عقوده وَأَنه مَاتَ فِي ثَانِي عشر ربيع الأول. مُحَمَّد بن عجلَان شيخ الْعَرَب. هُوَ الْمعِين للظَّاهِر تمربغا فِي خُرُوجه من دمياط وَلم يتم لَهما أَمر بل أمسكا وأودع هَذَا البرج مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ. وَمَات ظنا فِي أول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ أَو أَوَاخِر الَّتِي قبلهَا بعد معاقبة تغري بردى الاستادار لَهُ. مُحَمَّد بن عرام الشَّمْس الْمَيْمُونِيّ الأَصْل الْبُرُلُّسِيّ الْمَالِكِي. أَخذ الْفِقْه واصوله عَن مُحَمَّد الرباحي وَالْفِقْه والفرائض والعربية عَن يحيى المغربي الفرضي والعربية وَالصرْف وَالْأَدب عَن الزين خلف وَالِد أبي النجا فِي آخَرين مِنْهُم بِالْقَاهِرَةِ الزين عبَادَة، وَحج وتميز فِي الْفَضِيلَة وأقرأ الطّلبَة فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة كالبدر حسن الشورى وأفادني تَرْجَمته وَأَنه كَانَ ينسج على النول على طَريقَة جميلَة من الدّيانَة والورع. مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين بالبرلس رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَرَفَة الْحلَبِي الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي، مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. وَمَات سنة إِحْدَى وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَطاء الله بن مُحَمَّد وَاخْتلف فِيمَن بعده فَقيل أَحْمد بن مَحْمُود بن الإِمَام فَخر الدّين مُحَمَّد بن عمر وَقيل مَحْمُود بن أَحْمد بن فضل الله بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن أبي الْجُود وَأبي البركات الرَّازِيّ الأَصْل الْهَرَوِيّ. هَكَذَا كَانَ يزْعم أَنه من بني الْفَخر الرَّازِيّ، قَالَ شَيخنَا: وَلم نقف على صِحَة ذَلِك وَلَا بلغنَا من كَلَام أحد من المؤرخين إِنَّه كَانَ للْإِمَام ولد ذكر فَالله أعلم. ولد بهراة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة واشتغل فِي بِلَاده حنفيا ثمَّ)
تحول شافعيا وَأخذ عَن التَّفْتَازَانِيّ وَغَيره واتصل بتمرلنك على هَيْئَة المباشرين، ثمَّ حصل لَهُ مِنْهُ جفَاء فتحول لبلاد الرّوم مملكة ابْن عُثْمَان فَقَامَ عَلَيْهِ ابْن الفنري حَتَّى إنفصل عَنْهَا بعد يسير، وَقدم الْقُدس سنة أَربع عشرَة فحج وَعَاد غليه فِي الَّتِي بعْدهَا فاتفق قدوم نوروز صَاحب مملكة الشَّام الْقُدس فِيهَا وَقد اشْتهر أمره بهَا وأشاع أَتْبَاعه أَنه يحفظ الصَّحِيحَيْنِ وَأَنه إِمَام النَّاس فِي الْمَذْهَب الشَّافِعِي والحنفي وَفِي غَيره من الْعُلُوم على جاري عَادَة الْعَجم فِي التفخيم والتهويل بِحَيْثُ كَانَ حَامِلا لنوروز على الِاجْتِمَاع بِهِ فراج عَلَيْهِ سِيمَا لما حَدثهُ عَن مُلُوك الشرق فولاه تدريس الصلاحية بِهِ بعد الشهَاب ابْن الهائم فباشرها وَلم يلبث أَن دخل الْمُؤَيد الْقُدس بعد قَتله نوروز فراج أمره عَلَيْهِ أَيْضا وَعظم فِي عَيْنَيْهِ فأقره على الصلاحية. وَلما رَجَعَ لمصر هاداه الْهَرَوِيّ وكاتبه وَسَأَلَهُ فِي الْقدوم عَلَيْهِ فَأذن لَهُ فَقدم الْقَاهِرَة فِي صفر سنة ثَمَانِي عشرَة بعد(8/151)
أَن خرج الطنبغا العثماني لتلقيه وَصعد بِهِ إِلَى القلعة وَبَالغ السُّلْطَان فِي إكرامه وَأَجْلسهُ عَن يَمِينه ثمَّ أنزلهُ بدار أعدت لَهُ وأنعم عَلَيْهِ بفرح بسرج ذهب وقماش ورتب لَهُ فِي كل يَوْم ثَلَاثِينَ رَطْل لحم ومائتي دِرْهَم وَتَبعهُ كثير من الْأُمَرَاء والمباشرين والأعيان فِي إكرامه بالهدايا الوافرة فتزايد اشتهار الدَّعَاوَى العريضة مِنْهُ وَأَنه يحفظ عَن ظهر قلب صَحِيح مُسلم بأسانيده وصحيح البُخَارِيّ متْنا بِلَا إِسْنَاد بل تَارَة يَقُول أَنه يحفظ إثني عشر ألف حَدِيث بأسانيدها فعقد لَهُ الْمُؤَيد مَجْلِسا بَين يَدَيْهِ بالعلماء وألزم بإملاء اثْنَي عشر حَدِيثا متباينة فَلم يفْطن لذَلِك وَلَا عرف المُرَاد بِهِ وَلَا أمْلى وَلَا حَدِيثا وَاحِدًا بل لم يُورد حَدِيثا إِلَّا وَظهر خطأه فِيهِ بِحَيْثُ ظهر لمن يعْتَمد مجازفته وَأَن كل مَا ادَّعَاهُ لَا صِحَة لَهُ وَمَا أمكنه إِلَّا التبري مِمَّا نسب إِلَيْهِ وَكَانَ مِمَّا وَقع أَنه سُئِلَ عَن سَنَده بِصَحِيح البُخَارِيّ فَقَالَ حَدثنِي بِهِ شَيخنَا الشَّمْس عَليّ بن يُوسُف عَن شيخ يُقَال لَهُ أَبُو الْفَتْح عمر مائَة وَعشْرين سنة عَن البوشنجي شيخ عَاشَ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة عَن أبي الْوَقْت ثمَّ نَاقض ذَلِك لما ولي الْقَضَاء بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين حَيْثُ رَوَاهُ عَن أَبِيه عَن أبي البركات عَطاء الله ليحاكي فِي ذَلِك رِوَايَة القَاضِي جلال الدّين عَن أَبِيه وَإِن وَالِده أَبَا البركات سَمعه من شيخ يُقَال لَهُ عبد الْكَرِيم الْهَرَوِيّ بِسَمَاعِهِ من أبي الْفَتْح البوشنجي عَن ابي الْوَقْت، وناقضهما فِي سنة مَوته فَإِنَّهُ كتب للتقي الفاسي إِنَّه قَرَأَهُ على الْعَلامَة الزي عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الأبرقوهي قَالَ حَدثنَا الإِمَام المعمر شَارِح السّنة أَبُو الْمَعَالِي أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن)
يحيى البُخَارِيّ ثَنَا الإِمَام التقي أَبُو بكر بن عَليّ بن خلد الْبكْرِيّ وَكتب لَهُ أَيْضا أَنه حَدثهُ بِهِ الإِمَام الزين أَبُو الْقسم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد التكريتي أَنا الإِمَام الْعَلَاء أَبُو البركات عَليّ بن يُوسُف بن إِسْحَاق الكازروني أَنا الشَّيْخ جلال الدّين مَحْمُود بن عبد السَّلَام الحصني وَكتب لَهُ أَيْضا أَنه حَدثهُ بِهِ أَبُو الْفَتْح الْقسم بن أَحْمد المرغيناني ثَنَا الشَّيْخ جمال الدّين عبد الرَّحِيم بن الْحسن الْأنْصَارِيّ أَنا الشَّيْخ بدر الدّين حسن بن عبد الْقوي الْمدنِي الثَّلَاثَة عَن أبي الْوَقْت.
وَكتب بِخَطِّهِ أَيْضا فِي سنة خمس عشرَة للجمال بن مُوسَى المراكشي أَنه سَمعه على الشَّمْس عَليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْكَرِيم الكازروني بِسَمَاعِهِ لَهُ على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن غسماعيل بن أبي الْقسم الفارقي عَن ابْن أبي الذّكر عَن الزبيدِيّ، وَحدث فِي بَيت الْمُقَدّس بِصَحِيح مُسلم عَن نور الدّين أبي زَكَرِيَّا يحيى بن حسن بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي قِرَاءَة وسماعا عَن شمس الدّين أبي الْقسم مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الأسحاقابادي النَّيْسَابُورِي سَمَاعا ثَنَا أَبُو الْفَتْح مَنْصُور الفراوي بِسَنَدِهِ، وَقَالَ إِنَّه فِي غَايَة الْعُلُوّ(8/152)
كَانَ بَيْننَا وَبَين مُسلم سَبْعَة وَكلهمْ نيسابوريون. وَبعد عقد الْمجْلس بِقَلِيل ولي نظر الْقُدس والخليل مَعَ تدريس الصلاحية وَتوجه لمباشرة ذَلِك ثمَّ قدم فِي سلخ ربيع الأول سنة إِحْدَى وَعشْرين وَاجْتمعَ بالسلطان فَأكْرمه وأجرى عَلَيْهِ راتبه وأتته الْهَدَايَا من الْأُمَرَاء وَنَحْوهم وَلم يلبث أَن غضب السُّلْطَان على الْجلَال البُلْقِينِيّ فاستقر بالهروي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشري جُمَادَى الأولى مِنْهَا عوضه وَنزل مَعَه جقمق الدوادار وقطلو بغا التنمي رَأس نوبَة فِي آخَرين من الْأُمَرَاء وَغَيرهم من الْقُضَاة والأعيان حَتَّى حكم بالصالحية على الْعَادة وَتوجه لداره فَسَار سيرة غير مرضية وَظَهَرت مِنْهُ فِي الْقَضَاء أُمُور كَثِيرَة واقتضت النفرة مِنْهُ من الطمع والمجازفة ثمَّ اجْتمع جمع من أهل بَيت الْمُقَدّس فَرفعُوا عَلَيْهِ أَشْيَاء عاملهم بهَا لما كَانَ نَاظرا عَلَيْهِم فَثَبت عَلَيْهِ مَال كثير وألزم بِهِ. قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة وتعصب عَلَيْهِ جمَاعَة البُلْقِينِيّ فصرف قبل استكمال سنة فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين مَعَ إهانته وَجمع من الْخَاصَّة بِحَيْثُ لزم بَيته لَا يجْتَمع بِأحد إِلَى أَن رسم لَهُ بِالْعودِ إِلَى الْقُدس على تدريس الصلاحية فسافر فِي عَاشر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين وَلم يَنْفَكّ عَن دَعْوَاهُ وَلَكِن لكسر شوكته داهن النَّاس وداهنوه، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة بعد موت الْمُؤَيد وَلم تطل إِقَامَته وَرجع إِلَى الْقُدس ثمَّ سعى حَتَّى قدم الْقَاهِرَة أَيْضا فِي صفر سنة سبع وَعشْرين فولي فِي تَاسِع ربيع الآخر مِنْهَا)
كِتَابَة السِّرّ عوضا عَن الْجمال يُوسُف الكركي وَلم يلبث أَن انْفَصل فِي حادي عشر جُمَادَى الْآخِرَة عَنْهَا وأعيد بعد أشهر فِي ثامن ذِي الْقعدَة لقَضَاء الشَّافِعِيَّة فَلم يَنْفَكّ عَن سيرته الأولى فصرف فِي ثَالِث رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وفر هَارِبا مِمَّن لَهُ ظلامة فَمَا طلع خَبره إِلَّا فِي بَيت الْمُقَدّس فاستمر بِهِ على تدريس الصلاحية وَحج فِيهَا ثمَّ عَاد إِلَى بَيت الْمُقَدّس وأشاع أَنه تزهد وَلبس ثِيَاب الْفُقَرَاء وتبرأ من زِيّ الْفُقَهَاء ثمَّ فِي أثْنَاء السّنة الَّتِي تَلِيهَا ظهر بطلَان ذَلِك فَإِنَّهُ ورد مِنْهُ كتاب إِلَى السُّلْطَان يَسْتَدْعِي مِنْهُ الْإِذْن فِي الْحُضُور إِلَى الْقَاهِرَة ليبدي لَهُ نصيحة فَلم يُؤذن لَهُ فِي الْحُضُور وَأجِيب بِأَن يكْتب بِالنَّصِيحَةِ فَإِن كَانَ لَهَا حَقِيقَة أذن لَهُ فِي الْحُضُور فَلم يعد جَوَابه إِلَى أَن ورد الْخَبَر بِمَوْتِهِ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَعشْرين وَقد جَازَ السِّتين بِقَلِيل. وَقد ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ عقب إِيرَاد الْأَسَانِيد الَّتِي كتبهَا للفاسي: وَالَّذِي أَحْلف بِهِ أَنه لَا وجود لأحد من هَؤُلَاءِ التِّسْعَة فِي الْخَارِج وَالسَّلَام وَأَقُول فِي سَنَد مُسلم أَيْضا أَنه من أبطل الْبَاطِل ثمَّ قَالَ وَقد سَمِعت من فَوَائده كثيرا لكنه كَانَ كثير المجازفة جدا اتّفق كل من عرفه أَنهم لم يرَوا أسْرع ارتجالا مِنْهُ للحكايات المختلقة وَذكر لي عَنهُ الزين القلقشندي(8/153)
والبدر الأقصرائي وَسَهل بن أبي الْيُسْر وَغَيرهم من ذَلِك الْعَجَائِب وشاهدت مِنْهُ الْكثير من ذَلِك. وَذكره فِي إنبائه محيلا على الْحَوَادِث وَوَصفه فِي فتح الْبَارِي بالعالم. وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة: كَانَ إِمَامًا عَالما غواصا على الْمعَانِي يحفظ متونا كَثِيرَة ويسرد جملَة من تواريخ الْعَجم مَعَ الْوَضَاءَة والمهابة وَحسن الشكالة والضخامة ولين الْجَانِب على مَا فِيهِ من طبع الْأَعَاجِم وَلَقَد سَمِعت الشهَاب بن حجي يثني عَلَيْهِ ويتعجب من سرده لتواريخ الْعَجم. وَقَالَ الْجمال الطيماني أَنه يحل الْكتب المشكلة ويتخلص فِيهَا وصنف شرح مُسلم وَغَيره وَبني بالقدس مدرسة وَلم تتمّ. وَقَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ عَالما فَاضلا متفننا لَهُ تصانيف كشرح مَشَارِق الْأَنْوَار وَشرح صَحِيح مُسلم يعي الْمُسَمّى فضل الْمُنعم وَشرح الْجَامِع الْكَبِير من أَوَائِله وَلم يكمله وَكَانَ قد أدْرك الْكِبَار مثل التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد وَصَارَت لَهُ حُرْمَة وافرة بِبِلَاد سمرقندر وهراة وَغَيرهمَا حَتَّى كَانَ اللنك يعظمه ويحترمه ويميزه على غَيره بِحَيْثُ يدْخل عِنْده فِي حريمه ويستشيره وَرُبمَا كَانَ يُرْسِلهُ فِي مهماته وَلذَا قيل إِنَّه وزيره وَلَيْسَ كَذَلِك، وَقدم فِي زمن النَّاصِر فرج وتوطن الْقُدس، إِلَى أَن قَالَ: وَلم يخلف سوى زَوجته وَهِي وسطوة فِي وظائفه غير أَنه لم يكن مشكورا من غير)
عِلّة ظَاهِرَة فِيهِ. وَقَالَ المقريزي أَنه ولي الْقَضَاء وَكِتَابَة السِّرّ فَلم ينجب وَكَانَ يقرئ فِي المذهبين وَيعرف الْعَرَبيَّة وَعلمِي الْمعَانِي وَالْبَيَان ويذاكر الْأَدَب والتاريخ ويستحضر كثيرا من الْأَحَادِيث وَالنَّاس فِيهِ بَين غال ومقصر وَأَرْجُو أَن يكون الصَّوَاب مَا ذكرته. وَقَالَ وَغَيره: كَانَ شَيخا ضخما طوَالًا أَبيض اللِّحْيَة مليح الشكل إِلَّا أَن فِي لِسَانه مسكة إِمَامًا بارعا فِي فنون من الْعُلُوم لَهُ تصانيف تدل على غزير علمه واتساع نظره وتبحره فِي الْعُلُوم منصفا للحنفية إِلَى الْغَايَة صادعا بِالْحَقِّ تَارِكًا للتعصب، وَكَانَ يركب بعد ولَايَته الْبلْغَة بهيئة الْأَعَاجِم بفرجية وعذبة مرخية على يسَاره فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ لبس زِيّ قُضَاة مصر، وسَاق الأبيات الَّتِي وجدهَا الْمُؤَيد وأولها:
(يَا أَيهَا الْملك الْمُؤَيد دَعْوَة ... من مخلص فِي حبه لَك يفصح)
وَأَن غَالب الْفُقَهَاء تعصبوا عَلَيْهِ وبالغوا فِي التشنيع ورموه بعظائم، الظَّن بَرَاءَته عَن أَكْثَرهَا وَادّعى عَلَيْهِ بِمَال بعض الْأَوْقَاف وتوجهوا بِهِ مَاشِيا ومنعوه من الرّكُوب إِلَى غير ذَلِك مِمَّا بسط فِي الْحَوَادِث وَكَانَ معدودا من أَعْيَان الْأَئِمَّة الْعلمَاء لكنه لم يرْزق السَّعَادَة فِي مناصبه لِأَنَّهُ كَانَ ظنينا بِنَفسِهِ معجبا بهَا إِلَى الْغَايَة فعجزه الله. قلت وَقد قرئَ عَلَيْهِ شَرحه لمُسلم وَكَذَا صنف شرحا على المصابيح وَحدثنَا(8/154)
عَنهُ غير وَاحِد مِنْهُم الأبي وَسمع مِنْهُ ابْن مُوسَى وَغَيره وَحكى لنا الزين البوتيجي من مباسطاته وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي مَبْسُوطا رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَطِيَّة بن أَحْمد بن جَار الله بن زَائِد السنبسي الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَطِيَّة بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن فَهد أَبُو الْخَيْر الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا قبل استكماله سنة فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. مُحَمَّد أَبُو سعد أَخُوهُ ويلقب فهدا أَيْضا مَاتَ قبل السّنة أَيْضا فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَطِيَّة. كَانَ يخْدم برددارا عِنْد جانم الأشرفي بحلب ثمَّ بِالشَّام وَبعده اسْتَقر فِيهَا أَيْضا عِنْد تنم المؤيدي وَسَاءَتْ سيرته فأمسكوه بعده وَادّعى عَلَيْهِ بِمَا يُوجب الْكفْر وَخرج لتقام الْبَيِّنَة فهجم الْعَامَّة وسحبوه من رسله ثمَّ ضربه بَعضهم بسكين فَقتله ثمَّ أحرق وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ غير مأسوف عَلَيْهِ فقد كَانَ من مساوئ الدَّهْر)
وقبائح الزَّمَان. مُحَمَّد بن عِقَاب بِضَم الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْقَاف وَآخره مُوَحدَة المغربي التّونسِيّ الْمَالِكِي. أَخذ عَن ابْن عَرَفَة وَغَيره، وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة بعد عمر القلجاني الْمَاضِي.
وَمَات فِي سنة إِحْدَى وَخمسين. أَفَادَهُ بعض الآخذين عَنهُ مِمَّن أَخذ عني. مُحَمَّد بن عقيل بن خرص الشريف. مَاتَ بِمَكَّة فِي مغرب لَيْلَة الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عقيل ظافر البجائي. مِمَّن سمع من شَيخنَا. مُحَمَّد بن علوان الْجمال الموزعي ثمَّ الجبائي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي فِيمَا أَظن. تفقه بِجَمَاعَة إِلَى أَن تميز ثمَّ لزم الشَّمْس يُوسُف الجبائي الْمقري سفرا وحضرا واختص بِهِ وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء بقرية جبا من أَعمال حصن صَبر مُدَّة بل كَانَ يتعانى التدريس فِي الْفِقْه وَله وظائف بِمَدِينَة زبيد مَعَ ذكاء وَفهم وحرص على الْعلم، وَلَكِن شغله الْقَضَاء عَن الترقي بل وقف وَلم يزل مترددا بَين زبيد لوظائفه فِيهَا وَبَين تعز إِلَى أَن مَاتَ فِيهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ. أَفَادَهُ لي بعض الآخذين عني. مُحَمَّد بن عليان الْغَزِّي الخواجا، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد نَاصِر الدّين الصَّالِحِي البزاعي بِضَم الْمُوَحدَة بعْدهَا زَاي خَفِيفَة ثمَّ عين مُهْملَة الْخياط قيم الناصرية من الصالحية. ولد بعد الْأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِيَسِير وَسمع على زَيْنَب ابْنة إِسْمَاعِيل بن الخباز ولقيه شَيخنَا فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَذكره فِي مُعْجَمه وَقَالَ: مَاتَ فِي سادس عشر شَوَّال سنة ثَلَاث.(8/155)
وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الشَّمْس الْمَنَاوِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد وَإِبْرَاهِيم الماضيين وَهَذَا الْأَكْبَر وَيعرف بالشويهد بِضَم الْمُعْجَمَة وَآخره مُهْملَة مصغر. حفظ الْقُرْآن وَجلسَ مَعَ الشُّهُود وتنزل فِي بعض الْجِهَات كسعيد السُّعَدَاء والسابقية.
وَمَات بعد أَن شاخ وَصَارَ يرغب عَمَّا بِيَدِهِ شَيْئا فَشَيْئًا قبل السّبْعين فِيمَا أَظن. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عدنان بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عدنان بن جَعْفَر نَاصِر الدّين ابْن كَاتب السِّرّ الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: كَانَ فَاضلا ماهرا فِي الْأَنْسَاب كثير الِاشْتِغَال إِلَّا أَنه جامد الذِّهْن وَلم يكن مِمَّن يتعانى الملابس والمراكب بل)
كَانَ كثير التقشف مُتَّهمًا بالتشيع مَعَ تبرئه مِنْهُ أعجوبة فِي زَمَانه فِي السَّعْي كثير الدهاء، سمع مَعنا كثيرا وَكَانَت بَيْننَا موردة وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا بِسَبَب السَّعْي لِأَبِيهِ فِي كِتَابَة السِّرّ فَكَانَ غَالِبا هُوَ الْغَالِب، وَفِي غُضُون ذَلِك حصل لنَفسِهِ كثيرا من الْوَظَائِف والتداريس والأنظار. قَالَ ابْن حجي: كَانَ دينا صينا لَا تعرف لَهُ صبوة وَقد عين لكتابة السِّرّ فَلم يتَّفق.
وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: كَانَ يتقشف ويقتصد فِي ملبوسه ومركوبه مَعَ الدّين المتين والبشاشة، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي. مَاتَ فِي صفر سنة أَربع عشرَة بالطاعون عَن سبع وَثَلَاثِينَ سنة. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن طَاهِر الشَّمْس أَبُو بكر القليوبي ثمَّ القاهري الزيات على بَاب سعيد السُّعَدَاء وَهِي حِرْفَة أَبِيه أَيْضا وَالِد أبي الْخَيْر مُحَمَّد المخبزي الْآتِي. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسبعين. وَكَانَ خيرا مديما للجماعات مَسْتُورا رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم السلسيلي الْمَنَاوِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الهليس بِكَسْر الْهَاء وَاللَّام وَآخره مُهْملَة لقب لجده. ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بمنية بنى سلسيل وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ والعمدة وعرضها على جمَاعَة ونظم الْيَسِير مِمَّا يُوجد فِيهِ المقيول، كتب عَنهُ ابْن فَهد والبقاعي فِي الْمنية سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ قَوْله:
(أَيهَا المذنبون مثلي أجِيبُوا ... دَاعِي الله أَسْرعُوا وأنيبوا)
(وتنحوا عَن كل فعل قَبِيح ... وافعلوا الْخَيْر فَهُوَ فعل حسيب)
(وَإِلَى الله فَارْجِعُوا من قريب ... فنهار الْحساب مِنْكُم قريب)
فِي أَبْيَات مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مهْدي ولي الدّين أَبُو الطّيب بن النُّور الْكِنَانِي الدلجي الفوي الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَذْكُور(8/156)
أَبوهُ فِي الثَّامِنَة. ولد بِطيبَة وَنَشَأ نشأة جميلَة وأسمعه أَبوهُ الْكثير بالحجاز وَالشَّام على غير وَاحِد من أَصْحَاب ابْن البُخَارِيّ وَابْن شَيبَان وطبقتهم كست الْعَرَب حفيدة الْفَخر وزغلش ومحمود بن خَليفَة، وَحفظ كتبا وَكَانَت فِيهِ نباهة مَعَ فطنة وذكاء وَلكنه لم يعتن بِالْعلمِ وَدخل فِيمَا لَا يعنيه، وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا وَذكر بالمروءة والهمة والعصبية لمن يعرفهُ بِحَيْثُ كَانَ يقوم دَائِما فِي السَّعْي)
لجماز أَمِير الْمَدِينَة على ابْن عَمه نابت فاتفق أَنه قدم الْمَدِينَة على عَادَته وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ توجه مِنْهَا يُرِيد الْقَاهِرَة فَبعث إِلَيْهِ نابت بِجَمَاعَة فاعترضوه وقتلوه فِي أَوَائِل سنة خمس.
ذكره المقريزي فِي عقوده وَحكى عَنهُ. وَمضى لَهُ ذكر فِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد المغيربي. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْفَتْح القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي نزيل طيبَة وَيعرف بِأبي الْفَتْح بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ بكنيته أشهر وَرُبمَا قيل لَهُ ابْن الريس لكَون وَالِده كَانَ رَئِيس الوقادين بِجَامِع الْأَزْهَر. ولد بعيد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره واشتغل بِالْعلمِ فَأخذ الْفِقْه عَن الْجمال الأمشاطي ظنا والعربية عَن بعض المغاربة والشهاب الأبدي ولازم ابْن الْهمام فَانْتَفع بِهِ فِي فنون وَسمع معي عَلَيْهِ بِمَكَّة وَغَيرهَا وَكَذَا قَرَأَ على شَيخنَا فِي الْفِقْه وداوم الِاشْتِغَال حَتَّى برع مَعَ سُكُون وعقل وديانة ورام شَيْخه استقراره فِي مشيخة الطيبرسية بعد موت زين الصَّالِحين المنوفي، وَكَانَ مِمَّا كتبه مَعَه لناظرها: وَقد أرْسلت رجلا من أهل الْعلم وَالدّين والفقر لَيْسَ لَهُ فِي هَذِه الدُّنْيَا وَظِيفَة فِي مدرسة وَلَا طلب وَلَا تدريس وَلَا تصوف وَاجْتمعت فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى جِهَات الِاسْتِحْقَاق، إِلَى أَن قَالَ: وَلَوْلَا علمي بِتمَام أَهْلِيَّته وَفَقره وَعلمه مَا تعرضت لذَلِك فَقدر أَن كَانَ سبق وَآل أمره إِلَى أَن توجه للمدينة النَّبَوِيَّة بعد أَن حج فقطنها وتصدى لنفع الطّلبَة بهَا مَعَ الْمُحَافظَة على التِّلَاوَة والتهجد وَأَسْبَاب الْخَيْر وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ بهَا أَحْمد بن ياسين الْمدنِي الْمُؤَذّن فِي سنة ثَمَان وَخمسين. وَلما أرْسلت بمصنفي القَوْل البديع عقب تصنيفه إِلَى الْمَدِينَة وَقع مِنْهُ موقعا عَظِيما وَبَالغ فِي تقريظه وَأرْسل يعلمني بِأَنَّهُ عزم على قِرَاءَته فِي رَمَضَان ثمَّ لم يلبث أَن ورد الْقَاهِرَة فاجتمعت بِهِ فَأَعْلمنِي بقرَاءَته فِي الرَّوْضَة الشَّرِيفَة، وَتوجه مِنْهَا لزيارة بَيت الْمُقَدّس ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وسافر فِي الْبَحْر عَائِدًا إِلَى طيبَة فغرق مَعَ جمع كثيرين فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَنعم الرجل كَانَ عوضه الله الْجنَّة وإيانا.(8/157)
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس الرحماني نِسْبَة لمحلة عبد الرَّحْمَن بالبحيرة ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. قدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن واشتغل بالفقه والعربية والفرائض وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه الونائي ولازمه فِي تَقْسِيم الرَّوْضَة وَغَيرهَا والقاياتي وَالْعلم البُلْقِينِيّ بل وَأكْثر من تقاسيم أبي الْعدْل قَاسم البُلْقِينِيّ وَكَانَ أحد الْقُرَّاء فِيهَا وَكَذَا سمع على شَيخنَا)
وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الْحَنَابِلَة عِنْد الْقصر وقتا بل نَاب فِي الْقَضَاء بدمنهور من الْبحيرَة وَكَذَا بديروط وَغَيرهمَا، وَكَانَ يستحضر كثيرا من فروع الْفِقْه مَعَ مُشَاركَة فِي أَصله والعربية وَجمع بَين شرحي الْمِنْهَاج لِأَبْنِ الملقن والأسنائي مَعَ التكملة للزركشي غير مقتصر عَلَيْهَا لَكِن بِدُونِ اسْتِيفَاء وَلم يكن بِذَاكَ المتقن. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ أَو الَّتِي بعْدهَا وَقد قَارب الْخمسين تَقْرِيبًا رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْأمين التقي بن النُّور الْمصْرِيّ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
ولد سنة سِتِّينَ وتفقه قَلِيلا وتكسب بِالشَّهَادَةِ مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ يحفظ شَيْئا كثيرا من الْآدَاب والنوادر واشتهر بِمَعْرِِفَة الْملح والزوائد المصرية وثلب الْأَعْرَاض خُصُوصا الأكابر فَكَانَ بعض الأكابر يقربهُ لذَلِك وَلم يكن متصونا فِي نَفسه وَلَا فِي دينه. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَالله يسامحه. قلت: وَقد حكى لي الْبَدْر الدَّمِيرِيّ الْكثير من مَا جرياته وَمِنْهَا أَن شخصا من أَصْحَابه حضر إِلَيْهِ وشكا لَهُ شدَّة إملاقه وَأَن زَوجته وضعت فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قصَّة للْقَاضِي الشَّافِعِي وَهُوَ إِذْ ذَاك نَاصِر الدّين بن الميلق فَقَالَ قد فعلت وَكتب لي بِقدر حقير لَا وَقع لَهُ فَأَخذه وَتوجه بِهِ لبطرك النصاري وأعلمه بذلك فَأمره بالإنصراف وَمَا وصل حَتَّى جهز لَهُ شَيْئا كثيرا من الدَّقِيق وَالْعَسَل والشمع وَنَحْوهَا مَعَ عشرَة دَنَانِير فَدَفعهَا إِلَيْهِ بكمالها.
وَفِي الظَّن أَن هَذِه الْحِكَايَة تقدّمت فَإِن كَانَ كَذَلِك فَالصَّوَاب أَنَّهَا لصَاحب التَّرْجَمَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي البركات الشَّمْس الْغَزِّي ثمَّ الْحلَبِي وَيعرف بِابْن أبي البركات. ولد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بغزة وتعانى الِاشْتِغَال بالقراآت فمهر واشتغل بِدِمَشْق فِي الْفِقْه مُدَّة وقطن حلب وَأَقْبل على التِّلَاوَة والإقراء فَانْتَفع بِهِ الحلبيون وأقرأ غَالب أكابرهم وأقرأ الْفُقَرَاء بِغَيْر أُجْرَة، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ إِنَّه رجل دين خير صَالح من أهل الْقُرْآن مديم لإقرائه بالجامع الْكَبِير بحلب احتسابا بِحَيْثُ قَرَأَهُ عَلَيْهِ غَالب أَوْلَادهَا وانتفعوا بِهِ وَله اشْتِغَال مَعَ ذَلِك فِي الْفِقْه بِدِمَشْق وحلب ومداومة على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر(8/158)
وَلَا تَأْخُذهُ فِي الْقيام مَعَ الْحق لومة لائم وَكَذَا كَانَ مداوما على التِّلَاوَة مَعَ الشيخوخة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشر بيع الأول سنة سِتّ وَعشْرين وَصلي عَلَيْهِ فِي يَوْمه تقدم النَّاس الْبُرْهَان الْحلَبِي، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَقَالَ الْمَعْرُوف بالركاب بدل ابْن أبي البركات، وَمَا علمت الصَّوَاب مِنْهُمَا.)
نَشأ بِدُونِ تصون وخالط السُّفَهَاء بِدُونِ تدبر واختص ببني عليبة ثمَّ بِابْن عواض، وتكسب فِي سوق أَمِير الجيوش وَغَيره وتطور وفجر مَعَ مزِيد عاميته وَلم يحصل لأحد مِنْهُم رَاحَة، ولازمني قَلِيلا فِي سَماع البُخَارِيّ وَغَيره وتولع بالنظم فَلم يجد وَكَانَ يتمرن فِيهِ بِمن هُوَ قريب مِنْهُ من الْعَوام وَنَحْوهم ورأيته فِيمَن قرض مَجْمُوع البدري فِي سنة أَربع وَسبعين فَكَانَ من قَوْله فِيهِ:
(أشبه أهل الشّعْر فِي الْعَصْر كلهم ... نجوما بفلك الْأُفق فِي لَيْلهَا تسري)(8/159)
(فَمَا عَن قَلِيل لَاحَ بدر بِهِ خفوا ... وَذَلِكَ عجز عَن مُقَابلَة الْبَدْر)
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر الشَّمْس بن أبي الْحسن الْمصْرِيّ البندقداري)
الشَّافِعِي الشاذلي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن أبي الْحسن. ولد فِي سَابِع عشري ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة بالبندقدارية من نواحي الصليبة، وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وَحفظ الْعُمْدَة وَالْحَاوِي والتوضيح لِابْنِ هِشَام، وَعرض على شُيُوخ وقته وتلا للسبع جمعا بِمَكَّة على عبد الْكَرِيم الْيَمَانِيّ وتفقه بِأَبِيهِ وَالشَّمْس البيجوري وَعَن أَبِيه والطشنوفي أَخذ الْعَرَبيَّة وبرع فيهمَا وَفِي الْأُصُول مَعَ مُشَاركَة فِي غَيرهَا وَكَذَا أَخذ عَن الشَّمْس بن الْقطَّان بل سمع فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة مَعَه على شَيخنَا تَرْجَمَة البُخَارِيّ من تأليفه وَوَصفه بِالْإِمَامِ وَسمع على ابْن أبي الْمجد الصَّحِيح ومسند الشَّافِعِي وَغَيرهمَا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ الْمسند وَغَيره وَكَانَ خيرا ذَا فَضِيلَة ومحبة فِي الْعلم ورغبة فِي الحَدِيث وَأَهله وحرص على التحديث بهمة عالية وعزم جيد، وَحج وجاور بالحرمين وَأم بالبندقدارية مَحل سكنه وَولي مشيخة فِيهَا. وَاسْتمرّ مثابرا على الْخَيْر حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة السبت سَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسِتِّينَ وَدفن من الْغَد بِالْقربِ من التَّاج بن عَطاء الله رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن خلف بن شهَاب بن عَليّ الْمُحب أَبُو الطّيب بن النُّور الْمحلي الشَّافِعِي الشاذلي وَيعرف بِابْن حميد بِالتَّصْغِيرِ وبابن وَدَن بِفَتْح الْوَاو والمهملة وَآخره نون وَسمي بَعضهم جد أَبِيه مُحَمَّدًا وَالصَّوَاب خلف. ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي ثَالِث عشري رَمَضَان سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقيل بعد ذَلِك بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وأربعي النَّوَوِيّ وَالنِّهَايَة لَهُ فِي الْفِقْه وَالْحَاوِي الصَّغِير والرحبية فِي الْفَرَائِض والملحة وألفية ابْن ملك وَجمع الْجَوَامِع، وَعرض على شَيخنَا والبساطي وَغَيرهمَا وَبحث فِي الْحَاوِي عِنْد الشّرف السُّبْكِيّ والبرهان الأبناسي والشهاب الْمحلي خطيب جَامع ابْن ميالة وَآخَرين وَقَرَأَ فِي الْأُصُول والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا من الْفُنُون على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَكَذَا قَرَأَ على الْبُرْهَان الكركي وَشَيخنَا وَآخَرين مِنْهُم ابْن المجددي قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهَا، وسافر إِلَى الشَّام فَقَرَأَ على ابْن نَاصِر الدّين وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي ثمَّ سمع بِالْقَاهِرَةِ معي على الرَّشِيدِيّ وَغَيره وَحج وَسمع بِمَكَّة على أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَخمسين وزار بَيت الْمُقَدّس وَأذن لَهُ بعض شُيُوخه فِي الافتاء والتدريس، وتعانى الْأَدَب فتميز وَكتب عدَّة تصانيف مِنْهَا(8/160)
النجمة الزاهرة)
والنزهة الفاخرة فِي نظام السلطنة وسلوك طَرِيق الْآخِرَة ولقبه أَيْضا بالجواهر المقعودة فِي إشارات النحلة والدودة دخل فِيهِ من حَيْثُ أَن النحلة لَا بُد لَهَا من أَمِير نقيمه وتجتمع على رَأْيه فَفِي ذَلِك إِشَارَة إِلَى أَنه لَا بُد من الْملك وَمن حَيْثُ أَن دود القز لَا يقْتَصر على طَعَام وَاحِد وَلَا يتسبب وَأَنه يفطم نَفسه بعد الْأَرْبَعين عَن الْأكل وَيقبل على الْعُزْلَة وَنَحْو ذَلِك فَفِيهِ إشارات إِلَى من سلك طَرِيق الْآخِرَة، وقرة عين الرَّاوِي فِي كرامات مُحَمَّد بن صلح الدمراوي. ومحاسن النظام من جَوَاهِر الْكَلَام فِي ذمّ الْملك الْغُلَام وَكتاب فِي الْحُدُود النحوية وَآخر سَمَّاهُ الْبَرْق اللامع فِي ضبط أَلْفَاظ جمع الْجَوَامِع فِي نَحْو أَرْبَعَة كراريس، وَكَانَ فَاضلا لطيفا حسن الْعشْرَة متواضعا كتب عَنهُ غير وَاحِد من الْفُضَلَاء كتبت عَنهُ قَوْله:
(تشاغل بالمولي رجال فَأَصْبَحت ... مَنَازِلهمْ تنمو بمجد مؤثل)
(رجال لَهُم حَال مَعَ الله صَادِق ... فَإِن لم تكن مِنْهُم بهم فتوسل)
وَمَا أودعته فِي مَحل آخر. مَاتَ بِمَكَّة فِي عصثر يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر ربيع الأول أَو الآخر سنة خمس وَخمسين وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن سَالم بن سُلَيْمَان الْبَدْر الجناجي بجيمين الأولى مَفْتُوحَة بَينهمَا نون خَفِيفَة نِسْبَة لجناج قَرْيَة بَين النجرارية وسنهور من الغربية ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَرُبمَا يعرف هُنَاكَ بِابْن وَحشِي. ولد فِي سنة سِتِّينَ أَو بعْدهَا تقريباص وَحفظ الْقُرْآن وَنَحْو النّصْف الأول من مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وَمن ألفية النَّحْو واشتغل عِنْد دَاوُد القلتاوي فِي الْفِقْه والعربية بل وَقَرَأَ على السنهور النّصْف من توضيحها وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وَقَرَأَ على الديمي البُخَارِيّ وَسمع على الْكَمَال بن أبي شرِيف فِي مُسلم وعَلى الشاوي فِي البُخَارِيّ بِحَضْرَة الخيضري وَحج غير مرّة ولقيني فِي سنة سبع وَتِسْعين بِمَكَّة فَقَرَأَ على الْمُوَطَّأ وَنَحْو النّصْف الأول من الشفا مَعَ سَماع بَاقِيه ولازمني فِي غير ذَلِك سَمَاعا وتفهما واختص بالشمس الْحلَبِي التَّاجِر ثمَّ بِأبي الْفَتْح بن كرسون وسافر مَعَه إِلَى الْيمن فَحصل بعض مَا ارتفق بِهِ وَعَاد بعد أشهر فِي سنة تسع وَتِسْعين وَاسْتمرّ مُقيما بِمَكَّة يقريء ولد الْمشَار إِلَيْهِ بعد رُجُوع الْأَب إِلَى الْقَاهِرَة وَمَعَهُ جَارِيَة يتقنع بهَا وَلَا بَأْس بِهِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم بن عبد الرَّحْمَن الشَّهِيد الْجمال أَبُو الْخَيْر ويدعى الْخضر بن النُّور أبي الْحسن بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن الْكَمَال أبي مُحَمَّد)
الْمَدْعُو بالخضر الْهَاشِمِي الْعقيلِيّ النويري ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد أبي الْيمن مُحَمَّد الْآتِي، وَأمه زَيْنَب(8/161)
ابْنة القَاضِي الشهَاب الطَّبَرِيّ. ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَسمع على جدته فَاطِمَة ابْنة أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي والعز بن جمَاعَة والكمال بن حبيب والعفيف النشاوري وَابْن عبد الْمُعْطِي والأميوطي وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ اليافعي والأسنائي وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ النَّجْم ابْن فَهد وَغَيره، وَكَانَ قد حفظ التَّنْبِيه وَغَيره وَعرض على جمَاعَة وتفقه بالأبناسي وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وناب فِي الخطابة وَالْقَضَاء بِمَكَّة فناب عَنهُ القَاضِي أَبُو حَامِد المطري وَلم يلبث أَن صرف بناصر الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح، وَدخل الْيمن مرَارًا للاسترزاق وَانْقطع بِمَنْزِلَة مُدَّة لنقل بدنه وعجزه عَن الْحَرَكَة حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة وَدفن عِنْد أَهله بالمعلاة. وَكَانَ شهما مقداما جريئا ضخما جدا وانصلح بِأخرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وأرخ مولده فِي ربيع الآخر وَالْمُعْتَمد مَا قَدمته.
وَكَذَا هُوَ فِي عُقُود المقريري. مُحَمَّد ولي الدّين أَبُو عبد الله الْمَالِكِي أَخُو الَّذِي قبله وَأمه أم الْهدى ابْنة مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عَليّ الْعلوِي. ولد فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وأحضر فِي الرَّابِعَة على النشاوري وَسمع من أَبِيه وَابْن صديق وبدمشق من عبد الْقَادِر الأرموي وباسكندرية من التَّاج بن التنسي، وَأَجَازَ لَهُ التنوخي وَأَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي وَآخَرُونَ، وَحدث روى عَنهُ النَّجْم بن فَهد، وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق مرَارًا وَالروم واليمن لطلب الرزق وَولي إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة وَكَذَا قضاءها عوضا عَن الْكَمَال بن الزين مرَّتَيْنِ وناب فِي حسبتها. وَكَانَ عفيفا فِي قَضَائِهِ حشما فخورا جميل الْهَيْئَة ذَا مُرُوءَة وأفضال وَمِمَّنْ أثنى عَلَيْهِ المقريزي. مَاتَ فِي قضاءها فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِمَكَّة وَدفن عِنْد أَهله أَيْضا بالمعلاة رَحمَه الله. مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو البركات الْحَنَفِيّ أَخُو اللَّذين قبله وشقيق ثَانِيهمَا. ولد فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة أَو الَّتِي بعْدهَا بِمَكَّة وأحضر على الْجمال الأميوطي وَسمع من أَبِيه وَالشَّمْس بن سكر وَابْن طولوبغا وَابْن عَمه الْمُحب أبي البركات أَحْمد بن الْكَمَال النويري، وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق مرَارًا وَسمع بِدِمَشْق من عبد الْقَادِر الأرموي موافقات زَيْنَب ابْنة)
الْكَمَال وَكَذَا دخل الرّوم واليمن للاسترزاق وَأَجَازَ لَهُ الْعَفِيف النشاوري والصدر الياسوفي وابو الهول الْجَزرِي وَعمر بن أَحْمد الجرهمي وَابْن حَاتِم والصردي وَأَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَجَمَاعَة، وَحدث باليسير روى عَنهُ النَّجْم(8/162)
ابْن فَهد واستجازه لي غير مرّة، وناب فِي حسبَة مَكَّة وَكَذَا فِي الْقَضَاء بجدة عَن ابْن أَخِيه القَاضِي أبي الْيمن. وَكَانَ خيرا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس مديما للتلاوة وللإقامة بمنزله. مَاتَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بِمَكَّة وَدفن عِنْد سلفه بالمعلاة رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله نَاصِر الدّين الْحلَبِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بلقبه. مَاتَ وَقد جَازَ الْأَرْبَعين فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ ثمَّ دفن تجاه الرَّوْضَة خَارج بَاب النَّصْر، وَكَانَ فَاضلا بارعا مفنناص متقنا ميدما للاشتغال والأشغال مَعَ الدّيانَة التَّامَّة والسكون وَعدم التكثر بفضائله والإقبال على شَأْنه والازدياد من المحاسن بِحَيْثُ قل أَن يكون فِي أقرانه نظريه. وَمن شُيُوخه الْأمين الأقصرائي والشمني والحصني والكافياجي والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والشرواني والكريمي بل وَسمع الحَدِيث على الشريف النسابة والنور البارنباري وَأم هَانِئ الهورينية وَحضر عِنْدِي بعض مجَالِس الْإِمْلَاء رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْمُجيب الْمَاضِي أَبوهُ. خَلفه فِي الْمقَام الأحمدي بطنتدا وَهُوَ صَغِير جدا حَتَّى مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْمُنعم بن عبد الرَّحِيم بن يحيى بن الْحسن بن مُوسَى بن يحيى بن يَعْقُوب بن نجم بن عِيسَى بن شعْبَان بن عِيسَى بن دَاوُد بن مُحَمَّد بن نوح بن عَليّ بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْمُحب بن النُّور ابي الْحسن الْبكْرِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي الْحسن. ولد كَمَا قَالَ فِي سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَسَبْعمائة بدهروط وَنَقله أَبوهُ إِلَى مصر فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ثمَّ حفظ الْعُمْدَة والتبريزي وَالْحَاوِي والملحة، وَعرض على جمَاعَة وَبحث الْحَاوِي على الشَّمْس بن الْقطَّان وَالِي الْحَضَانَة مُحَمَّد على الْبَدْر الطندي وَبَعضه على السراج البُلْقِينِيّ والتريزي أَو بعضه على النُّور الْبكْرِيّ وَسمع بعض دروس النَّحْو على ابْن الْقطَّان وَسمع على ابْن رزين والزفتاوي أَمَاكِن من الصَّحِيح وعَلى النَّجْم البالسي التَّرْغِيب للأصفهاني وعَلى نَاصِر الدّين بن الْفُرَات الشفا وَحدث سمع)
مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَحج سنة عشْرين ثمَّ سنة سبع وَثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين، وسافر إِلَى دمياط واسكندرية وقوص، وناب فِي الْقَضَاء من ذِي الْقعدَة سنة سِتّ عَن الشَّمْس الأخنائي فَمن بعده وحصلت لَهُ بحة قَوِيَّة بعد سنة خمس وَثَلَاثِينَ لم يكد يسمع مَعهَا صَوته. مَاتَ فِي آخر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بالينبوع وَهُوَ رَاجع من الْحَج وَصلي عَلَيْهِ هُنَاكَ ثمَّ دفن فِيهِ وَقد جَازَ السّبْعين بِسنتَيْنِ، أرخه شَيخنَا فِي حوادث إنبائه وَقَالَ: كَانَ عَارِفًا بِالْأَحْكَامِ متثبتا فِي القضايا وقورا عَاقِلا(8/163)
كثير الِاحْتِمَال مشاركا فِي الْفِقْه لم يشْتَغل فِي غَيره درس بالبدرية الخروبية بشاطئ النّيل نَحوا من عشر سِنِين وَتوجه إِلَى الْحجاز فِي الرجبية فجاور ثمَّ رَجَعَ، وَذكر لي من أَثِق بِهِ أَنه كَانَ كثير الطّواف يواظب على خمسين أسبوعا فِي كل يَوْم قَالَ وَهُوَ من قدماء معارفنا وَأهل الِاخْتِصَاص بِنَا فَالله يعظم أجرنا فِيهِ ويبدلنا بِهِ خيرا مِنْهُ، قَالَ: وَقد غبطته بِمَا اتّفق لَهُ من حسن الخاتمة بِالْحَجِّ والاعتمار والمجاورة وزيارة الحضرة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وَالْمَوْت عقب ذَلِك فِي الغربة رَحمَه الله وإيانا. قلت: وَقَول البقاعي إِنَّه من قُضَاة السوء على مَا نقلوا قَالَه لغَرَض على جاري عوائده وَإِلَّا فقد علمت بُطْلَانه. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن عبد المغيث الشَّمْس الأبياري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن المغيربي بميم مَضْمُومَة ثمَّ مُعْجمَة مصغر نِسْبَة لجده فَإِنَّهُ كَانَ كأسلافه مغربيا ثمَّ تحول مِنْهَا انْتقل أَبوهُ عَن مَذْهَبهم، وسمى بَعضهم جد أَبِيه عبد الْمُؤمن بن عبد الْبر بن مُحَمَّد بن الْقسم بن ربيعَة بن عبد القدوس. وَمن املائه هُوَ كتبت مَا أسلفته وَقَالَ لي أَنه ولد فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بأبيار وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج الفرعي ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فأكمله وألفية النَّحْو والملحة والشذرة الذهبية والمقصورة الدريدية وَبحث بأبيار ألفية ابْن معطي على التَّاج مُحَمَّد الْقَرَوِي وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ عِنْد الأبناسي الْكَبِير وَبحث عَلَيْهِ الْمِنْهَاج وَكَذَا لَازم البُلْقِينِيّ فِي بَحثه والغماري والبدر الطنبدي فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَآخَرين بل بحث الْعَضُد وَالتَّلْخِيص على قنبر وَصَحب مُحَمَّدًا الْعَطَّار خَاتِمَة مريدي يُوسُف العجمي وناب عَن الصَّدْر الْمَنَاوِيّ بِالْقَاهِرَةِ وَفِي أبيار وعملها عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ ثمَّ أعرض عَنهُ مَعَ حلفه بِالطَّلَاق على عدم قبُوله وَكَذَا عرض عَلَيْهِ الزين عبد الباسط ضبط الشؤون السُّلْطَانِيَّة فَأبى تعففا وتورعا مَعَ كَثْرَة المتحصل من هَذِه الْجِهَة وَكَانَ قبل ذَلِك تكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا بعد ثُبُوت عَدَالَته على الْعِزّ البُلْقِينِيّ وَالِد الْبَهَاء، وباشر)
الشَّهَادَة بالاسطبل وَصَحب الظَّاهِر جقمق قبل تملكه، فَلَمَّا اسْتَقر اخْتصَّ بِهِ وَمَال إِلَيْهِ فَصَارَ من ذَوي الوجاهات وأثرى وَكَذَا اخْتصَّ بولده الناصري مُحَمَّد مَعَ مزِيد رغبته فِي التقلل من التَّرَدُّد إِلَيْهِمَا، وَحج مرَارًا وجاور اجْتمعت بِهِ غير مرّة وكتبت عَنهُ من نظمه مَا طارح بِهِ شَيخنَا مِمَّا أودعته الْجَوَاهِر والمعجم وَغير ذَلِك. وَكَانَ خيرا دينا سَاكِنا منعزلا عَن أَكثر النَّاس سِيمَا بِأخرَة حسن المحاضرة مُتَقَدما فِي حل المترجم وَله(8/164)
فِي تلعمه حِكَايَة أوردتها فِي المعجم مَعَ حِكَايَة غَرِيبَة اتّفقت لَهُ مَعَ ابْن زقاعة وَكَونه تطارح مَعَ الْمجد بن مكانس وَغَيره. مَاتَ وَقد أسن فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء عَاشر الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بحوش جوشن رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان الْمُحب بن النُّور البلبيسي الأَصْل القاهري الْأَزْهَرِي إِمَامه وَابْن أئمته الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه. حفظ الْقُرْآن وتلاه على أَبِيه للسبع إفرادا وجمعا، ولازم مجْلِس شَيخنَا للسماع فِي رَمَضَان خَاصَّة، وَأم بعد أَبِيه بالجامع وَكَانَ يدْفع عَن مباشرتها بِنَفسِهِ لعدم تصونه. وَآل أمره إِلَى أَن كف وَانْقطع مُدَّة، ثمَّ مَاتَ فِي ثامن عشري رَمَضَان سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد توعك طَوِيل وَاسْتقر ابْنه يحيى فِي الْإِمَامَة وَكَانَ قد نَاب عَنهُ فِي حَيَاته وَأَظنهُ جَازَ السِّتين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عل بن أَحْمد بن عمر بن عَليّ بن مُجَاهِد بن ربيعَة بن فتوح الْبَدْر الدجوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي. نَشأ بِالْقَاهِرَةِ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية النَّحْو وَغَيرهَا واشتغل يَسِيرا وَقَرَأَ على الْمَنَاوِيّ فِي شرح الْبَهْجَة وعَلى الْبكْرِيّ فِي الرَّوْضَة وَفِي المباديء على الشمسين ابْن الْعِمَاد والأبناسي وَكَذَا أَخذ عَن الْخَواص فِي الْعَرَبيَّة وَالْعرُوض وَغَيرهمَا وَحضر عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ وَكتب قَلِيلا على ابْن حجاج وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَتخرج فِيهَا وَفِي التوقيع بخاله غرس الدّين الأمبيهي وباشر التوقيع بِبَاب أبي الْخَيْر النّحاس بل نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْعلم فَمن بعده مسئولا بذلك وَعمل النقابة لِابْنِ حريز وتمول من ذَلِك كُله وَحج، وَكَانَ شهما عالي الهمة بهي الْهَيْئَة، عمل لغزا فِي سعادات كتبه عَنهُ بلديه الزين الدجوي وَهُوَ الْمُفِيد لأكْثر تَرْجَمته. مَاتَ فِي رَابِع ذِي الْقعدَة سنة سبعين بعد تعلله مُدَّة رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن فضل الله بن أبي بكر بن عبد الله. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن أبي)
بكر. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر الْبَدْر ويلقب قَدِيما بالمحب بن النُّور أبي الْحسن المنوفي الأَصْل القاهري البهائي الشَّافِعِي شَقِيق أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما وجدهما وأمهما ابْنة ابْن حلفا الضَّرِير. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ وَقَرَأَ الْقُرْآن والعمدة وعرضها على جمَاعَة كالمناوي وَالْعلم البُلْقِينِيّ وكاتبه، وَأَجَازَ لَهُ ولأخيه باستدعائي شَيخنَا وَابْن الْفُرَات وَآخَرُونَ وَقَرَأَ عَليّ قَلِيلا فِي البُخَارِيّ وَرُبمَا حضر دروس الزين الأبناسي وَجلسَ مَعَ أَبِيه شَاهدا وتولع بالنظم وَله فِيهِ نوع فهم، وَكَانَ أحسن حَالا من أَخِيه. مَاتَ فِي ذِي(8/165)
الْحجَّة سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد أَبِيه بأشهر وَدفن بتربة تجاه أرغون بِأَسْفَل الكوم عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله اللواتي المغربي التّونسِيّ الْمَالِكِي. ولد فِي ثَالِث عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بتونس وَنَشَأ بهَا فجود الْقُرْآن على مُحَمَّد بن الْعَرَبِيّ وتلا بِهِ عَليّ لنافع وَأخذ فِي الْفِقْه عَن المحمدين الزلديوي والقلشاني قَاضِي الْجَمَاعَة والواصلي وَابْن عقبَة وَابْن قَاسم الرصاع وَإِبْرَاهِيم الأخدري وَفِي الْعَرَبيَّة عَن إِبْرَاهِيم الْبَاجِيّ أحد عدُول تونس وَمَنْصُور سوسو رَاوِي الحَدِيث بِجَامِع الزيتونة والشريفة أمه وَغَيرهمَا وَفِي أصُول الْفِقْه عَن أَحْمد حلولو وَفِي أصُول الدّين عَن مُحَمَّد اللباد فِي آخَرين. وَقَررهُ السُّلْطَان فِي شَهَادَة ديوَان الْبَحْر وَفِي شَهَادَة الشمع وَمَعْنَاهَا تحكير بَيْعه وَفِي كِتَابَة السِّرّ عِنْد خَلِيفَته بتونس لتوالي مدحه لَهُ، وَحج فِي سنة سبع وَسبعين مَعَ القلشاني شَيْخه وَدخل مصر فِيهَا ثمَّ وصثل مَكَّة من الْبَحْر فِي أَوَائِل جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَتِسْعين ولقيته بهَا وَقد تبرم من كل مَا سلف ومقبل على التصوف والسلوك مديم للتلاوة وَالْعِبَادَة تَارِك للرعونات وَسمع على أَشْيَاء ثمَّ أَنْشدني لنَفسِهِ بديهة:
(حبر الْمعَانِي صَادِق الأنباء ... نقلته آبَاء عَن الْأَبْنَاء)
(قد صححوه عَن الثِّقَات صححوا ... أَن السخاوي أوحد الْعلمَاء)
وَقَوله:
(يَا رب عَبدك قد وافى الْمقَام وَفِي ... وَالْحجر وَالْحجر الْمَعْلُوم والحرما)
(وَطَاف بِالْبَيْتِ فِي حَال الصَّفَا وسعى ... وَدون موقفه حَال الزَّمَان بِمَا)
)
(فجد عَلَيْهِ بيمن الْأَمر ينج بِهِ ... من كل معضلة يَا مالكي كرما)
وَقَوله أول قصيدة نبوية:
(طَرِيق الْهدى بَانَتْ أهيل مودتي ... بمولد خير الْخلق كنزي وعدتي)
وَاشْترى دَارا بِمَكَّة وعمرها وامتحن بهَا فِي أَوَائِل ذِي الْقعدَة بزعم زوج ابْنَته الْمُعْتَرف بِمَا يَقْتَضِي اختلاقه أَنه سكن بِبَيْت ابْن عليبة فِي اسكندرية وَأَنه وجد فِي جِدَاره أَرْبَعَة آلَاف دِينَار فرسم عَلَيْهِ الباش وسجنه وتكلف لَهُ ولأتباعه نَحْو ثَلَاثِينَ دِينَارا وَأطلق بِضَمَان الشهَاب بن حَاتِم لَهُ حَتَّى يَجِيء أَمِير الْحَاج ثمَّ بدا لَهُم فأمسكوه وأعيد للسجن أَيْضا وَاسْتمرّ بِهِ هُوَ والمرافع حَتَّى خلص وفارقته هُنَاكَ ثمَّ لَقيته بهَا وبالمدينة وَمَعَهُ والدته وَولده وَبَعض الْعِيَال وَعظم اغتباطه بِي ولازمني رِوَايَة ودراية وامتدحني بقصيدة طَوِيلَة كتبهَا بِخَطِّهِ وأسمع وَلَده عَليّ، وَهُوَ على خير كثير تِلَاوَة وَعبادَة وانجماعا ويلاطف أحبابه وَنَحْوهم بِالطَّلَبِ، وَرجع فِي سنة تسع وَتِسْعين لمَكَّة بِسَبَب ابْنة لَهُ توفيت كَانَت تَحت بعض بني الْعزي بن(8/166)
المراجلي ثمَّ عَاد إِلَى الْمَدِينَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمُحب أَبُو البركات بن النُّور القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ، وَيعرف بِابْن الصُّوفِي. ولد فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ كأبيه الْقُرْآن والعمدة والكنز والمنار وألفية ابْن ملك وَعرض عَليّ ف الْجَمَاعَة. وَحج مَعَ أَبِيه سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وجاور الَّتِي تَلِيهَا واشتغل قَلِيلا وَجلسَ عِنْد أَبِيه وزوجه ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن الأهناسي ثمَّ فَارقهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الدواخلي الصَّغِير نزيل جَامع الغمري. مِمَّن سمع عَليّ فِي سنة خمس وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُوسَى فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الأبشيهي الْمحلي وَالِد الشهَاب أَحْمد والبدر مُحَمَّد. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وتفقه بالولي بن قطب وَأخذ الْفَرَائِض عَن نَاصِر الدّين البارنباري وتميز فِيهَا وناب فِي قَضَاء الْمحلة وصاهر قاضيها الشهَاب بن العجيمي على ابْنَته وَحج وجاور فِي سنة خمس وَخمسين وَسمع هُنَاكَ على التقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي. مَاتَ بالمحلة فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ عَن ثَمَان وَسِتِّينَ سنة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن هبة الله الْأمَوِي السكندري ابْن أخي الْجمال مُحَمَّد بن أَحْمد)
بن هبة الله الْمَذْكُور فِي الَّتِي قبلهَا، وَيعرف بِابْن البوري. ولد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمع على ابْن المصفي وَأبي الْفتُوح بن الْفُرَات وَآخَرين سداسيات الرَّازِيّ وَقَرَأَ بهَا عَلَيْهِ مَعَ غَيرهَا شَيخنَا وترجمه فِي مُعْجَمه، وَذكره المقريزي فِي عقوده فَقَالَ: مُحَمَّد بن عَليّ بن هبة الله وَقَالَ أَنه حدث عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الْمُنعم بن عَليّ بن ظافر بِسَمَاعِهِ من مَنْصُور بن سليم وَكَذَا حدث عَن غَيره وَقدم الْقَاهِرَة قَدِيما وَنزل بجوارنا وصحبناه مُدَّة. وَمَات بالثغر سنة اثْنَتَيْنِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن هِلَال بن عُثْمَان الْمُحب الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ بن القصيف الْمَاضِي أَبوهُ. نَاب عَن الْعَلَاء بن قَاضِي عجلون فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق ثمَّ عَن الشّرف بن عيد أَيَّامًا تمّ عَزله واستقل بِهِ بعد التَّاج بن عربشاه فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة خمس وَثَمَانِينَ فدام دون سنة ثمَّ صرف بِإِسْمَاعِيل النَّاصِر فِي رَجَب من الَّتِي تَلِيهَا ودام مصروفا. وَقد جاور بِمَكَّة وَسمعت من يذكرهُ بِسوء كَبِير مَعَ جهل، وَرَأَيْت بخطي أَن أَبَاهُ كَانَ شافعيا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْبَدْر أَبُو عبد الله بن أبي الْحسن بن القَاضِي الشهَاب(8/167)
أبي الْعَبَّاس الْجَعْفَرِي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ. اشْتغل وتميز وَسمع فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بلدانيات السلَفِي على التَّاج أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن مَحْبُوب الشَّافِعِي وَحدث بهَا قَرَأَهَا عَلَيْهِ نَاصِر الدّين بن زُرَيْق بِحَضْرَة الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين وَغَيره فِي سنة أَرْبَعِينَ وَوَصفه فِي ثبته بالسيد الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الأوحد الْقدْوَة، وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق مُدَّة طَوِيلَة عَن ابْن الكشك ثمَّ اسْتَقل بِهِ مسؤلا، وَكَانَ عفيفا عَالما. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشري صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَدفن بسفح قاسيون بِالْقربِ من الْمدرسَة المعظمية وَكَانَت جنَازَته حافلة. أرخه ابْن اللبودي وَوَصفه أَيْضا بالسيد الْعَالم القَاضِي وَكَذَا أرخه غَيره وَقَالَ إِنَّه ناهز الثَّمَانِينَ وَخلف كتبا كَثِيرَة نفيسة تزيد على ألفي مُجَلد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بهاء الدّين الحسني القاهري أَخُو الْكَمَال عبد اللَّطِيف الْمَاضِي وَيعرف بِابْن أخي المحيريق. كَانَ يجيد التَّعْبِير وَأَظنهُ كَانَ يشْهد ثمَّ أضرّ، وَمَات فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين. وَيُحَرر اسْمه.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد التقي بن الْأمين الْمصْرِيّ. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن الْأمين. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس بن النُّور بن الشهَاب المنوفي ثمَّ القاهري الفاضلي)
الشَّافِعِي الفرضي وَيعرف بِابْن مَسْعُود. ولد تَقْرِيبًا سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بمنوف وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْمِنْهَاج وَأخذ الْفِقْه عَن الْعَلَاء القلقشندي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والطبقة والفرائض عَن البوتيجي وَأبي الْجُود وَنَحْوهمَا وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَهُوَ مِمَّن سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة ولازم بِأخرَة الْجلَال الْبكْرِيّ فِي دروسه وَكَذَا أَبَا السعادات البُلْقِينِيّ فِي آخَرين وقصدني مرّة للاستفتاء فِي حَدِيث نازعه بَعضهم فِيهِ وَأَغْلظ عَلَيْهِ فنصرته. وَكَانَ سَاكِنا خيرا ذَا فَضِيلَة فِي الْفَرَائِض والحساب أَقرَأ فيهمَا الطّلبَة. وناب فِي الْقَضَاء عَن الْعلم البُلْقِينِيّ فَمن بعده وَجلسَ بحانوت بِالْقربِ من وكَالَة قوصون وَلكنه لم يتهالك على ذَلِك بل كَانَ جلّ استرزاقه من الشَّهَادَة وَمن جِهَات خَفِيفَة كالتصوف بِسَعِيد السُّعَدَاء والإمامة بالفاضلية مَعَ طلب فِيهَا بل وقطنها. وَحج وزار فِي صغره الْقُدس والخليل وَكَانَ ضَعِيف الْبَصَر. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثامن ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالروضة خَارج بَاب النَّصْر رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس النُّور البتنوني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد ولي الدّين مُحَمَّد وَيعرف بالبتنوني. كَانَ جده من جمَاعَة الْجمال يُوسُف العجمي(8/168)
فَلَمَّا مَاتَ انْتَمَى وَلَده أَبُو صَاحب التَّرْجَمَة مَعَ إخْوَته لَهُ وَلم يلبث أَن مَاتَ الشَّيْخ فَنَشَأَ على خير وَستر وأقرأ المماليك فِي الأطباق، اسْتَقر فِي عدَّة مباشرات. وَكَانَ مولد وَلَده هَذَا تَقْرِيبًا فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج، وَعرض على جمَاعَة كشيخنا وَمَات وَالِده وَقد قَارب المراهقة فقرر فِي جهاته كالمباشرة بطيلان وبالحلي وَالظَّاهِر وبهادر المعزي وَغَيرهَا كالحسنية فَلم يحسن السّير وَلكنه انْتَمَى لأبي الْبَقَاء بن الْعلم البُلْقِينِيّ ثمَّ للصلاح المكيني ربيب الْعلم. واجتهد فِي التَّحْصِيل من أَي وَجه كَانَ مَعَ تسلطه فِي أَيَّام الْعلم فَمن بعده على ضعفاء الْمُسْتَحقّين فِي الْأَوْقَاف الَّتِي تَحت مُبَاشَرَته بِالْقطعِ وَنَحْوه وإيذائه لأهل الذِّمَّة لكَونه يتَكَلَّم على مَسْجِد بِالْقربِ من كَنِيسَة حارة زويلة وَأَخذه مِنْهُم بالرهبة وَالرَّغْبَة حَتَّى أثرى وَأَنْشَأَ بِجوَارِي ملكا ارْتكب فِيهِ السهل والوعر كل ذَلِك مَعَ تعرضه للأكاب حَتَّى أَنه نافر المكيني بعد موت عَمه وَنسي كل أَمر كَانَ مِنْهُ فِي حَقه وَصدق قَول الْقَائِل: من أعَان ظَالِما سلط عَلَيْهِ. وَلزِمَ من ذَلِك إغراؤه البباوي فِي أَيَّام تسلطه عَلَيْهِ فَوَثَبَ عَلَيْهِ وثبة كَاد يهلكه فِيهَا فترامى عَليّ مَعَ كَثْرَة أذيته لي حَتَّى خلصته.)
وَاسْتمرّ على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ فِي ثَانِي عشري صفر سنة سبع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بحوش سعيد السُّعَدَاء عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس بن الركاب. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن أبي البركات. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس الزيَادي بِالتَّشْدِيدِ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَهَذَا أسن وأخير. ولد قبيل سنة أَرْبَعِينَ تَقْرِيبًا بالصحراء وَقَرَأَ الْقُرْآن وجوده عِنْد الْفَقِيه النُّور السنهوري والعمدة والشاطبية والمنهاج. وَعرض على شَيخنَا والقاياتي وَابْن الديري وَحضر دروس الْبكْرِيّ وزَكَرِيا بل والمناوي وَقَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ ولازمني فِي غَيره، وَحج فِي الْبَحْر رَفِيقًا لِابْنِ أبي السُّعُود وجاور بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَسمع على التقي بن فَهد وَغَيره وَكَذَا زار الْقُدس والخليل وتنزل فِي بعض الْجِهَات وَأذن فِي الجمالية وَغَيرهَا وَرُبمَا قَرَأَ فِي الجوق ثمَّ تَركه وَنعم هُوَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس الشغري الْحلَبِي نزيل مَكَّة، سمع مني بهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُحب أَبُو الطّيب الفارقي الشاذلي، أَظُنهُ ابْن فكيك. لَازم مَعَ أَبِيه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُحب الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن القصيف. مضى قَرِيبا فِيمَن جده أَحْمد بن هِلَال.(8/169)
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُوفق الْمحلي الأَصْل الْغَزِّي المولد وَالدَّار الْحَنَفِيّ. أَصله من الْمحلة فتحول وَالِده مِنْهَا غَضبا من أَقَاربه إِلَى غَزَّة فولد لَهُ هَذَا وَنَشَأ طَالب علم فَأخذ عَن نَاصِر الدّين الإياسي رَفِيقًا للعلاء الْغَزِّي إِمَام إينال وَكَانَ قد اخْتصَّ أَيْضا بإينال وأقرأ أَوْلَاده. وَمَات بعد أَن أسْند وَصيته لرفيقه الْمشَار إِلَيْهِ، وَتزَوج الصّلاح الطرابلسي ابْنَته بعد مَوته واستولدها، وَكَانَ خيرا رَحمَه الله وَهُوَ ابْن عَم عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شيخون المدولب الْمَاضِي.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد نَاصِر الدّين الْحلَبِي الأَصْل الْحَنَفِيّ. فِيمَن جده أَحْمد بن عبد الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد نَاصِر الدّين الخطيري ثمَّ القاهري نزيل الصالحية. مِمَّن خدم الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وتنزل فِي جِهَات وباشر فِي أوقاف الْحَنَابِلَة وَغَيرهَا وَهُوَ خير كثير التِّلَاوَة مِمَّن سمع الحَدِيث على جمَاعَة مِنْهُم أم هَانِئ الهورينية وَمن أحضرناه مَعهَا وَكَانَ مَعَه ابْنه مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة أَبُو عبد الله النويري. فِيمَن جده أَحْمد)
بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْبُرُلُّسِيّ، مِمَّن عرض عَلَيْهِ خير الدّين بن القصبي بعيد الْخمسين بأبيار. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد البرديني ثمَّ القاهري مِمَّن سمع على شَيخنَا وَسَيَأْتِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله البرديني فيحرر.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الزراتيتي. فِي ابْن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الزواوي القباني شيخ جماعته وأخو شعْبَان الْمَاضِي. لَهُ ذكر فِيهِ. مَاتَ قريب السِّتين. مُحَمَّد بن الْفَقِيه عَليّ بن أَحْمد السفطي وَيعرف بِابْن مشيمش مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُحب الشرنوبي القاهري الشَّافِعِي سبط الزَّاهِد وَأحد النواب.
مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسعين وَكَانَ ثقيل السّمع. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد العتال، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد العذري الْمَالِكِي. شهد على بعض الْقُرَّاء فِي إجَازَة كتبهَا بِخَطِّهِ أرخها فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد النجاري أحد جمَاعَة أبي الْعَبَّاس بن الغمري. قَرَأَ الْقُرْآن وَحصل بعض الدُّرُوس وَسمع مني فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وجاور بالحرمين مُدَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِدْرِيس بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْعلوِي التعزي الزبيدِيّ الشَّافِعِي وَالِد أبي الطَّاهِر مُحَمَّد الْآتِي. انْتفع بِهِ وَلَده(8/170)
فِي الْفِقْه وَغَيره وَسمع عَلَيْهِ كثيرا. وَهُوَ من أهل هَذَا الْقرن لَكِن مَا رَأَيْت تَرْجَمته. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن رضوَان الشَّمْس الْمحلي ثمَّ الْأَزْهَرِي الْخَطِيب. مولده قبيل الْخمسين بالمحلة وَحفظ بهَا الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه أَحْمد بن خليدة وَقَرَأَ لأبي عَمْرو على الشَّيْخ عبد الله الضَّرِير، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة واشتغل عِنْد الْبكْرِيّ والعبادي وَغَيرهمَا كالزين الأبناسي وَقَرَأَ عَليّ كثيرا فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَكَذَا قَرَأَ على الديمي وجود الْخط الْقُرْآن وَقَرَأَ بِهِ فِي الأجواق رياسة وَغَيرهَا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا وَقَرَأَ على الْعَامَّة بالأزهر وَغَيره، واختص بِتَمْر الْحَاجِب وَأم بِهِ بل سَافر مَعَه فِي توجهه مَعَ الْعَسْكَر لسوار أَولا وَثَانِيا وَكَذَا انْتَمَى لجانبك حبيب وسافر مَعَه إِلَى الرّوم حِين كَانَ الرَّسُول لصَاحبه فِي سنة تسعين وزار)
فِي رُجُوعه بَيت الْمُقَدّس والخليل ولشاهين الجمالي وسافر مَعَه إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة حِين ولي مشيخة الخدام بهَا وجهزه من هُنَاكَ إِلَى الْعَجم لأوقافها ولخير بك من حَدِيد وَقَررهُ شيخ سَبْعَة مَعَ الذّكر بالأزهر وَله فِي ذَلِك كُله حكايات، وَصَارَ يتجر فِي غُضُون ذَلِك، وَعِنْده سرعَة حَرَكَة وخفة روح. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْيمن بن الْعَلَاء الْمَقْدِسِي الأَصْل الْمصْرِيّ المولد الشَّافِعِي. ولد فِي لَيْلَة نصف ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والشاطبية وَغَيرهَا وَأخذ القراآت عَن الشهابين السكندري والشارمساحي وَالشَّمْس بن الْعَطَّار والتاج عبد الْملك الطوخي وَابْن عمرَان وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد البقاعي الْآتِي والهيثمي والسنهوري وَآخَرين وَقَرَأَ بعض البُخَارِيّ على ابْن الديري وَغَيره وَسمع بِقِرَاءَتِي فِي الكاملية ختم مُسلم على النسابة والبارنباري وَغَيرهمَا وَقبل ذَلِك ختم البُخَارِيّ بالظاهرية. وَأَجَازَ لَهُ الْعلم البُلْقِينِيّ وَعبد السَّلَام البغدلادي وَآخَرُونَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل فتح الدّين المشائي الشَّافِعِي. شرح الْحَاوِي وَاخْتصرَ الرَّوْضَة وَغَيرهمَا وَكَانَ قَاضِي المرتاحية مُقيما بِالْمَدْرَسَةِ الغربية بإشموم طناح بِالْقربِ من منية ابْن سلسيل، وَله من التصانيف سوى مَا ذكر أَيْضا واقرأ الطّلبَة فَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ وَالِد التقي بن وَكيل السُّلْطَان ورأيته كتب شَيْئا أرخه فِي سنة أَربع وَتِسْعين فَيحْتَمل أَن يكون تَأَخّر إِلَى هاذ الْقرن. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْفَتْح بن الريس. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن إِسْمَاعِيل قَرِيبا. مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَليّ بن الأتابك إينال اليوسفي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. رباه(8/171)
الظَّاهِر جقمق لكَونه كَانَ قبل اتِّصَاله بِالظَّاهِرِ برقوق مَمْلُوكا لِأَبِيهِ وَلما كبر صيره من مماليكه فَلم يلبث أَن أعرض عَن زِيّ الجندية وتشبه بالفقراء وَصَارَ يسْأَل النَّاس ودام على ذَلِك زَمنا فَلَمَّا تسلطن الظَّاهِر أمره بِالْعودِ لزيه الأول فَامْتنعَ لكنه صَار يركب حمارا ويطلع إِلَى القلعة ويتردد إِلَى الأكابر ويتناول مِنْهُم بالرغبة والرهبة بِحَيْثُ اشْتهر طمعه ودناءة نَفسه ثمَّ ركب الْفرس وَصَارَ أَمِير شكار بل أَمِير عشرَة مُضَافا لعدة أقاطيع حلقه وَلم يكتف بذلك حَتَّى أنهى للسُّلْطَان أَن منظرة الْخمس وُجُوه المقاربة لكوم الريش ظَاهر الْقَاهِرَة الْمَعْرُوفَة بالتاج والسبع وُجُوه الَّتِي تكلّف الْمُؤَيد فِي تجديدها فِيمَا قيل نَحْو عشْرين ألف دِينَار وتكرر نُزُوله)
لَهَا يَقع فِيهَا فواحش من المتفرجين والمقيمين فَأمره بهدمها فَفعل وَصَارَ مَكَانهَا موحشا بعد أَن كَانَ قصرا فريدا وَاسْتولى على أنقاضها وَبَاعَ مِنْهَا مَا يفوق الْوَصْف بل بنى من بَعْضهَا مَكَانا على كوم القنطرة الجديدة صَار حَقِيقَة مأوى الْفَاسِقين غَالِبا وَكَذَا بنى دَارا بصليبة الحسينية ومدرسة بجانبها وجامعا تجاهها للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات وتربة تجاه تربة كنبوش وَضعف مرّة فَأمر الظَّاهِر أَعْيَان الْعَسْكَر بعيادته فامتثلوا رضَا أَو كرها وَبَالغ فِي التكرم حِين عافيته بل كَانَ الْإِعْطَاء والسماح غَالِبا دأبه وَقد شح على الْمُسْتَحقّين. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ نهاب وهاب وَلما مَاتَ الظَّاهِر أخرج الْأَشْرَف إمرته عَنهُ وَمنعه من الْأَمِير شبكارية وانحط جَانِبه فَتحَرك ابْنه الْمُؤَيد لمطالبته بالأنقاض الْمشَار إِلَيْهَا فهرب ثمَّ وجد فرسم عَلَيْهِ وَوزن نَحْو ألف دِينَار ثمَّ اختفى ثمَّ ظهر بعد مُدَّة وَلزِمَ دَاره مُدَّة. وَكَانَ طَويلا كَبِير اللِّحْيَة والشوارب أهوج يسْتَدلّ ناظره بهيئته على خفَّة عقله يظْهر تدينا واعتقادا فِي الصَّالِحين وَالْعُلَمَاء وَرُبمَا قَرَأَ على ابْن الْهمام ف الْقَدُورِيّ بل قَرَأَ من قبله عَليّ مِنْهَا الْحَنَفِيّ. مَاتَ فِي سنة أَربع وَسبعين بصفد أَو نَوَاحِيهَا عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَيُّوب بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْفَتْح الْبرمَاوِيّ الأَصْل الْمدنِي المولد الْمَكِّيّ الدَّار الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن الشيخة وَيُقَال لَهُ الْمدنِي لكَونه ولد بِالْمَدِينَةِ، وَنَشَأ بِمَكَّة فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وأسمعه أَبوهُ على أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وتكرر قِيَامه بِالْقُرْآنِ فِي كل سنة بحاشية الطّواف. وَلَيْسَ بالمرضي وأموره زَائِدَة الْوَصْف. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس الْبكْرِيّ القاهري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي القادري وَيعرف بالبكري. ولد قبل الْقرن بالمقس وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس بن الخص وَحضر دروس الشهَاب الْمحلي خطيب جَامع ابْن ميالة(8/172)
والبهاء بن الحارس الْمحلي الفرضي وَسمع على شَيخنَا وَغَيره بل تردد إِلَيّ فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وَأخذ عَن معتوق القادري نزيل ميدان الْقَمْح وانعزل عَن النَّاس مَعَ سُكُون وبهاء واعتقده طَائِفَة كَأبي السعادات البُلْقِينِيّ. وَهُوَ فِي سنة تسع وَتِسْعين فِي الْأَحْيَاء. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن أَحْمد بن عَطاء الله الشَّمْس الرَّشِيدِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن عَطاء الله. حفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل قَلِيلا وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة وَسمع على شَيخنَا)
وَغَيره وجاور مَعنا فِي سنة إِحْدَى وَسبعين فَسمع مني كثيرا من تصانيفي وَغَيرهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن أَحْمد بن علوش الدِّمَشْقِي نزيل الصالحية الزُّهْرِيّ النساج. ولد قبل سنة سبعين وَسَبْعمائة وَسمع من لفظ الْمُحب الصَّامِت قِطْعَة من مُسْند عُثْمَان من أبي يعلى وَحدث وَأخذ عَنهُ النَّجْم بن فَهد. مَاتَ قريب الْأَرْبَعين أَو قبلهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل الْمصْرِيّ الْمَكِّيّ الجوخي الْفراش بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام والمكبر بمقام الْحَنَابِلَة وَفِي رَمَضَان على زَمْزَم. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله القَاضِي الْجمال أَبُو عبد الله النَّاشِرِيّ. ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأخذ عَن أَبِيه وَعَمه ابْن عَمه وَمِمَّا قَرَأَهُ على عَمه الشهَاب أَحْمد المختصرات الثَّلَاثَة وَالْوَجِيز وَسمع عَلَيْهِ الْوَسِيط والمهذب وجود الْفَرَائِض والحساب مَعَ الْعَلامَة على بن أَحْمد الجلاد وَسمع الْمجد الفيروزابادي وَابْن الْجَزرِي فِي آخَرين، وَحج غير مرّة وزار مَاشِيا وَحمل هُنَاكَ عَن الْجمال بن ظهيرة وَابْن سَلامَة والزين المراغي وانتفع بِهِ جمَاعَة، وَولي إِمَامَة الصلاحية بزبيد وتدريس الأشرفية بهَا وناب عَن أَبِيه فِي الْأَحْكَام. وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِض والحساب أَخُوهُ القَاضِي حَافظ الدّين عبد الْمجِيد وَولده الْمقري عفيف الدّين وَآخَرُونَ، ذكره الْعَفِيف النَّاشِرِيّ وَمَا رَأَيْته أرخ وَفَاته. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن عَليّ الْمُحب الْكِنَانِي السُّيُوطِيّ الشَّافِعِي وَالِد أبي السُّعُود الْآتِي وَيعرف بِابْن النَّقِيب. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا، واشتغل وَحصل وَمن شُيُوخه القاياتي بل أَخذ بِمَكَّة فِي القراآت عَن ابْن عَيَّاش وَمُحَمّد الكيلاني. وَكَانَ دينا متعبدا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين بأسيوط وَدفن تجاه أبي بكر الشاذلي رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد الخواجا الْكَبِير الشَّمْس الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي(8/173)
وَالِد حسن وَعمر الماضيين وَيعرف بِابْن المزلق بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي المنقوطة وَاللَّام الْمُشَدّدَة كَبِير التُّجَّار الدمشقيين. مَاتَ وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ فِي تَاسِع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي وَدفن بتربته خَارج بَاب الْجَابِيَة وَكَانَت جنَازَته حافلة حضرها النَّائِب فَمن دونه من الْأَعْيَان وَهُوَ صَاحب المآثر الْكَثِيرَة)
بدرب الشَّام كعدة خانات وَإِصْلَاح كثير من طرقاته وَغير ذَلِك وَأوصى بِثلث مَاله وَيبدأ مِنْهُ بتكملة عمَارَة خَان الأرنبية وتنظيف وعرة سعسع ثمَّ مَا فضل مِنْهُ يقسم بَين فُقَرَاء مَكَّة وَالْمَدينَة وَبَيت الْمُقَدّس ودمشق بِالسَّوِيَّةِ رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُوسَى الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي الأَصْل السندبسطي الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي النَّاسِخ الشَّاهِد الْوَاعِظ، وَيعرف بِابْن دبوس. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسندبسط وانتقل مِنْهَا إِلَى الْمحلة فَنَشَأَ بهَا وَحفظ الْقُرْآن ومختصر أبي شُجَاع والوردية النحوية وَغَيرهَا واشتغل قَلِيلا وَولي الْعُقُود وَرُبمَا عمل الميعاد وداوم النّسخ ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فتكسب شَاهدا بِبَاب الصالحية وَأَحْيَانا بالمواعيد وَرُبمَا مدح بعض الرؤساء وَقد كتبت عَنهُ فِي الْمحلة قَوْله فِي رثاء شَيخنَا: بَكت سَمَاء وَأَرْض عَلَيْك يَا عسقلاني لكننا نتسلى إِذْ مَا سوى الله فَانِي. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن نَاصِر الشَّمْس أَبُو النجا الأبحاصي الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي.
مِمَّن سمع مني.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الْجمال الشيبي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عل بن أبي بكر الشَّمْس بن نور الدّين بن مخلص الدّين الفاوي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي. اشْتغل ولازم الْبكْرِيّ فِي الْفِقْه وأنجب وَتردد إِلَيّ حَتَّى سمع غَالب تَرْجَمَة النَّوَوِيّ وَغَيرهَا. كل ذَلِك وَهُوَ يتجر فِي سوق الشّرْب حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ عَن نَحْو الْأَرْبَعين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الشَّمْس أَبُو الْفضل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الأديب قدم حلب فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وعَلى يَده كتاب من قَاضِي حماة الْعَلَاء بن القضامي إِلَى أبي الْوَلِيد بن الشّحْنَة وَوَصفه فِيهِ بالعالم الْعَامِل الأديب الْفَاضِل وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ السُّلْطَانِيَّة وَأثْنى أَبُو الْوَلِيد على فضيلته فِي الْأَدَب، وَدخل الْقَاهِرَة وَكَانَ فِيهَا سنة تسع. وَمن نظمه مِمَّا كتبه عَنهُ ابْن خطيب الناصرية:
(مَا صنيعي فِي الَّذِي أحبه ... ذهبت أَيَّام عمري غَلطا)
(وخطا الشيب برأسي لَيْتَني ... أنذر النَّفس بشيب وخطا)(8/174)
وَقَوله:)
(تعارضني الْأَيَّام على مشيبي ... وهد الْحبّ لست لَهُ بناقض)
(فَقلت لَهُم وَلَو قاسى الَّذِي بِي ... صَغِير السن شَاب من الْعَوَارِض)
مُحَمَّد بن عَليّ ابْن أبي بكر الشَّمْس الْبكْرِيّ مضى قَرِيبا فِيمَن جده أَبُو بكر بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الشَّمْس بن النُّور الْبُوَيْطِيّ الأَصْل القاهري كَاتب العليق وَابْن كَاتبه وخال الْبَدْر السَّعْدِيّ القَاضِي الْحَنْبَلِيّ. مَاتَ عَن أَزِيد من خمسين سنة فِي ربيع الأول سنة سبع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ ثمَّ دفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقربِ من مشْهد السِّت زَيْنَب خَارج بَاب النَّصْر وَكَانَ قد برز للقاء الْعَسْكَر وزار بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رَجَعَ وَهُوَ متوعك فَأَقَامَ يَسِيرا ثمَّ مَاتَ وَهُوَ مِمَّن بَاشر كِتَابَة العليق نِيَابَة فِي الأول عَن أَخِيه لأمه سعد الدّين مُحَمَّد الْمَاضِي وَغَيره ثمَّ اسْتِقْلَالا واستهلك مَا مَعَه بِسَبَبِهَا حَتَّى افْتقر وَأقَام مُدَّة خاملا قانعا باليسير مَعَ احتشامه وتودده وعقله عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد كريم الدّين الْبُوَيْطِيّ الأَصْل القاهري الزيني نِسْبَة لخال أمه عبد الْقَادِر الْمَاضِي الْحَنْبَلِيّ وَهُوَ أَخُو الَّذِي قبله وخال الْبَدْر السَّعْدِيّ بل وَابْن عمته أَيْضا وَيعرف بلقبه. ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فتعلم الْمُبَاشرَة وخدم بهَا فِي عدَّة أَمَاكِن ولازم خَال أمه النُّور البلبيسي فتدرب بِهِ فِي مطالعة التواريخ وَشبههَا وَصَارَ يحفظ كثيرا من الحكايات والأشعار والنكت بل واعتنى بأنواع الفروسية من الثقاف وَالرَّمْي وَنَحْو ذَلِك وبرع وغزا غير مرّة، وَكَذَا حج مرَارًا وجاور وَحفظ الْخرقِيّ بل ومنظومة الْعِزّ الْقُدسِي قَاضِي الشَّام الألفية الَّتِي أفرد فِيهَا مُفْرَدَات أَحْمد، وَحضر دروس القَاضِي عز الدّين الْكِنَانِي وَسمع عَلَيْهِ فِي الْمسند وَغَيره وَكَذَا سمع على شَيخنَا وَجَمَاعَة، وَجلسَ بِأخرَة لما ولي ابْن أُخْته الْقَضَاء مَعَ الشُّهُود وَلم يحصل على طائل مَعَ اشتماله على فَضَائِل وَكَذَا لعبد الْغَنِيّ بن الجيعان بِهِ مزِيد اعتناء. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ خَامِس ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي رحبة مصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن بحوش سعيد السُّعَدَاء عِنْد أمه رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الْحَضْرَمِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الأشرم. مِمَّن لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وَحضر سَماع السِّيرَة وَغَيرهَا وَذكر لي أَنه شرح الْإِرْشَاد فِي اثْنَي عشر مجلدا قَالَ غَيره لوما نهبت جبن كَانَ الشَّرْح من جملَة مَا نهب فَأَخذه شخص من)
الطّلبَة يُقَال لَهُ ابْن مِسْمَار من المنتمين لعامر بن عبد الْوَهَّاب وغسله حسدا بعد أَن قرر مَعَ عَامر أَن مُؤَلفه من جِهَة بني عَامر بن طَاهِر المباينين لعامر فَلم يلبث ابْن مِسْمَار سوى يَوْمَيْنِ أَو أقل وغرق فِي بركَة بِبَيْت عَامر وَمَات(8/175)
فعد ذَلِك كَرَامَة وَالله أعلم وَلما حج هَذَا رَجَعَ لبلاده.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الشيبي. فِي ابْن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر. مُحَمَّد بن عَليّ بن جَار الله بن زادئ السنبسي الْمَكِّيّ وَيعرف بالاستر مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر بن مُخْتَار الشَّمْس أَبُو عبد الله القاهري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن قمر. ولد مزاحما لرأس الْقرن وَاخْتلف قَوْله فِي تَعْيِينه بل كتب بِخَطِّهِ نقلا عَن أمه أَنه فِي أثْنَاء سنة ثَلَاث وَعَلِيهِ اقْتصر الْبُرْهَان الْحلَبِي بالحسينية من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وألفية الحَدِيث والنحو ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَالْبَعْض من التَّنْبِيه وَمن الْبَيْضَاوِيّ، وَعرض على جمَاعَة كالعز بن جمَاعَة والجلال البُلْقِينِيّ واشتغل فِي الْفِقْه على البيجوري والشهاب الطنتدائي والزين القمني وَأكْثر من ملازمته بل وملازمة وَلَده الْمُحب من بعده وَكَذَا أَخذ عَن الشَّمْس البوصيري فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَعَن الْمجد الْبرمَاوِيّ والبرهان بن حجاج الأبناسي والقاياتي وَطَائِفَة وَقَرَأَ ألفية الحَدِيث على الْوَلِيّ بن ناظمها رِوَايَة ثمَّ بحثا مَعَ الْكثير من شرحها ثمَّ أَخذ الشَّرْح عَن شَيخنَا واشتدت عنايته بملازمته فِي هَذَا الشَّأْن حَتَّى حمل عَنهُ جملَة من الْكتب الْكِبَار ووالى عَلَيْهِ الْبر وَالْإِحْسَان مبتدئا بذلك مرّة ومسئولا فِيهِ أُخْرَى وَكَانَ ضَابِط الْأَسْمَاء عِنْده وارتفق بذلك خُصُوصا من الغرباء بل واستملى عَلَيْهِ بعد الزين رضوَان وَقدمه فِيهِ على غير وَاحِد مِمَّن كَانَ يتمناه، وَطلب بِنَفسِهِ وَكتب الْكثير سِيمَا من تصانيف شَيخنَا حَتَّى أَنه كتب فتح الْبَارِي مرَّتَيْنِ وباعهما وَدَار على الشُّيُوخ. وارتحل للبلاد الشامية وَغَيرهَا وَسمع بِمَكَّة وَبَيت الْمُقَدّس والخليل ودمشق وحلب واسكندرية وَغَيرهَا وتكرر لَهُ دُخُول بَعْضهَا بل دخل الشَّام فِي صغره مَعَ أَبَوَيْهِ. وَمن محَاسِن شُيُوخه بِالْقَاهِرَةِ الشموس الشَّامي وَابْن الْجَزرِي وَابْن الْمصْرِيّ والبدر حُسَيْن البوصيري والكلوتاتي والواسطي وبحلب الْبُرْهَان الْحلَبِي وَأقَام عِنْده نَحْو شهر وبدمشق ابْن نَاصِر الدّين وببيت الْمُقَدّس القبابي وبالخليل التدمري وباسكندرية)
قاضيها الْجمال بن الدماميني وبمكة فِيمَا كَانَ يخبرنا بِهِ الزين عبد الرَّحْمَن بن طولوبغا.
وَعرف بِالطَّلَبِ واشتهر بِالْحَدِيثِ وَوَصفه شَيْخه الْحلَبِي بالشيخ الْمُحدث الْفَاضِل بل وترجمه بِبَعْض مجاميعه. وَهُوَ أحد الْعشْرَة الَّذين أوصى لَهُم شَيخنَا بعد مَوته ووصفهم وَغَيرهمَا، وناب عَن الْمَنَاوِيّ فَمن بعده فِي الْقَضَاء بِالْقَاهِرَةِ وأضيف إِلَيْهِ فِي بعض(8/176)
الْأَوْقَات قَضَاء بعض الْجِهَات انتزعها لَهُ من الْمُحب بن الشّحْنَة وَمَا كنت أحب لَهُ الدُّخُول فِي الْقَضَاء مَعَ أَنه لم يحصل فِيهِ على طائل. وَكَذَا نَاب فِي تدريس الْفِقْه بالظاهرية الْقَدِيمَة وَغَيرهَا وَقَرَأَ الحَدِيث فِي كثير من الماكن كجامع الْحَاكِم والخانقاه البيبرسية وَكَانَ إمامها والقارئ بدرس الحَدِيث فِيهَا زَمنا وَأحد صوفيتها حَتَّى مَاتَ. بل قَرَأَ بِأخرَة بِمَجْلِس الْأَشْرَف قايتباي حِين توعك صَاحب الْوَظِيفَة مَجْلِسا وتنزل فِي صوفية الخانقاه السعيدية أَيْضا ورأيته يقْرَأ الحَدِيث بهَا أَحْيَانًا بعد انْتِهَاء الْحُضُور، وَكَذَا تنزل فِي غَيرهَا من الأطلاب، وَحدث باليسير أَخذ عَنهُ جمَاعَة من الطّلبَة وحَدثني من لَفظه بالمسلسل بالأولية وَكَذَا سَمِعت مِنْهُ غير ذَلِك من الحَدِيث والفوائد وَرُبمَا كتب على الْفَتْوَى. وَاخْتصرَ الْأَنْسَاب لِابْنِ الْأَثِير فِي مُجَلد وقفت عَلَيْهِ وَسَماهُ معِين الطلاب بِمَعْرِِفَة الْأَنْسَاب وَشرع فِي اخْتِصَار أَطْرَاف الْمزي وَسَماهُ إلطاف الْأَشْرَاف بزهر الْأَطْرَاف فِي أَشْيَاء لَيست بالمتينة مَعَ أَوْهَام فِيهَا وَعدم حسن تصرف لكَونه لم يكن فِي الْفَنّ وَلَا غَيره بالبارع، وَكَانَ جَامِدا بطيء الْحَرَكَة غير حاذق فِي شَيْء من أَنْوَاعه لكنه كَانَ يستحضر أَشْيَاء من الْمُتُون وَالرجل ذَا أنسة بالفن فِي الْجُمْلَة وإحساس بِطرف من الْفِقْه والعربية ملازما الانجماع غَالِبا مديما للتلاوة وَالْجَمَاعَات مُقبلا على التَّحْصِيل مَعَ التقنع وَالِاحْتِمَال ولين الْجَانِب ومقاساة ضنك العائلة وخفة الْمُؤْنَة. وَقد منحه الله الْقيام على عدَّة بَنَات حَتَّى زوجهن، وَأَنْشَأَ لنَفسِهِ بِكُل من الْقَاهِرَة ومصر دَارا بعد أَن جدد أُخْرَى وَهُوَ من قدماء معارف الْوَالِد وَلذَلِك استدعى لي فِي رحلته الشامية الْإِجَازَة من جمَاعَة من الْأَعْيَان كثر دعائي لَهُ بسببهم ثمَّ كثر اختصاصي مَعَه ومرافقته لي فِي الطّلب ومزيد اغتباطه بِي وإظهاره من التَّعْظِيم والإجلال مَا يفوق الْوَصْف لفظا وخطا خُصُوصا حِين يقصدني فِي أَشْيَاء من متعلقات هَذَا الشَّأْن يَزُول الأشكال عَنهُ فِيهَا حَتَّى كَانَ يحلف بالإنفراد وَعدم الْمُشَاركَة. وَرَأَيْت مِنْهُ مزِيد التألم بكائنة الكاملية وَصَارَ مَعَ ذَلِك يخْفض عني أمرهَا وَيَقُول لم أزل أسمع شَيخنَا يَقُول لَا أعلم الْآن وَظِيفَة فِي الحَدِيث مَعَ)
مستحقها ويردف ذَلِك بقوله الْعلم يبطئ وَلَا يُخطئ وَلَا بُد لَك من كَذَا وَكَذَا وَأحب أ، لَا تهملني. ورام غير مرّة كِتَابَة تَرْجَمَة شَيخنَا تصنيفي والمرور عَلَيْهَا معي فَمَا تيَسّر. هَذَا مَعَ كوني فِي عداد أَوْلَاده وَمِمَّنْ اسْتَفَادَ مِنْهُ فِي ابْتِدَاء طلبه، وَلم يزل يرغب عَن وظائفه شَيْئا فَشَيْئًا وَكَذَا عَن كثير من كتبه حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ(8/177)
وَسبعين بعد توعكه مُدَّة طَوِيلَة وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر وَدفن بجوار قبر أمه بمقبرة بَاب الصَّحرَاء من بَاب النَّصْر بن النشاشيبي والعصافيري وَأثْنى النَّاس عَلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا. وَقد وَصفه البقاعي بالشيخ الإِمَام الْمُحدث الرّحال ثمَّ رَمَاه لتقديم شَيخنَا لَهُ عَلَيْهِ فِي الاستملاء وَنَحْوه نسْأَل الله السَّلامَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر الشَّمْس العجلوني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الصُّوفِي وَيعرف بالبلالي بِكَسْر الْمُوَحدَة ثمَّ لَام خَفِيفَة. ولد قبل الْخمسين وَسَبْعمائة واشتغل بِتِلْكَ الْبِلَاد قَلِيلا ولازم أَبَا بكر الْموصِلِي فَانْتَفع بِهِ وَبِغَيْرِهِ وتميز فِي التصوف ولازم النّظر فِي الْأَحْيَاء بِحَيْثُ كَاد يَأْتِي عَلَيْهِ حفظا وَصَارَت لَهُ بِهِ ملكة قَوِيَّة بِحَيْثُ اخْتَصَرَهُ اختصارا حسنا جدا وَكَانَ بِالنِّسْبَةِ لأصله كالحاوي مَعَ الرَّافِعِيّ وانتفع بِهِ النَّاس وَأَقْبلُوا على تَحْصِيله سِيمَا المغاربة وقريء عَلَيْهِ غير مرّة وَرُبمَا استكثر عَلَيْهِ وَكَذَا صنف السول فِي شَيْء من أَحَادِيث الرَّسُول وَاخْتصرَ الرَّوْضَة وَلَكِن لم يكملا وَاخْتصرَ الشفا وَعمل مُخْتَصرا بديعا فِي الْفُرُوع وقرض السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ ناهض. وَعرف بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح قَدِيما واشتهر بالتعظيم فِي الْآفَاق وَحسنت عقيدة النَّاس فِيهِ، واستقدمه سودون الشيخوني نَائِب السلطنة فِي خدود التسعين وولاه مشيخة سعيد السُّعَدَاء فدام بهَا نَحْو ثَلَاثِينَ سنة لم يزل عَنْهَا إِلَّا مرّة بخادمها خضر لقِيَام تمراز نَائِب الْغَيْبَة فِي الْأَيَّام الناصرية فرج وَلم يمض سوى عشرَة أَيَّام ثمَّ جِيءَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وعد ذَلِك من كرامات البلالي ثمَّ أُعِيد. وَكَانَ كثير التَّوَاضُع إِلَى الْغَايَة منطرح النَّفس جدا مَشْهُورا بذلك كثير الْبَذْل لما فِي يَده شَدِيد الْحيَاء كثير الْعِبَادَة والتلاوة وَالذكر سليم الْبَاطِن جدا بِحَيْثُ كَانَ كثير من النَّاس يتَكَلَّم فِيهِ بِسَبَب مَا لَهُ من المباشرات بالخانقات وترثر عَنهُ كرامات وخوارق. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِمَا هَذَا حَاصله قَالَ وَكَانَ يودني كثيرا وَأَجَازَ فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد وَذكر أَنه ضَاعَ مِنْهُ مسموعاته. وَكَذَا ذكره فِي الأنباء بِاخْتِصَار وَأَنه اسْتَقر فِي مشيخة سعيد السُّعَدَاء مُدَّة متطاولة مَعَ التَّوَاضُع الْكَامِل والخلق)
الْحسن وإكرام الْوَارِد. وَاخْتصرَ الْأَحْيَاء فأجاد وطار اسْمه فِي الْآفَاق ورحل إِلَيْهِ بِسَبَبِهِ ثمن صنف تصانيف أُخْرَى وَكَانَت لَهُ مقامات وأوراد وَله محبون معتقدون ومبغضون منتقدون.
وَنَحْوه قَول المقريزي كَانَ مُعْتَقدًا وَله شهرة طارت فِي الْآفَاق وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد وَعَلِيهِ انتقاد. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر شَوَّال سنة عشْرين وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة بعد شُهُود شَيخنَا الصَّلَاة عَلَيْهِ وَقد جَازَ السّبْعين. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَقَالَ كَانَ كثير الذّكر متواضعا إِلَى الْغَايَة بِحَيْثُ لما اجْتمعت بِهِ قبل يَدي مرَارًا وَقدم(8/178)
إِلَى نَعْلي لما انصرفت عَنهُ وَهَذِه سيرته مَعَ كل أحد وَحَضَرت عِنْده وَظِيفَة الذّكر بعد الْعشَاء بالخانقاه وَكَانَ يرى رفع الصَّوْت بِهِ ويعلل ذَلِك، كثير الْحيَاء يديم التِّلَاوَة مَعَ سَلامَة الْبَاطِن وَله محبون يؤثرون عَنهُ كرامات وخوارق رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس الْحِجَازِي القاهري الْمُقْرِئ وَالِد الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي. برع فِي القراآت وَتقدم فِي قراء الجوق لطراوة صَوته وَحسن نغمته بِحَيْثُ فاق فِي ذَلِك حَتَّى إِن الضياء العفيفي شيخ البيبرسية وناظرها وَكَانَ كثير التَّوَقُّف فِي إِمْضَاء النزولات إِلَّا للمتأهل لما جَاءَهُ ليمضي لَهُ قِرَاءَة الشباك بهَا امتحنه بِالْحِفْظِ أَولا ثمَّ بجودة الْأَدَاء وَسمع مَا أطربه بَادر للكتابة بل كَانَ غَيره من شيوخها إِذا كَانَت نوبَته بعطية دَرَاهِم لَهَا وَقع وَرُبمَا كَانَ بعض الصُّوفِيَّة يغيب عَن الْحس وَيضْرب على فَخذيهِ وَكَانَ لذَلِك للكمال الدَّمِيرِيّ وَنَحْوه من الْمَشَايِخ المعتبرين بِهِ اعتناء، وخطبه الْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ لإقراء أَوْلَاده وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ عد رِوَايَات وَلَده. وَقَالَ لي مَعَ مَا أَفَادَهُ مَا أوردته أَنه مَاتَ فِي لَيْلَة مستهل شعْبَان سنة تسع رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْمولى نور الدّين السَّمرقَنْدِي البدخشاني بموحدة ثمَّ مُهْملَة مفتوحتين ثمَّ معجمتين الأولى سَاكِنة وَآخره نون الْحَنَفِيّ الشريف سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن بن يُوسُف الْعَلَاء أَبُو عبد الله بن الْبَدْر أبي الْحسن البنهاوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد تقريا قبيل الْقرن وجاور وَهُوَ صَغِير مَعَ وَالِده وَكَانَ تَاجِرًا بِمَكَّة فَسمع بهَا على ابْن صديق البُخَارِيّ وَغَيره. وَحدث سمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ وَكَانَ سَاكِنا ربعَة أسود اللِّحْيَة يتكسب بِالشَّهَادَةِ وبالسفر أَحْيَانًا لدمياط بنزر يسير، وَرُبمَا نَاب فِي)
الْحِسْبَة ببولاق والقاهرة وأهين مرّة بِمَا ظهر بعد بَرَاءَته مِنْهُ. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن أَبُو الْخَيْر الغمري الشبراملسي. مِمَّن سمع على قريب التسعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن الشَّمْس القاهري الْحَنَفِيّ صهر الْبَدْر الْعَيْنِيّ وَيعرف بالأزهري وبابن السقاء. قَرَأَ على الْبِسَاطِيّ فِي الْأُصُول وَغَيره وعَلى صهره شَرحه للشواهد وَغَيره وَحصل شَرحه للْبُخَارِيّ وباشر عِنْده فِي الأحباس وَغَيرهَا، رَأَيْته سَاكِنا.
مَاتَ تَقْرِيبًا سنة سبع وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن شرشيق الشَّمْس بن النُّور بن الْعِزّ بن الشَّمْس الأكحل الحسني القادري وَالِد الشّرف مُوسَى الْآتِي. مَاتَ فِي رَابِع صفر(8/179)
سنة أَرْبَعِينَ بالطاعون وَدفن بزاوية عدي بن مُسَافر بِالْقربِ من بَاب القرافة رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن شكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن أَحْمد بن سُلَيْمَان الحسني الْبَصْرِيّ الشهير بِابْن شكر. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة أَرْبَعِينَ أَيْضا أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ أحد التُّجَّار بهَا وَيعرف بِابْن جوشن.
مَاتَ فِي سنة سِتّ مقتولا بوادي الهدة الْمَعْرُوف بهدة بني جَابر وَخلف عقارا طائلا. ذكره الفاسي فِي مَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلد بن أَحْمد الشَّمْس الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الشَّاعِر. ولد فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالمحلة ظنا وجود الْخط وتعاني النّظم فَأحْسن وَكَانَ ذكيا مِمَّن خالط الحلقية والحكوية ففاق عَلَيْهِم ثمَّ صحب الولوي بن تَقِيّ الدّين البُلْقِينِيّ وانسلخ من ذَاك الطّور وَصَارَ يكْتب لَهُ وارتفق ببره لشدَّة فقره وَرُبمَا انْتفع هُوَ بِهِ فِي شَيْء من متعلقات الْأَدَب، وَلما ولي الشَّام كَانَ مِمَّن استصحبه مَعَه فَتوفي هُنَاكَ غَرِيبا بعد أَرْبَعَة أشهر فِي محرم سنة خمس وَسِتِّينَ عَفا الله عَنهُ وَمِمَّنْ اسْتَعَانَ بِهِ فِي أَشْيَاء كَانَ ينسبها لنَفسِهِ سبط شَيخنَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلد بن عَليّ بن مُوسَى بن عَليّ الْبَدْر القنبشي الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة)
وَالشَّاهِد بِبَاب السَّلَام. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَخمسين بعد أَن خرف. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن البيطار. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع الصَّحِيح ومشيخة أبي الْفرج بن الْقَارِي كِلَاهُمَا عَلَيْهِ وشيئا من النَّسَائِيّ على الشّرف عبد الرَّحْمَن بن عَسْكَر وَكَذَا سمع على أَصْحَاب ابْن الصَّواف مسموعه مِنْهُ بل سمع الْكثير مَعَ أَوْلَاده رَفِيقًا لشَيْخِنَا وَذكره فِي مُعْجَمه. وَقَالَ: أجَاز فِي استدعاء ابْني وَكَانَ حسن السمت كثير التِّلَاوَة انْتهى. وَقد سمع على شَيخنَا فِي تَعْلِيق التَّعْلِيق لَهُ وَحدث بأَشْيَاء روى لنا عَنهُ التقي الشمني وَآخَرُونَ. وَقَالَ المقريزي فِي عقوده: وَكَانَ كثيرا التِّلَاوَة خيرا محبا فِي أهل الْخَيْر صحبته من القَاضِي الْبَدْر بن أبي الْبَقَاء نين فَإِنَّهُ كَانَ من أَتْبَاعه. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة خمس وَعشْرين. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلف أَبُو الْبَقَاء الترسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي، وترسة بِكَسْر أَولهَا ثمَّ رَاء سَاكِنة بعْدهَا مُهْملَة من الجيزية وَيعرف بكنيته. ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والبهجة والحاجبية واشتغل(8/180)
كثيرا ونظم قَوَاعِد ابْن هِشَام ألفية وأيساغوجي وألفية فِي الْعرُوض وَكَانَ أَخذه لَهُ عَن نور الدّين الْجَوْجَرِيّ وللعربية وَغَيرهَا عَن التقي الحصني والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَالْفِقْه عَن الْمَنَاوِيّ وَغَيره وَمن شُيُوخه أَيْضا الْمحلى، وَحكى عَن شَيْخه الحصني أَنه التمس مِنْهُ الْجَواب عَن لغز قَالَ إِنَّه لَهُ فِي نعناع وَهُوَ:
(وَذي عينين مَا اكتحلا بكحل ... يؤمهما شَبيه الحاجبين)
(إِذا ناديته وافى طريحا ... لما عاناه من قطع الْيَدَيْنِ)
(أَبَاحَ الْمُسلمُونَ الْقطع فِيهِ ... كسراق النضار أَو اللجين)
فَقَالَ:
(أَلا يَا ذَا الحجا من قد تَعَالَى ... على الأقران فَوق الفرقدين)
(بِعلم زَائِد كالبحر يَنْمُو ... بِلَا نقص وَلم يُوصف بمين)
(فَخذ مني جَوَاب اللغز إِنِّي ... قدحت الْفِكر فِيهِ قدحتين)
(فأورى زند فكري لي جَوَابا ... أحب إِلَيّ مِمَّا فِي الْيَدَيْنِ)
(فبع خمساه يَا سؤلي وصحف ... بماضي البيع شبه الحاجبين)
)
وَقد تكَرر اجتماعه بِي وَزعم أَنه شرح الْحَاوِي وأنشدني زجلا قَالَه فِي جَانِبك الجداوي لَا بَأْس بِهِ. وَهُوَ مِمَّن يتكسب فِي سوق النِّسَاء تَحت الرّبع بجوار إِسْمَاعِيل بن الْمُعَلَّى، وَحج وَلَقي ابْنا للشَّيْخ إِسْمَاعِيل بن الْمُقْرِئ وَقَالَ أَيْضا إِنَّه أَخذ الْفَرَائِض عَن البوتيجي والعمدة وَالْأَرْبَعِينَ وَغَيرهمَا عَن الشريف النسابة وَقَرَأَ على الديمي فِي آخَرين وَأثْنى على شخص أَخذ عَنهُ فِي التصوف يُقَال لَهُ علم الدّين الحصني وَلما قدم حبيب الله اليزدي أَكثر من ملازمته مغتبطا بِهِ فِي الفلسفة وَغَيرهَا وكلماته أَكثر من فَضله. مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْبَدْر بن النُّور الحكري القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ نَشأ نشأة حَسَنَة واشتغل كثيرا وَبحث الْمقنع وَالْمُسْتَوْعب على القَاضِي اعلحنبلي وتميز وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا، وناب فِي الحكم مُدَّة وَكَانَ جميل الصُّورَة حسن المعاشرة متواضعا. مَاتَ فِي أول ربيع الأول سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَن ثَلَاث وَخمسين سنة طلعت لَهُ جَمْرَة فِي قَفاهُ فَمَاتَ بهَا. قلت وَقد سمع الحَدِيث وَرَأَيْت بِخَطِّهِ بعض الْأَثْبَات للعز الْكِنَانِي وَغَيره وَكَذَا رَأَيْت بِخَطِّهِ أصُول ابْن مُفْلِح فرعها فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَكَانَ يجلس بِمَجْلِس الحلوانيين. مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل الشَّمْس القاهري الْمُقْرِئ نزيل مَكَّة والماضي ابْنه عَليّ وحفيده عمر ثمَّ ابْنه عَليّ وَيعرف بِابْن الشيرجي. ذكره الفاسي فِي مَكَّة(8/181)
وَقَالَ إِنَّه فَاضل عني بالقراآت السَّبع وَكَانَ لَهُ بهَا خبْرَة وعَلى ذهنه حكايات وأخبار حَسَنَة مَعَ حسن صَوت بِالْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ كاني صلي التَّرَاوِيح بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فيكثر الْجمع لسماعه، ودام على ذَلِك سِنِين ثمَّ انْقَطع قبيل مَوته لضَعْفه وَكَانَ فِي الْقَاهِرَة من ملازمي الْقِرَاءَة بمشهد اللَّيْث كل جُمُعَة، وَتردد لمَكَّة كثيرا آخرهَا سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فِي رِسَالَة لصَاحب مَكَّة ثمَّ قطنها وَسكن بدار أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة بزقاق الْحجر فِي آخر سنة خمس وَثَمَانمِائَة بعد موت عمر النجار الْمُؤَذّن حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ يجْتَمع إِلَيْهِ بهَا فِي لَيْلَة كل سبت جمَاعَة يقرؤن ويذكرون ويمدحون بل كَانَ مديما للتلاوة بِحَيْثُ بَلغنِي أَنه كَانَ يقْرَأ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ختمة وَفِي مرض مَوته ثلث ختمة رَحمَه الله. واتصل فِي مَكَّة بابنة الْجمال الأميوطي ورزق مِنْهَا أَوْلَادًا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث عشري ربيع الأول سنة سبع وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن فِي صبيحتها بالمعلاة.) ::: مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل الشَّمْس الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن غَانِم قريب نَاصِر الدّين بن غَانِم. قدم الْقَاهِرَة فاشتغل وَسمع مني المسلسل بالأولية. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي رَاجِح مُحَمَّد بن إِدْرِيس الْجمال بن النُّور الْعَبدَرِي الشيبي الحَجبي الْمَكِّيّ شيخ الحجبة وفاتح الْكَعْبَة وَأَظنهُ يكنى ابا رَاجِح، وَليهَا بعد موت قَرِيبه الْفَخر أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر فِي سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة فدام حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ قد جود الْكِتَابَة وَسكن زبيد مُدَّة سِنِين مَعَ تردده مِنْهَا إِلَى مَكَّة ثمَّ اسْتَقر بِمَكَّة حِين اسْتَقر فِي المشيخة حَتَّى مَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَعشْرين وَصلي عَلَيْهِ فِي الساباط الَّذِي خلف الْمقَام ونادى الْمُؤَذّن بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَوق زَمْزَم، وَدفن بالمعلاة وَقد بلغ السِّتين ظنا وَكَانَ فِيهِ خير وَسُكُون رَحمَه الله. وَاسْتقر بعده قَرِيبه عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالعراقي كَذَا قَالَه التقي الفاسي وَقَالَ غَيره إِن المستقر بعده الْجمال مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر وَبعده اسْتَقر الْعِرَاقِيّ الْمَذْكُور. مُحَمَّد بن عَليّ بن رَاشد الحفصي الوصابي الْيَمَانِيّ. سمع على شَيخنَا المجالسة وَغَيرهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن رحال الشَّافِعِي مِمَّن عرض عَلَيْهِ خير الدّين بن القصبي بعيد الْخمسين. مُحَمَّد بن عَليّ بن زَكَرِيَّا الشَّمْس السُّهيْلي الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَبوهُ. نَشأ فاشتغل وَحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ فِي الجوق وجود الْكِتَابَة على عَليّ بن مُحَمَّد مشيمش وَالْجمال الهيتي وتميز فِي النّسخ وَغَيره وَكتب كثيرا وَكَذَا فِي التذهيب وَغسل اللازورد وَمِمَّا كتبه للدوادار يشبك تَفْسِير الْفَخر الرَّازِيّ فِي مُجَلد أتلف فِيهِ شَيْئا كثيرا. وَرغب عَن بعض وظائفه وَبَاعَ جَمِيع أملاكه وَمَا تخلف لَهُ عَن(8/182)
أَبِيه وَهُوَ شَيْء كثير فِيمَا لَا طائل تَحْتَهُ كَمَا هِيَ سنة الله غَالِبا فِي المَال الْمَوْرُوث من زائدي الْحِرْص مَعَ مزِيد سماح هَذَا بِهِ ثمَّ قَرَّرَهُ الاستادار فِي تربة الدوادار يشبك وَأقَام بهَا متقنعا بمعلومها وَكَانَ باسمه بقلعة الْجَبَل طبقَة من طباق القاعة فَكَانَ بهَا من المماليك يودعون عِنْده مَا يتَحَصَّل لَهُم بِحَيْثُ اجْتمع عِنْده نَحْو أَلِي دِينَار أنفد غالبها، وَآل أمره إِلَى أَن اختفى وَأمْسك وَلَده مُحَمَّد فأودع السجْن مُدَّة طَوِيلَة وَانْقطع خبر أَبِيه.)(8/183)
وَهُوَ حَيّ قريب التسعين.)
ولد بعد الْقرن بسنين فِي قلعة الْجَبَل وَنَشَأ بهَا تَحت كنف أَبِيه إِلَى أَن رسم الْأَشْرَف برسباي فِي حُدُود سنة خمس وَعشْرين لبني الأسياد بالنزول مِنْهَا فسكن هُوَ وَأَخُوهُ أَبُو بكر مَعَ والدهما بمدرسة جدهم الحسنية وضاق حَالهم(8/184)
لمزيد كلفتهم بِالنِّسْبَةِ لسكنى القلعة فَاحْتَاجَ)
صَاحب التَّرْجَمَة لتعاطي الْغناء والطرب لكَونه كَانَ يدْرِي طرفا من الموسيقى مَعَ طراوة صَوته فَمشى حَاله بذلك قَلِيلا، وَصَحب خشقدم الرُّومِي الزِّمَام ولازمه بِحَيْثُ حج مَعَه مَعَ تجرع الْفَاقَة سِيمَا بعد مَوته فَلَمَّا تسلطن الظَّاهِر جقمق كَانَ مِمَّن يدْخل عَلَيْهِ ويلازمه فِي رمي النشاب لمشاركته فِيهِ وَغَيره فحظي عِنْده وَصَارَ من خواصه وندمائه بِحَيْثُ عد فِي الْأَعْيَان وَتكلم فِي الدولة وَقصد فِي الْحَوَائِج فانتعش وَكثر حشمه وخدمه وابتنى بَيْتا بِقرب قنطرة بَاب الْخرق وَآخر بموردة الجبس على الخليج تجاه جَزِيرَة أروى وَحج فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَعَاد وَقد نقص عَمَّا كَانَ فِيهِ فَلم يلبث أَن مرض وَلزِمَ الْفراش أشهرا ثمَّ مَاتَ فِي سَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ وَنزل السُّلْطَان فَصلي عَلَيْهِ. وَكَانَ كثير الْأَدَب بشوشا عَاقِلا مُحْتملا حسن الْأَخْلَاق مَعَ إلمامه بالموسيقى وَالرَّمْي.
وَهُوَ فِي آخر عمره أحسن حَالا مِنْهُ قبله مَعَ حرصه على الدُّنْيَا ورغبته فِي جمعهَا من أَي وَجه ومزيد إِمْسَاكه عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن شعْبَان الْبَدْر القاهري الزيات أَبوهُ المجاور لجامع أصلم وأخو عبد الْقَادِر بن شعْبَان الْمَاضِي ووالد أبي البركات مُحَمَّد. كَانَ إسكافا مِمَّن قَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ ترك حرفته وَهُوَ مِمَّن جاور مَعَ أَخِيه فِي سنة إِحْدَى وَخمسين فَسمع مَعَه على أبي الْفَتْح المراغي. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن شُعَيْب بن يُوسُف العثماني الأسنائي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. رَأَيْت لَهُ متْنا فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الاصطفاء معرضًا فِيهِ عَن حِكَايَة الْخلاف بل مُقْتَصرا على مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وابتدأه بِشَيْء من أصُول الدّين وَشَرحه فِي مُجَلد سَمَّاهُ الِاكْتِفَاء فِي تَوْجِيه الاصطفاء وَقَالَ إِنَّه فرغ مِنْهُ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ينْقل فِيهِ عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ بقوله: قَالَ شَيخنَا. وَهَذَا الشَّرْح بِخَطِّهِ عِنْد الشَّمْس الزبيرِي كَاتب غيبَة البرقوقية ولقلاقة خطه شرع فِي تبييضه. مُحَمَّد بن عَليّ بن صلح بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد نَاصِر الدّين بن الْعَلَاء بن الصّلاح الْحلَبِي ابْن عَم عمر بن أَحْمد وَمُحَمّد بن مُحَمَّد ابْني صَالح وَيعرف كسلفه بِابْن السفاح. مُحَمَّد بن عَليّ بن صلح بن إِسْمَاعِيل الْكِنَانِي الْمدنِي ابْن عَم القَاضِي نَاصِر الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صلح وخادم ضريح حَمْزَة عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. أجَاز للتقي)
بن فَهد وبيض لترجمته. مُحَمَّد بن عَليّ بن صبيح الْمدنِي أحد فراشيها وأخو أَحْمد الْمَاضِي مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن صَلَاح الشَّمْس السكندري الحريري. كَانَ سَاكِنا خيرا(8/185)
ظريفا فهما مديما للْجَمَاعَة بِجَامِع الغمري ولمجلس الْإِمْلَاء مَعَ تجرع فاقة وتقنع. مَاتَ بعيد الثَّمَانِينَ وَأَظنهُ جَازَ السّبْعين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن صَلَاح بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْحسن إِمَام الزيدية. مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ. وَينظر فِيمَن ذكر بل سَيَأْتِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن طنطاش الفلكي. مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَادل نَاصِر الدّين الوفائي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِأبي الْفَوْز ابْن البريدي.
قَرَأَ عَليّ بِمَجْلِس يشبك الْفَقِيه فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة للدمياطي وَكَانَ فهما لَا بَأْس بِهِ فِيمَا أرى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَبَّاس بن صافي بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن النُّور بن الزين بن الصفي بن الْمجد الهيثمي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن عَبَّاس. ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة أَو قبلهَا بمحلة أبي الْهَيْثَم وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على أَبِيه وَصلى بِهِ والعمدة وأربعي النَّوَوِيّ والتبريزي والرحبية فِي الْفَرَائِض والملحة وعرضها على القاضيين الْعِمَاد الباريني والعز عبد الْعَزِيز بن سليم وَغَيرهمَا فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَبحث على وَالِده فِي التريزي والرحبية والملحة. وَكَانَ أَبوهُ شَاعِرًا بارعا فولع هُوَ بالنظم ومدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ ونه شَيخا منورا يعرف من النَّحْو مَا يصلح بِهِ لِسَانه. وَقد لقِيه ابْن فَهد والبقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وكتبا عَنهُ قصيدة طَوِيلَة أَولهَا:
(رق النسيم وهب فِي الأسحار ... وهمى الْغَمَام بوابل الأمطار)
(واهتزت الأغصان تيها بالصبا ... وتراقصت طَربا على الْأَشْجَار)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْحق الصّلاح الْأنْصَارِيّ التبريزي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الخازن بالبيمارستان وَيعرف بِابْن الملا عَليّ. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بعد توعك يَوْمَيْنِ وَدفن عِنْد نصر الله العجمي وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين وَكَانَ قد)
اشْتغل وَحج مرَارًا مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَخمسين ولقيته هُنَاكَ وَسمع معي على ابْن الْهمام بل سمع البُخَارِيّ بِتَمَامِهِ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وَقبل ذَلِك على شَيخنَا والمحب الْبَغْدَادِيّ والطبقة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن حسن بن عَليّ الشَّمْس بن الْعَلَاء الْغَزِّي بن المشرقي الْمَاضِي أَبوهُ. حضر إِلَيّ فِي رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين فَسمع مني المسلسل. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الغفور بن عبد الْكَرِيم الْحلَبِي الطَّوِيل وَيعرف بِابْن آمين الدولة. ولد فِي صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَأَجَازَ(8/186)
لَهُ فِي سنة ثَمَانِينَ فَمَا بعْدهَا الصّلاح بن أبي عمر وَعبد الْوَهَّاب الْقَرَوِي والتقى الْبَغْدَادِيّ والمحب الصَّامِت والباجي وَأَبُو الهول الْجَزرِي وَأَبُو الْيمن بن الكويك والحراوي فِي آخَرين. وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أجَاز لَهُ فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمَات بعد ذَلِك بِيَسِير، وَكَانَ معالجا مصارعا جيد الرَّمْي بِالسِّهَامِ من بَيت مَعْرُوف بحلب ذكر جده ابْن خطيب الناصرية فِي تاريخها ولقبه بالشيخ فَخر الدّين وَأَنه حدث عَن سنقر. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن غَازِي البعلي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الْجوف بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ وَاو سَاكِنة وَآخره فَاء. ولد فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع من عبد الرَّحْمَن بن الزعبوب الصَّحِيح بل كَانَ يذكر أَنه سَمعه ايضا على الشَّمْس بن اليونانية والعمادين ابْن بردس وَابْن يَعْقُوب والأمين بن الْمُحب. وَحدث أَخذ عَنهُ النَّجْم بن فَهد وَغَيره. وَمَات قبل دخولي بعلبك. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن هَاشم الشَّمْس أَبُو عبد الله التفهني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو قَاضِي الْحَنَفِيَّة الزين عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي. مِمَّن أَخذ عَنهُ التقي بن وَكيل السُّلْطَان وَقَالَ أَنه مَاتَ سنة سبع وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشَّمْس الدمنهوري ثمَّ الفوى الفخاري نِسْبَة لبيع الفخار الشَّافِعِي. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بدمنهور وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على الْفَقِيه الزين أبي بكر بن خضير واشتغل فِي الْفِقْه على ابْن الْخلال والشهاب المتيجي ووالده وَجَمَاعَة وَكتب عَن السراج الأسواني الشَّاعِر شَيْئا من نظمه وَجلسَ بِبَلَدِهِ لتعليم الْأَطْفَال فَانْتَفع بِهِ وتعانى النّظم فَكَانَ مِنْهُ مِمَّا كتبته عَنهُ حِين لَقيته بفوة قَوْله:)
(إِذا مَا قضى الله فَكُن صَابِرًا ... وَمَا قدر الله لَا تنأ عَنهُ)
(وَكن حامدا شاكرا ذَاكِرًا ... فربي هُوَ الْكل وَالْكل مِنْهُ)
وَنعم الرجل صلاحا وَخيرا وأنسا. مَاتَ قريب السِّتين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر الْعَلَاء بن الْبَهَاء بن الْعِزّ بن التقي الْعمريّ الْمَقْدِسِي الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ. ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وأحضر فِي الثَّالِثَة على سِتّ الْعَرَب حفيدة الْفَخر جلسا من أمالي نظام الْملك وَغَيره وعني بِالْعلمِ وَحفظ الْمقنع وَأخذ عَن ابْن رَجَب وَابْن الْمُحب وَمهر فِي الْفِقْه والْحَدِيث ودرس بدار الحَدِيث الأشرفية بِالْجَبَلِ وناب فِي الْقَضَاء عَن صهره الشَّمْس النابلسي ثمَّ اسْتَقل بِهِ ثمَّ عزل بِابْن(8/187)
عبَادَة ثمَّ أُعِيد بعد مَوته فَلم تطل مدَّته بل مَاتَ عَن قرب فِي ذِي الْقعدَة سنة عشْرين بالصالحية وَدفن بالسفح. وَكَانَ ذكيا فصيحا يذاكر بأَشْيَاء حَسَنَة وينظم الشّعْر. وَلما وقف على عنوان الشّرف لِابْنِ الْمقري أعجبه فسلك على طَرِيقَته نظما حسب فتراح صَاحبه مجد الدّين عَلَيْهِ فَعمل قِطْعَة أَولهَا:
(أَشَارَ الْمجد مكتمل الْمعَانِي ... بِأَن أحذو على حَذْو الْيَمَانِيّ)
بل هُوَ صَاحب الْمَنْظُومَة الَّتِي فِي مُفْرَدَات أَحْمد عَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة. وَقد أَكثر الْمُجَاورَة بِمَكَّة وَصَارَ فِي آخر عمره عين الْحَنَابِلَة وثنى عَنهُ الْمُوفق الأبي سمع عَلَيْهِ مَعَ ابْن مُوسَى وَأَجَازَ جمَاعَة رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن معالي بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس بن الْعَلَاء المعري ثمَّ الْحلَبِي. ولد فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع من الشهَاب بن المرحل. وحدثسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ عَاقِلا مَشْهُور الْعَدَالَة متكسبا بِالشَّهَادَةِ متقنا لصناعتها أحد شُهُود قلعة حلب والجرائد فِيهَا مباشرا بِجَامِع منكلي بغا. مَاتَ قريب الْخمسين تَقْرِيبًا. وَفِي تَارِيخ حلب مِمَّن أجَاز للبرهان الْحلَبِي عبد الرَّحْمَن بن معالي ابْن أَسد بن أبي الْقسم الأرموي المعري الْمُؤَذّن وَأَظنهُ جد هَذَا وَيحْتَمل أَن يكون غَيره. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس أَبُو الْغَيْث بن الْمقري النُّور بن الزين الخليلي ثمَّ الصَّفَدِي الْمُقْرِئ وَيعرف بالمغربي. تَلا بالسبع على ابْن عمرَان والنجار وَبَعضهَا على جَعْفَر فِي سنة إِحْدَى وَسبعين.)
ذكره البقاعي مُجَردا.(8/188)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الصَّمد بن يُوسُف بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو الْمَعَالِي بن الْعَلَاء أبي الْحسن بن الزين أبي الْجُود التيزيني الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد فِي رَجَب أَو شعْبَان سنة سبع وَثَمَانمِائَة فِي مَدِينَة تيزين من أَعمال حلب وانتقل بِهِ أَبوهُ إِلَى حلب فحفظ الْقُرْآن والمنهاج والرحبية فِي الْفَرَائِض والملحة واللمع لِابْنِ جني وَبحث بعض الْمِنْهَاج والملحة على عبيد وجود عَلَيْهِ الْقُرْآن وَكَذَا بحث بعض الْمِنْهَاج على الشَّمْس النَّوَوِيّ وَأخذ عَنهُ صناعَة الشُّرُوط وَكَانَ مُتَقَدما فِيهَا وَبحث الرحبية وعروض الْحلِيّ وَبَعض اللمع واللمحة على الْبَدْر بن سَلامَة. ثمَّ ارتحل إِلَى حماة بعد سنة ثَلَاثِينَ وَبحث على الزين بن الخرزي بعض الْمِنْهَاج وَجَمِيع اللمع على الْعَلَاء بن بيور فِي الْفِقْه والنحو ثمَّ إِلَى دمشق فبحث على مُحَمَّد الزرعي عرف بالنووي وَبعد الرَّحْمَن اليمني فِي الْفِقْه والنحو وَبحث بسرمين على الْعَلَاء بن كَامِل الرفكاحية فِي الْفَرَائِض وبديعة الْعِزّ الْموصِلِي وَابْن حجَّة. وَحج فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَولي قَضَاء تيزين وَغَيرهَا من أَعمال حلب وحصلت لَهُ كائنة مَعَ ابْن الشّحْنَة فِي سنة خمسين قَالَ البقاعي أَنه نكبه فِيهَا وَأدْخل عَلَيْهِ الْخمر إِلَى بَيته من جِهَة ربيبه وزين لحاجب حلب حَتَّى أوقع بِهِ وسجنه ثمَّ قدم الْقَاهِرَة ليشكوهما فَكسرت رجله فِي الْعَريش بِحَيْثُ كَانَ دُخُوله لَهَا على أَسْوَأ حَال فَلَمَّا عوفي سعى فِي ذَلِك فَلم ينجع وَاسْتمرّ مُقيما بِالْقَاهِرَةِ خوفًا)
من الْحَاجِب فَمَا لبث أَن مَاتَ فِي آخرهَا وَكَفاهُ الله أمره. وناب فِيهَا فِي الْقَضَاء وتنقل بالمجالس وتناوب مَعَ الْبَدْر الدَّمِيرِيّ فِي مجْلِس بَاب اللوق فَقيل للبدر كَأَنَّك غفلت عَن ذكر الله يَوْم سلط هَذَا على مشاركيك لقَوْله تَعَالَى: وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين وَكَانَ ناظما مشاركا فِي طرف من الْعَرَبيَّة حَافِظًا لكثير من القصائد المطولة والأشعار اللطيفة مُؤديا لذَلِك بفصاحة وَصَوت جَهورِي مِمَّن يُدَارِي وَيَتَّقِي وَأكْثر من التَّرَدُّد لجَماعَة من أَعْيَان الْوَقْت كالمستجدي مِنْهُم وَكَانَ من عَادَته أَنه إِذا أَرَادَ خصام أحد قَالَ سأنطحه نطحة أهلكه بهَا كَمَا نطحت فلَانا وَفُلَانًا. وَكنت مِمَّن سمع مِنْهُ الْكثير. وَمَات فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسبعين. وَقد كتب عَنهُ البقاعي من نظمه وَقَالَ مِمَّا يعد فِي مجازفاته أَنه رجل حسن فصيح مفوه غير أَنه مكثار مُمل مشكور السِّيرَة فِي تحمله الشَّهَادَة عفيف متعفف مترفع عَن الدنايا وَمن نظمه:(8/189)
(الصَّبْر أَحْمد إِذْ لَا ينفع الْجزع ... يَا نفس صبرا لَعَلَّ الضّيق يَتَّسِع)
(إِن حل بِالْمَرْءِ بؤس لَيْسَ يَدْفَعهُ ... شكوى وَلَا قلق باد وَلَا هلع)
(والدهر من شَأْنه تَغْيِير حَالَته ... وَبَعض حادثه بِالْبَعْضِ ينْدَفع)
(إِنِّي بِمصْر غَرِيب لست مُسْتَندا ... إِلَّا إِلَى من بِهِ الْإِسْلَام مُرْتَفع)
(قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد من ... فِيهِ المحامد والأفضال تَجْتَمِع)
فِي أَبْيَات. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن عبد الْكَافِي الْجمال الدقوقي الْمَكِّيّ أَخُو عبد الْعَزِيز الْمَاضِي. ولد بِمَكَّة تَقْرِيبًا سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ ابْن نَحْو عشر سِنِين فَنَشَأَ فِي حجر أمه فَقِيرا فَلَمَّا ترعرع أقبل على التَّسَبُّب إِلَى عدن من الْيمن وَغَيرهَا وَحصل بعض دنيا وَمَات أَخُوهُ بِالْقَاهِرَةِ بعد أَن أسْند وَصيته إِلَيْهِ فانتقل وَصَحب الخواجا الْبَدْر الطَّاهِر واختص بِهِ وَدخل مَعَه الْقَاهِرَة فاشتهر وَعرف بَين المصريين وَغَيرهم وأثرى وَكثر مَاله وَحصل عقارا بِمَكَّة وَبنى عدَّة دور وَكَانَ من خِيَار أَبنَاء جنسه القاطنين بِمَكَّة مقربا لأهل الْخَيْر بِحَيْثُ كَانَ الْمُوفق الأبي من خواصه، وَله سَماع فِي المسلسل وَغَيره على الزين المراغي، وَعمر مولد جَعْفَر الصَّادِق المجانب لدوره بدار أبي سعيد وأماكن من عين حنين فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين، لَقيته بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الأولى. وَمَات)
بهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشري ربيع الأول سنة سِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة ثمَّ دفن بالمعلاة رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْغَنِيّ الْبَدْر السعودي القاهري المقسي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كهوبا بن الْوَقَّاد حِرْفَة جده. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَكَانَ يصحح على الْمُحب بن الشّحْنَة وَسمع مني ثمَّ خالط ذَوي السَّفه وَأمْسك غير مرّة. وَمَاتَتْ لَهُ زَوْجَة فَورثَهَا، وقربه ابْن المغربي الْغَزِّي قَاضِي الْحَنَفِيَّة واستنابه بل عمل نقيبه. وَأَنْشَأَ دَارا وَكَانَ من الْفساد بهما مَا لَا يُوصف مَعَ كَرَاهَة كل مِنْهُمَا فِي الآخر كَمَا هِيَ سنة الله فِيمَن هَذَا سَبيله وَكَاد أَن يهلكه ثمَّ صَار عِنْد الَّذِي يَلِيهِ بِمحل دون ذَلِك فَمَا وَسعه إِلَّا الْحَج وجاور سنة وَرُبمَا قَرَأَ فِيهَا فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا مَعَ بعده عَن هَذَا المهيع ثمَّ عَاد، وَهُوَ من سيئات الْوَقْت مَعَ جَهله وَلكنه إِلَى الوكلاء أقرب. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَافِي بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن صَغِير الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْعَلَاء أبي الْحسن القاهري الْحَنْبَلِيّ الطَّبِيب وَالِد الْكَمَال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن صَغِير. مِمَّن تميز فِي الطِّبّ وعالج وتدرب بِهِ جمَاعَة بل لَهُ فِي(8/190)
الطِّبّ كتاب يُسمى الزّبد عرضه ابْنه فِي جملَة محافيظه على ابْن جمَاعَة وَغَيره فِي سنة سِتّ عشرَة وَكَانَ أحد الْأَطِبَّاء بالبيمارستان وبخدمة السُّلْطَان. وَمَات فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ عَن أَربع وَثَمَانِينَ فِيمَا قَالَه لي وَلَده الآخر الْعَلَاء عَليّ وَقد وَصفه الْعِزّ بن جمَاعَة فِي إجَازَة وَلَده بالشيخ الْقدْوَة الْعُمْدَة الْكَامِل الْفَاضِل السَّالِم المتقن المتفنن، وَأَبُو الْفَتْح الباهي بالشيخ الإِمَام الرئيس الْبَالِغ من الكمالات النفسانية مبلغا لَا يحد والحائز من الْفَضَائِل أنواعا لَا تعد. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الكيم بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة أَبُو عبد الله الْقرشِي الْمَكِّيّ وَأمه عَائِشَة ابْنة عبد الرَّحْمَن بن حسن بن هَارُون الْقرشِي المَخْزُومِي أجَاز لَهُ فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة فَمَا بعْدهَا التنوخي. وَأَبُو بكر بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي وَابْن منيع وَمَرْيَم ابْنة أَحْمد الْأَذْرَعِيّ وَغَيرهم. وَمَات كهلا. مُحَمَّد التقي شَقِيق الَّذِي قبله. أجَاز لَهُ فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة ابْن صديق والعراقي والهيثمي وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والزين المراغي والفرسيسي وَغَيرهم. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي سنّ الكهولة أَيْضا.)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم الفوى. فِي ابْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة وَشَيخ الفراشين بهَا وَيعرف باليمني وبالكتبي. كَانَ من سكان الْقَاهِرَة وصوفية بيبرسيتها ثمَّ ولي فراشة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَكَانَ يتَرَدَّد لمَكَّة من أجلهَا وَيُقِيم بهَا أوقاتا ثمَّ بِأخرَة كثرت إِقَامَته بهَا وَصَارَ يتَرَدَّد إِلَى الْقَاهِرَة قَلِيلا، وتمشيخ بِأخرَة على الفراشين وَدخل الْيمن للتِّجَارَة وَاشْترى بِمَكَّة دَارا ثمَّ وَقفهَا على نَفسه وَأَوْلَاده. مَاتَ بهَا فِي تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَعشْرين وَدفن بالمعلاة وَقد قَارب السّبْعين أَو بلغَهَا. ذكره(8/191)
الفاسي وَلم يسم جده وَقَالَ بَلغنِي عَنهُ أَنه سمع بِالْقَاهِرَةِ على أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ بعض الصَّحِيح فَالله أعلم. وَذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وسمى جده وَأورد عَنهُ حَدِيثا وَكَانَ استقراره فِي المشيخة فِيمَا قيل بعد أَحْمد الدوري خَال مُحَمَّد البيسق وَلذَا لما مَاتَ هَذَا وتلقاها عَنهُ عَليّ بن أمد بن فرج الطَّبَرِيّ ثمَّ مَاتَ تلقاها عَنهُ ال. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ ثمَّ الخانكي الشَّافِعِي وَالِد عَليّ الْمَاضِي وَيعرف بالجوجري. ولد سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بجوجر ثمَّ تحول مَعَ أَبِيه وَكَانَ فَقِيرا إِلَى خانقاه سرياقوس فَنزل وتسبب الْأَب بالعلاقة وَغَيرهَا وَحفظ هُوَ الْقُرْآن وجانبا من التَّنْبِيه بِوَاسِطَة انتمائه لشريفين أعجميين أَخَوَيْنِ كَانَا نازلين بهَا اسمهما عَليّ وَمُحَمّد فَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِمَا فِي الْفِقْه وَغَيره وتدرب بهما فِي الطّلب وَمَعْرِفَة اللِّسَان العجمي ولازم خدمتهما حَتَّى انفصلا عَنْهَا إِلَى الْحَرَمَيْنِ ثمَّ اخْتصَّ بعلي الْخُرَاسَانِي حِين اسْتَقر بِهِ سودون من عبد الرَّحْمَن فِي مشيخة مدرسته بهَا وبصاحب التَّرْجَمَة فِي مباشرتها وَزَاد بَينهمَا الِاخْتِصَاص سِيمَا حِين ترقيه بالحسبة وَنظر الخانقاه ومشيختها وَتكلم عَنهُ فِي الخانقاه بل كَانَ هُوَ المستبد بهَا وبابن الْمُحب بن الْأَشْقَر لذَلِك)
وَامْتنع من مُبَاشرَة حسبتها وَكَذَا اخْتصَّ بقانم التَّاجِر وألزمه جَانِبك الجداوي بالتكلم عَنهُ فِي الخانقاه، ثمَّ بعده بَاشَرَهَا عِنْد الشهابي بن الْعَيْنِيّ إِلَى أَن اسْتَقل بِالنّظرِ بعد موت الشريف عَليّ الْكرْدِي وَقَامَ فِي أمرهَا وتنمية وَقفهَا وعمارته وناكد كثيرا من مستحقيها، وَكَذَا تكلم عَن قانم وَغَيره فِي الشيخونية والصرغتمشية والبيمارستان وَعَن قجماس فِي البرقوقية وَامْتنع من ذَلِك أَيَّام الأمشاطي مَعَ اختصاصهما وَلَا زَالَ فِي ترق من المَال والدور بالخانقاه وَغَيرهَا وَكَثْرَة الْجِهَات مَعَ مزِيد إقدامه وَكَثْرَة كَلَامه وميله إِلَى الغلظة وَتَمام التجبر وَاتفقَ أَن أَخا لَهُ اسْمه إِبْرَاهِيم ضعف فَنقل إِلَى علية بِبَيْت هَذَا مِمَّا كَانَ اللَّائِق خِلَافه فَلم يلبث أَن ألْقى نَفسه من كوَّة إِلَى أَسْفَل فَمَاتَ ورام الْملك التَّعَرُّض لَهُ بِسَبَبِهِ فدوفع. وَرُبمَا مَال للْفُقَرَاء والفضلاء بِحَيْثُ خطب الشّرف عبد الْحق السنباطي لتزويج ابْنَته من ابْنه أخي البلبيسي وانتفع الشّرف من قبله فِي حَيَاته وَبعدهَا. وَلم يخل من فَضِيلَة سِيمَا وَيذكر أَنه حضر عِنْد القاياتي والشرواني وَكَذَا أَخذ عَن الْمَنَاوِيّ والوروري وَتزَوج بابنته وتكدر أَبوهَا مِنْهُ وَكَذَا تزوج بابنة ابْن الشَّيْخ عَليّ الْمُحْتَسب وبابنة أخي السراج البلبيسي وَكَانَت بَينهمَا كَلِمَات أَفْحَمَهُ هَذَا فِيهَا وَأخذ عَن البوشي وَغَيرهم وَكَانَ مِمَّا أَخذه عَن البوشي فِي الْفِقْه وَقَرَأَ على السنهوري فِي الْعَرَبيَّة مَعَ حسن الْخط وامتحن فِي أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي مرَارًا أَولهَا وتجلد وتهدد بالمرافعة والمكافحة وَغير(8/192)
وَبدل وَمَات لَهُ ولد ثمَّ آخر من ابْنة ابْن العجمي زَاد على عشْرين سنة أحضر لَهُ البدري أَبُو الْبَقَاء بن الجيعان لتجهيزه عشرَة دَنَانِير مَعَ ثوب بعلبكي فَأخذ ذَلِك وأزلم أمه بتجهيزه مِمَّا هُوَ عِنْدهَا للْمَيت وعد ذَلِك فِي تجبره. كل ذَلِك وَهُوَ مُنْقَطع متوجع حَتَّى مَاتَ فِي رَجَب سنة سبع وَتِسْعين عقب وَلَده بِيَسِير وَمَا تحققت مَا اتّفق بعده فِي تركته وأوقافه ووظائفه وَالظَّاهِر أَنَّهَا استهلكت عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو الْعَطاء البارنباري الدمياطي الشَّافِعِي إِمَام المعينية بدمياط وَيعرف بالشارمساحي. ولد بعد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا ببارنبارة قَرْيَة بِالْقربِ مِنْهَا قَرْيَة تعرف ببني عَطِيَّة الدنجاوي وَلذَا يُقَال لَهُ العطائي أَيْضا ثمَّ انْتقل مِنْهَا مَعَ أَبَوَيْهِ إِلَى دمياط فقطنها وَحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج والألفية والملحة، وَعرض على الشَّمْس بن الْفَقِيه حسن وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ واشتغل فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا عرض على الْفَقِيه حسن وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ واشتغل فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا)
عرض على الْفَقِيه مُوسَى بن عبد الله البهوتي الدمياطي واشتغل أَيْضا عِنْد النُّور الْمَنَاوِيّ وَالطِّيبِي وَسمع الحَدِيث على الْفِرْيَانِيُّ بل وَقَرَأَ على شَيخا فِي سنة إِحْدَى وَخمسين بعض الصَّحِيح وتلا لنافع وَحَمْزَة على الشَّمْس مُحَمَّد البُخَارِيّ الْقُدسِي تلميذ ابْن الْجَزرِي وَغَيره حِين قدم عَلَيْهِم دمياط، وارتحل لمَكَّة فَقَرَأَ على كل من الزين بن عَيَّاش وَمُحَمّد الكيلاني لأبي عَمْرو وَبَعضهَا على الديروطي وَعمر النجار وَسمع على اللَّذين قبلهمَا الْجمع، وتصدى فِي دمياط لتعليم الْأَبْنَاء ثمَّ ولي إِمَامَة الْمدرسَة المعيية أول مَا فتحت وصاهر الشهَاب الجديدي على ابْنَته، وَحضر عِنْدِي فِي بعض قدماته الْقَاهِرَة مجَالِس الْإِمْلَاء بل كتب من تصانيفي جملَة وَقَرَأَ عَليّ مِنْهَا واغتبط بهَا وَهُوَ إِنْسَان حسن طوال فَاضل حسن الْخط مديم التِّلَاوَة حَرِيص على الْخَيْر، لَهُ نظم كتبت عَنهُ مِنْهُ مدحا فِي وَغير ذَلِك. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله الشَّمْس الْحرفِي بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا فَاء المعري. مَاتَ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَكَانَ خصيصا بِالظَّاهِرِ برقوق. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
زَاد غَيره أَنه كَانَ عَارِفًا بِعلم الْحَرْف مَعَ مُشَاركَة جَيِّدَة فِي عُلُوم أُخْرَى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله أَبُو الْفَيْض بن الْعَلَاء بن الْجمال الْحلَبِي الأَصْل الشغري المولد الْمصْرِيّ المنشأ الْمَالِكِي الوفائي الجوال. ولد فِي رَجَب سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِي ضواحي دمشق وَأَبوهُ مُتَوَجّه إِلَى الْقُدس ثمَّ انْتقل بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة فَنَشَأَ بهَا وَقَرَأَ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو على الْجمال النويري والرسالة الفرعية وتفقه بالجمال الأقفهسي والزين عبَادَة وَآخَرين، وَبحث فِي فروع ابْن(8/193)
الْحَاجِب وعيون الْمجَالِس لِابْنِ الْقصار وَالْمذهب فِي قَوَاعِد الْمَذْهَب لِابْنِ رشد، وَحضر عِنْد الزين الْعِرَاقِيّ والفرسيسي وَقَالَ إِنَّه قَرَأَ عَلَيْهِ السِّيرَة لِابْنِ سيد النَّاس وَسمع الْأَذْكَار على الشّرف بن الكويك والشهاب أَحْمد بن حسن البطائحي بِقِرَاءَة الكلوتاتي وَقطعَة من مُسلم وَكَذَا من النَّسَائِيّ الْكَبِير وَمِنْهَا الْخَتْم بِقِرَاءَة شَيخنَا والشفا وَمن لَفظه المسلسل وَغير ذَلِك والحصن الْحصين على مُؤَلفه ابْن الْجَزرِي وَكَذَا سمع على شَيخنَا وَآخَرين. ثمَّ رَحل سنة خمس عشرَة إِلَى دمشق ثمَّ إِلَى حلب فَسمع حافظها الْبُرْهَان.
ثمَّ حج فِي سنة سِتّ وَعشْرين ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فجاور بهَا الَّتِي تَلِيهَا وَبهَا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا على كرْسِي بالروضة فَقَامَ من فِي الْمَسْجِد يهرعون إِلَيْهِ ويقبلون يَده وَهُوَ يَقُول لكل كَلِمَتَيْنِ إِلَى أَن وصلت النّوبَة إِلَيْهِ فَقبل يَده ثمَّ قَالَ لَهُ يَا رَسُوله)
الله وَأَبُو الْفَيْض قَالَ شَأْنك الِانْتِقَال فَقلت يَا رَسُول الله للْمَوْت قَالَ لَا فِي الدُّنْيَا قَالَ فحججت سنة ثَمَان وَعشْرين ورحلت إِلَى الْيمن أَبْيَات حُسَيْن ثمَّ المهجم ثمَّ زبيد ثمَّ تعز ثمَّ تَوَجَّهت إِلَى عدن ثمَّ إِلَى هرموز ثمَّ إِلَى الْبَحْرين ثمَّ إِلَى القطيف ثمَّ عدي إِلَى بر الْعَجم إِلَى شيلاو ثمَّ إِلَى شيراز فَأَقَامَ بهَا سنة فَتكلم فِيهَا بِاللِّسَانِ الْفَارِسِي وَعلم بعض الْعَجم اللِّسَان الْعَرَبِيّ وَألف فِيهِ كتابا وَرَأى بهَا شخصا مجذوبا عُريَانا يرْجم النَّاس بِالْحِجَارَةِ فَمر بِهِ فَقَالَ لَهُ أمالك ابْن فِي بَغْدَاد بِكَلَام عَرَبِيّ فصيح فَقلت لَا فَقَالَ بلَى رح إِلَى ولدك فِي بَغْدَاد فرحلت إِلَى أَخَوَيْنِ ثمَّ إِلَى وَاسِط ثمَّ إِلَى بَغْدَاد فأقمت بهَا نَحْو ثَلَاث سِنِين وَتَزَوَّجت بهَا فولد لي ولد سميته عبد الْقَادِر ثمَّ رحلت إِلَى هيت ثمَّ إِلَى تكريت ثمَّ إِلَى إربل ثمَّ إِلَى الْموصل ثمَّ إِلَى جَزِيرَة ابْن عمر ثمَّ إِلَى حصن كيفا ثمَّ إِلَى آمد ثمَّ إِلَى الرها ثمَّ إِلَى قلعة الرّوم ثمَّ إِلَى البيرة ثمَّ إِلَى حلب ثمَّ إِلَى أنطاكية ثمَّ إِلَى طرابلس ثمَّ إِلَى حماة ثمَّ إِلَى حمص ثمَّ إِلَى بعلبك ثمَّ إِلَى دمشق ثمَّ زرت الْقُدس والخليل ثمَّ رحلت إِلَى القاهر سنة أَرْبَعِينَ ثمَّ قدمت دمشق فِي الَّتِي بعْدهَا ثمَّ رجعت إِلَى الرّوم فأقمت ببرصة ثمَّ رجعت إِلَى حلب سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين ثمَّ حَملَنِي الله على حمَار معقور لبلد تسمى عقير والعمادية وهما من بِلَاد الأكراد ثمَّ رجعت إِلَى حلب فأقمت بهَا الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ قدمت مصر سنة خمس وَأَرْبَعين ثمَّ تَوَجَّهت إِلَى الصَّعِيد وَاجْتمعت بِبَعْض صلحائها. ثمَّ حج فِي الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ رَجَعَ فِي الْبَحْر سنة ثَمَان إِلَى مصر ولقيته بِالْقَاهِرَةِ قَرِيبا من هَذَا الأوان وَكَذَا لقِيه البقاعي فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بِسَعِيد السُّعَدَاء وَقَالَ إِنَّه جمع كتابا فِي التَّعْبِير وَأثْنى عَلَيْهِ. قلت وتحلى بشعار الصُّوفِيَّة وَكَانَ لطيف الذَّات حسن الْعشْرَة حدث بعدة أَمَاكِن سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت مِنْهُ المسلسل(8/194)
وَغَيره بل سمع مِنْهُ بعض أَصْحَابنَا بِبَيْت الْمُقَدّس فِي سنة سبع وَخمسين. وَمَات بعد بِيَسِير رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْقطَّان هَكَذَا نسبه المقريزي وَيَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عمر بن عِيسَى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله البلان ثمَّ السدار وَيعرف هُوَ وَأَبوهُ بالمجاور. مِمَّن سمع على شَيخنَا وَكَذَا سمع مني فِي اعلإملاء وَغَيره وَحضر عِنْد البقاعي وَغَيره وَتردد إِلَى مشَاهد الصَّالِحين كثيرا، وَحج غير مرّة وجاور، وَكَانَ عاميا خيرا يَحْكِي عَن شَيخنَا أَشْيَاء.
مَاتَ وَقد أسن فِي صفر سنة تسعين رَحمَه الله وإيانا.)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله. فِيمَن جده عبيد قَرِيبا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله وَأَبُو الْخَيْر بن نور الدّين القاهري الصُّوفِي الشَّافِعِي بواب سعيد السُّعَدَاء وَابْن بوابها وَيعرف بِابْن الشَّيْخ على المخبزي. ولد سنة تسع وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده واشتغل بالفقه والعربية وَغَيرهمَا يَسِيرا وتعانى الْأَدَب ونظم الشّعْر وَقَرَأَ الحَدِيث على الكلوتاتي وَشَيخنَا فِي آخَرين وَمِمَّا قَرَأَهُ على شَيخنَا ديوانه الْخطب الْأَزْهَرِي والسبع السيارة وَهُوَ مِمَّن لَازم مَجْلِسه فِي الأمالي بل سمع قبل ذَلِك على النُّور الفوى وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والواسطي وَابْن الْجَزرِي والزين القمني والتلواني وَجَمَاعَة وَكتب من فتح الْبَارِي قَدِيما قِطْعَة وَكَذَا من غَيره بل كتب فِي أحد الْحَرَمَيْنِ تخميس الْبردَة للنجم السكاكيني وقرأه على ناظمه بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ قصيدة أُخْرَى فِي مدح الْكَعْبَة وَغَيرهَا من قصائده وَأَجَازَ لَهُ وعظمه وَقَرَأَ فِي تَارِيخه أَيْضا على الْجمال الكازروني الشفا بالروضة النَّبَوِيَّة وَسمع عَلَيْهِ بعض البُخَارِيّ وَغير ذَلِك وَقَرَأَ على الْعَامَّة فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة بِجَامِع الْأَزْهَر(8/195)
وَكَذَا بالخانقاه الصلاحية وَكَانَ بوابها وَأحد صوفيتها والقاطنين غَالِبا بهَا، وتنزل فِي الْجِهَات وخطب بِجَامِع ابْن شرف الدّين. نعم الرجل كَانَ دينا وَخيرا وسكونا وتواضعا وتوددا وَعشرَة وخفة روح سَمِعت من نظمه. وَمَات فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر ربيع الآخر سنة سِتّ وَخمسين بعد أَن أُصِيب بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ من رمد وَنزل عَلَيْهِ بعض السراق فَأخذ أَشْيَاء من بَيته، وَدفن بحوش الصُّوفِيَّة رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.) ::: مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد أَبُو عبد الله الصنهاجي التّونسِيّ الْمُقْرِئ الْمُؤَدب الْعَرَبِيّ المفنن وَالْغَالِب عَلَيْهِ القراآت مَعَ مُشَاركَة. مَاتَ بهَا فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ. ذكره ابْن عزم. مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن عبد الله التركماني. يَأْتِي بعد وَاحِد. مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الخواجا الفومني. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع وَخمسين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد وَهُوَ وَالِد الْجمال مُحَمَّد مِمَّن سكن مَكَّة وَاشْترى بهَا دَارا وعمرها وَخلف أَوْلَادًا وتركة لَهَا صُورَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بهاء الدّين بن الْمصْرِيّ بن التركماني خَازِن كتب النورية وَغَيرهَا بِدِمَشْق. أحضر على أَصْحَاب الْفَخر وَغَيرهم وَلم يكن مرضيا، مَاتَ فِي صفر سنة إِحْدَى. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ فِي مُعْجَمه: مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن عبد الله التركماني ثمَّ الدِّمَشْقِي أجَاز لي وَمن مسموعه من ابي عبد الله بن الخباز خَامِس الحنائيات وَالظَّاهِر أَنه هَذَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عثمانالزبيدي المطيب الْحَنَفِيّ. خلف وَالِده بِالْيمن فِي جودة الْفِقْه وانتهت إِلَيْهِ بعده رياسة الْحَنَفِيَّة بزبيد ثمَّ درس فِي المحالبية لِلشِّهَابِ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم المحالبي. وَمَات فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بزبيد. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَطاء أَمِين الدّين الدِّمَشْقِي. كَانَ فَاضلا بارعا عَارِفًا بالتصوف والعقليات درس بالأسدية وَكَانَ يسجل على الْقُضَاة وَإِلَيْهِ النّظر على وقف جده الصاحب شهَاب الدّين بن تَقِيّ الدّين. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عَليّ بن علاق قَاضِي غرناطة. مَاتَ سنة سِتّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن غَزوَان السكندري الشَّافِعِي الْمُؤَذّن الموقت وَيعرف بالهزبر. ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة باسكندرية وَسمع من ابْن الْمُصَفّى وَابْن الْفُرَات مشيخة الرَّازِيّ وَغَيرهَا، وَحدث باسكندرية وبالقاهرة روى عَنهُ جمَاعَة. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَلم يتَّفق لي لقاؤه لكنه أجَاز لي غير مرّة. وَمَات فِي سادس شعْبَان سنة سبع وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.(8/196)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن مُحَمَّد بن نصير كبكبير الشَّمْس أَبُو الْفضل الدِّمَشْقِي القوصي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الفالاتي حِرْفَة أَبِيه، وَكَانَ)
شَيخنَا يَقُول لَهُ لَو قيل الفالي كَانَ أحسن لِئَلَّا تحذف أَلفه فَتَصِير الفالتي. ولد فِي الْعشْر الأول من رَجَب سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية النَّحْو والبيضاوي وَالتَّلْخِيص وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة وَنَشَأ فِي كَفَالَة أَبَوَيْهِ بزِي أَبنَاء الْفُقَهَاء وَأَقْبل على الِاشْتِغَال فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ فِي الْعَرَبيَّة أَبُو عبد الله الرَّاعِي والأبدي وَعنهُ أَخذ الْعرُوض وَغَيره وَكَذَا أَخذ فِي الْعرُوض عَن النواجي وَفِي الْفِقْه الْجمال الأمشاطي والونائي والْعَلَاء القلقشندي وَعنهُ أَخذ فُصُول ابْن الهائم والمناوي والمحلى وَأكْثر من ملازمته فِيهِ وَفِي الْأُصُول وَغَيرهمَا وَقَرَأَ عَلَيْهِ شروحه للمنهاج وَجمع الْجَوَامِع والبردة وَغَيرهَا وَعظم اخْتِصَاصه بِهِ وَكثر انقياده لَهُ وَكَذَا لَازم الْعلم البُلْقِينِيّ بعد وَفَاة شَيخنَا أتم مُلَازمَة حَتَّى حمل عَنهُ أَشْيَاء فِي الْفِقْه وَغَيره بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره وَأكْثر من الْأَخْذ عَن الشمني فِي فنون كالتفسير والأصلين والعربية والمعاني وَعَن شَيخنَا فِي الحَدِيث بِحَيْثُ قَرَأَ عَلَيْهِ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَتَخْرِيج الرَّافِعِيّ من تأليفه وَغير ذَلِك بل أَخذ عَنهُ فِي الْفِقْه أَيْضا وَتردد فِي أول أمره للبدر بن الْأَمَانَة وَفِي أواخره لِابْنِ الْهمام والشرواني وَمن قبلهمَا للقاياتي وَعَن ابْن أَسد أَخذ الْيَسِير من القراآت، وَصَحب الشَّيْخ مَدين وقتا واختلى عِنْده وَأَقْبل الشَّيْخ عَلَيْهِ وَقَرَأَ الحَدِيث على الْعِزّ بن الْفُرَات والشهاب العقبي وَعبد الْكَافِي بن الذَّهَبِيّ وَشَعْبَان الْعَسْقَلَانِي وَرَجَب الخيري فِي آخَرين بل هُوَ قَارِئ الصَّحِيح بالظاهرية الْقَدِيمَة فِي الْجمع الَّذِي لم يتَّفق فِي أَوَانه مثله شُيُوخًا وطلبة، وَسمع مَعنا على جمع كثيرين وَقَبلنَا يَسِيرا ورافقته فِي عُلُوم الحَدِيث على شَيخنَا إِلَّا فِي الْيَسِير من أَوَائِله وَكتب لي بِخَطِّهِ أَنه اسْتَفَادَ فِيهِ مني، وَحج مرَّتَيْنِ الثَّانِيَة فِي سنة خمسين وَقَرَأَ بِمَكَّة على أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد والزين الأميوطي وَغَيرهم، وَأَجَازَ لَهُ فِي استدعائي وَغَيره جمَاعَة وَأول مَا تنبه تنزل فِي البرقوقية ثمَّ فِي إِمَامَة الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة ثمَّ فِي نِيَابَة نظرها وانتقل بعد الْإِمَامَة فسكنها وَكَذَا فِي قِرَاءَة الحَدِيث بالتربة البرقوقية وَفِي غَيرهَا من الْجِهَات كالطلب فِي التَّفْسِير بالمؤيدية ونيابة مشيخة البيبرسية مَعَ كَونهَا حَادِثَة وَلم يزل مديما للاشتغال مَعَ وفور ذكائه ويقظته واستقامة فهمه وفطنته حَتَّى برع وشارك فِي الْفُنُون وانتفع بتربية شَيْخه البُلْقِينِيّ لَهُ كثيرا وَقدمه وَعرض عَلَيْهِ النِّيَابَة فِي الْقَضَاء فَأبى وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَكَذَا أذن لَهُ الْمحلى وَغَيره(8/197)
فِي الإقراء وَمِمَّنْ أذن لَهُ فِي إقراء عُلُوم الحَدِيث وَغَيرهَا شَيخنَا، وتصدر)
لإقراء الطّلبَة عدَّة سِنِين وَلما مَاتَ نَاصِر الدّين بن السفاح اسْتَقر عوضه فِي تدريس الْفِقْه بالحسنية تَكْلِيفه للنَّاظِر وتجاذب هُوَ والمحيوي الطوخي فِيهِ ثمَّ أعرض عَنهُ الطوخي لَهُ وَعمل فِيهَا إجلاسا بِحَضْرَة البُلْقِينِيّ وَغَيره وَكَذَا اشْترك مَعَ الزين المنهلي فِي تدريس النابلسية ثمَّ رغب بواسطتي لَهُ عَمَّا يَخُصُّهُ فِيهِ ورام بعد شَيْخه الْمحلي الِاسْتِقْرَار فِي تدريس الْفِقْه بالبرقوقية لكَونه أمثل شافعيتها عملا بِشَرْط الْوَاقِف فَمَا تيَسّر مَعَ مساعدة شيخها لَهُ وَكَذَا رام بعد موت التَّاج السكندري النِّيَابَة عَن وَلَده فِي تدريس الحَدِيث بالظاهرية مَحل سكنه مُتَبَرعا فَمَا وَافق الْأمين الأقصرائي وَأَشَارَ لي بالنيابة ثمَّ لما أردْت التَّوَجُّه لمَكَّة أرسل يسألني فِيهَا عني فَلم أخالفه فقدرت وَفَاته قبل وَقت الدَّرْس وناب فِي الخطابة بالأزهر وراج أمره عِنْد الْعَامَّة بِسَبَبِهَا جدا خُصُوصا وَقد صَار يعتني بالوقائع والأوقات وَنَحْوهمَا فيسبك مَا يلائمها فِي الْخطب ويستعين بِي كثيرا فِي الْأَحَادِيث الْمُنَاسبَة لذَلِك تَارَة بالمشافهة وَتارَة بِالْإِرْسَال الَّذِي يفْتَتح أَكْثَره بالمسؤول من فضل سَيِّدي الشَّيْخ الْعَلامَة أمتع الله بحياته إِلَى آخِره، هَذَا مَعَ إلمامه بِصُحْبَة الرؤساء ونحهم وَحسن عشرَة لَهُم وانضمام قِرَاءَته الحَدِيث عِنْد الحسام بن حريز قَاضِي الْمَالِكِيَّة لذَلِك فَزَاد رواجه وَتقدم على أقرانه بل وَمن لَعَلَّه أمهر مِنْهُ وَرُبمَا قصدب الْفَتَاوَى فِي النَّوَازِل والحضور فِي عُقُود الْمجَالِس وَصِحَّة عقيدته حَتَّى أَنه فِي كائنة جرت خطب فِي الْحَط على ابْن عَرَبِيّ وَغَيره من الاتحادية مُصَرحًا بالإنكار على مِنْبَر الْأَزْهَر ورغبته فِي الْقيام وَالصِّيَام ومراعاة سلوك الاحتشام فِي ملبسه وهيئته وَشدَّة إِظْهَاره التجمل مَعَ التقلل وَعدم تهافته وَجحد النعم وعلو همته مَعَ من يَقْصِدهُ حَتَّى أَن كل وَاحِد من صَاحِبيهِ الزين قَاسم الزفتاوي وكريم الدّين العقبي أسْند وَصيته إِلَيْهِ بل كَانَ أحد الشَّاهِدين بتأهل أكبر أَوْلَاد شَيْخه البُلْقِينِيّ لمباشرة وظائفه وشافه أَبَا السعادات البُلْقِينِيّ بِوَاسِطَة مساعدته فِي ذَلِك وَغَيرهَا بِمَا لم أَحْمَده فِيهِ وَكَثْرَة أدبه مَعَ أحبابه وَغَيرهم مِمَّا يستجلب ميل الْقلب لمحبته ومزيد احْتِمَاله خُصُوصا لأَذى بعض المتظاهرين بِصُحْبَتِهِ وَكَذَا كَانَت أمه كَثِيرَة الْإِيذَاء لَهُ بل ولأبيه من قبله مَعَ صَبر الْوَلَد عَلَيْهَا وإحسانه جهده إِلَيْهَا. وَهُوَ فِي أَوَاخِر أمره فِي كل مَا اشرت إِلَيْهِ أحسن مِنْهُ حَالا قبله وَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى التَّطْوِيل بالتفصيل، وَلم يزل أمره فِي ازدياد وشهرته مستفيضة بَين الْعباد بِحَيْثُ أَنه تحدث بتقدمه للْقَضَاء وَرُبمَا حدث نَفسه بذلك إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشر ذِي الْقعدَة سنة)
سبعين وَأَنا مُتَوَجّه لمَكَّة وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بِبَاب النَّصْر فِي مشْهد جليل جدا وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَأثْنى(8/198)
النَّاس عَلَيْهِ وتأسفوا على فَقده وَكَانَ أَعْطَانِي حِين موادعته إيَّايَ رِسَالَة من نظمه ونثره للحضرة النَّبَوِيَّة وَجعل أَمر إيصالها فِي هَذَا الْعَام أَو الَّذِي بعده لأضماري الْمُجَاورَة إِلَيّ فَقدر أنني أخرتها حَتَّى أديتها فِي الْعَام الْآتِي وتبررت لَهُ بذلك وَقد أودعتها مَعَ أَبْيَات امتدحني بهَا فِي مَحل آخر. رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ الْحِجَازِي. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ السكرِي أَبوهُ. كَذَلِك. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن حسن أَبُو حَامِد التلواني. فِي الكنى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن عَليّ بن مهنا بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْعَلَاء الْحلَبِي الْحَنَفِيّ أَخُو مَحْمُود الْآتِي وَيعرف بِابْن الصَّفَدِي. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْمُخْتَار فِي الْفِقْه ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ ولازم الْجمال الْمَلْطِي فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا وَأخذ الْمعَانِي وَالْبَيَان وَغَيرهمَا عَن الشَّمْس الزَّاهدِيّ العنتابي الْحَنَفِيّ والمختصر وكافية ابْن الْحَاجِب وشروحها مَعَ الْمفصل أَصْلهَا عَن التَّاج الأصفهيدي الشَّافِعِي بل سمع عَلَيْهِ شَرحه لألفية ابْن ملك بحثا وَقَرَأَ على الشَّمْس البسقامي الْحَنَفِيّ المصابيح وَسمع عَلَيْهِ البُخَارِيّ والمشارق وَكَذَا سمع قبل ذَلِك البُخَارِيّ والشفا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ على الْجمال إِبْرَاهِيم بن العديم والشاطبيتين على الشهَاب بن المرحل. وَنَشَأ فَقِيرا فتكسب بِالشَّهَادَةِ إِلَى أَن تفنن وفَاق الأقران. وسافر فِي سنة ثَمَانمِائَة إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ شَيْخه الْمَلْطِي حِين طلب لقضائها فَلَمَّا قدماها واستضاف البُلْقِينِيّ الْمَلْطِي استصحبه عه وأوصاه بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِهِ ليذكره بالمنقول فِيمَا لَعَلَّه يَقع التَّكَلُّم فِيهِ وناهيك بِهَذَا جلالة، وَقَرَأَ حِينَئِذٍ على ابْن الملقن فِي البُخَارِيّ وَحضر دروس السَّيْف الصيرامي وَالِد النظام وَتزَوج حِينَئِذٍ بِامْرَأَة من بَيت الكلستاني وساعدها فِي تحيل مِيرَاث لَهَا ثمَّ وهبته لَهُ بعد فَكَانَ يحْكى أَنه كَانَ سَبَب ثروته. وَولي إِذْ ذَاك فِي زمن الظَّاهِر برقوق قَضَاء طرابلس بِتَعْيِين شَيْخه الْمَلْطِي لَهُ وَلِهَذَا كَانَ يَقُول مَا بالممالك الْآن قَاض من أَيَّام برقوق غَيْرِي، وَأقَام فِيهِ مُدَّة ثمَّ صرف فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بالتاج ابْن الْحَافِظ الْحلَبِي وَلم يلبث أَن أُعِيد قبل مشارة التَّاج وشكرت سيرته.
ثمَّ انْتقل فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لقَضَاء الشَّام عوضا عَن الشهَاب بن الكشك وعزل)
مِنْهُ مرَارًا مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين بحميد الدّين النعماني، وَعرض عَلَيْهِ مرّة قَضَاء حلب فَأبى وَاتفقَ فِي مُرُور الْأَشْرَف لآمد أَنه كَانَ معزولا فَانْتزع لَهُ إِمَّا الخاتونية أَو القصاعين تدريسا ونظرا من ابْن الكشك وَكَذَا بَاشر الصادرية والنورية. وامتحن فِي سنة أَربع(8/199)
وَأَرْبَعين وَوجه إِلَى الْقُدس بطالا وَكَذَا حصلت لَهُ كائنة أُخْرَى خلص مِنْهَا بالبذل. وَكَانَ إِمَامًا عَالما عَلامَة أصوليا ماهرا بذلك مشاركا فِي الْفُنُون مَعَ الْخَيْر والعفة والسيرة الحميدة فِي قَضَائِهِ وَحسن الْعشْرَة وخفة الرّوح. وَصفه شَيخنَا فِي حوادث سنة أَربع وَأَرْبَعين من إنبائه بِأَنَّهُ من أهل الْعلم لَا يُنكر عَلَيْهِ الْعَمَل بِمَا رجح عِنْده. وَنقل غَيره عَن الْعِزّ الْقُدسِي أَنه وَصفه بمزيد الْحِفْظ وقصوره فِي التَّحْقِيق. وَقد حج وَقدم الْقَاهِرَة سوى مَا تقدم غير مرّة، وَحدث قَدِيما بالموطأ ثمَّ بَان أَن لَا رِوَايَة لَهُ فِيهِ وَأَن الْغَلَط من البقاعي وَهُوَ قارئه ثمَّ نقل عَنهُ أَنه قَالَ لَهُ أَن وَالِده أحضرهُ وَهُوَ مَوضِع على الْكَمَال بن حبيب وَكَانَ يقرئ أَوْلَاد بني حبيب وَأَن ثبته بذلك وَبِغَيْرِهِ ضَاعَ مِنْهُ فِي الْفِتْنَة وَتَأَخر مِنْهُ ورقة وَاحِدَة فِيهَا حُضُوره للشفا على الْكَمَال وتصحيحه بآخرها انْتهى. وَهَذَا لَا يمْنَع بطلَان سَمَاعه للموطأ على ابْن حبيب فقد بَين الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ بُطْلَانه وَكَذَا حدث بِبَيْت الْمُقَدّس ولقيته بِالْقَاهِرَةِ وَأخذت عَنهُ أَشْيَاء. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي عشري رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بِدِمَشْق معزولا وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس بطرفها الشمالي رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي سبط ابْن الشريشي وَيعرف بِابْن الإربلي.
مَاتَ فِي الْمحرم سنة أَربع عشرَة. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن عميرَة الشَّمْس الْمَالِكِي نِسْبَة لملك بن النَّضر الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي ولد على الْمَاضِي. قَالَ لي وَلَده أَنه سمع على أبي الْخَيْر بن العلائي وَأَنه ولي تدريس الْمدرسَة الخاصكية العمرية بِبَلَدِهِ وانتفع بِهِ وَلَده وَغَيره وَأفْتى. وَمَات فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِمَّا كتبت عَن وَلَده من إنشاد أَبِيه لنَفسِهِ:
(يَقُول لَك الْأَثْبَات أهل التجارب ... تصبر فعقبى الصَّبْر نيل المآرب)
(وَنَصّ كتاب الله بِالصبرِ آمُر ... وَقد وعد الصبار حسن العواقب)
فِي أَبْيَات يَقُول فِيهَا:
(رأى ابْن سَلام وَجهه صثار مُسلما ... وَقَالَ لعمري لَيْسَ ذَا وَجه كَاذِب)
)
وَقَوله:
(أخْلص توكل فوض أَرض اصطبر ... وَلَا تُؤخر تَوْبَة ناصحه)
(وجانب الْكبر وخل الريا ... ثمَّ اجْتنب أعمالك الفاضحه)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن قنان شمس الدّين بن نور الدّين الْعَيْنِيّ الدِّمَشْقِي الْمدنِي الشَّاعِر عَم الْفَخر بن أَحْمد. سمع مَعَ أَخِيه عمر وأبيهما الماضيين على الزين المراغي فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وعَلى النُّور الْمحلى سبط الزبير بعد ذَلِك وتميز فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وتعانى التِّجَارَة. وقدرت وَفَاته بكنباية من الْهِنْد سنة ثَمَان وَخمسين رَحمَه الله.(8/200)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الشَّمْس الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ الزعيم نزيل دمشق. ولد سنة بضع وَخمسين وَسَبْعمائة بِبَغْدَاد، وكف بَصَره وجال فِي الْبِلَاد كاليمن والهند والحجاز والقاهرة.
وَمَات بهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع عشرَة وَكَانَت لَدَيْهِ فَضَائِل. ذكره المقريزي فِي عقوده وَحكي عَنهُ حِكَايَة. مُحَمَّد عَليّ بن عمر الشَّمْس الصَّابُونِي القاهري الْموقع. كَانَ لَا بَأْس بِهِ شكالة وسكونا ووجاهة فِي صَنعته وَرُبمَا لقب بِابْن كشكة. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الخواجا بير مُحَمَّد الكيلاني ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. قدم مَكَّة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة فحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ التَّرَاوِيح فِي الْمَسْجِد الْحَرَام والمنهاج الفرعي وَعرضه على الْجمال بن ظهيرة وَغَيره وتلا بالسبع على الزين بن عَيَّاش وَحضر بعض الدُّرُوس بل سمع فِي سنة أَربع عشرَة على الزين المراغي النّصْف من مُسلم وَسنة سِتّ عشرَة ثلاثيات أَحْمد على الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُحب الْمَقْدِسِي، وسافر إِلَى بِلَاد الْيمن والقاهرة وَغَيرهَا مرَارًا للتِّجَارَة فأثرى وَكثر مَاله وابتنى بِمَكَّة دورا، وَكَانَ عَارِفًا بِأُمُور دُنْيَاهُ متقنا لَهَا حَافِظًا لكتاب الله كثير التِّلَاوَة مَعَ ظرف وحشمة فِي الْجُمْلَة اجْتمعت بِهِ مرَارًا فِي القدمة الأولى لمَكَّة. وَمَات بهَا فِي ثَالِث عشري الْمحرم سنة سِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة وَخلف تَرِكَة هائلة من النَّقْد وَالْعرُوض وَالْعَقار وَلم يتْرك ذكرا بل سِتّ بَنَات سامحه الله وإيانا.) ::: مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر البسيوني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد ببسيون من الغربية بِالْقربِ من النحرارية سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ قَلِيلا وَتزَوج ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فسكن قَرِيبا من الْأَزْهَر وأكمل الْقُرْآن وَحضر عِنْد الشهَاب الْعَبَّادِيّ وَابْن الصَّيْرَفِي وَعمر الدهتوري وَقَرَأَ على الشرنقاشي فِي الْمِنْهَاج وَالْحَاوِي ولازم الديمي حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الشفا والعمدة وَثلث البُخَارِيّ وَغير ذَلِك ثمَّ قَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ جملَة وَسمع مني المسلسل. وَهُوَ من المنزلين بتربة الْأَشْرَف قايتباي. مُحَمَّد بن عَليّ بن عواض السكندري التروجي نزيل الْقَاهِرَة ثمَّ مَكَّة وَيعرف بِابْن أُخْت ابْن عواض وَأكْثر مَا يُقَال ابْن عواض، وَرَأَيْت من سَمَّاهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ. أحد من كَانَ عِنْد ابْن الْفَقِيه مُوسَى وَابْني عليبة وتمول من التِّجَارَة وَغَيرهَا وَعرف بالنهضة والجسارة ورزق حظا، وابتنى دَارا بِالْقربِ من سوق أَمِير الجيوش وَأقَام بِمَكَّة مُدَّة وصودر بعد موت الْجَمَاعَة لاتهامه بِمَال لِابْنِ مُوسَى(8/201)
ثمَّ طلب فِي سنة أَربع وَتِسْعين فَعمِلت مصْلحَته بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار فَأكْثر، وَرجع فِي أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين فِي الْبَحْر وَأَرْدَفَ بِجَمِيعِ عِيَاله مَعَ الْمَوْسِم وَهُوَ مِمَّن يحب الصَّالِحين سِيمَا ابْن الغمري وَله سبع بجامعه، وَسمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ. مَاتَ فِي لَيْلَة خَامِس عشري ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين بِمَكَّة وَصلي عَلَيْهِ ضحى الْغَد فِي مشْهد حافل وَدفن بتربة بني عليبة وَقد زَاد على السِّتين. وَكَانَ فِيهِ خير وبر وانتماء لأبي الْعَبَّاس بن الغمري رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عِيسَى بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الشّرف بن جوشن الْمَاضِي أَبوهُ والآتي عَمه الْفَخر مُحَمَّد. ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَسمع على شَيخنَا وَغَيره ولازم الْمَنَاوِيّ فِي التَّقْسِيم وَغَيره وتنزل فِي الْجِهَات وَهُوَ إِلَى الانجماع أقرب. مُحَمَّد بن عَليّ بن عِيسَى الشَّمْس الْبَغْدَادِيّ ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ صهر موفق الدّين بن الْمُحب بن نصر الله، كَانَ الْمُوفق زوج أُخْته، وَكَانَ خيرا يسكن القراسنقرية ويقرئ فِي بَيت الْمُحب بن الْأَشْقَر وَهُوَ أَخُو زَيْنَب وزليخا ابْنَتي إِبْرَاهِيم الشنويهي لِأُمِّهِمَا. مَاتَ سظنا سنة بضع وَخمسين وَنعم الرجل. مُحَمَّد بن عَليّ بن فتح بن أوحد الشَّمْس بن النُّور الخانكي سبط الْعِزّ المنوفي وحفيد شيخ الخانقاه الْمَاضِي أَبوهُ وجده. سمع عَليّ فِي الشفا بِقِرَاءَة أبي الْغَيْث.)(8/202)
وأرخه شَيخنَا فِي السّنة قبلهَا، وَطوله ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ إِنَّه مَاتَ فِيهَا يَعْنِي سنة أَربع وَعشْرين أَو فِي الَّتِي بعْدهَا من حجر أَصَابَهُ وَهُوَ يحاصر قلعة هتاك وَاسْتقر بعده ابْنه إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. مُحَمَّد بن عَليّ بن قطلوبك نَاصِر الدّين بن الْعَلَاء الفازاني وَالِد عبد الْعَزِيز الْمَاضِي وَيعرف بالصغير بِمُهْملَة مَضْمُومَة ثمَّ مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة مُشَدّدَة تَصْغِير صَغِير، وَيُقَال لَهُ أَيْضا الْمعلم لتقدمه فِي تَعْلِيم الرَّمْي بالنشاب وبراعته فِيهِ علما وَعَملا بِحَيْثُ قيل إِنَّه لم يخلف بعده فِيهِ مثله مَعَ مُشَاركَة ومحاضرة حَسَنَة وَصَوت طري وَقِرَاءَة فِي الْمِحْرَاب جَيِّدَة. وَهُوَ من أَصْحَاب الظَّاهِر جقمق قبل تملكه وَلذَا قربه بعده وَصَارَ من ندمائه ومسامريه وولاه فِي أَوَائِل دولته نِيَابَة دمياط ثمَّ عَزله وأهانه قَلِيلا ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى مرتبته بل جعله من جملَة الْحجاب فَلَمَّا مَاتَ لزم دَاره حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث عشري ذِي)
الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَدفن من الْغَد وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ وانتعش ابْنه بإرثه رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم الجعبري الخليلي وَالِد مُحَمَّد وَعمر الْمَذْكُورين. ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة بالخليل وَلبس الْخِرْقَة من عَمه عمر بلباسه لَهَا من خَاله عَليّ بن عمر بن أرش بلباسه لَهَا من أَبِيه وَهُوَ من على البكا وَولي مشيخة الْخَلِيل. مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد ابْن القطب أَمِين الدّين الْقُسْطَلَانِيّ أجَاز لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ جمَاعَة وَكَأَنَّهُ مَاتَ صَغِيرا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَمْدُود الشَّمْس بن الْعَلَاء بن نَاصِر الدّين الْغَزِّي الأَصْل الشارنقاشي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالشارنقاشي نِسْبَة لبلده بالغربية أقطاعهم بِهِ، وَأمه أمة بَيْضَاء. ولد سنة خمسين وَثَمَانمِائَة بحارة المنبجية وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ جرده بالحلة فِي جَامع الغمري وتلا بِهِ لأبي عَمْرو وَابْن كثير على عبد الله الضَّرِير، وَحفظ الشاطبية ومختصر أبي شُجَاع والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَغَيرهَا وَعرض على الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والقرافي وَغَيرهم، وتفقه بالعبادي وزَكَرِيا وَحضر دروس الْمَنَاوِيّ، ولازم الْجَوْجَرِيّ فِي الْفِقْه والأصلين والعربية(8/203)
وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان وَالْعرُوض وَغَيرهَا وَكَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ فِي الْأُصُول شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي والعبري على الْبَيْضَاوِيّ وَفِي أصُول الدّين شرح العقائد وَشرح المواقف وَفِي الْعَرَبيَّة الرضي وَابْن المُصَنّف والتوضيح والمغنى كِلَاهُمَا لِابْنِ هِشَام وَفِي الصّرْف الجاربردي وَشرح التَّفْتَازَانِيّ على تصريف الْعزي وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان الْمُخْتَصر وَقطعَة من المطول وَفِي الْعرُوض شرح الأبشيطي للخزرجية وَأخذ الْفَرَائِض والحساب عَن الْبَدْر المارداني وَقَرَأَ على التقي الحصني فِي الْمنطق شرح الشمسية للتفتازاني والقطب والحاشية وَكَذَا قرأهما على الْعَلَاء الحصني ولازم الشرواني دروسا مفرقة فِي عُلُوم شَتَّى والكافياجي والشمني وَسيف الدّين فِي آخَرين وَقَرَأَ البُخَارِيّ على الشاوي واليسير مِنْهُ على الديمي وَقطعَة من مُسلم على الْجلَال القمصي وَسمع على أم هَانِئ الهورينية وَهَاجَر وَأبي السُّعُود الغراقي وَغَيرهم وَحضر فِي مجْلِس خطيب مَكَّة أبي الْفضل والخيضري، وتميز)
وبرع وَجلسَ للأقراء بالأزهر قبيل السّبْعين وناب عَن بني شَيْخه الْجَوْجَرِيّ فِي تدريس المؤيدية واختص بجوهر المعيني وَأَسْكَنَهُ بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا فِي غيط الْعدة وأقرأ بهَا الطّلبَة وَصَارَ مشارا إِلَيْهِ وَكثر تودده وسكونه وتأدبه معي وَلكنه تكلم بِحَضْرَة السنتاوي بِمَا لَا يَلِيق فزبره وَاجْتمعَ بِي لنصرته فَمَا وجدت الْمحل قَابلا لمساعدته مَعَ كَونه مِمَّن حضر عِنْدِي بعض مجَالِس الْإِمْلَاء. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من خِيَار الْجَمَاعَة وأقربهم إِلَى التثبت. وَقد حج فِي موسم سنة سِتّ وَتِسْعين فَكَانَ على طَريقَة شريفة بِحَيْثُ لم يقبل من أحد شَيْئا الْبَتَّةَ. وَعَاد فَلم يلبث أَن تعلل ثمَّ مَاتَ فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن طرخان الْكَمَال ابْن النُّور بن لاشمس بن الشهَاب بن الضياء القاهري البحري نِسْبَة لباب الْبَحْر الْحَنْبَلِيّ وَيعرف كسلفه بِابْن الضياء وَأمه أطس سبطة النُّور الرَّشِيدِيّ وَزَوْجَة البوشي عَالم الخانقاه ثمَّ قاضيها تلميذة الونائي. ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَاب الْبَحْر وَنَشَأ هُنَاكَ فَقَرَأَ الْقُرْآن ومختصر الْخرقِيّ واشتغل يَسِيرا فِي النَّحْو وَغَيره على الْجمال عبد الله بن هِشَام وَكَذَا حضر عِنْد القَاضِي عز الدّين الْكِنَانِي فِي الْفِقْه وَغَيره وفوض إِلَيْهِ عُقُود الْأَنْكِحَة وفسوخها بل كَانَ عزمه استنابته مُطلقًا فَمَا اتّفق فولاه بعده الْبَدْر واختص بِهِ لعلو همته وَكَثْرَة دربته وَقَالَ لي إِنَّه كَانَ يعرف طرفا من الْعَرَبيَّة مَعَ براعة فِي الصِّنَاعَة وانتفع بِهِ كأسلافه أهل خطته مَعَ تكلم فِي معاملاته.(8/204)
مَاتَ بعد مرض طَوِيل فِي لَيْلَة السبت تَاسِع رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَحمل من بَاب الْبَحْر لمصلى بَاب النَّصْر فَصلي عَلَيْهِ بالرحبة فِي مشْهد حافل ثمَّ دفن بتربة سعيد السُّعَدَاء سامحه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى القطبي الضَّرِير أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. ولدا فِي بطن سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقَرَأَ الْقُرْآن وَأخذ مَعَ أَخِيه عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ كَمَا هُنَاكَ. وَحج وأقرأ الْأَبْنَاء وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَتردد إِلَيّ للسماع ويغره مَعَ أَخِيه وبانفراده. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى اليافعي قَاضِي عدن. مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن قَاسم الشَّمْس القاهري البهائي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن المرخم حِرْفَة أَبِيه. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بحارة بهاء الدّين بِالْقربِ من)
مدرسة البُلْقِينِيّ، وَأمه سَرِيَّة كَانَت للشَّيْخ البُلْقِينِيّ. وَنَشَأ بهَا فِي كنف وَالِده فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْغَرْس خَلِيل الْحُسَيْنِي وَرُبمَا كَانَ يقْرَأ مَعَه فِي الجوق والتنبيه ومختصر ابْن الْحَاجِب وألفية ابْن ملك وَعرض على الْجلَال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وناصر الدّين الْبَارِزِيّ وَالشَّمْس الفنري حِين قدومه الْقَاهِرَة وَآخَرين، واشتغل فِي الْفِقْه عِنْد البيجوري والطنتدائي وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَعَلِيهِ سمع فِي شَرحه للعمدة وَغير ذَلِك وَكَذَا أَخذ عَن قَرِيبه الْمجد فِي الْفِقْه وأصول الدّين وَأخذ النَّحْو عَن الشطنوفي والبوصيري قَرَأَ عَلَيْهِ الألفية والبرهان بن حجاج الأبناسي قَرَأَ عَلَيْهِ توضيحها لِابْنِ هِشَام فِي سنة ثانتين وشعرين، وَقَرَأَ على القاياتي شرح القطب بِتَمَامِهِ وَقطعَة من شرح الْمطَالع للدَّار حَدِيثي وَمن الْعَضُد، وَمِمَّنْ رافقه فِيمَا قَرَأَهُ مِنْهُ خَاصَّة ابْن خضر وَابْن سارة وَابْن حسان وَيحيى الدماطي وَفِي بعضه العرياني والعبادي وتحدث النَّاس إِذْ ذَاك بلوم القاياتي فِي إقراء الْكتب المشكلة لكل أحد وعَلى شَيخنَا شرح النخبة وَسمع عَلَيْهِ وعَلى البوصيري وَابْن الْجَزرِي والواسطي وَبَعضه بِقِرَاءَة الكلوتاتي وَحضر دروس الْهَرَوِيّ والْعَلَاء البُخَارِيّ والبساطي وَآخَرين وانتمى لتقي الدّين البُلْقِينِيّ فعاونه فِي استنزال النُّور الشلقامي لَهُ عَن مشيخة الفخرية تصوفا وتدريسا فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَتوقف النَّاظر فِي إمضائه فألزمه ابْن الْبَارِزِيّ بعناية القاياتي بذلك وَعمل حِينَئِذٍ أجلاسا بِحَضْرَة الْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن المحمرة وَابْن الديري وَابْن نصر الله والأبناسي والقاياتي وَغَيرهم وَركب البغلة من ثمَّ. واستنابه شَيخنَا فِي الْقَضَاء وَلكنه لم يتصد لَهُ بل قنع باسمه حَسْبَمَا أثْبته شَيخنَا بِخَطِّهِ، ثمَّ اسْتَقر فِي تدريس مدرسة ابْن أقبغاآص(8/205)
برغبة التَّاج الْمَيْمُونِيّ لَهُ عَنهُ وَفِي تدريس الشَّافِعِيَّة بالمؤيدية بعد الْجلَال الْمحلي بكليفه فِيمَا قيل لخوند لكَون زَوجته ابْنة الناصري بن المخلطة المنتمي لَهُم وَيُقَال إِنَّه توجه للمحلي قبيل مَوته بِمَال ليرغب لَهُ عَنهُ فَأبى وَعمل لَهُ أجلاسا حضر عِنْده فِيهِ البُلْقِينِيّ والتقي الحصني وَجَمَاعَة من الأكابر وَكنت مِمَّن حضر لمجيئه إِلَيّ مستدعيا وَكَاد الْجَوْجَرِيّ يقد غبنا لصرفه عَنْهَا لكَونه أمثل صوفية شافعيتها وَفِي تدريس الألجيهية برغبة الْعَلَاء البُلْقِينِيّ لَهُ عَنهُ مَعَ مَا كَانَ باسمه قبل من شَهَادَة وَقفهَا وَفِي الخطابة بالتربة الناصرية فرج بن برقوق مَعَ الْمُبَاشرَة بهَا وَفِي الشَّهَادَة بوقف الْحلِيّ وَفِي الدهيشة وَفِي سعيد السُّعَدَاء والمشارفة بوقف السيفي ومرتب بالجوالي وَغَيرهَا من الْوَظَائِف والمرتبات، بل ولي نظر البيمارستان بعد استفتاء بن الملقن)
فَأَقَامَ فِيهِ مُدَّة ثمَّ انْفَصل عَنهُ بِالْعَلَاءِ بن الصَّابُونِي فِي صفر سنة سبع وَسِتِّينَ، وَكَانَ غير مُعْتَمد فِي مُبَاشَرَته على غَيره بل يشارف الْمُتَكَلِّمين حَتَّى فِي عمل المصلوق والأشربة.
