سنة أَربع وَخمسين وَحدث وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وقرأت عَلَيْهِ بِمَكَّة أَشْيَاء وشكرت سيرته فِيمَا تكلم فِيهِ. مَاتَ فِي مغرب لَيْلَة الْأَحَد سَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ رَحمَه الله وَهُوَ وَالِد زَيْنَب وَفَاطِمَة أم عبد الْغَنِيّ وَعلي ابْني أبي بكر المرشدي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شمس النُّور الْعَسْقَلَانِي الأَصْل ثمَّ الْغَزِّي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن شمس. مِمَّن قَرَأَ على الْبَدْر بن الديري وَالصَّلَاح الطرابلسي فِي الْفِقْه وعَلى الْبُرْهَان بن أبي شرِيف فِي النَّحْو وعَلى الْبَدْر بن المارداني فِي الْفَرَائِض والحساب والميقات وَنَحْوهَا وعَلى الديمي البُخَارِيّ وَسمع مني المسلسل وَغَيره وأنشدني من نظمه مُخَاطبا لي وَكتبه بِخَطِّهِ:
(مَلَأت جَمِيع الأَرْض فضلا ومنة ... وفاز مُرِيد تَحت ظلك يمْكث)
(وَهَذَا حَدِيث عَنْك قد صَحَّ نَقله ... وَمثلك عَن كل الورى لَا يحدث)
وَقَالَ لي إِنَّه ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن حيدرة بن عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى ابْن عبد الْجَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد نور الدّين بن الْمُحب بن الْعِزّ الدجوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي حفيد عَم الْحَافِظ التقي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن سمع عَلَيْهِ وعَلى الصّلاح الزفتاوي والتنوخي والحلاوي والسويداوي والأبناسي والغماري والزين المراغي وَابْن الشيخة والمطرز فِي آخَرين واشتغل يَسِيرا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أجَاز لي وَكَانَ سَاكن الْحَرَكَة مباشرا بالبيبرسية. مَاتَ فِي منتصف الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين وَدفن بتربتهم وَهُوَ قريب عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حيدرة الْمَاضِي رحمهمَا الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن حسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الشَّيْخ أبي عبد الله مُحَمَّد بن جمَاعَة بن عبد الله الْهِلَالِي الناصري السقاء وجده الْأَعْلَى قيل إِنَّه كَانَ يُقَال لَهُ الْعُرْيَان مِمَّن)
أَخذ عَنهُ أَبُو الْقسم عبد الْعَزِيز المعربي الْمَالِكِي المراغي وَمَات فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة. كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يسْقِي المَاء بالكوز كأبيه وللعامة فيهمَا اعْتِقَاد فشاع بَينهم أَنه رؤى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول لشخص سلم على عَليّ السقا أَو اطلب مِنْهُ الدُّعَاء أَو نَحْو هَذَا وَلم يلبث أَن وَقع فَكسرت بعض أَعْضَائِهِ فتداوى ثمَّ وَقع ثَانِيًا ثمَّ ثَالِثا إِلَى أَن امْتنع من الْحَرَكَة وَصَارَ لَا ينْهض لغير الْقعُود وَظهر على وَجهه نور فتزايد اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ وهرعوا لزيارته وَطلب الدُّعَاء مِنْهُ واشتهر بالشيخ على السطيح وَهُوَ صابر شَاكر عَارِف بِهَذِهِ النِّعْمَة وَيُقَال أَنه كَانَ قد قَرَأَ الْقُرْآن أَو أَكْثَره وَحفظ من مجَالِس الْخَيْر بعض الْأَحَادِيث وَعرف بِالْخَيرِ. مَاتَ فِي يَوْم(5/282)
الْأَحَد سَابِع رَمَضَان سنة سِتّ وَسبعين وَحمل نعشه من قريب سويقة عُصْفُور إِلَى أَن دخلُوا بِهِ من بَاب الْفرج من ظَاهر المؤيدية حَتَّى انْتَهوا بِهِ لجامع الْأَزْهَر فَتقدم الزين زَكَرِيَّا للصَّلَاة عَلَيْهِ ثمَّ توجهوا بِهِ حَتَّى دفن بتربة الْأَشْرَف قايتباي فَكَانَ أول من دفن بهَا مِمَّن ينْسب إِلَى الْخَيْر رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله نور الدّين الأسفاقسي الْغَزِّي الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن الصّباغ. ولد من ذ الْحجَّة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والرسالة فِي الْفِقْه ابْن مَالك وعرضهما على الشريف الرَّحْمَن الفاسي وَعبد الْوَهَّاب بن الْعَفِيف اليافعي وَالْجمال ابْن ظهير وقربيه أبي السُّعُود النَّوَوِيّ وَعلي بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشيبي وَمُحَمّد ابْن سُلَيْمَان بن أبي بكر الْبكْرِيّ، وَأَجَازَ لَهُ وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أَوَّلهمْ والنحو عَن الْجلَال عبد الْوَاحِد المرشدي وَسمع على الزين المراغي سداسيات الرَّازِيّ وَكتب بِخَط الْحسن وباشر الشَّهَادَة مَعَ إشراف على نَفسه لكنه كَانَ سَاكِنا مَعَ القَوْل بِأَنَّهُ تَابَ وَله مؤلفات مِنْهَا الْفُصُول المهمة لمعْرِفَة الْأَئِمَّة وهم اثْنَا عشر والعبر فِيمَن شفه النّظر، أجَاز لي. وَمَات فِي ذِي الْقعدَة وَخمسين وَدفن بالمعلاة سامحه الله وإيانا.
لعي بن مُحَمَّد بن أَحْمد ب نعْبد المحسن بن مُحَمَّد نور الدّين الْكِنَانِي الزفتاوي الْمصر الْمصْرِيّ الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. مَاتَ قبله بِمدَّة، وَصفه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ بِالْعلمِ والفضيلة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ضوء الْعَلَاء بن الْكَمَال بن الشهَاب الصَّفَدِي الأَصْل الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ والماضي جده وَيعرف كسلفه بِابْن النَّقِيب. ولد سنة عشرَة وَثَمَانمِائَة وَولي مشيخة التنكرية وَغَيرهَا بعد أَبِيه. وَمَات فِي يَوْم السبت عشري جُمَادَى الثَّانِيَة)
سنة ثَمَانِينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن حجر نور الدّين أَبُو الْحسن بن الْبَدْر أبي الْمَعَالِي ابْن شَيخنَا الْأُسْتَاذ الشهَاب أبي الْفضل بن حجر. ولد فِي لَيْلَة السبت ثَانِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة كَمَا أرخه جده فِي إنبائه ودعا لَهُ بقوله أنشأه الله صَالحا فِي دينه، وَنَشَأ فِي كشف أَبَوَيْهِ فِي غَايَة من الرَّفَاهِيَة وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد باستدعاء طلبة جده بل أحضر مجلسة وَتردد لَهُ الْفَقِيه جَعْفَر الشنهوري الْمَاضِي للتعليم وَغَيره، وَحج مَعَ أَبَوَيْهِ وجاور ورزق عدَّة أَوْلَاد وَلَيْسَ لَهُ تَدْبِير وَلَا قيض لَهُ من يدبره ففسد حَاله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْملك صير الدّين بن الْملك سعد الدّين بن أبي البركات ملك الْمُسلمين بِالْحَبَشَةِ ووالد مُحَمَّد الْآتِي. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه(5/283)
وَقَالَ أَنه ملك بعد أَبِيه وَجَرت لَهُ مَعَ كفرة الْحَبَشَة عدَّة وقائع وَكَانَ شجاعا حَتَّى قيل أَنه زحر فرسه فِي بعض الوقائع وَقد هَزَمه الْعَدو فوصل إِلَى نهر عرضه عشرَة أَذْرع فَقطع النَّهر وَنَجَا وَكَانَ عِنْده أَمِير يُقَال لَهُ حَرْب جوس من الْأَبْطَال. مَاتَ مبطونا فِي سنة خمس وَعشْرين وَاسْتقر بعده أَخُوهُ مَنْصُور.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْعَلَاء بن الحطابي الْحَنَفِيّ. سمع على ابْن الْجَزرِي ثمَّ شَيخنَا وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ رَفِيقًا لِابْنِ حسان وَغَيره شرح النخبة وَتَخْرِيج الْهِدَايَة والمتباينات كلهَا لَهُ وعَلى الْمجد الْبرمَاوِيّ كثيرا من سيرة ابْن هِشَام وَأَجَازَ لَهُ الْمُحب بن نصر الله والمقريزي والكلوتاتي، وَكَانَ ظريفا فَاضلا قَرَأَ على القَاضِي سعد الدّين فِي الوافي والكنز وَغَيرهمَا وَحضر عِنْده فِي الْهِدَايَة ورافقه فِي بعض ذَلِك أَبُو الْخَيْر بن الْفراء بل أَظُنهُ مِمَّن انْتفع بِهِ.
مَاتَ بعد الْأَرْبَعين.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الأقواسي. يَأْتِي بِدُونِ عَليّ قَرِيبا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْمَكِّيّ الْعَطَّار وَيعرف بالحجاري. سمع فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ مَعَ ابْن فَهد على ابْن الطَّحَّان وَغَيره وتكرر دُخُوله لمصر وَالشَّام وَغَيرهمَا.
عَليّ بن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الْحلَبِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن أبي جَعْفَر. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل قَلِيلا وَسمع وَلم ينجب بل ضيع وجاهة بَيتهمْ وناب فِي الْقَضَاء. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين بحماة وَدفن بهَا وَقد زَاد على الْخمسين.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر نور الدّين بن التَّاج بن الشهَاب بن الزَّاهِد سبط الْفَقِيه)
السعودي أمه خَدِيجَة ابْنة عَائِشَة ابْنة الْفَقِيه.
عَليّ الْأَصْغَر بن القَاضِي عز الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الْهَاشِمِي النويري الْمَكِّيّ. ولد سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَمَات بهَا صَغِيرا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر بن زيد بن أبي إِبْرَاهِيم مُحَمَّد الممدوح الزين أَبُو الْحسن الحسني سبط الزين عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ من بَيت لَهُم جلالة وشهرة. كَانَ إنْسَانا حسنا لطيفا حسن الْأَخْلَاق كَرِيمًا بَاشر الْإِنْشَاء بحلب سِنِين وعد فِي الْأَعْيَان بِحَيْثُ عين لنظر الْجَيْش بهَا وَلما عاقب التتار النَّاس أمسكوه وملئوا سطل نُحَاس من المَاء وَالْملح ليسقوه إِيَّاه وشرعوا فِي ربطه فجَاء ثَوْر فشربه فِي لَحْظَة فتعجبوا وأطلقوه وَلم يعاقبوه. وَمَات بعد ذَلِك بِيَسِير بريحا فِي سنة ثَلَاث(5/284)
وَنقل إِلَى حلب فَدفن عِنْد أجداده وأقاربه بمشهد الْحُسَيْن. ذكره ابْن خطيب الناصرية وَتَبعهُ شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْكَمَال عَليّ بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن عبد الظَّاهِر بن الْكَمَال عَليّ بن عبد الله الْكَمَال الحسني الأخميمي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف هُنَاكَ بِابْن عبد الظَّاهِر. مِمَّن اشْتغل ولازم زَكَرِيَّا وَأخذ عني أَشْيَاء من جُمْلَتهَا مسلسل الْعِيد فِي يَوْم عيد الْفطر سنة خمس وَتِسْعين وتنزل فِي الْجِهَات كسعيد السُّعَدَاء والجيعانية وَهُوَ إِنْسَان سَاكن خير.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عماد نور الدّين الدمنهوري الأَصْل الْمَكِّيّ الْعَطَّار هُوَ ووالده. صاهر عبد الْعَزِيز بن عَليّ الدقدوقي على ابْنَته وأولدها مُحَمَّدًا. مَاتَ بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْعَلَاء بن الْبَدْر الْمصْرِيّ الأَصْل الفوي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن الْخلال بِمُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثمَّ لَام مُشَدّدَة. ولد بفوة وَنَشَأ يَتِيما فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَعرض واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والغربية وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه الزين زَكَرِيَّا والجوجري وَابْن قَاسم والبكري والْعَلَاء الحصني وتميز فِي الْفَضَائِل وَأخذ عني الألفية وَغَيرهَا بحثا وكتبت لَهُ إجَازَة بديعة مرّة بعد أُخْرَى وَكَذَا أذن لَهُ غير وَاحِد فِي التدريس والإفتاء، وَحج وخطب بِجَامِع ابْن نصر الله بفوة بل نَاب فِي الْقَضَاء عَن الزين)
زَكَرِيَّا فِي دمنهور وَغَيرهَا مَعَ سُكُون ولطف ذَات وَمَا كنت أحب لَهُ الْقَضَاء بل سَمِعت من يتَكَلَّم فِي جَانِبه فَإنَّا لله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَطاء الله بن عواض النُّور أَبُو الْحسن بن الشَّمْس أبي أَحْمد بن القَاضِي نَاصِر الدّين أبي الْعَبَّاس الْقرشِي الْأَسدي الزبيرِي السكندري الأَصْل القاهري الْمَالِكِي ابْن أخي الْبَدْر مُحَمَّد بن أَحْمد وشقيق الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي أمهما ابْنة قَاضِي الْقُضَاة الْجمال بن خير وَيعرف كسلفه بِابْن التنسي. ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والرسالة وألفية ابْن مَالك والخزرجية وَالْغَالِب من كل من مختصري ابْن الْحَاجِب الفرعي والأصلي والشذور وَبَعض الشاطبية، وَعرض على الزينين عبَادَة وطاهر وَغَيرهمَا وعَلى الثَّانِي جود الثُّلُث الأول من الْقُرْآن بل أَخذ عَنهُ وَعَن أبي الْقسم النويري والأبدي وَأبي الْفضل المغربي الْفِقْه وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ أَكثر من بعض وَأخذ أُصُوله عَن الثَّانِي وَالثَّالِث فَقَرَأَ على أَولهمَا شَرحه لتنقيح الْقَرَافِيّ وعَلى ثَانِيهمَا فِي الْعَضُد(5/285)
وَكَذَا أَخذ فِي الْعَضُد أَيْضا بِقِرَاءَة الشهَاب بن الصَّيْرَفِي عَن الشرواني وَعنهُ وَعَن الشمني أَخذ أصُول الدّين وَكَذَا عَنْهُمَا وَعَن الأبدي والخواص أَخذ الْعَرَبيَّة وَعَن الشمني فَقَط والكافياجي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعَن الشمني وَحده عُلُوم الحَدِيث ودأب فِي التَّحْصِيل وَقَرَأَ أَيْضا فِي الْفَرَائِض وَالْعرُوض والمنطق وَغَيرهَا وَأخذ القطب عَن التقي الحصني وَسمع الحَدِيث على شَيخنَا والزين الزَّرْكَشِيّ وَفِي البُخَارِيّ بالظاهرية على الْجَمَاعَة وَكَذَا بالكاملية فِيمَا ذكر، وَحج فِي سنة خمسين وَسمع هُنَاكَ على أبي الْفَتْح المراغي فِي مُسلم وَلم يمعن من ذَلِك جَريا على عَادَة كثيرين، وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل بعد ذَلِك وَدخل الشَّام وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة والبراعة فَلَمَّا مَاتَ عَمه اسْتَقر فِي تدريس الْفِقْه بالجمالية عوضا عَنهُ بعد مُنَازعَة من الْقَرَافِيّ فِيهِ وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس الْفِقْه بِجَامِع ابْن طولون بعد الحسام بن حريز وناب فِي الْقَضَاء عَن الولوي السنباطي فَمن بعده لَكِن بِأخرَة ترفع عَن تعاطيه وتصدى للإقراء وقتا وَقسم بعض كتب مذْهبه كالمختصر والرسالة وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَرُبمَا كتب على الْفَتْوَى ولمامات المحيوي بن عبد الْوَارِث نوه الزيني بن مزهر بِهِ فِي قَضَاء الشَّام عوضه وَصعد مَعَه لذَلِك مرّة بعد أُخْرَى وَهُوَ يرجع بِدُونِ غَرَض هَذَا مَعَ ركُوب الْقُضَاة وَنَحْوهم لتلقيه فتألم هُوَ وأحبابه لذَلِك وَصَارَ يجْتَهد فِي إمضائه بعد أَن كَانَ أظهر أَولا عدم الرَّغْبَة فِيهِ وَيُقَال إِن)
السُّلْطَان فهم مِنْهُ ذَلِك وعقب عَلَيْهِ فِي اعتذاره عَن عدم الْمُوَافقَة بخوف إِدْرَاك الْمنية غَرِيبا كَالَّذي قبله وَكَانَ ذَلِك سَبَب تَأْخِير الْولَايَة، كل ذَلِك والزيني لَا ينثني عَن مساعدته إِلَى أَن تمّ الْأَمر وَصعد فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع شَوَّال سنة خمس وَسبعين فاستقر وَرجع وَمَعَهُ الْقُضَاة الْأَرْبَعَة والزيني وناظر الْخَاص وَجَمَاعَة وهرع النَّاس لتهنئته وَكنت مِمَّن سلم عَلَيْهِ فِي آخر ثَانِي يَوْم الْولَايَة واستخبرته عَن الْعَزْم أهوَ فوري أَو متراخ فَقَالَ: أَرْجُو التَّرَاخِي أَو كَمَا قَالَ وَمَا رَأَيْته مُسْتَبْشِرًا وَكَانَ الفأل بالْمَنْطق فَإِنَّهُ مَاتَ بعد بِيَوْم وَلَيْلَة فِي أثْنَاء لَيْلَة الْجُمُعَة سابعه فَجْأَة وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بَين الْجُمُعَة وَالْعصر وَدفن بحوش الصلاحية سعيد السُّعَدَاء وأراحه الله مَعَ تألم أَكثر النَّاس لفقده لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْفَضِيلَة التَّامَّة والبيتوتة وَالْعقل وَحسن الْعشْرَة وَإِن نَازع بَعضهم فِي بَعْضهَا رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن الْعِمَاد بن الشهَاب الْهَاشِمِي الْعلوِي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ. ولد سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار فِي الْفِقْه وَسمع الصَّحِيح على ابْن صديق بحلب والتساعيات(5/286)
الْأَرْبَعين للقطب الْحلَبِي على حفيده القطب عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بِالْقَاهِرَةِ واشتغل يَسِيرا وَولي كأبيه مشيخة الشُّيُوخ بحلب ولقيته بهَا، وَقد عرض لَهُ فالج من نَحْو ثَمَانِيَة أشهر لَكِن مَعَ صِحَة عقله وسَمعه وبصره فَقَرَأت عَلَيْهِ شَيْئا، وَكَانَ دينا خيرا عَاقِلا حسن الْعشْرَة مَعَ حِدة فِي خلقه رَئِيسا حشما من بَيت مَشْهُور بالرياسة والحشمة مِمَّن صحب الظَّاهِر ططر والأشرف برسباي لَكِن مَعَ تقلله من الِاجْتِمَاع بهما لكَونه قَلِيل التَّرَدُّد إِلَى النَّاس مَعَ كَثْرَة مواظبته لزيارة الْبُرْهَان الْحَافِظ والتردد إِلَيْهِ. مَاتَ فِي آخر لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع حلب وَدفن بتربة أسلافه خَارج بَاب الْمقَام رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الخيري الأَصْل الْمَكِّيّ أَخُو مُحَمَّد الْآتِي والعطار بِمَكَّة وَجدّة. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف بن مُحَمَّد نور الدّين الهيثمي ثمَّ الطبناوي القاهري الْمَالِكِي الْأَشْعَرِيّ وَيعرف يالطبناوي. ولد فِي أول الْقرن بمحلة أبي الْهَيْثَم وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الْبُرْهَان السنهوري الْمَالِكِي وجوده عَلَيْهِ بل تلاه لأبي عَمْرو وَحفظ عِنْده الرسَالَة الفرعية)
واشتغل يَسِيرا وَأخذ الْمِيقَات عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن حُسَيْن الشرنبابلي وَصَحب نَاصِر الدّين الطبناوي وَأُخْته أم زين الدّين عَائِشَة المدعوة ريحَان وبالقاهرة الشَّيْخ مُحَمَّدًا الكويس وَقَالَ إِنَّه كَانَ من الأبدال وَقَرَأَ فِيهَا الثُّلثَيْنِ من شرح الرسَالَة للفاكهاني على الْمجد الْبرمَاوِيّ الشَّافِعِي ولازمه حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ األفية ابْن مَالك وقواعد ابْن هِشَام وصحيح البُخَارِيّ بِتَمَامِهَا وَأخذ أَيْضا عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَكَذَا قَرَأَ فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا على الزين عبَادَة وَفِيهِمَا فَقَط عَن الحناوي وعَلى الشَّمْس الحجاري شرح الشواهد للعيني فِي حَيَاة مُؤَلفه وتصنيفه على الشفا وعَلى نَاصِر الدّين الفاقوسي الصَّحِيح وانْتهى فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ بل قَرَأَهُ على شَيخنَا وَتمّ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ مَعَ مُرَاعَاة النُّسْخَة اليونينية وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل البارع الْقدْوَة، وتنزل صوفيا بالأشرفية برسباي أول مَا فتحت بعناية جكم صهر الْوَاقِف لاختصاصه بِهِ ثمَّ تَركهَا وَأقَام عِنْد الْأَمِير جميل مُدَّة لمزيد اعْتِقَاده فِيهِ حَتَّى كَانَ لَا اخْتِيَار لَهُ مَعَه فِي مَال وَلَا غَيره وَاشْترى لَهُ بَيْتا هائلا ببركة جناق وأوصاه بتزويج زَوجته بعده وَالسُّكْنَى بهَا فِيهِ حَسْبَمَا بَلغنِي فَفعل وحصلت لَهُ محنة فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق وَأدْخلهُ فِيهَا سجن أولي الجرائم وَأقَام فِيهِ مُدَّة وَكَانَ يَقُول للساعين فِي إِطْلَاقه رويدكم وَيُشِير إِلَى أَن شَيْخه نَاصِر الدّين عين لَهُ الأمد فِي ذَلِك قبل وُقُوعه مَعَ نسبته لمعْرِفَة علم(5/287)
الْحَرْف، وَالنَّاس فِيهِ فريقان وَمِمَّنْ كَانَ حسن الِاعْتِقَاد فِيهِ الْمَنَاوِيّ وَأَبُو السعادات البُلْقِينِيّ وَبَالغ معي فِي إطرائه بِحَيْثُ حَملَنِي ذَلِك على الِاجْتِمَاع بِهِ مرّة بعد أُخْرَى وكتبت عَنهُ قَوْله:
(طَريقَة أهل الْخَيْر كالسيف من يرم ... على مَتنه مشيا يكن مَشْيه صدقا)
(وَإِن طَرِيق الصَّادِقين طَوِيلَة ... وَلَكِن سر الصدْق قصرهَا حَقًا)
(فَإِن كُنْتُم من جملَة الْقَوْم فَاصْبِرُوا ... وَإِلَّا فموتوا بالجهالة فِي الحمقى)
(وَمن يَدعِي الصدْق الشريف فَإِنَّهُ ... سيكشفه الروياض يذهب أَو يبْقى)
وَقَالَ لي أَن لَهُ رسائل أراجيز اثْنَتَانِ فِي الجيب وثالثة فِي المقنطرات وَكَانَ مُتَقَدما فِي ذَلِك أقرأه لغير وَاحِد وَأَن لَهُ وَسِيلَة الخدم إِلَى أهل الْحل وَالْحرم فِي تَرْجَمَة سِتّ الْبَنِينَ وَغَيرهَا من الْفُقَرَاء والحمى الأحمدي والرباط الصمدي ضمنه أَشْيَاء مِنْهَا الأبيات الْمَذْكُورَة، وَرَأَيْت لَهُ أرجوزة نَحْو خمسين بَيْتا كتبهَا فِي إجَازَة لخليل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الدمياطي إِمَام مَنْصُور. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ فِي يَوْمه)
وَدفن بتربة النَّجْم الْعَيْنِيّ من نواحي جَامع آل ملك سامحني الله وإياه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْعَلَاء السسكندري البراح بهَا وَيعرف بأخي مَنْصُور الفخري ثمَّ بِخِدْمَة الْملك الْمَنْصُور إِنَّه كَانَ وَهُوَ ابْن نَحْو عشْرين سنة أَمينا على محبسه بإسكندرية بعد خلعه وَلزِمَ خدمته فِيهَا وَفِي دمياط حِين حول إِلَيْهَا وَحج مَعَه كشيخه الْعَلامَة التقي قَاسم الْحَنَفِيّ وَولده والبدر الْقُدسِي ثمَّ مَعَ ابْنَته السِّت خَدِيجَة حِين حجت سنة ثَمَان وَتِسْعين وجاور مَعهَا ورسم عَلَيْهِ بعض يَوْم لكذب بَرَكَات بن حُسَيْن الفتحي فِي قَوْله عَن إِبْرَاهِيم بن سَالم أَخ فَلم يلبث أَن بَان بُطْلَانه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نور الدّين بن شمس الدّين السكندري الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل زَاوِيَة الشَّيْخ مَدين وَيعرف بالمصري. ولد سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بدار التفاح بِمصْر وَنَشَأ يَتِيما فحفظ الْقُرْآن وجوده على عَليّ الضَّرِير المخبزي وتلاه لأبي عَمْرو وَابْن كثير عَليّ الشَّمْس بن الحمصاني وتدرب بِهِ وبالشهاب الشَّاب التائب فِي الْكِتَابَة بعدة أَقْلَام وَحفظ التبريزي ومقدمة فِي الْعَرَبيَّة واشتغل ولازم الْجلَال الْبكْرِيّ والبهاء بن الْقطَّان وَإِبْرَاهِيم العجلوني فِي الْفِقْه وَأخذ فِي الْعَرَبيَّة عَن أَحْمد بن يُونُس المغربي وشارك فِي الْجُمْلَة وَفهم الْأَدَب وَكتب(5/288)
من يجر لَهُ نفعا، وَقد تردد إِلَيّ وَكتب بعض التصانيف وَقرأَهَا، وقطن زَاوِيَة الشَّيْخ مَدين بعد أَن اشْتغل بالتعليم حَتَّى كَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن وكتبا الْبَدْر ابْن عبد الْوَارِث وَصَحب إِبْرَاهِيم المتبولي. عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد الدمنهوري الْمَكِّيّ. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن عماد. عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد نور الدّين بن نَاصِر الدّين البلبيسي ثمَّ الْمَكِّيّ. يَأْتِي فِي عَليّ بن نَاصِر.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نور الدّين السكندري القاهري الحريري وَيعرف بِابْن أبي أصْبع.
كَانَ يتعانى التِّجَارَة فِي الْحَرِير وَغَيره وتكرر سَفَره لمَكَّة بِسَبَبِهَا حَتَّى كَانَت منيته بهَا فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ، وَكَانَ عَاقِلا عشيرا عَفا الله عَنهُ ورحمه.
عَليّ بن شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الْبَصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن الأقواسي وَاسم جده أَحْمد بن عَليّ. مِمَّن تردد للقاهرة وَغَيرهَا كثيرا واشتغل قَلِيلا وتميز فِي الْمِيقَات ولازمني بِمَكَّة وَغَيرهَا. مَاتَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد نور الدّين الْعَبْسِي. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ:)
كَانَ أَبوهُ فَاضلا وَنَشَأ هُوَ فِي طلب الْعلم وَحفظ المصنفات وعرضها عَليّ فِي سنة نَيف وَتِسْعين وَمهر فِي الْأَدَب ونظم الشّعْر سَمِعت مِنْهُ من نظمه. وَمَات شَابًّا، وَذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ: أدبه الْمجد إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْحَنَفِيّ القَاضِي وَحفظ المقامات الحريرية ونظم الشّعْر وَمهر فِي الْأَدَب مَاتَ فِي سنة إِحْدَى عشرَة تخمينا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد نور الدّين أَبُو الْحسن الفيشي الأَصْل القاهري الْمَالِكِي. يَأْتِي فِيمَن جده عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد نور الدّين الكومي الجارحي ثمَّ القاهري السَّقطِي بتحريكتين نِسْبَة لبيع السقط وَيعرف فِي بَلَده بِابْن حبلص والآن بالسقطي مِمَّن حَال إخْوَته وأقاربه مَعْرُوف عِنْد النُّور الجارحي الغمري وَالصَّلَاح المتبولي أخي الشهَاب وَلكنه أَقَامَ عِنْد إِبْرَاهِيم المتبولي وَصَارَ بعده يدْخل فِي كَلِمَات فظيعة حَتَّى أَنه حسب مَا حَكَاهُ لي غير وَاحِد قَالَ أَنه رأى فِي كَلَام ابْن عَرَبِيّ تكفيره لفرعون وَذَلِكَ مُخَالف لما نَقله النقات عَن ابْن عَرَبِيّ ونوه بِهِ عبد الرَّحِيم الأبناسي وَزعم أَنه من محققي الصوفيه فاغتر بِهِ من لم يتهذب بل مِمَّن كَانَ يجله الزيني زَكَرِيَّا لموافقته لَهُ فِي اعْتِقَاد ابْن عَرَبِيّ بِحَيْثُ أَنه أعطَاهُ حِين حج فِي سنة تسعين فِي الْبَحْر ألف دِرْهَم مِمَّا قل أَن يعْهَد لَهُ مثله مَعَ الأكابر فضلا عَمَّن دونهم وَقد اجْتمع بِي بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بِمَكَّة فِي سنة سبع وَتِسْعين وَقَالَ لي إِنَّه ولد بكوم الْجَارِح سنة سبع وَأَرْبَعين(5/289)
وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول قبل بُلُوغه مَعَ وَالِده إِلَى الْقَاهِرَة فَنزل زَاوِيَة المتبولي بالحسنية وَلزِمَ خدمته بهَا وببركة الْحَاج وبالحجاري وتكسب بِالسقطِ تَحت الرّبع وَأَنه مر مَعَ الأبناسي على كتابين زعم أَنه جَمعهمَا أَحدهمَا شرح فِيهِ الحكم لبابا ظَاهر الهمذاني وَأَنه هُوَ وَابْن خطيب الفخرية وزَكَرِيا قرضوه لَهُ وَأَنه حج كثيرا مَعَ أَبِيه وَغَيره وتكرر مَجِيئه على الْمُحب المجهز للحرمين كَاتبا، وَدخل الصَّعِيد ودمياط. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ عَامي لم يُعجبنِي أمره مَعَ مبالغته فِي الانخفاض معي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد المقسي الْقَزاز المدولب ابْن عَم الْمُوفق مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْآتِي وَيعرف بِابْن شيخون. مِمَّن قَرَأَ فِي صغره ثمَّ تعانى التكسب وسافر بالقماش الْأَزْرَق إِلَى مَكَّة غير مرّة وجاور مرَارًا وَدخل الْيمن وَغَيرهَا. وَمَات هُنَاكَ بعد التسعين. عَليّ بن مُحَمَّد بن)
أَحْمد الطبناوي أَظُنهُ غير الْمَاضِي فِيمَن جده أَحْمد بن يُوسُف مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْقرشِي القاياتي. رَأَيْته كتب فِي عرض سنة ثَلَاث.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد شمس الدّين أَبُو الْحسن السرحي بمهملات مفتوحتين ثمَّ مَكْسُورَة نِسْبَة لقبيلة يُقَال لَهَا بَنو سرح سَاكِنة الرَّاء الْيحصبِي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِبِلَاد بني سرح وَحفظ بهَا الْقُرْآن وتحول مِنْهَا إِلَى جبن فحفظ بهَا الشاطبتين وتلا الْبَقَرَة وَآل عمرَان للسبع على الْمُقْرِئ الرضي أبي بكر بن إِبْرَاهِيم الْحرَازِي نزيل جبن ثمَّ انْتقل مَعَه حِين ابْتِدَاء الْفِتْنَة بعد موت عبد الْوَهَّاب بن دَاوُد بن طَاهِر وَالِد الشَّيْخ عَامر إِلَى المفرانة فأكمل الْقرَاءَات عَلَيْهِ بهَا مَعَ التفهم فِي الشاطبيتين وَحفظ فِيهَا أرجوزة ابْن الْجَزرِي فِي التجويد وَكَذَا الْبردَة وتخميسها لناصر الدّين الفيومي وَقَرَأَ ذَلِك على شَيْخه الْمَذْكُور وتحول إِلَى المخادر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة فَقَرَأَ فِيهَا على الْفَقِيه بهَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعَلِيم بن سَالم وأخيه فِي التَّنْبِيه والمنهاج ثمَّ إِلَى صنعاء وَقَرَأَ بهَا فِي النَّحْو على بعض شيوخها فِي مُقَدّمَة طَاهِر بن بابشاذ ثمَّ ارتحل لِلْحَجِّ فحج فِي سنة سِتّ وَتِسْعين ودام بِمَكَّة الَّتِي تَلِيهَا ولقيني بهَا فَقَرَأَ عَليّ الشفا ومؤلفي فِي خَتمه والصحيحين ورياض الصَّالِحين وأربعي النَّوَوِيّ وَسمع على سيرة ابْن هِشَام وَجل سيرة ابْن سيد النَّاس وَغَيرهمَا واشتغل فِي أصُول الدّين عِنْد السَّيِّد عبيد الله وَفِي الْفِقْه على الشهَاب الْخَولَانِيّ وَابْن أبي السُّعُود، وَهُوَ مأنوس خير كَانَ الله لَهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن نور الدّين أَبُو الْحسن النَّاشِرِيّ الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي من بَيت كَبِير. ذكره(5/290)
الخزرجي مطولا فِي تَارِيخه وَكَذَا الْعَفِيف فِي الناشريين وَقَالَ أَولهَا: كَانَ شَاعِرًا لبيبا حسن المحاضرة كثير الْمَحْفُوظ عَارِفًا بالأخبار والتواريخ وَالسير وآداب الْمُلُوك مشاركا فِي كثير من الْعُلُوم حصل الْفِقْه والنحو وَسمع الحَدِيث ثمَّ اخْتصَّ بالأشرف سُلْطَان الْيمن وَله فِيهِ غرر المدائح ونال بِسَبَب ذَلِك ثروة وَكَذَا مدح غَيره وشعره كثير وبلاغته منتشرة مَعَ الْكَرم وعلو الهمة والتبذير بِحَيْثُ لَا يمسك شَيْئا بل قل أَن يُوجد فِي عصره مثله وَمن رسائله مِمَّا كتب بِهِ للأشرف وَهُوَ عَار من النقط وَلكنه لم يراع رسم الْكِتَابَة: أَعلَى الله سَمَاء سمو علاك ورعاك صدورا وورودا وحماك وأسما أسماك عَلَاء)
السماك وكلأك مدى الدهور وعمرك لكل معمور وأكمل لَك مدى السرُور وكمل عددك وسدد أودك وملكك هام الْمُلُوك وَسَهل لَك وعر السلوك كم عَدو سَأَلَك وَكم سؤل أملك دَامَ مدى السُّعُود لَك مَا هلل الله ملك ومحررها أحَال الدَّهْر حَاله وحرر سُؤَاله وَأعلم رحاله مؤملا أَعلَى الآمال وَلَا عمل لَهُ إِلَّا الْمَدْح وَهُوَ أَعلَى الْأَعْمَال وَمرَاده الْعود مَسْرُورا وطوالع الْأَعْدَاء حورا وعورا. وَقَالَ ثَانِيهمَا: كَانَ قد اشْتغل وَفضل فِي الْفِقْه والنحو وشارك فِي جلّ الْعُلُوم وَمن شُيُوخه القاضيان أَبَوا بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد وَابْن عمر بن عُثْمَان الناشريان وَلَكِن غلب عَلَيْهِ الشّعْر مَعَ الْفِقْه الْجيد بِحَيْثُ ولي تدريس الصلاحية بالسلامة والرشيدية فِي تعز وَنظر فِيهَا وَفِي مَسْجِد كافور بتعز وَمن تآليفه فِي الْأَدَب السلسل الْجَارِي فِي ذكر الْجَوَارِي وديوان يشْتَمل على مقاطيع جَيِّدَة وَمِمَّنْ روى لنا عَنهُ التقى ابْن فَهد والأبي بل ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: شَاعِر الْيمن فِي عصره مدح الْأَفْضَل والأشرف لَقيته بزبيد وَسمعت من نظمه، وَمَات رَاجعا من الْحَج فِي أول ربيع الأول سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَهُوَ مُخْتَصر فِي عُقُود المقريزي رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن مُحَمَّد بن دَاوُد نور الدّين الْبَيْضَاوِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الزمزمي الشَّافِعِي بن أخي نابت وَأبي الْفَتْح ابْني إِسْمَاعِيل والمصاب بِإِحْدَى كريمتيه وَيعرف كسلفه بالزمزمي. ولد بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ على عَم وَالِده شَيخنَا الْبُرْهَان الزمزمي وتدرب بِعَمِّهِ أبي الْفَتْح وبرع فِي الْمِيقَات والفرائض وَنَحْوهمَا وشارك فِي الْفِقْه وأصوله وَصَارَ الْمعول عَلَيْهِ هُنَاكَ فِي الْمِيقَات والروحاني وَنَحْوهَا بل اشْتهر بالحجب عَن من يتعبث بِهِ الجان وَقصد فِيهِ وحكيت عَنهُ فِي أَخْبَار. وَقد لَقيته غير مرّة فِي الْمُجَاورَة الثَّانِيَة وقصدني بِالسَّلَامِ حِين قدومي الْمرة الثَّالِثَة وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادس ذِي الْحجَّة سنة(5/291)
خمس وَثَمَانِينَ وَدفن عِنْد سلفه بالمعلاة وَلم يخلف فِي فنونه بعده مثله، وَله فِي الْفَرَائِض والفلك مناظيم مِنْهَا المشرع الفائض فِي الْفَرَائِض يزِيد على ألف بَيت وكنز الطلاب فِي الْحساب وَكَذَا تحفة الطلاب، وأقرأ الطّلبَة وباشر الْأَذَان رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أقبرس الْعَلَاء القاهري الشَّافِعِي وَالِد يحيى وَيعرف بِابْن أقبرس. ولد فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَلم تعلم لَهُ فِيمَا بَلغنِي صبوة، وحبب إِلَيْهِ الطّلب بعد أَن أَقَامَ عنبريا مُدَّة وتنزل فِي قراء الصّفة بالجمالية لطراوة صَوته ثمَّ اقْتصر فِيهَا)
على التصوف وَصَارَ بِوَاسِطَة كَونه من صوفيتها يحضر الدُّرُوس بهَا عِنْد شيخها همام الدّين ثمَّ عِنْد كل من الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ بل قَرَأَ على إمامها أَمِير حَاج شرح الحاجبية للْمُصَنف وتلا عَلَيْهِ وعَلى الزراتيتي للسبع وَكَذَا أَخذ فِي النُّصُوص الصَّدْر العجمي وَفِي الْمنطق فِي ابْتِدَائه عَن أفضل الدّين القرمي الْحَنَفِيّ ورافق ابْن الْهمام فِي أَخذه لَهُ عَن الْجلَال الْهِنْدِيّ وَأثْنى على مَعْرفَته فِيهِ وَقَرَأَ فِي الْفِقْه وَغَيره على الشَّمْس البوصيري ولازم الْبِسَاطِيّ مُلَازمَة تَامَّة فِي فنون كالنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والمنطق والأصلين وَغَيرهَا بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَمن قبله لَكِن يَسِيرا الْعِزّ بن جمَاعَة وَحضر عِنْد الْعَلَاء البُخَارِيّ وَسمع الحَدِيث على شَيخنَا وَغَيره وتعانى الْأَدَب وناب فِي الْقَضَاء للشمس الْهَرَوِيّ فِي سنة سبع وَعشْرين فَمن بعده وأضاف إِلَيْهِ شَيخنَا بِأخرَة قَضَاء الجيزة عوضا عَن أبي الْعدْل البُلْقِينِيّ وزاده الشّرف الْمَنَاوِيّ النحرارية والفيوم والواح وَالنَّظَر على ضريح أبي النجا بفوة وعَلى جَامع منوف وعمره من مَاله وَذَلِكَ أَيَّام الظَّاهِر جقمق فَإِنَّهُ صَحبه قبل ولَايَته ولازمه حَتَّى عرف بِهِ فَلَمَّا اسْتَقر حصل لَهُ مِنْهُ حَظّ وصيره من ندمائه وولاه وظائف مِنْهَا نظر الْبيُوت والأوقاف ومشيخة خانقاه قوصون بالقرافة بل الْحِسْبَة بالديار المصرية ثمَّ نظر الأحباس وَلم يحمد فِي مُبَاشَرَته وَتوسع فِي دُنْيَاهُ جدا وحاول أَبُو الْخَيْر النّحاس إغراء السُّلْطَان بِهِ فَمَا نَهَضَ لتكرر خدمته لَهُ بِالْمَالِ وَغَيره نعم عَزله عَن الْحِسْبَة وعوضه عَنْهَا الأحباس ورام مرّة فِيمَا قيل إِخْرَاجه من الديار المصرية فَمَا تمّ فَلَمَّا مَاتَ صودر وَأخذ مِنْهُ جملَة وعزل من جَمِيع وظائفه وَاسْتمرّ ملازما لبيته حَتَّى مَاتَ، وَقد حج وجاور فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وزار فِي صغره بَيت الْمُقَدّس وسافر إِلَى دمشق وَدخل إسكندرية ودمياط وقاسى فِي وَقت فلقَة فامتدح الشَّافِعِي بقصيدة وأنشدها عِنْد ضريحه فَلم يلبث أَن اسْتَقر جقمق فانثالت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَكَذَا امتدح الشَّافِعِي حِين اسْتِقْرَار السَّقطِي فِي الْقَضَاء،(5/292)
وَكَانَ سليم الْبَاطِن محبا للترفع فِي الْمجَالِس متواضعا مَعَ أَصْحَابه مَعْرُوفا ببر أمه جَهورِي الصَّوْت مقداما طلق الْعبارَة مقتدرا على الدُّخُول فِي النَّاس وصحبة الأتراك عالي الهمة ذَا فَضِيلَة فِي الْجُمْلَة لَكِن الْغَالِب عَلَيْهِ الْأَدَب وَله نظم كثير ومطارحات مَعَ غير وَاحِد وَهُوَ فِي الهجو أقعد مِنْهُ فِي غَيره وَرُبمَا يَقع فِي نظمه الْجيد وَكَذَا فِي نثره وَهُوَ يغوص على الْمعَانِي الْحَسَنَة إِلَّا أَنه يرضى عَن التَّعْبِير عَنْهَا بِأَيّ عبارَة سنحت لَهُ وَقد كتب على الشفا شرحا فِي مجلدين فِيهِ فَوَائِد وَكَذَا على أربعي)
النَّوَوِيّ وعَلى قِطْعَة من منهاجه وَعمل نكتا على نزُول الْغَيْث للدماميني وعَلى التَّمْهِيد والكوكب كِلَاهُمَا للأسنوي وَلَكِن لَيست تصانيفه بِذَاكَ وَمِمَّا كتبه بآخر نكت نزُول الْغَيْث قَوْله:
(تَأمل مَا كتبت وَكن نصُوحًا ... وَلَا تعجل بهجوي وامتداحي)
(فَلَا عَار موافاتي خَلِيلًا ... وَلَا أَنِّي نسبت إِلَى الصّلاح)
وَكَذَا من نظمه حِين أشرك مَعَه شَيخنَا فِي مجْلِس الشَّافِعِيَّة بالكبش أثير الدّين الخصوصي:
(تركت الحكم حِين رأيتفيه ... مشارمتي مَعَ السّفل اللُّصُوص)
(وَقَالُوا عَم فِيك الْعَزْل قُلْنَا ... رَضِينَا بِالْعُمُومِ وَلَا الْخُصُوص)
فَأَجَابَهُ أثير الدّين بقوله:
(تنحى عَن قَضَاء الْكَبْش تَيْس ... غوي ضل عَن نقل النُّصُوص)
(وَلما زَاد فِي الْبلوى عُمُوما ... أَتَاهُ الْعَزْل رغما بالخصوص)
وَمِنْه:
(أجج النّحاس نَارا ... فِي الورى لما تعدى)
(كلما لَاحَ شرارا ... فنفاه وتعدى)
فَأَجَابَهُ النّحاس بِمَا سَيَجِيءُ فِي تَرْجَمته وَعِنْدِي من نظمه مِمَّا كتبته عَنهُ أَشْيَاء بل لي مَعَه ماجريات. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد منتصف صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ، وَقد قَالَ المقريزي فِي حوادث سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين إِنَّه نَشأ بِالْقَاهِرَةِ فِي سوق العنبرانيين وَطلب الْعلم وناب فِي الحكم عَن الْحَافِظ ابْن حجر وَصَحب السُّلْطَان مُنْذُ سِنِين وَصَارَ مِمَّن يتَرَدَّد لمجلسه أَيَّام سلطنته فداخل النَّاس مِنْهُ وهم كَبِير وَلم يبد مِنْهُ إِلَّا خير انْتهى.
عَليّ بن مُحَمَّد بن بركوت الشيبكي الْمَكِّيّ الْعجْلَاني أحد القواد بهَا. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن بكتمر نور الدّين بن نَاصِر الدّين القبيباتي الْحَنَفِيّ نزيل الشيخونية. ولد فِي يَوْم الْأَحَد عشري شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة(5/293)
وَحفظ الْقُرْآن وجوده وَحضر دروس جمَاعَة من مدرسي الشيخونية والصرغتمشية والقانبيهية لكَونه منزلا فِيهَا وداوم التِّلَاوَة وَهُوَ مِمَّن يحضر عِنْدِي بالصرغتمشية وَلَكِن منع من الْإِقَامَة بالشيخونية لما نسب إِلَيْهِ فَالله أعلم.
عَليّ بن مُحَمَّد بن بكر الشّعبِيّ بِالضَّمِّ الْيَمَانِيّ. كَانَ حَيا فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَلَاثِينَ)
وَثَمَانمِائَة، رَأَيْته صنف أَرْبَعِينَ فِي فضل الْأَئِمَّة العادلين والسلاطين المقسطين عروى فِيهَا عَن الْجمل الْأَرْبَعَة ابْن ظهيرة وَمُحَمّد بن عَليّ الْبَيْضَاوِيّ وَأبي عبد الله مُحَمَّد الطّيب بن أَحْمد بن أبي بكر النَّاشِرِيّ وَأبي حَامِد مُحَمَّد بن الرضي بن الْخياط وناصر الدّين مُحَمَّد بن عوض وَابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم المسبحي وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ اليمني ثمَّ الْمَكِّيّ وبالإجازة عَن الشّرف بن الكويك وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ والزين المراغي وَعَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي فِي سنة خمس عشرَة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن بيبرس حفيد بيبرس الأتابك ابْن أُخْت الظَّاهِر برقوق ووالد الركني بيبرس الماضيين. نَشأ فِي كَفَالَة أَبِيه وَحفظ الْقُرْآن عِنْد ابْن صدر الدّين واعتنى بِهِ الظَّاهِر جقمق فَجعله خاصكيا ثمَّ كَبِير أهل الطَّبَقَة البرهانية بل أعطَاهُ إقطاع إمرة أَرْبَعِينَ وَكَانَ زَائِد التلفت لترقيه بِحَيْثُ ينعم عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَغَيره وزوجه عدَّة من الْمُعْتَبرَات فَلَمَّا مَاتَ تغير حَاله وَلزِمَ التهنك والإسراف على نَفسه وأتلف كثيرا من رزقه بِحَيْثُ لم يتَأَخَّر سوى الْوَقْف الَّذِي من قبل جده وَتزَوج ستيتة ابْنة الكمالي بن شيرين واستولدها بيبرس الْمشَار إِلَيْهِ وَغَيره وَاسْتمرّ على إسرافه حَتَّى مَاتَ عَن بضع وَثَلَاثِينَ سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ حسن الشكالة سامحه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عدنان بن جَعْفَر بن مُحَمَّد ابْن عدنان الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن نَاصِر الدّين بن الْعِمَاد بن الْعَلَاء الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ سبط الْبُرْهَان الباعوني، أمه خَدِيجَة العثمانية ونقيب الْأَشْرَاف بِالشَّام كَانَ كأبيه وجده وَيعرف بِابْن نقيب الْأَشْرَاف. ولد فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار والألفيتين وَجمع الْجَوَامِع وَغَيرهَا وَعرض على حميد الدّين وحسام الدّين وَغَيرهمَا من الْحَنَفِيَّة وَغَيرهم وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الشّرف بن عيد وَمولى حاجي والعز بن الْحَمْرَاء وَالشَّمْس البُخَارِيّ وَعنهُ أَخذ أصُول الْفِقْه وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الشهَاب الزرعي والطب عَن حَكِيم الدّين الشِّيرَازِيّ وَالْمولى قطب الدّين السَّمرقَنْدِي وَعرف بمزيد الذكاء وتميز فِي الْعَرَبيَّة وَبَعض العقليات وشارك فِي الْفِقْه بل أتقن(5/294)
الطِّبّ مَعَ ثروة زَائِدَة فِيمَا قيل ورياسة وحشمة وَحسن شكالة ورونق كَلَام وتواضع وعقل تَامّ وأدب وملاحظة فِي تكمله للقواعد وإنصافه فِي المباحث وَقد تلقى عَن أَبِيه نقابة الْأَشْرَاف بِدِمَشْق وتدريس الريحانية ونظرها وتدريس المقدمية وَغير ذَلِك ثمَّ صرف عَن النقابة بالسيد إِبْرَاهِيم بن)
القبيباتي بل أشيع أَن الْأَشْرَف قايتباي خطبه لقَضَاء الْحَنَفِيَّة بِمصْر بعد شَيْخه ابْن عيد فَأبى وَلكنه لم يفصح لي بذلك حِين اجتماعي بِهِ عقلا خوفًا من أَن يكون ذَلِك باعثا على إِلْزَامه للطمع فِيهِ بل قَالَ لي أَنه كتب شَيْئا فِي أصُول الْفِقْه وحاشية على ألفية النَّحْو، وَبَلغنِي أَنه امتدح الْبُرْهَان بن ظهيرة بقصيدة فائقة، وَقد كثر اجتماعنا بِمَكَّة فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين سِيمَا حِين أَيَّام الختوم عندنَا وَكَانَ يُبَالغ فِي التحرك لما يسمعهُ فِي تِلْكَ الْمجَالِس تصنيفا وتقريرا يَقُول رُبمَا اسْتشْكل أَو اعْترض بِمَا يكون فِي الْكَلَام أَو التَّقْرِير مَا يَدْفَعهُ وَلَو وفقت وسلكت اللَّائِق لتأنيت أَو نَحْو هَذَا مَعَ إكثاره التأسف على عدم الْمُلَازمَة لاشتغاله بالتوعك فِي مُعظم السّنة وطالع من تصانيفي جملَة كالجواهر والدرر وَشرح الألفية وارتقاء الغرف والذيل على دوَل الْإِسْلَام ومناقب الْعَبَّاس وَمَا لَا ينْحَصر وَكتب لي بِخَطِّهِ من نظمه:
(وَقَالَ النَّاس لما قل علم ... وحفاظ الحَدِيث لنا وراوي)
(أَفِي ذَا الْعَصْر ترتحل المطايا ... فَقلت نعم إِلَى الحبر السخاوي)
وَهُوَ مِمَّن جاور بِمَكَّة سِنِين مُتَوَالِيَة مُتَّصِلَة بِالسنةِ الْمَذْكُورَة ثمَّ رَجَعَ فِي موسمها معرضًا عَن بَلَده لِكَثْرَة مَا يطرقها من وَارِد ويخرقها من اخْتِلَاف الْمَقَاصِد فَتوجه إِلَى الكرك ثمَّ ارتفق إِلَى بلد الْخَلِيل فَلم ير رَاحَة فيهمَا لمزيد تخيله وَقبض يَده فتحول إِلَى الْقُدس فدام بِهِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده وَالثنَاء عَلَيْهِ مستفيض وَأَظنهُ يتعانى التِّجَارَة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف نور الدّين بن الْعَلامَة النَّجْم الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ الشهير بالمرجاني. سمع على ابْن صديق الصَّحِيح فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة ثمَّ على أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الخليلي فِي سنة أَربع جُزْء البطاقة وَكَذَا سمع على الشهَاب بن مُثبت جُزْء البطاقة ومجالس الْخلال الْعشْرَة وَفِي سنة ثَمَان وَعشْرين على الْجَزرِي بعض أبي دَاوُد وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة ثَمَانمِائَة الخزرجي مؤرخ الْيمن ثمَّ بعْدهَا خلق وَتزَوج وَولد لَهُ وسافر إِلَى الْيمن وَعَاد مِنْهَا فِي الْبَحْر فَمَاتَ بِهِ غريقا فِي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن نَاصِر نور الدّين البدري الشيبي الحَجبي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. ولد فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع من الجمالين ابْن عبد الْمُعْطِي والأميوطي(5/295)
والكمال بن حبيب والبدر بن الصاحب وَغَيرهم من شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا، وَأَجَازَ لَهُ الأسنوي والأذرعي وَأَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن ابْن الْقَارئ)
وَأَبُو البقائي السُّبْكِيّ فِي آخَرين، واشتغل فِي فنون وَكتب بِخَطِّهِ الْحسن الْكثير وَكَانَ يذاكر بأَشْيَاء حَسَنَة فِي الْأَدَب وَغَيره بل لَهُ نظم مَعَ همة ومروءة وإحسان إِلَى أَقَاربه وَقد ولي مشيخة السَّدَنَة بعد عَليّ بن أبي رَاجِح بن جِهَة صَاحب مَكَّة فِي صفر سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ثمَّ عزل عَنْهَا بأَخيه أبي بكر مرّة بعد أُخْرَى وَاسْتمرّ معزولا حَتَّى مَاتَ بعد عِلّة طَوِيلَة فِي ثَالِث ذِي الْقعدَة سنة خمس عشرَة وَدفن بالمعلاة. ذكره الفاسي فِي مَكَّة ثمَّ ابْن فَهد فِي مُعْجَمه وَاخْتَصَرَهُ شَيخنَا فِي إنبائه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الْعَلَاء بن الشَّمْس الأهناسي ثمَّ القاهري الْآتِي أَبوهُ وَأَخُوهُ مُحَمَّد. نَشأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فتعانى الرسلية ثمَّ خدم فِي شبيبته حِين حلاوة وَجهه وظرف حركته عِنْد الزين الاستادار وحظي عِنْده حَتَّى عمله بردداره فأثرى وَعمر الْأَمْلَاك وَلَا زَالَ فِي نعمه وجاهه إِلَى أَن غضب الزين عَلَيْهِ وتحول بعد أُمُور لخدمة الشهَاب ابْن الْأَشْرَف إينال فِي أَيَّام سلطنة أَبِيه فَعمل استاداره ثمَّ رقاه للإستادارية الْكُبْرَى فِي شَوَّال سنة سبع وَخمسين إِلَى أَن صرف بعد أشهر وولاه بعد ذَلِك الْوزر أَيْضا ثمَّ صرف ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِ أَيْضا وباشره مرّة مَعَ نظر الْخَاص بعناية جَانِبك الجداوي وتكررت مصادراته وَأخذ جمل من الْأَمْوَال الَّتِي ظلم وعسف فِي تَحْصِيلهَا وَكَذَا تكَرر تسحبه وَآل أمره إِلَى أَن رسم لتوجهه لمَكَّة فسافر إِلَيْهَا فِي الْبَحْر مكْرها وَوَصلهَا فَمَرض بهَا أشهرا وكل من أَبَوَيْهِ فِي قيد الْحَيَاة فِي ثَانِي عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَهُوَ فِي أَوَائِل الكهولة وَكَانَ فِيهِ تكرم فِي الْجُمْلَة وَإِظْهَار ميل للمنسوبين للصلاح وابتنى فِي سوق التدريس مدرسة وَرُبمَا قَرَأَ الْقُرْآن فِي بَيته تجويقا مَعَ بعض من يتَرَدَّد إِلَيْهِ وَمِمَّنْ كَانَ يعاشره ويصاحبه فِي لعب الشطرنج وَنَحْوه الْبَدْر بن الْقطَّان الشَّافِعِي وَغَيره من الْحَنَفِيَّة ويفضل عَلَيْهِم كثيرا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن بن التَّاج السمنودي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن تمرية. ولد تَقْرِيبًا من سنة خمس وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَعرض فِي سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة فَمَا بعْدهَا على جمَاعَة كالشموس الْبرمَاوِيّ والبوصيري والحبتي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والعز بن جمَاعَة وَأبي هُرَيْرَة بن النقاش فِي آخَرين وأجازوا لَهُ بل سمع(5/296)
على ابْن خير الْكثير من الشفا وعَلى الزين الزَّرْكَشِيّ وَغَيره وَكَانَ مَاتَ.)
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر نور الدّين أَبُو الْحسن الخانكي الْمُقْرِئ الشَّافِعِي الضَّرِير وَيعرف بِابْن قشتاق مِمَّن أَخذ الْقرَاءَات عَن الزين جَعْفَر السنهوري وَتردد إِلَيّ فَسمع.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَبُو النجا الأسيوطي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر نور الدّين الأسيوطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد مُسلم الْآتِي وأخو الشريف صَلَاح الدّين الأسيوطي لأمه. سمع بِأخرَة على الشّرف بن الكويك والتقي الزبيرِي والنور الأبياري والزراتيتي وَآخَرين ولازم الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ واشتغل يَسِيرا وتكسب بِالشَّهَادَةِ، أجَاز لي وَمَات بعد الْخمسين وَقد أسن، وَمَا رَأَيْت لَهُ سَمَاعا على قدر سنه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْحُسَيْنِي الْقُدسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي وَيعرف بِصُحْبَة الشهَاب بن الأخصاصي ومجاورته مَعَه. لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي مجاورتي الثَّالِثَة فلازمني وَسمع مني فِي موسم سنة خمس وَثَمَانِينَ بمنى المسلسل وَحَدِيث زُهَيْر وَغير ذَلِك وسافر معي بعد إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فَأَقَامَ معي إقامتي بهَا وَأكْثر عني مَعَ الْجَمَاعَة وَكَذَا لَقِيَنِي فِي الْمُجَاورَة بعْدهَا وَكَانَ قدم من الْبَحْر وتخلف عَنَّا فِي كلا المجاورتين بِمَكَّة وَفِيه خدمَة وشفقة وَأكْثر إِقَامَته بِالطَّائِف وَنَحْوهَا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن ثامر السفطي. يَأْتِي فِي أَوَاخِر العليين فِيمَن لم يسم أَبوهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عَليّ بن عبد الله. هُوَ هَاشم يَأْتِي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حسب الله نور الدّين الْقرشِي الْمَكِّيّ التَّاجِر وَيعرف بالزعيم. كَانَ أَكثر تجار مَكَّة مَالا ولاحتوائه على مَا خَلفه أَبوهُ فَلَا زَالَ بِهِ النَّقْص حَتَّى احْتَاجَ وَسَأَلَ وَتوجه إِلَى الْيمن فأدركه الْأَجَل بزبيد فِي ربيع الثَّانِي ظنا سنة سِتّ عشرَة وَكَانَ قد سمع على الْعِزّ بن جمَاعَة وَلم يحدث غفر الله لَهُ. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حسن بن صديق نور الدّين الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بالفتي وبابن أبي تينة نَشأ بِبَلَدِهِ فاشتغل فِيهَا بالفقه وَغَيره ثمَّ قدم مَكَّة ولازم يحيى العلمي الْمَالِكِي فِي الْأُصُول وَغَيره وَابْن عطيف والشرف عبد الْحق السنباطي فِي الْفِقْه وَغَيره والمحيوي عبد الْقَادِر الْحَنْبَلِيّ فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان والنجم بن يَعْقُوب الْمَالِكِي فِي الْحساب وبرع فِي الْأُصُول وشارك فِي الْفِقْه والعربية والفرائض والحساب وَقَرَأَ عَليّ شرحي للألفية والمقاصد الْحَسَنَة وَغَيرهمَا من تآليفي وبلوغ المرام وَغَيره واغتبط بملازمتي، كل ذَلِك مَعَ تَمام الْفَضِيلَة وَحسن)
الْفَهم ووفور الذكاء وَالْعقل ولطف الْعشْرَة وَالرَّغْبَة فِي الْمَزِيد من الْفَضَائِل، وتجرع الْفَاقَة إِلَى أَن مَاتَ(5/297)
فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشري ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بِمَكَّة وَقد جَازَ الثَّلَاثِينَ وتأسفت على فَقده رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن معنق نور الدّين البهمي الصعدي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة. شَاب كثير الْمَحْفُوظ للشعر وَنَحْوه حسن الْفَهم متميز فِي النَّحْو غير متين الْعقل أَقرَأ بعض الْأَوْلَاد بِمَكَّة ولقيني بهَا فِي الْمرة الثَّانِيَة فَقَرَأَ عَليّ صَحِيح مُسلم وَكتب لي بعض الْكتب وَقَالَ لي أَن مولده سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَن وَالِده فِي قيد الْحَيَاة يَلِي الوزارة بِصَنْعَاء، وأنشدني من نظمه ونظم غَيره مَا أودعته فِي مَحل آخر ونظمه متوسط. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَمَانِينَ بِمَكَّة رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن الشَّمْس بَرَكَات النطوبسي الأَصْل القاهري نزيل بولاق والمؤقت أَبوهُ بِجَامِع الزيني الاستادار، عرض على الْعُمْدَة فِي أَوَاخِر رَجَب سنة تسعين بِحَضْرَة أَبِيه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عِيسَى اليمني ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّاعِر أَخُو الْبَدْر حُسَيْن الْمَاضِي وَيعرف بِابْن العليف. ولد فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بحلى من الْيمن وَقدم مَعَ أَبِيه إِلَى مَكَّة فقطنها وامتدح أَهلهَا وأمرائها بِمَا دلّ على فَضله وَمن ذَلِك قصيدة أَولهَا:
(إِن نَام بعد فِرَاق الْحَيّ إنساني ... فَمَا أقل مراعاتي وإنساني)
وَقَوله يمتدح مقبل بن نخبار بن مُحَمَّد صَاحب الينبع وَقد آوى إِلَيْهِ:
(حَملتنِي والمدح قَود المهارا ... وامتطينا نطوي عَلَيْهَا القفارا)
إِلَى أَن قَالَ:
(يَا أَبَا ماجد عدتك اللَّيَالِي ... وتسعى بك الْعَدو المرارا)
(مَا تمخضت بَين فَخذي لكاع ... من نزار وَلَا رضعت الجوارا)
معرضًا بذلك لمخدومه ببركات بن حسن بن عجلَان أَمِير مَكَّة وعتب عَلَيْهِ قَوْله فَلَمَّا بلغه توعده فخاف فارتحل إِلَى فاس ثمَّ إِلَى بَغْدَاد وخراسان ثمَّ إِلَى الْهِنْد حَتَّى مَاتَ بهَا سنة سبع وَأَرْبَعين، وَمن الْعجب أَنه قَالَ حِين مُفَارقَته لمَكَّة:
(وَلما رَأَيْت الْعَرَب خانوا عَن الوفا ... ومالوا عَن الْمَعْرُوف صافيت فَارِسًا)
)
فَكَانَ الفأل موكلا بنطقه لم ير مَكَّة بعْدهَا، وَحكى ذَلِك عَن أبي الْخَيْر بن عبد الْقوي رحمهمَا الله وَختم هَذِه القصيدة بقوله:
(ولي الْفضل والضيع إِذا مَا ... نزلت بِي على الْمُلُوك المهارى)
وَبَلغنِي أَن لَهُ قصيدة بليغة نبوية أودعها فِي ديوَان لَهُ مُشْتَمل على قصائد غالبها صوفية أَولهَا:(5/298)
(هَذَا النَّبِي الَّذِي فِي طيبَة وقبا ... لَهُ النُّبُوَّة تَاج وَالْقُرْآن قبا)
وَقَالَ أَنه مَا قَرَأَهَا أحد فِي لَيْلَة جُمُعَة عشر مَرَّات إِلَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن حسن نور الدّين بن نَاصِر الدّين الغمري الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف أَبوهُ بِابْن بدير تَصْغِير لقب أَبِيه. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره وَعرض عَليّ وعَلى خلق وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء واشتغل يَسِيرا عِنْد أخي وَنَحْوه وَكَذَا حضر عِنْدِي فِي عُلُوم الحَدِيث بل سمع عَليّ فِي السِّيرَة وَغَيرهَا، وأدب الْأَبْنَاء بالمنكوتمرية ثمَّ بغَيْرهَا وَكَذَا خطب وَأم بِجَامِع ابْن ميالة نِيَابَة، وَحج فِي موسم سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ بعد ذَلِك أَيْضا وَلَا بَأْس بِهِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حسن الأشمومي ثمَّ الفارسكوري الخامي. ولد تَقْرِيبًا سنة سبعين وَسَبْعمائة بِمَدِينَة أشموم ثمَّ انْتقل إِلَى فارسكور وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وارتزق من الحياكة ونظم الْكثير مَعَ تقلل جدا وَتَدين وَكَثْرَة صَوْم وتلاوة وانجماع عَن النَّاس بِحَيْثُ لم يتَزَوَّج قطّ وَله تردد إِلَى الْقَاهِرَة ودمياط والمحلة، وَقد لقِيه ابْن فَهد والبقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ فكتبا عَنهُ من قَوْله:
(إِذا سمحت بوصلكم اللَّيَالِي ... فَلَا خوف عَليّ وَلَا أُبَالِي)
(وَلَو أَن الحشا وَالْقلب يسلى ... بِنَار الهجر لَيْسَ الْقلب سالي)
(نصيب الْقَوْم فازوا بالتملي ... أَنا المأسور فِي سجن اعتقالي)
(أيا ليلى فخلي الطيف لَيْلًا ... يزور الصب فِي جنح اللَّيَالِي)
مَاتَ قبل دخولي فاسكور رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حسن الْمحلي وَيعرف بِابْن الْمُؤَيد كَانَ مُعْتَقدًا. مَاتَ برشيد فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ تَقْرِيبًا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الْعَلَاء بن النَّجْم أَو الْبَدْر بن الْجمال السَّعْدِيّ الحصني ثمَّ القاهري)
الشَّافِعِي ابْن أخي عمر بن حُسَيْن ووالد يحيى الآتيين وَيعرف بِالْعَلَاءِ الحصني. ولد بعيد الثَّلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بالحصن وَنَشَأ بِهِ فِي كنف أَبِيه وَلكنه لم يشْغلهُ إِلَّا بعد مُضِيّ عشر سِنِين فَقَرَأَ الْقُرْآن وتلاه بروايات على جمَاعَة ولازم أَولا الِاشْتِغَال فِي الصّرْف ثمَّ فِي أصُول الدّين الْعَرَبيَّة والمنطق وَالْحكمَة والمعاني وَالْبَيَان وَالتَّفْسِير وأصول الْفِقْه والْحَدِيث وَغَيرهَا وانتفع فِيهَا بملا الشَّمْس الواسطاني أحد من قدم عَلَيْهِم الْحصن وَظَهَرت براعته بِحَيْثُ لم يمض عَلَيْهِ إِلَّا يسير حَتَّى صَار بعض مشايخه الحصنيين يقْرَأ عَلَيْهِ فِي شرح الشمسية، وارتحل إِلَى بِلَاد الرّوم فِي حَيَاة وَالِده وَمَا وصل الرّوم حَتَّى بلغته وَفَاته مطعونا وجد(5/299)
هُنَاكَ فِي الِاشْتِغَال أَيْضا على مشايخها والقادمين إِلَيْهَا وَمن أمثل من أَخذ عَنهُ من أَهلهَا ملاتكان وَكَانَ غَايَة فِي العقليات مَعَ مُشَاركَة فِي غَيرهَا وَأقَام فِي الرّوم نَحْو سبع سِنِين ثمَّ ارتحل مِنْهَا إِلَى الديار المصرية فَدَخلَهَا وَقد أُشير إِلَيْهِ بالفضيلة فأقرأ الطّلبَة فِي الْفُنُون وانتفع بِهِ الجم الْغَفِير وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ ملا عَليّ شيخ الجانبكية فِي القرافة وَصَحب الدوادار الثَّانِي بردبك الأشرفي أَيْضا وَحضر فِي الْمجَالِس الَّتِي كَانَت تقْرَأ عِنْده وَظَهَرت فضائله وَمَا سلم فِي مَجْلِسه من حَاسِد وَقَررهُ فِي مشيخة جَامعه الَّذِي بناه تجاه درب التوريزي بِالْقربِ من الملكية وَكَذَا اخْتصَّ بالخطيب أبي الْفضل النويري ثمَّ صحب الدوادار الْكَبِير يشبك من مهْدي الطاهري وسافر مَعَه إِلَى الصَّعِيد ثمَّ إِلَى الْبِلَاد الشمالية فِي إِحْدَى كوائن سوار وأرسله سفيرا لبَعض مُلُوك الْأَطْرَاف ثمَّ سخط عَلَيْهِ وَكَاد أَن يهلكه ثمَّ رَضِي عَلَيْهِ بعد سِنِين وسافر مَعَه إِلَى الصَّعِيد أَيْضا ثمَّ لم يلبث أَن مَاتَ ابْن القاياتي فقرره عوضه فِي تدريس الْفِقْه بالأشرفية برسباي ثمَّ استرجعه ابْنا الْمَيِّت واستناباه بِنصْف الْمَعْلُوم وامتحن بعد مَوته من الأتابك، وَكَانَ عَلامَة مفتيا حسن التَّقْرِير وَالتَّعْبِير والشكالة بهي المنظر طلق اللِّسَان قوي الْجنان كَرِيمًا كثير التودد وَالْأَدب والتواضع موافيا فِي التعازي والتهاني عالي الهمة مَعَ من يَقْصِدهُ قَلِيل البضاعة من الْفِقْه، حج وزار بَيت الْمُقَدّس. وَمَات فِي آخر يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشر الْمحرم سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَدفن من الْغَد بالتربة الدوادرية يشبك الْمشَار إِلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن خَالِد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد نور الدّين المَخْزُومِي البلبيسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف فِي بَلَده بِابْن أبي لاطية لكَون أَبِيه كَانَ مَعَ كَونه قزازا فَقِيرا أحمديا يلبس على طريقتهم لاطية. ولد فِي لَيْلَة سَابِع عشري رَمَضَان سنة سبع عشري رَمَضَان سنة سبع)
عشرَة وَثَمَانمِائَة ببلبيس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْبُرْهَان الفاقوسي وَعمل العرافة عِنْده والتنبيه وَغَيره وَعرض على جمَاعَة واشتغل فِي بَلَده على الشَّمْس البيشي وَقدم على الْقَاهِرَة فاشتغل أَيْضا يَسِيرا وَسمع على شَيخنَا وأدب بني الْبَدْر بن الرُّومِي وجره مَعَه فِي الشَّهَادَات وَنَحْوهَا فتدرب بِهِ مَعَ كَونه كَانَ يكْتب الْخط الْجيد فَلَمَّا اسْتَقر نَقِيبًا للبدر بن التنسي أَخذه موقعا بِبَابِهِ فزادت براعته فِي الصِّنَاعَة وَقصد فِي مُهِمّ الأشغال من الْأَعْيَان كالجمالي نَاظر الْخَاص بانتمائه لنُور الدّين بن البرقي أَيْضا فترقى وناب فِي الْقَضَاء عَن العلمي البُلْقِينِيّ فَمن بعده بل ضم إِلَيْهِ قَضَاء بَلَده وعملها وقتا بعناية قانم التَّاجِر لمزيد اخْتِصَاصه بِهِ وَكَذَا ولي غَيرهَا من الْأَعْمَال، بل اسْتَقل بِقَضَاء إسكندرية يَسِيرا بعد وَفَاة الْبَدْر بن(5/300)
المخلطة، وَحج غير مرّة مِنْهَا على قَضَاء الْمحمل وتمول بعد الْفَاقَة والعدم وَاشْترى دَارا أَنْشَأَهَا الْبَدْر الْمَذْكُور فِي بَاب سر الصالحية بعد مَوته وَصَارَ من أَعْيَان النواب مَعَ نقص بضاعته إِلَّا من صناعته وتعرضه عِنْد من يتَرَدَّد إِلَيْهِ من الْأُمَرَاء وَنَحْوهم لأبناء حرفته بالتنقيص وَرُبمَا جَرّه ذَلِك لغَيرهم بِدُونِ تكْتم هَذَا مَعَ بذله لغير وَاحِد كالمكيني فِي استمراره على الشرقية وَنَحْوهَا وتعاطيه من نوابه فِي عمليه وَاشْتِرَاط عَلَيْهِم وَلذَا تخومل قبل مَوته وتجرأ عَلَيْهِ الشَّافِعِي مَعَ كَونه مِمَّن لم يكن يُقيم لَهُ وزنا بِكَلِمَات زَائِدَة على الْوَصْف، وَاسْتمرّ إِلَى أَن تعلل طَويلا وَحبس لِسَانه عَن التَّكَلُّم بعد أَن قسم مِيرَاثه بَين بنيه الثَّلَاثَة وَمَات فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْأَزْهَر ثمَّ دفن فِي نواحي الْبَاب الْجَدِيد رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن خَالِد بن عبد الله بن عَليّ بن عز الدّين نور الدّين القمني ثمَّ القاهري نزيل الصالحية والنائب فِي إِمَامَة شافعيتها وَأحد الْعُدُول تجاهها بل صَار الْآن خير جماعتها وَيعرف فِي بَلَده بِابْن خلد. رافق فِي الشَّهَادَة الأكابر ثمَّ لتقدمه فِي السن الأصاغر وَهُوَ مِمَّن سمع على شَيخنَا وَغَيره وَنسخ بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَفِيه خير وَستر وَسُكُون مَاتَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن خَالِد نور الدّين البطراوي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الكتبي وَيعرف بالبطراوي. قدم الْقَاهِرَة فَقَرَأَ الْقُرْآن وَأقَام بالأزهر مُدَّة فِي خدمَة الْبَدْر الهوريني الكتبي وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج وَأَظنهُ حفظه وَفِي غَيره واشتغل أَيْضا يَسِيرا على ابْن عباد والعبادي وَسمع ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَغير ذَلِك وَلكنه لم ينجب وزوجه الْبَدْر الْمشَار إِلَيْهِ ابْنَته وَمَا حصلت مِنْهُ بعد طول الصُّحْبَة على طائل وَلَا رَاعى حق والدها وتربيته لَهُ، وتكسب)
بِالتِّجَارَة فِي سوق الْكتب وارتقى فِيهَا حَتَّى صَار بعد الْعِزّ التكروري كَبِير طائفته وَالنَّاس فِيهِ مُخْتَلفُونَ وَأكْثر الْفُقَرَاء لم يَكُونُوا يحمدونه وأكبر القائمين مَعَه صاحبنا السنباطي بِحَيْثُ أَنه لم يكن يقدم على مصْلحَته غَالِبا غَيره مَعَ لحاق اللوم الْكثير لَهُ بِسَبَبِهِ. مَاتَ فَجْأَة فِي لَيْلَة السبت ثَانِي شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَدفن من الْغَد وَمَا أَظُنهُ أكمل السِّتين سامحه الله تَعَالَى ورحمه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن خضر بن أَيُّوب بن زِيَاد الْعَلَاء بن الناصري بن الزين الْمحلي الْحَنَفِيّ القاهري وَيعرف فِي بَلَده بِابْن الجندي نقيب زَكَرِيَّا. ولد فِي سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة بالمحلة وَنَشَأ بهَا مَحْمُود السِّيرَة فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والقدوري(5/301)
وألفية النَّحْو ولازم أوحد الدّين بن العجيمي فِيمَا كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ بل كَانَ هُوَ يقْرَأ حَتَّى صَار أحد المهرة من جماعته واستنابه فِي الْقَضَاء وبرع فِي الصِّنَاعَة وَقصد بهاسيما وَلَيْسَ بالغربية حَنَفِيّ وأضيفت إِلَيْهِ عمل الشبراوية ثمَّ عمل مسير وَكَذَا لَازم ابْن كتيلة مُدَّة فِي النَّحْو والفرائض والبديع وعادت عَلَيْهِ بركَة صحبته وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة وَأخذ فِيهَا عَن ابْن الديري والشمني والأمين الأقصرائي والكافياجي والعضد الصيرامي والزين قَاسم وَسيف الدّين ونظام وَغَيرهم من أَئِمَّة مذْهبه وَعَن الزين زَكَرِيَّا والتقي والْعَلَاء الحصنيين والبامي وَأبي السعادات البُلْقِينِيّ وَالْفَخْر المقسي والنور السنهوري فِي الْفِقْه والعربية والأصلين والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهمَا وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ عَنهُ أَكثر من بعض حَتَّى برع فِي الْعَرَبيَّة وشارك فِي غَيرهَا واشتدت عنايته بملازمة الزيني زَكَرِيَّا وقطنها بعد عزل قاضيه تَارِكًا النِّيَابَة عَن المستقر بعده وَتردد للأمشاطي فِي دروسه وَغَيرهَا واختص بِهِ كثيرا وَأثْنى على فضيلته ونوه بِهِ وَاعْتذر عَن عدم استنابته وَكَانَ يرتفق فِي إِقَامَته فِيهَا بمصاحبة الشهَاب الأبشيهي وَعمل مَا يقْصد بِهِ من الأشغال فَلَمَّا اسْتَقر شَيْخه زَكَرِيَّا فِي الْقَضَاء عمله نقيبه مَعَ كَونه كَانَ غَائِبا حِين الْولَايَة فِي مُبَاشرَة عمل يسير بل استنابه فِي الْقَضَاء بعد توقف قَاضِي مذْهبه وساس النَّاس فِي النقابة وحمدت عقله وأدبه وفضيلته وَبَلغنِي أَنه فِي أول أمره لما غير زِيّ أَبِيه شقّ عَلَيْهِ خوفًا عَلَيْهِ خوفًا على إقطاعه وَأَعْطَاهُ قاضيه تدريس الْفِقْه بِجَامِع طولون بعد شَيْخه نظام وَكَذَا اسْتَقر فِي غَيره من الْجِهَات وصاهره الشَّمْس بن الغرابيلي الْغَزِّي على ابْنَته ثمَّ كَانَ مِمَّن رسم عَلَيْهِ من جماعته وتزايد قلقه وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أحسن حَالا من غَيره وَهُوَ مِمَّن سمع على أم هَانِئ الهورينية وَمن حضر)
مَعهَا وَكَذَا على السَّيِّد النسابة بعض النَّسَائِيّ بالكاملية وَغير ذَلِك وَحج فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ ثمَّ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وجاور وَحضر فِي الْكَشَّاف عِنْد القَاضِي وَكَذَا حضر عِنْدِي قَلِيلا واستجازني ومدحني بِشَيْء من نظمه وَأخذ عني الابتهاج من تصانيفي وَكَانَ كتب عني بِالْقَاهِرَةِ التَّوَجُّه للرب وأقرأ الطّلبَة وَكَانَ على خير وَبَلغنِي أَنه تزوج بهَا سرا وَلم يلبث أَن تعلل بعد أشهر مديدة ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء حادي عشري جُمَادَى الأولى سنة سبع وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ ضحى ثمَّ دفن فِي المعلاة بِالْقربِ من قبَّة الْملك المسعود الْمَعْرُوفَة بسماسرة الْخَيْر رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن رشيد مكبر بن جلال بن عريب بِالْمُهْمَلَةِ مصغر السلسيلي الحصري وَيعرف بِابْن رشيد. ولد سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة بمنية بنى(5/302)
سلسيل من أَعمال الشرقية وَحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ ثمَّ ارتزق بعد موت أَبِيه من صَنْعَة الْحصْر وتعانى النّظم فَأكْثر، وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة ولقيه ابْن فَهد والبقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بِبَلَدِهِ فكتبا عَنهُ من نظمه قصيدة نبوية طَوِيلَة أَولهَا:
(يَا سادة ركبُوا متون رحال ... أرحلتم عني وَلست بسال)
وَكَانَ ذَا فهم جيد وقريحة وقادة وبديهة سيالة مَعَ عاميته وَعدم اشْتِغَاله لكنه مطبوع جدا عَليّ بن مُحَمَّد بن سَالم الخامي الْمُؤَذّن بالغمري وَيعرف بِعَسَل نحل. مِمَّن سمع مني فِي سنة خمس وَتِسْعين وَله حرص على الْجَمَاعَة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن سعد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ابْن يُوسُف بن يَعْقُوب بن عَليّ بن هبة الله بن نَاجِية الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن خطيب الناصرية الشَّمْس الطَّائِي الجبريني نِسْبَة لبيت جبرين الفستق ظَاهر حلب من شرقيها ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي سبط الْعَالم الْمدرس الزين عَليّ بن الْعَلامَة قَاضِي قُضَاة حلب الْفَخر أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن عَليّ بن عُثْمَان الطَّائِي بن الْخَطِيب بل والزين هَذَا ابْن عَم جده لِأَبِيهِ وَيعرف الْعَلَاء بِابْن خطيب الناصرية.
ولد فِي سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْمِنْهَاج الفرعي وَالْأَرْبَعِينَ المخرجة من مُسْند الشَّافِعِي الملقبة بسلاسل الذَّهَب من رِوَايَة الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عَمْرو ألفية الحَدِيث للعراقي وألفية النَّحْو لِابْنِ معطي وانتفع فِي حفظهَا بوالده الْآتِي وَفِي الْقرَاءَات بالفقيه الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي البركات الْغَزِّي ثمَّ الْحلَبِي)
فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ وَهُوَ صَغِير جدا بعض الْقُرْآن ثمَّ أكمله على غَيره وَعرض الْأَوَّلين فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ على جمَاعَة مِنْهُم الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد النحريري الْمَالِكِي والمنهاج وَحده فِيهَا أَيْضا على الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن نجم ابْن مُحَمَّد بن النجار الْحلَبِي الْحَنَفِيّ وَكتب لَهُ خطه بذلك وَفِي سنة سِتّ وَتِسْعين على السراج البُلْقِينِيّ بحلب والألفيتين على جمَاعَة مِنْهُم الشَّمْس مُحَمَّد بن مبارك بن عُثْمَان البسقاقي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ وَأَجَازَ لَهُ أَبوهُ من شُيُوخ الْقَاهِرَة حِين دَخلهَا فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة الزين الْعِرَاقِيّ وَكتب خطه بذلك، واستصحب مَعَه وَلَده قبل ذَلِك سنة خمس وَثَمَانِينَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فزار الشَّيْخ عبد الله بن خَلِيل البسطامي وأضافهما ودعا لَهما وجود الْعَلَاء الْقُرْآن على أَحْمد الْحَمَوِيّ الْمقري وَبَعضه على مُحَمَّد اليمني الْمقري نزيل حلب وَأحمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الشويش الجبريني الْحلَبِي أحد من برع فِي الْقرَاءَات وَفِي حل الشاطبية، وَمن شُيُوخه فِي الْعلم التَّاج باح بن مَحْمُود الأصفهيدي العجمي قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْفِقْه والنحو وَكثر اجتماعه بِهِ وَقَرَأَ فيهمَا(5/303)
أَيْضا على الشَّمْس مُحَمَّد بن سلمَان بن عبد الله الْحَمَوِيّ بن الْخَرَّاط وَكَذَا سمع دروسه فيهمَا أَيْضا وَفِي الْأُصُول ولازمه مُدَّة وَقَرَأَ فِي الْفِقْه وَغَيره كالعربية على الْجمال يُوسُف بن خطيب المنصورية بحلب وبحماة وطرابلس وَحضر دروسه فِي التَّفْسِير وَهُوَ أول من أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وَكتب لَهُ خطه بذلك وَهُوَ مِمَّن أَخذ الْعَرَبيَّة عَن السّري الْمَالِكِي وَحضر دروس السراج البُلْقِينِيّ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين ثمَّ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين حِين قدم عَلَيْهِم حلب فيهمَا وَقَرَأَ غَالب الْمِنْهَاج بحثا على الزين أبي حَفْص عمر بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الكركي وَيُقَال أَن الْبُرْهَان الْحلَبِي كَانَ يلومه فِي أَخذه عَنهُ وَيَقُول لَهُ إِنَّك أفضل مِنْهُ، وَأخذ فِي الْفِقْه أَيْضا مُدَّة عَن الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب النابلسي نزيل حلب ويسيرا عَن الشّرف الداديخي وَكَانَ يحاققه فِي أَشْيَاء يكون الظفر فِيهَا بالمنقول مَعَ صَاحب التَّرْجَمَة وَقَرَأَ طرفا من النَّحْو أَيْضا على الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان المعري الْحلَبِي الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن الرُّكْن والعز أبي الْبَقَاء مُحَمَّد بن خَلِيل الحاضري الْحَنَفِيّ بل وَسمع عَلَيْهِ أَيْضا الحَدِيث وَكَانَ رَفِيقه فِي الْقَضَاء بحلب سِنِين وطرفا من الْفَرَائِض على الشَّمْس مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن خَمِيس البابي والسراج عبد اللَّطِيف ابْن أَحْمد الْقوي بحلب بل قَرَأَ عَلَيْهِ تخميسة للبردة وَكتب عَنهُ من نظمه أَشْيَاء وَقطعَة من مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وجانبا)
من الْفِقْه على الْعَلَاء أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى التَّمِيمِي الصرخدي نزيل حلب وانتفع بِهِ كثيرا وَكَذَا بالشمس البابي الْكَبِير وطرفا من الْمعَانِي وَالْبَيَان على الْمُحب أبي الْوَلِيد ابْن الشّحْنَة وَحضر عِنْده كثيرا وَكتب عَنهُ من نظمه ونثره، وَمن شُيُوخه أَيْضا القَاضِي الشّرف أَبُو البركات مُوسَى الْأنْصَارِيّ الْحلَبِي قاضيها الشَّافِعِي وأخذالحديث عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبرهان الْحلَبِي ولازمه كثيرا وَبِه تخرج وَعَلِيهِ انْتفع وَكَذَا أَخذ قَدِيما وحديثا عَن شَيخنَا وأحضر فِي الْخَامِسَة على الْبَدْر بن حبيب وَسمع على الشهَاب بن المرحل والشرف أبي بكر الْحَرَّانِي وَابْن صديق والعز أبي جَعْفَر الْحُسَيْنِي وَأبي الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب بن صقر والشهاب أبي جَعْفَر أَحْمد وَأم الْحسن فَاطِمَة ابْنة الشهَاب الْحُسَيْنِي الإسحاقي وَجَمَاعَة من أَهلهَا والقادمين عَلَيْهَا فَكَانَ من القادمين الغياث مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله العاقولي بل سمع من لَفظه حَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَالْكَلَام على فَوَائده وَأَحْكَامه وأنشده شَيْئا من شعره وَأَجَازَ لَهُ وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين والبدر بن أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ اجْتمع بِهِ وَصَحبه وَقَرَأَ على الْجمال يُوسُف بن مُوسَى الْمَلْطِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة(5/304)
والدر المنظوم من كَلَام الْمُصْطَفى الْمَعْصُوم كِلَاهُمَا لمغلطاي بقرَاءَته لَهما على مؤلفهما وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فَقَرَأَ بِدِمَشْق فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة المسلسل عَليّ الْجمال بن الشرائحي وَسمع مِنْهُ وَمن عَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي وطيبغا الشريفي وَأحمد بن عبد الله بن الْفَخر البعلي وَحضر دروس جمَاعَة فِيهَا كالجمال الطيماني، قَالَ ابْن قَاضِي شهبا: حضر عِنْده وَأَنا أَقرَأ عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي فَكَانَ يستحضر كثيرا، وبالقاهرة من القطب عبد الْكَرِيم حفيد الْحَافِظ القطب الْحلَبِي والتقى الدجوي والشريف النسابه الْكثير فِي آخَرين كشيخنا علق عَنهُ كثيرا من كِتَابه تَعْلِيق التَّعْلِيق ثمَّ سمع مِنْهُ بعد ذَلِك أَشْيَاء وكالشرف بن الكويك والجلال البُلْقِينِيّ سمع عَلَيْهِ الْبَعْض من سنَن النَّسَائِيّ الصُّغْرَى بل قَرَأَ عَلَيْهِ بحلب الْبَعْض من مبهماته وَأخذ بهَا على النُّور بن سيف الأبياري اللّغَوِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ جُزْءا من تصنيف شَيْخه العنابي اسْمه الوافر فِي فعل الْمُتَعَدِّي والقاصر بقرَاءَته لَهُ على مُؤَلفه وَذكر الْعَلَاء لشيخه حِين قِرَاءَته عَلَيْهِ لَهُ أَن مُؤَلفه فَاتَهُ كثير من الْأَفْعَال الَّتِي تسْتَعْمل لَازمه ومتعدية فَاسْتحْسن الشَّيْخ ذَلِك وَبَالغ فِي تَعْظِيمه وَوَصفه بِخَطِّهِ بالعلامة وَحلف أَنه لم يَكْتُبهَا لأحد قبله، وَكَذَا اجْتمع بِالْقَاهِرَةِ بالشمس بن الديري وَكتب عَنهُ فِي آخِره مِنْهُ الأديب الشَّمْس أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر)
الْمصْرِيّ كتب عَنهُ فِي ربيع الأول سنة تسع شَيْئا من نظمه وَكَذَا سمع بروس البيجوري وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وسافر من الْقَاهِرَة فِي هَذَا الشَّهْر وَكتب فِيهِ بقاقون عَن نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ القَاضِي شَيْئا من نظمه أَيْضا وببعلبك على التَّاج بن بردس وَغَيره وبطرابلس عَن الشّرف مَسْعُود بن شعْبَان الطَّائِي الْحلَبِي الشَّافِعِي كتب عَنهُ شَيْئا من شعر غَيره وَكَذَا كتب فِيهَا فِي رَجَب سنة أَربع وَثَمَانمِائَة عَن الْبَدْر مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن الشهَاب مَحْمُود شَيْئا من نظمه وَكتب لكاتب سرها الْجمال عبد الْكَافِي بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن فضل الله يستجيزه:
(أسيدنا شيخ الْعُلُوم وَمن غَدَتْ ... فواضله أندى من الْغَيْث وَالْبَحْر)
(أجب وأجز عبدا ببابك لم يزل ... بإمداحكم رطب اللِّسَان مدى الدَّهْر)
فَأَجَابَهُ بقوله:
(أيا سيدا مَا زَالَ فِي الْفضل وَاحِدًا ... جبرت كسيرا بالسؤال بِلَا نكر)
(نعم إِذا بدأت العَبْد أَنْت مقدما ... وفضلك أضحى بالتقدم ذِي جبر)
ثمَّ لقِيه بطرابلس وَسمع مِنْهُ من نظمه شفاها وتكرر قدومه بعد ذَلِك الْقَاهِرَة وَآخر قدماته فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فَإِنَّهُ كَانَ صرف فأعيد وَتوجه(5/305)
مِنْهَا فِي حادي عشر شعْبَان مِنْهَا فَدخل بَلَده فِي أَوَائِل شَوَّال موعوكا وَلم يلبث أَن مَاتَ، وَقبل ذَلِك دَخلهَا فِي شَوَّال سنة أَربع وَعشْرين بعد أَن زار بَيت الْمُقَدّس وَحِينَئِذٍ ولي قَضَاء طرابلس كَمَا سَيَأْتِي وَقبل ذَلِك فِي سنة سِتّ عشرَة وَولي فِيهَا قَضَاء حلب كَمَا سَيَأْتِي، وَحج ثَلَاث مَرَّات أَولهَا فِي سنة سِتّ عشرَة وَاجْتمعَ بالجمال بن ظهيرة وَسمع خطبَته لكنه لم يسمع عَلَيْهِ وَلَا على غَيره هُنَاكَ شَيْئا للإشتغال بالمناسك وَثَانِيهمَا فِي سنة سِتّ وَعشْرين، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة محققا متقنا بارعا فِي الْفِقْه كثير الاستحضار لَهُ إِمَامًا فِي الحَدِيث مشاركا فِي الْأُصُول مُشَاركَة جَيِّدَة وَكَذَا فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا مستحضرا للتاريخ لَا سِيمَا السِّيرَة النَّبَوِيَّة فيكاد يحفظ مؤلف ابْن سيد النَّاس فِيهَا كل ذَلِك مَعَ الإتقان والثقة وَحسن المحاضرة وجودة المذاكرة والرياسة والحشمة والوجاهة والثروة مَعَ صميم يسير، اشْتهر ذكره وَبعد صيته وَصَارَ مرجع الشَّافِعِيَّة فِي قطره وَقد كثر اعتناؤه بأخبار بَلَده وتراجم أعيانها بِحَيْثُ جمع لَهَا تَارِيخا حافلا ذيل بِهِ على تَارِيخ الْكَمَال بن العديم وَأكْثر فِيهِ الستمداد من شَيخنَا وَقد طالعه شَيخنَا من المسودة فِي حلب ثمَّ من)
نُسْخَة كتبت للكمال بن الْبَارِزِيّ وَبَين بهوامشها عدَّة استدراكات وَكَذَا طالعته من هَذِه النُّسْخَة أَيْضا غير مرّة ونبهت على مَوَاضِع أَيْضا مهمة وَهُوَ نظيف اللِّسَان والقلم فِي التراجم لَكِن فَاتَهُ مِمَّا هُوَ على شَرطه خلق وَله غَيره من التصانيف كالطيبة الرَّائِحَة فِي تَفْسِير الْفَاتِحَة انتزعه من تَفْسِير الْبَغَوِيّ بِزِيَادَات وسيرة الْمُؤَيد وَشرح حَدِيث أم زرع وَهُوَ حافل وَكَذَا كتب على الْأَنْوَار الأردبيلي كِتَابَة متقنة جَامِعَة يحاكي فِيهَا شرح الْمُهَذّب الفوي وَأَشْيَاء غَيرهَا وَولي قَضَاء بَلَده غير مرّة أَولهَا سنة سِتّ عشرَة وَبعد ذَلِك سَأَلَهُ الظَّاهِر ططر شفاها بِحَضْرَة الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ قَاضِي الشَّافِعِيَّة إِذْ ذَاك فِي ولَايَة قَضَاء طرابلس فَامْتنعَ فألح عَلَيْهِ وكرره حَتَّى قبل، وسافر من الْقَاهِرَة إِلَى جِهَة طرابلس فوصلها فِي يَوْم عَرَفَة سنة أَربع وَعشْرين وَكَانَ فِيهَا فِي السّنة الَّتِي بعْدهَا وحمدت سيرته فِي البلدين وَولي الخطابة بالجامع الْكَبِير بِبَلَدِهِ مَعَ إِمَامَته ودرس قَدِيما وَأفْتى وَاسْتقر بِهِ يشبه المؤيدي نَائِب حلب فِي تدريس مَسْجده الَّذِي بناه بِالْقربِ من الشادبختية بحلب بعد الْعشْرين فدرس فِيهِ بِحَضْرَتِهِ وبحضرة الْفُقَهَاء وَعمل لَهُم الْوَاقِف سماطا مليحا، وَحدث بِبَلَدِهِ وبالقاهرة وَغَيرهمَا أَخذ عَنهُ الْأَئِمَّة وَكَانَت دروسه حافلة بِحَيْثُ كَانَ شَيْخه الْبُرْهَان الْحلَبِي يَقُول: هِيَ دروس اجْتِهَاد لم أسمع شبهها إِلَّا من شَيخنَا البُلْقِينِيّ وَكَانَ شَيخنَا الْعَلَاء القلقشندي يَقُول مَا قدم علينا من الغرباء مثله(5/306)
وَلم يزل يدرس ويفتي ويصنف حَتَّى مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي يَوْم الْخَمِيس منتصف ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بعد عوده من الْقَاهِرَة بِيَسِير، وَمن أرخه بشوال فقدسها، وَلم يخلف بعده بهَا فِي الشَّافِعِيَّة مثله وَخلف مَالا جما رَحمَه الله وإيانا. وَقد ذكره شَيْخي فِي مُعْجَمه وَقَالَ: سَمِعت من فَوَائده وعلق عني كثيرا من كتابي تَعْلِيق التَّعْلِيق فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَلما دخلت حلب مَعَ الْأَشْرَف أنزلني فِي منزله وَحضر معي عدَّة مجَالِس الْإِمْلَاء وَحدثت أَنا وَهُوَ بِجُزْء حَدِيثي فِي قَرْيَة جبر بن ظَاهر حلب وَله عناية كَبِيرَة بأخبار بَلَده وتراجم علمائها كثير المذاكرة والاستحضار للسيرة النَّبَوِيَّة ولكثير من الخلافيات، انْفَرد برياسة المملكة الحلبية غير مدافع وَذكره فِي أنبائه بِاخْتِصَار جدا وَأثبت غَيره فِي شُيُوخه الَّذين تفقهوا عَلَيْهِم بِالْقَاهِرَةِ ابْن الملقن وَهُوَ غلط فَلم يدْخل الْقَاهِرَة إِلَّا بعد مَوته واجتماعه بالبلقيني إِنَّمَا كَانَ بحلب، وَقَالَ ابْن قَاضِي شهبا:)
كَانَ يحفظ مواضيع كَثِيرَة من الْعُلُوم فَإِذا جلس عِنْده أحد يذاكره بهَا فَإِن نَقله إِلَى غَيرهَا أظهر الصمم وَعدم السماع وَثقل عَلَيْهِ ذَلِك قَالَ وَقد عرض عَلَيْهِ قَضَاء الشَّام فِي الدولة الأشرفية وَالْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة فَلم يقبل إِلَّا على بَلَده وَالْإِقَامَة بهَا وَنَحْوه قَوْله فِيمَا تقدم أَنه كَانَ يستحضر كثيرا وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه صَار رَئِيس حلب على الْإِطْلَاق قدم الْقَاهِرَة غير مرّة فَظهر من فضائله وَكَثْرَة استحضاره وتفننه مَا عظم بِهِ قدره وَقَالَ وَلم يخلف بِبِلَاد الشَّام بعده مثله رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن سعيد جبروه الْقَائِد. مَاتَ بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة سِتّ وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن سَنَد الْمصْرِيّ الْفراش بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام. وَليهَا قبل سنة ثَمَانمِائَة ثمَّ ولي البوابة بالمظهرة الناصرية سنة عشر ثمَّ تَركهمَا لزوجي ابْنَتَيْهِ وَكَانَ قد حضر بعض الدُّرُوس بِمصْر فعلق بذهنه شَيْء من مسَائِل الْفِقْه وتكسب بزازا فِي بعض القياسر ثمَّ عانى التِّجَارَة بِمصْر ووقف كتبا اقتناها وَجعل مقرها برباط ربيع من مَكَّة وَبهَا مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سبع وَعشْرين وَقد بلغ السّبْعين أَو قاربها. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن صَدَقَة نور الدّين بن الشَّمْس الدِّمَشْقِي أحد أَعْيَان تجارها كأبيه. مَاتَ فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ بعد مرض طَوِيل انحطت قوته فِيهِ إِلَى قدر عَظِيم وَدفن من يَوْمه عِنْد أَبِيه بسفح قاسيون رحم الله شبابه. ذكره ابْن اللبودي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن طعيمة الشَّيْخ نور الدّين الجراحي القاهري وَقد(5/307)
ينْسب لجده. مِمَّن لَازم الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَغَيرهَا وَكَذَا لَازم شَيخنَا مِمَّا سَمعه عَلَيْهِ متبايناته وَشَيْخه كل مِنْهُمَا بل كَانَ كَمَا قَالَه لي الْجلَال القمصي يحفظ الشفا لعياض.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْبر بن يحيى بن عَليّ بن تَمام بن يُوسُف بن مُوسَى الْعَلَاء بن الْبَهَاء أبي الْبَقَاء الْأنْصَارِيّ الخزرجي السُّبْكِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو الولوي عبد الله والبدر مُحَمَّد ووالد شيختنا باي خاتون الْآتِيَة فِي النِّسَاء وَيعرف كسلفه بِابْن السُّبْكِيّ. ولد سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بِمصْر وَقدم دمشق مَعَ وَالِده فِي سنة خمس وَسبعين ودرس بالصارمية وَولي قضاءها مرَّتَيْنِ فِي دولة الظَّاهِر ومرتين فِي دولة النَّاصِر وَأول مَا اسْتَقر كَانَ الظَّاهِر فِي دمشق سنة سِتّ وَتِسْعين فَحَضَرَ قِرَاءَة تَقْلِيده قُضَاة الشَّام وقضاة مصر، وَكَانَ يذاكر بالفقه ويشارك فِي غَيره قَالَ ابْن حجي:)
كَانَ رَئِيسا محتشما ذكيا فَاضلا خَاتِمَة الْبَيْت السُّبْكِيّ، مَاتَ مختفيا من النَّاصِر فرج. حَكَاهُ شَيخنَا فِي أنبائه، وَقَالَ هُوَ إِنَّه مَاتَ من رعب أَصَابَهُ بِسَبَب مَال طلب مِنْهُ على سَبِيل الْقَهْر فاختفى عِنْد إِبْرَاهِيم بن الشَّيْخ أبي بكر الْموصِلِي فَمَاتَ مختفيا وَذَلِكَ فِي سنة تسع، وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه أجَاز لَهُ الْعِزّ بن جمَاعَة وَغَيره، وَقدم الْقَاهِرَة بعد اللنك سَمِعت من فَوَائده بِدِمَشْق فِي الرحلة، وَذكر غَيره أَنه كَانَ بِدِمَشْق فِي كنف أَخِيه عبد الله ثمَّ قدم بعد مَوته إِلَى الْقَاهِرَة فناب عَن أَخِيه الآخر الْبَدْر ثمَّ عَاد إِلَى دمشق وَكَانَت وَفَاته بهَا فِي ربيع الآخر، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْحق نور الدّين الغمري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْخَطِيب التَّاجِر أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بِابْن عبد الْحق. ولد سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة بمنية غمر وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وتعانى الْبَز كسلفه وَصَحب الشَّيْخ مُحَمَّد الغمري وتميز عِنْده بِحَيْثُ جعله أحد الأوصياء على وَلَده وخطب بجامعه بِالْقَاهِرَةِ دهرا، وَحج غير مرّة وجاور فِي بَعْضهَا واشتغل يَسِيرا وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَكَذَا لازمني فِي سَماع القَوْل البديع وَغَيره من تآليفي وَغَيرهَا وَحصل كتبا بِخَط ابْن الْعِمَاد كالبخاري والشفا وأتقنهما وبخط غَيره كالترغيب لِلْمُنْذِرِيِّ والدميري وَالْقَوْل البديع وَجُمْلَة، وَكَانَ فِيهِ بر وَخير ورقة ثمَّ تضعضع حَاله جدا وَبَاعَ الْكتب الْمشَار إِلَيْهَا بعد وَقفه إِيَّاهَا وَلم يسْعد بذلك بل لم يزل فِي افتقار واحتياج إِلَى التَّعَرُّض للأخذ ثمَّ فلج ودام أشهرا مُنْقَطِعًا بِبَيْت بجوار جَامع الغمري إِلَى أَن حول مِنْهُ لبيت بِالْقربِ من خوخة سوق أَمِير الجيوش فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي أَوَائِل ذِي الْقعدَة سنة تسعين وَدفن بتربة القرا سنقرية وَخلف ذكرا وَأُنْثَى عوضهم الله الْجنَّة.(5/308)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق بن أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي الفوارس ابْن عَليّ بن أَحْمد بن عمر بن قطامي الْعَلَاء بن الشَّمْس بن النَّجْم الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ المعري ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي الضَّرِير وَيعرف بِابْن الوردي لكَون جده الْأَعْلَى أبي بكر أَخا لجد الشَّيْخ زين الدّين عمر بن مظفر بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي الفوارس. ولد فِي نصف شعْبَان سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة بالمعرة وَسمع من الشهَاب بن المرحل وَكَانَ يَقُول أَنه سمع من لفظ خَال أَبِيه الشّرف أبي بكر بن عمر بن الوردي الْبَهْجَة لِأَبِيهِ بِسَمَاعِهِ من ناظمها بل ابْن الوردي عَم جد أَبِيه أَحْمد كَمَا قدمْنَاهُ أَيْضا، وتفقه بالشرف الْمَذْكُور والسراج عبد اللَّطِيف الفوي وَأذن لَهُ)
بالإفتاء والتدريس وَكَذَا أَخذ الْحَاوِي عرضا عَن ابْن الرُّكْن بل تفقهه بِهِ مُمكن أَيْضا، وَحدث وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَكَانَ إِمَامًا عَالما محققا متقنا مفننا غَايَة فِي الذكاء وَسُرْعَة الْجَواب حَافِظًا للحاوي مجيدا لاستحضاره عَارِفًا بِهِ مستحضرا لغالب الْبَهْجَة ذَا نظم حسن بِحَيْثُ أَنه لما رأى فِي شرح الْبَهْجَة للولوي اعتراضه على ناظمها فِي إِسْقَاطه من أصل الْحَاوِي مالورد الْمُقْتَرض الْقَرْض بِأَحْسَن مِنْهُ فِي غير بَلَده من غير شَرط ذهولا قَالَ:
(قرض بِلَا شَرط يجوز أَن يرد ... أَجود أَو أَكثر فِي غير بلد)
ثمَّ وجد بنسخة أخيرة من الْبَهْجَة بِخَط ناظمها وفيهَا:
(وَإِن يكن من غير شَرط أقرضا ... فَرد فِي قطر سواهُ أَو قضى)
(أَجود أَو أَكثر لم يحرم وَلَا ... يكره بل ينْدب فِي تين كلا)
وَكَانَ الزيني زَكَرِيَّا وقف عَلَيْهِمَا لشرحه لَهما، ورغبة فِي مجَالِس الْعلم بِحَيْثُ لَازم الْبُرْهَان الْحلَبِي بعد انحرافه عَنهُ وَكَثُرت استفادته مِنْهُ وسماعه عَلَيْهِ وتأسفه على مَا فَاتَهُ مِنْهُ، وَقد تكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا فَلَمَّا تلفت عينه فِي الْفِتْنَة بِسَبَب كشفهم رَأسه حَتَّى صَار لَا يبصر بهَا إِلَّا قَلِيلا وَكَانَت الْأُخْرَى تالفة قبل ذَلِك لجدري عرض لَهُ بل بَلغنِي أَن تلفهَا من وَقت الْولادَة فَإِن أمه كَانَت تستقي المَاء على بِئْر فأدركها الْمَخَاض فَخَشِيت من سُقُوطه فِي الْبِئْر فمالت على الْحجر وضمته هُوَ والمولود فصدعت رَأسه بأماكن وَأدّى جبرها لتلف عينه عِنْد كشفه وَلزِمَ من ذَلِك أَن صَار ضريرا ترك وَالْتمس بعد من الْعَلَاء بن خطيب الناصرية أَن يُقرر لَهُ راتبا فِي وقف العميان فنازعه فِي ذَلِك فَأثْبت بذلك محضرا. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَأَرْبَعين بحلب وَدفن بمقبرة الشُّهَدَاء الصَّالِحين قَرِيبا من قبر عَم جده الْمشَار إِلَيْهِ الَّذِي قبلي الْمقَام الخليلي وَلذَا يُقَال فِي تَعْرِيفهَا خَارج بَاب الْمقَام رَحمَه الله وإيانا.(5/309)
عَليّ بن الْمُحب مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن الصفي أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم النُّور أَبُو الْحسن الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ. ولد بهَا وَسمع المراغي وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ جمَاعَة وباشر الْإِمَامَة بقرية التنضب من وَادي نَخْلَة الشامية نِيَابَة، وَكَانَ منطويا على عقل وَسُكُون وخدمة لأَصْحَابه. مَاتَ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَهُوَ فِي عشر الْأَرْبَعين ظنا. تَرْجَمَة الفاسي فِي مَكَّة ثمَّ ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن رسْلَان بن نصير الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن التَّاج أبي)
سَلمَة بن الْجلَال أبي الْفضل بن السراج البُلْقِينِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي. ولد فِي رَجَب سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَحضر إِلَيْهِ جد وَالِده السراج حِينَئِذٍ فَأذن فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَأقَام فِي الْيُسْرَى وبرك عَلَيْهِ، وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو وَربع التسهيل وَبَعض الرَّوْضَة وَقطعَة صَالِحَة من البُخَارِيّ وَغَيرهَا وَعرض على جده وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَأبي هُرَيْرَة بن النقاش والزين القمني وَشَيخنَا وَخلق وَأخذ الْفِقْه عَن الْبُرْهَان البيجوري والبرماويين والشهاب الطنتدائي وَحضر دروس جده ورام أَن يَجعله قَارِئ درس الخشابية بَين يَدَيْهِ فَمَا قدر وَقَرَأَ الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ عَن القاياتي وَأخذ النَّحْو وَالصرْف عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَكَذَا عَن الْبُرْهَان بن حجاج الأبناسي وَمن قبلهمَا عَن الشطنوفي وَقَرَأَ على الشَّمْس البوصيري فِي الْجمل للزجاجي فِي فَرَائض الْمِنْهَاج وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وَأذن لَهُ الْمجد الْبرمَاوِيّ فِي الإقراء وَكَذَا القاياتي، واشتهر بِسُرْعَة الْحِفْظ بِحَيْثُ كَانَ جده يناظر بِهِ فِي ذَلِك الْهَرَوِيّ فَيَقُول يذكرُونَ عَن حفظ الْهَرَوِيّ وحفيدي هَذَا يحفظ كَيْت وَكَيْت، وَلَكِن كَانَت فاهمته قَاصِرَة، ودرس الْفِقْه بالجيهية برغبة وَالِده لَهُ عَنهُ وَكَذَا اسْتَقر فِي الميعاد بهَا برغبة غَيره وَفِي تدريس الْفِقْه بالسكرية بِمصْر والإعادة فِيهِ بالقبة المنصورية وَفِي الحَدِيث بالقبة البيبرسية ثمَّ رغب بعد عَن ذَلِك كُله وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء والتقط ضوابط التدريب وَغير ذَلِك، وَحج فِي حَيَاة جده مَعَ وَالِده فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا فَمن بعده، وَكتب لَهُ شَيخنَا حِين إِذْنه لَهُ مَا نَصه: أَذِنت لَهُ فِي ذَلِك لاستئهاله بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ، وَكَانَ كثير الْميل إِلَيْهِ والمحبة وَكَذَا كَانَ الْعَلَاء زَائِد الْحبّ فِيهِ بِحَيْثُ أَنه فِي ختم ولد لَهُ لم يدع عَم وَالِده مَعَ كَونه كَانَ بمدرستهم وَاقْتصر على شَيخنَا ولازم مجالسه كثيرا فِي الدِّرَايَة وَالرِّوَايَة وَكَذَا سمع على الْعَلَاء بن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَغَيرهم كَالشَّمْسِ(5/310)
الْبرمَاوِيّ والشهاب البطائحي وقارئ الْهِدَايَة وَالْجمال الكازوني بل والشرف ابْن الكويك، وشافهه بِالْإِجَازَةِ ابْن الْجَزرِي بل أجَاز لي وَسمعت دروسه وفوائده، وَكَانَ مُفِيدا متواضعا كثير التودد متكرما على نَفسه وَعِيَاله لَا يبْقى على شَيْء رَاغِبًا فِي الانعزال محبا فِي الرَّاحَة وَقد أنكل وَلَده الْجلَال عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَكَيف بِأخرَة وافتقر جدا وتعلل مُدَّة ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثامن عشري شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْحَاكِم وَدفن عِنْد أَخِيه الشهَاب أَحْمد بمدرستهم رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله الزين بن المعيد بن الصفي الحسني الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ والماضي جده. ولد بايج وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فاشتغل عَلَيْهِ وتميز فِي الْعَرَبيَّة وَالْكَلَام وَنَحْوهمَا وَتزَوج بعابدة ابْنة عمته حليمة ابْنة الصفي فاستولدها ثمَّ فَارقهَا وَقدم مَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين فحج وَعَاد وسنه الْآن نَحْو الْأَرْبَعين.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْعَلَاء بن الْبَدْر بن السمربائي الأَصْل القاهري شَقِيق سعادات زوج الصّلاح المكيني. شَاب خضر غير مُتَوَجّه لصالحه سِيمَا حِين مُخَالطَة زوج أُخْته فِي تنبوك تأنقه فَلم يلبث أَن قصف فِي نضارته سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ عَن عشْرين سنة وَاشْتَدَّ أَسف أُخْته عَلَيْهِ عَفا الله عَنهُ وَكَانَ قد سمع مَعنا على أفضل الدّين مُحَمَّد المليجي الْمِائَة الشريحية.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن نور الدّين الصهرجتي القاهري الشَّافِعِي قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: مَاتَ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين عَن نَحْو السّبْعين وَكَانَ مَشْهُورا بِالْخَيرِ من قدماء الشَّافِعِيَّة وَمِمَّنْ تكسب بِالشَّهَادَةِ رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن نور الدّين الإكداوي قاضيها وَيعرف بالغويطي بِمُعْجَمَة ثمَّ وَاو وَآخره مُهْملَة مصغر. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وتولع بِالشَّهَادَةِ ثمَّ نَاب فِي بَلَده أدكو عَن شعْبَان بن جنيبات ثمَّ عَن نور الدّين البلبيسي ثمَّ عَن الْمُحب أخي القَاضِي السُّيُوطِيّ وَلم يحمد سِيمَا وَقد ضمن بحيرتها بِمِائَتي ألف بعد أَن كَانَت مُبَاحَة لخلق الله ودام سِنِين ثمَّ راد عَلَيْهِ الشهَاب بن محليس ثمَّ أَحْمد بن عبد الله بن كنايف الْبُرُلُّسِيّ واستمرت مَعَه بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار فَكَانَ هَذَا من سيئاته وَقد امْتنع الزين زَكَرِيَّا من استنابته إِلَى أَن عجز من دفع الرسائل مَعَ تواليها وَحِينَئِذٍ أشركه مَعَ عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد(5/311)
وَقيد عَلَيْهِ فِي عدم انْفِرَاده وَمَعَ هَذَا فالبلاء عَلَيْهِ مُسْتَمر وتعب شَرِيكه مَعَه، ثمَّ لم يزل على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ فِي أَوَائِل سنة سبع وَتِسْعين بأدكو عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المنوفي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَشَيخ رِبَاط ربيع وَيعرف بَين أهل بَلَده بِابْن مصاص بمهملتين بعد مِيم مَضْمُومَة مخففا. ولد فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بمنوف ثمَّ تحول مِنْهَا وَهُوَ صَغِير فَنزل الْأَزْهَر وَغَيره وَحفظ الْقُرْآن والبهجة وألفية النَّحْو ثمَّ بِمَكَّة التَّلْخِيص وجود الْقُرْآن بهَا على عمر النجار وتفهم الْبَهْجَة على ابْن الفالاتي وَفِي الألفية على ابْني أبي شرِيف بل حضر دروس الْمَنَاوِيّ وَغَيره وَسمع على)
الشُّيُوخ الَّذين قَرَأَ عَلَيْهِم الديمي بالكاملية البُخَارِيّ إِلَّا الْيَسِير مِنْهُ وعَلى الزين البوتيجي وَمن كَانَ مَعَه بِقِرَاءَتِي جلّ ابْن مَاجَه وَمِمَّا سَمعه على الزين المسلسل وَلكنه لم يتسلسل لَهُ، وخطب بِبَلَدِهِ وبجامع الْأَقْمَر وعدة أَمَاكِن نِيَابَة ثمَّ هَاجر بحرا إِلَى مَكَّة لقَضَاء فَرْضه فوصلها فِي رَمَضَان سنة سبع وَسِتِّينَ وَمَعَهُ كتب بِالْوَصِيَّةِ بِهِ إِلَى القَاضِي وَغَيره فأنزله ابْن أبي الْيمن برباط السِّدْرَة ثمَّ الْخَطِيب أَبُو الْفضل ببيته وأقرأ أَصْغَر ولديه واغتبط بِهِ الْخَطِيب بِحَيْثُ أَنه لما أُعِيدَت لَهما الخطابة أرسل باستنابته فِيهَا أَن لم يكن الْمُحب ابْن أَخِيه حَاضرا ورسخت قدمه بِمَكَّة وَهُوَ يقرئ الْوَلَد الْمشَار إِلَيْهِ وَحضر بهَا دروس أَمَام الكاملية وَغَيره ثمَّ لما توجه الْوَلَد لِأَبِيهِ بِالْقَاهِرَةِ ذهب للزيارة النَّبَوِيَّة فدام بِطيبَة سنة وَحضر بهَا دروس صالحها الشهَاب الأبشيطي وَعَاد فتصدى لإقراء الْأَبْنَاء بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام بل اسْتَقر فِي مشيخة رِبَاط ربيع فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ بعد موت إِبْرَاهِيم بن مُفلس الزبيدِيّ وَهُوَ فِي غُضُون ذَلِك يحضر دروس البرهاني وأخيه الْخَطِيب فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا وَرُبمَا يرغب إِلَيْهِ فِي غسل الْأَمْوَات مَعَ تبرمه من ذَلِك، وتكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ اقْتصر عَلَيْهَا رَفِيقًا لزائد معرضًا عَن إقراء الْأَبْنَاء، وَهُوَ إِنْسَان خير لون وَاحِد وَالْغَالِب عَلَيْهِ السذاجة والغفلة وصلاحه مستفيض نفع الله بِهِ. عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الرفا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْعلي بن فَخر بِضَم الْقَاف وَسُكُون الْمُهْملَة بعْدهَا رَاء موفق الدّين العكي الزبيدِيّ الشَّافِعِي. ولد سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة وتفقه بِأَحْمَد بن أبي بكر الْحَضْرَمِيّ وَبِه انْتفع وبالشهاب أَحْمد بن أبي بكر النَّاشِرِيّ وَالْجمال الريمي وَمهر فِيهِ وَتقدم إِلَى أَن صَار مفتى زبيد وفقيهها والمرجوع إِلَيْهِ فِي ذَلِك وأكبر مفتيها سنا وَأخذ النَّاس عَنهُ وَهُوَ أول من ولي من الشَّافِعِيَّة إِمَامَة مَسْجِد الأشاغر بهَا فِي سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة. مَاتَ فِي ثَانِي أَو(5/312)
أول شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَوَصفه بالفقيه الْعَالم الْفَاضِل وَاقْتصر بعض المؤرخين فِي إِيرَاده على اسْم أَبِيه وَقَالَ بَعضهم عَليّ بن مُحَمَّد بن فَخر الدّين، وَهُوَ تَحْرِيف وَزِيَادَة وَقَالَ المقريزي: إِلَيْهِ انْتَهَت رياسة الْعلم وَالْفَتْوَى بزبيد، وَقَالَ الْعَفِيف النَّاشِرِيّ: الْفَقِيه الْعَلامَة أحد الْمُفْتِينَ بزبيد تفقه بِجَمَاعَة كثيرين واجتهد فِي طلب الْعلم فبرع فِيهِ وطار ذكره وَعظم قدره قَرَأت عَلَيْهِ منهاج النَّوَوِيّ.)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الميقاتي النقاش.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عَليّ بن مُحَمَّد الأكحل بن شرشيق بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن القطب المحيوي أبي مُحَمَّد عبد الْقَادِر بن أبي صَالح عبد الله نور الدّين الحسني الكيلاني الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ وَالِد عبد الْقَادِر الْمَاضِي وَشَيخ القادرية لبس الْخِرْقَة القادرية من آبَائِهِ وألبسها جمَاعَة مِنْهُم صاحبنا أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم القادري وَقَالَ أَنه كَانَ عين القادرية بالديار المصرية حسن الْخلق ذَا هَيْبَة ووقار وسكينة وحلم. مَاتَ فِي صفر سنة ثَلَاث وَخمسين وَدفن بِمحل سكنه بالتربة الْمَعْرُوفَة بعدِي بن مُسَافر من القرافة الصُّغْرَى رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي النُّور بن خير الدّين أبي الْخَيْر الْمَكِّيّ الْحَنْبَلِيّ. ولد فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ التَّرَاوِيح للأفضلية وألفية النَّحْو والعمدة للموفق بن قدامَة ومختصر ابْن الْحَاجِب، وَعرض واشتغل بِالْقَاهِرَةِ وَقد دَخلهَا غير مرّة وَله نظم. مَاتَ بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن حسن الخواجا الْعَلَاء الكيلاني ثمَّ الْمَكِّيّ وَيعرف بالشيخ عَليّ.
ولد بكيلان وسافر مِنْهَا وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة وَدخل الشَّام ثمَّ مصر ثمَّ مَكَّة ثمَّ سَافر مِنْهَا إِلَى الْيمن وَتردد كثيرا لمصر وَانْقطع بِمَكَّة إِمَّا قبيل الْقرن أَو بعده ثمَّ خرج مِنْهَا فِي أَوَاخِر سنة تسع وَعشْرين وَدخل عدن من الْيمن وَأقَام بهَا حَتَّى مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين عَن مائَة وَثَلَاث سِنِين وَدفن بالقطيع. ذكره ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم النُّور أَبُو الْحسن الفوي القاهري الشَّافِعِي نزيل خانقاه شيخو ووالد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالفوي. ولد فِي حُدُود الْخمسين وَسَبْعمائة وَسمع على التقي الْبَغْدَادِيّ الصَّحِيحَيْنِ وعَلى الْبَيَانِي ثَانِيهمَا وعَلى الْجمال بن نباتة سيرة ابْن هِشَام والغيلانيات بفوت يسير فِيهَا خَاصَّة وعَلى الْمُحب الخلاطي(5/313)
السّنَن للدارقطني وصفوة التصوف لِابْنِ طَاهِر بفوت يسير فِيهَا خَاصَّة أَنه لبس الْخِرْقَة من الشَّيْخ يُوسُف لعجمي وتلقن مِنْهُ الذّكر وَحج فَسمع بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة التَّيْسِير من أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن إِبْرَاهِيم التّونسِيّ الْمَالِكِي وَكَذَا سمع من آخَرين وَحدث وَسمع مِنْهُ الْأَئِمَّة كشيخنا والموفق الأبي والزين رضوَان وَفِي قيد الْحَيَاة الْآن من أَصْحَابه جمَاعَة وَكَانَ أحد الطّلبَة والقراء)
بالشيخونية، وَمِمَّنْ ذكره المقريزي فِي عقوده. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَعشْرين رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو الْحسن النَّاشِرِيّ أَخُو عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي. أَخذ عَن أَبِيه وَكَانَ حسن السمت كَرِيمًا سليم الصَّدْر ولي خطابة كدرا سِهَام. مَاتَ بالمهجم فِي أَوَائِل سنة أَربع وَعشْرين ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. ذكره الْعَفِيف فِي أَخِيه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُجَاهِد نور الدّين الدماصي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْخَطِيب أَخُو عبد الله الْمَاضِي وَيعرف بالدماصي. ولد فِي سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بدماص وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد أَخِيه وخطب بِبَلَدِهِ ثمَّ قدم الْقَاهِرَة قَرِيبا من سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأثبت عَدَالَته عِنْد أبي البركات الغراقي وَلكنه لم يجلس لذَلِك بل تصدى لتعليم الْأَطْفَال والتأذين بِجَامِع الغمري بل وَأم بِهِ فِي بعض الْأَوْقَات وخطب بشبرا الْخَيْمَة وقتا وَكَذَا بِجَامِع الْأَزْهَر وحمدت خطابته لتحريه تصحيحها على الزين الأبناسي وكاتبه وَكَانَ يكثر مُرَاجعَته لي فِيمَا يُؤَدِّيه فِيهَا من الْأَحَادِيث إِلَى أَن اشْتهر بذلك ونزله ابْن مزهر فِي صوفيته بِهِ ثمَّ حج هُوَ وَزَوجته لقَضَاء الْفَرْض من الْمَوْسِم ورجعا إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة للزيارة فانقطعا بهَا، وتنزل هُوَ فِي سبع خير بك وَلم يلبث أَن توعك وَاسْتمرّ إِلَى أَن مَاتَ فِي عشري شَوَّال سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَدفن بِالبَقِيعِ رَحمَه الله فقد كَانَ خيرا متوددا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله نور الدّين أَبُو مُحَمَّد البهرمسي الْمحلي الشَّافِعِي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بالبهرمس من الْمحلة وَحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَنِهَايَة الِاخْتِصَار وَبَعض التَّنْبِيه وَبحث النّصْف من الْحَاوِي على الْوَلِيّ بن القطب وَفِي الملحة وقواعد ابْن هِشَام الصُّغْرَى على نَاصِر الدّين البارنباري وَكَذَا بحث عَلَيْهِ فِي الْعرُوض وَصَحب الشهَاب أَحْمد بن الزَّاهِد وَكَانَ مِمَّن أوصى إِلَيْهِ على جَامعه وجماعته بل واختص بالشيخ مُحَمَّد الْعمريّ بِحَيْثُ تزوج ابْنه بابنته، واعتنى بالأدب فنظم الْكثير الْحسن وَجمع من نظمه ديوانا على حُرُوف المعجم فِي مُجَلد كَبِير ونظم الْمِعْرَاج(5/314)
النَّبَوِيّ فِي قصيدة نبوية نَحْو خَمْسمِائَة بَيت وَعمل فِي المديح النَّبَوِيّ سَبْعَة عشر بَيْتا فِي أول بَيت مِنْهَا تَسْمِيَة بحرها بل لَهُ فِي المديح النَّبَوِيّ قلائد النحور لمهور الْحور نَحْو الوتريات وَحدث بنظمه كتب عَنهُ بعض أَصْحَابنَا من)
ذَلِك قَوْله:
(جَاءَنِي من حبيب قلبِي كتاب ... عجب النَّاس إِذْ رَأَوْا رساله)
(قلت لَا تعجبوا فَإِن حَبِيبِي ... مالكي وَهُوَ متحفي بالرساله)
وَكَانَ إنْسَانا حسنا خيرا راسخ الْإِسْلَام مَعَ كَونه من أَوْلَاد القبط يظْهر على كَلَامه الْخَبَر. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بالمحلة رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْعَلَاء الْحلَبِي بن القرمي الشَّافِعِي. نَشأ بِدِمَشْق وتكسب بالنسخ وَوَقع لقضاتها بل عمل نقابة بَعضهم ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وَولي قَضَاء غَزَّة سِنِين ثمَّ دمياط ثمَّ مشيخة البيبرسية. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع عشرَة. ذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ: صحبناه دهرا وَكَانَت بَيْننَا مصاهرة وَينظر فأظنه فِي كتابي هَذَا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله نور الدّين السعودي. مِمَّن حضر عِنْد شَيخنَا بعض الأمالي الْقَدِيمَة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله نور الدّين الْمَنَاوِيّ ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بباهو. مَاتَ فِي صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ عَن بضع وَسِتِّينَ وَأسْندَ وَصيته لِلشِّهَابِ الششيني الْحَنْبَلِيّ وَكَانَ سَاكِنا خيرا عَاقِلا يتجر فِي السكر وَغَيره وينتمي لبني الجيعان وباسمه أطلاب ووظائف مِنْهَا التصوف بالأشرفية، حج وباشر عُقُود الْأَنْكِحَة مَعَ الْمُحَافظَة على الْجَمَاعَة وَطيب الْكَلَام رَحمَه الله وَله ولد ذكر تَركه صَغِيرا فحفظ وَصِيَّة الْخرقِيّ وَعرضه على بعد ثَمَان سِنِين.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله المرستاني الضَّرِير. رجل عَامي كَانَ يكثر استفتاء شَيخنَا عَن الْأَحَادِيث وَنَحْوهَا بِحَيْثُ اجْتمع عِنْده من ذَلِك الْكثير وَأكْثر من السماع عَلَيْهِ وَكَذَا سمع من غَيره قَلِيلا وَصَارَ يستحضر أَشْيَاء وَأَظنهُ عَاشَ إِلَى قريب السِّتين وَتَفَرَّقَتْ أوراقه مَعَ كَثْرَة مَا فِيهَا من الْفَوَائِد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمُؤَذّن بِجَامِع كَمَال وَيعرف بالهنيدي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الشّرف عبد الْمُؤمن نور الدّين البتنوني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بدوادار الْحَنْبَلِيّ. ولد فِي رَابِع عشر رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالبتنون من المنوفية وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ عِنْد أَعْمَامه وَتردد للجامع الْأَزْهَر فاشتغل فِيهِ يَسِيرا ولازم الْبَدْر البدرشي ثمَّ خدم الْبَدْر(5/315)
الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ إِلَى أَن مَاتَ وَفِي أثْنَاء ذَلِك حج مَعَه غير مرّة وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ والمقريزي وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة، وَنزل)
فِي بعض الْجِهَات وَكتب عَن شَيخنَا فِي الْإِمْلَاء، وَبعد موت الْبَدْر تردد للمحلي وَكتب شَرحه على الْمِنْهَاج وَغَيره وَصَارَ يحضر درسه بل جلس مَعَ الطّلبَة عِنْد الشرواني وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ على الشّرف عبد الْحق السنباطي وَكَذَا حمل عني أَشْيَاء من تصانيفي وَغَيرهَا كالقول البديع بعد أَن كتبه بِخَطِّهِ وانتمى لأبي بكر بن عبد الباسط فنزله فِي مدرسة أَبِيه وَأحسن إِلَيْهِ وَدخل مَعَه الشَّام لما ولى ابْنه الجوالي صَار يتحدث عَنهُ فِيهَا وَلم يلبث أَن استبد هُوَ بالتكلم ورماه النَّاس عَن قَوس وَاحِدَة مَعَ مزِيد تودده واحتماله وتعبه بِسَبَب من رَافع فِيهِ بِحَيْثُ رسم عَلَيْهِ عدَّة أَيَّام سِيمَا وَقد نقل أمره على جانم قريب السُّلْطَان لما جعل لَهُ النّظر فِي تَدْبيره ثمَّ بعده تمكن فِي الْوَظِيفَة بِمَوْت أكَابِر ديوانها وفاز فِيمَا قيل بأسماء متوفرة بِالدُّخُولِ فِي ترك الحشريين بل والمزاحمة فِي غَيرهَا وتقوى بإشراك أبي الطّيب السُّيُوطِيّ مَعَه فِي الضَّبْط وبخدمته لرمضان المهتار مَعَ تعلله بأمراض باطنية وَقبل ذَلِك لزم التَّرَدُّد لأبي الْعَبَّاس بن الغمري والانتماء إِلَيْهِ بِحَيْثُ زوج أَصْغَر ولديه لابنته وَمَات أكبرهما فَصَبر كل ذَلِك وبدنه ضَعِيف.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد النصير الْعَلَاء السخاوي الأَصْل الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْكَاتِب ويلقب بعصفور. هَكَذَا قَرَأت نسبه بِخَط التقي بن قَاضِي شُبْهَة. كَانَ كَاتبا مجيدا للكتابة بِسَائِر الأقلام مِمَّن كتب على الزين مُحَمَّد بن الْحَرَّانِي نَاظر الْأَوْقَاف بِدِمَشْق وَدخل حلب فَاجْتمع بِهِ ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ إِنَّه كَانَ إنْسَانا حسنا عَاقِلا دينا سَاكِنا أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ على توقيع الدست وَهُوَ الَّذِي كتب الْعَهْد للناصر بسلطنته الثَّانِيَة عوضا عَن أَخِيه عبد الْعَزِيز فِي سنة ثَمَانمِائَة.
وَمَات فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَمَان بِالْقَاهِرَةِ، ورثاه بعض الأدباء بقوله:
(قد نسخ الْكتاب من بعده ... عُصْفُور لنا طَار للخلد)
(مذ كتب الْعَهْد قضى نحبه ... وَكَانَ مِنْهُ آخر الْعَهْد)
وَقد ذكره شَيخنَا مُقْتَصرا على اسْمه وبيض لنسبه تبعا لِابْنِ خطيب الناصرية وَقَالَ: الْكَاتِب المجود كَاتب الْمَنْسُوب الملقب بعصفور موقع الدست حَتَّى كَانَ بَعضهم يَقُول ضَاعَ عُصْفُور فِي الدست، وَكَذَا وَقع عَن جمَاعَة من أكَابِر الْأُمَرَاء وَدخل صُحْبَة سودون قريب السُّلْطَان دمشق وَوصل مَعَه إِلَى حلب فنهب مَعَ من نهب بأيدي اللنكية وَلكنه نجا من الْأسر وَكتب عَلَيْهِ جمَاعَة من الْأَعْيَان وانتفعوا بِهِ، وَكَانَ(5/316)
يكْتب على طَريقَة ياقوت بارعا فِي كِتَابَة)
الْمَنْسُوب على طرية الشاميين، وَكَانَ شَيخنَا الزفتاوي صديقه وَيكْتب طَريقَة ابْن الْعَفِيف رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْوَارِث بن مُحَمَّد بن عبد الْعَظِيم النُّور بن الْجمال بن الزين الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ الشَّافِعِي عَم النَّجْم عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَارِث. ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل بِالْعلمِ وَأخذ الْفِقْه عَن ابْن عقيل وَغَيره وَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة القَاضِي وَمهر فِي الْفِقْه خَاصَّة وَكَانَ كثير الاستحضار قَائِما بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ شَدِيدا على من يطلع مِنْهُ على أَمر مُنكر بِحَيْثُ جَرّه الْإِكْثَار مِنْهُ إِلَى أَن حسن لَهُ بعض أَصْحَابه أَن يتَوَلَّى الْحِسْبَة فولي حسبَة مصر مرَارًا وامتهن بذلك حَتَّى أضرّ ذَلِك بِهِ وَمَات مُنْفَصِلا عَنْهَا فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ فِي مُعْجَمه: أخذت عَنهُ من فَوَائده، والمقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَيُّوب بن عُثْمَان نور الدّين الْعمريّ الأشليمي القاهري الشَّافِعِي أَخُو الشّرف مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالأشليمي. ولد بأشليم وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ قدم الْقَاهِرَة على عَمه أصيل الدّين مُحَمَّد فَأَقَامَ تَحت نظره حَتَّى حفظ التَّنْبِيه واشتغل على طَريقَة استقامة وَخير مَعَ التكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الجورة وَغَيره بل نَاب بِأخرَة فِي الْقَضَاء وَكَانَ من رفاق الجدابي الْأُم سَاكِنا خيرا رَاغِبًا فِي الانجماع مديما للتلاوة كتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَمَعَ شيخوخته كَانَ يقْرَأ على الْكَمَال إِمَام الكاملية. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشر رَمَضَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَقد قَارب الثَّمَانِينَ وَلم يحجّ فحج عَنهُ رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان نور الدّين حفيد شيخ الْقُرَّاء الْفَخر المَخْزُومِي البلبيسي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمقري وَالِد الْمُحب مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِإِمَام الْأَزْهَر. ولد سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا التَّنْبِيه وَعرض على الْجَمَاعَة، وَمَات جده وَهُوَ مُمَيّز بعد أَن سمع عَلَيْهِ بعض الْقُرْآن، وَأخذ الْقرَاءَات عَن الزراتيتي والعفصي وَكَذَا فِيمَا قيل عَن التَّاج بن تمرية يَسِيرا ولازم القاياتي قَدِيما وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي شرح التَّنْبِيه للزنكلوني وَغَيره وَعلي بن قديد شرح الألفية لِابْنِ المُصَنّف فِي آخَرين، وَاسْتقر فِي الْإِمَامَة بالأزهر عقب موت وَالِده بعد أَن كَانَ الْكَمَال الدَّمِيرِيّ رام أَخذهَا فعورض واستنيب عَن هَذَا حَتَّى ترعرع وَكَذَا ولي تدريس الْقرَاءَات بِجَامِع الْحَاكِم)
وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ فِي الْقرَاءَات خلق وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الزين زَكَرِيَّا وَكنت مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ الْيَسِير لِابْنِ كثير وَسمعت عَلَيْهِ فِي الْجمع وَغَيره، وَكَانَ خيرا مهابا(5/317)
متواضعا قانعا متوددا مُعْتَقدًا حسن السمت سَاكِنا كثير الْبر وَالْإِحْسَان للمجاورين وَنَحْوهم مَعَ الْإِلْمَام بالتوجية ومشاركة مَا. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد منتصف الْمحرم سنة أَربع وَسِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الله الجناني بِكَسْر الْجِيم ثمَّ نون خَفِيفَة وَآخره نون أَيْضا ثمَّ الصَّالِحِي الْمُؤَذّن بجامعها المظفري وَيعرف بِابْن شقير. حضر فِي الثَّالِثَة سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة على الصّلاح بن أبي عمر جُزْءا فِيهِ خَمْسَة عشر حَدِيثا مخرجة فِي مشيخة الْفَخر الْأنْصَارِيّ انتقاء البرزالي قَالَ أَنا بهَا الْفَخر وَحدث بِهِ وسَمعه مِنْهُ الْفُضَلَاء من أَصْحَابنَا وَمَات.
عَليّ بن مُحَمَّد بن ثَمَان البربهاري الْمَكِّيّ الْعمريّ نِسْبَة لعمل الْعُمر. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة تسع وَسبعين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عجلَان بن رميثة بن أبي نمي الحسني الْمَكِّيّ. مَاتَ فِي أَوَائِل الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عرب الْعَلَاء القاهري سبط الْكَمَال التركماني القَاضِي. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: نَاب فِي الحكم بِبَعْض الْبِلَاد بل ولي قَضَاء الْعَسْكَر، وَمَات فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الأدمِيّ القاهري الْمَاضِي جده وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن وقريبهما عبد الباسط بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن والآتي أَبوهُ. ولد فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالحسينية وَنَشَأ فحفظ الْعُمْدَة والمنهاج وألفية النَّحْو وَجمع الْجَوَامِع وَالْكثير من التسهيل، وَعرض على جمَاعَة ولازم أَبَا الْقسم النويري وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الخضريين خَارج بَاب زويلة بل رُبمَا نَاب فِي بعض الْقرى، وسافر فِي الْبَحْر غير مرّة وَصَارَ يعتني بالمراكب وَالْحمل فِيهَا بالبحر المالح وَيَأْخُذ لأجل ذَلِك من أَمْوَال النَّاس بِالرِّبْحِ وَغَيره مَا يصرفهُ فِيهَا وَهُوَ يصاب مرّة بعد أُخْرَى إِلَى أَن كَانَ فِي سنة تسعين أَو الَّتِي بعْدهَا فغرق لَهُ مسماري ثقيل بِالْقربِ من بعض البنادر وَعجز عَن تَخْلِيص أخشابه وَأقَام لذَلِك بِالطورِ ثمَّ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة ثمَّ بِمَكَّة وتعلل فِيهَا بالإسهال وَغَيره حَتَّى مَاتَ غَرِيبا وحيدا زَائِد الْفَاقَة فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَتِسْعين. وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة ثمَّ دفن)
بالمعلاة سامحه الله وإيانا.
عَليّ بن أبي عبد الله بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز النويري الْمَكِّيّ أجَاز لَهُ فِي سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والفوي وَالْفَخْر الدنديلي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن حسن البيجوري فِي آخَرين. مَاتَ صَغِيرا.(5/318)
عَليّ بن التَّاج مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد القادري. قَالَ أَنه سمع على عبد الرَّحِيم بن عبد الْكَرِيم بن نصر الله الشِّيرَازِيّ الجرهي وسَاق سَنَده إِلَى الْبَغَوِيّ وَأَنه يروي ألفية ابْن مَالك قِرَاءَة وسماعا عَن النُّور أبي الْفضل عَليّ بن الصَّالح بن أَحْمد الكيلاني الشَّافِعِي القَاضِي وسَاق سَنَده لناظمها كَمَا أثبت ذَلِك فِي التَّارِيخ الْكَبِير، أجَاز لِابْنِ أبي الْيمن حِين عرض عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاثِينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن ذِي الاسمين أَيُّوب عُثْمَان بن ذِي الاسمين عبد الْعَزِيز عبد الْمجِيد الشهير بِأبي الْمجد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن قُرَيْش نور الدّين وَرُبمَا كني بأكبر أَوْلَاده النَّجْم فَيُقَال أَبُو نجم الدّين بن نجم الدّين الْقرشِي الأبودري بِفَتْح الْهمزَة ثمَّ مُوَحدَة ودال مُهْملَة ثمَّ رَاء مُشَدّدَة نِسْبَة لأبي درة من أَعمال الْبحيرَة ثمَّ الدسوقي بِضَم الْمُهْمَلَتَيْنِ الْمَالِكِي وَيعرف بسنان لسن كَانَت لَهُ بارزة وَأَيوب فِي نسبه هُوَ أَخُو الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الدسوقي صَاحب الْأَحْوَال.
ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بِأبي درة وانتقل مِنْهَا وَهُوَ صَغِير بعد موت وَالِده وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب التروجي وتلاه لأبي عمر وَعلي بن عَامر بلقانه وَحفظ عِنْده الشاطبيتين ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فحفظ بهَا أَيْضا الْعُمْدَة والرسالة ومختصر ابْن الْحَاجِب كِلَاهُمَا فِي الْمَذْهَب والملحة وألفية ابْن مَالك، وَعرض على الزين قَاسم السمسطائي النويري ولازمه فِي بحث الرسَالَة والمختصر مَعًا بل رافقه فِي سَماع الحَدِيث وَبحث الْعُمْدَة على الزين عبيد البشكالسي وَمن شُيُوخه فِي السماع الصّلاح الزفتاوي والتنوخي وَابْن الشيخة وَابْن الفصيح والعراقي والهيثمي والأبناسي والدجوي والغماري والمراغي والنور الهوريني وَالْجمال عبد الله الرَّشِيدِيّ وناصر الدّين نصر الله الْحَنْبَلِيّ والسويداوي والحلاوي وَأكْثر من المسموع وَكَانَ يخبر أَنه أَخذ الْخِرْقَة الدسوقية عَن ابْن عَمه الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن مُوسَى المنوفي بدسوق فِي سنة نَيف وَثَمَانمِائَة عَن أَبِيه عَن جده مُوسَى عَن شقيقه إِبْرَاهِيم، وقطن دسوق من سنة اثْنَتَيْ عشرَة إِلَى أَن مَاتَ شيخ الْمقَام الإبراهيمي بهَا وَهُوَ ابْن عَمه الشَّمْس مُحَمَّد بن)
نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن جُلُود فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ فاستقر عوضه فِي المشيخة فباشرها وَصرف عَنْهَا مرَارًا، وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل إسكندرية مرَارًا، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء حملت عَنهُ الْكثير بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بدسوق وارتفق بِمَا كَانَ يصله بِهِ الطّلبَة فِي سني الغلاء لكَونه كَانَ كثير الْعِيَال جدا وَكَانَ حِينَئِذٍ مُنْفَصِلا عَن المشيخة، وَكَانَ خيرا ضابطا صَدُوقًا ثِقَة ثبتا سَاكِنا وقورا صبورا على إسماع متواضعا سليم الْفطْرَة مستحضر الْفَوَائِد. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشر رَمَضَان سنة تسع وَخمسين(5/319)
بدسوق على مشيختها وَدفن عِنْد الضريح البرهاني وَخلف أَوْلَادًا رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن نَاصِر الدّين الْعَلَاء أَبُو الْحسن وَأَبُو هَاشم بن الْحَافِظ الشَّمْس أبي المحاسن الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد الْمَاضِي. ولد فِي ربيع الأول سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة وَأمه عَائِشَة ابْنة مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ الذَّهَبِيّ، واعتنى بِهِ أَبوهُ فَأحْضرهُ فِي الأولى على عمر بن عُثْمَان بن سَالم بن خلف جُزْء الغطريف وَغَيره وعَلى نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أزبك الخازنداري المهروانيات وَغَيرهَا وَفِي الرَّابِعَة على إِسْمَاعِيل بن السَّيْف أربعي أبي الأسعد الْقشيرِي وَفِي الْخَامِسَة على أَحْمد بن النَّجْم السمعونيات وَسمع من الْبَيَانِي جُزْء غُلَام ثَعْلَب وَمن سِتّ الْعَرَب وَغَيرهمَا، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء روى لنا عَنهُ الْمُوفق الأبي وَكَانَ رَفِيقًا لِلْحَافِظِ ابْن مُوسَى فِي الْأَخْذ عَنهُ، وَأَجَازَ لِابْنِ فَهد وَوَلَدي شَيخنَا، وَذكره فِي مُعْجَمه وَكَانَ نَاظر الأوصياء بِدِمَشْق. مَاتَ بهَا فِي شَوَّال سنة تسع عشرَة رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن مُحَمَّد الشّرف الأرموي. فِيمَن اسْم أَبِيه أَحْمد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل نور الدّين بن الشَّمْس القاهري الأَصْل الْمَكِّيّ وَالِد عمر الْآتِي وَأَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن السيرجي. ولد فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَأمه أم الْخَيْر ابْنة الْجمال إِبْرَاهِيم الأميوطي وَنَشَأ بهَا، كَانَ بِيَدِهِ التَّكَلُّم على دَار أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة الْمَعْرُوفَة بمولد السيدة فَاطِمَة تَلقاهُ عَن أَبِيه، وَمَات مقتولا بطرِيق وَادي مر فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بمعلاتها وَلم يكن مَحْمُودًا عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن درباس الْعَلَاء بن الْعَلَاء ذكره البقاعي فِي شُيُوخه مُجَردا. عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن سعدون التجِيبِي الجرائري قاضيها. مَاتَ سنة بضع وَخمسين.)
عَليّ بن الْبَهَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن سعيد بن سَالم بن عمر بن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن طَاهِر بن مُحَمَّد بن صبح الْبَهَاء الْأنْصَارِيّ وَيعرف بِابْن إِمَام المشهد.
ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وأسمع على عبد الرَّحِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي الْيُسْر وَمُحَمّد وَزَيْنَب ابْني ابْن الخباز. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لي وَلم يؤرخ وَفَاته فَذَكرته ظنا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عَبَّاس بن فتيَان الْعَلَاء البعلي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن اللحام وَهِي حِرْفَة أَبِيه. ولد بعد الْخمسين وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا فِي كَفَالَة خَاله لكَون أَبِيه مَاتَ وَهُوَ رَضِيع فَعلمه صَنْعَة الْكِتَابَة ثمَّ حبب(5/320)
إِلَيْهِ الطّلب بِنَفسِهِ وتفقه على الشَّمْس بن اليونانية ثمَّ انْتقل إِلَى دمشق وتلمذ لبن رَجَب وَغَيره وبرع فِي مذْهبه ودرس وَأفْتى وشارك فِي الْفُنُون وناب فِي الحكم وَوعظ بالجامع الْأمَوِي فِي حَلقَة ابْن رَجَب بعده وَكَانَت مواعيده حافلة ينْقل فِيهَا مَذَاهِب الْمُخَالفين محررة من كتبهمْ مَعَ حسن المجالسة وَكَثْرَة التَّوَاضُع ثمَّ ترك الحكم بِأخرَة وانجمع على الِاشْتِغَال وَيُقَال إِنَّه عرض عَلَيْهِ قَضَاء دمشق اسْتِقْلَالا فَأبى وَصَارَ شيخ الْحَنَابِلَة بِالشَّام مَعَ ابْن مُفْلِح فَانْتَفع النَّاس بِهِ، وَقد قدم الْقَاهِرَة بعد الكائنة الْعُظْمَى بِدِمَشْق فسكنها وَولي تدريس المنصورية ثمَّ نزل عَنْهَا وَعين للْقَضَاء بعد موت الْمُوفق بن نصر الله فَامْتنعَ فِيمَا قيل، وَمَات بعد ذَلِك بِيَسِير فِي يَوْم عيد الْأَضْحَى وَقَالَ المقريزي عيد الْفطر سنة ثَلَاث وَقد جَازَ الْخمسين، ذكره شَيخنَا فِي أنبائه، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعَزِيز السكندري أحد بوابيها وَيعرف بِابْن حطيبة تَصْغِير حطبة بالإهمال وَالْمُوَحَّدَة. ولد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بثغر إسكندرية وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ فَلَمَّا توفّي أَبوهُ أَخذ عَنهُ البوابة فاشتغل بهَا وعني بالشعر فأتقن الزجل وَقدم عَلَيْهِم التقي بن حجَّة فِي دولة الْمُؤَيد فَاجْتمع بِهِ وَأخذ عَنهُ واستفاد مِنْهُ وَأثْنى عَلَيْهِ فِي الزجل، وَحج مرَّتَيْنِ الأولى قبل الْقرن وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بشيخنا ومدحه بزجل وَمن نظمه مِمَّا كتبه عَنهُ البقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ قصيدة مطْلعهَا:
(فِي مرتع الْقلب غزلان النقا رتعت ... وَقطعت من حشاشات الحشا ورعت)
وَمَات بعد سنة أَرْبَعِينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم بن صَالح بن شهَاب نور الدّين الهيثمي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو عبد الْكَرِيم الْمَاضِي. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره وَعرض وتنزل فِي)
الْجِهَات وباشر فِي جَامع الْحَاكِم وخطب بِجَامِع الخشابين وتكسب بِالشَّهَادَةِ وبكتابة الْغَيْبَة فِي سعيد السُّعَدَاء وبرع فِي معرفَة الصُّوفِيَّة بِحَيْثُ كَانَ يرفع الْغَيْبَة وَهُوَ غَائِب وَطعن فِيهِ أزبك وَكَانَ مُحْتملا حَتَّى من زَوجته وَكَانَ فِي بلَاء من قبلهَا، حج غير مرّة وجاور، وللعوام ميل لخطابته لطلاقته وجهورية صَوته لَكِن يكثر فِيهَا من إِيرَاد الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة مَعَ اللّحن الْبَين.
مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ قَارب السّبْعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان نور الدّين الْجَوْجَرِيّ الأَصْل الخانكي القاهري الشَّافِعِي سبط الْمُحب مُحَمَّد بن يارغلي الْمُحْتَسب(5/321)
كَانَ وَيعرف بِابْن الْجَوْجَرِيّ الْآتِي أَبوهُ. ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالخانقاه وَحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وهدية الناصح وَعرض وَسمع على عبد الْغَنِيّ ابْن الْبِسَاطِيّ والتاج الأخميمي والخطيب بن أبي عمر الْحَنْبَلِيّ وَكَذَا سمع مني المسلسل وَغَيره وَعقد لَهُ أَبوهُ على ابْنة الشهَاب أَحْمد الششيني الْحَنْبَلِيّ وَلم يلبث أَن مَاتَ مطعونا فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَتِسْعين فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ عوضه الله الْجنَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن بهْرَام الْعَلَاء الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن القرمي. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه لكنه سمى جده أَحْمد بن بهْرَام وَقَالَ: نَشأ بِدِمَشْق وتكسب بالنسخ ثمَّ بالتوقيع ثمَّ ولي قَضَاء غَزَّة ثمَّ دمياط ثمَّ مشيخة البيبرسية اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَسمع مني وَذكر لي أَنه سمع من ابْن أميلة وَغَيره من أَصْحَاب الْفَخر كالصلاح بن أبي عمر ووقفت على سَمَاعه عَلَيْهِ فِي أمالي الْجَوْهَرِي، ونسبته فِي أنبائه كَمَا هُنَا وَقَالَ أَنه احترف بالنسخ وبالشهادة ثمَّ وَقع على الْحُكَّام وناب فِي الحكم عَن الْبُرْهَان الصهناجي الْمَالِكِي وَولي قَضَاء المجدل وتوقيع الدست ثمَّ قَضَاء غَزَّة بعناية فتح الله وَكَانَ صديقه قَدِيما، ثمَّ أضيف إِلَيْهِ قَضَاء دمياط ومشيخة البيبرسية بِالْقَاهِرَةِ وخطابة الْقُدس، وَكَانَ متواضعا بشوشا كثير المداراة والخدمة للنَّاس لَا يمر بِهِ أحد بغزة إِلَّا أَضَافَهُ وخدمه بِحَيْثُ يروح شاكرا وَكَانَ بَيْننَا مَوَدَّة. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع عشرَة. قلت وَمَا أَظُنهُ حدث.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عوض بن مُحَمَّد بن أبي قصيبة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن عبد الْغفار نور الدّين بن الشَّمْس بن النُّور النحراري قاضيها كآبائه الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن عديس تَصْغِير عدس. ولد فِي أحد الجمادين سنة تسع)
وَسبعين وَسَبْعمائة بالنحرارية وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَحفظ تَنْقِيح الْقَرَافِيّ، وَحج مرَارًا فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وجاور وَقَالَ أَنه سمع بهَا على ابْن صديق البُخَارِيّ وعَلى القَاضِي عَليّ النويري الشفا وَغَيره قَالَ: وحفظت هُنَاكَ عُمْدَة الْأَحْكَام والرسالة الفرعية وألفية ابْن مَالك فِي نَحْو عشرَة أشهر وَكنت إِذا عسر عَليّ الْحِفْظ شربت من مَاء زَمْزَم وتوضأت وَصليت فِي الْمُلْتَزم ودعوت فأحفظ قَالَ وَعرضت هَذِه الْكتب الثَّلَاثَة على الْمجد اللّغَوِيّ وَغَيره وبحثت فِي الْفِقْه وأصوله على وَالِدي والشهاب النحريري، وَولي قَضَاء بَلَده مُدَّة طَوِيلَة وحمدت سيرته وَكَانَ لينًا هينا عَلَيْهِ سكينَة وَعِنْده محاسنة ومسالمة للنَّاس. مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة أَرْبَعِينَ وَكَانَ قد عزم على الْحَج فِيهَا فعاقه الْمَرَض المستمر بِهِ حَتَّى مَاتَ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُمَيْر بن عميرَة الْعَلَاء بن الشَّمْس الْمَالِكِي(5/322)
نِسْبَة لملك بن النَّضر الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. ولد فِي شَوَّال سنة عشر وَثَمَانمِائَة بالرملة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد أَبِيه وَغَيره وَحفظ الْمِنْهَاج وغالب الْبَهْجَة وَعرض الْمِنْهَاج على شَيخنَا وَعَلِيهِ وعَلى غَيره سمع الحَدِيث وتفقه بِأَبِيهِ وبالعز الْقُدسِي وَكَذَا أَخذ عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ فِي آخَرين، وبرع وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَاسْتقر فِي ذَلِك بِالْمَدْرَسَةِ الخاصكية العمرية بالرملة بعد موت وَالِده وخطب بِجَامِع السُّوق بهَا ولقيته هُنَاكَ فَكتبت شَيْئا من نظمه ونظم أَبِيه وَكَانَ إنْسَانا حسنا فَاضلا. مَاتَ عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم نور الدّين أَبُو الْحسن الفيشي الحناوي القاهري الْمَالِكِي نزيل مَكَّة وَعين الموثقين بهَا وَيعرف كسلفه بالحناوي وَهُوَ قريب شَيخنَا الشهَاب الشهير ووالد الرضى مُحَمَّد. نَشأ بِالْقَاهِرَةِ متكسبا بِالشَّهَادَةِ فَلم ينجح فِيهَا وسافر إِلَى مَكَّة قبيل السّبْعين فداوم التكسب بهَا وَسمع عَليّ فِي الَّتِي بعْدهَا الشفا وَغَيره وَحسنت معيشته هُنَاكَ فَقدم الْقَاهِرَة فَنزل عَمَّا كَانَ مَعَه وَضم تعلقه وَعَاد سَرِيعا فاستوطنها وتميز بِالشَّهَادَةِ وَلَا زَالَ ترق فِيهَا بِحَيْثُ انْفَرد وَخص بالوصايا وَنَحْوهَا فأثرى وَذكر بِالْمَالِ الجزيل وَعمر دَارا هائلة وَصَارَ يقْرض ويعامل كل ذَلِك لمزيد إقبال الْبُرْهَان عَلَيْهِ لعقله وسكونه ومداراته وتنبته بِالنِّسْبَةِ لمن لَعَلَّه فِي الْفضل أميز مِنْهُ، وَلما عرض وَلَده عَليّ كتبت لَهُ ألفاظا أودعت بَعْضهَا التَّارِيخ الْكَبِير لَكِن سميت جده هُنَاكَ أَحْمد وأظن الصَّوَاب مَا هُنَا وَقد قدم الْقَاهِرَة مَطْلُوبا فِي)
أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين لإنهاء صهر عَنهُ أَمْوَالًا جمة وأحوالا تَقْتَضِي شينه وذمه فضيق عَلَيْهِ بالترسيم وَغَيره وَوضع للضرب غير مرّة للتشديد فِي أمره وَيُقَال أَنه انْفَصل عَن عشرَة آلَاف دِينَار فَلَمَّا توجه استخلص من معاملاته الشهير أمرهَا خَمْسَة آلَاف دِينَار وتقاعد عَن الْبَاقِي فجيء بِهِ مَعَ الركب فضيق عَلَيْهِ ثمَّ أودع المقشرة بالخشب ودام إِلَى أَن أطلق وَرجع فتراجع وتدافع.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن النُّور أَبُو الْحسن بن الشَّمْس الْعَدوي نسبا القاهري الْمَالِكِي خَال الْآتِي أَبوهُ والماضي عَمه عبد الرَّحْمَن وَهُوَ بكنيته أشهر. ولد قَرِيبا من سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فَقَرَأَ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي وَغَيره وَعرض اشْتغل يَسِيرا وَجلسَ مَعَ أَبِيه متكسبا بِالشَّهَادَةِ وتميز فِيهَا وجود الْخط وَكتب بِهِ أَشْيَاء وَكَذَا جود الْقُرْآن وجوق وخطب بعدة أَمَاكِن وَحج مَعَ أَبِيه مرّة بعد أُخْرَى ثمَّ بعد مَوته لم أَطْرَافه وَتوجه تَاجِرًا لاحتواء بعض عشرائه عَلَيْهِ فِي ذَلِك فتوغل فِي بِلَاد الْهِنْد ودام فِي الغربة مُدَّة وَكَانَت كتبه ترد علينا ثمَّ انْقَطع خَبره الْمُعْتَمد قَرِيبا من سنة سِتِّينَ وَعظم(5/323)
فَقده على أمه وابنتها وَأَظنهُ قَارب الْخمسين عوضه وإيانا الْجنَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور بن حجاج بن يُوسُف نجاح الدّين أَبُو الْحسن بن الإِمَام صَلَاح الدّين أبي عبد الله الحسني الْعلوِي صَاحب صنعاء الْيمن وَابْن صَاحبهَا ووالد النَّاصِر مُحَمَّد الْآتِي ويلقب بالمنصور ملكهَا بعد أَبِيه فِي حُدُود سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِعَهْد مِنْهُ وطالت أَيَّامه وَعظم شَأْنه وأضاف إِلَى صنعاء صعدة بعد محاصرته لملكها وعدة حصون للإسماعيلية أَخذهَا من أَرْبَابهَا عنْوَة وصفت لَهُ تِلْكَ الممالك حَتَّى مَاتَ بِصَنْعَاء فِي سَابِع عشري صفر سنة أَرْبَعِينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الفيومي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ. ولد فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة بسويقة صَفِيَّة من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والكنز وَقَالَ أَنه عرضه على الْأمين الأقصرائي والزين قَاسم واشتغل عِنْد أبي الْخَيْر ابْن الرُّومِي وَالصَّلَاح الطرابلسي وَنَحْوهمَا بل قَرَأَ على الشَّمْس الْغَزِّي القَاضِي واستنابه فِي آخر أَيَّامه وَلم يُبَاشر عَنهُ بل بَاشر عَن الأخميمي وخالط فَيْرُوز الجمالي لمجاورته لَهُ فَلَمَّا اسْتَقر فِي الزمامية لزمَه، وَحج غير مرّة أَولهَا سنة خمس وَسبعين وجاور مرَارًا وَسمع مني المسلسل واليسير من بعض تصانيفي.)
