عَلَيْهِ قصيدة أَولهَا(5/190)
(سر الفصاحة فِي كتابك ظَاهر ... وَله ضِيَاء الْحسن عَنْك مذيع)
(وَكَذَا الثَّنَاء الْمَحْض فِي أَثْنَائِهِ ... بنوافج الذّكر الْجَمِيل تضوع)
(فلذاك يحفظ فِي الصُّدُور لفضله ... وسواه ينسى ذكره ويضيع)
(لله روض فِي جنان جناسه ... هُوَ للقلوب وللعيون ربيع)
(كم أثمرت أغصانه بفوائد ... كم طَابَ فِيهَا للفؤاد ولوع)
)
(مَا زَالَ يمطره الْجنان سحائباً ... يُضحي بهَا القرطاس وَهُوَ مريع)
(فِي طيه نشر الْعُلُوم تأرجت ... أرجاؤه فتعطر الْمَجْمُوع)
(سفر عَن الْفضل الْمُحَقق سَافر ... وَله على الْقَمَر الْمُنِير طُلُوع)
(بيّنت فِيهِ لنا الْأُصُول فأينعت ... لجنى الْعُقُول من الْأُصُول فروع)
(وشرعت فِي حل الرموز وَقد حلا ... للفهم فِي ذَاك الشُّرُوع شُرُوع)
(لم يبْق فِي علم الْمعَانِي نَاطِق ... إِلَّا وَبَان بِهِ لديك خضوع)
(فَابْن الْأَثِير وَإِن تأثل مجده ... وَعصى لَكَانَ لما بنيت يُطِيع)
(سيرت أَمْثَالًا لَهَا حكم فَمَا ... لنجومها مثل النُّجُوم رُجُوع)
(أعليت بُنيان البديع مشيداً ... مَا لم يشيد للزمان بديع)
(وأذبت لِابْنِ أبي الْحَدِيد جوانحاً ... لم يطف مِنْهَا للحريق دموع)
(وأدرت أفلاكاً على أَمْثَاله ... أضحت تروق بحسنها وتروع)
(وطعنت فِي ابْن سِنَان عِنْد خفاجة ... لُغَة فأودت بالصدور صدوع)
(وأنرت مَا لَا نور الْمِصْبَاح فِي ... علم الْبَيَان وَفِي سناه لموع)
(وتخلف المعتز إِذْ زل ابْنه ... وبدا بمنطقه لديك خشوع)
(هَذَا كتاب قد كبت بِهِ العدى ... فجنابه عَن حاسديه منيع)
(اتعبت من يسري وَرَاءَك فِي النهى ... وَمَتى تَسَاوِي ظالع وضليع)
(وَرفعت قدر الْعلم حِين وَضعته ... فتشرف الْمَوْضُوع وَالْمَرْفُوع)
(نثر حكته من الْكَوَاكِب نثرة ... فِيهَا لصفحة أوجه ترصيع)
(ونظام شعر دونه الشعرى وَإِن ... أمست ومنزلها عَلَيْهِ رفيع)
(شعر يروق طباقه وجناسه ... والسبر والتقسيم والتصريع)
(يسمو حبيباً بالمحاسن إِن بدا ... وَيرى الْوَلِيد لَدَيْهِ وَهُوَ رَضِيع)
وَهَذَا الْقدر مِنْهَا كَاف وَله قصيدة أُخْرَى نظمها على كتابي نصْرَة الثائر على الْمثل السائر طَوِيلَة أَيْضا(5/191)
3 - (القَاضِي محب الدّين كَاتب جنكلي)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن أَحْمد بن عبد الدَّائِم هُوَ القَاضِي الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل البليغ محب الدّين أَبُو)
عبد الله ابْن نجم الدّين التَّيْمِيّ كَاتب الْأَمِير بدر الدّين جنكلي بن البابا ولد سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة فِي جُمَادَى الأولى وَسمع البُخَارِيّ على الشَّيْخ نصر والحجاز وست الوزراء وَمُسلمًا على الشريف أخي عطوف وَسنَن أبي دَاوُد على جمال الدّين ابْن الصَّابُونِي والدارمي ومسند عبد بن حميد على مَشَايِخ وأجزاء أخر على مَشَايِخ عصره وَقَرَأَ السَّبع على تَقِيّ الدّين الصَّائِغ وَعرض عَلَيْهِ الشاطبية وَحفظ الْمِنْهَاج للنووي وَالْحَاوِي وألفية ابْن مَالك وَبَعض التسهيل وَحج سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَشرح التسهيل لِابْنِ مَالك وَلم يكمل يَوْمئِذٍ وَهُوَ يَجِيء فِي أَربع مجلدات وَسمعت من لَفظه أَوَائِله وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن مبَاحث جَيِّدَة دقيقة مشحونة بالْمَنْطق وَالْأُصُول واعتراضات وأجوبة ومآخذ دقيقة كَلَام من ذاق الْعلم وَعرف لبه وَشرح التَّلْخِيص فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان لقَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين وَلم يكمل أَيْضا وَهُوَ شرح جيد مُفِيد وَيكْتب الدرج ويترسل وَله نثر وَمَا أَظن أَن لَهُ نظماً وَفِيه رياسة وحشمة ومروءة كَامِلَة وتعصب مَعَ الْكِبَار وَالصغَار وَفِيه ديانَة وصيانة وَأَمَانَة فِي ديوَان مخدومه وأميره يمِيل إِلَيْهِ ويثق بِهِ ويعتمد عَلَيْهِ وَمَا أرَاهُ إِلَّا من محَاسِن الديار المصرية لكَمَال أدواته وعلومه فقهاً وأصولاً ومنطقاً وعربية وَغير ذَلِك وكرم نَفسه وطباعه ومروءته الزَّائِدَة وتعصبه وديانته وَلما توفّي مخدومه رَحمَه الله تَعَالَى لزم بَيته وَطلب لمناصب كبار فَمَا أجَاب وَطلب لنظر الاسكندرية فاستعفى وَلم يزل إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين منكلي بغا الفخري من طرابلس إِلَى الْقَاهِرَة فباشر عِنْده على عَادَته مَعَ الْأَمِير بدر الدّين جنكلي بن البابا رَحمَه الله تَعَالَى فَكتبت إِلَيْهِ
(من جنكلي صرت إِلَى منكلي ... فَكل خير أرتجي مِنْك لي)
(وَأَنت لي كَهْف وَمَا مقصدي ... من هَذِه الدُّنْيَا سوى أَن تلِي)
(يَا سيداً أضحى ثنائي على ... عليائه يَحْكِي شذا المندل)
(لولاك لم أصبح مصرا على ... مصر وَصرف الدَّهْر لم يعدل)
(أبعدت عَن قربك كرها وَلَو ... وفقت لم أبعد وَلم أرحل)
(فَلَا عطاياك الَّتِي أجتني ... وَلَا محياك الَّذِي أجتلي)
(وَرُبمَا يسمح لي باللقا ... رب بِفضل اللطف لم يبخل)
(فغمرة الْبعد وَإِن أظلمت ... آفاقها لَا بُد أَن تنجلي)
)
3 - (الْحَافِظ الْكُدَيْمِي)
مُحَمَّد بن يُونُس بن مُوسَى الْكُدَيْمِي بِالدَّال الْمُهْملَة الْقرشِي(5/192)
السَّامِي الْبَصْرِيّ الْحَافِظ أحد الضُّعَفَاء ولد سنة ثَلَاث وَقيل خمس وَثَمَانِينَ وَهُوَ ابْن امْرَأَة روح بن عبَادَة قَالَ كتبت عَن ألف وَسِتَّة وَثَمَانِينَ رجلا من الْبَصرِيين وَحَجَجْت فَرَأَيْت عبد الرَّزَّاق وَلم أسمع مِنْهُ وَكَانَ حسن الحَدِيث حسن الْمعرفَة وَمَا وجد عَلَيْهِ إِلَّا صحبته لِسُلَيْمَان الشَّاذكُونِي قَالَ أَبُو حَاتِم وَابْن حبَان لَعَلَّه قد وضع أَكثر من ألف حَدِيث وَقَالَ ابْن عدي ادّعى رُؤْيَة قوم وَلم يدركهم ترك عَامَّة مَشَايِخنَا الرِّوَايَة عَنهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ يتهم بِالْوَضْعِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (عماد الدّين ابْن يُونُس)
مُحَمَّد بن يُونُس بن مُحَمَّد بن مَنْعَة الْعَلامَة عماد الدّين أَبُو حَامِد ابْن يُونُس الإربلي الأَصْل الْموصِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي تفقه بالموصل على وَالِده ثمَّ توجه إِلَى بَغْدَاد وتفقه بالنظامية وَسمع الحَدِيث وَعَاد إِلَى الْموصل ودرس عدَّة مدارس وَعلا صيته وشاع ذكره صنف الْمُحِيط جمع فِيهِ بَين الْمُهَذّب والوسيط وَشرح الْوَجِيز وصنف جدلاً وعقيدة وَتوجه رَسُولا إِلَى الْخَلِيفَة غير مرّة وَولي قَضَاء الْموصل خَمْسَة أشهر وعزل وَكَانَ شَدِيد الْوَرع كثير الوسوسة لَا يمس الْقَلَم حَتَّى يغسلهُ وَهُوَ دمث الْأَخْلَاق كثير المباطنة لصَاحب الْموصل نور الدّين وَلم يزل حَتَّى نَقله من مَذْهَب الْحَنَفِيَّة إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِيَّة وَلم يرْزق سَعَادَة فِي تصانيفه وحفيده مُصَنف التَّعْجِيز توفّي عماد الدّين سنة ثَمَان وست مائَة
مُحَمَّد بن يُونُس الشَّيْخ جمال الدّين الساوجي الزَّاهِد شيخ الطَّائِفَة القرندلية قدم دمشق وَقَرَأَ الْقُرْآن وَالْعلم وَسكن قاسيون فِي زَاوِيَة الشَّيْخ عُثْمَان الرُّومِي وَصلى بالشيخ عُثْمَان مُدَّة ثمَّ حصل لَهُ زهد وفراغ عَن الدُّنْيَا فَترك الزاوية وَأقَام بمقبرة بَاب الصَّغِير بِقرب مَوضِع الْقبَّة الَّتِي(5/193)
بنيت لأَصْحَابه وَبَقِي مديدة فِي قبَّة زَيْنَب بنت زين العابدين فَاجْتمع بالجلال الدركزيني وَالشَّيْخ عُثْمَان كوهي الْفَارِسِي الَّذِي دفن بالقنوات بمَكَان القرندلية ثمَّ إِن الساوجي حلق وَجهه وَرَأسه ولاق حَاله بأولئك فوافقوه وحلقوا مثله ثمَّ إِن أَصْحَاب الشَّيْخ عُثْمَان طلبُوا الساوجي فوجدوه بالقبة فسبوه وقبحوا فعله فَلم ينْطق ثمَّ إِنَّه اشْتهر وَتَبعهُ جمَاعَة وحلقوا وَذَلِكَ فِي حُدُود الْعشْرين وست مائَة ثمَّ إِنَّه لبس دلق شعر وسافر إِلَى دمياط فأنكروا حَاله وزيه فزيق بَينهم)
سَاعَة ثمَّ إِنَّه رفع رَأسه فَإِذا هُوَ بِشَيْبَة كَبِيرَة بَيْضَاء على مَا قيل فاعتقدوا فِيهِ وَتُوفِّي بدمياط وقبره هُنَاكَ مَشْهُور وَذكر شمس الدّين الْجَزرِي فِي تَارِيخه أَنه رأى كراريس بِخَطِّهِ من تَفْسِير الْقُرْآن لَهُ وَجلسَ فِي المشيخة بعده بمقبرة بَاب الصَّغِير جلال الدّين الدركزيني وَبعده الشَّيْخ مُحَمَّد الْبَلْخِي وَهُوَ الَّذِي شرع لَهُم الجولق الثقيل وَأقَام الزاوية وأنشأها وَكثر أَصْحَابه وَكَانَ للْملك الظَّاهِر فِيهِ اعْتِقَاد فَلَمَّا تسلطن طلبه فَلم يمض إِلَيْهِ فَبنى لَهُم السُّلْطَان هَذِه الْقبَّة من مَال الْجَامِع وَكَانَ إِذا قدم إِلَى الشَّام يعطيهم ألف دِرْهَم وشقتي بسط ورتب لَهُم ثَلَاثِينَ غرارة قَمح فِي السّنة وَفِي الْيَوْم عشرَة دَرَاهِم وَكَانَ السويداوي مِنْهُم يحضر سماط السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر ويمازح السُّلْطَان وَلما أَنْكَرُوا فِي دولة الْأَشْرَف مُوسَى على الشَّيْخ عَليّ الحريري أَنْكَرُوا على القرندلية ونفوهم إِلَى قصر الْجُنَيْد وَذكر نجم الدّين ابْن إِسْرَائِيل الشَّاعِر أَن هَذِه الطَّائِفَة ظَهرت بِدِمَشْق سنة سِتّ عشرَة وست مائَة وَكَانَت وَفَاة الساوجي الْمَذْكُور فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى(5/194)
(حرف الْألف)
(من اسْمه آدم)
3 - (آدم بن أَحْمد بن أَسد)
3 - (أَبُو سعد النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ)
حاذق مناظر ذكره الْحَافِظ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فَقَالَ هُوَ من أهل هراة سكن بَلخ كَانَ أديباً فَاضلا عَالما بأصول اللُّغَة صائباً حسن السِّيرَة قدم بغداذ حَاجا سنة عشْرين وَخمْس مائَة وَمَات فِي الْخَامِس وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَلما ورد بغداذ اجْتمع إِلَيْهِ أهل الْعلم وقرأوا عَلَيْهِ الحَدِيث وَالْأَدب وَجرى بَينه وَبَين الشَّيْخ أبي مَنْصُور موهوب بن أَحْمد بن الْخضر الجواليقي ببغداذ مناظرة فِي شَيْء اخْتلفَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ الْهَرَوِيّ أَنْت لَا تحسن أَن تنْسب نَفسك فَإِن الجواليقي نِسْبَة إِلَى الْجمع وَالنِّسْبَة إِلَى الْجمع بِلَفْظِهِ لَا تصح قَالَ وَهَذَا الَّذِي ذكره الْهَرَوِيّ نوع مغالطة فَإِن لفظ الْجمع إِذا سمي بِهِ جَازَ أَن ينْسب إِلَيْهِ بِلَفْظِهِ كمدائني ومعافري وأنماري وَمَا أشبه ذَلِك قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَهَذَا الِاعْتِذَار لَيْسَ بِالْقَوِيّ لِأَن الجواليق لَيْسَ باسم رجل فَيصح مَا ذكره وَإِنَّمَا هُوَ نِسْبَة إِلَى بَائِع ذَلِك فَإِن كَانَ اسْم مَوضِع أَو قَبيلَة أَو اسْم رجل نسب إِلَيْهِ صَحَّ مَا ذكره قلت وَاحِد الجواليق جوالق بِضَم الْجِيم)
وَالْجمع جوالق بِفَتْح الْجِيم وجواليق
3 - (ابْن عبد الْعَزِيز الْأمَوِي)
3 - (آدم بن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان الْأمَوِي أَبُو عمر)
كَانَ من فحول الشُّعَرَاء توفّي فِي عشر السِّتين وَمِائَة كَانَ يشرب الْخمر ويفرط فِي المجون فَأَخذه الْمهْدي وَجلده ثَلَاث مائَة سَوط على أَن يقر بالزندقة فَقَالَ وَالله مَا أشركت بِاللَّه طرفَة عين وَمَتى رَأَيْت قريشياً تزندق قَالَ وَأَيْنَ قَوْلك
(اسْقِنِي واسق غصينا ... لَا تبع بِالنَّقْدِ دينا)
(اسقنيها مزة الطع ... م تريك الشين زينا)
فَقَالَ لَئِن كنت قلت ذَلِك فَمَا هُوَ مِمَّا يشْهد على قَائِله بالزندقة فَقَالَ فَأَيْنَ قَوْلك
(اسْقِنِي واسق خليلي ... فِي مدى اللَّيْل الطَّوِيل)
مِنْهَا
(لَوْنهَا أصفر صَاف ... وَهِي كالمسك الفتيل)
(فِي لِسَان الْمَرْء مِنْهَا ... مثل طعم الزنجبيل)(5/195)
(رِيحهَا ينفح مسكاً ... ساطعاً من رَأس ميل)
(من ينل مِنْهَا ثَلَاثًا ... ينس منهاج السَّبِيل)
(قل لمن يلحاك فِيهَا ... من فَقِيه أَو نبيل)
(أَنْت دعها وارج أُخْرَى ... من رحيق السلسبيل)
وَهِي أَبْيَات طَوِيلَة سَاقهَا صَاحب الأغاني فَقَالَ كنت فِي فتيَان قُرَيْش أشْرب النَّبِيذ وَأَقُول مَا قلت على سَبِيل المجون وَالله مَا كفرت بِاللَّه قطّ وَلَا شَككت فِيهِ فخلي سَبيله ورق لَهُ آدم هَذَا أحد مَن منّ عَلَيْهِ السفاح لما قتل من وجد مِنْهُم وَهُوَ الْقَائِل
(اسْقِنِي يَا مُعَاوِيَة ... سَبْعَة فِي ثمانيه)
(اسقنيها وغنني ... قبل أَخذ الزبانيه)
(اسقنيها مدامة ... مزة الطّعْم صافيه)
(ثمَّ من لامني عَليّ ... هَا فَذَاك ابْن زانيه)
وَهُوَ الْقَائِل من أَبْيَات)
(شربت على تذكر عهد كسْرَى ... شرابًا لَونه كالأرجوان)
(ورحت كأنني كسْرَى إِذا مَا ... علاهُ التَّاج يَوْم المهرجان)
وَهُوَ الْقَائِل
(أحبك حبين لي وَاحِد ... وَآخر إِنَّك أهل لذاكا)
(فَأَما الَّذِي هُوَ حب الطباع ... فشيء خصصت بِهِ عَن سواكا)
(وَأما الَّذِي هُوَ حب الْجمال ... فلست أرى الْحسن حَتَّى أراكا)
(وَلست أَمن بِهَذَا عَلَيْك ... لَك الْمَنّ فِي ذَا وَهَذَا وذاكا)
وَاسْتَأْذَنَ يَوْمًا على يَعْقُوب بن الرّبيع وَكَانَ يَعْقُوب على شراب وَكَانَ آدم قد تَابَ فَقَالَ يَعْقُوب ارْفَعُوا الشَّرَاب فَإِن هَذَا قد تَابَ وَأَحْسبهُ يكره أَن يرَاهُ فَرفع وَأذن لَهُ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ إِنِّي لأجد ريح يُوسُف لَوْلَا أَن تفندون قَالَ يَعْقُوب هُوَ الَّذِي وجدت ولكننا ظننا أَنه الَّذِي يثقل عَلَيْك لتركك الشَّرَاب قَالَ أَي وَالله إِنَّه ليثقل عَليّ قَالَ فَهَل قلت فِي ذَلِك شَيْئا مُنْذُ تركته قَالَ قلت
(أَلا هَل فَتى عَن شربهَا الْيَوْم صابر ... ليجزيه يَوْمًا بذلك قَادر)
(شربت فَلَمَّا قيل لَيْسَ بنازع ... نزعت وثوبي من أَذَى اللوم طَاهِر)
وَكَانَ مَعَ الْمهْدي رجل من أهل الْموصل يُقَال لَهُ سُلَيْمَان بن الْمُخْتَار وَكَانَت لَهُ لحية طَوِيلَة عَظِيمَة فَذهب يَوْمًا ليركب فَوَقَعت لحيته تَحت قدمه فِي الركاب فَذهب عامتها فَقَالَ آدم بن عبد الْعَزِيز فِي ذَلِك(5/196)
(قد اسْتوْجبَ فِي الحكم ... سُلَيْمَان بن مُخْتَار)
(بِمَا طول من لحي ... ته جزاً بمئشار)
(أَو السَّيْف أَو الْحلق ... أَو التحريق بالنَّار)
(فقد صَار بهَا أشه ... ر من راية بيطار)
فأنشدت للمهدي فَضَحِك وسارت الأبيات فَقَالَ أسيد بن أسيد الْأَزْدِيّ وَكَانَ وافر اللِّحْيَة يَنْبَغِي لأمير الْمُؤمنِينَ أَن يكف هَذَا الماجن عَن النَّاس فَبلغ ذَلِك آدم فَقَالَ
(لحية طَالَتْ وتمت ... لأسيد بن أسيد)
(كشراع من عباء ... قطعت حَبل الوريد)
)
(يعجب النَّاظر مِنْهَا ... من قريب وبعيد)
(هِيَ إِن زَادَت قَلِيلا ... قطعت حَبل الْبَرِيد)
3 - (آدم بن أبي إِيَاس)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن الْعَسْقَلَانِي)
مولى بني تيم أَو تَمِيم أَصله من خُرَاسَان وَنَشَأ ببغداذ وَطلب الْعلم ورحل إِلَى الْبِلَاد واستوطن عسقلان وَكَانَ صَالحا من الأبدال لما احْتضرَ ختم الْقُرْآن وَهُوَ مسجى ثمَّ قَالَ بمحبتي لَك إِلَّا رفقت بِي فِي هَذَا المصرع فَلهَذَا الْيَوْم كنت أؤملك ثمَّ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ قضى اسند الحَدِيث عَن شُعْبَة وَخلق كثير وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَغَيره وَاتَّفَقُوا على صدقه وثقته وزهده وورعه وَتُوفِّي سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ
(من اسْمه أباجو)
3 - (أباجو الْأَمِير ركن الدّين)
كَانَ من أكبر الْأُمَرَاء الْمَشَاهِير وَكَانَ خيرا جيدا وَهُوَ الَّذِي غناهُ نَاصِر الدّين حسن ابْن النَّقِيب فِي قَوْله
(الْمجد وَالشَّمْس مكي ... كبكجري وأباجو)
(هذاك عذب فرات ... وَذَاكَ ملح أجاج)
وَكَانَ الْمجد وَالشَّمْس مكي حاجبين للصاحب بهاء الدّين بن حنا فَلَمَّا بلغه ذَلِك أمسك بكجرى وَقَالَ يَا خوند ابْن النَّقِيب هجاك ومدح الْأَمِير ركن الدّين أباجو أَو شبهكما يَا خوند بالنقيبين اللَّذين قدامي يَا خوند وأنشده الْبَيْتَيْنِ فَطلب بكجرى ابْن النَّقِيب وضربه بالعصا ورماه فِي الْحَبْس فَبَقيَ مُدَّة إِلَى أَن يشفع فِيهِ وَتُوفِّي أباجو بغزة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة(5/197)
(من اسْمه آدينة)
3 - (آدينة نَائِب الْعرَاق)
ولي بغداذ سنوات وَكَانَ ريض الْأَخْلَاق لَهُ عدَّة حمدت سيرته وخفف ظلما كثيرا وَكَانَ يذهب إِلَى الْجُمُعَة مَاشِيا توفّي بِنَاحِيَة الْكُوفَة سنة تسع وَسبع مائَة
(من اسْمه أبان)
3 - (أبان بن سعيد بن الْعَاصِ الْأمَوِي)
لَهُ صُحْبَة توفّي سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ من الطَّبَقَة الثَّالِثَة من الصَّحَابَة أسلم بَين الْحُدَيْبِيَة وخيبر وَهُوَ الَّذِي حمل عُثْمَان على فرس عَام الْحُدَيْبِيَة وَأَجَارَهُ حَتَّى دخل مَكَّة وَبلغ رِسَالَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لَهُ
(أقبل وَأدبر وَلَا تخف أحدا ... بَنو سعيد أعزة الْحرم)
اسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض سراياه وولاه الْبَحْرين بعد الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ وَلما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم على أبي بكر فَقَالَ لَهُ ارْجع إِلَى عَمَلك فَقَالَ لَا أعمل لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرج إِلَى الشَّام غازياً فَتوفي بأجندين وَقيل باليرموك وَقيل بمرج الصفر وَقيل عَاشَ إِلَى سنة تسع وَعشْرين وَالْأول أصح وَكَانَ لِأَبِيهِ سعيد ثَمَانِيَة بَنِينَ ذُكُور مِنْهُم ثَلَاثَة مَاتُوا على الْكفْر أحيحة وَبِه كَانَ يكنى وَقتل يَوْم الْفجار وَالْعَاص وَعبيدَة قتلا جَمِيعًا ببدر كَافِرين وَخَمْسَة أدركوا الْإِسْلَام وصحبوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم خَالِد وَعَمْرو وَسَعِيد وَأَبَان وَالْحكم وَغير رَسُول الله اسْم الحكم وَسَماهُ عبد الله وَلَا عقب لوَاحِد مِنْهُم إِلَّا الْعَاصِ بن سعيد
3 - (أبان الْمحَاربي الصَّحَابِيّ)
كَانَ أحد الْوَفْد الَّذين وفدوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم روى عَن(5/198)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ مَا من مُسلم يَقُول إِذا أصبح الْحَمد لله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا ظلّ تغْفر لَهُ ذنونه حَتَّى يُمْسِي وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي غفرت لَهُ ذنُوبه حَتَّى يصبح
3 - (أبان بن تغلب بن ريَاح الْجريرِي)
3 - (بِالْجِيم أَبُو سعد الربعِي الْكُوفِي الْبكْرِيّ)
)
مولى بني جرير بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثَعْلَبَة بن عكابة بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل قَالَ ياقوت ذكره أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحسن الطوسي فِي مصنفي الإمامية فَقَالَ هُوَ جليل الْقدر ثِقَة عَظِيم الْمنزلَة فِي أَصْحَابنَا لَقِي أَبَا مُحَمَّد عَليّ بن الْحُسَيْن وَأَبا جَعْفَر وَأَبا عبد الله رَضِي عَنْهُم وروى عَنْهُم وَكَانَت لَهُ عِنْدهم حظوة وَقدم قَالَ أَبُو جَعْفَر اجْلِسْ فِي مجْلِس فِي مَسْجِد الْمَدِينَة وأفت النَّاس فَإِنِّي أحب أَن أرى فِي شيعتي مثلك وَكَانَ قَارِئًا فَقِيها لغوياً تبدى وَسمع من الْعَرَب وروى عَنْهُم وصنف الْغَرِيب فِي الْقُرْآن وَذكر شَوَاهِد من الشّعْر فجَاء فِيمَا بعد عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ الْكُوفِي فَجمع من كتاب أبان وَمُحَمّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ وَأبي روق عَطِيَّة بن الْحَارِث فَجعله كتابا وَاحِدًا وَبَين مَا اخْتلفُوا فِيهِ وَمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ فَتَارَة يَجِيء كتاب أبان مُفردا وَتارَة يَجِيء مُشْتَركا على مَا عمله عبد الرَّحْمَن ولأبان أَيْضا كتاب الْفَضَائِل وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَقَالَ شمس الدّين هُوَ صَدُوق موثق
3 - (أبان بن صَدَقَة الْكَاتِب)
قَالَ الصاحب ابْن عباد فِي كتاب الوزراء إِن الرّبيع بن يُونُس وزر للمنصور بعد أبي أَيُّوب المورياني وَكَانَ امْرَهْ يَدُور على كَاتبه أبان بن صَدَقَة فَلم يزل وزيره إِلَى أَن توفّي الْمَنْصُور ثمَّ قلد الْمهْدي أبان بن صَدَقَة كِتَابَة وَلَده هَارُون الرشيد سنة سِتِّينَ وَمِائَة ثمَّ عَزله سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وقلده كِتَابَة مُوسَى الْهَادِي فَمَاتَ وَهُوَ يكْتب لمُوسَى الْهَادِي بجرجان سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة
3 - (أبان بن صمعة الْأنْصَارِيّ)
وَالِد عتبَة الْغُلَام الزَّاهِد وثقة ابْن معِين وَقَالَ اخْتَلَط(5/199)
بِأخرَة روى لَهُ ابْن مَاجَه وَمُسلم تبعا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَة وَقيل سنة ثَلَاث
3 - (أبان بن يزِيد الْعَطَّار الْحَافِظ)
أَبُو يزِيد الْبَصْرِيّ أحد الْأَعْلَام روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ توفّي فِي عشر السِّتين وَمِائَة
3 - (أبان بن عُثْمَان بن عَفَّان)
سمع أَبَاهُ وَزيد بن ثَابت وَكَانَت ولَايَته على الْمَدِينَة سبع سِنِين روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة قَالَ)
الْأمَوِي الْمدنِي توفّي سنة خمس وَمِائَة وَقيل مَاتَ قبل عبد الْملك فِي عشر التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (أبان بن عُثْمَان بن زَكَرِيَّاء اللؤْلُؤِي)
يعرف بالأحمر الشيعي البَجلِيّ أَبُو عبد الله مَوْلَاهُم ذكره أَبُو جَعْفَر الطوسي فِي أَخْبَار مصنفي الإمامية قَالَ أَصله الْكُوفَة كَانَ يسكنهَا تَارَة وَالْبَصْرَة تَارَة وَقد أَخذ عَنهُ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سَلام الجُمَحِي وَأَكْثرُوا الْحِكَايَة عَنهُ فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء وَالنّسب وَالْأَيَّام روى عَن أبي عبد الله وَأبي الْحسن مُوسَى بن جَعْفَر وَمَا عرف من مصنفاته إِلَّا كتاب جمع فِيهِ الْمُبْتَدَأ والمبعث والمغازي والوفاة والسقيفة وَالرِّدَّة
3 - (أبان بن عبد الحميد اللاحقي)
الشَّاعِر مولى رقاش بن ربيعَة كَانَ بَينه وَبَين ابْن المعذل أهاجي ومناقضات من شعره
(لَا تنمن عَن صديق حَدِيثا ... واستعذ إِن نطقت من نمام)
(واخفض الصَّوْت إِن نطقت بلَيْل ... والتفت بِالنَّهَارِ قبل الْكَلَام)
ورد من الْبَصْرَة إِلَى بغداذ قَاصِدا البرامكة فاختص بِالْفَضْلِ وَقرب من قلب يحيى وَصَارَ صَاحب الْجَمَاعَة وَذَا أَمرهم ونظم كتاب كليلة ودمنة لَهُم ليسهل حفظه عَلَيْهِم أَوله
(هَذَا كتاب أدب ومحنة ... فِيهِ الَّذِي يدعى كليل دمنه)
قَالَ صَاحب الأغاني فَأعْطَاهُ يحيى عشرَة آلَاف دِينَار وَأَعْطَاهُ الْفضل خَمْسَة آلَاف دِينَار وَلم يُعْطه جَعْفَر شَيْئا وَقَالَ أَلا يَكْفِيك أَن أحفظه وأرويه عَنْك ولأبان اللاحقي القصيدة الْمَعْرُوفَة بِذَات الْحلَل وَهُوَ أحد الشُّعَرَاء الَّذين زعم الجاحظ أَنهم أطبع الْمُحدثين وَله أدب وظرف وَله(5/200)
القصيدة الَّتِي مدح فِيهَا نَفسه وخاطب الْفضل بن يحيى وأولها
(أَنا من حَاجَة الْأَمِير وكنز ... من كنوز الْأَمِير ذُو رَبَاح)
فعارضه أَبُو نواس وَكَانَ يهاجيه
الأبتر رَأس البترية اسْمه كثير
الأبله الْعِرَاقِيّ الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن بختيار
(من اسْمه إِبْرَاهِيم)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو إِسْحَاق الطَّبَرِيّ الْمَالِكِي الْمعدل سمع وَحدث وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَبُو إِسْحَاق الْمروزِي الشَّافِعِي إِمَام عصره فِي الْفَتْوَى والتدريس أَخذ الْفِقْه عَن ابْن سُرَيج وَشرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَله تواليف كَثِيرَة وَأقَام ببغداذ دهراً طَويلا يُفْتِي ويدرس وأنجب من أَصْحَابه جمَاعَة وَإِلَيْهِ ينْسب الْمروزِي ببغداذ الَّذِي فِي قطيعة الرّبيع ثمَّ ارتحل إِلَى مصر آخر عمره وأدركه أَجله بهَا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَرْبَعِينَ وَثَلَاث مائَة وَدفن بِالْقربِ من الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَبُو إِسْحَاق الْخَواص الصُّوفِي الزَّاهِد شيخ الصُّوفِيَّة بِالريِّ وَله تصانيف فِي التصوف توفّي رَحمَه الله تَعَالَى قبل الثَّلَاث مائَة تَقْرِيبًا
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد الأغلبي التَّمِيمِي أَمِير القيروان تولى الْأَمر فَكَانَ فِي أول أمره حسن السِّيرَة يقتفي طرائق الْعدْل ثمَّ إِنَّه غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء فَأكْثر من سفك الدِّمَاء وَقتل جمَاعَة من بَنَاته وحظاياه لَا لجناية خرج يَوْمًا للنزهة فاعترضه رجل وَقَالَ إِنِّي رجل عشقت جَارِيَة عشقاً قَلما عشقه أحد فرغبت إِلَى مَوْلَاهَا فِي بيعهَا فَقَالَ لَا أنقصها من خمسين دِينَارا فَنَظَرت فِي جَمِيع مَا أملكهُ فَإِذا هُوَ ثَلَاثُونَ دِينَارا وَبَقِي عَليّ عشرُون دِينَارا فَإِن رأى الْأَمِير أبقاه الله أَن ينظر فِي أَمْرِي ويتفضل عَليّ فَدَعَا إِبْرَاهِيم سيد الْجَارِيَة وَأمر لَهُ بِخَمْسِينَ دِينَارا وللرجل بِخَمْسِينَ دِينَارا أُخْرَى فَسمع بذلك إِنْسَان آخر فاعترضه وَقَالَ أَيهَا الْأَمِير إِنَّنِي عاشق قَالَ فَمَا الَّذِي تَجِد قَالَ حرارة عَظِيمَة قَالَ خذوه واغمسوه فِي المَاء حَتَّى يبرد مَا بِقَلْبِه فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِك ثمَّ أَتَوْهُ بِهِ قَالَ مَا فعلت تِلْكَ الْحَرَارَة قَالَ وَالله يَا مولَايَ مَكَانهَا برد شَدِيد فَضَحِك مِنْهُ وَأمر لَهُ بِعشْرين دِينَارا وَفِي آخر أمره قدم عَلَيْهِ رَسُول المعتضد يَأْمُرهُ أَن يلْحق بِبَابِهِ ويولي على(5/201)
إفريقية وَلَده أَبَا الْعَبَّاس لما شكا أهل إفريقية مِنْهُ فأظهر التَّوْبَة ورفض الْملك وَلبس الخشن من الثِّيَاب وَأخرج من فِي سجونه وَسلم الْأَمر إِلَى وَلَده الْمَذْكُور وَتوجه إِلَى صقلية مُجَاهدًا فَفتح فِيهَا وَعبر الْمجَاز إِلَى قلورية وسبى وَقتل وهربوا مِنْهُ إِلَى القلاع وَمَات مبطوناً سنة تسع وَثَمَانِينَ بزلق الأمعاء وَدفن فِي قبَّة بصقلية وَكَانَ قد ولي الْأَمر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَمن شعره)
(نَحن النُّجُوم بَنو النُّجُوم وجدنَا ... قمر السَّمَاء أَبُو النُّجُوم تَمِيم)
(وَالشَّمْس جدتنا فَمن ذَا مثلنَا ... متواصلان كَرِيمَة وكريم)
وَكَانَ التُّجَّار يَسِيرُونَ من مصر إِلَى سبتة لَا يعارضون وَلَا يروعون ابتنى الْحُصُون والمحارس على سواحل الْبَحْر بِحَيْثُ أَن النيرَان كَانَت توقد فِي لَيْلَة وَاحِدَة من سبتة إِلَى الاسكندرية حَتَّى يُقَال إِن بِأَرْض الْمغرب من بنائِهِ وَبِنَاء آبَائِهِ ثَلَاثِينَ ألف حصن وَهَذَا الْأَمر لم يسمع بِمثلِهِ ومصر سوسة وَعمل لَهَا سوراً
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن الزبير الشَّاعِر ابْن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن فليتة أَبُو إِسْحَاق ابْن أبي الْحسن الْكَاتِب الأسواني هُوَ ابْن الرشيد بن الزبير وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ روى عَنهُ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ شَيْئا من شعره وَقَالَ سَأَلته عَن مولده فَذكر مَا يدل على أَنه سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وتقلب فِي الخدم الديوانية إِلَى القَاضِي الْفَاضِل ولحقه دين اختفى بِسَبَبِهِ قَالَ
(يَا أَيهَا الْمولى الَّذِي لم يزل ... بفضله يذهب عَنَّا الْحزن)
(قد أصبح الْمَمْلُوك فِي شدَّة ... يعالج الْمَوْت من المؤتمن)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن طَلْحَة الأسواني الشَّاعِر الْمَشْهُور روى عَنهُ من شعره عبد الْقوي بن وَحشِي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الأسيوطي وَله ديوَان شعر مِنْهُ
(أرى كل من أنصفته الود مُقبلا ... عَليّ بِوَجْه وَهُوَ بِالْقَلْبِ معرض)
(حذار من الإخوان إِن شِئْت رَاحَة ... فَقرب بني الدُّنْيَا لمن صَحَّ ممرض)
(بلوت كثيرا من أنَاس صحبتهم ... فَمَا مِنْهُم إِلَّا حسود ومبغض)
(فقلبي على مَا يسخن الطّرف منطو ... وطرفي على مَا يحزن الْقلب مغمض)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد المارداني أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب سَافر إِلَى الشَّام ومصر وَولي الْكِتَابَة لأبي الْجَيْش خمارويه بن أَحْمد بن طولون وَكَانَ مَعَه بِدِمَشْق حِين قتل ثمَّ إِنَّه(5/202)
عَاد إِلَى بغداذ فِي أحد عشر يَوْمًا فَأخْبر المعتضد بقتْله خمارويه وَلحق إِبْرَاهِيم فلج فَمَاتَ مِنْهُ سنة ثَلَاث عشرَة وَثَلَاث مائَة عَن سِتّ وَسِتِّينَ سنة)
3 - (ابْن إِبْرَاهِيم بن حسان)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن حسان أَبُو إِسْحَاق ابْن أبي بكر الْبَزَّاز قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ من أَعْيَان التُّجَّار ووجوه الْمَشَايِخ وَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله كثير التِّلَاوَة صَالحا دينا حسن الطَّرِيقَة وَكَانَت لَهُ معرفَة بالكتب وخطوط الْعلمَاء سمع أَبَا الدّرّ ياقوت بن عبد الله
وَتِسْعين وَخمْس مائَة
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي تَمام التكريتي أَبُو تَمام ذكره أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن سويدة التكريتي فِي تَارِيخ تكريت وبغداذ والموصل
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن هِلَال الْأَنْبَارِي أَبُو إِسْحَاق ابْن أبي عون الْكَاتِب ابْن أبي النَّجْم لَهُ تصانيف فِي الْأَدَب حَسَنَة مِنْهَا كتاب النواحي فِي أَخْبَار الْبلدَانِ وَكتاب بَيت مَال السرُور إِلَّا أَنه غلب عَلَيْهِ الْحمق والرقاعة واستحوذ عَلَيْهِ الشَّيْطَان فصحب أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ الشلمغاني الْمَعْرُوف بِابْن أبي العزاقر وَصَارَ من ثقاته الغالين فِي محنته فَكَانَ يَدعِي فِيهِ الإلهية تَعَالَى الله وَلما قبض على أبي جَعْفَر المخذول وتتبع أَصْحَابه أحضر إِبْرَاهِيم هَذَا وَقيل لَهُ سبّ أَبَا جَعْفَر وابصق عَلَيْهِ فأرعد وَأظْهر خوفًا شَدِيدا من ذَلِك فَضربت عُنُقه وصلب ثمَّ أحرقت جثته بعد ذَلِك بالنَّار سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَقد استوعب ياقوت فِي مُعْجم الأدباء عقيدته وَطول تَرْجَمته
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد توزون الطَّبَرِيّ النَّحْوِيّ من أهل الْفضل وَالْأَدب سكن بغداذ وَصَحب أَبَا عمر الزَّاهِد وَكتب عَنهُ كتاب الياقوتة وعَلى النُّسْخَة الَّتِي بِخَطِّهِ الِاعْتِمَاد وَلَقي أكَابِر الْعلمَاء وَكَانَ صَحِيح النَّقْل جيد الْخط والضبط وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى بني حمدَان
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْأَسدي هُوَ الْقَائِل يرثي المتَوَكل
(خلت المنابر واكتست شمس الضُّحَى ... بعد الضياء ملابس الإظلام)
(مَا كَادَت الأسماع إكباراً لَهُ ... يصغين للإجلال والإعظام)
(مَلأ الْقُلُوب من الغليل فأنزفت ... مَاء الشؤون مدامع الأقوام)
(هجمت فجيعته على كبد الورى ... فأذابت الْأَرْوَاح فِي الْأَجْسَام)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا(5/203)
(هَكَذَا فلتكن منايا الْكِرَام ... بَين ناي ومزهر ومدام)
)
(بَين كاسين أردتاه جَمِيعًا ... كاس لذاته وكاس الْحمام)
(يقظ فِي السرُور حَتَّى أَتَاهُ ... قدر الله خُفْيَة فِي الْمَنَام)
(لم تذل نَفسه صروف المنايا ... بصنوف الأوجاع والأسقام)
(هابه مُعْلنا فدب إِلَيْهِ ... فِي كسور الدجى بِحَدّ الحسام)
(والمنايا مَرَاتِب تتفاضل ... موت الْكِرَام)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو طَاهِر العكبري ولد سنة عشر وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ يقْرَأ سُورَة يس وَهِي اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ آيَة وَيُقَال إِنَّه من قَرَأَهَا فِي مَنَامه عَاشَ بِعَدَد آيها سِنِين فَمَاتَ وَله اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سنة وَكَذَا يُقَال إِنَّه قَرَأَ أول مَا نزل من الْقُرْآن طَال عمره وَمن قَرَأَ آخر مَا نزل من الْقُرْآن قصر عمره
3 - (القَاضِي برهَان الدّين الزرعي)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن هِلَال القَاضِي الإِمَام الْفَاضِل المفنن برهَان الدّين الزرعي الْحَنْبَلِيّ كَانَ نَائِب القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن المنجى الْحَنْبَلِيّ ومدرس الحنبلية وناظرها ومدرس وقف سيف الدّين بكتمر وَالِي الْوُلَاة بمدرسة الشَّيْخ أبي عمر وحلقة الْعِمَاد بالجامع الْأمَوِي ومعيد الْمدرسَة الصدرية والمدرسة الجوزية والمسمارية أتقن الْفُرُوع على مَذْهَب ابْن حَنْبَل وأصول الْفِقْه والنحو والفرائض والحساب وَكتب الْخط الْمَنْسُوب الْمليح إِلَى الْغَايَة وَكَانَ لَهُ قدرَة على حكايات الخطوط ومناسباتها وَيحمل النَّاس إِلَيْهِ الْكتب ليكتب أسماءها بِحسن خطه وَقَرَأَ الْأُصُول على ابْن الزملكاني وَالْقَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي وَغَيرهمَا من الشَّافِعِيَّة وَلم يكن فِي أصُول الدّين حنبلياً وَالله أعلم وذهنه يتوقد ذكاء وَندب فِي وَقت إِلَى نظر بَيت المَال أَيَّام الصاحب شمس الدّين فَلم يُوَافق وَكَانَ بَصيرًا بالفتوى جيد الْأَحْكَام وَكَانَ لَهُ ميل كثير إِلَى التَّسَرِّي بالأتراك وَتعلم مِنْهُم لِسَان التّرْك وتحدث بِهِ جيدا وَكَانَ فِي الْغَالِب يكون جُمُعَة فِي دكة الْجَوَارِي وجمعة فِي سوق الْكتب وَكَانَ عذب الْعبارَة فصيحها حسن الْوَجْه مليح الْعمة ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست مائَة وَتُوفِّي فِي نصف شهر رَجَب الْفَرد يَوْم الْجُمُعَة بكرَة النَّهَار وَصلي عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
3 - (كَمَال الدّين الاسكندري الْكَاتِب الْمُقْرِئ)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن فَارس شيخ الْقُرَّاء ومسندهم كَمَال الدّين أَبُو)
إِسْحَاق ابْن الْوَزير الصاحب نجيب الدّين التَّمِيمِي الاسكندري ثمَّ الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ الْكَاتِب ولد بالإسكندرية سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة حفظ الْقُرْآن صَغِيرا وَقَرَأَ الْقرَاءَات الْعشْر بعدة تصانيف على الْكِنْدِيّ وَكَانَ آخر من قَرَأَ عَلَيْهِ موتا وانْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد فِي الْقرَاءَات إِلَّا أَنه كَانَ يُبَاشر(5/204)
نظر بَيت المَال من المكوس فتورع جمَاعَة من الْقُرَّاء عَن الْأَخْذ عَنهُ وَولي نظر الْجَيْش وَكَانَ أَمينا حسن السِّيرَة
3 - (ابْن شاقلاء الْحَنْبَلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عمر بن حمدَان ابْن شاقلاء أَبُو إِسْحَاق البغداذي الْبَزَّاز شيخ الْحَنَابِلَة وفقيههم كَانَ إِمَامًا فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الْأَزْدِيّ اللّغَوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن اللَّيْث الْأَزْدِيّ الْكَاتِب قَالَ ياقوت لَا أعرف من حَاله إِلَّا مَا قَالَه السلَفِي أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم الْحسن بن أبي الْفَتْح الهمذاني قَالَ أَنْشدني أَبُو المظفر إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن اللَّيْث قدم علينا همذان وَقد حضر مَجْلِسه الأدباء والنحاة لمحله من الْأَدَب
(وَقد أغدو وصاحبي محوص ... على عذراء ناء بهَا الرهيص)
(كَأَن بني النحوص على ذراها ... حوائم مَا لَهَا عَنهُ محيص)
3 - (صدر الدّين ابْن عقبَة)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عقبَة بن هبة الله بن عَطاء القَاضِي صدر الدّين ابْن الشَّيْخ محيي الدّين البصروي الْحَنَفِيّ ولد سنة تسع وست مائَة ببصرى وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة درس وَأعَاد وَأفْتى بمواضع وَولي قَضَاء حلب مديدة ثمَّ عزل وَكَانَ لَهُ كِفَايَة بِدِمَشْق ثمَّ سَافر إِلَى مصر وتوصل وَحصل تقليداً بِقَضَاء حلب وَقدم إِلَى دمشق فأدركه الْمَوْت وتعجب النَّاس من حرصه وَأَظنهُ وَالله أعلم أَنه تولى قَضَاء صفد مرّة وَمَا وصل إِلَيْهَا وَمَا مكن من الْمُبَاشرَة أَخْبرنِي الشَّيْخ نجم الدّين ابْن الْكَمَال الصَّفَدِي إِنَّه كَانَ يُكَرر عَليّ الْمفصل بصفد وَهُوَ فِي قلب الْمَدِينَة فَيسمع من أقْصَى الْمَدِينَة
3 - (ابْن حَاتِم الْحَنْبَلِيّ شيخ بعلبك)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حَاتِم الْحَنْبَلِيّ ابْن حَاتِم ابْن عَليّ الْفَقِيه أَبُو إِسْحَاق البعلبكي ولد سنة إِحْدَى)
وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة أجَاز لَهُ نصر بن عبد الرَّزَّاق وَابْن روزبه وَابْن اللتي وَابْن الْأَوَانِي وَابْن القبيطي وعدة وَسمع من سُلَيْمَان الإسعردي وَأبي سُلَيْمَان الْحَافِظ وخطيب مردا واشتغل على الْفَقِيه اليويني وَصَحبه وَكَانَت لَهُ وظائف نسخ وَطلب الْعلم وَكَانَ خيرا نَاسِخا فَقِيها متواضعاً يبْدَأ من يلقاه الْمُنْتَقى بِالسَّلَامِ سمع الشَّيْخ شمس الدّين مِنْهُ وَمن أُخْته مَرْيَم
3 - (الغافقي النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عِيسَى بن يَعْقُوب الْعَلامَة شيخ الْقُرَّاء والنحاة(5/205)
أَبُو إِسْحَاق الإشبيلي الغافقي شيخ سبتة ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ عشرَة وَسبع مائَة حمل صَغِيرا إِلَى سبتة وَسمع التَّيْسِير من مُحَمَّد بن جوبر الداوي عَن ابْن أبي جَمْرَة وَسمع الْمُوَطَّأ وَكتاب الشِّفَاء وَأَشْيَاء وَأكْثر عَن أبي هُرَيْرَة عَن أبي عبد الله الْأَزْدِيّ سنة سِتِّينَ وتلا بالروايات على أبي بكر ابْن مشليون وَقَرَأَ كتاب سِيبَوَيْهٍ تفهماً على ابْن الْحُسَيْن ابْن أبي الرّبيع وساد أهل الْمغرب فِي الْعَرَبيَّة وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَألف كتابا كَبِيرا فِي شرح الْجمل وكتاباً فِي قِرَاءَة نَافِع
3 - (عز الدّين الغرافي)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد المحسن بن أَحْمد الشَّيْخ الْفَقِيه الإِمَام الصَّالح الْخَيْر المعمر بَقِيَّة الْمَشَايِخ الشَّيْخ عز الدّين الْعلوِي الْحُسَيْنِي من ذُرِّيَّة مُوسَى الكاظم يعرف بالغرافي ثمَّ الاسكندراني الشَّافِعِي النَّاسِخ ولد بالثغر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة وَهُوَ أَصْغَر من أَخِيه تَاج الدّين الغرافي بِعشر سِنِين سمع بِدِمَشْق سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين من حليمة حفيدة جمال الْإِسْلَام وَمن البادرائي والزين خَالِد وَسمع بحلب من نقيب الشرفاء وَأَجَازَ لَهُ الْمُوفق بن يعِيش النَّحْوِيّ وَابْن رواج والجميزي وَجَمَاعَة وَحدث قَدِيما وَهُوَ ابْن بضع وَعشْرين سنة أَخذ عَنهُ الْوَجِيه السبتي وَسمع الشَّيْخ شمس الدّين مِنْهُ جُزْءا وَخرج لنَفسِهِ شَيْئا وَكَانَ فِيهِ زهد ونزاهة يرتفق من النّسخ ثمَّ إِنَّه عجز وَقَامَ بمصالحه معِين الدّين المصغوني وَصَارَ بعد أَخِيه شيخ دَار الحَدِيث النبيهية يُقَال إِنَّه حفظ الْوَجِيز فِي الْفِقْه والإيضاح فِي النَّحْو
3 - (الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الرقي)
)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن معالي الشَّيْخ الإِمَام الْقدْوَة الْمُذكر القانت أَبُو إِسْحَاق الرقي الْحَنْبَلِيّ الزَّاهِد نزيل دمشق ولد سنة نَيف وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَسبع مائَة تَلا بالروايات على الشَّيْخ يُوسُف القفصي وَصَحب عبد الصَّمد بن أبي الْجَيْش وعني بالتفسير وَالْفِقْه والتذكير وبرع فِي الطِّبّ وشارك فِي المعارف وَله نظم ونثر ومواعظ محركة وَكَانَ عذب الْعبارَة لطيف الْإِشَارَة على رَأسه طاقية وخرقة صَغِيرَة وَله تواليف ومختصرات وَألف تَفْسِيرا للفاتحة فِي مُجَلد وَرُبمَا حضر السماع منع الْفُقَرَاء بأدب وَحسن قصد توفّي بمنزله الْمَصْنُوع لَهُ تَحت المأذنة الشرقية وَمن نظمه(5/206)
(يزور فتنجلي عني همومي ... لِأَن جلاء همي فِي يَدَيْهِ)
(ويمضي بالمسرة حِين يمْضِي ... لِأَن حوالتي فِيهَا عَلَيْهِ)
(وَلَوْلَا أَنه يعد التلاقي ... لَكُنْت أَمُوت من شوقي إِلَيْهِ)
وَمِنْه
(لَوْلَا رَجَاء نعيمي فِي دِيَاركُمْ ... بالوصل مَا كنت أَهْوى الدَّار والوطنا)
(إِن المساكن لَا تَخْلُو لساكنها ... حَتَّى يُشَاهد فِي أَثْنَائِهَا السكنا)
3 - (الرئيس جمال الدّين ابْن المغربي)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن المغربي الصَّدْر الرئيس جمال الدّين أَبُو إِسْحَاق رَئِيس الْأَطِبَّاء بالديار المصرية والممالك الشامية ذُو الرُّتْبَة المنيعة والمكانة الْعَالِيَة والوجاهة فِي الدولة وَالْحُرْمَة عِنْد النَّاس خُصُوصا فِي أَيَّام الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون لقُرْبه من السُّلْطَان وخدمة الأكابر الْأُمَرَاء والوزراء فِي مَوَاطِن كَثِيرَة سرا وجهراً وَكَانَ مِمَّن خرج صُحْبَة الركاب الناصري سنة ثَمَان وَسبع مائَة وَأقَام مَعَه بالكرك وَتردد فِي الدُّخُول إِلَيْهِ مَعَ من كَانَ يدْخل إِلَيْهِ من ذَوي الخدم ثمَّ تفرد بذلك مَعَ الخاصكية فَصَارَت لَهُ بِهَذَا خُصُوصِيَّة لَيست لأحد وَكَانَ السُّلْطَان يعرف لَهُ حق ذَلِك ويرعاه ويطمئن إِلَيْهِ ويعول دون كل أحد عَلَيْهِ وَكَانَ أَبوهُ شهَاب الدّين أوحد أهل زَمَانه فِي الطِّبّ وأنواع الْفَضَائِل وَقَرَأَ جمال الدّين على مَشَايِخ الْأَطِبَّاء وَأخذ عَن أَبِيه الطِّبّ والنجامة إِلَى غير ذَلِك وَكَانَ أَبوهُ كثير السرُور بِهِ والرضى عَنهُ وَفرق مَالا على بنيه ثمَّ تَركهم مُدَّة وَطلب مِنْهُم المَال فأحضر إِلَيْهِ جمال الدّين المَال وَقد نماه وثمره وَلم يحضر غَيره المَال لتفريط حصل فِيهِ فازداد جمال الدّين مَكَانَهُ من)
خاطره ورد عَلَيْهِ المَال وَمثله مَعَه وَكَانَ إِذا رَآهُ قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيم سعيد وَكَانَ الْأَمر على مَا ذكره وصدقت فراسته وخدم السُّلْطَان فِي حَيَاة أَبِيه وَتقدم لَدَيْهِ وباشر المارستان وفوضت إِلَيْهِ الرياسة مُطلقًا ثمَّ أَخذ فِي الترقي إِلَى أَن عد من أَعْيَان الدولة وأكابر أَرْبَاب الْمَرَاتِب والتحق بِدَرَجَة الوزراء وَذَوي التَّصَرُّف بل زَاد عَلَيْهِم لإقبال السُّلْطَان عَلَيْهِ وقربه مِنْهُ وَكَانَ أول دَاخل إِلَيْهِ يدْخل كل يَوْم قبل كل ذِي وَظِيفَة برانية من أَرْبَاب السيوف والأقلام فَيسْأَل السُّلْطَان عَن أَحْوَاله وأحوال مبيته وأعراضه فِي ليلته فيحدثه فِي ذَلِك ثمَّ أُمُور بَقِيَّة المرضى من السُّلْطَان والأمراء ومماليك السُّلْطَان وأرباب وظائف وَسَائِر النَّاس ويسأله السُّلْطَان عَن أَحْوَال الْبَلَد وَمن فِيهِ من الْقُضَاة والمحتسب ووالي الْبَلَد وَعَما يَقُوله الْعَوام ويستفيض فِيهِ الرّعية وَمن لَعَلَّه وَقع فِي تِلْكَ اللَّيْلَة بِخِدْمَة أَو أمسك بِجَزِيرَة أَو أَخذ بِحَق أَو ظلم وَلِهَذَا كَانَ يخْشَى ويرجى وَتقبل شفاعاته وتقضى حاجاته وَكَانَ يجد سَبيله إِذا أَرَادَ لغيبة أَرْبَاب الْوَظَائِف السُّلْطَانِيَّة وَلَا يَجدونَ سَبِيلا لَهُم عَلَيْهِ إِذْ تناط بهم أُمُور من تصرف فِي مَال أَو عزل وَولَايَة يُقَال فِي ذَلِك بسببهم وَلَا يناط بِهِ شَيْء من ذَلِك يُقَال فِيهِ بِسَبَبِهِ فَلهَذَا طَال مكثه ودامت سعادته وَلم يُغير عَلَيْهِ مغير وَلَا اسْتَحَالَ عَلَيْهِ السُّلْطَان وَحصل النعم الْعَظِيمَة وَالْأَمْوَال(5/207)
الوافرة والسعادة المتكاثرة أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله قَالَ لقد حرص النشو على رميه من عين السُّلْطَان بِكُل طَرِيق فَلم يقدر حَتَّى إِنَّه عمل أوراقاً بِمَا على الْخَاص من المتأخرات من زمَان من تقدمه وَذكر فِيهَا جملَة كَثِيرَة ثمن صنف أَظُنهُ رصاصاً بيع من جمال الدّين ثمَّ قَرَأَ الأوراق على السُّلْطَان ليعلمه أَن لَهُ أَمْوَالًا وَاسِعَة يتكسب فِيهَا ويتاجر على السُّلْطَان قَالَ لي ابْن قروينه وَكَانَ حَاضرا قرأتها وَالله أعلم لقد بَقِي يُعِيد ذكر جمال الدّين مَرَّات وَيرْفَع صَوته ثمَّ يسكت ليفتح السُّلْطَان مَعَه بَابا فِيهِ فَيَقُول فَمَاذَا يُرِيد فَمَا زَاد السُّلْطَان على أَن قَالَ هَذَا لَا تؤخره روح السَّاعَة أعْطه مَاله وَلَا تُؤخر لَهُ شَيْئا وَقَالَ لي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله أَيْضا وَكَانَ السُّلْطَان عَارِفًا بِمَا لجمال الدّين من الْمَنَافِع مِمَّا يحصل لَهُ من الْخلْع الكوامل وَالْبِغَال المسرجة الملجمة والتعابي والقماش والإنعامات من الآدر السُّلْطَانِيَّة والأمراء وآدرهم والأعيان عِنْده عَافِيَة مرضاهم إِلَى غير ذَلِك من الافتقادات هَذَا إِلَى مَا لَهُ من الجوامك والرواتب والإنعامات والتشريف السلطاني وجامكية المارستان والتدريس من رسوم التَّزْكِيَة وخدم النَّاس والمكسب مَعَ الاقتصاد فِي النَّفَقَة والاقتصار على)
الضَّرُورِيّ الَّذِي لَا بُد مِنْهُ وَكَانَ يلازم الْخدمَة سفرا وحضراً ويتجمل فِي ملبوسه ومركوبه وحشمه وداره وجواريه وخدمه من غير إِسْرَاف وَلَا تكْثر وَكَانَ السُّلْطَان لَا يَقُول لَهُ إِلَّا يَا إِبْرَاهِيم وَرُبمَا قَالَ يَا حَكِيم إِبْرَاهِيم وَلَقَد قَالَ مرّة بحضوري إِبْرَاهِيم صاحبنا يَعْنِي جمال الدّين الْمَذْكُور وَكَانَ غَايَة مِنْهُ فِي قرب الْمحل والأمن إِلَيْهِ وَله مَعَ هَذَا خُصُوصِيَّة ببكتمر الساقي أَنه إِلَى جَانب السُّلْطَان أميل وعَلى رِضَاهُ أحل وجمال الدّين على إفراط هَذَا الْعُلُوّ وَقرب هَذَا الدنو لَا يتكبر وَلَا يرى نَفسه إِلَّا مثل بعض الْأَطِبَّاء توقراً لجَماعَة رفقته كلهم ويجل اقدار ذَوي السن مِنْهُم وَأهل الْفضل ويخاطبهم بالأدب ويحدثهم بِالْحُسْنَى وَيَأْخُذ بقلب الْكَبِير مِنْهُم وَالصَّغِير وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَكَانَ يكره صَلَاح الدّين ابْن الْبُرْهَان ويكرمه وَيبغض ابْن الْأَكْفَانِيِّ ويعظمه ويحفظ بِكُل طَرِيق لِسَانه ويتقصد ذكر المحاسن والتعامي من المعائب وَله الْفَضِيلَة الوافرة فِي الطِّبّ علما وَعَملا والخوض فِي الحكميات والمشاركة فِي الْهَيْئَة والنجامة كل هَذَا إِلَى حسن الْعقل المعيشي ومصاحبة النَّاس على الْجَمِيل وَكَانَ لَا يعود مَرِيضا إِلَّا من ذَوي السُّلْطَان وَلَا يَأْتِيهِ فِي الْغَالِب إِلَّا مرّة وَاحِدَة ثمَّ يُقرر عِنْده طَبِيبا يكون يعودهُ ويأتيه بأخباره ثمَّ إِذا برأَ ذَلِك الْمَرِيض اسْتوْجبَ عَلَيْهِ جمال الدّين مَا يستوجبه مثله فَإِذا خلع عَلَيْهِ أَو أنعم عَلَيْهِ بِشَيْء دخل إِلَى السُّلْطَان وَقبل الأَرْض لَدَيْهِ فيحيط علما بِمَا وصل إِلَيْهِ وَسَأَلته يَوْمًا عَن السُّلْطَان وَكَانَ قد تغير مزاجه فَقَالَ وَالله مَا نقدر نصف لَهُ إِلَّا مَا يبْدَأ هُوَ بِذكرِهِ ونلاطفه ملاطفة وَمَا نقدر نتمكن من مداواته على مَا يجب وَهُوَ وَالله أعرف منا فِيهِ صَلَاح مزاجه وَقَالَ لي أَيْضا وَكَانَ قد عرض لي دوار صفراوي كدت أهلك مِنْهُ فوصف لي السديد الدمياطي وَفرج الله ابْن صَغِير وَابْن الْبُرْهَان أَنْوَاع المعالجات وَلم يفد وَكَانَ أقربها إِلَى النَّفْع مَا وَصفه فرج الله قَالَ أسخن مَاء كاوياً واربط رجليك على الْمفصل ربائط بأنشوطة ثمَّ ضع رجليك فِي المَاء وَحَال مَا تضعهما تحل الأنشوطة بِسُرْعَة وتصبر على المَاء إِلَى أَن يفتر ثمَّ أخرج رجليك ونشفهما وادهنهما بدهن بنفسج فَكنت أفعل ذَلِك فأجد بِهِ خفاً وَلَا(5/208)
أخْلص فَسَأَلَنِي الرئيس جمال الدّين يَوْمًا عَمَّا أجد فشكوت إِلَيْهِ دوَام الْحَال وَعدم إجداء العلاج إِلَّا مَا وَصفه ابْن صَغِير لما أجد بِهِ من الْخُف وَإِن كنت لَا أخْلص فَقَالَ فَاتَ الْحَكِيم فرج الله الْملح ثمَّ قَالَ لي أضف إِلَى دهن البنفسج ملحاً نَاعِمًا مرَّتَيْنِ ثَلَاثًا تخلص بِإِذن الله إِن شَاءَ الله فَعمِلت فَكَانَ كَمَا قَالَ قلت وَلما اثقل السُّلْطَان فِي الْمَرَض نوبَة مَوته كَانَ جمال الدّين مَرِيضا وَلم يحضرهُ)
وَقيل إِنَّمَا تمارض بعد أَمن التهم وَالله أعلم
3 - (أَبُو عَمْرو المرسي القَاضِي)
إِبْرَاهِيم بن إِدْرِيس القَاضِي أَبُو عَمْرو التجِيبِي من أهل مرسية وَهُوَ أَخُو أبي بَحر صَفْوَان الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ ولي قَضَاء بَلَده وَالْخطْبَة بجامعه وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى أول سنة ثَلَاثِينَ وست مائَة وَأورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم قَوْله
(قسما بِحسن الطل فِي الزهر ... يَبْدُو بِهِ شَيْئا على ثغر)
(أَو بالنسيم إِذا ثنى غصناً ... فَأرى انثناء الْعَطف كالكسر)
(أَو بالغصون تكللت زهراً ... فأتتك بالأجياد والشذر)
(لقد استعنت على التألم فِي ... أَمر الْهوى فَقضى الْهوى أَمْرِي)
(ومطوق طارحته شجني ... وعَلى الدجى وق من الْفجْر)
(يشدو بعطف مائس ثمل ... شرب الندى عوضا عَن الْخمر)
(يَهْتَز من طرب لَهُ فَإِذا ... غنى رمى بِدَرَاهِم الزهر)
(فحسبت عبد الْحق يطرفه ... فيجود أنشدت من شعري)
مِنْهَا
(وإليكم راقت محاسنها ... وَالْحسن فِي الأسلاك للنحر)
(اعملت فِيهَا خاطري سحرًا ... فاشتق مِنْهُ فجَاء بِالسحرِ)
3 - (ابْن أدهم الزَّاهِد)
إِبْرَاهِيم بن أدهم بن مَنْصُور بن يزِيد بن جَابر أَبُو إِسْحَاق الْعجلِيّ وَقيل التَّمِيمِي الْبَلْخِي الزَّاهِد أحد الْأَعْلَام روى عَن أَبِيه وَمَنْصُور وَمُحَمّد ابْن زِيَاد الجُمَحِي وَأبي إِسْحَاق وَأبي جَعْفَر الباقر وَمَالك بن دِينَار وَالْأَعْمَش قَالَ الْفضل بن مُوسَى حج أدهم بِأم إِبْرَاهِيم وَهِي حُبْلَى فَولدت إِبْرَاهِيم بِمَكَّة فَجعلت تَطوف بِهِ على الْخلق فِي الْمَسْجِد تَقول ادعوا(5/209)
لِابْني أَن يَجعله الله تَعَالَى عبدا صَالحا وأخباره مَشْهُورَة فِي مبدإ تزهده وَطَرِيقه مَذْكُورَة مَعْلُومَة قيل غزا فِي الْبَحْر مَعَ أَصْحَابه فَاخْتلف فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيهَا إِلَى الْخَلَاء خمْسا وَعشْرين مرّة كل مرّة يجدد الْوضُوء فَلَمَّا أحس بِالْمَوْتِ قَالَ أوتروا لي قوسي وَقبض عَلَيْهَا وَتُوفِّي وَهِي فِي كَفه فَدفن فِي جَزِيرَة فِي الْبَحْر فِي بِلَاد الرّوم قَالَ إِبْرَاهِيم بن بشار الصُّوفِي كنت ماراً مَعَ)
إِبْرَاهِيم فأتينا على قبر مسنم فترحم عَلَيْهِ وَقَالَ هَذَا قبر حميد بن جَابر أَمِير المدن كلهَا كَانَ غرقاً فِي بحار الدُّنْيَا ثمَّ أخرجه الله مِنْهَا بَلغنِي أَنه سر ذَات يَوْم بِشَيْء ونام فَرَأى رجلا بِيَدِهِ كتاب فَنَاوَلَهُ إِيَّاه وفتحه فَإِذا فِيهِ كتاب بِالذَّهَب مَكْتُوب لَا تؤثرون فانياً على بَاقٍ وَلَا تغترن بملكك فَإِن مَا أَنْت فِيهِ جسيم إِلَّا أَنه عديم وَهُوَ ملك لَوْلَا أَنه هلك وَفَرح وسرور إِلَّا أَنه لَهو وغرور وَهُوَ يَوْم لَو كَانَ يوثق لَهُ بغد فسارع إِلَى أَمر الله فَإِن الله قَالَ وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين فانتبه فَزعًا وَقَالَ هَذَا تَنْبِيه من الله وموعظة فَخرج من ملكه وَقصد هَذَا الْجَبَل وَعبد الله فِيهِ حَتَّى مَاتَ وَقَالَ رَأَيْت فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول لي أيحسن بِالْحرِّ المريد أَن يتذلل للعبيد وَهُوَ يجد عِنْد مَوْلَاهُ كل مَا يُرِيد وَقَالَ النَّسَائِيّ إِبْرَاهِيم أحد الزهاد مَأْمُون ثِقَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة قَالَ البُخَارِيّ مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة وَقَالَ ابْن يُونُس سنة اثْنَتَيْنِ وَسيرَته فِي تَارِيخ دمشق ثَلَاث وَثَلَاثُونَ ورقة وَهِي طَوِيلَة فِي حلية الْأَوْلِيَاء
3 - (الهديمي)
إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الهديمي أَكثر شعره فِي اخْتِلَاف حَاله من ذَلِك يرثي قَمِيصه ذكره المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء
(قَمِيصِي قد أباد أَبَا وَأما ... وخالاً كَانَ بِي برا وَعَما)
(وَأصْبح بَاقِيا جسمي ... أرم الدَّهْر مِنْهُ مَا استرما)
(إِذا شبْرًا رممت وهى ذِرَاعا ... فَأعْلم أَن ذَلِك لن يتما)
(أَقُول لَهُ ابغ بِي بَدَلا وَدعنِي ... ففعلك قد تنكد واستذما)
(فَلم يحفل بِمَا حاولت مِنْهُ ... وغناني كياداً لي وظلما)
(سأصبر صاغراً وأموت غماً ... وَإِن جرعت فِيك الْيَوْم سما)
قلت إِن كَانَ أَرَادَ بالقافية سم الْخياط وَهُوَ خرت الإبرة فقد جود التَّضْمِين وَالظَّاهِر أَنه مَا أَرَادَهُ وَالله أعلم وَهَذَا اتِّفَاق عَجِيب وَقَوله أَيْضا
(أضحى قَمِيصِي طَالبا ... لدي خطباً جللا)
(قلت لَهُ حَسبك قد ... قربت مني الأجلا)(5/210)
(وَأَنت وقف للبلى ... فَمَا ترى مرتحلا)
)
(فَقَالَ لي دع ذَا ألم ... تسمع مقالي أَولا)
(يَا من لصب خبل ... يَمُوت موتا عجلا)
(قَيده الْحبّ كَمَا ... قيد دَاع جملا)
3 - (الْحَافِظ الْحَرْبِيّ)
إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن بشير الْفَقِيه أَبُو إِسْحَاق أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام ولد سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة وَطلب الْعلم سنة بضع عشرَة وَسمع هَوْذَة بن خَليفَة وَجَمَاعَة وتفقه على أَحْمد بن حَنْبَل وَكَانَ من نجباء أَصْحَابه روى عَنهُ ابْن صاعد وَابْن السماك عُثْمَان والنجاد أَبُو بكر وَآخرهمْ موتا الْقطيعِي قَالَ الْخَطِيب كَانَ إِمَامًا فِي الْعلم رَأْسا فِي الزّهْد عَارِفًا بالفقه بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ حَافِظًا للْحَدِيث مُمَيّزا لعلله قيمًا بالأدب جمَاعَة للغة صنف غَرِيب الحَدِيث وكتباً كَثِيرَة قَالَ ثَعْلَب مرَارًا مَا فقدت إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ من مجْلِس لُغَة أَو نَحْو خمسين سنة وَحدث عبد الله ابْن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ كَانَ أبي يَقُول لي امْضِ إِلَى إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ حَتَّى يلقِي عَلَيْك الْفَرَائِض وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كتاب غَرِيب الحَدِيث الَّذِي صنفه أَبُو عبيد ثَلَاثَة وَخَمْسُونَ حَدِيثا لَيْسَ لَهَا أصل وَقد أعلمت عَلَيْهَا فِي كتاب السروي مِنْهَا أَتَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَدهَا مناجد وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السراويلات المخرفجة وأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل قاهة وَقَالَ عمر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أمرت بِهَذَا الْبَيْت فسفروا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ للنِّسَاء إِذا جعتن خجلتن وَإِذا شبعتن دقعتن وأنشده رجل
(أنْكرت ذلي فَأَي شَيْء ... أحسن من ذلة الْمُحب)
(أَلَيْسَ شوقي وفيض دمعي ... وَضعف جسمي شُهُود حبي)
فَقَالَ إِبْرَاهِيم هَؤُلَاءِ شُهُود ثِقَات وَقَالَ إِبْرَاهِيم مَا أنشدت شَيْئا من الشّعْر قطّ إِلَّا قَرَأت بعده قل هُوَ الله أحد ثَلَاث مَرَّات وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أَبُو الْحسن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ ثِقَة كَانَ إِمَامًا يُقَاس بِأَحْمَد بن حَنْبَل فِي زهده وَعلمه وورعه وَهُوَ إِمَام مُصَنف عَالم بِكُل شَيْء بارع فِي كل علم صَدُوق قَالَ ياقوت فِي كتاب مُعْجم الأدباء نقلت من خطّ الإِمَام الْحَافِظ(5/211)
أبي نصر عبد الرَّحِيم بن وهبان صديقنا ومفيدنا قَالَ نقلت من خطّ أبي بكر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانِيّ سَمِعت أَبَا الْمَعَالِي ثَابت بن بنْدَار الْبَقَّال يَقُول حكى البرقاني رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول كَانَ)
إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي يَشْتَهِي رُؤْيَة إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَكَانَ إِبْرَاهِيم لَا يدْخل عَلَيْهِ يَقُول لَا أَدخل دَارا عَلَيْهَا بواب فَأخْبر إِسْمَاعِيل بذلك فَقَالَ أَنا أدع بَابي كباب الْجَامِع فجَاء إِبْرَاهِيم إِلَيْهِ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ خلع نَعْلَيْه فَأخذ أَبُو عمر مُحَمَّد بن يُوسُف القَاضِي نَعْلَيْه ولفهما فِي منديل دمشقي وَجعله فِي كمه وَجرى بَينهمَا علم كثير فَلَمَّا قَامَ إِبْرَاهِيم التمس نَعْلَيْه فَخرج أَبُو عمر النَّعْل من كمه فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم غفر الله لَك كَمَا أكرمت الْعلم فَلَمَّا مَاتَ أَبُو عمر القَاضِي رئي فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ أجيبت فيّ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَدخل عَلَيْهِ قوم يعودونه فَقَالُوا كَيفَ تجدك يَا أَبَا إِسْحَاق قَالَ أجدني كَمَا قَالَ
(دب فِي السقام سفلا وعلوا ... وَأرَانِي أذوب عضوا فعضوا)
(بليت جدتي بِطَاعَة نَفسِي ... وتذكرت طَاعَة الله نضوا)
وَقَالَ ياقوت أَيْضا حَدثنِي صديقنا الْحَافِظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود ابْن النجار حرسه الله قَالَ حَدثنِي أَبُو بكر أَحْمد بن سعيد بن أَحْمد الصّباغ الْأَصْبَهَانِيّ بهَا قَالَ حَدثنِي أَحْمد بن الْفضل الْحَافِظ الْأَصْبَهَانِيّ وَيعرف بجنك إملاء قَالَ حَدثنِي الْحسن بن أَحْمد الْمُقْرِئ يَعْنِي أَبَا عَليّ الْحداد قَالَ أَظُنهُ عَن أبي نعيم إِنَّه كَانَ يحضر مجْلِس إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ جمَاعَة من الشبَّان للْقِرَاءَة عَلَيْهِ ففقد أحدهم أَيَّامًا فَسَأَلَ عَنهُ من حضر فَقَالُوا هَذَا هُوَ مَشْغُول فَسكت ثمَّ سَأَلَهُمْ مرّة أُخْرَى فِي يَوْم آخر فَأَجَابُوهُ بِمثل ذَلِك وَكَانَ الشَّاب ابْتُلِيَ بمحبة شخص شغله عَن حُضُور مَجْلِسه وعظموا إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ أَن يخبروه بجلية الْحَال فَلَمَّا تكَرر السُّؤَال عَنهُ وهم لَا يزيدونه على أَنه مَشْغُول قَالَ لَهُم يَا قوم إِن كَانَ مَرِيضا قومُوا بِنَا لنعوده أَو مديوناً اجتهدنا فِي مساعدته أَو مَحْبُوسًا سعينا فِي خلاصه فخبروني عَن جلية حَاله فَقَالُوا نجلك عَن ذَلِك فَقَالَ لابد أَن تخبروني فَقَالُوا إِنَّه قد ابْتُلِيَ بعشق صبي فَوَجَمَ إِبْرَاهِيم سَاعَة ثمَّ قَالَ هَذَا الصَّبِي الَّذِي ابْتُلِيَ بعشقه هُوَ مليح أَو قَبِيح فَعجب الْقَوْم من سُؤَاله عَن مثل هَذَا مَعَ جلالته فِي أنفسهم وَقَالُوا أَيهَا الشَّيْخ مثلك يسْأَل عَن مثل هَذَا فَقَالَ إِنَّه بَلغنِي أَن الْإِنْسَان إِذا ابْتُلِيَ بمحبة صُورَة قبيحة كَانَ بلَاء يجب الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ وَإِن كَانَ مليحاً كَانَ ابتلاء يجب الصَّبْر عَلَيْهِ وَاحْتِمَال الْمَشَقَّة فِيهِ قَالَ فعجبنا مِمَّا أَتَى بِهِ قَالَ ياقوت هَذِه الْحِكَايَة مَعَ الْإِسْنَاد حَدَّثَنِيهِ مُفَاوَضَة بحلب وَلم يكن أَصله مَعَه فكتبته بِالْمَعْنَى وَاللَّفْظ يزِيد وَينْقص وَمن مصنفات إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ كتاب سُجُود الْقُرْآن مَنَاسِك الْحَج الْهِدَايَة وَالسّنة فِيهَا وَالْحمام وآدابه وَالَّذِي خرج من)
تَفْسِيره لغريب الحَدِيث مُسْند أبي بكر رَضِي الله عَنهُ مُسْند عمر رَضِي الله عَنهُ مُسْند عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ مُسْند عَليّ رَضِي الله عَنهُ مُسْند الزبير رَضِي الله عَنهُ مُسْند طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ مُسْند سعد ابْن(5/212)
أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ مُسْند الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ مُسْند شيبَة ابْن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ مُسْند عبد الله بن جَعْفَر مُسْند الْمسور بن مخرمَة مُسْند الْمطلب بن ربيعَة مُسْند السَّائِب مُسْند خَالِد بن الْوَلِيد مُسْند أبي عُبَيْدَة بن الْجراح مُسْند مَا رُوِيَ عَن مُعَاوِيَة مُسْند مَا رُوِيَ عَن عَاصِم بن عمر مُسْند صَفْوَان بن أُميَّة مُسْند جبلة بن هُبَيْرَة مُسْند عَمْرو بن الْعَاصِ مُسْند عمرَان بن حُصَيْن مُسْند حَكِيم بن حزَام مُسْند عبد الله بن زَمعَة مُسْند عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة مُسْند عبد الله بن عَمْرو مُسْند عبد الله بن عمر
وَكَانَ أصل إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ من مرو قَالَ أَبُو بكر الشَّافِعِي سَمِعت إِبْرَاهِيم يَقُول عِنْدِي من عَليّ بن الْمَدِينِيّ قمطر وَلَا أحدث عَنهُ بِشَيْء لِأَنِّي رَأَيْته الْمغرب وَبِيَدِهِ نَعله مبادراً فَقلت إِلَى أَيْن قَالَ ألحق الصلوة مَعَ أبي عبد الله قلت من أَبُو عبد الله قَالَ ابْن أبي داؤد وَتُوفِّي لسبع بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْقَاسِم الديباجي)
إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن هَاشم أَبُو الْقَاسِم الديباجي روى عَنهُ أَبُو بكر ابْن روزبه الهمذاني فِي كتاب التبصر والتذكر من جمعه أورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار
(أَنبأَنَا خير بني آدم ... وَمَا على أَحْمد إِلَّا الْبَلَاغ)
(النَّاس مغبونون فِي نعْمَة ... منحة أبدانهم والفراغ)
3 - (أَبُو إِسْحَاق البارع)
إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الأديب اللّغَوِيّ أَبُو إِسْحَاق الضَّرِير البارع قَالَ ياقوت سمع الحَدِيث بِالْبَصْرَةِ والأهواز وبغداذ بعد الْأَرْبَعين وَالثَّلَاث مائَة وَكَانَ من الشُّعَرَاء المجودين طَاف بعض الدُّنْيَا واستوطن نيسابور إِلَى أَن مَاتَ بهَا سنة ثَمَان وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ من الشُّعَرَاء المجودين وَمِمَّنْ تعلم الْفِقْه وَالْكَلَام قَالَ ذَلِك كُله الْحَاكِم ولقيه وروى عَنهُ
3 - (مجد الدّين ابْن القلانسي)
إِبْرَاهِيم بن أسعد بن المظفر بن أسعد بن حَمْزَة بن أسعد الرئيس مجد الدّين ابْن مؤيد الدّين التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي ابْن القلانسي أَخُو الصاحب عز الدّين حَمْزَة وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ)
الله تَعَالَى كَانَ مليح الْكِتَابَة حسن الشكل وَالْبزَّة لَهُ الْإِلْمَام بالأدب وَله نظم خدم فِي الْجِهَات وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَثَمَانِينَ وست مائَة وَلم يعقب
3 - (أَخُو حمدون النديم)
إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن دَاوُد الْكَاتِب أَصله من الْعَجم وَهُوَ وَأَخُوهُ حمدون وَدَاوُد ابْنا إِسْمَاعِيل شعراء وَابْنه حمدون بن إِبْرَاهِيم أشعرهم ونادم أَخُوهُ حمدون بن إِسْمَاعِيل المعتصم وَمن بعده من الْخُلَفَاء إِلَى أَن توفّي فِي خلَافَة المعتز وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى ذكر جمَاعَة من أهل بَيته وَإِبْرَاهِيم الَّذِي يَقُول(5/213)
(كَأَن الَّذِي ولى من الْعَيْش لم يكن ... وكل جَدِيد سَوف يخلقه الدَّهْر)
(مضى سالف من عيشنا غير عَائِد ... فَلم يبْق إِلَّا مَا يمثله الذّكر)
قلت من هُنَا اختلس الْمَعْنى الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس فِي قَوْله
(عصر مضى وجلابيب الصَّبِي قشب ... لم يبْق من طيبه إِلَّا تمنيه)
وَقَالَ إِبْرَاهِيم أَيْضا
(إِنِّي ليطمعني وَإِن أسرفت فِي ... حب الصَّبِي وعصيت قَول المرشد)
(حبي لآل مُحَمَّد وعداوة ... أضمرتها لعدو آل مُحَمَّد)
وَقَالَ فِي أبي مُحكم السَّعْدِيّ
(لَو أَن مولى تَمِيم كلهَا نشرُوا ... فأثبتوك لقيل الْأَمر مَصْنُوع)
(إِن الْجَدِيد إِذا مَا زيد فِي خلق ... تبين النَّاس أَن الثَّوْب مرقوع)
3 - (الكثيري)
إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الكثيري الْقرشِي الْمدنِي قَالَ المرزباني هُوَ من ولد كثير بن الصلب السَّهْمِي متوكلي يَقُول من قصيدة يرثي فِيهَا عبيد الله بن حَمْزَة الْعلوِي
(مَاذَا بِهِ حل بطن الأَرْض من كرم ... وَمن عفاف وَمن فضل وَمن جود)
(يُعْطي الجزيل بِلَا من وَلَا كدر ... بَحر يفِيض بِفضل مِنْهُ مَمْدُود)
(يُعْطي ثقيل على الْأَعْدَاء يفدحهم ... والحزم وَالْحكم مِنْهُ غير مَفْقُود)
(لَو كَانَ عقل وَدين مخلدي أحد ... كَانَ المعمر أحوى الْبيض والسود)
وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى)
3 - (ابْن يسَار النَّسَائِيّ)
إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن يسَار النَّسَائِيّ الْمدنِي مولى بني كنَانَة كَانَ يسَار النَّسَائِيّ يتبع طوائف النِّسَاء فَسُمي بذلك قَالَ المرزباني إِبْرَاهِيم مُحدث مأموني وَهُوَ الْقَائِل يمدح بكار بن عبد الله بن مُصعب الزبيرِي
(إِن الزِّمَام زِمَام الْخَيْر نعرفه ... وَابْن الزِّمَام زِمَام الْخَيْر بكار)
(لذاك أَقْسَمت بِالْبَيْتِ الْعَتِيق وَمن ... يطِيف بِالْبَيْتِ وَمن وَفد وزوار)
(لَا أخلط الدَّهْر وديكم بغيركم ... من يَجْعَل الْفضة الْبَيْضَاء كالقار)(5/214)
ثمَّ إِنَّه هجاه عِنْدَمَا تقلد الْمَدِينَة فَقَالَ
(فَإِن يَك أَمْسَى أَمِيرا ... يطيبنا فقد نكس الزَّمَان)
3 - (الدرجي الْحَنَفِيّ الْمسند)
إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن علوي الْمسند برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق الدرجي الْقرشِي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ إِمَام الْمدرسَة العزية بالكشك ولد سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد الصيدلاني وَأم هَانِئ عفيفة الفارقانية وَمُحَمّد بن معمر بن الفاخر وَأَبُو المفاخر خلف ابْن أَحْمد الْفراء وَعبيد الله بن مُحَمَّد بن أبي نصر اللفتواني وَأَبُو الْفَخر أسعد ابْن سعيد والمؤيد بن الاخوة وَسمع أَجزَاء من الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني وَأبي الْفتُوح الْبكْرِيّ وَحدث بالمعجم الْكَبِير للطبراني وَكَانَ ثِقَة فَاضلا خيرا روى عَنهُ الدمياطي وَابْن تَيْمِية وَنجم الدّين القحفازي والمزي والبرزالي وَابْن الْعَطَّار وللشيخ شمس الدّين مِنْهُ إجَازَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (وَالِي الرشيد الأغلبي)
إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب التَّمِيمِي السَّعْدِيّ أَبوهُ الْأَغْلَب مِمَّن ولي إِمَارَة إفريقية ثمَّ قتل فِي حَرْب وتوالت عَلَيْهَا وُلَاة إِلَى أَن ولي الرشيد إِبْرَاهِيم فاستقرت فِيهِ وَفِي عقبه وَكَانَ إِبْرَاهِيم هَذَا فَقِيها عَالما أديباً خَطِيبًا ذَا بَأْس وحزم وَعلم بِالْحَرْبِ ومكايدها وَلم يل إفريقية قبله أحد أعدل مِنْهُ سيرة وَلَا أحسن سياسة وَكَانَت ولَايَته أَولا على الزاب فَلَمَّا ظَهرت نجابته خرج فِي سبعين رجلا من الزاب بعد أَن طلب فِي تجارها مَالا يقترضه ليستعين بِهِ فِي طلب الْملك فَقَالُوا نعطيك مَالا وَتخرج فِي هَذَا الْعدَد الْقَلِيل إِلَى الجموع الْعَظِيمَة فَلَا نَأْمَن عَلَيْك وتضيع)
أَمْوَالنَا فتحيل على أَهله وَأخذ حليهم وثيابهم واستعان بِهِ وَخرج بِهِ إِلَى القيروان لنصرة العكي حِين ثار عَلَيْهِ الثوار وطردوه إِلَى طرابلس فكسرهم وردهم العكي إِلَى ملكه وَكَانَت الجموع الني اجْتمعت على العكي سبعين ألفا فَمَا زَالَ إِبْرَاهِيم بجودة رَأْيه وَحسن تَدْبيره حَتَّى هَزَمَهُمْ فَكتب صَاحب الْبَرِيد إِلَى الرشيد فولى إِبْرَاهِيم القيروان وَمن شعره
(ألم ترني رددت طريد عك ... وَقد بَرحت بِهِ أَيدي الركاب)
(أخذت الثغر فِي سبعين منا ... وَقد أشفى على حد الذّهاب)
(هزمت لَهُم بِعدَّتِهِمْ ألوفاً ... كَأَن رعيلهم قطع السَّحَاب)
وَكَانَ من رَأْيه أَنه لما رأى تحكم الْعَرَب وغلبتهم على وُلَاة إفريقية أَخذ يستخلص لَهُ من يعْتَمد عَلَيْهِ فَاشْترى العبيد وَبنى لَهُ قصراً للفرجة وَنقل إِلَيْهِ سِلَاحا فِي الْخفية ثمَّ جعلهَا مَدِينَة وسورها وحصنها وأسكن بهَا من يَثِق بِهِ من الْمَذْكُورين فَلَمَّا ثار أقرب النَّاس وَهُوَ عمرَان بن مجَالد وَقَامَ مَعَه أهل القيروان خَنْدَق إِبْرَاهِيم على نَفسه وَبَقِي محصوراً سنة والقتال قَائِم بَينهمَا(5/215)
على أَن المدينتين متقاربتان بَينهمَا قدر عشرَة أَمْيَال وجاءه من الرشيد مَال الأرزاق فَركب إِبْرَاهِيم فِي خيله وَرِجَاله وعبي عساكره تعبية الْحَرْب وزحف إِلَى القيروان حَتَّى إِذا قرب مِنْهَا أَمر منادياً يُنَادي أَلا من كَانَ لَهُ اسْم فِي ديوَان أَمِير الْمُؤمنِينَ فليقدم لقبض عَطاء ثمَّ انْصَرف إِلَى قصره وَلم يحدث شَيْئا فَلَمَّا أَيقَن عمرَان بِإِسْلَام الْجند لَهُ هرب تَحت اللَّيْل إِلَى الزاب وَقلع إِبْرَاهِيم أَبْوَاب القيروان وثلم سورها وَقتل عمرَان الْمَذْكُور عبد الله بن إِبْرَاهِيم وَتُوفِّي إِبْرَاهِيم سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَة وَهُوَ ابْن سِتّ وَخمسين سنة وولايته اثْنَتَا عشرَة سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام
3 - (ابْن عبد الله الصوابي)