وثمول جدا وَلم يزل فِي نمو من الدُّنْيَا فَفِي أَوَائِل أمره من صناعَة الشمع وَفِي معظمه من نشر الرخام وانضم متحصله فِي ذَلِك لما يفضل عَن نَفَقَته المتوسطة أَو دونهَا من جهاته وَهُوَ شَيْء كثير وَأَنْشَأَ دَارا هائلة بِالْقربِ من مَكَان أَبِيه بحارة بهاء الدّين وَعمر بجانبه ربعا وَغير ذَلِك سوى مَا ملكه من الدّور الْمُقَابلَة لَهُ والقريبة مِنْهُ وَسوى مَكَان هائل ملكه بِالْقربِ من جَامع ابْن مُوسَى ببولاق وَآخر ببركة الرطلي. وابتنى بِأخرَة تربة ملاصقة لمصلى بَاب النَّصْر اسْتَقر بعده فِيهَا صوفية وشيخا على غير الْوَجْه الَّذِي كَانَ يرومه، وَحصل كتبا نفيسة جمة بِالشِّرَاءِ والاستكتاب وَغير ذَلِك وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء كالقاموس والتعقبات لِابْنِ الْعِمَاد وَنَحْوهَا بل كَانَ يكْتب على دروسه كِتَابَة لَا بَأْس بهَا وَرُبمَا كتب على الفتوي، وَأجَاب عَن استشكال أبي الْفضل المغربي الَّذِي أبرزه على لِسَان تِلْمِيذه البقاعي فِي تَعْلِيل سُقُوط طهورية المَاء الْمُسْتَعْمل بِمَا انقمع كل مِنْهُمَا بِهِ خُصُوصا وَقد أثنى عَلَيْهِ التقي الحصني والكافياجي وَأَبُو الْقسم النويري وَأَبُو عبد الله التريكي المغربي بِمَا يطول إِيرَاده هُنَا وَشهد لَهُ ثالثهم بِأَن فضيلته مَشْهُورَة من نَيف وَعشْرين سنة وَكَانَ ذَلِك بعد موت شَيخنَا وَلكنه مَعَ هَذَا لم يكن مجيدا للتقرير وَقد حج وصاهر ابْن المخلطة على ابْنَته فاستولدها عدَّة أَوْلَاد تَأَخّر مِنْهُم وَاحِد فَقَط فَلَمَّا ترعرع خالط ابْني ابْن أصيل لِلْقَرَابَةِ فَكَانَ ذَلِك سَببا لمُخَالفَته طَرِيق أَبِيه فِي التبذير والأتلاف بِحَيْثُ ضَاعَ على أَبِيه أَشْيَاء وَآخر أمره فَقده ألف دِينَار ظن أَبوهُ اختلاسه لَهَا وَظَهَرت قَرَائِن تشهد لذَلِك وَلَكِن لم يعلم أَبوهُ بهَا إِلَّا بعد(8/206)
أَن فقدت أَو غالبها فتهدم لفقدها وَمَا احْتمل بل مَاتَ عَن قرب ممتعا بحواسه إِلَّا إِحْدَى عَيْنَيْهِ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد قبل الصَّلَاة برحبة مصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن بتربته وَكَانَ لَهُ مشْهد حسن وأتلف ابْنه مَا تَأَخّر من تركته وَصَارَ زَائِد القل ثمَّ تراجع حَاله قَلِيلا. وَهُوَ من بقايا أَصْحَاب الْوَالِد بل قدمائهم والمعدود فِي عقلاء الرِّجَال مِمَّن نوه بِهِ فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة غير مرّة رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي البركات مُحَمَّد بن ملك بن أنس بن عبد الْملك التقي السُّبْكِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْموقع، وَعبد الْملك هُوَ أَخُو عبد الْكَافِي وَالِد التقي السُّبْكِيّ، وَأمه)
فَاطِمَة ابْنة التقي أبي حَاتِم مُحَمَّد بن التقي أبي حَاتِم مُحَمَّد بن الْبَهَاء أَحْمد بن التقي السُّبْكِيّ وَلكَون جدها مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه بعد السِّتين وَسَبْعمائة خَلفه ابْنه فِي اسْمه وكنيته ولقبه. ولد التقى هَذَا فِي إِحْدَى الجماديين سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بقاعة الْأَصْبَهَانِيّ ظَاهر بَاب النَّصْر، وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والملحة وَعرض على الْمجد الْبرمَاوِيّ وَغَيره.
وتعانى التوقيع وتدرب فِيهِ بالقدماء وصاهر الْعِزّ بن عبد السَّلَام على ابْنَته واستولدها وَمَاتَتْ تَحْتَهُ فاتصل بابنة عَم الْبَدْر السَّعْدِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة شَقِيقَة زَوجته، وَحج بهَا وبالتي قبلهَا وجاور فِي كليهمَا وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَدخل الشَّام مرَارًا. وَعرض لَهُ فِي سَمعه ثقل فَاحش تعطل مِنْهُ وَتَأَخر بِهِ عَن كثير من الأشغال الَّتِي يتَوَجَّه إِلَيْهَا من هُوَ فِي عداد بنيه مَعَ لطف عشرَة وَفهم فِي الْأَدَب بل رُبمَا ينظم وَمن ذَلِك مَا كتبه للبرهان بن ظهيرة حِين قدومه الديار المصرية وصادف زِيَادَة النّيل:
(بك استأنست أَرض الْعَزِيز ومصره ... وأوحش بَيت الله مِنْك وحجره)
(قدمت إِلَى مصر كمقدم وَائِل ... تبيت بقطر النّيل ينهل قطره)
فِي أَبْيَات. وَكَذَا هجا ابْن الفرفور قَاضِي الشَّام بِمَا كتبته فِي تَرْجَمته. وَكَانَ مجاورا بجوارنا فِي سنة تسع وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الرَّجَاء الشَّمْس الدمسيسي ثمَّ الصحراوي الشَّافِعِي الْخَطِيب وَالِد يحيى وَابْن أخي الْفَقِيه أَحْمد الدمسيسي وَيعرف بَين أهل بِلَاده بِابْن قطب، قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل قَدِيما وتميز فِي الْفَضَائِل وخطب بِبَلَدِهِ ثمَّ بالتربة الأشرفية برسباي أول مَا فتحت إِلَى أَن مَاتَ واقفها.(8/207)
وَكَانَ بديع الْقِرَاءَة والخطابة يصدع بهما الْقُلُوب النيرة مَعَ الْخط المأنوس المجود وَالنّظم بِحَيْثُ مدح شَيخنَا وَغَيره وَشرع فِي تخميس الْوَفَاة النَّبَوِيَّة وَكَذَا امتدح ابْن الديري بقصيدة قرأتها بِخَطِّهِ أَولهَا:
(فاح عبير الْمَدْح فاستنشق ... أَوْصَاف سعد صَاح واسترفق)
(قَاضِي الْقُضَاة الديري من قد نشا ... مَا الدَّيْر فِي زِيّ بِهِ مشرق)
(فيا لَهُ من بلد اسْمه ... من سعده أشرق بالمشرق)
(فالمدح يمتاز بأوصافه ... كَمَا بِهِ مداحه ترتقي)
إِلَى آخرهَا. مَاتَ فِي سنة خمس وَسِتِّينَ تقريباص رَحمَه الله.)(8/208)
وَمَات وَهُوَ طِفْل سنة ثَلَاثِينَ بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَيُّوب الشَّمْس بن النُّور ابْن)
البرقي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد والآتي أَخُوهُ الآخر أَبُو بكر وجدهم مَعَ وَلَدي هَذَا المحمدين أبي الْفضل وَأبي الْيمن. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلف بن عَليّ نَاصِر الدّين المنوفي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الشاذلي وَيعرف بِابْن أُخْت حُذَيْفَة. حفظ الْقُرْآن واشتغل وانضم لِابْنِ زغدان وعظمه وَكَانَ مِمَّن سمع مَعَ وَلَدي كثيرا مِمَّا قرأته لَهُ مَعَ سُكُون وَخير بِحَيْثُ كتبت عَنهُ فِي تَرْجَمَة جقمق مناما. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْيمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو الميامن النويري الْمَكِّيّ. مَاتَ وَلم يكمل شَهْرَيْن فِي آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. مُحَمَّد أَبُو الْيمن شَقِيق الَّذِي قبله. مَاتَ عَن ثَمَانِيَة أشهر سنة ثَمَان وَخمسين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان الشَّمْس البدرشي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل تربة الجبرتي بالقرافة الصُّغْرَى وَيعرف بالبدرشي. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وعدة مختصرات عرض بَعْضهَا على الزن الْعِرَاقِيّ، وتفقه بِابْن قَبيلَة الْبكْرِيّ نزيل المنصورية والبيجوري وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس السُّيُوطِيّ وَالْأُصُول عَن الْعَلَاء البُخَارِيّ والنظام الصيرامي وَعنهُ أَخذ الْمعَانِي وَالْبَيَان ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي علومه مُدَّة، ودأب حَتَّى برع واشتغل ودرس وَأفَاد وَولي تدريس الْفِقْه بِجَامِع اقسنقر وبوقف خشقدم فِي جَامع الْأَزْهَر ثمَّ ولي مشيخة التصوف والتدريس بتربة الشَّيْخ عبد الله الجبرتي بالقرافة وتنازع هُوَ وَابْن عمار بِسَبَبِهَا. وَكَانَ خيرا عَالما صَالحا انْتفع بِهِ الطّلبَة واختص بجانبك الصُّوفِي فَلَمَّا فر من السجْن امتحن هَذَا بِحَيْثُ اختفى نَحْو عشر سِنِين ثمَّ ظهر فأمسكه بَغْتَة ثمَّ فرج الله عَنهُ. وَمَات فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبَعين رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسلم نَاصِر الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي(8/209)
وَيعرف بِابْن مُسلم كمحمد. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب الْأَشْقَر وَحضر دروس البُلْقِينِيّ ثمَّ ولديه وَغَيرهم وَكَانَ يذكر لنا وَهُوَ مِمَّن يوثق بِهِ أَنه سمع على الشّرف بن الكويك بل رَأَيْت بِخَط شَيخنَا إجَازَة الزين المراغي لناصر الدّين مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُسلم مؤرخة بالمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَلَكِن)
الظَّاهِر أَنه غَيره من أقربائه. وَكَانَ خيرا سَاكِنا مديما للتلاوة وَالصِّيَام محبا فِي الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ كثير التعهد لغالب الْأَحْيَاء مِنْهُم بل ولغالب الرؤساء بالزيارة فِي يومي الِاثْنَيْنِ وَالْخمسين بِحَيْثُ إشتهر بذلك مَعَ حسن العقيدة وَالتَّعَفُّف وَقد قصدني بالمجيء غير مرّة للسؤال عَن بعض الْأَحَادِيث ولغير ذَلِك وَكَانَ شَيخنَا يُكرمهُ. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَشهد دَفنه الأكابر وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الرُّكْن مُحَمَّد الْبَدْر وَالشَّمْس أَبُو الْغَيْث الخانكي قاضيها الشَّافِعِي.
مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَتِسْعين. وَسَيَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْعِمَاد البلبيسي وَالِد صاحبنا الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي. وَكَانَ خيرا أصيلا. مَاتَ عِنْد وَلَده بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَسبعين وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين السكندري ثمَّ الدمياطي الشَّافِعِي الشاذلي وَيعرف بصهر الْعَنْبَري. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن إِسْمَاعِيل بن الْمُنْتَخب الْمُحب بن الْعَلَاء ابْن الشَّمْس الْحلَبِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي جده وَيعرف بالألواحي لعملها. ولد فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة أَو بعْدهَا تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاجين وألفية ابْن ملك وعرضها على أَئِمَّة عصره واجتهد أَبوهُ فِي شَأْنه وحرص عَلَيْهِ أَشد الْحِرْص حَتَّى كَانَ يسمع عَلَيْهِ محافيظه دَاخل الْحمام وَيُقَال أَنه تنَاول حب البلادر. واشتغل يَسِيرا وَسمع على ابْن أبي الْمجد والتنوخي والعراقي والهيثمي والحلاوي، وَأَجَازَ لَهُ خلق باستدعاء شَيخنَا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي الصالحية وَغَيرهَا، وَحدث بِالصَّحِيحِ وَغَيره مرَارًا وَسمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ خيرا سَاكِنا محبا فِي السماع وأقعد قبل مَوته وتعلل وَضعف بَصَره وقتا فَكَانَ الطّلبَة يقصدونه فِي منزله بالصالحية. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَدفن من الْغَد رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَليّ بن عبد الله بن مَنْصُور الشَّمْس(8/210)
السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ ثمَّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن خطيب زرع لكَون جد وَالِده كَانَ خطيبها ثمَّ تداولها ذُريَّته. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَنَشَأ حنفيا ثمَّ تحول شافعيا.)
وناب فِي قَضَاء بَلَده ثمَّ تولع بالأدب فنظم الشّعْر وباشر التوقيع عِنْد الْأُمَرَاء واتصل بِابْن غراب حِين مَجِيئه لدمشق ومدحه ورافقه إِلَى الْقَاهِرَة واستخدمه فِي ديوَان الْإِنْشَاء وَكَذَا صحب بعض الْأُمَرَاء وَحصل وظائف ثمَّ ترقت حَاله بعد موت ابْن غراب. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكَانَ عريض الدَّعْوَى جدا. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة وَهُوَ الْقَائِل:
(وأشقر فِي وَجهه غرَّة ... كَأَنَّهَا فِي نورها فجر)
(بل زهرَة الْأُفق لِأَنِّي أرى ... من فَوْقهَا قد طلع الْبَدْر)
وَله فِيمَا اقترح عَلَيْهِ مِمَّا يقْرَأ مدحا فَإِذا صحف كَانَ هجوا:
(التَّاج بِالْحَقِّ فَوق الرَّأْس نرفعه ... إِذْ كَانَ فَردا حوى وَصفا مجالسه)
(فضلا وبذلا وصنعا فاخرا ... فأسأل الله يبقيه ويحرسه)
وَذكره فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار فَقَالَ: تعلق بأذيال الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر المقبول وَكَانَ فِيهِ عجب شَدِيد وَدَعوى عريضة، وَصَحب أخيرا سعد الدّين بن غراب وخدم فِي ديوَان الْإِنْشَاء، رَأَيْته مرَارًا وَسمعت من نظمه ومدح فتح الله بقصيدة نونية لَا بَأْس بهَا. وَذكره ابْن خطيب الناصرية أَيْضا والمقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن نصير ككبير الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الأديب عَم الشَّمْس مُحَمَّد الْمَاضِي قَرِيبا وَيعرف بِابْن الفالاتي. ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بدار الْبِطِّيخ من دمشق وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ثمَّ انْتقل مِنْهَا وَقد جَاوز عشر سِنِين بِيَسِير مَعَ أَبِيه إِلَى الْقَاهِرَة فقطنها وَكتب على الوسيمي فانصلح خطه وعني بنظم الْفُنُون حَتَّى صَار لَهُ فِي ذَلِك يَد وَعظم بَين أهل فنه فَكَانَ هُوَ الَّذِي يكْتب مَا يتَعَلَّق بالعوام من الأوراق الَّتِي ينحون بهَا نَحْو مَا يَفْعَله موقعو الْإِنْشَاء بالتقاليد وَكَانَ أَبوهُ منجمعا يَأْخُذ الفأل وَينظر الطالع كالثور والزهرة وَنَحْو هَذَا مِمَّا يعمله أهل الطّرق واقام ابْنه بِالْقَاهِرَةِ يعاني النّظم ويمدح الإمراء والأكابر إِلَى أَن بَقِي أديبها وحكويها الْمَوْصُوف حَتَّى كَانَ يدْخل لجمال الدّين الاستادار فينشده وَتردد مَعَه إِلَى الشَّام وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَلَاث وَكَانَ يكْتب لشَيْخِنَا بعض مَا ينظم من الأزجال والمواليا وَنَحْوهَا فَيُجِيبهُ، وَله حَلقَة هائلة بَين العشاءين تَحت شباك الصالحية وتمول من ذَلِك بحث خلف من الْأَوْقَاف مَا ارتفق بِهِ ابْن(8/211)
أَخِيه كل ذَلِك مَعَ الْخَيْر النسبي والسكون وَكَونه أحد صوفية البيبرسية. وَقد كتب عَنهُ شَيخنَا ومدحه)
بل رثاه بِقِطْعَة ضمنهَا أَسمَاء السُّور بديعة سَمعتهَا مِنْهُ وَمَا تيسرت كتَابَتهَا، وَكَذَا كتبت عَنهُ قَوْله:
(قَالَ الحبيب اصف قدي وَلَا تشتط ... وصف عذارى الَّذِي فِي وجنتي قد خطّ)
(قلت الَّذِي قد كتب فِي لوح خدك خطّ ... قلم قوامك بَرى مَا لَاحَ مثلو قطّ)
وَفِي معجمي من نظمه غير هَذَا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتِّينَ عَفا الله عَنهُ ورحمه وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُسلم البالسي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسلم. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن عِيسَى التقي بن النوربن الْأمين التسولي بِالْمُثَنَّاةِ ثمَّ الْمُهْملَة المضمومة الشَّاهِد الْمَذْكُور أَبوهُ فِي مُعْجم شَيخنَا. ولد سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وتفقه قَلِيلا ثمَّ جلس مَعَ الشُّهُود وَأحب الْآدَاب، وارتحل لدمشق سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِي طلبَهَا. وَكَانَ حاد النادرة لطيف المحاضرة قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه سَمِعت من فَوَائده كثيرا وأنشدني لغيره أَيْضا كثيرا وَلم أَقف على شَيْء من سَماع الحَدِيث. مَاتَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن النُّور القاياتي القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت الْفَخر القاياتي. ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بالقايات من أَعمال البهنساوية وَقَرَأَ بعض الْقُرْآن ثمَّ نَقله أَبوهُ إِلَى الْقَاهِرَة عِنْد عَمه الناصري مُحَمَّد فأكمله عِنْده وَحفظ الْمِنْهَاج وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وألفية النَّحْو وَكَذَا التسهيل فِيمَا قيل وَعرض على جمَاعَة وَحضر دروس البُلْقِينِيّ وَكَذَا درس الأبناسي وَابْن الملقن وَأخذ الْفِقْه والفرائض عَن عَمه، وَكَانَ ماهرا فِي الْفَرَائِض والفرائض فَقَط عَن الشَّمْس الغراقي والتقي بن الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ وَكَانَ مُتَقَدما فِيهَا والشهاب العاملي وَالْفِقْه عَن الشَّمْس القليوبي والبدر الطنبدي والنور الأدمِيّ وعنهما أَخذ أصُول الْفِقْه وَعَن أَولهمَا أَخذ النَّحْو وَكَذَا أَخذ الْأُصُول عَن قنبر العجمي وَأثْنى على علمه سِيمَا التصوف والقطب الأبرقوهي وعنهما أَخذ الْمنطق ولازم الْهمام العجمي فِي الْأَصْلَيْنِ والنحو وَالصرْف وَكَانَ الْهمام فائقا فِيهِ وَسمع عَلَيْهِ غَالب مَا أقرأه من الْكَشَّاف وَهُوَ الَّذِي ألزمهُ فِيمَا قيل بِحِفْظ التسهيل وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة أَيْضا عَن الشطنوفي وَيُقَال إِن جلّ انتفاعه فِيهَا كَانَ بِهِ وَكَذَا أَكثر من مُلَازمَة الْعِزّ بن جمَاعَة فِيمَا كَانَ يقرئه من الْعُلُوم بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ والبساطي والْعَلَاء البُخَارِيّ حِين قدومه الْقَاهِرَة)
فَسمع مِنْهُ الْمنطق والجدل والأصلين والمعاني وَالْبَيَان والبديع وَغَيرهَا من المعقولات والمنقولات وَلم يُفَارِقهُ حَتَّى سَافر وَتقدم بِهِ كثيرا(8/212)
لدقة نظره وحدة فكره الَّذِي لم يكن يقدم عَلَيْهِ فيهمَا غَيره بل قَالَ أَنه إِذا فكر فِي مَحل خَال لَا يلْحقهُ لَا القطب وَلَا التَّفْتَازَانِيّ وَلَا غَيرهمَا، وَلما سَافر مغضبا برز والأبناسي والونائي إِلَى دمياط حَتَّى رجعُوا بِهِ. وجود الْقُرْآن على بعض الْقُرَّاء وَسمع اتِّفَاقًا على الْعِزّ بن جمَاعَة تساعيات جده الْأَرْبَعين وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ ختم السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وَغَيره والشهاب الوَاسِطِيّ جُزْء البطاقة وَغَيره وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ الْكثير ولازمه وَأخذ عَنهُ فِي شرح الألفية لوالده وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل وَكَذَا أَخذ فِيهِ عَن شَيخنَا وَسمع عَلَيْهِ كثيرا من كتب الحَدِيث فِي رَمَضَان وَغَيره بل ذكر أَنه سمع البُخَارِيّ على البُلْقِينِيّ وَأَنه سمع على أهل طبقته كالزين الْعِرَاقِيّ وَابْن الملقن ثمَّ التقي الدجوي والبدر الطنبدي فِي آخَرين، وتلقن الذّكر من إِبْرَاهِيم الأدكاوي وَغَيره. وَلم يزل يدأب حَتَّى تقد فِي الْفُنُون كلهَا وَصَارَ الْمعول عَلَيْهِ فِي جلها مَعَ مزِيد الْفَاقَة والتقلل بِحَيْثُ صَار لذَلِك يتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي جَامع الصَّالح وَغَيره إِلَى أَن حصل لَهُ ولرفيقه الفيشي فِي تَرِكَة ابْن مخلوف الزيات ألف دِينَار فِيمَا قيل فَأَعْرض حِينَئِذٍ عَن الشَّهَادَة وَكَذَا تكسب بالزراعة أَيْضا ثمَّ ارْتقى فَنزل طَالبا بالمؤيدية ثمَّ مدرس الْمُحدثين بالبرقوقية بعد وَفَاة النُّور القمني ثمَّ مدرس الشَّافِعِيَّة بالأشرفية برسباي أول مَا فتحت ثمَّ شيخ سعيد السُّعَدَاء برغبة الشهَاب بن المحمرة ثمَّ مدرس الغرابية بعد الشّرف السُّبْكِيّ ودام إِلَى أَن خطبه الظَّاهِر جقمق لقَضَاء الشَّافِعِيَّة بعد صرف شَيخنَا فباشره بعفة ونزاهة وَتثبت فِي النواب بِحَيْثُ أَنه لم يَأْذَن إِلَّا لقَلِيل مِنْهُم وَقَامَ بعمارة الْأَوْقَاف وَالنَّظَر فِي مصالحها وَالصرْف لمستحقيها ثمَّ اسْتَقر بِهِ فِي تدريسي الْفِقْه بالشيخونية والصلاحية الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ مَعَ النّظر عَلَيْهَا بعد موت الونائي ثمَّ انتزع لَهُ مشيخة البيبرسية ونظرها من شَيخنَا وَلم يحمد الْعُقَلَاء إجَابَته فِيهَا وَلَا تعرضه لوَلَده وَنَحْوه مِمَّا بسطته فِي محاله مَعَ أَن ذَلِك لم يكن بمانع لَهُ عَن الثَّنَاء عَلَيْهِ فِي إنبائه بعد مَوته، وَنَدم فِيمَا بَلغنِي على قبُول الْولَايَة وَمَا جرت إِلَيْهِ وَكَاد أَن يتزحزح عِنْد السُّلْطَان فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمسين وَصلي عَلَيْهِ فِي سَبِيل المؤمني فِي مشْهد فِيهِ السُّلْطَان والقضاة وَالْعُلَمَاء والأعيان وَخلق تقدمهم أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ دفن بتربة سعيد السُّعَدَاء وَعظم الأسف على فَقده ورثاه غير وَاحِد كيحيى بن الْعَطَّار وأولها:)
(حقيق أَنْت بِالذكر الْجَمِيل ... لبعدك فِي زَمَانك عَن مثيل)
(طلعت على الْبَريَّة شمس علم ... فَلَا عجب مصيرك للأفول)
وَكَانَ إِمَامًا عَالما عَلامَة غَايَة فِي التَّحْقِيق وجودة الْفِكر والتدقيق مزيحا للمشكلات بجلى(8/213)
عِبَارَته ومريحا من التَّعَب بواضح عباراته فكره الثاقب غَايَة فِي الاسْتقَامَة وَنَظره الصائب لَو رام اعوجاجا لم يبلغهُ ميزَان الْعلم مرامه بعد صيته وشاع ذكره وخشي فَوته وَصَارَ شيخ الْفُنُون بِلَا مدافعة وَمن بِهِ تقر الْعُيُون بعد النّظر والمطالعة لَا يمترى فِي تَحْقِيقه وَصِحَّة فكره ممترى وَلَا يتَوَقَّف فِي ذَلِك إِلَّا حَاسِد أَو مفترى تصدى للإقراء زَمَانا فَانْتَفع بِهِ خلق وتزاحم النَّاس عَلَيْهِ من سَائِر أَرْبَاب الْفُنُون والطوائف والمذاهب وانتشرت تلامذته وصاروا رُؤَسَاء فِي حَيَاته وتحرى فِي الْفَتَاوَى فَلذَلِك قلت وَحدث باليسير. كل ذَلِك مَعَ الدّين وَالْعقل والتواضع والتقشف والحلم وَالِاحْتِمَال والمحاسن الوافرة. وَكتب على الْمِنْهَاج قطعا مُتَفَرِّقَة كثر اعتناؤه فِيهَا بِدفع كَلَام الأسنوي وَعمل ذيلا ونكتا على الْمُهِمَّات وَقد بسطت تَرْجَمته فِي ذيل الْقُضَاة والمعجم والحوادث وَهِي إطالة فِي مَعْلُوم قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة: وَلم تحمد سيرته يَعْنِي من قَضَائِهِ لتتبع عثرات من قبله مَعَ كَونه أحد شُيُوخه والقائمين بِهِ وَلذَا مقت، قَالَ وَكَانَت طَرِيقَته قبل الْقَضَاء أحسن لِأَنَّهُ كَانَ متصديا للْعلم لَيْلًا وَنَهَارًا بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك سَببا لشهرته بِالْعلمِ وانتفاعه رَحمَه الله وإيانا. وَقد أفحش يُوسُف بن تغري بردى مِمَّا أَظن أَن البقاعي كتبه لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّه تغير بعد يسير عَن حَاله الأول حَيْثُ لبس المسقول وَكبر عمَامَته وَمَال إِلَى المنصب ميلًا كثيرا واستناب النواب الْكَثِيرَة وراعى أهل الدولة وَعمل بالرسالة من الْأَعْيَان وتشاهم فِي سَلامَة وتعاظم فنفرت قُلُوب بعض النَّاس مِنْهُ لذَلِك لما كَانُوا يعهدونه من تملقه وبشابته وتقشفه أَولا. وَإِنَّمَا ظَنَنْت كَون هَذَا كَلَام البقاعي لِأَنِّي رايت بِخَطِّهِ فِي تَرْجَمته مَا هُوَ أقبح من هَذَا نسْأَل الله السَّلامَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو المحاسن بن نور الدّين الْمحلي الشَّافِعِي وَالِد عَليّ وَيعرف بِابْن الْكَبِير لكَون جده كَانَ كَبِير الحرافيش. اشْتغل فِي الْعَرَبيَّة يَسِيرا وشارك فِي صناعَة الشُّرُوط وَاسْتقر بِهِ الْعلم البُلْقِينِيّ فِي قَضَاء الْمحلة عوضا عَن قريبهم أوحد الدّين العجيمي وَكَذَا اسْتَقر بِهِ الْمَنَاوِيّ ثمَّ الولوي الأسيوطي وَلم تتفق مُبَاشَرَته لَهَا إِلَّا فِي أَيَّامه على رغم من الأسيوطي لكَونه بِأَمْر من السُّلْطَان، وَآل أمره إِلَى استقراره فِي محلّة أبي)
الْهَيْثَم. وَيذكر بِسوء سيرة وأفعال غير مرضية. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر القاهري الْوَكِيل وَالِد التقي مُحَمَّد الْحَنَفِيّ الْآتِي وَيعرف بِابْن القزازي. مِمَّن ترقى فِي صناعته وتمول مَعَ حشمة وعقل. مَاتَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر بن القَاضِي. نور الدّين بن الشّرف الشنشي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أحد شُهُود الصالحية وسوق الرَّقِيق. مِمَّن سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية وعَلى شَيخنَا قبل ذَلِك فِي سنة أَرْبَعِينَ فِي الدَّارَقُطْنِيّ وَكَانَ يسكن جوَار(8/214)
جَامع الغمري وَله تصوف فِي البيبرسية وَلم يكن بالمرضي. مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء رَابِع عشر صفر سنة سِتّ وَخمسين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر القاهري ثمَّ الخانكي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن التَّاجِر لكَون أَبِيه كَانَ تَاجِرًا. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَهُوَ أسن الثَّلَاثَة ويليه أَحْمد الْمَاضِي. مُحَمَّد أَبُو الْخَيْر البلبيسي الأَصْل الخانكي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن التَّاجِر أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ بكنيته أشهر. ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالخانقاه وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره، وَعرض على جمَاعَة واشتغل عِنْد النُّور البوشي ثمَّ ارتحل وَأخذ عَن الْمحلي والمناوي والوروري والتقي والْعَلَاء الحصنيين والتقي الشمني وتميز وأقرأ الطّلبَة وَاسْتقر فِي تدريس الخانقاه عوضا عَن الونائي وَحج غير مرّة وَدخل بَغْدَاد وَالْعراق وَغَيرهَا كالشام وحلب وتكسب وَلم يحمد فِي معاملاته مَعَ تقشف وميل فِي الدُّنْيَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْجمال بن النُّور أبي الْحسن بن أبي الْخَيْر المريسي الأَصْل الْمدنِي المولد الجدي نِسْبَة لجدة فَهُوَ مَعَ أَخِيه مِمَّن يُبَاشر مَا يتَعَلَّق بالشريف بهَا، وَمِمَّنْ ارتحل إِلَى مَكَّة فَقَرَأَ على ثلاثيات البُخَارِيّ وأربعي النَّوَوِيّ وَبَعض الشفا وَسمع على غير ذَلِك بل سمع مني المسلسل وَأثْنى على عقله وسياسته وَأَنه هُوَ وَأَبوهُ مِمَّن يقْرَأ الْقُرْآن بل حفظ هَذَا فِي الْمِنْهَاج وَغَيره، وكتبت لَهُ إجَازَة وأجزت لِبَنِيهِ الثَّلَاثَة وفارقته فِي موسم سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ رَأَيْته بعد ذَلِك حِين سلم عَليّ فِي الْمُجَاورَة بعْدهَا مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله الزراتيتي الْمُقْرِئ. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس بن النُّور خَادِم سَيِّدي جَعْفَر بِالْقربِ من سوق أَمِير الجيوش مِمَّن قَرَأَ الحَدِيث وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَتردد إِلَيّ مَعَ ولد لَهُ وَغَيره، وتكسب)
بالتعليم وتنزل فِي الْجِهَات بل بَاشر فِي بعض وظائف البيمارستان وَكَانَ خَبِيرا بدنياه. مَاتَ قريب السّبْعين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو الْوَفَاء بن النُّور الحصني الأرميوني القاهري المقسي الْحَنَفِيّ الشريف إِمَام القجماسية. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وَالْمجْمَع والمنار والعمدة للنسفي وألفيتي الحَدِيث والنحو وَالتَّلْخِيص والشمسية والتهذيب للتفتازاني كِلَاهُمَا فِي الْمنطق وَعرض على جمَاعَة كَابْن الديري وَابْن الْهمام والمناوي وَأخذ القراآت(8/215)
عَن الشهابين الشارمساحي والسكندري وَالشَّمْس بن الْعَطَّار والزين ماهر وَأبي الْقسم النويري وَابْن كزلبغا فعلى الأول للعشر وعَلى الثَّالِث للسبع بعض ختم وعَلى الثَّانِي لنافع وَابْن كثير وَغَيرهمَا وعَلى الأخي رلنافع وَابْن كثير وَأبي عَمْرو ثمَّ للسبع إِلَى أثْنَاء الْحجر كلهم بِالْقَاهِرَةِ وَعَن السَّيِّد الطباطبي للعشر بِمَكَّة ثمَّ بعضه بِجَامِع ابْن الرّفْعَة وَالْفِقْه عَن أبي الْعَبَّاس السريسي والزين قَاسم بل وَالْقَاضِي سعد الدّين بن الديري وَأكْثر عَنهُ وَالْأُصُول عَن أَوَّلهمْ وأصول الدّين عَن ابْن الْهمام والعربية عَن الشّرف مُوسَى البرمكيني والجلال المرجوشي وألفية الحَدِيث وَغَيرهَا بحثا عَن كَاتبه فِي آخَرين مِمَّن حضر دروسهم كالأقصرائي والكافياجي وبرع فِي الْفَضَائِل وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن الديري فَمن بعده وناكده الْمُحب بن الشّحْنَة لمزيد اخْتِصَاصه بِابْن الصَّواف وَمَا نَهَضَ لترك استنابته ثمَّ اقتفى أَثَره الأمشاطي بعد أَن ولاه إِلَى أَن أخْلص هُوَ فِي التّرْك، وَحج غير مرّة قبل ذَلِك وَبعده وجاور وَصَحب عبد الْمُعْطِي المغربي وَعظم اخْتِصَاصه بِهِ وَأخذ عَنهُ التصوف وَغَيره وَاسْتقر فِي تدريس الأينالية بالشارع والإعادة بالمهمندارية مَعَ نِيَابَة نظرها برغبة الْبُرْهَان الكركي لَهُ عَنْهَا وَفِي التدريس بالفخرية ابْن أبي الْفرج وبمسجد خَان الخليلي بعد الشَّمْس الأمشاطي وَفِي الْإِمَامَة بِالْقصرِ ومرتب بالجوالي الطرابلسية بعد التَّاج عبد الْوَهَّاب الشَّامي وَفِي تدريس القجماسية المستجدة وإمامتها وخزن كتبهَا فالتدريس بعد قَاضِي الْحَنَفِيَّة ابْن المغربي والإمامة والخزن بعد الشَّمْس النوبي. وتصدى للإقراء فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا كالقراآت بل وَكتب على الْمجمع كِتَابَة جَامِعَة وَصلى فِيهَا إِلَى صَلَاة الْعِيد فَأكْثر، ورزقه الله ملكة قَوِيَّة فِي التَّعْبِير عَن مُرَاده مَعَ مزِيد حافظة وَحسن تصور واستحضار لمحافيظه واعتناء بزيارة الشَّافِعِي فِي كل جُمُعَة)
وَكَونه يمشي لذَلِك من بَاب القرافة أدبا وَكَثْرَة خضوعه للمنسوبين للصلاح وتراميه عَلَيْهِم بل عِنْده من التَّوَاضُع وَالْأَدب والمداراة والتودد بالتردد لمن يألفه أَو يترجى نَفعه وألفاظ بليغة وَمَعَان جَيِّدَة يستعملها فِي مخاطباتهم لَو كَانَت عَن روية لحمدت مَعَ بُد تَامّ عَن دناءة النَّفس ومزيد رَغْبَة فِي إِظْهَار النِّعْمَة فِي ملبسه وَنَحْوه وحشمة وافرة وموافاة تَامَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس الحليبي القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي ابْن الْأَبَّار وَيعرف بالحليبي تَصْغِير حَلَبِيّ. لَازم الْفَخر المقسي والعبادي الْجَوْجَرِيّ وَحضر عِنْد البقاعي وَابْن قَاسم والْعَلَاء الحصني وزَكَرِيا وَابْن أبي شرِيف بل قَرَأَ(8/216)
على أَخِيه الْبُرْهَان فِي التَّقْسِيم وَفِي ابْتِدَائه عِنْد السنتاوي وتميز سِيمَا فِي الْفِقْه وتنزل فِي البيبرسية وَغَيرهَا كالأزبكية بل اسْتَقر فِي مشيخة زَاوِيَة نصر الله بِالْقربِ من خَان الخليلي لكَونه لَازم درس الْبَدْر مُحَمَّد بن الْكَمَال نَاظر الْجَيْش وَكَذَا أَكثر من مُلَازمَة الزيني بن مزهر وَبِه تخلص من قَاضِي الْمَالِكِيَّة ابْن تَقِيّ فِي كائنة ابْن عَرَبِيّ حَيْثُ بَادر إِلَى تعذيره والاستحكام بخفر دَمه وَتردد إِلَى من أجلهَا ثمَّ بعْدهَا وَحضر عِنْدِي بعض الْمجَالِس ورام تقريضي شَيْئا جمعه فَمَا أمكن، وَقد حج مرَارًا على السحابة المزهرية وَغَيرهَا وَكَاد أَن يبعده وَهُوَ من عشراء عبد الْبر بن الشّحْنَة وَابْن قَرِيبه مِمَّن درس بالأزهر وَغَيره بل وَأفْتى وتمشيخ بل استنابه الزيني زَكَرِيَّا وَصَارَ أحد قُضَاة الْبَاب بل هُوَ أحد الْمشَار إِلَيْهِم عِنْده فِي عُقُود الْمجَالِس وَنَحْوهَا مَعَ حمق وتظاهر بالتدين ومدح نَفسه بِمَجْلِس الْأَشْرَف قايتباي بِحَضْرَة الْقُضَاة وانتهره الْأَشْرَف وتأسف بعد ذَلِك على فَوت ضربه وإشهاره فتدارك نَفسه بعزلها وَاسْتمرّ معزولا إِلَى وَفَاة واشتهر حِين دُخُوله فِي الإمانة نِيَابَة بتساهله فِي التركات وتناوله مِنْهَا مَا ينبو عَنهُ السّمع بِحَيْثُ أثرى وتمول وَعلم بِهِ الزين زَكَرِيَّا سَمَاعا إِلَّا أَنه لزم غلطه فِيهِ إِلَى انْفِصَاله مِنْهَا بِالصرْفِ وَجهد نَفسه بعد عوده للْقَضَاء فِي السَّعْي فِيهَا فَلم يجب وَصَارَ ممقوتا عِنْده مَعَ انحطاط رتبته عَمَّا قبله وعَلى كل حَال فباطنه أحسن من رَفِيقه، وَقد صنف بَعضهم غضب الْجَبَّار على ابْن الْأَبَّار.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس الزراتيتي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس المشهدي ابْن الْقطَّان. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه قَالَ: أَخذ عَن الْوَلِيّ الملوي وَنَحْوه واعتنى بالعلوم الْعَقْلِيَّة. واشتغل كثيرا حَتَّى تنبه وَكَانَ يدْرِي الطِّبّ)
وَلَكِن لَيست لَهُ معرفَة بالعلاج سَمِعت فَوَائده. وَمَات فِي الطَّاعُون سنة تسع عشرَة عَن نَحْو السِّتين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْفَخر أَبُو بكر بن دويم الْمصْرِيّ التَّاجِر وَكيل شَيخنَا. تمول وَأَنْشَأَ دَارا هائلة بِمصْر وسافر فِي التِّجَارَة لمَكَّة وَغَيرهَا ثمَّ انْقَطع بِمَكَّة وَتزَوج الشَّرِيفَة ابْنة الفاسي زوج أبي السعادات بن ظهيرة وَأم وَلَده الرَّافِعِيّ فِي حَيَاته وَكَانَ يترفع على رفاقه التُّجَّار متمسكا بِكَوْنِهِ خالط الْعلمَاء وَيَزْعُم مَعَ عدم تحرية أَن شَيخنَا كَانَ يَقُول هُوَ الْفجْر الصَّادِق. مَاتَ قريب السّبْعين ظنا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد البهرمسي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد السّلمِيّ. فِيمَن جده مُحَمَّد بن مَحْمُود. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْخَطِيب الصُّوفِي. شخص لقِيه مُحَمَّد المرشدي الْمَكِّيّ(8/217)
بهَا فِي شَوَّال سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة فصافحه وَأخْبرهُ بهَا عَن الْجمال عبد الله بن أَحْمد بن أبي الْقسم الْأمَوِي الخلاطي الْمَالِكِي الكحال عَن عَمه الشَّمْس مُحَمَّد بن أبي الْقسم عَن الشهَاب أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْغفار بقوص عَن أبي الْعَبَّاس الملثم عَن معمر وَهُوَ بَاطِل فمعمر لَا وجود لَهُ وشابكه وَأخْبرهُ بهَا عَن الْعِزّ بن أبي بكر ابْن جمَاعَة وَأَنه شابك أَبَا عبد الله مُحَمَّد شيرين وَهُوَ أَبوهُ بِسَنَدِهِ الَّذِي انتهاؤه مَنَام وَألبسهُ الْخِرْقَة وَأَنه لبسهَا من الْعَلَاء أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد وَمن عَمه التقي أبي بكر بن يحيى بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن الْعِمَاد أبي صلح بن أبي بكر بن عبد الرَّزَّاق بن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الكيلاني بلباس أَولهمَا من أَبِيه وَهُوَ وَأَخُوهُ من أَبِيهِمَا وَهَكَذَا إِلَى انتهائه. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْفَتْح الْهِنْدِيّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن عَليّ الملقب سناء القطب بن الزين بن النَّجْم بن الزين الْأَصْبَهَانِيّ ثمَّ الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة ووالد لعفيف الدّين مُحَمَّد الْآتِي. ولد بعيد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة بشيراز وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد حُسَيْن الْملك وَأخذ النَّحْو عَن محيي الدّين الكوش كناري قَرْيَة من قرى لار وَالصرْف عَن تَاج الدّين الخفري والمنطق عَن الخواجا حسن شاه الْبَقَّال والمعاني وَالْبَيَان عَن الخواجا الشَّمْس مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ عرف بالمؤيد وأصول الدّين عَن غياث الدّين المنشي وقوام الدّين الخفري والمنطق عَن الخواجا)
حسن شاه الْبَقَّال والمعاني وَالْبَيَان عَن الخواجا الشَّمْس مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ عرف بالمؤيد وأصول الدّين عَن غياث الدّين المنشي وقوام الدّين الكربالي أحد تلامذة الْجِرْجَانِيّ وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بِجَامِع بَلَده الْعَتِيق وبلار وهرموز وَغَيرهَا، وَحج وجاور بِمَكَّة نَحْو ثَمَان سِنِين ولقيني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَقَرَأَ عَليّ أَشْيَاء دراية وَرِوَايَة واغتبط بذلك وَسمع الْكثير من تصانيفي وَغَيرهَا، وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة كتبت مِنْهَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير، مَعَ فَضِيلَة فِي الْعَرَبيَّة وَالصرْف وتصديه لإقرائهما هُنَاكَ مَعَ إنجماع وتقنع وَرجع إِلَى بِلَاده وَبَلغنِي أَنه تمول وَطَابَتْ دُنْيَاهُ ثمَّ عَاد لمَكَّة ولقيني بهَا فِي سنة سبع وَتِسْعين فَمَا بعْدهَا وتزايد انجماعه بِحَيْثُ أعرض عَن الْأَقْرَاء وَسمع عَليّ فِيهَا وَفِي الَّتِي بعْدهَا أَشْيَاء وَهُوَ على قدم صَالح.
مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَليّ بن مَحْمُود الشَّمْس بن المغلي الْحَنْبَلِيّ. هُوَ عبد الْقَادِر مضى. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود الشَّمْس بن التَّاج بن النَّجْم الْعمريّ الكيلاني الْحَنْبَلِيّ. مِمَّن سمع على شَيخنَا المبتاينات بِقِرَاءَة الفتحي وَوَصفه بالعالم وَكَذَا سمع عَلَيْهِ فِي الْبَحْث كثيرا من شرح ألفية الحَدِيث وَشَيْخه فِي التَّبْلِيغ بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْخُلَاصَة للطيبي بحثا وأربعي النَّوَوِيّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود الْمَكِّيّ(8/218)
لقرية تَلا من عمل الأشمونين بِأَدْنَى الصَّعِيد. ولد بهَا قبل سنة سبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على أَبِيه ثمَّ تحول فِي حَيَاته إِلَى الْقَاهِرَة مُهَاجرا فِي طلب الْعلم فاشتغل أَولا على مَذْهَب أَبِيه مالكيا وَحضر دروس خلف الْمَالِكِي ثمَّ تحول شافعيا وَحضر دروس الأبناسي والبلقيني وَابْنه الْجلَال وقريبه أبي الْفَتْح وَابْن الملقن والبرهان الْقُدسِي وَغَيرهم وَكَذَا حضر دروسا فِي النَّحْو عِنْد عبيد البشكالسي وَالشَّمْس الغراقي فِي آخَرين وَسمع على الزفتاوي وَابْن الشيخة والتنوخي والمطرز والحلاوي والسويداوي والغراقي والهيثمي والأبناسي والغماري والمراغي والتقي الدجوي والشرف بن الكويك والتاج بن الفصيح وناصر الدّين نصر الله الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ جمع من الشاميين، وَكتب التوقيع فِي ديوَان الْإِنْشَاء وَأم بِالْقصرِ من القلعة بل نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَحدث بالبخاري وَغَيره سمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء، أخذت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ خيرا مديم التِّلَاوَة بِحَيْثُ كَانَ تلائيا حسا وَمعنى مَعَ التَّهَجُّد والمحافظة على الْجَمَاعَة والانجماع وَالْحِفْظ لكثير من كرامات الصَّالِحين، وَله نظم كتبت)
بعضه فِي المعجم. وَمَات فِي ثَانِي الْمحرم سنة سبع وَخمسين بِمصْر الْقَدِيمَة رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله الجزيري المغربي الْمَالِكِي نزيل الْمَدِينَة. اشْتغل ببلاده ثمَّ قدم فحج وَدخل الرّوم وَأخذ بهَا باسطنبول عَن مولى عراب وَحضر دروس الشهَاب الكوراني، واستوطن الْمَدِينَة من سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ مديما للاشتغال عِنْد الْمَالِكِي وَالسَّيِّد وَغَيرهمَا ولازمني فِي إقامتي بهَا حَتَّى قَرَأَ على بعض شرح الْعُمْدَة لِابْنِ دَقِيق العَبْد وَمن أول الأَصْل الثَّانِي من تَحْرِير الأقطاب والفصول فِي تَحْرِير علم الْأُصُول لِابْنِ شَاس بحثا. وَسمع على مبَاحث جلّ الألفية واليسير من شرحها وَغير ذَلِك رِوَايَة ودراية وكتبت لَهُ مَا أوردت بعضه فِي التَّارِيخ الْكَبِير، وَهُوَ إِنْسَان فَاضل مشارك رَاغِب فِي المباحث والتحصيل. مَاتَ فِي أحد الربيعين سنة إِحْدَى وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن الشَّيْخ مِصْبَاح بن مُحَمَّد بن أبي الْحسن الشَّمْس بن النُّور ابْن الضياء اللامي ثمَّ القاهري المقسي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن أُخْته عبد الرَّحِيم(8/219)
الأبناسي.
ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمُتُون ولازم صهره الْبُرْهَان ابْن حجاج الأبناسي فِي قِرَاءَة الْعَضُد وَغَيره بل وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء فِي الْأَصْلَيْنِ والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك وَأخذ الْفِقْه عَن الشّرف السُّبْكِيّ والونائي بل وَقبل ذَلِك عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الوَاسِطِيّ أَشْيَاء وَابْن الْجَزرِي والفوي وَابْن الْمصْرِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ فِي آخَرين مِمَّا ضبط الْأَسْمَاء فِي بعضه وَأكْثر عَن شَيخنَا وَكَانَ فَاضلا لكنه وقف فِي أَوَاخِر أمره مَعَ ملازومته للخير وَالتَّعَفُّف الزَّائِد وَالْكَرم التَّام مَعَ الْفَاقَة، مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَخمسين قبل إِكْمَال الْخمسين وَدفن عِنْد أَخِيه مِصْبَاح بجوار ضريح شهَاب ظَاهر بَاب الشعرية. رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن معبد بن عبد الله الشَّمْس الْمَقْدِسِي الْمدنِي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَيعرف بالمدني. ولد سنة تسع وَخمسين وَأذن بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة ثمَّ قطن الْقَاهِرَة واشتغل قَلِيلا وَأخذ عَن الْجمال بن خير ولازمه وَسمع الحَدِيث من المحيوي عبد الْقَادِر الْحَنَفِيّ وَحدث عَنهُ بالزهد للبيهقي، ثمَّ ولي تدريس الحَدِيث بالشيخونية فباشره مَعَ قلَّة علمه بِهِ مُدَّة ثمَّ نزل لشَيْخِنَا عَنهُ ثمَّ ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بعناية فتح الله كَاتب السِّرّ فِي الْأَيَّام الناصرية ثمَّ صرف)
فِي الْأَيَّام المؤيدية ثمَّ أُعِيد وَكَانَ مَشْهُورا بالعفة فِي أَحْكَامه وَوَقعت لَهُ كائنة صعبة مَعَ شرِيف فَلم يقْتله فَأنْكر عَلَيْهِ ذَلِك أهل مذْهبه وَلم يكن فِي مذْهبه بالماهر. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ مَاتَ يَعْنِي وَهُوَ قَاض فِي عَاشر ربيع الأول سنة تسع عشرَة. وَقَالَ فِي مُعْجَمه أجَاز فِي استدعاء ابْني. وَقَوله فِي رفع الأصر أَنه ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة مرَّتَيْنِ سَهْو. وَهُوَ فِي الإنباء والمعجم على الصَّوَاب، وترجمه المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن مقدم بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة الثَّقِيلَة ابْن مشرف بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُشَدّدَة القاهري الصحراوي النجار بواب تربة برقوق وَيعرف بخادم أبي بكر البجائي وَكَانَ يلقب قبل بسكيكر بِالتَّصْغِيرِ. ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن فِي مكتب تربة طشتمر حمص أَخْضَر فَمسح الزين الْعِرَاقِيّ على رَأسه ودعا لَهُ، وخدم غير وَاحِد من الْعلمَاء والصلحاء وتكسب نجارا وَكَانَ معلمه فِيهَا يخْدم أَبَا بكر البجائي فَلَمَّا مَاتَ خَلفه فِي خدمته فَعرف بِهِ ثمَّ اشْترك مَعَ الشَّيْخ عبيد بن أَحْمد فِي بوابة تربة الظَّاهِر برقوق وَأقَام بهَا وَسمع على الْجمال الْحَنْبَلِيّ، وأجازت لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَآخَرُونَ ولقيه البقاعي.
مَاتَ قريب الْأَرْبَعين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور بن زين الْعَرَب أَبُو اللطف الحصكفي ثمَّ الْمَقْدِسِي(8/220)
الشَّافِعِي وَيعرف فِي بِلَاده بِابْن الْحِمصِي وَفِي هَذِه النواحي بكنيته. ولد فِي سنّ تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بحصن كيفا من بِلَاد بكر وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد النَّجْم العجمي المراغي وتلا بِهِ عَلَيْهِ لعاصم وَنَافِع وَابْن كثير وَكَذَا على ابْن المصبر، وَحضر عِنْد الزين عبد الرَّحْمَن بن الْحَلَال بِالْمُهْمَلَةِ ثمَّ التَّشْدِيد واستفاد من قِرَاءَة النَّاس عَلَيْهِ وَأخذ النَّحْو وَالصرْف عَن الْجلَال بن الحلوائي الْحَاج زين الدّين عبد الرَّحْمَن قَاضِي الْحصن وَعنهُ أَخذ الْمنطق وَكَذَا أَخذه مَعَ الْعرُوض والقوافي عَن الْخَطِيب الْجمال حسن بن قَاضِي الْقُضَاة بالحصن النُّور على الشَّافِعِي والمنطق عَن سراج الرُّومِي بِبَيْت الْمُقَدّس والكافياجي بِالْقَاهِرَةِ مَعَ سَماع قِطْعَة صَالِحَة من شرح الْعَضُد على الْمُخْتَصر بل قَرَأَ عَلَيْهِ موقفين من شرح المواقف للسَّيِّد علم الْهَيْئَة والهندسة والحساب والحرف عَن المفنن قوام الدّين الشِّيرَازِيّ والموسيقى عَن الْحَاج قلندر بحصن كيفا والحاج زين الدّين طَاهِر بن قَاضِي الْموصل قَرَأَ عَلَيْهِ الأدوار للصفي عبد الْمُؤمن الأرموي قِرَاءَة متقنة والمعاني وَالْبَيَان والبديع عَن الْعَلَاء عَليّ الْكرْدِي مدرس)
السفاحية بحلب وَغَيره وَالْفِقْه عَن عبيد البابي إِمَام الْجَامِع الْكَبِير بحلب والزين ماهر بِبَيْت الْمُقَدّس وَعنهُ أَخذ الْفَرَائِض والحساب وَكَذَا أَخذ الْفِقْه مَعَ الْأَصْلَيْنِ والنحو وَالتَّفْسِير والْحَدِيث والتصوف عَن الشهَاب بن رسْلَان وَهُوَ أجل شيخ لَازمه، وَسمع بحلب على حافظها الْبُرْهَان وبالقدس على الشَّمْس بن الْمصْرِيّ والشهاب بن حَامِد وَعَائِشَة الكنانية والتقي القلقشندي وبالقاهرة عَن شَيخنَا ولازمه ومدحه بقصيدة طنانة كتبت مِنْهَا فِي الْجَوَاهِر. وَأَجَازَ لَهُ الشَّمْس العصيري وَآخَرُونَ، وَكَانَ قدومه حلب فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده ثمَّ عَاد إِلَيْهَا سنة ثَمَان أَو تسع وَثَلَاثِينَ ثمَّ تحول مِنْهَا إِلَى الْقُدس فقطنه، وَحج وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَاسْتقر معيدا بصلاحية الْمُقَدّس، ولقيته بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بِهِ وأكرمني بنثره ونظمه وَسمع بِقِرَاءَتِي، وَكَانَ فَاضلا مشاركا فِي الْفَضَائِل بديع الْخط بهج التذهيب فائق التجليد متميزا فِي كثير من الصَّنَائِع العجمية شجي الصَّوْت مطربه عَالما بذلك مُتَقَدما فِي فنون الْأَدَب عالي النّظم لَهُ قصائد ومقاطيع، كل ذَلِك مَعَ لطف الذَّات وَحسن المحاضرة وَجَمِيل الْعشْرَة وفصاحة الْعبارَة بِحَيْثُ كَانَ مجموعا فائقا ونوعا رائقا عمل مؤلفا فِي ذَبَائِح أهل الْكتاب ومناكحتهم سَمَّاهُ رفع الْحجاب عَن مناكحه أهل الْكتاب فِي كراسين أَجَاد فِيهِ إِلَى الْغَايَة وَتَحْقِيق الْكَلَام فِي موقف الْمَأْمُوم والأمام وشجرة فِي علم النَّحْو بديعة الْوَضع وَأُخْرَى فِي الصّرْف ابدع مِنْهَا، كتبت عَنهُ من نظمه أَشْيَاء. مِنْهَا قَوْله:(8/221)
(إجعل شعارك حَيْثُ مَا كنت التقى ... قد فَازَ من جعل التقى إشعاره)
(واسلك طَرِيق الْحق مصطحبا بِهِ ... إخلاص قَلْبك حارسا أسراره)
(وَإِذا أردْت الْقرب من خير الورى ... يَوْم الْقِيَامَة فَاتبع آثاره)
وَقَوله:
(عَلَيْك بإخفاء السلوك لَدَى الورى ... لتأمن من شَرّ الريا وعنائه)
(وَعند الصَّفَا خالطهم كَيفَ مَا تشا ... بِحَق فلون المَاء لون إنائه)
وَمن نظمه:
(لَيْسَ السوَاد بوجنتيه عَارض ... حَتَّى يلوم على هَوَاهُ اللاحي)
(بل ذَاك ظلّ الحاجبين تَعَارضا ... فِي نور شمس جَبينه الوضاح)
مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَخمسين بعد انفصالي عَنهُ بِيَسِير)
وتأسفت على فَقده رَحمَه الله وإيانا. قَالَ ابْن أبي عذيبة وَلَا أعلم بِهَذِهِ الْبِلَاد من يدانيه فِي حسن النّظم والنثر والتمكن من علم الْأَدَب وَقَالَ أَنه أَخذه ببلاده عَن خَاله عَليّ بن مشرف مَعَ لطافة الشكل وَحسن الْمُلْتَقى وحلاوة اللِّسَان وَالْكَرم وَالدّين اسْتَقر فِي إِعَادَة كبرى بالصلاحية وَأفْتى ودرس وانتفع بِهِ جمَاعَة وتصدر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تلقاها مَعَ الْإِعَادَة عَن الْعِمَاد بن شرف بعد مَوته بِزِيَادَة مَعْلُوم، وَكَانَ أَبوهُ تَاجِرًا فِي القماش. مَاتَ بالقدس سنة خمس وَخمسين وَخلف لَهُ ثروة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن عِيسَى بن عمرَان الْمَكِّيّ الْمَعْرُوف بالمزرق. مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن قُرَيْش الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. أرخهما ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى أَمِين الدّين بن النُّور الْقَرَافِيّ القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الْمَاضِي أَبوهُ. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج وألفية النَّحْو وكتابا فِي الْأُصُول وَغَيرهَا واشتغل بِالْعلمِ وَأخذ القراآت عَن أَبِيه وانْتهى فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأذن لَهُ وَأشْهد عَلَيْهِ جمَاعَة وتصدى لنشرها فَأَخذهَا عَنهُ جمَاعَة وَاسْتقر فِي تدريسها بالمؤيدية عقب الشهَاب بن يحيى وبالشيخونية عقب التَّاج ابْن تمرية، وَكَانَ بارعا فِيهَا وجيها متأنقا فِي هَيئته وملبسه حسن الْعشْرَة. مَاتَ فِي تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَخمسين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الْبَدْر القاهري الْمَاوَرْدِيّ وَيعرف بِابْن مُوسَى. مِمَّن سمع معي فِي سنة سِتّ وَخمسين بِمَكَّة وَالْمَدينَة على جمَاعَة بل والظاهرية الْقَدِيمَة فِي الْقَاهِرَة ختم البُخَارِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب السنباطي، كتب الْمَنْسُوب وتكسب فِي الوراقين. وَمَات قريب السّبْعين ظنا.(8/222)
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الشَّمْس الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن قديدار. هَكَذَا سَمَّاهُ شَيخنَا فِي إنبائه وَهُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله. مضى. مُحَمَّد بن عَليّ بن نجم غياث الدّين بن خواجا الكيلاني التَّاجِر وَرُبمَا قيل لَهُ غياث.
ولد فِي حُدُود السّبْعين وَكَانَ أَبوهُ من أَعْيَان التُّجَّار فَنَشَأَ ابْنه هَذَا فِي عز ونعمة طائلة وتعاظم زَائِد ثمَّ شغله بِالْعلمِ بِحَيْثُ كَانَ يَشْتَرِي لَهُ الْكتاب الْوَاحِد بِمِائَة دِينَار فأزيد وَيُعْطِي)
معلمه فيفرط وَكَانَ يحضر لَهُ من يقرئه فِي الْفُنُون فمهر فِي أَيَّام قَلَائِل واشتهر بِالْفَضْلِ فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ تنقلت بِهِ الْأَحْوَال والتهى عَن الْعلم بِالتِّجَارَة فَصَعدَ وَهَبَطَ وغرق وَسلم وَزَاد وَنقص إِلَى أَن مَاتَ خاملا مَعَ أَنه كَانَ عَارِفًا بِالتِّجَارَة فَصَعدَ وَهَبَطَ وغرق وَسلم وَزَاد وَنقص إِلَى أَن مَاتَ خاملا مَعَ أَنه كَانَ عَارِفًا بِالتِّجَارَة محظوظا مِنْهَا لكنه كَانَ سيئ الْمُعَامَلَة، وَتزَوج جَارِيَة من جواري النَّاصِر يُقَال لَهَا سمراء فهام بهَا وأتلف عَلَيْهَا مَاله وروحه بل ألزمته بِطَلَاق زَوجته ابْنة عَمه فَطلقهَا لأَجلهَا وأفرطت هِيَ مَعَ ذَلِك كُله فِي بغضه حَتَّى قيل أَنَّهَا سقته السم فتعلل مُدَّة وَلم تزل بِهِ حَتَّى فَارقهَا فتدله عقله من حبها إِلَى أَن مَاتَ وَلها بهَا وَبَلغنِي أَنَّهَا زارته فِي مَرضه واستحللته فحاللها من شدَّة حبه لَهَا وَأَنَّهَا تزوجت بعده رجلاص من الْعَوام فأذاقها الهوان وأحبته فأبغضها عكس مَا جرى لَهَا مَعَ غياث قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه، قَالَ وَقد طَار حَتَّى بمقاطيع عديدة، وألغاز وترافقنا فِي السّفر وَهُوَ آخر من عرفنَا خَبره من المتيمين قَالَ وَمن شعره قصيدة مُطَوَّلَة فِي سمراء أَولهَا:
(سلوا سمراء عَن حَرْبِيّ وحزني ... وَعَن جفن حكى هطال مزن)
(سلوها هَل عراها مَا عراني ... من الْجِنّ الهواتف بعد جن)
(سلوا هَل هزت الأوتار بعدِي ... وَهل غنت كَمَا كَانَت تغني)
تَقول فِي آخرهَا:
(سأشكوها إِلَى مولى حَلِيم ... ليعفو فِي الْهوى عَنْهَا وعني)
وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه سمع مَعنا من بعض الشُّيُوخ ثمَّ تنقلت بِهِ الْأَحْوَال بعد أَبِيه ورغق ثمَّ تخامل وعاش غَالب عمره فِي نكد ثمَّ ختم لَهُ بالعشق فَمَاتَ شَهِيدا، وَقد كتبت قصَّته فِي مَكَان آخر، اجْتَمَعنَا مرَارًا وأنشدني الْكثير من شعره وطارحني بألغاز. قلت كتبت بَعْضهَا فِي الْجَوَاهِر. وَمَات فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَعشْرين قَالَ فِي الإنباء فِي سَابِع عشره وَفِي المعجم فِي رابعه، وَعَلِيهِ اقْتصر المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن نور الدّين أَبُو عبد الله الموزعي الإِمَام الأصولي وَيعرف بِابْن نور الدّين. مَاتَ فِي حُدُود الْعشْرين وَجَرت لَهُ مَعَ صوفية وقته أُمُور بَان فِيهَا فَضله. مُحَمَّد بن عَليّ بن هَاشم بن عَليّ بن مَسْعُود بن أبي سعد بن غَزوَان بن(8/223)
حسن الْجمال أَبُو سعد بن الإِمَام الأوحد الْمدرس نور الدّين الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي سبط زَيْنَب)
ابْنة القَاضِي أبي الْفضل النويري الَّتِي أمهَا أم الْحُسَيْن ابْنة القَاضِي شهَاب الدّين الطَّبَرِيّ وَأمه أم كُلْثُوم سعيدة ابْنة الْمُحب الطَّبَرِيّ. هَكَذَا رَأَيْت نسبه بِخَط أَبِيه، وَهُوَ بكنيته أشهر.
ولد فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث ذِي الْحجَّة سنة خمس عشرَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فتفقه بالجمال الكازروني وَأذن لَهُ بالإفتاء والتدريس وَصَحب عبد الْكَبِير الْحَضْرَمِيّ ولازمه واختص بِهِ وَكَذَا اخْتصَّ بالشرف أبي الْفَتْح المراغي وَسمع عَلَيْهِ بل سمع على ابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة وَغَيرهمَا وبالمدينة النَّبَوِيَّة فِي سنة سبع وَأَرْبَعين على الْمُحب المطري سنَن الدَّارَقُطْنِيّ فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ ابْن طولوبغا وَغَيره وَكَانَ فَاضلا خيرا دينا بهيا عفيفا شرِيف النَّفس حسن الْخط منجمعا عَن النَّاس لَا يخالط إِلَّا الْقَلِيل مِمَّن يَثِق بِهِ، وَلم يتَزَوَّج وَلَا تسري مَعَ مزِيد الْعِفَّة من صغره إِلَى أَن مَاتَ، ومحاسنه جمة وَالنَّاس كالمتفقين عَلَيْهِ بَاشر أوقاف جدته بعفة ونزاهة وَثَمَرهَا بعد عمارتها وَقد لَقيته بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَخمسين فَسمع بِقِرَاءَتِي ووصفني بسيدنا الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْمُحدث البارع بل أجَاز بِبَعْض الاستدعاآت. مَاتَ فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر صفر سنة تسع وَخمسين بِمَكَّة وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر بالساباط الْمُتَّصِل بمقام الشَّافِعِي وَدفن بالمعلاة فِي تربة بنى النويري بِقَبْر أمه رَحمَه الله ونفعنا بِهِ.
مُحَمَّد بن عَليّ بن هبة الله. فِيمَن جده أَحْمد بن هبة الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْوَفَاء الْمَقْدِسِي. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَلم أَقف على أمره. مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن حُسَيْن بن سُلَيْمَان الشَّمْس الأوسي الأربلي جده الْموصِلِي أَبوهُ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الجرادقي. ولد فِي حُدُود سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فَتلا الْقُرْآن بالروايات على الشهَاب بن عَيَّاش والزين عمر بن اللبان والشريف حسن الفاخوري والشرف الطوسي وَقَرَأَ الْهِدَايَة فِي الْفِقْه وَشرح الطوالع والمختصر للتفتازاني والسراجية فِي الْفَرَائِض وَشرح مَوْلَانَا زَاده فِي الفلسفة وشيئا من الْمنطق، كل ذَلِك على الْكَمَال قَاضِي برصا وَالْمُخْتَار على الشَّمْس بن يهوذا والكافية على أَخِيه الشهَاب بن يهوذا نزيل طرابلس والمتوفى بهَا وَالْأُصُول على ابْن الفنري والتصوف على جمَاعَة أَجلهم وَأَعْلَاهُمْ السَّيِّد مُحَمَّد بن عَليّ البُخَارِيّ بِبَلَد يورسا من طَرِيق الأثني)
عشر وَألبسهُ الْخِرْقَة ولقنه الذّكر، وَسمع الصَّحِيح غير مرّة بِفَوَات على المحيوي الرَّحبِي وغالب الْمُوَطَّأ(8/224)
على بعض أَصْحَاب الوادياشي وَقَرَأَ على الْكَمَال الشمني، وَأَجَازَ لَهُ الشّرف بن الكويك. وَدخل الْقَاهِرَة مرَّتَيْنِ اجْتمع فِي الثَّانِيَة بالجلال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وَحضر دروس الْبِسَاطِيّ وَغَيره وَحج مرَارًا. وجاور وَكَانَ إنْسَانا حسنا فَاضلا ذَا سمت حسن ووضاءة متواضعا منعزلا عَن النَّاس مُقبلا على شَأْنه وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير، لَقيته بِدِمَشْق فَأجَاز لي وَمَات بهَا فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سادس عشري الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ بعد قدومه من الْمُجَاورَة رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى جمال الدّين بن نور الدّين بن جَمِيع الْعَدنِي الْمَاضِي أَخُوهُ الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن وأبوهما. ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة أَو الَّتِي قبلهَا بعدن وَنَشَأ بهَا وَقدم مَكَّة لِلْحَجِّ والمجاورة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة فدام إِلَى أَوَائِل سنة أَربع عشرَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى عدن راجيا حُصُول رزق يتجمل بِهِ حَاله من أَخِيه لِأَبِيهِ الْوَجِيه لتوليه مَا كَانَ يَلِيهِ أَبوهُمَا بعدن فأدركه بهَا أَجله فِي أثْنَاء السّنة وَكَانَ قد ظفر من مَال أَبِيه بِجَانِب يسير ثمَّ ذهب من يَده فِي غير لَهو. ذكره الفاسي. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي يحيى الشَّمْس أَبُو عبد الله الملياني المغربي ثمَّ الْبُرُلُّسِيّ ثمَّ الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الشَّمْس أَبُو عبد الله النابلسي الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد سنة بضع وَخمسين وَسَبْعمائة بنابلس وَقدم دمشق فتفقه بهَا مُدَّة ثمَّ حلب وَمن شُيُوخه بهَا الشهَاب الْأَذْرَعِيّ، وبرع وتصدر فِيهَا لإقراء الْفِقْه وَأَصله والنحو، وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها مشاركا فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول والميقات ذكيا دينا حفظ كتبا كَثِيرَة مِنْهَا أَكثر الْمِنْهَاج وَأكْثر الْحَاوِي وَجَمِيع التَّمْيِيز للبارزي والعمدة والشاطبية ومختصر ابْن الْحَاجِب والمنهاج الْأَصْلِيّ والتسهيل لِابْنِ ملك وَكَانَ يُكَرر عَلَيْهَا. قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي: وَكَانَ سريع الْإِدْرَاك محافظا على الطَّهَارَة سليم اللِّسَان صَحِيح العقيدة لَا أعلم بحلب أحدا من الْفُقَهَاء على طَرِيقَته، زَاد غَيره أَنه نَاب فِي الْقَضَاء عَن الشّرف أبي البركات الْأنْصَارِيّ ودرس بالنورية البقرية. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَدفن بتربة بني الخابوري خَارج بَاب الْمقَام تجاه تربة بني النصيبي ذكره ابْن خطيب الناصرية وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ، وَشَيخنَا فِي إنبائه.)(8/225)
وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى وَشَيخنَا الأبي. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: أجَاز لي فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد. وَمَات سنة سبع وَعشْرين أَو بعْدهَا، وَتَبعهُ المقريري فِي عقوده وأرخه سنة سبع عشرَة جزما. مُحَمَّد بن عَليّ بن يوسيف الشَّمْس بن النُّور القاهري وَالِد سعد الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الجندي لكَونه هُوَ الَّذِي رباه فَإِن وَالِده وَكَانَ تَاجِرًا توفّي وَهُوَ حمل فَتزَوج بِأُمِّهِ فَعرف بِهِ وَكَذَا يعرف بالذهبي. ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرضه على شَيخنَا والبساطي وَنَحْوهمَا واشتغل قَلِيلا، وَمن شُيُوخه أَبُو الْجُود وَلكنه لم ينجب وَهُوَ مِمَّن سمع ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة على الْأَرْبَعين وبواسطة زوج أمه أَقرَأ الفخري عُثْمَان بن الظَّاهِر بل صَار يؤم بِهِ فتميز وَاسْتمرّ فِي خدمته حَتَّى عمل السلطنة وَبعده سكن بل توجه إِلَى دمياط وَأم بِهِ هُنَاكَ مُدَّة وَرجع فَمَاتَ فَجْأَة فِي شعْبَان)
سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء بِالْقربِ من الْكَمَال الدَّمِيرِيّ. وَقد تزوج بِأُمِّهِ بعد ابْن الجندي السراج الْعَبَّادِيّ واستولدها كَمَال الدّين مُحَمَّدًا واستمرت تَحْتَهُ حَتَّى مَاتَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْبَزَّاز سبط عبد السَّلَام الزمزمي أمه أم الْأمان. كَانَ من مريدي عبد الْكَبِير الْحَضْرَمِيّ مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَخمسين أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن كبا قَالَ الحسناوي نِسْبَة لقبيلة بَين بجاية والجزيرة تعرف ببني حسن الْفَقِيه الْمَكِّيّ. مَاتَ بالجزائر وَهُوَ على قَضَائهَا سنة خمس وَعشْرين. مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر بن القَاضِي نور الدّين الرهوني نِسْبَة لقبيلة بالمغرب(8/226)
القاهري الْمَالِكِي أحد النواب. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب وَغَيره وَأخذ عَن أَبِيه والبساطي وَغَيرهمَا، وناب عَن الْبِسَاطِيّ فَمن بعده، وَكَانَ فهما فَاضلا فِي الْفِقْه والفرائض والعربية لكنه كَانَ زَائِد التهور فِي أَحْكَامه شَدِيد الْإِقْدَام على الانتقام مِنْهُ فعل ذَلِك بالشمس الديسطي الْمَالِكِي مَعَ خفَّة روح ومزاح وهيئة مزرية وَلم يشْتَهر بدين وَلَا تقوى. مَاتَ فِي سنة سبعين وَأَظنهُ جَازَ السِّتين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر الْحِجَازِي القباني عِنْد سعيد السُّعَدَاء. غرق ببحر النّيل فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر الحكري الْحَنْبَلِيّ. مضى فِيمَن جده خَلِيل بن عَليّ بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّيْخ جمال الدّين الْحداد وَيعرف بِصَاحِب الدراع. مَاتَ فِي أثْنَاء شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَكَانَت لَهُ وجاهة عِنْد الْمُلُوك من بني طَاهِر وَله عِنْدهم تمكن زَائِد بِحَيْثُ تقضي بواسطته أَشْيَاء كَثِيرَة وينفع ويضر تجَاوز الله عَنهُ. كتب إِلَيّ بذلك من الْيمن الْجمال مُوسَى الدؤالي.
مُحَمَّد بن عَليّ الْجمال الزمزمي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن دَاوُد بن شمس. مُحَمَّد بن عَليّ الْجمال السوهائي الْمصْرِيّ أحد عدولها. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ كتب الْمَنْسُوب على شَيخنَا أبي عَليّ الزفتاوي وانتفع بِهِ النَّاس فِي ذَلِك. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَعشْرين وَقد جَازَ الْخمسين. مُحَمَّد بن عَليّ الْجمال بن الطّيب الْيَمَانِيّ الزبيدِيّ الْحَنَفِيّ عَالم زبيد ومفتيه. تصدر بهَا)
للإقراء والإفتاء عدَّة سِنِين وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْعلم بهَا حَتَّى مَاتَ فِي عَاشر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَهُوَ فِي عشر السّبْعين وَلم يخلف بعده مثله. وَذكره المقريزي وَقَالَ: الفقهي الْفَاضِل الْمَعْرُوف بالمطيب. مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْجمال التوريزي القاهري التَّاجِر أَخُو النُّور عَليّ الْمَاضِي وَالْفَخْر أبي بكر الْآتِي. تنقلت بِهِ الْأَحْوَال وَتَوَلَّى بِبِلَاد الْيمن التحدث فِي المتجر السلطاني بعدن ثمَّ صرف وَكَانَ قد تسحب من الْقَاهِرَة من ديوَان ركبته فِي سنة أَربع وَعشْرين فَلم يعد إِلَيْهَا. وَمَات فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة. قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه قَالَ وَهُوَ أَخُو عَليّ الْمَقْتُول فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، مَعَ كَونه لم يذكرهُ فِي الإنباء إِلَّا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عي الشّرف الْحبرِي الشرابي أَبوهُ. بَاشر فِي أعوان الحكم للمالكية ثمَّ وَقعت لَهُ وَاقعَة سجن بِسَبَبِهَا ثمَّ حكم بحقن دَمه وَأطلق ثمَّ عمل فِي(8/227)
دكان سكريا ثمَّ توصل حَتَّى عمل حسبَة مصر ثمَّ الْقَاهِرَة، وَكَانَ عاميا جلفا قَلِيل الْخَيْر كثير الشَّرّ. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. وَقَالَ غَيره أَنه كَانَ يَرْمِي بعظائم. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس أَبُو شامة الْأنْصَارِيّ فِيمَا كَانَ يزْعم الشَّامي. ولي أَمَانَة الحكم بِدِمَشْق ثمَّ نَاب فِي الحكم بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ كثير السّكُون مَعَ إقدام وجرأة، وَقد خمل فِي أَوَاخِر دولة الْأَشْرَف برسباي وتغيب مُدَّة ثمَّ ظهر فِي دولة الظَّاهِر وَولي وكَالَة بَيت المَال بدمش وَقبل ذَلِك ولي قَضَاء طرابلس وَكِتَابَة سرها، وَمَات بِدِمَشْق فِي ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة خمس وَأَرْبَعين وَدفن بمقبرة بَاب الفرادسي. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَسَيَأْتِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب أَبُو شامة الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وأجوز أَنه هُوَ حصل السَّهْو فِي تَسْمِيَة أَبِيه عليا وَيحْتَمل التَّعَدُّد.
مُحَمَّد بن عَليّ السَّيِّد شمس الدّين الْجِرْجَانِيّ. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الشارنقاشي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْأَزْرَق القاهري أحد الْكتاب. مِمَّن أَخذ الْكِتَابَة عَن الزين بن الصَّائِغ وَابْن حجاج وبرع فِيهَا وَفِي التذهيب وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَمِمَّا كتبه تصنيفي فِي الرَّمْي بالنشاب، بل جلس للتعليم وقتا وانتفع بِهِ جمَاعَة وَكَانَ مَعَ ذَلِك لَهُ إِلْمَام بِالضَّرْبِ بِالْعودِ والشعبذة وَنَحْوهمَا مَعَ مزِيد الخمول والفاقة. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى)
وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ قَارب السّبْعين سامحه الله ورحمه وغيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الذَّهَبِيّ. مضى فِيمَن جده يُوسُف. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْعَلَاء أبي الْحسن الجلالي بِالتَّخْفِيفِ نِسْبَة لجلال الدّين التباني وَالِد حَافظ الدّين أَحْمد الْمَاضِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بالجلالي. اشْتغل فِي فنون وتميز وَولي تدريس الْحَنَفِيَّة بالألجيهية وخزن الْكتب بالمحمودية وتكسب بِالشَّهَادَةِ، وَكَانَ عَاقِلا خيرا لطيف الْعشْرَة، وَمن شُيُوخه مصطفى بن تقطمر النظامي الْحَنَفِيّ وَالشَّمْس أَبُو عبد مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الدفري الْمَالِكِي أَخذ عَنْهُمَا البُخَارِيّ قِرَاءَة على أَولهمَا وسماعا على الآخر وَحدث بِهِ قَرَأَهُ عَلَيْهِ التقي عبد الْغَنِيّ بن الشهَاب بن تَقِيّ الْمَالِكِي. مَاتَ بعد السِّتين وَقد قَارب السِّتين رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس السكندري الْمدنِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس السنهوري وَيعرف بِابْن الأصيفر. قَرَأَ على شَيخنَا الرَّشِيدِيّ البُخَارِيّ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الصَّابُونِي. فِيمَن جده عمر.(8/228)
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الصَّالِحِي الْمَكِّيّ. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الطَّيِّبِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَوجدت بخطي فِي مَوضِع آخر أَنه مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد وَقد تَرْجَمته هُنَاكَ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الفرنوي الأَصْل القاهري نزيل الحسنية وَأحد الْكتاب. كتب عَنهُ عَمه الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم الفرنوي الْمَاضِي وَصَحب يشبك الْفَقِيه وانتمى لوَلَده يحيى لكَونه مِمَّن كتب على عَمه ثمَّ ليشبك من مهْدي الدوادار وترقى وَصَارَ هُوَ الْمُقدم عِنْده للاستكتاب فَلم يحمد كثير من ضعفاء الْكتاب أمره وَكَاد أَن يتزحزح عِنْده بل أهانه ثمَّ لزم خدمَة الدوادار بعده أياض وَنسب إِلَيْهِ أَن شخصا اسْمه زرمك أودع عِنْد عمده ذَهَبا فاحتال هَذَا حَتَّى أبدله بفلوس واتهم بذلك فِي آخر دولة الظَّاهِر خشقد فساعده يشبك الْفَقِيه لوَلَده، وَمَعَ ذَلِك فأر تمر الظَّاهِرِيّ بِالنّظرِ فِي الْقَضِيَّة، وَأقَام فِي الترسيم حَتَّى عملت مصلحَة تمر ثمَّ أطلق وقهر رب الْوَدِيعَة حَتَّى مَاتَ وَكَذَا أهين من الظَّاهِر تمربغا بِسَبَبِهَا أَيْضا، وَقد تزوج الْعِزّ ابْن هِشَام سبط الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ ابْنَته وَلم يحصل لَهُم مِنْهُ رَاحَة، وَاسْتقر بعد الجمالي سبط شَيخنَا فِي مشارفة حَاصِل البيمارستان وحاله مَعْلُوم.)
كَانَ مِمَّن يذكر بالمعرفة فِي صناعته وَجلسَ عِنْد خير الدّين الشنشي الْحَنَفِيّ فأثرى. وَمَات فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخلف تَرِكَة جمة عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الكفرسوسي الْخَطِيب. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه حفظ الْقُرْآن وتعانى النّسخ وَكَانَ مَأْمُونا خيارا أضرّ بِأخرَة وَمَات فِي رَمَضَان سنة سبع.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْمحلي الشَّاعِر. فِيمَن جده خلد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس المقسي الْخَطِيب ويدعى وَالِده سندا وَلِهَذَا يُقَال لَهُ ابْن سَنَد.
اشْتغل عِنْد الْفَخر المقسي والزين الأبناسي وَغَيرهمَا وتميز يَسِيرا وَقَرَأَ عَليّ فِي لطائف المعارف لِابْنِ رَجَب وَفِي غَيره وخطب بِجَامِع المقسي ظَاهر بَاب الْبَحْر وَقَرَأَ فِيهِ على الْعَامَّة فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَكَانَ خيرا. مَاتَ فِي ثَانِي عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمَا بلغ الثَّمَانِينَ رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس المقسمي أحد النواب الشَّافِعِيَّة. مِمَّن تميز فِي الشَّهَادَات وَصَارَ الْمعول عَلَيْهِ فِيهَا فِي خطبه بنواحي جَامع الراصد من الْمقسم وَقَامَ وَقعد وَلم يكن مَحْمُودًا لكنه كَانَ دربا وَآل أمره إِلَى أَن صَار بهيئة منحطة حَتَّى مَاتَ وَهُوَ على النِّيَابَة فِي شعْبَان سنة خمس وَتِسْعين وَقد جَازَ السِّتين ظنا أَو بلغ السّبْعين سامحه الله وإيانا.(8/229)
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْهَرَوِيّ. لقِيه الطاووسي وَقَالَ إِنَّه ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَأَنه أجَاز لَهُ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ صَالحا عابدا أمارا بِالْمَعْرُوفِ نهاء عَن الْمُنكر بَرِيئًا من التَّكَلُّف. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الوفائي القاهري رَفِيق الْمُحب بن الْقطَّان فِي الشَّهَادَة. كَانَ خيرا من صوفية البيبرسية والبرقوقية. قَرَأَ فِي البُخَارِيّ على السَّيِّد النسابة وقرأه وَغَيره على الْعَامَّة بِبَعْض الزوايا وخطب نِيَابَة أَيْضا وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَلم يكن بالمتقن. مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين قبل رَفِيقه بِيَسِير وَقد قَارب السّبْعين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْمَيْمُونِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل سويقة صَفِيَّة جوَار النُّور بن الطباخ. كَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه والعربية مِمَّن أَخذ الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس ابْن الجندي الْحَنَفِيّ وَأخذ عَنهُ أَبُو الْفَتْح السوهائي وَهُوَ الْمَعْرُوف بِهِ.)
مُحَمَّد بن عَليّ فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الأبشيهي. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مُوسَى. مُحَمَّد بن عَليّ الْمُحب الفارقي مِمَّن سمع من شَيخنَا، وَأَظنهُ ابْن فكيك فيحرر.
مُحَمَّد بن عَليّ كَمَال الدّين الطَّوِيل. فِيمَن جده مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو سعيد الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي. مِمَّن تفقه وتميز فِيهِ وَفِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهمَا. وَمَات بديار بكر عَن نَحْو الْخمسين سنة خمس وَقد استوطنها، ذكره المقريزي فِي عقوده عَن الشهَاب الكوراني.
مُحَمَّد بن عَليّ بن الرُّكْن المعري. هُوَ ابْن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان. مضى. مُحَمَّد بن عَليّ بن الْعَطَّار أحد رُؤَسَاء قراء الجوق كأبيه. حظي عِنْد الظَّاهِرِيّ خشقدم بقرَاءَته وشكالته إِلَى أَن أمره بتغيير زيه بِحَيْثُ لبس التخفيفة كالأتراك ثمَّ نسب إِلَيْهِ عشرَة الجلبان فَأمر بِرُجُوعِهِ إِلَى زيه. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين فِي حَيَاة أَبِيه بعد أَن أَنْجَب وَولدا يقْرَأ أَيْضا. وَيذكر بحذق فِي فنه. مُحَمَّد بن عَليّ ويدعى حَافظ بن نور الدّين اليعقوبي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي المقريء وَهُوَ بحافظ أشهر. ولد بيعقوبا من شَرْقي بَغْدَاد وتحول مِنْهَا مَعَ أمه إِلَى روذبار همذان فَقَرَأَ على حَافظ سُلَيْمَان الْقُرْآن وجوده عَلَيْهِ ثمَّ تحول لتبريز فلقي غير وَاحِد من الْقُرَّاء كحسن الخليلي وزين العابدين وشكر الله فَأخذ عَنْهُم القراآت السَّبع بل وَالْعشر فأزيد وَفِيهِمْ من أَخذ عَن ابْن الْجَزرِي واشغل بالفقه فِي الْمُحَرر وَبِغَيْرِهِ قَلِيلا وتميز فِي القراآت وَقدم الْقَاهِرَة فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق واختص بعلي الْخُرَاسَانِي الْمُحْتَسب ونزله بالزاوية البسطامية الْمَعْرُوفَة بتقي الدّين فِي جملَة الْفُقَرَاء وَكَذَا فِي صوفية الشيخونية وَقَرَأَ قَلِيلا على الْجمال عبد الله الكوراني(8/230)
ثمَّ لما مَاتَ الْمُحْتَسب الْمَذْكُور اسْتَقر عوضه فِي مشيخة الزاوية الْمَذْكُورَة وَصَارَ يتَرَدَّد إِلَى الْأُمَرَاء نحوهم وَقرر فِي صوفية الخانقاه الناصرية بسرياقوس بل فِي تدريس الدوادارية وَكَذَا فِي مشيخة الْقبَّة الَّتِي للسُّلْطَان بِالْقربِ من المرج عقب امْرَأَة كَانَت بهَا وَيُقَال أَن معلومها نَحْو دِينَار فِي كل يَوْم وَحج غير مرّة وجاور وأقرأ فِي القراآت وَكَانَ يُبَالغ فِي تَعْظِيم نَفسه فِيهَا مَاتَ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ بالسبيل المؤمني وَدفن بمقبرة التقي العجمي تجاه جَامع مَحْمُود بالقرافة عَن بضع وَسِتِّينَ سنة. مُحَمَّد بن عَليّ الْحَضْرَمِيّ أَبَا حنان.)
مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْخَيْر بن التَّاجِر. فِيمَن جده مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ البجائي البوسعيدي، مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ وَزِير هُرْمُز، مَاتَ فِي عشَاء لَيْلَة الْجُمُعَة ثامن عشري صفر سنة خمس وَسِتِّينَ بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ البلالي، فِيمَن جده جَعْفَر. مُحَمَّد بن عَليّ التكروري إِن الله مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عَليّ الجدي الْمَكِّيّ معلم القبانيين بجدة وَيعرف بِابْن خضراء، مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانِينَ بَين جدة وَمَكَّة وَحمل فَدفن بالمعلاة. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ الْحلَبِي الْوَاعِظ وَيعرف بِابْن الحارس لكَون أَبِيه كَانَ حارسا فِي بعض أسواق حلب وَرُبمَا كَانَ يتعاطى خدمَة الْبُرْهَان الْحلَبِي. طَاف الْبِلَاد فِي عمل المواليد الْمُشْتَملَة على الأكاذيب بِحَيْثُ ظَهرت بذلك صِحَة فراسة شَيخنَا فَإِنَّهُ أَقَامَهُ من بَين يَدَيْهِ كَمَا سقت حكايته فِي الْجَوَاهِر وَمَعَ ذَلِك فَكَانَت لَهُ وجاهة بَين الْعَوام وَلما اشْتَدَّ الْخطب بِسوار ورام نَائِب حلب بردبك البشمقدار إِلْزَام أهل حلب بِمَال يستخدم بِهِ جَيْشًا أرجالا قَامَ فِي منع ذَلِك بالغوغاء وَنَحْوهم بِحَيْثُ كبروا علو المنارات وغلقت أَبْوَاب الْجَوَامِع وتوارى كل من أبي ذَر وَابْن أَمِير حَاج خشيَة من نِسْبَة ذَلِك لَهما، وَمَا وسع النَّائِب إِلَّا الشكوت، ثمَّ أعمل حيلته فِي مسك الْمشَار إِلَيْهِ وَالنَّاس محرمون بِصَلَاة الصُّبْح وَجِيء بِهِ إِلَيْهِ فَأمر بضربه بَين يَدَيْهِ بالمقارع وَأظْهر حنقا زَائِدا ثمَّ حمل لي بَيته وانزعج الظَّاهِر خشقدم حِين بلغه ذَلِك لكراهته فِي النَّائِب لَا لمحبة الْمَضْرُوب وعاش حَتَّى مَاتَ بحلب فِي أَوَاخِر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ودف بالسنيبلة ظَاهر بَاب الْفرج وَقد قَارب السِّتين وَكَانَ ذكيا جريئا مقداما وَرُبمَا أفتى الْعَوام بِبَعْض المعضلات عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن العفريت. مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين.
مُحَمَّد بن عَليّ الذَّهَبِيّ فِيمَن جده يُوسُف. مُحَمَّد بن عَليّ الشيرجي، مضى(8/231)
فِيمَن جده خَلِيل.
مُحَمَّد بن عَليّ الْفراش الكتبي، فِيمَن جده عبد الْكَرِيم. مُحَمَّد بن عَليّ الْقُدسِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. اشْتغل وَأخذ القراآت عَن الشهابين السكندري وَابْن أَسد وأكملها على الزينين الهيثمي وجعفر. مُحَمَّد بن الْبَهَاء على المزار الكازروني، لقِيه الطاووسي فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَهُوَ)
يَوْمئِذٍ ابْن مائَة وَأَرْبع عشرَة سنة فاستجازه وَقَالَ أَنه مِمَّن لَازم الْأمين مُحَمَّد الكازروني كثيرا. مُحَمَّد بن عَليّ المزرق، فِيمَن جده مُوسَى.
مُحَمَّد بن عَليّ الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة، هُوَ الْفراش الكتبي قَرِيبا وَإِن جده عبد الْكَرِيم.
مُحَمَّد بن الْعِمَاد. هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن خضر. مُحَمَّد بن عمار بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو يَاسر ولقبه بعض شُيُوخه نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله بن الزين أبي يَاسر أَو أبي شَاكر القاهري الْمصْرِيّ الْمَالِكِي وَالِد أبي سهل وَيعرف بِابْن عمار. ولد كَمَا بِخَطِّهِ أَذَان عصر يَوْم السبت الْعشْرين من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَقَالَ شَيخنَا أَنه أثبت محضرا يَقْتَضِي أَن يكون سنة ثَمَان وَخمسين، وَنَحْوه قَول المقريزي أَنه مَاتَ عَن نَيف وَثَمَانِينَ سنة وَالْأول أثبت بقناطر السبَاع وَنَشَأ فِي كنف وَالِده وَكَانَ صَالحا أوردت شَيْئا من تَرْجَمته فِي معجمي فحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبية وألفية الحَدِيث والنحو والرسالة الفرعية ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَغير ذَلِك، وَعرض على جمَاعَة كالتقي عبد الرَّحْمَن بن الْبَغْدَادِيّ وَأبي عبد الله بن مَرْزُوق الْكَبِير والصدر الْمَنَاوِيّ والضياء العفيفي وَنصر الله الْكِنَانِي الْحَنْبَلِيّ والبلقيني وَابْنه الْبَدْر والأبناسي وَإِمَام الصرغتمشية والغماري والنورين الدَّمِيرِيّ أخي بهْرَام وَعلي بن قطز الحكري الْمقري وعَلى كل من الثَّلَاثَة الْأَخيرينِ قَرَأَ الشاطبية تَامَّة وَكَذَا قَرَأَ الْقُرْآن والعمدة بِتَمَامِهَا على الْوَلِيّ عبد الله الجبرتي صَاحب الزاوية الشهيرة بالقرافة وأجازوه كلهم فِي آخَرين مِمَّن لم يكْتب بِخَطِّهِ أَنه أجَاز، وتلا على الحكري لأبي عَمْرو فِي ختمتين الأولى للسوسي وَالثَّانيَِة للدوري انْتهى فِيهَا إِلَى الحزب من ياسين وَأخذ عُلُوم الحَدِيث عَن الْعِرَاقِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ نكته على ابْن الصّلاح دراية بِحَضْرَة الهيثمي رَفِيقه وَابْن الملقن قَرَأَ عَلَيْهِ تقريب النَّوَوِيّ وَقطعَة من شَرحه للعمدة والبلقيني قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من محَاسِن الِاصْطِلَاح لَهُ ولازمه فِي دروس التَّفْسِير بالبرقوقية والعربية وَالصرْف عَن الْمُحب بن هِشَام ولازمه مُدَّة وَكَذَا لَازم الغماري حَتَّى أَخذ عَنهُ أَيْضا النَّحْو(8/232)
واللغة وَغَيرهمَا من الْعُلُوم اللسانية وَالْعرُوض مَعَ قِطْعَة من الْكَشَّاف وَمن شرح لَهُ على ابْن الْحَاجِب الظَّاهِر أَنه الْأَصْلِيّ والعز بن جمَاعَة فِي كثير من الْفُنُون الَّتِي كَانَ يقرئها وَقَرَأَ هُوَ عَلَيْهِ كل مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ مَعَ قِطْعَة من كل من التَّلْخِيص وَمن شرحيه المطول والمختصر وَأخذ أصُول الْفِقْه أَيْضا عَن ابْن خلدون مَعَ)
سَماع قِطْعَة من مُقَدّمَة تَارِيخه وتفقه فِي الِابْتِدَاء بِأبي عبد الله مُحَمَّد الزواوي ثمَّ لَقِي أَبَا عبد الله بن عَرَفَة باسكندرية فِي قفوله من الْحَج فَقَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة صَالِحَة من مُؤَلفه الشهير وَكَذَا أَخذ الْفِقْه أَيْضا عَن بهْرَام وَعبيد البشكالسي وَابْن خلدون وناصر الدّين أَحْمد بن التنسي وَآخَرين وَصَحب غير وَاحِد من الصُّوفِيَّة كمحمد المغيربي خَادِم اليافعي وانتفع بِهِ فِي السلوك وَغَيره بِأبي عبد الله مُحَمَّد الدكالي المغربي وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَقَرَأَ وَسمع أَشْيَاء بِالْقَاهِرَةِ واسكندرية فَكَانَ من شُيُوخه بِالْقَاهِرَةِ الصّلاح الزفتاوي وَابْن أبي الْمجد والتنوخي وَابْن الشيخة والمطرز والتاج الصردي والأبناسي والبلقيني والعراقي والهيثمي والغماري والمراغي وَعبيد البشكالسي والسويداوي والحلاوي والنجم البالسي وَإِمَام الصرغتمشية والتاج بن الفصيح والجوهري وَالشَّمْس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم العاملي وَمِنْهُم باسكندرية الْبَهَاء عبد الله الدماميني والزين مُحَمَّد بن أَحْمد الفيشني الْمرْجَانِي وَابْن الْمُوفق وَابْن قرطاس فِي آخَرين كالفخر بن أبي شَافِع وَمُحَمّد بن التقي التّونسِيّ والتاجين ابْن مُوسَى وَابْن الْخَرَّاط وناصر الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم الْحَرَّانِي وَابْن الهزبر، ورافق شَيخنَا فِي كثير مِنْهُ سِيمَا باسكندرية، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْخَيْر بن العلائي وَأَبُو حَفْص البالسي وَابْن قوام وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن يفتح الله وَفَاطِمَة ابْنة ابْن المنجا وَفَاطِمَة وَعَائِشَة ابْنا ابْن عبد الْهَادِي وَطَائِفَة، وَأذن لَهُ مُعظم شُيُوخه فِي الإقراء والإفتاء كَابْن عَرَفَة وَابْن الملقن والعز بن جمَاعَة، وَاسْتقر معيدا بِجَامِع طولون بل مدرسا للفقه بالمسلمية بِمصْر عوضا عَن ابْن مكين وبقبة الصَّالح إِسْمَاعِيل دَاخل البيمارستان عوضا عَن ابْن خلدون وَعمل لكل مِنْهُمَا أجلاسا حافلا شهده الأكابر وبالبرقوقية بعد الْبِسَاطِيّ وشيخا للصوفية بزاوية الجبرتي ثمَّ تَركهَا، وناب فِي الْقَضَاء مسؤلا بل اسْتَخْلَفَهُ الشَّمْس بن معبد الْمدنِي بمرسوم حِين سَفَره، وَحج فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة حجَّة الْإِسْلَام وَكَانَت الوقفة الْجُمُعَة وزار بَيت الْمُقَدّس. وصنف قَدِيما بِحَيْثُ قرض الغماري بعض تصانيفه ووقف عدَّة من شُيُوخه على بَعْضهَا وَمِنْهَا غَايَة الإلهام فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام فِي ثَلَاث مجلدات وَالْأَحْكَام فِي شرح غَرِيب عُمْدَة الْأَحْكَام وَزَوَال الْمَانِع فِي شرح جمع الْجَوَامِع وجلاب الموائد فِي شرح تسهيل الْفَوَائِد فِي ثَمَان مجلدات وَالْكَافِي فِي(8/233)
شرح المغنى لِابْنِ هِشَام فِي أَربع مجلدات وَاخْتصرَ توضيح ابْن هِشَام وَشَرحه بل شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الفرعي كتب مِنْهُ إِلَيّ أثْنَاء النِّكَاح وَقطعَة من أواخره وَاخْتصرَ شرح)
ألفية الْعِرَاقِيّ للمؤلف، ودرس وَأعَاد وَأفْتى وَحدث وَأفَاد وانتفع بِهِ الأفاضل خُصُوصا فِي إِقَامَته بِمصْر وَهُوَ المفتتح لقِرَاءَة تَلْخِيص ابْن أبي جَمْرَة من البُخَارِيّ عِنْد ضريحه أول كل سنة. وَكَانَ إِمَامًا عَالما عَلامَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَالصرْف مُتَقَدما فيهمَا مشاركا فِي كثير من الْفُنُون ممتع المحاضرة الْفَوَائِد حسن الِاعْتِقَاد فِي الصَّالِحين أمارا بِالْمَعْرُوفِ كثير الابتهال محظوظا فِي استجلاب الأكابر بعزة نفس وشهامة قل أَن يُوجد فِي آخر عمره فِي مذْهبه مَجْمُوعه وَلَوْلَا مزِيد حِدته الَّتِي أدَّت إِلَى أَن خرج عَلَيْهِ جذام قبل مَوته بسنين وَاسْتمرّ يتزايد إِلَى مَوته لأخذ عَنهُ الجم الْغَفِير، وَوَصفه شَيخنَا فِي بعض مَا أثْبته لَهُ بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة الْفَقِيه الْفَاضِل الفهامة الْمُفِيد الْمُحدث. وَذكره فِي إنبائه بِاخْتِصَار فَقَالَ: الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة اشْتغل قَدِيما وَلَقي الْمَشَايِخ وَسمع من كثير من شُيُوخنَا وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَلم يكثر وَسمع معي بِالْقَاهِرَةِ واسكندرية وَكَانَ صَاحب فنون حسن المحاضرة محبا فِي الصَّالِحين حسن المعتقد جمع مجاميع كَثِيرَة وَشرح الْعُمْدَة وَكتب على التسهيل وَاخْتصرَ كثيرا من الْكتب المطولة وَسكن مصر بجوار جَامع عَمْرو مُدَّة وانتفع بِهِ المصريون وَكَذَا سكن بتربة الشَّيْخ عبد الله الجبرتي بالقرافة مُدَّة. وَقَالَ الْبَدْر الْعَيْنِيّ كَانَ من أهل الْعلم لَكِن كَانَت عِنْده طرف تعتعة وحركة المجانين يركب الْحمار وَتَحْت فَخذه عَصا ثخينة، وَقَالَ المقريزي كتب على الْفَتْوَى ودرس وَصَارَ مِمَّن يعْتَقد فِيهِ الْخَيْر وَقَالَ جَاره يحيى العجيسي إِنَّه كَانَ مَعَ كَثْرَة طلبه من النَّاس وَأَخذه من صَالحهمْ وطالحهم إِذا نَاب فِي الْقَضَاء لَا يقبل من أحد شَيْئا لَا هَدِيَّة وَلَا غَيرهَا وَينفذ الْأَحْكَام فِي الأكابر والأصاغر. مَاتَ فِي مَحل سكنه بالناصرية من بَين القصرين يَوْم السبت رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَصلي عَلَيْهِ بِبَاب النَّصْر تقدم النَّاس شَيخنَا وَدفن بحوش الْحَنَابِلَة أصهاره تجاه تربة كوكاي رَحمَه الله وإيانا. وَمن نظمه:
(رويت عَن ابْن عمار حَدِيثا ... فَذكره بِذَاكَ على لساني)
(فَإِن لم يفهم الْعَرَبِيّ يَوْمًا ... فحدثه إِذا بالتركماني)
وَقَالَ:
(يَا رب يَا غفار يَا باري ... تدارك برحماك ابْن عمار)
وَقد طولت تَرْجَمته فِي معجمي وفيهَا فَوَائِد.)(8/234)
ذكره ابْن خطيب الناصرية وَتَبعهُ شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هبة الله بن أبي جَرَادَة نَاصِر الدّين أَبُو غَانِم وَأَبُو عبد الله بن الْكَمَال أبي الْقسم وَأبي حَفْص بن الْجمال أبي إِسْحَاق الْعقيلِيّ بِالضَّمِّ الْحلَبِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف كسلفه بِابْن العديم وبابن أبي جَرَادَة، ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بحلب وَحفظ بهَا فِي صغره كتبا واشتغل على مشايخها كأبيه وأسمع على مسندها عمر بن أيدغمش وَغَيره، وَقدم الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه وَهُوَ شَاب فَشَغلهُ فِي فنون على غير وَاحِد من الشُّيُوخ كقاري الْهِدَايَة وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على الزين الْعِرَاقِيّ قَلِيلا من ألفيته، وَمَات أَبوهُ بعد رغبته لَهُ عَن تدريس المنصورية ثمَّ الشيخونية توصفا وتدريسا ومباشرته لذَلِك فِي حَيَاته وأوصاه أَن لَا يتْرك بعده المنصب وَلَو ذهب فِيهِ جَمِيع مَا خَلفه فَقبل الْوَصِيَّة وبذل حَتَّى اسْتَقر فِيهِ قبل استكماله عشْرين سنة فِي ثَالِث الْمحرم سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْأمين الطرابلسي وَاسْتمرّ إِلَى أَن سَافر مَعَ النَّاصِر سنة مَقْتَله فاتصل بالمؤيد حِين حصره للناصر فِي دمشق فَغَضب مِنْهُ النَّاصِر فَعَزله وَقرر أَبَا الْوَلِيد بن الشّحْنَة الْحلَبِي وَلم يلبث أَن قتل النَّاصِر بِحكم هَذَا قبل مُبَاشرَة المستقر بل وَلَا إرْسَاله لمصر نَائِبا فأعيد الْحَاكِم ثمَّ صرف فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس عشرَة بالصدر الأدمِيّ قبل دُخُول الْمُؤَيد الْقَاهِرَة وَقبل تسلطنه وبذل حِينَئِذٍ مَالا حَتَّى أُعِيدَت إِلَيْهِ فِي رجبها مشيخة الشيخونية بعد صرف الْأمين الطرابلسي، ثمَّ سَافر لِلْحَجِّ مستخلفا فِي التدريس شَيْخه قَارِئ الْهِدَايَة وَفِي التصوف الشهَاب بن سَفَرِي فَوَثَبَ عَلَيْهِمَا الشّرف التباني وانتزعها مِنْهُمَا ثمَّ أُعِيد إِلَى الْقَضَاء فِي رَمَضَان الَّتِي تَلِيهَا بعد موت ابْن الأدمِيّ وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ خَفِيف اللِّحْيَة يتوقد ذكاء سَمحا بأوقاف الْحَنَفِيَّة متساهلا فِي شَأْنهَا إِجَارَة وبيعا حَتَّى كَادَت تخرب بل لَو دَامَ قَلِيلا خربَتْ كلهَا، كثير الوقيعة فِي الْعلمَاء قَلِيل المبالاة)
بِأَمْر الدّين يكثر التظاهر بِالْمَعَاصِي سِيمَا الرِّبَا بل كَانَ سيئ الْمُعَامَلَة جدا أَحمَق أهوج متهورا محبا فِي المزاح والفكاهة مثريا ذَا حشم ومماليك فصيحا باللغة التركية وَقد امتحن فِي الدولة الناصرية(8/235)
على يَد الْوَزير سعد الدّين البشيري وصودر مَعَ كَونه قَاضِيا. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ من سيئات الدَّهْر. مَاتَ قبل استكمال ثَمَان وَعشْرين سنة فِي لَيْلَة السبت تَاسِع ربيع الآخر سنة تسع عشرَة بعد أَن كَانَ ذعر من الطَّاعُون الَّذِي وَقع فِيهَا ذعرا شَدِيدا وَصَارَ دأبه أَن يستوصف مَا يَدْفَعهُ ويستكثر من ذَلِك أدعية ورقى وأدوية بل تمارض حَتَّى لَا يشْهد مَيتا وَلَا يدعى لجنازة لشدَّة خَوفه من الْمَوْت فَقدر الله سَلَامَته من الطَّاعُون وابتلاءه بالقولنج الصفراوي بِحَيْثُ اشْتَدَّ بِهِ الْخطب وَكَانَ سَبَب مَوته وَدفن بالصحراء بِالْقربِ من جَامع طشتمر حمص أَخْضَر عَفا الله عَنهُ وإيانا. وَذكره ابْن تغري بردى وَقَالَ إِنَّه كَانَ زوج أُخْته وَأَن المقريزي رَمَاه بعظائم ثمَّ برِئ مِنْهَا وَأَنه أعلم بِحَالهِ مِنْهُ وَمن غَيره كَذَا قَالَ. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم ولي الدّين بن السراج القمني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. حفظ الْمِنْهَاج غَيره وَعرض وَسمع مُعظم مُسلم على ابْن الكويك وَكَذَا سمع من لفظ الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد وَحج وجاور وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَرَأَ الْقُرْآن هُنَاكَ وَهُوَ قَائِم على قَدَمَيْهِ وَكَانَ جيد الصَّوْت بالتلاوة. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَخمسين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن الشّرف هبة الله نَاصِر الدّين بن الزين الْجُهَنِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي أَخُو هبة الله الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن الْبَارِزِيّ. من بَيت أصل وَعلم وَقَضَاء وَكَانَ مَعَ ذَلِك إنْسَانا حسنا عَاقِلا دينا عفيفا ولي قَضَاء بَلَده زَمنا وشكرت سيرته. مَاتَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة بهَا. ذكره ابْن خطيب الناصرية، وَقَالَ شَيخنَا فِي إنبائه كَانَ مَوْصُوفا بِالْخَيرِ والمعرفة فَاضلا عفيفا مشكورا فِي الحكم بَاشر الْقَضَاء مُدَّة رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس بن الْكَمَال الْحلَبِي الشَّافِعِي ابْن العجمي. مضى قَرِيبا فِيمَن جده إِبْرَاهِيم بن عبد الله. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم نَاصِر الدّين بن الْأَمِير زين الدّين الحلبوني الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي سبط مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي، أمه فَاطِمَة. أحضر فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين فضل عشر ذِي الْحجَّة لِابْنِ أبي الدُّنْيَا على جده لأمه وَسمع من عمر بن عُثْمَان بن سَالم وَغَيره، وَحدث)
سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى وَمَعَهُ الْمُوفق الأبي فِي سنة خمس عشرَة وَولي حسبَة الصالحية. وَمَات بعد ذَلِك بِيَسِير فِيمَا أَظن. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن سيف بن أَحْمد الطرابلسي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن النيني بنونين الأولى مَفْتُوحَة بَينهمَا تَحْتَانِيَّة ولد فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة أَو الَّتِي بعْدهَا وَسمع فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ بطرابلس على مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم(8/236)
ابْن أبي الْمَوَاهِب الشَّافِعِي وَفِي الَّتِي بعْدهَا ببعلبك على الشريف أَحْمد بن مُحَمَّد بن المظفر الْحُسَيْنِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن أَحْمد بن اليونانية وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجردي الْقطَّان ثمَّ على ابْن صديق الصَّحِيح قَالُوا أَنا الحجار وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وخطب بِجَامِع التَّوْبَة بِبَلَدِهِ وَعرض عَلَيْهِ الصّلاح الطرابلسي الْحَنَفِيّ فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَكتب لَهُ إجَازَة وصف فِيهَا الْعِرَاقِيّ بشيخنا وَلكنه غلط فِي اسْمه وَسَماهُ أَبَا حَفْص عمر. وَمَات قَرِيبا من ذَلِك. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن علوي الشَّمْس الصلخدي الشَّامي. مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة خمس وَخمسين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن عمر الْعِزّ بن النَّجْم بن الشهَاب الْحلَبِي نزيل الْقَاهِرَة والماضي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن نجم الدّين الْموقع. سمع مَعَ أَبِيه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة على الْأَرْبَعين وَهُوَ فِي الْخَامِسَة فِي الْمحرم سنة أَربع وَخمسين وَحفظ الْقُرْآن وَتردد إِلَيْهِ عبد الْحق السنباطي وَغَيره لإشغاله قَلِيلا وَكتب التوقيع كأبيه وباشر أوقاف الجمالية وخالط بَيت ابْن الشّحْنَة كسلفه ثمَّ زوج قبيل مَوته ابْنَته لِابْنِ عبد الْبر وَلم ير رَاحَة. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس حادي عشري ذِي الْقعدَة سنة خمس وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بحوش صوفية البيبرسية. وَكَانَ كأبيه سَاكِنا عَاقِلا خلف أَوْلَادًا رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن الْمُبَارك الْكَمَال بن الزين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْنه عمر وَيعرف كهوبابن الخرزي بمعجمتين بَينهمَا مُهْملَة قدم مَعَ أَبِيه الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة أَرْبَعِينَ وَسمع فِيهَا مَعَه على شَيخنَا فِي الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ على أَرْبَعِينَ ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَولي قَضَاء بَلَده عوضا عَن الْبَدْر بن مغلي فدام دون سنة ثمَّ صرف بالزين فرج بن السَّابِق وَاسْتمرّ مصروفا حَتَّى مَاتَ فِي أحد الربيعين سنة ثَلَاث)
وَتِسْعين عَن نَحْو الثَّمَانِينَ، وَكَانَ كأبيه خيرا بارعا فِي الطِّبّ وَكَذَا فِي كبر الْعِمَامَة والاصفرار وَنَحْوهمَا. وَمَات ابْنه الزين عمر الَّذِي لَيْسَ لَهُ غَيره بعده بِثلث سنة عَن بضع وَثَلَاثِينَ وَلم يكن كهما رَحِمهم الله.
مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد أثير الدّين الخصوصي. كَذَا رَأَيْته بِخَط الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ. وَسَيَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عمر بن الشهَاب أَحْمد الْبَدْر الْبرمَاوِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة ووالد التقي مُحَمَّد الْآتِي. ولد تَقْرِيبًا قبيل سنة عشر وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ(8/237)
فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين وألفية ابْن ملك والشاطبية والكافية والشافية، وَعرض على جمَاعَة وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَأخذ عَن الشَّمْس الْحِجَازِي والشرف السُّبْكِيّ وَطَائِفَة وَصَحب النَّاس وَأكْثر من خلْطَة جَاره الشّرف بن الخشاب من صغره وَكَانَ بديعا فِي الْجمال وَإِلَى أَن مَاتَ وأتقن الْكِتَابَة والتوقيع وتكسب بِهِ وَجلسَ وقتا بِبَاب الْمَنَاوِيّ بل نَاب عَنهُ فِي الْقَضَاء وَاسْتقر بِهِ الزين الاستادار إِمَام جَامعه ببولاق وَحج وجاور مَعَ الرجبية وَغَيرهَا، وَهُوَ مِمَّن كَانَ يحضر عِنْدِي فِي دروس الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة، مَاتَ فِي شَوَّال سنة سبع وَسبعين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد الْبَدْر القاهري القلعي. عمل نَقِيبًا للونائي فِي الشَّام وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وتعانى الطِّبّ وخدم بِهِ فِي مَكَّة حِين مجاورته بهَا بعد الْخمسين وسافر للهند وروى بِهِ عَن شَيخنَا فراج أمره بِهِ وَتقدم مَعَ نقص بضاعته. وَمَات هُنَاكَ قَرِيبا من سنة سبع وَسبعين وسافر وَلَده مُحَمَّد فِي سنة تسع وَسبعين صُحْبَة حَافظ عبيد لتركة أَبِيه عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله الوَاسِطِيّ الأَصْل الغمري ثمَّ الْمحلي الشَّافِعِي وَالِد أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالغمري. ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بمنية غمر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه أَحْمد الدمسيسي الْمَذْكُور بالصلاح الوافر والتنبيه وَغَيره، وقدمالقاهرة فَأَقَامَ بالأزهر مِنْهَا مُدَّة للاشتغال فِي التَّنْبِيه وَغَيره وَلَكِن لم يحضرني تعْيين أحد من شُيُوخه فِي الْعلم الْآن نعم انْتفع بالجمال المارداني فِي الْمِيقَات وتدرب بِغَيْرِهِ فِي الشَّهَادَة وتكسب بهَا يَسِيرا لكَونه كَانَ فِي غَايَة التقلل حَتَّى أَنه كَانَ رُبمَا يطوي الْأُسْبُوع الْكَامِل فِيمَا بَلغنِي ويتقوت بقشر الفول والبطيخ وَنَحْو ذَلِك، وتكسب قبل ذَلِك بِبَلَدِهِ بل وببلبيس حِين إِقَامَته بهَا مُدَّة متجردا بالخياطة وَكَذَا فِي بعض)
الحانيت بالعطر حِرْفَة أَبِيه وَيُقَال إِنَّه كَانَ يطْلب مِنْهُ الشَّيْء فيبذله لطالبه بِدُونِ مُقَابل ثمَّ يَجِيء وَالِده فيسأله مَاذَا بِعْت فَيَقُول كَذَا بِكَذَا وَكَذَا بِدُونِ شَيْء فَيَقُول لَهُ هَل طلبت ثمنه فَيَقُول لَا فيدعو لَهُ بِسَبَب ذَلِك وَهَذَا أدل شَيْء على خيرية الْأَب أَيْضا، وَأعْرض عَن إشغال فكره بِكُل مَا أَشرت إِلَيْهِ ثمَّ لَازم التجرد وَالْعِبَادَة وَصَحب غير وَاحِد من السادات كالشيخ عمر الوفائي الحائك وَلَكِن إِنَّمَا كَانَ جلّ انتفاعه بِأَحْمَد الزَّاهِد فَإِنَّهُ فتح لَهُ على يَدَيْهِ وَأَقْبل الشَّيْخ بكليته عَلَيْهِ حَتَّى أذن لَهُ فِي الْإِرْشَاد، وتصدى لذَلِك بِكَثِير من النواحي والبلاد وقطن فِي حَيَاته وبإشارته الْمحلة ووعده بالزيارة لَهُ فِيهَا اهتماما بِشَأْنِهِ فَمَا قدر وَأخذ بهَا مدرسة يُقَال لَهَا الشمسية فوسعها وَعمل فِيهَا(8/238)
خطْبَة وانتفع بِهِ أهل تِلْكَ النواحي وَكَذَا ابْنَتي بِالْقَاهِرَةِ بِطرف سوق أَمِير الجيوش بِالْقربِ من خوخة المغازلي جَامعا كَانَت الخطة مفتقرة إِلَيْهِ وَيُقَال أَن شَيْخه الزَّاهِد كَانَ خطب لعمارته فَقَالَ الْمَأْذُون لَهُ فِيهِ غَيْرِي أَو كَمَا قَالَ وَلذَلِك لما راسله شَيخنَا بِسَبَب التَّوَقُّف عَن الْخطْبَة فِيهِ قَالَ إِنَّمَا فعلت ذَلِك بِإِذن وَعم النَّفْع بِهِ إِلَى أَن اشْتهر صيته وَكثر أَتْبَاعه وَذكرت لَهُ أَحْوَال وكرامات وَصَارَ فِي مريديه جمَاعَة لَهُم جلالة وشهرة، وجدد عدَّة جَوَامِع بِكَثِير من الْأَمَاكِن كَانَت قد دثرت أَو أشرفت على الدُّثُور وَكَذَا أنشأ عدَّة زَوَايَا كثر الِاجْتِمَاع فِيهَا للتلاوة وَالذكر، كل ذَلِك مَعَ إقباله على مَا يقربهُ إِلَى الله وَصِحَّة عقيدته ومشيه على قانون السّلف والتحذير من الْبدع والحوادث وإعراضه عَن بني الدُّنْيَا جملَة بِحَيْثُ لَا يرفع لأحد مِنْهُم وَلَو عظم رَأْسا وَلَا يتَنَاوَل مِمَّا يقصدونه بِهِ غَالِبا إِلَّا فِي الْعِمَارَة والمصالح الْعَامَّة ومزيد تواضعه مَعَ الْفُقَرَاء وإجلاله للْعُلَمَاء بِالْقيامِ والترحيب وورعه وتعففه وَكَرمه ووقاره ومحاسنه الجمة، وَقد حج غير مرّة وجاور وزار بَيت الْمُقَدّس وسلك طَرِيق شَيْخه فِي الْجمع والتأليف مستمدا مِنْهُ وَمن غَيره وَكَثِيرًا مَا كَانَ يسْأَل شَيخنَا عَن الْأَحَادِيث وَمَعْنَاهَا بل رُبمَا ينْقل عَنهُ فِي تصانيفه وَصرح بالإنكار على القاياتي مَعَ كَثْرَة مَجِيئه لزيارته فِي كَونه أَخذ البيبرسية من شَيخنَا وَكَذَا كَانَ يسْأَل غَيره عَن الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة وَنَحْوهَا. وَمن تصانيفه النُّصْرَة فِي أَحْكَام الْفطْرَة ومحاسن الْخِصَال فِي بَيَان وُجُوه الْحَلَال والعنوان فِي تَحْرِيم معاشرة الشبَّان والنسوان وَالْحكم المضبوط فِي تَحْرِيم عملل قوم لوط والانتصار لطريق الأخيار والرياض المزهرة فِي أَسبَاب الْمَغْفِرَة وقواعد الصُّوفِيَّة وَالْحكم الْمَشْرُوط فِي بَيَان الشُّرُوط ومنح الْمِنَّة فِي التَّلَبُّس بِالسنةِ فِي أَربع مجلدات وَالْوَصِيَّة)
الجامعة وَأُخْرَى فِي الْمَنَاسِك. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْكَمَال إِمَام الكاملية وَأَبُو السعادات البُلْقِينِيّ والزين زَكَرِيَّا والعز السنباطي وَكنت مِمَّن اجْتمع بِهِ وَسمع كَلَامه بل رَأَيْته يقْرَأ عَلَيْهِ بعض تصانيفه، وَصليت بجانبه ولحظني. وَلم يزل على حَاله حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سلخ شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن فِي جَامعه بالمحلة وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم وتأسف النَّاس على فَقده، وَالثنَاء عَلَيْهِ كثير، وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: وَكَانَ مَذْكُورا بالصلاح وَالْخَيْر وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد، وَعمر فِي وسط سوق أَمِير الجيوش جَامعا فعاب عَلَيْهِ أهل الْعلم ذَلِك وَأَنا مِمَّن كنت راسله بترك إِقَامَة الْجُمُعَة فَلم يقبل وَاعْتذر بِأَن الْفُقَرَاء طلبُوا مِنْهُ ذَلِك وَعجل بِالصَّلَاةِ فِيهِ بِمُجَرَّد فرَاغ الْجِهَة الْقبلية، وَاتفقَ أَن شخصا من أهل السُّوق الْمَذْكُور يُقَال لَهُ بليبل تبرع من مَاله(8/239)
بعمارة المأذنة. وَمَات الشَّيْخ وغالب الْجَامِع لم تكمل عِمَارَته رَحمَه الله ونفعنا بِهِ. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد الخواجا الشَّمْس العامري الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. ذكره ابْن فَهد وَقد سكن مَكَّة، وَكَانَ مُبَارَكًا اشْترى بهَا دورا ثَلَاثَة وحوشا وعمرها ووقف بَعْضهَا على جبرت يقرءُون لَهُ فِي ربعَة كل يَوْم وَبَعضهَا على ملْء الأزيار الَّتِي بِالْعُمْرَةِ ثمَّ فِي إِحْدَى الجماديين من سنة سِتّ وَتِسْعين استبدل ذَلِك حَنَفِيّ مَكَّة لشافعيها بتسعمائة دِينَار.
مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد النَّجْم بن الزَّاهِد. يَأْتِي فِيمَن لم يسم جده.
مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد النيني الطرابلسي. فِيمَن جده أَحْمد بن سيف. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن أَحْمد الشَّمْس الْكِنَانِي نِسْبَة لبني كنَانَة الطوخي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بطوخ من الغريبة وَحفظ الْقُرْآن وتحول للقاهرة عِنْد نَاظر السابقية مولى واقفها فقطنها وَحفظ التَّنْبِيه وتفقه بِابْن الملقن وَأخذ الْفَرَائِض عَن الشَّمْس الغراقي وجود الْقُرْآن على الْفَخر الضَّرِير إِمَام الْأَزْهَر وَسمع على مُحَمَّد بن الْمعِين قيم الكاملية وَابْن الملقن وَغَيرهمَا وَحج فِي سنة ثَمَانمِائَة وَدخل اسكندرية وَاجْتمعَ فِيهَا بالشهاب الفرنوي وَسمع عَلَيْهِ شَيْئا وتكسب بِالشَّهَادَةِ بحانوت الْحَنَابِلَة إِمَام البيسرية ثمَّ كف بَصَره فِي حُدُود سنة أَرْبَعِينَ، وَحدث باليسير، وَكَانَ خيرا كيسا ذَا فَضِيلَة ونظم حسن فَمِنْهُ يرثي أَخا لَهُ اسْمه عَليّ:)
(مذ غَابَ شخصك عَنَّا يَا أَبَا الْحسن ... غَابَ السرُور وَلم نَنْظُر إِلَى حسن)
(وأقفرت بعْدك الأوطان اندرست ... وَحَال حَالي مذ درجت فِي الْكَفَن)
وَمِنْه:
(رب خود جَاءَت لنا بمساء ... فِي خَفَاء تمشي على استحياء)
(فتوهمت أَن ليلِي نَهَارا ... عِنْد مَا أسفرت لَدَى الظلماء)
مَاتَ فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن عَليّ بن عمر الْمُحب أَبُو عبد الله القاهري الشَّافِعِي السعودي خَليفَة أبي السُّعُود بن أبي الْغَنَائِم وَشَيخ السعودية الْمَاضِي وَلَده أَحْمد أجَاز لَهُ فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة جمَاعَة. وَمَات فِي ربيع الثَّانِي سنة أَرْبَعِينَ رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد الْقَادِر بن عبد الْوَاحِد بن هبة الله ابْن طَاهِر بن يُوسُف بن مُحَمَّد(8/240)
الضياء بن الزين بن الشّرف بن التَّاج أبي المكارم بن الْكَمَال أبي الْعَبَّاس بن الزين أبي عبد الله الْقرشِي الْأمَوِي الْحلَبِي الشَّافِعِي وَالِد عمر وَأبي بكر وَيعرف كسلفه بِابْن النصيبي نِسْبَة لبلد نَصِيبين جَزِيرَة ابْن عمر. من بَيت كَبِير مَعْرُوف بالرياسة وَالْجَلالَة يُقَال إِنَّهُم من ذُرِّيَّة عمر بن عبد الْعَزِيز. ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي جَامعهَا الْأمَوِي والمنهاج وألفية النَّحْو وعرضها على ابْن خطيب المنصورية قبل الْفِتْنَة واشتغل قَلِيلا ولازم الْبُرْهَان الْحَافِظ وَحج مَعَه فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَكَانَت الوقفة الْجُمُعَة وَسمع على ابْن المرحل وَابْن صديق وَالسَّيِّد الْعِزّ الإسحاقي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الطباخ وَغَيرهم وَولي بِبَلَدِهِ توقيع الدست وَقَضَاء الْعَسْكَر بل وتدريس السيفية والإعادة بالظاهرية وناب فِي كِتَابَة سرها بل عرضت عَلَيْهِ مرّة اسْتِقْلَالا فَامْتنعَ كل ذَلِك مَعَ دماثة الْأَخْلَاق والثروة وَالْعقل والحشمة والرياسة، وَقد حدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَقدم الْقَاهِرَة فَقَرَأت عَلَيْهِ بعض الْأَجْزَاء، وَرجع فِي محفة لكَونه كَانَ متوعكا فَأَقَامَ بِبَلَدِهِ حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَخمسين وَدفن بحوش بِالْقربِ من الدقماقية، وَكتب لشَيْخِنَا حِين كَانَ بحلب من قَوْله:
(العَبْد طُولِبَ بِالْجَوَابِ عَن الَّذِي ... لم يخف عَنْكُم من سُؤال السَّائِل)
)
(فانعم بِهِ لَا زلت تنعم مفضلا ... بفوائد وفواضل وفضائل)
مُحَمَّد بن عمر بن الرضي أبي بكر بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن سَالم الْجمال أَبُو الْفَتْح الْمَكِّيّ سبط التقي بن فَهد، أمه أم ريم الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الرضي. مِمَّن سمع من جده وخاليه وَغَيرهم ثمَّ سمع مني بِمَكَّة وَكتب عدَّة من تصانيفي وَغَيرهَا وصاهر ابْن خَالَته أَبَا اللَّيْث بن الضياء على ابْنَته فاستولدها عدَّة مَعَ ولد لَهُ كَبِير من أمة لَهُ. وَهُوَ عَاقل سَاكن. ولد فِي شهر رَجَب سنة تسع وَخمسين وزار الْمَدِينَة. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ التَّاج أَبُو الْفَتْح بن الْبَدْر بن السَّيْف القاهري الشرابيشي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا ولازم السراج بن الملقن فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَغَيرهمَا بل واستملى مِنْهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِ جملَة من تصانيفه وَكَذَا أَكثر عَن الزين الْعِرَاقِيّ فِي فنون الحَدِيث وَغَيرهمَا وَكتب الْخط الْحسن المتقن وَطلب قَدِيما بِحَيْثُ وجدت قِرَاءَته فِي الصَّحِيح سنة سبعين وَدَار على الشُّيُوخ ورافق الأكابر وقتا وحرر وَضبط لكنه كَمَا قَالَ شَيخنَا لم يمهر مَعَ أَنه كَانَ فِي الطّلبَة المنزلين عِنْده بالجمالية المستجدة وَكَذَا كَانَ فِي غَيرهَا من الْجِهَات، نعم كَانَ يستحضر كثيرا من الْفَوَائِد الْفِقْهِيَّة والحديثية خُصُوصا من(8/241)
الْأَلْفَاظ المشكلة فِي الْمَتْن والإسناد لكَونه كَانَ يعلق الْفَوَائِد الَّتِي يسْمعهَا فِي مجَالِس الشُّيُوخ وَالْأَئِمَّة حَتَّى اجْتمع عِنْده من ذَلِك جملَة ثمَّ تفرق أَكْثَرهَا فَإِنَّهُ ضعف وَصَارَ أَهله يسرقونها شَيْئا فَشَيْئًا بِالْبيعِ وَغَيره وَلَا يَهْتَدُونَ لأخذ مجلدات الْكتاب بِتَمَامِهَا بل وَلَا الْكتاب الَّذِي يكون فِي مُجَلد وَاحِد بِدُونِ حبك فتمزقت تمزيقا فَاحِشا وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فَاضلا بارعا جيد الحافظة الَّتِي يتَذَكَّر بهَا غَالب مسموعاته مَعَ كَونه تَارِكًا للف، وَقد سمع مِنْهُ الأكابر وَمَا لقِيه أَصْحَابنَا حَتَّى أملق جدا وتزايد بِهِ الْحَال إِلَى أَن صَار يَأْخُذ الْأُجْرَة على التحديث وَلم يكثروا عَنهُ كعادتهم فِي التَّفْرِيط مَعَ كَونه من كبار المكثرين مسموعا وشيوخا، وَمن شُيُوخه الْحَافِظ الْبَهَاء بن خَلِيل وَقد أَكثر عَنهُ جدا وَأَبُو الْفرج بن الْقَارِي والباجي والعز أَبُو الْيمن بن الكويك وَالْجمال عبد الله بن مغلطاي وَالشَّمْس بن الخشاب. مَاتَ وَقد تغير بِالنِّسْبَةِ لما كَانَ قَلِيلا فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَدفن من الْغَد بالقرافة الصُّغْرَى قَرِيبا من تربة الكيزاني بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ بالأزهر رَحمَه الله وإيانا.) ::: مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر الْمَعْرُوف بالمولى أبي بكر الْهَمدَانِي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الطَّبِيب الحاسب. قدم الْقَاهِرَة فِي أخريات الدولة المؤيدية واشتهر بِمَعْرِِفَة الطِّبّ وعالج الْمُؤَيد فِي مرض مَوته وَبعده دخل الشَّام ثمَّ الرّوم. وَمَات بهَا فِي سنة عشْرين وَكَانَت لَدَيْهِ فَضَائِل مَشْهُورا بالطب والنجوم ودعواه أَكثر من علمه. ذكره المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر الْمُحب السعودي. مضى فِيمَن جده أَبُو بكر بن عَليّ بن عمر قَرِيبا. مُحَمَّد بن عمر بن تيمورلنك وَيُقَال لَهُ بير مُحَمَّد بن أميرزه عمر شيخ بن تيمورلنك كوكان أَخُو إسكندر شاه الْمَاضِي صَاحب شيراز من بِلَاد فَارس ملكهَا بعد موت أَبِيه وَحسنت أَيَّامه وحمدت سيرته أحبه الرّعية ثمَّ قَتله وزيره أَمِير حُسَيْن الْمَعْرُوف بشراب دَار فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَاسْتقر بعده أَخُوهُ وَقتل قَاتله. مُحَمَّد بن عمر بن حجي بن مُوسَى بن أَحْمد بن سعد الْبَهَاء أَبُو الْبَقَاء ابْن النَّجْم أبي الْفرج بن الْعَلَاء أبي البركات السَّعْدِيّ الحسباني ثمَّ الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد ووالد النجمي يحيى وَيعرف كأبيه بِابْن حجي. ولد فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وكتبا، وَأخذ عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَغَيره، وَسمع على أَبِيه بعض الْأَجْزَاء وَوَصفه كَاتب الطَّبَقَة والقارئ الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين بالمشتغل المحصل البارع الأمجد، وَولي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق بعد موت أَبِيه ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وَولي نظر جيشها مُدَّة قدم(8/242)
الْقَاهِرَة فِي أَثْنَائِهَا وأضيف إِلَيْهِ نظر جيشها قَلِيلا ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده وَقد أضيف إِلَيْهِ مَعَ نظر جيشها نظر قلعتها، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وسعى فِي الْعود لنظر جيشها فَمَا أمكن وَاسْتمرّ بهَا عِنْد صهره الكمالي بن الْبَارِزِيّ وَفِي إِقَامَته صلى وَلَده بِالنَّاسِ، وَوصف شَيخنَا فِي عرضه وَالِده بالمقر الْأَشْرَف العلامي المفيدي الفريدي البهائي. وَبعد ذَاك تمرض صَاحب التَّرْجَمَة مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ مَاتَ فِي ثَالِث عشري صفر سنة خمسين بقاعة البرابخية من سَاحل بولاق فَغسل بهَا وَحمل لمصلى المؤمني فصلى عَلَيْهِ هُنَاكَ وَشهد السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدفن بتربة نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ تاه شباك قبَّة إمامنا الشَّافِعِي. وَكَانَ شكلاص جميلا طوَالًا جسيما طَوِيل اللِّحْيَة أصهبها أَبيض اللَّوْن ذَا حشمة ورياسة وأصالة وكرم زَائِد بِحَيْثُ مَاتَ وَعَلِيهِ مَا ينيف على عشْرين ألف دِينَار دينا وَلكنه لم يصل لمرتبة سلفه فِي الْعلم وبالانتماء إِلَيْهِ ذكر القطب الخيضري. وَقد قَالَ الْعَيْنِيّ أَنه كَانَ نَاظر الْجَيْش بِدِمَشْق وَقدم)
لمصر ليتولى نظر جيشها وَقدم تقدمة هائلة للسُّلْطَان وَغَيره من الْأَعْيَان فَلم يبلغ أمله، وَمَات وَعَلِيهِ آلَاف كَثِيرَة من الدُّيُون قَالَ وَكَانَ عَارِيا من الْعلم وَلم يكن مشكور السِّيرَة وينسب إِلَى أُمُور من الْمُنْكَرَات وَبَلغنِي أَن أهل دمشق لما سمعُوا بِمَوْتِهِ فرحوا فَرحا عَظِيما. مُحَمَّد بن عمر بن حسن بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن عمر الْبَدْر أَبُو الْفضل بن السراج النَّوَوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي نزيل النابلسية وسبط أبي البركات الغراقي والماضي أَبوهُ.
ولد وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاجي وألفية النَّحْو ونظم النخبة للكمال الشمني وَعرض على جمَاعَة كالمحلى والبلقيني والمناوي وَابْن الديري واشتغل فِي ابْتِدَائه على ابْن بردبك الْحَنَفِيّ ثمَّ لَازم ابْن قَاسم وَتزَوج ابْنَته وفارقها وبواسطته انْتَمَى للبدر بن مزهر فِي إقرائه وَغير ذَلِك بل خالطه أتم مُخَالطَة وباشر عَنهُ فِي ابْتِدَاء تكَلمه فِي الْحِسْبَة أَشْيَاء فنما بذلك قَلِيلا وَحج مَعَه ثمَّ أبعده بعد أَن ضربه بل تكَرر مِنْهُ مَا تألم بِسَبَبِهِ وَتردد حِينَئِذٍ للخيضري وانجمع مَعَ اشْتِغَاله قبل ثمَّ بعد على الْجَوْجَرِيّ وزَكَرِيا وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي تَقْسِيم شَرحه للروض على الأبناسي فِي الْأُصُول وَغَيره وعَلى ابْن حجي فِي الْفِقْه وأصوله وعَلى أعجمي نزل البيبرسية فِي الْمنطق وَحضر تَقْسِيم الْبكْرِيّ بل أَخذ عَن الشمني وَتردد إِلَيّ وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا وَتكلم فِي النابلسية واستبد بهَا بعد موت المنهلي بل كَانَ رام الِاسْتِقْرَار فِي تدريسها بعده فسوعد وَلَده وتنزل فِي بعض الْجِهَات مَعَ عقل وَسُكُون ودربة وَفهم وفضيلة. مُحَمَّد بن عمر بن حسن الشَّمْس القاهري الشَّافِعِي مؤدب الْأَبْنَاء وَيعرف بِابْن عمر الطباخ. كَانَ أَبوهُ فائقا فِي الطَّبْخ من مؤذني جَامع الْحَاكِم وَيعرف بالقطان(8/243)
فَنَشَأَ ابْنه فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس النحريري السعودي وجوده عِنْده وَأَظنهُ حفظ الْعُمْدَة وَسمع على رقية ابْنة ابْن الْقَارِي وتلا على الْبُرْهَان المارداني بل جمع للسبع على الْعَلَاء القلقشندي وَكَانَ فَقِيه ولديه وقتا وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي بعض التقاسيم واشتغل بالميقات ومتعلقاته على الْبَدْر القباني أحد صوفية البيبرسية وبرع فِيهِ وَفِي القراآت وَكَانَ صيتًا حسن الْأَدَاء تصدى لتعليم الْأَبْنَاء فَانْتَفع بِهِ وَكنت مِمَّن قَرَأَ عِنْده يَسِيرا، وسجن فِي وَقت لرُؤْيَته هِلَال رَمَضَان حَتَّى يَأْتِي من يشْهد بِهِ مَعَه فعاهد الله أَن لَا يشْهد بِرُؤْيَة الْهلَال، وَكَذَا لما اسْتَقر دولات باي المؤيدي فِي نظر جَامع الْحَاكِم مَسّه مِنْهُ بعض الْمَكْرُوه فبادر إِلَى السّفر لمَكَّة فِي الْبَحْر فغرقت الْمركب فتوصل لجزيرة هُنَاكَ رَجَاء أَن يمر بِهِ من يحملهُ فَمَا اتّفق ودام بهَا عَن تخلي عَن نَفسه.)
وَمَات وَذَلِكَ بعد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن حُسَيْن بن حسن الْجلَال بن السراج الْعَبَّادِيّ الأَصْل الاقهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسوق أَمِير الجيوش وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن عِنْد عَمه الْمُحب والمنهاج وَأخذ عَنهُ مَجْمُوع الكلائي ولازم وَالِده فِي الْفِقْه وَقِرَاءَة الحَدِيث وَقَرَأَ أَيْضا على صهره الْجمال بن أَيُّوب الْخَادِم الشفا وَكَذَا سمع الْكثير على شَيخنَا وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة فِي آخَرين وَمِمَّا سَمعه مجَالِس من البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي والكمال اعلكازروني وَآخَرُونَ مِنْهُم الْبَدْر حُسَيْن البوصيري وَولي توقيع الدرج ثمَّ تلقى عَن الْبُرْهَان العرياني توقيع الدست وتنزل فِي الْجِهَات وَاسْتقر بعد صهره فِي خدمَة سعيد السُّعَدَاء وَبعد وَالِده فِي تدريس الْفِقْه بالبرقوقية وَفِي غير ذَلِك وسافر مَعَ أَبِيه لمَكَّة صَغِيرا ثمَّ حج مَعَه فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وبانفراده بعد ذَلِك وَدخل اسكندرية ودمياط وَغَيرهمَا. ونظم كثيرا من ذَلِك قصيدة نبوية حاكى بهَا قصيدة شَيخنَا الَّتِي أَولهَا: مَا دمت فِي سفن الْهوى تجْرِي بِي أَولهَا:
(سوابق الْعِشْق للأحباب تجْرِي بِي ... لما شربت الْهوى صرفا لتجري بِي)
وَعِنْدِي من نظمه بِخَطِّهِ فِي التَّارِيخ الْكَبِير غير هَذَا وَهُوَ كثير الودد والتأدب. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد أَن رغب فِي تدريس البرقوقية لِابْنِ النَّقِيب رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد كَمَال الدّين أَخُو الَّذِي قبله وَأمه وَالِدَة شمس الدّين مُحَمَّد بن الذَّهَبِيّ وَالِد سعد الدّين مُحَمَّد أحد الْفُضَلَاء. ولد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ وَحفظ الْقُرْآن وَشهد بعض دروس أَبِيه بل سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية(8/244)
وَمن ذَلِك الْمجْلس الْأَخير على الْأَرْبَعين وَحج بِأُمِّهِ مَعَ الرجبية وَاسْتقر فِي مشيخة الباسطية بعد أَبِيه وتخلف عَن أَخِيه فِي الْمُشَاركَة فِي الْجُمْلَة لكنه ارْتقى مِنْهُ بالتحصيل وَعدم التبذير وَخَلفه فِي خدمَة سعيد السُّعَدَاء مَعَ سُكُون وأدب، وَفِي لِسَانه حبسة بل ابتلى بالجذام عافاه الله. مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو الْبَقَاء أَخُو اللَّذين قبله وَأمه ابْنة الْبَدْر بن الشربدار الْوَاعِظ. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فِي رفاهية فحفظ الْقُرْآن وَصلى)
بِهِ فِي جَامع الْأَقْمَر الْبَهْجَة وألفية الحَدِيث والنحو وَغَيرهَا وَقَرَأَ على أَبِيه وَغَيره وَفهم وبدا صَلَاحه وخطب بعد موت جده الْبَدْر بِجَامِع الزَّاهِد وَحضر عِنْدِي بعض مجَالِس الْإِمْلَاء وَكَانَ جميلا. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة سَابِع الْمحرم سنة خمس وَسبعين عَن دون ثَمَانِيَة عشر عَاما وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد برحبة مصلى بَاب النَّصْر وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَكَانَت جنَازَته حافلة وفجع بِهِ كل من أَبَوَيْهِ عوضهما الله وإياه الْجنَّة ورحم شبابه. مُحَمَّد بن عمر بن خطاب الشَّمْس بن السراج البهوتي ثمَّ القاهري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي.
مَاتَ وَقد قَارب الثَّمَانِينَ فِي صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن بِالْقربِ من الحناوي بمقبرة البوابة من نواحي الحسينية، وَكَانَ من شُهُود تِلْكَ الخطة غير متقن فِي شهاداته مَعَ كَثْرَة مخاصماته وَيُقَال أَنه كَانَ بارعا فِي الروحاني والحرف والكيمياء وَرُبمَا قَرَأَ فِيهَا وَأَنه سمع على شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَقَرَأَ على الْعَامَّة بِجَامِع ابْن شرف الدّين وخطب بِجَامِع الأميرية وقيدان عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن رضوَان بن عمر بن يُوسُف بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الزين الْحلَبِي أَخُو إِبْرَاهِيم وَأحمد وَيعرف بِابْن رضوَان. ولد فِي حُدُود سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل يَسِيرا فِي التَّنْبِيه وَغَيره وَسمع على ابْن صديق صَحِيح البُخَارِيّ خلا من أَوله إِلَى الْغسْل، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وحمدت سيرته ثمَّ رتكها. وانجمع عَن النَّاس وَقد بِأخرَة الْقَاهِرَة فَقَرَأت عَلَيْهِ ثلاثيات الصَّحِيح وَمَات بعد الْخمسين. مُحَمَّد بن عمر بن سُوَيْد أَبُو عبد الله النابلسي الْحَنْبَلِيّ سبط مُحَمَّد بن يُوسُف بن سُلْطَان، سمع عَلَيْهِ وعَلى البرزالي المنتقي من الْعلم لأبي خَيْثَمَة بِإِجَازَة البرزالي من ابْن عبد الدَّائِم وَحُضُور الْجد على خطيب مردا وعَلى الْمَيْدُومِيُّ جُزْء ابْن عَرَفَة وَأَجَازَ لَهُ ابْن الخباز وَحدث سمع مِنْهُ التقي أَبُو بكر القلقشندي جُزْء ابْن عَرَفَة وَغَيره. مَاتَ فِي أَوَائِل الْقرن بنابلس رَحمَه الله.(8/245)
مُحَمَّد بن عمر بن شوعان أَبُو عبد الله أحد فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة المتضلعين من العقليات والنقليات. انْتفع بِهِ جمَاعَة مَعَ غَلَبَة التقشف عَلَيْهِ والعفاف والديانة قَرَأَ عَلَيْهِ الْعَفِيف النَّاشِرِيّ. وَمَات سنة سبع عشرَة. مُحَمَّد بن عمر بن صلح الْبَدْر بن السراج الْبُحَيْرِي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ.)
مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن العجمي الْحلَبِي وَيعرف بِابْن النَّاظر، ولد تَقْرِيبًا سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا وَسمع من ابْن صديق بعض الصَّحِيح وَحدث باليسير سمع مِنْهُ بعض أَصْحَابنَا، وَكَانَ يجيد عمل النشاب. مَاتَ قبل سنة أَرْبَعِينَ. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس أَبُو الْخَيْر الزفتاوي القاهري الشَّافِعِي. حفظ الْقُرْآن واشتغل ولازم الشّرف السُّبْكِيّ فِي الْفِقْه وَكَذَا ابْن المجدي فِيهِ وَفِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهَا وَحضر دروس القاياتي وَغَيره بل أَخذ عَن شَيخنَا وتميز بذكائه فِي الْفَضِيلَة ودرس فِي مَسْجِد خَان الخليلي برغبة أبي يزِيد الرُّومِي لَهُ عَنهُ وتكسب بِالشَّهَادَةِ وارتقى فِي الشطرنج وَذكر بِهِ مَعَ عقل وَسُكُون. مَاتَ قريب السِّتين تَقْرِيبًا وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين وَخَلفه فِي التدريس الولوي الأسيوطي رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن الْعِمَاد أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أَسد أَبُو عبد الله حفيد الْعِزّ الْمَاضِي الفيومي الأَصْل الْمَكِّيّ نزيل الْقَاهِرَة الشَّافِعِي مِمَّن نَشأ بِمَكَّة واشتغل قَلِيلا وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فَحَضَرَ عِنْد الزين زَكَرِيَّا وَغَيره قَلِيلا بل وَحضر عِنْدِي بِمَكَّة قبل ذَلِك دروسا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة دراية وَرِوَايَة وَكتب بِخَطِّهِ الْقَامُوس وَأَشْيَاء، ثمَّ لما قدمت الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَتِسْعين قَرَأَ عَليّ من الْجَوَاهِر جملَة وَسمع مني وَعلي وسافر لبيت الْمُقَدّس وَغَيره وَهُوَ ذكي غير متصون مِمَّن تولع بالنظم وَكثر محفوظه فِيهِ وَزَاد ذكاره وهجا الأماثل وأهين من جِهَة خدم أبي المكارم بن ظهيرة وَأَبِيهِ بِسَبَب هجائه أَبَا المكارم بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك سَبَب خُرُوجه من مَكَّة ثمَّ عَاد إِلَيْهَا مَعَ الشَّامي فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَرجع فِي أثْنَاء الَّتِي بعْدهَا بحرا وَذكرت عَنهُ قبائح وَالْولد سر أَبِيه. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ على الْبَدْر بن الخواجا الْكَبِير السراج التَّاجِر الكارمي بن الْعِزّ أبي عمر بن الصّلاح الخروبي الْمصْرِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ سُلَيْمَان، وَأمه تجار ابْنة كَبِير التُّجَّار المصريين نَاصِر الدّين بن مُسلم. حصل من تَرِكَة عمته آمِنَة بِغَيْر علم أَبِيه قدرا جيدا وَكَذَا أَخذ من أمه(8/246)
شَيْئا كثيرا فأثرى وَعمر بَيتهمْ وَلم يلبث أَن مَاتَ بالطاعون الْعَام سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد عز الدّين أَخُو الَّذِي قبله، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين.)
مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس بن أَمِين الدولة الْحلَبِي الْحَنَفِيّ. فِيمَن جده عبد الْوَهَّاب. مُحَمَّد بن عمر بن عب الله بن مُحَمَّد بن غَازِي الشَّمْس الدنجاوي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالدنجاوي. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بدمياط وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لأبي عَمْرو على صلح بن مُوسَى الطبناوي ثمَّ اشْتغل بالفقه على الشَّمْس بن الْفَقِيه حسن البدراني وبالفرائض والنحو على الشَّمْس السنهوري عرف بالسكندري وَكَذَا أَخذ النَّحْو والحساب عَن نَاصِر الدّين البارنباري حِين كَانَ يُقيم فِي دمياط ثمَّ لَازمه كثيرا بِالْقَاهِرَةِ وروى عَنهُ لغزا فِي دمياط أَجَابَهُ عَنهُ الْبَدْر الدماميني وَكَذَا حضر دروس الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والشهاب الطنتدائي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والطبقة ثمَّ لَازم القاياتي فِي دروسه وَكَانَ يقرئ أَوْلَاده)
فَعظم انتفاعه بِهِ، ثمَّ تكسب بِالشَّهَادَةِ وبالنسخ وَكتب الْمُنْتَقى للنسائي للقاياتي فِي مُجَلد(8/247)
وعاشر التقي بن حجَّة الشَّاعِر فَتخرج بِهِ فِي الْأَدَب ونظم الشّعْر الْحسن فأجاد ثمَّ أعرض عَنهُ وغسله بِحَيْثُ لم يتَأَخَّر مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ حفظ عَنهُ، وجاور بالجامع الْأَزْهَر وَحج فِي سنة ثَلَاثِينَ وزار الْقُدس سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسمع هُنَاكَ على الشَّمْس ابْن الْمصْرِيّ وَكَذَا قَرَأَ بِالْقَاهِرَةِ صَحِيح مُسلم على الزَّرْكَشِيّ وختمه فِي يَوْم عَرَفَة سنة أَرْبَعِينَ وَسمع على غَيره شَيخنَا وَصَحب الشّرف بن الْعَطَّار وبواسطته نَاب فِي خزن الْكتب بالمويدية وتنزل فِي صوفي الأشرفية برسباي مَعَ شَيْخه القاياتي، وَكَانَ كثير التِّلَاوَة منجمعا عَن النَّاس ذَا تهجد تَامّ لَا يقطعهُ بِحَيْثُ إِذا ألم بأَهْله يغْتَسل لأَجله خَفِيف ذَات الْيَد على طَرِيق السّلف فِي ملبسه وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ نصف البُخَارِيّ الْفَخر عُثْمَان الديمي. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشري ذِي الْقعدَة وأرخه شَيخنَا فِي شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ بعد توعك يسير بِمَرَض صَعب وَصلى عَلَيْهِ القاياتي بِجَامِع الْأَزْهَر وَدفن بالصحراء جوَار الشَّيْخ سليم خلف جَامع حمص أَخْضَر وَكَانَ ذكر لأَصْحَابه أَنه رأى فِي الْمَنَام أَنه يؤم بناس كثيرين وَأَنه قَرَأَ بِسُورَة نوح وَوصل إِلَى قَوْله تَعَالَى: إِن أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ وَجل فقصه على بعض أَصْحَابه وَقَالَ هَذَا دَلِيل على أَنِّي أَمُوت فِي هَذَا الْمَرَض فَكَانَ كَذَلِك بل حكوا عَنهُ أَنه كَانَ يُحَدِّثهُمْ فِي مَرضه بِأُمُور قبل وُقُوعهَا فَتَقَع كَمَا قَالَ رَحمَه الله وإيانا. وَمن نظمه:
(وصالك معتز وحسنك حَاكم ... ولحظك مَنْصُور وصدك قاهر)
(وصبري مَأْمُون وقلبي واثق ... ودمعي سفاح وَمَالِي نَاصِر)
مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله الدَّمِيرِيّ ثمَّ الْمحلي الْمَالِكِي ثمَّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن كتيلة بِضَم الْكَاف ثمَّ مثناة مَفْتُوحَة وَآخره لَام. نَشأ وتفقه بالولي الْعِرَاقِيّ وَالشَّمْس بن النصار نزيل القطبية وَغَيرهمَا، وَأخذ الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا عَن نَاصِر الدّين البارنباري وَصَحب مُحَمَّد الْحَنَفِيّ وصاهره على ابْنَته فأنجب مِنْهَا وَلَده أَبَا الْغَيْث مُحَمَّدًا وانتفع بِصَاحِبِهِ أبي الْعَبَّاس السرسي وابتنى لنَفسِهِ بالمنشية الْمُجَاورَة للمحلة جَامعا وَأقَام بِهِ يدرس ويفتي ويربي المريدين بل ويعظ يَوْمًا فِي الْأُسْبُوع مَعَ الْمُحَافظَة على الْخَيْر وَالْعِبَادَة والأوراد وَالذكر واشتماله على مزِيد التَّوَاضُع وَحسن السمت وبهاء المنظر وإكرام الوافدين وتقلله من الدُّنْيَا وَقد لَقيته بجامعه الْمَذْكُور وَسمعت من فَوَائده وَعمر طَويلا)
وضعفت حركته إِلَى أَن مَاتَ قبيل الْفجْر من لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس ربيع الثَّانِي سنة سبع وَثَمَانِينَ، وفاحت إِذْ ذَاك فِيمَا قيل ريح طيبَة مَلَأت الْبَيْت لَا تشبه رَوَائِح الطّيب وَلَا الْمسك(8/248)
بل أعظم بِكَثِير رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الْجمال العوادي بِفَتْح الْعين وَالْوَاو الْخَفِيفَة نِسْبَة لقرية تَحت جبل بعدان العواجي بِالْفَتْح أَيْضا التعزي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الْفَقِيه القَاضِي. ولد فِي قريته سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَقَرَأَ الْقُرْآن على أَهلهَا ثمَّ فِي إب ثمَّ قدم جبلة فَقَرَأَ على عالمها ابْن الْخياط وَبِه اسْتَفَادَ ثمَّ نزل تعز إِلَى الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله الريمي فَقَرَأَ عَلَيْهِ التَّنْبِيه والمهذب وَالْوَجِيز والوسيط وحصلها بِيَدِهِ وعلق عَلَيْهَا وحققها ودرس فِي زَمَنه وَأفْتى بِاخْتِيَارِهِ وَأذنه أضَاف إِلَيْهِ المنصورية وَأخذ كتب الحَدِيث جَمِيعهَا وشروحها عَن مُحَمَّد بن ضفر وَحصل كتبا كَثِيرَة، وولاه النَّاصِر قَضَاء تعز فَلم يقْتَصر عَلَيْهِ بل كَانَ يقْضِي أَحْيَانًا ويدرس أَحْيَانًا ويشتغل على الشُّيُوخ أَحْيَانًا، ثمَّ استعفى وَاقْتصر على التدريس وَنشر الْعلم إِلَى أَن أضيفت لَهُ الْمدرسَة الظَّاهِرِيَّة الْكُبْرَى وَكَذَا درس بمدرسة سَلامَة ابْنة الْمُجَاهِد، وَلم يلبث أَن مَاتَ بتعز فِي ربيع الأول سنة سِتّ عشرَة. وَكَانَ متواضعا كثير الطّلب. أَفَادَهُ النفيس الْعلوِي. وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ اشْتغل بِبَلَدِهِ تعز وشغل النَّاس كثيرا واشتهر وَأفْتى ودرس ونفع النَّاس وَكَثُرت تلامذته ثمَّ ولي الْقَضَاء بِبَلَدِهِ فباشر بشهامة وَترك مُرَاعَاة أهل الدولة فتعصبوا عَلَيْهِ حَتَّى عزل وَأَقْبل على الأشغال والنفع للنَّاس حَتَّى مَاتَ وَقد أراق فِي مُبَاشَرَته الْخُمُور وأزال الْمُنْكَرَات وألزم الْيَهُود بتغيير عمائمهم رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الكمشيشي ثمَّ القاهري الغمري نِسْبَة للشَّيْخ مُحَمَّد الغمري لكَونه من جماعته، حفظ الْقُرْآن وَكَانَ كثير التِّلَاوَة لَهُ وَسمع على شَيخنَا فَمن بعده بل سمع مني كثيرا فِي الْإِمْلَاء وَغَيره. وَكَانَ متوددا رَاغِبًا فِي الْخَيْر، مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن خَارج بَاب النَّصْر وَأَظنهُ جَازَ السِّتين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْمجِيد. هَكَذَا رَأَيْته بخطي وَفِي مَوضِع آخر اسْم جده مُحَمَّد وَهُوَ الصَّوَاب وَسَيَأْتِي. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْوَهَّاب الشَّمْس الرعباني الْحلَبِي الْحَنَفِيّ القَاضِي وَيعرف بِابْن أَمِين الدولة ذكره ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ أَنه اشْتغل فِي الْفِقْه على الْجمال يُوسُف)
الْمَلْطِي وناب عَن الْكَمَال بن العديم فَمن بعده ثمَّ اسْتَقل بِالْقضَاءِ فدام سِنِين وحمدت سيرته فِي ذَلِك كُله وَكَانَ جيدا عَاقِلا متدينا مزجي البضاعة فِي الْعلم. مَاتَ بالطاعون فِي يَوْم الخميش ثَانِي عشر شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَدفن(8/249)
خَارج بَاب الْمقَام بِالْقربِ من الْعِزّ الحاضري. وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَسمي جده عبد الْعَزِيز. مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان بن حسن الحسني الْموصِلِي وَيعرف بالمازوني ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وبيض. مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان الشَّمْس الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ نزيل حلب وَيعرف بِابْن الشحرور.
ولد بعد السِّتين تَقْرِيبًا. وَمَات بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَخمسين. وَفِي استدعاآت ابْن شَيخنَا مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان الْمصْرِيّ لَهُ نظم استجيز لَهُ وَالظَّاهِر أَنه هَذَا. مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان الصَّفَدِي. مِمَّن سمع من شَيخنَا. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْجمال المعابدي الْوَكِيل. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه كَانَ من كبار التُّجَّار كثير المَال جدا كثير الْقرى وَالْمَعْرُوف مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن النبيه الْجمال أَبُو عبد الله بن أبي حَفْص بن نَفِيس الدّين أبي الْحسن الْقرشِي الطنبدي القاهري الشَّافِعِي وَالِد السراج عمر وَيعرف بِابْن عرب. ولد فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتنبيه وَغَيره واشتغل يَسِيرا وَكَانَ يذكر أَنه سمع من إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الخشاب صَحِيح البُخَارِيّ وَمن ابْن حَاتِم صَحِيح مُسلم وَمن أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ الشفا وكل ذَلِك مُمكن وتعانى التوقيع قَدِيما وَهُوَ فِي الْعشْرين. وناب فِي الْقَضَاء بل ولي الْحِسْبَة ووكالة بَيت المَال غير مرّة ثمَّ بعد الثَّمَانمِائَة اقْتصر على نِيَابَة الْقَضَاء، وَجَرت لَهُ خطوب إِلَى أَن انْقَطع بِأخرَة بمنزله مَعَ صِحَة عقله وَقُوَّة جسده ثمَّ توالت عَلَيْهِ الْأَمْرَاض وتنصل ثمَّ أَنه سقط من مَكَان فَانْكَسَرت سَاقه وَأقَام نَحْو أَرْبَعَة أشهر، ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين عَن اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين سنة وَزِيَادَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه قَالَ وَهُوَ أقدم من بَقِي من طلبة الْعلم ونواب الشَّافِعِيَّة رَحمَه الله. قلت وَقد أَشَارَ للثناء عَلَيْهِ وعَلى سلفه ابْن الملقن وَابْنه والصدر الْمَنَاوِيّ والدميري والأبشيطي وَغَيرهم فِي عرض وَلَده حَسْبَمَا ذكرته فِي تَرْجَمته من المعجم. وَهُوَ خَال نجم الدّين مُحَمَّد بن عَليّ)
الطنبدي الَّذِي شَاركهُ فِي كَونه نَاب فِي الْقَضَاء وَولي الْحِسْبَة وَالْوكَالَة. وَمَات فِي آخر ذَاك الْقرن سنة ثَمَانمِائَة. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن حجي الشَّمْس بن الشَّيْخ سراج الدّين البسطامي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَدفن عِنْد أَبِيه بزاويته رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن شعْبَان الْمُحب بن السراج التتائي الْأَزْهَرِي(8/250)
الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عَليّ. أسمعهُ أَبوهُ الْكثير على بقايا الشُّيُوخ وَكَذَا سمع مني وَمَات. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الديماسي الزملكاني القباني. مَاتَ بِدِمَشْق فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد بن أسعد أَبُو الطّيب السحولي بِفَتْح الْمُهْملَة وَقيل بضَمهَا نِسْبَة لسحول من الْيمن اليمني ثمَّ الْمَكِّيّ الْمُؤَذّن. ولد فِي لَيْلَة السبت مستهل رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة كَمَا ذكر، وَقَول شَيخنَا فِي إنبائه سنة إِحْدَى سَهْو، وأحضر فِي آخر الْخَامِسَة بِالْمَدِينَةِ على الزبير الأسواني الشفا وَسمع من عَليّ بن عمر بن حَمْزَة الحجار وَالْفَخْر التوزري والعز ابْن جمَاعَة وَالْجمال المطري وخالص البهائي وَأَجَازَ لَهُ الْجمال الأقشهري وعيشى الحجي والشهاب الْحَنَفِيّ والزين أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ وَغَيرهم، وَحدث سمع من الْأَئِمَّة سِيمَا الشفا فَحدث بِهِ غير مرّة لِتَفَرُّدِهِ بِهِ فِي الدُّنْيَا. وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه والتقي بن فَهد، وَقدم الْقَاهِرَة وَالشَّام غير مرّة وَكتب الْخط الْحسن ونظم الشّعْر الْجيد وَأذن بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام الْمَكِّيّ على زَمْزَم دهرا، وَكَانَ من فُقَهَاء مدارسه وعَلى أَذَانه هَيْبَة. مَاتَ بعد أَن أضرّ قبل بسنين وتعلل أَيَّامًا يسيرَة فِي يَوْم السبت ثامن ذِي الْحجَّة سنة سبع وَدفن بالمعلاة، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي مُكَرر وَأَنه قدم الْقَاهِرَة غير مرّة. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن غنيم بن عَليّ الشَّمْس أَبُو عبد الله بن السراج أبي حَفْص النبتيتي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عَليّ وَكَذَا أَخُوهُ لأمه إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْجمال وَولده عبد الْقَادِر. نَشأ فَقَرَأَ الْقُرْآن واشتغل بالفقه وَغَيره وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْجَوْجَرِيّ وَإِمَام الكاملية والزين زَكَرِيَّا فِي آخَرين، وَأكْثر التَّرَدُّد إِلَيّ وَإِلَى الزين عبد الرَّحِيم الأبناسي، وَكَانَ خيرا فَاضلا حسن المحاضرة ذَاكِرًا لنبذة من حكايات الصَّالِحين وأحوالهم أنسا كثير التودد والبشر)
عفيفا قانعا سنيا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ فِي منزل زَوجته المجاور لزاوية الشَّيْخ تركي من الكداشين وَحمل إِلَى زاويتهم بِالْقربِ من خانقاه سرياقوس فَدفن بهَا. مُحَمَّد بن عمر بن الْفَقِيه نور الدّين على الشَّمْس الْبُرُلُّسِيّ الْمَالِكِي تلميذ ابْن الأقيطع وَيعرف بِابْن فريج بفاء مَضْمُومَة ثمَّ رَاء بعْدهَا تَحْتَانِيَّة وجيم. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الْمُحب بن السراج الْحلَبِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ خَادِم نَاصِر الدّين بن عشائر ونزيل قناطر السبَاع وَيعرف بِابْن البابا ذكره شَيخنَا فِي(8/251)
مُعْجَمه وَقَالَ أَنه اشْتغل بِالْعلمِ وَذكر لي أَنه حضر دروس الْبَهَاء بن عقيل وَمهر فِي الْفِقْه، وَضعف بَصَره بِأخرَة وَوجدت لَهُ سَمَاعا على أبي الْحرم القلانسي وناصر الدّين الفارقي فِي المعجم الصَّغِير للطبراني وعَلى ثَانِيهمَا فَقَط جُزْء من حَدِيث ابْن أبي الصَّقْر وحنبل بن إِسْحَاق وسماعه لَهُ بِقِرَاءَة شَيخنَا الْعِرَاقِيّ، وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ أَبُو عمر بن جمَاعَة، كتب لنا فِي إجَازَة ابْني مُحَمَّد.
وَمَات سنة تسع عشرَة، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده. وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى ورفيقه الأبي الْمُوفق. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ المغربي الأَصْل ثمَّ السكندري الأسيوطي المولد الشَّافِعِي نزيل جَامع كزلبغا من الْقَاهِرَة. أَخذ عَن أبي الْعَبَّاس السرسي الْحَنَفِيّ ولازمه وتسلك بِهِ. وترقى فِي التصوف مَعَ البراعة فِي غَيره بِحَيْثُ انْتفع بِهِ الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم تلميذ أبي الْمَوَاهِب بن زغدان وَذكر بإتقان شرح التائية. وَمن نظمه:
(الْفقر خير من الْغنى ... لِأَنَّهُ رُتْبَة الولا)
(وَلَا عجب إِذا سلكنا ... سَبِيل سَادَات أَنَبِيًّا)
وَاسْتقر فِي مشيخة التصوف بدرسة قراقجا الحسني وانجمع عَن النَّاس، وَمِمَّنْ تردد إِلَيْهِ جلال الدّين الأسيوطي بل وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَيذكر بزهد وَأَنه يَأْكُل من نساخته.
مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الحزيزي الْيَمَانِيّ. مُحَمَّد بن عمر بن عمر بن حصن الشَّمْس بن السراج القاهري الصُّوفِي الوفائي الشَّافِعِي النقاش شيخ الذكارين بالجامع الحاكمي وَيعرف بالملتوتي. ولد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقيل بعْدهَا بست أَو سبع بِظَاهِر بَاب النَّصْر من الْقَاهِرَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن عِنْد ابْن يزوان والعمدة وعرضها على الزين الْعِرَاقِيّ وَغَيره وَربع الْمِنْهَاج عِنْد الْجمال الصنفي،)
وَكَانَ وَالِده يخْدم الْفُقَرَاء وَيُحب شُهُود مجَالِس الحَدِيث ويستصحب مَعَه إِذا شَهِدَهَا كعكا وَنَحْوه فلقب بالملتوتي وَرُبمَا لقبه شَيخنَا فِي الطباق باللتات. واعتنى بِهِ أَبوهُ فأسمعه الْكثير على ابْن الشيخة والتنوخي والحلاوي والسويداوي وَغَيرهم وتعانى التكفيت والنقش بِحَيْثُ كَانَ هُوَ الَّذِي نقش قبر السراج البُلْقِينِيّ ثمَّ تنزل فِي صوفية البيبرسية وَحضر بعض الدُّرُوس وَأخذ عَن البلالي وَأكْثر من شُهُود المواعيد وزيارة الصَّالِحين ولازم حَلقَة الذّكر بِجَامِع الْحَاكِم عقب صَلَاة الصُّبْح إِلَى الضُّحَى حَتَّى كَانَ كَبِير الْجَمَاعَة، وتطيلس وَمَشى بالعكاز وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت يَبِيع السمس والأبر وَالْوَرق وَالْخَيْط وَنَحْوهَا وَهُوَ مَعَ ذَلِك يتَرَدَّد لمجالس الْخَيْر، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبا من سنة سبعين أعلمنَا بِنَفسِهِ وأحضر أثباتا ظَاهرهَا يشْهد لَهُ وحاققته حَتَّى غلب على الظَّن(8/252)
أَنه هُوَ الْمُسَمّى بهَا وَأَنه لم يكن لَهُ أَخ يُسمى باسمه وَأخذت حِينَئِذٍ فِي تتبع الطباق وأفردت مَا وقفت عَلَيْهِ من المسموع لَهُ فِي كراسة انْتفع بهَا الطّلبَة وَأَكْثرُوا عَنهُ وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْبَهَاء المشهدي والتقي القلقشندي وَحصل لَهُ ارتفاق بذلك وَكَانَ يكثر من زيارتي وَالدُّعَاء لي وَالثنَاء عَليّ مِمَّا أسر بِجَمِيعِهِ لتوسم الْخَيْر فِيهِ وَمَعَ ذَلِك فَمَا طابت نَفسِي للْقِرَاءَة عَلَيْهِ. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين بالبيمارستان المنصوري رَحمَه الله ونفعنا بِهِ. مُحَمَّد بن عمر بن عِيسَى بن أبي بكر الْبَدْر بن السراج الوروري الأَصْل القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي أَخُو عبد الْقَادِر الْمَاضِي وأبوهما. ولد تَقْرِيبًا سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك وَقَرَأَ على أَبِيه قَلِيلا ثمَّ لَازم أَخَاهُ فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا والشرواني فِي شرح العقائد والمنطق وتميز فيهمَا بِحَيْثُ كتب على أَولهمَا حَاشِيَة وأقرأ بعض الطّلبَة وتنزل فِي تربة الْأَشْرَف قايتباي وَهُوَ مِمَّن سمع ختم البُخَارِيّ بالظاهرية مَعَ سكونه وفضله وإدمانه على الِاشْتِغَال. مُحَمَّد بن عمر بن عليسى بن مُوسَى بن حسن الشَّمْس أَبُو عبد الله البصروي ثمَّ الْمَقْدِسِي وَيعرف بِابْن القرع بقاف مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء سَاكِنة بعْدهَا مُهْملَة. سمع على الْمَيْدُومِيُّ المسلسل وجزء البطاقة وجزء ابْن عَرَفَة وجزء الْأنْصَارِيّ ونسخة إِبْرَاهِيم بن سعد وَغَيرهَا وَحدث وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس فَسمِعت مِنْهُ المسلسل بِشَرْطِهِ وجزء البطاقة وَكَذَا سمع مِنْهُ التقي أَبُو بكر القلقشندي المسلسل وجزء ابْن عَرَفَة وَكَانَ)
خيرا صَالحا محبا فِي الرِّوَايَة بِحَيْثُ يقْصد من يسمع مِنْهُ. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشري الْمحرم سنة إِحْدَى عشرَة بِبَيْت الْمُقَدّس رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عَم بن الْمُبَارك بن عبد الله بن عَليّ الْحِمْيَرِي الْحَضْرَمِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الشهير ببحرق. ولد فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ بحضرموت وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ومعظم الْحَاوِي ومنظومة الْبرمَاوِيّ فِي الْأُصُول وألفية النَّحْو بكمالها وَغير ذَلِك واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والعربية على عبد الله أبي مخرمَة حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَأخذ عَن غَيره، وصاهر صاحبنا حَمْزَة النَّاشِرِيّ على ابْنَته وأولدها، وتولع بالنظم أَيْضا ومدح عَامر بن عبد الْوَهَّاب حِين شرع فِي بِنَاء مدارس زبيد وَالنَّظَر فِيهَا فَكَانَ من أَولهَا فِيمَا أنشدنيه حِين لقِيه لي بِمَكَّة وَأَخذه عني وَكَانَ قدومه لَهَا لَيْلَة الصعُود فحج حجَّة الْإِسْلَام وَأقَام قَلِيلا ثمَّ رَجَعَ كَانَ الله لَهُ:
(أَبى الله إِلَّا أَن تحوز المفاخرا ... فسماك من بَين الْبَريَّة عَامِرًا)(8/253)
(عمرت رسوم الدَّرْس بعد دروسها ... وأحييت آثَار الْإِلَه الدوائرا)
(فَأَنت صَلَاح الدّين لَا شكّ هَذِه ... شواهده تبدو عَلَيْك ظواهرا)
وَهِي نَحْو عشْرين بَيْتا وَكَذَا أنشندي مِمَّا امتدح بِهِ الْمشَار إِلَيْهِ بَيْتا هُوَ عشر كَلِمَات وَهُوَ:
(يَا رب كن أبدا معينا ناصرا ... شمس الْمُلُوك صَلَاح دينك عَامِرًا)
ضمنه فِي أَرْبَعَة أَبْيَات يسْتَخْرج مِنْهَا الضَّمِير من الْعشْر فَقَالَ:
(أيدت دينك يَا رب الْعلَا أبدا ... بناصر لملوك الأَرْض قد ضهدا)
(أَعنِي بِهِ عَامِرًا شمس الْمُلُوك فَكُن ... ظهيره أبدا فِي كل مَا قصدا)
(وناصرا ومعينا فَهُوَ شمس ضحى ... أخْفى نُجُوم مُلُوك الأَرْض مُنْذُ بدا)
(سميته عَامِرًا لما أردْت بِهِ ... صَلَاح دينك إرغاما لمن جحدا)
مُحَمَّد بن عمر بن محب الشَّمْس الزرندي الْمدنِي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّامي الأَصْل القاهري الكتبي الْمَاضِي أَبوهُ.
تميز فِي صناعته بل والتذهيب وَنَحْوه، وَتخرج بِهِ غير وَاحِد مَعَ خموله وتقلله. مَاتَ قَرِيبا من سنة تسعين ظنا عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجمال وَرَأَيْت من قَالَ الْبَدْر أَبُو عبد الله بن)
الْفَخر بن الْجمال البارنباري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد وأخو عَليّ الماضيين وَأبي بكر الْآتِي. ولد فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِمصْر وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن والتبريزي بل والمنهاج والملحة بل وألفية ابْن ملك والورقات، وَعرض على البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والأبناسي والعراقي، وتفقه بِالنورِ الأدمِيّ وَالشَّمْس بن الْقطَّان وَابْن الملقن والبلقيني فبحث على الأول الْمِنْهَاج والتنبيه وَغَيرهمَا ولازمه وعَلى الثَّالِث بعض شَرحه على الْحَاوِي وَعَن الْأَوَّلين أَخذ ألفية ابْن ملك بحثا بل أَخذ عَن بعض الْمَذْكُورين بحثا غَيرهمَا وَكَذَا قَرَأَ على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ غَالب نكته وَتَخْرِيج أَحَادِيث الْبَيْضَاوِيّ لِأَبِيهِ وَكتب من أَمَالِيهِ كثيرا مَعَ الْمجْلس الَّذِي أملاه فِي مَكَّة هُنَاكَ، وَكَانَ حج قبل ذَلِك فِي سنة تسع وَتِسْعين وَسمع على شَيخنَا قَدِيما تَرْجَمَة البُخَارِيّ من جمعه بِالْمَدْرَسَةِ البرهانية الْمَحَلِّيَّة من مصر ولازم إملاءه أَيْضا فَكَانَ يَجِيء من مصر العتيقة، وخطب بِجَامِع عَمْرو نِيَابَة وَكَانَ صَالحا سَاكِنا ذَا فَضِيلَة وَخير. مَاتَ بِمصْر يَوْم السبت ثَانِي عشر أَو ثَالِث عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين رَحمَه الله.(8/254)
مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عزم الشَّمْس أَبُو عبد الله التَّمِيمِي التّونسِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ الْمَالِكِي وَالِد محيي الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن عزم بِمُهْملَة ثمَّ مُعْجمَة مفتوحتين ثمَّ مِيم. ولد فِي شَوَّال سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة بتونس وَنَشَأ بهَا فَقَالَ أَنه حفظ الْقُرْآن والرائية والجرومية وأرجوزة الْولدَان الْمَعْرُوفَة بالقرطبية وَقطعَة صَالِحَة من الرسَالَة ومعظم الشاطبية وَعرض بَعْضهَا بِبَلَدِهِ وتلا لورش على مؤدبه مقرئ تونس أبي الْقسم بن الْمَاجِد وَبَعضه لنافع على غَيره بل سمع بالعشر بِقِرَاءَة أَخِيه على بعض الْقِرَاءَة، وارتحل فِي مستهل رَجَب سنة سبع وَثَلَاثِينَ فَقدم اسكندرية أول الَّتِي تَلِيهَا وَحضر بهَا مجْلِس عمر البسلقوني وَغَيره، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي أَثْنَائِهَا فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَوَاخِر سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَتوجه إِلَى مَكَّة فِي الْبَحْر فوصلها فِي أول سنة أَرْبَعِينَ فدام بهَا حَتَّى حج ثمَّ توجه فِي أَوَائِل الَّتِي تَلِيهَا إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فجاور بهَا بعض سنة وَسمع بهَا على الْجمال الكازروني ثمَّ انْفَصل عَنْهَا فِي أثْنَاء السّنة فوصل الْقَاهِرَة ثمَّ رَجَعَ لمَكَّة فِي أثْنَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وَسمع بهَا اتِّفَاقًا بساحل جدة على الْمُوفق الأبي وَاسْتمرّ إِلَى أثْنَاء سنة سبع وَأَرْبَعين فوصل الْقَاهِرَة فَسمع بهَا من شَيخنَا المسلسل ومجلسا من صَحِيح مُسلم وَكتب عَنهُ مجَالِس من)
أَمَالِيهِ وَتوجه مِنْهَا فِي سنة تسع وَأَرْبَعين إِلَى الْبِلَاد الشامية وزار بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ إِلَى مَكَّة فِيهَا فقطنها وَسمع بهَا على مشايخها والقادمين إِلَيْهَا، وَأكْثر عَن أبي الْفَتْح المراغي، وسافر مِنْهَا غير مرّة إِلَى الْقَاهِرَة وتكسب فِي كل مِنْهَا بالتجليد وَكَذَا بِالتِّجَارَة فِي الْكتب ولازم بِمَكَّة المحيوي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي فِي الْعَرَبيَّة وَغَيره وانتفع بِهِ فِي الظَّوَاهِر يَسِيرا وَتخرج بصاحبنا النَّجْم بن فَهد فِي كِتَابَة الطباق، وتتبع شُيُوخ الرِّوَايَة وَصَارَ لَهُ فِي ذَلِك نوع المام مَعَ اعتناء بتقييد بعض الوفيات وتتبع لترتيب من يرَاهُ فِي الاستدعاآت وَنَحْوهَا وَرُبمَا سمع يَسِيرا ثمَّ لما كنت بِمَكَّة رافقني فِي سَماع أَشْيَاء بل سَمِعت بقرَاءَته الرسَالَة القشيرية وَغَيرهَا وَكَذَا طَاف بِالْقَاهِرَةِ على الشُّيُوخ وَسمع فِيهَا أَيْضا بِقِرَاءَتِي واستمد مني كثيرا ووصفني بشيخنا الْعَلامَة حَافظ الْعَصْر وَبَالغ فِي غير ذَلِك ثمَّ أَنه خلط فَإِنَّهُ اشْتَدَّ حرصه على تَحْصِيل تصانيف ابْن عَرَبِيّ والتنويه بهَا وبمصنفها حَتَّى صَار دَاعِيَة لمقالته وركن إِلَيْهِ أهل هَذَا الْمَذْهَب فَكَانَ يجلب إِلَيْهِم من تصانيفه مَا ينمقه ويحسنه فيرغبونه فِي ثمنه وَرُبمَا قصد كثيرا من عوام المسندين فِي الْخفية لقراءتها لتَكون مُتَّصِلَة الْإِسْنَاد زعم وعذلته(8/255)
كثيرا عَن ذَلِك فَمَا كف بل أَفَادَ حقدا ومقاطعة، وسمعته ينشد مِمَّا زعم أَنه كتب بِهِ لشَيْخِنَا:
(ديني وفقري وهم عائلتي ... دعت يداك لَعَلَّ ترحمهم)
(حاشا يخيبون إِن دعوك وهم ... ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم)
وَكَذَا سمعته يَقُول:
(يَا بن فَهد يَا عمر ... جادك الْفَتْح ودر)
(إِنَّمَا النَّاس نُجُوم ... بَينهم أَنْت قمر)
وَقد رَأَيْته فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَالَّتِي بعْدهَا وَقد هش وَكبر واستعان بالعكاز ولازم الشكوى والعتب على الزَّمن وَأَهله، وَاسْتمرّ كَذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَتِسْعين عَفا الله عَنهُ وإيانا وَخلف أَوْلَادًا وَلم يُوجد فِي تركته من جمعه وتعبه مَا ينْتَفع بِهِ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد أثير الدّين بن الْمُحب بن الْخَطِيب الشَّمْس الخصوصي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بأثير الدّين الخصوصي الْمَاضِي أَخُوهُ)
أَحْمد. ولد سنة نَيف وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَذكر أَنه اشْتغل بالفقه على أَبِيه وَابْن الملقن والبلقيني والأبناسي وَعَلِيهِ بحث نكت النَّسَائِيّ على التَّنْبِيه وبالأصول على الْبَدْر بن أبي الْبَقَاء والشهاب النحريري الْمَالِكِي وقنبر والعز بن جمَاعَة وَكَذَا البُلْقِينِيّ وَحضر دروسه ودروس السَّيْف الصيرامي وشيرين العجمي نزيل مدرسة حسن وقاضي دمشق الشهَاب الْقرشِي فِي التَّفْسِير وبالعربية عَن الْمُحب بن هِشَام والغماري وَعبد اللَّطِيف الأقفاصي وَالشَّمْس السُّيُوطِيّ وَأَنه سمع على الْبَهَاء أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ والضياء القرمي وَابْن الصَّائِغ الْحَنَفِيّ والتنوخي وَابْن الملقن والبلقيني والعراقي والهيثمي وَابْن خلدون ووقفت على سَمَاعه هُوَ وَأَخُوهُ أَحْمد من الزين الْعِرَاقِيّ لكثير من أَمَالِيهِ بِحَضْرَة الهيثمي، وَحج بِهِ وَالِده صَغِيرا ثمَّ سَافر هُوَ بعد إِلَى الْبِلَاد وطوف فَأكْثر وَدخل دمشق غير مرّة وَولي باسكندرية تدريس مدرسة الوشاقي، وَكَانَ فَاضلا فكها حُلْو النادرة قَادِرًا على اختراع الخراع أمة فِي ذَلِك وعَلى التطور فِي أشكال مُخْتَلفَة بِحَيْثُ يحسن كَلَام المغاربة حَتَّى لَا يشك سامعه أَنه مِنْهُم، كل ذَلِك مَعَ الْمُشَاركَة الجيدة فِي الْفُنُون بِحَيْثُ درس وصنف ونظم ونثر وناب فِي الحكم عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فَمن بعده، وَعمر أرجوزة فِي ألف بَيت سَمَّاهَا الارتضاء فِي شُرُوط الْقَضَاء وَأُخْرَى فِي الْأُصُول وتعاليق فِي الْفِقْه وَغَيره وَلكنه غلب عَلَيْهِ الْبسط والمجون مَعَ مُلَازمَة الِاشْتِغَال والمطالعة، سَافر إِلَى دمشق صُحْبَة الْبَهَاء بن حجي فَقَدمهَا وَهُوَ متوجع بالبطن ثمَّ تزايد بِهِ الْحَال حَتَّى مَاتَ بالبيمارستان النوري فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر صفر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين(8/256)
وَدفن من يَوْمه بِبَاب الصَّغِير عَفا الله عَنهُ. وَمن نظمه:
(وَلما ادعيت الصبو قَالَت عواذلي ... أتصبو مَعَ الهجران وَالرَّمْي بالبين)
(وَقد ألزموني أَن أقيم شُهُوده ... فَقلت على رَأْسِي أقيم وَمن عَيْني)
وَمضى فِي عَليّ بن أقبرس مَا تلاعب بِهِ كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ بِسَبَب الْمجْلس وهجا ابْن أقبرس بِغَيْر ذَلِك ونظمه سَائِر عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي الطّيب. يَأْتِي قَرِيبا فِيمَن جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بكتمر نَاصِر الدّين بن الزين بن الْحَاجِب خَاتِمَة الذُّكُور من ذُرِّيَّة جده بكتمر الْحَاجِب خَاتِمَة الذُّكُور من ذُرِّيَّة جده بكتمر الْحَاجِب.
مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء حادي عشر صفر سنة خمس وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن)
بمدرستهم بِالْقربِ من مصلى بَاب النَّصْر. وَكَانَ مُسْرِفًا على نَفسه، وَهُوَ زوج أم الْحسن ابْنة التقي البُلْقِينِيّ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خلف الله بن عبد السَّلَام أَبُو عبد الله القلجاني بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون اللَّام وجيم أَو شين مُعْجمَة التّونسِيّ المغربي الْمَالِكِي قَاضِي الْجَمَاعَة بتونس والماضي أَبوهُ وَعَمه أَحْمد وأخواه حسن وحسين. ولد سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة بتونس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده وَأخذ عَن أَبِيه وَعَمه وَأبي الْقسم الْبُرْزُليّ بل زعم أَنه أَخذ عَن جده فقد رَأَيْت البدري كتب عَنهُ فِي مَجْمُوعه أَن جده أنْشدهُ وحفيده لابس برنسا:
(لبس الْبُرْنُس الْفَقِيه فتاها ... ودري أَنه الظريف فتاها)
(لَو زليخا رَأَتْهُ حِين تبدى ... لتمنته أَن يكون فتاها)
وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة بتونس فِي شعْبَان سنة تسع وَخمسين بعد صرف عَمه فدام سبع عشرَة سنة وأثرى وَكَثُرت عقاراته ومتاجره مَعَ إساءة تصرفه فِي الْأَحْكَام وَفِيمَا تَحت نظره من الْأَوْقَاف خُصُوصا بعد موت أَخِيه حسن فَإِنَّهُ كَانَ لعلمه وسياسته مَسْتُورا بِهِ ثمَّ قدر أَنه توعك فانتهز السُّلْطَان الفرصة وَصَرفه فِي سنة خمس أَو سِتّ وَسبعين فَلم يحْتَمل، وبادر الْمَجِيء إِلَى الْقَاهِرَة ليحج فَقَدمهَا فِي سنة سبع وَسبعين فحج ثمَّ رَجَعَ وسلمت عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَأنْكرت عَلَيْهِ شَيْئا من كَلِمَاته فرام إلفاتي مَعَه بتعظيمي وَإِظْهَار مَا هُوَ متصنع فِي أَكْثَره كدأبه وَكَانَ ذَلِك بِحَضْرَة صاحبنا قَاضِي الْحَنَفِيَّة الشَّمْس الأمشاطي، وَاسْتمرّ مُقيما بِالْقَاهِرَةِ وراج أمره فِيهَا وأقرأ فِي الْفِقْه وأصوله والنحو وَالتَّفْسِير وَأظْهر ناموسا مَعَ الطّلبَة وَنَحْوهم ومزيد انخفاض مَعَ السُّلْطَان وَنَحْوه وَحسن اعْتِقَاد الْأَمِير تمراز فِيهِ ووالى عَلَيْهِ(8/257)
الْعَطاء وَالْإِكْرَام، وَلم يلبث أَن اسْتَقر بِهِ السُّلْطَان فِي مشيخة تربته فتزايدت وجاهته وَحضر ختم البُخَارِيّ مَعَ الْجَمَاعَة بالقلعة فَجَلَسَ بِجَانِب الْمَالِكِي وَفَوق الْعَبَّادِيّ وَاسْتمرّ فِي الترفع إِلَى أَن كَانَ أعظم قَائِم مَعَ الدولة فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة بِبَيْت الْمُقَدّس حَسْبَمَا شرحته فِي غير هاذ الْمحل. وَكتب على استفتاء الْيَهُود لذَلِك مَا لَا يسوى سَمَاعه وَلم ينْهض لإِقَامَة حجَّة مَعَ آحَاد الطّلبَة وَلكنه لعلمه بتقصيره أسلف مَعَ عَظِيم الدولة مَا اقْتضى لَهُ الْمَنْع من التَّكَلُّم مَعَه حِين الْمجْلس الْمَعْقُود لذَلِك وَمَعَ هَذَا فقد برزت للرَّدّ عَلَيْهِ وَلَكِن لكَونه خلاف الْغَرَض لم يفد وَكَانَ)
يترجى بِهَذَا وَنَحْوه التَّقَدُّم لخطة الْقَضَاء فَمَا أمكن، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ متساهل علماص وَعَملا وَقد تَكَلَّمت مَعَه مرّة بعد أُخْرَى واتضح لي شَأْنه وَأَنه لم يرج أمره إِلَّا على أكمه لَا يعرف القمرا. وَلما علم انحطاطه عِنْد خِيَار الْمُسلمين اسْتخْلف تِلْمِيذه ابْن عَاشر فِي التربة وبادر إِلَى الرُّجُوع لبلاده ورام التَّوَصُّل لعود قَضَاء الْجَمَاعَة إِلَيْهِ بالسعي بصاحبنا أبي عبد الله البرنتيشي فِيمَا وَرثهُ من المَال الَّذِي أرسل بِهِ ابْن عَم وَالِده إِلَى حَاجِب تونس فَكَانَ ذَلِك سَببا لإفلات المَال من يَد الْوَارِث بعد محنته وَالْمُبَالغَة فِي أذيته وَأمره فَوق هَذَا وَمَعَ ذَلِك فَلم يتهيأ لَهُ إِلَّا الِاسْتِقْرَار فِي منصب الْقَضَاء بِجَامِع الزيتونة وَفِي الخطابة بِجَامِع الْمُوَحِّدين من القلعة ثمَّ صرف. وبلغنا أَنه مَاتَ بِبَلَدِهِ مقهورا بِسَبَب صرفه فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسعين وَشهد السُّلْطَان فَمن دونه جنَازَته عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن غَانِم بن مفرج الْجمال بن السراج أبي حَفْص بن الْجمال أبي رَاجِح الْعَبدَرِي الشيبي الحَجبي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي شيخ الحجبية كسلفه والماضي أَبوهُ وأخواه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن. ولد فِي ثَالِث عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ فِيمَا زعم بعد الْقُرْآن الشاطبية وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَعرض على الْكَمَال بن الْهمام وَأبي السعادات بن ظهيرة وَأبي البركات بن الزين وَالْقَاضِي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي وَأخذ فِي الْفِقْه عَن النُّور الفاكهي وَأخذ الْمِنْهَاج عَن الْكَمَال إِمَام الكاملية تقسيما هُوَ الْقَارئ فِي بعضه ولازم الْجَوْجَرِيّ وَابْن يُونُس المغربي، وتميز فِي حفظ أشعار وكلمات وَسمع على أبي الْفَتْح بن المراغي والبلاطنسي وخطاب فِي مجاورتهم وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَاسْتقر فِي المشيخة بعد ابْن عَمه بَرَكَات بن يُوسُف. مُحَمَّد أَبُو الْخَيْر الملقب بالطيب وَبِه اشْتهر أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ التَّالِي لَهُ. ولد فِي أثْنَاء رَجَب سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي(8/258)
النَّوَوِيّ ومنهاجه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك والشاطبية والبردة وَعرض بِمَكَّة ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ على جمَاعَة وَكنت مِمَّن عرض عَليّ فِيهَا وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة افتتحها بِقَوْلِي: الْحَمد لله جَاعل الطّيب للخلاصة منهاجا ومانح خَادِم بَيته من الْكسْوَة بردة تحرزه لَهُ رتاجا. وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي والكمال إِمَام الكاملية بل قَرَأَ عَلَيْهِ وعَلى الزين خطاب واشتغل قَلِيلا ثمَّ ترك.)