عَليّ بن مُحَمَّد الْأَكْبَر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله بن أبي بكر نور الدّين الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْآتِي جده قَرِيبا وَأَبوهُ وأخواه المحمدان أَبُو الْخَيْر وَأَبُو البركات وأبوهم وَيعرف بِابْن الفاكهي. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو والْحَدِيث والشاطبية وَالتَّلْخِيص والعمدة للنسفي وَالشَّافِعِيَّة لِابْنِ الْحَاجِب فِي الصّرْف وَعرض على شَيخنَا فِيمَا زعم وَابْن الديري وَابْن الْهمام وَغَيرهم واشتغل فِي بَلَده والقاهرة وَالشَّام وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه فِي الْفِقْه الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والمحلي والعبادي وَإِمَام الكاملية وَالْفَخْر عُثْمَان المقسي وزَكَرِيا بن قَاضِي شُهْبَة والزين خطاب وَإِبْرَاهِيم العجلوني وَفِي الْعَرَبيَّة الشهَاب ابْن الزين عبَادَة الْمَالِكِي وَابْن الزرعي وخطاب وَابْن يُونُس المغربي وَفِي الْأُصُول الشرواني والكافياجي والمقسي وَفِي أصُول الدّين الشرواني وَعنهُ وَعَن التقي والْعَلَاء الحصنيين أَخذ الْمعَانِي وَالْبَيَان وَكَذَا لَازم الْجَوْجَرِيّ وَبَعْضهمْ أَكثر عَنهُ أخذا من بعض، وَسمع الحَدِيث على الزين الأميوطي والتقي بن فَهد وَآخَرين كالولوي البُلْقِينِيّ وَأخذ عَن عبد الْمُعْطِي فِي الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره، وَكثر اجتماعه بِي وَأَنا بِمَكَّة وَقبلهَا أَيْضا وَقَرَأَ(5/324)
بعض تصانيفي عَن شَيْخه ابْن يُونُس وَأخذ عني أَشْيَاء بل كتبت عَنهُ من نظمه وبرع فِي الْفِقْه والأصلين والعربية والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا من الْفَضَائِل، وَأذن لَهُ غير وَأحد فِي التدريس والإفتاء وتصدى لإقراء الطّلبَة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَأكْثر من الْحُضُور عِنْد عَالم مَكَّة البرهاني وَالْأَخْذ عَنهُ، وَكَانَ مَعَ تقلله مفوها طلق الْعبارَة قَادِرًا على التَّعْبِير عَن مُرَاده بحاثا نظارا ذَا نظم ونثر وَلكنه أذهب محاسنه فَإِنَّهُ قدم الْقَاهِرَة مرافعا فِي عَالم مَكَّة وَمَا حمدته فِي هَذَا وَلَا فِي بعض أَفعاله وَبعد المرافعة الْمشَار إِلَيْهَا رَجَعَ إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا وَاتفقَ وجود خبيئة فِي خربة كَانَت بِيَدِهِ فنم عَلَيْهِ بعض الْعمَّال حَتَّى أخذت أَو جلها مِنْهُ فتألم لذَلِك وَهُوَ الْجَانِي على نَفسه فَإِنَّهُ أَسَاءَ التَّدْبِير وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي مغرب لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَدفن عِنْد سلفه بِالْقربِ من الفضيل بن عِيَاض رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن أبي البركات مُحَمَّد بن أبي السُّعُود مُحَمَّد ابْن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ وَأمه أم هَانِئ ابْنة ابْن حريز الحسني الْمصْرِيّ. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو جَعْفَر بن العجمي وَغَيره، وَدخل مَعَ أمه إِلَى)
الْقَاهِرَة وَهُوَ طِفْل فِي أَوَائِل سنة خمس وَخمسين فَمَاتَ بهَا فِي النّصْف الأول مِنْهَا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ملك بن أنس النُّور بن التقي السُّبْكِيّ الأَصْل القاهري الْآتِي أَبوهُ وجده وَيعرف كهما بِابْن السُّبْكِيّ. مِمَّن تكسب بِالشَّهَادَةِ سِيمَا الجرائد وَهُوَ سبط الْعِزّ بن عبد السَّلَام. ولد بِالْقَاهِرَةِ بِالْقربِ من الجعبري من سوق الدريس سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج الفقهي واشتغل قَلِيلا، وَحج مرَّتَيْنِ وراج أمره فِيهَا وَله وظائف وجهات من قبل أَبَوَيْهِ تمول مِنْهُمَا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مكين نور الدّين النويري القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي أَخُو الزين طَاهِر الْمَاضِي أَخذ الْفِقْه عَن الزين عبَادَة ولازم أَخَاهُ فِي الْفِقْه وَغَيره بل وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقرَاءَات وَفضل وَاسْتقر بعده فِي تدريس الْفِقْه بالحسينية وَغَيرهَا ثمَّ رغب عَن الحسنية فِي مرض مَوته للخطيب الوزيري وَلم يلبث أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَسبعين رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد نور الدّين النفيائي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. ولد سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بنفيا من الغربية بِالْقربِ من طنتدا وانتقل مِنْهَا لخاله فقطن الْأَزْهَر فحفظ الْقُرْآن ومختصر أبي شُجَاع والشاطبية(5/325)
وَجمع على عبد الْغَنِيّ الهيثمي للسبع بعد أَن أفردها عَلَيْهِ وعَلى الزين جَعْفَر، واشتغل بالفقه وأصوله والعربية وَغَيرهَا مَعَ دين وَخير وتعفف ومحبة فِي إخوانه، وَمن شُيُوخه الزين الأبناسي وخَالِد الْوَقَّاد وَعبد الْحق السنباطي ولازمني فِي الألفية وَشَرحهَا ثمَّ بِمَكَّة فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين فَأخذ عني أَشْيَاء وَهُوَ على طَرِيقَته فِي الْخَيْر.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور الْعَلَاء أَبُو الْفضل بن أبي اللطف الحصفكي الأَصْل الْمَقْدِسِي المولد وَالدَّار الشَّافِعِي نزيل دمشق والآتي أَبوهُ وكل مِنْهُمَا بكنيته أشهر. ولد فِي الْعشْر الأول من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت المشيخة الصلاحية المقدسية وَنَشَأ يَتِيما فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه عمر الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ الْأَشْعَرِيّ وَصلى بِهِ فِي قبَّة السلسلة فِي رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ على الْعَادة وَكَذَا حفظ الشاطبيتين والألفيتين والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وَعرض على أبي مساعد والكمال بن أبي شرِيف وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على عبد الْقَادِر النَّوَوِيّ فِي الْمِنْهَاج تَصْحِيحا ثمَّ حلا ولازمه مُدَّة، وَحضر فِي صغره عِنْد الزين ماهر دروسا)
مُتعَدِّدَة، وَسمع على التقي القلقشندي وَالْجمال بن جمَاعَة والزين عمر بن عبد الْمُؤمن الْحلَبِي ثمَّ الْمَقْدِسِي وَالشَّمْس بن عمرَان وتلا عَلَيْهِ إفرادا للسبعة مَا عدا نَافِع وَحَمْزَة بل قَرَأَ عَلَيْهِ مُقَدّمَة شَيْخه ابْن الْجَزرِي من نُسْخَة كتبهَا لَهُ بِخَطِّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ جَمِيع الشاطبية حفظا فِي سَاعَة زمن من سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَكَذَا سمع على جمَاعَة مِمَّن قدم عَلَيْهِم بِبَيْت الْمُقَدّس كإمام الكاملية ولازم ابْن أبي شرِيف نَحْو عشر سِنِين حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ غير مرّة وجزء أبي الجهم وألفية الحَدِيث بحثا وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وَأخذ عَنهُ الْفِقْه والأصلين والنحو والمعاني وَالْبَيَان وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة غير مرّة أَولهَا فِي سنة ثَلَاث وَسبعين فَسمع بهَا من الشهابين الشاوي والحجازي والناصرين الزفتاوي وَابْن قرقماس والجلال القمصي والنجم القلقشندي والزكي مُسلم والمحب بن الشّحْنَة وَالْوَلِيّ الأسيوطي وَأَبُو الْفضل النويري الْخَطِيب وَالْفَخْر الديمي وَابْنَة الْبُرْهَان الشنويهي فِي آخَرين وَأخذ فِي الْفِقْه عِنْد السراج الْعَبَّادِيّ وَالْفَخْر المقسي والزين زَكَرِيَّا والجلال الْبكْرِيّ وَفِي أُصُوله عَن المحيوي الكافياجي وَقَرَأَ عَلَيْهِ عدَّة من تصانيفه كالأنوار فِي التَّوْحِيد والتقي والْعَلَاء الحصنيين وعنهما وَعَن الزين السنتاوي أَخذ فِي النَّحْو وَعَن الكافياجي والْعَلَاء الحصني فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعَن ثَانِيهمَا فِي الْمنطق، وَكَذَا دخل الشَّام فِي سنة أَربع وَسبعين وَأخذ فِيهَا فِي الْفِقْه عَن الزين خطاب والنجم بن قَاضِي عجلون وَقَرَأَ عَلَيْهِ عدَّة من تصانيفه كرسالته فِي السنجاب، واستوطنها من سنة ثَمَان وَسبعين ولازم التقي بن قَاضِي عجلون فِي الْفِقْه(5/326)
وأصوله والنحو وَالتَّفْسِير واختص بِهِ ولازمه فِي السّفر والحضر وَسمع بهَا من الْبَدْر حسن بن نَبهَان والشهاب أَحْمد بن الْفَخر عُثْمَان بن الصلف والْعَلَاء الخليلي إِمَام جَامع الجوزة بالشاغور والْعَلَاء عَليّ بن عراق وَالسَّيِّد الْعَلَاء بن السَّيِّد عفيف الدّين قدمهَا عَلَيْهِ فِي سنة تسع وَسبعين فِي آخَرين، وَولي بِبَلَدِهِ معيدا فِي الصلاحية تلقاها عَن شَيْخه ابْن أبي شرِيف، وبدمشق معيدا بالبادرائية والركنية، وباشر خطابة جَامع يلبغا من رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَأذن لَهُ الْعَبَّادِيّ وَابْن أبي شرِيف وزَكَرِيا وَغَيرهم بالإفتاء والتدريس وتميز فِي الْفَضِيلَة وتولع بفن الْأَدَب ونظم الشّعْر وَقيد الوفيات، ولقيني بِالْقَاهِرَةِ غير مرّة وَأَخْبرنِي بترجمته وكتبت عَنهُ قَوْله:
(قَالَ الرفاق اسْتَعدوا ... من أجل أهل وَمَال)
(فَقلت من عظم مَا بِي ... يَا أكْرم الْخلق مَالِي)
)
وَقَوله:
(يَا من يخَاف عداهُ ... إِذا الْمذَاهب أعيت)
(بِاللَّه ثق وتحصن ... وقاية الله أغنت)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن هبيص بن غيلَان النُّور أَبُو الْحسن الغيلي الشجري الْيَمَانِيّ. سمع عَليّ بعض الْهِدَايَة الجزرية بحثا وأجزت لَهُ فِي أوراق مُطَوَّلَة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن الْحسن بن مَحْمُود بن الْحسن بن مَحْمُود بن الْحسن القَاضِي نور الدّين أَبُو الْحسن بن فتح الدّين أبي الْفَتْح الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ نشأة حَسَنَة فِي حجر عَمه الزين عبد الرَّحْمَن وَسمع عَلَيْهِ واشتغل بِالْعلمِ على الْجلَال الخجندي الْحَنَفِيّ ولازمه كثيرا وَسمع عَلَيْهِ جُزْءا من حَدِيث الْعَلَاء بِقِرَاءَة أبي الْفَتْح المراغي وَوَصفه بالفقيه البارع وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وبالنحو على الْمُحب بن هِشَام وَغَيره وَكَذَا سمع على الْعلم سُلَيْمَان السقاء والزين المراغي وَابْن الْجَزرِي فِي آخَرين. وَحدث ودرس وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَبُو الْفرج المراغي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الكازروني وَفتح الدّين بن صَالح، وَأَجَازَ للتقي بن فَهد وَولده، وَكَانَ إِمَامًا عَالما بارعا دينا شهما بشوشا جميل الْهَيْئَة بارعا فِي الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير، ولي قَضَاء الْمَدِينَة بعد موت عَمه فِي سنة سبع عشرَة وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ بهَا فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَدفن بِالبَقِيعِ رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن صَلَاح النُّور بن صَلَاح الْعزي نِسْبَة لمنية الْعِزّ بِنَاحِيَة فاقوس من الشرقية الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. ولد سنة أَربع وَخمسين(5/327)
وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بمنية الْعِزّ وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ثمَّ تحول وَهُوَ كَبِير إِلَى الْأَزْهَر فحفظ أَبَا شُجَاع وَالْبَعْض من الشاطبية وألفية النَّحْو وَحضر فِي الدُّرُوس عِنْد الْعَبَّادِيّ ثمَّ عبد الْحق وَغَيرهمَا، وَدخل إسكندرية وَغَيرهَا ثمَّ حج فِي سنة سبع وَتِسْعين وجاور الَّتِي بعْدهَا ثمَّ الْأُخْرَى وَكَانَ ملازما لي فِي سَماع أَشْيَاء فِي الْبَحْث وَغَيره ويحضر دروس القَاضِي، وَتزَوج هُنَاكَ وَأَسْكَنَهُ ابْن أبي الْفرج برباطهم وَجعل لَهُ التَّكَلُّم فِيهِ وَهُوَ فَقير قَانِع رُبمَا تكسب بالخياطة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الزين الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ. ولد سنة أَربع وَسبعين وَأخذ الْفُنُون عَن الْجلَال الخجندي وَسمع على الْجمال الأميوطي وَحدث ودرس. مَاتَ فِي سادس)
عشري ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة. قلت وَينظر مَعَ الْمَاضِي قَرِيبا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَلَاء الْعَلَاء الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ بن الحريري. ولد سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة واشتغل على مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وتعانى حفظ السّير والمغازي وَكَانَ يستحضر مِنْهَا شَيْئا كثيرا، وصاهره الشهَاب الْغَزِّي على ابْنَته. مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة وَلم تلبث ابْنَته إِلَّا قَلِيلا وَمَاتَتْ.
ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الْعَلَاء الطرسوسي الْمزي. استجازه لي إِبْرَاهِيم العجلوني فِي سنة خمسين وَقَالَ أَنه حضر على ابْن أميلة والزين الْقرشِي وَابْن رَجَب وَأَنه سَمعه يَقُول: أرسل إِلَيّ الزين الْعِرَاقِيّ يَسْتَعِين بِي فِي شرح التِّرْمِذِيّ قَالَ وَكَانَ الْعَلَاء هَذَا نَاظر الْجَامِع الْمرْجَانِي بالمزة. قلت وَمَات بعد يسير فَالله أعلم.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الْعَلَاء النمراوي وَيعرف بِابْن النجاري مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ نور الدّين الجعبري الدِّمَشْقِي ثمَّ القادري الذَّهَبِيّ. مِمَّن سمع على شَيخنَا وعَلى ابْن الْجَزرِي وَغَيرهمَا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ السَّيِّد الزين أَبُو الْحسن الْحُسَيْنِي الْجِرْجَانِيّ الْحَنَفِيّ عَالم الشرق وَيعرف بالسيد الشريف وَقَالَ لي ابْن سبطه حِين أَخذه عني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ أَنه عَليّ بن عَليّ بن حُسَيْن وَالْأول أعرف. اشْتغل ببلاده وَأخذ الْمِفْتَاح عَن شَارِحه النُّور الطاووسي وَعنهُ أَخذ الشَّرْح الْمشَار إِلَيْهِ وَبَعض الزهراوين من الْكَشَّاف مَعَ الْكَشْف للسراج عمر البهيماني وَكَذَا أَخذ شرح الْمِفْتَاح للقطب عَن ولد مُؤَلفه مخلص الدّين أبي الْخَيْر عَليّ، وَقدم الْقَاهِرَة وَأخذ بهَا عَن أكمل الدّين وَغَيره وَأقَام بِسَعِيد السُّعَدَاء أَربع سِنِين ثمَّ خرج إِلَى بِلَاد الرّوم ثمَّ لحق بِبِلَاد الْعَجم وَرَأس هُنَاكَ بِحَيْثُ وَصفه(5/328)
الْعَفِيف الجرهي فِي مشيخته بالعلامة فريد عصره ووحيد دهره سُلْطَان الْعلمَاء العاملين افتخار أعاظم الْمُفَسّرين ذِي الْخلق والخلق والتواضع مَعَ الْفُقَرَاء وَقَالَ غَيره أَن من شُيُوخه بِالْقَاهِرَةِ الْعَلامَة مباركشاه قَرَأَ عَلَيْهِ المواقف لشيخه الْعَضُد وَقَالَ أَبُو الْفتُوح الطاووسي وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ بعد أَن عظمه جدا: شهرته تغنيني عَن ذكر نسبه وصيت مهارته فِي الْعُلُوم يَكْفِينِي فِي بَيَان حَسبه سَمِعت عَلَيْهِ من شرحي التَّلْخِيص مَعَ حَاشِيَته الَّتِي كتبهَا على المطول وَكَذَا مُؤَلفه شرح الْمِفْتَاح، وَقَالَ فِيهِ الْبَدْر الْعَيْنِيّ كَانَ عَالم الشرق عَلامَة دهره وَكَانَت بَينه وَبَين التَّفْتَازَانِيّ مباحثات ومحاورات فِي)
مجْلِس تمرلنك تكَرر استظهار السَّيِّد فِيهَا عَلَيْهِ غير مرّة وَآخر من عَلمته مِمَّن حضرها وأتقنها الْعَلَاء الرُّومِي الْآتِي فِي عَليّ بن مُوسَى وَكَانَ لَهُ أَتبَاع يبالغون فِي تَعْظِيمه ويفرطون فِي إطرائه كعادة الْعَجم وَله تصانيف يُقَال إِنَّهَا تزيد على الْخمسين قلت عين لي ابْن سبطه مِنْهَا تَفْسِير الزهراويين وَمن الشُّرُوح شرح فَرَائض الْحَنَفِيَّة السِّرَاجِيَّة والوقاية والمواقف للعضد والمفتاح للسكاكي والتذكرة للنصير الطوسي والجغميني فِي علم الْهَيْئَة والكافية بالعجمية وحاشية على كل من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ والمشكاة وَالْخُلَاصَة للطيبي والعوارف وَالْهِدَايَة للحنفية والتجريد لنصير الدّين الطوسي وَحل مشكله والمطالع وَشرح الشمسية والمطول والمختصر وَشرح طوالع الْأَصْبَهَانِيّ وَشرح هِدَايَة الْحِكْمَة وَشرح حِكْمَة الْعين وَحِكْمَة الْإِشْرَاق والتحفة والرضى فِي النَّحْو وَشرح نقركار والمتوسط والخبيصي والعوامل الجرجانية ورسالة الْوَضع وَشرح شكّ الإشارات للطوسي والتلويح أَو التَّوْضِيح والنصاب فِي لُغَة الْعَجم وَمتْن أشكال التأسيس وَشرح الْعَضُد وتحرير إقليدس للطوسي وعَلى قصيدة كَعْب بن زُهَيْر وَله مُقَدّمَة فِي الصّرْف بالعجمية وأجوبة أسئلة إسكندر سُلْطَان تبريز ورسالة للوجود وَأُخْرَى للوجود فِي الْمَوْجُود بِحَسب الْقِسْمَة الْعَقْلِيَّة وَأُخْرَى فِي الْحَرْف وَأُخْرَى فِي الصَّوْت وَأُخْرَى فِي الصُّغْرَى والكبرى فِي الْمنطق بالعجمية وعربهما ابْنه السَّيِّد الشَّمْس مُحَمَّد وَأُخْرَى فِي مَنَاقِب الخواجة بهاء الدّين الملقب بنقش بند وَأُخْرَى فِي الْوُجُود والعدم وهما بالعجمي بهست ونيست وَأُخْرَى فِي الْآفَاق والأنفس يَعْنِي سنريهم آيَاتنَا فِي الْآفَاق وَفِي أنفسهم وَأُخْرَى فِي علم الأدوار وَفِي بعض مَا تقدم مَا لم يكمل وبلغنا أَنه الَّذِي حرر الرضى شرح الحاجبية وَكَانَ فِيهِ سقم كثير وَقد تصدى للإقراء والتصنيف والفتيا وَتخرج بِهِ أَئِمَّة نحارير وَكَثُرت أَتْبَاعه وطلبته واشتهر ذكره وَبعد صيته ولقينا غير وَاحِد من أَصْحَابه. مَاتَ كَمَا قَالَ الْعَفِيف الجرهي وَأَبُو الْفتُوح الطاوسي فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سادس ربيع الآخر سنة سِتّ عشرَة بشيراز وَدفن بتربة وَقب(5/329)
دَاخل سور شيراز بِالْقربِ من الْجَامِع الْعَتِيق الْمُسَمّى بمحلة سواحان فِي قبر بناه لنَفسِهِ، وأرخه الْعَيْنِيّ وَمن تبعه فِي سنة أَربع عشرَة وَالْأول أصح وَوصف بِأَنَّهُ كَانَ شَيخا أَبيض اللِّحْيَة نيرا وضيئا ذَا فصاحة وطلاقة وَعبارَة رشيقة وَمَعْرِفَة بطرق المناظرة والمباحثة والاحتجاج ذَا قُوَّة فِي المناظرة وَطول روح وعقل تَامّ ومداومة على الإشغال والاشتغال وَرُبمَا رجح على السعد التَّفْتَازَانِيّ رحمهمَا الله وإيانا، وَقد ذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار قَالَ وَابْنه مُحَمَّد برع)
فِي عُلُوم عديدة. وَمَات وَلم يبلغ الْأَرْبَعين فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَدفن عِنْد أَبِيه بشيراز.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الدِّمَشْقِي وَيعرف بالدقاق شيخ مُعْتَقد فِي الشاميين. ولد تَقْرِيبًا أول الْقرن وَأخذ عَن الشَّيْخ مُحَمَّد القادري تلميذ أبي بكر الْموصِلِي. جاور بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ ورأيته هُنَاكَ وَهُوَ ثقيل السّمع بل جَلَست مَعَه وَحصل مِنْهُ إكرام وَتزَوج هُنَاكَ وَضعف بِحَيْثُ أشرف على الْمَوْت فَطلق نِسَاءَهُ بل مَاتَت لَهُ زَوْجَة فَورثَهَا ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي سنة تسعين وَلم يلبث أَن رَجَعَ وَمَا ظفر بكبير أَمر وَكَذَا كتب إِلَى السُّلْطَان معاكسا للتقي بن قَاضِي عجلون وَغَيره مِمَّن قَامَ فِي هدم الْمَكَان الَّذِي بِبَاب جيرون فَقيل لَهُ إِن كِتَابَته لَا تصادم قَول الْعلمَاء.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ السيرجي ثمَّ الْمَكِّيّ. فِيمَن جده عَليّ بن خَلِيل.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الشكيوي الدرعي المغربي الْمَالِكِي مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الغزولي شَقِيق أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالهنيدي مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة خمس وَتِسْعين وَكَانَ عاميا مُسْرِفًا على نَفسه عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الطياري القاهري صهر الْمُحب بن نصر الله الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ زوج ابْنَته. رجل صَالح مُعْتَقد سَاكن مِمَّن سمع الحَدِيث على شَيخنَا وَغَيره وَمِمَّا سَمعه فِي البُخَارِيّ بالظاهرية، وتنزل فِي الْجِهَات وَكَانَ ينْسب لثروة، وَآخر عهدي بِهِ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَفِي الظَّن أَنه قَارب السِّتين رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ القباني أَبوهُ وَيعرف بِابْن بهاء. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين بعد ضعف مُدَّة عَفا الله عَنهُ وَأعْطى السُّلْطَان جواليه لولد لَهُ من أمة وَلم يسمح الشَّافِعِي بذلك فِي جهاته الَّتِي تَحت نظره بل أَعْطَاهَا لجماعته من بنيه وَنَحْوهم حَسْبَمَا بَلغنِي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ القلصادي الأندلسي الحيسوب، قَالَ ابْن عزم صاحبنا. مَاتَ سنة بضع وَخمسين.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الكفرسوسي. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَقد ناهز السّبْعين. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.(5/330)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الْمزي الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن جديا. استجازه لي إِبْرَاهِيم العجلوني فِي سنة خمسين وترجمه بِأَنَّهُ كَانَ يواظب ابْن أميلة وَأَنه كَانَ يحْكى أَنه كَانَ إِذا أذن على المنارة)
يسمع من جولان فَلَمَّا ضعف وَصَارَ يُؤذن على الْبِئْر الَّتِي بِبَاب الْجَامِع الْمرْجَانِي كَانَ يسمع من الْمَقْصُورَة وَقَالَ أَن ابْن أميلة أجَاز لَهُ فَالله أعلم.
عَليّ بن مُحَمَّد الملقب سميط بن عَليّ الملقب سبيع القاهري وَيعرف بالحريري. ولد فِي سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَأخذ فِيهَا عَن الشهَاب بن الغباري القزازي وبرع فِيهِ وطوف وَصَارَ رَاجِح الرجاح لَقيته بِأم دِينَار فَكتبت عَنهُ قَوْله:
(يَا باعثا شعره انتظارا ... لقامة مَا لَهَا نَظِير)
(الْمَوْت من ناظريك لَكِن ... من شعرك الْبَعْث والنشور)
وَغير ذَلِك وَكَانَ كثير الْمَحْفُوظ سريع النّظم مَعَ ذوق وَفهم وَثقل سمع سامحه الله وإيانا.
انْتهى الْجُزْء الْخَامِس، ويتلوه الْجُزْء السَّادِس أَوله: عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر(5/331)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد البطائحي القاهري الْحَنْبَلِيّ المدير الشهير بالبطائحي. كَانَ جده السراج عمر خَادِم البيبرسية قبل الْجُنَيْد ووالده الشهَاب أَحْمد شيخ الرِّبَاط بهَا قبل التلواني. وَولد بِالْقربِ من جَامع الْحَاكِم قَرِيبا من سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن عِنْد نَاصِر الدّين القاصدي نِسْبَة للقاصدية عِنْد جَامع الْحَاكِم، وَحفظ الشاطبية وألفية النَّحْو الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ ومختصر الْخرقِيّ وَعرض على شَيخنَا والمحب بن نصر الله والزين الزَّرْكَشِيّ وَسمع عَلَيْهِ فِي آخَرين وَحضر دروس الْمُحب فَمن بعده، وتنزل بالشيخونية من زمن باكير وَفِي غَيرهَا من الْجِهَات وتكسب من الإدارة بالإعلام بالموتى وبرع فِي ذَلِك مَعَ نصحه فِيهِ بِحَيْثُ يَدُور الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة وَيعرف من يوافي أَصْحَاب الْمَيِّت غَالِبا وَقل أَن يمْضِي يَوْم بِغَيْر شغل بِحَيْثُ تمول جدا فِيمَا قيل، وَحج مرَارًا وَقَالَ لي أَن وَالِده حج نَحْو سِتِّينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن نور الدّين بن صَلَاح الدّين المليجي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالمليجي. مِمَّن سمع مني فِي يَوْم عيد الْفطر سنة خمس وَتِسْعين بمنزلي المسلسل بِيَوْم الْعِيد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله بن أبي بكر نور الدّين الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ جد عَليّ بن مُحَمَّد عَليّ الْمَاضِي وَيعرف بالفاكهاني. ولد بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وسافر عقب بُلُوغه إِلَى مصر وَالشَّام للرزق فَسمع بِمصْر من مُحَمَّد بن عمر البلبيسي صَحِيح مُسلم عَن الموسوي، وَمَال إِلَى)
الْأَدَب وعني بمتعلقاته من الْعرض والنحو وَغَيرهمَا فَتنبه فِيهِ ونظم الْكثير من القصائد وَغَيرهَا وَفِيه مَا يستجاد وَمن شُيُوخه فِيهِ يحيى التلمساني الْمدنِي، وَله إقبال على الْفِقْه وَأَخذه عَن الْجمال بن ظهيرة وَصَحب الصُّوفِيَّة بزبيد الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الجبروتي وجماعته، وَدخل الْيمن غير مرّة وَحصل لَهُ بر من الْأَشْرَف وَولده النَّاصِر وَغَيرهمَا. ذكره الفاسي فِي مَكَّة وَقَالَ سَمِعت مِنْهُ شَيْئا من نظمه بوادي الطَّائِف وَكَانَ ذَا دين وحياء ومروءة صحبناه فَرَأَيْنَا مِنْهُ مَا يحمد. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس سادس عشري رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وَلَعَلَّه بلغ الْخمسين رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن الْأَمِير نَاصِر الدّين بن ركن(6/2)
الدّين الردادي القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد المحمد بن أبي الْيُسْر وَأبي الْفضل وَشرف الدّين والشهاب أَحْمد. أَخذ الْفِقْه عَن أكمل الدّين وطبقته والعربية عَن الْجمال بن هِشَام ولازم الْحُضُور عِنْد البُلْقِينِيّ وَقَالَ أَنه مِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ تفريعات كَثِيرَة من أَبْوَاب مُتعَدِّدَة أَقَامَ فِيهَا للفهم والبحث مُسْتَند وأظهرت لَهُ فِيهَا المباحث الدقيقة والنكت اللطيفة على مَذْهَب إِمَامه الإِمَام أبي حنيفَة وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل المحصل الْمُحَقق الْمُفْتِي جمال المدرسين، وَكَذَا وَصفه الزين الْعِرَاقِيّ وَقد سمع عَلَيْهِ صَحِيح مُسلم بالعالم الأوحد مفتي الْمُسلمين خَليفَة الحكم وَابْنه الْوَلِيّ بالشيخ الْفَقِيه الْفَاضِل البارع مُفِيد الطّلبَة وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة، وَأذن لَهُ البُلْقِينِيّ بالتدريس والإفتاء وَإِطْلَاق قلمه بهَا سنة سِتّ وَتِسْعين، ودرس بالسميساطية من الريدانية وبالكرامة وَغَيرهمَا وَأفْتى وناب فِي الْقَضَاء، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشهَاب الكلوتاتي وَوَصفه بشيخنا الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة مفتي الْمُسلمين وَقَالَ أَنه مَاتَ فِي حادي عشري رَجَب سنة ثَمَان ورأيته فِيمَن عرض عَلَيْهِ نَاصِر الدّين الزفتاوي وَلكنه لم يجز رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن الْوَكِيل. كَانَ أَبوهُ من أَعْيَان تجار مَكَّة وَخلف مَالا جزيلا من نقد وعقار فَلَمَّا بلغ أذهب غَالب الْعقار فِي غير وَجهه ثمَّ توفيت أمه وَتركت أَيْضا عقارا فأذهبه. وَمَات فِي حُدُود سنة سِتّ وَدفن بالمعلاة. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر الْمُوفق أَبُو الْحسن الشرعبي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. تَلا للسبع على الزرتيتي وَابْن الْجَزرِي تَلا عَلَيْهِ أَبُو بكر بن إِبْرَاهِيم البغلائي الحراري الْيَمَانِيّ الْآتِي.)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر نور الدّين البوصيري القاهري الشَّافِعِي. نَشأ فِي بَلَده فحفظ الْقُرْآن والتبريزي والجرومية وَقَرَأَ فِي التَّقْسِيم عِنْد الْجلَال السمنودي وَكَذَا أَخذ عَن الشَّمْس بن كتيلة وَغَيره، وَقدم الْقَاهِرَة فاشتغل قَلِيلا عِنْد أخي أبي بكر وملا عَليّ فِي الْفِقْه والنحو وَغَيرهمَا وَتردد إِلَيّ فِي الْإِمْلَاء وَغَيره ثمَّ تشاغل بالتعليم زين العابدين القادري وأخيه وَابْن عَمهمَا وَرُبمَا قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن تغرى بردى القادري وَفِيه خير وَسُكُون. عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر الحافي ثمَّ القاهري.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عميرَة المصطيهي ثمَّ القاهري وَيعرف بالكريدي بِضَم الْكَاف مصغر. ولد سنة سِتّ أَو سبع وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَقدم الْقَاهِرَة فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَتعلم الْخط ورباه جدي لأمي لقرابة بَينهمَا، وَحج غير مرّة مَعَه وَمَعَ قَاضِي الْمحمل رَسُولا وَكَذَا عمل الرسلية عِنْد قُضَاة قليوب وشبري والمنية وَنَحْوهَا فِي خدمَة الولوي البُلْقِينِيّ فَمن دونه، وَتزَوج ابْنة خَالَتِي واستولدها وَسمع مني وَعلي أَشْيَاء(6/3)
وَعمر وكف وتناقص حَاله وافتقر جدا إِلَى أَن مَاتَ شَهِيدا بالإسهال فِي صفر سنة سِتّ وَتِسْعين وَدفن بحوش البيبرسية رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن عطيف نور الدّين الْعَدنِي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن عطيف بمهملتين وَآخره فَاء مصغر. ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة باللامية وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ على أَبِيه الْكَافِي للصردفي نَحْو ثَمَانِينَ مرّة، ثمَّ تحول إِلَى عدن فَأخذ عَن قاضيها الْجمال بن كبن الْفِقْه ولازمه نَحْو ثَلَاث سِنِين من آخر عمره حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَكَانَ مِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ التَّنْبِيه بِتَمَامِهِ وَبَعض الْحَاوِي وَمِمَّا سَمعه الْمُهَذّب والمنهاج وكل ذَلِك بحثا والسيرة لِابْنِ إِسْحَق وعدة الْحصن الْحصين بل سمع من لَفظه البُخَارِيّ ثَلَاث مَرَّات وَبعد مَوته لزم قَاضِي عدن أَيْضا الْجمال مُحَمَّد بن مَسْعُود الْأنْصَارِيّ حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج وعمدة الْأَحْكَام وأربعي النَّوَوِيّ ونفائس الْأَحْكَام للأزرق وَسمع الْبَعْض من التَّنْبِيه وَمن الْحَاوِي وَجَمِيع الشفا بل سمع من لَفظه البُخَارِيّ وَكَذَا لزم قَاضِي عدن أَيْضا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمر الجزيري حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْمُهَذّب وَمن أول الْوَجِيز للغزالي إِلَى الرِّبَا وَالنّصف الثَّانِي من الْحَاوِي الصَّغِير بل سَمعه عَلَيْهِ تَاما مرَّتَيْنِ وَكَذَا الْأَذْكَار للنووي وَأخذ الْفَرَائِض عَن وَالِده ودرسها فِي حَيَاته، وقطن مَكَّة دهرا وزار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وارتحل إِلَى الديار المصرية فِي سنة أَربع ثمَّ فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَأخذ بهَا عَن الْجلَال الْمحلي والشرف الْمَنَاوِيّ وبالشام عَن)
البلاطنسي والبدر بن قَاضِي شُهْبَة وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس، وزار بَيت الْمُقَدّس وَقَرَأَ فِيهِ على أبي اللطف الحصفكي فِي الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَرجع إِلَى مَكَّة فتصدى لإقراء الْفِقْه بهَا وَكَذَا للفتيا وانتفع بِهِ جمَاعَة وَاسْتقر فِي صوفية الزمامية والجمالية ثمَّ تَركهَا بعد تباينه مَعَ شيخها البرهاني ونوه بِهِ عِنْد عَليّ بن طَاهِر صَاحب الْيمن بِحَيْثُ صَار يُرْسل لَهُ بِصَدَقَتِهِ وَهِي ألف دِينَار ليفرقها على فُقَرَاء مَكَّة فتبسط واتسع حَاله من ثمَّ وابتنى لَهُ دورا عَظِيمَة عِنْد مولد عَليّ وَكَانَ ذَلِك سَببا لقطعها ثمَّ بدا لَهُ التَّوَجُّه لبلاده للزيارة أَو غَيرهَا فَوجدَ الْمدرسَة الَّتِي جددها عبد الْوَهَّاب بن طَاهِر بزبيد قد انْتَهَت فعينه لتدريس الْفِقْه بهَا فأقرأ بهَا فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ البُخَارِيّ، وسافر فِي شَوَّال إِلَى مَكَّة بعد أَن استناب فِي تدريسها الْفَقِيه الْكَمَال مُوسَى بن الرداد وَدخل مَكَّة وَهُوَ متوعك فَأَقَامَ كَذَلِك مُدَّة إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ رَابِع جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ عقيب الصُّبْح وَدفن بالمعلاة على أَبِيه بِالْقربِ من أبي الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي الْأنْصَارِيّ الْمَالِكِي رَحمَه الله وإيانا.(6/4)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن يُوسُف بن مُحَمَّد النُّور أَبُو الْحسن بن الشَّمْس بن الشّرف الأشموني الأَصْل ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالأشموني. ولد فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بنواحي قناطر السبَاع وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو واشتغل من سنة أَربع وَخمسين بعد حُضُوره إملاء شَيخنَا فِيمَا قَالَ فَأخذ فِي الْفِقْه عَن المجلي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والبامي ولازمه كثيرا والنور الْجَوْجَرِيّ وَهُوَ أول شُيُوخه وَكَذَا أَخذ فِي الْأَصْلَيْنِ والعربية والفرائض وَغَيرهَا عَن جمَاعَة وَمن شُيُوخه فِي ذَلِك وَغَيره الكافياجي وَسيف الدّين التقي الحصني والشارمساحي، وتميز وبرع فِي الْفَضَائِل وتصدى فِي تِلْكَ النواحي للإقراء من سنة أَربع وَسِتِّينَ فَانْتَفع بِهِ الطّلبَة وَحضر بعض ختومه الْعَبَّادِيّ وَالْفَخْر المقسي وجميعها الزين عبد الرَّحِيم الأبناسي، وتلقن الذّكر من عَليّ حفيد يُوسُف العجمي وَسمع الحَدِيث وَشرح ألفية ابْن مَالك وَقطع من التسهيل ونظمه لجمع الْجَوَامِع ومجموع الكلائي وإيساغوجي فِي الْمنطق وَعمل حَاشِيَة على الْأَنْوَار للأردبيلي وَغَيره، ورد على البقاعي انتقاده قَول الْغَزالِيّ لَيْسَ فِي الْإِمْكَان أبدع مِمَّا كَانَ، وَكنت مِمَّن قرض نظمه لجمع الْجَوَامِع وراج أمره هُنَاكَ وَرجح عَليّ الْجلَال بن الأسيوطي مَعَ اشتراكهما فِي الْحمق غير أَن ذَلِك أرجح، وَقد حج فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ موسميا كل ذَلِك وَهُوَ متكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ ولاه)
الزين زَكَرِيَّا الْقَضَاء بل أرْسلهُ لدمياط عقب موت الولوي البارنباري فدام ثَلَاث سِنِين وانتفع بِهِ هُنَاكَ وَكَانَ الْمَنْصُور يذاكره ثمَّ امتحن بالترسيم مُدَّة كَانَ الاستادار يمده فِيهَا ويسعفه إِلَى أَن خلص وَأقَام مستمرا على نيابته وأشغاله وَلأَهل تِلْكَ النواحي بِهِ غَايَة النَّفْع كَانَ الله لَهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْعَلَاء الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمحلي النمراوي نِسْبَة لنمر البصل الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم وأخيه وَيعرف بالقطبي نِسْبَة لشيخه قطب الدّين الأصفهبندي كَانَ فَقِيها فَاضلا أَخذ الْفِقْه عَن بعض الشاميين وَصَحب القطب الْمَذْكُور وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة الصُّوفِيَّة وتلقن مِنْهُ الذّكر بلباسه من الْبُرْهَان السَّمرقَنْدِي، وَكَذَا لبس الْخِرْقَة القادرية من الشهَاب بن الناصح بلباسه لَهَا من الْجمال عبد الله بن أَحْمد العجمي بسندهما فِي التَّارِيخ الْكَبِير، وَقدم الْقَاهِرَة بعد الْفِتْنَة وَأخذ عَن الشَّمْس البلالي وَكَانَ صوفيا تَحت نظره فِي سعيد السُّعَدَاء ثمَّ أعرض عَنْهَا فِيمَا قَالَ للجمال يُوسُف الصفي لأخوة كَانَت بَينهمَا وَلزِمَ الشهَاب أَحْمد الزَّاهِد كثيرا مَعَ اشتراكه مَعَه فِي الْأَخْذ عَن القطب الْمَذْكُور وَأذن لَهُ فِي الْإِرْشَاد فقطن نمرى(6/5)
وتصدى بهَا للتدريس والإفتاء وانتفع بِهِ فِي تِلْكَ النواحي، وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس وصنف منسكا ومختصرا فِي الْفِقْه لطيفا سَمَّاهُ كِفَايَة الْمُبْتَدِي رَأَيْت صاحبنا الْبَدْر الْأنْصَارِيّ سبط الحسني شرع فِي شَرحه وَآخر سَمَّاهُ تَحْرِير التبريزي وعلق على عُمْدَة لفقيه فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه شَيْئا ولخص الفتاوي للنووي وَيُقَال أَن الشَّيْخ مُحَمَّد الغمري حكى فِي مُصَنف لَهُ فِي المردان عَنهُ أَنه كَانَ سحرًا بمَكَان قريب من بركَة لوط وَإِذا بشخص مكفن بكفن مخطط بزعفران على الْعَادة وَهُوَ يسير فِي الْهَوَاء إِلَى أَن سقط على أم رَأسه فِي وسط الْبركَة أَو كَمَا قَالَ، وَكَانَ خيرا متقشفا صوفيا متواضعا كثير الْعِبَادَة والزهد حسن الْخلق رَضِيا، مَاتَ بنمري فِي أحد الجمادين سنة ثَلَاث وَدفن بجوار ضريح سَيِّدي عَليّ البدوي رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن غضنفر بن حسب الله بن مفرج بن عرفطة بن مَحْمُود بن مُوسَى الشريف الحسني العرفطي الزيدي صَاحب سروعة. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ بالمرة وَحمل إِلَى ضَيْعَة سروعة بوادي مر من أَعمال مَكَّة فَدفن بهَا عِنْد سلفه، وَكَانَ مُعْتَقدًا. ذكره ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن فتح الْموصِلِي الْحَنَفِيّ نزيل طرابلس. مِمَّن عرض عَلَيْهِ الصّلاح الطرابلسي بهَا فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَكتب لَهُ إجَازَة بِخَط جيد وَقَالَ الصّلاح إِنَّه كَانَ يُفْتِي على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَأقَام عِنْده مُدَّة يسيرَة.)
عَليّ بن مُحَمَّد بن فَخر الدّين فَخر بن نَاصِر الدّين بن خَالِد بن صَالح المنوفي ثمَّ القاهري نزيل البيبرسية وَيعرف بالشيخ عَليّ المنوفي وَقبل ذَلِك بِابْن فَخر. شيخ مسن كَانَ إقباعيا مَعْرُوفا بِالْخَيرِ ثمَّ أعرض عَن التكسب وَانْقطع بالبيبرسية وَتردد لإِمَام الكاملية فَنَوَّهَ بِهِ حَتَّى صَار أحد المعتقدين وَقصد بالزيارة وَغَيرهَا، وَأَظنهُ مِمَّن سمع على شَيخنَا نعم سمع بِقِرَاءَتِي وَعلي وَنعم الرجل. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعين وَوجد لَهُ بعض نقض وتركة يجْتَمع مِنْهَا مائَة وَخَمْسُونَ دِينَارا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن فرج السبتي الوادياشي الْمَالِكِي وَالِد أَبَا الْقَاسِم القادم علينا والآتي، مَاتَ بقلعة المرية من الأندلس سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين عَن بضع وَخمسين وَكَانَ فَاضلا ولي قَضَاء وادياش ثمَّ خطابتها وتدريسها وَالنَّظَر على الْجَامِع بِهِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن فضل نور الدّين السنيكي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي المسلمي. مِمَّن سمع على شَيخنَا وَفِي البُخَارِيّ بالظاهرية.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أَبى الْفضل بن عَليّ الْعَلَاء بن جلال بن الردادي الْحَنَفِيّ المبتلي الْمَاضِي جد أَبِيه قَرِيبا. مِمَّن سمع على التقي الشمني وَالْعلم البُلْقِينِيّ(6/6)
وَغَيرهمَا مَعَ أَبِيه بل سمع مني، وَمَات فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَقد جَازَ الثَّلَاثِينَ عوضه الله الْجنَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن فلاح الْخَارِجِي الشعشاع. مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن قَاسم الْحَاج عَليّ بن المرخم وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد بن المرخم. كَانَ عاميا خيرا مديم الْجَمَاعَة وَالذكر. مَاتَ بعد الثَّلَاثِينَ وَقد قَارب السّبْعين ظنا فيهمَا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن قحر بقاف مَضْمُومَة ثمَّ حاء مُهْملَة وَآخره رَاء. مضى فِيمَن جده عبد الْعلي قحر وَهُوَ مَعَ الْمَاضِي قَرِيبا يدْخل فِي الْمُتَّفق والمفترق والمؤتلف والمختلف على أَن بَعضهم صحفه كَالْأولِ. عَليّ بن مُحَمَّد بن قوام. مضى فِي ابْن قوام.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْفَاضِل كحل المغربي الحميضي. كَانَ جده من موَالِي السَّيِّد حميضة، سمع فِي سنة أَربع عشرَة على الزين المراغي ختم مُسلم وَغَيره مِنْهُ. ذكره ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد أبي البركات بن ملك بن أنس السُّبْكِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد التقي مُحَمَّد الْآتِي. حفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل عِنْد البيجوري والبرشنسي وَغَيرهمَا، وناب فِي الحكم عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فَمن بعده إِلَى أَن غلب عَلَيْهِ الجذب وَحكى من يوثق بِهِ عَنهُ أَنه عِنْدَمَا توجه)
لِلْحَجِّ إِلَى الْعقبَة رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وَأمره بزيارته ذَلِك الْعَام فتهيأ مَعَ عدم أهبة بزاد قَلِيل وَتوجه فِي الْبَحْر قَالَ الحاكي عَنهُ وصحبني مَعَه فسبقنا إِلَى دُخُول مَكَّة وحججنا وزرنا ورجعنا مَعَ الركب، وَكَانَ يكْتب الْخط البديع وَله بَاعَ فِي النثر الْفَائِق وَالنّظم الرَّائِق. وَمَات سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء عِنْد وَالِده بجوار جدهما شيخ لإسلام تَقِيّ الدّين رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي الْيمن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ، وَأمه فَاطِمَة ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن سكر الْبكْرِيّ. سمع من الشريف أَحْمد الفاسي وَابْن سَلامَة فِي سنة ثَمَانِي عشرَة. بيض لَهُ ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن بن الغياث أبي اللَّيْث بن الرضي أبي حَامِد الصَّاغَانِي الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ وجده. ولد فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس حادي عشر رَجَب سنة سبعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي الْمقَام الْحَنَفِيّ سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ ثمَّ حفظ أربعي النَّوَوِيّ وألفية الْعِرَاقِيّ والعمدة فِي أصُول الدّين والمنار فِي أصُول الْفِقْه كِلَاهُمَا لحافظ الدّين النَّسَفِيّ وَالْمجْمَع فِي الْفِقْه لِابْنِ الساعاتي وألفية ابْن ملك وَالتَّلْخِيص للقزويني والتهذيب فِي الْمنطق للتفتازاني وعرضها على كَاتبه وَغَيره، وَسمع على جملَة وتفهم على أَبِيه وَغَيره(6/7)
وَحضر دروس القَاضِي وَجَمَاعَة وزوجه أَبوهُ، وَلم يلبث أَن مَاتَ فَقدم الْقَاهِرَة فِي أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين وَقَرَأَ على الْبُرْهَان الكركي وَالشَّمْس الْغَزِّي الَّذِي كَانَ قَاضِيا وَالصَّلَاح الطرابلسي وَابْن الديري فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وأذنوا لَهُ وَكَذَا قَرَأَ عَليّ من أول القَوْل البديع إِلَى أثْنَاء الْبَاب الثَّانِي مِنْهُ وَسمع على قِطْعَة من سيرة ابْن هِشَام وَغير ذَلِك وَحضر دروس الزيني زَكَرِيَّا وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ فِي آخَرين وَقَرَأَ على عبد الْحق السنباطي وَأخذ عَن عبد النَّبِي المغربي والنور الْبُحَيْرِي ثمَّ الْخَطِيب الوزيري المالكيين فِي مجاورتهم وَرَأَيْت مِنْهُ براعة ومشاركة وَلَو توجه كَمَا يَنْبَغِي للاشتغال لَكَانَ مرجوا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد نور الدّين بن نَاصِر الدّين أبي الْفرج بن الْجمال الكازروني الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي أَخُو عبد السَّلَام الْمَاضِي وَذَاكَ الْأَكْبَر. ولد فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة أَو الَّتِي قبلهَا بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل عِنْد السَّيِّد السمهودي وَالشَّمْس البلبيسي وَغَيرهمَا وَسمع على أبي الْفرج المراغي وَغَيره، ولازمني فِي)
إقامتي الأولى بِالْمَدِينَةِ وَكتب بِخَطِّهِ غير نُسْخَة من الْمَقَاصِد الْحَسَنَة من تأليفي وقرأه عَليّ وكتبت لَهُ إجَازَة أودعت بَعْضهَا تَارِيخ الْمَدِينَة، وَهُوَ فهم ذكي فطن حسن الْخط وَالْعقل. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين عوضه الله الْجنَّة.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الصَّدْر أَبُو الْحسن بن الْأَمِير الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الْآدَمِيّ. ولد فِي سنة سبع أَو ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وأحضر فِي الثَّالِثَة على ابْن أميلة قِطْعَة مَجْهُولَة الآخر من الْمِائَة المنتقاة من مشيخة الْفَخر انتقاء العلائي بل أسمع على الصّلاح بن أبي عمر وَغَيره وَقَرَأَ على كِتَابه تَعْلِيق المختصرات، وتفقه قَلِيلا وتلا بالسبع على إِسْمَاعِيل الكفتي، وَكتب الْخط الْحسن وَقَالَ الشّعْر الْجيد الْمليح الرَّائِق وَترسل فِي الحكم ثمَّ بَاشر بِدِمَشْق كِتَابَة سرها وَنظر جيشها ثمَّ قضاءها، ثمَّ لما قدم الحنيفة المستعين بِاللَّه أَبُو الْفضل العباسي من دمشق لمصر ولاه قَضَاء الحنيفة بهَا وَجمع لَهُ فِي دولة الْمُؤَيد بَين الْقَضَاء والحسبة وَكَانَ قد دخل مَعَه الْقَاهِرَة وَهُوَ فَقير جدا بِحَيْثُ أَنه احْتَاجَ إِلَى نزر يسير للنَّفَقَة فاقترضه من بعض أَصْحَابه ثمَّ تمول جدا بِحَيْثُ خلف من المَال جملَة مستكثرة وَلما مد الله لَهُ الْعَطاء وأسبغ عَلَيْهِ النعماء لم يقابلها بالشكر فَإِنَّهُ كَانَ مُسْرِفًا على نَفسه متجاهرا بِمَا لَا يَلِيق بالفقهاء غير متصون وَلَا متعفف وَقد أُصِيب مرَارًا وامتحن من أجل اخْتِصَاصه بالمؤيد. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: سَمِعت(6/8)
من نظمه وطارحته وَكَانَت بَيْننَا مَوَدَّة قديمَة وَعَلِيهِ نزلت بِدِمَشْق لما نزلتها، وَمِمَّنْ كتب عَنهُ من شعره الْحَافِظ ابْن مُوسَى المراكشي ورفيقه الأبي وأنشدنا عَنهُ أَشْيَاء، وَهُوَ عُقُود المقريزي. مَاتَ بعلة الصرع القولنجي كأبيه فِي رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة عَفا الله عَنهُ وإيانا.
قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكنت اقترحت عَلَيْهِ أَن يعْمل على نمط قولي:
(نسيمكم ينعشني والدجى ... طَال فَمن لي بمجيء الصَّباح)
(وَيَا صباح الْوَجْه فارقتكم ... فشبت هما إِذْ فقدت الصَّباح)
فَعمل ذَلِك فِي سنة سبع وَتِسْعين وأنشدنيه عَنهُ جمَاعَة ثمَّ لَقيته فَسَمعته مِنْهُ فَقَالَ:
(يَا متهمي بِالصبرِ كن منجدي ... وَلَا تطل رفضي فَإِنِّي عليل)
(أَنْت خليلي فَبِحَق الْهوى ... كن لشجوني راحما يَا خَلِيل)
وَلما ولي كِتَابَة سر دمشق قَالَ فِيهِ الأديب الشَّمْس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِي المزين:)
(ولَايَة صدر الدّين للسر كَاتبا ... لَهَا فِي النُّفُوس المطمئنة موقع)
(فَإِن يضعوا الأشيا إِذا فِي محلهَا ... فَلَا يَك غير السِّرّ للصدر مَوضِع)
وَقَالَ شَيخنَا:
(تهن بصدر الدّين يَا منصبا سما ... وَقل لعلاء الدّين فليتأدبا)
(لَهُ شرف عَال وَبَيت ومنصب ... وَلَكِن رَأينَا السِّرّ للصدر أنسبا)
وَقَالَ غَيرهمَا:
(كِتَابَة السِّرّ غَدَتْ ... وجودهَا كَالْعدمِ)
(وأصبحت بَين الورى ... مصفوعة بالأدمي)
ونظمه سَائِر فَلَا نطيل بايراده.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حجاج الْعَلَاء بن التَّاج بن الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ الأَصْل الدمياطي الشَّافِعِي صهر الشهَاب البيجوري زوج ابْنَته والآتي أَبوهُ. حفظ كتبا وَعرض عَليّ مَعَ الْجَمَاعَة ولازم صهره وَلما مَاتَ أَبوهُ وَذَلِكَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين رسم عَلَيْهِ وَوضع فِي الْحَدِيد حَتَّى تكلّف لزِيَادَة على سَبْعمِائة دِينَار وَلَوْلَا عناية أَمِير سلَاح تمراز بِهِ بل ونائبه من قبل لفحش الْأَمر وَعرض عَلَيْهِ السُّلْطَان شفاها قَضَاء دمياط الَّذِي أَبَاهُ كل أحد خوفًا من الكلفة وَقَالَ إِنِّي أَضْعَف عَن هَذَا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة نور الدّين بن الْكَمَال أبي البركات بن الْجمال أبي السُّعُود الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وأخوته وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة وَأمه كمالية ابْنة التقي الحراري. ولد سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وأحضر عَليّ ابْن صديق جُزْء أبي الجهم وَسمع من مُحَمَّد بن عبد الله البهنسي والزين المراغي(6/9)
وَالْجمال بن ظهيرة والوالي وَغَيرهم كأبيه، وَأَجَازَ لَهُ الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَعَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي وَخلق وناب فِي الْقَضَاء بِمَكَّة عَن أَخِيه أبي السعادات وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا ودمشق مرّة وَمَا عَلمته حدث بل أجَاز لخلق وروى عَنهُ وَلَده وَكَانَ سَمحا كَرِيمًا مفضالا وَفِي خلقه حِدة. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَأَرْبَعين بِمَكَّة رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَيُّوب نور الدّين بن الشَّمْس بن الصّلاح المَخْزُومِي القاهري الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن البرقي. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع)
وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد نَاصِر الدّين القاياتي عَم الْعَالم الشهير والعمدة والكنز والمنار وَالتَّلْخِيص وتصريف الْعُزَّى وألفية النَّحْو، وَعرض على الْجلَال البُلْقِينِيّ والعز بن جمَاعَة وَغَيرهمَا، وَأخذ فِي الْفِقْه عَن السراج قاري الْهِدَايَة وَكَذَا عَن سعد الدّين بن الديري وَعَن غَيرهمَا من قُضَاة مذْهبه وَفِي الْعَرَبيَّة عَن الشهَاب أَحْمد بن مَنْصُور الأشموني ثمَّ عَن الحناوي وَلم يمعن من الِاشْتِغَال، وَسمع على ابْن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَغَيرهمَا وَأخذت عَنهُ بالخطارة بعض مسموعه وَحج مرَارًا أَولهَا سنة إِحْدَى وَعشْرين، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْعَيْنِيّ فَمن بعده وبرع فِي الصِّنَاعَة وَولي تدريسا بِجَامِع الْأَزْهَر وَالشَّهَادَة بالإسطبل السلطاني ولازم خدمَة الْجمال نَاظر الْخَاص أَزِيد من مُلَازمَة أَبِيه للجمال البيري فَإِنَّهُ اخْتصَّ بِهِ وَانْقطع لضروراته ومهماته حَتَّى زَاد وثوق الْجمال بِهِ وعول عَلَيْهِ وَصَارَ يصفه بالوالد فراج أمره بِصُحْبَتِهِ وَلم يَنْفَكّ عَنهُ ثمَّ عَن ولديه وخازنداره يشبك حَتَّى مَاتَ واقتفوا أثر رئيسهم فِي اعْتِمَاده تدبيرا وَإِشَارَة خُصُوصا وَهُوَ لَا يمشي فِي غير أربهم حَتَّى أَنه قل الِانْتِفَاع بِهِ فِيمَا لَا غَرَض لَهُم فِيهِ وسافر مَكَّة مَعَ الْوَلَدَيْنِ ثمَّ مَعَ يشبك إِذْ سَافر أَمِير الْمحمل، كل ذَلِك مَعَ المداومة على التَّهَجُّد وَطول الْقيام ومداومة الصّيام وَكَثْرَة التودد بالْكلَام ومزيد التَّوَاضُع والمداراة وَالْعقل وَبعد الْغَوْر، وَقد صحب الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة وَكَذَا السفطي لوثوقه بِهِ وأودعه مبلغا ثقيلا لكنه أخل فِي حفظه وَأكْثر من مُلَازمَة الأميني الأقصرائي وبسفارته عِنْده تعين رَفِيقه الأسيوطي لقَضَاء الشَّافِعِيَّة طَمَعا فِي استقراره هُوَ أَيْضا فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة فَمَا تمّ لَهُ وَحمد ذَلِك. وَقد تعلل مُدَّة وَمَات فِي لَيْلَة الْأَحَد مستهل جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَسبعين، وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع المارداني فِي مشْهد حافل وَدفن بالقرافة رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنَّا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَالم. يَأْتِي بِزِيَادَة مُحَمَّد ثَالِث.(6/10)
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْبر الْعَلَاء بن أبي الْبَقَاء. هَكَذَا ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه ثمَّ المقريزي وَمُحَمّد الثَّانِي زِيَادَة وَقد مضى بِدُونِهِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن نجم الدّين مُحَمَّد بن عبد المغيث بن مُحَمَّد الْعَوْفِيّ الْمصْرِيّ الْمَنَاوِيّ الدَّلال نزيل مَكَّة. عَامي ظريف ينظم ويتكسب بسمسرة الرَّقِيق. كتب عَنهُ التقي بن فَهد وَابْنه وأورداه فِي معجميهما وأوردا من نظمه قَوْله:)
(جَازَت فَقلت اعبري قَالَت مشيك بَان ... فَقلت كافور يطلع بعد مسكوفان)
(قَالَت صدقت وَلَكِن فاتك الْعرْفَان ... الْمسك للعروس والكافور للأكفان)
وَقَوله لما وَقع السَّيْل فِي مَكَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ:
(أَتَى لمَكَّة سيل قد أحَاط بهَا ... فأغرق النَّاس لَيْلًا وَهُوَ يَغْشَاهُم)
(فَعِنْدَ هَذَا لِسَان الْحَال أخبرنَا ... هَذَا جزاؤهم مِمَّا خطاياهم)
وَقَوله لما وَقع الْحَرِيق بجدة فِي شَوَّال سنة أَرْبَعِينَ:
(لما طغوا سَاكِني جده ... وصيروا لعبهم تجاره)
(بهم أحَاط الْجَحِيم صَارَت ... وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة)
إِلَى غَيرهَا. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة.
عَليّ بن الْبَهَاء مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن بن خَليفَة الْفَقِيه نور الدّين أَبُو الْحسن الدكالي الأَصْل الْمَكِّيّ أَخُو عبد الله الشهير بِابْن الْبَهَاء. ولد فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وأحضر على ابْن صديق أَشْيَاء، وَكَانَ مُسْرِفًا على نَفسه. مَاتَ فِي طاعون بِالْقَاهِرَةِ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَدفن بحوش الصُّوفِيَّة. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الصّلاح مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد النُّور أَبُو النَّجْم الأمدي القاهري الشَّافِعِي أَخُو الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بِابْن المحمرة. ولد فِي أحد الربيعين سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي والكافية الشافية لِابْنِ ملك وَجمع الْجَوَامِع وعرضها على البُلْقِينِيّ والبدر بن أبي الْبَقَاء وَغَيرهمَا بِالْقَاهِرَةِ والأبناسي بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة، وَكَانَ حج مَعَ أَخِيه فِيهَا وَمرَّة أُخْرَى بعْدهَا وجاور وَقد أسمعهُ أَخُوهُ الْكثير على التنوخي وَابْن أبي الْمجد والحلاوي وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي وَخلق، وَبحث الْمِنْهَاج على الزين الفارسكوري والنحو عَن الشَّمْس ابْن صدفة. وسافر إِلَى دمشق حِين كَانَ أَخُوهُ قاضيها وزار الْقُدس والخليل وَدخل إسكندرية ودمياط وَتردد إِلَى الْمحلة وتكسب بِالشَّهَادَةِ بِبَاب القنطرة، وتنزل فِي الْجِهَات وَكَانَت مَعَه خلْوَة بالمنكوتمرية. حدث أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء وَلم يكن بمحمود(6/11)
فِي ديانته. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشري رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين بعد أَن اخْتَلَط نَحوا من أَرْبَعَة أشهر.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم بن عبد الرَّحْمَن الشَّهِيد)
النَّاطِق أبي الْقسم بن عبد الله نور الدّين أَبُو الْحسن بن الْأمين أبي الْيمن بن الْجمال أبي الْخَيْر الْعقيلِيّ النويري الْمَكِّيّ الْمَالِكِي أَخُو عمر الْآتِي وأبوهما وَأمه عيناء المدعوة توفيق ابْنة أَحْمد جَار الله بن زَائِد السنبسي وَيعرف بِابْن أبي الْيمن. ولد فِي شعْبَان سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبية والرسالة لِابْنِ أبي زيد ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي والتنقيح للقرافي وألفية ابْن ملك وَعرض على عَمه التقي الفاسي وَهُوَ الملتمس من أَبِيه أَن يكون مالكيا وَإِلَّا فأبوه فَمن فَوْقه شافعية وَكَذَا عرض على الْجمال الكازروني وَأبي الْحسن سبط الزبير ويوسف بن مُحَمَّد الزرندي وَابْن سَلامَة وَابْني المرشدي وَالْجمال الشيبي وَغَيرهم مِمَّن أجَاز وتلا لأبي عمر وَمن طريقتيه على الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني والشوائطي وتفقه فِي بَلَده بِأبي الطَّاهِر المراكشي والبساطي وراسله ثَانِيهمَا بِالْإِذْنِ لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس على مَا قرأته بِخَطِّهِ قَالَ: وَقد لازمني مُدَّة وَقَرَأَ عَليّ جملَة من الْفِقْه قِرَاءَة تَحْقِيق وتدقيق وإيراد أسئلة لَا تحصل إِلَّا مِمَّن هُوَ مَوْسُوم بالفقه حقيق وبأحمد بن مُحَمَّد الماقري عرف بالمصمودي وَأحمد اللجائي فِي آخَرين وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الْجلَال المرشدي وَالشَّمْس بن حَامِد الصَّفَدِي والقاياتي وَغَيرهم كالشمني وَعنهُ أَخذ فِي أصُول الْفِقْه وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح النخبة لوالده وَأذن لَهُ فِي الإقراء وَقَرَأَ شرح الشواهد للعيني على مُصَنفه وَقَالَ أَنَّهَا قِرَاءَة بحث وَتَحْقِيق وفحص عَن كل مَا فِيهِ من التدقيق بِحَيْثُ صَار مِمَّن يُؤْخَذ عَنهُ هَذَا الْكتاب وَمِمَّنْ يتَصَدَّى إِلَى إقرائه بِلَا ارتياب ثمَّ أذن لَهُ، وَكَذَا أَخذ أصُول الْفِقْه أَيْضا عَن أبي الْقسم النويري وَإِمَام الكاملية والتقي الحصني والمعاني وَالْبَيَان عَن النويري والتصوف عَن البلاطنسي قَرَأَ عَلَيْهِ مُخْتَصره لمنهاج العابدين مَعَ كتاب شَيْخه الْعَلَاء البُخَارِيّ فِي الرَّد على ابْن عَرَبِيّ وَصَحب الشَّيْخ مَدين وَغَيره والْحَدِيث عَن شَيخنَا رِوَايَة ودراية فمما قَرَأَهُ عَلَيْهِ شرح النخبة والخصال المكفرة وبذل الماعون وَغَيرهَا من تآليفه وَالتَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ وَغَيره من مروياته وَسمع عَلَيْهِ جملَة وَأذن لَهُ فِي الإقراء غير مَا مرّة وَبَالغ فِي وَصفه حَتَّى كتب لَهُ مفخر أهل عصره فِي مصره، وَكَانَ شَيخنَا كثير الْميل إِلَيْهِ وَنقل عَنهُ فِي حوادث تَارِيخه وَقَرَأَ على أبي الْفَتْح المراغي الْكثير وعَلى وَالِده والمقريزي والزين وَالزَّرْكَشِيّ والمحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ والعز بن الْفُرَات والبدر النسابة(6/12)
وَغَيرهم بل كَانَ سمع قبل ذَلِك من جده مُحَمَّد بن عَليّ وَابْن سَلامَة وَالْجمال المرشدي وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ)
وحسين الْهِنْدِيّ وَأحمد بن مَحْمُود فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ من الْقَاهِرَة ابْن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَابْن عَمه الشَّمْس الشَّامي والعز بن جمَاعَة والجلال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة بن النقاش والزراتيتي وَالْمجد الْبرمَاوِيّ وَحَمَّاد التركماني والفوي والحبتي وَالْفَخْر الدنديلي والصدر السويفي والسراج قاري الْهِدَايَة وَالشَّمْس مُحَمَّد بن حسن البيجوري وَطَائِفَة من دمشق النَّجْم بن حجي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن الْمُحب الْمَقْدِسِي وَابْن طولوبغا وَغَيرهم وَمن مَكَّة أَحْمد بن الضياء والمرجاني وَآخَرُونَ، وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا أَولهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَآخِرهَا فِي سنة سِتِّينَ وناب فِي الْقَضَاء عَن أبي عبد الله النويري بمرسوم من الْأَشْرَف فِي سنة أَرْبَعِينَ ثمَّ عَن وَالِده فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين، وَولي تدريس الحَدِيث بالمنصورية بِمَكَّة تَلقاهُ عَن عَم أَبِيه الْعِزّ النويري وَمَا بَاشرهُ إِلَّا فِي تسع وَأَرْبَعين وَكَذَا بَاشر الْإِمَامَة بمقام الْمَالِكِيَّة نِيَابَة مُدَّة عشر سِنِين ثمَّ ترك ثمَّ عَاد وتصدى للإقراء من سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وخطب لقَضَاء الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة فاستقر فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَلم يلبث أَن صرف عَنهُ فِي جُمَادَى الأولى مِنْهَا وتألم أحبابه لذَلِك خُصُوصا وَالَّذِي صرف بِهِ شَاب، وَلَكِن لم يلبث أَن توفّي بعد أشهر وعد ذَلِك فِي النفسيات عَنهُ ثمَّ أُعِيد فِي شَوَّال سنة خمس وَسبعين ثمَّ انْفَصل ثمَّ أُعِيد فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَلَكِن احتيل فِي إخفائه إِلَى ربيع الأول وَاسْتمرّ على الْقَضَاء حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ مصمما فِي قَضَائِهِ على نصر الضَّعِيف وإغاثة الملهوف وتلصق بِهِ أَشْيَاء سخيفة وألفاظ ظريفة بَعْضهَا ثَابِتَة، وَهُوَ من قدماء الأحباب كتبت عَنهُ من فَوَائده ووصفني بحافظ الْعَصْر وَغير ذَلِك وَحضر لي عدَّة مجَالِس بِمَكَّة وَنعم الرجل علما وتفننا وفصاحة وتواضعا وشهامة على أعدائه وَعدم انقياد لَهُم وحرصا على الطّواف والتلاوة والتودد للغرباء ومواساتهم جهده وَلكنه لم يسلم من لِسَانه فِيمَا قيل إِلَّا الْقَلِيل وَلَوْلَا محبتي فِيهِ لزدت نعم طولتها فِي مَوضِع آخر. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت سادس عشر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ صَبِيحَة الْغَد وَدفن بالمعلاة عِنْد قُبُورهم وتأسف أهل الْخَيْر على فَقده ورثاه الشهَاب بن العليف وَغَيره رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن عَليّ بن أَحْمد الْقرشِي أَبُو الْحسن بن عرب قَاضِي الرساميين. فِي الكنى.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَادِر نور الدّين أَبُو الْحسن التَّمِيمِي)
الجيزي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الجريش بجيم مَضْمُومَة ثمَّ رَاء(6/13)
مَفْتُوحَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة مُشَدّدَة مَكْسُورَة ثمَّ مُعْجمَة. ولد قبيل الثَّلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالجيزة وَنَشَأ بهَا فتعانى إدارة المعاصر والدواليب والزراعات وَنَحْوهمَا مِمَّا كَانَ أَبوهُ يعانيه فأثرى جدا وَصَارَ لذَلِك يهادن ويهادي ويصادق ويعادي وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ يشْتَغل يَسِيرا عِنْد الشهَاب البني مؤدب الْأَطْفَال بالجيزة بل أَخذ عَن الْعلم البُلْقِينِيّ وحسين اللاري والكمال السُّيُوطِيّ والجلال الْبكْرِيّ وَغَيرهم، وَسمع على شَيخنَا وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة باستدعاء ابْن فَهد وَالْتمس مني كِتَابَة كل من فهرست شَيخنَا وَرفع الإصر لَهُ بخطى ثمَّ ألح عَليّ فِي ذيلي على ثَانِيهمَا وَكَذَا فِي تَرْجَمَة النَّوَوِيّ من تصنيفي أَيْضا وَحصل هُوَ من تصانيفي عُمْدَة المحتج وَالْقَوْل البديع والابتهاج وَغير ذَلِك، وَكَانَ مغرما بتحصيل الْكتب بِحَيْثُ اقتنى مِنْهَا نفائس من كل نوع شِرَاء وانتساخا مِمَّا قيل أَنَّهَا تَسَاوِي أَرْبَعَة آلَاف دِينَار، وَكَانَ زَائِد الذكاء تَامّ الْعقل محكما لدنياه حسن الْفَهم كثير الْأَدَب والتودد مُشْتَمِلًا على أفضال وفضائل كتب إِلَى غير مرّة يسْأَل عَن أَشْيَاء مهمة بِعِبَارَة حَسَنَة رشيقة فأحببته عَنْهَا بل سَمِعت أَنه كَانَ ينظم الشّعْر، وَحج مرَارًا مِنْهَا فِي الرجبية وَفِي الآخر سَافر فِي الْبَحْر وَحمل مَعَه جلّ كتبه حَتَّى وصل إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا حَتَّى حج ثمَّ عزم على الاستيطان بهَا من كَثْرَة مَا كَانَ يقاسيه من جمَاعَة من الْأَعْيَان وَصَارَ يحضر دروس قاضيها البرهاني إِلَى أَن ابتدئ بِهِ الضعْف فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَانِينَ وَدفن بالمعلاة بِالْقربِ من الفضيل بن عِيَاض رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْحسن الْقرشِي الأندلسي البسطي نِسْبَة لبسطة بِفَتْح الْمُوَحدَة ثمَّ مُهْملَة مَدِينَة من جَزِيرَة الأندلس الْمَالِكِي وَيعرف بالقلصاوي بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون اللَّام ثمَّ مُهْملَة. ولد قبل سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة فِي مَدِينَة بسطة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لورش من قِرَاءَة نَافِع على الْفَقِيه عَزِيز بزايين معجمتين مكبر ثمَّ بحث على مُحَمَّد القسطرلي بِضَم الْقَاف وَإِسْكَان السِّين وَضم الطَّاء وَإِسْكَان الرَّاء المهملات ثمَّ لَام فِي الْحساب وَقَرَأَ على الْفَقِيه جَعْفَر فِيهِ وَفِي الْفَرَائِض وَالْفِقْه أبي بكر البياز بِفَتْح الْمُوَحدَة وَتَشْديد التَّحْتَانِيَّة وَآخره زَاي فِي الْعَرَبيَّة ومنظومة ابْن بري فِي قِرَاءَة نَافِع وعَلى الْأُسْتَاذ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْبَيَانِي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَتَشْديد التَّحْتَانِيَّة وَآخره نون الْفِقْه والنحو وعَلى عَليّ القراباقي بِفَتْح الْقَاف والمهملة ثمَّ مُوَحدَة وقاف فِي النَّحْو وَالْفِقْه وَبحث عَلَيْهِ أدب الْكَاتِب لِابْنِ قُتَيْبَة)
والفصيح لثعلب وَشَرحه للخزرجية فِي الْعرُوض ثمَّ رَحل إِلَى مَدِينَة الْمنْكب بِفَتْح النُّون وَالْكَاف(6/14)
ثمَّ مُوَحدَة فَقَرَأَ على خطيبها أبي عبد الله البَجلِيّ فِي النَّحْو وَفِي قَرْيَة الموز من ضواحي الْمنْكب على أبي حسن العامري فِي الْفِقْه ثمَّ إِلَى تلمسان سنة أَرْبَعِينَ فَوجدَ أَبَا الْفضل المشدالي هُنَاكَ فرافقه فِي الِاشْتِغَال فلازم الشَّيْخ أَحْمد بن زاغو بزاي وغين معجمتين وَقَاسما العقباني بِضَم الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف ثمَّ مُوَحدَة وَمُحَمّد بن مَرْزُوق فدرس عَلَيْهِ فِي التَّفْسِير والْحَدِيث والفرائض والنحو وعَلى العقباني فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه والأصلين وعَلى ابْن زاغو فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه والفرائض والحساب والهندسة والنحو والمعاني وَالْبَيَان وعَلى عِيسَى بن أمزيان بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمِيم وَالزَّاي الْمُشَدّدَة فِي الْفَرَائِض والحساب والمنطق وعَلى مُحَمَّد بن النجار فِي أصُول الْفِقْه والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهم وَقَرَأَ بعض مستصفى الْغَزالِيّ على رَفِيقه أبي الْفضل الْمَذْكُور لما رأى من نبله وتقدمه وفضله وثناء مشايخه عَلَيْهِ وَلم يزل إِلَى أَن برع فِي الْفَرَائِض والحساب وصنف فِي ذَلِك فِي تلمسان كتاب التَّبْصِرَة فِي الْغُبَار وَشرح أرجوزة الشران بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمُهْملَة وَآخره نون فِي الْفَرَائِض وأرجوزة التلمساني فِيهَا فِي مجلدة لَطِيفَة وَشرح الحوفي فِي مجلدة، ثمَّ رَحل عَن تلمسان فِي آخر سنة سبع وَأَرْبَعين فَدخل تونس فِيهَا فدرس فِيهَا على قَاضِي الْجَمَاعَة مُحَمَّد بن عِقَاب بِضَم الْمُهْملَة وَفتح الْقَاف فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وروى عَنهُ كتب شَيخنَا الْفَقِيه أبي عبد الله بن عَرَفَة عَنهُ ثمَّ على قَاضِي الْجَمَاعَة بعده أَحْمد القلشاني أخي عمر قِرَاءَة وسماعا فِي التَّفْسِير وَالْفِقْه وعَلى أَحْمد المنستيري بِفَتْح النُّون وَإِسْكَان الْمُهْملَة وَكسر الفوقانية وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة فِي النَّحْو والأصلين وصنف فِي تونس عدَّة تصانيف مِنْهَا القانون فِي الْحساب كراسة وَشَرحه فِي مجلدة لَطِيفَة والكليات فِي الْفَرَائِض نَحْو كراسة وَشَرحهَا فِي نَحْو أَرْبَعه كراريس وكشف الجلباب فِي علم الْحساب نَحْو أَرْبَعَة كراريس وَغير ذَلِك، ثمَّ رَحل من تونس سنة خمسين فَدخل الْقَاهِرَة وَفِي الَّتِي بعْدهَا حج فِيهَا وَعَاد وَأقَام بهَا فَقَرَأَ عَلَيْهِ النَّاس وَكَتَبُوا من مصنفاته وَهُوَ مَعَ ذَلِك يتَرَدَّد إِلَى الْمَشَايِخ وَيقْرَأ فِي غير الْحساب والفرائض لَا سِيمَا العقليات وَهُوَ رجل صَالح. قَالَه البقاعي وَقَالَ إِنَّه أجَاز لَهُ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين رِوَايَة جَمِيع مصنفاته ومروياته وَأَنه حضر مَعَه عِنْد أبي الْفضل الْمَذْكُور فِي شرح القطب على الشمسية. قلت وَهُوَ مِمَّن سمع على شَيخنَا مَعَ أبي عبد الله الرَّاعِي فِي سنة اثْنَتَيْنِ)
وَخمسين.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى نور الدّين أَبُو الْحسن بن الشَّمْس بن(6/15)
الشّرف المتبولي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الرزاز. ولد قبل حجَّة أم السُّلْطَان شعْبَان بن حُسَيْن بِسنة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وعمدة الْأَحْكَام وَالْمقنع فِي الْفِقْه والطوفي فِي أُصُوله وعرضها فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ على ابْن الملقن والغماري والعز بن جمَاعَة وَالشَّمْس بن المكين الْبكْرِيّ الْمَالِكِي وأجازوا لَهُ فِي آخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن الشّرف عبد الْمُنعم الْبَغْدَادِيّ ولازمه حَتَّى أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس فِي سنة سِتّ وَتِسْعين بل أفتى بِحَضْرَتِهِ وَكتب بِخَطِّهِ تَحت جَوَابه كَذَلِك يَقُول فلَان وَكَذَا أَخذ عَن النَّجْم الباهي وَالصَّلَاح بن الْأَعْمَى ثمَّ عَن الْمُحب بن نصر الله وَكَانَ يجله كثيرا بِحَيْثُ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ مرّة عقب استحضاره لشَيْء لم يستحضره غَيره من جماعته أَحْسَنت يَا فَقِيه الْحَنَابِلَة. واشتغل فِي النَّحْو عِنْد الشَّمْس البوصيري وَابْن هِشَام العجمي وَبعد ذَلِك على كل من شَيخنَا الحناوي والعز بن عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ، وَسمع الحَدِيث على التنوخي والعراقي والهيثمي والتقي الدجوي وَابْن الشيخة والسويداوي والشرف بن الكويك والجمالين الْحَنْبَلِيّ والكازروني الْمدنِي والشهابين أَحْمد بن يُوسُف الطريني والبطائحي والسراج قاري الْهِدَايَة وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ فِي آخَرين مِنْهُم مِمَّا كَانَ يخبر بِهِ السراج البُلْقِينِيّ، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وجاور غير مرّة وناب فِي الْقَضَاء عَن الْمجد سَالم فَمن بعده وَلكنه تقلل مِنْهُ بعد موت وَلَده الْبَدْر مُحَمَّد فِي طاعون سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين لشدَّة تأسفه على فَقده وَصَارَ بِأخرَة أجل النواب ودرس الْفِقْه بالمنصورية والمنكوتمرية والقراسنقرية. وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل وتصدى للإفتاء والإقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ إنْسَانا حسنا مستحضرا للفقه لَا سِيمَا كِتَابه ذَا ملكة فِي تَقْرِيره مَعَ مُشَاركَة يسيرَة فِي ظواهر من الْعَرَبيَّة متواضعا ثِقَة سليم الْفطْرَة طارحا للتكلف.
مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشري ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَدفن بتربة الشَّيْخ نصر خَارج بَاب النَّصْر رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَالم بن مُوسَى بن سَالم بن أبي المكارم بن إِسْمَاعِيل بن عبد السَّلَام إِمَام الدّين بن الْمُحب بن الصَّدْر بن الْجمال الْكِنَانِي الدمياطي قاضيها وَابْن قضاتها الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن العميد وَهُوَ لقب جده الْأَعْلَى عبد السَّلَام وَكَانَ قَاضِي دمياط وَولي عدَّة)
من آبَاء إِمَام الدّين الْقَضَاء. ولد فِي ثَالِث رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَجلسَ بِالْقَاهِرَةِ مَعَ الموقعين مُدَّة حَتَّى برع فِي الشُّرُوط والسجلات وَكتب التوقيع وناب بدمياط وَغَيره من الْأَعْمَال ثمَّ اسْتَقل بِهِ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَكَانَ يصرف ثمَّ يُعَاد وناب فِي الحكم(6/16)
بِالْقَاهِرَةِ بل ولي قَضَاء الْمحلة وَمَات على قَضَائهَا وَهُوَ بدمياط فِي مستهل شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين عَن خمس وَسبعين. كره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار وَكَانَ مَعَ قلَّة علمه بشوشا سيوسا لينًا جميل الْعشْرَة صَاحب دهاء وخبرة بِأُمُور الدُّنْيَا لَهُ ثراء فِيهِ سماح. ذكره المقريزي فِي عقوده وَحكى عَنهُ أَنه أخبرهُ أَنه تنكر مَا بَين وَالِده والمحب بن فاتح الأسمر لِأَنَّهُ بلغه عَنهُ قَوْله أَنا مَا أجيء لزيارة الْمُحب إِنَّمَا أجيء لزيارة أَبِيه بِحَيْثُ تهاجرا بعد الصداقة ثمَّ ابْتَدَأَ وَالِده الْمُحب بالمصالحة وجاءه لسكنه بِجَامِع دمياط فَامْتنعَ فَمضى لِأَبِيهِ الشَّيْخ فاتح فَجَاءَهُ الْمُحب إِلَيْهِ وعانقه وَأخْبرهُ بِأَنَّهُ رأى وَالِده فِي النّوم وَهُوَ يَقُول: لَيْسَ هَذَا من الْإِنْصَاف أَن يَأْتِيك وتعتذر إِلَيْهِ وَلَا تقبله وَيَنْبَغِي أَن تذْهب إِلَيْهِ وَتَسْتَغْفِر لَهُ فتباكيا وعادا لصحبتهما، قَالَ المقريزي: وَقلت لَهُ عَن شَيْء ليفعله فَقَالَ: مَا أحسنني لَو أمكنني.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن عمر بن غَدِير الْعَلَاء بن الشّرف بن الْبَدْر الطَّائِي القواس. مَاتَ فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَعم جده عمر بن عبد الْمُنعم مُسْند شهير. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أبي بكر بن يفتح الله النُّور بن العر الْقرشِي السكندري الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن يفتح الله. ولد فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بإسكندرية وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد خطيب جَامعهَا الغربي وإمامه الزين عبد الرَّحْمَن بن مَنْصُور الفكيري وتلا بالسبع على النُّور عَليّ بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة السكندري الْمَالِكِي بن المرخم وتفقه بِالنورِ بن مخلوف وَالشَّمْس الفلاحي وَغَيرهمَا وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن شعْبَان الآثاري وَالشَّمْس مُحَمَّد الفرضي الحريري وَسمع بعض الصَّحِيح وَجَمِيع الشفا على جده والشفا بِتَمَامِهِ وَبَعض الْمُوَطَّأ على الْكَمَال بن خير وَبَعض التِّرْمِذِيّ على التَّاج ابْن التنسي وَكَذَا سمع على أم مُحَمَّد فَاطِمَة ابْنة التقي بن غرام وَأَجَازَ لَهُ ابْن الملقن وَابْن صديق وَغَيرهمَا)
وَلَقي ابْن الْجَزرِي فَأخذ عَنهُ الْقرَاءَات وَغَيرهَا، وَحج فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وجاور الَّتِي تَلِيهَا وتلا حِينَئِذٍ بالعشر على ابْن سَلامَة والزين بن عَيَّاش وبالسبع إِلَى سُورَة الْفَتْح على الشَّمْس أبي عبد الله الْحلَبِي البيري نزيل مَكَّة وَسمع على الزينين المراغي وَأبي الْخَيْر مُحَمَّد بن أَحْمد الطَّبَرِيّ وَالْجمال بن ظهيرة وَأبي عبد الله بن مَرْزُوق وتفقه هُنَاكَ بالتقي الفاسي وَغَيره، وَأذن لَهُ غير وَاحِد فِي الإقراء وَرجع إِلَى بَلَده فَأَقَامَ بهَا وَولي خطابة جَامعهَا الغربي من سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ إِلَى أَن مَاتَ وَكَذَا أم برباط سَيِّدي دَاوُد وَكتب بِخَطِّهِ الصَّحِيح غير مرّة وتصدى لنفع الطّلبَة فَكَانَ غَالب قراء الْبَلَد من تلامذته وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الإِمَام أَبُو الْقسم النويري وَالشَّمْس(6/17)
المالقي. وَقد لَقيته بالثغر فَسمِعت خطبَته وقرأت عَلَيْهِ أَشْيَاء، وَكَانَ إنْسَانا جَلِيلًا فَاضلا خيرا حسن السمت كثير التَّوَاضُع والتودد مكرما للغرباء والوافدين مشارا إِلَيْهِ بالصلاح والمشيخة، وَعرض لَهُ فِي بَصَره شَيْء فَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة سبع وَخمسين ليتداوى فَاجْتمع بِهِ بعض الْفُضَلَاء وَأخذ عَنهُ ثمَّ رَجَعَ وَحج وجاور بِمَكَّة فقدرت وَفَاته بهَا فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ النُّور أَبُو الْحسن الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي تلميذ بقاعي وَيعرف بِابْن قريبَة بقاف مَضْمُومَة ثمَّ رَاء بعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ مُوَحدَة وَبعد ذَلِك بالمحلي. قيل إِنَّه ولد سنة خمسين وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب بن جليدة وَحفظ الْمِنْهَاج وألفية النَّحْو وسافر البرلس فَأَقَامَ بزاوية هُنَاكَ مَعْرُوفَة بِابْن قصي فَأخذ عَن ابْن الأقيطع فِي النَّحْو والمعاني وَالْبَيَان ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بزاوية ابْن بكتمر إِلَى أَن طرده مِنْهَا جمَاعَة الشَّيْخ مَدين بِسَبَب ذكر فَأَقَامَ بِجَامِع الزَّاهِد وَأخذ عَن إِمَامه الشَّمْس المسيري فِي الْفِقْه وَغَيره ثمَّ ترقى إِلَى ابْن قَاسم وَابْن الْقطَّان والمقسي ثمَّ صحب البقاعي واختص بِهِ وارتبط بجانبه وخاض مَعَه فِي جَمِيع أَسبَابه وَقَرَأَ عَلَيْهِ مناسباته وَغَيرهَا من الحَدِيث وَغَيره وَكَذَا أَخذ فِيمَا زعم عَن التقي الشمني فِي حَاشِيَة الْمُغنِي قَلِيلا وَعَن الْأمين الأقصرائي والتلويح من أصولهم وَعَن الكافياجي فِي شرح العقائد ثمَّ طراده وَحضر عِنْد إِمَام الكاملية فِي بعض دروس الشَّافِعِي وَعند أبي السعادات وَابْن الشّحْنَة الصَّغِير ولازم التقي الحصني فِي الرضى وَشرح المواقف وَأخذ عَن الْمُحب بن الشّحْنَة بل عَن الْكَمَال بن أبي شرِيف وأخيه الْبُرْهَان وَقَرَأَ فِي التَّقْسِيم على الْعِمَادِيّ وَالْفَخْر المقسي والجوجري وتكرر لَهُ ذَلِك عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ مَعَ مَا ضبط عَنهُ من)
تنقيصه لَهُ بالكلمات الفظيعة والتلويحات القبيحة حَتَّى وَهُوَ بَين يَدَيْهِ وَكَذَا جحد ابْن قَاسم أتم الْجحْد مَعَ قَوْله قَرَأت عَلَيْهِ مَا ينيف على عشْرين كتابا فِي فنون مَا عَلمته أحسن تَقْرِير شَيْء مِنْهَا وَكَون جلّ انتفاعه فِيمَا قيل إِنَّمَا هُوَ بِهِ وَادّعى مِمَّن لم يعلم لَهُ عَنهُ أَخذ كالمناوي بِحَيْثُ سَمِعت ثِقَات أَصْحَابه يكذبونه فِي ذَلِك نعم يُمكن حُضُوره مَعَ شَيْخه عِنْده فِي درس الشَّافِعِي، وَدخل الشَّام مَعَ شَيْخه البقاعي حِين اضطراره إِلَى الْخُرُوج إِلَيْهَا ثمَّ لأخذ مَا أوصى لَهُ بِهِ من كتبه وَغَيرهَا بعد مَوته، وتنزل فِي الْجِهَات فِي حَيَاته وَبعده وتمول جدا، وَحج غير مرّة مِنْهَا مرّة على السحابة المزهرية لمزيد ترداده إِلَيْهِ حَتَّى قَرَأَ بَين يَدَيْهِ الْحِلْية والأحياء وَغير ذَلِك ونزله فِي عدَّة وظائف بمدرسته مِنْهَا قِرَاءَة الحَدِيث بل توجه فِي(6/18)
سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين شَرِيكا لغيره فِي السحابة ومشرفا على عِمَارَته فِي الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَفعل مَا ل يجمل وَكَذَا قَرَأَ دَلَائِل النُّبُوَّة وَغَيرهَا عِنْد يشبك الجمالي بسفارة الْيمن بن البرقي لاختصاصه بِهِ وانضمامه بعياله إِلَيْهِ وَلذَا أعطَاهُ مشيخة التصوف بمدرسة أستاذه الجمالي نَاظر الْخَاص بعد إِسْمَاعِيل الحياني وأقرأ جمَاعَة من الصغار بل قسم الْفِقْه بالأشرفية برسباي فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَاسْتمرّ وَكَذَا عظم اخْتِصَاصه بشيخه ابْن الشّحْنَة الصَّغِير وعشرته مَعَه بِحَيْثُ أَنه لما تجاذب هُوَ ونسيبه النَّجْم القلقيلي وَادّعى عَلَيْهِ عِنْد قَاضِي الْمَالِكِيَّة الْبُرْهَان اللَّقَّانِيّ أحضرهُ للشَّهَادَة لَهُ فَلم يقبل القَاضِي شَهَادَته لأجل من شهد بعداوتهما ولغير ذَلِك مِمَّا صرح بِهِ القَاضِي فِي كائنة شهد فِيهَا عِنْده أَيْضا مَعَ شَيْخه وَبِالْجُمْلَةِ فَعنده من الجرأة مَا اقتفى فِيهِ أثر شَيْخه وَلَكِن امتاز عَلَيْهِ بمزيد النِّفَاق بِحَيْثُ لَا يَثِق بِهِ أحد من النَّاس لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ مَعَ مزِيد المجازفة وإيمانه الحانثة وَلَقَد أفسد بهما عَلَيْهِ دينه ودنياه وَوَاللَّه إِن فِي تعاليق شَيْخه مَا لَيْسَ لَهُ أصل أصلا مِمَّا هُوَ أَصله وَمن مجازفات شَيْخه أَنه يكون مَعَ الكوراني الرُّومِي على مُحَقّق الْعَصْر ووليه الْجلَال الْمحلي وينقل عَن هَذَا واصفا لَهُ بالعلامة الْمُحَقق مَعَ كَونه حَقِيقَة أمره مَا أَشرت إِلَيْهِ وَمَا ركن خاطري إِلَيْهِ يَوْمًا من الدَّهْر حَتَّى حِين اجتماعه عَليّ وعَلى أخي وَمَا علمت من يزاحمه فِي مَجْمُوعه أَو يُسَاوِيه فِي مساويه وَقد عرف بالاستهزاء والسخرية بِالنَّاسِ مَعَ الملق ظَاهرا والإيذاء بَاطِنا وتناوله على الْمَشْي فِي بعض الْحَوَائِج وانحطت مَنْزِلَته عِنْد كثير من النَّاس حَتَّى عِنْد بعض الأكابر مِمَّن كَانَ أَبوهُ كثير الْإِحْسَان إِلَيْهِ لتلونه وركونه ظَاهرا إِلَى بعض مبغضيه بَاطِنا.)
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن فَهد أَسد الدّين أَبُو الْحسن بن التقي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ شَقِيق النَّجْم عمر وَإِخْوَته. ولد فِي صفر سنة أَرْبَعِينَ بِمَكَّة وَمَات بهَا فِي ذِي الْحجَّة فِيهَا. ذكره أَخُوهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد إِمَام الدّين مُحَمَّد بن سراج الدّين عُثْمَان الْفَاضِل عيان بن بَيَان ابْن عيان بن بَيَان الْكرْمَانِي الأَصْل الْفَارِسِي الكازروني وسراج من ذُرِّيَّة أبي الْحُسَيْن كَمَا أَن أَبَا الْحُسَيْن من ذُرِّيَّة شاه الْمَذْكُور فِي طَبَقَات الْأَوْلِيَاء لشيخ الْإِسْلَام الْأنْصَارِيّ صَاحب ذمّ الْكَلَام ابْن شُجَاع وَصَاحب التَّرْجَمَة هُوَ أَخُو القطب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي نصر الله الْآتِي لأمه مِمَّن لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي أول سنة سبع وَتِسْعين وَكتب لي أَنه أَخذ عَن أَبِيه وَمُحَمّد بن أسعد الصديقي والسيدين نور الدّين أَحْمد ومعين الدّين مُحَمَّد ابْني السَّيِّد صفي الدّين وحفيد عَمهمَا مرشد الدّين مُحَمَّد بن القطب عِيسَى بن عفيف الدّين وَأبي إِسْحَاق بن عبد الله الكوباني وَآخَرين(6/19)
وَلزِمَ صُحْبَة القطب عبيد الله بن مَحْمُود الشَّاشِي أَربع سِنِين. وتميز فِي الْفَضَائِل ثمَّ قدم مَكَّة بعد وَفَاته بل ووفاة أَبِيه فحج وجاور وأقرأ بهَا الطّلبَة فِي كثير من العقليات وَتردد إِلَيّ فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره ولازمني كثيرا وَكتب إِلَيّ بترجمة آخر شُيُوخه وبكائنة موت السُّلْطَان يَعْقُوب ثن إِنَّه توجه إِلَى طيبَة فَأَقَامَ بهَا مديدة وأقرأ هُنَاكَ أَيْضا ثمَّ حج فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَرجع مَعَ الركب إِلَى الْقَاهِرَة وَفِيه كَلَام كثير مَعَ جرْأَة إقدام وَعدم تثبت وتحر. عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْعَلَاء البُخَارِيّ. صَوَابه مُحَمَّد يَأْتِي. عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وفا. يَأْتِي بِدُونِ مُحَمَّد الثَّالِث.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد تَقِيّ بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن روزبة ويلقب بالمذكور ابْن شمس بن فتح الدّين أبي الْفَتْح الكازروني الْمدنِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن تَقِيّ. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ وَقبل ذَلِك سمع على فَاطِمَة ابْنة أبي الْيمن المراغي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو الْخَيْر بن الشيخة. فِي الكنى.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الفرخي التجافيفي الْمَكِّيّ أحد المتمولين المعاملين حضر على الْمجد اللّغَوِيّ فِي صفر سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة الأول من مسلسلات العلائي وَغَيره، وَمَات بِمَكَّة فِي رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ. ذكره ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن غَازِي الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن الْكَمَال الْحلَبِي الْحَنَفِيّ أَخُو)
الْمُحب أبي الْوَلِيد وَعبد الرَّحْمَن وَيعرف كسلفه بِابْن الشّحْنَة. ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار وَأخذ عَن أَبِيه وأخيه الْمُحب وناب عَنْهُمَا واستقل بِقَضَاء الغربيات الْعشْرَة من معاملات حلب، وَكَانَ فَاضلا لَهُ نظم من أحْسنه مَا أنشدنيه ابْن أَخِيه الْمُحب أَبُو الْفضل عَنهُ:
(وقط كليث كَامِل الْحسن صائد ... وَفِي عزمه واللون يشبه عنترا)
(يفوق على قطّ الزياد تفضلا ... وسميته من نشره الْمسك عنبرا)
وَقَوله مِمَّا نفذ ابْن أَخِيه وَصيته بإلقائهما مَعَه فِي قَبره:
(إلهي قد نزلت بِضيق لحد ... بأوزار ثقال مَعَ عُيُوب)
(وعفوك وَاسع وحماك حصن ... وَأَنت الله غفار الذُّنُوب)
قَالَ وَمن العجيب كَونه لم يكن يلحن مَعَ عدم اشْتِغَاله بِالْعَرَبِيَّةِ وَلكنه كَانَ يَحْكِي أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَأَلَهُ فِي إصْلَاح لِسَانه فأطعمه حلوى عجمية فَكَانَ لَا يُخطئ الْعَرَبيَّة.
مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان نور الدّين بن كريم الدّين بن الزين الْأنْصَارِيّ الْهوى نِسْبَة لَهُ بِالْقربِ من قَوس بالصعيد الْأَعْلَى. ولد فِي حُدُود الْأَرْبَعين(6/20)
وَسَبْعمائة واشتغل بالفقه ثمَّ تعانى التِّجَارَة ثمَّ انْقَطع وَكَانَ كثير الْمحبَّة فِي الصَّالِحين يحفظ كثيرا من مناقبهم سِيمَا أهل الصَّعِيد وَيكثر التَّرَدُّد إِلَى الْقَاهِرَة وَهُوَ عَم كريم الدّين محتسب الْقَاهِرَة فِي سلطنة النَّاصِر فرج. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: ذكر لي بعض أَقَاربه أَنه مَاتَ سنة إِحْدَى وَقَالَ اجْتمعت بِهِ فِي مصر وَفِي مدينته هُوَ وَكَانَ يَحْكِي عَن ابْن السراج قَاضِي قوص فِي زَمَانه أَنه كَانَ فِي منزله فَخرج عَلَيْهِ ثعبان مهول المنظر فَفَزعَ مِنْهُ فَضَربهُ فَقتله فَاحْتمل فِي الْحَال من مَكَانَهُ بِحَيْثُ فقد من أَهله فَأَقَامَ مَعَ الْجِنّ إِلَى أَن حملوه إِلَى قاضيهم فَادّعى عَلَيْهِ ولي الْمَقْتُول فَأنْكر فَقَالَ لَهُ القَاضِي على أَي صُورَة كَانَ الْمَقْتُول فَقيل فِي صُورَة ثعبان فَالْتَفت القَاضِي إِلَى من بجانبه وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تزيا لكم فَاقْتُلُوهُ فَأمر القَاضِي بِإِطْلَاقِهِ فَرَجَعُوا بِهِ إِلَى منزله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وفا أَبُو الْحسن الْقرشِي الْأنْصَارِيّ كَذَا رَأَيْته بِخَط بَعضهم)
السكندري الأَصْل الْمصْرِيّ الشاذلي الْمَالِكِي الصُّوفِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن وفا وَمن ذكر فِي آبَائِهِ مُحَمَّدًا ثَالِثا فقد وهم. ولد سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ هُوَ وَأَخُوهُ فِي كَفَالَة وصيهما الشَّيْخ مُحَمَّد الزلعي فأدبهما وفقههما، وَكَانَ هَذَا على أحسن حَال وأجمل طَريقَة فَلَمَّا بلغ سبع عشرَة سنة جلس مَكَان أَبِيه وَعمل الميعاد وشاع ذكره وَبعد صيته وانتشر أَتْبَاعه وَذكر بمزيد الْيَقَظَة وجودة الذِّهْن والترقي فِي الْأَدَب والوعظ. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: كَانَت أَكثر إِقَامَته فِي الرَّوْضَة قريب المشتهى، وَكَانَ يقظا حاد الذِّهْن. اشْتغل بالأدب والوعظ وَحصل لَهُ أَتبَاع وأحدث ذكرا بألحان وأوزان يجمع النَّاس عَلَيْهِ، وَله نظم كثير واقتدار على جلب الْخلق مَعَ خفَّة ظَاهِرَة اجْتمعت بِهِ مرّة فِي دَعْوَة فأنكرت على أَصْحَابه إيماءهم إِلَى جِهَته بِالسُّجُود فَتلا هُوَ وَهُوَ يَدُور فِي وسط السماع فأينما توَلّوا فثم وَجه الله فَنَادَى من كَانَ حَاضرا من الطّلبَة كفرت كفرت فَترك الْمجْلس وَخرج هُوَ وَأَصْحَابه قَالَ: وَكَانَ أَبوهُ معجبا بِهِ وَأذن لَهُ فِي الْكَلَام على النَّاس وَهُوَ دون الْعشْرين انْتهى. وَهَذَا غير مُسْتَقِيم مَعَ كَونه فِي الدُّرَر أرخ موت وَالِده فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة فَالله أعلم ثمَّ قَالَ شَيخنَا: وَله من التصانيف الْبَاعِث على الْخَلَاص فِي أَحْوَال الْخَواص والكوثر المترع من الأبحر الْأَرْبَع يَعْنِي فِي الْفِقْه وديوان شعر وموشحات وفصول مواعظ وشعره ينعق بالاتحاد المفضي إِلَى الْإِلْحَاد وَكَذَا نظم أَبِيه فِي أَوَاخِر أمره(6/21)
نصب فِي دَاره منبرا وَصَارَ يُصَلِّي الْجُمُعَة هُوَ وَمن يصاحبه مَعَ أَنه مالكي الْمَذْهَب يرى أَن الْجُمُعَة لَا تصح فِي الْبَلَد وَلَو كبر إِلَّا فِي الْمَسْجِد الْعَتِيق من الْبَلَد قَالَ وَمن شعره:
(أَنا مكسور وَأَنْتُم أهل جبر ... فارحموني فَعَسَى يجْبر كسري)
(يَا كرام الْحَيّ يَا أهل العطايا ... انْظُرُوا لي واسمعوا قصَّة فقري)
وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه اشْتغل بالأدب والعلوم وتجرد مُدَّة وَانْقطع ثمَّ تكلم على النَّاس ورتب لأَصْحَابه أذكارا بتلاحين مطبوعة استمال بهَا قُلُوب الْعَوام ونظم ونثر وَكَانَ أَصْحَابه يتغالون فِي محبته وَفِي تَعْظِيمه ويفرطون فِي ذَلِك، لَقيته مرّة أَو مرَّتَيْنِ وَسمعت كَلَامه وَقَالَ فِي تَرْجَمَة أَبِيه:)
من درره أَنه أنشأ قصائد على طَرِيق ابْن الفارض وَغَيره من الاتحادية وَنَشَأ ابْنه على طَرِيقَته فاشتهر فِي عصرنا كاشتهار أَبِيه ثمَّ أَخُوهُ أَحْمد من بعده ثمَّ ذُرِّيتهمْ ولأتباعهم فيهم غلو مفرط، وَقَالَ المقريزي أَنه كَانَ جميل الطلعة مهابا منظما صَاحب كَلَام بديع ونظم جيد وتعددت أَتْبَاعه وَأَصْحَابه ودانوا بحبه واعتقدوا رُؤْيَته عبَادَة واتبعوه فِي أَقْوَاله وأفعاله وبالغوا فِي ذَلِك مُبَالغَة زَائِدَة وَسموا ميعاده المشهد وبذلوا لَهُ رغائب أَمْوَالهم هَذَا مَعَ تحجبه وتحجب أَخِيه التحجب الْكثير إِلَّا عِنْد عمل الميعاد أَو البروز لقبر أَبِيهِم أَو تنقلهم إِلَى الْأَمَاكِن بِحَيْثُ نالا من الْحَظ مَا لم يرتق إِلَيْهِ من هُوَ فِي طريقهم حَتَّى مَاتَ يَعْنِي بمنزله فِي الرَّوْضَة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشري ذِي الْحجَّة سنة سبع وَدفن عِنْد أَبِيه بالقرافة قَالَ: وَلم أر قطّ جَنَازَة من الخفر مَا رَأَيْت على جنَازَته وَأَصْحَابه أَمَامه يذكرُونَ الله بطريقة تلين لَهَا قُلُوب الجفاة وَقَالَ غَيره: كَانَ فَقِيها عَارِفًا بفنون من الْعلم بارعا فِي التصوف حسن الْكَلَام فِيهِ يعجب الصُّوفِيَّة غالبه مستحضرا للتفسير بل لَهُ تَفْسِير ونظم جيد وديوانه متداول بِالْأَيْدِي وجيد شعره أَكثر من رديئه وَأما نظمه فِي التلاحين والخفائف وتركيزه للأنغام فغاية لَا تدْرك وتلامذته يتغالون فِيهِ إِلَى حد يفوق الْوَصْف انْتهى. وللحافظ الزين الْعِرَاقِيّ الْبَاعِث على الْخَلَاص من حوادث الْقصاص قرأته على من سَمعه مِنْهُ أَشَارَ فِيهِ للرَّدّ على صَاحب التَّرْجَمَة وَقَالَ لي شَيخنَا التقي الشمني إِن مُصَنفه الْمَاضِي عمله لرده، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحيى بن سَالم الخشبي الْمدنِي. ولد بهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة، وَأَجَازَ لَهُ فِي جملَة إخْوَته فِي سنة سبع وَتِسْعين مُحَمَّد بن عبد الله البهنسي وَمُحَمّد بن أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَسعد بن يُوسُف النَّوَوِيّ وَمُحَمّد بن أبي بكر الْبكْرِيّ وَغَيرهم. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي طاعون سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. أرخه ابْن فَهد فِي مُعْجَمه.(6/22)
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْعَلَاء الدِّمَشْقِي بن الْجَزرِي أَخُو شيخ الْقُرَّاء الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي. كَانَ فِيمَا بَلغنِي عَالما مقرئا وَهُوَ جد الشريف نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ نقيب الْأَشْرَاف لأمه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْعَلَاء بن الْبَهَاء بن الْبُرْجِي الْآتِي أَبوهُ وَهُوَ سبط الْبَدْر بن السراج البُلْقِينِيّ، أمه بلقيس وَعم أوحد الدّين مُحَمَّد بن الْبُرْجِي. كَانَ أحد صوفية سعيد السُّعَدَاء. مَاتَ)
فِي رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وَعَن نَحْو سبعين سنة عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّدْر الأدمِيّ. فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْعَلَاء بن نَاصِر الدّين بن نَاصِر الدّين التركماني. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْعَلَاء بن نَاصِر الدّين القاهري بن الطبلاوي. بَاشر ولَايَة الْقَاهِرَة فِي زمن النَّاصِر فرج ثمَّ بعده ثمَّ خمل مُدَّة إِلَى أَن اسْتَقر فِيهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ ثمَّ عزل وأعيد إِلَيْهَا أَيْضا فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين عوضا عَن دمرداش ثمَّ انْفَصل ثمَّ أُعِيد فِي أول ولَايَة الظَّاهِر جقمق وَجمع لَهُ الزعر فبالغوا فِي الْقِتَال مَعَه فِي معركة فَحَمدَ لَهُ ذَلِك وولاه نقابة الْجَيْش فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بعد موت نَاصِر الدّين مُحَمَّد ابْن مرطبر ثمَّ انْفَصل وَمكث دهرا خاملا منجمعا ببيته وَرُبمَا كَانَ يركب وَهُوَ فِي هَيْئَة رثَّة حَتَّى مَاتَ وَقد جَازَ الْمِائَة فِيمَا قَلِيل فِي الْمحرم سنة تسع وَسبعين وَقد مضى أَحْمد بن مُحَمَّد فِي الْهمزَة فَيحْتَمل أَن يكون أَخُوهُ. عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن البسطي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ. عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأدمِيّ. فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد. عَليّ ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأندلسي القلصاوي الحيوب هُوَ البسطي مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد نور الدّين القاهري الْحَنَفِيّ العقاد. مِمَّن سمع مني وَعلي أَشْيَاء من ذَلِك فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سِتّ وَتِسْعين المسلسل وَكَانَ يصحب الْمُحب بن جناق وَله سَماع مَعَه. عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الدلجي الأَصْل القاهري الوزيري المهتار فطيس. يَأْتِي لَهُ ذكر فِي أَبِيه. عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن حميدان. فِي ابْن أبي الْفرج.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَادل الْحُسَيْنِي الْمدنِي الْحَنَفِيّ أَخُو أبي الْفَتْح الْآتِي. حفظ الْقُرْآن وجود الْخط وَهُوَ الْآن حَيّ مَعَ صغر سنه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود الْعَلَاء الرميني ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة والآتي وَلَده مُحَمَّد وخده. سمع من الزين الْعِرَاقِيّ وَغَيره، وَمَات قريب سنة أَرْبَعِينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مفضل أَبُو الْحسن المسلمي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. مِمَّن سمع على(6/23)
شَيخنَا وَغَيره، وَحج وناب فِي الْقَضَاء وَسكن زَاوِيَة أبي السُّعُود بموقف المكارية دَاخل بَاب القنطرة لكَونهَا تَحت نظره وخالط غير وَاحِد من الْأُمَرَاء سِيمَا أزبك الخازندار رَأس نوبَة النواب.)
بِحَيْثُ تكلم لَهُ فِي مشيخة سعيد السُّعَدَاء بعد الكوراني وطمحت نَفسه لأعلى مِنْهَا مَعَ نَقصه جدا وَيذكر بثروة من جِهَة النِّسَاء.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُفْلِح البليني الْقَائِد. مَاتَ بِمَكَّة فِي حادي عشري ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عميرَة بن مُوسَى نور الدّين الْقرشِي المَخْزُومِي اليبناوي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي ابْن عَم أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الْمَاضِي. أجَاز لَهُ فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الْعَفِيف النشاوري والبرهان بن عَليّ بن فَرِحُونَ والتقي بن حَاتِم وَابْن عَرَفَة والأبناسي والعراقي والهيثمي وَآخَرُونَ. مَاتَ فِي صفر سنة تسع وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد أَيْضا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن منصو النُّور أَبُو الْحسن الْمحلي الْمدنِي الشَّافِعِي سبط الزبير الأسواني ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة بِمصْر فِيمَا وجد بِخَطِّهِ وَقيل بِالْمَدِينَةِ وَاقْتصر عَلَيْهِ شَيخنَا فِي أنبائه وَنَشَأ بهَا فَسمع بهَا على سعد الدّين الإسفرايني والشمسين السستري وَمُحَمّد بن صلح بن إِسْمَاعِيل الْكِنَانِي وَالْجمال الأميوطي والبهاء بن التقي السُّبْكِيّ وبمكة على الْكَمَال بن حبيب وَالْجمال بن عبد الْمُعْطِي وَالْقَاضِي أبي الْفضل النويري والأمين بن الشماع. وَدخل الْقَاهِرَة فَسمع بهَا على الْبَهَاء بن خَلِيل والحراوي وَأبي الْفرج بن الْقَارِي وَالْجمال الْبَاجِيّ وَالشَّمْس بن الخشاب والشهاب أَحْمد بن حسن الرهاوي وخليل بن طرنطاي والتقبين ابْن حَاتِم والبغدادي والعراقي والهيثمي فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ الشهَاب الْأَذْرَعِيّ وَابْن كثير وَابْن الهبل وَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَجَمَاعَة وَخرج لَهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد مشيخة وَقَالَ إِنَّه لم يخلف بِبِلَاد الْحجاز أسْند مِنْهُ، وَكَذَا قَالَ شَيخنَا، وَحدث سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ أَبُو الْفرج المراغي وَآخَرُونَ مِمَّن هم بِقَيْد الْحَيَاة فِي مصر وَمَكَّة وَقَالَ شَيخنَا: أجَاز لنا. قلت: وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَشْيَاء من مجاميع وَغَيرهَا بل قَرَأَ على الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ مُصَنفه الْإِجَابَة لإيراد مَا استدركته عَائِشَة على الصَّحَابَة وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْفَاضِل المحصل الْأَصِيل الرّحال، وَقَالَ غَيره: كَانَ إِمَامًا عَالما عَاملا مُسْندًا مكثرا معمرا رحْلَة الْحجاز. وَمَات فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ)
بِالْمَدِينَةِ وَصلي عَلَيْهِ بالروضة وَدفن بِالبَقِيعِ رَحمَه الله، وَقد تَرْجَمته فِي تَارِيخ الْمَدِينَة بأطول مِمَّا(6/24)
هُنَا، وَذكره المقريزي فِي عقوده.
عَليّ بن مُحَمَّد بن نَاصِر بن قيسر المارداني نِسْبَة لخط جَامع المارداني من الْقَاهِرَة الشَّافِعِي وَيعرف بالرسام ثمَّ بالضاني وَكَانَ لقبا لأخ لَهُ لظرفه فِي صغره فشهر بِهِ. ولد قَرِيبا من سنة سبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده بِبَيْت الْمُقَدّس على عبد الله البسكري وَغَيره واشتغل بالفقه على الشَّمْس الغراقي وَغَيره وَسمع على الشّرف السُّبْكِيّ وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَطَائِفَة وَصَحب التَّاج مُحَمَّد بن يُوسُف العجمي وتلقن مِنْهُ وَمن غَيره، وَدخل إسكندرية فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَصَحب بِهِ جمَاعَة صلحاء فَعَادَت بركتهم عَلَيْهِ واكتسب من جميل أَحْوَالهم ثمَّ رَحل إِلَى دمشق سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وجود بهَا الْقُرْآن على أَحْمد بن العلبي وتحول سنة خمس إِلَى خانقاه سرياقوس فقطنها حَتَّى مَاتَ وباشر بوابة الخانقاه بل وَقَرَأَ بهَا الْأَطْفَال، وَحج فِي سنة تسع عشرَة، وَكَانَ خيرا صَالحا مُعْتَزِلا عَن النَّاس من محَاسِن أهل الخانقاه بل قَالَ البقاعي أَنه كَانَ من أَوْلِيَاء الله وَقد لَقيته بهَا وَأَجَازَ لي. وَمَات بهَا فِي أحد الربيعين سنة خمس وَخمسين.
عَليّ بن مُحَمَّد بن وفا أَبُو الْحسن الشاذلي. مضى فِي ابْن مُحَمَّد بن وفا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن وهيب الفاسكوري الفران بهَا وَيعرف بالحشاش. عَامي يزْعم مَعَ شدَّة عاميته أَنه قيم زَمَانه فِي فن الْأَدَب بِحَيْثُ يسخر بِهِ أهل بَلَده وَهُوَ حقيق بذلك وَقد لَقيته بهَا فَكتبت عَنهُ قَوْله:
(نَار العجاج وأمطار السما تزكي ... على الْأَرَاضِي لأقوات الْأُمَم تَسْقِي)
(والرعد والبرق ذَا يضْرب وَذَا يَحْكِي ... سيف انجبذ فِي سمات الْحَرْب مَا يشكي)
وَغير هَذَا من نمطه عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مخلوف النُّور بن زين العابدين بن الشّرف الْمَنَاوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي وأبوهما وجدهما وسبط الشهَاب بن الشطنوفي. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره وَعرض عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة واشتغل قَلِيلا وَحضر بعض دروس جده وَعَلِيهِ خفر وَأنس وروح وَقد ضعف حَاله لمزيد تقلله.)
عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن مصلح المنزلي أَخُو أَحْمد الشهير. كَانَ مُقيما بمنية راضي من الْمنزلَة مُعْتَقدًا مبجلا يَتْلُو الْقُرْآن ويبحث عَمَّا يهمه من أُمُور عِبَادَته مَعَ استحضار الْمسَائِل مِمَّن حج وَمَات بِبَلَدِهِ فِي عشر ذِي الْحجَّة وَقد زَاد على السّبْعين.(6/25)
عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى الْعَلَاء أَبُو الْحسن التَّمِيمِي الصرخدي ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي. تفقه بِدِمَشْق والقاهرة وَأخْبر أَنه سمع الْمزي بِدِمَشْق وَقدم حلب فسكنها وناب فِي الْقَضَاء عَن الشهَاب بن أبي الرضى وَغَيره، وَكَانَ عَالما مستحضرا فَاضلا فِي الْفِقْه وأصوله نظارا ذكيا بِحَيْثُ كَانَ يبْحَث مَعَ الشهَاب الْأَذْرَعِيّ بِنَفس عَال وَأثْنى البُلْقِينِيّ عِنْد قدومه حلب على علمه وفضيلته وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ يتورع عَن الْفتيا وَلَا يكْتب إِلَّا نَادرا مَعَ مُلَازمَة بَيته وَعدم التَّرَدُّد إِلَى أحد غَالِبا وَكَانَ يحضر الْمدَارِس مَعَ الْفُقَرَاء فَلَمَّا بنى تغرى بردى النَّائِب جَامعه فوض إِلَيْهِ تدريس الشَّافِعِيَّة بِهِ فحضره ودرس فِيهِ بِحُضُور الْوَاقِف يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ ابْن خطيب الناصرية وترجمه بِمَا هَذَا ملخصه وَقَالَ أَنه انْتفع بِهِ كثيرا. وَمَات فِي الْفِتْنَة التمرية سنة ثَلَاث، وَتَبعهُ شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ أَنه تفقه وَهُوَ صَغِير وَسمع من الْمزي وَغَيره وجالس الْأَذْرَعِيّ وَكَانَ يبْحَث مَعَه وَلَا يرجع إِلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى الشَّيْخ الصَّالح نور الدّين البعداني اليمني الْمَكِّيّ قطنها أَكثر من أَرْبَعِينَ سنة، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة ثَمَانمِائَة إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي وَأحمد بن أقبرص وَعمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي والمحب بن منيع وَجَمَاعَة وَكَانَ صَالحا مديما لِلْعِبَادَةِ ويعتمر كل يَوْم من الْأَشْهر الثَّلَاثَة مرَّتَيْنِ وَيحيى اللَّيْل بِالطّوافِ وَالصَّلَاة والتلاوة وينام فِي الرّبع الْأَخير مِنْهُ قَائِما بحوائج من يَقْصِدهُ زَائِد الِاحْتِمَال كثير السخاء والبشاشة سِيمَا أهل الْحَرَمَيْنِ بل أهل الْمَدِينَة بِحَيْثُ يكون يَوْم قدومه على أَهلهَا عِنْدهم كالعيد وَزَاد فِي بدايته صُحْبَة صَاحبه الشَّيْخ عمر العرابي من طَرِيق الْمَاشِي وَمَا كَانَ قوتهما إِلَّا ورق الشّجر وَهُوَ السَّبَب فِي نَقله عمر من الْيمن لمَكَّة وَاشْترى لَهُ دَارا بالمروة وبناها لَهُ وَأُخْرَى لوَلَده مُحَمَّد وزوجه ابْنَته، وزار الْقُدس وَاعْتمر مِنْهُ وَهُوَ الْقَائِم بعمارة الرِّبَاط الْمَشْهُور بِهِ لجِهَة فرجان امْرَأَة الْأَشْرَف بن الْأَفْضَل بل صَارَت ترسل إِلَيْهِ فِي كل سنة بوقر جلبه من الطَّعَام وَالطّيب والفرش والشمع والسليط وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَيعْمل للْفُقَرَاء الأسمطة فِي رَمَضَان وربيع والأعياد بل شرع فِي عمَارَة مَا تقدم من مَسْجِد الْخيف ثمَّ فِي بِنَاء بِئْر على الَّتِي بدرب الماسي وَكَانَت)
قد انْهَدَمت، كل ذَلِك مَعَ الْكَمَال فِي لِبَاسه وريحه وَطَعَامه ونحافة جِسْمه وَشدَّة ورعه وَهُوَ كلمة اتِّفَاق مُعْتَقد بَين سلاطين الْيمن وشرفاء صنعاء وَمَكَّة وأمراء مصر بل بَينه وَبَين أبي فَارس صَاحب الْمغرب مُكَاتبَة وصحبة بِحَيْثُ كَانَ يُرْسل إِلَيْهِ للبيمارستان كل عَام مبلغا جيدا وَأما صَاحب مَكَّة حسن بن عجلَان فَكَانَ يجله ويعظمه حَتَّى قَالَ: مَا رَأَيْت فِي الْمَشَايِخ(6/26)
أعرف بأحوال الطوائف على اخْتِلَاف طبقاتهم مِنْهُ، وترجمته مُحْتَملَة للتطويل. مَاتَ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَقيل فِي الَّتِي قبلهَا وَدفن بالشبيكة أَسْفَل مَكَّة بِوَصِيَّة مِنْهُ رَحمَه الله وإيانا. ذكره ابْن فَهد مطولا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الخواجا نور الدّين الطهطاوي الْمَكِّيّ وَالِد أبي بكر وأخوته، وَكَانَ ذَا ملاءة وَتوجه للتِّجَارَة وَله دور مُتعَدِّدَة بِمَكَّة. مَاتَ بهَا فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يعِيش الزين الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي. ولد فِي ثامن عشر شعْبَان سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع ثلاثيات الصَّحِيح على الْبَدْر عبد الْجَبَّار بن الْمجد مُحدث وَاسِط الْعرَاق وفقيهها والْعَلَاء بن التقي الوَاسِطِيّ وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن معمر الْبكْرِيّ الْقرشِي وَجَمِيع الصَّحِيح بِالشَّام على الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمصْرِيّ الْحلَبِي وبالمسجد الْأَقْصَى عَن القلقشندي ثمَّ الْمَقْدِسِي الرَّاوِي عَن الحجار ووزيرة، لقِيه الطاووسي فَأخذ عَنهُ الثلاثيات وَأَجَازَ لَهُ بل أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وَذَلِكَ فِي شَوَّال سنة تسع عشرَة وَوَصفه الطاووسي بالعالم الزَّاهِد.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الله بن عمر بن عَليّ بن خضر النُّور ابْن التَّاج بن الْجمال أبي المحاسن الكوراني العجمي الأَصْل ثمَّ الْقَرَافِيّ القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَأَخُوهُ مُحَمَّد وَيعرف بحفيد الشَّيْخ يُوسُف العجمي. ولد قبيل الْقرن بِيَسِير بالقرافة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الفقيهين محب الدّين وَلم ينْسبهُ وعَلى الْعَوْفِيّ المغربي وَصلى بِهِ فِي زاويتهم بالقرافة، وَعمل لَهُ عَمه الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي خطْبَة بليغة ضمنهَا أَسمَاء سور الْقُرْآن سَمعتهَا مِنْهُ، وَكَانَ وَالِده يحضه على بَيَان إعجام الذَّال، وَكَذَا حفظ التَّنْبِيه وَعرض على جمَاعَة واشتغل يَسِيرا على غير وَاحِد من فضلاء جمَاعَة جده كالشيخ مُحَمَّد الْعَطَّار وتلقن من أَبِيه وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ ابْن صديق وَابْن قوام والبالسي وَابْن منيع وَابْنَة ابْن المنجا وَسَائِر من أجَاز لِأَخِيهِ)
فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة تفرد بالرواية عَن جمهورهم، وَحج فِي سنة خمس وَعشْرين ثمَّ مَعَ الرجبية ولقيته هُنَاكَ بعد أَن لقِيه بِالْقَاهِرَةِ وَأَجَازَ لي وَسمعت من فَوَائده، وَأكْثر من الرِّوَايَة بِأخرَة مِمَّن لَا يحسن الْقِرَاءَة وَيقْرَأ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ من مَرْوِيّ شُيُوخه فَكَانَ ذَلِك باعثا لِلشِّهَابِ المنزلي أحد فضلاء جماعتنا على تَخْرِيج شُيُوخه مستوعبا مَا علمه من مروياتهم بمراجعتي ثمَّ قَرَأَهَا عَلَيْهِ بحضرتي مَعَ إخباري فِي كل حَدِيث من أحاديثها بسندي وَسمع ذَلِك الجم الْغَفِير وَهُوَ خير متواضع وقور سليم الْفطْرَة محب فِي الطّلبَة يستحضر أَشْيَاء، عمر إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس عَاشر جُمَادَى الثَّانِيَة(6/27)
سنة تسعين بمنزله بِمصْر الْقَدِيمَة كَانَ تخول إِلَيْهِ قبيل مَوته بِيَسِير وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بزاويتهم دَاخل الْمَقْصُورَة تَحت رجْلي وَالِديهِ بِوَصِيَّة مِنْهُ رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد نور الدّين القاهري الشَّافِعِي نزيل الْمدرسَة البقرية بِالْقربِ من بَاب النَّصْر وَيعرف بِابْن الْقيم وبابن شقير. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة فِي جَامع التركماني من المقس بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو على الْفَخر الضَّرِير والشرف يَعْقُوب الجوشني وَغَيرهمَا والمنهاج الفرعي وَعرضه على الأبناسي وَنصر الله الْحَنْبَلِيّ القَاضِي والبدر بن أبي الْبَقَاء وَابْن مَنْصُور الْحَنَفِيّ وَابْن خير وَغَيرهم واشتغل بالفقه على الأبناسي والبدر القويسني وَجَمَاعَة بالنحو على الشَّمْس الحريري وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ الْحسن، وَحج مرَارًا أَولهَا قبل الْقرن وَسمع على التنوخي والمطرز والفرسيسي وَطَائِفَة وَمِمَّا سَمعه على الأول جُزْء أبي الجهم، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الولوي الزيتوني بمشاركة وَالِده الْجمال عبد الله مَعَه فِي التحديث، وَكَانَ إنْسَانا حسنا خيرا أحد صوفية الأشرفية برسباي وقيم جَامع التركماني. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف نور الدّين التوريزي. نَشأ فِي كنف أَبِيه وَكَانَ كَبِير التُّجَّار فَلَمَّا مَاتَ اشْتهر بِالتِّجَارَة أَخَوَاهُ الْجمال مُحَمَّد وَالْفَخْر أَبُو بكر وتعانى هَذَا السّفر إِلَى بِلَاد الْحَبَشَة وَالتِّجَارَة بهَا إِلَى أَن اشْتهر وَصَارَت لَهُ عِنْدهم منزلَة وَصُورَة كَبِيرَة ووجاهة وَكلمَة مَقْبُولَة لقِيَامه فِي خدمته بِمَا يرومونه من النفائس الَّتِي يحضرها لَهُم من الْقَاهِرَة وَغَيرهمَا فَلَمَّا أَكثر ذَلِك نقم عَلَيْهِ بعض النَّاس موالاته للْكفَّار مِنْهُم وَنسب لشراء الأسلحة والخيول لَهُم وعثر عَلَيْهِ مرّة بِشَيْء من ذَلِك فِي الدولة المؤيدية فاستتيب وَأقسم أَنه لَا يعود فَلَمَّا كَانَ فِي أثْنَاء سنة)
إِحْدَى وَثَلَاثِينَ زعم بعض المتعصبين عَلَيْهِ أَنه توجه رَسُولا من ملك الْحَبَشَة إِلَى ملك الفرنج يستحثه على الْمُسلمين، وَهَذَا عِنْدِي غير مَقْبُول لِأَن مُعْتَقد الطَّائِفَتَيْنِ مُخْتَلف وَيُقَال انه دخل بِلَاد الفرنج بِسَبَب تَحْصِيل صَلِيب عِنْدهم بلغ أمره ملك الْحَبَشَة فَأحب رُؤْيَته وَلما شاع ذَلِك عَنهُ خشِي على نَفسه فَنزل بمَكَان قريب من خانقاه سرياقوس فنم عَلَيْهِ عبد السَّلَام الجبرتي ووشى بِهِ إِلَى السُّلْطَان فَأمر وَالِي الْقَاهِرَة فَقبض عَلَيْهِ فَوجدَ مَعَه أَمْتعَة من ملابس الفرنج وَشَيْء من سلَاح وناقوسين من ذهب وَكتاب بالحبشية فعرب فَكَانَ إِلَيْهِ مراسله من صَاحب الْحَبَشَة يَسْتَدْعِي مِنْهُ أَشْيَاء يصوغها لَهُ من صلبان ونواقيس ويحضه على شِرَاء مِسْمَار من المسامير الَّتِي سمر بهَا الْمَسِيح بزعمهم فحبس ثمَّ عقد لَهُ مجْلِس ففوض السُّلْطَان(6/28)
أمره للمالكي فتسلمه وَسمع عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَأنْكر فَشهد عَلَيْهِ الصَّدْر العجمي وَالشَّيْخ نصر الله وَآخَرُونَ ومستند أَكْثَرهم الاستفاضة فأعذر إِلَيْهِ فِيمَن شهد فَادّعى عَدَاوَة بَعضهم وأعذر لبَعْضهِم فَحكم بقتْله بِشَهَادَة من أعذر لَهُم فَضربت عُنُقه بَين القصرين تَاسِع عشر جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ يعلن بِالشَّهَادَتَيْنِ وَتبين لأكْثر النَّاس أَنه مظلوم وَلم يمتع من شهد عَلَيْهِ بل لحق بِهِ بعد قيل. هَكَذَا تَرْجمهُ شَيخنَا فِي إنبائه، قَالَ: ذكر لي خادمي فاتن الطواشي الحبشي وَكَانَ هُوَ الجالب لَهُ من الْحَبَشَة إِنَّه كَانَ هُنَاكَ يواظب على الصَّلَاة والتلاوة ويؤدب من لم يصل من أَتْبَاعه وَعِنْده فَقِيه يقرئ أَوْلَاده وَأَتْبَاعه الْقُرْآن وللمسلمين بِهِ نفع وهم بِسَبَبِهِ فِي بِلَاد الْحَبَشَة فِي إكرام واحترام وَالله أعلم بغيبه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْعَلَاء بن فتح الدّين بن جمال الدّين القجاجقي نِسْبَة لأمير كَانَ أَبوهُ فِي خدمته بل قَالَ لَهُ ابْن قجاجق الْجَوْهَرِي الطَّبِيب تدرب فِي الطِّبّ بِعَمِّهِ التَّاج عبد الْوَهَّاب القوصوني الْمَاضِي وخدم بِهِ الزيني عبد الباسط وسافر مَعَه لِلْحَجِّ وَغَيره ومشي للمعالجة مَعَ اشْتِغَاله بالتكسب فِي سوق الْجَوْهَر على طَريقَة حَسَنَة. وَمَات فِي لَيْلَة السبت ثَانِي عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسعين وَقد قَارب الثَّمَانِينَ رَحمَه الله.
عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف الأميوطي القاهري الْبَزَّار وَيعرف بِابْن الْخَطِيب ثمَّ بِابْن يُوسُف. كَانَ يتجر فِي حَانُوت الطرحي ويحضر الْأَسْوَاق ويعامل النَّاس على خير وسداد وَصدق لهجة مَعَ سَماع ورغبة فِي الْإِطْعَام وَالْمَعْرُوف، وَقد حج غير مرّة وَدخل الشَّام وزار بَيت الْمُقَدّس وَلكنه لم يمت حَتَّى افْتقر وكف وَثقل سَمعه جدا. مَاتَ بالإسهال شَهِيدا فِي رَجَب سنة أَربع وَسبعين)
وَقد جَازَ السّبْعين ودفنته بحوش البيبرسية بِالْقربِ من أبنائي فهم أسباطه عوضه الله الْجنَّة ورحمه.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الْعَلَاء بن الشَّمْس الْكرْدِي الشرابي نِسْبَة للشرابية من أَعمال الْقصير الشَّافِعِي نزيل حلب. التمس مني تِلْمِيذه الْجمال يُوسُف بن التقي أبي بكر الْحلَبِي إِمَام تمراز كَانَ الْإِجَازَة لَهُ وَوَصفه لَهُ بالشيخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الزَّاهِد الْوَرع المتوجه للْمصَالح الْعَامَّة كبناء الْمَسَاجِد وإيقاف كتب الْعلم على طلبته بِمَا يصل إِلَيْهِ مِمَّا يقْصد بره بِهِ فَكتبت لَهُ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين كراسة أرسل بهَا إِلَيْهِ.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الصفي الْعَلَاء بن الصَّدْر بن الصفي الأردبيلي شيخ الصُّوفِيَّة بالعراق. قدم دمشق سنة ثَلَاثِينَ وَمَعَهُ أَتبَاع فحج وجاور ثمَّ قدم وَلَده أَيْضا دمشق وَمَعَهُ جمع كثير وَذكروا أَن لَهُ ولوالده بِتِلْكَ الْبِلَاد أَكثر من ألف مُرِيد وَلَهُم فيهم من الِاعْتِقَاد مَا يجل عَن الْوَصْف رَحمَه الله وإيانا. مَاتَ الْعَلَاء بعد رُجُوعه(6/29)
من الْحَج ودخوله بَيت الْمُقَدّس فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه، وأرخه غَيره فِي أَوَاخِر جُمَادَى الأولى عَن نَحْو السِّتين وَدفن فِي تربة بِبَاب الرَّحْمَة وَعمل عَلَيْهِ قبَّة كَبِيرَة.
عَليّ بن مُحَمَّد الْعَلَاء بن الْقصير الدِّمَشْقِي دلال الْعقار بهَا بل بَاشر قَضَاء الركب الشَّامي وقتا.
وَكَانَ قد سمع عبد الْقَادِر الأرموي وَحدث سمع مِنْهُ اللبودي وأرخ وَفَاته فِي ربيع الأول سنة خمس وَسِتِّينَ عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد عَلَاء الدّين بن الْقصير الْحَنَفِيّ، ولد فِي يَوْم عيد الْفطر سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة.
هَكَذَا فِي مُعْجم التقي بن فَهد وبيض لَهُ فيحرر أهوَ الَّذِي قبله أم غَيره.
عَليّ بن مُحَمَّد الْعَلَاء الْحلَبِي ثمَّ القاهري نزيل الجمالية وَيعرف بِابْن شمس. كَانَ بارعا فِي الْكِتَابَة على طَريقَة الْعَجم كتب بِخَطِّهِ الْكثير. وَمَات فِي حَيَاة أَبِيه سنة سِتّ وَخمسين رَحمَه الله. عَليّ بن مُحَمَّد نور الدّين الْمقري ابْن القاصح. كَذَا ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. وَصَوَابه ابْن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أَحْمد وَقد مضى.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الشريف نور الدّين الحسني الصحراوي نَائِب يشبك الجمالي فِي الْحِسْبَة وَيعرف بِابْن ولي الدّين، كَانَ أَبوهُ صَالحا بل هم من بَيت صَلَاح وَاسْتقر فِي خدمَة شيخ الصُّوفِيَّة بتربة الْأَشْرَف قايتباي ثمَّ صرف بِغَيْرِهِ وَقَررهُ كَاتب السِّرّ ابْن مزهر فِي تربته)
وسكنها.
عَليّ بن مُحَمَّد الْكَمَال بن الشَّمْس النايني بنونيين بَينهمَا تَحْتَانِيَّة مَهْمُوزَة. مِمَّن قَرَأَ الْقرَاءَات عَن ابْن الْجَزرِي وَأخذ عَن الْعَفِيف الكازروني تَلا عَلَيْهِ الْفَاتِحَة وَغَيرهَا السَّيِّد عبيد الله بن عفيف الدّين بل سمع عَلَيْهِ أَشْيَاء.
عَليّ بن مُحَمَّد النُّور بن الْجلَال الطنبدي الْمصْرِيّ. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة التُّجَّار بالديار المصرية وَكَانَ مَعَ كَثْرَة حجه وَحسن مُعَامَلَته بِحَيْثُ شاهدته غير مرّة يقْرض الْمُحْتَاج بِغَيْر ربح وبره لجَماعَة ومروءة فِي الْجُمْلَة كثير الْإِسْرَاف على نَفسه. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشر صفر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَقد جَازَ السّبْعين. قلت وَهُوَ صَاحب القاعة المطلة على الْبَحْر بالقرابيص دَاخل درب السنبكية الْمَعْرُوفَة بالطنبذية والتربة الَّتِي بالصحراء بِالْقربِ من الرَّوْضَة من بَاب النَّصْر والقيسارية مَعَ الرّبع بِالْقربِ من جَامع الوَاسِطِيّ من بولاق وَكَذَا بِالْقربِ من ميدان الْغلَّة خَارج بَاب القنطرة والحمامين دَاخل بَاب الشعرية وَغير ذَلِك وَقَالَ بعض المؤرخين إِنَّه استوطن الْقَاهِرَة قبل مَوته بسنين وكف عَن التِّجَارَة إِلَّا الْيَسِير وَأَنه كَانَ على عَادَة التُّجَّار مسيكا حَرِيصًا وَخلف عدَّة أَوْلَاد لَيْسُوا بِذَاكَ(6/30)
افْتقر غالبهم بعد مُدَّة يسير عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُحَمَّد الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن الجندي الْمحلي الْحَنَفِيّ النَّقِيب. فِيمَن جده خضر بن أَيُّوب عَليّ بن مُحَمَّد الْعَلَاء أَبُو الْحسن القابوني الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ شيخ النُّحَاة بِدِمَشْق وَمن شُيُوخه الْعَلَاء البُخَارِيّ وَكَانَ يَقُول لم أنتفع فِي النَّحْو بِغَيْرِهِ مَعَ قراءتي فِيهِ على جمَاعَة قبله وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ الْفُضَلَاء من الدماشقة ودرس بأماكن كالريحانية، وَكَانَ ظريفا متواضعا طارحا للتكلف مُتَقَدما فِي النَّحْو خُصُوصا شرح الألفية لِابْنِ المُصَنّف فَكَانَ زَائِد الإتقان فِيهِ بل بَلغنِي أَنه كتب على الألفية شرحا مطولا وَامْتنع من النِّيَابَة فِي الْقَضَاء. وَمَات فِي رَجَب سنة ثَمَان وَخمسين وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد النُّور أَبُو الْحسن الإشليمي. فِيمَن جده عُثْمَان بن أَيُّوب بن عُثْمَان.
عَليّ بن مُحَمَّد النُّور أَبُو الْحسن الأشمعوني. مضى فِيمَن جده عِيسَى.
عَليّ بن مُحَمَّد نور الدّين الميقاتي المنجم وَيعرف بِابْن الشَّاهِد. انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة فِي حل الزيج وَكِتَابَة التقاويم مَعَ معرفَة بالرمل وَغَيره وتكسب بذلك فِي حَانُوت فاشتهر وحظى عِنْد)
الأكابر بل راج أمره بِأخرَة على الظَّاهِر برقوق وقربه ونزله فِي مدرسته، مَاتَ فِي الْمحرم سنة إِحْدَى. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه ومعجمه وَقَالَ: لَقيته مرَارًا والمقريزي فِي عقوده عَليّ بن الْعَلَاء البلاطنسي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي شيخ السَّبع الْبَارِزِيّ بالكلاسة مِمَّن كتب وَجمع وقرض قريب السّبْعين للبدري مَجْمُوعه بِخَط حسن ونثر ونظم فَمن نظمه:
(قد أطربت أسماعنا لما شدت ... ورق البديع بروضة الأوراق)
(كم شوقت قلب المشوق فيا لَهَا ... ورق تبثك لوعة الأشواق)
وَأنْشد لَهُ البدري فِي مَجْمُوعه:
(عاتبت عباسا فأظهر لي الحيا ... وردا تفتح فِي غصون الآس)
(وافتر مُبْتَسِمًا فَقلت لعاذلي ... قل لَاحَ بشر الْفضل من عَبَّاس)
وَقَوله:
(من ذَا يباهي فِي الْجمال سوى الَّذِي ... قد حل فِي قلبِي مَعَ التَّمْكِين)
(فِيهِ سما فخري فيا طُوبَى لمن ... قد فَازَ فِي الدُّنْيَا بفخر الدّين)
عَليّ بن مُحَمَّد النُّور الشرعبي التعزي الْيَمَانِيّ الْمقري. كَانَ آخر من بَقِي بِالْيمن من شُيُوخ الْقُرَّاء أهل الضَّبْط والإتقان وَمِمَّنْ جمع حسن الْأَدَاء وَالتَّحْقِيق بِحَيْثُ أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ لَا يتَمَكَّن من قِرَاءَة الْفَاتِحَة من الْمَأْمُومين إِلَّا من لَا ذوق لَهُ وَتفرد بذلك فِي الْيمن مُدَّة. وَهُوَ مِمَّن لَقِي ابْن الْجَزرِي بالديار المصرية وَقَرَأَ بِبَعْض الرِّوَايَات ثمَّ أكمل عَلَيْهِ الْعشْر بِالْيمن وَكَذَا قَرَأَ بِمصْر على ابْن الزراتيتي فِي آخَرين فيهم(6/31)
كَثْرَة وخطب بالجامع المظفري بتعز وأقرأ بِهِ وَكَانَ يتوسوس فِي الطَّهَارَة ويتردد فِي النِّيَّة ترددا زَائِدا مَعَ صدق وجد وصدع بِالْحَقِّ. مَاتَ سنة إِحْدَى وَسبعين تَقْرِيبًا رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُحَمَّد النُّور القزازي الْمقري جد التقي مُحَمَّد بن الْبَدْر مُحَمَّد القزازي الْحَنَفِيّ. ذكر لي أَنه قَرَأَ الْقُرْآن على الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي وَأَن ابْن أَسد قَالَ لَهُ أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ قَالَ: وَكَانَ يؤم بِمَسْجِد الطواشي الشهير بالجعبري فِي الوراقين وَأَظنهُ كَانَ فِي حَانُوت بالقزازين وَلَكِن ذكر لي حفيده أَنه لسكناه هُنَاكَ فَقَط. مَاتَ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ أَو الَّتِي بعْدهَا.
عَليّ بن مُحَمَّد نور الدّين المنزلي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن سراج، كَانَ مشارا إِلَيْهِ فِي الْمنزلَة)
بالصلاح مِمَّن يديم التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة وَعِنْده أَتبَاع يقوم بكلفتهم مَعَ إِلْمَام بِالْفَضْلِ، مَاتَ بعد سنة ثَمَانِينَ.
عَليّ بن مُحَمَّد النُّور الويشي بِكَسْر الْوَاو وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بعْدهَا مُعْجمَة ثمَّ القاهري. كَانَ قد طلب الْعلم واشتغل كثيرا وَنسخ بِخَطِّهِ الْحسن شَيْئا كثيرا ثمَّ تعانى الشَّهَادَة فِي الْقيمَة فَدخل فِي مدَاخِل عَجِيبَة واشتهر بالشهادات الْبَاطِلَة. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَأَرْبَعين عَفا الله عَنهُ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن البجري البجائي المغربي أحد عدولها. أَقرَأ الْفِقْه والأصلين وَغَيرهَا وَهُوَ الْآن فِي سنة تسعين حَيّ.
عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن الدمياطي الْمقري أَمَام جَامع حسن بن الطَّوِيل الشَّهِيد بدمياط.
تصدى لإقراء الْقُرْآن فَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ التقي بن وَكيل السُّلْطَان وَقَالَ أَنه مَاتَ فِي شعْبَان سنة عشْرين.
عَليّ بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد الغمري. مضى فِي ابْن مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن حسن.
عَليّ بن مُحَمَّد الْكَاتِب ويلقب مشيمش. شيخ مسن بِالْقربِ من جَامع المارداني متميز فِي الْكِتَابَة من فُقَهَاء الطَّبَقَة السنبلية من القلعة وَمِمَّنْ تصدى للتكتيب فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة مِنْهُم ابْن السُّهيْلي.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الأخميمي الْبَغْدَادِيّ الأَصْل. مَاتَ سنة أَربع عشرَة. أرخه شَيخنَا وَقَالَ أَنه ولي الوزارة وَشد الدَّوَاوِين وَغير ذَلِك وَكَانَ يدعى الشّرف.
عَليّ بن مُحَمَّد بن الأدمِيّ الْحَنَفِيّ. فِيمَن اسْم جده مُحَمَّد بن أَحْمد. عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي.
فِيمَن جده. عَليّ بن مُحَمَّد الأقواسي. فِيمَن جده أَحْمد.
عَليّ بن مُحَمَّد الحبشي البليني الْقَائِد. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ أرخه ابْن فَهد.(6/32)
عَليّ بن مُحَمَّد الحمصاني الْمُقْرِئ. مَاتَ مقتولا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سلخ ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد. عَليّ بن مُحَمَّد الرسام. كتب فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين على استدعاء لِابْنِ الصفي، وَمضى فِيمَن جده نَاصِر.
عَليّ بن مُحَمَّد الركاب أحد المجاذيب بِالْقَاهِرَةِ. مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن بزاويته على الطَّرِيق بِرَأْس ميدان الْقَمْح وَكَانَ قبل جذبته ركاب السُّلْطَان. أرخه الْمُنِير.
عَليّ بن مُحَمَّد الزبيدِيّ الشَّافِعِي. فِيمَن جده عبد الْعلي بن قحر.)
عَليّ بن مُحَمَّد السطيح. فِيمَن جده أَحْمد بن عبد الله بن حسن.
عَليّ بن مُحَمَّد الشاذلي. رَأَيْته كتب من نظمه على شرح الْبَهَاء بن الأبشيهي الْمُخْتَصر من كتب الْمَالِيَّة:
(لله دَرك من حبر مزجت لنا ... عقد الْجَوَاهِر بالياقوت والدرر)
(وغصت بحرأ عُزَيْر الدّرّ ملتقطا ... نفائسا مِنْهُ لَا تحصى بمنحصر)
(بَدَت مَعَانِيه بالتوضيح وَاضِحَة ... بِحسن تدوين تَهْذِيب لمختصر)
(حباك ربى بهاء الدّين مرتقيا ... أَعلَى الْمنَازل بالدارين فِي زمر)
(واغفر لناظمها يَا رب مغْفرَة ... تمحو ذنوبا مَضَت فِي سَائِر الْعُمر)
عَليّ بن مُحَمَّد الشَّامي الْمدنِي أحد فراشيها. مِمَّن سمع مني بهَا.
عَليّ بن مُحَمَّد الطَّائِي، فِيمَن جده سعد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان.
عَليّ بن مُحَمَّد العلائي الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي الغيثاوي نِسْبَة لغيثا بِالْقربِ من الزبداني قيم الموالة. كتب عَنهُ البدري فِي مَجْمُوعَة قَوْله:
(حبيت كوسى ينور بالملاحة دعد ... حُلْو الْمحيا فَحم قلبِي بفاحم جعد)
(خلتو ووجهو وَفِي بدور حميو يَا سعد ... قمر لعب بقضيب الْبَرْق فَوق الرَّعْد)
وَكَانَ رَاغِبًا فِي نقل التصانيف الغربية إِلَى مصر من الشَّام وَعَكسه وَبِيَدِهِ بعض جِهَات مَاتَ سنة خمس وَسبعين تَقْرِيبًا، يحرر أهوَ من تَرْجَمَة هَذَا.
عَليّ بن مُحَمَّد القمني البنهاوي الأَصْل. مِمَّن اشْتغل قَلِيلا وتكسب بِالشَّهَادَةِ رَفِيقًا للزين عبد الْقَادِر بن شعْبَان وَغَيره عِنْد جَامع أصلم وَكَذَا بالنسخ وأقرأ المماليك بالطباق وَغير ذَلِك بل وخطب بالجامع الْمَذْكُور.
عَليّ بن مُحَمَّد المرحومي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمقري أحد الشُّهُود بقنطرة الموسكي. مِمَّن قَرَأَ على ابْن أَسد وجعفر الْقرَاءَات.
عَليّ بن مُحَمَّد الْمُهَاجِرِي الْمقري. رَأَيْته شهد على عَليّ بن مُوسَى فِي إِجَازَته(6/33)
لِابْنِهِ أَمِين الدّين مُحَمَّد بالقراءات فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَكتب شَهَادَته نظما فَكَانَ مِنْهَا:
(وَالله يغْفر لي والسامعين وَمن ... يَقُول آمين من ذَنْب مضى وخلا)
عَليّ بن مُحَمَّد النَّاسِخ الْكَاتِب. مضى فِيمَن جده عبد النصير.)
عَليّ بن مُحَمَّد الْيَمَانِيّ مُسْتَوْفِي الدِّيوَان بجدة. كَانَ اسْمه عمر فَغَيره لما خدم السَّيِّد حسن. مَاتَ فِي صفر سنة أَرْبَعِينَ. ذكره ابْن فَهد.
عَليّ بن مَحْمُود بن أبي بكر بن إِسْحَق بن أبي بكر بن سعد الله بن جمَاعَة الْعَلَاء الْحَمَوِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي بن القباني. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: اشْتغل بحماة ثمَّ قدم دمشق فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وشارك الْبُرْهَان الْحلَبِي فِي بعض السماع سنة ثَمَانِينَ بحلب وبدمشق وَولي إِعَادَة البادرائية ثمَّ تدريسها عوضا عَن الشّرف الشريشي وَكَانَ قَلِيل الشَّرّ كثير الْبشر طَويلا بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ يُفْتِي ويدرس وَيحسن المعاشرة وَرُبمَا أم وخطب بالجامع الْأمَوِي، وَحج مرَارًا وجاور. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ رَحمَه الله وَتبع شَيخنَا فِي ذكره ابْن خطيب الناصرية قَالَ شَيخنَا: وَرُبمَا يلتبس فِي ثَبت الْبُرْهَان بِابْن المغلي الْمَذْكُور بعده وَلَيْسَ بِهِ.
عَليّ بن مَحْمُود بن أبي بكر الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن النُّور أبي الثَّنَاء بن التقي أَو الْبَدْر أبي الثَّنَاء وَأبي الحود السّلمِيّ بِالْفَتْح نِسْبَة إِلَى سلمية وَرُبمَا كتب السَّلمَانِي ثمَّ الْحَمَوِيّ الْحَنْبَلِيّ نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بِابْن المغلي. كَانَ أَبوهُ تَاجِرًا من الْعرَاق وَسكن سلمية فَعرف بذلك نِسْبَة إِلَى الْمغل وَولد لَهُ قبل هَذَا ولد نَشأ على طَرِيقَته ثمَّ ولد لَهُ هَذَا سنة إِحْدَى وَسبعين وَقيل سنة سِتّ وَسِتِّينَ ظنا وَسَبْعمائة بحماه فحفظ الْقُرْآن وَله تسع سِنِين وأذهب عَلَيْهِ أَخُوهُ مَا خَلفه أَبوهُمَا لَهُ من المَال وَكَانَ غَايَة فِي الذكاء وَسُرْعَة الْحِفْظ وجودة الْفَهم فَطلب الْعلم وتفقه ببلاده ثمَّ بِدِمَشْق وَمن شُيُوخه فِيهَا الزين بن رَجَب وَلم يدخلهَا إِلَّا بعد انْقِطَاع الأسناد العالي بِمَوْت أَصْحَاب الْفَخر فَسمع من طبقَة تَلِيهَا وَلكنه لم يمعن وَسمع كَمَا أثْبته ابْن مُوسَى المراكشي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ على قَاضِي بَلَده الشهَاب المرداوي عوالي الذَّهَبِيّ تَخْرِيجه لنَفسِهِ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ وَسمع مُسْند أَحْمد على بعض الشُّيُوخ ورأيته حدث بالبخاري عَن السراج البُلْقِينِيّ سَمَاعا إِلَّا الْيَسِير فَأَجَازَهُ وَعَن الْعَزِيز المليجي سَمَاعا من قَوْله فِي الْأَطْعِمَة بَاب القديد إِلَى آخر الْكتاب فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمن محافيظه فِي الحَدِيث الْمُحَرر لِابْنِ عبد الْهَادِي وَفِي فروعهم أَكثر الْفُرُوع لِابْنِ مُفْلِح وَفِي فروع الْحَنَفِيَّة مجمع الْبَحْرين وَفِي فروع الشَّافِعِيَّة التَّمْيِيز للبارزي وَفِي الْأُصُول مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وَفِي الْعَرَبيَّة التسهيل لِابْنِ ملك وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان تَلْخِيص الْمِفْتَاح وَغير ذَلِك من الشُّرُوح(6/34)
والقصائد الطوَال الَّتِي كَانَ يُكَرر عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ ويسردها)
سردا مَعَ استحضار كثير من الْعُلُوم خَارِجا عَن هَذِه الْكتب بِحَيْثُ كَانَ لَا يدانيه أحد من أهل عصره فِي كَثْرَة ذَلِك وَأَن كَانَ يُوجد فيهم من هُوَ أصح ذهنا مِنْهُ وَكَانَ الْمُحب بن نصر الله الْبَغْدَادِيّ يعتمده وينقل عَنهُ فِي حَوَاشِيه من أبحاثه وَغَيرهَا وَأما الْعِزّ الْكِنَانِي فَكَانَ يعظم فهمه أَيْضا وينكر على من لم يرفعهُ فِيهِ لكنه يَقُول مَعَ ذَلِك عَن شَيْخه الْمجد سَالم أَنه أقعد فِي الْفِقْه مِنْهُ، كل هَذَا مَعَ النّظم والنثر وَالْكِتَابَة الْحَسَنَة والتأني فِي المباحثة ومزيد الِاحْتِمَال بِحَيْثُ لَا يغْضب إِلَّا نَادرا ويكظم غيظه وَلَا يشفي صَدره وإكرام الطّلبَة وإرفادهم بِمَالِه وَعدم المكابرة لَكِن وَصفه شَيخنَا بالزهو الشَّديد والبأو الزَّائِد والإعجاب الْبَالِغ بِحَيْثُ أَنه سَمعه يَقُول للجلال البُلْقِينِيّ مرّة وَقد قَالَ لَهُ: أَنْت إِمَام الْعَرَبيَّة فَقَالَ لَهُ: لَا تخصص وسَمعه يَقُول للشمس بن الديري وَقد قَالَ عَنهُ: هَذَا عَالم بِمذهب الْحَنَفِيَّة فَقَالَ: قل شيخ الْمذَاهب انْتهى. وَوَصفه بَعضهم فِيمَا قيل بِأَنَّهُ يُحِيط علما بالمذاهب الْأَرْبَعَة فَرد عَلَيْهِ وَقَالَ: قل بِجَمِيعِ الْمذَاهب، وَاتفقَ أَنه بحث مَعَ النظام السيرامي وناهيك بِهِ بِحَضْرَة الْمُؤَيد فَقَالَ الْعَلَاء يَا شيخ نظام الدّين اسْمَع مذهبك مني وسرد المسئلة من حفظه فَمشى مَعَه فِيهَا وَلَا زَالَ يَنْقُلهُ حَتَّى دخل بِهِ إِلَى علم الْمَعْقُول فتورط الْعَلَاء فاستظهر النظام هَذَا وَصَاح فِي الْمَلأ طاح الْمَحْفُوظ هَذَا مقَام التَّحْقِيق فَلم يرد عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِك فاتفق لَهُ مَعَ الشَّمْس الْبرمَاوِيّ أَنه قَالَ لَهُ: هَل فِي مَذْهَب أَحْمد رِوَايَة غير هَذَا فَقَالَ: لَا فَقَالَ لَهُ الشَّمْس: بل عَنهُ كَيْت وَكَيْت فعد ذَلِك من الغرائب، وَأول مَا ولي قَضَاء بَلَده بعد التسعين وَهُوَ ابْن نَيف وَعشْرين سنة ثمَّ قَضَاء حلب فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ بهَا أثْنَاء الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ تَركهَا وَرجع إِلَى حلب على قَضَائِهِ وَعرف بِالْعلمِ وَالدّين وَالتَّعَفُّف وَالْعدْل فِي قَضَائِهِ مَعَ التصدي للأشغال والإفتاء والإفادة والتحديث حَتَّى أَنه قد كتب عَنهُ قَدِيما الْجمال بن مُوسَى وَسمع مَعَه من شُيُوخنَا الأبي، واستجازه لجمع مِمَّن أخذت عَنْهُم فولاه الْمُؤَيد قَضَاء الْحَنَابِلَة بالديار المصرية مُضَافا لقَضَاء بَلَده بعناية نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ حَيْثُ نوه بِذكرِهِ وَأَشَارَ عَلَيْهِ)
بولايته وَذَلِكَ فِي ثَانِي عشر صفر سنة ثَمَانِي عشرَة بعد صرف الْمجد سَالم فَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وَكَانَ يَسْتَنِيب فِي قَضَاء بَلَده، وسافر بعد ذَلِك فِي سنة عشْرين صُحْبَة الْمُؤَيد إِلَى الرّوم وَعَاد مَعَه وَلم يزل على قَضَائِهِ وجلالته إِلَى أَن ابْتَدَأَ فِي التوعك إِذْ سقط من سلم وَذَلِكَ بعد أَن كَانَ عزم على الْحَج فِي هَيْئَة جميلَة وتأنق زَائِد فَانْقَطع وفاسخ الْجمال وَاسْتمرّ متمرضا ثمَّ عرض لَهُ قولنج فتمادى بِهِ إِلَى أَن أعقبه الصرع(6/35)
وَمَات مِنْهُ فِي يَوْم الْخَمِيس الْعشْرين من صفر سنة ثَمَان وَعشْرين وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله فقد كَانَ فِي الْحِفْظ آيَة من آيَات الله قل أَن ترى الْعُيُون فِيهِ مثله رَحمَه الله وإيانا وَخلف مَالا جما وَرثهُ ابْن أَخِيه مَحْمُود وَمِمَّنْ تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية والتقي المقريزي وَتردد فِي مولده أهوَ بحماة أَو بسلمية، وَكَانَ شَدِيد الْميل إِلَى التِّجَارَة والزراعة ووجوه تَحْصِيل الْأَمْوَال كَمَا قَالَه شَيخنَا قَالَ: وَمَعَ طول ملازمته للاشتغال ومناظرة الأقران والتقدم فِي الْعُلُوم لم يشْتَغل بالتصنيف وَكنت أحرضه على ذَلِك لما فِيهِ من بَقَاء الذّكر فَلم يوفق لذَلِك، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة فِي الْأُصُول والعربية وَغَيرهمَا النُّور القمني شيخ الْمُحدثين بالبرقوقية والبرهان الكركي والبرهان بن خضر وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي رَمَضَان وَغَيره والْعَلَاء القلقشندي وَالشَّمْس النواجي فِي آخَرين وأوردت فِي تَرْجَمته من ذيل رفع الأصر من نظمه وَفِي تَرْجَمَة الْعلم البُلْقِينِيّ شَيْئا من نثره وَأَنه كَانَ مِمَّن تعصب لَهُ حَتَّى ولي بِصَرْف الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَلم يحمد ذَلِك، وَهُوَ عِنْد المقريزي فِي عقوده.