إِبْرَاهِيم بن أونبا بن عبد الصوابي الْأَمِير مُجَاهِد الدّين وَالِي دمشق وَليهَا بعد الْأَمِير حسام الدّين ابْن أبي عَليّ سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة وَكَانَ أَولا أَمِير جاندار الْملك الصَّالح نجم الدّين وَكَانَ أَمِيرا جَلِيلًا فَاضلا عَاقِلا رَئِيسا كثير الصمت مقتصداً فِي إِنْفَاقه وَكَانَ بَينه وَبَين الْأَمِير حسام الدّين ابْن أبي عَليّ مصافاة كَثِيرَة ومودة أكيدة وَلما مرض مرضَ مَوته أسْند نظر الخانقاة الَّتِي عمرها على شرف الميدان القبلي ظَاهر دمشق إِلَى حسام الدّين فتوقف فِي قبُول ذَلِك ثمَّ قبله مكْرها وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وست مائَة وَدفن بالخانقاة الْمَذْكُورَة)
أورد لَهُ قطب الدّين فِي الذيل على مرْآة الزَّمَان
(أشبهك الْغُصْن فِي خِصَال ... الْقد واللين والتثني)
(لَكِن تجنيك مَا حَكَاهُ ... الْغُصْن يجني وَأَنت تجني)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(ومليح قلت مَا الاس ... م حَبِيبِي قَالَ مَالك)
(قلت صف لي قدك الزا ... هِيَ وصف حسن اعتدالك)
(قَالَ كالرمح وكالغص ... ن وَمَا أشبه ذَلِك)
قلت الصَّحِيح أَن هَذِه الثَّلَاثَة لِابْنِ قزل المشد وَهِي ديوانه وَالله أعلم
3 - (ابْن أيبك المعظمي)
إِبْرَاهِيم بن أيبك بن عبد الله مظفر الدّين كَانَ وَالِده الْأَمِير عز الدّين المعظمي صَاحب صرخد وَكَانَ وَالِده أَمِيرا كَبِيرا وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى مضى إِبْرَاهِيم هَذَا إِلَى الْملك الصَّالح نجم الدّين ووشى بِأَبِيهِ وَأَنه أودع أَمْوَاله للحلبيين فَأمر الصَّالح بِحمْل الْبُرْهَان كَاتب أَبِيه وَابْن الْموصِلِي صَاحب ديوانه والبدر الْخَادِم ومسرور إِلَى مصر فَأَما الْبُرْهَان فَإِنَّهُ مَاتَ خوفًا يَوْم إِخْرَاجه وَحمل الْبَاقُونَ وَلم يظْهر عَلَيْهِم شَيْء فَرَجَعُوا إِلَى دمشق وَقد لاقوا شَدَائِد وَقَالَ شمس الدّين سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي إِبْرَاهِيم هَذَا إِنَّه ولد جَارِيَة تبناه الْأَمِير عز الدّين المعظمي وَلَيْسَ بولده وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وست مائَة
3 - (ابْن أيبك الصَّفَدِي)
إِبْرَاهِيم بن أيبك بن عبد الله الصَّفَدِي جمال الدّين أَبُو إِسْحَاق(5/216)
هَذَا الْمَذْكُور أخي وشقيقي ولد تَقْرِيبًا فِي سنة سبع مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة لَيْلَة الْجُمُعَة من الشَّهْر الْمَذْكُور مَضَت عَلَيْهِ بُرْهَة مَشْغُول باللعب غير مُنْقَلب إِلَى الْعلم وأتقن فِي ذَلِك اللّعب عدَّة صنائع ثمَّ أقبل إقبالاً كلياً على الطّلب سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة وَحفظ ألفية ابْن مَالك وَثلث التَّعْجِيز ثمَّ عدل إِلَى الْحَاوِي وَقَرَأَ على الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ وَابْن الرسام بصفد وعَلى الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن الْموصِلِي بِالْقَاهِرَةِ وَسمع بِقِرَاءَتِي على الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وعَلى الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيّد النَّاس وَغَيرهمَا بِالشَّام)
ومصر وَكتب بِخَطِّهِ عدَّة مجلدات وأتقن وضع الأرباع وَكَانَ فِيهَا ظريف الْوَضع والدهان وَقَرَأَ الْحساب ورسائل الاسترلاب وَكَانَ ذهنه فِي الرياضي جيدا قَابلا طَوِيل الرّوح على الإدمان فِيهِ وَعرف الْفَرَائِض وأتقن الشُّرُوط وَكَانَ مَقْبُول القَوْل بِالشَّام ومصر يجلس مَعَ الْعُدُول وباشر الْأَيْتَام بصفد وثمر مَالهم واغتبط بِهِ القَاضِي شمس الدّين الخضري الْحَاكِم بصفد مرض بِدِمَشْق مُدَّة سبعين يَوْمًا وقاسى آلاماً منوعة ثمَّ تحزن بطاعون أَرْبَعَة أَيَّام ودرج إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى لما توفّي رَحمَه الله تَعَالَى كتب إِلَيّ بدر الدّين حسن بن عَليّ الْغَزِّي قصيدة يعزيني فِيهِ وَهِي الله ولي التَّوْفِيق
(أشكيه وَهُوَ الْحمام الْمدْرك ... فرطت قَضيته فَمَا تستدرك)
(سبق الْقَضَاء بِهِ فَقل فِي جامح ... ملك المدى وعنانه لَا يملك)
(عرضت بِهِ الدُّنْيَا أَمَام نعيمها ... وسينقضي ذَاك النَّعيم وَيتْرك)
(وَمَضَت على غلوائها أَحْكَامه ... رَاض بهَا الْمُلُوك والمتملك)
(فَلِكُل نفس مِنْهُ أدْرك طَالب ... فِيهِ اسْتَوَى المستور والمتهتك)
(تثنى صُدُور السمهرية والظبي ... تنفل وَهُوَ بحامليها يفتك)
(فلذاك أخلف ظن كل مُؤَمل ... دَرك الخلود ونيله لَا يدْرك)
(سل عَن تصاريف الزَّمَان أهيله ... ولسوف تدْرك مِنْهُ مَا قد أدركوا)
(ذَهَبُوا وَسكن فِي الثرى نأماتهم ... قدر لآجال النُّفُوس محرك)
(قدر تقاضي كل جسم حَاجَة ... فِي نَفسه فَقضى عَلَيْهِ الأملك)
(أخليلي الشاكي وَكَانَ المشتكي ... وَبَنُو الزَّمَان قصارهم أَن يشتكوا)
(لَا تذهبن لذاهب أسفا وَقد ... مد الْحجاب لَهُ وسد المسلك)
(ظَفرت بِهِ أَيدي الْمنون وَإِنَّهَا ... أيد لما ظَفرت بِهِ تستهلك)
(لَكِنَّهَا الذكرى تهيج فبح بِمَا ... ضمنت حشاك فكتمه لَك مهلك)
(وَإِذا عرَاك لأريحية ذكره ... طيف يدين لحكمه المتنسك)
(فأهن عَلَيْهِ غزير دمعك إِنَّه ... ليهون فِيهِ دم ودمع يسفك)(5/217)
(قل يَا أخي وَكم دعوتك سَامِعًا ... فَالْآن أَنْت أَصمّ لَا تتحرك)
(زلت بك النَّعْل الثُّبُوت وَلَا أرى ... أحدا لما أوطئته يسْتَمْسك)
)
(ذهبت بإبراهيم كل بشاشة ... للعيش كنت بذيلها أتمسك)
(وَمضى كَمَا مَضَت الْقُرُون إِلَى ثرى ... سَاوَى الْغَنِيّ بِقُرْبِهِ المتصعلك)
(فسقى ثراه من الْغَمَام مجلجل ... دَان عراه بالنسيم تفكك)
(ينهل فِي القاع الَّذِي هُوَ سَاكن ... حَتَّى يروض مِنْهُ مَا يتدكدك)
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
الْمَمْلُوك حسن الْغَزِّي وَقلت أَنا أرثيه أَيْضا بقصيدة أَولهَا
(إِذا لم يذب إِنْسَان عَيْني وأجفاني ... عَلَيْك فَمَا أقسى فُؤَادِي وأجفاني)
(رحلت برغمي يَا أخي وتركتني ... وحيداً أقاسي فِيك أحزاب أحزاني)
(وَحل بك الْأَمر الَّذِي جلّ خطبه ... لقد بل أرداني بدمعي وأرداني)
(دنا مِنْك دوني يَا لَهَا فِيك حسرة ... وَلما تناءى مَا أرَاهُ تناساني)
مِنْهَا
(وَمَا كنت أَدْرِي إِذْ رَأَيْت عذاره ... بِهِ زهرات الشيب أَن الردى جَان)
(مضى فَوق أَعْنَاق ورجلي أَمَامه ... تدوس من الْبلوى أسنة مران)
(يمثله وهمي إِذا زرت قَبره ... كَمَا اعْتدت مِنْهُ قَائِما يتلقاني)
(وَأَحْسبهُ من بره لَو نَسِيته ... لطول المدى فِي قَبره لَيْسَ ينساني)
(أَقُول وَقد أنسيت أنسي لفقده ... قفانبك من ذكرى حبيب وعرفان)
(ونوحا على ربع الصَّبِي من شبيبتي ... ورسم عفت آيَاته مُنْذُ أزمان)
(وكفا عناء الدمع مني فقد حوى ... أفانين جري غير كز وَلَا وان)
(وَلَا تحفلا بالسحب من بعده فقد ... تعاون فِيك كل أَوْطَفُ حنان)
(أيا نَار إِبْرَاهِيم أحرقت مهجتي ... فَهَل ينطفي جمري بدمع كطوفان)
(وَيَا ساجعات الْوَرق هجت صبابتي ... وَقد نحت من شجو على عذب البان)
(وَقَالُوا تجلد كي يهابك حزنه ... وَلَو كَانَ يخشاني لما كَانَ يَغْشَانِي)
(بَكَيْت شقيقاً بَات فِي التُّرَاب ذاوياً ... فَهَلا أرَاهُ يانعاً وَهُوَ ينعاني)
(توهم تقصيري عَن الْبر والتقى ... فراح أَمَامِي كي يثقل ميزاني)
)
(وَهُوَ خطبي كَونه رَاح سالما ... وَمَا ناله لَو مت حرقة أشجاني)
(أقسامه فِي الْمَوْت إِذْ لست بَاقِيا ... ويفضل لي بالحزن كأس ردى ثَان)(5/218)
(فيا لأخ قد كَانَ خَلْفي وكلنَا ... إِلَى غَايَة نجري ففات وخلاني)
(وَكَانَ ورائي ثمَّ أصبح سابقي ... وَأَحْسبهُ فِي السَّابِقين بِإِحْسَان)
(كَأَنِّي بِهِ إِذْ بَات فِي قَعْر لحده ... وحيداً وَلم يأنس بِأَهْل وجيران)
(تَدَارُكه لطف الْإِلَه بنسمة ... تهب على أزهار عَفْو وغفران)
(وَقد نور التَّوْحِيد ظلمَة قَبره ... وحياه رضوَان بِروح وَرَيْحَان)
وَقلت أَيْضا
(أَلا يَا شقيقاً قد شققت لَهُ الثرى ... وجرع كأس الْمَوْت لَا عِشْت من قبلي)
(أَخَاف لظى من قتل نَفسِي حسرة ... عَلَيْك فتشقي فِي نعيمك من أَجلي)
وَقلت أَيْضا
(رَأَيْت أخي على فرش المنايا ... عفوا غوثا من الْخطب العنيف)
(كِلَانَا كن فِي نزع شَدِيد ... وَلَكِن مَاتَ بِالسَّبَبِ الضَّعِيف)
وَقلت أَيْضا مضمناً
(أخي وَقد وافيت مستأخراً ... بعدِي إِلَى دَار الفنا وَالْفساد)
(وفتني سبقاً لدار البقا ... فَالسَّابِق السَّابِق منا الْجواد)
وَقلت أَيْضا
(هَل تصدح الْوَرق ولي أنة ... قد مَلَأت جو اللوى بالجوى)
(وَهل يزور الْورْد صوب الحيا ... ولي شَقِيق فِي الثرى قد جوى)
وَقلت
(أخي فدتك النَّفس لما رَأَتْ ... مصرعك المحتوم لَكِن أَبيت)
(وَأَنت بعدِي لم تقدمتني ... مَا يقنضي الْإِنْصَاف مَا قد أتيت)
وَقلت
(لَو جِئْت قبلي هان مَا حل بِي ... لما ترديت الردى واشتملت)
(مَا من درى النَّحْو وَأَحْكَامه ... مَا يَقْتَضِي التَّرْتِيب مَا قد فعلت)
)
وَقلت
(قضى نحباً أعز النَّاس عِنْدِي ... وَمَا أحد على الْأَيَّام بَاقٍ)
(فيا عجبا تقدمني لرَبي ... أخي وَأَنا أرَاهُ فِي السِّيَاق)
وَقلت
(برغمي أَن أودعت شخصك فِي الثرى ... وَلم أَتَّخِذ فِي وسط قلبِي لَهُ قبرا)(5/219)
(وَأقسم مَا وفيت حَقك فِي الأسى ... وَلَو كنت برا عاينوا أدمعي بحرا)
وَقلت
(لست أرْضى بلوعتي وبكائي ... وضلوعي حرى وعيني عبري)
(مَا بِهَذَا تقضى حُقُوق مصابي ... لَو دخلت الضريح أَصبَحت برا)
وَقلت
(لما فقدت أخي تضَاعف للأسى ... حزني فنومي لَا يزَال طريدا)
(حزني لمصرعه وحزن رزيتي ... فِيهِ وحزني إِذْ بقيت وحيدا)
وَقلت
(سأشرح قصتي للنَّاس حَتَّى ... يؤديني السُّؤَال إِلَى خَبِير)
(أيمضي الْجور حَتَّى فِي المنايا ... بِتَقْدِيم الصَّغِير على الْكَبِير)
وَقلت
(أَلا يَا دهر قد راءيتنا فِي ... أخي فتركتنا نصلي سعيرا)
(أتيت لنا بِهِ نجماً صَغِيرا ... وعدت أَخَذته قمراً كَبِيرا)
وَقلت
(بَات أخي بالرغم من لحده ... وَمَا شققت الجيب من ويلي)
(تبِعت فِيهِ سنة الْمُصْطَفى ... لَكِن شققت الدمع للذيل)
وَقلت
(وَلما أَن رَأَتْ بالرغم عَيْني ... شقيقي فِي قَرَار اللَّحْد ملقى)
(وضعت يَد الأسى فِي جيب جفني ... فشقت أدمعي للذيل شقا)
وَقلت)
(يَا لَيْت شعري وَعلمِي قد قضى وَمضى ... بِأَن دهري بِمَا أهواه غير سخي)
(هَل عَاد ميت على من بَات يندبه ... طول الزَّمَان فأرجو أَن يكون أخي)
وَقلت
(هذي الحيوة إِذا فَرضنَا أَنَّهَا ... طَالَتْ وَقد سلمت من التنكيد)
(وَالله لَيْسَ تفي بِأَن وُجُوهنَا ... فِي الترب تَغْدُو طعمةً للدود)
وَقلت مضمناً
(قد خَان دهري يَا أخي ... قل لي بِأَيّ يَد يمت)
(لم يبْق لي فِيهِ منى ... من شَاءَ بعْدك فليمت)(5/220)
وَقلت
(أخي وَلَا تلمني أَن دفنتك فِي الثرى ... وَأَنَّك فِي الأحشاء لم تتَّخذ دَارا)
(وَكَيف يكون الْقَبْر مَا بَين أضلعي ... وَأَنت بِفضل الله لَا تسكن النارا)
وَقلت
(يَا موت خلفتني كئيباً ... تضرم نَار الجوى ضلوعي)
(وَلَو أعَاد الْبكاء مَيتا ... كَانَ أخي عَام فِي دموعي)
وَقلت
(قضى نحبه من كنت أَرْجُو حَيَاته ... لينفعني إِن عَاشَ فِي المَال والأهل)
(فهون خطباً لم يهن كَونه قضى ... وَمَا ذاق مَا قد ذقت من غُصَّة الثكل)
وَقلت
(رَاح إِلَى الله أخي مسرعاً ... لَا أَصْغَر الرَّحْمَن مسعاه)
(والسحب تبكيه بدمع الحيا ... وَالْوَرق فِي الأغصان تنعاه)
(يَا لَيْت يرْعَى الْقَبْر لي وَجهه ... كي لَا يبيت الدُّود يرعاه)
وَقلت مضمناً
(عدمت مَعَ أخي فأذهلني مصابي ... عَلَيْهِ فحرروه وأرخوه)
(وَكَيف يلذ للعقلاء عَيْش ... وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ)
وَقلت)
(يَا ذَهَبا ذاب قلبِي بعده لهفاً ... وليت لَو كَانَ يُغْنِيه تلهفه)
(وَمن بلائي الَّذِي قد حل بعْدك بِي ... حملت هم الَّذِي بعدِي أخلفه)
وَقلت
(أخي ذقت كأس الْمَوْت فِي الدَّهْر مرّة ... وجرعت كاسات الردى فِيك ألوانا)
(وجار عَلَيْك الدَّهْر دوني ظَالِما ... فغادرني نبعاً وأذواك ريحانا)
وَقلت
(يَا أخي حينك وافي ... ليته وَافق حيني)
(الجوى حرق قلبِي ... والبكا قرح عَيْني)
وكتبت على قَبره
(يَا سَاكِنا تَحت طباق الثرى ... وَهُوَ مَعَ الْمَعْدُوم مَعْدُود)
(بِأَيّ خديك تبدي البلى ... وَأي عَيْنَيْك رعى الدُّود)(5/221)
ونظمت فِيهِ من القصائد والمقاطيع غير هَذَا وَلَكِن هَذَا الْقدر كافٍ
3 - (ابْن القريشة الْحَنْبَلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن بَرَكَات بن أبي الْفضل الشَّيْخ الصَّالح أَبُو إِسْحَاق الصُّوفِي ابْن القريشة بِالْقَافِ وَالرَّاء وَالْيَاء آخر الْحُرُوف والشين الْمُعْجَمَة وَالْهَاء أحد الْإِخْوَة شيخ الخانقاه الأَسدِية وَإِمَام تربة بني صصري القادري البعلبكي الْحَنْبَلِيّ كَانَ شَيخا منور الشيبة مليح الشكل حُلْو المذاكرة عَلَيْهِ أنس الْمُشَاهدَة صحب الْمَشَايِخ وَسمع من الشَّيْخ الْفَقِيه فَكَانَ خَاتِمَة أَصْحَابه وَمن ابْن عبد الدَّائِم وَعلي بن الأوحد وَابْن أبي الْيُسْر وَأبي زَكَرِيَّاء ابْن الصَّيْرَفِي وعدة وروى الْكثير واشتهر وعاش تسعين سنة وَأكْثر لِأَن مولده سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله ثَالِث عشر شهر رَجَب سنة أَرْبَعِينَ وَسبع مائَة بِالْجَبَلِ وَكَانَ يَقُول مولدِي سنة خمسين وروى عَنهُ الشَّيْخ علم الدّين البرزالي وَغَيره فِي حَيَاته وَتُوفِّي هُوَ بعد البرزالي الَّذِي روى عَنهُ وَسمع مِنْهُ شمس الدّين السرُوجِي وَأَوْلَاد الْمُحب وَأبي سعيد وَنجم الدّين الذهلي وَولد الشَّيْخ شمس الدّين وسبطاه
3 - (الرَّمَادِي الْبَصْرِيّ)
إِبْرَاهِيم بن بشار أَبُو إِسْحَاق الرَّمَادِي الْبَصْرِيّ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى التِّرْمِذِيّ عَنهُ)
بِوَاسِطَة وَأحمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ البُخَارِيّ يهم فِي الشَّيْء بعد الشَّيْء وَهُوَ صَدُوق وَقَالَ ابْن حبَان كَانَ متقناً حَافِظًا صحب سُفْيَان سِنِين كَثِيرَة وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بالشَّيْء قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد الزريقي كَانَ أزهد أهل زَمَانه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْجَزرِي)
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عمر المرتضى الْعدْل مجد الدّين وَالِد شمس الدّين الْجَزرِي صَاحب التَّارِيخ وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين مَكَانَهُ ولد مجد الدّين سنة تسع وست مائَة بالجزيرة العمرية وَأكْثر الترحال فِي التِّجَارَة إِلَى الْهِنْد واليمن والنواحي وَدخل أَكثر من سبعين مَدِينَة ثمَّ إِنَّه استوطن دمشق وَكَانَ بزاراً بالرماحين وَكَانَ حسن البزة مَقْبُول القَوْل وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَكَانَ كثيرا مَا ينشد لوَلَده شمس الدّين احذر من الواوات(5/222)
وَاو الْوَصِيَّة والوديعة وَالْوكَالَة وَالْوُقُوف
3 - (الفاشوشة الكتبي)
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الْعَزِيز شمس الدّين الْجَزرِي الكتبي الْمَعْرُوف بالفاشوشة ولد سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة كَانَ يذكر أَنه سمع من فَخر الدّين ابْن تَيْمِية وَتُوفِّي سنة سبع مائَة وَكَانَ تَاجِرًا بسوق الْكتب بِدِمَشْق لَهُ فِيهَا دكان كَبِير وَكتب كَثِيرَة وخبرة تَامَّة بالكتب يُقَال إِنَّه لما احترقت اللبادين احْتَرَقَ لَهُ خَمْسَة آلَاف مُجَلد وَلم يبْق لَهُ غير الْكتب الَّتِي كَانَت عِنْد النَّاس فِي الْعرض أَو فِي الْعَارِية وَكَانَ يترفض قيل إِنَّه جَاءَ إِلَيْهِ إِنْسَان فِي بعض الْأَيَّام وَقَالَ لَهُ هَل عنْدك كتاب فَضَائِل يزِيد عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ نعم وَدخل إِلَى الدّكان وَخرج وَفِي يَده جراب عَتيق وَجعل يضْربهُ على رَأسه وَيَقُول الْعجب كونك مَا قلت صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (الْأَمِير مجير الدّين الْكرْدِي)
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن أبي زكري الْأَمِير مجير الدّين كَانَ من أَعْيَان الْأُمَرَاء الأكابر الأكراد كَانَ جواداً ممدحاً من بَيت كَبِير خدم الصَّالح أَيُّوب وَهُوَ بالمشرق وَقدم مَعَه الشَّام واعتقله الصَّالح إِسْمَاعِيل لما أمسك الصَّالح أَيُّوب بالكرك وَأَفْرج عَنهُ وَاسْتمرّ فِي خدمَة الصَّالح أَيُّوب بِمصْر إِلَى أَن توفّي الصَّالح وَقتل وَلَده الْمُعظم ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة النَّاصِر)
صَاحب الشَّام وَحج بِالنَّاسِ سنة ثَلَاث وَخمسين وَفعل من الْمَعْرُوف مَا اشْتهر ذكره ثمَّ أمسك هُوَ والأمير نور الدّين عَليّ بن الشجاع الأكتع لما ضرب البحرية وعسكر المغيث مصافاً مَعَ عَسْكَر النَّاصِر ثمَّ أفرج عَنْهُمَا لما وَقع الصُّلْح وَجعله النَّاصِر بنابلس مُقيما وَعِنْده عَسْكَر فَقدم عَلَيْهِ جمع عَظِيم من التتار فهاجموا نابلس وتلقاهم بِوَجْهِهِ وَقَاتلهمْ قتالاً شَدِيدا وَقتل مِنْهُم بِيَدِهِ جمَاعَة فاستشهد ذَلِك الْيَوْم سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَكَانَ حَسَنَة من حَسَنَات الدَّهْر يحفظ شعرًا كثيرا كثير المخاطبة كثير المحاضرة كريم الْعشْرَة كثير الْبر للْفُقَرَاء والأغنياء وَمن شعره أوردهُ قطب الدّين اليونيني فِي ذيله على مرْآة الزَّمَان
(جعل العتاب إِلَى الصدود سَبِيلا ... لما رأى سقمي عَلَيْهِ دَلِيلا)
(وظللت أوردهُ حَدِيث مدامعي ... عَن شرح جفني مُسْندًا مَنْقُولًا)
وَمِنْه
(قضى البارق النجدي فِي سَاعَة اللمح ... بفيض دموعي إِذْ ترَاءى على السفح)
(ذبحت الْكرَى مَا بَين جفني وناظري ... فمحمر دمعي الْآن من ذَلِك الذّبْح)
3 - (ابْن كَاتب قَيْصر النَّصْرَانِي)
إِبْرَاهِيم بن أبي الثَّنَاء علم الْملك عرف بِابْن كَاتب قَيْصر(5/223)
كَانَ من أَعْيَان النَّصَارَى الْفُضَلَاء هُوَ وَأَخُوهُ تَاج الْملك إِسْحَاق نقلت من خطّ نور الدّين ابْن سعيد المغربي مَا نسبه للمذكور فِي الياسمين المحشو بالأحمر
(أرى ياسميناً محشى غَدا ... إِلَى الند فِي نشرة ينتمي)
(كَمثل قصاصة تصفية ... تلوث أطرافها بِالدَّمِ)
3 - (قَائِد الْمعز)
إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر أَبُو مَحْمُود الكتامي أحد قواد الْمعز صَاحب مصر توفّي سنة سبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ المتقي بِاللَّه)
إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو إِسْحَاق المتقي بِاللَّه ابْن المقتدر ابْن المعتضد ولد سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ واستخلف سنة تسع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة بعد أَخِيه الراضي بِاللَّه فوليها إِلَى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ ثمَّ إِنَّهُم خلعوة وسملوا عيينه وَبَقِي فِي قيد الحيوة وَكَانَ حسن الْجِسْم)
مشرباً حمرَة أَبيض أشقر الشّعْر بجعودة أشهل الْعَينَيْنِ وَكَانَ فِيهِ دين وَصَلَاح وَكَثْرَة صَلَاة وَصِيَام لَا يشرب الْخمر وَتُوفِّي فِي السجْن سنة سبع وَخمسين وَثَلَاث مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ قد خلع وكحل يَوْم السبت لعشر بَقينَ من صفر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَكَانَت خِلَافَته ثَلَاث سِنِين وَأحد عشر شهرا وَكَانَت وَفَاته بعد خمس وَعشْرين سنة من خلعه وَكَانَت أَيَّامه منغصة عَلَيْهِ لاضطراب الأتراك حَتَّى إِنَّه فر إِلَى الرقة فَلَقِيَهُ الإخشيد صَاحب مصر وَأهْدى لَهُ تحفاً كَثِيرَة وتوجع لما ناله من الأتراك ورغبه فِي أَن يسير مَعَه إِلَى مصر فَقَالَ كَيفَ أقيم فِي زَاوِيَة من الدُّنْيَا وأترك الْعرَاق متوسطة الدُّنْيَا وسرتها ومقر الْخلَافَة وينبوعها وَلما خلا بخواصه قَالُوا لَهُ الرَّأْي أَن تسير مَعَه إِلَى مصر لتستريح من هَؤُلَاءِ الَّذين يحكمون عَلَيْك فَقَالَ كَيفَ يحسن فِي رَأْيكُمْ أَنا نتمكن من حَاشِيَة غَرِيبَة منا عرية عَن إحساسنا الوافر إِلَيْهَا وَقد رَأَيْتُمْ أَن خواصنا الَّذين هم بِرَأْي الْعين منا ومستغرقون فِي إحساننا لما تحكموا فِي دولتنا ووجدوا لَهُم علينا مقدرَة كَيفَ عاملونا فَكيف يكون حَالنَا فِي ديار قوم إِنَّمَا يرَوْنَ أَنهم خلصونا مِمَّا نزل بِنَا ثمَّ سَار حَتَّى قدم بغداذ بعد أَن خاطبه توزون أَمِير الأتراك وَحلف لَهُ أَن لَا يغدر بِهِ وزينت لَهُ بغداذ زِينَة يضْرب بهَا الْمثل وَضربت لَهُ القباب العجيبة فِي طَرِيقه فَلَمَّا وصل إِلَى السندية على نهر عِيسَى قبض عَلَيْهِ توزون وسمله وَبَايع المستكفي من سَاعَته وَدخل بغداذ فِي تِلْكَ الزِّينَة فَكثر تعجب النَّاس من ذَلِك وفال المتقي لله فِي ذَلِك
(كحلونا وَمَا شكو ... نَا إِلَيْهِم من الرمد)
(ثمَّ عاثوا بِنَا ونح ... ن أسود وهم نقد)
(كَيفَ يغتر من أقِم ... نَا وَفِي درستنا قعد)(5/224)
3 - (البغداذي)
إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث البغداذي نزيل نيسابور روى عَنهُ البُخَارِيّ وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (النيلي)
إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج النيلي الشَّامي روى عَنهُ النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْعلوِي)
)
إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ روى عَن أَبِيه وَهُوَ أَخُو عبد الله بن الْحسن خرج من بَيته جمَاعَة وطلبوا الْأَمر وَجَرت لَهُم أُمُور وَسَيَأْتِي ذكرهم كل وَاحِد فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى توفّي بعد الْعشْرين وَالْمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (المخرمي الدِّمَشْقِي الْمسند)
إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن بن صَدَقَة بن إِبْرَاهِيم البغداذي الْمسند الْمُقْرِئ المعمر شرف الدّين أَبُو إِسْحَاق المخرمي الدِّمَشْقِي ولد سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَسبع مائَة وَسمع من ابْن اللتي وَأبي نصر ابْن عَسَاكِر وَأبي الْحسن ابْن المقير ومكرم بن أبي الصَّقْر وجعفر الهمذاني وَأَجَازَ لَهُ ابْن الصَّباح والناصح وَأَبُو الْوَفَاء مَحْمُود بن مندة تفرد وروى الْكثير وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق خيرا ويؤم فِي مَسْجِد ويقرئ الصغار وَله حَلقَة سمع عَلَيْهِ شمس الدّين بكفربطنا
3 - (قَاضِي تونس)
إِبْرَاهِيم بن حسن بن عَليّ بن عبد الرفيع الربعِي الْمَالِكِي الْحَاكِم بتونس ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة وتوفِّي رَحمَه الله سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَألف أَرْبَعِينَ حَدِيثا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين اسْتَفَدْت مِنْهَا وَاخْتصرَ التَّفْرِيع لِابْنِ الْجلاب سَمَّاهُ السهل البديع وَعمر دهراً ذكر أَنه سمع من مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الرعيني سنة خمس وَخمسين كتاب البُخَارِيّ عَن أبي مُحَمَّد ابْن أَسد عَن ابْن السكن وَذكر أَنه سمع الْمُوَطَّأ كُله عَن(5/225)
ابْن حوط الله عَن أبي عبد الله ابْن زرقون قَالَ وَسمعت أَرْبَعِينَ السلَفِي بِقِرَاءَتِي سنة ثَمَان وَخمسين على الْفَقِيه عُثْمَان بن سُفْيَان التَّمِيمِي عَن الْحَافِظ ابْن الْفضل عَنهُ وَسمعت مقامات الحريري عَلَيْهِ وَابْن جُبَير عَن الخشوعي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت وَفَاة ابْن عبد الرفيع بِخَط ابْن المطري سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَذكر أَنه كتب إِلَيْهِ بِالْإِجَازَةِ وَخَلفه فِي الْعلم وَالْقَضَاء الْعَلامَة أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد السَّلَام صَاحب شرح الْمُخْتَصر فِي الْفِقْه لِابْنِ الْحَاجِب
3 - (الحصني الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن طَاهِر أَبُو طَاهِر الْحَمَوِيّ الْمَعْرُوف بالحصني الشَّافِعِي كَانَ فَاضلا دينا خيرا حسن السِّيرَة سكن دمشق وتفقه ببغداذ سمع ببغداذ أَبَا عَليّ ابْن نَبهَان الْكَاتِب وَأَبا طَالب الزَّيْنَبِي وَأَبا عَليّ ابْن الْمهْدي وَكتب عَنهُ أَبُو سعيد السَّمْعَانِيّ وَسمع مِنْهُ بِدِمَشْق وَقَالَ ولد فِي)
ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة قلت وَقد روى وَاقعَة جرت لنُور الدّين الشَّهِيد رَحمَه الله يَأْتِي ذكرهَا فِي تَرْجمهُ نور الدّين إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الرُّؤَاسِي)
إِبْرَاهِيم بن حميد الرُّؤَاسِي الْكُوفِي ثِقَة روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَة
3 - (أَبُو ثَوْر صَاحب الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن خَالِد بن أبي الْيَمَان أَبُو ثَوْر الْكَلْبِيّ الْفَقِيه البغداذي صَاحب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ ناقل الْأَقْوَال الْقَدِيمَة عَنهُ كَانَ أحد الْأَعْلَام الثِّقَات الْمَأْمُون لَهُ فِي الْمَذْهَب الْكتب المصنفة فِي الْأَحْكَام جمع فِيهَا بَين الحَدِيث وَالْفِقْه وَكَانَ مبدأ اشْتِغَاله بِمذهب أهل الرَّأْي حَتَّى قدم الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِلَى الْعرَاق فَاخْتلف إِلَيْهِ وَاتبعهُ ورفض مذْهبه الأول وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ ببغداذ وَدفن بمقبرة بَاب الْكَنَائِس رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (بطيطي الْحَافِظ)
إِبْرَاهِيم بن خَالِد الْحَافِظ الْمَعْرُوف ببطيطي توفّي رَحمَه الله تَعَالَى قبل الْخمسين والمائتين
3 - (نجيب الدّين الادمي)
إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن عبد الله نجيب الدّين الدِّمَشْقِي الادمي أَخُو شمس الدّين يُوسُف بن خَلِيل الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْيَاء مَكَانَهُ ولد يَوْم الْفطر(5/226)
سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة لِأَنَّهُ عدم فِي نوبَة التتار حدث بِدِمَشْق وحلب وَكَانَ صَحِيح السماع
3 - (جمال الدّين الْعَسْقَلَانِي الْمُقْرِئ)
إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن ظافر بن ربيعَة الشَّيْخ جمال الدّين أَبُو إِسْحَاق الْعَسْقَلَانِي الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ الشَّافِعِي ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وست مائَة وَدفن بتربة شَيْخه السخاوي بقاسيون سمع من ابْن الزبيدِيّ وَابْن اللتي ومكرم والسخاوي وَابْن الجميزي وَالْفَخْر الإربلي وَطَائِفَة وَقَرَأَ على السخاوي وَانْقطع إِلَيْهِ ولازمه ثَمَانِيَة أَعْوَام وأفرد عَلَيْهِ وَجمع للسبعة وَسبع ختم وَأخذ عَنهُ علما كثيرا من التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْأَدب ثمَّ طلب بِنَفسِهِ وَكتب وَقَرَأَ الْكتب الْكَثِيرَة على التقى اليلداني وطبقته وَكَانَ يقْرَأ)
الحَدِيث بالفاضلية ثمَّ إِنَّه عَاد شيخها وَولي مشيخة تربة أم الصَّالح بعد الْعِمَاد الْموصِلِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة كَثِيرَة مِنْهُم الْجمال البدوي وَالشَّيْخ مُحَمَّد الْمصْرِيّ وَالشَّمْس الْعَسْقَلَانِي وَسمع مِنْهُ البرزالي والطلبة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكُنَّا جمَاعَة نجمع عَلَيْهِ فِي بَيته وصلت فِي الْجمع عَلَيْهِ إِلَى آخر الْقَصَص وَأَجَازَ لي جَمِيع مَا يجوز لَهُ رِوَايَته
3 - (الْحَافِظ سيفنة)
إِبْرَاهِيم بن ديزيل الْكسَائي الهمذاني الْحَافِظ الملقب بِدَابَّة عَفَّان للزومه إِيَّاه وَيعرف بسيفنة بِالسِّين وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَالْفَاء وَالنُّون الْمُشَدّدَة وَبعدهَا هَاء وَهُوَ اسْم طَائِر بِمصْر لَا يَقع على شَجَرَة إِلَّا أكل وَرقهَا وَلَا يفارقها وَكَذَلِكَ كَانَ إِبْرَاهِيم لَا يقدم على شيخ ويفارقه إِلَّا بعد أَن يكْتب جَمِيع حَدِيثه سمع بالحجاز وَالشَّام ومصر وَالْعراق وَالْجِبَال وروى عَنهُ جمَاعَة من الْكِبَار قَالَ إِذا كَانَ كتابي بيَدي وَأحمد بن حَنْبَل عَن يَمِيني وَابْن معِين عَن يساري لَا أُبَالِي يَعْنِي بضبطه وجودة كتبه وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو حَكِيم الْحَنْبَلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن دِينَار بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن حَامِد بن إِبْرَاهِيم النهرواني أَبُو حَكِيم الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ قَالَ ابْن النجار أحد أَئِمَّة الدّين الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ والورع والحلم وَالصَّبْر والتواضع قَرَأَ الْفِقْه على أبي سعد ابْن حَمْزَة صَاحب أبي الْخطاب الكلوذاني حَتَّى برع فِيهِ وَصَارَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالفقه وَالْخلاف والفرائض وَأَنْشَأَ مدرسة بِبَاب الأزج من مَاله وَانْقطع فِيهَا مستغلاً بنشر الْعلم وَكَانَ يخيط للنَّاس ثِيَاب الخام وَيَأْكُل من كسب يَده وَيَأْخُذ أُجْرَة الْقَمِيص حبتين وَلَا يزِيد على ذَلِك وَلَا يقبل لأحد صلَة وحكاياته مَشْهُورَة فِي عدم غَضَبه وَصَبره على خدمَة الْفُقَرَاء والعجائز والأرامل والزمنى سمع الحَدِيث من أبي الْحسن عليّ بن مُحَمَّد بن العلاف وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بَيَان وَأبي عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان وَأبي عُثْمَان ابْن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ وَأبي طَالب عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف(5/227)
وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن الْحصين وَغَيرهم وروى عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن الْأَخْضَر وَغَيرهمَا وَكَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَخمْس مائَة
إِبْرَاهِيم بن رضوَان بن تتش بن ألب رسْلَان شمس الْمُلُوك أَبُو نصر نزل على حلب محاصراً لَهَا وَمَعَهُ الْأَمِير دبيس بن صَدَقَة وبغدوين ملك الفرنج سنة ثَمَانِي عشرَة وَخمْس مائَة وَفِي)
سنة إِحْدَى وَعشْرين قدم إِلَى حلب أَيْضا فملكها ودخلها وفرحوا بِهِ وَنَادَوْا بشعاره ثمَّ إِن الأتابك زنكي أعطَاهُ نَصِيبين فملكها إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (الزّجاج النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن السّري بن سهل أَبُو إِسْحَاق الزّجاج النَّحْوِيّ قَالَ الْخَطِيب كَانَ من أهل الدّين وَالْفضل حسن الِاعْتِقَاد جميل الْمَذْهَب وَله مصنفات حسان فِي الْأَدَب توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وَثَلَاث مائَة وَهُوَ أستاذ أبي عَليّ الْفَارِسِي قَالَ كنت أخرط الزّجاج فاشتهيت النَّحْو فلزمت الْمبرد وَكَانَ لَا يعلم إِلَّا بِأُجْرَة فَقَالَ لي أَي شَيْء صناعتك قلت أخرط الزّجاج وكسبي كل يَوْم دِرْهَم ودانقان أَو دِرْهَم وَنصف وَأُرِيد أَن تبالغ فِي تعليمي وَأَنا أُعْطِيك كل يَوْم درهما وألتزم بذلك أبدا إِلَى أَن يفرق الْمَوْت بَيْننَا اسْتَغْنَيْت عَن التَّعْلِيم أَو احتجت إِلَيْهِ فَكَانَ ينصحني فِي التَّعْلِيم حَتَّى استقللت وَأَنا أعْطِيه الدِّرْهَم كل يَوْم فَجَاءَهُ كتاب من بعض بني مارقة من الصراة يَلْتَمِسُونَ نحوياً لأولادهم فَقلت لَهُ أسمني لَهُم فأسماني فَخرجت فَكنت أعلمهم وأنفذ إِلَيْهِ كل شهر ثَلَاثِينَ درهما وأزيده مَا أقدر عَلَيْهِ وَمَضَت مُدَّة فَطلب مِنْهُ عبيد الله بن سُلَيْمَان مؤدباً لِابْنِهِ الْقَاسِم فَقَالَ لَا أعرف إِلَّا رجلا زجاجاً بالصراة مَعَ بني مارقة فَكتب إِلَيْهِم فأحضرني وَأسلم إِلَيّ الْقَاسِم فَكَانَ ذَلِك سَبَب غنائي فَكنت أعطي الْمبرد ذَلِك الدِّرْهَم إِلَى أَن مَاتَ وَلَا أخليه من التفقد بِحَسب طاقتي فَكنت أَقُول للقاسم بن عبيد الله إِن بلغك الله الوزارة مَاذَا تصنع بِي فَيَقُول مَا أَحْبَبْت فَأَقُول لَهُ تُعْطِينِي عشْرين ألف دِينَار وَكَانَت غَايَة أمنيتين فَلَمَّا ولي الْقَاسِم الوزارة وَأَنا نديمة وملازمة هِبته أَن أذكرهُ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث من وزارته قَالَ لي يَا أَبَا إِسْحَاق لم أرك تذكرني بِالنذرِ فَقلت عولت على رِعَايَة الْوَزير فَقَالَ لي إِنَّه المعتضد ولولاه مَا تعاظمني دفع ذَلِك إِلَيْك فِي مَكَان وَاحِد وَلَكِنِّي أَخَاف أَن يصير لي مَعَه حَدِيث فِي ذَلِك فاسمح بِأَخْذِهِ مُتَفَرقًا فَقلت يَا سَيِّدي أفعل فَقَالَ اجْلِسْ للنَّاس وَخذ رقاعهم فِي الْحَوَائِج الْكِبَار واستعجل عَلَيْهَا وَلَا تمْتَنع من مَسْأَلَتي شَيْئا تخاطب فِيهِ صَحِيحا كَانَ أَو محالاً إِلَى(5/228)
أَن تحصل لَك مَال النّذر فَكنت أعرض عَلَيْهِ كل يَوْم رِقَاعًا فيوقع لي فِيهَا وَرُبمَا قَالَ كم ضمن لَك على هَذَا فَأَقُول كَذَا وَكَذَا فَيَقُول غبنت هَذَا يُسَاوِي كَذَا وَكَذَا ارْجع فاستزد فأراجع الْقَوْم وَلَا أَزَال أماكسهم حَتَّى أبلغ الْحَد الَّذِي رسمه فَحصل عِنْدِي عشرُون ألف دِينَار)
وَأكْثر فِي مديدة فَقَالَ لي بعد شهور يَا أَبَا إِسْحَاق حصل مَال الذَّر فَقلت لَا فَسكت وَكنت أعرض عَلَيْهِ ويسألني فِي كل شهر وَنَحْوه حصل المَال فَأَقُول لَا خوفًا من انْقِطَاع الْكسْب إِلَى أَن حصل لي ضعف ذَلِك فَسَأَلَنِي يَوْمًا فَاسْتَحْيَيْت من الْكَذِب الْمُتَّصِل فَقلت قد حصل ذَلِك ببركة الْوَزير فَقَالَ فرجت وَالله عني وَقد كنت مَشْغُول الْقلب إِلَى أَن يحصل لَك ثمَّ وَقع لي إِلَى خازنه بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار صلَة فأخذتها وامتنعت عَن أَن أعرض عَلَيْهِ شَيْئا فَلَمَّا كتم من الْغَد جِئْت وَجَلَست على رسمي فَأَوْمأ إِلَيّ أَن هَات مَا مَعَك فَقلت مَا أخذت من أحد شَيْئا لِأَن النّذر حصل فَقَالَ يَا سُبْحَانَ الله أَترَانِي أقطع عَنْك شَيْئا قد صَار لَك عَادَة وَعلمه النَّاس وَصَارَت لَك بِهِ وجاهة ومنزلة وَلِلنَّاسِ غدو ورواح إِلَى بابك وَلَا يعلم السَّبَب فيظن ذَلِك لضعف جاهك عِنْدِي اعْرِض عَليّ على رسمك وَخذ بِلَا حِسَاب فَقبلت يَده وباكرت إِلَيْهِ بالرقاع وَلم أزل كَذَلِك إِلَى أَن مَاتَ
وَمن تصانيف الزّجاج المؤاخذات على الفصيح لثعلب كتاب الِاشْتِقَاق كتاب القوافي كتاب الْعرُوض كتاب الْفرق كتاب خلق الْإِنْسَان كتاب خلق الْفرس كتاب مُخْتَصر فِي النَّحْو كتاب فعلت وأفعلت كتاب مَا ينْصَرف وَمَا لَا ينْصَرف كتاب شرح أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ كتاب النَّوَادِر كتاب مَعَاني الْقُرْآن وَكتاب مَا فسر من جَامع الْمنطق كتاب الأنواء وَقَالَ ياقوت الْحَمَوِيّ قَالَ ابْن بَشرَان كَانَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج ينزل بالجانب الغربي من بغداذ بالموضع الْمَعْرُوف بالدويرة وأنشدت لَهُ
(قعودي لَا يرد الرزق عني ... وَلَا يُدْنِيه إِن لم يقْض شيُّ)
(قعدت فقد أَتَانِي فِي قعودي ... وسرت فعافني وَالسير لي)
(فَلَمَّا أَن رَأَيْت الْقَصْد أدنى ... إِلَى رشدي وَأَن الْحِرْص غي)
(تركت لمدلج دلج اللَّيَالِي ... ولي ظلّ أعيش بِهِ وَفِي)
وَقد ذكر ياقوت فِي تَارِيخ الأدباء لَهُ سَبَب اتِّصَال الزّجاج فِيمَا بعد المعتضد
3 - (ابْن سَعْدَان الْمُؤَدب)
إِبْرَاهِيم بن سَعْدَان بن حَمْزَة الشَّيْبَانِيّ الْمُؤَدب كَانَ أَبُو الْحسن الْعَنزي كثير الرِّوَايَة عَنهُ يروي الْأَخْبَار عَنهُ ومستحسن الْأَشْعَار وَكَانَ إِبْرَاهِيم يُؤَدب الْمُؤَيد وَكَانَ ذَا منزلَة عِنْده قَالَ ياقوت وَحدث المرزباني فِيمَا رَفعه إِلَى أبي إِسْحَاق الطلحي أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسان فِي حمَار)
إِبْرَاهِيم بن سَعْدَان(5/229)
(أَلا أَيهَا العير الْمصرف لَونه ... بلونين فِي قر الشتَاء وَفِي الصَّيف)
(هَلُمَّ وقاك الله من كل آفَة ... إِلَى مجد مَوْلَاك الشفوق على الضَّيْف)
وَقَالَ إِبْرَاهِيم حرفان فيهمَا أَربع وَعِشْرُونَ نقطة لَا يعرف مثلهمَا حَكَاهُمَا أَبُو الْحسن اللحياني تتقتقت أَي صعدت فِي الْجَبَل وتبشبشت من البشاشة وحرف فِي الْقُرْآن هجاؤه عشرَة أحرف مُتَّصِلَة لَيْسَ فِي الْقُرْآن مثله ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض وَحدث المرزباني عَن الصولي عَن أبي العيناء قَالَ قَالَ المتَوَكل بَلغنِي أَنَّك رَافِضِي فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَكَيف أكون رَافِضِيًّا وبلدي الْبَصْرَة ومنشأي مَسْجِد جَامعهَا وأستاذي الْأَصْمَعِي وجيراني باهلة وَلَيْسَ يَخْلُو النَّاس من طلب دين أَو دنيا فَإِن أَرَادوا دينا فقد أجمع الْمُسلمُونَ على تَقْدِيم من أخروا وَتَأْخِير من قدمُوا وَإِن أَرَادوا دينا فَأَنت وآباؤك أُمَرَاء الْمُؤمنِينَ وَلَا دين إِلَّا بك وَلَا دنيا إِلَّا مَعَك أَبوك مستنزل الْغَيْث وَفِي يَديك خَزَائِن الأَرْض وَأَنا مَوْلَاك فَقَالَ ابْن سَعْدَان زعم ذَلِك فِيك قَالَ فَقلت وَمن ابْن سَعْدَان وَالله مَا يفرق ذَلِك بَين الإِمَام وَالْمَأْمُوم وَالتَّابِع والمتبوع إِنَّمَا ذَلِك حَامِل درة ومعلم صبية وآخذ على كتاب الله أُجْرَة فَقَالَ لَا تفعل إِنَّه مؤدب الْمُؤَيد فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه لم يؤدبه حسبَة وَإِنَّمَا أدبه بِأُجْرَة فَإِذا أَعْطيته حَقه فقد قضيت ذمامه فَقَامَ ابْن سَعْدَان فَقَالَ يَا أَبَا العيناء لَا وَالله مَا صدق يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي شَيْء مِمَّا حَكَاهُ عني ثمَّ أقبل على المتَوَكل فَقَالَ أَي شَيْء أسهل عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من أَن يَنْقَضِي مجلسك على مَا تحب ثمَّ يخرج هَذَا فتقطعني قَالَ فَضَحِك المتَوَكل
3 - (ابْن سعد)
إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْمدنِي كَانَ من الْعلمَاء الثِّقَات ولي قَضَاء الْمَدِينَة وَكَانَ أَبوهُ قاضيها وَكَانَ إِبْرَاهِيم أسود اللَّوْن قدم بغداذ فَأكْرمه الرشيد وَأظْهر بره وَسُئِلَ عَن الْغناء فَأفْتى بتحليله وَأَتَاهُ بعض أَصْحَاب الحَدِيث ليسمع مِنْهُ فَسَمعهُ يتَغَنَّى فَقَالَ لقد كنت حَرِيصًا على أَن أسمع مِنْك فَأَما الْآن فَلَا أسمع مِنْك فَقَالَ إِذا لَا أفقد إِلَّا شخصك وَعلي وَعلي إِن حدثت ببغداذ حَدِيثا حَتَّى أُغني قبله وشاعت عَنهُ هَذِه ببغداذ وَبَلغت الرشيد فَدَعَا بِهِ وَسَأَلَهُ عَن حَدِيث المخزومية الَّتِي قطعهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّرقَة فَدَعَا بِعُود فَقَالَ الرشيد أَعُود البخور فَقَالَ لَا وَلَكِن عود الطَّرب فَتَبَسَّمَ ففهمها)
إِبْرَاهِيم بن(5/230)
سعد فَقَالَ لَعَلَّك بلغك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَدِيث السَّفِيه الَّذِي آذَانِي بالْأَمْس وألجأني إِلَى أَن حَلَفت قَالَ نعم ودعا لَهُ بِعُود فغناه
(يَا أم طَلْحَة إِن الْبَين قد أزفا ... قل الثواء لَئِن كَانَ الرحيل غَدا)
فَقَالَ لَهُ الرشيد من كَانَ من فقهائكم يكره السماع قَالَ من ربطه الله قَالَ فَهَل بلغك عَن مَالك فِي هَذَا شَيْء قَالَ أَخْبرنِي أبي أَنهم اجْتَمعُوا فِي بني يَرْبُوع فِي مدعاة وهم يَوْمئِذٍ جلة وَمَعَهُمْ دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون وَمَعَ مَالك دف مربع وَهُوَ يغنيهم
(سليمى أَجمعت بَينا ... فَأَيْنَ لقاؤها أَيّنَا)
الأبيات الثَّلَاثَة فَضَحِك الرشيد وَوَصله بِمَال رَوَاهَا غير وَاحِد عَن أبي بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصفار وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (ابْن جمَاعَة)
إِبْرَاهِيم بن سعد الله بن جمَاعَة بن عَليّ بن جمَاعَة بن حَازِم بن صَخْر الزَّاهِد العابد أَبُو إِسْحَاق الْكِنَانِي الْحَمَوِيّ شيخ البيانية بحماة كَانَ صَالحا خيرا كثير الذّكر سلفي المعتقد روى عَنهُ وَلَده قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن جمَاعَة وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين خرج من حماة وودع أَهله وَقَالَ أذهب فأموت بالقدس فَكَانَ ذَلِك كَمَا قَالَ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى يَوْم النَّحْر سنة خمس وَسبعين وست مائَة
إِبْرَاهِيم بن سعيد بن مُحَمَّد بن الْكُمَيْت أَبُو إِسْحَاق الفارقي روى ببغداذ شَيْئا من شعره وَسمع بهَا صَحِيح البُخَارِيّ من أبي الْوَقْت وتفقه بالنظامية روى عَنهُ القَاضِي أَبُو البركات الْموصِلِي فِي مشيخته وَذكر أَنه سمع مِنْهُ ببغداذ سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة أورد لَهُ ابْن النجار
(وأكحل الطّرف ممشوق القوام صبا ... إِلَيْهِ قلبِي وآلى لَا يُفَارِقهُ)
(أهابه أَن أمد الطّرف أبصره ... شوقاً إِلَيْهِ وَلَكِنِّي أسارقه)
(وَكلما ازددت وجدا صحت لَا عجبا ... إِن مَاتَ من حب هَذَا الظبي عاشقه)
قلت أحسن من هَذَا قَول الآخر
(لَئِن تلف المضنى عَلَيْك صبَابَة ... بِحَق لَهُ وَالله ذَاك ويعذر)
رَجَعَ إِلَى قَول ابْن الْكُمَيْت
(تجمع الْحسن وَالْإِحْسَان فِيهِ فَمَا ... لَهُ نَظِير تَعَالَى الله خالقه)(5/231)
)
(فالبدر طلعته وَاللَّيْل طرته ... وروضة الْحزن من حزوى خلائقه)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(ظَبْي أغن لَهُ فِي طرفه مرض ... تلوح شمس الضُّحَى من تَحت طرته)
(يَهْتَز كالغصن إِلَّا أَنه بشر ... قد صاغه الله فَردا فِي ملاحته)
(إِذا تثنى رَأَيْت الْبَدْر فِي فلك ... من جيبه والثريا فَوق جَبهته)
(أَهْوى هَوَاهُ ولي نفس معذبة ... تذوب شوقاً إِلَى تَقْبِيل وفرته)
قلت شعر منحط
3 - (الْحَافِظ الْجَوْهَرِي)
إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي أَبُو إِسْحَاق الْحَافِظ بغداذي حَافظ صَاحب حَدِيث روى عَنهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَكَانَ ثِقَة ثبتاً صنف الْمسند وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الرِّفَاعِي الضَّرِير)
إِبْرَاهِيم بن سعيد بن الطّيب أَبُو إِسْحَاق الرِّفَاعِي الضَّرِير قدم وَاسِط صَبيا فَدخل الْجَامِع وَهُوَ ذُو فاقة فَأتى حلقه عبد الْغفار الحصيني فتلقن الْقُرْآن وَكَانَ معاشه من أهل الْحلقَة ثمَّ أصعد إِلَى بغداذ فصحب أَبَا سعيد السيرافي وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَرحه فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ وَسمع مِنْهُ كتب اللُّغَة والدواوين وَعَاد إِلَى وَاسِط وَقد مَاتَ عبد الْغفار فَجَلَسَ يقرئ النَّاس فِي الْجَامِع وَنزل فِي الزيدية من وَاسِط وَهُنَاكَ يكون الرافضة والعلويين فنسب إِلَى مَذْهَبهم ومقت وجفاه النَّاس وَكَانَ شَاعِرًا أورد لَهُ ياقوت
(وأحبه ماكنت أَحسب أنني ... أبلى ببينهم فبنت وبانوا)
(نأت الْمسَافَة فالتذكر حظهم ... مني وحظي مِنْهُم النسْيَان)
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَأَرْبع مائَة وَدفن مَعَ غرُوب الشَّمْس وَلم يكن مَعَه إِلَّا اثْنَان وكادا يقتلان وَكَانَ غَايَة فِي الْعلم وَمن غَد ذَلِك النَّهَار توفّي رجل من حَشْو الْعَامَّة فأغلقت الْبَلدة من أَجله(5/232)
3 - (الحبال الْحَافِظ)
إِبْرَاهِيم بن سعيد بن عبد الله الْحَافِظ أَبُو إِسْحَاق الحبال النعماني مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ سمع من الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ سنة سبع وَأَرْبع مائَة وروى عَن جمَاعَة وروى عَنهُ ابْن مَاكُولَا والخطيب)
وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
إِبْرَاهِيم بن سعيد بن يحيى بن مُحَمَّد بن الخشاب القَاضِي الرئيس أَبُو طَاهِر الْحلَبِي كَانَ من أَعْيَان الحلبيين وكبرائهم وَكَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا منشئاً لَهُ النثر وَالنّظم وَله نظر فِي الْعُلُوم إِلَّا أَنه كَانَ من أجلاء الشِّيعَة المعروفين وَكَانَ دمث الْأَخْلَاق ظريفاً مطبوعاً توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (الزيَادي النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن سُفْيَان الزيَادي كَانَ نحوياً لغوياً راويةً قَرَأَ كتاب سِيبَوَيْهٍ على سِيبَوَيْهٍ رَحمَه الله وَلم يتمه وروى عَن الْأَصْمَعِي وَأبي عُبَيْدَة ونظرائهم وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يشبه بالأصمعي فِي معرفَة الشّعْر ومعانيه وَكَانَ فِيهِ دعابة ومزاح وَمن شعره
(قد خرج الهجر على الْوَصْل ... وَانْقطع الْحَبل من الْحَبل)
(ودبق الهجر جنَاح الْهوى ... وانفلت الْوَصْل من الْبُخْل)
(فليت ذَا الهجر قبيل الْهوى ... ليسلم الْوَصْل من الْقَتْل)
وَفِيه يَقُول الجماز يهجوه
(لَيْسَ بِكَذَّابٍ وَلَا آثم ... من قَالَ إِبْرَاهِيم مَلْعُون)
(حكم رَسُول الله فِي جده ... مَا ناله إِلَّا الملاعين)
(وَبعد هَذَا كُله إِنَّه ... يُعجبهُ القثاء والتين)
وَقَالَ الزيَادي فِي جَارِيَة سَوْدَاء
(أَلا حبذا حبذا حبذا ... حبيب تحملت فِيهِ الْأَذَى)
(وَيَا حبذا برد أنيابه ... إِذا اللَّيْل أظلم واجلوذا)
وَمن تصانيفه كتاب النقط والشكل كتاب الْأَمْثَال كتاب تنميق الْأَخْبَار كتاب أَسمَاء الرِّيَاح والأمطار شرح نكت كتاب سِيبَوَيْهٍ وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فِي أَيَّام المستعين
3 - (ابْن النجار الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن خَليفَة جمال الدّين ابْن النجار الْقرشِي الدِّمَشْقِي المجود ولد بِدِمَشْق سنة تسعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين(5/233)
وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَحدث وَكتب فِي الإجازات وَكتب عَلَيْهِ أَبنَاء الْبَلَد وَكَانَ الشهَاب غَازِي المجود الْآتِي ذكره)
فِي حرف الْغَيْن مَكَانَهُ من أَصْحَابه وَله نظم وأدب وسافر إِلَى حلب وبغداذ وَكتب للأمجد صَاحب بعلبك وسافر إِلَى الاسكندرية وَتَوَلَّى الإشراف بهَا وَسمع بِدِمَشْق من التَّاج الْكِنْدِيّ وَغَيره وَمن شعره مَا قَالَه فِي أسود شائب
(يَا رب أسود شائب أبصرته ... وَكَأن عَيْنَيْهِ لظى وقاد)
(فحسبته فحماً بَدَت فِي بعضه ... نَار وَبَاقِيه عَلَيْهِ رماد)
قَالَت قَالَ وقاد وَالْأَصْل وقادة لِأَنَّهُ صفة للظى وَهِي مُؤَنّثَة قَالَ الله تَعَالَى إِنَّهَا لظى نزاعة للشوى وَلكنه ذكره حملا على الْمَعْنى لِأَنَّهُ الْمَعْنى جمر وقاد كَمَا فِي قَول الشَّاعِر وَلَا أَرض أبقل ابقالها وَهُوَ مَشْهُور وَقَالَ أَيْضا
(مَا لهذي الْعُيُون قاتلها الل ... هـ تسمى لواحظاً وَهِي نبل)
(وَلِهَذَا الَّذِي يسمونه العش ... ق مجَازًا وَفِي الْحَقِيقَة قتل)
(ولقلبي يَقُول أسلو فَإِن قل ... ت نعم قَالَ لست وَالله أسلو)
وَقَالَ أَيْضا
(ومغرم بالبدال قلت لَهُ ... يَا وَلَدي قد وَقعت فِي التَّعَب)
(طوراً على الراحتين منبطحاً ... وَتارَة جاثياً على الركب)
(دخل وَخرج وَلَيْسَ بَينهمَا ... فِي الْيَد من فضَّة وَلَا ذهب)
(أيسر مَا فِيهِ أَن مسلكه ... تأمن فِيهِ من عين مرتقب)
(وَعِنْدنَا قهوة مُعتقة ... كَأَن فِي كأسها سنا لَهب)
(وَمن بَنَات القيان مخطفة ... تغار مِنْهَا الأغصان فِي الكثب)
(ومطرب يحسن الْغناء لنا ... إِن كنت مِمَّن يَقُول بالطرب)
(وَلست تَخْلُو مَعَ كل ذَلِك من ... عَمُود أير كالزند منتصب)
(يَنْطَح نطح الكباش مُتَّصِلا ... بطول رهز كالخرز فِي الْقرب)
وَقَالَ أَيْضا
(لقد نَبتَت فِي صحن خدك لحية ... تأنق فِيهَا صانع الْإِنْس وَالْجِنّ)
(وَمَا كنت مُحْتَاجا إِلَى حسن نبتها ... وَلكنهَا زادتك حسنا إِلَى حسن)
)
3 - (الورديسي الضَّرِير)
إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان بن رزق الله بن سُلَيْمَان بن عبد الله الورديسي(5/234)
أَبُو الْفرج الضَّرِير ولد بورديس قَرْيَة عِنْد إسكاف وَدخل بغداذ فِي صباه وَسمع أَبَا الْخطاب نصر بن البطر ورزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأحمد ابْن خيرون وَأحمد بن الْحسن الكرجي وَأحمد بن عبد الْقَادِر بن يُوسُف وَأَبا الفوارس طراد بن مُحَمَّد بن الزَّيْنَبِي وَغَيرهم قَالَ ابْن النجار كَانَ فهما حَافِظًا لأسماء الرِّجَال روى عَنهُ شَيخنَا ابْن بوش وَقَالَ أَخْبرنِي الْحَاتِمِي قَالَ أَنا السَّمْعَانِيّ قَالَ أَبُو الْفرج الورديسي شيخ ثِقَة حسن السِّيرَة يفهم الحَدِيث سمع الْكثير بِنَفسِهِ وَله أصُول توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَدفن بِبَاب حَرْب
3 - (مستملي ابْن سَمَّاعَة)
إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الْجِرْجَانِيّ مستملي ابْن سَمَّاعَة قَالَ ابْن النجار ذكر أَحْمد بن طَاهِر أَنه تقلد الْقَضَاء بسر من رأى للمتوكل على الله وَجلسَ لِلنِّصْفِ من صفر سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وعزله بَاقِي السّنة وقلد قَضَاء الْقُضَاة جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد الْهَاشِمِي
3 - (الْمُؤَدب)
إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان أَبُو إِسْمَاعِيل الْمُؤَدب البغداذي كَانَ يُؤَدب أَوْلَاد الْوَزير ابْن عبيد الله قَالَ أَبُو دَاوُد ثِقَة رَأَيْت ابْن حَنْبَل يكْتب أَحَادِيثه بنزول قَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وروى لَهُ ابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة
آخر الْجُزْء الْخَامِس من كتاب الوافي بالوفيات ويتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِبْرَاهِيم بن سهل الإشبيلي الإسرائيلي وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين(5/235)
(الْجُزْء السَّادِس)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(رب أعن)
3 - (الإشبيلي الإسرائيلي)
إِبْرَاهِيم بن سهل الإسرائيلي قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم كَانَ من الأدباء الأذكياء الشُّعَرَاء مَاتَ غريقاً مَعَ ابْن خلاص وَالِي سبتة فِي الْغُرَاب الَّذِي غرق بهم فِي قدومهم إِلَى إفريقية مَعَ أبي الرّبيع سُلَيْمَان بن عَليّ الغريغر قبل سنة سِتّ وَأَرْبَعين وست مائَة انْتهى قلت وَقيل إِنَّه توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست مائَة وَلما مَاتَ أثكل ابْن خلاص بِهِ واخترم فِي نَحْو الْأَرْبَعين أَو فَوْقهَا بِقَلِيل كَمَا أخبر وَذكر أَنه أسلم وَقَرَأَ الْقُرْآن وَأخذ كتب الْآدَاب بالمغرب والأندلس ثمَّ إِنَّه كتب لِابْنِ خلاص بسبتة فَكَانَ من أمره مَا كَانَ أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ هُوَ ابْن سهل الإشبيلي الإسلامي أديب ماهر دون شعره فِي مُجَلد وَكَانَ يَهُودِيّا فَأسلم وَله قصيدة يمدح بهَا سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يسلم وَأكْثر شعره فِي صبي يَهُودِيّ اسْمه مُوسَى كَانَ يهواه وَكَانَ يقْرَأ مَعَ الْمُسلمين قلت وَالْقَصِيدَة النَّبَوِيَّة عَيْنِيَّة ذكرهَا ابْن الْأَبَّار فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور وَمَا زَالَ ابْن سهل هَذَا يخْتَلط مَعَ الْمُسلمين ويخالطهم إِلَى أَن اسْلَمْ توفّي شَهِيدا بِالْغَرَقِ رَحمَه الله أَخْبرنِي قَاضِي الْجَمَاعَة بالأندلس أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي نصر بن عَليّ الْأنْصَارِيّ الإشبيلي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيم بن سهل يهوى يَهُودِيّا اسْمه مُوسَى فَتَركه وهوي شَابًّا اسْمه مُحَمَّد فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَأَنْشد
(تركت هوى مُوسَى لحب مُحَمَّد ... وَلَوْلَا هدى الرَّحْمَن مَا كنت أهتدي)
(وَمَا عَن قلى مني تركت وَإِنَّمَا ... شَرِيعَة مُوسَى عطلت بِمُحَمد)(6/5)
وَأخْبرنَا قَاضِي الْقُضَاة الْمَذْكُور قَالَ نظم الْهَيْثَم قصيدة يمدح بهَا المتَوَكل على الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن هود ملك الأندلس وَكَانَت أَعْلَامه سُودًا لِأَنَّهُ كَانَ بَايع الْخَلِيفَة ببغداذ وَقدم عَلَيْهِ من بغداذ بالتولية وَالْولَايَة والنيابة وَلَا يعلم أَن أحدا قطّ بَايع بالأندلس لعباسي مُنْذُ افتتحت وَإِلَى الْيَوْم فَوقف إِبْرَاهِيم بن سهل على قصيدة الْهَيْثَم وَهُوَ ينشدها لبَعض أَصْحَابه وَكَانَ إِبْرَاهِيم إِذْ ذَاك صَغِيرا فَقَالَ إِبْرَاهِيم للهيثم زد بَين الْبَيْت الْفُلَانِيّ وَالْبَيْت الْفُلَانِيّ
(أَعْلَامه السود إعلامٌ بسؤدده ... كأنهن بخد الْملك خيلان)
فَقَالَ الْهَيْثَم هَذَا الْبَيْت شَيْء ترويه أم نظمته فَقَالَ بل نظمته السَّاعَة فَقَالَ الْهَيْثَم إِن عَاشَ هَذَا فسيكون أشعر أهل الأندلس أَو كلَاما هَذَا قريب من مَعْنَاهُ انْتهى مَا أَخْبرنِي بِهِ الشَّيْخ أثير الدّين قلت وَقد وجدت هذَيْن الْبَيْتَيْنِ الداليين قد ساقهما ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم لأبي زيد عبد الرَّحْمَن السالمي من أهل إستجة وَالَّذِي اسْتَقر بَين الأدباء أَنَّهُمَا لِابْنِ سهل وَمن شعره فِي مُوسَى
(أقلد وجدي فليبرهن مفندي ... وَمَا أضيع الْبُرْهَان عِنْد الْمُقَلّد)
(هبوا نصحكم شمساً فَمَا عين أرمدٍ ... بأكره فِي مرآه من عين مكمد)
)
(غزال براه الله من مسكة سبى ... بهَا الْحسن منا مسكة المتجلد)
(وألطف فِيهَا الصنع حَتَّى أعارها ... بَيَاض الضُّحَى فِي نعْمَة الْغُصْن الندي)
(وَأبقى لذاك الْمسك فِي الخد نقطةً ... على أَصْلهَا فِي اللَّوْن إِيمَاء مرشد)
(تَأمل لظى شوقي ومُوسَى يشبها ... تَجِد خير نارٍ عِنْدهَا خير موقد)
(إِذا مَا رنا شزراً فَعَن لحظ أحورٍ ... وَإِن يلوِ إعْرَاضًا فصفحة أغيد)(6/6)
(وعذب بالي نعم الله باله ... وسهدني لَا ذاق بلوى تسهدي)
وَمِنْه أَيْضا
(وخاله نقطةٌ من غنج مقلته ... أَتَى بهَا الْحسن من آيَاته الْكبر)
(جَاءَت بهَا الْعين نَحْو الخد زائرةً ... فراقها الْورْد فاستغنت عَن الصَّدْر)
وَالْقَصِيدَة العينية قَالَهَا يمدح سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(وَركب دعتهم نَحْو يثرب نيةٌ ... فَمَا وجدت إِلَّا مُطيعًا وسامعا)
(يسابق وخد العيس مَاء شؤونهم ... فيقفون بالشوق الملي المدامعا)
(إِذا انعطفوا أَو رجعُوا الذّكر خلتهم ... غصوناً لداناً أَو حَماما سواجعا)
(تضيء من التَّقْوَى خبايا صُدُورهمْ ... وَقد لبسوا اللَّيْل البهيم مدارعا)
(تكَاد مُنَاجَاة النَّبِي محمدٍ ... تنم بهم مسكاً على الشم ذائعا)
(تلاقى على ورد الْيَقِين قُلُوبهم ... خوافق يذكرن القطا والمشارعا)
(قُلُوب عرفن الْحق فَهِيَ قد انطوت ... عَلَيْهَا جنوبٌ مَا عرفن المضاجعا)
(سقى دمعهم غرس الأسى فِي ثرى الجوى ... فأنبت أزهار الشحوب الفواقعا)
(تساقوا لبان الصدْق مَحْضا بعزمهم ... وَحرم تفريطي عَليّ المراضعا)
وَهِي طَوِيلَة وَله موشحة
(يَا لحظات للفتنفي كرها أَو فِي نصيب ... ترمي وكلي مقتلوكلها سهم مُصِيب)
(اللوم للاحي مُبَاح ... أم قبُوله فَلَا)
(علقته وَجه صباح ... ريق طلا عين طلا)
(كالظبي ثغره أقاح ... بِمَا ارتعاه فِي الفلا)
(يَا ظَبْي خُذ قلبِي وَطن فَأَنت فِي الْإِنْس غَرِيب ... وارتع فدمعي سلسل ومهجتي مرعى خصيب)(6/7)
)
(بَين اللما والحور ... مِنْهَا الْحَيَاة وَالْأَجَل)
(سقت مياه الْحفر ... فِي خدها ورد الخجل)
(زرعته بِالنّظرِ ... وأجتنيه بالأمل)
(فِي طرفها السَّاجِي وسنسهد أجفان الكئيب ... والردف فِيهِ ثقلخف لَهُ عقل اللبيب)
(أَهْدَت إِلَى حر العتاب ... برد اللما وَقد وَقد)
(فَلَو لثمته لذاب ... من زفرتي ذَاك الْبرد)
(ثمَّ لوت جيد كعاب ... مَا حليه إِلَّا الغيد)
(فِي نَزعَة الظبي الأغنوهزة الْغُصْن الرطيب ... يجْرِي لدمعي جدولفينثني مِنْهُ قضيب)
(أَأَنْت حورا أرسلك ... رضوَان صدقا للْخَبَر)
(قطعت الْقُلُوب لَك ... وَقيل مَا هَذَا بشر)
(أم الصَّفَا مضنىً هلك ... من النَّوَى أم الكدر)
(حبي تزكيه المحنأمر الْهوى أَمر غَرِيب ... كَأَن عشقي مندلزاد بِنَار الهجر طيب)
(أغربت فِي الْحسن البديع ... فَصَارَ دمعي مغربا)
(شَمل الْهوى عِنْدِي جَمِيع ... وأدمعي أَيدي سبا)
(فاستمعي عبدا مُطِيع ... غنى لبَعض الرقبا)
هَذَا الرَّقِيب مَا أسوءه يظنهأيش كَانَ لَو لإِنْسَان مريبمولاي قُم تا نعملوذاك الَّذِي ظن الرَّقِيب(6/8)
وَمن موشحات ابْن سهل يُعَارض قَوْلهم أما ترى الشَّمْس حلت الحملافطاب وزن الزَّمَان واعتدلافاشرب وَالْأَصْل قصيدة لأبي نواس وَإِنَّمَا وشحوها فَقَالَ ابْن سهل روض نضيرٌ وشادنٌ وطلافاجتن زهر الرّبيع والقبلاواشرب يَا ساقياً مَا وقيت فتنته جلت رحيق الكؤوس صورته فمثلت ثغره ووجنته هَذَا حبابٌ كالسلك معتدلاوذا رحيقٌ لذا الزّجاج علاكوكب)
أَقمت حَرْب الْهوى على سَاق وبعت عَقْلِي بِالْخمرِ من سَاق أسهر جفني بنوم أحداق
(تمثل السحر وَسطهَا كحلامعتلة ... وَهِي تبرئ العللافاعجب)
قَلْبك صخرٌ والجسم من ذهب أيا سمي النَّبِي يَا ذهبي جَاوَرت من مهجتي أَبَا لَهب يَا باخلاً لَا أَذمّ مَا فعلاصيرت عِنْدِي محبَّة البخلامذهب يَا منيتي والمنى من الخدع مَا نلْت سؤلي وَلَا الْفُؤَاد معي هَل عَنْك صبرٌ أَو فِيك من طمع أفنيت فِيك الدُّمُوع والحيلافلا سلوي فِي الْحبّ نلْت ولامأرب أتيت أشكوه لوعتي عجبا فصد عني بِوَجْهِهِ غَضبا فَعِنْدَ هَذَا ناديت يَا حَربًا تصد عني يَا منيتي مللاوأشتكي من صدودك المللاتغضب وَقَالَ ابْن سهل أَيْضا باكر إِلَى اللَّذَّة والاصطباحبشرب راحفما على أهل الْهوى من جنَاح اغنم زمَان الْوَصْل قبل الذّهاب فالروض قد رَوَاهُ دمع السَّحَاب وَقد بدا فِي الرَّوْض سرٌ عُجاب(6/9)
وردٌ ونسرينٌ وزهر الأقاحكالمسك فاحوالطير تشدو باخْتلَاف النواح انهض وباكر للمدام الْعَتِيق فِي كأسها تبدو كلون العقيق بكف ظبيٍ ذِي قوامٍ رَشِيق)
مهفهف الْقَامَة طاوي الوشاحكالبدر لاحعصيت من وجدي عَلَيْهِ اللواح لما رَأَيْت اللَّيْل أبدى المشيب والأنجم الزهر هوت للمغيب وَالْوَرق تبدي كل لحن عَجِيب ناديت صحبي حِين لَاحَ الصباحقولاً صراححي على اللَّذَّة والإصطباح سُبْحَانَ من أبدع هَذَا الرشا قلت لَهُ وَالنَّار حَشْو الحشا جد لي بوصلٍ يَا مليحاً نشا فسل من جفنيه بيض الصفاحيبغي كفاحفأثخن الْقلب الْمَعْنى جراح أَصبَحت مضنى وفؤادي عليل فِي حب من أضحى بوصلو بخيل كم قلت دع هَذَا العتاب الطَّوِيل أما تراني قد طرحت السلاحأي اطراحأحلى الْهوى من كَانَ بالإفتضاح
3 - (الزَّارِع)
إِبْرَاهِيم بن أبي سُوَيْد الزَّارِع الْحَافِظ قَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة رضى وَلَا رِوَايَة لَهُ فِي كتب السّنة توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن سيابة أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب مولى ثَقِيف أَصله من الْحجاز وَهُوَ من الْكُوفَة كَانَ شَاعِرًا مليحاً صحب الْمهْدي والرشيد وَذكر الْعَوْفِيّ أَن أَبَاهُ سيابة كَانَ حجاماً وَفِي إِبْرَاهِيم يَقُول عتبَة الْأَعْوَر يهجوه
(أَبوك أَو هِيَ النجاد عَاتِقه ... كم من كمي أودى وَمن بَطل)(6/10)
(يَأْخُذ من مَاله وَمن دَمه ... لم يمس من ثَأْره على وَجل)
(لَهُ رِقَاب الْمُلُوك خاضعةٌ ... من بَين حافٍ وَبَين منتعل)
قلت مَا للْمُتَقَدِّمين فِي التهكم أحسن من هَذِه الأبيات لِأَنَّهُ هجو بَالغ أبرزه فِي صُورَة الْمَدْح
وَكَانَ إِبْرَاهِيم يَرْمِي بالزندقة وَكَانَ الْمهْدي أَخذه وأحضر كتبه فَلم يجد فِيهِ شَيْئا من ذَلِك فَأَمنهُ)
وَكَانَ يكْتب فِي مَجْلِسه بَين يَدَيْهِ وَكَانَ من بلغ النَّاس وأفصحهم ثمَّ صَحَّ عِنْده إِن فِيهِ شَيْئا مِمَّا كَانَ اتهمَ بِهِ فَاطْرَحْهُ وأقصاه فَسَاءَتْ بعد ذَلِك حَاله وَاحْتَاجَ إِلَى مسالة النَّاس وَكَانَ أحد المطبوعين محجاجاً منطقياً وَمن نظمه لما رمي بالزندقة
(قد كنت قبل الْيَوْم أدعى مُؤمنا ... فاليوم صَار الْكفْر من أسمائي)
وَمن نظمه لما اختلت حَاله يُخَاطب بعض إخوانه
(هَب لي فديتك درهما ... أَو دِرْهَمَيْنِ إِلَى ثلَاثه)
(إِنِّي أحب بني الطفي ... ل وَلَا أحب بني علاثه)
وَمِنْه
(إِذا مَا منحت الْجَاهِل الْحلم لم تزل ... بِجَهْل مضل مِنْهُ تهدي ركائبه)
(وَإِن عِقَاب الْجَاهِلين لذاهبٌ ... بِفَضْلِك فَانْظُر أَيْن إِذْ أَنْت رَاكِبه)
قَالَ المرزباني أَحْسبهُ بَقِي إِلَى الْمَأْمُون وَقَالَ محب الدّين ابْن النجار ذكر أَنه مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة قلت وسيابة بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة وهاء على وزن أراكة وَهِي البلحة وَبهَا سمي الرجل فَإِذا شددته ضممته وَقلت سيابة على وزن جمارة
3 - (ابْن سيابة)
إِبْرَاهِيم بن سيابة قَالَ صَاحب الأغاني هُوَ من موَالِي بني هَاشم من موَالِي بني هَاشم وَلَيْسَ لَهُ شعر شرِيف وَلَا نباهة وَإِنَّمَا كَانَ يمِيل بمودته إِلَى إِبْرَاهِيم الْموصِلِي وَابْنه فغنيا فِي شعره وذكراه عِنْد الْخُلَفَاء والوزراء وَكَانَ خليعاً طيب النادرة ويحكى أَنه عشق سَوْدَاء فلامه أَهله فِيهَا فَقَالَ
(يكون الْخَال فِي وَجه قبيحٍ ... فيكسوه الملاحة والجمالا)
(فَكيف يلام معشوق على من ... يَرَاهَا كلهَا فِي الْعين خالا)(6/11)
كتب إِلَى صديق لَهُ يقترض مِنْهُ شَيْئا فَكتب إِلَيْهِ يعْتَذر وَيحلف أَنه لَيْسَ عِنْده مَا سَأَلَهُ فَكتب إِلَيْهِ إِن كنت كَاذِبًا فجعلك الله صَادِقا وَإِن كنت ملوماً فجعلك الله مَعْذُورًا وَكَانَ بَين جمَاعَة ينشدهم من شعره وَيَتَحَدَّثُونَ فَتحَرك فضرط فَضرب بِيَدِهِ على استه غير مكترث ثمَّ قَالَ إِمَّا أَن تسكتي حَتَّى أَتكَلّم وَإِمَّا أَن تتكلمي حَتَّى أسكت وَجَاء إِلَى بشار بن برد فَقَالَ لَهُ مَا رَأَيْت)
أعمى قطّ إِلَّا وَقد عوضه الله من بَصَره إِمَّا الْحِفْظ أَو الذكاء أَو حسن الصَّوْت فَأَي شَيْء عوضت قَالَ أَنِّي لَا أرى مثلك ثمَّ قَالَ من أَنْت وَيحك قَالَ ابْن سيابة فَقَالَ لَو نكح الْأسد فِي استه ذل وَكَانَ ابْن سيابة يَرْمِي بذلك ثمَّ قَالَ بشار
(لَو نكح اللَّيْث فِي استه خضعا ... وَمَات جوعا وَلم ينل طبعا)
(كَذَلِك السَّيْف عِنْد هزته ... لَو بَصق النَّاس فِيهِ مَا قطعا)
وَقيل إِنَّه أَتَى إِلَى ابْن سورا بن عبد الله القَاضِي وَهُوَ أَمْرَد فعانقه وَقَبله وَكَانَ إِبْرَاهِيم سَكرَان وَكَانَت مَعَ ابْن القَاضِي داية يُقَال لَهَا رحاص فَقيل لَهَا لم يقبل تَقْبِيل السَّلَام وَإِنَّمَا قبله شَهْوَة فلحقته الداية وشتمته وأسمعته كل مَا يكره وهجره الْغُلَام فَقَالَ
(أإن لثمتك سرا ... فأبصرتني رحاص)
(وَقَالَ فِي ذَاك قومٌ ... على انتقاصي حراص)
(هجرتني وأتتني ... شتيمةٌ وانتقاص)
(فهاك فاقتص مني ... إِن الجروح قصاص)
3 - (النظام المعتزلي)
إِبْرَاهِيم بن سيار بن هَانِئ الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالنظام بالظاء الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة قَالَت الْمُعْتَزلَة إِنَّمَا لقب بذلك لحسن كَلَامه نظماً ونثراً وَقَالَ غَيرهم إِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ كَانَ ينظم الخرز بسوق الْبَصْرَة ويبيعها وَكَانَ ابْن أُخْت أبي الْهُذيْل العلاف شيخ الْمُعْتَزلَة وَكَانَ إِبْرَاهِيم هَذَا شَدِيد الذكاء حُكيَ أَنه أَتَى أَبُو الْهُذيْل العلاف إِلَى صَالح بن عبد القدوس وَقد مَاتَ لَهُ ولد وَهُوَ شَدِيد التحرق عَلَيْهِ وَمَعَهُ النظام وَهُوَ حدث فَقَالَ لَهُ أَبُو الْهُذيْل لَا أعرف لتحرقك وَجها إِذْ كَانَ النَّاس عنْدك كالزرع فَقَالَ إِنَّا أجزع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يقْرَأ كتاب الشكوك فَقَالَ وَمَا هُوَ قَالَ كتاب وَضعته من قَرَأَهُ شكّ فِيمَا كَانَ حَتَّى يتَوَهَّم فِيمَا كَانَ أَنه لم يكن وَفِيمَا لم يكن حَتَّى يظنّ أَنه كَانَ فَقَالَ النظام فَشك أَنْت فِي موت ابْنك واعمل على أَنه لم يمت أَو أَنه عَاشَ وَقَرَأَ هَذَا الْكتاب وَلم يمت لَا بعد ذَلِك فبهت صَالح وَحصر ويحكى عَنهُ أَيْضا أَنه أُتِي بِهِ إِلَى الْخَلِيل ابْن أَحْمد فِيمَا أَظن ليتعلم البلاغة فَقَالَ لَهُ ذمّ هَذِه النَّخْلَة فذمها(6/12)
بِأَحْسَن كَلَام فَقَالَ لَهُ امدحها فمدحها بِأَحْسَن كَلَام فَقَالَ اذْهَبْ فَمَا لَك إِلَى التَّعْلِيم من حَاجَة وَقَالَ ابْن أبي الدَّم قَاضِي حماة وَغَيره فِي كتب الْملَل والنحل إِن النظام كَانَ فِي حداثته يصحب الثنوية وَفِي)
كهولته يصحب ملاحدة الفلاسفة فطالع كتب الفلاسفة وخلط كَلَامهم بِكَلَام الْمُعْتَزلَة وَصَارَ رَأْسا فِي الْمُعْتَزلَة وَإِلَيْهِ تنْسب الطَّائِفَة النظامية وَوَافَقَ الْمُعْتَزلَة فِي مسائلهم وَانْفَرَدَ عَنْهُم بمسائل أُخْرَى مِنْهَا أَن الله تَعَالَى لَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ على الشَّرّ والمعاصي وَقَالَ الْمُعْتَزلَة هُوَ قَادر عَلَيْهَا لكنه لَا يَفْعَلهَا لقبحها
وَمِنْهَا أَن الله تَعَالَى إِنَّمَا يقدر على فعل مَا علم أَن فِيهِ صَلَاح الْعباد هَذَا بِالنّظرِ إِلَى أَحْكَام هَذِه الدُّنْيَا وَمَا فِي الْآخِرَة فَلَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ على زِيَادَة عَذَاب أهل النَّار وَلَا ينقص مِنْهُ شَيْئا وَلَا يقدر على أَن يخرج أحدا من الْجنَّة
وَمِنْهَا أَنه نفى إِرَادَة الله تَعَالَى حَقِيقَة فَإِذا قيل إِنَّه مُرِيد لأفعال الْعباد فَالْمُرَاد أَنه أَمر بهَا وَعنهُ أَخذ هَذَا الْمَذْهَب أَبُو الْقَاسِم الكعبي
وَمِنْهَا أَنه وَافق الفلاسفة على أَن الْإِنْسَان حَقِيقَة هُوَ النَّفس وَالْبدن قالبها ثمَّ إِنَّه قصر عَن إِدْرَاك مَذْهَب الفلاسفة فَمَال إِلَى قَول الطبيعيين فَقَالَ الرّوح جسم لطيف مشابك للبدن دَاخل بأجزائه فِيهِ كالدهن فِي السمسم وَالسمن فِي اللَّبن
وَمِنْهَا أَنه وَافق الفلاسفة فِي نفي الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ وَمَا أسن قَول ابْن سناء الْملك
(وَلَو عاين النظام جَوْهَر ثغرها ... لما شكّ فِيهِ أَنه الْجَوْهَر الْفَرد)
وَلما ألزم النظام مشي نملةٍ على صَخْرَة من طرف إِلَى طرف أَنَّهَا قطعت مَا لَا يتناهى وَهِي متناهية فَكيف يقطع مَا يتناهى مَا لَا يتناهى أحدث القَوْل بالطفرة وَقَالَ تقطع النملة بعض الصَّخْرَة بِالْمَشْيِ وَبَعضهَا بالطفرة وَاسْتدلَّ على ذَلِك بأدلة كَثِيرَة مَذْكُورَة فِي كتب الْأُصُول مِنْهَا أَنا لَو فَرضنَا بِئْرا طولهَا مائَة ذِرَاع وَفِي وَسطهَا خَشَبَة مُعْتَرضَة ثَابِتَة وَفِي الْخَشَبَة حَبل مشدود من الْخَشَبَة إِلَى المَاء يكون طول الْحَبل خَمْسُونَ ذِرَاعا وَفِي رَأس الْحَبل دلوٌ مربوط فَإِذا ألقِي من رَأس الْبِئْر إِلَى الْخَشَبَة الْمَذْكُورَة حبلٌ طوله خَمْسُونَ ذِرَاعا فِي رَأسه علاقٌ فجر بِهِ الْحَبل المشدود(6/13)
فِي الْخَشَبَة فَإِن الدَّلْو يصعد إِلَى رَأس الْبِئْر بالحبل الْأَعْلَى الَّذِي فِيهِ العلاق وَطوله خَمْسُونَ ذِرَاعا وَيقطع مائَة ذِرَاع فِي زمَان وَاحِد وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا أَن الْبَعْض انْقَطع بالطفرة فَضرب الْمثل بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة فَقيل طفرة النظام فَإِنَّهَا ضحكة وَقد أجَاب الْأَصْحَاب عَن هَذِه الْمَسْأَلَة بِأَن الطفرة قطع مسافةٍ قطعا وَلَكِن الْفرق بَين الْمَشْي والطفرة راجعٌ إِلَى بطءٍ)
وَسُرْعَة
وَمِنْهَا أَنه قَالَ إِن الْجَوْهَر مؤلف من أَعْرَاض اجْتمعت وَإِن الألوان والطعوم والروائح أجسام
وَمِنْهَا أَن الله تَعَالَى خلق جَمِيع الْحَيَوَانَات دفْعَة وَاحِدَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآن حيوانات وإنس ونبات ومعادن وَلم يتَقَدَّم خلق آدم على خلق أَوْلَاده وَلَكِن الله أكمن بَعْضهَا فِي بعض فالتقدم والتأخر إِنَّمَا يَقع فِي ظُهُورهَا من مَكَانهَا لَا فِي حدوثها وَهَذِه الْمَسْأَلَة أَخذهَا من أَصْحَاب الكمون والظهور وَأكْثر ميل النظام إِلَى مَذَاهِب الطبيعيين دون الإلهيين
وَمِنْهَا أَن الْقُرْآن لَيْسَ إعجازه منم جِهَة فَصَاحَته وَإِنَّمَا إعجازه بِالنّظرِ إِلَى الْأَخْبَار عَن الْأُمُور الْمَاضِيَة والمستقبلة قلت وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَن الله تَعَالَى أمره أَن يتحدى الْعَرَب بِسُورَة من مثله وغالب السُّور لَيْسَ فِيهَا أَخْبَار عَن ماضٍ وَلَا مُسْتَقْبل فَدلَّ على أَن الْعَجز كَانَ عَن الفصاحة
وَمِنْهَا أَنه قَالَ الْإِجْمَاع لَيْسَ بِحجَّة فِي الشَّرْع وَكَذَلِكَ الْقيَاس لَيْسَ بِحجَّة وَإِنَّمَا الْحجَّة قَول الإِمَام الْمَعْصُوم(6/14)
وَمِنْهَا ميله إِلَى الرَّفْض ووقوعه فِي أكَابِر الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَقَالَ نَص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن الإِمَام عَليّ وعينه وَعرفت الصَّحَابَة ذَلِك وَلَكِن كتمه عمر لأجل أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ إِن عمر ضرب بطن فَاطِمَة يَوْم لبيعة حَتَّى أَلْقَت المحسن من بَطنهَا وَوَقع فِي جَمِيع الصَّحَابَة فِيمَا حكمُوا فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ فَقَالَ لَا يَخْلُو إِمَّا إِن جهلوا فَلَا يحل لَهُم أَو أَنهم أَرَادوا أَن يَكُونُوا أَرْبَاب مَذَاهِب فَهُوَ نفاق وَعِنْده الْجَاهِل بِأَحْكَام الدّين كَافِر وَالْمُنَافِق فَاسق أَو كَافِر وَكِلَاهُمَا يُوجب الخلود فِي النَّار
وَمِنْهَا أَنه قَالَ من سرق مائَة دِرْهَم وَتِسْعَة وَتِسْعين درهما أَو ظلمها لم يفسق حَتَّى يبلغ النّصاب فِي الزَّكَاة وَهُوَ مِائَتَان نَعُوذ بِاللَّه من هوى مضل وعقلٍ يُؤَدِّي إِلَى التدين بِهَذِهِ العقائد الْفَاسِدَة