حفظ الْمِنْهَاج وَغَيره وَأخذ القراآت عَن ابْن عَيَّاش والطباطبي وَسمع من أبي الْفَتْح المراغي ثمَّ مني حِين كنت هُنَاكَ وَهُوَ إِنْسَان خير صاهره السَّيِّد السمهودي على أُخْته رقية بعد عبد الْقَادِر عَم النَّجْم بن يَعْقُوب القَاضِي وباشر فِي حَاصِل الْحرم مَعَ دشيشة الظَّاهِر جقمق بعد مُسَدّد. مَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ عَن دون السّبْعين. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد القاهر ابْن هبة الله الْجلَال أَبُو بكر بن الزين أبي حَفْص بن الضياء بن النصيبي الشَّافِعِي سبط الْمُحب بن الشّحْنَة الْحَنَفِيّ والماضي جده قَرِيبا. ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بحلب وَقدم الْقَاهِرَة وَهُوَ صَغِير مَعَ أَبِيه ثمَّ قدمهَا بعد على جده لأمه فِي سنة إِحْدَى ثمَّ فِي سنة سِتّ وَسبعين وَكَذَا بعد ذَلِك، وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن وَصلي بِهِ بالجامع الْكَبِير سنة تسع وَخمسين وَهُوَ ابْن ثَمَان والمنهاجين والألفيتين ثمَّ جمع الْجَوَامِع وَعرض على الْجمال الباعوي وأخيه الْبُرْهَان والبدر بن قَاضِي شُهْبَة والنجم بن قَاضِي عجلون وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أبي ذَر وَفِيه وَفِي أُصُوله والنحو عَن السلَامِي ووالده الزين عمر وبالقاهرة عَن الْفَخر المقسيفي تقسيمين والجوجري وَقَرَأَ على البعادي فِي الْفِقْه وعَلى الشمني فِي شرح نظم أَبِيه للنخبة والقليل من شرح الألفية لِابْنِ أم قَاسم وَكَذَا أَخذ فِي النَّحْو عَن البقاعي وَحضر عِنْد جده الْمُحب فِي دروسه وَغَيرهَا كثيرا وَأخذ عني بقرَاءَته فِي الْجَوَاهِر وَفِي غَيرهَا وامتدحني بِأَبْيَات وَجمع أَشْيَاء مِنْهَا تَعْلِيق على الْمِنْهَاج سَمَّاهُ الأبهاج فِي أَربع مجلدات قرضه لَهُ الْكَمَال بن أبي شرِيف وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ الْفِقْه وحاشيته على الْمحلي والبيضاوي وَبَالغ فِي تَعْظِيمه وَغير ذَلِك، وبرع وتميز ونظم ونثر مَعَ ظرف ولطف ومحاسن جمة وَلكنه بِوَاسِطَة خلطته لخاله عبد الْبر غير أسلوب أسلافه من قبل الْآبَاء وَبَاعَ لذَلِك كتبه وموجوده وَركبهُ الدّين مرّة بعد أُخْرَى وأتلف مَا لزوجته ابْنة الشَّمْس بن الشماع بل كَانَ لأجلهم لَا يجْتَمع بالأمين الأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ وكاتبه حَسْبَمَا صرح لي بِهِ ويتأسف على ذَلِك، وَحج مَعَ وَالِده فِي سنة(8/259)
سِتّ وَسِتِّينَ وَسمع مَعَه على التقي بن فَهد بِمَكَّة ثمَّ بِانْفِرَادِهِ على الزين أبي الْفرج المراغي بِالْمَدِينَةِ، وَكتب عَن قَاضِي الْمَالِكِيَّة بهَا الشَّمْس بن القصبي تخميس الْبردَة فِي الْقَضَاء فِي الْقَاهِرَة ودمشق وبلده، وَكتب بهَا التوقيع نِيَابَة عَن)
التادفي بل نَاب فِي الْقَضَاء فِي الْقَاهِرَة ودمشق وبلده، وَحسن حَاله وتراجع قَلِيلا وَكَانَ بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة خمس وَتِسْعين وزارني حِينَئِذٍ، وَمِمَّا كتبه عَنهُ الْعِزّ بن فَهد من نظمه مِمَّا يقْرَأ على قافيتين:
(ولي قمر مَا زلت أَهْوى مديحه ... عَسى أَن يُبِيح الْوَصْل مِنْهُ فَمَا أَبَاحَ)
(وَكم قلت أَن الصُّبْح يَحْكِي جَبينه ... ليصبو فَمَا حَكَاهُ بدر وَلَا صباح)
وَقَوله:
(حُسَيْن إِن هجرت فلست أقوى ... على الهجران مذ فَرح الحسود)
(ودمعي قد جرى نَهرا وَلَكِن ... عذولي فِي محبته يزِيد)
مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر الزَّمن بن مُحَمَّد بن صديق بن أبي بكر بن يُوسُف بن عَليّ بن عادي بن ثَابت بن نابت بن ركاب بن ربيع بن نزار الخواجا الشَّمْس بن السراج الْقرشِي الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي عَم إِبْرَاهِيم بن عبد الْكَرِيم الْمَاضِي ووالد الْجمال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الزَّمن. ولد فِي سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فِي كَفَالَة أَبِيه فَقَرَأَ الْقُرْآن والزبد لِابْنِ رسْلَان وهدية الناصح للزاهد وَبَعض الْمِنْهَاج الفرعي ثمَّ اشْتغل كأبيه بِالتِّجَارَة وَأَقْبل على السّفر فِيهَا فَدخل الرّوم وَغَيرهَا مِمَّا يَليهَا وَمن بِلَاد الفرنج سمندرة. وَشهد غير مَا غَزْوَة برا وبحرا وَكَذَا دخل مصر غير مرّة أَولهَا حِين كَانَ السَّعْدِيّ بن كَاتب حَكِيم نَاظر الْخَاص وقطنها مدَدا ودوره بهَا بَيت التوريزي تجاه البردبكية من رحبة الأيدمري وَلَقي الظَّاهِر جقمق، وَاجْتمعَ فِي سَفَره مَعَ وَالِده وبمفرده بالتقي الحصني والْعَلَاء البُخَارِيّ وَغَيرهمَا كالشرواني وَابْن قندس والزين خطاب بِدِمَشْق وبالشهاب بن رسْلَان بالرملة وبابن زهرَة والسوبيني بطرابلس وبحمزة أحد الْعلمَاء بأنطاكية وبحمزة القرماني بِلَا رندة من أَعمالهَا وبالفخر العجمي وَالْقَاضِي خصروه بأذرنة وبشيخنا والْعَلَاء القلقشندي والقاياتي والمحلي والمناوي وَإِمَام الكاملية وَغَيرهم من الشَّافِعِيَّة وبابن الْهمام من الْحَنَفِيَّة وبأبي الْقسم النويري من الْمَالِكِيَّة وبالتقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي وَيحيى العلمي الْمَالِكِي بِمَكَّة وبأبي الْفرج المراغي بِالْمَدِينَةِ فِي آخَرين من العماء بِهَذِهِ الْبِلَاد وَغَيرهَا وَحضر مجَالِسهمْ وَكَذَا لَقِي غير وَاحِد(8/260)
من الصَّالِحين وَوَقع لَهُ مَعَ بَعضهم غرائب وكرامات انْتفع بهَا وَأَعْطَاهُ شخص مِنْهُم يُسمى بير جمال الشِّيرَازِيّ شَعْرَة تنْسب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ)
وَسلم وَقَالَ إِنَّهَا عِنْده وَكَذَا أحضر لَهُ من خَيْبَر بعض الْأَحْجَار الْمَنْسُوب لِأَن بهَا أثر الْقدَم الشريف وَكتاب قيل أَنه بِخَط أحد كتاب الْوَحْي شرحيل وَالْكل مَحْفُوظ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي شرع فِي إنشائها باشطئ بولاق. وَأول اخْتِصَاصه بالأشرف قايتباي وَهُوَ أَمِير فَلَمَّا تسلطن عينه لمشارفة العمائر المكية وَكَانَ حج هُوَ قبل ذَلِك فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وجاور بهَا غير مرّة وَله مآثر بِهِ كالرباط والدشيشة، وَمِمَّا شارفه بِمَكَّة الْعِمَارَة بداخل الْبَيْت الشريف بَين الرُّكْنَيْنِ اليمانين بعد أَن قلع من الْجِدَار قاربتين أكلتهما الأرضة فَدَفْنُهُمَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَجعل مَحلهمَا من الْجِدَار أحجارا بالجبس وسترها بالرخام مَعَ إصْلَاح أَمَاكِن غير ذَلِك من دَاخل الْبَيْت ورخم غَالب الْحجر وَأصْلح مَحل الْقَدَمَيْنِ من الْمقَام وأجرى عين بازان غير مرّة ومدرسة السُّلْطَان ومنارتها وَغير ذَلِك ورسم لَهُ أَيْضا بمشارفة العمائر بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَكَانَ أول ذَلِك فِي سنة تسع وَسبعين وتكرر ذَلِك لَهُ بِحَضْرَتِهِ أَو بِحَضْرَة جماعته وَمِمَّا بناه حِينَئِذٍ الْقبَّة الْبَيْضَاء الَّتِي بعلو الْقَبْر الشريف وَمَا حوله وَغير ذَلِك ثمَّ لما وَقع الْحَرِيق كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِي لإصلاحه وَمِمَّا أصلحه هُنَاكَ مَسْجِد قبا مَعَ منارته وأجرى الْعين الزَّرْقَاء بل أنشأ هُنَاكَ الرِّبَاط ومدرسة السُّلْطَان ومنارتها والمنارة الرئيسية وَأَنْشَأَ مدرسة بِبَيْت الْمُقَدّس وَعمر قبَّة الإِمَام الشَّافِعِي وجدد رخامها وزخرفتها وتربة الشَّيْخ عبد الله المنوفي إِلَى غير ذَلِك من القربات ومكانا هائلا ببولاق مَعَ مدرسة هُنَاكَ مَا أظنها كملت وَكَانَ زَائِد التَّوَجُّه لما يكون من هَذَا الْقَبِيل مَعَ إكرام الغرباء والوافدين عَلَيْهِ وإتحافهم بِحَسب مَرَاتِبهمْ وتأدبه مَعَ الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ واعترافه بِالنَّقْصِ والعامية والتلفت لإرشاده فِيمَا لَعَلَّه يصدر عَنهُ مِمَّا يُخطئ فِيهِ وَله معي من هَذَا النَّوْع شَيْء كثير وَقد امتحن غير مرّة وَكثر التعصب عَلَيْهِ بِمَا الْكثير مِنْهُ بَاطِل فَصَبر وخدم وَلم يزل فِي المكابدة والمناهدة مَعَ طول يَده بِالْإِحْسَانِ وتكميل محاسنه بحلاوة اللِّسَان إِلَى أَن كَانَ فِي موسم سنة سِتّ وَتِسْعين فَاسْتَأْذن فِي الْحَج فَأذن لَهُ وسافر على هَيْئَة جميلَة وَمَعَهُ الشريف شمس الدّين القادري شيخ طائفته وَغَيره فحج وَاسْتمرّ فتعلل بعد ذَلِك أشهرا، وَتوجه فِي أواخرها لجدة فتزايد ضعفه وَرجع فِي محفة مَغْلُوبًا عَلَيْهِ فَمَا مضى يَوْم قدومه حَتَّى مَاتَ عِنْد غرُوب شمسه يَوْم الْأَحَد ثامن عشر شَوَّال سنة سبع وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ بعد صبح يَوْم الِاثْنَيْنِ ثمَّ دفن بتربته وَكَذَا كثر الثَّنَاء عَلَيْهِ وَلم يخلف بعده فِي أَبنَاء جنسه مثله وَلم أكن مَعَ الْجَمَاعَة فِي الْإِنْكَار عَلَيْهِ بِمَا(8/261)
نسب إِلَيْهِ من)
التجري لبطلانه، نعم قَامَ مَعَ حَظّ نَفسه من عدم الانقياد لقَاضِي مَكَّة البرهاني وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ أضرّ من وسائط السوء والكمال لله وَعند الله تلتقي الْخُصُوم رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد النفطي المغربي نزيل مَكَّة ومؤدب الْأَطْفَال بهَا ويلقب تنه. مَاتَ بهَا فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان النَّجْم أَبُو الْفضل بن الزين الْبكْرِيّ اعلدمشقي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن عَم أَبِيه الْعَلَاء عَليّ بن أَحْمد وَيعرف كل مِنْهُم بِابْن الصَّابُونِي. عرض عَليّ وَهُوَ فِيمَا قَالَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين الشاطبية والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وايساغوجي ومقدمة فِي الْمنطق وَسمع مني المسلسل وَكَانَ مَعَه فقيهه الشَّيْخ عمر التتائي وَجَمَاعَة وكتبت لَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عمل لَهُ الْعَلَاء الْوَلِيمَة فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين وَعرض فِيهَا على مَشَايِخ الْوَقْت وقضاته واستهدعيت فَلم أحضر فجيء بِهِ إِلَيّ بَارك الله فِيهِ وَلم يلبث أَن مَاتَ بالطاعون سنة سبع وَتِسْعين عوضه الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن فَهد موفق الدّين أَبُو المحاسن ابْن صاحبنا النَّجْم بن فَهد. مَاتَ قبال إِكْمَال سنتَيْن فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. مُحَمَّد أَبُو زرْعَة أَخُو الَّذِي قبله. يَأْتِي فِي عبد الله. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي الْكَتَائِب نَاصِر الدّين بن التقي بن النَّجْم بن الزين بن أبي الْقسم ابْن أبي الطّيب الْعجلِيّ النهاوندي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي الطّيب. ولد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ يكْتب بِخَطِّهِ الْعمريّ العثماني لِأَن أمه من بني فضل الله يُقَال إِنَّهَا ابْنة الشهَاب أَحْمد بن يحيى بن فضل الله وَكَانَ هُوَ يلبس بزِي الْجند وَهُوَ شَاب وَأول مَا ولي بعد موت وَالِده تدريس بعض الْمدَارِس ثمَّ نظر الخزانة بِدِمَشْق سنة تسع وَسِتِّينَ ثمَّ كِتَابَة السِّرّ بحلب سنة ثَمَان وَسبعين عوضا عَن الشَّمْس بن مهَاجر ثمَّ بطرابلس ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا بحلب عوضا عَن نَاصِر الدّين بن السفاح فِي سنة سبع وَتِسْعين ثمَّ عزل فِي آخر الْقرن فسافر إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا حَتَّى ولي كِتَابَة سرها فِي الْمحرم سنة إِحْدَى بعد موت أَمِين الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْحِمصِي ثمَّ عزل فِي شعْبَان من الَّتِي تَلِيهَا فِي فتْنَة تمر وأهين وَأخذ لمصر)
موكلا بِهِ ثمَّ أطلق فَقدم مَعَ الْعَسْكَر لقِتَال التتار فَلَمَّا فر السُّلْطَان عَن الشَّام(8/262)
توصل إِلَى أَن ولي كِتَابَة السِّرّ عَن اللنكية ثمَّ عُوقِبَ حَتَّى مَاتَ فِي الْعقُوبَة فِيمَن مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث عَن بضع وَخمسين سنة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه والمقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن إِبْرَاهِيم الْجمال أَبُو أَحْمد بن الْوَلِيّ السراج أبي حَفْص الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ العرابي بِفَتْح الْعين وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَكسر الْمُوَحدَة. ولد فِي الْمحرم سنة خمس بِأَبْيَات حُسَيْن وَقدم مَعَ وَالِده لمَكَّة فِي سنة إِحْدَى عشرَة فأكمل بهَا حفظ الْقُرْآن وَسمع بهَا من الزين المراغي الصَّحِيحَيْنِ وَسنَن أبي دَاوُد وَقطعَة من آخر ابْن حبَان وتسلك بوالده، وَدخل الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَعشْرين وَلَقي بهَا جمَاعَة من الصلحاء فلحظوه وبلاد الْيمن غير مرّة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ خلق من قبائلها واعتقدوه وأباه وتزايد شَأْنه جدا عِنْدهم وَصَارَ لَهُ فِي الْعَرَب أعظم قبُول بِحَيْثُ يقفون عِنْد أوامره بل لَهُ عِنْد أَمِير مَكَّة وجاهة لَا يتَخَلَّف لأَجلهَا عَن قبُول شفاعاته، هَذَا كُله مَعَ معرفَة بطرِيق الْقَوْم ونظم رائق وَيَقَع لَهُ فِي حَال السماع والوجد مِنْهُ مَا لَا يسمح بِذكرِهِ فِي لاصحو وَقد يكْتب عَنهُ وَهُوَ لَا يشْعر، إِلَى غير ذَلِك من محبَّة فِي الجاه وَالْمَال الَّذِي لم يَقع مِنْهُ على طائل. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس الْمحرم سنة سِتّ وَخمسين وَدفن بِجَانِب قبر أَبِيه من المعلاة. وَله أَوْلَاد أَحْمد ومولده فِي المرحم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَعمر ومولده فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَبُو بكر ومولده فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الزين الْغَزِّي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن المغربي. ولد سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بغزة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على الشَّمْس بن عمرَان بل تلاه عَلَيْهِ للسبع إفرادا وجمعا وعَلى الشَّمْس القباقبي لِابْنِ مُحَيْصِن وَكَذَا قَرَأَ للسبع على الشهَاب السكندري وَابْن كزلبغا بِالْقَاهِرَةِ واليسير بالسبع أَيْضا على ابْن عَيَّاش بِمَكَّة وَحفظ الشاطبيتين وَالْمجْمَع وألفية ابْن ملك وَعرض على الشَّمْس بن الجندي واشتغل على نَاصِر الدّين الأياسي فِي الْفِقْه وعَلى أبي الْقسم النويري فِي الْفَرَائِض والحساب وتلقن الذّكر من ابْن رسْلَان، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة أَولهَا فِي سنة أَرْبَعِينَ وَأخذ عَن شَيخنَا وَحج كثيرا وجاور غير مرّة وَدخل الْيمن فاغتبط بِهِ جمَاعَة بهَا وأقرأ هُنَاكَ وَكَذَا دخل أَمَاكِن كالشام وحلب وأقرأ بهَا أَيْضا بل أَخذ فِيهَا عَن المرعشي نظمه للكنز وَهُوَ مِمَّن)
أَخذ عني قبل ولَايَة أَخِيه ثمَّ بعْدهَا وَله نباهة فِي القراآت وجودة فِي الْأَدَاء بِالنِّسْبَةِ لحديثه فَإِنَّهُ كأبيه وَكَذَا أَخُوهُ فِي لِسَان كل مِنْهُم مسكة تضيق الأنفاس من أجلهَا لسَمَاع حَدِيثهمْ مَعَ ثروة وَعدم إِظْهَار نعْمَة ولتوهم أَن بعض مَا بِيَدِهِ لِأَخِيهِ ضيق عَلَيْهِ فِي(8/263)
محنته سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ خلص وعَلى كل حَال فَهُوَ أشبه مِنْهُ. مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله وقديما أَبُو الْجُود الْغَزِّي ثمَّ القاهري بن المغربي أَخُو الَّذِي قبله والماضي أَبوهُمَا. ولد فِي شَوَّال سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بغزة وَكَانَ أَبوهُ مالكيا فَنَشَأَ ابْنه هَذَا متحنفا وَحفظ الْقَدُورِيّ ومنظومة ابْن وهبان وَغَيرهمَا وَأخذ الْفِقْه والفرائض والحساب والعربية عَن زوج أُخْته الشَّمْس بن دمرداش الْخَطِيب الحصري بل زعم أَنه قَرَأَ فِي بَيت الْمُقَدّس قِطْعَة من شرح النزهة فِي الْحساب لِابْنِ الهائم فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين على الْعِمَاد بن شرف وَكَذَا أَخذ الْفِقْه والعربية أَيْضا مَعَ الْأُصُول عَن شيخ الْمَذْهَب بِبَلَدِهِ نَاصِر الدّين الإياسي ولازمه فِي قِرَاءَة الصَّحِيحَيْنِ والموطأ والشفا وَغَيرهَا وَلم يَنْفَكّ عَنهُ حَتَّى مَاتَ بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ، وَرَأَيْت من كتب عَنهُ أبياتا زعم أَنَّهَا من نظم شَيْخه الإياسي وَالْفِقْه وَأَصله أَيْضا عَن قَاضِي بَلَده الشَّمْس بن عمر وَكتب لَهُ التوقيع وَتخرج بِهِ فِيهِ وتكسب بِهِ وَالْعرُوض فِي حلب عَن الزين قَاسم الرَّمْلِيّ ثمَّ الْحلَبِي أحد أَصْحَاب ابْن رسْلَان وبرع فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه وَكثر استحضاره لفروعه وَكَذَا برع فِي الشُّرُوط وَكتب بِخَطِّهِ جملَة، وَحج بعد الْخمسين وزار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَدخل الشَّام وحلب وَغَيرهمَا أَظُنهُ فِي التِّجَارَة وَمَعَ ذَلِك فَلَا أستبعد أَخذه فِيهَا عَن بعض فضلائها ثمَّ بَلغنِي عَنهُ أَنه اجْتمع بِدِمَشْق فِي سنة أَربع وَخمسين بالجمال الباعوني وأخيه الْبُرْهَان الشافعيين ويوسف الرُّومِي وَعِيسَى الْبَغْدَادِيّ الحنفيين وَأخذ عَنْهُم وَتردد فِي حلب إِلَى الشَّمْس بن الشماع والْعَلَاء الحاضري وَالشَّمْس الغزولي واستفاد مِنْهُم وَإنَّهُ لَقِي فِي بَيت الْمُقَدّس الْعِزّ عبد السَّلَام الْقُدسِي وماهرا وَالْجمال بن جمَاعَة والتقي القلقشندي وَعبد الْمُؤمن الْوَاعِظ وَغَيرهم وَاسْتقر فِي مشيخة البردبكية بِبَلَدِهِ، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا وَحضر دروس الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَابْن الْهمام والشمني والكافياجي والعضد الصيرامي وَسيف الدّين الحنفيين ولازم فِيهَا الزين قاسما فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا وَحضر مَوته وَكَذَا لَازم الْأمين الأقصرائي وأذنا لَهُ والصيرامي وَمن قبلهم الإياسي فِي الْإِفْتَاء والإقراء، وقطن الْقَاهِرَة من سنة ثَمَان)
وَسبعين وقصدني غير مرّة وَكَذَا لَازم الشَّمْس الأمشاطي فِي دروسه وَغَيرهَا وكساه حِين أعلمهُ أَخُوهُ المظفر بمزيد فقره لظَنّه صدقه مِمَّا بَان خِلَافه جوخة فَلَمَّا ولي الْقَضَاء نوه بِهِ ونزله فِي صوفية البرقوقية ورتب لَهُ لتوهم فقره مَعْلُوما وَصَارَ يحِيل فِي الْفَتَاوَى عَلَيْهِ.
ودرس بالأزهر لسكناه بجواره وَلذَا كَانَ يحضر بِهِ درس الزين عبد الرَّحْمَن السنتاوي فِي الْعَرَبيَّة وَكَذَا درس فِي غَيره ثمَّ اسْتَقر بعد(8/264)
مَوته فِي تدريس السودونية ثمَّ القجماسية المستجدة أول مَا فتحت ثمَّ قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالديار المصرية، وَسكن الصالحية وانفصل عَن القجماسية وَلم تحمد سيرته بل ألصق بِهِ مَا يستهجن ذكره وَطلب لرأس نوبَة غير مرّة فأهين وشوفه بمكروه كَبِير بل أهين بِمَجْلِس السُّلْطَان وَصَارَ الْفُقَهَاء بِهِ عِنْد الأتراك مثلَة وَقيل فِيهِ:
(يَا حسرة وافت وَيَا ذلة ... لمصر بعد الْعِزّ والمرتقى)
(قد قهقرت لما ولي قَاضِيا ... الألكن الْغَزِّي يَا ذَا الشقا)
وَكَذَا قيل: أبكيت يَا مصر جَمِيع الْبِلَاد وَضَاقَتْ الأَرْض بهَا والفضا
(وَقَامَ نعيا لَك فِي كلهَا ... لما ولي ابْن المغربي القضا)
وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يجد خصما يُكَافِئهُ وَلذَا توقف الْأَمر وتزايد الِابْتِلَاء بِهِ خُصُوصا وَعمل نقيبه بعض الْأَحْدَاث مِمَّن لَعَلَّه اتّفق مَعَه فِي الْمُقَاسَمَة وتزايدت بذلك أَمْوَاله، كل هَذَا مَعَ عقد لِسَانه الموازي للخرس وفقد الْبَهَاء الَّذِي لَا يخفى وَلَا على أكمه فِي مزِيد الْغَلَس ومزيد شحه حَتَّى على عِيَاله وتبديد أَمَانَته لَهُ لزِيَادَة أَمْوَاله، وَقد تزوج فِي أثْنَاء ولَايَته بكرا فحكت هِيَ وَأَهْلهَا من ذَلِك مَا يفوق الْوَصْف وَلَا أرى لَهُ ذكرا ولسان حَال أخصامه يَقُول: أشبعناك سبا وفزت بِالْإِبِلِ على إِنَّه تَامّ الْخِبْرَة بِالْأَحْكَامِ كثير الاستحضار لفروع الْمَذْهَب جيد الْكِتَابَة على الْفَتَاوَى من بَيت مَعْرُوف بِالْخَيرِ فِي غَزَّة وَمَا قيل مِمَّا شوفه بِهِ أَنه اتّفق لَهُ فِيهَا فَبَاطِل، وَلَا زَالَ يُجَاهد ويكابد وَيجمع وَيدْفَع إِلَى أَن كَانَ عَزله على أَسْوَأ حَال بعد استصفاء مَا زعم أَنه آخر مَا مَعَه بِحَيْثُ نزل عَن السودونية لبَعض نوابه وَسكن الأبوبكرية وَتردد إِلَيْهِ بعض الطّلبَة والمستفتين وَلم يتَّفق فِي عصرنا لقاض مَا اتّفق لَهُ إِلَّا إِن كَانَ السفطي، وَقد بسطت شَأْنه فِي الْقُضَاة.) ::: مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد خير الدّين أَبُو الْجُود بن نَاصِر الدّين ابْن الشَّمْس أبي عبد الله بن أبي عمرَان بن الشَّمْس أبي عبد الله الشنشي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأحد النواب وَيعرف جده بِابْن الْجلَال وَهُوَ بالشنشي. ولد فِي منتصف رَجَب سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي الْفِقْه وَأَصله ولافرائض والنحو وَالصرْف والمنطق وَالْعرُوض والمعاني وَغَيرهَا حَتَّى تميز وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَولي الْإِعَادَة بالصرغتمشية بعد شَيْخه الإردبيلي وتصدى لفصل الْأَحْكَام وَتوسع جدا فانحطت مرتبته بذلك عَن كثيرين مِمَّن هُوَ أرفع مِنْهُم وأقدم وَمن شُيُوخه الزين التفهني وَابْنه وَكَانَ سبط عمته وَأَبُو الْعَبَّاس السرسي وَالْجمال عبد الله الإردبيلي وَمُحَمّد الرُّومِي وَسعد الدّين بن(8/265)
الديري والأمين الأقصرائي وَسيف الدّين وَغَيرهم من أَئِمَّة مذْهبه وَمن غَيرهم كَأبي الْفضل وَمُحَمّد المغربيين المالكيين. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَلم يخلف بعده فِي النواب مثله عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن وجيه بن مخلوف بن صَالح بن جِبْرِيل بن عبد الله القطب أَبُو البركاتن السراج بن الْجمال بن الْوَجِيه الشيشيني القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت النُّور عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الهوريني ووالد أَحْمد الماضيين بل لوَلَده ذكر فِي تاريخي الْكَبِير. ولد فِي الْعشْر الْأَخير من الْمحرم سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بشيشين الكوم بمعجمتين مكسورتين بعد كل مِنْهُمَا تَحْتَانِيَّة من أَعمال الْمحلة بَينهمَا قدر نصف يَوْم وَنَشَأ بهَا فحفظ بعض الْقُرْآن ثمَّ انْتقل صُحْبَة أَبِيه إِلَى الْمحلة فأكمله وتحول بعد مَوته إِلَى الْقَاهِرَة وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فَأَقَامَ عِنْد عَمه الْفَخر عُثْمَان وتدرب بِهِ فِي الشُّرُوط وَأخذ عَنهُ الْفَرَائِض والحساب وَحفظ عِنْده التَّنْبِيه وَعرضه على البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن وأجازا لَهُ واشتغل فِي الْفِقْه على النُّور بن قَبيلَة وَغَيره وَسمع من الزين الْعِرَاقِيّ من أَمَالِيهِ وَمن الهيثمي وخاله الهوريني وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ جلّ الشفا والشرف بن الكويك بل كَانَ لَهُ بِهِ مزِيد اخْتِصَاص بِحَيْثُ أَنه كتب مَعَه حِين سَافر لدمشق إِلَى التَّاج بن الشريطي بِالْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ فَبَالغ فِي إكرامه فِي آخَرين وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتنزل فِي صوفية الخانقاه القوصونية بالقرافة حِين كَانَ خَاله شيخها وأسكن عِيَاله هُنَاكَ فَلَمَّا مَاتَ خَاله حَولهمْ وَحج مرَارًا مِنْهَا مرّة رافق فِيهَا شَيخنَا وَاجْتمعَ مَعَه فِي الْيمن بالمجد الفيروزابادي وجاور بضع سِنِين وَمِنْهَا مرّة من بِلَاد)
الصَّعِيد ركب الْبَحْر من بَريَّة الْقصير بعد قوص وَلَقي بِمَكَّة التَّاج عبد الْوَهَّاب بن الْعَفِيف اليافعي وَحمل عَنهُ أَشْيَاء من تصانيف أَبِيه كروض الرياحين وَغَيرهَا مِمَّا كَانَ هُوَ الأَصْل فِي انتشارها بِالْقَاهِرَةِ وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بِالْيمن وَمَكَّة وَغَيرهمَا وزار أَيْضا بَيت الْمُقَدّس والخليل وَكَانَ يَحْكِي أَنه ولي فِي بَيت الْمُقَدّس الْحِسْبَة بعناية الشهَاب بن الهائم، وَكَذَا سَافر لدمشق كَمَا أُشير إِلَيْهِ وللثغرين وَغَيرهمَا فِي التِّجَارَة وانتقع بآخرة مُقْتَصرا على الشَّهَادَة بمركز ميدان الْقَمْح ثمَّ ضعفت حركته عَن امشي وَغَيره حَتَّى كَانَ كثيرا يَقُول:
(من يشري مني عَظِيم الشوم ... مكسر الْعظم صَحِيح البلعوم)
اجْتمعت بِهِ كثيرا وَسمعت كثيرا من فَوَائده وَمَا جرياته، وَكَانَ يَحْكِي أَن شخصا فِي قريتهم مَاتَ فِيمَا يظْهر للنَّاس فجهزوه وأحضروه يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا تقدم الْخَطِيب بعد صَلَاة الْجُمُعَة ليصلى عَلَيْهِ قَامَ فَجَلَسَ على النعش فخاف الْخَطِيب مِنْهُ(8/266)
وَسقط وَاسْتمرّ مَرِيضا حَتَّى مَاتَ وعوفي ذَلِك الْمَيِّت، بل قَرَأت عَلَيْهِ منتقى من الشفا وتناولته مِنْهُ، وَكَانَ محبا فِي الْعلم لَدَيْهِ فَضِيلَة ذَا نظم متوسط بارعا فِي الْفَرَائِض والحساب جيد المحاضرة عَظِيم الاهتمام بالموافاة لأَصْحَابه والتودد إِلَيْهِم محبا فِي لِقَاء الصَّالِحين رَاغِبًا فِي التَّبَرُّك بآثارهم بِحَيْثُ كَانَت عِنْده طاقية يذكر أَنَّهَا لأبي بكر الشاذلي الصعيدي وسجادة لِلشِّهَابِ أَحْمد الزَّاهِد مَعَ كَثْرَة الْعِبَادَة وَالِاحْتِيَاط فِي الطَّهَارَة وَلكنه كَانَ مقترا على نَفسه مَعَ مزِيد ثروته وَكَونه يقْصد للاقتراض مِنْهُ فَلَا يمْتَنع من جلب مَا يجره إِلَيْهِ الْقَرْض من أكل وَنَحْوه، وَقد فتحت خلوته بالمنكوتمرية مرّة واختلس لَهُ مِنْهَا شَيْء فَصَبر. وَمن نظمه:
(يَا سَيِّدي يَا رَسُول الله خُذ بيَدي ... وَانْظُر بِفَضْلِك فِي أَمْرِي وَفِي ألمي)
إِلَى أَن قَالَ:
(جرائمي عظمت إجرامها وَلَقَد ... أربت على الراسيات الصم فِي الْعظم)
مَاتَ فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَدفن بتربة البيبرسية عِنْد وَلَده وَعَمه عُثْمَان.
وَهُوَ من بَيت كَبِير بالمحلة كَانَ وَالِده خَليفَة الْحَاكِم بهَا كتب لَهُ التقي السُّبْكِيّ فِي عرضه للتّنْبِيه عَلَيْهِ سنة سبع وَعشْرين سراج الدّين بن القَاضِي الصَّدْر الرئيس الْعدْل الْأمين ابْن الْحَاج المرحوم وجيه الدّين. وَكَذَا وصف أَبُو حَيَّان جده بالشيخ الْفَقِيه الْعَالم الْعدْل الرضي رَحِمهم الله وإيانا.)(8/267)
مَاتَ وَقد جَازَ الْخمسين ظنا فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ بالأزهر عَفا الله عَنهُ. وَهُوَ وَالِد مُحَمَّد الْآتِي. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين بن ركن الدّين الشيخي نزيل الكاملية وصهر ناظرها وأخو أَحْمد الْمَاضِي. مَاتَ فَجْأَة دَاخل المغطس بالحمام المجاور للكاملية فِي رَجَب سنة أَربع وَسبعين وَكَانَ أَبوهُ من أَصْحَاب ابْن أبي الْفرج وَيُقَال لَهُ الْحِجَازِي فَجَلَسَ ابناه بحانوت بالوراقين ثمَّ تَركه هَذَا وَلزِمَ التِّلَاوَة وَالْخَيْر والانعزال مَعَ التَّحَرِّي فِي الطَّهَارَة حَتَّى)
مَاتَ شَهِيدا، وَقد سمع أَكثر المقروء بِأخرَة بالكاملية بل لَازم قبل ذَلِك مجْلِس الْإِمْلَاء عِنْد شَيخنَا وَسمع ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين بن ركن الدّين الطبناوي بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة وَتَخْفِيف النُّون نِسْبَة لطبنا وَمن عمل سخا. ذكره شَيخنَا ي إنبائه فَقَالَ ذكر لي أَنه ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ أَبوهُ مدْركا يُقَال لَهُ ركن الدّين فَنَشَأَ ابْنه فِي محبَّة الْفُقَرَاء وَخدمَتهمْ حَتَّى تقدم فيهم بل صَار مُطَاعًا عِنْد الْأُمَرَاء والأكابر وَقَامَ فِي سنة أَرْبَعِينَ بهدم الدَّيْر الْمَعْرُوف بالمغطس فاتفق تخذيل السُّلْطَان عَن الْأَمر بذلك بعد أَن كَانَ أذعن لَهُ وَاقْتصر على الْأَمر بفلقه ثمَّ قدر الله أَنه أَمر بهدمه فِي الَّتِي بعْدهَا فبادر الشَّيْخ وأعوانه لذَلِك. وَمَات فِي آخر السّنة، قَالَ وَكَانَ على طَريقَة حَسَنَة من الْعِبَادَة والتوجه وَالرَّغْبَة فِي الْخَيْر وَله أَتبَاع وَقد قدم الْقَاهِرَة مرَارًا وَآخر اجتماعي بِهِ فِي أول ذِي لاحجة من سنة وَفَاته وَذكروا لي أَن والدته كَانَت من الصَّالِحَات ويؤثر عَنْهَا كرامات وَلها شهرة فِي تِلْكَ الْبِلَاد. قلت قد أفرد مناقبها تِلْمِيذه وبلديه النُّور الطبناوي الْمَاضِي وَاسْمهَا سِتّ الْبَنِينَ، وبلغنا أَن صَاحب التَّرْجَمَة كَانَ يقدم الْقَاهِرَة للاشتغال وَأَنه فِي بعض قدماته تخيل فِي أثْنَاء سَفَره من تعبث بَعضهم فِي غيبته بِزَوْجَتِهِ وَلم يَنْفَكّ هَذَا الْوَارِد عَنهُ وَإنَّهُ بِمُجَرَّد اجتماعه بشيخه الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ قَالَ لَهُ ابْتِدَاء طب نفسا وقر عينا فَإِنَّهُ لَا يسْقِي زرعك غير(8/268)
مائك فانبسط حِينَئِذٍ وَزَالَ الْوَارِد رَحِمهم الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن مَحْمُود الشَّمْس القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد الْمُحب مُحَمَّد أبي سعد الدّين إِبْرَاهِيم وَيعرف بالكماخي بِفَتْح الْكَاف ثمَّ مِيم ومعجمة. درس بعدة أَمَاكِن وافتى وتصدى للْأَحْكَام واستخلفه الْبَدْر الْعَيْنِيّ حِين توجه إِلَى آمد وَكَانَ جيد الْقَضَاء. مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَقد ذكره الْعَيْنِيّ فَسمى أَبَاهُ قطلوبك وَقَالَ أَنه كَانَ مستعدا متواضعا مشتغلا بِالْعلمِ، نَاب فِي الْقَضَاء واختص بالتفهني جدا ثمَّ انجمع عَنهُ لقلَّة معرفَة التفهني بل صَار هَذَا يسبه ويتمنى مَوته فَبلغ أمْنِيته. وَمَات بعده فِي لَيْلَة السبت خَامِس جُمَادَى الْآخِرَة، وَكَذَا أرخه شَيخنَا وسمى أَبَاهُ أَيْضا قطلبك وَزَاد أَنه كَانَ مَذْمُوم السِّيرَة. مُحَمَّد بن عمر بن مُسلم كمحمد بن سعيد الشَّمْس بن الزين الْقرشِي الدِّمَشْقِي أَخُو الشهَاب أَحْمد ونزيل القبيبات من دمشق. سمع مَعَ أَخِيه كثيرا وَكَانَ يذاكر بأَشْيَاء من الشّعْر)
وفنون الْأَدَب كثير المزاح. مَاتَ فِي سنة خمس عشرَة عَن نَحْو السِّتين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عمر بن نَاصِر الطنبدي. مِمَّن شهد على الزين طَاهِر فِي إِجَازَته لأبي عبد الْقَادِر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمَا عَرفته. مُحَمَّد بن عمر بن وجيه بن مخلوف فتح الدّين الشيشيني الْمحلي الشَّافِعِي جد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْآتِي وَقَرِيب مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن وجيه الْمَاضِي قَرِيبا. حفظ التَّنْبِيه وتفقه بِجَمَاعَة وناب عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فِي الْقَضَاء، وَكَانَ وجيها ذَا شكالة حَسَنَة مِمَّن يركب البغلة بالديار المصرية. مَاتَ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ بعد أَن أثكل ابْنا لَهُ اسْمه جلال الدّين مُحَمَّد رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن عمر تَاج الدّين الْكرْدِي الْحَنَفِيّ. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد قَرِيبا.
مُحَمَّد بن عمر جمال الدّين العوادي بِالتَّخْفِيفِ الْيَمَانِيّ. فِيمَن جده عبد الله. مُحَمَّد بن عمر جمال الدّين الفارقي الزبيدِيّ مولدا وتفقها ثمَّ الوصابي بِفَتْح الْوَاو والمهلمة الْخَفِيفَة نِسْبَة لأصاب بِالْهَمْزَةِ وَالْوَاو من جبال الْيمن فَهُوَ قاضيها أَزِيد من أَرْبَعِينَ سنة الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي النهاري نِسْبَة لشيخ مُعْتَقد قديم وَبهَا اشْتهر. مِمَّن أَخذ عَن الشّرف بن الْمقري الْإِرْشَاد وَالرَّوْض وَغَيرهمَا من تصانيفه وَغَيرهَا رَفِيقًا للفتى وَغَيره فَكَانَ خَاتِمَة أَصْحَابه وَكَذَا أَخذ عَن الطّيب النَّاشِرِيّ الْحَاوِي بل أَخذ الرَّوْض أَيْضا عَن مُحَمَّد بن نَاصِر أحد أَصْحَاب شَيْخه ابْن الْمقري وتلا بالسبع على عُثْمَان النَّاشِرِيّ أحد أَصْحَاب ابْن الْجَزرِي وَكَذَا أَخذ القراآت(8/269)
عَن غَيره وتميز فِيهَا بل تقدم فِي الْفِقْه وَكثر استحضاره لَهُ وَصَارَ فَقِيه ناحيته. وصنف شرحا للمنهاج فِي أَربع مجلدات سَمَّاهُ مِفْتَاح الأرتاج وَاخْتصرَ الْجَوَاهِر للقمولي فِي أَربع مجلدات وَغير ذَلِك وتصدى للإقراء والإفتاء وَالْقَضَاء فَانْتَفع بِهِ فِي ذَلِك، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشهَاب الْخَولَانِيّ وَأقَام عِنْده سِتّ سِنِين وَلم يحجّ. مَاتَ فِي ثَالِث عشر أَو ثامن عشر شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين كَمَا أَخْبرنِي بِهِ أَخُوهُ أَحْمد بِبِلَاد وصاب وَكَانَ قد فَارق زبيد لتعسر أَمر الْمَعيشَة بتهامة وطلع إِلَى الْجَبَل فَأكْرم وَعظم وَتَوَلَّى الْقَضَاء الْمدَّة الْمعينَة وَقد قَارب التسعين وَكتب إِلَى بَعضهم أَنه ولد سنة خمس عشرَة فَإِن كَانَ قَارب التسعين فَلَعَلَّهُ فِي سنة خمس رَحمَه الله وإيانا. وَلم يكن أَبوهُ من الْفُقَهَاء بل كَانَ حريريا وَكَذَا)
كَانَ ابْنه الآخر أَحْمد عاميا بِحَيْثُ لما اجْتمع بِي بِمَكَّة وسالته عَن اسْم جده لم يعرفهُ. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس السمديسي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ نزيل بَاب الْوَزير صَوَابه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مخلوف مضى. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس بن السراج الْمَيْمُونِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد فِي حُدُود السّبْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ أَبوهُ من أَعْيَان الطّلبَة الشَّافِعِيَّة عِنْد البُلْقِينِيّ وَغَيره ونقيب الزاوية الْمَعْرُوفَة بالخشابية فِي جَامع عَمْرو فَمَاتَ وَابْنه صَغِير فاشتغل بالفقه وتنزل فِي الْوَظَائِف ثمَّ ترك وسلك طَرِيق الْفقر وَجلسَ فِي زَاوِيَة وَنصب لَهُ خَادِمًا ثمَّ ترك وواظب الْحَج كل سنة مَعَ المداومة جدا على التِّلَاوَة وَوَقعت لَهُ مَعَ الزين التفهني قَاضِي الْحَنَفِيَّة كائنة ذكرت فِي حوادث سنة ثَمَان وَعشْرين وَنَجَا مِنْهَا بعد أَن حكم بإراقة دَمه وعاش حَتَّى مَاتَ فِي البيمارستان بالقولنج فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه وَكَانَ الْكَفّ عَن قَتله بمساعدته وتأثر التفهني مَعَ تعصب أَكثر الْجند والمباشرين مَعَه.
مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس الْغَزِّي قاضيها الْحَنَفِيّ. فِي ابْن مُحَمَّد بن عمر بن إِسْرَائِيل. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس القاهري الصُّوفِي وَيعرف بِابْن عمر. مَاتَ فِي منتصف ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وتفرق النَّاس وظائفه الَّتِي زَادَت على الْأَرْبَعين مَا بَين تصوف وَقِرَاءَة وَطلب وَغير ذَلِك وَمِنْهَا نصف خزن الْكتب بالباسطية وَصَارَت لِابْنِ أبي الطّيب السُّيُوطِيّ بعد أَن عرض عَلَيْهِ الرَّغْبَة عَن وظائفه لترتفق بَنَاته بِثمنِهَا فَامْتنعَ مَعَ كَونه لم يخلف لَهُم شَيْئا، وَالله أعلم بمقصده فقد كَانَ خيرا كثير التِّلَاوَة أَقرَأ فِي مكتب السابقية وقتا مَعَ عقل وتؤدة وتودد رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس الصهيوني الأَصْل الكركي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالكركي وَفِي بَلَده كسلفه بِابْن العريض. ولد بكرك الشوبك وَنَشَأ بهَا ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وَابْن المغلى قَاضِي الْحَنَابِلَة حِينَئِذٍ فَحَضَرَ درسه واشتغل شافعيا(8/270)
ورافق القاياتي والمحلي والطبقة فِي الطّلب ثمَّ تحول حنفيا ولازم الشَّمْس بن الجندي فِي الْفِقْه والعربية وَبِه انْتفع وَحدث عَنهُ بِجُزْء فِيهِ رِوَايَة أبي حنيفَة عَن الصَّحَابَة وناب عَنهُ فِي خزانَة الْكتب بالأشرفية برسباي بل وأقرأ الْأَيْتَام بمكتبها وَكَذَا أَقرَأ أَوْلَاد بعض الْأَعْيَان ولازم أَيْضا الْبَدْر الْعَيْنِيّ والأقصرائي والشمني وَابْن الْهمام وَابْن عبيد الله فِي الْفِقْه والأصلين والعربية وَالصرْف والمنطق)
وَالْعرُوض وَأخذ عَن ابْن الديري وتميز وشارك فِي الْفَضَائِل وأنشا الْخطب الهزلية وَغَيرهَا بل صنف كل ذَلِك على خير واستقامة وَعبادَة وتنزل فِي بعض الْجِهَات وباشر فِي الأبوبكرية وَولي الْعُقُود ثمَّ بِأخرَة الْقَضَاء عَن ابْن الديري وَجلسَ بحانوت الجملون بعد جُلُوسه بخان الخليلي ظنا وَحج. وَمَات بعد السِّتين تَقْرِيبًا عَن نَحْو السّبْعين. أفادنيه النُّور الصُّوفِي وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ بل كَانَ عريفا عِنْده وَكَذَا أَخْبرنِي بِكَثِير من أَحْوَاله الشَّمْس الأمشاطي رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر النَّجْم بن الزَّاهِد وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وَأحد الْعُدُول بقنطرة طقزدمر وَأَظنهُ حفيد أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد الْمَاضِي. مِمَّن سمع التقي الدجوي وَغَيره من طبقته بل وأقدم. وَأثبت اسْمه الزين رضوَان فِيمَن يُؤْخَذ عَنهُ. مَاتَ. مُحَمَّد بن عمر نظام الدّين الْحَمَوِيّ التَّفْتَازَانِيّ الْحَنَفِيّ وَيعرف بنظام. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: كَانَ أَبوهُ خضريا فَنَشَأَ ابْنه بَين الطّلبَة واشتغل شافعيا ثمَّ حنفيا وتعانى الْأَدَب مَعَ الِاشْتِغَال بِبَعْض الْعُلُوم الآلية وَتكلم بِكَلَام الْعَجم وتزيا بزيهم وَتسَمى نظام الدّين التَّفْتَازَانِيّ وَغلب عَلَيْهِ الْهزْل والمجون وجاد خطه ونظم الشّعْر الْوسط وَقرر موقعا فِي الدرج وَكَانَ عريض الدَّعْوَى. مَاتَ فِي رَابِع عشري ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين عَن نَحْو السِّتين ثمَّ نقل عَن خطّ شَيخنَا الْمُحب ابْن نصر الله الْحَنْبَلِيّ أَنه كَانَ حسن المنادمة لطيف المعاشرة لم يتَزَوَّج قطّ وَلذَا اتهمَ بالولدان كَانَ يَأْخُذ الصَّغِير فيربيه أحسن تربية فَإِذا كبر وَبلغ حد التَّزْوِيج زوجه، وَقَالَ غَيره كَانَ فَقِيها عَارِفًا بالنحو وأصوله بارعا فِي الْأَدَب والفرائض تولى دروسا فقهية. وَمن شعره فِي خَاتم:
(أَنا للخنصر زين مثل نجم فِي صباح ... صانني كف مليح قد حوى حسن الملاح)
وَمِنْه أَيْضا:
(عاشرتكم وازداد فخري مِنْكُم ... ونظمت فِي سلك الْمحبَّة والوفا)
(لَا غرو أَن يرقى القرين مَحَله ... من عَاشر الْأَشْرَاف عَاشَ مشرفا)
وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وسَاق عَنهُ من نظمه أَشْيَاء.(8/271)
مُحَمَّد بن عمر بن الْهِنْدِيّ تربية عَليّ بن نَاصِر الْحِجَازِي. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ.)
مُحَمَّد بن عمر قَاضِي الْجَمَاعَة. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عمر الشَّيْخ الهواري نزيل وهران. مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عمر الأخضري المغربي الْمَالِكِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة. مُحَمَّد بن عمر التهامي الحلاج وَيعرف بالنبلا. مَاتَ بِمَكَّة فِي رَمَضَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ. أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن عمر الزبيدِيّ شوعان. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَقد مضى فِيمَن جده شوعان لَكِن الْوَفَاة مُخْتَلفَة فإمَّا أَن يكون الْغَلَط فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ أَو هُوَ أَخ آخر لَهُ.
مُحَمَّد بن عمر المصراتي. مَاتَ سنة تسع وَأَرْبَعين وَقد مضى فِيمَن جده. مُحَمَّد بن عنان بن مغامس بن رميثة كَانَ نجيبا. مَاتَ بينبع قَافِلًا لمَكَّة باستدعاء السَّيِّد حسن بن عجلَان فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عواد بن غيث الشَّمْس أَبُو عبد الله القريتائي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْخَطِيب مِمَّن أَخذ عَن التَّاج بن بهادر وَحصل وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وخطب، وَقدم الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وخطب بزاوية عُثْمَان الْحطاب وَغَيرهَا ولازمني حَتَّى قَرَأَ القَوْل البديع وترجمة النَّوَوِيّ وَغَيرهمَا ثمَّ سَافر قبيل الثَّمَانِينَ إِلَى دمشق وَأَظنهُ مَاتَ بعيد قَلِيل. مُحَمَّد بن عوض بن خضر بن حسن الْكرْمَانِي. مَاتَ سنة سبع وَعشْرين. مُحَمَّد بن عوض بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس أَبُو عبد الله السكندري الْمَالِكِي الفرضي وَالِد شعْبَان الْمَاضِي وَيعرف بجنيبات بجيم مَضْمُومَة ثمَّ نون مَفْتُوحَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ مُوَحدَة وَآخره مثناة. ولد فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة باسكندرية وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَحفظ الرسَالَة وغالب مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وَكتاب)
عبد الغافر المغربي فِي الْفَرَائِض مَعَ الحوفي والإشبيلي(8/272)
وغالب مَجْمُوع الكلائي والجعدية والرحبية وعمدة الرائض فِي الْفَرَائِض وَغير ذَلِك كالعنقود فِي النَّحْو لشعلة الْمُقْرِئ والحصار فِي الْحساب وبحثه على الشَّمْس الحريري وَبَعض ألفية ابْن ملك وَأخذ عَنهُ الْفَرَائِض أَيْضا وَكَذَا أَخذهَا عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد المعاز والسراج البسلقوني وَبحث بعض الرسَالَة على الشَّمْس مُحَمَّد بن يُوسُف المسلاتي وَمُحَمّد الكيلاني ويحث شِفَاء المتداوي فِي شرح فَرَائض الْحَاوِي لِابْنِ اليارغلي على عمر اللَّقَّانِيّ وَبَعض الْمُخْتَصر على الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ الفلاحي وعَلى المعاز بحث أَيْضا فِي علم الْوَقْت وأوائل أقليدس والتواريخ الثَّمَانِية لِابْنِ يُونُس وَفِي الْجَبْر الياسمينية وَفِي الْحساب تَلْخِيص ابْن الْبناء وَشَرحه وَغَيرهمَا وعَلى الشَّمْس الدمياطي بن الْخَطِيب النزهة لِابْنِ الهائم، وَسمع على الْكَمَال بن خير أَمَاكِن من الْمُوَطَّأ، ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فَأخذ عَن الشَّمْس الغراقي فِي مَجْمُوع شَيْخه الكلائي وَأكْثر من التَّرَدُّد إِلَيْهَا وَتقدم فِي علم الْوَقْت وبرع فِي الْحساب والفرائض حَتَّى صَار الْمشَار إِلَيْهِ بِبَلَدِهِ فِيهَا وَكتب فِيهِ قَوَاعِد شَتَّى يجْتَمع مِنْهَا مُجَلد كَبِير وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ النَّاس وَحدث باليسير وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ البقاعي وَكَانَ وقاد الذِّهْن لطيف المحاضرة حُلْو النادرة عِنْده دعابة كثير الْفَائِدَة محبا لنشر الْعلم كَرِيمًا بإفادة الْملح كريم النَّفس يجلس فِي حَانُوت الشُّهُود المجاور لجامع صَفْوَان من الثغر. مَاتَ فِي شَوَّال وَدفن سنة سِتّ وَخمسين بالثغر بجوار أبي بكر الْمُجَرّد خَارج بَاب رشيد رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن حَامِد بن خَليفَة الشَّمْس بن الشّرف الصَّفَدِي الشَّافِعِي ابْن عَم الْعَلَاء عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن حَامِد. ولد فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بصفد وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك والتقريب للنووي فِي عُلُوم الحَدِيث وَغَيرهَا وتفقه فِي بَلَده بِالْعَلَاءِ النيني وبدمشق بالعلامة نَاصِر الدّين بن بهادر ولازمه فِي فنون وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة عَن الْعَلَاء القابوني وَالْفِقْه والْحَدِيث والتصوف وَغَيرهَا عَن الشهَاب بن رسْلَان وَقَرَأَ على شَيخنَا الصَّحِيح فِي مُدَّة قَليلَة ولازمه فِي علم الحَدِيث وَقَرَأَ على أبي الْفضل المغربي حِين قدم عَلَيْهِم صفد الموجز فِي الطِّبّ وَقطعَة من الْعَضُد. وتميز فِي الْعلم سِيمَا الْعَرَبيَّة والطب والميقات علما ووضعا مَعَ فصاحة وسمت وبلاغة، وتصدى للإفتاء والتدريس بِبَلَدِهِ وَقَرَأَ البُخَارِيّ بِجَامِع بَلَده الطاهري)
الْأَحْمَر على الْعَامَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة بل كتب على الْمِنْهَاج والبهجة وجامع المختصرات أَشْيَاء لم تكمل(8/273)
وَلكنه كَانَ دَاعِيَة لِابْنِ عَرَبِيّ مناضلا عَنهُ قَائِما بتقرير كَلَامه وتوجيه طاماته حَتَّى فِي مواعظه على الكراسي بِدِمَشْق وَغَيرهَا، وَقد حج غير مرّة آخرهَا فِي سنة ثَمَانِينَ وجاور وزار بَيت الْمُقَدّس. وَلم يزل على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ بمدرسة أرقطاي مَحل سكنه من صفد فِي شَوَّال سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة عَفا الله عَنهُ. وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ صهره الزين عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب واستفدت مِنْهُ حِين قِرَاءَته على أَكثر تَرْجَمته. مُحَمَّد بن عِيسَى بن إِبْرَهِيمُ الشَّمْس النواجي الطنتدائي ثمَّ الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الضَّرِير.
مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين بعد تعلله أشهرا بِذَات الْجنب وَغَيره وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد قبل صَلَاة الْجُمُعَة فِي مشْهد حافل وشيعه خلق وَأَظنهُ جَازَ الْأَرْبَعين بِيَسِير وَحصل التأسف على فَقده. وَكَانَ مولده ببزوك وَنَشَأ بنواج ثمَّ تحول مِنْهَا قريب الْبلُوغ إِلَى طنتدا فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن بالْمقَام ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فقطن الْأَزْهَر وَحفظ كتبا الشاطبية والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَالتَّلْخِيص والجمل وَغَيرهَا وجد فِي الِاشْتِغَال فَأخذ النَّحْو عَن السراج الوروري وَأحمد بن يُونُس المغربي ونظام الْحَنَفِيّ وَدَاوُد الْمَالِكِي فِي آخَرين وَالْفِقْه والمنطق وأصول الدّين عَن الشّرف مُوسَى البرمكيني وَكَذَا من شُيُوخه الْمَنَاوِيّ والعبادي والتقى الحصني والشرواني والكافياجي وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ عَنهُ أَكثر من بعض وَأخذ القراآت عَن الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي واليسير عَن جَعْفَر السنهوري واشتدت عنايته بملازمة زَكَرِيَّا حَتَّى عرف بِهِ وَمهر فِي فنون وفَاق كثيرا من شُيُوخه وطار صيته بالفضيلة التَّامَّة والفهم الْجيد وتصدى للإقراء وَكثر الْأَخْذ عَنهُ بِحَيْثُ انْتفع بِهِ جمَاعَة من رفقائه فَمن فَوْقهم، كل ذَلِك مَعَ السّكُون والتواضع ومزيد الْعقل وَالصَّلَاح والديانة، وَقد حج وجاور وأقرأ هُنَاكَ وسألني عَن بعض الْأَشْيَاء وَكنت مِمَّن أحبه رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشّرف الْقَارِي الأَصْل الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن الْقَارِي شَقِيق عَليّ الْمَاضِي وَهَذَا أكبرهما. ولد فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَأمه خَدِيجَة ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن الدقاق السكرِي، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن عِنْد)
جمَاعَة وجوده عِنْد الشَّمْس بن الخدر وَغَيره بل تلاه عَلَيْهِ لنافع وَغَيره وَقَرَأَ بعض الْمِنْهَاج، وتعانى كأبيه التِّجَارَة وَدخل فِيهَا لحلب وللحجاز غير مرّة وجاور غير مرّة أَولهَا سنة سِتّ وَسبعين بل جاور(8/274)
سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَالَّتِي بعْدهَا وَقدم الْقَاهِرَة بعد موت أَبِيه لمشاركته فِي مِيرَاثه بل أَخْبرنِي أَنه أَخذ مِنْهُ وَمن أَبِيه قبل مَوته نَحْو سِتِّينَ ألف دِينَار ولقيتي يمكة ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ فِي رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين فَسمع مني المسلسل وَحَدِيث زُهَيْر وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على من أول الصَّحِيح إِلَى بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان فِي الْأَعْمَال وتناوله مني وأجزت لَهُ ولبنيه المحيوي عبد الْقَادِر والزين عمر والبرهان إِبْرَاهِيم والتقي أبي بكر والشهاب أَحْمد وَمَرْيَم وَفَاطِمَة وَجَمِيع وابنتين فَالْأول والأخير من الذُّكُور شقيقان من حرَّة وَإِبْرَاهِيم وَفَاطِمَة شقيقان من أم ولد وَعمر من حرَّة وَالْبَاقُونَ من أمة. مُحَمَّد بن عِيسَى بن أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشَّمْس الدواخلي ثمَّ القاهري الْمَدِينِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالدواخلي. ولد سنة سِتِّينَ تَقْرِيبًا وَنَشَأ فَأَقَامَ بالمحلة بِجَامِع الغمري وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَقدم الْقَاهِرَة فلازم الِاشْتِغَال عِنْد ابْن حجي وأقرأ فِي بَيت ابْن الْبَارِزِيّ وَكَذَا أَخذ عَن الْجَوْجَرِيّ وَابْن قَاسم وَغَيرهمَا حَتَّى تميز ثمَّ تنازل حَتَّى صَار يقْرَأ عِنْد الْبَدْر بن كَاتب جكم نَاظر الْجَيْش وَكَذَا قَرَأَ على الْكَمَال الطَّوِيل وَرُبمَا أَقرَأ صغَار الطّلبَة. وَقد سمع مني وَعلي، وَهُوَ أشبه من كثيرين عقلا وفضلا وتوددا وأدبا، وَقد حج من الْبَحْر فِي أثْنَاء سنة سِتّ وَتِسْعين بعد موت رَفِيقه وبلديه وسميه بَاعَ تصوفه بالبيبرسية وَغَيره وَرجع فِي موسمها. مُحَمَّد بن عِيسَى بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الْفَخر بن الشّرف القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت الولوي الفيشي الضَّرِير أحد عدُول جَامع الصَّالح وأخو أَحْمد وَعلي الماضيين وأبوهم وَيعرف كسلفه بِابْن جوشن، ولد سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره واشتغل يَسِيرا على شَيخنَا ابْن خضر وعَلى عبَادَة فِي الْعَرَبيَّة بل أَخذ عَن البيجوري وَالْمجد الْبرمَاوِيّ والطبقة قَلِيلا ولازم شَيخنَا فِي الأمالي وَغَيرهَا وقابل مَعَه فِي التَّرْغِيب نُسْخَة بِخَطِّهِ وَفِي فتح الْبَارِي وَغَيره بل كَانَ مِمَّن سمع البُخَارِيّ من لَفظه قَدِيما ثمَّ ولاه النقابة بِأخرَة بواسط وَلَده، وَأَنْشَأَ دَارا بِالْقربِ من قاعة الأحمدي وَكَانَ سَاكِنا، حج غير مرّة مِنْهَا فِي الرجبية، وَضعف بَصَره وَقلت حركته وتوالى الخراب على جهاته. وَمَات ف ذِي الْقعدَة)
سنة ثَمَان وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ بمصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد لَا بَأْس بِهِ ثمَّ دفن بتربتهم الْمَعْرُوفَة عِنْد أسلافه رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن عِيسَى بن عَليّ بن عِيسَى أَبُو الْفضل الأقفهسي ثمَّ القاهري وَهُوَ بكنيته أشهر. يَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن عطيف الْجمال أَبُو عبد الله الْعَدنِي الْيَمَانِيّ وَالِد عَليّ الْمَاضِي. ولد بعدن وَنَشَأ بهَا وَأخذ الْفَرَائِض عَن عَليّ الجلاد الزبيدِيّ(8/275)
وتميز فِيهَا وَأَخذهَا عَنهُ بعدن جمَاعَة مِنْهُم وَلَده وَهُوَ المترجم لَهُ وَقَالَ أَنه كَانَ مبارك التدريس لم يقْرَأ عَلَيْهِ أحد إِلَّا ودرس مَعَ مزِيد التَّوَاضُع وسلامة الخاطر وَعدم الادخار. قدم مَكَّة فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ فحج وَمَات قبل أَن يتم أَفعَال الْحَج فِي لَيْلَة مستهل الْمحرم سنة أَربع وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَقد زاحم الثَّمَانِينَ وَبشر فِي الْمَنَام بِأَنَّهُ مِمَّن يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب رَحمَه الله. مُحَمَّد بن القَاضِي عِيسَى بن عمر اليافعي الْيَمَانِيّ الْعَدنِي. مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عِيسَى بن عوضة بن أَحْمد الْيَمَانِيّ الْمَاضِي أَبوهُ قَرَأَ الْقُرْآن وَهُوَ مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعيد الْجمال الْيَمَانِيّ الأَصْل السلَامِي الطَّائِفِي قاضيها الْمَالِكِي عَم مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى ووالد عبد الرَّحْمَن وَيعرف بِابْن مكينة. سمع على شَيخنَا بمنى المتباينات فِي سنة أَربع وَعشْرين وعَلى الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ المجلسين اللَّذين أملاهما بِمَكَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين. وَولي قَضَاء الطَّائِف بعد أَبِيه. مَاتَ فِي الْعشْر الْأَخير من شعْبَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله السَّيِّد مرشد الدّين بن قطب الدّين بن عفيف الدّين الْحُسَيْنِي الأيجي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بأيج واشتغل وتميز وَرُبمَا أَقرَأ وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ على عيان بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَاضِي. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد الشَّمْس الْقرشِي الأقفهسي القاهري الشَّافِعِي أحد الصُّوفِيَّة بالفخرية وَيعرف بِابْن سمنة. ولد بعد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة بِسنة أَو سنتَيْن تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ)
بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو وَغَيرهَا، وَعرض على الْبِسَاطِيّ وَآخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن الونائي والشرف السُّبْكِيّ وَابْن المجدي ولازم الْمَنَاوِيّ فَأكْثر وَكَذَا أَخذ فِي الْعَرَبيَّة عَن ابْن حسان وتميز فِي الْفِقْه وَغَيره بِكَثْرَة دبكه وحرصه على المطالعة مَعَ توقف فاهمته ومزيد ديانته وورعه وفاقته وتقنعه وانجماعه سِيمَا بعد موت الْمَنَاوِيّ. وأقرأ بعض الطّلبَة وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَكَانَ يتَرَدَّد للمحمودية حَتَّى قَابل نسخته بالمنهاج وَالرَّوْضَة على خطّ الْمُؤلف فيهمَا. وَهُوَ مِمَّن سمع على شَيخنَا وَغَيره وَحج وجاور سنة سِتِّينَ وَقَررهُ الشَّمْس مُحَمَّد بن شكير فِي مشيخة الصُّوفِيَّة الْأَحَد عشر بِجَامِع أَمِير حُسَيْن أول النَّهَار وَكَانَ يعْتَكف بسطح الْأَزْهَر فِي رَمَضَان وَرُبمَا يتَرَدَّد لزيارة أحبابه الْعلمَاء(8/276)
والصلحاء كالزين الإبناسي وَالشَّمْس النشيلي وقصدني غير مرّة. وَاخْتصرَ نكت بَان النَّقِيب على الْمِنْهَاج مَعَ زيادات ميزها وَكَانَ يكْتب فِي التَّفْسِير وَنعم الرجل كَانَ. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين فِي سلخ الَّذِي قبله توجه للأزهر للاعتكاف على عَادَته فجيء بِهِ أثْنَاء يَوْم السبت وَهُوَ مَحْمُوم فَمَكثَ يَوْمَيْنِ وَمَات وَصلي عَلَيْهِ بالأزهر فِي مشْهد صَالح تقدمهم الديمي وَقرر ابْن تَقِيّ الْمَالِكِي نَاظر جَامع أَمِير حُسَيْن ولد نَفسه بعد مَوته فِي المشيخة الْمشَار إِلَيْهَا ثمَّ دفن بسيدي حبيب بِالْقربِ من بَيت ابْن الْعلم وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُوسَى بن عَليّ بن قُرَيْش بن دَاوُد الْقرشِي الْهَاشِمِي سبط النَّجْم الْمرْجَانِي أم كمالية. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين. أرخه ابْن فَهد. وَكَانَ يقْرَأ الْقُرْآن وَله أَمْوَال بالوادي يعالجها. مُحَمَّد بن عِيسَى بن هَانِئ الهربيطي ثمَّ القاهري ابْن أخي مُوسَى الْآتِي. سمع على الشّرف بن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ والشمسين الشَّامي وَابْن البيطار وَذكره الزين رضوَان فِيمَن يُؤْخَذ عَنهُ. مَاتَ قبل الْخمسين ظنا. مُحَمَّد بن عِيسَى بن بدر الدّين الشَّمْس الطنبدي. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عِيسَى الشَّمْس أَبُو عبد الله التبسي الأندلسي المغربي الْمَالِكِي النَّحْوِيّ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ ولي قَضَاء حماة وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى الرّوم فاقام بهَا أَيْضا وَأَقْبل عَلَيْهِ النَّاس وان حسن الْفَهم شعلة نَار فِي الذكاء كثير الاستحضار عَارِفًا بعدة عُلُوم)
خُصُوصا الْعَرَبيَّة وَقد قَرَأَ عَليّ فِي عُلُوم الحَدِيث. مَاتَ ببرصا من بِلَاد الرّوم فِي شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ. قلت وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ الْبَدْر بن الْقطَّان وَقَالَ أَنه كَانَ جَامعا بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول. مُحَمَّد بن عِيسَى الْحلَبِي. مُحَمَّد بن عَزِيز الْحَنَفِيّ الْوَاعِظ. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه كَانَ فَاضلا ذكيا ولي مشيخة التونسية ودرس بِغَيْر مَكَان وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير مَعَ حسن الْخط وَالْعشرَة وكرم النَّفس. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع عشرَة. قلت وَمَا علمت ضبط أَبِيه.
مُحَمَّد بن غزي أَبُو بكر. مُحَمَّد بن غياث بن طَاهِر بن الْعَلامَة الْجلَال أَحْمد الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ. اشْتغل عِنْد السَّيِّد عَليّ الْمكتب شيخ الباسطية الْمَدِينَة وجود عَلَيْهِ الْخط وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ توجه إِلَى الْحَبَشَة فَقتل بهَا شَهِيدا فِي سنة تسع وَسبعين رَحمَه الله. مُحَمَّد أَبُو الْفَتْح الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ أَخُو الَّذِي قبله وَذَاكَ الْأَكْبَر. اشْتغل أَيْضا عِنْد السَّيِّد وجود عَلَيْهِ الْخط وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة. وَمَات بهَا فِي(8/277)
الطَّاعُون سنة ثَلَاث وَسبعين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن غيث الْحِمصِي نزيل دمشق ذكره ابْن فَهد والبقاعي مُجَردا. وَمن نظمه:
(أَلا لَيْت شعري هَل أبيتن لَيْلَة ... بحمص وَمن أَهْوى لدي نزيل)
(وَهل أردن يَوْمًا مياها بنهرها ... وَهل يطردن نذل بهَا ورذيل)
مُحَمَّد بن أبي الْغَيْث بن أبي الْغَيْث بن عَليّ بن حسن بن عَليّ الْجمال الْقرشِي المَخْزُومِي الكمراني بِفَتَحَات نِسْبَة لجزيرة كمران الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. ولد بِأَبْيَات حُسَيْن من الْيمن وتفقه فِيهَا بعمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا وعَلى الْأَزْرَق وَتقدم فِي الطِّبّ والنحو وصنف فيهمَا فَفِي النَّحْو مقدمتين وَفِي الطِّبّ مصنفا كَبِيرا وَكَانَ من المتبحرين فِي الْفِقْه وَسَائِر الْعُلُوم وَعَلِيهِ مدَار الْفَتْوَى والتدريس بِبَلَدِهِ أَبْيَات حُسَيْن وَتفرد بذلك مُدَّة فِي حَيَاة الْبَدْر حُسَيْن الأهدل وَكَانَ للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد وَلَهُم عَلَيْهِ إقبال واعتماد بِخِلَاف غَيره لتواضعه وَحسن أخلاقه، وَفِي آخر حَيَاته اشْتغل بِالنّظرِ فِي كتب الطِّبّ وَصَارَ النَّاس يعتمدون عَلَيْهِ فِيهِ. وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي منتصف شعْبَان سنة سبع وَخمسين وَرَأَيْت من أرخه فِي آخر لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع شعْبَان سنة سِتّ بِأَبْيَات حُسَيْن وَدفن هُنَاكَ وَالثَّانِي أشبه وَوَصفه)
الْعَفِيف بالفقيه الصَّالح الْوَرع وَقَالَ أَخْبرنِي من أَثِق بِهِ أَنه فَقِيه مُحَقّق وعالم مدقق عُمْدَة فِي الْفَتْوَى لَهُ مُشَاركَة جَيِّدَة فِي سَائِر الْفُنُون وَقد وقفت لَهُ على مؤلف صَغِير فِي مسئلة جرى فِيهَا بَين الْفُقَهَاء كَلَام فِي النّذر وَهِي مَا إِذا قَالَ نذرت كَذَا فَقَالَ صَاحب التَّرْجَمَة إِن ذَلِك صِيغَة صَحِيحَة ملزمة صَرِيحَة وَقرر ذَلِك تقريرا حسنا وَخَالفهُ الشّرف إِسْمَاعِيل بن الْمقري.
مُحَمَّد بن أبي فَارس. فِي ابْن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر. مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن مُحَمَّد بن دَاوُد الْجمال الْبَيْضَاوِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الزمزمي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ والماضي أَخُوهُ أَحْمد. ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَحفظ الْمِنْهَاج الملحة وألفية النَّحْو، عرض على أبي السعادات بن ظهيرة وَغَيره وَقَرَأَ الصَّحِيح على عَم وَالِده إِبْرَاهِيم وَأخذ عَنهُ فِي الْعَرَبيَّة والفرائض والفلك ولازمه فِي غَيرهَا وَكَذَا أَخذ الْفلك عَن ابْن عَمه نور الدّين بل لَازم الْجَوْجَرِيّ وَإِمَام الكاملية فِي مجاورتيهما فِي الْفِقْه وَغَيره وَسمع قبلهَا من أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره، وسافر الطَّائِف وباشر الْأَذَان بِمَكَّة وَتوجه للزيارة غير مرّة آخرهَا فِي أثْنَاء سنة ثَمَان وَتِسْعين فتعلل هُنَاكَ وَكَانَ يحضر مَعَ الْجَمَاعَة عِنْدِي وَهُوَ متوعك، ثمَّ عَاد فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي شَوَّال مِنْهَا رَحمَه الله وإيانا.(8/278)
مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن حُسَيْن الْحلَبِي الْفراش بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَيعرف بالأقباعي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح الفيومي. فِي ابْن أَحْمد بن عبد النُّور. مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح الكتبي. فِي ابْن مُحَمَّد بن عِيسَى بن أَحْمد.
مُحَمَّد بن الْفَخر الْمصْرِيّ. مضى فِي ابْن عُثْمَان بن عبد الله بن النيدي. مُحَمَّد بن فرامرز بن عَليّ محيي الدّين خصروي قَاضِي بروسا. مُحَمَّد بن فرج بن برقوق بن أنس الناصري بن الناصرين الظَّاهِر. مَاتَ بسجن اسكندرية فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ مطعونا عَن إِحْدَى وَعشْرين سنة وَدفن بهَا ثمَّ نقل إِلَى مصر فَدفن بتربة أَبِيه وجده. مُحَمَّد أَخُو الَّذِي قبله. مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن فرج بن عَليّ الْفَاضِل نور الدّين الْحِمصِي النَّاسِخ. مِمَّن سمع مني مُحَمَّد بن أبي الْفرج. فِي ابْن عبد الرَّزَّاق بن أبي الْفرج.)(8/279)
اشْتغل على أَحْمد الجزيري فِي الْعَرَبيَّة وشارك فِيهَا وَفِي الرمل والنحو وَغير ذَلِك وَأكْثر الجولان، وَكَانَ فَاضلا. وَهُوَ أَخُو أبي الْفضل. مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن مُوسَى بن أبي الْهون الْبَدْر بن الْمجد أَخُو عبد الْقَادِر)
الْمَاضِي. اسْتَقر شَرِيكا لِأَخِيهِ بعد أَبِيهِمَا فِي عمالة الْأَشْرَاف واختص هُوَ بِالْكِتَابَةِ فِي اسْتِيفَاء الدولة بالوزر. مُحَمَّد بن أَبُو الْفضل الْجلَال السمسار أَبوهُ. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن فندو الْجلَال أَبُو المظفر ملك بنجالة من الْهِنْد ووالد المظفر أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بكاس. كَانَ أَبوهُ كَافِرًا فثار عَلَيْهِ الشهَاب مَمْلُوك سيف الدّين حَمْزَة ابْن غياث الدّين أعظم شاه بن اسكندرشاه بن شمس الدّين فغلبه عَليّ بنجالة وأسره فبادر ابْنه هَذَا إِلَى الْإِسْلَام وَتسَمى مُحَمَّدًا وثار على الشهَاب فَانْتزع مِنْهُ الْبِلَاد ولحسن إِسْلَامه أَقَامَ شعار الْإِسْلَام وجدد مَا خربه أَبوهُ من الْمَسَاجِد وَنَحْوهَا وتقلد لأبي حنيفَة وَبنى مآثر بل عمر بِمَكَّة مدرسة هائلة وراسل الْأَشْرَف برسباي صَاحب مصر بهدية واستدعى الْعَهْد من الْخَلِيفَة فَجهز لَهُ مَعَ التشريف على يَد شرِيف فَلبس التشريف ثمَّ أرسل للخليفة هَدِيَّة وَكَانَت هداياه متواصلة بِالْعَلَاءِ البُخَارِيّ بِمصْر وبدمشق. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَاسْتقر بعده فِي المملكة ابْنه وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة رَحمَه الله. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَغَيره.
مُحَمَّد بن فهيد. مضى فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد المغيربي. مُحَمَّد بن فلاح الْخَارِجِي الشعشاع. مَاتَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن الْقسم بن أَحْمد أَبُو عبد الله اللَّخْمِيّ المكناسي المغربي وَيعرف بالقوري نِسْبَة للقور مفتي الْمغرب الْأَقْصَى، كَانَ مُتَقَدما فِي حفظ الْمُتُون وفقيهها وعلق على مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل شَيْئا لم ينتشر وانتفع بِهِ الطّلبَة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْفَاضِل أَحْمد بن أَحْمد زَرُّوق وَقَالَ لي أَنه مَاتَ فِي أَوَاخِر ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَنه سُئِلَ عَن ابْن عَرَبِيّ فَقَالَ النَّاس فِيهِ مُخْتَلفُونَ مَا بَين مكفر ومقطب فَالْأولى الْوَقْف.(8/280)
مُحَمَّد بن قَاسم بن أَحْمد الشَّمْس الدِّمَشْقِي التَّاجِر وَيعرف بِابْن السكرِي. مِمَّن سمع مني المسلسل فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين. مُحَمَّد بن قَاسم بن أبي بكر بن مُؤمن الخانكي أحد صوفيتها الْحَنَفِيّ وَيعرف بالجوهري. جي فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَقَالَ إِنَّه عرض الْكَنْز على شَيخنَا وَابْن الديري وَغَيرهمَا وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَن الْأمين الأقصرائي. وتميز فِي الْفَضِيلَة وَتردد للبقاعي وَرُبمَا أَقرَأ. مُحَمَّد بن قَاسم بن حُسَيْن. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن حُسَيْن.) ::: مُحَمَّد بن قَاسم بن رستم العجمي وَيعرف بالرفاعي. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن قَاسم بن سعيد العقباني المغربي الْمَالِكِي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وأبوهما. لَهُ ذكر فِي إِبْرَهِيمُ. مُحَمَّد بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر هَذَا هُوَ الْمُعْتَمد فِي نسبه الولوي أَبُو الْيمن بن التقي بن الْجمال الشيشيني الأَصْل الْمحلي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن قَاسم. كَانَ جده الْجمال من أَعْيَان شُهُود الْمحلة وَأما وَالِده فناب بهَا وبغيرها عَن قضاتها وَولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرضه هُنَاكَ على جمَاعَة واشتغل على الْكَمَال جَعْفَر البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ بن قطب وَنور الدّين بن عميرَة وَغَيرهم يَسِيرا وناب فِي الْقَضَاء بالدماتر وديسط وبساط من أَعمال الْمحلة عَن قاضيها وَكَانَ ذَلِك سَبَب رياسته فَإِن الْأَشْرَف برسباي حِين كَانَ أحد المقدمين فِي الْأَيَّام المؤيدية نزل لما اسْتَقر فِي كشف الجسور بالغربية الْمحلة على عَادَة الْكَشَّاف انجفل مِنْهُ أهل ديسط وعدوا إِلَى شارمساح فانزعج من ذَلِك خوفًا من الْمُؤَيد سِيمَا وَهُوَ كَانَ يكرههُ فَقَامَ الولوي فِي استرجاع أهل الْبَلَد بسياسته وَبَالغ مَعَ ذَلِك فِي إكرامه وَالْوُقُوف فِي خدمته فرعى لَهُ ذَلِك، فَلَمَّا اسْتَقر فِي السلطنة كَانَ حِينَئِذٍ مجاورا بِمَكَّة فَأمر أَمِير الْحَاج باستصحابه مَعَه فَقدم بمفرده وَأرْسل بعياله إِلَى الْمحلة فَأكْرمه غَايَة الْإِكْرَام بل وجهز سرا من أحضر عِيَاله بِغَيْر علمه اشْترى لَهُ منزلا فِي السَّبع قاعات وَزَاد فِي رفعته ونادمه فَرغب فِي حسن محاضرته وخفة روحه ولطف مداعبته هَذَا مَعَ إفراط سمنه، وَعز ترقيه على الزين عبد الباسط قبل اختباره فَلَمَّا خَبره حسن موقعه عِنْده فَزَاد أَيْضا فِي تقريبه فتكاملت حِينَئِذٍ سعادته وأثرى جدا وَصَارَ أحد الْأَعْيَان وازدحم النَّاس على بَابه، وأضيف إِلَيْهِ قَضَاء سمنود وأعمالها وطوخ ومنية غزال والنحرارية اسْتَقر فِيهَا عَن ابْن الشَّيْخ يحيى وقطيا عَن الشهَاب بن مَكْنُون ودمياط ثمَّ اسْتَقر فِيهَا عوضه الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وَنظر دَار الضَّرْب عَن الشّرف بن نصر الله وَغير(8/281)
ذَلِك من الحمايات والمستأجرات، وَعرضت عَلَيْهِ الْحِسْبَة بل وَكِتَابَة السِّرّ فِيمَا بَلغنِي فَأبى ورام بعد سِنِين التنصل مِمَّا هُوَ فِيهِ فسعى بعد موت بشير التنمي فِي مشيخة الخدام وَنظر الْحرم فَأَجَابَهُ الْأَشْرَف لذَلِك مُرَاعَاة لخاطره وَإِلَّا فَهُوَ لم يكن يسمح بِفِرَاقِهِ مَعَ كَونه عز على الخدام وَقَالُوا إِن الْعَادة لم تجر فِي ولَايَة المشيخة)
لفحل، وسافر فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ ثمَّ أضيف إِلَيْهِ نظر حرم مَكَّة عوضا عَن سودون المحمدي وَاسْتمرّ يتَرَدَّد بَين الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَن اسْتَقر الظَّاهِر جقمق فَأمر بإحضاره فَحَضَرَ وتكلف لَهُ ولحاشيته أَمْوَالًا جمة فَلهُ خَمْسَة عشر ألف دِينَار وأزيد من نصفهَا لمن عداهُ وَآل أمره إِلَى أَن رَضِي عَنهُ ونادمه وَأَعْطَاهُ إقطاعا بَاعه بِسِتَّة آلَاف دِينَار وَتقدم عِنْده أَيْضا إِلَى أَن مَاتَ بالطاعون فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر صفر سنة ثَلَاث وَخمسين وَدفن بتربة ابْن عبود من القرافة وَكَانَ خيرا فكه المحاضرة لطيف الْعشْرَة مَعَ مزِيد سمنه حَتَّى لم يكن يحملهُ إِلَّا جِيَاد الْخَيل تَامّ الْعقل يرجع إِلَى دين وعفة عَن الْمُنْكَرَات وإمساك لَا يَلِيق بِحَالهِ فِي الْيَسَار. وَله ذكر فِي تَرْجَمَة جَوْهَر القنقباي من إنباء شَيخنَا رَحمَه الله. مُحَمَّد كريم الدّين أَبُو الكارم الْمحلى ثمَّ القاهري وَالِد الشّرف مُحَمَّد الْآتِي وأخو الَّذِي قبله ووارثه وَذَاكَ الْأَكْبَر. ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والرسالة وَعرض على جمَاعَة وناب فِي الْقَضَاء عَن أَخِيه غَيره. مَاتَ بالطاعون فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَدفن بتربة أعدهَا لنَفسِهِ فِي سوق الدريس رَحمَه الله. مُحَمَّد بن قَاسم بن عَليّ الشَّمْس المقسي نِسْبَة للمقسم القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن قَاسم. ولد فِيمَا قَالَ تَقْرِيبًا سنة سبع عشرَة أَو بعْدهَا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وبلوغ المرام وألفية الحَدِيث والنحو والمنهاج الفرعي والأصلي وَالتَّلْخِيص وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم الشهَاب الطنتدائي والزين القمني والتفهني والصيرامي والبساطي وَابْن نصر الله فِي آخَرين ولازم الشهَاب الْمحلي خطيب جَامع ابْن ميالة ثمَّ ترقى فَأخذ عَن الْبُرْهَان بن حجاج الإبناسي تَصْحِيحا وَغَيره ثمَّ عَن القاياتي والونائي والْعَلَاء القلقشندي فِي التَّقْسِيم وَغَيره وَمِمَّا أَخذه عَنهُ فُصُول ابْن الهائم ثمَّ الْمَنَاوِيّ والبلقيني وَأكْثر من ملازمتهما بِأخرَة والجلال الْمحلي وَعنهُ حمل شروحه على الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والبردة وَغَيرهَا وَكَذَا لَازم الشمني فِي الْعَضُد والبيضاوي وحاشيته على الْمُغنِي وَغَيرهَا وَمن قبل هَؤُلَاءِ أَخذ عَن السَّيِّد النسابة والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والحناوي وَأبي الْقسم النويري ثمَّ عَن أبي الْفضل المغربي وَكَذَا الكافياجي والأبدي والشرواني فِي آخَرين(8/282)
كقاسم البُلْقِينِيّ فلازمه فِي التقاسيم والسفطي فِي الْكَشَّاف، بل سَافر مَعَ الزين عبد الرَّحِيم الإبناسي حَتَّى مر مَعَه على القطب وَقَرَأَ شرح ألفية الحَدِيث وَغَيره على شَيخنَا وَسمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَتِي)
وَقِرَاءَة غَيْرِي أَشْيَاء وَكَذَا سمع اتِّفَاقًا على جمَاعَة وَكتب الْمَنْسُوب على البسراطي المقسي وَغَيره وَأخذ فِي القراآت عَن فقيهه ابْن أَسد وَفِي التصوف بِمَكَّة عَن عبد الْمُعْطِي وَتردد للشَّيْخ مَدين وقتا بل واختلى عِنْده وَأول مَا ترعرع جلس فِي حَانُوت للتِّجَارَة بقيسارية طيلان من سوق أَمِير الجيوش تَحت نظر أَبِيه وتدرب بِهِ، وسافر فِي التِّجَارَة للشام وَهُوَ فِي خلال ذَلِك مديم للاشتغال حَتَّى تميز وشارك فِي فنون وَذكر بالذكاء بِحَيْثُ أذن لَهُ غير وَاحِد من شُيُوخه كشيخنا والمحلي والبلقيني وَاسْتقر بِهِ فِي مشيخة البشتكية حِين إخْرَاجهَا لَهُ عَن التَّاج عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن شرف بعد عرضه لَهَا على من أَبَاهَا، وَلم يلبث أَن رجعت لصَاحِبهَا وَصَارَ يناكده حَتَّى فِي نظم لَهُ فِي حل الْحَاوِي كَمَا أسلفته فِي تَرْجَمته وَكَذَا نَاب فِي الْإِمَامَة بالأزكوجية بجوار سوقه عَن ابْن الطرابلسي وَاسْتقر فِي التصوف بِسَعِيد السُّعَدَاء والبرقوقية وَغير ذَلِك بل فِي تدريس الحَدِيث بالجمالية عوضا عَن ابْن النواجي بعناية الزيني بن مزهر فَإِنَّهُ كَانَ قد اخْتصَّ بِهِ وقتا وَقَرَأَ عِنْده الحَدِيث فِي رَمَضَان وَغَيره بل أم بِهِ وَعلم وَلَده وَقَررهُ فِي إِمَامَة مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا ومشيخة صوفيتها وَكَذَا أَقرَأ عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ الحَدِيث فِي رَمَضَان ثمَّ من بعده عِنْد وَلَده بل هُوَ أحد الشَّاهِدين بأهليته لوظائف أَبِيه وَعند ربيبه أَيَّام تلبسه بِالْقضَاءِ، وزار بَيت الْمُقَدّس وَحج غير مرّة آخرهَا فِي الرجبية مَعَ الزيني، وَاسْتقر فِي مشيخة الشَّافِعِيَّة بالبرقوقية بعد الْعَبَّادِيّ فِي حَيَاته وَلكنه بَطل وانتزعها مِنْهُ الأتابك لوَلَده وَكَذَا رغب عَن الجمالية لداود الْمَالِكِي ثمَّ استرجعها مِنْهُ ثمَّ رغب عَنْهَا لِابْنِ النَّقِيب كل ذَلِك بِرِبْح وتصدى للإقراء فَأخذ عَنهُ الطّلبَة فنونا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَقيد وحشى وَأفَاد بل كتب على الْمِنْهَاج شرحا وعَلى غَيره وَرُبمَا قصد بالفتاوى، وَلَيْسَ بمدفوع عَن مزِيد عمل وفضيلة وتميز عَن كثيرين مِمَّن هم أروج مِنْهُ لكَونه عديم الدربة والمداراة مَعَ مزِيد الخفة والطيش والتهافت والكلمات الساقطة وَسُرْعَة البادرة الَّتِي لَا يحتملها مِنْهُ آحَاد طلبته فضلا عَن أقرانه فَمن فَوْقه واستعمالها فِي الْعلم بِحَيْثُ يكون خطأه من أجلهَا أَكثر من إِصَابَته هَذَا وكتابته غير متينة وَلكُل هَذَا لم يزل فِي انحطاط بِحَيْثُ يتجرأ عَلَيْهِ من هُوَ فِي عداد طلبة تلامذته فضلا عَنْهُم. مَاتَ ي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد أَن أوصى بِثُلثِهِ لمعينين وَغَيرهم(8/283)
ووقف أَمَاكِن حصلها فِي حَيَاته على مَحل دَفنه بتربة بسوق الدريس خَارج بَاب النَّصْر جعل بهَا صوفية وشيخا رَحمَه الله)
وإيانا وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن قَاسم بن عَليّ الشَّمْس الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ الشاذلي الْوَاعِظ الغزولي. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الآخر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَقد قَارب السِّتين ظنا وَكَانَ قد قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل قَلِيلا وَفهم وَقَرَأَ على الْعَامَّة بِمَكَّة بل كَانَ قَارِئ المراسيم الْوَارِدَة لَهَا من مصر وَاسْتقر بِهِ الْأَمِير خير بك من حَدِيد فِي مشيخة سَبْعَة هُنَاكَ وَكثر توجهه للزيارة النَّبَوِيَّة فِي كل سنة غَالِبا وَتزَوج كثيرا. وَله نظم فَمِنْهُ مِمَّا ذيل بِهِ الأبيات المضافة للزمخشري فَقَالَ:
(طُوبَى لعين عَايَنت أم الْقرى ... وَأَتَتْ لَهَا حول الطّواف مبادره)
(ورجالها طافوا بهَا من حولهَا ... وَقُلُوبهمْ بِاللَّه أضحت عامره)
مُحَمَّد بن قَاسم بن عَليّ الْأَسْلَمِيّ الْمَكِّيّ الشهير بالأبيني. مَاتَ فِي شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن قَاسم بن عِيسَى الْبَدْر الْحُسَيْنِي سكنا الحريري وَيعرف بِابْن قَاسم. مِمَّن اشْتغل عِنْد الزين عبد الرَّحِيم الإبناسي وَالشَّمْس بن قَاسم وَغَيرهمَا وَحضر عِنْد البقاعي الزيني زَكَرِيَّا وخالطه فِي ابْتِدَائه ابْن قَرِيبه والحليبي وَتزَوج ابْنه ابْنه عبد الله التَّاجِر وَحج بهَا بعد مَوته فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَكَانَ يحضر دروس قاضيها بل حضر عِنْدِي فِي شرح التَّقْرِيب وَقَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت وَلَا يَخْلُو من مُشَاركَة وَفهم مَعَ أدب وعقل وسياسة. مُحَمَّد بن قَاسم بن قطلوبغا الْبَدْر أَبُو الْوَفَاء القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والنقاية وَغَيرهَا وَعرض فِي سنة خمسين على شَيخنَا بعض محافيظه وَسمع عَلَيْهِ وعَلى غَيره كَأُمّ هَانِئ الهورينية والشهاب الْحِجَازِي وَغَيرهمَا بل سمع ختم البُخَارِيّ على الْأَرْبَعين بالظاهرية ولازم دروس وَالِده ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وَأَقْبل على التَّشَبُّه بالظرفاء والاعتناء بالتصحيف وَالضَّرْب وَإِخْرَاج الخفائف وَنَحْو ذَلِك وخالط المتسمين بأبناء الْبَلَد وَقد حج بحرا مَعَ ابْن رَمَضَان حِين كَانَ صيرفي جدة وَلم تحصل لَهُ رَاحَة وَكَذَا سَافر لدمياط للمنصور غير مرّة بل للشام فِي بعض ضرورات الْخَاص وساعده المحيوي ابْن عبد الْوَارِث قَاضِي الْمَالِكِيَّة بهَا وَله ثروة بِسَبَب تعانيه للسَّفر بإحضار الْحبّ وَنَحْوه.) ::: مُحَمَّد أفضل الدّين أَبُو الْفضل أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ أَصْغَر وأشبه طَريقَة. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والقدوري ولازم أَبَاهُ وأحضره على شَيخنَا وَغَيره، وَحج مَعَ أَبِيه(8/284)
صُحْبَة الْمَنْصُور وَجلسَ بعده مَعَ الشُّهُود وَكَانَ متقللا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين رَحمَه الله. مُحَمَّد كَمَال الدّين أَخُو اللَّذين قبله. أحضر على أم هَانِئ وَغَيرهَا، وَمَات وَهُوَ طِفْل فِي حَيَاة أَبِيه. مُحَمَّد بن قَاسم وَاخْتلف فِيمَن بعده فَقيل حُسَيْن وَقيل مُحَمَّد بن حُسَيْن الشَّمْس أَبُو عبد الله الْمَنَاوِيّ الأَصْل الدمياطي ثمَّ الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بالطبناوي لكَون نَاصِر الدّين الطبناوي كَانَ زوج أُخْته. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا كالشاطبيتين ومقدمة فِي التجويد لِابْنِ الْجَزرِي وعمدة الْمجِيد فِي علم التجويد للسخاوي وَقَرَأَ الأوليتين على عبد الدَّائِم الْأَزْهَرِي وَبحث عَلَيْهِ شَرحه للثَّالِث وتلا بالسبع على الزين رضوَان وجعفر وَغَيرهمَا كالشهاب الزواوي وَالشَّمْس الْبكْرِيّ بن الْعَطَّار وَعنهُ أَخذ النَّحْو وَالْفِقْه وَغَيرهمَا، وبرع فِي الْحساب والقراآت وَغَيرهمَا وشارك فِي الْفِقْه والعربية وانتفع بِهِ جمَاعَة فِي القراآت واختص بِصُحْبَة مُحَمَّد الكويس ثمَّ كَانَ بعد مَوته يتَعَاهَد قَبره مَاشِيا فِي الْغَالِب ويديم التِّلَاوَة ذَهَابًا وإيابا وَعند قَبره وَبَلغنِي ان الشَّيْخ كَانَ يَقُول من أَرَادَ النّظر إِلَى من قرع الْإِيمَان قلبه فَلْينْظر إِلَى هَذَا. وَكَانَ كثير التَّهَجُّد والتلاوة وَالصِّيَام وَاتِّبَاع السّنة وَاتِّبَاع السّلف. مَاتَ كهلا بالخانقاه بعد السِّتين وَدفن تَحت شباك قبر شَيْخه رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز أَبُو عبد الله الْقرشِي المَخْزُومِي القفصي نِسْبَة لمدينة عَظِيمَة من بِلَاد الجريد من أَعمال إفريقية وأضيفت للجريد لِكَثْرَة نخيلها وَيعرف بالقفصي وَرُبمَا قيل لَهُ البسكري وَكَانَ يَقُول لَا أعرف لذَلِك مُسْتَندا إِنَّمَا نَحن من قفصة أصولا وفروعا. ولد سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة بقفصة وَنَشَأ بهَا فَأخذ الْعلم عَن جمَاعَة كَأبي عبد الله الدكالي، وارتحل إِلَى الْحجاز فِي أَوَاخِر الْقرن الَّذِي قبله فجاور بِمَكَّة نَحْو ثَلَاث سِنِين متجردا ثمَّ توجه مِنْهَا مَاشِيا إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَأَقَامَ بهَا أَزِيد من سنة ثمَّ عَاد إِلَى مَكَّة ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده فدام بهَا إِلَى نَحْو سنة خمس عشرَة ثمَّ تحول إِلَى الْحجاز بأَهْله فجاور بِمَكَّة سبع سِنِين، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة فَانْقَطع بهَا بمدرسة شيخ الشُّيُوخ نظام الدّين بالصحراء قريب قلعة الْجَبَل وَلم يقْصد الْإِقَامَة بِالْقَاهِرَةِ إِنَّمَا كَانَت)
نِيَّته بالمجئ من بِلَاده للمجاورة بِأحد الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة وَلَكِن اعتقده الظَّاهِر جقمق وأحبه واغتبط بِهِ وَلم يسمح بِفِرَاقِهِ بِحَيْثُ أَنه لما رام التَّوَجُّه لمَكَّة كَاد أَن يكفه عَنهُ فَمَا بلغ وسافر فِي موسم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين فَلم يلبث أَن مرض بعد إِتْمَامه الْحَج. وَمَات بِمَكَّة فِي(8/285)
يَوْم الْأَحَد مستهل محرم الَّتِي تَلِيهَا رَحمَه الله وإيانا. وَكَانَ إِمَامًا زاهدا ورعا مديما للانقطاع إِلَى الله من صغره وهلم جرا لَا يتَرَدَّد إِلَى أحد سِيمَا الْخَيْر عَلَيْهِ لائحة كَرِيمًا ريضا متضلعا من علم السّنة كثير الِاطِّلَاع على الْخلاف العالي والنازل يكثر مطالعة التَّمْهِيد لِابْنِ عبد الْبر وَله عَلَيْهِ حواش مفيدة غير أَنه لَا يعرف الْعَرَبيَّة. تَرْجَمَة ابْن فَهد النَّجْم وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ وَكَذَا قَالَ البقاعي لَهُ أَبْيَات فِي السِّوَاك كتبتها عَنهُ وساقها وَأَشَارَ إِلَى أَن فِيهَا عدَّة أَبْيَات من نظمه وَلم يميزها فحذفت كتَابَتهَا لذَلِك. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس السُّيُوطِيّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الشاذلي. كَانَ مَذْكُورا بِعلم الْحَرْف مَقْصُودا فِيهِ، الْوَاعِظ نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن قَاسم. ولد فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بسيوط وَذكر أَنه أَخذ طَرِيق الشاذلية عَن أبي بكر بن مُحَمَّد السُّيُوطِيّ الشاذلي بِأَخْذِهِ لَهَا عَن خَاله الشهَاب بن القطب عبد الْملك الألواحي القلموني بِأَخْذِهِ لَهَا عَن أَبِيه وَأَخذه أَيْضا عَالِيا عَن رضيعة وَالِدَة شَيْخه أبي بكر عَن أَبِيهَا عبد الْملك عَن أبي الْعَبَّاس المرسي عَن أبي الْحسن الشاذلي قَالَ النَّجْم ابْن فَهد وَله نظم ومدحني بِبَعْضِه وَأَجَازَ لي.
مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَسِتِّينَ سامحه الله. وَهُوَ مِمَّن شَارك الْمَاضِي قَرِيبا فِي اسْمه وَاسم أَبِيه وَكَونه شاذليا واعظا. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله الْغَزِّي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الغرابيلي. ولد فِي رَجَب تَحْقِيقا سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بغزة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج وألفية الحَدِيث والنحو ومعظم جمع الْجَوَامِع وَغير ذَلِك وَأخذ عَن الشَّمْس بن الْحِمصِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَعَن الْكَمَال بن أبي شرِيف بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا الْفِقْه والأصلين وَغَيرهَا وَمِمَّا أَخذه عَنهُ شرح الْمحلي لجمع الْجَوَامِع وَوَصفه بالعالم المفنن النحرير وَقدم الْقَاهِرَة فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ فَأخذ عَن الْعَبَّادِيّ فِي الْفِقْه قِرَاءَة وسماعا ولازم التقاسيم عِنْد الْجَوْجَرِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ جانبا فِي أصُول الْفِقْه وَالْعرُوض بِكَمَالِهِ وَقَرَأَ على الْعَلَاء الحصني شرح العقائد والحاشية عَلَيْهِ وَشرح التصريف والقطب فِي)
الْمنطق ومعظم المطول والحاشية وَغير ذَلِك وعَلى الْبَدْر المارداني فِي الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة وغالب تَوَابِع ذَلِك وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ من تصانيفه شرح الْفُصُول وعَلى الزين زَكَرِيَّا الْقيَاس من شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وعَلى الْجمال الكوراني من شرح أشكال التأسيس وَأخذ القراآت جمعا وإفرادا عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن القادري ثمَّ عَن الزين جَعْفَر جمعا للسبع من طَرِيق النشر وللأربعة عشر مِنْهُ وَمن المصطلح إِلَى أثْنَاء النِّسَاء وعَلى الشَّمْس بن الحمصاني جمعا للعشر إِلَى سُورَة الْحجر(8/286)
وعَلى الزين زَكَرِيَّا جمعا للسبع وَكَذَا على السنهوري لَكِن إِلَى العنكبوت وَقَرَأَ على ألفية الحَدِيث بِتَمَامِهَا بحثا وَالْقَوْل البديع وَغَيره من تصانيفي بعد أَن كتبهَا والأذكار للنووي واغتبط بذلك كُله، وتميز فِي الْفُنُون وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة والسكون والديانة الْعقل والانجماع والتقنع باليسير ونزله الزيني بن مزهر فِي مدرسته، وخالط الشهَاب الأبشيهي فَكَانَ هُوَ يرتفق بِمَا يكون عِنْده من الأشغال وَذَاكَ بِمَا يَسْتَعِين بِهِ فِي الْفَهم وَجلسَ لذَلِك بِبَاب زَكَرِيَّا وزوجه نقيبه الْعَلَاء الْحَنَفِيّ ابْنَته وَمَا حمدته فِي شَيْء من هَذَا، وَآل أمره إِلَى أَن صَار حِين ضيق على جمَاعَة القَاضِي هُوَ النَّقِيب وَظَهَرت كفاءته فِي ذَلِك وَقسم بِجَامِع الْأَزْهَر وَعمل الختوم الحافلة وَرُبمَا خطب بِجَامِع القلعة حِين يتعلل قاضيه وشكرت خطابته وَفِي غُضُون نقابته تردد إِلَيّ وَكتب بعض تصانيفي وقرأه وأوقفني على حَاشِيَة كتبهَا على شرح العقائد فِي كراريس فقرضت لَهُ عَلَيْهَا وَكَذَا عمل حَاشِيَة على شرح التصريف أقرأهما وَغَيرهمَا بل وَكتب على الْفتيا وَهُوَ جدير بذلك فِي وقتنا. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد الشَّمْس السُّيُوطِيّ ثمَّ القاهري. سمع على الْمُحب الخلاطي وَالْفَخْر السنباطي والشهاب الْعَطَّار سنَن الدَّارَقُطْنِيّ وعَلى الْعِزّ بن جمَاعَة تساعياته الَّتِي خرجها لنَفسِهِ وَحدث سمع مِنْهُ جمَاعَة مِمَّن لَقِينَاهُمْ كالزين رضوَان بل فِي الْأَحْيَاء الْآن من يروي عَنهُ. وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد، وَمَات سنة أَربع وَعشْرين. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد القاسمي البلبيسي وَيعرف بِابْن وشق. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
مُحَمَّد بن قَاسم الشَّمْس واعظ مَكَّة. فِيمَن جده عَليّ. مُحَمَّد بن قَاسم صَلَاح الدّين بن الماطي الْمَاوَرْدِيّ. أَمِين المركبات كالدرياق)
بالبيمارستان وَأحد صوفية المؤيدية بل لَهُ بهَا خلْوَة. مَاتَ بِمَكَّة فَجْأَة فِي صفر سنة خمس وَتِسْعين وَكَانَ ذَا ثروة وَلذَا ختم الشَّافِعِي بِمصْر على موجوده وَخرجت المؤيدية وَالْخلْوَة عَن وَلَده. مُحَمَّد بن قَاسم الشَّمْس الطبناوي الْمُقْرِئ. مضى قَرِيبا. مُحَمَّد بن قَاسم أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ التلمساني ثمَّ التّونسِيّ المغربي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن الرصاع بمهملتين وَالتَّشْدِيد صَنْعَة لأحد آبَائِهِ. مِمَّن أَخذ عَن أَحْمد وَعمر القلشانيين وَابْن عِقَاب وَآخَرين كَأبي الْقسم الْبُرْزُليّ، وَولي الْمحلة ثمَّ الْأَنْكِحَة ثمَّ الْجَمَاعَة ثمَّ صرف نَفسه فِي كائنة صاحبنا أبي عبد الله البرنتيشي وَاقْتصر على إِمَامَة جَامع الزيتونة وخطابته متصديا للإفتاء ولإقراء الْفِقْه وأصول الدّين والعربية والمنطق وَغَيرهَا وَجمع شرحا فِي شرح الْأَسْمَاء النَّبَوِيَّة وَآخر فِي الصَّلَاة(8/287)
على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأفرد الشواهد القرآنية من المغنى لِابْنِ هِشَام ورتبها على السُّور وَتكلم عَلَيْهِمَا وَشرح حُدُود ابْن عَرَفَة بل بَلغنِي أَنه شرع فِي تَفْسِير وَأَنه اختصر شرح البُخَارِيّ لشَيْخِنَا وَعِنْدِي أَنه انتقاء لَا اخْتِصَار وبلغنا أَنه فِي سنة أَربع وَتِسْعين على خطة. مُحَمَّد بن قَاسم الأجدل نَاظر زبيد ثمَّ عدن بل ولي إمرة لحج وَغَيرهَا. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن قَاسم البجائي المغربي الْمَالِكِي نزيل طيبَة. مِمَّن سمع مني بهَا.
مُحَمَّد بن قَاسم القفصي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن عمر بن عمر بن الشَّيْخ على الأهدل بن عمر الْجمال أَبُو عبد الله الْحُسَيْنِي السهامي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الْخَطِيب بالمراوعة قَرْيَة جده الْأَعْلَى عَليّ. سمع مني فِي سنة سِتّ أَو سبع وَثَمَانِينَ بِمَكَّة أَشْيَاء وكتبت لَهُ إجَازَة. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن أَحْمد النويري. مضى فِي ابْن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن سَالم الوشتاتي القسنطيني الأَصْل التّونسِيّ الْمَالِكِي. أَخذ عَن يَعْقُوب الزعبي تلميذ ابْن عَرَفَة وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة بعد مُحَمَّد الرصاع الْمَاضِي قَرِيبا سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن الصّديق بن عمر أَبُو الطّيب بن الْمقري الشّرف الْيَمَانِيّ)
المطري الشَّافِعِي من أَبْيَات الْفَقِيه ابْن عجيل وَيعرف بلقب جد أَبِيه زبر فَيُقَال لَهُ كسلفه بَنو زبر. لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي محرم سنة أَربع وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ قِطْعَة من عدَّة ابْن الْجَزرِي، وحدثته بالمسلسل بِشَرْطِهِ وَذكر لي أَن أَبَاهُ كَانَ قَارِئ السَّبع وَإنَّهُ مَاتَ تَقْرِيبًا سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَن سنه هُوَ نَحْو ثَلَاثِينَ سنة وَله اشْتِغَال متفرق، وَحكى لي عَن نَاصِر الدّين بن الْفَقِيه حسن الدمياطي الْمُقِيم بزيلع وَعَن سيرته هُنَاكَ وَكَذَا أَخذ عَن الْجلَال بن سُوَيْد بل قَرَأَ عَلَيْهِ شرحي للهداية الجزرية وكتبت لَهُ من نسخته نُسْخَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْعدة وَأخْبرهُ بهَا عَن الْعَبَّادِيّ وَابْن عبيد الله وبالشرح عني وحَدثني بِشَيْء من سيرته وَأَنه تبَاين مَعَ نَاصِر الدّين مَعَ تقاربهما.
مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الشيشيني. صَوَابه مُحَمَّد بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن. مضى. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن عبد الله بن أبي الْقسم أَحْمد بن عبد الْمُعْطِي الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ.
مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن أبي الْقسم المكني بِأبي الْفضل بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ(8/288)
الشَّمْس أَبُو عبد الله ابْن الْفَقِيه الإِمَام المرتضى الجذامي الرنتيشي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالرَّاء بعْدهَا نون سَاكِنة ثمَّ مثناة مَكْسُورَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة بعْدهَا مُعْجمَة نِسْبَة لحصن من عرب الأندلس من أَعمال أشبونة المغربي الْمَالِكِي الْمَاضِي ابْن عَم وَالِده إِبْرَهِيمُ بن عبد الْملك بن إِبْرَهِيمُ، وَيعرف بالرنتيشي. ولد فِي أَوَائِل سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ يَتِيما فَقَرَأَ الْقُرْآن والشاطبية الصُّغْرَى وأحضر مجَالِس الْعلمَاء كَأبي عبد الله الزلديوي وإبرهيم الأخضري وَمُحَمّد الواصلي وَالْقَاضِي الغافقي، وتلا فِي الأندلس للسبع على قَاضِي الْجَمَاعَة بمالقة أبي عبد الله الفرعة ولبعض الْقُرَّاء على غَيره، وَبحث التَّيْسِير وَشَرحه للرعيني ومنظومة ابْن بري والشاطبية مَعَ شرحيها للفاسي وَأبي شامة والكشف وَالْبَيَان لمكي والأفراد لِابْنِ شُرَيْح وَغَيرهَا ولازم أَبَا عبد الله بن الْأَزْرَق فِي الْأَصْلَيْنِ والعربية والمنطق وَالْعرُوض والموجز وَغَيرهَا وَفِي غضونها قَرَأَ الرسَالَة لِابْنِ أبي زيد وقواعد عِيَاض فِي الْفِقْه وأوائل ابْن الْحَاجِب الفقهي وَجُمْلَة من بَاب الْحجر مِنْهُ وكتبا من أَوَائِل الْمُدَوَّنَة وَغَيرهَا على غير وَاحِد وَدخل الْقَاهِرَة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ ليحوز مِيرَاث إِبْرَهِيمُ الْمَذْكُور فحج)
وَسمع بِمَكَّة على النَّجْم بن فَهد وَغَيره وَأخذ فِي الْقَاهِرَة عَن الْعَلَاء الحصني فِي الْأَصْلَيْنِ والمنطق وَالْحكمَة وَعَن حَمْزَة البجائي نزيل الشيخونية فِي الْمنطق والمعاني وَالْبَيَان وَلم يَنْفَكّ عَنهُ مُحْتملا لجفائه ويبسه حَتَّى أَنه رُبمَا كَانَ يختفي مِنْهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة فَأكْثر مَعَ مزِيد إحسانه الْخَفي إِلَيْهِ وَكَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَعَن أَحْمد بن عَاشر فِي الْمنطق أَيْضا فِي آخَرين ولازمني حَتَّى قَرَأَ الْمُوَطَّأ بِتَمَامِهِ مَعَ ألفية الْعِرَاقِيّ وَأَصلهَا بحثا وَسمع على الْكثير من تصانيفي وَغَيرهَا وَسمع على أبي السُّعُود الغراقي وحمدت وفور أدبه وعقله ومحاسنه وَسُرْعَة إِدْرَاكه وَحسن قلمه وَعبارَته. وَحصل لَهُ إجحاف فِي إِرْثه هُنَا وَهُنَاكَ وَقرر لَهُ السُّلْطَان راتبا فِي الجوالي وَصَارَ يُكرمهُ ثمَّ لم يزل يتطلف بِهِ حَتَّى اسْتَقر بِهِ فِي متجره باسكندرية كَابْن عَم وَالِده فدام فِيهِ سِنِين ثمَّ صرفه بالمحيوي عبد الْقَادِر بن عليبة وَلزِمَ هَذَا الِاشْتِغَال، وصاهر الشريف العواني على إبنته فَلَمَّا مَاتَ ابْن عليبة عين لضبط تركته وَنَحْوهَا وَتوجه ثمَّ عَاد فأعيد إِلَى الْوَظِيفَة بِزِيَادَة أرْغم عَلَيْهَا وألزم صهره بِالسَّفرِ مَعَه فَخرج مكْرها وودعاني حِين سفرهما فَمَا كَانَ بأسرع من وَفَاة الشريف هُنَاكَ وَاسْتمرّ الآخر حَتَّى أنهى مَا كلف بِهِ بمكابدة وديون ثمَّ حضر فرافع فِيهِ مغربي(8/289)
آخر يُقَال لَهُ ابْن غَازِي واسترسل حَتَّى زيدت الْجِهَة قدرا لَا يحْتَمل وكمد هَذَا قهرا وَغَلَبَة وَلم يجد معينا وَلَا دافعا كَمَا هُوَ دأب الْجَمَاعَة مَعَ السُّلْطَان الْآن فَلَزِمَ الوساد أشهرا بأمراض باطنية متنوعة حَتَّى مَاتَ بمنزل سكنه ببركة الرطلي فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشري شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَختم على موجوده ليحوزه الْملك، وتأسفنا عَلَيْهِ لما كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ من المحاسن رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد بن حسن بن عبد المحسن الْعَلامَة الْوَرع الزَّاهِد أَبُو عبد الله ابْن الْعَلامَة الزَّاهِد الْمُنْقَطع إِلَى الله المشدالي بِفَتْح الْمِيم والمعجمة وَتَشْديد الدَّال نِسْبَة لقبيلة من زواوة الزواوي البجائي المغربي الْمَالِكِي وَالِد أبي الْفضل مُحَمَّد وأخيه أبي عبد الله. أَخذ عَن أَبِيه بل ترافق مَعَه فِي بعض شُيُوخه وَكَانَ إِمَامًا كَبِيرا مقدما على أهل عصره فِي الْفِقْه وَغَيره ذَا وجاهة عِنْد صَاحب تونس فَمن دونه كمل تعليقة الوانوغي على البراذعي واستدرك مَا صرح فِيهِ ابْن عَرَفَة فِي مُخْتَصره بِعَدَمِ وجوده وتتبع مَا فِي الْبَيَان والتحصيل بِغَيْر مظانه وَحَوله لَهَا وحاذى بِهِ ابْن الْحَاجِب، أم وخطب بالجامع)
الْأَعْظَم ببجاية وتصدى فِيهِ وَفِي غَيره للتدريس والإفتاء وَتخرج بِهِ ابناه وأئمة، وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل حَيْثُ يُقَال أَتُرِيدُ أَن تكون مثل أبي عبد الله المشدالي، كل ذَلِك ديانَة وَقُوَّة نفس، رَأَيْت من أرخه سنة بضع وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو عبد الله النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ. سمع من جده أبي عبد الله الْبِدَايَة وَغَيرهَا وَكَانَ يخْدم وَالِده بِحَيْثُ كَانَ يُوصي بِهِ أخوته وَيَقُول اقدروا لَهُ قدره. مَاتَ أول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد الْأَكْبَر بن عَليّ الفاكهي الْمَكِّيّ. ولد فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ بِمَكَّة، وَأمه سِتّ الْقُضَاة سَعَادَة ابْنة أبي الْبَقَاء مُحَمَّد بن عبد الله بن الزين.
وأحضر فِي الثَّانِيَة على الزين عبد الرَّحِيم الأميوطي ختم البُخَارِيّ وجزء ابْن فَارس والدراح، وَدخل الْقَاهِرَة مَعَ زوج أمه عبد الْقَادِر النويري. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة خمس وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن أَو مُحَمَّد الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَاضِي جده وَعم أَبِيه أَحْمد والآتي أَبوهُ وَيعرف بِابْن جوشن. كَانَ يقْرَأ(8/290)
الْقُرْآن ويتعانى التِّجَارَة كجده بِحَيْثُ خلف أَمْوَالًا كَثِيرَة وَكَانَ يُؤَدِّي زَكَاة ثماره وحبه بِحَيْثُ يُقَال إِنَّه عِنْد مَوته انْفَرد عَن أهل مَكَّة أوجلهم بذلك مَعَ نسبته لإمساك. مَاتَ بِمَكَّة فِي صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَنا هُنَاكَ وَقد زاحم السِّتين أَو جازها رَحمَه الله. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد النويري. يَأْتِي فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الطّيب. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن محب الدّين بن عز الدّين. مضى قَرِيبا فِي مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد.
مُحَمَّد بن أبي الْقسم الْجمال أَبُو عبد الله الْيَمَانِيّ بن الأهدل الْخَطِيب بالمراوغة. مضى قَرِيبا فِيمَن جده إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن أبي الْقسم الْجمال أَبُو عبد الله المقدشي بِالْمُعْجَمَةِ شيخ النُّحَاة بِالْيمن.
انْتفع بِهِ جمَاعَة مِنْهُم الشهَاب أَحْمد بن عمر المنقش. وَمَات فِي ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين.)
ذكره الْعَفِيف النَّاشِرِيّ مُخْتَصرا. مُحَمَّد بن أبي الْقسم الشَّمْس الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن الْأَجَل. ذكر أَنه ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَأَنه قَرَأَ الْفِقْه على التقي السُّبْكِيّ وَالْفَخْر الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَغَيرهمَا، وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مستحضرا لفوائد مَعَ زهد وتخيل من النَّاس وانحراف عَنْهُم وتخل عَن دنيا طائلة حَيْثُ تَركهَا وآثر الْإِقَامَة بِمَكَّة على طَريقَة حميدة حَتَّى مَاتَ بهَا بعد مجاورته نَحْو خمس عشرَة سنة فِي النّصْف الثَّانِي من ربيع الأول سنة خمس، ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَمن قبله التقي الفاسي. مُحَمَّد بن قانباي الجركسي الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَصلي عَلَيْهِ فِي مصلى المؤمني بِمحضر فِيهِ السُّلْطَان والأعيان وَدفن بِالْمَكَانِ الَّذِي صَار مَعْرُوفا بِأَبِيهِ وَكثر توجعه لفقده، وَكَانَ خيرا أثنى عَلَيْهِ الْعَيْنِيّ حَيْثُ وَصفه بالشاب الصَّالح وَكَذَا قَالَ شَيخنَا إِنَّه كَانَ مشكور السِّيرَة من أَقْرَان مُحَمَّد بن الظَّاهِر جقمق الْمَاضِي عوضهما الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن قانباي اليوسفي الْمَاضِي أَبوهُ. ولي المهمندارية بعد أَبِيه انحط أمره عِنْد الظَّاهِر خشقدم ثمَّ اخْتصَّ بالدوادار الْكَبِير يشبك من مهْدي بِحَيْثُ جالسه وسامره وتوسل بِهِ كَثِيرُونَ فِي ضروراتهم. مُحَمَّد بن قديدار. فِي ابْن أَحْمد بن عبد الله. مُحَمَّد بن قرابغا خير الدّين العلائي الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ. ولد قبل سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ. ذكره البقاعي وَوَصفه بصاحبنا الإِمَام الْعَالم الأديب(8/291)
البارع وَأورد من نظمه:
(يَا غزالا لَيْسَ لي عَنهُ اصطبار ... لَا وَلم يسل فُؤَادِي عَنهُ غاده)
(بَحر صبري مذ تنافرت ووجدي ... ذَا وَهَذَا فِي احتراق وزياده)
مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشري شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين مطعونا وَدفن من الْغَد. مُحَمَّد شاه بن قرا يُوسُف بن قرا مُحَمَّد مُتَوَلِّي بَغْدَاد. مَاتَ مقتولا فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ على حصن يُقَال لَهُ شنكان من بِلَاد شاه رخ. وَكَانَ شَرّ مُلُوك زَمَانه فسقا وإبطالا للشرائع، وَاسْتقر بعده فِي المملكة أَمِير زاه على ابْن أخي قرا يُوسُف، طول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته بِالنِّسْبَةِ لما هُنَا.) ::: مُحَمَّد بن قرقماس بن عبد الله نَاصِر الدّين الأقتمري القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن قرقماس. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على الْجمال مَحْمُود بن الفوال الْمُقْرِئ وتعانى فِي أول أمره الحبك وفَاق فِيهِ ثمَّ أعرض عَنهُ وَأخذ القراآت السَّبع إفرادا عَن مؤدبه الْمَذْكُور وَالْفِقْه عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَعنهُ أَخذ طرفا من الْعَرَبيَّة وَالصرْف والمنطق والجدل والأصلين وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ عَن غَيره مِمَّن هُوَ فِي طبقته وَقبلهَا بِيَسِير بل ذكر أَنه حضر دروس الْعِزّ بن جمَاعَة وَهُوَ مُمكن، وتعانى الْأَدَب وَعلم الْحَرْف فَصَارَ لَهُ ذكر فيهمَا ونظم كثيرا وخاض فِي بحور الشّعْر وَرُبمَا قصد بالأسئلة فِي الْحَرْف وإقرائه بل وصنف فِيهِ وَكَانَ إِذا سُئِلَ عَن شَيْء من الضمائر يخرج فِيهِ نظما على هَيْئَة مَا يخرج من الزايرجة وَرُبمَا زعم أَنه مِنْهَا ثمَّ يُوجد فِي بعض الدَّوَاوِين، وَتقدم عِنْد الظَّاهِر خشقدم لذَلِك وَغَيره وَقَررهُ شَيخا للقبة بتربته فِي الصَّحرَاء وَجعل لَهُ خزن كتبهَا وَغير ذَلِك. وصنف زهر الرّبيع فِي البديع زِيَادَة على عشر كراريس وقف عَلَيْهِ كل من شَيخنَا والعيني وقرضاه وقسمه تقسيما حسنا وصل فِيهِ إِلَى نَحْو مِائَتي نوع ذكر فِي كل نوع مِنْهَا شَيْئا من نظمه فِي ذَلِك النَّوْع وَهُوَ حسن فِي بَابه لَكِن قيل إِنَّه اشْتَمَل على لحن كثير فِي النّظم والنثر وَخطأ فِي أبنية الْكَلِمَات من حَيْثُ التصريف وتراكيب غير سَائِغَة فيحرر وَشَرحه شرحا كَبِيرا سَمَّاهُ الْغَيْث المريع وَكتب تَفْسِيرا فِي عشْرين مجلدة نسخه من مَوَاضِع وَفِيه مَا ينْتَقد وَكَذَا لَهُ الجمان على الْقُرْآن سجع، وَغير ذَلِك وَنسخ بِخَطِّهِ الْفَائِق كتبا كَثِيرَة صيرها وَقفا بمدرسة أَنْشَأَهَا بلصق درب الْحجر تجاه سكنه قَدِيما، وَقد حج رَفِيقًا للدقدوسي وَكَانَت مَعَه حِينَئِذٍ ودائع لِأُنَاس شَتَّى فَضَاعَت مِنْهُ فَبينا هُوَ فِي حِسَاب ذَلِك إِذْ بقائل يَقُول من فقد لَهُ هَذَا الْكيس فَأَخذه مِنْهُ وَفِيه شَيْء كثير فَلم يجد فقد(8/292)
مِنْهُ شَيْء ورام الْإِحْسَان لواجده بِشَيْء من عِنْده فَالْتَفت فَلم يجده فَوَقع فِي خاطره أَنه من الرِّجَال، وزار بَيت الْمُقَدّس وطوف اجْتمعت بِهِ غير مرّة وكتبت عَنهُ من نظمه بسمنود وَغَيرهَا. وَكَانَ خيرا متواضعا كَرِيمًا ذَا خطّ فائق وشكل نضر بهج رائق وَشَيْبَة نيرة وسكينة وَصمت ومحبة فِي الْفُقَرَاء واعتقاد حسن حَتَّى كَانَ هُوَ مِمَّن يقْصد بالزيارة للتبرك بِهِ ومحاضرة حَسَنَة لَوْلَا ثقل سَمعه مُنْقَطِعًا عَن النَّاس ملازما للكتابة بِحَيْثُ أَن أَكثر رزقه مِنْهَا وَيُقَال أَن أَكثر كِتَابَته فِي اللَّيْل وَإِن مَا فَقده من سَمعه ممتع بِهِ فِي بَصَره حَتَّى أَنه يكْتب فِي ضوء)
الْقَمَر وَأَنه يتهجد فِي اللَّيْل وَيَتْلُو كثيرا متوددا للطلبة مُقبلا عَلَيْهِم باذلا نَفسه مَعَ قاصده متزييا بزِي أَبنَاء الْجند تعلل مُدَّة ثمَّ مَاتَ فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَدفن بمدرسته الْمشَار إِلَيْهَا رَحمَه الله وإيانا. وَمِمَّا كتبته عَنهُ من نظمه:
(يَا خليلي أصَاب قلبِي المعني ... يَوْم سَار الظعون والركبان)
(ظاعن طَاعن بِرُمْح قوام ... قد علاهُ من مقلتيه سِنَان)
وَأثبت فِي معجمي من نظمه غير هَذَا. مُحَمَّد بن قرمان. هُوَ ابْن عَليّ بن قرمان. مُحَمَّد بن قُرَيْش بن أبي يزِيد أَبُو يزِيد الدلجي الأَصْل القاهري. ولد فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسعين، أحضرهُ إِلَى أَبوهُ الْمَاضِي فِي يَوْم عيد الْفطر سنة خمس وَتِسْعين وَهُوَ فِي أثْنَاء السَّادِسَة فَسمع مني مسلسل الْعِيد وَقَبله المسلسل بالأولية وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي طاعون سنة سبع وَتِسْعين عوض الله أَبَوَيْهِ الْجنَّة. مُحَمَّد بن قريع الشَّمْس الْحَمَوِيّ التَّاجِر السفار للأماكن النائية كالهند والحبشة مَاتَ بجدة فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثامن عشر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَحمل إِلَى المعلاة فَدفن بهَا.
مُحَمَّد بن قطلوبك الشَّمْس الكماخي. مضى فِيمَن اسْم أَبِيه عمر بن مَحْمُود.
مُحَمَّد بن قلبة الشَّمْس الشَّامي. فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قلبة. مُحَمَّد بن قماقم. هُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قماقم. مُحَمَّد بن قمر. هُوَ ابْن عَليّ بن جَعْفَر بن مُخْتَار.
مضى.
مُحَمَّد بن قندو ملك بنجالة. رَأَيْت من كتبه هُنَا. وَمضى فِي الْفَاء من الْآبَاء. مُحَمَّد بن قوام الْحَنَفِيّ. عرض عَلَيْهِ الصّلاح الطرابلسي وَقَالَ أَنه قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق وَكَانَ عرضه عَلَيْهِ فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَلم يجزه. وَيُحَرر فأظنه قوام الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قوام. مُحَمَّد بن قِيَاس بن هندو الشَّمْس بن الْفَخر الشِّيرَازِيّ الأَصْل القاهري عَم مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَاضِي. سمع على ابْن الْجَزرِي وَكَانَ خيرا مسنا من صوفية سعيد السُّعَدَاء. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَسبعين رَحمَه الله.(8/293)
مُحَمَّد بن قَيْصر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عبد الله بن الْعلم أبي الْجُود الْمصْرِيّ وَيعرف بالقطان. رَأَيْت لَهُ مصنفا سَمَّاهُ الْتِقَاط الْجَوَاهِر والدرر من معادن التواريخ وَالسير فِي)
مجلدين معظمه وفيات كتب بِخَطِّهِ أَنه وَقفه فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين. وكتبته هُنَا على الِاحْتِمَال. مُحَمَّد بن كجك الْجمال الْعزي نِسْبَة للسَّيِّد عز الدّين حميضة بن أبي نمى صَاحب مَكَّة. نَشأ ملائما لجَماعَة من أَعْيَان الإشراف وَغَيرهم وَظَهَرت مِنْهُ خِصَال جميلَة واشتهر ذكره وَصَارَ مَقْبُول الشَّهَادَة عِنْد الْحُكَّام وَغَيرهم مَعَ كَونه زيديا ينْسب إِلَيْهِ الغلو فِيهِ ورزق جانبا من الدُّنْيَا وعدة أَوْلَاد وَقُوَّة فِي رمي النشاب، وَكَانَ طَوِيل الشكل غليظ الْجِسْم شَدِيد السمرَة على ذهنه فَوَائِد من أَخْبَار بني حسن وُلَاة مَكَّة مَاتَ فِي الْمحرم سنة عشْرين وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ بِسنة أَو سنتَيْن. ذكره الفاسي فِي مَكَّة. مُحَمَّد بن كَرَاهَة. جرده ابْن عزم. مُحَمَّد بن كزلبغا نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله الجوباني القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الجندي وبابن كزلبغا، كَانَ أَبوهُ من مماليك الطنبغا الجوباني نَائِب دمشق فولد لَهُ هَذَا فِي أَوَائِل الْقرن تَقْرِيبًا وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وَغَيرهمَا وَعرض واشتغل بالفقه وأصوله والعربية وَغَيرهَا على غير وَاحِد، واعتنى بالقراآت فَتلا بالسبع على حبيب والتاج بن تمرية مفترقين وَكَذَا على ابْن الْجَزرِي وَلكنه لم يكمل مَعَ عرض الشاطبيتين عَلَيْهِ بتمامهما حفظا بل سمع عَلَيْهِ الْكثير بالباسطية، وَكَذَا عرض جَمِيع الشاطبية على الزراتيتي الْمُقْرِئ وَسمع التَّيْسِير للداني بِكَمَالِهِ على أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الفوى فِي سنة سبع وَعشْرين بِسَنَدِهِ فِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الكركي، وَسمع على شَيخنَا المسلسل ويسيرا من الْكتب السِّتَّة وَنَحْوهَا وأسمع ولدا لَهُ مَعَه ذَلِك وَكَانَ النُّور الصُّوفِي الْحَنَفِيّ مَعَهُمَا، وناب فِي إِمَامَة الأشرفية برسباي عَن شَيْخه حبيب ثمَّ اسْتَقل بهَا ورام أَخذ مشيخة القراآت بالشيخونية بعده أَيْضا فقدموا عَلَيْهِ شَيْخه التَّاج بن تمرية وتصدى لإقراء الطّلبَة وقتا فانتفعوا بِهِ فِي القراآت، اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَسمعت قِرَاءَته بل وَبَعض من يقْرَأ عَلَيْهِ وَصليت خَلفه وَبَلغنِي أَن شخصا حلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْمُرهُ بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَكَانَ الرَّائِي لَهُ مُدَّة يسْأَله فِي الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَهُوَ يمْتَنع فَأَقْرَأهُ حِينَئِذٍ. وَكَانَ متواضعا خيرا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس مُتَقَدما فِي القراآت سِيمَا فِي الْأَدَاء والإيراد فِي الْمِحْرَاب لجودة صَوته حَتَّى كَانَ من الْإِفْرَاد فِي ذَلِك مَعَ مزِيد حِدة)
وسطوة على الطّلبَة(8/294)
على عَادَة أَبنَاء التّرْك بِحَيْثُ يحصل لَهُ فِي حِدته غتمة زَائِدَة وَلذَلِك كَانَت لَهُ حُرْمَة تَامَّة على أَرْبَاب الْوَظَائِف بالأشرفية كالمؤذنين والفراشين وَنَحْوهم، وَلم يزل على حَاله حَتَّى مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَخمسين رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن كَمَال الخانكي الْحَنَفِيّ. مِمَّن أَخذ عَن الْأمين الأقصرائي. وَمَات فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين. مُحَمَّد بن مَالك التروجي الْمَالِكِي. شهد فِي إجَازَة الْجمال الزيتوني على بعض الْقُرَّاء سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بل عرض عَلَيْهِ ابْن الحفار بعْدهَا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين.
وكتبته على الِاحْتِمَال. مُحَمَّد بن مبارك بن أَحْمد بن قَاسم بن عَليّ بن حُسَيْن بن قَاسم الذويد وَيعرف بالبدري. مَاتَ بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشري رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن مبارك بن حسن بن شكوان العلاف. مَاتَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، أرخهما ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك بن عُثْمَان الْحلَبِي الْحَنَفِيّ. مُحَمَّد بن مبارك بن عَليّ بن أبي سُوَيْد الشريف الحسني الْمَكِّيّ، مَاتَ بهَا فِي ربيع الآخر سنة سبع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك بن مُحَمَّد بن عَليّ عين الدّين بن معِين الدّين بن عين الدّين بن نصير الدّين الفاروقي الْملك بنواحي كأبيه وجده ويلقب عادلخان طلب مني قريب للسَّيِّد الْجِرْجَانِيّ الْإِجَازَة لَهُ، فَكتبت لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَنا بِمَكَّة إجَازَة حافلة. مُحَمَّد بن مبارك بن مَنْصُور الْقرشِي المطلبي الشَّافِعِي وَيعرف بنغيمش كَانَ متسببا صَاحب ملاءة، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتِّينَ بِمَكَّة وَخلف بهَا أملاكا. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك الشَّمْس الآثاري شيخ الْآثَار مَاتَ فِي الْمحرم سنة سِتّ عَن ثَمَانِينَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ كَانَ مُغْرِي بالمطالب والكيمياء كثير النَّوَادِر والحكايات المعجبة أعجوبة فِي وَضعهَا وَالله يغْفر لَهُ. مُحَمَّد بن مبارك التكروري الشهير بِابْن هوا، كَانَ شَاهدا بجدة، وَمَات بِمَكَّة بعد اختباله وَعقد لِسَانه فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك القسنطيني المغربي الْمَالِكِي نزيل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة استوطنها مُدَّة)
وحمده أَهلهَا بِحَيْثُ رَأَيْتهمْ كالمتفقين على ولَايَته وَبَلغنِي عَنهُ أَحْوَال صَالِحَة مَعَ تقدمه فِي الْعُلُوم حَتَّى أَنه أَقرَأ الطّلبَة فِي الْفِقْه ولاعربية وَغَيرهمَا وانتفعوا بِهِ مَعَ أَنه لم يشْتَغل إِلَّا بعد كبره، وَمن شُيُوخه مُحَمَّد بن عِيسَى، مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ(8/295)
أَو الَّتِي تَلِيهَا بِالْمَدِينَةِ رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن مباركشاه نَاصِر الدّين الطازي أَخُو المستعين بِاللَّه الْعَبَّاس لأمه وَيعرف بِابْن الطازي. ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فِي السَّعَادَة وَمهر فِي لعب الرمْح حَتَّى صَار فِيهِ فريدا وَبِه تخرج جمَاعَة، وَلما تسلطن أَخُوهُ الْمشَار إِلَيْهِ فِي سنة خمس عشرَة صَار دوادارا من جملَة أُمَرَاء الطبلخاناه فَلَمَّا انْفَصل أَخُوهُ أخرج الْمُؤَيد إقطاعه وأبعده. وَاسْتمرّ خاملا حَتَّى مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين. مُحَمَّد بن مباركشاه نَاصِر الدّين الدِّمَشْقِي حَاجِب الْحجاب بهَا وَيعرف بِابْن مبارك. ولد فِي حُدُود عشر وَثَمَانمِائَة وَأول مَا عرف من أمره عمل دوادارا عِنْد زوج أُخْته سودون النوروزي حَاجِب الْحجاب بِدِمَشْق ثمَّ تَأمر بعده بهَا وتنقل فِي وظائف فِيهَا كشد الأغنام بالبلاد الشامية إِلَى أَن اسْتَقر فِي حجوبيتها ثمَّ نقل لنيابة حماة سنة تسع وَسِتِّينَ ثمَّ فِي الَّتِي تَلِيهَا لنيابة طرابلس بعد موت جَانِبك الناصري كل ذَلِك وَشد الأغنام مَعَه ثمَّ أخرج عَنهُ للعلاء الأزبكي، وَلم يلبث أَن عزل فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا بقانباي الحسني المؤيدي عَن نِيَابَة طرابلس وجهز لَهُ من يَنْقُلهُ لدمشق وصودر بهَا حَتَّى صَالح على خَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَاسْتمرّ على الحجوبية وَكَانَ مَذْكُورا بِخَير فِي الْجُمْلَة مَعَ نوع فَضِيلَة ومذاكرة وَأَنْشَأَ مدرسة للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات بصالحية دمشق ورباطها فِيمَا أَظن ورام من صاحبنا الْبُرْهَان القادري أَن يكون شيخ صوفيتها فَأبى فقرر وَلَده، ثمَّ لم يلبث أَن مَاتَ على حجوبيتها فِي رَجَب سنة تسع وَسبعين وَحضر وَلَده فبذل الْأَمْوَال وَسلم من الْقَتْل عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن مُحرز الجزيري. مَاتَ سنة خمس. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أفوش بن عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْعَطَّار أَبوهُ وَيعرف بِابْن جوارش بجيم ثمَّ وَاو مفتوحتين وَرَاء مَكْسُورَة ثمَّ شين مُعْجمَة وَرُبمَا جعل اسْم جده بل أَكثر أَصْحَابنَا قَالُوا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَسَبْعمائة بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا وَسمع من الْمُحب الصَّامِت وَكَذَا فِيمَا قيل من رسْلَان الذَّهَبِيّ،)
وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَأَكْثَرت عَنهُ وَكَانَ خيرا نيرا على الهمة صبورا على الأسماع مديما للْجَمَاعَة بِجَامِع الْحَنَابِلَة وَرُبمَا اتّجر بِسَبَب عِيَاله. مَاتَ فِي خَامِس عشري رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة وَدفن بسفح قاسيون رَحمَه الله وإيانا.(8/296)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد الْكَمَال أَبُو الْفَضَائِل بن الْجمال أبي المحاسن المرشدي ثمَّ الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ سبط الْكَمَال الدَّمِيرِيّ، أمه أم حَبِيبَة والماضي أَبوهُ وأخو عبد الأول وعمهما عبد الْوَاحِد وَهُوَ بكنيته أشهر، ولد فِي نصف ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو على أبي بكر السكندري زُرَيْق وَالْمجْمَع وَعرضه على أَبِيه وَعَمه عبد الْوَاحِد وَالْقَاضِي على الزرندي واشتغل فِي الْفِقْه على أَبِيه وَعَمه وبالقاهرة على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَآخَرين وَفِي النَّحْو على أَبِيه وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة وَإِلَى الشَّام حلب فَمَا دونهَا وَكَذَا دخل الْيمن وَكَانَ أَبوهُ قد إعتنى بِهِ فِي صغره وأحضره فِي أول شهر من عمره فَمَا بعده فَكَانَ مِمَّن حضر عَلَيْهِ الشَّمْس بن سكر وَأحمد بن حسن بن الزين، وَهُوَ مِمَّن سمع عَلَيْهِ ابْن صديق وَأَبُو الطّيب السحولي والشهاب بن مُثبت والزين المراغي وَآخَرُونَ، وَأَجَازَ لَهُ جده الْكَمَال والعراقي والهيثمي وَغَيرهم، وَخرج لَهُ صاحبنا ابْن فَهد فهرستا لخصته، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء ولقيته بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الأولى فَقَرَأت عَلَيْهِ أَشْيَاء، مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ ضحى عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة عِنْد أسلافه بِالْقربِ من الفضيل بن عِيَاض رَحمَه الله. مُحَمَّد أَبُو النجا المرشدي الْمَكِّيّ أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي ربيع الآخر سنة عشْرين بِمَكَّة وَحفظ الْكَنْز وَعرضه سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ على الْكَمَال بن الزين وإبرهيم بن خَلِيل بن مُحَمَّد الْكرْدِي الشَّامي وأحضر على الْجمال مُحَمَّد بن عَليّ النويري نور الْعُيُون لِابْنِ سيد النَّاس ونسخة بكار وَغير ذَلِك ثمَّ سمع على أَبِيه الشفا وعَلى عَمه أَحْمد وَالْجمال مُحَمَّد بن أبي بكر المرشدي السِّيرَة الصُّغْرَى لِابْنِ جمَاعَة وعَلى ابْن الْجَزرِي غَالب سنَن أبي دَاوُد، مَاتَ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بسطح عقبَة إيلة وَحمل لأسفل الْعقبَة فَدفن بِهِ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن أَحْمد بن غَانِم أَبُو البركات بن النَّجْم الْمَقْدِسِي لاشافعي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن غَانِم. ولي بِبَلَدِهِ مشيخة الخانقاه الصلاحية ونظرها)
كسلفه. وَمَات فِي عَاشر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين عَن أَرْبَعِينَ سنة وَهُوَ آخر الذُّكُور من بَيتهمْ. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن الْجلَال أَحْمد بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو الْخَيْر الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ، ولد فِي صفر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْكَنْز وَعرضه بِالْمَدِينَةِ والقاهرة وأحضره أَبوهُ فِي الأولى على الْجمال الكازروني ثمَّ سمع عَلَيْهِ وعَلى أبي(8/297)
الْفَتْح المراغي والمحب المطري وبالقاهرة على الْمُحب الأقصرائي وَكَانَ يشْتَغل عَلَيْهِ وعَلى ابْن الْهمام وَعِنْده مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَخمسين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس القليوبي القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالنائي وَأكْثر الِاشْتِغَال وَفضل وتنزل فِي البيبرسية والسعيدية وَغَيرهمَا، وتعلل دهرا وَهُوَ صابر متجرع فاقة وألما ولازم أخي فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا لازمني فِي شرح الألفية وَغَيره رِوَايَة ودراية وَعم الرجل. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب بن العصياتي. يَأْتِي بعد قَلِيل بِزِيَادَة مُحَمَّد فِي نسبه قبل أَيُّوب. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن الشماع. سكن مَعَ أَبِيه الْأمين بن الشماع بِمَكَّة مُدَّة سِنِين ثمَّ بعده سكن الْيمن بزبيد كَذَلِك وَكَانَ يتَرَدَّد مِنْهَا لمَكَّة إِلَى أَن أدْركهُ أَجله بهَا فِي أحد الربيعين سنة ثَلَاث عشرَة وَدفن بالمعلاة. ذكره الفاسي. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الشّرف السكندري ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْمُقْرِئ نزيل المؤيدية، مِمَّن اعتنى بالقراآت وَجمع على النوبي والزين الهيثمي فِي آخَرين كالسنهوري وزَكَرِيا مِمَّن لم يكمل عَلَيْهِم ولازم الديمي فِي قِرَاءَة أَشْيَاء ثمَّ تردد إِلَيّ فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فَسمع مني المسلسل بِشَرْطِهِ وَقَرَأَ على جملَة من التَّرْغِيب للأصبهاني وَبَعض التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ وَسمع عَليّ دروسا فِي شرحي للتقريب والألفية وَغَيرهمَا وحمدت قِرَاءَته وتمييزه وفهمه وَلكنه يشكو فاقة ووقف للسُّلْطَان فِي سنة خمس وَتِسْعين فَقَرَأَ بِحَضْرَتِهِ رَجَاء أَن يرتب لَهُ على الْبسَاط فوعده. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن عبد الْمُهَيْمِن الْفَخر بن الشّرف القليوبي الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه أَحْمد وَيعرف بِابْن الخازن. كَانَ مثابرا على التَّحْصِيل بِحَيْثُ أَنه ضم لما انْتقل إِلَيْهِ عَن أَبِيه أَشْيَاء وَلكنه لم يمتع بِهِ لقرب وفاتيهما، وَقد حج وَسمع بِمَكَّة على)
التقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي، مَاتَ فِي أَوَائِل سنة خمس وَخمسين قبل أَن يتكهل ظنا فيهمَا وَكَانَ عَارِيا عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب الْبَدْر بن التَّاج الأخميمي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط نَاصِر الدّين الزفتاوي، أمه زَيْنَب والماضي أَبوهُ. ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ فَقَرَأَ الْقُرْآن وَصلى بِهِ واحتفل أَبوهُ لَهُ وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك وَعرض ثمَّ لَازم الْمَنَاوِيّ وَالْفَخْر المقسي وزَكَرِيا وَكَانَ أحد قراء شَرحه للبهجة فِي آخَرين(8/298)
وَسمع على جمَاعَة مِنْهُم سارة ابْنة ابْن جمَاعَة بل قَرَأَ على الْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الديري والعز الْحَنْبَلِيّ والشريف النسابة والمحب بن الْأَشْقَر ختم البُخَارِيّ فِي ثَانِي ربيع الأول سنة سِتِّينَ بمدرسة الزين الأستادار وَأخذ عني يَسِيرا وَحج غير مرّة وجاور وَقَرَأَ هُنَاكَ على التقي بن فَهد وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ مَعَ أمه وَهُوَ مرضع ابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان لما قدمُوا الْقَاهِرَة، وَكَذَا لَهُ ذكر فِي خَاله الصَّدْر أَحْمد، وداخل النَّاس كأبيه وناب فِي الْقَضَاء واختص بتمراز وتحدث عَنهُ فِي أَمَاكِن كالشيخونية وَكَذَا تكلم فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وَكَانَ مَعَه خزن كتبهَا وَفِي غير ذَلِك، وَذكر بِحسن الْمُبَاشرَة وبالتودد والاحتشام فِي الْجُمْلَة. مَاتَ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ يَوْم الْجُمُعَة سادس ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانِينَ عَن أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا أَيَّامًا وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي مشْهد حافل جدا وَدفن بتربتهم تجاه تربة النَّاصِر بن برقوق وَكثر الْبكاء عَلَيْهِ والتوجع لِأَبَوَيْهِ عوضهم الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أبي البركات مُحَمَّد صَلَاح الدّين أَبُو المحاسن بن الْجمال أبي السُّعُود بن الْبُرْهَان بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَأَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد، وَأمه ابْنة الْجمال أبي المكارم بن النَّجْم مُحَمَّد بن ظهيرة. ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشري صفر سنة ثَمَانِينَ بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن وَجل محافيظ أَبِيه الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والأفيتين وَالتَّلْخِيص واشتغل على أَبِيه وَفهم وتيقظ وَسمع مني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَبعدهَا أَشْيَاء ثمَّ قَرَأَ عَليّ فِي سنة سبع وَتِسْعين الشفا ومؤلفي فِي خَتمه ولازمني وَتوجه مَعَ أَبِيه قبل ذَلِك لزيارة الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَسمع على أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْفرج المراغي فِي الشفا وَغَيره وعَلى أم حَبِيبَة زَيْنَب ابْنة الشوبكي مَا سلف فِي أَخِيه الْبَهَاء أَحْمد وَأكْثر)
عَن أَبِيه فِي الرِّوَايَة والدراية وزوجه سبطة عمته ابْنة الزيني عبد الباسط وَكَانَ المهم فِي أَوَائِل سنة سبع وَتِسْعين حافلا وتمرن فِي النَّحْو بالشمس الزعيفريني ولازم إِسْمَاعِيل بن أبي يزِيد فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على الوزيري وَحضر عَن أَبِيه فِي مشيخة الجمالية وَكَذَا خطب بجدة، وَهُوَ شَدِيد الْحيَاء زَائِد الْوَقار أَرْجُو فِيهِ الْخَيْر. مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو السعادات أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي لَيْلَة رَابِع عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأمه أم ولد حبشية. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْبَدْر الْحِمصِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي سبط خطيب حمص ومدرسها الشَّمْس السُّبْكِيّ وَرُبمَا يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد المحسن أسقط مُحَمَّد الثَّالِث من نسبه وَيعرف كسلفه(8/299)
بِابْن العصياتي.
ولد فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة بحمص وَنَشَأ بهَا فحفظ الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع وألفيتي الحَدِيث والنحو والمغنى لِابْنِ هِشَام، وَعرض على جده لأمه الْمشَار إِلَيْهِ واشتغل على أَبِيه وَغَيره بِبَلَدِهِ وَغَيرهَا وتميز عَن أَبِيه فِي الْعَرَبيَّة بِحَيْثُ كَانَ يَقُول لوَلَده مَحْمُود الْآتِي إِنَّه يحفظ لسيبويه خَاصَّة خَمْسمِائَة شَاهد. وَلَقي شَيخنَا فِي سنة آمد فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَأذن لَهُ وَسَأَلَهُ عَن ملك غَسَّان وَصَاحب رُومِية فَكتب لَهُ الْجَواب، وَتكلم على الْعَامَّة فِي التَّفْسِير من الْقُرْطُبِيّ وَغَيره. وَحج فِي سنة سبع وَأَرْبَعين، وزار بَيت الْمُقَدّس وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق عَن التقي ابْن قَاضِي شُهْبَة بل ولي قَضَاء بَلَده فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق وَقرر لَهُ على الجوالي راتبا فَلم يتَنَاوَلهُ بل استعفى عَن الْقَضَاء بعد يسير ودرس بِدِمَشْق وَغَيرهَا، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ التقي الْأَذْرَعِيّ والبدر بن قَاضِي شُهْبَة والنجم بن قَاضِي عجلون. مَاتَ فِي رَابِع عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَخمسين بعد أَن أجَاز لي رَحمَه الله. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مطير الْعِزّ بن الطّيب الْحكمِي ايماني الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. تفقه بِابْن عَمه أبي الْقسم غَالِبا وَسمع الحَدِيث وَبحث وَحصل ودرس وَأفْتى وَهُوَ فَقِيه خير مُحَقّق. ذكره الأهدل. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد الصارم زين العابدين الْمصْرِيّ الأَصْل ثمَّ الْعَدنِي الشَّافِعِي الضَّرِير أَبوهُ وَيعرف بِابْن النقانقي. كتب إِلَيّ من زبيد يطْلب الْإِجَازَة فَينْظر كِتَابه وَكتاب حفيد الأهدل بِسَبَبِهِ فِيهَا عِنْدِي.)(8/300)
1 - مُحَمَّد: بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الولوي أَبُو عبد الله بن أبي الْيمن الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ وَأمه أم كُلْثُوم ابْنة الْجمال مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن إِبْرَاهِيم بن الْبُرْهَان الطَّبَرِيّ /. سمع من أَبِيه وَعَمه وَابْن صديق وَغَيرهم وناب فِي الْإِمَامَة عَن أَبِيه حينا.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة ذكره الفاسي.
2 - مُحَمَّد النَّجْم الطَّبَرِيّ /. شَقِيق الَّذِي قبله.
3 - مُحَمَّد أَبُو الْوَفَاء الطَّبَرِيّ أَخُو اللَّذين قبله /. أمه أم هَانِئ ابْنة أبي الْعَبَّاس ابْن عبد الْمُعْطِي.
4 - مُحَمَّد أَخُو الثَّلَاثَة قبله /، أمه فَاطِمَة ابْنة أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف الْمصْرِيّ.
5 - مُحَمَّد أَخُو الْأَرْبَعَة قبله /. أمه غصون الحبشية فتاة لِأَبِيهِ. بيض الْأَرْبَعَة ابْن فَهد فلعلهم مَاتُوا صغَارًا.
6 - مُحَمَّد الزكي أَبُو الْخَيْر أَخُو الْخَمْسَة قبله /، أمه تفاحة الحبشية فتاة أَبِيه. سمع من الْجمال بن عبد الْمُعْطِي والقروي وَجَمَاعَة وَاسْتقر هُوَ وَأَخُوهُ عبد الْهَادِي فِي الْإِمَامَة بعد أَبِيهِمَا شركَة لِابْنِ عَمهمَا الرضي أبي السعادات مُحَمَّد الْآتِي بعده فَلم يلبث أَن قتل لَيْلًا خطأ ظَنّه بعض العسس لصا فَضَربهُ فصادف منيته، وَذَلِكَ فِي صفر سنة ثَلَاث عشرَة بِمَكَّة. تَرْجمهُ ابْن فَهد بِاخْتِصَار عَن هَذَا، وَكَذَا ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِبَعْضِه.
7 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الرضي أَبُو السعادات بن الْمُحب أبي البركات الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ / ابْن عَم الْأَوَّلين، وَأمه أم الْحسن فَاطِمَة ابْنة أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُعْطِي. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة سبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع بهَا على الجمالين مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن عبد الْمُعْطِي وَمُحَمّد بن عمر بن حبيب الْحلَبِي، وعنى بِحِفْظ الْقُرْآن وَالْفِقْه، وناب عَن أَبِيه فِي الْإِمَامَة فِي حَيَاة أَبِيه سِنِين ثمَّ نزل لَهُ أَبوهُ عَنْهَا قبل وَفَاته فشاركه فِيهَا عَمه أَبُو الْيمن مُحَمَّد وباشرها إِلَى أَن رغب عَن ذَلِك لِابْنِهِ الْمُحب مُحَمَّد. وَمَات فِي لَيْلَة مستهل جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين بِمَكَّة وَصلى عَلَيْهِ صَلَاة الصُّبْح وَدفن بالمعلاة. ذكره الفاسي مطولا.
8 - مُحَمَّد الطَّبَرِيّ شَقِيق الَّذِي قبله /. سمع فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة مَعَ(9/2)
أَبِيه على حَسَنَة ابْنه مُحَمَّد بن كَامِل الحسني. بيض لَهُ ابْن فَهد.
9 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الفاسي الشَّيْخ هبة. / مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ.
10 - مُحَمَّد بن الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن حسن المسيري الأَصْل الْمَكِّيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. قَرَأَ)
فِي الْقُرْآن وكفلته أمه بعد أَبِيه وَسمع منى بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَبعدهَا.
11 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن صلح بن أَحْمد الصَّيْدَاوِيُّ الرِّفَاعِي وَيعرف بِابْن شيخ الرميلة. / مِمَّن سمع مني
12 - مُحَمَّد بن الْجمال مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن الضياء مُحَمَّد بن التقي عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن الْحسن بن عبد الله بن أَحْمد بن مَيْمُون الْقَيْسِي الْقُسْطَلَانِيّ الْمَكِّيّ الْمَالِكِي، / أمه سعدى المغربية مُسْتَوْلدَة الشهَاب بن ظهيرة أم وَلَده أبي عبد الله. سمع فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة من فَاطِمَة ابْنة أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي بعض المصابيح، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ النشاوري وَابْن الميلق والعراقي والهيثمي والابناسي وَآخَرُونَ. مَاتَ بِمَكَّة قبل الثَّلَاثِينَ بعسر الْبَوْل والحصى مَعَ معالجته بأنواع.
13 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمُحب بن الشَّمْس الْبكْرِيّ القاهري الشَّافِعِي السعودي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْعَطَّار. / اشْتغل وبرع فِي الْمِيقَات والفرائض والحساب وَأخذ عَنهُ غير وَاحِد، وتكسب كأبيه بِالشَّهَادَةِ عِنْد حَوْض ابْن هنس ثمَّ كتب بِأخرَة فِي ديوَان الْمَوَارِيث الحشرية وَلم يحصل على طائل. مَاتَ قريب الثَّمَانِينَ فِيمَا أَظن عَن بضع وَخمسين رَحمَه الله وإيانا.
14 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن اسمعيل بن دَاوُد الصَّدْر بن الشَّمْس بن الشهَاب الرُّومِي القاهري الْحَنَفِيّ / وَالِد الصَّدْر مُحَمَّد الْآتِي، وَسمي شَيخنَا وَالِده عبد الله وَهُوَ سهوبل عبد الله أَخ لصَاحب التَّرْجَمَة، قَالَ شَيخنَا فِي انبائه: نَاب فِي الحكم وَكَانَ حسن التودد ويتعمم دَائِما على أُذُنَيْهِ. مَاتَ سنة خمس وَعشْرين.
15 - مُحَمَّد تَقِيّ الدّين أَخُو الَّذِي قبله وَيعرف كسلفه بِابْن الرُّومِي /.
16 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن رسْلَان الْبَدْر أَبُو السعادات بن أوحد الدّين بن العجيمي البُلْقِينِيّ الأَصْل / الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ولد بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا، وَعرض على جمَاعَة كالأمين الأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ واستقل بعد أَبِيه بِقَضَاء الْمحلة مَعَ صغر سنه وخلوه ثمَّ صرف بِابْن أبي عبيد وقتا وَعَاد على مَال مُقَرر بحملة وَكَانَت سيرته فِي الْعود أشبه مِنْهَا قبله فِيمَا قيل ثمَّ بَلغنِي عَنهُ كائنة قبيحة فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين رسم عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا على مَال وَقيل أَنَّهَا مفتعلة.)
15 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر الشَّمْس بن الشَّمْس الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي /(9/3)
الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن الْأَشْقَر. مِمَّن سمع على شَيخنَا.
18 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن محَاسِن الشَّمْس البعلي الْمُؤَدب وَيعرف بِابْن الشحرور. / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا وَسمع على عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الزعبوب وَمُحَمّد بن عَليّ اليونانية الصَّحِيح وعَلى حسن ابْن مَحْمُود بن بشر وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن بدر الألفي البعليين الْمِائَة انتقاء ابْن تَيْمِية مِنْهُ وعَلى مُوسَى بن ابراهيم أخي ثَانِيهمَا الأول من أمالي قَاضِي البيمارستان وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالحافظ ابْن مُوسَى ورفيقه الأبي فِي سنة خمس عشرَة وَكَانَ مؤدب الْأَطْفَال بِبَاب جَامع بعلبك، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن الشحرور أجَاز لابنتي رَابِعَة، وَذكره ابْن أبي عذيبة وَكَأَنَّهُ تَأَخّر إِلَى بعد الثَّلَاثِينَ.
19 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله بن أَحْمد بن مَيْمُون الْكَمَال أَبُو البركات بن الْجمال أبي عبد الله الْقَيْسِي الْقُسْطَلَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَالِكِي / ابْن أُخْت الْجمال المرشدي والماضي أَخُوهُ عَليّ وأبوهما وَيعرف كسلفه بِابْن الزين. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل قَلِيلا وأسمع عَليّ بن صديق فِي آخر الْخَامِسَة أَشْيَاء وَكَذَا عَليّ الشهَاب بن مُثبت وَقَبله بأشهر عَليّ التقي عبد الرَّحْمَن الزبيرِي ثمَّ عَليّ الزين المراغي وَأبي الْحسن عَليّ بن مَسْعُود بن عبد الْمُعْطِي وَابْن سَلامَة والشمسين الشَّامي وَابْن الْجَزرِي فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ الْعِرَاقِيّ والهيثمي والفرسيسي والجوهري وَالْمجد الشِّيرَازِيّ وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَجَمَاعَة، وَدخل الشَّام وناب فِي الْقَضَاء بهَا فِي سنة أَربع وَعشْرين حَسْبَمَا كَانَ يذكر عَن الشَّمْس الْأمَوِي الْمَالِكِي، وَكَذَا نَاب بِالْقَاهِرَةِ فِي الصالحية النجمية وَغَيرهَا عَن الْبِسَاطِيّ فِي سنة ثَلَاثِينَ بل أذن لَهُ السُّلْطَان فِي الْقَضَاء بِمَكَّة قبل ذَلِك فِي آخر سنة سِتّ وَعشْرين بعناية السراج الحسباني حِين كَانَ التقى الفاسي قاضيها وَعز ذَلِك عَلَيْهِ، وَلم يزل يستميله حَتَّى عزل نَفسه فِي ذِي الْحجَّة مِنْهَا واستنابه هُوَ فِي أواخره وَالْتزم لَهُ بِمِائَة أفلوري إِن عَزله فباشر حِينَئِذٍ النِّيَابَة عَنهُ بصولة ومهابة وعفة ونزاهة وَحُرْمَة وافرة فَأقبل النَّاس عَلَيْهِ وأعرضوا عَن مستنيبه فعز عَلَيْهِ ذَلِك أَيْضا وراسله فِي أثْنَاء رَجَب السّنة)
الَّتِي تَلِيهَا بقوله قد منعتك منعا لأختبرك بِهِ فَكَانَ ذَلِك حَامِلا لَهُ على توجهه إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ سَعْيه حَتَّى صرف بِهِ التقي فِي آخر سنة ثَمَان وَعشْرين بل وَورد مَعَه مرسوم بالكشف عَمَّا أنهاه من كَون التقى أعمى وَكَانَ التقى حِينَئِذٍ بِالْيمن وَحين حُضُوره(9/4)
وَذَلِكَ فِي أَيَّام الْمَوْسِم وبلوغه ذَلِك اختفى فَحِينَئِذٍ استدعى أَمِير الْحَاج بالكمال وَألبسهُ الخلعة وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْعِيد بوادي منى، وَاسْتمرّ إِلَى أَن أُعِيد التقى فِي أثْنَاء الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ أُعِيد هَذَا فِي أَوَائِل سنة ثَلَاثِينَ وَاسْتمرّ إِلَى أثْنَاء سنة أَربع وتكرر صرفه بعد ذَلِك مرَّتَيْنِ بِأبي عبد الله النويري وَمرَّة بالمحيوي عبد الْقَادِر. وَمَات قَاضِيا فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ. وَهُوَ من سمع بِالْقَاهِرَةِ على شَيخنَا فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَقبل ذَلِك بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة على أبي الْفَتْح المراغي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء حملت عَنهُ أَشْيَاء. وَكَانَ صَارِمًا فِي الْأَحْكَام دربا بهَا عبل الْبدن ثقيل الْحَرَكَة لذَلِك. لَكِن صَار صرف التقي بِهِ من المصائب وَلذَلِك كتب شَيخنَا فِيمَا بَلغنِي للْملك الْأَشْرَف برسباي مَا نَصه إِن ولَايَته مَعَ وجوده من الإلحاح فِي حرم الله. عَفا الله عَنهُ وإيانا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْخَيْر بن حسن ابْن الزين مُحَمَّد /. جمَاعَة إخْوَة. يجيئون فِيمَن جدهم أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسن.
20 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الْمُحب ابْن الشَّمْس بن الشهَاب المغربي الأَصْل الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي / خَال الْكَمَال بن أبي شرِيف والماضي أَبوهُ وجده وَأَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن عوجان. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَانِي رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ عَن خمس وَأَرْبَعين سنة.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الشحرور. / مضى قَرِيبا فِيمَن جده أَحْمد بن جَعْفَر بن محَاسِن.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن صَغِير الطَّبِيب /. مِمَّن عرض عَلَيْهِ الْكَمَال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن صَغِير سنة سِتّ عشرَة، وَسَيَأْتِي فِيمَن جده عبد الله بن أَحْمد.
21 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن طوق الْبَدْر أَو الشَّمْس بن الْجمال الطواويسي الْكَاتِب /. ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأسمع عَليّ زَيْنَب ابْنة ابْن الخباز والبهاء عَليّ بن الْعِزّ عمر الْمَقْدِسِي وَفَاطِمَة ابْنة الْعزو وَغَيرهم وَكَذَا سمع الْكثير من أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ بعناية زوج أُخْته الْحَافِظ الشَّمْس الْحُسَيْنِي، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة، وَكَانَ يُبَاشر ديوَان الأسرى والأسوار مَشْهُورا بالكفاءة فِي ذَلِك. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لي فِي سنة سبع وَتِسْعين. وَمَات فِي)
سَابِع عشري ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى. وَذكره فِي أنبائه أَيْضا، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.
22 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة أَبُو السُّعُود بن أبي الْفضل بن الشهَاب الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة، / وَأمه خَدِيجَة ابْنة أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي. حفظ الْقُرْآن وكتبا وَحضر دروس ابْن عَمه الْجمال بن ظهيرة وَسمع ابْن صديق والشريف عبد الرَّحْمَن الفاسي بِمَكَّة وَمَرْيَم(9/5)
الاذرعية بِالْقَاهِرَةِ وَأَجَازَ لَهُ النشاوري والصدر الياسوفي وَابْن الذَّهَبِيّ وَابْن العلائي وَابْن عوض وَابْن دَاوُد الْمَقْدِسِي وَغَيرهم. وَمَات فِي سنة اثْنَتَيْنِ عَن عشْرين سنة أَو نَحْوهَا.
23 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن بدر بن مفرح بن بدر الرضي بن الشَّيْخ رَضِي الدّين الْغَزِّي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي / من نوابهم وَهُوَ المرافع فِي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُعْتَمد الْمَاضِي فِي سنة خمس وَتِسْعين وأنبأ عَن سقطاته ومساهلته الدَّالَّة على خفته وجنونه وَمَعَ ذَلِك فَلم يخلص الْمشَار إِلَيْهِ إِلَّا فِي أثْنَاء سنة سبع وَتِسْعين وقاسي ذلا توجعنا لَهُ بِسَبَبِهِ.
24 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْمُعْطِي بن مكي بن طراد ابْن حسن الْجمال أَبُو الْفضل بن الْجمال أبي عبد الله الْأنْصَارِيّ الخزرجي الْمَكِّيّ. /
سمع من أَبِيه والعز بن جمَاعَة وَالْحسن بن عبد الْعَزِيز الْأنْصَارِيّ وَالْجمال الأميوطي وَأَجَازَ لَهُ ابْن قواليح والكمال بن حبيب وَأَخُوهُ الْبَدْر وَالصَّلَاح بن أبي عَمْرو ابْن النَّجْم وَابْن الهبل وَابْن أميلة وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالتقي بن فَهد وَكَذَا الْمُوفق الأبي فِي سنة إِحْدَى عشرَة. وَمَات فِي الَّتِي بعْدهَا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد الزفتاوي. /
هَكَذَا رَأَيْت من سَاق نسبه وَأحمد الأول زِيَادَة، وَسَيَأْتِي فِي مَحَله.
25 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الشَّمْس أَبُو الْفَتْح بن الْمُؤَذّن الْأَزْهَرِي الرسام نزيل الغنامية. / مِمَّن قَرَأَ على فِي البُخَارِيّ وَغَيره، ولازمني مُدَّة بعقل وَسُكُون وتميز فِي صناعته وَنَحْوهَا كالتجليد والتهذيب وَالْكِتَابَة وَعمل المزهرات وقص الْوَرق ولصق الصيني وَغير ذَلِك مَعَ عقل ودربة. وصنف صَحَائِف التَّصْحِيف ولطائف التحريف نظما ونثرا ومقامة سَمَّاهَا لطف الصَّمد فِي كشف الرمد والدرة المنيرة فِي مناظرة الجسر والجزيرة، وَشرع فِي بديعية الْتزم أَن تكون الشواهد على الْأَنْوَاع من كَلَام من عاصره أَو من عاصره، وقف الْجَوْجَرِيّ على مقدمته وَعظم وقعه عِنْده، وَهُوَ من نظم فِي كائنه البقاعي فِي أبن الفارض أبياتا ضمنهَا)
بعض أَبْيَات التائية كَانَ من قَوْله فِيهَا:
(وَإِنِّي مَعَ التَّلْوِيح مَعَ هجو ناقد ... غَنِي عَن التَّصْرِيح للمتعنت)
(وهجو البقاعي لست أرضاه فخرة ... لدي فأغنى من سراب بقيعة)
(فَإِنِّي تركت الهجو فِيهِ وَغَيره ... وأعددت أَحْوَال الْإِرَادَة عدتي)
إِلَى آخر كَلَامه الَّذِي كَانَ الْوَقْت فِي غنية عَمَّا صدر من الْفَرِيقَيْنِ. وَهُوَ الْقَائِم برسم برقع الْكَعْبَة وَالْمقَام من سنة خمس وَثَمَانِينَ إِلَى الْآن بِحَيْثُ انْفَرد بالكيفية الَّتِي يمشي عَلَيْهَا فِيهَا، وَكتب إِلَى السُّلْطَان أبياتا محركة لَهُ لِلْأَمْرِ بحجه لكَونه لم يحجّ فَكَانَ مِنْهَا(9/6)
(فعشر سِنِين لي رسام ليلى ... وَلم أرها وَلَا طيف العشى)
وَقد قَرَأَ على كثيرا فِي البُخَارِيّ وَغَيره وامتدحني بِأَبْيَات. ومولده تَقْرِيبًا فِي سنة سبع وَخمسين بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن وكتبا، واشتغل عِنْد الشهَاب الصَّيْرَفِي والديمي وَقَرَأَ فِي النَّحْو على الْبُحَيْرِي الْمَالِكِي وَكتب على الْجمال الهيتي. وَمن محَاسِن نظمه مِمَّا سمعته مِنْهُ:
(تلقت أكف الْكَرم من لُؤْلُؤ الندى ... نفائس حب نظمته عناقيدا)
(وَجَاء حَكِيم حلهَا وأعانها ... حبابا طفا فِي جَوْهَر الكأس معقودا.)
26 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الشَّمْس المرداوي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن القباقبي. / سمع فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة من الْعِمَاد أَحْمد بن عبد الْهَادِي بن عبد الحميد الْمَقْدِسِي أَجزَاء وَمن الْجمال يُوسُف بن مُحَمَّد بن عبد الله المرداوي جُزْءا، وَحدث. سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالحافظ ابْن مُوسَى وَوَصفه بالشيخ الصَّالح الإِمَام الْعَالم وَمَعَهُ الْمُوفق الأبي فِي سنة خمس عشرَة، ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لأولادي.
27 - مُحَمَّد الْمَدْعُو شمس الدّين بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام الخنجي الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة. / ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ بخنج وارتحل بعد بُلُوغه إِلَى شيراز فاشتعل بِالصرْفِ والنحو والمعاني وَغَيرهَا على جمَاعَة أَجلهم الْمولى أَبُو يزِيد الدواني حَتَّى شَارك وَرجع لبلده فَأَقَامَ بهَا إِلَى بعد الثَّمَانِينَ ثمَّ سَافر لمَكَّة فحج وقطنها وزار الْمَدِينَة وَاجْتمعَ بِي مَكَّة فِي الْمُجَاورَة الرَّابِعَة فَقَرَأَ عَليّ فِي الْحصن الْحصين والمشكاة وَسمع غَيره ثمَّ لازمني فِي الَّتِي بعْدهَا حَتَّى سمع صَحِيح مُسلم وَأَشْيَاء وَكتب بعض التصانيفي، وكتبت لَهُ إجَازَة فِي كراسه وَصفته فِيهَا بالشيخ الْفَاضِل الأوحد الْكَامِل الْعَلامَة الفهامة المفنن المزين المتوجه للسلوك)
والأنجماع والموجه لما يُرْجَى لَهُ بِهِ الِانْتِفَاع لطف الله بِهِ إِقَامَته وسفره وَصرف عَنهُ كل كدر موصل لضرره، وَلزِمَ عبد الْمُعْطِي حَتَّى أَخذ عَنهُ العوارف وَغَيره كالأحياء وَهُوَ مَعَ فضيلته فَقير قَانِع سالك متجرد حسن الْخط وَرُبمَا تكسب بذلك، وَذكر لي أَن أَبَاهُ كَانَ عَالما وَأَنه ينتمي لإِبْرَاهِيم الخنجي مُحدث شراز بِقرَابَة وَنعم الرجل.
28 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عُثْمَان الْمُحب أَبُو الْيمن بن الْبَدْر الْأنْصَارِيّ الأبياري الأَصْل القاهري الصَّالِحِي الشَّافِعِي / وَالِد عبد الْعَزِيز وأخو عبد الرَّحْمَن وَأحمد وَغَيرهمَا مِمَّن ذكر فِي مَحَله، وَيعرف بِابْن الْأَمَانَة. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر جُمَادَى الأولى سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بالصالحية وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتلا فِيهِ(9/7)
عَليّ يُونُس المزين وَأخذ عَن أَبِيه والْعَلَاء القلقشندي، وَسمع من شَيخنَا وَغَيره كَابْن الْجَزرِي، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة، وتميز فِي الْفِقْه ودرس بأماكن وَرُبمَا كتب على الْفَتْوَى، وناب بِأخرَة فِي الْقَضَاء وَمَا حمدت لَهُ ذَلِك سِيمَا وَهُوَ منجمع عَن النَّاس مديم للمطالعة والتودد. وكتبت عَنهُ فِي المعجم جَوَابا منظوما.
29 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس اللَّخْمِيّ السنتراوي الأَصْل القاهري / ابْن عَم جِهَة شَيخنَا، مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ وَسمع عَلَيْهِ الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ والبساطي وَأبي الْقسم النويري سمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة الْمُحب الطَّبَرِيّ الإِمَام فِي مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وأبن إِمَام الكاملية سمع عَلَيْهِ شَرحه للبيضاوي وَأبي الْفضل المشدالي سمع عَلَيْهِ الْعَضُد وَعنهُ أَخذ فِي الْمنطق والهندسة وَالْكَلَام، وَكَانَ دُخُوله الْقَاهِرَة فِي أثْنَاء سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسمع بهَا من شَيخنَا وناصر الدّين الفاقوسي وَسمع بِمَكَّة عَليّ أبي الْفَتْح المراغي، وَكَانَ فَاضلا خيرا منجمعا غَالِبا. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع رَمَضَان سنة سِتّ وَسبعين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد وَوَصفه فِي طبقَة بِالْإِمَامِ الْعَالم وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله.
30 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله بن عُثْمَان الْجمال الْهِلَالِي البلبيسي ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَيعرف بِابْن النّحاس. / ولد فِي شَوَّال سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة ببلبيس وَقدم مَعَ أَبَوَيْهِ لمَكَّة قبل إكماله سنة فأرضعته السيدة زَيْنَب ابْنة القَاضِي أبي الْفضل النويري فَلَمَّا ترعرع لزم خدمتها وخدمة زَوجهَا الْجمال بن ظهيرة ثمَّ وَلَده الْمُحب وَعرف بِهِ وتزايد اخْتِصَاصه بِهِ، وتأثل دنيا بِالتِّجَارَة وَغَيرهَا واستفاد عقارا ونقدا وعروضا.
وَمَات فِي عصر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشري ربيع الأول سنة سبع وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَصلى عَلَيْهِ بعد)
الصُّبْح من الْغَد وَدفن بالمعلاة، وَقد سمع من الزين المراغي وَالْقَاضِي الزين عبد الرَّحْمَن الزرندي ورقية ابْنة ابْن مزروع بِالْمَدِينَةِ وَمن مخدومته زَيْنَب وَزوجهَا الْجمال بِمَكَّة عَفا الله عَنهُ.
31 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله نَاصِر الدّين أَبُو الْفضل بن الْعَلَاء القاهري الْحَنَفِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ والآتي وَلَده الْجلَال مُحَمَّد وَيعرف بِابْن الردادي وَهُوَ بكنيته أشهر. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل قَلِيلا وَقَرَأَ على السراج(9/8)
قاري الْهِدَايَة وَابْن مهنا، وَسمع من شَيخنَا وَغَيره، وَمِمَّا سَمعه ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وَمَعَهُ وَلَده، وناب فِي الْقَضَاء دهرا تجملا واشتغل بِالتِّجَارَة وَذكر بمزيد الثروة مَعَ توَسط الْمَعيشَة وَأقَام مِنْبَر جَامع الغمرى أول مَا جدد وكرسيا للْقِرَاءَة وَرُبمَا ساعد فِيهِ لمجاورته لَهُ. مَاتَ فِي خَامِس شَوَّال سنة سِتِّينَ عَن أَزِيد من سبعين سنة وَدفن بتربة سودون المغربي تجاه تربة كوكاى رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
32 - مُحَمَّد نَاصِر الدّين أَبُو الْيُسْر / أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي ثامن عشر شَوَّال سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والكنز والمنظومة للنسفي وشذور الذَّهَب وَغَيرهَا، وَعرض فِي سنة اثْنَتَيْنِ فَمَا بعْدهَا على خلق مِنْهُم الزين الْعِرَاقِيّ والدميري وَابْن خلدون وَنصر الله بن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ ولازم قاري الْهِدَايَة وَمِمَّا بحثة عَلَيْهِ الْكَنْز، وَقَالَ فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة أَنَّهَا قِرَاءَة تفهم وَبحث دلّت على جودة قريحته وأهليته للإفادة. وَكَذَا اشْتغل على غَيره وتميز، وَرَأَيْت لَهُ حَوَاشِي على الْهِدَايَة متقنة مَعَ تَصْحِيحه للْأَصْل بِخَط جيد، وناب فِي الْقَضَاء وَلكنه لم يعمر بل مَاتَ فِي لَيْلَة السبت ثَالِث ربيع الأول سنة تسع عشرَة قبل أَن يتكهل وَقَالَ لي الْجلَال ابْن أَخِيه أَنه مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه فِي طاعون سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ، وَمَا تقدم أصح، ووفاة أَبِيه سنة ثَمَان وَدفن بتربة الْعَلَاء التزمنتي بِالْقربِ من جَامع آل ملك عِنْد أَبِيه رَحمَه الله وإيانا.
33 - مُحَمَّد الشّرف أَخُو اللَّذين قبله. / مَاتَ فِي رَمَضَان سنة أَربع وَسِتِّينَ عَن أَزِيد من سبعين سنة، وَهُوَ مِمَّن سمع ختم البُخَارِيّ بالظاهرية عَفا الله عَنهُ وإيانا.
34 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد / وَاخْتلف فِيمَن بعده فَقيل عِيسَى بن عمر بن أبي بكر وَقيل عمر بن عِيسَى بن مُحَمَّد وَكِلَاهُمَا قرأته بِخَط شيخناالشمس السمنودي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد المحمدين الْبَهَاء والمحب الآتيين وَيعرف بِابْن الْقطَّان حِرْفَة أَبِيه وأخيه. ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ يذكر أَن أَصله كناني وحبب إِلَيْهِ الْعلم فَأخذ الْفِقْه عَن السراج بن الملقن وعلق)
عَنهُ قَدِيما شَرحه على الْحَاوِي وَكَذَا فِيمَا أَظن عَن الْوَلِيّ الملوي والأصلين والجدل وطنا الْفِقْه أَيْضا عَن الْعِمَاد الأسنوي وَحضر دروس الْبَهَاء أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَولده الْبَدْر والعربية والقراآت عَن الشَّمْس بن الصَّائِغ والبهاء بن عقيل وَبحث الشاطبية على أَولهمَا وَعَن ثَانِيهمَا أَخذ قِطْعَة من تَفْسِيره الَّذِي انْتهى فِيهِ إِلَى آخر الْمَائِدَة وَفِي الْأُصُول أَيْضا وَفِي الْفِقْه وَغير ذَلِك وخدمه وزوجه ابْنة لَهُ من جَارِيَة، فِي آخَرين فِي هَذِه الْعُلُوم وَغَيرهَا، قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: وَمهر فِي فنون كَثِيرَة وَلم يكن لَهُ بِالْحَدِيثِ(9/9)
عناية، وَقد حدث بِصَحِيح مُسلم عَن الصّلاح البلبيسي سمعناه عَلَيْهِ وَكَانَ يُمكنهُ أَن يسمعهُ من القلانسي بل وَمن أبن عبد الْهَادِي مَعَ أَنه كَانَ يذكر أَنه سمع كثيرا وَلَكِن لم يضبطه، وَقد لَازم السماع مَعنا من الطرز ووالفرسيسي والشهاب الْجَوْهَرِي وَغَيرهم من شُيُوخنَا قلت بل سمع من شَيخنَا تَرْجَمَة البُخَارِيّ وَمن تأليفه قَالَ وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بِأبي فأسند إِلَيْهِ وَصيته فَلم نحمد تصرفه، وناب فِي الحكم أخيرا وتهالك عَلَيْهِ، ودرس بالشيخونية فِي القراآت سنة اثْنَتَيْ عشرَة، وصنف كتابا فِي القراآت السَّبع سَمَّاهُ السهل سَمِعت مِنْهُ بعضه وكتابا فِي الْفَرَائِض والحساب يَعْنِي والهندسة سَمَّاهُ جمع الشمل سَمِعت عَلَيْهِ مِنْهُ دروسا وقرأت عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِير كثيرا فِي الِابْتِدَاء، وَقَالَ فِي الأنباء أَنه سكن مصر ودرس وَأفْتى وصنف وَكَانَ ماهرا فِي القراآت والعربية والحساب انْتهى. وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ القراآت الصَّدْر مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد السفطي الْآتِي وَأَبُو بكر الضَّرِير وَكَانَ يرجحه فِي الْفَنّ على سَائِر شُيُوخه فِيهِ وَقَالَ لي حفيده الْبَدْر أَنه وقف على مُؤَلفه السهل وَهُوَ فِي مُجَلد وَأَنه بَسطه فِي مجلدين وَسَماهُ بسط السهل وَأَنه ذيل على الطَّبَقَات للاسنوي وَشرح ألفية ابْن ملك فِي أَزِيد من أَربع مجلدات وَكتب على مُخْتَصر الْمُزنِيّ شرحا سَمَّاهُ المشرب الهني وَوجد لَهُ من التَّفْسِير شَيْء وَرَأَيْت بَعضهم نسب إِلَيْهِ هادي الطَّرِيقَيْنِ فِي أصُول الْفِقْه وَأَنه وقف على أَوله وَكَذَا نسب إِلَيْهِ قَوْله:
(ترَاهُ إِذا مَا جِئْته متهللا ... كَأَنَّك معطيه الَّذِي أَنْت سائله)
(فَلَو لم يكن فِي كَفه غير نَفسه ... لجاد بهَا فليتق الله سائله)
فَالله أعلم، وَقَالَ الْعَيْنِيّ أَنه بَاشر عدَّة وظائف مِنْهَا مشيخة القراآت، وَذكره التقي بن قَاضِي شُبْهَة فِي طبقاته. مَاتَ فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة ثَلَاث عشرَة. كَذَا أرخه شَيخنَا فِي أنبائه وَأما فِي المعجم فَقَالَ فِي سَابِع عشر رَمَضَان، وَقَالَ المقريزي فِي أول شَوَّال، قَالَ وَكَانَ من أَعْيَان)
الْفُقَهَاء النُّحَاة الْقُرَّاء، وَلكنه فِي عقوده قَالَ فِي سَابِع عشر رَمَضَان، قَالَ وَمهر فِي فنون عديدة من فقه وَنَحْو وقراآت وَغَيرهَا وَلم يكن لَهُ عناية بِالْحَدِيثِ وَلَا شهرة بديانة لَا يزَال دنسا وَفِي عِبَارَته لكنه وعامية وَلم نزل نعرفه ويتردد إِلَى ويحدثني عَن جدي رَحمَه الله.
35 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد الرضي أَبُو حَامِد بن النُّور الفيشي الأَصْل /(9/10)
الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبُو يعرف كسلفه بالحناوي. مِمَّن سمع مني هُنَاكَ وَعرض عَليّ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ ثَمَانِيَة كتب وكتبت لَهُ ثمَّ أَنه قَرَأَ على بعد فِي شرحي للألفية دروسا وَحضر عِنْد الْمَالِكِي وَغَيره وتدرب بِأَبِيهِ فِي التوقيع وَقَرَأَ على بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة حِين كُنَّا بهَا فِي أثْنَاء سنة ثَمَان وَتِسْعين غَالب الشفا.
36 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد وَقيل عبد الله بدل أَحْمد وَاقْتصر بَعضهم على مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله القاهري الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن الزراتيتي نسبه لقرية من قرى مصر وبابن الغزولي وَلكنه بِالْأولِ أَكثر. / ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل بالعلوم وعني بالقراآت من سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وهلم جرا فَكَانَ من شُيُوخه فِيهَا السَّيْف أَبُو بكر بن الجندي والشرف مُوسَى الضَّرِير وَالشَّمْس الْعَسْقَلَانِي والتقى الْبَغْدَادِيّ والتنوخي وَابْن القاصح، وَسمع الْخَتْم من سيرة ابْن هِشَام عَليّ ابْن نباتة وَفضل الْخَيل للدمياطي على الحراوي وَالصَّحِيح عَليّ الصَّدْر بن الْعَلَاء بن مَنْصُور الْحَنَفِيّ وَكَانَ ضَابِط الْأَسْمَاء فِيهِ وَكَذَا سمع عَليّ الْعِزّ أبي الْيمن بن الكويك وَابْنَة الشّرف وَجُوَيْرِية الهكارية والمطرز والتنوخي وَابْن الشيخة والحلاوي والسويداوي والتقي الدجوي وَالْجمال الرَّشِيدِيّ والشهاب الْجَوْهَرِي وَابْن أبي زبا وَالشَّمْس المنصفي الْحَنْبَلِيّ وَخلق، وارتحل فِي سنة سِتّ وَسبعين إِلَى حلب فَسمع بهَا وبحمص وحماة ودمشق وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه فِي الرحلة الزين عمر بن عَليّ بن عمر البقاعي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْكَرم الْمُحْتَسب والشهاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الصَّيْرَفِي وسُويد بن مُحَمَّد بن سُوَيْد الرزاز وَعلي بن أَحْمد بن عَليّ بن قُصُور وَعلي بن عمر بن عبد الله الْعَطَّار وَأَبُو عمر أَحْمد بن عَليّ بن عنان وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل بن البحشور وَالْأَرْبَعَة حمويون والكمال أَبُو حَفْص عمر بن التقي ابراهيم بن العجمي والْعَلَاء أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي الْفَتْح المعري والكمال والبدر ابْنا ابْن حبيب والشهاب ابْن المرحل وَالشَّمْس أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْبَاقِي وَالْجمال بن)
العديم وَالشَّمْس أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن طَلْحَة بن يُوسُف والشهاب أَحْمد بن قطلو والزين عبد الله بن عَليّ ابْن الزين عبد الْملك بن العجمي والْعَلَاء طيبغا عَتيق الْعَلَاء بن الْكُمَيْت والصارم إِبْرَاهِيم بن بلبان والعز أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود بن فَهد الحلبيون. ورافق فِي كثير من مسموعه الْجمال بن ظهيرة وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبرهان الْحلَبِي ثمَّ شَيخنَا. وَمن شُيُوخه بِمَكَّة النشاوري والأميوطي، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَأحمد بن عبد الْكَرِيم ويوسف بن عبد الله الحبال وَعبد الْوَهَّاب السلار وَآخَرُونَ، وتميز فِي(9/11)
القراآت وتصدى لنشرها وانتفع بِهِ الْأَئِمَّة فِيهَا وَصَارَ الْمشَار إِلَيْهِ بهَا فِي الديار المصرية ورحل اليه من الأقطار وتزاحم عَلَيْهِ الطّلبَة وتصدر تلاميذه فِي حَيَاته وَأم بِجَامِع الْملك ثمَّ بالبرقوقية بل ولى مشيخة الْقُرَّاء بهَا. وَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا الزين رضوَان وَوَصفه بِالْإِمَامِ الْمُقْرِئ الْمُحدث الرّحال المكثر من الْقِرَاءَة وَالسَّمَاع وَكَذَا حدث بالكثير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى الْحَافِظ ورفيقه الْمُوفق الأبي، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه سمع من لَفظه حَدِيثا وَاحِدًا من هِلَال الحفار يَعْنِي الَّذِي أودعهُ فِي متبايناته، وَأكْثر النَّاس عَنهُ بِأخرَة، وأضر قبل مَوته بسنوات وَأَجَازَ جمَاعَة فِي القراآت، وَقَالَ فِي إنبائه: اشْتهر بِالدّينِ وَالْخَيْر وَسمع مَعنا الْكثير وَسمعت مِنْهُ شَيْئا يَسِيرا ثمَّ أقبل عَلَيْهِ الطّلبَة بِأخرَة فَأخذُوا عَنهُ القراآت ولازموه وَختم عَلَيْهِ جمع جم وَأَجَازَ لجَماعَة وَأَجَازَ رِوَايَة مروياته لأولادي وَنعم الرجل كَانَ، وَكَذَا قَالَ غير وَاحِد أَنه كَانَ رجلا صَالحا صيتًا حسن الْأَدَاء إِلَى الْغَايَة، وَقَالَ المقريزي صحبناه بِمَكَّة ثمَّ تردد إِلَى بِالْقَاهِرَةِ وَكنت أَثِق بديانته وَنعم الرجل. مَاتَ فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس سادس جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَدفن خَارج بَاب النَّصْر بِالْقربِ من مدرسة ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله وإيانا.
37 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو عبد الله الريمي الْيَمَانِيّ. / مِمَّن سمع منى بِمَكَّة.
38 - مُحَمَّد بن عَليّ مُحَمَّد بن أبي بكر بن اسمعيل بن عَليّ بن المهلهل بن النبيه تَاج الدّين المَخْزُومِي المغربي ثمَّ الْحِجَازِي الفوي القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالقلانسي. / ولد فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَعشْرين ثَمَانمِائَة بِقُوَّة وَنَشَأ بهَا ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن عِنْد التَّاج الاخميمي وبقوة عِنْد الشهَاب المتيجي وَحفظ الْعُمْدَة وألفية ابْن ملك والملحة والرحبية وغالب الْحَاوِي وَغَيرهَا وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الْبَدْر النسابة والبرهان الكركي)
وَالْعلم البُلْقِينِيّ يَسِيرا وَفِي الْعَرَبيَّة على الحناوي وَابْن المجدي وَغَيرهمَا، وجود الْخَلْط عِنْد ابْن الصَّائِغ وَابْن حجاج وتدرب فِي الْمُبَاشرَة بالصلاح بن نصر الله، وناب عَن قراقجا الحسني أَمِير آخور فِي الْأَوْقَاف الَّتِي تَحت نظره لكَونه كَانَ شَاهد ديوانه وموقعا عِنْده وَكَذَا تكلم للخاص فِي نظر الْوَجْه البحري بل اسْتَقر فِي نظر الأسطبل السلطاني فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأقَام فِيهِ مُدَّة ثمَّ انْفَصل عَنهُ بشمس الدّين الملقب بالوزة وتضعضع حَاله بِسَبَبِهِ وَتحمل ديونا كَثِيرَة لم يزل مُتَأَخِّرًا بِسَبَبِهَا حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ ذكيا بارعا فِي الْأَدَب مشاركا فِي كثير من الْفَضَائِل مَعَ الْكَرم وَحسن الشكالة والمحاضر والتواضع والتودد(9/12)
والبشاشة، وَله مجاميع لَطِيفَة مِنْهَا جود القريحة ببذل النَّصِيحَة فِي مُجَلد لطيف والنصيحة الفاخر لمتبع الفئة الفاخرة فِي ثلثمِائة بَيت وروضة الأديب نزهة الأريب فِي مجلدين وَاخْتصرَ حلبة الْكُمَيْت وَسَماهُ المنعش وقرضه لَهُ شهَاب الْحِجَازِي، لَقيته بفوة فَكتبت عَنهُ أَشْيَاء أودعت فِي معجمي مَا تيَسّر مِنْهَا، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة حَتَّى مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَسِتِّينَ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
39 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْجمال أَبُو المحاسن بن النُّور الْقرشِي الْعَبدَرِي الْمَكِّيّ قاضيها الشَّافِعِي الشيبي. / ولد فِي رَمَضَان سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَسمع من القَاضِي عَليّ النويري الاكتفا بفوت وَمن الْجمال الاميوطي بعض السِّيرَة لِابْنِ سيد النَّاس وَمن ابْن صديق الصَّحِيح وَأَجَازَ لَهُ النشاوري والصدر الْمَنَاوِيّ والتنوخي والبرهان بن فَرِحُونَ والزين الْعِرَاقِيّ وَالْعلم سُلَيْمَان السقاء وَمَرْيَم الأذرعية فِي آخَرين وتفقه بالجمال بن ظهيرة وَغَيره، واشتغل فِي فنون ونظم الشّعْر الْحسن وتمهر فِي الْأَدَب وَكتب بِخَطِّهِ فِيهِ الْكثير وتوغل فِي الأعتناء بِهِ وَصرف أوقاته لَهُ حَتَّى كَانَ لَا يعرف إِلَّا بِهِ وَجمع فِيهِ كتاب قلب الْقلب فِيمَا لَا يَسْتَحِيل بالانعكاس فِي ثَلَاث مجلدات وتمثال الْأَمْثَال فِي مجلدين وَطيب الْحَيَاة فِي مُجَلد ذيل بِهِ عَليّ حَيَاة الْحَيَوَان للدميري مَعَ اخْتِصَار الأَصْل وَغير ذَلِك كبديع الْجمال بل شرح الْحَاوِي الصَّغِير وَعمل اللطف فِي الْقَضَاء، وَدخل بِلَاد الشرق وبلاد الْيمن وَأقَام بهَا مُدَّة ورزق من ملكهَا النَّاصِر الْحَظ الوافر، وَكَانَ لطيف المحاضرة والمحادثة لَا تمل مُجَالَسَته وَولى سدانة الْكَعْبَة بعد قَرِيبه مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي رَاجِح سنة سبع وَعشْرين فحمدت سيرته ثمَّ قَضَاء مَكَّة وَنظر الْحرم فِي وسط سنة ثَلَاثِينَ لما دخل الْقَاهِرَة عوضا عَن أبي السعادات ابْن ظهيرة وَأبي الْبَقَاء بن الضياء فحمدت سيرته وَمَا نَهَضَ الْمُنْفَصِل لاستمالة)
أحد على عوده سِيمَا وَقد اختلى صَاحب التَّرْجَمَة بالزيني عبد الباسط دَاخل الْبَيْت وتهدده بالتوجيه فِيهِ للدُّعَاء عَلَيْهِ إِن ساعده، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه بعدا ثنائه على سيرته: وَلم يكن يعاب إِلَّا بِمَا يَرْمِي بِهِ من تنَاول لبن الخشخاش وَأَن تصانيفه لَطِيفَة، وَأورد من نظمه قَوْله فِي الْجلَال البُلْقِينِيّ لما أُعِيد بعد الْهَرَوِيّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين:
(عود الإِمَام لَدَى الْأَنَام كعيدهم ... بل عود لَا عيد عَاد مِثَاله)
(أجلى جلال الدّين عَنَّا غمَّة ... زَالَت بعون الله جلّ جَلَاله)
وَذكره التقي بن قَاضِي شُهْبَة فِي طبقاته وَوَصفه بِالْقَاضِي الْعَالم وَخَالف فِي مولده فأرخه سنة ثَمَان وَسبعين وحجابة الْبَيْت ثَمَان وَعشْرين وَقَالَ أَنه اشْتغل بِالْعلمِ(9/13)
وَأخذ عَن مَشَايِخ ذَلِك الْوَقْت بِمصْر وَالشَّام وَغَيرهمَا وَأثْنى على سيرته فِي الْقَضَاء وان كِتَابه الْأَمْثَال صنفه للناصر صَاحب الْيمن وَأَنه صنف فِي آخر عمره فِي أَحْكَام الْقَضَاء كتابا سَمَّاهُ اللطف فِي الْقَضَاء فِي مجاميع كَثِيرَة مِنْهَا تَعْلِيق على الْحَاوِي وحوادث زَمَانه وَأَنه رَحل إِلَى شيراز وبغداد. وَقَالَ غَيره كَانَ فَاضلا دينا خيرا سَاكِنا عَاقِلا كَرِيمًا متواضعا بارعا فِي الأدبيات تصانيفه دَالَّة لفضله واتساع باله، كل ذَلِك مَعَ حسن الشكالة والسمت والشيبة النيرة وأبهة الْعلم وملازمة الطيلسان. وَمِمَّنْ أثنى عَلَيْهِ المقريزي فِي عقوده وَغَيرهَا حَيْثُ قَالَ. وَكَانَ مشكور السِّيرَة صحبته فِي مجاورتي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَهُوَ قَاض فَنعم الرجل. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثامن عشري ربيع الأول على الْمُعْتَمد وَمن قَالَ ربيع الآخر كَابْن شُهْبَة والمقريزي وَمن تبعهما فَوَهم سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَن نَحْو السّبْعين رَحمَه الله وأعيد أَبُو السعادات للْقَضَاء وَالنَّظَر.
وَاسْتقر فِي مشيخة الحجبة قريبَة عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الْعِرَاقِيّ الْمَاضِي.