عَليّ بن مَحْمُود بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْهِنْدِيّ الأَصْل الخانكي الشَّافِعِي أَبوهُ الْحَنَفِيّ هُوَ. ولد فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثامن عشري ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة بالخانقاه وَسمع بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد أَبِيه والعمدة والمنهاج وعرضهما على جمَاعَة واشتغل شافعيا ثمَّ تحول وَقَرَأَ بعض كتبهمْ وَتردد لشَيْخِنَا بِحَيْثُ قَرَأَ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأ لأبي مُصعب وَغَيره وَكَذَا سمع على الْبَدْر حُسَيْن البوصيري بعض الدَّارَقُطْنِيّ بل كَانَ استصحبه أَبوهُ مَعَه حِين حج لمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين فأسمعه على ابْن سَلامَة شَيْئا من الصَّحِيح وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ، وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل دمشق وَاجْتمعَ بِابْن نَاصِر الدّين وتكسب فِي بَلَده بِالشَّهَادَةِ وَحدث باليسير قَرَأَ عَلَيْهِ الْعِزّ بن فَهد وَنَحْوه وكتبت وكتبت عَنهُ من فَوَائده وَلَيْسَ كأبيه بل هُوَ فِيمَا قيل غير مَحْمُود.)
عَليّ بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن الْجُنَيْد بن شبلي بن الشَّيْخ خضر نِسْبَة لبقابرص من معاملات حلب فَلِذَا يُقَال لَهُ أَيْضا الْحلَبِي القصيري الشَّافِعِي وَيعرف بالشريف الْكرْدِي.
ولد سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة أَو الَّتِي تَلِيهَا ببابزيا من عمل الْقصير لفتنة كَانُوا رحلوا بِسَبَبِهَا من قريتهم بقابروص بموحدة وقاف ثمَّ مُوَحدَة ومهملة مضمومتين وَآخره مُهْملَة، وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَبحث الْمُحَرر على عَمه السَّيِّد خَلِيل، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَهُوَ فَقير(6/36)
جدا فلازم الونائي وسافر مَعَه إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَغَيرهَا وندبه للكشف عَن الْكَنَائِس الشامية فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسمع هُوَ بِالْقَاهِرَةِ على شَيخنَا وَغَيره وَصَحب القاياتي والشرواني والبدر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ والكمال إِمَام الكاملية والمتواخيين الزين قَاسم وَإِبْرَاهِيم القادريين ثمَّ خطيب مَكَّة أَبَا الْفضل النويري فِي آخَرين من الأتراك كدولات باي وَاسْتقر بِهِ فِي مشيخة التصوف بالطيبرسية بعد موت زين الصَّالِحين الْخَطِيب المنوفي وَحج فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين صَحبه الْبَدْر الْحَنْبَلِيّ وسافر مَعَ الْغُزَاة إِلَى رودس وَغَيرهَا غير مرّة أَولهَا فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين ثمَّ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَالَّتِي بعْدهَا ورافقه البقاعي فيهمَا وأثرى وَكثر مَاله لَا سِيمَا وَقد أودعهُ شخص مِمَّن كَانَ يَصْحَبهُ قرب مَوته مَالا وأعلمه بِأَن لَهُ عاصبا فِي بِلَاده وَمَات عَن قريب فَلَا العاصب جَاءَ وَلَا هُوَ اعْترف بِحَيْثُ أَن الوزراء لَا زَالُوا يتعرضون لَهُ بِسَبَب ذَلِك وَلَا يصلونَ مِنْهُ لشَيْء واقترض مِنْهُ الجمالي نَاظر الْخَاص فِي بعض الْأَحَايِين بِوَاسِطَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وارتهن عِنْده كتبا، وَلَا زَالَ فِي ترق من المَال والوجاهة خُصُوصا حِين تعين بِوَاسِطَة الجمالي الْمَذْكُور رَسُولا عَن الْأَشْرَف إينال فِي سنة تسع وَخمسين إِلَى صَاحب الْمغرب وَمَعَهُ لَهُ هَدِيَّة ثمَّ رَجَعَ فِي الْمحرم سنة سِتِّينَ وتزايدت وجاهته حَتَّى أَن اشرف الْمشَار إِلَيْهِ زبر البقاعي مرّة عَن الْوُقُوف فَوْقه زبرا فَاحِشا وَكَانَ ذَلِك سَببا لإخماده وَلما اسْتَقر الْأَشْرَف قايتباي زَاد فِي ترقيه لصحبة كَانَت بَينهمَا وَقَررهُ فِي نظر الخانقاه السرياقوسية ثمَّ فِي ديوَان الْأَشْرَاف بل وأرسله إِلَى قلعة حلب ليَكُون نَائِبا بهَا فَأَقَامَ مُدَّة واتسعت دائرته فِي الْأَمْوَال جدا وتكرر طلبه للمجيء وَالْحَاجة فِيهِ إِلَى أَن أُجِيب وَقدم الْقَاهِرَة فهرع النَّاس للسلام عَلَيْهِ وَاسْتمرّ مُقيما على وظائفه إِلَى أَن تعلل بدمل تكون فِيهِ ثمَّ لَا زَالَ يَتَّسِع إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء جوَار قبر صَاحبه الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وَترك شَيْئا كثيرا يفوق)
الْوَصْف وَكَانَ رَحمَه الله خيرا صافي الْبَطن لونا وَاحِدًا مظْهرا للمحبة فِي وَأَصْحَابه ينسبونه إِلَى إمْسَاك وَرُبمَا ذكر بالتزيد فِي الرقم، وَوَصفه البقاعي قَدِيما بالشريف الْفَاضِل الْمُجَاهِد قَالَ: وَهُوَ شكل حسن وبدن معتدل صحبته فِي الْجِهَاد غير مرّة فَوَجَدته ينطوي على كرم غزير وشجاعة مفرطة وأخلاق رضية وَعشرَة حَسَنَة وَنِيَّة جميلَة. قلت: كَانَ هَذَا من البقاعي قبل تَقْدِيم صَاحب التَّرْجَمَة خطيب مَكَّة للصَّلَاة على ولد لَهُ بِحَضْرَتِهِ وَقبل زبر الْأَشْرَف لَهُ بِسَبَبِهِ نسْأَل الله كلمة الْحق فِي السخط والرضى وَأَشَارَ بعد سِيَاق نسبه(6/37)
لسقط فِيهِ وَحكى عَنهُ أَنه قَالَ: نمت مرّة فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين فِي دمشق فَإِذا قَائِل يَقُول لي: يَا شرِيف يَا شرِيف فلَان أَخذ مِفْتَاح خزانتك وَهُوَ الْآن يسرق مَالك قَالَ: فَقُمْت فافتقدت الْمِفْتَاح فَلم أَجِدهُ فَذَهَبت إِلَى خلوتي فَإِذا فِيهَا نور ففتحت الْبَاب رويدا فَإِذا بذلك الرجل قد فتح خزانتي وَهُوَ يَأْخُذ مَا فِيهَا فَأخذت مَا أَخذه وحذرته فَالله أعلم.
عَليّ بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن قاوان ملك التُّجَّار بن خواجا جهان الكيلاني. قدم الْقَاهِرَة بعد موت ابْني عَمه ثمَّ عَاد سَرِيعا لمَكَّة فِي الْبَحْر هُوَ والشريف إِسْحَق فداما بهَا ثمَّ سَافر إِلَى عدن ثمَّ إِلَى كنباية وَتُوفِّي بهَا قيل مسموما إِمَّا فِي سنة خمس وَتِسْعين أَو الَّتِي بعْدهَا وَيذكر بِفضل ونظم وَلكنه كَانَ مسيكا وَقد جَازَ السِّتين.
عَليّ بن مَحْمُود الضياء الْكرْمَانِي الشَّافِعِي. أَخذ عَن أبي الْفتُوح الطاووسي والمعين نصر الله بن الظهير أبي النَّجَاشِيّ عبد الرَّحْمَن وَالْمجد اللّغَوِيّ وَجَمَاعَة، وَشرح الْمَشَارِق فِي أَربع مجلدات وَسَماهُ ضوء الْمَشَارِق، وَولي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بكرمان ولقيه الطاووسي فِي سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فاستمد مِنْهُ فَوَائِد وَأَجَازَ لَهُ بل أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وَكَانَ حِينَئِذٍ قد زَاد على التسعين وَوَصفه بالمولى الْمُحدث الْأَعْظَم الأعلم الرباني الْمُفْتِي المُصَنّف.
عَليّ بن مخارش بِضَم الْمِيم وَفتح الْمُعْجَمَة وَآخره شين مُعْجمَة بعد رَاء مُهْملَة على وزن مخاصم الزيدي. فَارس مَشْهُور بالنجدة والفروسية يعد بِمِائَة قَتله عبد الْوَهَّاب بن طَاهِر الَّذِي صَارَت إِلَيْهِ مملكة الْيمن بمعركة فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ.
عَليّ بن مرعي بن عَليّ الْبُرُلُّسِيّ شَقِيق مُحَمَّد الْآتِي وَهَذَا أكبرهما وَذَاكَ أكثرهما وَهُوَ الْآن سنة تسع وَتِسْعين فِي الْأَحْيَاء.)
عَليّ بن مَسْعُود بن عَليّ بن عبد الْمُعْطِي بن أَحْمد بن عبد الْمُعْطِي بن مكي بن طراد نور الدّين أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ الخزرجي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي. ولد سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع بِمَكَّة من إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن نصر الله بن النّحاس والصارم أزبك الشمسي وَعُثْمَان بن الصفي الطَّبَرِيّ والسراج الدمنهوري وَعُثْمَان النويري والعز بن جمَاعَة وَالْفَخْر ابْن بنت أبي سعد والشهاب الهكاري والكمال ابْن حبيب وَعلي بن مُحَمَّد الْهَمدَانِي والقطب بن المكرم فِي آخَرين، وَمِمَّا سَمعه على ابْن المكرم جُزْء الْخرقِيّ والتنوخي وعَلى الأول مشيخة العشاري بروايته عَن أَحْمد بن المكرم جُزْء الْخرق والتنوخي وعَلى الأول مشيخة العشاري بروايته عَن أَحْمد بن شَيبَان وَعَن الثَّانِي مجْلِس رزق الله بروايته عَن الأبرقوهي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالتقي الفاسي تَرْجمهُ فِي مَكَّة وَابْن مُوسَى والأبي بل بِمَكَّة الْآن من سمع مِنْهُ وروى لنا عَنهُ الْعَلَاء القلقشندي، وَكَانَ كَمَا قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه مشاركا فِي الْفِقْه مَعَ الدّيانَة(6/38)
والمروءة. مَاتَ فِي تَاسِع الْمحرم سنة ثَلَاث عشرَة بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مَسْعُود بن عَليّ الدِّمَشْقِي ثمَّ العرضي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْفراء. شيخ مسن لَازم السماع عِنْد شَيخنَا وَكَذَا سمع على الشهَاب الوَاسِطِيّ وَغَيره بل زعم أَنه سمع مواعيد ابْن رَجَب فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَنه سمع فِيهَا أَيْضا بِالْقَاهِرَةِ بِبَاب كامليتها على الصَّدْر الياسوفي بعض تصانيفه وَأَنه سمع قبلهَا فِي سنة ثَمَانِينَ على الشَّمْس مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْكفْر بطناوي الدِّمَشْقِي قِطْعَة كَبِيرَة من البُخَارِيّ تَحت قبَّة النسْر من الْجَامِع الْأمَوِي، وَفِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بالجامع الْأمَوِي أَيْضا بِقِرَاءَة الْجمال عبد الله الفرخاوي على الصفي العجمي صَحِيح مُسلم أَنا الْبَيَانِي وعَلى الْبُرْهَان بن جمَاعَة بِالْقِرَاءَةِ أَيْضا الشفا وعَلى ابْن الرَّحبِي مَوَاضِع من السِّيرَة وَلم نقف على شَيْء مِمَّا سَمعه فَلِذَا لم نلتفت لذَلِك وَأَن كَانَ قد أَخذ عَنهُ بعض من لَا يحسن كَابْن الْمُنِير المزور وَرُبمَا استجازه ابْن قمر. وَمَات قريب الْخمسين رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن أبي الْفرج الشّرف بن التَّاج الأبرقوهي سبط القَاضِي أبي نصر.
ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة ولقيه الطاووسي بأبرقوه فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع عشرَة فَأَجَازَهُ.
عَليّ بن مَسْعُود البعداني. مَاتَ فِي صفر سنة خمسين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد.)
عَليّ بن مِصْبَاح بن مُحَمَّد بن أبي الْحسن نور الدّين بن ضِيَاء الدّين اللامي وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد وَأم الزين عبد الرَّحِيم الأبناسي. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: كَانَ أحد الْفُضَلَاء فِي الْفِقْه خيرا كثير الْإِطْعَام يتعانى فِي الزِّرَاعَة وتنزل فِي زاويته بمنية الشيرج مَعَ تردده فِي الْقرى. مَاتَ فِي ثَالِث عشر شَوَّال سنة ثَلَاث عشرَة رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن المصلية. هُوَ ابْن عبد الْوَهَّاب بن أبي بكر.
عَليّ بن الْمُعَلَّى. رَأَيْت خطه فِي سنة سِتّ وَعشْرين لبَعض من عرض عَلَيْهِ.
عَليّ بن مُفْلِح نور الدّين الكافوري الْحَنَفِيّ الشَّديد السمرَة وَيعرف بِابْن مُفْلِح. قَالَ المقريزي: كَانَ أَبوهُ عبدا أسود للطواشي كافور الْهِنْدِيّ فَأعْتقهُ وَقَرَأَ ابْنه الْقُرْآن وترقى حَتَّى صَار فَقِيه المماليك بِبَعْض الطباق، ثمَّ أَكثر من مداخلة الأتراك والتردد للزيني عبد الباسط بِحَيْثُ ارْتَفع بِهِ قدره وَولي وكَالَة بَيت المَال وَنظر البيمارستان، وعد فِي الرؤساء مَعَ مُرُوءَة وعصبية وتقعير فِي كَلَامه من غير إِعْرَاب وَلَا علم، وَقَالَ غَيره أَنه اخْتصَّ بِخِدْمَة الصارمي إِبْرَاهِيم ابْن الْمُؤَيد أَولا بِحَيْثُ اشْتهر ثمَّ تزايد اخْتِصَاصه بالزيني لمقاساته الشدائد(6/39)
الَّتِي كَانَ يُعَامل بهَا فِي مَجْلِسه حَتَّى أَنه فِي بعض منتزهاته رأى بعض ثناياه بارزة فَقَالَ لَهُ: دَعْنِي أقلعها فَامْتنعَ أَشد امْتنَاع فَلم يلْتَفت لذَلِك بل أَمر بإلقائه على الأَرْض غصبا وربطت سنه بخيط حَرِير مبروم ثمَّ ديس بِرَجُل على صَدره بِحَيْثُ لَا يتَمَكَّن من الْحَرَكَة وجبذ سنه فانقلع وانتشرت الدِّمَاء فانشرح الزيني وكل من هُنَاكَ غير ملتفت لتَضَمّنه لُزُوم الدِّيَة إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تقدم عنوانه، وَكَانَ مَعَ قلَّة بضاعته فِي الْعلم بل عدمهَا وَكَونه عريض الدَّعْوَى من دواهي الْعَالم، حَتَّى أَنه رُبمَا غطى دهاؤه وَحسن تَأتيه فِي الْكَلَام على مخدومه جَهله بِحَيْثُ يساء من عِنْده من فضلاء مَجْلِسه كيحيى بن الْعَطَّار بذلك وينتدبون لإِظْهَار جَهله عِنْد كَبِيرهمْ فيسألونه مسَائِل مشكلة أَو غَيرهَا وَهُوَ يتَخَلَّص مِنْهُم بِكُل طَرِيق مُمكن وَفِي الْغَالِب يَقُول لَهُم: حَتَّى نكشف ثمَّ يَأْتِي الزين قَاسم الْحَنَفِيّ وَكَانَ نزيلا لَهُ فَيُجِيبهُ وَيذْهب من الْغَد بِالْجَوَابِ إِلَيْهِم وَوصل علم ذَلِك للزيني فَكَانَ يَقُول مشيرأ لهَذَا: من الْعَجَائِب أَن ابْن مُفْلِح عِنْده كتاب ابْن أم قَاسم يكْشف مِنْهُ عَن كل شَيْء فِي الدُّنْيَا نَحْو وَفقه وألغاز وَغَيرهَا وَكَانَ مِمَّا سَأَلَهُ عَنهُ يحيى الْمشَار إِلَيْهِ:
(نَظَرِي فقحة الصَّبِي حَلَال ... وكذاك اجتماعنا للجماع)
)
(يجوز النِّكَاح فِي الْجُحر شرعا ... للنسا والشباب بِالْإِجْمَاع)
فَقَالَ لَهُ الزين قَاسم: يجوز أَن يكون الصَّبِي مِمَّن لم تعْتَبر عَوْرَته عَورَة أَو أَن الفقحة رَاحَة الْكَفّ كَمَا فِي الْقَامُوس وَالْجِمَاع الْقدر الْعَظِيمَة كَمَا فِي الصِّحَاح على أَن لَفْظَة نَا هِيَ ضمير الْمُتَكَلّم لَا يلْزم أَن يكون المُرَاد بهَا الْمُتَكَلّم وَالصَّبِيّ بل الْمُتَكَلّم وَمن يحل لَهُ وَطْؤُهَا والجحر المغار وَيجوز فِيهِ وَطْء الشَّبَاب النِّسَاء بِشُرُوطِهِ وَقَالَ يحيى: ثمَّ نظمت هَذِه الأبيات وأرسلتها إِلَيْهِ فَلم يجب عَنْهَا وَهِي:
(قل لمن كَانَ فِي الورى ذَا اطلَاع ... واعتراف بالخلف وَالْإِجْمَاع)
(أَي عُضْو من بعض أعضا وضوئي ... قَائِم سَالم من الأوجاع)
غسله لَا يجوز وَالْمسح أَيْضا
(وَكَذَا إِن عممته لَيْسَ يَجْزِي ... لِانْعِدَامِ الشُّرُوط والأوضاع)
(فَأَبِنْ ذَا بقيت فِي كل خير ... وَبَلغت المنى بِغَيْر دفاع)
وَذكره شَيخنَا فِي أنبائه فَقَالَ أَنه ولي مشيخة الْجَامِع الْجَدِيد بِمصْر مُدَّة، وَكَانَ عَارِفًا بِصُحْبَة الرؤساء كثير الْخدمَة لَهُم والتودد لأَصْحَابه والإعانة لَهُم وَفِيه لبَعض الطّلبَة خير مِنْهُم الأتابك جقمق والمحب قَاضِي الْحَنَابِلَة والبدر الْعَيْنِيّ وَهُوَ الَّذِي أم بهم عَفا الله عَنهُ.(6/40)
عَليّ بن مَنْصُور بن زين الْعَرَب الحصفكي ثمَّ الْمَقْدِسِي وَالِد أبي اللطف مُحَمَّد. كَانَ تَاجِرًا فِي القماش ذَا ثروة مَاتَ بالقدس سنة خمس وَخمسين وَخلف لوَلَده دنيا وَاسِعَة.
عَليّ بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن حصن بمهملتين وَنون بن خضر الدولة الْقرشِي البلفيائي ثمَّ الْغَزِّي الشَّافِعِي وَيعرف بالكتاني بِالْمُثَنَّاةِ ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة بقرية بلفيا بِكَسْر الْمُوَحدَة والام ثمَّ فَاء سَاكِنة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة من ريف مصر ثمَّ انْتقل بِهِ أَبوهُ إِلَى غَزَّة فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاج الفرعي والورقات لإِمَام الْحَرَمَيْنِ والملحة وعرضها على جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن طريف بِالْمُهْمَلَةِ مكبر، وَأخذ الْفِقْه عَنهُ وَعَن الْبُرْهَان بن زقاعة والْعَلَاء ابْن نعَامَة قَاضِي الشَّافِعِيَّة بهَا وَسمع عَليّ الحَدِيث وَكَذَا أَخذ عَن ابْن طريف الْأُصُول، ثمَّ ارتحل إِلَى الْقُدس فَأخذ بِهِ النَّحْو عَن الْمُحب بن الفاسي والبدر العليمي وَغَيرهمَا وَلما تحول شَيْخه ابْن زقاعة إِلَى الْقَاهِرَة وتوطن بهَا طلبه من غَزَّة فَقدم عَلَيْهِ ولازم خدمته إِلَى أَن مَاتَ الشَّيْخ بِحَيْثُ)
عرف بخدمته وَاسْتقر فِي خدمَة الباسطية بِالْقَاهِرَةِ، وَحج بِأخرَة من الْقَاهِرَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وجاور وتلا بالعشر على الزين بن عَيَّاش بِمَا تضمنه نظمه فِي الثَّلَاثَة والشاطبية، وَكَانَ جيد الذِّهْن ذَا نظم كثير وفضيلة ومشاركة فِي الْعُلُوم واستحضار للكثير من عُلُوم شَتَّى مَعَ شجاعة واعتناء بفنون الْحَرْب. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي يَوْم السبت سَابِع عشر شَوَّال سنة تسع وَأَرْبَعين بعد أَن اخْتَلَط من قبيل رَمَضَان سنة سِتّ وَصَارَ ملقى لَا يعي شَيْئا رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم الْعَلَاء أَبُو الْحسن بن مصلح الدّين الرُّومِي الْحَنَفِيّ نزيل الْقَاهِرَة.
ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة واشتغل بِبَلَدِهِ وتفنن فِي الْعُلُوم وَدخل بِلَاد الْعَجم وَأدْركَ كَمَا قَالَ الْعَيْنِيّ الْكِبَار بسمرقند وشيراز وهراة وَغَيرهَا ولازم السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ مُدَّة زَاد غَيره والسعد التَّفْتَازَانِيّ وَقدم الديار المصرية فِي سنة سبع وَعشْرين فَأكْرم ونالته الْحُرْمَة الوافرة من الْأَشْرَف برسباي وَاسْتقر بِهِ فِي مشيخة مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا وتدريسها فباشرها مُدَّة ثمَّ صرفه لكَونه وضع يَده على مَال جزيل لبَعض من مَاتَ من صوفيتها ولأمور فَاحِشَة نقلت لَهُ عَنهُ وَأمر بِإِخْرَاجِهِ وَقرر فِيهَا شَيخنَا ابْن الْهمام وَذَلِكَ فِي ربيع الآخر سنة تسع وَعشْرين وَتوجه هَذَا فحج وسافر من هُنَاكَ إِلَى الرّوم ثمَّ عَاد إِلَى مصر فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ فَكَانَت حوادث ستأتي فِي الْإِشَارَة إِلَيْهَا، ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أَنْشدني من لَفظه فِي قصَّة اتّفقت لَهُ قَالَ: أَنْشدني الشَّيْخ شهَاب الدّين نعْمَان الْحَنَفِيّ الْعَالم الْمَشْهُور بِمَا وَرَاء النَّهر وَهُوَ وَالِد القَاضِي عبد الْجَبَّار:(6/41)
(إِذا اعتذر الْفَقِير إِلَيْك يَوْمًا ... تجَاوز عَن مَعَاصيه الكثيره)
(فَإِن الشَّافِعِي روى حَدِيثا ... بأسناد صَحِيح عَن مغيره)
(بِأَن قَالَ النَّبِي يقيل رَبِّي ... بِعُذْر وَاحِد ألفى كبيره)
قَالَ: وَحضر مجْلِس الحَدِيث بالقلعة فِي رَمَضَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ فَوَقَعت مِنْهُ فلتات لِسَان حمله عَلَيْهَا بعض النَّاس فِيمَا زعم ثمَّ اعتذر عَن ذَلِك ورام من السُّلْطَان أمرا فَلم يصل إِلَيْهِ فَتوجه فِي آخرهَا إِلَى بِلَاد الرّوم فِي الْبَحْر ثمَّ عَاد فِي أثْنَاء سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَحضر جلس أَيْضا وَجرى على سنَنه الْمَعْرُوف فِي حِدة الْخلق والشراسة وَغير ذَلِك مِمَّا يُشَاهِدهُ الْحَاضِرُونَ وَلَيْسَ)
بمدفوع عَن الْعلم والاستعداد وَلكنه يحب الشُّهْرَة ورام الِاسْتِقْرَار فِي مشيخة الشيخونية فَلم يتهيأ لَهُ فَلَمَّا كَانَ سنة أَرْبَعِينَ جرى الْكَلَام فِي الْمجْلس فحط على شيخها يَعْنِي الشّرف أَبَا بكر بن إِسْحَق الْمَلْطِي باكيرا بِمَجْلِس السُّلْطَان وكفره فجر ذَلِك إِلَى إِحْضَاره لمجلس الشَّرْع وَادّعى عَلَيْهِ فَأنْكر وَزعم أَن الأعوان أهانوه ثمَّ عقد لَهُ مجْلِس بِحَضْرَة السُّلْطَان فأصلحوا بَينهمَا وَضعف بعد ذَلِك وَانْقطع مُدَّة إِلَى أَن شَارف الْعَافِيَة وَأَرَادَ دُخُول الْحمام فَسقط من سَرِيره فانفك وركه فَانْقَطع مُدَّة أُخْرَى إِلَى أَن مَاتَ وَالله يعْفُو عَنهُ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين يَعْنِي فِي لَيْلَة أحد الْعشْرين من رَمَضَان، وَتقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ الْحَنَفِيّ وشق ذَلِك على الشَّافِعِي يَعْنِي الْعلم البُلْقِينِيّ، زَاد غَيره وَدفن بمقبرة بَاب النَّصْر، وَكَانَ متضلعا من الْعُلُوم مِمَّن حضر فِي ابْتِدَاء مناظرات التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد بِحَضْرَة تيمور وَغَيره فحفظ تِلْكَ الأسئلة والأجوبة الفخمة وأتقنها غير أَنه كَانَ مبغضا للنَّاس لطيشه وحدة مزاجه وجرأته واستخفافه بِمن يبْحَث مَعَه وَمَا وَقع مِنْهُ فِي حق شَيخنَا مَعْرُوف، وتصدى فِي القدمة الثَّانِيَة للإشغال وانضم إِلَيْهِ الطّلبَة فَلم تطل أَيَّامه، وَكَذَا قَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ عَالما محققا بحاثا دينا، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده وَغَيرهَا: كَانَ فَاضلا فِي عدَّة عُلُوم مَعَ طيش وخفة وجرأة بِلِسَانِهِ على مَا لَا يَلِيق وفحش فِي مخاطبته عِنْد الْبَحْث مَعَه عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُوسَى بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشيبي من بني شيبَة حجبة الْكَعْبَة قريب مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن بن أبي بكر الْآتِي. دخل جد أَبِيه مُحَمَّد الْيمن فوصل إِلَى حرض فَخرج إِلَى الْحَادِث سَاحل مور وَهُوَ وَاد عَظِيم بِهِ عدَّة قرى مِنْهَا الحسانية قَرْيَة أبي حسان بن مُحَمَّد الْأَشْعَرِيّ وَكَانَ مِمَّن يعْتَقد فأتفق وُقُوع فتْنَة بَين طائفتين من قومه قتل فِيهَا قَتِيل فاستوهب دَمه فَقَالُوا لَهُ: بِشَرْط أَن تسكن مَعَه فَأَسَّسَ لَهُم مَكَان قَرْيَة فسكنوه وَهُوَ مَعَهم فنسبت إِلَيْهِ، واتسعت دُنْيَاهُ لقصده بالنذور من(6/42)
عدَّة بِلَاد وَكَانَت لَهُ أُخْت فَزَوجهَا بِمُحَمد الْمَذْكُور لتفرسه فِيهِ الْخَيْر فأقامت عِنْده إِلَى أَن حملت، وَتوجه لمَكَّة بعد أَن عَاهَدَ امْرَأَته أَنَّهَا إِن ولدت ذكرا تسميه أَبَا بكر فَفعلت، وَمَات خَاله أَبُو حسان فخلفه فِي زاويته وَظَهَرت لَهُ كرامات ثمَّ خَلفه فِي زاويته ابْن لَهُ يُسمى عليا، وَكَانَ كثير الْعِبَادَة والتجريد وَيُقَال أَنه قعد مُدَّة لَا يَأْكُل فِي الْأُسْبُوع غير مرّة وَلم يتَعَلَّق بِشَيْء من أُمُور الدُّنْيَا ثمَّ خَلفه عَمه مُوسَى وَكَانَ عابدا صَاحب مكاشفات وكرامات ذكيا)
مذاكرا فَلَمَّا مَاتَ قَامَ وَلَده عَليّ فاشتهر بالصلاح والذكاء والسخاء وَحسن الْخلق وَكَثْرَة الْخَيْر وَطول الصمت مَعَ إدمانه لسَمَاع الحَدِيث وَالتَّفْسِير على الْفَقِيه أَحْمد العلقي وَكَانَ نزل فيهم بل تزوج الْفَقِيه عَليّ أُخْته وَكَانَ أَعنِي عليا يذاكر بِكَثِير من الحَدِيث والتاريخ والسيرة مَعَ الْمُحَافظَة على الْوضُوء وَصَلَاة الْجَمَاعَة وَكَونه موسعا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا متجملا بِأَحْسَن الثِّيَاب.
مَاتَ سنة إِحْدَى عشرَة وَخَلفه ابْنه عبد الله الْمَاضِي. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه تبعا للشَّيْخ حُسَيْن بن الأهدل فِي ذيله عَليّ الجندي.
عَليّ بن مُوسَى بن جلال بن أَحْمد بن جلال بن أَحْمد نور الدّين الْبُحَيْرِي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي.
ولد فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بالبحيرة وَنَشَأ فحفظ بِالْقَاهِرَةِ الْقُرْآن والمختصر فِي فروعهم وألفية ابْن ملك وَالتَّلْخِيص وَجمع الْجَوَامِع فِي الْأُصُول وَغَيرهَا وَأخذ عَن الْبُرْهَان اللَّقَّانِيّ فِي الْفِقْه وَكَذَا عَن السنهوري وَرُبمَا أَخذ عَنهُ غَيره وَلم يكن الشَّيْخ يحمده بل رُبمَا يطرده حَتَّى أَنه أبطل تقسيما كَانَ اشْترك مَعَ الْبَدْر بن الْمُحب والشهاب الفيشي فِيهِ لأَجله وَقَرَأَ على التقي الحصني فِي شرح العقائد وَسمع دروسه وَبَعض دروس الْكَمَال بن أبي الشريف وأقامه من مَجْلِسه وَتردد للمحب بن الشّحْنَة فِي شرح ألفية الْعِرَاقِيّ وَكَانَت تبلغني عَنهُ مضحكات أَو مبكيات وَلزِمَ صُحْبَة وَلَده الصَّغِير وأشباهه وَأكْثر من الْجُلُوس عِنْد الخيضري وتغرى بردى القادري ثمَّ برسباي قَرَار قيل أَنه كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ وَسمع اتِّفَاقًا على الشاوي وحفيد يُوسُف العجمي وَذكر بجودة الْخط وَكَثْرَة الْإِقْدَام والاستعجال والاقتدار على التَّعْبِير مَعَ كَونه لَيْسَ فِي الْفَهم بِذَاكَ وَلَا أتقن علما وَلَكِن قد راج بَين الْعَوام غَالِبا سِيمَا حِين مشاهدته فِي مجَالِس القاصرين ونقلت لي عَنهُ كَلِمَات حِين حُضُوره مجْلِس شَيْخه الخيضري يسْتَحق فِيهَا الْأَدَب بل أَزِيد وَرُبمَا تألم السنهوري حِين يَحْكِي لَهُ بَعْضهَا وقبحه السُّلْطَان فِي جمَاعَة المؤيدية بل رام ضربه وَوَصفه بِالْفُجُورِ وَحلف الْخَطِيب الوزيري بِالطَّلَاق الثَّلَاث أَنه لَا يتَكَلَّم مَعَه فِي هَذَا مَعَ تماثلهما فِي كثير من الْأَوْصَاف وأهانه الإِمَام الكركي لمخاطبته للزيني زَكَرِيَّا(6/43)
قبل قَضَائِهِ فِي مجْلِس القلعة بِمَا لَا يَلِيق جَريا على عَادَته بِحَيْثُ فعل مثل ذَلِك مَعَ قَاضِي الْحَنَفِيَّة الأمشاطي فِي مجْلِس بِجَامِع الْأَزْهَر ورام الْقيام من الْمجْلس فتلطفوا بِهِ وَحج سنة خمس وَتِسْعين منتميا للشريف إِسْحَق صهر الخواجا ابْن قاوان وجاور وَتزَوج هُنَاكَ وأقرأ قَلِيلا ثمَّ عَاد مَعَه فِي موسم سنة سبع وَتِسْعين وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يتهذب بمرشد وَلَا تأدب بمسعد.)
عَليّ بن مُوسَى بن عَليّ بن قُرَيْش بن دَاوُد الْهَاشِمِي الْحَارِثِيّ الْمَكِّيّ. ولد بهَا وَنَشَأ فَسمع من أبي الْيمن الطَّبَرِيّ وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة خمس فَمَا بعْدهَا ابْن صديق والعراقي والهيثمي وعيرهم، وَدخل مصر والصعيد ثمَّ الْيمن وَأقَام بهَا دهرا عِنْد الرضى أبي بكر بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن سَالم وَالِد الشجاع عمر، وَحصل فِي أَيَّامه أَمْوَالًا وَذَهَبت مِنْهُ لما غضب عَلَيْهِ وَرجع إِلَى مَكَّة بعيال الرضى وَأَوْلَاده فِي سنة خمس وَأَرْبَعين فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي الْمحرم من الَّتِي بعْدهَا عَن خمس وَسبعين ظنا. ذكره ابْن فَهد وَأسْقط عليا من نسبه فِي مَوضِع آخر.
عَليّ بن مُوسَى بن عِيسَى بن عبد الله بن الوردي. ولد تَقْرِيبًا فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة.
وَمَات قبل خمسين. ذكره البقاعي هَكَذَا مُجَردا.
عَليّ بن مُوسَى بن قُرَيْش الْمَكِّيّ. فِيمَن جده عَليّ قَرِيبا عَليّ بن الشرفي مُوسَى بن المتَوَكل على الله مُحَمَّد بن أبي بكر الْعَبَّاس الْهَاشِمِي ابْن عَم المتَوَكل الْعِزّ عبد الْعَزِيز الْخَلِيفَة الْآن والآتي أَبوهُ. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
عَليّ بن مُوسَى بن هرون أَبُو الْحسن بن الزيات الْمقري أَخُو الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بِابْن الزيات. كَانَ خيرا نيرا من صوفية سعيد السُّعَدَاء يتَوَلَّى تَقْدِيم نعَالهمْ فِيهَا كل يَوْم غَالِبا وَرُبمَا فعل بصوفية البيبرسية ذَلِك مَعَ مداومة التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة والحرص على شُهُود وَقت الشَّافِعِي وَنَحْوه. مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَسبعين وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله.
عَليّ بن مُوسَى النُّور أَبُو الْحسن الْقَرَافِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَالِد الْأمين مُحَمَّد الْآتِي تَلا بالسبع على ابْن المشبب أفرادا وجمعا وانْتهى فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ حَيا قريب الثَّلَاثِينَ أَخذ عَنهُ ابْنه وَكَذَا زعم الشهَاب بن أَسد أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ رَحمَه الله.
عَليّ بن مُوسَى الْحَنَفِيّ. رَأَيْته كتب فِي عرض سنة ثَلَاث وَهُوَ غير الْمَاضِي فِيمَن جده إِبْرَاهِيم.(6/44)
عَليّ بن نَاصِر بن مُحَمَّد بن أَحْمد النُّور أَبُو الْحسن البلبيسي ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد الْحسن وَالْحُسَيْن والنجار أَبوهُ وَأَخُوهُ وَيعرف بالحجازي وبابن نَاصِر، وَكتبه النَّجْم بن فَهد عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد وَقَالَ: نور الدّين بن نَاصِر الدّين وَيعرف بِابْن نَاصِر. ولد فِي ثَالِث عشر رَجَب سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا من الْفُنُون)
وَقَرَأَ على التقي بن فَهد وَولده وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَزعم أَنه أَقَامَ بهَا من سنة إِحْدَى وَخمسين إِلَى سِتِّينَ، وَكَذَا دخل الشَّام وَغَيرهَا وزار بَيت الْمُقَدّس وَمن شُيُوخه الْعَبَّادِيّ والجوجري والبرهان بن ظهيرة وَأَخُوهُ والمحيوي الْمَالِكِي وَكَذَا فِيمَا زعم الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والتقي الحصني والزين خَالِد المنوفي ولازمني فِي قِرَاءَة شرح ألفية الْعِرَاقِيّ للناظم وَكَذَا أَخذ عني غير ذَلِك وَقَرَأَ على الْمُحب بن الشّحْنَة سنَن ابْن ماجة وعَلى ابْنه الصَّغِير الْعرُوض وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتولع بالنظم وَأَكْثَره سفساف وَرُبمَا لَا يكون مَوْزُونا كَمَا سَيَأْتِي الْإِلْمَام بِشَيْء مِنْهُ فِي ابْنة ابْن سِيرِين من النِّسَاء وامتدح ابْن وَولده وَغَيرهمَا بل امتدحني غير مرّة، وَتكلم على النَّاس وَأكْثر من الْخَوْض فِيمَا لم يتأهل لَهُ والصياح بِمَا لَا يتَكَلَّم بِهِ إِلَّا مخبط مثله وَلذَا لم يكن البرهاني يلْتَفت لكَلَامه بل توسل بِي عِنْده فِي الْقِرَاءَة عَلَيْهِ فَمَا وَافق وَعلل ذَلِك بِمَا ظهر من أمره شَيْئا فَشَيْئًا إِلَى أَن تَكَامل وَذكر مَا يؤول إِلَى الأرجاء وَفضل حَمْزَة على عَليّ إِلَى غير ذَلِك من مُفْرَدَات لَا طائل تحتهَا، وأدبه ابْن أبي الْيمن وَأَغْلظ عَلَيْهِ فِي سنة أَربع وَتِسْعين شاهين الجمالي وَقَالَ لَهُ البدري أَبُو البقا بن الجيعان مَعَ كَون هَذَا مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ الشفا بالروضة النَّبَوِيَّة ومدحه بقصيدة لَو وجد مَعَك آخر بِمَكَّة يفتح لَهُم بَاب التأويا لم تقف قَضِيَّة وَلَكِن مَشى حَاله قبل ذَلِك عِنْد ابْن الزَّمن بِحَيْثُ تكلم فِي مُبَاشرَة رِبَاط السُّلْطَان بل وَفِي عمائره هُنَاكَ، وَتزَوج عدَّة زَوْجَات بعد مزِيد الْفَاقَة وَكَانَت بَينه وَبَين الشَّيْخ الرِّبَاط نور الله العجمي مسافهات ومقابحات كَانَ هُوَ الرابح فِيهَا لمزيد جرأته ووقاحته وَكَون ذَاك لَيْسَ بِحجَّة وَأدّى الْأَمر إِلَى مجيئهما الْقَاهِرَة وَلم ينْتج شَيْئا، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مِمَّن اشْتغل وشارك وَقَامَ وَقعد وَصَاح وناح لما انْتقل ذَاك الدّور صَار يحلق ويجتمع عِنْده بعض المبتدئين والغرباء بل أَخذ فِي التصنيف فَقيل أَنه شرح الْبَهْجَة وَغَيرهَا مِمَّا لم أره وَلَا يؤهله الْفُضَلَاء لشَيْء من هَذَا كُله سِيمَا مَعَ إقدامه وَعدم تأدبه حَتَّى مَعَ مشايخه بِحَيْثُ انْقَطع السَّيِّد أصيل الدّين الأيجي عَن درس الْمدرسَة عِنْد القَاضِي مَعَه، وتجاذب فِي محرم سنة ثَمَان وَتِسْعين مَعَ الْخَطِيب الوزيري فِي أَمن(6/45)
سهل فَكَانَ بَينهمَا بِحَضْرَة القَاضِي مَا لَا أحب ذكره، وَحَاصِله الْوَصْف بِعَدَمِ الْفَهم وَكَثْرَة التخبيط وَأَنه يَأْمر بعض خدمه فيعزره لتسويغ ذَلِك فِي مَذْهَبهم للْعَالم فَرد عَلَيْهِ بِنَحْوِهِ هَذَا، وَقد سَافر فِي موسم السّنة الْمشَار إِلَيْهَا مَعَ الركب الشَّامي إِلَى الشَّام ثمَّ إِلَى حلب وَوصل إِلَى الرّوم فَأكْرم بِمَا سَمِعت من يُبَالغ فِي كثرته مِمَّا قَالَ أَنه وفى بِهِ دينه أَو جله وَعَاد فِي)
موسم الَّتِي تَلِيهَا وَلزِمَ أمره فِي الشَّهَادَة والتحليق وكتبت إِلَيْهِ قبل ذَلِك الفاضلة فَاطِمَة ابْنة الْكَمَال مَحْمُود بن شيرين سَائِلَة مِمَّا هُوَ مَكْتُوب بِخَطِّهِ مَعَ جَوَابه وَهُوَ:
(يَا أَيهَا الحبر الإِمَام الَّذِي ... كل بِهِ الورى مقتدي)
(اسئلك أَن تفرج مَا نالني ... بالْأَمْس من ضيق وَكن منجدي)
(واروي حَدِيثا معرضًا وافتني ... واجل فدتك الرّوح قلبِي الصدي)
(وَلَا تشدد أَمر مَا قلته ... من نقل أَخْبَار عَن الْحَسَد)
(إِذْ لم أجد مخلصا ... أضلّ إِذْ ذَاك وَلَا أهتدي)
(فتكتسب إثمي مذ جِئْت أَن ... أنال فضلا مِنْك ردَّتْ يَدي)
(مَمْلُوكه يَا سَيِّدي يَبْتَغِي ... بَيَان نطق فِيهِ أقتدي)
(فَالنَّفْس لَا تملك إلزامها ... حَيْثُ اشمأزت من خَبِيث ردي)
(وَالله لَا يظلم بل عادلا ... وَهُوَ إلهي رازقي سَيِّدي)
(سُبْحَانَهُ قد قَالَ من فَضله ... على لِسَان الْمُنْذر المرشد)
(من فِي الورى ظلما عَلَيْك اعْتدى ... فَمثله عدلا عَلَيْهِ اعْتدي)
الْجَواب:
(يَا سائلي بمدحه مبتدي ... هديت لِلْخَيْرَاتِ يَا مسعدي)
(ومبتغي تفريج مَا ناله ... من ضيق صدر صَار مِنْهُ صدي)
(من أجل مَا قُلْنَاهُ فِي حسد ... ووصفنا علاجه ال)
(فِي حق من آذَاك لَا يرعوي ... عَن خبثه ظلما وَلَا يبتدي)
(إِن رمت أفتيك حَدِيثا جلي ... ينفعك الله بِهِ فِي غَد)
(فاصغ لما أبديه مستسلما ... بِحكم مولى راحما مرشد)
(قد حرم الله على عَبده ... أَن يحْسد النَّاس على سودد)
(وَهُوَ بِأَن يضمر فِي قلبه ... كَرَاهَة النِّعْمَة للمعتدي)
(ويشتهي بِقَلْبِه زَوَالهَا ... عَنهُ وَهَذَا حسد)
(وضربه وَشَتمه وعيبه ... مَا آثم زَائِدَة للحسد)
(رجح قوم أَنه مَتى إِذا ... لم يبد هَذَا بِلِسَان أَو يَد)(6/46)
)
(فَإِنَّهُ لَا ضَرَر عَلَيْهِ فِي ... دين وَإِلَّا فَهُوَ عَاص معتدي)
(وَالْحق أَنه لَا بُد مَعَ ... كف الْأَذَى فِي نفي عصيان ردي)
(من أَن يلوم نَفسه على الَّذِي ... يُحِبهُ من هتك ستر المعتدي)
(ويشتهي بعقله زَوَاله ... عَن طبعه ويرتجي)
(أما إِذا قابله بِفِعْلِهِ ... لكف لكف شَره فَلَيْسَ معتدي)
(مَعَ كَونه يكره هَذَا إِن جرى ... وَيسْأل الله لَهُ أَن يَهْتَدِي)
(وَإِن عَفا فَهُوَ طَرِيق الْمُصْطَفى ... وَقد أمرنَا بهداه نقتدي)
(لَيْسَ ورا مَا قلته مذهبا ... فاطلب من الله صَلَاح الْبَدِيِّ)
(وَقَالَ هَذَا ناظمه ابْن نَاصِر ... عبد غَدا للشَّافِعِيّ مقتدي)
(سَائِلًا الله بجاه أَحْمد ... أَن يصلح الشَّأْن)
فَلم يرتضه الْعُقَلَاء وَلَا الْفُضَلَاء أجابها الشهَاب الحرفوش بِمَا ترجمتها.
عَليّ بن أبي النجا بن عَليّ الفاضلي الدَّلال بسوق أَمِير الجيوش. مِمَّن سمع عَليّ فِي سنة خمس وَتِسْعين وَقبلهَا.
عَليّ بن نصر الله الْخُرَاسَانِي العجمي وَيعرف بالشيخ عَليّ الطَّوِيل وَيُقَال لَهُ يار عَليّ الْمُحْتَسب، ولد بخراسان فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنَشَأ بهَا فَكتب الْمَنْسُوب وتعانى الطّلب قَلِيلا ثمَّ خرج مِنْهَا سائحا على طَريقَة فُقَرَاء الْعَجم المكدين، وَصَحب الأتابك سودون من عبد الرَّحْمَن لما خرج هَارِبا من الْمُؤَيد وَتوجه إِلَى قرا يُوسُف بالعراق فَلَمَّا عَاد إِلَى الْقَاهِرَة قدم عَلَيْهِ مَاشِيا من بِلَاد الشرق وَبِيَدِهِ عكاز فَأكْرمه ونزله فِي صوفية خانقاه سرياقوس ثمَّ لما بنى مدرسته هُنَاكَ جعله شيخها وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَعشْرين فَحسن حَاله وَركب الْفرس وَتردد إِلَى النَّاس وَكثر اخْتِلَاطه بِالظَّاهِرِ جقمق قبل تسلطنه لكَونه وَهُوَ أَمِير آخور كَانَ نظر الْمدرسَة إِلَيْهِ فَلَمَّا تسلطن زَاد تقربه إِلَيْهِ بالهدايا وَغَيرهَا فولاه حسبَة مصر الْقَدِيمَة ثمَّ بعد مُدَّة حسبَة الْقَاهِرَة عوضا عَن الْعَيْنِيّ وَذَلِكَ فِي ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين وَاسْتمرّ فِيهَا مُدَّة يعْزل ثمَّ عَاد مَعَ مصادراته وإهانته فِي كثير من عزلاته وَغَيرهَا والأمير يَنْفِيه غير مرّة، وَآخر ولاياته فِي سنة وَفَاته وَقد أحكم فِي هَذِه الْوَظِيفَة مظالم وتقريرات صَار عَلَيْهِ وزرها ووزر من تبعه عَلَيْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وابتنى الْأَمْلَاك الْكَثِيرَة بخانقاه سرياقوس وَغَيرهَا، وَولي مشيخة)
الخانقاه وقتا عوضا عَن الشهَاب بن الْأَشْقَر، وَحج فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَكَانَ مفرط الطول أسمر فصيحا بالعجمية والتركية عريا عَن الْفَضَائِل إِلَّا أَنه يعرف طرفا من الْكِتَابَة(6/47)
وَيكْتب عقدا جَيِّدَة حَتَّى أَنه فِي مبدأ أمره كتب عقدَة فِيهَا الْآيَة الشَّرِيفَة وَانْظُر إِلَى حِمَارك وصور الْحمار وَقَامَ بعض النَّاس عَلَيْهِ لذَلِك وكفره، ذَا همة وقدرة على خدم الأكابر مَعَ التجمل فِي ملبسه والتعاظم على الْفُقَرَاء والسوقة مَعَ الْبَطْش بهم والطمع فِي أَمْوَالهم. مَاتَ معزولا فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَهُوَ فِي عشر التسعين سامحه الله وإيانا.
عَليّ بن نصر القاهري الفوال بسوق رَأس حارة برجوان أحد من يعْتَقد. مَاتَ فَجْأَة فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَدفن ظَاهر بَاب النَّصْر. أرخه الْمُنِير.
عَليّ بن نصر المنوفي ثمَّ القاهري الْخياط نزيل المنكوتمرية وَيعرف بالمنوفي. مِمَّن قَرَأَ الْقُرْآن وَبَعض رِسَالَة الْمَالِكِيَّة وَصَحب الشَّيْخ مَدين وتكسب بالخياطة ثمَّ بِحمْل خبز صوفية سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا، وَسمع مني وبقراءتي قَلِيلا وَاسْتقر فِي الفراشة بالمنكوتمرية وَغَيرهَا من وظائفها وَفِي الطّلب بدرس الشَّافِعِي وَقصر فِي ذَلِك كُله بِحَيْثُ تناقص حَاله وَضعف بَصَره بل كف وافتقر جدا وَصَارَ لَهُ ثَلَاثَة أَوْلَاد من جَارِيَة لَهُ، كل ذَلِك مَعَ ملازمته للتلاوة ومحافظته على الْجَمَاعَة سِيمَا الصُّبْح وَالْعشَاء ومجيئه لأجلهما جَامع الغمري مَعَ عماه حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَتِسْعين بالبيمارستان وَكَانَ توجه إِلَيْهِ مَاشِيا فَلم يلبث أَن مَاتَ وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين أَو نَحْوهَا رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
عَليّ بن نور الله بن عبد الله الزين الْمَدْعُو ملا عَليّ البُخَارِيّ الْحَنَفِيّ نزيل مَكَّة وحفيد الْعَالم الْمدرس الْمُفْتِي شمس الدّين حَسْبَمَا قَالَه لي. ولد تَقْرِيبًا بعيد الْأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة ببخارى وَنَشَأ بهَا فَأخذ الصّرْف عَن ملا بدر الدّين الصرافاني والنحو عَن درويش ويسيرا فِي الْمنطق عَن ملا مُحَمَّد الكيلاني ثمَّ تحول مِنْهَا وخدم السَّيِّد الْعَلَاء بن السَّيِّد عفيف الدّين وَقَرَأَ بعض الكافية عَلَيْهِ ثمَّ اخْتصَّ بولده السَّيِّد عبيد الله وَأخذ عَنهُ فِي الْمُخْتَصر وَغَيره ورافقه لمَكَّة وَغَيرهَا، وَكَذَا زار الْقُدس والخليل وَطَاف الْبِلَاد، وَكَانَ دُخُوله مَكَّة فِي سنة سِتّ وَسبعين فدام بهَا سِتّ سِنِين ثمَّ سَافر مِنْهَا لجهات ثمَّ عَاد إِلَيْهَا بعد أَربع سِنِين وَاسْتمرّ بهَا إِلَى أَن فارقناه فِي موسم سنة أَربع وَتِسْعين وَأخذ فِيهَا عَن عبد المحسن الشرواني فِي شرح العقائد والمطول مَعَ حَاشِيَة السَّيِّد وَبعده لَازم لطف الله فِي أَشْيَاء مِنْهَا الطِّبّ بل قَرَأَ عَلَيْهِ فقه الْحَنَفِيَّة مَعَ كَون الشَّيْخ)
شافعيا وَكَذَا قَرَأَ على غَيره فِي الْفِقْه وأصوله، وزوجه عبيد الله أم وَلَده إِبْرَاهِيم فرباه وَلزِمَ بَيته بِحَيْثُ عرف بهم وأقرأ فِي النَّحْو وَالصرْف وَغَيرهمَا المبتدئين ولازمني فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَالَّتِي تَلِيهَا بل وَفِي الْمُجَاورَة قبلهَا(6/48)
وَأخذ عني أَشْيَاء وَكتب الابتهاج من تصانيفي وقرأه، وَفِي غُضُون إِقَامَته بِمَكَّة زار الْمَدِينَة غير مرّة، وَهُوَ إِنْسَان خير كثير الْأَدَب والسكون مديم الطّواف، كتبت لَهُ إجَازَة هائلة بل سمع عَليّ قبل ذَلِك فِي ربيع الثَّانِي فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ قِطْعَة من أول البُخَارِيّ وَآخره مَعَ مصنفي فِي خَتمه عُمْدَة الْقَارئ وَالسَّامِع وثلاثيات البُخَارِيّ وثلاثيات الدَّارمِيّ وَفِي جُمَادَى الأولى الْمجْلس الْأَخير من الْمشكاة للخطيب ولي الدّين أبي عبيد الله التبريزي وأوله ذكر الْيمن وَالشَّام وَذكر أويس الْقَرنِي وَختم الْمَشَارِق وأوله عَن أبي هُرَيْرَة اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي تمرنا وَبَارك لنا فِي مدينتنا الحَدِيث وَفِي جُمَادَى الثَّانِيَة جَمِيع مُسْند الشَّافِعِي وقصيد أبي حَيَّان ورياض الصَّالِحين وَمن الْبَاب الثَّالِث فِي القَوْل التَّام إِلَى آخر الْكتاب وَفِي رَجَب جَمِيع الشفا وَذخر الْمعَاد فِي وزن بَانَتْ سعاد للبوصيري والختم من شرحي للألفية وَفِي رَمَضَان سَبْعَة مجَالِس من أبي دَاوُد، ثمَّ سخط عَلَيْهِ عبيد الله وَأمه وأبعداه فسافر بِزَوْجَتِهِ إِلَى الْهِنْد بعد أَن أَخذ إِبْرَاهِيم من أمه ثمَّ عَاد لمَكَّة وَقد تريش قَلِيلا فحج فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَرجع.
عَليّ بن هَاشم بن عَليّ بن مَسْعُود بن غَزوَان بن حُسَيْن نور الدّين أَبُو الْحسن الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي أَخُو مَسْعُود ووالد أبي سعد مُحَمَّد الآتيين. ولد سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع بهَا من الْعَفِيف النشاوري وَالْجمال الأميوطي وَغَيرهمَا كَابْن صديق وَمِمَّا سَمعه على الْعَفِيف الثقفيات وتفقه بالجمال بن ظهيرة ولازمه كثيرا وانتفع بِهِ، وَكَانَ بَصيرًا بالفقه حسن المذاكرة خيرا سَافر إِلَى الْيمن فِي التِّجَارَة غير مرّة. وَمَات فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَعشْرين وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَدفن بالمعلاة. ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه تبعا للفاسي.
عَليّ بن هِلَال الحضا. مَاتَ بِمَكَّة فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن يس بن مُحَمَّد الدَّارَانِي الأَصْل الطرابلسي المولد الْحَنَفِيّ نزيل الْقَاهِرَة. ولد بطرابلس وتحول مِنْهَا وَهُوَ دون الْبلُوغ يقْصد الِاشْتِغَال لدمشق فتنزل بزاوية أبي عمر من صالحيتها فحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار وَعرضه على ابْن عيد حِين كَانَ قَاضِيا بِالشَّام وقاسم الرُّومِي الْحَنَفِيّ)
وَغَيرهمَا وَكَانَ يصحح فِيهِ على أَولهمَا وَرُبمَا حضر دروسه، وجود الْقُرْآن هُنَاكَ ثمَّ عَاد لبلده وارتحل مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة فَنزل زَاوِيَة عُثْمَان الْخطاب بِالْقربِ من رَأس سوق الْجوَار وَحفظ الجرومية والملحة ولازم الْغَزِّي قبل الْقَضَاء حَتَّى أَخذ عَنهُ الْمُخْتَار بحثا وَكَذَا لَازم أَبَا الْخَيْر ابْن الرُّومِي فِي الْفِقْه والعربية وَسمع فِي الْأُصُول وَغَيره وَقَرَأَ على الْمُحب بن حرباش الزَّيْلَعِيّ على الْكَنْز بعد قِرَاءَة ربعه على أبي الْخَيْر وعَلى الْمُحب(6/49)
أَيْضا قِطْعَة من الأخسيكتي فِي الْأُصُول وَحضر يَسِيرا عِنْد الْبَدْر بن الديري وَقَرَأَ على عبد الْبر بن الشّحْنَة فِي شرح الْمُخْتَار وعَلى عبد الرَّحْمَن الشَّامي نزيل المزهرية التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام وأيساغوجي وَسمع جلّ ألفية النَّحْو عِنْد النُّور بن قريبَة وَكَذَا أَخذ الصّرْف عَن الْبَدْر خطيب الفخرية وَحج فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَقَرَأَ على الْكتب السِّتَّة وتصانيفي فِي ختومها وكتبها وَكَذَا الابتهاج وَسمع بعضه ومني دراية الْكثير من شرحي للتقريب وللألفية وَمن شرح النَّاظِم وَمن شرح النخبة وَقبل ذَلِك المسلسل بالأولية وبيوم الْعِيد بشرطهما وَحَدِيث زُهَيْر العشاوي وحديثا عَن أبي حنيفَة وغالب الشفا مَعَ قِرَاءَته مُؤَلَّفِي فِي خَتمه وَسمع جَمِيع الْمَقَاصِد الْحَسَنَة والتوجه للرب كِلَاهُمَا من تصانيفي وَالشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي والتبيان وَالْأَرْبَعِينَ مَعَ مَا بآخرها وَنَحْو النّصْف الأول من الرياض وَقطعَة كَبِيرَة من أول الْأَذْكَار أربعتها للنووي وَجل عُمْدَة الْأَحْكَام وَالْكثير من مُسْند الشَّافِعِي وَمن الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر وَمن جَامع الْأُصُول لِابْنِ الْأَثِير وَمن المصابيح والمشكاة والمشارق وعدة الْحصن الْحصين وَالْقَصِيدَة المفرجة وأولها اشتدي أزمة تنفرجي وجادت قِرَاءَته مَعَ تميزه فِي الْفِقْه والعربية ومشاركته فيهمَا بجودة فهم، وَسمع ختم مُسلم على الْمُحب الطَّبَرِيّ إِمَام الْمقَام بِسَمَاعِهِ لَهُ فَقَط على الزين أبي بكر المراغي وَكَذَا قَرَأَ فِي الْقَاهِرَة على الديمي وكتبت لَهُ إجَازَة فِي كراستين وعظمته بل أَذِنت لَهُ فِي التدريس والإفادة لملتمسه من الطلاب واستشهدت بِالْعَلَاءِ الْحَنَفِيّ نقيب الْأَشْرَاف الدِّمَشْقِي فِي فقهه وَنَحْوه لِأَنَّهُ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ بِمَكَّة أَيْضا فِي أصولهم وَرجع فِي موسم سنة ثَلَاث وَتِسْعين فلازم شَيْخه ابْن المغربي الْغَزِّي القَاضِي كَانَ فِي الْفِقْه وأصوله والبدر بن الديري بل وخلد الْوَقَّاد فِي الْمُغنِي وَالتَّلْخِيص وَغير ذَلِك وَهُوَ أحد صوفية الأزبكية بل شيخ الصُّوفِيَّة بمدرسة خشقدم الزِّمَام بنواحي الرميلة منجمع عَن النَّاس مُتَوَجّه للازدياد من الْفَضَائِل.)
عَليّ بن ياقوت الْعجْلَاني أحد القواد. مَاتَ بِمَكَّة فِي رَجَب سنة سِتّ وَسبعين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن يحيى بن جَمِيع. يَأْتِي قَرِيبا بِدُونِ جده.
عَليّ بن يحيى بن عبد الْقَادِر بن مَحْمُود نور الدّين الحسني القادري مِمَّن سمع على شَيخنَا.
عَليّ بن يحيى القَاضِي نور الدّين الطَّائِي الصعيدي الْيَمَانِيّ وَالِد عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد الْمَذْكُورين فِي محليهما وَيعرف بِابْن جَمِيع بِالتَّصْغِيرِ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ: أحد أَعْيَان التُّجَّار بِالْيمن ولاه الْأَشْرَاف على أَمر المتجر بعدن ثمَّ فوض إِلَيْهِ جَمِيع أمورها فَكَانَ الْأَمِير والناظر من تَحت أمره، وَكَانَ(6/50)
محبا للغرباء مفرطا فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِم محببا إِلَى الرّعية زيدي المعتقد وَلكنه يخفي ذَلِك، اجْتمعت بِهِ وسر بِي كثيرا لِأَنَّهُ كَانَ صديق خَال قَدِيما وَبَالغ فِي الْإِحْسَان إِلَيّ. مَاتَ فِي لَيْلَة عيد الْفطر سنة ثَلَاث وَقد جَازَ السِّتين.
عَليّ بن يحيى الزواوي. مَاتَ سنة بضع وَأَرْبَعين. عَليّ بن يس تقدم قَرِيبا. عَليّ بن أبي الْيمن. مضى فِي ابْن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد.
عَليّ بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن عبد الْقَادِر بن أَحْمد الْعَلَاء الْحلَبِي الْمَالِكِي وَيعرف بالناسخ. ذكر أَنه ولد تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ رَحل بِهِ أَبوهُ إِلَى حلب فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَبحث فِي الْفِقْه على التَّاج الأصبهيدي والسراج الفوي وَالشَّمْس بن الرُّكْن، وعَلى مَذْهَب مَالك على الشَّمْس التواتي وَأخذ عَنْهُم الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا، ورحل إِلَى الْقَاهِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فِي الْفِتْنَة وَسمع بهَا على ابْن الملقن وَغَيره، وَحج فِي سنة خمس عشرَة وَولي كِتَابَة سر حماة عَن المستعين بِاللَّه ثمَّ كِتَابَة سر طرابلس من نوروز وَحضر مَعَه قي قلعة دمشق وامتحن مَعَ الناصري بن الْبَارِزِيّ وتطلبه لَقيته فأعمل الْحِيَل وهرب وَركب الْبَحْر فَأسرهُ فرنج الكيتلان فَأَقَامَ مَعَهم نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ احتال حَتَّى تخلص هُوَ وَغَيره من الْأسر، وَقصد الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ الْمُؤَيد فولي عَن ابْنه كِتَابَة سر طرابلس وَكَاتب السِّرّ بِالْقَاهِرَةِ حِينَئِذٍ الْعلم بن الكويز ثمَّ عزل عَن قرب وَرجع إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا حَتَّى ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بطرابلس عَن الْأَشْرَف ثمَّ انْتقل لنظر الْجَيْش بحلب ثمَّ انْفَصل لعدم إجَابَته فِي دفع مَا طلب مِنْهُ من المَال وَقصد الْقَاهِرَة فصادف وَهُوَ فِي سعسع القاصد إِلَيْهِ بتولتيه قَضَاء الْمَالِكِيَّة بحماة وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ ثمَّ عزل عَنهُ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ كل هَذَا بإملائه وَلَيْسَ بِثِقَة بل هُوَ فَرد فِي الْمَكْر وَالْخداع والحيل وَكَثْرَة المجازفة وَقلة الوثوق بقوله ويحكى عَنهُ فِي)
ذَلِك عجائب وَله نظم وَمِنْه مرثية التَّاج بن الغرابيلي أَولهَا:
(تشَتت شملي بعد جمع وألفة ... فوا غربتي من بعدهمْ وتشتتي)
وَقد ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بحلب ثمَّ انْفَصل عَنهُ وَولي قَضَاء دمشق عَن الظَّاهِر جقمق بسفارة الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وَحسنت سيرته ثمَّ عزل نَفسه ونزح إِلَى بِلَاد الرّوم. وَمَات هُنَاكَ فِي حُدُود سنة خمس وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
عَليّ بن يُوسُف بن أَحْمد الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ ثمَّ اليمني الشَّافِعِي وَيعرف بالغزولي. فَاضل مُصَنف أَقَامَ بِمَكَّة وأقرأ وصنف، وَأَجَازَ لَهُ شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن عمار وَابْن الْخلال وَابْن اللبان وَغَيرهم، وَشرح مُخْتَصر أبي شُجَاع فرغه فِي(6/51)
سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَماهُ مائدة الجياع وسكردان الشباع وَمِمَّنْ قرضه لَهُ القاياتي فِي ذِي الْحجَّة وَابْن البُلْقِينِيّ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة كِلَاهُمَا من سنة تسع وَأَرْبَعين وَقَالَ ابْن البُلْقِينِيّ أَنه لَازمه قَدِيما وحديثا وَحضر مجْلِس إقرائه فِي الْعُلُوم وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء انْتهى. وَقد قَرَأَهُ مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَآخِرهَا فِي سنة تسع وَخمسين قَرَأَهُ عَلَيْهِ الْبُرْهَان الرقي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَكَذَا قَرَأَ غَيره من الْفُضَلَاء كالنور الفاكهي، وقرض هُوَ بهجة المحافل للشَّيْخ يحيى العامري فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتِّينَ وَذكر فِيهَا إجَازَة الْمشَار إِلَيْهِم وَقَالَ يحيى أَن من مؤلفاته سوى الْمَاضِي شرف العنوان الْمُشْتَمل على خَمْسَة عُلُوم وطراز شرف العنوان يشْتَمل على كل سطر من ومرشد الْهَادِي من إرشاد الغاوي فِي مَسْلَك الْحَاوِي وَالْحجّة على الْبَهْجَة نَحْو ألفي بَيت وزبد الْفَرَائِض نَحْو مِائَتي بَيت وَأَرْبَعين بَيْتا وَشَرحهَا والفصول الأثرية على الْفَرَائِض الرحبية وتقريب النائي من مَجْمُوع الكلائي والإيجاز اللامع على جمع الْجَوَامِع فِي أصُول الْفِقْه والمناسك. وَالظَّاهِر أَنه مَاتَ بعد السِّتين بِقَلِيل.
عَليّ بن يُوسُف بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن غشم بن مَحْمُود بن فَهد ابْن غشم بن عطاف بن ملك بن غشم الْعَلَاء العامري البعلي الْحَنَفِيّ. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة ببعلبك وَسمع بهَا من أَحْمد بن عبد الْكَرِيم البعلي صَحِيح مُسلم أخبرتنا بِهِ زَيْنَب ابْنة عمر بن كندي عَن الْمُؤَيد وعَلى الْجمال يُوسُف بن عمر بن أَحْمد بن السقا الْإِصَابَة فِي الدَّعْوَات المستجابة لأبي الْفَتْح مُحَمَّد بن الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ أنابه أَبُو حَفْص عمر بن عبد الْمُنعم بن غَدِير القواس أذنا عَن مُؤَلفه وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء مَاتَ.)
عَليّ بن يُوسُف بن إِسْمَاعِيل الخواجا بن البهلوان. مَاتَ سنة بضع وَخمسين.
عَليّ بن يُوسُف بن أبي البركات الْمَلْطِي. فِيمَن جده مُوسَى بن مُحَمَّد.
عَليّ بن يُوسُف بن حسب الله الْبَزَّاز. سمع على ابْن الْجَزرِي فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين ختم نشره، وَمَات بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن يُوسُف بن دَاوُد الخضري الشَّافِعِي.
عَليّ بن يُوسُف بن زيان أَبُو حسون المغربي الْوَزير. مَاتَ فَجْأَة فِي ثامن رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وبموته افتتحت الْفِتَن بالمغرب قَالَه لي بعض المغاربة من أَصْحَابنَا.
عَليّ بن يُوسُف بن سَالم بن عَطِيَّة بن صَالح بن عبد النَّبِي الْجُهَنِيّ وَيعرف بِابْن أبي أصْبع.
سمع من الْعِزّ بن جمَاعَة وَالْفَخْر التوزري فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة بعض النَّسَائِيّ وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى الْيمن فِي التِّجَارَة فأدركه أَجله بعدن مِنْهَا فِي آخر سنة أَربع. قَالَه الفاسي فِي مَكَّة.(6/52)
عَليّ بن يُوسُف بن صَبر الدّين بن مُوسَى الجبرتي ثمَّ الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمقري وَيعرف بالجبرتي. قدم الْقَاهِرَة نَحْو الْخمسين فَقَرَأَ بهَا الْقرَاءَات على الشهَاب السكندري وَالشَّمْس بن الْعَطَّار وَابْن كزلبغا وَسمع على جمَاعَة وَمِمَّا سَمعه ختم الصَّحِيح على الْأَرْبَعين فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وسافر مِنْهَا وَدخل دمشق فِي سنة سِتّ وَسبعين وَقَرَأَ فِيهَا الْقرَاءَات على ابْن النجار ثمَّ توجه مِنْهَا إِلَى بَغْدَاد وَصَحب فضل القادري من ذُرِّيَّة الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة وَنَحْوهَا ثمَّ سَافر مِنْهَا إِلَى حلب فقطنها مُدَّة من سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسمع فِيهَا من ابْن مقبل وَأبي ذَر ثمَّ عَاد إِلَى الْقَاهِرَة فقطنها من سنة سبعين وَعقد ناموس المشيخة وَجلسَ فِي خلْوَة بسطح الْأَزْهَر وَتردد إِلَيْهِ غير وَاحِد من الخدام فَصَارَ يتوسل بهم فِي حوائج من يَقْصِدهُ من تجار الحلبيين وَنَحْوهم وقصده بالزيارة الْمَنَاوِيّ فَمن دونه عِنْد كثيرين وابتنى فِي سنة ثَمَان وَسبعين بأدكو جَامعا كَانَت الْبَلَد فِي غنية عَنهُ وَصَارَ يكثر التَّرَدُّد إِلَيْهَا وَالله أعلم بِقَصْدِهِ وَكَثُرت مساعدته لقاضيه ابْن الغويطي، وَرُبمَا أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة الْقرَاءَات وحاله أصلح من كثيرين.
عَليّ بن يُوسُف بن الْعَبَّاس بن عِيسَى الأندلسي الأَصْل الْمَكِّيّ الْمُؤَدب وَالِده وَيعرف بالجيادي.
مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.)
عَليّ بن يُوسُف بن عَليّ بن أَحْمد الْعَلَاء البصروي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أحد الْمُفْتِينَ بِدِمَشْق ووالد أبي الْبَقَاء مُحَمَّد مِمَّن نَاب فِي الْقَضَاء ودرس بِحَيْثُ يرجح فهمه على كثيرين.
عَليّ بن يُوسُف بن عَليّ بن خلف بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلْطَان نور الدّين ابْن الْجمال الدَّمِيرِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وأبوهما وَيعرف بالدميري. ولد فِيمَا بَلغنِي سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل يَسِيرا وَسمع على الشَّمْس الشَّامي وَالزَّرْكَشِيّ وَشَيخنَا فِي آخَرين وَمن ذَلِك جَمِيع البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وعَلى عبد الْكَافِي بن الذَّهَبِيّ وَنَحْوه وتكسب بِالشَّهَادَةِ وترقى فِيهَا بِحَيْثُ صَار أحد أَعْيَان الموقعين وتمول وناب فِي الْقَضَاء وَكَانَ من موقعي الدست وَمِمَّنْ بَاشر فِي جِهَات، وَحج غير مرّة آخرهَا مَعَ الرجبية المزهرية وَلم يكن بِهِ بَأْس بِالنِّسْبَةِ لِأَخِيهِ. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ عَفا الله عَنهُ وَله ولد من سيآت الدَّهْر وَإِن كَانَ قد أسمعهُ البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة وَغَيره.
عَليّ بن يُوسُف بن عمر بن أنور. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ صَاحب مقدشوه فِي عصرنا ويلقب الْمُؤَيد بن المظفر بن الْمَنْصُور. مَاتَ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ.
عَليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَليّ النُّور بن الْجمال الْأنْصَارِيّ الزرندي(6/53)
الْمدنِي الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ. ولد فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي ثمَّ أَخِيه فِي آخَرين وَكَذَا كَانَ مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ وَولي حسبتها يَسِيرا عَن قَرِيبه قَاضِي الْحَنَفِيَّة عَليّ ابْن سعيد الْمَاضِي بسعاية عمر بن عبد الْعَزِيز بن بدر. مَاتَ بهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين.
عَليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن أبي بكر بن هبة الله الْعَلَاء أَو النُّور وَهُوَ الْأَكْثَر البزري الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الكتبي الْآتِي أَبوهُ وَالْمَذْكُور جده فِي الثَّامِنَة وَيعرف بِابْن المحجوب. ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي سَابِع الْمحرم سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة ويتأيد بتحديد أَنه فِي صفر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ ابْن أَربع بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلاه لأبي عمر وعَلى الشَّمْس الزراتيتي والنشوي وَعرض الْعُمْدَة والشاطبيتين والمنهاجين وألفية ابْن ملك على البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن فِي آخَرين، واشتغل فِي الْفِقْه عِنْد الْكَمَال الدَّمِيرِيّ وَغَيره وَسمع دروس النَّحْو عِنْد الشَّمْس الغماري وَلكنه لم يتَمَيَّز وأحضر على الْجمال الْبَاجِيّ والسويداوي وَسمع)
على التنوخي والغزي والحلاوي وَالشَّمْس الرفا وَالْجمال العرياني وَنصر الله بن أَحْمد الْحَنْبَلِيّ وَالْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ وَطَائِفَة بل كَانَ يذكر أَنه سمع البُخَارِيّ على ابْن الكشك وَمُسلمًا على الصّلاح البلبيسي ورفيقيه وَلكنه لم يكن بالضابط، وَقد حج مرَارًا أَولهَا سنة خمس وَثَمَانمِائَة وزار الْقُدس والخليل وسافر إِلَى حلب فَمَا دونهَا، وتنزل فِي صوفية البيبرسية ولازم مشْهد اللَّيْث سِنِين وَكَانَ أحد رُؤَسَاء قراء الجوق فِيهِ وتكسب بالكتب قَدِيما كأبيه ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وَعمل شَاهد الزردخاناه، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ أَشْيَاء، وَكَانَ ظريفا متوددا ربعَة ذَا صُحْبَة قديمَة مَعَ شَيخنَا بِحَيْثُ كَانَ يماجنه ويلاطفه. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَخمسين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عَليّ بن يُوسُف بن مزروع الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة والعطار بهَا مَاتَ بهَا فِي ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ بن يُوسُف بن مَكْتُوم بن ثَابت بِالْمُثَلثَةِ بن ربيع مكبر بن مُحَمَّد الْعَلَاء الشَّيْبَانِيّ الرَّحبِي الْحلَبِي الشَّافِعِي نزيل حماة وَيعرف بِابْن مَكْتُوم، ولد تَقْرِيبًا بعد سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه والتمييز والمختصر الْأَصْلِيّ وألفية الحَدِيث والنحو وتفقه بِجَمَاعَة بِبَلَدِهِ وبالشام كالشرف الْغَزِّي والشهاب بن الْجبَاب وَابْن الجابي والزين عمر الْقرشِي وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس، وَاجْتمعَ بالصدر الياسوفي وَغَيره وَسمع بحلب على الشهَاب بن المرحل وَعمر بن أيدغمش وَمن مسموعه عَلَيْهِ عشرَة الْحداد والتاج عبد الله بن أَحْمد بن عشار وَغَيرهم كالبلقيني(6/54)
وَكَانَ يذكر أَنه سمع فِي رحلته من الْمُحب الصَّامِت وَأبي الهول ومحيي الدّين بن الرَّحبِي وصالحة ابْنة الْمطعم فِي آخَرين، وَحدث وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَكَانَ دينا خيرا قوي الحافظة بِحَيْثُ عزم فِي وَقت على حفظ جَامع التِّرْمِذِيّ مستحضرا لكثير من الْفُنُون لَكِن نَحوه ضَعِيف وَكَلَامه يزِيد على علمه وَكَانَ الْبُرْهَان الْحلِيّ لتطوره وَسُرْعَة انتقالاته يكنيه أَبَا الْعُقُول، وَقد ولي قَضَاء الرحبة عدَّة سِنِين وناب فِي الحكم بحلب عَن قضاتها وَأورد عَنهُ شَيخنَا فِي تَرْجَمَة الصَّدْر الياسوفي من درره حِكَايَة، وَمَات فِي سنة تسع وَأَرْبَعين أَو الَّتِي بعْدهَا رَحمَه الله.
عَليّ بن يُوسُف بن مكي بن عبد الله نور الدّين بن الْجلَال الْحلَبِي الأَصْل الدَّمِيرِيّ ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن الْجلَال لقب أَبِيه وَكَانَ جده يعرف بِابْن نصر. أَصله من حلب وَقدم جده)
الْقَاهِرَة ثمَّ سكن دميرة فولد لَهُ ابْنه فَنَشَأَ مالكيا وَسكن الْقَاهِرَة وناب عَن الْبُرْهَان الأخنائي وَعرف بِجلَال الدَّمِيرِيّ. وَولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة فاشتغل حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَاقْتصر على الْفِقْه بِحَيْثُ لم يكن يدْرِي شَيْئا سواهُ وَكَانَ كثير النَّقْل لغرائب مذْهبه شَدِيد الْمُخَالفَة لأَصْحَابه حَتَّى اشْتهر صيته بذلك مَعَ جودة الْكِتَابَة على الْفَتَاوَى وناب فِي الحكم مُدَّة ثمَّ اسْتَقل بِالْقضَاءِ فِي الْمحرم سنة ثَلَاث بعد صرف ابْن خلدون ببذل مَال اقترضه بفائدة لحنقه مِنْهُ وعيب بذلك حَيْثُ حمله حنقه على هَلَاك نَفسه ببذل الرِّشْوَة، وَكَانَ منحرف المزاج مَعَ الْمعرفَة التَّامَّة بِالْأَحْكَامِ والمكاتيب فاتفق أَنه حضر مَعَ الصَّدْر الْمَنَاوِيّ فعارضه فِي قَضِيَّة فَغَضب الصَّدْر وَكَلمه بِكَلَام فَاحش فتأثر من ذَلِك وَلم يقدر على الِانْتِصَار وَحصل لَهُ انكسار من ذَلِك الْوَقْت، ثمَّ سَافر مَعَ الْعَسْكَر إِلَى دفع اللنك فَمَاتَ قبل الْوُصُول فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَدفن باللجون وَقد زَاد على السّبْعين وَلم يستكمل نصف سنة بِيعَتْ دَاره وبستانه وَكَانَا موقوفين فِي وَفَاء دينه رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ. ذكره شَيخنَا فيإنبائه وَلم يذكرهُ فِي رفع الإصر فاستدركته فِي ذيله، وَقَالَ المقريزي: كَانَ يَنُوب عَن الْقُضَاة الْمَالِكِيَّة بِالْقَاهِرَةِ وَلَا يُفَارق قَاض إِلَّا بشر طَوِيل عريض حَتَّى عرف بشراسة الْخلق وَكَثْرَة المشارة وهجاه بَعضهم بِقِطْعَة طَوِيلَة مِنْهَا يَا ابْن الْجلَال شنقك حَلَال وَقَالَ فِي عقوده أَنه مَا زَالَ يروم الْقَضَاء حَتَّى تقلده فَلم يمتع بِهِ وَلَا حمد فِيهِ عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن يُوسُف بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي تكين بن عبد الله النُّور أَبُو الْحسن بن قَاضِي الْقُضَاة الْجمال بن أبي البركات الخيربرتي الأَصْل بِفَتْح الْمُعْجَمَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة مُهْملَة وموحدة مَكْسُورَة ثمَّ مُهْملَة(6/55)
بعْدهَا مثناة فوقانية نِسْبَة إِلَى خرت برت الْحلَبِي الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْمَلْطِي وَأحمد فِي نسبه لَيْسَ عِنْد شَيخنَا. ذكره النَّجْم بن فَهد فِي مُعْجَمه وبيض لَهُ.
عَليّ بن يُوسُف الخواجا نور الدّين البهلوان. مضى فِيمَن جده إِسْمَاعِيل.
عَليّ بن يُوسُف نزيل الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وأخو القَاضِي شهَاب الدّين الصُّوفِي. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر رَجَب سنة.
عَليّ بن يُوسُف النَّوَوِيّ. فَقِيه فَاضل شَافِعِيّ شهد فِي إجَازَة النوبي فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَبَلغنِي أَنه مِمَّن يدرس الْفِقْه ويتكسب بِالشَّهَادَةِ مَعَ الْخَيْر والتقلل والتقنع وَحج.)
عَليّ بن يُونُس بن يُوسُف بن مَسْعُود القلعي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل العقيبة الصُّغْرَى بِدِمَشْق.
ولد قبل سنة خمسين وَسَبْعمائة وَقَالَ أَنه سمع البُخَارِيّ على أبي المحاسن يُوسُف بن مُحَمَّد القباني وَبَعض مُسلم على الياسوفي وخليل الْقُدسِي والشفا على المحيوي الرَّحبِي وَحدث أَخذ عَنهُ بعض أَصْحَابنَا وَكَانَ يُؤَدب الأصفال جوَار حمام القواس.
عَليّ شاه بن فَخر الدّين بن عَليّ الشغنارقي. ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وبيض.
عَليّ بن سعد الدّين ملك الْحَبَشَة. فِي ابْن مُحَمَّد.
عَليّ بن صدر الدّين الأردبيلي ثمَّ الْمَقْدِسِي. فِي ابْن مُحَمَّد بن الصفي.
عَليّ بن الْبُرْهَان الْمصْرِيّ. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَأَرْبَعين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد. عَليّ نور الدّين بن بطيخ الْمقري. ذكرته فِي الْمُوَحدَة من الْآبَاء.
عَليّ الْعَلَاء بن الْجَزرِي. فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف. عَليّ الْعَلَاء بن الجندي الْمحلي الْحَنَفِيّ نقيب الشَّافِعِي. فِي ابْن مُحَمَّد بن خضر بن أَيُّوب. عَليّ بن السدار.
عَليّ بن شيخون اثْنَان: مدولب وَهُوَ ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد وعكام وَهُوَ ابْن وهما ابْنا عَم. عَليّ عَلَاء الدّين بن الصَّابُونِي. فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان.
عَليّ عَلَاء الدّين بن الطبلاوي الْوَالِي. فِي ابْن عبد الله بن مُحَمَّد عَليّ بن عراق الدِّمَشْقِي. فِي ابْن عبد الرَّحْمَن.
عَليّ بن الْعَنْبَري الدِّمَشْقِي. بنى بهَا غربي سويقة صاروجا على بُسْتَان المتوجه إِلَى الصالحية مَسْجِدا وَعمل فِيهِ مَعَ صغره خطْبَة فَلَمَّا بنى برسباي جَامعه الشهير بالسويقة الْمَذْكُورَة بطلت الْخطْبَة مِنْهُ. مَاتَ فِي مستهل ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَدفن بالمقبرة الَّتِي تجاه مَسْجده.
ذكره ابْن اللبودي.
عَليّ بن عين الغزال الْحُسَيْنِي سكنا. فِي ابْن أَحْمد ابْن خَلِيل.
عَليّ الْعَلَاء الكركي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن المزوار. مَاتَ فَجْأَة فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَثَمَانِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ قد بَاشر حسبَة نابلس ثمَّ قَضَاء بَلَده وَكِتَابَة(6/56)
سرها بعناية الْجمال نَاظر الْخَاص وَكَذَا ولي قَضَاء غَزَّة ثمَّ الْقُدس غير مرّة سامحه الله وإيانا.
عَليّ الْعَلَاء بن مُفْلِح الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ قاضيها. كَانَ جيدا عفيفا مَقْبُولًا بَين النَّاس. مَاتَ بقرية ديماس من قرى دمشق فِي شعْبَان سنة ثَلَاث من أثر كي كواه لَهُ تمرلنك على ظَهره، قَالَه)
الْعَيْنِيّ، قلت وَهُوَ ابْن.
عَليّ الْعَلَاء بن المكللة مُتَوَلِّي منفلوط. قَتله عرب بني كلب فِي أَوَاخِر ربيع الأول سنة أَربع.
قَالَه الْعَيْنِيّ أَيْضا. عَليّ بن الوردي اثْنَان: ابْن مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق بن أَحْمد وَابْن مُوسَى بن عِيسَى بن عبد الله.
عَليّ الْعَلَاء أَبُو الْحسن الْكرْمَانِي الشَّافِعِي. قدم من كرمان إِلَى دمشق بعد الْأَرْبَعين فَنزل البادرائية مِنْهَا وَقُرِئَ عَلَيْهِ التَّلْخِيص وَتَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَغير ذَلِك وَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ النَّجْم بن قَاضِي عجلون، ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة وَصَارَ بهَا شيخ الشُّيُوخ بالبسطامية واشتهر بمزيد الْفَضِيلَة فاستقر بِهِ الظَّاهِر جقمق بسفارة الشَّيْخ على العجمي الْمُحْتَسب فِي مشيخة سعيد السُّعَدَاء بعد عزل أبي الْفَتْح بن القاياتي إِلَى أَن مَاتَ بالطاعون فِي ثَانِي صفر سنة ثَلَاث وَخمسين، وَكَانَ فَاضلا عَلامَة صَالحا خيرا سَاكِنا منجمعا مَحْمُود السِّيرَة حضرت دروسه مَعَ الفتحي وَبَلغنِي أَن من شُيُوخه سعد الدّين لر من طلبة التَّفْتَازَانِيّ وَأَنه كَانَ يحفظ الْمشكاة ويجيد إقراء الْكَشَّاف والبيضاوي وَأَنه لما مَاتَ وجدت لَهُ دَرَاهِم كَثِيرَة وَأنكر السُّلْطَان ذَلِك فَالله أعلم.
عَليّ نور الدّين أَبُو الْحسن السنيكي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. قدم الْقَاهِرَة فَقَرَأَ الْقُرْآن وَحضر دروس الْمَنَاوِيّ وَغَيره بل سمع على شَيخنَا رَفِيقًا لبلديه الزين زَكَرِيَّا وعاش حَتَّى أدْرك ولَايَته فَلم يحصل مِنْهُ على طائل مَعَ شدَّة فقره وضرره وانقطاعه. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَقد قَارب السّبْعين رَحمَه الله.
عَليّ الْمَدْعُو ملا عَليّ الْكرْمَانِي. فِي ابْن شهَاب الدّين.
عَليّ الأسيوطي وَيعرف بِأبي الْحلق. شيخ ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ: كَانَ مِمَّن يعْتَقد وتذكر عَنهُ مكاشفات كَثِيرَة. مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
عَليّ وَيعرف بالشيخ حدندل. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه أَيْضا وَقَالَ: كَانَ أحد من يعْتَقد وَهُوَ مجذوب. مَاتَ فِي صفر سنة أَربع وَعشْرين انْتهى، وَأَظنهُ صَاحب الضريح بالروضة خَارج بَاب النَّصْر. عَليّ الْعَلَاء عُصْفُور الْمكتب. فِي ابْن مُحَمَّد بن عبد النصير. عَليّ السَّيِّد زين الدّين الْجِرْجَانِيّ. فِي ابْن مُحَمَّد بن عَليّ.
عَليّ الْعَلَاء القابوني. فِي ابْن مُحَمَّد. عَليّ الْعَلَاء الْمكتب. أُشير إِلَيْهِ قَرِيبا.
عَليّ الْعَلَاء وَالِي الغربية وَكَاشف الْوَجْه البحري ويوصف بالأمير.(6/57)
مَاتَ فِي حادي عشري)
ربيع الأول سنة أرخه المقريزي.
عَليّ نور الدّين الْبُحَيْرِي الْمَالِكِي. فِي ابْن مُوسَى بن جلال بن أَحْمد.
عَليّ نور الدّين الْبُرُلُّسِيّ ثمَّ الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي. مِمَّن لَازم السنوري بل وَأخذ عَن التقي الشمني وَغَيره وَجلسَ شَاهدا، وَهُوَ فَقير جدا يرجع لدين وَخير.
عَليّ نور الدّين البنيثم القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي الْخَطِيب. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ: كَانَ حسن السمت سليم الْفطْرَة خطب فِي جَامع الْأَزْهَر مَرَّات نِيَابَة عني واغتبطوا بِهِ. مَاتَ فِي سادس عشري ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَأَرْبَعين.
عَليّ نور الدّين البيري القاهري الشَّافِعِي نزيل سعيد السُّعَدَاء وَأحد صلحاء صوفيتها، مَاتَ فِي رَجَب سنة أَربع وَسبعين وَأَظنهُ جَازَ السِّتين وَكَانَ يتكسب من النساخة ويراجعني فِي أَشْيَاء من الحَدِيث وَغَيره مِمَّا يمر بِهِ وَلَا يلوي على أهل وَلَا مَال وَكنت أحبه رَحمَه الله. عَليّ نور الدّين السطحي نِسْبَة لسطح جَامع الْحَاكِم. شيخ مُعْتَقد من رُفَقَاء البوصيري ويوسف الصفي، مَاتَ فِي سنة أَربع وَعشْرين.
عَليّ نور الدّين السفطي. كَانَ يتعانى الشَّهَادَة عِنْد الْأُمَرَاء بل بَاشر نظم البيمارستان مُدَّة ثمَّ ولي وكَالَة بَيت المَال وَالْكِسْوَة مَاتَ فِي سلخ جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَقد جَازَ الْخمسين. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والعيني وأرخه فِي مستهل رَجَب بِالنّظرِ لخُرُوج جنَازَته وَقَالَ أَنه كَانَ جيدا مشكور السِّيرَة وَلكنه كَانَ عريا عَن الْعلم وَاسْتقر بعده فِي الْوكَالَة الشَّمْس الحلاوي. قلت: وَهُوَ ابْن مُحَمَّد بن ثامر الْقرشِي الْأمَوِي. ولد بسفط الحنا من الشرقية وَكَانَ أَبوهُ خطيبها وَحفظ عِنْده الْقُرْآن ثمَّ تحول مِنْهَا لِأَخِيهِ شمس الدّين مُحَمَّد وَحفظ الْمِنْهَاج وَعرضه على شُيُوخ عصره وَمِمَّا بَاشرهُ الصرغتمشية والحجازية وَالشَّهَادَة بيبرس، وَكَانَ طوَالًا جدا مَعَ حسن الْخط والشكالة والوجاهة بِحَيْثُ ترشح لكتابة السرفي أَيَّام الْأَشْرَف وَلما مَاتَ قَالَ سميه ابْن مُفْلِح: الْآن آمَنت على وظائقي.
عَليّ نور الدّين السفطي نِسْبَة لسفط قليشان بالبحيرة ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَيعرف بالوراق لنزوله حِين قدومه من بِلَاده عِنْد أَحْمد الْوراق وَاسم وَالِده حجاج. حفظ الْقُرْآن وكتبا)
واشتغل كثيرا ولازم الزين عبَادَة بل أَخذ يَسِيرا عَن الْبِسَاطِيّ وَغَيره وانتفع بِابْن المجدي فِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا وبالحناوي وَغَيره فِي الْعَرَبيَّة وبالمحلى فِي الْأُصُول قَرَأَ عَلَيْهِ شَرحه لجمع الْجَوَامِع وَكَذَا أَخذ عَن الْأمين الأقصرائي ولازمه وَابْن الْهمام والشمني وَسمع الزين الزَّرْكَشِيّ وَغَيره وَالْكثير على شَيخنَا وَمن ذَلِك الشاطبية بِقِرَاءَة التَّاج(6/58)
السكندري وتصدى لإقراء الطّلبَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْعَرَبيَّة أخي الزين أَبُو بكر وَكَانَ كثير الابتهاج بِهِ وَالثنَاء عَلَيْهِ والشرف عبد الْحق السنباطي والزين يس البلبيسي والخطيب الوزيري، وتنزل فِي صوفية الأشرفية برسباي أول مَا فتحت وَتكلم فِي وقف طوغان دوادار تغرى بردى البكلمشي وَعظم اخْتِصَاصه بالحسام بن حريز بِحَيْثُ استنابه فِي تدريس الصالحية بل يُقَال أَنه فوض إِلَيْهِ الْقَضَاء وَأَن الْوراق قَرَأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ إنْسَانا خيرا متواضعا قانعا منجمعا متوددا محبا فِي الْفُضَلَاء بَلغنِي أَنه كتب شَيْئا فِي الْحساب وَعمل منسكا وَلم يكن بالذكي مَعَ اعتنائه بِالرَّمْي ووقوفه مَعَ الرُّمَاة بالمرمى الَّتِي بالمخيمين. مَاتَ فِي شعْبَان سنة أَربع وَسِتِّينَ عقب موت أَوْلَاده بالطاعون وَقد جَازَ السِّتين وَصلي عَلَيْهِ فِي بَاب الْوَزير وَدفن بِالْقربِ من تربة قلمطاي رَحمَه الله وإيانا.
عَليّ نور الدّين الصُّوفِي. فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد.
عَليّ نور الدّين الضَّرِير الْمقري مؤدب الْأَطْفَال بِالْمَسْجِدِ المجاور لجامع المغاربة دَاخل بَاب الشعرية وَإِمَام الْجَامِع الْمَذْكُور. مَاتَ عَن قريب السّبْعين ظنا فِي صفر سنة ثَلَاث وَخمسين، وَكَانَ حسن التَّعْلِيم خيرا طري النغمة انْتفع بِهِ جمَاعَة فِي ذَلِك.
عَليّ نور الدّين الطَّيِّبِيّ الشَّافِعِي تلميذ الأدمِيّ تميز فِي الْفِقْه وَغَيره وأقرأ فِي الطباق وَشهد وَتخرج بِهِ أَبُو الْحجَّاج السُّيُوطِيّ.
عَليّ نور الدّين مؤدب الْأَطْفَال آخر سوى الضَّرِير الْمَذْكُور قبله. كَانَ شيخ الميعاد بزاوية الشَّيْخ عَليّ البطائحي السدار بِرَأْس حارة الرّوم من الْقَاهِرَة. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين رَحمَه الله.
عَليّ نور الدّين النهياوي القاهري الْوَاعِظ أحد صوفية الجمالية. مَاتَ فِي رَجَب سنة خمس وَسبعين وَكَانَ سَاكِنا لَا بَأْس بِهِ من خِيَار الوعاظ صاهره عبد الْقَادِر الفاخوري على ابْنَته وَصَبَرت على بليته.)
عَليّ نور الدّين الْهوى التَّاجِر. توسل حَتَّى اتَّصل بابنة الْبُرْهَان بن عليبة على كره مِنْهُ وَمن ولديه وَآل أَمرهم إِلَى افتدائها مِنْهُ بِنَحْوِ خَمْسمِائَة دِينَار فَأكْثر وسافر إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فَكَانَت منيته بهَا فِي رَجَب سنة خمس وَسبعين بعد فعله بهَا بعض الْقرب وَخلف شَيْئا كثيرا سامحه الله وإيانا.
عَليّ نور الدّين الْوراق: اثْنَان أَحدهمَا الْمَاضِي قَرِيبا وَأَنه من فضلاء الْمَالِكِيَّة وَاسم أَبِيه حجاج وَالْآخر كَاتب غيبَة الأشرفية. مَاتَ فِي شَوَّال سنة(6/59)
اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَقد زَاد على السّبْعين ظنا، وَكَانَ سَاكِنا لَا بَأْس بِهِ فِي طائفته.
عَليّ الأسطا الأرزنجاني وَالِد يَعْقُوب شاه الْآتِي. قدم من بِلَاده إِلَى الرّوم ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة فِي أول سلطنة الْمُؤَيد واختص بِخِدْمَة الناصري بن الْبَارِزِيّ ثمَّ انْتقل لبيت السُّلْطَان وَتقدم فِي الْقوس علما وَعَملا بِحَيْثُ عرف بالأسطا، وَحج سبع مرار وَعمر نَحْو الْمِائَة حَتَّى مَاتَ وَكَانَ خيرا من وَلَده.
عَليّ الشهير بِولد أبي الْعَطَّار الْمصْرِيّ الْمَكِّيّ. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد.
على أَبُو فَرْوَة الجبرتي، مَاتَ بِمَكَّة فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَسبعين. أرخه ابْن فَهد. عَليّ بدوي. يَأْتِي فِي عَليّ الثَّقَفِيّ قَرِيبا. عَليّ برددار أزبك. فِي إِبْرَاهِيم بن عَليّ. عَليّ البسطي المغربي. هُوَ ابْن مضى.
عَليّ الْبَغْدَادِيّ الفران مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ البهائي الغزولي مَوْلَاهُم الدِّمَشْقِي الأديب، مَاتَ سنة خمس عشرَة.
عَليّ التركي وَيعرف بالشيخ عَليّ. فَقير مُعْتَقد كَانَ أَبوهُ من المماليك السُّلْطَانِيَّة فاستقر بعده فِي خدمَة النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون لكنه أَخذ فِي سلوك طَرِيق الْخَيْر من صغره بِحَيْثُ اجْتمع بِرَجُل يُقَال لَهُ عمر المغربي وتسلك بِهِ حَتَّى صَار إِمَامًا يقْتَدى بِهِ فِي الزّهْد والورع والمعارف الإلهية والعلوم الربانية من غير دَعْوَى وَلَا تزيي بطرِيق المرابين مَعَ الاقتصاد فِي اللّبْس والتقنع وَالرَّغْبَة فِي الِانْفِرَاد واشتغاله بِمَا يعنيه وَكلما عرف بِجِهَة تحول إِلَى غَيرهَا حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانِينَ سنة وَقد مضى فِي ابْن عبد الله.
عَليّ الثَّقَفِيّ الْمَكِّيّ السمان بهَا وَيعرف بعلي بدوي. مَاتَ فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَقد رَأَيْته وَكَانَ يحب خدمَة الصَّالِحين وَالْعُلَمَاء وَيَقْضِي حوائجهم وَكنت مِمَّن فعل معي ذَلِك، أرخه)
ابْن فَهد.
عَليّ الجبالي الْوَلِيّ الشهير نزيل جبل المنارة خَارج تونس. مَاتَ بِهِ فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَأَرْبَعين أرخه ابْن عزم. عَليّ الجبرتي نزيل سطح جَامع الْأَزْهَر. فِي ابْن يُوسُف بن صير الدّين بن مُوسَى.
عَليّ الجبرتي آخر شيخ صَالح مَاتَ بِمَكَّة فِي صفر سنة خمس وَخمسين أرخه ابْن فَهد.
عَليّ الْحَمَوِيّ الخواجا الْأَعْرَج. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ أرخه ابْن فَهد.
عَليّ الحيحي المغربي شيخ رِبَاط المغاربة بِمَكَّة. مَاتَ فِي الْمحرم سنة(6/60)
أَربع وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ الخباز الضَّرِير الْمُقْرِئ. تَلا بالسبع على ابْن أَسد وأقرأ الطّلبَة وَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ عمر بن قَاسم إِمَام مَسْجِد قانم. مَاتَ قَرِيبا من سنة سِتِّينَ أَو بعْدهَا.
عَليّ الشهير بخروعة يماني، شيخ صَالح مُعْتَقد مجذوب تحكى لَهُ كرامات كَانَ فِي أول أمره ذَا صُورَة حَسَنَة ويغني غناء حسنا ثمَّ انجذب وَكَانَ بعد الْعشْرين مُقيما خَارج بَاب الندوة لَا يكلم أحدا وَعَلِيهِ أَثوَاب خلقَة متضمخة بالقاذورات وَمهما أعْطى من الدَّرَاهِم يَضَعهُ فِي الجدرات فَيَأْخذهُ النَّاس وَكَانَت إِحْدَى يَدَيْهِ ملفوفة فَكَانَ يظنّ أَنَّهَا مَقْطُوعَة أَو نَحْو ذَلِك، ثمَّ انْتقل بعد الثَّلَاثِينَ إِلَى المعلاة فَأَقَامَ فِي بعض الأفران الخالية وَظهر أَن يَده صَحِيحَة وتزايد اعْتِقَاد الْعَامَّة فِيهِ. مَاتَ بِمَكَّة فِي سلخ رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَحمل نعشه على الرُّءُوس وَبني قَبره وَصَارَ مَقْصُودا للتبرك والزيارة. ذكره ابْن فَهد مطولا وَقد رَآهُ أَولا وَثَانِيا.
عَليّ الدجوي: اثْنَان ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حيدرة وَابْن مُحَمَّد بن أَحْمد.
عَليّ الدورسي البستاني. لقِيه الْحَافِظ ابْن مُوسَى فِي سنة خمس عشرَة فَذكر لَهُ أَن لَهُ من الْعُمر مائَة سنة وَسنة وَهُوَ قوي البنية شَدِيد الْحَواس يصعد شجر الْجَوْز فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّة وَسمع الأبي واستجازه لجَماعَة كَابْن شَيخنَا وَبني ابْن فَهد وَأَظنهُ ابْن فَينْظر.
عَليّ الديروطي الْمقري. فِي ابْن عبد الله بن عبد الْقَادِر.
عَليّ الرِّفَاعِي. مَاتَ فِي وسط جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ متواضعا متأدبا حسن الْعشْرَة مَعَ النَّاس والطائفة الأحمدية عَار من الْفَضِيلَة، ذكره الْعَيْنِيّ. عَليّ الرملاوي ثمَّ الْمَكِّيّ الْعَطَّار فِيهَا. مضى فِي ابْن خَلِيل بن رسْلَان.)
عَليّ الرُّومِي. مَاتَ بِمَكَّة فِي صفر سنة سِتّ وَخمسين. أرخه ابْن فَهد.
عَليّ السطيح. فِي ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله.
عَليّ الشلبي. مَاتَ بِمَكَّة فِي صفر سنة سبع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. وَهُوَ ابْن حمدَان.
عَليّ شيخ العجمي نزيل مَكَّة وَأحد جمَاعَة الشَّيْخ مُحَمَّد بن قاوان، تَاجر يلقب بالخواجا. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأوصى للشَّافِعِيّ بِأَرْبَعِينَ وَلكُل وَاحِد من بَاقِي الْقُضَاة الْأَرْبَعَة بِعشْرين.
عَليّ الْعُرْيَان كَانَت لَهُ معرفَة حَسَنَة بالتعبير. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَخمسين.
أرخه ابْن فَهد.(6/61)
عَليّ الصَّامِت الْعُرْيَان. شَاب مُعْتَقد بَين الْعَوام. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين.
عَليّ القادري اللبان أحد من يعْتَقد وَمِمَّنْ كَانَ يذكر أَنه أَخذ عَن الشهَاب بن الناصح. مَاتَ فِي الْمحرم سنة سبع وَخمسين.
عَليّ الْقُدسِي الْمُؤَدب مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ أرخ الثَّلَاثَة الْمُنِير.
عَليّ الْقَرَافِيّ الْحَنَفِيّ نَائِب الحكم بمركز دَار التفاح، مَاتَ سنة سِتّ عشرَة.
عَليّ الْقزْوِينِي الفرخة، سَقَطت.
عَليّ القلندري صَاحب الزاوية خَارج الصَّحرَاء وَأحد من يعْتَقد. مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين.
أرخه شَيخنَا فِي إنبائه.
عَليّ القليوبي ثمَّ القاهري شيخ مَذْكُور بالجذب وَالْأَحْوَال الدَّالَّة على الْكَشْف بِحَيْثُ اتّفق الجم الْغَفِير على اعْتِقَاده. مَاتَ فَجْأَة فِي الْمحرم سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن بتربة الأمشاطي رَحمَه الله.
طولته فِي الوفيات.
عَليّ القمني اثْنَان شَاهِدَانِ أَحدهمَا اسْم أَبِيه مُحَمَّد بن خلد بن عبد الله بن عَليّ مضى وَالْآخر ابْن مُحَمَّد مضى أَيْضا. عَليّ الْكَاتِب عُصْفُور. فِي ابْن مُحَمَّد بن عبد النصير. عَليّ الْكِنَانِي الحبيبي. فِي ابْن آدم.
عَليّ الكيلاني الشَّافِعِي. رَأَيْته فِيمَن عرض عَلَيْهِ سنة خمس وَتِسْعين وَأَظنهُ ملا عَليّ الْمَاضِي فِيمَن أَبوهُ نور الله.
عَليّ كهنفوش. شيخ أعجمي مُعْتَقد يُقَال أَنه جركسي الْجِنْس سكن الْعَجم وَكَانَ مشكور السِّيرَة)
مَحْمُود الطَّرِيقَة ذَا حَظّ عِنْد الأتراك بل وَمن الْمُؤَيد نير الْوَجْه عَلَيْهِ خفر وينتمي لإِبْرَاهِيم بن أدهم وَأَتْبَاعه يحكمون لَهُ الكرامات الهائلة وَهُوَ صَاحب الزاوية بقبة النَّصْر خَارج الْقَاهِرَة بناها لَهُ سودون الشيرخوني النَّائِب وَأَسْكَنَهُ فِيهَا. مَاتَ بهَا فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَعشْرين. وَقد مضى مريده إِبْرَاهِيم العجمي الكنفوشي. ذكره الْمُنِير وَغَيره والزاوية مَعْرُوفَة بِهِ إِلَى الْآن وَأَظنهُ دفن بهَا.
عَليّ الْمحلي ثمَّ الْمَكِّيّ الْعَطَّار بِبَاب السَّلَام والساكن برباط الْعَبَّاس، كَانَ مُبَارَكًا. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، أرخه ابْن فَهد.
عَليّ المغربي الْعَطَّار بِمَكَّة، مَاتَ بهَا فِي الْمحرم.
عَليّ المغيربي، فِي ابْن أَحْمد بن حسن. عَليّ اليمني، مضى فِي عَليّ خروعة.(6/62)
عمار الْكرْدِي، هُوَ عبد الْغفار بن مُوسَى، مضى.
عمار بن خمليش، شيخ أَوْلَاد حُسَيْن عرب فاس.
عمار بن عبد الرَّحِيم بن حسن الغرياني نِسْبَة لبني غريان بِمُعْجَمَة مَكْسُورَة ثمَّ مُهْملَة سَاكِنة بعْدهَا مثناة تَحْتَانِيَّة ثمَّ نون بِالْقربِ من تفهنا ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أحد القدماء من عدُول الصليبة تجاه الصرغتمشية بل هُوَ أحد طلبتها حمل عني شرح ألفية الْعِرَاقِيّ للناظم بعد أَن كتبه.
عمار بن مُحَمَّد بن عمار، يَأْتِي فِي يحيى فَهُوَ اسْمه وعمار لقبه وَمَعَ ذَلِك.
عمار الحوفي الشَّافِعِي نزيل صرد من الغربية. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عمرَان بن إِدْرِيس بن معمر بِالتَّشْدِيدِ الزين أَبُو مُوسَى الْكِنَانِي الجلجولي الْمَقْدِسِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي القادري الْمقري. ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بجلجوليا وَسمع من ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَأحمد بن النَّجْم وَمُحَمّد بن الْمُحب عبد الله الْمَقْدِسِي وَمِمَّا سَمعه مِنْهُ جُزْء ابْن بخيت وعَلى الأول التِّرْمِذِيّ وعَلى الثَّانِي مشيخة الْفَخر ولازم التَّاج السُّبْكِيّ وَغَيره فِي الْفِقْه وَغَيره وَأخذ الْقرَاءَات عَن ابْن اللبان وَابْن السلار وتميز فِيهَا وأقرأ، وَحصل لَهُ ثقل فِي لِسَانه فَكَانَ لَا يفصح بالْكلَام ويجيد الْقِرَاءَة حسنا وَكَانَ مَعَ علمه بالقراءات فَاضلا ظريفا أكولا جدا ذَا نظم لكنه غير طائل ويحج على قَضَاء الركب الشَّامي فَقير النَّفس لَا يزَال يظْهر الْفَاقَة وَإِذا حصلت لَهُ وَظِيفَة نزل عَنْهَا، غير مَحْمُود فِي قَضَائِهِ، مَاتَ بِدِمَشْق أَيَّام الْحصار فِي)
رَجَب أَو شعْبَان سنة ثَلَاث. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والتقي بن فَهد وَابْن خطيب الناصرية وَقَالَ أَنه من بقايا الشُّيُوخ كتب عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي لما قدم حلب، وأرخ شَيخنَا مولده فِي مُعْجَمه بعد الْأَرْبَعين وَالْمُعْتَمد الأول وَكَأَنَّهُ رام أَن يكْتب بعد الثَّلَاثِينَ فَسبق الْقَلَم وَزَاد فِي نِسْبَة بعد إِدْرِيس أَحْمد وَقَالَ: أجَاز لي وَلم نجد لَهُ شَيْئا على قدر سنه وَلم يكن مَحْمُودًا، وَذكره المقريزي فِي عقوده فَقَالَ عمرَان بن مُوسَى بن أَحْمد بن إِدْرِيس بن معمر، وَتبع شَيخنَا فِي كَونه ولد بعد الْأَرْبَعين وَجزم فِي وَفَاته برجب قَالَ: وَكَانَ لَهُ سَماع من مُحَمَّد بن عبد الحميد الْمَقْدِسِي كَذَا قَالَ.
عمرَان بن غَازِي بن مُحَمَّد بن غَازِي الزين المغربي الْمَالِكِي نزيل الْقَاهِرَة وَأحد التُّجَّار المتمولين وَيعرف بِابْن غَازِي، تزوج فَاطِمَة ابْنة أبي أُمَامَة مُحَمَّد بن النقاش واستولدها ابْنة عليا الْمَاضِي فأتلف عَلَيْهِ أَمْوَالًا جمة وَكَانَت بِسَبَبِهِ حوادث أُشير إِلَيْهَا هُنَاكَ وَمَعَ ابتلائه بِمَا تقدم كَانَ كثير المرافعة فِي صاحبنا أبي عبد الله البرنتيسي حَتَّى أتلف عَلَيْهِ مَاله بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك سَببا لقهره، بل وَأخذ وَخَلِيفَة المتجر(6/63)
السلطاني بإسكندرية ثمَّ صودر وَوضع فِي الْحَدِيد وقاسى شَدَائِد وَالْجَزَاء من جنس الْعَمَل.
عمرَان بن مُوسَى بن أَحْمد بن معمر الجلجولي، هُوَ الأول تحرف.
عَمْرو بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن يحيى بن أَمِير تونس، مَاتَ سنة بضع وَعشْرين وَرَأَيْت من سَمَّاهُ عمر فيحرر الصَّوَاب.
عَمْرو بن عُثْمَان ابْن لصاحبنا الْفَخر الديمي الأَصْل الْأَزْهَرِي. فطن ذكي سمع على جمَاعَة بِقِرَاءَة أَبِيه وبقرائتي بل سمع مني أَيْضا. وَمَات قبل بُلُوغه فِي الطَّاعُون سنة أَربع وَسِتِّينَ عوضه الله الْجنَّة.
عمر بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر البانياسي البباني بموحدتين مفتوحتين ثمَّ نون الْكرْدِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بعمر الْكرْدِي، نَشأ ببلاده فحفظ الْقُرْآن واشتغل فِيهَا وَفِي غَيرهَا وَقدم الْقَاهِرَة بعد الْأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء إِلَى أَن انجذب وَطَالَ أمره فِي ذَلِك مَعَ مداومته على الْخمس والاغتسال لكل صَلَاة بِالْمَاءِ الْبَارِد صيفا وشتاء وَلما اسْتَقر ابْن حسان فِي مشيختها قلق من ذَلِك وَصَارَ يشافهه بِبَعْض الْمَكْرُوه وَهُوَ يتَحَمَّل وَمَا)
علمت سَببه ثمَّ بعد مُدَّة تحول لجامع قيدان على الخليج الناصري ظَاهر الْقَاهِرَة وعمرت تِلْكَ النَّاحِيَة لِكَثْرَة من يَقْصِدهُ من الْخَاصَّة والعامة للزيارة والتبرك بدعائه وَرُبمَا تقع هُنَاكَ مَنَاكِير ومفاسد لَا يعلم هُوَ بهَا، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يحتجب ويقفل الْجَامِع وَقد اجْتمعت بِهِ هُنَاكَ بل وَفِي سعيد السُّعَدَاء غير مرّة وأحضر إِلَيْنَا خبْزًا كثيرا وجبنا وَغير ذَلِك بِدُونِ تكلّف بل بهمة وانشراح وَكنت ألتذ بعبارته الرائقة وكلماته الفصيحة اللائقة مَعَ مزِيد تودده وتكرمه وإيثاره بِمَا يرد عَلَيْهِ من الفتوحات بل ويستدين أَيْضا من الباعة مَا يطعمهُ لمن يرد عَلَيْهِ وَالنَّاس يُوفونَ عَنهُ، مَاتَ بالجامع الْمَذْكُور فِي صفر سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ هُنَاكَ بعد أَن غسل ثمَّ غسل بِتِلْكَ الْبركَة ثَلَاثًا على عَادَته فِي مشْهد حافل تقدمهم الْعلم البُلْقِينِيّ ثمَّ حمل حَتَّى دفن بتربة الظَّاهِر خشقدم فِي قبَّة النَّصْر بعد أَن تَكَرَّرت الصَّلَاة عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى وَحمل نعشه على الْأَصَابِع مَعَ بعد الْمسَافَة رَحمَه الله ونفعنا بِهِ.
عمر بن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الزين الرهاوي الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي، اشْتغل بِدِمَشْق على الشَّمْس الْموصِلِي الشَّافِعِي وبحلب عَليّ أبي الْمَعَالِي بن عشاير وبرع فِي الْأَدَب وَالنّظم والنثر وصناعة الْإِنْشَاء وَكتب خطا حسنا وَفِي آخر عمره قَرَأَ على الْعِزّ أبي الْبَقَاء الحاضري الْحَنَفِيّ الْمُغنِي وَكتب الْإِنْشَاء بحلب، ثمَّ اسْتَقل بصحابة ديوَان الْإِنْشَاء بهَا عوضا عَن نَاصِر الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الطّيب سِنِين(6/64)
ثمَّ ولي خطابة الْجَامِع الْأمَوِي بحلب بعد وَفَاة أبي البركات الْأنْصَارِيّ وباشرها بِنَفسِهِ، وَكَانَ فَاضلا ذَا مُرُوءَة وعصبية، وَمن نظمه:
(وحائك يحيكه بدر الدجى ... وَجها وتحكيه القنا قدا)
(ينسج أكفانا لعشاقه ... من غزل جفنيه وَقد سدا)
(طَاف الأمالي دون أهل الْهوى ... وشقة الْبعد لَهُم مدى)
(فَمن رَآهُ ظلّ فِي حيرة ... إِلَى طَرِيق الرشد لَا يهدى)
(وَكلما هم بسلوانه ... من بَين أيديه يرى سدا)
وَمِنْه متشوقا من مصر إِلَى أَهله وهم بحلب:
(يَا غائبين وَفِي سري محلهم ... دم الْفُؤَاد بِسَهْم الْبَين مسفوك)
(أشتاقكم ودموع الْعين جَارِيَة ... وَالْقلب فِي ربقة الْأَسْوَاق مَمْلُوك)
مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ بحلب وَصلي عَلَيْهِ بعد الْجُمُعَة على بَاب دَار الْعدْل بِحَضْرَة)
نَائِب الْبَلَد وَدفن بمشهد الْحُسَيْن بسفح جبل جوشن وَفِيه قَول الزين بن الْخَرَّاط:
(فِي الرهاوي لي مديح ... مسيرًا عجز الحلاوي)
(قد أطرب السامعين طرا ... وَكَيف لَا وَهُوَ فِي الرهاوي)
ذكره ابْن خطيب الناصرية، وَتَبعهُ شَيخنَا فِي إنبائه.
عمر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هبة الله الْكَمَال أَبُو حَفْص بن الْكَمَال أبي إِسْحَق بن نَاصِر الدّين أبي عبد الله بن الْكَمَال أبي حَفْص الْعقيلِيّ الْحلَبِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن العديم وبابن أبي جَرَادَة. ولد سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة كَمَا جزم بِهِ شَيخنَا فِي إنبائه، وَأما فِي رفع الأصر فَقَالَ فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَهُوَ الَّذِي فِي عُقُود المقريزي بحلب وَنَشَأ بهَا فاشتغل وَحصل طرفا من الْفِقْه وأصوله وَسمع الحَدِيث من أبن حبيب وَأَبِيهِ، وَولي قَضَاء الْعَسْكَر بِبَلَدِهِ وَكَذَا نَاب فِي الحكم فِيهَا عَن أَبِيه ثمَّ اسْتَقل بِهِ فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَحصل أملاكا وثروة كَبِيرَة، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة للاشتغال وَغَيره ثمَّ استوطنها لما طرق الططر الْبِلَاد الشامية وَأسر مَعَ من أسر وعوقب وَأخذ مِنْهُ مَال واعتقل مَعَ المعتقلين بقلعة حلب، ثمَّ خلص مَعَ بَقِيَّة الْقُضَاة بعد رُجُوع اللنك فَقَدمهَا فِي شَوَّال سنة ثَلَاث، وَحضر مجْلِس الْأمين الطرابلسي قاضيها ثمَّ سعى حَتَّى اسْتَقر عوضه فِي الْقَضَاء فِي رَجَب سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَكَذَا انتزع مشيخة الشيخونية من الشَّيْخ زَاده بِحكم الاحتلال عقله لمَرض أَصَابَهُ مَعَ وجود ولد لَهُ فَاضل اسْمه مَحْمُودًا كَانَ نَاب عَن أَبِيه فِيهَا مُدَّة فَمَا نَهَضَ لمدافعته وَذَلِكَ فِي سنة(6/65)
ثَمَان وخالط الْأُمَرَاء وداخل الدولة وَكثر جاهه وَعظم مَاله سِيمَا وَلم يكن يتحاشى عَن جمع المَال من أَي وَجه كَانَ، قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: وَكَانَ كثير الْمُرُوءَة متواضعا بشوشا كثير الجرأة والأقدام والمبادرة إِلَى الْقيام فِي حَظّ نَفسه محبا جمع المَال بِكُل طَرِيق، وَفِي رفع الأصر: كَانَ شهما فصيحا مقداما يعاب بأَشْيَاء ويحمد بأَشْيَاء كَثِيرَة من التصعب لمن يَقْصِدهُ وَالْقِيَام مَعَ من يلوذ بِهِ، قَالَ: وقرأت بِخَط المقريزي كَانَ من شَره الْقُضَاة جرْأَة وجمعا وَحده وبادرة وتوثبا على الدُّنْيَا وتهافتا على جمع المَال من غير حلّه وتظاهرا بالربا وأفرط فِي استبدال الْأَوْقَاف وَكَانَ يفرط فِي التَّوَاضُع بِحَيْثُ يمشي على قَدَمَيْهِ من منزله إِلَى من يَقْصِدهُ من الأكابر، قَالَ وَفِي الْجُمْلَة كَانَ من رجال الدُّنْيَا، وَقَالَ غَيره من بَيت رياسة وَعلم وَقَضَاء أفتى ودرس وشارك فِي)
الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول والْحَدِيث من رجال الدُّنْيَا دهاء ومكرا خَبِيرا بالسعي فِي أُمُوره يقظا غير متوان فِي حَاجته كثير العصبية لمن يَقْصِدهُ ماهرا فِي الحكم ذكيا وَقَالَ ابْن خطيب الناصرية أَنه بَاشر بِحرْمَة وافرة وَكلمَة نَافِذَة وَكَانَ رَئِيسا كَبِيرا مُحْتَرما داهية وجيها عِنْد الْمُلُوك وأرخ.
مولده فِي سنة سِتِّينَ وَإِحْدَى وَسِتِّينَ. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى عشرَة بعد أَن مرض شهرا وَنصفا وَرغب قبل مَوته لوَلَده نَاصِر الدّين مُحَمَّد وَهُوَ شَاب عَن مشيخة الشيخونية وَقبلهَا المنصورية وباشرهما فِي حَيَاته وأوصاه أَن لَا يفتر عَن السَّعْي فِي الْقَضَاء فامتثل أمره وَاسْتقر بعده وَفِيه يَقُول عُثْمَان بن مُحَمَّد الشغري الْحَنَفِيّ:
(ابْن العديم الَّذِي فِي عينه عور ... وَلَيْسَ محمودة فِي النَّاس سيرته)
(أَلَيْسَ أَن عَلَيْهِ ستر عَوْرَته ... لَكِن نزُول الْقَضَاء أعمى بصيرته)
عمر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُفْلِح بن مُحَمَّد بن مفرح بن عبد الله النظام أَبُو حَفْص بن التقي أبي إِسْمَاعِيل بن شيخ الْمَذْهَب الشَّمْس أبي عبد الله الراميني الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو الصَّدْر أبي بكر الْآتِي وأبوهما وَيعرف كسلفه بِابْن مُفْلِح. ولد فِي سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس بن الْأُسْتَاذ وَأحمد البقعي وَحفظ الزّهْد والجواهر كِلَاهُمَا من تصنيف أَبِيه والحاجبية وَغَيرهَا وتفقه بوالده وَعَمه الشّرف عبد الله وَغَيرهمَا وعنهما أَخذ الْأُصُول وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة على الشّرف الْأَنْطَاكِي وَالشَّمْس الْهَرَوِيّ والشهاب الفندقي وَدخل الْقَاهِرَة قَدِيما فَحَضَرَ بهَا عِنْد السراج البُلْقِينِيّ والصدر الْمَنَاوِيّ وَالْوَلِيّ بن خلدون وَطَائِفَة وَسمع الحَدِيث على الْمُحب الصَّامِت والشهاب المرداوي وناصر الدّين مُحَمَّد بن دَاوُد بن حَمْزَة وَغَيرهم، وناب فِي الْقَضَاء عَن أَبِيه فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة(6/66)
بِدِمَشْق وَعَن الْمجد سَالم بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ اسْتَقل بِقَضَاء غَزَّة فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَكَانَ أول حنبلي ولي بهَا كَمَا بَلغنِي عَنهُ ثمَّ اسْتَقل بِقَضَاء غَزَّة فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فِي حَيَاة عَمه مَعَ حرصه هُوَ كَانَ عَلَيْهِ فَمَا تمّ لَهُ وعزل عَنهُ مرَارًا بالعز عبد الْعَزِيز بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ الْمَاضِي ثمَّ زهد فِيهِ حِين صرفه بحفيد عَمه الْبُرْهَان الْمَاضِي وَأذن لِابْنِ أَخِيه الْعَلَاء الْمَاضِي فِي السَّعْي عَلَيْهِ وأراحه الله مِنْهُ، وَقد حج مرَارًا آخرهَا قريب الْخمسين وزار بَيت الْمُقَدّس وابتنى بجوار منزله من الصالحية مدرسة لَطِيفَة ورزق فِي مِيرَاثه من النِّسَاء حظا، وباشر عدَّة تداريس ومشيخات وَغير ذَلِك وَعقد مجْلِس الْوَعْظ فِي كثير من الْبِلَاد كمصر وَالشَّام، بل وَحدث بهما وببيت)
الْمُقَدّس وَغَيره، أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء وَالْأَئِمَّة، أكثرت عَنهُ حِين لَقيته بِالْقَاهِرَةِ والصالحية، وَكَانَ خيرا سَاكِنا واعظا مستحضرا لما يلائم الْوَعْظ مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وَنَحْوه وحرص على الْعِبَادَة والتهجد وصبر على الطّلبَة، وَهُوَ مِمَّن كَانَ لشَيْخِنَا بِهِ مزِيد عناية بِحَيْثُ أنزلهُ بجواره فِي بعض قدماته. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَدفن فِي الرَّوْضَة بسفح قاسيون عِنْد أسلافه مَعَ وَالِده وَهُوَ خَاتِمَة أَصْحَاب الْمُحب الصَّامِت بِالسَّمَاعِ رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد السراج الْعَبَّادِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الشَّاهِد بِرَأْس حارة برجوان تجاه الْمدرسَة الطوغانية، اشْتغل عِنْد بلديه والجلال الْبكْرِيّ وَغَيرهمَا كالجوجري والزيني زَكَرِيَّا ولازمني مُدَّة وَكتب شَيْئا من تصانيفي وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا، وَحج وَهُوَ أحد الْقُرَّاء عِنْد الْبَدْر نَاظر الجميش حفيد الْجمال نَاصِر الْخَاص.
عمر بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْمُعْطِي بن عبد الْكَافِي السراج أَبُو حَفْص القمني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت الزين أبي بكر الْآتِي، ولد قبيل سنة سبعين وَسَبْعمائة بقمن وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ ثمَّ حوله خَاله إِلَى الْقَاهِرَة فحفظ التَّنْبِيه وألفية ابْن مَالك ومختصرا بن الْحَاجِب والشاطبية وعرضها على ابْن الملقن والأبناسي وتلا على الْفَخر الضَّرِير لأبي عَمْرو وَابْن كثير واشتغل فِي الْفِقْه على خَاله بل حضر فِيهِ عِنْد الأبناسي والبدر الطنبذي وَغَيرهمَا وَسمع دروس الْمُحب بن هِشَام فِي الْعَرَبيَّة وَلكنه لم يمهر وَسمع على عبد الله بن الْعَلَاء مغلطاي وَالشَّمْس بن الخشاب وَأبي الكويك وَأبي الْعَبَّاس بن الداية وعزيز الدّين المليجي وَابْن الشيخة والمطرز وَابْن الفصيح والعراقي والهيثمي والأبناسي وَنصر الله بن أَحْمد الكتاني والسويداوي والحلاوي وَآخَرين وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن(6/67)
الذَّهَبِيّ وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي وَعبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن الذَّهَبِيّ وَطَائِفَة، وَحج وَدخل الثغرين وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا ثمَّ أعرض عَنْهَا وَأم بالظاهرية الْقَدِيمَة وَلذَا قطنها، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ الْكثير، وَكَانَ خيرا ثِقَة عدلا مديما للتلاوة منجمعا عَن النَّاس، مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمَاتَتْ زَوجته فَاطِمَة الْآتِيَة بعده بأيام رحمهمَا الله.
عمر بن إِبْرَاهِيم بن القواس الدِّمَشْقِي السكرِي العابر، كَانَ يجيد تَعْبِير المنامات وَيجْلس على كرْسِي بالجامع وَقد طلب الحَدِيث كثيرا وَقَرَأَ وَسمع مَاتَ فَجْأَة وَهُوَ فِي الْخَلَاء وَلم يشعروا بِهِ إِلَّا ثَانِي يَوْم وَذَلِكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.)
عمر بن إِبْرَاهِيم الأخطابي، مِمَّن سمع عَليّ قريب التسعين.
عمر بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مطير الْحكمِي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي أَخُو أبي الْقسم وَغَيره ويلقب بالفتى، خلف أَخَاهُ فِي الْوَظِيفَة، وَهُوَ فَقِيه خير يدرس ويفتي قَالَه الأهدل.
عمر بن أَحْمد بن أَحْمد الْحلَبِي الدمياطي رافق أَبَا الطّيب بن البدراني فِي السماع على ابْن الكويك وأثبته الزين رضوَان كَذَلِك بِدُونِ زَائِد.
عمر بن أَحْمد بن زيد السراج الجراعي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ ابْن أخي أبي بكر بن زيد الْآتِي لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فرز مني فِي قِرَاءَة البُخَارِيّ وَغَيره وَسَمَاع أَشْيَاء بل جاور قبل ذَلِك مَعَ عَمه وَسمع بقرَاءَته على النَّجْم عمر بن فَهد الْمسند.
عمر بن أَحْمد بن صلح بن أَحْمد بن عمر بن يُوسُف أَو أَحْمد الزين بن الشهَاب بن الصّلاح أبي النّسك الْحلَبِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ صلح وَيعرف كل مِنْهُم بِابْن السفاح سبط الشّرف مُوسَى بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس الْغَزِّي والأعزازي وَغَيرهمَا، وَحفظ التَّنْبِيه وألفية ابْن مَالك وَغَيرهمَا عرض على جمَاعَة وأحضر فِي الثَّالِثَة على عمر بن أيدغمش بل سمع على ابْن صديق وبالقاهرة على الشّرف بن الكويك فِي آخَرين، وَحج مرَارًا وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل الْقَاهِرَة قَدِيما وحديثا غير مرّة واشتغل بالمباشرات من سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ أَو قبلهَا بِقَلِيل وتنقل فِي الْوَظَائِف ككتابة السِّرّ وَنظر الْجَيْش وَغَيرهمَا بِبَلَدِهِ وَنظر الْجَيْش بِالشَّام، وَلم يشْتَغل فِي الْعلم إِلَّا قَلِيلا وَلذَا كَانَ عَارِيا مِنْهُ وَوَصفه بِبَعْض أَصْحَابنَا بالمروءة التَّامَّة والشهامة وَالْعقل وَالْكَرم، وَقَالَ شَيخنَا فِي تَرْجَمَة أَبِيه من مُعْجَمه وَكَانَ قد انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الحلبيين بهَا ولأولاده انْتهى. وَقد حدث سمع مِنْهُ(6/68)
الْفُضَلَاء بل سمع مِنْهُ شَيخنَا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ حَدِيثا وَكَفاهُ فخرا بِهَذَا وَأما أَنا فَقَرَأت عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ وبحلب أَشْيَاء ولاشتغاله بالديون والخمول بِسَبَب توالي جَرّه الْأَمْوَال إِلَى أَرْبَاب الدولة تغير كثير من أَوْصَافه وَكَانَ فِي أول أمره بزِي الْجند فَلَمَّا اسْتَقر فِي المباشرات دور عمَامَته، وَمَات فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ عَفا الله عَنهُ وإيانا.
عمر بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الريمي الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده والآتي أَخُوهُ مُحَمَّد صَغِير سمع عَليّ فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة بِمَكَّة أَشْيَاء وزار مَعَ أَبَوَيْهِ الْمَدِينَة.)
عمر بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْجمال الْمصْرِيّ الْمَكِّيّ. ولد فِي سنة إِحْدَى وَخمسين بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَحضر دروس البرهاني وَولده وأخيه وَسمع مني.
عمر بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد التقي الزبيدِيّ شاد زبيد كَانَ لَهُ اعتناء بِالْعلمِ. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
عمر بن أَحْمد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن إِسْحَق السراج بن الْبَهَاء الْمَنَاوِيّ الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَخُوهُ عَليّ وَيعرف بالمناوي. ولد فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فناب عَنهُ وَعَن أَخِيه خالهما الْحَلَال بن الملقن فِي الْوَظَائِف المنتقلة إِلَيْهِمَا عَنهُ وَقَرَأَ الْقُرْآن وَلم ينجب. وَمَات فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء جوَار جده السراج بن الملقن رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عمر بن أَحْمد بن عَليّ بن مَحْمُود بن نجم بن هِلَال بن ظاعن بِمُعْجَمَة ابْن دغير بِمُهْملَة ثمَّ مُعْجمَة مصغر السراج الْهِلَالِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْعَنْبَري وَيعرف بِابْن الخدر بِمُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثمَّ مهملتين أولاهما مَكْسُورَة أَخُو عَليّ وَمُحَمّد وَهَذَا الْأَصْغَر. ولد فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج واشتغل فِي الْمِيقَات وباشر رياسة الْجَامِع الْكَبِير بِبَلَدِهِ، وتولع بالنظم وَعمل مجموعا سَمَّاهُ العرائس الخدرية والنفحات العنبرية فَكَانَت تَسْمِيَة لَطِيفَة. لَقيته بحماة فَكتبت عَنهُ من نظمه أَشْيَاء مِنْهَا:
(رب شرِيف سَأَلت مِنْهُ ... مَا الَّذِي فِي صفاء خدك)
(فَقَالَ خَال فَقلت عمك ... بالْحسنِ يَا بني وَحقّ جدك)
عمر بن أَحْمد بن عَليّ السراج الْمحلي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَالِد عبد النَّاصِر الْمَاضِي وَيعرف فِي بَلَده بِابْن الدبيب بِمُهْملَة ثمَّ موحدتين بَينهمَا تَحْتَانِيَّة مصغر وَفِي الْقَاهِرَة بالمحلي. قدم الْقَاهِرَة فلازم القاياتي وَشَيخنَا وَآخَرين وتميز(6/69)
وشارك فِي الْفَضَائِل وتكسب فِي الْبَز بتربيعة الجملون وَكَانَ يتَكَلَّم على الْعَامَّة ويبحث فِي الدُّرُوس الحافلة وَرُبمَا أَقرَأ. مَاتَ فِي سنة سبع وَسِتِّينَ تخمينا وَقد قَارب السّبْعين ظنا رَحمَه الله.
عمر بن أَحْمد بن عمر بن نَاصِر بن أَحْمد السراج الصعيدي البلينائي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن)
نَاصِر. ولد بعيد الْأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة ببلينا وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج والجرومية وَعرض على جمَاعَة وجود الْقُرْآن على الْفَقِيه عَليّ بن سمراء وتكسب بالتوقيع لحكام بَلَده وناب فِي الْإِمَامَة بجامعها الْأَوْسَط مُدَّة وَجلسَ شَاهدا فِي بعض حوانيت الْقَاهِرَة وتكرر قدومه لَهَا وَأخذ فِيهَا عَن الْجَوْجَرِيّ فِي الْعَرَبيَّة والفرائض والحساب وَنسخ الْكثير بِخَطِّهِ لنَفسِهِ وَلغيره، وتعانى النّظم وولع بالتاريخ بِحَيْثُ ذيل على الطالع السعيد، وَحج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ ثمَّ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين مَعَ الرجبية ولقيته هُنَاكَ فَكتبت عَنهُ قَوْله:
(طالعت يَوْمًا بديوان الصبابة فِي ... عصر الشَّبَاب فهاجت بِي صباباتي)
(فَقلت للنَّفس فِي لَهو وَفِي لعب ... وَطيب عَيْش بأيام الصِّبَا باتي)
(وَإِن أدرنا هُنَا بَاب الطلا سحرًا ... أَقُول يَا نفس طبتي فِي الهنا باتي)
(وَلَا تأوي خرابات وَلَو عمرت ... فَإِن فعلت فَفِيهَا فِي الخرى باتي)
إِلَى غير هَذَا مِمَّا هُوَ عنوانه.
عمر بن أَحْمد بن عمر بن يُوسُف بن عَليّ النَّجْم بن الشهَاب بن الزين الْحلَبِي الشَّافِعِي الْموقع نزيل الْقَاهِرَة والماضي أَبوهُ والآتي أَخُوهُ الْمُحب مُحَمَّد الأسن وَيعرف بِنَجْم الدّين الْحلَبِي الْموقع. ولد سنة بضع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل يَسِيرا فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَكتب الْمَنْسُوب وَسمع بِقِرَاءَة شَيخنَا على الْبُرْهَان الْحلَبِي فِي مشيخة الْفَخر وبقراءة غَيره غير ذَلِك وَقدم الْقَاهِرَة وَسمع بهَا وَمَعَهُ وَلَده عز الدّين وَهُوَ فِي الْخَامِسَة ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَكتب التوقيع بِبَاب الدوادار الثَّانِي بردبك الأشرفي وَغَيره، وَحمد النَّاس عقله وأدبه وسكونه، مَاتَ بحلب وَكَانَ توجه إِلَيْهَا فِي مَصَالِحه فِي ربيع الأول سنة ثَمَانِينَ رَحمَه الله.
عمر بن أَحْمد بن عمر التقي الزبيدِيّ المنقش الشَّافِعِي الْمَاضِي وَلَده، كَانَ فَقِيها خيرا فَاضلا دينا متواضعا كثير التبسم لين الْجَانِب صَابِرًا، مَاتَ فِي سنة ثَلَاث.
عمر بن أَحْمد بن عمر السراج العمريطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد بدر الدّين مُحَمَّد وَيعرف بالعمريطي، حفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل كثيرا وَحضر دروس الشّرف السُّبْكِيّ والونائي، وَحج فِي سنته وَقَرَأَ على شَيخنَا يَسِيرا فِي آخَرين كالمناوي(6/70)
وَفضل وتكسب بِالْبرِّ فِي حَانُوت بسوق طيلان وقتا ثمَّ بِالشَّهَادَةِ مَعَ المداومة على قِرَاءَة البُخَارِيّ دهرا فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة بِجَامِع)
الغمري. مزِيد حرصه على ذَلِك ومثابرته عَلَيْهِ فِي كل يَوْم مَعَ أَن سكنه بنواحي الْأَزْهَر بِحَيْثُ أَجَاد قِرَاءَته بل أم بِهِ حِين كَانَ سكنه قَرِيبا مِنْهُ يَسِيرا، مَاتَ فِي ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَانِينَ سامحه الله وإيانا.
عمر بن أَحْمد بن الْمُبَارك الزين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي أَخذ مُحَمَّد الْآتِي هُوَ وَولده صَاحب التَّرْجَمَة كَمَال الدّين مُحَمَّد وَيعرف بِابْن الخرزي بِمُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء بعْدهَا زَاي، ولد تَقْرِيبًا قبل الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن على جمَاعَة مِنْهُم الزين عمر الْمُؤَذّن وَكَانَ ابْتَدَأَ حنفيا وَحفظ الْمجمع وأتقن الْفِقْه ثمَّ تحول شافعيا وَحفظ الْمِنْهَاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك والحاجبية وَغَيرهَا وَعرض الْمِنْهَاج على السراج البُلْقِينِيّ وَابْن خطيب المنصورية وَغَيرهمَا وبالناني والْعَلَاء بن المغلي تفقه وَأخذ عَنْهُمَا الْأُصُول وَعَن الثَّانِي أَيْضا والتاج الأصفهيدي العجمي الْحلَبِي أَخذ الْعَرَبيَّة وَأخذ الطِّبّ عَن بلديه الشهَاب بن زيتون قَالَ وَكَانَ عَارِفًا بِهِ، وَسمع على التَّاج بن بردس والزين الزَّرْكَشِيّ وَالشَّمْس بن الْمصْرِيّ وَشَيخنَا فِي آخَرين من هَذِه الطَّبَقَة لعدم اعتنائه بِهَذَا الشَّأْن بل سمع بِالْقَاهِرَةِ ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة، وَولي قَضَاء بَلَده غير مرّة أَولهَا فِي سنة سِتّ عشرَة وَكَذَا ولي قَضَاء حلب على رَأس الْأَرْبَعين ثمَّ صرف عَنهُ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بِالْعَلَاءِ بن خطيب الناصرية وَعَاد إِلَى قَضَائهَا أَيْضا فِي أَوَائِل سنة سبع وَأَرْبَعين فَأَقَامَ يَسِيرا ثمَّ انْفَصل، وحمدت سيرته فِي قَضَائِهِ، وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة أَولهَا فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وأقرأ بهَا الطِّبّ وَغَيره وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من أَصْحَابنَا الشهَاب بن أبي السُّعُود وصهره الشهَاب البيجوري وَكَذَا أَقرَأ بِبَلَدِهِ وَأفْتى، وَحج وَأقَام بِبَلَدِهِ معرضًا عَن الْقَضَاء إِلَى أَن مَاتَ بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَقد لَقيته بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بحماة وكتبت عَنهُ شَيْئا من نظمه وَمن ذَلِك قَوْله فِي الثَّلَاثَة الَّذين تخلفوا وكل وَاحِد مِنْهُم وَافق اسْم أَبِيه اسْم من تخلف عَنهُ:
(كَعْب هِلَال مَعَ مرَارَة خلفوا ... عَن مَالك وَأُميَّة وربيع)
وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها عَالما فِي فنون مُتعَدِّدَة مُتَقَدما فِي الْعَرَبيَّة والطب شَدِيد الْعِنَايَة بِالْمَشْيِ على قانونه وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ مصفرا متعللا أما عمَامَته فأكبر عِمَامَة رَأَيْتهَا وَهِي نازلة على عَيْنَيْهِ وحواجبه وَأمره فِي ذَلِك من أعجب العجاب، وَكَانَ يحْكى أَن ابْتِدَاء توعكه وَضعف دماغه من أَيَّام الْفِتْنَة التمرية فَإِنَّهُم كشفوا رَأسه فأعقبه ذَلِك وَكَذَا كَانَ يحْكى أَنه أول قدماته الْقَاهِرَة كَانَ)
التَّنَازُع حِينَئِذٍ فِي مسئلة شِرَاء(6/71)
السُّلْطَان من وَكيل بَيت المَال بَين شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَاتفقَ حُضُوره عِنْد شَيخنَا فَتكلم مَعَه فِيهِ فوافقه واستحضر لَهُ النَّقْل من كَلَام الأزرعي فِي الْقُوت وَأَنه استكتب حِينَئِذٍ على الْفتيا وَصعد مَعَ شَيخنَا إِلَى السُّلْطَان فَأثْنى عَلَيْهِ عِنْده وَعند غَيره من الْأَعْيَان بِالْعلمِ وَهُوَ ثِقَة فِي جَمِيع مَا يحكيه رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن رضوَان الدِّمَشْقِي الحريري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بالسلاوي لكَون أَبِيه سبط مُحَمَّد بن عمر السلاوي وَصفه البقاعي بخادم ابْن مزهر وَأَنه كَانَ بِالْقَاهِرَةِ قبل الْأَرْبَعين أَو نَحْو ذَلِك وَلم يذكر فِيهِ شَيْئا.
عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد السراج بن الشهَاب بن الشَّمْس ابْن الصَّدْر البلبيسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالبلبيسي. ولد فِي رَابِع عشري رَمَضَان سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَحمل وَهُوَ رَضِيع لمَكَّة وَقَرَأَ بهَا بعض الْقُرْآن ثمَّ أكمله بِالْقَاهِرَةِ عِنْد الشهَاب الطلياوي وَأخذ الْفِقْه عَن الشَّمْس البوصيري والْعَلَاء الْكِنَانِي الشَّافِعِي نزيل الصالحية وَأحد تلامذة السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ والعقليات عَن العلاءين الرُّومِي وَالْبُخَارِيّ والبساطي والهروي، وَأكْثر عَن القاياتي والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَابْن الْهمام وَكَذَا لَازم الشرواني حَتَّى أَخذ عَنهُ الْعَضُد وَغَيره وَشَيخنَا فِي الحَدِيث دراية وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء، بل سمع كَمَا كَانَ يخبر فِي سنة سبع عشرَة على الْكَمَال بن خير كثيرا من الشفا وَكَذَا على الزين المراغي والبوصيري وَأَن الشّرف بن الكويك أجَاز لَهُ، وتفنن وبرع وأقرأ يَسِيرا وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ فِي ابْتِدَائه الْكَمَال أَبُو الْفضل النويري الْمَكِّيّ الْخَطِيب وَشرح الْأَرْبَعين النووية وغالب الْإِرْشَاد فِي الْفِقْه، وَجَمِيع الورقات لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَسَماهُ التحقيقات وَاخْتَصَرَهُ فَسَماهُ التَّنْبِيهَات إِلَى التحقيقات واللمع للشَّيْخ أبي إِسْحَق وَسَماهُ ضوء السراج الْوَهَّاج وَاخْتَصَرَهُ أَيْضا والجمل للخونجي فِي الْمنطق وَسَماهُ تَفْصِيل الْجمل وصون الضوابط على الْخلَل وأسنى الْمَقَاصِد إِلَى علم العقائد وَغير ذَلِك وَحج وجاور وَكَانَ فَاضلا قَاصِر الْعبارَة فِي تصانيفه حاد الْخلق فِي مباحثه بل وَفِي غَيرهَا بِحَيْثُ يصل إِلَى الْحمق والتفخيم، وَكنت مِمَّن سمع كَلَامه عِنْد شَيخنَا وَغَيره لَا سِيمَا بِمَجْلِس الْخَطِيب الْمشَار إِلَيْهِ، ورام التَّزَوُّج بحفيدة شَيخنَا فَمَا تمّ، مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين بإسكندرية وَدفن بتربة بَاب الْبَحْر بعد أَن شهد الصَّلَاة عَلَيْهِ الْأَعْيَان والنائب فَمن دونهم رَحمَه الله وإيانا.)
عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل كنباية وَيعرف بالبطايني. ولد فِي سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وَصَحب الخضيري قبل ترقيه(6/72)
وَدخل مَعَه الْقَاهِرَة ثمَّ دخل كهنباية فِي سنة سبع وَخمسين للتِّجَارَة وامتحن محنا اقْتَضَت لَهُ الدُّخُول فِي الدِّيوَان وَآل أمره إِلَى أَن ولي قَاضِيا على مَذْهَب الشَّافِعِي سوى قاضيهم الْحَنَفِيّ وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَاسْتمرّ إِلَى أَن دخل مَكَّة فِي غرُوب يَوْم الصعُود من سنة سِتّ وَثَمَانِينَ سفيرا من صَاحبهَا بهدية لصَاحب مصر ولقيني هُنَاكَ فَسمع عَليّ أَشْيَاء من تصانيفي وَغَيرهَا، وَأقَام هُنَاكَ سنة ثمَّ دخل الْقَاهِرَة بالهدية الْمشَار إِلَيْهَا وَسمع مني أَيْضا وَأقَام قَلِيلا ثمَّ رَجَعَ بعد أَن كتبت لَهُ إجَازَة تعرضت لشَيْء مِنْهَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَبَالغ فِي الِاغْتِبَاط والارتباط وَأَنه لَوْلَا التَّوَصُّل بصاحبة لمقاصد لَا نحل عَنهُ لعدم تأهله إِلَى غير ذَلِك وبلغنا انحلال صَاحب كنباية بعد رُجُوعه عَنهُ بإغزاء رَفِيقه فِي السفارة الْمشَار إِلَيْهَا ثمَّ تراجع أمره مَعَه وصاهر حَافظ عبيد وَمَشى الْحَال، وَكَانَ قد سمع بِقِرَاءَتِي بِالْقَاهِرَةِ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَخمسين على سارة ابْنة ابْن جمَاعَة بعض المعجم الْكَبِير للطبراني ولقبته هُنَاكَ زين الدّين وَقلت سبط البطايني.
عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن يُوسُف بن عَليّ الْهِنْدِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ. سمع على الشهَاب أَحْمد المرشدي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بعض مَنَاسِك ابْن جمَاعَة، وَمَات بِمَكَّة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ، أرخه ابْن فَهد.
عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد المغربي الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي أَخُو عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَيعرف بالنفطي أحد شُهُود الْحرم وفراشي الْمَسْجِد النَّبَوِيّ بل كَانَ أَمِين الحكم. سمع على الزين المراغي فِي سنة خمس عشرَة ثمَّ قَرَأَ الشفا على طَاهِر ابْن جلال الخجندي فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسمع على الْجمال الكازروني والمحب المطري وَغَيرهمَا واختص بإبراهيم بن الجيعان وقتا وَكَانَ وجيها مرجوعا إِلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ فِي العوايد وَنَحْوهَا لكبر سه ذَا حَظّ متوسط وَفِي أول أمره كَانَ يتَوَجَّه لقبض إقطاع أَمِير الْمَدِينَة سُلَيْمَان بن عرير. مَاتَ فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ بعد أَن كف رَحمَه الله عمر بن أَحْمد بن مَحْمُود الجبرتي الأَصْل نزيل مَكَّة. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن أَحْمد بن يُوسُف العباسي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بالشريف النشابي جَريا على مصطلح تِلْكَ النواحي فِي عدم تَخْصِيص الشّرف ببني فَاطِمَة بل يطلقونه لبني الْعَبَّاس بل وَفِي سَائِر)
بني هَاشم، ولد فِي رَجَب سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة فِي البياضة من محَال حلب وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على الشَّمْس الْغَزِّي وَسمع وَهُوَ ابْن سبع عشرَة سنة البُخَارِيّ بِقِرَاءَة الْبُرْهَان الْحلَبِي بِجَامِع حلب على بعض الشُّيُوخ وَتعلم بحلب صَنْعَة النشاب فبرع فِيهَا، وَتردد إِلَى الشَّام ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فلازم الطنبغا الْمعلم الْمَعْرُوف(6/73)
بمملوك النَّائِب وَكَانَ كل مِنْهُمَا يعرف من صَنْعَة النشاب مَا لَا يعرفهُ الآخر فضم السَّيِّد مَا عِنْد الطنبغا إِلَى مَا عِنْده فَصَارَ أوحد أهل زَمَانه والمرجع إِلَيْهِ فِيهِ عِنْد الْمُلُوك وَمن سواهُم ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق فَتزَوج بهَا واشتغل فِي فقه الْحَنَفِيَّة على الزين الأعزازي ولازم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الْكرْدِي الشَّافِعِي فَانْتَفع بمواعيده وَدينه وخيره ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة فِي نَحْو سنة عشْرين فقطنها ولازم السراج قاري الْهِدَايَة وارتزق من صَنْعَة النشاب وَكَانَ الْمُقدم فِيهَا عِنْد الْمُؤَيد فَمن بعده من مُلُوك مصر إِلَى أثْنَاء أَيَّام الظَّاهِر وَمِمَّنْ زعم أَنه انْتفع بِهِ فِي ذَلِك البقاعي وترجمه وَكتب عَنهُ عجائب وَقَالَ أَنه كَانَ مَعَ ذَلِك خيرا حسن الْعشْرَة سخيا كثير التِّلَاوَة مواظبا على الْعِبَادَة متواضعا، مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء تَاسِع عشر ربيع الأول سنة ثَمَان وَخمسين وَدفن خَارج بَاب النَّصْر رَحمَه الله.
عمر بن أَحْمد التعزي وَيعرف بِابْن الْحداد. كَانَ مِمَّن يتَرَدَّد إِلَى مَكَّة للتِّجَارَة بل قدمهَا مرّة بِتِجَارَة لصَاحب الْيمن النَّاصِر بن الْأَشْرَف وَكَانَ حظي عِنْده ثمَّ تغير عَلَيْهِ وعَلى أَخَوَيْهِ الْعَفِيف عبد الله وَإِبْرَاهِيم وَقدم مَكَّة فِي سنة إِحْدَى عشرَة فقطنها حَتَّى مَاتَ بهَا فِي آخر رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة بعد عِلّة طَوِيلَة. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
عمر بن إِسْحَق بن عمر السراج السمهودي. شَاب اشْتغل بِبَلَدِهِ على الْجمال عبد الله بن أَحْمد بن أبي الْحسن الْمَاضِي، وارتحل مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ عَن االمحلي والبلقيني والبامي وزَكَرِيا والجوجري فِي آخَرين وَيُقَال أَنه اجْتمع بِي وَسمع بِقِرَاءَتِي فِي الكاملية فَينْظر، وَلزِمَ الِاشْتِغَال والتحصيل مَعَ الانجماع وَالصَّبْر على الْفَاقَة وسترها بِحَيْثُ لَا يفْطن لَهُ، وَاسْتمرّ بهَا حَتَّى مَاتَ فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ أَو بعْدهَا، وَله نظم فَمِنْهُ:
(من رام فِي شرع الْهوى يعرف الْهوى ... ويحلو لَهُ وصل الحبيب ويعذب)
(يطالع ديوَان الصبابة أَنه ... وفى بِمَا تهوى النُّفُوس وتطلب)
وَعِنْدِي من نظمه غير هَذَا رَحمَه الله وإيانا عمر بن أصلم، فِي ابْن خَلِيل بن حسن بن يُوسُف.)
عمر بن إيدغمش النصيبي الْحلَبِي وَيعرف بالكبير. ولد سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة بحلب وَكَانَ أَبوهُ من موَالِي الْبَهَاء أبي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النصيبي فَسمع ابْنه هَذَا على مولى أَبِيه الْمَذْكُور وَغَيره الشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي وعَلى الْعِزّ بن إِبْرَاهِيم بن العجمي عشرَة الْحداد وجزء الجابري وَكَانَ خَاتِمَة أَصْحَابه، وَحدث سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة كالبرهان الْحلَبِي والعز الحاضري والشهاب الْحُسَيْنِي وَغَيرهم، وثنا عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم الْبَهَاء بن الْمصْرِيّ والزين بن السفاح، وَكَانَ فراء ثمَّ صَار جنديا(6/74)
ثمَّ عَاد إِلَى صَنْعَة الْفراء. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى بحلب. أرخه ابْن خطيب الناصرية، وَقَالَ شَيخنَا فِي إنبائه فِي تَاسِع عشر الْمحرم قَالَ: وَكَانَ جنديا عَارِفًا بالصيد ثمَّ ترك ذَلِك وَاسْتمرّ فِي صناعَة الْفراء المصص حَتَّى مَاتَ وَأكْثر عَنهُ الحلبيون والرحالة وَكنت عزمت على الرحلة إِلَى حلب لأَجله فبلغني وَفَاته فتأخرت عَنْهَا لِأَنَّهُ كَانَ مسندها ودهم النَّاس اللنك رَحمَه الله.
عمر بن براق الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ. ولد سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: اشْتغل كثيرا وَكَانَ بزِي الْجند سريع الْحِفْظ جيد الْفَهم قَائِما بطريقة ابْن تَيْمِية وَله ملك وإقطاع، لَقيته بالصالحية واستفدت مِنْهُ. مَاتَ بعد الكائنة الْعُظْمَى فِي شَوَّال سنة ثَلَاث بعد أَن أُصِيب فِي مَاله وَأَهله وَولده فَصَبر واحتسب، وَنَحْوه فِي أنبائه، وَذكره المقريزي فِي عقوده رَحمَه الله.
عمر بن أبي بكر بن أَحْمد الْمسلي الْيَمَانِيّ، أحد المعتقدين، سَيَأْتِي فِي عمر الْعَدنِي مِمَّن لم يسم أَبوهُ.
عمر بن أبي بكر بن خَلِيل البلبيسي الأَصْل الشَّافِعِي وَيعرف بالبطايني أحد المعتقدين مِمَّن تَأَخّر إِلَى أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي وَكَانَ لدولات باي أَيَّام الظَّاهِر جقمق فِيهِ حسن اعْتِقَاد.
عمر بن الزكي أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ القباني الْعَطَّار أَخُو إِبْرَاهِيم وَأحمد وَعلي.
مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن أبي بكر بن عَليّ بن عبد الحميد بن عَليّ بن عبد الْمُؤمن السراج الأندلسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن المغربل. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن مَالك وَعرض على جمَاعَة وَسمع الْخَتْم من الصَّحِيح على ابْن أبي الْمجد والتنوخي والعراقي والهيثمي وَمن مُسلم على ابْن الكويك)
والشهاب الْبرمَاوِيّ والسراج قاري الْهِدَايَة من لفظ شَيخنَا ورافق فِي الطّلب القاياتي والطبقة وَكَانَ خيراص مُعْتَقدًا مبجلا. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمسين فِي زاويتهم بقنطرة الموسكي عَن ثَلَاث وَثَمَانِينَ سنة وجده مَذْكُور فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين من أنباء شَيخنَا وَكَذَا فِي الدُّرَر رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن أبي بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو حَفْص النَّاشِرِيّ الشَّافِعِي وَالِد مُصَنف الناشريين الْعَفِيف عُثْمَان. ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ فَاضلا خيرا صَابِرًا حسن السِّيرَة صَالح السريرة كثير التِّلَاوَة والحرص على الْجَمَاعَة وَالذكر للْمَوْت. جلس فِي ابْتِدَائه لتعليم الْأَبْنَاء كتاب الله فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة، وَولي إِمَامَة مَسْجِد الزيات بزبيد وَعقد الْأَنْكِحَة بهَا وَهُوَ مِمَّن حضر مجْلِس وَالِده وَسمع على أَخِيه الشهَاب أَحْمد(6/75)
بل سمع على الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر وَمَات شَهِيدا بالبطن فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَدفن بمقابر أَهله من زبيد وَرَأى لَهُ أَخُوهُ الإِمَام عَليّ مناما حسنا طوله ابْنه عمر بن أبي بكر بن عَليّ الْأنْصَارِيّ الْموصِلِي القادري، مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عمر بن أبي بكر بن عِيسَى بن عبد الحميد بن المغربي الأَصْل البصروي الدِّمَشْقِي، قدمهَا فاشتغل بالفقه والعربية والقراءات وفَاق فِي النَّحْو وشغل النَّاس كل ذَلِك وَهُوَ بزِي أهل الْبر وَكَانَ قانعا باليسير حسن العقيدة مَوْصُوفا بِالْخَيرِ وَالدّين وسلامة الْبَاطِن فَارغًا من الرياسة مَاتَ فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر بن عبد الْوَاحِد بن هبة الله بن طَاهِر بن يُوسُف الزين أَبُو حَفْص بن الشّرف بن التَّاج أبي المكارم بن أبي الْمَعَالِي الْحلَبِي الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن النصيبي، وَكَانَ رَئِيسا من بَيت كَبِير معدودا فِي الْأَعْيَان مَعَ الثروة وَحسن الْخلق والخلق وَالْكِتَابَة الفائقة والمحاضرة الْحَسَنَة، سمع الحَدِيث وَحدث بل ودرس بالسيفية للشَّافِعِيَّة وَولي بِبَلَدِهِ قَضَاء الْعَسْكَر وَكَذَا الْحِسْبَة مرَارًا مسئولا فِي ذَلِك وحمدت مُبَاشَرَته وعفته وحرمته، مَاتَ بعد الْفِتْنَة بأيام فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث عَن خمس وَخمسين شَهِيدا، ذكره ابْن خطيب الناصرية ثمَّ شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار.
عمر الْمَدْعُو عبد السَّلَام بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد أبي بكر بن عَليّ بن)
مُحَمَّد بن أبي بكر شُجَاع الدّين النَّاشِرِيّ الْآتِي أَبوهُ سمع على خَاله القَاضِي الْجمال الطّيب كثيرا وانجمع للتلاوة وملازمة الْجَمَاعَة، وَحج سنة سِتّ وَعشْرين وَله أَوْلَاد.
عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الحبشي الْحلَبِي الْآتِي أَبوهُ، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن حريز بِمُهْملَة ثمَّ رَاء وَآخره زَاي مصغر القَاضِي السراج أَبُو حَفْص بن الْمجد الْحُسَيْنِي المغربي الأَصْل الطهطاوي المنفلوطي الْمصْرِيّ الْمَالِكِي أَخُو الحسام مُحَمَّد الْآتِي مَعَ نسبه وَيعرف بِابْن حريز. ولد فِي سنة تسع عشرَة بمنفلوط وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والرسالة والملحة وجود الْقُرْآن على الشهَاب الطهطاوي وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الزينين عبَادَة وطاهر والشهاب السخاوي وَعَلِيهِ قَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة والفرائض ولازمه وانتفع بِهِ، وَأخذ فِي علم الْكَلَام عَن أبي عبد الله مُحَمَّد البسكري المغربي وَسمع الحَدِيث على النَّجْم بن عبد الْوَارِث فَمن دونه كأحمد بن يُونُس المغربي نزيل الْحَرَمَيْنِ وَأَجَازَ لَهُ الْعلم البُلْقِينِيّ وناب عَنهُ ثمَّ عَن من بعده(6/76)
من الشَّافِعِيَّة وَعَن الْوَلِيّ السنباطي الْمَالِكِي وَحج وتعانى إدارة الدواليب والمعاصر وَنَحْوهَا كأخيه وَصَارَ فِي قَضَاء أَخِيه يكْتب على الْفَتْوَى بِحَيْثُ ذكرت فضيلته واستحضاره للفروع مَعَ مَعْرفَته بالديانة وَالْأَمَانَة والتصلب فِي أَمر دينه ومزيد اليبس وَحسن الْمُعَامَلَة وَصدق اللهجة وَالْوَفَاء بالعهد فَلَمَّا مَاتَ اسْتَقر فِي منصبه وَذَلِكَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين فَشَكَرت سيرته وصمم فِي قضايا وبرز فِي مَوَاطِن جبن فِيهَا غَيره لَكِن بِدُونِ دربة سِيمَا وفكره مشتغل بِمَا الْتَزمهُ من يَد أَخِيه بِحَيْثُ كَانَ سَببا للترسيم عَلَيْهِ، ودام فِي الكدر وَالضَّرَر إِلَى أَن صرف فِي صفر سنة سبع وَسبعين فتزايد كدره وَلم يزل فِي انخفاض ومخاصمات ومنازعات وَنقص معيشة بِحَيْثُ أَنه شافهني قبيل مَوته بِيَسِير بِحَالَة آلمتني. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
عمر بن الرضي أبي بكر بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن سَالم السراج الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن الرضي. أحد مباشري جدة بل هُوَ عينهم وموقع السَّيِّد بَرَكَات، مِمَّن كَانَ كثير الْمُسَامحَة فِي منصبه والمحبة فِي الْإِطْعَام مِمَّن صاهر التقي بن فَهد على ابْنَته أم ريم واستولدها الْجمال مُحَمَّدًا، وَكَانَ قدومه مَكَّة سنة بضع وَأَرْبَعين وَهُوَ من بَيت شهير. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.)
عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الزين الْحلَبِي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي العبيي الصَّواف نزيل مَكَّة ووالد أبي بكر وَيعرف فِي بَلَده بِابْن عُثْمَان. قدم مَكَّة قَرِيبا من سنة ثَمَانِينَ فقطنها مكتسبا من عمل العب على طَريقَة جميلَة فِي الْخَيْر وانتفع وَتردد إِلَيّ وَأَنا بِمَكَّة فِي المجاورتين اللَّتَيْنِ بعد الثَّمَانِينَ بل سمع عَليّ البُخَارِيّ بِقِرَاءَة وَلَده وَغَيره، وَهُوَ إِنْسَان خير نير ضيق الْحَال وَذكر لي أَن وَالِده كَانَ إِمَام الْمصلى بِدِمَشْق عَالما صَالحا من رُفَقَاء الشهَاب بل قَرَأَ وَأَنه كَانَ ينسج الْحَرِير وَعِنْده صناع فَأَشَارَ عَلَيْهِ التقي الحصني بالصوف.
عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي الحريري. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن أبي بكر بن يُوسُف القاهري الوفائي. شيخ صَالح سمع عَليّ فِي سنة خمس وَتِسْعين.
عمر بن أبي بكر الصَّيْدَاوِيُّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن المبيض. شَاب فَاضل دين سَاكن أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ يَسِيرا واشتغل على بعض الْجَمَاعَة وَقَرَأَ عَليّ صَحِيح مُسلم وبحثا شرحي لهداية ابْن الْجَزرِي وَصَحبه مَعَه. عمر بن أبي بكر(6/77)
الْمسلي. فِيمَن جده أَحْمد. عمر بن جَامع، هُوَ ابْن عُثْمَان بن خضر بن جَامع.
عمر بن أبي جَرَادَة، فِي ابْن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز.
عمر بن جريعا. لَهُ ذكر فِي وَلَده يُونُس. عمر بن حَاتِم العجلوني الزَّاهِد الْوَلِيّ لَهُ كَلَام يدْخل فِي منقبته وجلالته مضى فِي أَحْمد بن حُسَيْن بن رسْلَان.
عمر بن حجاج بن يُوسُف الْمَيْمُونِيّ الْحَنَفِيّ. مِمَّن سمع على الولوي السنباطي.
عمر بن حجي بن مُوسَى بن أَحْمد بن سعد النَّجْم أَبُو الْفتُوح بن الْعَلَاء أبي مُحَمَّد السَّعْدِيّ الحسباني الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي ووالد الْبَهَاء مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن حجي. ولد فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق. وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ يَتِيما وأحضره أَخُوهُ فِي الثَّالِثَة على مُحَمَّد بن عبد الله الصفوي جُزْء الْقَزاز وَحفظ الْقُرْآن عِنْد يُوسُف الْأَعْرَج وَصلى بِهِ على الْعَادة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَكَذَا حفظ كتبا مِنْهَا التَّنْبِيه قَرَأَهُ فِي ثَمَانِيَة أشهر وَعرض على جمَاعَة وأسمعه أَخُوهُ من ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَغَيرهمَا من أَصْحَاب الْفَخر وَغَيره واستجاز لَهُ جمَاعَة وَسمع هُوَ بِنَفسِهِ واشتغل على أَخِيه وَابْن الشريشي وَآخَرين، وَدخل مصر سنة تسع وَثَمَانِينَ فَأخذ عَن البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والبدر الزَّرْكَشِيّ والعز بن جمَاعَة وَطَائِفَة ولازم الشّرف الْأَنْطَاكِي فِي الْعَرَبيَّة مُدَّة وَأذن لَهُ ابْن الملقن فِي)
الْإِفْتَاء والتدريس وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين ثمَّ جرت بَينه وَبَين الشهَاب الباعوني فِي سنة أَربع وَتِسْعين أُمُور ثمَّ ولي مشيخة خانكاه عمر شاه وَنزل لَهُ أَخُوهُ عَن إِعَادَة الأمينية ثمَّ ولي قَضَاء حماة مرَّتَيْنِ، وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا سنة اللنك بعد أَن نجا مِنْهُم بحيلة غَرِيبَة وناب فِيهَا عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ، وَكَذَا ولي قَضَاء طرابلس يَسِيرا وَالشَّام مرَارًا أَولهَا فِي ربيع الآخر سنة تسع وَثَمَانمِائَة فَكَانَ مَجْمُوع مُدَّة قَضَائِهِ فِيهَا إِحْدَى عشرَة سنة، ورام الْقَضَاء بالديار المصرية فَمَا تهَيَّأ لكنه ولي سرها وَلم تطل مدَّته فِيهَا بل صرف عَنْهَا صرفا فَاحِشا وَأخرج إِلَى بَلَده مهانا وَكَذَا امتحن قبل ذَلِك مرَارًا، وَحج غير مرّة أَولهَا مَعَ أَخِيه فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وجاور سنة ثَمَانمِائَة وَحدث بِالْقَاهِرَةِ ومصر وَغَيرهمَا وَسمع مِنْهُ الْأَئِمَّة كَابْن مُوسَى المراكشي والأبي والقرافي وَفِي الْأَحْيَاء من يروي عَنهُ، وَكَانَ حَاكما صَارِمًا مقداما رَئِيسا ذَا حُرْمَة ومهابة قَلِيل الاستحضار ذكيا جيد الذِّهْن حسن التَّصَرُّف فصيحا يلقى الدُّرُوس بتأن وتؤدة مَعَ التَّوَاضُع وَحسن الْمُلْتَقى والمباسطة وَكَثْرَة التودد لطلبة الْعلم وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم وللواردين عَلَيْهِ بِدِمَشْق وَلأَهل الْحَرَمَيْنِ غير أَنه كثير التلون(6/78)
سريع الاستحالة حاد الْخلق سريع البادرة كثير الْإِسْرَاف على نَفسه، وَقد ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وإنبائه والمقريزي فِي سلوكه وعقوده وَغَيرهم بِمَا يُرَاجع مِنْهَا وَطول ابْن قَاضِي شُهْبَة تَرْجَمته فِي طبقاته وَأثْنى عَلَيْهِ بِأَحْسَن التَّصَرُّف فِي الْعُلُوم إِلَى الْغَايَة جيد الذِّهْن حاد القريحة طالع شرح الْمَحْصُول للأصفهاني وَكتب مِنْهُ كَمَا ذكره لي أجوبة أسئلة ذكرهَا الأسنوي فِي شَرحه وَلم يتَعَرَّض لأجوبتها كل ذَلِك مَعَ قلَّة استحضاره، وَقَالَ فِي آخرهَا: ومحاسنه جمة ومناقبه كَثِيرَة وَعَلِيهِ مآخذ وَرَحْمَة الله وَاسِعَة وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ ابْن خطيب الناصرية وَغَيره، ودرس بالشاميتين والركنية والظاهرية والغزالية وَكَانَ يتعب فِي دروسه بِحَيْثُ يفضل فِيهَا على أَخِيه لاسترواحه. وَقتل وَهُوَ نَائِم على فرَاشه ببستانه من النيرب خَارج دمشق فِي لَيْلَة الْأَحَد مستهل ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاثِينَ فَلم تعلم زَوجته بِهِ إِلَّا وَهُوَ مُضْطَرب فِي دَمه وَدفن من الْغَد بِجَانِب أَخِيه بالصوفية ورؤيت لَهُ منامات حَسَنَة تشهد لَهَا سَعَة رَحْمَة الله وَكَونه شَهِيدا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وسامحه، وترجمته مُحْتَملَة للبسط.
عمر بن الرِّبَاط حسن بن عَليّ بن أبي بكر البقاعي وَالِد إِبْرَاهِيم صَاحب تِلْكَ الأفاعيل. قَالَ ابْنه أَنه ولد بعد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بقرية خربة روحا من الْبِقَاع العزيزي من عمل)
بعلبك، وَذكر لَهُ تَرْجَمَة طنانة وَأَنه قتل فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَعشْرين هُوَ وَجَمَاعَة من أخوته وَبني عَمه.
عمر بن حسن بن عَليّ بن الشّرف عِيسَى السراج بن الْبَدْر القاهري الحميني سكنا الشَّافِعِي السعودي وَيعرف بِابْن شُهْبَة بِمُعْجَمَة ثمَّ هَاء وموحدة مصغر وَهِي جدة أَبِيه فِيمَا قَالَ لنا، وَأَنه ولد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فَالله أعلم. كَانَ محبا فِي سَماع الحَدِيث أَكثر عَن شَيخنَا وَمن قبله عَن الزين الزَّرْكَشِيّ وَآخَرين، وَأَجَازَهُ أَبوهُ بالباس الْخِرْقَة وَهُوَ قد لبسهَا من الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن خَليفَة بن إِبْرَاهِيم الدسوقي، وَسمع فِي سنة عشْرين على الْكَمَال مُحَمَّد بن الضيا مخلص بن مُحَمَّد الطَّيِّبِيّ وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن إيدمر الْأَبَّار تصنيف شيخهما صَدَقَة العادلي مِنْهَا الطَّرِيق وَحدث بِهِ عَنْهُمَا سَمعه عَلَيْهِ الْكَمَال إِمَام الكاملية وَغَيره وَكَانَ هُوَ ابْن خَالَة الْكَمَال وَمِمَّنْ يكثر التَّرَدُّد إِلَيّ بِحَيْثُ سمع عَليّ القَوْل البديع تصنيفي واتجر بسوق العبي وقتا وَكَانَ شيخ مقَام شرف الدّين بالحسينية كأبيه، مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسبعين رَحمَه الله.
عمر بن حسن بن عَليّ السراج النطوبسي ثمَّ الدمياطي القاهري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي وَيعرف بعمر الدمياطي حفظ الْقُرْآن واشتغل بالفقه وأصوله والعربية(6/79)
والفرائض وَغَيرهَا، وَمن شُيُوخه الونائي وَابْن حسان والبوتيجي والشريف النسابة والمناوي وَكَذَا أَخذ عَن الحناوي وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ ثمَّ إِمَام الكاملية وَغَيرهم وَسمع على شَيخنَا وَآخَرين وَفضل وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا وَقَرَأَ الحَدِيث بعدة أَمَاكِن بل خطب بِجَامِع كَمَال من الحسينية وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَكَانَ متوسط الْأَمر فِيهَا وَرُبمَا لين لعدم تَمام يقظته بل الْغَالِب عَلَيْهِ سَلامَة الْفطْرَة وبطء الْفَهم مَعَ التقلل وضيق الْعَيْش وَكَونه من قدماء الطّلبَة، مَاتَ فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَدفن بالخوخة ظَاهر سوق الدريس من نواحي الحسينية وَقد زَاد على السِّتين ظنا رَحمَه اله وإيانا.
عمر بن حسن بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن عمر السراج النَّوَوِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي ولد تَقْرِيبًا بعيد الْعشْرين بنوى من القليوبية وَحفظ بهَا الْقُرْآن والعمدة ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَنزل عِنْد أبي البركات الغراقي لكَونه كَانَ زوجا لقريبة لَهُ بتربة الْأَشْرَف برسباي فأتقن عِنْده حفظ الْعُمْدَة ثمَّ حفظ الْمِنْهَاج الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو وَعرض على شَيخنَا)
والمحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ وَابْن الديري وَغَيرهم وزوجه أَبُو البركات ابْنَته ولازمه فِي الْفِقْه والفرائض والحساب والعربية والبوتيجي فِي الْفَرَائِض والحساب وَعُثْمَان المقسي فِي الْفِقْه وأصوله، وَكَذَا مَعَ الْعَرَبيَّة الْجَوْجَرِيّ وَأَبا السعادات فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا بل سمع عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَمُسلمًا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وزَكَرِيا فِي الْفِقْه وَمِمَّا أَخذه عَن ثَانِيهمَا شَرحه لروض وَحضر تَقْسِيم التَّنْبِيه عِنْد الْمَنَاوِيّ وَالْكثير من شرح الْمِنْهَاج عِنْد مُصَنفه الْمحلي وَأكْثر من مُلَازمَة الْجلَال الْبكْرِيّ فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَأخذ عَن كريم الدّين العقبي فِي النَّحْو وَالصرْف والمنطق، وَسمع على شَيخنَا فِي سنة إِحْدَى وَخمسين فِي المحمليات وأسمع مَعَه ولدا لَهُ كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَيْضا وتكسب بِالشَّهَادَةِ على خير واستقامة مَعَ بعض جِهَات الصَّحرَاء وَغَيرهَا ثمَّ ولاه زَكَرِيَّا الْقَضَاء، وَحج فِي أثْنَاء ذَلِك قَارنا فاستأنست بِرُؤْيَتِهِ.
عمر بن حسن بن مُحَمَّد بن قَاسم بن عَليّ بن أَحْمد السراج بن الخواجا الْبَدْر لمعروف بالطاهر الْمَاضِي أَبوهُ وشقيقه عبد الرَّحْمَن. تقدم فِي التِّجَارَة وَكَانَ أجل إخْوَته وسافر لبلاد الْهِنْد. مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بجدة بعد سُقُوطه من إصقالة وتعطله بِسَبَب كسر رجله قَلِيلا وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بهَا وفجع بِهِ أَخُوهُ أرخه ابْن فَهد.
عمر بن حسن الْحَمَوِيّ شرِيف يَتِيم فِي كَفَالَة ابْن الحوراني التَّاجِر. سمع مني مَعَهم بعض الصَّحِيح وَغَيره.
عمر بن أبي الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الملقن. فِي ابْن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد.(6/80)
عمر بن الْحُسَيْن بن بوبان بموحدتين أولاهما مَضْمُومَة وَآخره نون الْغَزِّي الْحَنَفِيّ. ولي قَضَاء بَلَده فِي سنة ثَمَان وَخمسين بعد صرف ابْن عمر فدام دون سنة ثمَّ أُعِيد وَكَذَا وليه مرّة أُخْرَى، وَمن شُيُوخه نَاصِر الدّين الإياسي. وَهُوَ فِي سنة تسعين حَيّ جَازَ السِّتين.
عمر بن حُسَيْن بن حسام الدّين النَّجْم بن القَاضِي جمال الدّين السَّعْدِيّ نِسْبَة لسعد بن أبي وَقاص الحصني الشَّافِعِي عَم الْعَلَاء عَليّ بن الْبَدْر مُحَمَّد بن حُسَيْن الْمَاضِي. قدم الْقَاهِرَة فَقَرَأَ على شَيخنَا فِي البُخَارِيّ وَكَانَ غَايَة فِي الْكَرم مَعَ فَضِيلَة وديانة. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بالطاعون رَحمَه الله.
عمر بن حُسَيْن بن حسن بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن خَلِيل بن الْحسن السراج أَبُو حَفْص بن الْبَدْر الْعَبَّادِيّ ثمَّ الطنتدائي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. وَرَأَيْت من حذف أَحْمد)
من نسبه وَأَن عَليّ بن عبد الدَّائِم بن مُحَمَّد وَالْأول أثبت وَيعرف بالعبادي. ولد تَقْرِيبًا كَمَا كتبه بِخَطِّهِ فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بمنية عباد من الغربية. ثمَّ تحول مِنْهَا وَهُوَ مُمَيّز إِلَى طنتدا فأكمل بهَا فحفظ بهَا حفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ ثمَّ حفظ الْعُمْدَة وَقدم الْقَاهِرَة مرَّتَيْنِ وقطنها فِي الثَّانِيَة من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع عشرَة وَحفظ بهَا سوى مَا تقدم ألفية الحَدِيث والمنهاج الفرعي والأصلي وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو والتسهيل ولامية الْأَفْعَال ثلاثتها لِابْنِ مَالك وَعرض على من دب ودرج وَعرف بِقُوَّة الحافظة ومزيد الفطنة فَأقبل على الِاشْتِغَال وتفقه بِغَيْر وَاحِد فَأخذ الْفِقْه عَن الشَّمْس بن البصار الْمَقْدِسِي نزيل القطبية أَخذ عَنهُ الْحَاوِي لمزيد خبرته بِهِ وتعليقه لنكت عَلَيْهِ فِي مجلدين وبالشمس الْبرمَاوِيّ واشتدت ملازمته لَهُ وترافق مَعَ الْمَنَاوِيّ فِي تَقْسِيم مُخْتَصر الْمُزنِيّ عَلَيْهِ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبوصيري فِي آخَرين مِنْهُم الْبُرْهَان البيجوري وَكَانَ قد عرضه عَلَيْهِ جَمِيع الْمِنْهَاج من حفظه وقريبه والشهاب السخاوي والنور بن الشلقامي وَابْن لولو وَالْجمال السمنودي أَخذ عَنهُ تَقْسِيم التَّنْبِيه وَكَذَا قَرَأَهُ بِتَمَامِهِ على التلواني التماسا لمعروفه وَحضر عِنْد الزين القمني درسا وَاحِدًا وَعند الْعَلَاء بن المغلي الْحَنْبَلِيّ كثيرا وَبحث مَعَه والتقي الفاسي الْمَالِكِي حِين قدومه الْقَاهِرَة بالقراسنقرية واستفاد مِنْهُ وجود الْقُرْآن بل تلاه لأبي عَمْرو وَابْن كثير على الشَّمْس الشراريبي، وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والواسطي والكمال بن خير وَالشَّمْس الغراقي وَهُوَ أول حَدِيث سمع عَلَيْهِ الحَدِيث بل الْعلم والبدر حُسَيْن البوصيري وَالْمجد الْبرمَاوِيّ والعز بن جمَاعَة فِي آخَرين مِنْهُم الْجمال(6/81)
الكازروني الْمدنِي وشافهه بِالْإِجَازَةِ والشرف بن الكويك، وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَغَيره باستدعاء أبي البركات الغراقي، وَصَحب إِبْرَاهِيم الأدكاوي وَأخذ عَنهُ طَرِيق الْقَوْم وَنقل لي كثيرا من كراماته وأحواله وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الشهَاب الصنهاجي والشمسين الشطنوفي والعجمي ثمَّ عَن الْبُرْهَان بن حجاج الأبناسي قَرَأَ عَلَيْهِ الألفية وَابْن الْهمام وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرحها لِابْنِ أم قَاسم وأصول الْفِقْه عَن أبي عبد الله وَأبي الْقسم المغربيين وعَلى ثَانِيهمَا قَرَأَ الْمنطق وَكَذَا أَخذه مَعَ غَيره من الْفُنُون عَن الْفَتْح الباهي الْحَنْبَلِيّ وَعلم الْكَلَام عَن بعض عُلَمَاء الْعَجم قَرَأَ عَلَيْهِ فِي شُرُوح العقائد والمقاصد والمواقف والمعاني وَالْبَيَان عَن الْبِسَاطِيّ مَعَ جَمِيع الجاربردي بل وَحضر فِي كثير من الْفُنُون لَكِن يَسِيرا عِنْد الْعِزّ بن جمَاعَة والفرائض والميقات وَالْعرُوض عَن الشَّمْس الغراقي ولازم ابْن المجدي حَتَّى أَخذ عَنهُ رِسَالَة فِي الجيب)
وقلم الْغُبَار بل وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي الحوفى أَيْضا وَكتب الْيَسِير على الشَّمْس الطنتدائي نزيل البيبرسية وَأذن لَهُ غير وَاحِد فِي التدريس وَبَعْضهمْ فِي الْإِفْتَاء أَيْضا، وتصدى للتدريس قَدِيما قي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، وَكَانَ أحد شُيُوخه الأبناسي يُرْسل إِلَيْهِ الشهَاب المصطيهي وَغَيره للْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَكتب على الْفتيا فِي سنة ثَمَان وَعشْرين، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة خمس وَعشْرين وزار حراء وَأول مَا تنبه عمل فَقِيه ابْن ططر حَتَّى مَاتَ ثمَّ أَقرَأ ابْن الْأَشْرَف الملقب بعد بالعزيز وارتفق بذلك كُله وَولي إِمَامَة الجمالية فِي سنة سِتّ وَعشْرين ومشيخة التصوف بالباسطية بعد الشهَاب الْأَذْرَعِيّ والأحباس بعد ابْن الْعَيْنِيّ وتدريس الْفِقْه بالبرقوقية بعد الْمحلى وبالقراسنقرية بعد ابْن مَسْعُود ومشيخة سعيد السُّعَدَاء بعد التقي القلقشندي ورسم لَهُ يَوْمئِذٍ بلبلس خلعة ضمور فِي ختم البُخَارِيّ بعد انْقِطَاعه كَانَ عَن الْحُضُور بِسَبَب إهمالها، ورام الْخلَافَة عَن شَيخنَا فِي الْقَضَاء حِين السّفر لآمد فَمَا أمكن كَمَا أَنه لم يُمكنهُ الِاسْتِقْلَال بِهِ مَعَ تلفته إِلَيْهِ وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء طبقَة بعد طبقَة واشتهر اسْمه وَبعد صيته وَتقدم غير وَاحِد من طلبته وَصَارَ شيخ الشَّافِعِيَّة بِدُونِ مدافع عَلَيْهِ مدَار الْفتيا وَإِلَيْهِ النِّهَايَة فِي حفظ الْمَذْهَب وسرده خُصُوصا الْكتب المتداولة بِحَيْثُ يكْتب على أَكثر الفتاوي بديهة بِدُونِ مُرَاجعَة وَعبارَته فِيهَا جَيِّدَة بل وَله نثر حسن وَرُبمَا نظم مَا يكون فِيهِ المقبول، هَذَا مَعَ تقلله من المطالعة وركونه إِلَى الرَّاحَة كَثْرَة حركته بِالْمَشْيِ وَنَحْوه مِمَّا يكون فِي الْغَالِب سَببا لتوقف الحافظة بل والفاهمة أَيْضا ويستحضر مَعَ ذَلِك أَيْضا جملَة صَالِحَة من الحكايات وَالرَّقَائِق والأشعار والنكت وأخبار الصَّالِحين ويشارك فِي غَيرهَا من الْفُنُون مَعَ مزِيد(6/82)
صفائه وتواضعه وَعدم تأنقه فِي مأكله وملبسه وغالب شئونه وهمته مَعَ من يَقْصِدهُ وجلادته فِي إيصاله لغرضه بِحَيْثُ تسارع أهل الظنون فِي جر نفع إِلَيْهِ واحتماله لكثير مِمَّن يجافيه وإعراضه عَمَّن يُؤْذِيه وَلَا ينصفه مَعَ كثرتهم وَكَون فيهم من هُوَ فِي عداد طبقته ورغبته فِي المنسوبين إِلَى الصّلاح وَحسن اعْتِقَاده لَهُم وتبجيلهم حَسْبَمَا كَانَ يحكيه لي وَقد بشره فِي صغره غير وَاحِد مِنْهُم بِخَير كَبِير وَكَثْرَة موافاته فِي الْجَنَائِز وَغَيرهَا ومحاسنه كَثِيرَة، وَتوسع فِي الْإِذْن لكثيرين بالإفتاء والتدريس ونال مِنْهُ البقاعي بِسَبَب فتياه فِي كائنة الْكَنِيسَة مَا كَانَ سَببا للمزيد من حط مِقْدَاره وَكنت مِمَّن صَحبه قَدِيما وقرض لي عدَّة من تصانيفي فأبلغ كَمَا أثْبته مَعَ غير ذَلِك فِي مَوضِع آخر وَحَضَرت بعض دروسه وَكَذَا حضر معي فِي عدَّة ختوم بل حضر مَعَ أخي. مَاتَ فِي ربيع)
الأول سنة خمس وَثَمَانِينَ بعد تعلله مُدَّة وَظهر عَلَيْهِ النَّقْص فِي حركته وَلزِمَ الْفراش مِنْهَا أَكثر من شهر وَصلى عَلَيْهِ بِبَاب النَّصْر فِي مشْهد حافل جدا ثمَّ دفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَشهد دَفنه خلق وَبكى النَّاس عَلَيْهِ كثيرا وَذكروا فضائله ومحاسنه ورثاه غير وَاحِد رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة السراج الْقرشِي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة. ولد سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة والكمال بن حبيب وَالْجمال بن عبد الْمُعْطِي وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن الهبل والعماد بن كثير وَالصَّلَاح العلائي والأسنائي والأذرعي وَجَمَاعَة وَقَرَأَ فِي الرسَالَة الفرعية فَلم ينجب، وَدخل الديار المصرية والشامية للاسترزاق غير مرّة، وَكَذَا دخل الْيمن ثمَّ انْقَطع بِمَكَّة بعد مَا حسن حَاله فِي أَمر دُنْيَاهُ حَتَّى مَاتَ بهَا فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَعشْرين. ذكره الفاسي فِي مَكَّة والتقي بن فَهد فِي مُعْجَمه.
عمر بن حُسَيْن بن عَليّ بن شرف بن خطاب بن سعيد السراج الزفتاوي ثمَّ القاهري أَبُو أَحْمد وَعبد الْقَادِر وَعلي الماضيين وَيعرف بالتلياني. كَانَ خيرا مُعْتَقدًا مِمَّن أَخذ عَن الزَّاهِد وَأوصى إِلَيْهِ صم صحب أَصْحَابه كَابْن بكتمر والغمري ومدين فِي آخَرين وقطن الْقَاهِرَة وتعانى الدولاب فِي القماش الْأَزْرَق واشتهر بالملاءة مَعَ الْمُوَاظبَة على الْجَمَاعَات وَالْإِطْعَام والانجماع وسلامة الْفطْرَة. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وَقد زاحم فِيمَا قيل الْمِائَة بعد أَن تضعضع حَاله وكف رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن حُسَيْن الشجاع الدمرداشي أَمِير زبيد. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين.(6/83)
عمر بن خلف بن حسن بن عَليّ أَو عبد الله على مَا وَقع فِي تَارِيخ شَيخنَا وَالْأول أصوب السراج بن الزين الأبشيطي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بالطوخي.
ولد تَقْرِيبًا سنة تسعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ وَأخذ عَن الشموس البوصيري والبرماوي والطنتدائي نزيل البيبرسية وَغَيرهم وبرع فِي الْمِيقَات وَغَيره وَسمع على الْوَالِي الْعِرَاقِيّ وَأثبت اسْمه بِخَطِّهِ فِي أَمَالِيهِ والنور الْمحلي سبط الزبير والزين القمني وَابْن الْجَزرِي والنور الفوي فِي آخَرين وَلست أستبعد سَمَاعه عَن من قبلهم، وَحج مرَارًا وسلك كوالده طرق الصّلاح والزهد والورع وارتقى فِي ذَلِك كُله وتخلى عَن الْوَظَائِف بل الْأَوْقَاف الَّتِي من جِهَة وَالِده فَإِنَّهُ هُوَ وَأُخْته يستبدلانها شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى فنيت عَن آخرهَا،)
وتجرد مَعَ شدَّة رغبته فِي إِيصَال الْبر لكثير من الأرامل والمنقطعات وحرصه على صلَة الرَّحِم بالزيارة والتفقد وَغَيرهمَا واعتنائه بمطالعة كتب الحَدِيث واقتفاء السّنة وَالِاجْتِهَاد فِي الصّيام وَالْقِيَام والتلاوة والمرافقة ومزيد الذّكر وَحُضُور مجَالِس الْوَعْظ والْحَدِيث خُصُوصا مجْلِس شَيخنَا وَكَانَ كل مِنْهُمَا يبجل الآخر ورأيته مرّة اسْتعَار مِنْهُ مسودة الْأَوَائِل لَهُ وَكَذَا كَانَ يحضر عِنْد الزين البوتيجي والمناوي أَحْيَانًا ولكثرة مطالعته وسماعه صَار يستحضر جملَة من الْمُتُون وغرر الْأَخْبَار وَقصد للتبرك وَالدُّعَاء، وَحدث باليسير قَرَأَ عَلَيْهِ التقي القلقشندي حَدِيثا لأبي عُبَيْدَة من مُعْجم ابْن قَانِع أودعهُ فِي متبايناته اقتفاء لشَيْخِنَا الزين رضوَان حَيْثُ أسمع عَلَيْهِ وَلَده الحَدِيث الْمشَار إِلَيْهِ وخرجه فِي متبايناته أَيْضا وَكَذَا كتبته عَنهُ مَعَ بعض الْأَحَادِيث بل سمع بِقِرَاءَتِي على شَيخنَا وانتفعت بِرُؤْيَتِهِ ودعواته وَكَانَ يكثر زيارتنا كل قَلِيل لمزيد اخْتِصَاصه بالوالد بل وَالْجد وَالْعم وَهُوَ عَم وَالِد ابْنة خَالَتِي وَلم يزل على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ فِي مستهل ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَدفن بتربة سعيد السُّعَدَاء وَجوَار قبر أَبِيه وأقاربه رَحمَه الله وإيانا. وَفِي سنة سِتّ عشرَة من أنباء شَيخنَا عمر بن خلف الطوخي سقط من سطح جَامع الْحَاكِم فَمَاتَ، وَهُوَ وهم فَالَّذِي سقط هُوَ مُحَمَّد أَخُوهُ كَمَا سَيَأْتِي.
عمر بن خَلِيل بن حسن بن يُوسُف الرُّكْن بن الْغَرْس الْكرْدِي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط الشهابي أصلم صَاحب الْجَامِع الشهير بسوق الْغنم لِأَن أمه وَهِي ألف ابْنة الشهَاب أَحْمد الفارقابي أمهَا فَرح خاتون ابْنة أصلم فَلِذَا يُقَال لَهُ ابْن أصلم وَيُقَال لَهُ أَيْضا ربيب الْجلَال البُلْقِينِيّ لكَونه كَانَ زوجا لأمه الْمَذْكُورَة تزَوجهَا بعد وَالِده المتزوج بهَا بعد أَخِيه الْبَدْر بن السراج وحظيت عِنْد الْجلَال(6/84)
وَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن المشطوب لشطب كَانَ بِوَجْه وَالِده. ولد فِي سنة ثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد النُّور المنوفي والعمدة وعرضها على الْبُرْهَان بن زقاعة وَآخَرين مِنْهُم زوج أمه الْجلَال ويسيرا من التَّنْبِيه وَكَثُرت خلطته لَهُ فحفظ عَنهُ أَشْيَاء من نظم وَغَيره وسافر مَعَه إِلَى الشَّام الْمرة الأولى وَسمع عَلَيْهِ وَكَذَا على الشّرف بن الكويك وَالْجمال بن الشرائحي وَغَيرهم، وَحج صُحْبَة أمه فِي سنة عشْرين وصاهر الْعلم البُلْقِينِيّ على أكبر بَنَاته وَأقَام مَعهَا دهرا وَولي نظر جَامع أصلم والتحدث على أوقاف طرنطاي الحسامي وَبنى دَارا بِالْقربِ من مدرسة الولوي البُلْقِينِيّ وَحدث باليسير أَخذ عَنهُ الطّلبَة وَكنت مِمَّن أَخذ عَنهُ قَدِيما جُزْءا، وَكَانَ كثير الْحَرَكَة وَالْكَلَام قَائِما بعياله وَأَوْلَاده مُرَتبا)
لكل مِنْهُم عَلَيْهِ راتبا يوميا، وَقد كبر وهش وَلزِمَ بَيته مديما للتلاوة حَتَّى مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع الْحَاكِم فِي مشْهد لَا بَأْس بِهِ ثمَّ دفن بجامعهم فِي سوق الْغنم رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن دَاوُد بن أَحْمد الشَّامي. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن دولات باي المؤيدي. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَكَانَ مُسْرِفًا على نَفسه غير متستر أتلف شَيْئا كثيرا وَكَاد أَن يفْتَقر فعوجل عَفا الله عَنهُ.
عمر بن رسْلَان بن نصير بن صلح بن شهَاب بن عبد الْخَالِق بن عبد الْحق السراج أَبُو حَفْص الْكِنَانِي البُلْقِينِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي عشر شعْبَان سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة ببلقينة من الغربية وَأول من قطنها من آبَائِهِ صلح وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَهُوَ ابْن سبع والشاطبية وَالْمُحَرر والكافية وَالشَّافِعِيَّة فِي النَّحْو لِابْنِ مَالك والمختصر الْأَصْلِيّ، وأقدمه أَبوهُ الْقَاهِرَة وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة فَعرض محافيظه على جمَاعَة كالتقي السُّبْكِيّ والجلال الْقزْوِينِي وبهرهم بذكائه وَكَثْرَة محفوظه وَسُرْعَة فهمه ثمَّ رَجَعَ بِهِ ثمَّ عَاد مَعَه سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَقد ناهز الِاحْتِلَام فاستوطن الْقَاهِرَة وَحضر الدُّرُوس، وَمن شُيُوخه فِي الْفِقْه التقي السُّبْكِيّ وَلَكِن جلّ انتفاعه فِيهِ إِنَّمَا هُوَ بالشمسين ابْن عَدْلَانِ وَابْن القماح والنجم ابْن الأسواني والزين الْكِنَانِي والعز بن جمَاعَة وَفِي الْأُصُول الشَّمْس الْأَصْبَهَانِيّ صَاحب التَّفْسِير وَعنهُ أَخذ كثيرا من العقليات وَفِي الْعَرَبيَّة وَالصرْف وَالْأَدب الْأُسْتَاذ أَبُو حَيَّان ولازم الْبَهَاء بن عقيل وانتفع بِهِ كثيرا وَتزَوج ابْنَته وَسمع الحَدِيث على ابْن القماح وَابْن غالي والشهاب بن كشتغدي وَأبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وَالْحسن بن السديد وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم التفليسي وَعبد الرَّحِيم بن شَاهد الْجَيْش وَالْحسن بن السديد وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم التفليسي وَعبد الرَّحِيم بن شَاهد الْجَيْش والميدومي وَأبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم القطبي وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر الْحلَبِي(6/85)
خَاتِمَة أَصْحَاب الْكَمَال الضَّرِير وَآخَرين كالجمال أبي إِسْحَق التزمنتي وَأبي الْحرم القلانسي، وَأَجَازَ لَهُ الحافظان الْمزي والذهبي والشهاب أَحْمد بن عَليّ بن الْجَزرِي وَابْن نباتة وَخلق، وَخرج لَهُ شَيخنَا أَرْبَعِينَ حَدِيثا شطرها عَن شُيُوخ السماع وباقيها بِالْإِجَازَةِ وَكَذَا خرج لَهُ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ جُزْءا من حَدِيثه. وَحج مَعَ وَالِده سنة أَرْبَعِينَ ثمَّ بمفرده بعْدهَا وزار بَيت الْمُقَدّس وَاجْتمعَ بالعلائي وعظمه وَسكن الكاملية مُدَّة وَكَانَ يَحْكِي أَنه أول مَا دَخلهَا طلب من)
ناظرها بَيْتا فَامْتنعَ وَاتفقَ مَجِيء شَاعِر بقصيدة امتدحه بهَا وأنشده إِيَّاهَا بِحَضْرَتِهِ فَقَالَ لَهُ: قد حَفظتهَا فَقَالَ لَهُ النَّاظر: إِن كَانَ كَذَلِك أَعطيتك بَيْتا قَالَ: فأوردتها لَهُ سردا فَأَعْطَانِي بَيْتا، وَأذن لَهُ الْأَئِمَّة بالإفتاء والتدريس وعظمه أجلاء شُيُوخه كَأبي حَيَّان والأصبهاني جدا وناب فِي الحكم عَن صهره ابْن عقيل، وَبَلغنِي أَنه جلس بالجورة بعده وَاسْتقر فِي تدريس الخشابية بِجَامِع عَمْرو، وَكَذَا درس بالبديرية والحجازية والخروبية البدرية والملكية وَالتَّفْسِير بِجَامِع طولون وبالبرقوقية. وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل رَفِيقًا للبهاء السُّبْكِيّ ثمَّ قَضَاء الشَّام فِي سنة تسع وَسِتِّينَ عوضا عَن التَّاج السُّبْكِيّ فباشره دون السّنة وَجَرت لَهُ مَعَه أُمُور مَشْهُورَة وتعصبوا عَلَيْهِ مَعَ قَول الْعِمَاد بن كثير لَهُ حِينَئِذٍ أذكرتنا سمت ابْن تَيْمِية وَنَحْوه قَول ابْن شيخ الْجَبَل مَا رَأَيْت بعد ابْن تَيْمِية أحفظ مِنْك. وَدخل حلب فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين صُحْبَة الظَّاهِر برقوق وَمرَّة أُخْرَى بعْدهَا واشتغل بهَا وَعين لفضاء مصر غير مرّة وَلكنه لم يتم مَعَ ارتقائه لأعظم مِنْهُ حَتَّى صَار يجلس فَوق كبار الْقُضَاة بل ولي ابْنه فِي حَيَاته وشاع ذكره فِي الممالك قَدِيما وحديثا وعظمه الأكابر فَمن دونهم، وَمِمَّا كتبه لَهُ أَبُو حَيَّان أَنه صَار إِمَامًا ينْتَفع بِهِ فِي الْفَنّ الْعَرَبِيّ مَعَ مَا منحه الله من علمه بالشريعة المحمدية بِحَيْثُ نَالَ من الْفِقْه وأصوله الرُّتْبَة الْعليا وتأهل للتدريس وَالْقَضَاء والفتيا وَقَالَ صهره ابْن عقيل: هُوَ أَحَق النَّاس بالفتيا فِي زَمَانه وَقَالَ الشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن العثماني قَاضِي صفد فِي طبقاته: هُوَ شيخ الْوَقْت وإمامه وحجته انْتَهَت إِلَيْهِ مشيخة الْفِقْه فِي وقته وَعلمه كالبحر الزاخر وَلسَانه أفحم الْأَوَائِل والأواخر. وَقَالَ ابْن الحجي: كَانَ أحفظ النَّاس لمَذْهَب الشَّافِعِي واشتهر بذلك وطبقة شُيُوخه موجودون قدم علينا دمشق قَاضِيا وَهُوَ كهل فبهر بحفظه وَحسن عِبَارَته وجودة مَعْرفَته وخضع لَهُ الشُّيُوخ فِي ذَلِك الْوَقْت واعترفوا بفضله ثمَّ رَجَعَ وتصدى للفتيا فَكَانَ معول النَّاس عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَكَثُرت طلبته فنفعوا وأفتوا ودرسوا وصاروا شُيُوخ بِلَادهمْ وَهُوَ حَيّ قَالَ: وَله اختيارات فِي بَعْضهَا نظر كثير وَله نظم وسط وتصانيف كَثِيرَة لم تتمّ(6/86)
يَبْتَدِئ كتابا فيصنف مِنْهُ قِطْعَة ثمَّ يتْركهُ وقلمه لَا يشبه لِسَانه، وَقَالَ الْأَذْرَعِيّ:)
لم أر أحفظ لنصوص الشَّافِعِي مِنْهُ بل قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي: رَأَيْته رجلا فريد دهره لم تَرَ عَيْنَايَ أحفظ للفقه وَأَحَادِيث الْأَحْكَام مِنْهُ وَقد حضرت دروسه مرَارًا وَهُوَ يقرئ فِي مُخْتَصر مُسلم للقرطبي يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِ شخص مالكي ويحضر عِنْده فُقَهَاء الْمذَاهب الْأَرْبَعَة فيتكلم على الحَدِيث الْوَاحِد من بكرَة إِلَى قريب الظّهْر وَرُبمَا أذن الظّهْر وَهُوَ لم يفرغ من الحَدِيث قَالَ: وَلم أر أحدا من الْعلمَاء الَّذين أدركتهم بِجَمِيعِ الْبِلَاد وَاجْتمعت بهم إِلَّا وهم يعترفون بفضله وَكَثْرَة استحضاره وَأَنه طبقَة وَحده فَوق جَمِيع الْمَوْجُودين حَتَّى أَن بعض النَّاس يقدمهُ على بعض الْمُتَقَدِّمين، وَنَحْوه قَول شَيخنَا فِي مشيخة الْبُرْهَان أَنه اسْتمرّ مُقبلا على الِاشْتِغَال متفرغا للتدريس وَالْفَتْوَى إِلَى أَن عمر وَتفرد وَلم يبْق من يزاحمه وَكَانَ كل من اجْتمع بِهِ يخضع لَهُ لِكَثْرَة استحضاره حَتَّى يكَاد يقطع بِأَنَّهُ يحفظ الْفِقْه سردا من أول الْأَبْوَاب إِلَى آخرهَا لَا يخفى عَلَيْهِ مِنْهُ كَبِير أَمر وَكَانَ مَعَ ذَلِك لَا يحب أَن يدرس إِلَّا بعد المطالعة، وَقَالَ فِي مُعْجَمه: وَذكر لي وَلَده الْجلَال أَنه كَانَ يلقى الْحَاوِي دروسا فِي أَيَّام يسيرَة من أغربها أَنه أَلْقَاهُ فِي ثَمَانِيَة أَيَّام، وَذكر لي الْبُرْهَان أَن الشَّيْخ قَالَ لَهُ أَنه كَانَ يحفظ من الْمُحَرر صفحة من وَقت ابْتِدَاء فلَان الْأَعْمَى صَلَاة الْعَصْر إِلَى انتهائه قَالَ: وَلم يكن يطول فِي صلَاته وَأَنه كَانَ يسْرد مُنَاسبَة أَبْوَاب الْفِقْه فِي نَحْو كراسة ويطرز ذَلِك بفوائد وشواهد بِحَيْثُ يقْضِي سامعه بِأَنَّهُ يستحضر فروع الْمَذْهَب كلهَا، ثمَّ قَالَ شَيخنَا: وَذكر الْكَمَال الدَّمِيرِيّ أَن بعض الْأَوْلِيَاء قَالَ لَهُ أَنه رأى قَائِلا يَقُول أَن الله يبْعَث على رَأس كل مائَة سنة لهَذِهِ الْأمة من يجدد لَهَا دينهَا بدئت بعمر وختمت بعمر، قَالَ شَيخنَا: واشتهر اسْمه فِي الْآفَاق وَبعد صيته إِلَى أَن صَار يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْعلم وَلَا تركن النَّفس إِلَّا إِلَى فتواه وَكَانَ موفقا فِي الْفَتْوَى يجلس لَهَا من بعد صَلَاة الْعَصْر إِلَى الْغُرُوب وَيكْتب عَلَيْهَا من رَأس الْقَلَم غَالِبا وَلَا يأنف إِذا أشكل عَلَيْهِ شَيْء من مُرَاجعَة الْكتب وَلَا من تَأْخِير الْفَتْوَى عِنْده إِلَى أَن يُحَقّق أمرهَا وَكَانَ ينقم عَلَيْهِ تَفْسِير رَأْيه فِي الْفَتْوَى وَمَا كَانَ ذَلِك إِلَّا لسعة دائرته فِي الْعلم وَكَانَ فِيهِ من الْقُوَّة الحافظة وَشدَّة الذكاء مَا لم يُشَاهد فِيهِ مثله، وَفِي شرح ذَلِك طول قَالَ: وَكَانَ وقورا حَلِيمًا مهيبا سريع البادرة سريع الرُّجُوع ذَا همة عالية فِي مساعدة أَصْحَابه)
وَأَتْبَاعه قَالَ: وَكَانَ مَعَ توسعه فِي الْعُلُوم يتعانى النّظم فَيَأْتِي مِنْهُ بِمَا يستحي من نسبته إِلَيْهِ وَرُبمَا لم يقم وَزنه، وَصَارَ يتعانى عمل المواعيد وَيقْرَأ عَلَيْهِ وَيتَكَلَّم فِي التَّفْسِير بِكَلَام فائق وينشد من شعره الْحسن المعني الركيك(6/87)
اللَّفْظ العاري عَن البديع مَا كَانَ الأول أَن يصان الْمجْلس عَنهُ زَاد فِي إنبائه وَيحصل لَهُ فِيهَا خشوع وخضوع، وَقَالَ فِيهِ أَنه أفتى ودرس وَهُوَ شَاب وناظر الأكابر وَظَهَرت فضائله وبهرت فَوَائده وطار فِي الْآفَاق صيته من قبل الطَّاعُون وانتهت إِلَيْهِ الرياسة فِي الْفِقْه والمشاركة فِي غَيره حَتَّى كَانَ لَا يجْتَمع بِهِ أحد من الْعلمَاء إِلَّا ويعترف بفضله ووفور علمه وحدة ذهنه، وَكَانَ مُعظما عِنْد الأكابر عَظِيم السمعة عِنْد الْعَوام إِذا ذكر خضعت لَهُ الرّقاب حَتَّى كَانَ الأسنوي يتوقى الْإِفْتَاء مهابة لَهُ لِكَثْرَة مَا كَانَ ينقب عَلَيْهِ فِي ذَلِك قَالَ: وَكَانَت آلَة الِاجْتِهَاد فِي الشَّيْخ كَامِلَة إِلَّا أَن غَيره فِي معرفَة الحَدِيث أشهر وَفِي تَحْرِير الْأَدِلَّة أمهر وَكَانَ عَظِيم الْمُرُوءَة جميل الْمَوَدَّة كثير الِاحْتِمَال مهيبا مَعَ كَثْرَة المباسطة لأَصْحَابه والشفقة عَلَيْهِم والتنويه بذكرهم، قَالَ: وَلم يكمل من مصنفاته إِلَّا الْقَلِيل لِأَنَّهُ كَانَ يشرع فِي الشَّيْء فلسعة علمه يطول عَلَيْهِ الْأَمر حَتَّى أَنه كتب من شرح البُخَارِيّ على نَحْو عشْرين حَدِيثا مجلدين وعَلى الرَّوْضَة عدَّة مجلدات تعقبات وعلق الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ من خطه فِي حَوَاشِي نُسْخَة من الرَّوْضَة خَاصّا مجلدا ضخما ثمَّ جمعهَا الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ بعد مُدَّة فِي مجلدين وَقد أفرد لَهُ وَلَده الْجلَال تَرْجَمَة سرد فِيهَا من تصانيفه واختياراته جملَة، قلت وَكَذَا فعل وَلَده شَيخنَا الْعلم البُلْقِينِيّ وقرأتها عَلَيْهِ وَلذَا اختصرت تَرْجَمته خُصُوصا وَقد سرد شَيخنَا من تصانيفه فِي مُعْجَمه عدَّة مِمَّا كمل مِنْهَا محَاسِن الْإِصْلَاح. وَقَالَ الصّلاح الأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة: كَانَ أحفظ النَّاس لمَذْهَب الشَّافِعِي لَا سِيمَا لنصوصه مَعَ معرفَة تَامَّة بالتفسير والْحَدِيث والأصلين والعربية مَعَ الذِّهْن السَّلِيم والذكاء الَّذِي على كبر السن لَا يريم يفزع إِلَيْهِ فِي حل المشكلات فيحلها ويقصد لكشف المعضلات فيكشفها وَلَا يملها وَلَوْلَا أَن نوع الْإِنْسَان مجبول على النسْيَان لَكَانَ مَعْدُوما فِيهِ فَلم يكن فِي عصره فِي الْحِفْظ وَقلة النسْيَان من يماثله بل وَلَا يدانيه، ولي قَضَاء دمشق وَهِي إِذْ ذَاك غاصة بالفضلاء فأقروا لَهُ بالتقدم فِي الْعُلُوم وَلم ينازعه وَاحِد مِنْهُم فِي مَنْطُوق وَلَا مَفْهُوم. وَقَالَ التقي الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد:)
كَانَ وَاسع الْمعرفَة بالفقه والْحَدِيث وَغَيرهمَا مَوْصُوفا بِالِاجْتِهَادِ لم يخلف بعده مثله، وَمِمَّنْ تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية وَابْن قَاضِي شُهْبَة والمقريزي وَحكى الْعَلَاء البُخَارِيّ فِيمَا سَمعه مِنْهُ الْعِزّ السنباطي قَالَ: قدم علينا من أَخذ عَن البُلْقِينِيّ فَسَأَلْنَاهُ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ فِي الْفِقْه وَكَذَا فِي الحَدِيث بَحر وَفِي التَّفْسِير أَيْضا على طَريقَة الْبَغَوِيّ وسألناه عَنهُ فِي العقليات فَقَالَ: يقرئ الْبَيْضَاوِيّ للمبتدئ والمتوسط وَلَا يخرج عَن عهدته للمنتهى، وَنَحْوه مَا حَكَاهُ الْبِسَاطِيّ عَن شَيْخه قنبر أَنه قَالَ: مَا جَلَست(6/88)
بِمصْر للإقراء حَتَّى درت على حلق مشايخها كلهم حَتَّى الْخَولَانِيّ يَعْنِي الَّذِي كَانَ نَظِير التلواني فَلم أر فيهم مثل البُلْقِينِيّ فِي الْحِفْظ قَالَ: لكنه لم يكن عِنْده تَحْقِيق، وَهَذَا مَحْمُول على أَنه كَانَ يستروح وَإِلَّا فَهُوَ إِذا توجه للتحقيق كَانَ من أجل الْمُحَقِّقين وَقد بَلغنِي أَن الْعِزّ بن جمَاعَة الْمُتَأَخر التمس مِنْهُ قِرَاءَة الْحَاوِي نظرا وتحقيقا ملاحظا اسْتِعْمَال الْآلَات فَأَقْرَأهُ فِيهِ دروسا ثمَّ طلع لَهُ الشَّيْخ بعْدهَا وعَلى يَدَيْهِ حرارة فَأرَاهُ إِيَّاهَا قَائِلا لَهُ: انْظُر يَا ابْني يَا مُحَمَّد فقد أتعبتني أَو كَمَا قَالَ، وَمِمَّا بَلغنِي من وفور همته قِيَامه هُوَ والأبناسي فِي زَوَال مَا حل بِابْن الملقن من المحنة وَكَذَا فِي كفهما الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ عَن ابْن الملقن كَمَا سأشير لذَلِك فِي تَرْجَمته، وَكَذَا مِمَّا بلغنَا قَول الْبَدْر البشتكي أَن الشَّيْطَان وجد طرقه عَن البُلْقِينِيّ مسدودة فَحسن لَهُ نظم الشّعْر بل كَانَ الْبَدْر سَببا لتحويل تَسْمِيَة مُصَنفه بالفوائد المنتهضة على الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة إِلَى الْفَوَائِد الْمَحْضَة حَيْثُ صَار يَقُول على الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة بِفَتْح الْوَاو حَتَّى تتمّ الموازنة مَعَ عدم لُزُوم ذَلِك فِي الشّعْر فضلا عَن غَيره، وَفِي كَلَام الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي أَوَاخِر شَرحه لجوامع مَا يُشِير لِأَنَّهُ مُجْتَهد أَو كَونه هُوَ والتقي السُّبْكِيّ طبقَة وَاحِدَة، وَكَانَ فِي صفاء الخاطر وسلامة الصَّدْر بمَكَان بِحَيْثُ يحْكى عَنهُ مَا يفوق الْوَصْف واعتقاده فِي الصَّالِحين وَرَاء الْعقل وتنفيره عَن ابْن عَرَبِيّ ومطالعة كتبه أشهر من أَن أصفه وقيامه فِي إِزَالَة الْمُنكر من إبِْطَال المكوس والخانات وَنَحْوهَا شهير وردعه لمن يَخُوض فِيمَا لَا يَلِيق مستفيض بِحَيْثُ أَنه أرسل خلف من بلغه عَنهُ أَنه يُفَسر الْقُرْآن بالتقطيع فزبره)
بِحَيْثُ خَافَ وَمَا وَسعه إِلَّا الْإِنْكَار وَبَالغ فِي زجر بعض الحلقية لما بلغه عَنهُ أَنه يحاكي الْفُقَهَاء فِي عمائمهم وَكَلَامهم مِمَّا لَو بسطته كُله لطال وَكَانَ يَقُول: مَا أحد يقرئ الْفَرَائِض إِلَّا وَهُوَ تلميذي أَو تلميذ تلميذي لكَون الشَّيْخ مُحَمَّد الكلائي صَاحب الْمَجْمُوع سَأَلَ مَسْأَلَة، وَقد أَخذ عَنهُ النَّاس طبقَة بعد طبقَة بل وَأخذت عَنهُ طبقَة ثَالِثَة فَمن الأولى الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ وَابْن الْعِمَاد والعز بن جمَاعَة ثمَّ الْبرمَاوِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبرهان الْحلَبِي وَالْجمال بن ظهيرة والزين الفاسكوري والمحب بن نصر الله والسراج قاري الْهِدَايَة ثمَّ شَيخنَا وَابْن عمار والأقفهسي والتقي الفاسي، ولقينا خلقا مِمَّن تفقه بِهِ خاتمتهم الشَّمْس الشنشي وثنا عَلَيْهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ وَلست أتوقف فِي ولَايَته، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي، مَاتَ قبيل عصر يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَصلى عَلَيْهِ وَلَده الْجلَال صَبِيحَة الْغَد بِجَامِع الْحَاكِم وَدفن بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقربِ من منزله فِي حارة بهاء الدّين عِنْد وَلَده الْبَدْر مُحَمَّد ورثاه جمَاعَة(6/89)
وأبدع مرثية فِيهِ لشَيْخِنَا أَولهَا:
(يَا عين جودي لفقد الْبَحْر بالمطر ... واذري الدُّمُوع وَلَا تبقي وَلَا تذري)
وَهِي تزيد على مائَة بَيت مَشْهُورَة وَكثر أَسف النَّاس عَلَيْهِ، قَالَ شَيخنَا: وبلغتني وَفَاته وَأَنا مَعَ الحجيج رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن سَلامَة بن عمر بن أَحْمد السكندري النجار وَالِده وَيعرف هُنَاكَ بِابْن سَيّده الشَّافِعِي، شَاب قدم من بَلَده فلازم الِاشْتِغَال عِنْد عبد الْحق وخَالِد الْوَقَّاد وَنَحْوهمَا بل قَرَأَ على الشَّمْس البامي وَابْن قَاسم ولازمني حَتَّى قَرَأَ أَكثر البُخَارِيّ وَكَذَا قَرَأَ على الديمي فِي مُسلم، وَكَانَ فطنا نبيها ذكيا مَاتَ سَرِيعا قبل إِكْمَال الْعشْرين فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَانِي شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
عمر بن سُلَيْمَان بن عمار الصردي ثمَّ الغمري. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن الشّرف الغزولي الْحَنْبَلِيّ. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع بحلب. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه.
عمر بن الْمُؤَيد شيخ. مَاتَ فِي سنة سِتّ عشرَة وَله عشر سِنِين أَو دونهَا وَدفن بتربة النَّاصِر.
ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عمر بن صَالح بن السراج الْبُحَيْرِي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي. مِمَّن اشْتغل)
وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل نَاب فِي الْقَضَاء وقتا وتنزل فِي الْجِهَات وَلَيْسَ بمحمود قَضَاء ومعاملة.
عمر بن صديق بن عمر السملائي الْمحلي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عمر بن طرخان بن شَهْري الْحَاجِب الْكَبِير بحلب. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاثِينَ. أرخه شَيخنَا فِي أنبائه.
عمر بن عبد الحميد الزين الْمدنِي. سمع على ابْن الْجَزرِي الشفا فِي ثَلَاث وَعشْرين وَضبط الْأَسْمَاء.
عمر بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد المقراني الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي وَالِد عبد الصَّمد الْمَاضِي لَهُ ذكر فِيهِ وَأَنه قَرَأَ على الأهدل وَكَانَ فَقِيها مَاتَ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ عَن سِتّ وَسبعين سنة عمر بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أبي بكر التقي بن الْوَجِيه الزوقري الْيَمَانِيّ. ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَوَصفه بِالْإِمَامِ المفنن ووالده بالعلامة وبيض.
عمر بن عبد الرَّحْمَن بن زَكَرِيَّا الزواوي الميقاتي. مَاتَ سنة ثَمَان وَخمسين.
عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن إِسْحَق السراج أَبُو حَفْص بن الزين(6/90)
التَّمِيمِي الخليلي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي أَخُوهُ مُحَمَّد وَولده مَحْمُود. ولد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِبَلَد الْخَلِيل وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك والشاطبية وَعرض على جمَاعَة بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا واشتغل على أَبِيه وَآخَرين من آخِرهم الْفَخر المقسي بل حضر عِنْد شَيخنَا وَدخل الشَّام وَغَيرهَا كحماة ودرس بِبَلَدِهِ وَهُوَ الْآن فِي الْأَحْيَاء أفادنيه وَلَده مَحْمُود أحد الآخذين عني عمر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن إِبْرَاهِيم الزين الْأَسدي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الجاموس. نَشأ بِدِمَشْق فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل وبرع وَكتب الْخط الْحسن، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَقدم الْقَاهِرَة فَسمع على بقايا من الروَاة وَتردد إِلَيّ يَسِيرا وَكتب عني عدَّة مجَالِس من الأمالي وَغَيرهَا وتطارح مَعَ الشهَاب الْحِجَازِي وَغَيره وَفرض للبدري مَجْمُوعَة فَأحْسن، وَكَانَ رائق الْأَوْصَاف فائق الْإِنْصَاف متوددا لطيفا متواضعا كثير المحاسن جاور بِمَكَّة وانتقى وَاخْتصرَ ونظم ونثر، وسافر بِأخرَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس. وَمَات على مَا يحرر فِي إِحْدَى الجمادين سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ جَازَ الْأَرْبَعين وَنعم الرجل رَحمَه الله، وَمِمَّا كتبته من نظمه:)
(إلهي إِن أردْت السوء يَوْمًا ... بِعَبْد من عبيدك قد طردته)
(قِنَا يَا رَبنَا من كل سوء ... فَإنَّك من تَقِيّ الأسوا رَحمته)
عمر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد السراج أَبُو حَفْص بن الْوَجِيه الْحَضْرَمِيّ التريمي الشَّافِعِي.
شرِيف علوي يعرف كأسلافه أَبَا علوي. أَخذ عَن عبد الله بن أبي بكر أَبَا علوي وَجمع جُزْءا فِي كراماته واستدعى بالْقَوْل البديع وَطلب مني الْإِجَازَة بِهِ وَبِغَيْرِهِ فَكتب لَهُ وَأَنا بِمَكَّة مِنْهُ نُسْخَة وَأثبت عَلَيْهَا خطي بِالْإِجَازَةِ ووصفته بِمَا فِي تاريخي الْكَبِير. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت سادس عشري رَمَضَان سنة تسع وَثَمَانِينَ بتعز عَن نَحْو خمس وَأَرْبَعين سنة، كتب إِلَيّ بذلك الْكَمَال الذوالي قَالَ وَهُوَ رجل كَبِير الْقدر مَقْبُول عِنْد الْعَوام وَأكْثر الْخَواص وَله بسُلْطَان الْيمن عبد الْوَهَّاب بن طَاهِر زِيَادَة اخْتِصَاص وَسَمَاع قَول وَكَانَ مُقيما بقرية الْحَمْرَاء من وَادي لحج من سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَإِلَى أَن مَاتَ وَحصل لأهل هَذِه الْجِهَة بِهِ نفع عَظِيم واندفع بِسَبَب إِقَامَته فيهم شرور كَثِيرَة من البدو المفسدين لاحترامهم لَهُ وقبولهم لكَلَامه ولهذه الْعلَّة عظمه ابْن طَاهِر.
عمر بن عبد الرَّحْمَن الوشتاتي بِضَم الْوَاو ثمَّ مُعْجمَة سَاكِنة بعْدهَا مثناتين بَينهمَا ألف نِسْبَة لوشتاتة من عمل أربس التّونسِيّ وَيعرف بالحارثي.(6/91)
أَخذ عَن أبي الْقسم الْبُرْزُليّ وَغَيره وارتحل لِلْحَجِّ سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَلَقي هُنَاكَ أَبَا الْفَتْح المراغي وَغَيره، وَأخذ بِالْقَاهِرَةِ عَن شَيخنَا حضر دروسه، وفيهَا دخل بَيت الْمُقَدّس وَالشَّام وَأكْرم الْبَدْر بن التنسي قَاضِي الْمَالِكِيَّة مورده وطلع بِهِ إِلَى الظَّاهِر جقمق فَأحْسن إِلَيْهِ، ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده فَأقبل عَلَيْهِ الْفُضَلَاء بِأخرَة فِي الرِّوَايَة وَصَارَ مُحدث تِلْكَ النَّاحِيَة. وَشرح بَانَتْ سعاد فِي مجلدين قرضه لَهُ مُحَمَّد الزلدوي وَمُحَمّد القفصي الشابي وَغَيرهمَا نظما، وَكَانَ حسن الْعشْرَة دمث الْأَخْلَاق يستحضر الْمَشَارِق لعياض وَكَذَا الصِّحَاح للجوهري. وَمَات سنة سبع وَسبعين رَحمَه الله.
عمر بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ السراج بن الْعِزّ بن الصّلاح الْمصْرِيّ أَخُو عَليّ الْمَاضِي ووالد المحمدين الْأَرْبَعَة الشَّمْس والشرف والعز والبدر وفخر الدّين سُلَيْمَان وَيعرف بالخروبي. ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة أَو الَّتِي بعْدهَا وَلم أجد لَهُ سَمَاعا على قدر سنه وَلَو اعتنى بِهِ لأدرك الأسناد، وَقد كَانَ لَهُ حرص على السماع فَسمع بِقِرَاءَتِي كثيرا، وَأول مَا مَاتَ أَبوهُ كَانَ يعد من التُّجَّار ثمَّ ورث هُوَ وَأَخُوهُ نور الدّين والدهما فاتسع حَاله وأثرى واشتهر بالمعرفة وَحسن السِّيرَة ثمَّ تناقص حَاله فَمَاتَ عَمه تَاج الدّين مُحَمَّد بِمَكَّة فِي)
سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأوصى إِلَيْهِ وَورث مِنْهُ فأثرى واتسع حَاله ثمَّ تناقص إِلَى أَن مَاتَ قَرِيبه مُحَمَّد بن زكي الدّين الخروبي فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَهُوَ شَاب فورث مِنْهُ مَالا جزيلا فتراجع حَاله ثمَّ تناقص إِلَى أَن مَاتَ أَخُوهُ نور الدّين فورث مَاله واتسعت دائرته وَحسن حَاله ثمَّ تناقص حَاله بعد ثَلَاث سِنِين إِلَى أَن مَاتَت أُخْته آمِنَة فورث مِنْهَا مَالا جزيلا فحسنت حَاله ووفى كثيرا من دينه وَلم يزل بِسوء تَدْبيره إِلَى أَن مَاتَ فَقِيرا إِلَّا أَن ابْنَته فَاطِمَة مَاتَت قبله بِيَسِير فورث مِنْهَا شَيْئا حسنت بِهِ حَاله قَلِيلا وَلكنه مَاتَ وَعَلِيهِ دُيُون كَثِيرَة فِي سنة خمس وَعشْرين وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ ممتعا بسمعه وبصره وعقله، وَكَانَ كثير الْعِبَادَة من صَلَاة وَصَوْم وأذكار، وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال مَا بَين غنى مفرط وفقر مدقع كَمَا شرحناه رَحمَه الله. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عمر بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد السراج أَو النَّجْم بن الْعِزّ الفيومي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بعمر الفيومي. ذكي فَاضل أحضرهُ أَبوهُ على شَيخنَا فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين وَهُوَ فِي الثَّالِثَة بعض المحامليات الأصبهانية بل وَحضر فِي الَّتِي قبلهَا عَلَيْهِ فِي المجالسة وَكَذَا سمع بعد ذَلِك على جمَاعَة مِنْهُم النَّسَائِيّ الْكَبِير على السَّيِّد النسابة والأبودري وَالْمجد إِمَام الصرغتمشية والزفتاوي(6/92)
واشتغل وتميز ونظم ونثر وَتردد إِلَيّ يَسِيرا وَلكنه لم يتصون بل عرف بالسفه والفجور والإقدام ثمَّ نصب نَفسه وَكيلا فِي الْخُصُومَات إِلَى أَن مَنعه السُّلْطَان فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد ضربه المبرح وأكد عَلَيْهِ فِي الْمَنْع كَمَا أكده على عَمه شرِيف فَمَكثَ ثمَّ عَاد فأعيد الضَّرْب المبرح بالمقارع فِي أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين حَتَّى كَاد أَن يَمُوت وَأمر نَفْيه فَأخْرج على أَسْوَأ حَال فتوسل أَبوهُ بِكُل من الأتابك وأمير سلَاح فشفعا فِيهِ فرسم بعوده فَمَا عَاد، وَتوجه إِلَى الشَّام فمدح صَدَقَة سامري هُنَاكَ بقصيد يُقَال أَنه بَالغ فِيهِ مُبَالغَة تَقْتَضِي أمرا عَظِيما وَالْأَمر وَرَاء هَذَا، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي رَمَضَان ظنا سنة سِتّ وَتِسْعين، وَهُوَ مِمَّن قرض مَجْمُوع البدري بِأَبْيَات أَولهَا:
(يَا فريدا فاضت مَعَانِيه نَهرا ... وأذاق الْأَعْدَاء زجرا ونهرا)
(أشهر الله فضلك الجم فِي النا ... س فزنت الزَّمَان عَاما وشهرا)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن بدر سراج الدّين السابقي نِسْبَة لسابق الدّين أحد خدام الْمَدِينَة فَكَانَ مولى لجده الْمدنِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَأحد خدام الْحرم كأبيه وَيعرف بِابْن بدر. نَشأ بِطيبَة فَقَرَأَ)
الْقُرْآن واشتغل فِي حفظ الْمِنْهَاج وَغَيره، وَسمع على أبي الْفرج المراغي وَحضر دروس الشهَاب الأبشيطي وَالسَّيِّد الطباطبي وَكَانَ يقْرَأ فيسبعه وتدرب بِالْقَاضِي عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب واختص بمشايخ الْحرم ونسبت إِلَيْهِ أَشْيَاء فسجنه الْأَشْرَف قايتباي مرّة بعد أُخْرَى إِحْدَاهمَا بالمقشرة بعد ضربه بالمقارع وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ ثمَّ خلص بعد وَشرط عَلَيْهِ أَن لَا يسَار إِلَى الْمَدِينَة إِلَّا بِإِذن وَلَكِن تكَرر سَفَره للمدينة وَغَيرهَا، وقصدني وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ مرَارًا حِين كَانَ ابْنه يقْرَأ عَليّ وَهُوَ زَائِد الْإِقْدَام ثمَّ شفع فِيهِ وَعَاد إِلَى الْمَدِينَة وَلم يتَحَوَّل عَن طباعه وَفِيه محَاسِن مَعْدُودَة، ورأيته فِي موسم سنة أَربع تسعين بِمَكَّة ثمَّ بِالْمَدِينَةِ وَجَاء بأثر ذَلِك مرسوم بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ فاختفى ثمَّ توجه سرا ليصل الْقَاهِرَة ترجيا لمساعدة الْأَمِير شاهين لَهُ فَبَلغهُ الطَّاعُون فَرجع لمَكَّة ودام بهَا من رَمَضَان حَتَّى حج وَكَانَ يجْتَمع عَليّ ويبالغ فِي إِظْهَار التودد هَذَا مَعَ أَنِّي أغلظت عَلَيْهِ قبل ذَلِك بِالْمَدِينَةِ بِسَبَب الشهَاب بن العليف ثمَّ عَاد مَعَ الركب للمدينة وَكَأَنَّهُ للوثوق بأميره فَدَخلَهَا وَقد اسْتطْلقَ بَطْنه فَمَاتَ وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَتِسْعين عَن بضع وَخمسين عَفا الله عَنهُ وإيانا.
عمر ابْن صاحبنا الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْكَمَال الْحلَبِي الْحَنَفِيّ سبط أبي جَعْفَر بن الضيا أمه عَائِشَة وَيعرف كسلفه بِابْن العديم اشْتغل وتفقه بِابْن أَمِير حَاج وَأخذ عَن أبي ذَر وَغَيره سمع بِبَلَدِهِ معي على جمَاعَة وتميز(6/93)
وبرع ونظم ففاق وَجمع ديوانا سَمَّاهُ بدر الْكَمَال. مَاتَ فِي سنة كَانَ الأتابك بحماة والدوادار بحلب فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ وَلم يكمل الثَّلَاثِينَ عوضه الله وإياهما الْجنَّة.
عمر بن عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام بن مُوسَى السراج الْمَكِّيّ الزمزمي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وسافر إِلَى الْقَاهِرَة وَالشَّام واليمن وَله نظم كأخيه. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَنا بِمَكَّة.
عمر بن عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام السراج الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الشَّافِعِي. مَاتَ أَبوهُ فِي صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ فولد ابْنه هَذَا بعده واشتغل يَسِيرا فِي الْعَرَبيَّة عِنْد مَسْعُود المغربي وَفِي غَيرهَا عِنْد غَيره ولازمني فِي الْمَدِينَة وَحصل نُسْخَة من الْمَقَاصِد الْحَسَنَة بعد أَن سَمعه وكتبت لَهُ إجَازَة ثمَّ رَأَيْته فِي موسم سنة أَربع وَتِسْعين وَهُوَ بَاقٍ على تودده وَلكنه انحل عَن اشْتِغَاله وَأَظنهُ خالط شاهين أَو غَيره فَلم تحمد عاقبته.)
عمر بن الزين عبد الْعَزِيز بن عبد الْوَاحِد بن عمر بن عياذ بتحتانية ومعجمة الْأنْصَارِيّ المغربي الأَصْل الْمدنِي الْمَالِكِي وَالِد حسن الْمَاضِي وَيعرف بِابْن زين الدّين من بَيت فِيهِ فضلاء. اشْتغل وَسمع على الْجمال الكازروني فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وعَلى أبي الْفَتْح المراغي وَمَات سنة ثَمَان وَخمسين أَو الَّتِي قبلهَا رَحمَه الله.
عمر بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز السراج بن القَاضِي الْعِزّ بن القَاضِي النُّور الْهَاشِمِي النويري الْمَكِّيّ وَالِد عبد الله الْمَاضِي وَأمه أم كُلْثُوم ابْنة مُحَمَّد بن عمر التعكري. ولد سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع من الزين المراغي وَابْن الْجَزرِي وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَابْن العلائي والتنوخي وَآخَرُونَ، وَولي نصف الْإِمَامَة بمقام الْمَالِكِيَّة، وسافر فِي أَوَائِل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ من مَكَّة إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ إِلَى الْمغرب ثمَّ التكرور، وَمَات هُنَاكَ فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا أَو فِي الَّتِي بعْدهَا، وَله ذكر فِي ابْنه.
عمر بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْكَافِي الدقوقي الْمَكِّيّ. مَاتَ فِي يَوْم السبت تَاسِع شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بِالْقربِ من عجرود وَحمل إِلَيْهِ فَدفن بِهِ، ذكره ابْن فَهد.
عمر بن عبد الْعَزِيز ابْن صاحبنا النَّجْم عمر بن التقي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن فَهد، تجدّد فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ فَأرْسلت لحفيد يُوسُف العجمي الْمسند عَليّ فَأجَاز لَهُ وَكتب فِي طبقَة مُسْند عمر للنجاد وَلم يلبث أَن مَاتَ.(6/94)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَسْعُود بن خَليفَة بن عَطِيَّة المطيبير. مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمس وَخمسين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد.
عمر بن المحيوي عبد الْقَادِر بن عبد الرَّحْمَن الشَّيْبَانِيّ الْمَكِّيّ شَقِيق أبي الْغَيْث مُحَمَّد وَيعرف بِابْن زبرق. سمع عَليّ فِي القَوْل البديع وَغَيره بِمَكَّة وَمَات بهَا فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ.
عمر بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد الشجاع الْعَدنِي الحيلاني. مَاتَ سنة تسع عشرَة.
عمر بن عبد اللَّطِيف بن أَحْمد.
عمر بن عبد الله بن عَامر بن أبي بكر بن عبد الله السراج ولقبه بَعضهم الزين الأسواني القاهري الشَّاعِر. ولد بأسوان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة، وَقدم الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى دمشق وَأخذ الْأَدَب عَن ابْن خطيب داريا ثمَّ عَاد إِلَى الْقَاهِرَة وقطنها حَتَّى مَاتَ، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه:)
تعانى الْآدَاب وَدخل الشَّام فَأخذ عَن أدبائها ثمَّ الْقَاهِرَة واستوطنها من سنة تسعين وسلك طَرِيق الْمُتَقَدِّمين فِي النّظم لكنه عريض الدَّعْوَى كثير الازدراء لشعراء أهل عصره لَا يعد أحدا مِنْهُم شَيْئا وَيَقُول شعرهم بعرمقزدربل يَقُول: من يَجْعَل لي خطرا على أَي قصيد شَاءَ من شعر المتنبي حَتَّى أنظم أَجود مِنْهَا، وَلم يكن نظمه بِقدر دَعْوَاهُ إِلَّا أَن ابْن خلدون كَانَ يطريه وَيشْهد لَهُ بِأَنَّهُ أشعر أهل عصره بعد خطيب داريا، وَكَانَ مشاركا فِي لُغَة وَقَلِيل عَرَبِيَّة، وَمَا عَلمته ولي شَيْئا من الْوَظَائِف بل كَانَ يحتذى بِشعرِهِ ويقلد من يسمعهُ الْمِائَة، وَقد حضر عِنْدِي فِي إملاء فتح الْبَارِي وأملى على الطّلبَة من نظمه أبياتا من الرجز فِي معرفَة أسواق الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة، وَسمعت من لَفظه قصيدة امتدح بهَا الْمُؤَيد لما تسلطن بعناية الأدمِيّ وَغَضب مِنْهُ الْبَارِزِيّ وَاتفقَ بِأخرَة أَنه مدح أَبَا فَارس صَاحب تونس فَأرْسل إِلَيْهِ بصلَة قيل أَنَّهَا مائَة دِينَار فقبضها وَهُوَ موعوك فَنزل بالبيمارستان فطال ضعفه ثمَّ عوفي فَذكر لبَعض أَصْحَابه أَنه كَانَ دَفنهَا هِيَ وَغَيرهَا فِي مَكَان فَلَمَّا رَجَعَ ووجدها جعلهَا فِي مَكَان آخر وانتكس فَعَاد إِلَى المرستان فَأَقَامَ أَيَّامًا يسيرَة ثمَّ مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَعشْرين وَقد جَازَ السِّتين وَلم تُوجد الذهبية الْمَذْكُورَة وَلَا غَيرهَا وَمن نظمه قَوْله:
(إِن ذَا الدَّهْر قد رماني بِقوم ... هم على بلوتي أَشد حثيثا)
(إِن أفه بَينهم بِشَيْء أجدهم ... لَا يكادون يفقهُونَ حَدِيثا)
وَأورد فِي مُعْجَمه الرجز الْمشَار إِلَيْهِ وَهُوَ:
(إِن شِئْت أَن تعرف أسواق الْعَرَب ... لتقتفي الْآثَار من أهل الْأَدَب)
(فدومة الجندل والمشعر ... وَهَذَا القَوْل عِنْدِي أظهر)(6/95)
(كَذَا فجار ودثار الشحر ... وعدن من دون هذي الْبَحْر)
(صنعاء مِنْهَا وعكاظ الزاهية ... وَذُو الْمجَاز وحباش تاليه)
(وَآخر الْأَسْوَاق عِنْد ذِي الرشد ... مجنة بهَا فكمل الْعدَد)
وترجمه فِيهِ بِاخْتِصَار فَقَالَ: مهر فِي الْأَدَب وَأكْثر النّظم على طَريقَة الْأَوَائِل، وَكَانَ فِيهِ بِأَو زَائِد وَدَعوى عريضة وخطه حسن طارحته ببيتين قَدِيما ومدحني بعد ذَلِك وَحضر مجْلِس الْإِمْلَاء فِي شرح البُخَارِيّ وَأفَاد الْجَمَاعَة رجزا فِي أسواق الْجَاهِلِيَّة كتبوه عَنهُ وسمعناه مِنْهُ، وَقَالَ التقي المقريزي فِي عقوده:)
كَانَ يَقُول الشّعْر ويشدو شَيْئا من الْعَرَبيَّة مَعَ تعاظم وتطاول وَإِعْجَاب بِنَفسِهِ وإطراح جَانب النَّاس لَا يرى أَن أحدا وَإِن جلّ يعرف شَيْئا بل يُصَرح بِأَن أَبنَاء زَمَانه كلهم لَيْسُوا بِشَيْء وَأَنه هُوَ الْعَالم دونهم وَأَنه يجب على الكافة تَعْظِيمه وَالْقِيَام بحقوقه وبذل أَمْوَالهم كلهَا لَهُ لَا لِمَعْنى فِيهِ يَقْتَضِي ذَلِك سوى سوء طباع، وَكَانَ يحتذى بِشعرِهِ فَلَا يجد من يُوفيه مَا يرى لنَفسِهِ من الْحق بِزَعْمِهِ فَيَعُود إِلَى هجاء من يمدحه ثمَّ رأى أَن النَّاس أقل من أَن يمدحوا فهجا الكافة دهرا ثمَّ أعرض عَن هجائهم لاحتقاره إيَّاهُم فَلِذَا كَانَ مشنوءا عِنْد النَّاس مبغضا إِلَيْهِم يزهون لِكَثْرَة مدحه لنَفسِهِ ودعواه العريضة فِي فنون الْعلم الَّتِي لم يرْزق مِنْهَا غير شعر أَكْثَره وبال عَلَيْهِ وَقَلِيل من نَحْو غير مُحْتَاج إِلَيْهِ هَذَا مَعَ خلوه من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة بأسرها وجهله بهَا، وَتردد إِلَيّ زِيَادَة على خمس وَثَلَاثِينَ سنة وأنشدني كثيرا من شعره وَأورد من ذَلِك قَوْله فِي الصَّدْر بن الأدمِيّ القَاضِي:
(بني أساكفة الدُّنْيَا ليهنكم ... قَضَاء نجل ذَوي الكازات وَالْقَرْمُ)
(الناتشين بأفمام تسيل أَذَى ... على الذقون جُلُود الْمَيِّت من غنم)
(لَا أفلحت بلد قَاضِي الْقُضَاة بهَا ... من جده بل أَبوهُ شغله أَدَم)
وَقَوله لما تحكم الشاميون بديار مصر فِي الدولة المؤيدية شيخ مِمَّا امتحن بِسَبَبِهِ وَضرب وسجن:
(شكت الشآم ثقالة مِمَّن بهَا ... جبلوا على شَيْء يفوق جبالها)
(فلذاك فِي مصر لقلَّة حظها ... دون الْأَرَاضِي خففت أثقالها)
وَقَوله:
(كم قلت لما مر بِي ... مقرطق يَحْكِي الْقَمَر)
(هَذَا أَبُو لؤلؤة ... مِنْهُ خُذُوا ثأر عمر)
وَأورد المقريزي عَنهُ كثيرا من نظمه فَمِنْهُ:
(أَن يحسدوني لما أُوتيت من أدب ... فَذَاك أعقبهم مَا أعقب الواري)
(كَذَاك إِبْلِيس لما رَاح من حسد ... لآدَم عقب الإدخال فِي النَّار)(6/96)
وَقَوله:
(سئمت حَياتِي بَين من لَا أحبه ... وَمن عَاشَ مَا بَين الأراذل يسأم)
)
(وفتية فتكوا بالظلم أزمنة ... كَأَنَّمَا هَادِم اللَّذَّات آمنهم)
(حَتَّى انْتَهوا وأتى مَا كَانَ يوعدهم ... فَأَصْبحُوا لَا ترى إِلَّا مساكنهم)
عمر بن عبد الله بن عَليّ بن عبد الْعَظِيم السراج الأقفهسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. نَشأ بِالْقَاهِرَةِ فحفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ وَكَانَ أَولا أحد الْقُرَّاء بالتربة الظَّاهِرِيَّة ثمَّ صَار صوفيا بِالْمَدْرَسَةِ الفخرية ابْن أبي الْفرج وَلذَا كَانَ يُرَاجع خطيبها الصَّدْر الفيومي فِيمَا يشكل عَلَيْهِ من دروسه بل كَانَ نَائِبا عَنهُ فِي الْإِمَامَة الفخرية الْقَدِيمَة وأقرأ وَلَده الْبَدْر وَسمع على الْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ، وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَغَيرهَا ولازم مجْلِس شَيخنَا فِي الْإِمْلَاء وَرُبمَا كَانَ يحضر فِي غَيره وناب عَن الْعلم البُلْقِينِيّ يَسِيرا، وَكَانَ سَاكِنا خيرا مشاركا أجَاز لي.
وَمَات فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
عمر بن عبد الله بن عمر بن دَاوُد الزين بن الْجمال الكفيري الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: اشْتغل كثيرا حَتَّى قيل أَنه كَانَ يستحضر الرَّوْضَة وَعرض عَلَيْهِ الحكم فَامْتنعَ، وَأفْتى بِدِمَشْق ودرس وتصدر بالجامع الْأمَوِي، وَكَانَ قوي النَّفس يرجع إِلَى دين ومروءة. قتل فِي الْفِتْنَة التمرية سنة ثَلَاث وَكَانَ فِي أَوَاخِر الْمحرم مِنْهَا حضر عِنْد الْجمال بن الشرائحي بالجامع قِرَاءَة كتاب الرَّد على الْجَهْمِية لعُثْمَان الدِّرَامِي فَأنْكر عَلَيْهِم وشنع وَأخذ نُسْخَة من الْكتاب وَذهب بهَا إِلَى القَاضِي الْمَالِكِي فَطلب الْقَارئ وَهُوَ إِبْرَاهِيم الملكاوي فَأَغْلَظ لَهُ ثمَّ طلب المسمع فآذاه بالْقَوْل وَأمر بِهِ فِي السجْن وَقطع نسخته ثمَّ طلب الْقَارئ ثَانِيًا فتغيب ثمَّ أحضرهُ فَسَأَلَهُ عَن عقيدته فَقَالَ: الْإِيمَان بِمَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانزعج القَاضِي لذَلِك وَأمر بتعزيره فعزر وَضرب وطيف بِهِ ثمَّ طلبه بعد جُمُعَة وَقد بلغه عَنهُ كَلَام أغضبهُ فَضَربهُ ثَانِيًا ونادى عَلَيْهِ وَحكم بسجنه شهرا وَلم يلبث المشنع إِلَّا يَسِيرا وَمَات عَفا الله عَنهُ.
عمر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن قَاسم بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر السراج ابْن الْعَفِيف بن قَاضِي الْقُضَاة التقي الْقرشِي الْعمريّ الحراري الأَصْل الْمَكِّيّ. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة خمسين بدولات باد من بِلَاد كلبرجة من الْهِنْد رَحمَه الله.
عمر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن بردس بن نصر بن بردس بن رسْلَان الزين البعلي الْحَنْبَلِيّ)
الدهان ابْن عَم التَّاج مُحَمَّد والْعَلَاء ابْني إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الْمَذْكُورين، ولد(6/97)
فِي سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشَّيْخ طَلْحَة وَحضر عِنْد ابْن عَمه التَّاج وَغَيره فِي الْفِقْه وَغَيره وَسمع البُخَارِيّ على عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الزعبوب أَنا بِهِ الحجار، وَحج وَحدث لَقيته ببعلبك وقرأت عَلَيْهِ الْمِائَة مِنْهُ مَعَ خَتمه وَكَانَ خيرا يتكسب من صناعَة الدّهن، وَمَات قريب السِّتين.
عمر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان السراج بن الْجمال الدمياطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي صهر عبد الرَّحْمَن بن الْفَقِيه مُوسَى الْمَاضِي أَبوهُ. نَشأ فَقَرَأَ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل وَقَرَأَ فِي الجوق وأقرأ فِي الطباق وخالط النَّاس سِيمَا الخدام وَنَحْوهم وباشر عِنْد خير بك كاشف الْمحلة وَكتب الْخط الْجيد وتنزل فِي الْجِهَات وَتردد للكافياجي، وَحج غير مرّة وَتردد لي وَفِي كَلَامه توقف.
مَاتَ بالطاعون فِي رَجَب سنة سبع وَتِسْعين بعد أَن أهين من الدوادار عَفا الله عَنهُ.
عمر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن شُجَاع الدّين أَبُو حَفْص بن قَاضِي الطَّائِف الْعَفِيف المغربي الأَصْل المصمودي الشَّافِعِي أَمَام قَرْيَة الأخيلة بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَكسر التَّحْتَانِيَّة وجده مُوسَى كَانَ مالكيا وَنَشَأ ابْنه كَذَلِك ثمَّ مَاتَ قَاضِي الطَّائِف ابْن المرحل تحول شافعيا وَولي قضاءها وَتَبعهُ بنوه. ولد سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِالطَّائِف وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وتلا بِهِ لورش على عبد الرَّحْمَن المغربي وَحفظ مُخْتَصر أبي شُجَاع، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَابْن سَلامَة وَنَحْوه، وَلما مَاتَ أَبوهُ انْتقل إِلَى الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فَأَقَامَ بهَا، ولازم الْحَج والزيارة وَدخل نواحي بجيلة وزهران ولقيه البقاعي فِي سنة تسع وَأَرْبَعين بِمَسْجِد عداس من بَلَده وَقَرَأَ عَلَيْهِ وعَلى الْجمال مُحَمَّد بن عِيسَى بن مكينة وَمَات.
عمر بن عبد الله السراج الْهِنْدِيّ الفافا بفاءين، قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: كَانَ كثير النُّطْق بِالْفَاءِ فلقب بذلك، وَكَانَ عَارِفًا بالفقه وأصوله والعربية. أَقَامَ بِمَكَّة أَزِيد من أَرْبَعِينَ سنة يُفِيد النَّاس فِيهَا وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس عشرَة عَن سبعين سنة.
عمر بن عبد الله العلبي الشَّافِعِي. اشْتغل كثيرا وَانْقطع فِي الْجَامِع الْأمَوِي يشغل الْأَبْنَاء فِي الْقُرْآن وَفِي التَّنْبِيه ويشرح لَهُم بِحَيْثُ انْتفع بِهِ جمَاعَة مَعَ سكُوت وانجماع. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.)
عمر بن عبد الله الْبَلْخِي. فِيمَن لم يسم أَبوهُ.
عمر بن عبد الله الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة أَقَامَ. بهَا نَحْو عشْرين عَاما لَا مَعْلُوم(6/98)
لَهُ وَلَا يسْأَل بل كثير الصمت والسهر والعزله بِحَيْثُ ذكره مُحَمَّد بن الشَّيْخ عمر العرابي فِي تَرْجَمَة وَالِده وَنقل عَن أَبِيه أَنه كَانَ يذكر أَنه من الأبدال مِمَّن كَانَ يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثيرا غير ذَاكر للدنيا وَلَا يضْحك وَلَا يلْتَفت وَلَا يُجَالس سوى أهل الْآخِرَة. مَاتَ فِي سنة سبع وَعشْرين.
أَفَادَهُ ابْن فَهد.
عمر بن عبد الْمجِيد تَقِيّ الدّين النَّاشِرِيّ الزبيدِيّ الشَّافِعِي سبط الْجمال الطّيب النَّاشِرِيّ. ولد ظنا فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة. وَنَشَأ فحفظ الشاطبية وَالْحَاوِي وألفية ابْن مَالك وتلا بالقراءات إفرادا وجمعا على بعض الْقُرَّاء حَتَّى أتقنها وَقَرَأَ كلا من الْمِنْهَاج وَالْحَاوِي على جده لأمه الطّيب وَمهر فِي فنون وفَاق أقرانه ودرس وَأفَاد وَولي الْقَضَاء فِي سنة وَفَاته فَشَكَرت سيرته، وَكَانَ ذَا مهابة ووقار وسكينة وعقل مِمَّن جمع بَين الْعلم وَالدّين وَالتَّقوى مَعَ صغر سنه. مَاتَ فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وتأسف النَّاس على فَقده رَحمَه الله.
عمر بن عبد الْمُؤمن بن عمر الزين الخليلي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي. ولد سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وروى عَن الشهَاب أَحْمد بن سعد الله الْحَرَّانِي ثمَّ الْآمِدِيّ الْحَنْبَلِيّ والزين أبي الْفَضَائِل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن شُجَاع الْحَرَّانِي ثمَّ الرهوني الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن الحلبية البُخَارِيّ قَالَا أَنا الحجار وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة سمع مِنْهُ أَبُو الْفضل بن أبي اللطف وَقَالَ أَنه عمر وَمَات فِي.
عمر بن الزين عبد الْوَاحِد بن عمر بن عياد الْمدنِي. هُوَ ابْن عبد الْعَزِيز بن عبد الْوَاحِد.
مضى.
عمر بن عُثْمَان بن خضر بن جَامع السراج البهوتي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن جَامع. ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بحارة السقاءين قَرِيبا من بركَة الناصري. وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو والْحَدِيث، وَعرض على جمَاعَة واشتغل فِي الْفِقْه عِنْد الْبكْرِيّ وَابْن قَاسم وَقَرَأَ على من دونهمَا كالكمال الطَّوِيل والقمني فِي الْأُصُول عِنْد الْكَمَال بن أبي شرِيف وتميز فِي الْفِقْه وَجلسَ شَاهدا ثمَّ أَنه لَازم دروس الشَّافِعِي فَأذن لَهُ فِي الْجُلُوس بِبَابِهِ بل صيره أَمِين الحكم حِين التَّضْيِيق على جماعته وتمول فِي أسْرع وَقت بعد)
فقره فِيمَا قيل وَكَانَ جده إِمَام جَامع سنقر هُنَاكَ وَأحد الصُّوفِيَّة السعيدية والبيبرسية فأجلس حفيده هَذَا فِي حَانُوت هُنَاكَ خرازا كَمَا كَانَ هُوَ أَولا وَمهر فِيهَا فَلَمَّا مَاتَ أخرجتا عَنهُ بِحجَّة حرفته فسعى حَتَّى أعيدتا إِلَيْهِ وَترك الخرز من ثمَّ، ثمَّ ترقى إِلَى أَمَانَة الحكم وسعى بالمهتار رَمَضَان فِي شَهَادَة الْكسْوَة بعد موت الشهَاب البيجوري فَكَانَ محركا إِعَادَة الترسيم على جمَاعَة الشَّافِعِي حَتَّى عملت الْمصلحَة وَلم يُعْط شَيْئا.(6/99)
عمر بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الزين الْحلَبِي الرَّأْس عَيْني وَيعرف بِابْن قصروه، مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عمر بن عُثْمَان بن السراج بن الْفَخر بن الجندي أحد أَعْيَان التُّجَّار ووالد سميه عمر الْآتِي عمر بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله السراج أَبُو حَفْص بن أبي الْحسن الْأنْصَارِيّ الوادياشي الأندلسي التكروري الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد عَليّ الْمَاضِي وَيعرف بِابْن الملقن. ولد فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين فِي ثَانِي عشريه كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَقيل فِي يَوْم السبت رَابِع عشريه وَالْأول أصح بِالْقَاهِرَةِ، وَكَانَ أصل أَبِيه أندلسيا فتحول مِنْهَا إِلَى التكرور وأقرأ أَهلهَا الْقُرْآن وتميز فِي الْعَرَبيَّة وَحصل مَالا ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَأخذ عَنهُ الأسنوي وَغَيره ثمَّ مَاتَ وَلِصَاحِب التَّرْجَمَة سنة فأوصى بِهِ إِلَى الشَّيْخ عِيسَى المغربي رجل صَالح كَانَ يلقن الْقُرْآن بِجَامِع طولون فَتزَوج بِأُمِّهِ وَلذَا عرف الشَّيْخ بِهِ حَيْثُ قيل لَهُ ابْن الملقن وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي يغْضب مِنْهَا بِحَيْثُ لم يَكْتُبهَا بِخَطِّهِ إِنَّمَا كَانَ يكْتب غَالِبا ابْن النَّحْوِيّ وَبهَا اشْتهر فِي بِلَاد الْيمن، وَنَشَأ فِي كَفَالَة زوج أمه ووصيه فحفظ الْقُرْآن والعمدة وشغله مالكيا ثمَّ أَشَارَ عَلَيْهِ ابْن جمَاعَة أحد أَصْحَاب أَبِيه أَن يقرئه الْمِنْهَاج الفرعي فحفظه وَذكر أَنه حصل لَهُ مِنْهُ خير كَبِير وَأَنْشَأَ لَهُ ربعا فَكَانَ يَكْتَفِي بأجرته وتوفر لَهُ بَقِيَّة مَاله للكتب وَغَيرهَا بِحَيْثُ قَالَ شَيخنَا أَنه بلغه أَنه حضر فِي الطَّاعُون الْعَام بيع كتب بعض الْمُحدثين فَكَانَ الْوَصِيّ لَا يَبِيع إِلَّا بِالنَّقْدِ الْحَاضِر قَالَ: فتوجهت إِلَى منزلي فَأخذت كيسا من الدَّرَاهِم وَدخلت الْحلقَة فصببته فصرت لَا أَزِيد فِي كتاب شَيْئا إِلَّا قَالَ: بِعْ لَهُ فَكَانَ فِيمَا اشْتَرَيْته مُسْند الإِمَام أَحْمد بِثَلَاثِينَ درهما، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه كَانَ يتَحَصَّل لَهُ من ريع الرّبع كل يَوْم مِثْقَال ذهب مَعَ رخاء الأسعار وَعدم الْعِيَال، وتفقه بالتقي)
السُّبْكِيّ وَالْجمال الأسنائي والكمال النشائي والعز بن جمَاعَة وَأخذ فِي الْعَرَبيَّة عَن أبي حَيَّان وَالْجمال بن هِشَام وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الصَّائِغ وَفِي الْقرَاءَات عَن الْبُرْهَان الرَّشِيدِيّ ورافقه فِي بعض ذَلِك الصَّدْر سُلَيْمَان الأبشيطي وَاجْتمعَ بالشيخ إِسْمَاعِيل الأنبابي، بل قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي أَنه اشْتغل فِي كل فن حَتَّى قَرَأَ فِي كل مَذْهَب كتابا وَأذن لَهُ بالإفتاء فِيهِ وَكتب الْمَنْسُوب على السراج مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نمير الْكَاتِب وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الْحفاظ أبي الْفَتْح بن سيد النَّاس والقطب الْحلَبِي والْعَلَاء مغلطاي واشتدت ملازمته لَهُ وللزين أبي بكر الرَّحبِي حَتَّى تخرج بهما وَقَرَأَ البُخَارِيّ على ثَانِيهمَا وَالْحسن بن السديد وَكَذَا سمع على العرضي وَنَحْوه وَابْن كشتغدي والزين بن عبد الْهَادِي وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ صَحِيح(6/100)
مُسلم وَمُحَمّد ابْن غالي وَالْجمال يُوسُف المعدني والصدر الْمَيْدُومِيُّ وَأكْثر عَن أَصْحَاب النجيب وَابْن عبد الدَّائِم وَأَجَازَ لَهُ الْمزي وَغَيره من مصر ودمشق وَمِمَّنْ أجَاز لَهُ الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي الْمقري وَدخل الشَّام فِي سنة سبعين فَأخذ عَن ابْن أميلة وَغَيره من متأخري أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ، وَاجْتمعَ بالتاج السُّبْكِيّ ونوه بِهِ بل كتب لَهُ تقريظا على تَخْرِيج الرَّافِعِيّ لَهُ أَظُنهُ فِي مدحه وألزم الْعِمَاد بن كثير فَكتب لَهُ أَيْضا ورافق التقي بن رَافع وَقَرَأَ فِي بَيت الْمُقَدّس على العلائي جَامع التَّحْصِيل فِي رُوَاة الْمَرَاسِيل من تأليفه وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْحَافِظ واشتغل بالتصنيف وَهُوَ شَاب بِحَيْثُ قَرَأت بِخَطِّهِ إجَازَة كتبهَا وَهُوَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة تجاه الْكَعْبَة قَالَ فِيهَا: إِن من مروياته الْكتب السِّتَّة ومسند الشَّافِعِي وَأحمد الدَّارمِيّ وَعبد وصحيح بن حبَان وَسنَن الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ والسيرة تذيب ابْن هِشَام وَأَن من مشايخه سَمَاعا أَصْحَاب الْفَخر وَأَصْحَاب النجيب الْحَرَّانِي وَآخرهمْ الصَّدْر الْمَيْدُومِيُّ وَمن أَصْحَاب النجيب الشهَاب أَحْمد بن كشتغدي يروي عَن جمَاعَة قدماء بِالْإِجَازَةِ مِنْهُم ابْن مَالك النَّحْوِيّ والمحيوي النَّوَوِيّ وَأَن من مشايخه المعدني الْحَنْبَلِيّ، أجَاز لَهُ الْعِزّ بن عبد السَّلَام وَمِنْهُم الْحَافِظ بن سيد النَّاس والقطب الْحلَبِي شَارِح البُخَارِيّ وَصَاحب تَارِيخ مصر وَغَيرهمَا من المؤلفات المفيدة قَالَ: وَوَقع لي عدَّة أَحَادِيث تساعيات ذكرت مِنْهَا ثَلَاثَة فِي آخر كتابي الْمقنع فِي عُلُوم الحَدِيث وَهَذَا على مَا يُوجد الْيَوْم، قَالَ: وَمن تصانيفي يَعْنِي فِي الحَدِيث تَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ فِي سبع مجلدات ومختصره الْخُلَاصَة)
فِي مُجَلد ومختصره الْمُنْتَقى فِي جُزْء وَتَخْرِيج أَحَادِيث الْوَسِيط للغزالي الْمُسَمّى بتذكرة الْأَحْبَار لما فِي الْوَسِيط من الْأَخْبَار فِي مُجَلد وَتَخْرِيج أَحَادِيث الْمُهَذّب الْمُسَمّى بالمحرر الْمَذْهَب فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الْمُهَذّب فِي مجلدين وَتَخْرِيج أَحَادِيث الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ فِي جُزْء حَدِيثي وَتَخْرِيج أَحَادِيث ابْن الْحَاجِب كَذَلِك وَشرح الْعُمْدَة الْمُسَمّى بالأعلام فِي ثَلَاث مجلدات عَن نَظِيره وَأَسْمَاء رجالها فِي مُجَلد غَرِيب فِي بَابه وَقطعَة من شرح البُخَارِيّ وَقطعَة من شرح المنتقي فِي الْأَحْكَام للمجد بن تَيْمِية وطبقات الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة من زمن الشَّافِعِي إِلَى سنة سبعين وَسَبْعمائة وطبقات الْمُحدثين من زمن الصَّحَابَة إِلَى زمني وَمِنْهَا فِي الْفِقْه شرح الْمِنْهَاج فِي سِتّ مجلدات وَآخر صَغِير فِي اثْنَيْنِ ولغاته فِي وَاحِد والتحفة فِي الحَدِيث على أبوابه كَذَلِك وَالْبُلغَة على أبوابه فِي جُزْء لطيف والاعتراضات عَلَيْهِ فِي مُجَلد وَشرح التَّنْبِيه فِي أَربع مجلدات وَآخر لطيف اسْمه(6/101)
هادي النبيه إِلَى تدريس التَّنْبِيه وَالْخُلَاصَة على أبوابه فِي الحَدِيث فِي مُجَلد وَهُوَ من الْمُهِمَّات وأمنية النبيه فِيمَا يرد على التَّصْحِيح للنووي والتنبيه فِي مُجَلد ولخصته فِي جُزْء للْحِفْظ سميته إرشاد النبيه إِلَى تَصْحِيح التَّنْبِيه وَهُوَ غَرِيب فِي بَابه يتَعَيَّن على طَالب التَّنْبِيه حفظه وَشرح الْحَاوِي الصَّغِير فِي مجلدين ضخمين لم يوضع عَلَيْهِ مثله وتصحيحه فِي مُجَلد وَشرح التبريزي فِي مُجَلد قَالَ: وَقد شرعت فِي كتاب جمعت فِيهِ بَين كَلَام الرَّافِعِيّ فِي شرحيه ومحرره وَالنَّوَوِيّ فِي شَرحه ومنهاجه وروضته وَابْن الرّفْعَة فِي كِفَايَته ومطلبه والقمولي فِي بحره وجواهره وَغير ذَلِك مِمَّا أهملوه وأغفلوه مِمَّا وقفت عَلَيْهِ من التصانيف فِي الْمَذْهَب نَحْو الْمِائَتَيْنِ سَمَّاهُ جمع الْجَوَامِع ثمَّ تجدّد لَهُ بعد ذَلِك الْكثير فَقَالَ لَهُ شَيخنَا أَن لَهُ فِي عُلُوم الحَدِيث الْمقنع، قلت: وقفت عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مُجَلد وَله أَيْضا التَّذْكِرَة فِي كراسة رَأَيْتهَا، قَالَ شَيخنَا: وَشرح الْمِنْهَاج فِي عدَّة شُرُوح أكبرها فِي ثَمَان مجلدات وأصغرها فِي مُجَلد والتنبيه كَذَلِك وَالْبُخَارِيّ فِي عشْرين مجلدة اعْتمد فِيهِ على شرح شَيْخه القطب ومغلطاي وَزَاد فِيهِ قَلِيلا وَهُوَ فِي أَوَائِله أقعد مِنْهُ فِي أواخره بل هُوَ من نصفه الثَّانِي قَلِيل الجدوى، قلت: وَقد قَالَ هُوَ أَنه لخصه من شرح شَيْخه مغلطاي الملخص لَهُ من شرح القطب الْحلَبِي وَأَنه زَاد عَلَيْهِمَا وَأَنه شرح زَوَائِد مُسلم على البُخَارِيّ فِي أَرْبَعَة أَجزَاء وزوائد أبي دَاوُد على الصَّحِيحَيْنِ فِي مجلدين وزوائد التِّرْمِذِيّ على الثَّلَاثَة كتب مِنْهُ قِطْعَة صَالِحَة وزوائد النَّسَائِيّ)
عَلَيْهَا كتب مِنْهُ جُزْءا وزوائد ابْن ماجة على الْخَمْسَة فِي ثَلَاث مجلدات وَسَماهُ مَا تمس إِلَيْهِ الْحَاجة على سنَن ابْن ماجة وَقَالَ فِي خطبَته أَنه لم ير من كتب عَلَيْهِ شَيْئا وَأَنه يبين من وَافقه من بَاقِي الْأَئِمَّة السِّتَّة وَضبط الْمُشكل فِي الْأَسْمَاء والكنى وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْغَرِيب والغرائب مِمَّا لم يُوَافق البَاقِينَ ابتدأه فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانمِائَة وفرغه فِي شَوَّال من الَّتِي بعْدهَا وقفت عَلَيْهِ وعَلى شرح زَوَائِد أبي دَاوُد وَلَيْسَ فيهمَا كَبِير أَمر مَعَ أَنه قد سبقه للكتابة على ابْن ماجة شَيْخه مغلطاي وقفت مِنْهُ بِخَطِّهِ على أَربع مجلدات وَقد أَشَارَ شَيخنَا إِلَى الشُّرُوح الْمعينَة وَأَنه لم يقف مِنْهَا على غير شرح البُخَارِيّ وَكَذَا شرح الْأَرْبَعين النووية فِي مُجَلد قَالَ: وَمن تصانيفه وَمِمَّا لم أَقف عَلَيْهِ إِكْمَال تَهْذِيب الْكَمَال ذكر فِيهِ تراجم رجال كتب سِتَّة وَهِي أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم، قلت: قد رَأَيْت مِنْهُ مجلدا وَأمره فِيهِ سهل وَكَذَا من تصانيفه الخصائص النَّبَوِيَّة مِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ الْبُرْهَان الْحلَبِي وطبقات الشَّافِعِيَّة والذيل على كتاب شَيْخه الأسنوي فِيمَا التقطه من كتاب التَّاج السُّبْكِيّ من غير إِعْلَام بذلك وطبقات(6/102)
الْقُرَّاء وطبقات الصُّوفِيَّة وقفت على جَمِيعهَا والناسك لأم الْمَنَاسِك وَعدد الْفرق وتلخيص الْوُقُوف على الْمَوْقُوف وتلخيص كتاب ابْن بدر فِي قَول لَيْسَ يَصح شَيْء فِي هَذَا الْبَاب الْمُسَمّى بالمغني وَشرح الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وقفت عَلَيْهِمَا وَشرط فِيهِ جَمِيع مسَائِل الْأُصُول وَكَذَا شرح ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَمَا لَا أنهض لحصره، واشتهرت فِي الْآفَاق تصانيفه وَكَانَ يَقُول أَنَّهَا بلغت ثلثمِائة تصنيف وشغل النَّاس فِيهَا وَفِي غَيرهَا قَدِيما، وَحدث بالكثير مِنْهَا وبغيرها من مروياته وانتفع النَّاس بهَا انتفاعا صَالحا من حَيَاته وهلم جرا، قَالَ الْجمال بن الْخياط: وتوفر لَهُ الأجور بسعيه المشكور، وَقَالَ شَيخنَا فِي شَرحه للحاوي أَنه أَجَاد فِيهِ وَلكنه قَالَ أَنه كَانَ يكْتب فِي كل فن سَوَاء أتقنه أَو لم يتقنه قَالَ: وَلم يكن بِالْحَدِيثِ بالمتقن وَلَا لَهُ ذوق أهل الْفَنّ رَأَيْت بِخَطِّهِ غَالِبا فِي إِجَازَته الطّلبَة بِرِوَايَة الْعُمْدَة يوردها عَن القطب الْحلَبِي وَابْن سيد النَّاس عَن الْفَخر بن البُخَارِيّ عَن الْمُؤلف وَهَذَا مِمَّا ينتقده أهل الْفَنّ من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن الْفَخر لم يُوجد لَهُ تَصْرِيح من الْمُؤلف بِالْإِجَازَةِ وَإِنَّمَا قرئَ عَلَيْهِ بهَا بِالظَّنِّ لِأَن آل الْفَخر كَانُوا ملازمين لِلْحَافِظِ عبد الْغَنِيّ فيبعد أَن لَا يَكُونُوا استجازوه لَهُ، ثَانِيهمَا أَن أهل الْفَنّ يقدمُونَ الْعُلُوّ وَمن أَنْوَاعه تَقْدِيم السماع على الْإِجَازَة)
والعناية تَقْدِيم السماع، والعمدة فقد سَمعهَا من مؤلفها أَحْمد بن عبد الدَّائِم وَعبد الْهَادِي بن عبد الْكَرِيم الْقَيْسِي وَكِلَاهُمَا مِمَّن أجَاز لجمع جم من مَشَايِخ السراج وَحدث بهَا من شُيُوخه الْحسن بن السديد بإجازته من ابْن عبد الدَّائِم فَكَانَ ذكره لَهُ أولى فَعدل من عَال إِلَى نَازل وَعَن مُتَّفق عَلَيْهِ إِلَى مُخْتَلف فِيهِ فَهَذَا مِمَّا ينْتَقد عَلَيْهِ وَمن ذَلِك أَنه كَانَ عِنْده عَوَالٍ كَثِيرَة حَتَّى قَالَ لي أَنه سمع ألف جُزْء حَدِيثي وَمَعَ ذَلِك فعقد مجْلِس الْإِمْلَاء فأملى الحَدِيث المسلسل ثمَّ عدل إِلَى أَحَادِيث خرَاش وَأَضْرَابه من الْكَذَّابين فَرحا بعلو الْأَحَادِيث وَهَذَا مِمَّا يعِيبهُ أهل النَّقْد ويرون أَن النُّزُول حِينَئِذٍ أولى من الْعُلُوّ وَأَن الْعُلُوّ كَذَلِك كَالْعدمِ وَحدث بِصَحِيح ابْن حبَان كُله سَمَاعا فَظهر بعد أَنه لم يسمعهُ بِكَمَالِهِ، هَذَا مَعَ وصف من تقدم من الْأَئِمَّة لَهُ بِمَا تقدم وَلَعَلَّه كَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت كَذَلِك لأَنا لما شَاهَدْنَاهُ لم يكن بِالْحَافِظِ بل الَّذين قرءوا عَلَيْهِ ورأوه من سنة سبعين فَمَا بعْدهَا قَالُوا أَنه لم يكن بالماهر فِي الْفَتْوَى وَلَا التدريس وَإِنَّمَا كَانَت تقْرَأ عَلَيْهِ مصنفاته غَالِبا فيقرر مَا فِيهَا، وَبِالْجُمْلَةِ فقد اشْتهر اسْمه وطار صيته وَكَانَت كِتَابَته أَكثر من استحضاره وَلِهَذَا كثر الْكَلَام فِيهِ من عُلَمَاء الشَّام ومصر حَتَّى قَالَ ابْن حجي: كَانَ لَا يستحضر شَيْئا وَلَا يُحَقّق علما وغالب تصانيفه كالسرقة من كتب النَّاس، زَاد(6/103)
غَيره نسبته للعجز عَن تَقْرِير مَا لَعَلَّه يَضَعهُ فِيهَا ونسبته إِلَى المجازفة وَكِلَاهُمَا غير مَقْبُول من قَائِله وَلَا مرضِي، وناب فِي الحكم ثمَّ أعرض عَنهُ وَطلب الِاسْتِقْلَال بِهِ وخدعه أَصْحَاب بركَة الزيني حَتَّى كتب خطه بِمَال على ذَلِك فَغَضب برقوق على الشَّيْخ لمزيد اخْتِصَاصه بِهِ وَكَونه لم يُعلمهُ بذلك حَتَّى كَانَ يَأْخُذهُ بِدُونِ بذل وَسلمهُ لشاد الدَّوَاوِين ثمَّ سلمه الله وخلص بعناية أكمل الدّين الْحَنَفِيّ وَجَمَاعَة وَكَانَ للبلقيني فِي ذَلِك يَد بَيْضَاء مَعَ أَنه سَأَلَهُ برقوق عَنهُ وَمن أولى بالحكم أهوَ أَو ابْن أبي البقا غض مِنْهُ فِي الْعلم وَقَالَ: لَا خير فيهمَا، وناب بعد ذَلِك أَيْضا ثمَّ ترك وَأعْرض عَن قَضَاء السرقية لوَلَده وَاقْتصر على جهاته كتدريس السابقية والميعاد بهَا من واقفها وبجامع الْحَاكِم فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ بعد موت الشهَاب أبي سعيد أَحْمد الهكاري وَدَار الحَدِيث الكاملية وَكَانَ اسْتَقر فِيهَا بعد سفر الزين الْعِرَاقِيّ لقَضَاء الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة مَعَ كَونه كَانَ رغب عَنهُ لوَلَده الْوَلِيّ وَكَذَا نازعه الْوَلِيّ، وَقَالَ يخرج حَدِيثا وَأخرجه ليظْهر الْمُسْتَحق منا فتوسل السراج بالبلقيني والأبناسي حَتَّى كف مَعَ كَون الْوَلِيّ من طلبته وَنَدم الْوَلِيّ بعد دهر على الْمُنَازعَة، وترجمه الأكابر سوى من تقدم)
فَمنهمْ مِمَّن مَاتَ قبله العثماني قَاضِي صفد فَقَالَ فِي طَبَقَات الْفُقَهَاء أَنه أحد مَشَايِخ الْإِسْلَام صَاحب المصنفات الَّتِي مَا فتح على غَيره بِمِثْلِهَا فِي هَذِه الْأَوْقَات وسرد مِنْهَا جملَة ذكر أَنه كتب إِلَيْهِ بهَا سنة خمس وَسبعين، وَوَصفه الغماري فِي شَهَادَة عَلَيْهِ بالشيخ الإِمَام علم الْأَعْلَام فَخر الْأَنَام أحد مَشَايِخ الْإِسْلَام عَلامَة الْعَصْر بَقِيَّة المصنفين علم المفيدين والمدرسين سيف المناظرين مفتى الْمُسلمين، وَمِنْهُم مِمَّن أَخذ عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي قَالَ فِيهِ أَنه كَانَ فريد وقته فِي التصنيف وَعبارَته فِيهَا جلية جَيِّدَة وغرائبه كَثِيرَة وَكَذَا خلقه مَعَ التَّوَاضُع وَالْإِحْسَان لازمته مُدَّة طَوِيلَة فَلم أره منحرفا قطّ، وَذكر لي أَنه رافقه فِي رحلته إِلَى دمشق شيخ حسن الْهَيْئَة والسمت فافتقدوه عِنْد جسر الْجَامِع قَالَ: فَذكر لي بعد ذَلِك شيخ من أهل القرافة أَنه الْخضر قَالَ: وَقَالَ لي كنت نَائِما بسطح جَامع الخطيري فَاسْتَيْقَظت لَيْلًا فَوجدت عِنْد رَأْسِي شَابًّا فَوضعت يَدي على وَجهه فَإِذا هُوَ أَمْرَد فاستويت جَالِسا وطلبته فَلم أَجِدهُ قَالَ: وَكَانَ بَاب السَّطْح مغلقا قَالَ: وَكنت فِي بعض الْأَوْقَات إِذا كنت أصنف وَأَنا فِي خلْوَة أسمع حسا حَولي وَلَا أرى أحدا قَالَ وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس لَا يركب إِلَّا إِلَى درس أَو نزهة وَكَانَ يعْتَكف كل سنة بالجامع الْحَاكِم وَيُحب أهل الْخَيْر والفقر ويعظمهم، وَكَذَا تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية وَابْن قَاضِي شُهْبَة والمقريزي فِي غير سلوكه وَآخَرُونَ، وَقَالَ شَيخنَا فِي(6/104)
إنبائه أَنه كَانَ مديد الْقَامَة حسن الصُّورَة يحب المزاح والمداعبة مَعَ مُلَازمَة الِاشْتِغَال وَالْكِتَابَة حسن المحاضرة جميل الْأَخْلَاق كثير الأنصاف شَدِيد الْقيام مَعَ أَصْحَابه موسعا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مَشْهُورا بِكَثْرَة التصانيف حَتَّى كَانَ يُقَال أَنَّهَا بلغت ثلثمِائة مجلدة مَا بَين كَبِير وصغير وَعِنْده من الْكتب مَالا يدْخل تَحت الْحصْر مِنْهَا مَا هُوَ ملكه وَمِنْهَا مَا هُوَ من أوقاف الْمدَارِس سِيمَا الْفَاضِلِيَّةِ ثمَّ أَنَّهَا احترقت مَعَ أَكثر مسوداته فِي أَوَاخِر عمره ففقد أَكْثَرهَا وَتغَير حَاله بعْدهَا فحجبه وَلَده إِلَى أَن مَاتَ، وَقَالَ فِي مُعْجمَة أَنه قبل احتراق كتبه كَانَ مُسْتَقِيم الذِّهْن. قلت وأنشده من نظمه مُخَاطبا لَهُ:
(لَا يزعجك يَا سراج الدّين أَن ... لعبت بكتبك ألسن النيرَان)
(لله قد قربتها فتقلبت ... وَالنَّار مسرعة إِلَى القربان)
وَحكى لنا مِمَّا كَانَ يتعجب مِنْهُ عَن بعض من سَمَّاهُ أَنه دخل عَلَيْهِ يَوْمًا وَهُوَ يكْتب فَدفع إِلَيْهِ)
ذَاك الْكتاب الَّذِي كَانَ يكْتب مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: أمل على قَالَ: فأمليت عَلَيْهِ وَهُوَ يكْتب إِلَى أَن فرغ فَقلت لَهُ: يَا سَيِّدي أتنسخ هَذَا الْكتاب فَقَالَ: بل أَخْتَصِرهُ، قَالَ: وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة الْعِرَاقِيّ والبلقيني وَابْن الملقن كَانُوا أعجوبة هَذَا الْعَصْر على رَأس الْقرن: الأول فِي معرفَة الحَدِيث وفنونه وَالثَّانِي فِي التَّوَسُّع فِي معرفَة مَذْهَب الشَّافِعِي وَالثَّالِث فِي كَثْرَة التصانيف وَقدر أَن كل وَاحِد من الثَّلَاثَة ولد قبل الآخر بِسنة وَمَات قبله بِسنة فأولهم ابْن الملقن ثمَّ البُلْقِينِيّ ثمَّ الْعِرَاقِيّ، وَقَالَ الصّلاح الأقفهسي: تفقه وبرع وصنف وَجمع وَأفْتى ودرس وَحدث وسارت مصنفاته فِي الأقطار وَقد لَقينَا خلقا مِمَّن أَخذ عَنهُ دراية وَرِوَايَة وخاتمة أَصْحَابه تَأَخّر إِلَى بعد السّبْعين، وَهُوَ عِنْد المقريزي فِي عقوده وَقَالَ إِنَّه كَانَ من أعذب النَّاس ألفاظا وَأَحْسَنهمْ خلقا وأعظمهم محاضرة صحبته سِنِين وَأخذت عَنهُ كثيرا من مروياته ومصنفاته. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشر ربيع الأول سنة أَربع وَدفن على أَبِيه بحوش سعيد السُّعَدَاء، وتأسف النَّاس على فَقده.
عمر بن عَليّ بن أبي بكر التقي الزبيدِيّ النَّاشِرِيّ الشَّافِعِي. ولد فِي شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ بزبيد وَحفظ قِطْعَة من التَّنْبِيه وَقَرَأَ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وسيرة ابْن هِشَام وَبَعض مُسلم على قَاضِي زبيد مُحَمَّد بن عبد السَّلَام وَكَذَا تَفْسِير الْبَغَوِيّ والرسالة القشيرية وعَلى الْفَقِيه أَحْمد بن الطَّاهِر أَشْيَاء، وَحج فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَسمع عَليّ فِي بُلُوغ المرام ثمَّ عَاد وَقدم فِي الَّتِي بعْدهَا وَسمع مني المسلسل وَغَيره وَأثْنى عَلَيْهِ حَمْزَة بقوله أَنه من طلبة الحَدِيث رجل صَالح مبارك وَقَالَ أَنه(6/105)
كثير الثَّنَاء على وَالذكر لي يلْتَمس الْبركَة.
عمر بن عَليّ بن حجي البسطامي الْحَنَفِيّ. أَصله من الْعَجم وَصَحب بعض الْفُقَرَاء وَدخل الْقُدس ولازم عبد الله البسطامي فَعرف بِهِ وَأخذ عَن مُحَمَّد القرمي ثمَّ قدم مصر فقطنها وَسكن قريب اللؤلؤة بالعارض بسفح المقطم من القرافة أَكثر من سِتِّينَ سنة، وَكَانَ سَاكِنا خيرا مُعْتَقدًا بَين النَّاس حَتَّى قل أَن ترد لَهُ رِسَالَة ذَا مدد من عقار ملكا وَإِجَارَة ملازما للصَّلَاة وَالذكر حَتَّى بعد إقعاده. مَاتَ فِي يَوْم عيد الْأَضْحَى سنة سبع وَثَلَاثِينَ وأرخه شَيخنَا فِي حادي عشر ذِي)
الْحجَّة كَأَنَّهُ بِالنّظرِ ليَوْم دَفنه وَدفن من منزله بالقرافة وَقد قَارب التسعين. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: وَسمعت بعض النَّاس يذكر أَنه جَازَ الْمِائَة وَلَيْسَ كَمَا ظن انْتهى. بل قَرَأت بِخَط بَعضهم أَنه كَانَ يذكر أَنه زَاد على الْمِائَة وَعشْرين، وَأَعَادَهُ شَيخنَا فِي السّنة الَّتِي بعْدهَا وَقَالَ: كَانَ كثير الذّكر مستمرا عَلَيْهِ لَا يفتر عَنهُ لِسَانه وتحكى عَنهُ كرامات وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد رَحمَه الله وإيانا. قلت: وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشريف الْمَنَاوِيّ وخادمه الشهَاب البوتيجي وَقَالَ لي أَنه أعْطى كل وَاحِد مِنْهُمَا سبْحَة جميز.
عمر بن عَليّ بن شعْبَان بن مُحَمَّد بن يُوسُف الشّرف الثنائي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي الْفَقِيه وَالِد عَليّ الْمَاضِي. ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَعشْرين بتتا، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتحول مِنْهَا وَهُوَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة أَوَاخِر أَيَّام الظَّاهِر جقمق فقطن الْأَزْهَر، وَكَانَ مِمَّن اشْتغل عِنْد أبي الْقسم النويري والزين طَاهِر والنور الْوراق والنور عَليّ والشهاب أَحْمد ابْني عبَادَة وأولهما وَإِن كَانَ أكبر فَآخذهُ عَن ثَانِيهمَا أَكثر والقاضيين الولوي السنباطي واللقاني وَيحيى العلمي وَعبد الْغفار السمديسي والتريكي البيدموري قَرَأَ عَلَيْهِ من أول ابْن الْحَاجِب إِلَى الزَّكَاة وبجائي من الْعلمَاء مِمَّن بِهِ مرض الْعشَاء وهم متفاوتون فِي أَخذه عَنْهُم وَرُبمَا أَخذ عَن بَعضهم فِي غير الْفِقْه من عَرَبِيَّة وأصول وَغَيرهمَا بل أَخذ عَن عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والتقي الشمني وَالشَّمْس مُحَمَّد الكيلاني وَكَانَ يجلس بمقصورة الْجَامِع وَغَيرهم فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَقَرَأَ الشاطبية على الشهَاب السكندري ثمَّ لَازم السنهوري فِي الْفِقْه والأصلين والعربية وَغَيرهَا مُقْتَصرا عَلَيْهِ حَتَّى برع فِي الْفِقْه وشارك فِي غَيره، وَطلب الحَدِيث كثيرا وَسمع ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة، وأسمع أَوْلَاده، وَكتب عني فِي بعض مجَالِس الْإِمْلَاء وَحج وَجلسَ لإقراء الْأَبْنَاء فِي الأقبغاوية فانتفعوا بِهِ طبقَة بعد(6/106)
طبقَة وَصَارَ من جماعته عدَّة من فضلاء الْمذَاهب بل أَقرَأ الطّلبَة وَأفْتى وهش وتناقصت حركته وَصَارَ من أَفْرَاد قدماء الْجَامِع وَنعم الرجل.
عمر بن عَليّ بن طالوت بن عبد الله بن سُوَيْد ركن الدّين النابتي ثمَّ الدِّمَشْقِي نَاظر البادرية بهَا كَانَ بزِي الْجند. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ، قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه.
عمر بن عَليّ بن عبد اللَّطِيف الْبُرُلُّسِيّ. الْمَاضِي أَبوهُ.)
عمر بن عَليّ بن عبد الله الحمامي الصُّوفِي. كَانَ حارسا بالحمامات ثمَّ صَار يدولبها، وأثرى مَعَ جميل المحاضرة وَالصَّوْت الشجي وخدمة الْفُقَرَاء. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى عشرَة.
ذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه كَانَ جَاره وَأورد عَنهُ حِكَايَة غَرِيبَة.
عمر بن عَليّ بن عُثْمَان بن عمر السراج بن الْعَلَاء بن الصَّيْرَفِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أحد نواب الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق وفضلائها والماضي أَبوهُ. مِمَّن قدم الْقَاهِرَة غير مرّة وَيعرف بِابْن الصَّيْرَفِي، درس بالشامية البرانية لكَون التقي بن قَاضِي عجلون رغب لَهُ عَن الثُّلُث فِيهَا وَحج وَمن شُيُوخه الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة بل لَا يبعد أَخذه عَن أَبِيه.
عمر بن عَليّ بن عُثْمَان الزين بن الْعَلَاء الْحوَاري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. ولد سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة، وَاسْتقر فِي جَمِيع وظائف أَبِيه كالهكارية والبدرية واللؤلؤية والإعادة بالصلاحية. وَمَات فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء عشري ربيع الأول سنة أَربع وَسبعين.
عمر بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد بن قنان الرَّسْعَنِي الدِّمَشْقِي الْمدنِي الشَّافِعِي. سمع مَعَ أَبِيه وأخيه على الزين أبي بكر المراغي فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة، وتعانى التِّجَارَة فَكَانَ يتَرَدَّد بَين الْحَرَمَيْنِ وَغَيرهمَا فِيهَا إِلَى أَن مَاتَ غريقا ببحر الْهِنْد إِمَّا فِي آخر سنة خمس وَأَرْبَعين أَو أول سنة سِتّ.
عمر بن عَليّ بن عمر السراج الْمَنَاوِيّ ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالمنيتيني. مِمَّن لَازم سيف الدّين وَكَانَ قَارِئ الْكَشَّاف عِنْده فِي المنصورية وَسمع على أمه وَغَيرهَا واشتغل كثيرا وَفضل وناب فِي الْقَضَاء وَجلسَ بِالْقربِ من الجانبكية فِي القربيين، وتنزل فِي بعض الْجِهَات وأعطا الْبُرْهَان الكركي حِين أَخذه الأشرفية تدريس خشقدم بالأزهر، وَكَانَ كثير المباحثة وَالْمَشْي والتساهل ممتهنا لنَفسِهِ مزري الْهَيْئَة والشكل زَائِد الْغَفْلَة سليم الْفطْرَة بِحَيْثُ تنْسب إِلَيْهِ قضايا.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين عَفا الله عَنهُ.
عمر بن عَليّ بن عمر الْبُحَيْرِي الخراشي نِسْبَة لأبي خرَاش بمعجمتين الأولى(6/107)
مَكْسُورَة قَرْيَة مِنْهَا ثمَّ الْبُرُلُّسِيّ ثمَّ السكندري الْمَالِكِي نزيل مَكَّة وَرَأَيْت من نسبه ديروطيا وَيعرف فِي بَلَده بِابْن الْفَقِير. ولد بِأبي خرَاش ثمَّ تحول مِنْهَا فِي صغره إِلَى البرلس فحفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي وتفقه بالشيخ مُحَمَّد الريَاحي نزيل البرلس ثمَّ انْتقل إِلَى إسكندرية فقطنها وَتزَوج بهَا، وَأم بمدرسة الجرارة مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى مَكَّة فِي سنة أَربع وَخمسين فحج وقطنها على طَريقَة)
حَسَنَة بِحَيْثُ صَار موردا للتجار من أهل بَلَده وَغَيرهَا وثوقا مِنْهُم بِهِ ولقيته بهَا فِي سنة إِحْدَى وَسبعين فَكَانَ يتودد إِلَيّ بالمساعدة محتسبا الْخَيْر وَأَخْبرنِي أَنه جود الْقُرْآن على ابْن الزين النحريري وَكَذَا على عَليّ الديروطي وَكَانَ خيرا متوددا عَاقِلا. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسبعين رَحمَه الله وَكَانَ جده صَالحا لَهُ ضريح فِي أبي خرَاش يزار.
عمر بن عَليّ بن عمر الشَّامي. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن عَليّ بن عمر الْعَبَّادِيّ ثمَّ الغمري وَيعرف بالبواب. مِمَّن نَشأ فِي خدمَة الشَّيْخ الغمري ثمَّ وَلَده أبي الْعَبَّاس وقطن مَعَه فِي الْقَاهِرَة وَتردد لغَيْرهَا وَتزَوج وقتا وَكَانَ يحضر عِنْدِي فِي الْإِمْلَاء مَعَ تقلله وفاقته مَاتَ بعيد التسعين أَو قبيلها.
عمر بن عَليّ بن غنيم بن عَليّ السراج أَبُو حَفْص بن أبي الْحسن الدِّمَشْقِي الأَصْل الخانكي المولد المشتولي المنشأ الشَّافِعِي وَالِد عَليّ وَمُحَمّد وَيعرف بالنبتيتي بنُون مَفْتُوحَة بعْدهَا مُوَحدَة ثمَّ مثناتين فوقانيتين بَينهمَا يَاء قَرْيَة بِالْقربِ من خانقاه سرياقوس. ولد تَقْرِيبًا بعيد الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة بالخانقاه وَنَشَأ مَعَ أَبَوَيْهِ بمشتول الطواحين من الشرقية وَمَات وَالِده وَكَانَ مَذْكُورا بالصلاح وَابْنه صَغِير فحفظ الْقُرْآن وَربع الْعِبَادَات من التَّنْبِيه وَأَقْبل على الْعِبَادَة وَصَحب الْمجد صَالحا الزواوي المغربي الْمَاضِي وتسلك بِهِ حَتَّى أذن لَهُ فِي الْإِرْشَاد ويوسف الصفي وَإِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْجمال وَتزَوج بعده بِأم وَلَده عَليّ واستولدها مُحَمَّدًا وَحضر كثيرا من مواعيد أبي الْعَبَّاس الزَّاهِد وتكسب بالزراعة وَنَحْوهَا إِلَى أَن اشْتهر ذكره وارتفع مَحَله وَذكرت لَهُ أَحْوَال صَالِحَة وكرامات طافحة أفردها وَلَده مُحَمَّد فِي جُزْء مَعَ المداومة على التَّهَجُّد وَالصَّوْم وإكرام الوافدين وملازمة الصمت، وَقد صَحبه جمَاعَة كإمام الكاملية والزين زَكَرِيَّا وَالشَّمْس الونائي قَاضِي الخانقاه وَكنت مِمَّن تلقن مِنْهُ الذّكر على قاعدتهم وألبسني الطاقية وَبَالغ فِي التمنع تَعْظِيمًا وَقَالَ: أَنْت أَحَق أَو نَحْو هَذَا وقطن بنبتيت نَحْو خمسين سنة وبنيت لَهُ بِالْقربِ مِنْهَا زَاوِيَة وَلكنه انْتقل قبيل مَوته فِي سنة خمس وَسِتِّينَ إِلَى الخانقاه وبنيت لَهُ بشرقيها بِالْقربِ من ضريح الشَّيْخ مجد الدّين زَاوِيَة أَيْضا. وَمَات فِيهَا عَن قرب قبيل الظّهْر ثَالِث الْمحرم سنة سبع(6/108)
وَسِتِّينَ وَدفن بهَا رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن عَليّ بن فَارس السراج أَبُو حَفْص الْكِنَانِي القاهري الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بقاري)
الْهِدَايَة تمييزا لَهُ بذلك عَن سراج آخر كَانَ يرافقه فِي الْقِرَاءَة على الْعَلَاء السيرامي شيخ البرقوقية. ولد بالحسينية ظَاهر الْقَاهِرَة وَقيل لكَونه حلهَا على أكمل الدّين سِتّ عشرَة مرّة وَصَارَ أفضل مِنْهُ فَالله أعلم، وَنَشَأ بِالْقَاهِرَةِ وتقلد حنفيا حَيْثُ وعد يلبغا كل من تحنف بِخَمْسِمِائَة كَمَا تقدم فِي عبيد الله بن عوض، واشتغل بالعلوم على أَئِمَّة عصره فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ الْعَلَاء الْمشَار إِلَيْهِ ولازمه حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْهِدَايَة بل قَرَأَهَا قبل ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، وأكمل الدّين وَكَذَا رَأَيْت بِخَط بعض الثِّقَات أَنه أَخذ عَن الشهَاب مُحَمَّد بن خَاص بن حيدر الْفَقِيه وبخطي مِمَّا يحْتَاج لتحرير أَنه أَخذ عَن الْبَدْر بن خَاص بك فأظنه الَّذِي قبله فِي آخَرين كالبلقيني فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ تصنيفه محَاسِن الْإِصْلَاح والزين الْعِرَاقِيّ لَازمه فِي ألفيته وَشَرحهَا وَغير ذَلِك وَسمع السِّيرَة لِابْنِ سيد النَّاس عَليّ الفرسيسي بل وَقرأَهَا على ابْن الشيخة وكلا من الصَّحِيحَيْنِ على البُلْقِينِيّ وأولهما على التقي بن حَاتِم وَثَانِيهمَا مَعَ الشاطبية ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ على الْجمال الأسيوطي لقبه بِمَكَّة حَيْثُ حج وجاور فِي آخَرين من الأكابر دراية وَرِوَايَة وَأكْثر المطالعة والاشتغال طول عمره، وَأقَام بالظاهرية الْقَدِيمَة وَمكث مُدَّة عزبا وَلما ولي الْكَمَال بن العديم قَضَاء الْحَنَفِيَّة التمس مِنْهُ إقراء وَلَده نَاصِر الدّين مُحَمَّد فَفعل وَأحسن إِلَيْهِ الْكَمَال كثيرا ونزله فِي جِهَات من أطلاب وَبَعض تداريس وَتزَوج جَارِيَة من بَيتهمْ وَلَا زَالَ يترقى فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَالتَّفْسِير وَغَيرهَا مَعَ الْمُشَاركَة فِي فنون كَثِيرَة حَتَّى انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الْحَنَفِيَّة فِي وقته بِغَيْر مدافع مَعَ توقف فِي ذهنه وَعدم إقبال على تصنيف وَنَحْوه، وتصدى للإفتاء والتدريس فكثرت تلامذته وَالْأَخْذ عَنهُ، وانتفع بِهِ الْأَئِمَّة وَصَارَ الْأَعْيَان فِي الْمَذْهَب كَابْن الْهمام والأقصرائي فَمن دونهمَا من تلامذته بل لم يكن الْمعول إِلَّا على فتياه لجلالته وعظمته فِي النُّفُوس ومهابة السُّلْطَان فَمن دونه لَهُ كل ذَلِك مَعَ عدم التفاته لبني الدُّنْيَا وحرصه عَلَيْهَا فِيمَا قيل واقتنائه الْكتب الْكَثِيرَة ومزيد تواضعه وَجَمِيل سيرته واقتصاده فِي ملبسه ومركبه وَعدم امْتِنَاعه من تعَاطِي شِرَاء مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَحمله غَالِبا طبق الْخبز أَحْيَانًا وَكَونه مَعَ ذَلِك لَا يزْدَاد إِلَّا وقارا وأبهة وَرُبمَا رفعت إِلَيْهِ الْفتيا وَهُوَ بِالسوقِ فِي قَضَاء حَاجته فَيخرج محبرة من جيبه ثمَّ يكْتب، ومحاسنه كَثِيرَة وَقد درس للمحدثين بالبرقوقية وللفقهاء بعدة مدارس كالناصرية والأشرفية(6/109)
الْقَدِيمَة والظاهرية الْقَدِيمَة مَحل سكنه والأقبغاوية الْمُجَاورَة للأزهر وَأعَاد بِجَامِع طولون وأثرى من كَثْرَة وظائفه بعد التقلل بل)
اسْتَقر بِأخرَة فِي مشيخته الشيخونية بعد الشّرف بن التباني فِي صفر سنة سبع وَعشْرين، وَكَانَ بَاشر الدَّرْس فِيهَا قبل ذَلِك نِيَابَة عَن تِلْمِيذه نَاصِر الدّين بن العديم ورام التَّوَجُّه إِلَيْهَا حِين استقراره فِيهَا من سكنه بالظاهرية مَاشِيا فبادر الْأَشْرَف وَأرْسل إِلَيْهِ فرسا وألزمه بركوبها فَفعل لَكِن مَعَ أَخذ عَصا بِيَدِهِ ليسوقها بهَا ونزوله عَنْهَا برجليه مَعًا من جِهَة وَاحِدَة كَمَا ينزل رَاكب الْحمار، وَالثنَاء عَلَيْهِ مستفيض. قَالَ النَّجْم بن حجي: كَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه مشاركا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة يستحضر الْهِدَايَة خيرا منجمعا عَن النَّاس، وَقَالَ المقريزي: لم يخلف بعده مثله فِي إتقان فقه الْحَنَفِيَّة واستحضاره مَعَ الدّين وَالْخَيْر والعفة عَمَّا بأيدي النَّاس من الْوَظَائِف، وَكَانَ الْجلَال البُلْقِينِيّ يَقُول: هُوَ أَبُو حنيفَة زَمَانه، وَكَانَ بَعضهم يرجحه على شَيْخه أكمل الدّين، وبلغنا من غير وَاحِد أَنه كَانَ يتَوَضَّأ كثيرا على الفسقية بالبرقوقية كَأَنَّهُ وَيُعِيد المَاء فِيهَا وَيَضَع عمَامَته إِلَى جَانِبه ليمسح على جَمِيع رَأسه خُرُوجًا من الْخلاف وَرُبمَا نسي عمَامَته وَيُصلي بِدُونِهَا وَرُبمَا ذهب بِدُونِهَا حَتَّى تحمل إِلَيْهِ وَمِمَّنْ حملهَا إِلَيْهِ الشَّمْس ابْن عمرَان الْغَزِّي الْمُقْرِئ وَمِمَّنْ شَاهده يتَوَضَّأ كَذَلِك الْعِزّ عبد السَّلَام الْقُدسِي رَحمَه الله وَلم يزل على جلالته وعلو مكانته حَتَّى مَاتَ بعد بِيَسِير فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشري ربيع الثَّانِي سنة تسع وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَصلي عَلَيْهِ بمصلى بَاب النَّصْر فِي محفل تقدمهم شَيخنَا وَدفن بحوش الْأَشْرَف برسباي بِجَانِب البرقوقية من الصَّحرَاء وَوهم من قَالَ بتربة جوشن خَارج بَاب النَّصْر وَلم يخلف بعده مثله وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ وَخلف ابْنة وابنا صَغِيرا وشيئا من الدُّنْيَا، وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ شَيخنَا الزين رضوَان الْمُسْتَمْلِي وروى لنا عَنهُ فِي متبايناته الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ بل وأحضره فِي ختم صَحِيح مُسلم حِين قَرَأَهُ شَيخنَا على ابْن الكويك واستجازه للحاضرين، وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَصدر تَرْجَمته بالخياط الطواقي وَقَالَ أَنه كَانَ فِي أول أمره خياطا بالحسينية ثمَّ نزل فِي طلبة البرقوقية وتمهر فِي الْفِقْه وَغَيره وَاسْتقر بعده فِي الشيخونية الزين التفهني وَفِي سَائِر وظائفه وَلَده وناب عَنهُ فِيهَا الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ، وَكَذَا اختصر الْعَيْنِيّ تَرْجَمته وَوَصفه فِيهَا بتوقف الذِّهْن والحرص جدا على الدُّنْيَا رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَالِد عَليّ الْمَاضِي وَيعرف)
بِابْن السيرجي خَادِم قبَّة الْوَحْي وَدَار أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة الْمَعْرُوفَة(6/110)
بمولد السيدة فَاطِمَة الزهراء بزقاق الْحجر والماضي أَبوهُ. ولد قبل الْخمسين بِمَكَّة وَقَرَأَ عَليّ بهَا الْأَرْبَعين النووية وَغَيرهَا وَسمع عَليّ غير ذَلِك وَكَانَ فِي صغره قَرَأَ الْقُرْآن والمنهاج أَو بعضه ثمَّ تشاغل عَن ذَلِك. وَقدم الْقَاهِرَة وَهُوَ كثير التطور عديم التَّصَوُّر يذكر بَين أهل مَكَّة بِأُمُور الله أعلم بهَا.
عمر بن عَليّ بن أبي البركات مُحَمَّد بن أبي السُّعُود مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد ابْن عَطِيَّة بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ أَخُو إِبْرَاهِيم وَأبي بكر وإخوتهما وأمهم أم الْخَيْر ابْنة القَاضِي عز الدّين النويري. ولد توأما مَعَ أَخِيه أبي بكر فِي لَيْلَة هِلَال رَجَب سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي رَجَب سنة أَرْبَعِينَ.
عمر بن عَليّ بن مُحَمَّد سراج الدّين القليوبي ثمَّ القاهري التَّاجِر أحد صوفية سعيد السُّعَدَاء.
مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
عمر بن عَليّ المغربي السعودي نقيب الْفُقَرَاء وَيعرف بجريدة. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن الْمُنِير.
عمر بن عَليّ بن الشجاع الْقبَاطِي. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين.
عمر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف السراج الْأنْصَارِيّ الدموشي الشَّافِعِي البسطامي.
تفقه بالولي الملوي وَبِه تسلك، وَكَذَا أَخذ عَن ابْن الملقن شَرحه للحاوي وَقَرَأَ على الْعِزّ بن جمَاعَة ألفية الْعِرَاقِيّ وعَلى الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ تَلْخِيص الْمِفْتَاح وعد هَذَا فِي النَّوَادِر وَقيل أَنه لَو عكس أَجَاد، وَذكر أَنه سمع البُخَارِيّ على أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ بل سمع على التنوخي جُزْء أبي الجهم وَغَيره، وَكَانَ رَأس صوفية الشَّافِعِيَّة بخانقاه شيخو مُتَقَدما فِي الْفَرَائِض والحساب مشاركا فِي فنون وَألف كتابا فِي اللُّغَة التركية على قَوَاعِد الْعَرَبيَّة، واختص بِالظَّاهِرِ جقمق قبل سلطنته وجرد عَلَيْهِ الْقُرْآن، بل أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء كالجلال القمصي. مَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع وَعشْرين وَقد ناهز التسعين رَحمَه الله وَوهم من عمله حنفيا كَابْن فَهد.
عمر بن عمر بن عُثْمَان الزين بن التَّاجِر السراج بن الْفَخر بن الجندي الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَلم يلبث أَن مَاتَ ابْنه وَوضع السُّلْطَان يَده على تركته.
عمر بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو حَفْص النَّاشِرِيّ. حفظ الشاطبية وَأكْثر الْمِنْهَاج وَأخذ عَن جمَاعَة من أَهله وَقَرَأَ أَكثر الْقرَاءَات)
على الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد الأسعردي وانتفع بِهِ فِي الْقرَاءَات الْعَفِيف النَّاشِرِيّ وَهُوَ المترجم لَهُ فِي آخَرين مِمَّن انْتفع بِهِ سِيمَا الصّبيان الَّذين كَانَ يعلمهُمْ الْقُرْآن، وَأم بِمَسْجِد خليجان عِنْد الصلاحية بزبيد(6/111)
وقطنها قَلِيل المخالطة للنَّاس لكَونه لَا يَسْتَطِيع سَماع الْبَاطِل لكَونه كَانَ يتعانى الكيمياء مَعَ جودة الْخط وَالشعر. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ.
عمر بن عِيسَى بن أبي بكر بن عِيسَى السراج الوروري ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَالِد عبد الْقَادِر الْمَاضِي. ولد قبيل الْقرن تَقْرِيبًا وَنَشَأ بِالْقَاهِرَةِ فحفظ الْقُرْآن عِنْد خَاله عز الدّين والعمدة والتنبيه وَعرض على الْجلَال البُلْقِينِيّ وَغَيره وتفقه بِالنورِ الأدمِيّ وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَأخذ الْعَرَبيَّة وَالصرْف عَن الشمسين الشطنوفي والعجيمي سبط ابْن هِشَام والأصلين عَن الْبِسَاطِيّ وَكَذَا عَن ابْن الْهمام وَمن قبله عَن الْعَلَاء البُخَارِيّ والفرائض والحساب المفتوح والقلم والمناسخات والميقات والجبر والمقابلة عَن الشَّمْس الغراقي والتصوف عَن إِبْرَاهِيم الأدكاوي، وَلَقي غير وَاحِد من الصلحاء كَأبي طاقية أحد أَصْحَاب الْجمال يُوسُف العجمي والْحَدِيث رِوَايَة عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ وَشَيخنَا وَمن قبلهم عَن الشّرف بن الكويك سمع عَلَيْهِ الْأَرْبَعين النووية وَغَيرهَا، وجد فِي الْعُلُوم حَتَّى أذن لَهُ غير وَاحِد فِي الْإِفْتَاء والتدريس، وَأخذ عَنهُ الأماثل وأقرأ قَدِيما وَاسْتقر بِهِ شَيْخه ابْن الْهمام فِي تدريس الْفِقْه بالشيخونية بعد موت الْعَلَاء القلقشندي وأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان حِينَئِذٍ بسفارته بمبلغ، وَكَانَ عَالما مفننا متواضعا ورعا خَاشِعًا ناسكا قَانِتًا محبا للْعُلَمَاء والصلحاء خُصُوصا أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ كثير الْبر وَالصَّدَََقَة والشفقة على الْأَيْتَام والأرامل مَعَ الْحلم وَالصَّبْر وَالِاحْتِمَال لجفاء المجاورين وَغَيرهم والمحاسن الجمة، كتب بِخَطِّهِ الْكثير بِحَيْثُ كَانَت مُعظم كتبه بِخَطِّهِ، وَقد اجْتمعت بِهِ غير مرّة وَأَجَازَ لي وَكنت أحب سمته وهديه. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَلم يبلغ السّبْعين رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن عِيسَى بن عمر السمنودي الشَّافِعِي وَالِد عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي. كَانَ فَقِيها ذَا معرفَة بالفرائض والميقات مَعَ الصّلاح والزهد مَذْكُورا بالكرامات وشريف الْخِصَال انْتفع بِهِ أهل تِلْكَ النواحي كالعز عبد الْعَزِيز بن عبد الْوَاحِد الْمَنَاوِيّ فَإِنَّهُ أَخذ عَنهُ الْفِقْه والفرائض والميقات بل كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَكَذَا لقِيه الْكَمَال إِمَام الكاملية صُحْبَة وَالِده وَالْجمال يُوسُف الصفي فلقنه:
(يَا أَيهَا الراضي بأحكامنا ... لَا بُد أَن تحمد عُقبى الرِّضَا)
)
(فوض إِلَيْنَا وابق مستسلما ... فالراحة الْعُظْمَى لمن فوضا)
(وَإِن تعلّقت بأسبابنا ... فَلَا تكن عَن بابنا معرضًا)
(فَإِن فِينَا خلقا بَاقِيا ... من كل مَا يَأْتِي وَمَا قد مضى)(6/112)
(لَا ينعم الْمَرْء بمحبوبه ... حَتَّى يرى الْخيرَة فِيمَا قضى)
مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَقد جَازَ الْمِائَة.
عمر بن قَاسم بن جُمُعَة الْأَمِير زين الدّين القساسي الْحلَبِي نَائِب قلعتها والآتي أَبوهُ. مَاتَ بهَا فِي شعْبَان سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَاسْتقر بعده فِي النِّيَابَة ابْن جبارَة نَائِب البيرة.
عمر بن قَاسم الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بالنشار حِرْفَة لَهُ كَانَت. وتلا بالسبع على عَليّ الخباز الضَّرِير ثمَّ الشَّمْس بن الحمصاني وَالسَّيِّد الطباطبي وعَلى الديروطي وَابْن عمرَان وَابْن أَسد وَلكنه لم يكمل على الثَّلَاثَة الْأَخيرينِ وأجازوا لَهُ، وتصدى لإقراء الْأَطْفَال بِمصْر مُدَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة وَمِمَّنْ قَرَأَ عِنْده الشهَاب الْقُسْطَلَانِيّ والنور الجارحي بل أَخذ عَنهُ الْقرَاءَات وَهُوَ إِنْسَان خير بارع فِيهَا يحفظ الشاطبية، ويميل للجلال بن الأسيوطي لقُرْبه من نواحيه لِأَنَّهُ أَمَام مدرسة قانم بالكبش وَلذَا وَصفه الشَّيْخ الْعَالم الْفَاضِل شيخ الْقُرَّاء، قد حج وجاور غير مرّة وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس والخليل مرَارًا.
عمر بن أبي الْقسم بن معيبد القَاضِي تَقِيّ الدّين اليمني التعزي. ذكره الْعَفِيف عُثْمَان النَّاشِرِيّ فِي أثْنَاء كَلَام وَقَالَ أَنه صَاحب الْفضل الشهير وَالْأَدب الْكثير كتب إِلَى عمي يثني على دروسي لما وَردت عَلَيْهِ تعز فَكتبت إِلَيْهِ:
(ألم تَرَ أَن الْكَوْن والصمت طبعه ... يَقُول أَيْن عُثْمَان من عمر)
(وَأَيْنَ السها يَا صَاحِبي فِي غموضه ... من الزهرة الزهراء وَالشَّمْس وَالْقَمَر)
قَالَ: وَكنت اجْتمعت بِهِ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين بزبيد وَحصل لي منظومة فِي مَشَايِخ شَيخنَا ابْن الْجَزرِي ووزر فِي الدولة الظَّاهِرِيَّة وَكَانَ مَعَ ذَلِك يكابد الْعِبَادَات وَلَا يفتر من الطَّاعَات، وَتُوفِّي بِمَدِينَة تعز آخر سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَحَضَرت دَفنه انْتهى، وَأَظنهُ ابْن عَم عمر بن مُحَمَّد بن معيبد الْآتِي. عمر بن قايماز فِي ابْن قيماز قَرِيبا.
عمر بن قديد بِالْقَافِ مكبر الرُّكْن أَبُو حَفْص بن الْأَمِير سيف الدّين القلمطائي بِفَتْح الْقَاف)
وَاللَّام وَسُكُون الْمِيم القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن قديد ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي غَايَة الرَّفَاهِيَة والحشمة تَحت كنف أَبِيه وَكَانَ من كبار الْأُمَرَاء ولي نِيَابَة الكرك واسكندر وَعمل لالة الْأَشْرَف شعْبَان بِحَيْثُ كَانَ هُوَ الْمُسَمّى لصَاحب التَّرْجَمَة وَغير ذَلِك وَمَعَ هَذَا كُله فَلم يكن يمانع لَهُ عَن الِاشْتِغَال بل هَانَتْ عَلَيْهِ خشونة الْعَيْش فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو وعَلى التقي الحلاوي وَحفظ غَيره من الْكتب العلمية وَعرض بَعْضهَا(6/113)
على الصَّدْر الْمَنَاوِيّ وَأَجَازَهُ وَالشَّمْس السُّيُوطِيّ وَأخذ الْفِقْه عَن السراج قاري الْهِدَايَة والبدر الأقصرائي، ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة أَكثر من عشْرين سنة حَتَّى أَخذ عَنهُ غَالب الْعُلُوم الَّتِي كَانَ يقرئها كالمنطق وَالْحكمَة والأصلين والجدل والمعاني وَالْبَيَان والنحو وَغَيرهَا وَأكْثر ذَلِك بقرَاءَته، وَكَذَا أَخذ عَن الْبِسَاطِيّ وَبحث فِي الْعرُوض وَغَيره على السُّيُوطِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَحضر دروس الشهَاب بن الهائم حِين زار بَيت الْمُقَدّس وَلما قدم الْعَلَاء البُخَارِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من الْهِدَايَة وَأخذ عَن سعد الدّين الْخَادِم، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي أَوَائِل الْقرن وجاور أَكثر من مرّة وَدخل مَعَ أَبِيه الكرك وإسكندرية وَتقدم فِي الْفُنُون وفَاق فِي النَّحْو وَالصرْف بِحَيْثُ قيل أَنه كَانَ أنحى عُلَمَاء مصر، وَكَانَ عَلامَة خيرا متعبدا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس خُصُوصا مَعَ علو رتبته عِنْدهم متواضعا مَعَ الْفُقَرَاء بشوشا عَاقِلا سَاكِنا طارحا للتكلف فِي مركبه وملبسه وَسَائِر أَحْوَاله على طَريقَة السّلف متزييا بزِي أَبنَاء الْجند فِي عمَامَته وملبسه يركب الْحمار بل يمشي فِي الْغَالِب، معتدل الْقد مستدير اللِّحْيَة أبيضها زَائِد الخفر وَالْوَقار، انْتفع بِهِ الْفُضَلَاء واشتهر اسْمه، وَلم يزل على أمثل حَال وأقوم اعْتِدَال إِلَى أَن حج فِي سنة خمس وَخمسين وجاور وأقرأ الطّلبَة هُنَاكَ أَيْضا ثمَّ أدْركهُ أَجله فَمَاتَ فِي ظهر يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشري رَمَضَان سنة سِتّ وَخمسين بِمَكَّة عَن ثَمَان وَسِتِّينَ سنة وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة وَكَانَت جنَازَته حافلة وتأسف النَّاس على فَقده فَقل من كَانَ فِي وقتنا من أَئِمَّة الْحَنَفِيَّة من اجْتمع فِيهِ من الْعلم والزهد وَاتِّبَاع السّلف مَا اجْتمع فِيهِ رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن قيماز ركن الدّين أَبُو حَفْص بن الْأَمِير سيف الدّين. ولد بِالْقَاهِرَةِ وخدم جمَاعَة من أَعْيَان الْأُمَرَاء وباشر وظائف كَثِيرَة مِنْهَا استادارية السُّلْطَان مرَارًا وَلم ينْتج أمره، مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل رَجَب سنة تسع. ذكره الْعَيْنِيّ وَغَيره، زَاد المقريزي بحلب وَهُوَ صَاحب السَّبِيل والتربة تجاه خليج الزَّعْفَرَان الْمَعْرُوف بسبيل ابْن قيماز.)