وَقد ذهب جمَاعَة من الْعلمَاء إِلَى أَن النظام كَانَ فِي الْبَاطِن على مَذْهَب البراهمة الَّذين يُنكرُونَ النُّبُوَّة وَأَنه لم يظْهر ذَلِك خوفًا من السَّيْف فكفره مُعظم الْعلمَاء وكفره جمَاعَة من الْمُعْتَزلَة حَتَّى أَبُو الْهُذيْل والإسكافي وجعفر ابْن حَرْب كلٌ مِنْهُم صنف كتابا فِي تكفيره وَكَانَ مَعَ ذَلِك فَاسِقًا مدمناً على الْخُمُور وَكَانَ آخر كَلَامه أَن الْقدح كَانَ فِي يَده وَهُوَ سَكرَان فَقَالَ وَهُوَ فِي)
علية لَهُ يشرب فِيهَا
(اشرب على طربٍ وَقل لمهددٍ ... هون عَلَيْك يكون مَا هُوَ كَائِن)
فَلَمَّا فرغ من كَلَامه سقط من الْعلية فَمَاتَ من سَاعَته فِي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ تَقْرِيبًا وشعره فِي غَايَة الْجَوْدَة لكنه يُبَالغ فِي مقاصده حَتَّى يخرج كَلَامه إِلَى الْمحَال من ذَلِك قَوْله
(توهمه طرفِي فآلم خَدّه ... فَصَارَ مَكَان الْوَهم من نَظَرِي أثر)
(وَصَافحهُ كفي فآلم كَفه ... فَمن صفح قلبِي فِي أنامله عقر)
(وَمر بذكري خاطراً فجرحته ... وَلم أر خلقا قطّ يجرحه الْفِكر)
يُقَال إِن الجاحظ فِيمَا أَظن لما بلغه ذَلِك قَالَ هَذَا يَنْبَغِي أَن لَا يناك إِلَّا بأير من الْوَهم أَيْضا
وَمِنْه قَوْله فِي نَصْرَانِيّ
(ومزنرٍ قسم الْإِلَه مِثَاله ... نِصْفَيْنِ من غُصْن وَمن رمل)
(فَإِذا تَأمل فِي الزجاجة ظله ... جرحته لَحْظَة مقلة الظل)(6/15)
وَمِنْه قَوْله أَيْضا
(يَا تاركي جسداً بِغَيْر لفؤاد ... أسرفت فِي الهجران والإبعاد)
(إِن كَانَ تمنعك الزِّيَارَة أعينٌ ... فَادْخُلْ إِلَيّ بعلة العواد)
(كَيْمَا أَرَاك وَتلك أعظم نعْمَة ... وملكت يداك بهَا منيع قيادي)
(إِن الْعُيُون على الْقُلُوب إِذا جنت ... كَانَت بليتها على الأجساد)
3 - (بهاء الدّين القَاضِي المعري)
إِبْرَاهِيم بن شَاكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن سُلَيْمَان القَاضِي الْجَلِيل بهاء الدّين أَبُو إِسْحَاق بن أبي الْيُسْر التنوخي المعري ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْخَطِيب ولد بِدِمَشْق سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاثِينَ وست مائَة سمع وَحدث ودرس وَكَانَ أديباً مترسلاً شَاعِرًا كثير الْمَحْفُوظ مدَاخِل الدولة ترسل عَن الْعَادِل ولي قَضَاء المعرة وعمره خمس وَعِشْرُونَ سنة فَأَقَامَ فِي الْقَضَاء خمس سِنِين فَقَالَ
(وليت الحكم خمْسا هن خمسٌ ... لعمري وَالصبَا فِي العنفوان)
(فَلم تضع الأعادي قدر شاني ... وَلَا قَالُوا فلانٌ قد رشاني)
قلت كَذَا نقلته من خطّ شمس الدّين وَلَعَلَّه ولي الْقَضَاء وعمره عشرُون سنة حَتَّى يَصح قَوْله)
وليت الحكم خمْسا هن خمس لعمري وَكَانَت عِنْده بذاذة وفحش وَلم يكن مَحْمُود السِّيرَة اشْتغل بالولايات وَالتَّصَرُّف
3 - (المراغي)
إِبْرَاهِيم بن شمس أَبُو إِسْحَاق المراغي الشَّاعِر ورد بغداذ تَاجِرًا وَأقَام بهَا غير مستميح أورد لَهُ ابْن النجار
(إِنِّي لأعجب من حجاب ... ووقوف حجاب ببابك)
أَيْن السماحة فِي طباعك والرفاهة فِي جنابك
(أم أَيْن صدقي فِي ثَنَا ... ئي أَو غنائي فِي ثوابك)
لَا يَأْمَن الضَّيْف الْعَزِيز عَلَيْك غائلة اغتيابك مَا شِئْت من سفه وسخف فِي خطابك أَو جوابك
(وتشدقٍ وتمطقٍ ... ونبوح كلبٍ فِي ثِيَابك)
3 - (القرميسيني الصُّوفِي)
إِبْرَاهِيم بن شَيبَان أَبُو إِسْحَاق القرميسيني الصُّوفِي شيخ الْجَبَل(6/16)
فِي زَمَانه صحب إِبْرَاهِيم الْخَواص وَغَيره قَالَ الْخَوْف إِذا سكن الْقلب أحرق مَوَاضِع الشَّهْوَة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الْمَنْصُور صَاحب حمص)
إِبْرَاهِيم بن شيركوه السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور نَاصِر الدّين صَاحب حمص ابْن الْملك الْمُجَاهِد أَسد الدّين بن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْملك الْمَنْصُور أَسد الدّين شيركوه كَانَت سلطنته سِتّ سِنِين وَنصفا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى عقيب كسرة الخوارزمية سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة فِي صفر بِدِمَشْق فِي الدهشة فِي النيرب وَحمل إِلَى حمص وَملك بعده الْأَشْرَف مُوسَى وَله يَوْمئِذٍ سبع عشرَة سنة وَهُوَ الَّذِي كسر التتار على حمص سنة تسع وَخمسين
وَكَانَ الْمَنْصُور بطلاً شجاعاً عالي الهمة وافر الهيبة هزم جلال الدّين خوارزم شاه وَعَسْكَره مَعَ الْأَشْرَف سنة سبع وَعشْرين وست مائَة فَإِن وَالِده سيره نجدةً للأشرف ثمَّ كسر الخوارزمية بالشرق مرَّتَيْنِ وكسرهم الكسرة الْعُظْمَى بعيون الْقصب وَكَانَ محسناً إِلَى رَعيته سَمحا حَلِيمًا مرض بالسل إِلَى أَن خارت قواه وَمَات)
3 - (عز الدّين ابْن العجمي)
إِبْرَاهِيم بن صَالح بن هَاشم الشَّيْخ الْجَلِيل المعمر بَقِيَّة الْمَشَايِخ عز الدّين أَبُو إِسْحَاق ابْن العجمي الْحلَبِي الشَّافِعِي من بَيت الْعلم والرياسة كَانَ خَاتِمَة من روى بِالسَّمَاعِ عَن الْحَافِظ ابْن خَلِيل سمع بِدِمَشْق من خطيب مُرَاد وَلم يكن بالمكثر وَحدث بِدِمَشْق وحلب يَأْخُذ عَنهُ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ من أَبنَاء التسعين توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
3 - (الْأَمِير الْعَبَّاس مُتَوَلِّي مصر)
إِبْرَاهِيم بن صَالح بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس العباسي ولي إمرة دمشق للمهدي ثمَّ ولي مصر للرشيد وَتزَوج بأخت الرشيد عباسة توفّي ببغداذ رَحمَه الله تَعَالَى قبل الثَّمَانِينَ وَالْمِائَة تَقْرِيبًا تفريقاً وَحضر الرشيد لجنازته فَحلف ابْن بهلة الطَّبِيب أَنه لم يمت ونخسه بإبرة تَحت ظفره فحرك يَده ثمَّ أَمر بِنَزْع الْكَفَن عَنهُ ودعا بمنفخة وكندس فَنفخ فِي أَنفه فعطس وَفتح عَيْنَيْهِ فَسَأَلَهُ الرشيد كَيفَ أَنْت فَقَالَ كنت فِي ألذ نومَة فعضني كلب بِشَيْء من إصبعي فانتبهت ثمَّ إِنَّه عوفي وَتزَوج عباسة وَولي إمرة مصر بعد ذَلِك وَبهَا مَاتَ فَكَانُوا يَقُولُونَ مَاتَ ببغداذ وَدفن بِمصْر فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور أَولا وحكايته مَعَ ابْن بهلة الطَّبِيب الْمَذْكُور مبسوطة فِي تَرْجَمَة ابْن بهلة فِي تَارِيخ الْأَطِبَّاء لِابْنِ أبي أصيبعة وساقها محب الدّين ابْن النجار فِي ذيل تَارِيخ بغداذ وَولي إِبْرَاهِيم أَيْضا الجزيرة للهادي(6/17)
3 - (الْوراق)
إِبْرَاهِيم بن صَالح الْوراق تلميذ أبي نصر إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد الْجَوْهَرِي ذكره الباخرزي فِي الدمية فَقَالَ أَنْشدني لَهُ الأديب يَعْقُوب بن أَحْمد وَهُوَ أحسن مَا قيل فِي معنى دود القز
(وَبَنَات جيبٍ مَا انتفعت بعيشها ... ووأدتها فنفعنني بقبور)
(ثمَّ انبعثن عواطلاً فَإِذا لَهَا ... قرن الكباش إِلَى جنَاح طيور)
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق يهجو ابْن زَكَرِيَّاء الْأَصْبَهَانِيّ الْمُتَكَلّم
(أَبَا أَحْمد يَا أشبه النَّاس كلهم ... خلاقاً وخلقاً بالرخال النواسج)
قلت لَا يجوز هَذَا الْجمع لِأَن فواعل جمع فاعلة وَلم نسْمع قَول أحد يَقُول امْرَأَة ناسجة نعم قد جَاءَ فواعل مثل جَوْهَر وجواهر وكوثر وكواثر
3 - (أَبُو طَاهِر البغداذي)
)
إِبْرَاهِيم بن صَالح أَبُو طَاهِر الْمُؤَدب أديب سكن نَصِيبين من أَرض الجزيرة أَصله من بغداذ أورد لَهُ ابْن النجار فِي الدولاب
(باكيةٌ مَا تزَال مذ خلقت ... مَا فقدت من أخٍ وَلَا ولد)
(تبْكي فتضحي الرياض باسمةً ... بِحسن زهر غض النَّبَات ند)
3 - (ابْن صليبا)
إِبْرَاهِيم بن صليبا الطَّبِيب كَانَ أَبوهُ طَبِيبا نَصْرَانِيّا وَإِبْرَاهِيم هَذَا شَاعِر ظريف أديب وَكَانَ مُتَّصِلا بِأبي أَحْمد يحيى بن عَليّ المنجم ذكره عبد الله بن أَحْمد بن أبي طَاهِر فِي من كَانَ بسامراً من الأدباء وَالشعرَاء وَمن شعره
3 - (أَبُو سعيد الْخُرَاسَانِي)
إِبْرَاهِيم بن طهْمَان بن شُعْبَة الإِمَام أَبُو سعيد الْخُرَاسَانِي شيخ خُرَاسَان ولد بهراة واستوطن نيسابور وجاور بِمَكَّة مُدَّة قَالَ أَحْمد ابْن حَنْبَل كَانَ مرجئاً شَدِيدا على الْجَهْمِية قَالَ أَبُو زرْعَة كنت عِنْد أَحْمد بن حَنْبَل فَذكر إِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَكَانَ مُتكئا من عِلّة فَجَلَسَ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَن يذكر الصالحون فنتكئ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هَذَا يدل على أَن الإرجاء عِنْد أَحْمد بِدعَة خَفِيفَة قَالَ الْخَطِيب وَكَانَ لَهُ رزق على بَيت المَال فَسئلَ يَوْمًا فِي مجْلِس أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَا ادري فَقيل لَهُ أتأخذ فِي الشَّهْر كَذَا وَكَذَا وَلَا تحسن هَذِه(6/18)
فَقَالَ إِنَّمَا آخذ على مَا أحسن وَلَو أخذت على مَا لَا أحسن لفني بَيت المَال وَهُوَ من ثِقَات الْأَئِمَّة وَقد تفرد عَن الثِّقَات بأَشْيَاء معضلة روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة
3 - (الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عباد بن إساف بن عدي بن زيد بن جشم بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ شهد أحدا رَضِي الله عَنهُ
3 - (الصولي)
إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن صول مولى يزِيد بن الْمُهلب بن أبي صفرَة هُوَ أَبُو إِسْحَاق الصولي البغداذي الأديب أحد الشُّعَرَاء الْمَشْهُورين وَالْكتاب الْمَذْكُورين لَهُ ديوَان شعر مَشْهُور كَانَ جده صول الْمَذْكُور مجوسياً ملك جرجان أسلم على يَد يزِيد وَقتل مَعَ يزِيد بن الْمُهلب هُوَ وَجَمَاعَة من أَصْحَابه وغلمانه قَالَ مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح فِي كتاب الورقة)
أشعاره قصار ثَلَاثَة أَبْيَات وَنَحْوهَا إِلَى الْعشْرَة وَهُوَ أَنعَت النَّاس للزمان وَأَهله غير مدافع
قلت مَا كَانَ المتنبي قد لحق عصراً قيل فِيهِ مثل هَذَا لِأَنِّي أرى المتنبي أحذق مِنْهُ بِوَصْف الزَّمَان وَأَهله وشعره ملآن من ذَلِك وَلَو لم يكن إِلَّا قَوْله
(وَمن عرف الْأَيَّام معرفتي بهَا ... وبالناس روى رمحه غير رَاحِم)
(فَلَيْسَ بمرحوم إِذا ظفروا بِهِ ... وَلَا فِي الردى الْجَارِي عَلَيْهِم بآثم)
وَكَانَ صول وفيروز أَخَوَيْنِ ملكا جرجان وهما تركيان تمجسا وصارا أشباه الْفرس فَلَمَّا حضر يزِيد بن الْمُهلب جرجان أمنهما فَاسْلَمْ صول على يَده وَلم يزل مَعَه إِلَى أَن قتل يَوْم الْعقر واتصل إِبْرَاهِيم وَأَخُوهُ عبد الله بِذِي الرياستين الْفضل بن سهل ثمَّ إِنَّه تنقل فِي أَعمال السُّلْطَان ودواوينه إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بسر من رأى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
قَالَ دعبل الْخُزَاعِيّ لَو تكسب إِبْرَاهِيم الصولي بالشعر لتركنا فِي غير شَيْء كتب عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى بعض الخارجين أما بعد فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنَاة فَإِن لم تغن عقب وعيداً فَإِن لم يغن أغنت عَزَائِمه وَالسَّلَام وَهَذَا غَايَة فِي البلاغة ينظم مِنْهُ بَيت شعر وَهُوَ
(أَنَاة فَإِن لم تغن عقب بعْدهَا ... وعيداً فَإِن لم يغن أغنت عَزَائِمه)(6/19)
وَمن شعره
(خل النِّفَاق لأَهله ... وَعَلَيْك فالتمس الطريقا)
وارغب بِنَفْسِك إِن ترى إِلَّا عدوا أَو صديقا وَكَانَ إِبْرَاهِيم يهوى جَارِيَة لبَعض المغنين بسر من رأى يُقَال لَهَا ساهر شهر بهَا وَكَانَ منزله لَا يَخْلُو مِنْهَا ثمَّ دعيت فِي وَلِيمَة لبَعض أَهلهَا فغابت عَنهُ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ جَاءَتْهُ وَمَعَهَا جاريتان لمولاها وَقَالَت قد أهديت صَاحِبي إِلَيْك عوضا عَن مغيبي عَنْك فَقَالَ
(أقبلن يحففن مثل الشَّمْس طالعةً ... قد حسن الله أولاها وأخراها)
(مَا كنت فِيهِنَّ إِلَّا كنت وَاسِطَة ... وَكن دُونك يمناها ويسراها)
وَجلسَ يَوْمًا مَعَ إخوانه وَبعث خلفهَا فأبطأت فتنغص عَلَيْهِم يومهم وَكَانَ عِنْده عدَّة من القيان ثمَّ وافت فَسرِّي عَنهُ وَشرب وطاب وَقَالَ
(ألم ترني يَوْمنَا إِذْ نأت ... وَلم تأت من بَين أترابها)
(وَقد غمرتنا دواعي السرُور ... بإشعالها وبإلهابها)
)
(وَنحن فتورٌ إِلَى أَن بَدَت ... وَبدر الدجى تَحت أثوابها)
(وَلما نأت كَيفَ كُنَّا بهَا ... وَلم دنت كَيفَ صرنا بهَا)
فتغضبت فَقَالَت مَا الْقِصَّة كَمَا ذكرت وَقد كُنْتُم فِي قصفكم مَعَ من حضر وَإِنَّمَا تجملتم لما حضرت فَقَالَ
(يَا من حنيني إِلَيْهِ ... وَمن فُؤَادِي لَدَيْهِ)
وَمن إِذا غَابَ من بَينهم أسفت عَلَيْهِ إِذا حضرت فَمن بَينهم صبوت إِلَيْهِ
(من غَابَ غَيْرك مِنْهُم ... فإذنه فِي يَدَيْهِ)
فرضيت فأقاموا يومهم على أحسن حَال ثمَّ طَال الْعَهْد بَينهمَا فملها وَكَانَت شاعرةً تهواه فَكتب إِلَيْهِ تعاتبه
(بِاللَّه يَا نَاقض العهود بِمن ... بعْدك من أهل ودنا أَثِق)
(سوأتا مَا استحيت لي أبدا ... إِن ذكر العاشقون من عشقوا)
(لَا غرني كاتبٌ لَهُ أدبٌ ... وَلَا ظريفٌ مهذبٌ لبق)
(كنت بِذَاكَ اللِّسَان تختلني ... دهراً وَلم أدر أَنه ملق)(6/20)
فَاعْتَذر إِلَيْهَا وراجعها فَلم تَرَ مِنْهُ مَا تكره إِلَى أَن فرق الدَّهْر بنيهما بِالْمَوْتِ وَرفع أَحْمد بن الْمُدبر على بعض عُمَّال الصولي فَحَضَرَ الصولي دَار المتَوَكل فَرَأى هِلَال الشَّهْر على وَجهه فَدَعَا لَهُ فَضَحِك المتَوَكل وَقَالَ إِن أَحْمد رفع على عاملك كَذَا وَكَذَا فاصدقني عَنهُ قَالَ إِبْرَاهِيم الصولي فضاقت عَليّ الْحجَّة وَخفت أَن أحقق قَوْله باعترافي فَقلت
(رد قولي وَصدق الأقوالا ... وأطاع الوشاة والعذالا)
(أتراه يكون شهر صدودٍ ... وعَلى وَجهه رَأَيْت الهلالا)
فَقَالَ لَا يكون ذَلِك وَالله لَا يكون أبدا وَله ديوَان رسائل وديوان شعر وَكتاب الدولة كَبِير
وَكتاب الطبيخ وَكتاب الْعطر وَمن شعره أَيْضا
(دنت بأناسٍ عَن تناءٍ زيارةٌ ... وشط بليلي عَن دنوٍ مزارها)
(وَإِن مقيماتٍ بمنعرج اللوى ... لأَقْرَب من ليلِي وهاتيك دارها)
وَمِنْه وَقَالَ الْمَرْزُبَان لَا يعلم لقديم وَلَا مُحدث مثله)
(وليليةٍ من اللَّيَالِي الزهر ... قابلت فِيهَا بدرها ببدر)
(لم تَكُ غير شفقٍ وفجر ... حَتَّى تولت وَهِي بكر الْعُمر)
وَمِنْه
(ولرب نازلةٍ يضيق بهَا الْفَتى ... ذرعاً وَعند الله مِنْهَا مخرج)
(كملت فَلَمَّا استحكمت حلقاتها ... فرجت وَكَانَ يَظُنهَا لَا تفرج)
يُقَال إِنَّه مَا رد دهما من نزلت بِهِ نازلة غلا فرجت عَنهُ وَمِنْه
(ألوى الْبَريَّة طراً أَن تواسيه ... عِنْد السرُور الَّذِي واساك فِي الْحزن)
(إِن الْكِرَام إِذا مَا أسهلوا ذكرونا ... من كَانَ يألفهم فِي الْمنزل الخشن)
وَمِنْه وهما فِي الحماسة
(ونبئت ليلى أرْسلت بشفاعةٍ ... إِلَيّ فَهَلا نفس ليلى شفيعها)
(أأكرم من ليلى عَليّ فتبتغي ... بِهِ الجاه أم كنت امْرأ لَا أطيعها)
وَكتب إِلَى مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات
(وَكنت أخي بإخاء الزَّمَان ... فَلَمَّا نبا صرت حَربًا عوانا)
(وَكنت أَذمّ إِلَيْك الزَّمَان ... فَأَصْبَحت فِيك أَذمّ الزمانا)
(وَكنت أعدك للنائبات ... فها أَنا أطلب مِنْك الأمانا)
والصولي هُوَ ابْن أُخْت الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف(6/21)
3 - (الْحَافِظ الْهَرَوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حَاتِم الْهَرَوِيّ أَبُو إِسْحَاق الْحَافِظ نزيل بغداذ روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَجَمَاعَة وَكَانَ صَالحا زاهداً متعففاً دَائِم الصّيام إِلَّا أَن يَدعُوهُ أحد فيفطر توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (التَّمِيمِي الأديب)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله السَّعْدِيّ التَّمِيمِي النَّيْسَابُورِي الْمُحدث الأديب توفّي يَوْم عَاشُورَاء سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الإفْرِيقِي القلانسي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَبُو إِسْحَاق الزبيدِيّ الإفْرِيقِي الْمَعْرُوف بالقلانسي كَانَ فَاضلا صَالحا)
عابداً عَارِفًا بِمذهب مَالك صنف تصنيفاً فِي الْإِمَامَة وَالرَّدّ على الرافضة فامتحن على يَد أبي الْقَاسِم الرافضي العبيدي الملقب بالقائم ضربه أَربع مائَة سَوط وحبسه أَرْبَعَة أشهر بِسَبَب هَذَا التصنيف وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو مُسلم الْكَجِّي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُسلم الْكَجِّي بِالْكَاف وَالْجِيم الْمُشَدّدَة أَبُو مُسلم الْبَصْرِيّ ولد سنة مِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ رَحل وَسمع الْكثير وَكَانَ حَافِظًا متقناً قدم بغداذ وَكَانَ يملي برحبة غَسَّان ويملي على سَبْعَة مستملين كل وَاحِد مِنْهُم يبلغ الَّذِي خَلفه وَيكْتب النَّاس عَنهُ قيَاما بِأَيْدِيهِم المحابر فَكَانَ فِي مَجْلِسه نَيف وَأَرْبَعُونَ ألف محبرة سوى النظارة كَذَا قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة وَاتَّفَقُوا على صدقه وثقته وَكَانَ قد نذر إِذا حدث يتَصَدَّق بِأَلف دِينَار فَلَمَّا فرغوا من سَماع السّنَن عَلَيْهِ عمل مأدبة للمحدثين أنْفق فِيهَا ألف دِينَار وَقَالَ شهِدت الْيَوْم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبل قولي وَلَو شهِدت وحدي على دستجة بقلٍ احتجت إِلَى شَاهد آخر يشْهد معي أَفلا أصنع شكرا لله تَعَالَى وَكَانَ جواداً ممدحاً ومدحه البحتري بقصائد مِنْهَا قَوْله ولعمري لَئِن دعوتك للجود لقدماً لبيتني بالنجاح(6/22)
خلق كالغمام لَيْسَ لَهُ برق سوى بشر وَجهك الوضاح
(ارتياحاً للسائلين وبذلاً ... والمعالي للباذل المرتاح)
3 - (إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن معبد بن عَبَّاس)
روى عَن أَبِيه عبد الله وَعَن عَم أَبِيه وَعَن مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي رَحمَه الله بعد التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْمدنِي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين أَبُو إِسْحَاق الْمدنِي مولى الْعَبَّاس روى عَن أبي هُرَيْرَة وَأرْسل عَن عَليّ كَانَ ثِقَة روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بعد الْمِائَة فِي الْعشْر الأول من الْمِائَة الثَّانِيَة
3 - (الْعقيلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْعقيلِيّ الشَّامي قَالَ ابْن معِين وَغَيره ثِقَة روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو)
دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى قبل السِّتين وَالْمِائَة
3 - (الْعلوِي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَبُو إِسْحَاق هُوَ أَخُو مُحَمَّد وَإِدْرِيس وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد الْمَذْكُور طرفٌ من حَدِيث خُرُوجه وَخُرُوج أَخَوَيْهِ إِبْرَاهِيم بِالْبَصْرَةِ وَإِدْرِيس بالمغرب على الْمَنْصُور العباسي وَقتل مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم فليكشف من هُنَاكَ وَلَهُم أَخ اسْمه يحيى يَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه وَكَانَ إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور قد خرج على الْمَنْصُور بِالْبَصْرَةِ فَجهز إِلَيْهِ عِيسَى بن مُوسَى فَقتله بباخمرى قَرْيَة من قرى الْكُوفَة على سِتَّة عشر فرسخاً مِنْهَا وَكَانَ قد خرج بعد موت أَخِيه وخطب لنَفسِهِ بأمير الْمُؤمنِينَ وشاعت دَعوته فِي الأهواز وَفَارِس وَعظم أمره على الْمَنْصُور فَجهز إِلَيْهِ عِيسَى الْمَذْكُور فَكَسرهُ وَوصل الْخَبَر إِلَى الْحُضُور فَقدمت لَهُ الهجن ليهرب من الْعرَاق إِلَى حصون تَمنعهُ فَبَيْنَمَا عِيسَى ابْن مُوسَى يفر بَين يَدي عَسْكَر إِبْرَاهِيم إِذا اعْتَرَضَهُمْ نهر لم تطق الْخَيل عبوره فدعتهم الضَّرُورَة إِلَى أَن يرجِعوا لَعَلَّهُم يظفرون بمسلك يكون أمامهم فَلَمَّا رَآهُمْ عَسْكَر إِبْرَاهِيم ظنُّوا أَن مداداً جَاءَهُم أَو كميناً خرج فَسقط فِي أَيْديهم وولوا الأدبار فطمع فيهم عَسْكَر الْمَنْصُور وتبعوهم وَوَقع فِي الْعَسْكَر(6/23)
الإبراهيمي السَّيْف فَوقف إِبْرَاهِيم وَثَبت ثباتاً تحدث عَنهُ إِلَى أَن قتل كَمَا قتل أَخُوهُ مُحَمَّد وَحمل رَأسه إِلَى الْمَنْصُور فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لقد ثَبت هَذَا الرَّأْس دولتنا بَعْدَمَا ضعضها وَمن كَلَام إِبْرَاهِيم مَا حفظ عَنهُ وَهُوَ يخْطب بِجَامِع الْبَصْرَة كل فكر فِي غير صَلَاح سهوٌ وكل كَلَام فِي غير رضى الله لغون وَمن شعره وَقد مرض أَخُوهُ مُحَمَّد الْمُقدم الذّكر
(سقمت فَعم السقم من كَانَ مُؤمنا ... كَمَا عَم خلق الله نائلك الْغمر)
(فيا لَيْتَني كنت العليل وَلم تكن ... عليلاً وَكَانَ السقم لي وَلَك الْأجر)
وَمن شعره أبياتٌ رثى بهَا أَخَاهُ مُحَمَّدًا وَقد تقدّمت فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد الْمَذْكُور قَالَ الْمفضل بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ كنت مَعَ إِبْرَاهِيم بن عبد الله ابْن حسن وَقد وَاقِف أَصْحَاب الْمَنْصُور وَهُوَ ينشد
(ألمت سعاد وإلمامها ... أَحَادِيث نفسٍ وأسقامها)
(يَمَانِية من بني مَالك ... تطاول فِي الْمجد أعمامها)
(وَإِنَّا إِلَى أصل جرثومةٍ ... ترد الْكَتَائِب أَيَّامهَا)
)
(ترد الْكَتَائِب مفلولةً ... بهَا أفنها وَبهَا ذامها)
ثمَّ حمل فَقتل عدَّة فَوقف فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي لمن هَذِه الأبيات فَقَالَ هَذِه للأحوص بن جَعْفَر بن كلاب يَقُولهَا يَوْم شعب جبلة وتمثل بهَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب يَوْم الخَنْدَق ثمَّ تمثل
(مهلا بني عمنَا ظلامتنا ... إِن بِنَا سُورَة من الغلق)
(لمثلكم نحمل السِّلَاح وَلَا ... تغمز أحسابنا من الرقق)
(إِنِّي لأنمي انتميت إِلَى ... عزٍ رفيعٍ ومعشر صدق)
(بيض جعاد كَأَن أَعينهم ... تكحل يَوْم الْهياج بالذرق)
ثمَّ حمل فَقتل نفسا أَو نفسين فَلَمَّا رَجَعَ قلت بِأبي أَنْت وَأمي لمن هَذِه الأبيات قَالَ لِضِرَار بن الْخطاب الْقرشِي أحد بني فهر بن مَالك وتمثل بهَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَوْم صفّين ثمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ أَنْشدني أَبْيَات عويف القوافي فَأَنْشَدته
(أَلا أَيهَا الناهي فَزَارَة بَعْدَمَا ... أَجدت لغزوٍ إِنَّمَا أَنْت حالم)(6/24)
(أَبى كل ذِي وترٍ ينَام بوتره ... وَيمْنَع مِنْهُ النّوم إِذْ أَنْت نَائِم)
(أَقُول لفتيان سروا ثمَّ أَصْبحُوا ... على الجرد فِي أفواههن الشكائم)
(قفوا وَقْفَة من ينج لَا يخز بعْدهَا ... وَمن يخترم لَا تتبعه الملاوم)
(وَهل أَنْت إِن باعدت نَفسك مِنْهُم ... لتسلم مِمَّا بعد ذَلِك سَالم)
فَقَالَ قَاتل الله عويفاً كَأَنَّهُ كَانَ ينظر إِلَيْنَا فِي هَذَا الْيَوْم ثمَّ حمل فَقتل رجلا وَرجع ثمَّ وقف فَجَاءَهُ سهمٌ غربٌ فَقتله وَفِي تَرْجَمَة الْمفضل ابْن مُحَمَّد لهَذَا إِبْرَاهِيم ذكر سَوف يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ
3 - (ابْن أبي الدَّم القَاضِي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن عبد الْمُنعم بن عَليّ القَاضِي شهَاب الدّين أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن أبي الدَّم قَاضِي حماة ولد بهَا سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة رَحل وَسمع ببغداذ وَحدث بحماة والقاهرة وحلب وَله نظم ونثر ومصنفات ترسل عَن صَاحب حماة وَله التَّارِيخ الْكَبِير المظفري وَله الْفرق الإسلامية)
3 - (النجيرمي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله النجيرمي بالنُّون وَالْجِيم وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَالرَّاء وَالْمِيم نِسْبَة إِلَى نجيرم وَهِي محلّة بِالْبَصْرَةِ كَذَا قَالَه السَّمْعَانِيّ وَقَالَ ياقوت لم يصب السَّمْعَانِيّ فِي قَوْله إِلَّا أَن يكون طَائِفَة من أهل هَذَا الْموضع أَقَامُوا بِموضع من محَال الْبَصْرَة فنسب إِلَيْهِم ونجيرم قَرْيَة كَبِيرَة على سَاحل بَحر فَارس والتجار وَأَهْلهَا يَقُولُونَ نيرم فيسقطون الْجِيم تَخْفِيفًا هُوَ أَبُو إِسْحَاق النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ أَخذ عَنهُ أَبُو الْحُسَيْن المهلبي وجنادة اللّغَوِيّ الْهَرَوِيّ وَكثير من أهل الْعلم وَكَانَ مقَامه بِمصْر يُقَال إِن الْفضل بن الْعَبَّاس دخل على كافور الإخشيذي فَقَالَ لَهُ أدام الله أَيَّام سيدنَا الْأُسْتَاذ فخفض الْأَيَّام فتبس كافور إِلَى أبي إِسْحَاق النجيرمي فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق
(لَا غرو أَن لحن الدَّاعِي لسيدنا ... وغص من هيبةٍ بالريق والبهر)
(فَمثل سيدنَا حَالَتْ مهابته ... بَين البليغ وَبَين القَوْل بالحصر)
(وَإِن يكن خفض الْأَيَّام من دهشٍ ... من شدَّة الْخَوْف لَا من قلَّة الْبَصَر)
(فقد تفاءلت من هَذَا لسيدنا ... والفأل نأثره عَن سيد الْبشر)(6/25)
(بِأَن أَيَّامه خفضٌ بِلَا نصبٍ ... وَأَن دولته صفوٌ بِلَا كدر)
فَأمر لَهُ بثلاثمائة دِينَار وللفضل بن الْعَبَّاس بِمِثْلِهَا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الغزال اللّغَوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله الغزال اللّغَوِيّ قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء لَا أعرف شَيْئا من حَاله غلا أَن السلَفِي قَالَ أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم الْحسن بن الْفَتْح بن حَمْزَة بن الْفَتْح الهمذاني قَالَ أنشدنا إِبْرَاهِيم بن عبد الله الغزال اللّغَوِيّ لنَفسِهِ وَكَانَ يتبجح بهما
(والبرق فِي الديجور أهطل مزنةً ... أبدت نباتاً أرضه كالزرنب)
(فَوجدت بحراً فِيهِ نارٌ فَوْقه ... غيمٌ يرى فِيهِ بليلٍ غيهب)
قلت لَو كَانَ عَاقِلا لتبجس عرقاً وَمَا تبجح وانتحى عَن طَرِيق النّظم وَمَا تنحنح
3 - (عز الدّين ابْن قدامَة)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام بن نصرٍ الإِمَام الزَّاهِد الْقدْوَة الْخَطِيب عز الدّين أَبُو إِسْحَاق ابْن الْخَطِيب شرف الدّين أبي مُحَمَّد بن الزَّاهِد أبي عمر الْمَقْدِسِي الجمّاعيلي الأَصْل الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ ولد فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وست)
مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست مائَة وَسمع من عَم أَبِيه الشَّيْخ الْمُوفق الشهَاب ابْن رَاجِح وَالْقَاضِي أبي الْقَاسِم ابْن الحرستاني وَابْن ملاعب وَابْن عبدون الْبَنَّا والكندي وَأبي مُحَمَّد بن البن وَأبي الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ وَأبي الْمجد الْقزْوِينِي وَطَائِفَة سواهُم وسماعه من الْكِنْدِيّ حضوراً وروى عَنهُ الدمياطي وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان وَابْن الخباز وَابْن الزراد وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ ابْن طبرزد والمؤيد الطوسي وَجَمَاعَة وَكَانَ فَقِيها عَارِفًا بِالْمذهبِ صَاحب عبَادَة وتهجد وإخلاص وابتهال قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَله أَحْوَال وكرامات وَقد جمع ابْن الخباز أخباره وفضائله فِي بضعَة عشر كراساً وَكَانَ لَهُ أَوْلَاد فُقَهَاء صلحاء
3 - (الأرموي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن يُوسُف بن يُونُس بن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان بن بنكو بِالْبَاء ثَانِي الْحُرُوف وَالنُّون وَالْكَاف وَالْوَاو الشَّيْخ الزَّاهِد العابد أَبُو إِسْحَاق ابْن الشَّيْخ الْقدْوَة ابْن الأرمني وَيُقَال ابْن الأرموي نِسْبَة إِلَى أرمية ولد سنة خمس عشرَة وست مائَة بجبل قاسيون وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وست مائَة سمع من الشَّيْخ الْمُوفق وَابْن الزبيدِيّ وَغَيرهمَا وَقد(6/26)
روى عَنهُ ابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار والمزي وَطَائِفَة وَكَانَ صَالحا خيرا كَبِير الْقدر مَقْصُودا للتبرك وَلما قدم الْأَشْرَف دمشق من فتح عكا طلع إِلَيْهِ وزاره وَطلب دعاءه وَطَلَبه وحدثه بِكِتَاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ لِابْنِ أبي الدُّنْيَا مراتٍ لِأَنَّهُ تفرد بِهِ عَن الشَّيْخ الْمُوفق وَلما مَاتَ طلع إِلَى جنَازَته ملك الْأُمَرَاء والقضاة وَحمل على الرؤوس وَله شعر جيد مِنْهُ
(سهري عَلَيْك ألذ من سنة الْكرَى ... ويلذ فِيك تهتكي بَين الورى)
(وَسوى جمالك لَا يروق لناظري ... وعَلى لساني يغر ذكرك مَا جرى)
(وحياة وَجهك لَو بذلت حشاشتي ... لمبشري برضاك كنت مقصرا)
(أَنا عبد حبك لَا أَحول عَن الْهوى ... يَوْمًا وَلَو لَام العذول وأكثرا)
3 - (أَبُو حَكِيم)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَبُو حَكِيم هُوَ جد أبي الْفضل ابْن النَّاصِر الْحَافِظ لأمه تفقه على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وبرع فِي الْفَرَائِض وَله فِيهَا مُصَنف وَكَانَت لَهُ معرفَة بالأدب وَقَالَ ابْن نَاصِر كَانَ يكْتب المصاحب فَبينا هُوَ يَوْمًا قَاعِدا مُسْتَندا يكْتب إِذْ وضع الْقَلَم من يَده وَقَالَ)
وَالله إِن كَانَ هَذَا موتا فَهُوَ موت طيب ثمَّ توفّي رَحمَه الله سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْمُحْتَسب الغافقي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حصن بن أَحْمد بن حزم أَبُو إِسْحَاق الغافقي من أهل الأندلس لَهُ رحْلَة وَاسِعَة سمع الْكثير بديار مصر وَالشَّام وَالْعراق وَالْجِبَال وطبرستان وَعَاد إِلَى دمشق وَأقَام بهَا إِلَى حِين وَفَاته ولوي بهَا الْحِسْبَة سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث مائَة سمع بِمصْر القَاضِي أَبَا طَاهِر الذهلي وبالقلزم الْحسن بن يحيى وبالرملة أَبَا مُحَمَّد عبد الحميد بن يحيى بن دَاوُد وبدمشق عبد الْوَهَّاب بن الْحسن الْكلابِي ويوسف بن الْقَاسِم الميانجي وبطرابلس عمر بن دَاوُد بن سَلمُون وَأَبا عبد الله بن كَامِل وبسروج أَبَا الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر وبجرجان عُثْمَان بن أَحْمد وببغداذ أَبَا بكر أَحْمد بن جَعْفَر الْقطيعِي وَمُحَمّد بن إِسْحَاق الصفار وَعيلَ بن الْحسن الجراحي وَمُحَمّد بن المظفر الْحَافِظ وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل الْوراق وبالدينور أَبَا بكر مُحَمَّد بن الْقَاسِم وبهمذان أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله الْوراق وبآمل أَبَا عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد وبإستراباذ أَبَا الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن مُوسَى الطَّيِّبِيّ وَحدث ببغداذ قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ بِدِمَشْق رجلٌ يقلي القطائف وَكَانَ الْمُحْتَسب يُرِيد أَن يؤدبه فَإِذا رَآهُ القطائفي قد اقبل قَالَ بِحَق(6/27)
مَوْلَانَا امْضِ عني فيمضي عَنهُ فغافله يَوْمًا وَأَتَاهُ من خَلفه وَقَالَ وَحقّ مَوْلَانَا لَا بُد أَن تنزل فَلَمَّا ضربه بِالدرةِ قَالَ هَذِه فِي قفا أبي بكر فَلَمَّا ضربه الثَّانِيَة قَالَ هَذِه فِي قفا عمر فَلَمَّا ضربه الثَّالِثَة قَالَ هَذِه فِي قفا عُثْمَان فَقَالَ الْمُحْتَسب أَنْت لَا تعرف عدد الصَّحَابَة وَالله لأصفعنك بِعَدَد أهل بدر ثَلَاث مائَة وَبضْعَة عشر رجلا فصفعه بِعَدَد أهل بدر وَتَركه فَمَاتَ بعد أَيَّام من ألم الصفع وَبلغ الْخَبَر إِلَى مصر فَأَتَاهُ كتاب الْحَاكِم يشكره على مَا صنع وَقَالَ هَذَا جَزَاء من ينتقص السّلف الصَّالح أَو كَمَا قَالَ
وَكتب الْكثير وَلم يحدث وَكَانَ مالكياً يذهب إِلَى الاعتزال وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبع مائَة بِدِمَشْق رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الشَّيْخ الهدمة)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله الشَّيْخ الصَّالح الْفَقِير العابد الْكرْدِي المشرقي الْمَعْرُوف بالهدمة انْقَطع بقرية بَين الْقُدس والخليل فَأصْلح لنَفسِهِ مَكَانا وزرعه وغرس شَجرا أثمر وتأهل بعد ثَمَانِينَ وست مائَة وجاءته الْأَوْلَاد وَقصد بالزيارة وحكيت عَنهُ كرامات واشتهر اسْمه وَتُوفِّي)
رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
3 - (ابْن مَرْزُوق)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن هبة الله بن مزروق الصاحب صفي الدّين الْعَسْقَلَانِي التَّاجِر سمع من عبد الله بن مجلي وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَكَانَ فِيهِ عقل وَدين يركب الْحمار ويتواضع ولد سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة تسع وَخمسين وست مائَة كَانَ من ذَوي الهمم الْعلية وَله من الْأَمْوَال والمتاجر شَيْء كثير وَلما صَار الْملك الْجواد نَائِب السلطنة بِالشَّام عَن الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة قبض على صفي الدّين وصادره وَأخذ من أملاكه وأمواله قدر خمس مائَة ألف دِينَار وَكَانَ قبل النِّيَابَة صديقه وَله عَلَيْهِ دُيُون وَسلمهُ إِلَى الْملك الْمُجَاهِد أَسد الدّين شيركوه صَاحب حمص فَجعله فِي مطمورة لِأَن الْأَشْرَف مُوسَى ابْن الْعَادِل عِنْد مَوته إِذْ أَرَادَ أَن يُعْطي دمشق لأسد الدّين الْمَذْكُور نكاية فِي أَخِيه الْكَامِل قَالَ لَهُ ابْن مَرْزُوق سَأَلتك بِاللَّه لَا تفعل هَذَا مَعَ أهل دمشق وتبليهم بظُلْم أَسد الدّين وعسفه ورده عَن ذَلِك فحقدها شيركوه عَلَيْهِ ثمَّ إِن الله تَعَالَى خلصه وَصَارَ بِمصْر مُشِيرا وصودر فِي مَا كَانَ بَقِي لَهُ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بهَا فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَكَانَ قد وزر بِدِمَشْق للأشرف مُوسَى ابْن الْعَادِل
3 - (النميري الغرناطي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق النميري الأندلسي الغرناطي قدم الْقَاهِرَة حَاجا سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فاجتمعت بِهِ وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من قصيدة(6/28)
(هن البدور تَغَيَّرت لما رَأَتْ ... شَعرَات رَأْسِي آذَنت بِتَغَيُّر)
(راحت تحب دجى شبابٍ مظلمٍ ... وغدت تعاف ضحى مشيبٍ نير)
قلت فِيهِ مُقَابلَة خَمْسَة بِخَمْسَة وَهُوَ فِي غَايَة الصَّنْعَة من البديع وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ مضمناً
(لَهُ شفةٌ أضاعوا النشر مِنْهَا ... بلثمٍ حِين سدت ثغر بَدْرِي)
(فَمَا أشهى لقلبي مَا أضاعوا ... ليَوْم كريهةٍ وسداد ثغر)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ)
(وَقَالَ عذولي حِين لَاحَ عذاره ... بوجنته انهره وَإِنِّي لقَائِل)
(أَرَانِي الضُّحَى إِذْ سَالَ فِي صحن خَدّه ... أأنهره من بعد ذَا وَهُوَ سَائل)
3 - (الأشتري)
إِبْرَاهِيم بن عبد الْحق بن أَيُّوب بن طغريل كَمَال الدّين الأشتري أَنْشدني لَهُ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان
(ومهفهفٍ لما تَبَسم ضَاحِكا ... خلت العقيق بثغره والأبرقا)
(ناديت مُرْسل صُدْغه لما بدا ... يَا مرْحَبًا بقدوم جيران النقا)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(يَا من سبى أنفس البرايا ... بِمَا بِعَيْنيهِ من فتور)
(أشبهك الظبي فِي ثلاثٍ ... فِي اللحظ والجيد والنفور)
وأنشدني لَهُ أَيْضا فِي مشطوب
(بمقلةٍ من أَهْوى كنَانَة نابلٍ ... يُصِيب بهَا فِي الْقرب والبعد من يَرْمِي)
(وحاجبه مِنْهَا أُصِيب بنافذٍ ... وَلَا عجب أَن يجرح الْقوس بِالسَّهْمِ)
3 - (الزُّهْرِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ هُوَ الْقَائِل فِي حلف الفضول
(وَنحن تحالفنا على الْحق بَيْننَا ... ودعوتنا الْإِسْلَام ذَلِكُم الْحق)
(غَدَاة شددنا العقد بِالْحَقِّ والتقى ... فَمَا مثلنَا حَيّ وَلَا مثلنَا خلق)
توفّي رَضِي الله عَنهُ فِي
3 - (الْأمَوِي الدِّمَشْقِي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْملك بن مَرْوَان أَبُو إِسْحَاق(6/29)
الْقرشِي الدِّمَشْقِي الْحَافِظ توفّي رَحمَه الله سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مَائه
3 - (زين الدّين ابْن الشِّيرَازِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن محمّد الْعدْل الْجَلِيل الْمسند زين الدّين أَبُو إِسْحَاق بن نجم الدّين ابْن تَاج الدّين ابْن الشِّيرَازِيّ الدِّمَشْقِي شيخ بهي كثير التِّلَاوَة يؤم بمسجدٍ وَيشْهد سمع من السخاوي وكريمة وتاج الدّين ابْن حمويه وجده وعدة وَخرج لَهُ الشَّيْخ صَلَاح الدّين)
العلائي مشيخة وَتفرد بعدة أَجزَاء ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع عشرَة وَسبع مائَة
3 - (الزُّهْرِيّ الْمدنِي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وأخو حميد الزُّهْرِيّ الْمدنِي روى عَن أَبِيه وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَسعد وعمار وَجبير بن مطعم شهد الدَّار مَعَ عُثْمَان فِيمَا قيل وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم خلا التِّرْمِذِيّ
3 - (الشَّيْخ برهَان الدّين ابْن الفركاني)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن سِبَاع بن ضِيَاء هُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْوَرع شيخ الشَّافِعِيَّة برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ الصعيدي الأَصْل الدِّمَشْقِي مدرس البادرائية وَابْن مدرسها وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده الشَّيْخ تَاج الدّين إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين فِي مَوْضِعه كَانَ جده فَقِيها يؤم بالرواحية وَولد الشَّيْخ برهَان الدّين سنة سِتِّينَ وَأمه أم ولد عاشت إِلَى بعد الْعشْرين وَسبع مائَة أسمعهُ أَبوهُ الْكثير فِي الصغر من ابْن عبد الدَّائِم وَابْن أبي اليُسر والموجودين وبرع فِي الْفِقْه على وَالِده وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على عَمه شرف الدّين وَقَرَأَ الْأُصُول وَبَعض الْمنطق وتفنن وجود الْكِتَابَة وَنَشَأ فِي صون وَخير وإكباب على الْعلم والإفادة عمره كُله درس واشتغل بعد أَبِيه وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وَأذن فِي الْفَتْوَى لجَماعَة وانْتهى إِلَه إتقان غوامض الْمَذْهَب وعلق فِي التَّنْبِيه شرحاً حافلاً فِي مجلدات وَكَانَ عذب الْعبارَة صَادِق اللهجة طلق اللِّسَان طَوِيل الدُّرُوس يوردها كالفاتحة يكَاد يَقُول فِي مسَائِل الرَّافِعِيّ هَذِه الْمَسْأَلَة فِي المجلد الْفُلَانِيّ فِي الكراس الْفُلَانِيّ فِي الصفحة الْفُلَانِيَّة لِأَنَّهُ دربه وأدمن مطالعته وَفرع من الْوَسِيط دروساً أَلْقَاهَا وَكَانَ لَهُ حَظّ من صَلَاة وَصِيَام وَذكر ولطف وتواضع وَلُزُوم خيرٍ وكف عَن الْغَيْبَة وَعَن أَذَى النَّاس وتنجز مرسوم السُّلْطَان بِأَنَّهُ لَا يحضر الْمجَالِس الَّتِي تعقدها الدولة وَكَانَ كل شهر أَو أَكثر يعْمل طَعَاما لفقهاء البادرائية ويدعوهم إِلَيْهِ وَيقف فِي خدمتهم وَيقدم أمدستهم وَيَقُول لكل وَاحِد آنستمونا وجبرتمونا وَإِذا أحضرت إِلَيْهِ الجامكية يَقُول أَخذ الْفُقَهَاء فَإِن(6/30)
قَالُوا نعم أَخذهَا وَإِلَّا ردهَا وَكَانَ وَاسع الْبَذْل يعود المرضى وَيشْهد الْجَنَائِز وَفِيه طولة روح على تفهيم الطلاب وثناء على فضائلهم وسعي لَهُم فِي حوائجهم وَحج مَرَّات وَكَانَ لطيف المزاج نحيفاً أَبيض حُلْو الصُّورَة رَقِيق الْبشرَة معتدل الْقَامَة قَلِيل الْغذَاء)
جدا يديم التنقل بِالْخِيَارِ شنبر ليذْهب يبسه وَرُبمَا انزعج فِي المناظرة وَله مسَائِل يشذ فِيهَا مغمورة فِي بَحر علمه كنظرائه من الْعلمَاء خرج لَهُ الشَّيْخ صَلَاح الدّين العلائي وَغَيره وَحدث بالصحيحين وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين مشيخة ابْن عبد الدَّائِم ولي الخطابة بالجامع الْأمَوِي بعد عَمه شرف الدّين وعزل نَفسه بُد شهر وَغَضب لما بلغه أَنهم سعوا فِي أَخذ البادرائية عَنهُ وَلما توفّي ابْن صصرى طلب للْقَضَاء فَامْتنعَ وألحوا عَلَيْهِ فصمم وَكَانَ يُخَالف الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي مسَائِل وَمَعَ ذَلِك فَمَا تهاجرا وَلَا تقاطعا بل كَانَ كل مِنْهُمَا يحترم الآخر وَلما توفّي ابْن تَيْمِية اسْترْجع وشيع جنَازَته وَأثْنى عَلَيْهِ وَكَانَ فِيهِ رفق وَرَحْمَة يكره الْفِتَن وَلَا يدْخل فِيهَا وَله جلالة وَوَقع فِي النُّفُوس وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة توفّي فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة وَدفن عِنْد وَالِده بمقابر بَاب الصَّغِير
3 - (النقاش)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى الْوَكِيل أَبُو إِسْحَاق النقاش من بَيت الْقَضَاء وَالْعَدَالَة وَأهل بَيته يعْرفُونَ بِبَيْت الشطوي ولد بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وَدخل بغداذ فِي صباه واستوطنها وَله كَلَام على لِسَان أهل الْحَقِيقَة وصنف كتابا كَبِيرا فِيمَا نظمه وَكَانَ ينقش فِي النّحاس قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ شَيْئا من شعره وَكَانَ شَيخا حسن السمت طيب الْأَخْلَاق مَحْمُود الْأَفْعَال يرجع إِلَى صَلَاح وديانة أَنْشدني لنَفسِهِ فِي منزله بدرب شماس
(وَكم من هوى ليلى قتيلٍ صبَابَة ... ومجنونها المعري بهَا الْعلم الْفَرد)
(وَمَا كل من ذاق الْهوى تاه صبوةً ... وَلَا كل من رام اللقا حثه الوجد)
(وللحب فِي الْبلوى شُرُوط عزيزة ... يقوم بهَا فِي حلبة الوله الْأسد)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا
(وَمن لم يبت والدمع مسْهر جفْنه ... إِذا ضحك الباكون أصبح باكيا)
(وَكَيف ينَام اللَّيْل من طعم الْهوى ... وَمَا انْفَكَّ مَهْجُورًا فَمَا كَانَ ساليا)
(وَعَن وجده تروي بلابل قلبه ... أَحَادِيث من أمسي لظى الْحبّ صاليا)
توفّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة وَدفن بالشونيزية
3 - (التنوخي الْحَنَفِيّ)
)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر(6/31)
التنوخي أَبُو الْحسن الْفَقِيه الْحَنَفِيّ من أهل معرة النُّعْمَان كَانَ شَاعِرًا أديباً فَاضلا قدم بغداذ ومدح الإِمَام الْمُقْتَدِي وَغَيره وَله شعار كَثِيرَة سلك فِيهَا مَسْلَك ابْن الرُّومِي فِي الإطالة قَالَ أُسَامَة بن منقذ وَهُوَ مؤدب وَالِدي من شعره
(يَا مَاء دجلة مَا أَرَاك تلذ لي ... طيبا كَمَاء معرة النُّعْمَان)
(أتراك مملوحاً بِمَاء مدامعي ... لما مرته غمائم الأجفان)
(أم هَل ترى ظمئ الْفُؤَاد لمائها ... يَوْمًا يعود وَلَيْسَ بالظمآن)
وَمِنْه
(فغن تنكروا شَيْئا برأسي كَأَنَّهُ ... شعاعٌ تبدى فِي متون يمَان)
(فَإِن شباب الرمْح لَيْسَ بكاملٍ ... إِذا لم يلمع فِيهِ شيب سِنَان)
توفّي بشيزر سنة ثَلَاث وَخمْس مائَة وَكَانَ زاهداً ورعاً أديباً
3 - (جمال الدّين ابْن صصرى)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن هُوَ جمال الدّين ابْن شرف الدّين ابْن صصرى الثَّعْلَبِيّ الدِّمَشْقِي الْكَاتِب نظر جهاتٍ كَثِيرَة ولي نظر الْحِسْبَة وَأقَام بِهِ مُدَّة وَكَانَت لَهُ هَيْبَة وَصُورَة وَتَوَلَّى نظر الدَّوَاوِين أَيَّام سلطنة سنقر الْأَشْقَر وَكَانَ الْوَزير محيي الدّين ابْن كشرات وَلما كسر سنقر الْأَشْقَر قبض عَلَيْهِمَا وصودرا فأباع جمال الدّين مُعظم أملاكه فِي الدولة المنصورية ثمَّ بَاشر نظر الدولة فِي وقتٍ مشاركاً وَوقت بمفرده وَله تول إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة
3 - (الْعَرُوضِي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحِيم الْعَرُوضِي قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء حكى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد النامي فِي كتاب القوافي فَهُوَ من طبقَة ابْن درسْتوَيْه والأخفش عَليّ بن سُلَيْمَان
3 - (كَمَال الدّين ابْن شِيث)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن شِيث الْأَمِير كَمَال الدّين أَبُو إِسْحَاق الْقرشِي الْكَاتِب خدم النَّاصِر دَاوُد مُدَّة وَترسل عَنهُ ثمَّ خدم النَّاصِر يُوسُف فَأعْطَاهُ خيرا وَاعْتمد عَلَيْهِ وقربه ثمَّ ولي الرحبة للْملك الظَّاهِر ثمَّ ولاه بعلبك وَله أدب وَترسل وَمَعْرِفَة بالتاريخ وَالْأَخْبَار وَكَانَ يحفظ)
متون الْمُوَطَّأ وَله اعتناء بِالْحَدِيثِ وروى عَن ابْن الحرستاني وروى عَنهُ اليونيني وَكَانَ أَبوهُ جمال الدّين من كبراء دولة الْمُعظم توفّي رَحمَه الله بالسَّاحل وَقد نَيف عَن السِّتين وَحمل وَدفن ببعلبك فِي مقابرها سنة أَربع وَسبعين وست مائَة وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده جمال(6/32)
الدّين فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمن شعر كَمَال الدّين
(لَا تلحه فِي وجده تغريه ... دَعه ففرط ولوعه يَكْفِيهِ)
(حكم الغرام عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا ترى ... مغرى بتذكار الْحمى يبكيه)
(يشتاق أَيَّام العقيق وحبذا ... وَادي العقيق وحبذا من فِيهِ)
(وَإِذا النسيم روى سحيراً عَنْهُم ... خَبرا فيا طيب الَّذِي يمليه)
وَمِنْه البيتان
(واهاً لأويقات تقضت واها ... لَو ساعدني الزَّمَان فِي بقياها)
(يَا عزة أَيَّام زناني بكم ... لَا أذكر غَيرهَا وَلَا أَنْسَاهَا)
3 - (رَاوِي الْمُوَطَّأ)
إِبْرَاهِيم بن عبد الصَّمد بن مُوسَى الْهَاشِمِي البغداذي رَاوِي الْمُوَطَّأ عَن أبي مُصعب توفّي سنة خمس وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (سعد الدّين السّلمِيّ الطَّبِيب)
إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْجَبَّار الْحَكِيم البارع سعد الدّين السّلمِيّ ابْن الْمُوفق الدِّمَشْقِي الطَّبِيب خدم الْأَشْرَف وَكَانَ على خير وَدين وَكَانَ عَالما بالفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَهُوَ الَّذِي تولى عمَارَة الجوزية بِدِمَشْق وعاش إِحْدَى وَسِتِّينَ سنة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة وَكَانَ أَبوهُ الْمُوفق وللشريف الْبكْرِيّ فِي الْحَكِيم
(حَكِيم لطيف من لطافة وَصفه ... يود الْمعَافى السقم حَتَّى يعودهُ)
3 - (ابْن عبد السَّلَام الْخَطِيب)
إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام أَبُو إِسْحَاق ابْن الشَّيْخ الإِمَام عز الدّين رَحمَه الله وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين مَكَانَهُ السّلمِيّ الدِّمَشْقِي خطيب جَامع العقيبة كَانَ يتَكَلَّم بِكَلَام مسجوع مثل سجع الْكُهَّان وَيَزْعُم أَنه يلقى إِلَيْهِ من الْجِنّ وتعانى الْوَعْظ فتألم أَبوهُ لذَلِك فَترك الْوَعْظ وَكَانَ يلبس ثيابًا قَصِيرَة ويبكي فِي الْخطْبَة وَفِيه سَلامَة بَاطِن ولد)
سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (الْعِمَاد الْمَقْدِسِي)
إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد بن سرُور الشَّيْخ عماد الدّين الْمَقْدِسِي(6/33)
الْحَنْبَلِيّ الزَّاهِد أَبُو إِسْحَاق رَحمَه الله تَعَالَى أَخُو الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ ولد بجماعيل سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وست مائَة هَاجر إِلَى دمشق وَغَيرهَا وَسمع وارتحل وَصَارَت لَهُ معرفَة حَسَنَة بِالْحَدِيثِ مَعَ كَثْرَة السماع وَالْيَد الباسطة فِي الْفَرَائِض والنحو والخط الْمليح وَطول الشَّيْخ شمس الدّين تَرْجَمته فَجَاءَت فِي نصف كراس
3 - (النفزي الصَّالح)
إِبْرَاهِيم بن عبيديس النفزي أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ كَانَ الْمَذْكُور مَشْهُورا بالصلاح وَكَانَ متصوفاً وَهُوَ تلميذ أبي الْحسن ابْن الصّباغ يذكر أَنه دخل الْخلْوَة عِنْده بقنا من ديار مصر وَله سَماع بِالْحَدِيثِ وَسمع بالأندلس وَكَانَ مأماً للْفُقَرَاء وَله أَتبَاع ذكره شُيُوخنَا وَكَانَ بغرناطة وَذكره أستاذنا أَبُو جَعْفَر ابْن الزبير فِي تَارِيخه فِي عُلَمَاء الأندلس وَذكر من عِبَادَته وعكوفه على بَاب الله والتوكل عَلَيْهِ والانقطاع مَا يعجز عَنهُ كثير من أهل عصره وَكَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك آدَاب النثر وَالنّظم أنشدنا أثير الدّين قَالَ أنشدنا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبيديس لنَفسِهِ
(أَي شراب عِنْد ساقينا ... أسكرنا من قبل يسقينا)
(دارت كؤوس الْوَصْل مَا بَيْننَا ... وكل سكرٍ فِي الورى فِينَا)
وأنشدني قَالَ أنشدنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزقاق البجائي بثغر دمياط قَالَ أنشدنا الشَّيْخ أَبُو الْحسن عَليّ المالقي الدَّار عرف بالخملا بخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَمِيم مَفْتُوحَة وَلَام مُشَدّدَة بعْدهَا ألف قَالَ أنشدنا الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبيديس لنَفسِهِ
(عدمت وجودي إِذْ عرفت وجود من ... تَعَالَى فَلم يظفر بِهِ مسرح الْفِكر)
(تَعَالَى علوا فِي الْوُجُود وَإنَّهُ ... لأَقْرَب من حَبل الوريد لمن يدْرِي)
(لَهُ الْخلق ثمَّ الْأَمر فِي الْخلق كلهم ... يسيرهم بِالْأَمر فِي الْبر وَالْبَحْر)
(وتجري القضايا فِي البرايا وَلَا أرى ... لغيره وصلا لَا يحوم على هجر د)
قلت شعر نَازل)
3 - (أَبُو شيبَة القَاضِي)
إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الْعَبْسِي أَبُو شيبَة قَاضِي وَاسِط روى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَقيل قبل ذَلِك(6/34)
3 - (الْوزان النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان القيرواني النَّحْوِيّ أَبُو الْقَاسِم الْوزان شيخ تِلْكَ الديار فِي النَّحْو واللغة كَانَ ذَا صدق وتضلع من الْعُلُوم قَالَ القفطي حفظ كتاب الْعين للخليل بن أَحْمد وَالْمُصَنّف الْغَرِيب لأبي عبيد وَإِصْلَاح الْمنطق لِابْنِ السّكيت وَكتاب سِيبَوَيْهٍ وَأَشْيَاء كَثِيرَة حَتَّى قَالَ فِيهِ بَعضهم لَو قيل إِنَّه أعلم من الْمبرد وثعلب لصدق الْقَائِل وَكَانَ يسْتَخْرج من الْعَرَبيَّة مَا لم يَسْتَخْرِجهُ أحد وَكَانَ عجبا فِي اسْتِخْرَاج المعمى وَله تصانيف كَثِيرَة فِي النَّحْو وَلم يكن مجيداً فِي الشّعْر وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْغَزِّي أَبُو إِسْحَاق الشَّاعِر)
إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن مُحَمَّد أَبُو إِسْحَاق وَقيل أَبُو مَدين الْكَلْبِيّ الْغَزِّي الشَّاعِر الْمَشْهُور أحد فضلاء الدَّهْر وَمن سَار ذكره بالشعر الْجيد تنقل فِي الْبلدَانِ ومدح الْأَعْيَان وهجا جمَاعَة ودور فِي الْجبَال وخراسان وَسمع الحَدِيث بِدِمَشْق من الْفَقِيه نصر الْمَقْدِسِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة ورحل إِلَى بغداذ وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ النظامية سِنِين كَثِيرَة ومدح ورثى بهَا غير وَاحِد من المدرسين بهَا وَغَيرهم ثمَّ رَحل إِلَى خُرَاسَان وامتدح رؤساءها وانتشر شَرعه هُنَاكَ وَذكره محب الدّين ابْن النجار وَذكره ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق وَذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة ولد الْغَزِّي بغزة السَّاحِل فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَخمْس مائَة وَكَانَ قد خرج من مرو إِلَى بَلخ فَمَاتَ فِي الطَّرِيق وَحمل إِلَى بَلخ فَدفن بهَا وَحكي عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول لما حَضرته الْوَفَاة أَرْجُو أَن يغْفر لي رَبِّي لثَلَاثَة أَشْيَاء كوني من بدل الإِمَام الشَّافِعِي وَأَنِّي شيخ كَبِير وَأَنِّي غَرِيب رَحمَه الله وحقق رَجَاءَهُ وَمن شعره
(من آلَة الدست لم يُعْط الْوَزير سوى ... تَحْرِيك لحيته فِي حَال إِيمَاء)
(فَهُوَ الْوَزير وَلَا زرٌ يشد بِهِ ... مثل الْعرُوض لَهَا بحرٌ بِلَا مَاء)
وَمِنْه
(قَالُوا هجرت الشّعْر قلت ضَرُورَة ... بَاب الدَّوَاعِي والبواعث مغلق)
)
(خلت الديار فَلَا كريم يرتجى ... مِنْهُ النوال وَلَا مليحٌ يعشق)
(وَمن الرزية أَنه لَا يشترى ... ويخان فِيهِ مَعَ الكساد وَيسْرق)
قلت مَا أحسن قَول شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين عبد الْعَزِيز الْحَمَوِيّ
(وأغن أصدق فِي صِفَات جماله ... لَكِن وعد وصاله لَا يصدق)(6/35)
(راجعت فِيهِ الشّعْر كهلاً بَعْدَمَا ... باينته ولماء وَجْهي رونق)
(وَلَئِن فقدت بِهِ كَرِيمًا يرتجى ... فَلَقَد وجدت بِهِ مليحاً يعشق)
وَمِنْه
(أمط عَن الدُّرَر الزهر اليواقيتا ... وَاجعَل لحج تلاقينا مواقيتا)
فثغرك اللُّؤْلُؤ المبيض لَا الْحجر المسود لاثمه يطوي السباريتا
(قابلت بالشنب الأجفان مُبْتَسِمًا ... فطاح عَن ناظريك السحر منكوتا)
(فَكَانَ فوك الْيَد الْبَيْضَاء جَاءَ بهَا ... مُوسَى وجفناك هاروتا وماروتا)
(جمعت ضدين كَانَ الْجمع بَينهمَا ... لكل جمعٍ من الْأَلْبَاب تشتيتا)
(جسماً من المَاء مشروباً لأعيننا ... يضم قلباً من الْأَحْجَار منحوتا)
(وَنشر ذكراك أذكى الطّيب رَائِحَة ... وَنور وَجهك رد الْبَدْر مبهوتا)
(فضحت بالغيد الغزلان ملتفتاً ... وَلم يكن عَن حماك الْأسد ملفوتا)
(عذرت طيفك فِي هجري وَقلت لَهُ ... لَو اسْتَطَعْت إِلَيْنَا فِي الْكرَى جينا)
وَمِنْه
(عجبت لعين أروت السفح بالسفح ... وَقلت لَهَا شحي فَقَالَ الجوى سحي)
(وَمن ليلةٍ دهماء فازت بغرةٍ ... من الْبَدْر لم ترزق حجولاً من الصُّبْح)
(كَأَن صغَار الشهب فَوق ظلامها ... لآلئ غواصٍ نثرن على مسح)
(كَأَن السهى جسمي فَلَيْسَ بشاهدٍ ... وَلَا غائبٍ من شدَّة السقم البرح)
(كَأَن سهيلاً رعدةً وتباعداً ... غريقٌ جبانٌ يَدعِي قُوَّة السبح)
(كَأَن الدجا يخْشَى فرار نجومه ... فقد سد ألقام الأساليب بالملح)
وَمِنْه قَوْله
(فِي رَوْضَة قرن النَّهَار نجومها ... بسنا ذكاء فزادهن توقدا)
)
(وانجر فَوق غديرها ذيل الصِّبَا ... سحرًا فَأَصْبَحت الصفيحة مبردا)
(وكأنما كمد الغيوم يسرها ... وبكاؤهن الْيَوْم يضحكها غَدا)
وَمِنْه قَوْله
(حل الْهوى بمَكَان الرّوح من جَسَدِي ... فَكيف يُدْرِكهُ مَا جال فِي خلدي)
(أم كَيفَ أنعته وَالْحب مختلفٌ ... كالبحر متصفٌ بالدر والزبد)(6/36)
(مهاك يَا عقد الوعساء أعينها ... مِمَّن تعلمن هَذَا النفث فِي العقد)
(رياض حسن إِذا مر النسيم بهَا ... تلبد الْورْد فِي ظلّ من النجد)
وَمِنْه
(هبت لنا وبرود اللَّيْل أسمال ... صبا لَهَا من جُيُوب الغيد أذيال)
(مرت على شيخ نجدٍ وَهُوَ متشحٌ ... بلؤلؤ الطل والجرباء معطال)
(حَتَّى أتتنا وَفِي أعطافها بللٌ ... يهدي لكل مَرِيض مِنْهُ إبلال)
(وَالنَّفس بَين تباريح الجوى نفس ... والوصل تَحت سيوف الهجر أوصال)
وَمِنْه
(وَقَالُوا الْكَمَال بِهِ نقرسٌ ... فَقلت العنا على عقله)
(تشنج كفيه يَوْم الندى ... تعدى فدب إِلَى رجله)
وَمِنْه
(بِجمع جفنيك بَين الْبُرْء والسقم ... لَا تسفكي من جفوني بالفراق دمي)
(إشارةٌ مِنْك تكفيني وأفصح مَا ... رد السَّلَام غَدَاة الْبَين بالعنم)
(قد يركب الْأَمر الْمَاشِي فيحمله ... وَيسمع الأسطر الْقَارِي بِلَا نغم)
(تَعْلِيق قلبِي بِذَاكَ القرط يؤلمه ... فليشكر القرط تَعْلِيقا بِلَا ألم)
(تضرمت جمرةٌ فِي مَاء وجنتها ... والجمر فِي المَاء خَابَ غير مضطرم)
(وَمَا نسيت وَلَا أنسى تبسمها ... وملبس الجو غفلٌ غير ذِي علم)
(حَتَّى إِذا طاح عَنْهَا المرط عَن دهشٍ ... وانحل بِالضَّمِّ عقد السلك فِي الظُّلم)
(تبسمت فأضاء الجو فالتقطت ... حبات منتثر فِي ضوء مُنْتَظم)
وَمِنْه قَوْله)
(لَو زارنا طيف ذَات الْخَال أَحْيَانًا ... وَنحن فِي حُفْرَة الأجداث أَحْيَانًا)
(سرى بِهِ الشوق من عسفان معتسفاً ... فجَاء من قهوة الإسآد نشوانا)
(يَقُول أَنْت امرؤٌ جَاف مغالطةً ... فَقلت لَا هومت أجفان أجفانا)
وَلما توفّي الْغَزِّي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ أَبُو عَليّ ابْن طَبَاطَبَا يرثيه
(همومي فِي فِرَاق إِمَام غزه ... هموم كثيرٍ لفراق عزه)(6/37)
3 - (الكاشغري مُسْند الْعرَاق)
إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن يُوسُف بن زُرَيْق مُسْند الْعرَاق أَبُو إِسْحَاق الكاشغري ثمَّ البغداذي الزَّرْكَشِيّ ولد سنة أَربع وَخمسين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة خمس وَأَرْبَعين وست مائَة وسَمعه أَبوهُ من ابْن البطي والكاغذي وَابْن النقور وَغَيرهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَهُوَ صَحِيح السماع إِلَّا أَنه عسر جدا يذهب إِلَى الاعتزال وَيُقَال إِنَّه يرى رَأْي الفلاسفة ويتهاون بالأمور الدِّينِيَّة مَعَ حمق ظَاهر وَقلة علم
3 - (زين الدّين القَاضِي)
إِبْرَاهِيم بن عَرَفَات بن صَالح القَاضِي زين الدّين ابْن أبي المنى القنائي كَانَ من الْفُقَهَاء الْحُكَّام الأجواد حسن الِاعْتِقَاد فِي أهل الصّلاح يتَصَدَّق فِي كل سنة يَوْم عَاشُورَاء بِأَلف دِينَار قَالَت امْرَأَة جِئْت إِلَيْهِ فِي يَوْم عَاشُورَاء فَأَعْطَانِي ثمَّ جِئْت إِلَيْهِ فِي رِدَاء آخر فَأَعْطَانِي وتكررت فِي أردية مُخْتَلفَة وَهُوَ يعطيني حَتَّى حصل لي من جِهَته سِتّ مائَة دِرْهَم فاشتريت بهَا مسكنا تولى الحكم بقنا وَتُوفِّي بِبَلَدِهِ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
3 - (المكبري النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عقيل بن جَيش بن مُحَمَّد بن سعيد أَبُو إِسْحَاق الْقرشِي المكبري النَّحْوِيّ الدِّمَشْقِي روى عَنهُ الْخَطِيب وَوَثَّقَهُ وَقَالَ كَانَ صَدُوقًا قَالَ ابْن عَسَاكِر فِي قَوْله نظر كَانَ يذكر أَن عِنْده تعليقة أبي الْأسود الدؤَلِي الَّتِي أَلْقَاهَا إِلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ يعد بهَا أَصْحَابه لَا سِيمَا أَصْحَاب الحَدِيث وَلَا يَفِي إِلَى أَن كتبهَا عَنهُ بعض تلاميذه وَإِذا بِهِ قد ركب عَلَيْهَا إِسْنَادًا لَا حَقِيقَة لَهُ اعْتبر فَوجدَ مَوْضُوعا مركبا بعض رِجَاله أقدم مِمَّن روى عَنهُ وَلم يكن الْخَطِيب علم بذلك وَلَا وقف عَلَيْهِ فَلذَلِك وَثَّقَهُ قَالَ وَهَذِه التعليقة فَهِيَ من أمالي أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الزّجاج النَّحْوِيّ نَحوا من عشرَة أسطر فَجَعلهَا هَذَا الشَّيْخ)
إِبْرَاهِيم قَرِيبا من عشرَة أوراق قَالَ ياقوت وَله كتاب فِي النَّحْو رَأَيْته قدر اللمع وَقد أَجَاد فِيهِ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبع مائَة بِدِمَشْق وَدفن بِبَاب الصَّغِير
3 - (النَّيْسَابُورِي)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ الذهلي النَّيْسَابُورِي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وثق وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ(6/38)
3 - (الهُجَيْمِي)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عبد الْأَعْلَى أَبُو إِسْحَاق الهُجَيْمِي الْبَصْرِيّ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مَقْبُول الحَدِيث توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن هرودس المغربي)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن هرودس بِفَتْح الْهَاء وَالرَّاء وَسُكُون الْوَاو وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخِره سين مُهْملَة المغربي أَبُو الحكم الْأنْصَارِيّ الْكَاتِب من أهل حصن مرشانة من عمل المرية سكن مالقة وَتُوفِّي بمراكش فِي الطَّاعُون الْوَاقِع بهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخمْس مائَة أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم
(أإبراهيم إِن الْمَوْت آتٍ ... ونت من الغواية فِي سنات)
(رجاؤك مثل ظلّ الرمْح طولا ... وعمرك مثل إِبْهَام القطاة)
3 - (مجد الدّين ابْن الخيمي)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْأَجَل أبي هَاشم ابْن الصَّدْر الأديب المعمر أبي طَالب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن التامغار ابْن الخيمي الْحلَبِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْعدْل مجد الدّين أَبُو الْفَتْح ولد سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سادس عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة سمع من وَالِده بِسَمَاعِهِ من بنت سعد الْخَيْر وَسمع من الرشيد الْعَطَّار مجْلِس البطاقة وَمن ابْن الْبُرْهَان صَحِيح مُسلم وَأَجَازَ لَهُ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ ولاحق الأرتاحي والبهاء زُهَيْر وَأَبُو عَليّ الْبكْرِيّ وَخرج لَهُ التقي عبيد مشيخة وَحدث قَدِيما وَطَالَ عمره وَأخذ عَنهُ المصريون وَكَانَ جده من الْفُضَلَاء وَله النّظم والنثر
3 - (أَبُو إِسْحَاق الْفَارِسِي النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ أَبُو إِسْحَاق الْفَارِسِي النَّحْوِيّ من تلاميذ أبي عَليّ الْفَارِسِي لَهُ كتاب شرح)
الْجرْمِي مَعْرُوف متداول ذكره الثعالبي فِي البخاريين وَقَالَ هُوَ من الْأَعْيَان فِي النَّحْو واللغة ورد بُخَارى فِي أَيَّام السامنية ودرس عَلَيْهِ أَبنَاء الرؤساء وَالْكتاب وَأخذُوا عَنهُ وَولي التصفح فِي ديوَان الرسائل وَلم يزل يَلِيهِ إِلَى أَن مَاتَ وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي كتاب الوزيرين وَقد ذكر ابْن العميد فَقَالَ وَقد اجتاز بِهِ أَبُو إِسْحَاق الْفَارِسِي وَكَانَ من غلْمَان أبي سعيد السيرافي وَكَانَ قيمًا بِالْكتاب وقرض الشّعْر وصنف وأملى وَشرح وَتكلم فِي الْعرُوض والقوافي والمعمى وناقض المتنبي وَحفظ الطم وَالروم فَمَا زوده درهما وَلَا تفقده برغيف بعد أَن أذن لَهُ حَتَّى حضر وَسمع كَلَامه وَعرف فَضله واستبان سَعْيه انْتهى وَمن شعره يطْلب جُبَّة خَز(6/39)
(وأعن على برد الشتَاء بجبةٍ ... تذر الشتَاء مُقَيّدا مسجونا)
(سوسية بَيْضَاء يتْرك لَوْنهَا ... ألوان حسادي شواحب جونا)
(عذراء لم تلبس فكفك فِي الْعلَا ... تَأتي عذاراها وتأبى العونا)
(تسبي ببهجتها عيُونا لم تزل ... تسبي قلوباً فِي الْهوى وعيونا)
(مثل الْقُلُوب من العداة حرارة ... مثل الخدود من الكواعب لينًا)
توفّي
3 - (ابْن هرمة الشَّاعِر)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن سَلمَة الفِهري الْمدنِي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن هرمة من شعراء الدولتين نديم الْمَنْصُور كَانَ شيخ الشُّعَرَاء فِي زَمَانه وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الطالبيين قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ مقدم فِي شعراء الْمُحدثين قدمه بَعضهم على بشار بن برد وعَلى أبي نواس قيل إِنَّه كَانَ منهوماً فِي الشَّرَاب لَا يكَاد يصير عَنهُ فَقَالَ للمنصور يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّنِي مغرى بِالشرابِ وَكلما أمسكني وَالِي الْمَدِينَة حدني وَقد طَال هَذَا فَاكْتُبْ لي إِلَيْهِ فَكتب إِلَى عَامله بِالْمَدِينَةِ أما بعد فَمن أَتَاك بِابْن هرمة سَكرَان فحد ابْن هرمة ثَمَانِينَ واجلد الَّذِي يَأْتِي بِهِ مائَة فَكَانَ يمر بِهِ الْعس وَهُوَ ملقى على قَارِعَة الطَّرِيق فَيَقُول من يَشْتَرِي ثَمَانِينَ بِمِائَة قَالَ صَاحب الأغاني عَن عَامر بن صَالح أَنه أنْشد قصيدة لِابْنِ هرمة نَحوا من أَرْبَعِينَ بَيْتا لَيْسَ فِيهَا حرف مُعْجم قَالَ صَاحب الأغاني لم أَجدهَا فِي مَجْمُوع شعره وَلَا كنت أَظن أحدا تقدم رزيناً الْعَرُوضِي إِلَّا هَذَا الْبَاب وَهِي على مَا ذكره يَعْقُوب ابْن السّكيت اثْنَا عشر بَيْتا وَهِي
(أرسم سَوْدَة مَحل دارس الطلل ... معطل رده الْأَحْوَال كالحلل)
)
(لما رأى أَهلهَا سدوا مطالعها ... رام الصدود وَكَانَ الود كَالْمهْلِ)
وَهِي مثبتة فِي الأغاني بكمالها وَكَانَ ابْن هرمة قَصِيرا دميماً وَكَانَ يَقُول أَنا الْأُم الْعَرَب دعِي أدعياء هرمة دعِي فِي الخلج وَنسب الخلج فِي قُرَيْش يشك فِيهِ وَمر يَوْمًا على جِيرَانه وَهُوَ ميت سكرا حَتَّى دخل منزله فَلَمَّا كَانَ من الْغَد دخلُوا عَلَيْهِ فعاتبوه فِي الْحَالة الَّتِي رأوها مِنْهُ فَقَالَ أَنا فِي طلب مثلهَا مُنْذُ دهر أما أسمعتهم قولي
(أسَال الله سكرة قبل موتِي ... وصياح الصّبيان يَا سَكرَان)
فنهضوا من عِنْده وَنَقَضُوا ثِيَابهمْ وَقَالُوا مَا يفلح هَذَا أبدا وَيُقَال إِنَّه ولد سنة سبعين وَأنْشد الْمَنْصُور سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة وَعمر بعد ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة وَهُوَ الْقَائِل من قصيدة
(مَا أَظن الزَّمَان يَا أم عَمْرو ... تَارِكًا إِن هَلَكت من يبكيني)(6/40)
وَكَانَ كَذَلِك لقد مَاتَ وَمَا يحمل جنَازَته إِلَّا أَرْبَعَة نفر لَا يتبعهَا أحدا حَتَّى دفن بِالبَقِيعِ وَكَانَت وَفَاته بعد الْمِائَة وَالْخمسين تَقْرِيبًا وَكَانَ الْأَصْمَعِي يَقُول ختم الشّعْر بِابْن ميادة وَالْحكم الخضري وَابْن هرمة وطفيل الْكِنَانِي ومكين العذري
3 - (الحصري)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن تَمِيم القيرواني الحصري الشَّاعِر الْمَشْهُور ذكره ابْن رَشِيق فِي كتاب الأنموذج وَحكى شَيْئا من أخباره وأحواله وَقَالَ كَانَ شُبَّان القيروان يَجْتَمعُونَ عِنْده وَيَأْخُذُونَ عَنهُ وَرَأس عِنْدهم وَشرف لديهم وسارت تأليفاته وانثالت عَلَيْهِ الصلات وَمن شعره
(أورد قلبِي الردى ... لَام عذار بدا)
(أسود كالكفر فِي ... أَبيض مثل الْهدى)
وَمن شعره
(إِنِّي أحبك حبا لَيْسَ يبلغهُ ... فهم وَلَا يَنْتَهِي وصفي إِلَى صفته)
(أقْصَى نِهَايَة علمي فِيهِ معرفتي ... بِالْعَجزِ مني عَن إِدْرَاك مَعْرفَته)
وَهُوَ ابْن خَالَة أبي الْحسن عليّ الحصريّ وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَله من المصنفات كتاب زهر الْآدَاب وَهُوَ مَشْهُور من أُمَّهَات الْأَدَب صنفه بالقيروان وجميعه أَخْبَار أهل الْمشرق وَكَلَامهم ودقائقهم أَرَادَ بذلك الإعجاز وَاخْتَصَرَهُ فِي جُزْء لطيف سَمَّاهُ نور الظّرْف وَنور الطّرف وَكتاب المصون فِي سر الْهوى الْمكنون قَالَ بَان رَشِيق وَقد كَانَ أَخذ فِي عمل)
طَبَقَات الشُّعَرَاء على رتب الْأَسْنَان وَكنت أَصْغَر الْقَوْم سنا فصنعت
(رفقا أَبَا إِسْحَاق بالعالم ... حصلت فِي أضيق من خَاتم)
(لَو كَانَ فضل السَّبق مندوحة ... فضل إِبْلِيس على آدم)
فَلَمَّا بلغه البيتان أمسك عَنهُ وَاعْتذر مِنْهُ وَمَات وَقد سد عَلَيْهِ بَاب الفكرة فِيهِ وَلم يصنع شَيْئا توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة كَذَا ذكره الشَّيْخ شمس الدّين وَقَالَ ابْن خلكان قَالَ ابْن بسام بَلغنِي أَنه توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَذكر القَاضِي الرشيد ابْن الزبير فِي كتاب الْجنان أَن الحصري ألف كتاب زهر الْآدَاب سنة خمسين وَأَرْبع مائَة وَهَذَا يدل على صِحَة مَا قَالَه ابْن بسام ثمَّ إِن الشَّيْخ شمس الدّين ذكر وَفَاة الْمَذْكُور فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَقَالَ ياقوت قَالَ ابْن رَشِيق مَاتَ بالمنصورة من القيروان سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة وَمن شعره أَيْضا
(يَا هَل بَكَيْت كَمَا بَكت ... ورق الحمائم فِي الغصون)(6/41)
(هَتَفت سحيراً والربى ... للقطر رَافِعَة الجفون)
(فَكَأَنَّهَا صاغت على ... شجوي شجى تِلْكَ اللحون)
(ذَكرنِي عهدا مضى ... للأنس مُنْقَطع القرين)
3 - (أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن يُوسُف الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ الفيروزابادي شيخ الشَّافِعِيَّة فِي زَمَانه لقبه جمال الدّين تفقه بشيراز على أبي عبد الله الْبَيْضَاوِيّ وعَلى أبي أَحْمد عبد الْوَهَّاب بن رامين وَقدم الْبَصْرَة فَأخذ عَن الْجَزرِي وَدخل بغداذ فِي شَوَّال سنة خمس عشرَة وَأَرْبع مائَة فلازم القَاضِي أَبَا الطّيب وَصَحبه وبرع فِي الْفِقْه حَتَّى نَاب عَن ابْن الطّيب ورتبه معيداً فِي حلقته وَصَارَ أنظر أهل زَمَانه وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي الفصاحة
وَسمع من أبي عَليّ ابْن شَاذان وَأبي الْفرج مُحَمَّد بن عبيد الله الخرجوشي وَأبي بكر اليرقاني وَغَيرهم وَحدث ببغداذ همذان ونيسابور روى عَنهُ أَبُو بكر الْخَطِيب وَأَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ والْحميدِي وَجَمَاعَة حكى عَنهُ أَنه قَالَ كنت نَائِما ببغداذ فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر فَقلت يَا رَسُول الله بَلغنِي عَنْك أَحَادِيث كَثِيرَة عَن ناقلي الْأَخْبَار فَأُرِيد أَن أسمع مِنْك خَبرا أتشرف بِهِ فِي الدُّنْيَا وأجعله ذخيرة للآخرة فَقَالَ يَا شيخ وسماني يَا شيخ)
وخاطبني بِهِ وَكَانَ يفرح بِهَذَا ثمَّ قَالَ قل عني من أَرَادَ السَّلامَة فليطلبها فِي سَلامَة غَيره رَوَاهَا السَّمْعَانِيّ عَن أبي الْقَاسِم حيدر بن مَحْمُود الشِّيرَازِيّ بمرو وَأَنه سمع ذَلِك من أبي إِسْحَاق صنف الْمُهَذّب والتنبيه يُقَال إِن فِيهِ اثْنَتَيْ عشرَة ألف مَسْأَلَة مَا وضع فِيهِ مَسْأَلَة حَتَّى تَوَضَّأ وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَسَأَلَ الله أَن ينفع المشتغل بِهِ وَقيل ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُهَذّب وصنف اللمع فِي أصُول الْفِقْه وَشرح اللمع والمعونة فِي الجدل والملخص فِي أصُول الْفِقْه وَكَانَ فِي غَايَة من الدّين والروع والتشدد فِي الدّين وَلما بنى نظام الْملك الْمدرسَة النظامية ببغداذ سَأَلَهُ أَن يتولاها فَلم يفعل فولاها لأبي نصر بن الصّباغ صَاحب الشَّامِل مُدَّة يسيرَة ثمَّ أجَاب إِلَى ذَلِك فتولاها وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ لَيْلَة الْأَحَد الْحَادِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة وَقيل الأولى سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبع مائَة ببغداذ وَدفن من الْغَد بِبَاب أبرز ومولده بفيروزاباد سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة ورثاه أَبُو الْقَاسِم بن ناقيا بقوله