40 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن بهادر الْكَمَال بن الْعَلَاء بن نَاصِر الدّين القاهري الشَّافِعِي القادري وَيعرف بالطويل. / كَانَ أَبوهُ من أجناد الْحلقَة النازلين فِي آخر عمره بِقرب الجعبري من سوق الدريس فَنَشَأَ ابْنه هَذَا فحفظ الْقُرْآن وألفيتي الحَدِيث والنحو والمنهاج والبهجة الفرعيين وَجمع الْجَوَامِع، وَعرض على جمَاعَة وَقَرَأَ على عبد الْقَادِر الفاخوري فِي شرح الألفية لِابْنِ عقيل وَكَأَنَّهُ تخرج بِهِ فِي جلّ أَوْصَافه وعَلى الْبَدْر حسن الْأَعْرَج فِي الْفِقْه والفرائض وَفِي التَّقْسِيم عِنْد ابْن الفالاتي ثمَّ عِنْد الْعَبَّادِيّ والمقسي والبكري بل لَازم الْمَنَاوِيّ وَكَذَا أَخذ عَن أبي السعادات البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه والعربية وَعَن ابْن قَاسم الْمُغنِي وحواشيه بل وَعَن التقي الحصني)
قِطْعَة من القطب وَعَن الْعَلَاء الحصني فِي الْعَضُد والحاشية وَعَن الْكَمَال بن أبي شرِيف فِي الْأُصُول أَيْضا وَكَذَا التَّفْسِير ثمَّ قَرَأَ على أَخِيه الْبُرْهَان فِي التَّقْسِيم، وَعرف بالذكاء واستحضار محافيظه مَعَ نوع هوج، وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيْخه أبي السعادات وَجلسَ خَارج بَاب النَّصْر قَرِيبا من الاهناسية ثمَّ أَقَامَهُ واختص معزولا بِسَبَب وَاقعَة شنيعة شهيرة اختفى بِسَبَبِهَا أَيَّامًا ثمَّ ظهر بِفَتْح الدّين بن البُلْقِينِيّ ثمَّ الْبَدْر بن المكيني وَقَرَأَ بَين يديهما فِي الخشابية وَغَيرهَا وَكَانَ لَهُ الْحل والربط فيهمَا، وَهَذَا مَعَ مباينته لكل من شيخيه الْجَوْجَرِيّ وَأبي السعادات وَأنكر التتلمذ لأولهما وَقد تسلط عَلَيْهِ جلال الدّين ابْن أخي الشهَاب الابشيهي مِمَّن هُوَ فِي عداد من يشْتَغل مَعَه بِحَيْثُ ضج مِنْهُ، وَكَذَا حضر فِي سنة تسع وثمانيين تَقْسِيم ولد الْكَمَال بن كَاتب(9/14)
جكم ثمَّ اسْتمرّ مديما للحضور عِنْده ولتردد لَهُ وشاركه فِي تَقْسِيم التَّنْبِيه عِنْد شَيْخه الْبكْرِيّ، وَقد تنزل فِي الْجِهَات وخطب بِجَامِع ابْن الطباخ ثمَّ انتزع لَهُ تغري بردي الاستادار خطابة جَامع سُلْطَان شاه بعد تجديده لَهُ من خَطِيبه قبل لمزيد اخْتِصَاصه بِهِ وملازمته حُضُور مَجْلِسه سفرا وحضرا بِحَيْثُ قَرَّرَهُ فِي قِرَاءَة شباك بقبة البيبرسة وَقرر وَلَده فِي إِمَامَة الْمجْلس بهَا بعد الْمُحب صهر ابْن قمر وراج بِهِ يَسِيرا حَتَّى أَنه جلس فِي الأزهرللتقسيم عدَّة سِنِين بل أَقرَأ بعض الطّلبَة فِي غَيره فنونا، وَحج واستنابه الزين زَكَرِيَّا فِي الْقَضَاء فِي أثْنَاء سنة تسعين وَعين عَلَيْهِ بالشيخ وَلكنه لم يتَوَجَّه للْقَضَاء وَكَأَنَّهُ انما رام بذلك تضمنه للعدالة، وَأَعْلَى من هَذَا تَقْرِير الاستادارله فِي مشيخة البيبرسية بعد الْبكْرِيّ بِحَيْثُ اطْمَأَن النَّاس فِي الْجُمْلَة لانتزاع ابْن الأسيوطي لَهَا مِنْهُ وَإِن كَانَ الْكَمَال أفضل من ابْن الْجمال وَكَذَا عينه لمشيخة سعيد السُّعَدَاء فَلم يسْعد، نعم وقف بهَا كتبا كَثِيرَة جعله خازنها، وَاقْبَلْ عَلَيْهِ الْبَدْر بن مزهر إقبالا كليا بِحَيْثُ كَانَ يحضر الختوم عِنْده وَيفِيض عَلَيْهِ الخلعة السّنيَّة بل زبر الْجلَال الْمشَار إِلَيْهِ أَو فر زبر عَن تسليطه عَلَيْهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مَعَ تَمام فضيلته وأرجحيته على رفقته أهوج زَائِد الصفاء وحاله الْآن أشبه مِمَّا قبله، وصنف بَعضهم الصارم الصَّقِيل فِي قطع الْكَمَال الطَّوِيل.
41 - مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَليّ بن مُحَمَّد بن حَامِد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن حميد الْأنْصَارِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي / ابْن عَم أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الْمَاضِي. مَاتَ فِي تَاسِع شَوَّال سنة خمس عَن خمس وَعشْرين سنة.
42 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حسان الشَّمْس الْموصِلِي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي / وَالِد المحمدين الشَّمْس)
والمحب الآتيين وصهر عبد الله بن مُحَمَّد بن طيمان. لَهُ ذكر فِيهِ من أنباء شَيخنَا فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَات صهره ابْن حسان وَالِد صاحبنا شمس الدّين بعده بِيَسِير وَكَانَ من أهل الْقُدس. قلت وَكَانَ فَاضلا خيرا وَيُقَال أَنه سَافر لدمشق فصادف تِلْكَ الْوَقْعَة الَّتِي بَين الْمُؤَيد ونوروز فَقدر نَهْيه لشخص من الْجند عَن شَيْء لَا يحل فَضَربهُ فَمَاتَ وَذَلِكَ فِي سنة سبع عشرَة وَدفن بِدِمَشْق رَحمَه الله.
43 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن شمس بن عبد الله الْجمال الْبَيْضَاوِيّ الْمَكِّيّ أَخُو اسماعيل وحسين وَهُوَ أسن وَيعرف بالزمزمي. / ولد سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَسمع من ابْن الْقَارئ جُزْء ابْن الطلاية وَمن الضياء الْهِنْدِيّ وَفَاطِمَة ابْنة أَحْمد الْحرَازِي بعض المصابيح لِلْبَغوِيِّ، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح الصَّفَدِي والمنيحي وَعمر الشحطبي وَمُحَمّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي(9/15)
وزغلش وَابْن الجوخي وَابْن الهبسل والبياني وست الْعَرَب فِي آخَرين تجمعهم مشيخته تَخْرِيج التقي بن فَهد، وَدخل بِلَاد الْيمن وَانْقطع بهَا صَار يحجّ فِي بعض السنين، وَحدث سمع مِنْهُ النَّجْم بن فَهد وَغَيره وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بإختصار. وَمَات فِي آخر لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشرى رَمَضَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ بزبيد من الْيمن وَدفن بتربة الصياد رَحمَه الله وإيانا.
44 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن رضوَان الطلخاوي / قيم جَامع الغمرى كأبيه أَخُو حسن الْمَاضِي.
مِمَّن حج وجاور غير مرّة وَسمع على أَشْيَاء، وَلَا بَأْس بِهِ.
45 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الشَّمْس الْأنْصَارِيّ التتأي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي / أَخُو الشّرف الْأنْصَارِيّ واخوته ووالد الْكَمَال مُحَمَّد. مِمَّن اشْتغل ولازم القياتي والونائي وَغَيرهمَا بل قَرَأَ على ابْن حسان حَتَّى مَاتَ وَكَانَ من محافظيه الْمِنْهَاج وتوضيح ابْن هِشَام، وَفضل وَحج غير مرّة وابتنى هُوَ وَأَخُوهُ الْبَهَاء أَحْمد بِمَكَّة فِي طرف الْمَسْعَى تجاه أول الميلين الأخضرين دَارا حَسَنَة يتشاءم بهَا. مَاتَ بعد تغير عقله فِي لَيْلَة ثَالِث شعْبَان سنة سِتِّينَ بِمَكَّة وَقد جَاوز الْأَرْبَعين رَحمَه الله، وَانْقطع نَسْله إِلَّا من ابْنة كَانَت تَحت الْخَطِيب أبي بكر النويري واستولدها ابْنة وفارقها فَتَزَوجهَا ابْن عَمَّتهَا عبد الْكَرِيم الاسنائي فَمَاتَتْ تَحْتَهُ وَتركت لَهُ ابْنة أَيْضا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ضرغام. / يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ بن ضرغام.
46 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن بِلَال الشَّمْس الْعَدوي القاهري الْمَالِكِي / جدي لأمي)
ووالد عَليّ الْمَاضِي وَيعرف بِابْن نديبة بِضَم النُّون ثمَّ مُهْملَة مَفْتُوحَة بعْدهَا مثناه تَحْتَانِيَّة ثمَّ مُوَحدَة تَصْغِير ندبلكون قريبَة لأمه كَانَت فِيمَا بَلغنِي كَثِيرَة النّدب. ولد قريب التسعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا حفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي وَغَيرهمَا عِنْد الْفَقِيه عُثْمَان القمني، وَعرض على جمَاعَة وتفقه بالجمال الاقفهسي والحناوي وَعنهُ أَخذ الْعَرَبيَّة وَكَذَا أَخذ فِي الْفِقْه وَغَيره من الْفُنُون عَن الْبِسَاطِيّ وانتفع فِي الْعَرَبيَّة أَيْضا بالفخر عُثْمَان وَالشَّمْس البرماويين وَسمع الحَدِيث على ابْن الكوبك فَمن قلبه وتكسب بِالشَّهَادَةِ دهرا، وَكَانَ ثِقَة ضابطا خيرا متواضعا متوددا حسن الشكالة والطريقة فَاضلا مُفِيدا مُعْتَمدًا حَتَّى كَانَ الْجمال الزيتوني يحب الارتفاق بِهِ وَكَذَا بَلغنِي أَن القاياتي كَانَ يشْهد مَعَه حِين سكناهُ بِالْقربِ مِنْهُ وَعرض عَلَيْهِ الْقَضَاء فَأبى، وَحج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا. مَاتَ فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وَدفن بحوش البيبرسية عِنْد أَخِيه عبد الرَّحْمَن وَكَانَ أحد صوفيتها رَحمَه الله وإيانا.(9/16)
47 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن رسْلَان الْكَمَال بن الْعَلَاء البقيني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / شَقِيق عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي أمهما حبشية لِأَبِيهِ.
مولده فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ، نَشأ فِي كنفهما فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل على أَخِيه يَسِيرا وَكَذَا حضر عِنْد عَمه أبي السعادات وَجلسَ عِنْد أَبِيه شَاهدا وَلم يحمد فِيهَا وَلَا تصون وارتفق مَعهَا بالنسج على السرير وَورث فتح الدّين بن الْعلم البُلْقِينِيّ وَعَمه أَبَا السعادات وعمة أبي السعادات زَيْنَب إبنة الْجلَال بالعصوبة وَمَعَ ذَلِك فَلم ينجح وأهانه السُّلْطَان بِسَبَب شَهَادَة فِي أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين.
48 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن صَالح بن شهَاب بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الْكَرِيم وَعلي الْكِنَانِي الهيثمي القاهري الشَّافِعِي. / ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج واشتغل فِي فنون وَأخذ عَن الْبُرْهَان الأبناسي والكمال الدَّمِيرِيّ وَحضر دروس البُلْقِينِيّ وَسمع من بعض الشُّيُوخ، وتعانى النّظم فَقَالَ الشّعْر الْحسن والنثر الْجيد وَأَنْشَأَ الْخطب الْحَسَنَة، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وخطب بِبَعْض الْجَوَامِع، وَكَانَ لطيف المحاضرة حسن الصُّحْبَة والخط عَارِفًا بِالشُّرُوطِ كثير التلاوه مطرب النغمة، قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: سَمِعت من نظمه كثيرا وطارحني بِأَبْيَات ومدحني بعده قطع، ثمَّ توجه لمَكَّة فِي وسط سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فجاور بهَا بقيتها، وَحج وَرجع مَعَ الركب فَمَاتَ مبطونا بالشرفة فِي يَوْم الْجُمُعَة منتصف)
الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَدفن يَوْم السبت بسفح عقبَة ايلة، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأَنه كَانَ عَارِفًا بالوراقة وَفِيه دعابة صحبته سِنِين عَفا الله عَنهُ.
49 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الشَّمْس بن النُّور الفوي الشيخوبي الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا أَو قبلهَا بِقَلِيل بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتلابه لأبي عَمْرو وَحَفْص على الغماري وَغَيره وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أَبِيه وَغَيره وأسمعه عَليّ ابْن أبي الْمجد والنجم بن الكشك والتنوخي وَابْن الشيخة والمطرز والأبناسي والعراقي وَابْنه الْوَلِيّ والهيثمي والغماري والجوهري والنجم البالسي والبرشنسي وَابْن الكويك فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة، وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَحج فِي أول الْقرن سَمِعت عَلَيْهِ وَكَانَ من قدماء صوفية الشيخونية ومنزلا فِي جِهَات مَعَ تكسبه من الشَّهَادَة أَيْضا. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن عشري صفر سنة سِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا.
50 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس بن النُّور البهرمسي الْمحلي الشَّافِعِي / صهر الغمري والماضي أَبوهُ وَيعرف بِابْن البهرمسي، وبهرمس من الْمحلة. ولد تَقْرِيبًا(9/17)
سنة عشْرين بالمحلة وَحفظ الْقُرْآن واشتغل عِنْد ابْن قطب وَغَيره، وتعانى النّظم الْمَوْزُون وكتبت عَنهُ مِنْهُ مرثية فِي شَيخنَا أودعتها الْجَوَاهِر، وخطب بِجَامِع صهره وَسمعت خطبَته. وَكَانَ يقظا متساهلا. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَمَان وَخمسين عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الزراتيتي. / مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد.
51 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله القليوبي ثمَّ القاهري الصحراوي الحفار. / ولد سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَآخَرُونَ باستدعاء الزين رضوَان واستجازه الطّلبَة بل حدث قَلِيلا وَهُوَ مديم للتلاوة مَذْكُور بِالْخَيرِ. مَاتَ.
52 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن أَبُو الْيمن البتنوني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / شَقِيق أَحْمد صهر ابْن الغمري الْمَاضِي وأبوهما. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَسمع مني وَرُبمَا اشْتغل وَهُوَ مُقيم فِي ظلّ أَبِيه مَعَ تَعبه من قبله وَلكنه فِي الْجُمْلَة أشبه من أَخِيه. مَاتَ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ فِي صفر سنة سبع وَتِسْعين.
53 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن اسمعيل الشَّمْس أَبُو الْمَعَالِي الصَّالِحِي الأَصْل الْمَكِّيّ. /
ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وأحضر بهَا فِي الثَّانِيَة عَليّ الْجمال بن عبد)
الْمُعْطِي بعض ابْن حبَان وَسمع بهَا من أَحْمد بن سَالم الْمُؤَذّن والقروي وَابْن صديق وَغَيرهم وَدخل الْقَاهِرَة وَالشَّام غير مرّة فَسمع من التنوخي والبلقيني والعراقي والهيثمي وَغَيرهم بِالْقَاهِرَةِ وَمن أبي هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ والشهاب أَحْمد ابْن أبي بكر بن الْعِزّ وَإِبْرَاهِيم بن عبد الْهَادِي وَآخَرين بِالشَّام، وَأَجَازَ لَهُ النشاوري والأميوطي والكمال بن حبيب وَأَخُوهُ الْبَدْر والبهاء السُّبْكِيّ وَخلق، وَحدث سمع مِنْهُ النَّجْم بن فَهد والبرهان بن ظهيرة وَآخَرُونَ. مَاتَ بِمَكَّة فِي جمادي الأخرة سنة سِتّ وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان البلبيسي. /
مضى فِيمَن جده أَحْمد بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن فيحر رأيهما الصَّوَاب.
54 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عقيل بِالْفَتْح، / وَاخْتلف فِيمَن بعده فَقيل مُحَمَّد ابْن الْحسن بن عَليّ وَقيل أَبُو الْحسن بن عقيل النَّجْم أَبُو الْحسن بن نور الدّين ابْن النَّجْم البالسي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالبالسي. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع عَليّ أبي الْفرج بن عبد الْهَادِي والنور الْهَمدَانِي وَغَيرهمَا، وَحدث سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه فَقَالَ كَانَ جده من كبار الشَّافِعِيَّة، وَأما أَبوهُ فَكَانَ مَوْصُوفا بِالْخَيرِ والديانة وسلامة الْبَاطِن وَنَشَأ هُوَ على طَريقَة الرؤساء وباشر عِنْد بعض الْأُمَرَاء ثمَّ ترك وَانْقطع بمنزله بِمصْر، وَكَانَ حسن(9/18)
المذاكرة جيد الذِّهْن درس بالطيبرسية وَغَيرهَا مَعَ قيام فِي اللَّيْل وَكَثْرَة ابتهال، وَقَالَ فِي الأنباء: تفقه كثيرا ثمَّ تعاني الخدم عِنْد الْأُمَرَاء ثمَّ ترك وَلزِمَ بَيته وَنعم الرجل كَانَ خيرا واعتقادا جيدا ومروءة وفكاهة لَزِمته مُدَّة، وأضر قبل مَوته بِيَسِير. مَاتَ فِي عَاشر الْمحرم، وَقَالَ فِي المعجم فِي يَوْم الْجُمُعَة منتصف سنة أَربع وَله أَربع وَسَبْعُونَ سنة، وَتَبعهُ فِيهِ المقريزي فِي عقوده.
55 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن ضرغام بن عَليّ بن عبد الْكَافِي بن عِيسَى الشَّمْس أَبُو عبد الله الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ الْمُؤَدب نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن سكر بِمُهْملَة مَضْمُومَة ثمَّ كَاف مُشَدّدَة وَآخره راءوهو لقب عَليّ الثَّانِي من آبَائِهِ. / ولد فِي تَاسِع عشر أَو ضحى يَوْم السبت سادس عشري ربيع الأول سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ، وَسمع عَليّ عبد الْقَادِر بن عبد الْعَزِيز الأيوبي والموفق أَحْمد بن أَحْمد بن عُثْمَان الشارعي وَصلح بن مُخْتَار الأشنهي وَيحيى بن يُوسُف بن الْمصْرِيّ وَأبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وَأبي الْفتُوح بن يُوسُف الدلاصي واقش الشبلي والأحمدين ابْن أبي بكر بن طَيئ وَابْن مَنْصُور الْجَوْهَرِي وَابْن عَليّ المشتولي وَابْن كشتغدي وَالْحسن بن السديد وَعبد المحسن بن الصَّابُونِي فِي آخَرين من)
أَصْحَاب ابْن عبد الدَّائِم والنجيب وَابْن علاق والمعين الدِّمَشْقِي وَابْن عزون بِمصْر والقاهرة وَكَذَا سمع باسكندرية وبالحرمين واليمن، وجد فِي الطّلب والتحصيل بِحَيْثُ كَاد أَن ينْفَرد بتوسعه فِي ذَلِك حَتَّى سمع من رفقائه وَمِمَّنْ دونه حَتَّى من تلامذته وأصاغر الطّلبَة، وَأَجَازَ لَهُ من دمشق الْحفاظ الْمزي والبرزالي والذهبي وَأَبُو بكر بن الرضي وَمُحَمّد بن أبي بكر بن أَحْمد بن عبد الدَّائِم وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال وَطَائِفَة، واشتغل بالفقه وَغَيره فَحصل طرفا وشارك فِي عدَّة فنون بل كَانَ عني بالقرآآت فَقَرَأَ على أبي حَيَّان وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السراج الْكَاتِب المجود وَغَيرهمَا وانتصب للأقراء بِالْحرم الْمَكِّيّ عِنْد أسطوانة فِي محاذاة بَاب أجياد كَانَ مَعَه خطوط من عاصره من أُمَرَاء مَكَّة وقضاتها بِالْجُلُوسِ عِنْدهَا بِحَيْثُ يتأثر مِمَّن يجلس اليها وَلَو فِي غيبته لخيال وهمي قَامَ بذهنه فِي ذَلِك وتعدى هَذَا الخيال حَتَّى فِي تحديثه فَإِنَّهُ لم يحدث إِلَّا باليسير من مروياته متسترا فِي منزله غَالِبا مَعَ تبرم يظْهر مِنْهُ غَالِبا فِي ذَلِك حَتَّى أَن الْجمال بن ظهيرة لم يتَّفق لَهُ السماع مِنْهُ إِنَّمَا روى عَنهُ فِي مُعْجَمه شعرًا لغيره، وَخرج لنَفسِهِ جُزْءا صَغِيرا وَكَذَا لغيره بِدُونِ مُرَاعَاة لاصطلاح المخرجين بل يدرج فِي الْأَسَانِيد مَا لم يَقع الإسماع بِهِ مِمَّا هُوَ عِنْد المسمع وَلَو بِالْإِجَازَةِ ويتسامح فِي اثبات من يبعد عَن مجْلِس السماع بِحَيْثُ لَا يسمع إِلَّا(9/19)
صَوتا غفلا أَو لَا يسمع شَيْئا بِالْكُلِّيَّةِ بِدُونِ تَنْبِيه على ذَلِك حَسْبَمَا بَين ذَلِك التقي الفاسي وَهُوَ مِمَّن سمع مِنْهُ وَكَذَا ثَنَا عَنهُ غير وَاحِد مِنْهُم شَيخنَا، وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه سمع من أَصْحَاب ابْن عبد الدَّائِم والنجيب ثمَّ من أَصْحَاب الْفَخر والأبرقوهي ثمَّ من أَصْحَاب الدمياطي وطبقته ثمَّ من أَصْحَاب الحجار ودونه فَأكْثر جدا إِلَى أَن سمع من أقرانه ثمَّ من تلامذته ثمَّ من أصاغر الطّلبَة وَجمع مجاميع كَثِيرَة وَلم ينجب وَصَارَ يذاكر بالوفيات وأخبار الروَاة وَكتب بِخَطِّهِ السقيم الْكثير الْوَهم كثيرا وَحدث بالكثير، ثمَّ حصل لَهُ تخيل فانجمع وازداد بِهِ حَتَّى كَاد يوسوس، وَكَانَ يتغالي مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَلَا يتقنه ويقرئ القراآت غَالب أوقاته، وَفِي طول إِقَامَته بِمَكَّة يتلَقَّى القادمين من الْبِلَاد النائية فيستفيد مَا عِنْدهم من الْأَخْبَار والأسانيد فِي الْكتب الغريبة ويدون ذَلِك عَالِيا أَو نازلا حَتَّى صَار يتَعَذَّر عَلَيْهِ أَن يذكر لَهُ كتاب وَلَا يعرف لَهُ فِيهِ اسنادا. وَقَالَ فِي إنبائه أَنه كتب بِخَطِّهِ مَالا يُحْصى من كتب الحَدِيث وَالْفِقْه وأصوله والنحو وَغَيرهَا وخطه رَدِيء وفهمه بطيء وأوهامه كَثِيرَة مَعَ كَثْرَة تخيله جدا وَضَبطه للوفيات ومحبته للمذاكرة وَتغَير بِأخرَة تغيرايسيرا. وَقَالَ المقريزي أحد من روى عَنهُ)
بِحَيْثُ سَاق عَنهُ عدَّة حكايات وأشعار فِي عقوده: كَانَ عسرا كثير الخيال لَا يسمح بعارية كتاب وَلَا بمطالعته وَلَقَد صحبته بِمَكَّة وقرأت عَلَيْهِ من مسموعاته كثيرا وَلَزِمتهُ مُنْذُ مجاورتي بِمَكَّة فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ أحد من شاهدته من الْأَفْرَاد أفادني كثيرا. وَمَا زَالَ بِمَكَّة حَتَّى مَاتَ فِي سحر يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس عشري صفر سنة إِحْدَى وَدفن من يَوْمه بالمعلاة عِنْد الشَّيْخ خَلِيل الْمَالِكِي بِوَصِيَّة مِنْهُ وَكَانَ استيطانه لمَكَّة من سنة تسع وَأَرْبَعين وَخرج مِنْهَا فِي بعض السنين إِلَى الْيمن وَإِلَى الْمَدِينَة وَإِلَى بجيلة رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان البدرشي. / فِيمَن جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ.
56 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن قَاسم بن مَسْعُود أَبُو عبد الله الأصبحي الغرناطي الأَصْل المالقي الْمَالِكِي وَيعرف بالأزرق. / ولد بمالقة وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره وتلا لِابْنِ كثير على قاضيها أبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم ابْن أَحْمد البدوي ولنافع عَليّ أبي عَمْرو مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مَنْظُور والخطيب أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الطَّاهِر بن مُحَمَّد بن بكروف الفهروي وَعنهُ أَخذ فِي مبادئ الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه والفرائض وَكَذَا أَخذ عَن الْأَوَّلين الْعَرَبيَّة والفرائض(9/20)
وَعَن ثَانِيهمَا الْفِقْه والحساب ولازم إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن فتوح مفتي غرناطة بهَا فِي النَّحْو وَالْفِقْه والأصلين والمنطق بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَحضر مجَالِس أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد السَّرقسْطِي الْعَالم الزَّاهِد مفتيها أَيْضا فِي الْفِقْه الشَّارِح جده وَكَذَا مجَالِس الْخَطِيب أبي فرج عبد الله بن أَحْمد البقني الشريف قَاضِي الْجَمَاعَة أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى بن أبي عبد الله اللمساني الشارحجده لجمل الخونجي والخطيب الْمُفْتِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْمواق الْعَبدَرِي وَأخذ الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا ابْن جُبَير فِي آخَرين لَقِيَهُمْ بفاس وتلمسان وتونس كقاضي الْجَمَاعَة أبي يحيى بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَاصِم فَإِنَّهُ جالسه كثيرا وانتفع بِهِ. وَولي الْقَضَاء غربي مالقة فِي أَيَّام سعد بن عَليّ بن يُوسُف بن نصر صَاحب الأندلس ثمَّ قَضَاء مالقة نَفسهَا عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن سعد ثمَّ قَضَاء وادياش عَن أَخِيه أبي الْحسن عَليّ بن سعد ثمَّ نَقله إِلَى مالقة ثمَّ لقَضَاء الْجَمَاعَة بغرناطة. وَمَات أَبُو الْحسن وَهُوَ على قَضَائهَا فاستمر بِهِ أَخُوهُ أَبُو عبد الله ثمَّ خرج مَعَه إِلَى وادياش وهما منفصلان فوجهة قَاصِدا إِلَى السُّلْطَان أبي عمر وَعُثْمَان بن مُحَمَّد بن أبي فَارس لمساعدة الأندلسيين على عدوهم الْكَافِر فَلم يلبث أَن مَاتَ أَبُو عَمْرو فارتحل صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى الديار المصرية ليحج فحج فِي الْبَحْر)
سنة خمس وَتِسْعين فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعَة أشهر ثمَّ بِمَكَّة شَهْرَيْن وَعَاد بعد حجه إِلَى مصر فِي الْبَحْر أَيْضا فَدَخلَهَا فِي منتصف ربيع الآخر من الَّتِي تَلِيهَا فَنزل بتربة السُّلْطَان عِنْد أَحْمد بن عَاشر فَتكلم لَهُ فِي ولَايَة قَضَاء الْقُدس، وقصدني فِي أثْنَاء ذَلِك ورأيته فِي رجال الدَّهْر وَأظْهر الِاغْتِبَاط باجتماعه بِي وطالع بعض تصاليفي وَغَيرهَا وسافر فِي رَمَضَان قَاضِيا وَقد وليه فِي ثَانِيَة فوصله فِي سَابِع عشر شَوَّال وَوَقع الثَّنَاء عَلَيْهِ من الْكَمَال بن أبي شرِيف وَغَيره فَلم يلبث أَن تعلل فدام نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشري ذِي الْحجَّة وَكثر الأسف على فَقده وَدفن خَارج بَاب خَان الظَّاهِر رَحمَه الله.
57 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور بن حجاج بن يُوسُف الصّلاح بن النجاح الحسني الْعلوِي صَاحب صنعاء الْيمن / والماضي أَبوهُ، ملك بعده بِعَهْد مِنْهُ ولقب بالناصر وَلَكِن لم يتم لَهُ شهر بعده بل مَاتَ خَامِس عشري ربيع الأول سنة أَرْبَعِينَ.
58 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله أَبُو السعادات ضيف الله بن النُّور بن الفاكهي الْمَكِّيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وَنور الْعُيُون والتنبيه مِمَّن حضر على الأميوطي(9/21)
وَسمع فِي سنة تسع وَسِتِّينَ على التقي بن فَهد، وَكَذَا سمع منى بِمَكَّة واشتغل وَلزِمَ الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا ولازم خَاله السراج معمرا فِي الْعَرَبيَّة وَفضل وتميز مَعَ عقل وَدين وَقيام على اخوته وأقاربه وَأكْثر من الْحُضُور عِنْد البرهاني ابْن ظهيرة وَأثْنى على عقله بل قَرَأَ على وَلَده الجمالي فِي التَّقْسِيم وَغَيره. مَاتَ بعد تعلل نَحْو شَهْرَيْن فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَتِسْعين.
59 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن الْعَلامَة نور الدّين عَليّ بن فَرِحُونَ الشَّمْس الْيَعْمرِي الْمدنِي المادح وَيعرف بِابْن المجلد وَرُبمَا يُقَال لَهُ المجلد / وَهِي حِرْفَة أَبِيه وأخيه الْعِزّ عبد الْعَزِيز الَّذِي سمع منى بِالْمَدِينَةِ وَمُحَمّد أكبرهما، وتكسب بالعطر قَلِيلا وَحفظ الْقُرْآن. مَاتَ فِي ثَانِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
60 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن الْحسن بن يُوسُف فتح الدّين بن نور الدّين الزرندي الْمدنِي. / اشْتغل وَفضل فِي الْفِقْه وَغَيره بِحَيْثُ تأهل للتدريس مَعَ خَيره وانجماعه فَلَا يخرج إِلَّا للْجَمَاعَة غَالِبا، وَأوصى أَن يدْفن بِالْقربِ من قُبُور الشُّهَدَاء عِنْد مشْهد السَّيِّد حَمْزَة جوَار الْجلَال الخجندي فَفعل بِهِ ذَلِك. وَمَات تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَسِتِّينَ.)
61 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس أَبُو عبد الله المقسي ثمَّ الصحراوي الشَّافِعِي النَّاسِخ الْمُؤَدب وَيعرف بِابْن الْقطَّان. / مِمَّن سمع منى.
62 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ السَّيِّد الشَّمْس بن السَّيِّد الزين الْحُسَيْنِي الْجِرْجَانِيّ الْحَنَفِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. كَانَ أستاذا عَلامَة شرح الْهِدَايَة فَأخذ حَاشِيَة أَبِيه عَلَيْهَا وَزَاد وَكَذَا عرب رِسَالَة أَبِيه فِي الصُّغْرَى والكبرى فِي الْمنطق وَتخرج بِهِ الْأَئِمَّة فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ الشَّمْس الشرواني والشهاب بن عربشاه وَقَالَ أَنه كَانَ نزيل سَمَرْقَنْد بمدرسة أيدكوتمور.
63 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْقُدسِي الرباطي نزيل مَكَّة / وَشَيخ رِبَاط ربيع والبيمارستان المنصوري بهَا. عرض لَهُ برص فانتفخت يَده فَوضع عَلَيْهَا المراهم فانتفخت واستمرت الْمَادَّة تخرج مِنْهَا حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ.
64 - مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله بن أبي بكر الْجمال أَبُو الْفضل الفاكهي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي / سبط الْجمال مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن الزين الْقُسْطَلَانِيّ ووالد النُّور عَليّ وأخوته.
ولد فِي رَجَب سنة خمس بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وأربعي النَّوَوِيّ والتنبيه وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى الْيمن وَولد لَهُ بهَا. مَاتَ بالمخلاف السُّلَيْمَانِي مِنْهَا فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين.
65 - مُحَمَّد الْجمال الْفَاكِهَانِيّ الْمَكِّيّ الْمَالِكِي / أَخُو الَّذِي قبله لِأَبِيهِ وَهُوَ سبط(9/22)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد المرشدي. ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة أَو الَّتِي بعْدهَا بِمَكَّة وَحفظ أربعي النَّوَوِيّ وتنقيح الْقَرَافِيّ والرسالة، وَكَانَ مُبَارَكًا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس. مَاتَ بِمَكَّة فِي ضحى يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث شَوَّال سنة تسع وَخمسين. أرخه ابْن فَهد.
66 - مُحَمَّد القطب أَبُو الْخَيْر الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ / أَخُو أَحْمد واللذين قبله وشقيق ثَانِيهمَا وَيعرف بِابْن الْفَاكِهَانِيّ. ولد فِي تَاسِع عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سِتّ عشرَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني وَبَعضه عَليّ الزين بن عَيَّاش وأربعي النَّوَوِيّ وَالْمجْمَع وَعرضه بِتَمَامِهِ فِي مجلسين على خَاله الْجلَال عبد الْوَاحِد وَأما كن مِنْهُ على جمَاعَة وَبَعض مُخْتَصر الأخسيكتي وَأخذ عَن خَاله فِي تَفْسِير الْقُرْآن من أثْنَاء آل عمرآن لَعَلَّه إِلَى العنكبوت وَسمع فِيهِ بِقِرَاءَة خَاله على الْبِسَاطِيّ ثمَّ سَمعه على خَاله الآخر الْجمال مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن ابي شَعْرَة وَأخذ الْفِقْه عَن خاليه وبالقاهرة عَن ابْن الديري وَابْن الْهمام وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَالشَّمْس بن الجندي وَقَرَأَ عَلَيْهِ طَائِفَة كَبِيرَة من شَرحه على الْمجمع وَسمع على ابْن)
الديري مجَالِس من التَّفْسِير والنحو عَن خَاله عبد الْوَاحِد وَأبي الْقسم النويري وَإِمَام الدّين الشِّيرَازِيّ وَابْن الجندي وأصول الْفِقْه عَن ابْن الْهمام قَرَأَ عَلَيْهِ تحريره وخاله عبد الْوَاحِد سمع عَلَيْهِ وَكتب عَنهُ فِي أَمَالِيهِ وَغَيرهَا وَكَانَ أحد طلبة الجمالية.
67 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد المحسن بن حمدَان بن عَبَّاس الشَّمْس بن القطب السُّبْكِيّ ثمَّ الْحِمصِي الْخَطِيب بهَا الشَّافِعِي سبط التقي السُّبْكِيّ، جدته سِتّ الخطباء ابْنة التقي. / سمع فِي سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة عَلَيْهَا وعَلى إِبْرَاهِيم بن حسن بن فِرْعَوْن وَعمر بن عَليّ البقاعي الصَّحِيح أَنا الحجار زَادَت جدته ووزيره وَكَذَا سمع من أبي عبد الله بن مَرْزُوق والبدر بن مَكْتُوم وَفتح الدّين بن الشَّهِيد وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى وَوَصفه بِالْإِمَامِ الْعَالم الْخَطِيب والابي كِلَاهُمَا فِي سنة عشرَة وَذكره شَيخنَا فِي مجمعه وَقَالَ أجَاز لابنتي رَابِعَة.
68 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْملك الزين بن الشَّمْس بن التَّاج الدَّمِيرِيّ ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي. / ذكره شَيخنَا فِي إنبائه مُقْتَصرا على اسْمه وَاسم أَبِيه وَقَالَ كَانَ حسن الصُّورَة لَهُ قبُول تَامّ عِنْد النَّاس لِكَثْرَة حشمته وَقد ولي الْحِسْبَة مرَارًا وَبِيَدِهِ التحدت فِي البيمارستان نِيَابَة عَن الأتابك عَليّ(9/23)
قَاعِدَة أَبِيه. مَاتَ فِي ثَالِث شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَقد جَازَ الْخمسين. قلت وَدفن بالتربة المنسوبة لَهُم خلف الصُّوفِيَّة الْكُبْرَى وَكَانَت ولَايَته الْحِسْبَة فِي سنة ثَلَاث عشرَة بعد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان الْهوى.
69 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد النُّور بن أَحْمد الْمُحب بن الشَّمْس ابْن الْبَهَاء أبي الْفَتْح الفيومي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْخَطِيب ابْن أخي الصَّدْر مُحَمَّد ابْن أَحْمد خطيب الفخرية وسبط الشَّمْس العاملي. / ولد فِي جُمَادَى الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَقَرَأَ على شَيخنَا فِي البُخَارِيّ وَكَذَا على السَّيِّد النسابة والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَحضر الدُّرُوس عِنْد جمَاعَة وَقَرَأَ على الْعَامَّة فِي الْأَزْهَر وَغَيره بعد جده وخطب نِيَابَة عَنهُ باشرفية الخانقاة قبل أَن تطلع لحيته وَحكى ذَلِك للْوَاقِف فَأرْسل جمَاعَة من خواصه مِنْهُم كَاتب السِّرّ فصلوا هُنَاكَ سمعو خطبَته فَوَقَعت مِنْهُم موقعا ثمَّ رجعُوا وأعلموه وَأَنه ابْن ابْنَته فوفق على ذَلِك، وتكسب بِالشَّهَادَةِ عَن حبس الرحبة وَغَيره، وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَمن ذَلِك القَوْل البديع وَحمله عَنى، وَحج وجاور وَدخل الفيوم ورشيد واسكندرية وخطب بأكثرها بل اسْتمرّ يَنُوب فِي الخطابة بالجيعانية وتميز فِيهَا مَعَ تودده وسكونه.)
70 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد النُّور بن أَحْمد الْبَدْر بن الصَّدْر بن الْبَهَاء أبي الْفَتْح الْأنْصَارِيّ المهلبي الفيومي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن عَم الَّذِي قبله وَيعرف بِابْن خطيب الفخرية. ولد كَمَا قرأته بِخَط أَبِيه عِنْد غرُوب لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثامن عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاثِينَ بقاعة الأسنوي من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج والألفية وَقطعَة من ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ، وَعرض على شَيخنَا والقاياتي والعيني وَابْن نصر الله الْحَنْبَلِيّ بل سمع مَعَ أَبِيه على شَيخنَا وَأخذ فِي الإبتداء عَن أَبِيه ثمَّ قَرَأَ الْمِنْهَاج بحثا على الْعلم البُلْقِينِيّ وَحضر بعض دروسه فِي الْقطعَة وَنَحْوهَا وَكَذَا قَرَأَ على الْمحلي غَالب شَرحه على الْمِنْهَاج وَسمع غَالب شَرحه لجمع الْجَوَامِع وتلقى شرح الْبَهْجَة عَن الْمَنَاوِيّ تقسيما بَينه وَبَين الزين عبد الرَّحِيم الأبناسي فِي مجْلِس خَاص أَقَامَا فِيهِ مُدَّة ولازمه فِي التَّقْسِيم الْعَام فِي غير ذَلِك وأدمن من مُلَازمَة التقي الحصني فِي الْأَصْلَيْنِ والمعاني وَالْبَيَان والعربية وَالصرْف والمنطق فَأكْثر عَنهُ وَكَذَا لَازم الشروابي والشمني فِي عُلُوم وَقَرَأَ على الكافياجي فِي علم الْهَيْئَة فِي آخَرين كَابْن الْهمام أَخذ عَنهُ بعد رُجُوعه من الْمُجَاورَة فِي ذَاك الْمجْلس الْعَام، وَحج وَاسْتقر فِي الخطابة بالفخرية ابْن(9/24)
أبي الْفرج والأمامة بالفخرية الْقَدِيمَة بعد أَبِيه وَسكن الثَّانِيَة مِنْهُمَا وَكَذَا اسْتَقر فِي خطابة مدرسة خوند بموقف المكارية الْمُجَاورَة لزاوية أبي السُّعُود دَاخل بَاب القنطرة وتصدى لللأقراء فَأخذ عَنهُ الطّلبَة، وَذكر بِحسن التَّصَوُّر والتدبر وَالتَّحْقِيق مَعَ التأني وَعمل حَاشِيَة على شرح جمع الْجَوَامِع حِين بلغه انتقاد ابْن أبي شرِيف على الشَّرْح فِي حَاشِيَة عَملهَا سَمِعت بعض الْمُحَقِّقين يرجح كِتَابَته فِيهَا على غَيره وَكَذَا عمل على الْعَضُد والمختصر وَشرح العقائد وَغَيرهَا حَوَاشِي، كل ذَلِك مَعَ مزِيد التدين والتحري وَضعف البنية والإنجماع عَن النَّاس وَعدم مزاحمتهم فِي الْوَظَائِف وَقد أُصِيب حِين نهب المماليك بَيت رَأس نوبَة النوب برسباي المحمدي قَرَأَ وَذهب لَهُ من الْكتب والمالية جملَة عوض عَن بَعْضهَا وظفر بِبَعْض الْكتب وتألم هُوَ وأحبابه لذَلِك سِيمَا فِي كثير من حَوَاشِيه ومفاداته. مَاتَ فِي صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأوصى بدفنه عِنْد صَاحبه الزين الأبناسي بجوار ضريح الشَّيْخ شهَاب وَكَانَ الزين يَقُول هُوَ قاياتي وقته ويبالغ فِي وَصفه بِغَيْر ذَلِك وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله وإيانا.
71 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن وَحشِي بن سبع بن إِبْرَاهِيم أَمِين الدّين بن أَمِين الدّين العباسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل سعيد السُّعَدَاء وَيعرف بأمين الدّين العباسي. /
ولد فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالعباسة من الشرقية وتحول هُوَ وَأَخُوهُ عماد الدّين عبد الرَّزَّاق مَعَ أخيهما التَّاج عبد الْوَهَّاب فسكنا البديرية وأكمل صَاحب التَّرْجَمَة بهَا الْقُرْآن وَحفظ الْبَهْجَة وألفية ابْن مَالك وَجمع الْجَوَامِع وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الشريف النسابة والزين البوتيجي ولازم الْفَخر عُثْمَان المقسي والجلال الْبكْرِيّ والزين زَكَرِيَّا والبرهان العجلوني وَعَلِيهِ قَرَأَ فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَحضر عِنْد الْعَبَّادِيّ بل أَخذ عَن الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي وَعَن الثَّانِي مَعَ أَحْمد الْخَواص وَأبي الْجُود أَخذ الْفَرَائِض وَكَذَا أَخذهَا مَعَ الْحساب عَن الشريف على تلميذ ابْن المجدي وَعَن الْخَواص مَعَ الأبدي أَخذ الْعَرَبيَّة ولازم فِي الْأَصْلَيْنِ وَغَيرهمَا كالمعاني وَالْبَيَان التقي والْعَلَاء الحصنيين بل أَخذ عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والكافياجي والشمني وَإِمَام الكاملية ثمَّ الْكَمَال بن أبي شرِيف وَأبي السعادات البُلْقِينِيّ وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة وَعلمت الْآن سَمَاعه للْبُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وَتردد للمحب بن الشّحْنَة وَلَا أستبعد أَخذه عَن ابْن حسان وَكتب على الْبُرْهَان الفرنوي وَيس وَغَيرهمَا وَصَحب الصّلاح المكيني واختص بِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْفِقْه والْحَدِيث وَكَذَا اخْتصَّ بقجماس لكَونه نَاب عَن أَخِيه فِي أَقراء مماليكه، وَحج غير مرّة وجاور بل سَافر على الصر بعناية المكيني وَسمع على التقى بن فَهد وَغَيره(9/25)
هُنَاكَ وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس والخليل، وَدخل الشَّام فَأخذ عَن الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة وخطاب وَآخَرين، وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا من الْجِهَات كالمزهرية، وَكَانَ خَبِيرا بدنياه مُقبلا على بني الدُّنْيَا متلمذا لَهُم وَلَو كَانُوا قاصرين وَلم يَنْفَكّ عَن الأشتغال وملازمة الْعَمَل وَالْأَخْذ عَن من دب ودرج حَتَّى أُشير إِلَيْهِ بالفضيلة التَّامَّة والتفنن، وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء مِنْهَا البُخَارِيّ وتقويم الْبلدَانِ وَكَذَا تَقْوِيم الْأَبدَان بل كتب على مَجْمُوع الكلائي وَغَيره وأقرأ الطّلبَة مَعَ عقل وَسُكُون وأوصاف. مَاتَ فِي صفر سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن بِالْقربِ من الرَّوْضَة خَارج بَاب النَّصْر بحوش يشهر بتربة القباني وَوجد لَهُ مِمَّا لم يكن يظنّ بِهِ زِيَادَة على ألف دِينَار سوى كتبه وأثاثه بِهِ وَخلف أَرْبَعَة ولاد فيهم أُنْثَى وَاسم أكبرهم أَحْمد رَحمَه الله وسماحه.
72 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب الْبُرُلُّسِيّ / التَّاجِر أَبوهُ وَيعرف أَبوهُ بِابْن وهيب. حضر عَليّ مَعَ أَبِيه فِي سنة أَربع وَتِسْعين بِمَكَّة وَهُوَ فِي الثَّانِيَة أَشْيَاء.
73 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان الشّرف الششتري الْمدنِي. / سمع مَعَ أَبِيه أبي الْفرج بن)
الْقَارِي، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أملية، وَحدث ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه.
74 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن الغياث إِسْحَق بن مُحَمَّد أصيل الدّين بن الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي ابْن أُخْت الشَّمْس بن الريفي الْآتِي. / وَيعرف وَالِده بِابْن الغياث. ولد فِي مستهل شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وعرضها على ابْن الملقن والابناسي والمنهاج وَحده عَليّ الدَّمِيرِيّ وأجازوه، واشتغل وَسمع عَليّ الْعِرَاقِيّ والهيثمي والتنوخي وعزيز الدّين المليجي وَابْن حَاتِم والمطرز وَابْن الشيخة وَالْمجد إِسْمَعِيل الْحَنَفِيّ والفرسيسي وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَحج مرَارًا ثمَّ قطن مَكَّة آخرا حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
75 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْجمال بن أبي الْخَيْر الكازورني الْمَكِّيّ الْمُؤَذّن بهَا بل رَئِيس المؤذنين وَالِد عبد السَّلَام الْمَاضِي وَأبي الْخَيْر الْآتِي فِي الكنى. / ولد بهَا فِي صفر سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وَأَجَازَ لَهُ الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَابْن الشرائحي والشهاب بن حجي وَابْن صديق وَالْمجد الشِّيرَازِيّ وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والزين المراغي وَعبد الْقَادِر بن إِبْرَاهِيم الارموي وَخلق، وَولي رياسة المؤذنين بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام ولقيته بِمَكَّة سنة سِتّ وَخمسين وَكتب على استدعاء ابْني وأجازلي. وَمَات بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة سبع وَخمسين. أرخه ابْن فَهد قَالَ بَعضهم سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَهُوَ غلط، وَاسْتقر بعده(9/26)
ابناه فِي الرياسة رَحمَه الله.
76 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْكَافِي أَبُو حَاتِم بن أبي حَاتِم بن أبي حَامِد بن التقي السُّبْكِيّ. / ذكره شَيخنَا فِي انبائه وَقَالَ: اشْتغل قَلِيلا وناب فِي الحكم من سنة تسعين عَن ابْن المليق إِلَى أَن مَاتَ فِي إِحْدَى الجماديين سنة ثَمَان وَله أَربع وَخَمْسُونَ سنة. قلت وَقَالَ الْعَيْنِيّ أَربع وَأَرْبَعُونَ وَصفه بَعضهم بِالْفَضْلِ فَالله أعلم.
77 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف أَبوهُ بِابْن جن الْبر. / ورث عَن أَبِيه بعض دنيا فأذهبها وَصَارَ إِلَى فاقة زَائِدَة بِحَيْثُ يجوع لأَجلهَا ثمَّ توفّي غريقا فِي الْبَحْر الْملح بِبِلَاد الْيمن سنة عشر ورؤى فَقيل مَا حالك فَذكر عَفْو الله فَسئلَ عَن سَببه فَقَالَ الْجُوع أوكما قَالَ ذكره الفاسي.)
78 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْيمن بن الْبَدْر القمني القاهري / الْمَاضِي أَبوهُ.
سمع منى بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَبعدهَا وتكررت مجاورته وَكَانَ يتحَرَّى الْأَخْبَار وينقلها.
79 - مُحَمَّد التقي القمني / أَخُو الَّذِي قبله مِمَّن تَكَرَّرت مجاورته أَيْضا ولازمني فِي السماع فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين ثمَّ الَّتِي بعْدهَا وَعَاد فِيهَا بحرا إِلَى الْقَاهِرَة فِي مركب ابْن كرسون وَلَا بَأْس بِهِ عقلا وأدبا مَعَ فهم واحساس وفاقة.
80 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن شرف الْبَدْر أَبُو الاشراق بن الشَّمْس الْقَرَافِيّ الأَصْل القاهري الْمَالِكِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن واحتفل أَبوهُ بِصَلَاتِهِ عقب خَتمه وَكَذَا حفظ غَيره، واشتغل عِنْد أَبِيه قَلِيلا، وَسمع على شَيخنَا والرشيدي وَطَائِفَة وَاسْتقر فِي جِهَات أَبِيه بعده بل خَلفه فِي قِرَاءَة منتقى ابْن أبي جَمْرَة من البُخَارِيّ عِنْد ضريحه استهلال كل سنة، وَحج غَيره مرّة وجاور وناب فِي الْقَضَاء وأهين من الْأَشْرَاف فايتباي وقتا ورسم عَلَيْهِ أخري بِسَبَب شكوى امْرَأَة وتكلف لما بَاعَ شَيْئا من موجوده واستدان بِسَبَبِهِ هَذَا عقب ختانه لوَلَده وتكلفه فِي المهم الَّذِي بَالغ فِي شَأْنه لارضاء أمه ابْنة سعد الدّين الكماخي الْمَذْكُورَة بِعَدَمِ التَّوْفِيق بل أَخذ السَّارِق عمَامَته وضربه بِحَيْثُ كَاد أَن يعْدم. وبالجلمة فَلَيْسَ أَيْضا بمحمود السِّيرَة مَعَ لين كَلَامه وتميزه فِي صناعَة الشُّرُوط.
81 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن كميل كحميد ابْن عوض بن رشيد ككبير الْبَدْر الشَّمْس بن الشهَاب بن السراج بن الْكَمَال المنصوري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن كميل ثمَّ بِابْن أَحْمد. ولد بعد سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة(9/27)
بالمنصورة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وكتبا واشتغل قَلِيلا وَحضر عِنْد القاياتي فِيمَا ذكر وَسمع على شَيخنَا وَحضر دروسه، وناب فِي الْقَضَاء عَن قَرِيبه أبي الْبَقَاء ثمَّ بعد موت وَالِده عَن شَيخنَا واستقل بِقَضَاء بَلَده بل ومنية ابْن سليسل ودمياط فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلفين بل اجْتمعَا لَهُ وقتا فِي آن وَاحِد. وَتزَوج أُخْت أوحد الدّين بن العجيمي قَاضِي الْمحلة واستولده أَوْلَادًا نور الدّين على وجلال الدّين مُحَمَّد وَأَبُو السعادات مُحَمَّد الْآتِي، وَكَانَ بديع الذكاء فَاضلا بِحَيْثُ زعم أَنه كتب على جَامع المختصرات وَغَيره وَعمل كتابا نمط عنوان الشّرف بِزِيَادَة علمين جيد الْكِتَابَة ذَا قدرَة على التنويع الخطوط بِحَيْثُ يُفْضِي إِلَى التزوير مَعَ خبْرَة تَامَّة بِالْأَحْكَامِ وصناعة التوثيق ونظم حسن امتدح بِهِ الأكابر)
كالجمالي نَاظر الْخَاص وَابْن الكويز وَكتب عَنهُ ابْن فَهد والبقاعي وَغَيرهمَا فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَكَذَا كتبت عَنهُ وَرُبمَا قيل أَن كثيرا مِنْهُ لِأَبِيهِ وَلَكِن لم أكن أقصر بِهِ عَن ذَلِك مَعَ علمي بكذبه ورقة دينه وتزويره، وَقد أهانه الْأَشْرَف قايتباي حِين اجتيازه بفارسكور لمزيد شكوى النَّاس مِنْهُ. وَلم يلبث أَن مَاتَ فَجْأَة بسلمون فِي يَوْم الْجُمُعَة سلخ جمادي الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَحمل فِي يَوْمه إِلَى المنصورة فَدفن بهَا. وَمن نظمه:
(أُرِيد مِنْك الْآن يَا سَيِّدي ... ثوبا مليحا تاصعا فِي الْبيَاض)
(فعبدك الْآن غَدا عَارِيا ... من كل شَيْء فَاقْض مَا أَنْت قَاض)
وَقَوله:
(يَا شمس دين الله أَنْت مُصدق ... فِيمَا تَقول وَإِن غَيْرك يكذب)
(أَو مَا علمت بِأَن قطية أَهلهَا ... سُفَهَاء مَا فيهم رَئِيس يصحب)
82 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشَّمْس أبي عبد الله ابْن المحيوي أبي الْعَبَّاس البلبيسي قاضيها الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن البيشي بموحدة مَكْسُورَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ مُعْجَمه. / ولد بعد سنة سبعين وَسَبْعمائة ببلبيس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَكَانَ الْمجد إِسْمَاعِيل البلبيسي قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِمصْر قريبَة من جِهَة النِّسَاء فانتقل عِنْده بِالْقَاهِرَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فجود بعضه على الْفَخر الضَّرِير الإِمَام بالأزهر وَكَذَا حفظ الْعُمْدَة والمنهاج وألفية النَّحْو، وَعرض فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ فَمَا بعْدهَا على قَرِيبه الْمجد والأبناسي والتاج أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن البلبيسي الشَّافِعِي الْخَطِيب والزين الْعِرَاقِيّ والسراج بن الملقن والصدر الْمَنَاوِيّ والتقي بن حَاتِم والتاج مُحَمَّد بن أَحْمد بن النُّعْمَان وناصر الدّين بن الميلق والبدر بن السراج البُلْقِينِيّ وأجازوه وَعين الْبَدْر مَاله من تصنيف وتأليف ونظم(9/28)
ونثر فِي آخَرين أوردت مِنْهُم فِي المعجم جملَة، وَبحث جَمِيع الْمِنْهَاج فِي التَّقْسِيم الَّذِي كَانَ أحد الْقُرَّاء فِيهِ على الأبناسي وغالبه على البيجوري وَبَعضه على ابْن الملقن وَكَذَا حضر دروس البُلْقِينِيّ وَأخذ عَن الزين الْعِرَاقِيّ ورأيته أثْبته فِي بعض مجَالِس أَمَالِيهِ فِي أول سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَكَانَ بِحَضْرَة الهيثمي ثمَّ عَن وَلَده الْوَلِيّ أبي زرْعَة، وَحج مَعَ أَبِيه صَغِيرا ولازم مطالعة الرَّوْضَة فَكَانَ يستحضر أَكْثَرهَا مَعَ استحضار الْحَاوِي وَكتب بِخَطِّهِ الْحسن أَشْيَاء، وناب فِي الْقَضَاء بِبَلَدِهِ عَن التقى الزبيرِي قبل الْقرن وَاسْتمرّ يَنُوب لمن بعده بل اقْتصر القاياتي أَيَّام قَضَائِهِ عَلَيْهِ فِي)
الشرقية جَمِيعهَا إجلالاله ودرس الْمِنْهَاج وَالْحَاوِي وَغَيرهمَا وَأفْتى وَصَارَ الْمعول عَلَيْهِ. وَكَانَ اماما عَالما فَقِيها غَايَة فِي التَّوَاضُع وَطرح التَّكَلُّف أجازلي. وَمَات بعد بِيَسِير فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَخمسين وَلم يخلف فِي الشرقية مثله رَحمَه الله وإيانا.
83 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى بن عكاش الْمَكِّيّ الشهير بهبيهب. / شيخ المقرئين بالمحافل فِي الْمَسْجِد والمعلاة وَغَيرهمَا. مَاتَ بهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشر شعْبَان سنة أَربع وَسبعين.
أرخه ابْن فَهد.
84 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْفضل. / اثْنَان الشّرف أَبُو الْقسم والكمال أَبُو الْفضل النويريان المكيان الخطيبان بهَا. يَأْتِي كل مِنْهُمَا قَرِيبا.
85 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن قَاسم بن أَحْمد بن الشَّيْخ قَاسم بن حرز الله أَبُو نَاصِر الدّين بن الشَّمْس السنهوري وَيعرف بالضعيف. / كَانَ أحد خلفاء الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن هرون. مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي الْمحرم سنة احدى وَسِتِّينَ. أرخه الْمُنِير.
85 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن يُوسُف أَبُو عبد الله السلاوي المغربي الْمَالِكِي. /
ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: ولد سنة أَربع عشرَة وَسَبْعمائة وَسمع بتونس من الْوَادي آشي الْمُوَطَّأ وَغَيره ثمَّ حج فَسمع من الزبير بن عَليّ الأسواني بِالْمَدِينَةِ وبحلب من مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن صلح العجمي واشتغل بِالْعلمِ وسلك طَرِيق التقشف، وَكَانَت لَهُ مهابة اجْتمعت بِهِ قبل طلبي للْحَدِيث وَأخذت من فَوَائده وآدابه. وَمَات باسكندرية فِي ثَالِث رَجَب سنة ثَلَاث، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه أنْشدهُ يحثه على الْعُزْلَة:
(قَالَت الأرنب السبوق كلَاما ... فِيهِ ذكرى ليفهم الْأَلْبَاب)
(أَنا أجري من الْكلاب وَلَكِن ... خير يومي أَن لَا تراني الْكلاب)
86 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْقسم بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس المراغي ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي. / ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أحد الْفُضَلَاء فِي الْفِقْه(9/29)
والفرائض والعربية والتاريخ مَعَ الْمعرفَة التَّامَّة بِأُمُور الدُّنْيَا اجْتمعت بِهِ مرَارًا قبل طلب الحَدِيث وَسمعت من فَوَائده وَكَانَ يذكر أَنه سمع من ابْن سيد النَّاس والطبقة. مَاتَ فِي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى عشرَة وَأَظنهُ قَارب الثَّمَانِينَ بل جازها. وَخلف كتبا كَثِيرَة جدا تلف أَكْثَرهَا بالأرضة وَغَيرهَا، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى المراغة من عمل اخميم وجده الْأَعْلَى أَبُو الْقسم كَانَ مَشْهُورا بالصلاح وَله زَاوِيَة هُنَاكَ)
وَأَتْبَاع ويلقب وقار الدّين.
87 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْبَدْر بن الْجلَال الْمحلي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَعَمه. ولد فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن واشتغل عِنْد يحيى الدماطي فِي الْفِقْه وَأخذ النَّحْو عَن أبي الْخَيْر الْفراء الْحَنَفِيّ وجود الْخط على عَمه الْكَمَال وَكتب بِهِ قَلِيلا، وَحج غير مرّة وجاور وشارك فِي الْفَضَائِل وتكسب فِي الْبَز مَعَ خير وديانة وتعفف وتقنع.
88 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن رضوَان بن عبد الْمُنعم بن عمرَان فتح الدّين بن الشَّمْس الْأنْصَارِيّ السفطي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الآثاري / الْمَاضِي أَبوهُ. اسْتَقر بعده فِي مشيخة الْآثَار ففاقه فِي التَّرَدُّد إِلَى الأكابر والألحاح وَلم يشابهه فِي الأشتغال وَالْفضل مَعَ أَنه نَاب فِي الْقَضَاء وَلكنه لم يمتع فَإِنَّهُ لم يلبث أَن مَاتَ فِي رَجَب سنة سبعين بعد أَن عزل من المشيخة لتعدية وتفريطه فِي بعض الْآثَار بل رام التَّغْيِير فِي كتاب الْوَقْف فقبحه الْعِزّ قَاضِي الْحَنَابِلَة وبادر إِلَى صرفه وَتَقْرِير الولوي البارنباري عوضه وَحمد صَنِيعه عَفا الله عَنهُ.
89 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن أَبوهُ الْفَوْز بن الشَّمْس ابْن الولوي الْمحلي / سبط الشَّيْخ مُحَمَّد الغمرى والماضي أَبوهُ وجده. قَرَأَ الْقُرْآن وخطب بِجَامِع جده لِأَبِيهِ فِي الْمحلة وَسمع مني وَمن غَيْرِي، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة باعتناء أَبِيه وَلم أرخاله يُرْضِي أمره.
90 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم بن عبد الرَّحْمَن الْمَشْهُور بالشهيد الْخَطِيب الشّرف أَبُو الْقسم بن الْكَمَال أبي الْفضل بن الْمُحب أبي البركات بن الْكَمَال أبي الْفضل بن الشهَاب الْقرشِي الْهَاشِمِي الْعقيلِيّ النويري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد الْمُحب أَحْمد الْمَاضِي وَهُوَ بكنيته أشهر. / وَأمه أم الْحُسَيْن ابْنة القَاضِي عَليّ النويري. ولد فِي خَامِس عشري ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وجوده وَالْأَرْبَعِينَ والمنهاج كِلَاهُمَا للنووي وَالْبَعْض من كل من الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ والشاطبية وألفية النَّحْو،(9/30)
وَعرض على ابْن الْجَزرِي وَالْجمال الشيبي وَأبي شعر وَالْعلم الاخنائي فِي آخَرين وَأخذ فِي الْفِقْه يَسِيرا عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن الْجمال الْمصْرِيّ وَغَيرهمَا وأحضر فِي الأولى على الزين المراغي وَسمع على الشمسين الْبرمَاوِيّ وَابْن الْجَزرِي والشيبي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والمقريزي وَطَائِفَة، وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَعبد الْقَادِر الارموي وَعبد الرَّحْمَن بن طولوبغا)
وَالشَّمْس بن الْمُحب وَالْجمال بن الشرائحي والشهاب بن حجي وَأَخُوهُ النَّجْم والشهاب الحسباني والشرف بن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ والكمال بن خير والتاج بن التنسي وَخلق. وَدخل مصر غير مرّة أَولهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسمع من شَيخنَا وَغَيره، وجاور بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وقتا وَولي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام الْمَكِّيّ شركَة لِأَخِيهِ وصرفا عَنهُ غير مرّة، ولقيته بِالْقَاهِرَةِ وَمَكَّة كثيرا وَسمعت خطبَته مرَارًا وَكَانَ بليغا فِي أَدَائِهَا، وَأَجَازَ لبَعض أَوْلَادِي، وَكَانَ متواضعا خيرا متوددا خاضعا للصلحاء وَأهل الْخَيْر مديما للتلاوة خُصُوصا بعد ذهَاب بَصَره فَإِنَّهُ أضرّ قبيل الْخمسين بعد أَن كَانَ فِي الأَصْل أعشى وَحسن لَهُ الْقدح فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَأجَاب فَمَا أَفَادَ بل اسْتمرّ على ذَلِك حَتَّى مَاتَ بعد أَن فجع بأَخيه وَظهر مزِيد جزعه عَلَيْهِ بعد أَن تعلل مُدَّة فِي لَيْلَة الْخَمِيس سلخ شعْبَان سنة خمس وَسبعين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة عوضه الله الْجنَّة وإيانا.
91 - مُحَمَّد أَبُو الْفَتْح النويري / شَقِيق الَّذِي قبله بيض لَهُ ابْن فَهد وَكَأَنَّهُ مَاتَ صَغِيرا.
92 - مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو الْفضل الْخَطِيب / شَقِيق اللَّذين قبله وَالْأول أكبر وَهَذَا أشهر وَهُوَ أَيْضا بكنيته أعرف. مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ حمل فولد بعد مَوته بثمان أَيَّام وَذَلِكَ فِي لَيْلَة خَامِس ربيع الآخر سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فِي كَفَالَة أَخِيه الْأَكْبَر فحفظ الْقُرْآن وَقَالَ انه تلاه لأبي عمر وعَلى مُوسَى المغراوي والمنهاج وَغَيره، وَعرض على جمَاعَة وَبحث بِمَكَّة فِي النَّحْو وَالْأُصُول على الْجمال بن أبي يزِيد المشهدي السَّمرقَنْدِي الْحَنَفِيّ وَالْجمال والبرهان البنكاليين والهنديين وَسمع مجَالِس من وعظ أبي شعر الْحَنْبَلِيّ وَكَذَا سمع على أبي الْمَعَالِي الصَّالِحِي وَأبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة تسع وَعشْرين التدمري والقباني والنجم بن حجي وَابْن نَاظر الصاحبة والتاج بن بردس وَأَخُوهُ الْعَلَاء والكلوتاتي وَالشَّمْس الشَّامي وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي وَعَائِشَة ابْنة الْعَلَاء الْحَنْبَلِيّ وَطَائِفَة وارتحل بِهِ أَخُوهُ إِلَى الْقَاهِرَة سنة ارْبَعْ وَأَرْبَعين ثمَّ رَحل هُوَ بِنَفسِهِ للطلب فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين أَو الَّتِي قبلهَا فَأخذ الْفِقْه ارباعا على شَيخنَا والقاياتي والنائي وَغَيرهم وَعَن الآخرين أَخذ فِي النَّحْو وَعَن أَوَّلهمْ أَخذ فِي الحَدِيث وَأخذ أصُول الدّين عَن السَّيِّد فَخر الدّين الشِّيرَازِيّ(9/31)
نزيل الاقبغاوية وَسمع من شَيخنَا والعز الْحَنْبَلِيّ وَالشَّمْس مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر المنوفي نزيل القرافة بِالْقربِ من جَامع مَحْمُود وبالمدينة النَّبَوِيَّة من الْمُحب المطري والشهاب الْجريرِي وَغَيرهمَا ولازم بلدية)
أَبَا الْقسم النويري الْمَالِكِي فِي أصُول الْفِقْه والنحو وَالصرْف والمنطق حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ بل كَانَ يمرنه فِي دروسه الْفِقْهِيَّة قبل قِرَاءَته لَهَا على شُيُوخه وَمر وَهُوَ فِي بَلَده مَعَ أبي الْعَبَّاس الْوَاعِظ على المنسك الْكَبِير لِابْنِ جمَاعَة وَمَعَ السراج عمر البلبيسي على شَرحه للورقات فِي آخَرين كالعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والكمال بن الْهمام وَسَلام الله والنور البوشي الخانكي بِبَلَدِهِ وَغَيرهَا، وَمَا أَكثر من الطّلب لكنه كَانَ غَايَة فِي الذكاء مَعَ قُوَّة الحافظة وَأذن لَهُ فِي التدريس والافتاء وَصَحب الشَّيْخ مَدين وَغَيره من الأكابر كالسيدين صفي الدّين وعفيف الدّين الايجبيين بل صاهره ثانيمها على أُخْته وَلما مَاتَ وَالِده اسْتَقَرَّتْ الخطابة باسم ولديه وناب عَنْهُمَا فِيهَا قريبهما أَبُو الْيمن النويري ثمَّ انتزع حِصَّة صَاحب التَّرْجَمَة خَاصَّة فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فَلَمَّا قدم الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَهِي القدمة الثَّالِثَة أَكثر التَّرَدُّد للكمال بن الْبَارِزِيّ وللبدر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ وَله فِي تَقْدِيمه الْيَد الْبَيْضَاء وللامير دولات باي المؤيدي وَغَيرهم من الاكابر فأعيد إِلَى مَا كَانَ مَعَه من الخطابة وَرجع صُحْبَة الْكَمَال فِي سنة خمسين فباشرها بفصاحة وَقُوَّة جنان وَأَحْيَا سنة شريفة كَانَت قد اميتت من بعد الشهَاب بن ظهيرة فَإِنَّهُ خطب بِمَسْجِد الْخيف من منى يَوْم النَّحْر وَيَوْم النَّفر الأول ثمَّ انتزع الخطابة كلهَا قريبهما أَيْضا ذِي الْقعدَة من الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ أُعِيد إِلَيْهَا فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وخطب صَاحب لترجمة أَيْضا بمنى يَوْم النَّحْر وَيَوْم النَّفر الأول ثمَّ انفصلا عَنْهَا فِي شعْبَان سنة خمس وَخمسين بالبرهاني بن ظهيرة ثمَّ أعيدا فِي سنة سبع وَخمسين ثمَّ انفصلا فِي صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ بِهِ أَيْضا شَرِيكا لِأَخِيهِ الْكَمَال أبي البركات ثمَّ أعيدا إِلَيْهَا فِي صفر سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَلم يلبثا ان عزلا فِي ربيع الأول مِنْهَا البرهاني أَيْضا شركَة لِأَخِيهِ الْفَخر ثمَّ أعيدا إِلَيْهَا فِي شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ واستمرا حَتَّى مَاتَا وَكَذَا كَانَ مَعَه بِمَكَّة تدريس الْأَفْضَلِيَّة كل ذَلِك مَعَ مَا ترَتّب لَهُ من المرتبات الَّتِي تساق إِلَيْهِ وَمَا يصل إِلَيْهِ من المبرات والانعامات لمزيد حَظه فِي ذَلِك بِحَيْثُ ابتنى بِمَكَّة دَارا وزاوية بجانبها وحفر بِئْرا وَغير ذَلِك، وَجَرت بَينه وَبَين البرهاني بن ظهيرة خطوب وحوادث طَوِيلَة أَشرت لبعضها فِي غير هَذَا الْموضع بل انثنى عَنهُ صَاحب الْحجاز بِحَيْثُ كَانَ يتخيل من الأقامة مَعَه هُنَاكَ وَلزِمَ من ذَلِك استيطانه الْقَاهِرَة وتعب كل من الْفَرِيقَيْنِ أما أُولَئِكَ فلكثرة كفلهم فِي ابعاده وَعدم تمكنه(9/32)
وَأما هَذَا فلمفارقته وَطنه وَلَكِن كَانَ بِالْقَاهِرَةِ على هَيْئَة جميلَة إِلَى الْغَايَة رتب لَهُ على الذَّخِيرَة كل يَوْم دِينَار سوى مَا يصله من الْأُمَرَاء)
كالخمسمائة دِينَار دفْعَة بل الْألف فضلا عَن دون ذَلِك خُصُوصا الْأَمِير جانم الاشرفي فَإِنَّهُ كَانَ فِي قَبْضَة يَده حَتَّى أَنه سَافر الشَّام حِين كَانَ نائبها فأنعم عَلَيْهِ بِمَا يفوق الْوَصْف وَأَنْشَأَ برسمه الْأَمِير أزبك الظَّاهِرِيّ خلْوَة هائلة بسطح جَامع الْأَزْهَر ورام بعض المجاورين الْمُعَارضَة فِيهَا لما حصل من التَّعَدِّي فماتم وَلَكِن قد أزيلت بعد ذَلِك، وَكثر تردد غير وَاحِد من مقدمي الألوف فَمن دونهم من الْأُمَرَاء والخدم سِيمَا مقدم المماليك مِثْقَال بل وَسَائِر النَّاس من كبار المباشرين وَالْأَئِمَّة من الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء والفضلاء والصوفية إِلَى بَابه وَهُوَ لَا يَنْفَكّ عَن وَضعه بَين يَدي كل مِنْهُم مَا يَلِيق بِهِ من أكل وحلوى وَنَحْو ذَلِك وَلم يكن صَنِيعه هَذَا مُخْتَصًّا بِالْقَاهِرَةِ بل كَذَا فِي غَيرهَا كمكة حَتَّى أَنه أضَاف بهَا الْأَمِير تمربغا الظَّاهِرِيّ حِين كَانَ مُقيما هُنَاكَ بنواحي منى فتكلف على ذَلِك وتوابعه فِيمَا بَلغنِي مَا أهاب النُّطْق بِهِ وَزَاد فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ حَسْبَمَا كَانَ الْأَمِير يذكرهُ ويعترف من أَجله بالتقصير فِي حَقه، وَكَذَا كَانَ ابْن الْهمام يذكر مزِيد خدمته لَهُ، إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا ينْحَصر وَعقد مجْلِس الْوَعْظ ببلدة ثمَّ بِجَامِع الْأَزْهَر فأدهش الْعَامَّة بِكَثْرَة محفوظه وطلاقته وفصاحته غير أَنه لم يكن يتحَرَّى فِي عزو الْمَنْقُول وَرُبمَا خَاضَ الْأَعْدَاء فِي ذَلِك وتعدوا إِلَى عدم الضَّبْط مُطلقًا وَكَانَ الْكِبَار يحْضرُون عِنْده فِيهِ، وَكَذَا عقد مَجْلِسا للتذكير بمنزله فِي كل لَيْلَة ثلاثاء وَكثر اجْتِمَاع الغوغاء فَمن فَوْقهم فِيهِ وَكنت مِمَّن حضر عِنْده فِي كليهمَا وَكَذَا حضرت عِنْده فِي غَيرهمَا وَكَانَ يظْهر من التودد لي مَالا أنهض لضبطه بل وأستحى من مبالغته معي فِي مزِيد التَّوَاضُع لكَونه لم يكن يتحاشى عَن تَقْبِيل الْيَد فِي الْمَلأ، هَذَا مَعَ مزِيد شهامته وارتفاع مكانته وجلالته غير أَن ذَلِك كَانَ دأبه وديدنه مَعَ الْعلمَاء والفضلاء وَالصَّالِحِينَ وَرُبمَا أفرط بِهِ مزِيد الأعتقاد إِلَى غَايَة لم أكن أرضاها لَهُ، وَكَانَ يقدمني فِي الحَدِيث على غَيْرِي وَحصل جملَة من تصانيفي وَقَرَأَ بَعْضهَا من لَفظه بحضرتي ويراسلني بِخَطِّهِ بالأسئلة عَن كل مَا يشكل عَلَيْهِ وَيحلف أنني عِنْده فِي الْمحبَّة كاخيه أبي الْقسم وانه لَا يحبك الا مُؤمن وَلَا يغضبك إِلَّا مُنَافِق إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يَكْتَفِي مِنْهُ بِبَعْضِه جوزي خيرا، واقتنى من نفائس الْكتب ونفيس الثِّيَاب والاثاث شَيْئا كثيرا وَتزَوج ابْنة ابْن الخازن فَكَانَت تبالغ فِي التأنق لَهُ فِي اصطناع الْأَطْعِمَة وَنَحْوهَا لمن يرد عَلَيْهِ وقطعها أوقاتا طيبَة يغبط بهَا، وزار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَكَذَا وَدخل الشَّام وَغَيرهَا وَمَا حل بِبَلَد إِلَّا وعظمه أَهلهَا، وَحدث وَوعظ ودرس وَأفْتى وَجمع مجَالِس(9/33)
تكلم فِيهَا على بعض أَحَادِيث من البُخَارِيّ أَطَالَ فِيهَا النَّفس بل)
كَانَ يذكر أَنه كتب عَلَيْهِ شرحا وَكَذَا جمع خطبا وكراسة فِي بعض الْحَوَادِث قرضها لَهُ الْأمين الأقصرائي والزين قَاسم الحنفين وَغَيرهمَا وَكتب عَنهُ البقاعي مَا قَالَ انه من نظمه فِي الشَّمَائِل النَّبَوِيَّة لصهره السَّيِّد عفيف الدّين وَهُوَ:
(أبدى الشريف الالمعي عجائبا ... عَنْهَا تقصر سَائِر الافهام)
(وأجاد صنعا فِي شمائل جده ... فَالله يبقيه مدى الْأَيَّام)
بل حكى عَنهُ من نظمه وعجائبه غير ذَلِك ومدحه قَدِيما بقوله:
(إِلَى الْمَاجِد الحبر الْجواد مُحَمَّد ... أبي الْفضل جَوَاز الثنا ابْن أبي الْفضل)
(رَئِيس ترقي ذرْوَة الْمجد أمردا ... فَلَيْسَ لَهُ فِي بطن مَكَّة من شكل)
ثمَّ نافره بعد ذَلِك وَقَالَ مَعَ قَوْله أَنه شَاب حسن المنظر مَقْبُول الشكل من بَيت أصل وعراقة وَعلم وشهامة وَدين وشجاعة لكَونه قدم عَلَيْهِ فِي جَنَازَة: ان عِنْده من التوغل فِي حب الرياسة والرقاعة على شدَّة الْفقر مَا يحوجه إِلَى المجازفة والتشبع بمالم يُعْط فشاع كذبه حَتَّى صَار لَا يوثق بقوله وَكَذَا قَالَ انه شمخ وتكبر وَزَاد فِي التعاظم مضموما إِلَى الْكَذِب فمقته غَالب النَّاس وان أَبَا الْقسم النويري أفسد طباعه وانه كَانَت لَهُ حظوة عِنْد الأكابر وَالسُّلْطَان وَقرر فِي وظائف وَزعم أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فِي ايساغوجي، وَفِي كَلَامه مجازفات كَثِيرَة نسْأَل الله كلمة الْحق فِي السخط وَالرِّضَا. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ اماما وافر الذكاء وَاسع الدائرة فِي الْحِفْظ حسن الْخط فصيحا طلق اللِّسَان بهجا وجيها عِنْد الْخَاصَّة والعامة متواضعا مَعَ الشهامة كَرِيمًا إِلَى الْغَايَة مقتدرا على استجلاب الخواطر والتحبب إِلَى النَّاس على اخْتِلَاف مَرَاتِبهمْ باذلا جاهه مَعَ من يَقْصِدهُ غير باخل بتربية أَصْحَابه خُصُوصا الْفُضَلَاء عَظِيم التنويه بذكرهم حَسَنَة من محَاسِن الدَّهْر وَقل أَن ترى الاعين فِي مَجْمُوعه مثله وَلَكِن الْكَمَال الله، وَقد عرض عَلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالديار المصرية فأبي وَكَانَ أمره فِيهَا فَوق ذَلِك وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس الشَّافِعِيَّة بعد ابْن الملقن مسئولا فِيهِ ثمَّ عرض نزاع فِيهِ فَأَعْرض عَنهُ. وَلم يزل فِي ارْتِفَاع حَتَّى مَاتَ مبطونا مطعونا غَرِيبا لم يغب ذهنه بل يُقَال أَنه اسْتمرّ يلْحق فِي وَصيته إِلَى وَقت صعُود روحه فِي ضحى يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشري رَمَضَان ثَلَاث وَسبعين، وَكنت عِنْده أول النَّهَار لعيادته، وَبلغ السُّلْطَان شدَّة توعكه فهم لعيادته بعد أَن أعلم بِضيق درب الاتراك مَحل سكنه وَمَا انثنى عزمه عَن ذَلِك بل أرسل خواصه بَين يَدَيْهِ فَوجدَ قدمات فَرجع وأعلمه فتألم وَنزل)
إِلَى سَبِيل المؤمنى فانتظر حَتَّى(9/34)
شهد الصَّلَاة عَلَيْهِ وَمَعَهُ الْقَضَاء والخلق تقدمهم الشَّافِعِي وَأَشَارَ بدفنه فِي قبَّة الإِمَام الشَّافِعِي وَيُقَال ان ذَلِك كَانَ بِوَصِيَّة مِنْهُ فَرَاجعه الزيني بن مزهر وتلطف بِهِ حَتَّى بَطل بعد أَن كَانَ حفر لَهُ دَاخل الْقبَّة من جِهَة رَأس الإِمَام وَأنكر النَّاس هَذَا الصَّنِيع وَمَا كَانَ قَصده قيمًا أَرْجُو إِلَّا صَالحا فقد سمعته غير مرّة يَقُول: أَنا سمي الإِمَام وبلديه وَابْن عَمه ومقلده ومحبه وخادمه وغريب وَهُوَ لَا يَأْبَى أَن أكون تَحت قَدَمَيْهِ، وَلَكِن لم أفهم مِنْهُ دَاخل الْقبَّة بل أَظن ذَلِك من تَحْرِيف السَّاعِي فِيهِ وَحِينَئِذٍ توجه الأنكار وخشى الْمعَارض من التطرق لذَلِك وَرُبمَا تصير الْبقْعَة ممتهنة يتَطَرَّق غَيره لَهَا والأعمال بِالنِّيَّاتِ وَآل الامر إِلَى أَن دفن بجوار قبر وَلَده المتوفي قبله بأيام بالتنكزية مَحل دفن الونائي بالقرافة، وَاجْتمعَ فِي جنَازَته وَحين دَفنه من لايحصى رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.
93 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْمُحب أَحْمد بن عبد الله الشّرف أَو الْمُحب أَبُو بكر بن الزين بن الزين بن جمال الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ / الْمَاضِي أَبوهُ، وَأمه أم كُلْثُوم ابْنة الْخَطِيب عبد الله بن التَّاج عَليّ الطَّبَرِيّ. ولد فِي سنة سبعين وَسَبْعمائة وَحضر عِنْد ابْن حبيب وَالْجمال بن عبد الْمُعْطِي وَأَجَازَ لَهُ الْعَفِيف النشاوري وَغَيره، وَكَانَ حَيا سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَظنهُ وَسَبْعمائة وَيكون مَاتَ طفْلا أَو فَوق ذَلِك إِن مَاتَ فِي بَقِيَّة ذَاك الْقرن فَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَعَلَّهُ من شرطنا.
94 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْبَدْر الدِّمَشْقِي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط الْجمال عبد الله المارداني، أمه فَاطِمَة وَيعرف بالمارديني. / ولد فِي لَيْلَة رَابِع عشر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على النُّور إِمَام الْأَزْهَر بل تلاه عَلَيْهِ بِبَعْض الرِّوَايَات وألفية النَّحْو وَبَعض الْمِنْهَاج وَأخذ عَن ابْن المجدي الْفَرَائِض والحساب والميقات ولازم دروسه وَكَذَا لَازم الْعَلَاء القلقشندي فِي الْفَرَائِض وَالْفِقْه وَمِمَّا أَخذه عَنهُ الْفُصُول لِابْنِ الهائم وتقسيم الْحَاوِي وبهجته والمنهاج والمهذب بل وَقَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا وَحضر أَيْضا دروس القاياتي والبوتيجي والمحلي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والشرواني والخواص وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة على الْكَرِيم العقبي، وَسمع على شَيخنَا والصالحي والرشيدي وَغَيرهم بِالْقَاهِرَةِ وَأبي الْفَتْح المراغي بِمَكَّة وشمس الدّين بن الْفَقِيه حسن دمياط فِي آخَرين وَكَانَ أول اشْتِغَاله فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ، وَحج غير مرّة وجاور فِي الرحبية المزهرية وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة أَيْضا مِنْهَا فِي سنة تسعين مَعَ(9/35)
أبي الْبَقَاء بن الجيعان)
وَدخل الشَّام مرَّتَيْنِ وحماة فَمَا دونهَا وتميز فِي الْفُنُون وَعرف بالذكاء مَعَ حسن الْعشْرَة والتواضع وَالرَّغْبَة فِي الممازحة والنكتة والنادرة وامتهان نَفسه وَترك التأنق فِي أمره وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة فتصدى للأقراء وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء فِي الْفَرَائِض والحساب والميقات والعربية وَنَحْوهَا. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ النَّجْم بن حجي وَصَارَ بِأخرَة فريدا فِي فنون وباشر الرياسة فِي أَمَاكِن بل تصدر بِجَامِع طولون برغبة نور الدّين بن النقاش لَهُ عَنهُ وَعمل فِيهِ اجلاسا فِي صفر سنة تسع وَسبعين، وَكتب فِي الْمِيقَات مُقَدمَات جمة تزيد كَمَا أَخْبرنِي على مِائَتَيْنِ مِنْهَا المنصورية كَأَنَّهُ عَملهَا لجَماعَة المنصورية والسرالمودوع فِي الْعَمَل بِالربعِ الْمَقْطُوع وَعمل متْنا فِي الْفَرَائِض سَمَّاهُ كشف الغوامض وَاخْتَصَرَهُ فِي نَحْو نصف حجمه بل وَشَرحه وَشرح فِيهِ كلا من تصانيف أَرْبَعَة لِابْنِ الهائم الْفُصُول والتحفة القدسية وَالْمقنع وَسَماهُ القَوْل الْمُبْدع والألفية الْمُسَمَّاة كِفَايَة الْحفاظ مَعَ توضيح للإلفية أَيْضا وَكَذَا شرح الجعبرية والرحبية والاشنهية وَلكنه لم يكمل ومنظومة الْمُوفق الْحَنْبَلِيّ والحوفي ورتب مَجْمُوع الكلائي مَعَ اختصاره والاتيان فِيهِ بزوائد مهمة، وَله فِي الْحساب مُقَدّمَة سَمَّاهَا تحفة الأحباب فِي الْحساب المفتوح واختصرها وَشرح فِيهِ من تصانيف ابْن الهائم الْحَاوِي واللمع وَفِي الْجَبْر والمقابلة ثَلَاثَة شُرُوح على الياسمينية وَشرح فِي النَّحْو الشذور والقطر والتوضيح وَلكنه لم يكمل وجرد شرح شواهده من شَوَاهِد الْعَيْنِيّ إِلَى غير ذَلِك من الْمُهِمَّات، وَنَازع فِي مسئلة الْجَهْر بالتسميع وَخَالف فِي ذَلِك الزين زَكَرِيَّا وتنافس مَعَه بِسَبَبِهَا وَكَذَا انتقده فِي شَرحه للفصول وَنَازع ابْن السَّيِّد عفيف الدّين فِي دَعْوَاهُ تَقْدِيم أَذَان الْمغرب قبل تمكن الْغُرُوب وكلم الْمُحْتَسب بِكَلِمَات مُنَاسبَة كَمَا أَنه دَار بَينه وَبَين ابْن عَاشر شيخ التربة الأشرفية قايتباي مناقشات وباسمه بعض وظائف الجنابلة. وَبِالْجُمْلَةِ ففضيلته منتشرة ومحاسنه مقررة وَلكنه لم ينصف فِي تَقْرِير رشيئ يُنَاسِبه كَمَا هُوَ الْغَالِب فِي الْمُسْتَحقّين.
95 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الفِهري الشاطبي المربي أَو الْمَرْوِيّ / نِسْبَة للمرية من بِلَاد الأندلس وَيعرف بالشاطبي. ولد فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بالمرية وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلابه لنافع عَليّ مُحَمَّد الروطي بعد أَن جوده على أَبِيه ومعظم الْمُخْتَصر وَجَمِيع رجز ابْن عَاصِم فِي الْعَرَبيَّة واشتغل فيهمَا عِنْد عبد الله الزليحي وَمُحَمّد بن معوذ وعنهما أَخذ الْفَرَائِض فِي الْحساب وَالْعرُوض. وسافر من الأندلس لبَعض ضروراته)
ولازال حَتَّى دخل مصر فِي أول سنة خمس وَتِسْعين فَنزل بتربة السُّلْطَان وَحضر إِلَيّ فِي أثْنَاء ربيع الآخر مِنْهَا فَسمع مني المسلسل وأنشدني قَوْله:(9/36)
(يَا نفس لَا جزعا بذا انْقَضى الزَّمن ... مَسَرَّة سَاعَة وَسَاعَة حزن)
(وَتارَة عسرة من بعد ميسرَة ... وَتارَة صِحَة من بعْدهَا وَهن)
(وأمس تمسي لَدَى أهل وَفِي وَطن ... وَالْيَوْم تصبح لَا أهل وَلَا وَطن)
(بيناك فِي عزة وَأَنت مُحْتَرم ... أَصبَحت فِي ذلة وَأَنت ممتهن)
(بيناك فَوق الثريا رفْعَة وَعلا ... أَصبَحت تَحت الثرى وخفضك الْكَفَن)
(أَعمار أَوْلَاد آدم بذا ظعنت ... وَلَيْسَ الا بِهِ للغابر الظعن)
(كم أُسْوَة فيهم لعاقل فطن ... لَكِن فديتك أَيْن الْعَاقِل الْقطن)
96 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هبة الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابْن أبي الْفَضَائِل عُثْمَان بن أبي الْحسن عَليّ بن يُوسُف الشّرف بن الشَّمْس الأسيوطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالأسيوطي وَأَبوهُ بخادم أكمل الدّين / وَكَانَ صوفيا بالشيخونية. ولد فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَسمع عَليّ التنوخي وَابْن أبي الْمجد وَابْن الشيخة والعراقي والهيثمي وَالْفَخْر عُثْمَان الشيشيني وَالشَّمْس بن الحكار والنجم البالسي والبرشنسي وناصر الدّين بن الْفُرَات ووحيد الدّين حفيد أبي حَيَّان وَآخَرين، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ فَاضلا خيرا متعففا يتكسب من طبخ السكر وَنَحْوه ويعتكف بالأزهر فِي رَمَضَان مَعَ شكله وتأنقه جاور بِمَكَّة كثيرا وَكَانَ يَوْم قضاءها وَيكثر من ثلب قاضيها أبي السعادات لذَلِك. وَمَات فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشري شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
97 - مُحَمَّد الْفَخر الأسيوطي / أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ أَو أَوَائِل سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَرَأَيْت وَصفه بالخامسة فِي صفر سنة سبع وَتِسْعين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَعرض على جمَاعَة وأحضر عَليّ الزين ابْن الشيخة وَغَيره وَسمع عَليّ التنوخي وَابْن أبي الْمجد والابناسي والعراقي والهيثمي والتقي والنجم الدجويين وَسعد الدّين القمني والحلاوي والسويداوي والتاج أبي الْعَبَّاس بن الظريف وَالْجمال والزين الرشيديين وَالْفَخْر عُثْمَان الشيشني والنجم البالسي وناصر الدّين بن الْفُرَات والشهاب بن الناصح وَالشَّمْس بن الحكار وَأبي حَيَّان حفيد أبي حَيَّان والفرسيسي فِي آخَرين، واشتغل يَسِيرا وَحضر دروس الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والعز)
البُلْقِينِيّ وَغَيرهمَا وأجلس مَعَ الْعُدُول بمراكز مُتعَدِّدَة إِلَى أَن مهر فِي التوثيق ودرب كثيرا من أَحْكَام الْقُضَاة بالممارسة وانطبع فِي ذَلِك، وناب عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين بِبَعْض أَعمال الجيزة ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن شَيخنَا فَمن بعده وَلكنه لم يرج إِلَّا فِي أَيَّام شَيخنَا بِسَبَب انتمائه لوَلَده بِحَيْثُ جلس(9/37)
عِنْده للشَّهَادَة يَسِيرا شَيخنَا ابْن خضر ثمَّ ترك والبقاعي، وَبَالغ الْفَخر فِي الاحسان إِلَيْهِ واشباع جوعته وَأَسْكَنَهُ تَحت نظره مُدَّة، وَقَرَأَ عَلَيْهِ البقاعي ثمَّ نافره جَريا على عَادَته، وَقد حج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا بعض سنة وَحدث بِأَكْثَرَ مروياته سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، حملت عَنهُ أَشْيَاء. وَكَانَ مقداما عالي الهمة شَدِيد العصبية متوددا لأَصْحَابه كثير الموافاة لَهُم مَذْكُورا بالمجازفة وَعدم التَّحَرِّي. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبعين وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع الْأَزْهَر فِي مشْهد حافل وَدفن ظَاهر بَاب المحروق عَفا الله عَنهُ.
98 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عِيسَى بن بدران بن رَحْمَة الْبَهَاء ابْن الْعلم بن الْكَمَال بن القَاضِي الشَّافِعِي بِدِمَشْق الْعلم أخي قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِمصْر التقي السَّعْدِيّ الاخنائي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الاخنائي. / حفظ مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وَأخذ الْفِقْه عَن الْجمال الاقفهمي والبساطي وَفِي القراآت عَن الشَّمْس الشراريبي وَسمع على الزين الْعِرَاقِيّ ولازم أَمَالِيهِ وَكَانَ يحفظ من أناشيده فِيهَا. وناب فِي الْقَضَاء دهرا وَهُوَ الْحَاكِم بقتل بخشيباي الاشرفي حدا كَمَا أرخه شَيخنَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين، وَكَانَ حَافِظًا لكثير من فروع مذْهبه مُتَقَدما فِي قَضَائِهِ من بَيت جلالة وشهرة عرضت عَلَيْهِ بعض المحفوظات. وَمَات فِي شعْبَان سنة سِتّ وَخمسين عَن أَزِيد من ثَمَانِينَ سنة وَدفن بتربة جوشن رَحمَه الله وإيانا.
99 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بل أَحْمد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن حُسَيْن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ القطب أَبُو بكر بن الْكَمَال أبي البركات الْقُسْطَلَانِيّ الاصل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وقريبه الْكَمَال أَبُو البركات مُحَمَّد بن الْجمال أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن وَيعرف كسلفه بِابْن الزين. أجَاز لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة جمَاعَة وَسمع فِي الَّتِي تَلِيهَا من مُحَمَّد بن عَليّ الزمزمي.
100 - مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو الْفضل أَخُو الَّذِي قبله ووالد الْفَخر أبي بكر. / ولد فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَأمه سِتّ الْكل سعيدة ابْنة عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر الفاكهي وَسمع من خَال والدته الْجمال المرشدي وَأبي الْفَتْح المراغي وَغَيرهمَا، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ أَيْضا)
جمَاعَة. وَمَات بِالْهَدةِ هدة بني جَابر من أَعمال مَكَّة فِي يَوْم السبت سادس عشر شعْبَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَحمل إِلَيْهَا فوصلوا بِهِ تَسْبِيح لَيْلَة الْأَحَد فَجهز ثمَّ صلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة عِنْد سلفه على شقيقه أبي السُّعُود بعد أَن رام ابناه دَفنه على أَبِيه فَأبى أَخُوهُ(9/38)
عَمهمَا الْأمين الْآتِي قَرِيبا. وَخلف ثَلَاثَة أَوْلَاد ذُكُور وثمان بَنَات رَحمَه الله.
101 - مُحَمَّد أَبُو المكارم / شَقِيق الَّذِي قبله. أجَاز لَهُ أَيْضا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ جمَاعَة. وَمَات بِمَكَّة فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَن نَحْو سنتَيْن.
102 - مُحَمَّد أَبُو السرُور / شَقِيق اللَّذين قبله. بيض لَهُ ابْن فَهد بل ذكر أَنه ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بمنى. وَمَات بِمَكَّة فِي الَّتِي تَلِيهَا.
103 - مُحَمَّد أَبُو السُّعُود / شَقِيق الثَّلَاثَة قبله. سمع أَبَا الْفَتْح المراغي وَأَجَازَ لَهُ ابْن الاميوطي وَأَبُو جَعْفَر بن العجمي وَجَمَاعَة. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين بِمَكَّة عَن ثَمَان عشرَة سنة.
104 - مُحَمَّد قطب الدّين أَبُو بكر / أَخُو الْمَذْكُورين. ولد فِي صفر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. وَمَات صَغِيرا بِمَكَّة.
105 - مُحَمَّد نجم الدّين / شَقِيق الَّذِي قبله. ولد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة أَو الَّتِي بعْدهَا، وَأمه حَبِيبَة ابْنة عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر الفاكهي، وَسمع أَبَا الْفَتْح المراغي، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع وَخمسين جمَاعَة وَكَانَ مالكيا اشْتغل قَلِيلا وتعاني الرمل والطب، وسافر لجة الْهِنْد وَحصل لَهُ فِيمَا قيل هُنَاكَ بعض رواج بالطب. وَمَات غريبابها قبيل التسعين.
106 - مُحَمَّد أَمِين الدّين أَبُو البركات بن الزين الْقُسْطَلَانِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي / شَقِيق اللَّذين قبله. ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسمع أَبَا الْفَتْح المراغي، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع وَخمسين جمَاعَة ولازمني فِي سنة سِتّ ثَمَانِينَ بِمَكَّة رِوَايَة ودراية بِسُكُون وتؤدة وَيكثر الطّواف وَهُوَ مَشْهُور بَين أهل بَلَده.
107 - مُحَمَّد الْمُحب الْمَدْعُو مبارك / شَقِيق اللَّذين قبله وأصغرهم. ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن روزبة. / فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن روزبة.
108 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق بن عُثْمَان الْبَدْر بن الْبَدْر الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد الْجلَال مُحَمَّد والزين أبي بكر وَغَيرهمَا وَيعرف كسلفه بِابْن مزهر. / ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه ثمَّ مَاتَ وَهُوَ صَغِير فكلفه زوج أُخْته المحيوي أَحْمد الْمدنِي وتولي التوقيع عِنْده ثمَّ اسْتَقر كابيه فِي كِتَابه سر دمشق واتصل بنائبها شيخ سِنِين وَقدم مَعَه بعد قتل النَّاصِر فَلَمَّا تسلطن قربه وَاسْتقر بِهِ فِي نظر الاسطبل السلطاني ثمَّ ولي نِيَابَة كِتَابه سرها ودام مُدَّة(9/39)
قَائِما بأعباء الدُّيُون سِيمَا فِي أَيَّام الْعلم دَاوُد بن الكويز لبعده عَن الْإِنْشَاء والفضيلة وَكَون صَاحب التَّرْجَمَة فصيحا مفوها إِلَى أَن اسْتَقل بالوظيفة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَعشْرين عوضا عَن النَّجْم عمر بن حجي فباشرها بحرمه وافرة فَعظم فِي الدولة جدا ونالته السَّعَادَة وأثرى جدا لمزيد رغبته فِي الْجمع، وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ بعد ضعفه قريب شَهْرَيْن فَأكْثر بعد عصر يَوْم السبت سادس عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَنزل السُّلْطَان من الْغَد فَصلي عَلَيْهِ ثمَّ دفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بالصحراء بِالْقربِ من الشَّيْخ عبد الله المنوفي عَن نَحْو الْخمسين وَشهد غسله سعد العجلوني وَقَالَ مَا أكرمك من قادم على الله رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
وَكَانَ مديما للتلاوة والاوراد محبا فِي إغاثة الملهوف وَنصر الْمَظْلُوم وتقريب الْعلمَاء واعتقاد الصَّالِحين حَتَّى أَنه لشده اخْتِصَاصه بالشيخ أحمدالزاهد أدرجه الشَّيْخ فِي أَو صيائه كَمَا سبق فِي تَرْجَمته وَلما زوج ابْنَته لِابْنِ سَلام اخْتَار لشهود العقد الشمسين البوصيري وناهيك بِهِ علما وصلاحا والزراتيتي شيخ الْقُرَّاء كثير البرللتقي بن الْفَتْح بن الشَّهِيد بِحَيْثُ كَانَ الْعِزّ الْقُدسِي يتعجب من كَثْرَة بره لَهُ مَعَ مَا كَانَ بَين أبويهما واغفال الزين عبد الباسط لذَلِك مَعَ الِاخْتِصَاص بِهِ إِلَى غير هَذَا.
قَالَ شَيخنَا فِي انبائه: وَكَانَت مُدَّة ولَايَته نِيَابَة واستقلالا نَحْو تسع سِنِين لانه بَاشر ذَلِك عقب وَفَاة نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ فِي ثامن شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين وباشر فِي غضونها نظر الْجَيْش نِيَابَة عَن الزين عبد الباسط لما حج فِي سنة سِتّ وَعشْرين، وَأطَال فِي تَرْجَمته بالثناء الْحسن وَغَيره. وَنَحْوه قَول الْعَيْنِيّ الَّذِي أوردته فِي مَكَان آخر ممالا احْتَاجَ بِنَا إِلَيْهِ، وَذكره ابْن الْخَطِيب الناصرية فِي ذيله وَقَالَ أَنه اخْتصَّ بالمؤيد حِين كَانَ نَائِب حلب وَعمل موقعا عِنْده فَلَمَّا جرى بَينه وَبَين ابْن أيدمر نَائِب الْغَيْبَة الْفِتْنَة كَانَ سفيره فِي الصُّلْح فأمسكه وحبسه عِنْده بِدِمَشْق فَلَمَّا مَاتَ النَّاصِر وَتوجه الْمُؤَيد إِلَى الْقَاهِرَة أطلقهُ واستصحبه مَعَه إِلَى الديار المصرية فولاه نظر الاسطبلات وَقَالَ أَنه بَاشر كِتَابه السِّرّ بحرمه وافرة وَأَنه كَانَ شكلا حسنا مُرُوءَة)
وعصيبة، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه كَانَ من الشره فِي جمع المَال على حَاله قبيحة لَا يُبَالِي بِمَا أَخذ وَلَا من أَيْن أَخذ مَعَ الشُّح والبعد عَن جَمِيع. بِجمع المَال حَتَّى كَانَ كَمَا قيل: جنى وَصلهَا غَيْرِي وحملت عارها خفف الله عَنهُ وَغفر لَهُ فَلَقَد كَانَ معتنيا بأَمْري وَله على أياد. انْتهى رَحمَه الله وإيانا.
109 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الله أَو أَيُّوب الْمُحب أَبُو الْيُسْر(9/40)
ابْن نَاصِر الدّين بن أصيل أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. / ولد فِي سادس رَمَضَان سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن أَو كثيرا مِنْهُ، وَتزَوج بعد أَبِيه بابتة الزين عبد الرَّحْمَن المنهلي، وَحج وَرُبمَا اشْتغل وَلَكِن اشْتِغَاله بأنواع اللَّهْو أَكثر.
110 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن النَّجْم بن الشَّمْس الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي وَالِد الْكَمَال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن حَامِد. / مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
111 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد بن عمر بن يُوسُف بن عَليّ بن اسمعيل الْجمال أَبُو النجا بن الْبَهَاء أبي الْبَقَاء بن الشهَاب أبي الْخَيْر بن الضياء الْقرشِي الْعمريّ الصَّاغَانِي الأَصْل الْمَكِّيّ / قاضيها وَابْن قضاتها الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده والآتي ابْنه أَبُو الْقسم مُحَمَّد وَيعرف كسلفه بِابْن الضياء وَذكر سلفه أَنهم من ذُرِّيَّة الرضي الصَّاغَانِي فَالله أعلم. ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس صفر سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبية وعقيدة النَّسَفِيّ فِي أصُول الدّين والوافي فِي الْفِقْه والمنار فِي أُصُوله كِلَاهُمَا لَهُ وألفية الحَدِيث والنحو وكافية ابْن الْحَاجِب وتلخيص الْمِفْتَاح والاندلسية فِي الْعرُوض، وَعرض على جمَاعَة من المكيين والقادمين كابي السعادات بن ظهيرة والسراج عبد الطيف الْحَنْبَلِيّ والزين ابْن عَيَّاش وَمُحَمّد الكيلاني والْعَلَاء الشِّيرَازِيّ وَابْني الاقصرائي، وَأخذ الْفِقْه وأصوله والعربية عَن أَبِيه والامين الاقصرائي وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْمُتَوَسّط وَابْن أُخْته الْمُحب وَغَيرهم كعمه أبي حَامِد وَابْن قديد وَحضر فِي الْمُتَوَسّط أَيْضا عِنْد ابْن الْهمام وَسمع من أَبِيه وَعَمه وَأبي الْفَتْح المراغي وَطَائِفَة، وَأَجَازَ لَهُ الوَاسِطِيّ وَالشَّمْس الشَّامي والكلوتاتي والزين الزَّرْكَشِيّ وَنور الدّين الشلقامي والنجم بن حجي والزين بن الطَّحَّان والتاج بن بردس وَأَخُوهُ الْعَلَاء والقبابي وَابْن الْمصْرِيّ والتدمري والتقي الفاسي وَالْجمال الكازروني والنور الْمحلي وَيُونُس)
الواحي وَعَائِشَة وَفَاطِمَة الحنبليتين وَخلق، وَدخل مصر مرَارًا أَولهَا مَعَ وَالِده فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسمع من شَيخنَا وَابْن الديري بل حضر دروسه فِي الْفِقْه وَغَيره وَكَذَا زار مَعَ أَبِيه بَيت الْمُقَدّس وَدخل الشَّام والرملة وغزة وَحضر فِيهَا دروس الشَّمْس الاياسي فِي الْفِقْه والنحو وَغَيرهمَا دخل الْقَاهِرَة بعد موت أَبِيه سنة خمس وَخمسين وفيهَا آخذ عَن الاقصرائيين ثمَّ دَخلهَا ثَالِثا وَكَذَا زار والمدنية النَّبَوِيَّة غير مرّة نَاب فِي الْقَضَاء عَن وَالِده ثمَّ بعده بتفويض من السُّلْطَان حِين كَانَ عَمه قَاضِيا فَلَمَّا مَاتَ عَمه فِي سنة ثَمَان(9/41)
وَخمسين اسنقل بِهِ. وَذَلِكَ فِي شوالها وقريء توقيعه فِي أَوَاخِر ذِي الْقعدَة ثمَّ انْفَصل عَنهُ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَترك الْمُبَاشرَة من ثَانِي عشر ربيع الأول حِين بُلُوغه الْخَبَر ثمَّ أُعِيد فِي أثْنَاء السّنة وَاسْتمرّ، وأكمل تصنيف وَالِده الَّذِي جعله كالحاشية على الْكَنْز وانْتهى فِيهِ إِلَى الْحِوَالَة فَكتب صَاحب التَّرْجَمَة من ثمَّ إِلَى آخِره فِي مُجَلد، وتصدى للتدريس والافتاء ودرس بدرس يلبغا الَّذِي تَلقاهُ جده من الْوَاقِف ثمَّ بعده ابْنه أَبُو الْبَقَاء ثمَّ ابْنه هَذَا وَفِي درس ايتمش والزنجيلي وَخير بك ومدرسة الاشرف قايتباي من واقفهما. وَلم يلبث أَن مَاتَ قبل مُبَاشرَة الاخير فِي يَوْم الاحد ثَالِث عشر الْمحرم سنة خمس وَثَمَانِينَ وَدفن من يَوْمه على أَبِيه فِي المعلاة بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْعَصْر عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَكَانَ الْجمع فِي جنَازَته حافلا جدا رَحمَه الله.
112 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد غياث الدّين أَبُو اللَّيْث بن الرضي أبي حَامِد الصَّاغَانِي الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ سبط التقي بن فَهد، أمه أم هَانِئ وَابْن عَم الَّذِي قبله ووالد عَليّ الْمَاضِي وأخو الْخَطِيب الْمُحب النويري لأمه. / ولد فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ وألفية الحَدِيث والنحو وَالْمجْمَع فِي الْفِقْه لِابْنِ الساعاتي والمنار فِي أُصُوله والعمدة فِي أصُول الدّين كِلَاهُمَا لحافظ الدّين النَّسَفِيّ وَالتَّلْخِيص، وَعرض على جمَاعَة وَسمع من أبي الْفَتْح المراغي والزين الاميوطي وجده التقي ووالده الرضي وَعَمه أبي الْبَقَاء وَغَيرهم كالمحب بن الشّحْنَة بِمَكَّة، وَأَجَازَ لَهُ خلق باستدعاء خَاله النَّجْم عمر، وَأخذ بِبَلَدِهِ عَن ابْن عَمه الْجمال الْمَذْكُور قبله واشتدت عنايته بملازمته فِي كثير من كتب الْفِقْه ولاصلين والعربية والْحَدِيث قِرَاءَة وسماعا، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فِي أول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين بحرا فلازم الامين الاقصرائي حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ إِلَى الْبيُوع من شرح الْمجمع لِابْنِ فرشتا وَسمع عَلَيْهِ فِي فتاوي قَاضِي خَان فِي التَّقْسِيم وَفِي التَّلْوِيح على التَّوْضِيح لصدر)
الشَّرِيعَة وَفِي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وتوضيح ابْن هَاشم وَفِي رمضانها جَمِيع البُخَارِيّ والمصابيح والمشارق والشفا وَكَذَا سمع الْيَسِير من أَوَائِل شرح الْمُحب بن الشّحْنَة على الْهِدَايَة عَلَيْهِ وَفِي الْفِقْه على سيف الدّين ولازم ابْن عبيد الله فِي قِرَاءَة قِطْعَة من النِّكَاح من شرح الْمجمع لِابْنِ فرشتا وَفِي سَماع قِطْعَة من شرح ابْن فرشتا على الْمَشَارِق من الْهِدَايَة ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي مجاورته بِمَكَّة الْمنَار فِي الاصول وَسمع الْكثير فِي الْفِقْه تقسيما وَربع الْعِبَادَات إِلَى النِّكَاح من الْهِدَايَة ومؤلفه فِي الْمَنَاسِك وَجَمِيع الْمَشَارِق للصغاني، ولازم ابْن أَمِير حَاج(9/42)
الْحلَبِي أَيْضا فِي مجاورته حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ منسكة وَتَفْسِير سُورَة وَالْعصر لَهُ وفرائض مجمع الْبَحْرين وَإِلَى انْتِهَاء مبَاحث السّنة من الْمنَار وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك فِي الْفِقْه والاصلين وَقَرَأَ على الْبَدْر بن الْغَرْس فِي مجاورته أَيْضا قِطْعَة من النّصْف الثَّانِي من النِّكَاح من الْمجمع وَنَحْو الثُّلُث من شرح العقائد للتفتازاني وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك فِي الْفِقْه وأصوله وَجَمِيع الرسَالَة القشيرية وَعلي الزين قَاسم الجمالي فِي أَيَّام الْمَوْسِم الْيَسِير من أول شرح الْمجمع لِابْنِ فرشتا، وَاجْتمعَ فِي الْقَاهِرَة بالشمني فِي مرض مَوته وَلم يَأْخُذ عَنهُ شَيْئا وَقَرَأَ بِمَكَّة غلي أَحْمد يُونُس المغربي فِي الجرومية وَشَرحهَا للسَّيِّد وقطر الندي وَشَرحه للمؤلف وغالب ألفية ابْن مَالك والتهذيب فِي الْمنطق وَشَرحه التذهيب للخبيصي وَغير ذَلِك فِي الْمنطق وَغَيره سَمَاعا وَقِرَاءَة وَأخذ الألفية وتوضيحها وَقطعَة من التسهيل سَمَاعا عَن المحيوي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي فِي آخَرين مِمَّن أَخذ عَنْهُم كالزين خطاب بِمَكَّة، وَأذن لَهُ الْأمين الاقصرائي وَابْن عبيد الله فِي الافتاء والتدريس وعظماه جدا وَكَذَا كتب لَهُ إجَازَة ابْن امير حَاج وقاسم وَآخَرُونَ وَسمع مني ختم القَوْل البديع وَغير ذَلِك وشارك فِي الْفَضَائِل ودرس بدرس ايتمش خلف مقَام الْحَنَفِيَّة بعد موت أَخِيه السراج عمر المتلقي لَهُ عَن أَبِيهِمَا عَن واقفه بل وأقرأ للطلبة قَلِيلا. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشري صفر سنة خمس وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ فِي عصره ثمَّ دفن عِنْد قُبُورهم من المعلاة رَحمَه الله وإيانا.
113 - مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الحسني الفاسي الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي قريب التقى الفاسي. / سمع عَليّ الْجمال الأميوطي فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ختم السِّيرَة لِابْنِ سيد النَّاس وَعلي النشاوري فِي الَّتِي بعْدهَا أَشْيَاء كاربعي الثَّقَفِيّ البلدانيات وأربعي ابْن مسدي وَعلي ابْن صديق مُسْند عبد، وَأَجَازَ لَهُ حَاتِم)
والتنوخي والمحب الصَّامِت وَأَبُو الهول الْجَزرِي وَخلق وَكَانَ مَاتَ بِبَلَد كلبرجا من الْهِنْد بعد الثَّلَاثِينَ بِيَسِير. ذكره ابْن فَهد.
114 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُوسَى الطوخي. مضى فِي مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد. /
115 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْفَارِسِي الأَصْل الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَهَذَا الْأَصْغَر وَيعرف بِابْن المهندس. / ذكره شَيخنَا فِي أنبائه. نَشأ صينا جيدا وَسمع من الْمَيْدُومِيُّ وَغَيره وَصَحب الْفَخر السيوفي وبمكة الْعَفِيف اليافعي وَكَانَت لَهُ فِي نشأته أَحْوَال صَالِحَة ثمَّ بَاشر بعض الدَّوَاوِين وَحصل أَمْوَالًا وَلم يحمد سيرته. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا شَرْقي الشامية البرانية بِدِمَشْق.(9/43)
115 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن روزبة نَاصِر الدّين أَبُو الْفرج بن الْجمال أبي عبد الله بن الصفي الكازروبي ثمَّ الْمدنِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الكازروبي. / ولد فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سَابِع ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لعاصم وَأبي عَمْرو عَليّ الزين بن عَيَّاش وَالْحَاوِي والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك، وَعرض على جمَاعَة وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الزين المراغي وانتفع بِأَبِيهِ فِيهِ وَفِي غَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَغَيره وَكَذَا أَخذ بحثا عَن النَّجْم السكاكيني الْحَاوِي والألفية وَالتَّلْخِيص وَالْأُصُول وَأذن لَهُ فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ بالإفتاء والتدريس وَوَصفه بجوهرة الْعلمَاء ودرة الْفُضَلَاء لِسَان الْعَرَب وترجمان الْأَدَب الْأَفْضَل الأمجد، وَأخذ أَيْضا النَّحْو وَالْأُصُول عَن أبي عبد الله الوانوغي وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا فَأخذ أَولا عَن ابْن الكويك وَأَجَازَ لَهُ ثمَّ فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فَسمع عَليّ الزين الزَّرْكَشِيّ بعض صَحِيح مُسلم وَقَرَأَ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين على شَيخنَا الْخِصَال المكفرة من تصانيفه وَغَيرهَا وَكَانَ قد أحضر فِي الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة سنة ثَمَان وَتِسْعين على أبي اسحق إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن فَرِحُونَ الشفا والموطأ ليحيى ابْن يحيى وَفِي الَّتِي تَلِيهَا على ابْن صديق البُخَارِيّ بفواتات يسيرَة وَسمع عَليّ الزين المراغي الْأَرْبَعين لأبي سعد النَّيْسَابُورِي وَالْأَرْبَعِينَ الَّتِي خرجها شَيخنَا لَهُ من مروياته وَكَذَا سمع على الرضي المطري وَالِد الْمُحب وَسليمَان السقائم سمع على أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ الزين الْعِرَاقِيّ، وَدخل دمشق وَحضر بهَا دروس الشهَاب الْغَزِّي وَالشَّمْس الكفيري)
وَابْن قَاضِي شُهْبَة، وزار الْقُدس والخليل وَدخل حلب فَأجَاز لَهُ حافظها الْبُرْهَان، وَحدث ودرس أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ قَرَأَ علبه البُخَارِيّ ابْنه عبد السَّلَام الأول وناصر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْفرج المراغي ومسدد، أجَاز لي. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَدفن عِنْد وَالِده بِالبَقِيعِ رَحمَه الله وإيانا.
116 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَسْعُود نَاصِر الدّين أَبُو الْفرج بن الزين أبي الْمَعَالِي بن الشهَاب المغربي الأَصْل الْمدنِي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن المزجج. / وَدخل الْقَاهِرَة ولقيني بِمَكَّة فلازمني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ حَتَّى أَخذ عني الْمُوَطَّأ وَغَيره دراية وَرِوَايَة وَكَانَت لَهُ بعض مُشَاركَة. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين بِالْمَدِينَةِ وَدفن بِالبَقِيعِ رَحمَه الله.
117 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى الشَّمْس أَبُو الْوَفَاء بن الخواجا الشَّمْس الْمَكِّيّ الأَصْل الْغَزِّي الشَّافِعِي قاضيها وَيعرف بِابْن النّحاس. / ولد فِي يَوْم(9/44)
الْجُمُعَة سلخ جمادي الثَّانِيَة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بغزة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الزين عبد الرَّحْمَن بن ذِي النُّون وَصلى بِهِ فِي جَامعهَا الْقَدِيم وكساه أَبوهُ بسطا تَسَاوِي مائَة دِينَار، وَقَرَأَ فِي الْمِنْهَاج وَغَيره من الْمُتُون كالفية النَّحْو، وَعرض ربع الْعِبَادَات مِنْهُ على خطيب مَكَّة أبي الْفضل النويري حِين وُرُوده عَلَيْهِم فِي سنة تسع وَسِتِّينَ، ولازم الشَّمْس بن الْحِمصِي فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهَا وارتحل لبيت الْمُقَدّس غير مرّة وَقَرَأَ فِي بَعْضهَا يَسِيرا عَليّ الْكَمَال بن أبي شرِيف وَكَذَا قَرَأَ على أَخِيه الْبُرْهَان، وَدخل الْقَاهِرَة فِي حَيَاة وَالِده للتِّجَارَة وَقَرَأَ فِيهَا عَليّ الْبُرْهَان العجلوبي وَمُحَمّد الطنتدائي الضَّرِير، وَعَاد إِلَى بَلَده فداوم عالمها الْحِمصِي سِيمَا بعد تزَوجه بِأُمِّهِ بعد وَفَاة أَبِيه حَتَّى أذن لَهُ فِي التدريس وَحسن لَهُ الدُّخُول فِي قَضَاء بَلَده ببذل على يَد إِبْرَاهِيم النابلسي حَتَّى وليه فِي مستهل صفر سنة تسع وَسبعين عوضا عَن المحيوي عبد الْقَادِر بن جِبْرِيل وَوصل إِلَيْهِ التشريف فِي منتصفه فباشره أحسن من الَّذِي قبله فِيمَا قيل إِلَى أَن طلب فِي سَابِع ذِي الْحجَّة إِلَى الْقَاهِرَة لشكوى بَعضهم فِيهِ فَحَضَرَ وتمثل بَين يَدي السُّلْطَان هُوَ وَولده أَبُو الطّيب العشاري وَبَان بطلَان مَا أنهى عَنهُ وَمَعَ ذَلِك صرف بعد نَحْو أَرْبَعَة أشهر كَانَ مُقيما فِيهَا بِالْقَاهِرَةِ ونائبه هُنَاكَ يُبَاشر عَنهُ بل اسْتمرّ مُقيما بعد صرفه وَهُوَ يتَرَدَّد إِلَى الْعَبَّادِيّ والبكري وَأبي السعادات البُلْقِينِيّ وزَكَرِيا والجوجري وَابْن قَاسم لقِرَاءَة الْفِقْه وأصوله وَكَذَا قَرَأَ على التَّقْرِيب للنووي بحثا مَعَ الْأَرْبَعين لَهُ وَأَشْيَاء بِقِرَاءَة بقرَاءَته وَقِرَاءَة غير وأذنت لَهُ وَكَذَا)
كل من دكر، وتكرر رُجُوعه غير مرّة ثمَّ قدومه الْقَاهِرَة وَتوجه فِي بعض المرات فِي ركاب السُّلْطَان إِلَى غَزَّة فبرز كثير من أَهلهَا للشكوى من خَصمه وَالسُّؤَال فِي عود هَذَا فبادر لتوليته وَذَلِكَ قبيل الْغُرُوب من يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع جُمَادَى سنة اثْنَتَيْنِ فدام إِلَى صفر سنة سبع وَثَمَانِينَ فاستقر الشّرف العيزري وَلم يلبث أَن أُعِيد فِي محرم الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ انْفَصل بِهِ فِي شعْبَان سنة تسع واستدعى بِهِ البدري أَبُو الْبَقَاء بن الجيعان لإنتمائه إِلَيْهِ فسافر مَعَه لمَكَّة أول شَوَّال مبتدئا بالزيارة النَّبَوِيَّة الَّتِي مكث فِيهَا أَيَّامًا ثمَّ حج وَكَانَت حجَّة الْإِسْلَام وَعَاد مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة، وانكشف حَاله بعد الثروة الزَّائِدَة من نقدو عقار وَنَحْو ذَلِك وَاسْتغْنى بِمَا يَتَجَدَّد لَهُ فِي كل يَوْم من ربح بِسَبَب الْمُعَامَلَات وَغَيرهَا وَتحمل ديونا جمة بِسَبَب مَا كَانَ فِي تِلْكَ الْحَالة أوجه مِنْهُ بعْدهَا وَكَانَ قد خطب بِجَامِع بَلَده الْقَدِيم وجامعه الجاولي وَعقد الميعاد بأولهما من سنة خمس وَثَمَانِينَ فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة(9/45)
قِرَاءَة وتفسيرا فأجاد وازدحم النَّاس بمجلسه حَتَّى كَانَ العيزري وَابْن جِبْرِيل يشْهد أَنه وأعانه على ذَلِك قُوَّة ذكائه وَسُرْعَة فطنته وَقُوَّة حافظته وتولعه بالنظم، كل ذَلِك مَعَ قبُول شكله وظرفه ولطيف عشرته وإقبال الخواطر الصافية بالميل إِلَيْهِ وَهُوَ الْآن فِي سنة تسع وَتِسْعين وَالَّتِي قبلهَا فِي غَايَة مَا يكون من الذل والإهانة بِالْحَبْسِ وَنَحْوه أحسن الله خلاصه ولطف بِهِ.
118 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن سَلامَة الْمُحب أَبُو الْخَيْر وَأَبُو السعادات بن الشَّمْس بن الشهَاب العقبي الأَصْل القاهري الصحراوي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده. / ولد فِي سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة بتربة قجماس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة ومختصر أبي شُجَاع والشاطبية والألفية وَعرض على جمَاعَة واعتنى بِهِ عَم وَالِده الزين رضوَان فَأحْضرهُ وَهُوَ فِي الرَّابِعَة على الشّرف بن الكويك والجلال البُلْقِينِيّ ثمَّ على الشموس الزراتيتي وَابْن الْجَزرِي والشامي وَمُحَمّد ابْن قَاسم السُّيُوطِيّ والنورين الفوي والمحلي سبط الزبير وَالْفَخْر عُثْمَان الدنديلي والشهاب المتبولي وَكَذَا سمع عَليّ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ أول أَمَالِيهِ وَجُمْلَة وَعلي الشَّمْس البيجوري جُزْء الدمياطي والنيني ورقية الثعلبية فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَحدث بِأخرَة سمع مِنْهُ غير وَاحِد من الطّلبَة وَهُوَ أحد صوفية الشيخونية وَكَذَا البرقوقية بالصحراء مِمَّن يعرف بِالْخَيرِ، وَقد حج مرَارًا وجاور فِي كثير مِنْهَا وقصدني غير مرّة. مَاتَ سنة بضع)
وَتِسْعين.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمُحب الطوخي. / مضى فِي ابْن أبي بكر.
119 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الجيزي الْمَكِّيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. مِمَّن سمع مني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بِمَكَّة وَلَيْسَ بمرضي إتهم بقتل وَغَيره.
120 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَرْزُوق بن مُحَمَّد بن مَرْزُوق العجيسي المغربي الْمَالِكِي. / شَاب أَو كهل قدم مَكَّة فَعرض عَلَيْهِ ظهيرة بل أَخذ عَنهُ فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والمنطق فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسمعت سنة إِحْدَى وَسبعين أَنه فِي الْأَحْيَاء.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مزهر. / مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق.
121 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَسْعُود الْبَهَاء بن الْعلم السنباطي / أَمِين الحكم بهَا وَأحد عدولها والدالعلم مُحَمَّد الْآتِي. مَاتَ بهَا سنة سِتّ عشرَة وَكَانَ خيرا سليم الْبَاطِن.
122 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن معِين بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس الْمَنَاوِيّ ثمَّ القاهري الْجَوْهَرِي وَالِده الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الريفي. / ولد فِي الْعشْر الاخير من رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع من جوَيْرِية وَابْن حَاتِم والتنوخي وَابْن الشيخة(9/46)
وَالْمجد اسمعيل الْحَنَفِيّ والفرسيسي وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَمِمَّا سَمعه على الاولى مَجْلِسا البخْترِي وَالشَّافِعِيّ بل سمع من القَاضِي فتح الدّين بن الشَّهِيد نظم السِّيرَة النَّبَوِيَّة لَهُ، وَأم بالناصرية من بَين القصرين. وَقَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: وحصلت لَهُ ثروة من قبل بعض حواسي النَّاصِر فرج من النِّسَاء وَأكْثر من الْقِرَاءَة عَليّ الْبُرْهَان والبيجوري حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة وَالشَّرْح الْكَبِير وَالصَّغِير وَغَيرهَا وَكَذَا لَازم دروس الْوَلِيّ بن الْعِرَاقِيّ مَعَ كَثْرَة التِّلَاوَة والاحسان للطلبة.
وَمَات فِي لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس من شَوَّال سنة أَرْبَعِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة.
123 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَنْصُور بن أَحْمد بن عِيسَى الشَّمْس أَبُو النجا ابْن الْخَطِيب الْبَهَاء بن الشهَاب الابشيهي الْمحلى الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بالمحلة وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ الْعُمْدَة وأربعي النَّوَوِيّ والتبريزي والملحة، وَعرض على الْجَمَاعَة واشتغل قَلِيلا، وناب فِي الْقَضَاء عَن أوحد الدّين العجميمي، وَكَانَ عفيفا بارعا فِي الصِّنَاعَة. مَاتَ قبيل الثَّمَانِينَ بِيَسِير ولشدة بياضه وَحسن شاكلته كَانَ يلقب خروفا رَحمَه الله.
124 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُوسَى بن أبي بكر بن أبي الْعِيد أوحد الدّين وناصر الدّين وشمس الدّين وَخير الدّين وَهُوَ الَّذِي اسْتَقر أَبُو الْخَيْر بن الشَّمْس السخاوي ثمَّ القاهري ثمَّ الْمدنِي الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن القصبي. / ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بسخا وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والعمدة والبرهانية فِي أصُول الدّين لأبي عمر وَعُثْمَان السلالجي والشاطبية وألفية الحَدِيث ومختصر الشَّيْخ خَلِيل وَكَذَا الرسَالَة والرحبية فِي الْفَرَائِض والتنقيح فِي الاصول للقرافي والجرومية وألفية ابْن مَالك وكفاية المتحفظ فِي اللُّغَة لأبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم الاجداني وعروض ابْن الْحَاجِب وبديعة شعْبَان الآثاري، وعروضه أَبوهُ على من دب ودرج حَتَّى على الظَّاهِر جقمق وأنعم عَلَيْهِ فَكَانَ مِنْهُم من الشَّافِعِيَّة الْعلم البُلْقِينِيّ والمحلي والمناوي وَمن الْحَنَفِيَّة ابْن الديري وَابْن الْهمام والشمني ولاقصرائي وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَمن الْمَالِكِيَّة أَبُو الْقسم النويري والسنباطي القَاضِي وَأَبُو الْجُود البني وَمن الْحَنَابِلَة الْعِزّ الكنائي وَابْن الرزاز بل حضر مَعَ وَالِده بالكاملية عِنْد شَيخنَا، وَسمع على جمَاعَة كثيرين كالرشيدي والنسابة بالكاملية وَغَيرهَا وتلا للسبع على الزين جَعْفَر السنهوري وللنصر إِلَى آخر الْقُرْآن وللفاتحة إِلَى المفلحون على التَّاج عبد الْملك الطوخي والشهاب السكندري كلهم بِالْقَاهِرَةِ وَإِلَى سَيَقُولُ السُّفَهَاء على الشَّمْس مُحَمَّد بن يُوسُف الديروطي بهَا والى أول الْأَعْرَاف(9/47)
عَليّ أبي الْحسن بن يفتح الله السكندري بهَا وللزهراوين عَليّ الشَّمْس بن عمرَان الْغَزِّي بهَا وللفاتحة وأوائل الْبَقَرَة على مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عَليّ الشَّامي بِالْمَدِينَةِ وَيعرف بِابْن الحريري، وَقَرَأَ فِي الْفِقْه وَغَيره على المحيوي بن عبد الْوَارِث وَكَذَا أَخذ عَن الْقَرَافِيّ وَيحيى العلمي والسنهوري واللقاني فِي آخَرين مِنْهُم أَحْمد الابدي وشارك الاكابر فِي الاخذ عَنهُ وَعَن كثيرين، ولازم أَحْمد بن يُونُس فِي كثير من الْفُنُون وَكَذَا الامين الاقصرائي بِالْمَدِينَةِ الشهَاب الابشيطي فِي الْجَبْر والمقابلة وَالصرْف الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَأخذ عَن التقي الحصني فِي فنون كالاصلين والمنطق والعربية والمعاني بل قَرَأَ على الْعَلَاء الحصني غَالب التخليص وَحضر دروسه فِي غير ذَلِك وَقبل ذَلِك حضر دروس عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَقَرَأَ فِي الاصول على أبي الْعَبَّاس السرسي الْحَنَفِيّ وَرَأى ابْن الْهمام قَصده للزيارة بالزاوية فَكَانَ كل مِنْهُمَا حَرِيصًا على تَقْبِيل يَد الآخر لاجلال كل مِنْهُمَا لَهُ، وتميز فِي الْفَضَائِل وَأذن لَهُ الْقَرَافِيّ فَمن بعده وَكَذَا الحسام بن حريز وَأَخُوهُ، وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة كثيرين، وَأخذ عني اشياء وَتَنَاول منى القَوْل البديع وقرأه بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة، وَأكْثر من التَّرَدُّد للقاهرة وزار فِي بَعْضهَا الْقُدس والخليل وَكَذَا دخل الفيوم وناب فِي الْقَضَاء)
بهَا وأوقفني على شرح لأماكن من الْمُخْتَصر وأكمل مِنْهُ من الْقَضَاء إِلَى آخر الْكتاب وَقُرِئَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَله نظم ونثر ومحاسن مَعَ عقل تَامّ ودربة زَائِدَة وتواضع وخبرة، وَلما زَاد ضعف أَبِيه راسل يسْأَل فِي استقراره عوضه وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فَأُجِيب. وَكَانَ كلمة إِجْمَاع فِي علقه وسياسته فِي الاصلاح بَين الاخصام وَهُوَ أحد الْقُضَاة المطلوبين للقاهرة فِي سنة سِتّ وَتِسْعين ثمَّ عَادوا فِي الَّتِي بعْدهَا، وَقد حضر عِنْدِي بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا بِقِرَاءَة وَلَده وَغَيره سنة ثَمَان وَتِسْعين دراية وراواية.
125 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يحيى بن حَمْزَة القطب بن الْمُحب الْجَوْجَرِيّ ثمَّ القاهري الازهري الشَّافِعِي. / ولد فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ سنة احدى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد مُوسَى بن عمر اللَّقَّانِيّ وكتبا، وَعرض على جمَاعَة كَابْن الملقن والبلقيني وأجازوا لَهُ وتلا لأبي عَمْرو على الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْهوى وتفقه بالابناسي وَالشَّمْس الغراقي والشهاب العاملي.(9/48)
واشتغل بالنحو عَليّ أبي الْحسن عَليّ الأندلسي وَحضر دروس البُلْقِينِيّ فِي الْكَشَّاف وَسمع عَليّ التنوخي والمطرز ولابناسي والعراقي والهيثمي والغماري والسويداوي والفرسيسي والنجم البالسي وناصر الدّين بن الْفُرَات والشرف والقدسي فِي آخَرين، وَهُوَ أحد من أدب الْبَدْر بن التنسي واخوته وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيرهم مِمَّن صَار من أَعْيَان الزَّمَان، وسافر إِلَى دمياط والصعيد وَغَيرهمَا، وَحج فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ، وَحدث بالكثير سمع من الْفُضَلَاء وَأَكْثرُوا عَنهُ بِأخرَة وحملت عَنهُ جملَة، وَكَانَ فَاضلا سَاكِنا رَاغِبًا فِي الاسماع صبورا على الطّلبَة قانعا باليسير، تكسب بِالشَّهَادَةِ فِي الْحَانُوت الْمُقَابل للجملون من الشَّارِع دهرا. وَمَات فِي جُمَادَى الاولى سنة خمس وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة بالازهر. وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله وإيانا.
126 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شرف الدّين الشّرف السنهوري الشَّافِعِي سبط نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن فوز وَيعرف بِابْن شرف الدّين. / أَخذ القراآت عَن ابْن أَسد وَعبد الْغَنِيّ الهيثمي وَلكنه إِنَّمَا أَكثر عَن بلدية الزين جَعْفَر.
127 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عز الدّين الْمُحب أَبُو عبد الله القاهري الشَّافِعِي وَالِد الرضي مُحَمَّد وَعبد الرَّحِيم وَأحمد الْمَذْكُورين، وَيعرف بِابْن الاوجاقي. / ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة أَو الَّتِي قبلهَا بالدرب الْمُعَرّف بوالده فِي خطّ بَاب اليانسية خَارج بَاب زويلة من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فَأخذ)
الْفِقْه عَن البُلْقِينِيّ والملقن والابناسي والْحَدِيث عَن الْعِرَاقِيّ فِي آخَرين مِنْهُم فِي الْعَرَبيَّة الْمُحب بن هِشَام والغماري والشطنو فِي وَأكْثر من ملازمته وَكَذَا لَازم الْبَدْر الطنبدي وانتفع بِهِ كثيرا وَحضر عِنْد الْبُرْهَان بن جمَاعَة والصدر الْمَنَاوِيّ والبدر بن أبي الْبَقَاء والتقي الزبيرِي قُضَاة الشَّافِعِيَّة وَعند الْجمال مَحْمُود القيصري والزين أبي بكر السكندر من الْحَنَفِيَّة وبهرام وَعبد الرَّحْمَن ابْن خير والركراكي وَابْن خلدون من الْمَالِكِيَّة وَنصر الله والشرف عبد الْمُنعم من الْحَنَابِلَة وَأخذ القراآت الْعشْرَة عَن بعض الْقُرَّاء وَسمع على الشّرف بن الكويك والفوى وَمن قبلهمَا، وَأَجَازَ لَهُ الزين المراغي وَالْجمال بن ظهيرة ورقية ابْنة ابْن مزروع وَآخَرُونَ مِنْهُم عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي، وَصَحب الشهَاب بن الناصح وَبعد هَذَا كُله قصر نَفسه على الْمولى الْعِرَاقِيّ بِحَيْثُ كتب عَنهُ جلّ تصانيفه كشروح التَّقْرِيب والبهجة وَجمع الْجَوَامِع وكالنكت وَمَا يفوق الْوَصْف مَعَ جملَة من تصانيف أَبِيه بِخَطِّهِ الْحسن الصَّحِيح وَحمل ذَلِك عَنهُ ولازمه فِي الامالي حَتَّى عرف بِصُحْبَتِهِ وَكَانَ الْوَالِي يبجله ويحترمه لسابقته وفضيلته وَلما مَاتَ لزم الاقامة بمسجده بالشارع على طَريقَة جميلَة من اقراء الْعلم والقراآت غير مُتَرَدّد لأحد من بني الدِّينَا وَلَا(9/49)
مُزَاحم الْفُقَهَاء فِي الشَّيْء من وظائفهم وَنَحْوهَا بل يتعيش بالمزارعة وَالتِّجَارَة، كل ذَلِك مَعَ الْوَرع والعفة والإيثار واتابع السّنة وَالصَّبْر وَالِاحْتِمَال والاحسان للارامل والايتام والاصلاح بَين النَّاس وملازمة الصّيام والاكثار من التِّلَاوَة بِصَوْت حسن وخشوع زَائِد حَتَّى كَانَ يقْصد من الاماكن النائية لسماعها فِي قيام رَمَضَان، وَقد حج وَاسْتمرّ على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ بعد مرض طَوِيل فِي عصر يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشر رَجَب سنة خمس وَأَرْبَعين وَدفن بتربة صهره أبي أم وَلَده الشريف أَحْمد الْحُسَيْنِي بجوار ضريح إمامنا الشَّافِعِي رَحمَه الله وإيانا.
128 - مُحَمَّد بن بن أَحْمد الْبَدْر بن الْغَزِّي الدِّمَشْقِي. / ولد بهَا وَنَشَأ وَكتب الْخط الْمليح وَعرف الْحساب وباشر المرستان النوري وَغَيره مَعَ مُرُوءَة وفضيلة وأخلاق حَسَنَة وآداب جميلَة وَمَعْرِفَة بالامور الَّتِي بِدِمَشْق. ذكره المقريزي فِي عقوده وسَاق عَنهُ عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بركَة المزين شَيْئا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبَدْر بن مزهر. / فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق.
129 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس بن الامين بن الشهَاب الْمصْرِيّ المنهاجي الشَّافِعِي ابْن سبط الشَّمْس بن اللبان. / ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتنبيه واشتغل يَسِيرا وَكَانَ أَبوهُ متمولا وَله أَيْضا نِسْبَة بالبرهان الْمحلي التَّاجِر الْكَبِير فَلَمَّا مَاتَ سعى وَلَده هَذَا فِي حسبَة مصر فوليها مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ توصل إِلَى أَن استنابه الْجلَال البُلْقِينِيّ فِي الْقَضَاء بِمصْر مَعَ الْجَهْل المفرط، وَكَانَ يجلس فِي دكاكين الشُّهُود ويتعاني التِّجَارَة والمعاملة فَكَانَ يرْتَفع وينخفض إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين غير معدم وَلَكِن سرق غالبه. قَالَه شَيخنَا فِي انبائه، وَأَظنهُ وَالِد الشهَاب أَحْمد الحكري الملقب بِابْن الْحمار أحد النواب أَيْضا
130 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس بن الْفَتْح الدّين الشربيني الازهري الشَّافِعِي / فَقِيه بني يحيى بن الجيعان. مِمَّن لازمني فِي قِرَاءَة مُسلم وَغَيره واشتغل وَفهم قَلِيلا وَسمع ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة مَعَ خير وتقلل.
131 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس بن الخص / السمسار بسوق أَمِير الجيوش. كَانَ خيرا محبا فِي الصَّالِحين رَاغِبًا فِي حُضُور المواعيد وَنَحْوهَا مَذْكُورا بَين النَّاس بالنصح فِي سمسرته مِمَّن استكتب القَوْل البديع وَغَيره من تصانيفي وَغَيرهَا. وَمَات فِي لَيْلَة ثَانِي عشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين رَحمَه الله.
132 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس البقاعي الدِّمَشْقِي. / أَخذ القراآت عَن ابْن الْجَزرِي وَعنهُ مُحَمَّد بن عَليّ بن اسمعيل الْقُدسِي بِالْقَاهِرَةِ سنة سبع وَخمسين.(9/50)
133 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس البسكري المغربي الْمَالِكِي الْمُقْرِئ نزيل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وأخو أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بِابْن ثابر. / حفظ الشاطبيتين وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وانتفع فِي القراآت بالشمس الششتري الْمدنِي، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فَتلا بعض الْقُرْآن بالعشر على الزينين زَكَرِيَّا وجعفر والشهاب الصَّيْرَفِي وَالشَّمْس النوبي وناصر الدّين الاخميمي وَكَتَبُوا لَهُ، ولقيني بِالْمَدِينَةِ فَسمع مني أَشْيَاء وَكتب لَهُ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس الْحَمَوِيّ الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن المعشوق. / مِمَّن أَخذ عَن شَيخنَا وَسَيَأْتِي فِي مُحَمَّد بن أَحْمد نَاصِر الدّين.
134 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس العامري الْغَزِّي الشَّافِعِي وَيعرف بالحجازي. / ولد سنة أَرْبَعِينَ وَالَّتِي تَلِيهَا بغزة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمناهج والبهجة وَغَيرهَا وانتفع بعالم بَلَده الشَّمْس بن الْحِمصِي بِحَيْثُ تميز فِي فنون وبرع فِي التوثيق مَعَ سرعَة الْكِتَابَة وجودة الْفَهم والمداراة)
وَالْعقل وإجادة النّظم والنثر، وناب فِي الْقَضَاء بِبَلَدِهِ وَدخل دمشق وحلب وَأخذ عَن بعض علمائهما وَكَذَا أَخذ فِي الْقَاهِرَة عَن الْعَبَّادِيّ والبكري والجوجري وزَكَرِيا وَابْن قَاسم وَسمع عَليّ الشاوي والزكي الْمَنَاوِيّ فِي آخَرين ولازمني فَقَرَأَ على بحثا ألفية الْعِرَاقِيّ والنخبة وَشَرحهَا وشرحي لمنظومة ابْن الْجَزرِي من نسخته مَعَ أَمَاكِن من شرحي للألفية وَجَمِيع الابتهاج وَكتب مِنْهُ نُسْخَة ومجلسي فِي ختم البُخَارِيّ وَبَعض إملائي على الاذكار وَجُمْلَة رِوَايَة ودراية، وأذنت لَهُ مَعَ غير وَاحِد الافادة، وخطب وَوعظ وَرُبمَا نظم، وَقَرَأَ الحَدِيث على الْعَامَّة فِي بَلَده وَأَحْيَا طَريقَة شَيْخه ابْن الْحِمصِي وَأفَاد ماحمد بِسَبَبِهِ. وَلم يلبث أَن مَاتَ بعد تعلله بالكبد وَغَيره فِي الْعشْر الثَّالِث من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمَا تخلف عَن جَنَازَة هـ كَبِير أحد وتأسفت على فَقده كثيرا رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
135 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس الفليوبي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل الْقصر بِالْقربِ من الكاملية ووالد أبي الْفَتْح مُحَمَّد الْمكتب الْآتِي وَيعرف بالحجازي. أَخذ عَن النُّور الْآدَمِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَابْن المجدي وَعنهُ أَخذ الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا من فنونه وَأذن لَهُ إصْلَاح تصانيفه فِي آخَرين كالبدر الْعَيْنِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ شَرحه للشواهد وَأصْلح فِيهِ بتحقيقه شَيْئا كثيرا بعد توقفه فِي ذَلِك أَو لاوسمع الْكثير عَليّ ابْن الْجَزرِي وَمن قبله على الشّرف بن الكويك وَمن قبله على الْجمال الآميوطي أَظُنهُ بِمَكَّة وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وتصدى لنفع الطّلبَة، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ امام الكاملية والواوي البُلْقِينِيّ والاسيوطي وَأَبُو السعادات والزواوي والبيجوري(9/51)
وزَكَرِيا وَعلي الطبناوي وَاخْتصرَ الرَّوْضَة اختصارا حسنا ضم إِلَيْهِ من كَلَام الاسنوي والبلقيني والوالي الْعِرَاقِيّ وَغَيرهم أَشْيَاء مفيدة وَكتب على الشفا تَعْلِيقا لطيفا وعَلى الْحَاوِي مُخْتَصر التَّلْخِيص لِابْنِ الْبناء فِي الْحساب شرحا وَغير ذَلِك، وَكَانَ إِمَامًا عَالما فَاضلا ماهرا فِي الْفَرَائِض والحساب والعربية محبا فِي الامر بِالْمَعْرُوفِ حَرِيصًا على تفيهم الْعلم مَعَ لطف المحاضرة والنادرة والخبرة بالامور الدُّنْيَوِيَّة بِحَيْثُ كَانَ مشارفا بالجمالية ومباشرا بوقف ينبغا التركماني، ومحاسنه كَثِيرَة، حج وجاور. وَمَات فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَصلى عَلَيْهِ القاياتي حِين كَانَ قَاضِيا بمصلى بَاب النَّصْر وَدفن بتربة خلف الاشرفية برسباي رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشمسر الْمَنَاوِيّ بن الريفي. / مضى فِيمَن جده أَحْمد بن معِين.)
136 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد نَاصِر الدّين الْجَوْجَرِيّ ثمَّ الخانكي / أحد تجارها وأخو عبد الْغَنِيّ الْمَاضِي وَذَاكَ أصغرهما. حج هُوَ وَأَخُوهُ وَكَانَ فِي سَمعه ثقل فَلَمَّا انْتَهوا لرابغ قيل فبادر واغتسل للاجرام فَحم وَاسْتمرّ حَتَّى دخل مَكَّة. وَمَات فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَدفن من الْغَد.
137 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد نَاصِر الدّين الطلخاوي ثمَّ القاهري. / أَقَامَ تَحت نظر قَرِيبه الْبَدْر حسن حَتَّى حفظ كتبا وعرضها واشتغل قَلِيلا وَجلسَ عِنْده للشَّهَادَة. مَاتَ فِي سنة تسعين بطلخا، وَكَانَ عَاقِلا.
138 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد نَاصِر الدّين الفارسكوري ثمَّ الدمياطي الغزولي. / مِمَّن سمع مني.
139 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد ولي الدّين أَبُو عبد الله بن الشَّمْس أبي عبد الله ابْن الشهَاب السهودي القاهري الشَّافِعِي. / ولد سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرضه عَليّ البُلْقِينِيّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَجَازَهُ والصدر الْمَنَاوِيّ وَآخَرين واشتغل أجَاز لي. مَاتَ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الملاوي. / فِيمَن جده أَحْمد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن يُوسُف.
140 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ الْحلَبِي وَيعرف بالصابوني / مِمَّن سمع مني.
141 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الساحلي الاندلسي نزيل مالقة وَيعرف بالساحلي وبالمعجم. / رَأَيْت ابْن عزم قَالَ أَنه شيخ قدوة مَسْلَك لَهُ كَلَام فِي الْعرْفَان ومنسك لطيف وتؤثر عَنهُ كرامات بل لَهُ أَيْضا بغية السالك إِلَى أشرف المسالك ونهزة التَّذْكِرَة ونزهة التَّبْصِرَة. مَاتَ سنة ثَلَاث أَو بعْدهَا بِقَلِيل. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْعَدوي.
142 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الغزولي. / ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وبيض لَهُ.
143 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد المقدشي بالشين الْمُعْجَمَة. / ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ(9/52)
ولد سنة أَربع عشرَة وَسَبْعمائة، وَسمع أَكثر صَحِيح مُسلم عَليّ أبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وَحدث بِهِ سَمعه مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ أَحَادِيث مِنْهُ، وَلَو كَانَ سَمَاعه على قدر سنة لأتي بالعوالي، وَكَانَت فِيهِ دعابة ويلقب بَين أَصْحَابه قَاضِي الْقُضَاة لكَونه كَانَ لِسَلَامَةِ صَدره وَكَثْرَة عِبَادَته وديانته يلهج بهَا كثيرا فَإِذا قيل لَهُ ياسيدي ول فلَانا يَقُول وليته قَاضِي الْقَضَاء. مَاتَ فِي سادس عشري رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَقد قَارب التسعين. وَنَحْوه قَوْله فِي الانباء: وَكَانَ ذَا خير وَعبادَة وَفِيه سَلامَة فَكَانَ أَصْحَابه يَقُولُونَ لَهُ أدع فلَان فَيَقُول وليته قَضَاء الْعَسْكَر فَكثر ذَلِك مِنْهُ فلقبوه قَاضِي)
الْقُضَاة، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي رَحمَه الله.
144 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد النابتي أَخُو عبد الْقَادِر / الْمَاضِي وأبوهما ونزيلو جَامع الغمري. مِمَّن سمع منى أَشْيَاء.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أسعد القاياتي. / سقط من نسبه مُحَمَّد آخر كَمَا سَيَأْتِي.
145 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد اسمعيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف الْبَدْر بن الشَّمْس الْعمريّ الونائي الاصل القاهري الشَّافِعِي سبط النُّور التلواني / والماضي أَبوهُ. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي رَمَضَان سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي جَامع الاقمر وَمِمَّنْ حضر خَتمه شَيخنَا وروى عَنهُ فَوق الْمِنْبَر حَدِيثا وَحفظ الاهتمام والتنبيه وتصحيحه للاسنوي وَجمع الْجَوَامِع وألفية الحَدِيث والنحو وَعرض على غير وَاحِد كشيخنا بل قَرَأَ عَلَيْهِ ألفية الحَدِيث والقاياتي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والمحلي والسعد بن الديري والعيني والبدر بن التنسي وَعبادَة وَابْن الْهمام والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والمحب الْبَغْدَادِيّ، واشتغل على أَبِيه، وَبعده تشاغل بالزراعة والمعاملات فِي ذَلِك وَفِي غَيره، وتمول جدا خُصُوصا حِين اخْتِلَاطه بتمربغا وتمراز، وَصَارَ مشارا اليه بِحَيْثُ ان الاشرف قايتباي أَخذ مِنْهُ نَحْو عشرَة آلَاف دِينَار وَأكْثر، وَهُوَ على الهمة محب فِي الاطعام.
146 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله البنهاوي وَيعرف أَولا بالاشبولي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل الحسينة. / ولد تَقْرِيبًا سنة تسع وسبيعين وَسَبْعمائة وَأَنه كتب بخطة أَنه فِي سنة تسع وَسِتِّينَ لآن تَارِيخ عرضه فِي سنة احدى وَتِسْعين بِتَقْدِيم الْمُثَنَّاة الفوقانية وَيبعد فِي الْغَالِب عرض من يزِيد على احدى وَعشْرين سنة. وَكَانَ مولده بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه، وَعرض على الابناسي وَابْن الملقن وَولده والكمال الدَّمِيرِيّ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أبي حَامِد أَحْمد بن التقي السُّبْكِيّ وَابْن أبي الْبَقَاء وَالشَّمْس الانصاري القليوني وَمُحَمّد بن أبي بكر بن سُلَيْمَان الْبكْرِيّ وأجازوه وَأَجَازَ لَهُ أَيْضا الْمجد اسمعيل الْحَنَفِيّ والحلاوي والتقي الدجوي وَسمع عَليّ(9/53)
ابْن الشيخة والتنوخي وَابْن الفصيح والعراقي والهيثمي وَنصر الله الْعَسْقَلَانِي القَاضِي الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين وَمِمَّا سَمعه على أَو لَهُم مُسْند الطَّيَالِسِيّ وَحدث بِهِ غير مرّة سَمعه مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكنت مِمَّن سَمعه مَعَ غَيره عَلَيْهِ، وَكَانَ فَقِيرا قانعا صوفيا بِسَعِيد السُّعَدَاء والبيرسية رَاغِبًا فِي الإسماع. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَخمسين رَحْمَة الله.)
147 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل بن مُحَمَّد الصَّدْر بن الشَّمْس الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي سبط الْبُرْهَان النابلسي وَيعرف كأبيه بِابْن خطيب السَّقِيفَة. / مِمَّن حفظ الْمِنْهَاج واشتغل ومولده قبل الثَّمَانِينَ بِسنتَيْنِ.
148 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل بن يُوسُف بن عُثْمَان بن عماد الشَّمْس بن الشَّمْس ابْن الْعِمَاد الْحلَبِي الأَصْل الْحِجَازِي الْمدنِي المولد الْمَكِّيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ، وَيعرف بِابْن الْحلَبِي وبابن أُخْت الْغَرْس خَلِيل السخاوي. ولد فِي سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بِمَكَّة فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَسمع عَليّ ابْن صديق الأمالي وَالْقِرَاءَة لإبني عَفَّان، وَقدم الْقَاهِرَة وَولى نظر دَار الضَّرْب وقتا وسافر بِحمْل الْحَرَمَيْنِ فِي بعض السنين وَصَحب الظَّاهِر جقمق بانضمامه لخاله وأثرى، وَكَانَ خيرا دينا حسن الْخط منجمعا عَن النَّاس مديما للْجَمَاعَة فِي سعيد السُّعَدَاء وشهود السَّبع بهَا غَالِبا وَله بُسْتَان فِيهِ منظرة وأماكن سفل قنطرة الْحَاجِب ولجماعة من الْفُضَلَاء إِلَيْهِ بعض التَّرَدُّد كالشهاب التوتي وَالْعلم سُلَيْمَان الحوفي وَرُبمَا كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يقْرَأ عَلَيْهِ وعَلى غَيره، اجْتمعت بِهِ فِي بستانه وَسمعت مِنْهُ من نظم وَالِده شَيْئا بل قَرَأت عَلَيْهِ الأمالي الْمَذْكُورَة. وَمَات فِي ربيع الأول سنة خمس وَخمسين رَحمَه الله وإيانا.
149 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل الشَّمْس الْبكْرِيّ الدهروطي الأَصْل الْمصْرِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن المكين / وَهُوَ لقب جده. اشْتغل فِي الْفِقْه والنحو وَمن شُيُوخه فِيهِ الْبَهَاء بن عقيل قَرَأَ عَلَيْهِ الألفية وَسمع من أبي الْفرج بن الْقَارئ شَيْئا من مشيخته وَمن الشّرف أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عَسْكَر الْمُوَطَّأ وَحدث بِبَعْضِه روى لنا عَنهُ غير وَاحِد مِنْهُم شَيخنَا وَقَالَ أَنه نَاب فِي الحكم بِمصْر لمُدَّة طَوِيلَة ودرس بالبرقوقية وَكَذَا بالمسلمية بِمصْر. وَمَات فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث عَن نَحْو سِتِّينَ سنة، وَزَاد فِي الابناء انه عين للْقَضَاء الاكبر فَامْتنعَ مَعَ استمراره على النِّيَابَة.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ دينا ذَا وقار وَسُكُون رَحمَه الله.
150 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل الشَّمْس الغانمي الْمَقْدِسِي. / مِمَّن سمع من شَيخنَا.(9/54)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل البرادعي. / صَوَاب جده سُلَيْمَان وَسَيَأْتِي.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل البعلي الشَّافِعِي بن المرحل. /
151 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسمعيل الوفائي الصُّوفِي. / نَشأ فَقَرَأَ الْقُرْآن وَغَيره عِنْد الْبَدْر الانصاري)
سبط الحسني وأسمعه على شَيخنَا والرشيدي وَغَيرهمَا وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء ثمَّ أقبل على شَأْنه وَلَا بَأْس بِهِ.
152 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بن مكي بن عبد الْوَاحِد الشَّمْس الفوي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أَيُّوب. /
ولد تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بفوة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وكتبا وتفقه بالبدر بن الْخلال وَكَذَا أَخذ بِالْقَاهِرَةِ وتكرر قدومه لَهَا عَن جمَاعَة بل قَرَأَ على شَيخنَا النخبة وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الرَّشِيدِيّ وَغير وَاحِد بِقِرَاءَتِي وَقِرَاءَة غَيْرِي وَرُبمَا قَرَأَ، وتميز فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَله نظم وامتد حَنى بقصيدة فِي حَيَاة شَيخنَا ثمَّ كتب عَنهُ بِجَامِع ابْن نصر الله فِي بَلْدَة قَوْله:
(حاولت سلوانا فَلم أَسْتَطِيع ... صبرا على الْعَيْش الَّذِي أمرا)
(وَقَالَ لي المحبوب تيها لقد ... أتيت أمرا فِي الورى إمرا)
وَانْقطع فِي بَلَده للاشتغال وَالْكتاب بالأخرة وَرُبمَا انجر.
153 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بخشيش بِفَتْح الْمُوَحدَة ثمَّ مُعْجَمه سَاكِنة بعْدهَا معجمتين بَينهمَا تَحْتَانِيَّة بن أَحْمد الْجمال بن نَاصِر الدّين الجندي. / سمع فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة من ابْن صديق رباعيات الصَّحَابَة ليوسف بن خَلِيل وَغَيرهَا، وَدخل بِلَاد الْهِنْد صُحْبَة وَالِده للتِّجَارَة وَكَذَا الْقَاهِرَة للاسترزاق ثمَّ انْقَطع بعد الثَّلَاثِينَ بِقَلِيل بجدة وتأهل بهَا وباشر حسبتها عَن قضاتها. وَمَات بهَا بعد أَن جَازَ لي فِي رَمَضَان سنة تسع وَخمسين.
154 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بدير بدر الدّين العباسي زوج أُخْت الْبَدْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْملك الدَّمِيرِيّ ورفيقة فِي مشارفة البيمارستان وَيعرف بالعجمي. / كَانَ مشكور السِّيرَة محببا إِلَى النَّاس. مَاتَ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَكثر التأسف عَلَيْهِ رَحمَه الله وأظن جده صَاحب الْمدرسَة البدرية بِبَاب سر الصالحية.
155 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بريش بِضَم الْمُوَحدَة ثمَّ رَاء بعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ مُعْجمَة الشَّمْس البعلي الخضري بمعجمتين الأولى مَضْمُومَة. / سمع فِي سنة خمس وَتِسْعين بِبَلَدِهِ عَليّ عبد الرَّحْمَن بن الزعبوب الصَّحِيح وَحدث بِبَعْضِه سمع مِنْهُ بعض أَصْحَابنَا. وَمَات قبل دخولي بَلَده بِمدَّة.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْبَهَاء الْمَكِّيّ. / يَأْتِي فِيمَن جده عبد الْمُؤمن.(9/55)
156 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن اسمعيل بن عبد الله الشَّمْس أَو الْعِمَاد الجعبري القاهري الْحَنْبَلِيّ القباني / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد بعد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ)
الْقُرْآن وَحفظ الْخرقِيّ وَعرضه على الْكَمَال الدَّمِيرِيّ وَأَجَازَ لَهُ فِي آخَرين وَسمع البُخَارِيّ إِلَّا الْيَسِير مِنْهُ عَليّ ابْن أبي الْمجد وختمه عَليّ التنوخي والعراقي والهيثمي، واشتغل بالتعبير على أَبِيه وَغَيره وَتعلم أَسبَاب الْحَرْب كالرمي وجر الْقوس الثقيل وعالج وثاقف وفَاق فِي غالبها ونظم كثيرا من الْفُنُون الْخَارِجَة عَن الابحر كالمواليا ثمَّ رأى فِي الْمَنَام أَن فِي فَمه شعرًا يَعْنِي بِفَتْح الْمُعْجَمَة والمهملة كثيرا وَأَنه قلعه فَأصْبح وَقد قلع من قلبه حب الشّعْر وعادت عَلَيْهِ بركَة سَمَاعه للْحَدِيث فَتَركه ونسى مَا كَانَ قَالَه إِلَّا النَّادِر وَمِنْه:
(يَا راشق الْقلب مهلا ... أصبت فَاكْفُفْ سهامك)
(وَيَا كثير التجني ... منعت حَتَّى سلامك)
وَكَانَ كأبيه صوفيا بِسَعِيد السُّعَدَاء بل قباني المخبز بهَا أجَاز لي. وَمَات فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَخمسين رَحمَه الله.
157 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب الْبَدْر أَبُو عبد الله بن فتح الدّين بن الزين المحرقي ثمَّ القاهري وَالِد الْمُحب مُحَمَّد والبهاء أَحْمد الْمَذْكُورين وَأَبوهُ، وَيعرف كسلفه بالمحرقي / وَمن سمي وَالِده صَدَقَة كالعيني فَهُوَ غلط سِيمَا وَقد عرض الْبَدْر الْعُمْدَة فِي سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة عَليّ شَيخنَا والبيجوري والبرماوي وَمُحَمّد بن عبد الْمَاجِد سبط ابْن هِشَام وَابْن المجدي، وَاتَّفَقُوا على أَنه فتح الدّين مُحَمَّد، وَاسْتقر بعد أَبِيه كَمَا سلف فِيهِ فِي عدَّة مباشرات.
وَمَات فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين رَحمَه الله.
158 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن الْحُسَيْن بن عمر أَبُو الرضي بن الْجمال أبي الْيمن بن الزين العثماني المراغي الْمدنِي الشَّافِعِي أَخُو حُسَيْن / الْمَاضِي وأبوهما. سمع على جده، وَقتل مَعَ أَخِيه وأبيهما بدرب الشَّام. مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزين أَبُو بكر ابْن نَاصِر الدّين أبي الْفرج المراغي الْمدنِي ابْن عَم الَّذِي قبله. يَأْتِي فِي الكنى.
159 - مُحَمَّد الشَّمْس وَالْجمال أَبُو عبد الله وَأَبُو نصر الشَّافِعِي المقعد / أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي صفر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِطيبَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد أبي بكر المغربي وانتفع ببركته بِحَيْثُ أَنه لم يحْتَج إِلَى إِعَادَة، والمنهاجين الفرعي والأصلي والجرومية وألفية ابْن مَالك والشاطبية وَنصف الفية الحَدِيث الأول،(9/56)
وَعرض على جمَاعَة كالمحب المطري وَفتح الدّين بن صلح وَالْجمال بن فَرِحُونَ وَالشَّمْس بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز وَأبي الْفرج بن الْجمال)
الكازرونيين فِي آخَرين فيهم مِمَّن لم يجز السَّيِّد عَليّ شيخ الباسطية المدنية، وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء وَالِده شَيخنَا وَجَمَاعَة وبإستدعاء ابْن فَهد خلق وجود الْقُرْآن على ابْن عبد الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ بل تلاه بِالسَّمْعِ على السَّيِّد إِبْرَاهِيم الطباطبي وتفقه بالكازرونيين وَقَرَأَ البُخَارِيّ على ثَانِيهمَا بل أحضر على وَالِده الْجمال الكازروني فِي أثْنَاء الرَّابِعَة وأثناء الْخَامِسَة بعض الصَّحِيحَيْنِ وَابْن مَاجَه والشفا وَكَذَا أَخذ الْفِقْه أَيْضا مَعَ الْعَرَبيَّة عَن أبي الْفَتْح ابْن التقي وأصول الْفِقْه عَن أبي السعادات بن ظهيرة والامين الأقصرائي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشفا وأصول الدّين عَن ابْن الْهمام بل سمع عَلَيْهِ فِي فقه الْحَنَفِيَّة ولازم الشهَاب الابشيطي فِي الْفِقْه والعربية والاصلين والفرائض والحساب وَغَيرهَا وانتفع بِهِ كثيرا وَكَانَ يجله وأباه كثيرا وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ المنسك لِابْنِ جمَاعَة، وَلبس الْخِرْقَة من الصَّدْر الْعُكَّاشِي الرواسِي وَقَرَأَ على الْمُحب المطري البُخَارِيّ وَبَعض الشفا، ولازم وَالِده من سنة خمس وَأَرْبَعين حَتَّى مَاتَ بِحَيْثُ قَرَأَ عَلَيْهِ الْكثير جدا وَسمع على عَمه الشّرف أبي الْفَتْح أَشْيَاء وَمَا تيَسّر لَهُ الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَقَرَأَ عَليّ النقي بن فَهد بِمَكَّة يَسِيرا وَصَارَ لِكَثْرَة ممارسته للسملع وَالْقِرَاءَة بارعا فِي أَلْفَاظ الْكتب الشهيرة مجيدا لقراءتها فصيحا بِحَيْثُ كَانَ ابْن السَّيِّد عفيف الدّين يُنَوّه بِهِ فِي ذَلِك، وتصدر بعد أَبِيه للأسماع فَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ من شَاءَ الله من أهل بَلَده القادمين عَلَيْهَا وهم متفقون على وجاهته وجلالته وخيره ومتانة عقله بِحَيْثُ صَار مرجعا فِي مهماتهم وَغَيرهَا من أُمُور الْمَدِينَة سِيمَا وآراؤها جليلة ومقاصده حَسَنَة جميلَة وتودده للْفُقَرَاء والغرباء متزايد ولذله لما تَحت يَده من الْكتب وَهُوَ شَيْء كثير لطالبه من أهل الْبَلَد وَغَيرهم منتشرة، وَله فِي الْحَرِيق الْوَاقِع بهَا الْيَد الْبَيْضَاء بل همته عَلَيْهِ وبهجته جليلة مَعَ نقص حركته فَإِنَّهُ من صغره عرض لَهُ عَارض بِحَيْثُ أقعد حَتَّى صَار يمشي أَولا على عكازين ثمَّ بِأخرَة صَار يوضع على تكة لَهَا بكر تسحب بهَا إِلَى بَاب الْمَسْجِد ويحمله من ثمَّ حَامِل إِلَى اسطوانة التَّوْبَة من الرَّوْضَة فيجلس بهَا فِي أَيَّام الْجمع وَنَحْوهَا وَكَذَا أشهر الحَدِيث وَنَحْو ذَلِك وَبَاقِي الْأَيَّام فِي بَيته وَلَا يتْرك مَعَ ذَلِك الْحَج فِي كل سنة، وَقد لَقيته مرَارًا بِمَكَّة ثمَّ بِالْمَدِينَةِ فِي مجاورتي بهَا وَسمع مني أَشْيَاء وَعظم اغتباطه بِي هم بابطال اسماعه حِين إقامتي وَصَارَ يحض النَّاس على الْأَخْذ عني ووالي فضاله وتفقده بِحَيْثُ استحييت مِنْهُ وأضافني فِي مكانهم الشهيرمن(9/57)
العوالي واستأنس بِي كثيرا وَسمعت من لَفظه مَا نظمه عَمه الْجمال أَبُو الْيمن مُحَمَّد فِي آبار الْمَدِينَة حدث بهَا عَن أَبِيه عَنهُ، وَأمره فِي جَمِيع مَا أَشرت إِلَيْهِ يزِيد على أَبِيه)
وَلذَا كثرت دُيُونه لِكَثْرَة تجمله ومواساته بِخِلَاف أَبِيه. وَمَا يزل على وجاهته إِلَى أَن مَاتَ فِي ضحى يَوْم الاحد منتصف الْمحرم سنة إِحْدَى وَتِسْعين بعد تمرضه ثَلَاث أَيَّام أسكت فِيهَا نَحْو يَوْمَيْنِ، وَلم يخلف بعده هُنَاكَ فِي مَجْمُوعه مثله وَحصل الأسف على فَقده رَحمَه الله وإيانا.
160 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن خلد الْبَدْر السدرسي الاصل القاهري الْحَنْبَلِيّ سبط القَاضِي نور الدّين الْبُوَيْطِيّ، أمه آمِنَة وَيعرف بالسعدي. / ولد فِي ثَالِث شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بجوار مدرسة البُلْقِينِيّ وَمَات أَبوهُ وَهُوَ ابْن ثَلَاث فَنَشَأَ فِي كَفَالَة أمه وَأمّهَا وَحفظ الْقُرْآن وَالْوَجِيز وألفية النَّحْو وَالتَّلْخِيص ومعظم جمع الْجَوَامِع فِيمَا ذكره لي وجود فِي الْقُرْآن عَليّ الزين جَعْفَر السنهوري وَرُبمَا قَرَأَ عَلَيْهِ فِي غَيره وَأخذ النَّحْو عَن الايدي والراعي وَأبي الْقسم النويري وَمن ذَلِك عَنهُ جلّ شَرحه لمنظومته الَّتِي اختصر فِيهَا الالفية والشمني وَمِنْه عَنهُ حَاشِيَته على الْمُغنِي وَكَذَا أَخذه هُوَ وَالصرْف عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ بل قَرَأَ عَلَيْهِ جُزْءا من تصانيفه وَالْبَعْض من النَّحْو وَغَيره عَن أبي الْفضل المغربي ولازم التقي الحصني فِي الاصلين والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَغَيرهَا وَحضر عِنْد الشرواني دروسا فِي الْمُخْتَصر وَغَيره وَعند ابْن الْهمام مَا قرئَ عَلَيْهِ قبيل مَوته من تحريره فِي الاصول وَقَرَأَ على الكافياجي مُؤَلفه فِي كلمة التَّوْحِيد وَغَيره وعَلى أبي الْجُود البني مَجْمُوع الكلائي وَكتب عَنهُ شَرحه بل أَخذ فِي الْفَرَائِض أَيْضا عَن البوتيجي وَفِي الْحساب عَن السَّيِّد عَليّ تلميذا ابْن المجدي والشهاب السجيني وَفِي المقيات عَن النُّور النقاش وَفِي الْأَدَب عَن ابْن صلح وَغَيره وجود الْخط على الْبُرْهَان الفرنوي وَكتب الْيَسِير على أبي الْفَتْح الْحِجَازِي بل كتب قبلهمَا يَوْمًا وَاحِدًا على الزين بن الصَّائِغ ولازم شَيخنَا فِي كثير من دروس الحَدِيث وَغَيرهَا وَكتب عَنهُ من أَمَالِيهِ وَحمل عَنهُ أَشْيَاء من تصانيفه وَغَيرهَا وَأخذ فِي شرح الألفية الحديثية قِرَاءَة وسماعا عَن الْمَنَاوِيّ وَسمع على السَّيِّد النسابة والْعَلَاء القلقشندي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والأمين الاقصرائي والقطب الْجَوْجَرِيّ وَابْن يَعْقُوب والابودري وَابْني الفاقوسي وامام الصرغتمشية وَعبد الْكَافِي بن الذَّهَبِيّ وَعبد الرَّحِيم الاميوطي والتقي بن فَهد شعْبَان ابْن عَم شَيخنَا وخال أمه النُّور البلبيسي وَخلق أعلاهم سارة ابْنة ابْن جمَاعَة(9/58)
بِالْقَاهِرَةِ ومصر وَبَعض ضواحيهما بل وَبَعض ذَلِك بِمَكَّة حج حجَّة الاسلام وتفقه بِالنورِ بن الرزاز وَكَذَا الْجمال بن هِشَام وَلَكِن قَلِيلا مَعَ دروس فِي النَّحْو إِلَى غير هَؤُلَاءِ مِمَّن تَذَاكر مَعَهم وتميز بِضَم مَا مَعَه لما عِنْدهم، ولازم شيخ الْمَذْهَب الْعِزّ الْكِنَانِي)
فِي الْفِقْه وَغَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكثير قبل الْقَضَاء وَبعده فِي الدُّرُوس وَغَيرهَا واختص بِهِ فَتوجه لتقديمه وَتوجه بمزيد إرشاده وتفهمه وأعانه هُوَ بِنَفسِهِ بِحَيْثُ حقق مِنْهُ مَا كَانَ فِي ظَنّه وحدسه وبمجرد ترعرعه وَبدر صَلَاحه وَحسن منزعه ولاه القضا وأولاه من الْجَمِيل مَا يرتضي فتدرب فِيهِ بِمن يرد عَلَيْهِ من أَعْيَان الموثقين وتقرب لذَلِك بِمَا حصله من الْفِقْه والفنون والمشار إِلَيْهَا بِالتَّعْيِينِ فَذكر بالجميل وشكر بِنَا لَا يقبل التَّأْوِيل وَأذن لَهُ فِي الافتاء والتدريس غير وَاحِد وَأحسن فِي تأدية مَا تحمله الْمَقَاصِد فَأفْتى ودرس وأوضح بالتقييد والتقرير وَمَا كَانَ قد الْتبس ونظم ونثر وَبحث وَنظر، وَاسْتقر فِي حَيَاته فِي افتاء دَار الْعدْل والتدريس الْفِقْه بالمنكوتمرية والقرا سنقرية مَعَ مباشرتها والْحَدِيث بمسجدي رشيد وقطز وَبعد مَوته فِي التدريس الْفِقْه بالشيخونية ثمَّ فِي الْقَضَاء الْحَنَابِلَة بالديار المصرية لَا تفاقمهم على تقدمه على سَائِر حنابلتها وَسَار فِيهِ أحسن سيرة وترقى فِي سَائِر أَوْصَافه علما وفهما وخبرة تَامَّة بالاحكام وَحسن نظر فِي الْمكَاتب وعقلا ومداراة واحتمالا وتواضعا وعفة ومحاسن جمة حَتَّى خضع لَهُ شيخ حنابلة الشَّام والْعَلَاء المرداوي حِين راسله يتعقب عَلَيْهِ أَشْيَاء وَقعت فِي تصانيفه وأذعن لكَونه مخطئا فِيهَا وَالْتمس مِنْهُ الْمَزِيد من بَيَان مَا يكون من هَذَا الْقَبِيل ليحصل لَهُ بذلك الْأجر وَالثَّوَاب، وَقد كتب بِخَطِّهِ جملَة وَأجَاب فِي عدَّة وقائع بِمَا استحسنت كِتَابَته فِيهِ كل ذَلِك لحسن تصَوره وجودة تدبره، وَعِنْدِي من فَوَائده الْقَدِيمَة والحديثة مَا تطول التَّرْجَمَة ببسطه وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ قَاضِي الْحَنَفِيَّة الشَّمْس الامشاطي يناكده ويحيل عَلَيْهِ فِي الاسبدالات ويروم إِمَّا اخْتِصَاصه بهَا أَو إشراكه مَعَه فِيهَا بعد مزِيد إجلاله والتنويه بِهِ مساعدته قبل الْولَايَة وَبعدهَا وَكَون السَّبَب فِي عزل ابْن الشّحْنَة واستقراره عقب توقفه عَن الْمُوَافقَة لَهُ فِي بعض القضايا، وَلم يزل يسترسل فِي المناكدة إِلَى أَن اتّفقت قَضِيَّة مشعرة بمعارضة فانتهز الفرصة ودس من لبس بِحَيْثُ صرفه ثمَّ أَعَادَهُ بعد أَيَّام وللاتابك فِيهِ الْيَد الْبَيْضَاء وتزايد السرُور بعوده، وَلم يلبث أَن مَاتَ الْحَنَفِيّ فتزايد فِي الارتقاء ودعوت لَهُ بطول الْبَقَاء وَأثْنى عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه وَاسْتقر فِي نقابته التقي بن القزازي الْحَنَفِيّ فِي سنة تسعين ثمَّ صهره الرضي الاسحاقي وَكِلَاهُمَا مِمَّن أَجَاد، وَقَرَأَ عَلَيْهِ غير(9/59)
وَاحِد من الْفُضَلَاء فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا، وَحدث بِمُسْنَد امامه بِتَمَامِهِ وَختم فِي مجمع حافل ولخص لامامه تَرْجَمَة حَسَنَة التمس من الْمُرُور عَلَيْهَا، إِلَى غير ذَلِك، وحرص على ازدياد من الْفَضَائِل بِحَيْثُ كتب بِخَطِّهِ من تصانيفه أَشْيَاء واستكتب كَذَلِك سِيمَا وبيننا من)
الووودما اشْتهر وتحدد لَهُ تدريس البرقوقية والمنصورية وَغَيرهمَا وناب فِي تدريس الصَّالح وَأكْثر من زِيَارَة الصَّالِحين أَحيَاء وأمواتا مَعَ خشوع وخضوع وتلاوة لِلْقُرْآنِ وَتوجه والتجاء.
161 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن خلد الشَّمْس أَبُو البركات البلبيسي الاصل القاهري الازهري الشَّافِعِي الفرضي وَيعرف بالبليسي الفرضي. / ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن والعمدة ومختصر أبي شُجَاع والجرومية والرحبية وَغَيرهَا مِمَّا لم يتمه وتفقه بالعبادي وَالْفَخْر المقسي ولازمهما فِي تقاسيمها بل قَرَأَ على ثَانِيهمَا فِي بَعْضهَا وَكَذَا أَخذ فِيهِ عَن الْجَوْجَرِيّ والبرهان العجلوني وَفِي الِابْتِدَاء عَن السراج الْمحلي الْوَاعِظ وَحضر قَلِيلا عِنْد الْمَنَاوِيّ وَأخذ الْفَرَائِض عَن البوتنجي والعز الدنديلي والشهاب السجيني والبدر المارداني وَالسَّيِّد على تلميذ ابْن المجدي وَأبي الْقسم مُحَمَّد المغربي وَقَالَ أَنه أمنلهم بِحَيْثُ زعم الْبَدْر المارديني تَرْجِيحه على شَيخنَا ابْن المجدي مَعَ كَون سنة ثَلَاثًا وَعشْرين سنة والعربية عَن دَاوُد الْمَالِكِي وَالشَّمْس القصبي والعقائد عَن الْعَلَاء الحصني وأصول الْفِقْه عَن ابْن حجي والمنطق وَالصرْف وَغَيرهمَا عَن الشَّمْس بن سعد الدّين وَعَن المارداني أَخذ الْمِيقَات وتدرب بِهِ فِي الْمُبَاشر وَعَن المظفر الامشاطي فِي الطِّبّ وَقَرَأَ على تقريب النَّوَوِيّ بحثا بل قَرَأَ على مَكَّة فِي مجاورتينا شرح ألفية الْعِرَاقِيّ للناظم كَذَلِك بعد كِتَابَته لَهُ بِخَطِّهِ ولازمني فِي البلدين فِي غير ذَلِك وَكَانَ توجهه اليهافي الْبَحْر وطلع من الينبوع للمدينة فجاور بهَا أشهرا وَصَامَ رَمَضَان وَرجع فحج وجاور الَّتِي بعْدهَا وَسمع من جمَاعَة وَفِيمَا سَمعه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية وَعند أم هَانِئ الهورينية مَعَ مَا قرئَ مَعَه عِنْدهَا يَوْمئِذٍ وَأَشْيَاء فِي الكاملية وَغَيرهَا كجزء الْجُمُعَة على الْعلم البُلْقِينِيّ وتميز فِي الْفَضَائِل خُصُوصا الْفَرَائِض والحساب وأقرأهما مَعَ تَقْسِيم الْفِقْه كل سنة وَكَذَا أَقرَأ بِمَكَّة وتنزل فِي الْجِهَات كسعيد السُّعَدَاء وَنَحْوهَا وتكسب بالنساخة للخيضري وَغَيره وَمِمَّا كتبه لَهُ شرح البُخَارِيّ للعيني فِي مجلدين والام الشَّافِعِي فِي مُجَلد وخطه صَحِيح جيد مَعَ تقنعه وتعففه وزيارته للصالحين وتوجهه الخانقاه سرياقوس وَغَيرهَا لشهود أوقاتهم وَكَانَ يرتفق بالشرقي ابْن الجيعان لكَونه مِمَّن يجْتَمع عَلَيْهِ ويتذاكر مَعَه فِي الْفِقْه وَغَيره وَكَذَا اجْتمع(9/60)
بِمَكَّة على قاضيها أبي السُّعُود الشَّافِعِي والحنبلي وَلم يحمد علمه، وَمعمر وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي توضيح ابْن هِشَام وَلَا يتأبى عَن الاستفادة والتحصيل من كل، وَقد كتب لَهُ إجَازَة بالتقريب فِي الْقَاهِرَة ثمَّ فِي مَكَّة بشرح الألفية وبالغت فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ فيهمَا وَفِي عرض وَلَده بالموضعين)
وَنعم الرجل.
162 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن الْخضر الشَّمْس أَبُو البركات بن الشَّمْس الديري الناصري نِسْبَة لدير الناصرة، ثمَّ الصَّفَدِي نزيلها الشَّافِعِي القادري / الْمَاضِي أَبوهُ. لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي موسم سنة خمس وَثَمَانِينَ فَسمع مني المسلسل وَغَيره وَقَرَأَ على البُخَارِيّ وَتَنَاول مني بقول البديع وكتبت لَهُ إجَازَة ثمَّ راسلني فِي طلب نُسْخَة مِنْهُ فجهزت لَهُ.
163 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن سُلَيْمَان الهيثمي ثمَّ القاهري ابْن أخي الْحَافِظ النُّور عَليّ / الْمَاضِي. سمع مَعَ عَمه على جمَاعَة كالعرضي ومظفر الدّين بن البيطار وَحدث باليسير. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وبيض لوفاته.
164 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن ولي الدّين أَبُو عبد الله ابْن القطب بن الزين الْمحلي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن مراوح بحاء مُهْملَة كمسامح وبابن قطب أَيْضا وَهُوَ بِهِ أشهر. /
ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وتصحيحه للاسنوي وَبَعض ألفية ابْن مَالك وَدخل الْقَاهِرَة فأكمل حفظهَا فِيهَا وعرضها ماعدا التَّصْحِيح عَليّ الابناسي وَابْن الملقن وأجازاه وَحضر دروس أَولهمَا بحث عَلَيْهِ التَّنْبِيه وَكَذَا لَازم الْعِرَاقِيّ وَبحث عَلَيْهِ ألفيته الحديثية وَسمع عَلَيْهِ ألفية السِّيرَة وَكتب عَنهُ عدَّة مجَالِس من أمياله والسراج البُلْقِينِيّ وَسمع عَلَيْهِ غَالب الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن لأبي دَاوُد جَمِيع التِّرْمِذِيّ وَسمع أَيْضا على التَّاج بن الفصيح وَالصَّلَاح البلبيسي وَابْن الشيخة والحلاوي فِي آخَرين وَبحث قِطْعَة من الكافية لِابْنِ مَالك عَليّ الغماري ولازم الْعِزّ جمَاعَة قَرِيبا من عشر سِنِين وَأذن لَهُ فِي التدريس فِي الْفِقْه وأصوله والنحو والاعراب والمعاني وَالْبَيَان والبديع فِي الافتاء، وَكَانَ إِمَامًا عَالما فَقِيها فَاضلا مفننا خيرا نيرا ربعَة تصدي للقراء بِجَامِع الْمحلة وَصَارَ شيخها بِدُونِ مدافع وانتفع بِهِ أهل تِلْكَ النواحي وَحدث باليسير سمع من الْفُضَلَاء، وَقدم بِأُجْرَة الْقَاهِرَة وَحضر مجْلِس الاملاء عِنْد شَيخنَا وَكَانَ يشبه بِهِ فِي الْهَيْئَة. مَاتَ فِي شعْبَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين بالمحلة رَحمَه الله وإيانا.
165 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس ادمشقي إِمَام مدرسة أتابكها شاذبك وَيعرف بِابْن البلادري. / مِمَّن سمع مني بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة(9/61)
ثَلَاث وَتِسْعين المسلسل وَغَيره.)
166 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أبي طَاعَة الشّرف أَبُو الْفضل الْقُدسِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي خطيب الصالحية بِالْقَاهِرَةِ وَإِمَام جَامع الاقمر ووالد هَاجر الْآتِيَة وَيعرف بالقدسي وبخادم السّنة. / ولد سنة نَيف وَأَرْبَعين بِبَيْت الْمُقَدّس، وَقدم الْقَاهِرَة صُحْبَة الْعِمَاد بن جمَاعَة فاستوطنها وعنى بِسَمَاع الحَدِيث والافادة على شُيُوخه وَكتابه أَجْزَائِهِ والحرص على تَحْصِيلهَا بِكُل مُمكن وتحرير وطباق السماع والتأنق فِيهَا وَلكنه كَانَ يعاب مَعَ كَثْرَة تودده للطلبة وإفادتهم بِحَبْس أسمعتهم ولذامع شدَّة حرصه لم ينجب وَقد أم بالاقمر وخطب بالصالحية بل نَاب عَن المقريزي فِي خطابة جَامع عَمْرو، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِهَذَا وَقَالَ أَنه سمع مِنْهُ المسلسل وجزء البطاقة بِسَمَاعِهِ لَهما كَمَا ذكر فِي بَيت الْمُقَدّس عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَلَكِن لم نقف على أصُول سَمَاعه وكدا سمع عَلَيْهِ الْجُزْء الاخير من أبي دَاوُد تجزئة الْخَطِيب بِسَمَاعِهِ من ابْن أميلة وَسمع من لَفظه قصائد وأناشيد مِنْهَا القصيدة الَّتِي أَولهَا مَا شَأْن أم الْمُؤمنِينَ وشابي فِي مدح أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة بِسَمَاعِهِ لَهُ من الْعِزّ أبي عمر بن جمَاعَة، قَالَ فِي الانباء: وَكَذَا سمع الْكثير من أَصْحَاب الْفَخر وَابْن عَسَاكِر وَلَا برقوهي ثمَّ من أَصْحَاب وزيرة القَاضِي والمطعم من أَصْحَاب الواني والدبوسي والختني وَنَحْوهم ثمَّ من أَصْحَاب بن قُرَيْش وَابْن كشتغدي والتفليسي وَنَحْوهم، وعنى بتحصيل الاجزاء وافادة الطّلبَة وَكِتَابَة الطباق وَالدّلَالَة على الْمَشَايِخ وتسميع أَوْلَاده والاحسان إِلَى من يقدم عَلَيْهِ من الغرباء خُصُوصا الشاميين وَكتب بِخَطِّهِ الْحسن مَالا يُحْصى وَكَانَ يحبس عَن الياس أسمعتهم فَلم يمتع بِمَا سمع وَلَا عَاشَ لَهُ ولد ذكر بعد أَن كَانَ يُبَالغ فِي تسميعهم ويجتهد فِي التَّحْصِيل لَهُم، وَكَانَ يتعاني نظم الشّعْر فَيَأْتِي مِنْهُ بِمَا يضْحك إِلَّا أَنه كَانَ رُبمَا وَقع لَهُ ديوَان غير شهير فَيَأْخُذ مِنْهُ مَا يمدح بِهِ الاعيان خُصُوصا الْقُضَاة إِذا ولوا يَسْتَعِين بِمن غير لَهُ بعض الاسماء وَرُبمَا عثر على القصيدة فِي ديوَان صَاحبهَا، وأعجب مَا وَقع لَهُ أَنه أنْشد لنَفسِهِ عِنْد ماولي نَاصِر الدّين بن المليق الْقَضَاء:
(إِن ابْن ميلق شيخ رب زَاوِيَة ... بِالنَّاسِ غر وبالاحوال غير دري)
(قد سَاقه قدر نَحْو الْقَضَاء وَمن ... يسطيع رد قَضَاء جَاءَ عَن قدر)
فَوجدَ البيتان بعد من نظم الْبَدْر بن جمَاعَة لَكِن أَولهمَا: وَالْعَبْد فَهُوَ فَقير رب زَاوِيَة. وَالْبَاقِي سَوَاء. مَاتَ فِي شَوَّال سنة سِتّ يعد(9/62)
أَن جرت لَهُ محنة مَعَ القَاضِي جلال الدّين البُلْقِينِيّ لكَونه)
مدح القَاضِي الَّذِي عزل بِهِ فَضَربهُ أَتْبَاعه وأهانوه فَرجع متمرضا فَمَاتَ وتمزقت أجزاؤه وَكتبه شذر مذر فَلم ينْتَفع بهَا وَلم ينْتَفع. قلت وَقد روى لنا عَنهُ غير وَاحِد وَرَأَيْت بِخَطِّهِ مِمَّا قَالَ أَنه من نظمه:
(ذكرْتُمْ فطاب الْكَوْن من طيب ذكركُمْ ... فيا حبذا وصف لقد نشر النشر)
(وَأَنِّي لأهواكم على السّمع والثنا ... وعشق الْفَتى بِالسَّمْعِ مرتبَة أُخْرَى)
وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَقَالَ أَن البشتكي كَانَ يَدعِي أَنه ينظم لَهُ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
167 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن جَعْفَر، وَرُبمَا قدم عبد الله على أبي بكر وَحِينَئِذٍ فَهُوَ الشّرف بن الْمعِين أَو الْعَفِيف بن الْبَهَاء بن التَّاج بن الْمعِين المَخْزُومِي الدماميني ثمَّ السكندري الْمَالِكِي، / كَانَ أَبوهُ نَاظر الْإسْكَنْدَريَّة وَنَشَأ هُوَ فتعاني الْكِتَابَة وباشر فِي أَعمالهَا ثمَّ سكن الْقَاهِرَة وَكَانَ حاد الذِّهْن فباشر عِنْد الْجمال مَحْمُود الاستادار واشتغل بِالْعلمِ فِي غُضُون ذَلِك فبرع فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغلب عَلَيْهِ الْحساب وتعاني الديونة ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وخدم الْجمال مَحْمُود ابْن عَليّ الاستادار فاشتهر وأثرى وَعرف بالمكارم والسماح وبذل الْكثير حَتَّى ولي حسبَة الْقَاهِرَة فِي رَمَضَان سبع وَتِسْعين عوضا عَن الْبَهَاء بن الْبُرْجِي فدام أَزِيد من أَرْبَعَة أشهر ثمَّ صرف وأعيد بعد أَيَّام وباشر قَلِيلا فِي اشتداد الغلاء وتشحط الحوانيت من الْخبز ثمَّ صرف ثمَّ ولي وكَالَة بَيت المَال وَنظر الْكسْوَة فِي رَجَب الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ أضيفت الْحِسْبَة اليهما بل كَانَ سعي بعد موت الكاستاني فِي كِتَابَة السِّرّ بقناطر ذهب وَهُوَ عشرَة آلَاف دِينَار فَلم يسعفه برقوق بذلك، وَكَذَا سعي فِي الْقَضَاء وَعين لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّة حَتَّى انْتقض، ثمَّ ولي نظر الْجَيْش فِي ثامن ربيع الاول سنة تسع وَسِتِّينَ بعد موت الْجمال مَحْمُود القيصري وباشرها مَعَ الْوكَالَة إِلَى أَن صرف عَن نظر الْجَيْش فِي سَابِع ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانمِائَة بِسَعْد الدّين بن غراب رَفِيقه عِنْد مَحْمُود هَذَا ودام فِي الْوكَالَة ثمَّ أُعِيد للجيش ثمَّ اسْتَقر فِيهَا وَفِي نظر الْخَاص مَعًا هرب إبنا غراب فَلَمَّا خلصا قبضا عَلَيْهِ أفرجا عَنهُ فولي قَضَاء اسكندرية حَتَّى مَاتَ فِي سَابِع عشري الْمحرم سنة ثَلَاث. ذكره شَيخنَا فِي إبنائه مُلَخصا والمقريزي مَبْسُوطا، وَقَالَ شَيخنَا: كَانَ فِيهِ مَعَ حِدته وذكائه كرم وطيش وخفة وَكَانَ يعادي ابْن غراب فَعمل عَلَيْهِ حَتَّى أخرجه من الْقَاهِرَة لقَضَاء اسكندرية وَلم يلبث أَن مَاتَ بهَا مسموما على مَا قيل، وَقَالَ المقريزي أَيْضا أَنه صَحبه فخبر مِنْهُ معرفَة تَامَّة بصناعة الْحساب)
ودربة بالمباشرات وذكاء وحدة وكرما مَعَ طيش وخفة وتهور كثير عَفا الله عَنهُ، وَأثْنى عَلَيْهِ الْعَيْنِيّ فَقَالَ وَحصل طرفا من الْعُلُوم(9/63)
فِي أثْنَاء مباشراته وَجمع كتبا جدا وَكَانَ عَارِفًا بالعلوم الديوانية جيدا ذكيا كَرِيمًا ذامروءة تَامَّة وفتوة محسنا إِلَى أَصْحَابه متعصبا لمن يلوذ بِبَابِهِ ذَا خلق جميل وسماط جزيل وأدب ورياسة ودربة وسياسة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
168 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن عبد الله بن أَحْمد الْبَدْر بن الْبَهَاء المشهدي القاهري الازهري الشَّافِعِي سبط القَاضِي الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد الدفري الْمَالِكِي والماضي أَبوهُ وَيعرف بِابْن المشهدي. / ولد فِي ثامن عشر شَوَّال اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ وأحضره أَبوهُ فِي الثَّانِيَة ختم ابْن مَاجَه على البوتنجي وَمن مَعَه ثمَّ حفظ الْقُرْآن والعمدة وَبَعض الْمِنْهَاج واشتغل عِنْده وَعند ابْن قَاسم والجوجري وَيحيى بن حجي والشرف عبد الْحق السنباطي وَقَرَأَ على قِطْعَة من ألفية الْعِرَاقِيّ باشارة أَبِيه ثمَّ لَازم الزين زَكَرِيَّا وَكَذَا الخيضري وَسمع قَلِيلا على ألفية الْعِرَاقِيّ باشارة أَبِيه لَازم الزين زَكَرِيَّا وَكَذَا الخيضري وَسمع قَلِيلا على القمصي وَابْن الملقن والمتوتي والشهاب الْحِجَازِي وَأم هَانِئ الهورينية وَهَاجَر القدسية وتميز وشارك فِي الْقَضَاء بل وَأذن لَهُ ابْن قَاسم والجوجري وَكَذَا وَالِده فِي الحَدِيث وَاسْتقر بعده فِي أَكثر جهاته لم يخرج عَنهُ مِنْهَا سوى المزهرية والنيابة بالبرقوقية وَلم يكن يقصر عَنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ للْوَقْت، وَقد لازمني بعد ذَلِك فِي شرحي للألفية وَغَيره. وَكتب بعض تصانيفي، وَهُوَ كثير السّكُون وَالْعقل وَالْأَدب والفضيلة مَعَ تقلله وَكتب على نظم الْعِرَاقِيّ للاقتراح شرحا قرضته مَعَ جمَاعَة.