عمر بن مَحْفُوظ بن حسن بن خلف السراج القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي ولد بعد سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن واشتغل بالنحو وَالْفِقْه على الشهَاب المغراوي وبالفقه فَقَط على الزين قَاسم النويري وبالنحو وَحده على الشهَاب الصهناجي، وَحج فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة ثمَّ بعْدهَا وجاور سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، وَكَانَ الْمُحب مُحَمَّد بن مُفْلِح السالمي الْيَمَانِيّ أَخَاهُ من الرَّضَاع فَسَمعهُ كثيرا على التنوخي والشرف بن الكويك وَغَيرهمَا ثمَّ نَقله إِلَى خانقاه سرياقوس(6/114)
فقطنها وَقَررهُ فِي مكتب وَقفه للأيتام وَاسْتمرّ هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ فِي حُدُود سنة خمسين وَكَانَ جيدا متثبتا مَشْهُورا بذلك بَين أَهلهَا لقِيه البقاعي وَغَيره.
عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَبَّاس الزين المرداوي الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي، سمع فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين على الزين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الرشيد نُسْخَة أبي مسْهر وَمَا مَعهَا وعَلى عبد الله بن خَلِيل الحرستاني النّصْف الثَّانِي من الأول من مُسْند عمار ليعقوب بن شيبَة وَغَيره، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أجَاز لي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين، وَمَات بعد ذَلِك رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ السراج بن الْكَمَال الأبياري السكندري الضَّرِير الْفَقِيه. سمع فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة على عَليّ بن عبد الْوَهَّاب ابْن الْفُرَات منتقى من جُزْء عَمْرو بن زُرَارَة اشْتَمَل على خَمْسَة أَحَادِيث وَمن ابْن البوري جَامع التِّرْمِذِيّ بفوت وَمن الْفَخر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن خير الدُّعَاء للمحاملي فِي آخَرين وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى والموفق الأبي وَأَجَازَ لِابْنِ شَيخنَا وَابْن فَهد وَذكره فِي مُعْجَمه وَآخَرين فِي سنة خمس عشرَة.
عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السراج الشَّامي القاهري الكتبي وَالِد مُحَمَّد وَيعرف بالشامي. ولد سنة سبع أَو ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وَذكر أَنه سمع من الْعَفِيف النشاوري الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا واستكتبه الطّلبَة فِي الاستدعاءات وَكَانَ خيرا يتكسب بصناعة التجليد ويخدم شَيخنَا فِي ذَلِك مَعَ أَنه لم يكن بالماهر فِي صناعته وَوَقع لَهُ أَنه رأى أَجزَاء عَليّ بن حجر فِي السُّوق فاشتراها وأحضر بهَا لشَيْخِنَا وَقَالَ لَهُ: قد وَقع لي تصنيف لأبيكم فاشتريته فَأَخذه وَلم يخجله فَأَبُو هَذَا حجر بِضَم الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وشهرة شَيخنَا ابْن حجر بِفتْحَتَيْنِ. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث أَو أَربع وَأَرْبَعين رَحمَه الله.)
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الدِّمَشْقِي الأَصْل الْمَكِّيّ المولد وَالدَّار شيخ الفراشين بهَا والآتي أَبوهُ وَيعرف بِابْن بيسق. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَخلف وَالِده فِي المشيخة الْمشَار إِلَيْهَا ولازم خدمَة البرهاني القَاضِي حَيْثُ دخل مَعَه الْقَاهِرَة حِين خطبه الْأَشْرَف قايتباي للقدوم عَلَيْهِ وَكَذَا زار مَعَه الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة بل زارها غير مرّة، وَلَا بَأْس بِهِ أدبا مَعَ الغرباء وقياما بوظيفته.
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي بن عبد الحميد الزين بن الْحَافِظ الشَّمْس الْمَقْدِسِي ثمَّ الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ ابْن أُخْت فَاطِمَة ابْنة مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي(6/115)
وَيعرف بِابْن عبد الْهَادِي. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأحضر على زَيْنَب ابْنة الْكَمَال مجْلِس الرَّوْيَانِيّ وَغَيره، وأسمع على أَحْمد بن عَليّ الْجَزرِي وَعبد الرَّحِيم بن أبي الْيُسْر، وَحدث قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا وَغَيره وَذكره المقريزي فِي عقوده. وَمَات بِدِمَشْق فِي الكائنة الْعُظْمَى فِي شعْبَان سنة ثَلَاث.
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن بن جَامع السراج بن الشَّمْس أَبَا الْمَعَالِي الدِّمَشْقِي الْمقري وَيعرف بِابْن اللبان. أَخذ الْقرَاءَات عَن وَالِده وتلا بالعشر على الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي فِيمَا أَفَادَهُ ابْن الْجَزرِي وتصدر للإقراء وَكَانَ سَاكِنا سليم الْبَاطِن عالية فِي الشطرنج. مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاثِينَ عَن نَحْو ثَمَانِينَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَأوردهُ فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار وَقَالَ أَنه سمع صَحِيح مُسلم على أَحْمد بن عبد الْكَرِيم البعلي أجَاز لنا.
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن سلمَان بن عَليّ بن سَالم الزين أَبُو حَفْص البالسي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الملقن أَخُو عَائِشَة الْآتِيَة وَيعرف بالبالسي. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأحضره أَبوهُ الْكثير من أبي مُحَمَّد بن أبي التائب وَغَيره وأسمعه على الْحَافِظ الْمزي والبرازيلي والذهبي وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال والطبقة فَأكْثر جدا وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْحسن الْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ، وَكَانَ منزلا فِي الْجِهَات يلقن الْقُرْآن بالجامع الْأمَوِي وَيَمْشي بَين الطّلبَة فِي النُّزُول عَن الْوَظَائِف دينا خيرا متواضعا محبا فِي الرِّوَايَة والطلبة يقوم بأودهم ويوادهم ويدلهم على الْمَشَايِخ ويفيدهم جهده، حدث بالكثير قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا فَأكْثر جدا بل كَانَ يتسمع مِنْهُ على الشُّيُوخ وَلم يكن يضجر من التسميع، تَرْجمهُ بذلك كُله شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأنبائه، وَحدثنَا عَنهُ خلق مِمَّن تَأَخّر عَن شَيخنَا، وَذكره المقريزي فِي عقوده. مَاتَ فِي الكائنة)
الْعُظْمَى فِي دمشق فِي شعْبَان سنة ثَلَاث رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد السراج أَبُو الْيُسْر بن الرِّضَا أَبَا حَامِد الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ أَخُو أبي اللَّيْث مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن الضياء. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ التَّرَاوِيح بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام سنة أَربع وَخمسين وَغَيرهَا وَحضر عِنْد ابْن عَمه فِي الدُّرُوس بل دخل مصر غير مرّة وَأخذ فِيهَا عَن الْأمين الأقصرائي وَنزل لَهُ وَالِده عَن تدريس أيتمش وَكَانَ يَنُوب عَنهُ فِيهِ ابْن عَمه الْجمال مُحَمَّد بن القَاضِي أبي البقا ثمَّ أَخُوهُ أَبُو اللَّيْث وسافر إِلَى الْهِنْد غير مرّة مَاتَ فِي ثانيتهما سنة سبع أَو سِتّ وَثَمَانِينَ غَرِيبا غريقا وَاسْتقر أَخُوهُ فِي درس أيتمش بعده.(6/116)
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن روزبا السراج أَبُو حَفْص بن الْجمال أبي عبد الله الكازروني الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. ولد فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد ملك المغربي وَجَمَاعَة وَحفظ بعض المناهج وَحضر دروس الزين المراغي وَنور الدّين عَليّ الزرندي ووالده وَسمع عَلَيْهِم بل سمع الصَّحِيح على ابْن صديق والموطأ رِوَايَة يحيى بن يحيى والشفا على ابي إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن فَرِحُونَ، وسافر فِي حَيَاة وَالِده وَبعده، وَدخل الشَّام وحلب والقاهرة وَبَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَأخذ بِالشَّام عَن الشهَاب بن حجي وَغَيره وبحلب عَن الْبُرْهَان الْحلَبِي وَغَيره وبالقاهرة عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فِي آخَرين، وَحج أَزِيد من ثَلَاثِينَ مرّة وَآخر مَا قدم الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَسِتِّينَ ولقيته فِي سعيد السُّعَدَاء فَسمِعت عَلَيْهِ فِي شعبانها ثلاثيات البُخَارِيّ وَرجع إِلَى بَلَده الشريف فَمَاتَ بِهِ فَجْأَة فِيهَا، وَكَانَ خيرا سَاكِنا رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو حَفْص التَّمِيمِي الدَّارِيّ التّونسِيّ وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن عزم. أرخ ابْنه مَوته بليلة الْخَمِيس حادي عشر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين بتونس وَوَصفه بالعلامة مَعَ أَنه كَانَ مجلدا موقتا بارعا فِي ذَلِك.
عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد الحوراني ثمَّ الْمَكِّيّ التَّاجِر.
عمر بن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد السكندري ثمَّ القاهري دوادار شَيخنَا. سمع من لَفظه على الشَّمْس البيجوري جُزْء الدمياطي وَسمع على غَيره وَلم يكن شَيخنَا يحمد خدمته وَلذَا لم يحصل بعده على طائل وَكَانَ عاميا أجَاز لنا. وَمَات فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَظنهُ جَازَ السِّتين)
عَفا الله عَنهُ.
عمر بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل المكين الْمصْرِيّ الْمَالِكِي. صَوَابه مُحَمَّد.
عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل السراج بن الخواجا الشَّمْس بن النّحاس الدِّمَشْقِي. مِمَّن نبغ فِي التِّجَارَة وجاور بِمَكَّة مرَارًا بِسَبَبِهَا فقدرت وَفَاته بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وفجع بِهِ أَبوهُ. أرخه ابْن فَهد عمر بن أبي سعيد مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة ابْن ظهيرة الْقرشِي وَأمه زبيدية. أجَاز لنا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ جمَاعَة وبيض لَهُ ابْن فَهد.
عمر بن مُحَمَّد أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الدروري الأَصْل الْمَكِّيّ الزبيدِيّ وَيعرف بِابْن الْجمال الْمصْرِيّ ويلقب بالشجاع عني بِالْعلمِ قَلِيلا وبالتجارة وسافر لأَجلهَا إِلَى بِلَاد شَتَّى وَتردد مِنْهَا لمَكَّة وللحج غير مرّة مِنْهَا فِي سنة مَوته وَكَانَ ينْسَخ وَلَيْسَ بِخَطِّهِ بَأْس وَاتفقَ أَنه أودع شَيْئا من دُنْيَاهُ مَعَ بعض الْمُسَافِرين(6/117)
فغرق فَعظم أسفه وتعلل لأَجله حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وَهُوَ فِي عشر الْأَرْبَعين أَو بلغَهَا. ذكره الفاسي.
عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف المرشدي الْمَكِّيّ. يَأْتِي فِيمَن لم يسم جده.
عمر بن مُحَمَّد الْمَدْعُو مظفر بن أبي بكر التركماني الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمقري أَخُو أَحْمد الْمَاضِي والآتي والدهما وَيعرف بِابْن المظفر. قَرَأَ على أَبِيه وَغَيره غَالب الرِّوَايَات، وَكَانَت بِيَدِهِ وظائف فتنزل فِي صوفية الأشرفية الْحَنَابِلَة من الْوَاقِف وَفِي خانقاه يشبك وَغَيرهمَا، وَأخذ عَنهُ التَّاج عبد الْوَهَّاب بن شرف ورام أَخذ الأشرفية بعده فَلم يتَمَكَّن لكَونه شافعيا مَاتَ قريب السِّتين إِمَّا قبلهَا وَإِمَّا بعْدهَا.
عمر بن عمر بن أبي بكر السراج أَو الزين الصَّفَدِي ثمَّ النيني بنونين أَولهمَا مَفْتُوحَة بَينهمَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ القاهري نزيل المنكوتمرية الشَّافِعِي. أجَاز لِابْنِ شَيخنَا وَغَيره فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَلَقي الزين رضوَان وَقَالَ أَنه كَانَ فَاضلا أخبر بِسَمَاعِهِ لصحيح مُسلم على الْبَدْر بن قواليح ولغير ذَلِك، وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: اشْتغل قَدِيما وَمهر حَتَّى صَار يستحضر الْكِفَايَة لِابْنِ الرّفْعَة وَأخذ عَن الْعَلَاء حجي وأنظاره بِدِمَشْق وَسمع من ابْن قواليح وناب فِي الحكم فِي عدَّة بِلَاد من معاملات حلب ثمَّ قدم الْقَاهِرَة)
قبل عشْرين سنة وتنزل فِي طلبة الشَّافِعِيَّة بالمؤيدية. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَعشْرين وَقد قَارب الثَّمَانِينَ فَأَنَّهُ ذكر لي أَن مولده فِي حُدُود الْخمسين وَكَانَ كثير التقتير على نَفسه وَوجد لَهُ مبلغ فَوضع بَعضهم يَده عَلَيْهِ وَلم يصل لوَارِثه مِنْهُ شَيْء عَفا الله عَنهُ.
عمر بن مُحَمَّد بن تغلب بن عَليّ بن مَحْمُود الزين أَبُو حَفْص الزُّهْرِيّ القيمري البيري الْحلَبِي الشَّافِعِي الْحَكِيم. مِمَّن تعانى الْأَدَب ونظم قصيدة فِي علم الْعرُوض وَكتب عَنهُ الْعِزّ بن فَهد فِي سنة إِحْدَى وَسبعين قَوْله:
(أحب ابْن نَاس وَلَا أشتهي ... أرى امْرَأَة فِي دياري تلوح)
(لِأَنِّي إِذا شِئْت فارقته ... وَهِي لَا تُفَارِقنِي عمر نوح)
وَغير ذَلِك مِمَّا أودعته فِي مَحل آخر، وَمَات بعد ذَلِك.
عمر بن مُحَمَّد بن حسن بن شعْبَان بن أبي بكر الباعوري الأَصْل الْحلَبِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الصوه. أحضرهُ السُّلْطَان بعد قتل أَبِيه وَسَأَلَهُ فِي الْوكَالَة عَنهُ بالبلاد الحلبية فاستعفى وَأقَام بعد رُجُوعه على وجاهته حَتَّى مَاتَ فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ، وَكَانَت عمَامَته مُدَوَّرَة دون إخْوَته.
عمر بن مُحَمَّد بن حسن الزين الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن الزين. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.(6/118)
عمر بن مُحَمَّد بن حسن الحصني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أحد الْفُضَلَاء الملفتين المتجردين مِمَّن صحب الْمَنَاوِيّ وَإِمَام الكاملية، وَكَانَ حسن الْعشْرَة ممتهنا نَفسه فِي خدمَة الْفُقَرَاء لتَركه رعونات النَّفس، وَهُوَ مِمَّن لَازم الشهَاب بن رسْلَان فِي قِرَاءَة شَرحه لمنهاج الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره بل حمل عَنهُ فِي شَرحه لأبي دَاوُد وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَأبي دَاوُد وَالتَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ وَكَذَا أَخذ عَن شَيخنَا النخبة وَشَرحهَا وَكتب عَنهُ فِي إمْلَائِهِ على الْأَذْكَار وَسمع الزين عبد الرَّحْمَن بن الطَّحَّان الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ وَأكْثر من لَقِي السادات حَتَّى الْتحق بهم، وأقرأ الطّلبَة بل جعله إِمَام الكاملية وَاسِطَة بَينه وَبَين ابْن رسْلَان وَكنت مِمَّن أميل إِلَيْهِ مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَسِتِّينَ بالقرافة الصُّغْرَى وَدفن بزاوية صهره مُحَمَّد الأندلسي رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ حُسَيْن بن حسن الفتحي الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَسمع بهَا مَعَ أَبِيه وَعَمه عَليّ أنشأه الله صَالحا.
عمر بن مُحَمَّد بن سعيد الزين البعلي الْحَنْبَلِيّ الْقطَّان وَيعرف بِابْن البقسماطي. ولد فِي سنة)
ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد طَلْحَة الْعَنْبَري وَحفظ الْخرقِيّ وَعرضه على ابْن الْأَقْرَب والتقي إِبْرَاهِيم بن مُفْلِح وَغَيرهمَا واشتغل فِي الْفِقْه على الأول وَسمع على أبي الْفرج عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الزعبوب ختم الصَّحِيح وَحدث بِهِ قرأته عَلَيْهِ ببعلبك، وَكَانَ إنْسَانا حسنا يتكسب فِيهَا بِبيع الْقطن. مَاتَ. عمر بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الزين بن الصَّابُونِي الدِّمَشْقِي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن سُلَيْمَان.
عمر بن النجار مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَكِّيّ. أحد القائمين بِخِدْمَة شافعيها ثمَّ انْقَطع وَلزِمَ وَلَده وَله حذق وَسُرْعَة وحركة، وَله عَم اسْمه عَليّ.
عمر بن مُحَمَّد بن صلح البريهي الْيَمَانِيّ الْفَقِيه: مَاتَ فِي سنة عشر بِذِي السفال.
عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الْقرشِي. رَأَيْته كتب لمن عرض عَلَيْهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة.
عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله القلشاني المغربي. يَأْتِي فِيمَن لم يسم جده.
عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الله بن أسعد السراج اليافعي الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ والماضي جده. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بعدن، وَقدم مَكَّة وَقَرَأَ الْقُرْآن وَكتب الْخط الْحسن، وَمَات بهَا فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن الفهد.
عمر بن مُحَمَّد بن عُثْمَان السراج الحسباني. مَذْكُور بالجلالة وَوَصفه أَبُو(6/119)
السعادات البُلْقِينِيّ بالشيخ الإِمَام وَأَن المترجم طَاف بِهِ أسبوعا سنة خمس وَعشْرين.
عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد السراج أَبُو حَفْص بن الشَّمْس الْحلَبِي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الخواجا بن الخواجا أَخُو الْبَدْر حسن الْمَاضِي والآتي أَبوهُمَا وَيعرف بِابْن المزلق بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة. ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فِي رفاهية ونعمة فحفظ الْقُرْآن وَسمع على الْحَافِظ الزين بن رَجَب مجْلِس البطاقة وَسمع على غَيره وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَكَانَ خيرا سالكا طَرِيق أَبِيه فِي تعاني التِّجَارَة بل رَأَيْت وَصفه بالجناب العالي الخواجكي ملْجأ الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، وَلما خربَتْ عين الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَسُئِلَ الظَّاهِر ططر فِي عمارتها أرسل صَاحب التَّرْجَمَة بِخَمْسِمِائَة دِينَار لعمارتها ومدحه الزين بن عَيَّاش مقرئ الْحَرَمَيْنِ بِمَا فِي تَرْجَمته. مَاتَ فِي الطَّاعُون سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بِدِمَشْق رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن أبي الْعَبَّاس)
السراج أَبُو حَفْص الربعِي الجعبري الأَصْل نِسْبَة لقلعة جعبر الخليلي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ شيخ بلد الْخَلِيل. ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة بِبِلَاد الْخَلِيل. وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الجولاني بِالْجِيم وَصلى بِهِ أجمع على قَاعِدَة الشاميين وخطب، والمنهاج والشاطبية والملحة وَعرض الْمِنْهَاج على الْخَطِيب التَّاج إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي وَأَجَازَ لَهُ والملحة على الْعَلَاء قَاضِي الْخَلِيل وتفقه بالتاج الْخَطِيب وبابن رسْلَان وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَغَيرهم وتلا لنافع وَابْن كثير وَأبي عَمْرو على الشَّمْس مُحَمَّد بن صلح الزرعي وللسبع جمعا لبَعض ختمة عَليّ أبي الْقسم النويري وَكَذَا بِالشَّام على الْفَخر بن الصلف وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض البُخَارِيّ وَبحث فِي النَّحْو على مُوسَى المغربي وَغَيره، ثمَّ انْتقل إِلَى الْقُدس فبحث عَلَيْهِ طرفا من الْمِنْهَاج الفرعي، وَسمع دروسه فِي غير وَأَجَازَ لَهُ ولازم التَّاج الغرابيلي فِي سَماع غَالب منظومة ابْن الْحَاجِب لمقدمته فِي النَّحْو بل قَرَأَ عَلَيْهِ شرح النخبة لشَيْخِنَا وَكَذَا لَازم ماهرا وَابْن شرف وَبحث عَلَيْهِ غَالب ألفية ابْن مَالك وَسمع على الشَّمْس التدمري وَإِبْرَاهِيم عظيمات وَابْن الْجَزرِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْبُرْهَان وَأحمد ابْن حُسَيْن النصيبي وَعلي بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم القصراوي المسلسل وجزء ابْن عَرَفَة وعَلى الثَّلَاثَة الْأَوَّلين تِسْعَة أَحَادِيث منتقاة من جُزْء الْأنْصَارِيّ والمسلسل بالمصافحة وعَلى الْأَوَّلين منتقى من مشيخة ابْن كُلَيْب وَمن ثمانيات النجيب وَجَمِيع نُسْخَة إِبْرَاهِيم بن سعد وجزء البطاقة وَحَدِيث الْهِمْيَان وعَلى الأول فَقَط منتقى(6/120)
من الغيلانيات وعَلى الثَّلَاثَة الْأَخيرينِ مشيخة قَاضِي المرستان الصغري والْحَدِيث الأول من عشرَة الْخلال وَمن الغيلانيات وَمن الْمُنْتَقى من ثمانينات النجيب وَمن نُسْخَة إِبْرَاهِيم بن سعد، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ الْقرَاءَات أَيْضا عَن التَّاج بن تمرية والْحَدِيث عَن شَيخنَا قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَرْبَعين المتباينة وَمن شرح النخبة وَكَذَا حضر دروس الونائي وَالْجمال الأمشاطي وَغَيرهمَا وَإِلَى الشَّام فَأخذ بهَا عَن الْفَخر بن الصلف كَمَا تقدم وَعَن الشَّمْس بن نَاصِر الدّين وَنزل الصالحية وَسمع دروس شيخها الْعِزّ الْقُدسِي وَأَجَازَ لَهُ القبابي وَغَيره، وَحج غير مرّة وَولي مشيخة بَلَده كأسلافه والتدريس بِهِ وَكَذَا خطب بِهِ نِيَابَة وانتفع بِهِ جمَاعَة من أَهلهَا، وَكتب عَنهُ البقاعي وَغَيره، وتكرر قدومه الْقَاهِرَة، ولقيته بهَا غير مرّة أَولهَا ببولاق سنة سبع وَسِتِّينَ وكتبت عَنهُ مَا أنْشدهُ لشَيْخِنَا يمدح بِهِ نخبته فَقَالَ:
(أبدعت يَا حبر فِي كل الْفُنُون بِمَا ... صنفت فِي الْعلم من بسط ومختصر)
)
(علم الحَدِيث بِهِ أَصبَحت مُنْفَردا ... وللأنام فقد أبرزت من غرر)
(لقد جلوت عروس الْحسن مبتكرا ... فِيمَا أتيت بِهِ من نخبة الْفِكر)
(إِذا تأملها بالفكر ناظرها ... تهمي فوائدها للفكر كالمطر)
وسألني عَن بعض الْأَحَادِيث فأجبته بِمَا احتفل بِهِ وَوَقع عِنْده موقعا بِحَيْثُ قَرَأَهُ عَليّ بِلَفْظِهِ بل قصدني غير مرّة فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَحدثت فِي منزلي أَنا وإياه بعدة أَجزَاء وتزايد اغتباطه بِي، وَهُوَ إِنْسَان خير رَاغِب فِي الحَدِيث ولقاء أَهله ذُو فكر صائب وذهن جيد متواضع حسن الْعشْرَة كثير التودد جميل الطَّرِيقَة بهي الرُّؤْيَة صَحِيح العقيدة مشارك فِي الْفَضِيلَة من بَيت مشيخة وجلالة، أثنى عَلَيْهِ شَيخنَا فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي بعض تعاليقه فَقَالَ: قدم عَليّ شخص كهل اسْمه عمر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن عمر الجعبري من أهل الْخَلِيل وَذكر لي أَن أَبَاهُ حَيّ وَهُوَ كثير الْمحبَّة للْحَدِيث والتطلع إِلَى الِاشْتِغَال فِيهِ فَقَرَأَ على الْأَرْبَعين المتباينة وَمن شرح نخبة الْفِكر وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ، وَهُوَ مِمَّن خطب فِي بلد الْخَلِيل نِيَابَة وأجزته انْتهى. مَاتَ فِي ضحى يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ فِي مشْهد حافل تقدمهم ابْن أَخِيه الزين عبد الباسط وَدفن بمقبرة الرَّأْس، وَاسْتقر فِي وظيفته مشيخة الْحرم بنوه الْخَمْسَة رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن غَانِم بن مفرح السراج أَبُو حَفْص بن الْجمال أبي رَاجِح بن أبي الْحسن بن أبي رَاجِح بن أبي غَانِم الْعَبدَرِي الشيبي(6/121)
الحَجبي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي شيخ الحجبة كسلفه. ولد فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة بعدن من الْيمن وَنَشَأ بِمَكَّة فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ على بعض الْقُرَّاء فِي التَّنْبِيه على الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَفِي الْحَاوِي على النَّجْم الوَاسِطِيّ بن السكاكيني وَحضر فِي الْفِقْه وَغَيره عِنْد الْجمال الشيبي القَاضِي وَأخذ فِي الْعَرَبيَّة عَن الْجلَال المرشدي والبساطي وَغَيرهمَا وَسمع على ابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَأبي شعر وَآخَرين كَأبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد، وَدخل مصر فِي سنة أَرْبَعِينَ وَحضر إملاء شَيخنَا وَالشَّام وَأخذ عَن ابْن نَاصِر الدّين وَابْنَة ابْن الشرائحي وَابْن الْمُحب وَجَمَاعَة وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَكَذَا زار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة غير مرّة وَولي مشيخة الباسطية المكية من واقفها فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين ثمَّ تَركهَا فِي سنة أَربع وَخمسين وَكَذَا ولي حجابة الْكَعْبَة عقب موت أَخِيه الْجمال يُوسُف فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ وراج)
أمره فِيهَا ونال وجاهة وقبولا وتأثل أَمْوَالًا وَبنى دورا كل ذَلِك مَعَ مزِيد الْعقل والسكون والتودد والإجلال لبيت الله وتعظيمه واحترام كثيرين لَهُ لَا سِيمَا من يَجِيء من الْهِنْد والعجم وَالروم نَحْوهَا واعتقادهم صَلَاحه بل ولَايَته مَعَ كَلَام كثير فِيهِ من جمَاعَة أهل بَلَده وعَلى كل حَال فَهُوَ نادرة فِي وقته وَمَا أَظن الزَّمَان يسمح بِمثلِهِ، وصاهر الشريف عبد اللَّطِيف قَاضِي الْحَنَابِلَة بِمَكَّة ثمَّ قَاضِي الشَّافِعِيَّة أَبَا الْيمن على ابنتيهما وَله من ثانيتهما أَبنَاء وَتزَوج القَاضِي نور الدّين بن أبي الْيمن ابْنَته واستولدها أَوْلَادًا، وَاجْتمعت بِهِ كثيرا وَكَانَ يظْهر تعظيمي ومحبتي ومكنني من دُخُول الْبَيْت مُنْفَردا وَلم يكن ذَاك بِالْقَصْدِ ابْتِدَاء، وَلم يزل على وجاهته إِلَى أَن عرض لَهُ فالج أبطل نصفه وأسكت فَلم يتَكَلَّم وَأقَام كَذَلِك أشهرا حَتَّى مَاتَ فِي صبح يَوْم الْخَمِيس سادس عشري رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ ثمَّ دفن بالمعلاة فِي مشْهد حافل رَحمَه الله وإيانا.
عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن الْحسن السراج بن الْمُحب الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي أَخُو عبد الْوَهَّاب وَمُحَمّد. أحضر فِي الرَّابِعَة على الْجمال الأميوطي ثمَّ سمع على الزين المراغي.
عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ السراج الْحِمْيَرِي الدندري. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: اشْتغل بِالْعلمِ وَسمع الْعِزّ بن جمَاعَة وَغَيره وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ لَقيته بِمَجْلِس شَيخنَا ابْن الملقن وَأَجَازَ لي. مَاتَ فِيمَا أَحسب سنة أَربع، وَذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه مَاتَ عَن سنّ عالية.
عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن الْمُبَارك الزين بن الْكَمَال بن الزين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي جده والآتي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن الخرزي بمعجمتين(6/122)
مَاتَ بعد أَبِيه بأشهر فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين عَن بضع وَثَلَاثِينَ وَقيل لي أَنه لم يكن بِذَاكَ عَفا الله عَنهُ.
عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن الرضي أبي بكر بن عبد اللَّطِيف بن سَالم الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن الضيا مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد الزين النصيبي الْحلَبِي الشَّافِعِي زوج ابْنة الْمُحب بن الشّحْنَة ووالد الْجلَال أبي بكر مُحَمَّد الْآتِي وجده وأخو أبي بكر. ولد سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّيْخ عبيد وَصلى بِهِ هُوَ وَأَخُوهُ)
فِي عَام وَاحِد والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية الحَدِيث والنحو وَعرض على الْبُرْهَان الْحلَبِي بل هُوَ الَّذِي كَانَ يصحح عَلَيْهِ وَكرر حسنا فِي وصف عرضه وَصحح على ثَانِيهمَا وَكَذَا عرض على ابْن خطيب الناصرية وَأبي جَعْفَر بن الضيا وَالشَّمْس الغزولي فِي آخَرين وَأخذ عَن الْأَخير فِي الْفِقْه وَعَن عبد الرَّزَّاق الشرواني فِيهِ وَفِي أُصُوله والعربية وَغَيرهَا اشْتغل وَقدم الْقَاهِرَة فَأخذ بهَا عَن الْمحلي شَرحه لجمع الْجَوَامِع وَعَن إِمَام الكاملية، ودرس بالظاهرية والسيفية تلقاهما عَن أَخِيه وَأعَاد بالعصرونية، وَحج وَسمع على التقي بن فَهد، وناب فِي الْقَضَاء. مَاتَ بِبَلَدِهِ فِي يَوْم عيد النَّحْر سنة ثَلَاث وَسبعين رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن النفيس أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي السراج أَبُو حَفْص بن الْجمال أبي عبد الله بن أبي حَفْص الْحُسَيْنِي الْقرشِي الطنبدي القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن عرب. ولد فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وألفية النَّحْو وَعرض على البُلْقِينِيّ والأبناسي وَابْن الملقن والكمال الدَّمِيرِيّ وأجازوه واشتغل يَسِيرا فَحَضَرَ فِي الْفِقْه عِنْد الْأَوَّلين والبدر الطنبدي وَسمع على الصّلاح البلبيسي قِطْعَة من صَحِيح مُسلم وعَلى الشَّمْس الرف صَحِيح ابْن حبَان إِلَّا الْيَسِير، وَحج وناب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ وَشَيخنَا ثمَّ ترك ذَلِك بِأخرَة وانجمع عَن النَّاس وَحدث بمسموعه من مُسلم سمعته عَلَيْهِ، وَكَانَ خيرا لكنه أَحمَق عَارِيا. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود العرابي الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ وجده. مَاتَ بهَا فِي صفر سنة ثَمَانِينَ وَدفن بتربة جده من المعلاة.
عمر بن مُحَمَّد بن عمر الزين أَبُو حَفْص الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل السَّبْعَة وَيعرف بِابْن الخردفوشي. ولد فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع على الشهَاب أَحْمد بن(6/123)
عَليّ بن يحيى الْحُسَيْنِي وَابْن صديق مُسْند الدَّارمِيّ وعَلى عبد الله بن خَلِيل الحرستاني وَأبي حَفْص عمر البالسي وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي عشر صفر سنة أَرْبَعِينَ وَدفن من يَوْمه بمقبرة بَاب توما رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد بن عمر الْبَلْخِي الأَصْل الْمحلي الْمَالِكِي الْحداد الأديب. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ بعض الْقُرْآن وَجَمِيع الْعُمْدَة وَعرض على شَيخنَا وَغَيره نبذة من الْمُخْتَصر)
للشَّيْخ خَلِيل وَغَيره وَلكنه لم يشْتَغل بل هُوَ عَامي يتعاطى نظم الشّعْر كتبت عَنهُ مِنْهُ بالمحلة مَا أودعته فِي المعجم وَغَيره.
عمر بن مُحَمَّد بن عِيسَى اليافعي الْخَيْر قَاضِي عدن. مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين.
عمر بن أبي الْقسم مُحَمَّد بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز النويري الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ. أجَاز لَهُ فِي سنة أَرْبَعِينَ زَيْنَب ابْنة اليافعي وَغَيرهَا. وَمَات فِي ربيع الآخر مِنْهَا.
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أبي بكر الزين بن نَاصِر الدّين الْبكْرِيّ الدِّمَشْقِي ابْن عَم الْعَلَاء عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد وَيعرف كل مِنْهُمَا بِابْن الصَّابُونِي مِمَّن اسْتَقر بِهِ الظَّاهِر خشقدم فِي نظر قلعة دمشق والأسوار وَغَيرهمَا وناب عَن ابْن عَمه الْعَلَاء فِي نظر الْجَيْش، وَكَانَ تَاجِرًا وَهُوَ وَالِد الْوَلَد النَّجْم مُحَمَّد الَّذِي عرض على محافيظه وَقَالَ لي أَن أَبَاهُ مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِدِمَشْق.
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مجد الدّين الْعَيْنِيّ الْحَمَوِيّ النجار الْمُقْرِئ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف فِيهَا بالشيخ عمر النجار وَيُقَال لَهُ زين الدّين وسراج الدّين أحد مَشَايِخ الإقراء والقراءات. ولد بحماة لَيْلَة نصف شعْبَان سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والملحة والنبيه مُخْتَصر التَّنْبِيه والغاية المنسوبة للنووي، وَعرض على الشَّمْس الْأَشْقَر وَحضر دروسه وتلا لأبي عَمْرو على الشَّيْخ مُحَمَّد الفرا، وَحج فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَسكن فِي كل من بَيت الْمُقَدّس والقاهرة ثَلَاث سِنِين ثمَّ استوطن مَكَّة من آخر سنة خمس وَأَرْبَعين وَحفظ بهَا الشاطبية وتلا للسبع إفرادا وجمعا على الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني ولنافع أَربع ختمات على الزين ابْن عَيَّاش وَكَذَا جمع للسبع ثمَّ للعشر على العليين الديروطي وَابْن يفتح الله وللسبع فَقَط على مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي الشِّيرَازِيّ حِين مجاورته بهَا وَكَذَا على مُحَمَّد النجار الدِّمَشْقِي لَكِن لثَلَاثَة أحزاب من أول الْبَقَرَة فَقَط، وتكسب من النجارة بالنُّون وَمن نقش الْقُبُور وَنَحْوهَا وأقرأ النَّاس بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وببيته وَرُبمَا أم بمقام الْحَنَابِلَة نِيَابَة وَقد اجْتمعت بِهِ بِمَكَّة وَنعم الرجل كَانَ مَاتَ بهَا فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَسبعين وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله.(6/124)
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز السراج بن الْأمين أبي الْيمن ابْن الْجمال الْقرشِي الْعقيلِيّ النويري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي شَقِيق أبي بكر الْآتِي أَخُو قَاضِي الْمَالِكِيَّة النُّور)
عَليّ الْمَاضِي وَيعرف بِابْن أبي الْيمن، وَأمه أم كُلْثُوم ابْنة القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ النويري. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة خمسين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك والشاطبية وَغَيرهَا وَعرض على جمَاعَة واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والْحَدِيث والمنطق وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه بِمَكَّة النُّور ابْن عطيف وَعبد المحسن الشرواني والشمسان الْجَوْجَرِيّ والمسيري وَعبد الْحق السنباطي وَأَبُو الْعَزْم الْقُدسِي والشهاب بن يُونُس وَيحيى العلمي وَحَمْزَة المغربي، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَأخذ عَن الْجَوْجَرِيّ أَيْضا ولازمني بهَا وَكَذَا بِمَكَّة فِي مجاورتي الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وكتبت لَهُ إجَازَة حَسَنَة وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة مولده فَمَا بعْدهَا وَالِده وأعمامه أَبُو البركات وكمالية وَأم الوفا وَأَبُو الْفضل وَخَدِيجَة ابْنا عبد الرَّحْمَن النويري وَشَيخنَا والعيني وَابْن الديري والرشيدي والصالحي وَابْن الْفُرَات وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة وَالسيف عفيف الدّين الأيجي والمحب المطري والبدر عبد الله بن فَرِحُونَ والشهاب الْمحلي وَأَبُو جَعْفَر بن العجمي والضيا بن النصيبي وَالْجمال بن جمَاعَة والتقي أَبُو بكر القلقشندي وست الْقُضَاة ابْنة ابْن زُرَيْق وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة وَأحمد بن عمر بن عبد الْهَادِي والشهاب بن زيد وَعبد الرَّحْمَن بن خَلِيل القابوني وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن جوارش، وزار الْمَدِينَة وَأكْثر من التِّلَاوَة وَالطّواف وَالصِّيَام وَالْبر بأَهْله، وَكَانَ حاد اللِّسَان مَعَ مزِيد تودد الغرباء. مَاتَ فَجْأَة شَهِيدا فِي يَوْم الْخَمِيس منتصف ذِي الْقعدَة سنة سبع وَثَمَانِينَ بِمَكَّة سقط من شباك ببيته فَأَخذه السَّيْل وَذهب بِهِ لبركة ماجن ثمَّ جِيءَ بِهِ وَقد جرد اللُّصُوص أثوابه فَغسل من الْغَد وَصلي عَلَيْهِ فِي طَائِفَة قَليلَة جعل نعشه فَوق شاذروان الْحجر لتعذر وَضعه عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَغَيره من الْمَسْجِد، وَدفن عِنْد قُبُورهم من المعلاة وتأسف عَلَيْهِ كَثِيرُونَ رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد السراج بن الْبَدْر بن نَاصِر الدّين بن الرئيس الْعَلَاء القاهري الطَّبِيب وَيعرف كسلفه بِابْن صَغِير وَأمه أمة. مِمَّن أَخذ عَن عَمه والعز بن جمَاعَة وَصَحب الْبَدْر الطنبدي وتميز فِي الطِّبّ بِحِفْظ جعل مِنْهُ نافعة وعالج المرضى بل قيل أَنه اسْتَقر فِي الرياسة قَلِيلا بعد توسيط خضر وَابْن الْعَفِيف، وَكَانَ ظريفا لطيف الْعشْرَة مِمَّن كف بَصَره ثمَّ قدح لَهُ فأبصر وَعمر سِتا وَتِسْعين سنة وَمَا شابت لَهُ شَعْرَة وَلم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج.
مَاتَ فِي الْمحرم سنة(6/125)
سبع وَسِتِّينَ وَهُوَ قريب الْكَمَال مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن عَليّ بن عبد الْكَافِي)
بن صَغِير.
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة السراج بن القَاضِي جمال الدّين أبي السُّعُود بن قَاضِي الْقُضَاة الْكَمَال أبي البركات بن القَاضِي الْجمال أبي السُّعُود الْقرشِي الْمَكِّيّ شَقِيق أبي الْخَيْر مُحَمَّد الْآتِي أمهما أم الْخَيْر ابْنة القَاضِي أبي الْقسم بن أبي الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي. ولد فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَقدم مَعَ أَبِيه إِلَى مَكَّة فَسمع من الشهَاب أَحْمد بن عَليّ الْمحلي وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع وَخمسين فَمَا بعْدهَا أَبُو جَعْفَر بن العجمي وَآخَرُونَ وتكرر قدومه للقاهرة وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ هُوَ وشقيقه أَبُو بكر تناوبا فِي رَمَضَان على عَادَة الْأَبْنَاء وَرُبمَا حفظ غَيره وَقَرَأَ على خَاله عبد الْقَادِر فِي النَّحْو ويطالع لَهُ درسه وَلم ينجب.
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي البركات مُحَمَّد بن أبي السُّعُود مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ، أمه أم هاني ابْنة الْعِزّ النويري. بيض لَهُ ابْن فَهد وَكَأَنَّهُ مَاتَ صَغِيرا.
عمر بن الْجمال أبي المكارم مُحَمَّد بن النَّجْم أبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة الْكَمَال أبي البركات مُحَمَّد بن الْجمال أبي السُّعُود مُحَمَّد بن ظهيرة. هُوَ الزين عبد الباسط مضى.
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن فَهد صاحبنا بل مفيدنا شيخ الْجَمَاعَة النَّجْم والسراج أَبُو الْقسم وَيُسمى مُحَمَّدًا لكنه بعمر أشهر ابْن شَيخنَا التقي الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد عبد الْعَزِيز وَيحيى وَيعرف كسلفه بِابْن فَهد. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سلخ جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ثمَّ كتابا فِي الحَدِيث أَلفه لَهُ وَالِده ثمَّ حفظ إِلَى أثناءالفرائض من الخرقى على مَذْهَب أَحْمد ثمَّ حوله أَبوهُ شافعيا وَحفظ النّصْف الأول من الْمِنْهَاج وَنَحْو ثُلثي ألفية ابْن ملك وَنصف ألفية الْعِرَاقِيّ وَبكر بِهِ أَبوهُ فَأحْضرهُ وأسمعه الْكثير بِمَكَّة على مشايخها والقادمين إِلَيْهَا فَكَانَ مِمَّن أحضرهُ عَلَيْهِ الزين أَبُو بكر المراغي والزين عبد الرَّحْمَن الزرندي وَالْجمال بن ظهيرة وأقرباؤه الْكَمَال أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد وَأَبُو البركات وظهيرة بن حُسَيْن وَفتح الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد المَخْزُومِي والزين مُحَمَّد بن أَحْمد الطَّبَرِيّ وَعبد الله بن صلح الشَّيْبَانِيّ وَالشَّمْس بن الْمُحب الْمَقْدِسِي وَمِمَّنْ أسمعهُ عَلَيْهِ بهَا الْوَلِيّ الْعرَاق وَابْن سَلامَة والعز مُحَمَّد بن عَليّ الْقُدسِي وَعبد الرَّحْمَن بن طولوبغا وَالشَّمْس الشَّامي وَابْن الْجَزرِي والنجم بن حجي وَالْجمال مُحَمَّد بن حُسَيْن)
الكازروني والشريف أَبُو عبد الله الفاسي وطاهر(6/126)
الخجندي واستجاز لَهُ خلقا من أَمَاكِن شَتَّى فَمن الْمَدِينَة رقية ابْنة يحيى بن مزروع وَمن الشَّام عَائِشَة ابْنة مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي والشهاب بن حجي والشهاب الحسباني وَالْجمال بن الشرايحي وَعبد الْقَادِر الأرموي وَمن بَيت الْمُقَدّس الْبُرْهَان بن أبي مَحْمُود وَأُخْته فَاطِمَة والبدر حسن بن مُوسَى والشهاب بن الهائم وَمن الْخَلِيل أَحْمد بن حُسَيْن النصيبي وَأحمد بن مُوسَى الحبراوي وَمن الْقَاهِرَة الشّرف بن الكويك والعز بن جمَاعَة والجلال البُلْقِينِيّ وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَالشَّمْس البلالي وَمن إسكندرية الْبَدْر بن الدماميني والتاج بن التنسي والكمال بن خير وَمن حلب الْعِزّ الحاضري وَمن حمص الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد السُّبْكِيّ وَمن حماه الْبَدْر مَحْمُود بن خطيب الدهشة وَمن بعلبك التَّاج بن بردس وَالشَّمْس بن اليونانية وَمن زبيد الْمجد اللّغَوِيّ والنفيس الْعلوِي والموفق عَليّ ابْن أَحْمد الخزرجي وَأحمد بن عَليّ بن شَدَّاد وَمن تعز الْجمال بن الْخياط فِي آخَرين من هَذِه الْأَمَاكِن وَغَيرهَا، وَأَقْبل على الطّلب بِنَفسِهِ وَتخرج بوالده وَغَيره وَقَرَأَ بِبَلَدِهِ قَلِيلا، ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة فِي موسم سنة خمس وَثَلَاثِينَ صُحْبَة الركب الْمصْرِيّ فَدخل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَأقَام بهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَلم يسمع بهَا شَيْئا وَكَانَ دُخُوله الْقَاهِرَة فِي رَابِع عشري الْمحرم من الَّتِي تَلِيهَا فَسمع بهَا على الوَاسِطِيّ والبدر حُسَيْن البوصيري وَآخَرين، ولازم شَيخنَا حَتَّى أَخذ عَنهُ جملَة وتدرب بِهِ وَكَذَا بمستمليه الزين أبي النَّعيم العقبي أَيْضا وسافر مِنْهَا إِلَى الشَّام فِي رمضانها فَسمع بغزة من الشَّمْس مَمْلُوك الأياسي وبالخليل من الشَّمْس التدمري وبالقدس من الزين القبابي وبالرملة من ابْن رسْلَان وبالشام من عَائِشَة ابْنة ابْن الشرايحي، وانتفع بِالْحَافِظِ ابْن نَاصِر الدّين وَحمل عَنهُ أَشْيَاء، وسافر مَعَه من بَلَده إِلَى حلب وَكَانَ من جملَة مَا وَصفه بِهِ: السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الشَّيْخ الْعَالم الْفَاضِل البارع الْمُحدث الْمُفِيد الرحالة سليل الْعلمَاء الأماثل فَخر الْفُضَلَاء الأفاضل جمال العترة الهاشمية تَاج السلالة العلوية نجم الدّين ضِيَاء الْمُحدثين الْهَاشِمِي الْعلوِي، ووالده بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ تَقِيّ الدّين مُفِيد الْمُحدثين فَسمع فِي توجهه إِلَيْهَا ببعلبك من الْعَلَاء بن بردس وبطرابلس من الشَّمْس مُحَمَّد بن عمر النيني الفامي وبحلب من حافظها الْبُرْهَان ولتقيده بمرافقة شَيْخه ابْن نَاصِر الدّين لم يبلغ غَرَضه من الْبُرْهَان لرجوعه مَعَه سَرِيعا، وَسمع فِي رُجُوعه بحماة من التقي بن حجَّة وبغيرها من الْبِلَاد وَفَارق ابْن نَاصِر الدّين وَاسْتمرّ رَاجعا إِلَى الْقَاهِرَة فوصلها بعد دُخُوله)
الْقُدس والخليل أَيْضا وَلم يلبث أَن رَجَعَ إِلَى الْبِلَاد الشامية لكَونه لم يشف غَرَضه من الْبُرْهَان فلقي شَيخنَا بِدِمَشْق(6/127)
وَهُوَ رَاجع صُحْبَة الركاب السلطاني فَسمع عَلَيْهِ بل وَمَعَهُ أَيْضا على بعض المسندين وَكَذَا سمع فِي توجهه بقارة وحمص وحماة وَوصل حلب فِي أواخرها فأنزله الْبُرْهَان بِبَيْت وَلَده أبي ذَر بالشرفية وَاسْتمرّ إِلَى أَوَاخِر صفر من الَّتِي تَلِيهَا وانتفع بِهِ وَأخذ عَنهُ فِي هَذِه الْمرة شَيْئا كثيرا جدا، وَسمع فِي رُجُوعه مِنْهَا أَيْضا بحماة وحمص وطرابلس وبعلبك وغزة ثمَّ ارتحل من الْقَاهِرَة إِلَى إسكندرية فَسمع فِي طَرِيقه إِلَيْهَا بِمَدِينَة أشموم الرُّمَّان وثغر دمياط وبالمنصورة وسمنود والمحلة الْكُبْرَى والنحرارية ودسوق وفوة ودمنهور الْوَحْش، وَمَا تيَسّر لَهُ دُخُول إسكندرية لتنافس حصل بَينه وَبَين رَفِيقه ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده صُحْبَة الْحَاج فِي موسم سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَقد تحمل شَيْئا كثيرا بِهَذِهِ الْبِلَاد وبغيرها عَن خلق كثيرين وتزايدت فَوَائده فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن ارتحل مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة أَيْضا عودا على بَدْء فوصلها فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين فَقَرَأَ بهَا على شَيخنَا لِسَان الْمِيزَان وَأَشْيَاء وَسمع عَلَيْهِ وعَلى غَيره من بقايا المسندين ورافقته حِينَئِذٍ فِي جَمِيع ذَلِك، ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده صُحْبَة الْحَاج مِنْهَا وَسمع فِي توجهه بعقبة أَيْلَة على الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وأصيل الخضري وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ من المطولات وَغَيرهَا وَعرف العالي والنازل وقمش فِي طول هَذِه الْمدَّة بل وَبعدهَا أَيْضا عَمَّن دب ودرج وَأخذ عَمَّن هُوَ مثله بل وَمِمَّنْ دونه مِمَّن هُوَ فِي عداد من يَأْخُذ عَنهُ وَلم يتحاش عَن ذَلِك كُله حَتَّى أَنه سمع مني بِمَكَّة جملَة من تصانيفي وَحضر عِنْدِي مَا أمليته بهَا وسلك فِي صَنِيعه هَذَا مَسْلَك الْحفاظ الْأَئِمَّة وَصَارَ كثير المسموع والمروي والشيوخ وَخرج لنَفسِهِ ولأبيه المعجم والفهرست وَكَذَا خرج لأبي الْفَتْح ثمَّ أبي الْفرج المراغيين ولوالدهما وَلابْن أختهما الْمُحب المطري ولبلديهم النُّور الْمحلي سبط الزبير ولزينب ابْنة اليافعي وَعمل لَهَا العشاريات وللعز بن الْفُرَات ولسارة ابْنة ابْن جمَاعَة حَتَّى أَنه خرج لأَصْحَابه فَمن دونهم، وَعمل لنَفسِهِ المسلسلات وانتقى وحرر الْأَسَانِيد وَترْجم الشُّيُوخ وَمهر فِي هَذَا النَّوْع واستمد الْجَمَاعَة قَدِيما وحديثا من فَوَائده وعولوا على اعْتِمَاده وذيل على تَارِيخ بَلَده للتقي الفاسي وَعمل الألقاب وتراجم شُيُوخ شُيُوخه وَجمع تراجم سِتّ بيُوت من بيُوت مَكَّة وأفرد كل بَيت مِنْهَا فِي تصنيف لكنه أَكثر فِيهِ من ذكر المهملين وَالْأَبْنَاء مِمَّن لم يَعش إِلَّا أشهرا وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا فَائِدَة فِيهِ وهم الفهديون واستطرد فِيهِ إِلَى من تسمى بفهد أَو نسبه فَهد وَلَو لم يكن من بَيتهمْ مَعَ فَصله)
لهَؤُلَاء عَنْهُم وَسَماهُ بذل الْجهد فِيمَن سمي بفهد وَابْن فَهد والطبريون وَسَماهُ التَّبْيِين للطبريين والظهيريون وَسَماهُ الْمَشَارِق المنيرة فِي ذكر بني ظهيرة والفاسيون(6/128)
وَسَماهُ تذكرة النَّاسِي بأولاد أبي عبد الله الفاسي والنويريون وَسَماهُ بأولاد أَحْمد النويري يَعْنِي بِهِ أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْقسم بن عبد الرَّحْمَن والقسطلانيون وَسمي غَايَة الْأَمَانِي فِي تراجم أَوْلَاد الْقُسْطَلَانِيّ إِلَى غير ذَلِك مِمَّا أَكْثَره فِي المسودات ووقفت على أَكْثَره كالمعجم لمن كتب عَنهُ من الشُّعَرَاء ورتب أَسمَاء تراجم الْحِلْية والمدارك وتاريخ الْأَطِبَّاء وطبقات الْحَنَابِلَة لِابْنِ رَجَب والحفاظ للذهبي والذيول عَلَيْهِ على حُرُوف المعجم حَيْثُ يعين مَحل ذَاك الِاسْم من الْأَجْزَاء والطبقة ليسهل كشفه ومراجعته وَهُوَ من أهم شَيْء عمله وأفيده، كل ذَلِك مَعَ صدق اللهجة ومزيد النصح وعظيم الْمُرُوءَة وعَلى الهمة وَطرح التَّكَلُّف والعفة والشهامة والأعراض عَن بني الدُّنْيَا وَعدم مزاحمة الرؤساء وَنَحْوهم وَكَونه فِي التَّوَاضُع والفتوة وبذل نَفسه وفوائده وَكتبه وإكرامه للغرباء والوافدين بِالْمحل الْأَعْلَى، ومحاسنه جمة وَلم يعْدم مَعَ كثرتها من يُؤْذِيه حَتَّى من أفنى عمره فِي صحبته وعادى جمعا بمزيد محبته وَلكنه اعتذر واستغفر وعد ذَلِك من التَّقْصِير الَّذِي لَا ينْفَصل عَنهُ الْكثير من صَغِير وكبير وَلَو أعرض عَن الطَّائِفَتَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ وَجمع نَفسه على التصنيف والإفادة والتحديث لاستفاد وَأفَاد وَلكنه كثير الهضم لنَفسِهِ، وَقد عرض عَلَيْهِ شَيخنَا فِي سنة خمسين الْإِقَامَة عِنْده ليرشده لبَعض التصانيف فَمَا وَافق وَكَانَ رَحمَه الله كثير الْميل إِلَيْهِ والإقبال عَلَيْهِ وَأثْنى عَلَيْهِ كَمَا نقلته فِي الْجَوَاهِر وَمِمَّا كتبه إِلَيْهِ: وَقد كثر شوقنا إِلَى مجالستكم وتشوقنا إِلَى متجدداتكم ويسرنا مَا يبلغنَا من إقبالكم على هَذَا الْفَنّ الَّذِي باد جماله وحاد عَن السّنَن الْمُعْتَبر أَعماله:
(وَقد كُنَّا نعدهم قَلِيلا ... فقد صَارُوا أقل من الْقَلِيل)
فَللَّه الْأَمر، إِلَى أَن قَالَ: ويعرفني الْوَلَد بأحوال الْيمن وَمَكَّة ووفيات من انْتقل بالوفاة من نبهاء البلدين وَتَقْيِيد ذَلِك حسب الطَّاقَة وَلَا سِيمَا مُنْذُ قطع الْحَافِظ تَقِيّ الدّين تقييداته وَإِن تيَسّر للْوَلَد الْحُضُور فِي هَذِه السّنة إِلَى الْقَاهِرَة فليصحب مَعَه جَمِيع مَا تجدّد لَهُ من تَخْرِيج أَو تجميع ليستفاد انْتهى. وَلما قدم رَأَيْته اسْتعَار مِنْهُ أَسمَاء شُيُوخه ورأيته ينتقي مِنْهَا بل وَنقل عَنهُ فِي تَرْجَمَة رتن من كتاب الْإِصَابَة فَقَالَ:)
وجدت بِخَط عمر بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي وَذكر شَيْئا وَكفى بِهَذَا مدحه لكل مِنْهُمَا وَوَصفه بقوله مرّة من أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ نسبا وعلما وَأَنه جد واجتهد فِي تَحْصِيل الْأَنْوَاع الحديثية النَّبَوِيَّة وَأُخْرَى بِأَنَّهُ مُحدث كَبِير شرِيف من أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ وَأُخْرَى أَنه من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَرِجَاله وَمن أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ إِلَى غَيرهَا مِمَّا بَينته فِي الْجَوَاهِر والدرر وَلَو علم مِنْهُ تلفته للأوصاف وَالثنَاء لما تخلف عَن وَصفه(6/129)
بِالْحَافِظِ الَّذِي وصف بِهِ مَا لم ينْهض لمجموع مَا تقدم مِمَّن يسْعَى ويتوسل ويعادي وَلَا يسلم فِي وَصفه لَهُم بذلك من إِنْكَار والأعمال كلهَا بِالنِّيَّاتِ، وَكَذَا رَأَيْت التقي المقريزي روى عَنهُ فِي كراسة لَهُ فِي فضل الْبَيْت فَقَالَ: وَكتب إِلَى الْمُحدث الْفَاضِل أَبُو حَفْص بن عمر الْهَاشِمِي وشافهني بِهِ غير مرّة فَذكر شَيْئا بل وَصفه فِي تَرْجَمَة فتح الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح الْمدنِي قاضيها من عقوده بصاحبنا وَقَالَ فِي تَرْجَمَة أَبِيه مِنْهُ أَنَّهُمَا مُحدثا الْحجاز كثيرا الاستحضار وَأَرْجُو أَن يبلغ عمر فِي هَذَا الْعلم مبلغا عَظِيما لذكائه واعتنائه بِالْجمعِ وَالسَّمَاع وَالْقِرَاءَة بَارك الله لَهُ فِيمَا آتَاهُ وسَاق فِي عقوده فِي تَرْجَمَة أَبِيه نسبه إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، وَذكره ابْن أبي عذيبة فِي تَرْجَمَة وَالِده فَقَالَ: الْحَافِظ نجم الدّين من أَعْيَان فضلاء تِلْكَ الْبِلَاد وَإِلَيْهِ الْمرجع فِي هَذَا الْفَنّ وَهُوَ مِمَّن كتب عَنهُ أَيْضا واغتبط بِهِ حفاظ شُيُوخه كَابْن نَاصِر الدّين، وسافر مَعَه من بَلَده إِلَى حلب والبرهان الْحلَبِي وأنزله فِي بَيت وَلَده كَمَا قَدمته عَنْهُمَا وَقَالَ ثَانِيهمَا كَمَا قرأته بِخَطِّهِ أَنه قَرَأَ عَليّ شَيْئا كثيرا جدا واستفاد وَكتب الطباق والأجزاء ودأب فِي طلب الحَدِيث، وقراءته سريعة وَكَذَا كِتَابَته غير أَنه لَا يعرف النَّحْو رده الله إِلَى وَطنه مَكَّة سالما، وَقَالَ الزين رضوَان فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ أَيْضا فِي بعض مجاميعه أَنه نَشأ فِي سَماع الحَدِيث بِمَكَّة على مشايخها والقادمين إِلَيْهَا من الْبِلَاد ثمَّ رَحل إِلَى الديار المصرية فَأكْثر بهَا من العوالي وَغَيرهَا ثمَّ رَحل إِلَى الْقُدس والخليل وَأخذ عَن الْمَوْجُودين بهما إِلَى دمشق فَأخذ عَمَّن لقِيه بهَا وَكَانَ قد كتب كثيرا عَن حَافظ الْعَصْر والموجودين بِمصْر وَبَلغنِي أَنه كتب كَذَلِك بِالشَّام وَغَيرهَا فَالله تَعَالَى يَنْفَعهُ وإيانا وَجَمِيع الْمُسلمين بل وأسمع الزين الْمَذْكُور عَلَيْهِ وَلَده بعض الْأَحَادِيث فِي رحلته الأولى كَمَا أوردهُ فِي مسودة المتباينات للْوَلَد ولخص تراجم أَكثر شُيُوخ رحلته وَكَذَا صنع التقي القلقشندي فِي بعض التراجم، وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ وبمرافقته القطب الخيضري وَغَيره كالبقاعي وَمَا سلم من)
أَذَاهُ بعد مناكدته الَّتِي امْتنع صَاحب التَّرْجَمَة من أجلهَا لدُخُول إسكندرية رَغْبَة فِي عدم مرافقته بِحَيْثُ نتف من لحيته شَعرَات وَاسْتمرّ البقاعي مَعَ إِظْهَار الصُّلْح حاقدا وبالخفية مناكدا على جاري عوائده حَتَّى مَعَ كبار شُيُوخه وَأما أَنا فاستفدت مِنْهُ كثيرا وَسمعت مِنْهُ فِي سنة خمسين وَبعدهَا أَشْيَاء بل قَرَأت عَلَيْهِ فِي الطَّائِف وَمَكَّة أَشْيَاء وَكَذَا سمع عَلَيْهِ غير وَاحِد من أهل بَلَده والقادمين إِلَيْهَا، وَحدث بالكتب الْكِبَار وَقَرَأَ عَلَيْهِ التقي الجراعي أحد أَئِمَّة الْحَنَابِلَة فِي مجاورته مُسْند الإِمَام أَحْمد وَعمل الْقَارِي يَوْم الْخَتْم قصيدة نظم فِيهَا مُسْند المسمع وامتدحه فِيهَا(6/130)
بل امتدحه أَيْضا غير وَاحِد، وبيننا من الْمَوَدَّة والإخاء مَا لَا أصفه وَله رَغْبَة تَامَّة فِي تَحْصِيل كل مَا يصدر عني من تأليف وَتَخْرِيج وَنَحْو ذَلِك بِحَيْثُ اجْتمع عِنْده من ذَلِك الْكثير، وَكتب لبَعض أَصْحَابه مراسلة مؤرخه بربيع الأول سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ قَالَ فِيهَا: وَالسَّلَام على سيدنَا وَشَيخنَا وبركتنا سَيِّدي الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الْكَبِير فلَان جمع الله بِهِ الشمل بِالْحرم الشريف قَرِيبا غير بعيد وَإِنِّي وَالله الْعَظِيم مشتاق كثيرا إِلَى رُؤْيَته وَوَاللَّه أود لَو كنت فِي خدمته بَقِيَّة الْعُمر لأستفيد مِنْهُ وَلَكِن على كل خير مَانع، وَفِي أُخْرَى إِلَى مؤرخة برجب قبل مَوته بِشَهْر لما بلغه مَا عرض فِي ذراعي بِسَبَب السُّقُوط فِي الْحمام ثمَّ حُصُول الْبُرْء مِنْهُ مَا نَصه: وَللَّه الْحَمد على الْعَافِيَة وَالله يمتع بوجودك الْمُسلمين ويديم بَقَاءَك فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة لَا أعلم لَك فِي الدُّنْيَا نظيرا وَوَاللَّه كلما اطَّلَعت فِي مؤلفاتك وَمَا فِيهَا من الْفَوَائِد أَدْعُو لكم بطول الْحَيَاة وَلم أزل أبث محاسنكم فِي كل مجْلِس وأدعو لكم بِظهْر الْغَيْب فَالله تَعَالَى يتَقَبَّل ذَلِك بمنه وَكَرمه وَكَلَامه فِي هَذَا المهيع كثير جدا.
وَلم يزل على طَرِيقَته مَعَ انحطاطه قَلِيلا وَضعف بَصَره حَتَّى مَاتَ فِي وَقت الزَّوَال من يَوْم الْجُمُعَة سَابِع رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ بعد عصرها ثمَّ دفن عِنْد قُبُورهم وتأسف القَاضِي وَجَمِيع أحبابه على فَقده وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله ورثاه السراج معمر الْمَالِكِي وَغَيره رَحمَه الله وإيانا وعوضنا وإياه خيرا.
عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عمر بن إِبْرَاهِيم السراج بن الصَّدْر بن نَاصِر الدّين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن الْبَارِزِيّ. ولد فِي ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل قَلِيلا وباشر كِتَابَة سر بَلَده من حَيَاة وَالِده ثمَّ قضاءها ثمَّ أعرض عَن ذَلِك ولقيته بِمَكَّة حِين مجاورته بهَا)
أَيْضا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ هُوَ وَولده عبد الباسط فَأخذ عني يَسِيرا.
عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن إِبْرَاهِيم الشاوري اليمني نزيل مَكَّة وَيعرف بالعرابي بِالتَّخْفِيفِ والإهمال. أَخذ بِالْيمن عَن أَحْمد الحرضي الْمُقِيم بِأَبْيَات حُسَيْن ونواحيها وَكَانَ من جلة أَصْحَابه وَعَن غَيره من صلحاء الْيمن ثمَّ قدم مَكَّة فِي سنة إِحْدَى عشرَة فاستوطنها حَتَّى مَاتَ لم يخرج مِنْهَا إِلَّا لزيارة الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة غير مرّة وَمرَّة فِي سنة تسع عشرَة إِلَى الْيمن ورزق حظا وافرا من الصّلاح وَالْخَيْر وَالْعِبَادَة وتزايد اعْتِقَاد النَّاس حَتَّى صَاحب مَكَّة حسن بن عجلَان فِيهِ بل كَانَ يكثر من زيارته وَيرجع إِلَيْهِ فِي بعض مَا يَقُوله وَاتفقَ فِي سنة سِتّ وَعشْرين أَنه خَالفه فِي شَيْء وَبَلغنِي تغير خاطره وَأَنه فهم أَنه بذلك تَتَغَيَّر حَاله فِي ولَايَته فبادر إِلَى استعطافه(6/131)
فَقَالَ لَهُ: قد فَاتَ الْأَمر، فَلم يلبث أَن عزل فِي أَوَائِل الَّتِي تَلِيهَا بل مَا تمت السّنة حَتَّى مَاتَ الشَّيْخ فِي آخر يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشري رَمَضَان سنة سبع وَعشْرين وَدفن من الْغَد بالمعلاة وازدحموا على نعشه وَكَانَ منور الْوَجْه حسن الْأَخْلَاق والمعاشرة مَقْصُودا بالزيارة والفتوح من الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة، وَتَابَ على يَده من الْجبَال وتهامة وَغَيرهَا من الْيمن فَوق مائَة ألف وابتنى دَارا بِمَكَّة على الْمَرْوَة قبل مَوته بسنين وَبِه كَانَت وَفَاته رَحمَه الله وإيانا، ذكره الفاسي فِي مَكَّة والتقي بن فَهد فِي مُعْجَمه.
عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الْغَزِّي بن المغربي وَالِد المحمد بن قَاضِي الْحَنَفِيَّة وأخيه. كَانَ مالكي الْمَذْهَب خيرا. مَاتَ بعد الْأَرْبَعين.
عمر بن مُحَمَّد بن معيبد السراج أَبُو حَفْص الْأَشْعَرِيّ نسبا واعتقادا الزبيدِيّ بَلَدا ومولدا الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالفتى من الفتوة وَهُوَ لقب أَبِيه، ولد فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بزبيد وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَأول اشْتِغَاله على بلديه الْفَقِيه مُحَمَّد بن صَالح وَكَانَ كثير الدُّعَاء لَهُ وَهُوَ مِمَّن عرف بإجابة الدعْوَة بِحَيْثُ ظَهرت فِيهِ بركته وَثَمَرَة دُعَائِهِ ثمَّ قَرَأَ على الْكَمَال مُوسَى بن مُحَمَّد الضجاعي الْمِنْهَاج وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء من كتب الْفِقْه إِلَى أَن تميز ثمَّ انْتقل فِي سنة سِتّ وَعشْرين إِلَى الشّرف بن الْمقري بِبَلَد ابْن عجيل الْيَمَانِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْإِرْشَاد وَشَرحه بل وسمعهما أَيْضا ونظم ذَلِك كَمَا سَيَأْتِي مَعَ جَوَاب الشَّيْخ لَهُ ولازمه أتم مُلَازمَة دهرا طَويلا إِلَى أَن خرج فِي حَيَاته إِلَى بِلَاد أَصْحَاب شَرْقي زبيد على نَحْو يَوْم مِنْهَا فَمَكثَ بِبَعْض قراها وَقَرَأَ)
عَلَيْهِ بعض أهل تِلْكَ الْجِهَة مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى قَرْيَة من قراها أَيْضا وتعرف بالمشراح فَتزَوج امْرَأَة من فقهائها وقطنها عاكفا على الأشغال والتصنيف كل ذَلِك فِي حَيَاة شَيْخه وقصده الطّلبَة من الْأَمَاكِن النائية فَلَمَّا استولى عَليّ بن طَاهِر على الْيمن وَملك زبيد وَقرر الْفُقَهَاء فِي الْأَوْقَاف قدم عَلَيْهِ صَاحب التَّرْجَمَة فَأكْرمه ورتب لَهُ فِي الْوَقْف مَا يَكْفِيهِ وَعِيَاله، واستنابه الشَّمْس يُوسُف الْمقري فِي تدريس النظامية ثمَّ عينت لَهُ الهكارية اسْتِقْلَالا وباشر ذَلِك فَانْتَفع بِهِ الطّلبَة وتفقه عَلَيْهِ من لَا يُحْصى من بِلَاد شَتَّى وَكَثُرت تلامذته وَقصد بالفتاوى من الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة ثمَّ قَلّدهُ ابْن طَاهِر أَمر الْأَوْقَاف وصرفها لمستحقيها وَالْإِذْن فِي النِّيَابَة لمن لَا يحسن الْمُبَاشرَة وأشرك مَعَه فِي تقليدها غَيره مِمَّن كَانَ يتستر بِهِ فِي نِسْبَة مَا لم يكن لَهُ فِيهِ اخْتِيَار فتغيرت لذَلِك قُلُوب الْخَاصَّة على الشَّيْخ بعد أَن كَانَ مشكورا عِنْد الْخَاص وَالْعَام ملاحظا بِعَين التبجيل والإعظام ونسبوه إِلَى الْغَفْلَة وَعدم الْكَفَاءَة فِي ذَلِك، وَاسْتمرّ الْأَمر فِي تزايد إِلَى أَن توفّي ابْن طَاهِر وَاسْتولى(6/132)
بعده ابْن أَخِيه عبد الْوَهَّاب بن دَاوُد فقلد ذَلِك غَيره وَرجع صَاحب التَّرْجَمَة لما كَانَ عَلَيْهِ من التدريس والإفتاء والتأليف غير منفك عَن مُبَاشرَة وظائف التدريس بِنَفسِهِ إِلَّا لعذر من مرض وَغَيره بل لما ضعف عَن الْمَشْي صَار يركب، وَقَررهُ عبد الْوَهَّاب بعد ابْن عطيف فِي تدريس مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا فَلم تطل مدَّته فِيهَا. وَمن تصانيفه مهمات الْمُهِمَّات اختصر فِيهَا الْمُهِمَّات للأسنوي اختصارا حسنا اقْتصر فِيهِ على مَا يتَعَلَّق بالروضة خَاصَّة مَعَ مباحثات مَعَ الأسنوي واستدراك كثير وَكَانَ قد شرع فِيهِ من حَيَاة شَيْخه وَقُرِئَ عَلَيْهِ غير مرّة ونقحه وحرره حَتَّى صَار فِي نِهَايَة الإفادة والنكيتات الواردات على مَوَاضِع من الْمُهِمَّات والإبريز فِي تَصْحِيح الْوَجِيز الَّذِي قَالَ أَنه لم يسْبق لمثله والإلهام لما فِي الرَّوْضَة لشيخه من الأوهام، وَكَانَ يرجح مُخْتَصر الرَّوْضَة للأصفوني عَلَيْهِ لعدم تقيده فِيهِ بِلَفْظ الأَصْل الَّذِي قد يُؤَدِّي لتباين ظَاهر بِخِلَاف الأصفوني فَهُوَ متقيد بِلَفْظ الأَصْل وَلكنه يرجح الرَّوْض من حَيْثُ التَّقْسِيم وأفراد زَوَائِد الْأَنْوَار على الرَّوْضَة وَسَماهُ أنوار الْأَنْوَار وَكَذَا فعل فِي جَوَاهِر الْقَمُولِيّ وشرحي الْمِنْهَاج والعمدة والعجالة كِلَاهُمَا لِابْنِ الملقن وَكَانَ يَقُول: من حصلها مَعَ الرَّوْضَة اسْتغنى عَن تِلْكَ الْكتب سمى أَولهَا جَوَاهِر الْجَوَاهِر وَهُوَ فِي نَحْو ثَلَاثَة وَأَرْبَعين كراسة وَثَانِيها تقريب الْمُحْتَاج فِي زَوَائِد شرح ابْن النَّحْوِيّ للمنهاج وَثَالِثهَا الصفاوة فِي زَوَائِد العجالة وبمكة من تصانيفه الْكثير. وَقد انْتفع بِهِ فِي الْفِقْه أهل الْيمن طبقَة)
بعد أُخْرَى حَتَّى أَن غَالب فُقَهَاء الْيمن من تلامذته وَأَصْحَابه وارتحل النَّاس إِلَيْهِ فِيهِ وَمَا لقِيت أحدا من أَصْحَابه إِلَّا وَيذكر عَنهُ فِي الْفِقْه أمرا عجبا وَأَنه فِي تفهيم الْأَشْيَاء الدقيقة وتقريبها إِلَى الأفهام لَا يلْحق وَأما الْإِرْشَاد وَشَرحه فَهُوَ الْمُنْفَرد بمعرفتهما مَعَ غَيرهمَا من تصانيف مؤلفهما حَتَّى تلقى الْإِرْشَاد عَنهُ من لَا يُحْصى كَثْرَة بِحَيْثُ كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ غير وَاحِد فِي الْمجْلس الْوَاحِد من مَكَان وَاحِد وَكَانَ يقْصد من الْمُحَقِّقين بالسؤال عَمَّا يقف عَلَيْهِم مِنْهَا وَكَذَا كَانَ يعرف الرَّوْضَة كَمَا يَنْبَغِي لِأَنَّهَا أقرأها غير مرّة مَعَ مُرَاجعَة مختصرة للمهمات وَأَصله وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ الأذكياء من الطّلبَة يرجحون فقهه على سَائِر الْمَشْهُورين فِي عصره وَصَارَ فَقِيه الْيمن قاطبة كل ذَلِك مَعَ النِّهَايَة فِي الذكاء والذهن الثاقب والاقتدار على رَشِيق الْعبارَات مَعَ حبسة فِي كَلَامه بِحَيْثُ لَا يفهمهُ إِلَّا من مارسه، هَذَا مَعَ لطافة الطَّبْع ونظم لَكِن على طَريقَة الْفُقَهَاء وَكَونه فِي حسن الْخلق بِالْمحل الْأَعْلَى ومزيد الشَّفَقَة على سَائِر النَّاس وانقياده للْمَرْأَة وَالصَّغِير والمسكين وسعيه فِي إِزَالَة ضَرُورَة من يَقْصِدهُ فِي ذَلِك بِكُل طَرِيق. مَاتَ فِي صفر(6/133)
سنة سبع وَثَمَانِينَ وارتجت النواحي لمَوْته، وَخلف من الْأَوْلَاد عبد الله ومحمدا وَكَانَ لَهُ ابْن نجيب اسْمه عبد الرَّحْمَن مَاتَ قبله وأظلمت الْبِلَاد كَمَا كتبه لي بعض طلبته مِمَّن أَخذ عني لفقد السراج ونال الْعباد من التأسف لفراقه ضد مَا كَانُوا فِيهِ من الابتهاج لِأَن النَّاس كَانُوا يفزعون إِلَيْهِ فِي كل معضلة من ظلم ظَالِم أَو قهر حَاكم أَو عناد مخاصم فَلَا يقصر عَن نفعهم جهده قَالَ: وَفِي آخر مرّة صَار من أهل الْمعرفَة بِاللَّه والنور يذكر من يلقاه بِالآخِرَة ويحقر عِنْده الدُّنْيَا ويسليه عَنْهَا وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا فَاتَهُ مِنْهَا وَلم يمسك طول عمره ميزانا وَلَا مكيالا وَلَا تعاطى بيعا وَلَا شِرَاء وَلَا ملك دَارا وَلَا عقارا وَجَمِيع أَهله وخدمه أُمَرَاء عَلَيْهِ يرجع إِلَى قَوْلهم فِي أَمر الدُّنْيَا والمعيشة دون غَيره وَهَذَا حَال الزهاد فِي الدُّنْيَا بل كَانَ تَارِكًا لاختياره مَعَ اخْتِيَار طلبته فِي الْقِرَاءَة ومقدارها وإجابته كل من سَأَلَهُ فِي الْقِرَاءَة مراعيا لجبر خاطرهم رَحمَه الله وإيانا ونفعنا بِهِ، وَكتب لشيخه فِي أَبْيَات مِنْهَا:
(ثمَّ على من اقتفاهم فِي الْأَثر ... وَبعده فقد قَرَأت الْمُخْتَصر)
(أعنى بِهِ الْإِرْشَاد فرع الْحَاوِي ... مَعَ شَرحه عمدتي الفتاوي)
(قِرَاءَة بالبحث وَالتَّحْقِيق ... محكمَة بالفحص والتدقيق)
)
(ثمَّ سَمِعت مرّة هذَيْن ... مَعَ الْفَقِيه الْفَاضِل الْحُسَيْن)
(على الإِمَام شَيخنَا المُصَنّف ... الْفَاضِل الصَّدْر البليغ الشّرف)
(شيخ الشُّيُوخ الْمُفْهم العلامه ... اللوذعي المصقع الفهامه)
(أبي الذَّبِيح إِسْمَاعِيل بن الْمقري ... الشاوري الشغدري الْمقري)
(لَا بَرحت أفكاره تجول ... فِي كل مَا لَا تُدْرِكهُ الْعُقُول)
(فكم بِهِ من معضل قد اتَّضَح ... وحاسد معاند قد افتضح)
(لَا زَالَ بالأقلام وَاللِّسَان ... مدمر المزور الْبُهْتَان)
(يصدع بِالْحَقِّ وَبِالْقُرْآنِ ... معتصما بِاللَّه وَالْإِيمَان)
(مناصرا فِي الله لِلْإِسْلَامِ ... يذب عَنهُ وَله يحامي)
(من لم يسلم كل مَا أَقُول ... فَهُوَ حسود وَبِه جهول)
إِلَى أَن قَالَ:
(وَبعدهَا أجَاز لي الروايه ... بشرطها عِنْد أولي الدرايه)
(فِي كل مَا صنفه أَو قَالَه ... نثرا ونظما وَجَمِيع مَاله)
(أجَازه فِيهِ كروض الطَّالِب ... وَغَيره من حسن المناقب)
فَأَجَابَهُ شَيْخه بقوله:
(هَذَا صَحِيح كَانَ مَا قد ذكرا ... من أَنه قرا عَليّ مَا قرا)(6/134)
(وَمَا حَكَاهُ من سَماع قد جرى ... قِرَاءَة أوسعها تدبرا)
(بفطنة أغْنى بهَا من حضرا ... عَن أَن يُطِيل الْبَحْث فِيمَا قد قرا)
(حقق مَعْنَاهُ بهَا وحررا ... وَصَارَ فِيهِ الْيَوْم أدرى من درى)
(أجزته أَن يروي المختصرا ... وَشَرحه وَالرَّوْض ثمَّ مَا جرى)
(بِهِ من الْعلم لساني فِي الورى ... أَو جَازَ أَن أرويه أَو أنشرا)
(علما بِهِ امتاز بِهِ واستأثرا ... بِهِ من التَّقْوَى وَفضل ظهرا فِي أَبْيَات)
عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عبد الله نَاصِر الدّين بن الشَّيْخ شمس الدّين الشنشي القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد خير الدّين مُحَمَّد الْآتِي وأخو الشَّمْس مُحَمَّد الَّذِي أرخه شَيخنَا فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة. ولد سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَمَات فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى)
وَخمسين.
عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عمر بن عوض بن عَطِيَّة بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السراج بن الشَّمْس بن الشّرف اللَّقَّانِيّ ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي الْآتِي أَبوهُ وجده. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانِينَ عَن ثَلَاث وَخمسين فَأكْثر وَصلي عَلَيْهِ فِي الْأَزْهَر، وَكَانَ غَالب عمره يتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت بالمكارية بِالْقربِ من الْأَزْهَر إِلَّا شهرا فِي أول ولَايَة قَرِيبه الْبُرْهَان الْمَاضِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة لمباشرته النقابة نِيَابَة فِيهَا ثمَّ جَاءَ الْأَمر بِمَنْعه فَعَاد إِلَى حَاله، وَهُوَ مِمَّن سمع على شَيخنَا وَلم يكن بالمحمود سامحه الله وإيانا.
عمر بن مُحَمَّد بن يحيى بن شَاكر السراج بن البدري أبي البقا بن الجيعان. شَاب نضر خضر نجيب لَبِيب فطن لقن، تميز فِي الْمُبَاشرَة وَقَامَ عَن أَبِيه فِيهَا بِمَا دربه فِيهِ بِحَيْثُ صَار فِي ذَلِك رَأْسا بعد اعتنائه بِهِ حَتَّى حفظ الْقُرْآن وَبَعض كتب الْعلم وأشغله فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وأسمعه مني وكتبت لَهُ إجَازَة نوهت بِهِ فِيهَا وزوجه أَبوهُ بحفيدة عَم أَبِيه ابْنة أَمِير حَاج بن المجدي عبد الرَّحْمَن، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي شعْبَان سنة أَربع وَتِسْعين وَأَظنهُ زاحم الْعشْرين وارتجت الديار المصرية ونواحيها بل وَمَكَّة وتأسف النَّاس عَلَيْهِ ورثى لِأَبِيهِ كل من علمه بل قَالَ الشُّعَرَاء فِي رثائه القصائد الطنانة كالمحيوي الْقرشِي وكتبت لِأَبِيهِ من مَكَّة أعزيه فِيهِ عوضهما الله الْجنَّة.
عمر بن الشَّمْس مُحَمَّد وَيعرف بِابْن اللبان. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن عَليّ بن حسن.
عمر بن الخواجا الشَّمْس مُحَمَّد الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن النّحاس. مضى فِيمَن جده أَبُو بكر بن إِسْمَاعِيل.
عمر بن مُحَمَّد السراج أَبُو حَفْص النويري الشَّافِعِي. حفظ كتبا وَأخذ عَن(6/135)
الجمالين بن خطيب المنصورية والطيماني وَجمع مُخْتَصرا فِيهِ مسَائِل كَثِيرَة، وَولي قَضَاء طرابلس بعد أَبِيه وَكَانَت مُبَاشَرَته جَيِّدَة لَا بَأْس بهَا. مَاتَ فِيهَا مطعونا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَقد قَارب الْخمسين، وَهُوَ فِي أنباء شَيخنَا بِاخْتِصَار بِدُونِ اسْم أَبِيه.
عمر بن مُحَمَّد الزين الْحِمصِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. أحد فضلاء دمشق فِي مذْهبه مِمَّن يستحضر الْكثير من الرَّوْضَة مَعَ الدّين وَالْخَيْر وتكسبه من أنوال حَرِير يدولبها. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.)
عمر بن مُحَمَّد بن الزين الصَّفَدِي النيني. مضى فِيمَن جده أَبُو بكر.
عمر بن مُحَمَّد السراج الطريني الْمحلي الْمَالِكِي وَالِد مُحَمَّد وَأبي بكر وَيعرف بالطريني. كَانَ يعرف بِالْعلمِ وَالصَّلَاح وَله مؤلف كَبِير فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا، وَكَانَ فَقِيها فَاضلا زاهدا أَخذ عَنهُ ابْنه أَبُو بكر وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الولوي السنباطي الْفِقْه وَمَات فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشري ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَرَأَيْت من أرخها سنة عشْرين وَأَظنهُ غَلطا.
عمر بن مُحَمَّد السراج الدهتوري ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي، ودهتورة بالغربية قَرِيبا من زفتا. أحد الْخِيَار من قدماء الْأَزْهَر مِمَّن يصحح عَلَيْهِ الْأَبْنَاء ألواحهم وَرُبمَا أَقرَأ لِكَثْرَة دبكه وتوجهه للاستفتاء لما يعرض لَهُ من مُشكل وَغَيره بِحَيْثُ اجْتمع عِنْده جملَة من ذَلِك، وَهُوَ مِمَّن لَازم الْمَنَاوِيّ بل أَخذ عَمَّن أقدم مِنْهُ كالونائي والقاياتي مَعَ جموده وتجرعه الْفَاقَة حَتَّى أَنه أَقرَأ فِي مكتب الْأَيْتَام لخير بك من حَدِيد بِالْقربِ من مدرسته بزقاق حلب وَكَانَ يذهب إِلَيْهِ مَاشِيا فَلَمَّا عجز صَار يركب وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْخَيْر. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع وَتِسْعين بالطاعون عَن بضع وَسبعين، وَكَانَ زوجا لابنَة خَاله الشَّيْخ عمر الزفتاوي رحمهمَا الله وإيانا وصاهره نَاصِر الدّين العجماوي على ابْنَته واستولدها.
عمر بن مُحَمَّد النَّجْم النعماني نِسْبَة للْإِمَام أبي حنيفَة النُّعْمَان الْبَغْدَادِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ.
قدم الْقَاهِرَة فِي سنة خمسين وَبِيَدِهِ حسبَة دمشق ووكالة بَيت المَال وعدة وظائف فَنزل فِي زَاوِيَة التقي رَجَب العجمي تَحت قلعة الْجَبَل فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي رَابِع صفر مِنْهَا فأسف السُّلْطَان عَلَيْهِ وَأمرهمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي مصلى المؤمني وَنزل فصلى عَلَيْهِ وَدفن بتربة التقي الْمَذْكُور من القرافة الصُّغْرَى عَفا الله عَنهُ، وَينظر أهوَ قريب حميد الدّين مُحَمَّد بن تَاج الدّين القَاضِي.
عمر بن مُحَمَّد البعلي وَيعرف بِابْن التركماني. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: أحد الشُّهُود ببعلبك مِمَّن لَا يُشَاقق رفقته وَلَا يشاطط فِي الْأُجْرَة وَله نظم(6/136)
نَازل. مَاتَ فِي ثامن عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ رَحمَه الله.
عمر بن مُحَمَّد الغمري وَيعرف بِابْن المغربية أحد أَصْحَاب أبي عبد الله المغربي. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَكَانَ إنْسَانا حسنا منور الشيبة بهي الْهَيْئَة حسن الْعبارَة متوددا محببا إِلَى النَّاس، حج وقارب الثَّمَانِينَ رَحمَه الله.)
عمر بن مُحَمَّد الطرابلسي الْحَنَفِيّ. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: شَاعِر مَقْبُول قدم الْقَاهِرَة فمدح بهَا الأكابر وأنشدني كثيرا من شعره ومدحني بِأَبْيَات. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة، زَاد فِي الأنباء عَن نَحْو الْخمسين وَوَصفه بالشاعر الماهر، وَذكره المقريزي فِي عقوده.
عمر بن مُحَمَّد الطرابلسي فَقِيه بعلبك ونزيل دمشق. مِمَّن درس فِيهَا بالمجاهدية الجوانية برغبة الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة لَهُ عَنهُ ثمَّ رغب هُوَ عَنهُ للبرهان بن الْمُعْتَمد.
عمر بن مُحَمَّد القلشاني بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون اللَّام ثمَّ مُعْجمَة أَو جِيم المغربي التّونسِيّ الْبَاجِيّ الأَصْل باجة تونس لَا الأندلس فَتلك مِنْهَا شَارِح الْمُوَطَّأ الْمَالِكِي وَالِد قَاضِي الْجَمَاعَة مُحَمَّد الْآتِي وأخو أَحْمد الْمَاضِي. أَخذ عَن أَبِيه وَغَيره وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة بتونس وأقرأ الْفِقْه والأصلين والمنطق والمعاني وَالْبَيَان والعربية وَحدث بالبخاري عَن أبي عبد الله بن مَرْزُوق وَشرح الطوالع شرحا حسنا لم يكمل انْتهى مِنْهُ أَكثر من مُجَلد إِلَى الإلهيات، وَأخذ عَنهُ خلق مِنْهُم وَلَده إِبْرَاهِيم الأخضري وغالب الْأَعْيَان وَأَبُو عبد الله التريكي وَآخَرُونَ مِمَّن لَقِينَاهُمْ كَابْن زغدان وَكَانَت ولَايَته أَولا قَضَاء الْأَنْكِحَة بِبَلَدِهِ كأبيه ثمَّ قَضَاء الْجَمَاعَة بعد موت أبي الْقسم القسنطيني وَكَانَ يكون بَينهمَا مَا بَين الأقران فدام بِهِ قَلِيلا حَتَّى مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَرَأَيْت من أرخه فِي سنة سبع وسمى جده عبد الله وَكَانَ أَبُو الْقسم قَامَ على أَخِيه أَحْمد بِسَبَب مَا وَقع مِنْهُ من نقل كَلَام بعض الْمُفَسّرين فِي قصَّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأفْتى بقتْله بل أفتى أَخُوهُ أَيْضا بذلك قبل علمه بِهِ فَلَمَّا تبن أَنه أَخُوهُ قَامَ فِي الدّفع عَنهُ، وَكَانَ فصيحا فِي التَّقْرِير بِحَيْثُ يَسْتَفِيد مِنْهُ من يكون بمجلسه من الْأَعْلَى والأدنى وَلَا يُمكن كَبِير أحد من الْكَلَام، وَرَأَيْت من قَالَ أَن سَبَب دُخُوله فِي الْقَضَاء أَن عَمه أَحْمد لم يسر سيرا بن عقارب الَّذِي كَانَ قبله فعز على الْملك وَاقْتضى رَأْيه صرفه بِابْن أَخِيه هَذَا وَحصل لِعَمِّهِ نكاية عَظِيمَة وَلَكِن أَعْطوهُ أُمَامَة جَامع الزيتونة وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فَالله أعلم.
عمر بن مُحَمَّد المالقي شَاعِر الأندلس.
عمر بن مُحَمَّد المرشدي الْمَكِّيّ الْمُقْرِئ وَالِد أبي حَامِد مُحَمَّد الْآتِي. شيخ خير تَلا بالسبع أفرادا وجمعا على الزين بن عَيَّاش ثمَّ جمعا على ابْن يفتح(6/137)
الله السكندري حِين مجاورته الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَأذن كل مِنْهُمَا لَهُ بل قل أَن ابْن عَيَّاش كَانَ يقرئ إِلَّا من يقْرَأ عَلَيْهِ أَولا، وَكَانَت)
عِنْده شَعْرَة مُضَافَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تلقاها عَن أَبِيه المتلقي لَهَا عَن شيخ بَيت الْمُقَدّس كَانَت عِنْده سِتّ شَعرَات ففرقها عِنْد مَوته بِالسَّوِيَّةِ على ثَلَاثَة أنفس هُوَ أحدهم فَضَاعَت شَعْرَة مِنْهُمَا، وَقد تبركت بهَا عِنْده فِي سنة سِتّ وَخمسين، وَلم يلبث بعد قِرَاءَته على ابْن يفتح الله ووفاته إِلَّا يَسِيرا، وَمَات فِي لَيْلَة الْخَمِيس سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
أرخه ابْن فَهد وسمى جده أَبَا بكر بن عَليّ بن يُوسُف وأرخ مولده فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانِي عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة، وَهُوَ مِمَّن سمع على أَبِيه التقي بن فَهد، وَقد صاهره الْمُحب الطَّبَرِيّ الإِمَام على أُخْته فاستولدها أَوْلَاده الذُّكُور الثَّلَاثَة وَغَيرهم وَكَانَ يستنيبه فِي إِمَامَة الْمقَام بل استناب أَبَا حَامِد ابْنه، وَولى نظر الظَّاهِرِيَّة بِمَكَّة إِمَّا بنزول من شَيْخه ابْن عَيَّاش أَو بعده.
عمر بن مُحَمَّد الْيَمَانِيّ مُسْتَوْفِي الدِّيوَان بجدة. مضى فِي عَليّ.
عمر بن مَحْمُود بن مَحْمُود السراج البرديني الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الضَّرِير. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عمر بن مصلح السراج الْمحلي. أَخذ عَنهُ الْفَرَائِض الْجلَال مُحَمَّد بن ولي الدّين أَحْمد الْمحلي السمنودي وَقَالَ أَنه توفّي تَقْرِيبًا سنة خمس وَأَرْبَعين.
عمر بن مظفر الْحَنْبَلِيّ. فِي ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر.
عمر بن أبي الْمَعَالِي الْفَقِيه تَقِيّ الدّين الزبيدِيّ أَخُو أبي بكر الْآتِي. ولد فِي حُدُود سنة سبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا كريم النَّفس حسن الْأَخْلَاق عذب المجالسة يحفظ كثيرا من التواريخ وَالْأَخْبَار ولي الْقَضَاء بحيس وتدريس السيفية بزبيد بعد أَخِيه. مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ.
عمر بن مَنْصُور بن سُلَيْمَان السراج القرمي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد أفضل الدّين مَحْمُود الْآتِي وَيعرف بالعجمي وَيُقَال لَهُ عمر فلق لِأَنَّهُ كَانَ إِذا أَرَادَ تَأْدِيب أحد قَالَ: هاتوا فلق، ترافق مَعَ الْجمال مَحْمُود القيصري بِحَيْثُ كَانَ لشدَّة صحبته لَهُ يظنّ أَنه أَخُوهُ فَلَمَّا ولي الْجمال حسبَة الْقَاهِرَة قَرَّرَهُ فِي حسبَة مصر ثمَّ ولي هُوَ حسبَة الْقَاهِرَة ودرس بِجَامِع ابْن طولون فِي الْفِقْه وبالمنصورية فِي التَّفْسِير وَكَذَا ولي مشيخة الأيتمشية بِبَاب الْوَزير وتدريسها من واقفها وَغَيرهَا، وَكَانَ حسن الْعشْرَة وَالصَّلَاة مَحْمُود الْمُبَاشرَة جميل الصُّورَة مليح الشكل طلق الْمحيا قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه، زَاد فِي مُعْجَمه:)
وَكَانَ مزجي البضاعة من الْعلم وَله مهابة(6/138)
قَرَأت عَلَيْهِ أَشْيَاء وَأَنا شَاب، وَكَذَا قَالَ الْعَيْنِيّ أَنه كَانَ يعرف بعض الْعُلُوم وَلكنه كَانَ عريض الدَّعْوَى ولي حسبَة الْقَاهِرَة فِي دولة منطاش فَتَأَخر بِسَبَب ذَلِك عِنْد الظَّاهِر برقوق. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ منتصف جُمَادَى الأولى سنة تسع وأرخه شَيخنَا فِي إنبائه فِي الْعشْر الأول من جُمَادَى الْآخِرَة، وَفِي مُعْجَمه بجمادى الأولى وَهُوَ الصَّوَاب وَلذَا تبعه المقريزي فِي عقوده وترجمه بِأَنَّهُ كَانَ حسن الصَّلَاة يعدل أَرْكَانهَا ويطيل الْقيام فِي الْقِرَاءَة ويبالغ فِي الطُّمَأْنِينَة فِي رُكُوعه وَسُجُوده وجلوسه مُخَالفا لحنفية زَمَاننَا وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْخَيْر وسلامة الْبَاطِن مَعَ جمال الصُّورَة وملاحة الشكل اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَنعم كَانَ بشرا وطرقة وَجه وَقد تلقى عَنهُ الإيتمشية الْبَدْر الأقصرائي ظنا وَقَالَ المقريزي أَيْضا: كَانَ فَقِيها بارعا فَاضلا مشكور السِّيرَة فِي دينه ودنياه ذَا عبارَة وأوراد من صَلَاة وَقِرَاءَة وصدقات وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْخَيْر وسلامة الْبَاطِن مَعَ جمال الصُّورَة والبشاشة والطلاقة تصدى للإقراء والتدريس رَحمَه الله.
عمر بن مَنْصُور بن عبد الله السراج القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالبهادري. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة واشتغل بالفقه والعربية والطب والمعاني وَغَيرهَا حَتَّى مهر واشتهر ودرس وَصَارَ يشار إِلَيْهِ فِي فضلاء الْحَنَفِيَّة بِحَيْثُ نَاب فِي الحكم والأطباء بِحَيْثُ انْفَرد فِيهِ وَاسْتقر فِي تدريسي البيمارستان وجامع طولون فِي الطِّبّ وَلكنه لم يكن مَحْمُود العلاج. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي عشر شَوَّال سنة أَربع وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه، وَقَالَ غَيره: كَانَ إِمَامًا بارعا فِي الْفِقْه والنحو واللغة انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة فِي الطِّبّ وَتقدم فِيهِ على أقرانه حفظا واستحضارا وَمَعَ ذَلِك فَغَيره مِمَّن لَا نِسْبَة لَهُ بِهِ فِيهِ أمهر دربة لقلَّة مُبَاشَرَته وَعدم تكسبه مِنْهُ وَإِنَّمَا يطْلب للأكابر والأعيان فِي الْأَمْرَاض الخطرة وَكَانَ شَيخا معتدل الْقَامَة مصفر اللَّوْن جدا وَلم يخلف بعده مثله فِي الطِّبّ وَقد ترشح للرياسة فِي الْأَيَّام المؤيدية فتعصب نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ عَلَيْهِ بعد أَن عقد لَهُ مجْلِس ظهر فِيهِ تَقْدِيمه على من نازعه بِحَيْثُ قَالَ الْبِسَاطِيّ: وَكَانَ مِمَّن حضر مَا كنت أَظن أَن ثمَّ من يحسن تَقْرِير الطِّبّ هَكَذَا وَمَعَ هَذَا فأخرجت الرياسة عَنهُ لِابْنِ بطيخ وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ فِيهِ الشّرف بن الخشاب وَأذن لَهُ بل رغب عَن التدريسين الْمشَار إِلَيْهِمَا وَاتفقَ مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي رَحمَه الله.)
عمر بن مَنْصُور العجيسي الجزيري. مَاتَ سنة تسع وَأَرْبَعين.
عمر بن مُوسَى بن الْحسن السراج الْقرشِي المَخْزُومِي الْحِمصِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْحِمصِي. ولد بهَا فِي رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة(6/139)
كَمَا أَخْبرنِي بِهِ وأختلف النَّقْل عَنهُ فِيهِ وفيمن بعد الْحسن كَمَا بَينته فِي مَكَان آخر وَنَشَأ بهَا فِيمَا زعم فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الْعَلَاء الرديني الضَّرِير وَقَالَ أَنه تَلا بِهِ لعاصم على الشهَاب البرمي بِفَتْح الْمُوَحدَة والمهملة الضَّرِير وَأَنه حفظ الْإِلْمَام والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا، وَعرض الْمِنْهَاج على شَيْخه إِمَام حمص الشهَاب أَحْمد بن الشَّيْخ حُسَيْن أحد الآخذين عَن الشّرف الْبَارِزِيّ تلميذ النَّوَوِيّ فَالله أعلم وتفقه بِهِ يَسِيرا وَاجْتمعَ فِيهَا بالسراج البُلْقِينِيّ والبدر بن أبي البقا وَعرض عَلَيْهِمَا بعض محفوظاته وَكَذَا لَقِي البُلْقِينِيّ بعد ذَلِك فِي سنة أَربع أَو خمس وَتِسْعين حِين سَفَره مَعَ الظَّاهِر برقوق، وانتقل بِهِ أَبوهُ إِلَى دمشق فِي سنة سبعين فَأخذ الْفِقْه عَن الشّرف الشريشي والشهاب الزُّهْرِيّ وَعنهُ أَخذ الْأُصُول والزين عمر الْقرشِي والشهاب بن حجي والعربية عَن الْأَنْطَاكِي والأبياري وَأَنه سمع على الزينين الْقرشِي الْمَذْكُور وَابْن رَجَب، وَفِي بعلبك على الْعِمَاد بن بردس وَأَنه سمع عَلَيْهِ مُسلما، ثمَّ نَقله أَبوهُ إِلَى حماة سنة أَربع وَسبعين فاشتغل بالنحو أَيْضا على الْجمال بن خطيب المنصورية والْعَلَاء بن المعلي، ثمَّ عَاد بِهِ إِلَى دمشق فَحَضَرَ مجَالِس الْجمال الطيماني وَغَيره وَأَنه ارتحل إِلَى الْقَاهِرَة عقب الْفِتْنَة فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فلازم البُلْقِينِيّ حَتَّى مَاتَ وَولده الْجلَال أَيْضا وَأخذ عَن الزين الْعِرَاقِيّ ألفيته رِوَايَة وَأَجَازَ لَهُ، ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام فِي سنة سبع فقطنها مُدَّة إِلَى أَن قتل النَّاصِر وناب فِيهَا عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الأخنائي، ثمَّ ولي قَضَاء طرابلس اسْتِقْلَالا ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَنزل بمدرسة البُلْقِينِيّ، وصاهر الْجلَال على جنَّة ابْنة أَخِيه الْبَدْر وَأقَام عِنْدهم وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس فَكَانَ فِي الْعَام الأول يدرس بهَا ثمَّ نَاب عَنهُ فِي الْعَام الثَّانِي، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي أَوَائِل الْقرن وجاور فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَاجْتمعَ هُنَاكَ بِابْن الْجَزرِي وَسمع عَلَيْهِ مَعَ شَيخنَا الزين رضوَان وَتوجه مِنْهَا إِلَى الْيمن فَدخل تعز وزبيد ونظم هُنَاكَ ردا على الفصوص لِأَبْنِ عَرَبِيّ فِي مائَة وَأَرْبَعين بَيْتا وراج أمره على أَهلهَا حَتَّى أَخذ عَنهُ الْجمال مُحَمَّد المزجاجي وَكتب لَهُ السراج هَذَا إجَازَة وقفت عَلَيْهَا بِخَط النفيس الْعلوِي فِيهَا من المختلقات مَا لَا يمشي على من لَهُ أدنى معرفَة كَمَا بَينته فِي مَوضِع)
آخر، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة وسافر مَعَ الْجلَال لما كَانَ صُحْبَة الظَّاهِر ططر إِلَى الشَّام وَعَاد مَعَه وَدخل إسكندرية وَغَيرهَا وَبعد موت ابْن البُلْقِينِيّ نَاب عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي شَوَّال سنة خمس وَعشْرين بأسيوط عوضا عَن قاضيها ابْن القوصية حِين غَضَبه مِنْهُ وحسبه فَأَقَامَ فِي قَضَائهَا عَنهُ ثمَّ عَن العلمي ثمَّ عَن شَيخنَا مُدَّة طَوِيلَة وَقَالَ أَنه عمر بهَا(6/140)
جَامعا وَأخذ عَنهُ هُنَاكَ الْكَمَال أَبُو بكر السُّيُوطِيّ بل أَخذ عه بِالْقَاهِرَةِ أَيْضا، ثمَّ ولي قَضَاء طرابلس أَيْضا ثمَّ قَضَاء دمشق عوضا عَن الْبَهَاء بن حجي فِي صفر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بأَرْبعَة آلَاف دِينَار ثمَّ صرف عَنْهَا وَولي مرّة أُخْرَى فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر محرم سنة أَربع وَأَرْبَعين ثمَّ انْفَصل عَنْهَا فِي رجبها بالشمس الونائي بعد تعزز مِنْهُ فِي الْقبُول، وسافر إِلَيْهَا فِي ذِي الْقعدَة ثمَّ وَليهَا أَيْضا عَن الْجمال الباعوني قبيل السِّتين، وَفِي خلال ذَلِك ولي أَيْضا طرابلس وأضيف إِلَيْهِ مَعَ قَضَائهَا نظر جيشها وَكَذَا ولي قَضَاء حلب ومشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس ونظرها ثمَّ الصلاحية الْمُجَاورَة لضريح الشَّافِعِي تدريسا أَيْضا ونظرا، وَلم يحمد فِي شَيْء من مباشراته وَذكر غير مرّة لقَضَاء الشَّافِعِيَّة بِمصْر بعناية زوج ابْنَته حَوَّاء أَمِير الْمُؤمنِينَ فَمَا تمّ وَكَانَ يزْعم لَقِي قدماء سوى كثير مِمَّن تقدم مِمَّا لم يعْتَمد فِي شَيْء مِنْهُ مَعَ تدافعه وَاخْتِلَاف مقاله فِيهِ بل قَالَ شَيخنَا أَنه لم يدْخل الْقَاهِرَة إِلَّا فِي سنة أَربع عشرَة، وَابْن قَاضِي شُهْبَة أَنه أخبرهُ أَنه رأى ابْن كثير يدرس بالجامع الْأمَوِي بعد مَا عمى مَعَ أَن أرفع قوليه فِي مولده لَا يلتئم مَعَ هَذَا الْمَوْت ابْن كثير قبله، نعم سَمَاعه على ابْن الْجَزرِي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والجلال اليلقيني وَشَيخنَا والطبقة وَغير مَدْفُوع بل أثبت صاحبنا النَّجْم بن فَهد سَمَاعه فِي التَّيْسِير للداني على عبد الله بن خَلِيل الحرستاني وَكَأَنَّهُ وقف عَلَيْهِ وَكَذَا كَانَ يملى لنَفسِهِ تصانيف كَثِيرَة لم أَقف على شَيْء مِنْهَا نعم قَالَ شَيخنَا فِي حوادث سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ من أنبائه أَنه نظم وَهُوَ على قَضَاء طرابلس قصيدة تائية تزيد على مائَة بَيت فِي إِنْكَار تَكْفِير الْعَلَاء البُخَارِيّ لِابْنِ تَيْمِية وموافقته للمصرين فِيمَا أفتوا بِهِ من مُخَالفَته وتخطئته فِي ذَلِك وفيهَا أَن من كفر ابْن تَيْمِية هُوَ الْكَافِر وَأَن ابْن زهرَة قَامَ على السراج بِسَبَبِهَا وكفره وَتَبعهُ أهل الْبَلَد لحبهم فِي عالمهم ففر هَذَا مِنْهُم إِلَى بعلبك وَكَاتب أَرْبَاب الدولة فأرسلوا لَهُ مرسوما بالكف عَنهُ واستمراره على حَاله فسكن الْأَمر وَقَالَ الشَّمْس السُّيُوطِيّ الْموقع أَنه حفظ سطور الْإِعْلَام فِي معرفَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام تصنيفه وَعمل أَيْضا لما تزوج الْجلَال البُلْقِينِيّ هَاجر ابْنة تغري بردى صَدَاقهَا عَلَيْهِ فِي نَحْو ثلثمِائة)
بَيت وَقد كثر اجتماعي بِهِ وَلما كنت بِدِمَشْق كَانَ قاضيها حِينَئِذٍ فَسمِعت من الشاميين فِي حَقه قوادح بل كَانَ البلاطنسي يرميه بِأَمْر عَظِيم والبرهان الباعوني يهجوه بالعجر والبجر حَتَّى أَنه أَعْطَانِي من ذَلِك مَا لَو بيض لَكَانَ فِي مُجَلد. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ إنْسَانا طوَالًا مفوها جريئا مشاركا فِي الْفَضَائِل ذَا نظم ونثر متوسطين. مَاتَ فِي الْعشْر الْأَخير من صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بِبَيْت الْمُقَدّس وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَبَلغنِي(6/141)
أَنه لما وصل الْخَبَر بذلك لدمشق سجد الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة لله شكرا وسر الْخلق هُنَاكَ بِمَوْتِهِ وَلم يصلوا عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب عَفا الله عَنهُ وإيانا، وَعِنْدِي فِي تَرْجَمته من معجمي زِيَادَة على مَا هُنَا.
عمر بن يحيى بن أَحْمد بن النَّاصِر يحيى السراج بن الشّرف الرسولي الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ أَخُو إِسْمَاعِيل الْمَاضِي وسبط الْجمال مُحَمَّد بن الضياء الْحَنَفِيّ، أمه أم هَانِئ وَيعرف كسلفه بِابْن سُلْطَان الْيمن. ولد بِمَكَّة فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة مِمَّن سمع مني بِمَكَّة وَأثبت لَهُ ولأخيه فِي سنة بضع وَتِسْعين نظر الْمدَارِس الرسولية بِمَكَّة حَتَّى آجرا كَاتب السِّرّ الزيني الْمدرسَة المنصورية ثمَّ حلا لَهما ذَلِك فرافعا حَتَّى أخذا المجاهدية والأفضلية مِمَّن هما تَحت يَده ثمَّ مَا قنعا بذلك حَتَّى استنجزا فِي سنة خمس وَتِسْعين مرسوما بِقَبض الْمَعْلُوم الْوَاصِل للثَّلَاثَة الْمدَارِس ثمَّ أجر الْأَفْضَلِيَّة للبدري بن جيعان وَلم يسْتَثْن مَسْجِدهَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.
عمر بن يحيى بن سُلَيْمَان البوصيري الغمري الْخَطِيب بن الْخَطِيب. فَقير حج وجاور معي فِي سنة إِحْدَى وَسبعين ولازمني فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وَهُوَ مِمَّن يقْرَأ الْقُرْآن.
عمر بن يحيى بن عبد الله بن عَليّ بن عمرون البعلي. سمع من عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابْن الزعبوب صَحِيح البُخَارِيّ وَذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه بِدُونِ زِيَادَة.
عمر بن يَعْقُوب بن أَحْمد أَبُو حَفْص الطَّيِّبِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ الضَّرِير أَخذ الْقرَاءَات عَن الزين عمر بن اللبان الْمَاضِي بِأَخْذِهِ لَهَا عَن أَبِيه وَغَيره وَكَانَ أَخذ عَن ابْن الْجَزرِي وَكَانَ فَقِيها بالشامية البرانية وَأحد الْقُرَّاء بِدِمَشْق مِمَّن حفظ الْمِنْهَاج وَالْحَاوِي مَعًا وَغَيرهمَا وَسكن الصالحية وتلا عَلَيْهِ غير وَاحِد وَيُقَال أَنه حج مَاشِيا فِي قبقاب وَأَنه إِذا سمع الْقُرْآن لَا يَتَمَالَك نَفسه من الْبكاء، وَقد رَأَيْته بالصالحية وَعلمت علو همته وَأَجَازَ للشمس النوبي بعد السّبْعين.
عمر بن يَعْقُوب الْكَمَال الْبَلْخِي. يَأْتِي فِيمَن لم يسم أَبوهُ.
عمر بن أبي الْيمن. فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد.)
عمر بن يُوسُف بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خلف بن غالي بن مُحَمَّد بن تَمِيم السراج أَبُو عَليّ بن أبي كَامِل بن الْعَلامَة الْجمال العفيفي نِسْبَة لعفيف الدّين أحد أجداده القبايلي اللَّخْمِيّ السكندري الْمَالِكِي وَيعرف بالبسلقوني لنزوله بهَا وقتا شيخ الْفُقَرَاء الأحمدية. ولد فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بإسكندرية وَخرج بِهِ جده إِلَى إقطاعه قَرْيَة البسلقون بِقَلِيل فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن(6/142)
توفّي جده وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَقَالَ أَنه حفظ الْبَقَرَة فِي يَوْم وَاحِد ثمَّ رَحل بِهِ أَبوهُ إِلَى الثغر وَسنة دون الْعشْر فيجع أَبوهُ إِلَى البسلقون وتخلف هُوَ بالثغر فحفظ الرسَالَة والشاطبية وألفية ابْن ملك وَعرض على جمَاعَة وتفقه بالشهاب أَحْمد بن صلح بن حسن اللَّخْمِيّ وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ الفلاحي وَأخذ النَّحْو عَنهُ وَعَن مَنْصُور بن عبد الله المغربي وأصول الْفِقْه عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن يَعْقُوب الغماري الْمَالِكِي وأصول الدّين عَن المحيوي يحيى الهني قَالَ: وانتفعت بِهِ كثيرا والمعاني وَالْبَيَان عَن السراج عمر بن نبوه الطنتداوي وتلا بالسبع على الْوَجِيه أبي الْقسم عبد الرَّحْمَن بن نَاصِر الدّين أبي عَليّ مَنْصُور بن مُحَمَّد بن سعد الدّين مَسْعُود الفكيري خطيب الْجَامِع الغربي بالثغر إفرادا ثمَّ جمعا إِلَى آخر سُورَة الْأَنْعَام وَيَعْقُوب من أَوله إِلَى آخر الْمَائِدَة وَعرض عَلَيْهِ الشاطبية حفظا فِي مجْلِس وَكَذَا جَمِيع الرسَالَة والرائية وعدة الْمجِيد وعمدة الْمُفِيد فِي التجويد للسخاوي وقصيدة الخالقاني فِي مجَالِس مُتَفَرِّقَة وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا أجَاز لَهُ مُحَمَّد بن يُوسُف الكفرائي وتلا على عَمه الشهَاب أَحْمد للدوري عَن أبي عَمْرو وعَلى الشّرف يَعْقُوب الجمشني لأبي عَمْرو تَامَّة وَمن أول الْفَاتِحَة إِلَى يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر للسبعة وَأذن لَهُ فِي الإقراء وعَلى مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الْخَالِق اللَّخْمِيّ إفرادا لكثير من السَّبْعَة ثمَّ جمعا لَهَا بِبَعْض الْقُرْآن وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشاطبية حفظا وَأذن لَهُ فِي الإقراء أَيْضا فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَلأبي عَمْرو فَقَط على الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد القافري وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد السلاوي وَأخذ الْفَرَائِض عَن الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْجمال أبي مُحَمَّد يُوسُف الحريري الشَّافِعِي قَرَأَ عَلَيْهِ جَمِيع الرحبية وكفاية الناهض فِي علم الْفَرَائِض للفاكهاني ومجموع الكلائي وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس فِيهَا وَفِي مَذْهَب مَالك وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَكَذَا أذن لَهُ بذلك أَبُو بكر بن خَلِيل الْحَنَفِيّ وَبحث على مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن دَاوُد الغماري الْمَالِكِي كثيرا من مسَائِل الْفُرُوع الْمَالِكِيَّة وَالْأُصُول الْفِقْهِيَّة وَالْقَوَاعِد النحوية وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس فِي الْمَذْهَب وإقراء مَا رام من كتب النَّحْو وَغَيرهَا وَذَلِكَ فِي سنة عشْرين)
وَكَذَا أذن لَهُ أَبُو الْقسم عبد الْعَزِيز بن مُوسَى بن مُحَمَّد العبدوسي بعد أَن تكلم مَعَه فَوَجَدَهُ أَهلا لإقراء كل علم من حَدِيث أَو قِرَاءَة أَو تَفْسِير أَو فقه أَو فَرَائض أَو عدد أَو عَرَبِيَّة فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَعشْرين، وخدم الْعلم ودأب وعلق وصنف فِي أَنْوَاع الْعُلُوم جَوَاهِر الْفَوَائِد وَكتب الْخط الْمَنْسُوب، ثمَّ حصل لعينيه ضَرَر فِي حُدُود سنة خمس وَثَلَاثِينَ فَكَانَ لَا يبصر(6/143)
إِلَّا قَلِيلا ونظم المنظومات المتباينة كالجوهرة الثمينة فِي مَذْهَب عَالم الْمَدِينَة أرجوزة فِي نَحْو سِتّمائَة بَيت وأرجوزة أُخْرَى فِي الْعِبَادَات فِي نَحْو خمسين وَله فِي الْفَرَائِض أراجيز أحْسنهَا تحفة الرائض مائَة وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ بَيْتا وَشَرحهَا فِي مُجَلد قَالَ: واشتهر ذَلِك فِي الْحجاز واليمن وبهجة الْفَرَائِض تسعين بَيْتا وَشَرحهَا أَرْبَعَة كراريس ونظم فِي الْعَرَبيَّة عدَّة أراجيز وقصيدة على نَحْو الشاطبية فِي مائَة بَيت غَرِيبَة فِي فنها سَمَّاهَا بعض أَصْحَابه العمرية وأرجوزة ضمنهَا مَا فِي التَّلْخِيص من الزِّيَادَة عَلَيْهِ فِي مِائَتي بَيت ونيف وَعشْرين وأفرد أصُول قِرَاءَة أبي عَمْرو فِي نَحْو الشاطبية وروبها قَالَ: وَبَلغنِي أَنَّهَا شرحت بتونس وَهُوَ كثير النّظم وَفسّر الْفَاتِحَة وَمن أول سُورَة النبأ إِلَى آخر الْقُرْآن فِي مُجَلد سَمَّاهُ بَعضهم سراج الأغراب فِي التَّفْسِير والمعاني وَالْبَيَان شحنه فَوَائِد وأجاد فِيهِ، ولقيه البقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين، وَوَصفه بالعلامة الثِّقَة الضَّابِط وَقَالَ أَيْضا: رَأَيْته إنْسَانا جيدا عِنْده مُرُوءَة وعقل معيشي وأدب وكيس وَهُوَ ضَابِط متقن ثِقَة متيقظ قَالَ: وَرُبمَا يَقع لَهُ الْبَيْت المكسور فيخبر بِهِ فينكر أَن يكون مكسورا وَلَا يرجع، قلت: وَكَأَنَّهُ لعدم وثوقه بالمخبر قَالَ وَقَالَ أَنه سمع الْمُوَطَّأ على الْقَرَوِي بِقِرَاءَة الْكَمَال الشمني وَأَنه قَرَأَهُ على الْكَمَال بن خير وَأَجَازَ لَهُ ابْن عَرَفَة وَأَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَقَرَأَ مَعَه الْفَاتِحَة وَأَنه قصر مد الْمُسْتَقيم فِي الْوَقْف فَردهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمد طَوِيل وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَيْضا بعض سُورَة مَرْيَم فِي مَنَام طَوِيل وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَذَلِك الْفَاتِحَة، قَالَ: وَكَانَ ذَا ثروة عَظِيمَة ثمَّ نزل بِهِ الْحَال، وَقد تردد إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا وَلَقي الزين الْعِرَاقِيّ فشافهه بِالْإِجَازَةِ وَكَذَا أجَاز لَهُ البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والأبناسي وَابْن الشيخة والتنوخي والشهاب الْجَوْهَرِي وَالْفَخْر عُثْمَان بن مُحَمَّد بن وجيه الشيشيني وَكَانَ حَيا سنة أَربع وَأَرْبَعين وَرَأَيْت ابْن عزم أرخ وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَوَصفه بشيخنا.)
عمر بن يُوسُف البالسي الْمُؤَذّن. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: اشْتغل بِالْحَدِيثِ وَمهر فِيهِ وَسمع الْكثير مَعَ الْخَيْر وَالدّين. مَاتَ بوادي الصَّفْرَاء وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى مَكَّة فِي آخر ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى.
عمر بن يُونُس بن عمر بن جربعا الزيني الْآتِي أَبوهُ والماضي جده. شَاب حسن الشكالة كتب الْخط الْحسن وَتردد إِلَيْهِ الزين قَاسم الْحَنَفِيّ لإقرائه وأعانه على تَفْسِير سُورَة الْكَهْف واختص بِهِ الشهَاب أَحْمد بن الْعِزّ السنباطي كثيرا، وأرسله الْأَشْرَف قايتباي إِلَى الشَّام فِي بعض الأشغال الخصوصية كَانَت لَهُ بِأَبِيهِ، وَسيرَته ذميمة وفاقته متجددة ثمَّ صاهره التقي بن الزيتوني على ابْنَته وَشبه الشَّيْء منجذب إِلَيْهِ.(6/144)
عمر بن بهاء الدّين سُلَيْمَان الكنبايتي. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
عمر بن النجار خَادِم الجمالي أَبُو السُّعُود الشَّافِعِي. هُوَ ابْن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان.
عمر بهاء الدّين السجسْتانِي الأَصْل الجفاري وجفارة قَرْيَة من حومة هراة. لقِيه الطاووسي فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فَسمع مِنْهُ حَدِيثا مَا أعرفهُ وَهُوَ: من قَالَ الله وَقَلبه غافل عَن الله فخصمه فِي الدَّاريْنِ الله. رَوَاهُ عَن خَاله ومرشده مَوْلَانَا مُحَمَّد شاه عَن أَخِيه مُحَمَّد عَن عَلَاء الدولة السمناني قَالَ: وَكَانَ شَيخا ناسكا فَاضلا مُعْتَزِلا عَن الْخلق مُنْقَطِعًا إِلَى الْحق.
عمر زين الدّين الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ نقيب الرُّسُل وخادم قُضَاة الْحَنَابِلَة. كتب عَنهُ البدري فِي مَجْمُوعَة قَوْله:
(إِن إِدْرِيس حبيب ... قد ألفناه زَمَانا)
(وحفضنا الضِّدّ فِيهِ ... وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا)
عمر الزين الشاغوري الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الفرضي. مِمَّن تميز فِي الْفَرَائِض والحساب وأشير إِلَيْهِ بِدِمَشْق فيهمَا مَعَ خير ومشاركة فِي الْفَضَائِل، وَولي قَضَاء الركب الشَّامي مرّة وَقدم الْقَاهِرَة مَعَ الشّرف بن عيد حِين طلب لقَضَاء الْحَنَفِيَّة بِمصْر لمصاهرة بَينهمَا بل رُبمَا أَخذ عَنهُ ابْن عيد فِي الْفَرَائِض والحساب. ومولده تَقْرِيبًا سنة خمس عشرَة وَهُوَ مِمَّن حل عَلَيْهِ نظر التقي الحصني بِحَيْثُ يحْكى عَنهُ، وَهُوَ فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فِي الْأَحْيَاء. عمر بن السراج بن الصَّيْرَفِي الدِّمَشْقِي أحد نواب الشَّافِعِيَّة بهَا. فِيمَن اسْم أَبِيه عَليّ بن عُثْمَان بن عمر.)
عمر السراج المارديني الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَالِد عبد الْقَادِر الْجَوْهَرِي الْمَاضِي. رَأَيْت لَهُ مصنفا فِي المولد النَّبَوِيّ. عمر السراج الْمَنَاوِيّ أحد نواب الْحَنَفِيَّة وفضلائهم. فِيمَن اسْم أَبِيه عَليّ بن عمر.
عمر السراج النويري الطرابلسي قاضيها الشَّافِعِي. فِيمَن أَبوهُ مُحَمَّد.
عمر الْكَمَال الْبَلْخِي الْحَنَفِيّ نزيل الْقُدس. قَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ عَالما فَاضلا زاهدا دينا متعبدا تَارِكًا للدنيا. قدم الْقُدس فقطنه واشتغل الطّلبَة فِي مذْهبه وَغَيره من الْعُلُوم، وَكَانَ من أَكثر تلامذة السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ. مَاتَ سنة سِتّ وَعشْرين. قلت: وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشَّمْس بن عمر قَاضِي غَزَّة وَسمي وَالِده يَعْقُوب وَغَيره وسمى وَالِده عبد الله وَقَالَ: إِن الْقَائِم بِهِ فِي بَيت الْمُقَدّس كَانَ الْهَرَوِيّ وَأَن الْهَرَوِيّ أوصى بدفنه لجانبه وأرخ وَفَاته فِي جُمَادَى الْآخِرَة وَأَنه دفن بحوش البسطامي بماملا، وَنقل عَن تغرى برمش الْفَقِيه تَرْجِيحه على أكمل الدّين شيخ الشيخونية فَالله أعلم.
عمر الْبُحَيْرِي اثْنَان مالكيان: ابْن صَالح وَابْن عَليّ بن عمر.(6/145)
عمر البسطامي. فِي ابْن عَليّ بن حجي.
عمر البطايني اثْنَان: ابْن أبي بكر بن خَلِيل وَابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد.
عمر البهرمشي الْمحلي الغمري. أحد القدماء من أَصْحَاب أبي عبد الله الغمري مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وَقد زاحم الْمِائَة أَو جازها وصلينا عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب، وَكَانَ مديما للطَّهَارَة والتلاوة بِحَيْثُ استفيض أَنه كَانَ على الْخَتْم فِي لَيْلَة وَلم يتَزَوَّج قطّ فِيمَا بَلغنِي رَحمَه الله وإيانا.
عمر الحسني البجائي الْمَالِكِي نزيل مَكَّة. مِمَّن شهد على الوانوغي فِي إجَازَة القَاضِي عبد الْقَادِر.
عمر الخليلي شيخ رِبَاط ربيع مَكَّة. مَاتَ بهَا فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. عمر الدموشي. فِي ابْن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف.
عمر الرجراجي المغربي الْمَالِكِي برَاء مُهْملَة ثمَّ جيمين نِسْبَة لقبيلة بالمغرب الْأَقْصَى. إِمَام جَامع الأندلس من فاس كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الزّهْد والورع مَعَ تقدمه فِي الْفِقْه. مَاتَ سنة عشر،)
أفادنيه بعض أَصْحَابنَا المغاربة.
عمر الزيني القجاجقي الطواشي نَائِب شيخ الخدام بِالْحرم الْمدنِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
عمر السكندري نزيل مَكَّة فِي ابْن عَليّ بن عمر الْبُحَيْرِي.
عمر السمديسي ثمَّ القاهري وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي. مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بِبَاب الْوَزير.
عمر الشيحي الجيار. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين. أرخه ابْن فَهد.
عمر الضَّرِير الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة، مَاتَ بهَا فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
عمر الطريني. فِي ابْن مُحَمَّد.
عمر الْعَدنِي الْيَمَانِيّ نزيل مَكَّة وَيعرف بالمسلي بِفَتْح الْمِيم ثمَّ مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ بعْدهَا لَام.
شيخ صَالح عَابِد مُعْتَقد مُنْفَرد عَن النَّاس فَرد فِي كَثْرَة الْعِبَادَة والزهد بِحَيْثُ كَانَ يشبه بعباد بني إِسْرَائِيل وَكَانَ يغْتَسل لكل صَلَاة. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة خمس وَسِتِّينَ وَدفن بمقابر بَاب شبيكة وَهُوَ ابْن أبي بكر بن أَحْمد رَحمَه الله وإيانا. أرخه ابْن فَهد. عمر الْفَتى. فِي ابْن مُحَمَّد بن معيبد.
عمر القرمي ثمَّ الْحلَبِي. كَانَ ماهرا فِي الْعلم عَارِفًا بالأدب وَالنّظم، قدم من بِلَاده فَأَقَامَ بحلب ثمَّ تحول إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ توجه مِنْهَا إِلَى مصر فَمَاتَ بهَا فِي الطَّرِيق سنة إِحْدَى.
أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. عمر القرشاني. فِي ابْن مُحَمَّد.
عمر الْكرْدِي ثمَّ الْمصْرِيّ الأباريقي. كَانَ بِمصْر يَبِيع الأباريق المدهونة وللشرف الْمَنَاوِيّ فَمن يَلِيهِ فِيهِ اعْتِقَاد. مَاتَ فِي سلخ ذِي الْقعدَة سنة سِتِّينَ وَدَفنه(6/146)
الْمَنَاوِيّ بتربته الْمُجَاورَة لباب مقَام الشَّافِعِي القبلي الْمُسَمّى بِبَاب الصَّعِيد. أرخه الْمُنِير.
عمر الْكرْدِي آخر فِي ابْن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر.
عمر اللولوي الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ كَانَ خيرا يقرئ الْأَبْنَاء مَعَ فَضِيلَة وَخير.
عمر الْمسلي. فِي الْعَدنِي قَرِيبا. عمر النجار الْمقري فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله.
عمر النجار آخر مُؤذن بمنارة بَاب الْعمرَة أحد أَبْوَاب الْمَسْجِد الْحَرَام وخادم بَيت أم الْمُؤمنِينَ بزقاق الْحجر من مَكَّة. مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين. أرخه ابْن فَهد.
عميد بن عبد الله الْخُرَاسَانِي الْحَنَفِيّ قَاضِي تمرلنك. مَاتَ بعد رُجُوعه من الرّوم سنة خمس.)
أرخه شَيخنَا فِي إنبائه.
عنان بن عَليّ بن عنان بن مغامس بن رميثة بن أبي نمي الْحُسَيْنِي. مِمَّن سمع على ابْن الْجَزرِي فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين غَالب كِتَابه الْحصن الْحصين. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاثِينَ.
أرخه ابْن فَهد.
عنان بن قنيد بن مِثْقَال الْقَائِد الحسني الْآتِي أَبوهُ وَأَخُوهُ مَسْعُود. مِمَّن نَاب عَن أَخِيه فِي نِيَابَة مَكَّة بل هُوَ واليها وأخف وَطْأَة من أَخِيه.
عنان بن مغامس بن رميثة بن أبي نمي الزين أَبُو لجام الحسني الْمَكِّيّ أميرها، ولد بهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَلما قتل أَبوهُ رباه عَمه سَنَد بن رميثة فَلَمَّا مَاتَ استولى على خيله وسلاحه وأثاثه فرام عَمه عجلَان انْتِزَاعه مِنْهُ لكَونه الْوَارِث لسند ففر عنان ثمَّ أرسل يُؤمنهُ فَعَاد إِلَيْهِ فَأكْرمه وَبَالغ عنان فِي خدمته حَتَّى كَانَ عجلَان يَقُول هَنِيئًا لمن ولد لَهُ مثله، ثمَّ تزوج بابنة ابْن عَمه أم مَسْعُود واختص بوالدها أَحْمد بن عجلَان ثمَّ تنكر لَهُ أَحْمد فَذهب عَنهُ عنان إِلَى صَاحب حلي ثمَّ توجه هُوَ وَحسن بن ثقبة إِلَى مصر وبالغافي الشكوى من أَحْمد وَاتفقَ كَون كبيش بن عجلَان بِمصْر فساس الْأَمر إِلَى أَن رَجَعَ عنان وَمَعَهُ مراسيم السُّلْطَان بإعطائه لحسن وعنان مَا التمساه فَلم يُوَافق أَحْمد بن عجلَان على ذَلِك ففرا مِنْهُ فردهما أَبُو بكر بن سنقر أَمِير الْحَاج فَلَمَّا عادا وَرجع أَبُو بكر بالحاج قبض عَلَيْهِمَا أَحْمد بن عجلَان وعَلى أَخِيه مُحَمَّد وَأحمد بن ثقبة وَابْنه عَليّ وسجن الْخَمْسَة ففر عنان إِلَى مصر وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَجَرت لَهُ فِي هربه خطوب فاتفق موت أَحْمد بن عجلَان وَولَايَة ابْنه مُحَمَّد فبادر إِلَى كحل المسجونين فَبلغ ذَلِك الظَّاهِر فَغَضب وَأرْسل إِلَى مُحَمَّد بن أَحْمد بن عجلَان من فتك بِهِ لما دخل الْحَاج مَكَّة وَاسْتقر عنان أميرها ودخلها مَعَ أقباي المارداني أَمِير الْحَاج وَوَقع الْحَرْب بَينه وَبَين بني عجلَان فَهَزَمَهُمْ فَلَمَّا رَجَعَ الْحَاج تجمع كبيش بن عجلَان وَمن مَعَه وكسبوا جدة ونهبوا أَمْوَال التُّجَّار فَلم يقاومهم عنان(6/147)
وَاحْتَاجَ إِلَى تَحْصِيل مَال أَخذه من المقيمين بِمَكَّة من التُّجَّار وَغَيرهم ليرضى بِهِ من مَعَه وأشرك مَعَه فِي الإمرة أَحْمد بن ثقبة وَعقيل بن مبارك ودعا لَهما مَعَه ثمَّ أشرك مَعَهم عَليّ بن مبارك فَتفرق الْأَمر وَكثر الْفساد فَبلغ السُّلْطَان ذَلِك فَأمر عَليّ بن عجلَان على مَكَّة فقابله عنان خَارِجهَا فِي رَمَضَان سنة تسع وَثَمَانِينَ فَقتل فِي المعركة كبيش وَجَمَاعَة وَانْهَزَمَ عَليّ وَمن مَعَه إِلَى الْوَادي فَلَمَّا قدم الْحَاج فر عنان إِلَى نخله)
وَقَامَ عَليّ بن عجلَان بأمرة مَكَّة فَلَمَّا رَجَعَ الْحَاج غَار عنان على وَادي مر وَجدّة وَكَاتب السُّلْطَان فَكتب بإشراك عَليّ بن عجلَان مَعَه فِي الإمرة فَلم يتم ذَلِك وَقدم مصر سنة تسعين فَلم يقبل عَلَيْهِ السُّلْطَان، وسجن فِي أَيَّام تغلب منطاش فَلَمَّا عَاد الظَّاهِر إِلَى المملكة أَعَادَهُ إِلَى الإمرة شَرِيكا لعَلي فَسَار إِلَى يَنْبع فحاربه أميرها وبير بن نخبار فَظهر عَلَيْهِم وَنزل الْوَادي فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين ثمَّ أَدخل مَكَّة ودعي لَهُ إِلَى رَابِع صفر سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ وَثبُوا عَلَيْهِ ليقتلوه وَهُوَ فِي الطّواف ففر، وَفِي غُضُون ذَلِك فَسدتْ الطرقات بالحجاز فَأرْسل السُّلْطَان فأحضر عنانا وعليا فدخلا مصر فِي جُمَادَى الْآخِرَة فأفرد عليا بالإمرة وَأمر الآخر بِالْإِقَامَةِ فِي مصر ورتب لَهُ مَا يقوم بِهِ ثمَّ سجن بالقلعة فِي سنة خمس وَتِسْعين ثمَّ نقل فِي أَوَاخِر سنة تسع وَتِسْعين إِلَى إسكندرية هُوَ وجماز بن هبة أَمِير الْمَدِينَة ومعهما عَليّ بن مبارك بن ثقبة، ثمَّ أُعِيد عنان إِلَى الْقَاهِرَة فِي آخر سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فَمَرض بهَا، وَمَات فِي يَوْم الْجُمُعَة مستهل ربيع الأول سنة خمس وَله ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة، وَكَانَ شجاعا كَرِيمًا ذَا نظم لكنه كَانَ قَلِيل الْحَظ فِي الْإِمَارَة وافره فِي الْخَلَاص من المهالك إِلَى أَن حضر أَجله. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه، وَطول الفاسي تَرْجَمته ثمَّ المقريزي فِي عقوده.
عنبر الحبشي الطنبذي الطواشي. من خدام التَّاجِر نور الدّين الطنبذي ثمَّ خدم عِنْد جمَاعَة من الْأُمَرَاء إِلَى أَن اتَّصل بِخِدْمَة الظَّاهِر جقمق وَصَارَ من مقدمي الطباق البرانية ثمَّ رقاه لنيابة مقدم المماليك من غير تأهل لَهَا بعد انْتِقَال مرجان الحصني إِلَى المقدمية فأثرى وَصلح حَاله وَعمر الْأَمْلَاك بل بنى فِي أَوَاخِر عمره مدرسة بالباطلية. مَاتَ بعد صرف الظَّاهِر خشقدم لَهُ عَن النِّيَابَة فِي الْمحرم سنة سبع وَسِتِّينَ عَفا الله عَنهُ ورحمه.
عنبر شُجَاع الدّين الْعزي الطواشي أحد خدام الْحرم الشريق النَّبَوِيّ. سمع على الزين أبي بكر المراغي وَالْعلم سُلَيْمَان السقا فِي سنة إِحْدَى.
عنبر فَتى زيرك. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.(6/148)
عنقاء بن وبير بن مُحَمَّد بن عاطف بن أبي دعيج بن أبي نمي الشريف الحسني قريب صَاحب الْحجاز وصهره على ابْنَتَيْهِ وَاحِدَة بعد أُخْرَى بل على أُخْته قبلهمَا وَرَسُوله إِلَى سُلْطَان مصر بالأعلام بِانْقِضَاء الْحَج وَبِغير ذَلِك من ضروراته ويجتمعا فِي أبي نمي فهما ابْن عَم وَذكر لي أَن ذَاك أسن مِنْهُ بِاثْنَيْ عشر عَاما فَيكون مولد هَذَا سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين تَقْرِيبًا وَصَارَت لَهُ)
جلالة عِنْد أَعْيَان الديار المصرية بِحَيْثُ يرجع محبورا مجبورا وَرُبمَا أرْسلهُ لغير مصر من الْجِهَات الْقَرِيبَة، ثمَّ سخط عَلَيْهِ لتوهمه استمالته مَعَ المصريين وَأمره بِفِرَاق ابْنَته وكل مِنْهُمَا مَعْذُور، وَهُوَ مِمَّن يحفظ كثيرا من سور الْقُرْآن وَيكثر تلاوتها مَعَ سرد الْبردَة من حفظه أَيْضا.
عودة بن مَسْعُود بن جَامع اللحياني شيخ وَادي أبي عُرْوَة وَأحد الأجواد. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد.
عوض بن حسب الله بن مهاوش الْمَكِّيّ التمار بهَا. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة وَكَانَ ذَا ملاءة ثمَّ افْتقر. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة تسع وَتِسْعين بِمَكَّة.
عوض بن عبد الله الزَّاهِد. كَانَ مُنْقَطِعًا بِجَامِع عَمْرو وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
عوض بن غنيم بن صَلَاح. أحد فُقَهَاء الزيدية.
عوض بن مُوسَى الْمَكِّيّ الْبَزَّار. أحد التُّجَّار المعتبرين. مِمَّن أجَاز لَهُ فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَابْن صديق والزين المراغي وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي فِي آخَرين وَكَانَ بزازا بدار الأمارة ثمَّ ترك وسافر لسواكن ولبلاد الْيمن للتكسب ثمَّ ترك أَيْضا وَصَارَ يتسبب بِمَكَّة، وصاهر عَطِيَّة بن أَحْمد بن جَار الله ابْن زايد على ابْنَته هَدِيَّة فَولدت لَهُ مُحَمَّدًا الَّذِي وَرثهُ وأذهب مِيرَاثه فِي أسْرع وَقت وَصَارَ يتكدى فِي هَيْئَة رثَّة، وَمَات صَاحب التَّرْجَمَة بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع الْمحرم سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَدفن تَحت رجْلي اليافعي ذكره ابْن فَهد وَقَالَ: مَا عَلمته حدث وَلَا أجَاز.
عوض رجل صَالح كَانَ يلازم مجْلِس الْإِمْلَاء عِنْد شَيخنَا وَله فِيهِ حسن اعْتِقَاد بِحَيْثُ كَانَ يَشْتَرِي مِنْهُ التفاصيل من نُسْخَة تبركا بِهِ وتبدو مِنْهُ أَشْيَاء ظريفة كَقَوْلِه وَقد غَابَ الزين رضوَان الْمُسْتَمْلِي مرّة يَا ابْني يَا أَحْمد اتخذ لَك رضوانين أَو ثَلَاثَة، وَقَالَ مرّة وَقد قَالَ لَهُ شَيخنَا يَا شيخ عوض: فعل الله بِمن سماني عوضا، وَذكر شَيْئا مستقبحا فَقَالَ لَهُ شَيخنَا بديهة: إِنَّمَا سماك أَبوك وأمك، وَبَلغنِي أَنه كَانَ يحضر مجْلِس الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والجلال البُلْقِينِيّ وَلَهُمَا فِيهِ اعْتِقَاد واتفقت لَهما مَعَه مَا جريات، وَمن ظرفه أَنه قَالَ وَقد أعطَاهُ الشهَاب بن يَعْقُوب شَيْئا)
من النَّفَقَة:(6/149)
يَا سَيِّدي يَا أَحْمد إِن شَاءَ الله قَاضِي الْقُضَاة فَقَالَ لَهُ: يَا شيخ عوض لَا يَجِيء مني هَذَا فَقَالَ: أما علمت يَا ابْني أَن الزَّمَان أَخبث من هَذَا، وَأَظنهُ مَاتَ بعد شَيخنَا بِيَسِير وَقد زَاد على السّبْعين رَحمَه الله.
عُوَيْد بن مَنْصُور بن رَاجِح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر أحد قواد مَكَّة. مَاتَ فِي مقتلة كَانَت فِي صفر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَقطع رَأسه وطيف بِهِ فِي سَاحل جدة ثمَّ دفن مَعَ جسده بهَا. أرخه ابْن فَهد.
عويس الشَّاعِر. هُوَ عِيسَى بن حجاج بن عِيسَى. يَأْتِي قَرِيبا.
عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو إِبْرَاهِيم النَّاشِرِيّ. كَانَ فَاضلا خيرا دينا ذَا أَخْلَاق طيبَة وأحوال جَيِّدَة أم بِمَسْجِد جليجان عِنْد صَلَاحِية زبيد بعد أَخِيه عمر وَعلم الْقُرْآن حَتَّى مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ.
عِيسَى بن أَحْمد بن بدر الهراوي نِسْبَة لهرا من الشرقية بِالْقربِ من العلاقمة ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عِيسَى بن أَحْمد بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن مَنْصُور بن حرار بن نَاشِئ الشّرف أَبُو الرّوح الْهَاشِمِي العجلوني الشَّافِعِي نزيل مَكَّة. ولد بِالشَّام سنة بضع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَقَرَأَ الْقُرْآن والمنهاج وَكَانَ يذاكر بِهِ، وَسمع بعض عوارف المعارف على الشَّمْس المعمر مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم الخابوري الْخَطِيب وَكَانَ زَاد على الْمِائَة بروايته لَهُ عَن مُؤَلفه وَأَجَازَ لَهُ الشّرف بن الْبَارِزِيّ ومسعود الحجار وَمعمر ابْن الصمعا العجلونيان وهم من أَصْحَاب النَّوَوِيّ، وَكتب بِخَطِّهِ الْجيد كثيرا ككل من الصَّحِيحَيْنِ فِي مُجَلد وَشرح ثَانِيهمَا للنووي فِي مُجَلد ولقيه الشّرف الجرهي فَسمع مِنْهُ وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة. ذكره الفاسي فِي مَكَّة وَقَالَ أَنه جاور بِمَكَّة سِنِين لم يحدث لكنه أجَاز فِي بعض الاستدعاءات. مَاتَ بِمَكَّة فِي آخر صفر سنة ثَلَاث عشرَة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله.
عِيسَى بن أَحْمد بن عِيسَى بن أَحْمد الشّرف القاهري نزيل المقس ومؤدب الْأَطْفَال. اشْتغل بتجويد الْقُرْآن وَالْكِتَابَة وَنسخ بِخَطِّهِ من الْمَصَاحِف نَحْو الْخَمْسمِائَةِ خَارِجا عَن الربعات)
وَغَيرهَا وَكنت مِمَّن قَرَأَ عِنْده فِي الصغر يَسِيرا، وَلم يكن بِذَاكَ النير وَكَانَ مَقْصُودا من النِّسَاء بِكِتَابَة مَا يروج بِهِ بَينهُنَّ. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشري رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وَدفن تجاه جوشن وَهُوَ وَالِد أبي الْفَتْح مُحَمَّد الكتبي وَالِد مُحَمَّد الآتيين بل كَانَ لصَاحب التَّرْجَمَة ابْن اسْمه أَحْمد قريب الشّبَه(6/150)
بِهِ عَفا الله عَنْهُمَا وإيانا.
عِيسَى بن أَحْمد بن عِيسَى بن عبد الْكَرِيم بن عَسَاكِر بن سعيد بن أَحْمد بن مَكْتُوم الْقَيْسِي الْحَنَفِيّ، وَيعرف كسلفه بِابْن مَكْتُوم. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع من الْبَدْر حسن بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح البعلي والكمال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله بن النّحاس مسلسلات التَّيْمِيّ وَحدث بهَا سَمعهَا مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَأَجَازَ لي وخطه لَا بَأْس بِهِ. مَاتَ قبل السِّتين ظنا.
عِيسَى بن أَحْمد بن عِيسَى بن عمرَان النخلي بنُون مَفْتُوحَة ثمَّ مُعْجمَة نِسْبَة لوادي نَخْلَة من أَعمال مَكَّة الْمَكِّيّ وَيعرف بعصارة بِمُهْملَة مَضْمُومَة ثمَّ أُخْرَى مَفْتُوحَة لقب لبَعض آبَائِهِ وأقاربه. سمع من الْعِزّ بن جمَاعَة وَالْفَخْر النويري فِي سنة ثَلَاث وَخمسين بعض النَّسَائِيّ، وَكَانَت لَهُ أَمْوَال بنواحي وَادي نَخْلَة اليمانية خيرا دينا لَهُ جِهَات بر فِي مَكَّة، وَمَات بهَا فِي آخر رَمَضَان سنة عشر وَدفن بالمعلاة وَأكْثر إِقَامَته كَانَت عِنْد أَمْوَاله. ذكره الفاسي فِي مَكَّة وَقَالَ مَا عَلمته حدث وَخلف ابْنه عمرَان من أمة لَهُ فمحق التَّرِكَة عَفا الله عَنهُ ورحم أَبَاهُ.
عِيسَى بن أَحْمد بن نعيمة.
عِيسَى بن أَحْمد بن يحيى أَبُو مهْدي الغبريني الْمَالِكِي قَاضِي تونس وعالمها. مِمَّن أَخذ عَنهُ أَحْمد بن مُحَمَّد القلجاني وَغَيره كالعجيسي بل نقل عَنهُ الْبُرْزُليّ فِي فَتَاوِيهِ وَوَصفه بصاحبنا.
مَاتَ سنة سِتّ عشرَة.
عِيسَى بن أَحْمد الحنديسي بِفَتْح الْمُهْملَة ثمَّ نون سَاكِنة بعْدهَا مُهْملَة مَكْسُورَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة ثمَّ سين مُهْملَة ثمَّ البجائي المغربي الْمَالِكِي. تقدم فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا حفظا لَهَا وفهما لمعانيها مَعَ فروسيته وتقدمه فِي أَنْوَاعهَا وديانته. تصدى للإفتاء والإقراء وناب فِي الخطابة بِجَامِع بجاية الْأَعْظَم وَهُوَ الْآن فِي سنة تسعين وقدوة أَهلهَا يزِيد على السِّتين.
عِيسَى بن حجاج بن عِيسَى بن شَدَّاد الشّرف السَّعْدِيّ القاهري الشَّاعِر الشطرنجي الْعَالِيَة ويلقب عويسا أَيْضا تَصْغِير اسْمه. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يذكر أَنه من ذُرِّيَّة)
شاور بن مجبر ملك مصر. تعانى الْأَدَب فمهر وَقَالَ الشّعْر الْجيد ومدح الْأَعْيَان وترقى فِي لعب الشطرنج حَتَّى لقب الْعَالِيَة بل كَانَ مستحضرا للغة، وارتحل إِلَى الشَّام فلقي الصَّفَدِي وَغَيره بل كَانَ يَقُول أَنه سمع الصفي الْحلِيّ وَعمل بديعية على طَريقَة الْحلِيّ لَكِنَّهَا على قافية الرَّاء قرضها لَهُ الْمجد(6/151)
إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ وَغَيره وَمن نظمه:
(تهن بِشَهْر كم بِهِ من حلاوة ... وجد لي ببر لَا يضيع ثَوَابه)
(فان لساني صارم وفمي لَهُ ... قرَاب فأرجو أَن يحلى قرَابه)
وَقَوله:
(أيا رب الجناب الرحب جدلي ... وَكثر فِي الْعَطاء وَلَا تقلل)
(وَمَا تهديه لي من خشكنان ... نَهَار الْعِيد كبر أَو فهلل)
وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ أَنه مهر فِي الشّعْر وَمَعْرِفَة اللُّغَة سَمِعت مِنْهُ فَوَائِد ونوادر وَسمعت من نظمه الْكثير ومدحني بعدة قصائد وَقَالَ المقريزي أَنه قَالَ المواليا فمهر فِيهَا واشتهر بذلك فَقيل لَهُ الأديب ثمَّ نظم الشّعْر وَمهر فِي فنونه وَعرف طرفا من اللُّغَة وشارك فِي غَيرهَا ومدح الْأَعْيَان ثَنَا عَن الصفي الْحلِيّ وَقد أَخذ عَنهُ شعره وَعَن الصّلاح الصَّفَدِي وَقد روى عَنهُ كثيرا، وَجمع شَيخنَا الْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ شعره وَكَانَ يجله بل شرح بديعيته الَّتِي عَارض بهَا الْحلِيّ، وَكَانَ مستحضرا لكثير من اللُّغَة عالية فِي الشطرنج يعرف اللِّسَان التركي ويجيد تَعْلِيمه لمن يشارطه عَلَيْهِ، وَكَانَ يتمذهب للشَّافِعِيّ فَلَمَّا أنشأ الظَّاهِر برقوق مدرسته سَأَلَ فِي وَظِيفَة فَقيل لَهُ أَن عدَّة الشَّافِعِيَّة تكملت فتحول حنبليا لعدم تَكْمِلَة الْحَنَابِلَة وَكَانَ يقنع مِمَّن يمدحه بِمَا تيَسّر وَرُبمَا يمدح بالقصيدة رجلا ثمَّ يمدح بهَا غَيره فَإِذا عوتب على ذَلِك قَالَ: هن أبكار فكري أزوجهن من شِئْت، وَلما مَاتَ الْمجد الْحَنَفِيّ وبيعت تركته وَأخرج ديوَان عويس الَّذِي جمعه الْمجد قَالَ بعض من حضر للدلال قل ديوَان عويس بِدِرْهَمَيْنِ فَغَضب عويس وَقَالَ: اشْتَرَيْته بِمِائَة وَأَخذه. مَاتَ فِي شعْبَان سنة سبع، وَفِيه يَقُول الشهَاب أَحْمد بن الْعَطَّار:
(عِيسَى وَمن مدحوه ... مَا شمت فيهم رَئِيسا)
(وَمَا رَأَيْت أُنَاسًا ... إِلَّا حميرا وعيسا)
وَقَوله:)
(قَالَت لي الفروة قُم دفني ... حَتَّى أدفيك بقلبين)
(قلت لَهَا بِاللَّه مَا تشْتَهي ... قَالَت عَيْني فَقلت على عَيْني)
وَقَوله:
(لفضلك يَا بن فضل الله أَشْكُو ... برأسي الْبرد فِي يومي وأمسي)
(وَأَرْجُو الشاش شمسيا فَإِنِّي ... أروم الْفَوْز من بدر بشمس)
وَسَيَأْتِي لَهُ مَا جرية فِي النَّجْم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن غُلَام الله بن النبيه.
عِيسَى بن دَاوُد بن صَالح بن غَازِي بن قرا أرسلان بن غَازِي بن أرتق بن أكسك الطَّاهِر مجد الدّين بن المظفر فَخر الدّين بن الصَّالح بن الْمَنْصُور بن المظفر بن الْمَنْصُور الأرتقي صَاحب ماردين وَابْن صَاحبهَا، ملكهَا بعد أَبِيه فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَاسْتمرّ حَتَّى قدم عَلَيْهِ تيمور فَقبض عَلَيْهِ وأهانه(6/152)
وَاسْتمرّ فِي أسره مُدَّة ثمَّ أكْرم بالأموال الجزيلة والمماليك الْكَثِيرَة وَشرط عَلَيْهِ عدم مُوالَاة الظَّاهِر برقوق صَاحب مصر وَسَار إِلَى ماردين وَقد غَابَ عَنْهَا قَرِيبا من ثَلَاث سِنِين فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن نزل عَلَيْهِ تيمور أَيْضا فِي سنة اثْنَتَيْنِ فعصى عَلَيْهِ فَتَركه ثمَّ كتب إِلَيْهِ يستدعيه وَفِي صدر كِتَابه:
(سَلام عَلَيْكُم والعهود بِحَالِهَا ... لقد بلغ الأشواق منا كمالها)
فَرد جَوَابه مَعَ تقادم جليلة واعتذار جميل وَكَانَ عنوان كِتَابه:
(شوقي إِلَيْكُم زَائِد الْحَد وَصفه ... وَلَكِن تخَاف النَّفس مِمَّا جرى لَهَا)
وَاسْتمرّ إِلَى أَن قتل فِي وقْعَة جكم على آمد فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع، وَملك ماردين بعده ابْن أَخِيه الصَّالح الشهابي أَحْمد بن إسكندر اسْتَخْلَفَهُ فِيهَا قبل إمْسَاك تيمور لَهُ، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي مطول عَفا الله عَنهُ.
عِيسَى بن سعيد بن عبد الحميد القَاضِي الْمَالِكِي، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ.
عِيسَى بن سُلَيْمَان بن خلف بن دَاوُد الشّرف أَبُو مُحَمَّد بن الْعلم أبي الرّبيع الطنوبي بِضَم الْمُهْملَة وَالنُّون وَآخره مُوَحدَة نِسْبَة لبلدة من إقليم المنوفية القاهري الشَّافِعِي، ولد فِي نصف ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي فنون وَلَا أستبعد أَخذه عَن النُّور الأدمِيّ وَنَحْوه فقد رَأَيْت الزين الْعِرَاقِيّ أثبت وَالِده فِي أَمَالِيهِ ولقبه بِمَا يدل على أَنه كَانَ مِمَّن يذكر وَمن شُيُوخه الْعِزّ بن جمَاعَة وَالْمجد الْبرمَاوِيّ والشموس)
الشطنوفي والبرماوي والغراقي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبرهان البيجوري والجلال البُلْقِينِيّ والزين القمني والنور التلواني والبدر الْعَيْنِيّ واختص بِهِ وَشَيخنَا ولازمه وَسمع عَلَيْهِ الْكثير وَكَذَا على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والنور الفوي وَأبي هُرَيْرَة بن النقاش والشرف بن الكويك فِي آخَرين، وَقَرَأَ بِأخرَة عِنْد الناصري بن الطَّاهِر على ابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَأَشْيَاء وَكَانَ قد انْضَمَّ إِلَيْهِ وَحسنت حَاله بإقباله عَلَيْهِ وَكَذَا كَانَ انْتَمَى لفيروز الزِّمَام واختص بِهِ حَتَّى قَرَّرَهُ فِي مشيخة التصوف بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا وَولي مشيخة الميعاد بِجَامِع الْحَاكِم، وَقَرَأَ على الْعَامَّة فِي الْأَزْهَر البُخَارِيّ وَغَيره وَلكنه لم يكن يحضر عِنْده كَبِير أحد وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا وَكَانَ النواجي يَقُول أَنه نَشأ كالوحش وَلِهَذَا كَانَ فِيهِ جفَاء بِحَيْثُ أَنه شافه الْبُرْهَان بن حجاج الأبناسي فِي حَضْرَة التلواني بِمَا لَا يَلِيق ورام مرّة الْجُلُوس فَوق الشهَاب الريشي بِالْمَدْرَسَةِ الجمالية فِي بعض الختوم فَحَمله وألقاه بصحنها فَلم يَتَحَرَّك حَتَّى انْقَضى الْمجْلس، وَقد حدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وكتبت عَنهُ من نظمه فَوَائِد وَأَشْيَاء أثبت بَعْضهَا فِي تَرْجَمته، وَفِي الْجَوَاهِر(6/153)
وَكَانَ فَاضلا مفننا بارعا محبا فِي الْعلم والفائدة طارح التَّكَلُّف غير متأنق فِي سَائِر أَحْوَاله لَا يتحاشى دنس الثِّيَاب وَلَا يترفع عَن الْمَشْي للأماكن النائية وَرُبمَا ركب فرسا يُنَاسِبه عجلا فِي حركته وكتابته وَكَلَامه بِحَيْثُ يصل فِيهِ للعجمة وتعدى ذَلِك إِلَى قِرَاءَته فَكَانَ لَا يفصح فِيهَا غَالِبا وَقد صاهر الشَّمْس الرَّازِيّ الْحَنَفِيّ وَهُوَ قريب النمط مِنْهُ فِي امتهان نَفسه على ابْنَته وَحصل لَهُ اختلال وخلل فِي عقله قبل مَوته بِمدَّة وبيعت كتبه أَو معظمها فِي حَيَاته، وَاسْتمرّ كَذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا وَورثه وَلَده من الْمشَار إِلَيْهَا وَمِمَّا كتبته عَنهُ من نظمه:
(هَل الْهلَال فهنوني بمقدمه ... وَفِي الْحَقِيقَة عزوا بانقضا أَجلي)
(لم يسعدوني وَقد جَاءُوا لتهنئة ... سوى اتعاظي وتنبيهي على الْعَمَل)
عِيسَى بن سُلَيْمَان بن عبد الله الْأنْصَارِيّ. يَأْتِي فِيمَن لم يسم أَبوهُ.
عِيسَى بن عَبَّاس بن عمر المغربي التلمساني الخالدي الشَّيْخ الْعَالم الْفَاضِل الْوَرع الزَّاهِد. مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين. قَالَ الْجمال المرشدي: وَقل أَن رَأَيْت على طَرِيقَته مثله فِي الْوَرع وَالتَّقوى. ذكره ابْن فَهد.
عِيسَى بن عبد الله الْعِمَاد الْقرشِي المَخْزُومِي اليمني المهجمي نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن الهليس،)
كَانَ من أَعْيَان التُّجَّار ولاه الْأَشْرَف صَاحب الْيمن نظر عدن وجاور بِمَكَّة سِنِين مَاتَ فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ بِأَبْيَات حُسَيْن ذكره الفاسي ثمَّ شَيخنَا فِي أنبائه.
عِيسَى بن عُثْمَان بن عِيسَى بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الشّرف القاهري الشَّافِعِي وَالِد الْفَخر مُحَمَّد وَعلي وَأحمد الْمَذْكُورين وَيعرف بِابْن جوشن كَانَ من الْفُضَلَاء مِمَّن درس وأقرأ وَأخذ عَن شَيخنَا، وَمَات قريب الْعشْرين أَو بعْدهَا رَحمَه الله.
عِيسَى بن عطيفة كحنيفة بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْعُتْبِي الحلوي نِسْبَة لحلى الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. ولد فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ولقيني فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَتِسْعين بِمَكَّة فَقَرَأَ على بعض الْمِنْهَاج وَسمع مني المسلسل وَغَيره وكتبت لَهُ.
عِيسَى بن عَطِيَّة النعيمي أَبُو عزارة.
عِيسَى بن عَليّ بن جَار الله بن زايد بن يحيى بن محيي السنبسي الْمَكِّيّ ابْن عَم مُوسَى بن أَحْمد بن جَار الله الْآتِي وَيعرف بِابْن زَائِد. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
عِيسَى بن عَليّ بن شهريار الْكرْدِي، كَانَ حسن السمت منور الشيبة سمع بِبَيْت الْمُقَدّس من الزيتاوي ابْن مَاجَه ثمَّ سمع فِيهِ على الشهَاب الْجَوْهَرِي بِالْقَاهِرَةِ وَأعلم شَيخنَا فِي أثْنَاء ذَلِك بِسَمَاعِهِ وَأَجَازَ للْجَمَاعَة. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه قَالَ:(6/154)
وَرَأَيْت سَمَاعه على الْبَهَاء بن عقيل بِقِرَاءَة الزين الْعِرَاقِيّ وَكَانَت لَهُ زَاوِيَة على بركَة الْفِيل زرناه فِيهَا. مَاتَ سنة خمس أَو سِتّ فِيمَا أَحسب والمقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه كَانَ مَقْبُولًا حسن السمت مِمَّن يتبرك بدعائه، وَجزم فِي وَفَاته بِخمْس.