(أجْرى المدامع بِالدَّمِ المهراق ... خطب أَقَامَ قِيَامَة الآماق)
(مَا لليالي لَا تؤلف شملها ... بعد ابْن بجدتها أبي إِسْحَاق)(6/42)
وَكَانَ ببغداذ شَاعِر يُقَال لَهُ عَاصِم قَالَ فِيهِ
(ترَاهُ من الذكاء نحيف جسم ... عَلَيْهِ من توقده دَلِيل)
(إِذا كَانَ الْفَتى ضخم الْمَعَالِي ... فَلَيْسَ يضرّهُ الْجِسْم النحيل)
وَكَانَ إِذا أَخطَأ أحد بَين يَدَيْهِ قَالَ أَي سكتة فاتتك وَإِذا تكلم فِي مَسْأَلَة وَسَأَلَ السَّائِل سؤالاً غير مُتَوَجّه قَالَ
(سَارَتْ مشرقة وسرت مغرباً ... شتان بَين مشرق ومغرب)
وَأورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار قَوْله
(إِذا تخلفت عَن صديق ... وَلم يعاتبك فِي التَّخَلُّف)
(فَلَا تعد بعْدهَا إِلَيْهِ ... فَإِنَّمَا وده تكلّف)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(قصر النَّهَار وَشدَّة الْبرد ... قد حَال دون لِقَاء ذِي الود)
(فاعذر صديقا فِي تَأَخره ... حَتَّى يجيئك أول الْورْد)
وَقَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مَحْمُود الشذباني بهراة قَالَ أنشدنا أَبُو سعد عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن)
مَنْصُور السَّمْعَانِيّ قَالَ أنشدنا أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْإِصْطَخْرِي أنشدنا أَبُو عَليّ الْحسن بن إِبْرَاهِيم الفارقي قَالَ أنشدنا أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ لنَفسِهِ
(لقد جَاءَنَا برد وَورد كِلَاهُمَا ... فَيحمل هَذَا الْبرد من جِهَة الْورْد)
(كَمَا يحمل المحبوب من حبه الْأَذَى ... لما يجتنيه من جنى الْورْد فِي الخد)
وَأورد لَهُ أَيْضا قَوْله
(ذهب الشتا وتصرم الْبرد ... وأتى الرّبيع وجاءنا الْورْد)
(فَاشْرَبْ على وَجه الحبيب مدامة ... صهباء لَيْسَ لمثلهَا رد)
وَأورد لَهُ أَيْضا قَوْله
(جَاءَ الرّبيع وَحسن ورده ... وَمضى الشتَاء وقبح برده)
فَاشْرَبْ على وَجه الحبيب ووجنتيه وَحسن خَدّه قَالَ ابْن النجار أَنْشدني شهَاب الدّين الْحَاتِمِي قَالَ أنشدنا أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ قَالَ أنشدنا أَبُو المظفر شبيب بن الْحُسَيْن القَاضِي قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق يَعْنِي الشِّيرَازِيّ لنَفسِهِ وَذكر الْبَيْتَيْنِ جَاءَ الرّبيع ثمَّ قَالَ قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ قَالَ شبيب ثمَّ بَعْدَمَا أَنْشدني هذَيْن الْبَيْتَيْنِ أنشدا عِنْد القَاضِي عين الدولة حَاكم صور بَلْدَة على سَاحل بَحر الرّوم فَقَالَ أحضر ذَلِك الشَّأْن(6/43)
يَعْنِي الشَّرَاب فقد أَفتانا بِهِ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق فَبكى الإِمَام ودعا على نَفسه وَقَالَ يَا لَيْتَني لم أقل هذَيْن الْبَيْتَيْنِ قطّ ثمَّ قَالَ كَيفَ لي بردهما من أَفْوَاه النَّاس فَقلت يَا سَيِّدي هَيْهَات قد سَارَتْ بِهِ الركْبَان وَقَالَ ابْن النجار وَسمعت ابْن السَّمْعَانِيّ يَقُول سَمِعت بَعضهم يَقُول دخل الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق بعض الْمَسَاجِد ليَأْكُل الطَّعَام على عَادَته فنسي دِينَارا كَانَ فِي يَده وَخرج وَذكر فِي الطَّرِيق فَرجع فَوجدَ الدِّينَار فِي الْمَسْجِد ثمَّ فكر فِي نَفسه وَقَالَ رُبمَا هَذَا الدِّينَار وَقع من غَيْرِي وَمَا أعرف أَن هَذَا لي أم لغيري فتركته فِي الْمَسْجِد وَخرج وَمَا مَسّه وَسمعت ابْن السَّمْعَانِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الْخَطِيب يَقُول كَانَ يمشي بعض أَصْحَاب أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ مَعَه فِي طَرِيق فَعرض لَهما كلب فَقَالَ ذَلِك الْفَقِيه للكلب اخْسَأْ فهناه الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق عَن ذَلِك وَقَالَ لم طردته عَن الطَّرِيق أما عرفت أَن الطَّرِيق بيني وَبَينه مُشْتَرك وَأطَال ابْن النجار تَرْجَمَة الشَّيْخ أبي إِسْحَاق قلت وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق من الفصحاء البلغاء أَلا ترى عِبَارَته فِي التَّنْبِيه مَا أفصحها وأعذبها زعم بَعضهم أَن بعض أَلْفَاظه)
تقع منظوماً كَقَوْلِه فِي كتاب التَّفْلِيس
(إِذا اجْتمعت على رجل دُيُون ... فَإِن كَانَت مُعجلَة)
زَاد بَعضهم تهون أَو قَضَاهَا وَفِي الأَصْل لم يُطَالب بهَا وَقَوله فِي الْمُهَذّب أَيْضا
(لِأَنَّهُ لَا بُد من مخرج ... يخرج مِنْهُ الْبَوْل وَالْغَائِط)
وَقَوله فِي التَّنْبِيه فِي بَاب الْحِوَالَة بَرِئت ذمَّة الْمُحِيل وَصَارَ الْحق فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ وَمن شعر الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ
(سَأَلت النَّاس عَن خل وَفِي ... فَقَالُوا مَا إِلَيّ هَذَا سَبِيل)
(تمسك إِن ظَفرت بود حر ... فَإِن الْحر فِي الدُّنْيَا قَلِيل)
3 - (تَقِيّ الدّين الوَاسِطِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عليّ بن أَحْمد بن فضل الإِمَام الْقدْوَة تَقِيّ الدّين أَبُو إِسْحَاق الوَاسِطِيّ الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ مُسْند الشَّام ولد سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وست مائَة وَكَانَ على كرسيه يقْرَأ الختمة فِي رَكْعَة سمع من ابْن الحرستاني وَابْن ملاعب وَابْن الجلاجلي ومُوسَى بن عبد الْقَادِر وَابْن رَاجِح وَالشَّيْخ الْمُوفق وَابْن نعْمَة وَابْن الْبَنَّا وَطَائِفَة بِدِمَشْق وَأبي مُحَمَّد ابْن الْأُسْتَاذ بحلب وَالْفَتْح بن عبد السَّلَام وَعلي ابْن زيد وَأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عفيجة وَأبي هُرَيْرَة الوسطاني وَأبي المحاسن ابْن البيع وَأبي عَليّ ابْن الجواليقي والمهذب ابْن قنيدة ومحاسن بن الخزائني وَأبي مَنْصُور أَحْمد بن البراح وَأبي حَفْص(6/44)
السهروردي وَعمر بن كرم وَمُحَمّد بن أبي الْفَتْح ابْن عصية وياسمين بنت ابْن البيطار وَشرف النِّسَاء بنت الآبنوسي وَطَائِفَة وَأَجَازَ لَهُ زَاهِر الثَّقَفِيّ وَأَبُو الْفَخر أسعد بن روح وَجَمَاعَة من أَصْبَهَان وَابْن سكينَة وَابْن طبرزد وَابْن الْأَخْضَر وَطَائِفَة من بغداذ وَعبد الرَّحْمَن بن المعزم من همذان وانتهت إِلَيْهِ الرحلة فِي علو الْإِسْنَاد وَحدث بالكثير وَكَانَ فَقِيها عَارِفًا بِالْمذهبِ ودرس بمدرسة الصاحبة بِالْجَبَلِ وَولي مشيخة الحَدِيث فِي الظَّاهِرِيَّة وَكَانَ صَالحا عابداً أماراً بِالْمَعْرُوفِ مهيباً كثيرا لتلاوة الْقُرْآن خشن الْعَيْش سمع مِنْهُ البرزالي علم الدّين وَابْن سيد النَّاس فتح الدّين وقطب الدّين الْحلَبِي والمزي وَابْنه والشهاب ابْن النابلسي وَابْن المهندس وَابْن تَيْمِية وَإِخْوَته وَبدر الدّين ابْن غَانِم وللشيخ شمس الدّين مِنْهُ إجَازَة وَكَانَ الفاورثي يجلس بَين)
يَدَيْهِ وَيقْرَأ عَلَيْهِ الحَدِيث
3 - (الطوخي)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أبي الْفَتْح شاور بن ضرغام الْجَعْفَرِي الطوخي الشارعي الْمُقْرِئ الأديب أَنْشدني لَهُ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان
(اسْمَع كلَاما كالدر نظماً ... عَلَيْهِ أهل الصّلاح نصوا)
(الْهزْل مثل اسْمه هزال ... والرقص عِنْد السماع نقص)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(سَلام مثل عرف الرَّوْض طيبا ... إِذا عبثت بِهِ أَيدي الشمَال)
(على من حبه فِي الْقلب أحلى ... على ظمإ من المَاء الزلَال)
3 - (ابْن خشنام الْحَنَفِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن خشنام بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة والشين الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَبعد الْألف مِيم ابْن أَحْمد الْكرْدِي الْحميدِي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ القَاضِي شمس الدّين كَانَ أَبوهُ قد روى عَن دَاوُد بن الفاخر وَقتل فِي كائنة حلب روى عَنهُ الدمياطي وَابْن الظَّاهِرِيّ وَهَذَا إِبْرَاهِيم ولد سنة تسع وَعشْرين وست مائَة وتفقه وَسمع من ابْن يعِيش النَّحْوِيّ وَأبي الْقَاسِم ابْن رَوَاحَة ومكي بن عَلان وَصَحب ابْن العديم وَولي قَضَاء حمص للحنفية وعزل ثمَّ ولي إِمَامَة جَامعهَا وَكَانَ شهماً شجاعاً جَريا خدم غازان وداخل التتار وَولي قَضَاء حمص من جِهَة غازان وَحكم وظلم ثمَّ خَافَ فسافر مَعَ التتار وَولي عَنْهُم قَضَاء خلاط وَأقَام هُنَاكَ نَحْو سنة أَعْوَام ثمَّ إِنَّه مَاتَ على قَضَائهَا وَسمع مِنْهُ البرزالي وَغَيره(6/45)
3 - (القطب الْمصْرِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد السّلمِيّ المغربي الْمَعْرُوف بالقطب الْمصْرِيّ قدم خُرَاسَان وَقَرَأَ على الإِمَام فَخر الدّين وَكَانَ من كبار تلامذته وصنف فِي الْحِكْمَة وَشرح كليات القانون بكمالها وَقتل فِيمَن قتل بنيسابور عِنْد دُخُول التتار إِلَيْهَا فِي سنة ثَمَانِي عشرَة وست مائَة قَالَ ابْن أبي أصيبعة فِي تأريخ الْأَطِبَّاء وَهُوَ فِي شرح الكليات يفضل المسيحي وَابْن الْخَطِيب على ابْن سينا وَهَذَا نَصه والمسيحي أعلم بصناعة الطِّبّ من الشَّيْخ أبي عَليّ لِأَن مَشَايِخنَا كَانُوا يرجحونه على جمع عَظِيم مِمَّن هُوَ أفضل من أبي عَليّ فِي هَذَا الْفَنّ وَقَالَ أَيْضا وَعبارَة)
المسيحي أوضح وَأبين مِمَّا قَالَه الشَّيْخ فَإِن غَرَضه تَقْيِيد الْعبارَة من غير قائدة وَقَالَ فِي تَفْضِيل ابْن الْخَطِيب على الشَّيْخ فَهَذَا مَا ينخل من كَلَام الْإِمَامَيْنِ الْمُتَقَدّم والمتأخر عَنهُ زَمَانا الرَّاجِح عَلَيْهِ علما وَعَملا واعتقاداً ومذهباً انْتهى قلت كن الإِمَام فَخر الدّين رَحمَه الله كَانَ يفهم من أنفاس القطب الحض على الرئيس لِأَنَّهُ حُكيَ أَنَّهُمَا دخلا يَوْم أضحى على خوارزم شاه يهنيانه بالعيد وجلسا نَاحيَة وَتلك الْأَضَاحِي تنحر ففكر الإِمَام ودمعت عينه فَقَالَ لَهُ القطب مِم بكاؤك يَا إِمَام قَالَ فِي هَذِه الْأَنْعَام وَمَا يراق من دمائها فِي هَذَا الْيَوْم فِي أقطار الأَرْض فَقَالَ القطب مَا فِي هَذَا شَيْء حَيَوَان خسيس أُبِيح دَمه لمصْلحَة حَيَوَان شرِيف فَقَالَ لَهُ الإِمَام إِن كَانَ الْأَمر كَمَا قلت فَأَنت يَنْبَغِي أَن تذبح للرئيس أبي عَليّ ابْن سينا أَو كَمَا قيل
3 - (الزَّوَال الأندلسي)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أغلب الْخَولَانِيّ الأديب الأندلسي الْمَعْرُوف بالزوال بالزاي وَالْوَاو وَالْألف وَاللَّام سمع وروى وَقَالَ الشّعْر وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرَة وست مائَة وَمن شعره
3 - (عين بصل الحائك)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن خَلِيل الْحَرَّانِي الْمَعْرُوف بِعَين بصل شيخ حائك كَانَ عامياً أُمِّيا أناف على الثَّمَانِينَ وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة تسع وَسبع مائَة قَصده قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان رَحمَه الله واسنتشده شَيْئا من شعره فَقَالَ أما الْقَدِيم فَمَا يَلِيق وَأما نظم الْوَقْت الْحَاضِر فَنعم وأنشده
(وَمَا كل وقتٍ فِيهِ يسمح خاطري ... بنظم قريض رائق اللَّفْظ وَالْمعْنَى)
(وَهل يَقْتَضِي الشَّرْع الشريف تيمماً ... بتربٍ وَهَذَا الْبَحْر يَا صَاحِبي مَعنا)(6/46)
قلت كَذَا حَدثنِي غير وَاحِد وَهَذَانِ البيتان خبرهما يَأْتِي فِي تَرْجَمَة شميم الْحلِيّ وَهُوَ الْحسن بن عَليّ وَقَالَ وَقد اقترح ذَلِك عَلَيْهِ
(غرست فِي الخد نرجسة ... فحكت فِي أحسن الصُّور)
(كوكباً فِي الجو متقداً ... قد بدا فِي جَانب الْقَمَر)
وَقَالَ
(وَقَائِل قَالَ إِبْرَاهِيم عين بصل ... أضحى يَبِيع قبا فِي النَّاس بعد قبا)
)
(فَقلت مَه يَا عذولي كم تعنفني ... لَو جعت قدت وَلَو أفلست بِعْت قبا)
وينسب إِلَيْهِ مَا قيل فِي الشبكة والسمك كم كبسنا بَيْتا لكَي نمسك السكان مِنْهُ فِي سَائِر الْأَوْقَات فمسكنا السكان وَانْهَزَمَ الْبَيْت لدينا خوفًا من الطاقات وَقَالَ
(جسمي بسقم جفونه قد اسقما ... ريم بِسَهْم لحاظه قلبِي رمى)
(كالرمح معتدل القوام مهفهف ... مر الجفا لكنه حُلْو اللما)
(رشأ أحل دمي الْحَرَام وَقد رأى ... فِي شَرعه وَصلي الْحَلَال محرما)
(رب الْجمال بوصله وبهجره ... ألْقى وأصلى جنَّة وجهنما)
(عَن ورد وجنته بآس عذاره ... وبسيف نرجس طرفه السَّاجِي حمى)
(عاتبته فقسا وفيت فخانني ... قربته فنأى بَكَيْت تبسما)
(حكمته فِي مهجتي وحشاشتي ... فجنى وجار عَليّ حِين تحكما)
(يَا ذَا الَّذِي فاق الغصون بقده ... وسما بطلعته على قمر السما)
(رفقا بِمن لَوْلَا جمالك لم يكن ... حلف الصبابة والغرام متيما)
(أنسيت أَيَّامًا مَضَت ولياليا ... سلفت وعيشاً بالصريم تصرما)
(إِذْ نَحن لَا نخشى الرَّقِيب وَلم نخف ... صرف الزَّمَان وَلَا نطيع اللوما)
(والعيش غض والحواسد نوم ... عَنَّا وَعين الْبَين قد كحلت عمى)
(فِي رَوْضَة أبدت ثغور زهورها ... لما بَكَى وَبهَا الْغَمَام تبسما)
(مد الرّبيع إِلَى الخمائل نوره ... فِيهَا فَأصْبح كالخيام مخيما)(6/47)
(تبدو الأقاحي مثل ثغر مهفهف ... أضحى الْمُحب بِهِ كثيباً مغرما)
(وعيون نرجسها كأعين غادةٍ ... ترنو فترمي باللواحظ أسهما)
(وَكَذَلِكَ المنثور منثور بهَا ... لما رأى ورد الغصون منظما)
(وَالطير تصدح فِي فروع غصونها ... سحرًا فتوقظ بالهديل النوما)
(والراح فِي رَاح الحبيب يديرها ... فِي فتية نظرُوا المسرة مغنما)
(فسقاتنا تحكي البدور وراحنا ... تحكي الشموس وَنحن نحكي الأنجما)
)
وَقَالَ
(دمع عَيْني يَحْكِي الْفِرَاق غزير ... وَمن الهجر فِي الْفُؤَاد هجير)
(لَا تثق فِي الْهوى بِعَهْد غرير ... لَيْسَ وعد الغرير إِلَّا غرور)
بِي من الغيد أسمر قد حكى الأسمر فِيهِ لي الغرام سمير
(قمر طالع على غُصْن بَان ... فِيهِ عَقْلِي بنوره مقمور)
أوحش الطّرف إِذا غَدا مؤنس الْقلب وطرفي شكّ وقلبي شكور لي من حسنه البديع وَمن طول تجنيه جنَّة وسعير
(ذُو محيا لناظري وقلبي ... مِنْهُ فِي الْحبّ نظرة وسرور)
(لَو بدا طالعاً بجنة عدن ... غَار ولدانها وحار الْحور)
(فعسير عَنهُ سلو فُؤَادِي ... إِنَّمَا الْمَوْت فِي رِضَاهُ يسير)
(وطليق عَلَيْهِ دمع شؤوني ... إِنَّمَا الْقلب فِي يَده أَسِير)
(وَقَلِيل على تماديه صبري ... إِنَّمَا الوجد فِي هَوَاهُ كثير)
يَا حَبِيبِي كن عاذر العاشق العذري فالصب فِي الْهوى مَعْذُور
(هجر النّوم مذ هجرت فأضحى ... وَهُوَ فِي الْحبّ هَاجر مهجور)
(أسرته سوالف ونحور ... وغزته معاطف وخصور)
(فَهُوَ صب معذب مستهام ... مَا لَهُ فِي هَوَاك يَوْمًا نصير)
قلت إِنَّمَا أثبت هَاتين القطعتين لِأَنَّهُمَا من هَذَا الْعَاميّ طبقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ على مَا فِي شعره من اللّحن وَهُوَ شعر مَقْبُول لَيْسَ هُوَ الذرْوَة وَلَا قَرِيبا مِنْهَا
3 - (الْبَرْمَكِي الْحَنْبَلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عمر بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْحَاق الْبَرْمَكِي(6/48)
البغداذي الْحَنْبَلِيّ كَانَ أسلافه يسكنون محلّة تعرف بالبرامكة سمع أَبَا بكر الْقطيعِي وَغَيره توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (برهَان الدّين الجعبري)
إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة ذُو الْفُنُون شيخ الْقُرَّاء برهَان الدّين الربعِي الجعبري الشَّافِعِي مُؤذن جعبر ولد فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَسمع فِي صباه ابْن خَلِيل وتلا ببغداذ)
بالسبع على أبي الْحسن الوجوهي صَاحب الْفَخر الْموصِلِي وتلا بالعشر على المنتجب صَاحب ابْن كدي وَاسْنِدِ الْقرَاءَات بِالْإِجَازَةِ عَن الشريف ابْن الْبَدْر الدَّاعِي وَقَرَأَ التَّعْجِيز حفظا على مُؤَلفه تَاج الدّين ابْن يُونُس وَسمع من جمَاعَة وَقدم دمشق بفضائل فَنزل بالسميساطية وَأعَاد بالغزالية وباحث وناظر ثمَّ ولي مشيخة الْحرم بِبِلَاد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأَقَامَ بِهِ بضعاً وَأَرْبَعين سنة وصنف التصانيف واشتهر ذكره قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت عَلَيْهِ نزهة البررة فِي الْعشْرَة وَألف شرحاً للشاطبية كَبِيرا وشرحاً للرائية ونظم فِي الرَّسْم رَوْضَة الطرائف وَاخْتصرَ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ومقدمته فِي النَّحْو وكمل شرح المُصَنّف للتعجيز
وَله ضوابط كَثِيرَة نظمها وَله كتاب الإفهام والإصابة فِي مصطلح الْكِتَابَة نظم ويواقيت الْمَوَاقِيت نظم والسبيل الأحمد إِلَى الْخَلِيل بن أَحْمد وَتَذْكِرَة الْحَافِظ فِي مشتبه الْأَلْفَاظ ورسوم التحديث فِي علم الحَدِيث وموعد الْكِرَام لمولد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَكتاب الْمَنَاسِك ومناقب الشَّافِعِي والشرعة فِي الْقرَاءَات السَّبْعَة وعقود الجمان فِي تجويد الْقُرْآن وَكتاب الاهتداء فِي الْوَقْف والابتداء والإيجاز فِي الألغاز وتصانيفه تقَارب الْمِائَة كلهَا جَيِّدَة محررة رَأَيْته غير مرّة بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَسمعت كَلَامه وَكَانَ حُلْو الْعبارَة سمعته يَحْكِي قَالَ كَانَ قلبِي لهَذَا الْحرم شيخ جَاءَ السُّلْطَان مرّة إِلَى زِيَارَة الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ الشَّيْخ متخلياً عَن النَّاس فَقَالَ لَهُ المتحدثون فِي الدولة يَا شيخ مَا تعرفنا حَال هَذَا الْحرم ودخله وخرجه فَقَالَ نعم وَأَخذهم وَجَاء بهم إِلَى مَكَان يمدون فِيهِ السماط وَقَالَ الدَّاخِل هُنَا ثمَّ أَخذهم وَجَاء بهم الطَّهَارَة وَقَالَ الخرج هُنَا مَا أعرف هُنَا غير ذَلِك فضحكوا مِنْهُ وَلم يتَّفق لي أَن أروي عَنهُ شَيْئا وأنشدني من أنْشدهُ قَوْله
(لما أعَان الله جلّ بِلُطْفِهِ ... لم تسبني بجمالها الْبَيْضَاء)
(وَوَقعت فِي شرك الردى متحبلاً ... وتحكمت فِي مهجتي السَّوْدَاء)(6/49)
وَقَالَ من سمعته يَحْكِي قَالَ كنت فِي أول الْأَمر أَشْتَرِي بفلس جزراً أتقوت بِهِ ثَلَاثَة أَيَّام أَو قَالَ سَبْعَة أنسيت ذَلِك وَكَانَ سَاكِنا وقوراً ذكياً لَهُ قدرَة تَامَّة على الِاخْتِصَار وحسبك مِمَّن يختصر الْمُخْتَصر والحاجبية وصاحبهما تتأجج نَفسه فِي الْوَاو وَالْفَاء إِذا كَانَ أَحدهمَا زَائِدا لغير معنى وَألف فِي كثير من الْعُلُوم تَلا عَلَيْهِ شمس الدّين الْمُطَرز وَسيف الدّين ابْن أيدغدي وَالشَّيْخ عَليّ الديواني وَجَمَاعَة كَثِيرَة لَا أعرفهم وَتُوفِّي فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع)
مائَة عَن تسعين سنة وَمن نظمه رَحمَه الله تَعَالَى
(أَضَاء لَهَا دجى اللَّيْل البهيم ... وجدد وجدهَا مر النسيم)
(فراحت تقطع الفلوات شوقاً ... مكلفة بِكُل فَتى كريم)
(قفار لَا ترى فِيهَا أنيساً ... سوى نجم وغصن نقا وريم)
(نياق كالحنايا ضامرات ... يحاكي لَيْلهَا ليل السَّلِيم)
(كَأَن لَهَا قَوَائِم من حَدِيد ... وأكباد من الصلد الصميم)
(لَهَا بقبا وسفح ممني غرام ... يلازمها مُلَازمَة الْغَرِيم)
(وَفِي عَرَفَات اقْتَرَبت وفازت ... وحطمت الْخَطَايَا بِالْحَطِيمِ)
(وبالبيت الْعَتِيق سعت وطافت)
(ترَاهَا من هوى وجوى وَوجد ... تسير مَعَ الدجى سير النُّجُوم)
(لما تَلقاهُ من نصب نَهَارا ... ترى الإدلاج كالطل الْحَمِيم)
وَمِنْه أَيْضا
(لما بدا يُوسُف الْحسن الَّذِي تلفت ... فِي حبه مهجتي استحييت لواحيه)
(فَقلت للنسوة اللَّاتِي شغفن بِهِ ... فذلكن الَّذِي لمتني فِيهِ)
3 - (ابْن المناصف النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن عِيسَى بن أصبغ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الْأَزْدِيّ الْقُرْطُبِيّ الْمَعْرُوف بِابْن المناصف من كبار الْمَالِكِيَّة بقرطبة قَالَ ابْن مسدي أملي علينا بدانية على قَول سِيبَوَيْهٍ هَذَا بَاب مَا الْكَلم من الْعَرَبيَّة عشْرين كراساً بسط القَوْل فِيهَا فِي مائَة وَثَلَاثِينَ وَجها وَمَات رَحمَه الله على قَضَاء سجلماسة سنة سبع وَعشْرين وست مائَة قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي التُّحْفَة ولي قَضَاء دانية وَصرف عَنْهَا أول الْفِتْنَة المنبعثة فِي الأندلس صدر سنة إِحْدَى(6/50)
وَعشْرين وست مائَة سكن بلنسية أشهراً وَبهَا صحبته ثمَّ انْتقل مِنْهَا وَولي بعد ذَلِك قَضَاء سلجماسة وَمن شعره
(وزائر زارني وَهنا فَقلت لَهُ ... أَنى اهتديت وسجف اللَّيْل مسدول)
(فَقَالَ آنست نَارا من جوانحكم ... أَضَاء مِنْهَا لَدَى السارين قنديل)
(فَقلت نَار الْهوى معنى وَلَيْسَ لَهَا ... نور يبين فَمَاذَا مِنْك مَقْبُول)
(فَقَالَ نسبتنا من ذَاك وَاحِدَة ... أَنا الخيال ونار الْحبّ تخييل)
)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلأبي إِسْحَاق مُصَنف يشْهد لَهُ بالبراعة وَقَالَ توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة وَابْن الْأَبَّار قَالَ سنة سبع وَعشْرين وَهُوَ أعرف بأحوال أهل بِلَاده كَيفَ وَقَالَ صحبته بدانية
3 - (الزَّمن الْمَدَائِنِي)
إِبْرَاهِيم بن عيس أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب الْمَدَائِنِي الزَّمن من أهل دير قنى شَاعِر أديب ذكره المرزباني وَابْن الْجراح وَمن شعره
(يَا موعداً مِنْهَا ترقبته ... وَالصُّبْح فِيمَا بَيْننَا يسفر)
(هَمت بِنَا حَتَّى إِذا أَقبلت ... نم عَلَيْهَا الْمسك والعنبر)
(مَا أنصف العاذل فِي لومه ... بمثلكم من يبتلى يعْذر)
(يَا مزنة يحتثها بارق ... وروضة أنوارها تزهر)
قَالَ المرزباني كَانَ يتعشق أَبَا الصَّقْر إِسْمَاعِيل بن بلبل فِي حداثته فَلَمَّا علت حَاله لم يلْتَفت إِلَيْهِ فهجاه بِشعر كثير قَبِيح وَلما تقلد أَبُو الصَّقْر ديوَان الضّيَاع بسر من رأى مَكَان صاعد بن مخلد كتب هَذَا الْمَدَائِنِي إِلَى سُلَيْمَان بن وهب
(أَبَا أَيُّوب مَا هذي البلية ... أما للْملك تأنف والرعيه)
(أترضى للضياع مضيع دبر ... لواحظه تَسوق إِلَى الْمنية)
(تصدر صَاحب الدِّيوَان فِيهِ ... وَكَانَ لأَهله فِيهِ مطيه)
وَكتب إِلَى إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر وَقد انتزع إِسْمَاعِيل بن بلبل من يَده عملا كَانَ مَعَه
(لِيهن أَبَا إِسْمَاعِيل أَسبَاب نعْمَة ... مجدده بِالْعَزْلِ والعزل أنبل)
(شهِدت لقد منوا عَلَيْك وأحسنوا ... لِأَنَّك فِي ذَا الْعَزْل أَعلَى وَأفضل)
(أساسة هَذَا الْملك قد زيد فِيكُم ... فَتى بنوي الْحَرْب أهيف قلقل)
(لَهُ خطرة تنبيك عَن رَأْي حَيَّة ... وَوجه من الشَّمْس المنيرة أجمل)
(وَلم نر ملكا قبله ورعية ... يدبرها صقر يصاد وبلبل)(6/51)
3 - (إِمَام البادرائية)
إِبْرَاهِيم بن عِيسَى بن يُوسُف بن أبي بكر الإِمَام الْمُحدث أَبُو إِسْحَاق الْمرَادِي الأندلسي سمع الْكثير من أَصْحَاب السلَفِي وطبقتهم بعد الْأَرْبَعين وَكتب الْكثير خبطة المتقن الْمليح وَكَانَ)
صَالحا عَاملا ورعاً دينا إِمَامًا بالبادرائية بِدِمَشْق وقف كبته بهَا وفوض نظرها إِلَى الشَّيْخ عَلَاء الدّين ابْن الصَّائِغ وَذكره الشَّيْخ محيي الدّين النواوي فِيمَا ألحقهُ فِي طَبَقَات ابْن الصّلاح وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ وَلم تَرَ عَيْني فِي وقته مثله كَانَ بارعاً فِي معرفَة الحَدِيث ونسخه وعلومه وَتَحْقِيق أَلْفَاظه لَا سِيمَا الصَّحِيحَيْنِ ذَا عناية باللغة والنحو وَالْفِقْه ومعارف الصُّوفِيَّة حسن المذاكرة فِيهَا وَكَانَ عِنْدِي من كبار المسلكين فِي طرائق الْحَقَائِق حسن التَّعْلِيم صحبته نَحْو عشر سِنِين لم أر مِنْهُ شَيْئا يكره وَكَانَ من السماحة بِمحل عَال على قدر وجده وَأما الشَّفَقَة على الْمُسلمين ونصيحتهم فَقل نَظِيره فيهمَا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمصْر فِي أَوَائِل سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (الْكَاتِب المغربي)
إِبْرَاهِيم بن غَانِم بن عبدون أَبُو إِسْمَاعِيل الْكَاتِب قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ شَاعِرًا كتابي الشّعْر لطيف الْأَلْفَاظ نظيفها رَشِيق الْمعَانِي وجيزها صافي مزاج الطَّبْع على أسلوب وَاحِد متفرداً بِعلم المساحات والأشكال غواصاً فِي بَحر الْحِكْمَة على در البديع قَلِيل المديح والهجاء كلفاً بالمواعظ فِي شعره ملغزاً بالتشبيهات مُولَعا بالتلويح والإشارات قَالَ من أَبْيَات لَهُ فِي ذمّ الْبُخْل ومدح الْبَذْل
(قل للبخيل وَإِن أَصبَحت ذَا سَعَة ... لأَنْت بالبخل فِي ضيق وإقلال)
(لتأسفن على ترك الندا ندماً ... إِذا تخليت من أهل وَمن مَال)
(وَمن رأى فِي العلى من مَاله عوضا ... أفْضى إِلَى خير وإبدال)
قَالَ ابْن رَشِيق وَقَالَت أَنا
(يَا حبذا من بَنَات الشَّمْس سَائِلَة ... على جوانبها تهفو المصابيح)
(كَأَنَّهَا ربوة صمعاء كللها ... نور البهار وَقد هبت لَهَا الرّيح)
وَكَانَ أَبُو إِسْمَاعِيل قد توجه إِلَى مصر وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ عَاد وَتُوفِّي بالقيروان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وَقد نَيف على السِّتين رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (جمال الدّين ابْن الحسام)
إِبْرَاهِيم بن أبي الْغَيْث جمال الدّين ابْن الحسام البُخَارِيّ(6/52)
الْفَقِيه الشيعي الْمُقِيم بمجدل سلم قَرْيَة من بِلَاد صفد من نواحي النباطية والشقيف كَانَ إِمَامًا من أَئِمَّة الشيعية هُوَ ووالده قبله أَخذ)
عَن ابْن الْعود وَابْن مقبل الْحِمصِي ورحل إِلَى الْعرَاق وَأخذ عَن ابْن المطهر كَانَ ذَا مجلسين أَحدهمَا معد للوفود وَالْآخر لطلبة الْعلم ونهاره مُقيم تَارَة يجلس إِلَى من زَارَهُ وَتارَة يجلس لطلبة الْعلم وجوده يصل إِلَى المجلسين غداء وعشاء اجْتمعت بِهِ بقرية مجدل سلم فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع مائَة وَدَار بيني وَبَينه بحث فِي الرُّؤْيَة وَعدمهَا وَطَالَ النزاع وتجاذب الْأَدِلَّة وَكَانَ شكلاً حسنا تَاما لطيف الْأَخْلَاق ريض النَّفس وَأهل تِلْكَ النواحي يعظمونه قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين آخر عهدي بِهِ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَقَالَ كتبت إِلَيْهِ وَقد طَالَتْ غيبته بعد كَثْرَة اجْتِمَاع بِهِ فِي مجْلِس شَيخنَا شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية رَحمَه الله قَالَ ابْن الحسام كَانَ كثيرا مَا يتعهد مَجْلِسه ويستوري سنا الشَّيْخ وقبسه وَكَانَت تجْرِي بَيْننَا وَبَينه بِحُضُور الشَّيْخ مناظرات وتطول أَوْقَات مذاكرات ومحاضرات وَالَّذِي كتبت إِلَيْهِ
(حَتَّى خيالك لم يلحم بِهِ حلمي ... لِأَن عَيْني بعد الْبعد لم تنم)
(أفنيت صبري بدمع والتهاب حَشا ... مَا بَين منسجم مِنْهُ ومضطرم)
(أحن للمجدل الْمَنْسُوب فِي سلم ... فَوق الحنين إِلَى أَيَّام ذِي سلم)
(وَمَا ذكرتك إِلَّا كنت من دهشٍ ... أغص فِيك بورد الْبَارِد الشيم)
(أَهْوى الْمسير إِلَى لقياك مُجْتَهدا ... لَكِن يقصر بِي التَّقْصِير فِي هممي)
(وَلست أخْشَى نَهَارا سل صارمه ... حَتَّى يخلف أذيال الدجى بدمي)
(وَلَا أَخَاف ضلالا فِي ظلام سرى ... لأنني أهتدي بِالْعلمِ وَالْعلم)
قَالَ فَكتب إِلَيّ
(وديمة مطرَت ربعي على ظمإ ... حَتَّى انتعشت بهَا من أفضل الديم)
(سَحَابَة لِابْنِ فضل الله جاد بهَا ... من انتداء فَكَانَت غَايَة الْكَرم)
(دب السرُور بهَا فِي كل جارحة ... مني كَمثل دَبِيب الْبُرْء فِي السقم)
(سَعَادَة قرعت بِأبي وَمَا لغبت ... مطيتي فِي بُلُوغهَا وَلَا قدمي)
(لثمتها حِين لاحت فِي محاسنها ... درا نظيماً ودراً غير مُنْتَظم)
(كواكب سَبْعَة تهدي لناظرها ... نور الرّبيع وتجلو غيهب الظُّلم)
(جَعلتهَا من هموم الصَّدْر واقية ... تَمِيمَة ولدفع الضّر والألم)
(كأنني حِين حلتني قلائدها ... نلْت الشبيبة بعد الشيب والهرم)
)
(نَفسِي الْفِدَاء لمنشيها ومسبغها ... من فَضله نعْمَة من أَسْبغ النعم)
(جاوبته وجوابي دون رتبته ... هَيْهَات أَنى يُقَاس السَّيْف بالجلم)
(لست كَقدْر أبي الْعَبَّاس إِن لَهُ ... قدرا تقصر عَن إِدْرَاكه خدمي)(6/53)
(وليتها عرضة فِي صدر مَجْلِسه ... من راحتي وَعلا إسنادها بفمي)
وَمن شعر ابْن الحسام قَوْله
(هَل من أحملهُ إِلَيْهِ رِسَالَة ... فيبث من شوقي إِلَيْهِ إِلَيْهِ)
(وَيقوم فِي الشكوى مقَامي عِنْده ... ويقص من وجدي عَلَيْهِ عَلَيْهِ)
(وَيرى جواي فيتقيه بِمثلِهِ ... فَيكون تبريحي لَدَيْهِ لَدَيْهِ)
وَمِنْه
(طفْلا حملت هواكم لَا عدمتكم ... فشاب رَأْسِي وَمَا ثَابت غدائره)
(والشيب داءٌ إِذا مَا لَاحَ فِي رجل ... يزور عَنهُ من الأحباب زَائِره)
وَمن شعره يصف نسماً أفسد خلايا رجل فَعمل لَهُ مصيدة من رحى وَقعت عَلَيْهِ فاختنق
(ومقشعر الْجلد مزور الحدق ... لَا يرهب اللَّيْل إِذا اللَّيْل غسق)
(مستتر حَتَّى إِذا النَّجْم بسق ... عدا على النَّحْل فآذى وَفسق)
(وَفتح الْأَبْوَاب مِنْهَا وخرق ... وَكسر الْأَصْنَام فِيهَا ومحق)
(سقطته بمستدير كالطبق ... كضغطة الْقَبْر إِذا انطبق)
(فَمَا اسْتَقَرَّتْ فَوْقه حَتَّى اختنق ... من صَخْر حوران شَدِيد المتسق)
(من لج فِي الْبَحْر تغشاه الْغَرق ... أَو سارع الدَّهْر إِلَى الحتف اختنق)
وَمِنْه
(هَل عَايَنت عَيْنَاك أعجوبة ... كَمثل مَا قد عَايَنت عَيْني)
(مِصْبَاح ليل مشرق نوره ... وَالشَّمْس مِنْهُ قاب قوسين)
وَمِنْه
(قَامَت تودعني فَقلت لَهَا امهلي ... حَتَّى أودع قبل ذَاك حَياتِي)
(فَإِذا عزمت على الرحيل تَرَكتنِي ... رهن البلى ومجاور الْأَمْوَات)
وَمِنْه وَقد كسر ببيته وَأخذت كتبه)
(لَئِن كَانَ حمل الْفِقْه ذَنبا فإنني ... سأقلع خوف السجْن عَن ذَلِك الذَّنب)
(وَإِلَّا فَمَا ذَنْب القيه إِلَيْكُم ... فَيرمى بأنواع المذمة والسب)
(إِذا كنت فِي بَيْتِي فريداً عَن الورى ... فَمَا ضرّ أهل الأَرْض رفضي وَلَا نصبي)
(أوالي رَسُول الله حَقًا وصفوة ... وسبطيه والزهراء سيدة الْعَرَب)
(على أَنه قد يعلم الله أنني ... على حب أَصْحَاب النَّبِي انطوى قلبِي)(6/54)
(أَلَيْسَ عَتيق مؤنس الطُّهْر إِذْ غَدا ... إِلَى الْغَار لم يصحب سواهُ من الصحب)
(وَهَاجَر قبل النَّاس لَا يُنْكِرُونَهَا ... بهَا جَاءَا الْآثَار بِالنَّصِّ فِي الْكتب)
(وَبِالثَّانِي الْفَارُوق أظهر دينه ... بِمَكَّة لما قَامَ بالمرهف العضب)
(وأجهر من أَمر الصَّلَاة وَلم تكن ... لتجهر فِي فرض هُنَاكَ وَلَا ندب)
(وَقد فتح الْأَمْصَار مَا رد جَيْشه ... جالت خُيُول الله فِي الشرق والغرب)
(وجهز جَيش الْعسرَة الثَّالِث الَّذِي ... تسمى بِذِي النورين فِي طَاعَة الرب)
(وَإِن شِئْت قدم حيدراً وجهاده ... وإطفاه نَار الشّرك بالطعن وَالضَّرْب)
(أَخُو الْمُصْطَفى يَوْم المؤاخاة وَالَّذِي ... بصارمه جلى الْعَظِيم من الكرب)
(كَذَاك بقايا آله وصحابه ... وَأكْرم بهم من خير آل وَمن صحب)
(أولائك ساداتي من النَّاس كلهم ... فسلمهم سلمي وحربهم حَرْبِيّ)
(وَفِي بيعَة الرضْوَان عِنْدِي كِفَايَة ... فحسبي بهَا من ربتة لَهُم حسبي)
3 - (ابْن خفاجة الأندلسي الشَّاعِر)
إِبْرَاهِيم بن أبي الْفَتْح بن عبد الله بن خفاجة الأندلسي الشَّاعِر ذكره ابْن بسام فِي الذَّخِيرَة وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ كَانَ مُقيما بشرق الأندلس وَلم يتَعَرَّض لاستماحة مُلُوكهَا مَعَ تهافتهم على أهل الْأَدَب وَله ديوَان شعر مَوْجُود قد أحسن فِيهِ كل الْإِحْسَان عَاشَ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَهُوَ من جَزِيرَة شقر وَله فِي تَرْجَمَة عبد الْجَلِيل بن وهبون ذكر فليطلب هُنَاكَ وَكَانَ رَئِيسا مفخماً وَله نثر جيد وفه تأليف فِي اللُّغَة غَرِيب وَهُوَ مِمَّن أَجَاد الِاسْتِعَارَة كَقَوْلِه من أَبْيَات
(جاذبته فضل الْعَنَان وَقد طغا ... فانصاع ينساب انسياب الأرقم)
(فِي خصر غور بالأراك موشح ... أَو رَأس طود بالغمام معمم)
)
(أَو نحر نهر بالحباب مقلد ... أَو وَجه خرق بالضريب ملثم)
(حَتَّى تهادى الْغُصْن يأطر مَتنه ... طَربا لشدو الطَّائِر المترنم)
وَقَوله
(وصقيلة النوار تلوي عطفها ... ريح تلف فروعها معطار)(6/55)
(والنور عقد والغصون سوالف ... والجزع زند وَالسري سوار)
(بحديقة مثل اللمى ظلاً بهَا ... وتطلعت شنباً بهَا الأزهار)
(رقص الْقَضِيب بهَا وَقد شرب الثرى ... وشدا الْحمام وصفق التيار)
وَقَوله فِي صفة نَار
(وموقد نَار طَابَ حَتَّى كَأَنَّمَا ... يشب الندى فِيهِ لساري الدجا ندا)
(فَأطلع من داجي دُخان بنفسجاً ... جنياً وَمن قاني شواظ لَهُ وردا)
(إِذا الرّيح باست من سَواد دخانها ... عذاراً وَمن محمر جاحمها خدا)
(وثارت قتاماً يمْلَأ الْعين أكهباً ... وجالت جواداً فِي عنان الصِّبَا وردا)
(رَأَيْت جفون الرّيح وَاللَّيْل إثمد ... يقلب من جمر الجذاء أعيناً رمدا)
قَالَ ابْن خفاجة ذهبت يَوْمًا أُرِيد بَاب السمارين بشاطبة ابْتِغَاء للفرجة على جرية ذَلِك المَاء بِتِلْكَ الساقية وَإِذا الْفَقِيه أَبُو عمرَان ابْن أبي تليد رَحمَه الله قد سبقني إِلَى ذَلِك فَأَلْفَيْته جَالِسا على مصطبة كَانَت هُنَاكَ مَبْنِيَّة لهَذَا الشَّأْن فَسلمت عَلَيْهِ فَأَنْشد أثْنَاء مَا تناشدناه قَول ابْن رَشِيق رَحمَه الله تَعَالَى يَا من يمر وَلَا تمربه الْقُلُوب من الحرق
(بعمامة من خَدّه ... أَو خَدّه مِنْهَا سرق)
(فَكَأَنَّهُ وَكَأَنَّهَا ... قمر تعمم بالشفق)
(فَإِذا بدا وَإِذا مَشى ... وَإِذا رنا وَإِذا نطق)
شغل الْجَوَارِح ولاجوانح والخواطر والحدق واستحسنها فَقلت أخل لِأَن النُّطْق لَا يشغل الحدق ونظمت قولي
(ومهفهف طاوي الحشا ... خنث المعاطف وَالنَّظَر)
(مَلأ الْعُيُون بِصُورَة ... تليت محاسنها سور)
)
(فَإِذا رنا وَإِذا شدا ... وَإِذا سعى وَإِذا سفر)
فَضَح المدامة والحمامة والغمامة وَالْقَمَر وَقَالَ ابْن خفاجة أَيْضا
(وعشي أنس أضجعتني نشوة ... فِيهِ تمهد مضجعي وتدمث)
(خلعت عَليّ بهَا الأراكة ظلها ... والغصن يصغي وَالْحمام يحدث)
(وَالشَّمْس تجنح للغروب مَرِيضَة ... والرعد يرقي والغمامة تنفث)
وَقَالَ يهجو سَوْدَاء(6/56)
(وسويداء قسم الْقبْح فِيهَا ... بَين وَجه جهم وجسم قضيف)
(أَقبلت فِي معصفر سحبته ... وَهِي متفال وَهُوَ غير نظيف)
(فتأملت مِنْهُ نُطْفَة حيض ... غرقت فِيهِ خنفساء كنيف)
وَقَالَ فِي فرس أشقر
(وأشقر تضرم مِنْهُ الوغى ... بشعلة من شعل الباس)
(من جلنار ناضر لَونه ... وَأذنه من ورق الآس)
(يطلع للغرة فِي وَجهه ... حبابةً تضحك فِي الكاس)
وَقَالَ فِي أحدب أسود يسْقِي
(وكأس أنس قد جلتها المنى ... فباتت النَّفس بهَا معرسه)
(طَاف بهَا أسود محدودب ... يطرب من لَهو بِهِ مَجْلِسه)
(فخلته من سبج ربوةً ... قد أنبتت من ذهب نرجسه)
وَقَالَ فِي غُلَام مليح بَين يَدَيْهِ نارنج
(وَيَوْم تقضى بَين كاس ومسمع ... يحض إِلَيْهَا أَو تهز إِلَيْهِ)
(تطلع بدر التم فِي وسط دسته ... فخرت نُجُوم الْأُفق بَين يَدَيْهِ)
وَقَالَ
(لله نورية الْمحيا ... تحمل نارية الحميا)
(والدوح لدن المهز رطب ... قد رف ريا وطاب ريا)
(تجسم النُّور فِيهِ نورا ... فَكل غُصْن بِهِ ثريا)
)
وَقَالَ فِي أسود يسبح
(وأسود عَن لنا سابح ... فِي لجة تطفح بَيْضَاء)
(وَإِنَّمَا لَاحَ بهَا نَاظر ... فِي مقلة تنظر زرقاء)
وَقَالَ
(وَاللَّيْل قد ولى يقْرض برده ... كداً ويسحب ذيله فِي الْمغرب)
(وكأنما نجم الثريا سحرةً ... كف تمسح عَن معاطف أَشهب)
وَقَالَ يصف الْبرد
(وَالْأَرْض تضحك عَن قلائد أنجم ... نثرت بهَا والجو جهم قاطب)
(وكأنما زنت البسيطة تَحْتَهُ ... وأكب يرجمها الْغَمَام الحاصب)
وَقَالَ يصف شَجَرَة متهدلة(6/57)
(وَلدته المعطفين ناعمةٍ ... تمسح ريح الصِّبَا جوانبها)
(كَأَنَّهَا والرياح تعطفها ... راقصة أسلت ذوائبها)
وَقَالَ
(ومجاجة لزجاجة عاطيتها ... فرميت شَيْطَان الأسى بشهاب)
(وكأنما كرة البسيطة بَيْضَة ... وَاللَّيْل يلحفها جنَاح غراب)
وَقَالَ يذم خطا ردياً
(قواف أَتَتْنِي عَنْك تحكيك خسةً ... فَلَو كن أَعْضَاء لَكِن مخارجا)
(معوجة أسطارها وحروفها ... كَأَن بهَا من برد لفظك فالجا)
وَكَانَ يَوْمًا فِي مجْلِس عِنْد بعض إخوانه وَفِيه عِنَب ورمان وَبينهمْ فَتى يتهم بِحَالَة ففضل الْعِنَب على الرُّمَّان فَقَالَ ابْن خفاجة
(صلني لَك الْخَيْر برمانةٍ ... لم تنْتَقل عَن كرم الْعَهْد)
(لَا عِنَب أمتص عنقوده ... ثدياً كَأَنِّي بعد فِي المهد)
(وَهل يرى بَينهمَا نِسْبَة ... من عدل الخصية بالنهد)
فأخجل الْفَتى وَصحت التُّهْمَة وَقَالَ فِي اقتران الثريا بالهلال
(وَلَيْلَة من ليَالِي الْأنس بت بهَا ... وَالرَّوْض مَا بَين منظوم ومنضود)
)
(والنَّسر قد حام فِي الظلماء من ظمإ ... وللمجرة نهر غير مورود)
(وَابْن الغزالة فَوق النَّجْم منعطفٌ ... كَمَا تأود عرجون بعنقود)
وَقَالَ فِي شَجَرَة نارنج
(ومائسةٍ تزهو وَقد خلع الحيا ... عَلَيْهَا حلى حمراً وأرديةً خضرًا)
(يذوب لهها ريق الغمامة فضَّة ... ويجمد فِي أعطافها ذَهَبا نضرا)
وَقَالَ
(وَاللَّيْل يقصر خطوه ولربما ... طَالَتْ ليَالِي الركب وَهِي قصار)
(قد شَاب من طوق المجرة مفرق ... فِيهَا وَمن خطّ الْهلَال عذار)
هَذَا الْوَصْف
(وأرعن طماح الذؤابة باذخ ... يطاول أعنان السَّمَاء بغارب)
(يسد مهب الرّيح عَن كل وجهة ... ويزحم لَيْلًا شهبه بالمناكب)
(وقور على ظهر الفلاة كَأَنَّهُ ... طوال اللَّيَالِي مفكر فِي العواقب)
(يلوث عَلَيْهِ الْغَيْم سود عمائم ... لَهَا من وميض الْبَرْق حمر ذوائب)(6/58)
(أصخت إِلَيْهِ وَهُوَ أخرس صَامت ... فَحَدثني ليل السرى بالعجائب)
(وَقَالَ أَلا كم كنت ملْجأ قَاتل ... وموطن أَواه تبتل تائب)
(وَكم مر بِي من مُدْلِج ومؤوب ... وَقَالَ بظلي من مطي وراكب)
(وَلَا طم من نكب الرِّيَاح معاطفي ... وزاحم من خضر الْبحار جوانبي)
(فَمَا كَانَ إِلَّا أَن طوتهم يَد الردى ... وطارت بهم ريح النَّوَى والنوائب)
(فَمَا خَفق أيكي غير رَجْفَة أضلع ... وَلَا نوح ورقي غير صرخة نادب)
وَقَالَ يصف خيريّةً
(وخِيريّةٍ بَين النسيم وَبَينهَا ... حَدِيث إِذا جن الظلام يطيب)
(لَهَا نفس يسري مَعَ اللَّيْل عاطر ... كَأَن لَهُ سرا هُنَاكَ يريب)
(يهب مَعَ الإمساء حَتَّى كَأَنَّمَا ... لَهُ خلف أَسْتَار الظلام حبيب)
وَمِنْه قَوْله يصف لَيْلًا وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ
(وليل تقلدنا البوارق تَحْتَهُ ... سيوفاً لَهَا بيض النُّجُوم قبائع)
)
(وَقد محت الْأَشْخَاص فِيهِ يَد الدجا ... فَمَا تعرف الأقوام إِلَّا اللوامع)
(على حِين تسري وَالسُّيُوف كمائن ... وَلَا غير إِذْ إِن الْجِيَاد طلائع)
وَمِنْه قَوْله
(بهواك أَو بلماك لَيْلَة منعج ... والدهر يهجع والنوى لَا تفجع)
(أفهل ترى الْأَيَّام عهدا باللوى ... لَا الْحلم يزجرني وَلَا أَنا أسمع)
(أم هَل يغيرك من عناقٍ لَيْلَة ... لَا الْحلم يزجرني وَلَا أَنا أسمع)
قلت أَظُنهُ عَارض بِهَذَا قَول أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله الأعيمي التطيلي وَهُوَ
(بحياة عصياني عَلَيْك عواذلي ... إِن كَانَت القربات عنْدك تَنْفَع)
(هَل تذكرين لياليا بتنا بهَا ... لَا أَنْت باخلة وَلَا أَنا أقنع)
3 - (الْبَنْدَنِيجِيّ الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن الْفرج الْبَنْدَنِيجِيّ الْكَاتِب كَانَ فِي أَيَّام الواثق وَبَقِي إِلَى أَيَّام الْمُعْتَمد وَهُوَ الْقَائِل فِي غُلَام التحى
(مَا زلت تمطلنا بوعدك ... حَتَّى أَتَاك كتاب عزلك)
(فَانْظُر إِلَى منشوره ... فِي الخد يخبرنا بذلك)(6/59)
(لَا تظهرن تجلداً ... فالشعر فِيهِ هَلَاك مثلك)
وَقَالَ فِي عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر عِنْد توليه الْإِمَارَة وَهُوَ حدث
(وافاه عِنْد سَواد الرَّأْس سودده ... كَمَا يوافي مَعَ الْمِيقَات مَقْدُور)
(فوفره بَين أَيدي الْعرف منتهبٌ ... وَعرضه عَن لِسَان الذَّم موفور)
وَقَالَ يمدح الْوَلِيد بن احْمَد بن أبي دَاوُد
(بِأبي الْوَلِيد تولدت بدع الندى ... وورت زناد الْمجد عَن إصلاد)
(كهل الْمَرْوَة والتجارب والحجى ... وفتى الندى والباس والميلاد)
(فِي سنّ مقتبلٍ ورأي مجربٍ ... وكريم محتنكٍ وبذل جواد)
3 - (أَبُو نصر البأآر)
إِبْرَاهِيم بن الْفضل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله البأآر بِالْبَاء الْمُوَحدَة والهمزتين الأولى مُشَدّدَة مَهْمُوزَة وَبعدهَا رَاء نِسْبَة إِلَى عمل الْآبَار أَبُو نصر الْحَافِظ من أهل أَصْبَهَان صَاحب)
رحْلَة وَاسِعَة مَا بَين الْعرَاق وبغداذ والحجاز وخراسان قدم بغداذ وَسمع من صِحَاب الْبَغَوِيّ وَابْن صاعد ثمَّ قدمهَا بعد علو سنه وَحدث بهَا قبل الْخمس مائَة سمع مِنْهُ أَبُو بكر بن كَامِل الْخفاف وَأَبُو المعمر الْمُبَارك بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ وروى عَنهُ فِي مُعْجم شُيُوخه قَالَ أَبُو سعد ابْن السَّمْعَانِيّ هُوَ إِبْرَاهِيم بن الْفضل بن إِبْرَاهِيم البأآر أَبُو نصر من أهل أَصْبَهَان رَحل فِي طلب الْعلم والْحَدِيث وجال فِي الْآفَاق وَطَاف فِي الأقطار وَسمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ وَجمع الشُّيُوخ مَا أَظن أحدا بعد مُحَمَّد الْمَقْدِسِي رَحل مثل رحلته وَجمع مثل جمعه إِلَّا أَنه فِي آخر عمره أفسد جَمِيع مَا سَمعه كَانَ يقف فِي أسواق أَصْبَهَان ويروي الْأَحَادِيث وَيتَكَلَّم عَلَيْهَا من حفظه وَسمعت أَنه يضع الْإِسْنَاد فِي الْحَال ويركب الْمُتُون على الْأَسَانِيد وَكَانَ يفهم طرفا من الحَدِيث ويحفظه وَلما دخلت أَصْبَهَان اجْتمعت بِإِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل الْحَافِظ فَقَالَ لي اشكر الله كَيفَ خلصت وَمَا لحقت إِبْرَاهِيم البأآر وَلَا سَمِعت مِنْهُ وأساء الثَّنَاء عَلَيْهِ توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (الْهَاشِمِي اللّغَوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن الْفضل الْهَاشِمِي اللّغَوِيّ قَالَ الْحَاكِم فِي تَارِيخ نيسابور أَبُو إِسْحَاق الأديب اللّغَوِيّ أَقَامَ بنيسابور سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث مائَة وسمعته يذكر سَمَاعه من أبي مُحَمَّد ابْن صاعد وأقرانه وسمعته يَقُول سَمِعت أَبَا بكر ابْن دُرَيْد ينشد لنَفسِهِ وَذكر بَيْتَيْنِ(6/60)
3 - (الرَّقِيق الْكَاتِب القيرواني)
إِبْرَاهِيم بن الْقَاسِم الْكَاتِب الْمَعْرُوف بالرقيق بقافين بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف فعيل من الرقة القيرواني رجل فَاضل لَهُ تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا كتاب تَارِيخ إفريقية وَالْمغْرب عدَّة مجلدات
كتاب النِّسَاء كَبِير كتاب الراح والارتياح نظم السلوك فِي مسامرة الْمُلُوك أَربع مجلدات
الِاخْتِصَار البارع للتاريخ الْجَامِع عدَّة مجلدات كتاب الأغاني مُجَلد كتاب قطب السرُور مجلدان كبيران فَضَح الْعَالمين فِيهِ وَله غير ذَلِك قَالَ ابْن رَشِيق شَاعِر سهل الْكَلَام محكمه لطيف الطَّبْع قويه تلوح الْكِتَابَة على أَلْفَاظه قَلِيل صَنْعَة الشّعْر غلب عَلَيْهِ اسْم الْكِتَابَة وَعلم التَّارِيخ وتأليف الْأَخْبَار وَهُوَ بذلك أحذق النَّاس وَكَاتب الحضرة مذ نَيف وَعشْرين سنة إِلَى الْآن وَكَانَ قدم مصر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة بهدية من نصير الدولة باديس بن زيري إِلَى الْحَاكِم فَقَالَ قصيدة يذكر فِيهَا المناهل ثمَّ قَالَ)
(إِذا مَا ابْن شهرٍ قد لبسنا شبابه ... بدا آخر من جَانب الْأُفق يطلع)
(إِلَى أَن أقرَّت جيزة النّيل أعيناً ... كَمَا قر عينا ظاعن حِين يرجع)
وَمن شعره أَيْضا
(رئمٌ إِذا مَا معاريض المنى خطرت ... أَجله المتمني عَن أمانيه)
(يَا إخوتي أقاح فِيهِ أقبل لي ... أم خطّ رائين من مسك على فِيهِ)
(أم حسن ذَاك التَّرَاخِي فِي تكَلمه ... أم حسن ذَاك التهادي فِي تثنيه)
وَمِنْه أَيْضا
(إِذا ارجحنت بِمَا تحوي مآزرها ... وخف من فَوْقهَا خصر ومنتطق)
(ثنى الصِّبَا غصناً قد غازلته صبا ... على كثيب بِهِ من دِيمَة لثق)
(للشمس مَا سترت عَنَّا مآزرها ... وللغزال احورار الْعين والعنق)
(مظلومة أَن يُقَال الْبَدْر يشبهها ... والبدر يكسف أَحْيَانًا وينمحق)
(يُجَلل المنن وحف من ذوائبها ... جبينها تَحت داجي ليله فلق)
(كَأَنَّهَا رَوْضَة زهراء حَالية ... بنورها يرتعي فِي حسنها الْحَدث)
3 - (الْعقيلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش بن بدران بن الْمُقَلّد بن الْمسيب بن رَافع بن الْمُقَلّد ابْن جَعْفَر بن عَمْرو بن المهنا بن عبد الرَّحْمَن بن بريد مُصَغرًا يَنْتَهِي إِلَى هوَازن الْعقيلِيّ(6/61)
هُوَ من بَيت كَبِير فِي الإمرة وَالْملك وَسَيَأْتِي ذكر جمَاعَة من أهل بَيته الْمُلُوك كل مِنْهُم فِي مَكَانَهُ لما توفّي شرف الدولة مُسلم بن قُرَيْش رتب السُّلْطَان ملكشاه السلجوقي وَلَده مُحَمَّدًا فِي الرحبة وحران وسروج وبلد الخابور وزجه أُخْته زليخا بنت السُّلْطَان ألب رسْلَان وَكَانَ وَالِده مُسلم بن قُرَيْش اعتقل أَخَاهُ إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة بقلعة سنجار مُدَّة أَربع عشرَة سنة فَلَمَّا هلك مُسلم وتقرر أَمر وَلَده مُحَمَّد اجْتمع أَهله على إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور وأخرجوه من السجْن وقدموه عَلَيْهِم ثمَّ إِن ملكشاه اعتقله واعتقل ابْن أَخِيه فَلَمَّا مَاتَ ملكشاه أطلقا وَجمع إِبْرَاهِيم الْعَرَب وَحَارب تَاج الدولة تتش السلجوقي فَقتله تَاج الدولة صبرا فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (النَّحْوِيّ القيرواني)
إِبْرَاهِيم بن قطن الْمهرِي القيرواني أَخُو أبي الْوَلِيد عبد الْملك القيرواني ذكره الزبيدِيّ فِي)
كِتَابه فَقَالَ قَرَأَ إِبْرَاهِيم النَّحْو قبل أَخِيه أبي الْوَلِيد وَكَانَ سَبَب طلب أبي الْوَلِيد النَّحْو أَن أَخَاهُ إِبْرَاهِيم النَّحْو قبل أَخِيه أبي الْوَلِيد وَكَانَ سَبَب طلب أبي الْوَلِيد النَّحْو أَن أَخَاهُ إِبْرَاهِيم رَآهُ يَوْمًا وَقد مد يَده إِلَى بعض كتبه يقلبه فَأخذ أَبُو الْوَلِيد مِنْهَا كتابا ينظر فِيهِ فَجَذَبَهُ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ مَا لَك وَلِهَذَا وأسمعه كلَاما فَغَضب أَبُو الْوَلِيد لما قابله بِهِ أَخُوهُ وَأخذ فِي طلب الْعلم حَتَّى علا عَلَيْهِ وعَلى أهل زَمَانه واشتهر ذكره وسما قدره فَلَيْسَ أحد يجهل أمره وَلَا يعرف إِبْرَاهِيم من النَّاس إِلَّا الْقَلِيل وَكَانَ إِبْرَاهِيم يرى رَأْي الْخَوَارِج الإباضية وَكَانَ فِي حُدُود الْخمسين والمائتين تَقْرِيبًا وسوف يَأْتِي ذكر أَخِيه عبد الْملك مَكَانَهُ فِي حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الصَّنْعَانِيّ)
إِبْرَاهِيم بن كنف النبهاني صنعاني وَهُوَ الَّذِي يَقُول
(تعز فَإِن الصَّبْر بِالْحرِّ أجمل ... وَلَيْسَ على ريب الزَّمَان معول)
(فَلَو كَانَ يُغني أَن يرى الْمَرْء جازعاً ... لنازلة أَو كَانَ يُغني التذلل)
(لَكَانَ التعزي عِنْد كل مصيبةٍ ... وَإِن عظمت مِنْهَا أجل وَأفضل)
(فَكيف وكل لَيْسَ يعدو حمامه ... وَلَا لامرئ عَمَّا قضى الله مزحل)
(وَإِن تكن النعماء فِينَا تبدلت ... بنعماء بؤسي والحوادث تفعل)
(فَمَا لينت فِينَا قناةً صليبةً ... وَلَا ذللتنا للَّذي لَيْسَ يجمل)
(وَلَكِن رحلناها نفوساً كَرِيمَة ... تحمل مَا لَا نستطيع فَيحمل)
3 - (ابْن كيغلغ)
إِبْرَاهِيم بن كيغلغ أَبُو إِسْحَاق الْأَمِير أديب فَاضل قَالَ محب الدّين ابْن(6/62)
النجار ذكره الْوَزير أَبُو سعد مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحِيم فِي كتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء وَقَالَ أنشدنا لَهُ الخالع
(لاعبت بالخاتم إنسانة ... كالبدر فِي تَاج دجى فَاحم)
(حَتَّى إِذا واليت أخذي لَهُ ... من البنان الترف الناعم)
(خبته فِي فِيهَا فَقلت انْظُرُوا)
ذكرت هُنَا مَا أنشدنيه إجَازَة القَاضِي زين الدّين عمر بن مظفر الْمَعْرُوف بِابْن الوردي قَالَ أَنْشدني الأديب يحيى بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الْحَمَوِيّ ابْن الخباز
(لعبت بالخاتم مَعَ أغيد ... يسحر عَقْلِي ثغره الباسم)
)
(وَقَالَ لي اطلب عِنْدَمَا قد خبا ... قلت لَهُ فِي فمك الْخَاتم)
وَمن شعر ابْن كيغلغ قَالُوا اعتللت وَقد فصدت فَكيف حالك فِي الفصاد
(إِنِّي لأعْلم بِالَّذِي ... تَشْكُو بجسمك من فُؤَادِي)
(إِذْ كَانَ شخصك ماثلاً ... فِي الْقلب من دونه السوَاد)
وَله أَيْضا
(قُم يَا غُلَام أدر مدامك ... واحثث على الندمان جامك)
(تدعى غلامي ظَاهرا ... وأظل فِي سر غلامك)
(وَالله يعلم أنني ... أَهْوى عناقك والتزامك)
وَله فِي الْمَعْنى أَيْضا
(لي غُلَام أَنا أَمِير عَلَيْهِ ... وَله إِن خلا عَليّ الإماره)
(بهجة الشَّمْس والبدور جَمِيعًا ... من ضِيَاء بِوَجْهِهِ مستعاره)
آخذ إِن أَنا جرحت لَهُ الوجنة باللحظ من فُؤَادِي ثاره
(يتجنى فأستلذ تجنيه ... هِـ وأهوى صدوده ونفاره)
والهوى لَا يطيب مَا لم يكن فيهه لحب حلاوة ومراره كَانَ المقتدر بِاللَّه قد قَلّدهُ مدناً على سَاحل الشَّام السويدية واللاذقية وجبلة وصيدا وَمَا يتَعَلَّق بهَا من أَعمالهَا فورد إِلَى الْموصل فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَلَاث مائَة وَضرب لَهُ خيمة فِي الصَّحرَاء(6/63)
وَسَأَلَ عَن هَل الْأَدَب فَخَرجُوا إِلَيْهِ ورحب بهم وَهُوَ أَخُو احْمَد بن كيغلغ سَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (فَخر الدّين ابْن لُقْمَان)
إِبْرَاهِيم بن لُقْمَان بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْوَزير الْكَاتِب فَخر الدّين ابْن لُقْمَان الشَّيْبَانِيّ الإسعردي ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة ورزق السَّعَادَة والتقدم وَطَالَ عمره وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين رَأَيْته شَيخا بعمامة صَغِيرَة وَقد حدث عَن ابْن رواح وَكتب عَنهُ البرزالي والطلبة وَتُوفِّي بِمصْر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَصلى عَلَيْهِ بِدِمَشْق ولي وزارة الصُّحْبَة للْملك السعيد ثمَّ وزر مرَّتَيْنِ للْملك الْمَنْصُور واصله من الْمَعْدن من إسعرد وَكَانَ قَلِيل الظُّلم فِيهِ إِحْسَان إِلَى الرّعية)
وَكَانَ إِذا عزل من الوزارة يَأْخُذ غُلَامه الحرمدان خَلفه ويبكر من الْغَد إِلَى ديوَان الْإِنْشَاء وَلما فتح الْكَامِل آمد كَانَ ابْن لُقْمَان شَابًّا يكْتب على عَرصَة الْقَمْح وينوب عَن النَّاظر وَكَانَ الْبَهَاء زُهَيْر كثير الْإِنْشَاء للكامل فاستدعى من نَاظر آمد حوائج فَكَانَت الرسَالَة ترد إِلَيْهِ بِخَط ابْن لقمن فأعجب الْبَهَاء زُهَيْر خطه وَعبارَته فَاسْتَحْضرهُ ونوه بِهِ وناب عَنهُ فِي ديوَان الْإِنْشَاء ثمَّ إِنَّه خدم فِي ديوَان الْإِنْشَاء فِي الدولة الصالحية وهلم جرا إِلَى أَوَائِل الدولة الناصرية أَخْبرنِي الشَّيْخ الْحَافِظ فتح الدّين من لَفظه قَالَ كَانَ تَاج الدّين ابْن الْأَثِير وفخر الدّين ابْن لُقْمَان صُحْبَة السُّلْطَان على تل العجول ولفخر الدّين مَمْلُوك اسْمه ألطنبا فاتفق أَنه دَعَا بمملوكه الْمَذْكُور يَا ألطنبا فَقَالَ نعم وَلم يَأْته فنكر طلبه لَهُ وَهُوَ يَقُول نعم وَلَا يَأْتِيهِ وَكَانَت لَيْلَة مظْلمَة فَأخْرج رَأسه من الْخَيْمَة فَقَالَ لَهُ تَقول نعم وَمَا أَرَاك فَقَالَ تَاج الدّين
(فِي لَيْلَة من جُمَادَى ذَات أندية ... لَا يبصر الْكَلْب من ظلمائها الطنبا)
قلت وَهَذَا من جملَة أَبْيَات فِي الحماسة لمرة بن محكان وَمَا اسْتشْهد أحد فِي وَاقعَة بِأَحْسَن من هَذَا أبدا وَلكنه يحْتَاج إِلَى إِظْهَار اللَّام فِي الطنبا ليترك على الِاسْم وَهُوَ جَائِز فِي الاهتدام
وَحكى لي أَنه خرجت إِلَيْهِ مسودة على الْعَادة بِكِتَابَة كتاب إِلَى بعض مُلُوك الفرنج وَمن جملَة النعوت معز بَابا رُومِية بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالزَّاي وبائين موحدتين فَكتب الْكتاب وَكتب ذَلِك مقرّ بانا بِالْقَافِ بدل الْعين وبالراء وبالنون بدل الْبَاء الثَّانِيَة فَأنْكر عَلَيْهِ ذَلِك وَنبهَ على الصَّوَاب فَقَالَ يَا مولَايَ هَذِه أعرافها من زهر الْآدَاب من قلائد العقيان من دب الْكتاب وَمَا أَنا ترجمان الفرنج فَاسْتحْسن مِنْهُ ذَلِك أَنْشدني نَاصِر الدّين ابْن شَافِع بن عبد الظَّاهِر إجَازَة قَالَ أَنْشدني الصاحب فَخر الدّين ابْن لُقْمَان فِي غُلَامه
(لَو وشى فِيهِ من وشى ... مَا تسليت غلمشا)
(أَنا قد بحت باسمه ... يفعل الله مَا يشا)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(كن كَيفَ شِئْت فإنني بك مغرم ... راضٍ بِمَا فعل الْهوى المتحكم)(6/64)
(وَلَئِن كتمت عَن الوشاة صبابتي ... بك فالجوانح بالهوى تَتَكَلَّم)
(أشتاق من أَهْوى وَأعلم أنني ... أشتاق من هُوَ فِي الْفُؤَاد مخيم)
(يَا من يصد عَن الْمُحب تدللاً ... وَإِذا بَكَى وجدا غَدا يتبسم)
)
(أسكنتك الْقلب الَّذِي أحرقته ... فحذار من نَار بِهِ تتضرم)
3 - (ابْن الأشتر النَّخعِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مَالك الأشتر النَّخعِيّ وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم وَإِذا هَذَا هُوَ الَّذِي قتل عبيد الله بن زِيَاد يَوْم الخازر ثمَّ إِنَّه كَانَ مَعَ مُصعب من أكبر أمرائه وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (إِبْرَاهِيم الْموصِلِي الْمُغنِي)
إِبْرَاهِيم بن ماهان بن بهمن أَبُو إِسْحَاق الْموصِلِي كَبِير أهل الْغناء فَارسي من أهل أرجان أَقَامَ بالموصل مُدَّة فنسب إِلَيْهَا برع فِي الشّعْر وَالْأَدب وتتبع عَرَبِيّ الْغناء وعجميه وسافر فِيهِ إِلَى الْبِلَاد ثمَّ اتَّصل بالخلفاء والملوك ببغداذ وَأخذ الجوائز الوافرة والصلات السّنيَّة أول خليفةٍ سَمعه الْمهْدي وَلم يكن فِي زَمَانه مثله وَكَانَ إِذا غنى وَضرب لَهُ زلزل اهتز لَهما الْمجْلس وَكَانَ إِبْرَاهِيم زوج أُخْت زلزل وأخباره مَشْهُورَة ذكرهَا صَاحب الأغاني حكى أَن هَارُون الرشيد كَانَ يهوى جَارِيَته ماردة هوى شَدِيدا فتغاضبا مرّة ودام بَينهمَا الْغَضَب فَأمر جَعْفَر الْبَرْمَكِي الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف أَن يعْمل فِي ذَلِك شَيْئا فَعمل
(رَاجع أحبتك الَّذين هجرتهم ... إِن المتيم قَلما يتَجَنَّب)
(ن التجنب إِن تطاول مِنْكُمَا ... دب السلو لَهُ فعز الْمطلب)
وَأمر إِبْرَاهِيم الْموصِلِي فغنى بِهِ الرشيد فَلَمَّا سَمعه بَادر إِلَى ماردة وترضاها فسالت عَن السَّبَب فِي ذَلِك فَقيل لَهَا فَأمرت لكل وَاحِد مِنْهُمَا بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَسَأَلت الرشيد أَن يكافئهما فَأمر لَهما بِأَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم وَله شعر مَذْكُور فِي تَرْجَمَة ذَات الْخَال خنث فِي حرف الْخَاء
وَتُوفِّي ببغداذ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَة بعلة القولنج وَقيل سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَالْأول أصح وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده إِسْحَاق النديم فِي مَكَانَهُ
3 - (الْفَارِسِي)
إِبْرَاهِيم بن ماهويه الْفَارِسِي رجل أديب قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء لَا أعرف من حَاله إِلَّا مَا ذكره المَسْعُودِيّ فَقَالَ لَهُ كتاب عَارض فِيهِ الْمبرد فِي كِتَابه الملقب بالكامل(6/65)
3 - (الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن مجشر بن معدان البغداذي أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب قَالَ ابْن عدي ضَعِيف يسرق)
الحَدِيث توفّي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْقُضَاعِي الضَّرِير)
إِبْرَاهِيم بن محَاسِن بن حسان الْقُضَاعِي أَبُو إِسْحَاق الضَّرِير من أهل قصر قضاعة من نواحي شهرابان قدم بغداذ فِي صباه وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصَارَ من قراء دَار الْخلَافَة واجتدى النَّاس فِي الشّعْر وَكَانَ أديباً من شعره
(غرامي فِي محبتكم غريمي ... كَمَا لفراقكم ندمي نديمي)
(صبا هبت فأصبتني إِلَيْكُم ... صبابات نسمن مَعَ النسيم)
(فَهَل من كاشفٍ غماء غم ... عراني بعد سكان الغميم)
(رسومٌ أقفرت من آل ليلى ... وعفتها الرواسم بالرسيم)
(حمامات الْحمى هيجن شوقي ... وَقد حمت مُفَارقَة الْحَمِيم)
وَمِنْه
(بسمت وَهنا فأومض الْبَرْق ... ومست زهواً فغنت الْوَرق)
(قدك والغصن لَيْسَ بَينهمَا ... إِذا تثنيت وانثنى فرق)
(وَالْوَجْه وَالْفرع يَا معذبتي ... للنَّاس ذَا مغرب وَذَا شَرق)
3 - (ابْن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلدته لَيْلَة لَهُ سريته مَارِيَة الْقبْطِيَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان من الْهِجْرَة وَذكر الزبير عَن أشياخه أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ إِبْرَاهِيم بن مَارِيَة وَلدته بِالْعَالِيَةِ فِي المَال الَّذِي يُقَال لَهُ الْيَوْم مشربَة أم إِبْرَاهِيم بالقف وَكَانَت قابلتها سلمى مولاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة أبي رَافع فبشر بِهِ أَبُو رَافع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوهب لَهُ عبدا فَلَمَّا كَانَ يَوْم سابعه(6/66)
عق عَنهُ بكبش وَحلق رَأسه حلقه أَبُو هِنْد وَسَماهُ يومئذٍ وَتصدق بِوَزْن شعره وَرقا على الْمَسَاكِين وَأخذُوا شعره فدفنوه فِي الأَرْض ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَفعه إِلَى أم سيف امْرَأَة قين بِالْمَدِينَةِ وتنافست الْأَنْصَار فِيمَن يرضعه وأحبوا أَن يفرغوا مَارِيَة لَهُ لما يعلمُونَ من هَوَاهُ فِيهَا وَكَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِطْعَة من ضَأْن ترعى بالقف ولقاح بِذِي الْجدر تروح عَلَيْهَا وَكَانَت تُؤْتى بلبنها كل لَيْلَة فَتَشرب مِنْهُ تَسْقِي ابْنهَا فَجَاءَت أم بردة بنت الْمُنْذر بن زيد الْأنْصَارِيّ زَوْجَة الْبَراء بن أَوْس فكلمت)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَن ترْضِعه بِلَبن ابْنهَا من بني مَازِن بن النجار وَترجع بِهِ إِلَى أمه فَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم بردة قِطْعَة من نخل فناقلت بهَا إِلَى مَال عبد الله بن زَمعَة وَتُوفِّي إِبْرَاهِيم فِي بني مَازِن عِنْد أم بردة وَهُوَ ابْن ثَمَانِيَة عشر شهرا فِي ذِي الْحجَّة سنة(6/67)
ثَمَان وَقيل توفّي سنة عشر وغسلته أم بردة وَحمل من بَيتهَا على سَرِير صَغِير وَصلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالبَقِيعِ وَقَالَ ندفنه عِنْد فرطنا عُثْمَان بن مَظْعُون وَعَن عَطاء بن جَابر قَالَ أَخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَأتى بِهِ النّخل فَإِذا ابْنه إِبْرَاهِيم فِي حجر أمه وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَضعه فِي حجره ثمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيم إِنَّا لَا نغني عَنْك من الله شَيْئا ثمَّ ذرفت عَيناهُ ثمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيم لَوْلَا أَنه أَمر حق ووعد صدق وَأَن أخرنا سيلحق أولنا لحزنا عَلَيْك حزنا هُوَ أَشد من هَذَا وَإِنَّا بك يَا إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ تبْكي الْعين ويحزن الْقلب وَلَا نقُول مَا يسْخط الرب وَقَالَ غَيره وَافق مَوته كسوف الشَّمْس فَقَالَ قوم انكسفت الشَّمْس لمَوْته فخطبهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فافزعوا إِلَى ذكر الله وَالصَّلَاة وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة تتمّ رضاعه وَقيل إِن الْفضل بن الْعَبَّاس غسل إِبْرَاهِيم وَنزل فِي قَبره أُسَامَة بن زيد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس على شَفير الْقَبْر قَالَ الزبير ورش عَلَيْهِ وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَو عَاشَ إِبْرَاهِيم لأعتقت أَخْوَاله ولوضعت الْجِزْيَة عَن كل قبْطِي وَقَالَ إِذا دَخَلْتُم مصر فَاسْتَوْصُوا بالقبط فَإِن لَهُم ذمَّة ورحماً
3 - (ابْن الأجدع)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر بن الأجدع روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَتُوفِّي رَحمَه الله قبل الْخمسين وَالْمِائَة تَقْرِيبًا(6/68)
3 - (ابْن عَم الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن عَم الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ روى عَنهُ ابْن مَاجَه وروى النَّسَائِيّ عَنهُ بِوَاسِطَة وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ شنظير)
)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حُسَيْن شنظير بالشين الْمُعْجَمَة الْمَكْسُورَة وَالنُّون الساكنة والظاء الْمُعْجَمَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَالرَّاء على وزن دهليز أَبُو إِسْحَاق الْأمَوِي الطليطلي الْحَافِظ صَاحب أبي جَعْفَر مَيْمُون الطليطلي وَيُقَال لَهما الصاحبان لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي الطّلب مَعًا كفرسي رهان سمعا بطليطلة ورحلا إِلَى قرطبة وسمعا بهَا وسمعا بِسَائِر بِلَاد الأندلس ورحلا إِلَى الْمشرق وَكَانَا لَا يفترقان توفّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْفَزارِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْحَارِث الْكُوفِي أحد الْأَعْلَام أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ سكن المصيصة مرابطاً قَالَ ابْن سعد كَانَ ثِقَة فَاضلا صَاحب سنة وغزو كثير الْخَطَإِ فِي حَدِيثه قَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة مَأْمُون قَالَ نصر الْجَهْضَمِي قَالَ الْحَرْبِيّ كَانَ الْأَوْزَاعِيّ أفضل أهل زَمَانه وَبعده أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الأغلبي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْأَغْلَب التَّمِيمِي أَمِير القيروان أمنت الْبِلَاد فِي أَيَّامه وَبنى حصوناً كَثِيرَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى قبل الْخمسين وَمِائَتَيْنِ وكنيته أَبُو أَحْمد وَكَانَ حسن السِّيرَة كثير الْعَطاء مَيْمُون الطلعة وَاشْترى العبيد وَالسِّلَاح وَلما توفّي ولي مَكَانَهُ ابْنه زِيَادَة الله وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الزَّاي
أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مهْرَان الْأُسْتَاذ(6/69)
أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ الأصولي الْمُتَكَلّم الْأَشْعَرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الإِمَام إِمَام أهل خُرَاسَان ركن الدّين أحد من بلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد لَهُ التصانيف المفيدة روى عَن دعْلج وَجَمَاعَة وروى عَنهُ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ وصنف كتاب جَامع الحلى فِي أصُول الدّين وَالرَّدّ على الْمُلْحِدِينَ فِي خمس مجلدات وتصانيفه كَثِيرَة مفيدة أَخذ عَنهُ أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ أصُول الْفِقْه وَغَيره وبنيت لَهُ بنيسابور مدرسة مَشْهُورَة انتخب عَلَيْهِ أَبُو عبد الله الْحَاكِم عشرَة أَجزَاء وَذكره فِي تَارِيخه لجللته قَالَ الصاحب ابْن عباد الباقلاني بَحر مغرق وَابْن فورك صل مطرق والإسفراييني نَار تحرق وَحكى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي أَنه كَانَ لَا يجوز الكرامات وَكَانَ يَقُول القَوْل بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب أَوله سفسطة وَآخره زندقة وَتُوفِّي يَوْم عَاشُورَاء سنة ثَمَانِي عشرَة وَأَرْبع مائَة بنيسابور رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يَقُول أشتهي أَن)
أَمُوت بنيسابور حَتَّى يُصَلِّي عَليّ جَمِيع أَهلهَا ثمَّ إِنَّه نقل إِلَى إسفريين وَدفن فِي مشهده
3 - (الإِمَام العباسي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب الْمَعْرُوف بإبراهيم الإِمَام أَخُو السفاح كَانَ مَرْوَان الْحمار يحتال على الْوَقْف على حَقِيقَة لأمر وَإِلَى من يَدْعُو أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي مِنْهُم فَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن ظهر لَهُ أَنه يَدْعُو إِلَى الإِمَام إِبْرَاهِيم وَكَانَ مُقيما عِنْد أُخْته وَأَهله بالحميمة تَصْغِير حمامة فَأرْسل إِلَيْهِ وَقبض عَلَيْهِ وأحضره إِلَى حران فأوصى إِبْرَاهِيم بِالْأَمر من بعده لِأَخِيهِ عبد الله السفاح الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْعِبَادَة وَلما وصل إِلَى خُرَاسَان حَبسه ثمَّ غمه بِتُرَاب فِي جراب طرح فِيهِ نورة وَجعل رَأسه فِيهِ وسده إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَقيل إِنَّه قَتله غير هَذِه القتلة وَلَكِن الْأَكْثَرُونَ على هَذَا وَكَانَ دَفنه هُنَاكَ فِي حران وَكَانَ بَنو أُميَّة يمْنَعُونَ بني هَاشم من نِكَاح الحارثيات للْخَبَر الْمَرْوِيّ فِي ذَلِك أَن هَذَا الْأَمر يتم لِابْنِ الحارثية فَلَمَّا قَامَ عمر بن عبد الْعَزِيز أَتَاهُ مُحَمَّد بن عَليّ وَقَالَ إِنِّي أردْت أَن أَتزوّج ابْنة خَالِي من بني الْحَارِث بن عبد أفتأذن لي قَالَ تزوج من شِئْت فَتزَوج ريطة بنت عبد الله بن عبد المدان فأولدها السفاح
3 - (ابْن عَائِشَة)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن إِبْرَاهِيم الإِمَام الْمَذْكُور وَهُوَ الْمَعْرُوف بِابْن عَائِشَة وَعَائِشَة جدته أم أَبِيه وَهِي عَائِشَة بنت سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس وأممها أم جعدم بنت جَعْفَر بن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم فولد عبد الْوَهَّاب بنيسابور إِلَيْهَا بُويِعَ لإِبْرَاهِيم هَذَا ببغداذ سرا سنة تسع وَمِائَتَيْنِ وَاجْتمعَ عدَّة من وُجُوه(6/70)
قواد الْمَأْمُون مِنْهُم مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الإفْرِيقِي وَمَالك بن شاهي وَغَيرهمَا فنمي الْخَيْر إِلَى الْمَأْمُون فَقبض على ابْن عَائِشَة وعَلى من بَايعه وحبسهم فِي المطبق مُدَّة ثمَّ إِنَّه حدث حدثٌ من المطبق فَضربت عنق ابْن عَائِشَة وَأخذ وَجَمَاعَة مِمَّن كَانُوا مَعَه وصلبوا فِي صحبته تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَ ابْن عَائِشَة هَذَا أول عباسي صلب فِي الْإِسْلَام وَقيل إِن إِبْرَاهِيم بن عَائِشَة أَخذ الْبيعَة على من أَخذهَا لإِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي وَهُوَ فِي حبس الْمَأْمُون
3 - (ابْن الْمُدبر الْكَاتِب)
)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن الْمُدبر أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب كَانَ كَاتبا بليغاً شَاعِرًا فَاضلا مترسلاً وَهُوَ أَخُو أَحْمد وَمُحَمّد روى عَنهُ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش وَأَبُو بكر الصولي وَمَيْمُون بن هَارُون وجعفر بن قدامَة الْكَاتِب وَكَانَ يزْعم أَنه من بني ضبة خدم المتَوَكل مُدَّة طَوِيلَة وولاه ديوَان الْأَبْنِيَة وَلم يزل فِي رُتْبَة الوزراء وأحضر فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ للوزارة فاستعفى لعظم الْمُطَالبَة فاستكتبه الْمُعْتَمد لِابْنِهِ الْمُفَوض وَضم إِلَيْهِ دواوين ثمَّ إِن الْمُعْتَمد دفع إِلَى إِبْرَاهِيم ثَلَاث مائَة ألف دِينَار وخلع عَلَيْهِ بتكريت وَقَالَ لقواده مِمَّن مَعَه مَا استوزرت بعد عبيد الله بن يحيى وزيراً أرضاه غير الْحسن ابْن مخلد وَإِبْرَاهِيم فِي هَذَا الْوَقْت وَخرج إِلَى الْموصل ليلتقي جَيش ابْن طولون ثمَّ إِن إِسْحَاق بن كنداج مُتَوَلِّي الْموصل وديار ربيعَة قبض على القواد بحيلة دبرهَا وَأَرَادَ الْقَبْض على إِبْرَاهِيم فحدره إِلَى بغداذ وحبسه إِلَى أَن رَضِي الْمُوفق عَنهُ وَهُوَ بواسط وخلع عَلَيْهِ وَله شركَة فِي تَرْجَمَة عريب الْمُغنيَة لِأَنَّهُ كَانَ يهواها وَله فِيهَا أشعار وكل مِنْهُمَا يهوى صَاحبه قَالَ الصولي وَإِبْرَاهِيم بن الْمُدبر كَاتب جليل شَاعِر أديب كريم لَيْسَ فِي زَمَاننَا شَاعِر إِلَّا وَقد استفرغ بعض مدحه فِيهِ قَالَ أَبُو هفان
(يَا ابْن الْمُدبر أَنْت علمت الورى ... بذل النوال وهم بِهِ بخلاء)
(لَو كَانَ مثلك فِي الْبَريَّة واحدٌ ... فِي الْجُود لم يَك فيهم فُقَرَاء)
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر وَهُوَ فِي الْحَبْس أشعاراً كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله
(أدموعها أم لُؤْلُؤ متناثر ... يدمي بِهِ الْورْد الجني الزَّاهِر)
(لَا يؤيسنك من كريم نبوة ... فالسيف ينبو وَهُوَ عضب باتر)
(هَذَا الزَّمَان تسومني أَيَّامه ... خسفاُ وهأنذا عَلَيْهِ صابر)
(إِن طَال ليلِي فِي الإسار فطالما ... أفنيت دهراً ليله متقاصر)