169 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن مَسْعُود بن رضوَان الْكَمَال أَبُو الهنا ابْن نَاصِر الدّين المري بِالْمُهْمَلَةِ الْقُدسِي الشَّافِعِي أَخُو إِبْرَاهِيم وسبط الْعَلامَة قَاضِي الْمَالِكِيَّة بالقدس الشهَاب أَحْمد بن عوجان بِمُهْملَة ثمَّ وَاو وجيم مفتوحات وَيعرف بِابْن أبي الشّرف كرغيف. / ولد فِي لَيْلَة السبت خَامِس ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بِهِ فِي كنف أَبِيه وَهُوَ من أَعْيَان المقادسة وعقلائهم فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج الفرعي وألفية الحَدِيث والنحو ومختصر ابْن الْحَاجِب وَقدم الْقَاهِرَة فَعرض بَعْضهَا على شَيخنَا والمحب بن نصر الله الْبَغْدَادِيّ والعز عبد السَّلَام الْقُدسِي والسعد بن الديري وأجازوه فِي آخَرين وتلا للسبع ماعدا حَمْزَة وَالْكسَائِيّ على أبي الْقسم النويري وَعنهُ أَخذ علم الحَدِيث والاصول والنحو وَالصرْف)
وَالْعرُوض والقافية والمنطق وَغَيرهَا من الْعُلُوم وَكَانَ مِمَّا أَخذه عَنهُ منظومته الْمُقدمَات فِي النَّحْو وَالصرْف وَالْعرُوض والقافية وَشَرحهَا لَهُ بعد كِتَابَته لَهُ مابين سَماع وَقِرَاءَة وَجَمِيع ايساغوجي وجزء من مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الاصلي وألفية الْعِرَاقِيّ وَمن أول شرح الفية النَّحْو لِابْنِ النَّاظِم وَأخذ(9/64)
القراآت أَيْضا عَن الشَّمْس بن عمرَان ولازم سِرَاجًا الرُّومِي فِي الْمنطق والمعاني واليبان وَغَيرهَا وتفقه بماهر وَابْن شرف وَجَمَاعَة وَقَرَأَ على ماهر الْفُصُول المهمة فِي الْفَرَائِض والوسيلة فِي الْحساب الهوائي كِلَاهُمَا لِابْنِ الهائم بِسَمَاعِهِ لَهما بحثا غير مرّة على مؤلفهما فِي آخَرين كالشهاب بن رسْلَان وَمِمَّا أَخذه عَنهُ فِي تَفْسِير ابْن عَطِيَّة والعز الْقُدسِي وَأبي الْفضل المغربي، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأخذ فِي بَعْضهَا عَن ابْن الْهمام والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والْعَلَاء القلقشندي والقاياتي وَشَيخنَا فَكَانَ مِمَّا أَخذه عَن الاولين طَائِفَة من مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الاصلي وَعَن الثَّالِث من أول شرح ألفية الْعِرَاقِيّ إِلَى الْمُعَلل مَعَ سَماع قِطْعَة من أول شرح الْمِنْهَاج الفرعي وَعَن الرَّابِع فِي الاصلين وَالْفِقْه وَغَيرهمَا ومدحة بقصيدة جَيِّدَة وَعَن الْخَامِس شرح النخبة لَهُ وَغَيره من فنون الحَدِيث ولازمه فِي أَشْيَاء رِوَايَة ودراية سَمَاعا وَقِرَاءَة فِي آخَرين بِالْقَاهِرَةِ بِبَلَدِهِ مِمَّن أَخذ عَنْهُم الْعلم حَتَّى تميز وَأذن لَهُ كلهم أوجلهم فِي الاقراء وعظمه جدا مِنْهُم ابْن الْهمام وَعبد السَّلَام وَشَيخنَا حَيْثُ قَالَ أَنه شَارك فِي المباحث الدَّالَّة على الاستعداد ويتأهل أَن يُفْتِي بِمَا يُعلمهُ ويتحققه من مَذْهَب الامام الشَّافِعِي من أَرَادَ ويفيد فِي الْعُلُوم الحديثة مايستفاد من الْمَتْن والاسناد علما بأهليته لذَلِك وتولجه فِي مضايق تِلْكَ المسالك، وَسمع فِي غُضُون ذَلِك الحَدِيث وَطَلَبه وقتا وَرُبمَا كتب الطباق وَلكنه لم يعن فَكَانَ مِمَّن سمع عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ الشَّمْس بن الْمصْرِيّ سمع عَلَيْهِ سنَن ابْن مَاجَه والاربعين العشاريات لَهُ وَخلق من أَهله كالتقي القلقشندي والواردين عَلَيْهِ كَعبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ خَلِيل القابوني قَرَأَ عَلَيْهِ فِي رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين جُزْء النّيل وبالقاهرة الزين الزَّرْكَشِيّ سمع عَلَيْهِ ختم مُسلم، وَحج وجاور فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَسمع عَليّ الشّرف أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد والبرهان الزمزمي وَأبي الْبَقَاء بن الضياء بِمَكَّة وعَلى الْمُحب المطري وَغَيره بِالْمَدِينَةِ، وَأَجَازَ لَهُ باستدعائه واستدعاء غَيره جمَاعَة ترْجم لَهُ البقاعي أَكْثَرهم وَوَصفه بالذهن الثاقب والحافظة الضابطة والقريحة والوقادة والفكر القويم وَالنَّظَر الْمُسْتَقيم وَسُرْعَة الْفَهم وبديع الِانْتِقَال وَكَمَال الْمُرُوءَة مَعَ عقل وافر وأدب ظَاهر وخفة)
روح ومجد على سمته يلوح وَأَنه شَدِيد الانقباض عَن النَّاس غير أَصْحَابه قَالَ وَهُوَ الْآن صديقي وبيننا من الْمَوَدَّة مَا يقصر الْوَصْف فِيهِ. وَلَكِن لم يسْتَمر البقاعي على هَذَا بل نَاقض نَفسه جَريا على عَادَته فِي السخط وَالرِّضَا فَقَرَأت بِخَطِّهِ وَقد كتب الْكَمَال على مَجْمُوع لَهُ فرغه دَاعيا فلَان: مَا أرقعك وأسوأ أطبعك لَيْت شعري دَاعيا لَهُ أَو عَلَيْهِ. وَكَذَا قَرَأت بخطة أبلغ من هَذَا وَقد(9/65)
صحبته قَدِيما وَسمعت بقرَاءَته على شَيخنَا فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ وَفِي غَيره وَسمع هُوَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وعَلى غَيره كالكمال بن الْبَارِزِيّ أَشْيَاء ثمَّ تكَرر اجْتَمَعنَا خُصُوصا فِي بَلَده ويمع معي أَشْيَاء هُنَاكَ أثبت لي بَعْضهَا بخطة وَبَالغ فِي الْوَصْف بل حضر عِنْدِي بعض الختوم وَقَالَ أَن اللَّائِق بكم الْجُلُوس بِجَامِع الْحَاكِم أَو نَحوه إِشَارَة لضيق الْمَكَان وَكَثْرَة الْجَمَاعَة وقرض لأخي بعض تصانيفه وكتبت عَنهُ فِي بَلَده من نظمه وَورد علينا الْقَاهِرَة مرَارًا قبل وَبعد آخرهَا فِي سنة سِتّ وَسبعين وأقرأ الطّلبَة فِي شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وَغَيره ونافرة غير وَاحِد مِنْهُم بِحَيْثُ كَاد أَن يمْتَنع من الاقراء لتحريفهم تَقْرِيره وَعدم اداراكهم لمقاصده، وَاسْتقر بسفارة الزيني بن مزهر فِي مشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس بعد صرف خَلِيل المجدلي وسر الخيرون بذلك ثمَّ انْفَصل عَنْهَا بعد يسير لقُصُور يَده بِالنَّجْمِ حفيد الْجمال بن جمَاعَة وَقدم بعد ذَلِك فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَنزل بِبَيْت الْبَدْر بن التنسي وَاجْتمعَ عَلَيْهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء ولازم التَّرَدُّد الْمجْلس الزيني فاستقر بِهِ تدريس الْفِقْه بمدرسته الَّتِي جددها تجاه بَيته ثمَّ لما مَاتَ الْجَوْجَرِيّ ساعده فِي النِّيَابَة عَن وَلَده فِي تدريس الْفِقْه بالمؤيدية وَكَذَا نَاب فِي تدريس الحَدِيث بالكاملية عَن من اغتصبها وَكنت أنزهه عَن هَذَا، ودرس وَأفْتى وَحدث ونظم ونثر، وصنف فَكَانَ مِمَّا صنفه حَاشِيَة على شرح الْجَوَامِع للمحلى استمد فِيهَا من شَرحه لِلشِّهَابِ الكوراني وَتَبعهُ فِي تعسفه غَالِبا وَأُخْرَى على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ لَكِنَّهَا لم تكمل وشرحا على الارشاد لِابْنِ الْمقري وفصول ابْن الهائم والزبد لِابْنِ رسْلَان ومختصر التَّنْبِيه لِابْنِ النَّقِيب والشفا لعياض وَلم يكملا. وَلم أَحْمد كِتَابَته فِي مسئلة الْغَزالِيّ انتصارا للبقاعي وَلم يلبث أَن أمره السُّلْطَان بِالرُّجُوعِ لبلده وعينه لمشيخة مدرسته هُنَاكَ بعد موت الشهَاب العميري وَعز ذَلِك عَلَيْهِ كثيرا وعَلى كثيرين وَأكْثر من الانجماع وتقلل من الدُّخُول فِي الْأُمُور وَمَعَ ذَلِك فَلَا يَخْلُو من تعرض بجسده أَو معرض لَا يوده. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ عَلامَة متين التَّحْقِيق حسن الْفِكر والتأمل فِيمَا ينظره وَيقرب عَهده بِهِ، وكتابته أمتن من تَقْرِيره ورويته أحسن من بديهته مَعَ)
وضاءته وتأنيه وَضَبطه وَقلة كَلَامه وَعدم ذكره للنَّاس، وَلكنه ينْسب لمزيد بِأَو وإمساك مَعَ الثروة وتجدد الرِّبْح من التِّجَارَة وَغَيرهَا والكمال لله. وَمِمَّا كتبه من نظمه قَوْله يُخَاطب الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ:
(يَا من بِهِ اكتست الْمَعَالِي رفْعَة ... مذحازها فغدت لأكرم جَائِز)
(مَا للحسود إِلَى كمالك مرتقى ... كم بَين ذَاك وَبَينه من حاجز)(9/66)
(هَل يَسْتَطِيع معاند أَو حَاسِد ... إبداء نقص فِي الْكَمَال البارز)
170 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم الطَّاهِر بن الْجمال الانصاري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف هُوَ أَبوهُ بالمصري. / مَاتَ فِي محرم سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد.
171 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف أَبُو الْفَتْح بن الْعَلامَة النَّجْم الانصاري الذروي الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي ابْن عَم الَّذِي قبله والماضي أَبوهُ أَيْضا وَيعرف بِابْن الْمرْجَانِي. / ولد فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن ومناهج النَّوَوِيّ وَجمع الْجَوَامِع مَعَ أحضر بهَا عَليّ الزين أبي بكر المراغي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن حبَان بِفَوَات فِيهَا وَبَعض أبي دَاوُد وَكَانَ كثير التِّلَاوَة والسكون منعزلا عَن النَّاس متعاهدا لمحافيظه حَتَّى مَاتَ لم يتَزَوَّج قطّ، وسافر إِلَى الشَّام ثمَّ عَاد لمَكَّة وَمَات بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَسبعين وَدفن بِقَبْر أَبِيه. ذكره ابْن فَهد أَيْضا وَهُوَ مِمَّن سمع على شَيخنَا إِمَّا بِمَكَّة وَهُوَ أشبه أَو بِالْقَاهِرَةِ.
172 - مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو الْفضل أَخُو الَّذِي قبله ووالد أبي السُّعُود وَمُحَمّد الْآتِي، / ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بمنى وَنَشَأ بِمَكَّة فِي كنف أَبِيه فَأحْضرهُ فِي الثَّانِيَة عَليّ الشَّمْس بن سكر أَشْيَاء وَسمع الْكثير على ابْن صديق الزين المراغي وَمُحَمّد بن عبد الله البهنسي والشهاب بن منبت وَالْجمال بن ظهيرة والزين الطَّبَرِيّ وَابْن سَلامَة وَابْن الْجَزرِي وَالشَّمْس الشَّامي فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ أَبُو الْخَيْر بن العلائي والتنوخي وَابْن أبي الْمجد وَابْن الشيخة وَخلق، وَحدث وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَأَكْثرُوا عَنهُ بِأخرَة وصارخا خَاتمه مسندي مَكَّة، أجَاز لي مَا سَمِعت عَلَيْهِ شَيْئا مَعَ كَثْرَة لَقِي لَهُ الْمُجَاورَة الثَّانِيَة وَكَانَ قد تفقه بوالده والشهاب الْغَزِّي، وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق وناب فِي الْقَضَاء بجدة عَن غير وَاحِد وَأخذ من قُضَاة مَكَّة وَغَيرهم وَكَذَا نَاب يَسِيرا فِي امامة الْمقَام وَدخل سواكن وَتزَوج بهَا)
وَولد فِيهَا بل ولي قضاءها، وينسب مَعَ هَذَا لتزيد بِحَيْثُ بَالغ بَعضهم فَقَالَ الْمَعْرُوف بمسيلمة الْحَرَمَيْنِ. مَاتَ فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس منتصف ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسبعين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد / أَخُو الثلاتة. هُوَ حسن الْمَاضِي فِي الْحَاء.
173 - مُحَمَّد الرضي أَبُو حَامِد بن المرشدي مُحَمَّد بن أبي بكر / ابْن عَم اللَّذين قبله بيض لَهُ ابْن فَهد وَهُوَ مِمَّن سمع على ابْن الْجَزرِي فِي سنة ثَمَان وَعشْرين بعض سنَن أبي(9/67)
دوابل وأجيز لَهُ فِي استدعاء مؤرخ بِسنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة جمَاعَة وَمَات.
174 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مباركشاه أَبُو النجا بن التَّاج القمني الاصل القاهري. ولد بالظاهرية / الْقَدِيمَة فِي الْعشْرين من ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَالرّبع من الْمِنْهَاج وَسمع الحَدِيث بالظاهرية وَغَيرهَا، وتدرب فِي صناعَة القبان وزنا بشعبان وتكسب بِهِ دهره وسافر بِسَبَبِهِ لجهات، وَدخل الابلستين فَمَا دونهَا وَحضر وقعتي سوار. وَمن نظمه وَقد عرض لَهُ ريح:
(يَا رب إِن الرّيح أَضْعَف بنيتي ... فأضرها وأضر بِي تبريحي)
(فاكشف بِفَضْلِك كربه عني وَلَا ... تجْعَل دعائي رائحا فِي الرّيح)
وَمِنْه:
(قَالَ حَبِيبِي حِين قبلته ... ونلت مِنْهُ رُتْبَة عليا)
(تعشقني فاسقني خمرة ... ولات بالف لَام يَا)
وَمِنْه:
(شاهدت فِي وَجهه حبي ... غرائبا وفنونا)
(عَيناهُ مَعَ حاجبيه ... صادا وواوا ونونا)
وَهُوَ الْقَائِل:
(تفتى بِعُود كنيس ... لمن طَغى وَتَوَلَّى)
(وتدعي نقل علم ... وَالله مَا أَنْت إِلَّا)
وَله فِي التَّصْحِيف عمل وَكَذَا فِي الموسيقى والنغما والنقرا علما وَعَملا كَاد أَن يجمع عَلَيْهِ ذَلِك وَله تقدم فِي الْعُلُوم بل هُوَ بهلوان وَنَحْو ذَلِك، لَقِيَنِي فِي أول سنة سِتّ وَتِسْعين فَسمع مني)
المسلسل.
175 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أَيُّوب الشَّمْس بن الشَّمْس بت التقي التَّمِيمِي الْقُدسِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الموقت. / ولد سنة ثَمَانِينَ بِبَيْت الْمُقَدّس وَأخذ عَن جده. مَاتَ سنة تسع وَخمسين.
176 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس أَبُو الْفضل ابْن الشَّمْس أبي عبد الله بن التقي القاهري الاصل الطرابلسي الادهمي. / مِمَّن سمع مني.
177 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الْبَدْر الشَّمْس الاهناسي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عَليّ. / بَاشر نظر الدولة عوض عبد الْقَادِر فِي أَيَّام أَبِيه ثمَّ تشكى فأعيد عبد الْقَادِر، وَحج غير مرّة وجاور وَلزِمَ بَيته وَالظُّلم كمين فِي النَّفس.
178 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْبَدْر بن القَاضِي شمس الدّين الانصاري القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الانبابي. / ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاج وألفتي الحَدِيث والنحو وَغَيرهَا وَعرض على ابْن البُلْقِينِيّ والمناوي وَسعد الدّين بن الديري فِي آخَرين واشتغل قَلِيلا عِنْد البامي(9/68)
والمناوي ثمَّ الشَّمْس الابناسي وَقَرَأَ والعمدة عَليّ الديمي وناب عَن أَبِيه بِبَعْض الْجِهَات ثمَّ الْمَنَاوِيّ فَمن بعده، وأضيفت اليه عدَّة جِهَات واستقل بأوقاف الْحَنَفِيَّة بعد أَبِيه، بل اسْتَقر فِي صحابة ديوَان جَيش الشَّام فِي ربيع الثَّانِي سنة خمس وثملنين، وَحج مرّة مَعَ وَالِده ثمَّ بمفرده وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل حماة فَمَا دونهَا وبلغنا أَنه وَقعت كائنة فِي سنة تسع وَتِسْعين بِسَبَب شَيْء أخرجه.
179 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْبَدْر أَبُو بَرَكَات بن الشَّمْس بن السَّيْف الصَّالِحِي / نِسْبَة فِيمَا بَلغنِي للعلمي صَالح البُلْقِينِيّ لملازمته لَهُ وقراءته عَلَيْهِ فِي تدريب وَالِده، وَكَذَا قَرَأَ عَليّ الشهَاب السيرجي فِي الْفَرَائِض، كَانَ وَالِده إِمَام الاشقتمرية بالتبانية وَمن أهل الْقُرْآن مِمَّن ذكر بِالْخَيرِ فولد هَذَا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَجلسَ وَهُوَ شَاب عِنْد بعض الخياطين بسوق الذِّرَاع الْمَعْرُوف بالفسقية مُدَّة حَتَّى التحي، وتدرب فِي الشُّرُوط بناصر الدّين النبراوي ثمَّ بمحي الدّين الطوخي وتميز فِيهَا مَعَ حسن الْحَظ، وَجلسَ عِنْد الشَّافِعِيَّة بِجَامِع الصَّالح ثمَّ لباب الاسيوطي وصاروجيها فِي الصِّنَاعَة مَعْرُوفا باتقانه لَهَا وحذقة فِيهَا ورام)
الْجُلُوس مَعَ جمَاعَة الزين زَكَرِيَّا فَمَا سمحوا بذلك شحا ويبسا بل لم يكتفوا بذلك وصاروا يعاكسونه فِيمَا يَجِيء بِهِ اليهم مَعَ كَونه لَيْسَ فيهم نَظِيره بل كَاد انْفِرَاده مُطلقًا فَكَانَ ذَلِك سَببا لقِيَامه عَلَيْهِم حَتَّى أتلفهم وَخرجت الاوقاف وَلم يقْتَصر عَلَيْهِم بل صَار من رُءُوس المرافعين بِحَيْثُ تعرض لِلشِّهَابِ الْعَيْنِيّ مرّة بعد أُخْرَى وأفحش مَعَ إِبْرَاهِيم بن القلقشندي وَأخذ مِنْهُ خزانَة الْكتب بالأشرفية وَغَيرهَا والامر فَوق هَذَا إِلَى أَن رَافع فِيهِ شخص مصري يُقَال لَهُ أَبُو الْخَيْر بن مقلاع وأنهى فِيهِ أمورا شنيعة وَالْتزم باستخلاص شَيْء كثير مِنْهُ فرسم عَلَيْهِ ثمَّ أفرج عَنهُ على ماقوم بِهِ قدر يستخلصه وابتدأ بِهِ الضعْف من ثمَّ ودام نَحْو شَهْرَيْن أَو أَكثر. ثمَّ مَاتَ فِي سادس وَجب سنة سِتّ وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع المارديني فِي يَوْمه وَدفن بالقرافة وَيُقَال أَنه لم يكن مَعَ جنَازَته كَبِير أحد نعم صلى عَلَيْهِ الْمَالِكِي والحنبلي وسر كَثِيرُونَ بِهِ وَلم يذكر بِخَير عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّلاح القليوبي / كَاتب الغبية وَابْن كاتبها.
يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى.
180 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّمْس بن النظام القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ نزيل سعيد السُّعَدَاء والبراذعي أَبوهُ ويلقب مشافة. / نَشأ فحفظ الْقُرْآن وتعاني التجويق حَتَّى صَار فِي آحَاد الرؤساء وَسمع على شَيخنَا وَغَيره، اشْتغل عِنْد الزين(9/69)
البوتجي وَأكْثر من شُهُود مجَالِس الْخَيْر حَتَّى أَنه حضر عِنْدِي فِي الاملاء وَغَيره كثيرا، وَلم يتَمَيَّز ولاكاد مَعَ خَيره وكتابته الْكَثِيرَة الَّتِي قل الِانْتِفَاع بهَا وانجماعه على شَأْنه بالخانقان غَالِبا وصاهر ابْن قَاسم على أُخْته فاستولدها وَلذَا تَعب كل مِنْهُمَا بِهِ وَأدْخل حبس الْمُجْرمين حَتَّى مَاتَ، وَمِمَّا كتبه الْحِلْية لأبي نعيم بل كَانَ يكْتب شَيْئا من الوقائع. مَاتَ فِي ثَانِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ ثمَّ دفن بحوش الصُّوفِيَّة وَأَظنهُ جَازَ السِّتين رَحمَه الله وإيانا.
181 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّمْس الْمُقْرِئ الْفراش بالمعينة فِي دمياط. / مِمَّن سمع مني.
182 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر نَاصِر الدّين بن الامير نَاصِر الدّين بن الامير سيف الدّين بن الْملك الْحَافِظ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي. / ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه هَكَذَا وَقَالَ ذكر أَنه سمع من الْعِمَاد بن كثير ولقيه ابْن مُوسَى فِي سنة خمس عشرَة فَسمع مِنْهُ هُوَ والموفق الأبي.
183 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَبُو الْخَيْر المليجي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الحريري. / مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشري ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ ثَمَانِينَ فَجْأَة، وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بالأزهر بعد)
الصَّلَاة، وَكَانَ قدم لَازم الْعَلَاء القلقشندي والمحلي فِي الاخذ عَنْهُمَا مَعَ أَخذه عَن غَيرهمَا بل سمع البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَغير ذَلِك، وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَفضل مَعَ سلوكه طَرِيق الْخَيْر وتكسبه فِي حَانُوت بالوراقين وَأَظنهُ زَاد على الاربعين وَنعم الرجل رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَبُو الْفَتْح النحريري ثمَّ القاهري الْمَالِكِي. / سَيَأْتِي بِزِيَادَة مُحَمَّد ثَالِث وَالرَّابِع اسمعيل.
184 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْحلَبِي التَّاجِر وَيعرف بِابْن الْبناء. / مِمَّن سمع مني.
185 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الشريف الشَّمْس الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي. / قَالَ شَيخنَا فِي انبائه: مَاتَ فِي رَمَضَان سنة تسع بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ من صوفية سعيد السُّعَدَاء بل جاور بِمَكَّة عدَّة سِنِين ثمَّ ولي قَضَاء طرابلس مُدَّة طَوِيلَة مَعَ كَونه لم يكن يعرف شَيْئا من الْعلم حَتَّى أَنه قَالَ فِي الدَّرْس وَهُوَ قَاض عَن سعيد أبي جُبَير، لكنه كَانَ كثير الرياسة والحشمة وَمَكَارِم الاخلاق وتقريب الْعلمَاء وللشعراء فِيهِ مدائح، ثمَّ نقل إِلَى قَضَاء حلب فاستمر فِيهَا نَحْو عشر سِنِين وعزل مِنْهَا فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِجَمَال الدّين الحسفاوي ثمَّ أُعِيد وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ إِلَّا أَن الْأَمِير جكم كَانَ أرسل بعزله فوصل الْخَبَر وَقد مَاتَ، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأورد عَنهُ حِكَايَة وَقَالَ أَنه كَانَ جارنا يَعْنِي بحارة برجوان من الْقَاهِرَة وَمَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا وَكَانَ خَادِم الصُّوفِيَّة بِسَعِيد السُّعَدَاء.(9/70)
186 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جلال الاسلام الْكَمَال الْعِمَادِيّ الْخَوَارِزْمِيّ الْمَشْهُور بمولانا مفتي خواجا الْحَنَفِيّ. / قَالَ الطاووسي: لَقيته بخوارزم وَأَجَازَ لَهُ وَذَلِكَ فِي شهور سنة خمس وَثَلَاثِينَ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جمال الدّين ولي الدّين الْمَدْعُو عبد الْوَلِيّ الوَاسِطِيّ ثمَّ القاهري. / مضى فِي عبد الْوَلِيّ.
187 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ جميل الشَّمْس الْبَغْدَادِيّ الاصل الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ نزيل الْقَاهِرَة. / ولد كَمَا زعم فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بصالحية دمشق. وَمَات فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر شعْبَان سنة سِتّ وَخمسين بِالْقَاهِرَةِ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جوارش. / فِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اقوش.
188 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد بن مَحْمُود بن سُلَيْمَان الشَّمْس الانصاري القاهري الْمُقْرِئ شَقِيق عبد الْغَنِيّ بن الْقصاص / الْمَاضِي وَذَاكَ الْأَكْبَر. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وجوده على)
أَخِيه بل قَرَأَ لابي عَمْرو على ابْن عَيَّاش حِين حج مَعَ أَخِيه وزار الْقُدس، وتكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ تَركهَا مَعَ الْخَيْر والانجماع والحضور وللدروس أَحْيَانًا وللملازمة للْقِرَاءَة بمشهد وَرُبمَا بره أَخُوهُ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد. / فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد بن أَحْمد.
189 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حجاج التَّاج بن الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ الاصل الدمياطي الْمَالِكِي سبط الْعَلَاء بن مشرف ووالد الْعَلَاء على زوج ابْنة الشهَاب البيجوري والمنتمي أَيْضا للشمس بن جَنِين. / ولد بعد الثَّلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بدمياط وَحفظ الْقُرْآن وكتبا من فروع الْمَالِكِيَّة وَغَيرهَا، وناب فِي قَضَاء دمياط من بني ابْن كميل. وَلما مَاتَ صَلَاح الدّين آخِرهم راموا مِنْهُ وَمن الشهَاب الاشموني الدُّخُول فِي الْقَضَاء ففرا التمراز وَأَقَامَا مَعَه فِي الْبحيرَة سنة ثمَّ رجعها مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة فكفوا عَنْهُمَا وَلَكِن لم يسمح لَهما بِدُخُول دمياط ثمَّ شفع فِي هَذَا وَاسْتمرّ ذَلِك فِي خدمَة تمراز حَتَّى مَاتَ بحلب وَعَاد هَذَا للنيابة عَن من ولى بعده إِلَى من مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَختم على بَيته حَتَّى أَخذ مِنْهُ سِتّمائَة دِينَار مَعَ وضع ابْنه فِي الْحَدِيد والترسيم على أَخِيه وخدمه وجماتعه.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسام. / فَمن جده لاجين.
190 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن سعد بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْمُحب أَبُو عبد الرَّحْمَن بن نَاصِر الدّين بن الْبَدْر الْقرشِي القاهري الشَّافِعِي أَخُو عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وأبوهما وَيعرف كأبيه بِابْن الفاقوسي. / ولد فِي وَقت سحر لَيْلَة السبت ثَانِي عشر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بدرب السلسلة من بَاب الزهومة(9/71)
بِالْقَاهِرَةِ واعتنى بِهِ أَبوهُ فَأحْضرهُ على الْجمال الْبَاجِيّ والمحيوي الْقَرَوِي وَالشَّمْس ابْن مَنْصُور الْحَنَفِيّ وَابْن الخشاب والشرف الْقُدسِي وأسمعه عَليّ الْعِرَاقِيّ والهيثمي. والبرهان الْآمِدِيّ والتقي بن حَاتِم والتنوخي وَابْن أبي الْمجد الحلاوي والسويداوي.
وَعبد الْكَرِيم حفيد القطب الْحلَبِي فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ والكمال بن النّحاس وَأَبُو الهول الْجَزرِي وَابْن عَرَفَة وَالْجمال عبد الله مغلطاي والبهاء عبد الله بن أبي بكر الدماميني وَعمر بن ايدغمش والبرهان بن عبد الرَّحِيم ابْن جمَاعَة والنجم بن رزين وَالشَّمْس الْعَسْقَلَانِي والعز أَبُو اليكمن بن الكويك. وَالصَّلَاح البلبيسي وَالشَّمْس بن ياسين الْجُزُولِيّ وَجُوَيْرِية الهكارية فِي آخَرين من أَمَاكِن شَتَّى، وَحفظ الْقُرْآن فِي صغره وكتبا وجود الْقُرْآن فِي ختمتين عَليّ الْفَخر إِمَام الْأَزْهَر واشتغل يَسِيرا وَوَقع فِي ديوَان الانشاء والوزر وَغَيرهَا وباشر)
خزن كتب السابقية بعد أَبِيه، وَحج قَدِيما فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة، وزار الْقُدس والخليل وَدخل الْبِلَاد الشامية حلب فَمَا دونهَا غير مرّة النغرين، وَحدث بِالْقَاهِرَةِ سمع مِنْهُ القدماء حملت عَنهُ جملَة وأفردت مَا وفقت عَلَيْهِ من مروياته فِي كراسة، وَكَانَ سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس خُصُوصا فِي آخر مره فَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ أحسن حَالا مِمَّا قبله لكنه افْتقر جدا وضاق عطنه. وَمَات مبطونا فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء خَامِس عشري رَجَب سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي بَاب النَّصْر وَدفن بتربتهم وَكَانَ على مشْهد سكينَة رَحمَه الله وإيانا.
191 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن سُوَيْد الصَّدْر بن الشَّمْس بن الْبَدْر الْمصْرِيّ الْمَالِكِي شَقِيق عَائِشَة بن أخي الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن وسبط الْجلَال البُلْقِينِيّ، أمه عزيزة وَيعرف بِابْن سُوَيْد. / نَاب فِي الْقَضَاء عَن ابْن حريز بمنية ابْن خصيب واتجر فِي الرَّقِيق وَغَيره، وسافر إِلَى الشَّام فِي التِّجَارَة ثمَّ نهبط وَصَارَ إِلَى فقر مدعق حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر جُمَادَى الأولى سنة تسعين بِالْمَدْرَسَةِ البلقينية وَلم يدْفن بهَا، وَقد جَازَ السّبْعين وَكَانَ أَعور عَفا الله عَنهُ.
192 - مُحَمَّد مُحَمَّد بن حسن بن عبد الله الْبَدْر بن الْبَهَاء بن الْبَدْر بن الْبُرْجِي سبط السراج البُلْقِينِيّ / والماضي أَبوهُ. لَهُ ذكر فِيهِ.
193 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن عمر بن مُحَمَّد الشَّمْس الْحلَبِي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ والآتي ابْنه الشَّمْس مُحَمَّد وَيعرف بِابْن أَمِير حَاج وبابن الموقت. /
ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة. وَقيل فِي الَّتِي تلِي بعْدهَا والاول أولى. بحلب.
وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد جمَاعَة مِنْهُم الشمسان الْغَزِّي والجشمسي نِسْبَة لقرية(9/72)
من أَعمال حلب وَسمع بعض الصَّحِيح على ابْن صديق وَقَرَأَ الْمُخْتَار على بدر بن سَلامَة والعز الحاضري وَغَيرهمَا وتعانى الْمِيقَات وباشر ذَلِك بالجامع الْكَبِير بحلب وتنزل طَالبا بالحلاوية بل اسْتَقر بعد أَبِيه فِي تدريس الجردكية ثمَّ نزل عَنْهَا وباشر التوقيع عِنْد قُضَاة حلب ثمَّ صَار جابيا فِي الْأَسْوَاق، وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس وَحدث وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء ولقيته بحلب فَقَرَأت عَلَيْهِ الْمِائَة لِابْنِ تَيْمِية، وَكَانَ صَالحا رَاغِبًا فِي الانجماع عَن النَّاس. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بحلب رَحمَه الله وإيانا.
194 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس أَبُو الْخَيْر بن الْجمال أبي طَاهِر البدراني الاصل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن البدراني. / ولد)
سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي وَغَيرهمَا وَعرض على جمَاعَة وأسمعه أَبوهُ على الْوَالِي الْعِرَاقِيّ والواسطي والفوي وبن الْجَزرِي والكلو تَأتي والقمني والمحلي سبط الزبير الْمدنِي فِي آخَرين بل أستبعد إِحْضَاره لَهُ عِنْد ابْن الكويك وَمن يُقَارِبه، نعم وقفت على إجَازَة ابْن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ والعز بن جمَاعَة والكمال بن خير، بل عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَالْجمال بن الشرائحي وَعبد الْقَادِر الارموي وَجَمَاعَة من المصريين والشامين وَغَيرهم لَهُ فِي عدَّة استدعا آتٍ، وَلما ترعرع أقبل على الِاشْتِغَال وَأخذ الْفِقْه عَن الشّرف السُّبْكِيّ وَغَيره والعربية وَالصرْف عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والشهاب الحناوي والفرائض عَن البوتيجي وجنماعة والاصول عَن القاياتي والْحَدِيث عَن شَيخنَا قَرَأَ عَلَيْهِ شرح النخبة بِتَمَامِهِ وَأذن لَهُ فِي إفادته، وَكتب الْخط الْمَنْسُوب وَتخرج فِي الشُّرُوط بالقرافي وتعاني التوقيع وباشره بِبَاب الْعلم البُلْقِينِيّ وقتا ثمَّ بِبَاب الْمَنَاوِيّ وَغَيرهمَا وناب فِي الْقَضَاء عَن كل مِنْهُمَا وَأم بِجَامِع كَمَال بالحسينية وَقَرَأَ الحَدِيث فِي وقف الْمزي بِجَامِع الْحَاكِم كِلَاهُمَا بعد أَبِيه وَكَذَا تَنْزِيل فِي سعيد السُّعَدَاء، وَحج صُحْبَة الرجبية وَلزِمَ مشْهد اللَّيْث فِي كل جُمُعَة غَالِبا فَكَانَ يقْرَأ فِي الجوق هُنَاكَ وَرُبمَا قَرَأَ فِي غَيره وَكَانَ ذَلِك السَّبَب فِي مصاحبته لأبي الْخَيْر بن النّحاس بِحَيْثُ اخْتصَّ بِهِ أَيَّام ترقية وَتكلم عَنهُ فِي شَيْء من جهاته وَبَاعَ نُسْخَة بِخَط أَبِيه من البُخَارِيّ وَمن التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ حَتَّى أَخذ لَهُ فرسا وَنَحْو ذَلِك وَلم ينْتج لَهُ أَمر، هَذَا مَعَ تَمام الْعقل والتودد والمروءة والتواضع والمشارطة فِي الْفَضَائِل وَقد رَأَيْته كثيرا وَسمعت من فَوَائده وَكَانَ برجليه التواء. وَمَات فِي سنة سِتّ وَخمسين وَدفن بِجَانِب أَبِيه بتربة سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله وإيانا.
195 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز نَاصِر الدّين أَبُو البركات(9/73)
ابْن الشَّمْس أبي الطّيب البدراني الاصل القاهري ثمَّ الدمياطي الشَّافِعِي ابْن عَم الَّذِي قبله والماضي أَبوهُ وَيعرف كأبيه بِابْن الْفَقِيه حسن. / ولد فِي رَابِع عشر رَجَب سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وايساغوجي وألفية ابْن الهائم فِي الْفَرَائِض وَبَعض التَّلْخِيص، وَعرض على شَيخنَا والباسطي والمحب بن نصر الله وَغَيرهم وَسمع الاول والأخير والزين وَالزَّرْكَشِيّ والمقريزي والكلوتاتي وَجَمَاعَة، وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد واشتغل بالفقه عِنْد البدرشي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والقاياتي ثمَّ الْعَبَّادِيّ وَطَائِفَة وبالفرائض عَليّ البوتنجي وَأبي)
الْجُود بِالْعَرَبِيَّةِ عَليّ الشهابين الابدي والبجائي وبالعروض على الْخَواص وَأذن لَهُ الْعلم وَغَيره فِي التدريس وَاسْتقر بعد وَالِده فِي نظر جَامع الزكي وخطابته وامامته بل نَاب فِي الْقَضَاء بِبَلَدِهِ وَغَيرهَا واقرأ الطّلبَة بهَا وَقَرَأَ الحيث بجوامعها ثمَّ انْسَلَخَ من ذَلِك كُله وَلُزُوم خدمَة معِين الدّين الابرص فأبدى مَا لايرتضى لَهُ بل وَلم يحمد هُوَ عاقبته، وَلَو لزم طَريقَة وَالِده لَكَانَ أروج لَهُ وأضبط لدينِهِ لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الذكاء وَكَثْرَة الادب وَحسن الْعشْرَة ولطف الذَّات بِحَيْثُ أنني كتبت عَنهُ من نظمه بِجَامِع الزكي على شاطئ الْبَحْر من ثغر دمياط:
(بِحَق حسنك يَاذَا المنظر النَّضر ... أدْرك فُؤَادِي وداو الْقلب بِالنّظرِ)
(فقد تفتت من حر الجوي كَبِدِي ... وأصحبت مهجتي فِي غَايَة الضَّرَر)
إِلَى غير هَذَا مِمَّا أودعته فِي الرحلة السكندرية، وَآل أمره إِلَى أَن تسحب فَأَقَامَ بِمَكَّة فَلم يَنْتَظِم أمره بهَا فَتوجه إِلَى الْيمن وَهُوَ الْآن سنة خمس وَتِسْعين فِي زيلع كثير الْعِيَال غير مرضِي الْفِعْل والمقال.
196 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن عُثْمَان الْبَدْر أَبُو الْفضل بن الشَّمْس النواجي القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ. حفظ الْقُرْآن والمناهج وَعرضه عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة بعد استقراره بعد أَبِيه فِي جهاته كتدريسي الحسنية والجمالية. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وَسبعين عوضه الله الْجنَّة.
197 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن يحيى بن مُحَمَّد بن خلف الله بن خَليفَة ابْن مُحَمَّد الْكَمَال التَّمِيمِي الدَّارِيّ الشمني. / بِضَم الْمُعْجَمَة وَالْمِيم وَتَشْديد النُّون. المغربي الاصل السكندري ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَالِد التقي أَحْمد أَيْضا، وَسَماهُ شَيخنَا مُحَمَّد ابْن حسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلف الله وَالصَّوَاب مَا أثْبته وَكَذَا هُوَ فِي مُعْجَمه لَكِن يزيادة مُحَمَّد أَيْضا قبل خلف الله. ولد فِي أول سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة لِأَنَّهُ مَعَ كَونه كَمَا قرأته بِخَطِّهِ لم يكن يخبر بِهِ أخبر بعض خِيَار أصدقائه وثقاتهم حَسْبَمَا نَقله(9/74)
وَلَده عَنهُ أَن الفرنج لما أخذت اسكندرية كَانَ عَمه سنة وَكَانَ أَخذهم لَهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشري الْمحرم سنة وَسِتِّينَ. وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه أَنه ولد قبل السّبْعين، وَفِي انبائه سنة بضع وَسِتِّينَ، واشتغل بِالْعلمِ فِي بَلَده وَمهر وَسمع من الْبَهَاء الدماميني والتاج بن مُوسَى وَغَيرهمَا كَأبي مُحَمَّد القروى، وَأَجَازَ لَهُ خلق باستدعائه وَأخذ عَن الْعِرَاقِيّ وَتخرج بِهِ وبالبدر الزَّرْكَشِيّ وَغَيرهمَا وَسمع الْكثير من شُيُوخنَا فَمن قبلهم، وَتقدم فِي)
الحَدِيث وصنف فِيهِ، وَقَالَ الشّعْر الْحسن واستوطن الْقَاهِرَة وَكَانَ خَفِيف ذَات الْيَد وَأُصِيب بِآفَة فِي بعض التدريس فِي سنة تسع عشرَة فدرس بِهِ ثمَّ عرضت لَهُ عِلّة فِي أَوَاخِر الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ نقه وَرجع إِلَى منزله وتمرض بِهِ حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس حادي عشر ربيع الأول سنة احدى وَعشْرين بالجتمع الازهر وَقد سَمِعت من فَوَائده كثيرا وَشرح نخبة الْفِكر بل نظمها أَيْضا وَكتب عَنهُ شَيخنَا الْعِرَاقِيّ فِي وفايته وَفَاة التَّاج بن مُوسَى. وَكَانَ جده الاعلى مُحَمَّد بن خلف الله شافعيا متصدرا بِجَامِع عَمْرو وَكتب عَنهُ الرشيد الْعَطَّار فِي مُعْجَمه وَضَبطه. قلت وَكَانَت وَفَاة أبي صَاحب التَّرْجَمَة باسكندرية فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة وَرَأَيْت بِخَط الْكَمَال مجاميع وأجزاء واستفدت مِنْهَا وطالعت شَرحه للنخبة بل عمل متْنا مُسْتقِلّا رَأَيْته أَيْضا.
وَمِمَّا كتبه من نظمه:
(جزى الله أَصْحَاب الحَدِيث مثوبة ... وأبواهم فِي الْخلد أَعلَى الْمنَازل)
(فلولا اعتناهم بِالْحَدِيثِ وَحفظه ... ونفيهم عَنهُ ضروب الاباطل)
(وإنفاقهم أعمارهم فِي طلابه ... وبحثهم عَنهُ بجد مواصل)
(لما كَانَ يدْرِي من غَدا متفقها ... صَحِيح حَدِيث من سقيم وباطل)
(وَلم يستبن مَا كَانَ فِي الذّكر مُجملا ... وَلم ندر فرضا من عُمُوم النَّوَافِل)
(لقد بذلوا فِيهِ نفوسا نفيسة ... وَبَاعُوا بِخَط آجل كل عَاجل)
(فحبهم فرض على كل مُسلم ... وَلَيْسَ يعاديهم سوى كل جَاهِل)
وَقَوله:
(وَمن يَأْخُذ الْعلم عَن شيخ مشافهة ... يكن من الزيف والتصحيف فِي حرم)
(وَمن يكن آخِذا للْعلم من صحف ... فَعلمه عِنْد أهل الْعلم كَالْعدمِ.)
وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَقَالَ أَنه برع فِي الْفِقْه والاصول وَكَانَ من خِيَار النَّاس مَعَ قلَّة ذَات الْيَد، وخبط فِي نِسْبَة فَقَالَ: مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خلف الله.
وَالصَّوَاب مَا تقدم.
198 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ خير الدّين أَبُو الْخَيْر القاهري الشاذلي / الْمَاضِي أَبوهُ.(9/75)
ولد سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة وَهُوَ ذُو وجاهة وسمت وَتوجه للوعظ على طَريقَة أَبِيه.
مُحَمَّد أَبُو الْفضل أَخُو الَّذِي قبله. / صَوَابه عبد الرَّحْمَن وَقد مضى.)
199 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن قطيبا الشَّاب محب الدّين بن الرئيس بدر الدّين الانصاري المستوفي بالحرمين الْقُدس والخليل. / ولد سنة سبعين تَقْرِيبًا. وَمَات بعد غرُوب لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سلخ ربيع الآخر أَو مستهل جُمَادَى الاولى سنة خمس وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بعد الظّهْر تقدم النَّاس قريبَة ة هـ أَبُو الْحرم القلقشندي وَدفن على أَبِيه بمقابر ماملا واستجاز لَهُ تالصلاح الجعبري جمعا من شُيُوخه وَقَالَ أَنه كَانَ شَابًّا حسنا كثير الملاطفة والتودد كثير التأسف عَلَيْهِ قَالَ ووالده خَالِي لأمي رَحمَه الله.
200 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الصفي بن الشَّمْس الحسني الْبَغْدَادِيّ الاصل الْقَرَافِيّ الْحَنْبَلِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي ثَانِي عشر الْمحرم سنة سبعين بالقرافة وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والخرقي والحاجبية وَعرض عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة وأجزت لَهُ واشتغل قَلِيلا عِنْد الْبَدْر السَّعْدِيّ والشيشيني وَأخذ عَن ملا على الْعَرَبيَّة وتولع بالرماية وَتخرج فِيهَا بِابْن أبي الْقسم الاخميمي النَّقِيب حَتَّى تميز فِيهَا وَذكر بجودة الْفَهم ومتانة الْعقل وَالصَّلَاح بِحَيْثُ كَانَ هُوَ الْمعول عَلَيْهِ عِنْد أَبِيه، وَحج مَعَ أَبِيه سنة تسع وَثَمَانِينَ فِي ركب أبي الْبَقَاء بن الجيعان.
201 - مُحَمَّد الْعَفِيف / أَخُو الَّذِي قبله وَذَاكَ الاكبر. ولد فِي رَابِع عشري جمادي الاولى سنة خمس وَسبعين بالقرافة وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والخرقي وألفية ابْن مَالك، وَعرض عَليّ فِي الْجُمْلَة الْجَمَاعَة وأجزت لَهُ، وَحضر مَعَ أَخِيه عِنْد الْمشَار إِلَيْهِم فِيهِ وَحج مَعَ أَبِيه أَيْضا فِي ركب الْبَقَاء.
202 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن يحيى بن أَحْمد بن أبي شامة الشَّمْس الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ. /
سمع بِقِرَاءَة ابْن خطيب الناصرية عَليّ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي جُزْء أبي الجهم وَأَشْيَاء، وَحدث وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء.
203 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن الْبَدْر بن الْفَخر الْقرشِي التَّيْمِيّ القاهري وَالشَّافِعِيّ وَيعرف بِابْن طَلْحَة / أحد عشرَة. ولد فِي منتصف جمادي الأولى سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه والفية النَّحْو وَعرض واشتغل قَدِيما وتنزل فِي الْجِهَات وَتكلم فِي أنظار كالقطبية بِرَأْس حارة زويلة وَالْمَسْجِد الْمُقَابل للبرقوقية ووقف سَابق الدّين مِثْقَال القطب الطواشي، وَكَانَ فضلا منجمعا عَن النَّاس خيرا. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع عشري ذِي الْحجَّة سنة سبع وَأَرْبَعين)
بِالْقَاهِرَةِ. وأظن لَهُ رِوَايَة فقد رَأَيْت بعض الطّلبَة أثْبته مُجَردا بِدُونِ تَرْجَمَة.(9/76)
204 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن الشَّمْس بن الشَّمْس السُّيُوطِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ. قَالَ شَيخنَا إنبائه اشْتغل بالفقة ة ة ة هـ والْحَدِيث والعربية وَتقدم وَمهر فِي عدَّة فنون ورافنا فِي السماع كثيرا. مَاتَ بعد أَبِيه شَابًّا فِي السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا سنة ثَمَان أحسن الله عزاءنا فِيهِ. وَقَالَ فِي مُعْجَمه: اشْتغل كثيرا وَمهر وَسمع مَعنا من بعض الشُّيُوخ وتعاني النّظم والخط الْحسن.
205 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن الْمُحب بن الْمُحب الاميوطي الاصل الْحُسَيْنِي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده.
مِمَّن سمع مني مَعَ أَبِيه وَعمل رَسُولا فِي الدولة وَنسب إِلَيْهِ المرافعة.
206 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن الْحَمَوِيّ الْعَطَّار. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن السكرِي بن الْجُنَيْد. / ابْن عبد الرَّحْمَن.
207 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن الدوركي موقع الحكم. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: ولد فِي حُدُود الاربعين وَسَبْعمائة وأسمع على الْمَيْدُومِيُّ سَمِعت عَلَيْهِ جزاءا من رِوَايَته عَن شُيُوخه بالاجازة تَخْرِيج ابْن أَبِيك وبيض لوفاته وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده وَالظَّاهِر أَنه من شرطنا.
208 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن القلقشندي الْمُؤَدب. / مَاتَ فِي سنة بضع وَثَلَاثِينَ.
209 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ نَاصِر الدّين بن نَاصِر الدّين بن حسام الدّين بن الطلوني الْحَنَفِيّ ابْن أخي الْبَدْر حسن / الْمَاضِي من بَيت وجاهة. ولد فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة واشتغل يَسِيرا وَتردد إِلَى بعض مجَالِس الاملاء بل قَرَأَ عَليّ قَلِيلا وَكَانَ مبتلي بالجذام وَحج فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ ظنا وجاور فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي الَّتِي بعْدهَا وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله.
210 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن حسن الاصبهاني. / سمع من الزين المراغي الْخَتْم من ابْن حبَان وَأبي دَاوُد. وَمَات بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة خمس وَسبعين. أخه ابْن فَهد.
211 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة قَاضِي مَكَّة الْكَمَال أَبُو البركات بن أبي السُّعُود الْقرشِي المَخْزُومِي الْمَكِّيّ سبط الشهَاب بن ظهيرة القَاضِي أمه أم كَمَال وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة. / ولد سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَحضر عَليّ الْعِزّ بن جمَاعَة وجده لأمه وَسمع الْبَهَاء بن عقيل والكمال بن حبيب، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن المهبل وَابْن النَّجْم وبن كثير وَابْن الْقَارِي وَجَمَاعَة، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء)
كالنجم بن فَهد وناب فِي الحسكة بِمَكَّة عَن جده لأمه ثمَّ فِيهَا مَعَ قَضَاء عَن قَرِيبه الْجمال بن ظهيرة فِي ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة عقب وُصُوله من مصر بولايته فباشر ذَلِك بصولة ومهابة واشتهر ذكره ثمَّ استوحش من الْجمال بِحَيْثُ أَنه لما مَاتَ اسْتَقر فِي قَضَاء مَكَّة اسْتِقْلَالا مَعَ نظر الاوقاف بهَا(9/77)
والربط وَلم تتمّ لَهُ سنة حَتَّى صرف بالمحب بن الْجمال ثمَّ أُعِيد ثمَّ صرف بِهِ أَيْضا وَاسْتمرّ مصروفا حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشري ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة بِمَكَّة بعلة ذَات الْجنب وَدفن بالمعلاة، وَكَانَ عفيفا فِي قَضَائِهِ حشما فخورا جَلِيلًا قبل الْقَضَاء وَبعده وَذكره التقي الفاسي مطولا وَعين وَفَاته كَمَا تقدم وَلكنه خَالف فِي السّنة وَأَنَّهَا سنة عشْرين وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده، وَأما شَيخنَا فَإِنَّهُ فِي الأنباء خَالف فِي مولده وَأَنه سنة أَربع وَسِتِّينَ وَقَالَ أَنه لم يعتن بِالْعلمِ بل كَانَ مشتغلا بِالتِّجَارَة مَذْكُورا بِسوء الْمُعَامَلَة وَولى حسبَة مَكَّة ونيابة الحكم عَن قَرِيبه الْجمال فعيب الْجمال بذلك وَأنكر عَلَيْهِ من جِهَة الدولة فَعَزله فسعى هُوَ فِي عزل الْجمال وبذل مَالا فِي أَوَائِل الدولة المؤيدية فَلم يتم لَهُ ذَلِك حَتَّى مَاتَ الْجمال فتعصب لَهُ بعض أهل الدولة فَوَلِيه دون سنة ثمَّ وليه مرّة ثَانِيَة فِي سنة مَوته دون الشَّهْرَيْنِ وَمَات معزولا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
وَنَحْوه قَول التقي المقريزي فِي وَلَده أبي السعادات أَنه قدم الْقَاهِرَة فِي موسم سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَقد أرجف بعزله فَعمِلت مصْلحَته بِنَحْوِ خَمْسمِائَة دِينَار حَيْثُ قَالَ فَكَانَ ذَلِك أيالبذل سِيمَا للقدر الْمعِين من الْمُنْكَرَات الَّتِي لم ندرك مثلهَا قبل هَذِه الدولة انْتهى. ورحمها الله كَيفَ لَو أدْركَا مَا حل بقضاة الدُّنْيَا من المحن والبلايا نسْأَل الله السَّلامَة.
212 - مُحَمَّد القطب أَبُو الْخَيْر بن أبي السُّعُود بن ظهيرة الملكي الْمَالِكِي / شَقِيق الَّذِي قبله. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع من بعض شيوخها، وَأَجَازَ لَهُ النشاوري وَابْن حَاتِم وَابْن عَرَفَة والمحب الصَّامِت وَآخَرُونَ وَحضر دروس الشريف عبد الرَّحْمَن الفاسي وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض كتب الْفِقْه وَحصل كتبا حَسَنَة وَولى أُمَامَة مقَام الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة بعد وَفَاة عَليّ النويري القَاضِي من جِهَة أَمِير مَكَّة أَرْبَعَة أشهر وأياما ثمَّ عزل من مصر بولدي المنوفي وَكَانَ يَرْجُو عودهَا بل وَيجب ولَايَة الْقَضَاء بِمَكَّة فَلم يتَّفق. وَمَات فِي آخر يَوْم النَّفر الثَّانِي سنة أَربع عشرَة بِمَكَّة وَدفن فِي صَبِيحَة رَابِع عشر ذِي الْحجَّة بالمعلاة عَن أَرْبَعِينَ سنة فأزيد بِيَسِير.
ذكره الفاسي مقدما لَهُ على أَخِيه.)
213 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَيُّوب الشَّمْس المَخْزُومِي البرقي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد النُّور على الْآتِي وَيعرف بالبرقي. / ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: كَانَ مَشْهُورا بِمَعْرِِفَة الْأَحْكَام مَعَ قلَّة الدّين وَكَثْرَة التهتك مِمَّن بَاشر عدَّة(9/78)
أنظار وتداريس. مَاتَ فِي جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين.
214 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس أَبُو عبد الله بن حميد الدّين أبي حَامِد الْبكْرِيّ المغربي الأَصْل الخليلي المولد والمنشأ الْمَالِكِي إمامها ونزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن أبي حَامِد. / ولد فِي رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالخليل وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والرسالة الْمَالِكِيَّة والورقات والجرومية والألفية وَغَيرهَا، وَأخذ عَن الْبُرْهَان بن قوقب النَّحْو وَسمع عَلَيْهِ الْمُوَطَّأ وَغَيره وَكَذَا قَرَأَ النَّحْو مَعَ بعض الشاطبية على الْعَلَاء ابْن قَاسم البطائحي وَحضر عِنْد الْكَمَال بن أبي شرِيف فِي التَّفْسِير والنحو وَغَيرهمَا فِي آخَرين وَدخل الْقَاهِرَة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَحَضَرَ عِنْد السنهوري فِي الْفِقْه وَغَيره وَكَذَا قَرَأَ على الْعلم سُلَيْمَان الْبُحَيْرِي الْأَزْهَرِي وَسمع مني المسلسل وَغَيره فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين ثمَّ لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَكَانَ مجاورا بهَا فَقَرَأَ عَليّ فِي الَّتِي مَنَاقِب الشَّافِعِي لشَيْخِنَا من نُسْخَة كتبهَا بِخَطِّهِ وَكَانَ قَرَأَهَا وَغَيرهَا على القطب الخيضري بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وأقرأ بِمَكَّة ابْن محتسبها سنقر ثمَّ انجمع عَنهُ وتكسب بِالْكِتَابَةِ وَولد لَهُ، وَهُوَ خير فَاضل منجمع على نَفسه بِحَيْثُ كتب نسختين من شرحي للألفية وَشرح ابْن مَاجَه للدميري وَغير ذَلِك.
215 - مُحَمَّد شاه بن الشَّمْس مُحَمَّد بن حَمْزَة الرُّومِي الفناري الْحَنَفِيّ / الْمَاضِي لأبوه. ذكره شَيخنَا فِي انبائه وَقَالَ: كَانَ ذكيا حج سنة بضع وَثَلَاثِينَ، وَدخل الْقَاهِرَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاد ابْن قرمان فَمَاتَ سنة أَرْبَعِينَ.
216 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حيدر الشَّمْس البعلي الْحَنْبَلِيّ نزيل بيروت وَابْن أُخْت الْجمال بن الشرائحي وَيعرف بِابْن مليك بِالتَّصْغِيرِ. / ولد سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة. ذكره البقاعي مُجَردا
217 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلد بن مُوسَى الشَّمْس بن الشّرف الْحِمصِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو عبد الرَّحْمَن ووالد أَحْمد الماضيين وَهَذَا أسن من أَخِيه وَيعرف بِابْن زهرَة. / حضر فِي الْخَامِسَة فِي شعْبَان)
سنة خمس وَسبعين عَليّ أبراهيم بن فَرِحُونَ قِطْعَة من آخر الصَّحِيح وَحدث بهَا وَولى قَضَاء الْحَنَابِلَة بحمص فَكَانَ أول حنبلي ولي بهَا. وَمَات سنة ثَلَاثِينَ وجده كَانَ شافعيا فتحنبل وَلَده لسَبَب ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
218 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خضر بن دَاوُد بن يَعْقُوب الْبَدْر أَبُو البركات بن الشَّمْس الْحلَبِي الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَخُوهُ الْخضر وأبوهما وَيعرف كأبيه بِابْن الْمصْرِيّ. / ولد سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والمنهاج(9/79)
وألفية النَّحْو، وَعرض على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والشمسين الْبرمَاوِيّ وَابْن الديري والبيجوري وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج بِتَمَامِهِ وأسمعه أَبوهُ عَليّ الْجمال الْحَنْبَلِيّ مُسْند أَحْمد وسيرة ابْن هِشَام وَجمع الْجَوَامِع مَعَ المسلسل وَغَيره وَعلي الشّرف بن الكويك المسلسل وصحيح مُسلم والشفا وَعلي الشموس البوصيري والشامي والبيجوري والشهاب البطائحي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وقاري الْهِدَايَة فِي آخَرين، واشتغل قَلِيلا وجود الْمَنْسُوب على الشَّمْس الْمَالِكِي، وباشر التوقيع عِنْد الزينين عبد الباسط والأستادارو اخْتصَّ بِهِ ثمَّ نافره. وَحج وجاور وَحدث باليسير حملت عَنهُ مشيخة أبي غَالب بن الْبناء، وَكَانَ أحد صوفية سعيد السُّعَدَاء ثمَّ بالبرقوقية متوددا مُقبلا على شَأْنه. مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَدفن بتربة سعيد السُّعَدَاء.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خضر بن سمري العيزري. / يَأْتِي بِزِيَادَة مُحَمَّد ثَالِث.
219 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخضر الْعَلَاء بن الشّرف الدمنهوري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْموقع. / اشْتغل يَسِيرا عَليّ الشهَاب السيرجي وَغَيره وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي الْحَانُوت الْمُقَابل للصالحية وداخلها، وَحج غير مرّة وجاور ولقيني هُنَاكَ فَقَرَأَ عَليّ منسك الْبَدْر بن جمَاعَة وَغَيره وَحضر عِنْدِي فِي الْإِمْلَاء ثمَّ صَار بِالْقَاهِرَةِ يتَرَدَّد إِلَيّ أَحْيَانًا وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء، وَكَانَ محبا فِي الْفَائِدَة ثمَّ كبر وضعفت حركته وَلَا زَالَ فِي تناقص حَتَّى مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِينَ أَو الَّتِي بعْدهَا عَفا الله عَنهُ.
220 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلف ابْن كميل بن عوض بن رشيدبالتكبير بن عَليّ الْجلَال أَبُو الْبَقَاء المنصوري الْكَمَال الشَّافِعِي وَالِد الصّلاح مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن كميل بِالتَّصْغِيرِ. / ولد قبل الثَّمَانمِائَة بِيَسِير بالمنصورة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد النُّور الطَّيِّبِيّ وَحفظ الْمِنْهَاج والألفية وعرضهما على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبيجوري والبرماوي وأجازوه وَأخذ عَن الْأَوَّلين وَكَذَا عَن)
الشرفين عِيسَى الأقفهسي والسبكي فِي الْفِقْه ولازم الشَّمْس البوصيري كثيرا فِيهِ وَفِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهمَا بل وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة أَيْضا على الشَّمْس بن الجندي واختص بِهِ ولازمه. وقطن الْقَاهِرَة فِي أَوْقَات مُتَفَرِّقَة وَولى قَضَاء بَلَده وَكَذَا دمياط دهرا بل ولي قَضَاء الْمحلة أَيَّامًا، وَحدث باليسير حملت عَنهُ بالمنصورة أَشْيَاء. وَكَانَ تَامّ الْعقل متواضعا ذَا دهاء وخبرة واستمالة لرؤساء وقته بالهدايا وَغَيرهَا بِحَيْثُ تقال عثراته وتستر زلاته وَيَنْقَطِع أحخصامه عَن مقاومته حَتَّى أَن قَرِيبه الْبَدْر بن كميل كَانَ يكثر السَّعْي عَلَيْهِ ويتوسل عِنْد الْجمال نَاظر الْخَاص بقصائد يمتدحه بهَا ويهتز لَهَا طَربا وَمَعَ ذَلِك فَلَا يتَحَوَّل عَن هَذَا. مَاتَ بعد فشو مَا كَانَ بِهِ من الجذام فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ عَفا الله عَنهُ.(9/80)
221 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن سَالم التقي أَبُو الْفَتْح بن الشَّمْس الْحَرَّانِي الاصل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن المنمنم بنونين وَثَلَاث ميمات. / ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل وَسمع عَليّ التنوخي والتقي الدجوي والسعد القمني والمطرز والغماري والابناسي والحلاوي والسويداوي والشهاب الْجَوْهَرِي والعراقي والهيثمي وَابْن الناصح والفرسيسي والشرف بن الكويك وَالشَّمْس الاذرعي الْحَنَفِيّ وَآخَرين وَحدث باليسير أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء ولقيته غير مرّة فشافهني وَسمعت الثَّنَاء عَلَيْهِ من الْعَلَاء القلقشندي وَكَانَ نقيب الشَّافِعِيَّة بالشيخونية. مَاتَ فِي جُمَادَى الاولى سنة خمس وَخمسين رَحمَه الله.
222 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن عبد الله الْبَدْر بن الشَّمْس بن خير الدّين الصيرامي البابرتي الاصل القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كابيه بِابْن خير الدّين ولد بِالْقَاهِرَةِ / فِي لَيْلَة نصف من شعْبَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ وَحفظ الْقُرْآن والكنز وكتبا وَعرض على جمَاعَة وجد فِي التَّحْصِيل فَأخذ عَن الشمتي والاقصرائي وَابْن الْهمام والكافياجي والزين قَاسم والتقي الحصني وَأبي الْفضل المغربي، وتميز وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة والفهم الْجيد وَالْعقل وَكَثْرَة التودد والحرص على فَائِدَة والخبرة بالسعي فِيمَا يرمه مَعَ خبْرَة تَامَّة بالكتب وممارسة لَهَا، وَسمع مَعَ وَلَدي بِقِرَاءَتِي فِي صَحِيح مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهَا ودرس الْفِقْه بالبكتمرية وتنزل فِي غَيرهَا من الْجِهَات وَكَانَ يكثر التَّرَدُّد إِلَى وَآخر جَاءَنِي فِي رَمَضَان قبل مَوته بِقَلِيل وَحكي لي حِكَايَة شنيعة من جِهَة زَوجته وَكَانَ مغرما بحبها بِحَيْثُ أدّى الْحَال إِلَى فرقها وَأَظنهُ كمد ذَلِك.)
وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشري ربيع الأول سنة سبعين وَصلى عَلَيْهِ يَوْمه فِي مشْهد حافل جدا ثمَّ دفن وأثنوا عَلَيْهِ جميلا رَحمَه الله وعوضه ووالديه الْجنَّة.
223 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن مُحَمَّد بن عِيسَى الشَّمْس بن نَاصِر الدّين العقبي الاصل القاهري الصحراوي / الْمَاضِي أَبوهُ.
224 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن هِلَال الْعِزّ بن الْعِزّ بن الصّلاح الحاضري الْحلَبِي قاضيها الْحَنَفِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي: ولي الْقَضَاء فَسَار سيرة جميلَة.
وَمَات بالطاعون سنة خمس وَعشْرين رَحمَه الله.
مُحَمَّد الولوي الحاضري أَخُو الَّذِي قبله. ولد سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وألفية ابْن معطي والفوائد الغياثية وَالْهِدَايَة فِي الْمَذْهَب واشتغل على أَبِيه وناب عَنهُ وَسمع على الشهَاب(9/81)
بن المرحل ونسيبة الشّرف الْحَرَّانِي وَابْن أيدغمش وَابْن صديق فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عمر بن عوض وَابْن الطباخ وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء. وَكَانَ خيرا منجمعا عَن النَّاس متمولا. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
226 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلِيل الشَّمْس أَبُو اللطف بن الشَّمْس الْقُدسِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن خير الدّين. / كَانَ أَبوهُ قَاضِي الْحَنَفِيَّة بالقدس مَعَ نقص بضاعته وَنَشَأ ابْنه فحفظ الْكَنْز والمنار وَغَيرهمَا واشتغل وناب فِي الْقَضَاء بالقدس وَغَيره وَسمع مَعنا هُنَاكَ.
227 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد خير الدّين أَبُو الْخَيْر الرُّومِي الاصل القاهري الْحَنَفِيّ نزيل المؤيدية وَيعرف بِابْن الْفراء / وَهِي حِرْفَة لِأَبِيهِ. ولد فِيمَا زعم سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْكَنْز والمنار وَغَيرهمَا ولازم ابْن الْهمام فِي الْفِقْه والاصلين والعربية وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ كثيرا من هَذِه الْفُنُون عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَالْفِقْه أَيْضا عَن السعد بن الديري وأصوله عَن الْجلَال الْمحلي والعربية عَن الزين السندسي بل زعم أَنه أَخذ عَن الشَّمْس بن الديري وَحضر ميعاده وَعَن التفهني شَرِيكا لسيف الدّين وَعَن قاري الْهِدَايَة والبساطي بقرءاة ابْن الْهمام وَأَنه سمع على شَيخنَا وَغَيره نعم قد سمع بِأخرَة مَعَ الْوَالِد بِقِرَاءَتِي وَغَيرهَا كثيرا حَتَّى سمع على كثيرا من القَوْل البديع ولازم مجَالِس املاء وَغَيرهَا وتنزل فِي الشيخونية وَبَعض الْجِهَات وَحج وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة التَّامَّة)
فتصدى الافراء فِي الازهر وَفِي المؤيدية وَغَيرهمَا زالنتفع بِهِ الطّلبَة مَعَ عدم تَوْجِيه لشَيْء من الْوَظَائِف الَّتِي وصل إِلَيْهَا من لَعَلَّه أفضل من كثير مِنْهُم وأقدم بل يظْهر الاعراض عَنْهَا واشتغاله بالتكسب فِي سوق الْحَاجِب بِحَيْثُ حصل دنيا وكتبا مَعَ قلَّة مصروفه واقتصاده فِي مَا كُله وملبسه وَعدم سلوكه مسالك الاحتشام وملازمته لمُحَمد بن دوادار قانباي واكثاره من التَّرَدُّد إِلَى وانفراده جلّ عمره ولكثير من المتساهلين فِيهِ كَلَام وَأَخْبرنِي أَنه وقف كتبه بالشيخونية وعدة عقارات اشْتَرَاهَا على جِهَات وقربات كمشهد اللَّيْث وَكَانَ مِمَّن يلازمه. مَاتَ فِي شعْبَان سنة سبع وَتِسْعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.
228 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد أَبُو عبد الله الصنهاجي المغربي النَّحْوِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن آجروم بِالْمدِّ / وَلذَا يُقَال لمقدمته الشهيرة الجرومية رَوَاهَا عَنهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحَضْرَمِيّ القَاضِي قَالَ لي بعض فضلاء المغاربة أَن وَفَاته تقرب من سنة عشر وَثَمَانمِائَة وَفِيه نظر وَأورد أَبُو عبد الله الرَّعْي اسناده بهَا فَقَالَ أَنا مُحَمَّد بن(9/82)
بن عبد الْملك بن عَليّ بن عبد الْملك بن عبد الله الْقَيْسِي اللسوري الغرناطي الْمَالِكِي حَدثنِي الْخَطِيب أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَالم الجذامي عَن أبي عبد الله الْحَضْرَمِيّ عَنهُ. قلت وَقد تَرْجَمته فِي التَّارِيخ الْكَبِير فِيمَن لم يسم جده بِمَا يُنَازع فِيهِ.
229 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دمرداش الشَّمْس الْغَزِّي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أبنه أَحْمد وَهُوَ زوج أُخْت الشَّمْس بن المغربي / قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِمصْر. لَهُ ذكر فِيهِ.
230 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن رَافع أَبُو الْقسم الغرناطي الميقاتي. / مَاتَ فِي سنة بضع وَسِتِّينَ.
231 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَالم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الضياء الْحَضْرَمِيّ الاصل الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن سَالم بِابْن الضياء. / سمع بِالْمَدِينَةِ على الزبير بن عَليّ الاسواني الشفا وعَلى الْجمال الطَّبَرِيّ وخالص البهائي وعَلى بن عمر الحجار، وَأَجَازَ لَهُ عِيسَى الحجي والزين الطَّبَرِيّ والاقشهري، وَحدث بِالْقَاهِرَةِ سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَعبد اللَّطِيف أخي التقي الفاسي وَقَالَ أَنه ترك السماع مِنْهُ قصدا، واستوطن الْقَاهِرَة أَوَاخِر عمره حَتَّى مَاتَ فِي سحر يَوْم الْجُمُعَة سادس عشري شعْبَان سنة سبع وَدفن بتربة الصُّوفِيَّة خَارج بَاب النَّصْر وَقد بلغ الثَّمَانِينَ أَو جازها بِيَسِير، وَهُوَ عُقُود المقريزي وَقد ذكره شَيخنَا فِي انبائه وَقَالَ كَانَ مَذْمُوم السِّيرَة عَفا الله عَنهُ.
232 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَالم الْحَمَوِيّ بن الرُّومِي خَادِم السراج بن الْبَارِزِيّ. / سمع مني بِمَكَّة فِي)
سنة سِتّ وَثَمَانِينَ.
233 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَلام بِالتَّشْدِيدِ نَاصِر الدّين السكندري ثمَّ الْمصْرِيّ نزيل جَزِيرَة الْفِيل / وَأحد التُّجَّار الْكِبَار بِالْقَاهِرَةِ. صاهر الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن عمر ابْن عَليّ الْمحلي على اابنته بعد موت أَبِيه كَمَا سبق فِي تَرْجَمته فَعظم أمره ثمَّ لما مَاتَ خلف أَمْوَالًا عَظِيمَة فتصرف فِي أَكْثَرهَا الْمُحب المشير وَغَيره وتمزقت أَمْوَاله، وَكَانَ عمر دَارا جليلة بِجَزِيرَة الْفِيل فاستأجرها القَاضِي نَاصِر الدّين الْبَارِزِيّ وشيدها وأتقنها وأضاف إِلَيْهَا مباني عَظِيمَة إِلَى أَن صَارَت دَار مملكة أَقَامَ بهَا الْمُؤَيد مُدَّة ثمَّ بعد ذَلِك عَادَتْ الدَّار إِلَى أَصْحَابهَا وَفرق بَين الْمَسَاكِين. وَمَات فِي أَوَائِل سنة سِتّ عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا تَاجِرًا مَشْهُورا مَاتَ سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة.
234 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سلمَان بن عبد الله الشَّمْس بن الْعَلامَة الشَّمْس الْمروزِي الاصل الْحَمَوِيّ الْحلَبِي نزيل الْقَاهِرَة أَخُو الزين عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَيعرف كَهُوَ بِابْن الْخَرَّاط / كَانَ من أهل الادب أَيْضا، وَدخل الْقَاهِرَة مَعَ الناصري بن الْبَارِزِيّ. وَمن شعره
(شَكَوْنَا للمؤيد سوء حَال ... وأجرينا الدُّمُوع فَمَا تأثر)(9/83)
(فأضحكه بكانا إِذْ بكينا ... وأنزلنا على كختا وكركر)
وَقد ذكره شَيخنَا فِي انبائه فَقَالَ: الشَّاعِر المنشيء أَخذ عَن أَبِيه وَغَيره وَقَالَ الشّعْر فأجاد وَوَقع فِي ديوَان الانشاء وَكَانَ مقربا عِنْد نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ. وَقَالَ فِي مُعْجَمه سَمِعت من نظمه كثيرا وَمَات فِي الطَّاعُون سنة ثَلَاث وَعشْرين قبل الْكَمَال الْخمسين وعاش أَخُوهُ بعده مُدَّة مَعَ كَونه أسن مِنْهُ رَحمَه الله.
235 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن خلد بن يحيى بن زَكَرِيَّا بن يحيى نَاصِر الدّين الْكرْدِي الزمردي الاصل القاهري وَيعرف أَبوهُ بشقير جاور بِمَكَّة كثيرا / وَكَانَ يجْتَمع على فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة ثمَّ الرَّابِعَة وَذكر لي أَن وَالِده كَانَ من نقباء الْحلقَة وَيقْرَأ الْقُرْآن مَعَ صَلَاح كَبِير وَجلسَ هُوَ بحانوت فِي القبو يَبِيع السِّلَاح صَادِق الْمقَال رَاغِبًا فِي الِانْفِرَاد وَيتَوَجَّهُ فِي مجاورته لجدة للتكسب.
236 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد السَّلَام الْبَدْر الفرنوي الازهري الْمَالِكِي، / ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بفر نوة من الْبحيرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْبَعْض من الرسَالَة)
والمختصر ثمَّ قدم بعد بُلُوغه الْقَاهِرَة فَنزل بالازهر وأكمل حفظ الْمُخْتَصر وألفية النَّحْو وَجَمِيع الْجَوَامِع وتفقه باللقاني والسنهوري ولازمه فِيهِ فِي اللأصول والعربية وانتفع بِجَمَاعَة من طلبته كالعلمي سُلَيْمَان الْبُحَيْرِي واشتغل وتميز وَسمع عَليّ بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ مصنفي فِي مَنَاقِب الْعَبَّاس وَضبط الاسماء وَكتب الطَّبَقَة وَكَذَا سمع على عدَّة أَجزَاء واختص بالتقى بن تَقِيّ شَاركهُ وَلَده فِي الِاشْتِغَال. وَهُوَ عَاقل متودد يكثير التَّرَدُّد إِلَى وَسمع على الرضى الاوجاقي وَأبي السُّعُود الْعِرَاقِيّ وَجَمَاعَة من طبقتهما فَمن يليهما كالديمي والسنباطي بل سمع فِي الخانقاه على الوفائي.
237 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن مَسْعُود الشَّمْس بن الشَّمْس الشبراوي الأَصْل القاهري الْمُقْرِئ نزيل القراسنقرية وإمامها كابيه الْمَاضِي وربيب الشهَاب الْحِجَازِي. /
ولد فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة ثَمَانمِائَة بالقراسنقرية وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتقريب الاسانيد وتنقيح اللّبَاب وألفية شعْبَان الآثاري وَعرض على الْمُحب بن نصر الله والعز الْبَغْدَادِيّ الحنبليين وَشَيخنَا والآثاري فِي آخَرين، وتنزل فِي الْجِهَات وقراء رياسة بل كَانَ أوحد قراء الصّفة بِسَعِيد السُّعَدَاء وبالبيبرسية وقراء الشباك بهَا الدَّاعِي بَين يَدي مدرس الْقبَّة فِيهَا مِمَّن سمع على شَيخنَا وَآخَرين وسافر لِلْحَجِّ وجاور قَلِيلا وَكبر وَضعف بَصَره ثمَّ كف.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الشَّمْس بن الْعَلامَة الشَّمْس الْحَمَوِيّ الشَّاعِر نزيل الْقَاهِرَة وأخو الزين عبد الرَّحْمَن / مضى فِيمَن جده سلمَان بن عبد الله قَرِيبا.
238 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الشّرف سُلَيْمَان الشَّمْس البعلي البرادعي الْحَنْبَلِيّ من بني(9/84)
المرحل. / ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لابنتي رَابِعَة من بعلبك وَمن مسموعه الْمِائَة من الصَّحِيح لِابْنِ تَيْمِية سَمعهَا على كلثم ابْنة مُحَمَّد بن معبد. قلت ولقيه ابْن مُوسَى فِي سنة خمس عشرَة فَسمع مِنْهُ هُوَ والموفق الابي وَرَأَيْت بخطى فِي مَوضِع آخر كتبت اسْم جده اسمعيل وَهُوَ غلط وَالصَّوَاب سُلَيْمَان.
239 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان نَاصِر الدّين بن الشَّمْس بن الْعلم الابياري الْبَصْرِيّ الاصل الْحلَبِي الشَّافِعِي وَيعرف بالبصروي. / لقِيه ابْن قمر فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ بِبَيْت الْمُقَدّس فاستجازه لي وَكَانَ يزْعم مَعَ التَّوَقُّف فِي مقاله انه سمع البُخَارِيّ على ابْن صديق وَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن قمر بِمُجَرَّد قَوْله فِيمَا يظْهر بعضه وَقَالَ انه ولي كِتَابَة سر حلب فِي أَيَّام النَّاصِر عَن نوروز ثمَّ قضاءها)
ثمَّ كِتَابَة سر الشَّام فِي أَيَّام المستعين ثمَّ أضيف إِلَيْهِ مَعهَا قَضَاء طرابلس واستناب فِيهِ، ثمَّ فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ ولي قَضَاء بَيت الْمُقَدّس وقطن بِهِ وقتا وَطلب مِنْهُ للقاهرة ونوه باستقراره فِي كِتَابَة سرها ليتحرك الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ لوزن مَا طلب مِنْهُ، ثمَّ ولي قَضَاء حمص وَكِتَابَة سرها. وَمَات فِي غَزَّة فَجْأَة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَأَرْبَعين، كل ذَلِك مَعَ حشمة ورياسة وَنقص بضَاعَة فِي الْعلم عَفا الله عَنهُ.
240 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْحَنَفِيّ الْمعبر. / عرض عَلَيْهِ الصّلاح الطرابلسي الْمُخْتَار والاخسيكتي والملحة ولقبه صدر الدّين وَقَالَ:
(هَنِيئًا لصدر الدّين بِالْفَضْلِ كُله ... بِحِفْظ كتاب جلّ بَين الْأَئِمَّة)
(على مَذْهَب النُّعْمَان سيد عصره ... عَلَيْهِ رضَا الرَّحْمَن رب الْبَريَّة)
(كتبك يَا مَحْمُود مُخْتَار للورى ... مسائلة فاقت على كل رُتْبَة)
(امام جليل لَيْسَ يُنكر فَضله ... وَبَين أَحْكَام الْكتاب وَسنة)
(وَكم غاص بَحر الْعلم يَبْغِي جوهرا ... فرصعها للطالبين الاجلة)
(وتوجهم تاجا عَظِيما من الْهدى ... وأركبهم نجبا من النُّور زمت)
(وَقد نَالَ كل الْفضل أَيْضا بحفظه ... لأخسيكتي بَحر الاصول الشَّرِيفَة)
(وَأتبعهُ حفظا لملحة نحونا ... إِلَى بحوها يسْعَى النُّحَاة الاجلة)
(أصُول وَقفه ثمَّ نَحْو فَهَذِهِ ... فَضَائِل لَا تحصى لذا الطِّفْل تمت)
(صَلَاة وَتَسْلِيم عل أشرف الورى ... وَآل وَصَحب مَعَ جَمِيع الائمة)
قَالَ الصّلاح أَنه كَانَ عَالما فَقِيها مدرسا ورعا زهدا مُتَقَدما فِي التَّعْبِير.
241 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي شادي الْمحلي ثمَّ القاهري سبط الغمري. / مِمَّن اشْتغل فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على فِي التَّقْرِيب للنوي دراية وَفِي البُخَارِيّ رِوَايَة(9/85)
ولازمني، وَكَانَ سَاكِنا خيرا ولخاله إِلَيْهِ مزِيد الْميل. مَاتَ شَابًّا فِي ربيع الثَّانِي طنا سنة ثَلَاث وَتِسْعين عوضه الله الْجنَّة.
242 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن صَالح بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد نَاصِر الدّين بن نَاصِر الدّين بن نَاصِر الدّين بن نَاصِر الدّين بن صَلَاح الدّين الْحلَبِي ثمَّ الْقَارِي الشَّافِعِي ابْن عَم عمر بن أَحْمد وَمُحَمّد بن عَليّ وَيعرف كسلفه بِابْن السفاح بِمُهْملَة أَوله وَآخره بَينهمَا فَاء مسددة. / ولد مُزَاحم الْقرن تَقْرِيبًا واشتغل وتميز وَقَرَأَ فِي البُخَارِيّ على شَيخنَا وَصفه بالفاضل البارع حفظه الله تَعَالَى،)
وَسمع بقرَاءَته على الشّرف بن الكويك السّنَن الْكُبْرَى للنسائي وَكَانَ أفضل أهل بَيته اسْتَقر بعناية عَمه الشهَاب أَحْمد حِين كَانَ كَاتب سر مصر فِي تدريس الحَدِيث بالظاهرية الْقَدِيمَة وَفقه الشَّافِعِيَّة بالفاضلية وبالحسنية بعد موت عَليّ حفيد الْوَالِي الْعِرَاقِيّ وَعمل اجلاسا بأولها فَكَانَ مِمَّن حضر عِنْده فِيهِ شَيخنَا والتفهني والمح بالبغدار والكبار مُرَاعَاة لِعَمِّهِ وَلما تمّ الدَّرْس قَالَ شَيخنَا للتفهني أَنه مليح السرد قيل وَأَشَارَ بذلك إِلَى التذنيب على الدَّرْس لنسبته لتعاطي مخذل وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ سريع الْحَرَكَة خَفِيفا منجمعا لَقيته غير مرّة وَسمعت كَلَامه بل وَكتب بالاجازة على بعض الاستدعا آتٍ وَمَا كَانَ فِي زمرة من يُؤْخَذ عَنهُ. مَاتَ فِي الْعشْر الاخير من ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَدفن عِنْد أَهله بالقرافة الصُّغْرَى عَفا الله عَنهُ وإيانا.
143 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن صلح بن اسمعيل الشَّمْس بن الشَّمْس الْكِنَانِي الْمدنِي الشَّافِعِي سبط الْبَدْر عبد الله بن مُحَمَّد بن فَرِحُونَ وأخو نَاصِر الدّين عبد الرَّحْمَن ووالد عبد الْوَهَّاب الْمَاضِي بعدهمْ وَيعرف بِابْن صلح. / ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا حفظ الْقُرْآن وكتبا فِي فنون وتلا بالسبع أَو بَعْضهَا على وَالِده وَأذن لَهُ فِي الاقراء وَسمع على الْبَدْر بن الخشاب قَاضِي الْمَدِينَة وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وناب عَن أَخِيه فِي الحكم والخطابة والامامة بِالْمَدِينَةِ وَقَرَأَ فِي البُخَارِيّ على الشّرف أبي بكر فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ ذَا نباهة فِي الْفِقْه وَغَيره مَعَ خير وديانة قدم مَكَّة غير مرّة لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة مِنْهَا فِي الْمحرم سنة أَربع عشرَة فأدركه أَجله بهَا قَضَاء نُسكه فِي أول صفرها وَدفن بالمعلاة. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
244 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن صَلَاح بن أبي بكر الشّرف أَبُو الطّيب بن الشَّمْس العباسي / نِسْبَة للشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْبَصِير المدفون بزاويته بالقرافة ونزيل الْمَكَان الَّذِي صَار مَعْرُوفا بِهِ بَاب الْخرق الشَّافِعِي. ولد فِي لَيْلَة ثَانِي عشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بالزواية الثَّانِيَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلابه لغير وَاحِد من الْقُرَّاء على الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي والشاطبية والتنبيه والملحة، وَعرض على جمَاعَة(9/86)
واشتغل على البامي وَالشَّمْس الابناسي وَالْفَخْر عُثْمَان المقسي وَحضر دروس الْمَنَاوِيّ والمحلي وَغَيرهمَا وَاسْتقر فِي النّظر على الزاوية بعد موت أَبِيه، وَحج مرَارًا وجاور نمير مرّة مِنْهَا سنة أَربع وَتِسْعين وَكَانَ قد وصل فِي أوائلها وَكنت بهَا فلازم فِيهَا التَّرَدُّد إِلَى وَسمع على وَمد حَتَّى بِبَعْض الابيات، وَهُوَ من تكسب بالشهادت وقتا ة تميز بهَا ورافق غير وَاحِد من المعتبرين ثمَّ أعرض عَنْهَا.)
245 - مُحَمَّد وَيُقَال مَسْعُود ايضا من مُحَمَّد بن صَلَاح بن جِبْرِيل ابْن رشيد نظام الدّين بن غياث الدّين بن صَلَاح الدّين الاردبيلي الشَّافِعِي. / شيخ صَالح خير حج فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة فَلَقِيَهُ الْعَفِيف الجرهي فِيهَا بعدن وَذكره فِي مشيخته.
246 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَامر الشَّمْس القاهري الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن عَامر. / ولد فِي ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي الْفِقْه وَغَيره وَمن شُيُوخه الْبِسَاطِيّ والشهاب بن تَقِيّ وَكَانَ يذكر أَنه سمع على فِي الْفِقْه وَغَيره وَمن شُيُوخه الْبِسَاطِيّ والشهاب وتقي وَكَانَ يذكر أَنه سمع على التقي الدجوي وناب فِي الْقَضَاء مُدَّة عَن الْبِسَاطِيّ وَامْتنع الْبَدْر بن التنسي من استنابته، ثمَّ ولي قَضَاء دمشق عوضا عَن الْأمين سَالم فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة خمسين ثمَّ عزل فِي رَمَضَان من الَّتِي تَلِيهَا بالشهاب التلمساني فَلَمَّا قَامَ سرُور المغربي على قَاضِي اسكندرية الْجمال بن الدميني حسن للظَّاهِر عَزله والاستقرار بِهَذَا عوضه فَفعل ثمَّ لم يلبث اعيد الْحمال وَرجع ابْن عَامر إِلَى مَحل اقامته بِالْقَاهِرَةِ معزولا، وكل ذَلِك سنة ارْبَعْ واربعين فتصدى للأفتاء وَاسْتقر فِي تدريس الْفِقْه بالشيخونية بعد الزين عبَادَة عمل اجلاسا ثمَّ انتزع مِنْهُ ليحيى العجيسي ورام الْبَدْر الْمشَار إِلَيْهِ تعويضه عَنهُ بتدريس الجمالية وظيفته فَمَا تمّ فتألم ابْن عَامر وَلزِمَ بَيته إِلَى أَن عين لقَضَاء صفد فَتوجه إِلَيْهَا وباشرة حَتَّى مَاتَ فِي أَوَائِل جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَخمسين، وَقد لَقيته غير مرّة وقصدته فِي بعض النَّوَازِل وَسمعت كَلَامه وَكَانَ يستحضر فروع مذْهبه وَلَكِن لم يكن من المحقيقين بولا من المتفننين وَرُبمَا نسب للتعاطي على الافتاء، وَقد كتب على مختصرالشيخ خَلِيل شرحا سَمَّاهُ التفكيك للرموز والتكليل على مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل لم يكمل وقفت على مُجَلد مِنْهُ انْتهى فِيهِ إِلَى الْحَج وَكتب عَلَيْهِ، مَا نَصه:
(كل الشُّرُوح لَيْسَ فِيهَا مثل شرحي الْمُخْتَصر ... فِيهِ على تَحْقِيق الْحق تدقيق النّظر)
(فَمن كَانَ ذافهم ولب وبصر ... فليلزم قِرَاءَته وليتدبره بالفكر)
(فالجهل يزري صَاحبه وَبِه يحتقر ... وَالْعلم زين لمن بِهِ اتزر)
ورام من ابْن عمار فِيمَا بَلغنِي تقريضه فَامْتنعَ لِكَثْرَة أَوْهَامه وَلَكِن قد كتب عَلَيْهِ(9/87)
شَيخنَا مَا نَصه:
(كل الشُّرُوح لَيْسَ فِيهَا مثل شرحي الْمُخْتَصر ... فِيهِ على تَحْقِيق الْحق تدقيق النّظر)
)
(فَمن كَانَ ذافهم ولب وبصر ... فليلزم قِرَاءَته وليتدبره بالفكر)
(فالجهل يزري صَاحبه وَبِه يحتقر ... وَالْعلم زين لمن بِهِ اتزر)
ورام من ابْن عمار فِيمَا بَلغنِي تقريضه فَامْتنعَ لِكَثْرَة أَوْهَامه وَلَكِن قد كتب عَلَيْهِ شَيخنَا مَا نَصه كَمَا قرأته يحفظ على المجلد الْمشَار إِلَيْهِ: الْحَمد لله الفاتح الْعَلِيم:
(لعمري لقد أوضحت مَذْهَب مَالك ... بتفكيك رمز لائح للمسامر)
(وجودت مَا سطرت مِنْهُ مهذبا ... وَمن أَيْن للتجويد مثل ابْن عَامر)
وَكتب تحتهما الحسام بن بطريح الْحَنَفِيّ مَا نَصه: الْحَمد لله الْوَهَّاب الْكَبِير:
(لقد غَدا التكليل أعجوبة ... وَأصْبح التفكيك تحبيرا)
(رصعه درا فَتى عَامر ... فزاده الرَّحْمَن تعميرا)
وترجمه بعض المؤرخين بقوله رجل جيد خير عَالم فَاضل حسن السِّيرَة سمع الحَدِيث وَأَجَازَ لَهُ خلق.
247 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبَادَة بن عبد الْغَنِيّ بن مَنْصُور الشَّمْس الْحَرَّانِي الاصل الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَالِد الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بِابْن عبَادَة بِضَم الْعين. / ذكره شَيخنَا فِي انبائه فَقَالَ: اشْتغل كثيرا وَأخذ عَن الزين بن رَجَب ثمَّ عَن صَاحبه ابْن اللحام وَكَانَ ذهنه جيدا وخطه حسنا وَكَذَا شكله مَعَ البشاشة وَحسن الْمُلْتَقى ثمَّ تعاني الشَّهَادَة فَمر فِيهَا وَصَارَ عين أهل الْبَلَد فِي معرفَة المكاتيب مَعَ حسن خطه ومعرفته وَآل أمره إِلَى أَن ولي الْقَضَاء بعد اللنك مرَارًا بِغَيْر أَهْلِيَّة فَلم تحمد مسيرته وَكَثُرت فِي أَيَّامه المناقلات فِي الاوقاف وتأثل لذَلِك مَالا وعقارا وَكَانَ مَعَ ذَلِك عريا عَن تعصب الْحَنَابِلَة فِي العقيدة. مَاتَ فِي رَجَب سنة عشْرين وَله سبع وَخَمْسُونَ سنة وَقد غلب عَلَيْهِ الشيب.
248 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبَّاس نَاصِر الدّين العناني الْأَزْهَرِي. / مِمَّن سمع مني
249 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبَّاس أَبُو الْخَيْر الْجَوْهَرِي الاصل القاهري الْحَنَفِيّ الضَّرِير أحد صوفية المؤيدية وخال ابْن عز الدّين الْمعبر. مِمَّن جاور بِمَكَّة / وتلا الْقُرْآن على الزين بن عَيَّاش، وَهُوَ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين حَيّ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الشَّمْس المنوفي الْمدنِي الْمَكِّيّ الصُّوفِي. / مِمَّن أَخذ عني وَينظر فأظنه تقدم فِيمَن اسْم أَبِيه.)
250 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْبر بن يحيى بن عَليّ بن تَمام بن يُوسُف الْبَدْر أَبُو عبد الله بن الْبَهَاء أبي الْبَقَاء الانصاري الخزرجي السُّبْكِيّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي الْبَقَاء. / ولد فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وتفقه بِأَبِيهِ وَغَيره. وَسمع على الذَّهَبِيّ وَعلي بن الْعِزّ عمر وَعبد الرَّحِيم ابْن أبي الْيُسْر فِي آخَرين كإبراهيم ابْن عبد الرَّحِيم بن سعد الله بن جمَاعَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَزَيْنَب ابْنة ابْن الخباز ونفيسة ابْنة إِبْرَاهِيم بن الخباز، وَأول مادرس بِدِمَشْق بالأتابكية فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عِنْد قدوم الْمَنْصُور بن المظفر دمشق فِي فتْنَة بيدمر وَحضر عِنْد الاكابر(9/88)
وَولي خطابة الْجَامِع الاموي بعد ابْن جمَاعَة، وَقدم مَعَ أَبِيه مصر وناب فِي الْقَضَاء بهَا ثمَّ عَاد لدمشق فِي سنة ثَمَان وَسبعين وناب فِيهَا عَن أَخِيه يَوْمًا وَاحِدًا وَاسْتقر فِي تدريس الحَدِيث بالمنصورية ثمَّ بعد أَبِيه فِي تدريس الْفِقْه بهَا مَعَ التدريس المجاور لقبة الامام الشَّافِعِي، ثمَّ اسْتَقر فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالديار المصرية فِي شعْبَان سنة تسع وَسبعين عقب قتل الاشرف شعْبَان بعد صرف الْبُرْهَان بن جمَاعَة بِمَال بذله مَعَ انتزاع درس المنصورية مِنْهُ للضياء القرمي وَالشَّافِعِيّ للسراج البُلْقِينِيّ فَكثر فِيهِ قَول لذَلِك فَتكلم بركَة فِي صرفه وأعيد الْبُرْهَان فِي أَوَائِل سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ فَكَانَت مُدَّة ولَايَته سنة وَثلث سنة ودام قدر ثَلَاث سِنِين بِالْقَاهِرَةِ بِدُونِ وَظِيفَة ثمَّ أُعِيد إِلَى الْقَضَاء فِي صفر سنة أَربع وَثَمَانِينَ وامتحن فِيهَا بِسَبَب تَرِكَة ابْن مَازِن شيخ عرب الْبحيرَة وَغرم مَالا كثيرا عزل فِي شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ أُعِيد ثمَّ صرف فِي رَجَب الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ أُعِيد فِي ربيع الاول سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ صرف فِي شعْبَان سنة سبع وَتِسْعين ودام معزولا عَن الْقَضَاء وَمَعَهُ تدريس الايوان المجاور للشَّافِعِيّ وَنظر الظَّاهِرِيَّة حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَكَانَ قد فوض إِلَيْهِ قَضَاء الشَّام بعد موت أَخِيه ولي الدّين عبد الله ثمَّ صرف قبل مُبَاشَرَته لَهُ، وَكَانَ حسن الْخلق فكها كثير الِانْصِرَاف بِحَيْثُ قَالَ الشَّمْس بن الْقطَّان أَنه كَانَ لَا يغْضب إِذا وَقع عَلَيْهِ الْبَحْث بِخِلَاف أَبِيه.
لَكِن قَالَ شَيخنَا عقب حكايته كَذَا قَالَ وفسدت أَحْوَاله بعد أَن نَشأ لَهُ ابْنه جلال الدّين وَكَثُرت الشناعة عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ حَتَّى كَانَ الظَّاهِر يَقُول لَوْلَا جلال الدّين مَا عزلته لِأَن جلال الدّين لَا يُطَاق، قَالَ الْجمال البشيشي: كَانَ يُقرر التدريس أحسن تَقْرِير مَعَ قلَّة مطالعته وَكَانَ يعرف الْفِقْه وأصوله والنحو والمعاني وَالْبَيَان وَلَيْسَت لَهُ فِي التَّارِيخ والآداب يَد مَعَ دمانة الْخلق وطهارة اللِّسَان وعفة الْفرج وَلكنه كَانَ يتَوَقَّف فِي الامور وَيَمْشي مَعَ الرسائل واستكثر من)
النواب وَمن الشُّهُود وَمن تَغْيِير قُضَاة الْبِلَاد ببذل المَال. وَقد ذكره شَيخنَا فِي رفع الاصر ولابناء والمعجم وَقَالَ فِيهِ أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وانه كَانَ لين الْجَانِب فِي مُبَاشَرَته قَلِيل الْحُرْمَة، وَذكره ابْن خطيب الناصرية فَقَالَ أَنه كَانَ إنْسَانا حسنا عَالما حَاكما عَاقِلا دينا عِنْده حشمة ورياسة وَفضل مَعَ حسن المحاضرة ولاخلاق وَطيب النَّفس وَذكر أَنه اجْتمع بِهِ وَصَحبه بحلب، والمقريزي فِي عقوده وَأَنه صَحبه أعواما، وَكَانَ من خير الْقُضَاة لَوْلَا حبه للدنيا وَكَثْرَة لينه وتحكم ابْنه عَلَيْهِ، التِّلَاوَة حسن الاستعداد بجيد إِلْقَاء الدُّرُوس من غير مطالعة لاشتغاله بالمنصب وشغفه بِالنسَاء عديم الشَّرّ لَا يكَاد يواجه أداني النَّاس(9/89)
بِسوء رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
251 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الدَّائِم بن مُوسَى الْبرمَاوِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. ذكره شَيخنَا فِي انبائه فَقَالَ انه كَانَ قد مهر وَحفظ عدَّة كتب وَتوجه مَعَ أَبِيه إِلَى الشَّام فَمَاتَ بالطاعون فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَلم يبلغ الْعشْرين فَاشْتَدَّ أَسف أَبِيه عَلَيْهِ بِحَيْثُ لم يقم فِي الشَّام بعده وَكره ذَلِك وَقدم الْقَاهِرَة عوضهما الله الْجنَّة.
252 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وَفَاء الْمُحب أَبُو الْفضل بن أبي المراحم القاهري الشاذلي الْمَالِكِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن وفا. / خلف أَبَاهُ فِي التَّكَلُّم والمشيخة فدام مُدَّة مَعَ عدم سبق اشْتِغَاله وَكَونه لم يحفظ فِي صغره كتابا وَلكنه كَانَ شَدِيد الذكاء متين الذَّوْق فهما وَرُبمَا قَرَأَ يَسِيرا فِي النَّحْو وَغَيره، وَحج ثمَّ عرض لَهُ جذب أَو غَيره بِحَيْثُ صَار يهذي فِي كَلَامه وَلَا يحتشم مَعَ أحد فتحامى لذَلِك كَثِيرُونَ عَن الِاجْتِمَاع بِهِ أَو رُؤْيَته وَرُبمَا طلع إِلَى السُّلْطَان وشافهه بِمَا حسن اعْتِقَاده فِيهِ من أَجله بِحَيْثُ أهان من تعرض لَهُ بِسوء بل سَمِعت أَنه فِي أَوَائِل هَذَا الْعَارِض قَالَ أَنه تحول شافعيا. مَاتَ عَن نَحْو خَمْسَة وَثَلَاثِينَ عَاما فِي لَيْلَة رَابِع جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع المارداني ثمَّ بسبيل المؤمني وَدفن بتربتهم من القرافة رَحمَه الله وإيانا.
253 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن حسن جلال الدّين بن فتح الدّين بن وجيه الدّين الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَأمه أمة لِأَبِيهِ وجدته لِأَبِيهِ ابْنة الْفجْر القاياتي وَيعرف كسلفه بِابْن سُوَيْد. / مِمَّن نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي ولاصلي وألفية النَّحْو وَغَيرهَا، وَعرض على خلق واشتغل قَلِيلا عِنْد أَبِيه ثمَّ لما مَاتَ أقبل على اللَّهْو ومزق مِيرَاثه)
وَهُوَ شَيْء كثير جدا وتعدى إِلَى أوقاف وَنَحْوهَا، وَحدث نَفسه بِقَضَاء الْمَالِكِيَّة وَلَا زَالَ يتمادى إِلَى أَن أملق جدا وفر إِلَى الصَّعِيد ثمَّ إِلَى مَكَّة فدام بهَا ملازما طَرِيقَته بل كَانَ يذكر عَنهُ مَالا أنهض لشرحه مَعَ جرْأَة وإقدام وذكاء وتميز فِي الْجُمْلَة واستحضار لمحافظيه وتشقد فِي كَلِمَاته وَلما كَانَت هُنَاكَ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ لازمني فِي قِرَاءَة كتب كَثِيرَة كالموطأ ومسند الشَّافِعِي وَسنَن التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَمَا سردته فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَحصل شرحي للهداية الجزرية وَبحث معي معظمه وَكَذَا سمع على الْكثير من شرحي للألفية بحثا وَغير ذَلِك من تصانيفي وَغَيرهَا وَلم يَنْفَكّ عَن الْحُضُور(9/90)
مَعَ الْجَمَاعَة طوال السّنة بل أدركني بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فَحَضَرَ عِنْدِي قَلِيلا وَنسب إِلَيْهِ هُنَاكَ الِاسْتِمْرَار على طَرِيقَته وبالغت فِي كلا البلدين فِي إلفاته عَن هَذَا وَبَلغنِي أَنه توجه إِلَى الْيمن وَدخل زليع ودرس وَحدث ثمَّ توجه إِلَى كنباية وَأَقْبل عَلَيْهِ صَاحبهَا وَختم هُنَاكَ الشفا وَغَيره. وقبائحه مستمرة وأحواله واصله لمَكَّة إِلَى سنة ثَمَان وَتِسْعين.
254 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن حيدرة بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عبد الْجَلِيل ابْن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التقي أَبُو بكر الدجوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. / ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة واشتغل فِي فنون من الْعلم وَمهر وَكَانَ يستحضر الْكثير من هَذَا الْفَنّ إِلَّا أَنه لَيْسَ لَهُ فِيهِ عمل الْقَوْم وَلَا كَانَت لَهُ عناية بالتخريج وَلَا معرفَة بالعالي والنازل والأسانيد وشان نَفسه بملازمته لعماله مُودع الحكم بِمصْر. ذكره شَيخنَا كَذَلِك فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ أَحَادِيث من مُسلم بِسَمَاعِهِ لجميعه فِي سنة سبع وَأَرْبَعين على أبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وثلاثيات مُسْند أَحْمد بِسَمَاعِهِ لجَمِيع الْمسند على العرضي وَسمع من لَفظه المسلسل بِسَمَاعِهِ من الْمَيْدُومِيُّ وَذكر غير ذَلِك وَأَنه سمع على الْمَيْدُومِيُّ السّنَن لأبي دَاوُد فِي جَامع التِّرْمِذِيّ على العرضي ومظفر الدّين بن الْعَطَّار قَالَ وَكَانَ يذاكرني بأَشْيَاء كَثِيرَة من التَّارِيخ وَغَيره وَكتب لي تقريظا على بعض تخاريجي أطنب فِيهِ وأسمع صَحِيح مُسلم مرَارًا عِنْد عدَّة من الامراء على بعض تخاريجي أطنب فِيهِ وأسمع صَحِيح مُسلم مرَارًا عِنْد عدَّة من الامراء وَكَانَ السالمي يعظمه وينوه بِهِ، وَرَأَيْت بِخَط شَيخنَا الْعِرَاقِيّ والمحدث الْجمال الزَّيْلَعِيّ وَصفه بِالْفَضْلِ فِي بعض الطباق. وَقَالَ فِي الانباء أَنه تفقه واشتغل وَتقدم وَكَانَ ذَاكِرًا للعربية واللغة والغريب والتاريخ مشاركا فِي الْفِقْه وَغَيره كثير الاستحضار دَقِيق الْخط، قَالَ وَكَانَ يغتبط بِي كثيرا ويحضني على الِاشْتِغَال، وَقد نوه السالمي بِذكرِهِ وَقَررهُ مسمعا عِنْد كثير من الامراء وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ)
صَحِيح مُسلم طَاهِر ابْن حبيب الْموقع. وَذكره المقريزي فِي عقوده وان مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ فتح الله وَقَالَ إِنَّه كَانَ عِنْده علم جم مَعَ الثِّقَة والضبط والاتقان وَكَثْرَة الاستحضار بِحَيْثُ لم يخلف بعده مثله مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الثَّانِي وَقيل فِي ثامن عشر جُمَادَى الاولى سنة تسع. قلت وَبِالثَّانِي جزم المقريزي. وروى لنا عَنهُ جمَاعَة وَسمعت الثَّنَاء عَلَيْهِ بغزير الْحِفْظ من خلق كالعلاء القلقشندي وَلكنه غير مَعْدُود من الْحفاظ على طريقتهم رَحمَه الله وإيانا.
25 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقوي الشَّمْس القاهري الشاذلي السكرِي وَيعرف بالجنيد / لكَونه فِيمَا قيل ينتمي إِلَيْهِ. كَانَ فِيمَا بَلغنِي يحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ المناهج وأحضر لبيته البقاعي ليقرئ أَوْلَاده فَلم ينْتج مِنْهُم أحد. وَمَات تَقْرِيبًا بعيد الْخمسين أَو مزاحمها قبل شَيخنَا فِيمَا أَظن. وَأَوْلَاده الْجلَال(9/91)
عبد الرَّحْمَن ثمَّ الْبَدْر ثمَّ التقي مُحَمَّد ثمَّ الزين قَاسم ثمَّ كريم الدّين عبد الْكَرِيم وهم أشقاء أمّهم فَاطِمَة ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن كشيش الْجَوْهَرِي الَّتِي اتَّصل بهَا بعد أَبِيهِم الشريف جلال الدّين مُحَمَّد الجرواني، وَكَانَ وجيها، سمه هُوَ وَبَنوهُ على شَيخنَا. وَيُحَرر اسْم جده أهوَ كَمَا هُنَا أَو حسن.
256 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن يُوسُف الْمُحب بن الولوى ابْن التقي بن الْجمال بن هِشَام القاهري الشَّافِعِي / أَبوهُ وجده. مِمَّن نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه الْعَبَّادِيّ والتقي الحصني، وتميز فِي الْفَضَائِل وَلكنه لم يتصون بِحَيْثُ أتلف مَا وَرثهُ من أَبِيه وَرغب عَن تدريس الْفِقْه بالمنصورية الْمُلْتَقى لَهُ عَن أبي السعادات البُلْقِينِيّ وَكَذَا رغب عَمَّا كَانَ أعرض عَنهُ سبط شَيخنَا لَهُ من مشيخة خَان السَّبِيل فالاول لِابْنِ عز الدّين البُلْقِينِيّ وَالثَّانيَِة للبدر بن الْقطَّان وَصَارَ إِلَى املاق زَائِد حَتَّى أَنه سَافر إِلَى الشَّام وقطنها فِي ظلّ ابْن الفرفور وَنَحْوه، وَكَانَ قد قَرَأَ على السِّرّ المكتوم فِي الْفرق بَين الْمَالَيْنِ الْمَحْمُود والمذموم وَتردد إِلَيّ فِي غير هَذَا وَمَا حمدت سرعَة حركته وطيشه ومشاركته فِي الْجُمْلَة، وَهُوَ من لَازم الخيضري لينال فَائِدَة فَلم يحصل على كَبِير شَيْء وقصارى أمره أَنه زوده وَهُوَ مُتَوَجّه للشام بِدِينَار.
257 - مُحَمَّد بن الْمُحب مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن الصفي أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجمال أَبُو السُّعُود الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ. / ولد فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة تساعياته ثمَّ أسمعهُ أَبوهُ بعد عَليّ الْجمال بن عبد الْمُعْطِي والكمال بن حبيب وَفَاطِمَة)
ابْنة أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي وَجَمَاعَة، وَأَجَازَ لَهُ ابْن النَّجْم وَابْن الجوخي والصفدي وست الْعَرَب والتاج السُّبْكِيّ وَغَيرهم، وَحدث وَسمع مِنْهُ التقي الفاسي وَغَيره مِمَّن أخذت عَنْهُم كالتقي بن فَهد وترجماه وَكَانَ يؤم بِمَسْجِد التنضب بوادي نَخْلَة ويخطب بِهِ ويتولى عقد الانكحة ثيابة عَن قَضَاء مَكَّة بعد أَبِيه. وَمَات هُنَاكَ فِي الْمحرم سنة خمس عشرَة.
258 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن عبد الْكَافِي الشَّمْس السنباطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الكتبي. / قدم الْقَاهِرَة وَقَرَأَ الْقرَان والتنبيه أَو بعضه واشتغل عِنْد البوتنجي والبدر النسابة وَغَيرهمَا وَسمع الْكثير من شَيخنَا فِي الاملاء وَغَيره وَكتب بِخَطِّهِ من تصانيفه وَغَيرهَا ومشي مَعَ طلبة وتنزيل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا ثمَّ انْسَلَخَ من صُورَة الِاشْتِغَال وَتردد لغالب الرؤساء فِي حوائجهم وَصَارَ يحضر(9/92)
التّرْك فِي الْكتب وَيقدم على الزِّيَادَة الْفَاحِشَة مَعَ الْمَزِيد تساهل وأوصاف غير مرضية وبرتام بِأُمِّهِ. مَاتَ فِي صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد توعكه مُدَّة وَقد جَاوز الْخمسين ظنا وتجرعت أمه فَقده سماحه الله وإيانا.
259 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن يُوسُف بن مَنْصُور الْكَمَال أَبُو مُحَمَّد بن الشَّمْس بن التَّاج بن النُّور الفاهري الشَّافِعِي إِمَام الكاملية هُوَ أَبوهُ وجده وجد أَبِيه ووالد مُحَمَّد وَأحمد وَعبد الرَّحْمَن الْمَذْكُورين ووالده فِي محالهم وَيعرف بِابْن إِمَام الكاملية. / ولد فِي صَبِيحَة يَوْم الْخَمِيس ثامن عشر شَوَّال سنة ثملن وثمانيين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب البني وَسعد العجلوني وَالْغَرْس الْخَلِيل الْحُسَيْنِي وَغَيرهم وجود بعضه على الزراتيتي وَحفظ بعض التَّنْبِيه وَجمع الوردية والملحة وَأخذ الْفِقْه عَن الشموس البوصيري والبرماوي وَابْن حسن البيجوري الضَّرِير والشهاب الطنتدائي وناصر الدّين البارنباري والشرف السُّبْكِيّ وَهُوَ أَكْثَرهم عَنهُ أخذا وَحضر دروس الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والنور بن لولو قَالَ وَكَانَ من الأوليلء والنحو والفرائض والحساب عَن الشَّمْس الْحِجَازِي وَعنهُ وَعَن السُّبْكِيّ والبارنباري الْمَذْكُورين والنور القمني والقاياتي أَخذ النَّحْو أَيْضا بل سمع بِقِرَاءَة الْحِجَازِي على الْعَيْنِيّ شَرحه للشواهد وبفوت يسير بحثا وَأصْلح فِيهِ الْقَارئ كثيرا مِمَّا وَافقه عَلَيْهِ الْمُؤلف بعد الْجهد فِي أول الْأَمر وَكتبه فِي نسخته وَاعْتَمدهُ بعد ذَلِك وَعَن القاياتي والونائي أصُول الْفِقْه وَعَن أَولهمَا والبساطي أصُول الدّين وَعَن البارنباري والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ الْمنطق وَحضر عِنْد شَيخنَا فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَسمع عَلَيْهِ وَكَذَا على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَابْن الْجَزرِي والبرماوي والواسطي)
وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس والحجازي وَغَيرهم كابي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد بِمَكَّة والتقي القلقشندي وَغَيره بِبَيْت الْمُقَدّس وَآخَرين بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَأحب السماع بِأخرَة وتزايدت رغبته فِيهِ جدا حَتَّى كمل لَهُ سَماع الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا من الْكتب والأجزاء على متأخري المسندين وبورك لَهُ فِي الْيَسِير من كل مَا تقدم خُصُوصا وَقد صحب السادات كابراهيم الأدكاوي وَأدْخلهُ الْخلْوَة وَفتح عَلَيْهِ فِيهَا ويوسف الصفي والغمري والكمال المجذوب وَعظم اخْتِصَاصه بِهِ فَانْتَفع بهم وَظَهَرت عَلَيْهِ بركاتهم وَزَاد فِي الإنقياد مَعَهم والتأدب بحضرتهم بِحَيْثُ كَانَ أمره فِي ذَلِك يجل عَن الْوَصْف، وأقرأ الطّلبَة فِي حَيَاة كثير من شُيُوخه أَو أَكْثَرهم وَقسم الْكتب الثَّلَاثَة وَغَيرهَا لَكِن مَعَ الإسترواح وَمَعَ ذَلِك فَمَا تخلف الأماثل عَن الْأَخْذ عَنهُ، وَقد وَصفه الْبرمَاوِيّ فِي حَال صغره بالذكاء وَصِحَّة(9/93)
الْفَهم والأسئلة الدَّالَّة على الإستعداد، ودرس للمحدثين بالقطبية الَّتِي بِرَأْس حارة زويلة وَبعد موت الْجلَال بن الملقن بالكاملية وَفِي الْفِقْه بالأيوان المجاور لقبه الشَّافِعِي حِين اسْتَقر فِيهِ وَفِي النّظر على أوقافه بعد زين العابدين بن الْمَنَاوِيّ وتزايد سروره بذلك جدا وَفِي أَيَّامه بسفارة الْأمين الأقصرائي جدد السُّلْطَان عِمَارَته وخطب قَدِيما لتدريس الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس فَمَا أجَاب، وَكَذَا عرض عَلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِمصْر فصمم على الأمتناع مَعَ طُلُوع الأقصرائي بِهِ إِلَى الظَّاهِر خشقدم ومشافهته لَهُ فِيهِ. وصنف عَليّ الْبَيْضَاوِيّ الْأَصْلِيّ شرحا مطولا ومختصرا وَهُوَ الَّذِي اشْتهر وتداوله النَّاس كِتَابَة وَقِرَاءَة وقرضه الْأَئِمَّة من شُيُوخه كشيخنا والقاياتي والونائي وَابْن الْهمام وَكنت مِمَّن كتبه قَدِيما وَأَخذه عَنهُ وَكَذَا كتب عَليّ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ شرحا وصل فِيهِ إِلَى آخر الْإِجْمَاع وعَلى الورقات والوردية النحوية وصل فِيهِ إِلَى التَّرْخِيم وأربعي النَّوَوِيّ وخطبة كل من الْمِنْهَاج وَالْحَاوِي وَبَعض التَّنْبِيه وأفرد على الْمِنْهَاج من نكت الْعِرَاقِيّ وَغَيرهَا نكتا وَاخْتصرَ كلا من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَشرح البُخَارِيّ للبرهان الْحلَبِي وَشرح الْعُمْدَة ورجالها للبرماوي مَعَ زيادات يسيرَة فِي كلهَا وَتَخْرِيج شَيخنَا لمختصر ابْن الْحَاجِب وَكتب فِي الخصائص النَّبَوِيَّة سيئل وَكَذَا على سُورَة الصَّفّ والْحَدِيث المسلسل بهَا مجلدا سَمَّاهُ بسط الْكَفّ قرئَ عَلَيْهِ مِنْهُ السِّيرَة النَّبَوِيَّة بالروضة الشَّرِيفَة إِذْ توجه من مَكَّة للزيارة فِي وسط سنة تسع وَسِتِّينَ وَكَانَ فِي الْقَافِلَة الْبَدْر بن عبيد الله الْحَنَفِيّ وَقَالَ لَهُ يَا فلَان أَنا درست سنة مولدك.
وأفرد لكل من ابْن عَبَّاس وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالشَّيْخ أبي اسحق وَالنَّوَوِيّ والقزويني وعياض)
والعضد وَغَيرهم تَرْجَمَة وَكَذَا عمل طَبَقَات الإشاعرة ومصنفا فِي القَوْل بحياة الْخضر ومختصرا لطيفا فِي الْفِقْه ومناسك وجزءا فِي كَون الصَّلَاة أفضل الْأَعْمَال لطيفا فِي التحذير من ابْن عَرَبِيّ وَغير ذَلِك، وَقد حج وجاور غير مرّة وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس والخليل كثيرا، وسافر لزيارة الصَّالِحين بالغربية وَنَحْوهَا فِي حَال صغره مَعَ وَالِده ثمَّ فِي أَوَاخِر عمره، وصحبته قَدِيما وَكَانَ يحلف أَنه لَا يوازيني عِنْده من الْفُقَهَاء أحد وَيكثر الدُّعَاء لي بل وَيسْأل لي فِي ذَلِك من يعْتَقد فِيهِ الْخَيْر وَيَقُول أَنه قَائِم بِحِفْظ السّنة على الْمُسلمين وَمَا أعلم نَظِيره إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يُبِيح بِهِ سفرا وحضرا وَسمع بِقِرَاءَتِي جملَة بل استجازني بالْقَوْل البديع من تصانيفي بعد أَن سمع مني بعضه وَكَانَ عِنْده بخطي نُسْخَة مِنْهُ فَكَانَ يذكر لي أَنه لَا يُفَارِقهُ غَالِبا وَكَذَا سمع مني بعض أربعي الصَّابُونِي وأفردت جملَة من أَحْوَاله وَأَسَانِيده الَّتِي حصلت لَهُ أَكْثَرهَا فِي تصنيف كثر(9/94)
اغتباطه بِهِ وراج أمره بِسَبَبِهِ كثيرا، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة حسن التَّصَوُّر جيد الْإِدْرَاك زَائِد الرَّغْبَة فِي لِقَاء من ينْسب إِلَى الصّلاح والنفرة مِمَّن يفهم عَنهُ التخبيط وَرُبمَا عودي بِسَبَب ذَلِك. صَحِيح المعتقد متواضعا متقشفا طارحا للتكلف بَعيدا عَن الملق والمداهنة ذَا أَحْوَال صَالِحَة وَأُمُور تقرب من الْكَشْف تَامّ الْعقل خَبِيرا بالأمور قَلِيل المخالطة لأرباب المناصب مَعَ اجلالهم لَهُ حُلْو اللِّسَان محببا لللأنفس الزكية من الْخَاصَّة والعامة مُمْتَنعا من الْكِتَابَة عَليّ الْفَتْوَى وَمن الشفاعات وَالدُّخُول فِي غَالب الْأُمُور الَّتِي يتوسل بِهِ فِيهَا ركونا مِنْهُ لراحة الْقلب والقالب وَعدم الدُّخُول ميما لَا يعنيه، حسن الأستخراج لللأموال من كثير من التُّجَّار وَغَيرهم بطريقة مستظرفة جدا لَو سلكها غَيره لاستهجن، كثير الْبر مِنْهَا لكثير من الْفُقَرَاء. والطلبة متزايد الْأَمر فِي ذَلِك خُصُوصا فِي أَوَاخِر أمره بِحَيْثُ صَار جمَاعَة من المجاذيب المعتقدين والأيتام والأرامل وعرب الهتيم وَنَحْوهم يقصدونه لللأخذ حَتَّى كَانَ لِكَثْرَة ترادفهم عَلَيْهِ قد رغب فِي الإنعزال بِأَعْلَى بَيته وَصَارَ حِينَئِذٍ يسْتَعْمل الْأَذْكَار والأوراد وَمَا أشبه ذَلِك وَحسن حَاله جدا وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ جمالا للفقهاء والفقراء وَلَا زَالَت وجاهته وجلالته فِي تزايد إِلَى أَن يُحَرك للسَّفر إِلَى الْحجاز مَعَ ضعف بدنه وسافر وَهُوَ فِي عداد الْأَمْوَات فأدركه الْأَجَل وَهُوَ سَائِر فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشري شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ عِنْد رَأس ثغرة حَامِد فِي جمع صالحين من رفقائه وَغَيرهم وَدفن هُنَاكَ وَبَلغنِي أَنه كَانَ يلوح بِمَوْتِهِ فِي هَذِه السفرة وَلذَا مَا نَهَضَ أحد إِلَى انثناء عزمه عَن السّفر مَعَ تزايد)
ضعفه وَعظم الأسف على فَقده إِلَّا طَائِفَة قَليلَة من معتدي ابْن عَرَبِيّ فَإِنَّهُ مِمَّن كَانَ يُصَرح بالإنكار عَلَيْهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ كَثِيرُونَ من معتديه لحسن مقْصده ورفقه التَّام فِي التحذير مِنْهُ، وَلم يسمع بالتصريح فِي ابْن الفارض نَفسه مَعَ مُوَافَقَته لي على إِنْكَار كثير من تائيته رَحمَه الله وإيانا.
260 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن رسْلَان بن نصير الْبَدْر أَبُو السعادات ابْن التَّاج أبي سَلمَة بن الْجلَال أبي الْفضل بن السراج أبي حَفْص الْكِنَانِي البُلْقِينِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي / أَبوهُ وجده وجد أَبِيه. ولد فِي رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة أَو سنة تسع عشرَة وَاسْتظْهر لَهُ بالقاعة الْمُجَاورَة لمدرسة جد أَبِيه من الْقَاهِرَة وَكَانَ أَبوهُ حِينَئِذٍ بمنى وَمَعَهُ وَلَده الْعَلَاء فَأخْبر أَنه رأى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَهُوَ هُنَاكَ أَن زَوْجَة بيه وضعت ذكرا فتفاءل بذلك وعد وُقُوع الرُّؤْيَا فِي لَيْلَة الْولادَة من الْغَرِيب. وَلما دخل جده للتهنئة بِهِ وتفل فِي(9/95)
فِيهِ وحنكه ودعا لَهُ وشمله بلحظة ثمَّ تَكَرَّرت رُؤْيَته لَهُ، وَنَشَأ فِي كَفَالَة أَبَوَيْهِ وَكَانَ مَعَهُمَا وَهُوَ طِفْل حِين حجا فِي سنة خمس وَعشْرين فختن هُنَاكَ بعد أَن طَاف بِهِ السراج الحسباني أسبوعا ووفت أمه بنذرها لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ وَهُوَ قنديل من فضَّة إِن ولد لَهَا ذكر، وَرجع فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ على الْعَادة قبل الثَّلَاثِينَ وَصلى مَعَه فِي الْخَتْم وَطول الشَّهْر الأجلاء ثمَّ حفظ الْعُمْدَة وَقَرَأَ الْمِنْهَاج وألفية النَّحْو وَنصف مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم عَم وَالِده الْعلم بل قَرَأَ عَلَيْهِ من أول الْمِنْهَاج إِلَى آخر النَّفَقَات فِي مجَالِس آخرهَا سلخ ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ ولازمه للتفقه أتم مُلَازمَة حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ التدريب وَجُمْلَة من الْحَاوِي وَغَيره وَكَذَا أَخذ طرفا من الْفِقْه عَن الْبَدْر بن الْأَمَانَة والزين البوتيجي واشتدت ملازمته فِيهِ للقاياتي والونائي وَمِمَّا حَضَره عِنْده مَا أقرأه فِي تَقْسِيم الرَّوْضَة والشهاب الْمحلي خطيب جَامع ابْن ميالة والشرف السُّبْكِيّ فِي عدَّة تقاسيم كَانَ قَارِئًا فِي بَعْضهَا بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْحَاوِي بِتَمَامِهِ والْعَلَاء القلقشندي وَكَانَ أَيْضا أحد قراء التَّقْسِيم عِنْده وَقَرَأَ الْأُصُول على الْبِسَاطِيّ والشرف السُّبْكِيّ والمحلي والكافياجي والشرواني فعلى الأول مَجْلِسا من الْمُخْتَصر وعَلى الثَّانِي جملَة مِنْهُ وعَلى الثَّالِث بعض الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وعَلى الرَّابِع غَالب شَرحه جمع الْجَوَامِع وَأَشَارَ إِلَى استغنائه بِتمَام أَهْلِيَّته عَن قِرَاءَة بَقِيَّته وعَلى الْخَامِس غَالب الْعَضُد وَكَذَا على السَّادِس مَعَ غَالب الْحَاشِيَة والعبري وَعنهُ أَخذ غَالب شرح المواقف وَكَذَا)
أَخذ فِي علم الْكَلَام عَن الكافياجي والفرائض والحساب عَن ابْن المجدي قَرَأَ عَلَيْهِ الْفُصُول لإبن الهائم وَسمع غَيره وَعَن البوتيجي وَأبي الْجُود وحرص على ملازمته بِحَيْثُ كَانَ رُبمَا يجْتَمع عَلَيْهِ فِي الْيَوْم أَرْبَعَة أَوْقَات والشهاب السيرجي قَرَأَ عَلَيْهِ منظومته المربعة وَالشَّمْس الْحِجَازِي أَخذ عَنهُ النزهة والعربية عَن الحناوي والراعي وَهُوَ أول من فتح عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا بَلغنِي وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ شَرحه للجرومية الْمُسَمّى المستقل بالمفهومية وَإِلَى شرح قَوْله فِي الإبتداء كَذَا إِذا يسْتَوْجب التصديرا من تصنيفه فتوح المدارك إِلَى إِعْرَاب الفية ابْن ملك وَعَن ابْن قديد قَرَأَ عَلَيْهِ غَالب التَّوْضِيح وَقطعَة صَالِحَة من ابْن المُصَنّف وَأخذ فِي التَّوْضِيح أَيْضا عَن أبي الْقسم النويري وَسمع عَليّ الزين عبَادَة الحاجبية إِلَى مَبْحَث التَّنْوِين وَامْتنع الزين من خَتمهَا على قَاعِدَة أَبنَاء الْعَجم غَالِبا وَعَن القاياتي فِي المغنى وَقَرَأَ على العجيسي بعض الأفية وعَلى الشرواني فِي نَحْو الْعَجم شرح اللب والتصريف عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ شرح تصريف الْعزي للتفتازاني وَعَلِيهِ قَرَأَ غَالب التَّلْخِيص فِي الْمعَانِي(9/96)
الْبَيَان وغالب شرح الشمسية فِي الْمنطق وجميعه على الشرواني وعَلى أبي الْقسم فِي شرح ايساغوجي والمتن على الكافجي وَعنهُ أَيْضا أَخذ الْمعَانِي وَأخذ الْعرُوض والقوافي عَن النواجي وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ الخزرجية وعروض ابْن القطاع والتصوف عَن أبي الْفَتْح الفوي قَرَأَ عَلَيْهِ رسَالَته ولقنه الذّكر وَكَذَا تلقنه من الغمري وَألبسهُ طاقيته وَمن الزين مَدين الاشموني وَعمر النبتيتي وَغَيرهم والقراآت عَن الفقيهه ابْن أَسد تَلا عَلَيْهِ لأبي عمروونافع وَابْن كثير وعلوم الحَدِيث عَن شَيخنَا وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح النخبة لَهُ وَسمع عَلَيْهِ غَيره دراية وَرِوَايَة وَكَذَا سمع عَليّ الزين الزَّرْكَشِيّ غلب مُسلم بِقِرَاءَة الْجمال بن هَاشم فِي الشيخونية والبدر حُسَيْن البوصيري مَجْلِسا من الدراقطني بِقِرَاءَة أبي الْقسم النويري وَعَائِشَة الكنانية شَيْئا بِقِرَاءَة وَلَدهَا الْعِزّ وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصَّحَابَة بِقِرَاءَة البقاعي وَأَرْبَعين شَيخا من الْعلمَاء والمسندين ختم البُخَارِيّ بِقِرَاءَة ابْن الفالاتي وَلم يمعن فِيهِ، وَأَجَازَ لَهُ المقريزي وَغَيره بل أجَاز لَهُ فِي جملَة بني أَوْلَاد جده خلق فِي استدعاء مؤرخ برجب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَلم يزل مشتغلا بالعلوم مستبصرا فِي الْمَنْطُوق مِنْهَا وَالْمَفْهُوم وَمَعَ قيام وَالِده عَنهُ بِجَمِيعِ احْتِيَاجه وسلوكه الطَّرِيق الْموصل لاستقامته دون أعوجاجه بِحَيْثُ لم تعرف لَهُ صبوة وَلَا عدت عَلَيْهِ نقيصة وَلَا هفوة حَتَّى أُشير إِلَيْهِ بالتقدم ولاستحقاق للاقتباس مِنْهُ والتفهم وَشهد لَهُ بذلك اللأكابر وأثنت عَلَيْهِ بالألسن المحابر فَكَانَ مِمَّن)
شهد لَهُ بالبرعة فِي الْفِقْه وأصوله والفرائض وَغَيرهَا مِمَّا ظهر لَهُ من مباحثه على الطَّرِيقَة الجدلية والمباحث المرضية والاسالب الفقيهة والمعاني الحديثية عَم وَالِده وَأذن لَهُ هُوَ والشرف السُّبْكِيّ فِي الافتاء والتدريس وَقَالَ ثَانِيهمَا أَنه صَار نور حدقة فضلاء عصره وَنور حديقة نبلاء مصره وسما اسْمه فِي محافل النظريين أقرانه ونمارسه فِي مجَالِس التَّحْقِيق بَين عُلَمَاء زَمَانه وَأَنه مِمَّن بِحَيْثُ فِي كتب الْمَذْهَب من مَبْسُوط ومختصر حَتَّى ظهر لَهُ التَّحْقِيق الْمُعْتَبر وَله حل الْحَاوِي الصَّغِير مَا يفوق بِهِ على كثير مِمَّن هُوَ بَين أهل زَمَانه كَبِير بِحَيْثُ علقت التعليقة عَلَيْهِ بذهنه الصَّحِيح وَلسَانه الفصيح وَكَذَا أذن لَهُ فِي إقراء مَا شَاءَ من كتب الْفَرَائِض السيرجي وباقراء كتب الْمنطق لكل من يَسْتَفِيد كَائِنا من كَانَ الكافياجي وباقراء الْعَرَبيَّة الرَّاعِي، وَوَصفه المقريزي بزين الزَّمَان وتاجه وَعين الاوان وسراجه مطلع الْعُلُوم لنا نجوما وَأَهله ومرسل الْفَوَائِد والفرائد علينا غيوما مستهلة، وَأثْنى ابْن قديد على صفاء ذهنه والمحلى على بديع فهمه وجودة مضمونه جلّ أرسل لَهُ مرّة فِي وَاقعَة خَالف فِيهَا عَم وَالِده بأَمْره حَسْبَمَا قرأته بِخَطِّهِ بِالنّظرِ(9/97)
فِيهَا ليَكُون متأهبا لَهَا فِي العقد الَّذِي سيجتمع فِيهِ بِسَبَبِهَا وَكَذَا بَلغنِي عَن كل من شُيُوخنَا الونائي والقلشندي والمحلي وَنَحْوه قَول شَيخنَا أَنه قاق أقرانه نظرا وفهما وشأى أشاعه معرفَة وعلما وارتقى فِي حسن التَّصَوُّر إِلَى الْمقَام الاسنى وفَاق فِي حسن الْخلق والخلق حَتَّى اسْتحق الْمَزِيد من الْحسنى فَهُوَ الْبَدْر الْمشرق فِي نَادِيه ومفخر أهل بَيته حِين يَقْصِدهُ المستفيد ويناديه. وحامل لِوَاء الْفُنُون الآلية بِحَيْثُ ضاء ذهنه كنار على علم وَصَارَ أَحَق بقول من قَالَ: وَمن يشابه أبه وجده فَمَا ظلم، وَأَعْلَى من هَذَا كُله أَن وَالِده رغب لَهُ عَمَّا كَانَ باسمه من نصف تدريس التَّفْسِير بِجَامِع طولون فَعمل بِهِ حِينَئِذٍ اجلاسا حَضَره سعد الدّين بن الديري والبساطي والمحب ابْن نصر الله وَغَيرهم من الأكابر تكلم فيع على قَوْله تَعَالَى رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ وعَلى وَالِدي وَأَن أعمل صَالحا ترضاه الْآيَة وَقَالَ الْمُحب اذ ذَاك قَلِيل من الْفَهم خير من كثير من الْحِفْظ وَسَأَلَ الْمدرس سؤالا فَانْتدبَ الشَّمْس الْقَرَافِيّ للجواب عَنهُ بِمَا نازعه فِيهِ الْمدرس وَوَافَقَهُ الْحَنَفِيّ إِذْ قَالَ فَحِينَئِذٍ سُؤال الْمدرس بَاقٍ وَكَذَا رغب لَهُ وَالِده حِينَئِذٍ عَمَّا كَانَ باسمه أَيْضا من نصف التصديري فِي الحَدِيث بالاشرفية الْقَدِيمَة ثمَّ كملا لَهُ بعد موت عَمه أبي الْعدْل. وناب عَن عَم وَالِده فِي الْقَضَاء سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بالصالحية وَكَذَا بأبيار وجزيرة بني نصر وطنتدا وَغَيرهَا غوضا عَن السفطي)
وببلبيس وعملها عوضا عَن عَليّ الْخُرَاسَانِي الْمُحْتَسب وبفوة ومرصفا وسنيت وعملها وَبِغير ذَلِك ثمَّ ولي قَضَاء الْعَسْكَر وَنظر أتابك الْعزي وتدريس الحسامية بأطفيح وَالنَّظَر عَلَيْهَا، كل ذَلِك بعد وَفَاة أَبِيه، وَكَذَا نِيَابَة النّظر على وقف السيفي بعد أَبِيه وَعَمه وَالنَّظَر على جَامع الانور ووقف بيلبك الخازنداري وَغَيرهَا والتدريس فِي الْفِقْه بالمنصورية برغبة الْمُحب القمني لَهُ عَنهُ وَالنَّظَر على سعيد السُّعَدَاء بعد الزيني بن مزهر بالبذل، ثمَّ دبر بعض الحساد من دس الاستشلاء عَلَيْهِ حَتَّى انْفَصل عَنهُ قبل تَمام السّنة وَاسْتمرّ الاسترسال من التعصب حَتَّى انتزع عَم وَالِده مِنْهُ النّظر على وقف السفي بل وتعدى لغيره من وظائفه وَلكنه لم يتم بل اجْتهد فِي عوده وتفويض الْمشَار إِلَيْهِ النّظر لَهُ واستحكم سعد الدّين بن الديري شيخ الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ بِصِحَّة التَّفْوِيض وَأَفْتَاهُ بِأَن مذْهبه انْقِطَاع ولَايَة الْمُفَوض وَلَو كَانَت شَرط الْوَاقِف وَلذَا لم ينْهض أحد من القضاه بعده لانتزاعه مِنْهُ إِلَّا الزين زَكَرِيَّا بِوَاسِطَة مرافعة بعض الْمُسْتَحقّين بل وانتزع مِنْهُ ألف دِينَار فأزيد مصالحة عَن الفائض من متحصله مُدَّة تكَلمه مُدَّة تكَلمه عَلَيْهِ وَصَارَ البدري يتَكَلَّم عَنهُ بطرِيق النِّيَابَة لكَون الْحَنَفِيّ الْمُتَوَلِي لم يُوَافق على مَا أفتى بِهِ(9/98)
ابْن الديري وَكَاد الْبَدْر يقد غنبا سِيمَا قد عجز الْمَنَاوِيّ عَن ماهو دون هَذَا مَعَه وَلما توفّي عَم وَالِده سعي فِي النِّيَابَة عَن بنيه فِي تداريسه وَنَحْوهَا لكَونه صهره زوج ابْنَته فَأُجِيب ثمَّ عورض فَكَانَ ذَلِك حَامِلا لَهُ على الِاسْتِقْرَار فِي الرّبع من جَمِيعهَا وَهِي الخشابية والشريفه والقانبيهية والبرقوقية ميعادا وتفسيرا ولافتاء بالحسنية وَمَا باسمه من مُرَتّب وَنظر وَغير ذَلِك ثمَّ بعده مُدَّة اسْتَقر فِي الثّمن مِنْهَا أَيْضا وتكلف فِي الْمَرَّتَيْنِ دون ثَلَاثَة آلَاف دِينَار رغب للمساعدة فِيهَا عَن تدريس الْفِقْه بالمنصورية وحصته فِي القانبيهية وَغير ذَلِك وباشرها شَرِيكا لفتح الدّين ابْن المتوفي هَذَا بعد أَن كَانَ الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة تكلم سرا مَعَ الظَّاهِر جقمق حِين عين الخشابية للمناوي فِي توعك عَم وَالِده الَّذِي كَانَ أشرف فِيهِ على الْمَوْت أَن لاتخرج عَنهُ بِدُونِ مُقَابل وَفِي غُضُون مُبَاشَرَته لما تقدم ولي الْقَضَاء عوضا عَن الصّلاح المكيني بتكليف نَحْو سَبْعَة آلَاف دِينَار وَذَلِكَ فِي حادي عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين فَأحْسن الْمُبَاشرَة فِي أول ولَايَته وأعلن كل من رفقته الابتهاج بمرافقته والمنفصل مُجْتَهد بمكره واعمال حليته فِي إذهاب بهجته واخماد الارهاب من صولته بِنَفسِهِ وأعوانه مَعَ إخفائه وكتمانه والبدر مساعده بِشدَّة صفاء خاطره وسده بِعَدَمِ المداراة الطَّرِيق عَن الْمعِين لَهُ وناصره مَعَ ماع عِنْده من طيش)
وبادرة وَتوجه لتَحْصِيل مَا يُوفي مِنْهُ تِلْكَ الدُّيُون المتكاثرة بِدُونِ دربة ورتبة مِمَّا الظَّن لوصول الْخصم مِنْهُ لما لَيْسَ لهَذَا بِهِ نِسْبَة، إِلَى أَن انْفَصل قبل تَمام ثلث سنة وتعطل عَلَيْهِ الْعود لهَذِهِ الخطة الَّتِي هِيَ عِنْدهم حَسَنَة وَذَلِكَ فِي ثَانِي جُمَادَى الاولى من السّنة وَاسْتمرّ فِي المكابدة والمناهدة بِسَبَب الدُّيُون الزَّائِدَة مَعَ شمواله الوفي فِيهَا باللطف الْخَفي غير آيس من رُجُوعه وَلَا حَابِس نَفسه عَن التلفت إِلَيْهِ فِي يقظته وهجوعه خُصُوصا وَهُوَ يجد المجال للتكلم غير مرّة ويعد بِالْمَالِ الْعَالم بِأَنَّهُ لايترك مِنْهُ ذرة بل حضر فِي كائنة أفتى فِيهَا عقد مجْلِس بِحَضْرَة السُّلْطَان وغيبة الْمُتَوَلِي حِينَئِذٍ إِظْهَارًا للتفكير وتنبيها وَمَعَ ذَلِك فَمَا وصل، وَإِلَى أَن انْفَصل بعد تعلله أَزِيد من شَهْرَيْن بقرحة جَمْرَة فِي كتفه ثمَّ ياسهال خَفِيف عصر يَوْم السبت ثَانِي ربيع الاول سنة تسعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع الْحَاكِم تقدم النَّاس الْجلَال الْبكْرِيّ مَعَ حُضُور الْقُضَاة إِلَّا الشَّافِعِي بتقدم الزيني بن مزهر لَهُ ثمَّ أدْركهُ الشَّافِعِي فصل عَلَيْهِ عِنْد بَاب مدرستهم ثمَّ دفن فِيهَا عِنْد جذوه وَجُمْهُور سلفه وتأسف كَثِيرُونَ على فَقده. وَكَانَ إِمَامه عَلامَة غفيها نحويا أصوليا مفننا بحاثا مناظرا مشاركا فِي الْفَضَائِل حسن التَّصَوُّر طلق اللِّسَان فصيح الْعبارَة مقتدرا على التَّصَرُّف وَالْجمع بَين ماظاهره التنافر شَدِيد الذكاء(9/99)
حسن الشكالة وضيئا لطيف الْعشْرَة زَائِد الِاعْتِقَاد فِي الصَّالِحين كثير الزِّيَارَة لَهُم أَحيَاء وأموتا بَعيدا عَن الملق والمداهنة سريع البادرة وَالرُّجُوع شَدِيد الصفاء، تصدى التدريس قَدِيما بِجَامِع الازهر وَبِغَيْرِهِ من الأكن والبلاد وَأخذ عَنهُ والأكابر التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه والفرائض ولاصلين والعربية وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَغير ذَلِك وَقُرِئَ عِنْده البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيره مرّة، وَشرع قَدِيما فِي كتاب جعله كالمحاكمات بَين الْمُهِمَّات والتعقبات وقف على مَا كتبه مِنْهُ شَيخنَا وَاسْتَحْسنهُ وحضه عل إكماله وَكَذَا شرح مُقَدّمَة شَيْخه الحناوي فِي النَّحْو فِي مُجَلد لطيف وقف عَلَيْهِ مؤلف الْمَتْن وَله أَيْضا جُزْء لطيف فِي الْعَرَبيَّة وَبَعض قَوَاعِد فقية وحواش على شرح الْبَيْضَاوِيّ للاسنوي وعَلى الخبايا الزوايا للزكرشي وَغير ذَلِك بل كتب على الرَّوْضَة من محلين وَلَا تَخْلُو دروسه من عنديات وأبحاث مبتكرة وَلَكِن لِسَانه أحسن من قلمه وَبَيَانه أمتن من عَدمه وينسب إِلَيْهِ الْعَمَل بِمَسْأَلَة ابْن سُرَيج فِي الظلاق وَقد نزوج قبل مَوته بِيَسِير بِابْنِهِ السبر باي زَوْجَة الصّلاح المكيني مَعَ بَقَاء ابْنة الْعلم البُلْقِينِيّ الَّتِي كَانَ تَزْوِيجهَا بعد أُخْتهَا بِمُقْتَضى اعْتِقَاده فِي عصمته وَأقر فِي مرض مَوته بِحُقُوق وبحوها، ومحاسنه كَثِيرَة وَكنت)
أوده وَلَكِن الْكَمَال الله وَمَا أَحْبَبْت لزكريا مَا عمله مَعَه وَقد سمعته يَقُول أَنا قَتِيل زَكَرِيَّا وَمرَّة الصاني، ثمَّ تصرف فِي تركته مَعَ فتح الدّين وَغَيره أقبح تصرف وَلذَا لم يلبث أَن قوصص الْكل وَلم يظْهر للقدر الْمَأْخُوذ مِنْهُ بالتجبر والتكبر ثَمَرَة فانه بعد اتبياع بدل بِهِ حل وَبيع وبذل فِيمَا الله عَالم بِهِ بل تمنى الْمُسْتَحق لوقف السيفي دوَام ذَلِك كَمَا كَانَ رَحمَه الله وإيانا. وَقَالَ الشهَاب الطوخي بعد مَوته:
(رعى الله قبرا ضم أعظم عَالم ... بتحقيقه حاوي الْجَوَاهِر كالبحر)
(فمذ غَابَ أظلم الجو بالورى ... وَكَيف يضيء الجو مَعَ غيبَة الْبَدْر)
261 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن فريج نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الصَّالِحِي. / نِسْبَة للصالحية الَّتِي بِظَاهِر الْقَاهِرَة، وَقَالَ المقريزي إِلَى الصالحية من منَازِل الرمل بطرِيق الشَّام. ولد سنة بضع وَخمسين وَسمع فِيمَا ذكر من الْجمال بن نَبَاته وَغَيره وتعاني الادب فنظم الشعهر الْمُتَوَسّط وَكتب الْخط الْحسن وَوَقع عَن الْقَضَاء ثمَّ نَاب فِي الحكم عَن الْحَنَفِيَّة ثمَّ عَن الشَّافِعِيَّة ثمَّ وثب على منصب قَضَاء الشَّافِعِيَّة لما غَابَ الصَّدْر الْمَنَاوِيّ فِي السّفر مَعَ السُّلْطَان لقِتَال تمر لنك وَاسْتقر بعد الْيَأْس من الْمَنَاوِيّ وشغور المنصب عَنهُ أَزِيد من شَهْرَيْن فِي تَاسِع عشري شعْبَان سنة ثَلَاث فَأَقَامَ عشرَة أشهر ثمَّ عزل فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة(9/100)
أَربع وَاسْتقر الْجلَال البُلْقِينِيّ عوضا عَنهُ بِمَال كثير بذله بعناية سودون ثمَّ أُعِيد الصَّالِحِي بعناية السالمي فِي شَوَّال الَّتِي تَلِيهَا فَلم يلبث أَن مَاتَ بعد أَرْبَعَة أشهر بعلة القولنج الصفراوي ثمَّ فِي ثَانِي عشر محرم سنة سِتّ وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الصَّالح خَارج بَابي زويلة وَحضر جنَازَته أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن الامراء قطلو بغا الكركي وَلم يحضر من الاعيان سواهُم وَدفن فِي تربته عِنْد المشهد النفيسي وأسف أَكثر النَّاس عَلَيْهِ لحسن تودده وكرم نَفسه وَطيب عشرته ومشاركته فِي الْعلم فِي الْجُمْلَة مَعَ لين جَانِبه وتواضعه وقبوله للرسائل بِحَيْثُ كثر النواب فِي زَمَنه وَكَثْرَة بره للْفُقَرَاء ولاغنياء حَتَّى أَنه رُبمَا أدّى إِلَى حسان بعض الْمُسْتَحقّين من الايتام وَنَحْوهم وَلِأَنَّهُم ألفوا من الصَّدْر الْمَنَاوِيّ ألباو المفرط الَّتِي جرت الْعَادة بِعَدَمِ احْتِمَاله وَلَو عظم المتلبس بِهِ. رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ. ذكره شَيخنَا فِي انبائه بِاخْتِصَار عَن هَذَا.
وَقَالَ المقريزي فِي عقوده كَانَ جده نَصْرَانِيّا من أهل الصالحية يُقَال لَهُ فريج فَلَمَّا أسلم تسمى عبد الرَّحْمَن، وَكَانَ أَبوهُ مِمَّن يشْهد بالحوانيت واتصل بالمتوكل على الله مُحَمَّد ولازمه وَنَشَأ)
ابْنه فَجَلَسَ شَاهدا وَكتب الْخط الْجيد وَتعلق بِخِدْمَة الزِّمَام مقبل فولاه شَهَادَة ديوانه وعدة وظائف وَوَقع فِي الحكم ثمَّ نَاب فِي الْقَضَاء من بعد التسعين وَصَارَ يعرف الرياسة والحشمة وقرض الشُّعُور وَهُوَ نثره متوسطان مَعَ حسن شكالة وَمَعْرِفَة بالنحو وبالوراقة ومشاركة فِي الْفِقْه. وَلما مَاتَ شنعت القالة فِيهِ من أَرْبَاب الْأَمْوَال الَّتِي بذلها فَإِنَّهُ لم يتْرك شَيْئا وَقد جنى على نَفسه على غَيره.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلف الدكالي الْمَالِكِي. /
262 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خليف بن عِيسَى بن عَبَّاس بن بدر بن عَليّ بن يُوسُف بن عُثْمَان الْمُحب أَبُو الْمَعَالِي وَرُبمَا لقب الْعَفِيف وبالشمس وبالجمال بن الرضي أبي حَامِد بن النقي بن الْحَافِظ الْجمال الانصاري الخزرجي المطري الاصل الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَهُوَ بسط الزين أبي بكر المراعي وَيعرف بالمطري. / ولد فِي رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِطيبَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة وأربعي النَّوَوِيّ والمنهاج الفرعي والأصلي والجمل الزجاجي وَأكْثر من نصف التَّلْخِيص وَعرض وتفقه بِأَبِيهِ وجده لأمه وَالْجمال بن ظهيرة وَالشَّمْس البوصيري وَأخذ النَّحْو عَن أَبِيه وَيحيى التلمساني وَالشَّمْس المعيد وَبِه انْتفع وَسمع بِبَلَدِهِ من جديه وَالْجمال الاميوطي والبرهان بن فَرِحُونَ وَالْقَاضِي على النويري والزين الْعِرَاقِيّ والهيثمي فِي آخَرين وأحضر فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ على سعد الدّين الله الاسفرايني بِقِرَاءَة أَبِيه بعض سنَن أبي دَاوُد وَسمع(9/101)
بِمَكَّة من أَبِيه وَابْن صديق وَالْجمال بن ظهيرة والزين الطَّبَرِيّ وَطَائِفَة وَحج أَزِيد من ثَلَاثِينَ مرّة وَدخل الْقَاهِرَة بعد سنة عشر فَسمع على الْجمال الْحَنْبَلِيّ والشرف ابْن الكويك، وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل، وَأَجَازَ لَهُ التنوخي وَابْن الذَّهَبِيّ وَابْن العلائي وَآخَرُونَ وَخرج لَهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد مشيخة، وَحدث بالكثير أَخذ عَنهُ التقي بن فَهد وَابْنه النَّجْم والكمال إِمَام الكاملية وَالشَّمْس الزعيفريني وحسين الفتحي وَابْن الشيخة فِي آخَرين من أَصْحَابنَا، وَكتب عَنهُ البقاعي مَا كتبه من نظمه على الاستدعاء وَوَصفه بالثقة الامين وَأَجَازَ لي وَكَانَ إِمَامًا عَالما مدرسا ناظما نَاب فِي الْقَضَاء والخطابة ولامامة والرياسة عَن وَالِده ثمَّ التلقي الرياسة عَنهُ وَكَذَا نَاب عَن جده لأمه، وكتبت فِي المعجم والوفيات وَغَيرهمَا من نظمه. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت رَابِع عري شعْبَان سنة سِتّ وَخمسين بطبيبة وَدفن بِالبَقِيعِ بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ بالروضة. وَلم يخلف بعده بهَا مثله رَحمَه الله)
وإيانا.
263 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَبُو الْحرم بن الشَّمْس الصبيبي الْمدنِي الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما وجد الشَّمْس مُحَمَّد بن فتح الدّين ابْن التقي لأمه. / قَرَأَ البُخَارِيّ بالروضة على أَبِيه فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَعلي الْجمال الكازروني فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَبِه انْتفع، وَكَانَ صهره أَبُو الْفَتْح بن تَقِيّ يرجحه على أَخِيه وَوصف بالفقيه الْفَاضِل.
وَله نظم رَأَيْت مِنْهُ تخميس الْبردَة.
254 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْمصْرِيّ الصحراوي الهرساني / الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن صلح بن اسمعيل الزكي بن فتح الدّين أبي الْفَتْح بن نَاصِر بن التقي الكنني الْمصْرِيّ الاصل الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن صلح. / ولد فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بطبية وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وعرضها على جمَاعَة واشتغل قَلِيلا وَقَرَأَ على الْمَنَاوِيّ وَغَيره، وَاسْتقر بعد أَبِيه فِي الخطابة والإمامة بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ مَعَ النّظر عَلَيْهِ وَجمع لَهُ مَعهَا قَضَاء حِين سفر أَخِيه صَلَاح الدّين لليمن سنة ثَمَانِينَ وَكَانَ قدم الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَسبعين وسافر مِنْهَا إِلَى الرّوم بل دخل الْقَاهِرَة وَالروم قبل أَيْضا. وَكَانَ وجيها عَظِيم الهمة متوددا للغرباء اغتيل فِي لَيْلَة السبت ثَالِث عشري ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ عِنْد بَاب الْمَسْجِد النَّبَوِيّ على يَد بعض العياسي بمعاونة جمَاعَة مِنْهُم لكَونه حكم فِي الدَّار الْمَأْخُوذَة مِنْهُم وفاز بِالشَّهَادَةِ، وَلم يلبث أَن مَاتَ قَاتله بعد مصيره عِبْرَة بخراج(9/102)
طلع على قلبه فَمَاتَ قبله بعض من عاونه فِي الْقَتْل وعمى آخر كَانَ من رؤوسهم وصاروا إِلَى أَسْوَأ حَال. رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
226 - مُحَمَّد صَلَاح الدّين بن صَالح / أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي سادس عشري رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل وتلا فِيهَا القرآت على السَّيِّد الطباطبي وَالشَّمْس الششتري وَفِي الْيمن على الْفَقِيه مُحَمَّد الْمَعْرُوف ببدير تَصْغِير بدر بل وَلَقي بِالْيمن إِحْدَى وَثَمَانِينَ فقيهه عمر الْفَتى فَأخذ عَنهُ كثيرا من تصانيفه أَو سائرها وَكَذَا من تصنيف شَيْخه الرَّوْض مَعَ التمشية عَلَيْهِ ولازم الشهَاب الابشطي فِي الْفِقْه وأصوله والفرائض)
والعربية وَأخذ فِي الْفِقْه والعربية عَن التَّاج أَحْمد الخفري الشِّيرَازِيّ أحد جمَاعَة ابْن الْجَزرِي حِين قدموه الْمَدِينَة ونزوله عِنْده وَفِيهِمَا والاصول عَن أبي الْفَتْح بن إِسْمَعِيل الازهري حِين مجاورته عِنْدهم بل استجاز لَهُ وَالِده شَيْخه الْكَمَال بن الْهمام وَقَالَ لَهُ وَقد سَأَلَهُ على سَبِيل الايناس لَهُ وَهُوَ بحديقة الحسنية قبلي مَسْجِد قبا عَن نَخْلَة حَمْرَاء مِنْهُمَا اسْمهَا فَقَالَ لَهُ حِيلَة فَقَالَ فائتني بِشَيْء من ثَمَرهَا حَتَّى أفيدك بفائدة فِي اسْمهَا فبادره وأحضر لَهُ قفة صَغِيرَة فابتهج وَقَالَ إِنَّمَا اسْمهَا حليوية فقلبت الوا يَاء ثمَّ أدغمت الْيَاء فِي أُخْتهَا وَقَرَأَ الْيَسِير من شرح الورقات على مُؤَلفه الْكَمَال إِمَام الكاملية وبمكة وَغَيرهَا عَن الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ بل حضر بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ جملَة من دروس علم البُلْقِينِيّ والمناوي والمحلي وَمِمَّا أَخذ عَنهُ فِي شروحه على الْمِنْهَاج مَعَ النَّجْم بن حجي وَيحيى الدمياطي وَكَذَا سمع بهَا على السَّيِّد النسابة مصاحبا للشمس بن القصبي المستقر فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِالْمَدِينَةِ بعد تكَرر دُخُوله للقاهرة بعْدهَا وَقَرَأَ فِي بعض قدماته على الْفَخر الديمي ومان ثَلَاثَة مِنْهَا مَطْلُوبا وَيحصل تَمام الْخَيْر وَالْفضل بِحَيْثُ خطب مسئولا بِجَامِع الازهر وَأم الْملك مسئولا فِي صَلَاة الْمغرب وَكَذَا دخل الشَّام وَلَقي فِيهَا حميد الدّين الفرغاني وَحضر عِنْده وَبَيت الْمُقَدّس وَسمع فِيهِ على التقى أبي بكر القلقشندي وبمكة على أبي الْفَتْح وبالمدينة على أَخِيه أبي الْفرج المراغيين وَقَرَأَ على وَالِده القَاضِي فتح الدّين الشفا وَالشَّمَائِل وَأَجَازَ لَهُ الْخَمْسَة الْأَولونَ بالإقراء زَاد الْخَامِس وبالإفتاء بل حضر عِنْده فِي دروسه وخطب بيبيت الْمُقَدّس وبالخليل وَأم الْأَقْصَى واستقل بِقَضَاء الْمَدِينَة بعد استعفاء عَمه الولوي مُحَمَّد وَكَذَا بِالنّظرِ على الْمَسْجِد الْحَرَام عوضا عَن أَخِيه الَّذِي قبله وشارك بَقِيَّة إخْوَته وَولده فِي الخطابة والإمامة وَقَررهُ الْأَمِير خير بك من حَدِيد فِي تدريس الشَّافِعِيَّة من دروسه وَلما كنت بِالْمَدِينَةِ سمع مني أَشْيَاء وَحضر عدَّة من بالسي وَسمعت(9/103)
خطابته وَصليت خَلفه وحمدت تودده وعقله واحتماله وتواضعه حَسْبَمَا شاهدته.
267 - مُحَمَّد مجد الدّين بن صلح / أَخُو اللَّذين قبله. ولد سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومناهجه وألفية النَّحْو، وَعرض على أَبَوي الْفرج الكازروني والمراغي وجود الْقُرْآن على ابْن شرف الدّين الششتري وشارك بعد اغتيال أَخِيه زكي الدّين إخْوَته وَولده فِي خطابة والإمامة وباشر ذَلِك فأجاد. وَقدم الْقَاهِرَة وَالشَّام وجال وَسمع مني بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ بِالشَّام حِين كوني بِطيبَة فِي الْمُجَاورَة الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَتِسْعين لكَونه كَانَ توجه إِلَى الرّوم فِي)
آخر سنة خمس فدام بهَا إِلَى أَن وصل الشَّام فِي آخر سنة سبع بعزم الْعود.
268 - مُحَمَّد شمس الدّين بن صلح / أَخُو الثَّلَاثَة قبله. شَارك إخْوَته وَولد أَخِيه أَيْضا بعد إغتيال أَخِيه وَلم يُبَاشر ذَلِك. مَاتَ فِي صفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين بِطيبَة عَن بضع وَأَرْبَعين سنة. وَدخل الشَّام ومصر وَالروم واليمن وَغَيرهَا وَكَانَ ذكيا شهما كَرِيمًا سَاكِنا صاهره مَسْعُود المغربي على ابْنَته وأنجب أَبَا الْقَاسِم رِجَاله أَوْلَاد.
269 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد النَّاصِر جلال الدّين ابْن صدر بن التقي الزبيرِي الْمحلي الاصل القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَكَانَ صوفيا فِي البيبرسية مَعَ غَيرهَا من الْجِهَات منعزلا على شَأْنه وَأَظنهُ قَارب السِّتين عَفا الله عَنهُ.
270 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَادِر تَاج الدّين بن أفضل الدّين بن صدر الدّين بن الْمسند الشهير عَزِيز الدّين الْقرشِي الاسدي الزبيرِي المليجي الاصل القاهري الازهري الشَّافِعِي أَخُو عبد الرَّحْمَن / الْمَاضِي وأبوهما. ولد سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَسمع على الشّرف بن الكويك واولي الْعِرَاقِيّ وَكتب عَنهُ وَعَن شَيخنَا فِي أمالهما، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَاسْتقر هُوَ وَأَخُوهُ بعد أَبِيهِمَا فِي خطابة الحسنية وَشَهَادَة الاوقاف الأزهرية وَشَهَادَة الْخَاص، وَكَانَ أحد صوفية البيبرسية وخطيب جَامع المارديني لكنه رغب عَنْهَا قبل مَوته مَعَ سُكُون وَخير. أجَاز بعض الاسدعآت وَكَانَ كثير الاجلال لي وَأَخْبرنِي بمنام رَآهُ لي كتبته فِي المعجم. مَاتَ بعد تعلله مُدَّة فِي أَوَائِل شَوَّال إِحْدَى وَثَمَانِينَ رَحمَه الله وإيانا.
271 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْجمال أَبُو البركات بن أبي الْخَيْر الحسني الادريسي الفاسي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي. / ولد فِي مستهل سنة إحجى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَبهَا نَشأ وَحفظ عدَّة(9/104)
مختصرات فِي فنون واشتغل وناب فِي الحكم بِمَكَّة وَولي إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بهَا. وَمَات معزولا عَنْهُمَا فِي محرم سنة ثَلَاث وَعشْرين وَدفن فِي المعلاة عقب الصَّلَاة عَلَيْهِ بِقرب سِقَايَة الْعَبَّاس مَعَ أَنه أوصى أَن لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إِلَّا خَارج الْمَسْجِد الْحَرَام عِنْد بَاب الْجَنَائِز رَحمَه الله. ذكره الفاسي.
272 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد أَبُو الْخَيْر بن أبي السرُور الحسني الفاسي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي / ابْن عَم الَّذِي قبله. ولد فِي ربيع الاول سنة سِتّ عشرَة بِمَكَّة وَسمع بهَا ابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة وَعبد الرَّحْمَن بن طولوبغا وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ فِي اخرين. وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَدخل مَعَ أَبِيه وأخيه عبد الرَّحْمَن الْقَاهِرَة فقدرت وفاتهم بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
273 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مَسْعُود الْكَمَال أَبُو البركات بن الشَّمْس أبي عبد الله المغربي الأَصْل الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبُو وجده وَيعرف كأبيه بِابْن خَلِيقَة / وَهُوَ لقب جده عبد الرَّحْمَن. ولد فِي سَابِع من رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَحفظ الْقُرْآن والرسالة وَبَعض الْمُخْتَصر وجود الْقُرْآن على أَبِيه وَبَعضه على عبد الْكَرِيم بن أبي الْوَفَاء واشتغل فِي النَّحْو وَغَيره على عبد الْوَهَّاب الانصاري وَأبي الْعَزْم الحلاوي فِي آخَرين، وَحج مرَّتَيْنِ وَدخل الشَّام غير مرّة والقاهرة فِي حَيَاة أَبِيه ثمَّ بعده فس سنة تسعين لَقِيَنِي حِينَئِذٍ فَسمع مني مسلسل وبقراءة غَيره مَجْلِسا من الشِّفَاء بل قَرَأَ هُوَ فِي البُخَارِيّ وَحضر تَقْرِير بعض الدُّرُوس وَذكر لي أَنه سمع قبل ذَلِك على الْجمال بن جمَاعَة والشمسين القلقشندي وَابْن الموقت وَغَيرهم وأفادني تَحْقِيق وَفَاة أَبِيه وَاسْتقر بعده فِي إِمَامَة جَامع المغاربة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ومشيخة الْمدرسَة السلامية وَغير ذَلِك وَرجع.
274 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الشَّمْس أَبُو الْفضل بن الشَّمْس أبي عبد الله الْجَوْهَرِي بَلَدا الشَّافِعِي الاحمدي نزيل الْقَاهِرَة والماضي أَبوهُ والآتي وَلَده مُحَمَّد وَيعرف كسلفه بِابْن بطالة. / مِمَّن حفظ الْقُرْآن والتنبيه واشتغل، وَحج مرَارًا وجاور وابتنى الزاوية الشهيرة بقنيطرة الموسكي وَقرر مدرسها الْبُرْهَان الابناسي الصَّغِير وَجعل بهَا فُقَرَاء ثمَّ بَطل ذَلِك وَكَانَ مكرما للوافدين. مَاتَ فِي سَابِع رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَقد قَارب الْخمسين وَدفن بالْمقَام الاحمدي رَحمَه الله وإيانا.
275 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد أبي بكر بن صديق الْكَمَال أَبُو الْفضل بن الْمعِين أبي الْخَيْر بن التَّاج أبي الْيُسْر القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن الطرابلسي. / ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ وَحفظ الْقُرْآن وكتبا(9/105)
وَعرض على جمَاعَة واشتغل قَلِيلا وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء الزين رضوَان مؤرخ برمضان سنة سبع وَثَلَاثِينَ جمَاعَة مِنْهُم الْبَدْر حِين البوصيري وَالْجمال عبد الله بن عمر بن جمَاعَة وَأُخْته سارة وناصر الدّين الفاقوسي والتاج)
الشرابيشي والبدر بن روق وَشَيخنَا وَلَا أستبعد أَن يكون سمع مِنْهُ فِي آخَرين. وناب فِي الْقَضَاء واستقل بجهات أَبِيه بعده كتدريس العاشورية ولازكوجية، وَحج فِي الرجبية وَغَيرهَا وَكَانَ ذَا ذوق ونظم. مَاتَ بعد توعك مُدَّة طَوِيلَة بالفالج وَنَحْوه فِي لَيْلَة الْخَمِيس تَاسِع عشر ربيع الأول سنة تسع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بتربة الصُّوفِيَّة الْكُبْرَى وَسمعت بِهِ أَنه تَابَ وأناب رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
276 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن مُسلم التَّاج بن الْبَدْر الْقرشِي البالسي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن مُسلم. / مِمَّن استنابه زَكَرِيَّا بنواحي قناطر السبَاع وَبَلغنِي أَنه ينظم.
277 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن عِيسَى ولي الدّين التبريزي نزيل مَكَّة وَشَيخ الرِّبَاط السَّيِّد حسن بن عجلَان بهَا. / مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
278 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن روزبة فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن التقي الكازروني الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن تَقِيّ / لقب أَبِيه الْمَاضِي. ولد فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة بِطيبَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَأخذ عَن قَرِيبه الْجمال الكازروني فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَعَن أبي السعادات بن ظهيرة والمنهاج الْأَصْلِيّ بحثا وَوَصفه بالعلامة وَأثْنى عَلَيْهِ وَأَنه تشرف بِحُضُورِهِ واستضاء بنوره وَحضر. وَهُوَ فِي الثَّالِثَة على الزين المراغي بعض الصَّحِيح ثمَّ سمع على ولديه أبي الْفَتْح وَأبي الْفرج بل قَرَأَ على أَولهمَا البُخَارِيّ فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ الشّرف الْمقري وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَأخذ بهَا عَن شَيخنَا والمناوي وَجَمَاعَة وبرع فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وتصدى للأقراء فَانْتَفع بِهِ الطّلبَة واختص بالشهاب الابشطي بل قَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا. مَاتَ فِي سادس عشري رَمَضَان سنة سبع بعد أَن أَصَابَهُ طرف فالج من أول سنة رَحمَه وإيانا.
279 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن مُوسَى بن عبد الله الْعِزّ والمحب وَالشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشَّمْس أبي عبد الله بن الزين والعز المغربي الصهناجي المنوفي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد القَاضِي وَيعرف بالعز بن عبد السَّلَام. / قدم جد جده عبد الله الْمغرب فقطن الخربة من عمل منوف ثمَّ انْتقل إبنه إِلَى منوف فقطنها وخطب. هُوَ وَابْنه وحفيده بِتِلْكَ النَّاحِيَة وَبهَا ولد الْعِزّ وَذَلِكَ فِي سنة خمس(9/106)
وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَقَرَأَ فِيهَا الْقُرْآن والتنبيه وألفية ابْن مَالك)
والمنهاج الْأَصْلِيّ، وَقدم الْقَاهِرَة بعد بُلُوغه فَعرض على الأبناسي وَابْن الملقن والبلقيني والقويسني وَأَجَازَهُ، وتفقه بلأبناسي والبيجوري والبهاء أبي الْفَتْح البُلْقِينِيّ بل حضر دروس السراج البُلْقِينِيّ وَكَانَ شَيخنَا يَحْكِي أَنه رَآهُ يبْحَث فِي مَجْلِسه وَكَذَا أَخذ عَن وَلَده الْجلَال وَأذن لَهُ فِي الأفتاء والتدريس فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَمن قبله أذن لَهُ الابناسي وَكتب لَهُ إجَازَة طنانة أثبتها فِي المعجم وَأخذ الْفَرَائِض عَن الشَّمْس الغراقي وَغَيره من الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ عَن النُّور بن قَبيلَة الْبكْرِيّ وعلوم الحَدِيث لِأَبْنِ الصّلاح عَن الْجمال بن الشرائحي حِين قدومه الْقَاهِرَة وَبحث النَّحْو والمحب بن هِشَام وَعمر الْخَولَانِيّ وَسمع على البُلْقِينِيّ وَابْن أبي مجد والتنوخي والعراقي والهيثمي والأبناسي والجوهري وَابْن فصيح وَالْقَاضِي نَاصِر الدّين الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين، وَدخل دمياط وإسكندرية وَغَيرهمَا وَمَا تيَسّر لَهُ الْحَج فِي حَيَاته فحج عَنهُ بعد مماته بإيصاء مِنْهُ وناب فِي الْقَضَاء فِي سنة خمس عشرَة عَن شَيْخه الْجلَال بعد أَن خطبه لَهُ مُدَّة سِنِين وَهُوَ يَأْبَى بل سَأَلَ وَالِده فِي إِلْزَامه إِيَّاه بذلك فَأجَاب، وَاسْتمرّ يَنُوب لمن بعده حَتَّى صَار من أجل النواب لَا يقدم شَيخنَا عَلَيْهِ مِنْهُم كَبِير أحد بل لم يُشْرك القاياتي فِي أَيَّام قَضَاءَهُ مَعَه فِي الصالحية غَيره وَأكْثر من التعايين عَلَيْهِ لكَونه كَانَ خَبره حِين جُلُوسه أعنى القاياتي عِنْده شَاهدا بِجَامِع الصَّالح بل سَمِعت أَن الْعِزّ توجه مَعَ القاياتي حَتَّى أجلسه بِمَجْلِس تَحت الرّبع مَعَ الشُّهُود لكَونه لم يقبل عَمَّن ولي حِينَئِذٍ فَلَمَّا عَاد شَيخنَا امْتنع من ولَايَته فِيهَا إِجَابَة لسؤال الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ لَهُ فِي ذَلِك فِي أَبْيَات نظمها أثبتها فِي الْجَوَاهِر لكَونه لم يرع حق شَيخنَا بترك الْقبُول وَاقْتصر شَيخنَا فِي الصالحية على الشهَاب السيرحي وَقَالَ للعز عين لَك مَجْلِسا تختاره فَامْتنعَ وصمم بِحَيْثُ أعَاد السُّؤَال لَهُ مَعَ نقيبه وَغَيره فَلم يجب إِلَى أَن توفّي شَيخنَا وَكَذَا امْتنع من النِّيَابَة عَن المناوى لتوهم درس شَيْء عَلَيْهِ فِيمَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ، واشتهر بِمَعْرِِفَة الْفِقْه ومزيد استحضاره وَقصد بالفتاوى والمداومة على التِّلَاوَة فِي اللَّيْل مَعَ الثِّقَة وَالْأَمَانَة وَالتَّعَفُّف والتحري فِي قضائع وَعدم الْمُحَابَاة حَتَّى أَن الظَّاهِر جقمق لما سَأَلَهُ بعد كشفه مَعَ المحيوي الطوخي عَن كائنة البقاعي الَّتِي رمى فِيهَا على جِيرَانه بالنشاب مَاذَا يجب عَلَيْهِ قَالَ التَّعْزِير وَلم يتَحَوَّل عَن ذَلِك كرفيقه فَحَمدَ عدم مداهنته بل شافهه لما أمره بِالسُّكُوتِ حِين تكلم فِي عقد مجْلِس بِسَبَب نقض حكم الْعَلَاء بن اقبرس فيواقعة بقوله كَيفَ أسكت ولي سِتُّونَ سنة أخدم الْعلم، وَلم يتَعَرَّض لَهُ وعينه بعد لقَضَاء حلب وَبلغ الْعِزّ بذلك فاختفى إِلَى أَن)(9/107)
اسْتَقر غَيره وَأَعْطَاهُ مُرَتبا على الجوالي بسفارة الْجمال نَاظر الْخَاص من غير سُؤال لَهُ لكَونه كَانَ علم تصميمه فِي الْحق وثبوته عَلَيْهِ فِيمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ فِيهِ من القضايا وَلم يجب وَعظم عِنْده وَأكْثر من النبوت عِنْده فِي تعلقاته. وَحكى التَّاج الأخميمي عَنهُ مُشَاهدَة أَنه حضر مجْلِس الْمُحب بن الْأَشْقَر كَاتب السِّرّ لسَمَاع دَعْوَى فِي قَضِيَّة واحتيج فِيهَا إِلَى الْبَيِّنَة فَشهد الْمُحب عِنْده فَقَالَ لَهُ مثلك مَا يشْهد فِي هَذِه الْقَضِيَّة مفهما لَهُ عدم قبُوله فَكف عَن الشَّهَادَة، وَكَذَا حكى بعض الثِّقَات أَنه شَاهده وَقد وضح لَهُ شخص بَين يَدَيْهِ ثَلَاثِينَ دِينَارا ذَهَبا بِسَبَب إِثْبَات شَيْء ظهر لَهُ فِيهِ فزبره وَكَاد أَن يعزره ولشريف أَوْصَافه ظَهرت بركته فِي بعض من مَسّه بِبَعْض الْمَكْرُوه فابتلي بالجذام أتم ابتلاء بِحَيْثُ علم من نَفسه ذَلِك وترامى عَلَيْهِ بعد نُفُوذ السهْم ليرضى بباطنه عَنهُ فَمَا أَفَادَ حَتَّى مَاتَ، وَقد اجْتمعت بِهِ كثيرا وقرأت عَلَيْهِ بعض الْأَجْزَاء وخطبناه مرَارًا للأسماع فِي الْمجَالِس الْعَامَّة فَمَا وَافق معتذرا بِكَثْرَة الأرافة. مَاتَ بعد عصر يَوْم الْإِثْنَيْنِ رَابِع عشر ربيع الآخر سنة خمس وَسِتِّينَ وَقد زَاد على التسعين ممتعا بحواسه وقوته وَدفن من الْغَد بالتربة المرجوشية بعد أَن صلى عَلَيْهِ تجاه مصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد حافل تقدمهم الْأمين الأقصرائي رَحمَه الله وإيانا.
280 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْمُنْتَصر أَبُو عبد الله بن الْأَمِير أبي عبد الله بن أبي فَارس بن أبي الْعَبَّاس الهنتاني الحفصي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده.
ملك الْمغرب بعد جده فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ فَلم يتهن فِي أَيَّام ملكه لطول مَرضه وَكَثْرَة الْفِتَن سِيمَا مَعَ قصر مدَّته فَإِنَّهُ مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشرى صفر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بتونس وَاسْتقر بعده شقيقه عُثْمَان الْمَاضِي. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَخَالف غَيره فَجعل سنة وَفَاته سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَكَأَنَّهُ أشبه وسمى جده عُثْمَان وَهُوَ غلط ولقبه بالمنصور وَقَالَ: ملك تونس وبلاد إفريقية.
281 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الله نَاصِر الدّين. / ولد سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة أَو نَحْوهَا وتعاني الْكِتَابَة وَولي التوقيع وباشر فِي الْجَيْش وَصَحب حَمْزَة أَخا كَاتب السِّرّ. وَكَانَ جميل الْوَجْه وسيما محبا فِي الرياسة لكنه لم يرْزق من الْحَظ إِلَّا الصُّورَة. وَمَات مقلا فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
282 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الرضي أَبُو الْبَقَاء بن الْبَدْر بن الْعِزّ الْوَكِيل جده /)
وَيعرف الْجد بالفار. ولد حفظ الْعُمْدَة وارعي النَّوَوِيّ ومنهاجه مَعَ مُخْتَصر أبي شُجَاع والفية ابْن ملك مَعَ الجرومية وحدود الأبدي وعرضها لي فِي(9/108)
جملَة الْجَمَاعَة بل قَرَأَ على جَمِيع الْعُمْدَة وَالْأَرْبَعِينَ ولازمني فِي التفهيم وَكَذَا لَازم عبد الْحق السنباطي ثمَّ ترك وَحج فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وجاور وَكَانَ يتسبب هُنَاكَ بِبَاب السَّلَام.
283 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن أبي الْفرج نَاصِر الدّين الْمَدْعُو أَمِير الْحَاج حفيد الْفَخر صَاحب الفخرية. / اسْتَقر فِي نقابة الْجَيْش والتكلم على الْمدرسَة وأوقافها بعد ابْن عَم أَبِيه أَحْمد بن الناصري مُحَمَّد بن أبي الْفرج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ فدام إِلَى أَن صرف فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ بِالشَّرِّ فِي مُوسَى بن شاهين الشجاعي بن الترجمان عَن نقابة الْجَيْش، ثمَّ لم يلبث أَن أُعِيد لَهَا وَاسْتمرّ إِلَى الْآن، وَحج فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين.
284 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ الشَّمْس المرجي القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالمرجي. /
نَشأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل بالفقه وَغَيره ولازم الْعَبَّادِيّ والبكري وَآخَرين وَسمع على القَوْل المرتقى فِي تَرْجَمَة الْبَيْهَقِيّ من تأليفي مَعَ ختم الدَّلَائِل النَّبَوِيَّة للبيهقي ولازمني من غير ذَلِك بل سمع بِقِرَاءَتِي على الْبَدْر النسابة والجلال بن الملقن والشهاب الحجاري وَأم هَانِئ الهورينية وَآخَرين، وَجلسَ مَعَ الشُّهُود رَفِيقًا للزين عبد اللَّطِيف الشارمساحي ثمَّ غَيره إِلَى آخر وَقت وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَأذن لَهُ فِي الإقراء فأقرأ قَلِيلا، وَحج فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وجاور فِي الَّتِي تَلِيهَا، وَكَانَ متدينا كثير الوسواس والتحري مَعَ بعض رعونة وخفة ورغبة فِي أَسبَاب التَّحْصِيل بِحَيْثُ أَنه جلس فِي بَاب السَّلَام مَعَ الشُّهُود أَيْضا وسافر لجده وَكَانَ مَعَه عبد يَسْتَقِي هُنَاكَ. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَلم يبلغ الْخمسين فِيمَا أَظن رَحمَه الله وإيانا.
285 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن نقيب الْقصر الْمَعْرُوف بِابْن شفتر ووالد أَمِير حَاج الْقَارئ بالنعمان. / مَاتَ فِي الْمحرم سنة.
286 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ التَّاجِر أَبُو الْفَتْح بن الشَّمْس بن كرسون. / أُصِيب فِي سنة سبع وَتِسْعين وَهُوَ قادم من الْقَاهِرَة إِلَى جدة برا وبحرا بِمَوْت جمع من بنيه وَعِيَاله ثمَّ وَهُوَ مُتَوَجّه من جدة إِلَى الْهِنْد بغرق مَاله وَعِيَاله وَسلم هُوَ وَولد لَهُ صَغِير، وَعَاد بعد إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ قدم مِنْهَا فِي أثْنَاء الَّتِي تَلِيهَا وسافر من جدة إِلَى بربرة فِي أواخرها وَمَعَهُ الْبَدْر الجناجي ثمَّ عَاد فِي ربيع الثَّانِي من الَّتِي تَلِيهَا فَبَاعَ مَا كَانَ مَعَه من الْحبّ بِأَرْبَعِينَ الطنم فَمَا)
دون ذَلِك ثمَّ وصل مَكَّة فِي جُمَادَى الأولى فَمَكثَ أَيَّامًا ثمَّ رَجَعَ فِي الْبَحْر إِلَى الْقَاهِرَة أخلف الله عَلَيْهِ.(9/109)
287 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر ب نعْبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَارِث زين الدّين بن الْبَدْر بن المحيوي الْبكْرِيّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه وَيعرف لَهُم بِابْن عبد الْوَارِث. / عرض على الْمُخْتَصر وتنقيح الْقَرَافِيّ وألفية النَّحْو سنة أَربع وَثَمَانِينَ.
288 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف البعلي ثمَّ الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن الْفَخر. / كَانَ خيرا فِي عدُول دمشق. مَاتَ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
289 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الْكَمَال بن الْبَدْر الْجَعْفَرِي الْمَقْدِسِي النابلسي الْحَنْبَلِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد بنابلس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْوَجِيز وَغَيره وَعرض على الْعِزّ الْكِنَانِي واشتغل على أَبِيه ثمَّ بِدِمَشْق وَغَيرهَا على التقي بن قندس وَغَيره وَقدم الْقَاهِرَة فَأخذ عَن الْعِزّ الْكِنَانِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من كتب الحَدِيث وَغَيرهَا وَطلب قَلِيلا ولازمني حَتَّى قَرَأَ القَوْل البديع وَغَيره من تصانيفي وَغَيرهَا وَكتب عني فِي الْإِمْلَاء بل استعلى على فِي بعض الْأَوْقَات وناب عَن الْعِزّ وَمن بعده وَكَذَا نَاب بِدِمَشْق بل ولي قَضَاء بَلَده اسْتِقْلَالا ثمَّ قَضَاء بَيت الْمُقَدّس وَغَيرهَا وَلم تحمد سيرته وَنسب إِلَيْهِ مزِيد الرشا مَعَ خبرته بِالْأَحْكَامِ وتميزه فِي الصِّنَاعَة وَفِي القضابل ومشاركته ومزيد تودده وكرم أَصله. مَاتَ فِي إِحْدَى الجماديين سنة تسع وَثَمَانِينَ بإسكندرية غَرِيبا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
290 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الْغَزِّي الْمقري الشَّافِعِي وَيعرف بالقادري. / لقِيه الشَّمْس العذول بِمَكَّة فِي مجاورتهما بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وروى لَهُ عَن الشهَاب أَحْمد بن أَحْمد التّونسِيّ نزيل غَزَّة وأرخ أَخذه عَنهُ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سِتِّينَ وَأَنه أَخذ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْحسن عَليّ التلمساني بن الْبناء فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة، وَصَاحب التَّرْجَمَة مِمَّن قَرَأَ على الشَّمْس بن النجار الدِّمَشْقِي للثَّلَاثَة عشر فِي رَمَضَان سنة سِتِّينَ أَيْضا بقرَاءَته على الزين طَاهِر فِي سنة إِحْدَى عشرَة بِدِمَشْق وَعمر مائَة وَعشْرين سنة وَأخذ عَن التقي بن الصَّائِغ كَمَا قالهما تِلْمِيذه.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي الْجمال أَبُو الْيُسْر بن القطب أبي الْخَيْر الْمَالِكِي الْمَكِّيّ أَخُو يحيى الْآتِي وَيعرف بِابْن عبد الْقوي. / ولد فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين بِمَكَّة وَحضر على ابْن الْجَزرِي فِي سنة مولده أحاسن المنن فِي الْخلق الْحسن والخلق الْحسن وَالِاسْم الْحسن لَهُ ثمَّ سمع عَلَيْهِ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين المصعد الأحمد فِي ختم مُسْند الإِمَام أَحْمد لَهُ أَيْضا وسافر إِلَى الْقَاهِرَة وَغَيرهَا كالهند وهرموز وفوض إِلَيْهِ بهَا الْقَضَاء فِي الحكم بقتل من امتنعع حكامها عَن قَتله. مَاتَ فِي شَوَّال(9/110)
سنة ثَمَان وَتِسْعين بِمَكَّة عَفا الله عَنهُ.
292 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة أَبُو الْيمن بن الطَّوِيل الْقرشِي الْمَكِّيّ وَأمه سِتّ الْأَهْل ابْنة عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة. / ولد يمكة وَنَشَأ بهَا وَسمع من المراغي وَابْن الْجَزرِي وَطَائِفَة وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة ابْن صديق والعراقي والهيثمي وَآخَرُونَ وناب فِي الْقَضَاء بجدة عَن ابْن عَمه أبي السعادات.
وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي طاعون سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
293 - مُحَمَّد بن الْجمال أبي المكارم مُحَمَّد بن الشّرف أبي الْقسم عبد الْكَرِيم الملقب بالرافعي ابْن أبي السعادات مُحَمَّد الْقرشِي الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة، / وَأمه ابْنة عَم أَبِيه. أحضرهُ أَبوهُ عَليّ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بِمَكَّة ثمَّ عرض على فِي سنة سبع وَتِسْعين الْأَرْبَعين والجرومية وَسمع عَليّ فِيهَا بورك فِيهِ كأبيه.
294 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن أَحْمد بن مَحْمُود بن أبي الْفَتْح الشّرف أَبُو الطَّاهِر بن الْعِزّ أبي الْيمن الربعِي التكريتي ثمَّ السكندري القاهري الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن الكويك. / ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة مولده الْمزي والذهبي والبرزالي وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال وَعلي بن الْعِزّ عمر وَعلي بن عبد الْمُؤمن بن عبد وَإِبْرَاهِيم بن القريشة وَأَبُو عمر بن المرابط وَخلق وأحضر عَليّ إِبْرَاهِيم بن عَليّ القطبي وأسمع عَليّ أبي نعيم الأسعردي والميدومي وَأبي الْفرج بن عبد الْهَادِي ويوسف بن جِبْرِيل الْموقع وَالْقَاضِي عز الدّين بن جمَاعَة وَأبي الْحرم القلانسي وَكَذَا أَحْمد بن كشتغدى على مَا يحرر، وَعمر حَتَّى تفرد بالرواية عَن أَكثر شُيُوخه، وَخرج لَهُ شَيخنَا مشيخة بِالْإِجَازَةِ وعوالي بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة وَأكْثر النَّاس عَنهُ وتنافسوا فِي الْأَخْذ عَنهُ وحبب إِلَيْهِ السماع لانقطاعه فِي منزله وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا جملَة وَكَذَا أَكثر عَنهُ الزين رضوَان وفيمن روى عَنهُ الْآن أَعنِي سنة سِتّ وَتِسْعين جمَاعَة كحفيد شَيخنَا الشهَاب العقبي وَابْن الشهَاب البوصيري. ذكره شَيخنَا فِي)
مُعْجَمه وَقَالَ أَنه نَشأ فِي عز وسعادة ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة وباشر لَهُ عدَّة جِهَات فِي الْأَوْقَاف وَغَيرهَا مَعَ النزاهة وَالتَّعَفُّف وَمِمَّا حَضَره على الْمَيْدُومِيُّ فِي الرَّابِعَة المسلسل وَكَذَا من مسموعاته على أبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وَأبي الْحرم القلانسي صَحِيح مُسلم وعَلى نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم التّونسِيّ وَعبد الْعَزِيز بن عبد الْقَادِر بن أبي الدّرّ الربعِي وَأحمد بن الْحَافِظ الشّرف الدمياطي مُلَفقًا السّنَن لأبي دَاوُد وعَلى أبي الْفتُوح يُوسُف بن مُحَمَّد الدلاصي الشفا وعَلى إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد وَفَاطِمَة بني(9/111)
الفيومي مشيخة الرَّازِيّ وَعَلَيْهِم وَإِبْرَاهِيم القطبي والبدر الفارقي سداسيات الرَّازِيّ وعَلى الْعِزّ بن جمَاعَة حضورا جُزْء ابْن الطلاية وعَلى أبي نعيم الأسعردي والقطبي جُزْء ابْن عَرَفَة وجزء البطاقة إِلَى غَيرهَا، وَمِمَّنْ سمع عَلَيْهِ الشفا المقريزي وَذكره فِي عقوده وَقَالَ أَنه نَشأ فِي عز وسعادة وَهُوَ من أخص جيراننا وأعز معارفنا وأصحابنا. مَاتَ فِي خَامِس عشرى ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَنزل أهل مصر والقاهرة بِمَوْتِهِ دَرَجَة وَلم يبْق بهما بعده من يروي عَن مَا عدا الْعِزّ بن جمَاعَة من مشايخه لَا بِالسَّمَاعِ وَلَا بِالْإِجَازَةِ بل وَلَا فِي الدُّنْيَا من يروي عَن أَكثر شُيُوخه وَهُوَ مِمَّن أجَاز لمدركي حَيَاته رَحمَه الله وإيانا.
295 - مُحَمَّد السراج أَبُو الطّيب بن الكويك / أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ أصغرهما ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ اسْمَع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ والعز بن جمَاعَة وَغَيرهمَا سَمِعت مِنْهُ المسلسل. وَمَات فِي وسط سنة سبع وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده رَحمَه الله.
296 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن أَحْمد الْبَدْر أَبُو الْفضل بن الشَّمْس الْمحلي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ سبط الشهَاب الْحُسَيْنِي / فأمة ابْنَته وَأمّهَا ابْنة الشَّمْس البوصيري وَهُوَ بكنيته أشهر. ولد فِي ثَالِث عشرى شَوَّال سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالحسينية ثمَّ تحول مَعَ أَبَوَيْهِ إِلَى الشرابشية بِالْقربِ من جَامع الْأَقْمَر فسكنها وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والنخبة لشَيْخِنَا والكنز والفية ابْن ملك، وَعرض فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين فَمَا بعْدهَا على خلق كسعد الدّين بن الديري والأمين الأقصرائي والزين عبَادَة والْعَلَاء القلقشندي فِي آخَرين مِمَّن أجَاز ولازم ثَانِيهمَا أتم مُلَازمَة فِي الْفِقْه والأصلين وَالتَّفْسِير والعربية وَغَيرهَا وَكَذَا لَازم الزين قاسما فِي كثير وَفِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا ابْن عبيد الله وَسيف الدّين وَعنهُ أَخذ فِي التَّفْسِير أَيْضا وَفِي الْفِقْه خَاصَّة ابْن الديرير والعضدي الصيرامي والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَفِي الْعَرَبيَّة الشمنى)
وَأحمد الْخَواص وَفِي أصُول الدّين الشرواني والْعَلَاء الحصني وَعنهُ أَخذ فِي الْمنطق وَعَن السَّيِّد الْحَنَفِيّ شيخ الجوهرية وَأبي الْجُود الْفَرَائِض وَسمع جملَة من دروس ابْن الْهمام وَابْن قديد ولازم التقي الحصني فِي أصُول الدّين والمنطق والمعاني وَالْبَيَان والنحو وَالصرْف وجود فِي الْقُرْآن على الزين جَعْفَر وتلقن من الشَّيْخ مَدين وَأذن لَهُ فِي إقراء كتب الْأُصُول وَالْفُرُوع الأقصرائي وَشهد لَهُ بِعِلْمِهِ بِكَمَال استعداده وتوقد فطنته وسلامة سليقته وجودة فضيلته وَكَانَ قد اخْتصَّ بِهِ ولازم خدمته ومرافقته لَهُ بِحَيْثُ عرف بِهِ وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَسمع على شَيخنَا الْمُحدث الْفَاصِل للرامهرمزي والمحامليات وَعلي الشَّمْس البالسي(9/112)
غَالب التِّرْمِذِيّ وَكَذَا عَليّ الْجلَال بن الملقن فِي آخَرين، وَحج غير مرّة وجاور مرَّتَيْنِ إِحْدَاهمَا سنة وَالْأُخْرَى أشهرا وَسمع هُنَاكَ عَليّ التقي بن فَهد وَأخذ عَن أبي الْبَقَاء بن الضياء، وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَأخذ فِيهِ عَن الْبُرْهَان الْأنْصَارِيّ وباشر ديوَان الْأَمِير أزبك الظَّاهِرِيّ فنمى وَكَثُرت جهاته وَركب الْخُيُول النفيسة وتضاخم جدا ثمَّ تحرّك لَهُ الْأَمِير وَأخذ مِنْهُ جملَة وَلَوْلَا الْأمين لزاد وَمن ثمَّ لزم الانجماع عَنهُ وَعَن غَيره إِلَّا نَادرا مَعَ إِجْرَاء الْأَمِير عَلَيْهِ جامكيته فِيمَا قَالَه لي بل أضَاف إِلَيْهِ فِيمَا بَلغنِي خزن الْكتب الَّتِي حَبسهَا بالجامع الأزبكي وقنع بِمَا تَأَخّر مَعَ إِظْهَاره التقشف ومشيه أَو ركُوبه الْحمار وإقباله على أَسبَاب الطَّاعَات من حج وزيارة ومباشرة لجهاته كالطلب بالصرغتمشية وَنَحْوه وَرُبمَا توجه لتغرى بردى القادري لإقرائه بل أَقرَأ غَيره من الطّلبَة ومسه من يشبك من مهْدي الدوادار الْكَبِير بِسَبَب معارضته المغربي القلجاني الْقَائِم فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة بعض الْمَكْرُوه وَغَضب شَيْخه الأقصراني وَكَانَ فِي الْمجْلس وَقَامَ فَلم يلْتَفت لَهُ وَقد كثر اجتماعه بِي واستجازني وَسَأَلَ فِي قِرَاءَة شَيْء وَأَخْبرنِي بِأَنَّهُ كتب على خطْبَة الْمنَار لِابْنِ فرشتا شرحا وَكَذَا شرح غَايَة تَهْذِيب الْكَلَام فِي تَحْرِير الْمنطق وَالْكَلَام الَّتِي عَملهَا التَّفْتَازَانِيّ لوَلَده، وَهُوَ جامد يَابِس فِي نَفسه بقرائن الْأَحْوَال أَشْيَاء وعَلى كل حَال فَهُوَ أحسن حَالا من أَيَّام الْأَمِير. وَقد تعلل مُدَّة ثمَّ مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَتِسْعين رَحمَه الله وإيانا.
297 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن إِسْحَق بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الولوي أَبُو الْبَقَاء بن الضياء بن الصَّدْر بن النَّجْم الْأمَوِي الْمحلي المولد ثمَّ السنباطي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي سبط الْمُوفق الْقَابِسِيّ / أحد من يقْصد ضريحه بالزيارة فِي املحلة وَيعرف بقاضي سنباط. ولد فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِي الْمحلة الْكُبْرَى وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والموطأ وَعرضه على)
السراجين البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن فِي سنة سبع وَتِسْعين وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا حفظ الْعُمْدَة فِي الْفُرُوع للشرف الْبَغْدَادِيّ وألفية ابْن مَالك وَغَيرهمَا وعرضها أَيْضا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَأخذ الْفِقْه بالمحلة عَن السراج عمر الطريني وبالقاهرة عَن ابْن عَمه الْعِزّ مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْأمَوِي والقاضيين الْجمال الأفقهسي والبساطي والنحو عَن الشهابين المغرراوي والعجيمي الْحَنْبَلِيّ وَيحيى المغربي وَحضر عِنْد الْعَلَاء البُخَارِيّ وَتوجه فِيمَن توجه لدمياط من أَجله وَكَذَا قَرَأَ على الشَّمْس البوصيري لما شاع أَن من قَرَأَ عَلَيْهِ دخل الْجنَّة وَسمع صَحِيح البُخَارِيّ بفوت على ابْن أبي الْمجد والختم مِنْهُ على التنوخي والحافظين الْعِرَاقِيّ والهيثمي وكا سمع عَليّ الغماري والشرف بن الكويك وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وَأكْثر من(9/113)
ملازمته لَا سِيمَا فِي رَمَضَان غَالِبا. وَلم يزل يدأب على الِاشْتِغَال حَتَّى أذن لَهُ الْجمال الأقفهسي فِي التدريس والإفتاء بِمَا يرَاهُ مسطورا لأهل الْمَذْهَب وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وناب فِيهَا فِي الْقَضَاء بسنباط وَغَيرهَا عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن قَاضِي مذْهبه الشَّمْس الْمدنِي وَاسْتمرّ يَنُوب لمن بعدهمَا، وَحج فِي سنة تسع عشرَة مَعَ شَيْخه الأقفهسي وَجَرت لَهُ محنة بِسَبَب أبي زَوجته الصَّدْر بن العجمي فَإِنَّهُ لما فقد وَأشيع أَنه وصل كِتَابه وقرأه صَاحب التَّرْجَمَة وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر رَجَب سنة ثَلَاث وَعشْرين طلب وَسُئِلَ فاعترف بِقِرَاءَة الْكتاب فالتمس مِنْهُ إِحْضَاره فَذكر أَنه رَمَاه فِي الْبِئْر فَغَضب السُّلْطَان مِنْهُ وأهانه بِالضَّرْبِ تَحت رجلَيْهِ ثمَّ اعتقل فِي البرج أَيَّامًا إِلَى أَن شفع فِيهِ الشهَاب التلمساني وَعين لقَضَاء الْقَاهِرَة غير مرّة فَلم يتم إِلَّا بعد وَفَاة الْبَدْر بن التنسي فباشره بعفة ونزاهة وتواضع وَأَمَانَة، وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ غير أَنه انْفَصل فِي رَجَب من سنة سِتّ وَخمسين ثمَّ أُعِيد بعد يَوْمَيْنِ وَلما التمس مِنْهُ البقاعي الحكم بِصِحَّة الْتِزَام مطلقته ابْنة النُّور البوشي وَهُوَ أَنه مَتى تحركت لطلب وَلَدهَا الْمُرْضع مِنْهُ أَو التمست نظره كَانَ عَلَيْهَا خَمْسمِائَة دِينَار أَو نَحْو ذَلِك صمم على الِامْتِنَاع لعلمه بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا فرق الله بَينه وَبَين أحبته فَحَمدَ الْمُسلمُونَ وَلَو من فِي قلبه أدنى رَحْمَة امْتنَاع القَاضِي وَأخذ الْغَرِيم من ثمَّ فِي إِطْلَاق لِسَانه وقلمه جَريا على عوائده فِيمَن يُخَالِفهُ من مقاصده وَكَذَا أحضروا إِلَى بَابه أَبَا الْخَيْر بن النّحاس فِي أَيَّام محنته وَادّعى عَلَيْهِ عِنْد بعض نوابه فصمم فِي شَأْنه وَلم يُمكن من قَتله وَلَكِن بِبَابِهِ عزّر الشَّمْس الديسطي الْمَالِكِي وَبَالغ ابْن الرهو فِي أمره، وَقد حدث ودرس وَأفْتى سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء وَكَانَ فَقِيها فَاضلا)
مستمرا لحفظ الْمُوَطَّأ إِلَى آخر وَقت، متواضعا خيرا لين الْجَانِب متوددا بالْكلَام وَنَحْوه متثبتا فِي الدِّمَاء لَا يزَال متوعكا كثير الرمد مَعَ مزِيد التقلل وَوُجُود من يكلفه وَقد رَأَيْته بعد مَوته بِمدَّة فِي الْمَنَام وَلَا وجع بِعَيْنيهِ فِي مَنَام حسن أثْبته فِي مَوضِع آخر، وَهُوَ من قدماء أَصْحَاب الْجد أبي الْأُم. وَله نظم حسن فَمِنْهُ من أول قصيدة عَملهَا حِين حج:
(يَا حجرَة الْمُخْتَار خير الورى ... مُحَمَّد الْهَادِي سَوَاء السَّبِيل)
(لَعَلَّ قبل الْمَوْت أَنِّي أرى ... ضريحه السَّامِي وأشفي الغليل)
مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد تجاه مصلى بَاب النَّصْر وَدفن بتربة بني العجمي أصهاره وَمَا وَافق أَوْلَاده للمبادرة بتجهيزه رَحمَه الله وإيانا.(9/114)
298 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف الْبَدْر أَبُو السعادات الْمحلي الشَّافِعِي سبط الْعَسْقَلَانِي وَيعرف بِابْن دبوس / وَهُوَ قريب مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُوسَى الْمَاضِي. اشْتغل بالفقه والنحو يَسِيرا، وناب فِي قَضَاء بَلَده قانعا مِنْهُ بِالِاسْمِ وَقَرَأَ فِي البُخَارِيّ عَليّ وَعلي الديمي وَآخَرين، وَكتب بِخَطِّهِ وَصَارَ لَهُ بِهِ وبشيء من متعلقاته بعض إِلْمَام وتطفل فِي كل عَام بقرَاءَته عِنْد جمَاعَة كالزين بن مزهر وَكَانَ يلْبسهُ فِي الْخَتْم جندة بل كَانَ يقْرَأ على الْعَامَّة فِي الْأَزْهَر، وَقد حج فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَرجع فَلم يلبث أَن مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي جُمَادَى الأولى من الَّتِي بعْدهَا وَقد قَارب الْخمسين فِيمَا أَحسب رَحمَه الله.