عِيسَى بن عَليّ بن مُحَمَّد بن غَانِم الشّرف الْمَقْدِسِي نزيل نابلس. سمع البياتي والبدر مَحْمُود بن عَليّ بن هِلَال العجلوني وَغَيرهمَا. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: لَقيته بنابلس فَقَرَأت عَلَيْهِ عشرَة أَحَادِيث من آخر المستجاد مَعَ الأناشيد التالية لَهَا بِسَمَاعِهِ لجميعها على الْبَيَانِي وَلم يؤرخ وَفَاته. وَقد تقدم عُثْمَان بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن غَانِم فيحرر مَا بَينهمَا من الْقَرَابَة أَو عدمهَا.
عِيسَى بن عَليّ الأخنائي الشَّافِعِي. رَأَيْته فِيمَن عرض عَلَيْهِ سنة خمس وَتِسْعين.
عِيسَى بن عوضة بن أَحْمد بن مُوسَى بن مَسْعُود الْحِمْيَرِي من قَبيلَة بني مكرم الشاحذي اليمني)
الْعَدوي نزيل مَكَّة والدلال بهَا. ولد تَقْرِيبًا سنة أَرْبَعِينَ وَقَرَأَ الْقُرْآن بزاوية دَاوُد الْحكمِي وعادت بركته عَلَيْهِ وَذكر من كراماته الْكثير، وَقدم مَكَّة فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ فَقَرَأَ فِي الْفِقْه على ابْن عطيف والمحب بن أبي السعادات وَأبي السعادات بن الإِمَام الطَّبَرِيّ وَحضر عِنْد الْجَوْجَرِيّ والعميري وَغَيرهمَا من الْفُضَلَاء والوعاظ وجود الْقُرْآن على صَالح المرشدي وانتفع فِيهِ وَفِي الشاطبية بِأَحْمَد الزبيدِيّ وَأخذ عَنهُ فِي النَّحْو، وَسمع مني بِمَكَّة فِي مجاورتي الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَقَرَأَ عَليّ فِيهَا البُخَارِيّ بِكَمَالِهِ ولازمني، كَذَا قَرَأَهُ على عبد الله الشَّامي أحد الآخذين عني وكتبت لَهُ إجَازَة فِي كراسة، ويحفظ كثيرا من السِّيرَة النَّبَوِيَّة والمتون وَغير ذَلِك وَصَارَ ذَا عِيَال وَأَوْلَاد يجْتَهد فِي الْقيام عَلَيْهِنَّ وَرُبمَا غسل الْأَمْوَات وزار الْمَدِينَة.
عِيسَى بن علال المصمودي المغربي الْمَالِكِي إِمَام جَامع الْقرَوِيين الْأَعْظَم. لَهُ تعليقة على مُخْتَصر ابْن عَرَفَة، وَكَانَ زاهدا ورعا ولي الْقَضَاء وَمَات قَرِيبا من سنة عشْرين. أَفَادَهُ لي بعض أَصْحَابنَا المغاربة.
عِيسَى بن عِيسَى بن مُحَمَّد العرابي بِفَتْح الْعين وَالرَّاء الْمُشَدّدَة الْمُهْمَلَتَيْنِ ثمَّ مُوَحدَة الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي المغربل أَبوهُ. سمع من الْمُحب الصَّامِت وَأبي الهول الْجَزرِي جُزْءا فِيهِ موافقات أَحْمد فِي عبد الْوَهَّاب بن عَطاء وَغَيره جمع الضياء وَمن رسْلَان الذَّهَبِيّ من جُزْء البيتوتة، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ نقيب الْوَالِي بالصالحية.
عِيسَى بن فَاضل بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن أَحْمد الشّرف أَبُو الرّوح الحسباني ثمَّ الدِّمَشْقِي الشاغوري الصُّوفِي، سمع من الْخَطِيب أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْأَذْرَعِيّ المسلسل وَالْأول من حَدِيث أبي بكر الدارع وَمن(6/155)
أبي الْحسن عَليّ بن أبي بكر الدَّارَانِي جُزْء الدارع ونسخة وَكِيع وتاريخ داريا، وَحدث بِبَيْت الْمُقَدّس وَغَيرهَا أَخذ عَنهُ بعض أَصْحَابنَا، وَذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه.
عِيسَى بن قرمان. قتل فِي محاربته مَعَ أَخِيه إِبْرَاهِيم فِي سنة أَرْبَعِينَ. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه.
عِيسَى بن مُحَمَّد بن عبد الله اليمني الأَصْل الطَّائِفِي المولد وَالدَّار المليساوي الْمَالِكِي قَاضِي الطَّائِف وَيعرف بِابْن مكينة. نَاب فِي قَضَاء قَرْيَة المليسا بوادي الطَّائِف عَن الْمُحب النويري فَمن بعده بل استنابه الْجمال بن ظهيرة فِي جَمِيع بِلَاد الطَّائِف ثمَّ الْعِزّ النويري ثمَّ قصره على قريته وَرفع يَده عَن إِمَامَة مَسْجِد الطَّائِف وخطابته بعد مُبَاشَرَته لَهما نَحْو أَربع سِنِين، وَكَانَ)
يتَرَدَّد إِلَى مَكَّة لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة وَيُقِيم بهَا الْأَيَّام الْكَثِيرَة حَتَّى كَانَت منيته فِيهَا فِي منتصف الْمحرم سنة أَربع عشرَة وَدفن بالمعلاة وَقد بلغ السِّتين وَكَانَ خيرا مَحْمُود السِّيرَة. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
عِيسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن يانس بتحتانية ثمَّ نون مَكْسُورَة ثمَّ مُهْملَة بن صَالح النفائي بِفَتْح النُّون وَالْفَاء الممدودة السمنودي الرَّافِعِيّ الشَّافِعِي. قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل فِي الْقَاهِرَة على الْعِزّ بن جمَاعَة وَغَيره، ولقبه البقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بسمنود وَوَصفه بالوقار وَالْعقل وَالْفضل وسعة الدائرة وَأَنه هُوَ وَأهل بَيته مَشَايِخ معروفون فِي بِلَاد الغربية وأعمال الْقَاهِرَة معتقدون مشار إِلَيْهِم مذكورون بالكرامات وَالْأَحْوَال وَكتب عَنهُ غرائب وَمِمَّا كتبه عَنهُ وَكَأَنَّهُ لغيره فِي جده:
(لما حثثت من المطايا عيسا ... هطلت دموعي من فراقي عِيسَى)
(ذَاك الَّذِي أَحْيَا المكارم بَعْدَمَا ... درس الفلاة وَالزَّمَان دروسا فِي أَبْيَات)
عِيسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى الشّرف الأقفهسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد فِي سنة خمس وَسَبْعمائة واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا ولازم البُلْقِينِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: وَرَأَيْت خطه لَهُ بذلك فِي سنة خمس وَسبعين وَفِيه أَنه أذن لَهُ فِي التدريس وَألْحق صَاحب التَّرْجَمَة بِخَطِّهِ الْفَتْوَى فَوق قشط وَسمع عَلَيْهِ الصَّحِيحَيْنِ وَكَانَ أَيْضا يذكر أَنه حضر دروس الأسنوي وَأَنه نَاب فِي الحكم بِبَعْض الْبِلَاد عَن الْبُرْهَان بن جمَاعَة وَكَذَا نَاب بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة طَوِيلَة، وَكَانَ يعرف كثيرا من الْفُرُوع ويستحضرها وَلم يكن مشكورا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَظنهُ جَازَ الثَّمَانِينَ سامحه الله وإيانا. وَقَالَ غَيره أَنه نَاب عَن الْعِمَاد الكركي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَنه كَانَ فَقِيها عَالما بارعا عفيفا كثير الاستحضار لفروع مذْهبه مشكور السِّيرَة فِي أَحْكَامه دينا(6/156)
خيرا وقورا، لم يقبل الشهَاب بن النُّسْخَة أحد شُهُود الْقيمَة مُنْذُ ولَايَته فِي شَهَادَة مَعَ قبُول قُضَاة الْقُضَاة لَهُ تمشية لأرباب الشَّوْكَة وَكَانَ إِذا طلب مِنْهُ مَا لَا يرضاه عزل نَفسه تكَرر ذَلِك مِنْهُ مرَارًا، وَلم يخلف مثله عفة ودينا كَذَا قَالَ.
عِيسَى بن مُحَمَّد بن قَاسم الْموصِلِي الدِّمَشْقِي الراحبي وَالِد عَليّ الْمَاضِي مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.)
عِيسَى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله القطب بن الْعَفِيف الْحُسَيْنِي الأيجي الشَّافِعِي أَخُو الْعَلَاء مُحَمَّد ووالد مرشد الدّين مُحَمَّد. قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن أَخِيه عبيد الله الْخُلَاصَة للطيبي فِي عُلُوم الحَدِيث وَبَعض شرح السَّيِّد على الكافية الحاجبية وَكَانَ عَلامَة، حج وَأكْثر أَخذه عَن السَّيِّد صفي الدّين.
مَاتَ بأيج سنة تسع وَخمسين عَن بضع وَأَرْبَعين.
عِيسَى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو الرّوح الْحَجَّاجِي الصُّوفِي. ولد فِي ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة، وَكَانَ لطيفا ظريفا مَعْرُوفا بذلك. مَاتَ سنة خمس. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عِيسَى بن مُحَمَّد الشّرف التجاني المغربي الْمَالِكِي. سمع على الْجمال الْحَنْبَلِيّ وَولي قَضَاء طرابلس ثمَّ الْقُدس وَذكره الزين رضوَان فِيمَن يُؤْخَذ عَنهُ وَوَصفه بالشيخ الإِمَام وَأَظنهُ عِيسَى المغربي الْآتِي قَرِيبا وَالسَّابِق عَنهُ فِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله المغراوي كَلِمَات بَينه وَبَين الْبِسَاطِيّ.
عِيسَى بن مُحَمَّد العجلوني. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: ولد فِي سنة بضع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة واشتغل بِدِمَشْق وتعانى النّسخ وَأكْثر الْحَج والمجاورة وَكَانَ يذكر أَنه سمع من الصفي الْحلِيّ شعره وأنشدنا عَنهُ بِمَكَّة، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع عشرَة وَأَظنهُ عِيسَى بن أَحْمد بن عِيسَى العجلوني الْمَاضِي وَيكون الْغَلَط وَقع فِي اسْم أَبِيه وَفِي وَفَاته وَالصَّوَاب أَحدهمَا.
عِيسَى بن الشَّيْخ مَحْمُود بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عِيسَى الصيرامي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ أَخُو النظام يحيى الْآتِي، جود عَلَيْهِ الْقُرْآن ابْن أَخِيه عضد الدّين عبد الرَّحْمَن وَأثْنى عَلَيْهِ عِيسَى بن مُوسَى بن صبح الرمثاوي الشَّافِعِي أحد الْعُدُول بِدِمَشْق مَاتَ فِي عشر السّبْعين سنة إِحْدَى عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
عِيسَى بن مُوسَى بن عَليّ بن قُرَيْش بن دَاوُد الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ ويلقب بالعماد. عني بِحِفْظ الْقُرْآن وَله بضع وَعِشْرُونَ سنة فجوده وَأكْثر التِّلَاوَة مَعَ التِّجَارَة بِحَيْثُ اسْتَفَادَ عقارا بِمَكَّة ونواحيها وصاهر النَّجْم الْمرْجَانِي على ابْنَته فَولدت لَهُ أَوْلَادًا وَتزَوج قبلهَا بابنة السراج عبد اللَّطِيف بن سَالم ولازم خدمَة(6/157)
أَبِيهَا أَيَّام ولَايَته شدّ زبيد بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك ابْتِدَاء تجمله، وَمَات سنة خمس وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وَقد قَارب الْخمسين، ذكره الفاسي.)
عِيسَى بن مُوسَى الشّرف الفيومي الْمصْرِيّ التَّاجِر السفار فِي الْبَحْر وَغَيره وَيعرف بالعلاف مَاتَ فِي ربيع الأول سنة خمس وَسِتِّينَ بجدة وَدفن بهَا وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ. أرخه ابْن فَهد.
عِيسَى بن يحيى بن عبد الله الحوراني ثمَّ القاهري، مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
عِيسَى بن يحيى الريغي بمثناة من تَحت وغين مُعْجمَة المغربي الْمَالِكِي نزيل مَكَّة، كَانَ خيرا مُعْتَقدًا معتنيا بِالْعلمِ نظرا وإفادة سمع الحَدِيث بِمَكَّة على جمَاعَة من شيوخها والقادمين إِلَيْهَا وَله فِي النَّحْو وَغَيره نباهة كثير السَّعْي فِي مصَالح الْفُقَرَاء الطرحى وجمعهم من الطرقات إِلَى المرستان وَرُبمَا حمل الْفُقَرَاء المنقطعين بعد الْحَج إِلَى مَكَّة من منى ويحصب حَاشِيَة المطاف بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام من مَاله وَقد جاور بِمَكَّة سِنِين وتأهل فِيهَا بنساء من أعيانها ورزق الْأَوْلَاد. مَاتَ فِي سلخ الْمحرم أَو مستهل صفر سنة سبع وَعشْرين وَهُوَ عشر السِّتين وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا، ذكره الفاسي وَرَأَيْت من أرخه سنة ثَلَاث وَعشْرين.
عِيسَى بن يُوسُف بن حجاج بن عِيسَى بن يُوسُف الشّرف أَبُو النُّور الأشمومي ثمَّ القاهري الْمَدِينِيّ الْمقري الشَّافِعِي الصرير، مِمَّن اشْتغل وَعرف الْقرَاءَات وَمن شُيُوخه فِيهَا الزين جَعْفَر السنهوري وَأذن لَهُ فِي سنة خمسين وَسمع على شَيخنَا.
عِيسَى بن يُوسُف بن عمر بن عبد الْعَزِيز الشّرف الهواري أَمِير هوارة بِبِلَاد الصَّعِيد وأخو إِسْمَاعِيل وَمُحَمّد الْمَذْكُورين، كَانَ طوَالًا جسيما بدينا مليح الشكل عفيفا عَن الْمُنْكَرَات والفروج ذَا مُشَاركَة فِي الْجُمْلَة فِي مسَائِل من مَذْهَب مَالك مَعَ صدقَات ومعروف بِحَيْثُ يعد من محَاسِن أَبنَاء جنسه، مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ بعد عوده من حجَّة الْإِسْلَام رَحمَه الله.
عِيسَى بن يُوسُف بن مُحَمَّد الخواجا الْعِمَاد بن الْجمال بن الشَّمْس الْقرشِي الْبكْرِيّ البهنسي نزيل مَكَّة وَصَاحب الدَّار بهَا الَّتِي صَارَت للجمال مُحَمَّد بن الطَّاهِر بِبَاب الدريبة مَاتَ بهَا فِي رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ، أرخه ابْن فَهد.
عِيسَى أَبُو الرّوح الْبَغْدَادِيّ الفلوحي الْحَنَفِيّ نزيل دمشق أَقرَأ الْعَرَبيَّة وَالصرْف وَغَيرهمَا وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْعَلَاء المرداوي وَوَصفه بالعلامة الْفَقِيه الفرضي الأصولي النَّحْوِيّ الصرفي الْمُحَرر المتقن وَأَنه كَانَ حسن التَّعْلِيم ناصحا للمتعلم.
عِيسَى أَبُو مهْدي الغبريني الْمَالِكِي. فِي ابْن أَحْمد بن يحيى.(6/158)
عِيسَى الأرتقي. فِي ابْن دَاوُد بن صلح.)
عِيسَى الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ الْمكتب نزيل مَكَّة. سمع على ابْن صديق وَأبي الْيمن الطَّبَرِيّ وَغَيرهمَا وَكَانَ دينا خيرا تعانى الْكِتَابَة فبرع فِيهَا وتصدى لذَلِك احتسابا فَانْتَفع بِهِ جمع كثير من أهل مَكَّة، وَمَات شَابًّا بِمصْر فِي سنة سبع. ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وسمى أَبَاهُ سُلَيْمَان بن عبد الله.
عِيسَى البلتيني البجائي. مَاتَ سنة خمس وَعشْرين.
عِيسَى البهنسي. فِي ابْن يُوسُف بن مُحَمَّد قَرِيبا.
عِيسَى التلمساني المغربي الملقب هُنَاكَ بالغندور عندنَا بالزلباني. شيخ جَاهِل احتوى على ضعفاء الْعُقُول مِمَّن يظْهر اعْتِقَاد المهملين كبرد بك وتمراز والأنصاري وامتحنوا بِهِ ثمَّ امتحن هُوَ فِي أَيَّام الظَّاهِر خشقدم، وَعَاد لبلاده فَمَاتَ بتونس سنة ثَمَان وَسِتِّينَ تَقْرِيبًا بعد أَن أُصِيب فِي وَجهه بآكلة ويرمى بالعظائم بل بالكبائر وبلغه أَن أَبَا الْفضل المشدالي تكلم فِيهِ فتهدده فِيمَا بَينه وَبَينه برميه بِمَا يَقْتَضِي لمعتقديه قَتله فَلم يشك أَبُو الْفضل فِي قدرته على ذَلِك فَكف عَنهُ بل سَافر. عِيسَى الدَّلال بِمَكَّة. فِي ابْن عوضة. عِيسَى الريغي. فِي ابْن يحيى قَرِيبا.
عِيسَى الزواوي المغربي نزيل الْأَزْهَر. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وَأَظنهُ جَازَ السّبْعين، وَكَانَ قد تهَيَّأ لِلْحَجِّ وَنزل عَن أَكثر جهاته بِحَيْثُ اجْتمع لَهُ مِنْهَا نَحْو مائَة وَخمسين دِينَارا فاختلست مِنْهُ إِلَّا الْيَسِير وتألم بِحَيْثُ قيل أَنه سَبَب ضعفه المستمر حَتَّى مَاتَ وَيُقَال أَنه وقف كتبه وَكَانَ صَالحا صوفيا بِسَعِيد السُّعَدَاء مِمَّن حج غير مرّة وجاور وَرُبمَا قَرَأَ عَلَيْهِ بعض المبتدئين فِي الْفَرَائِض والحساب رَحمَه الله.
عِيسَى العلاف الْمصْرِيّ. فِي ابْن مُوسَى قَرِيبا.
عِيسَى الْقَارِي الدِّمَشْقِي، أحد أَعْيَان تجارها مِمَّن حج وجاور غير مرّة وَفِيه خير وبر ومعروف مَعَ كَونه دخيلا مَاتَ بِدِمَشْق فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة خمس وَتِسْعين بعد أَن أَخذ مِنْهُ حِين طلب إِلَى الْقَاهِرَة مبلغ كَبِير ثمَّ أَخذ من وَلَده بعد مَوته مَعَ قرب.
عِيسَى المغربي قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِبَيْت الْمُقَدّس. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَخمسين. وَأَظنهُ ابْن مُحَمَّد التجاني الْمَاضِي.
(حرف الْغَيْن الْمُعْجَمَة)
غَالب بن سعيد بن سعد الزبول المدجل. مَاتَ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ، أرخه ابْن عزم.
غَانِم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحيى بن سَالم بن عبد الله الْجلَال أَبُو البركات بن(6/159)
الْعَلامَة الشَّمْس الخشبي بمعجمتين مفتوحتين ثمَّ مُوَحدَة الْمدنِي الْحَنَفِيّ أَخُو عبد السَّلَام. ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَسمع على الْعِزّ بن جمَاعَة منسكه الْكَبِير وَغَيره وَمن مُحَمَّد بن يُوسُف الْعِرَاقِيّ بغية الظمآن لأبي حَيَّان وَمن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب الكالديني عوارف المعارف للسهروردي وَمن الزين الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَآخَرين بل سمع بِدِمَشْق على ابْن أميلة وَنَحْوه وَأذن بِالْحرم النَّبَوِيّ وَقَرَأَ فِيهِ البُخَارِيّ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة، وَكتب الْخط الْجيد، وَكَانَت لَهُ نباهة بِحَيْثُ وَصفه أَبُو الْفَتْح المراغي بِالْإِمَامِ الْعَالم وَوصف وَالِده بالعلامة، وَحدث قَرَأَ عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد النفطي الْمَالِكِي الْمُوَطَّأ وروى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ التقي بن فَهد وابناه بل سمع عَلَيْهِ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه وَقَالَ فِي إنبائه: كَانَ لَهُ اشْتِغَال ونباهة فِي الْعلم ثمَّ خمل وَانْقطع بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى مَاتَ سنة تسع عشرَة بالطاعون، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده رَحمَه الله.
غَانِم بن مَقْبُول السَّعْدِيّ الطَّائِفِي، مِمَّن سمع من شَيخنَا بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَعشْرين المسلسل وَغَيره. غَانِم الحناشي الْقَائِد.
غَرِيب بن عبد الله الْهِنْدِيّ البنكالي الْحَنَفِيّ ويلقب أَبوهُ نظام الدّين. قدم الْقَاهِرَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَنزل الْبرد بكية وَنقل عَنهُ أَنه اختلى فِي بعض خلاويها شهر رَمَضَان كُله بعد أَن طين بَاب الْخلْوَة وَمنع نَفسه من الطَّعَام الشَّهْر كُله وَأَنه يفْطر على قرنفلة وَاجْتمعَ بِهِ بعض الْفُضَلَاء مِمَّن يعرف لغته وَسَأَلَهُ عَن سنه فَقَالَ: نَحْو تسع وَأَرْبَعين سنة وَأَن شَيْخه فِي السلوك سنَن الدّين البنكالي وَكَانَ سنه حِينَئِذٍ ثَلَاثًا وَعشْرين سنة فَكَانَ يطعمهُ فِي مبدأ أمره بالميزان وَفِي كل يَوْم ينقصهُ حَتَّى صَار يَأْكُل فِي كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا قرنفلة وَاحِدَة وَأَنه فِي كل لَيْلَة عِنْد الْفطر يضع فِي كَفه قَلِيل مَاء وَيَضَع فِيهِ قرنفلة ويلحس المَاء مَعَ بَقَاء القرنفلة فَإِذا مضى أَرْبَعُونَ يَوْمًا أكلهَا وَأَنه لَا يفعل ذَلِك إِلَّا فِي الْخلْوَة فَإِذا خرج مِنْهَا تنَاول بعض الشَّيْء كَمَا أَن الفضلات لَا تحصل لَهُ مِنْهَا فِي الْخلْوَة يحصل بِحَسب الْحَال وَأَنه يكون فِي خلوته بمَكَان مظلم فِيهِ السراج لَيْلًا وَنَهَارًا وَأَنه لم يتَزَوَّج)
قطّ وَلَا احْتَلَمَ وَأَنه رَحل لكل من خُرَاسَان وبغداد وَالروم وحلب وَالشَّام والمساجد الثَّلَاث ومصر وَذكر أَنه أسمر خَفِيف اللِّحْيَة أسودها رَقِيق الْبشرَة نحيف الْبدن خَفِي الصَّوْت يحسن بعض اللُّغَة الْعَرَبيَّة بِحَيْثُ يفهم مَا يُقَال لَهُ أَو يُجيب بتواضع وَسُكُون وأدب.
غرير بِمُعْجَمَة ثمَّ مهملتين مصغر ابْن عجل بن رُمَيْح الحسني الْمَاضِي(6/160)
أَبوهُ قريب صَاحب الْحجاز وَزوج ابْنَته الَّتِي أمره بفراقها فِي سنة تسع وَتِسْعين.
غرير بن هيازع بن ثقبة بن حماز الْحُسَيْنِي أَمِير الْمَدِينَة وينبع. أَقَامَ فِي إمرة الْمَدِينَة ثَمَان سِنِين وَوَقع بَينه وَبَين ابْن عَمه عجلَان بن نعير أخي ثَابت اخْتِلَاف كَمَا كَانَ بَين أسلافهما فهجم غرير على حَاصِل الْمَسْجِد فَأخذ مِنْهُ مَالا جزيلا فَأمر السُّلْطَان أَمِير الركب بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ فَفعل وَذَلِكَ فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَعشْرين وأحضره صُحْبَة الركب إِلَى مصر فاعتقل بقلعتها فَمَاتَ فِي صفر الَّتِي تَلِيهَا بعد ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا، وَكَانَ خَاله مقبل بن نخبار أَمِير الينبوع قد جهز مَعَ قصاده قدر المَال الْمَنْسُوب إِلَيْهِ أَخذه فَلَمَّا بَلغهُمْ مَوته رَجَعَ بَعضهم إِلَى مرسله بِمَا مَعَه من المَال واختفى بَعضهم بِالْقَاهِرَةِ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
غفير الطنتدائي. هُوَ عبد الْغفار بن عبد الْمُؤمن.
غمراشن ويدعى غمور بن أبي بكر بن عبد الْوَاحِد بن عمر المريني زعم.
غَنَائِم بن عبد الرَّحِيم بن غَنَائِم التدمري الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي خَادِم قبر السِّت خَارج دمشق، مَاتَ فِي الْعشْر الأول من رَجَب سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بِدِمَشْق.
غياث بن عَليّ بن نجم الكيلاني. فِي مُحَمَّد.
غيث بن ندى بن عَليّ بن أبي الْوَحْش أَخُو سُلَيْمَان الْمَاضِي وَيعرف بِابْن نصير الدّين شيخ عرب المنوفية. كَانَ مِمَّن يذكر بالظلم وَالشح مَعَ إِظْهَاره التدين وانتمائه للشَّيْخ مَدين وجره لَهُ ولزاويته بل ولجماعة من أَتْبَاعه فِي كل سنة الْقَمْح الْكثير وَغَيره بِحَيْثُ كَانَ لَهُ إِلَيْهِ الْميل الزَّائِد وَرُبمَا يُقيم فِي الزاوية مُدَّة اجْتِهَاده فِي إِتْلَاف من يُعلمهُ من قطاع الطَّرِيق، وتجرع غُصَّة قتل ابْنه وَلم يمْكث بعده سوى اثْنَيْنِ وَعشْرين يَوْمًا، ثمَّ مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ عِنْد يشبك الْفَقِيه فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر رَجَب سنة سِتّ وَسِتِّينَ عَن نَحْو السّبْعين وَصلى عَلَيْهِ بمصلى المؤمني وَدفن خَارج الْقَاهِرَة من جِهَة بَاب النَّصْر عَفا الله عَنهُ وإيانا.
غيث الخانكي. هُوَ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد. يكنى أَبَا الْغَيْث يَأْتِي.)
(حرف الْفَاء)
فاتن الطواشي الحبشي مولى شَيخنَا. نقل عَنهُ تَرْجَمَة عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف النويري من إنبائه مَا أسلفته فِيهِ، وَكَانَ خيرا قَرَأَ وَكتب وَسمع. مَاتَ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْفَقِيه السعودي إِلَى تصحيفه بنتاف.
فارح بن جَاءَ الْخَيْر. قَائِد طرابلس.(6/161)
فارح بن مهْدي المريني الْقَائِد، كَانَ مُدبر دولة بني مرين فِي سلطنة أبي سعيد عُثْمَان بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بفاس وَمَات بهَا فِي آخر سنة سِتّ ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
فَارس بن دَاوُد بن حُسَيْن الأطفيحي ثمَّ الطنتدائي الغمري الشَّافِعِي واسْمه حسن وَلكنه بِفَارِس أشهر. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر الْمحرم سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بأطفيح مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فتحول بعد أَن تميز مَعَ جدته لأمه إِلَى طنتدا فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن والعمدة والتبريزي والبهجة وَكِلَاهُمَا فِي الْفِقْه والملحة والوردية كِلَاهُمَا فِي النَّحْو، وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم شَيخنَا بل قَرَأَ عَلَيْهِ فِي البُخَارِيّ وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء ولازم فِي طنتدا الشَّمْس الشنشي فِي الْفِقْه وَغَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَكَذَا قَرَأَهُ بِمصْر على الْبَهَاء ابْن الْقطَّان وَبحث عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج وَأخذ فِي الْفَرَائِض والحساب عَن ابْن المجدي وَفِي الْمِيقَات عَن النورين الدلاصي والنقاش وَعبد الْعَزِيز الوفائي وجود الْقُرْآن على أبي عبد الْقَادِر الْأَزْهَرِي بل قَرَأَ لنافع على الشَّمْس بن الحمصاني، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَأَظنهُ جلس عِنْد التَّاج الْمَيْمُونِيّ وَأم بنكار وأقرأ وَلَده بل حج مَعَه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وبسفارة أَبِيه نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْمَنَاوِيّ وَجلسَ بعدة مجَالِس وَكَذَا نَاب عَن ابْن البُلْقِينِيّ فَمن بعده وأضيف إِلَيْهِ قَضَاء منية غمر وأعمالها نِيَابَة عَن عبد الرَّحِيم وعَلى ابْني الْمَنَاوِيّ ثمَّ اسْتَقل بهَا ودام مُدَّة، وَعرف بِالْكَرمِ والإقدام فِي الْأَحْكَام وَرُبمَا أفتى فِي تِلْكَ النَّاحِيَة وَلَا يَخْلُو من مُشَاركَة فِي الْجُمْلَة، وَقد اجْتمع بِي وسمعته ينشد شَيْئا من نظمه. مَاتَ فِي رَمَضَان فِيمَا قيل سنة ثَمَان وَتِسْعين بعد أَن أشرك مَعَه ابْن المراكبي الْمَعْرُوف بِابْن خروب وَاسْتقر بعده ابْن عَم لَهُ مَعَ الْمُشَاركَة عَفا الله عَنهُ.
فَارس بن شامان بن زُهَيْر الْحُسَيْنِي ابْن خَال صَاحب مَكَّة وَزوج ابْنَته والماضي أَبوهُ وَهُوَ ابْن عَم الزبيرِي صَاحب الْمَدِينَة ووالد حسن صَاحبهَا، رَأَيْته مَعَه فِي آخر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَتِسْعين حِين زيارته للمدينة وَمَعَهُ ابْن لَهُ ابْن خمس سِنِين ابْنه الباز من ابْنة الشريف وَقَالَ لي)
أَنه كَانَ حِين موت أَبِيه ابْن أَربع وَعشْرين سنة فَيكون مولده تَقْرِيبًا سنة تسع وَخمسين.
فَارس بن مُحَمَّد بن عَليّ بن سِنَان الْعمريّ أحد القواد. مَاتَ فِي ربيع الأول أَو الآخر سنة سِتّ وَسبعين بِبَعْض بِلَاد الْيمن وَدفن هُنَاكَ عَن أَربع وَسبعين. أرخه ابْن فَهد.
فَارس بن ميلب بن عَليّ بن مبارك بن رميثة بن أبي نمي الشريف الحسني أمه فَاطِمَة ابْنة الشريف عنان بن مغامس بن رميثة. مَاتَ فِي رَجَب سنة سِتّ وَسبعين خَارج مَكَّة وَحمل فَدفن بهَا وَكَانَت وَفَاة أمه فِي سنة ثَمَان عشرَة بعد أَن فَارقهَا أَبوهُ وَتَزَوجهَا الشريف حسن بن عجلَان وأولدها عليا. ذكره ابْن فَهد.(6/162)
فَارس بن صَاحب الباز التركماني صَاحب إنطاكية وَمَا والاها وأمير التركمان بِنَاحِيَة العمق وَابْن أميرها لما انزاح التتار عَن الْبِلَاد كثر جمعه فاستولى على إنطاكية وَتلك النواحي ثمَّ قوي أمره عِنْد الِاخْتِلَاف بَين العساكر المصرية والشامية، وَاسْتولى على الْبِلَاد الغربية بأسرها وَغَيرهَا من أَعمال حلب وَعجز النواب عَن دَفعه إِلَى أَن خذل وَآل أمره إِلَى أَن قَتله جكم بعد أَن سلب نعْمَته وَخرب بَيته فِي شَوَّال أَو ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وانكسرت شَوْكَة التركمان وَللَّه الْحَمد بِمَوْتِهِ، وَكَانَ كاسمه فَارِسًا شجاعا بنى بإنطاكية مدرسة بِحَضْرَة مقَام سَيِّدي حبيب النجار ذكره ابْن خطيب الناصرية ثمَّ شَيخنَا فِي إنبائه وَغَيرهمَا مطولا وأرخه بَعضهم سنة تسع غَلطا.
فَارس البكتمري بكتمر السَّعْدِيّ. خدم إينال فِي إمرته فَلَمَّا تسلطن عمله من الدوادارية الصغار ثمَّ امتحن بعده وَلزِمَ دَاره إِلَى أَن أمره الْأَشْرَف قايتباي عشرَة ثمَّ تجرد لسوار فَقتل هُنَاكَ، وَكَانَ فِيمَا قيل لَا بَأْس بِهِ أدبا وحشمة رَحمَه الله.
فَارس التازي الفاسي الْمَالِكِي وَالِد عبد الله قَاضِي بني جبر. مَاتَ سنة تسع وَسِتِّينَ بِمصْر مضى لَهُ ذكر فِي وَلَده. فَارس الخزندار الرُّومِي الطواشي تقدم فِي الدول فباشر الخازندارية للناصر ثمَّ للمؤيد ثمَّ لمن بعده وَلم يشْتَهر، وجود الْخط على الزين عبد الرَّحْمَن بن النَّاصِر وَكَذَا الرَّمْي بالنشاب وَحفظ الْقُرْآن وتلاه على جمَاعَة، وَكَانَ يشْتَغل بِالْعلمِ ويجتمع الطّلبَة من أَبنَاء الْعَرَب والعجم عِنْده وميله لأبناء الْعَرَب أَكثر. مَاتَ فِي نصف الْمحرم سنة سِتّ وَعشْرين وَخلف شَيْئا كثيرا احتاط عَلَيْهِ السُّلْطَان وَاسْتقر بعده فِي الخازندارية خشقدم. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار.)
فَارس دوادار تنم نَائِب دمشق. مَاتَ سنة عشر.
فَارس المحمدي الركني فَيْرُوز نَائِب الْمُقدم. اسْتَقر فِي الْوزر فِي صفر سنة أَربع وَسِتِّينَ بعد اختفاء ابْني الأهناسي فَأَقَامَ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ صرف بمنصور ابْن صفي، وَعين للاستادارية وَغَيرهَا فَلم يتم وتقرب من الْأَشْرَف قايتباي وَتزَوج بِرَأْس نوبَة خوند الْكُبْرَى.
فَارس الأشرفي الرُّومِي الطواشي، اسْتَقر فِي مشيخة الخدام بِالْمَدِينَةِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين عوضا عَن الولوي بن قَاسم وَتوجه فِي الْبَحْر إِلَى الينبوع ليسير مِنْهُ إِلَى مَحل خدمته فوصلها فِي أَثْنَائِهَا وَاسْتمرّ إِلَى أَن عزل فِي سنة خمس وَأَرْبَعين ثمَّ أُعِيد وَاسْتمرّ إِلَى ن عزل سنة أَربع وَخمسين.
فَارس السيفي دولات باي المؤيدي. ترقى فِي حَيَاة أستاذه أَمِير الْمحمل آخر سني الظَّاهِر جقمق وتمول جدا وابتنى(6/163)
الْأَمَاكِن الجليلة وَآل أمره إِلَى أَن اسْتَقر بِهِ الْأَشْرَف قايتباي زردكاشا بعد أَن أمره وَتوجه إِلَى الشَّام صُحْبَة إينال الْأَشْقَر إِلَى سوار فجَاء الْخَبَر بِمَوْتِهِ فِي أثْنَاء صفر سنة خمس وَسبعين وَلم يكن بالمرضي سامحه الله.
فَارس القطلو قجاوي الرُّومِي الظَّاهِرِيّ برقوق. أَصله من مماليك خَلِيل بن عرام اشْتَرَاهُ من بعض الخبازين بإسكندرية مِمَّن كَانَ يَبِيع الْخبز عِنْده وَآل أمره إِلَى أَن صَار من جملَة مماليك الظَّاهِر برقوق فحظي عِنْده ورقاه إِلَى إمرة عشرَة ثمَّ طبلخاناه ثمَّ بعد قدومه من السفرة الثَّانِيَة من الشَّام قدمه وولاه الحجوبية الْكُبْرَى عوضا عَن بخاص، وَكَانَ شجاعا حسن الرَّمْي مائلا إِلَى المغاني والملاهي. قتل مَعَ أيتمش فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَقد ناهز الْأَرْبَعين. ذكره الْعَيْنِيّ وَغَيره.
فَارس المحمدي. مضى قَرِيبا.
فَارس نَائِب القلعة بِدِمَشْق وأمير السرحة الَّتِي خرجت من دمشق فِي غزَاة ردوس، أَصَابَته جِرَاحَة فِي وقْعَة الفشيتل بجبينه أزالت عقله وَاسْتمرّ متضعفا مِنْهَا حَتَّى مَاتَ وَهُوَ رَاجِعُون فِي الْبَحْر وَذَلِكَ فِي رَجَب سنة سبع وَأَرْبَعين.
فَارس أحد المقدمين بِمصْر. كَانَ دوادار الظَّاهِر ططر فِي حَال إمرته فَلَمَّا ملك أعطَاهُ طبلخانات ثمَّ ولي نِيَابَة إسكندرية ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وَصَارَ مقدما حَتَّى مَاتَ فِي أَوَائِل الْمحرم سنة سِتّ وَعشْرين وَكَانَ جيدا متواضعا متورعا ذكره الْعَيْنِيّ فَاضل بن مخلوف بن خلف بن سُلَيْمَان الشَّمْس التروجي السكندري نزيل الْقَاهِرَة وَأحد المؤذين)
بِالْقصرِ السلطاني، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَكَانَ لَهُ قبُول فِي أَذَان وتسبيحه ورزق فِي هَذِه الْأَيَّام حظوة زَائِدَة وَكثر تنقله إِلَى الْأَمَاكِن ليؤذن فِيهَا إِجَابَة للسائلين لَهُ فِيهِ وَرُبمَا فعله فِي بَعْضهَا ابْتِدَاء بِدُونِ مَسْأَلَة سمعته غير مرّة رَحمَه الله.
فَاضل السمي الْبناء مَاتَ بِمَكَّة فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
فايز بن الْفَخر أبي بكر بن أَحْمد الْمدنِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن الْعَيْنِيّ. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
فايز بن الْفَخر أبي بكر بن عَليّ بن ظهيرة. فِي عبد الْعَزِيز.
فتح الله بن عبد الرَّحِيم بن أبي بكر بن أَحْمد بن حسن المنفلوطي الْحَنَفِيّ نزيل الشيخونية وَأحد صوفيتها وَيعرف بِابْن الفرجوني نِسْبَة لبلدة بِالْقربِ من هُوَ. ولد فِي صَلَاة الْعَصْر من يَوْم السبت رَابِع عشري ربيع الأول سنة سِتّ(6/164)
وَخمسين وَثَمَانمِائَة بمنفلوط وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَكَانَ يقرئ مماليك سيباي الكاشف ويؤم كأبيه بجامعها ثمَّ قدم الْقَاهِرَة سنة تسع وَسبعين فَقَرَأَ على الديمي الْكتب السِّتَّة والموطأ والشفا والتذكرة وَغَيرهَا وتنزل فِي الشيخونية من الَّتِي تَلِيهَا وَحفظ ثُلثي الْقَدُورِيّ وتفقه فِيهِ على الصّلاح الطرابلسي ولازمهما كثيرا وَمِمَّا أَخذه عَن الصّلاح أوقاف الْخصاف وَختم عَلَيْهِ كِتَابه وَكَذَا قَرَأَ على الْغَزِّي القَاضِي قبل قَضَائِهِ وَبعده، وَكتب بِخَطِّهِ الْحسن الْكثير لنَفسِهِ وَلغيره وَشرع فِي كِتَابَة مُسْند أَحْمد فَكتب مِنْهُ زِيَادَة على مُجَلد، وناب فِي الخطابة بالبرقوقية وقتا وخطب بأماكن وَغَيرهَا ولازمني فِي قِرَاءَة أَشْيَاء كتمثال النَّعْل وأربعي الْمُنْذِرِيّ فِي قَضَاء الْحَوَائِج وَكَذَا قَضَاء الْحَوَائِج لِابْنِ أبي الدُّنْيَا والصمت لَهُ وَمَكَارِم الْأَخْلَاق للخرائطي وللطبراني واغتبط بذلك مَعَ قُوَّة فِي الدّين وتقنع وَدخل دمياط للنزهة وَمَاتَتْ أمه فسافر إِلَى بَلَده لذَلِك ثمَّ حكى لي عَنهُ مَا لم أرتضه وَالله أعلم.
فتح الله بن عبد الله بن نصر الله الهرموزي نزيل مَكَّة وَمولى الهرموزية. تكسب بِالْكِتَابَةِ.
مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
فتح الله بن فرج الله بن حسن شاه بن إِبْرَاهِيم الْبُرْهَان أَبُو الْخَيْر بن الضياء أبي الْقسم بن الْعَلَاء بن الْبُرْهَان الكرهلي نِسْبَة لكره قَرْيَة من أَصْبَهَان الْكرْمَانِي المولد وَالدَّار الشَّافِعِي نزيل مَكَّة، مِمَّن سمع مني أَيْضا بِمَكَّة.
فتح الله بن مستعصم بن نَفِيس فتح الدّين الإسرائيلي الدَّاودِيّ التبريزي الْحَنَفِيّ كَاتب السِّرّ. ولد)
بتبريز سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة وَقدم مَعَ أَبِيه الْقَاهِرَة فَمَاتَ أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَكَفَلَهُ عَمه بديع بن نَفِيس فَقَرَأَ الْمُخْتَار فِي الْفِقْه وَتردد إِلَى مجَالِس الْعلم وَتعلم الْخط وَعرف كثيرا من الْأَلْسِنَة وَمن الْأَخْبَار، وتميز فِي الطِّبّ وباشر العلاج وَصَحب بيبغا الشَّافِعِي أَيَّام الْأَشْرَف واختص بِهِ ورافقه من مماليكه الْأَمِير الشَّيْخ الصفوي وَكَانَ بارع الْجمال فانتزعه لما قبض على الشَّافِعِي وَصَارَ من أخص المماليك عِنْده فزوج فتح الله أمه وفوض إِلَيْهِ أُمُوره وَأَسْكَنَهُ مَعَه فاشتهر من ثمَّ وشاع ذكره وَاسْتقر فِي رياسة الطِّبّ بعد موت عَمه بديع فباشرها بعفة ونزاهة، ثمَّ عالج برقوق فأعجبه وراج عَلَيْهِ بِمَا كَانَ يعرفهُ من الْأَلْسِنَة وَالْأَخْبَار واختص بِهِ وَصَارَ لَهُ عِنْده مجْلِس لَا يحضر مَعَه فِيهِ غَيره فَلَمَّا مَاتَ الْبَدْر مَحْمُود الكلستاني قَرَّرَهُ فِي كِتَابَة السِّرّ مَعَ سعي الْبَدْر بن الدماميني فِيهَا بِمَال كثير فباشر بعفة ونزاهة أَيْضا وَقرب من النَّاس وبشاشة وحشمة وَعَمله الظَّاهِر أحد أوصيائه وَاسْتمرّ فِي كِتَابَة السِّرّ بعده لم ينكب إِلَّا فِي كائنة ابْن غراب ثمَّ عَاد، قَالَ شَيخنَا:(6/165)
وَكَانَت خصاله كلهَا حميدة إِلَّا الْبُخْل والحرص وَالشح المفرط حَتَّى بالعارية وبسبب ذَلِك نكب فَإِن يشبك لما هرب من الْوَقْعَة الَّتِي كَانَت بَينه وَبَين النَّاصِر ترك أَهله وَعِيَاله بمنزله بِالْقربِ مِنْهُ فَلم يقرهم السَّلَام وَلَا تفقدهم بِمَا قِيمَته الدِّرْهَم الْفَرد فحقد عَلَيْهِ ذَلِك وَكَانَ أعظم الْأَسْبَاب فِي تَمْكِين ابْن غراب من الْحَط عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَت النكبة الشهيرة لجمال الدّين كَانَ هُوَ الْقَائِم بأعبائها وَعظم أمره عِنْد النَّاصِر من يَوْمئِذٍ وَصَارَ كل مبَاشر جلّ أَو حقر لَا يتَصَرَّف إِلَّا بأَمْره فَلَمَّا انهزم النَّاصِر وَغلب شيخ اسْتَقر بِهِ وَقَامَ بِالْأَمر على عَادَته إِلَى أَن نكب فِي شَوَّال سنة خمس عشرَة من الْمُؤَيد لشَيْء نقل عَنهُ وَلم يزل فِي الْعقُوبَة وَالْحَبْس إِلَى أَن مَاتَ مخنوقا فِي لَيْلَة الْأَحَد خَامِس ربيع الأول سنة سِتّ عشرَة وَأخرج من الْغَد فَدفن بتربة خَارج بَاب المحروق من الْقَاهِرَة. قَالَ ابْن خطيب الناصرية: وَكَانَ إنْسَانا عَاقِلا دينا محبا فِي أهل الْخَيْر وَالْعلم وَجمع كتبا نفيسة زَاد غَيره: وَكَانَت مُدَّة ولَايَته كِتَابَة السِّرّ أَربع عشرَة سنة وَنَحْو شهر تعطل فِيهَا أشهرا وَقَالَ المقريزي: كَانَت لَهُ فَضَائِل جمة غطاها شحه حَتَّى اختلق عَلَيْهِ أعداؤه معايب برأه الله مِنْهَا فَإِنِّي صحبته مُدَّة طَوِيلَة تزيد على عشْرين سنة ورافقته سفرا وحضرا فَمَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا، بل كَانَ من خير أهل زَمَانه رصانة عقل وديانة وَحسن عبَادَة وتأله ونسك ومحبة للسّنة وَأَهْلهَا وانقياد)
إِلَى الْحق مَعَ حسن سفارة بَين النَّاس وَبَين السُّلْطَان وَالصَّبْر على الْأَذَى وَكَثْرَة الِاحْتِمَال والتؤدة وجودة الحافظة وَكَانَ يعاب بالشح بجاهه كَمَا يعاب بالشح بِمَالِه فَإِنَّهُ كَانَ يخذل صديقه أحْوج مَا يكون إِلَيْهِ وَقد جوزي بذلك فَإِنَّهُ لما نكب هَذِه الْمرة تخلى عَنهُ كل أحد حَتَّى عَن الزِّيَارَة فَلم يجد معينا وَلَا مغيثا فَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وَقَالَ: فتح الدّين هَذَا كَانَ جده يَهُودِيّا من أَوْلَاد نَبِي الله دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَقدم جده من تبريز أَيَّام النَّاصِر حسن إِلَى الْقَاهِرَة واختص بالأمير شيخو وطبه وَصَارَ يركب بغلة بخف ومهماز ثمَّ إِنَّه أسلم على يَد النَّاصِر حسن وَولد فتح الله بتبريز وَقدم على جده نَفِيس فَكَفَلَهُ عَمه بديع لِأَن أَبَاهُ مَاتَ وَهُوَ طِفْل، وَنَشَأ معتنيا بالطب إِلَى أَن ولي الرياسة بعد موت الْعَلَاء بن صَغِير، واختص بِالظَّاهِرِ حَتَّى ولاه كِتَابَة السِّرّ بعد مَا سُئِلَ فِيهَا بقنطار من الذَّهَب مَعَ علمه ببعده عَن صناعَة الْإِنْشَاء وَقَالَ: أَنا أعلمهُ فباشر ذَلِك وشكره النَّاس، وَطول فِي عقوده تَرْجَمته.
فتح الله بن أبي يزِيد بن عبد الْعَزِيز بن إِبْرَاهِيم الشرواني الشَّافِعِي، حج بعد السّبْعين وَثَمَانمِائَة وَقدم الْقَاهِرَة فِي رُجُوعه وَذكره النَّجْم بن قَاضِي عجلون بِتمَام الْفَضِيلَة وَلما كَانَ بِمَكَّة عرض عَلَيْهِ أَبُو السُّعُود ابْن قاضيها وَكتب لَهُ إجَازَة حَسَنَة(6/166)
وَبَلغنِي أَن لَهُ تصانيف مِنْهَا تَفْسِير آيَة الْكُرْسِيّ وَشرح المراح والإرشاد فِي النَّحْو للتفتازاني وَكَذَا شرح الْأَنْوَار للأردبيلي بِالْفَارِسِيَّةِ لأجل ابْن شاه رخ سُلْطَان سَمَرْقَنْد فِي مجلدين فأفسده وَهُوَ إِلَى بعد الثَّمَانِينَ فِي قيد الْحَيَاة.
فتح الله العجمي الْخُرَاسَانِي نزيل تونس وَيُسمى أَحْمد، وَكَانَ أحد الْعلمَاء العارفين، دخل الْمغرب فِي سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة فَأَقَامَ بتونس وَله بهَا مآثر من زَوَايَا وَنَحْوهَا بل بجل الْمغرب، وَصَارَت لَهُ جلالة وشهرة حَتَّى مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَرَأَيْت من أرخه سنة سبع وَقد قَارب الثَّمَانِينَ، وَكَانَ متجملا كَرِيمًا محلا للشارد والوارد بل ترد عَلَيْهِ الْمُلُوك والقضاة وَغَيرهم مَعَ عدم تردده إِلَيْهِم، وَكثر الآخذون عَنهُ بِحَيْثُ كَانُوا طباقا، وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ عبد الْمُعْطِي نزيل مَكَّة وحَدثني بِكَثِير من أَحْوَاله بل أَخْبرنِي أَنه أَخذ عَن غير وَاحِد من مريديه كَمَا سلف فِي تَرْجَمته، وَلم يعْدم مَعَ ذَلِك كُله من متعنت يُنكر عَلَيْهِ أَشْيَاء جائرة عِنْد بعض الْعلمَاء سِيمَا الْمَالِكِيَّة كوضع يَدَيْهِ على صَدره فِي صلَاته، وَلم يَزْدَدْ مَعَ هَذَا إِلَّا جلالة ووجاهة بِحَيْثُ لم يمت حَتَّى أذعن لَهُ الْمُخَالف، وأحواله مستفيضة وَالله أعلم بِحَقِيقَة أمره رَحمَه الله)
وإيانا. فتح خَان الهراوي.
فتح وَيُقَال لَهُ أَبُو الْفَتْح أَيْضا كَانَ مُعْتَقدًا بَين الْعَامَّة وَكثير من الْخَاصَّة كإمام الكاملية بِحَيْثُ يجْعَلُونَ حركاته ومزيد صياحه عَلَامَات لما يتَّفق بعْدهَا وَكَانَ أكبر إِقَامَته بجوار سعيد السُّعَدَاء كَمَا أَن أَكثر أوقاته التجرد والعري وَقد أَمر شَيخنَا مرّة بإرساله للبيمارستان وَمَا تمّ وَلَكِن قيل مِمَّا جعل كَرَامَة للمترجم أَن شَيخنَا لم يقدر بعد ذَلِك مروره من تِلْكَ الخطة إِلَّا فِي النَّادِر لكَونه عزل عَن البيبرسية. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَغسل فِي الخانقاه وَصلي عَلَيْهِ عِنْد بَاب مصلى بَاب النَّصْر فِي جمع وافر ثمَّ دفن بتربة قانم.
الْفتُوح بن عِيسَى الزموري. فتيتة بن ساري شيخ الحنانشة فحيمة بن.
فرج بن أَحْمد بن عبد الله التركماني القاهري ثمَّ الأنبابي الفاضلي نِسْبَة لخدمة الْأَمِير الْفَاضِل.
ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بمنشية المهراني من مصر وخدم الْجمال يُوسُف بن إِسْمَاعِيل الإنبابي وَسكن مَعَه إنبابة، وَحج فِي خدمته مرَّتَيْنِ وَتردد مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة لسَمَاع الحَدِيث مِمَّا سَمعه على الحلاوي فضل الْكلاب لِابْنِ الْمَرْزُبَان وَاسْتمرّ بعده قَائِما بِخِدْمَة ضريحه بإنبابة مَعَ تكسبه بالخياطة هُنَاكَ، وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل إسكندرية وَغَيرهَا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَت سِيمَا الْخَيْر عَلَيْهِ لائحة. مَاتَ فِي حُدُود سنة ثَمَان وَأَرْبَعين رَحمَه الله.(6/167)
فرج بن أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن حريز المنفلوطي الْمَالِكِي ابْن أخي الحسام والسراج وَأَبوهُ أَصْغَر الثَّلَاثَة وَهُوَ أَصْغَر أَخَوَيْهِ إِسْمَاعِيل وَمُحَمّد وَإِسْمَاعِيل أوجه وَله نظم فَمِنْهُ تخميس الْبردَة وَهُوَ عِنْد صاحبنا المحيوي الْقرشِي وينوب فِي قَضَاء بناحيته وَنَحْوهَا، وَهُوَ سنة تسع وَتِسْعين فِي الْأَحْيَاء.
فرج بن برقوق بن أنس النَّاصِر الزين أَبُو السعادات بن الظَّاهِر الجركسي الْمصْرِيّ، ولد فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة فِي وسط فتْنَة يلبغا الناصري ومنطاش فَسَماهُ أَبوهُ بلغاق ثمَّ سَمَّاهُ فرجا فَكَانَ اسْمه الْحَقِيقِيّ هُوَ الأول، وَأمه أم ولد رُومِية، اسْتَقر فِي المملكة بِعَهْد من أَبِيه وَبعده فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وسنه دون عشر سِنِين. وَاخْتلف مماليك أَبِيه عَلَيْهِ كثيرا وَنزل الشَّام مرَارًا فِي مماليك أَبِيه وَغَيرهم وتصافف هُوَ فِي عسكره وَشَيخ وَمن انْضَمَّ إِلَيْهِ باللجون فانكسر وفر على الهجن إِلَى دمشق فَدخل قلعتها وَتَبعهُ شيخ وَمن مَعَه فحاصروه إِلَى)
أَن نزل إِلَيْهِم بالأمان فاعتقل وَذَلِكَ فِي صفر سنة خمس عشرَة واستفتوا الْعلمَاء فأفتوا بِوُجُوب قَتله لما كَانَ يرتكبه من الْمُحرمَات والمظالم والفتك الْعَظِيم فَقتل فِي لَيْلَة السبت سَابِع عشر صفر الْمَذْكُور وَدفن بمقابر دمشق وَكَانَ سُلْطَانا مهيبا فَارِسًا كَرِيمًا فتاكا ظَالِما جبارا منهمكا على الْخمر وَاللَّذَّات طامعا فِي أَمْوَال الرعايا، وخلع فِي غُضُون مَمْلَكَته سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بأَخيه الْمَنْصُور عبد الْعَزِيز نَحْو شَهْرَيْن ثمَّ أُعِيد فِي جُمَادَى الْآخِرَة مِنْهَا وَأمْسك أَخَاهُ فحبسه ثمَّ قَتله وترجمته تحْتَمل كراريس فَأكْثر مَعْرُوفَة من الْحَوَادِث فَلَا نطيل بهَا، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار.
فرج بن نَائِب الشَّام تنم المؤيدي، ولد ببرج إسكندرية حِين كَانَ أَبوهُ مَحْبُوسًا بِهِ فِي الْأَيَّام الإينالية وَقَرَأَ الْقُرْآن وشارك فِي حرف كالنجارة والطبخ مَعَ رمي النشاب وَنَحْوه، وَكَانَ نابها، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَهُوَ شَاب أَمْرَد طري ابْن ثَلَاث وَعشْرين فِيمَا قيل وَكَانَ قد حج مَعَ زوج أمه أزبك الخزندار أحد المقدمين فِي ذَاك الْعَام ورأيته هُنَاكَ عوضه الله وَأمه خيرا.
فرج بن سكزباي بِمُهْملَة ثمَّ كَاف مكسورتين بعْدهَا زَاي سَاكِنة ثمَّ مُوَحدَة الزين المؤيدي شيخ رباه فِي حَال إمرته فَلَمَّا تسلطن عمله خاصكيا ثمَّ أَمِير عشرَة وقربه لجماله حَتَّى صَار من أَعْيَان دولته وَكَانَ طوَالًا خَفِيف اللِّحْيَة مليح الشكالة جميلا، مَاتَ فِي رَابِع صفر سنة أَربع وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ بعد مرض طَوِيل. ذكره المقريزي والعيني وَغَيرهمَا.
فرج بن سونجبغا نزيل درب الأتراك بجوار الْأَزْهَر. مَاتَ فِي الْمحرم(6/168)
سنة سِتّ وَثَمَانِينَ، وَكَانَ مَذْكُورا بالشح مَعَ المَال الجزيل.
فرج بن عبد الرَّزَّاق سعد الدّين بن تَاج الدّين بن البقري أَخُو يحيى وَحَمْزَة وَأبي سعيد. تدرب فِي المباشرات وباشر تَارَة فِي الدولة وَتارَة فِي الْمُفْرد.
فرج عبد الله الشرابي الحبشي الْمَكِّيّ التَّاجِر صَاحب دور وَغَيرهَا. مِمَّن سمع على الزين المراغي فِي سنة أَربع عشرَة ختم الصَّحِيح، وَأَنْشَأَ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين بمنى سَبِيلا لم يكمل.
وَمَات بِمَكَّة فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَخمسين.
فرج بن عبد الله المغربي الجرائحي. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ. أرخهما ابْن فَهد.)
فرج بن فرج بن برقوق الْأَمِير بن النَّاصِر بن الظَّاهِر. مَاتَ سنة عشْرين.
فرج بن ماجد سعد الدّين بن الْمجد القبطي الْمصْرِيّ الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن النحال بنُون ومهملة مُشَدّدَة وَآخره لَام. ولد فِي أَوَائِل الْقرن بِمصْر الْقَدِيمَة وَأَبوهُ يَوْمئِذٍ نَصْرَانِيّ فَنَشَأَ مُسلما تَحت كنف أَبِيه وتمهر فِي الدِّيوَان وخدم فِي عدَّة جِهَات، وَولي بعد موت أَبِيه نظر الإسطبل ثمَّ كِتَابَة المماليك ثمَّ نظر الدولة ثمَّ الوزارة غير مرّة والاستادارية وَمَا أَفْلح وَلَا أنجح بل كَانَ غير مَسْعُود فِي ولاياته وحركاته حاد المزاج كثير الظُّلم مَعَ صدق لهجة ومواظبة على الصَّلَوَات وَكَونه من أَعْيَان الْكتاب ورؤوس المباشرين. مَاتَ بطالا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَسِتِّينَ وَقد زَاد على السِّتين وَكَانَ جَامِدا كريها سامحه الله وإيانا.
فرج بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزين بن الْأَمِير نَاصِر الدّين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي أَخُو صاحبنا الْجمال مُحَمَّد الْحَنَفِيّ الْآتِي وَيعرف بِابْن السَّابِق. ولد فِي شَوَّال سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والبهجة الوردية والكافية وَأخذ فِي الْفِقْه بِبَلَدِهِ عَن الزين بن الخرزي وبحمص عَن الْبُرْهَان النقيراوي وَقَرَأَ فِي النَّحْو وَالصرْف مَعَ قِطْعَة من الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ على حسن الْهِنْدِيّ والكافية على الشَّمْس الأندلسي حِين كَانَ قَاضِي حماة ومنظومة فِي الْكِتَابَة على ناظمها النُّور بن خطيب الدهشة والخزرجية على الشهَاب بن عربشاه وباشر التوقيع بِبَلَدِهِ عِنْد عَمه ثمَّ اسْتَقل بِكِتَابَة سرها عوضا عَنهُ فدام ثَلَاث عشرَة سنة وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة فِيهَا فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ فتمنع ثمَّ أُشير عَلَيْهِ بِالْقبُولِ فَأجَاب وحمدت مُبَاشَرَته وتعفف عَن الْأَوْقَاف ثمَّ أعرض عَنهُ ثمَّ أُعِيد، وَقدم الْقَاهِرَة فِي حَيَاة أَخِيه وَبعده غير مرّة وَاجْتمعت بِهِ مرَارًا، وَذكر لي أَن أول قدومه لَهَا فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَهُوَ إِنْسَان حسن سليم الْفطْرَة محب فِي الحَدِيث وَأَهله رَاغِب فِي مطالعة التَّارِيخ والأدبيات بِحَيْثُ أفرد مُلُوك بَلَده(6/169)
فِي كتاب سَمَّاهُ بُلُوغ الطَّالِب مناه من أَخْبَار حماه وَعمل ذيلا لتاريخ الْمُؤَيد صَاحب حماة وتعانى النّظم وكتبت عَنهُ فِي سنة سِتّ وَسبعين مَا كتب بِهِ إِلَى الصَّدْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله الْآتِي وَقد هوى جَارِيَة لَهُ اسْمهَا بنفشا فَقَالَ:
(مولَايَ إِن اسْم التيوسط حشاك حلت ... إعكس وصحف رسمهتجده أَنْت ثقتي)
وَقَوله وَقد كتب إِلَيْهِ الصَّدْر بقوله:
(الْقلب من فرقتكمأصبح ضيقا حرجا ... منقبضا يسْأَل منأهل دمشق فرجا)
)
(لَا ضَاقَ يَوْمًا صدركموعشت دهرا بهجا ... ممتعا بنيل ماترجو رَجَاء فرجا)
وَغير هَذَا وَحج مرَّتَيْنِ الأولى فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء أَخِيه الزين الزَّرْكَشِيّ وَعَائِشَة الكنانية وقريبتها فَاطِمَة الحنبلية وناصر الدّين الفاقوسي والمقريزي فِي آخَرين وَخرجت لَهُ بسؤال أَخِيه عَنْهُم أَسَانِيد فِي جُزْء وَورث أَخَاهُ، مَاتَ فِي مستهل ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَهُوَ قَاض.
فرج بن الْحَاجِب مِمَّن اخْتصَّ ببرسباي قرا وَله فِي الْجُمْلَة إقبال على التَّارِيخ وَنَحْوه.
فرج الرَّائِي الصَّالح. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَخمسين.
فرج الزنْجِي فَتى مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشغري الْآتِي. اعتنى بِهِ سَيّده فحفظه عدَّة مُقَدمَات مَعَ أربعي النَّوَوِيّ والبردة وَغَيرهَا، وَعرض عَليّ وَسمع مني بِمَكَّة فِي مجاورتي الثَّالِثَة أَشْيَاء.
فرج الزَّيْلَعِيّ الصحراوي وَالِد خَدِيجَة الْآتِيَة. كَانَ صَالحا مُعْتَقدًا كَمَا ذكر فِي ابْنَته.
فرج الزين الْحلَبِي. تنقلفي الخدم حَتَّى ولاه الظَّاهِر برقوق أستادار الْأَمْلَاك والذخيرة ثمَّ نَقله لنيابة إسكندرية فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى بعد قطلوبغا الخليلي وَاسْتمرّ إِلَى أَن مَاتَ بهَا فِي آخر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَاسْتقر بعده أرسطاي رَأس نوبَة. أرخه المقريزي.
فرج المغربي الجراعي المزين. مضى فِي ابْن عبد الله.
فرج الناصري الحبشي. جارنا وَأحد من عرف بِخِدْمَة شَيخنَا فِي جباية وقف الأشرفية وَغَيرهَا وَلم يحصل بعده على طائل. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَدفن بحوش البيبرسية عَفا الله عَنهُ وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه عبد الْكَرِيم بتجرد وشكالة فروخ الشِّيرَازِيّ. شيخ مسن جدا قدم قريب الْخمسين فَأخذ عَن شَيخنَا وَأظْهر تبجحا بلقيه واغتباطا.
فصل البدوي. أحد الخارجين عَن الطَّاعَة القائمين بِقطع الطّرق وإخافة السبل مَعَ شجاعته وَشدَّة بأسه حَتَّى أَنه كَانَ يَجِيء إِلَى الْبَلَد الْكَبِير نَهَارا فَينزل(6/170)
خَارِجهَا وَيُرْسل قاصده إِلَى أَهلهَا يُعلمهُ بِأَنَّهُ قرر عَلَيْهِم كَذَا وَكَذَا فَلَا يسعهم إِلَّا إرْسَاله وَمَتى تخلفوا طرقهم بعد ذَلِك وَأخذ مِنْهُم مَا شَاءَ فَأَقَامَ على هَذَا مُدَّة وأعيا الْحُكَّام أمره إِلَى أَن قدم بِنَفسِهِ إِلَى السُّلْطَان تَائِبًا فَأَمنهُ وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ أَيَّامًا فَكَانَ إِذا مَشى فِي طرقها تكْثر الْعَامَّة النّظر إِلَيْهِ والتفرج عَلَيْهِ وَيكثر هُوَ التَّعَجُّب من صنيعهم والضحك عَلَيْهِم فِي ذَلِك ثمَّ توجه إِلَى بِلَاده فَأَقَامَ على التَّوْبَة أشهرا ثمَّ بلغ الزين)
الاستادار أَنه نقضهَا وَأَنه يتخطف لَكِن سرا فاحتال حَتَّى استقدمه بالأمان وطلع بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَمَعَهُ ابْن عَم لَهُ فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع شعْبَان سنة ثَمَان وَخمسين فَأمر بضربهما بالمقارع وتسميرهما وسلخهما بعد ذَلِك وحشو جلدهما فَفعل بهما ذَلِك كُله وطيف بهما الشرقية مستراح مِنْهُمَا.
فضل الله بن روزبهان بن فضل الله الْأمين أَبُو الْخَيْر ابْن القَاضِي بأصبهان أَمِين الدّين الخنجي الأَصْل الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي الصُّوفِي وَيعرف بخواجه ملا. لَازم جمَاعَة كعميد الدّين الشِّيرَازِيّ وتسلك بالجمال الأردستاني وتجرد مَعَه وَتقدم فِي فنون من عَرَبِيَّة وَمَعَان وأصلين وَغَيرهَا مَعَ حسن سلوك وَتوجه وتقشف ولطف عشرَة وانطراح وذوق وتقنع، قدم الْقَاهِرَة فَتُوُفِّيَتْ أمه بهَا وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَمَات شَيْخه الْجمال بِبَيْت الْمُقَدّس فَشهد دَفنه، وسافر إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فجاور بهَا أشهرا من سنة سبع وَثَمَانِينَ ولقيني بهَا فسر بعد أَن تكدر حِين لم يجدني بِالْقَاهِرَةِ مَعَ أَنه حسن لَهُ الِاجْتِمَاع بالخضيري فَمَا انْشَرَحَ بِهِ وَقَرَأَ على البُخَارِيّ بالروضة وَسمع دروسا فِي الْإِصْلَاح واغتبط بذلك كُله، وَكَانَ يُبَالغ فِي الْمَدْح بِحَيْثُ عمل قصيدة بديعة يَوْم خَتمه أنشدت بحضرتنا فِي الرَّوْضَة أَولهَا:
(روى النسيم حَدِيث الأحباء ... فصح مِمَّا روى أسقام أحشائي)
وَهِي عِنْدِي بِخَطِّهِ الْحسن مَعَ مَا قيل نظما من غَيره وَكَذَا عمل أُخْرَى فِي ختم مُسلم وَقد قَرَأَهُ على أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْفرج المراغي حِينَئِذٍ أَولهَا:
(صححت عَنْكُم حَدِيثا فِي الْهوى حسنا ... أَن لَيْسَ يعشق من لَا يهجر الوسنا)
وَهِي بِخَطِّهِ أَيْضا فِي تَرْجَمته من التَّارِيخ الْكَبِير، وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة افتتحتها بِقَوْلِي: أَحْمد الله ففضل الله لَا يجْحَد وأشكره فَحق لَهُ أَن يشْكر ويحمد وأصلي على عَبده الْمُصْطَفى سيدنَا مُحَمَّد، ووصفته بِمَا أثْبته أَيْضا فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَقَالَ لي أَنه جمع مَنَاقِب شَيْخه الأردستاني وَأَن مولده فِيمَا بَين الْخمسين إِلَى السِّتين ثمَّ لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي موسمها فحج وَرجع إِلَى بِلَاده مبلغا إِن شَاءَ الله سَائِر مقاصده وَمرَاده وَبَلغنِي فِي سنة سبع وَتِسْعين أَنه كَانَ كَاتبا فِي ديوَان السُّلْطَان يَعْقُوب لبلاغته وَحسن إِشَارَته.(6/171)
فضل الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّزَّاق بن إِبْرَاهِيم بن مكانس الْمجد بن الْفَخر الْمصْرِيّ القبطي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن مكانس. ولد فِي شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي عز)
ونعمة فِي كنف أَبِيه فَتخرج وتأدب وَمهر ونظم الشّعْر وَهُوَ صَغِير جدا فَإِن أَبَاهُ كَانَ يصحب الْبَدْر البشتكي فانتدبه لتأديبه فخرجه فِي أسْرع مُدَّة ونظم الشّعْر الْفَائِق وباشر فِي حَيَاة أَبِيه توقيع الدست بِدِمَشْق وَكَانَ أَبوهُ وزيرا بِهِ ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ ساءت حَاله ثمَّ خدم فِي ديوَان الْإِنْشَاء وتنقلت رتبته فِيهِ إِلَى أَن جَاءَت الدولة المؤيدية فامتدحه بقصائد فَأحْسن القَاضِي نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ لاعتنائه بِهِ وإحسانه إِلَيْهِ السفارة لَهُ عِنْده بِحَيْثُ أثابه ثَوابًا حسنا ذكره شَيخنَا فِي أنبائه قَالَ: وَكَانَت بَيْننَا مَوَدَّة أكيدة اتَّصَلت نَحوا من ثَلَاثِينَ سنة وبيننا مطارحات وألغاز، وَسمعت من لَفظه أَكثر منظومه ومنثوره، وشعره فِي الذرْوَة الْعليا وَكَذَلِكَ نثره لَكِن نظمه أحسن مَعَ أَنه قَلِيل البضاعة من الْعَرَبيَّة وَلذَا رُبمَا وَقع لَهُ اللّحن الظَّاهِر وَأما الْخَفي فكثير جدا وَقد جمع ديوَان أَبِيه ورتبه، وَقَالَ فِي مُعْجَمه: الْفَاضِل ابْن الْفَاضِل تعانى الأدبيات فمهر فِي النّظم والنثر وباشر فِي الدَّوَاوِين السُّلْطَانِيَّة، وَكَانَ غَالب عمره فِي إملاق وبيننا صُحْبَة ومودة ومطارحات كَثِيرَة مدونة ودامت مودتنا ثَلَاثِينَ سنة إِلَى أَن فجئه الْحمام فَمَاتَ بالطاعون فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس عشري ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين رَحمَه الله، وَقَالَ غَيره أَنه تفقه وَقَرَأَ النَّحْو واللغة وبرع فِي الْأَدَب، ولأبيه فِيهِ:
(أرى وَلَدي قد زَاده الله بهجة ... وكمله فِي الْخلق والخلق مذ نشا)
(سأشكر رَبِّي حَيْثُ أُوتيت مثله ... وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يشا)
وَمن نظم الْمجد يهنئ وَالِده بعوده من السّفر:
(هنئت يَا أبتي بعودك سالما ... وَبقيت مَا طرد الظلام نَهَار)
(ملئت بطُون الْكتب فِيك مدائحا ... حَقًا لقد عظمت بك الْأَسْفَار)
وَمن زهدياته:
(جزى الله شيبي كل خير فَإِنَّهُ ... دَعَاني لما يرضى الْإِلَه وحرضا)
(فأقلعت عَن ذَنبي وأخلصت تَائِبًا ... وَأَمْسَكت لما لَاحَ فِي الْخَيط أبيضا)
وَمِنْه:
(قَالُوا وَقد عشقت قاماتهم والأعينا ... إِن رمت تلقانا فلج بَين السيوف والقنا)
وَقَوله:)
(بِحَق الله دع ظلم الْمَعْنى ... ومتعه كَمَا يهوى بأنسك)
(وكف الصَّدْر يَا مولَايَ عَمَّن ... بيومك رحت تهجره وَأمْسك)(6/172)
وَقَوله:
(تساومنا شذا أزهار روض ... تحير ناظري فِيهِ وفكري)
(فَقلت نبيعك الْأَرْوَاح حَقًا ... بعرف طيب مِنْهُ وَنشر)
وَقَوله لما صودر
(رب خُذ بِالْعَدْلِ قوماأهل ظلم متوال ... كلفوني بيع خيليبرخيص وبغالي)
وشعره كثير سَائِر، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وبيض لشعره.
فضل الله بن مُحَمَّد بن حسن بن يَعْقُوب البعلي ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ببعلبك وأحضر بهَا فِي الْخَامِسَة على مُحَمَّد بن عَليّ اليونيني والشريف مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد إِبْرَاهِيم الْحُسَيْنِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحُسَيْنِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجردي صَحِيح البُخَارِيّ ثمَّ سَمعه على أبي الْفرج عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الزعبوب، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ بزازا. مَاتَ قبل رحلتي.
فضل الله بن أبي مُحَمَّد التبريزي أحد المتقشفين من المبتدعة. كَانَ من الاتحادية ثمَّ ابتدع النحلة الَّتِي عرفت بالحروفية فَزعم أَن الْحُرُوف هِيَ غير الْآدَمِيّين إِلَى خرافات كَثِيرَة لَا أصل لَهَا، ودعا اللنك إِلَى بدعته فَأَرَادَ قَتله فَبلغ ذَلِك وَلَده أَمِير زَاده لِأَنَّهُ فر مستجيرا بِهِ فَضرب عُنُقه بِيَدِهِ وَبلغ اللنك فاستدعى بِرَأْسِهِ وجثته فأحرقهما فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ من أَتْبَاعه وَاحِد يُقَال لَهُ نسيم الدّين فَقتل بعد وسلخ جلده فِي الدولة المؤيدية سنة إِحْدَى وَعشْرين بحلب، قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه وَأَظنهُ الْآتِي بعد اثْنَيْنِ.
فتح الله بن نصر الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر التسترِي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ أَخُو الْمُحب أَحْمد وَعبد الرَّحْمَن ووالد عُثْمَان الْمَذْكُورين، ذكره شَيخنَا فِي أنبائه فَقَالَ: خرج من بِلَاده مَعَ أَبِيه وَإِخْوَته وَطَاف هُوَ الْبِلَاد وَدخل الْيمن ثمَّ الْهِنْد ثمَّ الْحَبَشَة وَأقَام بهَا دهرا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة وَصَحب فِيهَا الْأَمِير يشبك الساقي الْأَعْرَج حِين كَانَ هُنَاكَ منفيا من الْمُؤَيد وجاور بهَا صحبته فَلَمَّا عَاد الْأَمِير إِلَى الْقَاهِرَة وتأمر حضر إِلَيْهِ فَأكْرمه، وَاتفقَ موت الشَّمْس الحبتي شيخ الخروبية الجيزية فقرر بعنايته فِي المشيخة عوضه بعد أَن كَانَ تقرر فِيهَا)
غَيره واستمرت بِيَدِهِ حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَعشْرين وَهُوَ ابْن سِتِّينَ أَو جاوزها، وَقد روى عَنهُ التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه.
فضل الله التَّاج بن الرَّمْلِيّ القبطي. نَشأ بِالْقَاهِرَةِ وتنقل فِي الخدم حَتَّى ولي نظر الدولة حَتَّى مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَعشْرين وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ، قَالَ(6/173)
المقريزي: كَانَ من ظلمَة الأقباط وفساقهم.
فضل الله أَبُو الْفضل الاسترابادي العجمي واسْمه عبد الرَّحْمَن وَلكنه إِنَّمَا كَانَ يعرف بالسيد فضل الله حَلَال جور أَي يَأْكُل حَلَال وَينظر إِن كَانَ هُوَ الْمَاضِي قبل اثْنَيْنِ. كَانَ على قدم التَّجْرِيد والزهد بِحَيْثُ حكى عَنهُ أَنه لم يذقْ مُنْذُ عمره لأحد طَعَاما وَلَا قبل شَيْئا وَأَنه كَانَ يخيط الطواقي الأعجمية ويقتات بِثمنِهَا مَعَ فَضِيلَة تَامَّة ومشاركة جَيِّدَة فِي عُلُوم ونظم ونثر وحفظت عَنهُ كَلِمَات عقد لَهُ بِسَبَبِهَا مجَالِس بكيلان وَغَيرهَا بِحَضْرَة الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء ثمَّ مجْلِس بسمرقند حكم فِيهِ بإراقة دَمه فَقتل بالنجاء من عمل تبريز سنة أَربع وَكَانَ لَهُ أَتبَاع ومريدون فِي سَائِر الأقطار لَا يُحصونَ كَثْرَة متميزون بِلبْس اللباد الْأَبْيَض على رأسهموبدنهم ويصرحون بالتعطيل وَإِبَاحَة الْمُحرمَات وَترك المفترضات وأفسدوا بذلك عقائد جمَاعَة من الجقناي وَغَيرهم من الْأَعَاجِم وَلما كثر فسادهم بهراة وَغَيرهَا أَمر القان معِين الدّين شاه رخ بن تيمور لنك بإخراجهم من بِلَاده وحرض على ذَلِك وثب عَلَيْهِ رجلَانِ مِنْهُم وَقت صَلَاة الْجُمُعَة بالجامع وضرباه فجرحاه جرحا بَالغا لزم مِنْهُ الْفراش مُدَّة طَوِيلَة وَاسْتمرّ بِهِ حَتَّى مَاتَ وَقتل الرّجلَانِ من وقتهما أشر قتلة، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
فضل بن عِيسَى بن رَملَة بن جماز أَمِير آل عَليّ دَامَ فِي الإمرة خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة كَانَ مِمَّن نصر برقوق لما خرج من الكرك فَصَارَ وجيها عِنْده وَلم يزل إِلَى أَن قَتله نوروز فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
فضل بن يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي الْكَمَال الْمَكِّيّ الْمَالِكِي شَقِيق معمر وجعفر وَإِدْرِيس.
ولد فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَخمسين بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ وَنور الْعُيُون والرسالة وألفية النَّحْو وَبَعض مختصرهم وَعرض على ابْن عبيد الله وَابْن إِمَام الكاملية وقضاة مَكَّة والتقي بن فَهد وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الزين الأميوطي وَغَيرهمَا، واشتغل بِبَلَدِهِ والقاهرة فِي الْفِقْه والنحو وَغَيرهمَا فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ الْفِقْه العلمي وَابْن يُونُس وَمُحَمّد بن)
سعيد المغربي الفاروسني وَأخذ عَنهُ شرح الحكم لِابْنِ عَطاء الله وَقَرَأَ على المحيوي عبد الْقَادِر الْحَنْبَلِيّ الألفية وَالْكثير من توضيح ابْن هِشَام على الْجَوْجَرِيّ وَأخذ عَن أَخِيه والنور الفاكهي وَحضر دروس النَّجْم قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة وَآخَرين، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَسمع مني بهَا وبمكة وَكَذَا دخل الْيمن وجال فِيهَا، وَالْغَالِب عَلَيْهِ الرَّاحَة وَلذَا كَانَ كل من أَخَوَيْهِ أميز مِنْهُ واشتغل قَلِيلا وَدخل الْقَاهِرَة وَغَيرهَا وَسمع(6/174)
مني بهَا وبمكة وَهُوَ مُتَأَخّر عَن أَخَوَيْهِ مَعَ.
فُضَيْل بِالتَّصْغِيرِ بن عبد السَّلَام بن الشَّيْخ أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد تَقِيّ بن مُحَمَّد بن روزبة الكازروني الْمدنِي وَيعرف بِابْن تَقِيّ. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
فَهد بن عَطِيَّة بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن فَهد أَبُو سعد الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ. هُوَ مُحَمَّد يَأْتِي.
فواز بن عقيل بن مبارك بن رميثة بن أبي نمي الحسني الْمَكِّيّ. كَانَ مِمَّن أغار على مَكَّة مَعَ بني عَمه وَغَيرهم من الْأَشْرَاف والقواد فِي رَمَضَان سنة عشْرين فَقتل يَوْمئِذٍ وَهُوَ فِي عشر الثَّلَاثِينَ ظنا، وَكَانَ كثير التسلط على أهل قَرْيَة الْمُبَارك من وَادي نَخْلَة والتكليف لَهُم. ذكره الفاسي.
فواز. أحد الْكَشَّاف بالصعيد وَغَيرهَا هلك بالطاعون إِمَّا فِي آخر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ أَو أول الَّتِي تَلِيهَا غير مأسوف عَلَيْهِ. فولاد. فِي مُحَمَّد بن عبد الله المغربي.
فياض زين الدّين حَاجِب صَاحب ماردين. قتل فِي وقْعَة جكم على آمد سنة تسع، أرخه الْعَيْنِيّ.
فَيْرُوز شاه قطب الدّين بن تهمتم بن جردن شاه بن طغلق بن طبق شاه صَاحب هُرْمُز والبحرين والحسا والقطيف. مَاتَ فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ أرخه شَيخنَا فِي أنبائه.
فَيْرُوز شاه بن نَصره شاه ملك دُلي من الْهِنْد. كَانَ فِيمَا قيل شجاعا مهابا عَاقِلا سيوسا ذَا معرفَة وتدبير وحزم ومهابة ورعب فِي قُلُوب مُلُوك الأقطار زَائِد الْكَرم مَعَ رقة الْحَاشِيَة وحلو المحاضرة والميل لأَصْحَاب الْكَمَال من كل فن وَيَد طولى فِي الموسيقا بِحَيْثُ صنف فِيهَا وممالك متسعة وَهُوَ من عُظَمَاء مُلُوك زَمَانه. مَاتَ سنة ثَلَاث وَاسْتقر بعده ابْنه مَحْمُود شاه.
فَيْرُوز الخازنداري الرُّومِي الساقي. تربى مَعَ النَّاصِر فرج من صغره فاختص بِهِ وولاه الخازندارية وَنظر الخانقاه بسرياقوس وَعمر أَمَاكِن كَثِيرَة بل شرع فِي بِنَاء مدرسة عِنْد سَام دَاخل بَاب زويلة فعوجل وَكَذَا وقف وَقفا على تدريس بالأزهر وَغَيره، مَاتَ وَهُوَ شَاب فِي تَاسِع رَجَب سنة أَربع عشرَة وَدفن بتربة الظَّاهِر برقوق فاستولى النَّاصِر على جَمِيع أوقافه)
فصيرها للتربة الظَّاهِرِيَّة وَكَانَ جميل الصُّورَة نَافِذ الْكَلِمَة. أرخه شَيخنَا فيإنبائه وَقَالَ غَيره أَنه كَانَ يمِيل لدين وَخير، وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته.
فَيْرُوز الرُّومِي الجمالي القابوني نِسْبَة لتاجره الأشرفي قايتباي رقاه للخازندارية الصُّغْرَى ثمَّ شادية السواقي عَن خشقدم الأحمدي ثمَّ للزمامية بعده بِسنتَيْنِ حِين إشرافه على التكهل وَكَانَ فِي سنة قدومه من الرّوم توجه فِي خدمَة خوند حِين حجت.(6/175)
فَيْرُوز الرُّومِي الساقي الجاركسي جاركس القاسمي المصارع، ترقى بعده إِلَى أَن صَار ساقيا فِي أَوَاخِر الْأَيَّام الناصرية فرج ثمَّ فِي الْولَايَة المؤيدية ودام إِلَى الْأَيَّام الأشرفية فحظي فِي أَولهَا ثمَّ نَفَاهُ إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة ثمَّ رَضِي عَنهُ وَأَعَادَهُ إِلَى وظيفته ثمَّ عَزله عَنْهَا فِي مرض مَوته لكَونه تخيل حِين امْتنع من تعَاطِي الششيني من شَيْء أحضرهُ إِلَيْهِ متعللا بِالصَّوْمِ أَنه سم وَمَا سلمه من الْقَتْل كَمَا وَقع لِابْنِ الْعَفِيف ورفيقه إِلَّا الله فَلَمَّا تسلطن الظَّاهِر اسْتَقر بِهِ زماما وخاوندارا عوضا عَن جَوْهَر القنقباي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَلم يلبث أَن عَزله حِين هرب الْعَزِيز من قاعة البربرية فِي أَوَائِل رَمَضَان مِنْهَا لِأَنَّهُ نسب إِلَى التَّقْصِير فِي أمره مَعَ بَرَاءَته من ذَلِك بل ورام نَفْيه فشفع فِيهِ، وَلزِمَ بَيته حَتَّى مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَدفن بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقربِ من دَاره عِنْد سوق الْقرب دَاخل بَاب سَعَادَة بِالْقربِ من حارة الوزيرية وَقد أنشأ غَيرهَا من الْأَمَاكِن، قَالَ الْعَيْنِيّ: وَلم يكن مشكور السِّيرَة مَعَ طمع زَائِد، وَقَالَ غَيره: كَانَ رَئِيسا حشما وَعِنْده مَكَارِم وأدب وَفهم وَكَانَ فِي شبيبته جميلا وَلكنه مخمول الحركات رَحمَه الله.
فَيْرُوز الرُّومِي الركني. أَصله من خدام الأتابك ببيبرس وتنتقل بعده إِلَى أَن ولاه الْأَشْرَف برسباي فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ نِيَابَة التقدمة وأنعم عَلَيْهِ بأمرة عشرَة وَاسْتمرّ حَتَّى قبض عَلَيْهِ الظَّاهِر فِي أول دولته هُوَ والمقدم خشقدم اليشبكي وسجنهما بإسكندرية مُدَّة ثمَّ أطلقهما ودام فَيْرُوز فِي دَاره بِالْقَاهِرَةِ بطالا ثمَّ ولاه مشيخة الخدام بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة سنة خمس وَأَرْبَعين عَن فَارس الرُّومِي، وَاسْتمرّ فِيهَا حَتَّى مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين أَو فِي الَّتِي تَلِيهَا وَاسْتقر بعده فِي المشيخة جَوْهَر التمرازي، وَكَانَ طوَالًا جسيما وسيما جميلا كَرِيمًا جدا زَائِد التجمل فِي ملبسه ومركبه ومأكله متواضعا رَحمَه الله.)
فَيْرُوز الرُّومِي العرامي نِسْبَة للغرس خَلِيل بن عرام نَائِب إسكندرية عمر دهرا طَويلا وَأَنْشَأَ برجا بثغر رشيد ووقف عَلَيْهِ وَقفا، وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْجُمْلَة ويحفظ بعض تَارِيخ بل عمل كتابا فِي الأتابكي يشبك الشَّعْبَانِي وَمَا وَقع لَهُ مَعَ النَّاصِر زعم أَنه نظم وَلَيْسَ بِكَلَام مُنْتَظم فضلا عَن النّظم. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي حُدُود الْخمسين.
فَيْرُوز الرُّومِي النوروزي. اشْتَرَاهُ بعض تجار المماليك وخصاه بالبلاد الشامية وَهُوَ دون الْبلُوغ ثمَّ بَاعه لِابْنِ الدوادار بصفد فقدمه للظَّاهِر برقوق فأنعم بِهِ على قلمطاي الظَّاهِرِيّ الدوادار ثمَّ ملكه بعد مَوته نوروز الحافظي فَأعْتقهُ وَجعله من خازنداريته فَلَمَّا مَاتَ أمْسكهُ الْمُؤَيد وعاقبه وَأخذ مِنْهُ جملَة ثمَّ أطلقهُ(6/176)
وَاسْتقر بِهِ خجداشه أرغون شاه النوروزي الْأَعْوَر حِين ولي الوزارة فِي كشف إقليم الْبحيرَة فَسَاءَتْ سيرته وأهين بعد ذَلِك بالمقارع وَالْحَبْس ثمَّ رسم بتوجهه إِلَى مَكَّة ثمَّ لدمشق وخدم عِنْد نائبها جقمق الأرغون شاوي فَلَمَّا قتل عَاد لمصر وَجعله الظَّاهِر ططر من الجمدارية الْخَاص ثمَّ الْأَشْرَف رَأس نوبَة الجمدارية وعد حِينَئِذٍ من رُؤُوس الخدام، وأثرى وَملك الْأَمْلَاك الْكَثِيرَة إِلَى أَن ولاه الظَّاهِر الخازندارية فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَأَرْبَعين بعد جَوْهَر التمرازي ثمَّ أضيفت إِلَيْهِ الزمامية بعد هِلَال الرُّومِي فَعظم وضخم ونالته السَّعَادَة وَجمع مَا لم يجْتَمع لغيره من الخدام فِي الدولة التركية، وسافر فِي سنة ثَلَاث وَخمسين أَمِير حَاج الْمحمل وَهُوَ لَا يزْدَاد فِي ترقيه وَكَثْرَة مَاله وَكبر سنه إِلَّا مزِيد حرص وظلم ومساوي وَقلة دين بِحَيْثُ أَقَامَ عدَّة سِنِين لَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة وَيعْتَذر بِضعْف بدنه وقوته مَعَ كَونه كل يَوْم يمشي من طبقته إِلَى الدهيشة ذَهَابًا وإيابا. وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن مرض حَقِيقَة وَلزِمَ الْفراش حَتَّى مَاتَ فِي شعْبَان سنة خمس وَسِتِّينَ عَن أَزِيد من ثَمَانِينَ سنة وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بالصحراء، وَخلف شَيْئا كثيرا جدا وَمِمَّا ينْسب إِلَيْهِ تَقْرِير قراء فِي تربته ثَلَاث نوب فِي النَّهَار قراء وَأما فِي ليَالِي الْجمع فنوبة فِيهَا سِتَّة قراء وَكَذَا تَقْرِير أَرْبَعِينَ صوفيا شيخهم نَائِبه الزيني عبد الْغفار الْمَالِكِي بِجَامِع الْأَزْهَر ثمَّ حول بعد وَفَاته إِلَى الجوهرية وَرُبمَا كَانَ الزيني يستمليه فِي فعل الْخَيْر وَإِلَّا فسيرته كَمَا قدمنَا.
(حرف الْقَاف)
الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن الزموري. مَاتَ فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ.
قَاسم بن إِبْرَاهِيم بن عماد الدّين الزفتاوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالزفتاوي. ولد قَرِيبا من سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَأخذ عَن الْبُرْهَان البيجوري والشمسين البوصيري والبرماوي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والطبقة ثمَّ الشّرف السُّبْكِيّ والقاياتي والأبناسي والونائي والمحلي والشمني ثمَّ الأبدي والكافياجي والتقي الحصني وَأكْثر من مُلَازمَة شَيخنَا فِي رَمَضَان وَغَيره، وَلم يفتر عَن الِاشْتِغَال وَلَا قصر عَن الاستفادة حَتَّى مِمَّن دونه هَذَا مَعَ كَون شَيْخه البيجوري فِيمَا بَلغنِي أَشَارَ عَلَيْهِ بالتصدي لنفع النَّاس، وَقد نوه بِهِ السفطي وساعده فِي مُرَتّب بالجوالي ثمَّ استنابه القاياتي فِي الْقَضَاء وأضاف إِلَيْهِ بعض الْأَعْمَال وحمدت سيرته فِي ذَلِك وَقَامَ بنصر الشَّرْع وَاسْتمرّ يَلِي عَمَّن بعده إِلَى أَن مَاتَ مَعَ مُلَازمَة الِاشْتِغَال وَالرَّغْبَة فِي الْجَمَاعَات والحرص على شهودها(6/177)
وَرُبمَا أم بِجَامِع الْحَاكِم وخطب فِيهِ أَحْيَانًا، وَحج وجاور على طَريقَة جميلَة وأقرأ بعض الطّلبَة هُنَاكَ وَكَذَا أَقرَأ يَسِيرا بِالْقَاهِرَةِ وَألقى دروسا بِجَامِع الغمري وَغَيره وَكَانَ كثير الْفَوَائِد والنكت لطيف الْعشْرَة محبا فِي الْفُضَلَاء منوها بذكرهم مَعَ توقف فِي لِسَانه وفهمه وصلابة فِي دينه، وَلم ينل من الْوَظَائِف مَا يسْتَحقّهُ بل مضى أَكثر عمره وَهُوَ يتكسب بِالشَّهَادَةِ مَعَ مُبَاشرَة التصوف بالجمالية وَبَعض أطلاب، صحبته مُدَّة وَسمع بِقِرَاءَتِي وَسمعت من نوادره ومباحثه، وَنعم الرجل كَانَ فضلا وتواضعا وديانة. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشري ذِي الْحجَّة سنة تسع وَخمسين مبطونا شَهِيدا وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع الْحَاكِم وَدفن بحوش البيبرسية وَكَانَ لَهُ مشْهد جليل، وَأثْنى عَلَيْهِ الجم الْغَفِير رَحمَه الله وإيانا.
قَاسم بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الرَّاشِدِي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
قَاسم بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُوسَى بن أَحْمد بن حُسَيْن بن يُوسُف ابْن مَحْمُود الزين الْحلَبِي العنتابي الكتبي ابْن أخي الْبَدْر مَحْمُود بن أَحْمد الْآتِي، وَالَّذِي قرأته بِخَطِّهِ بِدُونِ أَحْمد الثَّانِي وَهُوَ سَهْو. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه تبعا لِعَمِّهِ: أحد الْفُضَلَاء فِي الْحساب والهندسة والنحو والطلسمات وَعلم الْحَرْف مَعَ فرط الذكاء. مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه فِي رَابِع عشر الْمحرم سنة أَربع عشرَة مطعونا بِمصْر وَصلي عَلَيْهِ فِي جَامع)
الْأَزْهَر، ومولده فِي عَاشر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وَكَانَ لَهُ صديق يُقَال لَهُ خَلِيل بن إِبْرَاهِيم الْخياط من أهل بَلَده فَقَالَ لما رأى جنَازَته وَقد صلى عَلَيْهِ من حضر الْجُمُعَة: يَا رب اجْعَلنِي مثله فَمَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة الْمُقبلَة وَصلي عَلَيْهِ كَمَا صلي على صديقه. قلت وَقَالَ عَمه أَنه دفن بمدرسته وَأَنه حفظ الْقُرْآن ومقدمات فِي الْفِقْه وَالصرْف وَغَيرهمَا، وَكَانَ جميلا ذكيا فطنا جيد الرَّمْي بِالسِّهَامِ والخط.
قَاسم بن أَحْمد بن ثقبة الحسني الْمَكِّيّ. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سبع وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
قَاسم بن أَحْمد بن حسن الزين الصندفائي الْمحلي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن سوملك مِمَّن حفظ الْقُرْآن والشاطبية ورسالة الْمَالِكِيَّة ثمَّ تحول وَحفظ الْمِنْهَاج الفرعي وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو والملحة وَغَيرهَا واشتغل وتلا على الشهَاب بن جليدة ثمَّ جَعْفَر السنهوري وتميز فِي الْقرَاءَات وأقرأ بالمحلة.
قَاسم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر الحوراني. فِي أبي الْقسم.
قَاسم بن أَحْمد بن فَخر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الْقرشِي القاهري الْحَنَفِيّ(6/178)
الميقاتي نزيل جَامع الْحَاكِم وَيعرف بِابْن السَّبع وَهُوَ لقب لجده الْأَعْلَى الشهَاب أَحْمد. وَقد رَأَيْته شهد على بعض الْحَنَفِيَّة فِي إجَازَة سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَابْنه أَبُو هَذَا مِمَّن بَاشر النقابة عِنْد نَاصِر الدّين بن العديم وَابْنه كَمَال الدّين. ولد تَقْرِيبًا قبل سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمقدمة لأبي اللَّيْث ومختصر الْقَدُورِيّ والعمدة للنسفي وَقَرَأَ على السراج قَارِئ الْهِدَايَة وَغَيره مِمَّن تَأَخّر وَأخذ الْمِيقَات عَن الْأمين المناخلي وَابْن المجدي وجود فِي الْقُرْآن عِنْد الزراتيتي وَحضر عِنْد الشَّمْس البوصيري وَغَيره وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَأثبت اسْمه بِخَطِّهِ فِي رَجَب سنة أَربع وَعشْرين وَكَذَا سمع على رقية وَغَيرهَا، وتنزل قَدِيما فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا وباشر الرياسة بجامعي الظَّاهِر وَالْحَاكِم ثمَّ هش وهرم مَعَ انعزاله عَن أَكثر النَّاس ومداومته للتلاوة وتجرعه أتم فاقة حَتَّى مَاتَ بعيد التسمين قيل فِي سنة ثَلَاث رَحمَه الله وإيانا.
قَاسم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الشّرف بن الخواجا الشهَاب الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن هَاشم أحد التُّجَّار بسوق الباسطية وَأَبوهُ صهر ابْن الشَّيْخ عَليّ الْمقري. سمع مني)
المسلسل وَثَلَاثَة أَحَادِيث من البُخَارِيّ.
قَاسم بن أَحْمد بن الْقَرَافِيّ ثمَّ القاهري شغيتة، كَانَ أَبوهُ طحانا بالمراغة يعرف بِأبي إِصْبَع فولد لَهُ هَذَا فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ، وَنَشَأ حَتَّى عمل خبازا بِبَاب القرافة وَعرف بحفيتة وَالْأَكْثَر يَقُولُونَهُ شغيته لكَونه كَانَ يستحذي من الطباخين قَائِلا يَا عَم شغيتة، ثمَّ خدم البباوي حِين كَانَ طباخا بالطباق من القلعة فاستقر بِهِ عِنْده صيرفيا فَلَمَّا ترقى مخدومه للوزر اسْتَقر فِي حمل عقدَة الْوزر وَأظْهر لَهُ الْأَمَانَة فركن إِلَيْهِ بل قرر عِنْد الظَّاهِر خشقدم كفاءته فَلَمَّا غرق مخدومه اسْتَقر بِهِ دفْعَة وَاحِدَة عوضه فدام مُدَّة من غير نَاظر للدولة مَعَه إِلَى أَن اسْتَقر مَعَه عبد الْقَادِر بن إِبْرَاهِيم الطباخ فِي نظر الدولة وَوَقع بَينهمَا مرافعات، فَلَمَّا اسْتَقر يشبك الدوادار وزيرا كَانَ قَاسم هُوَ الْقَائِم بأَمْره وَقطع من الصرر وَنَحْوهَا مَا يفوق الْوَصْف وَآل أمره إِلَى أَن أمْسكهُ وَأخذ مِنْهُ شَيْئا كثيرا ورام قَتله إِلَى أَن ضمنه ابْن مزهر وتسلمه على مَال معِين ورسم عَلَيْهِ فِي بَيته ليستوفيها فَلم يلبث أَن هرب فاجتهد ابْن مزهر فِي تَحْصِيله إِلَى أَن ظفر بِهِ وأودعه سجن الديلم مُدَّة ثمَّ أطلق وَلزِمَ بَيته مُدَّة فَلَمَّا أَكثر ابْن كَاتب غَرِيب من التشكي استدعى بِهِ الْأَشْرَف قايتباي مَعَ غَيره وَألبسهُ نَاظر الدولة بعد امْتِنَاعه من الْوزر ثمَّ تعين خشقدم الزِّمَام وباشرا مَعَ كَون الْمعول إِنَّمَا هُوَ على هَذَا وَكَانَ بَينهمَا من المرافعات(6/179)
والأنكاد مَا يطول شَرحه واستخفى مُدَّة فاستقروا بموفق الدّين بن البحلاق فدام سنة ثمَّ أظهر الْعَجز وهرب فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ فَحِينَئِذٍ ظهر قَاسم على يَدي تغرى بردى الاستادار على أَن يسْتَقلّ بالوزارة فَلم يُوَافق بل أُعِيد إِلَى الدولة فَقَط من غير اسْتِقْرَار بِأحد فِي الْوزر وَكثر تشكيه لذَلِك فجيء بِيُوسُف بن الزرازيري الكاشف بِالْوَجْهِ القبلي فقرر فِي الْوزر مَعَ تكره وتمنع فَعمل أَيَّامًا لم ينْتج فِيهَا وَبَالغ فِي طلب الاستعفاء فأعفى على مَال جم سوى مَا خسره، وَاسْتقر قَاسم فِي الْوزر ثمَّ اسْتَقر الشّرف بن البقري نَاظر الدولة مَعَه مرغوما فِيهَا وباشر إِلَى أثْنَاء سنة إِحْدَى وَتِسْعين فقرر الدوادار الْكَبِير أقبردي فِي الْوزر وأعيد موفق الدّين لنظر الدولة ثمَّ صرف بقاسم وَهُوَ فِي الظُّلم بمَكَان وَفِي الْقَسْوَة محلول البنان، وَقد عومل بِبَعْض مَا عَامل بِهِ الْخلق وقاسى شَدَائِد وَصَارَ إِلَى غَايَة من الذل والخزي مَعَ مُلَازمَة الترسيم والمدخر لَهُ أَعلَى.
قَاسم بن بِلَال بن قلاون الْمَكِّيّ. وَكَانَ قلاوون سيد أَبِيه. مَاتَ بهَا فِي شَوَّال سنة خمس)
وَخمسين. أرخه ابْن فَهد.
قَاسم بن بيبرس بن بقر. أجل شُيُوخ الْعَرَب بالشرقية. سجنه الْأَشْرَف قايتباي مُدَّة بالبرج ثمَّ شنقه فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَثَمَانِينَ وَلم يكمل الْأَرْبَعين وَهُوَ أَصْغَر إخْوَته وحزن عَلَيْهِ الْعَامَّة. وَكَانَ قد زوجه النُّور بن البرقي ابْنَته واستولدها أَوْلَادًا تخلف مِنْهُم بعده ولد مراهق وَذهب جهاز أمه وحليها بضميمته وَأَبِيهِ قَاسم بن جسار الحسني. مَاتَ فِي رَجَب سنة تسع وَثَلَاثِينَ من جِرَاحَة أرخه ابْن فَهد.
قَاسم بن جُمُعَة الزين القساسي الْحلَبِي نَائِب قلعتها وأتابكها من قبل. مَاتَ بهَا فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَت ولَايَته لكليهما بالبذل.
قَاسم بن دَاوُد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن أَحْمد الْهِنْدِيّ الأحمد أبادي الْحَنَفِيّ أَخُو رَاجِح الْمَاضِي وَهَذَا أسن. ولد فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة واشتغل قَلِيلا، وَله ذكر فِي أَخِيه وَأَنه مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة وساعده فِي كِتَابَة شرحي للألفية.
قَاسم بن زيرك الرُّومِي نزيل مَكَّة أَبوهُ. مِمَّن سمع مني بهَا.
قَاسم بن سعد بن مُحَمَّد الشّرف الحسباني الشَّافِعِي وَيعرف بالسماقي. ولد سنة ثَمَان أَو تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَقَرَأَ الْكتب واشتغل قَلِيلا وتعانى الشَّهَادَة ثمَّ التوقيع على الْحُكَّام ثمَّ استنابه ابْن حجي وَمَعَ مُبَاشَرَته الْقَضَاء لم يتْرك الْجُلُوس مَعَ الشُّهُود ثمَّ ولي قَضَاء حمص، وَكَانَ قَلِيل البضاعة كثير الجرأة متساهلا فِي الْأَحْكَام. مَاتَ فِي شعْبَان سنة سبع وَعشْرين. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
قَاسم بن سعيد بن حرمي ابْن أُخْت الْبَهَاء بن حرمي. سمع على(6/180)
شَيخنَا وَختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة.
قَاسم بن سعيد بن مُحَمَّد العقباني نِسْبَة لبني عقبَة التلمساني المغربي الْمَالِكِي ويدعى أَبَا الْقَاسِم. ولد فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة، وَقدم الْقَاهِرَة فَكتب لِابْنِ شَيخنَا وَغَيره بِالْإِجَازَةِ فِي سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ فِي الْفِقْه وأصوله أَبُو الْجُود البنبي وَقَالَ صَاحب التَّرْجَمَة أَنه قَرَأَ على وَالِده وَأَنه كتب قِطْعَة على ابْن الْحَاجِب الفرعي، وَله أجوبة فِي مسَائِل تتَعَلَّق بالصوفية واجتماعهم على الذّكر وَأَن مولد وَالِده سنة عشر أَو سبع عشرَة وَسَبْعمائة وَله مُصَنف فِي أصُول الدّين وَتَفْسِير لسورتي الْأَنْعَام وَالْفَتْح وَشرح للبرهانية للسلانكي فِي)
أصُول الدّين وَلابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وللحوفي فِي الْفَرَائِض وللجمل فِي الْمنطق للخونجي وللبردة.
قَاسم بن شعْبَان بن حُسَيْن بن قلاوون. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَدفن بمدرسة جدته أم السُّلْطَان من التبانة. أرخه الْعَيْنِيّ.
قَاسم بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن رسْلَان بن نصير بالنُّون مكبر بن صَالح الزين أَبُو الْعدْل بن الْجلَال أبي الْفضل بن السراج أبي حَفْص البُلْقِينِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه وجده فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه نور الدّين المنوفي والعمدة والتنبيه وَغَيرهمَا، وَعرض على غير وَاحِد واشتغل بالفقه على أَبِيه والبيجوري وَالْمجد الْبرمَاوِيّ وَعنهُ أَخذ فِي الْأُصُول وبالعربية على الشَّمْس الشطنوفي، وَسمع على جده وَأَبِيهِ وَالْجمال بن الشرائحي لما قدم عَلَيْهِم الْقَاهِرَة فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة، وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَآخَرُونَ، وناب عَن أَبِيه فِي الْقَضَاء وأضيف إِلَيْهِ قَضَاء سمنود، وَكَذَا نَاب عَن عَمه بالجيزة وَغَيرهَا وَاسْتمرّ يَنُوب لمن بعده فِيهَا حَتَّى أخرجهَا شَيخنَا عَنهُ الْعَلَاء بن أقبرس وَمن ثمَّ أعرض عَن الْقَضَاء ودرس التَّفْسِير بِجَامِع طولون وَالْفِقْه بالناصرية والزمامية وَغَيرهمَا وباشر نظر الجوالي وقتا بل تصدى للإقراء وَجمع الطّلبَة وَحضر عِنْده أكَابِر الْفُضَلَاء لما كَانَ ينعم عَلَيْهِم من الصُّوف فِي الْخَتْم وَغَيره وينعشهم بِهِ من المآكل الْحَسَنَة وَأمره فِي هَذَا يفوق الْوَصْف مَعَ تحمله للدّين بِسَبَبِهِ واحتياجه فِي كثير من الْأَوْقَات إِلَى أدنى شَيْء كل ذَلِك رَجَاء قَضَاء الشَّافِعِيَّة فَمَا قدر وَكَانَ أصيلا طارحا للتكلف ممتهنا لنَفسِهِ متواضعا فِي الْغَالِب مترفعا على جَمَاهِير أقربائه وَنَحْوهم متوددا إِلَى الطّلبَة وجماعته حسن الِاعْتِقَاد فِي الصَّالِحين(6/181)
خُصُوصا الشَّيْخ مُحَمَّد الكويس، ذكيا قوي الحافظة مشاركا فِي ظواهر الْفِقْه مَعَ المذاكرة بجملة من الْمُتُون بل وَصفه شَيْخه البيجوري بِالْإِمَامِ الْعَالم الْعَلامَة، لَكِن سَمِعت من يَحْكِي عَنهُ أَنه قَالَ: دخلت النَّار فِي كتابتي ذَلِك لَهُ برطل سيرج وَأَنه لما رام الْحَج قَالَ لَهُ: لَا بَأْس بِقِرَاءَتِك الْمَنَاسِك للنووي فَقَالَ لَهُ: أَنا أعرفهَا فَقَالَ: وَالله لَو مكثت مَا لبثه نوح مَا عرفت مِنْهَا مَسْأَلَة حق الْمعرفَة فَالله أعلم بذلك، وَكَانَ يكْتب على)
دروسه فَاجْتمع لَهُ من ذَلِك على المختصرات الثَّلَاث التَّنْبِيه وَالْحَاوِي والمنهاج مَا يُسَمِّيه شروحا وَكَذَا رد على السوبيني فِي مَسْأَلَة السَّاكِت، وَقد حضرت بعض دروسه وقرأت عَلَيْهِ بعض أَجزَاء الحَدِيث كغيري من أَصْحَابنَا. وَمَات فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْحَاكِم وَدفن بمدرستهم عِنْد أَبِيه وجده رَحِمهم الله وإيانا.
قَاسم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الزين أَبُو مُحَمَّد بن الشّرف ابْن النَّجْم بن النُّور القاهري البرجواني الشَّافِعِي القباني أَخُو مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن الكويك. ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي خَامِس ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقيل غير ذَلِك بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ثمَّ الْعُمْدَة والمنهاج وعرضهما على جمَاعَة، وَحضر بعض الدُّرُوس وَسمع على التنوخي وَابْن أبي الْمجد والعراقي والهيثمي والعماد أَحْمد بن عِيسَى بن مُوسَى الكركي سمع عَلَيْهِ خَاتم الشفا والشهاب الْجَوْهَرِي وقريبه الشّرف بن الكويك وَالشَّمْس المنصفي وَآخَرُونَ وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ خيرا سَاكِنا صبورا على الطّلبَة متكسبا بِالْوَزْنِ بالقبان وَكَذَا بالخياطة أَحْيَانًا بل هُوَ من صوفية سعيد السُّعَدَاء وقراء الصُّوفِيَّة بهَا. مَاتَ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَدفن بتربة ابْن جمَاعَة ظَاهر بَاب النَّصْر رَحمَه الله.
قَاسم بن عبد الْقَادِر بن عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَهَّاب الزين أَبُو مُحَمَّد القادري الشَّافِعِي التَّاجِر.
مِمَّن سمع مني.
قَاسم بن عبد الله بن مَنْصُور بن عِيسَى بن مهْدي الْهِلَالِي الهزبري بِكَسْر الْهَاء وَفتح الزَّاي وَسُكُون الْمُوَحدَة ثمَّ مُهْملَة بطن من هِلَال بن عَامر القسنطيني الْمَالِكِي. ولد بهَا فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لنافع من طريقيه وَأخذ الْفِقْه عَن عبد الرَّحْمَن الباز وَمُحَمّد الزلدوي قَاضِي قسنطينة وَمُحَمّد بن مَرْزُوق ورحل إِلَى تونس فَأَخذه عَن قاضيها عِيسَى الغبريني وأبوي الْقَاسِم الْبُرْزُليّ(6/182)
والعبدوسي وَسمع من لَفظه البُخَارِيّ وَقدم علينا حَاجا فِي سنة تسع وَأَرْبَعين فَلَقِيته بالميدان فِي جمَاعَة وَأَجَازَ لنا. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَحْمد بن يُونُس الْمَاضِي.
مَاتَ.
قَاسم بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشّرف بن التَّاج الهواري الأَصْل القاهري ثمَّ الينبوعي الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي لِأَبِيهِ وَيعرف بِابْن زبالة. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة. وَولي قَضَاء الينبوع بعد موت أَخِيه فِي سنة ثَلَاث وَسبعين.)
قَاسم بن عبيد القاهري الجابي وَيعرف بِابْن الْبَارِد. ابتنى مَكَانا تجاه المنكوتمرية وَكَانَ يجبي قيسارية طيلان وَغَيرهَا وَلَيْسَ بمرضي. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسبعين وَخلف ابْنه بدر الدّين مُحَمَّد وَهُوَ خير مِنْهُ.
قَاسم بن عَليّ بن حُسَيْن الحيزاني الْمُقْرِئ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي قَرَأَ على ابْن عَيَّاش وأقرأ.
قَاسم بن الخواجا شيخ عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الكيلاني. ولد فِي سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وانتقل إِلَى مَكَّة فِي أَثْنَائِهَا فقطنها وسافر إِلَى كنباية من بِلَاد الْهِنْد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ففقد فِي الْبَحْر. ذكره ابْن فَهد.
قَاسم بن عَليّ الشّرف أَبُو الْقسم التنملي الفاسي المغربي المالقي الأندلسي الْمَالِكِي. ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بمالقة من الأندلس وَذكر أَنه سمع من أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي الطنجالي وَأبي الْقسم بن سَلمُون القَاضِي وَأبي الْحُسَيْن التلمساني الْحَافِظ وَأبي البركات مُحَمَّد بن أبي بكر البلفيقي بن الْحَاج فِي آخَرين يجمعهُمْ برنامجه، وَأَجَازَ لَهُ لِسَان الدّين بن الْخَطِيب وَغَيره وتلا بالسبع على جمَاعَة، وَقدم حَاجا فَخرج لَهُ الصّلاح الأقفهسي جُزْءا من مروياته سَمَّاهُ تحفة القادم من فَوَائِد الشَّيْخ أبي الْقسم وَحدث بِهِ سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَكَانَ عَارِفًا بالقراءات والأدبيات ذَا نظم كثير. مَاتَ فِي النّصْف الأول من سنة إِحْدَى عشرَة بالبيمارستان من الْقَاهِرَة. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لي، وَكَذَا أوردهُ التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه، زَاد شَيخنَا فِي إنبائه مِمَّا رَوَاهُ عَنهُ من نظمه إجَازَة:
(مَعَاني عِيَاض أطلعت فجر فخره ... لما قد شفي من مؤلم الْجَهْل بالشفا)
(مَعَاني رياض من إِفَادَة ذكره ... شذا زهرها يحيي من أشفى على شفا)
قَالَ: ومدح الْجمال الاستادار وأثابه، والمقريزي فِي عقوده وَقَالَ: وَله نظم كثير.
قَاسم بن عَليّ الجابي وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ فِي طَائِفَة يسيرَة برحبة مصلى بَاب النَّصْر وَدفن قريب الْغُرُوب بتربة هُنَاكَ، وَكَانَ عاميا كثير المرافعات زَائِد الشَّرّ بِحَيْثُ تعدى إِلَى وَلَده مَعَ ابتلائه بالبرص عَفا الله عَنهُ.)(6/183)
قَاسم بن عَليّ المعمار. عَامي بِيَدِهِ وظائف بالجمالية والسعيدية والسابقية. سمع الحَدِيث أَحْيَانًا ويحضر بعض الْمجَالِس ويفقد وقتا ويطيب آخر ويقتر على نَفسه بل يتَعَرَّض للطلب ويعادي على عدم الْإِعْطَاء مَعَ تمول فِيمَا قيل، وَمِمَّا سَمعه ختم البُخَارِيّ وَمَا مَعَه عِنْد أم هَانِئ ابْنة الهوريني وَغَيرهَا وَسمع مني أَمَاكِن من الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا. مَاتَ قبل التسعين وَكَانَ يذكر بِجَمَال مفرط فِي شبوبيته بِحَيْثُ جب بعض الْأَعَاجِم ذكره من أَجله لكَونه خذله عِنْد احْتِيَاجه إِلَيْهِ بعد عنائه فِي الْمُوَافقَة، وعاش بعد ذَلِك عَفا الله عَنْهُمَا.
قَاسم بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عزم التَّمِيمِي أَخُو الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي لِأَبِيهِ.
قَاسم بن عمر الريمي. مِمَّن سمع على شَيخنَا بِالْيمن فِي سنة ثَمَانمِائَة.
قَاسم بن أبي الْغَيْث بن أَحْمد بن عُثْمَان الْعَبْسِي بمهملتين بَينهمَا مُوَحدَة اليمني الزبيدِيّ، ولد بهَا وَنَشَأ فِيهَا وَتردد مِنْهَا إِلَى عدن وَغَيرهَا من الْيمن والهند ومصر فِي التِّجَارَة وَحصل دنيا طائلة ثمَّ ذهب الْكثير مِنْهَا فِي بعض سفراته إِلَى مصر سنة خمس وَثَمَانمِائَة، وَعَاد إِلَى مَكَّة فقطنها وَعمر بهَا فِي السويقة دَارا حَسَنَة وَقفهَا مَعَ دور لَهُ بعدن وزبيد على أَوْلَاد لَهُ صغَار وَكَانَ خيرا حسن الطَّرِيقَة. مَاتَ بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة أَربع عشرَة وَدفن بالمعلاة وَقد قَارب السّبْعين.
قَاسم بن فَرح بن حَمْزَة الْخياط الشاطر المثاقف البرزنجي الصُّوفِي. ولد فِي حُدُود سنة ثَمَانمِائَة، وَمَات فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشري ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين بِالْقَاهِرَةِ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي الْأَزْهَر وَكَانَ ودودا حسن الْعشْرَة أستاذا فِي الْخياطَة والثقاف يلقب بَينهم بردادة الْقيم رَحمَه الله.
قَاسم بن قطلوبغا الزين وَرُبمَا لقب الشّرف أَبُو الْعدْل السودوني نِسْبَة لمعتق أَبِيه سودون الشيخوني نَائِب السلطنة الجمالي الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بقاسم الْحَنَفِيّ. ولد فِيمَا قَالَه لي فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ، وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ يَتِيما وَحفظ الْقُرْآن وكتبا عرض بَعْضهَا على الْعِزّ بن جمَاعَة، وتكسب بالخياطة وقتا وبرع فِيهَا بِحَيْثُ كَانَ فِيمَا بَلغنِي يخيط بالأسود فِي الْبَغْدَادِيّ فَلَا يظْهر، ثمَّ أقبل على الِاشْتِغَال فَسمع تجويد الْقُرْآن على الزراتيتي وَبَعض التَّفْسِير على الْعَلَاء البُخَارِيّ وَأخذ عُلُوم الحَدِيث عَن التَّاج أَحْمد الفرغاني النعماني قَاضِي بَغْدَاد وَشَيخنَا وَالْفِقْه عَن أولى الثَّلَاثَة والسراج قاري الْهِدَايَة وَالْمجد الرُّومِي)
والنظام السيرامي والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَعبد اللَّطِيف الْكرْمَانِي وأصوله عَن الْعَلَاء والسراج والشرف السُّبْكِيّ وأصول الدّين عَن الْعَلَاء والبساطي، وَكَذَا قَرَأَ(6/184)
على السعد بن الديري فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ شَرحه لعقائد النَّسَفِيّ والفرائض والميقات عَن نَاصِر الدّين البارنباري وَغَيره واستمد فِيهَا وَفِي الْحساب كثيرا بالسيد على تلميذ ابْن المجدي والعربية عَن الْعَلَاء والتاج وَالْمجد والسبكي الْمَذْكُورين وَالصرْف عَن الْبِسَاطِيّ والمعاني وَالْبَيَان عَن الْعَلَاء والنظام والبساطي والمنطق عَن السُّبْكِيّ وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ عَنهُ أَكثر من بعض، واشتدت عنايته بملازمة ابْن الْهمام بِحَيْثُ سمع عَلَيْهِ غَالب مَا كَانَ يقْرَأ عِنْده فِي هَذِه الْفُنُون وَغَيرهَا وَذَلِكَ من سنة خمس وَعشْرين حَتَّى مَاتَ وَكَانَ مُعظم انتفاعه بِهِ وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ الرّبع الأول من شَرحه للهداية وَقطعَة من توضيح صدر الشَّرِيعَة وَجَمِيع المسايرة من تأليفه، وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ يَسِيرا فَسمع على شَيخنَا وَابْن الْجَزرِي والشهاب الوَاسِطِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ وَالشَّمْس بن الْمصْرِيّ والبدر حُسَيْن البوصيري وناصر الدّين الفاقوسي والتاج الشرابيشي والتقي المقريزي وَعَائِشَة الحنبلية والطبقة، وارتحل قَدِيما مَعَ شَيْخه التَّاج النعماني إِلَى الشَّام بِحَيْثُ أَخذ عَنهُ جَامع مسانيد أبي حنيفَة للخوارزمي وعلوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَغَيرهمَا، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَكَذَا دخل إسكندرية وَقَرَأَ بهَا على الْكَمَال بن خير وقاسم التروجي كَمَا قَالَه لي، وَحج غير مرّة وزار بَيت الْمُقَدّس وَقَالَ أَنه شملته الْإِجَازَة من أهل الشَّام وإسكندرية وَغَيرهمَا، وَأَحْسبهُ يكنى بذلك عَن الْإِجَازَة الْعَامَّة فقد رَأَيْته يروي عَمَّن أجَاز فِي سنة سِتّ عشرَة وَمَا كَانَ لَهُ من يعتني باستجازة أهل ذَاك الْعَصْر خُصُوصا الغرباء لَهُ وَنظر فِي كتب الْأَدَب ودواوين الشّعْر فحفظ مِنْهَا شَيْئا كثيرا وَعرف بِقُوَّة الحافظة والذكاء وأشير إِلَيْهِ بِالْعلمِ، وَأذن لَهُ غير وَاحِد بالإفتاء والتدريس، وَوَصفه ابْن الديري بالشيخ الْعَالم الذكي وَشَيخنَا بِالْإِمَامِ الْعَلامَة الْمُحدث الْفَقِيه الْحَافِظ وَقبل ذَلِك فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ إِذْ قَرَأَ عَلَيْهِ تصنيفه الإيثار بِمَعْرِِفَة رُوَاة الْآثَار بالشيخ الْفَاضِل الْمُحدث الْكَامِل الأوحد وَقَالَ: قِرَاءَة عَليّ وتحريرا فَأفَاد وَنبهَ على مَوَاضِع ألحقت فِي هَذَا الأَصْل فزادته نورا وَهُوَ المعني بقوله فِي خطْبَة الْكتاب: إِن بعض الإخوان التمس مني فأجبته إِلَى ذَلِك مسارعا ووقفت عِنْد مَا اقترح طَائِعا، وترجمه الزين رضوَان فِي بعض مجاميعه بقوله من حذاق الْحَنَفِيَّة كتب الْفَوَائِد واستفاد وَأفَاد انْتهى.)
وتصدى للتدريس والإفتاء قَدِيما وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء فِي فنون كَثِيرَة وأسمع من لَفظه جَامع مسانيد أبي حنيفَة الْمشَار إِلَيْهِ بِمَجْلِس الناصري ابْن الظَّاهِر جقمق بروايته لَهُ عَن التَّاج النعماني عَن محيي الدّين أبي الْحسن حيدرة(6/185)
بن أبي الْفَضَائِل مُحَمَّد بن يحيى العباسي مدرس المستنصرية بِبَغْدَاد سَمَاعا عَن صَالح بن عبد الله بن الصّباغ عَن أبي الْمُؤَيد مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الْخَوَارِزْمِيّ مُؤَلفه وَكَانَ الناصري مِمَّن أَخذ عَنهُ واختص بِصُحْبَتِهِ بل هُوَ فَقِيه أَخِيه الملقب بعد بالمنصور وَكَذَا قرئَ الْجَامِع الْمَذْكُور بِبَيْت الْمُحب بن الشّحْنَة وسَمعه عَلَيْهِ هُوَ وَغَيره وَحمله النَّاس عَنهُ قَدِيما وحديثا، وَمِمَّنْ كتب عَنهُ من نظمه ونثره البقاعي وَبَالغ فِي أذيته فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَانَ مفننا فِي عُلُوم كَثِيرَة الْفِقْه والْحَدِيث وَالْأُصُول وَغَيرهَا وَلم يخلف بعده حنفيا مثله إِلَّا أَنه كَانَ كذابا لَا يتَوَقَّف فِي شَيْء يَقُوله فَلَا يعْتَمد على قَوْله، قَالَ: وَكَانَ من سِنِين قَوِيا فِي بدنه يمشي جيدا فَلَمَّا وَقعت فتْنَة ابْن الفارض فِي سنة أَربع وَسبعين أظهر التعصب لأهل الِاتِّحَاد فَقَالَ لَهُ الشَّمْس السنباطي: أَلَيْسَ فِي مباهلة ابْن حجر لِابْنِ الْأمين الْمصْرِيّ عِبْرَة فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ موت ابْن الْأمين مصادفة فَسلط الله عَلَيْهِ يَعْنِي على الزين قَاسم عسر الْبَوْل بعد مُدَّة يسيرَة وَاشْتَدَّ بِهِ حَتَّى خيف مَوته وعولج حَتَّى صَار بِهِ سَلس بَوْل فَقَامَ وَقد هرم وَكَانَ لَا يمشي إِلَّا وَذكره فِي قنينة زجاج وَاسْتمرّ بِهِ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ كالفرج انْتهى. وَأَقْبل على التَّأْلِيف كَمَا حَكَاهُ لي من سنة عشْرين وهلم جرا، وَمِمَّا صنفه فِي هَذَا الشَّأْن شرح قصيدة ابْن فَرح فِي الْإِصْلَاح وَقَالَ أَنه بحث فِيهِ مَعَ الْعِزّ بن جمَاعَة وَشرح منظومة ابْن الْجَزرِي وَقَالَ أَنه جمع فِيهِ من كل نوع حَتَّى صَار فِي مجلدين يَعْنِي وَخرج عَن أَن يكون شرحا لهَذَا النّظم الْمُخْتَصر وَلكنه لم يكمل وَكَانَ يَقُول أَنه زردخانتي إِشَارَة إِلَى أَنه جمع فِيهِ كل مَا عِنْده، وحاشية على كل من شرح ألفية الْعِرَاقِيّ والنخبة وَشَرحهَا لشَيْخِنَا وَتَخْرِيج عوارف المعارف للسروردي وَأَحَادِيث كل من الِاخْتِيَار شرح الْمُخْتَار فِي مجلدين والبزدوي فِي أصُول الْفِقْه وَتَفْسِير أبي اللَّيْث ومنهاج الْأَرْبَعين وَالْأَرْبَعِينَ فِي أصُول الدّين وجواهر الْقُرْآن وبداية الْهِدَايَة أربعتها للغزالي والشفا وَكتب مِنْهُ أوراقا وإتحاف الْأَحْيَاء بِمَا فَاتَ من تَخْرِيج أَحَادِيث الْأَحْيَاء ومنية الألمعي بِمَا فَاتَ الزَّيْلَعِيّ وبغية الرائد فِي تَخْرِيج أَحَادِيث شرح العقائد ونزهة الرائض فِي أَدِلَّة)
الْفَرَائِض وترتيب مُسْند أبي حنيفَة لِابْنِ الْمقري وتبويب مُسْنده للحارثي والأمالي على مُسْند عقبَة بن عَامر الصَّحَابِيّ نزيل مصر وعوالي كل من اللَّيْث والطَّحَاوِي وَتَعْلِيق مُسْند الفردوس كُله مقفص وَالَّذِي خرجه مِنْهُ قَلِيل جدا وَرِجَال كل من الطَّحَاوِيّ فِي مُجَلد والموطأ لمُحَمد بن الْحسن والْآثَار لَهُ ومسند أبي حنيفَة لِابْنِ الْمقري وترتيب كل من الْإِرْشَاد للخليلي فِي مُجَلد والتمييز للجوزقاني فِي مُجَلد وأسئلة الْحَاكِم للدارقطني وَمن روى عَن أَبِيه(6/186)
عَن جده فِي مُجَلد والاهتمام الْكُلِّي بأصلاح ثِقَات الْعجلِيّ فِي مُجَلد وزوائد رجال كل من الْمُوَطَّأ ومسند الشَّافِعِي وَسنَن الدَّارَقُطْنِيّ على السِّتَّة والثقات مِمَّن لم يَقع فِي الْكتب السِّتَّة فِي أَربع مجلدات وتقويم اللِّسَان فِي الضُّعَفَاء فِي مجلدين وفضول اللِّسَان وحاشية على كل من المشتبه والتقريب كِلَاهُمَا لشَيْخِنَا والأجوبة عَن اعْتِرَاض ابْن أبي شيبَة على أبي حنيفَة فِي الحَدِيث وتبصرة النَّاقِد فِي كيد الْحَاسِد فِي الدّفع عَن أبي حنيفَة وترصيع الْجَوْهَر النقي كتب مِنْهُ إِلَى أثْنَاء التَّيَمُّم وتلخيص صُورَة مغلطاي وتلخيص دولة التّرْك ومنتقى من دُرَر الأسلاك فِي قُضَاة مصر وَقَالَ أَنه لم يتم وتاج التراجم فِيمَن صنف من الْحَنَفِيَّة وتراجم مَشَايِخ الْمَشَايِخ فِي مُجَلد وتراجم مَشَايِخ شُيُوخ الْعَصْر وَقَالَ أَنه لم يتم ومعجم شُيُوخه ومجلد من شرح المصابيح لِلْبَغوِيِّ وَمِنْهَا فِي غَيره شُرُوح لعدة كتب من فقه مذْهبه وَهِي الْقَدُورِيّ تقيد فِيهِ بِكَوْنِهِ من رِوَايَة أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن والطَّحَاوِي والكرخي والنقاية، وَكَانَ شَيخنَا الشمني يذاكر أَنه سلخ فِيهِ شَرحه لَهَا وَلذَا أعرض التقي عَن شَرحه المسلوخ مِنْهُ وابتكر شرحا آخر لم يفرغ مِنْهُ إِلَّا قبيل مَوته ومختصر الْمنَار ومختصر الْمُخْتَصر ودرر الْبحار فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَهُوَ فِي تصنيفين قَالَ أَن المطول مِنْهُمَا لم يتم وأجوبة عَن اعتراضات ابْن الْعِزّ على الْهِدَايَة وأفرد عدَّة مسَائِل وَهِي الْبَسْمَلَة وَرفع الْيَدَيْنِ والأسوس فِي كَيْفيَّة الْجُلُوس والفوائد الجلة فِي اشْتِبَاه الْقبْلَة والنجدات فِي السَّهْو عَن السجدات وَرفع الِاشْتِبَاه عَن مَسْأَلَة الْمِيَاه وَالْقَوْل الْقَاسِم فِي بَيَان حكم الْحَاكِم وَالْقَوْل المتبع فِي أَحْكَام الْكَنَائِس وَالْبيع وَتَخْرِيج الْأَقْوَال فِي مَسْأَلَة الِاسْتِبْدَال وتحرير الأنظار فِي أجوبة ابْن الْعَطَّار وَالْأَصْل فِي الْفَصْل والوصل يَعْنِي وصل التَّطَوُّع بالفريضة وَشرح الْفَرَائِض كل من الْكَافِي وَمجمع الْبَحْرين وَقَالَ أَنه مزج وَكَذَا شرح مُخْتَصر الْكَافِي فِي الْفَرَائِض لِابْنِ المجدي وجامعة الْأُصُول فِي الْفَرَائِض وَقَالَ أَن تصنيفه لَهُ كَانَ فِي سنة عشْرين والورقات لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ أَنه كَانَ فِي أواخرها وَأول الَّتِي تَلِيهَا ورسالة السَّيِّد فِي)
الْفَرَائِض وَقَالَ أَنه مطول وَله أَعمال فِي الْوَصَايَا والدوريات وَإِخْرَاج المجهولات وتعليقه على القصارى فِي الصّرْف وحاشية على شرح الْعُزَّى فِي الصّرْف أَيْضا للتفتازاني وعَلى شرح العقائد وأجوبة عَن اعتراضات الْعِزّ بن جمَاعَة على أصُول الْحَنَفِيَّة وتعليقة على الأندلسية فِي الْعرُوض وَغير ذَلِك مِمَّا وقفت على أَسْمَائِهِ بِخَطِّهِ لأعلى هَذَا التَّرْتِيب كشرح مخمسة الْعِزّ عبد الْعَزِيز الديريني فِي الْعَرَبيَّة واختصار تَلْخِيص الْمِفْتَاح وَشرح منار النّظر فِي الْمنطق لِابْنِ سينا. وَهُوَ إِمَام عَلامَة قوي(6/187)
الْمُشَاركَة فِي فنون ذَاكر لكثير من الْأَدَب ومتعلقاته وَاسع الباع فِي استحضار مذْهبه وَكثير من زواياه وخباياه مُتَقَدم فِي هَذَا الْفَنّ طلق اللِّسَان قَادر على المناظرة وإفحام الْخصم لَكِن حافظته أحسن من تَحْقِيقه مغرم بالانتقاد وَلَو لمشايخه حَتَّى بالأشياء الْوَاضِحَة والإكثار من ذكر مَا يكون من هَذَا الْقَبِيل بِحَضْرَة كل أحد ترويجا لكَلَامه بذلك مَعَ شَائِبَة دَعْوَى ومساححة وَلَقَد سمعته يَقُول أَنه أفرد زَوَائِد متون الدَّارَقُطْنِيّ أَو رِجَاله على السِّتَّة من غير مراجعتها كثير الطرح لأمور مشكلة يمْتَحن بهَا وَقد لَا يكون عِنْده جوابها وَلِهَذَا كَانَ بَعضهم يَقُول أَن كَلَامه أوسع من علمه، وَأما أَنا فأزيد على ذَلِك بِأَن كَلَامه أحسن من قلمه مَعَ كَونه غَايَة فِي التَّوَاضُع وَطرح التَّكَلُّف وصفاء الخاطر جدا وَحسن المحاضرة لَا سِيمَا فِي الْأَشْيَاء الَّتِي يحفظها وَعدم اليبس والصلابة وَالرَّغْبَة فِي المذاكرة للْعلم وإثارة الْفَائِدَة والاقتباس مِمَّن دونه مِمَّا لَعَلَّه لم يكن أتقنه وَقد انْفَرد عَن عُلَمَاء مذْهبه الَّذين أدركناهم بالتقدم فِي هَذَا الْفَنّ وَصَارَ بَينهم من أجلة شَأْنه مَعَ توقف الْكثير مِنْهُم فِي شَأْنه وَعدم إنزاله مَنْزِلَته، وَهَكَذَا كَانَ حَال أَكْثَرهم مَعَه جَريا على عَادَة العصريين، وَقصد بالفتاوى فِي النَّوَازِل والمهمات فبلغوا باعتنائه بهم مقاصدهم غَالِبا واشتهر بذلك وبالمناضلة عَن ابْن عَرَبِيّ وَنَحْوه فِيمَا بَلغنِي مَعَ حسن عقيدته، وَلم يل مَعَ انتشار ذكره وَظِيفَة تناسبه بل كَانَ فِي غَالب عمره أحد صوفية الأشرفة نعم اسْتَقر فِي تدريس الحَدِيث بقبة البيبرسية عقب ابْن حسان ثمَّ رغب عَنهُ بعد ذَلِك لسبط شَيخنَا وَقَررهُ جَانِبك الجداوي فِي مشيخة مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِبَاب القرافة ثمَّ صرفه وَقرر فِيهَا غَيره وَلكنه كَانَ قبيل هَذِه الْأَزْمَان رُبمَا تفقده الْأَعْيَان من الْمُلُوك والأمراء وَنَحْوهم فَلَا يدبر نَفسه فِي الارتفاق بذلك بل يُسَارع إِلَى إِنْفَاقه ثمَّ يعود لحالته وَهَكَذَا مَعَ كَثْرَة عِيَاله وتكرر تَزْوِيجه، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مقصر فِي شَأْنه، وَلما اسْتَقر رَفِيقه السَّيْف الْحَنَفِيّ فِي مشيخة المؤيدية عرض عَلَيْهِ السُّكْنَى بقاعتها لعلمه بِضيق منزله أَو تكلفه بالصعود إِلَيْهِ لكَونه بالدور)
الْأَعْلَى من ربع الحوندار فَمَا وَافق وَكَذَا لما اسْتَقر الشَّمْس الأمشاطي فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة رتب لَهُ من معاليمه فِي كل شهر ثَمَانمِائَة دِرْهَم لمزيد اخْتِصَاصه بِهِ وَتقدم صحبته مَعَه ورتب لَهُ الدوادار الْكَبِير يشبك من مهْدي قبيل مَوته بِيَسِير على ديوانه فِي كل شهر أَلفَيْنِ فَمَا أَظُنهُ عَاشَ حَتَّى أَخذ مِنْهَا شهرا بل عين لمشيخة الشيخونية عِنْد توعك الكافياجي بسفارة الْمَنْصُور حِين كَانَ بِالْقَاهِرَةِ عِنْد الْأَشْرَف قايتباي وَكَذَا بسفارة الأتابك أزبك فقدرت وَفَاته قبله،(6/188)
وَعظم انْتِفَاع الشّرف الْمَنَاوِيّ بِهِ وَكَذَا الْبَدْر بن الصَّواف فِي كثير من مقاصدهما بعد أَن كَانَ من أخصاء الْمُحب بن الشّحْنَة حَتَّى أَنه لَعَلَّه أول من أذن لوَلَده الصَّغِير فِي الْإِفْتَاء ثمَّ مَسّه مِنْهُم غَايَة الْمَكْرُوه جَريا على عَادَتهم بِحَيْثُ شافهوه بِمَجْلِس السُّلْطَان بِمَا لَا يَلِيق وانتصر لَهُ الْعِزّ قَاضِي الْحَنَابِلَة وهجرهم بِسَبَبِهِ مُدَّة حَتَّى توَسط بَينهم الْعَضُد الصيرامي، وَقد صحبته قَدِيما وَسمعت مِنْهُ مَعَ وَلَدي المسلسل بِسَمَاعِهِ لَهُ على الوَاسِطِيّ وكتبت عَنهُ من نظمه وفوائده أَشْيَاء بل قَرَأت عَلَيْهِ شرح ألفية الْعِرَاقِيّ لتوهم مزِيد عمل فِيهِ وَوَقع ذَلِك مِنْهُ موقعا ولامني فِيهِ غير وَاحِد من الْفُضَلَاء، واستعار أَشْيَاء من تعاليقي ومسوداتي وَغَيرهَا وَكثر تردده لي قبل ذَلِك وَبعده بِسَبَب الْمُرَاجَعَة وَغَيرهَا صَرِيحًا وكناية لحسن اعْتِقَاده فِي بِحَيْثُ صرح مرَارًا بتفردي بِهَذَا الشَّأْن وَرُبمَا يَقُول: أَنا وَأَنت غرباء، وَنَحْو هَذَا من القَوْل وخطه عِنْدِي شَاهد بِأَعْلَى من ذَلِك حَسْبَمَا أثْبته فِي مَوضِع آخر مَعَ كثير من نظمه وفوائده، وَشهد على شينا بأنني أمثل جماعته وَبَالغ عقب وَفَاة الْوَالِد رحمهمَا الله فِي التأسف عَلَيْهِ وَصرح لكل من الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ والأمشاطي بِأَنَّهُ من قدماء أَصْحَابه وخيارهم وَمِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ فضل قديم وَأَنه بَقِي من الْعَالمين بذلك جارنا ابْن المرخم وَابْن بهاء القباني وَلِهَذَا التمس مني الْوُقُوف على غسله فَلم أوافق أدبا مَعَ الشَّيْخ لكَون الْوَالِد لما أعلمهُ من إجلاله لَهُ وتعظيمه إِيَّاه بِحَيْثُ كَانَ يَقُول: مَا أَكثر محفوظه وَأحسن عشرته، وَرُبمَا يَقُول: هُوَ سكردان لم يكن يرضيه ذَلِك، تعلل الشَّيْخ مُدَّة طَوِيلَة بِمَرَض حاد وبحبس الأراقة والحصاة وَغير ذَلِك وتنقل لعدة أَمَاكِن إِلَى أَن تحول قبيل مَوته بِيَسِير بقاعة بحارة الديلم فَلم يلبث أَن مَاتَ فِيهَا فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع ربيع الآخر سنة تسع وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد تجاه جَامع المارداني فِي مشْهد حافل وَدفن على بَاب المشهد الْمَنْسُوب لعقبة عِنْد أَبَوَيْهِ وَأَوْلَاده وتأسفوا)
على فَقده رَحمَه الله وإيانا وَمِمَّا نظمه ردا لقَوْل الْقَائِل:
(إِن كنت كَاذِبَة الَّتِي حَدَّثتنِي ... فَعَلَيْك إِثْم أبي حنيفَة أَو زفر)
(الواثبين على الْقيَاس تمردا ... والراغبين عَن التَّمَسُّك بالأثر)
فَقَالَ:
(كذب الَّذِي سبّ المآثم للَّذي ... قَاس الْمسَائِل بِالْكتاب وبالأثر)
(إِن الْكتاب وَسنة الْمُخْتَار قد ... دلا عَلَيْهِ فدع مقَالَة من فشر)
وَقد ذكره المقريزي فِي عقوده وأرخ مولده كَمَا قدمنَا وَلكنه قَالَ تخمينا قَالَ: وبرع فِي فنون من فقه وعربية وَحَدِيث وَغير ذَلِك وَكتب مصنفات عديدة من شرح دور الْبحار للقونوي فِي اخْتِلَاف الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَشرح مخمسة الديريني(6/189)
فِي الْعَرَبيَّة وجامعة الْأُصُول فِي الْفَرَائِض وورقات إِمَام الْحَرَمَيْنِ وميزان النّظر فِي الْمنطق لِابْنِ سينا وَكتب تعليقة على موطأ مُحَمَّد بن الْحسن وَأُخْرَى على آثاره وَاخْتصرَ تَلْخِيص الْمِفْتَاح وَله حواش على حَوَاشِي التَّفْتَازَانِيّ على تصريف الْعُزَّى وعَلى الأندلسية فِي الْعرُوض وَكتب غَرِيب أَحَادِيث شرح أبي الْحسن الأقطع على الْقَدُورِيّ وَخرج أَحَادِيث الِاخْتِيَار شرح الْمُخْتَار ورتب مُسْند أبي حنيفَة للحارثي على الْأَبْوَاب.
قَاسم بن الْأَمِير كمشبغا الْحَمَوِيّ الْآتِي أَبوهُ. كَانَ أحد الْحجاب الصغار فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباي. مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه.
قَاسم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد اللَّطِيف بن أَحْمد بن عَليّ اليامشي الْعِرَاقِيّ الأَصْل الْعَدنِي الشَّافِعِي الصُّوفِي الْمَاضِي جده. أَخذ عَن جده عبد الله وَكَانَ يكْتب مَا يصدر عَنهُ من المراسلات والشفاعات وخطه جيد وسجعه حسن وَرُبمَا نظم وَكَذَا تفقه فِي كِتَابه الْحَاوِي بِمُحَمد فأفضل وَالْغَالِب عَلَيْهِ الصّلاح بِحَيْثُ يقْصد للإصلاح مَعَ وجاهته وجلالته، ورث ذَلِك عَن أَبِيه، وَهُوَ سنة ثَمَان وَتِسْعين حَيّ.
قَاسم بن مُحَمَّد بن قَاسم القسنطيني الْمَالِكِي نزيل الْمَدِينَة، مِمَّن سمع مني بهَا.
قَاسم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الزين المنشاوي الأخميمي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف فِي بِلَاده بِابْن أبي طاقية. حفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية ابْن مَالك والشاطبية وَغَيرهَا واشتغل وتميز فِي الْقرَاءَات وَأَخذهَا عَن ابْن الْجَزرِي والزين بن عَيَّاش أَخذهَا عَنهُ جمَاعَة)
كالزين جَعْفَر السنهوري وَعمل مُقَدّمَة فِي التجويد سَمَّاهَا المرشدة وَكَانَ خيرا مديما لِلْعِبَادَةِ أثبت شَيخنَا اسْمه فِي الْقُرَّاء بالديار المصرية وسط هَذَا الْقرن، وَلم أعلم وَقت وَفَاته رَحمَه الله.
قَاسم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الزين أَبُو الْعدْل بن الشّرف بن أبي المكارم بن أبي الْفضل الْمحلي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي سبط الشهَاب بن العجمي وَالِد أوحد الدّين وحفيد أخي الولوي مُحَمَّد بن قَاسم الْآتِي وَأَبوهُ وجده ووالد الْجلَال وَأبي الْفضل عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن قَاسم وَهُوَ زوج أُخْته الشهَاب الأبشيهي الشَّافِعِي ابْنا خَالَة فأماهما أختَان. ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ ابْن الْحَاجِب واشتغل يَسِيرا عِنْد الزين طَاهِر وَغَيره ولازم حَلقَة السنهوري فِي الْفِقْه والعربية مَعَ الساكتين، وناب فِي الْقَضَاء وأضيف إِلَيْهِ قَضَاء سمنود وأعمالها وَأكْثر التَّرَدُّد للأمير تمراز فراج قَلِيلا بل صَار مِمَّن يُفْتِي وَيذكر بِحِفْظ ابْن الْحَاجِب واستحضاره مَعَ إقدام وتناقض فِي فتياه ورام بعد المحيوي بن تَقِيّ الْقَضَاء وساعده الشَّافِعِي فَلم ينجح(6/190)
وَولي أَخُو الْمَيِّت فَأَعْرض هَذَا عَن النِّيَابَة فَلم يضر إِلَّا نَفسه.
قَاسم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ القاهري النّحاس والمتصرف بِبَاب شَيخنَا كأبيه فِي كليهمَا ووالد أبي الْحسن الْآتِي وَيعرف بِابْن الْمُرضعَة. مِمَّن كَانَ فِي خدمَة ابْن شَيخنَا بِحَيْثُ حج مَعَه وجاور بل سَافر مَعَ وَالِده فِي سنة آمد تَاجِرًا وَكَانَ عاميا متميزا فِي طَرِيقَته. مَاتَ بعد أَن أضرّ فِي ثامن عشر شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين عَن سِتّ وَثَمَانِينَ سنة وَدفن بِالْقربِ من ضريح السِّت زَيْنَب خَارج بَاب النَّصْر عَفا الله عَنهُ.
قَاسم بن مُحَمَّد الزين الحيشي الْحلَبِي ثمَّ القاهري الدِّمَشْقِي وَيعرف بالقادري. أَقَامَ بحلب مُدَّة على قدم التَّجْرِيد مواخيا لصاحبنا إِبْرَاهِيم القادري الْمَاضِي وأخذا بهَا عَن الشّرف أبي بكر الحيشي وَغَيره ثمَّ انتقلا إِلَى الْقَاهِرَة وأخذا فِي غُضُون ذَلِك أَيْضا بصفد عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن أبي بكر بن خضر الديري الناصري وبدمشق عَن السَّيِّد عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الجيلي وبالقاهرة عَن أَخِيه النُّور عَليّ ومدين الأشموني وَأبي الْفَتْح الفوي وصحبا الشهَاب بن أَسد وتليا عَلَيْهِ الْقُرْآن وسمعا عَلَيْهِ فِي الْعلم والْحَدِيث والكمال إِمَام الكاملية واختصا بِهِ دهرا وأخذا عَنهُ فِي الْفِقْه وأصوله وَغير ذَلِك وسمعا على شَيخنَا والعز بن الْفُرَات وَطَائِفَة وتزوجا من بَيت سَيِّدي عبد الْقَادِر الكيلاني واختص بِغَيْر وَاحِد من الْأُمَرَاء كدولات باي المؤيدي)
وجانم الأشرفي برسباي وَمن غَيرهم كالبدر الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة وبواسطته اسْتَقر فِي مشيخة زَاوِيَة ابْن دَاوُد بصالحية دمشق وتحول إِلَيْهَا فتزايدت وجاهته، لَا سِيمَا وَهُوَ حسن الْعشْرَة طلق الْمحيا بسامة كثير التودد وابتنى هُنَاكَ بِالسَّهْمِ دَارا حَسَنَة ونوزع فِي المشيخة من سبط ولد الْوَاقِف غير مرّة وَعقد بِسَبَب ذَلِك مجَالِس، وَكَانَ فِيمَا كتبه لي مواخيه صَحِيح الِاعْتِقَاد صَحِيح عمل الْأَركان عَارِفًا بمداخل النَّاس ومخارجهم مَعَ سَلامَة صدر وسعة فِيهِ، تجرد وساح وخالط الْمَشَايِخ وتأدب بآدابهم واستقل بِالْعلمِ وَفهم وتميز وَسمع الحَدِيث وأشير إِلَيْهِ بالجلالة والمشيخة وَلم يكن يضمر لأحد سوءا وَلَا فِي مُقَابل، وَوَصفه غَيره بالشيخ المسلك المربى وَنعم الرجل كَانَ وبيننا مزِيد مَوَدَّة وصحبة وَكَانَت أبهة المشيخة عَلَيْهِ ظَاهِرَة ووضاءة الصفاء فِي طلعته باهرة، مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث ربيع الأول سنة أَربع وَسبعين وَدفن من الْغَد بمقبرة كَانَ أعدهَا لدفن جماعته وَجَمَاعَة مواخيه وشرقي الْمقْبرَة الْمُسَمَّاة بالروضة وملاصقة لَهَا بسفح قاسيون أَعلَى الصالحية بعد أَن صلي عَلَيْهِ بالجامع المظفري وَلم يكن يقصر عَن سِتِّينَ سنة بل زَاد عَلَيْهَا رَحمَه الله وإيانا.(6/191)
قَاسم بن مُحَمَّد بن مُسلم بن مخلوف التروجي الأَصْل الإسكندري. سمع الشفا على ابْن الملقن، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز فِي استدعاء أبي حَامِد ابْن الضيا لأولادي يَعْنِي سنة سبع عشرَة قَالَ: وَكَانَ يرْوى وبيض.
قَاسم بن مُحَمَّد ابْن يُوسُف بن الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم الزين بن الشَّمْس الزبيرِي النويري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بقاسم الزبيرِي. ولد سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو على الشَّمْس الشراريبي وكتبا واشتغل فِي فنون ولازم الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ بعض شرح تقريب الْأَحْكَام لوالده وَجَمِيع شرح جمع الْجَوَامِع فِي الْأَصْلَيْنِ وَغَيرهمَا وَسمع كثيرا من شَرحه لنظم الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ لِأَبِيهِ وَمن تَحْرِير الْفَتَاوَى وَشرح الْبَهْجَة وَغَيرهمَا من تصانيفه وَكَذَا من مروياته وَكتب لَهُ على شرح جمع الْجَوَامِع أَنه قَرَأَهُ قِرَاءَة بحث وإتقان وتحرير لألفاظه ومبانيه واستكشاف عَن مشكلاته ومعانيه وعَلى شرح التَّقْرِيب أَنه أَيْضا قِرَاءَة بحث وإتقان وَتكلم على الْأَلْفَاظ والمعاني وَذكر مَذَاهِب الْعلمَاء فِي الْمسَائِل الْمُتَعَلّقَة بذلك فأجاد الِاسْتِمَاع لما ألقيه وَفهم مَعَانِيه فهم مَعَانِيه وَأذن لَهُ فِي إِفَادَة مَا)
علمه مِنْهُمَا وتحققه وإقراء مَا كَانَ مِنْهُمَا مستحضرا لَهُ ومحققه، وَكَذَا أَخذ الْفِقْه عَن النُّور الأدمِيّ عَن الشمسين الغراقي والبرماوي والبيجوري وَغَيرهم والنحو عَن الشمسين العجيمي قريب ابْن هِشَام والشطنوفي وَغَيرهمَا ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي عُلُوم وَكَذَا الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَأكْثر من الْحُضُور عِنْد شَيخنَا فِي الأمالي وَغَيرهَا وَكتب عَنهُ غَالب شرح البُخَارِيّ وَسمع أَيْضا على الفوي وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَابْن الكويك وَأبي هُرَيْرَة بن النقاش وَآخَرين، وَكَانَ فَاضلا بارعا مفننا خيرا سَاكِنا بطئ الْحَرَكَة ثقيل اللِّسَان تكسب بِالشَّهَادَةِ وأقرأ بعض الطّلبَة مَعَ التودد والتواضع والتقنع وسلامة الصَّدْر كتبت عَنهُ قَلِيلا، وَمَات فِي صف سنة سِتّ وَخمسين، وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله وإيانا.
قَاسم بن مُحَمَّد الْأصيلِيّ وَيُقَال لَهُ ابْن البابا. نَشأ فِي خدمَة بَيت ابْن أصيل وَصَارَ يتَرَدَّد للكانلية وتنزل فِي الْجِهَات واشتغل أَولا فِيمَا زعم حنفيا وَحضر عِنْد ابْن الْهمام ثمَّ شافعيا وَلم ينْتج فِي شَيْء بل هُوَ كثير الشَّرّ إِلَى الْعَوام أقرب.
قَاسم بن هرون بن مُحَمَّد بن مُوسَى التتائي الأَصْل القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي شَقِيق مُحَمَّد وأخو الْجمال يُوسُف لأمه الآتيين. مِمَّن اشْتغل قَلِيلا وتدرب بِأَبِيهِ فِي الْحِفْظ وَغَيره، وَأَقْبل على التكسب وسافر فِي ذَلِك لَهُ وَلغيره إِلَى الْعرَاق ثمَّ إِلَى الهرموز ثمَّ إِلَى الْهِنْد وَغَيرهَا وَدخل الشَّام وَبَيت الْمُقَدّس وَغَابَ نَحْو سِتّ سِنِين وَرجع(6/192)
بعد أهوال وأحوال بخفي حنين فَجَلَسَ زموطيا تَحت الرّبع مَعَ كِتَابَته بِالْأُجْرَةِ وَيذكر بصيانة وتعفف واستحضار لقَلِيل من الْفُرُوع ومداومة على التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة.
قَاسم بن بهاء الدّين الماطي الْمقري. مِمَّن تَلا الْقرَاءَات على الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي وتكسب بحانوت فِي الماطيين بجوار المؤيدية. مَاتَ فِي الْمحرم.
قَاسم بن المعمار. فِي ابْن عَليّ.
قَاسم زين الدّين البشتكي. ولد بعد الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل بِالْعلمِ وَقرب أَهله وأحبهم وتقرب مِنْهُم مَعَ وَسْوَسَة وَتزَوج ابْنة الْأَشْرَف شعْبَان بن حُسَيْن بن قلاوون فاشتهر وقربه الْمُؤَيد بِحَيْثُ ولاه نظر الجوالي وباشره أحسن مُبَاشرَة إِلَى أَن أَخذ الناصري بن الْبَارِزِيّ فِي أبعاده عَنهُ حَتَّى غضب عَلَيْهِ بل وضربه وأعانه بطيشه وَخِفته على ذَلِك فانحطت مرتبته وافتقر وَركبهُ الدّين، وداخل بعد هَذَا الْأَشْرَف فَلم يحظ بطائل مَعَ أَنه سَافر مَعَه فِي سنة آمد إِلَى)
البيرة ثمَّ رَجَعَ إِلَى حلب. مَاتَ بِأَرْض يبْنى من عمل غَزَّة وَكَانَ توجهه لجِهَة هُنَاكَ فِي يَوْم السبت ثامن رَجَب سنة أَربع وَأَرْبَعين وَقد جَازَ السِّتين. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه، وَقَالَ المقريزي أَنه كَانَ جسيما سريا فخورا لَهُ ثراء وَاسع وَمَال جم وَرثهُ وأفضال كثير وفضيلة ثمَّ تردد لمجلس الْمُؤَيد واختص بِهِ مُدَّة إِلَى أَن تنكر لَهُ وضربه وشهره، إِلَى أَن قَالَ: فَالله يرحمه وَلَقَد شاهدنا مِنْهُ كرما جما وإفضالا زَائِدا ومروءة غزيرة ونعمة ضخمة.
قَاسم الزين التركماني الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ أحد عُلَمَاء دمشق مِمَّن شرح مُخْتَصر الأخلاطي فِي الْفِقْه وَاخْتصرَ الضَّوْء شرح السِّرَاجِيَّة فِي الْفَرَائِض وصنف فِي أصُول الدّين، وَكَانَ مُتَقَدما فِي الْفِقْه والعقليات أفتى ودرس وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء وجاور فِي سنة أَربع وَسبعين رَفِيقًا للشرف بن عيد، وَقدم الْقَاهِرَة بعد للسعي فِي القصاعية بعد موت جلال الدّين بن حسام الدّين فَأُجِيب إِلَيْهَا وَكَانَ دينا. مَاتَ فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ تَقْرِيبًا عَن نَحْو الثَّمَانِينَ.
قَاسم الزين المؤذي الكاشف بِالْوَجْهِ القبلي غَرِيم السفطي فِي الْحمام. أحضر فِي أَوَائِل سنة أَربع وَخمسين مَحْمُولا على جمل ليدفن بِالْقَاهِرَةِ بعد تمرضه يَوْمًا وَاحِدًا. غير مأسوف عَلَيْهِ.
قَاسم الْحَنَفِيّ اثْنَان: مصري وَهُوَ ابْن قطلوبغا ودمشقي مضى قَرِيبا.
قَاسم الدمني الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الْعَلامَة الْفَقِيه الْمُفْتِي بتعز. انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الْفَتْوَى فِيهَا، مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَلفه بتعز الْجمال بن الْخياط الْآتِي.
قَاسم الرُّومِي تَاجر السُّلْطَان والخصيص بالدوادار يشبك بِحَيْثُ سمح لَهُ(6/193)
بترك المكس مِمَّا يرد لَهُ وَكَانَ محتشما خيرا، مَاتَ بِمَكَّة فِي إِحْدَى الجماديين سنة ثَمَانِينَ، وَهُوَ أستاذ زيرك الْمَاضِي.
قانباي الأبو بكري الناصري فرج وَيعرف بالبهلوان. تنقل بعد أستاذه حَتَّى اتَّصل بِالظَّاهِرِ ططر قبل سلطنته فَلَمَّا تسلطن أمره ورقاه ثمَّ صَار فِي الْأَيَّام الأشرفية رَأس نوبَة ثَانِيًا ثمَّ مقدما ثمَّ نَائِب ملطية مُضَافا للتقدمة ثمَّ انْفَصل عَنْهُمَا وَاحِدَة بعد أُخْرَى وَصَارَ أتابك حلب ثمَّ أتابك دمشق بعد موت تغرى بردى المحمودي ثمَّ نقل إِلَى نِيَابَة صفد ثمَّ إِلَى حماة، إِلَى أَن مَاتَ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَخمسين، وَكَانَ ذَا حشمة وجمال.
قانباي الأشرفي قيتباي وَيعرف بالبوز. اسْتَقر فِي كشف الْبحيرَة وَلم يلبث أَن مَاتَ مطعونا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ.)