(والسجن يحجبني وَفِي أكنافه ... مني على الضراء لَيْث خادر)
(عجبا لَهُ كَيفَ الْتَقت أبوابه ... والجود فِيهِ وَالربيع الباكر)
(هلا تقطع أَو تصدع أَو هوى ... فعذرته لكنه بِي فاخر)(6/71)
وَمِنْهَا قَوْله أَيْضا
(أَلا طرقت سلمى لَدَى وقْعَة الساري ... وحيداً فريداً موثقًا نازح الدَّار)
(هُوَ الْحَبْس مَا فِيهِ عَليّ غَضَاضَة ... وَهل كَانَ فِي حبس الْخَلِيفَة من عَار)
)
(أَلَسْت تَرين الْخمر يظْهر حسنها ... وبهجتها بِالْحَبْسِ فِي الطين والقار)
(وَمَا أَنا إِلَّا كالجواد يصونه ... مقومه للسبق فِي طي مضمار)
(أَو الدرة الزهراء فِي قَعْر لجةٍ ... فَلَا تجتلي غلا بهول وأخطار)
(وَهل هُوَ إِلَّا منزل مثل منزلي ... وَبَيت وَدَار مثل بَيْتِي أَو دَاري)
(فَلَا تنكري طول المدى وأذى العدى ... فَإِن نهايات الْأُمُور لإقصار)
(لَعَلَّ وَرَاء الْغَيْب أمرا يسرنَا ... يقدره فِي علمه الْخَالِق الْبَارِي)
وَلما عزل عَن الأهواز جَاءَ النَّاس يود عونه فجَاء أَبُو شراعة فَأمْسك يَده فِي الحراقة بالزلال وَأنْشد رَافعا صَوته
(لَيْت شعري أَي قومٍ أجدبوا ... فأغيثوا بك من بعد العجف)
(نزل الْيمن من الله بهم ... وحرمناك لذنبٍ قد سلف)
(إِنَّمَا أَنْت ربيع باكر ... حَيْثُمَا صرفه الله انْصَرف)
(يَا أَبَا إِسْحَاق سر فِي دعةٍ ... وامض مصحوباً فَمَا عَنْك خلف)
فَضَحِك إِلَيْهِ وَوَصله وَسَار وَقَالَ العطوي الشَّاعِر اسْتَأْذَنت على ابْن الْمُدبر فحجبني آذنه فَكتبت إِلَيْهِ
(أَتَيْتُك مشتاقاً فَلم أر جَالِسا ... وَلَا نَاظرا إِلَّا بِعَين قطوب)
(كَأَنِّي غَرِيم مُقْتَض أَو كأنني ... نهوض حبيب أَو حُضُور رَقِيب)
فَأَدْخلنِي وَهُوَ يَقُول هِيَ بِاللَّه نهوض حبيب أَو حُضُور رَقِيب وَفِي بني الْمُدبر يَقُول مُحَمَّد بن عَليّ الشطرنجي
(قد أحدث الْقَوْم دينا ... وجدد الْقَوْم نسبه)
(وَكَانَ مرا ضَعِيفا ... فضببوه بضبه)
وَمن شعر إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر
(يَا كاشف الكرب بعد شدته ... ومنزل الْغَيْث بعد مَا قَنطُوا)
(لَا تبل قلبِي بشحط بَينهم ... فالموت دَان إِذا هم شحطوا)
وَمِنْه قَوْله(6/72)
(قَالُوا أضرّ بِنَا السَّحَاب بوكفه ... لما رَأَوْهُ لمقلتي يَحْكِي)
)
(لَا تعجبوا مِمَّا ترَوْنَ فَإِنَّمَا ... هذي السَّمَاء لرحمتي تبْكي)
وَمِنْه قَوْله
(مَا دميةٌ فِي مرمرٍ صورت ... وظبيةٌ فِي خمر عاطف)
(أحسن مِنْهَا يَوْم قَالَت لنا ... والدمع من مقلتها ذارف)
(لأَنْت أحلى من لذيذ الْكرَى ... وَمن أمانٍ ناله خَائِف)
وَمِنْه قَول
(أأخي إِن أَخَاك مذ فارقته ... شوقاً إِلَيْك فُؤَاده يتقطع)
(يشكو جفاءك مُعْلنا بِلِسَانِهِ ... وفؤاده من خوف غدرك يوجع)
(وَيَقُول معتذراً إِلَى من لامه ... إِن الشَّقِيق بِسوء ظن مولع)
(اسْلَمْ وَكن لي كَيفَ شِئْت على النَّوَى ... مهما فعلت فلست مِمَّن يقطع)
وَمِنْه قَوْله
(يَا قلب أَنْت وطرفي ... شغلي ودائي وحتفي)
(موتا فَلَا كَانَ إلفٌ ... يعين فِي قتل إلْف)
(هَذَا فعالي بنفسي ... أخذت حتفي بكفي)
أَنا الضَّعِيف على الهجر فارحموا ذل ضعْفي
(من ضعف ركني أَنِّي ... لَيْث فريسة خشف)
توفّي إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر ببغداذ سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَولد سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن الْمهْدي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَبُو إِسْحَاق أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُبَارك ابْن الْمهْدي العباسي الْأسود الملقب بالتنين لسمنه وَكَانَ فصيحاً مفوهاً بارع الْأَدَب وَالشعر بارعاً إِلَى الْغَايَة فِي الْغناء وَمَعْرِفَة الموسيقى وَأمه اسْمهَا شكْلَة روى عَن الْمُبَارك بن فضَالة وَحَمَّاد بن يحيى الْأَبَح ولي إمرة دمشق سنتَيْن ثمَّ أَربع سِنِين لم يقطع على أحد فِي عمله طَرِيق وبويع بالخلافة زمن الْمَأْمُون وَقَاتل ابْن سهل وهزمه إِبْرَاهِيم فَتوجه نَحوه حميد الطوسي فقاتله فَهَزَمَهُ حميد واستخفى إِبْرَاهِيم زَمَانا حَتَّى ظفر بِهِ الْمَأْمُون وَحَدِيثه فِي ذَلِك مَشْهُور فَعَفَا عَنهُ وَأورد صَاحب الأغاني وَغَيره من ذَلِك جملَة وَكَانَ أسود حالكاً عَظِيم الجثة لم ير فِي أَوْلَاد الْخُلَفَاء قبله أفْصح مِنْهُ وَلَا)
أَجود شعرًا ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي شهر رَمَضَان سنة(6/73)
ربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ قد غلب على بغداذ والكوفة والسواد فَلَمَّا قَارب الْمَأْمُون الْعرَاق ضعف أَمر إِبْرَاهِيم وَركب بأبهة الْخلَافَة إِلَى الْمصلى يَوْم النَّحْر وَصلى بِالنَّاسِ وَهُوَ ينظر إِلَى عَسْكَر الْمَأْمُون ثمَّ انْصَرف من الصَّلَاة وَأطْعم النَّاس بقصر الرصافة ثمَّ استتر وانقضى أمره وظفر بِهِ الْمَأْمُون سنة عشر وَعَفا عَنهُ وَبَقِي مكرماً إِلَى أَن مَاتَ وَيُقَال إِنَّه مَا اجْتمع غناء أخٍ وأختٍ أحسن من إِبْرَاهِيم وَأُخْته علية ابْني الْمهْدي وَله تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي تَارِيخ دمشق تكون فِي سبع عشرَة قَائِمَة وَكَانَ سَبَب ولَايَته الْخلَافَة أَن الْمَأْمُون لما كَانَ بخراسان جعل ولي عَهده عَليّ بن مُوسَى بن عَليّ الرضي فشق ذَلِك على العباسيين ببغداذ وَبَايَعُوا إِبْرَاهِيم ولقبوه الْمُبَارك لخمس بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ وَبَايَعَهُ العباسيون فِي الْبَاطِن ثمَّ بَايعه أهل بغداذ فِي أول يَوْم من الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وأظهروا ذَلِك وَصعد الْمِنْبَر ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم اختفى لذَلِك لثلاث عشرَة لَيْلَة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ ونظم فِيهِ دعبل الْخُزَاعِيّ
(نفر ابْن شكْلَة بالعراق واهله ... فهفا إِلَيْهِ كل أطلس مائق)
(إِن كَانَ إِبْرَاهِيم مضطلعاً بهَا ... فلتصلحن من بعده لمخارق)
(ولتصلحن من بعد ذَاك لزلزلٍ ... ولتصلحن من بعده للمارق)
(أَنى يكون وَلَيْسَ ذَاك بكائن ... يَرث الْخلَافَة فاسقٌ عَن فَاسق)
وَلما ظفر الْمَأْمُون بِهِ شاور فِيهِ أَحْمد بن أبي خَالِد الْوَزير الْأَحول فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن قتلته فلك نظراء وَإِن عَفَوْت فَمَا لَك نَظِير وَقَالَ إِبْرَاهِيم قَالَ لي الْمَأْمُون وَقد دخلت عَلَيْهِ بعد الْعَفو عني أَنْت الْخَلِيفَة الْأسود فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا الَّذِي مننت عَلَيْهِ بِالْعَفو وَقد قَالَ عبد بني الحسحاس
(أشعارُ عبد بني الحسحاس قمن لَهُ ... عِنْد الفخار مقامَ الأَصْل والوَرقِ)
(إِن كنتُ عبدا فَنَفَسِي حرّةٌ كرماً ... أَو أسودَ اللَّوْن إنّي أَبيض الْخلق)
فَقَالَ لي يَا عَم أخرجك الْهزْل إِلَى الْجد وَأنْشد لَيْسَ يزري السوَاد بِالرجلِ الشهم وَلَا بالفتى الأديب الأريب
(إِن يكن للسواد فِيك نصيب ... فبياض الْأَخْلَاق مِنْك نَصِيبي)
)
وَمن شعر إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي
(لي وَقت أَيَّام سأبلغها ... مَعْلُومَة فَإِذا انْقَضتْ مت)
(لَو ساورتني الْأسد ضارية ... لسلمت مَا لم يأتني الْوَقْت)
وَله الأبيات الَّتِي نظمها فِي استتاره وَهِي يضْرب بهَا الْمثل للشَّيْء إِذا أخلق فَيُقَال غنى بِصَوْت ابْن شكْلَة والأبيات(6/74)
(ذهبت من الدُّنْيَا وَقد ذهبت مني ... هوى الدَّهْر بِي عَنْهَا وَولى بهَا عني)
(فَإِن أبك نَفسِي أبك نفسا نفيسةً ... وَإِن أحتسبها أحتسبها على ضني)
قَالَ المرزباني وَله فِيهِ صَنْعَة عَجِيبَة فِي طَريقَة الثقيل الثَّانِي وَجعله نوحيا وغنى بِهِ المعتصم فِي آخر عمره وَهُوَ يبكي وَجعله طَرِيقا إِلَى ترك الْغناء حكى أَن المعتصم جلس يَوْمًا وَهُوَ خَليفَة وَعَن يَمِينه الْعَبَّاس بن الْمَأْمُون وَعَن يسَاره إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَجعل إِبْرَاهِيم يقلب خَاتمًا فِي يَده فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس يَا عَم مَا هَذَا الْخَاتم قَالَ خَاتم رهنته فِي أَيَّام أَبِيك فَمَا فككته إِلَى أَيَّام أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس وَالله لَئِن لم تشكي أبي على حقن دمك مَعَ عَظِيم جرمك لَا تشكر أَمِير الْمُؤمنِينَ على فك خاتمك وَكَانَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي قد اختفى عِنْد حجام بَالغ فِي إكرامه وخدمته إِلَى أَن ظن إِبْرَاهِيم أَن الْحجام قد ضجر مِنْهُ لطول مقَامه فَخرج من عِنْده إِلَى دَار بعض من كَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ ويثق بِهِ فَمضى ذَلِك من فوره وَعرف الممون فَأحْضرهُ فِي الْحَال واستثار الْمَأْمُون فِيهِ أَقَاربه وَأَهله وَأهل دولته فِيمَا يفعل بِهِ فكلهم أَشَارَ بقتْله وَقَالَ هَذِه سمة لم تجر عَادَة بابتدالها بإبقاء صَاحبهَا وَرفع مُحَمَّد بن الزيات قصيدة يحرض الْمَأْمُون فِيهَا على قَتله مِنْهَا قَوْله
(تذكر أَمِير الْمُؤمنِينَ قِيَامه ... وأيمانه فِي الْهزْل مِنْهُ وبالجد)
(وَأي امْرِئ يُسمى بهَا قطّ نَفسه ... ففارقها حَتَّى تغيب فِي اللَّحْد)
وَقَالَ الْحسن يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن قتلته فعلت مَا فعل غَيْرك وَإِن عَفَوْت عَنهُ انْفَرَدت بمكرمة لم يفعل مثله سواك فَقَالَ الْمَأْمُون إِن الله يعلم أَن قلبِي لَا يمِيل إِلَّا إِلَى الْعَفو عَنهُ كَمَا أَشرت
وَمن شعر إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي
(إِذا كَلَّمتنِي بالعيون الفواتر ... رددت عَلَيْهَا بالدموع البوادر)
(فَلَو يعلم الواشون مَا دَار بَيْننَا ... وَقد قضيت حاجاتنا فِي الضمائر)
)
وَمِنْه قَوْله أَيْضا
(لَوْلَا لحيت وإنني مَشْهُور ... وَالْعَيْب يعلق بالكبير كَبِير)
(لسكنت مَنْزِلك الَّذِي تحتله ... لَو كَانَ منزلنا هُوَ المهجور)
3 - (ابْن لنكك)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن لنكك أَبُو إِسْحَاق ابْن أبي الْحُسَيْن الشَّاعِر ابْن الشَّاعِر من أهل الْبَصْرَة قدم بغداذ وروى بهَا شَيْئا من شعره وَشعر أَبِيه وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم التنوخي قَالَ جلس أبي أَبُو الْحُسَيْن فِي الْمَسْجِد الْجَامِع بِالْبَصْرَةِ فَجَلَسَ إِلَيْهِ قوم من النَّاس فاعترضوا كَلَامه بِمَا غاظه فَأخذ محبرة بعض الْحَاضِرين وَكتب فهيا من شعره(6/75)
(وعصبة لما توسطتهم ... صَارَت عَليّ الأَرْض كالخاتم)
(كَأَنَّهُمْ من بعد إفهامهم ... لم يخرجُوا بعد إِلَى الْعَالم)
(يضْحك إِبْلِيس سُرُورًا بهم ... لأَنهم عارٌ على آدم)
(كأنني بَينهم جَالس ... من سوء مَا شاهدت فِي مأتم)
فَلَمَّا عدنا إِلَى الْبَيْت قلت لَهُ يَا أبه أبياتك متناقضة وَلَكِن قد علمت فِي مَعْنَاهَا
(لَا تصلح الدُّنْيَا وَلَا تستوي ... غلا بكم يَا بقر الْعَالم)
(من قَالَ للحرث خلقْتُمْ فَلم ... يكذب عَلَيْكُم لَا وَلَا يَأْثَم)
(مَا أَنْتُم عارٌ على آدمٍ ... لأنكم غير بني آدم)
3 - (الإفليلي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء بن مفرج بن يحيى بن عبد الله بن خَالِد بن سعد بن أبي وَقاص أَبُو الْقَاسِم الزُّهْرِيّ الإفليلي الْقُرْطُبِيّ وإفليل قَرْيَة بِالشَّام كَانَ من أهل النَّحْو واللغة وَله معرفَة تَامَّة بالْكلَام على مَعَاني الشّعْر وَشرح ديوَان أبي الطّيب وَشَرحه مَشْهُور روى عَن أبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن الزبيدِيّ كتاب الأمالي لأبي عَليّ القالي وَكَانَ متصدراً بالأندلس لإقراء الْأَدَب وَولي الوزارة للمكتفي بِاللَّه بالأندلس وَكَانَ أَشد النَّاس انتقاداً للْكَلَام صَادِق اللهجة حسن الْغَيْب صافي الضَّمِير عني بكتب جمة كالغريب المُصَنّف والألفاظ وَغَيرهمَا وَولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وَدفن فِي صحن مَسْجِد خرب عِنْد بَاب عَامر بقرطبة وإفليل بِالْفَاءِ واللامين على وزن إقليد حُكيَ عَنهُ بإسنادٍ أَنه)
قَالَ كَانَ شُيُوخنَا من أهل الْأَدَب يتعالمون بالحرف إِذا كتب عَلَيْهِ صَحَّ بصاد وحاء أَن ذَلِك عَلامَة لصِحَّة الْحَرْف لِئَلَّا يتَوَهَّم متوهمٌ عَلَيْهِ خللاً وَلَا نقصا فَوضع حرف كَامِل على حرف صَحِيح وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ صَاد ممدودة دون حاء كَانَ عَلامَة أَن الْحَرْف سقيم إِذْ وضع عَلَيْهِ حرف غير تَامّ ليدل نقص الْحَرْف على اختلال الْحَرْف وَيُسمى ذَلِك الْحَرْف أَيْضا ضبة أَي أَن الْحَرْف مقفل بهَا لم يتَّجه لقِرَاءَة كَمَا أَن الضبة مقفل بهَا قَالَ ياقوت وَهَذَا الْكَلَام عَلَيْهِ طلاوة من يغر فَائِدَة تَامَّة وَإِنَّمَا قصدُوا بكتبهم على الْحَرْف صَحَّ أَنه كَانَ شاكاً فِي صِحَة اللَّفْظَة فَلَمَّا صحت لَهُ بالبحث خشِي أَن يعاوده الشَّك فَكتب عَلَيْهَا صَحَّ ليزول شكه فِيمَا بعد وَيعلم هُوَ أَنه لم يكْتب صَحَّ إِلَّا قد انْقَضى اجْتِهَاده فِي تصحيحها وَأما الضبة الَّتِي صورتهَا ص فَإِنَّمَا هُوَ نصف صَحَّ كتبته على شَيْء فِيهِ شكّ ليبحث عَنهُ فِيمَا يستأنفه فَإِذا صحت لَهُ أتمهَا بحاء فَيصير صَحَّ وَلَو علم عَلَيْهَا(6/76)
بِغَيْر هَذِه الْعَلامَة لتكلف الكشط وإعادة كتبه صَحَّ مَكَانهَا انْتهى
وَلَحِقت الإفليلي تُهْمَة فِي دينه فِي أَيَّام هِشَام المرواني فِي جملَة من تتبع من الْأَطِبَّاء فِي وقته كَابْن عَاصِم وَالْحمار والشبانسي وَغَيرهم وَطلب الإفليلي وسجن فِي المطبق ثمَّ أطلق وَفِيه يَقُول مُوسَى بن الطَّائِف
(يَا مبصراً عميت فواطن فهمه ... عَن كنه عرضي فِي البديع وطولي)
(لَو كنت تعقل مَا جهلت مقاومي ... من ضَاقَ فرسخه بخطوة قيلي)
(وَلَئِن ثلبت الشّعْر وَهُوَ أباطل ... فَلَقَد ثلبت حقائق التَّنْزِيل)
(وخلعت ربق الدّين عَنْك منابذاً ... ولبست ثوب الزيغ والتعطيل)
(وأقمت للجهال مثلك فِي العنا ... علما مشيت أَمَامه برعيل)
(تعتل فِي الْأَمر الصَّحِيح معانداً ... أبدا وفهمك عِلّة الْمَعْلُول)
(سيسل روحك من خَبِيث قراره ... تَأْثِير هَذَا الصارم المصقول)
(وأريك رَأْي الْعين أَنَّك ذرةٌ ... عبثت بهَا مني قَوَائِم فيل)
3 - (السامري)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي ثَابت أَبُو إِسْحَاق الْعَبْسِي السامري نزيل دمشق ونائب الحكم بهَا وَصَاحب الْجُزْء العالي الَّذِي تفردت بِهِ كَرِيمَة توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (العابد)
)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَبُو إِسْحَاق النَّيْسَابُورِي الْحِيرِي العابد قَالَ الْحَاكِم قل من رَأَيْت من الْعباد مثله تولفي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْحَافِظ ابْن حَمْزَة)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن عمَارَة أَبُو إِسْحَاق الْحَافِظ الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ فِيهِ أَبُو نعيم وَاحِد زَمَانه فِي الْحِفْظ وَلم ير بعد عبد الله بن مظَاهر فِي الْحِفْظ مثله جمع الشُّيُوخ والمسند وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سَابِع شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (النصراباذي الْوَاعِظ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن محمويه أَبُو الْقَاسِم النصراباذي الْوَاعِظ الصُّوفِي الزَّاهِد ونصراباذ محلّة بنيسابور سمع ابْن خُزَيْمَة والسراج وَيحيى ابْن صاعد وَابْن جوصاء وَهَذِه الطَّبَقَة بالعراق وَالشَّام ومصر وروى عَنهُ أَبُو عبد الله الْحَاكِم وَجَمَاعَة كَانَ يرجع إِلَى فنون من الْعلم مِنْهَا حفظ الحَدِيث وفهمه والتاريخ وعلوم الْمُعَامَلَات وَالْإِشَارَة لَقِي الشبلي وَضرب وأهين وَحبس مرّة وَقيل لَهُ تَقول الرّوح لَيْسَ مَخْلُوق قَالَ لست أَقُول ذَا وَلَا(6/77)
أٌول إِن الرّوح مَخْلُوق وَلَكِن مَا قَالَ الله الرّوح من أَمر رَبِّي فجهدوا بِهِ فَقَالَ مَا أَقُول إِلَّا مَا قَالَ الله قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهَذَا الْكَلَام زيف وَمَا يشك مُسلم فِي خلق الله الرّوح وَأما سُؤال الْيَهُود النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرّوح فَإِنَّمَا كَانَ عَن ماهيته وكيفيته لَا عَن خلقه وَقيل لَهُ إِنَّك طفت بالناووس وَقلت هَذَا وَهَذَا كمن يكرم الْكَلْب لِأَنَّهُ خلق اله تَعَالَى فعوتب على ذَلِك سِنِين قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهَذِه سقطة أُخْرَى أفتكون قبْلَة الْإِسْلَام مثل قبْلَة الْيَهُود الَّتِي لعن من اتخذها مَسْجِدا وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الرقي الغنوي الصُّوفِي الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن نَبهَان بن مُحرز أَبُو إِسْحَاق الغنوي الرقي الصُّوفِي الْفَقِيه الشَّافِعِي تفقه على الشَّاشِي وَالْغَزالِيّ وَكتب كثيرا من مصنفات الْغَزالِيّ بِخَطِّهِ حدث بخطب ابْن نباتة وروى عَنهُ الْكِنْدِيّ وَابْن طبرزد وَأَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة قَالَ ابْن النجار روى لنا عَنهُ عبد الْوَهَّاب بن عَليّ الْأمين وَأَبُو الْفرج مُحَمَّد بن القبيطي وَسليمَان ابْن مُحَمَّد بن عَليّ الْموصِلِي وَقَالَ السَّمْعَانِيّ شيخ صَالح ثِقَة شدا طرفا من الْعلم)
3 - (فَخر الدولة الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر فَخر الدولة الأسواني ابْن أُخْت القَاضِي الرشيد والمهذب ابْني الزبير وَسَيَأْتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مكانيهما وَهُوَ أول من كتب الْإِنْشَاء للْملك النَّاصِر ثمَّ كتب لِأَخِيهِ الْعَادِل كَذَا قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وروى عَن خَاله الرشيد شَيْئا من شعره وروى عَنهُ أَبُو عبد الله محمّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْأنْصَارِيّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بحلب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة يُقَال إِن القَاضِي الْفَاضِل كَانَ إِذا بلغه أَن وَالِد فَخر الدولة بِبَابِهِ وَأحمد بن عرام واستأذنا عَلَيْهِ يَقُول يدْخل رَضِي الدولة لأجل ابْنه يَعْنِي فَخر الدولة وَابْن عرام لأدبه وَمن شعر فَخر الدولة
(مَا الشيب إِلَّا نعمةٌ ... مشكورة فاشكر عَلَيْهِ)
مَا الْغبن إِلَّا أَن تَمُوت وَأَنت لم تبلغ إِلَيْهِ
3 - (الشريف الْكُوفِي وَالِد أبي البركات)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن حَمْزَة ابْن يحيى بن الْحُسَيْن بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي(6/78)
طَالب كرم الله وَجهه أَبُو عَليّ وَالِد أبي البركات عمر النَّحْوِيّ صَاحب شرح اللمع من أهل الْكُوفَة لَهُ معرفَة حَسَنَة بالنحو واللغة وَالْأَدب وحظ من الشّعْر مَاتَ فِيمَا ذكره السَّمْعَانِيّ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة بِالْكُوفَةِ وَكَانَ قد سَافر إِلَى الشَّام ومصر وَأقَام بهَا مُدَّة ونفق على الْخُلَفَاء بِمصْر ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة وَقَالَ كنت بِمصْر وضاق بهما صَدْرِي فَقلت
(فَإِن تسأليني كَيفَ أَنْت فإنني ... تنكرت دهري والمعاهد والحبا)
(وأصبحت فِي مصر كَمَا لَا يسرني ... بَعيدا من الأوطان منتزحاً عزبا)
(وَإِنِّي فِيهَا كامرئ الْقَيْس مرّة ... وَصَاحبه لما بَكَى وَرَأى الدربا)
(فَإِن أَنْج من بَابي زويلا فتوبةً ... إِلَى الله أَن لَا مس خَفِي لَهَا تربا)
قَالَ قلت هَذِه الأبيات وَقد حصل لي من الْمُسْتَنْصر خَمْسَة آلَاف دِينَار مصرية وَقَالَ أَبُو البركات مرض أبي إِمَّا بِدِمَشْق أَو بحلب فرأيته يبكي ويجزع فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي مَا هَذَا الْجزع وَالْمَوْت لَا بُد مِنْهُ فَقَالَ أعرف وَلَكِن أشتهي أَن أَمُوت بِالْكُوفَةِ وأدفن بهَا حَتَّى إِذا نشرت يَوْم الْقِيَامَة أخرج رَأْسِي من التُّرَاب فَأرى بني عمي ووجوهاً أعرفهَا وَسَيَأْتِي ذكر)
وَلَده عمر فِي حرف الْعين مَكَانَهُ
3 - (ابْن الكماد)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هَارُون الْحجَّة الْحَافِظ أَبُو إِسْحَاق ابْن الكماد السبتي يروي عَن أبي عبد الله التجِيبِي نزيل تلمسان وَأبي الْحجَّاج ابْن الشَّيْخ وَأبي ذَر الْخُشَنِي مولده فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد ذكرت مولده فِي حُدُود الثَّمَانِينَ على مَا حَدثنِي بِهِ ابْن عمرَان السبتي
3 - (الثَّقَفِيّ الرقي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سعيد بن هِلَال بن عَاصِم بن سعد بن مَسْعُود صَاحب يَوْم الجسر فِي أَيَّام عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مَعَ الْفرس وَسعد هُوَ عَم الْمُخْتَار بن أبي عبيد الثَّقَفِيّ أَبُو إِسْحَاق الثَّقَفِيّ أَصله كُوفِي وَكَانَ خبارياً من مشهوري الإمامية ذكره أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحسن الطوسي فِي مصنفي الإمامية وَذكر أَنه مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وانتقل من الْكُوفَة إِلَى أَصْبَهَان وَكَانَ زيدياً أَولا وانتقل إِلَى القَوْل بِالْإِمَامَةِ وَله مصنفات كَثِيرَة مِنْهَا الْمَغَازِي السَّقِيفَة الرِّدَّة مقتل عُثْمَان الشورى بيعَة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْجمل صفّين
الْحكمَيْنِ النَّهر الغارات مقتل أَمِير الْمُؤمنِينَ رسائل أَمِير الْمُؤمنِينَ وأخباره وحروبه غير مَا تقدم قيام الْحسن بن عَليّ مقتل الْحُسَيْن التوابين وَعين الوردة أَخْبَار الْمُخْتَار فدك(6/79)
الْحجَّة فِي فعل الْمُكرمين السرائر الْمَوَدَّة فِي ذِي الْقُرْبَى الْمعرفَة الْحَوْض والشفاعة
الْجَامِع الْكَبِير فِي الْفِقْه الْجَامِع الصَّغِير الْجَنَائِز الْوَصِيَّة مَا نزل من الْقُرْآن فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ فضل الْكُوفَة وَمن نزلها من الصَّحَابَة الْإِمَامَة كَبِير الْإِمَامَة صَغِير الْمُبْتَدَأ أَخْبَار عمر أَخْبَار عُثْمَان الدَّار الْأَحْدَاث الحروري الاستسفار والغارات السّير يزِيد ابْن الزبير التغبير التَّارِيخ الرُّؤْيَا الْأَشْرِبَة الْكَبِير وَالصَّغِير مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم من قتل من آل مُحَمَّد الطِّبّ المتعتين
3 - (المطهري السروي الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن هَارُون بن الْفضل بن هَارُون أَبُو إِسْحَاق المطهري السروري بِالسِّين الْمُهْملَة وَالرَّاء المفتوحتين نِسْبَة إِلَى بَلْدَة من بِلَاد مازندران والمطهري مفعول طهر مشدد الطَّاء نِسْبَة إِلَى قَرْيَة لسارية قَالَ السَّمْعَانِيّ كَانَ إِمَامًا فَاضلا زاهداً وَله تصانيف كَثِيرَة)
فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالْأول والفرائض تفقه بِبَلَدِهِ على أبي مُحَمَّد ابْن أبي يحيى وببغداذ على أبي حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ وَقَرَأَ الْفَرَائِض على ابْن اللبان وَانْصَرف إِلَى سَارِيَة وفوض إِلَيْهِ التدريس وَالْفَتْوَى وَولي الْقَضَاء بهَا سبع عشرَة سنة إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبع مائَة عَن مائَة سنة
3 - (الكلابزي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الكلابزي أدْرك الْمَازِني وَأخذ عَن الْمبرد وَهُوَ لغَوِيّ من أهل الْعرَاق بَصرِي الْمَذْهَب حُكيَ عَن ابْن الْمبرد أَنه قَالَ فِي تلاميذ أبي رجلَانِ أَحدهمَا يَعْلُو وَالْآخر يسفل فَقيل وَمن هما قَالَ المبرمان يقْرَأ على أبي وَيَأْخُذ عَنهُ كتاب سِيبَوَيْهٍ ثمَّ يَقُول قَالَ الزّجاج فَهَذَا يسفل والكلابزي يقْرَأ عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول قَالَ الْمَازِني فه يَعْلُو وَكَانَ الكلابزي أدْرك الْمَازِني وَكَانَ الكلابزي مقدما فِي النَّحْو واللغة وَولي الْقَضَاء بِالشَّام وَتُوفِّي رَحمَه الله بِالْبَصْرَةِ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (الْمُزَكي ابْن سختويه)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى بن سختويه النَّيْسَابُورِي الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الْمُزَكي قَالَ الْحَاكِم هُوَ شيخ نيسابور فِي عصره وَكَانَ من الْعباد الْمُجْتَهدين المنفقين على الْفُقَهَاء والفقراء سمع ابْن خُزَيْمَة وَغَيره وروى عَنهُ الْحَاكِم وَغَيره قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثبتاً(6/80)
ثِقَة مكثراً وَهُوَ وَالِد عَليّ وَيحيى وَمُحَمّد وَعبد الرَّحْمَن وَقد رووا الحَدِيث توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن السويد الطَّبِيب)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طرخان الْحَكِيم عز الدّين أَبُو إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ وَهُوَ من ولد سعد بن معَاذ الأوسي رَضِي الله عَنهُ ولد سنة سِتّ مائَة بِدِمَشْق وَسمع من ابْن ملاعب وَأحمد بن عبد الله السّلمِيّ وَعلي بن عبد الْوَهَّاب أخي كَرِيمَة وَتفرد عَنهُ وَالْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن سَلمَة وزين الْأُمَنَاء ابْن عَسَاكِر وَقَرَأَ لوَلَده الْبَدْر مُحَمَّد على مكي بن عَلان والرشيد الْعِرَاقِيّ واستنسخ لَهُ الْأَجْزَاء وَقَرَأَ المقامات سنة تسع عشرَة على التقي خزعل النَّحْوِيّ وَأخْبرهُ بهَا منوجهر عَن المُصَنّف وَقَرَأَ كتبا فِي الْأَدَب والنحو على ابْن معط وعَلى النجيب يَعْقُوب الْكِنْدِيّ وَأخذ الطِّبّ عَن الدخوار وَغَيره وبرع فِي الطِّبّ وصنف فِيهِ وَنظر فِي علم الطِّبّ وَله شعر)
وفضائل وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَكَانَ مليح الْكِتَابَة كتب القانون لِابْنِ سينا ثَلَاث مَرَّات وَكَانَ أَبوهُ تَاجِرًا من السويداء بحران قَالَ ابْن أبي أصيبعة وَهُوَ أسْرع النَّاس بديهةً فِي قَول الشّعْر وَأَحْسَنهمْ إنشاداً وَكنت أَنا وَهُوَ فِي الْمكتب وَله الباهر فِي الْجَوَاهِر والتذكرة الهادية فِي الطِّبّ روى عَنهُ ابْن الخباز والبرزالي وَطَائِفَة وَمَات سنة تسعين وست مائَة وَدفن بتربته إِلَى جَانب الخانقاه الشبلية وَمن شعره
(لَو أَن تَغْيِير لون شيبي ... يُعِيد مَا فَاتَ من شَبَابِي)
(لما وفى لي بِمَا تلاقي ... روحي من كلفة الخضاب)
وَمِنْه
(وعدته الْوِصَال يقظى وزارت ... فأرته الْمَعْدُوم بالوجود)
فَهُوَ لَا يطعم الرقاد فيستيقظ إِلَّا على فراقٍ جَدِيد وَقَالَ
(ومدامٍ حرمتهَا لصيام ... قد توالى عَليّ فِي رَمَضَان)
وَأَقَامُوا الْحُدُود فِيهَا بِلَا حد فدامت ندامةُ الندمان
(وتغالى العلوج فِيهَا بزعمٍ ... وحموها من كل إنسٍ وجان)(6/81)
ثمَّ قَالُوا الْمَطْبُوخ حل فأفنوها طبيخاً بلاعج النيرَان
(طبخوها بِنَار شوقي إِلَيْهَا ... فغدت مهجةً بِلَا جثمان)
وَقَالَ موالياً الْبَدْر والسعد ذَا شبهك وَذَا نجمك وَالْقد واللحظ ذَا رمحك وَذَا سهمك وَالْحب والبغض ذَا قسمي وَذَا قسمك والمسك وَالْحسن ذَا خَالك وَذَا عمك وَقَالَ أَيْضا ذِي قَائِله لاختها وَالْقَصْد تسمعنا مَا النَّحْو قَالَت لَهَا نحنا بأجمعنا الرّفْع وَالنّصب نَا وانتي وَمن مَعنا)
للجر وَالزَّوْج حرف جَاءَ للمعنى
3 - (الفائز ابْن الْعَادِل)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بن شادي الْملك الفائز ابْن الْعَادِل بَعثه الْملك الْكَامِل أَخُوهُ إِلَى الشرق يستنجد بأَخيه الْملك الْأَشْرَف مُوسَى فأدركه أَجله بسنجار يُقَال إِنَّه سم وَكَانَت وَفَاته رَحمَه الله سنة سبع عشرَة وست مائَة وَكَانَ قد حَالف ابْن المشطوب على الْكَامِل لما ملك الفرنج دمياط وَلَوْلَا أَن أخاهما الْمُعظم أمسك ابْن المشطوب ونفاه إِلَى الشرق لتم لَهما إِرَادَته وَلما كَانَت وقْعَة البرلس قَالَ الْكَامِل للفائز هَؤُلَاءِ الفرنج قد استولوا على الْبِلَاد وَقد أَبْطَأَ علينا الْمُعظم وَمَا لملوك الشرق غَيْرك فَقُمْ وَتوجه إِلَى الْأَشْرَف وعرفه مَا نَحن فِيهِ من الضائقة فَسَار إِلَى الشرق وَجرى مَا ذكرته من وَفَاته أَولا
3 - (ابْن متويه)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْحسن الْأَصْبَهَانِيّ أَبُو إِسْحَاق الإِمَام ابْن متويه بِالْمِيم وَالتَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف مُشَدّدَة وَبعد الْوَاو وَالْيَاء آخر الْحُرُوف هَاء كَانَ إِمَام الْجَامِع بأصبهان يَصُوم الدَّهْر وَكَانَ حَافِظًا صَدُوقًا توفّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن دنينير)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الإِمَام الْفَاضِل شرف الدّين ابْن دنينير مصغر دِينَار لَهُ كتاب الْكَافِي فِي علم القوافي وجوده وَكتاب الشهَاب الناجم فِي علم وضع التراجم وَكتاب الْفُصُول المترجمة عَن علم حل تَرْجَمَة كَانَ فِي زمَان الْملك الظَّاهِر غَازِي ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب(6/82)
3 - (إِمَام مقَام إِبْرَاهِيم)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد الإِمَام الْمُحدث الْمُفْتِي الْقدْوَة رَضِي الدّين أَبُو إِسْحَاق الطَّبَرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي إِمَام مقَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسمع من ابْن الجميزي كثيرا وَمن شُعَيْب الزَّعْفَرَانِي وَعبد الرَّحْمَن بن أبي حرمي وَفَاطِمَة بنت نعْمَة والشرف المرسي وَجَمَاعَة وَنسخ مسموعاته وَخرج لنَفسِهِ سباعيات وَقَرَأَ كتبا كبارًا وأتقن الْمَذْهَب وَحدث بالبخاري عَن عَم أَبِيه يَعْقُوب بن أبي بكر والعماد وَعبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحِيم العجمي وَمُحَمّد بن أبي البركات بن أبي الْخَيْر الرَّاوِي بالعامة عَن أبي)
الْوَقْت وروى صَحِيح مُسلم عَن أبي الْيمن ابْن عَسَاكِر قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ صنفا آخر فِي الدّين والتأله وَالْعِبَادَة قل أَن ترى الْعُيُون مثله مَعَ التَّوَاضُع وَالْوَقار كَانَ يَقُول عمري مَا رَأَيْت يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا لِأَنَّهُ مَا خرج من الْحجاز كتب عَنهُ شمس الدّين وَعلم الدّين البرزالي والواني وَابْن خَلِيل وَصَلَاح الدّين العلائي وعدة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (ابْن سوس)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سوس الْمرَادِي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن سوسه قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج أَخذ بأطراف الْعُلُوم غير أَن الْغَالِب عَلَيْهِ علم الْخط وتزويره كَانَ عِنْده من ذَلِك أَمر معجز وَقد انْفَرد فِي مغربنا بالقلم الرياشي الخافي انفراداً كلياً لَا يداني فِيهِ وَلَا يُنَازع وَله من سرعَة الْحِفْظ مَا لَيْسَ لأحد شهدته يَوْمًا وَقد صنعت أبياتاً أَرْبَعَة فِي شكر سيدنَا أول تقريبه إيَّايَ وصنع مُحَمَّد بن شرف سِتَّة فِي مثل ذَلِك وصنع معد بن جَبَّار اثْنَي عشر بَيْتا وَأنْشد كل واحدٍ منا شعره قَالَ إِبْرَاهِيم لمعد إِن شعرك قديم وَأَنا أحفظه فَضَحِك معد مستهزئاً وَقَالَ لَهُ هَات فأنشده إِلَى آخِره ثمَّ الْتفت إِلَيْنَا وَقَالَ وَكَذَلِكَ أَنْتُمَا وأسمعنا أَبْيَاتنَا فحار معد حَتَّى عَرفته حَاله وَأورد لَهُ ملغزاً فِي الْقَمَر
(دع ذَا وَقل للنَّاس مَا طَارق ... يطرقهم وجهراً وَلَا يَتَّقِي)
(لَيْسَ لَهُ روح على أَنه ... يركب ظهر الأدهم الأبلق)
(شيخ رَأْي آدم فِي عصره ... وَهُوَ إِلَى الْآن بخدٍ نقي)
(وَهُوَ بوسط السجْن مَعَ قومه ... لَا ينزوي عَن نهجه الضّيق)
(هَذَا وَيَمْشي الأَرْض فِي لَيْلَة ... اعْجَبْ بِهِ من موثق مُطلق)
(وَتارَة يُوجد فِي مغرب ... وَتارَة يُوجد فِي مشرق)
(وَتارَة تنظره سابحاً ... يطوي بِسَاط الْبَحْر كالزورق)
(وَتارَة تَلقاهُ فِي لجةٍ ... من فَوْقه المَاء وَلم يغرق)(6/83)
(وَتارَة تحسبه وَهُوَ فِي ... سترته وَالْبَعْض مِنْهُ بَقِي)
(ذُبَابَة فِي صارم مرهف ... وَتارَة من جفْنه المطبق)
(يرنو إِلَى عرس لَهُ حسنها ... يختطف الْأَبْصَار بالرونق)
)
(حَتَّى إِذا جَامعهَا يرتدي ... بحلة سَوْدَاء كالمحرق)
(وَهُوَ على عَادَته إِنَّمَا ... يُجَامع الْأُنْثَى وَلَا تلتقي)
(ثمَّ يجوب القفل من أجلهَا ... مُشْتَمِلًا فِي مطرف أَزْرَق)
(حَتَّى إِذا قابلها ثَانِيًا ... تشكه بِالرُّمْحِ فِي المفرق)
(وَبعد ذَا تلبسه خلعةً ... يَا حسنه من لَوْنهَا المونق)
(فجسمه من ذهب جامدٍ ... وَجلده صِيغ من الزئبق)
(ثمَّ يرى فِي حِين إِتْمَامه ... مثل مجن الْحَرْب للمتقي)
(وَهُوَ إِذا أبصرته هَكَذَا ... ملح من صَاحِبَة القرطق)
(كَأَنَّهُ وَجه الْمعز الَّذِي ... تاه بِهِ الغرب على الْمشرق)
3 - (الْمُزَكي النَّيْسَابُورِي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي طَالب بن نوح بن عبد الله بن خَالِد أَبُو إِسْحَاق الْمُزَكي النَّيْسَابُورِي الزَّاهِد الْحَافِظ إِمَام عصره بنيسابور فِي معرفَة الحَدِيث وَالرِّجَال قَالَه الْحَاكِم توفّي رَحمَه الله سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الزَّاهِد النَّيْسَابُورِي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سُفْيَان أَبُو إِسْحَاق النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه الزَّاهِد أحد أَصْحَاب أَيُّوب بن الْحسن الزَّاهِد كَانَ مجاب الدعْوَة كثير الْمُلَازمَة لمُسلم توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَمَان وَثَلَاث مائَة
3 - (الْأَكْفَانِيِّ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْأَكْفَانِيِّ الْمُؤَدب أورد لَهُ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء لَهُ
(ألذ وَأحلى من جنى النَّحْل والشهد ... إِذا مَا التقى خد الحبيب على خد)
(وَأي محب لَا يسر بِقرب من ... يحب ويشجيه الْفِرَاق مَعَ الْبعد)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(يَا غُصْن بانٍ يمِيل معتدلا ... بِأَيّ جرم أهديت لي شغلا)
(لأنني هائم بحبك لَا ... أطلب فِي الْحبّ غَيْركُمْ بَدَلا)
(حسب فُؤَادِي الَّذِي لقِيت فقد ... صرت بحبيك فِي الورى مثلا)(6/84)
3 - (ابْن عَرَفَة المهلبي)
)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة المهلبي الوَاسِطِيّ قَالَ المرزباني هُوَ شَيخنَا رَحمَه الله ولد فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَلَاث مائَة يَقُول المقطعات وَمِمَّا أنشدناه لنَفسِهِ قَوْله
(كم قد ظَفرت بِمن أَهْوى فيمنعني ... مِنْهُ الْحيَاء وَخَوف الله والحذر)
(كم قد خلوت بِمن أَهْوى فيقنعني ... مِنْهُ الفكاهة والتحديث وَالنَّظَر)
(أَهْوى الملاح وأهوى أَن أجالسهم ... وَلَيْسَ لي فِي حرامٍ مِنْهُم وطر)
(كَذَلِك الْحبّ لَا إتْيَان مَعْصِيّة ... لَا خير فِي لَذَّة من بعْدهَا سقر)
3 - (الْحَضْرَمِيّ الإشبيلي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُنْذر بن احْمَد بن سعيد بن ملكون الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ الإشبيلي صنف إِيضَاح الْمنْهَج جمع فِيهِ بَين كتابي ابْن جني على الحماسة التَّنْبِيه والمبهج وَله غير ذَلِك وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (نفطويه النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة بن سُلَيْمَان الْعَتكِي الوَاسِطِيّ أَبُو عبد الله نفطويه قَالَ ابْن خالويه لَيْسَ فِي الْعلمَاء من اسْمه إِبْرَاهِيم وكنيته أَبُو عبد الله سوى نفطويه قيل إِنَّه من ولد الْمُهلب بن أبي صفرَة سكن بغداذ وصنف التصانيف وَكَانَ متفنناً فِي الْعُلُوم يُنكر الِاشْتِقَاق ويحيله وَكَانَ يحفظ نقائض جرير والفرزدق وَشعر ذِي الرمة أَخذ الْعَرَبيَّة عَن الْمبرد وثعلب وَمُحَمّد بن الجهم وخلط نَحْو الْكُوفَة بِنَحْوِ الْبَصْرَة وتفقه على مَذْهَب دَاوُد وَرَأس فِيهِ وَكَانَ دينا ذَا سنة ومروة وفتوة وكيس وَحسن خلق وَكَانَت بَينه وَبَين مُحَمَّد بن دَاوُد الظَّاهِرِيّ مَوَدَّة أكيدة وتصافٍ تَامّ وَلما مَاتَ تفجع عَلَيْهِ نفطويه وجزع جزعاً عَظِيما وَلم يجلس للنَّاس سنة كَامِلَة ثمَّ جلس بعد ذَلِك فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِن أَبَا بكر ابْن دَاوُد قَالَ لي يَوْمًا وَقد تجارينا حفظ عهود الأصدقاء أقل مَا يجب للصديق على صديقه أَن يتسلب سنة كَامِلَة عملا بقول لبيد
(إِلى الحولِ ثمَّ اسْم السَّلَام عَلَيْكُمَا ... وَمن يبك حولا كَامِلا فقد اعتذر)(6/85)
فحزنا عَلَيْهِ سنة كَامِلَة كَمَا شَرط قَالَ ابْن شَاذان بكر يَوْمًا نفطويه إِلَى درب الرواسين فَلم يعرف الْموضع فَقَالَ لرجل يَبِيع البقل أَيهَا الشَّيْخ كَيفَ الطَّرِيق إِلَى درب الرواسين قَالَ فَالْتَفت البقلي إِلَى جَار لَهُ فَقَالَ يَا فلَان أَلا ترى إِلَى هَذَا الْغُلَام فعل الله بِهِ وصنع قد احْتبسَ)
عَليّ قَالَ وَمَا الَّذِي تُرِيدُ مِنْهُ فَقَالَ عوق السلق عَليّ فَمَا عِنْدِي مَا أصفع بِهِ هَذَا العاض بظر أمه فانسل نفطويه وَلم يجبهُ قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَقد صيره ابْن بسام نفطويه بِضَم الطَّاء وتسكين الْوَاو وَفتح الْيَاء فَقَالَ
(رَأَيْت فِي النّوم أبي آدماً ... صلى الله عَلَيْهِ ذُو الْفضل)
(فَقَالَ أبلغ وَلَدي كلهم ... من كَانَ فِي حزن وَفِي سهل)
(بِأَن حوا أمّهم طالقٌ ... إِن كَانَ نفطويه من نسلي)
انْتهى كَلَام ياقوت رَحمَه الله اسْتغْرب مَا وَقع من ابْن بسام وَهَذِه عَادَة الْمُحدثين فَإِنَّهُم لَا ينطقون بِهَذِهِ الْأَسْمَاء الَّتِي أخراها ويه إِلَّا على هَذِه الصِّيغَة مَا خلا إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فَإِنَّهُم لَا يَقُولُونَ إِلَّا إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء على أَنه اسْم صَوت فَرَأَوْا التجنب من التَّلَفُّظ بِلَفْظَة ويه فَيَقُولُونَ سِيبَوَيْهٍ وحمويه وزنجويه ودرستويه وَكَانَ نفطويه مَعَ كَونه من أَعْيَان الْعلمَاء غير مكترث بإصلاح نَفسه وَكَانَ يفرط بِهِ الصنان فَلَا يُغَيِّرهُ فَحَضَرَ يَوْمًا مجْلِس حَامِد بن الْعَبَّاس وَزِير المقتدر فتأذى هُوَ وجلساؤه بصنانه فَقَالَ الْوَزير يَا غُلَام أحضرنا مرتكاً فجَاء بِهِ فَبَدَأَ الْوَزير بِنَفسِهِ فتمرتك وأدراه على جُلَسَائِهِ فتمرتكوا وفطنوا مَا أَرَادَ بنفطويه فَقَالَ نفطويه لَا حَاجَة لي بِهِ فَرَاجعه فَأبى فاحتد حَامِد بن الْعَبَّاس وَقَالَ يَا عاض كَذَا من أمه إِنَّمَا تمرتكنا من أَجلك فَإنَّا تأذينا بصنانك قُم لَا أَقَامَ الله لَك وزنا أَخْرجُوهُ عني وأبعدوه حَتَّى لَا أتأذى بِهِ وَكَانَ نفطويه يَقُول بقول الْحَنَابِلَة إِن الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى وَجَرت بَينه وَبَين الزّجاج مناظرة أنكر عَلَيْهِ الزّجاج على ذَلِك مُوَافَقَته الْحَنَابِلَة قلت الِاسْم غير الْمُسَمّى وَإِلَّا لَزِمَهُم أَن من يَقُول النَّار أَن يَحْتَرِق فَمه وَالصَّحِيح أَنه قد يَجِيء فِي مَوَاطِن وَيُرَاد بِهِ الْمُسَمّى كَقَوْلِه تَعَالَى سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَمن تصانيفه كتاب التَّارِيخ الاقتصارات
البارع غَرِيب الْقُرْآن الْمقنع فِي النَّحْو والمصادر والوزراء وَالْملح والأمثال وأمثال الْقُرْآن وَالرَّدّ على من قَالَ بِخلق الْقُرْآن وَأَن الْعَرَب تَتَكَلَّم طبعا لَا تعلماً وَالرَّدّ على الْمفضل بن سَلمَة فِي نقضه على الْخَلِيل وَالرَّدّ على من يزْعم أَن الْعَرَب يشتق كَلَامهَا بعضه من بعض وَالِاسْتِثْنَاء وَالشّرط فِي الْقُرْآن والشهادات وَله شعر مِنْهُ قَوْله
(قلبِي عَلَيْك أرق من خديكا ... وقواي أَوْهَى من قوى جفنيكاً)
(لم لَا ترق لمن يعذب نَفسه ... ظلما ويعطفه هَوَاهُ عليكا)
)
قَالَ الثعالبي لقب نفطويه لدمامته وأدمته تَشْبِيها لَهُ بالنفط وَفِيه يَقُول مُحَمَّد بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن الْمُتَكَلّم الوَاسِطِيّ صَاحب الْإِمَامَة وَكتاب إعجاز الْقُرْآن
(من سره أَن لَا يرى فَاسِقًا ... فليجتهد أَن لَا يرى نفطويه)(6/86)
(أرقه الله بِنصْف اسْمه ... وصير الْبَاقِي صراخاً عَلَيْهِ)
ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ بواسط وَقيل سنة خمس وَتُوفِّي فِي صفر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَلَاث مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقيل سنة أَربع وَعشْرين ببغداذ هُوَ وَابْن مُجَاهِد الْمُقْرِئ
3 - (ابْن قرناص)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن هبة الله بن قرناص الأديب مخلص الدّين الْحَمَوِيّ الشَّاعِر توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وَسبعين وست مائَة
وَمن شعره
(ليلِي وليلك يَا سؤلي وَيَا أملي ... ضدان هَذَا بِهِ طولٌ وَذَا قصر)
(وَذَاكَ أَن جفوني لَا يلم بهَا ... نومٌ وجفنك لَا يحظى بِهِ السهر)
وَمِنْه أَيْضا
(لَك فِي الصدود غنى فدع يَوْم ... النَّوَى لَا تعجلن بِهِ فَذَاك المغرم)
(فلتعلمن إِذا افترقنا أَيّنَا ... تبت يَدَاهُ وَمن على من ينْدَم)
وَمِنْه
(لَيْسَ الظريف الَّذِي تبدو خلائقه ... للنَّاس ألطف من مر النسيم سرى)
(لكنه رجل عفت ضمائره ... عَن الْمَحَارِم لما بالمنى ظفرا)
وَمِنْه
(يَا جنَّة الطّرف نَار الْقلب مأواك ... وَمَا يوقدها من برد ذكراك)
(وَيَا مهاه الدمى كل الدِّمَاء لكم ... حل فَمن بِحرَام الْقَتْل أَفْتَاك)
(حاشاك يَا ظَبْيَة الْأنس الَّتِي افترست ... أَسد العرين من التأثيم حاشاك)
(يثني تثنيك قضب البان مائسةً ... ويبسم الدّرّ عجبا من ثناياك)
3 - (التطيلي الْأَصْغَر)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التطيلي بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر)
الْحُرُوف وَبعدهَا لَام وياء النِّسْبَة أَبُو إِسْحَاق الضَّرِير نَشأ بقرطبة وَسكن إشبيلية وَكَانَ يعرف بالتطيلي الْأَصْغَر واشتهر بالشعر بعد أبي الْعَبَّاس التطيلي الْأَعْمَى بِزَمَان يسير أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي التُّحْفَة قصيدة مِنْهَا فِي عماه
(شمس الظهيرة أعشت كوكبي بَصرِي ... كَذَا سنا النَّجْم فِي ضوء الضُّحَى خمدا)
(إِن نَازع الدَّهْر فِي ثِنْتَيْنِ من عدي ... فواحد فِي ضلوعي يبهر العددا)
(يُغني عَن الشهب فِي أجفانه مقلاً ... من كَانَت الشَّمْس فِي أضلاعه خلدا)(6/87)
(من طَال خلقا نفى فِي خلقه قصراً ... لَا تقدر الْجلد مِنْهُ واقدر الجلدا)
(لَا يدْرك الرمْح شأو السهْم فِي غرضٍ ... وَلَو تسلسل فِيهِ لَدنه مدَدا)
(لم يكف أَنِّي غَرِيب الشَّخْص فِي نفري ... حَتَّى غَدَوْت غَرِيب الطَّبْع متحدا)
وَهُوَ الْقَائِل
(أَتَاك العذار على غرةٍ ... وَقد كنت فِي غَفلَة فانتبه)
(وَقد كنت تأبى زَكَاة الْجمال ... فَصَارَ شجاعاً وطوقت بِهِ)
وَمن شعره
(ومعذر رقت لَهُ خمر الصِّبَا ... حَيْثُ العذار حبابها المترقرق)
(ديباج حسن كَانَ غفلاً نَاقِصا ... فأتمه علم الشَّبَاب المونق)
(وشكا الْجمال مقِيله فِي ورده ... فأظله آس العذار الْمشرق)
(عامت بِمَاء الْفضل شامة خَدّه ... فغدا العذار زويرقاً لَا يغرق)
3 - (جلال الدّين ابْن القلانسي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّيْخ جلال الدّين ابْن القلانسي قدم الديار المصرية فَقَالَ لَهُ الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود وتقي الدّين ابْن تَمام اقعد أَنْت فِي هَذِه الزاوية وَنحن نذكرك للنا فَاتخذ الزاوية على بركَة الْفِيل وَشرع الِاثْنَان يَجْتَمِعَانِ بِالنَّاسِ ويذكرانه بالصلاح فاشتهر ذكره وَتردد إِلَيْهِ النَّاس ومماليك السُّلْطَان والأمراء وَخرج إِلَى الْقُدس بِسَبَب الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن البابا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع مائَة وأنشدت لَهُ قِطْعَة مِنْهَا
(قد كنت تبت عَن الْهوى ... وَلَكِن حبك لم يدعني)
3 - (البلفيقي)
)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن خلف يَنْتَهِي إِلَى الْعَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ الإِمَام الْمُحدث أَبُو إِسْحَاق ابْن الشَّيْخ أبي عبد الله البلفيقي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَاللَّام الْمُشَدّدَة وَالْفَاء وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَالْقَاف نِسْبَة إِلَى حصن عِنْد المرية ذكره الشريف عز الدّين يعرف بِابْن الْحَاج نزيل دمشق ولد بالمرية سنة سِتّ عشرَة وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة وَكَانَ مُحدثا فَاضلا عَارِفًا مُفِيدا
3 - (ابْن الْحَاج الْقُرْطُبِيّ)
إِبْرَاهِيم بن محمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن خلف بن إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْحَاق ابْن الْحَاج التجِيبِي الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه الحسيب الْمُحدث أَخذ عَن وَالِده وَأبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن قسوم وَأحمد بن مفرج النباتي والدباج والشلوبين وَخلق وَأَجَازَ(6/88)
لَهُ أَبُو الرّبيع ابْن سَالم ولد سنة خمس وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة وَأَظنهُ من بَيت ابْن الْحَاج الْمَعْرُوف بالبلفيقي وَقد تقدم ذكره وَالله أعلم
3 - (جمال الدّين ابْن السواملي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سعيد الطَّيِّبِيّ الصَّدْر رَئِيس الْعرَاق جمال الدّين السفار الْمَعْرُوف بِابْن السواملي بِالسِّين الْمُهْملَة وَبعد الْوَاو ألف وَمِيم وَلَام وياء النّسَب وَهِي وَاعِيَة من خزف سَافر هَذَا وَله مَال يسير وَأبْعد إِلَى الصين فَفتح عَلَيْهِ وتمول إِلَى الْغَايَة ثمَّ قبله حَاكم الْعرَاق بلاداً كبارًا فَكَانَ يُؤَدِّي الْمُقَرّر لَهُم يرفق بالرعية ثمَّ صَار بنوه ملوكاً وَكَانَ ينطوي على دين وكرم وبر واعتقاد فِي أهل الْخَيْر وَكَانَ يحمل إِلَى الشَّيْخ عز الدّين الفاروثي فِي الْعَالم ألف مِثْقَال ثمَّ مَالَتْ عَلَيْهِ التتار بِالْأَخْذِ حَتَّى تضعضع وَقلت أَمْوَاله فانتقل إِلَى وَاسِط جدة لما دثرت الطّيب قَالَ ابْن منتاب قَالَ جمال الدّين مَا بَقِي لي شَيْء سوى هَذَا الْحبّ وَأرَانِي حبا فِيهِ ثَمَانُون ألف دِينَار فَبَعثه إِلَى الصين فكسب الدِّرْهَم تِسْعَة وَقد ولي ابْنه سراج الدّين عمر نِيَابَة الْملك بالمعبر وَصَارَ ابْنه مُحَمَّد ملك شيراز وَابْنه عز الدّين كافل جَمِيع المماليك الَّتِي لفارس وَتُوفِّي جمال الدّين الْمَذْكُور سنة سِتّ وَسبع مائَة
3 - (ابْن الْمُقدم)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْملك الْأَمِير عز الدّين ابْن شمس الدّين ابْن الْمُقدم الَّذِي قتل أَبوهُ بِعَرَفَات كَانَ من كبار الْأُمَرَاء وَهُوَ صَاحب قلعة بارين ومنبج وَغير ذَلِك وَكَانَ شجاعاً)
عَاقِلا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الصقال الْحَنْبَلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن الصقال الْفَقِيه أَبُو إِسْحَاق الطَّيِّبِيّ البغداذي الْحَنْبَلِيّ كَانَ ثِقَة إِمَامًا فِي الْفَرَائِض والحساب روى عَنهُ الدبيثي وَابْن النجار والضياء مُحَمَّد وَغَيرهم وَقَرَأَ الْمَذْهَب وَالْخلاف على القَاضِي أبي يعلى مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الْفراء وَكَانَ يدرس فِي دَاره وَحضر عِنْده الْفُقَهَاء وَغَيرهم وَله حَلقَة بِجَامِع الْقصر للمناظرة وَكَانَ متديناً نزهاً عفيفاً جميل السِّيرَة متواضعاً حسن الْأَخْلَاق وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَمن شعره وَقد عوفي
(كم من عَطاء مَا زَالَ يعطيني ... مولى بإحسانه يواليني)
(جاد ببرئي من عارضٍ عجزت ... عَنهُ قواي وَكَاد يونيني)
(فَالْحَمْد لله كم تجدّد لي ... يميتني تَارَة ويحييني)
(مَعَ أنني غير خَالِد أبدا ... لَا بُد من كرة تعفيني)
قلت شعر نَازل(6/89)
3 - (ابْن الْملك النَّاصِر)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن قلاوون هُوَ جمال الدّين ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر زوجه وَالِده بابنة الْأَمِير بدر الدّين جنكلي بن البابا وَكَانَ خيرا جواداً وَسمعت أَخَاهُ يَدعُوهُ يَا قسيس جدر وَأقَام تَقْدِير عشْرين يَوْمًا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى وَلم يره أَبوهُ وَكَانَ يُنْهِي إخْوَته عَن الدُّخُول إِلَيْهِ لِئَلَّا يعديهم وَمر السُّلْطَان النشو فِي اللَّيْل أَن يدفنه عِنْد أَخِيه الْأَشْرَف فِي تربته وَمَا علم بِهِ أحد وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَقد نبت عارضاه وَكَانَ أكبر من أَخِيه الْمَنْصُور أبي بكر وَكَانَ السُّلْطَان قد جهزه مَعَ أَخِيه النَّاصِر أَحْمد والمنصور أبي بكر إِلَى الكرك فأقاموا هُنَاكَ إِلَى أَن ترعرعوا وأحضر إِبْرَاهِيم وَأَبا بكر إِلَى الْقَاهِرَة وَأَقَامَا مُدَّة ثمَّ إِنَّه أَمرهمَا وأعطاهما كل وَاحِد طبلخانة وَلم يسم أحد مِنْهُمَا بِملك وَلَا لقب بل كَانَ النَّاس كلهم يَقُولُونَ سَيِّدي إِبْرَاهِيم أَو سَيِّدي أَبَا بكر الْأُمَرَاء فَمن دونهم
3 - (برهَان الدّين السفاقسي الْمَالِكِي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِمَام برهَان الدّين السفاقسي بسينين مهملتين وَبَينهمَا فَاء وَألف وقاف الْمَالِكِي هُوَ وَأَخُوهُ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد وَتقدم ذكره من فضلاء الْمَالِكِيَّة أَخْبرنِي)
أقضى الْقُضَاة بهاء الدّين أَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ أَن لَهُ إعراباً لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم فِي تَقْدِير أَربع مجلدات وَله كتاب شرح فِيهِ كتاب ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْفُرُوع نَاقِصا قَلِيلا وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا قَالَ توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة رَحمَه الله أَو فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين
3 - (النظام المؤذبي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حيدر بن عَليّ نظام الدّين أَبُو إِسْحَاق المؤذبي الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ ياقوت سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَخمسين وَخمْس مائَة وَله تصانيف كتاب ديوَان الْأَنْبِيَاء شرح كليلة بِالْفَارِسِيَّةِ الْوَسَائِل إِلَى الرسائل من نثره ديوَان شعره بِالْفَارِسِيَّةِ
الْخطب فِي دعوات ختم الْقُرْآن سَمَّاهُ يتيمة الْيَتِيمَة الطرفة فِي التُّحْفَة بِالْفَارِسِيَّةِ رسائل سَاس نامه فِي المواعظ بِالْفَارِسِيَّةِ تَعْرِيف شَوَاهِد التصريف أنموذار نامه يشْتَمل على أَبْيَات غَرِيبَة من كليلة ودمنة شرحها بِالْفَارِسِيَّةِ كفتار نامه منطق مرتع الْوَسَائِل ومربع الرسائل
3 - (ابْن قُرَيْش)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن قُرَيْش أَبُو طَاهِر ابْن أبي غَالب من أَوْلَاد الْمُحدثين نزل الْموصل وتفقه للشَّافِعِيّ وَقَرَأَ الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر ثمَّ سكن سنجار أورد لَهُ ابْن النجار(6/90)
(ذكر الصِّبَا وزمانه فصبا ... فتمايلت أعطافه طَربا)
(شيخ يكَاد يطير من طرب ... بَين الكروم إِذا رأى العنبا)
(وَيعود ريعان الشَّبَاب لَهُ ... غضاً إِذا مَا خمرة شربا)
(لَا يصطلي فِي القر غير سنا ... لَهب الكؤوس ويربح الحطبا)
وَله أَيْضا
(يخاطبها الْحَادِي بترجيع صَوته ... فتقرب من إحساسها أَن تجيبه)
(تكَاد إِذا سَارَتْ على جلد الصَّفَا ... من الْقدح من أخفافها أَن تذيبه)
(وَلم تدر مَا برد النسيم لِأَنَّهَا ... إِذا عنفت فِي السّير فَاتَت هبوبه)
توفّي بسنجار سنة تسع وست مائَة
3 - (أَبُو مَنْصُور الهيتي الْحَنَفِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سَالم بن علوي بن جحاف بن ظبْيَان بن الْأَبْرَد بن)
قيس بن وَائِل بن امْرِئ الْقَيْس يَنْتَهِي إِلَى النمر بن قاسط بن هنب النمري أَبُو مَنْصُور من أهل هيت قدم بغداذ وَأقَام بهَا قَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة على قَاضِي الْقُضَاة الدَّامغَانِي حَتَّى برع وَصَارَت لَهُ يَد فِي المناظرة وَكَانَ يعرف الْعَرَبيَّة معرفَة حَسَنَة توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَدفن عِنْد مشْهد أبي حنيفَة
3 - (الْحَافِظ الصريفيني)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْأَزْهَر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْحَافِظ تَقِيّ الدّين أَبُو إِسْحَاق الصريفيني الْعِرَاقِيّ الْحَنْبَلِيّ ولد بصريفين سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست مائَة وَدفن بقاسيون كَانَ أوحد أوعية الْعلم رَحل إِلَى الشأم والجزيرة وخراسان وأصبهان وَصَحب الْحَافِظ عبد الْقَادِر مُدَّة وَتخرج بِهِ وَسمع وروى عَنهُ الْحَافِظ الضياء وَأكْثر مِنْهُ أَبُو الْمجد ابْن العديم ولي مشيخة دَار الحَدِيث بمنبج ثمَّ إِنَّه تَركهَا وَسكن حلب وَولي مشيخة دَار الحَدِيث الَّتِي لِابْنِ شَدَّاد وَقدم دمشق وروى بهَا وتخاريجه وتواليفه تدل على مَعْرفَته وَحفظه
3 - (إِبْرَاهِيم بن باجوك الْمُقْرِئ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن باجوك البعلي شهَاب الدّين الْمُقْرِئ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (صدر الدّين الْجُوَيْنِيّ الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِمَام الزَّاهِد الْمُحدث شيخ(6/91)
خُرَاسَان صدر الدّين أَبُو المجامع ابْن الشَّيْخ سعد الدّين ابْن الْمُؤَيد بن حمويه الْجُوَيْنِيّ الصُّوفِي ولد سنة بضع وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع مائَة وَسمع من ابْن الْمُوفق الأذكاني صَاحب الْمُؤَيد الطوسي وَمن جمَاعَة بِالشَّام وَالْعراق والحجاز وعني بِهَذَا الشَّأْن جدا وَكتب وَحصل وَكَانَ مليح الشكل جيد الْقِرَاءَة دينا وقوراً وعَلى يَدَيْهِ أسلم قازان وَقدم الشَّام سنة خمس وَتِسْعين ثمَّ حج سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع مائَة ولقيه الشَّيْخ صَلَاح الدّين خَلِيل ابْن العلائي وَخرج لنَفسِهِ سباعيات بإجازات وَسمع مُسلما من عُثْمَان بن موفق سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسمع ببغداذ من الشَّيْخ عبد الصَّمد وَمن ابْن أبي الدنية وَابْن الساغوجي وَابْن بلدجي ويوسف بن مُحَمَّد بن سرُور الْوَكِيل قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أنبأني الظهير ابْن الكازروني قَالَ وَفِي سنة إِحْدَى)
وَسبعين اتَّصَلت ابْنة عَلَاء الدّين صَاحب الدِّيوَان بالشيخ صدر الدّين أبي المجامع إِبْرَاهِيم ابْن الْجُوَيْنِيّ وَالصَّدَاق خَمْسَة آلَاف دِينَار ذَهَبا أَحْمَر وَله إجَازَة من نجم الدّين عبد الْغفار صَاحب الْحَاوِي وَله مجاميع وتواليف
3 - (ابْن الْخَيْر الْحَنْبَلِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن سَالم بن مهْدي أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو إِسْحَاق الْأَزجيّ الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن الْخَيْر الْحَنْبَلِيّ ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى سمع الْكثير وروى الْكتب وَطَالَ عمره ورحل إِلَيْهِ النَّاس وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الْكتب المطولة ولقن خلقا كثيرا كتاب الله تَعَالَى أسمعهُ وَالِده فِي صباه من أبي الْحُسَيْن عبد الْحق بن عبد الْخَالِق بن يُوسُف والكاتبة شهدة بنت الإبري وَخَدِيجَة بنت أَحْمد بن الْحسن النهرواني وَغَيرهم وَسمع هُوَ بِنَفسِهِ على جمَاعَة قَالَ ابْن النجار كتبت عَنهُ شَيْئا يَسِيرا على ضعف فِيهِ وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْت جُزْءا بِيَدِهِ فِيهِ طرق قراءات ادّعى يحيى الْأَوَانِي الضَّرِير أَنه قَرَأَ بهَا على عمر بن ظفر المغازلي وَأبي الْكَرم ابْن الشهرزوري القرائين وَهِي بخطيهما إِلَّا أَن اسْم الْأَوَانِي فِي جَمِيعهَا مَكْتُوب على كشط خطا ظَاهرا بَينا فأعلمته أَنَّهَا بَاطِلَة مختلقة وَأَنه لَا يجوز للأواني أَن يروي بهَا وَلَا لأحد أَن يقْرَأ بهَا على الْأَوَانِي وعرفه الْحَال وَقَرَأَ بهَا عَلَيْهِ فَذكر لي وَلَده أَنه رَجَعَ عَن ذَلِك ومزق الخطوط وأبطلها فَذكرت ذَلِك الْقُرَّاء فأحضر الْجُزْء بِعَيْنِه ورايته على حَاله الأول فتعجبت من ذَلِك ونسأل الله السَّلامَة مِنْهُ
3 - (جمال الدّين كَاتب سر حلب)
إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد الْحلَبِي القَاضِي جمال الدّين أَبُو إِسْحَاق ابْن شَيخنَا الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَاتب السِّرّ بحلب مرَّتَيْنِ ولد سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة فِي شعْبَان وَهُوَ أَخُو شمس الدّين مُحَمَّد(6/92)
بن مَحْمُود كَاتب سر دمشق وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين كتب الْمَنْسُوب الأقلام السَّبْعَة طبقَة وَهُوَ من أظرف النَّاس فِيمَا يَكْتُبهُ خُصُوصا من التَّارِيخ والحواشي على الهوامش كتب بِخَطِّهِ الْمليح نُسْخَة بِجَامِع الْأُصُول لم ير أحد أظرف مِنْهَا وَكتب السِّيرَة لِابْنِ هِشَام بِخَطِّهِ أَيْضا من أحسن مَا يكون وَكَانَ وَالِده ينشئ المناشير والتقاليد والتواقيع ويكتبها هُوَ بِخَطِّهِ فتجيء نِهَايَة فِي الْحسن لفظا وخطاً وَكَانَ القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير يألفه ويأنس بِهِ كثيرا وَلما عزل القَاضِي عماد الدّين إِسْمَاعِيل)
ابْن القيسراني عَن كِتَابَة سر حلب جهز هَذَا جمال الدّين إلهيا فَأَقَامَ فِي حلب قَرِيبا من سِتّ عشرَة سنة ثمَّ إِن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر عَزله فِي نوبَة الحلبيين ولؤلؤ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فَطلب إِلَى الْقَاهِرَة ورسم عَلَيْهِ فِي دَار الوزارة مديدةً وَفرج عَنهُ وَتوجه الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى مصر طلبه من السُّلْطَان فأنعم لَهُ بِهِ ورتب فِي جملَة كتاب الْإِنْشَاء بِدِمَشْق وَصَاحب الدِّيوَان إِذْ ذَاك ابْن أَخِيه القَاضِي شرف الدّين أبي بكر وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْبَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَأَقَامَ بِدِمَشْق قَلِيلا وعزل شرف الدّين من كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمته وأبطل جمال الدّين فلازم بَيته يسمع أَوْلَاده الحَدِيث وَعَكَفَ على نسخ السِّيرَة فَلَمَّا كَانَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فِي مَا أَظن طلبه السُّلْطَان إِلَى مصر ورتب بعد مديدة فِي جملَة كتاب الْإِنْشَاء وَلما توفّي صَلَاح الدّين ابْن عبيد الله رَحمَه الله أعطي معلومه ثمَّ إِن القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن فضل الله أقبل عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ الدِّيوَان ورتبه فِي جملَة موقعي الدست يجلس بَين يَدي السُّلْطَان وَيجْلس قُدَّام النَّائِب وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن طلب القَاضِي نَاصِر الدّين من حلب إِلَى كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق فرسم للْقَاضِي جمال الدّين بعوده إِلَى كِتَابَة سر حلب فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة فَتوجه إِلَيْهَا ثَانِيَة وَلم يزل بهَا كَاتب السِّرّ إِلَى أَن عزل بِالْقَاضِي زين الدّين عمر بن أبي السفاح فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة ورتب لَهُ راتب يَكْفِيهِ وَهُوَ شهي الْأَلْفَاظ حسن المحاضرة حفظَة للأشعار والحكايات ممتع المذاكرة لَهُ ذوق فِي الْأَدَب يَذُوق التورية والاستخدام وَيَذُوق البديع ويحفظ من الألغاز كثيرا وَسمع على الأبرقوهي وَغَيره من مَشَايِخ عصره وَأَجَازَ لي مرويات بِخَطِّهِ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة بِدِمَشْق لازمته مُدَّة مقَامي بِالْقَاهِرَةِ سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة بديوان الْإِنْشَاء بالقلعة وَمَا كنت أَحْسبهُ ينظم شَيْئا إِلَى أَن أنشدت جمَاعَة الموقعين لغزاً فِي مثقاب نظمته قَدِيما وَهُوَ
(مَا غائص فِي يَابِس كلما ... تضربه سَوْطًا أَجَاد الْعَمَل)
(ذُو مقلةٍ غاص بهَا رَأسه ... وَالرَّأْس فِي الْعَادة مأوى الْمقل)
فَكتب القَاضِي جمال الدّين الْجَواب
(مِيقَات مَا ألغزت لي فِي اسْمه ... تمّ بتصحيفي لَهُ واكتمل)
(يَدُور بِالْقَوْسِ مدى سيره ... بَدَأَ وعوداً ليتم الْعَمَل)
)
وَكتب إِلَيّ ملغزاً فِي غلبك(6/93)
(إِن اسْم من أهواه تصحيفه ... وصف لقب المدنف العاني)
(وشطره من قبل تصحيفه ... يُقَاد فِيهِ المذنب الْجَانِي)
(وَإِن أزلت الرّبع مِنْهُ غَدا ... مُصحفا لي مِنْهُ ثلثان)
(وَهُوَ إِذا صحفته ثَانِيًا ... اسْم لمحبوبٍ لنا ثَان)
فَكتبت أَنا الْجَواب عَن ذَلِك
(لغزك يَا من رؤيتي وَجهه ... تكحل بالأنوار أجفاني)
(هَذَا ضمير لحمىً حلّه ... وأيد القَوْل ببرهان)
(إِن زَالَ مِنْهُ الرّبع مَعَ قلبه ... فَإِنَّهُ للمذنب الْجَانِي)
(عليل تَصْحِيف الَّذِي رمته ... فالقلب فِي تصحيفه الثَّانِي)
3 - (ابْن الساعاتي)
إِبْرَاهِيم بن مُرْتَفع بن أرسلان أَبُو إِسْحَاق الْمصْرِيّ الذَّهَبِيّ النَّاسِخ وَيعرف بِابْن الساعاتي سمع من هبة الله بن سناء الْملك بعض شعره وَكَانَ مليح الإذهاب والنسخ وَله شعر كتبُوا عَنهُ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وست مائَة
3 - (الْوَجِيه الصَّغِير النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مَسْعُود بن حسان الْمَعْرُوف بالوجيه الصَّغِير النَّحْوِيّ وَيعرف جده بالشاعر وَإِنَّمَا سمي بالوجيه لِأَنَّهُ كَانَ ببغداذ نحوي آخر يعرف بالوجيه الْكَبِير وَاسم الْكَبِير الْمُبَارك وَكِلَاهُمَا ضَرِير وَكَانَ إِبْرَاهِيم من أهل الرصافة ببغداذ وَكَانَ عجبا فِي الذكاء وَسُرْعَة الْحِفْظ وَكَانَ يحفظ كتاب سِيبَوَيْهٍ وَأَكْثَره وَأخذ النَّحْو عَن مُصدق بن شبيب وَكَانَ أعلم مِنْهُ وأصفى ذهناً واعتبط شَابًّا فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعين وَخمْس مائَة قَالَ ياقوت ولد قدر الله أَن يعِيش كَانَ آيَة من الْآيَات
3 - (القَاضِي شمس الدّين ابْن الْبَارِزِيّ)
إِبْرَاهِيم بن الْمُسلم بن هبة الله بن الْبَارِزِيّ الْحَمَوِيّ القَاضِي شمس الدّين أحد الْأَئِمَّة الْفُضَلَاء بِبَلَدِهِ ولد سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة تسع وَسِتِّينَ وست مائَة وَكَانَ فِيهِ دين وورع قَرَأَ على الْكِنْدِيّ وَصَحب الْفَخر ابْن عَسَاكِر وتفقه بِهِ وَأعَاد ودرس بالرواحية)
بِدِمَشْق ثمَّ درس بحماة ولي الْقَضَاء وَله شعر وفضائل ولي قَضَاء حماة بضع عشرَة سنة وروى عَنهُ جمَاعَة وَهُوَ وَالِد القَاضِي نجم الدّين عبد الرَّحِيم وَمن شعره(6/94)
(دمشق لَهَا منظر رائق ... فَكل إِلَى وَصلهَا تائق)
(فَأنى يُقَاس بهَا بَلْدَة ... أَبى الله وَالْجَامِع الْفَارِق)
3 - (البرني أَبُو إِسْحَاق الْوَاعِظ)
إِبْرَاهِيم بن المظفر بن إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْحَاق الْوَاعِظ من أهل الحربية يعرف بِابْن البرني سَافر وَالِده إِلَى الْموصل فولد بهَا وَقدم بِهِ بغداذ فَنَشَأَ بهَا وتفقه على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وَسمع من ابْن البطي وَأبي أَحْمد ابْن الرَّحبِي وَابْن النقور وشهدة الكاتبة وَخرج من بغداذ وَهُوَ شَاب وَأقَام بالموصل ثمَّ انْتقل إِلَى سنجا ثمَّ عَاد إِلَى الْموصل وَكَانَ يعظ هُنَاكَ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة أَخذ عَنهُ ابْن النجار محب الدّين
3 - (الشَّيْخ برهَان الدّين ابْن معضاد)
إِبْرَاهِيم بن معضاد بن شَدَّاد الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ رَأَيْت الْمَذْكُور بِالْقَاهِرَةِ وَحَضَرت مَجْلِسه أَنا وَالشَّيْخ نجم الدّين ابْن مكي وَجَرت لنا مَعَه حِكَايَة وَكَانَ يجلس للعوام يذكرهم وَلَهُم فِيهِ اعْتِقَاد وَكَانَ يروي شَيْئا من الحَدِيث وَله مُشَاركَة فِي أَشْيَاء من الْعلم وَفِي الطِّبّ وَله شعر مِنْهُ
(وأفاضل النَّاس الْكِرَام أبوةً ... وفتوةً مِمَّن أحب وتاها)
عشقوا الْجمال مُجَردا بِمُجَرَّد الرّوح الزكية عشق من زكاها
(متجردين عَن الطباع ولؤمها ... متلبسين عفافها وتقاها)
(متمثلين بِصُورَة بشرية ... وَقُلُوبهمْ ملكية بقواها)
(كتمثل الرّوح الْأمين بِدِحْيَةَ ... إِذْ باليتيم لَهُ تمثل طه)
(وهما مها من مجتلى دَار الْعلَا ... فَوق الملا متواطنان علاها)
(هَذَا هُوَ الْعجب العجيب لأَهله ... والغاية القصوى الْبعيد مداها)
(لَا كَالَّذي يهوى الطباع بطبعه ... ومرامه صلصالها وحماها)
(ويظن جهلا أَن تِلْكَ محبةٌ ... بل شَهْوَة دَاعِي الهموم دَعَاهَا)
فان تألف فانيا كتألف الْأَنْعَام إِذْ عكفت على مرعاها)
(بل هم أضلّ لأَنهم جعلُوا لَهُ ... فِي الْحبّ أَبنَاء التقى أشباها)
(قاسوا على أَحْوَالهم أَحْوَاله ... سحقاً لأَنْفُسِهِمْ فَمَا أشقاها)
(روض وروث هَل تخير رَوْثَة ... بشر وأهمل رَوْضَة وشذاها)(6/95)
(إِلَّا نفوس فِي الورى جعلية ... بالروث تحيى والعبير أذاها)
قَالَ وَلما مرض مرض مَوته أَمر أَن يخرج بِهِ حَيا إِلَى مَكَان مدفنه ظَاهر الْقَاهِرَة بالحسينية فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ قَالَ لَهُ قبير جَاءَك دبير وَتُوفِّي بعد ذَلِك بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ سنة سبع وَثَمَانِينَ وست مائَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين روى عَن السخاوي وَكتب عَنهُ البرزالي ولأصحابه فِيهِ مغالاة وعقيدة كل من يعرفهُ يعظمه ويثني عَلَيْهِ وَعَلِيهِ مَأْخَذ فِي عباراته جَاوز الثَّمَانِينَ بسنوات
3 - (قَاضِي نسف)
إِبْرَاهِيم بن معقل بن الْحجَّاج أَبُو إِسْحَاق قَاضِي نسف وعالمها رَحل وَكتب الْكثير وصنف الْمسند وَالتَّفْسِير وَغير ذَلِك وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (المتَوَكل الْكَاتِب)
إِبْرَاهِيم بن ممشاذ أَبُو إِسْحَاق المتوكلي الْأَصْبَهَانِيّ خرج إِلَى الْعرَاق وَكتب للمتوكل ثمَّ صَار من ندمائه فَسُمي المتوكلي وَلم يكن فِي أَيَّامه بالعراق أبلغ مِنْهُ وَله رِسَالَة طَوِيلَة فِي تقريظ المتَوَكل وَالْفَتْح بن خاقَان يتداولها كتاب الْعرَاق حضر مجْلِس المتَوَكل وَقد نثر على الْمحْضر مالٌ جليل تناهبه الْأُمَرَاء وَالنَّاس بَين يَدَيْهِ وَإِبْرَاهِيم لَا يَتَحَرَّك فَقَالَ لَهُ المتَوَكل وَلم لَا تنبسط فِيهِ فَقَالَ جلالة أَمِير الْمُؤمنِينَ تمنعني مِنْهُ وَنعمته عَليّ أغنتني عَنهُ فأقطعه إقطاعاتٍ ثمَّ إِنَّه تسخط صُحْبَة أَوْلَاد المتَوَكل فتركهم وَلحق بِيَعْقُوب بن اللَّيْث فقدمه على كل من عِنْده فحسده قواد يَعْقُوب وحاشيته فَأخْبرُوا يَعْقُوب أَنه يُكَاتب الْمُوفق فِي السِّرّ فَقتله وَمن شعره يرثي الْفضل ابْن الْعَبَّاس بن مافروخ
(أَخ لم تلدني أمه كَانَ واحدي ... وأنسي وهمي فِي الْفَرَاغ وَفِي الشغلٍ)
(مضى فرطا لما استتم شبابه ... وَمن قبل أَن يحتل منزلَة الكهل)
(فعلمني كَيفَ الْبكاء من الجوى ... وَكَيف حزازات الْفُؤَاد من الثكل)
(إِذا ندب الأقوام إخْوَان دهرهم ... بَكَيْت أخي فضلا أَخا الْجُود وَالْفضل)
)
وَقَالَ يهجو إِسْحَاق بن سعد القطربلي عَامل أَصْبَهَان
(أَيْن الَّذين تَقولُوا أَن لَا يرَوا ... ضدين متلفين فِي ذَا الْعَالم)
(هَذَا ابْن سعد قد أَزَال قياسكم ... وأباد حجتكم بِغَيْر تخاصم)
(أبدى لنا متحركاً فِي ساكنٍ ... مِنْهُ وَأظْهر قَائِما فِي نَائِم)
(وَإِذا تذكر أصلعاً هشم استه ... يبكي يَقُول فديت أصلع هَاشم)
(بِاللَّه مَا اتخذ الْإِمَامَة مذهبا ... غلا لكَي يبكي لذكر الْقَائِم)
قَالَ حَمْزَة وَمن هَذَا أَخذ ابْن النَّاصِر قَوْله(6/96)
قل لمن كَانَ إماميا إِلَى كم تَتَرَدَّد التمس مَا فِي سَرَاوِيل فَتى النَّاصِر أَحْمد فَهُوَ الْقَائِم يَا مَعْذُور من آل مُحَمَّد
3 - (الْحزَامِي)
إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي من أَئِمَّة الْمُحدثين روى عَنهُ البُخَارِيّ وَابْن ماجة وروى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ بِوَاسِطَة وثعلب النَّحْوِيّ وَبَقِي بن مخلد وَابْن أبي الدُّنْيَا قَالَ صَالح جزرة صَدُوق توفّي رَحمَه الله سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْعِرَاقِيّ الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن مَنْصُور بن مُسلم الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو إِسْحَاق الْمصْرِيّ الْخَطِيب الْمَعْرُوف بالعراقي ولد بِمصْر سنة عشر وَخمْس مائَة وَتُوفِّي بِمصْر رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَدفن بسفح المقطم رَحل إِلَى بغداذ وتفقه بهَا حَتَّى برع على أبي بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأرموي وَكَانَ من أَصْحَاب أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وعَلى أبي الْحسن مُحَمَّد بن الْمُبَارك ابْن الْخلّ وَكَانَ فِي بغداذ يعرف بالمصري فَلَمَّا عَاد إِلَى مصر سَمَّاهُ النَّاس الْعِرَاقِيّ لإقامته فِي بغداذ وتفقه بِبَلَدِهِ على أبي الْمَعَالِي مجلي بن جَمِيع وَكَانَ فَقِيها فَاضلا شرح الْمُهَذّب لأبي إِسْحَاق فِي شَعْرَة أَجزَاء شرحاً جيدا وَولي خطابة الْجَامِع الْعَتِيق بِمصْر وتفقه عَلَيْهِ جمَاعَة وَهُوَ جد الْعلم الْعِرَاقِيّ