299 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن عربشاه أَخُو الشهَاب أَحْمد / الْمَاضِي. كَانَ مِمَّن اشْتغل بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْه وَغَيرهمَا وَفضل ثمَّ عرض لَهُ بعض خلل فَكَانَت تصدر مِنْهُ أَشْيَاء غير لائقة لَكِنَّهَا ظريفة بِحَيْثُ بعد من عقلاء المجانين وَمَسّ أَخُوهُ بِسَبَب بَعْضهَا من الظَّاهِر مَا كَانَ سَببا لمَوْته فَإِنَّهُ طلع مَعَه إِلَيْهِ وَمَعَهُ زناد واسْمه باللغة التركية جقمق فقدح بِهِ بِحَضْرَتِهِ فحقد ذَلِك على أَخِيه لتوهمه أَنه بمواطأته وَالرجل أَعقل وأحشم. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَقد رَأَيْت صَاحب التَّرْجَمَة وَسمعت من ظرائفه وَحكى لنا من مَا جرياته مَعَ ابْن قَاضِي شُبْهَة لَطِيفَة رَحمَه الله.
300 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس بن الشَّمْس المسوفي الأَصْل الْمدنِي الْمَالِكِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي أول ذِي الْقعدَة سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَحفظ بهَا الْقُرْآن والرسالة الفرعية والجرومية وألفية النَّحْو وَغَيرهَا، وَعرض واشتغل يَسِيرا وَفضل)
ونظم. وسافر إِلَى الشَّام وحلب وماردين إِلَى الرها ثمَّ رَجَعَ وَمَات بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَثَمَانِينَ فِي حَيَاة أَبِيه عوضهما الله الْجنَّة، وَمن نظمه مِمَّا كتبه إِلَى أَبوهُ بِخَطِّهِ وأنشده بحضرتي من لَفظه:
(بجاه النَّبِي الْمُصْطَفى أتوسل ... إِلَى الله فِيمَا أَبْتَغِي وأؤمل)
(وأقصد بَاب الْهَاشِمِي مُحَمَّد ... وَفِي كل حاجاتي عَلَيْهِ أعول)
(حللت حمى من لَا يضام نزيله ... فَعَنْهُ مدى مَا دمت لَا أتحول)
(أَقُول حَبِيبِي يَا مُحَمَّد سَيِّدي ... ملاذي عياذي من بِهِ أتوسل)
(عَسى نفحة يَا سيد الْخلق أهتدي ... بهَا من ضلالي إِنَّنِي متعطل)
فِي أَبْيَات أوردتها فِي الْمَدَنِيين.
301 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الخواجا أَبُو الْفَتْح بن حمام الدِّمَشْقِي(9/115)
الأَصْل الْمَكِّيّ. / سمع على الشوائطي الشفا، وَكَانَ تَاجِرًا أسفارا إِلَى الْهِنْد خيرا وصُولا حسن الْعشْرَة.
وَمَات بِمَكَّة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة خمس وَسبعين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد الشَّمْس الشهير وَالِده بالصغير بِالتَّصْغِيرِ طَبِيب مَشْهُور. / مضى فِي ابْن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد.
302 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد نَاصِر الدّين أَبُو الْيمن بن الشَّمْس أبي عبد الله بن الْجمال بن الشهَاب الزفناوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْنه أَحْمد. / ولد فيام قرأته بِخَط وَلَده فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَعرض فِي سنة ثَمَانمِائَة فَمَا بعْدهَا على ابْن الملقن والأبناسي وَالشَّمْس بن المكين الْمَالِكِي وَمُحَمّد بن أَحْمد السعودي الْحَنَفِيّ وأجازوه فِي آخَرين مِمَّن لم يجز كالبلقيني والصدر الْمَنَاوِيّ وَسمع على الْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ والتاج بن الفصيح والحافظين الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَالْقَاضِي نَاصِر الدّين نصر الله الْحَنْبَلِيّ وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَآخَرُونَ، واشتغل فِي الْفِقْه على الشَّمْس وَالْمجد البرماويين وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والعز عبد الْعَزِيز البُلْقِينِيّ والشرف السُّبْكِيّ وَالشَّمْس الحسباني وَالْفَخْر الْبرمَاوِيّ ولازمه جدا وَلكنه لم ينجب وناب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فَمن بعده وتميز فِي صناعته وتصدى لذَلِك وَكَانَ سَمحا فِيهَا وجيها، وَجلسَ بالقبة الصالحية فِي أَيَّام شَيخنَا وقتا وأضيف إِلَيْهِ عدَّة بِلَاد بل)
ولي قَضَاء إسكندرية مرّة عوضا عَن الْجمال بن الدماميني وَأم بتمرباي رَأس نوبَة النوب وَقَبله بالبدري المشير بالديار المصرية، وَحج مرَارًا وسافر إِلَى حلب فِي سنة آمد صُحْبَة شَيخنَا وَحضر أَمَالِيهِ بهَا وَغير ذَلِك بل وَسمع عَليّ الْبُرْهَان الْحلَبِي أَيْضا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ أَشْيَاء وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ البقاعي السّنَن الْكُبْرَى للنسائي وَقدمه على السَّيِّد النسابة بعد أَن كَانَ يُطلق لِسَانه فِيهِ ويصفه بِكُل قَبِيح حَتَّى أَنه صنف فِيهِ أشلاء الباز على ابْن الخباز. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسبعين بعد أَن طَال تعلله بالإسهال وَغَيره وقاسى شدَّة عَسى يكفر عَنهُ بِسَبَبِهَا وَصلى عَلَيْهِ من الْعد بعد الْجُمُعَة بالأزهر وَدفن بتربة أزلان خَارج الْبَاب الْجَدِيد عَفا الله عَنهُ ورحمه وإيانا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد. / تقدم فِيمَن جده أَبُو بكر بن عبد الله بن مجد. مُحَمَّد بن
303 - مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر مُحي الدّين أَبُو زَكَرِيَّا بن الشَّمْس الْأنْصَارِيّ القليوبي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الشاذلي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بمحي الدّين القليوبي / وجده بِابْن أبي مُوسَى. ولد قبل الْقرن وَحفظ الْقُرْآن والمنهج(9/116)
وكتبا وَأخذ فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَكَذَا أَخذ عَن الْبُرْهَان البيجوري وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي آخَرين ولازم الِاشْتِغَال والتحصيل بِالْقَاهِرَةِ وبمكة فَإِنَّهُ جاور بهَا سنة أَربع عشرَة وَسمع بهَا من الزين أبي بكر المراغي المسلسل والبردة وأربعي النَّوَوِيّ وصحيح مُسلم بفوت فِيهِ وَكَذَا سمع بِالْقَاهِرَةِ المسلسل من لفظ الشّرف بن الكويك وَعَلِيهِ بعض الشفا بل قَرَأَ عَلَيْهِ جَمِيع الْمِنْهَاج فِي سنة ثَمَانِي عشرَة، وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَخلق وأقرأ الطّلبَة فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء بل أَظُنهُ جمع لنَفسِهِ شَيْئا وَلكنه لم يكن بالمتقن أجَاز لنا وَكَانَت لَهُ حَلقَة بالكاملية وبالباسطية. مَاتَ بالبيمارستان المنصوري فِي أول ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ بعد تعلله مُدَّة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وَقد اشْترك مَعَ إخْوَة لَهُ أَرْبَعَة كل مِنْهُم اسْمه مُحَمَّد فَرُبمَا الْتبس مَا يرى لبَعْضهِم من السماع فِي الطباق بِهَذَا فاعلمه.
304 - مُحَمَّد بدر الدّين / أحد الْأَرْبَعَة إخْوَة الَّذين قبله. سمع من لفظ الكلوتاتي على الفوى فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ سنة سبع عشرَة وَوصف بالفقيه الْفَاضِل المقوئ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جوارش. / فِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أقوش.
305 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد عبد الله بن خيضر بن سُلَيْمَان بن دَاوُد بن فلاح بن ضميدة بِالْمُعْجَمَةِ مصغر القطب أَبُو الْخَيْر الزبيدِيّ بِالضَّمِّ الْبُلْقَاوِيُّ الأَصْل الترملي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد النَّجْم أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالخيضري / نِسْبَة لجد أَبِيه. ولد فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ منتصف رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت لهيا من دمشق وَنَشَأ يَتِيما فِي كَفَالَة أمه وَهِي أُخْت التقي أبي بكر بن عَليّ الحريري الْآتِي وَلذَا فَارق سلفه الَّذين هم من عرب البلقا وانحاز لطائفة الْفُقَهَاء فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشموس الْأَذْرَعِيّ وَابْن قيسون وَابْن النجار وَصلى بِهِ على يَدَيْهِ التَّرَاوِيح على الْعَادة فِيمَا ذكر وَقَالَ إِنَّه حفظ التَّنْبِيه وألفية الحَدِيث والنحو والملحة ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَأَنه عرض التَّنْبِيه على قُضَاة مصر إِلَّا الْحَنَفِيّ فِي توجههم إِلَى آمد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وقرأت بخطى فِي مَوضِع آخر أَنه عرض على كل من شَيخنَا والمحب ابْن نصر الله بِدِمَشْق حِينَئِذٍ خطْبَة التَّنْبِيه وَالطَّهَارَة مِنْهُ وَسمع عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ وَقَالَ أَنه حض ردروس التقى بن قَاضِي شُهْبَة وَأخذ عَنهُ وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على المحيوي يحيى القبابي والبرهان بن المرحل البعلي والْعَلَاء بن الصَّيْرَفِي وَعَلِيهِ بحث فِي أُصُوله أَيْضا قَالَ وَبِه انتفعت لملازمتي لَهُ أَكثر من غَيره. واشتغل فِي النَّحْو على الشَّمْس مُحَمَّد البصروي والْعَلَاء القابوني وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَسمع من شُيُوخ بَلَده والقادمين(9/117)
إِلَيْهَا وتدرب فِي ذَلِك بحافظ بَلَده ابْن نَاصِر الدّين فبه تخرج وتعاني الْكِتَابَة على طَرِيقَته وانتفع بمرافقته صاحبنا النَّجْم بن فَهد كثيرا وَمن شُيُوخه بِبَلَدِهِ وَقد زَاد عَددهمْ على الْمِائَتَيْنِ الزين بن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي.
وارتحل إِلَى بلعبك فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَقَرَأَ بهَا على الْعَلَاء بن بردس والبرهان بن المرحل وَغَيرهمَا وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا أَولهَا فِي هَذِه السّنة ثمَّ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين ولازم شَيخنَا أتم مُلَازمَة وَأخذ عَنهُ جملَة من تصانيفه وَغَيرهَا وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ تَعْجِيل الْمَنْفَعَة وَتَعْلِيق التَّعْلِيق والإصابة بعد أَن كتبهَا بِخَطِّهِ وَكَانَ قد سلف الثَّنَاء عَلَيْهِ بَين يَدَيْهِ من بعض من رَآهُ من تلامذته وَأَنه لم ير فِي حَلقَة ابْن نَاصِر الدّين أنبل وَلَا أفتح عينا مِنْهُ فَكَانَ ذَلِك مقتضيا لمزيد إقباله عَلَيْهِ والتفاته إِلَيْهِ والتنويه بِذكرِهِ الْمُقْتَضِي لعَلي فخره خُصُوصا وَلم يكن عِنْده إِذْ ذَاك أشبه فِي الطّلب مِنْهُ هَذَا مَعَ أَنه كَانَ كَمَا أَشرت إِلَيْهِ أَولا قد لَقِي شَيخنَا قبل بِدِمَشْق وَسمع عَلَيْهِ وَكتب بعض تصانيفه وَقَرَأَ بِالْقَاهِرَةِ أَيْضا على الْمُحب بن نصر الله والمقريزي وَابْن الْفُرَات فِي آخَرين. وَحج فِي سنة ثَلَاث أول سنيه الَّتِي قدم فِيهَا الْقَاهِرَة وَقَرَأَ بِمَكَّة على زَيْنَب ابْنة اليافعي وَغَيرهَا وبالمدينة النَّبَوِيَّة على أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره وَكَذَا)
زار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَأخذ فِيهَا عَن الشهَاب بن رسْلَان وَقَرَأَ على الْجمال بن جمَاعَة والتقى أبي بكر القلقشندي وَدخل دمياط وَقَرَأَ بهَا على الشَّمْس ابْن الْفَقِيه حسن إِلَى غَيرهَا من الْأَمَاكِن وَأكْثر. وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ والقبابي والتدمري وَآخَرُونَ وَمَعَ ذَلِك فَلم يتَمَيَّز فِي الطّلب فضلا عَن أَعلَى الْعلمَاء غير أَن لَهُ يقظة فِي الْجُمْلَة وَكِتَابَة يروج بهَا عِنْد من لَا يحسن أَو يحسن مِمَّن يُدَارِي أَو يترجى وَالرجل بِحَمْد الله حِين كَانَ مَوْجُودا لم يكن بتحاشى عَن الْكَلَام فِي شَيْء وَلَا يتَوَقَّف لأجل تَحْرِير أَو تَحْقِيق وَقد أنصف الْعِزّ الْكِنَانِي قَاضِي الْحَنَابِلَة حِين اجتماعه بِهِ وَالْأَمر يحْتَاج إِلَى منصف عَارِف دين. وَقَول شَيخنَا فِي أنبائه بعد وَصفه لَهُ بالفاضل البارع أَنه سمع الْكثير وَكتب كتبا كَثِيرَة وأجزاء وجد وَحصل فِي مُدَّة لَطِيفَة شَيْئا كثيرا وخطه مليح وفهمه جيد ومحاضراته تدل على كَثْرَة استحضاره يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل فِي بعض الْكَلِمَات وَكَذَا وَصفه لَهُ بِالْحِفْظِ بعد ذَلِك لَيْسَ على إِطْلَاقه وَالدَّلِيل لعدم تَمْيِيزه أَنه قَرَأَ على ابْن الْفُرَات الْأَدَب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ بإجازته من الْعِزّ أَب عمر بن جمَاعَة بِسَمَاعِهِ لَهُ على أَبِيه الْبَدْر مَعَ أَن بِالْقَاهِرَةِ حِينَئِذٍ غير وَاحِد مِمَّن سَمعه على الْعِزّ بن الكويك وَغير وَاحِد مِمَّن سَمعه(9/118)
على الشّرف أبي بكر بن جمَاعَة بل كَانَ خَاله مِمَّن سَمعه عَلَيْهِ بسماعهما لَهُ على الْبَدْر فإعراضه عَن هَذَا السماع الْمُتَّصِل إِلَى مَا فِيهِ إجَازَة مَعَ تفويته من مروى ابْن الْفُرَات مَا انْفَرد بِهِ فِي سَائِر الْآفَاق عدم توفيق بل رَأَيْته كتب سَنَده بالألفية عَن ابْن الْفُرَات إجَازَة مشافهة عَن الْعِزّ بن جمَاعَة إجَازَة إِن لم يكن سَمَاعا أنابها أبي أنابها الْمُؤلف وَهَذَا عَجِيب فَابْن الْفُرَات إِنَّمَا روى عَن ابْن جمَاعَة بِالْإِجَازَةِ الْمُكَاتبَة مَا رَآهُ وَلَا سمع مِنْهُ حرفا وَأما سَماع الْبَدْر لَهَا من ناظمها فَيحْتَاج إِلَى تَحْقِيق فَلَو رَوَاهَا عَن شَيخنَا ابْن حجر أَو غَيره مِمَّن سَمعهَا على التنوخي بِسَمَاعِهِ لَهَا على ابْن غَانِم بِسَمَاعِهِ على النَّاظِم لاستراح من إجَازَة أُخْرَى بل لَو رَوَاهَا بِالْإِجَازَةِ عَن القبابي عَن ابْن الخباز عَن النَّاظِم لَكَانَ أَعلَى بِدَرَجَة وَأغْرب من هَذَا أنني رَأَيْت بِخَطِّهِ المسلسل بالأولية فأسقط من السَّنَد أَبَا صلح الْمُؤَذّن وَكَذَا رَأَيْت بِخَطِّهِ سَنَده بالبخاري وَفِيه عدَّة أَوْهَام إِلَى غير هَذَا مِمَّا لم أتشاغل بِهِ وَقد اسْتعَار من شَيخنَا نسخته بالطبقات الْوُسْطَى لِابْنِ السُّبْكِيّ فَجرد مَا بهَا من الْحَوَاشِي الْمُشْتَملَة على تراجم مُسْتَقلَّة وزيادات فِي أثْنَاء التراجم مِمَّا جردته أَيْضا فِي مُجَلد ثمَّ ضم ذَلِك لتصنيف لَهُ على الْحُرُوف لخص فِيهِ طَبَقَات ابْن السُّبْكِيّ مَعَ زَوَائِد حصلها بالمطالعة من كتب أمده شَيخنَا بهَا كالموجود من تَارِيخ)
مصر للقطب الْحلَبِي وتاريخ نيسابور للْحَاكِم والذيل عَلَيْهِ لعبد الغافر وتاريخ بخارا لغنجار وأصبهان وَغير ذَلِك مِمَّا يفوق الْوَصْف وَسَماهُ اللمع الألمعية لأعيان الشَّافِعِيَّة وَكَذَا جرد مَا لشَيْخِنَا من المناقشات مَعَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات مِمَّا هُوَ بهوامش نسخته وَغَيرهَا ثمَّ ضم ذَلِك لتلخيصه الأَصْل وَسَماهُ الْبَرْق اللموع لكشف الحَدِيث الْمَوْضُوع ولخص أَيْضا الْأَنْسَاب لأبي سعد بن السَّمْعَانِيّ مَعَ ضمه لذَلِك مَا عِنْد ابْن الْأَثِير والرشاطي وَغَيرهَا من الزِّيَادَات وَنَحْوهَا وَسَماهُ الِاكْتِسَاب فِي تَلْخِيص الْأَنْسَاب وَمَا عَلمته حرر وَاحِدًا مِنْهَا وَاشْتَدَّ حرصي على الْوُقُوف عَلَيْهَا فَمَا أمكن نعم رَأَيْت أَولهَا فِي حَيَاة شَيخنَا وانتقدت عَلَيْهِ إِذْ ذَاك بهامشه شَيْئا وشافهته بعيد التسعين بطلبها قَائِلا لَهُ إِنَّمَا تركت تَوَجُّهِي لجمع الشَّافِعِيَّة مُرَاعَاة لكم وَإِلَّا فَغير خَافَ عَنْكُم أنني إِذا نهضت إِلَيْهِ أعمله فِي زمن يسير جدا فَأجَاب بِأَنَّهُ اسْتعَار كتبا ليستمد مِنْهَا فِي تحريرها كتاريخ بَغْدَاد للخطيب وتاريخ غرناطة لِابْنِ الْخَطِيب فتعجبت فِي نَفسِي نم طلب تراجم الشَّافِعِيَّة من ثَانِيهمَا وتألمت لكَون هذَيْن الْكِتَابَيْنِ كَانَا عِنْدِي أنتفع بهما من أوقاف سعيد السُّعَدَاء فاحتال حَتَّى وصلا إِلَيْهِ مَعَ عدم انتفاعه بهما وَقد فهرسه شَيخنَا بِخَطِّهِ لكَونه كَانَ يرى ذَلِك أسهل من التقريض وَبَلغنِي أَنه عَتبه فِي عدم عزو مَا استفاده مِنْهُ إِلَيْهِ وَوجد(9/119)
السَّابِق وتكرر صرفه ثمَّ يُعَاد ثمَّ أضيف إِلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بهَا عوضا عَن الولوي البُلْقِينِيّ قبل مَوته بِيَسِير جدا بِحَيْثُ كَانَ أول شَيْء بَاشرهُ قبل مَجِيء خلعته ضبط تركته وعددت ذَلِك من بركَة شَيخنَا. وتكرر انْفِصَاله عَن الْقَضَاء وَكِتَابَة السِّرّ بِحَيْثُ انْفَصل عَن الْقَضَاء مرّة بِالْعَلَاءِ بن الصَّابُونِي وَعَن كِتَابَة السِّرّ بالشريف إِبْرَاهِيم القبيبساتي وَآل أمره إِلَى ثُبُوت قدمه فيهمَا بل صَارَت أَكثر الْأُمُور الشامية معذوقة بِهِ واتسعت دائرته فِي الْأَمْوَال والجهات والأملاك والوظائف والكتب وَغَيرهَا مِمَّا يطول شَرحه بعد مزِيد الْفَاقَة والتقلل حَتَّى أَن شَيخنَا كَانَ قد رتب لَهُ فِي بعض قدماته نزرا يَسِيرا جدا وَكَانَ يتَمَنَّى فِي كل يَوْم مائَة دِرْهَم فُلُوسًا وَلذَا كثرت فِيهِ المقالات والمرافعات ولصق بِهِ فِي طول مدَّته أَشْيَاء فظيعة بِحَيْثُ كتب فِيهِ البلاطنسي وَكَانَ فِي التعصب وَقُوَّة النَّفس بمَكَان إِلَى الْجمال نَاظر الْخَاص أَزِيد من خمسين سطرا فِيهَا مثالب وقبائح من جُمْلَتهَا قِيَامه مَعَ أهل الرَّفْض وتضمن ذَلِك خذلانه لأهل السّنة بل حكى لي ابْن السَّيِّد عفيف الدّين عَن رُؤْيَة بعض الشاميين لَهُ مناما قصه عَليّ فِيهِ بشاعة لم أر إثْبَاته مَعَ أَنه قد شاع وذاع وقتا وتألم القطب بِسَبَبِهِ كثيرا وتكرر قدومه الْقَاهِرَة)
بِالْكَرَاهَةِ أَو الِاخْتِيَار وخدمته للسُّلْطَان فَمن دونه بِمَا يزِيد فِيمَا قيل على مائَة ألف دِينَار وَكثر التألم بِسَبَبِهِ والتظلم مِمَّن يجْتَهد فِي طلبه إِلَى أَن رأف عَلَيْهِ السُّلْطَان وَعرف من حَاله مَا أغناه عَن مزِيد الْبَيَان وَأَقْبل عَلَيْهِ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بكليته واتصل بجنابه ورويته وَصَارَ بِحَسب الظَّاهِر إِلَى غَايَة فِي التَّقْرِيب وَنِهَايَة من الْميل والترحيب ثمَّ ألزمهُ بِالْإِقَامَةِ فِي حرمه وأفهمه مَا فِيهِ ارْتِفَاع علمه وَصَارَ يصعد إِلَيْهِ فِي أَوْقَات مُعينَة بِسَبَب أَشْيَاء وَاضِحَة بَيِّنَة ويسايره فِي أَمَاكِن النزه وَغَيرهَا ويسامره بِمَا يتَوَهَّم من نَفسه انطباعه فِيهِ لَا سِيمَا فِي حسن البزة وعطرها مَعَ خلط ذَلِك بطريقته فِي الخراع لربط السالك لَهُ بِسَاحَتِهِمْ حِين التَّفَرُّق والاجتماع بِحَيْثُ انخفض بِهَذَا كُله النابلسي المرافع وَمَا نَهَضَ للتوصل للكثير مِمَّا كَانَ بِهِ يدافع بل تقاعد عَنهُ الزبون وتباعد عَن بَابه من كَانَ بذل الْأَمْوَال فِي التَّوَصُّل لأغراضه عَلَيْهِ يهون فَانْقَطع حِينَئِذٍ عَنهُ الْوَاصِل وارتفع مَا الْأَلَم من أَجله متواصل خُصُوصا حِين سَافر ولد صَاحب التَّرْجَمَة إِلَّا لَكِن فِي الْعبارَة والترجمة مَعَ كَونه لم يستكمل الْعشْرين من السنين إِلَى بَلَده بعد أَن أكْرمه هُوَ وغالب الْأَعْيَان بِمَا لم يكن فِي باله وَلَا خلده ليباشر عَن أَبِيه الْقَضَاء وَكِتَابَة السِّرّ وَغَيرهمَا من الْأَمر الظَّاهِر والمستتر وَزوج السُّلْطَان وَالِده ابْنة أَمِير الْمُؤمنِينَ ليتأكد رسوخ قدمه بِيَقِين وَكَانَ المتكفل بمهم التَّزْوِيج والمتفضل بِمَا يتم بِهِ الرقي فِي التدريج الدوادار(9/122)
الْكَبِير المسعف الْغَنِيّ فضلا عَن الْفَقِير إِلَى غير مَا ذكر من الْإِكْرَام والتبجيل والإنعام كل ذَلِك والمخلطون بِبَابِهِ مرتبطون لتوهم ارتقائه إِلَى المناصب وبقائه فِيمَا هُوَ لَهُ ناصب وتأكد ذَلِك بعد مسك غَرِيمه ومصادرته فِي قبض المَال وتسليمه وَفعل ذَلِك بولده الَّذِي صَار نَاظر جَيش الشَّام حَتَّى قتلا فِي المحنة وَالسَّلَام وَكَانَ ذَلِك ابْتِدَاء عَكسه وانتهاء مَا تَعب فِي تخمينه وحدسه فَإِنَّهُ سَافر فِي الركاب السفرة الشمالية بعد أَن نافر من الْأَصْحَاب من معوله الالتجاء إِلَى مَوْلَاهُ فِي كل قَضِيَّة فَمَا كَانَ بأسرع من تغير الخواطر الكثيفة عَلَيْهِ وعَلى وَلَده ذِي الآراء المعكوسة والعقول السخيفة وَرجع مُبْعدًا منهورا مشددا عَلَيْهِ مقهورا فأفاق حِينَئِذٍ من سكرته وذاق مَا اعْتَمدهُ فِي سرعَة كَلَامه وحركته وَلم يلبث بعد الإبعاد أَن عَاد لتِلْك المسامرة والمكاثرة والاجتماع فِي بعض اللَّيَالِي على تِلْكَ الْأَلْفَاظ الملحنة والابتداع لما لَيْسَ لَهُ أصل فِي السّنة الْحَسَنَة فتردد النَّاس لبابه وتودد لَهُ الْعَدو فضلا عَن الصّديق بِحسن خطابه وَعقد بالأزهر وَغَيره بِحَضْرَة جمَاعَة من أهل الافتراء والمراء أَو المغفلين الْمُكرمين للغريب فضلا عَن الْقَرِيب بالقرى)
مجَالِس للإسماع والقرا كَانَ الْوَقْت فِي غنية عَنْهَا لِكَثْرَة مَا وَقع فِيهَا من الْكَلِمَات الَّتِي لَا متحصل مِنْهَا بل كَانَ قبل خطب بالجامع مرَارًا وأسمع فِيهِ الحَدِيث جهارا بل واستحضر الشاوي بَاقِي المسندين لوَلَده بِيَقِين فِي سنة سِتّ وَسبعين فأسمعه عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ الصَّحِيح وَبَان بذلك الألكن من الفصيح إِلَى غير ذَلِك عَلَيْهِمَا أَو عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ وتحاكى الطّلبَة مِمَّا كَانَ يَقع مَا لَا أثْبته مَعَ كثرته لمزيد فَسَاده وَمِمَّنْ كَانَ يحْكى مَا يَبْدُو مِنْهُ فِي رويته فضلا عَن بديهته بِحَضْرَتِهِ من الْكَلِمَات الَّتِي لَا تصدر من آحَاد الطّلبَة عِنْد الْملك أودواداره الْبُرْهَان الكركي الإِمَام الْفَائِق فِي علمه وتفننه وخبرته حَتَّى سَمِعت من يَقُول أَنه لذَلِك أسر النَّاس بمحنته وتقرر فِي خطابه جَامع الرَّوْضَة وباشر ذَلِك جمعا بِمَالِه من عزم ونهضة ثمَّ استناب فِيهِ بعض الْفُضَلَاء الْمَذْكُورين بالتوجيه وَكَذَا حدث بِبَلَدِهِ وأملى ودرس وَوعظ وخطب وَأفْتى بالوجاهة والاعتلاء وَولى السميساطية وَغَيرهَا من مدارس الشَّام خَارِجا عَمَّا يتَعَلَّق بِالْقضَاءِ من الْمدَارِس الَّتِي لَا تسام كالغزالية والعذراوية بل كَانَ يذكر بصدقات زَائِدَة وإحسان للغرباء بنية صَالِحَة أَو فَاسِدَة وَأَنه بنى بِجَانِب بَيته مدرسة إِمَّا إنْشَاء أَو تجديدا إِلَى غَيرهَا المآثر الَّتِي لَا احْتِيَاج بِنَا لذكرها تعديدا وَبنى أَيْضا بالقرافة عِنْد بَاب مقَام الشَّافِعِي تربة قرر بهَا فِيمَا قيل صوفية مَعَ شيخ لَهُم من الطّلبَة صرف الله عَن مشيختها بعض من خطبه لذَلِك من الْفُضَلَاء النبلاء بِحَيْثُ قيل أَن الْمُنَاسب لَهَا كَانَ ابْن دَاوُد المنوه(9/123)
بِهِ عِنْد السُّلْطَان بِتَقْدِيم شَيْء مهمل سَمَّاهُ بالتاريخ لَا يعبأ بِهِ من عَلَيْهِ يعول وَلَكِن فِي جماعته المقرب لَهُم عِنْده بعض من يرْمى من القبائح بعده مَعَ فَضَائِل يمتاز بهَا على ابْن دَاوُد وخبرة بالوسائل المبلغة للمقصود وَلذَا رقاه للقضا وَآل أمره إِلَى أَن صَار أَرضًا. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مِمَّن فِيهِ رَائِحَة الْفَنّ بل هُوَ من قدماء الْأَصْحَاب وَأحد الْعشْرَة الَّذين ذكرهم شَيخنَا فِي وَصيته وَإِن فعل معي مَا أَرْجُو أَن يجازى بمقصده عَلَيْهِ، وَقد صرف عَن الْقَضَاء وَبَقِي مَعَ ابْنه كِتَابَة السِّرّ مَعَ غَيرهَا من الْجِهَات واستفيض مرافعة وَلَده فِيهِ وَآل أمره أَن صرف عَن كِتَابَة السِّرّ وَاسْتمرّ أَبوهُ على طَرِيقَته فِي مُلَازمَة خدمَة السُّلْطَان حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَتِسْعين بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بتربته عِنْد بَاب الشَّافِعِي وتأسف السُّلْطَان فِيمَا قيل عَلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا.
306 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح بن أَي بكر بن سعد الشَّمْس بن الشَّمْس الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ أَخُو سعد وَعبد الرَّحْمَن وَإِبْرَاهِيم الْمَاضِي ذكرهم وَأَبوهُ وَابْنه عبد الله وَيعرف كسلفه بِابْن الديري. / ولد فِي ربيع الأول سنة سبعين وَسَبْعمائة بالقدس وَنَشَأ بِهِ فحفظ الْقُرْآن وتفقه بِأَبِيهِ وبالكمال الشريحي وَعَن أَبِيه أَخذ الْأُصُول وَأخذ النَّحْو عَن الْمُحب الفاسي وَعبد الله الزعبي المغربي وَسمع بأخبار أَخِيه شَيخنَا عَليّ الشهَاب أبي الْخَيْر بن العلاني وَكَذَا سمع على الشهابين ابْن مشت وَابْن المهندس وَغَيرهمَا وَولي تدريس المعطظمية وَغَيرهَا وَصَارَ المرجوع إِلَيْهِ فِي بَيت الْمُقَدّس إقراء وإفتاء وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا، وَكَانَ إِمَامًا مفوها ناظما ناثرا حسن الْعشْرَة لين الْجَانِب كثير المفاكهة لَا يمل جليسه حج قبيل مَوته ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وَهُوَ متمرض فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي أَوَاخِر جُمَادَى الأخرة سنة تسع وَأَرْبَعين وَدفن بمقبرة ماملا وشبعه خلق مِنْهُم الْعِزّ الْقُدسِي شيخ الصلاحية. وَمِمَّا كتبه عَنهُ بعض الْجَمَاعَة من نظمه:
(أَصبَحت فِي حسنكم مغرما ... وعنكم وَالله لَا أسلو)
(إِن شِئْتُم قَتْلِي فيا حبذا ... الْقَتْل فِي حبكم سهل)
(من مَاتَ فِيكُم نَالَ كل المنى ... وزاده يَا سادتي فضل)
(فواصلوا إِن شِئْتُم أَو دعوا ... فَكل مَا لاقيته يحلو)
(من رام سلواني فَذَاك الَّذِي ... لَيْسَ لَهُ بَين الورى عقل)
بَلغنِي أَنه كَانَ لفاقته يَأْخُذ على الْفَتْوَى رَحمَه الله وإيانا.
307 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام نَاصِر الدّين بن(9/124)
الشَّمْس بن الْجمال الدِّمَشْقِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن تَيْمِية. / ولد فِي سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه كَانَ يتعانى التِّجَارَة ثمَّ اتَّصل بكاتب السِّرّ فتح الله وبالشمس بن الصاحب وسافر فِي التِّجَارَة لَهما وَولي قَضَاء إسكندرية مُدَّة وَكَانَ عَارِفًا بالطب ودعاويه فِي الْفُنُون أَكثر من علمه انْتهى. وَرَأَيْت من قَالَ أَنه كَانَ يَنُوب فِي قَضَاء إسكندرية عَن قضاتها فِي الْأَيَّام المؤيدية وَغَيرهَا وَله مُرَتّب فِي الْخَاص انْتقل بعده لوَلَده. مَاتَ هُوَ ابْن النيدي وَكَانَا متصادقين فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع رَمَضَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَقد جَازَ السّبْعين بل قيل أَنه قَارب الثَّمَانِينَ.
308 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الشَّمْس بن الشَّمْس بن الْجمال الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الصُّوفِي. / ولد فِي ثَالِث عشر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة)
بصالحية دمشق. ذكره البقاعي مُجَردا.
309 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بلكا بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الطَّاهِر بن الْمُحب القادري / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن وأسمعه الْكثير على غير وَاحِد. وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَاسْتقر فِي جِهَات فِي حَيَاة أَبِيه وَبعده، وَحج وجاور فِي سنة تسعين وتخلق بالأخلاق الصَّالِحَة من أدب وَخير وتواضع مَعَ شكل مَقْبُول ثمَّ حج فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمَعَهُ من تَأَخّر من بنيه وأمهم مَعَ ابْنه الظَّاهِر جِهَة الأتابك كَانَ الله لَهُ.
310 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز نَاصِر الدّين صديق التقي المقريزي / ذكره فِي عقوده وَقَالَ ولد بعد سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة، وَكتب الْخط الْمليح وبرع فِي الْحساب الديواني وباشر الْكِتَابَة فِي ديوَان الْجَيْش والإنشاء وتخصص بالعز حَمْزَة بن فضل الله فأوصله بأَخيه الْبَدْر مُحَمَّد بن فضل الله كَاتب السِّرّ، وَكَانَ يَقُول الشّعْر محبا للرياسة متراميا عَلَيْهَا جميل الْوَجْه لَا يكْتب شَيْئا وَلَو كثر إِلَّا حفظه لكنه عديم الْحَظ وامتحن بِإِخْرَاج وظائفه وَمَاله مَعَ كَثْرَة عِيَاله حَتَّى مَاتَ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ عوضه الله ورحمه.
311 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عُثْمَان بن سَابق بن إِسْمَاعِيل الْبَدْر أَبُو عبد الله الدَّمِيرِيّ الْمَالِكِي. / كَانَ مجاورا بِمَكَّة سنة خمس وَتِسْعين وَقَرَأَ على عبد الرَّحِيم بن الأميوطي ثمَّ رَأَيْته فِيمَن عرض عَلَيْهِ سنة خمس وَتِسْعين.
312 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عُثْمَان بن عَفَّان الْبَدْر بن الشَّمْس الْحُسَيْنِي الأَصْل بَلَدا القاهري الموسكي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه الْفَخر عُثْمَان المقسي /(9/125)
ولد فِي ثامن شَوَّال سنة خمس وَسِتِّينَ وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية النَّحْو بعد الجرومية وَجمع الْجَوَامِع وَعرض عَليّ فِي الْجَمَاعَة وَكَذَا عرض على الْعَبَّادِيّ والجوجري وَابْن قَاسم وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الشَّمْس بن سمنة الأقفهسي وَفِي البُخَارِيّ وَغَيره عَليّ وباشر قِرَاءَة ذَلِك بِجَامِع الْأَزْهَر وَغَيره وخطب بالمزهرية وَغَيرهَا كجامع عَمْرو عوضا عَن أَبِيه، وَحج فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَالْغَالِب عَلَيْهِ سَلامَة الصَّدْر.
313 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْخضر بن عياد بن صَالح الْعَلَاء اللَّخْمِيّ الخليلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. / ولد سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَقدم)
الْقَاهِرَة فَقَرَأَ الْقُرْآن وَسمع من شَيخنَا وَإِسْحَق بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي والفرياني الْكذَّاب ولازم درس الْبَدْر بن الْأَمَانَة والبرهان بن حجاج الأبناسي وَقَرَأَ النَّحْو على الشطنوفي والفرائض على أبي الْجُود، وَحج وباشر الشَّهَادَة وَكَانَ حَيا بعد الْخمسين. استفدته من خطّ الدوماطي وَذكر فِي شُيُوخه أَيْضا الحلاوي وَلَيْسَ بعمدة.
314 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن هادي بن مُحَمَّد بن أبي الْحسن بن أبي الْفتُوح إِبْرَاهِيم بن حسان السَّيِّد عفيف الدّين أَبُو بكر بن النُّور أبي عبد الله بن الْجلَال أبي مُحَمَّد بن الْمعِين أبي عبد الله بن القطب الْحُسَيْنِي بل وَالْحُسْنَى أَيْضا من جِهَة أمه المكراني الْأَصْلِيّ النيريزي المولد الإيجي الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي أَخُو الصفي عبد الرَّحْمَن والمحب عبيد الله ووالد الْعَلَاء مُحَمَّد / الْآتِي من بَيت جلالة وسيادة ذكرت فِي تَرْجَمته من الوفيات من أسلافه جمعا. ولد فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن صفر سنة تسعين وَسَبْعمائة بإيج وَأخذ فِيمَا قيل عَن وَالِده فِي الْفُنُون والتصوف والْحَدِيث وَغَيرهَا وَفِيه نظر وَكَذَا أَخذ عَن الْعِزّ إِبْرَاهِيم الإيجي تلميذ الشريف وَعَن غَيره بل واشتغل على أَخِيه الصفي، وَأَجَازَ لَهما التنوخي والبرهان بن فَرِحُونَ وَابْن صديق والعراقي والبلقيسي وَابْن الملقن والحلاوي والمراغي وَصَاحب الْقَامُوس وَجمع عدَّة مواليد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحاشية على الشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي بل أفرد هُوَ الشَّمَائِل النَّبَوِيَّة بالتأليف وَله أَيْضا حَاشِيَة على أربعي النَّوَوِيّ ونظم كثيرا واستوطن مَكَّة مُدَّة فَلم يظْهر مِنْهَا إِلَّا للزيارة النَّبَوِيَّة نعم ظهر مِنْهَا مرّة لبلاده فودع أَقَاربه وَأَوْلَاده وَرجع إِلَيْهَا فَمَاتَ وَذَلِكَ بمنى فِي حادي عشر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين بعد أَن أتم الْمَنَاسِك، وَصلى عَلَيْهِ بِمَسْجِد الْخيف وَحمل إِلَى المعلاة فَدفن بهَا عِنْد مصلب ابْن الزبير وَكَانَ قد حدث بأَشْيَاء أَخذ عَنهُ جمَاعَة كولده والطاووسي وَأثْنى عَلَيْهِ فِي مشيخته بقوله: كَانَ ذَا ذهن وقاد وطبع نقاد وقصائد وأشعار وتصانيف وحواش انْتهى. أجَاز لي(9/126)
وَكَانَ تَامّ الزّهْد وافر الْوَرع كثير الكرامات والمحاسن مُعظما للسّنة وَأَهْلهَا حَرِيصًا على إشاعتها ونقلها متقنعا عابدا مُنْقَطع القرين وَقد تزوج بأخب الْخَطِيب أبي الْفضل النويري وَعظم اخْتِصَاص كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ رَحمَه الله وإيانا.
315 - مُحَمَّد السَّيِّد أَبُو سعيد الْحُسَيْنِي الإيجي / أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ أكبر إخْوَته. اشْتغل بالتوجه وَنَحْوه ثمَّ ساح وَطَاف الْآفَاق إِلَى أَن اسْتَقر بالروم وعظمه ملكهَا بِحَيْثُ بنى لَهُ حانقاة وَيُقَال أَنه كَانَ يعلم الكيمياء وراسل أَخَاهُ السَّيِّد صفي الدّين أَن يُرْسل لَهُ بِأحد أَوْلَاده ليرشده لذَلِك)
فَعرض ذَلِك على وَلَده النُّور أَحْمد فَأَجَابَهُ بقوله لَا أترك الإكسير الْحَاضِر وأتوجه للْغَائِب فأعجب ذَلِك وَالِده وَاسْتمرّ أَبُو سعيد غَائِبا عَن بِلَاده بِحَيْثُ لم ير أَخَاهُ الْمشَار إِلَيْهِ إِلَّا بِمَكَّة ثمَّ بعد الْحَج انْفَصل إِلَى الرّوم ثمَّ عَاد عَازِمًا لبلاده فَمَاتَ بصالحية دمشق تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ ابْن أَخِيه الْعَلَاء مُحَمَّد.
316 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو النجا بن الشَّمْس بن الجامل الزيتوني الشَّافِعِي / الْمَاضِي جده. ولد فِي ثامن عشر شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والمنهاجين وألفية النَّحْو وإيساغوجي، وَعرض على شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الديري وَابْن الْهمام كَمَا أخبر بِهِ فِي ذَلِك كُله، وخطب بِجَامِع الطواشي كأبيه وتولع بالنظم وتميز فِي الشعبذة وسلك طرق الخيال والحلقية واختص بِبَعْض بني الجيعان وساعده هُوَ أَو غَيره فِي خلعة بالبخاري مَعَ الْمَشَايِخ وبالصلاح المكيني ونادمهما ومدح غير وَاحِد بل وامتدح الْعلم البُلْقِينِيّ فاستنابه بسفارته وَتَبعهُ من بعده وامتدحني فِي ختم البُخَارِيّ بالظاهرية وَبعده بِمَا كتبته فِي مَحل آخر.
317 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم فَرِحُونَ بن مُحَمَّد بن فَرِحُونَ نَاصِر الدّين ولقبه بَعضهم محب الدّين أَبُو البركات بن الْمُحب أبي عبد الله بن الْبَدْر أبي مُحَمَّد الْيَعْمرِي الْمدنِي قاضيها الْمَالِكِي أَخُو عبد الله الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن فَرِحُونَ. / ولد بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا وَسمع على أَهلهَا وَمِنْهُم بِأخرَة الزين المراغي، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع وَسبعين فَمَا بعْدهَا الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن الهبل وَمُحَمّد بن الْحسن بن عمار والأذرعي وَآخَرُونَ وَولي قَضَاء الْمَدِينَة بعد قَرِيبه القَاضِي أبي الْيمن مُحَمَّد بن الْبُرْهَان بن فَرِحُونَ وَكَانَ عَالما فَاضلا بشوشا حسن المحاضرة أجَاز للتقي بن فَهد وولديه وَكَذَا لأبي الْفرج المراغي حِين عرض عَلَيْهِ. وَمَات فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين بِالْمَدِينَةِ وَدفن بِالبَقِيعِ. أرخه شَيخنَا فِي أنبائه.
318 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين بن الشَّمْس الْعمريّ أحد(9/127)
الموقعين كأبيه الْمَاضِي وَيعرف أَبوهُ بِابْن كَاتب السمسرة /. كَانَ من محَاسِن الزَّمَان شكالة وفضلا وفضيلة وذوقا وَمَعْرِفَة. مَاتَ فِي حُدُود الْخمسين رَحمَه الله.
319 - مُحَمَّد الْكَبِير بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى بن عُثْمَان بن عَرَفَة الحساني الأربسي المغربي / الْمَاضِي أَبوهُ. سمع مني مَعَ أَبِيه فِي سنة تسعين أَشْيَاء وَكَذَا سمع مَعَ وَالِده بِمَكَّة وَالْمَدينَة والقاهرة.
320 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْجمال الغماري الْمَالِكِي أَخُو أبي الْخَيْر الْآتِي / وقاضي لية من أَعمال. الطَّائِف. أُشير إِلَيْهِ فِي أَخِيه.
321 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله أفضل الدّين الفالي. / مِمَّن سمع بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ.
322 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله البندر البنهاوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو نَاصِر الدّين بن أصيل لأمه وَزوج ابْنة الْكَمَال بن الْهمام الْكُبْرَى وَيعرف بالبنهاوي / حفظ الْقُرْآن والتنبيه وَعرضه وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل بَاشر فِي جِهَات، وَحج مَعَ صهره الْكَمَال وَكَانَ مفرط السّمن غير متميز فِي شَيْء سوى حرصه على جهاته. مَاتَ فِي سنة سبع وَسبعين وَترك نم ابْنه الْكَمَال ولدا اسْمه الْمُحب مُحَمَّد تعبت أمه بِسَبَبِهِ سِيمَا بعد موت عبد الْوَهَّاب الهمامي وَإِلَّا فَكَانَ فِي حَيَاته أشبه حَتَّى أَنه قَرَأَ عَليّ إِذْ ذَاك فِي البُخَارِيّ وَغَيره كَمَا سَيَأْتِي.
323 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الزكي أَبُو البركات الْأَشْعَرِيّ وَيُقَال لَهُ الأسعردي وَلكنه كَمَا نبه عَلَيْهِ الزين رضوَان خطأ التّونسِيّ ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْمُقْرِئ. / تَلا بالثمان على أبي حَيَّان فَكَانَ فِيمَا قَالَه الزين رضوَان خَاتِمَة الْقُرَّاء من أَصْحَابه يَعْنِي إِن لم يكن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم الْآتِي من جمَاعَة أبي حَيَّان قَالَ ودرس للمالكية بصلاحية مصر وللأطباء بمنصورية البيمارستان وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الشهَاب السكندري ورضوان. وبكلامه الْمُتَقَدّم قوى الظَّن أَنه من شرطنا.
324 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الصَّدْر بن الزين الْبكْرِيّ الدهروطي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشبراوي الشَّافِعِي النَّاسِخ قريب الْجلَال الْبكْرِيّ فالجلال ابْن خَال وَالِده / وَيعرف بلقبه. ولد بدهروط فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ تحول بعد بُلُوغه إِلَى مصر وَحفظ بهَا الْمِنْهَاج وَعرضه على الْمَنَاوِيّ وَغَيره وجاور بالأزهروحضر دروس الْعَبَّادِيّ وَالْفَخْر المقسي فَمن يليهما كمحمد الضَّرِير وَعبد الْحق وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء مِنْهَا غير نُسْخَة من شرحي للألفية وَأقَام بشبري النَّخْلَة على طَريقَة حَسَنَة يشْهد ويخطب بهَا أَحْيَانًا ويتردد مِنْهَا للاشتغال وَغَيره مَاشِيا أَو رَاكِبًا وَحج وجاور وَحضر دروس الْفَخر أخي القَاضِي ثمَّ جَاءَ فِي الْبَحْر فِي سنة ثَمَان(9/128)
وَتِسْعين فحج وجاور السّنة الَّتِي بعْدهَا وَقَرَأَ على مجلي فِي الْفِقْه وعَلى السَّيِّد عبد الله)
فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول وَسمع على أَشْيَاء وَكتب بِخَطِّهِ من تصانيفي وَنعم الرجل.
325 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس أَبُو الْفَتْح بن نَاصِر الدّين بن الْجمال الرَّحبِي الأَصْل نِسْبَة للرحبة من نَاحيَة حلب القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الْجَوْهَرِي. / تَلا على الزين جَعْفَر للسبع وَأذن لَهُ وَزوج ابْنه بابنته، وَهُوَ مِمَّن تردد إِلَيّ وَسمع مني يَسِيرا وَكَانَ خيرا سَاكِنا يتجر فِي سوق الصاغة. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ قَارب السِّتين رَحمهَا لله.
326 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس البرديني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. / حفظ الْقُرْآن وَسمع من شَيخنَا ثمَّ مني وخالط الأكابر وَتردد للزين عبد الباسط بل اخْتصَّ بالزين الأستادار وَركب الْخُيُول وَتكلم فِي أَشْيَاء وَهُوَ خطيب جَامع الحبانية وإمامه. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة سنة تسعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بتربته بِالْقربِ من ترب الْأَشْرَف إينال بعد أَن زوج ابْنه لابنَة القَاضِي نَاصِر الدّين الأخميمي الْحَنَفِيّ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
327 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ ابْن مُؤذن الزنجيلية. / ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ اشْتغل وَهُوَ صَغِير فحفظ مجمع الْبَحْرين وألفية النَّحْو وَغَيرهمَا وَأخذ الْفِقْه عَن الْبَدْر الْقُدسِي وَابْن الرضي والفرائض عَن الشَّيْخ محب الدّين وَمهر فِيهَا وَاحْتَاجَ النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا وَجلسَ للأشغال بالجامع الْأمَوِي وَكَانَ خيرا دينا. مَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع عشرَة.
328 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس السلفيتي بمهلة مَفْتُوحَة ثمَّ لَام سَاكِنة بعْدهَا فَاء مَكْسُورَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة ثمَّ مثناة نِسْبَة لقرية من أَعمال نابلس الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي أحد أَصْحَاب الشهَاب بن رسْلَان. / كَانَ فَقِيها مفننا انْتفع بِهِ جمَاعَة من تِلْكَ النواحي وَكَانَ يُقيم بِبَيْت الْمُقَدّس أَحْيَانًا وَسمع معي فِيهِ على التقي القلقشندي سنة تسع وَخمسين.
329 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس الْعَوْفِيّ الْمدنِي الشَّافِعِي ابْن أُخْت التَّاج عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن صلح وَأحد فِرَاشِي الْمَسْجِد النَّبَوِيّ وَيعرف بالعوفي لكَون وَالِده تزوج فيهم وَيُقَال لَهُ أَيْضا ابْن الْمِسْكِين وَهُوَ بهَا أشهر. / ولد فِي سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والشاطبية والمنهاجين الفرعي والأصلي وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو والتهذيب فِي الْمنطق للتفتازاني، وَعرض على جمَاعَة وَأخذ الْفِقْه وَغَيره عَن أبي الْفرج الكازروني وَقَرَأَ على أبي الْفَتْح المراغي بِمَكَّة شَرحه على الْمِنْهَاج ولازم الشهَاب الأبشيطي)
فِي الْأَصْلَيْنِ(9/129)
وَالْعرُوض فَقَرَأَ عَلَيْهِ جمع الْجَوَامِع ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ وشفاء الغليل فِي علم الْخَلِيل بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج الفرعي وَأخذ أصُول الْفِقْه أَيْضا عَن الْكَمَال أَمَام الكاملية والعربية وَالصرْف عَن السَّيِّد عَليّ العجمي شيخ الباسطية المدنية والمنطق وَغَيره عَن أبي يزِيد ولازم أَحْمد بن يُونُس المغربي فِي فنون وتلا بالسبع على عَليّ الديروطي وَابْن شرف الدّين الششتري وَكَذَا قَرَأَ على السَّيِّد الطباطبي وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة وَسمع على الْمُحب المطري وَأبي الْفَتْح المراغي وأخيه أبي الْفرج وَأبي الْفَتْح بن صَالح وَقَرَأَ البُخَارِيّ وَغَيره على خَاله التَّاج وبرع فِي الْعَرَبيَّة والفرائض والحساب وشارك فِي الْفِقْه وَغَيره وَأذن لَهُ فِي الإقراء وتصدى للإقراء بِالْمَسْجِدِ وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ ابْنه وَالشَّمْس بن زين الدّين بن الْقطَّان، وَكَانَ قَائِما بوظيفة الفراشة فِي الْمَسْجِد النَّبَوِيّ وَكَذَا فِي مَسْجِد قبَاء مَعَ بوابته وَالْأَذَان فِيهِ وتكسبه بِالشَّهَادَةِ وتميزه فِيهَا وَجمع فِي كل من ختم البُخَارِيّ وَمُسلم والشفا والمنهاج وَغَيرهَا أَشْيَاء غير مهمة وَكَذَا لَهُ نظم غير طائل كتبت مِنْهُ فِي التَّارِيخ الْمدنِي أَشْيَاء وَكَانَ خيرا. وَمَات بِالْمَدِينَةِ فِي الْحَرِيق الشهير فِيهَا شَهِيدا فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ احْتبسَ الدُّخان فِي جَوْفه فَمَكثَ أَيَّامًا يسيرَة ثمَّ مَاتَ رَحمَه الله وإيانا.
330 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس بن الْمُحب التفهني ثمَّ القاهري الكحال. / مِمَّن سمع على شَيخنَا وَهُوَ غير مُحَمَّد بن يَعْقُوب الْآتِي.
331 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله نَاصِر الدّين الغمري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الكتبي وَيعرف بِابْن الخردفوشي. / مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي اليلة مستهل ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين عَن نَحْو السّبْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَكَانَ قد قَرَأَ فِي بَلَده الْقُرْآن وَصَحب الغمري واختص بِهِ بِحَيْثُ كَانَ يقدمهُ للصَّلَاة إِذا حضر وأقرأ الْأَطْفَال بهَا ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ حِين قطنها ثمَّ جلس بهَا فِي حَانُوت بسوق الْكتب وخطب بِجَامِع الحسام من حارة زويلة وَأم بِهِ وقتا وتنزل فِي صوفية البرقوقية وَكتب عني كثيرا من الأمالي وَمن تصانيفي وَغَيرهَا وَكَانَ خيرا مُبَارَكًا كثير التِّلَاوَة رَحمَه الله وإيانا.
332 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الصَّالِحِي الْحَنَفِيّ / أحد نواب الحكم بِدِمَشْق. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه.
333 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله القليوبي الشَّافِعِي وَالِد عبد الْغَنِيّ الْمَاضِي وَيعرف بِابْن الطَّوِيل. / تفقه ظنا بالبلقيني وَبِغَيْرِهِ وبرع فِي الْفِقْه وَكَانَ من الْفُضَلَاء. أفادنيه إِمَام الكاملية وَغَيره.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله. / فِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن آفش.
334 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد المحسن بن عبد اللَّطِيف بن التقي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن(9/130)
بن رزين الْعَلَاء بن الْعِزّ العامري الْحَمَوِيّ الأَصْل الْمصْرِيّ الْخَطِيب وَالِد التَّاج مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن رزين. / ولد سنة بضع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة واسمع عَليّ جده لأمه السراج الشطنوفي وعَلى أبي الْحرم القلانسي والعز بن جمَاعَة وَغَيرهم وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ سَمِعت عَلَيْهِ سَبْعَة أَحَادِيث بِقِرَاءَة التقي الفاسي وحضرتها ابْنَتي زين خاتون وَولى خطابة جَامع الْأَزْهَر وَلم يكن بالمرضي، وَكَذَا قَالَ فِي إنبائه خطب بالجامع الْأَزْهَر وباشر أوقافا وَلم يكن متصاونا. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة خمس. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي فِي موضِعين عَفا الله عَنهُ.
335 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْحَاج أبي عبد الله الْبَغْدَادِيّ الأَصْل الْحِمصِي الشَّافِعِي وَالِد عبد الْغفار وَعبد الْملك الماضيين وَيعرف بِابْن السقا. / ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة مستهل ذِي الْقعدَة سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بحمص وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والغاية لأبي شُجَاع والكتب الَّتِي بينتها فِي ثَانِي ولديه، وَحج فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ فاشتغل فِي الْأَزْهَر على السنتاوي وَابْن الوروري والطنتدائي الضَّرِير وَنَحْوهم وَعرض عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة وَسمع مني المسلسل وَغَيره كبعض مجَالِس الْإِمْلَاء وَقَرَأَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين على الديمي فِي البُخَارِيّ وألفية الْعِرَاقِيّ وتميز وَكتب الْخط الْجيد وَنسخ بِهِ أَشْيَاء.
336 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن دَاوُد بن سُلَيْمَان الْبَدْر أَبُو المحاسن بن الْبَدْر أبي عبد الله بن الشّرف أبي المكارم الْبَغْدَادِيّ الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ وجده والآتي وَلَده الشّرف مُحَمَّد. ولد بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَأمه هِيَ ابْنة أخي الْفَقِيه برهَان الدّين بن الصَّواف الْحَنْبَلِيّ. وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتلاه كَمَا أخبر لكل من أبي عَمْرو وَنَافِع وَحَمْزَة عَليّ حبيب وَالشَّمْس الشراريبي وَحفظ الْخرقِيّ وَغَيره وَعرض ثمَّ أَخذ فِي الْفِقْه عَن زوج أمه الْفَتْح الباهي والْعَلَاء بن مغلى وَلَكِن جلّ انتفاعه إِنَّمَا كَانَ بالمحب بن نصر الله وَقَالَ أَنه اشْتغل فِي النَّحْو على الشموس الثَّلَاثَة البوصيري والشطنوفي وَابْن هِشَام العجيمي)
والبدر الدماميني وَكَذَا أَخذ عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَطلب الحَدِيث فَقَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ على شَيْخه الْمُحب وصحيح مُسلم والشفا مَعًا على الشّرف بن الكويك وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وَكَذَا سمع على الْجمال عبد الله وَالشَّمْس الشَّامي الحنبليين والكمال بن خير والشهاب الوَاسِطِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ وَابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس وَأخذ عَن شَيخنَا وَمن قبله عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن مغلى فَمن بعده وَكَذَا نَاب عَن شَيخنَا وَجلسَ لذَلِك فِي بعض(9/131)
الحوانيت ببولاق وَغَيره وَيُقَال أَن سليما بشره بِالْقضَاءِ الْأَكْبَر وَنَحْوه صَنِيع خَليفَة حَيْثُ كَانَ يخاطبه بذلك بل رأى هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبشره بأَشْيَاء مِنْهَا الْقَضَاء وَولى قَضَاء الْعَسْكَر وإفتاء دَار الْعدْل وتدريس الْفِقْه بالصالح بعد أَبِيه بعناية الْمُحب شَيْخه وَكَانَ يَنُوب عَنهُ فِيهِ فَلَمَّا ولى ابْن مغلى انتزع مِنْهُ الصَّالح وكلم فِي ذَلِك فَعوضهُ عَنهُ بِقدر كل شهر ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بعدو عرف بالديانة وَالْأَمَانَة والأوصاف الحميدة وأشير إِلَيْهِ بالتقدم فِي معرفَة الشُّرُوط مَعَ البراعة فِي الْمَذْهَب، فَلَمَّا مَاتَ شَيْخه الْمُحب اسْتَقل فِي الْقَضَاء فَسَار فِيهِ سيرة حَسَنَة جدا بعفة ونزاهة وصيانة وَأَمَانَة وَتثبت وإمعان فِي نظر المكاتيب وَالشُّهُود مَعَ التصميم على منع الاستبدالات وَأَشْيَاء كَانَت فَاشِية قبله وَلَا زَالَ مَعَ ذَلِك يستجلب الخواطر باللين وَالِاحْتِمَال والتواضع والبذل مَعَ التقلل من الدُّنْيَا وَعدم ادخارها إِذا وَقعت بِيَدِهِ وَنصر الْمَظْلُوم وإغاثة اللهفان والمداراة مَعَ الصلابة عِنْد الْحَاجة إِلَيْهَا حَتَّى كَانَ قيل لينًا من غير ضعف شَدِيدا بِدُونِ عنف فَصَارَ إِلَى رياسة ضخمة وَحُرْمَة وافرة وَكلمَة مَقْبُولَة وأوامر مطاعة وهرع النَّاس لبابه وَقصد فِي الْمُهِمَّات الْكِبَار وترامى عَلَيْهِ أَصْحَاب الْحَوَائِج من الْفُقَهَاء والقضاة والمباشرين والأمراء وَغَيرهم وَلم يتحاش أحد عَن الْحُضُور عِنْده بِحَيْثُ كَانَ إِذا مرض أَو حصل لَهُ أَمر يتَرَدَّد إِلَيْهِ الْخَلِيفَة فَمن دونه لَا يتَخَلَّف عَنهُ مِنْهُم أحد لما ألفوه من كَثْرَة موافاته لَهُم وإعمال فكره فِي نصحهمْ بِمَا يَنْفَعهُمْ فِي الدَّار الْبَاقِيَة وَأما الْجمال بن كَاتب حكم نَاظر الْخَاص فَكَانَ لَا يعدو أمره بِحَيْثُ كَانَت تجْرِي كثير من صدقاته على يَدَيْهِ وَلِهَذَا تردد إِلَيْهِ جُمْهُور الْفُقَهَاء والطلبة وَغَيرهم وبالغوا فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَلما مَاتَ الزين عبد الباسط أسْند وَصيته لجَماعَة هُوَ مِنْهُم وَأوصى لَهُ بِأَلف دِينَار يفرقها بِحَسب رَأْيه وثوقا مِنْهُ بذلك ففرقها من غير تنَاول لدرهم مِنْهَا فِيمَا بَلغنِي بل سَمِعت أَنه أوصى لَهُ هُوَ بِأَلف أُخْرَى فَأَعْرض عَنْهَا وَكَذَا اتّفق لَهُ مَعَ الْبَدْر بن التنسي وَابْن السُّلْطَان حسن حَيْثُ أوصى كل مِنْهُمَا لَهُ)
بِخَمْسِمِائَة دِينَار فَأَعْرض عَنْهَا وَكَثِيرًا مَا كَانَ يتفرق مَا يَخُصُّهُ من الْوَصَايَا على الطّلبَة وَنَحْوهم وَكَذَا كَانَ الظَّاهِر جقمق منقادا مَعَه إِلَى الْغَايَة حَتَّى أَنه كَانَ يَأْمر بِمَا لَا يَسْتَطِيع أحد مُرَاجعَته فِيهِ فَلَا يزَال يتلطف بِهِ ويترسل فِي حسن التوسل إِلَى أَن يصغي لكَلَامه وَيرجع إِلَيْهِ وكفه عَن أَشْيَاء كَانَت بادرته تلجئه إِلَى الْوُقُوع فِيهَا خُصُوصا مَعَ الْفُقَهَاء وَنَحْوهم كَالْقَاضِي علم الدّين فِي عدم تَمْكِينه من إِخْرَاج الخشابية عَنهُ والشفاعة فِيهِ حَتَّى رَجَعَ بِهِ من الصَّحرَاء حَيْثُ الْأَمر بنفيه وَلما تعيّنت الخشابية فِي بعض توعكاته للمناوى كَانَ ساعيا فِي الْبَاطِن فِي عدم خُرُوجهَا(9/132)
عَن بَيتهمْ والتنصيص على اسْتِقْرَار الْبَدْر أبي السعادات فِيهَا وَترك مدافعته لَهُ عَن شَيخنَا مَعَ كَونه شَيْخه وَله عَلَيْهِ حُقُوق فِي إِخْرَاج البيبرسية وَغير ذَلِك إِمَّا لعدم انقياده مَعَه أَو لغيره وَهُوَ الظَّاهِر فَإِنَّهُ لم يكن مَعَ شَيخنَا كَمَا يَنْبَغِي وَلَو قَامَ مَعَه لَكَانَ أولى من جلّ قوماته وَكَثِيرًا مَا كَانَ السُّلْطَان ينعم عَلَيْهِ مَعَ أَخذه من رفقته وَقد حج مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ثمَّ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين ثمَّ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وفيهَا أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة نَحْو نصف شهر وَقَرَأَ هُنَاكَ الشفا ثمَّ بِمَكَّة دون شَهْرَيْن وَكَانَ السُّلْطَان هُوَ المجهز لَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلم يرجع من وَاحِدَة مِنْهُمَا إِلَّا مضاعف الْحُرْمَة مَعَ أَنه مَا خلا عَن طَاعن فِي علاهُ مُجْتَهد فِي خفضه وَلم يَزْدَدْ إِلَّا رفْعَة وَلَا جاهر أحدا بِسوء كل هَذَا مَعَ بعد الْغَوْر والمداومة على التِّلَاوَة والتهجد وَالصِّيَام والمراقبة والحرص على الْمُحَافظَة على الطَّهَارَة الْكَامِلَة وَضبط أَفعاله وأقواله واجتهاده فِي إخفاء أَعماله الصَّالِحَة بِحَيْثُ أَنه يركب فِي الْغَلَس إِلَى من يعلم احْتِيَاجه فيبره وَرُبمَا حمل هُوَ الطَّعَام وَشبهه لمن يكون عِنْده بِالْمَدْرَسَةِ وَأمره فِي هَذَا وَرَاء الْوَصْف ومزيد احْتِمَاله وحلمه ومغالطته لمن يفهم عَنهُ شَيْئا ومقاهرته إِيَّاه بِالْإِحْسَانِ والبذل والخبرة بالأمور وَكَثْرَة الإفضال وسعة الْكَرم وَكَونه فِي غَايَة مَا يكون من الترفه والتنعم بالمآكل السّنيَّة والحلوى وَالرَّغْبَة فِي دُخُول الْحمام فِي كل وَقت لَيْلًا ومزيد موافاته بالتهنئة والتعزية والعيادة وَنَحْو ذَلِك بِحَيْثُ لَا يلْحق فِيهِ وَلَقَد بَلغنِي أَن الشّرف يحيى بن الْعَطَّار تعلل مرّة ثمَّ أشرف على الْخَلَاص وَدخل الْحمام فليم فِي تَعْجِيله بذلك فَقَالَ وَالله مَا فعلته إِلَّا حَيَاء من فلَان وَأَشَارَ إِلَيْهِ لِكَثْرَة مَجِيئه فِي كل يَوْم فَأَحْبَبْت تَعْجِيل الرَّاحَة لَهُ بل بَلغنِي عَن بعض الرؤساء أَنه كَانَ يَقُول مَا كنت أعلم بِكَثِير مِمَّن يَنْقَطِع من جماعتي وحاشيتي إِلَّا مِنْهُ وَقيل لشَيْخِنَا فِي إمعانه من ذَلِك فَقَالَ مُشِيرا لتفرغه كل ميسر لما خلق لَهُ وأثكل وَلَده الشّرف فَصَبر واحتسب وتزايد مَا كَانَ)
يسلكه من أَفعَال الْخَيْر حَتَّى أَنه فرق مَا كَانَ باسم الْوَلَد من الْوَظَائِف على جمَاعَة مذْهبه فَأعْطى إِفْتَاء دَار الْعدْل لِابْنِ الرزاز وَقَضَاء الْعَسْكَر للخطيب وَكَانَ رغب عَنْهُمَا لوَلَده عِنْد ولَايَته للْقَضَاء وَأكْثر من مُلَازمَة قَبره وَالْمَبِيت عِنْده وإيصال الْبر إِلَيْهِ بالختمات المتوالية وَالصَّدقَات الجزيلة وَقرر جمَاعَة يقرؤون كل يَوْم عِنْد قَبره ختمة ويبيتون على قَبره فِي أَوْقَات عينهَا وَحبس على ذَلِك رزقة وانتفع هُوَ بذلك بعد مَوته حَيْثُ اسْتمرّ. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس سَابِع جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين بعد تعلله أَيَّامًا وَصلى عَلَيْهِ نم الْغَد بِبَاب النَّصْر فِي مشْهد حافل جدا تقدم أَمِير الْمُؤمنِينَ النَّاس وَدفن(9/133)
بحوش سعيد السعدء ظَاهر بَاب النَّصْر جوَار قبر وَلَده وَقد حدث بأَشْيَاء وَقُرِئَ عَلَيْهِ الشفا بِمحل الْآثَار النَّبَوِيّ وحملت عَنهُ بعض مروياته وَكَانَ فريدا فِي مَعْنَاهُ رَحمَه الله وإيانا. وَفِي ذيل الْقُضَاة والمعجم زيادات على مَا هُنَا وقرأت بِخَط البقاعي مَا نَصه حَدثنِي غير وَاحِد عَن الْمُحب بن نصر الله أَن سلف الْبَدْر هَذَا نَصَارَى وَأَن ذَلِك مَوْجُود علمه فِي تَذكرته وَأَن الْبَدْر اجْتهد فِي إعدام ذَلِك من التَّذَكُّر فَلم يقدر فَكَانَ يستعيرها من أَوْلَاده فيغيبون مِنْهُ الورقة الَّتِي فِيهَا ذَلِك. قَالَ ذَلِك البقاعي مَعَ مزِيد إحسانه إِلَيْهِ لكَونه رفع إِلَيْهِ فَقِيرا مِمَّن يستعطي كَفه عَن السُّؤَال حِين الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة أَو مزاحمها فَلم يمتثل الْفَقِير بل أغْلظ على البقاعي وَطلب البقاعي من القَاضِي تعزيزه فَلم ير الْمحل قَابلا فاقتصر على زَجره بِاللَّفْظِ ثمَّ أعطَاهُ قَمِيصًا ودراهم فكاد البقاعي يقد غبنا وَشرع فِي الوقيعة عَلَيْهِ على عَادَته.
337 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد زين العابدين بن الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط الْبَدْر حسن الْقُدسِي / شيخ الشيخونية كَانَ والماضي أَبوهُ. نَشأ فِي كنف أَبِيه فَقَرَأَ الْقُرْآن وَشرع فِي حفظ الْإِرْشَاد وَاسْتقر فِي جِهَات أَبِيه بعده وناب عَنهُ فِي المؤيدية الْكَمَال بن أبي شرِيف ثمَّ أَخُوهُ وَفِي غَيرهَا غَيره وَلَيْسَ لَهُ توجه للاشتغال.
338 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم الْأنْصَارِيّ البعلي. / سمع بهَا على بعض أَصْحَاب الحجار ولقيه فِيهَا ابْن مُوسَى ورفيقه الأبي فِي سنة خمس عشرَة.
339 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن بن خَليفَة بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْكَمَال أَبُو الْفضل بن الْبَهَاء أبي أَحْمد بن الْأمين أبي مُحَمَّد الدركالي الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن الْبَهَاء. / ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة أَو قبلهَا بِقَلِيل وَأمه فَاطِمَة ابْنة يَعْقُوب الكوراني وَسمع)
من الْعِزّ بن جمَاعَة بِمَكَّة فِي سنة سبع وَسِتِّينَ تساعياته الْأَرْبَعين وَغَيرهَا وَمن الْأُخْتَيْنِ الفاطمتين أم الْحسن وَأم الْحُسَيْن ابْنَتي أَحْمد بن الرضى وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن الهبل وَطَائِفَة وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالتقي بن فَهد وَبَينه، وتنزل فِي دروس الْحَنَفِيَّة بِمَكَّة وأدب الْأَطْفَال بمكتب بشير الجمدار بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام عدَّة سِنِين وتعانى الشَّهَادَة ثمَّ الْوكَالَة فِي الْخُصُومَات وَغَيرهَا وَكَانَ طوَالًا غليظا. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين وَدفن بالمعلاة. 340 مُحَمَّد الْجمال أَو الْبَهَاء أَبُو عبد الله / أَخُو الَّذِي قبله. ولد سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة بعد وُصُول الْخَبَر بِمَوْت أَبِيه فِي الْقَاهِرَة وأحضر فِي الرَّابِعَة على الْجمال ابْن عبد الْمُعْطِي بعض ابْن حبَان وَسمع من الأميوطي والنشاوري وَعلي النويري وَغَيرهم وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة فَسمع من التنوخي وَابْن الشيخة والحلاوي(9/134)
وَطَائِفَة بل سمع بهَا فِي ربيع الآخر من سنة وَفَاته على الفوى من لفظ الكلوتاتي الْكثير من سنَن الدَّارَقُطْنِيّ وَكَذَا دخل دمشق وَسمع فِيهَا من أبي هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ عَليّ الزرندي والقيراطي وَأحمد بن سَالم الْمُؤَذّن فِي آخَرين وتكرر دُخُوله لبلاد الْيمن طلبا للرزق حَتَّى كَانَت منيته بهَا فِي سنة سبع وَعشْرين أَظُنهُ فِي أواخرها.
341 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن يُوسُف الشَّمْس بن فتح الدّين أبي الْفَتْح الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ / أحد الْأُخوة الْخَمْسَة وأولهم موتا. مَاتَ فِي أول سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين عَن بضع وَثَلَاثِينَ سنة وَلم يعقب بل لم يتَزَوَّج.
342 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الشَّمْس الْمَنَاوِيّ القاهري صهر فتح الله كَاتب السِّرّ وَسَماهُ بَدَنَة وَسَماهُ بَعضهم مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق. / ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ تقدم بجاه صهره فولى الْحِسْبَة ووكالة بَيت المَال وَنظر الْأَوْقَاف وَالْكِسْوَة وتنقلت بِهِ الْأُمُور فِي ذَلِك وَولي الْحِسْبَة مرَارًا بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ لَهُ بعض اشْتِغَال ومشاركة وَمَعْرِفَة بِشَيْء من الْهَيْئَة، قَلِيل الْعلم بِحَيْثُ وجد بِخَطِّهِ على محْضر تسمع الدعْوَة وناب فِي الحكم لما كَانَ محتسبا وَبعد ذَلِك وَقَالَ الْعَيْنِيّ أَنه كَانَ عريا عَن الْعُلُوم فظا غليظا وَقَالَ غَيرهمَا كَانَ يتزيا بزِي الْفُقَهَاء. مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث عشرَة.
343 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبيد بن مُحَمَّد فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن الشَّمْس البشبيشي الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي رَجَب سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والجرومية والرحبية وَالْبَعْض من الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والشاطبية وتدرب بِأَبِيهِ فِي البُخَارِيّ بِحَيْثُ أتقن قِرَاءَته مَعَ صغر سنه وَكَذَا قَرَأَ بِالْيمن حِين دَخلهَا مَعَ أَبِيه عَليّ الشرجي وَعرض عَلَيْهِ بعض محافيظه وتكرر دُخُوله لَهَا مَعَ أَبِيه وَكَانَ قد سمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَبعدهَا بل قَرَأَ عَليّ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بهَا إِلَى أثْنَاء الزَّكَاة من صَحِيح البُخَارِيّ قِرَاءَة أبدع فِيهَا ثمَّ أكمله مَعَ صَحِيح مُسلم وَغَيره وَسمع عَليّ أَشْيَاء كَثِيرَة رِوَايَة وَفِي الْبَحْث وَهُوَ نادرة فِي قِرَاءَته مَعَ صغر سنه ذُو فطنة وذكاء يحفظ بعض غَرِيب ومبهم وَفقه الله وَزَاد فِي إِصْلَاحه.
344 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبيد أَبُو الْخَيْر الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْعَطَّار الْوَاعِظ الْخَطِيب وَيعرف بِابْن الحاكمي. / اشْتغل وَتردد إِلَى الْفُضَلَاء وَسمع على جمع من متأخري المسندين ولازم الْفَخر الديمي وَكَذَا قَرَأَ عَليّ أَشْيَاء مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْوَعْظ وَنَحْوه وسألني أسئلة أفردت أجوبتها فِي جُزْء وَكَانَ أَولا يتكسب بالعطر ثمَّ ترك. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. ظ(9/135)
345 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبيد أَبُو سعد بن الْقطَّان. / إِنْسَان خير لَقِي ابْن رسْلَان فَأخذ عَنهُ وَكَذَا سمع من شَيخنَا ثمَّ اخْتصَّ بِإِمَام الكاملية وأقرأ أَوْلَاده وَسمع الحَدِيث على غير وَاحِد من المسندين واشتغل عِنْد غير وَاحِد وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَيّ بل قَرَأَ عَليّ بعض القَوْل البديع وَأَخْبرنِي بمنام يتَعَلَّق بِهِ أوردته فِيهِ وَحج وزار وَنعم الرجل كَانَ. مَاتَ قبيل السّبْعين ظنا وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين رَحمَه الله وإيانا.
346 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَيُّوب بن عُثْمَان الشّرف الْعمريّ الإشليمي القاهري أَخُو أَحْمد وَعلي الماضيين وَصَاحب السَّبع الَّذِي بالكاملية وَيعرف بالأصيلي / لكَون أصيل الدّين وَالِد نَاصِر الدّين بن أصيل عَمه. ولد بإشميم وَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ قدم على عَمه فَقَرَأَ الْمِنْهَاج واشتغل عِنْد البيجوري والشرف السُّبْكِيّ وَغَيرهمَا وتنزل فِي الْجِهَات وباشر الكاملية والقطبية وَغَيرهمَا وأتجر فَنمت دريهماته وَاشْترى الْأَمْلَاك وَعمل قبَّة فسقية الكاملية وَسبعا فِيهَا وَغير ذَلِك من القربات وَحج وجاور مُدَّة وَكَانَ مديما للانجماع بخلوته فِي الكاملية. مَاتَ يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشرى جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَقد قَارب السّبْعين وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله. وعَلى أسن مِنْهُ بِدُونِ ثَمَان سِنِين.) (سقط)(9/136)
(سفط) وَقَالَ المقريزي فِي عقوده إِنَّه كَانَ عَار من الْعلم تردد إِلَى دمشق مرَارًا وصحبته بهَا وَكَانَ من)
رجال الدَّهْر العارفين بطرق السَّعْي وَأما الْآخِرَة فَمَا أَحسب لَهُ فِيهَا من نصيب إِلَّا أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئا إِنَّه غَفُور رَحِيم عَفا الله عَنهُ.
350 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم بن الْمُسلم بن هبة الله نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله بن الْكَمَال بن الْفَخر بن الْكَمَال الْجُهَنِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي وَالِد الْكَمَال مُحَمَّد والشهاب أَحْمد وَيعرف كسلفه بِابْن الْبَارِزِيّ. / ولد فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ رَابِع شَوَّال سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ ابْن سبع فَنَشَأَ فِي كنف أَخْوَاله وَحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وَغَيره واشتغل بِبَلَدِهِ حَتَّى تميز فِي فنون وَتصرف فِي الْأَبَد والإنشاء وَولي قضاءها فِي سنة سِتّ وَتِسْعين ثمَّ كِتَابَة سرها وناكده نائبها يشبك من ازدمر وَأخذ مِنْهُ مَالا فراسله الْمُؤَيد شيخ وَهُوَ حِينَئِذٍ نَائِب طرابلس يشفع فِيهِ فَأَطْلقهُ فَتوجه إِلَيْهِ بطرابلس فَأَقَامَ مَعَه وَمَال إِلَيْهِ حَتَّى صَار من خواصه وباشر نظر جَيش حلب مُدَّة يسيرَة فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده فَلَمَّا ارْتقى الْمُؤَيد لنيابة دمش قولاه خطابتها وَبَالغ فِي إكرامه وَاسْتمرّ مَعَه ثمَّ ولي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بحلب عَن النَّاصِر فرج فباشره مُدَّة ثمَّ اعتقل بقلعة دمشق إِلَى أَن قدمهَا النَّاصِر لقِتَال شيخ ونوروز فَأَطْلقهُ فَلَمَّا كَانَت وقْعَة اللجون بَين شيخ والناصر خرج إِلَى شيخ فَأكْرمه وَتوجه مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة فراغى لَهُ سالف خدمته ومخاطرته مَعَه بِنَفسِهِ فِي عدَّة مرار وَكتب لَهُ التوقيع قبل سلطنته ثمَّ بعْدهَا بِثَلَاثَة أشهر ولاه كِتَابَة سر الديار المصرية عوضا عَن فتح(9/137)
الله فِي شَوَّال سنة خمس عشرَة وَبَالغ فِي إكرامه والاختصاص بِهِ بِحَيْثُ لم يكن يخرج عَن رَأْيه فِي غَالب الْأُمُور وَلَا يُفَارِقهُ بل يَأْمُرهُ بالمبيت عِنْده فِي كثير من اللَّيَالِي وَصَارَ مدَار الدولة المؤيدية عَلَيْهِ وَحصل أَمْوَالًا جمة وأخمد ذكر كثير مِمَّن كَانَ يناوئه ونال من الْحُرْمَة والوجاهة مَا لم ينله غَيره من أَبنَاء جنسه وَاسْتقر بِهِ خطيب جَامعه وخازن كتبه وَكَانَ بَيته متنزها لَهُ، وَسَار على طَريقَة الْمُلُوك فِي مماليكه وحشمه إِلَى أَن مرض فِي أَوَائِل رَمَضَان وَلزِمَ الْفراش مُدَّة، ثمَّ مَاتَ بعلة الصرع فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين وَدفن بجوار الإِمَام الشَّافِعِي تَحت شباكه من القرافة على وَلَده الشهَاب أَحْمد وَمَشى النَّاس فِي جنَازَته من منزله بالخراطين إِلَى الرميلة وَلم يصل عَلَيْهِ السُّلْطَان لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ فِي غَايَة الضعْف بل حضر جنَازَته كل من بِالْقَاهِرَةِ من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء والمشايخ والأمراء والخليفة وتقدمهم الشَّافِعِي، وَظَهَرت لَهُ أَمْوَال عَظِيمَة احتاط السُّلْطَان على معظمها. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه)
بَاشر بِوَجْه طلق وجاه مبذول إِلَّا أَنه فِي أَوَاخِر أمره أفحش فِي الارتشاء على الْوَظَائِف وَكَانَ شَدِيد العصبية لأَصْحَابه والأذية لأعدائه كَمَا قيل:
(فَتى كَانَ فِيهِ مَا يسر صديقه ... على أَن فِيهِ مَا يسوء الأعاديا)
قَالَ وَكَانَ يتوقد ذكاء مَعَ بعد عَهده بالاشتغال والمطالعة يستحضر كثيرا من محفوظاته الْفِقْهِيَّة والأدبية وَغَيرهَا وينشد القصيدة الطَّوِيلَة الَّتِي حفظهَا من عشر سِنِين وَلَا يتلعثم حفظه أَنْشدني لنَفسِهِ:
(طَابَ افتضاحي فِي هَوَاهُ مُحَاربًا ... فلهوت عَن علمي وَعَن آدابي)
(وبذكره عِنْد الصَّلَاة وباسمه ... أشدو فواطرباه فِي الْمِحْرَاب)
وَقَوله لما اعتقل ببرج الخيالة بِدِمَشْق:
(مذ ببرج الخيالة اعتقلوني ... صحت وَالنَّفس بالجوى سياله)
(يال قومِي ويال أَنْصَارِي الغ ... ر ويال الرِّجَال للخياله)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ كثيرا وَلغيره وَلم أر من أَبنَاء جنسه من يجْرِي مجْرَاه، وَقَالَ فِي إنبائه أَنه اسْتمرّ يُكَرر على الْحَاوِي ويستحضر مِنْهُ ويعاني الْآدَاب وَقَالَ الشّعْر وَكتب الْخط الْجيد وَكَانَ لطيف المنادمة كثير الرياسة ذَا طلاقة وَبشر وإحسان للْعُلَمَاء والفضلاء على طَريقَة قدماء الكرماء، وَقَالَ غَيره: كَانَ إِمَامًا عَالما بارعا ناظما ناثرا مفوها فصيحا مقداما طلقا خَطِيبًا بليغا ذَا معرفَة تَامَّة ورأي وتدبير وسياسة وعقل ودهاء وَقَالَ ابْن خطيب الناصرية فِي تَارِيخ حلب: كَانَ رَئِيسا كَبِيرا ذَا مُرُوءَة وعصبية لَهُ نظم رائق ونثر فائق وَهُوَ مِمَّن قرض لِابْنِ(9/138)
ناهض سيرة الْمُؤَيد لَهُ، وَمن نظمه ملغزا فِي رمان وَقد أهداه للصدر الأدمِيّ:
(أمولاي مَا اسْم إِن حذفت أخيره ... بقلب أطعناه وَبَان لَك الْبشر)
(ومصدره أَن مبتداه حذفته ... حرَام وَفِي معكوس ذَا رفع الْحجر)
(وَمن طَرفَيْهِ أَن حلا ورده حلا ... على أَن فِيهِ السمهري لَهُ وفر)
(وَهَا هُوَ فاقصد مثل نصف حُرُوفه ... وَبَاقِيه إِن طَابَ التفكر يَا حبر)
(ويشبهه مستحسن وَهُوَ بارز ... وَلَا سِيمَا إِن كَانَ يبرزه الصَّدْر)
(فَلَا زلت خمولا على هَامة العلى ... وضدك مَوْضُوعا ويصحبه الخسر)
وَقد بَالغ الْعَيْنِيّ فِي الْحَط عَلَيْهِ فِي غير مَوضِع من تَارِيخه وَكَذَا فِي تَرْجَمته وَقَالَ المقريزي)
فِي عقوده إِنَّه كَانَ شَدِيدا على أعدائه مبالغا فِي نفع أَصْحَابه وأصدقائه يتوقد ذكاء ويستحضر محفوظاته الْفِقْهِيَّة والأدبية مَعَ بعد عَهده عَن الِاشْتِغَال بِالْعلمِ واستغراق زَمَنه فِي الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة نَهَارا ومنادمته لَيْلًا ولطف معاشرته وَحسن مذاكرته وغزارة مُرُوءَة صحبته سِنِين ونالني مِنْهُ نفع وَخير كثير، وَأنْشد من نظمه أَشْيَاء وَقَالَ إِن الْمُؤَيد أَخذ من تركته قَرِيبا من مائَة ألف دِينَار وَولى ابْنه كَمَال الدّين.
351 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الْبَدْر بن الْبَدْر البعلي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن قندش بِفَتْح الْقَاف ثمَّ نون بعْدهَا مُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ مُعْجمَة. / ولد قبيل التسعين وَسَبْعمائة بِيَسِير ببعلبك وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على الشَّمْس بن غَازِي الْحَنْبَلِيّ واشتغل بالفقه عِنْد الشّرف بن السقيف وَسمع البُخَارِيّ على أبي الْفرج بن الزعبوب وَجلسَ بحوانيت الشُّهُود ثمَّ أعرض عَن ذَلِك ولقيته ببعلبك فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمِائَة لِابْنِ تَيْمِية وَكَانَ خيرا منور الشيبة مَحْمُود الطَّرِيقَة.
مَاتَ قريب السِّتين ظنا.
352 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّمْس أَبُو الْفَتْح بن الشّرف بن الْفَخر والونائي ثمَّ الْمصْرِيّ الخانكي الشَّافِعِي وَيعرف بالونائي. / ولد على رَأس الْقرن إِمَّا فِي سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث بونا من الصَّعِيد وتحول مِنْهَا إِلَى مصر الْقَدِيمَة فَنَشَأَ بهَا وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبيتين والسخاوية فِي متشابه الْقُرْآن والمنهاجين وألفية النَّحْو والتخليص وَعرض على جمَاعَة كثيرين فَمِمَّنْ أجَازه مِنْهُم الْعِزّ بن جمَاعَة وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة بن النقاش وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ والبيجوري وَشَيخنَا والزين القمني وَابْن المحمرة والأمين الطرابلسي وقاريء الْهِدَايَة واشتغل بِمصْر عِنْد قَرِيبه السراج عمر الونائي وبالقاهرة عِنْد البرهانين البيجوري والأبناسي والبرماوي وَسمع على شَيخنَا وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ ابْن الْجَزرِي(9/139)
وَغَيره، وَحج فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَلَقي حُسَيْنًا الأهدل فَقَرَأَ عَلَيْهِ جُزْء أبي حَرْبَة وَأَجَازَهُ وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس وسافر الشَّام وقطن الخانقاة وَأخذ فِيهَا الْفِقْه وَغَيره عَن عالمها البوشي وَفِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا عَن أبي الْقسم النويري وَسمع على مَحْمُود الْهِنْدِيّ وَأَظنهُ جود عَلَيْهِ الْقُرْآن، وَولي قضاءها قبيل سنة سبع وَثَلَاثِينَ فحمدت سيرته وَكَذَا ولي تدريس الخانقاة برغبة الْجلَال الْبكْرِيّ لَهُ عَنهُ وتنزل فِي قِرَاءَة مصحف بالأشرفية هُنَاكَ وَفِي صوفية الخانقاة الناصرية وَاجْتمعَ النَّاس على الثَّنَاء عَلَيْهِ ودرس وانتفع بِهِ الطّلبَة)
خُصُوصا بعد وَفَاة البوشي، كل ذَلِك مَعَ لين جَانِبه وتواضعه وفتوته وإكرامه للواردين وميله للصالحين ومحاسنه جمة. مَاتَ فِي ثَانِي شَوَّال سنة تسعين وَدفن فِي عصر يَوْمه بحوش ظَاهر قمة الشَّيْخ عمر النبتيتي رَحمَه الله وإيانا.
353 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن نجم الدّين الْمُحب الْمَنَاوِيّ الطريني الشَّافِعِي كَاتب العليق وَابْن أخب الشَّمْس البامي بل يزْعم انتسابه للطرينيين بالمحلة. / مَذْكُور بحشمة وتواضع وميل للْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ وَقد تزوج ابْنة السَّيْف الْحَنَفِيّ بعد أَبِيهَا واستولدها وَمَاتَتْ تَحْتَهُ وابتنى بسوق الدريس بِالْقربِ من الأهناسية تربة دفن بهَا ابْن كَاتب غَرِيب.
354 - مُحَمَّد التقي / شَقِيق الَّذِي قبله وَذَاكَ الْأَكْبَر. مِمَّن يتَرَدَّد إِلَيْهِ الديمي للْقِرَاءَة عَلَيْهِ فِي شرح مُسلم وَغَيره، وَحج مرَارًا مِنْهَا فِي سنة خمس وَتِسْعين.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان / ملك تونس وبلاد أفريقية، تقدم فِيمَن جده عبد الْعَزِيز بن أَحْمد.
355 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَات بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين الْبِسَاطِيّ الأَصْل القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الطَّحَّان / حِرْفَة أَبِيه. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَخمسين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ المنهاجين الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو واشتغل فِي الْفِقْه والأصلين والعربية والمنطق والمعاني وَالْبَيَان وَالرِّوَايَة وَمن شُيُوخه خلد المنوفي وَابْن الفالاتي وَابْن قَاسم وزَكَرِيا والأبناسي والتقي والْعَلَاء الحصنيين والكافياجي والعبادي والبكري وَالْفَخْر المقسي والجوجري والديمي وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ أَكثر من بعض بل حصر الْيَسِير جدا عِنْد الْمَنَاوِيّ وَدخل فِي مشكلات الْعُلُوم ورافق فِي بَعْضهَا الْأمين العباسي والشرف الدمسيسي والفضلاء وتميز بذكائه بِحَيْثُ حرج الْجَوْجَرِيّ مِنْهُ وَكَانَت لَهُ مَعَه مطارحات نظما فِي مسَائِل علمية وكفه الْعَبَّادِيّ عَن الْفتيا خوفًا من إقدامه وَتَأَخر عَن أقرانه لمزيد تهتكه عَنْهُم وأضيفت غليه أَشْيَاء بِحَيْثُ طرده الزين بن مزهر عَن عشرَة وَلَده وَبَالغ بضربه وَمَعَ ذَلِك فَمَا أمكنه الانثناء عَنهُ ثمَّ ألهم الله الْوَلَد بعد أَبِيه إبعاده وانضم للشهابي بن الْعَيْنِيّ حِينَئِذٍ وَبَالغ بعض من هُوَ فِي الجرأة(9/140)
بمَكَان حَتَّى قَالَ عِنْد قبر الزيني مَا مَعْنَاهُ لتقر عَيْنك بمفارقة ولدك لِابْنِ الطَّحَّان وَمَعَ ذَلِك فَحلف عِنْدِي أَنه لَيْسَ عِنْده أحد فِي مرتبَة الْبَدْر وَقَالَ حِين ولد لَهُ فِي أَوَائِل سنة سِتّ وَتِسْعين مَا سمعته من نظمه وفارقته وَقد سكن قَرِيبا من جَامع الغمري وَصَارَ يحضر الْجَمَاعَات بل يحضر عِنْدِي فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَغَيرهَا وحاضرته حَسَنَة وَأَرْجُو أَن يكون قد أناب نفع الله بِهِ.)
(سقط) ولد تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع من قَرِيبه أبي عبد الله نحمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن نَبهَان الْأَرْبَعين لِابْنِ الْمُجبر بِسَمَاعِهِ من قَرِيبه صافي بن نَبهَان بِسَمَاعِهِ من المخرجة لَهُ وَحدث بهَا سَمعهَا مِنْهُ الْأَئِمَّة وَمَات. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم (سقط) بن أبي بكر فَكَانَ أَبَا بكر كنية أَبِيه.
357 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْفَتْح الطَّيِّبِيّ القاهري الشَّافِعِي القادري وَهُوَ بكنيته أشهر. / ولد فِي رَجَب سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ أَبوهُ صَالحا قَانِتًا فَنَشَأَ فِي كفَالَته فحفظ الْقُرْآن واشتغل يَسِيرا وَسمع على الْكَمَال بن خير الْكثير من الشفا بل سَمعه بفوت على الشّرف بن الكويك مَعَ أربعي النَّوَوِيّ فِي آخَرين كالولي الْعِرَاقِيّ والواسطي سمع عَلَيْهِمَا المسلسل وجء الْأنْصَارِيّ وعَلى ثَانِيهمَا فَقَط جُزْء ابْن عَرَفَة وجزء البطاقة ونسخة إِبْرَاهِيم بن سعد وَابْن الْجَزرِي وَشَيخنَا وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَجلسَ فِي حوانيتها وبرع فِيهَا مَعَ حسن الشكالة وَالْبزَّة وَالْعشرَة وجودة التِّلَاوَة فِي الجوق وَلذَا كَانَ يتَرَدَّد لزيارة اللَّيْث وترافق مَعَ أبي الْخَيْر النّحاس فِيهَا فَلَمَّا ارْتقى النّحاس اخْتصَّ بِهِ وَلزِمَ الْقيام بخدمته فأثرى وَكثر مَاله وَركب الْخُيُول وَاسْتقر بِهِ فِي دمشق نَاظر الجوالي ووكيل بَيت المَال فَلم يحسن الْمَشْي بل مَشى على طَريقَة مخدومه فِي الظُّلم والعسف بِحَيْثُ كتبت فِي كفره فَمَا دونه محَاضِر وَقدم البلاطنسي للشكوى مِنْهُ، وَآل أمره إِلَى أَن ضربت عُنُقه صبرا فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر رَمَضَان سنة أَربع وَخمسين تَحت قلعتها وَدفن من الْغَد بمقبرة الْبَاب الصَّغِير جوَار أويس الْقَرنِي وَكَانَت جنَازَته حافلة من الْعَوام والفقراء وَغَيرهم وانتاب النَّاس لقبره أَيَّامًا وَأَكْثرُوا من الْبكاء عَلَيْهِ بل صَارُوا يَقُولُونَ هَذَا الشَّهِيد هَذَا الْمَظْلُوم هَذَا المقهور بعد أَن حالوا بَين السياف وَبَين قَتله بِحَيْثُ لم يتَمَكَّن مِنْهُ أَيَّامًا إِلَى أَن أَخذ على حِين غَفلَة مِنْهُم وَكَذَا حاول القَاضِي اعترافه بِمَا نسب إِلَيْهِ وَلَو بالاستغفار وَالتَّوْبَة فَلم يذعن وَصَارَ كلما التمس مِنْهُ ذَلِك يكثر التهليل وَالذكر وَنسب البلاطنسي(9/141)
لمزيد من التعصب فِي شَأْنه حِين أفتى بِكُفْرِهِ وَإِلَّا فقد فتحت فِي أَيَّام مُبَاشَرَته مَسَاجِد ومدارس كَانَت معطلة وجددت عمَارَة كثير مِنْهَا بعد إشرافها على الدُّثُور وَعند الله تَجْتَمِع الْخُصُوم، وَقد لَقيته بِمَجْلِس شَيخنَا وَغَيره وَأَجَازَ سامحه الله وإيانا. (سقط)
(صرفت عَن الكثرات وَجه تَوَجُّهِي ... إِلَى وحدة الْوَجْه الْكَرِيم الممجد)
(فَمَا خَابَ حصروف إِلَى الْحق وَجهه ... وَقد خَابَ من أضحى من الْخلق يجتدي)
(وَقَوله: لَو كنت أعلم أَن وصلك مُمكن ... بتلاف روحي أَو ذهَاب وجودي)
(لمحوت سطري من صحيفَة عالمي ... وهجرت كوني فِي وصال شهودي)
وَكَذَا أَخذ عَنهُ التَّاج بن زهرَة وأنشدني عَنهُ قَوْله فِي الْوَظَائِف السَّبْعَة الَّتِي ذكرهَا الْغَزالِيّ وَلم يخلها من كتبه الكلامية والصوفية:
(تقديس إِيمَان وَعجز فَافْهَم ... واسكت مكفا ثمَّ أمسك سلم)(9/142)
وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة فصيحا طلق اللِّسَان رائق النّظم والنثر بديع الذكاء حسن الْأَخْلَاق والمعاشرة)
والشكالة وَالْبزَّة ممتع المحاضرة سريع الْجَواب مجيدا لما يتَكَلَّم فِيهِ مثريا ذَا مَال طائل منعزلا عَن النَّاس ببيته الَّذِي أنشأه بحلب وَهُوَ من محَاسِن بيوتها متعففا عَن وظائف الْفُقَهَاء وَمَا أشبههَا مستغنيا بأصناف المتاجل ذَا يَد طولى فِي علم الْكَلَام والفلك والحرف والتصوف وَلكنه ينْسب إِلَى مقَالَة ابْن الْعَرَبِيّ وَلذَا كَانَ البلاطنسي يَقع فِيهِ وَرَأَيْت بِخَطِّهِ مَا يدل على التبري من ذَلِك هَذَا مَعَ أَنه أورد سَنَده بلباس الْخِرْقَة فِي إجَازَة كتبهَا للسَّيِّد الْعَلَاء بن عفيف الدّين من طَرِيقه وَقَالَ مَا نَصه ومولانا الشَّيْخ مُحي الدّين الْمشَار إِلَيْهِ لبسهَا مرَارًا بِحَيْثُ روينَا عَنهُ أَنه لبس الْخِرْقَة وتلقن الذّكر وتأدب بِنَحْوِ من سَبْعمِائة شيخ من مَشَايِخ الطَّرِيقَة وأئمة الْحَقِيقَة وسَاق طرفا من ذَلِك فَالله أعلم بِحَقِيقَة أمره، وَقد حج غير مرّة وجاور بِمَكَّة بعد الثَّلَاثِينَ وَدخل الْهِنْد وساح ورابط بِبَعْض الثغور وقتا وَشرح قِطْعَة من الْحَاوِي الصَّغِير وَمن الْإِرْشَاد للْقَاضِي أبي بكر الباقلاني فِي الْأُصُول وأعرب جَمِيع ألفية ابْن ملك لأجل وَلَده أبي الطَّاهِر وَشرح البرهانية فِي أصُول الدّين وَعمل كتابا فِي مصطلح الصُّوفِيَّة سَمَّاهُ منشأ الأغاليظ وأفرد رحلته فِي مُجَلد وعقيدته بالتأليف وتبرا فِيهَا من كل مَا يُخَالف السّنة وَالْجَمَاعَة وَلم يزل على جلالته إِلَى أَن وَقع بحلب فنَاء عَظِيم توفّي فِيهِ غَالب من عِنْده من ولد وَأهل وخدم فأسف وَتوجه إِلَى مَكَّة عَازِمًا على الْمُجَاورَة بهَا صُحْبَة الركب الْحلَبِي ولقيه ابْن السَّيِّد عفيف الدّين بِالشَّام وَهُوَ متوعك فَقَالَ لَهُ قد كنت عزمت على الْمُجَاورَة بِمَكَّة والآن وَقع فِي خاطري مزِيد الرَّغْبَة فِي الْمُجَاورَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فَكَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُ اسْتمرّ فِي توعكه إِلَى يَوْم دُخُوله لَهَا وَذَلِكَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء الْعشْرين من ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ فَمَاتَ وَدفن بِالبَقِيعِ بعد أَن صلى عَلَيْهِ بالروضة النَّبَوِيَّة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ ورثاه زوج ابْنة الْفَاضِل جلال الدّين بن النصيبي بقصيدة مطْلعهَا:
(أخفاك يَا شمس الْعُلُوم كسوف ... من بعد فقدك ناظري مكفوف)
359 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر الأدمِيّ / أَخُو عَليّ وَعبد الرَّحْمَن الْمَذْكُورين وأبوهم وجدهم. وَهُوَ أَصْغَر الثَّلَاثَة.
360 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْأمين أَبُو الْيمن بن الْجمال أبي الْخَيْر بن النُّور الْهَاشِمِي الْعقيلِيّ النويري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد عَليّ وَعمر الماضيين وجدهما وَيعرف بكنيته. / ولد فِي لَيْلَة رَابِع عشر ربيع الأول سنة ثَلَاث)
وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَأمه أم الْحُسَيْن ابْنة القَاضِي(9/143)
أبي الْفضل النويري وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده والرسالة لِابْنِ أبي زيد فِي فروع الْمَالِكِيَّة ثمَّ تحول شافعيا وَحفظ الْمِنْهَاج وَعرضه وَحضر دروس الْجمال بن ظهيرة وَكَذَا الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والغراقي فِي مجاورتهما واعتنى بِهِ أَخُوهُ لأمه التقى الفاسي فَأحْضرهُ فِي الْخَامِسَة على الشَّمْس بن سكر جُزْءا من مروياته تَخْرِيج التقى أَوله المسلسل وَأَشْيَاء وعَلى أَحْمد بن حسن بن الزين وَأبي الْيمن الطَّبَرِيّ وَسمع من جده القَاضِي عَليّ والأبناسي وَابْن صديق والمراغي والشريف عبد الرَّحْمَن الفاسي وَالْجمال بن ظهيرة وَابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ ابْن الذَّهَبِيّ وَابْن العلائي والبلقيني وَابْن الملقن والتنوخي والعراقي والهيثمي والحلاوي وَجَمَاعَة وناب فِي خطابه بَلَده عَن قَرِيبه الْخَطِيب أبي الْفضل بن الْمُحب النويري ثمَّ عَن وَلَده أبي الْقسم ثمَّ ولي نصفهَا شَرِيكا لَهُ ثمَّ جَمِيعهَا وَكَذَا ولي قَضَاء مَكَّة وَجدّة وَنظر الْمَسْجِد الْحَرَام فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة وَقدم الْقَاهِرَة مرَّتَيْنِ وَحدث بهَا وبمكة سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أجَاز لي، وَكَانَ متعبدا كثير الطّواف والتلاوة دينا خيرا عفيفا مَعَ قلَّة مداراة ويبس فِي إِعَارَة مصنفاة أَخِيه التقى ولشيخنا بِهِ مزِيد اخْتِصَاص بِحَيْثُ أَكثر من مُكَاتبَته مَعَ الإجلال لَهُ فِي عِبَارَته. وَمَات وَهُوَ قَاض فِي آخر لَيْلَة السبت حادي عشر ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَخمسين بِمَكَّة وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ من على قبَّة زَمْزَم وَوَقع عِنْد الصَّلَاة عَلَيْهِ وَكَذَا عِنْد دَفنه مطر عَظِيم رَحمَه الله وإيانا. 3361 مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم الْجمال أَبُو المحامد بن الولوي أبي عبد الله الْهَاشِمِي الْعقيلِيّ النويري الملكي الْمَالِكِي ابْن عَم الَّذِي قبله ووالد أبي عبد الله مُحَمَّد الْآتِي، وَأمه عَائِشَة ابْنة عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْكَافِي الدقوقي. / ولد بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا، وَسمع من النَّجْم الْمرْجَانِي والتقى الفاسي وَالْجمال المرشدي وَابْن الْجَزرِي وَغَيرهم، وَأَجَازَ لَهُ عاشئة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَعبد الْقَادِر الأرموي وَابْن طولوبغا وَخلق، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَحضر بهَا مجْلِس الزين عبَادَة وناب فِي الْقَضَاء والإمامة بمقام الْمَالِكِيَّة عَن أَبِيه ثمَّ اسْتَقل بِنصْف الْإِمَامَة ثمَّ عزل عَنْهَا ثمَّ أُعِيد حَتَّى مَاتَ فِي صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشرى ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَاسْتقر فِيمَا كَانَ مَعَه من الْإِمَامَة وَلَده رَحمَه الله.
362 - مُحَمَّد بن أبي البركات مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز / ابْن عَم اللَّذين قبله. ولد بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَعشْرين وَأمه خَدِيجَة ابْنة نَاصِر بن عبد الله النويري وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة)
تسع وَعشْرين فَمَا بعْدهَا جمَاعَة. وَمَات بحصن كيفا سنة إِحْدَى وَخمسين.
363 - مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو الْفضل / أَخُو الَّذِي قبله. ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأمه أم(9/144)
الْخَيْر ابْنة عَليّ بن عبد اللَّطِيف بن سَالم الزبيدِيّ. مَاتَ فِي أول سنة إِحْدَى وَسبعين بِدِمَشْق. أرخهما ابْن فَهد.
364 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْكَمَال بن الْبَدْر البعلي الْحَنْبَلِيّ بن أخي الشَّمْس مُحَمَّد البعلي وَيعرف بن اليونانية. / ولد فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وأحضر فِي الرَّابِعَة على بشر بن إِبْرَاهِيم البعلي فَضَائِل شعْبَان لعبد الْعَزِيز الكنتاني. وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سبع وَخمسين العرضي وَابْن نباتة والعلائي والبياني وَابْن الْقيم وَابْن الجوخي وَآخَرُونَ وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى وَمَعَهُ الْمُوفق الأبي وَذَلِكَ فِي سنة خمس عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لنا من بعلبك. وَكَذَا ذكره فِي الأنباء لَكِن بِزِيَادَة مُحَمَّد ثَالِث وَالصَّوَاب إِسْقَاطه وَقَالَ أَنه سمع وَقَرَأَ ودرس وَأفْتى وشارك فِي الْفَضَائِل مَعَ الْمعرفَة بأخبار أهل بَلَده. مَاتَ سنة خمس عشرَة.
365 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُوسَى الْبَدْر أَبُو الْبَقَاء بن فتح الدّين أبي الْفَتْح الإبشيهي الْمحلي الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما ووالد الْجلَال مُحَمَّد / الْآتِي. مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ أَو أَوَائِل الَّتِي قبلهَا وَكَانَ فَاضلا خيرا أعرض عَن النِّيَابَة فِي قَضَاء بَلَده وَكَانَ مَعَ أَبِيه حِين مجاورته بِمَكَّة فِي سنة خمس وَخمسين فَسمع مَعَه على أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد.
366 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْبَدْر السكندري الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بِابْن أبي ركبة. / نَشأ متكسبا ثمَّ أقبل على الْعلم واشتغل بِبَلَدِهِ على النوبي وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة فَأخذ عني فِي تقريب النَّوَوِيّ وتفهما فِي البُخَارِيّ وَغَيرهمَا ثمَّ قطنها ولازم ابْن قَاسم وَحصل شَرحه للمنهاج وَاسْتقر عِنْده فِي صوفية المزهرية وسكنها وَكَذَا أَخذ عَن التقي بن قَاضِي عجلون وَكَانَ خيرا سَاكِنا فَقِيرا قانعا. مَاتَ قَرِيبا من سنة تسعين.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْخَيْر بن النّحاس. / يَأْتِي فِي الكنى.
367 - مُحَمَّد بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الخطيري الأَصْل الصَّالِحِي. / لَهُ ذكر فِي أَبِيه.
368 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِدْرِيس بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْمجد أَبُو الطَّاهِر الْعلوِي نِسْبَة لعَلي بن رَاشد بن بولان وَقيل لعَلي بن بلي بن وَائِل الزبيدِيّ التعزي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. ولد فِي يَوْم الثُّلَاثَاء مستهل شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بزبيد وَنَشَأ بلحج فَقَرَأَ الْقُرْآن واشتغل على وَالِده فِي الْفِقْه وَغَيره وَسمع عَلَيْهِ كثيرا، وَدخل تعز وزبيد وَصَنْعَاء وصعدة، وشذا شَيْئا من الْعَرَبيَّة ونظم الشّعْر وَأحب طلب الحَدِيث فَأخذ عَن الْجمال بن الْخياط(9/145)
بتعز وَحضر عِنْد الْمجد الشِّيرَازِيّ وَأَجَازَ لَهُ وتكرر دُخُوله زبيد وامتحن بهَا مُدَّة ثمَّ قدم مَكَّة فِي رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ فَسمع بهَا من جمَاعَة، وَحج ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فلازم شَيخنَا وَسمع بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره عَلَيْهِ وعَلى غَيره من المسندين حَتَّى قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه أَنه أكب على السماع لَيْلًا وَنَهَارًا وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا ثمَّ بغته الْمَوْت فتوعك أَيَّامًا. وَمَات فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ يَعْنِي بالبيمارستان المنصوري من الْقَاهِرَة وَدفن بمقابر الغرباء، وَكَانَ إِمَامًا عَالما نحويا ناظما ناثرا سريع النّظم خيرا حدث بِشَيْء من نظمه رَحمَه الله وإيانا.
369 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن البارسلان الضياء السلجوقي الْبَغْدَادِيّ سبط ابْن سكينَة. /
أجَاز لَهُ ابْن أميلة وَحدث سمع مِنْهُ الطّلبَة، وَذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَوَصفه بِالْإِمَامِ.
370 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن عبد المحسن بن عنان بن منجا الزين بن الشَّمْس الدجوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد الْمُحب مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالدجوي. / ولد فِي الْمحرم سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وألفية النَّحْو وَعرض على جمَاعَة وَقَرَأَ على الْعَيْنِيّ فِي تصريف الْعزي ولازمة وعَلى الشَّمْس بن الْعِمَاد فِي الْفِقْه بل حضر دروس الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي وَغَيرهمَا وَسمع على شَيخنَا ابْن أصيل وَكتب يَسِيرا على ابْن حجاج، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتميز فِيهَا وَعرف بمزيد الهمة والفتوة مَعَ التقلل ومخالطة النَّاس وناب فِي الْقَضَاء فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ عَن البُلْقِينِيّ فَمن بعده وخطب بِبَعْض الْأَمَاكِن، وأثكل ولدا لَهُ شَابًّا حسنا فَصَبر، وَحج فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ ونظم فِي توجهه قصيدة نبوية أَولهَا:
(صَلَاة وَتَسْلِيم من الْملك الْبر ... على الْمُصْطَفى الْمَبْعُوث للنَّاس بِالْبرِّ)
(مِنْهَا: فَقير وضيف جِئْت أبغي تكرما ... فجد وتفضل واغن يَا ذَا الْغنى فقري)
وَتعرض فِيهَا لمنام رَآهُ لَهُ بَعضهم وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل لَهُ مَاء ليتوضأ بِهِ،)
وَكَانَ كثير الاستحضار لنوادر الشّعْر ومهمات الوقائع مجيدا لتأدية ذَلِك. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء حادي عشرى رَمَضَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين بقرحة جَمْرَة تعلل مِنْهَا قَلِيلا وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع المارداني لقُرْبه من منزله ووصيته بذلك رفعا للكلفة ثمَّ دفن بزاوية الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْبَصِير عِنْد أَوْلَاده رَحمَه الله وإيانا.
371 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن عَليّ الْمُحب أَبُو السُّعُود بن الْمُحب الْكِنَانِي الشيوطي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كهوبابن النَّقِيب. / حفظ الْقُرْآن وَغَيره ولقيني بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين فَأخذ عني يَسِيرا ثمَّ قَرَأَ عَليّ بِالْقَاهِرَةِ الشفا ولازم الْجَوْجَرِيّ فِي الْفِقْه وَغَيره وَفهم وَهُوَ ممتع بِإِحْدَى كريمتيه ذَوُو جاهة بِبَلَدِهِ وَرُبمَا أَقرَأ أَو أفتى.(9/146)
372 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن يُوسُف بن عَليّ الشَّمْس اليلداني الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْخَطِيب وَالِد مُحَمَّد / الْآتِي. ولد فِي الْعشْر الْأَخير من شَوَّال سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة واشتغل فِي بَلَده عِنْد الْعَلَاء بن الصَّيْرَفِي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن سعد وَسمع على الْفَخر عُثْمَان بن الصلف فِي آخَرين وخطب بالنابتية تلقاها عَن أَبِيه المتلقي لَهَا أَيْضا عَن أَبِيه عَن التدمري واقفها، وتكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سادس صفر سنة تسع وَأَرْبَعين فَقَرَأَ على شَيخنَا البُخَارِيّ ولازمه فِي سَماع الْمُقدمَة وَغَيرهَا وَكتب عَنهُ فِي الأمالي وَحصل جملَة من الْفَوَائِد وناب عَنهُ فِي الخطابة بِجَامِع عَمْرو يَوْم عيد، وَكَانَ نَاقص الْفَضِيلَة قريب الْحَال من بعض الوعاظ جَهورِي الصَّوْت بالخطابة وَالْقِرَاءَة مَعَ سرعتها وَسُرْعَة الْكِتَابَة. مَاتَ فِي تَاسِع رَجَب سنة سبع وَخمسين بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ قدمهَا لتركة أمه فَلم يلبث أَن توعك وَمَات بعد شهر وَدفن بمقبرة بِالْقربِ من تربة الطَّوِيل رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حسان. / فِيمَن جده عَليّ بن مُحَمَّد بن حسان (سقط) .
374 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن سَالم الشَّمْس الديري الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الخناجري / حِرْفَة أَبِيه. ولد فِي صفر سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده والجزرية فِي التجويد وعقيدة الْغَزالِيّ وَنَحْو ألف بَيت من الْبَهْجَة وَغَايَة الِاخْتِصَار فِي الْفِقْه والحاجبية والوردية كِلَاهُمَا فِي النَّحْو وتصريف الْعزي وَغير ذَلِك، ولازم صاحبنا عبد الْقَادِر بن الْأَبَّار فِي الْفِقْه والعربية وَالصرْف وَغَيرهَا بِحَيْثُ قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج بحثا وَبَعض الْمُتَوَسّط بل قَرَأَهُ بِتَمَامِهِ مَعَ تصريف الْغَزِّي على إِبْرَاهِيم القرملي والمنطق على عَليّ قل)
درويش، وتميز وَفضل وَرُبمَا أَقرَأ الطّلبَة مَعَ سُكُون وتواضع وَخير وتقلل بل أَبوهُ هُوَ الْقَائِم بكلفته أَحْيَانًا وَأما أمه فَكَانَت زَائِدَة الرَّغْبَة فِي إعانته على الِاشْتِغَال لكَونهَا من بَيت علم وَصَلَاح ونفعها الله بمقصدها، وَتزَوج وتسرى ورزق الْأَوْلَاد، وَقد قدم علينا الْقَاهِرَة فِي أثْنَاء سنة سِتّ وَتِسْعين ليحج فَاجْتمع بِي وَأخذ عني الْكثير من الْكتب السِّتَّة والموطأ ومسند الشَّافِعِي والمعجم الصَّغِير للطبراني واستفاد دراية وَرِوَايَة وحدثته من لَفْظِي بالمسلسل وَحَدِيث زُهَيْر وأربعي مُسلم انتقاء شَيخنَا مِنْهُ وَغير ذَلِك وكتبت لَهُ إجَازَة أثنيت عَلَيْهِ فِيهَا، وسافر فِي أول رَجَب من جِهَة الطّور متأسفا على عدم الاستكثار نَاوِيا العودة أَو الِاجْتِمَاع هُنَاكَ وكتبت(9/147)
مَعَه للْقَاضِي وَلابْن فَهد وَغَيرهمَا، وَأَبوهُ فِي الْإِحْيَاء.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن شعْبَان بن الجوازة. / فِيمَن جده عَليّ بن مُحَمَّد بن شعْبَان.
375 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن علبي بن شعْبَان أَبُو البركات بن الْبَدْر القاهري الزيات جده وَابْن أخي عبد الْقَادِر الْمَاضِي وَيعرف بِابْن شعْبَان. / سمع على أبي الْفَتْح المرغي سنة إِحْدَى وَخمسين مَعَ أَبِيه وَعَمه.
376 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن صَلَاح الْمجد أَبُو الْفَتْح بن الشَّمْس القاهري الْحَنَفِيّ إِمَام الصرغتمشية وَابْن إمامها / وَيُقَال لِأَبِيهِ أَيْضا الحريري. ولد فِي أول سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وألفية النَّحْو وَغَيرهَا، وَعرض على أبي الْبَقَاء بن الناصح وَآخَرين. واشتغل بالفقه على أَبِيه والشهاب الْعَبَّادِيّ وبالنحو على الغماري وَزعم أَنه تَلا بالسبع مُلَفقًا عَلَيْهِ وعَلى الْعَسْقَلَانِي وَالْفَخْر الضَّرِير وَغَيرهم. وَحج بِهِ وَالِده فِي صغره وَسمع عَلَيْهِ بل سمع على جمَاعَة كثيرين من شُيُوخ الْقَاهِرَة والواردين إِلَيْهَا كالبلقيني والعراقي والهيثمي والإبناسي والتقي الدجوي والغماري وَالْمجد إِسْمَعِيل الْحَنَفِيّ وَنصر الله الْحَنْبَلِيّ القَاضِي والتنوخي والمطرز وَابْن الشيخة وَابْن حَاتِم وعزيز الدّين المليجي والعسقلاني والحلاوي والسويداوي والجوهري وَابْن الفصيح والشهاب أَحْمد بن عبد الله بن رشيد وَالشَّمْس الْكفْر بطناوي والنجم البالسي والشرف بن الكويك وَمَرْيَم الأذرعية ثمَّ الزين بن النقاش والفوي والزين لاقمني، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة كَابْن عَرَفَة وَأبي الْقسم الْبُرْزُليّ وَأبي عبد الله السلاوي وَابْن خلدون المالكيين، وتعانى التِّجَارَة فِي الْكتب وَصَارَ ذَا براعة تَامَّة فِي مَعْرفَتهَا وخبرة زَائِدَة بخطوط الْعلمَاء والمصنفين بِحَيْثُ أَنه يَشْتَرِي الْكتاب بِالثّمن الْيَسِير مِمَّن لَا يُعلمهُ ثمَّ يكْتب عَلَيْهِ)
بِخَطِّهِ إِنَّه خطّ فلَان فيروج وَقد يكون ذَلِك غَلطا لمشابهته لَهُ بل وَرُبمَا يتَعَمَّد لِأَنَّهُ لم يكن بعمدة حَتَّى أَنه رُبمَا يَقع لَهُ الْكتاب المخروم فيوالي بَين أوراقه أَو كراريسه بِكَلَام يزِيدهُ من عِنْده أَو بتكرير تِلْكَ الْكَلِمَة بِحَيْثُ يتوهمه الْوَاقِف عَلَيْهِ قبل التَّأَمُّل تَاما وَقد يكون الخرم من آخر الْكتاب فَيلْحق مَا يُوهم بِهِ تَمَامه وَلما مَاتَ وجد عِنْده من الْكتب مَا يفوق الْوَصْف مِمَّا لم يكن فِي الظَّن أَنه عِنْده. وَمن العجيب أَنه كَانَ يتَّفق الِاحْتِيَاج لبَعض الْكتب فأذكر لَهُ ذَلِك فَيَجِيء بِهِ إِلَيّ موهما أَنه من عِنْد غَيره وَلَا يُمكن مِنْهُ إِلَّا بِإِجَارَة يومية أَو نَحْوهَا وَرُبمَا تكون الْأُجْرَة موازية للثّمن أَو أَكثر لشدَّة تعسره وَكَذَا كَانَ يشارط فِي الدّفع على التحديث مَعَ عدم احْتِيَاجه وَلذَلِك قلت رغبتي فِي السماع عَلَيْهِ خُصُوصا وَلَيْسَت عَلَيْهِ وضاءة الْمُتَّقِينَ وَقد قَرَأَ عَلَيْهِ(9/148)
الطّلبَة أَشْيَاء. مَاتَ فِي ثَانِي عشر الْمحرم سنة أَربع وَسِتِّينَ سامحه الله ورحمه وإيانا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله نب عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الكازروني الْمَكِّيّ / رَئِيس المؤذنين بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام. مضى فِي ابْن أبي الخمير.
377 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّزَّاق الشَّمْس أَبُو عبد الله الغماري ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي النَّحْوِيّ. / ولد كَمَا وجد بِخَطِّهِ وَعَلِيهِ اقْتصر غير وَاحِد فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس ذِي الْقعدَة سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَقيل فِي الَّتِي قبلهَا ولازم أَبَا حَيَّان حَتَّى أَخذ عَنهُ الْعَرَبيَّة بل وتلا عَلَيْهِ الثمان وَسمع عَلَيْهِ قصيدته عقد اللآلئ وَكَثِيرًا من كتب القراآت واللغة والحماسة وَغَيرهَا وَعَلِيهِ انْتفع وَبِه تخرج وَقَرَأَ فِي الْأَدَب على الجامل بن نباتة وَعنهُ أَخذ سيرة ابْن إِسْحَق، وارتحل فَقَرَأَ بِبَيْت الْمُقَدّس على الصّلاح العلائي أَشْيَاء من تصانيفه وبمكة على خَلِيل بن عبد الرَّحْمَن الْمَالِكِي الْكثير من كتب الحَدِيث وَبِه تفقه وعَلى الشهَاب أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي واليافعي وَصَحبه فِي آخَرين وبإسكندرية على الْجمال بن البوري وَابْن طرخان وَلَو توجه لذَلِك فِي ابْتِدَائه أَو تيَسّر لَهُ من يعتني بِهِ لأدرك الْإِسْنَاد العالي مَعَ أَنه كَانَ يذكر أَنه سمع أَبَا الْفرج بن عبد الْهَادِي وَكَانَ أحفظ النَّاس لشواهد الْعَرَبيَّة وَأَحْسَنهمْ كلَاما عَلَيْهَا وللغة مَعَ مُشَاركَة فِي القراآت وَالْأُصُول وَالْفُرُوع وَالتَّفْسِير وَقد تصدى للإقراء دهرا وَاسْتقر بآخرة فِي مشيخة الْقُرَّاء بالشيخونية وَأخذ عَنهُ الأكابر وَتخرج بِهِ خلق وَصَارَ شيخ النُّحَاة بِدُونِ مدافع وَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ شَيخنَا وأدرجه فِي شُيُوخه الَّذين كَانَ كل وَاحِد مِنْهُم متبحرا ورأسا فِي فنه الَّذِي اشْتهر بِهِ لَا يلْحق فِيهِ وَقَالَ إِنَّه كَانَ كثير الاستحضار للشواهد واللغة مَعَ مُشَاركَة فِي)
القراآت والعربية، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أَنه كَانَ عَارِفًا باللغة والعربية كثير الْمَحْفُوظ للشعر لَا سِيمَا الشواهد قوى الْمُشَاركَة فِي فنون الْأَدَب، وَابْن الْجَزرِي وَقَالَ فِي طبقاته للقراء إِنَّه نحوي أستاذ انْتَهَت إِلَيْهِ عُلُوم الْعَرَبيَّة فِي زَمَانه وَقَالَ أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ عقد اللآلئ وسمعها ابناه أَمِير الْفَتْح مُحَمَّد وَأَبُو بكر أَحْمد والتقى الفاسي. وأغفل ذكره فِي تَارِيخ مَكَّة مَعَ أَنه جاور بهَا سِنِين لكنه ذكره فِي ذيل التَّقْيِيد وَقَالَ إِنَّه كَانَ وَاسع الْمعرفَة بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْحِفْظ لشواهدها مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وَغَيره وَهُوَ مِمَّن قرض انتقاد الْبَدْر الدماميني على شرح لأمية الْعَجم، وَحدث بالكثير وَلَقِيت خلقا من أَصْحَابه الآخذين عَنهُ رِوَايَة ودراية فَمنهمْ سوى شَيخنَا الزين رضوَان وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ القراآت والعربية وَالرِّوَايَة وانتفع بِهِ. وَكَانَت وَفَاته فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشرى رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ بِالْقَاهِرَةِ وَوهم من أرخه فِي شعْبَان وَحَكَاهُ بَعضهم قولا(9/149)
آخر، وَلم يخلف فِي مَعْنَاهُ مثله رَحمَه الله وإيانا، وأنشدنا شَيخنَا رَحمَه الله غير مرّة أَن شَيْخه الغماري أنْشدهُ أَن شَيْخه أَبَا حَيَّان أنْشدهُ قَوْله:
(وأوصاني الرضى وصاة نصح ... وَكَانَ مهذبا شهما أَبَيَا)
(بِأَن لَا تحسنن ظنا بشخص ... وَلَا تصْحَب حياتك مغربيا)
قَالَ شَيخنَا وَشَيخنَا وَشَيْخه والرضى مغاربة وَذَلِكَ من الغرائب. وَمِمَّا أوردهُ الْجمال بن ظهيرة عَنهُ بِالْإِجَازَةِ مِمَّا أنْشدهُ لَهُ أَبُو حَيَّان من قَوْله:
(عداتي لَهُم فضل عَليّ ومنة ... فَلَا أذهب الرَّحْمَن عني الأعاديا)
(هم بحثوا عَن زلتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا)
وَحدث المقريزي فِي عقوده عَن شَيْخه أبي حَيَّان قَالَ ألزمني الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن جنكلي بن الْبَاب الْمسير مَعَه لزيارة أَحْمد البدوي بِنَاحِيَة طنتدا فوافيناه يَوْم الْجُمُعَة وَإِذا هُوَ رجل طوال عَلَيْهِ ثوب جوخ عَال وعمامة صوف رفيع وَالنَّاس يأتونه أَفْوَاجًا فَمنهمْ من يَقُول يَا سَيِّدي خاطرك مَعَ غنمي وَآخر يَقُول مَعَ بقري وَآخر مَعَ زرعي إِلَى أَن حَان وَقت الصَّلَاة فنزلنا مَعَه إِلَى الْجَامِع وَجَلَسْنَا لانتظار إِقَامَة الْجُمُعَة فَلَمَّا فرغ الْخَطِيب وأقيمت الصَّلَاة وضع الشَّيْخ رَأسه فِي طوقه بعد مَا قَامَ قَائِما وكشف عَن عَوْرَته بِحَضْرَة النَّاس وبال على ثِيَابه وَحصر الْمَسْجِد وَاسْتمرّ وَرَأسه فِي طوق ثَوْبه وَهُوَ جَالس إِلَى أَن انْقَضتْ الصَّلَاة وَلم يصل نفعنا الله بالصالحين.) (سقط)(9/150)
(سقط) وَعرضه فِي سنة إِحْدَى عشرَة يسْتَأْنس بِهِ لِأَنَّهُ ولد قبل الْقرن. وَكنت كالوالد مِمَّن يَثِق بعلاجه لمزيد دربته وتؤدته ولطفه وَحسن خطابه وبهائه وخفة وطأته مَعَ فضيلته بل عالج شَيخنَا فِي مرض مَوته قَلِيلا وَلكنه كَانَ فِيمَا قيل ضنينا بفوائده وَاسْتقر بعده الشَّمْس التفهني.
380 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الأندلسي المجاراني. / مَاتَ سنة سِتّ وَخمسين.
381 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد بن شُعَيْب الشَّمْس الديسطي ثمَّ القاهري القلعي الشَّافِعِي وَالِد الْمُحب مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالقلعي. / ولد سنة بضع وَثَمَانمِائَة ونشا فحفظ الْقُرْآن)
وكتبا كالمنهاج وَعرضه وَاسْتمرّ يحفظه فِيمَا قيل إِلَى آخر وَقت واشتغل قَلِيلا وَسمع عَليّ الزين الزَّرْكَشِيّ وَغَيره. مَاتَ فِي مستهل ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين بعد ضعفه رَحمَه الله.
382 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الْجمال الفومني الكيلاني الْمَكِّيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي رَجَب سنة خمس وَأَرْبَعين بكلبرجا من بِلَاد الدكن، وَتوجه بِهِ أَبوهُ من عَامه إِلَى مَكَّة فقطنها مَعَه ثمَّ بعده، وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَسمع عَليّ التقي بن فَهد فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَقبلهَا عَلَيْهِ وعَلى أبي الْفَتْح المراغي والزين الأميوطي والشوائطي ثمَّ على أبي الْفضل الْمرْجَانِي وَحضر فِي الْفِقْه دروس خطاب وَابْن إِمَام الكاملية ثمَّ النُّور الفاكهي وَفِي الْعَرَبيَّة دروس ابْن يُونُس وَقَرَأَ فِيهَا على السراج معمر وَفِي بعض العقليات على قَاضِي كرمان نور الدّين، وَله نظم كتب عَنهُ مِنْهُ النَّجْم بن فَهد وأتلف مَا خَلفه لَهُ أَبوهُ ثمَّ انْتَمَى للجمال مُحَمَّد بن الطَّاهِر فَكَانَ فِي رفده وظله مَعَ تزيد وَكَونه بِالْخَيرِ غير متقيد. وَمن نظمه على طَرِيق الْقَوْم:
(هَنِيئًا لمن أَمْسَى عَن الْعين خَالِيا ... وَأصْبح لأعمى يَقُول وخاليا)
(وأضحى فريدا فانيا فِي فنَاء من ... إِلَيْهِ تود الكائنات كَمَا هيا)
(تجلى عَلَيْهِ الْحق من كل وجهة ... وَقَالَ ادن مني يَا قَتِيل جلاليا)(9/151)
(وعش وانتعش فِي حَضْرَة الْقُدس يَا فَتى ... فدونك قد وافى جميل جمالِيًّا)
وَقَوله:
(لَا تحملن هموم شَتَّى لم تكن ... فَإِذا تكون فَلَيْسَ همك ينفع)
(وأرح فُؤَادك فِي أمورك كلهَا ... وَاعْلَم بِأَن مُقَدرا لَا يدْفع)
383 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن عَليّ بن أَحْمد الشّرف بن الْبَدْر بن النُّور الْقرشِي الطنبدي الشَّافِعِي حفيد أخي الْجمال بن عرب ووالد القَاضِي أبي الْحسن عَليّ وَيعرف كسلفه بِابْن عرب. / مِمَّن اشْتغل عِنْد الصَّدْر السويفي وَغَيره، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فَمن بعده وسافر مَعَ شَيخنَا فِي سنة آمد وَكَانَ لملازمته لناصر الدّين الزفتاوي أحد من سَافر مَعَه أَيْضا يَقُول لَهما اللَّازِم والملزوم. مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين.
384 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْخَالِق الشَّمْس النويري الْمَالِكِي نزيل غَزَّة ووالد أبي الْقسم مُحَمَّد / الْآتِي ولد سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا. ذكره البقاعي مُجَردا.
385 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر الشَّمْس أَبُو عبد الله الجعبري الخليلي أَخُو عمر / الْمَاضِي. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بالخليل وَحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج وألفية النَّحْو وَمجمع الْبَحْرين فِي تَجْرِيد أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي مُجَلد مُرَتّب على الْكَلِمَات لجده وَقَالَ أَنه عرض الْأَخير على الشَّمْس الْمَالِكِي الرَّمْلِيّ حِين إِقَامَته عِنْدهم بالخليل وَقَرَأَ فِي الْفِقْه عَلَيْهِ وعَلى التَّاج إِسْحَق الْخَطِيب وَسمع عَليّ التدمري وَإِبْرَاهِيم بن حجي وَابْن الْجَزرِي مَا سَمعه عَلَيْهِم أَخُوهُ فِي سنة تسع وَعشْرين وتلقى مشيخة الْحرم شركَة لِأَخِيهِ عَن أَبِيهِمَا ثمَّ رغب عَن حِصَّته لوَلَده عبد الباسط وَله نظم على طَريقَة الْفُقَرَاء فَإِنَّهُ مِمَّن اغتبط بصحبتهم فِي مشاهدهم بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك مَانِعا لَهُ عَن الِاشْتِغَال، وَحج مرَارًا وَكَذَا دخل الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَحدث بالمسلسل وجزءا بن عَرَفَة وَغَيرهمَا وَأَجَازَ.
386 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله بن مرضى نَاصِر الدّين بن الشهَاب بن النُّور بن الزين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي وَالِد الزين أبي البركات مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن المغيزل. / ولد سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَأخذ عَن الشّرف يَعْقُوب بن عبد الرَّحِيم بن عُثْمَان خطيب القلعة وَغَيره وَكتب الحكم بحماة، لقِيه شَيخنَا فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وترجمه هَكَذَا فِي قَرِيبه عبد الله بن أَحْمد الْمَذْكُور فِي نسبه من درره.
مَاتَ قريب الْأَرْبَعين ظنا.
387 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حسان الشَّمْس بن الشَّمْس الْموصِلِي الأَصْل الْمَقْدِسِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن حسان. / ولد فِي صفر سنة ثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بِهِ فحفظ الْقُرْآن وكتبا عرض بَعْضهَا(9/152)
على ابْن الهائم المتوفي فِي سنة خمس عشرَة وَأخذ الْفِقْه والأصلين والعربية وَغَيرهَا عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَبِه انْتفع وَكَانَ يجله حَتَّى أَنه أوصاه بتبييض شَرحه للْبُخَارِيّ فِيمَا بَلغنِي وَكَذَا أخذع عَن ابْن رسْلَان والعز الْقُدسِي والتاج الغرابيلي والعماد بن شرف والزين ماهر وَسمع من الشَّمْس بن الْمصْرِيّ والقبابي وَغَيرهمَا كَابْن الْجَزرِي سمع عَلَيْهِ جُزْءا من تَخْرِيجه لنَفسِهِ فِيهِ المسلسلات وَنَحْوهَا وَالْبَعْض من كل من أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ ومسند الشَّافِعِي والشاطبية، وَرَأَيْت بِخَط ابْن أبي عذيبة أَن وَالِده استجاز لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والشهاب بن حجي وَغَيرهمَا فَالله أعلم، وَقدم الْقَاهِرَة فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ امتثالا لوَصِيَّة شَيْخه الْبرمَاوِيّ فَإِنَّهُ حضه على ذَلِك وَلَكِن لم يسمح بِهِ إِلَّا بعد مَوته وَقد أُشير إِلَيْهِ بالتقدم فِي عُلُوم فقطنها ولازم شَيخنَا أتم)
مُلَازمَة حَتَّى حمل عَنهُ شَيْئا كثيرا من تصانيفه وَغَيرهَا بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره دراية وَرِوَايَة وَمِمَّا أَخذ عَنهُ توضيح النخبة وَشرح ألفية الْعِرَاقِيّ أخذا مُعْتَبرا وَقيد عَنهُ حَوَاشِي مفيدة التقطها البقاعي وَغَيره وَكَذَا لَازم القاياتي فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَغَيرهَا واشتدت عنايته بهما وَلكنهَا بشيخنا أَكثر وَقَرَأَ على الشرواني علم الْكَلَام وَغَيره وَكَانَ يبجله جدا ويثني على علمه وأدبه، وَأخذ أَيْضا عَن الْمجد الْبرمَاوِيّ والبساطي فِي آخَرين كَالْعلمِ سُلَيْمَان بن عبد الله البيري نزيل الْقَاهِرَة وَطلب الحَدِيث وقتا وَقَرَأَ كثيرا من كتبه وَكتب الطباق وَمن شُيُوخه فِي الرِّوَايَة الْبَدْر حُسَيْن البوصيري قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَدَب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ والشهاب الوَاسِطِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَجْزَاء الَّتِي كَانَ يَرْوِيهَا سَمَاعا وَغَيرهَا والشهاب الكلوتاتي وَسمع من لَفظه جملَة وَالزَّرْكَشِيّ وَيُونُس الواحي وَعَائِشَة الحنبلية وقريبتها فَاطِمَة وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان والتاج الشرابيشي وناصر الدّين الفاقوسي والتقي المقريزي، وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ الْفُضَلَاء، وناب عَن القاياتي فِي الخطابة بالأزهر وقتابل وعينه لتدريس الْفِقْه بالبرقوقية عِنْد تَقِيّ الكوراني فعارضه الونائي حَتَّى اسْتَقر فِيهِ الْمحلى وتألم صَاحب التَّرْجَمَة لذَلِك وَكَذَا ألح عَلَيْهِ حِين عمل قَاضِيا فِي نِيَابَة الْقَضَاء فَأبى لكنه ذكر فِي المترشحين للْقَضَاء الْأَكْبَر كَاد أَن يُوَافق بِحَيْثُ أَنه لم يكن ينجر مَعَ من يعرض عَلَيْهِ مشيخة الصلاحية القدسية، واستنابه شَيخنَا فِي تدريس الحَدِيث بالقبة البيبرسية بعد موت شَيخنَا ابْن خضر ثمَّ اسْتَقل بِهِ بعد وَفَاته وَولي مشيخة الصلاحية سعيد السُّعَدَاء بعد موت الْعَلَاء الْكرْمَانِي فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَاخْتصرَ مُفْرَدَات ابْن البيطار والخصال المكفرة لشَيْخِنَا وَخرج أَحَادِيث القونوي(9/153)
وَعمل غير ذَلِك يَسِيرا، وَكَانَ إِمَامًا عَالما فَقِيها محققا لفنون ذكيا بحاثا نظارا فصيحا حسن التَّقْرِير مديما للاشتغال والإشغال منجمعا عَن بني الدُّنْيَا قانعا باليسير متعبدا متين الدّيانَة وافر الْعقل كثير التَّحَرِّي وَالْحيَاء والحشمة وَالْأَدب متواضعا بشوشا بهيا عطر الرَّائِحَة نقي الثِّيَاب تاركاص للفضول وَذكر النَّاس بل إِذا سمع من أحد غيبَة وَلَو جلّ بادره وَهُوَ يتبسم بقوله اسْتغْفر الله، محببا للخاص وَالْعَام سريع الْكِتَابَة وَالْقِرَاءَة رَاغِبًا فِي تَقْيِيد كتبه بالحواشي المفيدة غَالِبا، وَقد رافقته فِي بعض مَا قَرَأَهُ على شَيخنَا وَسمعت أبحاثه وَكَانَ شَيخنَا كثير الإجلال لَهُ وَرُبمَا حرج من تصميمه فِيمَا يبديه وَصَارَ بَيْننَا مزِيد اخْتِصَاص بِحَيْثُ قَالَ لي عقب كَلَام نقل لَهُ عَن شخص فِي حَقه تألم مِنْهُ مَا خرجت من الْقُدس وَأَنا مُحْتَاج لأحد فِي عُلُوم النَّاس وَقَالَ لي كنت عِنْد)
مجيئي إِذا انْكَشَفَ ساقي وَأَنا فِي خلوتي أبادر لستره مَعَ الاسْتِغْفَار إِلَى غير هَذَا، وحمدت صحبته بل حَدثنِي من لَفظه بِبَعْض الْأَحَادِيث بسؤالي لَهُ فِي ذَلِك، وكتبت عَنهُ قَوْله فِي الْخِصَال الَّتِي ذكر ابْن سعد أَن الْعَبَّاس أوصى بهَا عُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا:
(اصفح تحبب وَدَار أَصْبِر تَجِد شرفا ... وكاتم السِّرّ فهذي الْخمس قد أوصى)
(بِهن عُثْمَان عَبَّاس فدع جدلا ... وَانْظُر إِلَى قدر من أوصى وَمَا أوصى)
وَقَوله فِي شُرُوط الرَّاوِي وَالشَّاهِد:
(بُلُوغ واسلام وعقل سَلامَة ... من الفصسق مَعَ خرم الْمُرُوءَة فِي الْخَبَر)
(شُرُوط وزدها فِي الشَّهَادَة سالما ... من الرّقّ فالمجموع يدريه من خبر)
مَاتَ فِي يَوْم السبت مستهل ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بحوش صوفية سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله وإيانا فقد كَانَ من محَاسِن الْعلمَاء.
388 - مُحَمَّد الْمُحب بن حسان شَقِيق الَّذِي قبله. ولد سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس / وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ وَحفظ الْقُرْآن وَسمع بِهِ على ابْن الْجَزرِي مَا سبق فِي أَخِيه وَحضر بعض الدُّرُوس، وَقدم مَعَ أَخِيه الْقَاهِرَة واستجاز لَهُ الْمجد إِسْمَعِيل الْبرمَاوِيّ والشهاب الوَاسِطِيّ والمحب بن نصر الله والكلوتاتي والمقريزي وَشَيخنَا بل سمع عَلَيْهِ أَشْيَاء وعَلى الْبَدْر حُسَيْن البوصيري الْأَدَب للْبُخَارِيّ وَثَلَاثَة مجَالِس من آخر سنَن الدَّارَقُطْنِيّ من عشرَة بِقِرَاءَة شَيخنَا ابْن خضر وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل فِي آخَرين، وَكَذَا وَصفه الزين رضوَان بالفاضل، وتنزل فِي الْجِهَات(9/154)
كسعيد السُّعَدَاء وَكَانَ شَاهد الشونة بهَا. وَحج غير مرّة وجاور وَآخر مَا كَانَ هُنَاكَ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين جاور بهَا وَتردد إِلَيّ واستجيز ثمَّ رَجَعَ مَعَ الركب مَعَ سُكُون ولين وسلامة فطْرَة وَاحْتِمَال وفتوة وتواضع. وَقد كبر وهش وَسمع مِنْهُ الطّلبَة بل حدث رَفِيقًا للسنباطي بالأدب الْمُفْرد.
389 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حسن الْبَهَاء أَبُو الْفضل بن نَاصِر الدّين بن الْعَلَاء البعلي الشَّافِعِي سبط الشَّيْخ برهَان الدّين بن المرحل، أمه سلمى وَيعرف بِابْن الفصي بِفَتْح الْفَاء ثمَّ صَاد مُشَدّدَة قَرْيَة قريبَة من بعلبك يُقَال لَهَا فصة. / ولد فِي ربيع الأول سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة ببعلبك وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فكفلته أمه وَأَخُوهُ نَاصِر الدّين مُحَمَّد، وَأَجَازَ لَهُ جده الْبُرْهَان وَغَيره من المسندين فِي بعض الاستدعاآت وَسمع من حسن بن عَليّ بن نَبهَان)
وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه وتصحيحه للأسنوي وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَعرض على جمَاعَة من أهل بَلَده، ثمَّ ارتحل لدمشق للاشتغال فَعرض أَيْضا على الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة والزين خطاب والنجم بن قَاضِي عجلون وأخيه التقي بل قَرَأَ بحثا على كل مِنْهُم ربعا من كِتَابه التَّنْبِيه ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده فحفظ الْمِنْهَاج الفرعي فِي مائَة يَوْم وتصحيحه الْأَكْبَر للنجم الْمشَار إِلَيْهِ فِي أَرْبَعَة أشهر وَعَاد لدمشق بعد وَفَاة من عد التقي مِنْهُم فلازمه نَحْو ثَمَان سِنِين بل وَأخذ عَنهُ فِي أُصُوله بِحَيْثُ كتب على جاري عَادَة الشاميين بالشامية البرانية وَأذن لَهُ بالإفتاء والتدريس، وَفِي غُضُون إِقَامَته الثَّانِيَة بِدِمَشْق حفظ ألفية الحَدِيث وعقائد النَّسَفِيّ وتلخيص الْمِفْتَاح وتصريف الْعزي والجمل للخونجي وَأخذ فِي الْعَرَبيَّة عَن لاشهاب الزرعي وَفِي الصّرْف والمنطق عَن ملا كَمَال الدّين النَّيْسَابُورِي العجمي وَفِي أصُول الدّين عَن شخص كردِي وَدخل مصر فِي بعض ضروراته فَقَرَأَ على الزيني زَكَرِيَّا قِطْعَة من الْمِنْهَاج وَمن شَرحه للروضة وَأذن لَهُ ودام بهَا عشرَة أشهر وتميز فِي حافظته مَعَ تمتمة قَليلَة وشكالة جميلَة وأدب وتواضع مَعَ كَون سلفه كلهم من مقطعي الأجناد، وَولي تدريس النورية بِبَلَدِهِ تلقى نصفه عَن خَاله الْبَدْر مُحَمَّد بن الْبُرْهَان بن المرحل الْمُتَوفَّى سنة تسع وَسبعين وَالنّصف الآخر نِيَابَة وَحج فِي سنة أَربع وَسبعين ثمَّ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا على طَريقَة حَسَنَة من الانجماع وأقرأ غير وَاحِد من الطّلبَة والقيني هُنَاكَ فَسمع مني وَأنْشد بحضرتي مِمَّا قَالَه جَوَابا لمطالعة:
(ورد المنال فَقلت عِنْد وُرُوده ... يَا أذن دُونك قد أَتَت أخباره)
(وَالْعين لم تقنع بذا فانشد لَهُ ... إِن لم تريه فَهَذِهِ آثاره)(9/155)
وَقَوله:
(أوليتني مِنْك الْجَمِيل تكرما ... وملكت رقي بالأيادي الوافره)
(فعجزت عَن شكري لَهَا ويحق لي ... فشبيه كفك من بحار زاخره)
وَهُوَ الْآن شيخ بعلبك ومدرسها ومفتيها وَشَيخ مدرسة النورية بهَا وناظر جَامعهَا الْكَبِير.
390 - مُحَمَّد الْكَمَال بن الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأنْصَارِيّ ابْن أخي الشّرف الْأنْصَارِيّ / والماضي أَبوهُ مِمَّن سمع بِقِرَاءَتِي على البوتيجي وَغَيره فِي ابْن ماجة وَمَات.
391 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الشَّمْس ين السليمي بِالتَّصْغِيرِ البقاعي الشَّافِعِي ابْن خَال إِبْرَاهِيم البقاعي. / ولد بعد سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بخربة روحاء من الْبِقَاع وَمَات بقرية عين ثرمان من ضواحي دمشق سنة سبع وَسِتِّينَ قبل رمضانها.
392 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن شعْبَان الشَّمْس الصَّالِحِي اللبان الأدمِيّ الإسكاف القباني أَبوهُ وأخو أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بِابْن الجوازة / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع فِي سنة سِتِّينَ من مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ السوقي قِطْعَة من أول الْموقف والاقتصاص للضياء وَلم يُوجد لَهُ سَماع على قدر سنه. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لي قلت ولقيه ابْن مُوسَى فِي سنة خمس عشرَة فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقطعَة الْمشَار إِلَيْهَا وسمعها مَعَه الْمُوفق الأبي.
393 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عقيل بن أبي الْحسن بن عقيل الْعِزّ بن النَّجْم بن أبي الْحسن بن الْفَقِيه الشهير النَّجْم البالسي الْمصْرِيّ ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الحمامي / الْمَاضِي أَبوهُ.
ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمصْر الْقَدِيمَة وأحضر فِي الْخَامِسَة فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَتِسْعين الْجُزْء الْأَخير من الخلعيات وَسمع على أَبِيه الْأَرْبَعين من مسموع ابْن عبد الدَّائِم من التَّرْغِيب للتيمي وَالْأَرْبَعِينَ من عوالي صَحِيح مُسلم كِلَاهُمَا انتقاء شَيخنَا وَعلي الشهَاب الْجَوْهَرِي الْخَتْم من ابْن ماجة. وَأَجَازَ لَهُ التنوخي والصدر الْمَنَاوِيّ والعراقي والهيثمي وَأَبُو عبد الله بن قوام وَأَبُو الْعَبَّاس بن أقبرس وَفَاطِمَة ابْنة ابْن المنجا وَفَاطِمَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَخَدِيجَة ابْنة ابْن سُلْطَان وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ، وَكَانَ مَعَ كَونه من بَيت رياسة وَعلم يتعانى إدارة الحمامات وَرُبمَا يُوَجه للخصومات. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس مستهل شَوَّال سنة خمس وَسِتِّينَ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.
394 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر بن الحريري الدِّمَشْقِي ابْن أخي التقي أبي بكر الحريري / وَأحد شُهُود دمشق. كَانَ صَاحب خلاعة ومجون ونكت ونوادر، سمع ابْن صديق وَحدث. مَاتَ فَجْأَة فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن شَوَّال(9/156)
سنة خمس وَسِتِّينَ بعد أَن صلى الصُّبْح، وَدفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير تجَاوز الله عَنهُ أرخه ابْن اللبودي وَقَالَ أَنه أجَاز لَهُ.
395 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الصَّدْر بن الشَّمْس الرواسِي نِسْبَة لجد لَهُ الْعُكَّاشِي الْأَسدي الشقاني كسر الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْقَاف وَآخره نون الإسفرائني من بِلَاد خُرَاسَان الشَّافِعِي مذهبا السهروردي القادري تصوفا. / ولد فِي صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين)
وَسَبْعمائة بشقان قَصَبَة من بِلَاد خُرَاسَان، لقِيه البقاعي بِمَكَّة فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَلم يذكر من خَبره شَيْئا.
396 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله أَبُو الْخَيْر الفاكهي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي أَخُو عَليّ الْمَاضِي وَهُوَ بكنيته أشهر. / ولد كَمَا بِخَط أَخِيه سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَكتب مرّة أُخْرَى سنة أَرْبَعِينَ تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن وعمدة النَّسَفِيّ والكافية ونظم قَوَاعِد ابْن هِشَام لزيان المغربي وجمل الخونجي ومقدمة مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَالِي الْجراح من الْمِنْهَاج الفرعي وَالِي الِاشْتِقَاق من الْبَيْضَاوِيّ وَإِلَى المجرورات من الخبيصي على الحاجبية وَإِلَى الْحَال من التسهيل وَقطعَة من الْفَوَائِد الغيائية وَفِي مَذْهَب ملك الرسَالَة وَإِلَى الزَّكَاة من الْمُخْتَصر، وَسمع عَليّ التقي بن فَهد والزين الأميوطي وَأخذ عَن الْمحلي والشرواني وَابْن يُونُس والبلاطنسي وَآخَرين بِمَكَّة ودمشق والقاهرة، وَفهم وتميز وتطور وتهور ونظم ونثر وأثرى وافتقر وَهُوَ أغلب أَحْوَاله وتلمذ وتمشيخ وصنف وتلطف وَكتب أوراقا فِي الصَّلَاة بالشباك المحاذي لِلْمَسْجِدِ وَغير ذَلِك، وَلما كنت بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ لازمني فِي قِرَاءَة شرحي للألفية وَغَيره وَسمع مني وعَلى أَشْيَاء وَمَا حمدت طَرِيقَته وَلَا رضيت مباحثته. مَاتَ بِمَكَّة فِي عصر يَوْم السبت سَابِع ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وتسعينودفن من الْغَد بالمعلاة بعد توعكه أسبوعا. كتب لي بذلك ابْن أَخِيه أَحْمد بن عَليّ وَأثْنى عَلَيْهِ وعَلى ميتَته رَحمَه الله وإيانا وَمن نظمه. كَذَا
397 - مُحَمَّد أَبُو البركات الْمَالِكِي / شَقِيق الَّذِي قبله وَهُوَ أَيْضا بكنيته أشهر. ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بِالْيمن وَحمل بعد وَفَاة أَبِيه لمَكَّة فَنَشَأَ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ورسالة ابْن أبي زيد وعمدة النَّسَفِيّ فِي أصُول الدّين وعرضها على جمَاعَة، ثمَّ ارتحل مَعَ أَخِيه عَليّ إِلَى دمشق فحفظ بهَا ألفية ابْن ملك وعرضها مَعَ كتله السَّابِقَة على جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن خَلِيل الْأَذْرَعِيّ واللؤلؤي وَابْن قَاضِي شُهْبَة والزين خطاب والنجم بن قَاضِي عجلون، وقواعد ابْن هِشَام الصُّغْرَى وَقطعَة من الْفَوَائِد الغيائية فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان للعضد. وَعَاد لمَكَّة وَسمع بهَا عَليّ(9/157)
التقي بن فَهد والبرهان الزمزمي والزين الأميوطي، وَدخل الْقَاهِرَة وَقَرَأَ بهَا على السنتاوي التَّوْضِيح وَعلي السنهوري فِي الْفِقْه وَغَيره، ثمَّ دخل الشَّام أَيْضا وناب فِي الْقَضَاء وصمم وشدد وَلَكِن لم يلبث أَن شكى فرسم يمجيئه فَدَخلَهَا وحاج عَن نَفسه ثمَّ عَاد)
وشكى أَيْضا فجيء بِهِ فَلم يصل بل مَاتَ قبل دُخُولهَا بِقَلِيل فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ أَو الَّتِي تَلِيهَا وَحمل فَدفن بِمصْر.
398 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الْجلَال أَبُو الْيُسْر بن نَاصِر الدّين أبي الْفضل بن الْعَلَاء القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن الردادي. / ولد فِي رَابِع الْمحرم سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي جَامع الْحَاكِم والكنز والمنار والعمدة ثلاثتها للنسفي وألفية النَّحْو وَعرض على عُلَمَاء وقته ولازم ابْن الديري فِي قِرَاءَة قِطْعَة من الْهِدَايَة بحثا وَبَعض البُخَارِيّ وَغَيرهمَا دراية وَرِوَايَة ثمَّ أَخَاهُ الْبُرْهَان فِي الْخُلَاصَة وَجَمِيع مُسلم وَأكْثر عَن الْأمين الأقصرائي فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا قِرَاءَة وسماعا وَعَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ محافيظه سردا ثمَّ بحثا وَأَشْيَاء مِنْهَا مجمع الْبَحْرين وتصريف الْعزي وَشَرحه للتفتازاني وَقطعَة من أول شرح الْمنَار وَمن البُخَارِيّ وتصنيف لَهُ فِي الْكَلَام على بني الْإِسْلَام على خمس، وَوَصفه بسيدنا ومولانا الْفَاضِل المحصل الْمجد وَأَن قِرَاءَته قِرَاءَة بحث وَتَأمل وتدبر وتفهم وَتَصْحِيح وَأذن لَهُ فِي رِوَايَتهَا وَنقل مسائلها لمن أحب، وَأخذ عَن حميد الدّين النعماني أَمَاكِن من شرح الْمنَار وَمن شرح العقائد للتفتازاني وَقَالَ قِرَاءَة تدقيق وإيقان وَتَحْقِيق وإتقان، وَعَن الكافياجي فِي الْمجمع وَشَرحه لِابْنِ فرشتا وَفِي الْمنَار فِي أصُول الْفِقْه وَكَذَا لَازم الزين قاسما والبدر بن عبيد الله والأمشاطي وَابْن الشّحْنَة وَغَيرهم من أَئِمَّة مذْهبه وَكَذَا ابْن خضر فِي حُدُوده النحوية وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء وَقَرَأَ على الأبدي ابْن عقيل بحثا وتدقيقا وإتقانا وتحقيقا وَأذن لَهُ فِي إقرائه وَسمع عَلَيْهِ الشفا وعَلى الْخَواص المكودي على الألفية وَابْن المُصَنّف وَغَيرهمَا وَعلي التقي الحصني الحاجبية فِي النَّحْو والمتوسط شرحها والشمسية فِي الْمنطق والمراح فِي الصّرْف وإيساغوجي وَشَرحه وَأكْثر من مُلَازمَة الشُّيُوخ وَأذن لَهُ غيرواحد مِنْهُم بل سمع على شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ والرشيدي والعز الْحَنْبَلِيّ وَجَمَاعَة وَقَرَأَ بعض الشفا على الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن نصر الديروطي ولازمني فِي قِرَاءَة الصَّحِيح وَغَيره وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن الديري فَمن بعده وَخلف أَبَاهُ(9/158)
فِي التَّكَلُّم على السميساطية والكرامية وَغَيرهمَا من جهاته وَرُبمَا أَقرَأ مَعَ جمود حركته واشتغاله بِنَفسِهِ، وَحج غير مرّة وجاور مَعَ الرجبية وسافر لدمياط وَغَيرهَا وَذكر بالإمساك مَعَ مزِيد الثروة الْمُنكر لَهَا وَلم يحمد فِي كثير مِمَّا رتبه أَبوهُ لجِهَة الْبر وَلذَا روفع فِيهِ)
فِي سنة تسعين بِسَبَب بعض الْمدَارِس وألزمه السُّلْطَان بعمارتها مَعَ تبرمه مِمَّا أنهِي عَنهُ. مَاتَ فِي شعْبَان سنة سِتّ وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ بمصلى بَاب النَّصْر رَحمَه الله وإيانا.
399 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن أبي بكر نَاصِر الدّين بن الشَّمْس الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الأَصْل السمنودي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي سبط الْبَهَاء بن عقيل والماضي أَبوهُ وَيعرف كهوبا بن الْقطَّان. / ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْمِنْهَاج والكافية الشافية وَغَيرهمَا وتفقه بِأَبِيهِ ولازمه حَتَّى برع وَكَذَا أَخذ عَن غَيره وناب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ وَكَانَ بديع الْجمال. مَاتَ سنة إِحْدَى وَعشْرين. أفادنيه الْبَدْر ابْن أَخِيه.
400 - مُحَمَّد الْبَهَاء بن الْقطَّان أَخُو الَّذِي قبله ووالد الْبَدْر مُحَمَّد / الْآتِي. ولد فِي ثَانِي عشر صفر سنة ثَلَاث أَو أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَرُبمَا جزم بِالثَّانِي بِمصْر وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وكتبا وأسمع على الحافظين الْعِرَاقِيّ والهيثمي والأبناسي والمطرز وعزيز الدّين المليجي والشهاب الْجَوْهَرِي والفرسيسي وناصر الدّين بن الْفُرَات والنجم البالسي وَالشَّمْس بن المكين الْمَالِكِي والشرف الْقُدسِي فِي آخَرين مِنْهُم فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ التقى بن حَاتِم، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح البلبيسي وَالْمجد اللّغَوِيّ والشرف بن الْمقري وَطَائِفَة وتفقه بِأَبِيهِ وَعنهُ أَخذ فِي الْفَرَائِض وَالْأُصُول والعربية وَكَذَا أَخذ فِي الْفِقْه والفرائض عَن الشَّمْس الْعِرَاقِيّ وَفِي الْفَرَائِض فَقَط عَن الصَّدْر السويفي وَفِي الْفِقْه فَقَط عَن البيجوري والزين القمني بل حضر دروس السراج البُلْقِينِيّ وولديه فِي الخشابية وَغَيرهَا وَفِي الْعَرَبيَّة عَن ابْن عمار وَتردد إِلَى الْعِزّ بن جمَاعَة وَغَيره من شُيُوخ الْعَصْر وَأخذ فِي التصوف عَن الشَّمْس البلالي وَصَحب جمَاعَة من الصَّالِحين واختص بهم، وَحج مرَارًا مِنْهَا فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة، وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل الشَّام غير مرّة أَولهَا فِي سنة عشْرين وَكَذَا دخل إسكندرية والصعيد وَغَيرهَا وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا فَمن بعده تصدر بجامعي عَمْرو والقراء ودرس بالخروبية البدرية بِمصْر نِيَابَة عَن ابْن الولوي السفطي فِي أَيَّام قَضَائِهِ ثمَّ اسْتَقر بِهِ شَيخنَا فِيهِ اسْتِقْلَالا وَلَكِن انتزعه مِنْهُ الْمَنَاوِيّ لظَنّه أَنه كَانَ مَعَه نِيَابَة وَقرر فِيهِ وَلَده زين الدّين وَمَا حمد فِي ذَلِك ثمَّ انتزعها وَلَده مِنْهُ فِي حَيَاة أَبِيه وخطب بالجامع الْجَدِيد من مصر وَعين لقَضَاء طرابلس فَمَا تمّ، وَكَانَ فَاضلا خيرا(9/159)
دينا متعبدا ورعا متقشفا صلبا فِي ديانته قَلِيل الْمُحَابَاة سليم الْفطْرَة محبا فِي الرِّوَايَة حدث)
بغالب مروياته ودرس وَأفْتى حملت عَنهُ أَشْيَاء وَكَانَ يثني عَليّ كثيرا ويتردد إِلَيّ بِسَبَب التعرف لمروياته. مَاتَ فِي لَيْلَة ثَانِي عشر أَو خَامِس عشر رَجَب سنة خمس وَخمسين بِمصْر وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالقرافة رَحمَه الله وإيانا.
401 - مُحَمَّد الْمُحب أَبُو الْوَفَاء بن الْقطَّان أَخُو اللَّذين قبله ووالد عبد الرَّحْمَن / الْمَاضِي. ولد سنة ثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِمصْر، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَغَيره، وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أَبِيه وَالشَّمْس الغراقي والشطنوفي وَقَرَأَ فِي الْفَرَائِض على ثانيهم وَفِي الْعرُوض على نَاصِر الدّين البارنباري وَالشَّمْس بن الْقطَّان المشهدي وَفِي النَّحْو على الشطنوفي وَكَذَا على الشهَاب الصنهاجي وَفِي الْأُصُول عَن الْعِزّ بن جمَاعَة ولازم النُّور الإبياري والنظام الصيرامي والبساطي ثمَّ القاياتي والأبناسي ولاونائي فِي فنون وَسمع على الوَاسِطِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَغَيرهمَا كشيخنا فِي رَمَضَان وَغَيره وَكتب عَنهُ فِي الأمالي وَأكْثر من الِاشْتِغَال حَتَّى برع وَأذن لَهُ فِي الإقراء وتعانى الْأَدَب وَالنَّظَر فِي التَّارِيخ فَحصل من ذَلِك الْكثير وَتقدم فِيهِ حَتَّى كَانَ يستحضر مِنْهُ جملَة صَالِحَة مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا وَلَكِن كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ فن الْأَدَب وَكتب بِخَطِّهِ السَّرِيع جملَة، بل صنف فِيمَا سمعته يَقُول سِيَاق المرتاح وسباق الممتاح فِي المدائح النَّبَوِيَّة فِي مُجَلد وغرف النَّهر وَعرف الزهر فِي الْأَدَب ورفيق الطَّرِيق وَطَرِيق الرفيق فِي الْفِقْه والنحو ومنارة الْمنَازل وزهارة المعازل فِي أَربع مجلدات وَغير ذَلِك مِمَّا يطول شَرحه وَوجد فِي مسوداته من منتقياته وتعاليقه وَنَحْوهَا الْكثير جدا لَكِنَّهَا تَفَرَّقت فَلم ينْتَفع بهَا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل نَاب فِي الْقَضَاء فِي أَيَّام أبي السعادات البُلْقِينِيّ يَوْمًا وَاحِدًا وَكَانَ مفرط التساهل بَعيدا عَن الإتقان والضبط وَمِمَّا كتبته عَنهُ من نظمه الَّذِي قد يَقع فِيهِ الْحسن قَوْله:
(لقد عرفوني بالمحب وإنني ... بِمَا عرفوني دَائِما لجدير)
(ولكنني جوزيت مِنْهُم بضده ... فبعدي عَنْهُم رَاحَة وسرور)
وَقَوله:
(اجْعَل وسيلتك التَّقْوَى وَدفع أَذَى ... عِنْد الْكَرِيم وللمسكين جد من رحما)
(وَارْحَمْ وَرغب برحمى سِيمَا رحما ... فَإِنَّمَا يرحم الرَّحْمَن من رحما)
إِلَى غير هَذَا مِمَّا أودعته فِي المعجم وَغَيره وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَيّ كثيرا ويسألني عَن أَشْيَاء ويبالغ فِي التَّعْظِيم وامتدحني بنظم ونثر. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن عشر رَمَضَان سنة إِحْدَى)
وَثَمَانِينَ وَلم يَنْقَطِع أصلا بل رَاح إِلَى البيمارستان فِي يَوْم وَفَاته، وَكَانَ لَهُ مشْهد حسن رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.(9/160)
403 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ أَمِين الدّين أَبُو الْيمن بن الشَّمْس بن البرقي الْحَنَفِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه وَهُوَ بكنيته أشهر. ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن والقدوري والألفية وَغَيرهمَا وَعرض على جمَاعَة ولازم دروس الْبَدْر بن عبيد الله فِي الْفِقْه وَغَيره وَكَذَا حضر عِنْد وتولع بِالْمُبَاشرَةِ ولازم يشبك الجمالي الزردكاش فِي ذَلِك فحمدت طَرِيقَته وسياسته وتودده واحتماله وَلم يزل على طَرِيقَته إِلَى أَن خرج عَلَيْهِ بعض اللُّصُوص بعد الْأَسْفَار فَضَربهُ وَأخذ عمَامَته فَانْقَطع لذَلِك أَيَّامًا والدماء تنزف من رَأسه حَتَّى مَاتَ شَهِيدا فِي الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة بالأزهر ثمَّ بسبيل المؤمني وَدفن بتربتهم بِالْقربِ من ضريح الشَّافِعِي وَكَانَ لَهُ مشْهد حافل وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ جدا وَخلف ولدا من ابْنة عَمه أبي بكر وَآخر من سَرِيَّة. مَاتَ فِي الطَّاعُون رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.
403 - مُحَمَّد جلال الدّين أَبُو الْفضل شَقِيق الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَكْبَر وأمهما سبطة القَاضِي موفق الدّين أَحْمد بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ فَهِيَ ابْنة الشهَاب الشطنوفي أخي الشَّمْس الْمُبَاشر ووالد الشَّمْس أبي الطّيب مُحَمَّد الْمَاضِي. / ولد فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار وباشر أَيْضا، وَحج فِي سنة أَربع وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ رَجَعَ.
404 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان الشَّمْس بن الشَّمْس البدرشي الأَصْل ثمَّ القاهري الْقَرَافِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بالبدرشي. / مِمَّن حفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية ابْن ملك وَغَيرهمَا. وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فأضيفت جهاته لَهُ وناب عَنهُ المحيوي الدماطي فِي تدريس الْأَزْهَر بل زوجه ابْنَته إِلَى أَن اسْتَقل وباشر فَكَانَ يتحفظ الدَّرْس من الْقطعَة بمراجعة الْجَوْجَرِيّ والبكري والمناوي والسنتاوي وَكَذَا الديمي فِيمَا يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ وَنَحْوه لكَونه وَكَذَا الْبَهَاء المشهدي من المنزلين عِنْده. وَحج وجاور قَلِيلا وَانْقطع بزاوية الجبرتي من القرافة على خير واستقامة وَسُكُون.
405 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مكين الشَّمْس النويري ثمَّ القاهري الْمَالِكِي أَخُو الزين طَاهِر وَعلي / الماضيين وَهُوَ أكبرهما أَخذ عَن أول أَخَوَيْهِ وَعبادَة الْفِقْه)
وَغَيره وَعَن الشمني والشرواني فنونا وَكَذَا أَخذ عَن الوروري وَكَانَ مَذْكُورا بِالْعلمِ. مَاتَ فِيمَا قَالَه النُّور السنهوري قبل أول أَخَوَيْهِ دَاخل الْكَعْبَة من غير سبق مرض وَإِنَّمَا حصل لَهُ بهَا خشوع فَارق فِيهِ الدُّنْيَا وَنقل أَيْضا عَن شَيخنَا أَنه قَالَ هَذِه وَاقعَة مَا سمعنَا مثلهَا وَنقل نَحوه عَن الْفَخر عُثْمَان المقسي وَكَذَا أَخْبرنِي أَبُو الْجُود الصُّوفِي(9/161)
بن عبد الرَّزَّاق وَأَنه كَانَ حِينَئِذٍ بجدة وَكَانَ ذَلِك فِي أثْنَاء سنة ثَمَان وَأَرْبَعين فَإِنَّهُ كَانَ طلع فِي الْبَحْر رَحمَه الله وإيانا.
406 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس الحملي ثمَّ البلبيسي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي وَلَده مُحَمَّد وَيعرف كَهُوَ بِابْن الْعِمَاد / وَهُوَ لقب جد وَالِده. من بَيت لَهُم جلالة ووجاهة ببلدهم وجده مِمَّن سمع على التَّاج بن النُّعْمَان وَالْجمال الأميوطي بِمَكَّة، ولد قبل الزَّوَال من يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر صفر سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ببلبيس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتبريزي والجرجانية وَربع الْمِنْهَاج عِنْد فَقِيه بَلَده الْبُرْهَان الفاقوسي وَعرض بَعْضهَا على الْجلَال بن الملقن وَالشَّمْس البيشي عَالم بَلَده وَغَيرهمَا ثمَّ لما بلغ أثبت عَدَالَته وخطب أشهرا بِجَامِع بَلَده ثمَّ ترك وَصَحب الشَّيْخ الغمري وتلقن مِنْهُ بل لَقِي ابْن رسْلَان وَقَرَأَ عَلَيْهِ وتهذب بهديه وعادت عَلَيْهِ بركته وَسمع على شَيخنَا واستفتاه وَكَذَا سمع جملَة على جمَاعَة بِقِرَاءَتِي وَقِرَاءَة غَيْرِي بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا وَأخذ عَن الشهَاب الزواوي وَآخَرين فِي الْفِقْه وَغَيره وَعَن الزين خلد المنوفي فِي الْعَرَبيَّة وَكَذَا قَرَأَ فِيهَا على أبي الْعَزْم الحلاوي ولازم إِمَام الكاملية فَلم يَنْفَكّ عَنهُ إِلَّا نَادرا واغتبط كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ وسافر مَعَه لمَكَّة وَالْمَدينَة وَبَيت الْمُقَدّس والخليل والمحلة وَغَيرهَا وتكررت مجاورته بِمَكَّة وزيارته، وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي والتقى بن فَهد وجاور بِالْمَدِينَةِ أَيْضا وتكسب بالنساخة وَكتب بِخَطِّهِ الصَّحِيح النير الْخَادِم نَحْو مرَّتَيْنِ والدميري وَالْبُخَارِيّ والشفا وأتقن تصحيحهما وَقيد عَلَيْهِمَا من الْحَوَاشِي النافعة مَا يدل لفضيلته وَقَرَأَ البُخَارِيّ لبَعض أَوْلَاده على الشاوي وَكَذَا قَرَأَ على الشفا ولازم كِتَابَة الأمالي عني مُدَّة طَوِيلَة بل كتب عدَّة من تصانيفي وَقَرَأَ بَعْضهَا وَاخْتصرَ تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ مَعَ زيادات فَأحْسن وَكَذَا كتب على الْمِنْهَاج إِلَى الزَّكَاة وَغير ذَلِك وامتدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقصيدة أوردتها فِي المعجم سَمعتهَا مِنْهُ وَكَذَا سَمِعت مِنْهُ غَيرهَا وَكَانَ فَاضلا جيد الْفَهم والإدراك بديع التَّصَوُّر صَحِيح العقيدة تَامّ الْعقل خَبِيرا بالأمور زَائِد الْوَرع والزهد والقناعة متين التَّحَرِّي والعفة شرِيف النَّفس حسن الْعشْرَة نير الْهَيْئَة على الهمة)
كثير التفضل على أحبابه والتودد إِلَيْهِم وَالسَّعْي فِيمَا يُمكنهُ من مصالحهم ووصول الْبر إِلَيْهِم بِحَيْثُ جرت على يَدَيْهِ لأهل الْحَرَمَيْنِ وَغَيرهمَا صدقَات جمة كثير الصَّوْم والتهجد والاشتغال بوظائف الْعِبَادَة وَالرَّغْبَة فِي الِانْفِرَاد، وَهُوَ فِي بديع أَوْصَافه كلمة إِجْمَاع، وَلم يزل مُنْذُ عَرفْنَاهُ فِي ازدياد من الْخَيْر إِلَى أَن مَاتَ بعد مجاورته مُدَّة زار فِي أَثْنَائِهَا الْمَدِينَة(9/162)
النَّبَوِيَّة وَكَانَ أحد الخدام بهَا ثمَّ عَاد لمَكَّة فاستمر حَتَّى رَجَعَ مرغوما لأجل زَوجته أم ولد لَهُ لكَونهَا أكثرت من مناكدته فعزم على التَّوَجُّه بهَا لأَهْلهَا ثمَّ عوده لمَكَّة فقدرت وَفَاته بعد وُصُوله بِقَلِيل وَذَلِكَ قبيل ظهر يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَصلي عَلَيْهِ فِي مشْهد حافل جدا ثمَّ دفن بجوار أَبِيه بتربة سعيد السُّعَدَاء وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ والتأسف على فَقده رَحمَه الله وإيانا ونفعنا ببركاته.
407 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد التقي بن الْبَدْر القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن القزازي / وَقَالَ أَنه لسكنهم بحارة القزازيين فَالله أعلم. ولد فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَكَانَ جده من أهل الْقُرْآن فِيمَا زعم وَنَشَأ هَذَا عقادا ثمَّ تدرب بناصر الدّين النبراوي وَجلسَ بِبَاب الْبَدْر بن الديري وَابْن عَمه مَحْمُود بل وبباب القَاضِي سعد الدّين وَحضر دروسه ثمَّ نَاب فِي الْحِسْبَة عَن الْعَلَاء بن الفيشي لخلطة بَينه وَبَين أَبِيه إِلَى أَن استنابه ابْن الصَّواف وَاسْتمرّ يَنُوب لمن بعده وحد وَلزِمَ خدمَة الأمشاطي وَحضر دروسه وَصَارَ فِي أَيَّام قَضَائِهِ شبه النَّقِيب لَهُ وباح بِأخرَة بِعَدَمِ حَمده لَهُ وَكَذَا حضر دروسه وَصَارَ فِي أَيَّام قَضَائِهِ شبه النَّقِيب لَهُ وباح بِأخرَة بِعَدَمِ حَمده لَهُ وَكَذَا حضر دروس الزين قَاسم وَابْن عبيد الله وَغَيرهمَا بل حضر عِنْدِي بعض الدُّرُوس وتنزل فِي الْجِهَات وتميز فِي الصِّنَاعَة مَعَ إِظْهَار تواضع وعق لوسكون وَحج غير مرّة وباشر نَقِيبًا عِنْد ابْن عيد ثمَّ عِنْد الْغَزِّي ثمَّ أقبل القَاضِي على ابْن عبيد الْوَقَّاد فانجمع عَنْهَا وباشر حِينَئِذٍ النقابة عِنْد الْحَنْبَلِيّ مخطوبا مِنْهُ لَهَا ثمَّ لما ولي الأخميمي عَاد لنقابة الْحَنَفِيَّة وَحمد فِي مباشراته وَاسْتقر بعد الْكَمَال بن الطرابلسي فِي نوبَته وصاهر نور الدّين الصُّوفِي مُدَّة على ابْنَته ثمَّ فَارقهَا وَيذكر بثروة.
408 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الزويغة. / ولد سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع مَعَ الْخَطِيب الْجمال بن جمَاعَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة على الْجلَال عبد الْمُنعم بن الْجلَال وَكَذَا سمع على أبي الْخَيْر بن العلائي وَغَيره وَكَانَ صَالحا)
عَالما فَاضلا واعظا مَشْهُورا. قدم من حماة لبيت الْمُقَدّس زَائِرًا فَمَاتَ بِهِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين عَن ثَمَان وَسبعين. ذكره ابْن أبي عذيبة.
409 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ التَّاجِر سبط القَاضِي نور الدّين عَليّ بن خَلِيل الحكري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِزَيْت حَار. / ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين بِمصْر وتحول مِنْهَا مَعَ أَبِيه وَهُوَ ابْن نَحْو خمس سِنِين إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ خَاله الْبَدْر مُحَمَّد الحكري وَاسْتمرّ مَعَه وَحفظ الْقُرْآن بل وأقرأه فِي الخرقى وتنزل فِي البرقوقية فَلَمَّا مَاتَ خَاله وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَاد إِلَى مَكَّة مَعَ أَبِيه فقطنها وتكسب بالقبانة ثمَّ ارْتقى فِيهَا(9/163)
بفرضه جدة لم يخرج مِنْهَا لغير جدة والزيارة إِلَّا فِي سنة خمس وَتِسْعين مَطْلُوبا وأودع حبس أولى الجرائم حَتَّى بذل ثمَّ أطلق وَعَاد إِلَى بَلَده وَلم يفته الْحَج فِي طول الْمدَّة إِلَّا فِيهَا كَمَا أَخْبرنِي وَقَالَ أَيْضا أَنه جود على ابْن عَيَّاش وعَلى الديروطي، وارتقى فِي التِّجَارَة وَصَارَ لَهُ بِمَكَّة وَجدّة الدّور وَبَعضهَا من إنشائه وَهُوَ مِمَّن يكثر الطّواف والتلاوة وَيظْهر الْفَاقَة وَرُبمَا كَانَ قبل المصادرة يُعْطي الْيَسِير لبَعض الْفُقَرَاء ثمَّ بَطل وَكَذَا كَانَ يخلط.
410 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن عَليّ السنا الْعَفِيف بن القطب الْأَصْبَهَانِيّ ثمَّ الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة / والماضي أَبوهُ. لَقِيَنِي بهَا فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَلم يبلغ الثَّلَاثِينَ فلازمني مَعَ أَبِيه وَغَيره دراية وَرِوَايَة وَهُوَ فَاضل فِي الْعَرَبيَّة مِمَّن قَرَأَ فِي القراآت على السَّيِّد قَاضِي الْحَنَابِلَة بالحرمين واشتغل بِالصرْفِ والمنطق وَغَيرهمَا على أَبِيه وَغَيره فِي لار وَمَكَّة وَغَيرهَا وَرُبمَا أَقرَأ الطّلبَة مَعَ لطف وتودد وتقنع وَلما سَافر أَبوهُ تخلف بِمَكَّة عَنهُ ثمَّ سَافر وَسمعت بوجودهما وَأَنا بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ لقيتهما فِي سنة سِتّ بهَا وَفِي الْمُجَاورَة بعْدهَا ولازماني.
411 - مُحَمَّد بن الشَّيْخ أبي اللطف مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور الحصكفي الأَصْل الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي سبط التقي أبي بكر القلقشندي / والماضي أَبوهُ. قدم الْقَاهِرَة فَأخذ عني شَيْئا وَكَذَا اشْتغل عَليّ ثمَّ عَاد وَهُوَ فهم نبيه.
412 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور الْبَدْر بن الصَّدْر الْحَنَفِيّ وَيعرف كأبيه بِابْن مَنْصُور. / قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا، وَولي قَضَاء الْعَسْكَر)
فِي حَيَاة أَبِيه وتدريس الركسنية وخطب بِجَامِع منكلى بغا وَكَانَ قَلِيل البضاعة ذهب مَا كَانَ مَعَه من دنيا فِي الْفِتْنَة. وَمَات فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى عشرَة.
413 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن هَاشم بن مَنْصُور رَضِي الدّين أَبُو بكر بن الظهير الْحُسَيْنِي الموسوي الْحلَبِي الْحَنْبَلِيّ ويعر فكأبيه بِابْن مَنْصُور. / قدم أَبوهُ لحلب من الشرق وَتصرف فِيهَا بالرسلية بِأَبْوَاب الْقُضَاة وَنَحْوهَا وَولد لَهُ ابْنه بهَا فِي عَاشر صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا فاشتغل وَطلب الحَدِيث وَأخذ عَن أبي ذَر والبقاعي والخيضري ولازمه سِيمَا بِالْقَاهِرَةِ وَتردد لمن تجدّد من المسمتين كالبهاء المشهدي والكمال بن أبي شرِيف والسنباطي والديمي بل قَرَأَ على أبي السُّعُود الغراقي وعَلى حفيد يُوسُف العجمي وَعبد الْغَنِيّ بن الْبِسَاطِيّ وَابْن الشهَاب البوصيري وَغَيرهم مِمَّن سمع على ابْن الكويك والطبقة وَلَا زَالَ يسترسل حَتَّى أَخذ عَن الْأمين بن الحكاك المنصوري أحد نواب الْحَنَابِلَة فَمن دونه،(9/164)
وَكَانَ قدومه الْقَاهِرَة فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ ثمَّ بعْدهَا وَلما قدمت من مَكَّة تردد إِلَيّ وقرا عَليّ من مروياتي ومصنفاتي وَكتب بِخَطِّهِ بَعْضهَا واستفاد مني تراجم وَقَالَ أَنه يُرِيد جمع شُيُوخه، وَهُوَ ذكي فهم سريع الْكِتَابَة والهذرمة فِي الْقِرَاءَة فِيهِ قابلية وفطنة وَلكنه متجاهر غير متصون وَقد كف قَلِيلا وساعده الخيضري حَتَّى اسْتَقر فِي كِتَابَة سر حلب وَنظر جيشها فِي أثْنَاء سنة تسعين ببذل قيل نَحْو أَلفَيْنِ ثمَّ فِي قَضَاء الْحَنَابِلَة بهَا ثمَّ صرف عَن ذَلِك بعد إهانة شَدِيدَة وَوضع فِي الْحَدِيد، وَقدم الْقَاهِرَة فِي أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ أَشْيَاء وَحصل وجيز الْكَلَام فِي الذيل على دوَل الْإِسْلَام وَغَيره من تصانيفي وتزايد نفوري مِنْهُ لعدم ثقته وديانته، وَذكر لي أَنه قَرَأَ فِي الشَّام على جمَاعَة من أَصْحَاب عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَغَيرهَا بِالسَّمَاعِ ثمَّ سَافر لمَكَّة وَتوجه مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَة وَصَحب بعض الرافضة بهَا بل رام التَّزَوُّج فيهم فكفه السَّيِّد السمهودي وَكَانَ يجمع عَلَيْهِ، ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة وسافر مِنْهَا إِلَى الْيمن وَانْقطع خَبره عَنَّا.
414 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن وجيه الشَّمْس أَبُو الْفتُوح وَأَبُو البشائر بن الْعِزّ السخاوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي القادري ثمَّ الوفائي الْمعبر سبط الشَّمْس مُحَمَّد بن عَبَّاس الْجَوْجَرِيّ الشَّافِعِي المتوفي أول ولَايَة الظَّاهِر جقمق بعد بشارته بالسلطنة وَيعرف بَان عز الدّين. / كَانَ أَبوهُ وجده مالكيا ومولده بعيد الْأَرْبَعين بِقَلِيل تَقْرِيبًا فَقَرَأَ الْقُرْآن وتحول كجده لأمه شافعيا وَقَرَأَ على الزين السندبيسي الْيَسِير من شَرحه للأندلسية وجميعه على أبي الْعَبَّاس الْحَنَفِيّ الْمُقِيم)
بزاوية الشَّيْخ مُحَمَّد الْحَنَفِيّ واعتنى بالتعبير كأبيه وجده فَقَرَأَ على أبي حَامِد الْقُدسِي مُؤَلفه التَّدْبِير فِي علم التَّعْبِير وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْفَاضِل الْكَامِل الْمُحَقق المدقق الأوحد الفريد فِي هَذَا الْفَنّ لعلمه بِكَمَال أَهْلِيَّته وَتَمام استعداده وَأَن يروي عَنهُ سَائِر مروياته ومؤلفاته وأرخ ذَلِك فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين ثمَّ أذن لَهُ فِي جُمَادَى الأولى من السّنة الَّتِي تَلِيهَا بالإفتاء والإقراء فِيهِ وَكَذَا تدرب فِي التَّعْبِير بعلي الْمحلي وَأخي الْكَمَال المحيريق وَغَيرهم بِحَيْثُ تميز واشتهر وَصَارَ يَطْلُبهُ السُّلْطَان وَغَيره لذَلِك وَلم يحصل مِنْهُم على طائل بل هُوَ فِي حَانُوت بالشرب يتكسب بالقماش بنزر يسير، وَحج فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وزار الْقُدس والخليل وصاهر الشّرف يحيى الدمسيسي على ابْنَته فَمَاتَتْ وَتركت مِنْهُ ولدا اسْمه أَحْمد كفله جده وَقد اجْتمع بِي مرَارًا وَأخذ عني وكتبت لَهُ إجَازَة على مُصَنف التلواني سر(9/165)
بثنائي عَلَيْهِ فِيهَا وَأكْثر من عرضهَا على أهل الْخَيْر وَنَحْوهم وَهُوَ مأنوس بارع فِي فنه.
415 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن وهبان الشَّمْس الْمدنِي. / مِمَّن أَخذ عني بهَا.
416 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن زَكَرِيَّا الشَّمْس بن نَاصِر الدّين المنيحي الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ. / ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس وقرأت عَلَيْهِ المسلسل وجزء البطاقة بِسَمَاعِهِ لَهما على الْمَيْدُومِيُّ وَكَذَا سمع مِنْهُ شَيخنَا التقي القلقشندي.
417 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الْبَهَاء أَبُو الْفَتْح بن القاياتي أَخُو أَحْمد / الْمَاضِي وأبوهما. ولد فِي لَيْلَة السبت عشرى ربيع الأول سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة كَمَا قرأته بِخَط أَبِيه بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج والألفية وَعرض على الونائي بِحَضْرَة التلواني وعَلى شَيخنَا فِي آخَرين بل أسمعهُ أَبوهُ على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والواسطي وَكَذَا سمع على الزين الزَّرْكَشِيّ وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس وَابْن الطَّحَّان وَشَيخنَا فِي آخَرين، وَأخذ عَن غير وَاحِد من جمَاعَة أَبِيه شَرِيكا لِأَخِيهِ بل أَخذ فِي الْفِقْه عَن الْبُرْهَان بن خضر وَرغب لَهُ وَالِده عَن مشيخة سعيد السُّعَدَاء ثمَّ انتزعت مِنْهُ للكرماني. وَلزِمَ بَيته مَعَ مُبَاشرَة تدريس الْفِقْه بالأشرفية برسباي وَغَيرهَا من وظائف أَبِيه الَّتِي اسْتَقَرَّتْ بعده باسمه وَاسم أَخِيه كالفقه بالغرابية والْحَدِيث بالبرقوقية فَلَمَّا مَاتَ أَخُوهُ اسْتَقل بهَا وَاسْتقر عوضه فِي مشيخة البيبرسية وَكَانَ سَاكِنا جامد الْحَرَكَة قَرِيبا إِلَى الْخَيْر وَرُبمَا يكون فِي الْفَضِيلَة أميز من أَخِيه. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ مطعونا وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي)
مصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن بتربة سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله وإيانا.
418 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن أَحْمد الباز الْأَشْهب مَنْصُور الغراقي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد المحمدين أبي البركات وَأبي السُّعُود وَأبي مَدين / الآتين. مِمَّن قَرَأَ الْقُرْآن وَحفظ التَّنْبِيه واشتغل وَكَانَ صَالحا.
419 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف سعد الدّين بن الشَّمْس الذَّهَبِيّ الشَّافِعِي نزيل الكاملية والماضي أَبوهُ وَيعرف بالذهبي. / ولد فِي سَابِع عشر الْمحرم سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فَأحْضرهُ أَبوهُ فِي الرَّابِعَة ختم البُخَارِيّ بالظاهرية على الْأَرْبَعين وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج واشتغل ولازم الْجَوْجَرِيّ حَتَّى تميز فِي فروع الْفِقْه وَكَذَا أَخذ عَن الْعَبَّادِيّ وأذنا لَهُ بل أَخذ عَن السنتاوي وَنَحْوه وانتمى لِأَحْمَد بن إِمَام الكاملية وتنزل فِيهَا وَفِي غَيرهَا من الْجِهَات، وحد مَعَ سُكُون وعقل وَهُوَ أحد الْفُضَلَاء وَرُبمَا أَقرَأ.
420 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْبَهَاء أَبُو الْبَقَاء بن الْمُحب الْأنْصَارِيّ(9/166)
الزرندي الْمدنِي قاضيها الشَّافِعِي أَخُو عمر / الْمَاضِي وَهَذَا الْأَكْبَر قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: ولي قَضَاء الْمَدِينَة وإمامتها وخطابتها فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل يَعْنِي بعد زِيَادَة على نصف سنة بَاشر فِيهَا بنكد فَدخل دمشق ثمَّ الرّوم فَانْقَطع خَبره ثمَّ قدم. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي الطَّاعُون سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين. قلت وَكَانَ قد سمع على الْجمال الأميوطي والزين المراغي وَالْعلم بن السقا وتفقه بالجمال الكازروني وَتزَوج ابْنَته واستولدها أَوْلَادًا وَقَرَأَ عَلَيْهِ يُوسُف بن مُحَمَّد الزرندي فِي البُخَارِيّ بالروضة.
421 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر بن الخواجا الشَّمْس الدِّمَشْقِي بن الْبراق. / قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه أَنه نبغ فِي معرفَة التِّجَارَة وسافر مرَارًا إِلَى الْيمن وَغَيرهَا وَصَارَ أحد أكَابِر التُّجَّار.
مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين بعدن قبل إِكْمَال الثَّلَاثِينَ وفجع بِهِ أَبوهُ وَيُقَال إِنَّه مَاتَ مسموما رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر أَبُو الْبَقَاء الإبشيهي. / فِيمَن جده أَحْمد بن مُوسَى.
422 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ التقي بن الْبَدْر الْكِنَانِي الصحراوي. / ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع عَليّ الْجمال الْحَنْبَلِيّ وأجازت لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَغَيرهَا أجَاز لي وَكَانَ خيرا يقْرَأ الْقُرْآن ويباشر أوقاف خوند ابْنة الْمُؤَيد مَعَ وجاهة وحشمة. مَاتَ فِي)
صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزين أَبُو بكر الخوافي. / هَكَذَا رَأَيْته بِدُونِ مُحَمَّد الثَّالِث وَالصَّوَاب إثْبَاته وَسَيَأْتِي.
423 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس بن الشّرف الْجَوْجَرِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد التَّاج عبد الْوَهَّاب الْمَاضِي وَيعرف بِابْن شرف. / ولد بجوجر ثمَّ تحول مِنْهَا وَحفظ التَّنْبِيه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية النَّحْو وَغَيرهَا ورافق الْجلَال الْمحلي فِي الْأَخْذ عَن الْبرمَاوِيّ والبيجوري وَغَيرهمَا كَابْن أنس فِي الْفَرَائِض، كل ذَلِك مَعَ تكسبه بِالتِّجَارَة على طَريقَة كَاد انْفِرَاده بورعه فِيهَا. وَاسْتقر فِي مشيخة البشتكية بعد وَفَاة صَاحبه وبلديه الشهَاب أَحْمد بن حسن بن عَليّ وتميز فِي الْفضل وجود الْخط وَكَانَ يذكر أَن شَيْخه فِي الْكِتَابَة مِثَال خطّ سَيِّدي عبد الْعَزِيز الديريني. وَكَانَ الْمحلي يعظمه بِحَيْثُ رَأَيْت وَصفه لَهُ فِي إجَازَة وَلَده بقوله صديقنا الشَّيْخ الْعَالم الصَّالح. مَاتَ سنة سِتّ وَخمسين رَحمَه الله وإيانا.