قانباي البكتمري. أَصله لجكم من عوض المتغلب على حلب ثمَّ ملكه بكتمر جلق وَأعْتقهُ واتصل بعده بِخِدْمَة السُّلْطَان وَصَارَ بعد الْمُؤَيد خاصكيا ثمَّ ولاه الظَّاهِر جقمق نِيَابَة قلعة صفد مرّة بعد أُخْرَى تخَلّل بَينهمَا ولَايَة أتابكيتها ثمَّ نِيَابَة البيرة. فَلم يلبث أَن مَاتَ بهَا فِي أَوَاخِر ربيع الأول أَو أَوَائِل الثَّانِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ تَقْرِيبًا.
قانباي البهلوان. هُوَ الأبو بكري مضى.
قانباي البهلوان آخر صَاحب طرابلس. ورد الْخَبَر فِي منتصف الْمحرم سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بوفاته فاستقر عوضه فِي الحجوبية شاذبك الصارمي.
قانباي الجركسي. أَصله من مماليك الأتابك يشبك الشَّعْبَانِي ثمَّ أنعم بِهِ على جاركس المصارع أخي الظَّاهِر جقمق فَأعْتقهُ وَصَارَ بعد قَتله من المماليك السُّلْطَانِيَّة ثمَّ خاصكيا فِي أَيَّام الظَّاهِر ططر فَلَمَّا صَار الْأَمر للظَّاهِر جقمق من حِين كَونه نظاما لزمَه بوسيلة كَونه من مماليك أَخِيه حَتَّى رقاه لأَمره عشرَة ثمَّ جعله من رُؤُوس النوب فَلَمَّا تسلطن عمله شاد الشربخاناه على مَا مَعَه من إمرة الْعشْرَة وَلَا زَالَ يرقيه حَتَّى قدمه مَعَ المشدية ثمَّ عمله دوادارا كَبِيرا ثمَّ أَمِير آخور كَبِير، ونالته السَّعَادَة وَعظم وَصَارَت لَهُ كلمة نَافِذَة ووجاهة تَامَّة مَعَ تدوين ووثوق بِرَأْي نَفسه وظنه التفقه ومزيد طيش وخفة وهذيان كثير وَرفع صَوت بِمَا يستحيا مِنْهُ حَتَّى أَنه قَالَ لشَيْخِنَا: أَنْت شيخ الْإِسْلَام وَأَنا فَارس الْإِسْلَام، وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ دينا وَله فِي كائنة شَيخنَا الْيَد الْبَيْضَاء وَاسْتمرّ إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ الْأَشْرَف إينال أول مَا تسلطن وحبسه بإسكندرية إِلَى أَن أطلقهُ الظَّاهِر خشقدم وأرسله إِلَى(6/194)
دمياط فَأَقَامَ بهَا بطالا حَتَّى مَاتَ وَقد قَارب الثَّمَانِينَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَحمل مَيتا مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة فَغسل بهَا وكفن ثمَّ صلي عَلَيْهِ بمصلى المؤمني وشهده السُّلْطَان بل مَشى مَعَه إِلَى بَاب المدرج وَدفن بتربته الَّتِي جددها وبناها بِالْقربِ من دَار الضِّيَافَة وَبهَا أستاذه جَارك وَولد لصَاحب التَّرْجَمَة وَابْن الظَّاهِر جقمق ثمَّ أَبوهُ ثمَّ وَلَده الآخر الْمَنْصُور وَصَارَت محلا للملوك وَقرر فِيهَا شَيخنَا الشمني مخطوبا شَيخا وخطيبا وَغير ذَلِك من وظائفها بل كَانَ المستقل بهَا وَكَانَ لَهُ فِيهِ حسن الِاعْتِقَاد ويبالغ فِي إكرامه وَكَانَ طوَالًا نحيفا طَوِيل اللِّحْيَة رَحمَه الله وإيانا.
قانباي الجكمي نِسْبَة لجكم من عوض المتغلب على حلب، كَانَ حَاجِب الْحجاب بحلب فَاحْتَرَقَ)
سنة تسع وَأَرْبَعين فِي بَيته بالنَّار الَّتِي يتدفأ بهَا بِتِلْكَ الْبِلَاد أَيَّام الشتَاء فِي حَال كَونه سكرانا وَكَانَ مَعَه مَمْلُوكه وَكتب محْضر بذلك إِلَى الْقَاهِرَة دفعا لتوهم خِلَافه أَقَامَ خاصكيا بعد موت أستاذه مُدَّة إِلَى أَن رقاه الظَّاهِر جقمق إِلَى الحجوبية وليم فِي ذَلِك وَصرح هُوَ حِين بلغه مَوته هَكَذَا بِسَبَبِهِ ولعنه وَلعن من أَشَارَ عَلَيْهِ بتوليته لمزيد إهماله.
قانباي الحسني الظَّاهِرِيّ أحد أُمَرَاء العشرات ووالي الْقَاهِرَة وَهُوَ من عُتَقَاء الْأَشْرَف إينال بَاشر الْولَايَة أقبح مُبَاشرَة وَمَات بالطاعون فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسبعين قانباي الحسني المؤيدي شيخ. صَار خاصكيا فِي أَيَّام ابْن أستاذه المظفر إِلَى أَن أمره الظَّاهِر جقمق عشرَة ثمَّ نَقله إِلَى أتابكية حماه ثمَّ عمله الظَّاهِر خشقدم من الطبلخاناه ثمَّ نَاب طرابلس، وَلم يلبث أَن تجرد لكائنة سوار وَكَانَت منيته هُنَاكَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد ناهز السّبْعين، وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ عَارِفًا بلعب الرمْح متحركا.
قانباي الحمزاوي. أَصله لتنم الحسني نَائِب الشَّام ثمَّ لسودون الحمزاوي الظَّاهِرِيّ فِي الدولة الناصرية فَأعْتقهُ وَنسب إِلَيْهِ وَجعله شاد الشربخاناه وَبعد مَوته خدم عِنْد بعض الْأُمَرَاء ثمَّ عِنْد شيخ فَلَمَّا تسلطن أمره عشرَة ثمَّ طبلخاناه ثمَّ تقدم بعد مَوته، وناب فِي الْغَيْبَة لِابْنِهِ المظفر ثمَّ حَبسه الظَّاهِر ططر ثمَّ أطلقهُ الْأَشْرَف وولاه أتابكية دمشق ثمَّ قدمه بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ نَقله لنيابة حماة ثمَّ حوله الظَّاهِر لطرابلس ثمَّ لحلب ثمَّ أَعَادَهُ مقدما بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ رَجَعَ بِهِ إِلَى نِيَابَة حلب ثَانِيًا ثمَّ نَقله الْأَشْرَف إينال إِلَى نِيَابَة دمشق حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن بخانقاه تغرى برمش تَحت قلعتها وَقد ناهز الثَّمَانِينَ وسر الدمشقيون بوفاته لِكَثْرَة جنايات مماليكه الَّذِي استكثر مِنْهُم جمَاعَة بَابه وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ شَدِيد الْإِسْرَاف على نَفسه سامحه الله.(6/195)
قانباي السيفي شَاذ بك الجكمي نَائِب حماة وَيعرف بسلاق وَمَعْنَاهُ الأعسر. تقدم فِي أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي حَتَّى صَار أحد الأربعينات لكَونه جِيءَ إِلَيْهِ بسرية ليتسرى بهَا فظفر لَهُ أَنَّهَا من أَقَاربه فَأعْتقهَا ثمَّ زَوجهَا لصَاحب التَّرْجَمَة وَذَلِكَ فِي حَال إمرته فَلَمَّا اسْتَقر فِي المملكة ارْتَفع بهَا. مَاتَ بحلب فِي إِحْدَى الجماديين سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسمعت من يذكرهُ بمحبة الْعلم وَأَهله بل وَقَرَأَ بعض الْمُقدمَات على النَّجْم القرمي وَغَيره مَعَ دين وكرم فِي الْجُمْلَة. رَحمَه الله.
قانباي الصَّغِير هُوَ المحمدي يَأْتِي قَرِيبا.
قانباي الظَّاهِرِيّ الساقي حَاجِب ميسرَة، مَاتَ فِي منتصف صفر سنة ثَمَانِينَ وَنزل السُّلْطَان)
فصلى عَلَيْهِ.
قانباي العلائي أحد المقدمين بالديار المصرية. مَاتَ بعد أَن تعلل أشهرا فِي لَيْلَة الْأَحَد حادي عشري شَوَّال سنة ثَمَان وَدفن من الْغَد بعد الظّهْر وَكَانَ يكثر الاختفاء فِي مصر وَالشَّام خوفًا من جِهَة السلطنة فَكَانَت الْعَامَّة تسميه لذَلِك بالغطاس. ذكره الْعَيْنِيّ.
قانباي الْعمريّ الناصري فرج بن قانقز أُخْت الظَّاهِر برقوق ووالد فَاطِمَة أم خوند الْآتِيَة. مِمَّن وَأرْسل النَّاصِر وَهُوَ بِدِمَشْق لنائب الْغَيْبَة بِالْقَاهِرَةِ بخنقه فاتفق قتل النَّاصِر قبل وُصُول القاصد وَلَكِن لم يعلم النَّائِب بذلك إِلَّا بعد إمضائه الْأَمر فَلَمَّا قدم الْمُؤَيد وقفت أمه إِلَيْهِ فَأمر بقتل النَّائِب فَقتل فبادرت إِلَى كبده فَصَارَت تنهمه، وَقد ذكره شَيخنَا فِي أنبائه فَقَالَ: قانباي قريب بيبرس ابْن أُخْت الظَّاهِر برقوق، وَكَانَ خاصكيا ثمَّ فِي دولة النَّاصِر أَمِيرا إِلَى أَن عصى عَلَيْهِ فسجنه بالقلعة فَلَمَّا وصل الْخَبَر إِلَى الْقَاهِرَة بِكَسْر النَّاصِر قَتله سنبغا نَائِب القلعة وَذَلِكَ فِي سنة خمس عشرَة وَيُقَال أَن النَّاصِر كَانَ قرر مَعَه ذَلِك انْتهى. وَهُوَ وَالِد زَوْجَة جرباش الكريمي قاشق. قانباي قريب بيبرس ابْن أُخْت الظَّاهِر برقوق وَهُوَ الَّذِي قبله.
قانباي المحمدي الظَّاهِرِيّ برقوق وَيعرف بقانباي الصَّغِير سيف الدّين. تنقلت بِهِ الْأَحْوَال إِلَى أَن قدم مَعَ الْمُؤَيد فِي سنة خمس عشرَة وَاسْتقر دويدارا كَبِيرا ثمَّ نقل لنيابة الشَّام فِي سنة سبع عشرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ عصى هُوَ وَجَمَاعَة وَنزل السُّلْطَان لقتالهم فَاقْتَتلُوا هم وشاليشه فانتصر ثمَّ أدْركهُ السُّلْطَان فَانْهَزَمَ قانباي فِي ماعة وَآل أمره إِلَى أَن أمسك فحبسه السُّلْطَان ثَلَاثَة أَيَّام أَو دونهَا ثمَّ قتل بقلعة دمشق فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة ثَمَان عشرَة، وَكَانَ حسن الصُّورَة جميل الْفِعْل بنى بِرَأْس سويقة منعم مدرسة فقرر فِيهَا مدرسا للشَّافِعِيَّة وَآخر للحنفية ووقف لَهما وَقفا جيدا. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَابْن خطيب الناصرية.
قانباي المؤيدي شيخ وَيعرف بالساقي وبقراسقل. تَأمر عشرَة فِي(6/196)
أَيَّام الْأَشْرَف إينال أَو قبلهَا يسير وَصَارَ رَأس نوبَة بطرابلس. مَاتَ فِي توجهه إِلَى الجولان فِي الْبَحْر المالح سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَقد ناهز السِّتين وَكَانَ متوسط السِّيرَة مُسْرِفًا على نَفسه.
قانباي الناصري فرج وَيعرف بالأعمش. صَار فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباي خاصكيا ثمَّ فِي أَيَّام الظَّاهِر أَمِير عشرَة ثمَّ من رُؤُوس النوب فِي أَيَّام الْأَشْرَف إينال نَائِب القلعة ثمَّ زيد أقطاع يُونُس العلائي، وَاسْتمرّ عَلَيْهِمَا حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتِّينَ.)
قانباي اليوسفي المهمندار واسْمه الْأَصْلِيّ الْحَاج خَلِيل، أَصله فِيمَا زعم من مماليك قرا يُوسُف التركماني صَاحب بَغْدَاد وَأَنه جاركسي الأَصْل وَقيل أَنه من شماخي مِمَّن لم يسمهم رق، ثمَّ قدم الديار المصرية فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباي فَسَأَلَهُ عَن اسْمه فَقَالَ: خَلِيل فَقَالَ لَهُ: أَنْت مَمْلُوك أم حر فَقَالَ: من مماليك قرا يُوسُف قَالَ: فَمَا جنسك فَقَالَ وَقد علم أَن الدوله للجراكسة: جركسي فَمشى عَلَيْهِ ثمَّ سَأَلَهُ عَن اسْمَع وبلاده فَقَالَ لَهُ: قانباي فبقاه عَلَيْهِ وَكتبه خاصكيا ثمَّ بعد مُدَّة جعله مقدم البريدية ثمَّ نكب بعد مَوته بِالْحَبْسِ وَالضَّرْب الشَّديد وَالنَّفْي وَقدم الْقَاهِرَة أَيَّام الْأَشْرَف إينال وَولي المهمندارية ثمَّ حسبَة الْقَاهِرَة فِي أَوَاخِر أمره حَتَّى مَاتَ فِي خَامِس عشري شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَهُوَ فِي عشر السِّتين عَفا الله عَنهُ.
قانباي أحد رُؤُوس النوب الصغار والأمراء العشرات بالديار المصرية. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس مستهل جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع. أرخه الْعَيْنِيّ.
قان بردى الأشرفي إينال أحد الدوادارية الصغار ورؤوس الْفِتَن وَالظُّلم فِي أَيَّام أستاذه ثمَّ امتحن بعده بِالنَّفْيِ وَالْحَبْس إِلَى أَن قدم فِي أَيَّام الظَّاهِر تمربغا وَأمره الْأَشْرَف قايتباي عشرَة ثمَّ جعله دوادارا ثَانِيًا ثمَّ نَقله بعد شهر إِلَى تقدمة ألف، وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ وَقد قَارب الثَّلَاثِينَ أَو جازها بالطاعون فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَسبعين وَشهد السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ بالمؤمني وَدفن بتربته الَّتِي أَرَادَ إنشاءها بالريدانية عِنْد الْحَوْض الخراب وَكَانَ ظلم فِيهَا وعسف وَلم يكن بالمرضي شكلا وفعلا.
قان بردى الأشرفي قايتباي أحد الخازندارية الْخَواص مَاتَ فِي أَوَائِل الطَّاعُون سنة سبع وَتِسْعين واغتنم لذَلِك وَدفن بتربته وَوجد لَهُ فِيمَا قيل نَحْو عشْرين ألف دِينَار.
قانبك العلائي شيشحة الظَّاهِرِيّ جقمق رَأس نوبَة ثَانِي. قتل فِي مصاففة بَين الْعَسْكَر الْمصْرِيّ وعَلى دولات فِي صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَكَانَ مُتَقَدما فِي الرمْح وَالرَّمْي زَائِد الْإِمْسَاك غير مَذْكُور بِكَثِير خير. أنشأ بَيْتا هائلا بدرب الخدام بِالْقربِ من سويقة الْعُزَّى وبجانب البوابة)
الْكُبْرَى مَسْجِد عَتيق فجدده(6/197)
وَأخذ مِنْهُ جانبا فِيهَا ووقف عَلَيْهِ رُبمَا لطيفا مُقَابِله بعد أَن رممه بَاشر شدّ الشون ثمَّ الحجوبية الثَّانِيَة ثمَّ رَأس نوبَة وَهُوَ الَّذِي سَار بِالْحَجِّ من الْعقبَة إِلَى مصر حِين جهز أميره جَانِبك مِنْهَا إِلَى الْقُدس منفيا.
قانبك الظَّاهِرِيّ برقوق. كَانَ من خاصكيته وَمِمَّنْ وثب بعده وتأمر بِالْيَدِ فِي أَيَّام تِلْكَ الْفَنّ وَاسْتمرّ فِي رواج حَتَّى صَار مقدما ثمَّ رَأس نوبَة النوب فَلم تطل مدَّته وَقبض النَّاصِر عَلَيْهِ وَقَتله فِي سنة أَربع عشرَة، وَلم يكن مشكور السِّيرَة، وَذكره الْعَيْنِيّ بِاخْتِصَار.
قانبك المحمودي المؤيدي شيخ. كَانَ من صغَار خاصكيته ثمَّ عمله الْأَشْرَف برسباي أَمِير طبلخانات بِدِمَشْق ثمَّ الظَّاهِر أَمِير عشرَة بِمصْر ثمَّ صَار مقدما بِدِمَشْق ثمَّ أمسك وسجن ثمَّ أطلق وَأعْطى فِي أَيَّام إينال تقدمة بِدِمَشْق فَلَمَّا تسلطن خجداشه الظَّاهِر خشقدم صيره مقدما بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ أَمِير سلَاح وَأمْسك فِي أَيَّام بلباي وسجن بإسكندرية أَكثر من سنة ثمَّ أطلق مَعَ استمراره بهَا بطالا حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسبعين وَقد جَازَ السّبْعين.
قانصوه الأحمدي الأشرفي إينال وَيعرف بالسخيف. مِمَّن رقاه الْأَشْرَف قايتباي للحسبة وَشد الشربخاناة ثمَّ قدمه كل ذَلِك مَعَ ترفعه وسخفه وجرأته بِحَيْثُ أفْضى بِهِ إِلَى أَن ضرب الْوَزير.
ونفاه السُّلْطَان لدمياط وَكثر التشكي مِنْهُ فحوله لمَكَّة فدام بهَا حَتَّى مَاتَ فِي عصر يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشري الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين، وَدفن من الْغَد بالمعلاة فِي قبَّة الْأَمِير بردبك الدوادار ومستراح مِنْهُ.
قانصوه الإسحاقي الأشرفي إينال أحد العشروات ورؤوس النوب مَاتَ مطعونا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ.
قانصوه الأشرفي برسباي وَيعرف بالمصارع كَانَ أحد الخاصكية الْأَفْرَاد فِي الْقُوَّة وفن الصراع مَعَ الشجَاعَة والإقدام وَحسن الشكالة وَتَمام الْخلقَة والتواضع والمحبة فِي الْفُقَهَاء، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين فِي أَوَائِل الكهولة عَفا الله عَنهُ.
قانصوه الأشرفي برسباي أَيْضا أَقَامَ خاصكيا دهرا ثمَّ تَأمر عشرَة فِي أَيَّام خشقدم إِلَى أَن تجرد لسوار فَعَاد مَرِيضا. حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَسبعين عَن نَحْو السِّتين.
قانصوه الأشرفي إينال أحد العشرات وصهر السيفي الْحَنَفِيّ على ابْنَته ويلقب جريبات مَاتَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَكَانَ يذكر بتقدم فِي النشاب مَعَ اخْتِصَاص بالسلطان)
قانصوه الأشرفي إينال أحد العشرات أَيْضا وأخو سيباي نَائِب حماة،(6/198)
مَاتَ فِي طاعون سنة سبع وَتِسْعين.
قانصوه الأشرفي قايتباي وَيعرف بالألفي. ترقى إِلَى أَن صَار أحد المقدمين.
قانصوه الأشرفي قايتباي أَيْضا وَيعرف بِخَمْسِمِائَة وترقى إِلَى أَن صَار دوادارا ثَانِيًا ثمَّ أَمِير آخور وصاهر الأتابك على ابْنَته سبطة الظَّاهِر جقمق واستولدها ثمَّ مَاتَت فِي الطَّاعُون بعد ولديها وَحج بأثر ذَلِك أَمِير الركب سنة ثَمَان وَتِسْعين قانصوه الأشرفي قايتباي قَرِيبه وَيعرف بالشامي. ترقى إِلَى معلمية الْأَسْوَاق ثمَّ صَار أحد المقدمين وسافر فِي بعض التجاريد.
قانصوه الألفي، وجريبات، والخسيف، وَخَمْسمِائة، والشامي. مضوا كلهم تَقْرِيبًا.
قانصوه المحمدي الأشرفي برسباي. كَانَ من خاصكيته ثمَّ من سقاته وامتحن بعده بِالْحَبْسِ وَغَيره إِلَى أَن أمره الْمَنْصُور عشرَة ثمَّ أخرجه الظَّاهِر خشقدم لدمشق على تقدمة فِيهَا لحقده عَلَيْهِ وَاسْتمرّ إِلَى أَن خرج لسوار فَمَرض بالبلاد الحلبية أَيَّامًا. ثمَّ مَاتَ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَهُوَ فِي عشر السِّتين وَكَانَ حسن الشكالة كثير الْأَدَب عَاقِلا سَاكِنا شجاعا دينا عفيفا نادرة فِي أَبنَاء جنسه.
قانصوه المصارع. مضى قَرِيبا.
قانصوه النوروزي نوروز الحافظي. صَار خاصكيا فِي الدولة المؤيدية ثمَّ فِي أَيَّام الظَّاهِر ططر أَمِير عشرَة ثمَّ طبلخاناه ثمَّ قبض عَلَيْهِ الْأَشْرَف وحبسه يَسِيرا ثمَّ أطلقهُ على إمرة طبلخاناة ثمَّ أعطَاهُ نِيَابَة طرسوس ثمَّ حجوبية الْحجاب بحلب ثمَّ تقدمة بِدِمَشْق، فَلَمَّا خرج إينال الْحكمِي على الظَّاهِر جقمق كَانَ مِمَّن وَافقه وامتحن بِسَبَب ذَلِك واختفى مُدَّة ثمَّ ظهر بِأَمَان وَقدم الْقَاهِرَة وَولي نِيَابَة ملطية ثمَّ عزل عَنْهَا وَعَاد إِلَى دمشق أَمِير ثَمَانِينَ ثمَّ أعطَاهُ الْأَشْرَف إينال بهَا تقدمة فَلم يلبث إِلَّا دون شَهْرَيْن. وَمَات بهَا فِي أَوَاخِر جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين عَن نَحْو السِّتين وَكَانَ شجاعا مليح الشكل معتدل الْقدر أسا فِي رمي النشاب مَعَ نقص حَظه وَفَقره وخموله.
قانصوه اليحياوي الظَّاهِرِيّ جقمق نَائِب الشَّام. مِمَّن ولي نِيَابَة إسكندرية ثمَّ طرابلس ثمَّ حلب فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَسبعين بعد إينال الْأَشْقَر وَجَاءَت تقدمته فِي سنة ثَمَان وَسبعين)
وفيهَا لكل من الْقُضَاة الْأَرْبَعَة وَكَاتب السِّرّ بغلة وَبَعْضهمْ ورد بَعضهم ثمَّ نفي لبيت الْمُقَدّس ثمَّ ولي نِيَابَة الشَّام عودا على بَدْء وَهُوَ الْآن نائبها.
قانصوه أحد الطبلخاناه بِدِمَشْق وحاجبها الثَّانِي. قتل مَعَ المجردين لسوار سنة ثَلَاث وَسبعين.
قانم الْأَشْرَف برسباي. وَهُوَ قانم نعجة.
قانم البواب أحد الأشرفية الإينالية. مِمَّن اتهمَ بالِاتِّفَاقِ مَعَ طَائِفَة(6/199)
على الفتك بالسلطان فوسط فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ. قانم التَّاجِر. يَأْتِي قَرِيبا.
قانم الدهيشة الأشرفي قايتباي مِمَّن نَاب عَن أَخِيه جانم فِي الدوادارية الثَّانِيَة حِين عينت لَهُ وَهُوَ بحلب وَلم يلبث أَن عين للبلاد الشامية بمراسيم نوابها وليحضر مَعَ أَخِيه فظلم وعسف.
وَمَات هُنَاكَ فِي شَوَّال سنة.
قانم الظَّاهِر جقمق وَيعرف بقانم نبصا لَفْظَة جاركسية. تَأمر عشرَة ثمَّ لم يلبث أَن سَافر مَعَ المجردين لسوار فَقتل هُنَاكَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَكَانَ من الأشرار.
قانم الظَّاهِرِيّ أحد العشرات وَمِمَّنْ عمل أَمِير شكار وقتا. مَاتَ فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
قانم قُشَيْر نَائِب إسكندرية. مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَكَانَ استقراره فِي النِّيَابَة بعد قجماس وَكثر التشكي من دواداره بِحَيْثُ كتب بِطَلَبِهِ فبادر فِيمَا قيل لشنق نَفسه.
قانم المحمدي الظَّاهِر جقمق وَالِد عَليّ الْمَاضِي. ولد تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَاسْتقر فِي مشيخة الخدام بِالْحرم النَّبَوِيّ بعد موت إينال الإسحاقي وَلزِمَ التخلق بِالْخَيرِ مَعَ التِّلَاوَة وَحُضُور مجَالِس الْعلم مَعَ التَّوَاضُع ولين الْجَانِب بل كَانَ يقْرَأ فِي شرح الْقَدُورِيّ على الْفَخر عُثْمَان الطرابلسي ويجتمع عِنْده عُلَمَاء الْحَنَفِيَّة وَغَيرهم. وَلما كنت بِالْمَدِينَةِ أَخذ عني أَشْيَاء من الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا كشرح مَعَاني الْآثَار للطحاوي وَحصل القَوْل البديع وَالرَّمْي بالنشاب وَغَيرهمَا من تآليفي وكتبت لَهُ إجَازَة وَأَخْبرنِي أَنه تَلا الْقُرْآن بروايات على التَّاج السكندري الْمَالِكِي بعد تِلَاوَته على غَيره من أَئِمَّة الْقُرَّاء بل قَرَأَ بعده على الشهَاب بن أَسد فِي آخَرين وَكَانَ يقْرَأ فِي مشْهد اللَّيْث فِي الجوق رياسة وَكَذَا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَقَرَأَ فِي الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ على غير وَاحِد من أَئِمَّة الْقَاهِرَة وَغَيرهَا كحسن وَعلي الروميين وَالشَّمْس الْمحلي وَعنهُ أَخذ تَفْسِير النَّسَفِيّ وَالصَّلَاح الطرابلسي وَعنهُ أَخذ الجيرومية فِي النَّحْو، وَكتب الْخط الْحسن وَظهر بذلك بركَة رُؤْيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سنة ثَلَاث وَخمسين فِي مَنَامه)
ومثوله بَين يَدَيْهِ وَأمره إِيَّاه بِقِرَاءَة الْفَاتِحَة بِحَضْرَتِهِ الشَّرِيفَة فامتثل وَقرأَهَا بِتَمَامِهَا والمنام عِنْدِي بِخَطِّهِ فِي تَرْجَمته من التَّارِيخ الْكَبِير. وفاضت عَلَيْهِ البركات من ثمَّ إِلَى أَن صَار رَأس خدام الحضرة الشَّرِيفَة وَاسْتمرّ بِالْمَدِينَةِ قَائِما بذلك ويحج مِنْهَا كل سنة إِلَى أَن مَاتَ فِي عصر يَوْم الْأَحَد سادس عشر ذِي الْحجَّة سنة تسعين وَنعم الرجل رَحمَه الله وإيانا.
قانم من صفر خجا الجركسي المؤيدي شيخ وَيعرف بالتاجر. اشْتَرَاهُ الْمُؤَيد فِي سلطنته فَأعْتقهُ وصيره من المماليك السُّلْطَانِيَّة ثمَّ صَار خاصكيا فِي أَيَّام(6/200)
ابْنه إِلَى أَن أرْسلهُ الْأَشْرَف لبلاد جركس لإحضار أَقَاربه فَتوجه ثمَّ عَاد فِي حُدُود سنة ثَلَاثِينَ فَأَقَامَ دهرا ثمَّ صَار من الدوادارية الصغار ثمَّ تَأمر عشرَة فِي أَيَّام الْعَزِيز ثمَّ تَأمر على الركب الأول غير مرّة وَتوجه فِي الرسلية لمتملك الرّوم ثمَّ لمتملك العراقين ثمَّ جعله إينال من أُمَرَاء الطبلخاناه، ثمَّ قدمه ثمَّ صَار فِي أَيَّام الْمُؤَيد رَأس نوبَة النوب ثمَّ جعله خجداشه الظَّاهِر خشقدم أَمِير مجْلِس، وَعظم جدا ونالته السَّعَادَة وَقصد فِي الْحَوَائِج وشاع ذكره، وَعمر الْأَمْلَاك الْكَثِيرَة بل أنشأ مدرسة على ظهر الْكَبْش بِالْقربِ من جَامع طولون وتربة بالصحراء خَارج الْقَاهِرَة وَصَارَ أتابك العساكر. وَلم يزل فِي ازدياد حَتَّى مَاتَ فَجْأَة فِي صفر سنة إِحْدَى وَسبعين حِين دُخُوله الْخَلَاء وتحدث النَّاس فِي كَونه مسموما وَفِي غير ذَلِك وجهز وَأخرج من دَاره الْمُجَاورَة للزمامية فِي سويقة االصاحب حَتَّى صلي عَلَيْهِ بمصلى المؤمني بِحَضْرَة السُّلْطَان فَمن دونه وَدفن بتربته وَقد قَارب السّبْعين. وَكَانَ طوَالًا تَامّ الْخلقَة مليح الْوَجْه كَبِير اللِّحْيَة أبيضها ضخما مهابا وقورا ذَا سكينَة مُعظما فِي الدول قَلِيل الْكَلَام طَالَتْ أَيَّامه فِي السَّعَادَة وَلم يرتق لما كَانَ يحدث بِهِ نَفسه هُوَ وَأَصْحَابه وَله بجاهه الشّرف الْمَنَاوِيّ مزِيد الْعِنَايَة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
قانم نيصا هُوَ الظَّاهِر جقمق. مضى قَرِيبا.
قانم الملقب نعجة الأشرفي برسباي. كَانَ من خاصكية سَيّده ثمَّ تَأمر عشرَة فِي أَيَّام إينال إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسبعين وَقد ناهز السِّتين أَو جازها بِقَلِيل، وَكَانَ مُسْرِفًا على نَفسه عَفا الله عَنهُ.
قايتباي الجركسي المحمودي الأشرفي ثمَّ الظَّاهِرِيّ أحد مُلُوك الديار المصرية وَالْحَادِي وَالْأَرْبَعِينَ من مُلُوك التّرْك البهية ويلقب بِدُونِ حصر بالأشرف أبي النَّصْر، خَاتِمَة الْعِظَام ونابغة الْعِظَام بَارك الله تَعَالَى للْمُسلمين فِي حَيَاته وتدارك باللطف سَائِر حركاته وسكناته.)
ولد تَقْرِيبًا سنة بضع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَقدم مَعَ تاجره مَحْمُود بن رستم وَالِد نزيل مَكَّة الْآن مصطفى فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ فَاشْتَرَاهُ الْأَشْرَف برسباي ودام بطبقة الطازية إِلَى أَن ملكه الظَّاهِر جقمق وَأعْتقهُ وصيره خاصكيا ثمَّ دوادارا ثَالِثا بعد ماميه المظفري صهر الشهابيبن الْعَيْنِيّ ثمَّ امتحن فِي أول الدولة الأشرفية إينال ثمَّ تراجع وَاسْتمرّ على دواداريته ثمَّ ارْتقى لإمرة عشرَة ثمَّ فِي أول سلطنة الظَّاهِر خشقدم لطبلخاناه مَعَ شدّ الشربخاناه عوضا عَن جَانِبك المشد ثمَّ للتقدمة صَار فِي أَيَّام الظَّاهِر بلباي رَأس نوبَة النوب عوضا عَن خجداشه أزبك من ططخ المتوجه لنيابة الشَّام ثمَّ لم يلبث أَن اسْتَقر الظَّاهِر تمربغا فِي الْملك فعمله(6/201)
أتابكا عوضه ثمَّ لم يلبث أَن خلع بِهِ مَعَ تعزز وتمنع وَصَارَ الْملك وَذَلِكَ قبل ظهر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين فدام الدَّهْر الطَّوِيل محفوفا بِالْفَضْلِ الجزيل وَظهر بذلك تَحْقِيق مَا سلف تَصْرِيح الْمُحب الطوخي أحد السادات بِهِ مِمَّا أضيف لما لَهُ من الكرامات حِين كَون سلطاننا مَعَ كِتَابِيَّة الطبا لما تزاحم جمَاعَة على الْحمل مَعَه لما يحصل بِهِ لَهُ الارتفاق قُم أَنْت أَيهَا الْملك الْأَشْرَف قايتباي فَكَانَ ذَلِك من أفْصح المخاطبات. وَنَحْوه مشافهته من مُحَمَّد الْعِرَاقِيّ خَادِم الْمجد شيخ خانقاه سرياقوس كَانَ، بقوله استفق فَإنَّك الْملك وَكن من الله على حذر وإيقان، وَكَذَا قَالَ لَهُ حسن الطبندي الْعُرْيَان فِي سنة إِحْدَى وَسبعين: أَنْت الْملك تلو هَذَا الْآن، وَهَذَا يَعْنِي يشبك هُوَ الدوادار الْمُخْتَار بل أرسل لَهُ فِي أثْنَاء إمرته الظَّاهِر خشقدم مَعَ بعض خاصته بالبشارة بذلك إِمَّا بالفراسة أَو بغَيْرهَا من المسالك فَأَعْرض عَن ذَلِك وتخيل وخشي من عاقبته مَعَه لما تَأمل ثمَّ أكد تَحْقِيق هَذِه المكرمة بإرسال ذَلِك القاصد بِعَيْنِه لما ولي التقدمة مقترنا بالسؤال فِي أَن يكون نظره على أوقافه وبنيه وأخلافه جَازِمًا بذلك عَازِمًا على عدم الكتم لما هُنَالك:
(إِن الْهلَال إِذا رَأَيْت سموهُ ... أيقنت أَن سيصير بَدْرًا كَامِلا)
بل حكى لي السَّيِّد الْعَلامَة الْأَصِيل الفهامة الْعَلَاء الْحَنَفِيّ نقيب الْأَشْرَاف بِدِمَشْق كَانَ وَهُوَ فِي الصدْق بمَكَان أَن الْأَمِير قجماس حِين كَونه نَائِب الشَّام بِدُونِ إلباس أخبرهُ أَنه رأى فِي بعض الطواعين كَأَن أُنَاسًا توجهوا لطعن جمَاعَة بحراب مَعَهم فَكَانَ هُوَ وَصَاحب التَّرْجَمَة قبل ترقيهما مِمَّن راموا قصدهما بالطعن فكفهم عَنْهُمَا شخص قيل أَنه أنس بن مَالك خَادِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله عَنهُ وَأخْبر بارتقائهما لأمر عَظِيم وَبِزِيَادَة هَذَا عَلَيْهِ فِي)
الارتقاء أَو كَمَا قَالَ وَأَن الرَّائِي قصها على السُّلْطَان حِينَئِذٍ فَأمره بكتمها عقلا ودربة وَكَذَا بَلغنِي عَن بعض نواب الْمَالِكِيَّة مِمَّن كَانَ فِي خدمته حِين الإمرة بإقراء مماليكه وَغير ذَلِك أَنه رأى كَأَن شَجَرَة رمان لَيْسَ بهَا سوى حَبَّة وَاحِدَة وَأَن صَاحب التَّرْجَمَة بَادر وقطعها فتأوله الرَّائِي بِأَخْذِهِ للْملك وأعلمه بذلك واستخبره عماذا يفعل بِهِ إِذا صَار الْأَمر إِلَيْهِ وَأمره بِالسُّكُوتِ عَن هَذَا الْمَنَام والاستحياء من ذكر هَذَا الْكَلَام لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْمقَام وعني فِي تَأْوِيله أَيْضا أَنه خَاتِمَة العنقود إِذْ من عداهُ لَا يَفِي الْمَقْصُود لما اجْتمع فِيهِ من الْخِصَال الَّتِي لَا تُوجد مفرقة فِي سَائِر الأقران والأمثال وَأَيْضًا فَفِي خُصُوصِيَّة الرُّمَّان مكثه طَوِيل الزَّمَان وَلما اسْتَقر فِي المملكة أَخذ فِي الْإِبْقَاء والعزل وَالْأَخْذ والبذل والتحري لما يرَاهُ الْعدْل والتقريب والترحيب(6/202)
والتهديد والتمهيد والإرشاد والإبعاد والتلبث والتثبت بِرَأْيهِ وتدبيره وسعيه وَتَقْرِيره مَعَ الْحُرْمَة الزَّائِدَة والهمة للتب بالشهامة شاهدة والخضوع لمن يعْتَقد فِيهِ الْعلم وَالصَّلَاح، وَالرُّجُوع لمن لَعَلَّه يسْتَند إِلَيْهِ بالارتياح وَعدم التفاته لجل الشفاعات وتخيلاته من تِلْكَ المعارضات والمدافعات. بل كَلَامه هُوَ المقبول وملامه لَا يدْفع بمعقول وَلَا مَنْقُول وحدوده مَاضِيَة الإبرام ونقوده دَفعهَا لَا يرام، وَلذَا خافه كل أحد وأحجم ووافاه العظماء فضلا عَمَّن يليهم بالاسترضاء والخدم والتفت للمشي فِي الجوامك والرواتب وَنَحْوهَا على العوائد المؤيدية ثمَّ الأشرفية مَعَ إنصافه للعارفين بأنواع الفروسية وَمن بِهِ النهضة فِي كل قَضِيَّة وبلية مِمَّا رام سلوكه غير وَاحِد مِمَّن قبله فجبن عَن هَذَا الْقطع الْمُقْتَضى للديوان باستمرار الوصلة بل نقل بعض المضافات للذخيرة من الْأَشْرَف وَغَيره فِي القلعة وَغَيرهَا إِلَى أوقافهم مُعَللا بِكَوْن ثَوَابهَا يتمحض لَهُم وبرها لِأَنَّهُ فِي الحذق المتوصل بِهِ لمقاصده، وَفِي الصدْق بالعزم والتجلد والثبات منتصب الرَّايَة، سِيمَا وَله تهجد وَتعبد وأوراد وأشعار وأذكار مزيلة للأكدار وتلحينات تسر النظار وتعفف وتعرف ويقظة وَتصرف وبكاء ونحيب وإنكاء لمن بمراده لَا يُجيب وارتقاء فِي تربية من شَاءَ الله من مماليكه وخدمه وانتقاء لمن يسامره فِي دفع ألمه وميل لِذَوي الهيئات الْحَسَنَة وَالصِّفَات الْمثنى عَلَيْهَا بالألسنة حَتَّى إِنَّه يتشوق لرُؤْيَته لشَيْخِنَا ابْن حجر وَابْن الديري فِي صغره ويتلذذ بِذكرِهِ لَهما فِي كبره بل كثيرا مَا ينشد مَا تمثل بِهِ أَولهمَا حِين اسْتِقْرَار القاياتي فِي الْقَضَاء بعد صرفه وَقَوله اسْتَرَحْنَا وَقَول الآخر أكرهونا مُشِيرا لكَونه على رغم أَنفه:)
(عِنْدِي حَدِيث طريف بِمثلِهِ يتَغَنَّى ... من قاضيين يعزى هَذَا وَهَذَا يهنا)
(فَذا يَقُول أكرهونا وَذَا يَقُول اسْتَرَحْنَا ... ويكذبان جَمِيعًا وَمن يصدق منا)
وَيَقُول مِمَّا يروم بِهِ تَعْظِيم أَولهمَا وتشريفه: مَوته يعدل موت الإِمَام أَبَا حنيفَة وتلاوة ومطالعة فِي كتب الْعلم وَالرَّقَائِق وسير الْخُلَفَاء والملوك يُرْجَى كَونهَا نافعة بِحَيْثُ يسْأَل الْقُضَاة وَغَيرهم الأسئلة الجيدة وَلَا يسمع فِي الْكثير جَوَابا يستفيده عِنْده وَرُبمَا يُقَال لَهُ مِنْكُم يُسْتَفَاد حيدة عَن المُرَاد وينكر كَثْرَة الصياح بِدُونِ فَائِدَة ويكرر عتبهم فِي غيبتهم والمشاهدة، سِيمَا حِين يعلم تَقْصِير كثيرين فِي الْجِهَات وَعدم التَّصْوِير لسنى الهيئات والمخاطبات مِمَّا يَقْتَضِي مزاحمته لَهُم فِي المرتبات وَنقص تِلْكَ المبرات الْقَدِيمَة والصلات كل هَذَا مَعَ حسن الشكالة والطول والبهاء الَّذِي شَرحه يطول ومزيد التَّوَكُّل ومديد التضرع وللتوسل وَالِاعْتِرَاف من نَفعه بالتقصير والإنصاف الَّذِي لَا يُؤَخِّرهُ عَن مُقْتَضَاهُ إِلَّا الْقَادِر الْقَدِير والاعتماد لمن يعلم(6/203)
عقله وتدينه من الشَّبَاب والقدماء، والاعتقاد فِيمَن يثبت عِنْده صَلَاحه من الصلحاء وَالْعُلَمَاء. بِحَيْثُ جر هَذَا إِلَى التلبيس عَلَيْهِ من بعض الشَّيَاطِين فِي شخص من المعتقدين حَتَّى أنزلهُ لَيْلًا مَاشِيا مصطحبا مَعَه مبلغا وافيا للمكان الَّذِي زعم فِيهِ المعتقد لَهُ فَبَالغ فِي الخضوع لذَلِك وبالمبلغ وَصله ثمَّ بَان لَهُ كذبه وَهَان حِين علم أَنه لَيْسَ بالمعتقد فاضمحل بِسَبَبِهِ وَعدم المسارعة لمن يوليه مِمَّن هُوَ تَحت نظره وميله كَانَ إِلَى الاستفتاء فِيمَا يجب فعله للخوف من عَاقِبَة ضَرَره وحياء يتمحل فِيهِ مَعَه لمضضه وَرُبمَا يفْتَقر من أَجله إِلَى الِاحْتِيَاج لمن يتَوَصَّل بِهِ لغرضه وَترك الْتِفَات كلي لِلزَّوْجَاتِ والسراري اسْتِبْقَاء لقُوته فِي الْغَزَوَات والبراري. بل كَانَ لَا يشرب المَاء القراح إِلَّا فِي النَّادِر لهَذَا الْمَقْصد الطَّاهِر حَتَّى صَار هُوَ الْأسد الضرغام والأسد الْهمام والفارس البطل والسايس الْحَبل والرامي الَّذِي لَا يجارى والسامي الَّذِي لَا يشكك وَلَا يمارى. وَكَانَ أول تَصَرُّفَاته الْحَسَنَة إكرامه للمنفصل المستيقظ من تِلْكَ السّنة بِحَيْثُ أرْسلهُ بِدُونِ مُسْفِر وَلَا ترسيم بل وَصله بالإكرام والتكريم عَزِيزًا مُحْتَرما رَاكِبًا فرسا بهيا مُعظما على هَيْئَة جميلَة روية مجانبة للخيلاء والمخيلة إِلَى أَن ركب الْبَحْر لدمياط مَحل الْغَنَائِم والرباط فَقَامَ بهَا قَلِيلا ثمَّ هام للتخلص مِمَّا رأى كَونه فِيهِ ذليلا رَجَاء لتمكنه من رُجُوعه لتعيينه لِلْأَمْرِ بِزَعْمِهِ فِي يقظته وهجوعه فَمَا كَانَ بأسرع من خذلانه وعود الْأَشْرَف عَلَيْهِ كبدئه بأمانه فَإِنَّهُ لما أمسك من قرب)
غَزَّة وزالت تِلْكَ الشهامة والعزة أَمر بإرساله لإسكندرية ليَكُون فِي بَيت الْعَزِيز مِنْهَا على الْهَيْئَة المرضية بِدُونِ ترسيم وَلَا عتب وتأثيم بل يحضر الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وَنَحْو ذَلِك من هَذِه المسالك ثمَّ لم يلبث أَن جَاءَت مطالعته وفيهَا يعْتَذر يترقق وَلَا يفتخر بل يُكَرر فِيهَا وَصفه بالمملوك كَمَا سبقه لمكاتبته بهَا الْمُؤَيد أَحْمد وبلباي وَغَيرهمَا من الْمُلُوك وَكم لَهُ فِي إمرته فضلا عَن سلطنته من قومات مهمات وتكرمات عليات كحركته فِي الرُّجُوع بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ وبخجداشه أزبك الْمعول عَلَيْهِ بعد إرْسَال الظَّاهِر خشقدم بهما لإسكندرية حَتَّى فرج الله عَنْهُمَا بِهِ هَذِه البلية إِن الْمُهِمَّات فِيهَا تعرف الرِّجَال وتزول بهم الْأَهْوَال والأوجال وكعتبه على صَاحبه خطيب مَكَّة أَبَا الْفضل حَيْثُ كتب لَهُ وَثِيقَة بِخَمْسِمِائَة دِينَار ينْكَشف بهَا عَن العضل ثمَّ جهز لَهُ الْمبلغ مَعَ الْوَثِيقَة ليفوز بالصلة وَحسن الْوَثِيقَة، ولمحاسنه كَانَ ينتمي إِلَيْهِ إِذْ ذَاك السَّيِّد النُّور الْكرْدِي وَيَعْقُوب شاه والشمسي ابْن الزَّمن والبدري أَبُو الْفَتْح المنوفي وَمن شَاءَ الله من الصلحاء والنساك ثمَّ فِي أثْنَاء مَا سلف قَامَ فِي التَّدْبِير لِلْأَمْرِ الَّذِي أكره عَلَيْهِ وَله اعْترف فاشتغل بِجمع(6/204)
الْأَمْوَال مِمَّا رأى أَنه غير منَاف للاعتدال فَإِنَّهُ كَانَ فِي إمرته يُنكر على الظَّاهِر خشقدم ارتشاءه من قُضَاة مصر فِي تَوليته وَيَقُول مَتى يجْتَمع لَهُ من هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين مَا يُوصل لغَرَض التَّمْكِين مَعَ الإشلاء عَلَيْهِ والابتلاء بِمَا يلصق بِهِ من النَّقْص ويضاف إِلَيْهِ: أَنا أعرف من أحمل مِنْهُ جزيل المَال الْحَادِث وَالْقَدِيم بِدُونِ تأثيم، وَكَانَ كَذَلِك إِلَى أَن اجْتمع لَهُ مَا يفوق الْحصْر وَالْبَيَان من بني الْأُمَرَاء والأعيان والمباشرين والخوندات والخدام والدهاقين وَغَيرهَا من الْجِهَات الغنية عَن التَّنْبِيهَات بِحَيْثُ أنْفق على المماليك السُّلْطَانِيَّة العوائد الملوكية على المجردين لسوار بِالتَّسْلِيمِ والاختبار بل تكَرر إِنْفَاق الْأَمْوَال الجزيلة فِي التجاريد المهولة غير مرّة إِلَى أَن أزيلت تِلْكَ المحنة والمعرة وَقتل أَسْوَأ قتلة وَانْقَضَت تِلْكَ المهلة وَكَذَا جهز عدَّة تجاريد مِنْهَا غير مرّة لصَاحب الرّوم حَسْبَمَا بسطته فِي أماكنه فِي أماكنه مِمَّا هُوَ مُقَرر مَعْلُوم. وَرَأى بعض الْفُضَلَاء فِي الْمَنَام إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يَقُول لَهُ: بشره يَعْنِي بالانتصار وَعلمه دُعَاء الكرب الْآتِي فِي الْآثَار وجهز طوائف إِلَى الْبحيرَة وَغَيرهَا مِمَّا قل خلو وَقت عَنْهَا مَعَ اشْتِغَاله بِعَمَل الجسور واحتفاه بِمَا هُوَ غَايَة فِي الظُّهُور وَلم يحاب فِي التَّعَرُّض خَليفَة وَلَا أَمِيرا وَلَا مدرسه وَلَا مُشِيرا وَلَا صاحبا وَلَا مجانبا وَلَا فَقِيها وَلَا وجيها وَلَا صَالحا وَلَا طالحا وَلَا غَنِيا وَلَا فَقِيرا، بل توسع فِي جلب الْأَمْوَال وتوجع لنَفسِهِ من)
الْعَاقِبَة والمآل مَعَ تصريحه بالاعتذار وتلميحه بِمَا يَقْتَضِي الْإِنْكَار وتكرر دعاؤه على نَفسه بِالْمَوْتِ وَأظْهر تبرمه مِمَّا هُوَ فِيهِ بالفوت وَرُبمَا برز ليفوز بالفرار بل صرح بخلع نَفسه فِي بعض المرار ثمَّ يُعَاد بالتلطف والتسييد لِأَنَّهُ الأوحد الفريد وَقد أبطل مكس قتيا واحتفل بِمَا يعيه وعيا وأزال كثيرا من الْفُسَّاق وَأطَال الجري فِي ميدان السباق وَقَالَ على سَبِيل التحدث بِالنعْمَةِ حظى أتم مِمَّن يفر مني لقطع الْخدمَة لزعمه مزِيد الكلف وَضعف الهمة فَإِنَّهُم لم يمض عَلَيْهِم إِلَّا الْيَسِير ويفجأهم الْمَوْت النذير ثمَّ تحمل إِلَى أَمْوَالهم ويضمحل تعلقهم ومآلهم كالأنصاري وَابْن الجريش والكمال نَاظر الجيس وَيحيى الريس التَّاجِر المتعيش ويركب كثيرا إِلَى النزهة كالربيع والقبة الدوادارية وَنَحْوهمَا من الْجِهَات القصية وَرُبمَا يبيت اللَّيْلَة فَمَا فَوْقهَا وَيُمِيت مَا لَعَلَّه يرَاهُ غير مُنَاسِب من أُمُور فيودي حَقّهَا وأدركه أَذَان الْمغرب مرّة عِنْد الْجَامِع العلمي ذِي الْبَهَاء والشهرة فطلعه لصلاتها لضيق وَقتهَا وَالْخَوْف من فَوتهَا فَرَأى الْمُصَلِّين وَلم ير الإِمَام فَتقدم فصلى بهم وارتفع الملام وَكَانَت فِي ذَلِك الْإِشَارَة إِلَى أَنه هُوَ الإِمَام، وتكرر توجهه هُوَ إِلَى أَمَاكِن ملاحظا التَّوَكُّل الَّذِي هُوَ إِلَيْهِ راكن كبيت الْمُقَدّس والخليل(6/205)
وثغور دمياط وإسكندرية ورشيد وأدكو لبلوغ التَّأَمُّل وأزال كثيرا من الظلامات الحادثات وزار من هُنَاكَ من السادات وَعِيد بجهات من الديار المصرية كالأضحى مرّة بعد أُخْرَى سنيه وَالْفطر مَعَ كثير من الْجمع الرضي يبرز الشَّافِعِي للخطبة بِهِ فِي الأعياد امتثالا للمراد، بل حج فِي طَائِفَة قَليلَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ تأسيا بِمن قبله من الْمُلُوك كَالظَّاهِرِ بيبرس والناصر مُحَمَّد قلاوون الْأمين ووهب وَتصدق وَأحكم كثيرا من العلق وَأظْهر من تواضعه وخشوعه فِي طَوَافه وعبادته مَا عد فِي حَسَنَاته سِيمَا عِنْد سُقُوط تاجه عَن رَأسه بِبَاب السَّلَام ليندفع عَنهُ مَا لَعَلَّه زها فِيهِ الملام وَقَالَ مظْهرا للنعمة وَصرف الْعين حِين مَشى فِي الْمَسْعَى بَين إِمَامه وقاضي الْحجاز: أَنا بَين برهانين. بل بَلغنِي عِنْد بعض الصَّالِحين أَنه أخبر بِرُؤْيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام تِلْكَ الْأَيَّام وَأخْبر أَنه من الْفرْقَة النَّاجِية مَعَ أَنه حج قبل ترقيه فِي زمن الظَّاهِر الْوَجِيه وَذَلِكَ فِيمَا قيل بِالتَّعْيِينِ سنة سبع وَأَرْبَعين وسافر بِدُونِ مين قبلهَا بِسنتَيْنِ لقلعة الرّوم ثمَّ ركب على ظهر الْفُرَات إِلَى البيرة على الْوَجْه الْمَعْلُوم وتوعك فِي رُجُوعه ثمَّ سلمه الله لرعيته وجموعه وَبَالغ فِي إكرام الْمَنْصُور بِالْإِذْنِ لَهُ فِي الْحَج الْمَشْهُور وَكَذَا بمجيئه الْقَاهِرَة وركوبه بِالسَّكِينَةِ فِي طَائِفَة من الْأُمَرَاء بداخل الْمَدِينَة وَكَذَا أكْرم الْمُؤَيد أَحْمد مِمَّا بجموعه تفرد حَسْبَمَا)
بسطناه وضبطناه فِي أماكنه من التَّارِيخ الْكَبِير مَعَ غَيره مِمَّا هُوَ شهير. وَله تلفت غَالِبا لتقديم الْمُسْتَحقّين مِمَّا يشغر من الْوَظَائِف والمرتبات وَرُبمَا أكره نَفسه بتقرير من يُعلمهُ من أهل البليات إِمَّا بمغالبته بالدريهمات أَو غَيرهَا من المناكدات واجتهد فِي بِنَاء المشاعر الْعِظَام وأسعد بِمَا لم يتَّفق لغيره فِيهِ الانتظام كعمارة مَسْجِد الْخيف بمنى الْمبلغ فِيهِ بالإخلاص كل المنى وعملت فِيهِ قبتان بديعتان إِحْدَاهمَا على الْمِحْرَاب النَّبَوِيّ الَّذِي بوسطه وَالثَّانِي على الْمِحْرَاب الْمُنْفَرد فِي نمطه مَعَ المنارة الفائقة والبوائك الْأَرْبَعَة الرائقة والبوابة المرتفعة الْعَظِيمَة سوى بَابَيْنِ لِلْمَسْجِدِ شَرْقي ويمني بالكيفية المستقيمة إِلَى غَيرهَا من سَبِيل لَهُ ولاصق بعلو الصهريج الْكَبِير الْمُوَافق وارتقى لمَسْجِد نمره من عَرَفَة الْمَعْرُوف بالخليل إِبْرَاهِيم فعمره للتبجيل والتكريم واشتمل على بائكتين لجِهَة الْقبْلَة لإظلال الحجيج وقبة على الْمِحْرَاب الْمُرْتَفع بجوانبه العجيج وحفر بوسطه صهريجا ذرعه عشرُون ذِرَاعا مَعَ بِنَاء المسطبة الَّتِي فِي وَسطه ففاقت بهجة واتساعا ورممت قبَّة عَرَفَة وبيضت مَعَ العلمين الَّتِي تميزت بهما ونهضت وَكَذَا سلالم مشْعر الْمزْدَلِفَة بعد إِصْلَاحه وتجديد تِلْكَ الصّفة وَعمر بركَة خليص الْمعول عَلَيْهَا وأجرى الْعين الطّيبَة الصافية إِلَيْهِمَا. بل أصلح الْمَسْجِد الَّذِي هُنَاكَ بِحَيْثُ عَم الِانْتِفَاع بكله للقاطن والسلاك وَذَلِكَ(6/206)
جَمِيعه بِيَقِين فِي سنة أَربع وَسبعين ثمَّ فِي الَّتِي تَلِيهَا عمر عين عرفه بعد انقطاعها أَزِيد من قرن عِنْد من أتقنه وعرفه وأجرى إِلَيْهَا الْمِيَاه للمزدرعات والشفاه وَأصْلح تِلْكَ الفساقي فارتقى بهَا على المراقي وَعمر بِدُونِ إلباس سِقَايَة سيدنَا الْعَبَّاس وَأصْلح بِئْر زَمْزَم وَالْمقَام بل وعلو مصلى الْحَنَفِيّ الإِمَام وجهز فِي سنة تسع وَسبعين لِلْمَسْجِدِ منبرا مرتفعا عَظِيما مرتفعا مستقيا وَنصب فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا وقرت بِهِ أعين النبهاء إِلَى غَيرهَا من الْكسْوَة المتأنق فِيهَا كل سنه والمتشوق لرؤيتها الحسنه بل أنشأ بِجَانِب الْمَسْجِد الْحَرَام عِنْد بَاب السَّلَام مدرسة جليلة ليَكُون لرضا الله وَرَسُوله بهَا صوفية وتدارس وفقراء محاويج مفاليس وخزانة للربعات وَكتب الْعلم ذخيرة فِي الْحَرْب وَالسّلم وبجانبها رِبَاط للْفُقَرَاء والطلبة مَعَ تَفْرِقَة خبز ودشيشة كل يَوْم يحضرهُ الْأكلَة والكتبة وسبيل هائل ليرتوي مِنْهُ الْغَنِيّ والسائل ويعلوه للأيتام مكتب للفوز بِمَا بِهِ فِيهِ احتسب وَله رتب. وَكَذَا أنشأ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة مدرسة بديعة بهية بل بنى الْمَسْجِد الشريف بعد الْحَرِيق وَأحكم تِلْكَ الْمعَاهد بالإمكان والتوثيق وجدد الْمِنْبَر والحجرة المأنوسة وَمَا يجاورها من الْجِهَات المحروسة والمصلى النَّبَوِيّ بالتحقيق)
المتحرك لَهُ بالتشويق إِلَى غَيرهَا من الْمِحْرَاب العثماني والمنارة الرئيسية بدءا على عود بِدُونِ تواني بل رتب لأهل السّنة من أَهلهَا والواردين عَلَيْهَا من كَبِير وصغير وغني وفقير ورضيع وفطيم وخادم وخديم مَا يَكْفِيهِ من الْبر وَمن الدشيشة وَالْخبْز مَا يسر وَعمل أَيْضا بِبَيْت الْمُقَدّس مدرسة كيسة بهَا شيخ وصوفية ودرسه وَبِكُل من غَزَّة ودمياط للاشتغال والرباط وبصالحية قطيا جَامعا بهيا وَاسِعًا للمكاره دافعا تكَرر نُزُوله فِيهِ بل خطب بِهِ بِحَضْرَتِهِ يَوْم عيد الْفطر الشَّافِعِي الْوَجِيه يَوْم الْجُمُعَة الخضيري الْمُحصن بالرفعة وبالقرين دونهَا مَسْجِدا للْمُسلمين متعبدا وحوضا قَائِما للبهائم وجدد من جَامع عَمْرو بن الْعَاصِ بعض جهاته رَجَاء الْفَوْز من الْمولى بِصَلَاتِهِ وَجَمِيع الإيوان النفيس المجاور لضريح إمامنا الشَّافِعِي بن إِدْرِيس بل زخرف الْقبَّة وجددها وأساطينها وعمرها والمنارة الَّتِي تضيق عَنْهَا الْعبارَة وَفعل كَذَلِك بالمشهد النفيسي بالمقصد التأسيسي لما علم أَن مصر فِي خفرهما بالحراسة مَعَ من بهَا من الصَّحَابَة الفائقين فِي النفاسة وَعمر إيوَان القلعة مَعَ قصرهَا ودهيشتها وحوشها وَسَائِر جهاتها والبحرة وقاعتها والمقعد الَّذِي يَعْلُو بَابهَا وقصرا هائلا مشرفا على القرافة وَذَاكَ الْبَهَاء بل عمل علو أَبْوَاب الحوش قصرا مِم لَا يُمكن لَهُ اسْتِيفَاء وحصرا وَعمر جَامع الناصري بِعَمَل قُبَّته بعد سُقُوطهَا ومنبره رخاما وَغَيرهمَا من أَرْكَانه وجهاته مَعَ تبييضها وتبليطها وفسقية هائلة إِلَى الاشتهار بِالْمَعْرُوفِ مائلة وسبيلا وصهريجا مجاورين للزردخاناه(6/207)
وعدة سبل ليبلغ بكله متمناه إِلَى غَيرهَا كالمقعد الَّذِي بحدرة الْبَقر عِنْد الْمَكَان الَّذِي تفرق بِهِ الضَّحَايَا من الْعشْر الْمُعْتَبر بِحَيْثُ صَارَت القلعة من بَاب المدرج إِلَى سَائِر مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ حَتَّى دور الْحَرِيم ومعظم الطباق غَايَة فِي الْبَهْجَة لناظرها الْأَمْن من الْحَرج وَأصْلح المجراة الْوَاصِلَة من الْبَحْر إِلَيْهَا وكمل مِنْهَا المنظر والبها وَعمر الميدان الناصري بمشارفة الأتابك فريد الْعَسْكَر الظَّاهِرِيّ بل وَعمل هُنَاكَ قصرا بديعا وَإِن تَأَخّر إكماله لكَونه لَيْسَ عجلا وَلَا سَرِيعا وَأَنْشَأَ بالصحراء بِالْقربِ من الشَّيْخ عبد الله المنوفي تربة بالرونق البهج تفي وبجانبها مدرسة للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات ولاجتماع الصُّوفِيَّة بهَا فِي سَائِر الْأَوْقَات وشيخهم قَاضِي جمَاعَة كَانَ ثمَّ ابْن عَاشر السَّاكِن الْأَركان وخطيبها الْبَهَاء بن المحرقي وَبهَا خزانَة كتب شريفة جليلة منيفة وَعمل بِكُل من جَانبهَا وتجاهها ربعا للصوفية موطنا ووضعا وسبيلا وصهريجا وحوضا للبهائم بهجا يعلوه كتاب للأيتام مزيل للأكدار والآثام كل هَذَا سوى الرّبع الَّذِي عمله الدوادار الْكَبِير ليتسع)
بِهِ الصُّوفِي وَالْفَقِير والصهريج الْعَظِيم للقاطن الْمُقِيم وَكَانَ المشارف للسُّلْطَان الْبَدْر بن الكويز بن أخي عبد الرَّحْمَن وللدوادار تغرى بردى الخازندار ثمَّ جدد فِي الرحبة الَّتِي يظْهر الرّبع الْمَذْكُور صهريجا متسعا جدا غير منكور وبالكبش مدرسة للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات بل جدد بَاب الْكَبْش وَعمل علوه ربعا وَقفه على مَا بهَا من الشعائر والطاعات وحوضا للدواب الْمَزِيد الثَّوَاب كَانَ المشارف على الْمدرسَة والحوض الاستادار وعَلى الْبَاقِي نانق المؤيدي الْمُخْتَار وجدد للمجاولية ربعا وحوضين إِمَّا من الْوَقْف أَو من فائض النَّقْدَيْنِ بمشارفة إِمَامه الناصري الأخميمي وبالدقي تجاه الجزيرة الوسطانية جَامعا حسنا رائعا وبالروضة جَامعا هائلا كَانَ من قديم مَعَ صغره سَاقِطا مائلا فهدمه وَعمل بجانبه ربعا وَأَنْشَأَ خَلفه قاعة صيرها مَسْجِدا جليلة تزيينا ووضعا بل هُنَاكَ عدَّة دكاكين وطاحون وَغَيرهَا مُحكم التَّمْكِين بمشارفة الْبَدْر بن الطولوني تعْمل فِيهِ بدرية بهية علية وجامع سُلْطَان شاه هَدمه ووسعه بِحَيْثُ صَار هُوَ وَالَّذِي قبله كالمنشئ لَهما وَعمل تجاهه ربعا علو المطهرة الَّتِي أَنْشَأَهَا لَهُ بمشارفة الاستادار وجامع الرَّحْمَة الَّذِي صَار فِي بُسْتَان نَائِب جدة جدده بمشارفة شاذبك من صديق الأشرفي برسباي وَالْجَامِع الَّذِي بِجَانِب قنطرة قديدار يعرف بشاكر وَأَنْشَأَ جَامع سَلمُون الْغُبَار ومنارته وبجانبه سَبِيلا وعدة مزارات كالمنسوب للشَّيْخ عماد الدّين بحارة السقايين عمل قُبَّته ومنارته بل وسع أبوابه وَالْمقَام الدسوقي وَالْمقَام الأحمدي بمشارفة مغلباي الأشرفي إينال وَيعرف بالبهلوان لَهما وزاوية اليسع قبلي جَامع(6/208)
مَحْمُود تَحت الْعَارِض والزاوية الْحَمْرَاء تجاه جَامع قيدان بمشارفة البدري أبي الْبَقَاء بن الجيعان لهَذِهِ، وَالْمقَام الزيَادي بَين دهروط وطنبدا من الْوَجْه القبلي بل أنشأ بطنبدا زَاوِيَة بهَا خطْبَة وَغَيرهَا للعريان الْمَنْقُول عَنهُ بشارته أَولا وَكَذَا عمل زَاوِيَة ظَاهر الخانقاه بجوار زَاوِيَة النبتيتي بهَا فُقَرَاء مقيمون شيخهم مَحْمُود العجمي وعدة جسور كالجسر الهائل بَين الجيزية وَمَا بِهِ من القناطر بل أنشأ فِيهِ قناطر مِنْهَا فِي مَوضِع مِنْهُ عشرَة متلاصقة كَانَ الأتابك أزبك الْمُبَاشر لَهَا وبرجا محكما بالثغر السكندري وَكَذَا برشيد بَاشر أَولهمَا البدري بن الكويز والعلائي بن خَاص بك وَغَيرهمَا وَثَانِيهمَا مقبل الحسني الظَّاهِر جقمق وسورا لتروجة وعدة سبل كَالَّذي بِزِيَادَة جَامع ابْن طولون الَّتِي كَانَ الظَّاهِر جقمق هدم الْبَيْت الَّذِي بناه ابْن النقاش بهَا وَآخر يعلوه كتاب للأيتام بجوار الْجَامِع الْمُسَمّى بِجَامِع الْفَتْح بِالْقربِ من القشاشين تَحت الرّبع بل عمر مَنَارَة الْجَامِع وساعد فِي عِمَارَته وَآخر بسويقة منعم)
عمله بعد هدم سَبِيل جَانِبك الْفَقِيه أَمِير آخور بِحجَّة أَنه كَانَ فِي الطَّرِيق بمشارفة تنبك قَرَأَ وَآخر عِنْد مقطع الحجارين من الْجَبَل المقطم بِالْقربِ من القلعة ع مَسْجِد هُنَاكَ وَآخر عِنْد درب الأتراك بجوار جَامع الْأَزْهَر سقى النَّاس عقب فَرَاغه السكر أَيَّامًا ويعلوه مكتب للأيتام وبجواره ربع متسع جدا وخان للمسافرين وحوض لسقي الْبَهَائِم بل جدد بمشارفة الاستادار مطهرة الْجَامِع وَجَاءَت حَسَنَة عَم الِانْتِفَاع بهَا وَبنى منارته الَّتِي تعلو بَابه الْكَبِير وَأمر بهدم الخلاوي المتجددة بسطحه بعد عقد مجْلِس فِيهِ بِحَضْرَتِهِ لضعف عقوده وسقفه وَغير ذَلِك وَكَذَا حضر إِلَى الْمدرسَة السيوفية من العواميد وَطلب الْقُضَاة لاسترجاع الْمَغْصُوب مِنْهَا وعمرت لإِقَامَة الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات واستيطان الْفُقَرَاء بخلاويها وَمَا أجراه عَلَيْهِم من الْبر وَآخر بَين المرج والزيات مَعَ قبَّة وحوض تعرف بقبة مصطفى لإقامته بهَا بمشارفة قانصوه دوادار يشبك الدوادار وَبعد مصطفى قَامَ بشأنها امْرَأَة ثمَّ ملا حَافظ نزيل زَاوِيَة تَقِيّ الدّين بالمصنع وَأحد صوفية الشيخونية وابتنى بالبندقانيين عدَّة أَربَاع متقابلة وخانين وحوانيت وجدد مَسْجِدا مرتفعا كَانَ هُنَاكَ وبالقرب مِنْهَا أَمَاكِن بالزجاجيين كَانَ بوسطها مَسْجِد عِنْد بِئْر عذبة وفسقية وبالخشابيين ربعين مُتَقَابلين وحواصل وبيوت وحوض للبهائم وَغير ذَلِك مَعَ بِنَاء مَسْجِد كَانَ أَيْضا هُنَاكَ أرْضى فرفعه وَحسنه مِمَّا كَانَ الشاد على جَمِيعه شاهين الجمالي وبباب النَّصْر ربيعا ووكالة وحوانيت صَار بَعْضهَا فِي رحبة حَاجِب الْحَاكِم بل عمل بجانبه أخلية ومطهرة صَارَت خلف بَيت الخطابة سَوَاء بِالْقربِ من قنطرة أَمِير حُسَيْن(6/209)
بالشارع ربعا وَبَيت إمرة سَبِيلا وصهريجا بل جدد مَسْجِدا لطيفا كَانَ هُنَاكَ بمشارفة كَاتب السِّرّ عَلَيْهِمَا وَالْكَاتِب فِي الأول عبد الْعَزِيز الفيومي وَحسن لَهُم جعل طبقَة علو قاعة الخطابة لكنه بهَا فَإِنَّهُ كَانَ نَائِب الْخَطِيب فَلَمَّا انْفَصل عَن الخطابة زعم أَنَّهَا إِنَّمَا بنيت لأَجله خَاصَّة فَرد عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ للخطيب وَفِي الثَّانِي عبد الْكَرِيم بن ماجد القبطي وبالدجاجين بِالْقربِ من الْهِلَالِيَّة ربعين مُتَقَابلين وحوانيت ووكالة وَغَيرهَا وَفِي وسطهما سَبِيل وحوض للدواب بل حفر بِئْرا هُنَاكَ بمشارفة جانم دوادار يشبك الدوادار كَمَا أَنه شَارف عمَارَة بَيت أركماس الظَّاهِرِيّ المطل على بركَة الْفِيل أَيْضا وَعمارَة بَيت جرباش بِالْقربِ من حدرة الْبَقر بل اقتطع مِنْهُ مَا بني فِيهِ رواقا ومقعدا ودوارا ليَكُون بَيْتا لطيفا لأمير وَكَانَت مشارفة جانم لهَذَا خَاصَّة فِي الأول ثمَّ أكملها شاذبك الْمَاضِي وَعمل بِمُبَاشَرَة كَاتب السِّرّ هُنَاكَ خَانا وطاحونا وفرنا)
وحوانيت بل رُبمَا وشارف شاذبك أَيْضا عمَارَة بَيت الطنبغا المرقبي بِخَط سويقة اللالا المطل على الخليج وَبَيت فِي درب الخازن مَعْرُوف بِبرد بك المعمار مطل على بركَة الْفِيل مجاور لبيت إِمَامه البرهاني الكركي وابتنى عمَارَة عَظِيمَة على الْبركَة أَيْضا مُضَافَة لبيت خير بك من حَدِيد وبيتا تجاهه أَيْضا بمشارفة الْحَاج رَمَضَان المهتار لَهما وَآخر بِبَاب سر جَامع قوصون مطل عَلَيْهَا أَيْضا بمشارفة جانم وَصَارَ إِلَيْهِ الْمَكَان الَّذِي كَانَ شرع فِيهِ مِثْقَال الْمُقدم بجوار المصبغة بِالْقربِ من قاعته فأكمله وأسكن فِيهِ بعض المقدمين من مماليكه، إِلَى غَيرهَا مِمَّا لَا يمكنني حصره كمكان من جِهَة سويقة الْعُزَّى يسكنهُ الْآن ابْن الظَّاهِر خشقدم وَأما الْأَمَاكِن المبنية والقصور الْعلية الَّتِي صَارَت إِلَيْهِ فمما لَا ينْحَصر أَيْضا كبيت مِثْقَال الساقي المجاور للأزهر تملكه عِنْد نَفْيه وَزَاد فِيهِ ربعا وقاعات وَغير ذَلِك وَرُبمَا احْتج فِيمَا يكون وَقفا بتصييره أَيْضا كَذَلِك وَبَيت ابْن عبد الرَّحْمَن الصَّيْرَفِي من بَين الدَّرْب وَبَيت نَاصِر الدّين بن أصيل تجاه جَامع الْأَقْمَر وَبَيت مُحَمَّد بن المرجوشي وَله فِي عمائره وَغَيرهَا الغرام التَّام فِي توسعة الشوارع وَزَوَال مَا يكون لذَلِك من الْمَوَانِع بِحَيْثُ أَمر لهَذَا الْمَقْصد بهدم أَمَاكِن من بيُوت وحوانيت وَنَحْوهَا وَإِزَالَة مَا كَانَ تَحت شبابيك المؤيدية من جِهَة بَاب زويلة من الأخصاص والأشرفية وَلكنه حصل فِي غضونه التَّعَدِّي لِأَشْيَاء مَوْضُوعَة بِحَق مَعَ الِاسْتِنَاد فِي جَمِيعه لقَضَاء أبي الْفَتْح السوهاني وجر ذَلِك لتجديد الدوادار الْكَبِير وَهُوَ المنتدب لَهُ لكل من جَامع الفكاهين والصالح وَغَيرهمَا إِمَّا مِنْهُ أَو من أربابه، وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يجْتَمع الْملك مِمَّن أدركناه مَا اجْتمع لَهُ وَلَا حوى من الحذق والذكاء والمحاسن(6/210)
مُجمل مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ وَلَا مفصله وَرُبمَا مدحه الشُّعَرَاء فَلَا يلْتَفت لذَلِك وَيَقُول: لَو اشْتغل بالمديح النَّبَوِيّ كَانَ أعظم من هَذِه المسالك. وترجمته تحْتَمل مجلدات من الْأُمُور الجليات والخفيات وَقد أَشرت إِلَيْهِ فِي مُقَدمَات عدَّة كتب وصلت إِلَيْهِ من تصانيفي كرفع الشكوك بمفاخر الْمُلُوك وَالْقَوْل التَّام فِي فضل الرَّمْي بِالسِّهَامِ والتماس السعد فِي الْوَفَاء بالوعد والسر المكتوم فِي الْفرق بَين الْمَالَيْنِ الْمَحْمُود والمذموم وَالْقَوْل المسطور فِي إِزَالَة الشُّعُور والامتنان بالحرس من دفع الافتتان بالفرس والبستان فِي مَسْأَلَة الاختتان وَقَرَأَ عَليّ من سادسها بفصاحته وطلاقته قِطْعَة صَالِحَة بالثواب إِن شَاءَ الله رابحة وَهُوَ الْمُرْسل لي بالسؤال عَمَّا تضمنه الرَّابِع من الْمقَال وَلَقَد قَالَ لي بعض الْأَعْيَان حِين وُقُوفه على السَّادِس بالبرهان:)
كَانَت حَادِثَة سُقُوطه عَن الْفرس يعدها الْعَدو المخذول نقصا فصيرتها مكرمَة بِمَا أرشدت إِلَيْهِ نصا وَأما السَّابِع فَكَانَ عِنْد حركته لوَلَده بالختان الَّذِي اهتزت لَهُ الْأَركان وسارت بِشَأْنِهِ الركْبَان وَقد تكَرر جلوسي مَعَه وَأكْثر فِي غيبتي بِمَا يشْعر بالميل من الْكَلِمَات المبدعة وَلَكِن الْكَمَال لله وَالْأَحْوَال لَا احْتِمَال فِيهَا وَلَا اشْتِبَاه حَسْبَمَا أَشرت إِلَيْهَا فِي وجيز الْكَلَام والتبر المسبوك الانتظام فَالله تَعَالَى يحسن الْعَاقِبَة ويمن علينا بِدفع المألومات المتعاقبة بِدُونِ كدر وَلَا مجانبة وَيغْفر لنا أَجْمَعِينَ، ويرضي عَنَّا الأخصام من المتظلمين المتوجعين.
قجاجق الظَّاهِرِيّ برقوق كَانَ من خاصكيته ثمَّ رقاه ابْنه النَّاصِر إِلَى التقدمة ثمَّ إِلَى الدوادارية الْكُبْرَى، قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: كَانَ حسن الْخلق لين الْجَانِب مُسْرِفًا على نَفسه ولي الدوادارية الْكُبْرَى فباشرها بلطف ورفق.
مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَقيل فِي سادس الْمحرم من الَّتِي تَلِيهَا وَبِالثَّانِي جزم غَيره وَأَن النَّاصِر صلى عَلَيْهِ وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بالصحراء وَسَماهُ بَعضهم قجاقج.
قجقار البكتمري بكتمر جلق وَيُقَال لَهُ جفطاي وَرُبمَا كتبت بالشين الْمُعْجَمَة بدل الْجِيم وبالمثناة بدل الطَّاء. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: مِمَّا أدرجت فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ أحد الْأُمَرَاء الصغار تقدم فِي دولة الْمُؤَيد وَقرر رَأس نوبَة وَلَده إِبْرَاهِيم، وَتوجه رَسُولا إِلَى ملك الططر وَعظم قدره فِي دولة الْأَشْرَف وَصَارَ زردكاشا وَأَعْطَاهُ فِي آخر عمره طبلخاناه. مَاتَ فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَهُوَ فِي عشر السّبْعين وَخلف مَوْجُودا كثيرا وَكَانَ مشكور السِّيرَة كثير الرِّفْق بالفلاحين عَارِفًا بعمارة الأَرْض.
قجقار القردمي قردمر الحسني. تنقل بعد أستاذه إِلَى أَن انْضَمَّ(6/211)
للمؤيد شيخ حِين كَانَ نَائِب الشَّام فَلَمَّا اسْتَقر فِي السلطنة قدمه ثمَّ عمله أَمِير سلَاح ثمَّ ولاه نِيَابَة حلب فِي سنة عشْرين ثمَّ غضب عَلَيْهِ ونفاه لدمشق معزولا ثمَّ أُعِيد إِلَى التقدمة وَجعله فِي جملَة الأوصياء على وَلَده فأمسكه ططر قبل دفن الْمُؤَيد وحبسه بإسكندرية ثمَّ قتل بهَا فِي سنة أَربع وَعشْرين عَن سِتِّينَ فأزيد، وَكَانَ كَرِيمًا مُحْتَرما عِنْده أدب مَعَ انهماك فِي لذاته واشتهار بالفروسية. ذكره ابْن خطيب الناصرية وَشَيخنَا فِي إنبائه مطولا وَآخَرُونَ.
قجقار رَأس نوبَة أحد الْأُمَرَاء العشرات. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث. ذكره الْعَيْنِيّ.
قجق بِضَمَّتَيْنِ الشَّعْبَانِي الظَّاهِرِيّ برقوق. ترقى فِي الْأَيَّام الناصرية حَتَّى صَار مقدما ثمَّ)
عصى عَلَيْهِ وَتوجه لشيخ ونوروز فَلَمَّا تسلطن شيخ قدمه أَيْضا ثمَّ ولاه الحجوبية الْكُبْرَى ثمَّ قبض عَلَيْهِ وحبسه بإسكندرية وَبعده أطلقهُ ططر وَأَعْطَاهُ تقدمة ثمَّ إمرة مجْلِس ثمَّ فِي أَيَّام الْأَشْرَف صَار أَمِير سلَاح ثمَّ فِي سنة سبع وَعشْرين وَنزل السُّلْطَان فصلى عَلَيْهِ تقدم الْعَيْنِيّ النَّاس ثمَّ دفن بحوش السُّلْطَان عِنْد تربة برقوق من الصَّحرَاء وَاسْتقر عوضه فِي الأتابكية يشبك الساقي الْأَعْرَج، وَكَانَ أَمِيرا جَلِيلًا وافر الْحُرْمَة مُعظما فِي الدول رَأْسا فِي ركُوب الْخَيل وفنون الفروسية مَعَ حسن الشكالة والشيبة وَالْعقل والسكون والتواضع والحلم وَالْخَوْف على دينه. أثنى عَلَيْهِ الْعَيْنِيّ وَغَيره رَحمَه الله.
قجق بِضَم ثمَّ فتح الظَّاهِرِيّ برقوق من صغَار مماليك أستاذه وَمِمَّنْ تَأَخّر فِي أَيَّام الْمُؤَيد وَصَارَ أَمِير عشرَة وَرَأس نوبَة إِلَى أَن نَفَاهُ الْأَشْرَف إِلَى صفد ثمَّ أعطَاهُ فِيهَا أقطاعا هينا.
وَمَات بعد بِيَسِير فِي سنة نَيف وَثَلَاثِينَ وَكَانَ أطلس عَارِفًا بلعب الرمْح مِمَّن سَاق الْمحمل باشا سِنِين.
قجق نَائِب القلعة. هَكَذَا بخطي فِي تَارِيخ شَيخنَا وَصَوَابه ممجق وَسَيَأْتِي فِي الْمِيم.
قجق النوروزي الجركسي نَائِب قلعة الْجَبَل. مَاتَ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَيُحَرر فَكَأَنَّهُ ممجق.
قجماس بن قرقماس الْمَعْرُوف أَبوهُ بسيدي الْكَبِير. كَانَ أعظم من أَبِيه وَعَمه تغرى بردى وعمهما درمداش المحمدي فِي الشجَاعَة وَالْكَرم إِلَّا أَنه لم يُعْط حظهم، وَعظم اخْتِصَاصه بالجمالي يُوسُف بن تغرى بردى وَقَالَ أَنه كَانَ أسن مِنْهُ بأشهر. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين مطعونا.(6/212)
قجماس الإسحاقي الظَّاهِرِيّ جقمق نَائِب الشَّام. نَشأ فِي خدمَة أستاذه وجود الْخط فِي طبقته بِحَيْثُ كتب بردة وقدمها لَهُ فاتهم بِأَنَّهَا خطّ شَيْخه وَكَانَ كَذَلِك فامتحنه فَكتب بِحَضْرَتِهِ بَسْمَلَة فاستحسنها سِيمَا وَقد أشبهت كِتَابَة شَيْخه فِيهَا وَصرف لَهُ أَشْيَاء وَحج رَفِيقًا لتمربغا أَظن فِي أَيَّام أستاذهما ثمَّ عمله الظَّاهِر خشقدم خازندار كيس ثمَّ أمره بلباي عشرَة بعد أَن توجه لنقل الْمَنْصُور لدمياط للْإِذْن للمؤيد بالركوب فَلَمَّا اسْتَقر الْأَشْرَف قايتباي رقاه وَأَسْكَنَهُ فِي بَيته بالباطلية ثمَّ أرْسلهُ الشَّام لتَركه نائبها بردبك البشمقدار ودواداره أبي بكر ثمَّ اسْتَقر بِهِ فِي نِيَابَة إسكندرية وأضاف إِلَيْهِ وَهُوَ بهَا تقدمة ثمَّ نَقله من النِّيَابَة لإمرة آخور وتحول إِلَى الديار المصرية فسكن بِبَيْت تمر الْحَاجِب بِالْقصرِ تجاه الكاملية ثمَّ تحول لبيت الدوادار الْكَبِير بِالْقربِ)
من الحسنية والألجهية، وسافر فِي أَثْنَائِهَا أَمِير الْحَاج وَكَانَ مَعَه من الْفُقَهَاء الصّلاح الطرابلسي وَالشَّمْس النوبي وَكَذَا توجه فِي أَثْنَائِهَا لعمارة برج السُّلْطَان بهَا بل وَعمر لنَفسِهِ حِين نيابته بهَا جمعا ظَاهر بَاب إسكندرية الْمُسَمّى بِبَاب رشيد للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات مَعَ تربة وخان بِقُرْبِهِ كَانَ السَّبَب فِيهِ عدم أَمن من يبيت من الْمُسَافِرين مِمَّن يصل إِلَى الْبَاب بعد الْغُرُوب وغلقه وَحصل بِهِ نفع كَبِير وَدفن بتربة الظَّاهِر تمربغا وَأَنْشَأَ بِجَانِب ذَلِك بستانا هائلا، وجدد أَيْضا جَامع الصواري ظَاهر بَاب السِّدْرَة وأقيمت بِهِ الشعائر وَعمر خَارِجهَا بالجزيرة خَارج بَاب الْبَحْر على شاطئ بَحر السلسلة هَيْئَة رِبَاط وأودع بِهِ أسيلة وَنَحْوهَا وَبنى وَهُوَ أَمِير آخور مدرسة هائلة بِالْقربِ من خوخة أيدغمش للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات وَجعل بهَا متصدرا وقارئا للْبُخَارِيّ وَنَحْو ذَلِك بل نقل مَا كَانَ قَرَّرَهُ من التصوف بِجَامِع الْأَزْهَر إِلَيْهَا، وَعمل تربة بِالْقربِ من تربة قانم التَّاجِر وَبهَا أَيْضا تصوف ووظائف وَكَذَا جدد بِالْقربِ من الرَّوْضَة فِي نواحي بَاب النَّصْر مَكَانا يعرف بالشيخ مُوسَى وَغير ذَلِك وأرصد لكلها أوقافا، ثمَّ نقل إِلَى نِيَابَة الشَّام بعد أسر قانصوه اليحياوي فِي المجردين وَظهر صدق مَنَامه الْمَاضِي فِي الْأَشْرَف قَرِيبا، وجدد بجوار بَاب السَّعَادَة دَاخل بَاب النَّصْر مِنْهَا مدرسة وَقرر فِيهَا صوفية بل عمل بجانبها مطبخا للدشيشة وسافر لعدة غزوات. وَمَات فِي آخر يَوْم الْخَمِيس ثَانِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بتربة وَجَاء الْخَبَر بذلك فِي ثامنه، وَلم يخلف ولدا وَإِنَّمَا ترك زَوجته وَمن شَاءَ الله وَتعرض الْملك لسَائِر جماعته حَتَّى الْعِمَاد العباسي، وَاسْتقر بعده فِي النِّيَابَة قانصوه عودا على بَدْء، وَكَانَ سَاكِنا خيرا من خِيَار أَبنَاء جنسه متثبتا متواضعا متأدبا مَعَ الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ(6/213)
شجاعا بِحَيْثُ كَانَت لَهُ الْيَد الْبَيْضَاء فِي كسر عَسْكَر ابْن عُثْمَان رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
قجماس المحمدي الظَّاهِرِيّ شاد الشربخاناه. قتل فِي وقْعَة إيتمش فِي ثامن ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ بِالْقَاهِرَةِ. أرخه المقريزي وَغَيره.
قجماس أَمِير الراكز بِمَكَّة. مَاتَ بهَا فِي رَجَب سنة سِتّ وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
قديد كحديد القلمطاي الْحَاجِب وَالِد عمر الْمَاضِي أحد الْأُمَرَاء الْكِبَار بِالْقَاهِرَةِ. لَهُ ذكر فِي ابْنه وَأَنه ولي نِيَابَة الكرك وإسكندرية وَعمل لالة الْأَشْرَف شعْبَان وَغير ذَلِك. مَاتَ بالقدس بطالا فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى.)
قرابغا الأسنبغاوي الْحَاجِب الصَّغِير بِمصْر. كَانَ تركيا أَو تركمانيا. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سادس عشر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ لجراحات حصلت فِيهِ فِي وقْعَة أيتمش. ذكره الْعَيْنِيّ وَقَالَ غَيره: أحد المقدمين فِي دولة الظَّاهِر برقوق قتل فِي وقْعَة إيتمش بِالْقَاهِرَةِ.
قرابغا مفرق وَالِي الْقَاهِرَة. مَاتَ من جِرَاحَة كَانَت بِهِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ ذكره المقريزي فِي الْحَوَادِث وَكَذَا شَيخنَا.
قرا بك بن أوزار أَمِير التركمان بالجون. قتل صبرا فِي المشاققة الَّتِي بَين الْعَسْكَر الْمصْرِيّ وعَلى دولات فِي صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ.
قرا تنبك أحد الطبلخانات وَأحد الْحجاب بالديار المصرية. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث عشرَة وَكَانَ عين لإمرة الْحَج فَمَاتَ قبل أَن يخرج ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والعيني.
قراجا الأشرفي برسباي. ملكه فِي أَيَّام إمرته فَلَمَّا تسلطن عمله خاصكيا وخازندارا ثمَّ عمله عشرَة وخلع عَلَيْهِ بالخازندارية الْكُبْرَى ثمَّ نَقله إِلَى شدّ الشربخاناه وأنعم عَلَيْهِ بإمرة طبلخاناه، وَاسْتمرّ إِلَى أَن قدمه فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ تَقْرِيبًا وتجرد صُحْبَة الْأُمَرَاء إِلَى الْبِلَاد الشامية ثمَّ عَاد مَعَهم وَقد تسلطن الْعَزِيز ثمَّ كَانَ مِمَّن وَافق قرقماس الشَّعْبَانِي فِي الرّكُوب على الظَّاهِر ثمَّ فر عِنْد المصاف وَلحق بِالظَّاهِرِ فأقره على إمرته بعد الْقَبْض على قرقماس ثمَّ خلع عَلَيْهِ بِعَمَل الجسور بالغربية فَتوجه إِلَى الْمحلة فَأَقَامَ بهَا فَلَمَّا تسحب الْعَزِيز أرسل بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَحبس مُدَّة ثمَّ أطلق بِالْقَاهِرَةِ بطالا إِلَى أَن أنعم عَلَيْهِ بإمرة هينة بطرابلس فَتوجه إِلَيْهَا فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ بهَا فِي سنة تسع أَو ثَمَان وَأَرْبَعين وَهُوَ فِي أَوَائِل الكهولة، وَكَانَ روميا أسمر معتدل الْقد مليحا مستدير اللِّحْيَة صغيرها مُسْرِفًا على نَفسه.
قراجا الأشرفي إينال من سبي قبرس وَيعرف بالطويل أحد المقدمين ولي نِيَابَة حماة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة، وعسف وتجبر ثمَّ غضب عَلَيْهِ الدوادار الْكَبِير فرسم بنفيه إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَأَقَامَ بِهِ حَتَّى مَاتَ فِي صفر ظنا سنة خمس وَثَمَانِينَ.(6/214)
قراجا الجانبكي الجداوي. بَاشر نِيَابَة جدة عَن أستاذه ثمَّ بعده اسْتِقْلَالا، وَكَانَ فاتكا ظَالِما. مَاتَ.
قراجا الخازندار الظَّاهِرِيّ جقمق. ملكه فِي إمرته ثمَّ عمله فِي سلطنته خاصكيا ثمَّ خازندارا صَغِيرا ثمَّ أَمِير عشرَة ثمَّ خازندارا كَبِيرا بعد قانبك الأبو بكري ثمَّ عينه لنيابة طرابلس فاستعفى ثمَّ طبلخاناة ثمَّ قدمه ابْن ثمَّ قدمه ابْن أستاذه فِي أَيَّامه ثمَّ أعطَاهُ الْأَشْرَف الحجوبية)
الْكُبْرَى وَلم يلبث أَن أمسك وَحبس بالقدس وَغَيره ثمَّ أخرج إِلَى الشَّام على أتابكيته إِلَى أَن خرج لسوار فَقتل فِي الْوَقْعَة فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد زَاد على الْخمسين، وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا دينا متواضعا ذَا إِلْمَام بالفقه وَغَيره فِي الْجُمْلَة مقربا للفضلاء وَالْفُقَهَاء مَعَ حشمة وصيانة وعفة ومزيد كرم يتَحَمَّل الدّين بِسَبَبِهِ، ومحاسنه جمة وَهُوَ صَاحب الدَّار الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقربِ من الْأَزْهَر وَلكنه لم يمتع بهَا رَحمَه الله وإيانا.
قراجا الدوادار الظَّاهِرِيّ برقوق. ترقى فِي أَيَّام أستاذه ابْن النَّاصِر حَتَّى صَار أَمِير الطبلخاناة ثمَّ قدمه ثمَّ اسْتَقر بِهِ شاد الشربخاناة ثمَّ بعد قجاجق فِي الدوادارية الْكُبْرَى فِي الْمحرم سنة ثَلَاث عشرَة فَلم تطل مدَّته وتوعك وَاشْتَدَّ مَرضه عِنْد خُرُوج النَّاصِر للبلاد الشامية بِحَيْثُ ركب فِي محفة فَمَاتَ بِمَنْزِلَة الصالحية فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشر ربيع الأول مِنْهَا وَدفن بجامعها، وَكَانَ شَابًّا مليح الشكل متواضعا كَرِيمًا شجاعا، وَقَالَ الْعَيْنِيّ إِنَّه خلف مَوْجُودا كثيرا قَالَ: وَكَانَ قَلِيل الْخَيْر مشتغلا بالمنكرات وَلم يعرف لَهُ مَعْرُوف وَوهم من أرخه فِي ربيع الآخر.
قراجا الطَّوِيل. تقدم قَرِيبا.
قراجا الظَّاهِرِيّ جقمق أحد من كَانَ فِي خدمَة نَاظر الْخَاص الجمالي بِحَيْثُ عمله شاد الطّور وتمول وعسف وَلَيْسَ مِمَّن يذكر. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
قراجا الْعمريّ الناصري فرج. أَقَامَ فِي الجندية إِلَى أَن اسْتَقر بِهِ الظَّاهِر جقمق وَهُوَ خاصكي فِي ولَايَة الْقَاهِرَة ثمَّ أضَاف إِلَيْهَا إمرة عشرَة ثمَّ عَزله عَن الْولَايَة بمنصور بن الطبلاوي، وَحج رجبيا فَلم تحمد سيرته، وَآل أمره إِلَى النَّفْي إِلَى الْبِلَاد الشامية ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بتقدمة فِي دمشق ثمَّ عيد وَولي فِي سنة ثَلَاث وَخمسين نِيَابَة الْقُدس وأنعم عَلَيْهِ بِمَال فَلم تطل مدَّته بل عزل وَحبس بقلعة دمشق مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ وَاسْتمرّ هُنَاكَ بطالا ثمَّ طلب هُنَاكَ للقاهرة إِلَى أَن ولاه الْمَنْصُور نِيَابَة بعلبك ثمَّ عَزله قبل خُرُوجه وولاه كشف الشرقية وعزله أَيْضا بعد أَيَّام وَقدم فِي أثْنَاء(6/215)
الرّكُوب عَلَيْهِ فَكَانَ مِمَّن حضر مَعَ إينال فَلَمَّا تسلطن أعطَاهُ إمرة عشرَة وَصَارَ من رُءُوس النوب ثمَّ رَأس نوبَة ثَانِي فِي أَوَائِل أَيَّام خشقدم ثمَّ أخرجه إِلَى دمشق على تقدمة بهَا ضَعِيفَة فدام بهَا حَتَّى مَاتَ فِي مستهل صفر سنة سبعين وَقد ناهز الثَّمَانِينَ، وَوهم من أرخه)
فِي الْمحرم، وَكَانَ طوَالًا أسمر مَذْكُورا بالشجاعة مَعَ انهماك فِي الْخمر سامحه الله.
قراسنقر الشَّمْس الظَّاهِرِيّ برقوق. ترقى فِي أَيَّام ابْن أستاذه ثمَّ صَار فِي أَيَّام الْمُؤَيد طبلخاناه وسافر أَمِير حَاج الْمحمل فِي الدولة الأشرفية غير مرّة ثمَّ تعطل وَبَطل أحد شقيه وَأخرج الْأَشْرَف أقطاعه فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشري ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ مشكور السِّيرَة عِنْده حشمة ودعابة وَله صدقَات ومعروف أنشأ مدرسة صَغِيرَة بِالْقربِ من ميدان الْخَلِيل ببركة الناصري تجاه دَاره الْقَدِيمَة وَعمل لأرباب الْوَظَائِف فِيهَا وَقفا وَكَذَا وقف وَقفا لحمل المنقطعين بطرِيق الْحجاز رَحمَه الله. قراقاش. هُوَ سودون مضى.
قراقجا الحسني الظَّاهِرِيّ برقوق. تَأمر بعد الْمُؤَيد وَصَارَ فِي أَيَّام الْأَشْرَف من الطبلخانات وَثَانِي رُؤُوس النوب بل تقدم إِلَى أَن اسْتَقر بِهِ الظَّاهِر رَأس نوبَة النوب فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين ثمَّ نَقله فِيهَا إِلَى الأخورية الْكُبْرَى فَأَقَامَ فِيهَا سِنِين وَبنى أملاكا حبس أَكْثَرهَا على مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقربِ من قنطرة طقزدمر الْحَمَوِيّ وَعمل بهَا تصوفا وشيخا وأرباب وظائف وَقرر فِي خطابتها وَكَذَا فِي مشيختها ظنا السَّيِّد الصّلاح الأسيوطي وَكَذَا عمل أَيْضا مَسْجِدا بِبَعْض الْأَمَاكِن قرر فِي إِمَامَته بعض طلبة الْمَالِكِيَّة وَكَانَ دينا متواضعا عفيفا حسن السِّيرَة وقورا حشما أسمر معتدل الْقد شيق الْحَرَكَة أَبيض اللِّحْيَة مستديرها مُتَقَدما فِي الفروسية من محَاسِن أَبنَاء جنسه فَردا فيهم. مَاتَ هُوَ وَابْن لَهُ فِي يَوْم السبت ثامن عشر صفر سنة ثَلَاث وَخمسين بالطاعون وَشهد السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِمَا من الْغَد ودفنا فِي قبر وَاحِد رحمهمَا الله.
قرايلوك هُوَ عُثْمَان بن قطلبك بن طرغلي.
قرا يُوسُف بن قرا مُحَمَّد بن بيرم خجا التركماني وَالِد جهان شاه الْمَاضِي كَانَ فِي أول أمره من التركمان الرحالة فتنقلت بِهِ الْأَحْوَال إِلَى أَن استولى بعد اللنك على عراق الْعَرَب والعجم ثمَّ ملك تبريز وبغداد وماردين وَغَيرهَا واتسعت مَمْلَكَته حَتَّى كَانَ يركب فِي أَرْبَعِينَ ألف نفس وَكَانَ نَشأ مَعَ وَالِده الَّذِي تغلب على الْموصل وملكها بعد مَوته سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَصَارَ ينتمي لِأَحْمَد ابْن أويس لتزوج أَحْمد بأخته ويكاتب صَاحب مصر وأباه وينجد أَحْمد فِي مهماته ثمَّ وَقع بَينهمَا بِحَيْثُ قتل أَحْمد رسله فغزاه فهرب أَحْمد مِنْهُ لدمشق فَملك(6/216)
بَغْدَاد سنة خمس وَثَمَانمِائَة فَأرْسل إِلَيْهِ اللنك عسكرا فهرب وَقدم دمشق فلقي بهَا أَحْمد فتصالحا ثمَّ توجه قرا يُوسُف مَعَ يشبك زمن مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة فَلَمَّا كَانَ من وقْعَة السعيدية سنة سبع وَثَمَانمِائَة مَا)
كَانَ رَجَعَ وَتوجه من دمشق فِي صفر سنة ثَمَان إِلَى الْموصل ثمَّ إِلَى تبريز ثمَّ وَاقع مرزا بن بكر بن مرزاشاه بن اللنك فَقتله فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث عشرَة واستبد بِملك الْعرَاق وسلطن ابْنه مُحَمَّد شاه بِبَغْدَاد بعد حِصَار عشرَة أشهر، ثمَّ ثار أهل بَغْدَاد وأشاعوا أَن أَحْمد بن أويس حَيّ فَخرج مُحَمَّد شاه من بَغْدَاد وَكَاتب أَبَاهُ فَمَا اتّفق فَرجع وَدخل بَغْدَاد وفر آل أَحْمد إِلَى تستر ودخلها مُحَمَّد شاه فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع عشرَة، وَفِي غُضُون ذَلِك كَانَت لقرا يُوسُف مَعَ أيدكي وَمَعَ شاه رخ ابْن اللنك مَعَ إِبْرَاهِيم الدربندي وقائع ثمَّ سَار إِلَى محاربة قرايلك وَكَانَ بآمد ففر مِنْهُ ثمَّ تبعه ودامت الْحَرْب مُدَّة ثمَّ حصر شاه رخ بتبريز فَرجع قرا يُوسُف إِلَيْهِ وَتَبعهُ قرايلك فنهب سنجار وَنهب قبل أهل الْموصل وأوقع بالأكراد وَاخْتلف الْحَال بَين شاه رخ وقرا يُوسُف حَتَّى تصالحا وتصاهرا ثمَّ انْتقض الصُّلْح سنة سبع عشرَة وتحاربا وَفِي سنة عشْرين طرق الْبِلَاد الحلبية ثمَّ صَالحه قرايلك ثمَّ رَجَعَ يُرِيد تبريز خوفًا من شاه رخ وَفِي الَّتِي تَلِيهَا كَانَت بَينه وَبَين قرايلك وقعات حَتَّى فر قرايلك فَقدم حلب وانتقل النَّاس من حلب خوفًا من قرا يُوسُف وَكَانَ قد وصل إِلَى عينتاب وَكتب إِلَى الْمُؤَيد يعْتَذر بِأَنَّهُ لم يدْخل هَذِه الْبِلَاد إِلَّا طلبا لقرايلك لكَونه هجم على ماردين وَهِي من بِلَاد قرا يُوسُف فأفحش فِي الْأسر وَالْقَتْل والسبي بِحَيْثُ بيع صَغِير بِدِرْهَمَيْنِ وَحرق الْمَدِينَة فَلَمَّا جَاءَ قرا يُوسُف أحرق عنتاب وَأخذ من أَهلهَا مَالا كثيرا مصالحة وَتوجه إِلَى البيرة فنهبها ثمَّ بلغه أَن وَلَده مُحَمَّد شاه عصى عَلَيْهِ بِبَغْدَاد فَتوجه إِلَيْهِ وحصره واستصفى أَمْوَاله وَعَاد إِلَى تريز فَمَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَقَامَ من بعده ابْنة اسكندر بتبريز وَاسْتمرّ ابْنه مُحَمَّد شاه بِبَغْدَاد، وَكَانَ قرا يُوسُف شَدِيد الظُّلم قاسي الْقلب خربَتْ فِي أَيَّامه وَأَيَّام أَوْلَاده مملكة العراقين لَا يتَمَسَّك بدين واشتهر عَنهُ أَن فِي عصمته أَرْبَعِينَ امْرَأَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه قَالَ: وَتقدم كثير من أخباره فِي الْحَوَادِث، وَذكره ابْن خطيب الناصرية فَقَالَ: صَاحب أذربيجان وديار بكر وبغداد وماردين وَمَا والاها كَانَ أَولا مَعَ أَبِيه فَلَمَّا قتل كَانَ من أُمَرَاء حلب وَبعد ذَلِك عاث بِمن مَعَه من التركمان فِي بِلَاد حلب بِالْفَسَادِ وَنهب الْقرى ثمَّ توجه إِلَى إنطاكية فَفعل بهَا نَحْو ذَلِك وعاقب النَّاس وَآل أمره إِلَى أَن أمسك واعتقل بقلعة دمشق ثمَّ أفرج عَنهُ الْمُؤَيد قبل سلطنته(6/217)
وَتوجه مَعَه إِلَى الديار المصرية فَانْهَزَمَ النَّاصِر بعساكره فاستمر فِي إثرهم وَلم يلبث أَن قويت شَوْكَة النَّاصِر وَانْهَزَمَ الْمُؤَيد وَقَرَأَ يُوسُف إِلَى الشَّام وَبعد ذَلِك)
توجه هَذَا إِلَى جِهَة الشرق فقاتل التتار بعد موت تمرلنك وكسرهم ثمَّ وَقع بَينه وَبَين صَاحب بَغْدَاد فانكسر صَاحب بَغْدَاد وَملك قرا يُوسُف بَغْدَاد وتبريز وماردين وَمَا والاها من الْبِلَاد الجزرية وديار بكر وَاسْتمرّ بهَا وَعظم شَأْنه وَكَثُرت بِلَاده وَكثر عسكره حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ أَمِيرا كَبِيرا شجاعا عَارِفًا ملك الْعرَاق وأذربيجان وَغَيرهَا من تِلْكَ الْبِلَاد وَكَانَت بِلَاده آمِنَة الطرقات بَين ملك الْبِلَاد ووطأته خَفِيفَة على التُّجَّار بِالنِّسْبَةِ لقرا يلوك وَملك بعده ابْنه اسكندر.
قردم الحسني. كَانَ مقداما وَتَوَلَّى أَيْضا خازندارا كَبِيرا. مَاتَ سنة أَربع عشرَة وَلم يكن بِهِ بَأْس. قَالَه الْعَيْنِيّ وَفِي الْمِائَة قبلهَا قردم الحسني.
قرقماس ابْن عرر بن نعير بن حبار بن مهنا. مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ.
قرقماس الأشرفي برسباي وَيعرف بالجلب بجيم وَلَام مفتوحتين ثمَّ مُوَحدَة. كَانَ من معارف أستاذه فِي بِلَاد جركس وَيُقَال لَهُ أَخُو الْأَشْرَف ويظن أَنه رضيعه فجلبه إِلَى مصر وَعَمله خاصكيا ثمَّ أَمِير عشرَة ثمَّ أمره الظَّاهِر طبلخاناه ثمَّ قدمه وَلَده ثمَّ عمله أينال رَأس نوبَة النوب ثمَّ وَلَده الْمُؤَيد أَمِير مجْلِس ثمَّ الظَّاهِر خشقدم أَمِير سلَاح ودام فِيهَا طَويلا وتعداه خَمْسَة بل سِتَّة للأتابكية مَعَ كَون الْحق فِيهَا لَهُ إِلَى أَن أمْسكهُ بلباي وحبسه بإسكندرية ثمَّ أطلقهُ الظَّاهِر تمربغا وخيره فَاخْتَارَ الْإِقَامَة بدمياط فَتوجه إِلَيْهَا على أحسن وَجه إِلَى أَن طلبه الْأَشْرَف قايتباي وأنعم عَلَيْهِ بإمرة مائَة وَجعله أَمِير مجْلِس فَانْحَطَّ بذلك دَرَجَة ثمَّ عينه لتجريدة فاستعفى فَلم يجب وَكَانَت منيته هُنَاكَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَلم تُوجد لَهُ رمة، عَاقِلا سَاكِنا حشما وقورا مُحْتملا صبورا عديم الشَّرّ بِالْكُلِّيَّةِ رَحمَه الله.
قرقماس الإينالي الظَّاهِرِيّ برقوق وَيعرف بِالرِّمَاحِ. قتل فِي دمشق بِسيف النَّاصِر فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَكَانَ قد خرج من الْقَاهِرَة على إقطاع الْأَمِير صرق ثمَّ تولى كشف الرملة ثمَّ أَرَادوا مسكه فهرب حَتَّى لحق بنائب حلب فَأمْسك عِنْد بعلبك وَجِيء بِهِ إِلَى دمشق فحبسه نائبها ثمَّ جَاءَ المرسوم بقتْله فَقتله هُوَ وَجَمَاعَة مماليك. ذكره الْعَيْنِيّ وَقَالَ غَيره: كَانَ فِي الْأَيَّام الناصرية أحد الطبلخانات ورءوس الْفِتَن ثمَّ أخرج إِلَى الشَّام على أقطاع صرق فَأَقَامَ بِدِمَشْق مُدَّة وَولي كشف الرملة ثمَّ أحس بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ ففر إِلَى جِهَة حلب فَأخذ عِنْد بعلبك، وَكَانَ رَأْسا فِي لعب الرمْح شجاعا مقداما لكنه قَلِيل الْحَظ.(6/218)
قرقماس الجلب وقرماس الرماح، تقدما.)
قرقماس الْمَدْعُو سَيِّدي الْكَبِير تمييزا لَهُ عَن أَخِيه تغرى بردى فَذَاك سَيِّدي الصَّغِير. قدما مَعَ أمهما بِطَلَب من عَمهمَا دمرداش المحمدي وَهُوَ إِذْ ذَاك نَائِب حماة وَتزَوج بأمهما وكلفهما حَتَّى صَارا من جملَة الْأُمَرَاء وَذكر بالشجاعة والفروسية وحظي هَذَا عِنْد النَّاصِر وَكَانَ يخرج عَن طَاعَته ثمَّ يرجع فعل ذَلِك غير مرّة، وَولى ولايات كنيابة صفد وحلب وَلم يجْتَمع الثَّلَاثَة عِنْد سُلْطَان بل يكون وَاحِد مَعَ شيخ ونوروز وآخران مَعَ السُّلْطَان أَو بِالْعَكْسِ إِلَى أَن أعيا النَّاصِر أَمرهم وَقتل وهم كَذَلِك فَلَمَّا تسلطن الْمُؤَيد شيخ قرب هَذَا وَأَعْطَاهُ نِيَابَة الشَّام بعد خُرُوج نوروز عَن الطَّاعَة فراسل حِينَئِذٍ عَمه وَكَانَ بِبِلَاد التركمان قَائِلا لَهُ: يَا عَم هَا أَنا قد خرجت إِلَى الشَّام وأخى إِلَى غَزَّة فجِئ أَنْت وَكن بِمصْر عِنْد الْمُؤَيد وَلَا تخف فانه لَا يُمكنهُ الْقَبْض عَلَيْك وكلانا بالبلاد الشامية فَحسن ذَلِك بِبَالِهِ وَركب الْبَحْر حَتَّى طلع من الطينة فَوجدَ خام قرقماس بالصالحية وَقد عَاد من صفد لعَجزه عَن مُقَابلَة نوروز فَقَالَ لَهُ دمرداش: أيش هَذَا الَّذِي عملته يَا وَلَدي فَقَالَ لَهُ: دع عَنْك هَذَا فالمؤيد لَا يُمكنهُ الْقَبْض علينا وَخَلفه مثل نوروز فَلم يُعجبهُ هَذَا ورام الرُّجُوع فقوي عَلَيْهِ قرقماس وقدما الْقَاهِرَة وَتوجه تغرى بردى لغزة فَرَحَّبَ بهما الْمُؤَيد وَبَالغ فِي تعظيمهما وأجلس دمرداش على الميسرة وَهَذَا تَحْتَهُ ثمَّ خلع عَلَيْهِمَا وجهز سرا من قبض على تغرى بردى ثمَّ بَادر للقبض على الآخرين وسجنهما حَتَّى قدم الآخر ثمَّ بعث بِهَذَيْنِ فحبسا بإسكندرية وَقتل تغرى بردى فِي شَوَّال سنة سِتّ عشرَة وَكَذَا قتل قرقماس بإسكندرية فِي السّنة وَأخر عَمهمَا إِلَى أَن قَتله فِي سنة ثَمَانِي عشرَة، وَكَانَ قرقماس شَابًّا جميلا لطيف الذَّات شجاعا كَرِيمًا مفرطا فيهمَا بِحَيْثُ أَن الْمُؤَيد لما رأى على بعض مماليكه حِين عرضهمْ سلارى مفرى بوشق من إنعام سَيّده امْتنع من اسْتِخْدَام أحد مِنْهُم قَائِلا: مَاذَا أفعل أَنا بعد هَذَا أَو نَحْو هَذَا منهمكا فِي اللَّذَّات يَقُول الشّعْر بالتركي وَيُحب سَماع الملاهي والمطربات وَهُوَ وَالِد قجماس الْمَاضِي قَرِيبا، وَسَتَأْتِي حِكَايَة فِي يحيى بن أَحْمد بن عمر بن الْعَطَّار لهَذَا وتحتاج إِلَى تَحْقِيق.
قرقماس الشَّعْبَانِي الظَّاهِرِيّ برقوق ثمَّ الناصري وَيعرف بقرقماس أهرام ضاغ يَعْنِي جبل الأهرام لتكبره. أَصله من كِتَابِيَّة الظَّاهِر ثمَّ ملكه ابْنه فَأعْتقهُ وَعَمله خاصكيا ثمَّ صَار فِي دولة)
الْمُؤَيد من الدوادارية الصغار ثمَّ تَأمر بعده عشرَة ثمَّ دوادارا ثَانِيًا مَعَ إمرة طبلخاناه، ودام إِلَى سنة سِتّ وَعشْرين فأنعم عَلَيْهِ بتقدمة(6/219)
وَتوجه لمَكَّة مَعَ عَليّ بن عنان كالشريك لَهُ فِي إمرتها وَأقَام بهَا نَحْو سنة تخمينا، وَطلب إِلَى الْقَاهِرَة على إمرته إِلَى أَن خلع عَلَيْهِ فِي منتصف شَوَّال سنة تسع وَعشْرين بالحجوبية الْكُبْرَى فباشرها بِحرْمَة زَائِدَة وعظمة وبطش فِي النَّاس بِحَيْثُ هابه كل أحد وسافر مَعَ السُّلْطَان إِلَى آمد فَلَمَّا رَجَعَ وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ اسْتَقر بِهِ فِي نِيَابَة حلب بعد قصروه الْمُنْتَقل لنيابة الشَّام فباشرها على عَادَته ثمَّ صرف حِين ظهر جَانِبك الصُّوفِي من الرّوم وَقدم الْقَاهِرَة مسرعا على النجب فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ على أقطاع جقمق العلائي ووظيفته إمرة سلَاح إِلَى أَن تجرد فِي جمَاعَة أُمَرَاء إِلَى أرزنكان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين فَكَانَ حضورهم بِالطَّلَبِ حِين ترشح جقمق للسلطنة فَقَامَ مَعَه حَتَّى تسلطن ذَاك وَعمل هَذَا عوضه أتابكا فَلم يلبث إِلَّا أَيَّامًا ووثب عَلَيْهِ وَكَانَ مَا شرح فِي الْحَوَادِث، وَآل أمره إِلَى أَن جرح فِي وَجهه بالنشاب وفر عَنهُ غَالب أَصْحَابه ثمَّ انهزم واختفى من يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَلم يلبث أَن قبض عَلَيْهِ فِي يَوْم الْجُمُعَة سادسه ثمَّ قيد وجهز إِلَى إسكندرية من الْغَد فحبس بهَا إِلَى خَامِس رَجَب وَعقد لَهُ مجْلِس بِالْقصرِ وأقيمت الْبَيِّنَة عِنْد القَاضِي الْمَالِكِي على مَنْصُوب عَن قرقماس هُوَ الشهَاب بن يَعْقُوب نقيب شَيخنَا بِحكم غيبته بإسكندرية بِخُرُوجِهِ على السُّلْطَان بعد مبايعته وَخَلفه لَهُ وإشهاره السِّلَاح فَحكم عَلَيْهِ بِمُوجب الشَّهَادَة فَقيل لَهُ: فَمَا يجب عَلَيْهِ قَالَ: يتَخَيَّر السُّلْطَان فِي ذَلِك فَجهز بريدي بِأَن يقْرَأ عَلَيْهِ الْمحْضر ويعذر لَهُ فِيهِ فقرئ عَلَيْهِ وَأمر بقتْله بِسيف الشَّرْع فَضربت عُنُقه وَذَلِكَ بإسكندرية فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشره وَهُوَ ابْن نَيف وَخمسين سنة وَكَانَ أَمِيرا ضخما متعاظما متكبرا ظَالِما مَعَ تَدْبِير ومكر وشجاعة وإقدام وَكَونه يتفقه ويتحفظ بعض الْمسَائِل وَيظْهر التدين ولتكبره وتعاظمه وَعدم بشاشته سر الْعَامَّة بإمساكه وإتلافه، وَقد أَشَارَ شَيخنَا لترجمته فِي حوادث رَجَب وَغَيرهَا من أنبائه، وَقَالَ فِي تَرْجَمَة جارقطلي من سنة سبع وَثَلَاثِينَ مِنْهُ: وَمن الِاتِّفَاق الْغَرِيب أَن رَفِيقًا لي رأى لما كُنَّا فِي سفرة آمد قبل أَن ندخل حلب وَذَلِكَ فِي رَمَضَان أَن النَّاس اجْتَمعُوا فطلبوا من يؤم بهم فَرَأَوْا رجلا ينْسب إِلَى صَلَاح فَسَأَلُوهُ أَن يؤم)
بهم فَقَالَ: بل يؤم بكم قرقماس فَفِي الْحَال حضر قرقماس فَتقدم فصلى بهم فقدرت ولَايَته لَهَا بعد بِدُونِ سنة، وَقد تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية وَغَيره.
قرقماس الْمعلم. مَاتَ فِي التجريدة.
قرقمش الظَّاهِرِيّ برقوق وَيعرف بالأعور. ترقى فِي أَيَّام الْفِتَن وتقلب(6/220)
الدّور حَتَّى صَار مقدما بعد موت شيخ ثمَّ كَانَ مِمَّن انْضَمَّ مَعَ جَانِبك الصُّوفِي وَأجَاب برسباي حِين قَالَ لَهُ: كن مَعنا لَا مَعَه بقوله: كَيفَ لَا أكون وَقد حَملته على كَتِفي فِي بِلَاد جركس وربيته كَالْوَلَدِ فَلَمَّا أمسك جَانِبك أخرج هَذَا مقدما فِي دمشق وَلما تسلطن برسباي أقره فَلَمَّا خرج عَلَيْهِ تنبك البجاسي نَائِب الشَّام فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَافقه هَذَا على الْعِصْيَان وَركب مَعَه وَقَاتل عَسْكَر السُّلْطَان ثمَّ فر بعد انكسار تنبك واختفى إِلَى أَن ظهر مَعَ جَانِبك الصُّوفِي وَآل الْأَمر إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ بعد اختفائه زِيَادَة على عشر سِنِين وسجن بقلعة حلب ثمَّ قتل فِي الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ، وَكَانَ أَعور طوَالًا كثير الشَّرّ قَلِيل الْخَيْر يحب الْفِتَن. وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار.
قرم خجا الظَّاهِرِيّ برقوق. كَانَ من خاصكيته ثمَّ تَأمره بعده عشرَة مُدَّة ثمَّ ترك حَتَّى مَاتَ فِي رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ وَهُوَ فِي عشر الْمِائَة بعد أَن حج وجاور غير مرّة، وَكَانَ دينا خيرا ذَا أنسة فِي الْفِقْه وَغَيره رَحمَه الله.
قُرَيْش بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّمْس بِمُحَمد بن الشَّمْس أبي يزِيد الدلجي الصعيدي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الضَّرِير ولد فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بدلجة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة وأربعي النَّوَوِيّ ونظم الجعبرية فِي الْفَرَائِض، وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَسبعين فحفظ الشاطبية وتلا للسبع ثمَّ للأربعة عشر على الزين جَعْفَر السنهوري وتميز فِيهَا، وَحضر عِنْدِي كثيرا رِوَايَة ودراية وَمن ذَلِك مسلسل الْعِيد فِي عيد الْفطر سنة خمس وَتِسْعين وَكَذَا أَخذ عَن الشهَاب الدلجي بل وَحضر تقسيما للعبادي وَكَذَا للبكري وَسمع على الشاوي وَأبي حَامِد بن التلواني وَأبي سعود الغراقي والخيضري والديمي وقاضي الخانقاة الشَّمْس الونائي وخادمتها تَاج الدّين، وَله ذوق وَفهم جيد وخبرة بلقاء النَّاس وإقبال من كثير مِمَّن يمِيل إِلَى الْخَيْر عَلَيْهِ وخطب بِبَعْض الْجَوَامِع وَرُبمَا أَقرَأ وَنعم الرجل.)
قسطيل بن زُهَيْر بن سُلَيْمَان الْحُسَيْنِي أَمِير الْمَدِينَة. وَليهَا بعد انْفِصَال ضغيم فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ بمعاونة صَاحب الْحجاز فدام إِلَى أثْنَاء سنة سبع وَثَمَانِينَ ثمَّ انْفَصل بِدَعْوَى بتعويض الْمشَار إِلَيْهِ لإضافة صَاحب مصر أَمر بِلَاد الْحجاز إِلَيْهِ.
قسيط بن أشعار الجدي. مَاتَ بهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي عشر شعْبَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بهَا. أرخه ابْن فَهد. قشتام. فِي الَّذِي بعده.
قشتمر بن قجماس أَخُو إينال باي وَابْن عَم الظَّاهِر برقوق وَأحد الطبلخاناة(6/221)
بِمصْر. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشري ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ من خراجة حصلت فِيهِ فِي وقْعَة أيتمش وَقد ناهز الْعشْرين. ذكره الْعَيْنِيّ وَصُورَة اسْمه بِخَطِّهِ قشتام، وَقَالَ غَيره أَنه ولد بجركس وَقدم مَعَ أَخِيه وأبيهما إِلَى مصر فأنعم الظَّاهِر على الْأَب ورقاه حَتَّى جعله مقدما وَأمر ابْنه هَذَا عشرَة فَلَمَّا كَانَت فتْنَة الأتابك ايتمش كَانَ هَذَا من جِهَة النَّاصِر فَقتل فِي الْوَقْعَة فِي ثامن ربيع الأول.
أرخه المقريزي وَغَيره.
قشتمر المؤيدي شيخ أحد خاصكيته وصغار دواداريته ثمَّ بعد مَوته نَاب بإسكندرية من قبل وَلَده المظفر أَحْمد عَزله ططر بداوداره فَارس ثمَّ قبض عَلَيْهِ وحبسه إِلَى أَن أخرجه الْأَشْرَف وَعَمله الأتابك حلب وَتوجه إِلَيْهَا فدام حَتَّى قتل فِي وقْعَة كَانَت بَين التركمان وعسكر حلب فِي سنة ثَلَاثِينَ، وَكَانَ أشقر معتدل الْقد سَاكِنا لَا بَأْس بِهِ.
قشتمر أَو بِدُونِ رَاء المحمودي الناصري فرج ولي نِيَابَة الْبحيرَة وَقتل بهَا فِي وقْعَة كَانَت بَينه وَبَين عرب لبيد بِالْقربِ من تروحة فِي أَوَاخِر رَجَب سنة سبع وَخمسين وَقد ناهز السِّتين، وَكَانَ أَمِيرا عَاقِلا شجاعا كَرِيمًا متواضعا جوادا مليح الشكل بشوشا محببا إِلَى النَّاس مشكورا فِي ولَايَته عَارِفًا مقداما من محَاسِن أَبنَاء جنسه رَحمَه الله.
قصروه من تمراز الظَّاهِرِيّ برقوق. مِمَّن تَأمر عشرَة الْأَيَّام المؤيدية بعد خطوب وحروب قاساها ثمَّ قدمه ططر ثمَّ عمله رَأس النوب ثمَّ عمله الْأَشْرَف فِي سنة خمس وَعشْرين أَمِير آخور كَبِير ثمَّ أعطَاهُ فِي الَّتِي بعْدهَا نِيَابَة طرابلس ثمَّ نَقله إِلَى نِيَابَة حلب فِي سنة ثَلَاثِينَ ثمَّ نَقله فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ مِنْهَا إِلَى دمشق بعد جارقطلي وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ بهَا فِي ربيع الآخر سنة تسع وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ ضخما عَارِفًا عَاقِلا شجاعا مقداما مديرا سيوسا صَاحب دهاء ومكر مَعَ شكالة وحشمة وبهاء ووقار وَهُوَ أحد الْأَسْبَاب فِي سلطنة الْأَشْرَف. ذكره ابْن خطيب)
الناصرية وَغَيره بل أوردهُ شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار فِي سنة تسع وَكَذَا فِي سنة أَرْبَعِينَ سَهوا، وَذكره الْعَيْنِيّ فَقَالَ أَنه لم يكن مشكورا وَخلف عَلَيْهِ جملَة دُيُون للنَّاس أَنه ترك من النَّقْد والخيول والقماش وَسَائِر الْأَصْنَاف مَا قِيمَته سِتّمائَة ألف دِينَار جمعهَا من حرَام وَسَماهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خسرو فَوَهم وَله ذكر فِي فَاطِمَة ابْنة قانباي.
قطج من تمراز الظَّاهِرِيّ برقوق. صَار خاصكيا فِي أَيَّام الْمُؤَيد ثمَّ تَأمر بعد عشرَة إِلَى أَن تقدم فِي أَيَّام الْأَشْرَف ثمَّ قبض عَلَيْهِ وَأرْسل بِهِ مُقَيّدا إِلَى إسكندرية فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ثمَّ أطلقهُ وأنعم عَلَيْهِ بتقدمة حلب وَاسْتمرّ إِلَى أَن سَافر إِلَى آمد فأنعم عَلَيْهِ بأتابكيتها، وَقدم فِي أَيَّام الظَّاهِر فَأَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ(6/222)
بطالا ملازما للْخدمَة السُّلْطَانِيَّة مظْهرا للفقر مكثرا من الشكوى مستمنحا الْأُمَرَاء، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي الْعشْر الْأَوْسَط من رَمَضَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَوجد لَهُ نَحْو ثَلَاثِينَ ألف دِينَار نَقْدا وَمن غَيره أَشْيَاء، وَكَانَ جركيسا كَبِير اللِّحْيَة بَخِيلًا جَبَانًا غير محبب إِلَى النَّاس عَفا الله عَنهُ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار. وَقَالَ المقريزي: طقج الناصري أحد مماليك الناصرية فرج. ترقى فِي الخدم حَتَّى صَار من مقدمي الألوف ثمَّ أخرج إِلَى الشَّام فتنقل فِي أمريات بحلب ودمشق ثمَّ قدم الْقَاهِرَة ووعد بإمرة فَلم تطل إِقَامَته حَتَّى مَاتَ وَترك مَالا جزيلا وَكَانَ من الشُّح المفرط والطمع الزَّائِد بغاية يستحيا من ذكرهَا.
قطلباي المحمودي العزيزي الأشرفي برسباي، من مشترواته الَّذين أعتقهم ابْنه وَصَارَ خاصكيا ثمَّ ساقيا فِي الْأَيَّام الإينالية ثمَّ أَمِير عشرَة وَمن رُءُوس النوب فِي الخشقدمية بسفارة حممه الظَّاهِر بلباي إِلَى أَن مَاتَ قَتِيلا فِي الْوَقْعَة السوارية فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَلم يكمل السّبْعين.
قطلبك. فِي قطلو بك.
قطلوبغا حجي البانقوسي حمو الظَّاهِر ططر. ولي نظر الْأَوْقَاف فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباي مُدَّة فباشر بعنف شَدِيد ثمَّ لانت عريكته ثمَّ انْفَصل، وَمَات فِي يَوْم السبت خَامِس عشري صفر سنة سبع وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
قطلوبغا الزين التركي الْمُفْتِي الْحَنَفِيّ أحد مشايخهم. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث. أرخه شَيخنَا أَيْضا، زَاد المقريزي فِي نصف جُمَادَى الأولى.
قطلوبغا الْعَلَاء التنمي تنم الحسني نَائِب الشَّام. رقاه الْمُؤَيد لكَونه كَانَ زوجا لابنته تنم بعد)
مَوته حَتَّى جعله مقدما ثمَّ أعطَاهُ نِيَابَة صفد فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَاسْتمرّ إِلَى أَن قدم على ططر فَخلع عَلَيْهِ باستمراره فِيهَا ثمَّ صرف وَأقَام بِدِمَشْق بطالا حَتَّى مَاتَ بهَا فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَعشْرين.
قطلوبغا الخليلي. ولي الحجوبية فِي أَيَّام برقوق ثمَّ تعطل مُدَّة إِلَى أَن طلبه الْمُؤَيد وولاه نِيَابَة إسكندرية وَاسْتمرّ بهَا مَحْمُود السِّيرَة حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَكَأَنَّهُ من مماليك جركس الخليلي أَمِير آخور، وَذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ: إِن لَهُ ولأبيه ذكر فِي الْحَوَادِث وَلم تطل مدَّته فِي السَّعَادَة وَاسْتقر بعده فِي نِيَابَة إسكندرية نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْعَطَّار الدِّمَشْقِي صهر كَاتب السِّرّ نقلا لَهُ من دوادارية نَائِب الشَّام إِلَيْهَا.
قطلوبغا السودوني سودون الشيخوني وَالِد الزين قَاسم الْحَنَفِيّ الْمَاضِي. يُقَال أَنه كَانَ من رُءُوس النوب ويلقب بالزراف. مَاتَ وَابْنه صَغِير.(6/223)
قطلوبغا الكركي لكَونه كَانَ صُحْبَة أستاذه الظَّاهِر برقوق بالكرك. عمله بعد رُجُوعه إِلَى الْملك خاصكيا وقربه وَأَدْنَاهُ ثمَّ أمره عشرَة وَلما اسْتَقر ابْنه النَّاصِر قدمه ثمَّ قبض عَلَيْهِ جكم من عوض وسجنه بإسكندرية مَعَ يشبك ثمَّ بعد سنة أطلق وأعيد إِلَى تقدمته حَتَّى مَاتَ فِي شعْبَان سنة تسع وَحضر النَّاصِر جنَازَته بمصلى المومني، وَكَانَ خيرا دينا تاليا لِلْقُرْآنِ مَرْبُوع الْقَامَة رَأْسا فِي الرَّمْي وَذكره شَيخنَا فِي أنبائه فَقَالَ: كَانَ شَابًّا حسنا فِي دولة الظَّاهِر حفظ الْقُرْآن وَكَانَ يحسن الْقِرَاءَة بالألحان مِمَّن يحب فِي إمرته الْعلمَاء ويجمعهم وَيحسن إِلَيْهِم ويتذاكرون عِنْده وَله ذكر فِي مَوَاضِع من الْحَوَادِث رَحمَه الله.
قطلو بك بن صديق بن عَليّ القونوي الرُّومِي. نزيل مَكَّة وَأحد التُّجَّار ووالد عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وصهر ابْن حمام. ذكره ابْن فَهد. مَاتَ.
قطلو بك الحسامي منجك اليوسفي نَائِب الشَّام. مِمَّن صَار من أَعْيَان أُمَرَاء الدولة الظَّاهِرِيَّة برقوق حَتَّى مَاتَ بالينبوع فِي سنة اثْنَتَيْنِ أرخه المقريزي وَغَيره.
قطلو بك العلائي الأيتمشي. خدم استادارا عِنْد غير وَاحِد من الْأُمَرَاء حَتَّى اتَّصل بالأتابك أيتمش البجاسي فاشتهر بِهِ وأثرى لطول خدمته لَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين اسْتَقر بِهِ)
الظَّاهِر برقوق فِي الاستادارية عوضا عَن مَحْمُود وأنعم عَلَيْهِ بإمرة عشْرين، ثمَّ بعد قَلِيل بتقدمة وباشر بعجز إِلَى أَن صرف فِي الَّتِي تَلِيهَا بيلبغا الْمَجْنُون وَاسْتمرّ أَمِير عشْرين مَعَ بَقَائِهِ فِي خدمَة أيتمش إِلَى أَن قتل أستاذه وَكَانَ مشكور السِّيرَة قَلِيل الشَّرّ ولي إمرة الأول مرّة والمحمل أُخْرَى وصاهره سعد الدّين بن غراب فنال قطلو بك الوجاهة بِهِ. وَمَات فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وأرخه شَيخنَا فِي ربيع الأول وَقَالَ أَنه ولي الاستادارية للسُّلْطَان مرَارًا، وَأما الْعَيْنِيّ فأرخه كَمَا تقدم وَقَالَ: كَانَ صَاحب دواليب كَثِيرَة وأموال جزيلة وَلم يشْتَهر بِمَعْرُوف.
قطلو خجا أَمِير عشرَة وَرَأس نوبَة صَغِير. مَاتَ فِي أَوَاخِر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
ذكره الْعَيْنِيّ.
قلمطاي الإسحاقي الأشرفي برسباي صهر الْجمال يُوسُف بن تغرى بردى وَأحد أُمَرَاء العشرات. حج مرَّتَيْنِ وَكَانَ مِمَّن يذكر بِخَير. مَاتَ لَيْلَة الْأَرْبَعَاء عَاشر الْمحرم سنة سبع وَسبعين عَن نَحْو السّبْعين رَحمَه الله.
قماري كَانَ أَمِير الركب الأول فَمَاتَ مُتَوَجها إِلَى الْحَج فِي شَوَّال سنة تسع عشرَة وَكَانَ شاد الزردخاناه. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.(6/224)
قمش أحد الْأُمَرَاء المقدمين من الظَّاهِرِيَّة برقوق ونائب طرابلس. مِمَّن قَتله الْمُؤَيد سنة سبع عشرَة، أرخه الْعَيْنِيّ.
قنباك. فِي قانباك. قنباي فِي قانباي.
قنبر بن عبد الله العجمي السبزواني وبخط الْعَيْنِيّ بالراء بدل النُّون ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وسمى بَعضهم وَالِده مُحَمَّد بن عبد الله. اشْتغل فِي بِلَاده وتمهر فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَقدم الديار المصرية قبيل التسعين فَأَقَامَ بالأزهر مُدَّة يشغل الطّلبَة فَانْتَفع بِهِ الْأَئِمَّة كالبساطي، وَكَانَ حسن التَّقْرِير جيد التَّعْلِيم متقنا معرضًا عَن الدُّنْيَا قانعا باليسير لَا يزِيد فِي الصَّيف والشتاء على قَمِيص ولباد وكوفية لبد على رَأسه وَلَا يتَرَدَّد لأحد وَلَا يسْأَل أحدا شَيْئا وَإِذا فتح عَلَيْهِ بِشَيْء أنفقهُ على من حَضَره وَإِذا حضر مَجْلِسا جلس حَيْثُ يَنْتَهِي وَلَا يتصدر، كل ذَلِك مَعَ محبَّة السماع والرقص والتنزه فِي أَمَاكِن النزه وَهُوَ على هَيئته وَذكره بالتشييع حَتَّى أَنه شوهد مرَارًا يمسح على رجلَيْهِ من غير خف. مَاتَ فِي شعْبَان كَمَا لشَيْخِنَا والمقريزي أَو ثَانِي رَجَب)
كَمَا للعيني سنة إِحْدَى. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: اجْتمعت بِهِ وَسمعت دروسه وَكَذَا ذكره فِي مُعْجَمه وَقَالَ: كَانَ عَارِفًا بالمعقولات حضرت دروسه بالأزهر وَكَانَ ينبز بالتشيع، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار جدا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
قنيد بن مِثْقَال الْقَائِد الحسني مولى السَّيِّد حسن بن عجلَان نَائِب مَكَّة ووالد مَسْعُود وعنان. مَاتَ بهَا فِي رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
قوام بن عبد الله الرُّومِي الْحَنَفِيّ ويلقب قوام وَكَأن اسْمه مُخْتَصره قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: قدم الشَّام وَهُوَ فَاضل فِي عدَّة فنون فصاهر الْبَدْر بن مَكْتُوم وَولي تصديرا بالجامع وشغل وَأفَاد وَصَحب النواب وَكَانَ سليم الْبَاطِن كثير الْمُرُوءَة والمساعدة للنَّاس. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان بِدِمَشْق رَحمَه الله.
قوزي الظَّاهِرِيّ جقمق من مماليكه قبل تملكه فَلَمَّا تملك عمله خاصكيا ثمَّ ساقيا ثمَّ أَمِير عشرَة ثمَّ امتحن إِلَى أَن أمره خشقدم عشرَة وَجعله من رُؤُوس النوب وتجرد لسوار فَعَاد مَرِيضا إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وَهُوَ فِي الكهولة وَحضر السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ بالمؤمني، وَكَانَ سَاكِنا مليحا لينًا.
قوماط شاه بن إسكندر بن قرا يُوسُف بن قرا مُحَمَّد الْمَاضِي أَبوهُ. قتل أَبَاهُ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَهُوَ محاصر بقلعة النجا وراسل عَمه جاهنشاه بذلك.
قيت الساقي الأشرفي الْوَالِي أحد العشرات. مِمَّن يذكر بالفروسية أعطَاهُ(6/225)
أستاذه الْولَايَة بعد مغلباي. وَمَات فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع وَتِسْعين بالطاعون.
قيت الرَّحبِي. اسْتَقر بعد الَّذِي قبله فِي الْولَايَة.
قينار أحد الطبلخاناه وأمير آخور صَغِير بالديار المصرية. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس عشري جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان. ذكره الْعَيْنِيّ وَيُحَرر اسْمه.
قيس بن ثَابت بن نعير. مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ.
(حرف الْكَاف)
كافور الجمالي الطواشي أحد خدام الْمَسْجِد النَّبَوِيّ. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
كافور الصرغتمشي الرُّومِي الطواشي الزِّمَام من عُتَقَاء منكلي بغا الشمسي وَكَأَنَّهُ ملكه بعد قتل صرغتمش الأشرفي فَإِنَّهُ كَانَ ينْسب إِلَيْهِ. كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة أصيلا فِي بَيت السُّلْطَان خدم عِنْد الظَّاهِر برقوق فِي أَوَائِل سلطنته بِوَاسِطَة زَوجته خوند هَاجر ابْنة منكلي بغا، وَاسْتمرّ فِي كبار الخدام إِلَى أَن اسْتَقر بِهِ النَّاصِر فرج فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة زماما بعد مقبل الرُّومِي ثمَّ انْفَصل عَنْهَا فِي حُدُود سنة أَربع وَعشْرين ثمَّ أُعِيد بعد يسير وأضيفت إِلَيْهِ الخازندارية حَتَّى مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس عشرى ربيع الآخر سنة ثَلَاثِينَ بعد أَن كبر واحدودب وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ وَدفن بتربته، وَخلف شَيْئا كثيرا وأملاكا أَكْثَرهَا وقف على مدرسته وتربته وَاسْتقر بعده فِي الزمامية خشقدم الظَّاهِرِيّ وَفِي الخازندارية قراجا الأشرفي برسباي، وَكَانَ قَصِيرا رَقِيقا مغرما بالعمائر أنشأ تربة بالصحراء مَعْرُوفَة بِهِ وَعمل فِيهَا خطْبَة وصوفية ووقف عَلَيْهَا عدَّة أوقاف وَكَانَ لَا يزَال يزخرفها ويجدد مَا زَالَت زخرفته مِنْهَا ويغضب مِمَّن يسميها تربة وَكَذَا أنشأ مدرسة بحارة الديلم من الْقَاهِرَة وفيهَا أَيْضا خطْبَة وصوفية إِلَى غَيرهمَا من العمائر الَّتِي يسمح فِيهَا للصناع وأتباعهم علمه بتقصيرهم ومزيد شحه بِالصَّدَقَةِ وَنَحْوهَا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
كافور الْهِنْدِيّ الطواشي رَأس نوبَة الجمدارية. كَانَ ساقيا. مَاتَ فِي الْمحرم سنة أَربع وَخمسين، وَدفن بتربة معتقته خوند هَاجر ابْنة الأتابك منكلي بغا الشمسي زَوْجَة الظَّاهِر برقوق.
كافور الْهِنْدِيّ المؤيدي شيخ. اسْتَقر فِي الزمامية عوضا عَن سميه الصرغتمشي الْمَاضِي قَرِيبا فِي حُدُود سنة أَربع وَعشْرين وَلم يلبث أَن عزل بِهِ وَمَات.
كبيش بِمُعْجَمَة بن جماز الْحُسَيْنِي. كَانَ قصد الْقَاهِرَة ليتولى إمرة الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فظفر بِهِ قوم لَهُم عَلَيْهِ ثأر فَقَتَلُوهُ قبل أَن يدخلهَا فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ. قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه.(6/226)
كبيش بن سِنَان بن عبد الله بن عمر الْقَائِد الْعمريّ الْمَكِّيّ. مَاتَ سنة سبع أَو سِتّ وَعشْرين، أرخه ابْن فَهد.
كبيش بن مظفر بن مُحَمَّد بن مبارك العصامي الحميضي الْقَائِد الْمَكِّيّ. مَاتَ فِي الْمحرم سنة)
أَربع وَأَرْبَعين خَارج مَكَّة وَحمل فَدفن بهَا. أرخه بن فَهد.
كبيش بن هبة بن جماز الْحُسَيْنِي. هُوَ ابْن جماز الْمَاضِي قَرِيبا.
كرتباي الأشرفي برسباي. تَأمر عشرَة فِي أَيَّام الظَّاهِر خشقدم ثمَّ نَفَاهُ ثمَّ أعطَاهُ إقطاعا بطرابلس إِلَى أَن قتل فِي الْوَقْعَة السوارية سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَكَانَ جبارا.
كرتباي الأشرفي قايتباي أحد خاصكيته بل قَرِيبه وأخو جانم. مَاتَ فِي الْمحرم سنة تسع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ فِي مصلى المؤمني وَدفن بتربة السُّلْطَان.
كرتباي السيفي جَانِبك نَائِب جدة. كَانَ من أقرباء السُّلْطَان فاستقر بِهِ فِي كشف الْبحيرَة عقب توسيط خشقدم وَلم يلبث أَن مَاتَ مطعونا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ.
كرد مير الْبَصْرِيّ الْبَزَّار بِمَكَّة وَجدّة. مَاتَ فِي شعْبَان سنة أَربع وَثَمَانِينَ بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد.
كردِي بن كندر الشهير بكردي باك التركماني. أَمِير التركمان بالعمق من أَعمال حلب بعد ابْن صَاحب الباز. جرى بَينه وَبَين نواب حلب وقائع وَآل أمره إِلَى أَن أمْسكهُ ططر وَكَانَ إِذْ ذَاك أحد أُمَرَاء حلب فَأمر بشنقه فشنق تَحت قلعة حلب فِي رَجَب أَو شعْبَان سنة أَربع وَعشْرين وَكَانَت القوافل فِي أَيَّامه آمِنَة. ذكره ابْن خطيب الناصرية مطولا وَتَبعهُ شَيخنَا فِي أنبائه.
كرسجي بن أبي يزِيد بن مُرَاد بن عُثْمَان. يَأْتِي فِي المحمدين.
كرلبغا وخدم عِنْد يروز الساقي ثمَّ توجه لِلْعِبَادَةِ والتلاوة وَبنى جَامعا على الخليج الحاكمي بِالْقربِ من شقّ الثعبان وقنطرة سنقر وَانْقطع بِهِ. مَاتَ فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق.
كزل الأرغون شاوي وأرغون شاه أَمِير مجْلِس. ترقى فِي أَيَّام الْمُؤَيد إِلَى أَن صَار أَمِيرا ثمَّ ولاه نِيَابَة الكرك بسفارة وَالِد زَوجته الناصري بن الْبَارِزِيّ ثمَّ عَزله وَجعله مقدما بِدِمَشْق فَمَاتَ قبل وُصُوله بعد مرض طَوِيل فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، وَذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ أَنه نَاب فِي الكرك ثمَّ فِي إسكندرية ثمَّ عزل كزل السودوني سودون نَائِب دمشق وَيعرف بالمعلم، تنقل بعده حَتَّى عمله الْمُؤَيد من جملَة معلمي الرمْح وَعرف بِحسن اللّعب ونالته السَّعَادَة مِنْهُ سِيمَا فِي أَيَّام الْأَشْرَف فَإِنَّهُ قربه وَجعله من رُءُوس النوب وَصَارَت لَهُ كلمة مسموعة وَتخرج(6/227)
بِهِ غَالب مماليكه وأمرائه بل وغالب أُمَرَاء الدولة وَبعد صيته وَاسْتمرّ إِلَى أَن وَجهه الظَّاهِر فِي حُدُود سنة خمسين إِلَى مَكَّة لشَيْء قديم فِي نَفسه أَمِيرا على الراكز بهَا فدام بهَا إِلَى أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَخمسين فَأخْرج أقطاعه)
وَعَاد فِي السّنة الَّتِي بعْدهَا إِلَى الْقَاهِرَة فدام بهَا إِلَى أَن أنعم عَلَيْهِ الْمَنْصُور بإمرة عشرَة إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَسِتِّينَ وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بالصحراء عَن نَحْو التسعين وَكَانَ قصير الْقَامَة مليح الشكالة فصيحا ذَا أدب وحشمة انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الرمْح وتعلمه وَلم يَنْفَكّ عَن تَعْلِيمه حَتَّى مَاتَ رَحمَه الله.
كزل بالعجمي الظَّاهِرِيّ برقوق الْمعلم أَيْضا. كَانَ خاصكيا لسَيِّده ثمَّ بجمقدارا ثمَّ أمره عشرَة وَجعله استادار الصُّحْبَة ثمَّ قدمه النَّاصِر وولاه الحجوبية الْكُبْرَى، وَحج فِي أَيَّامه أَمِير الْمحمل ثمَّ بقاه الْمُؤَيد على التقدمة خَاصَّة وَجعله أَمِير جِدَار إِلَى أَن نَفَاهُ لدمشق بعد مُدَّة ثمَّ أمْسكهُ وَوَقعت لَهُ حوادث إِلَى أَن بَقِي أَمِير طبلخاناه فِي أَيَّام الْأَشْرَف وَسكن بداره فِي البرقية على عَادَته أَولا، ثمَّ حصل لَهُ بعد سنة ثَلَاثِينَ فالج تعطل بِهِ وَلزِمَ الْفراش إِلَى أَن أخرج إمرته وَأَعْطَاهُ أقطاعا جيدا يَأْكُلهُ طرخانا حَتَّى مَاتَ بعد أَن ذهل وَصَارَ لَا يتَكَلَّم فِي ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين وَقد ناف على الثَّمَانِينَ فِيمَا قيل، وَكَانَ عَارِفًا بأنواع الفروسية كالرمح والنشاب والبرجاس قوي اللّعب إِلَى الْغَايَة لَكِن بِغَيْر تَرْتِيب وَلَا رونق وَكَونه غير شُجَاع وَلَا مشكور السِّيرَة فِي دُنْيَاهُ وَدينه متعاظما مستخفا بِالنَّاسِ خُصُوصا المعلمين مَعَ كَون فيهم من هُوَ أعرف مِنْهُ وَأحسن لعبا وَيذكر بمروءة وعصبية عَفا الله عَنهُ. كزل الْمعلم اثْنَان تقدما قَرِيبا.
كزل الناصري نِسْبَة لتاجره الخواجا نَاصِر الدّين الظَّاهِرِيّ برقوق. كَانَ رَأْسا فِي تَعْلِيم الرمْح ولعبه، ترقى فِي الدول حَتَّى صَار فِي أَيَّام الْمُؤَيد مقدما مُدَّة ثمَّ استعفى وَلزِمَ دَاره حَتَّى مَاتَ فِي سنة نَيف وَعشْرين رَحمَه الله.
كزل نَائِب البهنسا. مِمَّن تَأمر فِي أَيَّام الْمُؤَيد ثمَّ عصى مَعَ تغرى بردى المؤذي نَائِب حلب فِي سنة خمس وَعشْرين وَالظَّن أَنه قتل فِي تِلْكَ الْوَقْعَة.
كسباي الششماني الناصري ثمَّ المؤيدي أحد أُمَرَاء الطبلخاناه ومعلمي الرمْح. كَانَ من مماليك النَّاصِر ثمَّ ملكه الْمُؤَيد وَأعْتقهُ وَصَارَ خاصكيا فِي أَيَّام وَلَده المظفر ثمَّ دوادارا فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق ونالته مِنْهُ محن وَنفي للبلاد الشامية غير مرّة بِدُونِ ذَنْب يَقْتَضِيهِ وَقد عمله إينال أَمِير عشرَة وسَاق الْمحمل باشا ثمَّ سَافر أَمِير الركب الأول فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ فَحَمدَ تَدْبيره ثمَّ صَار أَمِير طبلخاناة فِي(6/228)
دولة الظَّاهِر خشقدم إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبعين وَشهد السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدفن بتربة أَنْشَأَهَا بالصحراء خَارج الْقَاهِرَة وَقد زَاد على السّبْعين،)
وَكَانَ رَأْسا فِي أَنْوَاع الفروسية كالرمح وَالرَّمْي وَضرب السَّيْف لكنه كَانَ إِذا تكلم يروم إبراز كَلَامه بِعِبَارَة حَسَنَة فَيَأْتِي بأرك شَيْء فيسأمه غَالب النَّاس لذَلِك مَعَ كرمه وسلامة بَاطِنه وتواضعه وإقباله على الْفَضَائِل واشتغاله بِالْعلمِ ورغبته فِي الحَدِيث بِحَيْثُ كَانَ صاحبنا الديمي يَجِيئهُ لذَلِك وَقد رَأَيْته بِمَجْلِس القَاضِي سعد الدّين بن الديري وَهُوَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي الشفا ظنا فَكنت أَكثر الرَّد عَلَيْهِ بِحَيْثُ انزعج لذَلِك وَمَا وَسعه إِلَّا أَن جَاءَ لي بالنسخة معتذرا بخطها فعذرته رَحمَه الله وإيانا.
كسباي الظَّاهِرِيّ خشقدم. قدم من جركس بِنَفسِهِ وانتمى لَهُ فَجعله من دواداريته ثمَّ أمره عشرَة فِي سنة سبعين، وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَدفن بتربة أستاذه.
كسباي المؤيدي تَأمر فِي آخر دولة الْأَشْرَف برسباي ثمَّ ولاه نِيَابَة قلعة الْجَبَل لَا لرفع مَنْزِلَته بل لسمنه وعجزه عَن الْحَرَكَة بِحَيْثُ لم يكن يَسْتَطِيع الثَّبَات على الْفرس لسمنه ثمَّ ولاه نِيَابَة إسكندرية فطالت أَيَّامه فِيهَا وَمَات.
كسباي النوروزي أحد أُمَرَاء العشرات بِدِمَشْق ثمَّ اسْتَقر من الطبلخاناة وَلم تنفصل السّنة حَتَّى مَاتَ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. أرخه ابْن اللبودي.
كسو الظَّاهِرِيّ برقوق من الجراكسة المعظمين بَينهم إِلَى الْغَايَة بِحَيْثُ كَانَ أحد من رشح لِلْأَمْرِ وَهُوَ جندي، مَاتَ فِي آخر الدولة الناصرية فرج.
كَمَال بن مُوسَى الدَّمِيرِيّ، فِي المحمدين.
كَمَال الخواجا الرُّومِي. مَاتَ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَأَرْبَعين بجدة وَحمل فَدفن بالمعلاة كَمَال الخواجا الكيلاني. مَاتَ فِي صفر سنة أَرْبَعِينَ بجدة وَحمل فَدفن بالمعلاة أَيْضا. أرخهما ابْن فَهد.
كمشبغا الأحمدي الظَّاهِرِيّ برقوق. تركي الْجِنْس من أصاغر مماليكه ثمَّ تَأمر بعد موت الْمُؤَيد ثمَّ اسْتَقر بِهِ الْأَشْرَف رُءُوس النوب وسَاق الْمحمل باشا، وَكَانَ خَفِيف اللِّحْيَة شهما قوي النَّفس مقداما لَهُ قدرَة على بغض الجراكسة. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ حادي عشر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ كَمَا أرخه الْعَيْنِيّ وَهُوَ فِي عشر السِّتين.
كمشبغا التنمي نَائِب قلعة دمشق. مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ.
كمشبغا الْجمال الظَّاهِرِيّ برقوق كَانَ فِي أَيَّامه خاصكيا ثمَّ أَمِير عشرَة ثمَّ فِي أَيَّام النَّاصِر ولد)
أَمِير طبلخاناه ونائب القلعة فَلَمَّا تسلطن الْمُؤَيد أخرج إقطاعه(6/229)
وَأمره بِلُزُوم دَاره مُدَّة ثمَّ أُعِيد إِلَى الطبلخاناه ثمَّ فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ أخرج الْأَشْرَف إقطاعه وَلزِمَ دَاره إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، وأرخه شَيخنَا فِي إنبائه فِي سادس ربيع الآخر مِنْهَا بحلب وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ وَقَالَ أَنه كَانَ عَاقِلا وقورا متدينا واستنابه النَّاصِر فرج فِي بعض سفراته إِلَى الشَّام وَولي فِي أَيَّام الْمُؤَيد النّظر على الخانقاه السرياقوسية وحمدت سيرته قلت: وَمِمَّنْ أم بِهِ الشَّيْخ عز الدّين الْمَالِكِي مواخي ابْن الْهمام وَهُوَ صَاحب الرّبع الَّذِي بالإقباعيين بِالْقربِ من الأشرفية.
كمشبغا من خجا الظَّاهِرِيّ برقوق من أصاغر مماليكه. حفظ الْقُرْآن فِي صغره واشتغل بِالْعلمِ وَكتب الْمَنْسُوب، وتأمر فِي أَيَّام النَّاصِر عشرَة إِلَى أَن صيره الْأَشْرَف من جملَة الْحجاب بعد تمنع زَائِد وَاسْتمرّ إِلَى أَن قَتله بعض مماليكه الأجلاب وَهُوَ نَائِم على فرَاشه لَيْلًا فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ ووسط الْمَمْلُوك بعد ضربه وإشهاره وَقد زَاد هَذَا على السِّتين، وَكَانَ دينا خيرا عفيفا تاليا لكتاب الله وَلذَا أكْرمه الله بِالشَّهَادَةِ رَحمَه الله.
كمشبغا الْحَمَوِيّ اليلبغاوي وَالِد رَجَب الْمَاضِي. اشْتَرَاهُ ابْن صَاحب حماة وَهُوَ صَغِير فرباه ثمَّ قدمه للناصر حسن ثمَّ أَخذه يلبغا الْعمريّ الحسني بعد قَتله وصيره رَأس نوبَة عِنْده وسجن بعد مسكه ثمَّ أفرج عَنهُ فِي دولة الْأَشْرَف شعْبَان وخدم فِي بَيت السُّلْطَان فَلَمَّا قتل الْأَشْرَف أَمر عشرَة بحلب ثمَّ عمل بِدِمَشْق تقدمة ثمَّ بحماة نَائِبا ثمَّ بِدِمَشْق سنة ثَمَانِينَ ثمَّ بصفد ثمَّ بطرابلس مرّة بعد أُخْرَى، وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال ثمَّ قبض عَلَيْهِ بطرابلس وسجن فِيهَا ثمَّ أفرج عَنهُ يلبغا الناصري وَتوجه مَعَه لمصر وولاه نِيَابَة حلب فَلَمَّا خرج منطاش على برقوق قدم على برقوق من حلب وَقَاتل مَعَه وَقَامَ بنصرته ثمَّ رَجَعَ إِلَى حلب فَلَمَّا اسْتَقر الظَّاهِر فِي المملكة ثَانِيًا أحضرهُ إِلَى الْقَاهِرَة وَعَمله أتابك العساكر ثمَّ غضب عَلَيْهِ فِي أول سنة ثَمَانمِائَة واعتقله بإسكندرية حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَلم يلبث أَن مَاتَ الظَّاهِر، وَكَانَ شكلا حسنا مهابا عالي الهمة مُدبرا مَحْمُود السِّيرَة فِي ولاياته وَهُوَ الَّذِي جدد سور حلب وأبوابها وَكَانَت خرابا من وقْعَة هولاكو وَلما قَامَ عَلَيْهِ أهل حلب فتك بِأَهْل بانقوسا فَلَمَّا انتصر الظَّالِم على منطاش قبض على القَاضِي شهَاب الدّين بن أبي الرضي واستصحبه مَعَه كالأسير إِلَى أَن هلك مَعَه من غير سَبَب ظَاهر فاتهم بِأَنَّهُ دس عَلَيْهِ من خنقه لكَونه أَشد من ألب عَلَيْهِ فِي تِلْكَ)
الْفِتْنَة فانتقم مِنْهُ لما قوي عَلَيْهِ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَابْن خطيب الناصرية والمقريزي فِي عقوده وَغَيرهم مطولا وَقَالَ الْعَيْنِيّ مَا ملخصه: إِنَّه كَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ ومني(6/230)
أَكثر عمره فِي ملاذ الدُّنْيَا وَلم يشْتَهر عَنهُ من الْخَيْر إِلَّا الْقَلِيل مَعَ العسف وَالظُّلم وَسَفك الدِّمَاء، زَاد غَيره أَنه لضخامته لم يكن يحملهُ إِلَّا الْجِيَاد من الْخُيُول وَأَنه ولي نِيَابَة السلطنة بالديار المصرية قَدِيما.
كمشبغا طولو. أَصله من مماليك طولو بن عَليّ باشا الظَّاهِرِيّ، تنقل بعده إِلَى أَن صَار من أُمَرَاء الطبلخاناة بِدِمَشْق وحاجبا ثَانِيًا ثمَّ ولي نِيَابَة قلعة دمشق بعد صرغتمش يابو وأثرى وَعمر الْأَمْلَاك وَمَات فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَخلف مَالا كثيرا.
كمشبغا الظَّاهِرِيّ برقوق. أحد أُمَرَاء حلب الْمَعْرُوف بأمير عشرَة. تنقل فِي الإمرة والولايات إِلَى أَن انْتَمَى للأتابك جَانِبك الصُّوفِي وَقَامَ مَعَه ثمَّ قتل فِي الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ، وَكَانَ كثير الشَّرّ محبا للفتن.
كمشبغا الظَّاهِرِيّ. فِي الفيسي قَرِيبا.
كمشبغا العديمي الكمالي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن العديم الْحلَبِي. سمع على ابْن صديق الصَّحِيح بفوت، وَحدث باليسير سمع مِنْهُ أَصْحَابنَا وَهُوَ رَفِيق أقبغا الْمَاضِي، مَاتَ.
كمشبغا الفيسي بِالْفَاءِ والمهملة الظَّاهِرِيّ برقوق. مِمَّن ترقى فِي أَيَّام النَّاصِر فرج إِلَى أَن صَار مقدما ثمَّ فِي جُمَادَى الأولى سنة عشر أَمِير آخور كَبِير ثمَّ أمْسكهُ الْمُؤَيد وحبسه مُدَّة ثمَّ أطلقهُ وتخومل بِحَيْثُ كَانَ فِي أَيَّام الْأَشْرَف من أُمَرَاء العشرات ثمَّ ولاه كشف الْوَجْه البحري، واشتهر بالظلم والعسف إِلَى أَن عزل على أقبح وَجه وَعقد لَهُ مجَالِس بِسَبَب سفك الدِّمَاء ثمَّ آل أمره إِلَى أَن خرج للبلاد الشامية على أقطاع هَين حَتَّى مَاتَ هُنَاكَ فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَقد ناهز الثَّمَانِينَ وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: كَانَ جريئا على سفك الدِّمَاء وَوَصفه بالكاشف زَاد غَيره المزوق الظَّاهِرِيّ.
كمشبغا مَمْلُوك لأمير آخور بخشباي الْمَقْتُول بِالشَّرْعِ فِي إسكندرية ثمَّ صَار من المماليك السُّلْطَانِيَّة إِلَى أَن ولي نِيَابَة قلعة حلب ببذل للظَّاهِر خشقدم فِي سنة سبع وَسِتِّينَ، ثمَّ نقل إِلَى نِيَابَة البيرة، وَلم يلبث أَن مَاتَ بهَا فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ.
كوثر الظَّاهِرِيّ خازندار الْمَسْجِد النَّبَوِيّ كَانَ مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.)