3 - (الْمُعْتَمد وَالِي دمشق)
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْأَمِير مبارز الدّين العادلي الْمَعْرُوف بالمعتمد وَالِي دمشق ولد بالموصل)
وَقدم الشَّام وخدم نائبها فروخشاه بن شاهنشاه وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال ثمَّ إِن الْعَادِل ولاه شحنكية دمشق اسْتِقْلَالا فَأحْسن السِّيرَة وَكَانَت دمشق وأعمالها فِي ولَايَته لَهَا حُرْمَة ظَاهِرَة وطالت ولَايَته وَكَانَ فِي قلب الْمُعظم مِنْهُ شَحْنَاء لِأَن الْعَادِل كَانَ يَأْمُرهُ أَن يتبعهُ فَلَمَّا مَاتَ الْعَادِل حَبسه مُدَّة وَلم يظْهر عَلَيْهِ شَيْء فأنزله إِلَى دَاره وَحجر عَلَيْهِ وَبَالغ فِي التَّشْدِيد عَلَيْهِ وَمَات عَن ثَمَانِينَ سنة سنة ثَلَاث وَعشْرين وست مائَة وَلم يُؤْخَذ عَلَيْهِ إِلَّا أَنه كَانَ يحبس وينسى فعاقبه الله بذلك
3 - (نيال)
إِبْرَاهِيم بن نيال بن سلجق هُوَ السُّلْطَان نيال أَخُو طغرلبك وَقد تقدم(6/97)
ذكر طغرلبك فِي المحمدين حَارب نيال أَخَاهُ وانتصر عَلَيْهِ وضايقه وَجَرت لَهُ فُصُول ثمَّ أَلْقَاهُ بنواحي الرّيّ فَانْهَزَمَ جمع إِبْرَاهِيم وَأخذ أَسِيرًا هُوَ وَمُحَمّد أَحْمد ولد أَخِيه فَأمر طغرلبك فخنق بوترٍ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبع مائَة
3 - (المَخْزُومِي الْمَكِّيّ)
إِبْرَاهِيم بن نَافِع أَبُو إِسْحَاق المَخْزُومِي الْمَكِّيّ قَالَ ابْن مهْدي كَانَ أوثق شيخ بِمَكَّة روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي قبل السّبْعين وَالْمِائَة
3 - (القَاضِي الْمصْرِيّ)
إِبْرَاهِيم بن بن بِشَارَة بن مُحرز أَبُو إِسْحَاق السَّعْدِيّ الْمصْرِيّ الفاضلي شيخ مسن معمر من أَوْلَاد الشُّيُوخ ولد سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة بِالْقَاهِرَةِ وَسمع من ابْن عَسَاكِر وَكَانَ أَبوهُ يروي عَن الشريف الْخَطِيب ويؤدب أَوْلَاد القَاضِي الْفَاضِل روى عَنهُ الدمياطي وَعلم الدّين سنجر الدواداري وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (الوعلاني الْمصْرِيّ)
إِبْرَاهِيم بن نشيط بن يُوسُف الوعلاني وَقيل الْخَولَانِيّ الْمصْرِيّ الْفَقِيه العابد روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة
3 - (برهَان الدّين ابْن الْفَقِيه الْمصْرِيّ)
إِبْرَاهِيم بن نصر بن طَاقَة الْمصْرِيّ برهَان الدّين ابْن الْفَقِيه كَانَ نَاظرا على دواوين الْخراج بالصعيد وَمَات معذباً على أَمْوَال سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة نقلت من خطّ الأديب نور الدّين ابْن)
سعيد المغربي قَالَ الْعِمَاد السلماسي ووقفت مَعَه يَوْمًا بَين القصرين فَمر بِنَا سرب بعد سرب من غلْمَان الأتراك فَقلت
(لحى الله عيشتنا إِنَّنِي ... أرى الْمَوْت وَالله خيرا لنا)
فَقَالَ وَلم قلت
(لأَنا نرى أوجهاً كالبدور ... وَنحن بهَا فِي ظلام المنى)
فَقَالَ
(لحى الله هَذَا الزَّمَان الَّذِي ... يجمع مَا بَين أحزاننا)(6/98)
(ينيك الْأَنَام بأزبابهم ... وَنحن ننيك بأجفاننا)
3 - (ابْن الثَّمَانِينَ النَّحْوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن نصر بن مُحَمَّد بن أبي الْفرج بن أبي الْقَاسِم عمر بن ثَابت الثمانيني النَّحْوِيّ الْموصِلِي الصفار روى عَنهُ أَبُو بكر بن كَامِل أناشيد فِي مُعْجم شُيُوخه وَفِي كتاب سلوة الأحزان مِنْهَا
(الْبعد مِنْهُم على رجائهم ... أيسر من قربهم إِذا هجروا)
(لم يصف عيشي من بعد فرقتهم ... وَكَيف يصفو وشابه الكدر)
وَمن شعره
(يَا أهل بغداذ أما فِيكُم ... من ينقذ المشتاق من وجده)
(هيمني حب غزال غَدا ... قلبِي رهيناً من جوى صده)
(إِن لامني لائم أنشدته ... إِذْ لم أطق صبرا على رده)
(من يَده فِي المَاء مغموسة ... يعرف حر المَاء من برده)
3 - (قَاضِي السلامية)
إِبْرَاهِيم بن نصر بن عَسْكَر ظهير الدّين قَاضِي السلامية الْفَقِيه الشَّافِعِي الْموصِلِي قَالَ ابْن خلكان رَحمَه الله ذكره ابْن الدبيثي وَقَالَ تفقه على القَاضِي أبي عبد الله الْحُسَيْن بن نصر بن خَمِيس الْموصِلِي وَسمع مِنْهُ قدم بغداذ وَسمع بهَا من جمَاعَة وَعَاد إِلَى بَلَده وَتَوَلَّى قَضَاء السلامية وَرُوِيَ بإربل عَن أبي البركات عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْأَنْبَارِي شَيْئا من مصنفاته وطالت مدَّته فِي قَضَاء السلامية وَهِي من قرى الْموصل وَكَانَ بالبوازيج قَرْيَة من قرى)
الْموصل قريبَة إِلَى السلامية زَاوِيَة لجَماعَة من الْفُقَرَاء وَاسم شيخهم مكي فَكتب إِلَيْهِ ظهير الدّين
(أَلا قل لمكي قَول النصيح ... فَحق النَّصِيحَة أَن تستمع)
(مَتى سمع النَّاس فِي دينهم ... بِأَن الْغِنَا سنة تتبع)
(وَأَن يَأْكُل الْمَرْء أكل الْبَعِير ... ويرقص فِي الْجمع حَتَّى يَقع)
(وَلَو كَانَ طاوي الحشا جائعاً ... لما دَار من طربٍ واستمع)
(وَقَالُوا سكرنا بحب الْإِلَه ... وَمَا أسكر الْقَوْم إِلَّا القصع)
(كَذَاك الْحمير إِذا أخصبت ... ينقزها ريها والشبع)
وَمِنْه
(أَقُول لَهُ صلني فَيصْرف وَجهه ... كَأَنِّي أَدْعُوهُ لفعل محرم)(6/99)
(فَإِن كَانَ خوف الْإِثْم يكره وصلتي ... فَمن أعظم لآثام قتلة مُسلم)
3 - (المهندار)
إِبْرَاهِيم بن نَهَار الْأَمِير جمال الدّين الصَّالِحِي مصري الدَّار وَالْأَصْل كَانَ من أَجود النَّاس وَأَحْسَنهمْ طباعاً تولى المهندارية فِي الْأَيَّام الصالحية وَكَانَ ابْن قَاضِي دَارا نَاظر الْبيُوت وَهُوَ مَذْمُوم السمعة فَعلم البازدارية الطُّيُور على عِمَامَة ابْن قَاضِي دَارا نَاظر الْبيُوت وَهُوَ مَذْمُوم السمعة فَعلم البازدارية الطُّيُور على عِمَامَة ابْن قَاضِي دَارا ورموا عَلَيْهِ الْجَوَارِح إِلَى أَن كَاد يهْلك وَكَانَ الْأَمِير جمال الدّين ينهاه عَن التَّعَرُّض إِلَيْهِم وَالْوُقُوف فِي طريقهم وندبه الْملك الظَّاهِر إِلَى عمَارَة جسر دامية وَجرى لَهُ فِي عِمَارَته عَجِيبَة لِأَن الشَّرِيعَة وَقع فِيهَا تل من تلالها فَانْقَطَعت وَتوجه شخص فِي اللَّيْل ليملأ شربة من المَاء فَوجدَ الشَّرِيعَة مَا بهَا قَطْرَة فَأتى الْأَمِير جمال الدّين وأعلمه الْقَضِيَّة فَقَامَ فِي اللَّيْل وَعمل المشاعل وحفر الركائز وبناها وَلما فرغ مِنْهَا عَاد المَاء وَجرى وَكَانَ لَهُ وللولاة والآلات عدَّة شهور يتنظرون الْعَمَل وَلَا يقدرُونَ من المَاء وَلما كبر الْملك الصَّالح ابْن قلاوون وَجعل ولي الْعَهْد رتب الْأَمِير جمال الدّين أستاذ دَاره فَتوفي رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ والصالح فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (الْبَغَوِيّ)
إِبْرَاهِيم بن هَاشم بن الْحسن الْبَغَوِيّ وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع)
وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الزَّاهِد)
إِبْرَاهِيم بن هَانِئ النَّيْسَابُورِي الزَّاهِد أَبُو إِسْحَاق نزيل بغداذ قَالَ ابْن أبي حَاتِم صَدُوق ثِقَة توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الغساني)
إِبْرَاهِيم بن هِشَام بن يحيى الغساني الدِّمَشْقِي صَاحب حَدِيث أبي ذَر الطَّوِيل تفرد بِهِ عَن أَبِيه قَالَ الطَّبَرَانِيّ لم يروه عَن يحيى إِلَّا وَلَده وهم ثِقَات قَالَ أَبُو زرْعَة كَذَّاب توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الدياري)
إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن عَليّ الدياري من أهل ديار بكر قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب كَانَ فَقِيها نبيها متحرباً وجهياً عفيفاً نظيفاً ظريفاً لطيفاً مناظراً صَالحا ذَاكِرًا لله دَائِم التِّلَاوَة كثير الخشية للرحمن ذكره السَّمْعَانِيّ وَأثْنى عَلَيْهِ وَأورد لَهُ من شعره
(طلبت فِي الْحبّ نيل الْوَصْل بالخلس ... فنال هجرك مني نيل مفترس)
(فَلَو تسامحت بالشكوى إِلَى أحدٍ ... لفاض دمعي وغاض الْبَحْر من نَفسِي)
(وصرت لَا أرتضي حسنا يجاوزهم ... فأورثوني عمى أدهى من الطمس)(6/100)
3 - (القَاضِي نور الدّين الأسنائي الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن عَليّ الْحِمْيَرِي نور الدّين الأسنائي كَانَ فَقِيها فَاضلا أصولياً نحوياً ذكي الْفطْرَة قَرَأَ الْفِقْه للشَّافِعِيّ على الشَّيْخ بهاء الدّين هبة الله بن عبد الله القفطي وَأخذ الْأُصُول عَن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد ابْن مَحْمُود الْأَصْبَهَانِيّ والنحوي عَن الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس وصنف فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والنحو وَاخْتصرَ الْوَسِيط وَصحح مَا صَححهُ الرَّافِعِيّ وَاخْتصرَ الْوَجِيز وَشرح الْمُنْتَخب ونثر ألفية ابْن مَالك وَشَرحهَا وَولي الْقَضَاء بمنية زفتا فِي أَوَائِل عمره وبمنية ابْن خصيب وَتَوَلَّى أقاليم مِنْهَا أسيوط وإخميم وقوص قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وَكَانَ حسن السِّيرَة جميل الطَّرِيقَة صَحِيح العقيدة قَالَ لي أردْت أَن أَقرَأ على الشَّيْخ شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ فلسفة فَقَالَ حَتَّى تمتزج بالشرعيات امتزاجاً جيدا وَقَرَأَ على الشَّيْخ نجم الدّين عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الأصفوني الْجَبْر والمقابلة وَقَرَأَ الطِّبّ على الْحَكِيم)
شهبا الدّين المغربي وَمَا زَالَ مشتغلاً إِلَى حِين وَفَاته وَلما توجه كريم الدّين الْكَبِير إِلَى قوص صُحْبَة السُّلْطَان طلب من مَال الْأَيْتَام شَيْئا من الزَّكَاة فَقَالَ إِن الْعَادة أَن تفرق على الْفُقَرَاء وَلم يُعْطه شَيْئا فَلَمَّا عَاد كريم الدّين إِلَى الْقَاهِرَة بَالغ مَعَ القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة فِي صرفه فَلم يوافقن ثمَّ صرف بعد ذَلِك وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ وطلع بعنقه طُلُوع توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع مائَة ووصى للْفُقَرَاء بِشَيْء ووقف وَقفا
3 - (الصَّابِئ)
إِبْرَاهِيم بن هِلَال بن إِبْرَاهِيم بن زهرون بن حبون أَبُو إِسْحَاق الصَّابِئ الْمُشرك الْحَرَّانِي صَاحب الرسائل الْمَشْهُورَة كتب الْإِنْشَاء لعز الدولة بختيار ابْن بويه وَكَانَ متشدداً فِي دينه حرص عَلَيْهِ عز الدولة أَن يسلم فَلم يفعل وَقيل بذل لَهُ ألفا دِينَار على أَن يَأْكُل الفول فَلم يفعل قلت الصابئون يحرمُونَ الفول وَالْحمام أما الفول فأظنه لما قيل عَنهُ أَنه يبلد وَالْحمام يُقَال فِي دماغه رطوبات فضلية وَكَانَ الصَّابِئ يَصُوم رَمَضَان ويحفظ الْقُرْآن ويستعمله فِي رسائله وَله النّظم الرَّائِق وَكَانَ يصدر عَنهُ مكاتبات لعضد الدولة مِمَّا يؤلمه فَلَمَّا تملك سجنه وعزم على قَتله فشفع فِيهِ فَأَطْلقهُ وَأمره أَن يصنع لَهُ كتابا فِي أَخْبَار الدولة البويهية فَعمل كتاب التاجي لعضد الدولة فَيُقَال إِن صديقا دخل عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي شغل شاغل من التَّعَالِيق والتسويد فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفقها فبلغت عضد الدولة فهاجت سَاكن غَضَبه وَلم يزل(6/101)
مُبْعدًا حَتَّى توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَقيل الثَّمَانِينَ ببغداذ وَدفن بالشونيزية ورثاه الشريف الرضي بقصيدته الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا
(أَرَأَيْت من حملُوا على الأعواد ... أَرَأَيْت كَيفَ خبا ضِيَاء النادي)
(جبل هوى لَو خر فِي الْبَحْر اغتدى ... من وقعه متتابع الإزباد)
(مَا كنت أعلم قبل حطك فِي الثرى ... أَن الثرى يَعْلُو على الأطواد)
وَمِنْهَا
(كَيفَ انمحى ذَاك الجناب وعطلت ... تِلْكَ الفجاج وضل ذَاك الْهَادِي)
(لَو كنت تفدى لافتدتك فوارس ... مُطِرُوا بِعَارِض كل يَوْم طراد)
(أعزز عَليّ بِأَن أَرَاك وَقد خلت ... من جانبيك مقاعد العواد)
(أعزز عَليّ بِأَن نزلت بمنزلٍ ... متشابه الأوغاد والأمجاد)
)
(عمري عَليّ بِأَن نزلت بمنزلٍ ... متشابه الأوغاد والأمجاد)
(قد كنت أَهْوى أَن أشاطرك الردى ... لَكِن أَرَادَ الله غير مرادي)
(من للبلاغة والفصاحة إِن همى ... ذَاك الْغَمَام وعب ذَاك الْوَادي)
(فقر بهَا تمسي الْمُلُوك فقيرةً ... أبدا إِلَى مدى لَهَا ومعاد)
(وَتَكون سَوْطًا للحرون إِذا ونى ... وعنان عنق الجامح المتمادي)
(ترقي وتلدغ فِي الْقُلُوب وَإِن تشا ... حط النُّجُوم بهَا من الأبعاد)
(أما الدُّمُوع عَلَيْك غير بخيلة ... وَالْقلب بالسلوان غير جواد)
(سودت مَا بَين الفضاء وناظري ... وغسلت من عَيْني كل سَواد)
(قل للنوائب عددي أَيَّامه ... يُغني عَن التعديد بالتعداد)
(يَا لَيْت أَنِّي مَا اقتنيتك صاحباً ... كم قنيةٍ جلبت أسى لفؤاد)
(وَيَقُول من لم يدر كنهك إِنَّهُم ... نَقَصُوا بِهِ من جملَة الْأَعْدَاد)
(هَيْهَات أدرج بَين برديك الردى ... رجل الرِّجَال وأوحد الْآحَاد)
(مَا مطعم الدُّنْيَا بحلوٍ بعده ... ابداً وَلَا مَاء الحيا ببراد)
(الْفضل ناسب بَيْننَا إِذْ لم يكن ... شرفي مناسبه وَلَا ميلادي)
(لَيْسَ التنافث بَيْننَا بمعاودٍ ... أبدا وَلَيْسَ زَمَانه بمعاد)
(ضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بعْدك كلهَا ... وَترك أضيقها عَليّ بلادي)(6/102)
(لَك فِي الحشا قبر وَإِن لم تأوه ... وَمن الدُّمُوع رَوَائِح وغوادي)
(مَا مَاتَ من جعل الزَّمَان لِسَانه ... يَتْلُو مَنَاقِب عواداً وبوادي)
(صفح الثرى عَن حر وَجهك أَنه ... مُغْرِي بطي محَاسِن الأمجاد)
(وتماسكت تِلْكَ البنان فطالما ... عَبث البلى بأنامل الأجواد)
(وسقاك فضلك إِنَّه أروى حَيا ... من رائح متعرض أَو غادي)
(جدث على أَن لَا نَبَات بأرضه ... وقفت عَلَيْهِ مطَالب الوراد)
وَهِي طَوِيلَة فَوق الثَّمَانِينَ وَقد عتب على الشريف الرضي كَونه رثاه بِمثل ذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا رثيت فَضله لَا دينه وَيُقَال إِنَّه أنشدها يَوْمًا فَقَالَ أَولهَا أَرَأَيْت من حملُوا على الأعواد فَقَالَ بعض الْحَاضِرين كلب بن كلب وَيُقَال إِنَّه لما زار قَبره نزل عَن مركوبه أول مَا وَقع عَلَيْهِ)
وَبَينه وَبَين الصَّابِئ مراجعات ومكاتبات وَكَانَ الصَّابِئ كَبِير الْقدر فِي أَيَّام مخدومه وَله مَحل كَبِير فِي الصُّدُور وَكَانَ الصاحب ابْن عباد يَقُول مَا بَقِي لي أمل إِلَّا أنني أداخل الْعرَاق وأستكتب أَبَا إِسْحَاق الصَّابِئ وَهَذَا دَلِيل على عَظمَة الصَّابِئ من شعره
(وَقد ظمئت عَيْني الَّتِي أَنْت نورها ... إِلَى نظرة من وَجهك المتألق)
(فيا فرحتا إِن ألقه قبل ميتتي ... وَيَا حسرتا إِن مت من قبل نَلْتَقِي)
وَمِنْه أَيْضا
(جرت الجفون دَمًا وكأسي فِي يَدي ... شوقاً إِلَى من لج فِي هجراني)
(فتخالف الفعلان شَارِب قهوةٍ ... يبكي وَقد يتشاكل اللونان)
(فَكَأَن مَا فِي الجفن من كأسي جرى ... وَكَأن مَا فِي الكأس من أجفاني)
وَمِنْه أَيْضا
(أَقُول وَقد جردتها من ثِيَابهَا ... وعانقتها كالبدر فِي لَيْلَة التم)
(وَقد آلمت صَدْرِي لشدَّة ضمهَا ... لقد جبرت قلبِي وَإِن وهنت عظمي)
وَمِنْه أَيْضا
(فديت من لاحظني طرفها ... من خيفة النَّاس بتسليمته)
(لما رَأَتْ بدر الدجى تائهاً ... وغاظها ذَلِك من شيمته)
(سرت لَهُ البرقع من وَجههَا ... فَردَّتْ الْبَدْر إِلَى قِيمَته)
وَمِنْه وَقد عبت على بعض وَلَده
(أرْضى عَن ابْني إِذا مَا عقني حدباً ... عَلَيْهِ أَن يغْضب الرَّحْمَن من غَضَبي)
(وَلست أَدْرِي لم استحققت من وَلَدي ... إقذاء عينين وَقد أَقرَرت عين أبي)(6/103)
وَمِنْه يلْتَمس بعض الرؤساء إشغال وَلَده
(وَمَا أَنا إِلَّا دوحةٌ قد غرستها ... وسقيتها حَتَّى ترَاخى بهَا المدى)
(فَلَمَّا اقشعر الْعود مِنْهَا وصوحت ... أتتك بأغصان لَهَا تطلب الندى)
وَمِنْه يهنئ عضد الدولة بالأضحى
(صل يَا ذَا الْعلَا لِرَبِّك وانحر ... كل ضد وشانئ لَك أَبتر)
أَنْت أَعلَى من أَن تكون أضاحيك قروماً من الجمالة تعقر)
بل قروماً من الْمُلُوك ذَوي السودد تيجانها أمامك تنثر
(كلما خر سَاجِدا لَك رَأس ... مِنْهُم قَالَ سَيْفك الله أكبر)
وَمِنْه يهجو
(أَيهَا النابح الَّذِي يتَصَدَّى ... لقبيح يَقُوله فِي جوابي)
(لَا تؤمل أَنِّي أَقُول لَك اخْسَأْ ... لست أسخو بهَا لكل الْكلاب)
وَمِنْه
(مَا زلت فِي سكري ألمع كفها ... وذراعها بالقرص والْآثَار)
(حَتَّى تركت أديمها وكأنما ... غرس البنفسج مِنْهُ فِي الْجمار)
أَخذه الرفاء فَقَالَ
(أحبب إِلَيّ بفتية نادمتهم ... بَين الْمحلة والقباب الْبيض)
(من كل مَحْض الْجَاهِلِيَّة معرق ... فِي الخرمية بالعدى عريض)
(وَسموا الأكف بخضرة فَكَأَنَّمَا ... غرسوا بهَا الريحان فِي الإغريض)
وَقَالَ الصَّابِئ أَيْضا فِي غُلَامه يمن وَكَانَ أسود
(قد قَالَ يمن وَهُوَ أسود للَّذي ... ببياضه يَعْلُو علو الخاتن)
(مَا فَخر وَجهك بالبياض وَهل ترى ... أَن قد أفدت بِهِ مزِيد محَاسِن)
(وَلَو أَن مني فِيهِ خالاً زانه ... وَلَو أَن مِنْهُ فِي خالاً شانني)
وَمِنْه لَك وَجه كَأَن يمناي خطته بِلَفْظ تمله آمالي
(فِيهِ معنى من البدور وَلَكِن ... نفضت صبغها عَلَيْهَا اللَّيَالِي)
(لم يشنك السوَاد بل زِدْت حسنا ... إِنَّمَا يلبس السوَاد الموَالِي)
(فبمَا لي أفديك إِن لم تكن لي ... وبروحي أفديك إِن كنت مَالِي)(6/104)
ولد الصَّابِئ سنة نَيف وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَهُوَ كَبِير بَيته وَأهل بَيته جمَاعَة فضلاء نبلاء يَأْتِي ذكر كل وَاحِد مِنْهُم فِي مَكَانَهُ
3 - (الْبَلَدِي)
إِبْرَاهِيم بن الْهَيْثَم الْبَلَدِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة وَقَالَ الْخَطِيب روى حَدِيث الْغَار عَن الْهَيْثَم)
جمَاعَة وَإِبْرَاهِيم عندنَا ثِقَة ثَبت وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ)
إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان ولي الْأَمر بعد أَخِيه يزِيد بن عبد الْملك فَبَقيَ فِي الْخلَافَة ثَلَاثَة أشهر وَقيل أقل من ذَلِك وَهُوَ مُضْطَرب الْأَمر وتحكموا فِي أمره وَكَانَ بمعزل عَنهُ وَكَانَ يَقُول فِي كتاب الله آيَة كَأَنَّمَا نزلت فِي شأني وَهِي قَوْله تَعَالَى لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء وَلما حصل فِي يَد مَرْوَان قيل لَهُ اقتله فَقَالَ أَقتلهُ على مَاذَا كَانَ أَسِيرًا وَبَقِي أَسِيرًا قيل لَهُ فطالبه بالأموال فَقَالَ كَيفَ أطالبه بِشَيْء لم يكن فِي حكمه وَلَا نعلم أَنه ضبط مِنْهُ شَيْئا لذخيرته وَكَانَ خلعه فِي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة
3 - (برهَان الدّين الرَّشِيدِيّ الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن لاجين بن عبد الله هُوَ الشَّيْخ برهَان الدّين الرَّشِيدِيّ خطيب جَامع الْأَمِير حُسَيْن بحكر جَوْهَر النوبي بِالْقَاهِرَةِ المحروسة مولده سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة أَخذ الْقرَاءَات عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الصَّائِغ وَقَرَأَ الْفِقْه على الشَّيْخ علم الدّين الْعِرَاقِيّ وَالْأُصُول على الشَّيْخ تَاج الدّين البارنباري والفرائض على الشَّيْخ شمس الدّين الدارندي والنحو على الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس وَالْعلم الْعِرَاقِيّ وعَلى الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان والمنطق على سيف الدّين البغداذي وَحفظ الْحَاوِي والجزولية والشاطبية ويقرئ النَّاس أصُول ابْن الْحَاجِب وتصريفه والتسهيل ويدري الطِّبّ والحساب وَغير ذَلِك وعَلى قِرَاءَته فِي الْمِحْرَاب وخطابته روح وَلَهُمَا وَقع فِي النُّفُوس وَلَيْسَ على قِرَاءَته وخطبته كلفة وَلَا صَنْعَة وَأَنا مِمَّن يتأثر لقرَاءَته وخطابته التأثر الزَّائِد وَهُوَ مَعْرُوف بالصلاح مَشْهُور بالتواضع المفرط وسلامة الْبَاطِن قَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وتخرجوا بِهِ وَعرض عَلَيْهِ سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة خطابة الْمَدِينَة وقضاؤها فَامْتنعَ وَلم يُوَافق بَعْدَمَا اجْتمع بِهِ السُّلْطَان وولاه وَله أَحَادِيث فِي التَّوَاضُع ويصنف الْخطب وَرُبمَا قَالَ إِنَّه لَهُ نظم وَلكنه مَا يظْهر وَجَاء الْخَبَر بوفاته إِلَى دمشق سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة(6/105)
3 - (ابْن أبي يحيى الْمدنِي)
إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى الْمدنِي الْفَقِيه أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام كَانَ يَرْمِي بِالْقدرِ وَرُبمَا شتم بعض السّلف فِيمَا قيل عَنهُ قَالَ ابْن الْمُبَارك كَانَ مجاهراً بِالْقدرِ يغلب عَلَيْهِ وَكَانَ صَاحب تَدْلِيس)
قَالَ الْقطَّان لم يتْرك الْقدر بل الْكَذِب قَالَ النَّسَائِيّ هُوَ مَتْرُوك الحَدِيث روى لَهُ ابْن ماجة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (ابْن الْمُبَارك اليزيدي)
إِبْرَاهِيم بن يحيى بن الْمُبَارك هُوَ أَبُو إِسْحَاق ابْن أبي مُحَمَّد اليزيدي هُوَ وَأَخُوهُ مُحَمَّد وَإِسْمَاعِيل سَوَاء كلهم جعل الرشيد وَلَده الْمَأْمُون فِي حرج أبي مُحَمَّد واختص هُوَ وَولده بالمأمون وَكَانَ فيهم أدب ومروة وَإِبْرَاهِيم هَذَا هُوَ الْقَائِل لِلْمَأْمُونِ وَقد كَانَ مِنْهُ شَيْء على الشَّرَاب بِحَضْرَتِهِ يعْتَذر بأبياته الَّتِي مِنْهَا
(أَنا المذنب الخطاء والعفون وَاسع ... وَلَو لم يكن ذَنْب لما عرف الْعَفو)
(سكرت فأبدت مني الكأس بعض مَا ... كرهت وَمَا إِن يَسْتَوِي السكر والصحو)
(تنصلت من ذَنبي تنصل ضارع ... إِلَى منم لَدَيْهِ يغْفر الْعمد والسهو)
(فَإِن تعف عني تلف خطوي وَاسِعًا ... وَإِن لَا يكن عفوٌ فقد قصر الخطو)
فَوَقع الْمَأْمُون على ظهرهَا ط
(إِنَّمَا مجْلِس الندامى بِسَاط ... للمودات بَينهم وضعوه)
(فَإِذا مَا انْتَهوا إِلَى مَا أَرَادوا ... من حَدِيث وَلَذَّة رَفَعُوهُ)
وَله من التصانيف كتاب مصَادر الْقُرْآن بلغ فِيهِ إِلَى سُورَة الْحَدِيد وَمَات كتاب بِنَاء الْكَعْبَة وأخبارها كتاب النقط والشكل والمقصور والممدود قَالَ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه بِإِسْنَاد رَفعه إِلَى إِبْرَاهِيم ابْن أبي مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ كنت مَعَ أبي عَمْرو ابْن الْعَلَاء فِي مجْلِس إِبْرَاهِيم ابْن عبد الله بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِم السَّلَام فَسَأَلَهُ عَن رجل من أَصْحَابه فَقده فَقَالَ لبَعض من حَضَره اذْهَبْ فسل عَنهُ فَرجع فَقَالَ تركته يُرِيد أَن يَمُوت قَالَ فَضَحِك مِنْهُ بعض الْقَوْم وَقَالَ فِي الدُّنْيَا إِنْسَان يُرِيد أَن يَمُوت فَقَالَ إِبْرَاهِيم لقد ضحكتم مِنْهَا غَرِيبَة إِن يُرِيد هَهُنَا بِمَعْنى يكَاد قَالَ الله تَعَالَى يُرِيد أَن ينْقض قَالَ فَقَالَ أَبُو عَمْرو لَا نزال بِخَير منا دَامَ فِينَا مثلك قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَحدث فِي بعض الْكتب أَن(6/106)
إِبْرَاهِيم اليزيدي دخل يَوْمًا على الممون وَعِنْده القَاضِي يحيى بن أَكْثَم فَأقبل يحيى على إِبْرَاهِيم يمازحه وَهُوَ على الشَّرَاب فَقَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ مَا بَال المعلمين ينيكون الصّبيان فَرفع إِبْرَاهِيم رَأسه فَإِذا الْمَأْمُون يحرض يحيى على الْعَبَث بِهِ فغاظ إِبْرَاهِيم ذَلِك فَقَالَ الْأَمِير أعلم خلق الله تَعَالَى بِهَذَا فَإِن أبي)
أدبه فَقَامَ الْمَأْمُون من مَجْلِسه مغضباً وَرفعت الملاهي وكل مَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ فَأقبل يحيى بن أَكْثَم على إِبْرَاهِيم وَقَالَ لَهُ أَتَدْرِي مَا خرج من رَأسك إِنِّي لأرى هَذِه الْكَلِمَة سَببا فِي انقراضكم يَا آل اليزيدي قَالَ إِبْرَاهِيم فَزَالَ عني السكر وَسَأَلت من أحضر لي دَوَاة ورقعة وكتبت إِلَيْهِ معتذراً بِقَوْلِي أَنا المذنب الخطاء وَالْعَفو وَاسع الأبيات الْمُتَقَدّمَة فَعَفَا عَنهُ وَرَضي
3 - (الأميوطي الشَّافِعِي)
إِبْرَاهِيم بن يحيى بن أبي الْمجد الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الأميوطي بِهَمْزَة وَمِيم وياء آخر الْحُرُوف وواو وطاء مُهْملَة وياء النِّسْبَة الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود السّبْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة وَولي الْقَضَاء بِالْأَعْمَالِ وَأفْتى وَكَانَ من كبار الْأَئِمَّة مَعَ مَا فِيهِ من التَّوَاضُع والإيثار للْفُقَرَاء وَكَانَ فِيهِ لطف شمائل وَله نظم وَشعر
3 - (التلمساني الْمَالِكِي)
إِبْرَاهِيم بن يحيى بن مُحَمَّد بن مُوسَى الْعَلامَة أَبُو إِسْحَاق التجِيبِي التلمساني الْفَقِيه الْمَالِكِي الْعدْل كَانَ فَاضلا صَالحا ورعاً بارعاً فِي الْعُلُوم صنف فِي شرح الْخلاف كتابا نفيساً فِي عدَّة مجلدات أحسن فِيهِ مَا شَاءَ ودرس وَأفْتى وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (النميري العابر)
إِبْرَاهِيم بن يحيى بن غَنَّام النميري الْحَرَّانِي أَبُو إِسْحَاق العابر ناظم درة الأحلام فِي علم التَّعْبِير وَله قصيدة اللامية فِي علم التَّعْبِير وَسكن مصر وَكَانَ رَأْسا فِي التَّعْبِير وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وست مائَة وَمن شعره
3 - (ابْن الزرقالة)
إِبْرَاهِيم بن يحيى أَبُو إِسْحَاق التجِيبِي الطليطلي النقاش الْمَعْرُوف بِابْن الزرقالة كَانَ أوحد عصره فِي علم الْعدَد والرصد وَعمل الأزياج وَله بقرطبة رصد وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو أَسمَاء الْكُوفِي العابد)
إِبْرَاهِيم بن يزِيد التَّيْمِيّ تيم الربَاب أَبُو أَسمَاء الْكُوفِي(6/107)
العابد روى عَن أَبِيه ابْن شريك)
والْحَارث بن سُوَيْد وَعَمْرو بن مَيْمُون الأودي وَأنس ابْن مَالك قَتله الْحجَّاج سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ قَالَ الْأَعْمَش كَانَ إِذا سجد كَأَنَّهُ جذم حَائِط تنزل على ظَهره العصافير روى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
3 - (النَّخعِيّ)
إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن قيس أَبُو عمرَان النَّخعِيّ الْكُوفِي فَقِيه الْعرَاق روى عَن عَلْقَمَة ومسروق وخاله الْأسود بن يزِيد وَالربيع بن خثيم وَشُرَيْح القَاضِي وصلَة بن زفر وَعبيدَة السَّلمَانِي وسُويد بن غَفلَة وعابس بن ربيعَة وَهَمَّام بن الْحَارِث وهني بن نُوَيْرَة وَدخل على عَائِشَة وَهُوَ صبي قيل إِنَّه لما احْتضرَ جزع جزعاً شَدِيدا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ وَأي خطر أعظم مِمَّا أَنا فِيهِ أتوقع رَسُولا يرد عَليّ من رَبِّي إِمَّا بِالْجنَّةِ وَإِمَّا بالنَّار وَالله لَوَدِدْت أَنَّهَا تلجلج فِي حلقي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لَهُ الشّعبِيّ أَنا أفقه مِنْك حَيا ونت افقه مني مَيتا وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة خمس وَله تسع وَأَرْبَعُونَ سنة على الصَّحِيح قَالَ يحيى لاقطان توفّي بعد الْحجَّاج بأَرْبعَة أشهر والنخع قَبيلَة كَبِيرَة من مذْحج بِالْيمن وَاسم النخع جسر بن عَمْرو بن مَالك بن أدد
3 - (الخوزي)
إِبْرَاهِيم بن يزِيد الْقرشِي مولى عمر بن عبد الْعَزِيز يعرف بالخوزي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة مَضْمُومَة وَالْوَاو وَالزَّاي روى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة قَالَ البُخَارِيّ سكتوا عَنهُ وَقَالَ عَبَّاس ابْن معِين لَيْسَ بِثِقَة(6/108)
الْحَافِظ الْجوزجَاني إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب السَّعْدِيّ الْجوزجَاني الْحَافِظ صَاحب الْجرْح وَالتَّعْدِيل روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ كَانَ يحدث على الْمِنْبَر بِدِمَشْق وَكَانَ شَدِيد الْميل إِلَى أهل دمشق فِي التحامل على عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الكانمي الْأسود)
إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب أَبُو إِسْحَاق الكانمي الْأسود النَّحْوِيّ الشَّاعِر وكانم بليدَة بنواحي غانة إقليم السودَان قدم إِلَى مراكش ومدح أكَابِر الدولة وَكَانَت العجمة فِي لِسَانه غير أَنه جيد النّظم وَكَانَ يحفظ الْجمل فِي النَّحْو وَلم يعرف من أرضه شَاعِر سواهُ توفّي رَحمَه الله فِي حُدُود)
السِّت مائَة تَقْرِيبًا وَأَظنهُ ابْن شاكلة قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن شاكلة أَبُو إِسْحَاق السّلمِيّ الذكواني الصعيدي الْأسود سكن مراكش وَدخل الأندلس وَكَانَ شَاعِرًا محسناً قَرَأَ المقامات وَتُوفِّي سنة ثَمَان وست مائَة بمراكش وَمن شعره
(أَفِي الْمَوْت شكّ يَا أخي وَهُوَ برهَان ... فَفِيمَ هجوع الْخلق وَالْمَوْت يقظان)
(أتسلو سلو الطير تلقط حبها ... وَفِي الأَرْض أشراك وَفِي الجو عقبان)
قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ أَبُو زيد الفازازي يفضله على شعراء عصره بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ وَمن شعره
(إِنِّي وَإِن ألبستني الْعَجم حلتها ... فقد نماني إِلَى ذكوانها مُضر)
(فَلَا يسوك من الأغماد حالكها ... إِن كَانَ بَاطِنهَا الصمصامة الذّكر)
3 - (ابْن قرقول)
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عبد الله بن باديس أَبُو إِسْحَاق ابْن قرقول بقافين مضمومتين بَينهمَا رَاء سَاكِنة وَبعد الْوَاو لَام على وزن زرزور الحمزي صَاحب كتاب مطالع الْأَنْوَار الَّذِي وَضعه عل كتاب مَشَارِق الْأَنْوَار للْقَاضِي عِيَاض كَانَ فَاضلا وَصَحب جمَاعَة من الْعلمَاء بالأندلس ولد بالمرية سنة خمس وَخمْس مائَة وَتُوفِّي بفاس رَحمَه الله سنة تسع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ رحالاً فِي طلب الْعلم فَقِيها نظاراً أديباً حَافِظًا بَصيرًا بِالْحَدِيثِ صنف وَكتب الْخط الأنيق وَكَانَ رَفِيقًا لِلسُّهَيْلِي أَخذ عَن ابْن خفاجة ديوانه وَلما حَضرته الْوَفَاة تَلا سُورَة الْإِخْلَاص وَجعل يكررها بِسُرْعَة ثمَّ إِنَّه تشهد ثَلَاث مَرَّات وَسقط عل وَجهه سَاجِدا وَمَات(6/109)
3 - (ابْن الْمَرْأَة الْمُتَكَلّم المالقي)
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن دهاق أَبُو إِسْحَاق الأوسي المالقي الْمَعْرُوف بِابْن الْمَرْأَة روى الْمُوَطَّأ عَن ابْن حنين وَكَانَ فَقِيها حَافِظًا للرأي وَرَأس فِي علم الْكَلَام وَشرح الْإِرْشَاد لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وصنف كتابا فِي الْإِجْمَاع وَقَرَأَ علم الْكَلَام بمرسية وَكَانَت الْعَامَّة حزبه وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الماكياني)
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن مَيْمُون الْبَاهِلِيّ الْبَلْخِي الماكياني ماكيان قَرْيَة من بَلخ روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَقَالَ ابْن حبَان كَانَ ظَاهر مذْهبه الإرجاء واعتقاده فِي الْبَاطِن السّنة توفّي رَحمَه الله سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ)
3 - (الْوَزير القفطي)
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد الْوَزير مؤيد الدّين أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ الْمَقْدِسِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن القفطي بِالْقَافِ وَالْفَاء والطاء الْمُهْملَة وياء النِّسْبَة أَخُو الصاحب جمال الدّين المؤرخ وزر بعد أَخِيه الأكرم وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه جمال الدّين إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الهسنجاني)
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن خَالِد أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ الهسنجاني بِالْهَاءِ وَالسِّين وَالنُّون وَالْجِيم وَالْألف وَالنُّون وياء النِّسْبَة الْحَافِظ الرّحال الجوال كَانَ ثِقَة مَأْمُونا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الْبونِي الْمُقْرِئ)
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن مُحَمَّد أَبُو الْفرج الْمُقْرِئ وجيه الدّين ابْن الْبونِي أحد مَشَايِخ الْقُرَّاء المعتبرين بالجامع وَكَانَ فَاضلا خيرا متواضعاً ساعياً فِي حوائج النَّاس توفّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست مائَة
3 - (ابْن يُونُس الغانمي)
إِبْرَاهِيم بن يُونُس بن مُوسَى بن يُونُس بن عَليّ الغانمي البعلبكي رَحل وَسمع وجاور بِمَكَّة وَكَانَ جيد الْقِرَاءَة فصيحها فِيهِ تودد وَحسن صُحْبَة للنَّاس توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وارتحل إِلَى الْحجاز وَجَاز بِمصْر وَسمع وعلق بالبلاد مشيخة عصره كَثِيرَة الْفَوَائِد وَغَيرهَا نقلت من خطه لنَفسِهِ(6/110)
(قَالَ لي العاذل يَوْمًا ... أَنْت بَدْرِي حنيني)
(قلت لَا قَالَ فمصري ... قلت لَا إِنِّي حسيني)
3 - (المعمار غُلَام النوري)
إِبْرَاهِيم الحائك وَقيل المعمار وَقيل الحجار غُلَام النوري الْمصْرِيّ عَامي مطبوع تقع لَهُ التوريات المليحة المتمكنة المطبوعة الجيدة لَا سِيمَا فِي الأزجال والبلاليق بِحَيْثُ أَنه فِي ذَلِك غَايَة لَا تدْرك أما فِي المقاطيع الشعرية فَإِنَّهُ يقْعد بِهِ عَنْهَا مُرَاعَاة الْإِعْرَاب وتصريف الْأَفْعَال وَلكنه قَلِيل الْخَطَإِ كتب إِلَيّ عِنْد وردي إِلَى الْقَاهِرَة سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة)
(وافي صَلَاح الدّين مصرا فيا ... نعم خَلِيل حلهَا بالفلاح)
(فليهنها الإقبال إِذْ أَصبَحت ... بِالْملكِ الصَّالح دَار الصّلاح)
فَمن مقاطيعه اللائقة قَوْله
(وَصَاحب أنزل بِي صفعة ... فاغتظت إِذْ ضيع لي حرمتي)
(وَقَالَ فِي ظهرك جَاءَت يَدي ... فَقلت لَا والعهد فِي رقبتي)
وَقَوله أَيْضا ومفنن يهوى الصفاع وَلم يكن إِذْ ذَاك فني ملكته عنقِي الرَّقِيق فراح ينجله بغين
(مَا كَانَ مني بِالرِّضَا ... لكنه من خلف أُذُنِي)
(لَوْلَا يَد سبقت لَهُ ... لأمرته بالكف عني)
وَقَوله وأجاد
(أيري إِذا ندبته ... لحَاجَة تنزل بِي)
(قَامَ لَهَا بِنَفسِهِ ... مَا هُوَ إِلَّا عصبي)
وَقَوله
(عاتبت أيري إِذْ جَاءَ ملتثماً ... بالخزي من علقه فَمَا اكترثا)
(بل قَالَ لي حِين لمته قسما ... مَا جزت حمام قَعْره عَبَثا)
(كَيفَ وفيهَا طهارتي وَبهَا ... أقلب مَاء وَأَرْفَع الحدثا)
وَقَوله
(لما جلوا لي عروساً لست أطلبها ... قَالُوا لِيَهنك هَذَا الْعرس والزينة)(6/111)
(فَقلت لما رَأَيْت النهد منتفشاً ... رمانة كتبت يَا ليتها تينه)
وَقَوله
(لائمي فِي الشَّبَاب دع عَنْك لومي ... لست مِمَّن تروعه بالعتاب)
(أَيهَا الشَّيْخ هَات بِاللَّه قل لي ... أَي عَيْش يحلو بِغَيْر الشَّبَاب)
وَقَوله قَالَ لي العاذلون أنحلك الْحبّ وأصبحت فِي السقام فريدا)
(أإذا صرت من جفاهم عظاماً ... أبوصلٍ تعود خلقا جَدِيدا)
(مَا رَأينَا وَلَا سمعنَا بِهَذَا ... قلت كونُوا حِجَارَة أَو حديدا)
وَقَوله وَفِيه لحن ظَاهر
(لثمت عذار محبوبي الشرابي ... فَقَالَ تركت لثم الخد عجبا)
(حفظت اليانسون كَمَا يَقُولُوا ... ورحت تضيع الْورْد المربا)
وَقَوله وَفِيه عيب التَّضْمِين
(قسما بِمَا أوليت من إحسانه ... وجميله مَا عِشْت طول زماني)
(وَرَأَيْت من يثني على عليائه ... بالجود إِلَّا كنت أول ثَان)
وَقَوله وَفِيه لحن ظَاهر
(فِي خد من أحببته ... ورد جني أجنه)
(وشامة ذقت لَهَا ... حلاوة فِي صحنه)
وَقَوله وَفِيه لحن ظَاهر
(قلت لَهُ هَل لَك من حِرْفَة ... تعش بهَا بَين الورى أَو سَبَب)
(فَقَالَ يغنيني رد فِي الَّذِي ... سموهُ عشاقي تليل الذَّهَب)
وَقَوله وَفِيه لحن وتحريف
(كلفي بطباخ تنوع حسنه ... ومزاجه للعاشقين يُوَافق)
(لَكِن مخافي من جفاه وَكم غَدَتْ ... مِنْهُ قُلُوب فِي الصُّدُور خوافق)
وَقَوله
(لما جلوا عرسي وعاينتها ... وجدت فِيهَا كل عيب يُقَال)
(فَقلت للدلال مَاذَا ترى ... فَقَالَ لَا أضمن غير الْحَلَال)
وَقَوله
(لج العذول ولامني ... فِي من أحب وعنفا)(6/112)
(فهممت ألطم رَأسه ... لما ملئت تأسفا)
(لَكِنَّهَا زلقت يَدي ... نزلت على اصل الْقَفَا)
وَقَوله)
(يَا لائمي على العذار أَفْتِنِي ... أيركب الجحش بِلَا مقوده)
(أعشق أَرْبَاب الذقون شَهْوَة ... وكل من لحيته فِي يَده)
وَقَوله وَفِيه عيب التَّضْمِين
(هويت طباخاً سلاني وَقد ... قلا فُؤَادِي بعد مَا رده)
(محترفاً وَلم يزل بالجفا ... يغْرف لي أحمض مَا عِنْده)
وَقَوله
(قَالُوا تسبب فِي الْجَنَائِز واكتسب ... رزقا تعيش بِهِ أجل حَيَاة)
(فأجبتهم ردا على أَقْوَالهم ... أَرَأَيْتُم حَيا من الْأَمْوَات)
وَقَوله
(شَكَوْت للحب مُنْتَهى حرقي ... وَمَا ألاقيه من ضنى جَسَدِي)
(قَالَ تداوى بريقتي سحرًا ... فَقلت يَا بردهَا على كَبِدِي)
وَقَوله
(وقزازٍ يغازلني ... بحاشية لَهَا رقّه)
(أَبيت مسهداً مِنْهُ ... أنير من جوى الحرقه)
(أسدي تَحت طاقته ... كَأَنِّي حارس الشقه)
وَقَوله
(يَا أَغْنِيَاء الزَّمَان هَل لي ... جرائم عنْدكُمْ عِظَام)
(فضتكم لَا تزَال غَضَبي ... فَلَا سَلام وَلَا كَلَام)
(وَالذَّهَب الْعين لَا أرَاهُ ... عَيْني من عينه حرَام)
وَقَوله
(مَتى أرى المحبوب وافى بالهنا ... وَنحن فِي دَار وَلَا واشٍ لنا)
(أَي ثَلَاث مَا لَهُنَّ رَابِع ... مِثَاله الدَّار وَزيد وَأَنا)
وَقَوله
(يَا قلب صبرا على الْفِرَاق وَلَو ... روعت مِمَّن تحب بالبين)
(وَأَنت يَا دمع إِن ظَهرت بِمَا ... يخفيه قلبِي سَقَطت من عَيْني)(6/113)
)
وَقَوله
(يَقُول لَهَا زَوجهَا لَا تختشي من لوم ... وَلَا تَقِيّ كل من فِي الأَرْض وَأَنا لكوم)
(واتسببي واطعميني أبق من ذَا الْيَوْم ... وأنعس وأرقد ومثلي مَا تري فِي النّوم)
3 - (البراذعي الموله)
إِبْرَاهِيم البراذعي الموله الدِّمَشْقِي مُرِيد الشَّيْخ يُوسُف القميني كَانَ لَهُ كشف وَحَال على طَرِيق المولهين توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة
3 - (ظهير الدّين الْبَارِزِيّ)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مرشد بن مُسلم الْجُهَنِيّ الْبَارِزِيّ الْحَمَوِيّ ظهير الدّين أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ الْمَذْكُور شيخ صوفي من أَبنَاء الرؤساء بحماة لَهُ أدب وأنشدني قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(لَئِن فتكت ألحاظه بحشاشتي ... وساعدها بالهجر واعتز بالْحسنِ)
(فَلَا بُد أَن تقتص لي مِنْهُ ذقنه ... وتذبحه قهرا من الْأذن للأذن)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(غَدا أسوداً بالشعر أَبيض خَدّه ... فَأصْبح من بعد التنعم فِي ضنك)
(على خطة أضحى بخطي عذاره ... فنادتهما عَيناهُ حزنا قفا نبك)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(أَرَاك فأستحيي وأطرق هَيْبَة ... وأخفي الَّذِي بِي من هَوَاك وأكتم)
(وهيهات أَن يخفى وَأَنت جعلتن ... جميعي لِسَانا بالهوى يتَكَلَّم)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور وَفِيه تورية
(تعجبت وَالدُّنْيَا كثير عجيبها ... لشخص يلاقي عِنْده الْخبث والريا)
(بدا سبل فِي عينه وَهُوَ مخصب ... وَلم أرها يَوْمًا ألم بهَا حَيا)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور فِي مليح اسْمه الْخضر
(لخضركم مَحل فِي فُؤَادِي ... ترحل صبره وَهُوَ الْمُقِيم)
(سبت قلبِي لواحظه وَولى ... فَصَارَ الْخضر يتبعهُ الكليم)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور)
(يذكرنِي وجدي الْحمام إِذا غنى ... لأَنا كِلَانَا فِي الْهوى تندب الغصنا)
(وَلَكِن إِذا غنى أجبْت بأنةٍ ... وَكم بَين من غنى طروباً وَمن أَنا)
(تجول عيوني فِي الرياض لتجتلي ... محاسنكم مِنْهَا إِذا غبتم عَنَّا)
(وَمَا وردهَا والنرجس الغض نَائِبا ... عَن الوجنة الْحَمْرَاء والمقلة الوسنى)(6/114)
(فعرب دمعي بِالَّذِي أَنا كاتم ... وَقد رجعت فِي الرَّوْض أطيارها اللحنا)
(فَقَالَ عذول وَهُوَ أَجْهَل قَائِل ... رويدك لَا تفنى وَمن لي بِأَن أفنى)
(وَلَو أَن بيض الْهِنْد مِمَّا يردني ... وَسمر القنا عَنهُ تمانعني طَعنا)
(لقبلت حد السَّيْف حبا لطرفه ... وعانقت من شوقي لَهُ الأسمر اللدنا)
(وخضت عجاج الْمَوْت وَالْمَوْت طيب ... إِذا كَانَ مَا يُرْضِي أحبتنا منا)
(حفظنا على حكم الْوَفَاء وضيعوا ... وحالوا بِحكم الْغدر عَنَّا وَمَا حلنا)
(وضنوا على المضنى ببذل تحيةٍ ... وَلَو سَأَلُوا بذل الْحَيَاة لما ضنا)
وَكتب إِلَى من رزق توأمين ذكرا وَأُنْثَى من جَارِيَة سَوْدَاء
(وخصك رب الْعَرْش مِنْهَا بتوأمٍ ... وَمن ظلمات الْبَحْر يسْتَخْرج الدُّرَر)
(ويرك أضحى وَارِثا علم جابرٍ ... فأعطاك من ألقابه الشَّمْس وَالْقَمَر)
وَقَالَ فِي مليح شواء
(وشواء بديع الْحسن يزهى ... بطلعته على كل البرايا)
(فوا شوقاه للأفخاذ مِنْهُ ... يشمرها وَيقطع لي اللوايا)
أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْأَكْفَانِيِّ الْحَكِيم قَالَ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ ظهير الدّين الْبَارِزِيّ
(يَا لحية الْحبّ الَّتِي ... زَالَ هلا تثبتي)
هَل أَنْت فَوق خَدّه الوردي مسك تنبتي قلت كَانَ الأَصْل أَن يَقُول تنبتين وَلكنه حذف النُّون على لُغَة من قَالَ
(أَبيت أسرِي وتبيتي تدلكي ... وَجهك بالعنبر والمسك الذكي)
وَالصَّحِيح أَن الأَرْض الَّتِي ينْسب لغيها الْمسك يُقَال لَهَا أَرض التبت وَهِي بِلَاد التّرْك الَّتِي بهَا غزال الْمسك لَيْسَ فِيهَا نون الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا هِيَ بتائين ثَالِث الْحُرُوف الأولى مَضْمُومَة وَبَينهمَا بَاء)
ثَانِي الْحُرُوف مَفْتُوحَة على وزن عمر وَالله أعلم
3 - (جمال الدّين جمال الكفاة)
إِبْرَاهِيم القَاضِي جمال الدّين جمال الكفاة نَاظر الْخَاص وناظر الجيوش وناظر الدولة وَكَانَ ابْن خَالَة القَاضِي شرف الدّين النشو وَهُوَ الَّذِي استسلمه واستخدمه مُسْتَوْفيا فِي الدولة ثمَّ استخدمه عِنْد الْأَمِير سيف الدّين بشتاك فَلبث عِنْده مُدَّة ثمَّ إِن النَّاس رموا بَينهمَا فَوَقع بَينهمَا الْمُعَادَة الصعبة على سوء ظن من النشو وَلم يزل الْأَمر بَينهمَا فِي(6/115)
وَحْشَة إِلَى أَن مَاتَ النشو تَحت الْعقُوبَة وَولي السُّلْطَان الْخَاص لجمال الكفاة وَنظر الْجَيْش وَلم يتَّفق الْجمع بنيهما لغيره وَلم يزل فِي عز وجاه وتمشية حَال إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَتَوَلَّى الْمَنْصُور أَبُو بكر وَهُوَ على ذَلِك ثمَّ خلع الْمَنْصُور وَولي الْأَشْرَف كجك وَهُوَ كَذَلِك وأحبه سيف الدّين قوصون وَبَالغ فِي إكرامه ثمَّ حضر النَّاصِر أَحْمد من الكرك وَاسْتمرّ بِهِ على حَاله فِي الْوَظَائِف وَأَخذه مَعَه إِلَى الكرك وَأقَام عِنْده إِلَى أَن تولي الصَّالح إِسْمَاعِيل وَبَقِي مُدَّة ووظيفتاه لَيْسَ بهما أحد لغيبته فِي الكرك ثمَّ تولى الْجَيْش القَاضِي مكين الدّين ابْن قروينة وَجعل أَخُو جمال الدّين جمال الكفاة فِي الْخَاص يسده إِلَى أَن يحضر فَلَمَّا حضر جمال الكفاة من الكرك تسلم وظيفته فِي الْجَيْش وَالْخَاص وَبَقِي مُدَّة وأضيف إِلَيْهِ نظر الدولة أَيْضا وَصَارَ هُوَ عبارَة عَن الدولة ثمَّ أمسك وَحمل شَيْئا فِي اللَّيْل وَأَفْرج عَنهُ وخلع عَلَيْهِ وأعيد إِلَى وظائفه ثمَّ أمسك وَفعل كالمرة الأولى ثمَّ أفرج عَنهُ وخلع عَلَيْهِ وأعيد وَتمكن من السُّلْطَان الصَّالح إِسْمَاعِيل وَعظم عِنْده وَكتب لَهُ الجناب العالي وَلم يكْتب ذَلِك لغيره من أَبنَاء جنسه ثمَّ إِنَّه رسم لَهُ بإمرة مائَة وتقدمة وَأَن يلبس الكلوتة ويعلب بالكرة فَمَا كَانَ إِلَّا وَهُوَ فِي هَذَا الشَّأْن هَل يقبل أَو لَا حَتَّى عمل عَلَيْهِ وَأمْسك هُوَ وَالْجَمَاعَة موفق الدّين وَغَيره من مباشري الدولة فتوهمها كالمرة الأولى فَقتل بالمقارع وَهُوَ وَولده إِلَى أَن مَاتَ تَحت الْعقُوبَة وَرمي بأَشْيَاء عظائم الله أعلم بحقيقتها وَكَانَت ميتَته رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَوَائِل صفر سنة خمس وَأَرْبَعين أَو أَوَاخِر الْمحرم فَمَاتَ تَحت الْعقُوبَة كَمَا مَاتَ النشو وَكَانَ القَاضِي جمال الدّين الْمَذْكُور شكلاً حسنا ظريفاً مليح الْوَجْه يكْتب خطا قَوِيا جيدا ويتحدث بالتركي وَفِيه ذوق للمعاني الأدبية وَكَانَ فِي أول أمره عِنْد الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبغا القاسمي وَمُدَّة مُبَاشَرَته الْخَاص إِلَى أَن مَاتَ سِتّ سِنِين تَقْرِيبًا بل تَحْقِيقا لِأَن النشو أمسك فِي صفر سنة أَرْبَعِينَ وَولي جمال الكفاة مَكَانَهُ وسلك غير)
مَسْلَك الْجَمَاعَة من كتاب الْحساب فِي اقتناء المماليك الأتراك على طَريقَة كريم الدّين الْكَبِير وَمَا علم أحد على المناشير أحسن من علامته وَلَا أقوى وَلَا أكبر
(الألقاب)
ابْن الأبرش النَّحْوِيّ الشَّاعِر اسْمه خلف بن يُوسُف بن فرتون
الأبرش الْحِمصِي مُحَمَّد بن حَرْب
الأبرقوهي الْمُحدث قطب الدّين اسْمه مُحَمَّد بن إِسْحَاق
والأبرقوهي الْمسند شهَاب الدّين اسْمه أَحْمد بن إِسْحَاق
ابْن إبرة الْحَنْبَلِيّ اسْمه أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
الآبري مُحَمَّد بن الْحُسَيْن(6/116)
3 - (صَاحب الكرك الفرنجي)
أبرنس الكرك قيل اسْمه أرناط كَانَ أَخبث الفرنج وأشرهم وأغدرهم قطع الطَّرِيق على قافلة جَاءَت من مصر إِلَى الشَّام وفيهَا خلق كثير وَمَال عَظِيم فاستولى على الْجَمِيع قتلا وأسراً ونهباً فَأرْسل إِلَيْهِ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يوبخه على فعله وَيَقُول أَيْن العهود رد مَا أخذت فَلم يلْتَفت وَشن الغارات على الْمُسلمين وفتك فيهم فَنَذر السُّلْطَان دَمه وَكَانَت فعلته هَذِه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة فَلَمَّا كَانَت وقْعَة حطين سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَكَانُوا قد خَرجُوا من عكا وَلم يتْرك الفرنج محتلماً وَرَاءَهُمْ فَيُقَال إِنَّهُم كَانُوا فِي ثَمَانِينَ ألف وَمِائَتَيْنِ فَارس وراجل فنزلوا صفورية وَتقدم السُّلْطَان إِلَى طبرية وَكَانَ فِي اثْنَي عشر ألف فَارس وَأما الرجالة فكثيرة وَنصب المجانيق على طبرية ونقب أسوارها وَفتحهَا يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وامتنعت القلعة عَلَيْهِ وَبهَا زَوْجَة القمس ومقدم الفرنج فَنزل لوبية عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَملك الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم المَاء وَكَانَ يَوْمًا حاراً والتهب عَلَيْهِم وأضرم مظفر الدّين النَّار فِي الزَّرْع وَبَاتُوا طول اللَّيْل والمسلمون حَولهمْ فَلَمَّا طلع الْفجْر يَوْم السبت قَاتلُوا إِلَى الظّهْر وصعدوا إِلَى تل حطين وَالنَّار تضرم حَولهمْ فهلكوا وتساقطوا من التل وَكَانَ القومص مَعَهم فَحمل وَفتح لَهُ السُّلْطَان درباً فَصَعدَ إِلَى صفد وعملت سيوف الْمُسلمين فِي الفرنج قتلا وَأسر من الْمُلُوك كي وَأَخُوهُ جفري وأبرنس الكرك والهنفري وَصَاحب جبيل وبيروت وصيدا ومقدم الداوية والأسبتار وَغَيرهم وَجِيء إِلَى السُّلْطَان بصليب)
الصلبوت وَهُوَ مرصع بالجواهر واليواقيت فِي غلاف من ذهب وَلما سيق الْمُلُوك أسرى إِلَى بَين يَدي السُّلْطَان نزل وَسجد وباس الأَرْض شكرا وَجَاء إِلَى خيمة واستدعاهم فأجلس الْمُلُوك عَن يَمِينه وأبرنس الكرك إِلَى جَانِبه وَنظر السُّلْطَان إِلَى الْملك وَهُوَ يلْتَفت يتلهب عطشاً فَأمر لَهُ بقدح من ثلج وَمَاء فشربه وَسَقَى الأبرنس فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان مَا أَذِنت لَك فِي سقيه وَكَانَ قد نذر أَن يقْتله بِيَدِهِ فَقَالَ لَهُ يَا مَلْعُون يَا غدار حَلَفت وغدرت ونكثت وَجعل يعدد عَلَيْهِ غدراته ثمَّ قَامَ إِلَيْهِ فَضَربهُ بِالسَّيْفِ فَحل كتفه وتممه المماليك فَقطعُوا رَأسه وأطعموا جثته للكلاب فَلَمَّا رَآهُ الْملك قَتِيلا خَافَ وطار عقله فَأَمنهُ السُّلْطَان وَقَالَ هَذَا غدار كَذَّاب غدر غير مرّة ثمَّ إِن السُّلْطَان عرض الْإِسْلَام على الداوية والاسبتار فَمن أسلم مِنْهُم استبقاه وَمن لم يسلم قَتله فَقتل خلقا عَظِيما وَبعث بباقي الْمُلُوك وَالْأسَارَى إِلَى دمشق وَذَلِكَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (الْعمانِي الْمَجُوسِيّ)
أبزون بن مهبرد الْعمانِي أَبُو عَليّ الْكَافِي الْمَجُوسِيّ قَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن الْحَاجِب كنت قبل حصولي بعمان أسمع بِشعر الْكَافِي أبي عَليّ وتمر بِي القصيدة بعد القصيدة وَكنت أفرط إعجابي بِمن يَرْوِيهَا لي عَن مؤلفها فَتكون النَّفس بحفظها أنشط والفكرة على ضَبطهَا أحرص لسلامتها من تَصْحِيف يَقع فِيهَا فقصدته فَلَمَّا اجْتمعت(6/117)
مَعَه لم أتمكن من مُجَالَسَته فَوَجَدته غير معجب بِشعر نَفسه على عَادَة أَبنَاء جنسه وَأنْشد لَهُ
(هَل فِي مَوَدَّة ناكث من رَاغِب ... أم هَل على فقدانها من نادب)
(أم هَل يفيدك أَن تعاتب مُولَعا ... يتتبع العثرات غير مراقب)
(جعل اعتراضك للسفاهة ديدناً ... وَالذِّئْب ديدنه اعْتِرَاض الرَّاكِب)
مِنْهَا
(إِن الفتوة علمتني شِيمَة ... تهدي الضياء إِلَى الشهَاب الثاقب)
(مَا زَالَ يسلب كل من حمل الظبي ... قلمي وأحداق الظباء سوالبي)
(فَهُوَ التَّصَرُّف وَالتَّصَرُّف فِي الْهوى ... دفنا شَبَابِي فِي العذار الشائب)
(فتظلمي من ناظرٍ أَو ناظرٍ ... وتألمي من حَاجِب أَو حَاجِب)
(وَقبلت عذر بني الزَّمَان لأَنهم ... سلكوا طَرِيق بني الزَّمَان الذَّاهِب)
(جبلوا على رفض الْوَفَاء لغَيرهم ... وتمسكوا بالغدر ضَرْبَة لازب)
)
وَمن شعره
(ألزم جفاءك بِي وَلَو فِيهِ الضنا ... وارفع حَدِيث الْبَين عَمَّا بَيْننَا)
(فسموم هجرك فِي هواجره الْأَذَى ... ونسيم وصلك فِي أصايله المنى)
(لي التلون من إمارات الرضى ... لَكِن إِذا مل الحبيب تلونا)
(تبدي الْإِسَاءَة فِي التيقظ عَامِدًا ... وأراك تحسن فِي الْكرَى أَن تحسنا)
(مَا لي إِذا استعطفت رَأْيك رمت لي ... عبتاً جَدِيدا من هُنَاكَ وَمن هُنَا)
وَمِنْه
(إِنِّي أغار عَلَيْكُم أَن تسلكوا ... فِي الود غير طرائق الفتيان)
(وأخاف مر عتابكم مَا لم أخف ... تَحت العجاج عوالي المران)
(لم أجن فاستعطفتكم لَكِن بِي ... شوقاً إِلَى استعطافكم ألجاني)
(وهبوني الْجَانِي أَلَسْت شقيقكم ... هلا غفرتم للشقيق الْجَانِي)
(غطوا بأذيال التجاوز مِنْكُم ... هفوات جَان للندامة جَان)
(ولربما كره الْعقُوبَة جازم ... كَيْمَا يفوز بلذة الغفران)
(ببعادكم أبغضت دَار كَرَامَتِي ... ولقربكم أَحْبَبْت درا هواني)
وَمِنْه
(قد كنت أرجوك للبلوي إِذا عرضت ... فصرت أخشاك وَالْأَيَّام للْغَيْر)(6/118)
(أخْشَى وحكمي أَن أَرْجُو وَلَا عجب ... فَرُبمَا يتَأَذَّى الرَّوْض بالمطر)
وَمِنْه
(أَرَاك على العلات غير موفق ... وَمَا أحسن التَّوْفِيق حَيْثُ يكون)
(تُرِيدُ تلافي الْأَمر من بعد فَوته ... وَلَو شِئْت كَانَ الصعب مِنْهُ يهون)
(كبلهاء قوم حِين بلت عَجِينهَا ... بَدَت تنخل المبلول وَهُوَ عجين)
وَمِنْه
(سكن سَاكن سَواد الْفُؤَاد ... مل قربي وَمَال نَحْو بعادي)
قَالَ لي لَا تنام قلت لإعراضك وَهُوَ الْخلاف للمعتاد إِنَّمَا أشتهي الْكرَى لأرى طيفك فِيهِ وَأَنت سهل القياد)
(فَإِذا لم يزر خيالك إِلَّا ... مبغضاً فالكرى فدَاء السهاد)
وَمِنْه
(يَأْبَى قبولي أَي أَرض زرتها ... قدمي رجائي وافتقاري سائقي)
(فَكَأَنَّمَا الدُّنْيَا يدا متحرزٍ ... وكأنني فِيهَا وَدِيعَة سَارِق)
ومه
(أَيهَا العاذل مهلا ... لَيْسَ هَذَا العذل شياً)
(لَا تلكفني سلواً ... عَن ذَا لَا يتهيا)
وَانْصَرف يَوْمًا من الصَّيْد وَقد نضد مَا حصل بَين يَدَيْهِ فَقَالَ والكأس تهز عطفيه
(وهجرنا القنا وزرنا القناني ... واشتغلنان عَن الظبى بالظباء)
وَمِنْه
(فَلَا ملت معاتبتي فَإِنِّي ... أعد عتابها إِحْدَى الْهَدَايَا)
3 - (ابْن هولاكو)
أبغا وَيُقَال أباقا بن هولاكو ملك التتار وَصَاحب الْعرَاق والجزيرة وخراسان وأذربيجان مَاتَ بنواحي همذان بَين الْعِيدَيْنِ سنة ثَمَانِينَ وست مائَة وَله نَحْو خمسين سنة كَانَ مقداماً شجاعاً عالي الهمة لم يكن فِي إخْوَته مثله وَهُوَ على دين التتار لم يسلم وَكَانَ ذَا رَأْي وخبرة بالحروب لما توجه أَخُوهُ منكوتمر إِلَى الشَّام بالعساكر لم يكن ذَلِك بتحريضه بل أُشير عَلَيْهِ فَوَافَقَ وَكَانَ سفاكاً قتل فِي الرّوم خلقا كثيرا لكَوْنهم دخلُوا فِي طَاعَة الْملك الظَّاهِر بيبرس الصَّالح وَقد نفذ الظَّاهِر إِلَيْهِ رسله وهدية وحضروا بَين يَدَيْهِ وَعَلِيهِ قبَاء نفظي وسراقوج(6/119)
بنفسجي وَزَوْجَة أَبِيه الجى خاتون وَقد تزوج بهَا كهلةً إِلَى جَانِبه قَالَ ابْن الكازروني توفّي فِي الْعشْرين من ذِي الْحجَّة وَكَانَت أَيَّامه سبع عشرَة سنة وَثَمَانِية أشهر وَلما جهز أَخَاهُ منكوتمر نزل فِي جمَاعَة من خواصه بِالْقربِ من الرحبة لينتظر مَا يكون فَلَمَّا تحقق الكسرة رَجَعَ على عقبه إِلَى همذان فَمَاتَ هما وكمداً وَمَات بعده بيومين أَخُوهُ آجاي
3 - (الْأَمِير عضب الدولة)
أبق بن عبد الرَّزَّاق الْأَمِير أَبُو مَنْصُور عضب الدولة الَّذِي بالتربة العضبية خَارج بَاب الفراديس بِدِمَشْق أحد الْأُمَرَاء الْكِبَار من خَواص صَاحب دمشق تَاج الدولة تتش توفّي سنة)
اثْنَتَيْنِ وَخمْس مائَة وَهُوَ ممدوح ابْن الْخياط الدِّمَشْقِي قَالَ يمدحه بالقصيدة الَّتِي أَولهَا
(سلوا سيف ألحاظه الممتشق ... أعند الْقُلُوب دم للحدق)
مِنْهَا
(وَبت أخالج شكي بِهِ ... أَزور طر أم خيال طرق)
(أفكر فِي الهجر كَيفَ انْقَضى ... وأعجب للوصل كَيفَ اتّفق)
(فللحب مَا عز مني هان ... وللحسن مَا جلّ مِنْهُ ودق)
لقد أبق الْعَدَم من راحتي لما أحس بنعمى أبق
(تطاوح يهرب من جوده ... وَمن أمه السَّيْل خَافَ الْغَرق)
وَقَالَ أَيْضا يرثيه لما توفّي رَحمَه الله فِي التَّارِيخ
(أبعدك أتقي نوب الزَّمَان ... أبعدك أرتجي دَرك الْأَمَانِي)
(أيجمل بِي العزاء وَأَنت ثاوٍ ... أيحسن بِي الْبَقَاء وَأَنت فان)
3 - (مجير الدّين صَاحب دمشق)
أبق بن مُحَمَّد بن بوري بن طغتكين التركي الْملك مجير الدّين أَبُو سعيد صَاحب دمشق وَابْن صَاحبهَا جمال الدّين بن تَاج الْمُلُوك الدِّمَشْقِي ولد ببعلبك وأقيم فِي إِمَارَة دمشق بعد أَبِيه وَهُوَ دون الْبلُوغ وأتابك زنكي إِذْ ذَاك محاصر دمشق فَلم ينل مِنْهَا وَعَاد إِلَى حلب وَكَانَ الْمُدبر لدولته معِين الدّين مَمْلُوك جد أَبِيه والوزير الرئيس أَبُو الفوارس الْمسيب ابْن الصُّوفِي ثمَّ إِن نور الدّين ملك دمشق وَأَعْطَاهُ حمص فَأَقَامَ بهَا قَلِيلا وانتقل إِلَى نابلس بِأَمْر نور الدّين ثمَّ توجه إِلَى بغداذ فَقبله المقتفي وأقطعه مَا كَفاهُ وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة(6/120)
3 - (الألقاب)
الأبله الْعِرَاقِيّ الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن بختيار تقدم ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ
ابْن الآبنوسي الشَّافِعِي اسْمه أَحْمد بن عبد الله
الْأَبْهَرِيّ أثير الدّين المنطقي اسْمه الْمفضل بن عمر بن الْمفضل
والأبهري الْمَالِكِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
الْأَبْهَرِيّ شمس الدّين عبد الْوَاسِع بن عبد الْكَافِي
3 - (الْمدنِي)
)
أبي بن عَبَّاس بن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ الْمدنِي أَخُو عبد الْمُهَيْمِن ضعفه ابْن معِين وَقَالَ أَحْمد مُنكر الحَدِيث وَقَالَ الدولابي لَيْسَ بِالْقَوِيّ روى لَهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين وَالْمِائَة
3 - (الْأَخْنَس الثَّقَفِيّ)
أبي بن شريق بن عَمْرو الثَّقَفِيّ أسلم يَوْم الْفَتْح وَسمي الْأَخْنَس لِأَنَّهُ أَشَارَ يَوْم بدر على بني زهرَة بِالرُّجُوعِ إِلَى مَكَّة فَرَجَعُوا وَلم يشْهدُوا بَدْرًا فَسَلمُوا من الْقَتْل فخنس بهم أَي تَأَخّر شهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنيناً وَأَعْطَاهُ مَعَ الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم وَله صُحْبَة ورؤية وَلَيْسَ لَهُ رِوَايَة وَفِيه نزلت قَوْله تَعَالَى وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا الْآيَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ فِي أول خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ
3 - (الْأنْصَارِيّ المعاوي)
أبي بن كَعْب بن قيس بن عبيد بن زيد بن مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن مَالك ابْن النجار والنجار هُوَ تيم اللات بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج الْأَكْبَر الْأنْصَارِيّ المعاوي وَبَنُو مُعَاوِيَة بن عَمْرو يعْرفُونَ ببني حديلة مَضْمُومَة الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف وَلَام وهاء أمه صهيلة بنت الْأسود وَهِي عمَّة أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ قَالَ أبي رَضِي الله عَنهُ قَالَ لي رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم يَا أَبَا الْمُنْذر أَي آيَة مَعَك فِي كتاب الله أعظم فَقلت الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ(6/121)
القيوم قَالَ فَضرب صَدْرِي وَقَالَ لِيَهنك الْعلم يَا أَبَا الْمُنْذر وَشهد أبي الْعقبَة الثَّانِيَة وَبَايع فِيهَا ثمَّ شهد بَدْرًا وَكَانَ أحد فُقَهَاء الصَّحَابَة وأقرأهم لكتاب الله تَعَالَى وَقَالَ أبي قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت أَن أَقرَأ عَلَيْك الْقُرْآن قلت يَا رَسُول الله سماني لَك رَبك قَالَ نعم فَقَرَأَ عَليّ قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هُوَ خير مِمَّا تجمعون بِالتَّاءِ جَمِيعًا وَقد رُوِيَ أَنه قرأهما جَمِيعًا بِالْيَاءِ قَالَ أنس وَثَبت أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ ألم يكن الَّذين كفرُوا وَكَانَ أبي رَضِي الله عَنهُ مِمَّن كتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل زيد بن ثَابت وَمَعَهُ وَذكر مُحَمَّد بن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن أشياخه قَالَ أول من كتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُقَدّمَة الْمَدِينَة أبي بن كَعْب وَهُوَ أول من كتب فِي آخر الْكتاب وَكتب فلَان قَالَ وَكَانَ أبي إِذا لم يحضر دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد بن ثَابت فَكتب وَرُوِيَ من حَدِيث ابْن قلَابَة عَن نس وَمِنْهُم من يرويهِ مُرْسلا وَهُوَ الْأَكْثَر أَن)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أرْحم أمتِي أَبُو بكر وَأَقْوَاهُمْ فِي دين الله عمر وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان وأقضاهم عَليّ بن أبي طَالب وأقرأهم أبي بن كَعْب وأقرضهم زيد بن ثَابت وأعلمهم بالحلال وَالْحرَام معَاذ بن جبل وَمَا أظلت الخضراء وَلَا أقلت الغبراء من ذِي لهجة أصدق من أبي ذَر وَلكُل أمة أَمِين وَأمين هَذِه الْأمة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَتُوفِّي أبي رَضِي الله عَنهُ فِي خلَافَة عمر وَقيل سنة تسع عشرَة وَقيل سنة عشْرين وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَقيل إِنَّه مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ
3 - (الْأنْصَارِيّ أبي بن معَاذ)
أبي بن معَاذ بن أنس بن قيس بن عبيد بن زيد بن مُعَاوِيَة بن عمر بن مَالك بن النجار شهد مَعَ أَخِيه أنس بن معَاذ بَدْرًا وأحداً وقتلاً يَوْم بِئْر مَعُونَة شهيدين
3 - (الْأنْصَارِيّ أبي بن عمَارَة)
أبي بن عمَارَة الْأنْصَارِيّ يُقَال بِفَتْح الْعين وَكسرهَا فِي أَبِيه عمَارَة رُوي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي بَيت أَبِيه عمَارَة الْقبْلَتَيْنِ وَله حَدِيث آخر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ روى عَنهُ عبَادَة بن نسي وَأَيوب بن قطن قَالَ ابْن عبد الْبر يضطرب فِي(6/122)
إِسْنَاد حَدِيثه وَلم يذكرهُ البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير لأَنهم يَقُولُونَ إِنَّه خطاء وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو أبي بن أم حرَام وَاسم أبي أبيّ عبد الله
3 - (الصاحب)
أُبيّ بن مَالك الْحَرَشِي وَيُقَال العامري بَصرِي روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهَا ثمَّ دخل النَّار فَأَبْعَده الله روى عَنهُ زُرَارَة بن أوفى قَالَ ابْن معِين لَيْسَ فِي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبيّ بن مَالك وَإِنَّمَا هُوَ عمر بن مَالك وأبيّ خطأ وَقَالَ البُخَارِيّ إِنَّمَا هَذَا الحَدِيث لمَالِك بن عَمْرو الْقشيرِي وَغير البُخَارِيّ يصحح أَمر أبي بن مَالك هَذَا وَحَدِيثه
3 - (الديلمي)
أُبيّ بن مُدْلِج من ولد فَيْرُوز الديلمي قَالَ المرزباني هُوَ الْقَائِل يهجو مُحَمَّد بن عِيسَى المَخْزُومِي قل لِابْنِ عِيسَى المستغيث من السهولة بالوعوره)
(والناطق العوراء فِي ... جلّ الحَدِيث بِلَا بصيره)
(ولد الْمُغيرَة تِسْعَة ... كَانُوا صَنَادِيد العشيره)
(وَأَبُوك عاشرهم كَمَا ... نَبتَت مَعَ النّخل الشعيره)
إِن النُّبُوَّة والخلافة والسقاية والمشوره فِي غَيْركُمْ فَاكْفُفْ إِلَيْك يدا مجذمةً قصيره
3 - (ابْن المعذر الريَاحي)
الأبيرد بن المعذر الريَاحي قَالَ صَاحب الأغاني شَاعِر إسلامي بدوي لم يفد إِلَى خَليفَة وَمَا هُوَ بمكثر فمما يحْكى عَنهُ أَنه قدم على حراثة ابْن بدر فَقَالَ اكسني برد بن أَدخل بهما على الْأَمِير يَعْنِي عبيد الله ابْن زِيَاد وكساه ثَوْبَيْنِ فَلم يرضهما فَقَالَ فِيهِ
(أحارث أمسك فضل برديك إِنَّمَا ... أجاعه وأعرى الله من كننت كاسيا)
(وَكنت إِذا استمطرت مِنْك سَحَابَة ... لتمطرني عَادَتْ عجاجاً وسافيا)
(أحارث عاود شربك الْخمر إِنَّنِي ... أرى ابْن زِيَاد عَنْك أصبح لاهيا)
وَقَالَ يهجوه(6/123)
(زعمت غُدَانَة أَن فِيهَا سيداً ... ضخماً يواريه جنَاح الجندب)
(يرويهِ مَا يروي الذُّبَاب وينتشي ... لؤماً وتشبعه ذِرَاع الأرنب)
وَله مراث فِي أَخِيه بريد أوردهَا صَاحب الأغاني قَالَ وَهِي من مختارات الْأَصْمَعِي
(تطاول ليلِي لم أنمه تقلباً ... كَأَن فِرَاشِي حَال من دونه الْجَمْر)
(أراقب من ليل التَّمام نجومه ... لدن غَابَ قرن الشَّمْس حَتَّى بدا الْفجْر)
وَمِنْهَا
(فَإِن تكن الْأَيَّام فرقن بَيْننَا ... فقد عذرتنا فِي صحابتنا الْعذر)
(وَكنت أرى هجراً فراقك سَاعَة ... أَلا لَا بل الْمَوْت التَّفَرُّق والهجر)
(أحقاً عباد الله أَن لست لاقياً ... بريداً طوال الدَّهْر مَا لألأ العفر)
3 - (الصَّحَابِيّ)
أَبيض بن حمال فعال من الْحمل السبائي المأربي من مأرب الْيمن يُقَال إِنَّه من الأزد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أقطعه الْملح الَّذِي بمأرب إِذْ سَأَلَهُ ذَلِك فَلَمَّا أعطَاهُ إِيَّاه قَالَ)
لَهُ رجل عِنْده يَا رَسُول الله إِنَّمَا أقطعته المَاء الْعد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا إِذا وروى عَنهُ شمير بن بعد المنان وَغَيره وَقيل إِن اسْمه كَانَ أسود فَغَيره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ابْن الْأَبْيَض الْحَنْبَلِيّ اسْمه مقبل بن أَحْمد سَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْمِيم إِن شَاءَ الله تَعَالَى
ابْن أبي الْأَبْيَض الضَّرِير اسْمه رسته
الْأَبْيَض السَّرقسْطِي اسْمه يحيى بن عبد الرَّحْمَن
ابْن الْأَبْيَض اسْمه يحيى بن مقبل
الأبيوردي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
أترجه الشَّاعِر عبد الله بن مُحَمَّد
3 - (الْملك خوارزم شاه)
أتسز بن مُحَمَّد بن أنوشتكين الْملك خوارزم شاه كَانَ عادلاً كافاً عَن أَمْوَال الرّعية محباً إِلَيْهِم وَكَانَ تَحت طَاعَته السُّلْطَان سنجر شاه أَصَابَهُ فالج فعالجوه بِكُل(6/124)
مَا أمكن فَلم يبرأ فَأَعْطوهُ حراراتٍ عَظِيمَة بِغَيْر علم الطِّبّ فَاشْتَدَّ مَرضه وخارت قواه وَمَات سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس مائَة وَكَانَ يَقُول عِنْد الْمَوْت مَا إِنِّي عني ماليه هلك عني سلطانيه وَملك بعده ابْنه أرسلان
3 - (صَاحب دمشق)
أتسز بن أوق الْخَوَارِزْمِيّ التركي صَاحب دمشق ملك الْبَلَد صَالحا وَنزل دَار الْإِمَارَة فِي بَاب الفراديس وخطب للمقتدي العباسي وَقطع دَعْوَة العبيديين فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَغلب على أَكثر عسكره تقليداً راسل تتش بن ألب رسْلَان فَقدم عَلَيْهِ وَغلب على دمشق وَقتل أتسز فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبع مائَة واستتم الْأَمر لتتش
الْأَثْرَم اللّغَوِيّ عَليّ بن الْمُغيرَة
الْأَثْرَم الْمَكِّيّ عَمْرو بن دِينَار
ابْن أثروي عَليّ بن سعيد
الْأَثِير ابْن بنان الْكَاتِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
الْأَثِير الْأَبْهَرِيّ هُوَ الْمفضل بن عمر)
الْأَثِير الْحلَبِي الْفضل بن سهل
ابْن الْأَثِير مجد الدّين صَاحب النِّهَايَة الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
ابْن الْأَثِير ضِيَاء الدّين صَاحب الْمثل نصر الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
ابْن الْأَثِير عز الدّين المؤرخ هُوَ عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
ابْن الْأَثِير تَاج الدّين أَحْمد بن سعيد عماد الدّين إِسْمَاعِيل بن أَحْمد
عَلَاء الدّين عَليّ بن أَحْمد
ابْن الْأَثِير الأرمنتي عَليّ بن عبد الرَّحِيم
أثير الدّين أَبُو حَيَّان النَّحْوِيّ هُوَ مُحَمَّد بن يُوسُف
الْآجُرِيّ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن
الْآجُرِيّ مُحَمَّد بن خَالِد
والآجري إِبْرَاهِيم
الْأَجَل اللّغَوِيّ عَليّ بن مَنْصُور
الْأَجَل الْوَزير حَمْزَة بن إِبْرَاهِيم(6/125)
أجِير الْبَهَاء الشُّرُوطِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم
(من اسْمه أجمد)
3 - (الصَّحَابِيّ)
أجمد بِالْجِيم على وزن أَحْمد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أَحْمد بِالْحَاء كثير وأجمد بِالْجِيم رجل وَاحِد وَهُوَ أجمد بن عجيان الْهَمدَانِي وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشهد فتح مصر فِي أَيَّام عمر بن الْخطاب وخطته بِجَزِيرَة مصر مَعْرُوفَة
(من اسْمه أَحْمد)
3 - (القريشي)
أَحْمد بن أبان أَصله بَصرِي كَانَ ببغداذ حدث عَن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي وَإِبْرَاهِيم بن سعد الزهدي مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ قَالَ محب الدّين ابْن النجار ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مندة الْأَصْبَهَانِيّ فِي تَارِيخه
3 - (ابْن السَّيِّد اللّغَوِيّ)
أَحْمد بن أبان بن السَّيِّد اللّغَوِيّ الأندلسي أَخذ عَن أبي عَليّ القالي وَغَيره من عُلَمَاء الْأَدَب وَكَانَ عَالما حاذقاً أديباً توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة فِيمَا ذكره ابْن بشكوال الْقُرْطُبِيّ فِي تَارِيخه وَكَانَ يعرف بِصَاحِب الشرطة وَقَالَ أَبُو نصر الْحميدِي فِي آخر كِتَابه فِي بَاب من يعرف بِأحد آبَائِهِ ابْن سيد إِمَام فِي اللُّغَة والعربية وَكَانَ فِي أَيَّام الحكم الْمُسْتَنْصر وَهُوَ مُصَنف كتاب الْعَالم فِي اللُّغَة نَحْو مائَة مُجَلد مُرَتّب على الْأَجْنَاس بَدَأَ فِيهِ بالفلك وَختم بالذرة وَله فِي الْعَرَبيَّة كتاب الْعَالم والمتعلم على الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب شرح كتاب الْأَخْفَش وَكَانَ سريع الْكِتَابَة
وروى عَنهُ الإفليلي وَغَيره
3 - (اللؤْلُؤِي القيرواني)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي عَاصِم أَبُو بكر اللؤْلُؤِي القيرواني النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الشَّاعِر إِمَام بارع فِي الحَدِيث وَالْفِقْه والعربية مَاتَ كهلاً سنة ثَمَانِي عشرَة وَثَلَاث مائَة وَكَانَ كثير الْمُلَازمَة لأبي مُحَمَّد المكفوف وَعنهُ أَخذ وَله كتاب فِي الظَّاء وَالضَّاد وَكَانَ أَبوهُ مُوسِرًا فَلم يكن يمدح أحدا بمجازاة وَترك الشّعْر فِي آخر عمره وَأَقْبل على طلب الحَدِيث وَالْفِقْه وَهُوَ الْقَائِل
(أيا طلل الْحَيّ الَّذين تحملوا ... بوادي الغضا كَيفَ الْأَحِبَّة وَالْحَال)
(وَكَيف قضيب البان وَالْقَمَر الَّذِي ... بوجنته مَاء الملاحة سيال)
)
(كَأَن لم تدر مَا بَيْننَا ذهبيةٌ ... عبيرية الأنفاس عذراء سلسال)
(وَلم أتوسد نَاعِمًا بطن كَفه ... وَلم يحو جسمينا مَعَ اللَّيْل سربال)(6/126)
(فَبَانَت بِهِ عني وَلم أدر بَغْتَة ... طوارق صرف الْبَين والبين مغتال)
(فَلَمَّا اسْتَقَلت ظعنهم وحدوجهم ... دَعَوْت ودمع الْعين فِي الخد سيال)
(حرمت مناي مِنْك إِن كَانَ ذَا الَّذِي ... تَقوله الواشون عني كَمَا قَالُوا)
هَذَا الْبَيْت الْأَخير تضمين من أَبْيَات للْقَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد الخلنجي ابْن أُخْت عُلْوِيَّهُ الْمُغنِي لَعَلَّهَا تَجِيء فِي تَرْجَمته إِن ذكرته إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَلها حِكَايَة عَجِيبَة