424 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ ضِيَاء الدّين أَبُو عبد الله بن الشَّمْس الجلالي الْحَنَفِيّ أَخُو حَافظ الدّين أَحْمد / الْمَاضِي. مِمَّن سمع عَليّ بِقِرَاءَة أَخِيه أربعي النَّوَوِيّ. وَمَات قبله صَغِيرا أَظُنهُ فِي طاعون سنة أَربع وَسِتِّينَ قبل أَن يبلغ عوضه الله الْجنَّة.
425 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس البوتيجي الضَّرِير الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن درباس /(9/167)
مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ. أرخه ابْن فَهد وَوصف بالعلامة الشَّمْس الطمائي بَلَدا الْمَعْرُوف بالبوتيجي وَأَبوهُ أَيْضا بدرباس وَابْن الحبيشي وَذكر أَنه رَآهُ فِي الْمَنَام بعد مَوته واستخبره عَن حَاله فَذكر مَا يدل على الْخَيْر. وَغلط بَعضهم فأرخ وَفَاته سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ.
426 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِأبي عقدَة. /
اشْتغل قَلِيلا وَقَرَأَ الأسباع وَنَحْوهَا، أَخذ عني الْكثير من البُخَارِيّ وَغَيره ولازم الْإِمْلَاء. وَمَات شَابًّا فِي ربيع الثَّانِي سنة تسع وَسبعين رَحمَه الله.
427 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْوَاعِظ بن الْعَطَّار. / ذكره البقاعي مُجَردا.
428 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الأديب أَبُو عبد الله الهنتاتي الأديب وَيعرف بالقفصي. / مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين بتونس.
429 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْفضل بن الشّرف الطنبدي وَيعرف بِابْن عرب / لكَون أمه حجملك ابْنة السراج عمر بن عَليّ بن عمر بن عَليّ بن أَحْمد بن عرب. بَاشر ديوَان الأتابك)
أزبك وَكَانَ جيد الْكِتَابَة بارعا فِي الْمُبَاشرَة فِيمَا بَلغنِي مَعَ عقل وَسُكُون. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثامن جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا جوَار مصلى بَاب النَّصْر عَفا الله عَنهُ.
430 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ المطوعي الْأَزْهَرِي. / مِمَّن سمع مني.
431 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عماد بن عُثْمَان بن تركي بِضَم الفوقانية الْكَمَال أَبُو البركات بن الْمُحب أبي السعادات بن الْعِمَاد الْحِمْيَرِي النحريري الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن أبي السعادات. / ولد فِي يَوْم السبت منتصف الْمحرم سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة بالنحرارية وَحفظ بهَا الْقُرْآن ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي وَبحث فِيهِ على الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن عديس وَدخل دمشق فسمعع بهَا على أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر بن هِلَال الربعِي الْمُوَطَّأ رِوَايَة يحيى بن يحيى والتيسير أنابهما الوادياشي والنغبة لأبي حَيَّان بقرَاءَته لَهَا عَلَيْهِ وَبحث عَلَيْهِ الْمُخْتَصر الفرعي وَأذن لَهُ فِي الإقراء وَتردد إِلَى إسكندرية كثيرا وَبحث بهَا فِيهِ أَيْضا على عالمها مُحَمَّد بن يُوسُف المسلاتي وَكَذَا بحث فِيهِ بِالْقَاهِرَةِ عَليّ الزين عبَادَة، وَحج غير مرّة وَحدث. مَاتَ بالنحرارية فِي ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
433 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن نَاصِر الدّين بن الشَّمْس(9/168)
القمصي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن النحال بِمُهْملَة قريب الْجلَال القمصي / كَانَ أسن مِنْهُ فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب أَحْمد وَالِد الْجلَال وزوجه بابنته فَاطِمَة وَحضر مَعَ وَلَده عِنْد الصَّدْر الإبشيطي والسويفي والبيجوري وَغَيرهم فِي الْفِقْه وَغَيره وَسمع على ابْن أبي الْمجد صَحِيح البُخَارِيّ بفوت والختم مِنْهُ على التنوخي والعراقي والهيثمي وقطن البيجور مُدَّة لنحل لَهُ فِيهَا وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا وَسمع بهَا الْيَسِير أجَاز لي. وَمَات بالبيجور سنة خمس وَسبعين رَحمَه الله.
434 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن عمر بن يُوسُف بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الرضي أَبُو الْعِزّ بن عز الدّين الْحلَبِي الأَصْل القاهري الْموقع / الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه. ولد فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وَسمع مني المسلسل وَقَرَأَ هُوَ عَليّ ثلاثيات البُخَارِيّ والبردة وَسمع من مُسلم قِطْعَة وَمن الْمُوَطَّأ رِوَايَة يحيى بن يحيى وَمن السِّيرَة.
435 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد التقي بن الْبَدْر الْبرمَاوِيّ الأَصْل نزيل الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة ثمَّ بولاق / والماضي أَبوهُ. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَغَيره وتكسب بِالشَّهَادَةِ وخدم تمر الْحَاجِب)
وقتاص وَكَذَا لَازم تمراز كثيرا وَلم يحصل على طائل، وَاسْتقر فِي جِهَات أَبِيه بعده وَمِنْهَا إِمَامَة الْجَامِع الزيني ببولاق، وحد فِي الرجبية وسافر لغير ذَلِك وَسمع مني مَعَ وَالِده قَلِيلا بل سمعا بِقِرَاءَتِي ختم البُخَارِيّ وَغَيره على أم هَانِئ الهورينية وَمن شاركها يَوْمئِذٍ، وَتزَوج ابْنة نور الدّين البرقي بعد الشهَاب أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الحريري الْحَنَفِيّ، وَهُوَ حسن الْهَيْئَة متأدب وَلكنه رسم عَلَيْهِ حِين التَّعَرُّض للمتكلمين على الْجِهَات. وتناقص حَاله جدا.
436 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن إِسْرَائِيل الشَّمْس أَو عبد الله الْغَزِّي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن عمر. / ولد فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بغزة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على الشَّمْس صهر الشهَاب عُثْمَان الخليلي وَحفظ الْمجمع والبديع وألفية ابْن ملك وعرضهما على التفهني والعز الحاضري والبدر الأقصرائي الحنفيين والجلال البُلْقِينِيّ والهروي وَابْن مغلى وأجازاه خَاصَّة وتفقه بقارئ الْهِدَايَة وَكتب لَهُ أَنه قَرَأَ الْمجمع فِي الْفِقْه والبديع فِي أُصُوله بحثا وَأَنه سمع غَيرهمَا من أَنْوَاع الْفِقْه وأصوله متفهما لما يسمعهُ سَائِلًا عَمَّا خَفِي عَلَيْهِ مشكله فأبقاه الله لإفادتهما وأعانه على نشرهما وَكَذَا قَرَأَ الْمجمع على عمر بن يَعْقُوب الْبَلْخِي وَسمع عَلَيْهِ شَيْئا من الْهِدَايَة وَأَجَازَهُ وتفقه أَيْضا بالشمس بن الديري ولازمه وَكَانَ قَارِئًا عِنْده بالفخرية وَسمع عَلَيْهِ وعَلى قاري الْهِدَايَة وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَابْن الْجَزرِي(9/169)
وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ الشاطبية والجزء الَّذِي خرجه لنَفسِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَأَجَازَ لَهُ وروى لَهُ دُرَر الْبحار عَن مُؤَلفه الشَّمْس القونوي وَشَرحه عَن مُؤَلفه الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن خضر الْحَنَفِيّ وبرع فِي الْفِقْه، وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَدخل الشَّام وحلب والقاهرة وَغَيرهَا وَولي قَضَاء بَلَده فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَخمسين ثمَّ انْفَصل عَنهُ فِي سنة ثَمَان بعمر بن حُسَيْن بن بوبان بموحدتين الأولى مَضْمُومَة فَأَقَامَ نَحْو عشرَة أشهر ثمَّ أُعِيد، ولقيته بهَا فِي سنة تسع وَهُوَ قَاض فَقَرَأت عَلَيْهِ المسلسل بِسَمَاعِهِ لَهُ على ابْن الْجَزرِي وَأَحَادِيث من منتقى العلائي من مشيخة الْفَخر. وَكَانَ فَاضلا متواضعا مائلا إِلَى الرشا وَآل أمره إِلَى أَن روفع فِيهِ بِسَبَب بعض القضايا فَحمل إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا أشهرا ونالته مشقة ثمَّ لم يلبث أَن تعلل بهَا يَسِيرا. وَمَات بعد سنة سبعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ، ثمَّ رَأَيْت فِيمَن قرض مَجْمُوع البدري مُحَمَّد بن عمر الْغَزِّي الْحَنَفِيّ وأرخ كِتَابَته فِي سنة إِحْدَى وَسبعين ويغلب على ظَنِّي أَنه هَذَا وَأطَال كِتَابَته نظما ونثرا فَكَانَ من نظمه:)
(فَقير غَرِيب عَاجز ومقصر ... يُرِيد عَطاء من ذَوي الْفضل ياسرا)
(يروح على الإخوان يَرْجُو ثوابهم ... وَيَغْدُو لطى الْمَدْح فِي النَّاس ناشرا)
وَكَذَا كتب بِخَطِّهِ من نظمه مِمَّا يقرا على رويين وَأَخذه من شَيخنَا:
(صباح خير الرُّسُل روحي غَدا ... أشهى إِلَيْهَا من نسيم الصَّباح)
(غَدَتْ صباح الْوَجْه جندا لَهُ ... فلذ بِهِ يَا شيخ تنس الصَّباح)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر الشَّمْس الصرخدي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بالصرخدي. / ولد فِي سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتنبيه عِنْد أَحْمد الزينوني بنونين وزاي مَفْتُوحَة نِسْبَة لقريبة من قريى الْبِقَاع وجود الْقُرْآن مَعَ قِرَاءَة عَاصِم عَليّ إِسْمَعِيل الْحَنْبَلِيّ الدِّمَشْقِي نزيل صالحيتها وتلا بِهِ للكسائي وَعَاصِم عَليّ الشَّمْس بن النجار وَلأبي عَمْرو فَقَط على الزين خطاب وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ والمصابيح بتمامهما وَحضر دروسه ودروس النَّجْم بن قَاضِي عجلون وجمعا للسبع عَليّ عمر الطَّيِّبِيّ الصَّالِحِي الضَّرِير وخليل اللدي إِمَام الْجَامِع الْأمَوِي وَكَانَا شافعيين وَقَرَأَ على إِبْرَاهِيم النَّاجِي صَحِيح مُسلم إِلَّا يَسِيرا من أَوله وَسمع عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَالتَّرْغِيب وَغَيرهمَا وَحضر مجَالِس النظام بن مُفْلِح بل قَرَأَ على قَرِيبه الْبُرْهَان القَاضِي شَيْئا من الْقُرْآن فِي آخَرين، وحد غير مرّة وجاور بِمَكَّة وَقَرَأَ بهَا على الشَّمْس المسيري فِي الْفِقْه وَغَيره وَابْن أَمِير حَاج الْحلَبِي الْحَنَفِيّ رِسَالَة الزين الخافي وَسمع على النَّجْم عمر بن فَهد فِي مُسْند(9/170)
أَحْمد وعَلى أبي الْفضل الْمرْجَانِي فِي البُخَارِيّ وَصَحب الْعَلَاء بن السَّيِّد عفيف الدّين والبرهان إِبْرَاهِيم القادري وَغَيرهمَا من السادات وَدخل مصر فِي التِّجَارَة وتكرر سَفَره لجدة بِسَبَبِهَا بل لَهُ حَانُوت فِي بَلَده، وَلما كنت بِمَكَّة فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين رَأَيْته يقوم بِالنَّاسِ التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان فَكَانَ من أَكثر القائمين زحاما لجودة قِرَاءَته، ثمَّ تكَرر اجتماعه عَليّ فِي الَّتِي تَلِيهَا بل أَخذ عني الْكثير من الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا سَمَاعا عَليّ ومني وكتبت لَهُ إجَازَة فِي كراسة وَكَذَا حضر عِنْد عبد الْمُعْطِي المغربي فِي الرسَالَة والعوارف، وَنعم الرجل سمتا وعقلا وتوددا وَخيرا.
438 - مُحَمَّد بن الْكَمَال مُحَمَّد بن عمر بن الْحسن بن عمر بن حبيب الْحلَبِي. / ولد فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ وَقَالَ فِيمَا قَالَه شَيخنَا أَنه سمع أَبَاهُ واستجيز لوَلَده وَغَيره فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين. قَالَه شَيخنَا: ثمَّ قدم الْقَاهِرَة بعد يسير سنة خمس وَهُوَ مِمَّن)
بَاشر نقابة الحكم بِدِمَشْق فِي أَيَّام مَسْعُود وَكَانَ مظلم الْأَمر فِي الشَّهَادَة سامحه الله.
439 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن رسْلَان بن نصير بن الْبَدْر بن السراج البُلْقِينِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد الولوي أَحْمد الْمَاضِي وجده والآتي وَلَده الآخر فتح الدّين مُحَمَّد. / ولد فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ. وَمَات أَبوهُ وَهُوَ طِفْل فَكَفَلَهُ جده وَحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ التَّرَاوِيح على الْعَادة وَله نَحْو عشر سِنِين ودرس فِي الْمِنْهَاج وَحضر دروس جده وسمععليه جُزْء الْجُمُعَة للنسائي وَغَيره ولازم الْكَمَال الدَّمِيرِيّ وَعَمه الْجلَال البُلْقِينِيّ وَنبهَ قَلِيلا حِين ولَايَته الْقَضَاء وَإِلَّا فقد كَانَ نَشأ فِي إملاق وَأكْثر عَن الْبُرْهَان البيجوري وَكَذَا أَخذ عَن الشَّمْس الشطنوفي والشهاب الطنتدائي وَآخَرين وَسمع على الْجمال بن الشرائحي وداخل الْكِبَار وَعرف بِصُحْبَة الزين عبد الباسط وتمول بملازمته جدا فِي مُدَّة ييرة وَحصل الْوَظَائِف والإقطاعات والرزق وناب فِي الْقَضَاء بمنية الْأُمَرَاء وَغَيرهَا من الضواحي ودرس بعد موت عَمه فِي الْفِقْه بِجَامِع طولون وَكَذَا بالحجازية مَعَ خطابتها ومشيخة الميعاد بهَا وَحدث بِجُزْء الْجُمُعَة سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَأَنْشَأَ دَارا هائلة بِالْقربِ من مدرسة جده مَاتَ قبل تَمامهَا، وَكَانَ ذكيا ظريفا حسن النغمة على الهمة خليعا مَاجِنًا. مَاتَ فِي آخر يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشر شَوَّال سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَدفن عِنْد أَبِيه وجده وَأوصى بعمارة ميضأة وَبِغير ذَلِك من الترب. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار عَمَّا تقدم قَالَ وَسيرَته مَشْهُورَة وَسبب تقدمه عِنْد الزيني مَشْهُور رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.(9/171)
440 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْعَزِيز نَاصِر الدّين بن الشَّمْس أبي عبد الله بن النَّجْم الْحلَبِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن أَمِين الدولة. / ولد فِي ربيع الأول سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على الشَّمْس الْغَزِّي وَسعد الدّين السعيد وَغَيرهمَا وَحفظ الْمُخْتَار وتصريف الْعزي والجمل الجرجانية وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أَبِيه والبدر بن سَلامَة والعز الحاضري وَآخَرين وَسمع الصَّحِيح على ابْن صديق، وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَعبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن القطب الْحلَبِي والبدر النسابة الْكَبِير وَابْن خلدون وَآخَرُونَ، وناب فِي الْقَضَاء عَن وَالِده وباكير وَغَيرهمَا بل بَاشر تدريس المقدمية، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ بحلب الْمِائَة انتقاء ابْن تَيْمِية من البُخَارِيّ وَكَانَ عَاقِلا كَرِيمًا جيدا سيوسا من بَيت حشمة ورياسة وثروة وأوقاف. مَاتَ فِي حُدُود السِّتين رَحمَه الله.)
(سقط) مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَيُقَال أَنه جَازَ التسعين وَأَنه نَاب عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فَمن بعده بعد أَن حفظ فِي صغره التَّنْبِيه وَعرضه واشتغل قَلِيلا، وَكَانَ منجمعا عَن النَّاس مديما للإقامة بمنزله كأخيه وَأكْثر أَقَاربه.
442 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الشّرف بن النَّجْم بن عرب ابْن عَم الَّذِي قبله ووالد النَّجْم مُحَمَّد الْآتِي. ذكر لي ابْنه أَنه حفظ التَّنْبِيه وَتقدم فِي الشُّرُوط والإسجالات وتكسب بِالشَّهَادَةِ، وَحج مَعَ الرجبية فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل الشَّام وحلب صُحْبَة إينال الجكمي وَكَانَ إِمَامه واختص بِهِ وَلذَا كَانَ يخَاف بعد مخامرته من الظَّاهِر جقمق واختص بأرغون مَمْلُوك عبد الباسط وَكَانَ مَعَ شيخوخته يكثر اللّعب بالشطرنج. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَثَمَانِينَ عَن أَزِيد من تسعين سنة أَو نَحْوهَا.
443 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن عنقة بِفَتَحَات الشَّمْس أَبُو جَعْفَر البسكري بِفَتْح أَوله وثالثه بَينهمَا مُهْملَة سَاكِنة الْمدنِي. / ولد سنة بضع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَسمع الْكثير بِنَفسِهِ بِدِمَشْق ومصر وَغَيرهمَا فَحمل عَن بقايا من أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ والتقى الوَاسِطِيّ وَغَيرهمَا وَكَذَا سمع قَدِيما من الْجمال بن نباتة ثمَّ حمل عَن ابْن رَافع وَابْن كثير وَقَرَأَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة على الشَّمْس الششتري وَيحيى بن مُوسَى القسنطيني والجمالين الأميوطي ويوسف بن الْبناء وصاهره على ابْنَته والزين المراغي، وَأَجَازَ لَهُ القلانسي وَغَيره وَكتب عَن الْجمال أبي الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد الْمصْرِيّ بحلب مَا أنْشدهُ يَوْم مَاتَ التقى عبد الرَّحْمَن بن الْجمال(9/172)
المطري، قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه أَنه كَانَ يسكن الْمَدِينَة وَيَطوف الْبِلَاد وَحصل الْأَجْزَاء وتعب كثيرا وَلم ينجب سَمِعت مِنْهُ يَسِيرا وَكَانَ متوددا. وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه تنبه قَلِيلا وَكَانَ شَدِيد الْحِرْص على تَحْصِيل الْأَجْزَاء وتكثير الشُّيُوخ والمسموع من غير عمل فِي الْفَنّ سَمِعت من لَفظه تَرْجَمَة عبد السَّلَام الداهري من مشيخة الْفَخر بِسَمَاعِهِ من ابْن أميلة عَنهُ وحَدثني من لَفظه بِأَحَادِيث خرجت بَعْضهَا فِي تخاريجي وَخرجت عَنهُ فِي المتباينات حَدِيثا وأنشدني قَالَ أَنْشدني ابْن نباتة لنَفسِهِ:
(سَافَرت للساحل مستبضعا ... ذكرا وَأَجرا حسن الْجُمْلَة)
)
(قياله من متجر كاسد ... مَا نفقت فِيهِ سوى بغلتي)
رَجَعَ من اسكندرية إِلَى مصر فَمَاتَ بالسَّاحل فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع غَرِيبا رَحمَه الله وإيانا.
444 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن قطلوبغا شُجَاع الدّين بن الحسام بن الرُّكْن البكتمري الْمصْرِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو السَّيْف مُحَمَّد الْحَنَفِيّ والشرف يُونُس الْمَالِكِي وَمَنْصُور الْحَنْبَلِيّ الْمَذْكُورين وأمهم أم هَانِئ الهورينية. / ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده والعمدة والشاطبيتين والمنهاجين وألفية ابْن ملك وظنا فصيح ثَعْلَب، وَعرض وَأخذ الْفِقْه عَن التقي بن عبد الْبَارِي والزكي الْمَيْدُومِيُّ وَتردد لجَماعَة من الْعلمَاء وَسمع مَعنا على شَيخنَا فِي رَمَضَان أَشْيَاء بل لَازمه فِي الأمالي وَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَجْلِسه وَكَذَا سمع على أمه الْكثير وعَلى النُّور البكتمري والحجازي والجلال بن الملقن والمحبين الفاقوسي والحلبي الألواحي وَالشَّمْس الرَّازِيّ وَالْجمال بن أَيُّوب والبهاء بن الْمصْرِيّ وَضبط الْأَسْمَاء عِنْد الزين رضوَان وَغَيره بالشيخونية وَكَانَ يراجعني فِي ذَلِك، وَحج وجاور وزار بَيت الْمُقَدّس، وَكَانَ خيرا كثير التِّلَاوَة منجمعا عَن النَّاس طارحا للتكلف وَفِي لِسَانه تمتمة وَلكنه إِذا قَرَأَ الْقُرْآن لَا يتلعثم. مَاتَ ببولاق فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين بعد توعكه مُدَّة بل كف بَصَره من سنة فأزيد وَسَقَطت أنامله وَهُوَ مَعَ ذَلِك كُله صابر فَحمل لبيت أمه بنواحي الصليبة وأخرجت جنَازَته مِنْهُ وَصلي عَلَيْهِ بسبيل المؤمني فِي مشْهد متوسط ثمَّ دفن عِنْد أمه بتربة جدها لأمها الْفَخر القاياتي عِنْد بَاب مقَام الشَّافِعِي وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله وإيانا.
445 - مُحَمَّد سيف الدّين الْحَنَفِيّ شَقِيق الَّذِي قبله وَيعرف قَدِيما بِابْن الحوندار. / ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَتِسْعين أَو الَّتِي بعْدهَا وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وعمدة النَّسَفِيّ فِي أصُول الدّين وعمدة الْأَحْكَام وتقريب الْأَسَانِيد كِلَاهُمَا فِي الْمُتُون والشاطبيتين والقدوري وَالْمجْمَع وَالْهِدَايَة ثلاثتها فِي الْفِقْه والسراجية فِي الْفَرَائِض والمنار(9/173)
والمنهاج والمغنى ثلاثتها فِي أصُول الْفِقْه وألفية ابْن ملك والشافية لِابْنِ الْحَاجِب فِي الصّرْف وَالْعرُوض لَهُ وَغَيرهَا وَعرض بَعْضهَا على الْجلَال البُلْقِينِيّ والكمال بن العديم وَالشَّمْس الْمدنِي الْمَالِكِي والعز الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين وَأخذ الْفِقْه وأصوله عَن التفهني وَكَذَا الْعَرَبيَّة والفرائض وَغَيرهمَا ولازم ابْن الْهمام فِي الْفِقْه)
والأصلين والعربية وَغَيرهَا حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ بل حضر مَعَه على السراج قارى الْهِدَايَة فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا وَقَرَأَ شرح ألفية الْعِرَاقِيّ على الْمُحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ وَأذن لَهُ فِي إقرائه وَكَذَا أذن لَهُ التفهني فِي الإقراء ثمَّ ابْن الْهمام بل كَانَ فِيمَا بَلغنِي يصفه بِأَنَّهُ مُحَقّق الديار المصرية ويرجحه على سَائِر الْجَمَاعَة وَاجْتمعَ بالأدكاوي ودعا لَهُ وَحكى لي أَنه رَآهُ فِي الْمَنَام وَالْتمس مِنْهُ الدُّعَاء لَهُ بِنَزْع حب الدُّنْيَا فبادر لمدحه وَالثنَاء عَلَيْهِ بِكَلِمَات كَانَ من جُمْلَتهَا أَنْت السَّيْف الأمدي وَالسيف الْأَبْهَرِيّ وَنَحْو ذَلِك بِحَيْثُ صَار فِي خجل وَيُشِير إِلَى قطع الْكَلَام فِيهِ والتنصل من الرقي بِهِ لهَذَا الْحَد فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ إِذا أَرَادَ الله أمرا كَانَ، قَالَ السَّيْف وَمن العجيب أنني بعد ذَلِك لما أكثرت من الانجماع ولزمت الْعُزْلَة قَالَ لي شَيْخي ابْن الْهمام وَالله لَو دخلت مَكَانا وطينت عَلَيْهِ لظهرت، وَكَذَا بَلغنِي عَنهُ أَن وَالِده كَانَ من جمَاعَة بني وفا وَأَنه استبطأ ثَمَرَة صحبتهم ومحبتهم فاتفق اجتماعه بعد ترعرعه مَعَ وَالِده عِنْد أبي الْفَتْح أَو غَيره من آل بَيتهمْ فَقَالَ ذَاك الشَّيْخ مُخَاطبا لِأَبِيهِ هَذَا وَأَشَارَ لصَاحب التَّرْجَمَة هُوَ الثَّمَرَة أَو كَمَا قَالَ وَلأَجل هَذَا ارْتبط السَّيْف بالانتماء لَهُم وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى مَاتَ وَسمع على الزيون التفهني والقمني وَالزَّرْكَشِيّ وَأمه فِي آخَرين وَكَانَ كثير الِاغْتِبَاط بِسَمَاع المقروء على أمه حسن الإصغاء لَهُ كثير الْبكاء، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة سبع عشرَة وَأول مَا ولي تدريس الْفِقْه بقبة الصَّالح برغبة ابْن الْهمام لَهُ عَنهُ ثمَّ بالناصرية والأشرفية الْقَدِيمَة والأقبغاوية المجاوية للأزهر برغبة الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ لَهُ عَنْهَا ثمَّ التَّفْسِير بقبة المنصورية برغبة أبي الْفضل المغربي بل استنابه ابْن الْهمام فِي مشيخة الشيخونية فِي بعض حجاته وَولي مشيخة الْجَامِع الَّذِي بالحبانية للزين الاستادار بإلزام ابْن الْهمام لَهُ بقبوله ثمَّ تَركه محتجا بِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَن يكون لصوفيته نَظِير مَا عمله لمدرسته الْمُجَاورَة لبيته فَلم يُوَافقهُ هَذَا مَعَ عدم تعاطيه من معلومها فِي تِلْكَ الْمدَّة شَيْئا وَكَذَا سُئِلَ فِي مشيخة تربة قانباي الجركسي قبل شَيخنَا الشمني فَامْتنعَ، وَعرض عَلَيْهِ فِي سنة سبعين تدريس الحَدِيث بالعينية البدرية حِين تَجْدِيد حفيده لذَلِك وَغَيره فِيهَا فَامْتنعَ مَعَ الإلحاح عَلَيْهِ كَمَا امْتنع من الْكِتَابَة على الْفَتْوَى ورعا(9/174)
مَعَ مشافهة الظَّاهِر خشقدم فِي كائنة وَقعت أَيَّام قَضَاء الْبُرْهَان بن الديري التمس مِنْهُ وَمن الشمني الصعُود إِلَيْهِ مَعَ الأقصرائي ليسمع كَلَامهم فِيهَا وَاعْتذر من عدم الْكِتَابَة بِكَوْنِهِ لم يُؤذن لَهُ فِيهَا من أحد من شُيُوخه وصمم على ذَلِك، وَقد تصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ الْفُضَلَاء من كل مَذْهَب وهرع النَّاس للأخذ عَنهُ)
وَكَثُرت تلامذته وصاروا رُؤَسَاء فِي حَيَاته وَبَلغنِي أَن رَفِيقه الزين قَاسم قَرَأَ بَين يَدَيْهِ فِي درس الْفِقْه بوقف الصَّالح وَكنت أَنا وَأخي مِمَّن حضر دروسه فِي الْكَشَّاف وَغَيره وَكتب على كل من التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام وَشرح الْبَيْضَاوِيّ للأسنوي وَشرح التَّنْقِيح للقرافي وَشرح الْمنَار وَشرح العقائد وَشرح الطوالع للدَّار حَدِيثي وَغَيرهَا حَوَاشِي متقنة بديعة الْمِثَال لَو جردت كَانَت كافلة بإيضاحها وَقد جرد مِنْهَا أَولهَا لكنه لم يكمل. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ إِمَام عَلامَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَالتَّفْسِير وأصول الدّين وَغَيرهَا بديع التَّحْقِيق بعيد النّظر والمطالعة متأن فِي تَقْرِيره مَعَ سلوكه طَرِيق السّلف ومداومته على الْعِبَادَة والتهجد وَالْجَمَاعَة وشهود مشْهد اللَّيْث والانجماع عَن النَّاس والانقباض عَن بني الدُّنْيَا وَعدم التَّرَدُّد إِلَيْهِم جملَة والسكون وَترك الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه وذكرى بالجميل غيبَة وحضورا وإكرامي الزَّائِد حَتَّى أَنه تألم بِسَبَب كائنة الكاملية وَكَانَ مِمَّن كلم السُّلْطَان فِي الثَّنَاء عَليّ وَلم يكن يمِيل إِلَّا لأهل التَّقْوَى وَالْأَدب وَمن ثمَّ امْتنع من إجَابَتِي حِين توسل بِي عِنْده ابْن الشّحْنَة الصَّغِير فِي الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَبَالغ معي فِي الِاعْتِذَار والتلطف وإبداء مَا يقبل أقل مِنْهُ من مثله وَصَارَ ذَلِك معدودا فِي مناقبه وَقد قصد الْأَشْرَف قايتباي الِاجْتِمَاع بِهِ وأحس بذلك فبادر وَصعد إِلَيْهِ فَأكْرمه وَأمر لَهُ بثلثمائة دِينَار واستغرب النَّاس هَذَا الصَّنِيع ثمَّ لما سمع أَن الشَّيْخ عزم على تَزْوِيج ابْنَته أَمر بِأَن يكون العقد بِحَضْرَتِهِ قصدا لإكرامه فَفعل وَلم يحضر الشَّيْخ وَلما مَاتَ الْبُرْهَان بن الديري اسْتَقر بِهِ عوضه فِي مشيخة المؤيدية بعد تمنع ثمَّ بعد الكافياجي فِي الشيخونية وَأعْطى المؤيدية للتاج بن الديري وَلم يلبث أَن ابْتَدَأَ بِهِ الضعْف فَأَقَامَ مديدة إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ رَابِع عشرى ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بسبيل المؤمني وشهده السُّلْطَان ثمَّ دفن بتربة جد أمه لأمها الْفَخر القاياتي بِالْقربِ من مقَام الإِمَام الشَّافِعِي من القرافة رَحمَه الله وإيانا.
446 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد محيي الدّين أَبُو زرْعَة بن الشَّمْس التَّمِيمِي الدَّارِيّ المغربي التّونسِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن عزم. /(9/175)
ولد بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين واعتنى بِهِ أَبوهُ فَأحْضرهُ وأمعه واستجاز لَهُ واقرأه الْقُرْآن وكتبا واشتغل وتميز وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ فِيهَا عَن الْجَوْجَرِيّ وَيحيى بن الجيعان والسنهوري وَآخَرين وَحضر عِنْدِي يَسِيرا وَرجع فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانِينَ وتوجع أَبوهُ لفقده وَوَصفه بالفقيه الْعَالم الْفَاضِل الْمجَاز بالتدريس والإفادة عوضه الله الْجنَّة.) :::
447 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد وجيه بن مخلوف بن صلح بن جِبْرِيل بن عبد الله الْعِزّ أَبُو الْيمن بن الْبَهَاء أبي الْبَقَاء بن السراج أبي جَعْفَر الشيشيني ثمَّ الْمحلي الشَّافِعِي ابْن أخي القطب مُحَمَّد بن عمر الْمَاضِي. / ولد فِي لَيْلَة حادي عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة بالمحلة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن فِيهَا وَفِي شيشين والعمدة والمنهاج الفرعي وألفية النَّحْو وغالب الشاطبية وَعرض على جمَاعَة أجَازه مِنْهُم البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والأبناسي والدميري فِي آخَرين وَبحث فِي الْمِنْهَاج على أَبِيه وَالثَّلَاثَة الْأَخيرينِ والعماد الباريني القَاضِي والبهاء أبي الْفَتْح البُلْقِينِيّ وَسمع من نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن فوز القَاضِي بالمحلة حَدِيث الديك المسلسل بِمَا زلت بالأشواق. وَحدث أَخذ عَنهُ بن فَهد وَغَيره وَمَات بالمحلة فِي لَيْلَة رَابِع عشرى شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ.
448 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الْجلَال بن فتح الدّين بن السراج الشيشيني الْمحلي الشَّافِعِي / ابْن عَم الَّذِي قبله والآتي وَالِده الْعِزّ مُحَمَّد والماضي أَبوهُ. مَاتَ وَهُوَ صَغِير فِي حَيَاة أَبِيه.
449 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد أكمل الدّين بن خير الدّين بن نَاصِر الدّين بن شمس الدّين الشنشي / (سقط) ولد فِي ربيع الآخر سنة خمس وَخمسين وتدرب بِأَبِيهِ وناب عَن قُضَاة مذْهبه وتنزل فِي الْجِهَات كالصرغتمشية وَكَانَ يحضر عِنْدِي فِي دروسها واختص بقاضي الْمَذْهَب نَاصِر الدّين الأخميمي وَقدمه لكثير من الاستبدالات، وَله ثروة من قبل أَبِيه وَيُقَال أَن أمه وَهِي فِيمَا قَالَه لي ابْنه لشخص حَنَفِيّ يُقَال لَهُ مَحْمُود بن يُوسُف مثرية أَيْضا، وَحج وَهِي مَعَه فِي سنة سبع وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَرُبمَا توجه للزيارة فِي قافلة الْحَنْبَلِيّ وَعَاد سَرِيعا.
450 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الشَّمْس الْقرشِي الْهَاشِمِي الْجَعْفَرِي الْغَزِّي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الأعسر. / ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة أَو سنة اثْنَتَيْنِ الشَّك مِنْهُ وَحفظ الْمِنْهَاج وَعرضه على الندر مَحْمُود العجلوني نزيل بَيت الْمُقَدّس وتفقه عَلَيْهِ وَأَجَازَهُ بل أذن لَهُ بالإفتاء بِشَرْط التثبت وَالتَّقوى وَكَذَا أذن لَهُ الْجلَال(9/176)
البُلْقِينِيّ فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَسمع عَلَيْهِ جُزْءا من عوالي وَلَده وَسمع فِي سنة خمس وَتِسْعين من أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الجاكي الْكرْدِي الصَّحِيح وَكَذَا سَمعه على الْعَلَاء على بن خلف قَاضِي غَزَّة غير مرّة قَالَا أَنا الحجار وَمن التقى أنفاسي تَحْصِيل المرام من تأليفه. وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ الْبَهَاء بن عقيل وَولي)
قَضَاء الْحَنَفِيَّة بغزة فَأَقَامَ نَحْو سنتَيْن ثمَّ صرف وَرَأَيْت من قَالَ أَن المشير عَلَيْهِ بالتحنف حِينَئِذٍ شَيْخه ابْن خلف، وناب فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بهَا أشهرا عَن ابْن مَكْنُون فَلَمَّا تحرّك الرَّحبِي الْخَارِجِي وَطلب من أهل عزة مَالا ورام مصادرتهم قَامَ فَجمع النَّاس وحاربوه وتحزب مَعَه أهل الْبَلَد بعد أَن حصنوها وخندقوها وَلَكِن بَاطِنه جمَاعَة حَتَّى مكنوه من الْجِهَة الشرقية بِحَيْثُ دخل الْبَلَد ورام حِينَئِذٍ الْقَبْض على صَاحب التَّرْجَمَة فنجا بِنَفسِهِ إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا ثمَّ ولي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بغزة اسْتِقْلَالا فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وَصرف عَنْهَا مرَّتَيْنِ الأولى بِالْعَلَاءِ الخليلي وَالثَّانيَِة بالشهاب الزُّهْرِيّ، وَحدث ودرس وَأفْتى وَكَانَ فَقِيها فَاضلا عَلامَة قَالَ التقى بن القَاضِي شُهْبَة أَنه كَانَ يرصد للكلف مَا يتَحَصَّل من الْقَضَاء ويرضى هُوَ بِالِاسْمِ وَالنَّار وَسمعت الْمُؤَيد فِي أعقاب الْفِتْنَة حِين كَانَ نَائِب الشَّام بعده فِي أجواد الْقُضَاة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشَّمْس بن الْحِمصِي وَاسْتقر فِي الْقَضَاء بعده. وَمَات بغزة قَاضِيا فِي رَجَب سنة سِتّ وَأَرْبَعين رَحمَه الله وإيانا.
451 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الطريني الْمحلي الْمَالِكِي أَخُو عمر / الْمَاضِي وأبوهما. كَانَ على طَريقَة أَبِيه بل رُبمَا رَجحه فَلَا يقبل هَدِيَّة مَعَ إطعامه ومداراته حَتَّى كَانَ هُوَ المنظور إِلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِأَخِيهِ. مَاتَ أَذَان الْعَصْر من يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشرى جُمَادَى الأولى سنة سبع وَثَمَانِينَ بِجَامِع بنها الْعَسَل وَحمل فِي مركب إِلَى بوصير ثمَّ على أَعْنَاق الرِّجَال لصنندفا الْمُجَاورَة للمحلة وَصلى عَلَيْهِ قبيل ظهر الْغَد وَدفن فِي زاويتهم جوَار أَبِيه وجده وَعَمه رَحِمهم الله ونفعنا بهم.
452 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الْجمال أَبُو السُّعُود بن الخواجا الشَّمْس الدِّمَشْقِي الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الزَّمن / وَأمه أمة. ولد فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَسمع مني بهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ ثمَّ فِي سنة سبع وَتِسْعين الشفا وسافر بعد أَبِيه إِلَى الْقَاهِرَة هُوَ وعيال أَبِيه وفتاة الصفوى جَوْهَر.
453 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الْكَمَال بن التَّاج الْكرْدِي القاهري الْحَنَفِيّ / تنزل بعد أَبِيه فِي جهاته وَلم يلبث أَن رغب عَنْهَا وَاسْتقر فِي الشيخونية والصرغتمشية مِنْهَا الشهَاب بن إِسْمَاعِيل الحريري فِي سنة تسعين.
454 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الشَّمْس النشيلي الأَصْل القاهري الْأَزْهَرِي(9/177)
الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بالتشيلي مِمَّن اشْتغل ولازم الخيضري كثيرا وَكتب من مجموعاته)
أَشْيَاء وَكَذَا تردد للزيني زَكَرِيَّا ولي وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء.
455 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مَحْمُود الْمُحب بن الشَّمْس الكماخي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَولده إِبْرَاهِيم. / حفظ الْقُرْآن وكتبا وَعرض واشتغل عِنْد أَبِيه وَسعد الدّين بن الديري وَغَيرهمَا كالسراج قاري الْهِدَايَة وَتزَوج بابنته وناب فِي الحكم بل اسْتَقر بعد صهره فِي تدريس الظَّاهِرِيَّة العتيقة وَغَيرهَا من جهاته وَكَانَ متميزا فِي الصِّنَاعَة حسن الْحَظ جوده على الزين بن الصَّائِغ، لطيف الْعشْرَة والممازحة عَليّ الهمة. مَاتَ قريب السّبْعين ظنا عَن نَحْو السِّتين رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن وجيه بن مخلوف. / فِيمَن جده عمر بن مُحَمَّد وجيه قَرِيبا.
456 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الْبَدْر بن النَّجْم القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الزَّاهِد. / ولد بعد الْقرن وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه وَغَيره، وَعرض على جمَاعَة بل سمع على الشّرف بن الكويك صَحِيح مُسلم بِفَوَات وتنزل فِي الْجِهَات وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل وَأَظنهُ نَاب فِي الْقَضَاء وَكَانَت بِيَدِهِ خزانَة كتب الغرابية وَحج غير مرّة مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَخمسين أخذت عَنهُ. مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَوجد لَهُ نقد كثير مَعَ عدم توقع ذَلِك من هَيئته وَمَاتَتْ زَوجته بعده بجمعة رحمهمَا الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.
457 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس بن حلفا السمسار. / مَاتَ فِي سادس عشر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
458 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الْكَمَال بن الشَّمْس الْحلَبِي الأَصْل القاهري التَّاجِر ابْن التَّاجِر وَيعرف بِابْن شمس. / مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَبوهُ هُوَ غَرِيم الشريف الكيماوي الْمَقْتُول أَيَّام الظَّاهِر جقمق. مَاتَ بإسكندرية.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الغاني. / فِيمَن جده مُحَمَّد بن عمر.
459 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الْغَزِّي الْحَنَفِيّ / وَلَيْسَ هُوَ بِالَّذِي جده عمر بن إِسْرَائِيل الْمَاضِي. مِمَّن حفظ الْمجمع واشتغل على أَبِيه والأياسي وتميز وَولي قَضَاء غَزَّة بعد الشَّمْس الضبعِي فدام أَربع عشرَة سنة ثمَّ صرف بإبراهيم بن حرارة وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَتِسْعين عَن بضع وَسِتِّينَ، وَقد حج غير مرّة وجاور وَدخل الْقَاهِرَة وَكَانَ ينتمي فِيهَا ليشبك الْفَقِيه وَلم يكن فِيمَا قيل بِهِ بَأْس، لَهُ رزق من قبل أَبِيه وَغَيره يتقنع بِهِ.) (سقط)(9/178)
(وسائس حمدت فِيهِ وجدا ... لما غَدا كَامِل الرياسه)
(فرحت للشَّرْع أشتكيه ... فَقَالَ لي خُذْهُ بالسياسة)
وَكَانَ بديع الْخط حسن البزة وَالْعشرَة متجملا كَرِيمًا ذَا محَاسِن.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عنقة. / فِيمَن جده عمر بن عنقة.
461 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن أَحْمد بن عِيسَى الشَّمْس بن أبي الْفَتْح بن الشّرف القاهري الكتبي ابْن الكتبي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن أبي الْفَتْح. / فَاضل متميز فِي التجليد والتذهيب والميقات والطب وَغَيرهَا من الْفُنُون والحرف مَعَ حشمة وأبهة وعقل وفتوة ومزيد فاقة. ومولده فِي ثامن شعْبَان سنة خمسين وَثَمَانمِائَة بميدان الْقَمْح وَنَشَأ فَقَرَأَ فِي الْقُرْآن وتدرب فِي التجليد بِمُحَمد الْحُسَيْنِي وبابن السدار وَغَيره فِي التذهيب وَفِي شطف اللازورد بظهير العجمي وَفِي الْمِيقَات علما وَعَملا بِالنورِ النقاش ثمَّ بالعز الوفائي وَبِه تدرب فِي عمل القبان وتحريره وَأخذ عَن الكافياجي فِي الْهَيْئَة وَعَن التقي الحصني فِي الصّرْف وَعَن الْعَلَاء الحصني فِي الْمنطق وَعَن أبي السعادات البُلْقِينِيّ وَحسن الْأَعْرَج فِي الْفِقْه وَعَن ابْن خطيب الفخرية فِي النَّحْو وَغَيره وَكَذَا عَن ياسين فِي النَّحْو وَعَن الأبناسي فِي الْمعَانِي وَغَيره وَعَن الأمشاطي فِي الطِّبّ ولازمني فِي تفهم الألفية وَقِرَاءَة البُخَارِيّ وَغير ذَلِك بل سمع عَليّ بِمَكَّة حِين طلعها من الْبَحْر فِي أثْنَاء سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعض تصانيفي وَغَيرهَا ودام حَتَّى حج ثمَّ عَاد بعد أَن قَرَأَ بِمَكَّة على السَّيِّد أصيل الدّين عبد الله الإيجي فِي الْإِيضَاح للنووي ولازم غَيره من الْفُضَلَاء وتحرك بعد موت شعْبَان الزواوي ليَكُون رَئِيس القبانية فتحزبوا بأجمعهم عَلَيْهِ وَمَعَهُمْ الْمُحْتَسب وَجَمَاعَة بَابه فَأحْضرهُ السُّلْطَان يَوْم ختم البُخَارِيّ من سنة خمس وَتِسْعين بِحَضْرَة الْقُضَاة والمشايخ فأبدى فِي صناعته مَا يشْهد لانفراده وَحصل الثَّنَاء عَلَيْهِ ودام النزاع إِلَى أَن قهرهم ببراعته وقهروه بفجورهم وفحشهم وَكَون الْمُحْتَسب مَعَهم وَلَوْلَا علمهمْ بإقبال الْملك عَلَيْهِ لَكَانَ مَا لَا خير فِيهِ وَمَا كنت أحب لَهُ هَذَا وَكَذَا سَأَلَهُ الْملك فِي أَن يكون ضابطا لأمر جدة شبه النَّاظر وسافر إِلَيْهَا بعد تكلفه ليرق وَلم يظفر بطائل لمعاكسته حَتَّى أَنه رام فِي توجهه إصْلَاح محراب جَامع الطّور فَلم يُمكن من ذَلِك مَعَ انْفِرَاده بمعرفته وَلما عَاد إِلَى)
الْقَاهِرَة لم يرض الْملك صَنِيعه وَاسْتمرّ هُوَ على ركُوب الْفرس بالسرج وَنَحْوه وَلم يرض أحد من أحبابه لَهُ كل هَذَا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن كَرَامَة. / ذكره ابْن عزم هَكَذَا وَهُوَ الْآتِي.
462 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى العفوي الزلديوي المغربي الْمَالِكِي. / كَانَ عَالما(9/179)
ولي قَضَاء الْأَنْكِحَة وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء كأحمد بن يُونُس فَإِنَّهُ قَالَ لي أَنه أَخذ عَنهُ الْعَرَبيَّة والأصلين وَالْبَيَان والمنطق والطب والْحَدِيث وَغَيرهَا من الْفُنُون الْعَقْلِيَّة والنقلية وَأَنه انْتفع بِهِ أَيْضا فِي غَيرهَا والتحق بِأَخْذِهِ عَنهُ مَعَ جمَاعَة مِمَّن أَخذ عَنهُ كإبراهيم بن فائد، قَالَ وَله تصانيف عدَّة فِي فنون مِنْهَا تَفْسِير الْقُرْآن وَشرح على الْمُخْتَصر وَعمر حَتَّى زَاد على الْمِائَة. مَاتَ بتونس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ رَحمَه الله.
463 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غُلَام الله الْبَدْر بن الشَّمْس المَسْعُودِيّ المقسي الْحَنَفِيّ الشَّاهِد وَيعرف بالمسعودي / كتب الْخط الْجيد الْفَائِق وَنسخ بِهِ كثيرا وَرُبمَا أَخذ فِي الكراس أشرفيا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي عدَّة حوانيت مِنْهَا بِالْقربِ من جَامع الزَّاهِد وَلم يكن مَحْمُودًا. مَاتَ فِي ثَالِث عشر الْمحرم سنة سِتّ وَثَمَانِينَ من قرحَة جَمْرَة طلعت فِي قَفاهُ سامحه الله وإيانا.
464 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن أبي الْفضل الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ. / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع من زَيْنَب ابْنة الْكَمَال وَابْن أبي الْيُسْر والصرخدي وَغَيرهم وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة من مصر وَالشَّام. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لي فِي سنة سبع وَتِسْعين فِي الَّتِي بعْدهَا وَمَات بعد ذَلِك فكتبته هُنَا بالحدس.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن عبد الله النُّور الْبَدْر بن خطيب الفخرية وَابْن عَمه. / مضيا فِيمَن جده أَحْمد بن عبد النُّور.
465 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الشّرف بن كريم الدّين أبي المكارم الْمحلي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه الولوي وَابْنه قَاسم. /
ولد سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والرسالة وَعرض واشتغل قَلِيلا وناب فِي الْقَضَاء بعد وَالِده وَحج فِي سنة سبعين وَكَانَ يقصدني كثيرا وحمدت عشرته ثمَّ رَجَعَ وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي الَّتِي تَلِيهَا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
466 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد بن حسن بن عبد المحسن أَبُو الْفضل ابْن الْعَلامَة الْوَرع الزَّاهِد أبي عبد الله ابْن الْعَلامَة الزَّاهِد الْمُنْقَطع إِلَى الله المشدالي بِفَتْح الْمِيم والمعجمة وَتَشْديد اللَّام نِسْبَة لقبيلة من زواوة الزواوي البجائي المغربي الْمَالِكِي وَيعرف فِي الْمشرق بِأبي الْفضل وَفِي الْمغرب بِابْن أبي الْقسم وَأَبُو الْقسم يكنى أَبَا الْفضل أَيْضا. / ولد فِي لَيْلَة النّصْف من رَجَب سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَجزم ابْن أبي عذيبة بِسنة عشْرين ببجاية وَقَالَ فِيمَا أملاه على البقاعي كَمَا زَعمه أَنه ابْتَدَأَ بهَا فِي حفظ الْقُرْآن وَهُوَ فِي الْخَامِسَة فأكمل حفظه فِي سنتَيْن وَنصف بل حفظ حزب سبح قبل أَن يتهجى بِغَيْر إقراء أحد لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ بِسَمَاعِهِ مِمَّن يدرسه وتلا للسبع على أَبِيه وَالْإِمَام الْوَلِيّ أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي رفاع(9/180)
ولنافع فَقَط على الشَّيْخَيْنِ هرون الْمُجَاهِد وَأبي عُثْمَان سعيد العيسوي وَغَيرهمَا وَحفظ الشاطبيتين ورحز الخرازي فِي الرَّسْم والكافية الشافية ولامية الْأَفْعَال لِابْنِ ملك فِي النَّحْو وَالصرْف وغالب التسهيل وَجَمِيع ألفيته وَابْن الْحَاجِب الفرعي والرسالة وأرجوزة التلمساني فِي الْفَرَائِض وَنَحْو الرّبع من مدونة سَحْنُون وطوالع الْأَنْوَار فِي أصُول الدّين للبيضاوي وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وجمل الخونجي والخزرجية فِي الْعرُوض وتلخيص ابْن الْبَنَّا فِي الْحساب وتلخيص الْمِفْتَاح والديوان لامرئ الْقَيْس وللنابغة الذبياني ولزهير بن أبي سلمى ولعلقمة الْفَحْل ولطرفة بن العَبْد ثمَّ أقبل على التفهم فبحث على أبي يَعْقُوب يُوسُف الريفي الصّرْف وَالْعرُوض ثمَّ على أبي بكر التلمساني فِي الْعَرَبيَّة والمنطق وَالْأُصُول والميقات وَعَن أبي بكر بن عِيسَى الوانشريسي أَخذ الْمِيقَات أَيْضا ثمَّ على يَعْقُوب التيروني فِي النَّحْو ثمَّ على أبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر فِيهِ والمنطق ثمَّ على مُوسَى بن إِبْرَاهِيم الحسناوي فِي الْحساب ثمَّ الْحساب أَيْضا مَعَ الصّرْف والنحو والأصلين والمعاني وَالْبَيَان وعلوم الشَّرْع التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه على أَبِيه ثمَّ على أبي الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الحسناوي أَظُنهُ أَخا مُوسَى فِي الْأَصْلَيْنِ. ثمَّ رَحل فِي أول سنة أَرْبَعِينَ إِلَى تلمسان فبحث على مُحَمَّد بن مَرْزُوق ابْن حفيد الْعَالم الشهير وَأبي الْقسم بن سعيد العقباني وَأبي الْفضل بن الإِمَام وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن زاغو وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن النجار الْمَعْرُوف لشدَّة مَعْرفَته بِالْقِيَاسِ ببساطور الْقيَاس وَأبي الرّبيع سُلَيْمَان البوزيدي وَأبي يَعْقُوب يُوسُف بن إِسْمَعِيل وَأبي الْحسن عَليّ بن قَاسم وَأبي عبد الله مُحَمَّد البوري وَابْن أفشوش فعلى الأول فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه والأصلين وَالْأَدب بأنواعه والمنطق والجدل والفلسفيات والطب والهندسة وعَلى الثَّانِي الْفِقْه وأصول الدّين وعَلى الثَّالِث التَّفْسِير والْحَدِيث والطب والعلوم الْقَدِيمَة والتصوف وعَلى الرَّابِع)
التَّفْسِير وَالْفِقْه والمعاني وَالْبَيَان والحساب والفرائض والهندسة والتصوف وعَلى الْخَامِس فِي أصُول الْفِقْه والمعاني وَالْبَيَان وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ، وَكَانَ مرجع النَّاس بِتِلْكَ الْبِلَاد فِي أَمر الْمُخْتَصر فَكَانَ كَمَا نَقله البقاعي عَن عَليّ البسطي إِذا عرض للشَّيْخ إِشْكَال فِي الْأُصُول أَمر بعض تلامذته أَن يذكرهُ بِحَضْرَتِهِ لَعَلَّه يحله وعَلى السَّادِس فِي الْفِقْه وَكَانَ أعلم النَّاس بِهِ وَلَكِن لم يكن لَهُ إِلْمَام بِالْعَرَبِيَّةِ فَأمر بعض تلامذته فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ شرح الألفية لِابْنِ عقيل فَصَارَ يعرفهَا فِيمَا قَالَه البسطي أَيْضا، وَنَحْوه حِكَايَة أبي الْفضل نَفسه أَن طلبه تلمسان أَخَذُوهُ لاستفادة البوزيدي مِنْهُ فِي الْعَرَبيَّة فَنهى الشَّيْخ وَقيل لَهُ أَنه يزدريك(9/181)
ويتشدق بك فِي الْمجَالِس وَيجْعَل كلامك ضحكة بِحَيْثُ أَنه امْتنع من إقرائه فِيمَا كَانَ يقْرَأ فِيهِ وَقَالَ أَنه مَتى حضر عِنْدِي تركت الإقراء جملَة قَالَ أَبُو الْفضل فَكنت إِذا حضرت لَا يخرج إِلَى النَّاس فيسمعني لذَلِك الطّلبَة مَا يسوءني وَتَمَادَى لَهُ الْحَال على ذَلِك مُدَّة إِلَى أَن خرج يَوْمًا لقسم بلد لَهُ فاستأجرت حمارا وَلَحِقتهُ فَسلمت عَلَيْهِ فَرد وَقَالَ مَا تُرِيدُ فَقلت الْقِرَاءَة وَفتحت الْكتاب وشرعت أَقرَأ فَاشْتَدَّ عجبه وَعلم بطلَان مَا نقل لَهُ عني واستغفر الله وصرت عِنْده بمكانة. وعَلى السَّابِع الْحساب والفرائض وعَلى الثَّامِن فِي الْحساب والجبر والمقابلة وَغَيرهَا من أَنْوَاعه والهيئة وجر الأثقال وعَلى التَّاسِع فِي التقاويم والميقات بأنواعه من فنون الأسطرلابات والصفائح والجيوب والهيئة والأرتماطيقي والموسيقا والطلسمات وَمَا شاكلها وَعلم المرايا والمناظر وَعلم الأوفاق وعَلى الْعَاشِر فِي الطِّبّ. ثمَّ عَاد إِلَى بجاية فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَقد برع فِي الْعُلُوم واتسعت معارفه وبرز على أقرانه بل على مشايخه بِحَيْثُ كتب ابْن مَرْزُوق لِأَبِيهِ فِيمَا قيل أَنه قدم علينا وَكُنَّا نظن بِهِ حَاجَة إِلَيْنَا فاحتجنا إِلَيْهِ أكثرن قَالَ البقاعي: وحَدثني الصَّالح أَحْمد الزواوي عَن بعض فضلاء المغاربة أَن ابْن مَرْزُوق قَالَ مَا عرفت الْعلم حَتَّى قدم على هَذَا الشَّاب، فَقيل كَيفَ قَالَ لِأَنِّي كنت أَقُول فَيسلم كَلَامي فَلَمَّا جَاءَ هَذَا شرع يُنَازعنِي فشرعت أتحرز وانفتحت لي أَبْوَاب من المعارف أَو نَحْو هَذَا، وَنقل البسطي عَنهُ أَنه قَالَ إِن عَاشَ كَانَ عَالم الْمُسلمين وَأَنه كَانَ هُوَ وَأَبُو الْفضل بن الإِمَام يأمران تلامذتهم بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ فأسرع إِلَيْهِ غالبهم فانتفعوا وَكَانَ مِنْهُم شخص يُقَال لَهُ أَحْمد بن زكرى لَازمه وَتحقّق بِصُحْبَتِهِ فَهُوَ الْآن الْمشَار إِلَيْهِ فِي تلمسان وَإنَّهُ كَانَ لَا يسامى أَبَا الْفضل فِي تلمسان إِلَّا الشريف أَحْمد بن أبي يحيى وَلم يكن يثبت لَهُ فِي النَّحْو سواهُ فَكَانَا يتناظران فِي)
غَالب الْمجَالِس وَيجْرِي بَينهمَا الْكَلَام وَابْن مَرْزُوق يحكم بَينهمَا وَرُبمَا طَال بَينهم الجدل فيسكت ويدعهما حَتَّى يسكتا وهما كفرسي رهان غير أَن أَبَا الْفضل أَسد كلَاما وَأَشد تَحْقِيقا وأنفذ نظرا وأوسع دَائِرَة فِي فنون الْعلم هَذَا مَعَ كَون أبي الْفضل فِي سنّ ولد الشريف كَمَا أخبرهُ، وتصدر للإقراء بيجاية إِلَى أَن رَحل مِنْهَا فِي أواخرها أَو أَوَائِل الَّتِي بعْدهَا فَدخل بلد الْعنَّاب وقسنطينة وَحضر عِنْد علمائها ساكتا ثمَّ دخل تونس فِي أَوسط سنة خمس وَحضر عِنْد جَمِيع علمائها ساكتا ثمَّ رَحل فِي أواخرها نَحْو المملكة المصرية فِي الْبَحْر فِي مركب نَصَارَى جنويين فارسوا على الْبر الشمالي فِي بِلَاد القطران ثمَّ لججوا فِي الْبَحْر فسكن عَنْهُم ثمَّ أَتَاهُم ريح عاصف فساقهم إِلَى جَزِيرَة قبرس إِلَى نَاحيَة اليان فَمروا على اللمسون والملاحة ثمَّ أرسوا فِي الماغوصة(9/182)
ثمَّ رَحل مِنْهَا فِي الْبر إِلَى الأفقسية مَدِينَة الْملك وَرَأى بهَا غرائب وَحصل لَهُ مَعَ بعض أساقفتهم مناظرة، ثمَّ رَحل من قبرس فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا فأرسوا إِلَى بيروت ثمَّ رَحل إِلَى دمشق ثمَّ طوف فِي بِلَاد الشَّام طرابلس وحماة ثمَّ قطن الْقُدس مُدَّة وشاع ذكره إِلَى أَن مَلأ الأسماع وَصَارَ بشرحه كلمة إِجْمَاع، ثمَّ حج سنة تسع وَأَرْبَعين وجاور ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ فَكَانَ حَظه وَإِن لم يبلغ كل مَا يسْتَحقّهُ نوعا من علمه على غير قِيَاس فزادت حظوته عِنْد أهل المملكة السُّلْطَان وأركان الدولة سِيمَا الْكَمَال وصهره الْجمال، ودرس للنَّاس فِي عدَّة فنون فبهر الْعُقُول وأدهش الْأَلْبَاب فَكَانَ يقْرَأ الْقَارئ بَين يَدَيْهِ ورقة أَو أَكثر ثمَّ يسْرد مَا تتضمنه من تَصْوِير الْمسَائِل ويستوفي كَلَام أهل الْمَذْهَب إِن كَانَ فقها وَكَلَام الشَّارِحين إِن كَانَ غير ذَلِك ثمَّ يتبع ذَلِك بأبحاث تتَعَلَّق بِتِلْكَ الْمسَائِل كل ذَلِك فِي أسلوب غَرِيب ونمط عَجِيب بِعِبَارَة جزلة وطلاقة كَأَنَّهَا السَّيْل وتحرز بديع بِحَيْثُ يكونه جهد الْفَاضِل البحاث عِنْد غَيره أَن يفهم مَا يلقيه وَيدْرك بعض إِدْرَاك مَا يجليه وَلَقَد حَدثنِي غير وَاحِد من ثِقَات الأفاضل أَن الطّلبَة قَالُوا لَهُ تنزل لنا فِي الْعبارَة فَإنَّا لَا نفهم جَمِيع مَا تَقول فَقَالَ شَيْئا يكَاد أَن يكون كشفا لَا تنزلوني إِلَيْكُم ودعوني أرقيكم إِلَيّ فَبعد كَذَا وَكَذَا لمُدَّة حَدهَا تصيرون إِلَى فهم كَلَامي فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ وَقد حصلت بَيْننَا اجتماعات وصحبة وَرَأَيْت مِنْهُ من حِدة الذِّهْن وذكاء الخاطر وصفاء الْفِكر وَسُرْعَة الْإِدْرَاك وَقُوَّة الْفَهم وسعة الْحِفْظ وتوقد القريحة واعتدال المزاج وسداد الرَّأْي واستقامة النّظر ووفور الْعقل وطلاقة اللِّسَان وبلاغة القَوْل ورصانة الْجَواب وغزارة الْعلم وحلاوة الشكل وخفة الرّوح وعذوبة الْمنطق مَا لم أره)
من أحد قَالَ وأخبرت عَنهُ أَن أَبَاهُ أمره بمطالعة غَزْوَة بدر وإلقائها فِي الميعاد فحفظها برمتها من سيرة ابْن إِسْحَق بِمَا فِيهَا من الْأَشْعَار وحاضر بهَا من الْعشَاء إِلَى نَحْو نصف اللَّيْل وَأصْبح فساقها حَتَّى بهر الْحَاضِرين وَأَن أَخا لَهُ كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي بعض الْعُلُوم فيجتهد فِي المطالعة حَتَّى يتَوَهَّم أَنه يفوق عَلَيْهِ فَإِذا وَقع الدَّرْس وَقفه على مباحثات وإشكالات مَا خطرت لَهُ مَعَ امتحانهم لَهُ مرَارًا فيجدونه فِي خلوته نَائِما غير مكترث بمطالعة وَلَا غَيرهَا ثمَّ حضرت درسه فِي فقه الْمَالِكِيَّة بِجَامِع الْأَزْهَر وَإِن من لم يحضر درسه لم يحضر الْعلم وَلَا سمع كَلَام الْعَرَب وَلَا رأى النَّاس ب لَوْلَا خرج إِلَى الْوُجُود قَالَ وَمن سمع كَلَامه فِي الْعلم علم أَنه يخبر عَن مُشَاهدَة وغن غَيره يخبر عَن غيبَة(9/183)
وَلَيْسَ الْمخبر عَن الْمُشَاهدَة كالمخبر عَن المعاينة وَلِهَذَا نجد كَلَامه فِي الْقلب اثْبتْ من كَلَام غَيره لم أر أعظم تحريكا للهمم من حَاله وَلَا أَشد فعلا للقلوب من مقاله سَماع درس وَاحِد من تَقْرِيره أَكثر نفعا من سَماع مائَة من غَيره هَيْئَة لعمري لَا يحاط بكنهها وَهُوَ آيَة أبرزه الله فِي هَذَا الْعَصْر للعباد فَمن قبلهَا يُرْجَى لَهُ بركتها وَمن أَبَاهَا خشِي عَلَيْهِ معاجلة الْعقُوبَة لَا يشبه كَلَامه فِي جزالته وجلالته إِلَّا كَلَام الْعَرَب العرباء وَلَا يضاهيه فِي طلاقته ورصانته سوى فحول الألباء على أَنه محشو من دَقِيق الْمعَانِي بِمَا يمْنَع لعمري من التصنع ويشغل عَن التَّكَلُّف بل تِلْكَ مِنْهُ سجية غير محتاجة إِلَى روية وهمة علية مَا جنحت قطّ فِي التَّحْصِيل لدنية:
(صِفَات يغار الْبَدْر مِنْهَا وينثني ... لَهَا خضعانا رُءُوس المنابر)
لكنه مخل الْمُرُوءَة كثير الترفع على أَصْحَابه سِيمَا فِي الْمَلأ عَظِيم التهاون بهم عديم النَّفْع لَهُم لين الْجَانِب لمخالفيه غير بعيد من نفعهم وَهُوَ يستر هَذِه النقائص ببعد غوره غَايَة السّتْر فَلَا يذوقها مِنْهُ إِلَّا النحرير فِي أَوْقَات الغفلات فَإِذا ظهر لَهُ مِنْهَا شَيْء انتهك الْبَاقِي فَهُوَ لعمري أعجوبة الزَّمَان حفظا وفهما وتوقدا وذكاء وعلما وخبثا ومكرا ودهاء وتواضعا وكبرا قَالَ وَمن عجائب حَظه أَنه تحبب لشَيْخِنَا ابْن حجر بأنواع التحبب وَأَتَاهُ لبيته فَلم ير مِنْهُ إنصافا وَظن أَن الإشاعات بفضائله مغالاة أَو غلط مِمَّن لَا نباهة لَهُ فَترفع حِينَئِذٍ عَن التَّرَدُّد إِلَيْهِ مَعَ توقع أَن يرَاهُ فِي بيُوت بعض الأكابر فيريه من أنظاره ودقة فكره مَا يتبع فكره وَيعْلي عِنْده قدره بِحَيْثُ كنت أَظن أَن ذَلِك يُفْضِي مَعَ توقع أَن يرَاهُ فِي بيُوت بعض الأكابر فيريه من أنظاره ودقة فكره مَا يتبع فكره وَيعْلي عِنْده قدره بِحَيْثُ كنت أَظن أَن ذَلِك يُفْضِي إِلَى ذد المُرَاد من غيظ وتعاد)
وَاجْتَهَدت من الْجَانِبَيْنِ فِي الِاجْتِمَاع على وَجه جميل فَلم أستطع فَأَرَادَ الله أَن مرض ابْن حجر بأمراض مِنْهَا ضيق النَّفس فِي نَحْو نصف ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَطَالَ مَرضه فَذكره لَهُ الْكَمَال والشرف بن الْعَطَّار وَأَنه يتَعَيَّن أَن ينظره ليشخص مَرضه وَينظر علاجه فَإِنَّهُ فِي الطِّبّ وَاحِد عصره وفريد دهره وَكَانَ قد تكَرر على سَمعه من معارفه وعظمته عِنْد الأكابر وعقله وسياسته وثباته ورزانته مَا قرر عِنْده أمره وملأ صَدره حَتَّى اشْتهى أَن يرَاهُ وَلَو نظرة فَطَلَبه مِنْهُمَا وألح عَلَيْهِمَا فَكَلمَاهُ فِي ذَلِك فَامْتنعَ لكراهته أَن يشْتَهر بطب وَلما تقدم من عدم إنصافه فَلم يَزَالَا يتلطفان بِهِ ويترفقان إِلَى أَن أجَاب فعاده فِي يَوْم الْأَحَد منتصف ذِي الْحجَّة وَهُوَ فِي أَشد الْمَرَض فابتهج بِهِ ابتهاجا كثيرا وعظمه تَعْظِيمًا كَبِيرا ثمَّ نقل عَن ابْن الْهمام أَنه قَالَ: هَذَا الرجل لَا ينْتَفع بِكَلَامِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَن يحضر دروسه إِلَّا حذاق الْعلمَاء وَسُئِلَ عَن النِّسْبَة بَينه وَبَين أبي الْقسم النويري فَقَالَ جهد أبي الْقسم أَن(9/184)
يفهم عَنهُ، وَعَن الزين قَاسم الْحَنَفِيّ قَالَ مَا سَمِعت الْعلم من مثله، وَعَن الْأمين الأقصرائي أَنه وَصفه بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة خُلَاصَة الزَّمَان وَالْعُلَمَاء. وَعَن الشهَاب الأبدي أَنه كتب لوالد صَاحب التَّرْجَمَة أَن الله خول سيدنَا وملاذ أنسنا أَبَا الْفضل ولدم الأسعد من الْفتُوح الإلهية والمنن الربانية مِمَّا امتحنه صَالح دعائكم وَحسن طويتكم واعتقادكم أَن جعله الله بحرا لعلوم زاخرة وعنصرا لفضائل فاخرة ومحاسن مُتَوَالِيَة متضافرة فكم ابدى من دقائق خضعت لَهَا الرّقاب ونفائس هامت بهَا ذَوُو الْأَلْبَاب ومباحث شريفة كشفت دونهَا الْحجاب فأبكت ذَوي الْعُقُول وَحج أَصْحَاب الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول فدانت لَهُ المملكة المصرية والأقطار الشامية والبلاد القاصية والدانية فحاز الرياستين وَقَامَ بالوظيفتين فالرؤساء حول دياره مخيمون وَعُظَمَاء الْمَذْهَب بِفنَاء منزله محومون فالوصف يقصر عَمَّا هُوَ فِيهِ أبقى الله وجوده وَزَاد فِي معاليه. قلت وَقد بَالغ البقاعي بل جازف وَصدر تَرْجَمته بقوله: الإِمَام الْعَلامَة نادرة الْعَصْر وأعجوبة الزَّمَان وَجعله عُمْدَة فِي الْخَوْض فِي المناسبات الَّتِي خُولِفَ فِي شَأْنهَا حَيْثُ زعم أَن أَبَا الْفضل قَالَ لَهُ الْأَمر الْكُلِّي الْمُفِيد لعرفان مناسبات الْآيَات فِي جَمِيع الْقُرْآن وَهُوَ أَنَّك تنظر الْغَرَض الَّذِي سيقت لَهُ السُّور وَتنظر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ ذَلِك الْغَرَض من الْمُقدمَات وَتنظر إِلَى مَرَاتِب تِلْكَ الْمُقدمَات فِي الْقرب والبعد من الْمَطْلُوب وَتنظر عِنْد إنجرار الْكَلَام فِي الْمُقدمَات إِلَى مَا يستتبعه من إشراف نفس السَّامع إِلَى الْأَحْكَام واللوازم التابعة لَهُ الَّتِي تَقْتَضِي البلاغة شِفَاء العليل بِدفع عناء الاستشراف إِلَى)
الْوُقُوف عَلَيْهَا فَهَذَا هُوَ الْأَمر الْكُلِّي على حكم الرَّبْط بَين جَمِيع أَجزَاء الْقُرْآن فَإِذا فعلت ذَلِك تبين لَك إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَجه النّظم مفصلا بَين كل آيَة آيَة فِي كل سُورَة سُورَة وَالله الْهَادِي انْتهى. وَقد كَانَ شيخ الْمَذْهَب الْحَنْبَلِيّ وقاضيه الْعِزّ الْكِنَانِي رَحمَه الله يحلف أَن قَائِلهَا فضلا عَن ناقلها لَا ينْهض لتمشيتها فِي أقصر السُّور. وَسمعت البقاعي يَقُول غير مرّة أَنه لم يكن ينظر فِي دروسه التفسيرية فِي غير الْقُرْآن وَأَنه يستلقي على قَفاهُ ويتأمل فَيَأْتِي بصواعق لَا ينْهض غَيره لَهَا وَأَنه كَانَ يفعل ذَلِك فِي كل علم يَقْرَؤُهُ أَو يقرئه لَا يزِيد على نظر الْمَتْن وَحكى عَن عَليّ البسطي ذَلِك فَقَالَ كَانَ أَبُو الْفضل إِذا قَرَأَ علما لَا يقرأه غَيره وَلَا يزِيد على تَكْرِير مطالعة الْمَتْن وَلَا يطالع شرحا وَلَا غَيره، وناقض البقاعي قَوْله وَنَقله حَيْثُ قَالَ أنهش رح جمل الخونجي قبل استكماله ثَمَانِي عشرَة سنة على طَريقَة حَسَنَة وَهِي أَنه ينظر فِي شروحها لِابْنِ وَاصل الْحَمَوِيّ والشريف التلمساني وَسَعِيد العقباني وَابْن الْخَطِيب(9/185)
القشنبليني وَابْن مَرْزُوق فَمَا أَجمعُوا عَلَيْهِ سَاق مَعْنَاهُ وَكَذَا مَا زَاده أحدهم وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ ذكر مَا رأى أَنه الْحق كل ذَلِك بِعِبَارَة يبتكرها ثمَّ تمم ذَلِك بِمَا وَقع للْمُتَقَدِّمين من عُلَمَاء الْمُسلمين فَمن قبلهم فِي تِلْكَ المسئلة مِمَّا يرى أَنه مُحْتَاج إِلَيْهِ من التحقيقات، وَمِمَّنْ جازف فِي شَأْنه مِمَّا أَظن أَنه تبع فِيهِ البقاعي ابْن أبي عذيبة مَعَ كَونه لَيْسَ بعمدة فَقَالَ: الإِمَام الْعَلامَة أوحد أهل زَمَانه قدم علينا الْقُدس سنة سبع وَأَرْبَعين فأقرأ الْعَضُد وَكتب الْمنطق والمعقولات وَشهد لَهُ الْأَئِمَّة ببلدنا وبدمشق ومصر وطرابلس أَنه أوحد أهل الأَرْض وَأَنه عديم النظير فِي جنس بني آدم وأنني عَاجز الْآن عَن عبارَة أصفه بهَا فَإِن كل عبارَة هُوَ فَوْقهَا ثمَّ دخل مصر فولي تدريس الْقبَّة المنصورية فدرس بهَا الْعجب العجاب وَتعين لقَضَاء الشَّام ثمَّ لمصر فَأبى وَلَا يحضرني الْآن من يضاهيه فِي كَثْرَة علومه ثمَّ نقل عَن الْعِزّ الْقُدسِي أَنه قَالَ وَلَو سكتوا أثنت عَلَيْهِ الحقائب وَعَن ابْن الْهمام أَنه قَالَ سَأَلته عَن مسئلة فِي أَوَاخِر الْأُصُول فَأَجَابَنِي عَنْهَا بأجوبة من لَو طالع عَلَيْهَا ثَلَاثَة أشهر لم يجب فِيهَا بِمثلِهِ، وَعَن سعد بن الديري قَالَ كنت إِذا كَلمته بِكَلَام يفهم آخِره قبل أَن أتمه وَكَانَ اشْتِغَاله ببجاية على أَبِيه أَولا ثمَّ انْتقل عَنهُ وجال فِي بِلَاد الغرب وَلزِمَ ابْن مَرْزُوق ونظراءه ثمَّ قدم إِلَى هَذِه الْبِلَاد وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة فِي الدُّنْيَا فِي عُلُوم عديدة سِيمَا المعقولات وَلما دخل مصر وارتجت لَهُ قَالَ أَبُو الْقسم النويري أَي شَيْء هَذَا الطبل الَّذِي طبل بِمصْر فَبَلغهُ فَقَالَ: قَوْله ذَلِك عني يُرِيد أَنِّي مَرْزُوق الظَّاهِر فارغ الْبَاطِن فليحضر ليرى)
انْتهى. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ بِمَكَّة عَالم الْحجاز الْبُرْهَان بن ظهيرة وبالشام ابْن قَاضِي عجلون وبالقدس الْكَمَال بن أبي شرِيف وبالقاهرة الشهَاب البيجوري والديسطي وَابْن الغرز وَكَانَ خُرُوجه من بِلَاده مغاضبا لِأَبِيهِ وَبِغير رِضَاهُ وَاجْتمعَ فِي الشَّام بالشمس الشرواني ورام الْأَخْذ عَنهُ فَامْتنعَ مُعَللا بِمَا شَاهده من سلوكه غير مَا يألفه من التأدب والتهذب، وَكَانَ النَّاس فِي صَاحب التَّرْجَمَة فريقان فَقَالَ لي المحيوي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي وَالله أَنه لَا عهد لَهُ بالفقه بل سَمِعت قِرَاءَته الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة فَمَا أجادها وَتكلم فِي ديانته بِمَا وَافقه غَيره من ثِقَات أهل مَكَّة عَلَيْهِ مِمَّا لَا أحب الإفصاح بِهِ وَنَحْوه قَول أبي الْقسم النويري أَنه لَا يعرف مسئلة من الْمسَائِل يَعْنِي الْفَقِيه وَلما لَقِي أَبُو الْفضل بِمَكَّة مُحَمَّدًا القفصي أحد نبلاء جمَاعَة عمر القلشاني وَتكلم مَعَه فِي مسَائِل أم الْوَلَد وَالْمُدبر لم يهتد لكثير من ذَلِك بِحَيْثُ علم من نَفسه التَّقْصِير فِي الْفِقْه وَكَانَ ذَلِك باعثا لَهُ على سُؤال مُحَمَّد الْجُزُولِيّ فِي التَّوَجُّه هُوَ وإياه إِلَى الطَّائِف(9/186)
ليمر مَعَه على الْبَيَان والتحصيل لِابْنِ رشد ففعلا ذَلِك وَكَذَا كَانَ صاحبنا الْجمال ابْن السَّابِق يقْدَح فِي علمه وديانته بعد أَن كَانَ مِمَّن قلد فِي شَأْنه أَولا وَبَلغنِي عَن الشرواني أَنه كَانَ يتعجب من المصريين كَيفَ راج عَلَيْهِم وَيَقُول أَنه قَالَ لي وَالله مَا أَخَاف من مصر إِلَّا من ابْن حسان قَالَ فَقلت لَهُ فَأَنت آمن لِأَن الْمشَار إِلَيْهِ مَعَ كَونه فِي الْعلم وَالدّين بمَكَان فِي شَأْن غير شَأْنك وَلَا رَغْبَة لَهُ فِي المجادلة إِلَّا إِن دعت ضَرُورَة دينية أَو كَمَا قَالَ، وَكَانَ الْعِزّ الْكِنَانِي فِي وَصفه متوسط الْحَال بل سمعته غير مرّة يَقُول إِنَّه لَا نِسْبَة لَهُ بِالْعَلَاءِ القلقشندي وَلَا ينْهض لمقاومته فِي المناظرة أَو نَحْو هَذَا، وَأما شَيخنَا الَّذِي لم يسْعد صَاحب التَّرْجَمَة بِالْأَخْذِ عَنهُ فَإِنَّهُ لما بَالغ عِنْده البقاعي فِي تقدمه فِي الطِّبّ وَجَاء بِسَبَب ذَلِك إِلَيْهِ فِي مرض مَوته كَمَا تقدم لم ينْتَه فِي وَصفه إِلَى الْحَد الْأَعْلَى بل صرح بِكَوْنِهِ كالآحاد وَإِلَيْهِ الْمرجع فِي معرفَة النَّاس حَتَّى أَنه كَانَ يُنَوّه أبي عبد الله التريكي لقرب اجتماعه بِهِ من الِاجْتِمَاع الأول لصَاحب التَّرْجَمَة وَلَا يلْتَفت لما تقدم، هَذَا مَعَ زعم البقاعي بَين يَدَيْهِ بِمَا كنت وَالله أستحي من التَّلَفُّظ بِهِ أَنه لَو نظر فِي الرِّجَال ومتعلقاتها سنة مَا كَانَ يلْحق ثمَّ مَعَ تَركه للأخذ عَن شَيخنَا المرحول إِلَيْهِ من سَائِر الْآفَاق للدراية وَالرِّوَايَة سمع على سارة ابْنة ابْن جمَاعَة جُزْء ابْن الطلاية ببيتها وعَلى أَرْبَعِينَ من الْعلمَاء والمسندين ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَقد انتدب للرَّدّ عَلَيْهِ فِي سُؤَاله الَّذِي أبرزه على لِسَان تِلْمِيذه البقاعي فِي تَعْلِيل الرَّافِعِيّ الشَّمْس بن المرخم وأيده فِيهِ التقى الحصني)
والكافياجي وَغَيرهمَا من الْمُحَقِّقين هَذَا مَعَ سُكُوته الزَّائِد وَعدم كَلَامه فِي المحافل بل رُبمَا أَقرَأ فِي بَيته وَالْبَاب مُجَاف حَتَّى لَا يدْخل عَلَيْهِ أحد إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يُؤذن بِحَقِيقَة الْحَال، وَلما كَانَ بِالْقَاهِرَةِ ثار على قَاضِي الْمَالِكِيَّة الْبَدْر بن التنسي وجرأ عَلَيْهِ الديسطي وأخذا مَعَهُمَا الأبدي ليتقويا بِهِ لشهرة علمه وديانته وَعدم غَرَضه حِين توقف الْبَدْر فِي قتل الكيمياوي المنتسب للشرف حَتَّى قتل وَقد الْبَدْر غبنا وَكَانَ هَذَا يؤمل تقدمه بقتْله لكَونه مُوَافقا لغَرَض السُّلْطَان فخاب أمله وللجمالي نَاظر الْخَاص فِي تَأْخِيره الْيَد الْبَيْضَاء نعم ساعده الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وَهُوَ مِمَّن كَانَ يطريه حَتَّى انتزع لَهُ تدريس التَّفْسِير بقبة المنصورية من المحيوي الطوخي وَعمل لَهُ إجلاسا حَضَره فِيهِ الأكابر وَلم يَجْسُر أحد على التَّكَلُّم مَعَه لإغلاظه على الزين قَاسم الزفتاوي لما تكلم مَعَه فجبن غَيره وَكنت مِمَّن حضر هَذَا الدَّرْس وَرَأَيْت من سرعَة سرده وطلق عِبَارَته وَقُوَّة جنانه فِي تأديته عجبا وَإِن كَانَ مقَام التَّحْقِيق وَرَاء ذَلِك، وَلم يلبث أَن رغب عَنهُ للسيف الْحَنَفِيّ وَعَن تصدير لَهُ بالأقصى وجوالي وَغَيرهمَا(9/187)
للبقاعي وتشتت فِي الْبِلَاد والقرى وَركب الْبَحْر وَالْبر وتطور على أنحاء مُخْتَلفَة وهيئات متنوعة إِلَى أَن مَاتَ غَرِيبا فريدا فِي عنتاب أَوَاخِر سنة أَربع وَسِتِّينَ لَعَلَّه فِي شوالها أَو الَّذِي بعده ورثاه البقاعي بِمَا لم يكمله. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ غَايَة فِي جودة الذِّهْن وَسُرْعَة الْإِدْرَاك وَقُوَّة الحافظة إِلَّا أَنه كَانَ سريع النسْيَان قَلِيل الاستحضار وَلأَجل هَذَا لم يكن يتَكَلَّم فِي الْمجَالِس إِلَّا نَادرا خوفًا من الِاسْتِظْهَار عَلَيْهِ بالمنقول وَإِذا طالع محلا أَتَى فِيهِ بِمَا يبهر السَّامع وَقد تكَرر اجتماعي مَعَه بعد الْمجْلس الْمشَار غليه وَمَا كنت أَحْمد انحرافه عَن شَيخنَا وأرغب فِي لِقَاء أبي عبد الله التريكي لمزيد حبه شَيخنَا وتقدمه على صَاحب التَّرْجَمَة فِي الشرعيات ومحبته فِي المباحثة والمناظرة والمذاكرة، والبقاعي على الْعَكْس فِي هَذَا كُله وَالله تَعَالَى قبيله. هَذَا وَهُوَ لما عرض عَلَيْهِ أخي بعض محفوظاته وصفني فِي إِجَازَته بِمَا لَا أفرح من مثله وَلَكِن الْإِنْصَاف مَطْلُوب، وَله نظم فَمِنْهُ مِمَّا قَالَه بتلمسان فِي سنة أَرْبَعِينَ يُخَاطب بعض أخلائه ببجاية:
(برق الْفِرَاق بدا بأفق بعادنا ... فتضعضعت أركاننا لرعوده)
(كَيفَ الْقَرار وَقد تبدد شملنا ... والبين شقّ قُلُوبنَا بعموده)
(لله أَيَّام مَضَت بسبيلها ... والدهر ينظم شملنا بعقوده فِي أَبْيَات)
467 - مُحَمَّد المشدالي / شَقِيق الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَكْبَر. أَخذ عَن أَبِيه وَغَيره، وَكَانَ مُتَقَدما فِي)
الْعلم تصدر فِي بجاية وانتفع بِهِ جمَاعَة مِنْهُم سُلَيْمَان بن يُوسُف الحسناوي وَكَانَ أتم عقلا من أَخِيه وَأَصَح فهما وأحفظ مَعَ اشتراكهما فِي التَّخْلِيط، وَخرج قَاصِدا الْحَج فَمَاتَ فِي تيه بني إِسْرَائِيل فِي لَيْلَة الْعشْرين من الْمحرم سنة تسع وَخمسين. أرخه ابْن عزم وَوَصفه بالفقيه وَقَالَ غَيره أَنه مَاتَ قبل الْحَج بعد أَخِيه وَبِالْجُمْلَةِ فَكل مِنْهُمَا مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه.
468 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم الشَّمْس المراغي الْمَالِكِي / أحد فقهائهم بِمصْر. سمع ابْن سيد النَّاس وبرع فِي الْفِقْه والفرائض والعربية والتاريخ مَعَ معرفَة بِأُمُور الدُّنْيَا ومدارات أَهلهَا. ذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ اجْتمعت بِهِ غير مرّة عِنْد ابْن خلدون. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى عشرَة وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ وَترك مَالا وكتبا كَثِيرَة، وَينظر فأظنه فِي كتابي وَأَن المقريزي خبط فِيهِ.
469 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم أَبُو عبد الله المزجاجي الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ وَالِد مُحَمَّد / الْآتِي. ولد فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ كَانَ أحد مَشَايِخ صوفية زبيد مِمَّن تقدم عِنْد الْأَشْرَف إِسْمَعِيل ثمَّ عِنْد وَلَده(9/188)
النَّاصِر وَكَانَ يلازمه وينادمه ويحضر مَعَه جَمِيع مَا يصنعه من خير وَشر من غير تعرض لإنكار ممع كَونه متدينا حسن الوساطة. مَاتَ فِي رَابِع عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَعشْرين وَله سِتّ وَسَبْعُونَ سنة. ذكره الخزرجي فِي تَارِيخه وَهُوَ مِمَّن صَحبه وَقَالَ أَنه صحب إِسْمَعِيل بن إِبْرَاهِيم الجبرتي واختص بِهِ حَتَّى كَانَ من أكبر أَصْحَابه وَلزِمَ الزّهْد والنسك وَالْعِبَادَة والانجماع عَن النَّاس وَحج وَأَدْنَاهُ الْأَشْرَف سُلْطَان الْيمن فجرت على يَدَيْهِ أَشْيَاء حَسَنَة وابتنى بزبيد مَسْجِدا حسنا مَعَ كَثْرَة اشْتِغَاله بِطَلَب الْعلم.
470 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم الشَّمْس البالسي. / ولد فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَقَالَ أَنه دخل على أبي حَيَّان وَهُوَ صَغِير وَسمع كَلَامه بل قَالَ الزين رضوَان أَنه ذكر أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ من وَالضُّحَى إِلَى آخر الْقُرْآن وَلَكِن قَالَ شَيخنَا لم أَقف لَهُ على سَماع مِنْهُ، وَكَانَ من أهل الْعلم بالقراآت واستجيز لوَلَده الْبَدْر قبل الْعشْرين. وَمَات فِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وَعشْرين.
471 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن القَاضِي الخزرجي الزموري ثمَّ الْمدنِي. / عرض عَلَيْهِ أَبُو السعادات بن أبي الْفرج الكازروني فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
472 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن لاجين نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله بن نَاصِر الدّين بن حسان الدّين الرُّومِي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي القادري وَيعرف بِابْن الحسام وَكَذَا بيرم / لكَونه ولد فِي الْعِيد وَهُوَ فِي التركي بيرم. كَانَ جده أستادارا لأمير آخور وَكَذَا كَانَ أَبوهُ أستادارا لشاهين الأفرم ثمَّ لبيبغا المظفري مَعَ دواداريته أَيْضا بل خدم بالإستادارية إِبْرَهِيمُ بن الْمُؤَيد وسافر مَعَه ثمَّ فَارقه من قطيا حِين رأى إسرافه للخوف من أَبِيه، وَمَات فِي آخر سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَترك وَلَده هَذَا طفْلا. وَكَانَ مولده سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَنَشَأ يَتِيما فَقَرَأَ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج وجود فِي الْقُرْآن على ابْن أَسد وَحضر دروس الْجمال الأمشاطي وَهُوَ الَّذِي كَانَ يكْتب لَهُ لوحة من الْمِنْهَاج وَكَذَا حضر دروس الشنشي بل قَرَأَ على التقي الحصني فِي النَّحْو وَالصرْف وأصول الدّين وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وجود الْخط على إِبْرَاهِيم الفرنوي وَعبد الرَّزَّاق الشَّامي نزيل الأشرفية وَسمع على شَيخنَا والزين الزَّرْكَشِيّ وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة والأشبولي وَآخَرين مِنْهُم فِي البخارى بالظاهرية الْقَدِيمَة وسافر لحلب وَكَانَ بهَا فِي شَوَّال سنة سبع وَسِتِّينَ فَسمع بهَا على ابْن مقبل وإبرهيم الضَّعِيف وَمُحَمّد بن أَمِير حَاج وَأبي ذَر وَجَمَاعَة وبدمشق على بَعضهم وَلم يتَّفق لَهُ زِيَارَة بَيت الْمُقَدّس نعم حج وجاور غير مرّة وَكَانَ يحضر مجَالِس الْبُرْهَان وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا ثمَّ أعرض عَنْهَا وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا(9/189)
واختص بِمُحَمد بن جمال الدّين وقتا وأقرأ عِنْده بعض بنيه وَهُوَ الْآن عِنْد دَرَجَة الجمالية مَعَ خير وَسُكُون، وَتردد إِلَيّ وَقد قَرَأَ عَلَيْهِ صديقه الصَّدْر الزفتاوي فِي ثَالِث شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين الْفَاتِحَة على سَبْعَة وقوفات والبسملة آيَة مِنْهَا بقرَاءَته على الزين أبي حَفْص عمر بن تغلب بمثناة ثمَّ مُعْجمَة بقرَاءَته على مُحَمَّد بن الْحداد الصُّوفِي البيري. الْبَسْمَلَة. الرَّحِيم. الدّين.
نستعين. الْمُسْتَقيم. عَلَيْهِم. عَلَيْهِم. الضَّالّين.
473 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ الْبَدْر بن الشَّمْس القاهري وَيعرف بِابْن البهلوان / الْمَاضِي أَبوهُ وَابْنه أَحْمد خَلفه فِي الخطابة بِجَامِع التَّاج بن مُوسَى وخزن الْكتب بالجمالية نَاظر الْخَاص وَغَيرهمَا، وَكَانَ من صوفية البيبرسية سَاكِنا. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانِينَ.
474 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ الشَّمْس بن التَّاج المنوفي الشَّافِعِي وَالِد الْعِزّ مُحَمَّد / الْآتِي. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة بمنوف وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الْجمال المليجي الْخَطِيب وَحضر بعض دروس الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ ووقفت على سَماع لَهُ عَلَيْهِ فِي مُسْند أبي يعلى بل كَانَ كَمَا زعم حفظ التَّنْبِيه وَعرضه على جمَاعَة وَأَنه حضر عِنْد الزين الْعِرَاقِيّ)
والهيثمي وَغَيرهمَا فَالله أعلم. لَقيته بمنوف وَكَانَ قاضيها غير مَحْمُود كولده سامحه الله. وَأَظنهُ مَاتَ قريب السِّتين.
475 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ الشَّمْس بن عز الدّين البلبيسي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي نزيل طيبَة وأخو حسن / الْمَاضِي وَيعرف أَبوهُ فِي بَلَده بعز الدّين الصعلوك الْمُؤَذّن ببلبيس وَفِي غَيرهَا بالبلبيسي وَكَانَ يذكر قرَابَة بَينه وَبَين الْفَخر عُثْمَان المَخْزُومِي البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر. ولد الشَّمْس كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا ببلبيس وتحول مِنْهَا بعد بُلُوغه وَقد قَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الْبُرْهَان الفاقوسي فَنزل جَامع الْأَزْهَر وَحفظ بِهِ الْمِنْهَاج وألفية النَّحْو والمنهاج الْأَصْلِيّ وَنصف الشاطبية وَغير ذَلِك وَأخذ عَن اسراج الْعَبَّادِيّ وَالْفَخْر المقسي وَابْن الفالاتي وقليلا عَن الْبكْرِيّ والعجلوني والعربية عَن إِبْرَهِيمُ الْحلَبِي أبي الصَّغِير والتقى والْعَلَاء الحصنين وعنهما أَخذ أَيْضا فِي الْأَصْلَيْنِ وَالصرْف والمعاني والبيضاوي الْأَصْلِيّ إِلَّا الْيَسِير عَن إِمَام الكاملية وَحضر عَلَيْهِ كثيرا من تقاسيمه الْفِقْهِيَّة وَجمع الْجَوَامِع بل قَرَأَ عَلَيْهِ بالقطبية الْأَرْبَعين النووية وَمَا كتبه فِي شرحيه على الْعُمْدَة وَغير ذَلِك وَأخذ الْفَرَائِض والحساب عَن الشهَاب السجيني وَالسَّيِّد على تلميذ ابْن المجدي وَقَرَأَ على الديمي فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَسمع على الشاوي والملتوتي بل على السَّيِّد النسابة وَغَيره بالكاملية وَكَذَا لَازم الْخَطِيب أَبَا الْفضل النويري فِي سَماع دروسه(9/190)
الحديثية وَقَرَأَ على النَّجْم بن فَهد فِي البُخَارِيّ وَحضر دروس ابْن ظهيرة، وَقدم مَكَّة فِي سنة ثَمَان وَسبعين فحج وجاور ثمَّ قدمهَا بعد سنة أَيْضا ثمَّ عَاد ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة سنة خمس وَثَمَانِينَ وقطن مَكَّة إِلَى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ ثمَّ عَاد إِلَى الْمَدِينَة فقطنها وَجلسَ للإقراء فِي فنون فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة مَعَ تعلله وتواضعه وانجماعه وتقشفه وتقنعه واشتغاله بِنَفسِهِ ومجيئه لِلْحَجِّ كل سنة بل رُبمَا جَاءَ مَكَّة فِي الْقَافِلَة قبل الْمَوْسِم وَهُوَ مِمَّن سمع مني فِي مجاورتي الأولى بِالْمَدِينَةِ المسلسل وَغَيره ثمَّ فِي الثَّانِيَة وَمَعَهُ ابْنَته حَاضِرَة أَشْيَاء وكتبت لَهُ الْوَصْف بسيدنا وحبيبنا الشيخي الإمامي العالمي الْعَلامَة الْمُفْتِي مغتي الْمُسلمين مرشد الطالبين مربي المريدين قدوة المستفيدين نزيل بلد الْمُصْطَفى وعديل أولى الْجَلالَة والاصطفا من منح السَّعَادَة بِالْإِقَامَةِ بِطيبَة وسمح بالتجرد لِلْعِبَادَةِ المزيلة لكل كربَة وَأعْرض عَن زهرَة الدُّنْيَا الدنية ونهض لما يترجى لَهُ مَعَه الغنية الأبدية بالتملي بِهَذِهِ الْمعَاهد والتسلي بهَا عَن سَائِر الْمشَاهد إِذْ كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا)
وَجَمِيع الْخيرَات فِي أم الْقرى صلى الله على ساكنها وَسلم وَأَعْلَى بناءه على سَائِر الْخلق من علم وَتعلم من الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ فضلا عَن الْأَوْلِيَاء وَالْمَلَائِكَة المقربين عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام أَجْمَعِينَ إِلَى يَوْم الدّين نفع الله تَعَالَى بِهِ وَدفع بِهِ وَعنهُ كل أَمر مشتبه إِلَى آخر مَا كتبت.
476 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ الشَّمْس الحسباني الدِّمَشْقِي / رَئِيس المؤذنين بجامعها الْأمَوِي وكبير شُهُود دمشق. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ: كَانَ عَارِفًا بِالشُّرُوطِ سريع الْكِتَابَة ذكيا يستحضر كثيرا من الْفِقْه والْحَدِيث مَعَ كَثْرَة التِّلَاوَة. مَاتَ فِي شعْبَان سنة تسع عشرَة.
477 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَهِيمُ بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن أبي بكر الْمُحب أَبُو الْمَعَالِي بن الرضى أبي السعادات بن الْمُحب أخي أبي الْيمن ابْني الشهَاب بن الرضي الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي / إِمَام الْمقَام الْمَاضِي أَبوهُ ووالد أبي السعادات وَإِخْوَته وَيعرف بالمحب الطَّبَرِيّ الإِمَام. ولد فِي سَابِع عشر ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة المشرفة وَأمه عَائِشَة ابْنة أَحْمد بن حسن ابْن الزين الْقُسْطَلَانِيّ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة وأربعي النَّوَوِيّ وَمن أول الشاطبية إِلَى افرش وَجَمِيع الْمِنْهَاج الفرعي وَالنّصف الأول من الْحَاوِي وَجَمِيع جمع الْجَوَامِع وألفية ابْن ملك وإيساغوجي والجمل للخونجي ومقدمة النَّسَفِيّ وَكَانَت قِرَاءَته للكثير مِنْهَا على أَبِيه وَعرض بَعْضهَا على الْجمال بن ظهير والنور بن سَلامَة وَشَعْبَان الآثاري وَأبي عبد الله الوانوغي والشهاب بن الضياء الْحَنَفِيّ(9/191)
الْجمال وَمُحَمّد بن عَليّ النويري فِي آخَرين وَسمع على الْأَوَّلين والزين المراغي وَابْن الْجَزرِي والتقى ووالده الشهَاب أَحْمد الفاسيين والمرجاني والمرشدي وَعبد الْملك الدربندي وَالشَّمْس الشَّامي وحسين وإسمعيل ابْني عَليّ الزمزمي وحسين الْهِنْدِيّ وَمُحَمّد بن حُسَيْن الكازروني الْمُؤَذّن وَأحمد بن مَحْمُود وَفَاطِمَة وعلما ابْنَتي أبي الْيمن الطَّبَرِيّ فِي طَائِفَة من أهل مَكَّة والواردين عَلَيْهَا مِنْهُم الْخَطِيب أَبُو الْفضل بن ظهيرة سمع عَلَيْهِ الْأَرْبَعين التساعية لِابْنِ جمَاعَة وَمِمَّا سَمعه على ابْن سَلامَة بِقِرَاءَة الزين رضوَان فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين بِمَكَّة جُزْء الْقَزاز ومسئلة الْإِجَازَة للْمَجْهُول والمعدوم للخطيب وَغير ذَلِك وعَلى المراغي ختم مُسلم وعَلى ابْن الْجَزرِي جملَة من تصانيفه كالنشر وَالْعدة وَالْجنَّة وَغَيرهَا كجزء الْأنْصَارِيّ وَأَجَازَ لَهُ عَم أَبِيه أَبُو الْيمن والزين الطَّبَرِيّ وَابْن الظريف وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَعبد الْقَادِر الأرموي والتاج ابْن بردس وَابْن الشرائحي وَابْن الكويك وَابْن طولوبغاو خلق وتلا ختمة لأبي عمر وعَلى ابْن)
الْجَزرِي ثمَّ الزين رضوَان المستملى وَبَعضهَا للسوسي على الزين بن عَيَّاش واليسير على الزراتيتي وَابْن سَلامَة وَحضر دروسه وَكَذَا دروس الْجمال بن ظهيرة وَابْنَة الْمُحب فِي الْفِقْه وارتحل فِي موسم سنة ثَمَان وَعشْرين فَأخذ بِالْقَاهِرَةِ عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَكتب عَنهُ فِي القانبيهية من أَمَالِيهِ وَشَيخنَا وَحضر دروسه فِي المؤيدية وَغَيرهَا والشهاب الطنتدائي والسراج الدموشي وَالشَّمْس الشطنوفي والشرف السُّبْكِيّ وسافر مِنْهَا فِي أَوَاخِر الَّتِي تَلِيهَا إِلَى الصَّعِيد وَحضر بمنشية أخميم دروس الْخَطِيب السوهائي وَالشَّمْس الغزولي وَالِي إسكندرية ودمياط بل وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَاجْتمعَ هُنَاكَ بالشمس الْهَرَوِيّ وَخَلِيفَة المغربي وَغَيرهمَا، وَدخل الشَّام فِي أَوَائِل سنة خمس وَعشْرين فَحَضَرَ مجْلِس النَّجْم بن حجي وَالشَّمْس الكفيري والتقى الحصني وَابْن أَخِيه الشَّمْس والتقى بن قَاضِي شُهْبَة وَلَقي فِي آخرهَا بحمص وحماة جمَاعَة كَابْن خطيب الدهشة والبدر العصياتي والشرف بن الْأَشْقَر وَفِي أَوَائِل الَّتِي تَلِيهَا بحلب حافظها الْبُرْهَان فَسمع من لَفظه فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَقَرَأَ على الشهَاب الأعزازي النَّحْو وَحضر عِنْد ابْن أَمِين الدولة وَعبد الْملك البابي وَرجع فِي سنة سبع وَعشْرين مِنْهَا إِلَى الشَّام ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ إِلَى مَكَّة وَقَرَأَ فِيهَا على النَّجْم الوَاسِطِيّ بن السكاكيني الْحَاوِي بحثا فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ ألفية ابْن ملك وَالتَّلْخِيص وعروض الأندلسي النثر وَالنّظم ومقدمة لَهُ فِي النَّحْو بحثا وعَلى الشَّمْس الْبرمَاوِيّ أَيْضا لما جاور فِي سنة تسع وَعشْرين الْحَاوِي والبهجة وجامع الْجَوَامِع وَشَرحه لألفيته فِي الْأُصُول وَشَرحه لمقدمته فِي الْفَرَائِض وَقطعَة(9/192)
من شرح الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ لَهُ وعَلى الْبُرْهَان الزمزمي مَجْمُوع الكلائي فِي الْفَرَائِض وَالْحَاوِي لِابْنِ الهائم فِي الْحساب ومنظمة لَهُ فِي النَّحْو تسمى المرشدة وعَلى أبي الْقسم النويري فِي أصُول الْفِقْه وعَلى غَيره فِي أصُول الدّين وَفِيهِمَا مَعًا على السَّيِّد الرضي الشِّيرَازِيّ فِي آخَرين مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِم كإبرهيم الْكرْدِي وَإِمَام الدّين وَحضر دروس الْبِسَاطِيّ حِين جاور فِي الْأُصُول الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير وَغَيرهَا، وَكَذَا أَخذ عَن الْجمال الكازروني الْكثير، وسافر من مَكَّة لبلاد بجيلة غير مرّة أَولهَا فِي سنة ثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين، وَلَقي فِيهَا أَحْمد بن الشَّيْخ مُوسَى الزهْرَانِي، وَكَذَا دخل تعز وعدن وزبيد وأبيات حُسَيْن وَغَيرهَا من بِلَاد الْيمن فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَاجْتمعَ فِي تعز وعدن بِالْقَاضِي ابْن كنن وَفِي أَبْيَات حُسَيْن بالبدر حُسَيْن الأهدل وَأذن لَهُ هُوَ والزهراني والسكاكيني وَالْجمال الكازروني والزمزمي والكردي)
وَغَيرهم مِمَّن ذكره فِي الْإِفْتَاء والتدريس لجَمِيع مَا قَرَأَهُ من الْعُلُوم، وَرغب لَهُ وَالِده قبل وَفَاته بِثَلَاثَة أَيَّام أَو أَكثر فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين عَمَّا بِيَدِهِ من الْإِمَامَة بمقام إِبْرَهِيمُ وَلم يتَّفق لَهُ مباشرتها لصِغَر سنه مَعَ أَنه كَانَ نَاب فِيهَا أَظُنهُ فِي رَمَضَان خَاصَّة سنة سبع عشرَة إِلَى أَن عَاد من الْقَاهِرَة فِي موسم سنة سبع وَعشْرين فباشرها حِينَئِذٍ شَرِيكا لِابْنِ عَم وَالِده عبد الْهَادِي بن أبي الْيمن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضي الطَّبَرِيّ ثمَّ اسْتَقل بهَا بعد مَوته فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين إِلَى أَن مَاتَ وَولي فِي أثْنَاء ذَلِك قَضَاء مَكَّة وأعمالها كجدة عوضا عَن أبي السعادات بن ظهيرة فِي عشرى ذِي الْقعدَة سنة سبع وَأَرْبَعين وَوصل الْعلم بذلك لمَكَّة فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة مِنْهَا وَقُرِئَ توقيعه صَبِيحَة الْيَوْم الْمَذْكُور بمنى بِحَضْرَة أَمِير مَكَّة الشريف أبي الْقسم وأمير الْحَاج، وَلم يلبث أَن صرف فِي ثامن عشرى جُمَادَى الأولى من الَّتِي تَلِيهَا بالبرهان السوبيني وَوصل الْعلم بذلك لمَكَّة فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر شعْبَان مِنْهَا ثمَّ أُعِيد فِي ثَالِث عشرى رَمَضَان سنة تسع وَخمسين عوضا عَن أبي السعادات أَيْضا وَقُرِئَ مرسومه بذلك فِي يَوْم الْجُمُعَة عشرى شوالها وَلم يلبث أَن انْفَصل عَنهُ بالمذكور فِي مستهل ذِي الْحجَّة مِنْهَا وَجَاء الْخَبَر بذلك لمَكَّة فِي أَوَاخِر محرم الَّتِي تَلِيهَا وَاسْتمرّ مُنْفَصِلا مقتصراص على الْإِمَامَة وَرُبمَا درس وَأفْتى بل وخطب مرّة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام نِيَابَة عَن الْأَخَوَيْنِ أبي الْقسم وَأبي الْفضل فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وتناوب مَعَ بنيه الثَّلَاثَة فِي مُبَاشرَة الْإِمَامَة وَرُبمَا غَابَ أحدهم فصلى عَنهُ ثمَّ خطب بِأخرَة حِين(9/193)
سخط على الْمُحب النويري مُدَّة وَرُبمَا نَاب عَنهُ كل من ولديه أبي السعادات ومكرم فِيهَا حَتَّى رَضِي عَن الْخَطِيب فِي موسم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين، وَهُوَ إِنْسَان خير منجمع عَن النَّاس جدا ممتهن لنَفسِهِ فِي شِرَاء حَوَائِجه وَحملهَا وَكَذَا فِي لِبَاسه وشئونه كلهَا قَائِم بكلفة أَوْلَاده وأحفاده وأسباطه وَسَائِر عِيَاله وهم جمع كَثِيرُونَ ولكثير من النَّاس فِيهِ اعْتِقَاد بل قَرَأت بِخَطِّهِ مَا اجْتمعت بِأَحْمَد بن مُوسَى صَاحب الْخلف إِلَّا وبشرني بِالْولَايَةِ وَكَانَ يَقُول لي الْوَلِيّ يعرف نَفسه قَالَ وَكنت إِذْ ذَاك لَا ألْقى لمقاله بَالا وَكَانَ مُحَمَّد بن إِسْحَق الْحَضْرَمِيّ يَقُول لي أَنْت من النَّبِي بمَكَان وَقَالَ لي أَبُو الْقسم النويري وَمُحَمّد الجرادقي مَا اجْتَمَعنَا قطّ فِي مجْلِس إِلَّا وتخيلنا أَنَّك القطب وَقَالَ لي أَولهمَا وَكَانَ وَاحِد الْعَصْر النَّاس يُرِيدُونَ أَن تكون الإِمَام. وَلَكِن كَانَ البلاطنسي يضع مِنْهُ لميله لِابْنِ الْعَرَبِيّ. وَقد لَقيته غير مرّة فِي المجاورات الثَّلَاث بل وَفِي الرَّابِعَة، وَحدث سمع مِنْهُ الطّلبَة)
سِيمَا بِأخرَة ختم صَحِيح مُسلم وَأَجَازَ فِي بعض الاستدعاآت بل أَنْشدني من نظمه فِي الثَّانِيَة مِنْهَا مُخَاطبا لي وَقد بلغه عَن بَعضهم كلَاما حَيْثُ ذكر لي شَيْئا من أَحْوَاله:
(وَمَا أنشأ العَبْد من لَفظه ... مقَالا لأمر يَظُنُّونَهُ)
(وَلَكِن رأى كَونه شاكرا ... بجود وَفضل تمدونه)
(فَأَنت حبيب محب لنا ... من الْحَظ ذَاك يعدونه)
وَقَوله:
(ظنُّوا التَّعَدُّد للمسمى إِذْ رَأَوْا ... أسماءه كثرت وَذَلِكَ بَاطِل)
وَلم يزل على حَاله إِلَى أَن انْقَطع بمنزله وكف. وَمَات فِي أثْنَاء صفر سنة أَربع وَتِسْعين وَشهِدت الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.
474 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَعِيل بن دَاوُد الصَّدْر بن الصَّدْر القاهري الْحَنَفِيّ نزيل السيوفية والماضي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن الرُّومِي. /
475 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي طَالب بن حَمْزَة الشَّمْس بن القواس المَخْزُومِي الْحِمصِي. / كتبه البقاعي هَكَذَا مُجَردا.
476 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُحب عبد الله بِمن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَعِيل بن مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشَّمْس السَّعْدِيّ الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف كسلفه بِابْن الْمُحب. / ولد فِي شَوَّال سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وأحضر فِي الثَّالِثَة سنة سبع وَخمسين على أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن المرداوي مجَالِس المخلدي الثَّلَاثَة وَغَيرهَا(9/194)
وَفِي الْخَامِسَة على ابْن الْقيم ثلاثيات أَحْمد وَغَيرهَا وَسمع من الْبَدْر أبي الْعَبَّاس بن الجوخي مُسْند أَحْمد إِلَّا الْيَسِير وَمن سِتّ الْعَرَب حفيدة الْفَخر الشَّمَائِل النَّبَوِيَّة وَغَيرهَا وَمن ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر مشيخة الْفَخر وذيلها وَمن أَولهمَا التِّرْمِذِيّ وَأَبا دَاوُد فِي آخَرين، وَحج وجاور بالحرمين وَحدث بهما بِدِمَشْق وَغَيرهَا سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء روى لنا عَنهُ غير وَاحِد كالأبي وَفِي الْأَحْيَاء من يروي بِالسَّمَاعِ مِنْهُ فضلا عَن الْإِجَازَة، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لي غير مرّة ثمَّ لأولادي وَكَانَ من المكثرين بِدِمَشْق ذَا نظم ونثر، بل قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه أَنه شرع فِي شرح البُخَارِيّ تَركه بعده مسودة وَكَانَ يقْرَأ الصَّحِيحَيْنِ على الْعَامَّة وَلم نظم ضَعِيف. مَاتَ بِطيبَة المكرمة فِي رَمَضَان سنة)
ثَمَان وَعشْرين وَكَانَ يذكر عَن نَفسه أَنه رأى مناما من نَحْو عشْرين سنة يدل على مَوته بِالْمَدِينَةِ ثمَّ سَمِعُوهُ مِنْهُ قبل خُرُوجه لهَذِهِ السفرة فَكَانَ كَذَلِك قَالَ وَهُوَ بَقِيَّة الْبَيْت من آل الْمُحب بالصالحية، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي رَحمَه الله وإيانا.
477 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْملك الْبَدْر بن الزين بن الشَّمْس بن التَّاج الدَّمِيرِيّ ثمَّ القاهري الْمَالِكِي / الْمَاضِي أَبوهُ والآتي وَلَده الزين مُحَمَّد. كَانَ جده نَاظر البيمارستان وَولي الْحِسْبَة وَكَذَا وَالِده وَاسْتمرّ هَذَا فِي مشارفة البيمارستان، قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: وَكَانَ مشكور السِّيرَة كثير الْحيَاء والتودد للنَّاس وَتزَوج الْبَدْر مُحَمَّد بن بدير العباسي العجمي الْمَاضِي أُخْته. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَلم يكمل الْخمسين وَدفن بالتربة الْمَعْرُوفَة بهم خلف الصُّوفِيَّة الْكُبْرَى وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ والأسف على فَقده رَحمَه الله.
478 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عبد الْغَنِيّ الشَّمْس بن الشّرف بن الشَّمْس الششتري الْمدنِي الْمُقْرِئ الشَّافِعِي سبط نَاصِر الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح. /
مِمَّن أَخذ بِالْمَدِينَةِ القرآات عَن مُحَمَّد الكيلاني وَعَن غَيره وَسمع بهَا على زَيْنَب ابْنة اليافعي وَدخل الْقَاهِرَة بعيد الْأَرْبَعين فَنزل عِنْد الغمري بجامعة وناله مِنْهُ الْخَيْر الجزيل وَيُقَال أَنه أَخذ عَن شَيخنَا حِينَئِذٍ. وَرجع فتصدى للإقراء وانتفع بِهِ أهل الْمَدِينَة وَغَيرهَا طبقَة بعد أُخْرَى وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ السَّيِّد المحيوي قَاضِي الْحَنَابِلَة بالحرمين والشهاب بن خبطة وناب فِي الخطابة والإمامة عَن خَاله وبنيه وَرُبمَا صلى فِي زمن الفترة بل قيل أَنَّهُمَا عرضتا عَلَيْهِ اسْتِقْلَالا فَأبى، وَكَانَ خيرا صَالحا. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَثَمَانِينَ عَن نَحْو السّبْعين وَهُوَ خَاتِمَة شُيُوخ الْقُرَّاء بِالْمَدِينَةِ رَحمَه الله وإيانا.(9/195)
479 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مَكْتُوم الشَّمْس السَّلمَانِي الأَصْل الْحِمصِي القادري. / ولد فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع على الْكَمَال أبي الْغَيْث مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الصَّائِغ وَعمر بن عَليّ بن عمر البقاعي وَإِسْمَاعِيل بن معالي القصاب وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْكَرم الْموقع وَأحمد بن دَاوُد بن مُحَمَّد بن السَّابِق وَالْجمال يُوسُف بن أَحْمد بن الشَّمْس السَّلمَانِي الْخياط وَالْفَخْر عُثْمَان بن عبد الله بن النُّعْمَان القصاب وسُويد بن مُحَمَّد بن سُوَيْد الرزاز بعض البُخَارِيّ كَمَا حددته فِي المعجم وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء. مَاتَ وَلم يحرر لَهُ تَارِيخ بوفاته.) :::
480 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو اللطف الْحُسَيْنِي سكنا الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن شبانة بِمُعْجَمَة وموحدة مفتوحتين وَبعد الْألف نون. / فَارق القزازة حِرْفَة أَبِيه واشتغل قَلِيلا فِي الْفِقْه والعربية عِنْد النظام والأمشاطي وَأَجْلسهُ شَاهدا بحانوت الجورة عِنْد الْكَمَال بن الطرابلسي ولازم البقاعي وَكتب لَهُ عدَّة تصانيف وَأخذ عَنهُ وأهين من أَجله فِي كائنة ابْن الفارض وخطب نِيَابَة بِجَامِع الطَّاهِر وَنسخ بِالْأُجْرَةِ وَحج وَدخل الشَّام وزار بَيت الْمُقَدّس واختفى بِسَبَب شَهَادَة وَنسخ بِالْأُجْرَةِ وَحج وَدخل الشَّام وزار بَيت الْمُقَدّس واختفى بِسَبَب شَهَادَة اشْترك مَعَ ابْن الرُّومِي صهر ابْن فيشا فِيهَا وَأمْسك ذَاك فعزر وشجن وَمنع من الْمَالِكِي وَغَيره وَاسْتمرّ هَذَا مَعَ تطلبه مختفيا ثمَّ ظهر وَعَاد لمرافقته مديدة ثمَّ سَافر إِلَى الشَّام فَكَانَ بهَا شَاهدا وَتزَوج وَولد لَهُ هُنَاكَ.
481 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن كميل بن عوض بن رشيد ككبير الْجلَال بن الْبَدْر بن الشَّمْس بن الشهَاب بن السراج بن الْكَمَال المنصوري الشَّافِعِي سبط الشهَاب بن العجيمي وَالِد أوحد الدّين والماضي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن كميل. / ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالمنصورة وَنَشَأ بهَا وَحفظ ألفية النَّحْو وَغَيرهَا، وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة وَبحث الألفية على إِبْرَاهِيم بن أبي شرِيف مَعَ بحث شرح إيساغوجي وتصريف الْعزي وَمن شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي قِطْعَة وَقَرَأَ فِي تَقْسِيم الْفِقْه غير مرّة على السنتاوي وَكَذَا أَخذ فِي الْفِقْه وَغَيره عَن جمَاعَة وَسمع مني وَمن الديمي وَجلسَ عِنْد قَرِيبه الزين قَاسم شَاهدا وَهُوَ متحرك مشارك فِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيره مِمَّن أذن لَهُ شُيُوخه.
482 - مُحَمَّد بن أبي الْقسم مُحَمَّد بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْفضل الْهَاشِمِي الْعقيلِيّ النويري الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأمه أم الْهدى ابْنة الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن عَليّ النويري. / مَاتَ صَغِيرا.
483 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عِيسَى بن بدران(9/196)
بن رَحْمَة الْبَدْر بن الْبَهَاء بن الْعلم السَّعْدِيّ الأخنائي القاهري الْمَالِكِي / الْمَاضِي أَبوهُ ولد فِي جُمَادَى الولى سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي وألفيتي الحَدِيث والنحو الشاطبية وَعرض على جمَاعَة وتفقه بالبساطي والزين عبَادَة ولازم الشمني والحصني وَسمع شَيخنَا وَغَيره كالمناوي وَكتب على الزين بن الصَّائِغ وَكتب فِي توقيع الْإِنْشَاء وَعند الجمالي)
نَاظر الْخَاص بل نَاب فِي الْقَضَاء مَعَ دين وَخير وحدة وانجماع وَسُكُون وبراعة فِي فنون واستحضار وَتوقف وَعدم سرعَة فِي الفاهمة، ودرس قَلِيلا وَكتب بِخَطِّهِ الْقَامُوس فِي مُجَلد وَغَيره، وَحج وَأُصِيب فِي نهب المماليك بنواحي الفخرية، وانجمع عَن الْقَضَاء بعد بهَا لكَون مستنيبه عين عَلَيْهِ قَضِيَّة ثمَّ راسله بالتوقف فِيهَا فَأعْلم صَاحب الْوَاقِعَة بذلك فَلم يسهل بِالْقَاضِي وتكالما فعزل نَفسه ثمَّ أَعَادَهُ غَيره وَجلسَ بِجَامِع الفكاهين وَمَا كنت أحب لَهُ ذَلِك. وَهُوَ من خَواص المتَوَكل على الله الْعزي وَنعم الرجل.
484 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق بن عُثْمَان جلال الدّين ثمَّ بدر الدّين بن الْبَدْر بن الْبَدْر الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد وَأبي بكر الْمَذْكُورين وأبوهم فِي محالهم وَيعرف كسلفه بِابْن مزهر. / ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَأَنه ولد سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَغَيرهمَا، وَعرض على جمَاعَة أَجلهم شَيخنَا وَأثْنى عَلَيْهِ وعَلى أَصله فِي إِجَازَته واشتغل وَأخذ عَن الْبَدْر بن الْأَمَانَة والشرف السُّبْكِيّ وَكتب الْخط الْحسن. وَكَانَ بديع الذكاء جاري الزين القمني فِي مباحثه راج عَلَيْهِ فِيهَا وَكتب ابْن سَالم الشَّافِعِي لِأَبِيهِ من أَجله مقامة، وَلما مَاتَ أَبوهُ اسْتَقر وَهُوَ ابْن نَحْو ثَمَان عشرَة سنة عوضه فِي كِتَابَة السِّرّ ولقب بلقبه وألزم بِحمْل مائَة ألف دِينَار فشرع فِي بيع موجوده فباشرها والاعتماد على نَائِبه الشّرف الْموقع فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي الطَّاعُون يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد الزين أَبُو بكر / أَخُو الَّذِي قبله. وَهُوَ بكنيته أشهر. يَأْتِي فِي الكنى.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد الشّرف أَبُو الْقسم بن الضياء قَاضِي مَكَّة الْحَنَفِيّ / وَابْن قاضيها. وَهُوَ بكنيته أشهر يَأْتِي.
485 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن إِبْرَهِيمُ بن أَحْمد بن روزبة الْجلَال وَالْمجد أَبُو السعادات بن نَاصِر الدّين أبي الْفرج بن الْجمال الكازروني الْمدنِي الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ولد فِي الْمحرم سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة وَغَيرهَا وَعرض فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ على النَّجْم(9/197)
السكاكيني وَأَجَازَهُ فِي آخَرين أَخذ عَن أَبِيه وجده وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ البُخَارِيّ مرَارًا وَبحث على أبي السعادات بن ظهيرة حِين كَانَ عِنْدهم بِالْمَدِينَةِ الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَسمع على جده وَأبي الْفَتْح المراغي، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ)
أَبِيه وصهره أبي الْفرج المراغي بعد الْأَرْبَعين فَأخذ عَن شَيخنَا بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره شَيْئا وَكتب عَنهُ من أَمَالِيهِ جملَة وَكَذَا قَرَأَ على الْعِزّ بن الْفُرَات تساعيات ابْن جمَاعَة الْأَرْبَعين وعَلى الزين الزَّرْكَشِيّ فِي مُسلم وَغَيره وَكَانَ أصيلا فَاضلا. مَاتَ قبل أَبِيه بِيَسِير فِي ربيع الثَّانِي سنة سبع وَسِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا. 486 مُحَمَّد الشَّمْس / أَخُو الَّذِي قبله. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة أَو الَّتِي قبلهَا بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فَسمع على أبي الْفرج المراغي ثمَّ مني أَشْيَاء واشتغل فِي الْمِنْهَاج وَغَيره وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء.
487 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَسْعُود الْعلم بن الْبَهَاء بن الْعلم السنباطي القاهري الْعَطَّار وَالِد مُحَمَّد وَعبد اللَّطِيف / الْمَذْكُورين وَأَبوهُ. ولد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة أَو الَّتِي بعْدهَا بسنباط وجده الْأَعْلَى مِمَّن كَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالمحب نَاظر الْجَيْش كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة كأبيه من عدُول بَلَده ويتكسب مَعَ ذَلِك فِيهَا بالعطر على طَريقَة جميلَة من الْخَيْر والسداد والسكون ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ببنيه وَعِيَاله فقطنها وَحج وَلزِمَ طَرِيقه فِي الْخَيْر والتكسب والإقبال على مَا يُعينهُ حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَدفن بتربة الصلاحية السعيدية رَحمَه الله وإيانا.
488 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن منبع بن صلح بن طهْمَان بن ملاعب بن فتوح بن غَازِي بن بكنجين بن علندي بن كاكو بن مصلح بن طهْمَان بن ملاعب بن حَارِثَة بن سهم بن سعد بن المومل بن قيس بن سعد بن عبَادَة الْمُحب الْأنْصَارِيّ الخزرجي الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْوراق / الْمُؤَذّن بهَا. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ هَكَذَا أمْلى عَليّ نسبه والعهدة عَلَيْهِ وَأَخْبرنِي أَن مولده سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة وَكَانَ يَقُول أَنه سمع من الحجار وَلَكِن لم يظفر لنا أصل سَمَاعه عَلَيْهِ نعم سمع على الحافظين الْمزي والبرزالي وَالشَّمْس بن المهندس وَأبي مُحَمَّد بن أبي التائب والشهاب بن الْجَزرِي وَأبي بكر بن مُحَمَّد بن الرضي وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال وروى لنا عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم شَيخنَا وَقَالَ أَنه مَاتَ فِي حِصَار دمشق فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.
489 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُوسَى بن أبي بكر بن أبي العَبْد الْمُحب بن قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِطيبَة خير الدّين بن الشَّمْس السخاوي بن القصبي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ولد فِي)
آخر سنة خمس وَسِتِّينَ أَو أول الَّتِي تَلِيهَا بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ فحفظ(9/198)
الْقُرْآن وكتبا كالرسالة والمختصر والتنقيح والشاطبية وآلفية ابْن ملك وَعرض عَليّ بِالْقَاهِرَةِ فِي جملَة خلق حَتَّى على الْأَشْرَف قايتباي اقتفاء لِأَبِيهِ فِي عرضه كَمَا تقدم على الظَّاهِر جقمق واشتغل على أَبِيه وجده وَالسَّيِّد السمهودي فِي آخَرين بِالْقَاهِرَةِ وَالْمَدينَة بل حضر عِنْد السنهوري وَفهم ولازمني رِوَايَة ودراية وَقَرَأَ على شرحي لتقريب النَّوَوِيّ بحثا من نُسْخَة حصلها وَرُبمَا حضر أَبوهُ مَعَه وحمدت سكونه وعقله وأدبه مَعَ صغر سنه وَلَكِن الْوَلَد سر أَبِيه وَقد زوجه أَبوهُ ابْنة أبي الْفضل بن الْمُحب المطري.
490 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشَّمْس أبي عبد الله بن المحيوي الْمَدْعُو بشفيع بن القطب أَو الشهَاب بن الْجمال الْبكْرِيّ الدلجي الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وصهر الشهَاب الدلجي على أُخْته وَاحِدَة بعد أُخْرَى وأخو أبي يزِيد لأمه. / ولد فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بدلجة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والرحبية فِي الْفَرَائِض وألفية النَّحْو ومختصر التبريزي أَو أبي شُجَاع واشتغل عِنْد صهره وَغَيره وَأقَام بِمَكَّة تسع سِنِين على طَريقَة حَسَنَة من الِاشْتِغَال وَالْكِتَابَة وَتَعْلِيم الْأَبْنَاء والإقبال على شَأْنه وَأخذ بهَا عَن النورين ابْن عطيف والفاكهي وَالشَّمْس المسيري وَعبد الْحق السنباطي ولازمهم فِي الْفِقْه والعربية والفرائض وَغَيرهَا وَقَرَأَ الْمِنْهَاج تبمامه بحثا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة على الشهَاب الإبشيطي، ووقف عَلَيْهِ نُسْخَة مِنْهُ وَكَذَا لازمني حَتَّى أَخذ عني شرحي للألفية سَمَاعا فِي الْبَحْث وَالْقَوْل البديع قِرَاءَة وحصلهما مَعَ غَيرهمَا وَأكْثر وكتبت لَهُ إجَازَة حَسَنَة أوردت جلها فِي التَّارِيخ الْكَبِير ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده ملازما طَرِيقَته فِي الْخَيْر والتواضع ولين الْكَلِمَة وَالرَّغْبَة فِي الْمَعْرُوف.
491 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عز الدّين الرضي بن الْمُحب القاهري ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد والتقى عبد الرَّحِيم وَيعرف كسلفه بِابْن الأوجافي. / ولد فِي ربيع الأول سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وألفية النَّحْو، وَعرض على جمَاعَة وأسمعه أَبوهُ على الْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ والشرف بن الكويك والشهاب البطائحي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والنور الفوي وَآخَرين وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَطَائِفَة واشتغل يَسِيرا على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ ثمَّ الشَّمْس البدرشي وَحضر دروس الشَّمْس الشطنوفي وَلكنه لم يمهر وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَغَيرهَا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء وَكَانَ سَاكِنا. مَاتَ)
فِي ربيع الأول سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن بتربتهم بِالْقربِ من مقَام الشَّافِعِي رَحمَه الله وإيانا.
492 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الناصري أبي عبد الله المالقي السكندري الشَّافِعِي. / ولد تَقْرِيبًا سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة وَحفظ(9/199)
الْقُرْآن والمنهاج والشاطبية وَغَيرهَا وَعرض على جمَاعَة وَأخذ عَن القاياتي وَشَيخنَا وَكَانَ مِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ ثمَّ عَن ابْن حسان وَأخذ القراآت عَن الشهَاب بن هَاشم وتلا بالسبع إفرادا وجمعا وليعقوب أَيْضا على النورين يفتح الله وَقَرَأَ عَلَيْهِ عدَّة من كتب الْفَنّ وَكَذَا تَلا بالسبع إِلَى وَالْمُحصنَات على الْبُرْهَان الكركي الشَّافِعِي وَحج وَدخل الْيمن وَغَيرهَا فِي التِّجَارَة ثمَّ أعرض عَنْهَا وَانْقطع بالثغر قَائِما بإدارة غيطين لَهُ وَنَحْو ذَلِك وَصَارَ شَيْخه وَمِمَّنْ يشار إِلَيْهِ بالوجاهة وَالْجَلالَة بِهِ مَعَ تفننه كَمَا أَخْبرنِي بعض فضلاء جماعته فِي القراآت وَالْفِقْه وأصوله والعربية وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والميقات وَتَمام مَعْرفَته بقوس الركاب وَكَذَا الْعَرَبِيّ أَيْضا بِحَيْثُ كَانَت بِيَدِهِ مشيخة قاعة القرافة والذهبي بالثغر تلقاهما عَن وَالِده، كل ذَلِك مَعَ كَثْرَة التَّوَاضُع والتودد مَعَ الْفُقَرَاء وميله التَّام للترك دون المتشبهين بالفقهاء وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي القراآت الشَّمْس النوبي وَلم يزل على وجاهته حَتَّى مَاتَ عَن دون السِّتين فِي عصر يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشر ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين بقصره بالرملة بِالْقربِ من كوم الْعَافِيَة وسيدي جَابر وَنقل إِلَى جَزِيرَة الثغر فَصلي عَلَيْهِ فِي مشْهد حافل شهده الظَّاهِر تمربغا والمؤيد أَحْمد ونائب الْبَلَد وَكَانَا مِمَّن حمل نعشه وَدفن بتربة وَالِده بالجزيرة الْمَذْكُورَة وَلم يخلف بعده فِي الثغر مثله، وَخلف تَرِكَة طائلة رَحمَه الله وإيانا.
493 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن الشَّمْس القليوبي القاهري الشَّافِعِي الْمكتب الْمَاضِي أَبوهُ وَابْنه عبد الْقَادِر وَيعرف كأبيه بالحجازي وَهُوَ بكنيته أشهر. /
مِمَّن سمع مَعَ أَبِيه على ابْن الْجَزرِي وَكتب على الزين بن الصَّائِغ وَغَيره بِحَيْثُ مهر وتصدى للتكتيب وَاسْتقر فِي تكتيب البرقوقية بل بَاشر التوقيع وَالْقَضَاء وسافر على قَضَاء الْمحمل مرّة بعد أُخْرَى واختص بالمؤيد أَحْمد فِي إمرته وَأم بِهِ فِيهَا وَمَات بعْدهَا.
494 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد النَّجْم بن الشَّمْس الْغَزِّي الأَصْل الْقُدسِي الشَّافِعِي وَيعرف بالجوهري. / شَاب اشْتغل قَلِيلا فِي الْبَهْجَة والعربية وَغَيرهمَا وَقدم الْقَاهِرَة فَاجْتمع بِي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعين وَسمع مني المسلسل وَحَدِيث زُهَيْر.) :::
495 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس الدلجي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة. / ولد سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بدلجة وَنَشَأ بهَا يَتِيما فحفظ الْقُرْآن ثمَّ تحول مَعَ عَمه إِلَى الْقَاهِرَة فقطن الْأَزْهَر سنة وَقَرَأَ فِي التَّنْبِيه ثمَّ بمفرده إِلَى الشَّام فدام بهَا مُدَّة دخل فِي أَثْنَائِهَا حلب فَأَقَامَ بهَا أَربع سِنِين وَأخذ فِي دمشق عَن الزين خطاب فِي الْفِقْه وَغَيره ولازمه نَحْو سنتَيْن والشهاب الزرعي والتقى بن قَاضِي عجلون(9/200)
وَبِه تفقه وَعنهُ أَخذ أصُول الْفِقْه وَقَرَأَ فِي الْمنطق وَبَعض المطول على ملا زَاده. وأكمل المطول على غَيره وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان على ملا حاجي والعربية وَالْعرُوض على الْمُحب البصروي بل قَرَأَ عَلَيْهِ بعض شَرحه على الْإِرْشَاد ومصنفه فِي الْفَرَائِض وَشَرحه بكمالهما ولازم البقاعي هُنَاكَ حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ صَحِيح مُسلم وَسمع فِي غَيره بحثا وَغَيره وَفِي حلب على قل درويش بعض شرح العقائد وعَلى عُثْمَان الطرابلسي فِي الْكَشَّاف وسافر من الشَّام لمَكَّة فقطنها من سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَحضر بهَا دروس القَاضِي وَرُبمَا أَقرَأ، وَذكر لي أَنه اختصر الْمِنْهَاج وَله نظم وَسمع مني وَعلي أَشْيَاء وَكَانَ يتأسف على عدم تَحْصِيل تصانيفي لمزيد فاقته وَلما اشْتَدَّ الغلاء بِمَكَّة توجه فِي أثْنَاء سنة تسع وَتِسْعين بحرا إِمَّا للشام أَو لمصر أَو لَهما أنجح الله قَصده.
496 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أسعد بن عبد الْكَرِيم بن سُلَيْمَان بن يُوسُف بن عَليّ بن طحا الْفَخر أَبُو الْيمن بن الْعَلَاء أبي بكر بن الْكَمَال الثَّقَفِيّ القاياتي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي. / ولد فِي رَجَب سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة قَالَ شَيخنَا وَلم نجد لَهُ من المسموع مَا هُوَ على قدر سنه مَعَ أَن جده كَانَ فَاضلا مُحدثا لَهُ عمل قَلِيل فِي الْفَنّ وناب فِي الحكم وَنَشَأ هَذَا وَهُوَ من بَيت حكم وعدالة فحفظ الْمِنْهَاج وَكتبه بِخَطِّهِ بل كتب عَلَيْهِ ودرس بعدة أَمَاكِن مَعَ قلَّة بضاعته فِي الْعلم وَلكنه كَانَ دربا فِي الْأَحْكَام متوددا متواضعا محصلا للدنيا بَاشر التوقيع ثمَّ النِّيَابَة فِي قَضَاء مصر والجيزة وباشرها مُدَّة طَوِيلَة مُنْفَردا ثمَّ أشرك مَعَه غَيره مَعَ استمراره على أَنه الْكَبِير فيهم، وَعين للْقَضَاء الْأَكْبَر فَامْتنعَ بل اسْتمرّ نَائِبا حَتَّى مَاتَ، وجاور بِمَكَّة مرَارًا وجرد بهَا القراآت السَّبع على كبر السن عِنْد بعض الْمُتَأَخِّرين بل قَرَأَ بهَا كثيرا من الحَدِيث يَعْنِي على النشاوري وَالْجمال الأميوطي وَغَيرهمَا وَكَذَا قَرَأَ بِالْقَاهِرَةِ على السويداوي وَغَيره وَنسخ بِخَطِّهِ الْكثير وَحصل مجاميع حَدِيثِيَّةٌ من مسموعاته. قلت رَأَيْتهَا وَحصل لسبطته أم هَانِئ ابْنة الهوريني مسموعا كثيرا بِمَكَّة وَغَيرهَا قَالَ شَيخنَا وَرَأَيْت سَمَاعه فِي جَامع التِّرْمِذِيّ بِخَط)
الْمُحدث جمال الدّين الزَّيْلَعِيّ على أبي الْحسن العرضي ومظفر الدّين بن الْعَطَّار وَلم يحدث بذلك، وَكَذَا سمع على الْمُحدث نور الدّين الْهَمدَانِي وَغَيره الخلعيات قرأتها بل كَانَ يذكر أَنه سمع على أبي الْفرج بن عبد الْهَادِي فَقَرَأت عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ من صَحِيح مُسلم عَنهُ وَلم أَقف لَهُ على سَماع على الْمَيْدُومِيُّ مَعَ إِمْكَان ذَلِك. مَاتَ فِي حادي عشر رَجَب سنة ثَمَان وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ وَدفن بتربته بِالْقربِ من مقَام الشَّافِعِي وَخلف مَالا طائلا وَأوصى بِثِيَاب بدنه لطلبة الْعلم ففرقت فيهم وَحدثنَا(9/201)
عَنهُ جمَاعَة. وَمِمَّنْ ذكره المقريزي فِي عقوده لَكِن بِإِسْقَاط مُحَمَّد الثَّالِث رَحمَه الله وإيانا.
497 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْمَعِيل بن عَليّ الْبَدْر أَبُو عبد الله الْقرشِي القلقشندي الشَّافِعِي. / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة كَمَا قرأته بِخَطِّهِ، زَاد المقريزي فِي أول الْمحرم بقلقشندة من ضواحي مصر وتحول مِنْهَا وَهُوَ صَغِير فَقَرَأَ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره وتفقه بالأسنوي ثمَّ بالبلقيني وَمهر فِي الْفِقْه وفَاق فِي الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة مَعَ قصر بَاعه فِي الْعَرَبيَّة وَسمع على الْعِزّ أبي عمر بن جمَاعَة فَكَانَ مِمَّا سَمعه عَلَيْهِ صَحِيح ابْن حبَان وناب فِي الحكم بل عمل أَمِين الحكم فِي سنة تسعين وَكَانَ الْجلَال البُلْقِينِيّ يثني عَلَيْهِ حَتَّى قيل أَنه قَالَ مرّة: لَيْسَ فِي نوابي أمثل مِنْهُ وَقَالَ أَبوهُ السراج يَوْمًا وَقد أجَاب عَن مسئلة مشكلة بِجَوَاب حسن هُوَ من قدماء طلبتي. هَذَا حَاصِل مَا تَرْجمهُ بِهِ التقى عبد الرَّحْمَن القلقشندي وَعين غَيره مولده فِي أول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَقَالَ أَنه ينْسب لفضيلة ومشاركة وَأما شَيخنَا فَلم يزدْ فِي نسبه على مُحَمَّد الثَّالِث وَقَالَ أَنه كتب بِخَطِّهِ أَن مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين قَالَ وَحفظ الْمِنْهَاج وَكَانَ يُكَرر عَلَيْهِ ويذاكر بِهِ بعد أَن شاخ وَله اشْتِغَال كثير وَمَعْرِفَة تَامَّة بالفرائض ثمَّ تعانى الخدم بِالشَّهَادَةِ وَولي أَمَانَة الحكم فِي سنة تسعين فاستمر فِيهَا أَكثر من ثَلَاثِينَ سنة وَلَقَد شانته لِأَنَّهُ كَانَ حسن الْأَخْلَاق كثير التَّوَاضُع وَذكر لي أَنه سمع الْكثير على الْعِزّ بن جمَاعَة وَلم أظفر لَهُ بِشَيْء، وَأَجَازَ لي فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد. وَضعف بَصَره فِي سنة أَربع وَعشْرين وَكَاد أَن يكف ثمَّ كف فِي الَّتِي بعْدهَا وعاش إِلَى ثَلَاثِينَ سنة فَمَاتَ فِي ثَالِث عشرى محرمها. وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه مِمَّن جاورنا نَحن وإياه بِمَكَّة ورافقنا فِي درس البُلْقِينِيّ رَحمَه الله.
498 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الصّلاح بن الْعِزّ بن الْبَدْر الحكري القاهري الشَّافِعِي الصُّوفِي الخازن وَيعرف بالصلاح الحكري. / ولد ظنا كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فاشتغل بِالْعلمِ والتصوف ولازم الزين الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَغَيرهَا وَكَذَا سمع على الهيثمي وَابْن أبي الْمجد والتاجين ابْن الفصيح وَابْن التنسي وناصر الدّين الْحَنْبَلِيّ القَاضِي والسويداوي والشهاب أَحْمد بن يُوسُف الطريني والشرف بن الكويك فِي آخَرين مِنْهُم بقرَاءَته القطب عبد الْكَرِيم حفيد الْحَافِظ الْحلَبِي، وَكَانَ خيرا سَاكِنا وقورا منجمعا عَن النَّاس قانعا متعففا مديما لمباشرة التصوف بالصلاحية سعيد السُّعَدَاء ضابطا لكتبها أتم ضبط وَبعده ظهر الْخلّ التَّام فِيهَا وَقد حدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وقرأت عَلَيْهِ أَشْيَاء.(9/202)
وَمَات فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَدفن بتربة سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله وإيانا.
499 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل أَبُو عبد لاله المغربي الأندلسي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَيعرف بالراعي. ولد بغرناطة من بِلَاد الأندلس / فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَنَشَأ بهَا وَأخذ الْفِقْه وأصوله والعربية عَن أبي جَعْفَر أَحْمد بن إِدْرِيس بن سعيد الأندلسي وَغَيره وَسمع على أبي بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمعَافِرِي بن اللب وَيعرف بِابْن أبي عَامر والخطيب أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن الحفار وَمُحَمّد بن عبد الْملك بن عَليّ الْقَيْسِي وَمِمَّا أَخذه عَنهُ الجرومية بِأَخْذِهِ لَهَا عَن الْخَطِيب أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَالم الجذامي عَن القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ الْحَضْرَمِيّ عَن مؤلفها وَجَمِيع خُلَاصَة الباحثين فِي حصر حَال الْوَارِثين للْقَاضِي أبي بكر عبد الله بن يحيى بن زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ بِأَخْذِهِ لَهَا عَن مؤلفها وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الله الجذامي وقاسم بن سعيد العقباني وَأَبُو الْفضل بن الإِمَام وَأَبُو عبد الله حفيد ابْن مرزووق والكمال بن خير والزين المراغي والزين مُحَمَّد بن أَحْمد الطَّبَرِيّ وَأَبُو إِسْحَق إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن الْعَفِيف النابلسي فِي آخَرين من الْمغرب والمشرق وَدخل الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَعشْرين فحج واستوطنها وَسمع بهَا من الشهَاب المتبولي وَابْن الْجَزرِي وَشَيخنَا واختص بِهِ وَطَائِفَة وَأم بالمؤيدية وقتا وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ النَّاس طبقَة بعد طبقَة لَا سِيمَا فِي الْعَرَبيَّة بل كَانَت فنه الَّذِي اشْتهر بِهِ وبجودة إرشاده فِيهَا وَشرح كلا من الألفية والجرومية وَالْقَوَاعِد وَغَيرهَا بِمَا حمله عَنهُ الْفُضَلَاء، وَله نظم وسط كتبت عَنهُ مِنْهُ الْكثير وَمِمَّا لم أسمعهُ مِنْهُ مَا أوده فِي مُقَدّمَة كتاب صنفه فِي نصْرَة مذْهبه وأثبته دفعا لشَيْء نسب إِلَيْهِ:)
(عَلَيْك بتقوى الله مَا عِشْت وَاتبع ... أَئِمَّة دين الْحق تهدى وتسعد)
(فمالكهم فالشافعي فَأَحْمَد ... ونعمانهم كل إِلَى الْخَيْر يرشد)
(فتابع لمن أَحْبَبْت مِنْهُم وَلَا تمل ... لذِي الْجَهْل والتعصيب إِن شِئْت تحمد)
(فَكل سَوَاء فِي وجيبة الاقتدا ... متابعهم جنَّات عدن يخلد)
(وحبهم دين يزين وبغضهم ... خُرُوج على الْإِسْلَام وَالْحق يبعد)
(فلعنة رب الْعَرْش والخلق كلهم ... على من قلاهم والتعصب يقْصد)
وَكَانَ حاد اللِّسَان والخلق شَدِيد النفرة من يحيى العجيسي أضرّ بِأخرَة. وَمَات بسكنه من الصالحية فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ بالأزهر وَدفن بالصحراء قَرِيبا من تربة الزين الْعِرَاقِيّ رَحمَه الله وإيانا وَذَلِكَ بعد أَن أنْشد قبيل مَوته بِشَهْر فِي حَال صِحَّته بعض أَصْحَابه من نظمه:(9/203)
(أفكر فِي موتِي وَبعد فَضِيحَتِي ... فيحزن قلبِي من عَظِيم خطيئتي)
(وتبكي دَمًا عَيْني وَحقّ لَهَا البكا ... على سوء أفعالي وَقلة حيلتي)
(وَقد ذَابَتْ أكبادي عناء وحسرة ... على بعد أوطاني وفقد محبتي)
(فَمَالِي إِلَّا الله أرجوه دَائِما ... وَلَا سِيمَا عِنْد اقتراب منيتي)
(فَسَأَلَ رَبِّي فِي وفاتي مُؤمنا ... بجاه رَسُول الله خير الْبَريَّة)
500 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْمَعِيل فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن الشَّمْس النحريري ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَالِد الولوي مُحَمَّد الْآتِي. / نَشأ فتكسب بِالشَّهَادَةِ بل نَاب فِي الْقَضَاء بقليوب ونواحيها وَكَذَا بِالْقَاهِرَةِ وَلم يكن بِذَاكَ. مَاتَ.
501 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْمَعِيل فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن الشَّمْس السوهائي الأَصْل نِسْبَة لسوهاء بِضَم الْمُهْملَة ثمَّ وَاو سَاكِنة وهاء مَفْتُوحَة بَلْدَة من أَعمال أخميم من صَعِيد مصر الْأَعْلَى ضَبطهَا الْمُنْذِرِيّ فِي مُعْجَمه القاهري الشَّافِعِي سبط الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد السملائي الْمَالِكِي زوج حليمة ابْنة النُّور أخي بهْرَام وَيعرف بالسوهائي. / ولد فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسويقة صَفِيَّة من الْقَاهِرَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفيتي الحَدِيث والنحو مَعَ فُصُول ابْن معط وَغَيرهَا وَأخذ فِي ابْتِدَائه الْفِقْه والعربية عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ الْمَيْمُونِيّ ثمَّ لَازم الْعلم البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه من سنة إِحْدَى)
وَخمسين وَإِلَى أَن مَاتَ وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَكَذَا لَازم التقي الحصني ف الْأَصْلَيْنِ والمنطق والجدل والمعاني وَالْبَيَان والعربية بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاه بِهِ وَأخذ فِي الْمنطق والهندسة وَغَيرهمَا عَن أبي الْفضل المغربي وَفِي أصُول الْفِقْه عَن الكريمي وَكَذَا عَن أبي الْقسم النويري فِي سنة مَوته بِمَكَّة وجد فِي الِاشْتِغَال وَسمع على شَيخنَا وَالسَّيِّد النسابة وَغَيرهمَا بِالْقَاهِرَةِ وعَلى أبي الْفَتْح المراغي والزين الأميوطي والتقى بن فَهد وَغَيرهم بِمَكَّة وعَلى أبي الْفرج الكازروني وَغَيره بِالْمَدِينَةِ وتدرب فِي الصِّنَاعَة بوالده وَقَالَ أَنه كَانَ بارعا فِيهَا وَكَذَا تدرب بِغَيْرِهِ وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتسامح فِيهَا. وناب فِي قَضَاء جدة فِي سنة سبع وَخمسين عَن أبي الْفضل بن ظهيرة وَفِي الْعُقُود قبل ذَلِك عَن شَيخنَا ثمَّ فِي الْقَضَاء فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَخمسين عَن الْعلم البُلْقِينِيّ ونوه بِهِ وأرسله إِلَى الصالحية وَمَعَهُ نقباؤه بسفارة ربيبه الصّلاح المكيني وَاسْتمرّ يَنُوب لمن بعده واشتهر إقدامه ورقة دينه ودقة نظره فِيمَا يُوصل بِهِ الْمُبْطل بتزيينه مَعَ فضيلته وَتَمام خبرته وَكَثْرَة استحضاره وتحركه فِي مباحثه وأنظاره ودهائه بصريحه وإيمائه فصحبه بل قربه لذَلِك أهل الْغَرَض والهوى(9/204)
وتجنبه من فِي قلبه تقوى بِحَيْثُ امْتنع الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة من تَنْفِيذ مَكْتُوب هُوَ أحد الشُّهُود على الْحَاكِم الأول وَهُوَ البُلْقِينِيّ فِيهِ ثمَّ صَار بعد يمْتَنع المثبتون من تَنْفِيذ أَحْكَامه وأسفر عَن جرْأَة زَائِدَة وتهور تَامّ وَدخل فِي قضايا مشكلة وَأُمُور معضلة وأهين من الْأَمِير أزبك وَغَيره وَألبسهُ الْأَشْرَف قايتباي بعناية دواداره الْكَبِير بعد عوده من السفرة الشمالية خلعة لقِيَامه بأعباء التَّعَدِّي بالهدم الْكَائِن بِالْقَاهِرَةِ الَّذِي ارْتكب فِيهِ كل مَحْذُور وانتصب للأملاك والأوقاف بالبهتان والزور وَمَا كَانَ بأسرع من أَن أطفأ الله جَمْرَة ناره وخذله بعد مزِيد اقتداره وَمَا وَسعه بعد قتل الدوادار إِلَّا الْفِرَار بالتوجه لبلاد الْحجاز لظَنّه أَنه بِهِ قد فَازَ وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ، وَكَانَ قد جاور هُنَاكَ قبل فِي سنة سبع وَخمسين ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمَا نفق لَهُ هُنَاكَ سوق لجلالة عَالم مَكَّة ويقظته مَعَ أَنه أَقرَأ هُنَاكَ الْفِقْه وَالْأُصُول وَغَيرهمَا بل زعم أَنه شرع فِي شرح التدريب وَرجع الْآن بعد مجاورته سنة سِتّ فِي أول سنة سبع فتزايد خموله وَلم ينْهض لاستنابة الزين زَكَرِيَّا لَهُ مَعَ شدَّة سَعْيه وتجرع فقرا تَاما وَعَاد حامده من الظلمَة لَهُ ذاما وأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان على رغم مِنْهُ بِعشْرين دِينَارا فِي توسعة رَمَضَان وبجوالي مِمَّا لم يكن يَكْتَفِي بِهِ فِي الْيَوْم وَالْأَمر فَوق مَا وصفناه وَرُبمَا أَقرَأ الطّلبَة فِي التَّقْسِيم وَغَيره وَلَا زَالَ فِي فقر مدقع وذل موجع)
وَتَنَاول لليسير من الصَّغِير فضلا عَن الْكَبِير حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس سادس عشرى شعْبَان سنة خمس وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد سامحه الله وإيانا.
502 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِمَام بن سراج الْفَاضِل بَيَان بن عيان بن بَيَان الْكرْمَانِي الْفَارِسِي الكازروني الْمَاضِي وَلَده على الْمَدْعُو عيان. / قَالَ لي أَنه ولد فِي صفر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَأَنه أَخذ عَنهُ وَكَانَ فَاضلا. مَاتَ فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة.
503 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَمِين بِالْفَتْح ثمَّ الْكسر الشَّمْس بن القطب البدراني الْمَالِكِي. / مِمَّن داوم الِاشْتِغَال على أبي الْقسم النويري وَأبي الْجُود وَغَيرهمَا بل قيل أَنه أَخذ عَن شَيخنَا وتميز فِي الْفَضِيلَة وَكَانَ يستحضر فِي الْفِقْه والعربية وينظم الشّعْر وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير كل ذَلِك مَعَ حسن السمت وَالْكَرم والانعزال عَن النَّاس. مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي الطَّاعُون سنة أَربع وَسِتِّينَ وَلم يبلغ الثَّلَاثِينَ. استفدته من صهره مَعَ مُوَافقَة الشهَاب المنزلي فِي كثير مِنْهُ رَحمَه الله.
504 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب الْمُحب بن الْبَدْر بن فتح(9/205)
الدّين المَخْزُومِي المحرقي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد فتح الدّين مُحَمَّد الْآتِي وأخو الْبَهَاء أَحْمد الْمَاضِي / وَهَذَا أكبر. ولد فِي عصر الْجُمُعَة حادي عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وباشر الجوالي وَسَعِيد السُّعَدَاء بل والبيمارستان وَحمد عمله فِيهَا مَعَ تقدم فِي الْمُبَاشرَة وَهُوَ أحد من رسم عَلَيْهِ بِسَبَب أوقاف الزِّمَام.
505 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن جوشن بن عرب أَبُو الْيمن الْمصْرِيّ. / سمع على الْفَخر القاياتي الْبردَة والشقراطسية وعَلى النو رالأدمي البُخَارِيّ وعَلى غَيرهمَا.
506 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن الْحُسَيْن الزين أَبُو بكر بن الشَّمْس أبي صنر بن نَاصِر الدّين أبي الْفرج بن الزين العثماني المراغي الْمدنِي الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده.
ولد فِي رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وَقَرَأَ على أَبِيه البُخَارِيّ والشفا بل سمع على جده أَشْيَاء وَابْنَة عَم أَبِيه فاضطمة ابْنة أبي الْيمن وَغَيرهمَا ولقيني بِمَكَّة فَسمع مني ثمَّ قَرَأَ عَليّ بِالْمَدِينَةِ الشفا وَأكْثر عني وكتبت لَهُ إجَازَة هائلة وَكَذَا قَرَأَ عَليّ بِمَكَّة بعد فِي سنة أَربع وَتِسْعين أَشْيَاء من تصانيفي ولازم القَاضِي)
عبد الْقَادِر الْحَنْبَلِيّ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ بِمَكَّة حِين وردهَا عَلَيْهِ فِي قِرَاءَة أَشْيَاء وَرُبمَا قَرَأَ على السَّيِّد السنهوري فِي التَّقْسِيم وَحضر دروس الشّرف السنباطي فِي الْعَرَبيَّة ثمَّ ابْن قَرِيبه فِي آخَرين وَخلف وَالِده فِي الْقِرَاءَة بالروضة النَّبَوِيَّة، وَهُوَ ذكي فهم ظريف متودد زَائِد الحشمة والتأنق لَهُ ميل إِلَى الْإِطْعَام مَعَ زَائِد صفاء ونغمة طرية ومحاسن.
507 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن الْحُسَيْن الْكَمَال أَبُو الْفضل بن الزين أبي بكر بن نَاصِر الدّين أبي الْفرج العثماني المراغي الْمدنِي الشَّافِعِي / ابْن عَم الَّذِي قبله بل هُوَ أَخُوهُ لأمه وَهُوَ بكنيته ولقبه أشهر. ولد سنة سبع وَخمسين قبل موت أَبِيه بِيَسِير. وسافر إِلَى الْهِنْد كمبايت ومندوة وَقدم الْقَاهِرَة فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين بعد موت عَمه وَزوج أمه الشَّمْس مُحَمَّد فَاجْتمع بِي وَسمع مني المسلسل بِشَرْطِهِ وَحضر بعض الدُّرُوس. وَمَات بالروم فِي سادس جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَتِسْعين وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم وَدفن بتربة مَحْمُود شاه من برصا رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
508 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن صَالح الشَّمْس الْأنْصَارِيّ السوهائي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ القادري أَخُو أبي الرجا وخال يس الْمكتب وَيعرف بالجلالي نِسْبَة. / ولد فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة بسوهاي تجاه أخميم بل هِيَ من عَملهَا وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَزعم أَنه سمع الشّرف بن الكويك وَلم يثبت ذَلِك عِنْدِي فَإِنَّهُ أصلح فِي الطَّبَقَة الَّتِي بالنسخة من الشفا(9/206)
وكشط. اشْتغل قَلِيلا ولازم الْأمين الأقصرائي بل اخْتصَّ بِغَيْر وَاحِد من الْأُمَرَاء وأجاد اللّعب بالشطرنج وجود الْخط وَكتب بِهِ أَشْيَاء مِنْهَا شرح مَعَاني الْآثَار للطحاوي وخطب بمدرسة الجاي والجانبكية مَعَ وظائف فيهمَا وَفِي غَيرهمَا بل اسْتَقر بعد الأقصرائي فِي مشيخة الأيتمشية بِبَاب الْوَزير ثمَّ رغب عَنْهَا للسمديسي وتزايدت جهاته وانتشرت ملاءته حَتَّى أَن السُّلْطَان تلمح لَهُ بِمَا يَقْتَضِي ثُبُوت ذَلِك عِنْده إِلَى أَنْت انتزع مِنْهُ بَيته كَمَا بَينته فِي الْحَوَادِث مَعَ إِمْسَاكه. وَقد صاهر الزين الدجوي على ابْنَته واستولدها عدَّة أحدثهن تَحت الشَّمْس الفرنوي. وَله ولد اسْمه بدر الدّين مُحَمَّد ذُو أَوْلَاد من ابْنة إِبْرَاهِيم بن زين الدّين المنوفي.
509 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف الْمُحب بن الْكَمَال أبي الْفضل بن النَّجْم الْأنْصَارِيّ الذروي الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن الْمرْجَانِي. / ولد)
بعد عصر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشرى ربيع الآخر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن وَثلث التَّنْبِيه وَذكر أَنه قَرَأَ فِي الْفِقْه على وَالِده وَحضر فِيهِ الْكَمَال أَمَام الكاملية والزين خطاب، وَسمع الحَدِيث على وَالِده وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَسمع مني بِمَكَّة.
510 - مُحَمَّد أَبُو السُّعُود / شَقِيق الَّذِي قبله. ولد فِي فجر يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشرى شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة. وَمَات وَأَنا بِمَكَّة فِي منتصف ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَجْأَة وَكَانَ خيرا سَاكِنا مواظبا على الْجَمَاعَة والتلاوة منجمعا عَن النَّاس قَلِيل الْكَلَام مِمَّن حفظ الْقُرْآن والمنهاج وَأخذ فِي الْفِقْه وَغَيره عَن الزين خطاب والكمال أَمَام الكاملية حِين مجاورتهما وَفِي الْعَرَبيَّة عَن عَمه الْبَدْر حسن وَسمع الحَدِيث قَدِيما وحديثا وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة بل سمع مني وَعلي بِمَكَّة بعد الثَّمَانِينَ رَحمَه الله وإيانا.
511 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ الشَّمْس أَبُو عبد الله السرسنائي الأَصْل الْمحلي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي عبيد / وَهِي كنية جده. ولد فِي لَيْلَة حادي عشرى رَمَضَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين التَّيْسِير والعنوان ومختصر أبي شُجَاع والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع والملحة وألفية ابْن ملك وَعرض على بعض أَعْيَان بَلَده وتلا بالسبع إفرادا وجمعا على الشهَاب بن جليدة والزين جَعْفَر السهنوري وَابْن أَسد وَعبد الْغَنِيّ الهيثمي وَلم يكمل عَلَيْهِ خَاصَّة وَأخذ الْفِقْه وأصوله والفرائض والعربية عَن الشَّمْس بن كتيلة وَقدم الْقَاهِرَة فَحَضَرَ دروس الْمَنَاوِيّ والعبادي وَأبي السعادات البُلْقِينِيّ والجوجري وزَكَرِيا فِي الْفِقْه وَعَن الثَّلَاثَة الْأَخيرينِ أَخذ فِي الْأُصُول وَعَن أبي السعادات فِي(9/207)
الْعَرَبيَّة وَأَخذهَا مَعًا عَن ابْن الفالاتي وتميز ولازمني فِي الحَدِيث رِوَايَة ودراية وَمِمَّا قَرَأَهُ عَليّ البُخَارِيّ وَجُمْلَة من الْكتب السِّتَّة، وَكتب من تصانيفي القَوْل البديع وَغَيره وَقَرَأَ على عدَّة مِنْهَا.
وناب فِي قَضَاء الْمحلة عَن ابْن العجيمي وَغَيره بل اسْتَقل بهَا وقتا وخطب بعدة أَمَاكِن وَاسْتقر بِهِ ابْن الغمري خطيب جَامع التَّوْبَة الَّذِي أنشأه وسكنه وَقَرَأَ الحَدِيث على الْعَامَّة وترقى فِيهِ وَفِي الخطابة وَنَحْوهمَا مَعَ الْمُشَاركَة فِي الْفَضَائِل وجودة المباحثة والفصاحة وَالْقُدْرَة على التَّعْبِير عَن مُرَاده وَحسن الْكِتَابَة والبراعة فِي الشُّرُوط وَالْأَحْكَام بِحَيْثُ حسده ابْن العجيمي فَمن دونه ورموه بالتساهل والجرأة فِي الْأَحْكَام والقضايا وتعب بِسَبَب ذَلِك خُصُوصا فِي أَيَّام الزيني زَكَرِيَّا بِحَيْثُ عَزله وَأَعَادَهُ عَن قرب مَعَ اعترافه بِتمَام فضيلته وَلكنه قَالَ لي أَنه سوهائي)
الْمحلة وَآل أمره إِلَى أَن صودر ورسم عَلَيْهِ بل سجن بالقلعة وَغَيرهَا وَمَا نَهَضَ للقدر الَّذِي ألزم بِهِ وَصَارَ بعد ذَلِك فَقِيرا وحيدا حَتَّى أَنه جلس مَعَ ابْن الْمدنِي بِرَأْس سوق أَمِير الجيوش وَمَا أنصفه القَاضِي وَكَانَت بَينه وَبَين أبي البركات الصَّالِحِي مناطحات.
512 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْبَهَاء بن الشَّمْس بن النظام الْمُقْرِئ الصُّوفِي وَالِده الْمَاضِي ابْن أُخْت الشَّمْس بن قَاسم. / سمع مني وَقَرَأَ قَلِيلا ثمَّ فسد حَاله وَأدْخل سجن أولى الجرائم حَتَّى مَاتَ بعد الثَّمَانِينَ ظنا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّمْس الدلجي الْمُقْرِئ ويدعى قُريْشًا. / سبق هُنَاكَ وَيَأْتِي فِي ابْن أبي يزِيد أَيْضا.
513 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّمْس بن سعد الدّين بن نجم الدّين الْبَغْدَادِيّ القاهري الزَّرْكَشِيّ الْمُقْرِئ الشَّاعِر وَالِد عبد الصَّمد. / ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: أَصله م نشيراز ثمَّ سكن الْقَاهِرَة وشذا طرفا من الْأَدَب وأتقن القراآت وَالْعرُوض وَعمل فِيهِ منظومة كَانَ شَيخنَا الْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ القَاضِي يطريها ويقرئها أَوْلَاده لإعجابه بهَا وَكَذَا لَهُ قصائد سَمَّاهَا العواطل الخوالي بمدح خير الموَالِي نبويات أَجَاد فِيهَا وَالْتزم فِيهَا أَشْيَاء مخترعة مَعَ كَونهَا كلهَا بِغَيْر نقط وَعمل فِي الظَّاهِر برقوق مرثية طَوِيلَة أنشدها للسالمي فأثابه عَلَيْهَا الْإِمَامَة فِي سعيد السُّعَدَاء وأنشدني لنَفسِهِ مِمَّا قَالَه فِي الغلاء الْكَائِن فِي سنة سبع وَسبعين:
(أيا فادي الضيوف بِكُل خير ... وَيَا برا نداه مثل بَحر)
(لقد جَار الغلاء على عدوا ... وَهَا أَنا قد شَكَوْت إِلَيْك فقري)
وَكَذَا أَنْشدني مرثية فِي القَاضِي كريم الدّين بن عبد الْعَزِيز صاحبني نَحْو عشْرين سنة ثمَّ أَرْسلتهُ سفيرا إِلَى يَنْبع ففرط فِي المَال وَرجع بخفي حنين وَاعْتذر بِأَنَّهُ تزوج وَأنْفق وَأهْدى وَتصدق وَجعل ذَلِك فِي صحيفتي فَنَشَأَ لَهُ مني مَا عَاتَبَنِي من(9/208)
أَجله بقصيدة تائية فأجبته وناقضته وَهِي فِي ديواني أسأَل الله الْعَفو عني وَعنهُ. وَقَالَ فِي إنبائه: مهر فِي القراآت وشارك فِي الْفُنُون قَالَ وَيُقَال أَنه شرحها يَعْنِي قصيدته فِي الْعرُوض ونظم العواطل الخوالي سِتّ عشرَة قصيدة على سِتَّة عشر بحرا لَيْسَ فِيهَا نقطة وَقد راسلني ومدحني وَسمعت مِنْهُ كثيرا من نظمه ولازمني طَويلا ورافقني فِي السماع أَحْيَانًا وَجَرت لَهُ فِي آخر عمره محنة. مَاتَ خاملا فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث عشرَة وَإِلَيْهِ عَنى شَيخنَا بِمن اتهمه بِالْإِشَارَةِ لتصنيفه النخبة وَشَرحهَا. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار.)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر ولي الدّين النحريري الْمَالِكِي. / وَكَذَا رَأَيْته بخطي وَكتب إِلَى أَنه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَسَيَأْتِي.
514 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بهادر الْكَمَال أَبُو الْفضل المومني الطرابلسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد بطرابلس / وَنَشَأ بهَا فَقدم فِي صغره مَعَ أمه وأخيه الْقَاهِرَة وَحفظ الْبَهْجَة وألفية الْبرمَاوِيّ فِي الْأُصُول والوردية فِي النَّحْو وَغَيرهَا مَعَ فقيهه التقي أبي بكر الطرابلسي وَغَيره ولازم الْجلَال الْمحلي حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ شَرحه على الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع وَغَيرهمَا بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْكثير من شرح ألفية الْعِرَاقِيّ وَأخذ أَيْضا عَن البوتيجي والْعَلَاء القلقشندي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي وَطَائِفَة مِنْهُم ابْن الديري وَقَالَ أَن أول من اجْتمع بِهِ فِي الْقَاهِرَة نمهم الأول وَكَانَ اجتماعه بِهِ فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَنه قَرَأَ على الثَّانِي من أول الْبَهْجَة إِلَى الْوضُوء وَسمع عَلَيْهِ غَالب الْمِنْهَاج كِلَاهُمَا فِي الْبَحْث وَغير ذَلِك وَأَنه قَرَأَ على الثَّالِث من أَولهَا إِلَى البيع وَمن أول التدريب إِلَى أَحْكَام الصَّلَاة وَسمع عَلَيْهِ غَالب تكملته لَهُ وَغير ذَلِك من الدُّرُوس وَكَانَ أول اجتماعه بِهِ فِي سنة أَربع وَخمسين وَقَالَ أَن شَيخنَا أجَاز لَهُ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وكل هَذَا مُمكن. وَقَرَأَ فِي الْمنطق على الْبُرْهَان العجلوني وَكَذَا أَخذ عَن الشرواني وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَقيد وَجمع وَأَظنهُ كَانَ يتعانى الوفيات وَالنَّظَر فِي التواريخ مَعَ الانجماع والسكون وَالْعقل والتحري والتدين والفضيلة بِحَيْثُ أذن لَهُ الْمحلي وَغَيره وَرُبمَا أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْفَاضِل جلال الدّين بن النصيبي كراسة جمعهَا فِي تَرْجَمَة شَيْخه الْمحلي فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين. وَمَات فِي لَيْلَة خَامِس عشرى ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَقد جَازَ الْأَرْبَعين ظنا رَحمَه الله وعوضه وَأمه خيرا.
515 - مُحَمَّد نَاصِر الدّين / شَقِيق الَّذِي قبله، قَرَأَ الْقُرْآن وَكَانَ متحريا فِي الطَّهَارَة مديم الْجَمَاعَة والانجماع غَالِبا عَن النَّاس عَاقِلا نيراص مِمَّن بَاشر الدوادارية عِنْد(9/209)
الْمَنَاوِيّ وقتا ثمَّ ترك وَلم يكن خَالِيا عَن فَضِيلَة. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَقد جَازَ الْخمسين ظنا رَحمَه الله.
516 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن حميد بن بدران بن تَمام بن درغام بن كَامِل الْأنْصَارِيّ الْمَقْدِسِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. / ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَسمع من أبي مُحَمَّد عبد الْمُنعم بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ بعض جُزْء أبي الجهم وَمن جده)
مشيخته تَخْرِيج الندرومي والسفينة الجرائدية وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ يتَكَلَّم بالقدس على الْأَيْتَام والغائبين مُدَّة، وَولي نظر وقف الْأَمِير بركَة ثمَّ أخرج عَنهُ فَتوجه للقاهرة للسعي فِيهِ فَمَاتَ بهَا فِي يَوْم السبت سادس ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين.
517 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن عمر بن مُحَمَّد الشَّمْس الْحلَبِي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن أَمِير حَاج وبابن الموقت. / ولد فِي ثامن عشر ربيع الأول سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد إِبْرَهِيمُ الكفرناوي وَغَيره وَأَرْبَعين النَّوَوِيّ وَالْمُخْتَار ومقدمة أبي اللَّيْث وتصريف الْعزي والجرجانية وَبَعض الأخسيكي وَعرض على ابْن خطيب الناصرية والبرهان الْحَافِظ والشهاب بن الرسام وَغَيرهم من أهل بَلَده وتفقه بِالْعَلَاءِ الْمَلْطِي وَأخذ النَّحْو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والمنطق عَن الزين عبد الرَّزَّاق أحد تلامذة الْعَلَاء البُخَارِيّ، وارتحل إِلَى حماة فَسمع بهَا على ابْن الْأَشْقَر ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة فَسمع بهَا على شَيخنَا يقراءتي وَقِرَاءَة غَيْرِي وَأخذ عَنهُ جملَة من شرح ألفية الْعِرَاقِيّ وَغَيرهَا وَكَذَا لَازم ابْن الْهمام فِي الْفِقْه والأصلين وَغَيرهَا من هَذِه القدمة وَغَيرهَا وبرع فِي فنون وَأذن لَهُ ابْن الْهمام وَغَيره، وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَأفْتى، وَشرح منية الْمصلى وتحرير شَيْخه ابْن الْهمام والعوامل وَعمل منسكا سَمَّاهُ دَاعِي منار الْبَيَان لجامع النُّسُكَيْنِ بِالْقُرْآنِ وَفسّر سُورَة وَالْعصر وَسَماهُ ذخيرة الْقصر فِي تَفْسِير سُورَة وَالْعصر وَغير ذَلِك وَقد سَمِعت أبحاثه وفوائده وَسمع مني بعض القَوْل البديع وتناوله مني. وَكَانَ فَاضلا مفننا دينا قوي النَّفس محبا فِي الرياسة وَالْفَخْر وَبَلغنِي أَنه أرسل لشيخه ابْن الْهمام بأَشْيَاء كتبهَا على شَرحه للهداية ليقف عَلَيْهَا وَيبين صوابها من خطئها فَكتب إِلَيْهِ جَمِيع مَا كتبه الْوَلَد من أول الكراس إِلَى هُنَا لم يلق بخاطري مِنْهُ شَيْء وَقد وصلت الْكِتَابَة إِلَى الْوكَالَة وَرَأَيْت أَن أحرمكها، إِلَى أَن قَالَ كَلَام طَوِيل وَحَاصِل قَلِيل إِمَّا لَا يعْتد بِهِ وَإِمَّا يُسْتَفَاد من الْكتاب فَإِن كَانَت عِنْده فَائِدَة فاحفظها على من عنْدك من(9/210)
البلم ويرزق الْكتاب أَهله وَقد كره صَنِيع كَهَذا كثير من طلبة الْعلم النحارير على أَنه لما ذكر فِي شَرحه الْمشَار إِلَيْهِ مَسْأَلَة مَا لَو قَالَ لست بِابْن فلَان يَعْنِي جده لَا يحْسد لصدقه قَالَ وَفِي بعض أَصْحَابنَا ابْن أَمِير حَاج جده، وَحج غير مرّة مِنْهَا فِي موسم سنة سبع وَسبعين وجاور بِمَكَّة الَّتِي تَلِيهَا وأقرأ هُنَاكَ يَسِيرا وَأفْتى ثمَّ سَافر مِنْهَا إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَأَقَامَ بِهِ نَحْو شَهْرَيْن وَمَا سلم من معاند فِي كليهمَا بِحَيْثُ رَجَعَ عَمَّا كَانَ)
أضمره من الْإِقَامَة بِأَحَدِهِمَا وَرَأى أَن رِعَايَة جَانِبه فِي بَلَده أَكثر فَعَاد إِلَيْهَا، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع عشرى رَجَب سنة تسع وَسبعين بعد تعلله زِيَادَة على خمسين يَوْمًا.
وَمَاتَتْ أم أَوْلَاده قبله بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة رَحمَه الله وإيانا.
518 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ الْفَخر التّونسِيّ ثمَّ السكندري. / ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع أَبَا الْعَبَّاس بن الْمُصَفّى والجلال بن الْفُرَات قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه لَقيته فِي الرحلة إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فَقَرَأت عَلَيْهِ مشيخة الرَّازِيّ بِسَمَاعِهِ لَهَا على الْمَذْكُورين. وَمَات فِي أَوَائِل سنة ثَلَاث. وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.
519 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عمر مُحَمَّد نَاصِر الدّين الْجَعْفَرِي القاهري الشَّافِعِي الْموقع وَيعرف بناصر الدّين الْجَعْفَرِي. / ولد فِي الْعشْر الأول من ربيع الأول سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالجعفرية وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَعرض على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَابْن النقاش وَغَيرهمَا مِمَّن أجَاز لَهُ وجود الْقُرْآن على الزين أبي بكر الدموهي ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ لِابْنِ كثير وَأبي عمر ولنافع على شيخ الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وللفاتحة على الزين بن عَيَّاش بِمَكَّة وتفقه بالولي الْعِرَاقِيّ وَسمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة الْمَنَاوِيّ الْمجْلس الأول من أَمَالِيهِ وَأثبت لَهُ المملي ذَلِك بِخَطِّهِ وَوَصفه بالفاضل، وَكَذَا تفقه بالبيجوري وَحضر الْيَسِير عِنْد الْجلَال البُلْقِينِيّ وَأخذ الْفَرَائِض عَن الشَّمْس الغراقي وَأذن لَهُ فِي سنة سبع عشرَة، وناب فِي الْقَضَاء بالبلاد قَدِيما عَن الْعلم البُلْقِينِيّ ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة سبع وَخمسين وَكتب التوقيع دهرا وصنف للشُّهُود وراقه بل شرح الرحبية والجعبرية فِي الْفَرَائِض وَزعم أَن شَيخنَا قرض لَهُ ثَانِيهمَا، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ توجه صَحبه الركب الرَّحبِي وناب فِي قَضَاء جدة إِذْ ذَاك وَكَانَ الكريمي بن كَاتب المناخات ناظرها حِينَئِذٍ وجاور بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة ثَلَاثَة أَعْوَام(9/211)
صَحبه الولوي بن قَاسم، وَصَارَ يحجّ مِنْهَا كل سنة وَقَرَأَ وَهُوَ بهَا على الْجمال الكازروني أَشْيَاء وَكَانَ بارعا فِي الْفَرَائِض والتوثيق متكسبا مِنْهُ غَالب عمره لَا يمل من الْكِتَابَة فِيهِ مَعَ سَلامَة الْفطْرَة وَغَلَبَة الْغَفْلَة ومزيد التَّوَاضُع والتقشف وامتهانه لنَفسِهِ وَالرَّغْبَة فِي الْفَائِدَة بِحَيْثُ أَنه أَكثر من التَّرَدُّد إِلَيّ وَكتب عني أَشْيَاء وَرُبمَا قيل أَنه لم يكن متحريا. مَاتَ بعد أَن شاخ وهرم وَعمر فِي يَوْم الْجُمُعَة سلخ ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن من الْغَد بتربة السنقورية رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.) :::
520 - مُحَمَّد تَقِيّ الدّين أَبُو الوفا الْجَعْفَرِي أَخُو الَّذِي قبله ووالد مُحَمَّد وَأحمد. / ولد فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالجعفرية وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ثمَّ تحول مِنْهَا فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ فَقَرَأَ الْمِنْهَاج عِنْد خلد المنوفي وَعرضه مَعَ الْعُمْدَة على شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيرهمَا وتلا لأبي عَمْرو على التَّاج بن تمرية والنور أبي عبد الْقَادِر والشهاب السكندري وجود قبل عَليّ ابْن زين برواق الريافة، وتعانى التوقيع كأخيه وتميز فِيهِ مَعَ مزِيد تساهله، وَكَانَ قد سمع من شَيخنَا وَالزَّرْكَشِيّ والفاقوسي وَعَائِشَة وَغَيرهم كختم البُخَارِيّ بالظاهرية وَحج فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ.
521 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بدر الدّين بن الْجُنَيْد القاهري السكرِي. / كَانَ البقاعي مؤدبه فَلم ينجب وَقد سمع من شَيخنَا. وَمَات فِي شَوَّال سنة خمس وَسبعين بعد أَن افْتقر جدا وَجلسَ للاسترزاق بالنزر الْيَسِير فِي الشَّهَادَة بِمَجْلِس المنوفي دَاخل بَاب القنطرة وَرُبمَا تسارع فِي الشَّهَادَة عَفا الله عَنهُ. وَقد سبق أَبوهُ فِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن فيحرر هَل جده عبد الرَّحْمَن أَو حسن.
522 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن سعد الدّين بن الْبَدْر بن الشّرف القمني ثمَّ القاهري الصُّوفِي. / ولد سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ وَسمع صحي حمسليم بفوت من الشَّمْس ين القماح وجزءا من حَدِيث أبي الشَّيْخ آخِره الْمَرْأَة الْحَسْنَاء على غَازِي بن المغيث عمر بن الْعَادِل وجزء الْأنْصَارِيّ على أبي الْحسن عَليّ بن أَيُّوب بن مَنْصُور الْمَقْدِسِي ومشيخة العشاري على مُحَمَّد بن عَليّ بن النصير بن نبا فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ الْمزي والذهبي وَابْن نباتة والشهاب الْجَزرِي وَأَبُو حَيَّان(9/212)
وَأَبُو نعيم الأسعردي وَعِيسَى بن الْمُلُوك فِي آخَرين من دمشق ومصر. وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا وَحدثنَا عَنهُ غير وَاحِد مِمَّن تَأَخّر بعده. وَمَات فِي سنة سِتّ وَله سبع وَسَبْعُونَ سنة، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وإنبائه وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.
523 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن الْعَفِيف القسنطيني الأَصْل السكندري الْمَالِكِي سبط بَيت ابْن التنسي وَيعرف بِابْن الْعَفِيف. / ولد قبيل الْعشْرين وَثَمَانمِائَة وباشر الْخمس بِبَلَدِهِ بل نَاب فِي قَضَائهَا عَن شعْبَان بن جنيبات فَمن يَلِيهِ ثمَّ اسْتَقل بِهِ بعد النُّور البلبيسي وَصرف غير مرّة.
524 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْحسن بن عبد الْعَزِيز بن أبي الطَّاهِر بن مُحَمَّد. /)
هَكَذَا رَأَيْته بِخَطِّهِ وَخط أَخِيه الشَّمْس وَأسْقط صَاحب التَّرْجَمَة أَيْضا فَقَط أَبَا الْحسن وَجعل أَبَا الطَّاهِر مُحَمَّد بن أبي الْحسن، وَالصَّحِيح مَا رَأَيْته بِخَط الصّلاح الأقفهسي فِي أَبِيه بعد المحمدين عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن وَهُوَ أصح الْبَدْر أَبُو الْيمن وَأَبُو السعادات وَأَبُو عبد الله بن الزين أبي عبد الله بن الشَّمْس أبي عبد الله السكندري الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن روق. ولد فِي عَاشر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وسيتين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن ومختصر التبريزي وألفية ابْن ملك وَعرض على ابْن الملقن وَغَيره وَسمع من وَالِده تساعيات الْعِزّ بن جمَاعَة وَأول حَدِيث على ابْن حجر وَمن الحراوي فضل الْعلم للمرهبي ورباعيات الصَّحَابَة ليوسف بن خَلِيل وكشف المغطى فِي تَبْيِين الصَّلَاة الْوُسْطَى للدمياطي وَمن الْعِزّ بن الكويك وَولده الشّرف والْعَلَاء بن السَّبع والبلقيني فِي آخَرين وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الجورة خَارج بَاب الْفتُوح. وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع عشرى رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين.
525 - مُحَمَّد الصَّدْر أَبُو البركات بن روق / أَخُو الَّذِي قبله ووالده أَحْمد وَأبي الطّيب. ولد كَمَا بِخَطِّهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَقيل ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة، وَقَالَ لنا مرّة إِنَّه حِين موت أَبِيه سنة خمس وَتِسْعين كَانَ دون الْبلُوغ، وَمُقْتَضَاهُ أَن يكون بعد هَذَا بِيَسِير بِالْقَاهِرَةِ، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره، وَعرض على جمَاعَة وجود الْقُرْآن عِنْد الْفَخر البلبيسي أَمَام الْأَزْهَر واشتغل فِي النَّحْو على الْمُحب بن هِشَام وَفِي الْفِقْه على ابْن الملقن والأبناسي وَكَانَ يذكر أَنه أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وَسمع على الْعِزّ بن الكويك وَولده الشّرف والتنوخي وناصر الدّين بن اليلق والفرسيسي فِي آخَرين، وَحج فِي سنة تسع عشرَة وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا فَمن بعده وخطب بِجَامِع الْحَاكِم وَرُبمَا خطب بِجَامِع القلعة نِيَابَة عَن الشَّافِعِي وَحدث(9/213)
سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ لين الْجَانِب متواضعا متوددا جيدا لحفظ للمنهاج يستحضره إِلَى آخر وَقت غير متشدد فِي الْأَحْكَام وَهُوَ من رُفَقَاء الجدأبي الْأُم. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَخمسين وَدفن بحوش البيبرسية رَحمَه الله وإيانا.
526 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة التقي بن الْكَمَال أبي البركات بن الْجمال أبي السُّعُود الْقرشِي المَخْزُومِي الْمَكِّيّ وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة. / وَأمه كمالية ابْنة القَاضِي التقي مُحَمَّد بن أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي أجَاز لَهُ فِي سنة سبع)
وَتِسْعين وَسَبْعمائة التنوخي وَأَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي وَآخَرُونَ. وَمَات صَغِيرا فَيجوز أَن يكون من شرطنا.
527 - مُحَمَّد الْجلَال أَبُو السعادات بن ظهيرة شَقِيق الَّذِي قبله ووالد الْمُحب أَحْمد وَعبد الْكَرِيم. / ولد فِي سلخ ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا وتفقه بغياث الدّين الكيلاني وبقريبه الْجمال بن ظهيرة وَابْن الْجَزرِي وَقَرَأَ الْأُصُول على أبي عبد الله الوانوغي والبساطي حِين مجاورته بِمَكَّة وانتفع بِهِ كثيرا وَكَذَا قَرَأَ الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ على الحسام حسن الأبيوردي الخطيبي أحد أَصْحَاب سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ وَسمع على ابْن صديق والمراغي والزين البهنسي والرضي أبي حَامِد المطري والشمسين ابْن الْجَزرِي والشامي وَغَيرهم كشيخنا وَأَجَازَ لَهُ التنوخي وَابْن الشيخة والعراقي والهيثمي والبلقيني وَابْن الملقن والسويداوي والحلاوي وَطَائِفَة وَلَا زَالَ يدأب فِي التَّحْصِيل حَتَّى برع فِي الْفِقْه وشارك فِي غَيره، وَأذن لَهُ شَيْخه الكيلاني وَغَيره بالإفتاء والتدريس وراسله الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ أَيْضا بذلك.
وناب فِي الْقَضَاء بِمَكَّة عَن أَبِيه فِي سنة ثَمَانِي عشرَة وَولي خطابتها فِي سنة عشْرين وَلكنه عورض وَلم يتَمَكَّن من الْمُبَاشرَة ثمَّ ولي نظر الْمَسْجِد الْحَرَام والحسبة بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين عوضا عَن الْخَطِيب أبي الْفضل بن الْمُحب النويري وَلم يلبث أَن صرف ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِمَا مَعَ الخطابة عوضا عَنهُ أَيْضا فِي صفر الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ عزل عَن قرب ثمَّ أشرك بَينهمَا أَمر فَأَقَامَ صَاحب مَكَّة حسن بن عجلَان عوضهما أَمَام الْمقَام عبد الْهَادِي بن أبي الْيمن الطَّبَرِيّ حَتَّى يُرَاجع وَبعد الْمُرَاجَعَة اسْتَقل أَبُو الْفضل بالوظائف فَلَمَّا مَاتَ وَذَلِكَ سنة سبع دخل أَبُو السعادات الْقَاهِرَة فولي الْوَظَائِف الثَّلَاثَة وَلم يلبث أَن بلغه وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ وَفَاة الْمُحب بن ظهيرة قَاضِي مَكَّة فسعى فِي الْقَضَاء فَخير بَينه وَبَينهَا فَاخْتَارَ فقر رفيه مَعَ التحدث على الْأَيْتَام والربط وتدريس البنجالية فِي جُمَادَى الأولى مِنْهَا، وَقدم إِلَى مَكَّة فِي شعبانها ثمَّ أضيف إِلَيْهِ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاثِينَ(9/214)
الْوَظَائِف الثَّلَاثَة ثمَّ انْفَصل عَن الْجَمِيع وَأقَام مُقبلا على الأشغال ونفع الطّلبَة ثمَّ أُعِيد إِلَى الْقَضَاء وَالنَّظَر فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ ثمَّ انْفَصل عَن النّظر ثمَّ عَن الْقَضَاء فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين ثمَّ أُعِيد إِلَى الخطابة والحسبة فِي شوالها وَلكنه انْفَصل عَنْهُمَا عَن قرب فِيهَا ثمَّ أُعِيد إِلَى الْقَضَاء فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَأَرْبَعين ثمَّ صرف عَنهُ فِي أَوَاخِر الَّتِي تَلِيهَا وَأمر بعد بالتوجه إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فَأَقَامَ بهَا ونفع أَهلهَا فِي الْفِقْه وأصوله)
وَغَيرهمَا وَقُرِئَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَغَيره ومدحه من أَهلهَا الشَّمْس بن الْبُرْهَان الخجندي ولقيه البقاعي هُنَاكَ فَمَا سلم من أَذَى البقاعي لكَونه لم يتَمَكَّن حِينَئِذٍ من بره، ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِ فِي شَوَّال سنة تسع وَأَرْبَعين ثمَّ صرف عَنهُ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ثمَّ أُعِيد فِي محرم الَّتِي تَلِيهَا وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ، وَقد درس وَأفْتى وَحدث أَخذ عَنهُ الأكابر، وَخرج لَهُ التقي بن فَهد مشيخة وامتدحه شَاعِر مَكَّة القطب أَبُو الْخَيْر بن عبد الْقوي وَغَيره وصنف أَشْيَاء لم يبيض مِنْهَا شَيْئا وَلذَا ألم اسْمهَا وَإِن سميتها فِي المعجم وَله أَبْيَات فِي الدِّمَاء ولقيته بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَخمسين فَحملت عَنهُ أَشْيَاء بَعْضهَا بعلو جبل أبي قبيس وَبَعضهَا بِالْحجرِ، وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها ذكيا دَقِيق النّظر حسن الْبَحْث جيد الْمُشَاركَة والمذاكرة ممتع المحاضرة ينْبذ من التَّارِيخ وَالشعر وَالْأَدب طلق اللِّسَان ذَا نظم وسط، بل صَار رَئِيس مَكَّة وَشَيخ بِلَاد الْحجاز قاطبة حَسْبَمَا شهد لَهُ بذلك شَيخنَا والبساطي وَعبارَة أَولهمَا أَنه مُنْفَرد فِي هَذَا الْوَقْت بِمَكَّة المشرفة بِمَعْرِِفَة الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وخصوصا الْفِقْه على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي ومشاركته فِي الْعُلُوم غير الْفِقْه مَشْهُورَة ثمَّ صرح بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا الْآن من يُسَاوِيه فِي الْفِقْه فضلا عَن أَن يفوقه. وَقَالَ ثَانِيهمَا أَنه جاور بهَا عَاما كَامِلا وَاجْتمعَ عَلَيْهِ بهَا غَالب من ينْسب إِلَيْهِ الْعلم وَالْفضل بهَا مُدَّة طَوِيلَة فَلم ير فيهم من بلغ رتبته فِي أَنْوَاع الْعُلُوم مَجْمُوعَة قَالَ وَلم أر مِنْهُم وَلَا من غَيرهم من أهل الْحجاز من يُنَازع فِي ذَلِك بل الْكل قد سلمُوا لَهُ إِلَى أَن قَالَ وَهَذَا الرجل إِذا سُئِلَ فِي الْفِقْه الَّذِي هُوَ عُمْدَة الْعلمَاء يُجيب فِي الْحَال إِمَّا عَن الرَّوْضَة أَو الرَّافِعِيّ كَأَنَّهُمَا بَين عَيْنَيْهِ شاهدت ذَلِك مِنْهُ مرَارًا وَإِذا سُئِلَ فِي الْأُصُول استحضر المسئلة من ابْن الْحَاجِب أَو الْبَيْضَاوِيّ كَذَلِك وَكَذَلِكَ الحَدِيث وَالتَّفْسِير مَعَ أَنه لَيْسَ بمتقدم فِي الْعُمر وَلَكِن الْعُلُوم منح إلهية ومواهب اختصاصية انْتهى. وَمضى شَيْء من أمره فِي أَبِيه وَوَصفه بَعضهم بمزيد الدَّعْوَى والتعاظم حَتَّى اضمحلت محاسنه فِي جنبها مَعَ الْمُبَالغَة فِي وَصفه بالشح والطمع وَكَلَام كثير لَا يَلِيق بِنَا إثْبَاته.(9/215)
مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي آخر يَوْم الْخَمِيس تَاسِع صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وسامحه وإيانا. وَمن نظمه أول قصيدة امتدح بهَا شَيْخه الْبِسَاطِيّ:
(طب أَيهَا الحبر الإِمَام مقَاما ... واغنم بِمَكَّة سَيِّدي أَيَّامًا)
(وتهن يَا قَاضِي الْقُضَاة بِحَضْرَة ... مَلَأت قُلُوب العاشقين غراما)
(أَحييت للْعلم الشريف مآثرا ... وملكت فِيهِ شكيمة وزماما)
)
وَمِنْه فِي الْجلَال البُلْقِينِيّ:
(هَنِيئًا لكم يَا أهل مصر جلالكم ... عَزِيز فكم من شُبْهَة قد جلى لكم)
(وَلَوْلَا اتقاء الله جلّ جَلَاله ... لَقلت لفرط الْحبّ جلّ جلالكم)
وَذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه برع فِي الْفِقْه وَغَيره حَتَّى أَنه الْآن عَالم الْحجاز وَكتب تَكْمِلَة شرح الْحَاوِي فِي الْفِقْه لشيخه ابْن ظهيرة وَفِي الْمَنَاسِك وعَلى جمع الْجَوَامِع وذيل على طَبَقَات الْفُقَهَاء للسبكي.
528 - مُحَمَّد الْجلَال أَبُو الْفَتْح بن ظهيرة / أَخُو اللَّذين قبله وَكَأَنَّهُ شقيقهما. أجَاز لَهُ فِي الأولى سنة إِحْدَى وَتِسْعين ابْن صديق والكمال الدَّمِيرِيّ وَأَبُو الْيمن الطَّبَرِيّ وَجَمَاعَة وكتبته تخمينا.
529 - مُحَمَّد الْجمال أَبُو السُّعُود بن ظهيرة أَخُو اللَّذين قبله، أمه كمالية ابْنة عَليّ بن أَحْمد النويري. / ولد فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْحَاوِي وَسمع ابْن الْجَزرِي والتقى الفاسي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ حفيدا بن مَرْزُوق والنور الْمحلي وَغير وَاحِد، وناب فِي الْقَضَاء بجدة عَن أَخِيه أبي السعادات. وَمَات فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَخمسين غفر لَهُ.
530 - مُحَمَّد الْجمال أَبُو المكارم نب ظهيرة أَخُو الْأَرْبَعَة قبله وشقيق الْأَوَّلين ووالد الْعَبَّاس وَأبي بكر مُحَمَّد. / ولد فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَسمع من ابْن صديق وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي والتنوخي وَغَيرهم وَحضر دروس الْجمال بن ظهيرة وَدخل مصر فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة ثمَّ عَاد سَرِيعا فَمَاتَ بهَا فِي صفر سنة تسع عشرَة وَدفن بتربة الصُّوفِيَّة بالصحراء غَرِيبا رَحمَه الله.
531 - مُحَمَّد القطب أَبُو الْخَيْر الْمَالِكِي أَخُو الْخَمْسَة قبله وشقيق أبي السُّعُود. / ولد فِي أول سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَحفظ بعض الرسَالَة الفرعية وَحضر فِي الثَّالِثَة على الْجمال مُحَمَّد بن عَليّ النويري والبدر حُسَيْن بن أَحْمد الْهِنْدِيّ وَغَيرهمَا وَسمع من ابْن الْجَزرِي والتقى الفاسي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد. مَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة.(9/216)
532 - مُحَمَّد النَّجْم بن ظهيرة الشَّافِعِي أَخُو السِّتَّة قبله وشقيق أبي السعادات وأشقائه ووالد المحمدين الْجمال والنجم. / ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَسمع من ابْن صديق والمراغي والبدر البهنسي وَالْجمال بن ظهيرة وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ ابْن الذَّهَبِيّ)
وَابْن العلائي والتنوخي والبلقيني وَابْن الملقن والعراقي والهيثمي وَخلق، وَحدث سمع مِنْهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد وناب فِي الْقَضَاء بِمَكَّة عَن أَخِيه أبي السعادات وَكَذَا فِي الخطابة، وَدخل مصر مرَارًا وَالشَّام وحلب وولع بالتاريخ فحفظ مِنْهُ جملا مستكثرة وعلق فِيهِ فَوَائِد فِي المسودات لم تبيض. قَالَ النَّجْم بن فَهد: وَلَقَد قَالَ لي فِي بعض الْأَيَّام قبل مَوته بِسنتَيْنِ أَو ثَلَاث أَنا فِي هَذِه الْأَيَّام مَا صرت أكتب شَيْئا اعْتِمَادًا عَلَيْك فَلَا تدع شَاذَّة وَلَا فاذة إِلَّا تَكْتُبهَا وَكَانَ رَئِيسا نبيلا حشما طَاهِر اللِّسَان لطيف المحاضرة. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين بِمَكَّة رَحمَه الله.