3 - (ابْن حانجان)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حانجان أَبُو الْعَبَّاس الهمذاني قدم بغداذ وَسمع بهَا من أبي بكر أَحْمد بن جَعْفَر الْقطيعِي ثمَّ قدمهَا بعد الْأَرْبَع مائَة بِيَسِير وَحدث بهَا سمع مِنْهُ أَحْمد بن الْحُسَيْن بن دودان الْهَاشِمِي فِيمَا أَظن قَالَه ابْن النجار توفّي سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبع مائَة كَانُوا يقرأون عَلَيْهِ الحَدِيث فنعس فَمَاتَ
3 - (العاقولي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن محمّد بن مَالك أَبُو بكر بن أبي إِسْحَاق العاقولي من أهل بَاب الأزج ببغداذ سمع أَبَا عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ بن البشير وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ قَالَ ابْن النجار وَحدثنَا عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْبَنْدَنِيجِيّ توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَدفن بمقبرة الْفِيل بِبَاب الأزج
3 - (أَبُو جَعْفَر الْفَقِيه)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن بن عَليّ القلعي أَبُو جَعْفَر الْفَقِيه من أهل يزِيد حدث ببغداذ بِشَيْء من أمالي الْمحَامِلِي رِوَايَة ابْن مهْدي
3 - (أَبُو بكر الطاهري)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الشاه أَبُو بكر الطاهري شَاعِر أديب روى عَنهُ ابْن الْمَرْزُبَان فِي مصنفاته شَيْئا من شعره
(حجبوا وَجه من أحب وَقَالُوا ... عش سليما فَقلت غير سليم)
(كَيفَ أحيي وَقد تغيب عني ... وَجه من كَانَ لذتي ونعيمي)
)
وَقَالَ
(مَا زلت أسمع بالهوى وعذابه ... وَأرى الْمُحب دُمُوعه تتحدر)
(وأظل أعجب مِنْهُ حَتَّى ذقته ... فَعلمت أَن الْمَوْت مِنْهُ أيسر)
3 - (أَبُو الْوَفَاء الصالحاني)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد بن أبي ذَر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ أَبُو الْوَفَاء الصالحاني من أهل أَصْبَهَان كَانَ شَيخا صَالحا متعبداً يحجّ كل سنة عَن النَّاس يُقَال إِنَّه حج نيفاً وَأَرْبَعين حجَّة حدث ببغداذ عَن أبي سهل أَحْمد بن أَحْمد وَغَيره توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الزبال الْوَاعِظ)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو الْعَبَّاس الْوَاعِظ يعرف بِابْن الزبال من أهل الْحَرِيم الظَّاهِرِيّ سمع من صباه من النَّقِيب أبي عبد الله أَحْمد بن عَليّ(6/127)
الْحُسَيْنِي كَانَ يعظ فِي المواسم ويلبس الطيلسان ويخضب بِالسَّوَادِ ثمَّ ترك جَمِيع ذَلِك قبل مَوته بِمدَّة قَالَ ابْن النجار مَا علمت من حَاله إِلَّا خيرا وَكَانَ قَلِيل الْكَلَام كثير السُّكُوت وكتبت عَنهُ يَسِيرا توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (أَبُو الْغَنَائِم الْكَاتِب)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله الشِّيرَازِيّ أَبُو الْغَنَائِم الْكَاتِب أورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار قَوْله
(قد خرف الشَّيْخ وانحنى كبرا ... وهتك الشيب مِنْهُ مَا سترا)
غَيره دهره وَلم تزل الْأَيَّام بِالْمَرْءِ تحدث الغيرا
(وَكَانَ فِي غَيره لَهُ عبر ... فاليوم أضحى لغيره عبرا)
(انْظُر إِلَى حَاله تَجِد عجبا ... وَسبح الله فِيهِ مفتكرا)
(يمشي مكباً بِوَجْهِهِ كبرا ... تحسبه الْقوس والعصا وترا)
توفّي سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو طَاهِر الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْقطَّان الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ ذكره أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن أبي يعلى بن الْقُرَّاء فِي)
كتاب الطَّبَقَات وَقَالَ صَاحب التَّعْلِيق وَالتَّحْقِيق والفرائض وَالْأُصُول وَهُوَ أحد أَصْحَاب ابْن حَامِد توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (العطوي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي عَطِيَّة أَبُو عبد الرَّحْمَن العطوي مولى بني لَيْث بن بكر بَصرِي المولد والمنشأ قَالَ صَاحب الأغاني كتب شَاعِر واتصل بِأَحْمَد بن أبي دواد وتقرب إِلَيْهِ بمذهبه فِي الاعتزال فَانْتَفع بِهِ وأغناه وَله فِيهِ مرثية رائية وَمن شعره
(وَلَو قَالُوا تمن لَقلت كأس ... يطوف بهَا قضيب فِي كثيب)
(وندماناً يساقطني حَدِيثا ... كلحظ الْحبّ أَو غض الرَّقِيب)
وَمِنْه
(أدر الكأس قد تَعَالَى النَّهَار ... مَا يُمِيت الهموم إِلَّا الْعقار)
(صَاح هَذَا الشتَاء فاغد عَلَيْهَا ... إِن أَيَّامه لذاذ قصار)
(أَي شَيْء ألذ من يَوْم دجن ... فِيهِ كأس على الندامى تدار)
(وقيان كأنهن ظباء ... فَإِذا قُلْنَ قَالَت الأوتار)
قَالَ الْمبرد سمع العطوي رجلا يحدث عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ(6/128)
لَهُ إِن فلَانا قد جمع مَالا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَهَل جمع أَيَّامًا فَأخذ العطوي هَذَا الْمَعْنى وَقَالَ
(أرفه بعيش فَتى يَغْدُو على ثِقَة ... أَن الَّذِي قسم الأرزاق يرزقه)
(فالعرض مِنْهُ مصون مَا يدنسه ... وَالْوَجْه مِنْهُ جَدِيد لَيْسَ يخلقه)
(جمعت مَالا فَقل لي هَل جمعت لَهُ ... يَا جَامع المَال أَيَّامًا تفرقه)
(وَالْمَال عنْدك مخزون لوَارِثه ... مَا المَال مَالك إِلَّا حِين تنفقه)
3 - (الْأَعرَابِي الباخرزي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَبُو نصر الْكَاتِب الْمَعْرُوف بالأعرابي لتشبهه فِي فصل الْخطاب بالأعراب وَهُوَ باخرزي وَهُوَ الَّذِي دب الْحسن بن عَليّ الباخرزي وَالِد صَاحب الدمية وَسَيَأْتِي ذكرهمَا فِي مكانيهما إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ الْحسن الباخرزي فِي حَقه كَانَت البلاغة ترنو من أحداقه والعربية تطير من أشداقه وَمن شعره)
(أَلا لَا تبال بِصَرْف الزَّمَان ... وَلَا تخضعن لدور الْفلك)
(وساخف زَمَانك واسخر بِهِ ... فَمَا الْعَيْش إِلَّا الَّذِي طَابَ لَك)
وَمِنْه
(إِنَّنِي إِذا أَصبَحت فِي بلد العدى ... فالنبل مشطي والظبى مرآتي)
(إِنِّي إِذا ركب الرِّجَال رَأَيْتنِي ... أغشى الحتوف بِكُل آتٍ أُتِي)
3 - (ابْن إبرة الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن إبرة كَانَ مَوْصُوفا بالزهد والورع حدث عَن أبي بكر الْقطيعِي وروى عَنهُ الشريف عبد الْخَالِق بن عِيسَى توفّي سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة وَكَانَ يخضب بِالْحِنَّاءِ
3 - (الْكَافِي الأوحد الْوَزير)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْوَزير الضَّبِّيّ أَبُو الْعَبَّاس الملقب بالكافي الأوحد الْوَزير بعد الصاحب ابْن عباد لفخر الدولة ابْن أبي الْحسن عَليّ بن ركن الدولة بويه توفّي فِي صفر سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة ذكره الثعالبي قَالَ هُوَ جذوة من نَار الصاحب أبي الْقَاسِم ونهر من بحره وخليفته النَّائِب مَنَابه فِي حَيَاته الْقَائِم مقَامه بعد وَفَاته وَكَانَ الصحاب يَصْحَبهُ من الصِّبَا فاصطنعه لنَفسِهِ وأدبه بآدابه وَقدمه بِفضل الِاخْتِصَاص على سَائِر صنائعه وندمائه وَمن شعره لَا تركنن إِلَى الْفِرَاق فَإِنَّهُ مر المذاق
((6/129)
فالشمس عِنْد غُرُوبهَا ... تصفر من ألم الْفِرَاق)
وَلما مَاتَ الصاحب ابْن عباد قَالَ فَخر الدولة لأبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ حصل من الْأَعْمَال والمتصرفين ثَلَاثِينَ ألف ألف دِرْهَم فَإِن الصاحب أهمل الْحُقُوق وضيع الْأَمْوَال فَامْتنعَ من ذَلِك وَكتب أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن حمولة وَكَانَ خصيصاً بالصاحب من جرجان يخْطب الوزارة وَيضمن ثَمَانِيَة آلَاف ألف دِرْهَم فَأَجَابَهُ فَخر الدولة وَقَالَ لأبي الْعَبَّاس قد ورد أَبُو عَليّ وَغدا أخرج أَلْقَاهُ وَأمرت الْجَمَاعَة وَغَيرهم بالنزول لَهُ وَلَا بُد لَك من النُّزُول لَهُ فثقل عَلَيْهِ ذَلِك وَضمن عَن الوزارة سِتَّة آلَاف ألف دِرْهَم وَسَأَلَ إعفاءه من تلقي أبي عَليّ فقلدهما الوزارة شَرِيكَيْنِ وسمح كلا مِنْهُمَا بألفي ألف دِرْهَم وخلع عَلَيْهِمَا خلعتين متساويتين وَأَمرهمَا أَن يجلسا فِي دست واحدٍ وَيكون التوقيع لهَذَا فِي يَوْم الْعَلامَة للْآخر وَتجْعَل الْكتب باسمهما)
وَيقدم عنواناتها لهَذَا يَوْمًا وَلِهَذَا يَوْمًا وَأقَام على حَالهمَا مُدَّة وَلم يَزَالَا كَذَلِك إِلَى أَن أوقع السَّعَادَة بَينهمَا وَأَبُو عَليّ متغافل فدبر أَبُو الْعَبَّاس عَلَيْهِ وَقَبضه بِأَمْر السيدة وَحمله إِلَى قلعة استوناوند ثمَّ نفذ إِلَيْهِ من قَتله وَانْفَرَدَ أَبُو الْعَبَّاس بِالْأَمر وَجَرت لَهُ خطوب فعجز فِي آخرهَا وَمَات للسيدة قريب فَقيل عَنهُ إِنَّه هُوَ الَّذِي سقَاهُ السم فهرب وَلحق ببروجرد والتجأ إِلَى بدر بن حسنويه وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين أَو سنة سبع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَقيل إِن تركته اشْتَمَلت على شَيْء كثير لِأَن أَبَا بكر بن طَاهِر حصل لَهُ مِنْهَا لما حملهَا سِتّ مائَة ألف دِينَار وَمِمَّنْ مدحه مهيار الديلمي بقصيدته الَّتِي أَولهَا
(أجيراننا بالغور والركب مِنْهُم ... أيعلم خَال كَيفَ بَات المتيم)
(رحلتم وَعمر اللَّيْل فِينَا وَفِيكُمْ ... سَوَاء وَلَكِن ساهرون ونوم)
وَلما مَاتَ رثاه بقوله الَّذِي مِنْهُ أبكيك لي وَلمن بلين بفرقة الْأَيْتَام بعْدك وَالنِّسَاء أرامل
(ولمستجير والخطوب تنوشه ... مستطعم والدهر فِيهِ آكل)
3 - (أَبُو رياش)
احْمَد بن إِبْرَاهِيم أَبُو رياش الشَّيْبَانِيّ قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء توفّي فِيمَا ذكره أَبُو غَالب همام بن الْفضل بن مهذب فِي تَارِيخه سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة كَانَ يُقَال إِنَّه يحفظ خَمْسَة آلَاف ورقة لُغَة وَعشْرين ألف بَيت شعر إِلَّا أَن أَبَا مُحَمَّد المافروخي أبر عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا اجْتمعَا أول مَا تشاهدا بِالْبَصْرَةِ فذاكرا أشعار الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد يذكر القصيدة فَيَأْتِي أَبُو رياش على عيونها فَيَقُول أَبُو مُحَمَّد لَا إِلَّا أَن تهذها من أَولهَا إِلَى آخرهَا فينشد مَعَه ويتناشدان إِلَى آخرهَا ثمَّ أَتَى أَبُو مُحَمَّد بعده بقصائد لم يتَمَكَّن أَبُو رياش أَن يَأْتِي بهَا(6/130)
إِلَى آخرهَا وَكَانَ طَوِيل الشَّخْص جهير الصَّوْت يتَكَلَّم بِكَلَام الْبَادِيَة وَيظْهر أَنه على مَذْهَب الزيدية ويتزوج كثيرا وَيُطلق وَكَانَ عديم الْمَرْوَة وسخ اللبسة كثير التقشف قَلِيل التنظف وَفِيه يَقُول أَبُو عُثْمَان الخالدي
(كَأَنَّمَا قمل أبي رياش ... مَا بَين صئبان قَفاهُ الفاشي)
(وَذَا وَذَا فلج فِي انتفاش ... شهدانج بدد فِي خشخاش)
وَكَانَ شَرها فِي الطَّعَام سيء الْأَدَب فِي المؤاكلة دَعَاهُ يَوْمًا أَبُو يُوسُف الزيدي وَالِي الْبَصْرَة)
إِلَى مائدة فَمد يَده إِلَى قِطْعَة لحم فانتهشها ثمَّ ردهَا إِلَى الْقَصعَة وَكَانَ بعد ذَلِك إِذا حضر مائدته هيأ لَهُ طبقًا يَأْكُل فِيهِ وَحده وَدعَاهُ يَوْمًا الْوَزير المهلبي فَبينا هُوَ يَأْكُل إِذا بِهِ امتخط فِي منديل الْغمر وبصق فِيهِ وَأخذ زيتونة من قَصْعَة فغمزها بعنف حَتَّى طفرت نواتها فأصابت وَجه الْوَزير وَفِيه يَقُول ابْن لنكك
(يطير إِلَى الطَّعَام أَبُو رياش ... مبادرة وَلَو واراه قبر)
(أَصَابِعه من الْحَلْوَاء صفر ... وَلَكِن الأخادع مِنْهُ حمر)
وَقَالَ فِيهِ
(أَبُو رياش بغى وَالْبَغي مصرعه ... فَشدد الْغَيْن ترميه بآبدته)
(عبد ذليل هجا للحين سَيّده ... تَصْحِيف كنيته فِي صدع والدته)
قلت يرد بغاً وَأَبُو رياش تَصْحِيف أَبُو زبانين أَو أَبُو وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد المافروخي قد ولاه الرَّسْم على المراكب بعبادان فَقَالَ ابْن لنكك
(أَبُو رياش ولي الرسما ... وَكَيف لَا يصفع أَو يعمى)
(يَا رب جدي دق فِي خصره ... ثمَّ أَتَانَا بقفاً يدمى)
وَقَالَ
(قل للوضيع أبي رياش لَا تبل ... إِن تاه يَوْمًا بِالْولَايَةِ وَالْعَمَل)
(مَا زاددت حِين وليت إِلَّا خسةً ... كَالْكَلْبِ أنجس مَا يكون إِذا اغْتسل)
قَالَ أَبُو رياش مدحت الْوَزير المهلبي فتأخرت عني صلته فَقلت وقائلة قد مدحت الْوَزير وَهُوَ المؤمل والمستماح
(فَمَاذَا أفادك ذَاك المديح ... وَهَذَا الغدو وَذَاكَ الرواح)
(فَقلت لَهَا لَيْسَ يدْرِي امْرُؤ ... بِأَيّ الْأُمُور يكون الصّلاح)
عَليّ التقلب وَالِاضْطِرَاب جهدي وَلَيْسَ عَليّ النجاح وَكَانَ أَبُو رياش أول أمره جندياً وَكَانَ يتعصب على أبي تَمام الطَّائِي(6/131)
3 - (الأديبي الْخَوَارِزْمِيّ الْكَاتِب)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الأديبي أَبُو سعيد الْخَوَارِزْمِيّ من مشاهير أدباء خوارزم وفضلائها وشعرائها قَالَ أَبُو الْفضل الصفاري كَانَ كَاتبا بارعاً حِين التَّصَرُّف فِي الترسل وافر الْحَظ)
من حسن الْكِتَابَة والفصاحة وَكَانَ خطه فِي الدرجَة الْعليا من أَقسَام الْحسن والجودة من كَلَام فِي شكاية رجل ثقيل قد منيت من هَذَا الكهل الرَّازِيّ صَاحب الْجَبْهَة الكهباء واللحية الشَّهْبَاء بالداهية الدهياء والصيلم الصماء جعل لِسَانه سنانه وأشفار عَيْنَيْهِ الصلبة شفاره فَإِذا تكلم كلم بِلِسَانِهِ أَكثر مِمَّا يكلم بسنانه وَإِذا لمح ببصره جرح الْقُلُوب بلحظه أَشد مِمَّا يجرح الآذان بِلَفْظِهِ يظْهر للنَّاس فِي زِيّ مظلومٍ وَإنَّهُ لظَالِم ويشكو إِلَيْهِم وجع السَّلِيم وَهُوَ سَالم وَكتب إِلَى بعض الرؤساء وَقد حجب عَنهُ
(ومحجب بحجاب عز شامخٍ ... وشعاع نور جَبينه لَا يحجب)
(حاولته فَرَأَيْت بَدْرًا طالعاً ... والبدر يبعد بالشعاع وَيقرب)
(قبلت نور جَبينه متعززاً ... باللحظ مِنْهُ وَقد زهاه الموكب)
(كَالشَّمْسِ فِي كبد السَّمَاء ونوره ... من جانبيه مشرق ومغرب)
ابْن الجزار الطَّبِيب القيرواني أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي خَالِد الطَّبِيب يعرف بِابْن الجزار القيرواني كَانَ طَبِيبا حاذقاً دارساً كتبه جَامِعَة لتواليف الْأَوَائِل فِيهِ حسن الْفَهم لَهَا وَله فِيهِ مصنفات وَفِي غَيره فَمن أشهرها زَاد الْمُسَافِر ورسائله فِي النَّفس وَذكر الِاخْتِلَاف من الْأَوَائِل فِيهَا وَكَانَ لَهُ عناية بالتاريخ وَألف فِيهِ كتابا سَمَّاهُ التَّعْرِيف بِصَحِيح التَّارِيخ رِسَالَة فِي النّوم واليقظة رِسَالَة فِي الزُّكَام
رِسَالَة فِي الجذام نصائح الْأَبْرَار وَكتاب الْأَسْبَاب المولدة للوباء فِي مصر وَالْحِيلَة فِي دفع ذَلِك رِسَالَة فِي استهانة الْمَوْت وَكَانَ صائناً لنَفسِهِ منقبضاً عَن الْمُلُوك ذَا ثروة لم يقْصد أحدا إِلَى بَيته وَكَانَ لَهُ مَعْرُوف وأدوية يفرقها وَكَانَ مَوْجُودا فِي أَيَّام الْمعز فِي حُدُود سنة خمسين وَثَلَاث مائَة أَو مَا قاربها وَكَانَ ابْن الجزار يشْهد الأعراس والجنائز وَلَا يَأْكُل فِيهَا وَلَا يركب إِلَى أحد من أهل إفريقية قطّ وَلَا إِلَى سلطانهم إِلَّا إِلَى أبي طَالب عَم معد كَانَ لَهُ صديقا قَدِيما وإلفاً حميماً وَكَانَ يركب إِلَيْهِ فِي كل جُمُعَة مرّة لَا غير وَكَانَ ينْهض فِي كل عَام إِلَى المرابطة على الْبَحْر فَيكون هُنَاكَ طول أَيَّام القيظ ثمَّ ينْصَرف إِلَى إفريقية وَوجد لَهُ عشرُون ألف دِينَار لما توفّي وَعِشْرُونَ قِنْطَارًا من الْكتب الطبية وَكَانَ قد هم بالرحلة إِلَى الأندلس
وَقَالَ كشاجم يمدح كِتَابه زَاد الْمُسَافِر
(أَبَا جَعْفَر بقيت حَيا وَمَيتًا ... مفاخر فِي ظهر الزَّمَان عظاما)
)
(رَأَيْت على زَاد الْمُسَافِر عندنَا ... من الناظرين العارفين زحاما)(6/132)
(فأيقنت أَن لَو كَانَ حَيا لوقته ... يحنا لما سمى التَّمام تَمامًا)
(سأحمد أفعالاً لِأَحْمَد لم تزل ... مواقعها عِنْد الْكِرَام كراما)
وَكَانَ قد وضع على بَاب دَاره سَقِيفَة أقعد فِيهَا غُلَاما لَهُ يدعى رشيقاً أعد بَين يَدَيْهِ جَمِيع المعجونات والأدوية والأشربة فَإِذا رأى الْقَوَارِير بِالْغَدَاةِ أَمر بِالْجَوَازِ إِلَى الْغُلَام وَأخذ الْأَدْوِيَة نزاهة بِنَفسِهِ أَن يَأْخُذ من أحد شَيْئا
3 - (ابْن حمدون النديم)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن دَاوُد بن حمدون النديم أَبُو عبد الله قَالَ ياقوت ذكره أَبُو جَعْفَر الطوسي فِي مصنِّفي الإمامية وَقَالَ هُوَ شيخ أهل اللُّغَة ووجههم وأستاذ أبي الْعَبَّاس ثَعْلَب قَرَأَ عَلَيْهِ قبل ابْن الْأَعرَابِي وَتخرج بِهِ مديدةً وَكَانَ خصيصاً بِأبي مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ وَأبي الْحسن قبله وَله مَعَه رسائل وأخبار قَالَ الشابشطي كَانَ خصيصاً بالمتوكل ونديماً لَهُ وَأنكر مِنْهُ المتَوَكل مَا أوجب نَفْيه من بغداذ ثمَّ قطع أُذُنه وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن الْفَتْح بن خاقَان كَانَ يعشق شاهك خَادِم المتَوَكل وَكَانَ أَبُو عبد الله يسْعَى فِيمَا يُحِبهُ الْفَتْح ونمى الْخَبَر إِلَى المتَوَكل فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا أردتك لتنادمني لَيْسَ لتقود على غلماني فَحلف يَمِينا حنث فِيهَا فَطلق زَوْجَاته وَأعْتق ممالكيه وإماءه وَلَزِمَه حج ثَلَاثِينَ سنة فَكَانَ يحجّ فِي كل عَام فَأمر المتَوَكل بنفيه إِلَى تكريت فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا وجاءه زرافة فِي اللَّيْل على الْبَرِيد فَقطع غضروف أُذُنه من خَارج وَأقَام مديدةً ثمَّ انحدر إِلَى بغداذ وَأقَام بمنزله مديدةً ثمَّ أَعَادَهُ المتَوَكل إِلَى خدمته ووهبه جَارِيَة لَهُ يُقَال لَهَا صَاحب وَكَانَت حَسَنَة كَامِلَة إِلَّا أَن ثنيتها كَانَت سَوْدَاء لعَارض شانها فكرهها لذَلِك وَحمل مَعهَا إِلَيْهِ كل مَا كَانَ لَهَا وَكَانَ كثيرا فَلَمَّا مَاتَ تزوجت بعض العلويين قَالَ عَليّ بن يحيى بن المنجم فرأيته فِي النّوم وَهُوَ يَقُول أَبَا عَليّ مَا ترى العجائبا أصبح جسمي فِي التُّرَاب غَائِبا واستبدلت صَاحب بعدِي صاحبا وَمن شعر أبي عبد الله النديم يُعَاتب عَليّ بن يحيى
(من عذيري من أبي حسن ... حِين يجفوني ويصرمني)
)
(كَانَ لي خلا وَكنت لَهُ ... كامتزاج الرّوح بِالْبدنِ)
(فوشى واش فَغَيره ... وَعَلِيهِ كَانَ يحسدني)(6/133)
(إِنَّمَا يزْدَاد معرفَة ... بودادي حِين يفقدني)
وتحدث جحظة فِي أَمَالِيهِ قَالَ قَالَ لي أَبُو عبد الله بن حمدون حسبت مَا وصلني بِهِ المتَوَكل فِي مُدَّة خِلَافَته وَهِي أَربع عشرَة سنة وشهور فَوَجَدته ثَلَاث مائَة وَسِتِّينَ ألف دِينَار وَنظرت فِيمَا وصلني بِهِ المستعين مُدَّة خِلَافَته وَهِي ثَلَاث سِنِين ونيف وَكَانَ أَكثر مِمَّا وصلني بِهِ المتَوَكل وَلما مَاتَ ابْن حمدون قَالَ جحظة يرثيه
(أيعذب من بعد ابْن حمدون مشرب ... لقد كدرت بعد الصفاء المشارب)
(أصبْنَا بِهِ فاستأسد الضبع بعده ... ودبت إِلَيْنَا من أنَاس عقارب)
(وقطب وَجه الدَّهْر بعد وَفَاته ... فَمن أَي وجهٍ جِئْته فَهُوَ قاطب)
(بِمن ألج الْبَاب الشَّديد حجابه ... إِذا ازدحمت يَوْمًا عَلَيْهِ المواكب)
(بِمن أبلغ العلياء أم من بجاهه ... أنال وأحوي كل مَا أَنا طَالب)
وَلابْن حمدون مصنفات مِنْهَا أَسمَاء الْجبَال والمياه والأدوية كتاب بني مرّة بن عَوْف كتاب بني النمر بن قاسط بني عقيل بني عبد الله بن غطفان كتاب طي كتاب شعر العجير السَّلُولي شعر ثَابت قطنة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو حَامِد الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن الْفَارِسِي أَبُو حَامِد الْمُقْرِئ الأديب نزيل نيسابور جمع فِي الْقرَاءَات مصنفات كَثِيرَة قَالَ الْحَاكِم وَكَانَ من الْعباد أَقَامَ فِي منزل أبي إِسْحَاق الْمُزَكي سِنِين لتأديب أَوْلَاده وَحفظ سماعاتهم سمع فِي بَلَده من أَصْحَاب أبي الْأَشْعَث وَعمر ابْن شبة وأقرانهم مَاتَ بنيسابور سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو بشر الْعمي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُعلى بن أَسد الْعمي أَبُو بشر ذكره أَبُو جَعْفَر الطوسي فِي مصنِّفي الإمامية قَالَ وَالْعم هُوَ مرّة بن مَالك بن حَنْظَلَة ابْن زيد مَنَاة وَهُوَ مِمَّن دخل فِي تنوخ بِالْحلف وَسَكنُوا الأهواز وَكَانَ مستملي أبي أَحْمد الجلودي وَسمع كتبه كلهَا وَرَوَاهَا وَكَانَ ثِقَة فِي حَدِيثه حسن التصنيف وَأكْثر الرِّوَايَة عَن الْعَامَّة والأخباريين وَكَانَ جده الْمُعَلَّى بن أَسد)
من أَصْحَاب صَاحب الزنج المختصين بِهِ وَرُوِيَ عَنهُ وَعَن عَمه أَسد ابْن الْمُعَلَّى أَخْبَار صَاحب الزنج وَله تصانيف مِنْهَا التَّارِيخ الْكَبِير والتاريخ الصَّغِير مَنَاقِب عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَخْبَار صَاحب الزنج كتاب الْفرق وَهُوَ حسن غَرِيب أَخْبَار السَّيِّد الْحِمْيَرِي شعر السَّيِّد الْحِمْيَرِي عجائب الْعَالم
3 - (ابْن عبادل)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب الشَّيْبَانِيّ الْمَعْرُوف بِابْن عبادل توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة(6/134)
3 - (الإِمَام الْبَلَدِي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَبُو الْعَبَّاس الإِمَام الْبَلَدِي سمع وروى وَتُوفِّي فِي الْخمسين وَالثَّلَاث مائَة تَقْرِيبًا
3 - (ابْن الْحداد البغداذي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَطِيَّة أَبُو بكر ابْن الْحداد البغداذي مولى الزبير ابْن الْعَوام وَثَّقَهُ الْخَطِيب توفّي سنة أَربع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ الْجِرْجَانِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس الإِمَام أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ الْجِرْجَانِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْحَافِظ ولد سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَسمع من الزَّاهِد مُحَمَّد بن عمرَان المقابري الْجِرْجَانِيّ سنة تسع وَثَمَانِينَ ورحل وَسمع ببغداذ والكوفة وَالْبَصْرَة والأنبار والأهواز والموصل وصنف الصَّحِيح والمعجم وَغير ذَلِك وروى عَنهُ الْحَاكِم وَالْبرْقَانِي وَجَمَاعَة وَقَالَ الْحَاكِم كَانَ وَاحِد عصره وَشَيخ دهره وَشَيخ الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء وأجلهم فِي الرياسة والمروءة والسخاء وَلَا خلاف بَين عقلاء الْفَرِيقَيْنِ من هَل الْعلم فِيهِ توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْقطَّان الْحَنْبَلِيّ أَبُو طَاهِر)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه أَبُو طَاهِر الْحَنْبَلِيّ الْقطَّان صَاحب التعليقية كَانَ من كبار أَصْحَاب ابْن حَامِد توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن سَلام الْمعَافِرِي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن سَلام الْمعَافِرِي من أهل شاطبة قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي كتاب تحفة القادم هُوَ)
خَال شَيخنَا أبي عَمْرو بن عَاتٍ توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْخمس مائَة لَهُ فِي الثَّلج
(وَلم أر مثل الثَّلج فِي حسن منظرٍ ... تقر بِهِ عين وتشنؤه النَّفس)
(فنارٌ بِلَا نور يضيء لنا سنا ... وقطر بِلَا مَاء يقلبه اللَّمْس)
(وَأصْبح ثغر الأَرْض يفتر ضَاحِكا ... فقد ذاب خوفًا أَن تقبله الشَّمْس)
وَله ارتجالاً فِي وسيم مر بِهِ
(بنفسي وَإِن ضن الحبيب بِنَفسِهِ ... وَلم يبْق بَعْضِي للفراق على بعض)
(رمى مقلتي واعتل لي بجفونه ... وَقد رنقت فِي عينه سنة الغمض)(6/135)
3 - (البسري)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَبُو عبد الْملك الْقرشِي العامري الدِّمَشْقِي روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ لَا بَأْس بِهِ توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن نصير المغربي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن نصير من أهل شوذر عمل جيان سكن قرطبة وَتُوفِّي بمالقة رَابِع الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة قَالَ ابْن الْأَبَّار وَكَانَ من رجالات الأندلس قَالَ يُخَاطب الْكتاب بمراكش وَهُوَ عَامل إِشبيلية
(سَلام على النادي الَّذِي مَا لَهُ ند ... وَمن نظم أشتات الْمَعَالِي بِهِ عقد)
(سجايا تمشي الحكم فِي جنباتها ... وَقَامَ صقيلاً دون حوزتها الْحَد)
(إِذا خطبوا أَو خوطبوا حفظت لَهُم ... بَدَائِع عَنْهَا يصدر الْحل وَالْعقد)
(وَإِن لبس الأمجاد بردا لزينةٍ ... فَلَيْسَ لَهُم من غير مكرمَة برد)
(حوت مِنْهُم دَار الْخلَافَة أنجماً ... هِيَ النيرات الزهر أطلعها السعد)
(يدل على عليائهم طيب ذكرهم ... وَطيب نسيم الْورْد ينبئني الْورْد)
(ظَفرت بعهدٍ مِنْهُم أحرز المنى ... فَلَا ذخر إِلَّا فَوْقه ذَلِك الْعَهْد)
فَرَاجعه عَنْهُم الْحَكِيم أَبُو بكر بن يحيى بن إِبْرَاهِيم الأصبحي الْمَعْرُوف بالخدوج وَقَالَ ابْن نصير يرثي الْخَطِيب أَبَا عَليّ الْحسن بن حجاج
(نعى المكارم لما أَن نعى ناع ... من كَانَ جَامعهَا طراً بِإِجْمَاع)
(مضى وخلد عمرا لَا نفاد لَهُ ... من نشر ذكر ذكي الْعرف ضواع)
)
(إِذا تنازعه النادي وردده ... أَتَت رواياته مِنْهُ بأنواع)
3 - (الغزال المرسي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن غَالب أَبُو جَعْفَر الْحِمْيَرِي من أهل مرسية يعرف بالغزال مشدد الزَّاي بالغين الْمُعْجَمَة وبالحمامي مشدد الْمِيم قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ مجيداً مكثراً توفّي بِبَلَدِهِ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَكنت قد لَقيته بِهِ سنة سِتّ وَعشْرين لَهُ فِي رُؤْيا أبي بَحر صَفْوَان بن إِدْرِيس رَحمَه الله تَعَالَى
(لَهُ الله مَا أهداه فِي كل مُشكل ... لِمَعْنى وكل الْقَوْم فِي دجنة عمي)
(فَمَا هُوَ إِلَّا بالبلاغة مُرْسل ... وآيته الرُّؤْيَا إِذا انْقَطع الْوَحْي)
قَالَ ابْن الْأَبَّار ظَاهر هَذَا الْكَلَام يَقْتَضِي أَن أَبَا بَحر رَآهَا وَالَّذِي حُكيَ لي وَهُوَ الصَّحِيح أَن الْمَنْصُور أَبَا يُوسُف رأى أَبَاهُ فِي النّوم يَقُول لَهُ ببابك رجل يعرف بِابْن إِدْرِيس فَاقْض حَاجته أَو(6/136)
مَا هَذَا مَعْنَاهُ فَلَمَّا أصبح وَذَلِكَ يَوْم الثَّامِن عشر لذِي الْحجَّة عَام تسعين وَخمْس مائَة أخبر بالرؤيا فَوجه فِيهِ قَاضِي الْجَمَاعَة أَبُو الْقَاسِم ابْن بَقِي وَالْكَاتِب أَبُو الْفضل بن طَاهِر الْمَعْرُوف بِابْن محشوة وبشراه وَيَوْم الِاثْنَيْنِ بعده سُئِلَ عَن مطالبه فَقضيت وزود بِأَرْبَع مائَة دِينَار وَادّعى عِنْدهَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس الْمَعْرُوف بِابْن مرج الْكحل أَنه ذَلِك لتوافق اسْمِي أبويهما فَقَالَ أَبُو بَحر يخاطبه
(يَا سَارِقا جَاءَ فِي دَعْوَاهُ بالعجب ... سامحته فِي قريضي فَادّعى نسبي)
(ينمي إِلَى الْعَرَب العرباء مُدعيًا ... كَذَاك دَعوته للشعر وَالْأَدب)
(يَا أَيهَا المرج دع للبحر لؤلؤه ... فالدر للبحر ذِي الأمواج والحدب)
(هَب أَن شعرك شعري حِين تسرقه ... أَنى أَنا أَنْت أَو أَنى أَبوك أبي)
3 - (زين الدّين ابْن السلار)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن عمر الْأَمِير السلار بختيار الأتابكي الدِّمَشْقِي الْأَمِير الأديب زين الدّين أَبُو الْعَبَّاس من بَيت إمرة وَتقدم وَله شعر توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وست مائَة قَالَ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه وَمن خطه نقلت أَنْشدني لنَفسِهِ
(كَأَن سَواد الزمر فِي نور وَجههَا ... وَقد ضم فوها فَاه ضم المعانق)
(سويعد غواص من الزنج مده ... إِلَى لُؤْلُؤ أصدافه من عقائق)
)
وَقَالَ أَيْضا أَنْشدني لنَفسِهِ
(وَلما بَدَت فِي أَزْرَق راق لَونه ... عَلَيْهِ من التبر الْمُذَاب غرائب)
(ظَنَنْت بِأَن الْبَدْر صُورَة وَجههَا ... وَأَن رداها أفقه وَالْكَوَاكِب)
3 - (علم الدّين القمني)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن حسن بن إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر بن أَحْمد بن هِشَام ابْن يُوسُف بن توهيت الْقرشِي الْأمَوِي البهنسي الْمُفْتِي الْفَقِيه علم الدّين القمني الضَّرِير ولد سنة عشْرين وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة روى عَن ابْن الجميز وَغَيره وَأعَاد بالظاهرية بِالْقَاهِرَةِ وَكَانُوا يَكْتُبُونَ عَنهُ فِي الْفَتْوَى وَأَظنهُ القمني الْمَذْكُور فِي فَتْوَى الفتوة ومرآة الْمَرْوَة للوطواط الكاتبي لِأَنَّهُ ذكر من أجَاب لَهُ فِي ذل السُّؤَال الْمَشْهُور من أهل الْعَصْر وَهُوَ نثر ونظم جيدان
أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ مولده ثامن عشْرين شعْبَان سنة عشْرين وَكَانَ فَقِيها فَاضلا وَله مُشَاركَة فِي نَحْو وأصول وَكَانَ فِي الْحِفْظ آيَة يحفظ السطور الْكَثِيرَة والأبيات من سمعة وَاحِدَة وَكَانَ يقْعد يَوْم الْجُمُعَة تَحت الْخَطِيب فيحفظ الْخطْبَة من إنْشَاء الْخَطِيب فِي مرّة وَاحِدَة ويمليها بعد ذَلِك إِلَّا أَنه كَانَ لَا يثبت لَهُ الْحِفْظ وَكَانَ(6/137)
فِيهِ صَلَاح وديانة وَله أدب ونظم ونثر كنت فِي درس قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن العلامي فِي الصالحية فنعي لي شَيخنَا اللّغَوِيّ الإِمَام رَضِي الدّين الشاطبي فنظمت فِي الدَّرْس أرثيه
(نعي لي الرضي فَقلت لقد ... نعى لي شيخ الْعلَا وَالْأَدب)
(فَمن للنحاة وَمن للغات ... وَمن للتقاة وَمن للنسب)
(لقد كَانَ للْعلم بحراً فغار ... وَإِن غؤور الْبحار الْعجب)
فقدس من عَالم عَامل أثار شجوني لما ذهب ثمَّ أنشدتها فِي الدَّرْس لقَاضِي الْقُضَاة فَسَمعَهَا الشَّيْخ علم الدّين القمني فحفظها وأنشدنا مرتجلاً
(نظمت كلَاما يفوق اللجين ... جمالاً وَيُنْسِي نضار الذَّهَب)
(فَقُمْت بِحَق الرثاء الَّذِي ... بشرع الْمَوَدَّة فَرَبَضَ وَجب)
(وأنشدته بشجى موجد ... لكل الْقُلُوب شجون الطَّرب)
(فأذكيت فِينَا لهيب الأسى ... وهيجت فِينَا جمار الْحَرْب)
)
(بنظمٍ رَقِيق رَشِيق إِلَى ... جَمِيع الْقُلُوب الرقَاق اقْترب)
(فبلغك الله مَا تَرْتَضِي ... وأعطاك أقْصَى المنى والأرب)
3 - (ابْن الشَّيْخ الْعِمَاد الْمَقْدِسِي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن سرُور ابْن الشَّيْخ الْعِمَاد الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي ولد سنة ثَمَان وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست مائَة سمع من ابْن الحرستاني وَابْن ملاعب وَأَبِيهِ وَالشَّيْخ الْمُوفق وَطَائِفَة ورحل إِلَى بغداذ متفرجاً وَسمع من عبد السَّلَام الداهري وَعمر بن كرم واشتغل ثمَّ انخلع من ذَلِك وتجرد فَقِيرا وَكَانَ سليم الصَّدْر عديم التَّكَلُّف والتصنع فِيهِ تعبد وزهد وَله أَتبَاع ومريدون وَلِلنَّاسِ فِيهِ عقيدة وَكَانَ الصاحب بهاء الدّين ابْن حنا يزوره قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين إِلَّا أَنه كَانَ يَأْكُل عشبة الْفُقَرَاء فِيمَا قيل وَيَقُول هِيَ لقيمة الذّكر والفكر وَرُبمَا صحب الحريري سمع مِنْهُ الْمزي والبرزالي والطلبة وَأقَام مُدَّة بزاوية لَهُ يسفح قاسيون
3 - (الشَّيْخ عز الدّين الفاروثي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن الْفرج بن أَحْمد بن سَابُور بن عَليّ بن غنيمَة الإِمَام الْمُقْرِئ الْوَاعِظ الْمُفَسّر الْخَطِيب الشَّيْخ عز الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الإِمَام الزَّاهِد أبي مُحَمَّد المصطفوي الفاروثي الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي الصُّوفِي ولد بواسط سنة أَربع(6/138)
عشرَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة قَرَأَ الْقُرْآن على وَالِده وعَلى الْحُسَيْن بن أبي الْحسن بن ثَابت الطَّيِّبِيّ عَن أبي بكر بن الباقلاني وَقدم بغداذ وَسمع من عمر بن كرم وَالشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي وَلَيْسَ مِنْهُ التصوف وَأبي الْحسن الْقطيعِي وَأبي عَليّ الْحسن بن الزبيدِيّ وَابْن اللتي وَأبي صَالح الجيلي وَأبي الْفَضَائِل عبد الرَّزَّاق بن سكينَة والأنجب بن أبي السعادات وَابْن روزبه وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن رَئِيس الرؤساء وَعلي بن كبة وَابْن بهزور وَابْن رياسين وَأبي بكر بن الخازن وَابْن القبيطي وَغَيرهم وَسمع بواسط من ابْن المندائي والمرجى بن شقيرة وَسمع بأصبهان من الْحُسَيْن بن مَحْمُود والصالحاني صَاحب أبي جَعْفَر الصيدلاني وَسمع بِدِمَشْق من التقي إِسْمَاعِيل بن أبي الْيُسْر وَجَمَاعَة وروى الْكثير بالحرمين وَالْعراق ودمشق وَسمع مِنْهُ خلق كثير مِنْهُم علم الدّين البرزالي سمع مِنْهُ بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره البُخَارِيّ وكتابي عبدٍ والدارمي وجامع التِّرْمِذِيّ ومسند الشَّافِعِي ومعجم الطَّبَرَانِيّ وَسنَن ابْن ماجة والمستنير لِابْنِ سوار)
والمغازي لِابْنِ عقبَة وفضائل الْقُرْآن لأبي عبيد ونحواً من ثَمَانِينَ جُزْءا وَلَيْسَ مِنْهُ الْخِرْقَة خلق وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقرَاءَات جمَاعَة وَكَانَ فَقِيها شافعياً مفتياً مدرساً عَارِفًا بالقراءات ووجوهها وَبَعض عللها خَطِيبًا واعظاً زاهداً عابداً صوفياً صَاحب أوراد وَحسن أَخْلَاق وكرم وإيثار ومروءة وفتوة وتواضع لَهُ أَصْحَاب ومريدون ولي مشيخة الحَدِيث بالظاهرية والإعادة بالناصرية وتدريس النجيبية ثمَّ ولوه خطابة الْبَلَد بعد زين الدّين ابْن المرحل وَكَانَ يخْطب من غير تكلّف وَلَا تعلم وَيخرج من الْجُمُعَة وَعَلِيهِ السوَاد يشيع الْجِنَازَة أَو يعود أحدا وَيعود إِلَى دَار الخطابة وَله نَوَادِر وحكايات حلوة وَكَانَ الشجاعي قَائِلا بِهِ مُعظما لَهُ ثمَّ إِنَّه عزل عَن الخطابة بموفق الدّين ابْن حُبَيْش الْحَمَوِيّ فتألم لذَلِك وَترك الْجِهَات وأودع بعض كتبه وَكَانَت كَثِيرَة جدا وَسَار مَعَ الركب الشأمي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَار مَعَ حجاج الْعرَاق إِلَى وَاسِط وَكَانَ لطيف الشكل صَغِير الْعِمَامَة يتعانى الرِّدَاء على ظَهره وَخلف من الْكتب ألفي مجلدة ومائتي مجلدة توفّي بواسط وَصلي عَلَيْهِ بِدِمَشْق بعد سَبْعَة أشهر قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَانَ وَالِده الشَّيْخ محيي الدّين يذكر أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وآخاه فَلهَذَا كَانَ يكْتب المصطفوي
3 - (نور الدّين ابْن مُصعب)
احْمَد بن إِبْرَاهِيم بن عبد اللَّطِيف بن مُصعب الصَّدْر نور الدّين أَبُو الْعَبَّاس الخزرجي الدِّمَشْقِي ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي سنة ستٍ وَتِسْعين وست مائَة قَرَأَ الْقُرْآن على السخاوي وروى الحَدِيث عَن الثَّقَفِيّ البلداني وَله أدب وفضيلة وَشعر وَكَانَ رَئِيسا محتشماً فِيهِ زعارة وَقُوَّة نفس وَمن نظمه(6/139)
(وَكُنَّا عهدنا أَرض جلق رَوْضَة ... بهَا الْحسن يجْرِي مُطلقًا فِي عنانه)
(خشينا بهَا عين الْكَمَال تصيبها ... فَمَا زَالَ حَتَّى سافها بِلِسَانِهِ)
3 - (عماد الدّين الوَاسِطِيّ)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ الْقدْوَة عماد الدّين ابْن الْعَارِف شيخ الحزامية الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي الصُّوفِي نزيل دمشق تفقه وتأدب وَكتب الْمَنْسُوب وتجرد وَلَقي الْمَشَايِخ وتزهد وَتعبد وصنف فِي السلوك والمحبة وَشرح أَكثر منَازِل السائرين وَاخْتصرَ دَلَائِل النُّبُوَّة والسيرة لِابْنِ إِسْحَاق وَكَانَ يتبلغ من نسخه وَلَا يحب الخوانك وَلَا الاحتجاز وَقد أَقَامَ بهَا مُدَّة قَالَ الشَّيْخ)
شمس الدّين جالسته مَرَّات وانتفعت بِهِ وَكَانَ منقبضاً عَن النَّاس حَافِظًا تسلك بِهِ جمَاعَة وَكَانَ ذَا ورع وإخلاص ومنابذة للاتحادية وَذَوي الْعُقُول وَله نظم عَاشَ بضعاً وَسبعين سنة وَتُوفِّي بالمارستان الصَّغِير سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة وَدفن بسفح قاسيون
3 - (ابْن الزبير الأندلسي)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الزبير بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الزبير بن عَاصِم الإِمَام الْعَلامَة الْمُقْرِئ الْمُحدث الْحَافِظ المنشئ البارع عَالم الأندلس النَّحْوِيّ صَاحب التصانيف مولده سنة سبع وَعشْرين ووفاته سنة ثَمَان وَسبع مائَة طلب الْعلم فِي صغره وتلا بالسبع على الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن الشاري صَاحب ابْن عبيد الله الحجري وعَلى أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن يحيى الْأَزْدِيّ الْعَطَّار صَاحب ابْن حسنون الْحِمْيَرِي وَسمع سنة خمس وَأَرْبَعين من سعد بن مُحَمَّد الحفار وَأبي زَكَرِيَّاء يحيى بن أبي الْغُصْن وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ابْن عَامر الطوسي بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن جرير بجيم مُشَدّدَة بشين البلنسي وَأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الكماد الْحَافِظ والوزير أبي يحيى عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم بن الْفرس وَأبي الْحُسَيْن أَحْمد ابْن مُحَمَّد السراج والمؤرخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يُوسُف بن فرتون وَأبي الْخطاب مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَلِيل السكونِي الْكَاتِب وَالْقَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبيد الله الْأَزْدِيّ وَالْقَاضِي أبي زَكَرِيَّاء يحيى بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن المرابط الْحَافِظ والحافظ أبي يَعْقُوب المحساني وَطَائِفَة سواهُم وارتحل إِلَى بَابه الْعلمَاء لسعة معارفه قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين(6/140)
أَبُو حَيَّان كَانَ يحرر اللُّغَة ويعلمني الْمنطق يَعْنِي النُّطْق وَكَانَ أفْصح عَالم رَأَيْته وأشفقه على خلق الله تَعَالَى أماراً بِالْمَعْرُوفِ لَهُ صَبر على المحن يضْحك تبسماً وَكَانَ ورعاً عَاقِلا لَهُ الْيَد الطُّولى فِي علم الحَدِيث والقراءات والعربية ومشاركة فِي أصُول الْفِقْه صنف فِيهِ وَفِي علم الْكَلَام وَالْفِقْه وَله كتب كَثِيرَة وَأُمَّهَات وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين من مسموعاته السّنَن الْكَبِير للنسائي سَمعه من أبي الْحسن الشاري بِسَمَاعِهِ من أبي مُحَمَّد ابْن عبيد الله الحجري عَن أبي جَعْفَر البطروجي مُتَّصِلا بَينه وَبَين المُصَنّف سِتَّة وعني بِالْحَدِيثِ أتم عناية وَنظر فِي الرِّجَال وَفهم وأتقن وَجمع وَألف تَارِيخا للأندلس ذيل بِهِ على الصِّلَة لِابْنِ بشكوال وَأحكم الْعَرَبيَّة وأقرأها مُدَّة طَوِيلَة أَخذ عَنهُ أَبُو حَيَّان وَأَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن سهل الْوَزير وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن رمان والزاهد أَبُو عَمْرو بن المرابط وَأَبُو الْقَاسِم بن عمرَان السبتي وَخلق كثير)
فِي فنون الْعلم وَمَات وَله إِحْدَى وَثَمَانُونَ سنة
3 - (ابْن الشَّيْخ الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن رَاجِح الإِمَام الذكي نجم الدّين ابْن الشَّيْخ عماد الدّين ابْن القَاضِي نجم الدّين ابْن الشهَاب الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ سبط الشَّيْخ شمس الدّين ابْن أبي عمر ولد فِي نَحْو سِتِّينَ وست مائَة وتفقه وشارك وَحصل لَهُ جُنُون قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين من الحشيشة وَكَانَ يقف فِي الطَّرِيق ويسرد أَشْيَاء مفيدة وينبسط على المرد ويشحذ ثمَّ إِنَّه عقل وَلزِمَ الْخَيْر ثمَّ تغير ثمَّ عقل وَقيل إِنَّه كَانَ يفعل ذَلِك خلاعة وَله تلاميذ وزبون وَهُوَ آخو الْفَتى شمس الدّين الْحَنْبَلِيّ نزيل مصر وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة عشر وَسبع مائَة
3 - (الْحَافِظ الْبَنْدَنِيجِيّ)
أَحْمد بن أَحْمد بن كرم بن غَالب بن قَتِيل الْبَنْدَنِيجِيّ الْبَزَّاز أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي بكر ابْن أبي السعادات الْحَافِظ من أهل بَاب الأزج سمع فِي صباه شَيْئا من الحَدِيث ثمَّ طلب بِنَفسِهِ وَسمع الْكثير وَقَرَأَ على الْمَشَايِخ وَبَالغ فِي طلب الْعلم وَأكْثر من المسموعات وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَحصل الْأُصُول الحسان وعني بفهم الحَدِيث وَتَحْقِيق أَلْفَاظ وَضبط أَسمَاء الرِّجَال وَمَعْرِفَة مؤتلفها ومتخلفها حَتَّى برع فِي ذَلِك وَتقدم نظراءه وَقَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي الْحسن ابْن عَسَاكِر البطائحي وَغَيره وَحصل طرفا من الْأَدَب صَالحا وَلم يزل يشْهد عِنْد الْحُكَّام إِلَى أَيَّام قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد بن جَعْفَر العباسي ثمَّ عزل عَن الشَّهَادَة لما عزل قَاضِي الْقُضَاة العباسي فَإِنَّهُ وجد خطه على سجل بَاطِل لَيْسَ لَهُ أصل فأحضر بِمَجْلِس عَام بدر أستاذ الدَّار بدار الْخلَافَة فَذكر أَنه لم يشهده وَقَالَ إِنَّمَا قَالَ لي قَاضِي الْقُضَاة العباسي أَنا شاهدته فَاكْتُبْ عَلَيْهِ فركن إِلَى قَوْله وَكتب فَرفع طيلسانه وكشف رَأسه وأركب جملا وطيف بِهِ الْحَرِيم من بَاب النوبي إِلَى عقدي المصطنع وَخَلفه غُلَام الْحِسْبَة بِالدرةِ وَمَعَ ذَلِك شَاهِدَانِ آخرَانِ يُنَادي(6/141)
عَلَيْهِم هَذَا جَزَاء كل منم شهد بالزور ثمَّ أُعِيد إِلَى حبس الحرائم فاعتقلوا بِهِ مُدَّة وأطلقوا قَالَ ابْن النجار وَلم يزل مَمْنُوعًا من الشَّهَادَة إِلَى أَن ظَهرت الْإِجَازَة للْإِمَام النَّاصِر من عِنْده فَذكر أَخُوهُ أَبُو الْقَاسِم تَمِيم حَاله للناصر وَأَن أستاذ الدَّار ابْن يُونُس كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَض فَأمر النَّاصِر بِثُبُوت شَهَادَته فَشهد عِنْد قَاضِي الْقُضَاة أبي الْقَاسِم عبد الله الدَّامغَانِي وَلم يزل على عَدَالَته إِلَى أَن توفّي سنة خمس عشرَة وست مائَة قَالَ ابْن النجار وَسمعت مِنْهُ وقرأت عَلَيْهِ كثيرا وَكنت)
أرَاهُ كثير التَّحَرِّي فِي الرِّوَايَة شَدِيد الْأَخْذ لَا يروي إِلَّا من أُصُوله وَلَا يسامح فِي حرف لَا يكون فِي أَصله حَتَّى يضْرب عَلَيْهِ وَمَعَ هَذَا فَكَانَت أُصُوله مظْلمَة لَيْسَ عَلَيْهَا ضوء وَكَذَلِكَ خطه وطباق سماعاته وَكَانَ سَاقِط الْمُرُوءَة فِي النَّفس وسخ الْهَيْئَة تدل أَحْوَاله تهاونه بالأمور الدِّينِيَّة وتحكي عَنهُ أَشْيَاء قبيحة وَسَأَلت شَيخنَا أَبَا مُحَمَّد ابْن الْأَخْضَر عَن أَحْمد وَتَمِيم ابْني الْبَنْدَنِيجِيّ فضعفهما جدا وَصرح بكذبهما وَذكر فِي حَقه ابْن النجار أَشْيَاء أخر وَالله أعلم
3 - (الوَاسِطِيّ الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عمرَان الوَاسِطِيّ أَبُو عبد الله بن أبي بكر الْمُقْرِئ وَالِده من وَاسِط سكن بغداذ وَكَانَ من الْقُرَّاء المجودين حدث وَسمع مِنْهُ الْخَطِيب وَذكره فِي التَّارِيخ خرج تَاجِرًا إِلَى خوزستان فأدركه أَجله هُنَاكَ سنة سبعين وَأَرْبع مائَة وَكَانَ سَمَاعه صَحِيحا
3 - (ابْن صبوخا)
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد السَّلَام بن صبوخا أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي الْكَرم الْمُقْرِئ الْحَنْبَلِيّ وَيُسمى الْمُبَارك أَيْضا صحب الشَّيْخ أَبَا الْوَفَاء عَليّ بن عقيل الْفَقِيه وتفقه عَلَيْهِ وَسمع الحَدِيث الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ سمع أَبَا غَالب مُحَمَّد ابْن الْحسن الباقلاني وَأَبا عُثْمَان إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْأَصْبَهَانِيّ وَأَبا طَالب عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَجَمَاعَة وَحدث باليسير روى عَنهُ الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف فِي مُعْجم شُيُوخه وَكَانَ من أهل الْقُرْآن والْحَدِيث وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَدفن بالجديدة من بَاب أبرز وصبوخاً بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَعبد الْوَاو خاء مُعْجمَة
3 - (ابْن الْقَاص الشَّافِعِي البغداذي)
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقَاص أَبُو جَعْفَر بن أبي نصر الْفَقِيه الْمُقْرِئ الزَّاهِد ولد بِالْحَرِيمِ الظَّاهِرِيّ وَنَشَأ بِهِ وَسكن بِأخرَة محلّة قطفتا بالجانب الغربي قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن بردَان الْحلْوانِي وعَلى أبي الْخَيْر الْمُبَارك بن الْحُسَيْن الغسال وَقَرَأَ الْمَذْهَب للشَّافِعِيّ على القَاضِي أبي سعد المخرمي وعلق الْخلاف على أبي الْخطاب الكلوذاني وَسمع الحَدِيث من أبي عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن بَيَان وَأبي عُثْمَان إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن مِلَّة الْأَصْبَهَانِيّ وَغَيرهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار)
كَانَ أحد عباد الله الصَّالِحين مُنْقَطِعًا إِلَى الطَّاعَة مشتغلاً بالزهد وَالْعِبَادَة لَازِما لمسجده لَا يخرج مِنْهُ إلاّ إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة مُنْقَطِعًا أَو جَنَازَة وَكَانَ معتكفاً على إقراء النَّاس الْقُرْآن وَالْفِقْه والْحَدِيث وَكَانَ غزير الدمعة عِنْد الذّكر ظَاهر الْخُشُوع وَله قدم فِي التصوف(6/142)
وَمَعْرِفَة بأحوال أهل الطَّرِيقَة وَله مصنفات فِي ذَلِك وَكَانَ يحضر السماع وَيَقُول بِهِ على طَريقَة المتصوفة وَالنَّاس يقصدون زيارته وَيطْلبُونَ بركته ولد سنة سِتّ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الْقَاص الطَّبَرِيّ)
أَحْمد بن أبي أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن الْقَاص أَبُو الْعَبَّاس الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي الْفَقِيه إِمَام وقته فِي طبرستان أَخذ الْفِقْه عَن ابْن سُرَيج وصنف كتبا كَثِيرَة مِنْهَا التَّلْخِيص وأدب القَاضِي
والمواقيت والمفتاح وَغير ذَلِك وَشرح التَّلْخِيص أَبُو عبد الله الختن وَالشَّيْخ أَبُو عَليّ السنجي وَهُوَ كتاب صَغِير ذكره الإِمَام فِي النِّهَايَة فِي مَوَاضِع وَكَذَلِكَ الْغَزالِيّ وَجَمِيع تصانيفه صَغِيرَة الحجم كَثِيرَة الْفَوَائِد كَانَ يعظ النَّاس فَانْتهى فِي بعض أَسْفَاره إِلَى طرسوس وَقيل إِنَّه تولى الْقَضَاء بهَا فعقد لَهُ مجْلِس وعظ وأدركته رقة وخشية وروعة من ذكر الله تَعَالَى فَخر مغشياً عَلَيْهِ وَمَات سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقيل سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ
3 - (أَبُو السعادات المتوكلي)
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله وَهُوَ الشفنين ابْن مُحَمَّد أبي عِيسَى بن جَعْفَر المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد أَبُو السعادات المتوكلي كَانَ يسكن التوثة بالجانب الغربي من بغداذ وَيُصلي إِمَامًا بتربة مَعْرُوف الْكَرْخِي وَكَانَ شَيخا صَالحا حَافِظًا لكتاب الله كثير الدَّرْس لَهُ سمع الشريف أَبَا الْغَنَائِم عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَأَبا جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَأَبا الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن البسري وَأَبا بكر أَحْمد بن الْخَطِيب قَالَ ابْن النجار حَدثنِي عَنهُ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ قَامَ فِي اللَّيْلَة السَّابِعَة وَالْعِشْرين من رَمَضَان وَقت السّحُور ليبول فَوَقع إِلَى درب وَمَات من وقته سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن اليعسوب)
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن اليعسوب أَبُو الْفَتْح البغداذي سمع الشريف أَبَا الْعِزّ مُحَمَّد بن)
الْمُؤَيد بِاللَّه وَأَبا غَالب مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن الْحسن الْقَزاز وَغَيرهمَا وَحدث باليسر قَالَ ابْن النجار كَانَ أديباً يَقُول الشّعْر روى لنا عَنهُ ابْن اللتي وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة وَله أشعار كَثِيرَة من شعره
3 - (ابْن حمدي الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن الْحسن(6/143)
بن حمدي أَبُو المظفر بن أبي جَعْفَر الشَّاهِد الْمُقْرِئ قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي عبد الله البارع وَأبي الْقَاسِم الحريري وَأبي مُحَمَّد سبط أبي مَنْصُور الْخياط وعَلى جمَاعَة وَسمع الحَدِيث الْكثير على أبي سعد إِبْرَاهِيم بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن مُحَمَّد بن الْحصين وزاهر بن طَاهِر الشحامي وَهبة الله بن أَحْمد بن عمر الحريري وَخلق كثير وَبَالغ فِي الطّلب حَتَّى كتب عَن أَصْحَاب طراد وَابْن البطر وَابْن طَلْحَة وَمن دونهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَكَانَ خطه جيدا وَنَقله حسنا وَله معرفَة بِالْحَدِيثِ وَحدث بِأَكْثَرَ مسموعاته وَسمع مِنْهُ الْكِبَار قَالَ ابْن النجار وَكَانَ ثِقَة صدقُوا حَدثنَا عَنهُ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد ابْن الْأَخْضَر وَله طَريقَة غَرِيبَة فِي التِّلَاوَة يقْصد النَّاس لسماعها وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة بالمخزن كَانَ بِهِ معتقلاً وَحمل إِلَى بَيته فَدفن بِبَاب حَرْب لِأَنَّهُ تولى نظر ديوَان الجوالي أَيَّام الإِمَام المستضيء ثمَّ عزل واعتقل
3 - (ابْن وركشين)
أَحْمد بن أَحْمد بن يزِيد بن وركشين وَيُقَال بركشين بن بركزان أَبُو حَفْص الموذن الْمَعْرُوف بأخي الرز بلخي الأَصْل من أهل سامراً سمع أَبَا جَعْفَر حَمَّاد بن المؤمل الْكَلْبِيّ الْبَصْرِيّ وَأَبا عَليّ الْحسن بن عَرَفَة الْعَبْدي وَسكن دمشق وَحدث بهَا وَكَانَ يُؤذن بالجامع الْأمَوِي توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (القَاضِي أَبُو الْخطاب)
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ القَاضِي أَبُو الْخطاب الطَّبَرِيّ النجاري الْعَلامَة أستاذ فِي علم الْخلاف قدوة فِي علم النّظر توفّي سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة تَقْرِيبًا
3 - (ابْن أخي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن أَحْمد بن أخي الشَّافِعِي قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء هُوَ رجل من أهل الْأَدَب رَأَيْت جمَاعَة من أَعْيَان الْعلمَاء يفتخرون بِالنَّقْلِ من خطه وَرَأَيْت خطه وَلَيْسَ بجيد المنظر لكنه متقن)
الضَّبْط وَلم أر أحدا ذكر شَيْئا من خَبره لكني وجدت خطه فِي آخر كتاب وَقد قَالَ فِيهِ كتبه أَحْمد بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن أخي الشَّافِعِي وراق ابْن عَبدُوس الجهشياري وَقد جمع ديوَان البحتري وَغَيره انْتهى قلت رَأَيْت الشَّيْخ شمس الدّين قد قَالَ أَحْمد بن أَحْمد بن زِيَاد الْفَارِسِي صَاحب ابْن عَبدُوس وَابْن سَلام لَهُ كتاب أَحْكَام الْقُرْآن فِي عشرَة أَجزَاء ومواقيت الصَّلَاة وَكَانَ لَا يرى التَّقْلِيد بَصيرًا باللغة وَاسع الْعلم صادره السُّلْطَان العبيدي وَضرب وامتحن وَذكر وَفَاته فِي سنة عشر وَثَلَاث مائَة قلت وَأَظنهُ هَذَا ابْن أخي الشَّافِعِي وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
3 - (ابْن العوادة)
أَحْمد بن أبي أَحْمد بن العوادة أَبُو الْعَبَّاس الزَّاهِد كَانَ يسكن رِبَاطًا لَهُ بِبَاب الأزج على دجلة وَكَانَ من ظراف الْفُقَرَاء سخياً بِمَا يملكهُ وَله حكايات ملاح ذكره أَبُو بكر ابْن كَامِل فِي مُعْجم شُيُوخه وروى عَنهُ قَالَ الْحسن بن يُوسُف الشَّاهِد لَقيته فِي آخر عمره وَقد اخْتَلَّ عقله وَغَابَ ذهنه وَكَانَ يَأْكُل فِي الطرقات فَسلمت عَلَيْهِ وَقلت لَهُ كَيفَ أَنْت وَكَيف حالك فَرد عَليّ السَّلَام وَأنْشد(6/144)
(وَأَشد مَا أَلْقَاهُ أَن مودتي ... نقضت دعائمها بكف الْبَانِي)
وَبكى فَبَكَيْت وخلاني وَانْصَرف فَمَا عدت لَقيته توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَدفن برباطه مُقَابلَة دَار ابْن قرندح
3 - (شرف الدّين أَحْمد الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد بن أَحْمد بن عبيد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة الإِمَام الزَّاهِد شرف الدّين ابْن الشّرف أبي الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ الفرضي من بقايا السّلف تفقه على تَقِيّ الدّين أَحْمد بن الْعِزّ بن الْحَافِظ وَسمع من عَم أَبِيه الشَّيْخ الْمُوفق وَابْن أبي لقْمَة الْقزْوِينِي وَأبي الْقَاسِم ابْن صصرى وَابْن صباح وروى الْكثير وَسمع مِنْهُ الْمزي أَبُو الْحجَّاج وَابْنَة الخباز والبرزالي وَكَانَ مِمَّن جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل مَاتَ شَهِيدا مبطوناً وَكَانَ يشْتَغل بِجَامِع الْجَبَل وَكَانَ قانعاً مَا لَهُ وَظِيفَة وَله شعر توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وست مائَة وَمن شعره قَوْله
3 - (شرف الدّين الْمَقْدِسِي الْخَطِيب)
أَحْمد بن أَحْمد بن نعْمَة بن أَحْمد الإِمَام الْعَلامَة أقضى الْقُضَاة خطيب الشَّام شرف الدّين)
النابلسي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي بَقِيَّة الْأَعْلَام كَانَ إِمَامًا فَقِيها محققاً للْمَذْهَب وَالْأُصُول والعربية وَالنَّظَر حاد الذِّهْن سريع الْفَهم بديع الْكِتَابَة إِمَامًا فِي تَحْرِير الْخط الْمَنْسُوب درس بالشامية الْكُبْرَى وناب فِي الحكم عَن الْجُوَيْنِيّ وَكَانَ من طبقته فِي الْفَضَائِل وَولي دَار الحَدِيث النورية ثمَّ ولي خطابة الْجَامِع الْأمَوِي ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين ظنا بالقدس وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة وَكَانَ أَبوهُ خطيب الْقُدس وَأَجَازَ لَهُ الْفَتْح بن عبد السَّلَام وَأَبُو عَليّ ابْن الجواليقي وَأَبُو حَفْص السهروردي وَأَبُو الْفضل الداهري وَسمع من السخاوي وَابْن الصّلاح وعتيق السَّلمَانِي والتاج الْقُرْطُبِيّ وَكَانَ لَهُ حَلقَة اشْتِغَال وفتوى عِنْد الغزالية تخرج بِهِ جمَاعَة من الْأَئِمَّة وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْمَذْهَب عبد الشَّيْخ تَاج الدّين وَأذن لجَماعَة فِي الْفَتْوَى وصنف كتابا فِي أصُول الْفِقْه جمع فِيهِ بني طريقتي الإِمَام فَخر الدّين وَالسيف الْآمِدِيّ وَكَانَ متواضعاً متنسكاً كيساً حسن الْأَخْلَاق طَوِيل الرّوح على التَّعْلِيم ينشئ الْخطب ويخطب بهَا وتفقه على الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام بِالْقَاهِرَةِ وجالس أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحَاكِم بِأَمْر الله وأقرأه الْعلم وَالْأَدب مُدَّة وَكَانَ متين الدّيانَة حسن الِاعْتِقَاد رَحمَه الله تَعَالَى وَمن شعره القَاضِي شرف الدّين ابْن الْمَقْدِسِي مَنْقُولًا من خطّ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم
(احجج إِلَى الزهر لتحظى بِهِ ... وارم جمار الْهم مستنفرا)(6/145)
(من لم يطف بالزهر فِي وقته ... من قبل أَن يلْحق قد قصرا)
وَمِنْه فِي الدولاب
(وَمَا أُنْثَى وَلَيْسَت ذَات فرجٍ ... وَتحمل دَائِما من غير فَحل)
(وتلقي كل آونةٍ جَنِينا ... فَيجْرِي فِي الرياض بِغَيْر رجل)
(وتبكي حِين تلقيه عَلَيْهِ ... بِصَوْت حزينة ثَكْلَى بطفل)
3 - (جلال الدّين الدمراوي)
أَحْمد بن أَحْمد جلال الدّين أَبُو البركات ابْن أبي الذّكر الدمراوي عَابِر المنامات بالإسكندرية من شعره
(وخود يُغير الْبَدْر من حسن وَجههَا ... وغفرتها ليل يهيم بِهِ فكري)
(مناي من الدُّنْيَا أفوز بوصلها ... وأحظى بتقبيل المراشف والثغر)
(وأرضع أَحْيَانًا بخمرة رِيقهَا ... لأطفي بهَا نَارا أحر من الْجَمْر)
)
(فيا برد أحشائي إِذا هِيَ واصلت ... وَيَا حر أجفاني إِذا أظهرت هجري)
(أَقُول لأقوام أطالوا لأَجلهَا ... أيا مكثري لومي عَسى تقبلُوا عُذْري)
(سرت مهجتي شوقاً إِلَى نَحْو حبها ... وَلَا صَبر لي عَنْهَا وَقد خربَتْ أَمْرِي)
قلت لَا هدى الله لَهُ خيرا أما اسْتَحى من إِظْهَار هَذَا الشّعْر الْعَاميّ السَّاقِط الملحون الملعون
3 - (موفق الدّين السَّعْدِيّ)
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الشَّيْخ موفق الدّين ابْن تَاج الدّين السَّعْدِيّ الشارعي سمع من جد وَالِده جمال الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان أجَاز لي الشارعي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
3 - (شهَاب الدّين الْقَرَافِيّ الْمَالِكِي الأصولي)
أَحْمد بن إِدْرِيس الْمَشْهُور بالقرافي الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَقِيه الأصولي شهَاب الدّين الصنهاجي الأَصْل أصهل من قَرْيَة من كورة بوش من صَعِيد مصر الْأَسْفَل تعرف ببهفشيم وَنسب إِلَى القرافة وَلم يسكنهَا وَإِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ عِنْد تَفْرِقَة الجامكية بمدرسة الصاحب ابْن شكر فَقيل هُوَ بالقرافة فَقَالَ بَعضهم اكتبوه الْقَرَافِيّ فَلَزِمَهُ ذَلِك وَكَانَ مالكياً إِمَامًا فِي أصُول الْفِقْه وأصول الدّين عَالما بالتفسير وبعلوم أخر
درس بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية عبد وَفَاة الشَّيْخ شرف الدّين السُّبْكِيّ ثمَّ أخذت مِنْهُ فوليها قَاضِي الْقُضَاة نَفِيس الدّين ثمَّ أُعِيدَت إِلَيْهِ وَمَات وَهُوَ مدرسها ودرس بمدرسة طيبرس وبجامع(6/146)
مصر
وصنف فِي أصُول الْفِقْه الْكتب المفيدة وَأفَاد واستفاد مِنْهُ الْفُقَهَاء وعلق عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين ابْن بنت الْأَعَز تَعْلِيقه على الْمُنْتَخب وَشرح الْمَحْصُول الشَّرْح الْمَشْهُور وَله التَّنْقِيح وَشَرحه وَله أنوار البروق وأنواء الفروق وَهُوَ كتاب جيد كثير الْفَوَائِد وَبِه انتفعت فَإِن فِيهِ غرائب وفوائد من عُلُوم غَيره وَاحِدَة وَكتب بعضه بخطي وَله الذَّخِيرَة فِي مَذْهَب مَالك وَله الاستبصار فِي مَا يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ خَمْسُونَ مَسْأَلَة فِي مَذْهَب المناظر كتبته بخطي وقرأته على الشَّيْخ شمس الدّين ابْن الْأَكْفَانِيِّ وَكَانَ حسن الشكل والسمت توفّي بدير الطين ظَاهر مصر وَصلي عَلَيْهِ وَدفن بالقرافة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَولي تدريس الصالحية عَبده ابْن شَاس وَكَانَت وَفَاته عبد وَفَاة صدر الدّين ابْن بنت الْأَعَز ونفيس الدّين الْمَالِكِي وَقبل وَفَاة نَاصِر الدّين ابْن المنثر وَمَعَ هَذِه الْعُلُوم حكى لي بَعضهم أَنه رأى لَهُ مصنفاً كَامِلا فِي قَوْله تَعَالَى وَمَا جعلناهم بشرا لَا يَأْكُلُون الطَّعَام فَبنى هَذَا على الِاسْتِثْنَاء وَظن أَن الْآيَة بشرا إِلَّا)
يَأْكُلُون الطَّعَام وَزَاد ذَلِك ألفا فَلَمَّا قيل لَهُ إِن ذَلِك عبد أَن خرج عَن بَلَده اعتذر بِأَن الْفَقِيه لقنه كَذَلِك فِي الصغر وَرَأى الْألف فِي بشرا فَلم يَجْعَل باله إِلَى أَنَّهَا ألف التَّنْوِين فسبحان من لَهُ الْكَمَال
3 - (تَاج الدّين ابْن مزيز)
أَحْمد بن إِدْرِيس بن مُحَمَّد بن مُفْرد بن مزيز بزائين منقوطتين بَينهمَا يَاء منقوطة الشَّيْخ الإِمَام الْفَاضِل الرئيس المعمر تَاج الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن تَقِيّ الدّين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْكَاتِب ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين سَمعه أَبوهُ حضوراً فِي سنة سِتّ من صَفِيَّة بنت عبد الْوَهَّاب القرشية وارتحل فَسَمعهُ من مكي بن عَلان وَمُحَمّد بن عبد الْهَادِي واليلداني والشرف الإربلي والبكري واليونيني وَسمع بِبَلَدِهِ من شيخ الشُّيُوخ وبمصر من أَصْحَاب البوصيري وَأَجَازَ لَهُ من بغداذ إِبْرَاهِيم بن الْخَيْر وَابْن العليق وَيحيى بن قميرة وَأَخُوهُ أَحْمد وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وعَلى أَبِيه جُزْءا فِي سنة ثَمَانِينَ وَحدث بأَشْيَاء وَتفرد ورحل إِلَيْهِ وَكَانَ صيناً رَئِيسا وقوراً ذكر مرّة لوزارة حماة أَخذ الشَّيْخ شمس الدّين عَنهُ بِدِمَشْق وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَقد نَيف على التسعين
3 - (الصُّوفِي)
أَحْمد بن أَزْهَر بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن حَمْزَة أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي جَعْفَر كَانَ أحد صوفية رِبَاط المأمونية أسمعهُ وَالِده فِي صغره من أبي البركات عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَأبي الْمَعَالِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن المذاري وَأبي الْقَاسِم أَحْمد بن الْمُبَارك بن عبد الْبَاقِي ابْن قفرجل وَكَانَت لَهُ إجَازَة من أبي بكر مُحَمَّد بن عبدِ الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي مَنْصُور(6/147)
عبد الرَّحْمَن الْقَزاز قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتب عَنهُ وَكَانَ شَيخا حسنا لَا بَأْس بِهِ توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست مائَة
3 - (القَاضِي ابْن البهلول الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن البهلول بن حسّان بن سِنَان أَبُو جَعْفَر التنوخي الْأَنْبَارِي الأَصْل ولي الْقَضَاء بِمَدِينَة الْمَنْصُور عشْرين سنة وَمَات سنة ثَمَانِي عشرَة وَثَلَاث مائَة قَالَ أَبُو بكر الْخَطِيب حدث حَدِيثا كثيرا وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو حَفْص بن شاهين والمخلص وَجَمَاعَة وَكَانَ ثِقَة انْتهى وَكَانَ مفنناً فِي عُلُوم شَتَّى مِنْهَا الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَرُبمَا)
خالفهم فِي مسيئلات وَكَانَ تَامّ الْعلم باللغة حسن الْقيام بالنحو على مَذْهَب الْكُوفِيّين حفظَة للشعر الْقَدِيم والْحَدِيث وَالْأَخْبَار الطوَال وَالسير وَالتَّفْسِير شَاعِرًا خَطِيبًا حسن الخطابة لسناً صَالح الْخط فِي الترسل والبلاغة ورعاً متثبتاً فِي الحكم تقلد الْقَضَاء بالأنبار وهيت وَطَرِيق الْفُرَات من قبل الْمُوفق ثمَّ تقلد للمعتضد بعض كور الْجَبَل وَلم يخرج إِلَيْهَا ثمَّ قَلّدهُ المقتدر عبد فتْنَة المعتز الْقَضَاء بِمَدِينَة الْمَنْصُور وَولي أَبُو الْحُسَيْن الْأُشْنَانِي قَضَاء الْمَدِينَة بحيلة مِنْهُ عوضا عَن أبي جَعْفَر الْمَذْكُور وَصرف فِي الْيَوْم الثَّالِث وأعيد الْعَمَل إِلَى أبي جَعْفَر فَامْتنعَ من قبُوله وَرفع يَده عَن النّظر فِي جَمِيع مَا كَانَ إِلَيْهِ وَقَالَ أحب أَن يكون بَين الصّرْف والقبر فُرْجَة وَلَا أنزل من القلنسوة إِلَى الحفرة وَقَالَ
(تركت الْقَضَاء لأهل القضا ... وَأَقْبَلت أسمو إِلَى الْآخِرَه)
(فَإِن يَك فخراً جليل الثنا ... فقد نلْت مِنْهُ يدا فاخره)
(وَإِن كَانَ وزراً فأعبد بِهِ ... فَلَا خير فِي إمرة وازره)
فَقيل لَهُ فابذل شَيْئا حَتَّى يرد الْعَمَل إِلَى ابْنك أبي طَابَ فَقَالَ مَا كنت لأتحملها حَيا وَمَيتًا وَقد خدم ابْني السُّلْطَان وولاه الْأَعْمَال فَإِن استوثق خدمته قَلّدهُ وَإِن لم يرتض صرفه قَالَ التنوخي وَكَانَ يَقُول الشّعْر تأدباً وتطرباً وَمَا علمت أَنه مدح أحدا بِشَيْء مِنْهُ وَله قصيدة طَوِيلَة طردية وَحمل النَّاس عَنهُ علما كثيرا وَقَالَ فِي الْوَزير ابْن الْفُرَات
(قل لهَذَا الْوَزير قولَ مُحِقٍّ ... بَثَّهُ النُصحَ أيَّما إبثاثِ)
(قد تقلَّدتَها ثَلَاثًا ثَلَاثًا ... وَطَلَاق الْبَتَات عِنْد الثَّلَاث)
فَكَانَ الْأَمر على مَا قَالَه فَابْن الْفُرَات قتل عبد الوزارة الثَّالِثَة فِي محبسه وَقَالَ
(وحرقة أورثتها فرقة دنفاً ... حيران لَا يَهْتَدِي إِلَّا إِلَى الْحزن)
(فِي جِسْمه شغل عَن قلبه وَله ... فِي قلبه شغل عَن سَائِر الْبدن)(6/148)
وَدخل أَبُو الْقَاسِم عمر بن شَاذان الْجَوْهَرِي على ابْن البهلول فَقَالَ لَهُ ارْتَفع أَبَا حَفْص فَقَالَ لَهُ بعض من حضر هُوَ أَبُو الْقَاسِم فَقَالَ ابْن البهلول
(فَإِن تنسني الْأَيَّام كنية صَاحب ... كريم فَلم أنس الإخاء وَلَا الودا)
(وَلَكِن رَأَيْت الدَّهْر ينْسك مَا مضى ... إِذا أَنْت لم تحدث إخاء وَلَا عهدا)
وَقَالَ)
(إِلَى كم تخْدم الدُّنْيَا ... وَقد جزت الثمانينا)
(لَئِن لم تَكُ مَجْنُونا ... فقد فقت المجانينا)
3 - (جالينوس الصيدلاني)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن عبد الله بن سعد بن التَّمِيمِي الملقب بجالينوس الصيدلاني وَالِد رضوَان الْمُحدث الْمَشْهُور روى عَنهُ ابْنه قَالَ سَمِعت أبي يَقُول دخلت دَار المجانين بِالْبَصْرَةِ فَرَأَيْت شَابًّا من أحسن النَّاس وَجها وقدامه قيد وسلسلة وَكنت رَأَيْته قبل ذَلِك فِي سوق البرزاين بِالْبَصْرَةِ فِي نعْمَة وهيئة حَسَنَة فَقلت لَهُ مَا الَّذِي دهاك فَقَالَ
(تمطى علينا الدَّهْر فِي متن قوسه ... ففرقنا مِنْهُم بِسَهْم شتات)
(فيا زَمنا ولى على رغم أَهله ... أَلا عد كَمَا قد كنت مذ سنوات)
3 - (ابْن الجواليقي)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن موهب بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْخضر الجواليقي أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي طَاهِر ابْن أبي مَنْصُور اللّغَوِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار أَخُو شَيخنَا أبي عَليّ الْحسن وَأبي بكر عبد الرَّحْمَن وَكَانَ الْأَكْبَر سمع ابْن الزَّاغُونِيّ وَابْن نَاصِر وَأَبا الْوَقْت السجْزِي وَأَبا زرْعَة الْمَقْدِسِي وَكَانَ أديباً فَاضلا قَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وَتُوفِّي هُوَ وشاب توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَدفن بِبَاب حَرْب
3 - (الخاركي الْبَصْرِيّ)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن عَمْرو الخاركي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَعبد الرَّاء كَاف وخارك قَرْيَة على الْبَحْر من أَعمال فَارس كثير الشّعْر هاجى الْفضل الرقاشِي وَهُوَ الْقَائِل
(يَا خَاطب الدُّنْيَا ألم تعْتَبر ... لفعلها قبلك فِي الْعَالم)
(إِن الَّتِي تخْطب غرارة ... قريبَة الْعرس من الماتم)
وَقَالَ الجاحظ رَوَاهُ مُحَمَّد بن دَاوُد وَغَيره رَوَاهُ لغيره يَا فَتى نَفسه إِلَى الْكفْر بِاللَّه تائقه لَك فِي الْفضل والتنسك والزهد سابقه
(فدع الْكفْر جانباً ... يَا دعِي الزَّنَادِقَة)(6/149)
3 - (الْفَقِيه الصبغي)
)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن أَيُّوب بن يزِيد أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه الْمَعْرُوف بالصبغي بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة والغين الْمُعْجَمَة رأى يحيى ابْن الذهلي قَالَ الْحَاكِم أَقَامَ يُفْتِي نيفاً وَخمسين سنة لم يُؤْخَذ عَلَيْهِ فِي فَتَاوِيهِ مَسْأَلَة وهم فِيهَا وَله الْكتب المطولة مثل الطَّهَارَة
وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة ثمَّ كَذَلِك إِلَى آخر كتاب الْمَبْسُوط وَله كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والإيماء وَالْقدر وَفضل الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَكتاب الرُّؤْيَة وَالْأَحْكَام والإمامة وَكَانَ يخلف ابْن خُزَيْمَة فِي الْفَتْوَى وَكَانَ يضْرب الْمثل بعقله ورأيه توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الجرد القَاضِي)
أَحْمد بن إِسْحَاق أَبُو جَعْفَر الْحلَبِي الملقب بالجرد ولي قَضَاء حلب لسيف الدولة بن حمدَان توفّي سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْقَادِر بِاللَّه)
أَحْمد بن إِسْحَاق أَمِير الْمُؤمنِينَ الْقَادِر بِاللَّه أَبُو الْعَبَّاس ابْن إِسْحَاق بن جَعْفَر بن أَحْمد بن أبي أَحْمد طَلْحَة بن المتَوَكل بُويِعَ بالخلافة عِنْد الْقَبْض على الطائع فِي حادي عشر شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة ومولده سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأمه يمنى مولاة عبد الْوَاحِد بن المقتدر كَانَت دينة خيرة معمرة توفيت سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ أَبيض كث اللِّحْيَة طويلها يخضب شَيْبه وَكَانَ من أهل السّتْر والصيانة وإدامة التَّهَجُّد وصنف كتابا فِي الْأُصُول ذكر فِيهِ فضل الصَّحَابَة وإكفار الْمُعْتَزلَة والقائلين بِخلق الْقُرْآن وَكَانَ ذَلِك الْكتاب يقْرَأ فِي كل جُمُعَة فِي حَلقَة من أَصْحَاب الحَدِيث بِجَامِع الْمهْدي ويحضر النَّاس مُدَّة خِلَافَته وَهِي إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سنة وَثَلَاثَة أشهر توفّي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الْحَادِي عشر من ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وَدفن بدار الْخلَافَة وَصلى عَلَيْهِ وَلَده الْخَلِيفَة الْقَائِم عَبده الْقَائِم بِأَمْر الله ظَاهرا والخلق وَرَاءه وَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَلم يزل إِلَى أَن نقل لَيْلًا فِي تابوته إِلَى الرصافة وَدفن بهَا عَاشَ سبعا وَثَمَانِينَ سنة إِلَّا شهرا وَثَمَانِية أَيَّام رَحمَه الله تَعَالَى وَلم يبلغ أحد من الْخُلَفَاء قبله هَذَا الْعُمر وَلَا قَامَ فِي الْخلَافَة هَذِه الْمدَّة وَأقَام ابْن حَاجِب النُّعْمَان فِي كِتَابه اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سنة وَسِتَّة أشهر وأياماً وحجبه جُمُعَة أخرهم مَنْصُور بن طاس وَأَبُو مَنْصُور ابْن أبي بكران وقاضيه أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن هَارُون الضَّبِّيّ وَعبد الله ابْن مُحَمَّد بن أبي الشَّوَارِب وَمُحَمّد بن الْحسن الوَاسِطِيّ وَمَضَت هَذِه الْجَمَاعَة فِي أَيَّامه وَآخر من قضى لَهُ وَوَقعت الْوَفَاة عَنهُ أَبُو)
عبد الله الْحُسَيْن(6/150)
بن مَاكُولَا وَلما قبض على الطائع وبويع الْقَادِر جلس من الْغَد جُلُوسًا عَاما وهنئ وَأنْشد بَين يَدَيْهِ الشّعْر فَمن ذَلِك قَول الشريف الرضي
(شرف الْخلَافَة يَا بني الْعَبَّاس ... الْيَوْم جدده أَبُو الْعَبَّاس)
(ذَا الطود بقاه الزَّمَان ذخيرة ... من ذَلِك الْجَبَل الْعَظِيم الراسي)
وَمن شعر الْقَادِر
(مَا الزّهْد أَن تمنع الدُّنْيَا فترفضها ... وَلَا تزَال أَخا صَوْم حَلِيف دَعَا)
وَإِنَّمَا الزّهْد أَن تحوي الْبِلَاد وأرقاب الْعباد فتلفي عباداً ورعا وبينما الْقَادِر ذَا لَيْلَة يمشي فِي أسواق بغداذ إِذْ سمع شخصا يَقُول لآخر قد طَالَتْ علينا دولة هَذَا الشؤم وَلَيْسَ لأحد عِنْد نصيب فَأمر خَادِمًا كَانَ مَعَه أَن يتوكل بِهِ ويحضره بَين يَدَيْهِ فَمَا شكّ أَن يبطش فَسَأَلَهُ عَن صَنعته فَقَالَ إِنِّي كنت من السَّعَادَة الَّذين يَسْتَعِين بهم أَرْبَاب هَذَا الْأَمر على معرفَة أَحْوَال النَّاس يُرِيد أَصْحَاب المطالعات فمذ ولي أَمِير الْمُؤمنِينَ أقصانا وَأظْهر الِاسْتِغْنَاء عَنَّا فتعاطلت معيشتنا وانكسر جاهنا عِنْد النَّاس فَقَالَ لَهُ أتعرف من فِي بغداذ من السعاة قَالَ نعم فأحضر كَاتبا فَكتب أَسْمَاءَهُم وَأمر بإحضارهم ثمَّ إِنَّه أجْرى لكل وَاحِد مِنْهُم مَعْلُوما ونفاهم إِلَى الثغور القاصية ورتبهم هُنَاكَ عيُونا على أَعدَاء الدّين ثمَّ الْتفت إِلَى من حوله وَقَالَ اعلموا أَن أولائك ركب الله فيهم شرا وملأ صُدُورهمْ حقداً على الْعَالم وَلَا بُد لَهُم من إفراغ ذَلِك الشَّرّ فَالْأولى أَن يكون ذَلِك فِي أَعدَاء الدّين وَلَا ننغص بهم على الْمُسلمين
3 - (السرماري)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن الْحصين الْمَعْرُوف بِابْن السرماري وسرماري من قرى بخارا روى عَنهُ البُخَارِيّ كَانَ ثِقَة مُجَاهدًا فَارِسًا مَشْهُورا يضْرب بشجاعته الْمثل زاهداً توفّي فِي حُدُود سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْوزان)
أَحْمد بن إِسْحَاق الْوزان قَالَ ابْن أبي حَاتِم كتب عَنهُ وَهُوَ صَدُوق
3 - (ابْن نبيط الْأَشْجَعِيّ)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن نبيط الْأَشْجَعِيّ صَاحب النُّسْخَة الْمَوْضُوعَة الْمَشْهُورَة توفّي سنة سبع)
وَثَمَانِينَ
3 - (الأبرقوهي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد الشَّيْخ الإِمَام الْمُقْرِئ(6/151)
الصَّالح الْمُحدث مُسْند الْعَصْر شهَاب الدّين أَبُو الْمَعَالِي أَحْمد بن القَاضِي الْمُحدث رفيع الدّين قَاضِي أبرقوه أبي مُحَمَّد الهمذاني ثمَّ الْمصْرِيّ الْقَرَافِيّ الشَّافِعِي الصُّوفِي ولد بأبرقوه سنة خمس عشرَة وست مائَة وَحضر سنة سبع عشرَة على عبد السَّلَام السرقولي وَسمع فِي الْخَامِسَة سنة تسع عشرَة من أبي بكر بن سابرو بشيراز وَسمع ببغداذ من الْفَتْح بن عبد السَّلَام وَابْن صرما وَمُحَمّد بن البيع وأكمل بن أبي زَاهِر وَالْمبَارك بن أبي الْجُود وَصَالح بن كور وَأبي عَليّ بن الجواليقي وعدة وبالموصل من الْحُسَيْن بن باز وبحران من خطيبها الْفَخر ابْن تَيْمِية وبدمشق من ابْن أبي لقْمَة وَابْن البن وَابْن صصرى وبالقدس من الأوفي وبمصر من أبي البركات بن الْجبَاب وَسمع السِّيرَة مِنْهُ وَله مُعْجم كَبِير بتخريج القَاضِي سعد الدّين الْحَنْبَلِيّ حدث عَنهُ أَبُو الْعَلَاء الفرضي والمزي والبرزالي وَفتح الدّين ابْن سيد النَّاس والقاضيان القونوي والأخنائي وَخلق وَعمر وَتفرد ورحل إِلَيْهِ الْخلق وَألْحق الأحفاد بالأجداد وَأكْثر الشَّيْخ شمس الدّين عَنهُ توفّي بِمَكَّة سنة إِحْدَى وَسبع مائَة وَكَانَ يزْعم أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وَأخْبرهُ أَنه يَمُوت بِمَكَّة
3 - (أَحْمد بن سامان وَالِد الْمُلُوك السامانية)
أَحْمد بن أَسد بن سامان بن إِسْمَاعِيل الْأَمِير وَالِد الْمُلُوك السامانية أُمَرَاء مَا وَرَاء النَّهر وَهُوَ أَخُو الْأَمِير نوح توفّي فِي حُدُود الْخمسين والمائتين
3 - (ابْن إِسْرَائِيل الْوَزير)
أَحْمد بن إِسْرَائِيل بن الْحسن الْأَنْبَارِي أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب ولي ديوَان الْخراج للمتوكل والمنتصر ثمَّ تولى الْكِتَابَة للمعتز فِي أَيَّام أَبِيه فَلَمَّا ولي الْكِتَابَة استوزره قَالَ الصولي خلع المعتز عَلَيْهِ للوزارة فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أذكى النَّاس لَا يمر بسمعه شَيْء إِلَى حفظه قَالَ كنت فِي الدِّيوَان أَيَّام مُحَمَّد الْأمين وَمَا يدْخل الدِّيوَان أحد اصغر مني وَلَقَد كنت أنسخ الْكتاب فَلَا أفرغ من نسخه حَتَّى أحفظ مَا فِيهِ حرفا حرفا وَكنت رُبمَا امتحنت إِذا فرغت من الْكتاب بِأَن يُؤْخَذ من يَدي فَيُقَال هَات مَا فِيهِ وأسرده من أَوله إِلَى آخِره فَلَا أسقط مِمَّا فِيهِ حرفا وَاحِدًا فعلت هَذَا مَرَّات كَثِيرَة لَا أحصيها قَالَ الجهشياري فِي كِتَابه الوزراء وَمِمَّا)
يعجب من حفظ أَحْمد بن إِسْرَائِيل أَنه كَانَ يكْتب لمُحَمد بن عبد الْملك الزيات على الوزارة فَلَمَّا رفع إِلَيْهِ تَقْدِير المملكة اخْتَصَرَهُ فِي ثلث قرطاس وَكَانَ لَا يُفَارق خفه إِذا دخل على الواثق رَجَاء أَن يجد لقرَاءَته وقتا قَالَ فأنسي حمله يَوْمًا من الْأَيَّام وَسَأَلَهُ الواثق عَنهُ فَخرج يَطْلُبهُ فَلم يجده فَرَأى ابْن إِسْرَائِيل قلقلته فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ فَقَالَ لَا عَلَيْك ودعا بكاتب وَقِرْطَاس ثمَّ أمْلى التَّقْدِير لَا يخرم مِنْهُ حرفا وَدخل بِهِ مُحَمَّد بن عبد الْملك إِلَى الواثق وقرأه عَلَيْهِ ثمَّ أَنه طلب ذَلِك الثُّلُث وقابل بِهِ فَوَجَدَهُ مُوَافقا لَهُ ذكر لَهُ الجهشياري وقائع عدَّة من هَذِه الْمَادَّة وَلم يزل وزيراً للمعتز إِلَى شهر رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ وزارته ثَلَاث سِنِين وَقَتله صَالح بن وصيف لِأَنَّهُ أخرج هُوَ وَأَبُو نوح إِلَى بَاب الْعَامَّة فَضرب كل وَاحِد مِنْهَا خمس مائَة سَوط ضرب(6/152)
التّلف وحملهما إِلَى منزل مُحَمَّد السَّرخسِيّ عبد أَن استصفى أموالهما وَكَانَ ابْن إِسْرَائِيل وَأَبُو نوح عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور أشارا على المعتز بقتل صَالح ابْن وصيف فَقبض عَلَيْهِمَا وَفعل بهما ذَلِك إِلَى أَن مَاتَا وَكتب إِلَيْهِمَا أَبُو عَليّ الْبَصِير وهما فِي السجْن
(من كَانَ حبسكما أنساه عهدكما ... فلست عهد كَمَا مَا عِشْت بالناسي)
(وَكَيف يسلوكما من لم يجد عوضا ... مستخلفاً عنكما من سَائِر النَّاس)
(وَإِذا تذكرت أيامي الَّتِي سلفت ... قطعت فِي إثْرهَا نَفسِي بأنفاسي)
(أَيَّام آوي إِلَى طود ومنعته ... أَرْكَانه بكما عالي الذرى راس)
(أَشْكُو إِلَى الله لَيْلًا بت أسهره ... كَأَن أنجمه شدت بأمراس)
(وقرحةً فِي سَواد الْقلب لَيْسَ لَهَا ... إِلَّا تجدّد تِلْكَ الْحَال من آس)
3 - (صفي الدّين بن كريم الْملك)
أَحْمد بن أسعد بن أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق بن بكران المزدكاني صفي الدّين أَبُو الْفضل الْمَعْرُوف بِابْن كريم الْملك كَانَ من سلالة الوزراء وَذَوي الْعشْرَة الظرفاء تولى بِدِمَشْق وبعلبك فَسَار فِي خدمته سير الْأُمَنَاء ومولده بِدِمَشْق سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي ببعلبك سنة خمس عشرَة وست مائَة قَالَ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه وَمن خطه نقلت الْمَذْكُور رَحمَه الله ذكر أَنه كَانَ قد عزم على السّفر إِلَى الديار المصرية ليخدم بهَا الْملك الْمعز عز الدّين فروخشاه بن شاهنشاه ابْن أَيُّوب لأمر ضَاقَ صَدره بِالشَّام بِسَبَبِهِ فَهَتَفَ بِهِ فِي النّوم هَاتِف تِلْكَ اللَّيْلَة وأنشده هَذِه الأبيات فِي نَومه)
(يَا أَحْمد اقنع بِالَّذِي أُوتِيتهُ ... إِن كنت لَا ترْضى لنَفسك ذلها)
(ودع التكاثر فِي الْغنى لمعاشر ... أضحوا على جمع الدَّرَاهِم وَلها)
(وَاعْلَم بِأَن الله جلّ جَلَاله ... لم يخلق الدُّنْيَا لِأَجلِك كلهَا)
وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ أَيْضا
(كَيفَ طابت نفوسكم بفراقي ... وفراق الأحباب مر المذاق)
(لَو علمْتُم بحالتي وصبائي ... وبوجدي ولوعتي واحتراقي)
(لرثيتم للمستهام الْمَعْنى ... ووفيتم بالعهد والميثاق)
3 - (أَبُو الْخَلِيل ابْن صفير)
أَحْمد بن أسعد بن عَليّ بن أَحْمد بن عمر بن وهب بن حمدون أَبُو الْخَلِيل الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن صفير من سَاكِني المأمونية قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي وَسمع من شهدة الكاتبة وَمن خَدِيجَة بنت النهرواني وَمن جمَاعَة من هَذِه الطَّبَقَة ثمَّ سَافر إِلَى همذان وَقَرَأَ الْقُرْآن على الْحَافِظ أبي الْعَلَاء الْحسن بن الْعَطَّار وَسمع مِنْهُ وسافر إِلَى غَيرهَا وَسمع من أَشْيَاخ أَصْبَهَان وَسمع بهراة وَحصل(6/153)
الْكتب الملاح وَالْأُصُول الْعتْق وَأظْهر الزّهْد والتقشف وَلَيْسَ الصُّوف وَالثيَاب الخشنة وَصَارَ لَهُ قبُول عِنْد الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ مَشْهُورا هُنَاكَ بِالْحَافِظِ البغداذي وأمير هراة يزوره وَيقبل قَوْله ثمَّ عَاد إِلَى بغداذ بزِي السياح قد ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ قَالَ محب الدّين ابْن النجار فَأَقَامَ بهَا يسمع من شيوخها وَحدث بِيَسِير فِي مَكَّة وبغداذ ونيسابور وَلما دخلت هراة أصبت أَصْحَاب الحَدِيث مُجْمِعِينَ على كذب أبي الْخَلِيل هَذَا وَذكروا أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ على الشُّيُوخ يُغير سطوراً لَا يَقْرَأها وَيدخل متْنا فِي إِسْنَاد وإسناداً فِي متن آخر وَإِنَّهُم اعتبروا ذَلِك عَلَيْهِ فاجتنوا السماع مَعَه وَكُنَّا هُنَاكَ نجتنب كل مَا سَمعه الشُّيُوخ بقرَاءَته فَلَا نعبأ بِهِ وَلَا نعتمد عَلَيْهِ وَحكى لي صديقنا أَبُو الْقَاسِم موهوب ابْن سعيد الحمامي وَكَانَ قد رَآهُ وَسمع مَعَه الحَدِيث قَالَ كَانَ يظْهر الزّهْد والتقشف وَلبس الصُّوف وعَلى جِسْمه الثِّيَاب الناعمة وجباب الإبريسم وَلما مَاتَ خلف مَالا كثيرا وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَدفن من الْغَد بمقبرة النفاطين إِلَى جَانب الأميرية وَلم يحكم سد قَبره فنبشته الْكلاب وأكلته فَلَمَّا أصبح النَّاس من الْغَد شاهدوه وواروا مَا بَقِي مِنْهُ
3 - (نجم الدّين ابْن المنفاح الطَّبِيب)
)
أَحْمد بن اِسْعَدْ بن حلوان الْحَكِيم البارع نجم الدّين أَبُو الْعَبَّاس وَالِد الْحَكِيم موفق الدّين الْمَعْرُوف بِابْن المنفاح وَهُوَ لقب الْمُوفق وَيعرف بِابْن العالمة بنت دَهِين اللوز كَانَت عَالِمَة بِدِمَشْق وَأَصله من المعرة ولد سنة ثَلَاث وَتِسْعين بِدِمَشْق وَكَانَ أسمر نحيفاً فصيحاً بليغاً مفرط الذكاء أَخذ الطِّبّ عَن الدخوار وبرع فِيهِ وَفِي الْمنطق وَالْأَدب وخدم الْملك المسعود صَاحب آمد ثمَّ وزر لَهُ ثمَّ غضب عَلَيْهِ وصادره فَعَاد إِلَى دمشق وأقرأ الطِّبّ ثمَّ خدم الْأَشْرَف الْحِمصِي بتل بَاشر وَله كتاب التدقيق فِي الْجمع بَين الْأَمْرَاض والتفريق وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وست مائَة وَله كتاب هتك الأستار عَن تمويه الدخوار والمدخل فِي الطِّبّ والعلل والأمراض وَشرح أَحَادِيث نبوية تتَعَلَّق بالطب وَقيل توفّي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة وَكَانَ لحدة مزاجه قَلِيل الِاحْتِمَال والمداراة وَكَانَ جمَاعَة يحسدونه لفضله ويقصدونه بالأذى قَالَ قطب الدّين اليونيني فأنشدني متمثلاً
(وَكنت سَمِعت أَن الْجِنّ عِنْد اس ... تراق السّمع ترْجم بالنجوم)
(فَلَمَّا أَن عَلَوْت وصرت نجماً ... رميت بِكُل شَيْطَان رجيم)
وَقَالَ أبياتاً فِي الْأَشْرَف يمدحه بهَا مِنْهَا
(يَا ابْن الْمُلُوك الصَّيْد يَا من أورثوا ... شرفاً على الْآبَاء بالأبناء)
(أشبهت يَا مُوسَى لمُوسَى فِي الَّذِي ... أُوتِيتهُ كتشابه الْأَسْمَاء)(6/154)
(فَلهُ الْيَد الْبَيْضَاء كَانَت آيَة ... وَلكم بجودك من يَد بَيْضَاء)
3 - (ابْن إسفيديار الْوَاعِظ)
أَحْمد بن إسفنديار بن الْمُوفق أَبُو الْعَبَّاس البوشنجي الْوَاعِظ شيخ رِبَاط الأرجوانية كَانَ أديباً شَاعِرًا مفوهاً توفّي فجاءة رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وجدت مَنْسُوبا إِلَيْهِ
(لقد منحتك بكرا ... لَو شَاهد الْأَصْفَهَانِي)
(جمَالهَا لتولى ... زفافها بالأغاني)
هَذَا الْمَقْطُوع مَعَ لَفظه مَا خلا من الْعَيْب وَهُوَ التَّضْمِين الَّذِي عده أَرْبَاب القوافي من الْعُيُوب وَهُوَ أَنِّي يكون الثَّانِي مُتَعَلقا بِالْأولِ مثل هَذَا
3 - (نطاحة الْكَاتِب)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الخصيب أَبُو عَليّ الخصيبي الْكَاتِب الْأَنْبَارِي الْمَعْرُوف)
بنطاحة بنُون بعْدهَا طاء مُهْملَة مُخَفّفَة وَعبد الْألف حاء مُهْملَة وهاء وَكَانَ جده الخصيب صَاحب مصر كَانَ أَبُو عَليّ يكْتب لمُحَمد بن عبد الله بن طَاهِر وَكَانَ بليغاً مترسلاً شَاعِرًا أديباً لَهُ مصنفات كَثِيرَة فِي الْأَدَب وَكَانَ راوية للأدب وَالْأَخْبَار روى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن يحيى الصولي وَأَبُو الْحُسَيْن الْحصين وَمن شعره
(صدود الْمُحب عَليّ دَعَا ... وَأَغْلظ مِنْهُ صدود الْخَلِيل)
(صددت فأشمت بِي حَاسِدًا ... عَلَيْك وحققت ظن العذول)
وَقَالَ
(إِن كنت تطلب فضلا ... إِذا ذكرت ومجدا)
(فَكُن لعبدك خلا ... وَكن لخلك عبدا)
وَقَالَ
(قلت لعبدي إِذْ عَصَانِي وَلم ... ينْتَه عَمَّا عَنهُ أنهاه)
(عصيك مَوْلَاك اقْتِدَاء بِهِ ... لما عصى مَوْلَاك مَوْلَاهُ)
وَقَالَ
(مَاذَا أَقُول لمن إِن زرته حجبا ... وَإِن تخلفت عَنهُ مكْرها عتبا)
(وَإِن أردْت خلاصاً من تعتبه ... ظلما فعاتبته فِي فعله غَضبا)
واستهدي مِنْهُ كتاب حُدُود الْفراء فأهداه وَكتب على ظَهره
(خُذْهُ فقد سوغت مِنْهُ مشبهاً ... بالروض أَو بالبرد فِي تفويفه)(6/155)
(نظمت كَمَا نظم السَّحَاب سطوره ... وتأنق الْفراء فِي تأليفه)
(وشكلته ونقطته فأمنت من ... تصحيفه ونجوت من تحريفه)
(بُسْتَان خطّ غير أَن ثماره ... لَا تجتنى إِلَّا بشكل حُرُوفه)
وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن المعتز مراسلات وجوابات عَجِيبَة وَقَالَ مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق النديم ديوَان رسائله نَحْو ألف ورقة وَله من التصانيف كتاب الطبيخ طَبَقَات الْكتاب أَسمَاء الْمَجْمُوع الْمَنْقُول من الرّقاع يشْتَمل على سماعاته من الْعلمَاء وَمَا شَاهد من أَخْبَار الجلة صفة النَّفس
رسائله إِلَى إخوانه
3 - (سُلْطَان مَا وَرَاء النَّهر ابْن سامان)
)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن أَسد بن سامان مولى بني الْعَبَّاس أَبُو نصر سُلْطَان مَا وَرَاء النَّهر قَتله غلمانه فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَثَلَاث مائَة وَأقَام بِالْأَمر عَبده ابْنه أَبُو الْحسن نصر ثَلَاثِينَ سنة وهم بَيت إمرة وحشمة وَلَهُم أَخْبَار
3 - (الْحَضْرَمِيّ)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْحَضْرَمِيّ أَبُو الْحسن من أهل الْبَصْرَة كَانَ مَعَ أبي صَالح بن يزْدَاد قَالَ المرزباني وَهُوَ الْقَائِل
(كم الْمقَام وَكم تعتاقك الْعِلَل ... مَا ضَاقَتْ الأَرْض فِي الدُّنْيَا وَلَا السبل)
(إِن كنت تعلم أَن الأَرْض وَاسِعَة ... فِيهَا لغيرك مرتاد ومرتحل)
(فارحل فَإِن بِلَاد الله مَا خلقت ... إِلَّا ليسلك مِنْهَا السهل والجبل)
(الله قد عوض الْحسنى فَمَا بَرحت ... عِنْدِي لَهُ نعم تترى وتتصل)
(إِن ضَاقَ بِي بلد أَعرَضت عَنهُ وَإِن ... فِيهِ نبا منزل بِي كَانَ لي بدل)
(وَإِن تغير لي عَن وده رجل ... أصفى الْمَوَدَّة لي من عَبده رجل)
(لَا تمتهن أبدا وَجها لذِي طمع ... فَمَا لوجهك نور حِين ينبذل)
(وابغ المكاسب من أرْضى مطالبها ... وَحَيْثُ يجمل حَتَّى ينْفد الْأَجَل)
(فكم ترى دولاً كَانَت على قدم ... زَالَت سَرِيعا وَجَاءَت عَبدهَا دوَل)
3 - (ابْن عمار الْكَاتِب)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عمار الْكَاتِب أَبُو الْعَبَّاس قَالَ المرزباني هُوَ شَاعِر كَاتب أديب كتب إِلَيْهِ أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْمُدبر بِدِمَشْق لم مللت أسعدك الله وَمَا هَذَا الْجفَاء
(كَانَ فِي قربك أنس ... وسرور وبهاء)
(ولبانات تقضى ... وسجون وشقاء)(6/156)
(فَإِذا مَا غبت عَنَّا ... فعلى الدُّنْيَا العفاء)
فَأجَاب أَحْمد بن إِسْمَاعِيل أَنا للسَّيِّد ذِي الطول من الشَّرّ الْفِدَاء لَيْسَ للرقعة للحق إِذا جلّ أَدَاء)
(وجوابي عَنهُ شكر ... واعتقاد وَدُعَاء)
(وسترضيك حقوقي ... أبدا فِيمَا تشَاء)
وَلأَحْمَد بن إِسْمَاعِيل يَا معير الْغُصْن الناضر فِي الرَّوْضَة قده
(ومعير الراح ريحًا ... ومعير الْورْد خَدّه)
هَل جميل بجميل الْوَجْه أَن يقتل عَبده أم مليح من مليح الْقد أَن يخلف وعده وَله أَيْضا
(مَا أنصفت مقلتي وَلَا عدلت ... حسيبها الله فِي الَّذِي فعلت)
(اكتحلت حسن من ألفت بِهِ ... فيا ضنائي من حسن مَا اكتحلت)
(وَيحك مَا إِن رَأَيْت مقلته ... وقتلها بالفتور من قتلت)
(تَطوف فِي وجنةٍ موردة ... كَأَنَّهَا الجلنار إِن خجلت)
3 - (الطبال)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن حَمْزَة بن أبي البركات بن حَمْزَة بن عُثْمَان بن الْحُسَيْن بن أبي البركات بن أبي بكر الطبال من أهل بَاب الأزج سمع الحَدِيث الْكثير عبد علو سنه من أَصْحَاب ابْن بنان وَابْن نَبهَان وَأبي طَالب ابْن يُوسُف وَأبي سعد ابْن الطيوري وَأبي الْقَاسِم بَان الْحصين وَكَانَ مُتَقَدما على الطالبيين بدار الْخلَافَة قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ شَيْئا يَسِيرا وَكَانَ كيساً حسن الْأَخْلَاق متودداً توفّي سنة تسع وَعشْرين وست مائَة
3 - (صَاحب ابْن أبي الدُّنْيَا)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل صَاحب أبي بكر ابْن أبي الدُّنْيَا حكى عَنهُ وروى عَنهُ أَبُو بكر السكرِي
3 - (رَاوِي جحظة)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل البغداذي روى عَن جحظة الْبَرْمَكِي وروى عَنهُ أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ النَّيْسَابُورِي
3 - (المكين أَبُو عَليّ)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن الْعَبَّاس أَبُو عَليّ الْمَعْرُوف بالمكين من أَصْبَهَان أحد الْفُضَلَاء)
الْأَعْيَان قدم بغداذ حَاجا وَحدث بهَا سمع مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بن الخشاب وَأَبُو الْفضل بن شَافِع وَأَبُو الْعَبَّاس ابْن لبيدة وَيحيى بن ظَاهر ابْن النجار الْوَاعِظ وعب الْوَاحِد بن عبد السَّلَام البيع وَمن شعره(6/157)
(أَقَمْنَا وأوقات السرُور قَصِيرَة ... وهيهات أَن يحظى بلذاته صب)
(وَللَّه صنع يجمع الشمل عبد مَا ... تطاولت الأشتات واستؤيس الْقرب)
وَمِنْه أَيْضا
(إِنِّي وَإِن شط المزار وبددت ... أَيدي النوائب شملنا المنظوما)
(لم أخل من حسن الثَّنَاء عَلَيْكُم ... مذ غبت عَنْكُم ظَاعِنًا وَمُقِيمًا)
وَكَانَ وافر الْعقل كثير الْفضل تولى الْأُمُور الجليلة حَتَّى ترشح للوزارة بالعراق فقصده الْوَزير فالتحق بخراسان والتجأ إِلَى السُّلْطَان سنجر بن ملكشاه وفوض إِلَيْهِ نِيَابَة الوزارة بخراسان قَالَ ابْن النجار وقف كتبا كَثِيرَة من سَائِر الْفُنُون بالخطوط الْمُعْتَبرَة وَجعل لَهَا خزانَة بالجامع الْعَتِيق مِنْهَا الأغاني فِي عشْرين مجلداً ربع الكاغد المخزني وَهِي بِخَط أبي الفوارس الْحُسَيْن بن الخازن مذهبَة الْوُجُوه خدم بهَا المستظهر وعَلى وَجههَا بِخَط المكين ذهب لي هَذِه النُّسْخَة وأنعم بهَا عَليّ سيدنَا ومولانا الإِمَام المقتفي وَلما حدث ببغداذ كَانَ توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة ومولده عبد السّبْعين
3 - (أَبُو الْخَيْر الطَّالقَانِي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس أَبُو الْخَيْر الْقزْوِينِي الإِمَام الْعَالم الزَّاهِد رَئِيس أَصْحَاب الِشافعي كَانَ إِمَامًا فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالنَّظَر وَالْأُصُول والْحَدِيث وَالتَّفْسِير والوعظ والزهد رَحل من بَلْدَة قزوين إِلَى نيسابور فَأَقَامَ بهَا عِنْد الْفَقِيه مُحَمَّد بن يحيى وَقَرَأَ عَلَيْهِ ولازمه حَتَّى برع وَصَارَ أحد معيدي دروسه وَقدم بغداذ فحج وَعَاد إِلَى بَلَده ثمَّ قدمهَا ثَانِيًا سنة خمس وَخمسين وَخمْس مائَة وَعقد بهَا مجْلِس التَّذْكِير ونفقوا كَلَامه وَأَقْبلُوا عَلَيْهِ لحسن سمته وَكَثْرَة محفوظه وجودة إِيرَاده ثمَّ عَاد إِلَى بدله وَعَاد إِلَى بغداذ عبد السِّتين وَخمْس مائَة وَولي التدريس بالنظامية وَحدث بالكتب الْكِبَار صَحِيح مُسلم ومسند إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وتاريخ نيسابور للْحَاكِم وَسنَن الْبَيْهَقِيّ الْكَبِير وَدَلَائِل النُّبُوَّة الْبَعْث والنشور للبيهقي وأملى بِجَامِع الْقصر قَالَ لما كنت بنيسابور عِنْد مُحَمَّد بن يحيى وَأَنا صبي كَانَ من عَادَته)
أَنه فِي كل أُسْبُوع يَأْخُذ على الْفُقَهَاء مَا حفظوه وَكنت غير جيد الْحِفْظ فطالبني مرّة عبد مرّة وَأَنا لَا أقدر على حفظه فَأمرنِي بالانتقال من عِنْده والاشتغال على يغره كعادته فنقلت قماشي عِنْد بعض الْفُقَهَاء إِلَى أَن أسكن فِي مَكَان فاشتغلت ذَلِك النَّهَار وأدركني الْمسَاء فأخفيت نَفسِي فِي أتون طباخ ونمت فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف عَليّ فَقَالَ لي يَا أَحْمد لم لَا تذْهب إِلَى الْمدرسَة وتشغل فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّه لَا يَأْتِي مني شَيْء وَقد اجتهدت فَلم افلح فَقَالَ لي بلَى قُم واذهب إِلَى الْمدرسَة قَالَ فَأَعَدْت عَلَيْهِ الْكَلَام ثَانِيًا فَقَالَ لي افْتَحْ فَاك قَالَ(6/158)
ففتحته فتفل فِيهِ ثمَّ قَالَ لي اذْهَبْ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أَخَاف من الشَّيْخ وَمن قُصُور فهمي وَقلة حفظي ومعرفتي فَقَالَ لي افْتَحْ فَاك ففتحته مرّة ثَانِيَة فتفل فِيهِ مرّة ثَانِيَة ثمَّ انْتَبَهت وَقت السحر وأتيت الْمدرسَة ووقفت أكرر على الْمدرس فَإِذا هُوَ مَحْفُوظ لي وَخرج الشَّيْخ فرآني فَقَالَ لي هَل حفظت شَيْئا قلت نعم وأعدت عَلَيْهِ الدُّرُوس كلهَا حفظا جيدا من غير تتعتع وَلَا توقف فَقَالَ لي أَحْسَنت بَارك الله فِيك مثلك من يصلح لصحبتنا وأقمت عِنْده مُسْتَقِيم الْفَهم سريع الْإِدْرَاك كثير الْحِفْظ وَكَانَ من عَادَة الشَّيْخ أَن يُصَلِّي الْجُمُعَة عِنْد الإِمَام عبد الرَّحْمَن الأكاف الزَّاهِد وَيكون الْفُقَهَاء فِي خدمته وتجارى الْفُقَهَاء فِي مَسْأَلَة خلاف فَتكلم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن وَسكت الْجَمَاعَة إعظاماً وَأَنا لصِغَر سني وحدة ذهني أعترض عَلَيْهِ وأنازعه وَالْفُقَهَاء يشيرون إِلَيّ بالإمساك وَأَنا لَا ألتفت إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن دَعوه فَإِن هَذَا الْكَلَام الَّذِي يَقُول لَيْسَ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ من الَّذِي علمه قَالَ وَلم تعلم الْجَمَاعَة مَا أَرَادَ وفهمت وَعلمت أَنه مكاشف وَلما ولي تدريس النظامية كَانَ فِي الْحمام فَمضى إِلَى دَار الوزارة فَخلع عَلَيْهِ ورتب مدرساً فَلَمَّا اسْتَقر على كرْسِي التدريس وقرئت الربعة ودعي دُعَاء الختمة فَقبل مَا شرع فِي إِلْقَاء الدَّرْس الْتفت إِلَى الْجَمَاعَة وَقَالَ لَهُم من أَي كتب التَّفْسِير تحبون أَن أذكر فعينوا كتابا وَفعل مثل ذَلِك فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف فَلم يذكر لَهُم إِلَّا مَا اختاروه وعينوه فَقَالَ من أَي سُورَة تُرِيدُونَ أَن أذكر فأشاروا إِلَيْهِ فَذكر من تِلْكَ السُّورَة وَمن ذَلِك التَّفْسِير فأعجب الْحَاضِرُونَ مِنْهُ وَعَلمُوا كَثْرَة اطِّلَاعه وسَاق لَهُ محب الدّين ابْن النجار فِي الذيل عجائب من هَذَا النَّوْع ثمَّ إِنَّه ترك بغداذ وَعَاد إِلَى قزوين فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه مُنْكرا توجهه من بغداذ مَعَ الوجاهة الَّتِي لَهُ فِيهَا فَقَالَ معَاذ الله أَن أسكن فِي بلد يسب فِيهِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ ذَلِك فِي أَيَّام ابْن الصاحب وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ)
وَخمْس مائَة
3 - (نجيب الدّين الإسكندري)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن فَارس بن عبد الْعَزِيز نجيب الدّين أَبُو الْعَبَّاس التَّمِيمِي السَّعْدِيّ الأهتمي الصفراني الخالدي الإسْكَنْدراني الْمَالِكِي سمع وَحدث وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال فِي الخدم الديوانية بِمصْر ودمشق والجزيرة وَولي نظر الدِّيوَان بِدِمَشْق وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وست مائَة وزر للْملك الْعَادِل وحظي عِنْده وَكَانَ قيمًا بِمذهب مَالك وَمَعْرِفَة النَّحْو
3 - (ابْن التبلي الْمُحدث)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مَنْصُور نجم الدّين الْحلَبِي الْمَعْرُوف بِابْن التبلي وَابْن الْحَلَال ولد بحلب سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسمع من ابْن رَوَاحَة وَابْن خَلِيل قَرَأَ عَلَيْهِ علم الدّين البرزالي جُزْء ابْن حَرْب رِوَايَة الْعَبادَانِي وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة(6/159)
3 - (الصفار)
أَحْمد بن إشكاب الصفار الْكُوفِي نزل مصر روى عَنهُ البُخَارِيّ وَيَعْقُوب الْفَسَوِي وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَغَيرهم توفّي فِي حُدُود الْعشْرين والمائتين
3 - (الْكُوفِي الأخباري)
أَحْمد بن أعثم الْكُوفِي أَبُو مُحَمَّد الأخباري المؤرخ الشيعي قَالَ ياقوت هُوَ عِنْد أَصْحَاب الحَدِيث ضَعِيف لَهُ كتاب المألوف وَكتاب الْفتُوح مَعْرُوف ذكر فِيهِ إِلَى أَيَّام الرشيد وَله التَّارِيخ إِلَى أَيَّام المقتدر ابتدأه بأيام الْمَأْمُون ويوشك أَن يكون ذيلاً على الأول
3 - (أَحْمد بن أكمل بن مَسْعُود بن مطر)
3 - (الْهَاشِمِي أَبُو الْعَبَّاس)
تفقه على إِسْمَاعِيل بن الْحُسَيْن البغداذي فِي صباه وَصَحبه حَتَّى تميز وَأعَاد لدرسه وَكَانَ حسن الْكَلَام فِي مسَائِل الْخلاف ورتب خَطِيبًا فِي جَامع السُّلْطَان مَعَ بني الْمَنْصُور ثمَّ رتب نَاظرا فِي ديوَان التركات فَلم تحمد سيرته وارتكب عظائم فعزل عَن الْولَايَة وَالشَّهَادَة توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (التائب الْمُحدث)
أَحْمد بن ألتكين بن عبد الله الْمَعْرُوف بالتائب سمع الشريف الزَّيْنَبِي أَبَا نصر مُحَمَّدًا وَأَبا)
الْحسن عَاصِم بن الْحُسَيْن العاصمي وَعبد الْخَالِق بن هبة الله الْمُفَسّر سمع مِنْهُ أَبُو الطَّاهِر السلَفِي وروى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس بن الجلخت وَإِنَّمَا لقب بالتائب لِأَنَّهُ كَانَ يحضر مجَالِس الْوَعْظ كثيرا وَلَا ينْفَصل عَن مجْلِس واعظ حَتَّى يَتُوب على يَده توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (القوصي)
أَحْمد بن إلْيَاس صدر الدّين الإربلي الأَصْل الْحلَبِي المولد الْمَعْرُوف بالقويضي بِالْقَافِ المضمومة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة تَصْغِير قَاض أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ لَهُ نظم لَيْسَ بجيد وَرُبمَا بدر لَهُ الْجيد أَو مَا هُوَ فِي حيّز المقبول أنشدنا لنَفسِهِ وَكَانَ قد كلف أَن يثلث بَاقِيا من حِسَاب كَانَ يمليه
(يَا ماجداً ملك الْقُلُوب بِلُطْفِهِ ... وتملك الْأَحْرَار بالإشفاق)
(وَالنّظم يقصر عَن جميل ثنائه ... ونواله قد عَم بِالْإِطْلَاقِ)
(كلفتني أَنِّي أثلث بَاقِيا ... وَأَنا الموحد دَائِما للْبَاقِي)
3 - (الطنبوري)
أَحْمد بن أُمَامَة الْهَمدَانِي قَالَ صَاحب الأغاني كَانَ يُغني بالطنبور(6/160)
وَهُوَ أول من غنى بِهِ فِي الْإِسْلَام وَكَانَ قرين أعشى هَمدَان وإلفه فِي عَسْكَر ابْن الْأَشْعَث فَقتل فِي من قتل حُكيَ أَن الْأَعْشَى وَأحمد خرجا فِي بعض مغازيهما فَنزلَا على سليم بن صَالح الْعَنْبَري بساباط الْمَدَائِن فأكرمهما غَايَة الْإِكْرَام وَعرض عَلَيْهِمَا الشَّرَاب فأنعما بِهِ وجلسا يشربان فَقَالَ أَحْمد للأعشى قل فِي هَذَا الرجل الْكَرِيم شعرًا تمدحه حَتَّى أغْنى فِيهِ فَقَالَ
(يَا أَيهَا الْقلب الْمُطِيع الْهوى ... أَنى اعتراك الطَّرب النازح)
(تذكر جملا فَإِذا مَا نأت ... كَانَ شعاعاً قَلْبك الظامح)
(مَا لَك لَا تتْرك جهل الصَّبِي ... وَقد علاك الشمط الْوَاضِح)
(يَا جمل مَا حبي لكم زائل ... عني وَلَا عَن كَبِدِي بارح)
(إِنِّي توسمت امْرَءًا ماجداً ... يصدق فِي مدحته المادح)
(ذؤابة العنبر فاخترته ... والمرء قد ينعشه الصَّالح)
(أَبْلَج بهلولاً وظني بِهِ ... أَن ثنائي عِنْده رابح)
)
وَهِي أَبْيَات طَوِيلَة مثبته فِي كتاب الأغاني قَالَ فغنى أَحْمد فِي بعض الأبيات فأعلمت الْجَارِيَة مَوْلَاهَا بذلك فَنزل إِلَيْهِمَا وسألهما عَن أَنفسهمَا فَقَالَ لَهُ أَحْمد أَنا أَحْمد النصبي الْهَمدَانِي وَهَذَا الْأَعْشَى فأكب على رَأسه يقبله واحتبسهما عِنْده شهرا ثمَّ حملهما على فرسين فتركا عِنْده مَا كَانَ من دَوَابِّهِمَا وَلما رجعا من مغزاهما وشارفا منزله قَالَ أَحْمد للأعشى إِنِّي لأرى عجبا قَالَ مَا هُوَ قَالَ أرى فَوق قصر سليم ثعلباً قَالَ إِن كنت صَادِقا فَمَا بَقِي فِي الْقرْيَة أحد فدخلاها فوجدا أَهلهَا قد مَاتُوا بالطاعون
3 - (الْكَاتِب)
أَحْمد بن أُميَّة أَبُو الْعَبَّاس الْكَاتِب ذكره المرزباني فَقَالَ أهل بَيت الْكِتَابَة والغزل والظرف حَدثنَا أَحْمد بن الْقَاسِم النَّيْسَابُورِي أَنه لقِيه عبد الْخمسين وَمِائَتَيْنِ وَأخذ عَنهُ علما كثيرا وأدباً قَالَ ياقوت وَأُميَّة مولى لهشام بن عبد الْملك واتصل فِي دولة بني الْعَبَّاس بِالربيعِ حَاجِب الْمَنْصُور وَكتب بَين يَدَيْهِ وَله شعر حسن وَولده أهل بَيت علم مِنْهُم أَحْمد هَذَا وَأَخُوهُ مُحَمَّد وَقد ذكرته فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء قَالَ المرزباني وَأحمد هُوَ الْقَائِل
(خبرت عَن تغيري الأترابا ... ومشيبي فَقُلْنَ بِاللَّه شَابًّا)
(نظرت نظرة إِلَيّ فصدت ... كصدود المخمور شم الشرابا)
(إِن أدهى مصيبةٍ نزلت بِي ... أَن تصدي وَقد زعمت الشبابا)
وَكَانَ أَبُو هفان يَقُول لَيْسَ فِي الدِّينَا أظرف وَلَا أشرف هجاء من قَول احْمَد بن أُميَّة(6/161)
(إِن ابْن شاهك قد وليته عملا ... أضحى وحقك عَنهُ وَهُوَ مَشْغُول)
(بسكة أحدثت لَيست بشارعة ... فِي وَسطهَا عَرصَة فِي وَسطهَا ميل)
(يرى فرانقها فِي الأَرْض مندفعاً ... تهوي خريطته والبغل مشكول)
3 - (الْأَمِير الدِّمَشْقِي)
أَحْمد بن أنس شهَاب الدّين ابْن الْأَمِير شرف الدّين سَيَأْتِي ذكر وَالِده فِي مَوْضِعه غ شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ من أُمَرَاء العشرات بِدِمَشْق وَلما حضر الْأَمِير عَلَاء الدّين أطلنبغا إِلَى دمشق نَائِبا كَانَ منحرفاً عَلَيْهِ لأجل وَالِده على مَا يَأْتِي ثمَّ إِنَّه رَضِي عَلَيْهِ وولاه مَدِينَة دمشق فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ عزل بالأمير نَاصِر الدّين ابْن بكتاش ثمَّ إِنَّه ولاه شدّ غَزَّة والساحل فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام هُنَاكَ إِلَى أَن قدم الفخري وَحكم فِي دمشق فَأحْضرهُ على أَنه يهلكه لشده من برسبغا وميله إِلَى)
المصريين فسعى إِلَى أَن رَضِي عَلَيْهِ وَتَوَلَّى نِيَابَة بعلبك إِلَى أَن عزل عَنْهَا بالأمير سيف الدّين بهادر الحسني فَحَضَرَ إِلَى دمشق وَأقَام على إمرته إِلَى أَن توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثلاثٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ يخبر بأَشْيَاء قبل وُقُوعهَا وَتَقَع على مَا يَقُول وَمَا يعلم من أَيْن لَهُ علم ذَلِك
3 - (ابْن الدمياطي)
أَحْمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي الْمصْرِيّ الدمياطي شهَاب الدّين بن عز الدّين الشَّافِعِي الجندي عرف بِابْن الدمياطي نِسْبَة إِلَى جده لأمه سمع من الحجار وَمن أَحْمد بن درادة وَأبي عَليّ الْحسن بن عمر الْكرْدِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الدِّمَاغ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن رَشِيق وشهدة ابْنة أبي الْحسن بن عبد الْعَظِيم الحصني ووزيرة ابْنة عمر بن أسعد ابْن المنجا فِي آخَرين وبالإسكندرية من أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد المحسن الغافي وَغَيره وبدمياط من جمَاعَة وَكتب عني وَسمع بِقِرَاءَتِي بِالْقَاهِرَةِ على الشَّيْخَيْنِ أثير الدّين وَفتح الدّين ابْن سيد النَّاس وَحدث وَهُوَ شب وَكتب بِخَطِّهِ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَحصل الْأُصُول وَالْفُرُوع وانتقى على الشُّيُوخ وَحفظ ألفية ابْن مَالك وَجمع مشيخة للْقَاضِي ضِيَاء الدّين يُوسُف بن أبي بكر ابْن خطيب بَيت الْآبَار وَقرأَهَا عَلَيْهِ وَسمعتهَا أَنا وغيري فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وكتبت لَهُ عَلَيْهَا تقريظاً نظماً ونثراً وسوف يَأْتِي فِي تَرْجَمَة ضِيَاء الدّين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي طاعون مصر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
3 - (أَبُو بكر الزَّاهِد)
أَحْمد بن أَيُّوب بن المعافا بن عَبَّاس بن مُحَمَّد أَبُو بكر الزَّاهِد من أهل عكبرا يحدث عَن أبي خَالِد ابْن يزِيد بن الْهَيْثَم بن طهْمَان الدقاق الْمَعْرُوف بالباذا روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ ابْن ابْن أَخِيه عبد الله بن عَليّ بن أَيُّوب
3 - (شيخ الْمُعْتَزلَة)
أَحْمد بن أَيُّوب بن مانوس كَانَ من تلامذة النظام وَهُوَ شيخ الْمُعْتَزلَة(6/162)
وَكَانَ فِي زمَان أَحْمد بن حَائِط الْآتِي ذكره وَفضل الحدثي وافقهما على القَوْل بالتناسخ على الصُّورَة المشروحة فِي تَرْجَمَة أَحْمد بن حَائِط إِلَّا أَنه قَالَ مَتى صَارَت النّوبَة إِلَى البهيمية ارْتَفَعت التكاليف وَمَتى صَارَت النّوبَة إِلَى رُتْبَة النبوبة وَالْملك ارْتَفَعت التكاليف أَيْضا وَصَارَت النوبتان عَالم الْجَزَاء)
3 - (ابْن المندائي)
أَحْمد بن بختيار بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْعَبَّاس الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِابْن المندائي من نواحي البطيحة نَشأ بهَا وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي مُحَمَّد الحريري وَدخل وَاسِط عبد الْخمس مائَة واستوطنها وتفقه بهَا للشَّافِعِيّ على قاضيها أبي عبد الله الفارقي وَشهد عِنْده وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَولي قَضَاء الْكُوفَة نِيَابَة عَن أبي الْفَتْح ابْن الْبَيْضَاوِيّ قَاضِي الْكُوفَة وعزل ثمَّ قدم بغداذ وَولي الْإِعَادَة بالنظامية وَكتب بِخَطِّهِ الْكتب المطولة من الْفِقْه والْحَدِيث والتاريخ وَكَانَ يكْتب خطا حسنا صَحِيحا وحد ببغداذ بالمقامات عَن المُصَنّف وبشيء من مسموعاته وَكَانَ أديباً ناظماً أورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار
(إِذا وعدت فَعجل مَا وعدت بِهِ ... فالمطل من يغر عذر آفَة الْجُود)
(فَإِن تعذر مَطْلُوب بمانعةٍ ... فاليأس أقرب مشكور ومحمود)
(إِن السُّؤَال وَإِن قلت مصادره ... يُوفي على كل مأمول ومعهود)
(وصون مَاء الْمحيا للفتى شرف ... وَفِي القناعة عز غير مَفْقُود)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(خلق أرق من النسيم إِذا سرى ... سحرًا على روض الرّبيع الزَّاهِر)
(لَو خالط الْبَحْر الأجاج أَعَادَهُ ... عذباً يروق صفاؤه للنَّاظِر)
قلت شعر مَقْبُول توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة وَسمع أَبَا الْقَاسِم ابْن بَيَان وَأَبا عَليّ ابْن نَبهَان وَغَيرهمَا وَله الْيَد الباسطة فِي كتب السجلات والكتب الْحكمِيَّة قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ يسمع مَعنا على الْحَافِظ ابْن نَاصِر وصنف كتبا مِنْهَا كتاب الْقُضَاة تَارِيخ البطائح
3 - (ابْن بدر الْقطَّان)
أَحْمد بن بدر بن الْفرج بن أبي السّري الْقطَّان أَبُو بكر الْكتب من سَاكِني المأمونية كَانَ أحد كتاب الدِّيوَان سمع أَحْمد الدَّلال وَأحمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد البغداذي الْأَصْبَهَانِيّ وَغَيرهمَا وَحدث باليسير قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَتُوفِّي قبل طلبي الحَدِيث سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخمْس مائَة(6/163)
3 - (قَاضِي الْكُوفَة اليامي)
أَحْمد بن بديل قَاضِي الْكُوفَة ثمَّ قَاضِي همذان الْكُوفِي اليامي روى عَنهُ ابْن مَاجَه قَالَ)
النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ الدرا قطني فِيهِ لين كَانَ يُسمى رَاهِب الْكُوفَة فَلَمَّا تولى قضاءها قَالَ خذلت على كبر السن توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو حَفْص الْقُرْطُبِيّ الْكَاتِب)
أَحْمد بن برد أَبُو حَفْص الْقُرْطُبِيّ الْكَاتِب كَانَ ذَا حَظّ وافر من البلاغة وَالْأَدب وَالشعر رَئِيسا مقدما فِي الدولة العامرية توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَأَرْبع مائَة من شعره
(أصبت بِالْعينِ صبري فِي هوى قمرٍ ... قد أُوتِيَ الْحسن فِي جيد وَفِي عين)
(توقد نَار خديه فَسَالَ بهَا ... من مسك لمته خطا عذارين)
وَقَالَ ابْن برد من أَبْيَات
(عربد مولَايَ بالتجني ... إِذْ عب فِي خمرة الدَّلال)
قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت أَخذ الْمَعْنى من قَول بعض أهل الْعَصْر تحكم فِي مهجتي كَيفَ شاسقيم الجفون هضيم الحشا
(سقته يَد الْحسن خمر الدَّلال ... فعربد بالصد لما انتشا)
وَلابْن برد أَيْضا
(والجو من عبق النسيم معنبر ... والنجم قد أغفى بِغَيْر نُعَاس)
(والبدر كالمرآة غير صقلها ... عَبث الغواني فِيهِ بالأنفاس)
قلت نقل الْمَعْنى من قَول أبي بكر مُحَمَّد هَاشم
(وتنقبت بخفيف غيم أَبيض ... هِيَ فِيهِ بَين تخفر وتبرج)
(كتنفس الْحَسْنَاء فِي الْمرْآة إِذْ ... كملت محاسنها وَلم تتَزَوَّج)
وَلابْن برد أَيْضا
(قد ألحف الْجُود فِي انسكابه ... وألحف الجو فِي ربابه)
(وَقَامَ دَاعِي السرُور يَدْعُو ... حَيّ على الزق وانتهابه)
(وفاؤه فِي النديم لما ... تزدحم الرُّسُل عِنْد بَابه)(6/164)
وَله أَيْضا
(تنبه فقد شقّ النَّهَار مغلساً ... كمائمه عَن نوره الخضل الندي)
(مداهن تبر فِي أنامل فضَّة ... على ذرع مخروطة من زبرجد)
)
3 - (ابْن الأغبس الشَّافِعِي)
أَحْمد بن بشر بن عَليّ التجِيبِي يعرف بِابْن الأغبس ذكره الْحميدِي وَقَالَ مَاتَ سنة سِتّ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ فَقِيها للشَّافِعِيّ مائلاً إِلَى الحَدِيث عَالما بكتب الْقُرْآن قد أتقن كل مَا قيل فِيهَا من جِهَة الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير واللغة وَالْقِرَاءَة وَكَانَ حَافِظًا للغة الْعَرَب كثير الرِّوَايَة جيد الْخط والضبط للكتب وَأخذ عَن الْعجلِيّ والخشني وَابْن الْغَازِي
3 - (أَبُو حَامِد المرورُّوذي الشَّافِعِي)
أَحْمد بن بشر بن عَامر أَبُو حَامِد المروروذي الْفَقِيه الشَّافِعِي نزيل الْبَصْرَة تفقه على أبي إِسْحَاق الْمروزِي وصنف الْجَامِع فِي الْمَذْهَب وَشرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ وصنف فِي الْأُصُول وَكَانَ إِمَامًا لَا يشق غباره وَعنهُ أَخذ فُقَهَاء الْبَصْرَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الْبَقَّال التَّاجِر)
أَحْمد بن بَقَاء بن عَليّ أَبُو عَليّ الْبَقَّال من سَاكِني دَار الْخلَافَة كَانَ بزازاً بالرحبة لَهُ ثروة ووجاهة عِنْد النَّاس قد سَافر كثيرا فِي طلب التِّجَارَة وَدخل خُرَاسَان وبلاد التّرْك وَرَأى الْعَجَائِب قَالَ ابْن النجار محب الدّين وَكَانَ متديناً صَالحا ذَا أَمَانَة وَصُورَة مَقْبُولَة وَشَيْبَة حَسَنَة وأخلاق طيبَة وَكَلَام مليح يحفظ نَوَادِر وحكايات وَكنت أجتمع بِهِ كثيرا فِي مجْلِس شَيخنَا أبي أَحْمد بن سكينَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة وَأوصى أَن يكْتب على قَبره هَذَانِ البيتان
(يَا خير منزول بِهِ إِنَّنِي ... ضيف وَحقّ الضَّيْف أَن يقرى)
(فَاجْعَلْ قراي مِنْك يَا سَيِّدي ... غفران مَا فِي صحفي يقرى)
3 - (ابْن مخلد الأندلسي)
أَحْمد بن بَقِي بن مخلد الأندلسي أَبُو عمر سمع كتب أَبِيه لَا غير وَكَانَ حَلِيمًا وقوراً كثير التِّلَاوَة قوي الْمعرفَة بِالْقضَاءِ ولي الحكم عشرَة أَعْوَام وَكَانَ متثبتاً فِي أَحْكَامه توفّي سنة أَبُو وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى(6/165)
3 - (ابْن بكتمر الساقي)
أَحْمد بن بكتمر أَمِير أَحْمد بن الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي كَانَ وجيهاً حسنا مُشْتَركا متدبراً مليحاً إِلَى الْغَايَة وَكَانَ السُّلْطَان يُحِبهُ كثيرا إِلَى الْغَايَة حُكيَ أَنه كَانَ نَائِما يَوْمًا على)
ركبة السُّلْطَان وَقد عزم على الرّكُوب وأحضرت الْخَيل ووقفت العساكر وَالنَّاس وأمير أخور وَاقِف بالفرس فَقَالَ أَبوهُ يَا خوند النَّاس واقفون فَقَالَ حَتَّى ينتبه أَحْمد وَكلما هم أَبوهُ بِحمْلِهِ مَنعه وَلم يزل حَتَّى انتبه وَكَانَ هُوَ صَغِير الرجلَيْن لَا يَسْتَطِيع الْمَشْي عَلَيْهِمَا وَغرم السُّلْطَان شَيْئا كثيرا على الْأَدْوِيَة والعقاقير إِلَى أَن اشتدتا ومشي عَلَيْهِمَا ثمَّ إِنَّه أمره مائَة وَقدمه تقدمة ألف وزوجه بابنة الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَكَانَ عرس عَظِيم إِلَى الْغَايَة وقف السُّلْطَان على السماط بِنَفسِهِ وَفِي يَده الْعَصَا ورتب السماط وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ يُحِبهُ محبَّة مفرطة وَقضى عِنْد السُّلْطَان أشغالاً كَثِيرَة ونفع النَّاس نفعا عَظِيما وَكَانَ النَّاس يَعْتَقِدُونَ أَنه ابْن السُّلْطَان لما يَجدونَ من ميله إِلَيْهِ ثمَّ إِنَّه توجه إِلَى الْحجاز مَعَ وَالِده وَالسُّلْطَان فَمَرض ثَلَاثَة أَيَّام وَمَات وَفِي تَرْجَمَة أَبِيه فِي حرف الْبَاء يَأْتِي طرف من خَبره عِنْد مَوته رَحمَه الله تَعَالَى وَتزَوج السُّلْطَان امْرَأَته بنت الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَكَانَت وَفَاته فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وعمره قريب من الْعشْرين سنة
3 - (أَبُو طَالب الْعَبْدي النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن بكر بن أَحْمد بن بَقِيَّة الْعَبْدي أَبُو طَالب النَّحْوِيّ أحد الْأَئِمَّة النُّحَاة الْمَشْهُورين صَاحب شرح الْإِيضَاح وَغَيره من المصنفات قَرَأَ النَّحْو على أبي سعيد السيرافي وَرَأى الرماني وَأَبا عَليّ الْفَارِسِي وَسمع أَبَا عمر مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الزَّاهِد ودعلجاً السجْزِي وَأَبا بكر ابْن شَاذان وَأَبا عمر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس ابْن حيويه وَأَبا طَاهِر المخلص وَحدث عَن أَبِيه وَعَن دعْلج بِكِتَاب غَرِيب الحَدِيث لأبي عبيد روى عَنهُ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الْمهْدي الْخَطِيب وَالْقَاضِي أَبُو الطّيب طَاهِر الطَّبَرِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْوراق وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة قَالَ فِي شرح الْإِيضَاح قَالَ أَبُو مُحَمَّد يُوسُف بن السيرافي فِي يَاء تفعلين هِيَ عَلامَة التَّأْنِيث وَالْفَاعِل مُضْمر فَقلت لَهُ وَلَو كَانَت بِمَنْزِلَة التَّاء فِي ضربت عَلامَة التَّأْنِيث فَقَط لثبتت مَعَ ضمير الِاثْنَيْنِ وَعلم أَن فِيهَا مَعَ دلالتها على التَّأْنِيث معنى الْفَاعِل فَلَمَّا صَار للاثنين بَطل ضمير الْوَاحِد الَّذِي هُوَ الْيَاء وَجَاءَت الْألف وَحدهَا فَقَالَ هَذَا زنبيل الْحَوَائِج كَذَا وَكَذَا وَانْقطع الْوَقْت بالضحك من ابْن شَيخنَا فِي قلَّة تصرفه وَله كتاب شرح الْجرْمِي قل ياقوت نقلت من أبي الْقَاسِم المغربي الْوَزير أَن الْعَبْدي أُصِيب بعقله واختل فِي آخر عمره(6/166)
)
3 - (الْمجد الخاوراني)
أَحْمد بن أبي بكر بن أبي مُحَمَّد الخاوراني النَّحْوِيّ الأديب أَبُو الْفضل يلقب بالمجد قَالَ ياقوت لَقيته بتبريز وَهُوَ شب فَاضل بارع قيم بِعلم النَّحْو محترق بالذكاء حَافظ لِلْقُرْآنِ كتب بِخَطِّهِ الْعُلُوم وَقرأَهَا على مشايخه ورأيته قد صنف كتابين صغيرين فِي النَّحْو وَشرع فِي أَشْيَاء فَلم تمهله الْمنية ليتمها مِنْهَا فِيمَا ذكر لي شرح الْمفصل للزمخشري وَكتب عني الْكثير واعتبط فِي سنة عشْرين وست مائَة وعمره نَحْو ثَلَاثِينَ سنة وَله رِسَالَة صَالِحَة
3 - (ابْن الشبلي الزَّاهِد)
أَحْمد بن أبي بكر بن الْمُبَارك أَبُو السُّعُود الزَّاهِد الْمَعْرُوف بِابْن الشبلي من أهل الْحَرِيم الظَّاهِرِيّ صحب الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي وَأخذ عَنهُ طَرِيق الْمُعَامَلَة والزهد وَصَارَ مِمَّن يشار إِلَيْهِ بالمعرفة وَالْولَايَة وَظَهَرت لَهُ الكرامات وَفتح عَلَيْهِ بالْكلَام فِي طَرِيق الْقَوْم وَصَارَ لَهُ الْقبُول التَّام عِنْد النَّاس وَأكْثر النَّاس زيارته والتبرك بِهِ سمع شَيْئا من الحَدِيث من أبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن النّحاس وَحدث باليسير قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَقد أدْركْت أَيَّامه وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (الْفَقِيه أَبُو مُصعب الْعَوْفِيّ)
أَحْمد بن أبي بكر يَنْتَهِي إِلَى مُصعب بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو مُصعب الزُّهْرِيّ الْعَوْفِيّ الْمدنِي قَاضِي الْمَدِينَة سمع الْمُوَطَّأ من مَالك روى عَنهُ الْجَمَاعَة خلا النَّسَائِيّ فَإِنَّهُ روى عَنهُ بِوَاسِطَة قَالَ الزبير بن بكار هُوَ فَقِيه أهل الْمَدِينَة بِلَا مدافعة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (جمال الدّين ابْن الْحَمَوِيّ)
أَحْمد بن أبي بكر بن سُلَيْمَان بن عَليّ جمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْحَمَوِيّ ولد فِي حُدُود سنة سِتّ مائَة وَحضر جَمِيع الغيلانيات على ابْن طبرزد وَسمع الْكِنْدِيّ وَابْن مندويه وَابْن الحرستاني وَأَجَازَ لَهُ أَبُو مَنْصُور الفراوي وَحده مُدَّة طَوِيلَة وَسمع مِنْهُ ابْن الخباز وَابْن نَفِيس الْموصِلِي والوجيه السبتي وسبط إِمَام الكلاسة والمزي وَابْن تَيْمِية وَلم يزل مَسْتُورا وَظَاهره العابدة والنسك حَتَّى شهد على ابْن الصَّائِغ القَاضِي فاتهم أَنَّهَا شَهَادَة زور وأصر عَلَيْهَا فأهدره الْحَاكِم وَاحْتَرَقَ وَلم يسمع عَبدهَا وَمَات على ذَلِك بدويرة حمد بِدِمَشْق سنة سبع وَثَمَانِينَ وست)
مائَة وَقد رُوِيَ البُخَارِيّ عَنهُ غير مرّة(6/167)
3 - (شهَاب الدّين الزبيرِي)
أَحْمد بن أبي بكر بن طي بن حَاتِم الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث أَبُو الْعَبَّاس الزبيرِي سمع من النجيب ومعين الدّين الدِّمَشْقِي وَأبي بكر ابْن الْأنمَاطِي ورحل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَسمع بهَا من جمَاعَة كَبِيرَة أجَاز لي
3 - (بهاء الدّين ابْن عرام)
أَحْمد بن أبي بكر بن عرام بهاء الدّين الأسواني المحتد الإسكندري المولد قَرَأَ الْقِرَاءَة على الدلاصي بِمَكَّة وَالْفِقْه للشَّافِعِيّ على الشَّيْخ أبي بكر ابْن مبادر وعَلى علم الدّين الْعِرَاقِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الأصولين وعَلى الشَّيْخ شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ وَقَرَأَ النَّحْو على محيي الدّين حافي رَأسه وعَلى الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس وَسمع على أبي عبد الله مُحَمَّد بن طرخان وَأبي الْحسن الخزرجي وعَلى تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وعَلى الدمياطي وَغَيرهم تولى نظر الأحباس بالإسكندرية وتصدر لإقراء الْعَرَبيَّة بِجَامِع العطارين وَصَحب الشَّيْخ أَبَا الْعَبَّاس المرسي وَأخذ التصوف عَنهُ وَعَن وَالِده وَكَانَ مقداماً متديناً وَأمه بنت الشَّيْخ الشاذلي ومولده سنة أَربع وَسِتِّينَ وست مائَة ووفاته بِالْقَاهِرَةِ سنة عشْرين وَسبع مائَة ونله نظم ونثر من ذَلِك
(وحقك يَا مي الَّذِي تعرفينه ... من الوجد والتبريح عِنْدِي بَاقٍ)
(فبالله لَا تخشي رقيباً وواصلي ... وجودي ومني وانعمي بتلاق)
وَمِنْه
(أَبَا طرس إِن جِئْت الثغور فقبلن ... أنامل مَا مدت لغير صَنِيع)
(وَإِيَّاك من رشح الندا وسط كَفه ... فتمحى سطور سطرت لرفيع)
وَقد صنف فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَله تعليقة على الْمِنْهَاج للنووي ومناسك وَغير ذَلِك
3 - (أَبُو جلنك الشَّاعِر)
أَحْمد بن أبي بكر شهَاب الدّين أَبُو جلنك الْحلَبِي الشَّاعِر الْمَشْهُور بِالْعشرَةِ والنوادر والفضيلة وَفِيه همة وشجاعة نزل من قلعة حلب للإغارة على التتار فَوَقع فِي فرسه سهم فَوَقع وَبَقِي رَاجِلا وَكَانَ ضخماً فأسروه وأحضر بَين يَدي مقدم التتار فَسَأَلَهُ عَن عَسْكَر الْمُسلمين فكثرهم)
وَرفع شَأْنهمْ فَضرب عُنُقه سنة سبع مائَة يُقَال إِنَّه دخل إِلَى الْموصل(6/168)
وَقصد الطَّهَارَة وعَلى بَابهَا خَادِم لَهُ أكيال وَهُوَ مرصد لمن يدْخل يناوله كيل مَاء للاستنجاء فَدخل على عَادَة الْبِلَاد وَلم يعلم بالأكيال فَلَمَّا تقدم إِلَى الدُّخُول إِلَى بَيت الْخَلَاء صَاحب بِهِ ذَلِك الْخَادِم وَقَالَ قف خُذ الْكَيْل فَقَالَ أَنا أخرأ جزَافا فبلغت الْحِكَايَة صَاحب الْموصل فَقَالَ هَذَا مطبوع وَطلب أَبَا جلنك ونادمه وَأَخْبرنِي من لَفظه القَاضِي جمال الدّين بن سُلَيْمَان بن رين قل لازمنا مُدَّة وَكَانَ ينتبه نصفا من اللَّيْل فيكرر على محافظيه وَمِنْهَا مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ثمَّ يشبب ويزمزم فَإِذا أصبح تَوَضَّأ وَصلى الصُّبْح وأنشدني قَالَ أَنْشدني من لَفظه لغزاً فِي مَسْعُود
(اسْم الَّذِي أهواه فِي حُرُوفه ... مَسْأَلَة فِي طيها مسَائِل)
(خمساه فعل وَهُوَ فِي تصحيفه ... مُبين وَالْعَكْس سم قَاتل)
(تضيء عبد الْعَصْر إِن جِئْت بِهِ ... مكرراً من عكسك الْمنَازل)
(وَهُوَ إِذا صحفته مكرراً ... فَاكِهَة يلتذ مِنْهَا الْآكِل)
(وَهُوَ إِذا صحفته جَمِيعه ... وصف امْرِئ يعجب مِنْهُ الْعَاقِل)
(وَفِيه طيب مطرب وطالما ... هَاجَتْ على أَمْثَاله البلابل)
قلت لغز جيد ومقاصد حَسَنَة إِلَّا أَن فِي قَوْله وَهُوَ إِذا صحفته جَمِيعه الْبَيْت تسامحاً لِأَن المشعبذ لَا يُقَال فِيهِ مشعوذ لِأَن الشعبذة بِالْبَاء لَا بِالْوَاو وأنشدت لَهُ مضمناً فِي أقطع وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن
(وَبِي أقطع مَا زَالَ يسخو بِمَالِه ... وَمن جوده مَا رد فِي النَّاس سَائل)
(تناهت يَدَاهُ فاستطال عطاؤها ... وَعند التناهي يقصر المتطاول)
وَقَالَ الشَّيْخ يحيى الخباز فِيمَا عبد إنَّهُمَا لَهُ وأنشدني العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ أنشدنا الْعَلامَة عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الْملك بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْحلَبِي قَالَ أنشدنا أَبُو جلنك لنَفسِهِ
(أَتَى العذار بِمَاذَا أَنْت تعتذر ... وَأَنت كالوجد لَا تبقي وَلَا تذر)
(لَا عذر يقبل إِن نم العذار لوا ... ينجيك من خَوفه بَأْس وَلَا حذر)
(كأنني بوحوش الشّعْر قد أنست ... بوجنتيك وبالعشاق قد نفروا)
(وَكلما مر بِي مرد أَقُول لَهُم ... قفوا نظرُوا وَجهه هَذَا الْحر واعتبروا)(6/169)
)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور وَكَانَ قد مدح قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَحْمد بن خلكان فَوَقع لَهُ برطلي خبز وَكتب ذَلِك على بستانه
(لله بُسْتَان حللنا دوحه ... فِي جنَّة قد فتحت أَبْوَابهَا)
(والبان تحسبه سنانيراً رَأَتْ ... قَاضِي الْقُضَاة فنفشت أذنابها)
قلت بَلغنِي أَن الشَّيْخ بدر الدّين ابْن مَالك وضع على هذَيْن الْبَيْتَيْنِ كراسة فِي البديع وأنشدني بالسند الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا لَا تحسبن خضابها النامي على الْقَدَمَيْنِ بالمتكلف الْمَصْنُوع
(لَكِنَّهَا بالهجر خاضت فِي دمي ... فتسربلت أَقْدَامهَا بنجيعي)
وأنشدت لَهُ جعلتك الْمَقْصد الْأَقْصَى وموطنك الْبَيْت الْمُقَدّس من روحي وجثماني
(وقلبك الصَّخْرَة الصماء حِين قست ... قَامَت قِيَامَة أشواقي وأشجاني)
(أما إِذا كنت ترْضى أَن تقاطعني ... وَأَن يزورك ذُو زور وبهتان)
(فَلَا يغرنك نَار فِي حشاي فَمن ... وَادي جَهَنَّم تجْرِي عين سلوان)
قلت ألطف من هَذَا قَول الْقَائِل
(أيا قدس حسن قلبه الصَّخْرَة الَّتِي ... قست فَهِيَ لَا ترثي لصب متيم)
(وَيَا سؤلي الْأَقْصَى عَسى بَاب رَحْمَة ... فَفِي كبد المشتاق وَادي جَهَنَّم)
وأنشدت لأبي جلنك أَيْضا
(وشادن يصفع مغرى بِهِ ... براحة أندى من الوابل)
(فَصحت فِي النَّاس أَلا فاعجبوا ... بَحر غَدا يلطم فِي السَّاحِل)
وأنشدني أثير الدّين قَالَ أَنْشدني عَلَاء الدّين عَليّ بن سيف الدّين سكن قِرَاءَة عَلَيْهِ قَالَ أنشدنا أَبُو جلنك لنَفسِهِ
(مَاذَا على الْغُصْن الميال لَو عطفا ... وَمَال عَن طرق الهجران وانحرفا)
(وَعَاد لي عَائِد مِنْهُ إِلَى صلةٍ ... حسبي من الشوق مَا لاقيته وَكفى)
(صفا لَهُ الْقلب حَتَّى لَا يمازجه ... شَيْء سواهُ وَأما قلبه فصفا)
(وزارني طيفه وَهنا ليؤنسني ... فاستصحب النّوم من عَيْني وانصرفا)
)
(ورمت من خصره برءاً فزدت ضنى ... وطالب الْبُرْء وَالْمَطْلُوب قد ضعفا)
(حكى الدجى شعره طولا فحاكمه ... فَضَاعَ بَينهمَا عمري وَمَا انتصفا)(6/170)
3 - (ابْن برق وَالِي دمشق)
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن برق الْأَمِير شهَاب الدّين مُتَوَلِّي مَدِينَة دمشق كَانَ أَولا وَالِي صيداء فَأحْسن السِّيرَة بهَا والسمعة فنقله الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله إِلَى ولَايَة مَدِينَة دمشق فَأَقَامَ فِيهَا مُدَّة مديدة وَكَانَ إنْسَانا حسنا يحب الْفُضَلَاء ويؤثرهم وعَلى ذهنه حكايات ووقائع وَشعر وَغَيره وساس النَّاس بهَا سياسةً حَسَنَة وَلم يبد مِنْهُ مَا أنكرهُ النَّاس عَلَيْهِ إِلَّا وَاقعَة ابْنة لاجين لما كبست فَإِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز خنقها وَحبس من كَانَ مَعهَا مدَدا زمانية بعد مَا ركبُوا على اللّعب للصلب وَكَانَ ذَلِك من قُوَّة أنفاس الممسوكين فَإِنَّهُم تجهزوا عَلَيْهِ فَاحْتَاجَ إِلَى إِعْلَام النَّائِب بذلك فَكَانَ مَا كَانَ وَكَانَ أَمِير عشرَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله قد جعله حكم البندق عوضا عَن الْأَمِير صارم الدّين صاروجا فَكتبت لَهُ بذلك توقيعاً ونسخته الْحَمد لله لم يزل حَمده وَاجِبا ورفده لكل خير واهبا وشكره للنعم جالبا وللنقم حاجبا وَذكره للبؤس سالباً وللنعيم كاسبا نحمده على نعمه الَّتِي نصرع بِالْحَمْد أَصْنَاف أطيارها وَنقص بالشكر أَجْنِحَتهَا فَلَا قدرَة لَهَا على مطارها ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة لَا يكون لنا بهَا عَن الْفَوْز بِالْجنَّةِ عذر وَلَا نجد بهَا نفوسنا يَوْم الْبَعْث إِلَّا فِي حواصل طيور خضر ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أفضل من قدم ذَوي الرتب وأشرف من حكم بِالْعَدْلِ العاري عَن الشُّبْهَة والريب صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين كَانُوا فِي الحروب عقبانها الكواسر وفرسانها الَّذين أشبعوا من لُحُوم العدى ذَوَات المخالب والمناسر مَا أَحْمد الرَّامِي فِي المرام عزمه وسعت لَهُ فِي الرتب قدم قدمه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَلَمَّا كَانَ الرَّمْي بالبندق فَنًّا تعاطاه الْخُلَفَاء وَالْملك وسلك الْأُمَرَاء والعظماء مِنْهُ طَريقَة لَطِيفَة المأخذ ظريفة السلوك يرتاضون بِهِ عِنْد الْملَل لاسترواح نُفُوسهم ويجنون ثَمَرَات المنى فِي التَّنَزُّه من عروس غروسهم ويبرزون إِلَى مَا يروق الطّرف ويروع الطير من بزاتهم وينالونه ببنادق الطين من الطير مَا لَا يَنَالهُ سواهُم بجوارح صقورهم وَلَا بزاتهم قد نبذوا فِي تَحْصِيل الْمَرَاتِب الْعلية شواغل العلق وتدرعوا شار الصدْق بَينهم وهم أَصْحَاب)
الملق وَمنعُوا جفونهم من وُرُود حِيَاض النّوم إِلَّا تحله وظهروا بِوُجُوه هِيَ البدور وقسي هِيَ الأهله وتنقلوا فِي صيد النسور تنقل الرخ وصادوا الطُّيُور فِي الجو لما نثروا حبات الطين من كل قَوس هِيَ كالفخ وصرخوا على الأوتار فَكَانَت ندامى الأطيار على سلاف الْمِيَاه من جملَة صرعاها واقتطفوا زهرات كل رَوْضَة أخرجت ماءها ومرعاها احْتَاجَت هَذِه الطَّرِيق إِلَى ضوابط تراعي فِي شُرُوطهَا وتسحب على الجادة أذيال مروطها ليقف كل رام عِنْد طور طيره ويسبر بتقدمه غور غَيره ليؤمن من التَّنَازُع فِي الْمَرَاتِب وَيسلم أهل هَذِه الطَّرِيقَة من العائب والعاتب
وَكَانَ الْمجْلس السَّامِي الأميري الشهابي أَحْمد بن برق هُوَ الَّذِي جر فِيهَا على المجرة مطرفه وَأصْبح ابْن بجدتها علما ومعرفه تطرب الأسماع من نغمات أوتاره وتنشق مرائر الطير(6/171)
من لون غباره وتود المجرة لَو كَانَت لَهُ طَرِيقا وَالشَّمْس جَوَاده وَالسَّمَاء ملقه وتتمنى قَوس السَّمَاء الملونة لَو كَانَت قوسه والنسر طَائِره والنجوم بندقه كم جعل حلل الرَّوْض المرقومة بِمَا صرعه مطايره وَكم خرج فِي زمر وَالطير فَوْقهم صافات فصاد بدر تمّ حِين بادره وَكم ضرج فِي معرك الجو من قَتِيل ريشه كالزرد الموضون وَكم أرسل البندق فَكَانَ سَهْما مَاضِيا لِأَنَّهُ من حمإ مسنون
فَلذَلِك رسم بِالْأَمر العالي لَا زَالَ طَائِره ميموناً ودر أمره فِي أدراج الِامْتِثَال مكنوناً أَن يُفَوض إِلَيْهِ الحكم بَين رُمَاة البندق بِالشَّام المحروس على عَادَة من تقدمه فِي ذَلِك من الْقَاعِدَة المستمرة بَين الرُّمَاة فليتول ذَلِك ولَايَة يعْتَمد الْحق فِي طريقها الْوَاجِب وَيظْهر من سياسته الَّتِي شخصت لَهَا الْعُيُون فَكَأَنَّمَا عقدت أعلاي كل جفن بحاجب وليرع حق هَذِه الطَّرِيق فِي حفظ موثقه وليجر على السّنَن المألوف بَين هَذِه الطَّائِفَة وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه بِحَيْثُ أَنه ينزل كل مُسْتَحقّ فِي مَنْزِلَته الَّتِي لَا يعدوها وَيقبل من الرَّامِي دَعْوَى صَيْده وَيرد مَا لَا يعْتد بهَا الرُّمَاة وَلَا يعدوها متثبتاً فِيمَا يحمل إِلَيْهِ الحكم وَلَا يرخ على عَيبه ذيلاً محرراً أَمر المصروع الَّذِي أصبح راميه من كلفه بِهِ مَجْنُون ليلى جَريا فِي ذَلِك على الْعَادة المألوفه وَالْقَاعِدَة الَّتِي هِيَ بالمنهج الْوَاضِح موصوفه وليتلق هَذِه النِّعْمَة بشكر يسْتَحق بِهِ زِيَادَة كل خير ويتل آيَات الْحَمد لهَذَا الْأَمر السُّلَيْمَانِي الَّذِي حكمه حَتَّى فِي الطير وَالله يتَوَلَّى تَدْبيره وَيصْلح ظَاهر حكمه والسريره والاعتماد على الْخط الْكَرِيم أَعْلَاهُ وَالله الْمُوفق بمنة بركته إِن)
شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الشعار الظَّاهِرِيّ)
أَحْمد بن بنْدَار بن إِسْحَاق أَبُو عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ الشعار الْفَقِيه كَانَ ثِقَة ظاهري الْمَذْهَب توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وخميسين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن بنْدَار)
أَحْمد بن بنْدَار بن إِبْرَاهِيم بن بنْدَار سمع أَبَا طَاهِر مُحَمَّد بن العلاف الْمُقْرِئ وَأَبا عَليّ الْحسن النعالي وَغَيرهمَا وروى عَنهُ عمر بن ظفر المغازلي والحافظ ابْن نَاصِر وَأَبُو الْكَرم الْمُبَارك الشهرزوري وَأَبُو المعمر الْأنْصَارِيّ وشهدة الكاتبة توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَدفن فِي مَقْبرَة بَاب أبرز
3 - (الْبَقَّال)
أَحْمد بن بنيمان بن عمر بن أَحْمد الهمذاني الأَصْل البغداذي المولد أَبُو الْعَبَّاس الْمُسْتَعْمل بالبقال من أهل الْحَرِيم الظَّاهِرِيّ سمع أَبَا الْمَعَالِي ثَابت ابْن بنْدَار وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن البسري وَأَبا غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الْبَقَّال وَأَبا الْفضل مُحَمَّد بن عبد السَّلَام(6/172)
الْأنْصَارِيّ وَغَيرهم حدث بالكثير قَالَ محب الدّين ابْن النجار روى لنا عَنهُ جمَاعَة توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَدفن بِبَاب حَرْب
3 - (الْفَارِسِي السيرافي)
أَحْمد بن بهزاذ بن مهْرَان أَبُو الْحسن الْفَارِسِي السيرافي نزيل مصر منع فِي وَقت من التحديث ثمَّ أذن لَهُ توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (معز الدولة)
أَحْمد بن بويه الديلمي السُّلْطَان معز الدولة أَبُو الْحُسَيْن قدم إِلَى بغداذ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمَات بالبطن سنة سِتّ وَخمسين وَثَلَاث مائَة وعهد إِلَى وَلَده عز الدولة أبي مَنْصُور بختيار وَقيل إِنَّه لما احْتضرَ أضرّ بعض الْعلمَاء وَتَابَ على يَده وَسَأَلَهُ عَن الصَّحَابَة فَذكر لَهُ سوابقهم وَأَن عليا زوج بنته من فَاطِمَة بعمر رَضِي الله عَنْهُم فاستعظم ذَلِك وَقَالَ مَا علمت بِهَذَا وَتصدق بأموال عَظِيمَة وَأعْتق غلمانه وأراق الْخُمُور ورد كثيرا من الْمَظَالِم وَكَانَ الرَّفْض فِي آخر أَيَّامه ظَاهرا ببغداذ وَيُقَال إِنَّه بَكَى حَتَّى أُغمي عَلَيْهِ وَنَدم على الظُّلم وَتُوفِّي سَابِع عشْرين)
شهر ربيع الآخر عَن ثَلَاث وَخمسين سنة بعلة الذرب وَكَانَت دولته اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَكَانَ قد رد الْمَوَارِيث إِلَى ذَوي الْأَرْحَام وَكَانَ يُقَال لَهُ الأقطع لِأَنَّهُ وَقعت فِيهِ عدَّة ضربات من الأكراد وطارت يَده الْيُسْرَى وَبَعض أَصَابِع الْيُمْنَى وَسقط بَين الْقَتْلَى ثمَّ سلم بعد ذَلِك وَملك ببغداذ بِغَيْر كلفة وَدفن بمشهد بني لَهُ فِي مَقَابِر قُرَيْش وَذكر أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي شذور الْعُقُود أَن معز الدولة كَانَ يَبِيع الْحَطب على رَأسه فِي أول أمره ثمَّ ملك هُوَ وَإِخْوَته الْبِلَاد وَآل أَمرهم إِلَى مَا آل وَكَانَ أَصْغَر إخْوَته قَالَ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد الْعلوِي بَينا أَنا فِي دَاري على دجلة بمشرعة الْقصب فِي لَيْلَة ذَات غيم ورعد وبرق سَمِعت صَوتا من هَاتِف يَقُول لما بلغت أَبَا الْحسن مُرَاد نَفسك فِي الطّلب وَأمنت من حدث اللَّيَالِي واحتجبت عَن النوب
(مدت إِلَيْك يَد الردى ... وَأخذت من بَيت الذَّهَب)
قَالَ فَإِذا بمعز الدولة قد توفّي فِي تِلْكَ اللَّيْلَة
3 - (ابْن بيليك)
أَحْمد بن بيليك شهَاب الدّين ابْن الْأَمِير بدر الدّين المحسني كَانَ وَالِده نَائِبا بالإسكندرية كتب طبقَة وعانى النّظم والنثر وَجمع وصوف سَأَلته عَن مولده فَقَالَ يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشْرين الْمحرم سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة وَلما أخرج أَخُوهُ الْأَمِير نَاصِر الدّين(6/173)
مُحَمَّد إِلَى طرابلس خرج شهَاب الدّين إِلَى دمشق ثمَّ إِنَّه أعطي إقطاعاً بِدِمَشْق وراج عِنْد الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يسمر عِنْده وَيقْرَأ بَين يَدَيْهِ فِي مجلدات كَانَ يحضرها ثمَّ لما طلب أَخُوهُ الْأَمِير نَاصِر الدّين إِلَى مصر فِي الْأَيَّام القوصونية توجه إِلَى مصر مَعَه ثمَّ لما أُعِيد أَخُوهُ حضر إِلَى الشَّام أَيْضا أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(لله سَاق رَشِيق الْقد أهيفه ... كَأَنَّمَا صِيغ من در وَمن ذهب)
(يسْقِي مُعتقة تحكي شمائله ... أنوارها تزدري بالسبعة الشهب)
(حبابها ثغره والطعم ريقته ... ولونها لون ذَاك الخد فِي اللهب)
3 - (البشتري الْخياط)
أَحْمد بن تزمش بالشين الْمُعْجَمَة بعد الْمِيم ابْن بكتمر بن قزاغلي الحاجي البشتري الْخياط)
البغداذي سمع القاضيين أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَمُحَمّد بن عمر الأرموي وَأَبا الْكَرم الْمُبَارك بن الْحسن ابْن الشهرزوري وَغَيرهم وَسكن دمشق مُدَّة ثمَّ قدم بغداذ وَكَانَ حَاجِب قَاضِي الْقُضَاة الْقَاسِم بن يحيى الشهرزوري وَكَانَ شَيخا حسنا ظريفاً مطبوعاً كيساً يرجع إِلَى ظرف وأدب وتمييز توفّي بحلب سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (المغربي)
أَحْمد بن تليد ذكره أَبُو سعيد حرقوص فِي كِتَابه وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا وَوَصفه بأوصاف حميدة وَبَالغ فِي تقريظه وَمِمَّا أورد لَهُ من شعره قَوْله
(بنى فَوق الْمُلُوك بَنو شَهِيد ... معالي لَا تداني عاليات)
(تلين صِفَاته فِي السّلم حلماً ... وَعند الْحَرْب مُمْتَنع الصِّفَات)
(ترى أخلاقه للأري طوراً ... وطوراً للأفاعي القاتلات)
(فَنعم المستعد ليَوْم جود ... وَنعم المرتجى للنائبات)
(كَأَن يَدَيْهِ فِي اللأواء جوداً ... على العافين تيار الْفُرَات)
(حَلِيم لَو وزنت بِهِ الرواسِي ... لأربى بالرواسي الشامخات)
قلت شعر جيد
3 - (اللبلي البهراني الشَّافِعِي)
أَحْمد بن تَمِيم بن هِشَام بن أَحْمد بن عبد الله بن حيون الْمُحدث أَبُو الْعَبَّاس البهراني اللبلي أحد الرحالين إِلَى الْآفَاق شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَقيل حزمي توفّي بِدِمَشْق سنة خمس وَعشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس العكبري)
أَحْمد بن تَوْبَة أَبُو الْعَبَّاس العكبري حدث عَن أبي إِبْرَاهِيم(6/174)
الترجماني وسريج بن يُونُس وَمُحَمّد بن حميد الرَّازِيّ وروى عَنهُ أَبُو صَالح مُحَمَّد بن أَحْمد بن ثَابت وَعمر بن مُحَمَّد بن رَجَاء
3 - (الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس الطرقي)
أَحْمد بن ثَابت بن مُحَمَّد أَبُو الْعَبَّاس الطرقي بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَبعدهَا قَاف وطرق قَرْيَة من أَصْبَهَان كَانَ عَارِفًا بالفقه وَالْأُصُول وَالْأَدب حسن التصنيف قَالَ السَّمْعَانِيّ سَمِعت جمَاعَة يَقُولُونَ إِنَّه كَانَ يَقُول إِن الرّوح قديمَة توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخمْس مائَة)
قَالَ ابْن النجار وَقَالَ السَّمْعَانِيّ إِنَّه صنف فِي قدم الرّوح تصنيفاً وَقَالَ ابْن النجار لَهُ مصنفات حَسَنَة مِنْهَا كتاب اللوامع فِي أَطْرَاف الصَّحِيحَيْنِ
3 - (ابْن القرطبان)
أَحْمد بن ثَنَا بن أَحْمد الجمعي أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابْن النجار محب الدّين ابْن شَيخنَا أبي حَامِد من أهل الحربية يعرف بِابْن القرطبان سمع أَبَا السُّعُود مُحَمَّد بن الحلاوي وَغَيره كتبت عَنهُ شَيْئا يَسِيرا وَلَا بَأْس بِهِ توفّي سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة وَقد بلغ الثَّمَانِينَ وَدفن بِبَاب حَرْب
3 - (الْأَنْطَاكِي الْمُقْرِئ)
أَحْمد بن جُبَير الْأَنْطَاكِي أَبُو جَعْفَر الْمُقْرِئ إِمَام كَبِير قَرَأَ الْقُرْآن على سليم وَالْكسَائِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْعَبَّاس البيع ابْن الدبيثي)
أَحْمد بن جَعْفَر بن أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن الدبيثي أَبُو الْعَبَّاس البيع من أهل وَاسِط من أعيانهم حشمة وتمولاً وتقدماً وتجملاً وَله معرفَة بالأدب وينظم وينثر وَهُوَ بن عَم الْحَافِظ أبي عبد الله الدبيثي قدم بغداذ مَرَّات وروى بهَا شَيْئا من شعره قَالَ ابْن النجار وَلم يتَّفق لي لقاؤه وَحدث بِإِجَازَة عَن جمَاعَة من الواسطيين وَكَانَ قد ضمن البيع بواسط وظلم النَّاس وتعدى عَلَيْهِم وَركب من ذَلِك أموراً عظاماً إِلَى أَن كفت يَده وصودر على أَمْوَال كَثِيرَة وَبَقِي عاطلاً ممقوتاً إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة بواسط وَأورد لَهُ مَا رَوَاهُ عَن الْحَافِظ أبي عبد الله مُحَمَّد بن سعيد الدبيثي عَن الْمَذْكُور
(يروم صبرا وفرط الوجد يمنعهُ ... سلوه ودواعي الشوق تردعه)
(إِذا استبان طَرِيق الرشد وَاضِحَة ... عَن الغرام فيثنيه ويرجعه)
(وأملح ذاده عَن عذب مورده ... جور الزَّمَان وظام عز مشرعه)
(مشحونة بالجوى والشوق أضلعه ... ومفعم الْقلب بالأحزان مترعه)
(يصبيه أَن هَتَفت وَرْقَاء ضاحيةً ... فِي كل يَوْم لَهَا لحن ترجعه)(6/175)