533 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الرضي أَبُو حَامِد بن القطب أبي الْخَيْر بن الْجمال أبي السُّعُود الْقرشِي المَخْزُومِي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي وَالِد ظهيرة والمحب مُحَمَّد وحسين وَابْن عَم السَّبْعَة قبله وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة. / ولد فِي آخر لَيْلَة الِاثْنَيْنِ تَاسِع ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه يُوسُف الدّباغ الْمصْرِيّ وَأكْثر الرسَالَة وَحضر فِي الْفِقْه عِنْد سَالم وَأبي الطَّاهِر المغربيين حِين إقامتهما بِمَكَّة وَعند الْبِسَاطِيّ وَغَيرهم وَسمع على قَرِيبه الْجمال بن ظهيرة والزين المراغي والشمسين مُحَمَّد بن الْمُحب الدمشق وَابْن الْجَزرِي والعفيف عبد الله بن صَالح وَابْن سَلام وَغَيرهم وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْيمن الطَّبَرِيّ وقريبه الزين وَالْمجد اللّغَوِيّ والشرف بن الكويك وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ وَعبد الْقَادِر الأرموي ورقية ابْنة ابْن مزروع وَآخَرُونَ وَولي نصف إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بعد وَفَاة عمر بن عبد الْعَزِيز النويري ثمَّ انْفَصل عَنْهَا فِي ربيع الأول من الَّتِي تَلِيهَا بِأبي عبد الله النويري ولقيته بِمَكَّة فِي مجاورتين وتحدثت مَعَه بل أجَاز وَلم يكن بِذَاكَ. مَاتَ بعد أَن أثكل أَنْجَب ابنيه وصبر فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء مستهل الْمحرم سنة سبع وَسبعين غفر الله لَهُ ورحمه وإيانا.
534 - مُحَمَّد ولي الدّين أَبُو عبد الله بن ظهيرة الشَّافِعِي / شَقِيق الَّذِي قبله. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وأحضر فِي آخر الأولى على المراغي المسلسل وَختم البُخَارِيّ وَسمع من ابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة والشهاب المرشدي والمقريزي وَأبي الْمَعَالِي الصَّالِحِي وَغَيرهم(9/217)
وَأَجَازَ لَهُ ابْن مَرْزُوق شَارِح الْبردَة والشمسان الشَّامي والكفيري والنجم بن حجي وابنا ابْن بردس وَآخَرُونَ وَفِي جملَة ذُرِّيَّة أَحْمد بن عَطِيَّة)
بن ظهيرة عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَابْن الكويك وَابْن طولوبغا وَالْمجد الشِّيرَازِيّ وَآخَرُونَ ولقيته بِمَكَّة فِي مجاورات ثَلَاث وَأَجَازَ فِي بعض الاستدعاآت وَهُوَ خَاتِمَة شُيُوخ الظهيريين شَبيه بأَخيه. مَاتَ فِي صفر سنة تسعين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله.
535 - مُحَمَّد أَبُو السُّعُود بن ظهيرة شَقِيق اللَّذين قبله أمّهم شمائل الحبشية فتاة أَبِيه. / أجَاز لَهُ فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَابْن صديق وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والمراغي وَآخَرُونَ. وَكَأَنَّهُ مَاتَ صَغِيرا.
536 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَمْزَة نَاصِر الدّين بن الْبَدْر البدراني الأَصْل الدمياطي، / مَاتَ بهَا فِي يَوْم الْأَحَد حادي عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين.
537 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخضر بن سمري الشَّمْس الزبيرِي العيزري الْغَزِّي الشَّافِعِي وَيعرف بالعيزري. / سرد شَيخنَا فِي مُعْجَمه نقلا عَن خطه نسبه إِلَى الزبير وَلَيْسَ عِنْده مُحَمَّد الثَّالِث وأثبته فِي الأنباء. ولد بالقدس فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَنَشَأ بِالْقَاهِرَةِ فتفقه بهَا على الشَّمْس بن عَدْلَانِ والتقى أَحْمد بن مُحَمَّد الْعَطَّار الْفَقِيه المتصدر بِجَامِع الْحَاكِم ومحيي الدّين ولد شَارِح التَّنْبِيه وَغَيره الْمجد الزنكلوني وَقَرَأَ بالقرى آتٍ سوى عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ على الْبُرْهَان الحكري وَكَذَا أَخذ القراآت عَن التقي الأعزب ثمَّ فَارق الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَأَرْبَعين فسكن غَزَّة إِلَى سنة أَربع وَخمسين وَدخل دمشق فَأخذ بهَا عَن ابْن كثير والبهاء الْمصْرِيّ والعماد الحسباني والتقى السُّبْكِيّ وَابْن الْقيم وَابْن شيخ الْجَبَل وَغَيرهم وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وَأقَام على نشر الْعلم بغزة إِلَى أَن قدم القطب التحتاني الْقُدس فَرَحل إِلَيْهِ وَأخذ عَنهُ وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا أذن لَهُ الْبَدْر مَحْمُود بن عَليّ بن هِلَال فِي الْإِفْتَاء ثمَّ أَخذ عَن السراجين الْهِنْدِيّ والبلقيني والتاج السُّبْكِيّ وصنف كثيرا فَمن ذَلِك تَعْلِيق على الرَّافِعِيّ سَمَّاهُ الظهير على فقه الشَّرْح الْكَبِير فِي أَربع مجلدات أَو خمس ومختصر الْقُوت للْأَذْرَعِيّ وأوضح المسالك فِي الْمَنَاسِك وأسنى الْمَقَاصِد فِي تَحْرِير الْقَوَاعِد وشح على الألفية سَمَّاهُ بلغَة ذِي الْخَصَاصَة فِي حل الْخُلَاصَة وتوضيح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ بل وَشرح على جمع الْجَوَامِع لشيخه سَمَّاهُ تشنيف المسامع فِي شرح جمع الْجَوَامِع وَله على الْمَتْن مناقشات أرسل بهَا لمؤلفه سَمَّاهَا البروق اللوامع فِيمَا أورد على جمع الْجَوَامِع أَجَابَهُ عَنْهَا فِي منع الْمَوَانِع وَلذَا قَالَ العيزري أَنه أرسل بالبروق إِلَى مُصَنفه وَهُوَ فِي صلب ولَايَته فَأثْنى عَلَيْهِ(9/218)
وَأجَاب عَنهُ وَكَذَا كتب لشَيْخِنَا)
بأسئلة فِي عدَّة عُلُوم وَأرْسل مَعهَا بعدة من تصانيفه وَأكْثر من التصانيف جدا ونظم فِي الْعَرَبيَّة أرجوزة سَمَّاهَا قضم الضَّرْب فِي نظم كَلَام الْعَرَب وأفرد لنَفسِهِ تَرْجَمَة فِي جُزْء وقفت عَلَيْهَا.
وَمَات فِي منتصف ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان رَحمَه الله وإيانا. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وإنبائه. وَقَالَ التقى ابْن قَاضِي شُهْبَة وقفت لَهُ على اعتراضات على فَتْوَى للسراج البُلْقِينِيّ فوصلت إِلَى وَلَده الْجلَال فَردهَا عَلَيْهِ منتصرا لِأَبِيهِ فَبَلغهُ ذَلِك فانتصر لنَفسِهِ ورد مَا قَالَه الْجلَال وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ نَاصِر الدّين الأياسي عَالم الْحَنَفِيَّة بغزة وَأنْشد عَنهُ من نظمه:
(عَدوك إِمَّا معلن أَو مكاتم ... وكل بِأَن تخشاه أَو تتقي قمن)
(وزد حذرا مِمَّن تَجدهُ مكاتما ... فَلَيْسَ الَّذِي يرميك جَهرا كمن كمن)
وَحكى أَنه رَآهُ بعد مَوته وَهُوَ يكْتب على عَادَته فَقَالَ لَهُ ألم تمت قَالَ نعم فَقلت لَهُ وَكِتَابَة بعد الْمَوْت فَقَالَ ألم تعلم أَن الْمَرْء يحْشر على مَا مَاتَ عَلَيْهِ فَقلت نعم وانتبهت وَمن تصانيفه أَيْضا سلَاح الِاحْتِجَاج فِي الذب على الْمِنْهَاج والغياث فِي تَفْصِيل الْمِيرَاث وآداب الْفَتْوَى والانتظام فِي أَحْوَال الْأَيْتَام وغرائب السّير ورغائب الْفِكر فِي عُلُوم الحَدِيث وتهذيب الْأَخْلَاق بِذكر مسَائِل الْخلاف والاتفاق ورسائل الْإِنْصَاف فِي علم الْخلاف وتحبير الظَّوَاهِر فِي تَحْرِير الْجَوَاهِر أجوبة عَن الْجَوَاهِر للأسنائي وأخلاق الأخيار فِي مهمات الْأَذْكَار والكوكب الْمشرق فِي الْمنطق ومصباح الزَّمَان فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَشَرحه وسلسال الضَّرْب فِي كَلَام الْعَرَب فِي النَّحْو وَبَيَان فتيا دَار الْعدْل وَاسْتِيفَاء الْحُقُوق بمسئلة المخلف والمسبوق ودقائق الْآثَار فِي مُخْتَصر مَشَارِق الْأَنْوَار والمناهل الصافية فِي حل الكافية لِابْنِ الْحَاجِب وَغَيرهَا. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِحَذْف مُحَمَّد الثَّالِث.
538 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخضر أَبُو الْخَيْر بن الْعَلَاء الدمنهوري الأَصْل القاهري / الْمَاضِي أَبوهُ. تكسب كأبيه بِالشَّهَادَةِ قَلِيلا واختص بالتاج بن المقسي وَنَحْوه وَكَانَ متنزها شكلا. وَمَات بعد أَبِيه بِقَلِيل قَرِيبا من سنة خمس وَثَمَانِينَ.
539 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلف بن كميل الصّلاح بن الْجلَال المنصوري الدمياطي قاضيها الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن كميل. / نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَأخذ عَن الشهَاب الجديدي وَنَحْوه بل كتب بِخَطِّهِ أَنه أَخذ عَن الْجلَال الْمحلي وَأَنه قَرَأَ على الْعَبَّادِيّ والمناوي ثمَّ الْجَوْجَرِيّ وَآخَرين وناب فِي قَضَاء دمياط عَن وَالِده ثمَّ اسْتَقل بِهِ وَكَذَا ولي قَضَاء)
الْمحلة بعد صرف أوحد الدّين(9/219)
بن العجيمي والمنصورة وَغَيرهَا وراج أمره فِي الْقَضَاء جدا لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْعقل والتودد وَالْكَرم والبذل والمداراة وَحسن الْعشْرَة وَالْأَدب وسلوك أَنْوَاع الرياسة مَعَ حسن الشكالة وصفاء الذِّهْن وجودة الْفَهم والمزاحمة للفضلاء بذلك وَلم يزل فِي نمو من هَذَا كُله إِلَى أَن راموا مِنْهُ التَّكَلُّم فِيمَا يتَعَلَّق بالذخيرة من الْأَوْقَاف الْمعينَة وَغَيرهَا وشافهه السُّلْطَان بذلك فأظهر الْقبُول ثمَّ فر من الترسيم وَاسْتمرّ مختفيا إِلَى أَن طلع إِلَيْهِ بِدُونِ وَاسِطَة وَدفع إِلَيْهِ مَالا وَبَالغ فِي طلب الاستقضاء فَأَجَابَهُ. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر شَوَّال سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن من الْغَد بجوار فتح الأسمر وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.
540 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن عَليّ بن خَلِيل الْبَدْر أَبُو الْيُسْر القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الْغَرْس / وَهُوَ لقب جده خَلِيل الْأَدْنَى. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة منتصف الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِظَاهِر الْقَاهِرَة وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن على الشهَاب بن المسدي وَقَالَ أَنه أكمل حفظه وَهُوَ ابْن تسع وَصلى بِهِ إِمَّا فِي الْعَاشِرَة أَو الَّتِي تَلِيهَا وَحفظ الْمجمع والمنار والتخليص وألفية النَّحْو وَعرض على شَيخنَا وَابْن الْهمام فِي آخَرين واشتغل فِي الْفِقْه على ابْن الديري وَابْن الْهمام وَأبي الْعَبَّاس السرسي ولازمه وقتا وَفِي الْعَرَبيَّة وأصول الدّين على أبي الْفضل المغربي وَفِي أصُول الدّين على ابْن الْهمام وتلميذه سيف الدّين وعَلى ثَانِيهمَا وَغَيره فِي الْمعَانِي وَفِي الْمنطق على الْبُرْهَان الْهِنْدِيّ وَغَيره وَمن شُيُوخه الْعَضُد الصيرامي والأمين الأقصرائي وَآخَرُونَ، وَعرف بمزيد الذكاء وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن الديري فَمن بعده وخالط كثيرا من المباشرين كالعلاء بن الأهناسي والتاج بن المقسي وقتا فِي الشطرنج وَغَيره حَتَّى رتبا لَهُ فِي أَكثر الْجِهَات الَّتِي باشراها وَكَذَا اخْتصَّ بالزيني بن مزهر وارتبط بِهِ دهرا وترفع عَن النِّيَابَة وَصَارَ فِي عداد الشُّيُوخ بل اسْتَقر فِي مشيخة التربة الأشرفية بعد الكافياجي بتعب كَبِير مَعَ كَون المتوفي كَانَ رغب عَنْهَا للبدر بن الديري وَفِي مشيخة الْجَامِع الزيني ببولاق بعد النُّور بن الْمَنَاوِيّ وَفِي تدريس الْفِقْه بالجمالية الجديدة بعد ابْن الأقصرائي وَكَذَا بقبة الصَّالح بعد سيف الدّين شَيْخه وَقصد بِالْكِتَابَةِ فِي النَّوَازِل وَصَحب ابْن أُخْت مَدين وتلقن مِنْهُ الذّكر وذاق تِلْكَ الْبَدَائِع الَّتِي من الْأَحْيَاء وَغَيره وَنظر فِي كَلَام الصُّوفِيَّة وَلذَا كَانَ أحد من قَامَ على البقاعي بل وأجابه عَن الأبيات الَّتِي انتقدها من تائية ابْن الفارض فِي مُصَنف)
مُسْتَقل وتلقى ذَلِك عَنهُ غير وَاحِد من طلبة الْمشَار إِلَيْهِ وَغَيرهم وَفِيه الْكثير مِمَّا لَا يُعجبنِي وَلذَا قَالَ البقاعي بعد قَوْله أَنه لَازم أَبَا الْفضل المغربي وانتفع بِهِ(9/220)
ونظم ونثر وَتقدم فِي الْفُنُون وَمَات لَهُ فِي طاعون سنة أَربع وَسِتِّينَ ولدان كالغصنين فِي يَوْم وَاحِد فرثاهما بقصيدة طَوِيلَة أَولهَا:
(لَيْت شعري والبين مر المذاق ... أَي شَيْء أغراكما بفراقي)
أَنه مكر الله بِهِ فَصَارَ من رُؤُوس الاتحادية التَّابِعين للحلاج وَابْن عَرَبِيّ وَابْن الفارض وحزبهم انْتهى. وَكَذَا كتب على شرح متن العقائد شرحا لطيفا بل شرح شَرحه للتفتازاني شرحا طَويلا وَعمل مؤلفا فِي أدب الْقَضَاء ورسالة فِي التمانع وبرهان التمانع، وَقد حج وجاور غير مرّة مِنْهَا فِي سنة سبعين وأقرأ الطّلبَة بِمَكَّة وَلم يَنْفَكّ هُنَاكَ أَيْضا عَن اللّعب بالشطرنج بل رَأَيْته فِي يَوْم الْعِيد بمنى قبل أَن أنزلهَا وَهُوَ يلعبه مِمَّا لَو أخْبرت بِهِ عَنهُ لارتبت فِيهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بديع الذكاء والتصور مقتدر على التَّعْبِير عَن مُرَاده مَعَ تفخيم الْعبارَات الَّتِي قد يقل محصولها وَحسن النادرة والهيئة الَّتِي يتأنق فِيهَا ومشيه على قَاعِدَة المباشرين غَالِبا وَسُرْعَة الْحَرَكَة وسلامة الصَّدْر والمحبة فِي الْإِطْعَام والفتوة وبذل الجاه مَعَ من يَقْصِدهُ وخفض الْجَانِب لبني الدُّنْيَا والزهو على غَيرهم غَالِبا، ومحاسنه أَكثر وَقد كتبت من نظمه فِي الْفَخر أبي بكر بن ظهيرة والشرف يحيى بن الجيعان مَا أودعته فِي ترجمتيهما وَكَذَا مِمَّا كتبته مِنْهُ:
(النَّاس مثل الْأَرَاضِي فِي طبائعها ... فَمَا الَّذِي لَان مِنْهَا كَالَّذي صلبا)
(وَقل فِي النَّاس من ترْضى سجيته ... مَا كل تربة أَرض تنْبت الذهبا)
وَقد سبقه الْقَائِل:
(النَّاس كالأرض ومنهاهم ... كم يَابِس فيهم وَمن لين)
(فجلمد تدمى بِهِ أرجل ... وإثمد يَجْعَل فِي الْأَعْين)
وَكَذَا من نظمه:
(يَا رب عونا على الْخطب الَّذِي ثقلت ... أعباؤه يَا غياثي فِي مهماتي)
(لطفت بِالْعَبدِ فِيمَا مضى كرما ... يَا رب فالطف بِهِ فِي الْحَال والآتي)
وَلم يزل على حَاله إِلَى أَن تعلل بِمَا امْتنع مَعَه من الرّكُوب وَصَارَ ملقى فِي بَيته بِحَيْثُ تناقص حَاله وتعطلت أَكثر جهاته وَكَاد أَن يمل حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَتِسْعين رَحمَه الله)
وَعَفا عَنهُ وإيانا.
541 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد الْكَمَال الصغاني الأَصْل الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ سبط يُوسُف الغزولي وَيعرف بِابْن الضياء. / ذكره الفاسي فَقَالَ سمع بِمَكَّة من بعض شُيُوخنَا وَقَرَأَ على الشَّمْس بن سكر وَأَجَازَ لَهُ ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَغَيرهمَا وَمَا عَلمته حدث. وعني بالفقه وَغَيره وَسكن قبل مَوته مُدَّة طَوِيلَة بوادي نَخْلَة ثمَّ اسْتَقر مِنْهَا بخيف بن عُمَيْر وَكَانَ يؤم فِيهِ النَّاس ويخطب ويعقد الْأَنْكِحَة،(9/221)
وتعانى التِّجَارَة فِي شَيْء قَلِيل. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَعشْرين بالخيف الْمَذْكُور وَنقل إِلَى المعلاة فَدفن بهَا وَهُوَ فِي أثْنَاء عشر السِّتين. وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ نَاب فِي عُقُود الْأَنْكِحَة، وأرخ وَفَاته بِمَكَّة فِي ربيع الأول، وَالْأول الْمُعْتَمد شهرا ومحلا. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
542 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن عمر بن دَاوُد بن مُوسَى بن نصر الْمُحب أَبُو يحيى بن الْعِزّ بن الْعِمَاد الْبكْرِيّ القاهري الشَّافِعِي نزيل المؤيدية وَيعرف بالمحب الْبكْرِيّ. / ولد تَقْرِيبًا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِيمَا ذكره لي مَعَ سرد نسبه الَّذِي سقته فِي الوفيات وَغَيرهَا إِلَى أبي بكر الصّديق وَقيل أَن مولده بعد سنة خمس وَثَمَانِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَأخذ الْفِقْه عَن الشهَاب بن الْعِمَاد والْعَلَاء الأقفهسي والبدر الطنبدي فِي آخَرين وَأكْثر من الْحُضُور عِنْد الْعِزّ بن جمَاعَة فِي فنونه وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَغَيره وَكَذَا لَازم شَيخنَا فِي الأمالي وَغَيرهَا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير من شَرحه للْبُخَارِيّ وَغَيره وامتدحه بعدة قصائد سَمعهَا هِيَ وَأَشْيَاء من نظمه مِنْهُ الْأَعْيَان وكتبت عَنهُ مِنْهُ جملَة وناب فِي الْإِمَامَة بالمؤيدية وَكَانَ فَاضلا خيرا بهي الْهَيْئَة سليم الْفطْرَة منجمعا عَن النَّاس سريع النّظم. مَاتَ فِي عصر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشرى شَوَّال سنة إِحْدَى وَخمسين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بالأزهر وَدفن بالصحراء بِالْقربِ من بَاب الْجَدِيد وَرَأى الْمُحب الفاقوسي فِي لَيْلَة صلى عَلَيْهِ أَبَاهُ فِي الْمَنَام وَهُوَ يَأْمُرهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَخرج لذَلِك فَرَأى جده يَأْمُرهُ بذلك وَرَأى آخر نَحْو ذَلِك رَحمَه الله وإيانا. وَمن نظمه:
(أَقُول لما صفا حبي والفاني ... أَنا الْمُحب وَمن أهواه الفاني)
(لَو لامني فِيهِ أَلفَانِ ... وَإِن الشفا فِي فتح الْأَعْرَاف بِالنَّصِّ)
وَقَوله:)
(زعمت بِأَن الهجر مر مذاقه ... وَأَن الشفا فِي فتح الْأَعْرَاف بِالنَّصِّ)
(وَمن لم يَذُوق المر لم يدر حلوه ... فها أَنْت شبه الطِّفْل تقنع بالمص)
وَعِنْدِي من نظمه فِي التَّارِيخ والمعجم غير هَذَا.
543 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السَّيِّد الْأَجَل بن صدر الدّين مُحَمَّد بن شرف الدّين بن عَلَاء الدّين عَليّ الشَّمْس أَبُو الْمجد بن القطب بن السراج الحسني الرميثي لقَوْله أَنه من ذُرِّيَّة صَاحب مَكَّة رميثة بن أبي نمي الْخُرَاسَانِي البُخَارِيّ الْحَنَفِيّ نزيل مَكَّة وَإِمَام مقَام الْحَنَفِيَّة بهَا ووالد الْعَفِيف عبد الله الْمَاضِي. / هَكَذَا أمْلى على نسبه وأملى مرّة بعد ثَالِث المحمدين الصَّدْر مُحَمَّد بن الشّرف عَليّ فَالله أعلم. ولد فِي سحر لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانِي عشرَة وثمانماية ببخارا(9/222)
وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ومنظومة النَّسَفِيّ وَقطعَة من أول الكنر وتصريف الزنجاني والحاجبية والإرشاد لسعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ فِي النَّحْو واشتغل على مُحَمَّد الزَّاهدِيّ البُخَارِيّ المدفون بِطيبَة ثمَّ على قَاضِي بخارا وسمرقند مُحَمَّد الْمِسْكِين شَارِح الْكَنْز ثمَّ على مُحَمَّد الخافي ثمَّ على مَوْلَانَا مُحَمَّد الناصحي وعَلى النجاري بالنُّون وَالْجِيم البُخَارِيّ والقطب اليمكش وَغَيرهم وتحول من بخارا لسمرقند وَهُوَ ابْن سِتّ أَو سبع عشرَة سنة فَأخذ بهَا عَن بعض الْمَذْكُورين لانتقالهم أَيْضا إِلَيْهَا وَعَن غَيرهم وقطنها وَتزَوج بهَا ثمَّ ارتحل لهراة ثمَّ لأصبهان سنة خمس وَخمسين واشتغل بهَا على طَاهِر أحد تلامذة ابْن الْجَزرِي وصاهره على ابْنَته وَأقَام بهَا نَحْو شَهْرَيْن ثمَّ دخل بَغْدَاد وَأقَام بهَا ثَلَاثَة أشهر وسافر فِي السّنة صُحْبَة الْحَاج لمَكَّة وجاور بهَا سنة سِتّ ثمَّ رَجَعَ صُحْبَة الْحَاج إِلَى الْقُدس فدام بِهِ سَبْعَة أشهر وَتوجه إِلَى الشَّام فَمَكثَ فِيهَا أَيَّامًا قَلَائِل وَعَاد إِلَى الْقُدس ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا يَسِيرا واشتغل على السعد بن الديري والأمين الأقصرائي وَاسْتقر فِي مشيخة الباسطية المكية فِي سنة تسع وَخمسين عوضا عَن الشوائطي وَوصل لمَكَّة صُحْبَة الْحَاج فِيهَا فباشرها ثمَّ ولي إِمَامَة مقَام الْحَنَفِيَّة بهَا فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وتدريس درس الخواجا الْهَمدَانِي بمقام الْحَنَفِيَّة وباشره إِلَى أَن انْقَطع لتعطل أوقافه وَقُرِئَ عَلَيْهِ فِي الحَدِيث سَمَاعا ثمَّ فِي مشيخة الخلجية للخلجي مَحْمُود صَاحب مندوة ووالد صَاحبهَا الْآن غياث الدّين أبي الْفَتْح عِنْد بَاب أم هَانِئ وتكرر دُخُوله الْقَاهِرَة مرَارًا وصاهر الخواجا الشَّمْس بن الزَّمن على أُخْته وتأثل أَمْوَالًا ودورا بَعْضهَا إنشاؤه توصل لكثير مِنْهَا بطرق مَعَ مزِيد الْإِمْسَاك وَهُوَ المثير للمحنة البرهانية مَعَ كَونه هُوَ المرقى)
لَهُ للْإِمَامَة وَلكنه كَانَ يُبَالغ فِي التنصل من ذَلِك مَعَه وَمَعَ أحبابه. وَزعم أَنه عمل كتابا فِي عُلُوم الحَدِيث مِمَّا الظَّاهِر أَنه أَخذ كتاب الكافياجي فِي ذَلِك لظَنّه عدم اشتهاره وَكَذَا لَهُ شرح على الجرومية سَمَّاهُ المأمومية، وَقد تكَرر اجتماعي مَعَه بِالْقَاهِرَةِ وبمكة بل كَانَ يراجعني فِي أَشْيَاء ويبالغ فِي الْإِكْرَام والاحترام لفظا وخطا. وَبِالْجُمْلَةِ فقد صَار وجيها ذَا دور مُتعَدِّدَة وأماكن متنوعة وَكتب نفيسة استكتب أَكْثَرهَا وكلنها غير مُقَابلَة بل كَثِيرَة السقم مَعَ شدَّة الْإِمْسَاك والحرص والتزيد فِي كَلَامه وَعدم الانضباط بل شرفه فِيمَا قيل متجدد وَكَذَا دَعْوَاهُ أَنه من ذُرِّيَّة رميثة مُتَوَقف فِيهَا وَأهل مَكَّة فِي ذَلِك كلمة إِجْمَاع وَكَانَ يكثر إِظْهَار التعلل تَارَة تصنا وَتارَة توجعا إِلَى أَن كَانَ مَوته فِي أثْنَاء ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا وَخلف أَوْلَادًا أكبرهم أحْسنهم طَريقَة بل أرجحه على أَبِيه بورك فِيهِ.(9/223)
544 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبَادَة بن عبد الْغَنِيّ الْأمين بن قَاضِي الْحَنَابِلَة الشَّمْس الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الشَّافِعِي أَخُو النَّجْم عبد الْكَرِيم الْحَنَفِيّ والشهاب أَحْمد الْحَنْبَلِيّ الماضيين. /
مَاتَ سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة كَمَا رَأَيْته بخطي على من اشْترك مَعَه فِي نسبه بِحَيْثُ ظَنَنْت أَنه هُوَ.
545 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْبر بن عَليّ بن تَمام الْجلَال بن الْبَدْر بن أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: ولد قبل سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة واشتغل فِي صباه قَلِيلا وَكَانَ جميل الصُّورَة لكنه صَار قَبِيح السِّيرَة كثير المجاهرة بِمَا أزرى بِأَبِيهِ فِي حَيَاته وَبعد مَوته بل لَوْلَا وجوده لما ذمّ أَبوهُ. وَقد ولي بعده تدريس الشَّافِعِي بجاه ابْن غراب مَعَ بذل دَار تَسَاوِي ألف دِينَار بل ولي قبل ذَلِك تدريس الشيخونية بعد الصَّدْر الْمَنَاوِيّ ببذل جزيل لنيروز ناظرها حِينَئِذٍ. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى عشرَة سامحه الله.
546 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الدَّائِم نجم الدّين أَبُو عبد الله بن الشَّمْس بن النَّجْم الْقرشِي الباهي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ وَالِد أبي الْفَتْح مُحَمَّد الْآتِي. / اشْتغل كثيرا وَسمع على أبي الْحسن العرضي وَجَمَاعَة وَطلب بِنَفسِهِ وَقَرَأَ الْكثير وشارك فِي الْعُلُوم. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَسمع من شُيُوخنَا وَنَحْوهم وعني بالتحصيل ودرس وَأفْتى وَكَانَ لَهُ نظر فِي كَلَام ابْن الْعَرَبِيّ)
فِيمَا قيل. مَاتَ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ عَن سِتِّينَ سنة. وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه أَنْجَب وَلَده وَسمعت بقرَاءَته وَمن فَوَائده. وَكَانَ حسن السمت جميل الْعشْرَة. وَقَالَ ابْن حجي: كَانَ أفضل الْحَنَابِلَة بالديار المصرية وأحقهم بِولَايَة الْقَضَاء، قلت وَقد قَرَأَ على البُلْقِينِيّ بالشيخ الْعَالم الْمُحَقق مفتي الْمُسلمين جمال المدرسين. وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه رافقه فِي قِرَاءَة الْجمل للخونجي على الولوي بن خلدون ثمَّ لم نزل متصاحبين حَتَّى مَاتَ وَهُوَ مِمَّن عرف بِالْخَيرِ ولين الْجَانِب رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الستار الحريري. / يَأْتِي بِدُونِ من بعد المحمدين. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن
547 - مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الشَّمْس أَبُو الْخَيْر بن التقي بن نَاصِر الدّين الزبيرِي الْمصْرِيّ الأقفهسي الْقُدسِي الشَّافِعِي. / قدم مَكَّة بعد الثَّلَاثِينَ فجاور بهَا وتأهل فِيهَا بست الْكل ابْنة الإِمَام الرضي بن الْمُحب الطَّبَرِيّ فَولدت لَهُ ذكرا وَأُنْثَى. مَاتَ بهَا فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه بن فَهد.
548 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن يُوسُف بن مَنْصُور الشَّمْس(9/224)
بن الْكَمَال القاهري الشَّافِعِي إِمَام الكاملية / وَابْن أئمتها والماضي أَبوهُ وجده. ولد فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثامن عشرى ذِي الْحجَّة سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالكاملية وَنَشَأ بهَا فِي كنف أبوية فحفظ الْقُرْآن والعمدة وَغَيرهَا وَمن ذَلِك بعض التَّنْبِيه، وَعرض على شَيخنَا والقاياتي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والْعَلَاء القلقشندي والمناوي والكمال ابْن الْبَارِزِيّ والجلال بن الملقن وَابْن سُلْطَان القادري الشافعيين وَابْن الديري والأمين الأقصرائي والشمني وَابْن الْهمام والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ الحنفيين والبدر بن التنسي وَأبي الْقسم النويري وَابْن المخلطة المالكيين وأجازوه وَحج مَعَ أَبِيه غير مرّة وجاور وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي والتقى بن فَهد وَآخَرين وببيت الْمُقَدّس على التقي القلقشندي وَغَيره بل سمع الْكثير بِقِرَاءَتِي حِين قَرَأت للْوَلَد على بقايا الشُّيُوخ وبقراءة غَيْرِي وَحضر دروس وَالِده وَكَذَا قَرَأَ على أبي الْعَزْم وَابْن المسيري وَلكنه كَانَ بَعيدا عَن هَذَا المهيع بل اعتنى بخلوة لَهُ فِي الكاملية فأتقن بياضها وزخرفتها وجلب فِيهَا من التحف والأشياء الظريفة مَا كَانَ يقْصد من أَجله لرؤيتها لسروره بذلك وَرُبمَا جر لَهُ نفعا دنيويا وَالْكثير مِنْهُ ينشأ عَم مسئلة وإلحاح وَهُوَ يفني ذَلِك كُله فِي مأكله وَنَحْوه وطالما كَانَ يقْصد فِي خلوته للْأَكْل من كنافة قوام وَصَارَ فِي كل هَذَا فريدا. وَلما مَاتَ وَالِده لم يشاحح أحدا من أَخَوَيْهِ فِي الْمِيرَاث)
مَعَ مزِيد تعديهما واقتياتهما عَلَيْهِ واختلاسهما مِنْهُ وَهُوَ غير منفك عَن مساعدتهما لغَلَبَة سَلامَة بَاطِنه بِحَيْثُ كَانَ إِلَى البهاليل أقرب وَكَانَ لتحريه عَنْهُمَا فِي الْجُمْلَة يَنُوب عَن أَبِيه فِي إِمَامَة الكاملية غَالِبا. مَاتَ بعد أَبِيه بِدُونِ سنتَيْن بأيام فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشرى شَوَّال سنة سِتّ وَسبعين بعد توعكه مُدَّة بِمَرَض حاد وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي مصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد متوسط ثمَّ دفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَكنت مِمَّن شهد الصَّلَاة عَلَيْهِ مَعَ كَونه أَكثر أَخَوَيْهِ توليبا على وَلكنه أخير وأبرك رَحمَه الله وَغفر لنا وَله.
549 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خليف بن عِيسَى أَبُو الْفَتْح بن الْمُحب بن الرضي أبي حَامِد المطري الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وسبط الزين أبي بكر المراغي. / سمع من أَبِيه فِي الْمُوَطَّأ وَغَيره. 550 مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو الْفضل المطري أَخُو الَّذِي قبله وشقيق أم كُلْثُوم الَّتِي تزوج بهَا القَاضِي الْمَالِكِي شمس الدّين السخاوي، أمهما خَدِيجَة ابْنة القَاضِي عَليّ الزرندي. / سمع من أَبِيه جلّ مُسْند الشَّافِعِي وَمن التقي بن فَهد وَغَيرهمَا بل قَرَأَ على أبي الْفرج المراغي وَأخذ عَن الشهَاب الأبشيطي فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وتلقى(9/225)
عَن أَبِيه الْأَذَان. مَاتَ فِي رُجُوعه من الْحَج عِنْد مفرح لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَسِتِّينَ فجيء بِهِ إِلَى الْمَدِينَة وَدفن بِالبَقِيعِ وَلم يبلغ الْأَرْبَعين وَهُوَ خَاتِمَة الذُّكُور من بَيت المطري رَحمَه الله وأعقب ابْنَته خَدِيجَة الَّتِي تزوج بهَا بعد الْمُحب بن القَاضِي خير الدّين الْمَالِكِي.
551 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن صَالح نَاصِر الجدين أَبُو الْفضل وَأَبُو الْعِزّ بن الزكي بن فتح الدّين الْكِنَانِي الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن صَالح. / نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرضه عَليّ مَعَ الْجَمَاعَة فِي سنة ثَمَانِينَ واشتغل قَلِيلا وَقَرَأَ عَليّ فِي القَوْل البديع وتقريب النَّوَوِيّ وَغَيرهمَا وَكَذَا قَرَأَ فِي القراآت على الزين جَعْفَر وَأَجَازَ لَهُ وسافر إِلَى الرّوم فِي حَيَاة أَبِيه وَبعده وأجحف فِيمَا استأداه من أوقافهم الَّتِي هُنَاكَ جدا وَلم يرض عَنهُ وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ وَدخل الشَّام والقاهرة وَغَيرهمَا غير مرّة وزاحم أَعْمَامه بِجُزْء فِي الخطابة والإمامة وَالنَّظَر ورام أَكثر من ذَلِك. وَهُوَ فطن ذكي جريء مقتدر على الألفات إِلَيْهِ مَعَ صغر سنة. وَكَانَ الْأَشْرَف قايتباي أَمر بسجنه فِي القاعة بِسَبَب مرافعة أحد أَعْمَامه مَعَ أهل الْمَدِينَة فِي أَبِيه ثمَّ أطلقهُ من الْغَد)
وتكررت محنة وتزايد فقره لعدم حسن تَدْبيره ومشيه وَصَارَ إِلَى حَالَة كثر تألمي لَهُ بِسَبَبِهَا وَلَو وفْق لَكَانَ أحد رُءُوس بَيته وَهُوَ الْآن بِالْمَدِينَةِ بعد تشتته عَنْهَا دهرا أحسن الله عاقبته.
552 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح أَبُو الْقسم بن الشَّمْس بن فتح الدّين بن صَالح / بن عَم الَّذِي قبله. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ وَرُبمَا نَاب فِي الْإِمَامَة وَالْقَضَاء، وَدخل الْقَاهِرَة وَغَيرهَا وَهُوَ الْآن صوب الْيمن.
553 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الشَّمْس أَبُو الْخَيْر بن أبي الْفضل بن أبي عبد الله الْجَوْهَرِي الأَصْل الفيشي الأحمدي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كهما بِابْن بطالة. / ولد تَقْرِيبًا فِي أَوَائِل سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة بفيشا المنارة من الغربية وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه وألفية النَّحْو، وَقدم الْقَاهِرَة فقطن زَاوِيَة أَبِيه بقنطرة الموسكي واشتغل رَفِيقًا للفخر عُثْمَان المقسي وَابْن قَاسم عِنْد الشّرف السُّبْكِيّ وَالْجمال الأمشاطي والونائي والقاياتي والبوتيجي فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا ولازم شَيخنَا وَلكنه لم يدم الِاشْتِغَال بل قَامَ بِأَمْر الزِّرَاعَة وَنَحْوهَا وبذل همته فِي ذَلِك. وَحج فِي سنة تسع وَسبعين صُحْبَة ركب الأتابك والأقصرائي وابتدأ مَعَهُمَا بالزيارة النَّبَوِيَّة وَرجع بعد انْقِضَاء الْحَج وقطن بطنتدا وَتلك النواحي وتكرر اجتماعي بِهِ فِي مجْلِس شَيخنَا ثمَّ بعد(9/226)
وَهُوَ إِنْسَان متودد ذكي حسن الْمُلْتَقى والمحاسن. مَاتَ إِمَّا فِي آخر سنة سِتّ وَتِسْعين أَو أول الَّتِي تَلِيهَا رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَو حسن الْبَدْر بن الْجُنَيْد / مضى فِي.
554 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الشريف الْقرشِي الحباك / حِرْفَة. ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ببولاق وقطن الْقَاهِرَة ولقيته بهَا فأنشدني قَوْله:
(قمر لَهُ طرفِي وقلبي منزل ... مَا باله عني يصد ويأفل)
(رشأ سباني حسنه ولحاظه ... شبه الأرامل يغزلون وَيَأْكُل)
وَقَوله حِين وَدعنِي:
(يَا من يروم الرحيل عَنَّا ... آمنك الله فِي ارتحالك)
(كَانَ لَك الله خير واق ... سلمك الله فِي المسالك)
555 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم الْبَدْر أَبُو الْفضل بن التقي أبي الْخَيْر بن الشَّمْس الْحَنَفِيّ سبط الشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الله بن حُسَيْن النويري أحد قراء السَّبع من الشَّافِعِيَّة، / وَلذَا اشْتهر هَذَا بالنويري. ولد فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والقدوري وَأخذ عَن الْأمين الأقصرائي وَغَيره كَابْن الديري ولازم الْبَدْر بن عبيد الله وصاهره على ابْنة أَخِيه، وناب فِي الْقَضَاء عَن الديري فَمن بعده واختص بالتاج بن المقسي كثيرا وَأكْثر من مخالطته بل وَعمل النقابة لِابْنِ الشّحْنَة وقتا وَصَارَت لَهُ نوبَة فِي بَاب الْحَنَفِيّ، وَحج غير مرّة وجاور وَولي التدريس بمدرسة الجاي تجاه أم السُّلْطَان من التبانة وسكنها والإعادة بِأم السُّلْطَان إِلَى غير ذَلِك من الْجِهَات وانجمع بعد موت عشرائه مَعَ عَليّ الهمة وَحسن الْعشْرَة والفتوة وخفة الرّوح ثمَّ كثرت مخالطته للبدري أبي الْبَقَاء بن الجيعان لتزويجه سَرِيَّة لَهُ.
556 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ن عبد الرَّزَّاق بن عِيسَى بن عبد الْمُنعم بن عمرَان بن حجاج الصَّدْر بن الشّرف بن الصَّدْر السفطي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد الضياء مُحَمَّد الْآتِي. / أَخذ عَن ابْن الملقن والأبناسي وَغَيرهمَا كَالشَّمْسِ بن الْقطَّان قَرَأَ عَلَيْهِ عدَّة عُلُوم بل قَرَأَ عَلَيْهِ سبع ختمات للأئمة السَّبْعَة ومؤلفه السهل فِي القراآت السَّبع وَكتب جملَة من تصانيف شَيْخه ابْن الملقن وَقرأَهَا عَلَيْهِ وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْفَاضِل الأوحد علم المفيدين. وَمرَّة أُخْرَى بالشيخ الْعَالم الفاض لمفيد الطالبين كنز المحصلين، وتفقه كثيرا وَكتب على مُخْتَصر التبريزي شرحا، وَكَانَ دينا خيرا ولي مشيخة الْآثَار النَّبَوِيَّة بعد مُحَمَّد بن المبرك وَكَانَ أَولا يجلس مَعَ الشُّهُود(9/227)
بل يُؤَدب الْأَبْنَاء بِحَيْثُ كَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا وناصر الدّين ابْن شيخهما ابْن الْقطَّان ثمَّ ترك. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لي الرِّوَايَة عَنهُ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة.
وَمَات فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان. وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده. وَاسْتقر بعده ابْنه الضياء مُحَمَّد فِي المشيخة رَحمَه الله وإيانا.
557 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن روزبة الشَّمْس بن فتح الدّين أبي الْفَتْح بن التقي الكازروني الْمدنِي الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد الْمَاضِي وَكَذَا أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن تَقِيّ وَرُبمَا يُقَال لَهُ تَقِيّ. / ولد فِي تَاسِع عشرى ربيع الآخر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَعرض واشتغل على أَبِيه وَغَيره وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي وَالْجمال الكازروني. بل قَرَأَ على أبي الْفرج المراغي وَسمع مني قَلِيلا وَأَجَازَ لَهُ شَيخنَا وَجَمَاعَة وَكَانَ خيرا ذَا همة علية وتودد وامتهان لنَفسِهِ مَعَ أحبابه. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشرى ربيع الآخر سنة تسع وَثَمَانِينَ)
وَصلي عَلَيْهِ فِي عصره وَدفن بِالبَقِيعِ رَحمَه الله وإيانا.
558 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الظَّاهِر الشريف الأخميمي ثمَّ القاهري. / مِمَّن سمع ختم البُخَارِيّ على أم هَانِئ الهورينية وَمن كَانَ مَعهَا مَعَ غَيره مِمَّا قرئَ فِي ذَاك الْيَوْم.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الطَّاهِر مُحَمَّد بن أبي الْحسن الْبَدْر وَأَخُوهُ الصَّدْر الْمَعْرُوف كل مِنْهُمَا بِابْن روق. / مضيا فِيمَن جده مُحَمَّد بن أبي الْحسن.
559 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن الْحَافِظ الشّرف أبي الْحُسَيْن عَليّ بن التقي أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن عبد الله بن أبي الرِّجَال عِيسَى الْحُسَيْنِي الْهَاشِمِي اليونيني البعلي الْحَنْبَلِيّ. / ولد فِي الْعشْر الْأَخير من جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَسمع على ابْن الزعبوب وَمُحَمّد بن عَليّ بن اليونانية الصَّحِيح وتفقه بالتاج بن بردس والعماد بن يَعْقُوب البعليين وَغَيرهمَا، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَولي قَضَاء الْحَنَابِلَة بِبَلَدِهِ وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق. مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَخمسين رَحمَه الله.
560 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الْبَهَاء أَبُو السعد بن الْكَمَال بن الْبَدْر النابلسي الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. كتب كأبيه القَوْل البديع وَقَرَأَ بعضه.
561 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم أصيل الدّين بن ولي الدّين بن صدر الدّين بن كريم الدّين السمنودي الأَصْل الدمياطي أَخُو عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَيعرف بِابْن بقبيش. / شيخ مُعْتَقد بَين الدمياطيين مُقيم بِمَسْجِد ابْن قسيم تَحت المرقب عِنْده جمَاعَة يكثرون الذّكر مِمَّن يذكر بكرامات وأحوال صَالِحَة وَأَن وَالِده رأى النَّبِي(9/228)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل وِلَادَته فَمسح ظَهره وَقَالَ بَارك الله فِي هَذِه الذُّرِّيَّة، وَأَن وَلَده هَذَا مَكْتُوب فِي ظَهره بقلم الْقُدْرَة مُحَمَّد حَسْبَمَا شَاهده غير وَاحِد مِمَّن أَخْبرنِي وَأَنه تسلك على يَد شخص حصني وسافر إِلَى الشَّام وَغَيرهَا وانتفع بِهِ جمَاعَة. مَاتَ بدمياط فِي ظهر يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ عَن أَربع وَسِتِّينَ سنة. وَاسْتقر عوضه فِي الْمَسْجِد الْمشَار إِلَيْهِ أَخُوهُ رَحمَه الله وإيانا.
562 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن إِسْحَاق الْبَدْر بن الولوي السنباطي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي سبط الصَّدْر بن العجمي / والماضي أَبوهُ. ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ. وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمختصر الفرعي وألفية ابْن ملك وَعرض على البُلْقِينِيّ والمناوي وَابْن الديري وَابْن الْأَشْقَر فِي آخَرين وَسمع على وَالِده)
والشمني والبلقيني وَطَائِفَة وَمِمَّا سَمعه ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة، وَأخذ فِي الْعَرَبيَّة عَن أبي الْفضل المغربي وَفِي الْفِقْه وَغَيره عَن السنهوري والنور بن التنسي وَلم يمعن من الِاشْتِغَال وناب فِي الْقَضَاء عَن الشَّافِعِي بشر بنابل وعملها بل وبالقاهرة عَن السراج بن حريز ثمَّ عَن اللَّقَّانِيّ وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت، وَكَانَ سَاكِنا لَا بَأْس بِهِ حسن الْعشْرَة يجيد الشطرنج وَهُوَ خير من أَخِيه بِكَثِير مَعَ أَن ذَاك أكبر وَبِيَدِهِ قَضَاء سنباط. مَاتَ بهَا بعد أَن تعلل مُدَّة بالاستسقاء وَغَيره فِي عَاشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَانِينَ رَحمَه الله وإيانا.
563 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَهِيمُ بن حَمَّاد بن خلف بن حرز الله أَبُو حَامِد التَّمِيمِي التّونسِيّ الْمَالِكِي الشاذلي وَيعرف بالمحجوب / وَهُوَ صفة لجده لِكَثْرَة اعتزاله عَن النَّاس. ولد سنة تسع وَثَمَانمِائَة بتونس وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لنافع وَبحث فِي الْفِقْه على يَعْقُوب الزعبي قَاضِي تونس وَأبي الْقسم الْبُرْزُليّ وَعنهُ أَخذ طَرِيق الْقَوْم وَكَذَا أَخذهَا عَن أَبِيه كِلَاهُمَا عَن أبي عبد الله البطرني عَن ماضي بن سُلْطَان عَن أبي الْحسن الشاذلي، وَحج فِي سنة تسع وَأَرْبَعين ولقيته حِينَئِذٍ فِي الميدان، وَكَانَ شكلا حسنا ذَا تواضع وتؤدة وعقل وسكينة. مَاتَ فِي
564 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد ولي الدّين أَب وَالْفضل بن نَاصِر الدّين أبي الْيمن بن الشَّمْس الزفتاوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه عبد اللَّطِيف وأبوهما وَأَخُوهُ الصَّدْر أَحْمد والآتي ابْنه جلال الدّين مُحَمَّد. حفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج، وَعرض على شَيخنَا وَابْن المحمرة وقارئ الْهِدَايَة فِي آخَرين مِنْهُم الْعلم البُلْقِينِيّ وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء وَكَذَا عَمَّن بعده وَكَذَا نَاب فِي الْحِسْبَة بِالْقَاهِرَةِ وَقد أجَاز لَهُ ولأخته زَيْنَب باستدعاء بِخَط أخيهما الصَّدْر بن(9/229)
الطَّحَّان وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة. وَمضى لَهُ ولأبيه مُحَمَّد ذكر فِي أَخِيه وَكَانَ عَارِيا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشرى ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد سامحه الله.
565 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو الطّيب بن التَّاج النستراوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي / وَيعرف أَبوهُ بِابْن الْمُحْتَسب وَهُوَ بكنيته أشهر. اشْتغل يَسِيرا وَسمع مَعنا على شَيخنَا وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وجود الْخط وأتقن صناعَة التذهيب وَنَحْوهَا وتميز فِي الْمُبَاشرَة كأبيه وَنسخ أَشْيَاء وَكَانَ يمِيل إِلَى البطالة، وَقد صاهر النُّور بن الرزاز على ابْنَته ثمَّ فَارقهَا وسافر مَعَ الرجبية صُحْبَة نَاظر دمياط فَكَانَت منيته بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فِي شعْبَان سنة إِحْدَى)
وَسبعين وَقد قَارب الْأَرْبَعين وَنعم الخاتمة رَحمَه الله.
566 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن خيضر بن سُلَيْمَان الْبَدْر بن القطب الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي بن الخيضري الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ النَّجْم أَحْمد. / شَاب نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَسمع معي بِدِمَشْق على جمَاعَة وكتبت لَهُ ثبتا وَلم يلبث أَن مَاتَ قريب السِّتين عوضه الله الْجنَّة.
567 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام نَاصِر الدّين بن نَاصِر الدّين بن الشَّمْس بن الْجمال الْحَرَّانِي الأَصْل ثمَّ الدِّمَشْقِي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن تَيْمِية. / ولد سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَقَرَأَ الْقُرْآن والمنهاجين وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الشّرف السُّبْكِيّ وَغَيره بل حضر دروس الشهَاب الطنتدائي وَفِي النَّحْو عَن الشَّمْس الشطنوفي.
مَاتَ بِمَكَّة فِي لَيْلَة الصعُود سنة سِتّ وَسبعين وَقد قَارب السّبْعين، وَكَانَ إنْسَانا حسنا كَبِير الهمة وافر الْمُرُوءَة قانعا وباسمه مُرَتّب فِي الْخَاص صَار إِلَيْهِ بعد أَبِيه ثمَّ لزم خدمَة ابْن الْهمام وَحُضُور درسه فقرره فِي خدمَة الشيخونية مَعَ كَونه لم يعْهَد فِيهَا غير حَنَفِيّ وَكَذَا لَازم الشمني وَاسْتقر بِهِ فِي بعض وظائف التربة القانبيهية، وَشهد بِبَعْض المراكز بل نَاب عَن الْعلم البُلْقِينِيّ وَفِي الآخر توجه رَسُولا عَن الْخَلِيفَة المستنجد بِاللَّه لتقليد ابْن سُلْطَان الْهِنْد بعد أَبِيه فَمَاتَ فِي توجهه بِمَكَّة رَحمَه الله وإيانا.
568 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمُنعم الْمُحب بن الصَّدْر بن الشهَاب الحسني الجرواني القاهري ابْن عَم الْجلَال مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله النَّقِيب. / تكسب بِالشَّهَادَةِ دهرا رَفِيقًا لِابْنِ صدر الدّين وَغَيره فِي مجْلِس بَاب الْقوس دَاخل بَاب القنطرة وَغَيره وَكَانَ جريئا متجاهرا انْقَطع بالفالج مُدَّة تقَارب خمس عشرَة(9/230)
سنة إِلَى أَن مَاتَ فِي منتصف صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَلَوْلَا مَا وصل إِلَيْهِ من مِيرَاث ابْن عَمه فِي أثْنَاء الْمدَّة لانكشف حَاله وَعَسَى أَن يكفر عَنهُ رَحمَه الله وسامحه وإيانا.
569 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر الْفَقِيه المعتقد الشَّمْس أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الزيات. / مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمس وَدفن بالقرافة. ذكره المقريزي قَالَ وعَلى يَده سلك صاحبنا الشَّاب التائب، ورأيته فِي عقوده فأرخه فِي يَوْم الْأَحَد أول ذِي الْقعدَة سنة أَربع عشرَة بخانقاه سر ياقوس وَكَانَ أحد صوفيتها قَالَ وَكَانَ فَاضلا وقفت)
لَهُ على كتاب الْكَوَاكِب السيارة فِي تَرْتِيب الزِّيَارَة ضمنه كثيرا من أَخْبَار من دفن بالقرافة.
570 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن فَهد بن حسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعد بن هَاشم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن الْقسم بن عبد الله بن جَعْفَر بن عبد الله بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب النَّجْم أَبُو النَّصْر بن الْكَمَال أبي الْخَيْر بن الْجمال أبي عبد الله الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي سبط النَّجْم الأصفوني مُخْتَصر الرَّوْضَة ووالد التقي مُحَمَّد وعطية ابْني ابْن فَهد. / كَذَا بِخَط التقي بن فَهد وَزَاد الفاسي قبل فَهد عبد الله. ولد تَقْرِيبًا سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع بهَا من الْعِزّ بن جمَاعَة والعفيف اليافعي والتقى عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ والجمالين ابْن عبد الْمُعْطِي والأميوطي والكمال بن حبيب وبالمدينة من عَليّ بن يُوسُف الزرندي وبالقاهرة ودخلها غير مرّة مِنْهَا فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ من ابْن حَاتِم، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَأَبُو الثَّنَاء المنيجي وَعمر الشحطبي وَابْن الهبل وَابْن النَّجْم والبهاء بن خَلِيل والموفق الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كولده التقى وقطن بأصفون وقتا لما آثر آل اسْتِحْقَاقهَا لَهُ وَكَانَ يتَرَدَّد مِنْهَا فِي بعض المواسم صُحْبَة الْحَاج لمَكَّة بِحَيْثُ كَانَ مولد ابْنه التقي فِيهَا إِلَى أَن تحول مِنْهَا فِي سنة خمس وَتِسْعين بِمَكَّة فدام فِيهَا حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة وَدفن عِنْد سلفه بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا. وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَكَذَا المقريزي فِي عقوده.
571 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الشَّمْس بن الْأمين بن الشَّمْس الشارمساحي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي ابْن أخي الزين يُوسُف الكتبي الْآتِي. / مِمَّن قَرَأَ على الأبناسي الضَّرِير نزيل الزينية وَحضر عندالبكري وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا ثمَّ استنابه زَكَرِيَّا لأجل عَمه فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ(9/231)
وَتِسْعين وسافر قَاضِي الْمحمل سنة خمس وَتِسْعين.
572 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن هادي بن مُحَمَّد السَّيِّد الْعَلَاء أَبُو عبيد الله بن السَّيِّد عفيف الدّين أبي بكر الْحُسَيْنِي الحسني المكراني الأَصْل النيريزي المولد الإيجي الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْنه وَيعرف بِابْن عفيف الدّين. / ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة بنيزيز بِكَسْر النُّون على الْمُعْتَمد وَآخره زَاي بَلْدَة من أَعمال شبنكالة بالقرن من إيج بِهَمْزَة ممالة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنة وانتقل مِنْهَا وَهُوَ صَغِير إِلَى إيج)
وَصَارَ يتَرَدَّد بَينهَا وَبَين شيراز وهما متقاربتان وَكَانَت إِقَامَته تَحت كنف أبيهوعليه اشْتغل وَبِه تدرب وَكَذَا أَخذ عَن عَمه الصفي فاختص بِهِ كثيرا وعظمت رغبته فِي ملازمته والتهذب بِهِ وَسمع عَلَيْهِمَا وعَلى جده لأمه السَّيِّد جلال الدّين عبد الله بن القطب مُحَمَّد وناصر الدّين أنس بن الشّرف مَحْمُود الفركي الشَّافِعِي وصافح خَاله السَّيِّد الْجمال مُحَمَّد بن الْجلَال عبد الله الحسني وَأخذ عَن خَاله الآخر السَّيِّد الشهَاب أَحْمد وَسعد بن نظام الكازروني وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وَسمع عَلَيْهِمَا وَكَذَا سمع من الشَّيْخ أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد السجسْتانِي الْحَنَفِيّ وَأخذ أَيْضا عَن شهَاب الْإِسْلَام الْكرْمَانِي قدم عَلَيْهِم شيراز وأصيل الدّين الدهقلي وَسمع بأصبهان من مَوْلَانَا شرف الدّين حسن الْأَصْبَهَانِيّ وَلَقي بتبريز المحيوي التبريزي المعمر أحد أَصْحَاب الزين الخافي وبغيرها الْمولي مُحَمَّد التاوكاني وَأَجَازَ لَهُ ابْن الْجَزرِي والشرف الجرهي والزين الخوافي وَعبد الرَّحِيم الصديقي والبرهان الْحلَبِي وَابْن نَاصِر الدّين وَابْن رسْلَان فِي آخَرين مِنْهُم الْبِسَاطِيّ وَابْن نصر الله الْحَنْبَلِيّ والحناوي وَالزَّرْكَشِيّ والمقريزي وناصر الدّين الفاقوسي وَابْن خطيب الناصرية وَالْجمال عبد الله بن جمَاعَة وَعَائِشَة الحنبلية وَأكْثر التَّرَدُّد للحرمين والمجاورة بهما وَسمع بِمَكَّة من الْبَدْر حُسَيْن الأهدل وَأبي الْفَتْح المراغي وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة بِالْمَدِينَةِ من الْمُحب المطري وَأذن لَهُ فِي الإقراء والإفتاء وبحلب من ابْن الشماع وبحمص من الشهَاب أَحْمد بن البهلوان وبدمشق من التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والباعوني والبرهان وَعبد الرَّحْمَن بن دَاوُد وَعبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ خَلِيل والنظام بن مُفْلِح وببيت الْمُقَدّس من أبي بكر بن أبي الوفا والزين ماهر وَأبي بكر القلقشندي وبغزة من نَاصِر الدّين الأياسي وبالقاهرة من شَيخنَا وَهُوَ كَانَ قَصده بالرحلة وَسمع مِنْهُ وَعَلِيهِ بِقِرَاءَتِي أَشْيَاء، وَبَالغ شَيخنَا فِي إكرامه وأتحفه بِبَعْض تصانيفه وَمن الْعلم البُلْقِينِيّ وَبحث مَعَهُمَا وَأذن لَهُ فِي التدريس وَمن الْعِزّ بن الْفُرَات والزين البوتيجي والبدر النسابة وَأبي الْفَتْح الفوي والزين قَاسم(9/232)
الْحَنَفِيّ وَلَقي بهَا وبغيرها جمَاعَة آخَرين فَكَانَ مِمَّن لقِيه بهرموز النُّور أَبَا الْفتُوح الطاوسي، وَأكْثر من السياحة فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة والديار المصرية وبلاد الْعَجم وزار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وبلد الْخَلِيل، وتكرر قدومه الْقَاهِرَة وَنزل فِي غير مرّة مِنْهَا بخلوة الْبَهَاء بن خَلِيل من سطح جَامع الْحَاكِم وَتكلم مَعَ رَئِيس المؤذنين بِهِ بل وبجامع الْأَزْهَر فِي التَّحَرُّز فِي وَقت الْأَذَان لَا سِيمَا الْمغرب وَضَاقَتْ صُدُورهمْ بِسَبَب ذَلِك وَتَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا لَا يَلِيق وَكثر تردد عُظَمَاء المملكة)
وأعيانها إِلَيْهِ وخطبه كل من الْأَشْرَف أينال وَالظَّاهِر خشقدم للقيه فَاجْتمع بهما ووعظهما، واشتدت نفرته من البقاعي بِحَيْثُ ظهر لَهُ ذَلِك مِنْهُ وَأخذ عَنهُ بعض الْفُضَلَاء وَالْتمس مِنْهُ الْمَنَاوِيّ الْكِتَابَة فِي مسئلة الطَّلَاق الْوَاقِعَة فِي أول أَيَّام المكيني ليستظهر بِهِ فَمَا وَافق على الْكِتَابَة وَاقْتصر على اللَّفْظ مَعَ إهداء الْمَنَاوِيّ لَهُ مَا كتبه على مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَهُوَ فِي نَحْو ثَلَاث مجلدات ورام جَانِبك الجداوي مناكدته وَكَذَا جَوْهَر الساقي فَأَخذهُمَا الله وَظهر فيهمَا مصداق قَول عَمه عَنهُ أَنه الترياق المجرب مَا تعرض لَهُ أحد فأفلح وَكَذَا من كراماته عدم تمكن من كَانَ قِيَامه فِي هدم الْكَنِيسَة الْحَادِثَة بالقدس على غير وفْق غَرَضه من التَّعَرُّض لَهُ بمكروه مَعَ تحركه لذَلِك وَخَوف أحبابه عَلَيْهِ من وُقُوع شَيْء لَا سِيمَا والْعَلَاء يَبْدُو مِنْهُ فِي حَقهم من الْكَلِمَات النهايات. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ إِمَام عَلامَة أوقاته مستغرقة فِي الْعِبَادَة مديم الصّيام وَالْقِيَام والحرص على الأوراد وابتاع السّنة وَعدم التبسط فِي المأكل وَنَحْوهَا على طَرِيق السّلف رَاغِب فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لَا يهاب فِي الصدع بذلك أحدا وَلَو عظم غير منفك عَن قيام اللَّيْل حَتَّى فِي السّفر شَدِيد الرَّغْبَة فِي كتب الحَدِيث وَضبط أَلْفَاظه وَأَسْمَاء رِجَاله حَتَّى كثر التماسه مني لتَحْصِيل مَا صنفته أَو جمعته بل التمس معي تَخْرِيج أربعي الصُّوفِيَّة للسلمي والعادلين لأبي نعيم وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إلهي وَكَانَ لَا يقدم عَليّ أحدا. وَقد جمع تصانيف مقَامه أَعلَى مِنْهَا ونظم المقبول وَغَيره وبينت من ذَلِك كُله فِي معجمي أَشْيَاء وَلم يزل على جلالته ومجاهدته فِي الْعِبَادَة واقتفاء السّنة حَتَّى مَاتَ بِمَكَّة فِي آخر لَيْلَة السبت رَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن عِنْد أَبِيه وَعَمه وَكَانَ قد تهَيَّأ قبل بأشهر إِلَى بِلَاده وسافر من مَكَّة لجدة وأشحن أمتعته بِبَعْض المراكب بل وَنزل هُوَ الْمركب أَيْضا وَمَا بَقِي إِلَّا السّفر فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَبَدَا لَهُ تَركه وطلع بِنَفسِهِ وبأمتعته فَلم يلبث أَن توعك حَتَّى مَاتَ وَكَانَت الْخيرَة فِي ترك سَفَره وعد ذَلِك من كراماته رَحمَه الله وإيانا.(9/233)
573 - مُحَمَّد السَّيِّد نور الدّين / أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ أكبر. مَاتَ وَزَوجته حَامِل فَسمى وَلَده باسمه وَهُوَ نور الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَلم أعرف شَيْئا من حَال صَاحب التَّرْجَمَة.
574 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو النَّصْر بن الْبَدْر أبي النجا بن الشَّمْس الْعَوْفِيّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه وَيعرف بِابْن الزيتوني. / ولد فِي سادس رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وكتبا عرضهَا)
عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة وَجلسَ مَعَ أَبِيه شَاهدا.
575 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الْجمال الدَّمِيرِيّ الْمَكِّيّ الْعَطَّار. / مِمَّن سمع على ابْن الْجَزرِي فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين تصنيفه التكريم فِي الْعمرَة من التَّنْعِيم وَكتب نسبه فِي الطَّبَقَة هَكَذَا، وأرخ ابْن فَهد وَفَاته بِمَكَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ.
576 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس بن الْعِزّ بن الشَّمْس النحريري الْحلَبِي الْمَالِكِي. / مِمَّن سمع مني.
577 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس بن الشَّمْس البعداني الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي ابْن الْعَوْفِيّ الْمَاضِي أَخُوهُ عبد الْوَهَّاب وَيعرف كأبيه وجده بالمسكين وَهُوَ حفيد زَيْنَب ابْنة مُحَمَّد بن صَالح أخي عبد الْوَهَّاب. / ولد فِي سنة أَربع أَو خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وَجمع الْجَوَامِع والألفيتين الحديثية والنحوية والشاطبية وَعرض على أبي الْفرج المراغي وَفتح الدّين بن تَقِيّ وَابْن يُونُس والأبشيطي ولازمه فَقَرَأَ عَلَيْهِ من تصانيفه شرح خطْبَة الْمِنْهَاج ومناسبات أبوابه وتخميس يَقُول العَبْد وَسمع عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِض والحساب وَالْفِقْه وأصوله والعربية وَغير ذَلِك الشَّيْء الْكثير وَقَرَأَ على أبي الْفرج الْمَذْكُور الشَّمَائِل وَسمع عَلَيْهِ جملَة وَكَانَ أحد الْقُرَّاء فِي تَقْسِيم الشّرف عبد الْحق السنباطي للمنهاج حِين كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَأكْثر عَن أبي الْفضل ابْن الإِمَام الدِّمَشْقِي بِحَيْثُ استوفى عَلَيْهِ الْكتب السِّتَّة بل قَرَأَ عَلَيْهِ بحثا قِطْعَة من الْمِنْهَاج وقسما من ألفية النَّحْو مَعَ سَماع بَاقِيهَا وَقطعَة من جمع الْجَوَامِع وَأخذ عني فِي مجاورتي بِالْمَدِينَةِ أَشْيَاء بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره وَمن ذَلِك فِي الثَّانِيَة مَنَاقِب الْعَبَّاس وَفِي الأولى جلّ القَوْل البديع وَغير ذَلِك بل قَرَأَ عَليّ بِمَكَّة الثلاثيات وَغَيرهَا وعَلى النَّجْم بن فَهد أَشْيَاء ولازم الشريف السمهودي فِي قِرَاءَة الْكثير من تصانيفه وَغَيرهَا فِي الْفِقْه وأصوله والعربية فِي التَّقْسِيم وَغَيره وَالْقَاضِي صَلَاح الدّين بن صَالح(9/234)
وَكَذَا قَرَأَ على الشريف المحيوي الْحَنْبَلِيّ وَالشَّمْس البلبيسي والنور الْمحلي وَغَيرهم من الغرباء والقاطنين فَكَانَ مِنْهُم النُّور الطنتدائي قَرَأَ عَلَيْهِ مَجْمُوع الكلائي، واختص بِصُحْبَة الْأَمِير شاهين حِين كَانَ شيخ الْحرم وَقَرَأَ بِحَضْرَتِهِ كتبا كَثِيرَة وَصَارَ يكْتب عَنهُ المراسيم والمطالعات وَنَحْوهَا وتميز فِي ذَلِك فَكَانَ موقع الْبَلَد بل قَرَأَ وَسمع على عبد الله)
بن صَالح وَفتح الدّين بن علبك وجدته لِأَبِيهِ الْمشَار إِلَيْهَا وَلم يخرج من بَلَده لغير الْحَج.
578 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الْعِزّ بن القطب الشارمساحي بمهملتين وَرَاء مَكْسُورَة ثمَّ مِيم سَاكِنة وحاء مُهْملَة ثمَّ الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن أخي طَلْحَة. / أحضر وَهُوَ صَغِير على الْمَيْدُومِيُّ ثمَّ سمع على القلانسي وَكَذَا على مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن جهبل وَعمر بن إِبْرَاهِيم بن النقبي مُعْجم ابْن جَمِيع وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ بن جمَاعَة سنة خمس وَسِتِّينَ فهرست مروياته الْمعِين بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة وباشر توقيع الحكم وَولي شَهَادَة ديوَان طشتمر واعتنى أخيرا بِعَمَل الْأَشْيَاء المستظرفة من الْمَأْكُول وَغَيره وَصَارَ بَيته مأوى الرؤساء. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: قَرَأت عَلَيْهِ بعض مُعْجم ابْن جَمِيع. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث زَاد فِي إنبائه وَلم يكمل الْخمسين وَكَانَ وجيها عِنْد الرؤساء وبيته مجمعا لَهُم. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأثْنى على حشمته ورياسته ووجاهته مَعَ بشاشة وَحسن ملتقى ورغبة فِي الْإِطْعَام وَقَضَاء الْحَوَائِج وَأَنه صَحبه مُدَّة عندا لبدر بن أبي الْبَقَاء وَلكنه امتحن بِفساد عقله قبل مَوته رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمُحب أَبُو الْوَلِيد بن الشّحْنَة. / هَكَذَا سمي شَيخنَا فِي مُعْجَمه جده مُحَمَّد بن عبد الله وصوا بِهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود وَسَيَأْتِي.
579 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمُحب بن الْبَدْر البنهاوي الْحَنَفِيّ سبط ابْن الْهمام / والماضي أَبوهُ. ولد سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ يَتِيما فحفظ الْقُرْآن وَالْمجْمَع وَعرضه عَليّ مَعَ الْجَمَاعَة وَاسْتقر فِي جِهَات أَبِيه بعد مَوته وَقَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ وَكَذَا قَرَأَ عَليّ الديمي فِيهِ. وَتلف حَاله بعد موت عبد الْوَهَّاب أحد جمَاعَة جده وتعبت أمه بِسَبَبِهِ.
580 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد المحسن بن عبد اللَّطِيف بن التقي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن رزين التَّاج بن الْعَلَاء بن الْعِزّ العامري الْحَمَوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْنه عبد الرَّحِيم وَيعرف كسلفه بِابْن رزين. / ولي خطابة الْأَزْهَر بعد أَبِيه وَرغب عَنْهَا لشَيْخِنَا. وَمَات سنة تسع عشرَة.
581 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم الشّرف بن الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ الأَصْل القاهري(9/235)
الْحَنْبَلِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد بعد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَالْمُحَرر ظنا وَغَيره، وَسمع مَعَ وَالِده على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَعشْرين مَجْلِسا من أَمَالِيهِ وعَلى الشمسين الشَّامي وَابْن الْجَزرِي والزينين الزَّرْكَشِيّ وَابْن)
نَاظر الصاحبة وَابْن بردس وَابْن الطَّحَّان والمحب بن نصر الله الْبَغْدَادِيّ فِي آخَرين كشيخنا، واشتغل يَسِيرا على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَغَيره وَلما اسْتَقل أَبوهُ بِالْقضَاءِ نَاب عَنهُ فِيهِ بل رغب لَهُ عَن إِفْتَاء دَار الْعدْل وَقَضَاء الْعَسْكَر وَغَيرهمَا مِمَّا كَانَ باسمه، وَكَانَ تَامّ الْعقل وافر السياسة جيد الْأَدَب والفهم لطيف الْعشْرَة محببا إِلَى النَّاس حج مَعَ وَالِده غير مرّة وانتفع بِهِ أَبوهُ فِي أُمُوره كلهَا وَكَانَ نادرة فِي بني الْقُضَاة. مَاتَ فِي رَجَب سنة أَربع وَخمسين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي محفل كَبِير ثمَّ دفن بتربة سعيد السُّعَدَاء وَعظم مصاب أَبِيه بِهِ لكنه صَبر رَحمَه الله وعوضهما الْجنَّة.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم الجرواني. / هَكَذَا رَأَيْته فِي مَوضِع بخطى وَقد مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله.
582 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن السَّيِّد الْمُحب بن الشَّمْس الحصني الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ابْن أخي التقي أبي بكر ووالد الشَّمْس مُحَمَّد الْمَذْكُورين. / شيخ شهير لَهُ وجاهة وجلالة وَقيام فِي الْخَيْر مِمَّن بَلغنِي أَنه أَخذ بِالْقَاهِرَةِ عَن الشّرف السُّبْكِيّ تَقْسِيم الْحَاوِي وَعَن القاياتي وَشَيخنَا بل لقِيه بِدِمَشْق فِي سنة آمد وتسلك بعم وَالِده وَغلب عَلَيْهِ الصّلاح مَعَ الزّهْد والورع، وَقد حج غير مرّة وجاور. مَاتَ بِدِمَشْق فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَمَانِينَ عَن أَزِيد من ثَمَانِينَ سنة فمولده سنة ثَمَان تَقْرِيبًا، وَدفن بِجَانِب عَمه بِرَأْس القبيبات وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَعظم الأسف على فَقده فَلم يخلف بعده مثله رَحمَه الله وإيانا.
583 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن إِبْرَهِيمُ بن هبة الله بن الْمُسلم بِكَسْر اللَّام الثَّقِيلَة ابْن هبة الله بن الْمُسلم بِكَسْر اللَّام الثَّقِيلَة ابْن هبة الله بن حسان بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن أَحْمد بن عَليّ بن عَامر بن حسان بن عبد الله بن أحد الثِّقَات من التَّابِعين عَطِيَّة ابْن الصَّحَابِيّ الشهير أبي يحيى عبد الله أنيس الْكَمَال أَبُو الْمَعَالِي بن نَاصِر الدّين أبي عبد الله بن الْكَمَال بن الْفَخر بن الْكَمَال أخي الشّرف هبة الله ابْني النَّجْم ابْن الشَّمْس أبي طَاهِر وَأبي إِسْحَق ابْن الْعَفِيف الْجُهَنِيّ الْأنْصَارِيّ الْحَمَوِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن الْبَارِزِيّ / وَيُقَال أنهانسبة لباب أبرز بِبَغْدَاد وخفف لِكَثْرَة دوره وَأمه هِيَ ططر ابْنة الْكَمَال مُحَمَّد بن الزين عبد الرَّحْمَن بن الصاحب الفرفور الَّتِي(9/236)
أَبوهَا خَال وَالِدَة زَوجهَا أسن ابْنة الزين. ولد فِي لَيْلَة حادي عشر ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بحماة وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي سنة سِتّ تسع وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ حِين كَانَ)
مَعَ أَبِيه وَحفظ بعد عوده لبلده الْعُمْدَة والتمييز فِي الْفِقْه لقريبهم الشّرف بن الْبَارِزِيّ وألفية النَّحْو وَغَيرهَا وتلا لأبي عَمْرو على الشمسين ابْن زويغة بمعجمتين مصغر وَابْن القونسي بِضَم الْقَاف وَإِسْكَان الْوَاو ثمَّ نون مَكْسُورَة وَبحث فِي دمشق حِين كَانَ بهَا سنة ثَمَان ألفية النَّحْو على الشّرف مُحَمَّد الْأَنْطَاكِي بل سمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة وَالِده بحثا شرحها لِابْنِ أم قَاسم وَحل من التَّمْيِيز على ابْن إِمَام المشهد ثمَّ رَحل بِهِ أَبوهُ إِلَى حلب قَاضِيا بهَا فِي سنة ثَلَاث عشرَة فقرأه أَيْضا على حافظها الْبُرْهَان وَحفظ هُنَاكَ التَّلْخِيص، ثمَّ انتقلا إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة خمس عشرَة مَعَ الْمُؤَيد فَأخذ فِي الْفِقْه والْحَدِيث عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَفِي الْفِقْه وأصوله عَن الْعِزّ بن جمَاعَة بحث عَلَيْهِ قِطْعَة من منهاج الْبَيْضَاوِيّ وَمن التَّمْيِيز وَسمع عَلَيْهِ كثيرا من أصُول الدّين والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا كبحث جَمِيع الطوالع وَشرح الْمَقَاصِد والعضد والمطول وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ فِي العقليات عَن تِلْمِيذه ابْن الأديب ثمَّ عَن الْبِسَاطِيّ والْعَلَاء البُخَارِيّ ولازمه كثيرا وانتفع بِهِ علما وسلوكا فَكَانَ مِمَّا بَحثه عَلَيْهِ قِطْعَة من الْحَاوِي الصَّغِير وَأخذ عَنهُ الْمعَانِي وَالْبَيَان والأصلين وَسمع عَلَيْهِ قِطْعَة كَبِيرَة من الْكَشَّاف وَلم يَنْفَكّ عَنهُ حَتَّى ولي كِتَابَة السِّرّ وَكتب على الزين بن الصَّائِغ وَأخذ فِي المبادئ عَن يحيى العجيسي وَغَيره الْعَرَبيَّة وَعَن الْعِزّ الْقُدسِي قِطْعَة من التَّمْيِيز فِي آخَرين مِمَّن كَانَ يَجِيء لَهُ إِلَى بَيته وَكَذَا قَرَأَ البُخَارِيّ على التقي المقريزي بل سَمعه مَعَ غَيره من الْأَجْزَاء قبل بِدِمَشْق عَالِيا على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَسمع أَيْضا على الْجمال بن الشرائحي وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ الشهَاب أَحْمد بن مُوسَى المتبولي والنور الشلقامي وَابْن الْجَزرِي والواسطي وَيُونُس الواحي وَعَائِشَة الحنبلية وَآخَرُونَ من طبقتهم بل لَا أستبعد أَن يكون عِنْده أقدم مِنْهَا، واجتهد فِي الأدبيات حَتَّى برع فِيهَا وَصَارَت لَهُ يَد طولى فِي المنثور والمنظوم سِيمَا فِي الترسل والإنشاء وَلذَا استنابه أَبوهُ فِي كِتَابه السِّرّ بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ اسْتَقل بهَا فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين بعد مَوته وَلم يلبث أَن انْفَصل عَنْهَا فِي محرم الَّتِي تَلِيهَا وَاسْتقر فِي نظر جيشها فَأَقَامَ فِيهِ نَحْو عشرَة أشهر، وَهُوَ فِي غُضُون هَذَا كُله غير منفك عَن المطالعة والاشتغال بالعلوم وَالْأَدب والمذاكرة ولقاء الْفُضَلَاء والأدباء وتزايد بعده ليفرغه إِلَى أَن اسْتَقر فِي كِتَابَة سر الشَّام فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ثمَّ بعد أَزِيد من أَربع سِنِين بِيَسِير(9/237)
حِين قدم الْقَاهِرَة صَحبه نائبها سودون أضيف إِلَيْهِ قَضَاؤُهَا عوضا عَن الشهَاب بن المحمره وسر شَيْخه الْعَلَاء البُخَارِيّ بولايته مَعَ شدَّة نفرته مِمَّن كَانَ يَلِي الْقَضَاء)
وَنَحْوه من جماعته حَتَّى قَالَ وَكَانَ بِالشَّام إِذْ ذَاك: الْآن أَمن النَّاس على أَمْوَالهم وأنفسهم وَلم يلبث أَن أُعِيد لكتابة سر الْقَاهِرَة فدام سِنِين ثمَّ صرف وَرجع إِلَى الشَّام على قَضَائِهِ عوضا عَن السراج الْحِمصِي وخطب بجامعه الْأمَوِي ثمَّ أُعِيد فِي أول سلطنة الظَّاهِر إِلَى كِتَابَة سر الْقَاهِرَة وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ سوى مَا كَانَ يتخللها من الْأَيَّام الَّتِي كَانَ ينْفَصل فِيهَا ثمَّ يُعَاد، وأضيف إِلَيْهِ فِي أثْنَاء ذَلِك قَضَاء دمياط عوضا عَن الولوي بن قَاسم ثمَّ رغب عَنهُ وحمدت سيرته فِي مباشراته كلهَا، وَكَانَ إِمَامًا عَالما ذكيا عَاقِلا رَئِيسا سَاكِنا كَرِيمًا سيوسا صبورا حسن الْخلق والخلق وَالْعشرَة متواضعا محبا فِي الْفُضَلَاء وَذَوي الْفُنُون مكرما لَهُم إِلَى الْغَايَة لَا سِيمَا الغرباء حَتَّى صَار محطا لرحالهم رَاغِبًا فِي اقتناء الْكتب النفيسة غي مستكثر لما يبذله فِي تَحْصِيلهَا عجبا فِي ذَلِك سَمحا بالعارية جدا ممدحا امتدحه الفحول من الشُّعَرَاء وخاطبه القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن عُثْمَان الجيتي الْحَنَفِيّ بقوله:
(ديني تكمل مذ جعلتم قِبْلَتِي ... وسجدت فِي أعتابكم بجبيني)
(وغدوت مفتخرا بكم بَين الورى ... مَا الْفَخر إِلَّا فِي كَمَال الدّين)
كل ذَلِك مَعَ الشهامة وَالْكَرم وَالْإِحْسَان إِلَى الطّلبَة ومحبتهم وضمهم إِلَيْهِ بِحَيْثُ يجْرِي على كثير مِنْهُم المرتبات الشهرية والسنوية وَلما ارْتَفع سعر الغلال فِي بعض السنين حسن لَهُ بعض جماعته أَن يصرف للمرتب لَهُم فِي الْبر دَرَاهِم فقبحه وَقَالَ نعطيهم الْبر فِي حَال كَونه تُرَابا ثمَّ نعطيهم التُّرَاب فِي حَال كَونه ذَهَبا أَو نَحْو هَذَا، كل ذَلِك مَعَ مَا يُضَاف إِلَه من حسن البشاشة وحلاوة الْكَلَام وظرف الشكالة ولطافة الشَّمَائِل وَكَونه هينا لينًا ألوفا سريع الانقياد إِلَى الْخَيْر مهذب الْعشْرَة لَيْسَ فِيهِ أَذَى لأحد من خلق الله حَتَّى وَلَا لمن يُؤْذِيه كم مِمَّن أكل مَاله وأغضى عَنهُ بل وَرُبمَا أحسن إِلَيْهِ بعد، نعم إِذا تحقق من أحد العناد وَقصد المغالبة غضب غضب الْحَلِيم وأذاقه من أَنْوَاع الشدائد الْعَذَاب الْأَلِيم، مَعَ الحشمة والمجاملة وَعدم الإفحاش فِي الْمُعَامَلَة وَهُوَ منطبع فِي غَالب الْعُلُوم لَا سِيمَا فنون الْأَدَب والنحو والمعاني وَالْبَيَان وَالْعرُوض وَغَيرهَا رائق الشّعْر فائق النثر ذواق للمعاني الدقيقة كثير الاستحضار للمقاطيع والمطولات والموشحات وَغير ذَلِك جدا وهزلا حسن المذاكرة فكه المحاضرة عجب لمن يتأمله فَإِنَّهُ يرَاهُ فِي غَايَة السّكُون بِحَيْثُ يقْضِي عَلَيْهِ بالجمود وذهنه كالنار المضرمة وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ عريق الْأَصَالَة ضخم الرياسة عَظِيم الْآبَاء كريم الأجداد عين الرؤساء(9/238)
بِغَيْر مُنَازع فِي تفرده بقطر)
من أقطار الأَرْض. وَقد حج غير مرّة مِنْهَا فِي سنة خمسين فَحمل مَعَه من طلبة الْعلم والمشايخ المعتقدين والفقراء والمنقطعين من يتعسر حصرهم غير أَنه كَانَ مَعَه نَحْو أَرْبَعمِائَة نفر وَنَحْو ضعفهم من الدَّوَابّ وَلم يدع أحدا مِنْهُم يتَكَلَّف إِلَى شَيْء بل اشْترى لأهليهم الْهَدَايَا وَرجع كل مِنْهُم وَهُوَ ذَاكر لما يبهر الْعقل من الِاحْتِمَال وَالْإِحْسَان وطلاقة الْوَجْه ولين القَوْل وتكلف إِلَّا كمل من وُجُوه الْعِبَادَة كالتجرد فِي الْإِحْرَام على ضعف بدنه والمتابعة فِي سنَن الْحَج وواجباته الْأَمر الْمَشْرُوع سِيمَا فِي أَشْيَاء قد هجرت وَحصل لأهل الْحَرَمَيْنِ مِنْهُ أفضال وبر على جاري عَادَته ثمَّ قدم فَمَلَأ النَّاس خيرا وَبرا وَحدث فِي مَكَّة باليسير وَكَذَا حدث بِالْقَاهِرَةِ سمع عَلَيْهِ الْأَئِمَّة وقرأت عَلَيْهِ أَشْيَاء بل كتبت عَنهُ من نظمه مَا كتب بِهِ على نظم سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض بعد كِتَابَة وَالِده مَا نَصه:
(هَذَا كتابك يَا ناهض قَاعد ... عَن مدحه أدبي وَعَن تهذيبه)
(فاشكر لمادحه على تَقْصِيره ... وَلمن هجاه فَإِنَّهُ يهذي بِهِ)
وَقَوله:
(مرت على فهمي وحلو لَفظهَا ... مُكَرر فَمَا عَسى أَن أصنعا)
(ووالدي دَامَ بقا سودده ... لم يبْق فِيهَا للكمال موضعا)
وَكَذَا كتبت عَنهُ من نظمه غير هَذَا مِمَّا أودعته فِي المعجم وَغَيره بل سمع شَيخنَا من لَفظه حِين كَانَا مسافرين سحبة الركاب السلطاني إِلَى آمد بِظَاهِر البيرة قصيدة الأديب شيخ على الَّتِي امتدح بهَا الْبَدْر بن الشهَاب مَحْمُود وسمعها الْكَمَال من ناظمها وَهِي مثبتة عِنْدِي فِي مَكَان آخر. ومحاسنه كَثِيرَة حَتَّى شاع بهَا ذكره وَبعد فِيهَا صيته وَصَارَ كَمَا قيل قل أَن ترى الْعُيُون فِي مَجْمُوعه مثله. وَله اعتراضات جَيِّدَة على شرح بديعية ابْن حجَّة. وَاسْتمرّ على جلالته حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سادس عشرى صفر سنة سِتّ وَخمسين وَصلي عَلَيْهِ بسبيل المؤمني فِي مشْهد حافل شهده السُّلْطَان والأمراء وَسَائِر الْقُضَاة وَالْأَئِمَّة والأعيان تقدمهم أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَدفن بتربة أَبِيه الْمُجَاورَة لقبة الإِمَام الشَّافِعِي من القرافة وأسف النَّاس على فَقده وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ وعَلى جلّ أَوْصَافه وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله، ورثاه غير وَاحِد وَحصل التغالي فِي كتبه بِحَيْثُ بِيعَتْ بأغلى الْأَثْمَان ووفيت دُيُونه وَهِي كَثِيرَة جدا مِنْهَا وَظهر بذلك حسن نِيَّته فِي كرمه وعطيته. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي مُقْتَصرا على أَنه ولي كِتَابَة السِّرّ بعد أَبِيه فِي)
الْأَيَّام المؤيدية رَحمَه الله وإيانا.
584 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُوسَى رَضِي الدّين بن الشَّمْس بن نَاصِر الدّين الإسحاقي الأَصْل القاهري الْمَالِكِي الْمَاضِي جده وَيعرف بِابْن(9/239)
الإسحاقي. / مِمَّن تكسب بِالشَّهَادَةِ فِي مجْلِس الْمَالِكِيَّة بِبَاب الْخرق إِلَى أَن صاهر قَاضِي الْحَنَابِلَة الْبَدْر السَّعْدِيّ على ابْنَته فتحول لبابه بل عمله نقيبه ثمَّ استنابه التقي بن تَقِيّ قَاضِي مذْهبه وَصَارَت لَهُ وجاهة وحمدنا عقله وأدبه وسكونه.
585 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الغلفي بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام بعْدهَا فَاء الْمُؤَذّن أَبوهُ بالمعظمية والقيم هُوَ بهَا وَيعرف بِابْن شيخ المعظمية. / ولد فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمع جُزْء أبي الجهم وثلاثيات الصَّحِيح عَليّ الحجار بل حضر جَمِيع الصَّحِيح عَلَيْهِ وَكَذَا حضر على إِسْحَق الأمدي وَأَجَازَ لَهُ الْبَنْدَنِيجِيّ وَأَيوب بن نعْمَة وَغَيرهمَا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أجَاز لشَيْخِنَا وأرخه فِي سنة اثْنَتَيْنِ قَالَ فِي مُعْجَمه فِي جُمَادَى الأولى فِي أنبائه جُمَادَى الْآخِرَة وَتَبعهُ المقريزي فِي أَولهمَا وَقَالَ كَانَ أَبوهُ يُؤَدب الْأَطْفَال بِدِمَشْق.
586 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَة أَبُو عبد الله الورغمي بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمِيم نِسْبَة لَو رغمة قَرْيَة من أفريقية التّونسِيّ الْمَالِكِي عَالم الْمغرب وَيعرف بِابْن عَرَفَة. / ولد سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة وتفقه ببلاده على قَاضِي الْجَمَاعَة أبي عبد الله بن عبد السَّلَام الهواري شَارِح ابْن الْحَاجِب الفرعي وَعنهُ أَخذ الْأُصُول وَقَرَأَ القراآت على أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن سَلامَة الْأنْصَارِيّ وَمن شُيُوخه فِي الْعلم وَالِده وَأَبُو عبد الله الوادياشي وَسمع على الْأَرْبَعَة وآباء عبد الله الإيلي والمحمدين ابْن سعد بن بزال وَابْن هرون الْكِنَانِي وَابْن عمرَان بن الْجبَاب وَابْن سُلَيْمَان النبطي الفاسي وعَلى أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الرصافي وَمهر فِي الْعُلُوم وأتقن الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول إِلَى أَن صَار المرجوع إِلَيْهِ فِي الْفَتْوَى بِبِلَاد الْمغرب وتصدى لنشر الْعُلُوم وَكَانَ لَا يمل من التدريس وإسماع الحَدِيث وَالْفَتْوَى مَعَ الْجَلالَة عِنْد السُّلْطَان فَمن دونه وَالدّين المتين وَالْخَيْر وَالصَّلَاح والتوسع فِي الْجِهَات والتظاهر بِالنعْمَةِ فِي مأكله وملبسه والإكثار من التَّصَدُّق وَالْإِحْسَان للطلبة مَعَ إخفائه لذَلِك.
قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: قدم علينا حَاجا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين فَلم يتَّفق لي لقاؤه ولكنني)
استدعيت مِنْهُ الْإِجَازَة فَأجَاز لي وَكتب لي مَا نَصه: أجزت كاتبها وَمن ذكر مَعَه جَمِيع مَا ذكر إجَازَة تَامَّة بشرطها الْمَعْرُوف جعلني الله وإياه من أهل الْعلم النافع. وصنف مجموعا فِي الْفِقْه جمع فِيهِ أَحْكَام الْمَذْهَب سَمَّاهُ الْمَبْسُوط فِي سَبْعَة أسفار إِلَّا أَنه شَدِيد الغموض وَاخْتصرَ الحوفي فِي الْفَرَائِض ونظم قِرَاءَة يَعْقُوب وعلق عَنهُ بعض أَصْحَابنَا كلَاما فِي التَّفْسِير كثير الْفَوَائِد فِي مجلدين كَانَ يلتقطه فِي حَال قراءتهم عَلَيْهِ ويدونه أَولا(9/240)
فأولا قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكَلَامه فِيهِ دَال على توسع فِي الْفُنُون وإتقان وَتَحْقِيق انْتهى. وَكَذَا صنف فِي كل من الْأَصْلَيْنِ والمنطق مُخْتَصرا جَامعا. وَلم يزل على حَاله من العظمة والسودد حَتَّى مَاتَ فِي رَابِع عشرى جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث بتونس وَلم يخلف بعده مثله وَقد حَدثنِي عَنهُ جمَاعَة فيهم مِمَّن أَخذ عَنهُ التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وَغَيرهَا يحيى العجيسي، وَأَجَازَ أَيْضا لغير وَاحِد مِمَّن كتبت عَنْهُم وروى الرسَالَة عَن أبي عبد الله بن عبد السَّلَام والوادياشي كِلَاهُمَا عَن أبي مُحَمَّد بن هرون عَن أبي الْقسم بن الطيلسان عَن عبد الْحق بن مُحَمَّد بن عبد الْحق عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن فرج مولى ابْن الطلاع عَن أبي مُحَمَّد مكي عَن ابْن زيد والموطأ عَن أَولهمَا أَنا ابْن هرون بِهِ وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح بقرَاءَته لَهُ على أبي الْعَبَّاس أَحْمد البطرني أَنا بِهِ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد اللَّخْمِيّ سَمَاعا أَنا بِهِ مُؤَلفه سَمَاعا فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بالأشرفية بِدِمَشْق وصحيح البُخَارِيّ وَمُسلم والشفا عَن ثَانِيهمَا وَذكره ابْن الْجَزرِي فِي طَبَقَات الْقُرَّاء فَقَالَ: فَقِيه تونس وإمامها وعالمها وخطيبها فِي زَمَاننَا. ولد سنة عشر وَسَبْعمائة وتبحر فِي الْعُلُوم وفَاق فِي الْأَصْلَيْنِ وَالْكَلَام وَتقدم فِي الْفِقْه والنحو وَالتَّفْسِير قَرَأَ على ابْن سَلامَة بمضمن التَّيْسِير وَالْكَافِي وروى أَيْضا عَن ابْن عبد السَّلَام شَارِح الْمُخْتَصر ذكره عبد الله بن مُحَمَّد بن غَالب فِي تَحْقِيقه فَقَالَ أَخذ الْعلم عَن جمَاعَة من الْعلمَاء، الجلة مِنْهُم وَالِده وَأَبُو عبد الله الوادياشي وَغَيرهمَا، قَالَ ابْن الْجَزرِي وَلم تزل الْحجَّاج ترد علينا بأخباره السارة حَتَّى كنت فِي الديار المصرية سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فَقَدمهَا حَاجا فَاجْتَمَعْنَا بِهِ بِالْقَاهِرَةِ وحججنا جَمِيعًا بِالْحرم الشريف واستجزته تجاه الْكَعْبَة فأجازني وأولادي ثمَّ رَجعْنَا إِلَى لاديار المصرية فاجتمعت بِهِ كثيرا فَأَنْشَدته وأنشدني وَتوجه لبلاده فِي ربيع من الَّتِي بعْدهَا وَلم أر مغربيا أفضل مِنْهُ. وَقَالَ الصّلاح الأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة أَنه تفقه وبرع فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع والعربية والمعاني وَالْبَيَان والفرائض والحساب والقراآت وَكَانَ رَأْسا فِي الْعِبَادَة والزهد)
والورع ملازما للإشغال بِالْعلمِ رَحل النَّاس إِلَيْهِ وَأخذُوا عَنهُ وانتفعوا بِهِ وَلم يكن بِبِلَاد الْمغرب من يجْرِي مجْرَاه فِي التَّحْقِيق وَلَا من اجْتمع لَهُ من الْعُلُوم مَا اجْتمع لَهُ وَلَقَد كَانَت الْفَتْوَى تَأتيه من مَسَافَة شهر، وَله مؤلفات مفيدة، وَصدر تَرْجَمته بالفقيه الإِمَام الْعَلامَة ذِي الْفُنُون الْخَطِيب الإِمَام بِمَسْجِد الزيتونة بِمَدِينَة تونس وَسَماهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَة فأسقط مُحَمَّدًا الثَّالِث من نسبه كَمَا أَن ابْن الْجَزرِي لم يصب فِي مولده وَكَذَا مَا رَأَيْته فِي نُسْخَتي بمعجم شَيخنَا أَنه سنة سِتّ(9/241)
وَثَلَاثِينَ لِأَن شَيخنَا نَفسه قَالَ فِي إنبائه أَنه مَاتَ وَهُوَ ابْن سبع وَثَمَانِينَ. وَهُوَ مُوَافق لما قَالَه غير وَاحِد فِي كَون مولده سنة سِتّ عشرَة، وَصدر شَيخنَا تَرْجَمته فِي إنبائه بشيخ الْإِسْلَام بالمغرب، وَقَالَ ابْن عمار أَنه قدم الْقَاهِرَة حَاجا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة فَأخذ عَنهُ المصريون مَعَ اعتذاره بالضعف وَكَانَ الْقَائِل مِمَّن أَخذ عَنهُ وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وترجمه بقوله أَمَام حَافظ وقته تفقه بمذهبه مشرقا ومغربا انْتَهَت الرياسة إِلَيْهِ بقطر الْمغرب أجمع فِي التَّحْقِيق وَالْفَتْوَى والمشاورة مَعَ خشونة جَانب وَشدَّة عَارض وَبَرَاءَة من المداهنة وحذر من المحاسنة وَله كتاب فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْمُخْتَصر يبلغ عشرَة أسفار أَو دونهَا جَامع لغالب أُمَّهَات الْمَذْهَب والنوازل وَالْفُرُوع الغربية وَكَثْرَة الْبَحْث مَعَ ابْن شَاس فِي الْجَوَاهِر وَابْن بشير فِي التَّنْبِيه وَابْن الْحَاجِب فِي اختصاره لهذين الْكِتَابَيْنِ وَشَيْخه ابْن عبد السَّلَام فِي شَرحه على ابْن الْحَاجِب إِلَّا أَنه التفقه بِهِ صَعب انْتهى. وَبَلغنِي أَن بعض أولي الْأَحْوَال والخطوات كَانَ يَقْصِدهُ بِالْقِرَاءَةِ والتفقه فِي كل يَوْم من مَسَافَة أَيَّام وَأَن بغلة الشَّيْخ نفقت ودامت أَيَّامًا لَا يتَعَرَّض لَهَا كلب وَلَا غَيره فَلَمَّا بلغه ذَلِك قَالَ لمن تعجب مِنْهُ أتعجبون من ذَلِك وَقد قَرَأت على ظهرهَا الْقُرْآن من الْعدَد آلافا، إِلَى غَيرهَا من الكرامات، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأَنه اختصر الحوفي فِي الْفَرَائِض ونظم قِرَاءَة يَعْقُوب. وَمن نظمه:
(إِذا لم يكن فِي مجْلِس الْعلم نُكْتَة ... لتقرير إِيضَاح لمشكل صُورَة)
(وعزو غَرِيب النَّقْل أوحل مُشكل ... أَو إِشْكَال أبدته نتيجة فكرة)
(فدع سَعْيه وَانْظُر لنَفسك واجتهد ... وَلَا تتركن فالترك أقبح خلة)
وَقَوله:
(بلغت الثَّمَانِينَ وبضعا لَهَا ... وَهَان على النَّفس صَعب الْحمام)
(وأمثال عصري مضوا دفْعَة ... وصاروا خيالا كطيف الْمَنَام)
)
(وَكَانَت حَياتِي بلطف جميل ... لسبق دعاي رَبِّي فِي الْمقَام)
587 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَهِيمُ بن مُوسَى بن طَاهِر صَلَاح الدّين بن خير الدّين أبي الْخَيْر بن الشَّمْس أبي بكر القليوبي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي كَاتب الْغَيْبَة وَابْن كاتبها، / مِمَّن نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وكتبا عرض على بَعْضهَا ولازم أَمِين الدّين العباسي فِي حَيَاة أَبِيه وَبعده ثمَّ لما مَاتَ حضر دروس الْبكْرِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ وعَلى الْجَوْجَرِيّ وَابْن قَاسم والخيضري والزين الأبناسي وَعبد الْحق السنباطي والكمال الطَّوِيل وانضم مَعَه للبدر بن كَاتب جكم واشتدت ملازمته لَهُ سِيمَا فِي أَوْقَات النزه وَالْأكل وحرض على عدم تَفْوِيت سماطه فِي رَمَضَان وَقَرَأَ(9/242)
عِنْده طَبَقَات السُّبْكِيّ الْكُبْرَى مَعَ ثروته وَكَثْرَة جهاته ثمَّ أَنه تقلل مِنْهُ بعد انْفِصَاله عَن نظر الْجَيْش وَلزِمَ الزيني زَكَرِيَّا مَعَ تكَرر وتردده إِلَيّ ومبالغته فِي إِظْهَار الْأَدَب وَحج فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَرُبمَا تردد إِلَيْهِ بعض الْفُقَرَاء والطلبة للْقِرَاءَة عَلَيْهِ بل رَأَيْت ابْنا عرض عَلَيْهِ فِي سنة خمس وَتِسْعين وتكررت كِتَابَته لي وَأَنا بِمَكَّة بِخَط جيد وَعبارَة حَسَنَة مِمَّا يضم لزائد فَضله وإحكام عقله وَقد توجعت لفقد وَلَده بالطاعون عوضه الله خيرا.
588 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر بن إِسْمَعِيل أَبُو الطَّاهِر ابْن الشَّمْس بن الشماع الْحلَبِي / الْمَاضِي أَبوهُ. شَاب جَازَ الْبلُوغ بِيَسِير كَانَ مفرط الذكاء حاد الذِّهْن اشْتغل فِي النَّحْو على فقيهه عُثْمَان الْكرْدِي ووالده وَصَارَت لَهُ ملكة فِي إِعْرَاب آي الْقُرْآن.
مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي الطَّاعُون سنة أَربع وَخمسين وَخلف زَوجته حَامِلا فَوضعت بعده أُنْثَى وتأسف النَّاس فضلا عَن أَبِيه على فَقده لكنه صَبر ثمَّ حج فِي سنته عوضهما الله الْجنَّة.
589 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو عبد الله بن الْجمال بن أبي عبد الله الْعقيلِيّ النويري الْمَكِّيّ الْمَالِكِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي رَجَب سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة، وَأمه زَيْنَب ابْنة دَاوُد بن عَليّ الكيلاني ونشا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام سنة تسع وَخمسين وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة خمسين شَيخنَا وَابْن الديري والعيسي والرشيدي والصالحي وَابْن الْفُرَات وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة وَعبد الْكَافِي بن الذَّهَبِيّ وَالشَّمْس الصَّفَدِي وَغَيرهم، وَولي نصف إِمَامَة مقَام الْمَالِكِيَّة بعد موت وَالِده وناب عَنهُ قَرِيبه نور الدّين بن أبي الْيمن وَدخل الشَّام والقاهرة. وَمَات بهَا بالطاعون فِي لَيْلَة السبت ثامن عشر)
رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالتنكزية من القرافة جوَار قبر ابْن عَمه أَحْمد ابْن الْخَطِيب أبي الْفضل وَكَانَ شَابًّا متجملا عوضه الله الْجنَّة ورحمه.
590 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الْجمال أَبُو الْخَيْر بن أبي الْيمن الْعقيلِيّ النويري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي أَخُو عَليّ وَعمر وَقَرِيب الَّذِي قبله، وَأمه حَرِير الحبشية فتاة أَبِيه. / ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية النَّحْو وَعرض على جمَاعَة وَسمع من أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد كوالده وأعمامه أبي البركات مُحَمَّد وكمالية وَأم الْوَفَاء بني عَليّ بن أَحْمد وَأبي الْفضل وَخَدِيجَة ابْني عبد الرَّحْمَن وَأم الْخَيْر ابْنة الْعِزّ النويريين وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان الْمَقْدِسِي وَأحمد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي والشهاب بن زيد والزين عبد الرَّحْمَن بن خَلِيل القابوني(9/243)
وَابْن جوراش وَالْجمال بن جمَاعَة والتقي أبي بكر القلقشندي المقدسيين وَآخَرين وَأخذ عَن الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ بِمَكَّة والقاهرة وَقد قدمهَا مرَارًا وَكَذَا أَخذ عني فيهمَا أَشْيَاء وَحضر دروس ابْن عطيف وَغَيره ثمَّ أعرض عَن ذَلِك سِيمَا بعد موت أَخَوَيْهِ وَهُوَ كثير التودد لطيف الْعشْرَة لَدَيْهِ حشمة وأدب.
591 - مُحَمَّد أَبُو الْيمن بن أبي الْيمن أَخُو الَّذين قبله أمه أم هَانِئ ابْنة أبي البركات مُحَمَّد بن عَليّ النويري. / مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ حمل فولد فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَلذَا كني بكنيته وَلم يلبث سوى أشهر. وَمَات فِي شوالها.
592 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن خطاب الشَّمْس الْمَقْدِسِي / الْمُؤَذّن بالأقصى. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس فَقَرَأت عَلَيْهِ الْأَرْبَعين الصُّوفِيَّة لأبي نعيم بِسَمَاعِهِ لَهَا على مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن عبد الْكَرِيم بن رَاشد الذَّهَبِيّ والحافظ الصّلاح العلاني وَحدثنَا عَنهُ غير وَاحِد. مَاتَ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن عمر بن حَيَاة بن قيس الْحَرَّانِي ثمَّ الدِّمَشْقِي. / فِي عبد الْعَزِيز.
593 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُوسَى الْجلَال أَبُو الْفضل بن الْبَدْر بن فتح الدّين أبي الْفَتْح البشيهي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة / والماضي أَبوهُ وجده وَعَمه. حفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وأجزت لَهُ حِين عرضهَا ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَنزل على عَمه الشهَاب)
ولازم الِاشْتِغَال عِنْد الزيني زَكَرِيَّا والأبناسي وَغَيرهمَا وَأكْثر من الْحُضُور عَن الخيضري وَفهم فِي الْجُمْلَة وَلم يتأدب بِحَيْثُ مَنعه كَاتب السِّرّ البدري من حُضُور مَجْلِسه فِي أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين وَكَانَ قبل بِمَجْلِس الخيضري يُخَاطب النُّور الْبُحَيْرِي الْمَالِكِي بِمَا لَا يرتضيه ثمَّ استنابه الزيني وَصَارَ من جملَة المقسمين.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْكَمَال بن اليونانية / صَوَابه بِدُونِ مُحَمَّد الثَّالِث وَقد مضى.
594 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن ألب أرسلان الشَّمْس بن الضياء السلجوقي الْقُدسِي نزيل الْحَرَمَيْنِ. / مَاتَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة مبطونا بالبيمارستان فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَدفن بِالبَقِيعِ رَحمَه الله وَغفر لَهُ. أرخه ابْن فَهد.
595 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن عبد المحسين الْمُحب بن الزين الدجوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي أحد الربيعين سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن ملك وَغَيرهَا وَعرض عَليّ فِي الْجَمَاعَة وَأخذ عَن البامي وَكَذَا عَن الْجَوْجَرِيّ لَكِن(9/244)
قَلِيلا فِي آخَرين وأسمعه أَبوهُ مَعَ الْوَلَد أَشْيَاء على جمَاعَة وَجلسَ مَعَ وَالِده شَاهدا إِلَى أَن تعلل ثمَّ مَاتَ فِي حيات أَبَوَيْهِ يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي شَوَّال سنة ثَمَانِينَ وَصلي عَليّ فِي يَوْمه بِجَامِع المارداني فِي مشْهد حافل وَدفن عِنْد سَيِّدي أبي الْعَبَّاس الْبَصِير من القرافة. وَكَانَ عَاقِلا جميلا صينا عوضه الله وأبويه الْجنَّة.
596 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن يُوسُف بن عَليّ الْبَدْر ويلقب فِي الشَّام بالشمس بن الشَّمْس الدِّمَشْقِي خطيب السابتية / مِنْهَا وَابْن خطيبها والماضي أَبوهُ. ولد فِي أَوَائِل ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَقدم مَعَ أَبِيه الْقَاهِرَة فَسمع على شَيخنَا وَكَانَ يساعد وَالِده فِي كِتَابَة البُخَارِيّ وَغَيره مَعَ كَونه مراهقا ثمَّ لَقِيَنِي بِالشَّام فِي سنة تسع وَخمسين فَسمع معي على الشهَاب بن زيد وَغَيره وَكَذَا سمع على الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الصَّفَدِي وتكسب بِالشَّهَادَةِ وخطب بالنابتية كأبيه فِيهَا ثمَّ لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين فاستجازني وَأَظنهُ جاور الَّتِي تَلِيهَا وَكتب لي شَيْئا من نظمه فَمِنْهُ مِمَّا قَالَه على طَرِيق الْقَوْم متغزلا من قصيدة:)
(لَوْلَا عيونك لم تهج أشواقي ... فِي رامة بنواظر الغزلان)
(كلا وَلَوْلَا قدك المياس لم ... يصب الْفُؤَاد إِلَى غصون البان)
(يَا من أثار بِكُل قلب حبه ... سَبَب الهيام وباعث الخفقان)
(حركت سر الوجد فِي قلب غَدا ... لَك مسكنا والسر فِي السكان)
وَقَوله مادحا الرَّسُول عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام:
(كل قلب بك يَا نشر الصِّبَا ... عَاشَ بعد الْمَوْت فيهم وصبا)
(ونسيم الْقرب نَادَى منشدا ... إِن تكن من حيهم يَا مرْحَبًا)
(عرب لي أرب فِي حبهم ... أنني أَقْْضِي وأقضي الأربا)
(إِن أمت فِي حبهم وجدا بهم ... يرقص الْكَوْن لموتي طَربا)
(سادة سيدهم لَا غرو إِن ... جمع السودد فَهُوَ الْمُجْتَبى)
(أشرف الْخلق إِلَى الله بِهِ ... وصل الْقَوْم وَكَانَ السببا)
(يَا رَسُول الله يَا من مدحه ... أعجز الْعَجم وأعيا العربا)
(غث خَطِيبًا لَك فِي حَان الوفا ... بشراب الْإِنْس ينشي الخطبا)
وَرَأَيْت البدري قَالَ فِي مَجْمُوعه أَنْشدني صاحبنا وبلدينا الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد خطيب الثابتبة قَوْله:
(قلت لَهُ مذ مد سا ... قيه وأسبى الأفئده)
(نَار الحشا موصدة ... فِي عمد ممدده)
وَقَوله:
(قَالَ صف ريقي وخدي ... لي تَرَ مني من)(9/245)
فَوقِي عِنْد مقالي صبغة الله وَمن وَأثْنى على أدبه وخطابته وَأَنه يتكسب كأبيه بِالشَّهَادَةِ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن بن عمر الْمُحب أَبُو الطّيب بن الشَّمْس السُّيُوطِيّ ووالد أصيل الدّين مُحَمَّد الْآتِي الشهير أَبوهُ بِابْن الرُّكْن. / يَأْتِي فِي أبي الطّيب من الكنى.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله أَبُو الْخَيْر / رَئِيس المؤذنين بِمَكَّة. يَأْتِي فِي أبي الْخَيْر من الكنى أَيْضا.) :::
597 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد بن شُعَيْب الْمُحب الديسطي الأَصْل القاهري القلعي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بالقلعي. / مِمَّن اشْتغل عِنْد الْجَوْجَرِيّ ولازمه ثمَّ زَكَرِيَّا وَكَذَا أَخذ عَن الْكَمَال بن أبي شرِيف وَعبد الرَّحِيم الأبناسي فِي آخَرين وَسمع مني المسلسل وَغَيره بل سَمعه مَعَ سنَن أبي دَاوُد والخصال المكفرة من الزكي أبي بكر الْمَنَاوِيّ وَقطعَة من الْمُسْتَخْرج على مُسلم لأبي نعيم على الشَّمْس الملتوتي والعمدة وأربعي النَّوَوِيّ على الديمي واختص بالخطيب الوزيري لمصاهرة بَينهمَا فَهُوَ زوج لأخب زَوجته وَكَأَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ وبمحمود بن الشَّمْس بن أجا وَلَعَلَّ بسفارته اسْتَقر فِي نِيَابَة خزن كتب المؤيدية. وَمَات عِنْده بحلب إِذْ توجه إِلَيْهَا صُحْبَة ماميه فِي الْمحرم سنة سبع وَتِسْعين عَن إِحْدَى وَأَرْبَعين، وَقد حج وجاور وَهُوَ ذُو عقل وتودد وتميز مِمَّن كثر التأسف على فَقده، وَبَلغنِي أَنه كَانَ ينظم رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.
598 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْخَالِق الْمُحب أَبُو الْقَاسِم بن الْفَاضِل الشَّمْس النويري الْمَيْمُونِيّ القاهري الْمَالِكِي وَالِد أبي الطّيب مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِأبي الْقسم النويري / ونويرة قَرْيَة من صَعِيد مصر الْأَدْنَى على مَسَافَة يَوْم للراكب مِنْهَا. ولد كَمَا بِخَط وَالِده فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بالميمون قَرْيَة أقرب من النويرة إِلَى مصر بِنَحْوِ نصف بريد، وَقدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي وألفية ابْن ملك والشاطبيتين وعرضها على حفيد ابْن مَرْزُوق التلمساني وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يفتح الله وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والعز بن جمَاعَة وأجازوه وتلا بالعشر على غير وَاحِد أَجلهم ابْن الْجَزرِي لقِيه بِمَكَّة فِي رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين حِين مجاورتهما وَأَجَازَ لَهُ هُوَ والزين بن عَيَّاش وَغَيرهمَا وَمن شُيُوخه فِيهَا أَيْضا الزراتيتي ولازم الْبِسَاطِيّ فِي الْفِقْه وَغَيره من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَأخذ الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه أَيْضا عَن الشهَاب الصنهاجي وَالْفِقْه فَقَط عَن الْجمال الأفقهسي(9/246)
وَحضر عِنْد الزين عبَادَة مَجْلِسا وَاحِدًا والعربية وَغَيرهَا عَن الشَّمْس الشطنوفي وَأخذ عَن الْهَرَوِيّ فِي قَدمته الثَّانِيَة وَقَرَأَ على شَيخنَا شَرحه للنخبة وَأذن لَهُ فِي إفادتها وَكَذَا أَخذ عَنهُ فِي شرح الألفية وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأ وَغَيره كشرح منظومة الساوي فِي الْعرُوض وعَلى الزين الزَّرْكَشِيّ صَحِيح مُسلم وعَلى الْبَدْر حُسَيْن البوصيري فِي الدَّارَقُطْنِيّ وَلم يكثر من ذَلِك بل كَانَ يعيب على البقاعي فِيهِ وَقَالَ لبَعض الثِّقَات قل لصاحبك إِبْرَهِيمُ يعلم)
النَّحْو وَلذَا مَعَ تَرْجَمته لأبي الْفضل المغربي بِمَا تقدم أطلق البقاعي لِسَانه فِيهِ وَتكلم فِيهِ بِمَا الْمُتَكَلّم متصف بأزيد مِنْهُ حَسْبَمَا بَينته فِي مَوضِع آخر وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيْخه الْبِسَاطِيّ ثمَّ ترك وَلم يزل يدأب فِي التَّحْصِيل حَتَّى برع فِي الْفِقْه والأصلين والنحو وَالصرْف وَالْعرُوض والقوافي والمنطق والمعاني والحساب والفلك والقراآت وَغَيرهَا وصنف فِي أَكْثَرهَا فأكمل شرح الْمُخْتَصر لشيخه الْمَذْكُور وَذَلِكَ من السّلم إِلَى الْحِوَالَة فِي كراريس وَشرح كلا من مختصري ابْن الْحَاجِب الفرعي وَسَماهُ بغية الرَّاغِب على ابْن الْحَاجِب والأصلي لكنهما فِي المسودة والتنقيح للقرافي فِي مُجَلد وَسَماهُ التَّوْضِيح على التَّنْقِيح وَعمل أرجوزة فِي النَّحْو وَالصرْف وَالْعرُوض والقوافي فِي خَمْسمِائَة بَيت وَخَمْسَة وَأَرْبَعين بَيْتا سَمَّاهَا الْمُقدمَات ضمنهَا ألفية ابْن ملك والتوضيح مَعَ زيادات وَشَرحهَا فِي نَحْو عشْرين كراسا وَله أَيْضا مُقَدّمَة فِي النَّحْو لَطِيفَة الحجم ومنظومة سَمَّاهَا الغياث فِي القراآت الثَّلَاث الزَّائِدَة على السَّبْعَة وَهِي لأبي جَعْفَر وَيَعْقُوب وَخلف وَشَرحهَا ونظم النزهة لِابْنِ الهائم فِي أرجوزة نَحْو مِائَتي بَيت وَشَرحهَا فِي كراريس وَعمل قصيدة دون ثَلَاثِينَ بَيْتا فِي علم الْفلك وَشَرحهَا وشرحا لطيبة النشر فِي القراآت الْعشْر لشيخة ابْن الْجَزرِي فِي مجلدين وَالْقَوْل الجاذ لمن قَرَأَ بالشاذ وكراسة تكلم فِيهَا على قَوْله تَعَالَى إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله وَأُخْرَى فِيهَا أجوبة عَن إشكالات معقولية وَنَحْوهَا وَأُخْرَى من نظمه فِيهَا أَشْيَاء فقهية وَغَيرهَا وَغير ذَلِك وَحج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا وَأقَام بغزة والقدس ودمشق وَغَيرهَا من الْبِلَاد وانتفع بِهِ فِي غَالب هَذِه النواحي مَعَ أَنه لَو اسْتَقر بموطن وَاحِد كَانَ أبلغ فِي الِانْتِفَاع بِهِ وَكَذَا انتفعوا بِهِ فِي الْفَتَاوَى، وَكَانَ إِمَامًا عَالما عَلامَة مفننا فصيحا مفوها بحاثا ذكيا آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر صَحِيح العقيدة شهما مترفعا على بني الدُّنْيَا وَنَحْوهم مغلظا لَهُم فِي القَوْل متواضعا مَعَ الطّلبَة والفقراء وَرُبمَا يفرط فِي ذَلِك وَفِي الانبساط مَعَهم كَبِيرهمْ وصغيرهم عالي الهمة باذلا جاهه مَعَ من يَقْصِدهُ فِي مهمة ذَا كرم بِالْمَالِ وَالْإِطْعَام يتكسب بِالتِّجَارَة بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ مستغنيا بذلك عَن وظائف(9/247)
الْفُقَهَاء وَلذَا قيل أَنه عرض عَلَيْهِ قَضَاء الْمُقَدّس فَامْتنعَ بل قيل أَنه طلب لقَضَاء مصر فَأبى وَلَكِن قيل أَيْضا أَنه ولي قَضَاء الشَّام فَلم يتم وَحكى لي الْبَدْر السَّعْدِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة أَنه بَيْنَمَا هُوَ عِنْده فِي درسه إِذْ حضر إِلَيْهِ الشّرف الْأنْصَارِيّ بمربعة بمرتب الْعَيْنِيّ فِي الجو إِلَى بعد مَوته وَهُوَ فِي كل يَوْم دِينَار فَردهَا وَقَالَ إِن جقمق يروم يستعبدني فِي مُوَافَقَته بِهَذَا الْمُرَتّب أَو كَمَا قَالَ، وابتنى)
بالخانقاة السرياقوسية مدرسة ووقف عَلَيْهَا مَا كَانَ فِي حوزته من أَمْلَاك وَجعل فائضها لأولاده، وَكَانَ شَيخا كثير الإجلال والتبجيل لَهُ مُعْتَمدًا عَلَيْهِ فِي مذْهبه وبسببه نافره الْبَدْر بن التنسي وَكَذَا سَمِعت الْعِزّ قَاضِي الْحَنَابِلَة يَقُول أَنه لم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله، وَقد اجْتمعت بِهِ مرَارًا بِالْقَاهِرَةِ وَمَكَّة وَسمعت من فَوَائده وعلقت من نظمه أَشْيَاء وَمن ذَلِك قَوْله:
(وَأفضل خلق الله بعد نَبينَا ... عَتيق ففاروق فعثمان مَعَ عَليّ)
(وَسعد سعيد وَابْن عَوْف وَطَلْحَة ... عُبَيْدَة مِنْهُم وَالزُّبَيْر فتم لي)
كَذَا قَالَ عُبَيْدَة وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَة، وَكَانَت فِيهِ حِدة مفرطة واستحالة فِي أَحْوَاله وطرقه. مَاتَ بِمَكَّة فِي ضحى يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين وَصلي عَلَيْهِ بعد الْعَصْر عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَنُودِيَ عَلَيْهِ من أَعلَى قبَّة زَمْزَم وَدفن بالمعلاة بمقبرة بني النويري وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله وإيانا.
599 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله بن مرضِي الزين أَبُو البركات بن نَاصِر الدّين بن الشهَاب بن النُّور بن الزين الْعَبدَرِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن المغيزل. / قَالَ شَيخنَا فِي تَرْجَمَة عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله م ندرره أَنه كثير الِاشْتِغَال بِالْعلمِ مَعَ تعَاطِي التِّجَارَة وَأَنه كتب بِيَدِهِ من تصانيفه قَالَ وَهُوَ يحبني حفظه الله وَقد سَمِعت قِرَاءَته عَلَيْهِ فِي شرح النخبة وغريها وتكرر قدومه للقاهرة فِي حَيَاته وَبعده وَكَانَ عَظِيم الهمة فِي تَحْصِيل الْفَوَائِد وَالْعلم مثابرا على ذَلِك مَعَ تعلله بالربو وضيق النَّفس حَتَّى لقد كَانَ يتَرَدَّد إِلَيّ بِسَبَب التَّحْصِيل وَكَانَ يلبس الفروة فِي أغلب الْأَوْقَات وَأما فِي الشتَاء فيزيد على فَرْوَة مَعَ كبر الْعِمَامَة ومزيد التدثر مُخْتَصر قَاضِي بَلَده ابْن الخرزي. مَاتَ فِي سنة سبع وَسِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا.
600 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن أبي بكر الْبَدْر بن الْبَهَاء بن الشَّمْس الْكِنَانِي السمنودي الأَصْل ثمَّ الْمصْرِيّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كهما بِابْن الْقطَّان. / ولد بعد عصر يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر رَمَضَان سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمصْر حَسْبَمَا أملاه عَليّ وَنَازع البقاعي فِي(9/248)
ذَلِك بِمَا لَا يقبل مِنْهُ خُصُوصا وَقد ذكر لي من هُوَ أتقن مِنْهُ وأوثق وَهُوَ الْعِزّ السنباطي أَنه رَآهُ مَعَ شَيخنَا بالروضة فِي منتزه فِيهِ خلق سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَقد دَار عَارضه وَنَشَأ جميل الصُّورَة فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وألفية)
النَّحْو وغالب ابْن الاجب وَجمع الْجَوَامِع. وَعرض على طَائِفَة يسيرَة واشتغل على أَبِيه والقاياتي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم المنهاجي سبط ابْن اللبان فِي الْفِقْه وعَلى الثَّالِث فِي الْعَرَبيَّة وَنَحْوهَا من فنون الْأَدَب وَكَذَا لَازم ابْن عمار فِي الْعَرَبيَّة طَويلا وعنهما أَخذ فِي أصُول الْفِقْه وَكَذَا عَن القاياتي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى اللبسي الْمَاضِي وأصول الدّين عَن الكافياجي والْحَدِيث عَن شَيخنَا قَرَأَ عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ قِطْعَة من شرح ألفية الْعِرَاقِيّ وَبعد ذَلِك نَحْو النّصْف من شرح البُخَارِيّ ولازمه كثيرا لَا سِيمَا بعد تزَوجه بابنة زَوجته الحلبية، وَسمع اتِّفَاقًا على بعض المسندين وَلم يكن مِمَّن يمِيل لذَلِك بل كَانَ يُجَافِي من يحرص عَلَيْهِ وَيُصَرح بِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِيهِ بل وَلَا فِي الحَدِيث مُطلقًا لكَونه قد دون وَضبط ورددت عَلَيْهِ مقَالَة فِي ذَلِك غير مرّة وَلم يفد وَهُوَ فِي ذَلِك عكس طَريقَة وَالِده وَكَذَا لم يكثر من الِاشْتِغَال مُطلقًا إِنَّمَا كَانَ اشْتِغَاله من ابْتِدَائه إِلَى انتهائه بالهوينا اتكالا على ذكائه وفطنته وَأكْثر من مُلَازمَة الْمُحب مُحَمَّد بن أبي الْحسن الْمصْرِيّ، وتصدر وَهُوَ ابْن عشْرين سنة بِجَامِع عَمْرو وجامع الْقُرَّاء نِيَابَة عَن وَالِده وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا فَمن بعده وتنقل فِي عدَّة حوانيت وَاسْتقر بعد شَيخنَا فِي إِفْتَاء دَار الْعدْل مَعَ المحيوي الطوخي، وَحج وزار وَدخل مَعَ وَالِده إسكندرية وَغَيرهَا واختص بِصُحْبَة الْعَلَاء ب نالأهناسي وَتقدم عِنْده بملازمته لَهُ فِي لعب الشطرنج بل كَانَ مَعَه فِي كثير من خلواته وبواسطته هُوَ وَابْن الكويز وَنَحْوهمَا ترَتّب لَهُ فِي جِهَات الْوزر وَالْخَاص وأشباهها أَشْيَاء كَثِيرَة وَلَا زَالَ أمره فِي نمو من ذَلِك بِحَيْثُ كَانَ لَهُ فِي الجوالي وَفِي الْمُفْرد وَفِي الذَّخِيرَة وَفِي الْخمس وَفِي الْكسْوَة والضحايا والقمح وَاللَّحم والعليق وخلع البُخَارِيّ السمور وصرره وَمَا لَا أحصره وَلذَا كَانَ منخفض الْجنَاح مَعَهم وَمَعَ أشباههم على الْغَايَة وَأما غَيرهم من الْفُضَلَاء فَفِي غَالب أوقاته على الضِّدّ من ذَلِك وَرُبمَا يحمد صَنِيعه مَعَ بَعضهم كتنافسه مَعَ التقي القلقشندي على الِارْتفَاع فِي الْجُلُوس وَمَعَ البقاعي بِحَيْثُ لم يُمكنهُ من الْجُلُوس فَوْقه وكفعله حِين دخل عقدا إِذْ رام الْجُلُوس فَوق ابْن الشّحْنَة الصَّغِير فِي قَضَاء أَبِيه وبحضرته فَمَا أمكنه فَجَلَسَ متزحزحا عَن الْحلقَة فَأَرَادَ أَبوهُ نكايته حَيْثُ قَالَ لَهُ أما علمت أَن الْجَالِس وسط الْحلقَة مَلْعُون، فِي أشباه لهَذَا، وَلست أعرفهُ بإتقان علم من الْعُلُوم(9/249)
حَتَّى أَن فضلاء الشخونية كَانُوا يرجحون دروس التقي القلقشندي مَعَ نقص بضاعته على دروسه وَلَا أَتَى على طرفِي كتاب فِيمَا أَظن قِرَاءَة وَلَا إقراء وَلَا كَانَت لَهُ قطنة على إدامة الِاشْتِغَال وَلَا)
ملكة فِي المباحثة لسرعة انحرافه وغضبه الْمُؤَدِّي إِلَى اختلال تصَوره مَعَ وفور ذكائه بِحَيْثُ أَنه كَانَ يستدعى لحضور الْمجَالِس فَلَا يَجِيء بكبير أَمر إِلَى غير ذَلِك من كَونه يصعب عَلَيْهِ الثَّنَاء على معاصريه وَسُوء عاريته للكتب الْملك وَالْوَقْف بِحَيْثُ لَا يستعيد الْمُعير مِنْهُ ذَلِك إِلَّا بِمَشَقَّة كَبِيرَة وَلما مَاتَ الْعلم البُلْقِينِيّ أَخذ من تركته نَحْو خَمْسمِائَة مُجَلد من كتب الْأَوْقَاف مَا أَظُنهُ طالع أَكْثَرهَا وَكَذَا أَخذ من تَرِكَة شَيخنَا يَسِيرا وَحَال ابْنه بَينه وَبَين تَمام غَرَضه وَضاع للنَّاس عِنْده من ذَلِك أَشْيَاء، وَهُوَ فِي أَكثر أوقاته راكن إِلَى البطالة والراحة والإقبال على مَا يهمه من الْكل وَالشرب وَالْعشرَة والتنعم بِمَا يلائم ذَلِك وَالْمَشْي على قانون كبار المباشرين والإدمان للعب الشطرنج بِحَيْثُ كَانَ وقتا مَعَ جمَاعَة يقسمون أيامهم فِيهِ فَعِنْدَ فلَان يَوْم كَذَا وَالْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ عِنْد آخر وَهَكَذَا وتصدر مِنْهُ حِين لعبه غَالِبا كَلِمَات يخرج فِيهَا عَن الْحَد وَلَا يعرف حِينَئِذٍ كَبِيرا وَلَا صَغِيرا وَكلما زَاد فِيهَا زَاد جُلَسَاؤُهُ من مقتضياتها مَعَ محبته فِي الْإِطْعَام ورغبته فِي التَّصَدُّق على الْفُقَرَاء وبذل جاهه مَعَ من يَقْصِدهُ غَالِبا وعلو همته فِي ذَلِك وصفاء خاطره جدا وَسُرْعَة انفعاله وبادرته وَقرب رُجُوعه واعترافه فِي كثير من أوقاته بالتقصير وَكَثْرَة توجهه فِي الثُّلُث الْأَخير وقيامه وتهجده ومزيد اعْتِقَاده فِيمَن ينْسب إِلَى الصّلاح لَا سِيمَا من يُسمى عِنْده وَعند أَمْثَاله بالمجاذيب واسترسل بِهِ ذَلِك حَتَّى كَانَ من أكبر المناضلين عَن ابْن عَرَبِيّ غير أَنه لم يتظاهر بذلك إِلَّا بعد كائنة ابْن الفارض وَمَا كنت أَحْمد مِنْهُ ذَلِك ولمته عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى وبالغت مَعَه فِي ذكر مَا يجب بِحَيْثُ كَانَ كالمستوحش مني بِسَبَبِهِ:
(وَمَا عَليّ إِذا مَا قلت معتقدي ... دع الجهول يظنّ الْحق عُدْوانًا)
وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا أتوهم عقيدته إِلَّا الْخَيْر وَلم يكن الْمَنَاوِيّ يرفع لَهُ رَأْسا لَا سِيمَا فِي كائنة الصَّغِير الَّذِي حكم بِمُوجب مِيرَاثه ليتضمن بَقَاءَهُ على الْكفْر وناكده مرَارًا خُصُوصا بعد وثوبه على وَلَده بمعاونة الْجمال نَاظر الْخَاص حَتَّى أَخذ مِنْهُ تدريس الْفِقْه بالبدرية الخروبية بِمصْر محتجا بِأَنَّهَا كَانَت وَظِيفَة أَبِيه وانتزعها مِنْهُ بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي مَعَ كَون شَرطهَا لمن جَازَ الْأَرْبَعين من الْمُفْتِينَ وبواسطة ذَلِك راج أمره يَسِيرا عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ خُصُوصا بعد مصاهرة العلمي للزيني بن مزهر لكَون الْبَدْر كَانَ من خواصه وجلسائه حَتَّى قدمه لِأَشْيَاء وَتردد للكمال بن البازري(9/250)
واجتهد أَن يكون هُوَ الْقَارئ فِي نسخته بِفَتْح الْبَارِي على مُصَنفه عوضا عَن أبي)
حَامِد الْقُدسِي فَأُجِيب وَكَانَ يتحامق فِي قِرَاءَته ويتضايق بِحَيْثُ لم يكن يتَمَكَّن من حضر للمقابلة من سُؤَاله عَن تَحْرِير لَفْظَة وَلَا رد لحنة وَنَحْو ذَلِك بل يحمر وَجهه وَلَا يَهْتَدِي حِينَئِذٍ لصواب وَلَا غَيره وبواسطة تردده للكمالي عين لقَضَاء طرابلس فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشرى ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وَأَظنهُ لبس الخلعة فَتكلم فِي جَانِبه بِمَا لَا يَلِيق فأعرضوا عَنهُ ورسم بِهِ لوالده حِينَئِذٍ فَلم يلبث الْأَب أَن مَاتَ وَمَا تمّ لوَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَا ذكر مرّة لقَضَاء مَكَّة وَولي الخطابة والإمامة وَغَيرهمَا فِي الْجَامِع الْجَدِيد بِمصْر أَظُنهُ بعد موت وَالِده وَاسْتقر فِي تدريس الْفِقْه بأماكن سوى مَا تقدم كالقطبية بِرَأْس حارة زويلة بعد ابْن طَلْحَة وبأم السُّلْطَان بالتبانة بعد الشهَاب بن أبي السُّعُود وبالشيخونية بعد التقي القلقشندي واجتهد فِي أَخذ تدريس الشَّافِعِي بعد إِمَام الكاملية وَتكلم لَهُ الأميني الأقصرائي وَغَيره فِيهِ فَلم يلْتَفت السُّلْطَان لَهُ وَأَشَارَ إِلَى أَن التقي الحصني أسن مِنْهُ فنازعه الأميني إِذْ ذَاك فِي هَذَا وَلم يفد وَتوجه بعض مبغضيه من الطّلبَة إِلَى الحصني لتهنئته حِين تقرر فأنشده فِيمَا زعم أَنه من قَوْله:
(تطاعنت الغواة بِغَيْر تقوى ... إِلَى درس الإِمَام الشَّافِعِي)
(فَلم يشف الإِمَام لَهُم غليلا ... وَلم يجنح إِلَى غير التقي)
عجب من الْمُؤلف رَحمَه الله فِي عدم إِيرَاده منافي مَحَله مَعَ أَنه مُثبت عِنْده فِي مَحل آخر مَعَ تَسْمِيَة النَّاظِم فَاعْلَم وَكَذَا امتدت عُنُقه لقَضَاء مصر بمبلغ وَصَارَ يلوح بل يُصَرح فَمَا قدر وَلَو اتّفق لم يرج لَهُ فِيهِ أَمر، وَاسْتقر فِي مشيخة الْمَسْجِد الَّذِي بخان السَّبِيل وقف قراقوش برغبة الْمُحب بن هِشَام المتلقي لَهُ عَن سبط شَيخنَا لَهُ عَنهُ واختص فِي معلومه فِيهِ وَفِي مرتبه فِي الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ بطاحون وفرن من الْجَارِي فِيهِ وَفِي خزانَة الْكتب بالبيبرسية وَغير ذَلِك من أنظار ورزق وَشبههَا، وَقد حدث بالصحيحين مَعَ كَونه فِيمَا أَظن لم يسمع وَاحِدًا مِنْهُمَا بِتَمَامِهِ وَكَذَا قرئَ عِنْده الْيَسِير من سنَن الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وَتردد إِلَيْهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء يَسِيرا للأخذ عَنهُ فدرس فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وَغَيرهَا وَأفْتى وَكتب جُزْءا يَسِيرا رد فِيهِ على البقاعي بعض مَا وَقع لَهُ من الْمَنَاكِير وَقُرِئَ عِنْد الزيني بن مزهر ورام بذلك التَّشَبُّه بِمَا اتّفق وُقُوعه لي من استدعاء الزيني لي حَتَّى قرئَ بِحَضْرَة(9/251)
كل منا فِي جمَاعَة من الْأَعْيَان كتابي القَوْل المألوف فِي الرَّد على مُنكر الْمَعْرُوف، وَكَذَا بَلغنِي أَنه كتب على بعض الدُّرُوس فِي التَّفْسِير وَغَيره وَلَكِن لم أَقف على شَيْء من ذَلِك، وَبِالْجُمْلَةِ فَلم تكن كِتَابَته وَلَا عِبَارَته بِذَاكَ،)
وَلم يزل على حَاله ووجاهته إِلَى أَن مَاتَ بعد تعلله مُدَّة أَكثر من اسْتِعْمَال الحقن والأدوية الحادة وَغَيرهَا مِمَّا لم يحمد تصرفه فِيهِ فِي ضحى يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة بِجَامِع الْحَاكِم تقدم النَّاس قَاضِي الْحَنَفِيَّة الشَّمْس الأمشاطي وَدفن تجاه تربة الْأَشْرَف أينال رَحمَه الله وإيانا. وَقد سَمِعت بقرَاءَته الْقطعَة من فتح الْبَارِي وَسمع هُوَ بِقِرَاءَتِي على شَيخنَا أَشْيَاء بل وَحضر عِنْدِي حِين إِلْقَاء الميعاد بالجامع العلمي بن الجيعان بِالْبركَةِ أول مَا فتح ثمَّ ختم البُخَارِيّ بِهِ وَغير ذَلِك وكتبت عَنهُ مَا ذكر أَن شَيْخه الشَّمْس بن عبد الرَّحِيم أنْشدهُ إِيَّاه لنَفسِهِ بديهة وَهُوَ جَالس على الْقَبْر عِنْد دفن ولد لَهُ:
(يَا رب أفلاذ كَبِدِي فِي الثرى دفنت ... ونار حرهم فِي سائري ساري)
(يَا رب وَاجعَل جنان الْخلد حظهم ... ونار بعدهمْ حظي من النَّار)
601 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْقسم بن صَالح الشَّمْس بن اللولوي بن الشَّمْس العرياني القاهري ابْن أخي التَّاج عبد الْوَهَّاب الْمَاضِي. / تردد إِلَيّ وَكتب ارتياح الأكباد وَغَيره وَسمع وَقَرَأَ وَلَيْسَ بمرضي وَأَظنهُ كَانَ فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَآخر عهدي بِهِ قريب السّبْعين.
602 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ الشَّمْس أَبُو الطّيب بن الْجلَال أبي الْفضل بن الشَّمْس بن النُّور بن البرقي الْحَنَفِيّ / الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه. مِمَّن حفظ الْقُرْآن والكنز وألفية النَّحْو، وَعرض عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة. وَمَات فِي سنة بضع وَتِسْعين عوضه الله وأبويه الْجنَّة.
603 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الشَّمْس بن الْعِمَاد البلبيسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة ببلبيس وَنَشَأ بِالْقَاهِرَةِ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع والجرومية وألفية النَّحْو وَعرض على خلق كَالْعلمِ البُلْقِينِيّ والمناوي والشمني والكافياجي والأقصرائي وأسمعه الْكثير مَعَ وَلَدي وَغَيره وَمِمَّا سَمعه البُخَارِيّ على الشاوي واشتغل قَلِيلا فِي الْفِقْه وَنَحْوه عِنْد ابْن قَاسم وَابْن سولة وتعب فِي تَرْبِيَته وسافر مَعَه لمَكَّة وَبَيت الْمُقَدّس وَغَيرهمَا وَتزَوج فِي حَيَاة أَبِيه واسترزق من الْكِتَابَة والتعليم فِي بَيت ابْن عليبة وَكثر إحسانهم إِلَيْهِ وتنزل(9/252)
فِي سعيد السُّعَدَاء والبيبرسية وَغَيرهمَا وَتغَير خاطر أَبِيه مِنْهُ قَلِيلا ثمَّ تراجع وَمَا مَاتَ)
إِلَّا وَهُوَ يَدْعُو لَهُ وجاور بعد موت أَبِيه بِمَكَّة ثمَّ عَاد وَأَسْكَنَهُ الاستادار فِي الْمَسْجِد الَّذِي جدده بالخشابين وَجعل لَهُ إِمَامَته وَالْقِيَام بِهِ.
604 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الشَّمْس أَبُو السُّعُود بن الْبَهَاء أبي الْفَتْح بن الشَّمْس القاياتي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي / وَهُوَ بكنيته أشهر. ولد فِي ثامن عشر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسِتِّينَ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية الحَدِيث والنحو وَعرض على جمَاعَة كالعبادي والبكري والجوجري وزَكَرِيا والبامي والطوخي والخيضري والعز الْحَنْبَلِيّ والعضد الصيرامي والأمين الأقصرائي وقاسم الْحَنَفِيّ وَخلق وَسمع البُخَارِيّ إِلَّا الْيَسِير مِنْهُ على الشاوي وَمن الْفَرَائِض إِلَى آخِره على الزين عبد الصَّمد الهرساني وَأخذ الْمِنْهَاج تقسيما هُوَ أحد الْقُرَّاء فِيهِ عَن الزين السنتاوي وَكَذَا حضر تقسيمه وَالْحَاوِي عِنْد الْجَوْجَرِيّ وَقَرَأَ فِي الْمِنْهَاج على الزين زَكَرِيَّا وَسمع كثيرا فِي دروسه وَمن ذَلِك فِي النَّحْو والفرائض وَقَرَأَ اللمع فِي الْحساب على الْبَدْر حسن الْأَعْرَج وَحضر فِي الخصائص وَغَيرهَا عندا لخيضري وَقَرَأَ على ألفية الحَدِيث وَشَرحهَا ولازمني فِي أَشْيَاء كالسيرة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام وَكتب من شرحي قِطْعَة وَكَذَا قَرَأَ على الديمي فِي الألفية وَحج فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وخطب بالأزهر من سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وهلم جرا وَكَذَا خطب بِغَيْرِهِ وحمدت خطابته وتأديته بل أَذِنت لَهُ فِي التدريس ودرس فِي وظيفتهم للمحدثين بالبرقوقية وَكَذَا درس بالغرابية وَهُوَ متميز ذُو عِيَال مَعَ تقنع و.
605 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن الباز الْأَشْهب مَنْصُور بن شبْل الشَّمْس أَبُو البركان الغراقي بمعجمه مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء مُشَدّدَة وقاف نِسْبَة إِلَى الغراقة بلد بِقرب الحوف من الْوَجْه البحري من الشرقية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد أبي الطّيب مُحَمَّد وَهُوَ بكنيته أشهر وَكَانَ يعرف قبل ذَلِك بِابْن كباب بكاف مَفْتُوحَة وموحدتين الأولى مُشَدّدَة. / ولد سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالغراقة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وتلا لأبي عَمْرو على الزينبن اللبان الدِّمَشْقِي وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفيتي الحَدِيث والنحو والزهر البسام فِيمَا حوته عُمْدَة الْأَحْكَام من الْأَنَام نظم الْبرمَاوِيّ والجعبرية فِي الْفَرَائِض والحاجبية وَعرض على جمَاعَة وتحول إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة حِين مَاتَ الْجمال المارداني فأكب من سنة ثَلَاث عشرَة على الِاشْتِغَال وَسمع على الْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ والشرف بن الكويك وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لَهُ الزين المراغي(9/253)
وَالْجمال بن ظهيرة والزين)
مُحَمَّد بن أَحْمد الطَّبَرِيّ ورقية ابْنة يحيى بن مزروع وَآخَرُونَ ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي فنون وَأكْثر عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَكَانَ مَعَه بِدِمَشْق فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَأخذ أَيْضا عَن الْبُرْهَان البيجوري والشمسين الشطنوفي والغراقي والنجم بن حجي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي الْفِقْه وَأَصله والعربية والفرائض وَأكْثر عَن الْأَخير أَيْضا فِي الحَدِيث إملاء وسماعا وبحثا وَأخذ عَن نَاصِر الدّين البرنباري الْفَرَائِض والحساب والميقات وَالْعرُوض والعربية وَغَيرهَا والفرائض والميقات أَيْضا عَن الشَّمْس الغراقي وَابْن المجدي والفرائض فَقَط عَن الشهَاب السيرجي وَعَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ الْعَرَبيَّة وَالصرْف وَعَن الْجمال الْقَرَافِيّ الْعَرَبيَّة فَقَط قَالَ وَكَانَ لَهُ فِيهَا مُقَدّمَة فَكَانَ يقرئها الطّلبَة مَعَ الصّلاح وَالْخَيْر وَعَن النُّور الأبياري نزيل البيبرسية فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا بل وَسمع عَلَيْهِ الحَدِيث أَيْضا وانتفع فِي الْفُنُون كثيرا بالبساطي وَأخذ عَنهُ حَتَّى فِي المقامات للحريري وَمِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ فِي المطول، وَحضر مجَالِس الْجلَال البُلْقِينِيّ ولازم أَيْضا كلا من القاياتي وَشَيخنَا والونائي وسافر مَعَه إِلَى الشَّام والجلال الْمحلي والشرواني والعيني وَلم يَنْفَكّ عَن مُلَازمَة الِاشْتِغَال والاستكثار وَلَا تحاشى من الْأَخْذ عَمَّن دب ودرج، وَهُوَ أحد من لم يَنْفَكّ عَن التتلمذ للمشايخ مَعَ شيخوخته وجلالته كيحيى الدمياطي وقاسم الزفتاوي، وَأذن لَهُ الْبرمَاوِيّ وَغَيره فِي الْإِفْتَاء والتدريس وناب فِي الْقَضَاء بعد تمنع زَائِد عَن الْمَنَاوِيّ، وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل الشَّام غير مرّة وَكَذَا دخل حلب رَفِيقًا للمعين عبد اللَّطِيف بن العجمي فِي شَوَّال سنة أَرْبَعِينَ وَأخذ حِينَئِذٍ عَن حافظها الْبُرْهَان شَرحه على الشفا بِتَمَامِهِ وَأَشْيَاء مِنْهَا قِطْعَة من شَرحه على البُخَارِيّ وَوَصفه الْبُرْهَان فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ بالشيخ الإِمَام الْفَاضِل وَأَنه رجل فَاضل يستحضر أَشْيَاء حَسَنَة من فقه وَنَحْو ولطافات ومحاضرات وَغَيرهَا انْتهى. وَكَانَ إِمَامًا عَالما بارعا فِي فنون كَثِيرَة ذَا نظم مِنْهُ قصيدة لأمية مدح بهَا شَيْخه الْبِسَاطِيّ ونثر وحافظة جَيِّدَة لَا يمل من مُلَازمَة الِاشْتِغَال لَهُ يَد طولى فِي الْحساب والفرائض دينا خيرا سَمحا شَدِيد التَّوَاضُع كثير التودد حسن الْعشْرَة والأخلاق المرضية طارحا للتكلف كثير المماجنة مَعَ أَصْحَابه وَالْقِيَام مَعَهم سَمحا بالعارية قَادِرًا على إبراز مَا فِي نَفسه بِأَحْسَن عبارَة مَوْزُونا وَغير مَوْزُون مَعَ السرعة لَا مُنْتَهى لنادرته الحلوة وَلَا تمل مُجَالَسَته ومحاسنه جمة وَهُوَ من بَيت صَلَاح وَفضل فالباز الْأَشْهب جده إِلَّا عَليّ وَعلي جد أَبِيه يُقَال أَنه الشَّيْخ عَليّ الْمصْرِيّ المعتقد المدفون بمنزله بالبريج بِالْقربِ من دمشق)(9/254)
قَالَ وَيذكر أَن الشَّيْخ رسْلَان المدفون بالسبعة من دمشق من أجدادنا وَلَكِن لم أر لذَلِك مُسْتَندا شافيا كل ذَلِك مَعَ عدم سَعَة الْعَيْش، وَقد تصدى للإقراء وقتا بِالْمَدْرَسَةِ النابلسية بِالْقربِ من سعيد السُّعَدَاء لكَونهَا كَانَت مَحل سكنه بل كَانَ مَعَه تدريسها تَلقاهُ عَن شَيْخه الْبرمَاوِيّ وَكَذَا قَرَأَ بغَيْرهَا فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والفرائض والحساب والميقات وَالْعرُوض وَكَذَا الروحاني وَكَانَت لَهُ فِيهِ يَد جَيِّدَة وَسمعت أَن شَيخنَا كَانَ رُبمَا يُرْسل إِلَيْهِ بِمَا يرد عَلَيْهِ من الأسئلة الْفَرْضِيَّة وَأفْتى وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَنعم الرجل كَانَ وَقد سَمِعت من فَوَائده ونظمه الَّذِي أثبت مِنْهُ فِي المعجم بَعْضًا وَغير ذَلِك. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء منتصف صفر سنة ثَمَان وَخمسين وَصلي عَلَيْهِ بالأزهر وَدفن بتربة مجاوري الأزهريين الطويلية وتربة سليم خَارج بَاب البرقية وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم وتأسف النَّاس عَلَيْهِ وَحج عَنهُ رَحمَه الله وإيانا.
606 - مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو السُّعُود الغراقي / شَقِيق الَّذِي قبله. ولد سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بالغراقة وتحول مِنْهَا مَعَ أَبِيه وأخيه وَهُوَ مُمَيّز فِي سنة تسع فنزلوا الصَّحرَاء بتربة يلبغا وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه بهَا الْبُرْهَان إِبْرَهِيمُ بن نوح الهريبطي الشَّافِعِي وجود على أبي الْحسن على بن آدم الْمُقْرِئ وَحفظ الْعُمْدَة والملحة وألفية النَّحْو والمنهاج الفرعي واليسير من التَّنْبِيه كتاب أَبِيه وَعرض على الشَّمْس الغراقي وَغَيره وَسمع على ابْن الكويك من لفظ شَيخنَا السّنَن الْكُبْرَى للنسائي والعمدة والرائية والشفا ومعظم مُسلم وعَلى الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ ختم مُسْند أبي يعلى وَأَجَازَ لَهُ من ذكر فِي أَخِيه، وَحج مرَارًا وَدخل إسكندرية للزيارة وتكسب بِالشَّهَادَةِ دهرا إِلَى أَن كف بَصَره فقطن بَيته مُدَّة تحول لعدة أمكنة وَحدث حِينَئِذٍ بِالصَّحِيحِ وَالنَّسَائِيّ والشفا والعمدة وَكَانَ محبا فِي ذَلِك مشاركا فِي فَوَائِد ونكت وحكايات أجَاز فِي استدعاء بعض الْأَوْلَاد. وَمَات فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ بقنطرة الموسكي عِنْد ابْن أَخِيه وَدفن بحوش الْأَشْرَف برسباي المجاور لتربته رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
607 - مُحَمَّد أَبُو مَدين / شَقِيق الْأَوَّلين الَّذين قبله. سمع على الشَّمْس الشامس الخنبلي ثلاثيات مُسْند أَحْمد، وَحدث صغَار الطّلبَة وَكَانَ من أهل الْقُرْآن كثير التِّلَاوَة لَهُ وتكسب ماورديا بالفحامين ثمَّ ترك. مَاتَ فِي سنة أَربع وَتِسْعين أَو الَّتِي قبلهَا وَدفن بِالْقربِ من أَخِيه.
608 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الشَّمْس أَبُو الْخَيْر الْعمريّ الدِّمَشْقِي ثمَّ الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن الْجَزرِي / نِسْبَة لجزيرة ابْن عمر قريب الْموصل. كَانَ)
أَبوهُ تَاجِرًا فَمَكثَ أَرْبَعِينَ سنة لَا يُولد لَهُ ثمَّ حج فَشرب مَاء زَمْزَم بنية ولد عَالم فولد(9/255)
لَهُ هَذَا بعد صَلَاة التَّرَاوِيح من لَيْلَة السبت خَامِس عشرى رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة دَاخل خطّ القصاعين بن السورين بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأكمله سنة أَربع وَسِتِّينَ وَصلى بِهِ فِي الَّتِي بعْدهَا وَحفظ التَّنْبِيه وَغَيره وَأخذ القراآت إفرادا عَن عبد الْوَهَّاب بن السلار وجمعا على أبي الْمَعَالِي بن اللبان وَحج فِي سنة ثَمَان فقرأها على أبي عبد الله مُحَمَّد بن صلح خطيب طيبَة وإمامها، وَدخل فِي الَّتِي تَلِيهَا الْقَاهِرَة فَأَخذهَا عَن أبي عبد الله بن الصَّائِغ والتقى الْبَغْدَادِيّ فِي آخَرين بِهَذِهِ الْأَمَاكِن وَغَيرهَا وَاشْتَدَّ اعتناؤه بهَا وَسمع على بقايا من أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الدمياطي والأبرقوهي فِي آخَرين بِدِمَشْق والقاهرة وإسكندرية وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه ابْن أميلة وَابْن الشيرجي وَابْن أبي عمر وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن فلاح والعماد بن كثير وَأَبُو الثَّنَاء مَحْمُود المنيجي والكمال بن حبيب والتقي عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَمن أهل إسكندرية الْبَهَاء عبد الله الدماميني وَابْن مُوسَى وَمن أهل بعلبك أَحْمد بن عبد الْكَرِيم، وَطلب بِنَفسِهِ وقتا وَكتب الطباق وَأخذ الْفِقْه عَن الأسنوي والبلقيني والبهاء أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَالْأُصُول والمعاني وَالْبَيَان عَن الضياء القرمي والْحَدِيث عَن الْعِمَاد بن كثير وَابْن الْمُحب والعراقي، وَأذن لَهُ غير وَاحِد بالإفتاء والتدريس والإقراء بالعادلية ثمَّ مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية ثمَّ مشيخة تربة أم الصَّالح بعد شَيْخه ابْن السلار وَعمل فِيهِ إجلاسا بِحُضُور الْأَعْلَام كالشهاب بن حجي وَقَالَ كَانَ درسا جَلِيلًا، وباشر للأمير قطلوبك وسافر بِسَبَب ذَلِك لمصر غير مرّة، وَولي من برقوق خطابة جَامع التوتة عَن الشهَاب الحسباني وتنازعا ثمَّ قسمت بَينهمَا ثمَّ ولي تدريس الصلاحية القدسية فِي سنة خمس وَتِسْعين عوضا عَن الْمُحب بن الْبُرْهَان بن جمَاعَة فدام فِيهَا إِلَى ابْتِدَاء سنة سبع وَتِسْعين وَوَقع بَينه وَبَين قطلوبك الْمَذْكُور وَادّعى عَلَيْهِ أَنه صرف أَمْوَالًا فِي غير مستحقها وَعقد لَهُ بِسَبَب ذَلِك عدَّة مجَالِس وَولي قبل ذَلِك توقيع الدست فِي سنة تسع وَسبعين، وابتنى بِدِمَشْق لِلْقُرْآنِ مدرسة بل ولي قضاءها بِمَال وعد بِهِ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين عوضا عَن الشّرف مَسْعُود وَكتب توقيعه فِيمَا قيل مِمَّا يحْتَاج لتحرير الْعِمَاد بن كثير وعزل بعد أَيَّام قبل دُخُولهَا ثمَّ امتحن بِسَبَب مُبَاشَرَته تعلقات أيتمش على يَد أستاداره قطلبك وَسلم لوالي الْقَاهِرَة ليعْمَل لَهُ الْحساب فَوقف عَلَيْهِ مَال عجز عَنهُ ففر فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَركب الْبَحْر من إسكندرية وَلحق بِبِلَاد الرّوم)
فاتصل الْمُؤَيد أبي يزِيد بن عُثْمَان صَاحب مَدِينَة برصافأ كرمه وعظمه وأنزله عِنْده بضع سِنِين فنشر علم القراآت والْحَدِيث وانتفعوا بِهِ فَلَمَّا(9/256)
دخل تمر الرّوم وَقتل ابْن عُثْمَان توصل إِلَيْهِ وَدخل مَعَه سَمَرْقَنْد فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ فتحول لشيراز وَنشر بهَا أَيْضا القراآت والْحَدِيث وانتفعوا بِهِ وَولي قضاءها وَغَيرهَا من الْبِلَاد من جِهَة أَوْلَاد تمر مُدَّة طَوِيلَة، ثمَّ قصد الْحَج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين فنهب فِي الطَّرِيق بِحَيْثُ تعوق عَن إِدْرَاك الْحَج وَأقَام بينبع ثمَّ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ دُخُوله لَهَا فِي ربيع الأول من الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ توجه مِنْهَا إِلَى مَكَّة فَدَخلَهَا مستهل رجبها فجاور فِيهَا بقيتها وَحدث فِي كل مِنْهُمَا ثمَّ سَافر مَعَ العقليين طَالبا بِلَاد الْعَجم ثمَّ قدم دمشق فِي سنة سبع وَعشْرين فَاسْتَأْذن مِنْهَا فِي قدوم الْقَاهِرَة فَأذن لَهُ فَقَدمهَا وَاجْتمعَ بالسلطان الْأَشْرَف فَعَظمهُ وأكرمه وتصدى للإقراء والتحديث وَكَانَ كَاتب الْمُؤَيد قبل ذَلِك فِي دُخُولهَا فَمَاتَ الْمُؤَيد فِي تِلْكَ السّنة إِلَى أَن كَانَ دُخُوله الْآن ثمَّ توجه فِيهَا لمَكَّة مَعَ الْحَاج ثمَّ سَافر فِي الْبَحْر لبلاد الْيمن تَاجِرًا فَأَسْمع الحَدِيث عِنْد صَاحبهَا وَوَصله بِحَيْثُ رَجَعَ بِبَضَائِع كَثِيرَة وَعَاد لمَكَّة فحج سنة ثَمَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة فَدَخلَهَا من أول الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ سَافر مِنْهَا على طَرِيق الشَّام ثمَّ على طَرِيق الْبَصْرَة إِلَى شيراز فَكَانَت منيته بهَا قبل ظهر يَوْم الْجُمُعَة خَامِس ربيع الأول سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بمنزله من سوق الإسكافيين مِنْهَا وَدفن بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا هُنَاكَ. وَله تصانيف مفيدة كالنشر فِي القراآت الْعشْر فِي مجلدين والتقريب مُخْتَصره وتحبير التَّيْسِير فِي القراآت الْعشْر والتمهيد فِي التجويد وهما مِمَّا أَلفه قَدِيما وَله سبع عشرَة سنة كَذَلِك نظم الْهِدَايَة فِي تَتِمَّة الْعشْرَة وَسَماهُ الدرة وَله ثَمَان عشرَة سنة وَرُبمَا حفظهَا أَو بَعْضهَا بعض شُيُوخه، وإتحاف المهرة فِي تَتِمَّة الْعشْرَة وإعانة المهرة فِي الزِّيَادَة على الْعشْرَة نظم وطيبة النشر فِي الْقرَاءَات الْعشْر فِي ألف بَيت والمقدمة فِيمَا على قَارِئ الْقُرْآن أَن يُعلمهُ فِي التجويد ومنجد المقرئين وطبقات الْقُرَّاء فِي مُجَلد ضخم وغايات النهايات فِي أَسمَاء رجال القراآت والحصن الْحصين من كَلَام سيد الْمُرْسلين فِي الْأَذْكَار والدعوات غَايَة فِي الِاخْتِصَار وَالْجمع وعدة الْحصن الْحصين وجنة الْحصن الْحصين والتعريف بالمولد الشريف وَعرف التَّعْرِيف مُخْتَصره والتوضيح فِي شرح المصابيح والبداية فِي عُلُوم الرِّوَايَة وَالْهِدَايَة فِي فنون الحَدِيث أَيْضا نظم والأولوية فِي أَحَادِيث الأولية وَعقد اللآلئ فِي الْأَحَادِيث المسلسلة العوالي والمسند الأحمد فِيمَا يتَعَلَّق بِمُسْنَد أَحْمد وَالْقَصْد الأحمد فِي رجال مُسْند أَحْمد والمصعد الأحمد فِي ختم مُسْند أَحْمد)
والإجلال والتعظيم فِي مقَام إِبْرَهِيمُ والإبانة فِي الْعمرَة من الْجِعِرَّانَة والتكريم فِي الْعمرَة من التَّنْعِيم وَغَايَة المنى فِي زِيَارَة منى وَفضل حراء وأحاسن المنن وأسنى المطالب فِي مَنَاقِب عَليّ بن(9/257)
أبي طَالب والجوهرة فِي النَّحْو غير ذَلِك، وَقد ذكره الطاوسي فِي مشيخته وَقَالَ أَنه تفرد بعلو الرِّوَايَة وَحفظ الْأَحَادِيث وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل وَمَعْرِفَة الروَاة الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ لتِلْك النواحي وَأورد أسانيده بالصحيحين وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وبمسانيد الدَّارمِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وبموطأ ملك عَن طَرِيق يحيى بن يحيى وَأبي مُصعب والقعنبي وَابْن بكير وبمصنفات الْبَغَوِيّ وَالنَّوَوِيّ كَمَا سقتها فِي التَّارِيخ الْكَبِير. وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه أَنه حدث بسنن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن أميلة سَمَاعا وبمسند أَحْمد عَن الصّلاح بن أبي عمر سَمَاعا وَأَن من أحسن مَا عِنْده الْكَامِل فِي القراآت لِابْنِ جبارَة، وسَاق سَنَده وَأَنه سمع على ابْن أميلة أمالي ابْن سمعون قَالَ وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ عشارية لَفظهَا من أربعي شَيخنَا الْعِرَاقِيّ وعير فِيهَا أَشْيَاء وَوهم فِيهَا كثيرا وَخرج جُزْءا فِيهِ مسلسلات بالمصافحة وَغَيرهَا جمع أَوْهَامه فِيهِ فِي جُزْء الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين وقفت عَلَيْهِ وَهُوَ مُفِيد وَكَذَا انتقد عَلَيْهِ شَيخنَا فِي مشيخة الْجُنَيْد البلياني من تَخْرِيجه قَالَ وَقد أجَاز لي ولولدي وَكتب فِي الاستدعاء مَا نَصه ونقلته من خطه:
(إِنِّي أجزت لَهُم رِوَايَة كل مَا ... أرويه من سنَن الحَدِيث ومسند)
(وَكَذَا الصِّحَاح الْخمس ثمَّ معاجم ... والمشيخات وكل جُزْء مُفْرد)
(وَجَمِيع نظم لي ونثر وَالَّذِي ... ألفت كالنشر الزكي ومنجد)
(فَالله يحفظهم ويبسط فِي حَيا ... ة الْحَافِظ الحبر الْمُحَقق أَحْمد)
(وَأَنا المقصر فِي الورى العَبْد الفقي ... ر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد)
قَالَ وَكنت لَقيته فِي سنة سبع وَتِسْعين وحرضني على الرحلة إِلَى دمشق وَقد حدثت عَنهُ فِي حَيَاته بكتابه الْحصن الْحصين يَعْنِي بالوجادة فَقَالَ قَالَ صاحبنا فلَان لكَونه لم تكن سبقت لَهُ مِنْهُ إجَازَة وَحصل لَهُ فِي الْبِلَاد اليمنية بِسَبَب ذَلِك رواج عَظِيم وتنافسوا فِي تَحْصِيله وَرِوَايَته، ثمَّ دخل بعد نَيف وَعشْرين وَقد مَاتَ كثير مِمَّن سَمعه فَسَمعهُ الْبَاقُونَ وَأَوْلَادهمْ عَلَيْهِ قَالَ وَلما أَقَامَ بِمَكَّة نسخ بِخَطِّهِ من أول الْمُقدمَة الَّتِي جمعتها أول شرح البُخَارِيّ واستعان بِجَمَاعَة حَتَّى أكملها تحصيلا وَكَانَ أرسل إِلَى صاحبنا التقي الفاسي فِي مَكَّة من شيراز يسْأَله عَن تَعْلِيق)
التَّعْلِيق الَّذِي خرجته فِي وصل تعاليق البُخَارِيّ فاتفق وُصُول كِتَابه وَأَنا بِمَكَّة وَمَعِي نُسْخَة من الْكتاب فجهزتها إِلَيْهِ فجَاء كِتَابه يذكر ابتهاجه وفرحه بهَا وَأَنه شهر الْكتاب بِتِلْكَ الْبِلَاد وَأهْدى إِلَى بعد ذَلِك كِتَابه النشر الْمَذْكُور، قلت وَهُوَ فِي مجلدين وَكتب على كل مُجَلد مِنْهُمَا بِالْإِجَازَةِ لشَيْخِنَا قَالَ وَالْتمس أَن ينشر فِي الديار المصرية(9/258)
وَقدر مَجِيئه هُوَ فنشره وعلما كثيرا ثمَّ أرسل إِلَيّ من شيراز بالمقدمة وَالتَّعْلِيق فألحقت بهما مَا كَانَ تجدّد لي بعد حصولهما لَهُ وَكتب عني شَيْئا من أول مَا علقته متعقبا على جمع رجال مُسْند أَحْمد وَبَالغ فِي اسْتِحْسَان مَا وَقع لي من ذَلِك. قلت حَسْبَمَا أوردته مَعَ كِتَابَته على مجلدي النشر فِي الْجَوَاهِر، قَالَ وَلما قدم الْقَاهِرَة انثال النَّاس للسماع عَلَيْهِ وَالْقِرَاءَة وَكَانَ قد ثقل سَمعه قَلِيلا وَلَكِن بَصَره صَحِيح يكْتب الْخط الدَّقِيق على عَادَته وَلَيْسَ لَهُ فِي الْفِقْه يَد بل فنه الَّذِي مهر فِيهِ القراآت وَله عمل فِي الحَدِيث ونظم وسط، وَوَصفه فِي الإنباء بِالْحَافِظِ الإِمَام الْمُقْرِئ وَقَالَ أَنه لهج بِطَلَب الحَدِيث والقراآت وبرز فِي القراآت وَأَنه كَانَ مثريا وشكلا حسنا وفصيحا بليغا كثير الْإِحْسَان لأهل الْحجاز انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة علم القراآت فِي الممالك، وَقَالَ عَن طَبَقَات الْقُرَّاء أَنه أَجَاد فِيهِ وَعَن النشر أَنه جوده وَعَن الْحصن أَنه لهج بِهِ أهل الْيمن واستكثروا مِنْهُ ثمَّ قَالَ وَذكر أَن ابْن الخباز أجَاز لَهُ واتهم فِي ذَلِك، وقرأت بِخَط الْعَلَاء بن خطيب الناصرية أَنه سمع الْحَافِظ أَبَا إِسْحَق البرهابن سبط ابْن العجمي يَقُول لما رحلت إِلَى دمشق قَالَ لي الْحَافِظ الصَّدْر الياسوفي لَا تسمع مَعَ ابْن الْجَزرِي شَيْئا انْتهى. وَبَقِيَّة مَا عِنْد ابْن خطيب الناصرية أَنه كَانَ يتهم فِي أول الْأَمر بالمجازفة وَأَن الْبُرْهَان قَالَ لَهُ أَخْبرنِي الْجلَال بن خطيب داريا أَن ابْن الْجَزرِي مدح أَبَا الْبَقَاء السُّبْكِيّ بقصيدة زعم أَنَّهَا لَهُ بل وَكتب خطه بذلك ثمَّ بيّنت للممدوح أَنَّهَا فِي ديوَان ابْن قلاقس قَالَ شَيخنَا وَقد سَمِعت بعض الْعلمَاء يتهمه بالمجازفة فِي القَوْل وَأما الحَدِيث فَمَا أَظن بِهِ ذَلِك إِلَّا أَنه كَانَ إِذا رأى للعصريين شَيْئا أغار عَلَيْهِ وَنسبه لنَفسِهِ وَهَذَا أَمر قد أَكثر الْمُتَأَخّرُونَ مِنْهُ وَلم ينْفَرد بِهِ، قَالَ وَكَانَ يلقب فِي بِلَاده الإِمَام الْأَعْظَم وَلم يكن مَحْمُود السِّيرَة فِي الْقَضَاء وأوقفني بعض الطّلبَة من أهل تِلْكَ الْبِلَاد على جُزْء فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثا عشاريات فتأملتها فَوَجَدته خرجها بأسانيده من جُزْء الْأنْصَارِيّ وَغَيره وَأخذ كَلَام شَيخنَا فِي أربعينه العشاريات بفصه فَكَأَنَّهُ عمل عَلَيْهَا مستخرجا بعضه بِالسَّمَاعِ وَأَكْثَره بِالْإِجَازَةِ وَمِنْه مَا خرجه شَيخنَا من جُزْء ابْن عَرَفَة فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن ابْن الخباز بِالْقِرَاءَةِ فَأخْرجهُ ابْن الْجَزرِي عَن ابْن الخباز بِالْإِجَازَةِ. قلت أما إجَازَة)
ابْن الخباز لَهُ فمحتملة فقد كَانَ خَال جده فِيمَا رَأَيْته فِي مشيخة الطاوسي وَأما سَرقَة النّظم فَلم يكن بمدفوع عَن النّظم فكم لَهُ من تصنيف نظما وَكَذَا أوردت من نظمه فِي تَرْجَمَة أبي الْوَلِيد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الشّحْنَة من الذيل على الْقُضَاة شَيْئا من لغز ومطارحات وَمن رجزه فِي أَحْمد بن يُوسُف بن(9/259)
مُحَمَّد السيرجي وَكَذَا من نظمه فِي الِاكْتِفَاء مِمَّا سبق بِمُجَرَّد الِاكْتِفَاء مِنْهُ القيراطي:
(شيطاننا المغوي عَدو فاعتصم ... بِاللَّه مِنْهُ والتجئ وتعوذ)
(وعدوك الأنسي دَار وداده ... تملكه وادفع بِالَّتِي فَإِذا الَّذِي)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا:
(أَلا قُولُوا لشخص قد تقوى ... على ضعْفي وَلم يخْش رقيبه)
(خبأت لَهُ سهاما فِي اللَّيَالِي ... وَأَرْجُو أَن تكون لَهُ مصيبه)
وَكتب فِي إجَازَة لِلشِّهَابِ بن هَاشم وَولده من أَبْيَات:
(وَذَا عَام تسع بعد عشْرين قبلهَا ... ثَمَان مئين فِي ربيع لَدَى مصر)
(ومولدي الْمَزْبُور إِذن وَقَالَهُ ... مُحَمَّد الْمَشْهُور بالجزري ادر)
وَله فِي ختم الشَّمَائِل النَّبَوِيَّة:
(أخلاي إِن شط الحبيب وربعه ... وَعز تلاقيه وناءت مَنَازِله)
(وفاتكم إِن تبصروه بعينكم ... فَمَا فاتكم بِالسَّمْعِ هذي شمائله)
وَكَذَا لَهُ جَوَاب فِيمَا التمسه مِنْهُ ابْن مُوسَى المراكشي بالنظم أودعهُ الفاسي فِي تَرْجَمَة ابْن مُوسَى، وَقد روى لنا عَنهُ خلق مِنْهُم الزين رضوَان والتقي بن فَهد والأبي وَمن لَا يُحْصى كَثْرَة وَفِي الْأَحْيَاء سنة سِتّ وَتِسْعين بِالْقَاهِرَةِ وَكَذَا بِمَكَّة وَغَيرهمَا مِمَّن أَخذ عَنهُ جمَاعَة رَحمَه الله وإيانا. ومدحه النواحي بقوله:
(أيا شمس علم بالقراآت أشرقت ... وحقك قد من الْإِلَه على مصر)
(وَهَا هِيَ بالتقريب مِنْك تضوعت ... عبيرا وأضحت وَهِي طيبَة النشر)
وَهُوَ عِنْد المقريزي فِي عقوده وَقَالَ كَانَ شكلا حسنا فصيحا بليغا لَهُ نظم ونثر وخطب.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْمُحب مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي. /
681 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو بكر الخوافي ثمَّ الْهَرَوِيّ الْحَنَفِيّ وَيعرف بزين وَالِد إِبْرَهِيمُ وإسمعيل وَمُحَمّد الْمَذْكُورين فِي محالهم. / ولد فِي أَوَائِل سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة وَأخذ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ عَن الجلالين فضل الله التبريزي وَأبي طَاهِر أَحْمد الخجندي الْمدنِي والزين الْعِرَاقِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ أربعي النَّوَوِيّ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة والصدر أبي البركات أَحْمد بن نصر الله الْقزْوِينِي وَابْن الْجَزرِي وَأَنَّهُمْ أجازوه برواياتهم ومؤلفاتهم وَأَن لَهُ شُيُوخًا بِمَا وَرَاء النَّهر وخراسان وَالْعراق وأذربيجان وَالشَّام ومصر والحجاز وَكَذَا رَأَيْت الطاوسي سمى فِي شُيُوخه من عيناهم إِلَّا ابْن الْجَزرِي وَقَالَ بَعضهم أَنه أَخذ عَن الشريف الْجِرْجَانِيّ الرضي بحثا وَكَانَ مَعَه خطة بالتبليغات على الْكتاب، وبلغنا أَنه قدم الْقَاهِرَة قَدِيما فَاجْتمع بالزين عبد الرَّحْمَن(9/260)
بن مُحَمَّد الشبريسي وَالْتمس مِنْهُ الصُّحْبَة وتلقين الذّكر فتوقف وَقَالَ لَهُ أَنْت إِمَام فِي الْفُنُون مُتَقَدم فِي الْعُلُوم وَأَنا فَقير درويش، أَو نَحْو هَذَا، وَكرر عَلَيْهِ السُّؤَال والإلحاح غير مرّة وَهُوَ يَأْبَى فَقَالَ لَهُ الزين فَمَا يكون جوابك إِذا وقفت بَين يَدي الله وَقلت لَهُ يَا رب قد سَأَلت هَذَا فِي إرشادي إِلَى الْوُصُول لَك وَالدّلَالَة عَلَيْك فَامْتنعَ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ فَمَا يكون جوابك أَنْت إِذا قيل لَك مَا الَّذِي أردْت بتَعَلُّم المسئلة الْفُلَانِيَّة وَمَسْأَلَة كَذَا وَكَذَا وسرد لَهُ مسَائِل من فنون مُخْتَلفَة فخضع الزين وَقَالَ من أجل هَذَا جئْتُك منسلخا لتسلك بِي الطَّرِيق المرضية فَحِينَئِذٍ لقنه وَأمره بالخلوة فَأَقَامَ فِيهَا أَيَّامًا ثمَّ أخرجه وَأذن لَهُ فِي الْإِرْشَاد والتلقين وسافر الشَّيْخ فَبلغ الزين أَنه حضر بعض السماعات وَلم يكن يرتضي ذَلِك فَغَضب مِنْهُ وراسله يَأْمُرهُ بالتوجه مَاشِيا لبلاده بِقصد التَّأْدِيب فِيمَا فعل فسافر ثمَّ عَاد فَوجدَ الزين قد مَاتَ، وَمن شُيُوخ الزين أَيْضا الَّذين صحبهم الشهَاب البسطامي والتابابادي وشريفا السكندري وَلَقي بإسكندرية فِي ابْتِدَائه الشهَاب أَحْمد الفرنوي فَأخذ عَنهُ وَصَافحهُ كَمَا صافحه أَبُو الْعَبَّاس القوصي عَن مصافحة الملثم عَن معمر الصَّحَابِيّ، وَهَذَا شَيْء لَا يعتمده النقاد والآفة فِي تركيبه مِمَّن فَوق الخوافي وَقد قدم الْقَاهِرَة أَيْضا فِي سنة أَربع وَعشْرين وَأَجَازَ فِي استدعاء ابْن شَيخنَا وَقَالَ لَهُ شَيخنَا:
(قدمت لمصر يَا زين الخوافي ... فوافتها الْأَمَانِي والعوافي)
(وَمَا سرت القوافل مُنْذُ دهر ... بِمثل سري القوادم بالخوافي)
فَأَجَابَهُ الزين بقوله:
(أيا من فاق أهل الْعَصْر فضلا ... وعلما فِي الحَدِيث بالاعتراف)
(تقدس سرك الصافي فأحيا ... من الْآثَار مندرس المطاف)
)
(سَأَلت الله أَن يبقيك حَتَّى ... تفيض على القوادم والخوافي)
ومدحه ابْن الْجَزرِي بِمَا سَيَأْتِي فِي مَنْصُور بن الْحسن وتلقن مِنْهُ الذّكر بِالْقَاهِرَةِ فِي هَذِه السّنة غير وَاحِد كالأمين الأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ وَكَذَا صَحبه فِي غَيرهَا الْجمال المرشدي الْمَكِّيّ وجمال بن جلال النيربزي والطاوسي وَقَالَ إِنَّه قَرَأَ عَلَيْهِ نظمه الْفَارِسِي فِي آخَرين كالسيد الصفي الإيجي وَأَجَازَ لِابْنِ أَخِيه الْعَلَاء بن السَّيِّد عفيف الدّين، وَذكره التقي بن فَهد فِي الكنى من مُعْجَمه وبيض لَهُ. وَدخل الشَّام وحلب وَبَيت الْمُقَدّس وَغَيرهَا، وَحج وتلمذ لَهُ خلائق وَصَارَ لَهُ صيت وشهرة. قَالَ النقي بن قَاضِي شُهْبَة: اجْتمعت بِهِ فرأيته شَيخا كَبِيرا ابْن ثَمَانِينَ سنة وَهُوَ بِبِلَاد تيمور(9/261)
وَله بِالطَّرِيقِ عَن بِلَاده سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَهُوَ عَالم كَبِير جليل الْمِقْدَار ذُو عُلُوم كَثِيرَة، وَقَالَ الْعَلَاء القابوني البُخَارِيّ أَنه سَأَلَ عَن مسئلة من مشكلات الْعَرَبيَّة فَتكلم فِيهَا أحسن كَلَام. وَقَالَ الْجمال يُوسُف العجمي نزيل دمشق أَنه فِي الْعلم كالعلاء البُخَارِيّ وَلكنه يمِيل إِلَى الدُّنْيَا وَذكر أَن شاه رخ بن تمر قَالَ لَهُ حج فِي الْبَحْر أسهل عَلَيْك فَقَالَ أُرِيد أَن أَزور بِلَاد الشَّام وَمن بهَا من الصَّالِحين وَالْعُلَمَاء أَحيَاء وأمواتا فَإِنَّهُ لَيْسَ وَرَاء الْفُرَات قبر نَبِي انْتهى. وَقَوله يمِيل إِلَى الدُّنْيَا لَيْسَ يجيد بل هُوَ بعيد عَن ذَلِك وَقد أَزَال فِي هَذِه السفرة مَا كَانَ يتَوَقَّع من الشَّرّ بَين إسكندر صَاحب تبريز وشاه رخ بن تمر حِين دُخُول الشَّيْخ تبريز فِي حِكَايَة طَوِيلَة فِيهَا لَهُ كَرَامَة. وَعمر حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم السبت غرَّة شَوَّال سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَرَأَيْت من أرخه فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث رَمَضَان من الَّتِي بعْدهَا بهراة فِي الوباء الْحَادِث بهَا وَأبْعد جدا من قَالَ أَنه جَاءَ الْخَبَر لدمشق بوفاته فِي سنة خمسين رَحمَه لله ونفعنا بِهِ.
682 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَمِين الدّين المنصوري نِسْبَة للمنصورية بالبيمارستان الْحَنْبَلِيّ ابْن ربيب الشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الله الأئميدي الْمَاضِي وَيعرف بأمين الدّين بن الحكاك. /
ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ تَقْرِيبًا وَسمع وَهُوَ صَغِير مَعَ الإئميدي على ابْن بردس وَابْن الطَّحَّان بِحَضْرَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وَكَذَا سمع على الْمُحب بن نصر الله وَرُبمَا كَانَ يجلسه حِين السماع على فَخذه أَو نَحوه، وَحفظ الْمقنع فِي الْفِقْه ومختصر الطوفي فِي الْأُصُول وألفية ابْن ملك وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم شَيخنَا وَأخذ فِي الْفِقْه عَن ابْن الرزاز والبدر الْبَغْدَادِيّ وزوجه ابْنة الْجمال بن هِشَام والعز الْكِنَانِي واستنابه وَذَلِكَ بعد أَن تكسب بِالشَّهَادَةِ والتوقيع وتميز فِيهَا، وتنزل فِي الْجِهَات وَرجحه الْبَدْر قاضيهم غير مرّة فِي الْفَهم وَالْفُرُوع على سَائِر جماعته مَعَ)
استحضار كِتَابه وتودد وأدب وهيئة وخبرة بالحشمة وإسراف فِيمَا قيل على نَفسه وَلَكِن أَخْبرنِي بَعضهم بتوبته قبيل مَوته تعلل مُدَّة ثمَّ مَاتَ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ فِي صفر سنة سِتّ وَتِسْعين بعد أَن أنشأ دَارا بالدرب المواجه لحمام ابْن الكويك بِالْقربِ من رَأس حارة زويلة وَصلي عَلَيْهِ برحبة مصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن بتربة قَرِيبا مِنْهَا تجاه تربة الرقاقية وتأسف كَثِيرُونَ عَلَيْهِ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْعِمَاد. / يَأْتِي فِيمَن لم يسم أَبوهُ ثَالِث المحمدين.
683 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن قوام بن عَليّ بن قوام الْبَدْر ابْن أبي عبد الله بن الإِمَام أبي عبد الله بن أبي حَفْص ابْن الْقدْوَة أبي بكر البالسي الأَصْل الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي وَيعرف بِابْن قوام. / ولد فِي تَاسِع عشر جُمَادَى(9/262)
الأولى سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمع عَليّ الحجار وَإِسْحَق بن يحيى الأمدي والمزي وَابْن المهندس والنجمين ابْن هِلَال والعسقلاني وَعبد الْقَادِر بن عبد الْعَزِيز الأيوبي وَزَيْنَب ابْنة ابْن الخباز ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: الشَّيْخ الْمسند الْكَبِير لَقيته بزاوية جده فِي صالحية دمشق وَكَانَ خيرا فَاضلا من بَيت كَبِير حصل لَهُ فِي سَمعه ثقل فَقَرَأَ عَلَيْهِ كلمة كلمة كالأذان وَكُنَّا نتحقق تسميعه تَارَة بِصَلَاتِهِ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتارَة بترضيه على الصَّحَابَة وَنَحْو ذَلِك وَكَانَ تفرد بِرِوَايَة الْمُوَطَّأ لأبي مُصعب بِالسَّمَاعِ الْمُتَّصِل مَعَ الْعُلُوّ فقرأناه وَغَيره عَلَيْهِ وَأُصِيب فِي الكائنة الْعُظْمَى بِدِمَشْق فَاحْتَرَقَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث رَحمَه الله. قلت روى لنا عَنهُ بِالسَّمَاعِ سوى شَيخنَا جمَاعَة وَآخر من يرْوى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ حفيد الْجمال يُوسُف العجمي وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأسْقط من نسبه مُحَمَّدًا على جاري أَكثر عوائده.
684 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن رسْلَان فتح الدّين أَبُو الْغَيْث وَأَبُو الْفَتْح بن التقي أبي الْيُسْر بن الْبَدْر أبي الْيمن بن السراج البُلْقِينِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو الولوي أَحْمد الْمَاضِي لِأَبِيهِ وَيعرف بلقبه وَأمه تركية اسْمهَا مغل فتاة الْجلَال البُلْقِينِيّ أم ابْنَته زَيْنَب. / ولد فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا فِي حارة بهاء الدّين وَنَشَأ بهَا يَتِيما فِي كَفَالَة أَخِيه فحفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَغَيرهَا وَعرض فِي سنة خمسين فَمَا بعْدهَا على شَيخنَا والأمين الأقصرائي والبدرين ابْن التنسي والبغدادي الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين مِنْهُم الشهَاب السيرجي والسراج الْحِمصِي واشتغل يَسِيرا عِنْد أَخِيه وَعم وَالِده الْعلم البُلْقِينِيّ وكريم)
الدّين العقبي وَآخَرين وَسمع على شَيخنَا وَابْن ابْن عَمه الزين شعْبَان وَجَمِيع من كَانَ فِي ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَجَمَاعَة وخطب أَحْيَانًا بِجَامِع المغربي وَكَانَ ظريفا لطيفا ذكيا حسن الْعشْرَة وَالْبزَّة فِي ملبسه ومشيه غير متصون وَقد تزوج ابْنة الْكَمَال السُّيُوطِيّ وَابْنَة قراجا وَغَيرهمَا وَمَا نتج فِي ذَلِك وَكَذَا عقد على ابْنة أبي الْبَقَاء بن الْعلم وَلكنه لم يدْخل بهَا واستمرت فِي عصمته حَتَّى مَاتَ وَأخذ جدها لَهُ من تركته حَقّهَا اسْتِيفَاء أَو مصالحة. وَكَانَت وَفَاته فِي صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بِمَكَّة فَإِنَّهُ كَانَ توجه إِلَيْهَا مَعَ أختيه شَفَتَيْه وَأُخْته لأمه فِي موسم الَّتِي قبلهَا فحج ثمَّ لم يلبث أَن مَاتَ وَصلي عَلَيْهِ عِنْد بَاب الْكَعْبَة ثمَّ دفن بالمعلاة فِي تربة النويريين رحم الله شبابه وعوضه الْجنَّة.
685 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أَحْمد النَّجْم بن الشّرف بن النَّجْم بن السراج الْقرشِي الطنبدي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده(9/263)
وَيعرف كسلفه بِابْن عرب. / ولد فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على النُّور البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر بل تلاه على الشهَاب ابْن أَسد مَعَ قِرَاءَة حُرُوف القراآت الْعشْر أصولا وفرشا بِمَا تضمنه النشر لِابْنِ الْجَزرِي وَبِمَا وَافق ذَلِك من كتب الْفَنّ مَعَ أَخذ الشاطبية قِرَاءَة وسماعا وَغير ذَلِك وَحفظ الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والحاجبية، وَعرض فِي سنة خمسين على جمَاعَة مِنْهُم شَيخنَا بل سمع عَلَيْهِ وَأخذ الْفِقْه عَن البوتيجي وَالْعلم البُلْقِينِيّ فِي آخَرين ولازم الشرواني فِي الْأَصْلَيْنِ والمنطق وآداب الْبَحْث وَغَيرهَا وَكَذَا لَازم الشمني حَتَّى أَخذ عَنهُ حَاشِيَته على الْمُغنِي وَغَيرهَا كالأصلين وَالتَّفْسِير والمعاني وَالْبَيَان والتقي الحصني فِي المطول وَغَيره والأبدي فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَكَذَا الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ فِي عُلُوم كَثِيرَة وَأخذ أَيْضا عَن الْمحلي والكريمي وَابْن الْهمام والكافياجي وَمِمَّا أَخذه عَنهُ مُؤَلفه فِي كلمة التَّوْحِيد وَأبي الْفضل المغربي فِي الْعرُوض فِي آخَرين كَأبي السعادات البُلْقِينِيّ فَإِنَّهُ حضر عِنْده فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَعبد الْمُعْطِي المغربي فَإِنَّهُ حضر عِنْده بِمَكَّة فِي التصوف وَسمع فِي البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة، وتميز وَأذن لَهُ غير وَاحِد فِي الإقراء مِنْهُم البُلْقِينِيّ فَإِنَّهُ بعد وَصفه لَهُ بالشيخ الْفَاضِل الْعَالم المفنن مُفِيد الطالبين وَبَين مَا أَخذه عَنهُ قِرَاءَة وسماعا أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ والعز عبد السَّلَام بعد أَن بَين مَا قَرَأَهُ وسَمعه عَلَيْهِ من الْعَرَبيَّة وَالصرْف والمنطق والمعاني وَالْبَيَان والأصلين وَالتَّفْسِير أذن لَهُ فِي تدريسها)
وإقرائها لمن أحب ثِقَة بفهمه واعتمادا على ذكائه وفطنته وَذَلِكَ فِي رَجَب سنة خمس وَخمسين وَأذن لَهُ بن أَسد فِي الإقراء وأرخ ذَلِك فِي سنة سبعين وناب فِي الْقَضَاء عَن أبي السعادات فَمن بعده وَلكنه لم يتَوَجَّه لذَلِك وَكَذَا أَقرَأ الطّلبَة قَلِيلا وَرُبمَا أفتى وَحج فِي سنة إِحْدَى وَخمسين مَعَ الرجبية ثمَّ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين كَذَلِك صُحْبَة الزيني بن مزهر ثمَّ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ صُحْبَة وَلَده موسميا وزار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَدخل الشَّام وَغَيرهَا وَعظم اخْتِصَاصه بِابْن مزهر وَانْقطع إِلَيْهِ وَأدْخلهُ فِي أوقافه وَهُوَ من قدماء أَصْحَابه وترتب لَهُ بواسطته أَشْيَاء وَسكن بمدرسته لما انْتَهَت وَاسْتقر فِي تدريس التَّفْسِير بهَا بعد الكوراني صَاحبه وتمول مَعَ عقل وتودد ظَاهر وانطراح وامتهان لنَفسِهِ وإلمام بلعب الشطرنج وَعِنْده من تصانيفي اشياء وكتبت عَنهُ من نظمه:
(أيا ندمي كم قَبِيح صنعت ... وَكم من ملاه بهَا الْقلب لاهي)
(وَلَيْسَ ادخرت لمحو الذُّنُوب ... سوى حسن ظن بِعَفْو الله)(9/264)
686 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أَحْمد حفيد الْجمال الْقرشِي الطنبدي القاهري وَيعرف بِابْن عرب / قريب الَّذِي قبله. ولد سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة وناب عَن الْعلم البُلْقِينِيّ فَمن بعده.
687 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن وجيه عَزِيز الدّين بن الْجلَال بن فتح الدّين بن السراج الشيشيني الْمحلي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده والآتي وَلَده الْجلَال مُحَمَّد. / ولد سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَكَفَلَهُ جده وَحفظه الْقُرْآن والتنبيه وَعرض على جمَاعَة واشتغل على جده والشهاب العجيمي وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيرهم، وَحج وناب فِي الْمحلة ثمَّ اسْتَقل بهَا أشهرا فِي أَيَّام الْمَنَاوِيّ وَاقْتصر على النِّيَابَة بأماكن هُنَاكَ إِلَى أَن تَركهَا لوَلَده حِين كف، وَذكر بِمَعْرِِفَة الصِّنَاعَة مَعَ فَضِيلَة بِالْجُمْلَةِ واستمرار للتلاوة ولجزء من كِتَابه، وَقدم وَهُوَ كَذَلِك الْقَاهِرَة فَنزل عِنْد ابْن عَمه الشهَاب الشيشيني فدام أشهرا ثمَّ مَاتَ فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَدفن بحوش البيبرسية عِنْد أَقَاربه رَحمَه الله.
688 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر خير الدّين أَبُو الْخَيْر بن السّري بن الصَّدْر القاهري الْمَالِكِي وَهُوَ بكنيته أشهر وَيعرف بِابْن الغاني نِسْبَة لغانة مَدِينَة بالتكرور ابْن عَم الْعِزّ التكروري. / ولد أول الْقرن وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والواسطي المسلسل وجزء الْأنْصَارِيّ)
وعَلى الثَّانِي فَقَط جُزْء ابْن عَرَفَة وعَلى ابْن بردس وَابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة بعض أبي دَاوُد وعَلى الْجمال بن جمَاعَة الْقُدسِي وَغَيره مَعنا وَقَبلنَا بل كَانَ يزْعم أَنه سمع قَدِيما وَلَكِن فِي قَوْله توقف نعم رَأَيْت وَالِده فِي طبقَة السماع على ابْن أبي الْمجد وَكَانَ هَذَا يَنُوب فِي الْحِسْبَة خَارج بَاب الشعرية وَتلك النواحي وَله بِبَيْت ابْن البرقي خلْطَة وَكَذَا بغيرهم مَاتَ عَن سنّ عالية بعد توعك طَوِيل فِي لَيْلَة الْخَمِيس تَاسِع عشرى الْمحرم سنة تسع وَثَمَانِينَ وَورثه ابْن عَمه الصَّدْر الغاني وَلم يلبث أَن مَاتَ بِمَكَّة وَكَانَا مَعًا ورثا الْعِزّ التكروري رَحِمهم الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
689 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد ان مُحَمَّد ان عمر الشَّمْس العجلوني الاصل الطَّبَرَانِيّ ثمَّ الدشقي الشَّافِعِي الاحمدى نسبه لسيدى احْمَد البدوي شيخ فُقَرَاء / بِدِمَشْق مِمَّن سمع منى فِي ربيع الاول سنة ثَلَاث وَتِسْعين المسلسل وغبره.
690 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر نَاصِر الدّين حفيد الصّلاح الطوري. / سمع على جده ثلاثيات الدَّارمِيّ وَحدث بهَا فِي سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة سَمعهَا مِنْهُ مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن عناش الْقُدسِي وَغَيره.
691 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَيَّاش. / مَاتَ سنة سبع عشرَة.(9/265)
692 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن خضر الشَّمْس بن الشَّمْس بن الْبَهَاء ابْن الشّرف الأربلي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بالأحمدي / لاعْتِقَاده فِي سَيِّدي أَحْمد البدوي. مِمَّن لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَهُوَ مجاور فَسمع مني المسلسل وعَلى عدَّة ختوم كالبخاري وَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه والشفا ومؤلفاتي فِي ختومها وَقَرَأَ عَليّ حَدِيث الْأَعْمَال وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ الحَدِيث على الشهَاب بن قرا والزين بن الشاوي والناجي بل قَرَأَ فِي الْمِنْهَاج على الأول والبلاطنسي ومفلح الضَّرِير وَآخَرين وتكسب بِالشَّهَادَةِ بِرَأْس الْقُنُوت ظَاهر بَاب الْجَابِيَة، وَحج غير مرّة.
693 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقسم النُّور بن أبي عبد الله المزجاجي الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ وَالِد الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَأَبوهُ. / كَانَ صَالحا. مَاتَ سنة خمس وَخمسين. أوردهُ الْكَمَال الذوالي فِي تَرْجَمَة جده من صلحاء الْيمن.
694 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قلبة بِفَتَحَات الشَّمْس الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمَكِّيّ صَاحب الْحمام الشهير بِمَكَّة والمتكلم على البيمارستان بهَا وَيعرف بِابْن قلبة. / أثنى عَلَيْهِ عِنْدِي الْوَاعِظ يحيى الْغَزِّي وَوَصفه بِأبي الْفُقَرَاء والأيتام وخاتمة سماسرة الْخَيْر وَأَنه كَانَ ذَا مَال لَيْسَ بالكثير بل بورك لَهُ فِيهِ وَلكنه لما مَاتَ وجدت عَلَيْهِ دُيُون طابقها مخلفه سَوَاء وَهُوَ ألف دِينَار. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَسبعين وَتكلم على البيمارستان بعده إِبْرَهِيمُ الْعِرَاقِيّ.
695 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قوام قوام الدّين بن قوام الدّين الرُّومِي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بلقبه. / ولد سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فَأخذ الْفِقْه عَن الرُّكْن دُخان وَغَيره والنحو عَن الْعَلَاء العابدي الْحَنَفِيّ وَالْأُصُول عَن الْعَلَاء البُخَارِيّ وَقيل أَنه سمع البُخَارِيّ من عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وبرع فِي الْفُنُون وتصدى للإفادة والإفتاء وَولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق مسئولا بِدُونِ إرشاء غير مرّة فحمدت سيرته، وَكَانَ ذَا همة عالية وَنَفس أبيَّة من خِيَار الْقُضَاة وسروات النَّاس عقلا ودينا وتواضعا وكرما وَمن محَاسِن دمشق. مَاتَ مصروفا عَن الْقَضَاء فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَخمسين بمنزله تَحت قبَّة سيار غربي صالحية دمشق وَصلي عَلَيْهِ بِبَاب منزله وَدفن تجاهه وَكَانَت جنَازَته حافة جدا وَكثر الدُّعَاء لَهُ والتأسف عَلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا.
696 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن عبد الْمجِيد بن عبد الظَّاهِر بن أبي الْحُسَيْن بن حَمَّاد بن دُكَيْن القَاضِي تَاج الدّين بن فَخر الدّين الحصني المنفلوطي وَيعرف بِابْن فَخر الْقُضَاة. / ولد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بمنفلوط وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن(9/266)