كوير بالراء الْمُهْملَة تَصْغِير كور بن أبي سعد بن حَازِم بن عبد الْكَرِيم الحسني، مَاتَ فِي الْمحرم سنة أَربع وَأَرْبَعين بجدة وَحمل فَدفن بالمعلاة، أرخه ابْن فَهد.
كيلان بن مبارك شاه السَّمرقَنْدِي العجمي الْآتِي أَبوهُ. كَانَ قد حضر(6/231)
هُوَ وَأَبوهُ ومعهما ثَالِث قصادا عَن شاه رخ بن تيمور لنك ملك الْعَجم ومعهما هَدِيَّة للظَّاهِر جقمق فاتفق موت الْأَب بغزة وَحضر وَلَده مَعَ الآخر فَأكْرم موردهما وَلم يلبث أَن لحق بِأَبِيهِ فَمَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَأَرْبَعين غَرِيبا وَدفن خَارج بَاب النَّصْر ثمَّ نقل هُوَ وَأَبوهُ بعد مُدَّة إِلَى الْقُدس فدفنا بِهِ واحتفل النَّاس بِجنَازَة هَذَا وبختمه وَكَانَ شَابًّا حسنا ذَا سمت حسن وعقل وتؤدة رَحمَه الله، وَذكره المقريزي بِاخْتِصَار.
(حرف اللَّام)
لاجين الجركسي وَيعرف بالشيخ لاجين. كَانَ بقلة عقله يزْعم أَنه يملك الديار المصرية وَيظْهر ذَلِك وَلَا يتكتمه والجراكسة يعظمونه ويعتقدون صِحَة ذَلِك ويعد بِإِبْطَال الْأَوْقَاف الَّتِي على الْمَسَاجِد والجوامع وإحراق كتب الْفِقْه ومعاقبة الْفُقَهَاء، إِلَى غير ذَلِك من الهذيانات. وَمَات وَهُوَ جندي فِي ربيع الآخر سنة أَربع عَن أَزِيد من ثَمَانِينَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: كَانَ مُعظما عِنْد الجراكسة وَكَانُوا يتحاكون بَينهم أَنه يَلِي المملكة وَهُوَ يتظاهر بذلك وَلَا يَكْتُمهُ ويبلغ السُّلْطَان والأكابر فَلَا يكترثون بِهِ بل يعدون كَلَامه من سقط الْمَتَاع وَكَانَ قد عين جمَاعَة لعدة وظائف ويعد أَنه تملك أَن يبطل الْأَوْقَاف كلهَا وَأَن يخرج الإقطاعات كلهَا وَأَن يُعِيد الْأَمر إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي عهد الْخُلَفَاء وَأَن يحرق كتب الْفُقَهَاء كلهَا وَأول من يُعَاقب البُلْقِينِيّ فحال الله بَينه وَبَين هَذَا كُله وَمَات قبل البُلْقِينِيّ بِسنة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ أَو جازها وَكفى الله شَره، وَكَانَ لَهُ أقطاع تغل كل سنة عشرَة آلَاف وَهِي إِذْ ذَاك قدر ثلثمِائة دِينَار ورزقة أُخْرَى تغل هَذَا الْقدر أَو أَكثر مِنْهُ وَكَانَ مُنْقَطِعًا فِي بَيته والأمراء يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ وَغَيرهم يفعل ذَلِك تبعا لَهُم وشاع أَن الظَّاهِر أَرَادَ أَن يقرره فِي نِيَابَة السلطنة فَلم يتم ذَلِك وَقيل بالامتناع مِنْهُ وَكَانَ مَشْهُورا بِسوء العقيدة يفهم طَرِيق ابْن الْعَرَبِيّ ويناضل عَنْهَا أَتبَاع فِي ذَلِك.
لاجين الظَّاهِرِيّ جقمق حسام الدّين الزردكاش وَيعرف باللالا وَقد يُقَال بالشين بدل الْجِيم.
اشْتَرَاهُ أستاذه قبل سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فِي حَال إمرته وَأعْتقهُ فَلَمَّا تسلطن كتبه خاصكيا ثمَّ جعله خاصكيا ثمَّ أَمِير عشرَة وَجعله لالة وَلَده الفخري عُثْمَان المستقر بعده فِي السلطنة فدام على)
ذَلِك سِنِين، وَعمر جَامعا بالجسر الْأَعْظَم بِالْقربِ من الْكَبْش على بركَة الْفِيل فِي سنة أَربع وَخمسين وأوائل الَّتِي بعْدهَا وَجعل عَلَيْهِ أوقافا جمة ثمَّ اسْتَقر بعد موت تغرى برمش اليشبكي بِمَكَّة(6/232)
فِي سنة أَربع وَخمسين زردكاشا وَهُوَ على إقطاعه الأول إمرة عشرَة، وَاسْتمرّ إِلَى أَن رقاه الْمَنْصُور لشد الشربخاناه وَلم يلبث أَن أمسك بعده فَأَقَامَ بإسكندرية ثمَّ حول مِنْهَا إِلَى طرابلس وأنعم عَلَيْهِ بعد ذَلِك فِيهَا بِشَيْء يسير إِلَى أَن أحضرهُ الظَّاهِر خشقدم وَتقدم ثمَّ صَار فِي أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي أَمِير مجْلِس وتأمر على الْمحمل فِي سنة ثَمَانِينَ وسافر مَعَه زوج ابْنَته البدري بن مزهر، وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا فِيهِ فضل وتقريب لبَعض الأخيار وإحسان إِلَيْهِم فِي الْجُمْلَة وَلما كبر وَظهر عَجزه أعفي عَن الْخدمَة إِلَّا فِي أول الشُّهُور أَو مَا لَا بُد مِنْهُ وَلزِمَ أكبر أَوْلَاده الشهابي أَحْمد الْمَشْي عَنهُ فِيمَا عدا ذَلِك ثمَّ أخرج عَنهُ الإقطاع لأزدمر الخازندار الظَّاهِرِيّ صهر يشبك الْفَقِيه وَيعرف بالمسرطن فِي أَوَائِل شهور سنة خمس وَثَمَانِينَ وأوقفت الإمرة إِلَى أَن اسْتَقر فِيهَا بعد مَوته بِمدَّة ازدمر الظَّاهِرِيّ قريب السُّلْطَان نقلا لَهُ من نِيَابَة حلب وَقرر لصَاحب التَّرْجَمَة بعد إخراجهما عَنهُ على الذَّخِيرَة فِي كل يَوْم ألف دِرْهَم إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَدفن بتربته فِي القرافة وَأخرج عَن أَوْلَاده من أوقافه جملَة رَحمَه الله.
لر سعد الدّين أوحد تلامذة السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ. مِمَّن أَخذ عَنهُ الْعَلَاء الْكرْمَانِي شيخ سعيد السُّعَدَاء وَسَلام الله.
لطف الله بن يَعْقُوب بن إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن مَسْعُود الهمذاني ثمَّ التبريزي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بهمدان وَهَاجَر مِنْهَا لتبريز فقطنها للطلب وَأخذ بهَا عَن حاجي مُحَمَّد الفراز فِي الْأَصْلَيْنِ وَعَن ظهير الدّين الأردبيلي فِي أصل الدّين خَاصَّة وَعَن يُوسُف المراغي فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وبغيرها من أَعمالهَا عَن إِسْمَاعِيل البابي فِي الْفِقْه والنحو وَالصرْف وَعَن الصَّدْر الشِّيرَازِيّ فِي الطِّبّ، وسافر بِقصد الْحَج فورد حلب فَمَا دونهَا وَتوجه مَعَ الركب الشَّامي فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ أَو الَّتِي قبلهَا فقطن مَكَّة وتصدى رها إقراء الطّلبَة فِي كثير من الْفُنُون بل كَانَ يقرئ فِي فقه الْحَنَفِيَّة، وعالج جمَاعَة فِي الطِّبّ كَأَخِي وَامْتنع من الْأَخْذ لشَيْء وَكَانَ فَاضلا خيرا متواضعا منجمعا تردد إِلَيّ غير مرّة وَرجع مَعَ موسم سنة ثَلَاث وَتِسْعين.)
لطف الله الْكَمَال السَّمرقَنْدِي أحد تلامذة التَّفْتَازَانِيّ، قَالَ الطاووسي: أجَاز لي فِي شهور سنة خمس عشرَة.
لهيب رجل من الْعَرَب، قتل كَمَا ذكرته فِي حوادث شَوَّال سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ.
لولو الرُّومِي الأشرفي برسباي الطواشي كَانَ من جمدارية أستاذه ثمَّ(6/233)
صَار بعده ساقيا ثمَّ ولي تقدمة المماليك فِي أَيَّام إينال ثمَّ صرف ثمَّ ولي زماما وخازندارا فِي أَيَّام خشقدم ثمَّ عزل وَلزِمَ دَاره حَتَّى مَاتَ بعد مرض طَوِيل فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشري شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَقد ناهز السِّتين وَهُوَ مِمَّن صودر غير مرّة وَكَانَ حشما رَئِيسا وقورا فِي الدول مَعَ إِسْرَاف على نَفسه عَفا الله عَنهُ.
لولو الرُّومِي الْغَزِّي الطواشي. كَانَ فِي ابْتِدَائه من جملَة الخدام السُّلْطَانِيَّة ثمَّ ولي كشف الْوَجْه القبلي فِي سنة ثَلَاث عشرَة ثمَّ عزل ثمَّ أُعِيد فِي سنة ثَمَان عشرَة ثمَّ عزل وصودر مَعَ شَدِيد الْعقُوبَة، وَيُقَال أَن الْفَخر بن أبي الْفرج لما رام عِقَابه أَمر بفرش بِسَاط تَحْتَهُ فَقَالَ لَهُ: تعلم الرياسة هَذَا لما أَجْلِس بجانبك وَأما الْآن فالأرض أليق ثمَّ أفرج عَنهُ وَأقَام بطالا وَولي الدواليب السُّلْطَانِيَّة بِالْوَجْهِ القبلي أَيْضا حَتَّى مَاتَ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَعشْرين وَكَانَ بَخِيلًا حَتَّى بِالْأَكْلِ على سماطه حَرِيصًا على جمع الْأَمْوَال ظَالِما عَارِفًا بِطرقِهِ مَعَ إِظْهَار التدين والتنسك وَالْعِبَادَة وَكَانَ ذَا رَأْي أحدا من جماعته يساعد شخصا عاكسه وَقَالَ لَهُ: أخذت فلوسه يَا قشمر فَلَمَّا ألفوا مِنْهُ ذَلِك صَارُوا يحطون على من يرومون قَضَاء أربه فيصلون بذلك لمقاصدهم. وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار فَقَالَ الطواشي الْمَجْبُوب كاشف الْوَجْه القبلي وليه مرَّتَيْنِ ثانيتهما فِي رَجَب سنة ثَمَان عشرَة ثمَّ عزل وصودر وَأخذ مِنْهُ مَال جزيل بعد الْعقُوبَة الشَّدِيدَة ثمَّ ولي شدّ الدواليب، وَمَات على ذَلِك، وَكَانَ من الحمقى المغفلين والظلمة الفاتكين فِي صُورَة الناسكين.
لولو خَادِم ابْن يلبغا. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث. أرخه الْعَيْنِيّ.
(حرف الْمِيم)
ماجد بن عبد الرَّزَّاق فَخر الدّين القبطي السكندري وسمى نَفسه مُحَمَّدًا أَخُو سعد الدّين إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَالْفَخْر أكبر وَكَانَ جدهما نَصْرَانِيّا كَمَا سلف وَيعرف بِابْن غراب. ولد بإسكندرية وَنَشَأ بهَا فباشر فِي ديوانها ثمَّ ولي نظرها حِين عمل أَخُوهُ نَاظر الْخَاص إِلَى أَن استدعاه أَخُوهُ بعد موت الظَّاهِر برقوق إِلَى الْقَاهِرَة فَقَدمهَا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَاسْتقر فِي الوزارة فِي ذِي الْحجَّة مِنْهَا عوضا عَن الشهَاب أَحْمد بن عمر بن قطينة وَكَذَا ولي نظر الْخَاص مُضَافا للوزر وَلم يحمد فيهمَا وعزل وَسلم بعد أَخِيه إِلَى الْجمال البيري الاستادار فعاقبه أَشد عُقُوبَة وسجنه عِنْده إِلَى نصف ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة ثمَّ سلمه إِلَى الْوَالِي وحرضه عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ تَحت الْعقُوبَة فِي لَيْلَة الْعَاشِر من ذِي الْحجَّة مِنْهَا، وَكَانَ سيء السِّيرَة فِي مُبَاشَرَته ظَالِما عسوفا جَاهِلا ألكن مَعَ حِدة وقبح شكالة وضخامة وَلذَا قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَلم يكن(6/234)
فِيهِ من آلَات الرياسة شَيْء بل كَانَ يلثغ لثغة قبيحة يَجْعَل الْجِيم زايا والشين الْمُعْجَمَة مُهْملَة ويسير سيرة جائرة، وَلما مَاتَ أَخُوهُ خمل وخمد وَآل أمره إِلَى أَن قتل فِي حبس جمال الدّين غيلَة، وَذكره ابْن خطيب الناصرية أَيْضا والمقريزي فِي عقوده وَلكنه قَالَ إِنَّه مَاتَ فِي أول لَيْلَة ذِي الْحجَّة.
ماجد بن أبي الْفَضَائِل بن سناء الْملك فَخر الدّين الْمَدْعُو عبد الله بن السديد القبطي وَيعرف بِابْن المزوق. كَانَ من أَوْلَاد الكتبة وخدم عِنْد سعد الدّين بن غراب وبعنايته ولي نظر الْجَيْش وَكِتَابَة السِّرّ وَاحِدَة بعد أُخْرَى فِي أَيَّام النَّاصِر فرج بعد عزل فتح الله مُدَّة يسيرَة ثمَّ صرف إِلَى أَن ولي نظر الإسطبل ثمَّ عزل واتضع قدره وتعطل فِي الدولة المؤيدية وَمَا بعْدهَا وأهين بعد بالمقارع فِي الدولة الأشرفية برسباي لكَونه اتهمَ بخبيئة لجانبك الصُّوفِي لصحبته بِهِ وَلزِمَ دَاره حَتَّى مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار.
ماجد مجد الدّين بن النحال وَالِد فرج الْمَاضِي. أَصله من نَصَارَى مصر الْقَدِيمَة وَبهَا نَشأ وتدرب فِي الدِّيوَان والحساب الأسعد البحلاق واتصل بِخِدْمَة توروز الحافظي مُدَّة أظهر الدُّخُول فِي الْإِسْلَام حِين ألزمهُ بِهِ وَمَعَهُ ابْنه وَغَيره ثمَّ بعد قَتله خدم عِنْد جقمق الأرغو نشاوي وَاسْتقر بعد مَوته فِي أَوَائِل الْأَيَّام الأشرفية فِي كِتَابَة المماليك فدام مُدَّة صودر فِيهَا غير مرّة إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة السبت سادس ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَبَلغنِي أَن تغرى برمش)
الْفَقِيه حضر الصَّلَاة عَلَيْهِ لصحبة بَينهمَا وَقَالَ إِنَّه نوى الصَّلَاة عَلَيْهِ أَن كَانَ مُسلما، وَكَانَ شَيخا قَصِيرا دميما أَعور وَلكنه كَانَ ماهرا فِي فنه مَعَ مُرُوءَة وحذق بِخِلَاف ابْنه فَكَانَ جَامِدا كريها كَمَا تقدم وَقَالَ المقريزي إِنَّه لَا دين وَلَا دنيا. ماجي بن نزيل جَامع الْأَزْهَر.
مَالك الْعَرَبِيّ المغربي من تلامذة عَليّ الوزرو إِلَى الْمَاضِي. مَاتَ فِي سنة سبعين بَين الْحَرَمَيْنِ وَكَانَ صَالحا. أَفَادَهُ لي بعض المغاربة.
مامش المحمدي المؤيدي شيخ. اشْتَرَاهُ فِي أَيَّام إمرته ثمَّ جعله لما تسلطن خاصكيا ثمَّ بعد مُدَّة أَمِير عشرَة ثمَّ صَار بعد مَوته طبلخاناة وَرَأس نوبَة فدام أشهرا ثمَّ قبض عَلَيْهِ الأتابك ططر بِدِمَشْق وحبسه فِي جملَة المؤيدية إِلَى أَن أطلقهُ الْأَشْرَف وَأَعْطَاهُ إمرة هينة بحماة فدام بهَا حَتَّى مَاتَ بعد الثَّلَاثِينَ تَقْرِيبًا، وَكَانَ قَبِيح السِّيرَة متجاهرا بِالْمَعَاصِي بِحَيْثُ يهجم الْبيُوت من الْأَبْوَاب أَو الطيقان سِيمَا فِي أَيَّام أستاذه وضربه مرّة على ذَلِك ثمَّ صَار يعْتَذر لمن يشتكيه لَهُ بجنونه فقد كَانَ مَا تقدم مَعَ جُنُون وعفة.(6/235)
مامية السيفي بيبغا المظفري. كَانَ دوادارا ثَالِثا فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق وَاسْتقر فِيهَا بعد نَفْيه أَو مَوته قايتباي المحمودي وَكَانَ يسكن بِقرب الغنامية مِمَّن يذكر بِالْخَيرِ والفروسية، تزوج بِإِحْدَى بَنَات الطنبذي واستولدها أَوْلَادًا مِنْهُم زَوْجَة الشهابي حفيد الْعَيْنِيّ أم أَوْلَاده.
ماميه من حَمْزَة الظَّاهِرِيّ. مِمَّن تَأمر عشرَة فِي أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي، وَاسْتقر بِهِ أَمِير آخور الْجمال ثمَّ أَمِير جمدار، وَحج فِي الْعَام الْمَاضِي. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ فَجْأَة سقط من حَائِط وَمَشى الأتابك فَمن دونه فِي جنَازَته، وَكَانَ يذكر بِخَير عَفا الله عَنهُ.
ماميه الأشرفي قايتباي. سَافر بعد الصُّلْح مَعَ ابْن عُثْمَان إِلَيْهِ بهدية ثمَّ رَجَعَ وَعمل الدوادارية الثَّانِيَة بعد شَاذ بك وَيذكر بحذق وعقل.
مَانع بن عَليّ بن مَنْصُور بن جماز بن شيحة الْحُسَيْنِي أَمِير الْمَدِينَة ووالد أميرها أميان الْمَاضِي، وَليهَا مُدَّة إِلَى أَن قَتله حيدر بن دوغان الْمَاضِي بِدَم أَخِيه حشرم فِي عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَكَانَ مشكور السِّيرَة وَاسْتقر ابْنه بعده فِي الإمرة بعد تنَازع بَين عَليّ بن مَانع والعجل بن عجلَان فِيهَا. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار.
ماهر بن عبد الله بن نجم بن عوض بن نصير بِفَتْح النُّون ثمَّ مُهْملَة ككبير ابْن نصار بِالْفَتْح والمهملة الثَّقِيلَة الزين أَبُو الْجُود الْأنْصَارِيّ البلقسي الأَصْل ثمَّ البلهيائي نِسْبَة إِلَى)
بلهية من بركَة لواثة السفطي نِسْبَة لسفط رشيد القاهري الشَّافِعِي نزيل بَيت الْمُقَدّس. ولد فِي سنة تسع وَقيل أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة بقرية بلهية فِي بركَة لواثا من البهنساوية من أَعمال الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد جمَاعَة ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة بعد موت وَالِده فِي آخر سنة تسع وَتِسْعين أَو الَّتِي قبلهَا فحفظ الْحَاوِي والشامل الصَّغِير وَالثلث من التَّنْبِيه وتفقه بالأبناسي وَنزل بزاويته ولازمه كثيرا وبالسراجين ابْن الملقن والبلقيني والبدر القويسني وَغَيرهم، وَأَجَازَ لَهُ الزين الْعِرَاقِيّ وَغَيره وانتقل إِلَى بَيت الْمُقَدّس فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة فلازم الشهَاب بن الهائم فِي الْفَرَائِض والحساب وَكَذَا فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه وأصوله والمنطق بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره حَتَّى حمل عَنهُ علما جما وَحضر أَيْضا عِنْد الشَّمْس القلقشندي وَطَائِفَة وبرع فِي الْعلم وَتمكن فِي فنون خُصُوصا الْحَاوِي وَعرف باستقامة الْفَهم وَسُرْعَة التَّصَوُّر والتثبت فِي النَّقْل وَولي تصديرا بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ خلق مِنْهُم ابْن حسان وَعبد الْكَرِيم القلقشندي وَمن دونهم أَو مثلهم مَعَ أَن(6/236)
ميله كَانَ فِي الْعِبَادَة أَكثر من الإقراء وَصَارَ شيخ الْبَلَد بِدُونِ مدافع لمتين ديانته ومزيد ورعه وتقشفه فِي مأكله ومشربه ومسكنه وَسَائِر أَحْوَاله وتقنعه باليسير وانعزاله عَن بني الدُّنْيَا بل وَعَن أَكثر النَّاس إِلَّا من يفِيدهُ وسلامة صَدره ومزيد صمته وبشاشته وطلاقته ووفور عقله وَحسن فطرته ومشيه على قانون السّلف مِمَّن جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل والزهد وَلم يكن يكْتب على فتيا تورعا وَمَا علمت بعد ابْن رسْلَان بِتِلْكَ النواحي مثله وَلذَا قَالَ الْعِزّ الْقُدسِي: لَا أعلم بِبَيْت الْمُقَدّس وَغَيرهَا من يسْتَحق الصلاحية بِشَرْط الْوَاقِف سواهُ، وَكَانَ الشهَاب بن المحمرة كثيرا مَا يَقُول: الصّلاح عبارَة عَن اثْنَيْنِ صَامت ومتكلم فشار وَيُشِير إِلَى أَن الصَّامِت صَاحب التَّرْجَمَة، وَقد لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس وانتفعت بدعائه ورؤيته وقرأت عَلَيْهِ جُزْءا. مَاتَ بعد أَن اعتراه ضيق النَّفس مُدَّة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر ربيع الأول أَو قبيل الْعشَاء من لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سلخ ربيع الآخر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَدفن بمقبرة بَاب الرَّحْمَة شَرْقي الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَكَانَت جنَازَته حافلة وَلم يخلف بعده هُنَاكَ فِي طبقته مثله رَحمَه الله ونفعنا بِهِ وَقد أنْشد الْبُرْهَان العينوسي الكتبي بِهِ:
(أَلا من كَانَ يَبْغِي نيل علم ... فَلَا يَنْفَكّ طول اللَّيْل ساهر)
)
(وَمن يطْلب عروس الْعلم تجلى ... فَإِن الشَّيْخ زين الدّين ماهر)
وَكتب الزين عبد الرَّحْمَن الْقرشِي لغزا فِي ماهر وَأرْسل بِهِ إِلَى الهائم من غير أَن يعلم مضمونه وَقد أجَاب عَنهُ بعد دهر أَبُو اللطف بِمَا لَا أطبل بإيرادهما.
مبارك شاه السَّمرقَنْدِي العجمي وَالِد كيلان الْمَاضِي قَاصد شاه رخ بن تمرلنك إِلَى الظَّاهِر جقمق، بغته الْأَجَل بغزة قبل وُصُوله الْقَاهِرَة فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَهُوَ كهل ثمَّ جِيءَ بعد بولده وَهُوَ ميت وَنقل هَذَا مَعَه إِلَى بَيت الْمُقَدّس فدفنا بِهِ كَمَا تقدم فِي كيلان وَيُقَال أَنه كَانَ عَاقِلا سيوسا ذَا تؤدة وَحسن سمت وَله طلب وأدب. رَحمَه الله. ذكره المقريزي بِاخْتِصَار عَن هَذَا.
مبارك شاه الظَّاهِرِيّ برقوق. كَانَ من أَتْبَاعه أَولا فَلَمَّا تسلطن قربه ثمَّ ولاه الحجوبية ثمَّ الوزارة ثمَّ استادارية وَغَيرهَا من الْوَظَائِف ككشف الجيزية رِوَايَة الْوَجْه القبلي ثمَّ نكبه، وَلزِمَ دَاره حَتَّى مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ عشر. ذكره الْعَيْنِيّ وَغَيره.
مبارك شاه نَائِب الْقُدس، لَهُ ذكر فِي أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ أبي الْبَقَاء الزبيرِي.
مبارك بن أَحْمد بن قَاسم الدويد. مَاتَ فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين خَارج مَكَّة وَحمل فَدفن بمعلاتها.(6/237)
مبارك بن أَحْمد بن مِفْتَاح القفيلي أَخُو عَليّ وَمُحَمّد، مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَخمسين.
مبارك بن أحم بن مُفْلِح الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن حليمة. مَاتَ بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة تسع وَسبعين.
مبارك بن جَار الله. لَعَلَّه ابْن مبارك السَّقطِي مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ.
مبارك بن عبد الْكَرِيم بن عبد الله بن حسن بن أبي عفيف السَّيِّد أَبُو عفيف الحسني. مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ.
مبارك بن عَليّ بن جَار الله المعني شيخهم وَيعرف بالمغاني، مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسِتِّينَ بِمَكَّة.
مبارك بن قفيف بن فُضَيْل بن دخين بِالتَّصْغِيرِ فِيهَا العدواني، مَاتَ فِي شَوَّال سنة خمس وَسِتِّينَ بطرِيق جدة وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بِبَيْت عبد الْكَبِير الْحَضْرَمِيّ بسوق اللَّيْل بِوَصِيَّة مِنْهُ ثمَّ نَقله الشَّيْخ فِي تربته بالشبيكة.)
مبارك بن مُحَمَّد بن سعيد بن عقبَة الْمنور. مِمَّن كَانَ فِي خدمَة أبي السعادات القَاضِي زَائِد الوجاهة عِنْده. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بِمَكَّة.
مبارك بن مُحَمَّد بن عطيفة بن أبي نمى الحسني الْمَكِّيّ شرِيف حسن الشكالة توجه إِلَى الْقَاهِرَة سنة سبع وَتِسْعين مَعَ السَّيِّد حسن بن عجلَان صَاحب مَكَّة فَقبض عَلَيْهِمَا ثمَّ أطلق حسن وَاسْتمرّ هَذَا مَحْبُوسًا بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ نقل إِلَى إسكندرية فسجن بهَا فِي جمَاعَة إِلَى أَن أطلق وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة تسع بِظَاهِر الْقَاهِرَة، ذكره الفاسي.
مبارك بن ميليب بن عَليّ بن مبارك بن رميثة بن أبي نمي الحسني الْمَكِّيّ الْمَاضِي جده. مَاتَ يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشري ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَهُوَ قادم إِلَى مَكَّة من وَادي مر وَدفن بالمعلاة، أرخه ابْن فَهد.
مبارك بن وهاس بن عَليّ بن يُوسُف الْمَكِّيّ، كَانَ من أَعْيَان القواد المعروفين باليواسفة ونال مكانة عِنْد السَّيِّد عنان بن مغامس فِي ولَايَته الثَّانِيَة على مَكَّة ثمَّ أظهر بِأخرَة التزهد عَن خدمَة السلطنة والاستغناء عَنْهُم ودام على ذَلِك حَتَّى مَاتَ سنة عشر، ذكره الفاسي أَيْضا.
مبارك الْمَكِّيّ الْخياط بن غثرا، مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
مبارك الحبشي عَتيق التقي الفاسي، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين وَهُوَ مِمَّن سَافر إِلَى الْعَجم وأثرى بِحَيْثُ كَانَ يُعَامل لما رَجَعَ واختص بِصَاحِب الْحجاز.(6/238)
مبارك عَتيق أَبَا البركات بن الضيا، مَاتَ فِي الْمحرم أَو صفر سنة خمس وَسبعين. أرخهم ابْن فَهد.
مبارك الْمَجْنُون. مِمَّن قتل مَعَ أيتمش فِي سنة اثْنَتَيْنِ.
مَتى الْهِنْدِيّ المعتقد. مَاتَ سنة إِحْدَى وستيمن.
مِثْقَال الظَّاهِرِيّ جقمق الحبشي الطواشي مقدم المماليك وسافر إِلَى الْحَبَشَة رَسُولا وَاسْتقر نَائِب مقدم المماليك مُدَّة ثمَّ مقدما فِي ربيع الآخر سنة سبعين بعد صرف جَوْهَر النوروزي إِلَى أَن صرفه الْأَشْرَف قايتباي بنائبه خَالص التكروري ونفاه إِلَى طرسوس ثمَّ نَقله لمَكَّة ثمَّ مَعَ ركب سنة تسع وَثَمَانِينَ لبيت الْمُقَدّس فوصله مَعَ أَمِير الغزاوي فِي أول الَّتِي بعْدهَا فدام هُنَاكَ ثمَّ حول لغزة، وَكَانَ يظْهر اعْتِقَاد الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وينتمي للسَّيِّد عفيف الدّين الأيجي وَأَنه مِمَّا كَانَ ابْنه الْعَلَاء يُوَافقهُ عَلَيْهِ كَانَ يُسَمِّيه بالخواجا وَلذَا كَانَ يجل خطيب مَكَّة أَبَا الْفضل النويري)
بِحَيْثُ كَانَ ينزله بدرب الأتراك فِي بَيت من جملَة أوقاف جَوْهَر القنقباوي ورام تَقْرِيره فِي مشيخة السابقية بعد الْجلَال بن الملقن لينتقل للسُّكْنَى فِيهَا لَا رَغْبَة فِي المشيخة فَوَثَبَ عَلَيْهِ الزين زَكَرِيَّا بِقُوَّة الظَّاهِر وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يسكن بِبَيْت يعرف بإنشاء جَوْهَر الْمشَار إِلَيْهِ بدرب الأتراك أَيْضا وَقد أَخذ بَيت كزل العجمي بِبَاب البرقية فجدده للسُّكْنَى فِيهِ فَأمر السُّلْطَان بإعطائه لبَعض خاصكيته فشرع فِي عمَارَة متسعة جدا بجوار المصبغة فَمَا أمهله الْقَضَاء لتكملتها، وَقد أَخذه السُّلْطَان فِي سنة خمس وَتِسْعين حَيْثُ نسب لِابْنِ بَرَكَات أحد التُّجَّار أَنه اختلس مِنْهُ شبابيك نُحَاس ورخام وَنَحْو ذَلِك فألزمه بإعادته ثمَّ اشْتغل بعمارته حَتَّى كمل وأسكن فِيهِ مَمْلُوكه جانم الَّذِي صَار أَمِير آخور ثَان وَأحد المقدمين بعد أتابكية الشَّام.
مِثْقَال السودوني الظَّاهِرِيّ جقمق الحبشي الطواشي الساقي رَأس نوبَة السقاة، وَكَانَ ذَا ضخامة وجلالة بَين الأتراك والأمراء والخدام وَأخذ دَارا بِالْقربِ من الْأَزْهَر فجددها وَزَاد فِيهَا زيادات كَثِيرَة، وخالط النَّاس غير متصون مَعَ لطف وأدب مَعَ الْعلمَاء وَنَحْوهم ومداومة على الْجَمَاعَة، وامتحن من الْأَشْرَف قايتباي مرّة بعد أُخْرَى وعينه سنة ثَلَاث وَسبعين بمشيخة الخدام بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة بعد سرُور الطرياي فاستعفى وخدم حَتَّى اسْتَقر غَيره فَلَمَّا كَانَ فِي أثْنَاء سنة تسع وَثَمَانِينَ اتهمَ بِعَمَل الكيماء وَوجدت إمارات ذَلِك فرسم عَلَيْهِ ثمَّ أخذت دَاره وَأرْسل مَعَ الْحَج لمَكَّة يُقيم بهَا بطالا وَكَانَ يتَوَقَّع لَهُ أَزِيد من هَذَا فدام بهَا(6/239)
قَلِيلا ثمَّ أذن لَهُ فِي الرُّجُوع لبيت الْمُقَدّس فَقبل وُصُوله لَهُ عثر على عمل جريمته أَيْضا فَأمر بِهِ للكرك فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ فِي سنة خمس وَتِسْعين وَأخذ السُّلْطَان أقطاعه لولد نَفسه عَفا الله عَنهُ.
مِثْقَال الناصري بن منحك. كَانَ خَصيا ذَا وجاهة وأموال جمة مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَخمسين بِدِمَشْق. أرخه ابْن اللبودي.
مجلي بن أبي بكر بن عمر الضياء أَبُو الْمَعَالِي بن الزين الشباسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الشاذلي سبط الشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الْملك الدَّمِيرِيّ الْمَالِكِي. ولد فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة أَو الَّتِي قبلهَا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف وَالِده وَكَانَ صَالحا فَاضلا مِمَّن يتَكَلَّم على الْعَامَّة بجامعي المارداني والأزهر وَنَحْوهمَا وَأخذ عَن شَيخنَا ثمَّ عَن الْمَنَاوِيّ، وَكَانَت وَفَاته سنة أَربع وَسِتِّينَ فحفظ الْعُمْدَة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية الحَدِيث والنحو وَعرض على العلمي البُلْقِينِيّ وَابْن الديري والأمين الأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن)
الْفَخر المقسي والعبادي وزَكَرِيا والبكري واشتدت عنايته بملازمته حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس، وجاور بِمَكَّة غير مرّة أَولهَا فِي سنة ثَمَان وَسبعين ثمَّ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَاسْتقر حِينَئِذٍ فِي مشيخة الزمامية برغبة الشَّمْس بن الْجلَال الْمدنِي لَهُ عَنْهَا ثمَّ رغب عَنْهَا ليحيى بن سُلْطَان الْيمن وَأخذ الأَصْل والعربية عَن الْجَوْجَرِيّ وَفِي الْعَرَبيَّة فَقَط عَن إِبْرَاهِيم الْحلَبِي مَعَ الْفَرَائِض والحساب وَكَذَا أخذهما عَن الشهَاب السجيني، وَدخل إسكندرية مَعَ شَيْخه الْبكْرِيّ وتكررت مجاوراته، وَحج فِي موسم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وتكرر اجتماعه بِي فِي الْمسير وجاور فِي الَّتِي تَلِيهَا وَفِي جُمَادَى الثَّانِيَة مِنْهَا توجه إِلَى الزِّيَارَة النَّبَوِيَّة مَعَ قافلة الْحَنْبَلِيّ ثمَّ عَاد فحج ثمَّ رَجَعَ فِي موسمها ودرس بِمَكَّة والقاهرة وَغَيرهمَا وَأخذ عَنهُ الطّلبَة، وَكَانَ متميزا باستحضار الْفِقْه كشيخه وَجلسَ متكسبا بِبَاب زَكَرِيَّا وَرُبمَا عمل الصَّنْعَة بِمَكَّة.
مُحرز بن مَسْعُود بن مُوسَى بن زِيَاد بن إِبْرَاهِيم الشريف أَبُو مَحْفُوظ الحسني المغربي الْمَالِكِي نزيل إسكندرية وَيعرف بِابْن الرفا. إِمَام عَالم مفتي. ذكره البقاعي وَقَالَ إِنَّه ولد سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بتونس، وَمَات.
محسن الفتحي أبي الْفَتْح المنوفي ثمَّ الأشرفي قايتباي الطواشي الحبشي. اسْتَقر بِهِ خَازِنًا عوض سنبل.
مَحْفُوظ بن مبارك بن مَنْصُور بن إِبْرَاهِيم الزعبي المغربي الْمَالِكِي. قدم الْقَاهِرَة فَسمع على أم هَانِئ الهورينية وَمن شاركها فِي البُخَارِيّ فِي آخَرين، وَهُوَ(6/240)
مِمَّن حضر عِنْدِي وَسمع عَليّ بِقِرَاءَة ابْنة لَهُ فِي الْمُوَطَّأ حِين عرضهَا لَهُ، وَكَانَ فَاضلا سَافر لمَكَّة ثمَّ لجِهَة الْيمن ثمَّ لمندوة وَزوج ابْنَته للشَّيْخ نور الدّين الجرهي شيخ الْجَمَاعَة، وَوَصفه ابْن عزم بصاحبنا.
(ذكر من اسْمه مُحَمَّد)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الْبُرْهَان الأبودري الأَصْل القاهري الْمَالِكِي نزيل الصَّحرَاء، وَيعرف كأبيه الْمَاضِي بالأبودري. ولد فِي رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بسويقة المنصوري بِالْقربِ من الْأَزْهَر وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة وَابْن الْحَاجِب الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَعرض فِي سنة سِتّ وَخمسين فَمَا بعْدهَا على جمَاعَة من أَعْيَان مذْهبه كناصر الدّين بن المخلطة والتريكي وَأبي الْفضل المغربي والقرافي وَمن غَيرهم كَالْعلمِ البُلْقِينِيّ والمحلي والمناوي وَابْن الديري والأمين الأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ وَسمع من جمَاعَة كالصلاح الحكري والشهاب الحجاري سمع مِنْهُمَا المسلسل ولازم السنهوري فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا واختص مِنْهُ بِمَا لم يزاحمه فِيهِ غَيره وَكَذَا أَخذ عَن النُّور الْوراق فِي الْفِقْه وَالصرْف وَحضر دروس الولوي السنباطي واللقاني ثمَّ بعد شَيْخه أَخذ فِي الْبَيْضَاوِيّ عَن الْكَمَال بن أبي شرِيف وَفِي فنون الحَدِيث عني واغتبط بذلك، وتميز وشارك فِي الْفَضَائِل وَرُبمَا أَقرَأ فِي الْعَرَبيَّة وتمرن بِهِ فِيهَا كل من وَلَدي أبي الْبَقَاء وَصَلَاح الدّين ابْني الجيعان وَحج وَأم بتربة السِّت مَعَ التَّوَاضُع وَسُرْعَة الْحَرَكَة والهمة فِي مآربه وَهُوَ أحد نواب الْمَالِكِيَّة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أَحْمد الْمَقْدِسِي ابْن أخي الهمامي الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه حفظ كتبا ولقيني مَعَ أَبِيه بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة فعرضها عَليّ وسمعا مني المسلسل وَغَيره.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب الْجمال أَبُو عبد الله وَأَبُو المحاسن وَأَبُو حَامِد الفوي الأَصْل الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ وَالِد عبد الأول وَعبد الرَّحْمَن وأخو عبد الْوَاحِد وَيعرف بالمرشدي. ولد فِي ربيع الأول سنة سبعين بِمَكَّة وَكَانَ أَبوهُ قدمهَا بعد سنة خمسين، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتفقه وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَسمع من النشاوري والأميوطي وَأبي الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي وَأبي الْفضل النويري وَابْن صديق وَالْمجد اللّغَوِيّ ولازمه كثيرا وانتفع بِهِ فِي اللُّغَة وَغَيرهَا وَأذن لَهُ بالتدريس والإفتاء فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَوَصفه بأوصاف جليلة أَولهَا الإِمَام الْعَالم الْعَامِل الأوحد الْعَلامَة أَسد المناظرين(6/241)
وَأَشد الناظرين وَبَالغ فِي وَصفه، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة غير مرّة وَسمع بهَا من ابْن رزين والتنوخي والمطرز وَابْن حَاتِم وَابْن الشيخة وَآخَرين وبالمدينة النَّبَوِيَّة من الْعلم سُلَيْمَان السقاء والزين المراغي وَكَذَا دخل الْيمن وَغَيرهَا،)
وَأَجَازَ لَهُ ابْن النَّجْم وَابْن الهبل والنقبي وَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن السوقي وَأحمد بن عبد الْكَرِيم البعلي والكمال بن حبيب وَأَخُوهُ الْحسن والأذرعي والأسنوي وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَآخَرُونَ وَأخذ الِاصْطِلَاح عَن الزين الْعِرَاقِيّ وَأَجَازَ لَهُ وَوَصفه بالشيخ الْعَالم الْفَاضِل المفنن الْمُحَقق المدقق وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ جملَة من تصانيفه وَسمع وأرخ بشوال سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وتفقه فِي الْقَاهِرَة بالزين التَّاجِر الكارمي والبدر حسن بن خَاص بك والشهاب الْعَبَّادِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ فِي الْبَحْث من الْهِدَايَة وَغَيرهَا وَأخذ عَنهُ فِي الْأُصُول والعربية وَأذن لَهُ فِي الإقراء وبالعلاء وَالسيف الصيراميين وبمكة بِالْعَلَاءِ الرُّومِي والفريد أبي بكر بن عَطاء الله الْهِنْدِيّ وَالشَّمْس المعيد وَعنهُ وَعَن الأول أَخذ الْعَرَبيَّة وَعَن الْهِنْدِيّ والْعَلَاء الصيرامي وأصول الْفِقْه وَلبس الْخِرْقَة من إِسْمَاعِيل الجبرتي ولازمه وتسلك بِهِ وَأحمد بن الرداد والشهاب بن الناصح والمعيد وَالشَّمْس بن سكر وَآخَرين، وَأذن لَهُ الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَغير وَاحِد فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَحدث ودرس وَأفْتى وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء وتلقى عَن أَخِيه عبد الْوَاحِد مشيخة الكلبرجية عِنْد الصَّفَا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من أَصْحَابنَا النَّجْم بن فَهد وَأوردهُ فِي مُعْجَمه بل ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لأولادي، هَذَا مَعَ أَنه سمع على شَيخنَا فِي سنة أَربع وَعشْرين بِمَكَّة أَشْيَاء وَوَصفه بِالْإِمَامِ الْعَلامَة مفتي الْمُسلمين رَأس الْمُحدثين واللغويين، وَخرج لَهُ الْجمال بن مُوسَى فهرستا بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة وَالصَّلَاح الأقفهسي أَرْبَعِينَ من طَرِيق أَرْبَعِينَ من الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة متوددا حسن المحاضرة كثير النَّوَادِر والنكت الْحَسَنَة حَافِظًا لكثير من الْأَشْعَار واللغة يتعاناها فِي كَلَامه وَفِي مراسلاته محبا للطلبة جميلا بهيا خَفِيف الرّوح بشوشا دينا صينا محبا فِي ابْن عَرَبِيّ مَاتَ فِي حادي عشري رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة بِقَبْر وَالِده قَرِيبا من الفضيل بن عِيَاض وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وتأسف النَّاس على فَقده. وَقَالَ شَيخنَا وَلم يتَأَخَّر فِيهَا من لَهُ معرفَة بالفقه والنحو مَعَ الدّيانَة والصيانة نَظِيره، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي قَالَ: وَلَا أعلم بعده بِمَكَّة مثله فِي مَعْنَاهُ وَحكى عَنهُ حِكَايَة رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن ثَابت النابلسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. غرق بشاطئ)
جَزِيرَة أروى من بَحر النّيل فِي عصر يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشر(6/242)
ربيع الأول سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد حافل جدا ثمَّ دفن بتربة الصيرامي تجاه تربة جمال الدّين عَن سَبْعَة عشر عَاما، وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي وَعرضه عَليّ فِي طَائِفَة عوضه الله الْجنَّة فقد استراح من أَبِيه وأخيه.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن خلف الشَّمْس بن الْبُرْهَان النيني الأَصْل ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد يعرف بالفتوحي. قَرَأَ الْقُرْآن وَصَارَ بعد أَن كَانَ يقْرَأ فِي الأجواق يتكسب بِالتِّجَارَة لنَفسِهِ ثمَّ لغيره كَابْن المرجوشي وصهر ابْن الجندي وسافر لَهُ إِلَى جدة فَكَانَت منيته بهَا فِي أحد الربيعين سنة خمس وَثَمَانِينَ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن دَاوُد بن عمر بن عَليّ الشَّمْس الْأنْصَارِيّ السويدي الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْموقع نزيل الْقَاهِرَة. ولد بحلب سنة ثَلَاث أَو أَربع وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَنه فِي شهور سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وانتقل إِلَى دمشق وَهُوَ صَغِير فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وَحفظ كتبا مِنْهَا بِزَعْمِهِ التَّقْرِيب للنووي وَفِي الْفِقْه غَايَة الِاخْتِصَار والمنهاج والتقريب لأبي الْحسن الإصبهاني وَفِي أُصُوله الْمِنْهَاج وَفِي النَّحْو ألفية ابْن ملك، وَعرض على الْبُرْهَان بن جمَاعَة والشهب الأحمدين الزُّهْرِيّ وَابْن حجي والملكلوي وَالْجمال مَحْمُود بن الشريشي والشرف عِيسَى الْغَزِّي وَآخَرين مِمَّن لم يعين أحد مِنْهُم بِخَطِّهِ الْإِجَازَة، وَقدم الْقَاهِرَة فَحَضَرَ مَعَ أَبِيه دروس البُلْقِينِيّ والأبناسي ثمَّ الشَّمْس الغراقي والشهاب أَحْمد بن شاور العاملي وَأثْنى عَلَيْهِ فِي الْإِجَازَة جدا وَكتب خطه بذلك فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ البُلْقِينِيّ فِي إِجَازَته لِأَبِيهِ وَأذن لَهما فِي الإفادة وَقَالَ أَنه حضر عِنْده بِقِرَاءَة أَبِيه الْكثير من الْمِنْهَاج وَمن الرَّوْضَة وَغَيرهمَا من التَّفْسِير وَالْأُصُول والعربية وَغَيرهَا بِالْقَاهِرَةِ ودمشق وأرخها بجمادى الأولى سنة ثَمَانمِائَة وَكتب ابْن الملقن تَحت خطه كَذَلِك يَقُول فلَان فِي آخَرين، وتعانى الْكِتَابَة فبرع فِيهَا وأجيز بهَا وَكتب قَدِيما فِي الْإِنْشَاء واشتغل بِخِدْمَة الأتابك يشبك فِي الدولة الأشرفية برسباي فِي التوقيع وَغَيره فَلَمَّا توفّي رتب لَهُ مَعْلُوم بالديوان الْمُفْرد وباشر الْإِنْشَاء بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى مَاتَ وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَنه قَرَأَ على الْحَافِظ الشَّمْس بن سَنَد كثيرا من الْكتب الْكِبَار وَمن جُمْلَتهَا مُسْند أَحْمد فَسَأَلته فَلم يبد مُسْتَندا بل ظهر لي بقرائن كذبه كَمَا بَينته فِي المعجم وَغَيره وَكَانَ يكثر إنشاد قَول الْقَائِل:)(6/243)
(صم إِذا سمعُوا خيرا ذكرت بِهِ ... وَإِن ذكرت بشر عِنْدهم أذنوا)
وَيَقُول إِنَّه منطبق على طَائِفَة الموقعين، وَأَجَازَ لي. وَمَات فِي صفر سنة أَربع وَسِتِّينَ سامحه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله التّونسِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف وَالِده بالزعبلي. ولد بِمَكَّة وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَحضر دروسا كَثِيرَة فِي النَّحْو عِنْد الْجلَال المرشدي وتصدى للاشتغال وتصدى للاشتغال مُدَّة، وَكَانَ فِيهِ خير. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وفجع بِهِ أَبوهُ. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن سليم الشَّمْس بن فَقِيه الْمَذْهَب الْبُرْهَان البيجوري الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم وَأحمد الماضيين وجدهما. ولد تَقْرِيبًا قبيل الْقرن بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن ملك، وَعرض على جمَاعَة كَزَوج أُخْته الشَّمْس الْبرمَاوِيّ بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج بِتَمَامِهِ والعز بن جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ وَسمع على الشمسين ابْن عَمه مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ والشامي الْحَنْبَلِيّ والشرف السُّبْكِيّ وَآخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن وَالِده والبرماوي والقمني وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَبِه انْتفع وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَكَانَ القمني يَقُول إِنَّه فَقِيه النَّفس وَحضر عِنْد الونائي مرّة فَرد عَلَيْهِ فِي شَيْء قَرَّرَهُ بِخِلَاف الْمَنْقُول فَكَانَ كَذَلِك ولازم صهره الْبرمَاوِيّ فِي فنون وسافر مَعَه إِلَى الشَّام وَحج غير مرّة وزار بَيت الْمُقَدّس وَكَذَا دخل دمياط وإسكندرية وَغَيرهمَا للتِّجَارَة، وَحدث بالبيسير قَرَأت عَلَيْهِ وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَكَانَ بارعا فِي الْفِقْه والعربية وَالْعرُوض والفرائض والحساب والشروط اختصر المغنى لِابْنِ هِشَام وَعمل منسكا وَرُبمَا نظم ودرس بعد أَبِيه بالغرابية والعشقتمرية كَمَا بَلغنِي ثمَّ تَركهَا وتألم حِين أَعْطَيْت الفخرية للشلقامي، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الجمالية وَعرض عَلَيْهِ نِيَابَة الْقَضَاء فَامْتنعَ، كل ذَلِك مَعَ الدّين والتواضع والانفراد والتحري فِي الطَّهَارَة والمداومة على التَّهَجُّد والتلاوة خُصُوصا فِي رَمَضَان فَكَانَ لَهُ فِي كل يَوْم أَزِيد من ختم وَاسْتمرّ يحفظ الْمِنْهَاج إِلَى آخر وَقت ويفتي من يسْأَله لفظا وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ وَلَده الشهَاب. مَاتَ فِي سَابِع ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر الْبَدْر أَبُو الْوَفَاء بن المليجي القاهري الْمَاضِي)
أَبوهُ. اشْتغل قَلِيلا وَكتب الْخط الْمَنْسُوب وقابل مَعنا على شَيخنَا فِي فتح الْبَارِي يَسِيرا وَاسْتقر فِي جملَة الموقعين وَمد يَده لأَصْحَاب الْحَوَائِج(6/244)
فأثرى ثمَّ سَافر مَعَ الزيني بن مزهر فِي الرجبية فَكَانَت منيته قبل وُصُوله وَذَلِكَ فِي الْعشْر الثَّانِي من رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَظنهُ قَارب الْخمسين عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَانِم بن عَليّ النَّجْم بن الْبُرْهَان الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي ابْنه أَبُو البركات مُحَمَّد وَيعرف كسلفه بِابْن غَانِم. ولد سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَاسْتقر كسلفه فِي مشيخة الخانقاه الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس ونظرها بتفويض من أَبِيه فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي يَوْم الْجُمُعَة مستهل شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَقد لَقِيَنِي بِبَيْت الْمُقَدّس وَسمع بِقِرَاءَتِي على ابْن جمَاعَة والقلقشندي وَاسْتقر بعده فِي المشيخة وَلَده.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَنَائِم. يَأْتِي فِي أبي الْفَتْح.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي الْفَتْح بن درباس الشَّمْس بن الْبُرْهَان بن الشهَاب الْقُدسِي وَيعرف بِابْن درباس وبابن الشّحْنَة أجَاز لَهُ فِي جملَة إخْوَته وَلم يسم الْحَافِظ أَبُو مَحْمُود الْقُدسِي وَأَبُو الْحرم القلانسي والبياني وَحدث بذلك كتب عَنهُ ابْن مُوسَى والأبي فِي سنة خمس عشرَة وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لجَماعَة وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: أجَاز لَهُ ابْن الخباز والقلانسي وَجَمَاعَة، وَكَانَ أحد خدام الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَيُقَال لَهُ ابْن الشّحْنَة، أجَاز لأولادي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس وَالْجمال والمحب أَبُو الْفَتْح بن الْبُرْهَان بن الْجلَال أبي الطَّاهِر الخجندي الأَصْل الْمدنِي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده وكل أَوْلَاده إِبْرَاهِيم وَأحمد وَعلي. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر ربيع الأول سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ ونشأبها فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والكنز وأصول الشَّاشِي وألفية ابْن ملك، وَعرض على الْجمال الكازروني وَغَيره بل قَرَأَ الْأَرْبَعين بِتَمَامِهَا فِي مجْلِس وَاحِد على ابْن الْجَزرِي فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَعشْرين بِالْحرم النَّبَوِيّ وَأَجَازَ لَهُ، واشتغل على عَمه وَأَبِيهِ وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَكَذَا حضر دروس ابْن الْهمام حِين مجاورته بِالْمَدِينَةِ وَأخذ أَيْضا عَن الْأمين والمحب الأقصرائيين وَسمع على ثَانِيهمَا الشفا فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين بالروضة وَقبل ذَلِك سمع وَهُوَ طِفْل على الزين أبي بكر المراغي فِي سنة خمس)
عشرَة ثمَّ على وَلَده أبي الْفَتْح بل وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي وَوَصفه بالفقيه الْفَاضِل الْأَصِيل ووالده بالفقيه الْعَالم. وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأخذ عَن شَيخنَا بعض الْخِصَال الممكفرة لَهُ وَغَيرهَا وَكَذَا دخل حلب الَّتِي تَلِيهَا وَسمع فِيهَا من البرهاني حافظها الْيَسِير من شَرحه على البُخَارِيّ وَأَجَازَ(6/245)
لَهُ وَالشَّام وجزيرة ابْن عمر وَرِجَال وَولي إِمَامَة الْمقَام الْحَنَفِيّ بِالْمَدِينَةِ حِين قَامَ الْأمين الأقصرائي فِي إحداثه فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ شركَة لمُحَمد بن عَليّ الزرندي وَلَكِن لم يُبَاشِرهَا إِلَّا صَاحب التَّرْجَمَة ثمَّ اسْتَقل بهَا حَتَّى مَاتَ وَبقيت فِي ذُريَّته، وَقد حدث أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة وَكَانَ فَاضلا أصيلا ناظما ناثرا منجمعا فِي آخر عمره عَن النَّاس وَجمع فِي سَرقَة قناديل الْمَدِينَة سنة سِتِّينَ. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر ربيع الأول سنة سبعين عَن سِتِّينَ سنة سَوَاء وَدفن عِنْد جده بِأحد رَحمَه الله. وَمن نظمه:
(أمل يطول وَفِي آجالنا قصر ... والدهر ينكى وَفِي الْأَيَّام مُعْتَبر)
(وَالنَّفس فِي غَفلَة عَمَّا يُرَاد بهَا ... وَالْقلب من قسوة كَأَنَّهُ حجر)
وَقَوله:
(أضام وأوفى للْعَالمين بِذِمَّة ... خفير وحاشى أَن يضام لَهُ جَار)
(فيا مصطفى يَا ين الذبيحين غَارة ... إِلَيْك مُتبع الْجَار من معشر جاروا)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مخلوف بن غالي بن عبد الظَّاهِر بن قَانِع بن عبد الحميد بن سَالم بن عبد البارئ بن راضي بن حَامِد بن عَطاء الشَّمْس أَو السعد أَبُو الْفَتْح البرسيقي نِسْبَة لبَعض أَعمال إسكندرية ثمَّ القاهري الوزيري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالسمديسي وَلَيْسَ هُوَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ من أبي خرَاش فتحامى النِّسْبَة خراشيا وانتسب كَذَلِك مَعَ عدم تجاورهما فَلَو انتسب لما يجاورها كَانَ أشبه. ولد فِي رَابِع عشر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ للسبع على جَعْفَر السنهوري، وَيُقَال أَنه حكم الْفَنّ وحقق التجويد، وَقَرَأَ على الْفَخر الديمي متونا وَغَيرهَا كشرح ألفية الْعِرَاقِيّ شبه رِوَايَة بِحَيْثُ كتب إِلَى بعض من قَرَأَ على أَنه كَانَ يسْأَله عَن أَمَاكِن مِنْهَا فيوضحها لَهُ وتفقه قَلِيلا بالأمين الأقصرائي ونظام وَصَلَاح الدّين الطرابلسي وَكَذَا اشْتغل فِي الْأُصُول والعربية عِنْد حَمْزَة المغربي وَغَيره وَقَرَأَ على حَمْزَة المطول وَرُبمَا أَخذ عَن الْخَطِيب الوزيري بلديه وتميز قَلِيلا ووثب بعد الْأمين فاستقر دفْعَة وَاحِدَة فِي مشيخة الْحَنَفِيَّة بالجانبكية حِين كَانَ تنبك قرا دوادارا ثَانِيًا بعناية مغلباي البهلوان)
الْأَشْرَف إينال وَقَامَ شَيْخه نظام وَقعد سِيمَا وَهُوَ شيخ الْمُقَرّر أَيْضا وَهُوَ وَالله مَعْذُور بل وَأَعْطَاهُ قبل ذَلِك مَسْجِدا جدده بِالْقربِ من الأيتمشية وَأَسْكَنَهُ قَاعِدَة بِهِ وَحج صحبته حِين كَانَ يشبك جلّ أَمِير الْحَاج ثمَّ استنزل الشَّمْس الجلالي عَن مشيخة الأيتمشية نَفسهَا وَهُوَ أحد صوفية الأشرفية ويوصف بِالدّينِ وَالْخَيْر وَالْعقل بل قَرَأت بِخَط من أَشرت لِأَنَّهُ كَانَ يسْأَله أَنه جلس مَعَه فِي ابْتِدَائه فَوَجَدَهُ مَجْمُوع فَضَائِل غير أَن فِي لِسَانه رخاوة، قَالَ: وَنعم الرجل صلاحا وَعَملا(6/246)
لَوْلَا تكبر زَائِد فِيهِ أَعَاذَهُ الله من شَرّ نَفسه انْتهى. وَقد قدم مَكَّة بحرا سنة سبع وَتِسْعين صُحْبَة أميره بردبك الخازندار حِين مَجِيئه لجدة على نيابتها وَكَانَ مُقيما تَحت ظله بهَا لم يجئها إِلَّا مَعَه وفوت رَمَضَان كُله ثمَّ لما قدم لَقِيَنِي وَصَارَ يسألني عَن أَشْيَاء فَكتب لَهُ أجوبتها ورام نُسْخَة من شرحي للألفية فَمَا تهَيَّأ لَهُ ذَلِك وَرجع وعزمه مُسْتَقر على استكتابه فَإِنَّهُ التمس كتابي لولد أخي بعارية النُّسْخَة الَّتِي بِخَط وَالِده لمقابلة الْوَلَد معي بَعْضهَا بِحَيْثُ صَارَت آخر النّسخ بِالنِّسْبَةِ لما قوبل وَكَذَا أَخذ مُؤَلَّفِي الْخِصَال الْمُوجبَة للظلال وجود عَلَيْهِ بعض الطّلبَة الْقُرْآن.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مَنْصُور القَاضِي سري الدّين الدِّمَشْقِي باني الْحمام الْمَشْهُور داخلها الْحَنَفِيّ. مَاتَ بهَا فِي أحد الربيعين سنة أَربع وَأَرْبَعين. أرخه ابْن اللبودي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن هَاشم الْكَمَال أَو الشَّمْس بن الْبُرْهَان بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي جد الْجلَال الْمحلي الْآتِي. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بالمحلة وَقدم مِنْهَا وَهُوَ شَاب فِي الطَّاعُون سنة تسع وَأَرْبَعين فَنزل بخلوة فِي الخانقاه البيبرسية مجاورة للمزملة عِنْد الْبَاب على يَمِين الدَّاخِل لصحن الْمدرسَة ودامت مَعَه ثمَّ مَعَ بنيه مائَة وَعشْرين سنة وَعرض بعض محفوظاته من التَّنْبِيه وألفية النَّحْو على الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة فَأكْرمه وَكَذَا عرضهما فِي سنة تسع وَخمسين على الْجمال الأسنوي وأخيه الْعِمَاد مُحَمَّد والبلقيني وَابْن الملقن وأجازوه والبدر حسن بن الْعَلَاء القونوي والبهاء أَحْمد بن التقي السُّبْكِيّ وَالْجمال عبد الله بن يُوسُف بن هِشَام وَكَتَبُوا لَهُ وَلم يصرحوا بِالْإِجَازَةِ وَقبل ذَلِك بِيَسِير سنة سبع وَخمسين بالمحلة عرض جَمِيع الشاطبية على أحد شُيُوخ الْقُرَّاء مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُوسَى الحكري الشهير بِابْن الْبَزَّار تلميذ البرهانين الحكري والرشدي وَأذن لَهُ فِي رِوَايَتهَا وَفِي الْقِرَاءَة والإقراء بهَا ووصفوا وَالِده بالإجلال ولقبوه هُوَ شمس الدّين)
واشتغل وَأخذ عَن الْكَمَال النشائي شَرحه على جَامع المختصرات وَكتبه بِخَطِّهِ وَعَن الشهَاب السمين وَابْن عقيل وَابْن النَّقِيب والأسنوي وَأبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ والكلائي الفرضي والقرمي وَغَيرهم، وبرع وتفنن وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وخطه جيد لَكِن غلب عله الْوَرع والانعزال فَلم يشْتَهر وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ حفيده، وَعمر دهرا حَتَّى مَاتَ بِمَسْجِد مَنْسُوب للأشراف كَانَ مُنْقَطِعًا فِيهِ لِلْعِبَادَةِ بِرَأْس الجوانية وَدفن بحوش تجاه تربة جوشن خَارج بَاب النَّصْر رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد القطب بن الْكَافِي بن الْفَخر الخفري. ولد(6/247)
فِي سلخ صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة ولقيه الطاووسي فِي سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بشيراز وَقَالَ إِنَّه كَانَ شَيخا فَاضلا مكاشفا عَاشَ أَكثر من تسعين سنة وسافر كثيرا وَأدْركَ جمعا من كبار الشُّيُوخ رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس القاهري الشهير بِابْن الخص وَالِد إِبْرَاهِيم وَإِخْوَته. مِمَّن صحب نَاصِر الدّين بن الكيلق وَغَيره وَسمع ختم الدَّارَقُطْنِيّ من الغماري والأبناسي وَالشَّمْس الحريري إِمَام الصرغتمشية والنور الفوي والشهاب أَحْمد بن عبد الله بن رشيد السّلمِيّ الْحِجَازِي الْحَنَفِيّ الضَّرِير والزين بن النقاش.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس الصُّوفِي الضَّرِير نَاظر البيمارستان. ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل بِالْعلمِ وَأحب الْمَذْهَب الظَّاهِرِيّ والانتماء إِلَى الحَدِيث ورافق الْبُرْهَان بن الْبُرْهَان لما دخل بَغْدَاد ثمَّ اتَّصل بِالظَّاهِرِ برقوق وَقَامَ مَعَه فَلَمَّا عَاد إِلَى السلطنة رعى ذَلِك لَهُ وولاه نظر البيمارستان ثمَّ خشِي مِنْهُ فاستأذنه فِي الْحَج وَتوجه إِلَى الْيمن وجال فِي الْبِلَاد ثمَّ عَاد بعد موت الظَّاهِر بِمدَّة فَأَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ منجمعا وَكَانَ يرجع إِلَى دين وَتعبد. مَاتَ بعد أَن عمي فِي مَسْجده بالكافوري فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والمقريزي فِي عقوده بأطول.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس المنجكي الباسطي وَيعرف هُوَ وَأَبوهُ بِأبي الهائم. ولد فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ يَتِيما. مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ ابْن سِتّ فَقَرَأَ الْقُرْآن وتعانى التكسب فِي الجوهريين وَالْأَذَان بالبيمارستان وَغَيرهَا وخالط النَّاس بالمعاملة، وَحج غير مرّة وجاور وأثرى. مَاتَ بعد أَن أوصى باشتراء عقار يُوقف على بعض الْجِهَات الصَّالِحَة فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ عَفا الله عَنهُ.)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْبرمَاوِيّ القاهري أَخُو عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن وَعبد الْغَنِيّ الْمَذْكُورين. أسمعهُ أَخُوهُ على جمَاعَة وَذكره البقاعي مُجَردا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد وَيعرف بِابْن الطواب. أحد المجاورين للمدرسة المنكوتمرية.
تصرف فِي بَاب شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَسمع عَلَيْهِمَا وَرغب فِي ذَلِك بِأخرَة وَلزِمَ الْجَمَاعَة بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة وتقلل من الرسلية وأناب. مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَسبعين بعد تعلله مُدَّة وَقد أسن.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْكرْدِي. يَأْتِي فِيمَن جده عبد الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْمدنِي. فِي أبي الْفَتْح بن علبك من الكنى.(6/248)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الصَّدْر أَبُو الْمَعَالِي بن الشّرف السّلمِيّ الْمَنَاوِيّ نِسْبَة لمنية الْقَائِد فضل بن صلح من أَعمال الجيزية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي القَاضِي سبط الزين عمر البسطامي القَاضِي. ولد فِي ثامن رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأَبوهُ حِينَئِذٍ يَنُوب فِي الْقَضَاء عَن الْعِزّ بن جمَاعَة فَنَشَأَ فِي حجر السَّعَادَة وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه وَغَيره، وَسمع من الْمَيْدُومِيُّ وَالْحسن بن السديد وَابْن عبد الْهَادِي وَعبد الله بن خَلِيل الْمَكِّيّ وَمُحَمّد وَإِبْرَاهِيم ابْني الفيومي وَآخَرين تجمعهم مشيخته وَهِي فِي خَمْسَة أَجزَاء تَخْرِيج الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ، وناب فِي الحكم وَهُوَ شَاب وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل والتدريس بالشيخونية والمنصورية والسكرية ودرس وَأفْتى قَلِيلا وَخرج أَحَادِيث المصابيح وَتكلم على أَمَاكِن مِنْهُ وَسَماهُ كشف المناهي والتناقيح فِي تَخْرِيج أَحَادِيث المصابيح وَكَذَا كتب شَيْئا على جَامع المختصرات وَغير ذَلِك كتأليف فِي الْقَوْلَيْنِ، وَولي الْقَضَاء بالديار المصرية اسْتِقْلَالا فِي أَيَّام الْمَنْصُور حاجي ومدبر المملكة منطاش عوضا عَن الناصري بن الميلق وَذَلِكَ فِي يَوْم الْخَمِيس سلخ شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة فباشره بشهامة واستقامة إِلَى أَن صرف بعد دون شَهْرَيْن فِي سَابِع عشري ذِي الْحجَّة مِنْهَا بالبدر بن أبي الْبَقَاء ثمَّ أُعِيد فِي ثَانِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين ثمَّ صرف فِي الَّتِي تَلِيهَا بالبدر أَيْضا ثمَّ أُعِيد فِي شعبانها ثمَّ صرف بِأحد نوابه التقي الزبيرِي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَتِسْعين ثمَّ أُعِيد فِي رَجَب من الَّتِي تَلِيهَا ودرس أَيْضا بِجَامِع طولون وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا من الْوَظَائِف المضافة للْقَضَاء، وَمَات الظَّاهِر برقوق فِي أثْنَاء ولَايَته هَذِه فَآمن على نَفسه لكَونه كَانَ لَا يطمئن إِلَيْهِ لما اتّفق أَن ابْتِدَاء ولَايَته كَانَ من قبل منطاش)
والناصري وَفِي أَيَّام غَيره لَا يتجرأ أحد عَلَيْهِ لما تقرر لَهُ فِي الْقُلُوب من المهابة فَلَمَّا سَافر النَّاصِر فرج إِلَى الْبِلَاد الشامية لقِتَال الطاغية تيمور لنك فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة كَانَ مِمَّن برز مَعَه وَلم يحسن المداراة مَعَ عدوه فأهانه وباغ فِي ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَهُوَ مَعَهم فِي الْقَيْد غريقا فِي نهر الزاب بالفرات عِنْد قنطرة باشا فِي شَوَّال مِنْهَا وَكَانَ بعض التمرية أسروه فَلَمَّا جازوا بِهِ النَّهر خَاضَ الْأَمِير هُوَ وَأَتْبَاعه لأجل ازدحام وَغَيرهم على القنطرة فغرق القَاضِي لتقصيرهم فِي حَقه بعد أَن قاسى أهوالا عَسى أَن يكون كفر بهَا عَنهُ مَا جناه عَلَيْهِ الْقَضَاء، وَالْعجب أَنه كَانَ شَدِيد الْخَوْف من ركُوب الْبَحْر إِمَّا لمنام رَآهُ أَو رُؤِيَ لَهُ أَو اعْتِمَادًا على قَول بعض المنجمين بِحَيْثُ كَانَ لَا يركبه إِلَّا نَادرا فَقدر مَوته غريقا، وَقد حَدثنَا عَنهُ خلق مِنْهُم شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه وأنبائه وَرفع، الإصر وَذكره(6/249)
ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي الطَّبَقَة الثَّامِنَة وَالْعِشْرين من طَبَقَات الشَّافِعِيَّة، وَابْن خطيب الناصرية فِي تَارِيخ حلب والتقي الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد والأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة والمقريزي فِي عقوده وَطوله وَآخَرُونَ وَكَانَ ذَا هَيْبَة عَظِيمَة ونزاهة وَقُوَّة نفس وحشمة وَدُنْيا متسعة كثير التودد إِلَى النَّاس مُعظما عِنْد الْخَاص وَالْعَام محببا إِلَيْهِم وَقبل ولَايَته كَانَ يسْلك طَرِيق ابْن جمَاعَة فِي التعاظم وَفِي الاعتناء بتحصيل نفائس الْكتب بِحَيْثُ حصل مِنْهَا شَيْئا كثيرا فَلَمَّا اسْتَقل بِالْقضَاءِ لَان جَانِبه كثيرا مَعَ تكرم على الطّلبَة بِالْإِطْعَامِ ومداراة لمن لَعَلَّه يقصر فِي حَقه بالستر مَعَ قدرته على هتكه بالانتقام وَعِنْدِي فِي ذَلِك حكايات، وَلم يعقب رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق أَبُو عبد الله الْحَضْرَمِيّ وَالِد أبي بكر مِمَّن جمع بَين الشَّرِيعَة والحقيقة وَكَانَ أثر الْخَيْر عَلَيْهِ ظَاهرا مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَدفن بِمَدِينَة المهجم.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب الْبَدْر الْحِمصِي الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن العصياتي وَسقط من نسبه مُحَمَّد قبل أَيُّوب. سمع من عمر بن عَليّ البقاعي وَغَيره من أَصْحَاب الحجار وتفقه وبرع وشارك فِي الْفَضَائِل، وَكتب على التَّنْبِيه تَعْلِيقا تلف فِي الْفِتْنَة وَكَانَ ذَا فَضِيلَة تَامَّة فِي الْفِقْه وذكاء مفرط وَسمع مِنْهُ الطّلبَة بحمص وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن مُوسَى وَهُوَ وَكَذَا شَيخنَا الأبي مِمَّن أَخذ عَنهُ وأجازا لِابْنِ فَهد وَجَمَاعَة من أَصْحَابنَا فَمن فَوْقهم، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لأولادي، وَابْن قَاضِي شُهْبَة فِي الطَّبَقَة التَّاسِعَة وَالْعِشْرين وَهِي الْأَخِيرَة من طبقاته. مَاتَ)
فِي مستهل ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بحمص وَقَالَ شَيخنَا فِي صفر وَالْأول أثبت، وسمى المقريزي فِي عقوده وَالِده عبد الله بن مُحَمَّد وَهُوَ غلط وَقَالَ مولده قبل السّبْعين وَكَانَ فَقِيها عَالما بارعا قوي الْحِفْظ بِأخرَة لِأَنَّهُ سقط من مَكَان مُرْتَفع وَهُوَ رَاكب فرسه فانفلق دماغه فعولج حَتَّى تعافى فَعظم حفظه لهَذَا بِحَيْثُ حفظ عدَّة كتب وبرع فِي مُدَّة يسيرَة ودرس وَأفْتى وَمهر فِي العقليات والأدبيات وتصدر للإقراء وانتفع بِهِ الطّلبَة وَكثر الآخذون عَنهُ مَعَ الدّين المتين وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وإكبابه على الإشغال والاشتغال حَتَّى مَاتَ. قلت: وَمن شُيُوخه بِدِمَشْق الْجمال الطيماني وَابْن الشريشي وبدمشق صُحْبَة أَبِيه جمَاعَة ونظم تَارِيخ ابْن كثير فِيمَا قيل وَقد اختصر الأَصْل وَلَده الْآتِي فِي أَربع مجلدات. وَأَيوب وجده مِمَّن يذكر فِي الْفُضَلَاء.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بركَة بن حجي بن ضوء الشَّمْس العبدلي الدِّمَشْقِي الجراعي المزين الشَّاعِر الشهير. ولد فِي رَمَضَان سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة(6/250)
وَقيل سنة إِحْدَى واشتغل بالجراحة ثمَّ تعانى النّظم فمهر فِيهِ وَله فِي ذَلِك مقاطيع مخترعة وَقد كتب عَنهُ ابْن مَحْبُوب فِي تَذكرته وَمَات قبله بِمدَّة وَكَذَا كتب عَنهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه فَقَالَ: أَنْشدني من لَفظه عدَّة مقاطيع وَكَانَ طيب النادرة حُلْو المفاكهة مطبوعا على عامية فِيهِ وأسره اللكنية وَوصل مَعَهم إِلَى سَمَرْقَنْد وَأقَام بِتِلْكَ الْبِلَاد سِنِين ثمَّ خلص وَرجع إِلَى دمشق فَمَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَة وَبِه جزم المقريزي فِي عقوده وَقيل فِي شعْبَان سنة إِحْدَى عشرَة وَقيل فِي الَّتِي بعْدهَا وَله سِتّ وَسَبْعُونَ سنة وَمن نظمه فِي مليح قَاضِي:
(قَاض لنا يعلم أَن الورى ... تعشقه وَهُوَ كثير العفاف)
(وددت لَو طاع لَكِن قضى ... عَلَيْهِم مَعَ علمه بِالْخِلَافِ)
وَقَوله فِي مليح شَافِعِيّ: للشَّافِعِيّ عذاريقول قولا زكيالا خير فِي شافعيإن لم يكن أشعريا وَقَوله:
(تَقول مخدتي لما اضطجعنا ... ووسدني حبيب الْقلب زنده)
(قصدتم عِنْد طيب الْوَصْل هجري ... خذوني تَحت رأسكم مخده)
وَقَوله:)
(أَنا دَوَاة يضْحك الْجُود من ... بكا يُرَاعِي جلّ من قد براه)
(دلوا على جودي من مَسّه ... دَاء من الْفقر فَإِنِّي دواه)
وَكَانَ قد لَقِي الْفُضَلَاء كَابْن الوردي والصفدي وقفى أثرهما فِي مائَة مليح بِكِتَاب سَمَّاهُ شين الْعرض بالملاح بعد الزين وَالصَّلَاح وَكَذَا لَقِي الْجمال بن نباتة وَكَانَ بَينه وَبَين أبي بكر المنجم أهاج، وَمِمَّنْ كتب عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي حِين قدم عَلَيْهِم حلب وَذكره ابْن خطيب الناصرية والمقريزي فِي عقوده.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بركَة شمس الدّين الْمَعْرُوف بشفتر كَانَ نقيب السقاة. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثامن ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين ببيته تجاه جَامع ابْن ميالة بَين السورين وَصلى عَلَيْهِ جَاره الْعَبَّادِيّ وَغَيره عَفا الله عَنهُ وَاسْتقر بعده ابْن أَخِيه لأمه الناصري مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ وَسَيَأْتِي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن حسن الْجمال الْمَدْعُو الطّيب العامري الحرضي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي قريب يحيى العامري الْآتِي والماضي أَبوهُ إِبْرَاهِيم. قدم مَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين ليحج فلقيني فَقَرَأَ عَليّ أربعي النَّوَوِيّ، وَسمع مني المسلسل وَجل مُؤَلَّفِي فِي ختم ابْن ماجة وعَلى المسلسل بالمحمدين وَبَعض البُخَارِيّ وَقطعَة من مُؤَلَّفِي فِي خَتمه وَبَعض الْمَقَاصِد الْحَسَنَة وَشرح النخبة وكتبت لَهُ كراسة.(6/251)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الْجمال الصَّالِحِي وَيعرف بِابْن الْحجَّاج بِضَم الْمُهْملَة ثمَّ جِيم مُشَدّدَة بِصِيغَة الْجمع. ولد سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع من الشهَاب أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن المرداوي المخرجة من مسموعاته وَغَيرهَا، حدث سمع مِنْهُ ابْن فَهد وَغَيره، وَكَانَ خَطِيبًا.
مَاتَ فِي ظهر يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ بالصالحية وَصلي عَلَيْهِ بِعْ الْعَصْر وَدفن فِي الرَّوْضَة بسفح قاسيون وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الشَّمْس الْحلَبِي. مَا عَلمته وَلَكِن رَأَيْت الْعَلَاء عَليّ بن سودون الإبراهيمي نسب إِلَيْهِ فِي طبقَة سَماع السِّيرَة على الفوي فِي سنة عشْرين وَأَنه كَانَ مَعَه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الشَّمْس الشطنوفي. فِيمَن جده عبد الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جَامع البوصيري. صَوَابه ابْن جَامع بن إِبْرَاهِيم انْقَلب.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خضر الْمُحب بن الْبُرْهَان الْمحلي ثمَّ العنتابي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ نزيل الْقَاهِرَة وأخو الْعِمَاد إِسْمَاعِيل قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق وَيعرف بَين الطّلبَة بكبيش الْعَجم لقبه بِهِ)
فِيمَا ذكر عبد الله الكوراني وقارضه هُوَ فَلَقِيَهُ تَيْس الكرد وَقَالَ إِن كَبْش الْقَوْم سيدهم، مِمَّن فضل فِي العقليات وَأخذ عَن جمَاعَة بِدِمَشْق والقاهرة مِنْهُم الْعَلَاء الحصني والكافياجي وناب فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة عَن الْعَلَاء بن قَاضِي عجلون قَلِيلا بِدِمَشْق ثمَّ عَن ابْن الشّحْنَة وَغَيره بِالْقَاهِرَةِ وَامْتنع الأمشاطي من استنابته واختص بِمقدم المماليك مِثْقَال وَأم عِنْده وَعرف بالإقدام وَتردد إِلَيّ كثيرا وتشدد وتفيهق وانتقى من الصِّحَاح وَكَانَ يراجعني فِي أَشْيَاء يظْهر انتقاد الْقَامُوس فِيهَا، وَآل أمره لشدَّة فقره إِلَى أَن سَافر إِلَى الشَّام فَأَقَامَ فِي ظلّ أَخِيه.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خطاب. فِيمَن جده مُحَمَّد بن خطاب.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خلف الشَّمْس القمني ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي خَازِن كتب الْمُؤَيد وَيعرف بالقمني. مَاتَ بعد أَن كف وَلزِمَ بَيته مديدة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشري رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ عَن نَحْو الثَّمَانِينَ، وَكَانَ مِمَّن حضر عِنْد القاياتي وَابْن المجدي وَشَيخنَا وَتردد إِلَى الْأَعْيَان كَابْن الْبَارِزِيّ وَابْن الْعَطَّار وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَنسب إِلَيْهِ تَفْرِيط فِي بعض كتب المؤيدية فَطَلَبه الدوادار الْكَبِير قبل مَوته بِيَسِير فِي حَال انْقِطَاعه وَأقَام بِبَابِهِ مرسما عَلَيْهِ أَيَّامًا حَتَّى شفع فِيهِ بعد جمع مَا كَانَ عوده كالمعتذر بل المستحيل وَهُوَ الْمحْضر لشَيْخِنَا مراسلة البقاعي من سَفَره إِلَى القاياتي وَأَيَّام قَضَائِهِ وفيهَا التَّعْرِيض بشيخنا لمزيد اخْتِصَاص صَاحب التَّرْجَمَة بالقاياتي وبنية حَيْثُ اختلسها من بَيته فَأمره(6/252)
شَيخنَا بعودها إِلَى محلهَا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن درباس خَادِم الْأَقْصَى. فِي ابْن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي الْفَتْح.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الظهير أَو الْمظهر على مَا يحرر الْجَزرِي الدِّمَشْقِي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الحميد بن عَليّ تَقِيّ الدّين الموغاني الأَصْل الْمدنِي نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن عبد الحميد. اشْتغل بالأدب ونظم الشّعْر وَكَانَ فِيهِ صمم فَكَانَ لذكائه يدْرك مَا يكْتب لَهُ فِي الْهَوَاء وَمَا يكْتب فِي كَفه بالإصبع لَيْلًا. مَاتَ بِمَكَّة سنة عشر قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: وَقد حاكاه فِي ذَلِك صاحبنا عبد الرَّحْمَن ابْن عَليّ الْحلَبِي الأَصْل سبط أبي أُمَامَة بن النقاش يَعْنِي الْمَاضِي فِي مَحَله وَذكره التقي الفاسي فِي مَكَّة فَقَالَ أَنه سمع بِمصْر من جوَيْرِية الهكارية وَالْجمال عبد الله الْبَاجِيّ وَغَيرهمَا بِدِمَشْق كَمَا ذكر من ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي)
عمر، وَله اشْتِغَال بِالْعلمِ ونباهة فِي الْأَدَب وَغَيره وذكاء مفرط بِحَيْثُ أَنه لما أَصَابَهُ الصمم كَانَ يكْتب لَهُ فِي الْهَوَاء ثمَّ فِي يَده لَيْلًا فَلَا يفوتهُ شَيْء من فهمه غَالِبا بِحَيْثُ يتعجب النَّاس من ذَلِك وَكَانَت لَهُ مكانة عِنْد أَمِير الْمَدِينَة ثَابت بن نعير بن مَنْصُور بن جماز بن شيحة ثمَّ نَالَ مَكَّة عِنْد صَاحب مَكَّة حسن بن عجلَان وأعيان جماعته وَكَانَ يكْتب عَنهُ إِلَى مصر وَغَيرهَا وَأقَام على ذَلِك سِنِين وَله تردد كثير لمَكَّة من قبل ولَايَته ثمَّ قطنها حَتَّى مَاتَ وَكَذَا دخل الْيمن فنال مِنْهُ خيرا وترافقنا مرّة إِلَى الطَّائِف للزيارة وَسمعت من لَفظه بالسلامة حَدِيث الْأَعْمَال من الغيلانيات عَن ابْن أميلة وَابْن عمر إجَازَة إِن لم يكن سَمَاعا وعدة حكايات مَاتَ فِي الْمحرم وَدفن بالمعلاة وَقد بلغ السّبْعين أَو قاربها وَشهد الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه صَاحب مَكَّة الْمشَار إِلَيْهِ وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن حُسَيْن بن قَاسم الشَّمْس بن الْبُرْهَان الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْقطَّان. مِمَّن حفظ الْمِنْهَاج واشتغل قَلِيلا وَسمع مني بِالْمَدِينَةِ. مَاتَ فِي ثَانِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
مُحَمَّد الْجمال أَخُو الَّذِي قبله وَذَاكَ الْأَكْبَر، مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ أَيْضا.
مُحَمَّد الصّلاح أَخُو اللَّذين قبله. ولد فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه واشتغل عِنْد السمهودي والبلبيسي وَغَيرهمَا وَسمع على أبي الْفرج المراغي والشهاب الأبشيطي وَقَرَأَ على وَالِده صَحِيح مُسلم والرياض للنووي وعَلى الشَّيْخ مُحَمَّد المراغي الْأَذْكَار، وَدخل الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه فَقَرَأَ على الديمي البُخَارِيّ واشتغل فِي الْعَرَبيَّة على النُّور الْبُحَيْرِي وَفِي الْفِقْه على عبد الْقَادِر الصعيدي الذروي وَحضر عِنْد القَاضِي زَكَرِيَّا وَرجع(6/253)
فلازمني حَتَّى قَرَأَ مُسلما وَسمع غير ذَلِك وَحصل بعض تصانيفي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شرف بن مَنْصُور بن مَحْمُود بن توفيق بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمُحب أَبُو الْفضل بن الْبُرْهَان أبي إِسْحَق بن الزين الزرعي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن قَاضِي عجلون، وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَابْن خطيب الناصرية وَأَبُو جَعْفَر بن الضياء وَآخَرُونَ، وناب عَن الباعوني فَمن بعده وَلكنه ترفع عَن من بعد الخضيري، نعم نَاب فِي الخطابة بالجامع الْأمَوِي عَن الشهَاب بن الفرفور مسئولا فِي ذَلِك ودرس بالظاهرية الجوانية وبالعذراوية ثمَّ رغب عَنْهُمَا لِابْنِ الْمُعْتَمد،)
وَكَانَ حسن الشكالة والعبارة وَالْأَدَاء والخطابة بل قيل إِنَّه جمع ديوانا، وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا آخرهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وبذل مَالا ثمَّ رَجَعَ. وَمَات فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين بِدِمَشْق وَدفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير عِنْد أسلافه وَكَانَت جنَازَته حافلة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الْبُرْهَان القاهري وَالِد عبد الْخَالِق الْحَنَفِيّ الْمَاضِي وَيعرف بِابْن الْعقَاب بِضَم الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْقَاف. وَحفظ الْقُرْآن وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ صَحِيح مُسلم بِقِرَاءَة الْجمال بن هِشَام وَغَيره وانْتهى فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَختم البُخَارِيّ بإجازته من الْبَيَانِي وَختم الشفا بِسَمَاعِهِ لَهُ على ابْن حَاتِم، وَكَذَا سمع على شَيخنَا وَغَيره، وتنزل فِي بعض الْجِهَات وتكسب ثمَّ انْقَطع بالفالج وَغَيره. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْفضل بن الإِمَام المغربي الْمَالِكِي وَسمي المقريزي وَالِده يحيى وَسَيَأْتِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحِيم الصّلاح القاهري الشَّافِعِي الحريري وَيعرف بِابْن مُطِيع. ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة، وَكَانَ أَبوهُ حريريا فَمَاتَ وَهُوَ ختين فَتزَوج الشهَاب بن مُطِيع أمه فاشتهر بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَنَشَأ كأبيه حريريا ثمَّ تَركهَا بعد أَن أتقنها، وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَقَالَ أَنه عرضهَا على السراج بن الملقن والزين الْعِرَاقِيّ وَغَيرهمَا وَأَنه بحث فِي الْفِقْه على الْبُرْهَان الأبناسي والشهاب بن الْعِمَاد والشمسين الْبرمَاوِيّ والأسيوطي والبرهان البيجوري فِي آخَرين ولازم الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ، وَحج مرَّتَيْنِ أولاهما بعد الثَّمَانِينَ رجبيا وزار بَيت الْمُقَدّس مرَارًا أَولهَا سنة ثَمَان وَسِتِّينَ مَعَ زوج أمه وَكَانَ يذكر أَنه سمع بهَا ابْن مَاجَه على الزيتاوي، قَالَ شَيخنَا: وَلم يكن مَعَه ثَبت(6/254)
والزفتاوي والنجم بن رزين وَابْن حَدِيدَة وَابْن الشيخة وَابْن الملقن والسويداوي فِي آخَرين كالتنوخي وَابْن أبي الْمجد والعراقي والهيثمي والحلاوي وبمكة فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ على الْجمال الأميوطي وفقد شَيْئا من مَاله فَحصل لَهُ بِسَبَبِهِ فالج انْقَطع مِنْهُ نَحْو سنة ثمَّ تراجع وَلَكِن صَارَت الْأَمْرَاض تعتريه إِلَى أَن مَاتَ بإسهال أَصَابَهُ فِي آخر علته لَيْلَة السبت ثَانِي عشر ربيع الآخر سنة أَربع وَأَرْبَعين عَن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة سَوَاء وَصلى عَلَيْهِ شَيخنَا وَلم يكن لَهُ وَارِث إِلَّا زوجه فَأقر أَن فِي ذمَّته من الزَّكَاة أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم فُلُوسًا عَنْهَا مائَة وَأَرْبَعُونَ دِينَارا ثمَّ أوصى بِثلث مَا بَقِي وَأَن يفرق نصفا نصفا فَامْتنعَ شَيخنَا من)
تنفيذها كَذَلِك وفرقها دِينَارا دِينَارا، وَقد حدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ زوجا لأخت زَوْجَة شَيخنَا مِمَّن عرف بِكَثْرَة النَّوَادِر والمداعبات ولطف الْعشْرَة بِحَيْثُ يستطرف وَله وجاهة وَرُبمَا داعبه شَيخنَا ويسميه ابْن نهر حماة يَعْنِي العَاصِي من بَاب المضاد رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار عَمَّا هُنَا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز الحجاري الْعَطَّار أَبوهُ. سمع مني بِمَكَّة.
مُحَمَّد بن أَمِين الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الْغَنِيّ بن إِبْرَاهِيم بن الهيصم الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ سنة ثَلَاث وَسبعين.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الصاحب الزين أَحْمد بن الْفَخر مُحَمَّد بن الْوَزير الْبَهَاء على بن مُحَمَّد بن سليم بن حنا شمس الدّين القاهري خَال الشَّمْس الْقَرَافِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن أبي جَمْرَة. بَلغنِي أَنه كَانَ يكْتب فِي دواوين الْأُمَرَاء ثمَّ ترك وَكَانَ شَيخا خيرا سَاكِنا نيرا محبا فِي الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ صوفيا بالبيبرسية.
مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد قَارب الثَّمَانِينَ أَو زَاد وَكنت أحب سمته وسكونه رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْجمال عبد الله بن خَلِيل بن يُوسُف بن عبد الله الْمُحب المارداني الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمُؤَذّن حفيد الْجمال الشهير وأخو عبد الرَّحْمَن الماضيين. مِمَّن سمع على شَيخنَا وَغَيره وَدَار على الشُّيُوخ وَحضر دروس الْعَلَاء القلقشندي ثمَّ ترك وَأَقْبل على شَأْنه مَعَ فضيلته فِي الْمِيقَات وَنَحْوه بِحَيْثُ أَقرَأ، وَقد سَافر فِي بعض التجاريد ثمَّ رَجَعَ وَهُوَ متضعف فدام كَذَلِك مُدَّة. وَمَات فِي ثَالِث عشر صفر سنة سِتّ وَثَمَانِينَ ومولده سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن النَّجْم بن الْبُرْهَان ابْن شَيخنَا الْجمال الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ابْن جمَاعَة الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَأَخُوهُ إِسْمَاعِيل.(6/255)
ولد فِي صفر وبخطى فِي مَوضِع آخر ربيع سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وتفقه بجده قَلِيلا ثمَّ ارتحل فَأخذ عَن الْمحلي شَرحه لجمع الْجَوَامِع وَعَن شَيخنَا شَرحه للنخبة وعشارياته وثلاثيات البُخَارِيّ كل ذَلِك بِقِرَاءَة أَخِيه، وَسمع على جده فَأكْثر وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَكَذَا سمع على التقي القلقشندي وَالشَّمْس البرموني والشهاب بن حَامِد والتقي بن قَاضِي شُهْبَة والعز الْحَنْبَلِيّ وَابْن خَاله)
الشهَاب والزينين ابْن خَلِيل القابوني وَابْن دَاوُد والشهابين ابْن الشحام وَابْن مُحَمَّد ابْن حَامِد فِي آخَرين من أهل بَلَده والقادمين عَلَيْهَا وَشَيخنَا ونقيبه ابْن يَعْقُوب والعز بن الْفُرَات وساره ابْنة ابْن جمَاعَة والمحلي وَطَائِفَة بِالْقَاهِرَةِ بل قَالَ أَنه سمع على التدمري المسلسل وعَلى عَائِشَة الكنانية بعض مُسْند الشَّافِعِي وَأَجَازَ لَهُ ابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَزَيْنَب ابْنة اليافعي وَخلق بل أذن لَهُ فِي التدريس شَيخنَا والمحلي والتقي بن قَاضِي شُهْبَة وَقَالَ إِن شُيُوخه يزِيدُونَ على ثَلَاثمِائَة وَاسْتقر فِي مشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس بعد صرف الْكَمَال بن أبي شرِيف وَكَذَا خطب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَحدث ودرس وَأفْتى وَذكرت لَهُ أَوْصَاف حَسَنَة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَو أَبُو بكر وَوَجَدته بِخَطِّهِ ولعلها كنية عبد الله الشَّمْس الشطنوفي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد الْمَاضِي. ولد بعد الْخمسين وَسَبْعمائة بشطنوف فِي المنوفية من الْوَجْه البحري وَقدم الْقَاهِرَة شَابًّا فاشتغل بالفقه والفرائض والعربية والقراءات وَغَيرهَا وَلم يرْزق الأسناد العالي إِنَّمَا كَانَ عِنْده عَن التقي الوَاسِطِيّ وَنَحْوه وَمهر فِي الْعَرَبيَّة والفرائض وتصدر فِي الْقرَاءَات بالجامع الطولوني وَفِي الحَدِيث بالشيخونية وانتفع بِهِ الطّلبَة سِيمَا فِي الْعَرَبيَّة لانتصابه لأشغالهم بِجَامِع الْأَزْهَر تَبَرعا وَكَانَ كثير التَّوَاضُع مشكور السِّيرَة. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سادس عشري ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بعد عِلّة طَوِيلَة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ.
ذكره شَيخنَا فِي إنبائه والمقريزي فِي عقوده وكرره وَقَالَ: كَانَ مشكور السِّيرَة مَعْرُوفا بالفضيلة خيرا متواضعا امْتنع من نِيَابَة الحكم وَغَيرهمَا وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْعَرَبيَّة الْعلم البُلْقِينِيّ والشرف الْمَنَاوِيّ والشمني وَخلق مِمَّن لَقيته وجود عَلَيْهِ الْقُرْآن الْجلَال القمصي رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الشَّمْس الْكرْدِي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي ثمَّ القاهري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وسمى المقريز جده أَحْمد لَا عبد الله. ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ تَحت كنف أَبَوَيْهِ فتفقه، وَمَال إِلَى التصوف بكليته وَصَحب الصَّالِحين ولازم الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي بِبَيْت الْمُقَدّس وتلمذ لَهُ(6/256)
ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فقطنها وَأَقْبل على الزّهْد، وَكَانَ لَا يضع جنبه بِالْأَرْضِ بل يُصَلِّي فِي اللَّيْل وَيَتْلُو فَإِن نعس أغفى إغْفَاءَة وَهُوَ محتب ثمَّ يعود ويواصل الْأُسْبُوع بِتَمَامِهِ وَيذكر أَن السَّبَب فِيهِ إِنَّه تعشى مَعَ أَبَوَيْهِ قَدِيما فَأصْبح لَا يَشْتَهِي أكلا فتمادى على ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا رأى أَن لَهُ قدرَة على الطي تَمَادى فِيهِ فَبلغ أَرْبعا إِلَى أَن انْتهى إِلَى)
سبع وَذكر أَنه يُقيم أَرْبَعَة أَيَّام لَا يحْتَاج إِلَى تَجْدِيد وضوء، وَكَانَ يعرف الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَذَا التصوف وَله نظم ونثر فَمن نظمه:
(وَلم يزل الطامع فِي ذلة ... قد شبهت عِنْدِي بذل الْكلاب)
(وَلَيْسَ يمتاز عَلَيْهِم سوى ... بِوَجْهِهِ الكالح ثمَّ الثِّيَاب)
وَكَانَ يكثر فِي اللَّيْل من قَوْله:
(قومُوا إِلَى الدَّار من ليلِي نحييها ... نعم ونسألها عَن بعض أهليها)
وَيَقُول أَيْضا: سُبْحَانَ رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا وَمَات بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَأثْنى عَلَيْهِ هُوَ والمقريزي وَآخَرُونَ، وسافر مرّة لدمياط فَلم يحْتَاج لتجديد وضوء لعدم تنَاوله الْأكل وَالشرب وأضافه شخص بهَا فَأكل عِنْده أَكلَة ثمَّ سَافر فِي الْبَحْر إِلَى الرملة ثمَّ مِنْهَا إِلَى الْقُدس فَلم يَأْكُل إِلَّا بِهِ وكراماته وزهده وأحواله مَشْهُورَة، وَدخل الْيمن وَالْعراق وَالشَّام وَهُوَ أحد الْأَفْرَاد الَّذين أدركناهم، وجاور بِمَكَّة سنة مَعَ القطب بن قسيم الدمياطي، وسمى التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه جده عَليّ بن إِبْرَاهِيم، وبيض لترجمته رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَبُو الْخَيْر الْمحلي السيوفي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الأخميمي. فِيمَن جده عبد الْوَهَّاب قَرِيبا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْمُهَيْمِن الشّرف بن الْفَخر القليوبي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما وَيعرف بِابْن الخازن لكَون أَبِيه كَانَ خَازِن حَاصِل البيمارستان المنصوري.
مِمَّن عرف بِصُحْبَة الرؤساء ومداخلتهم بِحَيْثُ كثرت جهاته وَخلف وَالِده فِي الخزن الْمشَار إِلَيْهِ وَكَثُرت مخالطته للشمس الْحِجَازِي بلديه ومختصر الرَّوْضَة والشرف السُّبْكِيّ وَإِمَام الكاملية وَذكر بهمة عالية وإقدام وَمَعْرِفَة بطرق التَّحْصِيل كل ذَلِك مَعَ تكسبه بِالشَّهَادَةِ على بَاب الكاملية واختص بالأشرف إينال فِي حَال أَمرته وَلَو أدْرك تملكه لأرتق للوظائف حَسْبَمَا كَانَ يعده بِهِ مَمْلُوكه بردبك وَلكنه مَاتَ فِي منتصف سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَظنهُ قَارب السِّتين وَخلف وَلَده فَخر الدّين مُحَمَّد فَلم يعمر بعده، وَقد سمع صَاحب التَّرْجَمَة على(6/257)
سارة ابْنة السُّبْكِيّ فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِقِرَاءَة شَيخنَا بعض الْأَجْزَاء وَمَا علم بِهِ أحد من أَصْحَابنَا، وَقد)
استجزته عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن التَّاج عبد الْوَهَّاب على الْأَكْثَر أَو الْجمال عبد الله كَمَا رَأَيْته فِي بعض ورق عرضه تَاج الدّين الأخميمي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط القَاضِي الشهَاب أَحْمد الأخميمي الشَّافِعِي ووالد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف أَبوهُ بالسيوفي وَهُوَ بالتاج الأخميمي. ولد فِي يَوْم أَربع وَثَمَانمِائَة بِالْقربِ من بركَة الرطلي من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بالصالحية فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك وَعرض فِي سنة سبع عشرَة فَمَا بعْدهَا على جمَاعَة أجَازه مِنْهُم الْعِزّ بن جمَاعَة والبرهان البيجوري وَشَيخنَا والبدر بن الْأَمَانَة وَالْجمال بن عرب والتلواني والحمصي فِي آخَرين لم يُصَرح وَاحِد مِنْهُم فِي خطه بهَا كالولي الْعِرَاقِيّ وَعَجِبت لذَلِك مِنْهُ وقاري الْهِدَايَة والشمسين البوصيري والبرماوي والجلال البُلْقِينِيّ لكنه سمع دروسه ومواعيده واختص بالتقي ابْن أَخِيه ثمَّ بولده الولوي وَكَذَا حضر عِنْد البيجوري فِي دروسه وَسمع على الْجمال الْحَنْبَلِيّ وَالشَّمْس الشَّامي مُسْند المكيين والمدنيين من مُسْند أَحْمد وَكَذَا سمع مِمَّن تَأَخّر عَنْهُمَا، وَحدث بِأخرَة سمع مِنْهُ بعض الطّلبَة، وَحج وجاور وسافر على السحابة الزينية الإستادارية لاختصاصه بِهِ وملازمته لخدمته بِحَيْثُ أَنه لما فوض أَمر الْحِسْبَة إِلَيْهِ استنابه فِيهَا وَدَار الْقَاهِرَة على الْعَادة وَبَين يَدَيْهِ الرُّسُل وَأمر وَنهى وَكَذَا نَاب فِي الْقَضَاء وأضيف إِلَيْهِ ظنان وقليوب وَغَيرهمَا واستنزل الولوي عَن خطابة منية الشيرج وَنظر جَامعهَا ثمَّ رغب عَنْهُمَا وَعمل أَمِين الحكم فِي بعض ولايات الْمَنَاوِيّ لكَونه أقرضهم مَالا، وَلم يحمد تصرفه فِي ذَلِك وَقد أهانه الأتابك فِي وَقت، وثروته مستفيضة بعد فاقته فِي ابْتِدَائه وجهاته كَثِيرَة سِيمَا بعد موت ابْنه المتجرع ألم فَقده وَلكنه لما مَاتَت زَوجته وَهِي ابْنة نَاصِر الدّين الزفتاوي تزوج بعْدهَا شَابة مَعَ علو سنه لوفور عزمه ونشاطه واستولدها ابْنة وفارقها ثمَّ تزوج غَيرهَا مَعَ تردده لبَعض رُؤَسَاء الْوَقْت وموافاته ولديه حشمة وأدب وتودد وهمة وَرُبمَا بر بعض الْفُقَرَاء بِالْأَكْلِ وَنَحْوه وتعلل مُدَّة رغب فِي انتهائها عَن كثير من جهاته.
وَمَات فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشري رَمَضَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بالأزهر بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَدفن عِنْد وَلَده رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب كَمَال الدّين بن سعد الدّين اللدي الأَصْل الْغَزِّي ابْن كَاتب سرها وَابْن أخي نَاظر جيشها. ولد فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة(6/258)
بغزة وَنَشَأ بهَا فِي كنف)
أَبَوَيْهِ فَأخذ عَن الشَّمْس الْحِمصِي ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن الْجَوْجَرِيّ وَابْني أبي شرِيف وَغَيرهم بل وَأخذ عَن الْأَخيرينِ بِبَيْت الْمُقَدّس وَسمع على يَسِيرا وَتزَوج ابْنة ابْن الطنبذي سبطة الْمَنَاوِيّ، وَكَانَ عَاقِلا حَرِيصًا على الِاشْتِغَال فهما حفظ الْبَهْجَة وَغَيرهَا وَعرض. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد حادي عشري ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ ضحى الْغَد فِي مشْهد فِيهِ من ذكر من شُيُوخه عوضه الله الْجنَّة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبيد الله بن مخلوف بن رشيد الشَّمْس أَبُو عبد الله العفصي القاهري الْحَنَفِيّ الْمقري مِمَّن أَخذ الْقرَاءَات عَن الْفَخر الضَّرِير والمشبب والزراتيتي وَاسْتقر بعده فِي مشيخة الْقُرَّاء بالبرقوقية وتميز فِيهَا وتصدى للإقراء فَأخذ عَنهُ خلق كَابْن أَسد وَرغب لَهُ عَن البرقوقية وَقَالَ أَنه يرْوى أَيْضا عَن الْبَغْدَادِيّ والتنوحي وَأم بالزمامية وَشهد عَلَيْهِ الأكابر كالزينين طَاهِر ورضوان وَإِمَام الْجَامِع وعظموه وَوَصفه الْأَخير بشيخنا وَأثبت شَيخنَا اسْمه فِي الْقُرَّاء بالديار المصرية وسط هَذَا الْقرن وَمَات قبل الْخمسين رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن سعيد الشَّمْس بن الْفَقِيه الصَّالح الْبُرْهَان الخراشي الأَصْل نِسْبَة لأبي خراشة القاهري الْمَالِكِي وَيعرف أَبوهُ بِابْن النجار وَهُوَ بالخطيب الوزيري لسكناه فِي تربة قلطماي من بَاب الْوَزير. ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة واشتغل فِي ابْتِدَائه بِالْعَرَبِيَّةِ على النُّور الْوراق وَكَذَا أَخذ عَن الْعَلَاء الْكرْمَانِي ثمَّ أَخذ فِي الْفِقْه والعربية عَن السنهوري ولازم الْأمين الأقصراني والتقي الحصني فِي آخَرين كحفيد الفنري قَالَ أَنه لَازمه بِمَكَّة والزين زَكَرِيَّا وَفِي شبوبيته الشَّمْس بن أجا الْحلَبِي وَنَحْوه ثمَّ أَبَا الْفضل النويري الْخَطِيب الْمَكِّيّ وَقَرَأَ بَين يَدَيْهِ فِي الْأَزْهَر وَغَيره فراج بذلك وَقَالَ أَنه سمع على السَّيِّد النسابة والجلال بن الملقن والمحب الفاقوسي وَالْجمال بن أَيُّوب والنور البارنباري وَالشَّمْس التنكزي وَأم هَانِئ الهورينية فِي آخَرين كالقطب الخيضري والشاوي وسافر لدمشق مَعَ الشهَاب بن المحوجب ظنا فَسمع بهَا صَحِيح البُخَارِيّ على الْبُرْهَان التاجي بِعُمُوم إِجَازَته من عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَتردد للأكابر كالزيني بن مزهر مَعَ الْبَدْر بن الْغَرْس وَغَيره وسلك طَرِيقه فِي الانخفاض والترفع وتزايد اخْتِصَاصه بالشرف بن البقري وبكاتب المماليك بن جُلُود الصَّغِير جدا وخاض من لم يتثبت فِي أُمُور كَثِيرَة مُنكرَة نعم صَحَّ لي أَنه كَانَ يلبس بعض الرؤساء وَلم يتحاش عَن سَائِر أَعْضَائِهِ وَمَعَ ذَلِك فتصوفه وَأخذ عَن ابْن أُخْت الشَّيْخ مَدين ولوى العذبة وَحضر الْمجَالِس)
الوفائية وَخَالف أَمر شيخهم الْآن إِبْرَاهِيم فِي الْمحل(6/259)
الَّذِي عينه لَهُ لجلوسه لكَونه يرى جلالته أعظم من ذَلِك، وَاسْتقر فِي تدريس الْفِقْه بالجمالية عقب النُّور بن التنسي وَكَاد اللَّقَّانِيّ أَن يقد غبنا وبالحسنية برغبة النُّور أخي الزين طَاهِر وَفِي تدريس الْكَشَّاف بالمؤيدية عقب الْأمين الأقصرائي بعد أَن عين للنجم بن حجي وَذكر لَهُ الْجمال الكوراني وَلكنه لَيْسَ عَلَيْهِمَا وَأسسَ مَا تقرب بِهِ دونهمَا وتحاكى الطّلبَة تحريفه قَول الْكَشَّاف كأنهار دجلة بقوله كَأَنَّهَا ردجلة واستخباره عَن مَعْنَاهُ وَفِي مشيخة صوفية الفيروزية بالوزيرية ونظرها وَفِي أَشْيَاء بتربة قلمطاي مَحل سكنه وَفِي غير ذَلِك، وَكَثُرت جهاته ومرتباته لمزيد دورانه ومزاحمته حَتَّى قَالَ ابْن الغرز أَنه فاقنا فِي ذَلِك وَأكْثر من حُضُور دروس نَاظر الْجَيْش الْبَدْر بن كَاتب جكم، وَحج وجاور سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وأهين هُنَاكَ من الباش وَكَذَا أهين بِالْقَاهِرَةِ من شيخ الأشرفية الإِمَام الكركي وَدَار عَلَيْهِ أعوان الدوادار الْكَبِير ليوقع بِهِ فاختفى إِلَى أَن تلطف ابْن أجا بالقضية وَمن الْمُحب بن الشّحْنَة بِسَبَب مَسْأَلَة ابْن الفارض فِي وقائع لَا حَاجَة بِنَا فِيهَا، وَمِمَّنْ كَانَ يحاققه ويناقشه النُّور عَليّ الْبُحَيْرِي بِحَيْثُ حلف هَذَا بِالطَّلَاق أَنه لَا يكلمهُ وَكَذَا تجاذب الْكِتَابَة مَعَ الْجلَال بن السُّيُوطِيّ فِي غير مَسْأَلَة وَامْتنع من سَمَاعه عرض وَلَده وَعلل ذَلِك بِكَوْنِهِ لَا يسمح بِالْكِتَابَةِ لَهُ بِمَا فِي نَفسه وتخابط مَعَ الْجلَال ابْن الأبشيهي مَعَ أَنه يرَاهُ فِي عداد طلبته، وَدخل الشَّام كَمَا قدمت وَغَيره وأقرأ الطّلبَة قَلِيلا، وَمِمَّنْ لَازمه الْمُحب القلعي لكَونه تزوج أُخْت زَوجته والشهاب بن الْعَاقِل والسديسي مَعَ إِنْكَاره ذَلِك فِيمَا قيل وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو المكارم بن ظهيرة وَكتب فِي مَسْأَلَة ابْن الفارض وَلَيْسَ فِي الْإِمْكَان وَنَحْو ذَلِك، وَرُبمَا أفتى، وَسمعت أَنه كتب على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَقَالَ لي أَنه شرح رِسَالَة صوفية من رَأسه وَأَنه سيريلها لأقف عَلَيْهَا وأختصر شرح الْأَسْمَاء الْحسنى للغزالي وقرضه لَهُ الإِمَام الكركي وَابْن عَاشر وتوسل بِهِ فِي إيصاله للسُّلْطَان فأثابه قَلِيلا هَذَا مَعَ كَثْرَة مقته لَهُ قبل ذَلِك وَبعده وطرده لَهُ عَن الدُّخُول مَعَ جمَاعَة عَلَيْهِ بل كَاد ضربه وَهُوَ لَا يَنْفَكّ عَن المهاجمة والمزاحمة وأبعده أَمِير سلَاح تمراز وتنبك قرا وَهُوَ يُبَالغ فِي التوسل والتطفل، وَكَذَا أغْلظ عَلَيْهِ الْبَدْر بن مزهر والتتائي أحد فضلاء الْمَالِكِيَّة وانتصر لَهُ قَاضِي الْحَنَفِيَّة مِنْهُ وَصَارَ يحضر دروسه وينقل صَاحب التَّرْجَمَة أَنه يَقُول لَهُ: لَو علمناك بِهَذِهِ المثابة مَا ساعدنا غَيْرك وَلذَا تلفت إِلَى الْقَضَاء وَأشيع أَيْضا الأغلاظ عَلَيْهِ من)
الدوادار الْكَبِير أقبردي وَمن لَا أحصرهم حَتَّى كَانَ بَينه وَبَين الصّلاح الطرابلسي شيخ الأشرفية مَا لم يُعجبنِي، وَمَات لَهُ فِي طاعون سنة سبع وَتِسْعين بنُون أكبرهم كَانَ(6/260)
حنفه حَاز بِهِ جِهَات ثمَّ رغب عَن بعض جهاته وَحج فِي موسمها وجاور وَأرْسل إِلَيّ برأسي سكر فَمَا قبلتهما إِلَّا بِجهْد وَتردد لِابْنِ حسن بك فِي أَيَّام الثمان ثمَّ لِابْنِ النيربي وَنَحْوهمَا فضلا عَن القَاضِي وأهين فِي مسيره من كاشف الْمحلة كَانَ الْعَلَاء بن زوين وَوَقع بَينه وَبَين حسن بن الظَّاهِرِيّ بِسَبَب غير مرضِي وَبَين ابْن نَاصِر بل وصاحبنا الشهَاب المنزلي وبالمدينة بَينه وَبَين الْعَلامَة السَّيِّد السمهودي مَا فِي شرح كُله جفَاء وَهُوَ مُبين فِي الْحَوَادِث، وَقد تجرد مرّة عَن الثِّيَاب وَمَشى كَذَلِك من عَارض فضبطه أَهله ودام مُنْقَطِعًا بِهِ أَيَّامًا ثمَّ تراجع، وَلم يزل سَيِّدي أَحْمد بن حَاتِم يَقُول لي أَنه يحسن الدُّخُول دون الْخُرُوج وَعِنْدِي أَنه لَا يحسنهما، وَالْغَالِب عَلَيْهِ الخفة وسلامة الْفطْرَة وَلذَا لم يلْتَزم طَرِيقه وصاهره على ابْنة لَهُ الْجلَال الصَّالِحِي وَكَانَ بَينهمَا كَلَام وعَلى أُخْرَى التقي بن الْبرمَاوِيّ، وَسيرَته طَوِيلَة وأحواله مستحيلة وَرَأَيْت من يَحْكِي فِي مزِيد احتياله أَنه أظهر وَهُوَ بَين يَدي تنبك قرا هزيرة فأحضر لَهُ من ملبوسه قصير كم فَقَامَ بِهِ ثمَّ لم يعد بِهِ إِلَيْهِ وَالْأَمر أَعلَى من ذَلِك لَكِن بِالْجُمْلَةِ هُوَ فَاضل متميز فِي فنون يُقَال لَهُ نظم ونثر وحواش وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْإِقْدَام وَعدم التأدب بِحَيْثُ فجر على مربيه ابْن الْغَرْس ورام فعل ذَلِك مَعَ قَاضِي الْمَالِكِيَّة اللَّقَّانِيّ فَأمر بإقامته مَعَ كَونهمَا فِي مجْلِس ابْن مزهر وساعده رَفِيقه الْحَنَفِيّ الأمشاطي قَائِلا لَهُ رفع صَوْتك بِحَضْرَتِهِ قلَّة أدب أَو نَحْو ذَلِك وَفِي شرح ماجرياته طول سِيمَا بالحرمين فِي مجاورته سنة ثَمَان وَتِسْعين الَّتِي زار فِي أَثْنَائِهَا وَكَانَ بَينه وَبَين جماله مَا يُنَافِي الْعقل وَآخر أمره أَنه لما رفع مَعَ الركب قعد فِي الينبوع وَلم يزر وَقَالَ فِيهِ الشُّعَرَاء نسْأَل الله التَّوْفِيق.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الشَّمْس أَبُو عبد الله السفطرشبني ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي ثمَّ الشَّافِعِي الشاذلي وَالِد عَليّ الْمَاضِي، صاهر النُّور الأدمِيّ وَبِه تحول شافعيا وَأخذ عَنهُ وَعَن الزين الْعِرَاقِيّ وَغَيرهمَا وَفضل مَعَ الصّلاح وَالْخَيْر. مَاتَ بصالحية دمشق بعد الثَّلَاثِينَ رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف الْكَمَال أَبُو الْفضل بن أبي الصَّفَا الْحُسَيْنِي الْعِرَاقِيّ الأَصْل الْحلَبِي الْمَقْدِسِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ سيف المستفيض الثَّنَاء عَلَيْهِ وَيعرف بِابْن أبي الصَّفَا وَرُبمَا لقب بدموع. ولد بحلب وتحول مِنْهَا مَعَ أَبِيه إِلَى)
الْقُدس فحفظ الْقُرْآن والجزرية فِي الْقرَاءَات والمنار والكنز وألفية ابْن ملك وتدرب بوالده فِي فنون وانتفع بِهِ وبأبي اللطف الحصكفي ولازم سِرَاجًا الرُّومِي فِي الْفِقْه وأصوله وجود الْقُرْآن على ابْن عمرَان وَسمع مَعنا هُنَاكَ على التقي(6/261)
القلقشندي وَالْجمال بن جمَاعَة وَغَيرهمَا، وسافر إِلَى الشَّام فَأخذ عَن حميد الدّين النعماني القَاضِي ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ عَن ابْن الْهمام قبل حجَّته الْأَخِيرَة ثمَّ وردهَا أَيْضا وَأخذ عَن ابْن الديري والشمني والأقصرائي والكافياجي والعضد الصيرامي والزين قَاسم وَكَذَا التقي الحصني فِي آخَرين وَفِي بعض هَذَا نظر وَحج مَعَ أَبِيه وَهُوَ صَغِير وناب عَن الْمُحب بن الشّحْنَة فِي الْقَضَاء وَلم تحمد سيرته بل كَانَ هُوَ الْقَائِم بجل الاستبدالات فِي أيامهم لَا محبَّة فِيهِ بل لِأَنَّهُ يتْلف مَا يرتشيه بِسَبَبِهَا مَعَ بني القَاضِي وَغَيره فِيمَا لَا يرضى غير متستر وَلَا متكتم بِحَيْثُ أتلف فضيلته وَرُبمَا كَانُوا يتجرءون بِهِ على الأماثل كالنجم القرمي وَلم يحصل على طائل، وَقد سوعد فِي تدريس الناصرية وَغَيرهَا كالأشرفية الْقَدِيمَة ظنا وَكِلَاهُمَا بعد السيفي وَصَارَ يرتفق بِالشَّهَادَةِ عِنْد ابْن الْقَرَافِيّ وَنَحْوه وبالمبرة من ابْن مزهر وَبِالْجُمْلَةِ فَلهُ مُشَاركَة فِي الْفَضَائِل ونظم حسن سمعته ينشد مِنْهُ بل ذكر لي أَنه شرح الجرومية والقطر لِابْنِ هِشَام وَالْقسم الأول من تَهْذِيب الْكَلَام للتفتازاني فِي الْمنطق وَالْأَكْثَر من ثَلَاثَة أَربَاع الْهِدَايَة وَقطعَة من ألفية ابْن ملك كِلَاهُمَا مزجا وَقطعَة جَيِّدَة من خُلَاصَة الْخُلَاصَة لِابْنِ الهائم فِي النَّحْو وَكتب على التَّوْضِيح حَاشِيَة وأقرأ بعض الطّلبَة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي ثمَّ الْمَقْدِسِي. مضى فِيمَن جده عبد الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الرضي أَبُو الْفضل بن الْجمال القلقشندي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي كل من أَبِيه وجده وَأَبِيهِ. ولد فِي ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَعرض عَليّ فِي الْجَمَاعَة ولازم الْبَدْر المارداني فِي الْفَرَائِض والحساب حَتَّى تميز وَعمل لَهُ أجلاسا وَأذن لَهُ واشتغل أَيْضا فِي الْفِقْه والعربية والمنطق وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه الزين زَكَرِيَّا والجوجري والكمال بن أبي شرِيف والسنهوري ونظام، وَحج فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ مَعَ أَبِيه وزوجه قبلهَا ثمَّ فسد حَاله بعد محنة أَبِيه وَصَارَ إِلَى هَيْئَة مزرية وَحَالَة غير مرضية ليَكُون فِي ذَلِك للمتعاظمين الِاعْتِبَار وسلوك التَّوَاضُع وَترك الفشار.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن بريد عفيف الدّين أَبُو الطَّاهِر ابْن صاحبنا الْبُرْهَان)
الدِّمَشْقِي القادري مِمَّن أسمعهُ وَالِده مني، وَمَات بعد أَبِيه بِقَلِيل وَهُوَ صَغِير.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمُحب أَبُو بكر أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَكْبَر يَأْتِي فِي الكنى.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عُثْمَان بن يُوسُف بن عبد الرَّزَّاق بن عبد الله أصيل الدّين أَبُو الْفَتْح بن الْبُرْهَان أبي إِسْحَق الهنتاتي بِفَتْح الْهَاء ثمَّ نون سَاكِنة(6/262)
وفوقانيتين بَينهمَا ألف نِسْبَة لبلدة بمراكش المراكشي الموحدي نِسْبَة إِلَى الْمُوَحِّدين الْقَبِيلَة الشهيرة بالمغرب الْمصْرِيّ المولد وَالدَّار الْمَالِكِي الشاذلي وَيعرف بِابْن الخضري بمعجمتين مَضْمُومَة ثمَّ مَفْتُوحَة. ولد كَمَا قَالَ لي فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سادس عشري الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكتبه مرّة بِخَطِّهِ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكتبه مرّة بِخَطِّهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَقيل ثَمَان وَثَمَانِينَ أَو أَربع وَتِسْعين بِخَط جَامع ابْن طولون. وَقَالَ المقريزي فِي عقوده بعد أَن أسقط من نسبه عُثْمَان إِنَّه بِظَاهِر الْقَاهِرَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشري الْمحرم سنة ثَمَان وَسبعين فَالله أعلم، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لعدة قراء على التقي الدجوي والغماري وتجويدا بل ولنافع وَأبي عمر وعَلى النُّور عَليّ أخي بهْرَام وَحفظ الْعُمْدَة والإلمام لِابْنِ دَقِيق الْعِيد والشاطبيتين والطوالع فِي أصُول الدّين وَابْن الْجلاب والرسالة كِلَاهُمَا فِي الْفِقْه والحاجبية والملحة وغالب ألفية ابْن ملك وَالتَّلْخِيص فِي الْمعَانِي وَالْقَصِيدَة الغافقية وَغَيرهَا، وَعرض على السراج البُلْقِينِيّ والتاج بهْرَام والغماري والبشكالسي فِي آخَرين وتفقه بِأبي حَفْص عمر التلمساني وَالشَّمْس الساطي وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن سعد الدّين الْخَادِم والغماري والمنطق عَن عُثْمَان الشغري ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي فنونه وخدمه سِنِين وانتفع بِهِ وَسمع الحَدِيث على الشهَاب الْجَوْهَرِي والمطرز والغماري والشرف بن الكويك بل أخبر أَنه سمع على ابْن أبي الْمجد الفرسيسي والتقي الدجوي فَالله أعلم، وَحدث وَأفَاد ودرس وَأعَاد وَقَالَ الشّعْر الْحسن وطارح الأدباء ونادم الْأَعْيَان واشتهر بالمجون الزَّائِد والتهتك وخلع العذار وخفة الرّوح وَسُرْعَة الْإِدْرَاك مَعَ التَّقَدُّم فِي السن لكنه كَانَ يَحْكِي أَنه اسْتعْمل البلادر، كل ذَلِك مَعَ الْفَضِيلَة التَّامَّة والمشاركة فِي النَّحْو واللغة وَالْفِقْه والطب والهيئة، ولي قَدِيما تدريس الْفِقْه بِجَامِع الْحَاكِم والقراسنقرية والحسنية والْحَدِيث فِيمَا زعم بالفاضلية والإعادة بالكاملية والمنصورية والتصدير بِجَامِع عَمْرو وَغير ذَلِك وباشر الشَّهَادَة بالمفرد وَالْخَاص وَغَيرهمَا، وَحج بضع عشرَة حجَّة أَولهَا فِي سنة أَربع عشرَة وَآخِرهَا بعد السِّتين، وَكتب عَنهُ ابْن فَهد فِي توجهه سنة خمسين، وَهُوَ مِمَّن قرض لِابْنِ ناهض نظم)
سيرة الْمُؤَيد، وَقد كتبت عَنهُ قَدِيما من نظمه ونثره وأسمعت ابْني عَلَيْهِ وَلم يكن بِحجَّة، وَذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه لزم ابْن جمَاعَة فَأخذ عَنهُ عدَّة عُلُوم مَا بَين منطق وجدل وَغَيرهمَا وشارك فِي الْفِقْه وأصوله والطب والنحو ثمَّ أقبل على طلب الدُّنْيَا وَلَو اسْتمرّ على الِاشْتِغَال لجاد وساد لما عِنْده من الذكاء والفطنة وَسُرْعَة الْحِفْظ وجودة التَّصَوُّر وَهُوَ مَعَ ذَلِك يجيد نظم الشّعْر ويغوص على مَعَانِيه وَلَا يكَاد يخفى عَلَيْهِ(6/263)
من دقائقه إِلَّا الْيَسِير، صحبني قَدِيما وَتردد إِلَيّ مرَارًا وترافقنا فِي الْحَج سنة خمس وَعشْرين فَمَا علمت إِلَّا خيرا، وَفِيه دعابة وَعِنْده مجون وخفة روح تستحسن وَلَا تستهجن ثمَّ روى عَنهُ أَن شَيْخه الْعِزّ بن جمَاعَة حكى لَهُ أَنه كثيرا مَا كَانَ يحوك فِي صَدره الْوُقُوف على كَلَام ابْن عَرَبِيّ من أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُ ليعرف مَا عِنْدهم فِيهِ قَالَ: فرأيته لَيْلَة فِي الْمَنَام فَقَالَ لي اقْرَأ كتبي على هَذَا وَأَشَارَ لشخص فَنَظَرت إِلَيْهِ وعرفته واستيقظت فَمَكثت مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ سَمِعت بِأَن شخصا يُسمى مُحَمَّد بن عَادل بن مَحْمُود التبريزي وَيعرف بشيرين قد ورد وَنزل مدرسة السُّلْطَان حسن وَهُوَ يَدعِي معرفَة كتب ابْن عَرَبِيّ ويحققها فمضيت إِلَيْهِ فَلَمَّا وَقع بَصرِي عَلَيْهِ رَأَيْته كَأَنَّهُ الشَّخْص الَّذِي أرانيه ابْن عَرَبِيّ فِي مَنَامِي فتعجبت بِحَيْثُ ظَهرت إِمَارَة التَّعَجُّب عَليّ وتأنيت فِي السّير إِلَيْهِ قَلِيلا فَسَأَلَنِي عَن السَّبَب فَأَخْبَرته فَأَخْبرنِي أَنه أَيْضا رأى ابْن عَرَبِيّ فِي النّوم وَأَنه أمره بِالْمَسِيرِ لمصر لإقراء شخص وَأَشَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ أسبه النَّاس بك قَالَ: وَحِينَئِذٍ قَرَأت عَلَيْهِ فَلَمَّا انْتَهَت الْقِرَاءَة وَعلمت مَا هم عَلَيْهِ تجهز وَقَالَ: قد حصل مَا جِئْنَا بِسَبَبِهِ وَلم يقم وَأَن وَالِده أَبَا إِسْحَق إِبْرَاهِيم قَالَ لَهُ: سَمِعت من لفظ الْبُرْهَان الجعبري بميعاده فِي زاويته خَارج بَاب النَّصْر يَقُول: كَانَ الْجمال بن هِشَام مُعْتَقدًا يَعْنِي فِيهِ مِمَّن يواظب ميعاده فلامه أَبُو حَيَّان على ذَلِك فَقَالَ لَهُ: امش معي واسمع كَلَامه فَفعل فَوَقع مِنْهُ فِي بعض كَلَامه لحن فَأنكرهُ أَبُو حَيَّان بِقَلْبِه فَقَامَ الجعبري قَائِما وَهُوَ ينشد:
(سر الخليقة كَائِن فِي الْمَعْدن ... بحقائق الْأَرْوَاح لَا بالألسن)
(والجوهر الشفاف خير يقيننا ... إِذْ كَانَت الأصداف مَا لم يجبن)
(مَاذَا يُفِيد أَخا لِسَان مُعرب ... إِن يلق خالقه بقلب ألكن)
)
(فَإِذا ظَهرت برسم مَا أخفيته ... فَقل الصَّوَاب وَلَو تكن بالأرمن)
انْتهى وَالله أعلم بصحتهما. مَاتَ فِي أَوَائِل رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد جَازَ التسعين على أحد الْأَقْوَال عَفا الله عَنهُ وَمِمَّا كتبته عَنهُ قَوْله:
(إِن غَابَ أوزار كَانَ الْقلب فِي تَعب ... لَا خير فِي عشقه إِن جَاءَ أَو سارا)
(قَالَ العواذل قد أَتعبت من شغف ... على الحبيب فقد حملت أوزارا)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عمر بن حسن بن حُسَيْن التلواني الأَصْل القاهري شَقِيق يُوسُف الْآتِي أمهما جَان خاتون ابْنة ابْن الْحَاجِب.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن فَرِحُونَ سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي السُّعُود مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد(6/264)
ابْن عَطِيَّة بن ظهيرة الْجمال أَبُو السُّعُود، عَالم الْحجاز ورئيسه وَابْن عالمه المضمحل لَدَيْهِ تزييف الْمُبْطل وتلبيسه البرهاني الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده والراضي بِالْقدرِ وكل مَا يتحفه الْمولى بِهِ وَفِيه يسدده سبط عَم وَالِده الْجلَال أبي السعادات المتمكن من الاستنباط فِي علومه والتوليدات، أمه زَيْنَب تزَوجهَا أَبوهُ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَخمسين فالجمال بكرهما وفخرهما، ومولده فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثامن عشري ذِي الْحجَّة من الَّتِي تَلِيهَا فِي حَيَاة جده لأمه وَمَاتَتْ أمه فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ فَنَشَأَ مَعَ كَونه كريم الجدين وقديم بل مديم السعدين فِي كَفَالَة أَبِيه فِي رفاهية وَعز وشريف تربية وَأحْصن حرز واحتفل بختانه فِي سنة سبعين ثمَّ فِيهَا توجه بِهِ أَبوهُ مَعَ الشريف صَاحب الْحجاز إِلَى طيبَة للزيارة وَلما تمّ حفظه لِلْقُرْآنِ وَهُوَ فِيهَا أَو فِي الَّتِي تَلِيهَا تهَيَّأ للاحتفال بِالصَّلَاةِ بِهِ فِي رَمَضَان على جاري الْعَادة فعاق عَنهُ الِاشْتِغَال بالركب الرجبي وَلَكِن رَأَيْت بِخَط النَّجْم بن فَهد أَنه صلى بِهِ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَكَأَنَّهُ عني بوالده، وَحفظ الْأَرْبَعين مَعَ إشارتها والمنهاج كِلَاهُمَا للنووي وألفية الحَدِيث والنحو ومختصر ابْن الْحَاجِب وَالتَّلْخِيص وَغَيرهَا كالطوالع وجانبا من الشاطبية وَعرض فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين فَمَا بعْدهَا على قُضَاة بَلَده الثَّلَاثَة بل على خَاله الشَّافِعِي الْمُنْفَصِل وَإِمَام مقَامه بل على خلق من الْأَئِمَّة الغرباء القادمين عَلَيْهِ كَالشَّمْسِ الشرواني وَالسَّيِّد معِين الدّين بن صفي الدّين وَفتح الله بن أبي يزِيد الشرواني وَأبي إِسْحَق بن نظام بن مَنْصُور الشِّيرَازِيّ الْوَاعِظ وَالْجمال يُوسُف الباعوني الدِّمَشْقِي الشافعيين وَمُحَمّد بن سعيد الصنهاجي ثمَّ المراكشي)
وَيحيى بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الزواوي ثمَّ البجائي الفراوسني وَأحمد بن يُونُس وَعبد الْمُعْطِي المغربيين المالكيين وَخير الدّين الشنشي الْحَنَفِيّ فِي آخَرين كَالشَّمْسِ الطنتدائي الضَّرِير وَالسَّيِّد السمهودي وأجازوه كلهم وَذكروا من أَوْصَافه وأوصاف أَبِيه مَا هم جديرون بِهِ حَتَّى تمثل بَعضهم بقول الْقَائِل:
(أُولَئِكَ آبَائِي فجئني بمثلهم ... إِذا جمعتنَا يَا جرير المحافل)
وَآخر بِمَا قيل:
(نسب بَينه وَبَين الثريا ... نسب فِي الظُّهُور والعلياء)
وَأَنه من بَيت لم يتكل رؤساؤه على مَا لَهُم من نسب وَلَا فاخر أحدهم إِلَّا بِنَفسِهِ وَلَو شَاءَ لأدلى إِلَى الْمَعَالِي بِأم وَأب وَآخر: إِذا طَابَ أصل الْمَرْء طابت فروعهالبيت وَآخر:
(لسنا وَإِن أحسابنا شرفت ... يَوْمًا على الأحساب نَتَّكِل)
(نَبْنِي كَمَا كَانَت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل مَا فعلوا)
وَأَيْضًا:
(إِن السّري إِذا سرى فبنفسه ... وَابْن السّري إِذا سرى أسراهما)(6/265)
وَقَالَ كل من الْأَوَّلين والمتنكر لَهُ ظنا ثَانِيهمَا مَا نَصه مَعَ زِيَادَة كَلِمَتَيْنِ: إِن قُرَّة عين الْفضل والأفضال وغصن دوحة الْعلم والكمال الفطن اللوذعي والذهن الألمعي من لَهُ الْبُشْرَى بالسعادة وَالْحُسْنَى وَالزِّيَادَة الذكي النجي الأمجد أَبَا السُّعُود جمال الرّفْعَة وَالدّين مُحَمَّد بن الْهمام الْكَامِل والعالم الْعَامِل القمقام إِمَام قُضَاة الْإِسْلَام ومقتدى وُلَاة الْأَنَام من هُوَ للمفاخر والمآثر مجمع وللعلم والحلم منبع:
(وجدت بِهِ مَا يمْلَأ الْعين قُرَّة ... ويسلى عَن الأوطان كل غَرِيب)
أَعنِي السَّيِّد الْعَظِيم الْبَحْر القرم الْكَرِيم برهَان الْعلم وَالْفضل وَالتَّقوى والحلم وَالدّين وَالْفَتْوَى فَرد يَا رب بِفَضْلِك فواضل الْوَلَد لمزيد حبور الْوَالِد وأعذهما بحفظك الواقي من شَرّ كل حَاسِد حاو لحفظ أربعي النَّبَوِيّ للْإِمَام النَّوَوِيّ ولضبط متين منهاجه بأعضائه وأوداجه وألفيت مِنْهُ ألفية النَّحْو كآي من الْفرْقَان على طرف من اللِّسَان ألقيت وداده فِي سَواد فُؤَادِي وَأخذت أَحْمَده وأمدحه فَوق المرام بل وفْق المُرَاد فِي كل نَادِي ثمَّ أجزت لَهُ أَن يروي عني هَؤُلَاءِ الْكتب مَعَ)
كل كتاب قرأته أَو طالعته بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبرَة عِنْد المهرة وَالله أسأَل أَن يَجْعَل أَلْفَاظ الْكتب لجنابه مجَازًا إِلَى دَرك حقائق لبلبه ليَكُون من الْعلمَاء وأعاليهم لَا من سفلتهم وأدانيهم فخرا للقبائل ذخْرا للأماثل. وَقَالَ ثَانِيهمَا فَقَط: فَلَمَّا صادفت أَن تحبه الفطانة والكياسة الْحقيق عِنْد التَّحْقِيق بالتقدم والرياسة الَّذِي قد ترعرع بِنِعْمَة الله فِي ظَلِيل ظلال الْعلم وَالتَّقوى ويتزعزع بفضله أحرف الدَّرْس وَالْفَتْوَى فرع الدوحة الشامخة وريع الريغ الناضخة جلاء أحداق الحذاق وغشاء أبصار الحساد الأغساق الحامد الْمَحْمُود جمال الْفضل وَالدّين أَبَا السُّعُود وَجه الله ركاب الأكابر نَحْو جنابه وأطرح سفائنهم فِي عبابه لَهُ ابتدار من السُّعُود متواصل واقتدار على الصعُود متكامل قد سلك طرق الْجد فِي تَحْصِيل الْفَضَائِل وَملك رِقَاب الفواضل بِحَيْثُ نطقت بفضله كلمة الكملة من الأماثل. وَقَالَ ثَالِث من جملَة وصف جليل وَوصف أثيل: لَا زَالَت الشَّهَادَات لَهُ بِالْفَضْلِ متناسقة والسعادات إِلَيْهِ متسابقة وَفِي أَبِيه:
(قَاض إِذا الْتبس الْأَمْرَانِ عَن لَهُ ... رَأْي يخلص بَين المَاء وَاللَّبن)
(الْقَائِل الصدْق فِيهِ مَا يضر بِهِ ... وَالْوَاحد الْحَالين فِي السِّرّ والعلن)
وَالرَّابِع: السَّيِّد المنتجب الرشيد والسند الْمُنْتَخب السديد الْبَالِغ دَرَجَة الأفاضل فِي عدَّة سِنِين قَلَائِل قد حفظهَا حفظا متينا وَفهم مَعَانِيهَا فهما مفهما مُبينًا فَللَّه دره مَحْفُوظًا فِي عَلَانِيَته وسره مد الله تَعَالَى فِي عمره وهيأ لَهُ أَسبَاب الْكَمَال بيسره(6/266)
ووفقه بجوده لمراضيه وَجعل مُسْتَقْبل عمره خيرا من ماضيه. وَالْخَامِس: أَنه آذن إِن شَاءَ الله تَعَالَى ببلوغ دَرَجَة وَلَده متع الله بِوُجُودِهِ وبلغه سَائِر مقاصده وَأنْشد:
(إِن الْهلَال إِذا رَأَيْت نموه ... أيقنت أَن سيصير بَدْرًا كَامِلا)
وَالسَّادِس: أَنه الْمشَاهد بِالْقُوَّةِ عين كَمَال فِيهِ وَكَيف لَا يكون كَذَلِك وَالْولد سر أَبِيه فَلَا يستغرب إِن زهى بفرعه وفضله إِذْ مرجع كل شَيْء على الْحَقِيقَة إِلَى أَصله. وَالسَّابِع:
(مَعَ كرم شيم وطباع ... وَحسن سمت وانطباع)
وَإِمَام الْمقَام سيدنَا الْفَقِيه الْفَاضِل نجل الْعلمَاء وخلاصة الكرماء وقرة عين الأقرباء والأحباء شرف الْعلمَاء أوحد الْفُضَلَاء أعزه الله بعز طَاعَته وَجعل الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة أشرف بضاعته ثمَّ أنْشد فِي عزة وجود مثله:)
(وَفِي تَعب من يحْسد الشَّمْس نورها ... ويجهد أَن يَأْتِي لَهَا بضريب)
وقاضي الْحَنَفِيَّة: أَنه أنبأ مَعَ حفظه لَهَا عَن إِدْرَاك مَعَانِيهَا وَإِن لَهُ بهَا مساس فَلَا يَنْبَغِي أَن غَيره فِي الْحِفْظ عَلَيْهِ يُقَاس. وخاله: إِنَّه لَيْسَ أحسن وأعرب وَمن أشبه أَبَاهُ فَمَا أغرب نجل الْكِرَام وخلاصة السّلف الصَّالح من السَّادة الْأَعْلَام معلم الطَّرفَيْنِ وكريم الجدين ظَاهر النباهة والنجاح الَّذِي لاحت عَلَيْهِ بِحَمْد الله أَعْلَام الْفَلاح والأخير: الْحَمد لله الَّذِي اسْتَجَابَ لإِبْرَاهِيم فِي ذُريَّته ورزقه من السُّعُود نِهَايَة أمْنِيته بمقامه بِمَكَّة على الدَّوَام مَحْفُوظًا وببنائه المشيد لم يزل ملحوظا. وَالَّذِي قبله: ذُو القريحة الَّتِي لَا تضاهى والفكرة الَّتِي لَا يتناهى ثناها لَيْث اقتناص ظباء المباني بازي افتراس شوارد أبكار الْمعَانِي. وَقَالَ بعض من وصف وَالِده بشيخنا مِنْهُم:
(قل لقَاضِي الْقُضَاة برهَان دين الله ... شيخ الْأَئِمَّة الْأَعْلَام)
(أَنْت بَحر وَإِن نجلك أضحى ... قُرَّة للعيون فَرد سَام)
فِي أَبْيَات. غَيره:
(قل للمعاني تهني وارقصي وطب ... فقد أَتَاك أصيل سَابق النجب)
(يهنيك يهنيك من قد جَاءَ مبتدرا ... يسْعَى إِلَيْك بجد لَيْسَ باللعب)
(واستبشري ثمَّ حثي السّير مسرعة ... إِلَى علاهُ وَقَوْلِي مرحا تصب)
(أَبَا السُّعُود رعاك الله مَا طلعت ... شمس وزادك إقبالا على الطّلب)
وَقَالَ:
(وخصك الله بالتوفيق مِنْهُ على ... رغم الحسود مَعَ العلياء فِي رتب)
(يهنيك جمع عُلُوم لَا نَظِير لَهَا ... فِي رَأس مَال نَفِيس جلّ عَن ذهب)
(وَقد عرضت فشنفت المسامع فِي ... حفظ وَلَفظ بتحقيق بِلَا نصب)
(وَأَن فِيهَا كتابا لَو يُقَاس بِهِ ... بَين الْعُلُوم لأم الْكل فِي الْكتب)(6/267)
(وبهجة الْعلم لَا شَيْء يشابهها ... من الْفَضَائِل والأخلاق وَالْأَدب)
(فانهض وجد وبادر كي تفوز بِمَا ... فَازَ الجدود بِهِ والأهل من أرب)
(واسلم وَدم وارق واسعد واحفظ وابق على ... مر الزَّمَان بِلَا كيد وَلَا ريب)
فِي أَبْيَات. وَفِي اسْتِيفَاء جَمِيع هَذَا طول. ولازم وَالِده فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَغَيرهَا كالمعاني وَالْبَيَان وتهذب بمخالطته وتهذب بِهِ فِي رياسته وبلاغته وَرَأى أَنه)
كِفَايَة عَن غَيره مِمَّن لم يسر فِي الْعلم وَالتَّحْقِيق كسيره كَمَا اتّفق لجَماعَة من الْأَئِمَّة كالجلال البُلْقِينِيّ فِي الِاقْتِصَار على أَبِيه الْأمة وَنَحْوه التَّاج السُّبْكِيّ فِي كَون جلّ انتفاعه بِأَبِيهِ الْمُجْتَهد الْمُزَكي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ مَعَ أَبِيه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحَدِيث إِلَى غَيرهم من الْعلمَاء فِي الْقَدِيم والْحَدِيث لَا سِيمَا ومجلسهكان محط الرّحال من الوافدين الفائقين فِي الْفَضَائِل والاعتدال فضلا عَن أهل بَلَده الْمَذْكُورين بالكمال فاستفاد من مباحثهم ومناظراتهم السديدة الْمقَال مَا انْتفع بِهِ فِي الِاسْتِقْبَال مَعَ شَهَادَتهم لَهُ بشريف الْخِصَال وَكَانَ مِمَّا قَرَأَهُ على وَالِده العجالة شرح الْمِنْهَاج بكمالها فِي سنة سِتّ وَسبعين وجانبا من الْمَتْن وَالرَّوْضَة وَالْحَاوِي وحاشية وَالِده على شَرحه للقونوي وَشرح الْبَهْجَة للْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والمفصل للزمخشري بِكَمَالِهِ وَكَانَ يغتبط بِهِ وَقطعَة من جمع الْجَوَامِع مَعَ مُلَاحظَة شَرحه للمحلي وَمن كتب الحَدِيث صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَالسّنَن لأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والموطأ لملك والسيرة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام والشفا وَالتَّرْغِيب والترهيب لِلْمُنْذِرِيِّ وَمَا لَا ينْحَصر دراية وَرِوَايَة مَعَ أَن مجالسه فِي الإسماع إِنَّمَا كَانَت غَالِبا دراية وَرُبمَا تكَرر لَهُ بَعْضهَا غير مرّة وَمن القصائد جملَة كبانت سعاد والبردة والهمزية لَهُ بل كَانَ قَارِئ دروسه أَيْضا دهرا فِي الرَّوْضَة والكشاف بمدرسة السُّلْطَان وَغَيرهَا وَكَذَا أَكثر من مُلَازمَة دروس عَمه الْفَخر أبي بكر حَتَّى أَخذ عَنهُ جَمِيع الْحَاوِي والمنهاج وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَقطعَة من الْإِرْشَاد لِابْنِ الْمقري وَمن جمع الْجَوَامِع وَمن التَّلْخِيص فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَجَمِيع صَحِيح البُخَارِيّ وَغير ذَلِك وَكَانَ مَجْلِسه أَيْضا بغية الغرباء والعلية من النجباء وَرُبمَا أَخذ عَن غَيرهمَا فِي الْفُنُون كمذاكرته مَعَ عبد الْغفار بن مُوسَى الْجَزرِي فِي الْعَرَبيَّة والمنطق وَمَعَ عُثْمَان بن سُلَيْمَان الْحلَبِي فِي أصُول الْفِقْه حِين مجاورتهما فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ بل دخل قبلهَا مَعَ أَبِيه الديار المصرية فلقي بهَا الْأمين الأقصرائي والكافياجي وَغَيرهمَا من الْأَئِمَّة فَكَانَ مِمَّا أَخذه عَن الْأمين بعض ختومه وَعَن المحيوي من مُصَنفه مِفْتَاح السَّعَادَة فِي شرح كلمتي الشَّهَادَة وَعَن الزين زَكَرِيَّا بعض شَرحه للبهجة وَمن ذَلِك الْمجْلس الْأَخير وخالط(6/268)
السراج الْعَبَّادِيّ والبقاعي وَغَيرهمَا مِمَّن كَانَ يتَرَدَّد لِأَبِيهِ وَسمع حِينَئِذٍ على الشهَاب الشاوي والزكي أبي بكر بن صَدَقَة الْمَنَاوِيّ وَالشَّمْس الهرساني فِي آخَرين بل حضر بِمَكَّة قبل ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين عِنْد الشرواني فِي مجاورته بعض دروسه وَقبلهَا على الْكَمَال إِمَام الكاملية فِي الشفا وَمجمع الأحباب وَغَيرهمَا من دروسه وَبعدهَا على النَّجْم عمر)
بن فَهد المسلسل بالأولية وَالْأَرْبَعِينَ الَّتِي خرجها شَيخنَا لشيخه الزين أبي بكر المراغي والمجلس الْأَخير من الْحِلْية لأبي نعيم وَكَانَ النَّجْم كثير التنويه بِهِ والبث لأوصافه وَحسن طلبه بِحَيْثُ كَانَ يكْتب بذلك إِلَيّ فِي الديار المصرية وَأَجَازَ لَهُ بإفادته خلق من المسندين المعتبرين وَالْعُلَمَاء الْمَذْكُورين من أهل الْحَرَمَيْنِ وَبَيت الْمُقَدّس والخليل ومصر والقاهرة ودمشق والصالحية وحلب وغزة وَغَيرهَا رَأَيْت سرد أسمائهم بِخَط النَّجْم وَفِيهِمْ من اشْترك مَعَ وَالِده فِي الرِّوَايَة عَنهُ فَمن مَكَّة الْبُرْهَان الزمزمي والتقي بن فَهد والزين عبد الرَّحِيم الأميوطي وَأَبُو حَامِد وَأَبُو عبد الله ابْنا ابْن ظهيرة وَأم هَانِئ ابْنة أبي الْقسم بن أبي الْعَبَّاس. وَمن الْمَدِينَة أَبُو الْفرج المراغي. وَمن بَيت الْمُقَدّس التقي أَبُو بكر القلقشندي وَعبد الْقَادِر النَّوَوِيّ وَالشَّمْس بن عمرَان الْمقري. وَمن الْخَلِيل الزين عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن إِسْحَق التَّمِيمِي وَمن مصر الزين عبد الرَّحْمَن الأدمِيّ والنعماني. وَمن الْقَاهِرَة الْعلم البُلْقِينِيّ والشرف الْمَنَاوِيّ والبدر النسابة والجلال بن الملقن وأختاه خَدِيجَة وصالحة والجلال القمصي والبهاء بن الْمصْرِيّ والشهاب الْحِجَازِي والزين عبد الرَّحْمَن بن الفاقوسي وَعبد الرَّحْمَن سبط الشَّيْخ يُوسُف العجمي وَعبد الرَّزَّاق من بني الْحَافِظ القطب الْحلَبِي الشافعيون والسعد بن الديري والتقي الشمني وَالشَّمْس الرَّازِيّ الحنفيون والقرافي وَابْن حريز المالكيان والعز الْحَنْبَلِيّ وقريبته نشوان وَأم هَانِئ الهورينية وَأنس اللخمية جِهَة شَيخنَا ابْن حجر وَهَاجَر القدسية. وَمن دمشق صالحيتها الْبُرْهَان الباعوني والنظام بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ وست الْقُضَاة ابْنة ابْن زُرَيْق وَأَسْمَاء ابْنة ابْن المهراني وَفَاطِمَة ابْنة خَلِيل الحرستاني. وَمن حلب إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يُونُس الضَّعِيف والمحب بن الشّحْنَة وَأَبُو ذَر محدثها. وَمن غَزَّة عالمها الشَّمْس أَبُو الوفا بن الْحِمصِي. ثمَّ لما تحقق مِنْهُ أَبوهُ الارتقاء فِي الْفَضَائِل ومزاحمة الْأَعْيَان بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْوَسَائِل وَعلم طمأنينة الْأَنْفس الزكية بِهِ وَفهم مِنْهُ الْخِبْرَة بإيضاح كل مشتبه استنابه فِي قَضَاء مَكَّة الفائقة فِي الْبركَة وَكَذَا فِي قَضَاء جدة ليزول بِهِ عَن الضُّعَفَاء مَا لَعَلَّه يحل بهم من الكرب والشدة وَينْتَفع بسياسته من قَصده وَأمه مَعَ طلب ذَلِك لَهُ مِنْهُ من بعض الْأَئِمَّة فحسنت سيرته(6/269)
ومداراته وَظَهَرت فِي كُله كمالاته مَعَ عدم تهالكه على ذَلِك وتصديه لهَذِهِ المسالك بل هُوَ مقبل على التَّكْمِيل لنَفسِهِ والتحصيل الصَّارِف لَهُ عَن التَّكَلُّم بحدسه حَتَّى عرف بوفور الذكاء وَقُوَّة الحافظة وَالْقُدْرَة على التَّعْبِير بالألفاظ الَّتِي هِيَ بالقانون الْعَرَبِيّ مُحَافظَة وجودة قِرَاءَته وطلاقته واستحضاره لنفائس)
من فنون الْأَدَب وَالشعر والنكت والتاريخ ومزيد أدبه وتواضعه وصفائه واستجلابه لكل أحد ومزيد خدمته لِأَبِيهِ وتمشية حَال كثير مِمَّن يعاديه عِنْده فَمَال إِلَيْهِ كل من استقام من الْخَاص وَالْعَام وَكَذَا بَاشر مشيخة الْمدرسَة الجمالية اليوسفية وَغَيرهَا بِمَكَّة وَكَانَ قَارِئ الحَدِيث بَين يَدي أَبِيه فَكَانَ مَعَ كَونه مشتغلا بِالْقِرَاءَةِ مصغيا للمباحث بِحَيْثُ يتَكَلَّم باليسير الْوَاضِح التَّصْوِير الْغَنِيّ عَن طول التَّقْرِير. وَلما كنت بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين رام وَالِده حُضُوره عِنْدِي فَمَا تيَسّر ثمَّ حضه على ملازمتي ومساومتي فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ حَتَّى حَتَّى قَرَأَ عَليّ شرحي لألفية الحَدِيث قِرَاءَة متقنة وَأخذ عني غَيرهَا وامتلأت عَيْني مِنْهُ وتصورت تفرده بِحمْل الْعُلُوم عَنهُ وكتبت لَهُ إجَازَة هائلة تزايد سرُور أَبِيه بهَا أثبتها فِي مَوضِع آخر، وتصدى قبل ذَلِك وَبعده للإقراء فِي الْفِقْه والعربية والأصلين والمعاني وَالْبَيَان والْحَدِيث بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَغَيره وَحضر عِنْده الأكابر ووردت عَليّ مطالعات غير وَاحِد مِنْهُم تخبر بِمَا أعلم أَزِيد مِنْهُ وَكَذَا تَكَرَّرت عَليّ مشرفاته الدَّالَّة على مزِيد التودد والتأدب الْمُشْتَملَة على الْعبارَة الفائقة وَالْإِشَارَة الرائقة مَعَ الْخط النير الْمَنْسُوب وَاللَّفْظ الَّذِي يملك بِهِ الْقُلُوب وَهُوَ بِحَمْد الله فِي ترق من المحاسن إِلَى أَن اسْتَقر عقب موت وَالِده فِي الْقَضَاء اسْتِقْلَالا وَفِي مشيخة مدرسة السُّلْطَان وَسَائِر مَا كَانَ مَعَه فباشر ذَلِك أحسن مُبَاشرَة سِيمَا فِي إقراءه الْكَشَّاف وَالرَّوْضَة المتواترة وتحديثه بكتب الحَدِيث مطولها ومختصرها سِيمَا صَحِيح البُخَارِيّ بأماكن من الْمَسْجِد الشريف المتشرف بِهِ السَّامع والقاري حَتَّى أطبق عَلَيْهِ الْمُوَافق والمخالف وَاتفقَ فِي الثَّنَاء على محاسنه القادم والعاكف، وجاورت غير مرّة بعد أَبِيه فَمَا تحول عَن آدابه وأياديه وَإِن كَانَ فِي تَعب كثير وَنصب لما الْوَقْت بِهِ جدير وَله فِي تَفْرِقَة مَا لَعَلَّه يصل لمَكَّة من المبرات والتوثقة المتوصل بهَا لجلب المسرات التَّصَرُّف السديد والتلطف الَّذِي يسترق بِهِ الْأَحْرَار فَكيف بالعبيد حَتَّى صَار رَئِيس الرؤساء وجليس البرامكة وَالْخُلَفَاء زَاده الله من أفضاله وأعاذه من كل سوء وبلغه نِهَايَة آماله. ورأيته كتب فِي صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ صدر إجَازَة لعَلي بن الْفَخر أبي بكر المرشدي بِمَا نَصه: الْحَمد لله الَّذِي نوع الْفَخر فَجعل جَلَاله وكماله فِي فَخر الدّين(6/270)
وَأَعْلَى قدر من شَاءَ من عباده وزينه بِالْعلمِ الْمُبين ورفق من أَرَادَ بِهِ الْخَيْر وأرشده إِلَى الصِّرَاط المتين الْغَنِيّ الَّذِي لَا يبخل على عَبده مَعَ تطاول السنين وَالْأَمر وَرَاء هَذَا فخطبه تصدع الْقُلُوب وأدبه يرتدع بِهِ الْحَاسِد المغبون وشكله من المفرحات وعدله مَعَ المداراة من المحاسن)
الواضحات كتوقفه فِي تَنْفِيذ الحكم الثَّابِت فِي مصر بأرشدية عبد الْقَادِر بن عبد الْغَنِيّ القباني وَكَذَا بِإِقْرَار أبي بكر بن عبد الْغَنِيّ بِمَا فِي جِهَته لأم ولديه الأول وَالثَّانِي وَنَحْوه الحكم بِالْبَرَاءَةِ بَين ابْن قاوان ووصيه العالي الْمَكَان وَترك الْوَصْف بالشرف المجحود حِين مُبَاشَرَته بعض الْعُقُود مِمَّن اجْتمع لَهُ بديع الْفَهم وَقُوَّة الحافظة وانتفع الأجلاء ببديهته فضلا عَن رُؤْيَته الَّتِي على التَّحْقِيق مُحَافظَة ولشعراء بَلَده والقادمين عَلَيْهِ فِيهِ غرر المدائح ودور المنائح وَقد تَكَرَّرت زيارته لطيبة وبشارته من الصَّالِحين بِدفع كل كرب وريبة فَللَّه دره من بَحر علم لَا تكدره الدلاء وَنحر لحاسده بِسَهْم لَا يَنْفَكّ مدى الدَّهْر عَنهُ بِهِ الِابْتِلَاء إِن تكلم فِي الْفِقْه فالجواهر قَاصِرَة عَن بَحر علمه وَالْمطلب بل الْكِفَايَة من وافر سَهْمه فتقريره فِيهِ وَاضح جلي وَتَعْبِيره عَن دقائق مشكله رَاجِح على أوفى أُصُوله فالفخر أَو الْوَلِيّ أَو فِي الْعَرَبيَّة فبلسان شَاهد بتضلعه وَبَيَان يعجب مِنْهُ كل بليغ كلما سَمعه أَو الْمعَانِي فالفريد فِي الْمُفْردَات والمباني أَو الصّرْف فتصريفه إِلَيْهِ المنتهي أَو الْكَلَام فتحريه مُثبت ليفين الْإِيمَان الَّذِي يشتهى أَو التَّفْسِير فالكاشف لدسائس كشافه والعارف لما يزِيل الألباس عَن المناظر باعترافه أَو الحَدِيث فالفائق الرَّائِق فِي تَقْرِيره الشاسع وتحريره النافع أكْرم بِهِ من فريد جبلت الْقُلُوب الصافية على حبه ووحيد عطفت عَلَيْهِ السَّادة فكلهم يَرْجُو الْقرْبَة بِقُرْبِهِ جمع بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَدفع الْجَهْل عَن نواحيه بِقطع كل مشكك سَوَّلَ وَمن يَجْعَل الله نورا فَلَا استطاعة لإطفائه وَمن شنع على محاسنه وَجب الدُّعَاء بطول بَقَائِهِ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس المغربي الأَصْل النشيلي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بالنشيلي. ولد فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بنشيل من الغربية وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول مَعَ شقيقه أَحْمد الْمَاضِي إِلَى الْأَزْهَر فجود الْقُرْآن على الْفَقِيه إِبْرَاهِيم الظني نِسْبَة لقرية قريبَة من طرابلس وَحضر تقاسيم الْعَبَّادِيّ سِنِين وَقَرَأَ على الزيني زَكَرِيَّا فِي الْمِنْهَاج وعَلى النُّور السهلي الشذور لِابْنِ هِشَام وَسمع فِي الْعَرَبيَّة أَيْضا على الشّرف مُوسَى البرمكيني وَأخذ الْفَرَائِض والحساب عَن الشهَاب السجيني والوسيلة لِابْنِ الهائم عَن الْبَدْر المارداني بِقِرَاءَة عبد الْعَزِيز الميقاتي وتميز فيهمَا بِحَيْثُ أقرأهما، وَحج رجبيا فِي سنة الزيني عبد(6/271)
الباسط وَهِي سنة ثَلَاث وَخمسين وأمير الركب جرباش فَاسق وَحكى لنا أَن جملا مر وَهُوَ مثقل على عانة الْفَخر عُثْمَان الديمي وَهُوَ نَائِم فانزلعت وَكَانَت حَيَاته على خلاف الْقيَاس وَأَن)
مِمَّن حج حِينَئِذٍ الشَّمْس النشائي وتكرر حجه بعد ذَلِك إِلَى أَن كَانَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ فقطنها وعينه الشمسي بن الزين لشهادة العمائر السُّلْطَانِيَّة ومباشرة أوقاف الْمدرسَة والدشيشة وَغَيرهَا شركَة لِابْنِ نَاصِر ودخلا الْقَاهِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ بحرا حَيْثُ مرافعة شيخ الرِّبَاط نور الله العجمي إِذْ ذَاك فيهمَا فَلم البدري أَبُو الْبَقَاء الْقَضِيَّة وَرجع ابْن نَاصِر مَعَه وتخلف هَذَا قَلِيلا عَن الركب ثمَّ توجه ليدركه فَسمع بعجرود خوف الطَّرِيق فعرج إِلَى الطّور فَوجدَ جمَاعَة ابْن الزَّمن قد عوقتهم الْقُدْرَة فَركب الْبَحْر مَعَهم فَكَانَ وصولهم إِلَى بندر الينبوع فِي خَمْسَة أَيَّام وَركب مَعَه إِلَى الْقرْيَة فَأَقَامَ بهَا عشرَة أَيَّام وَتزَوج هُنَاكَ. وَلما ورد عَلَيْهِ الركب رافقهم فَكَانَت مُدَّة مسيره من الْقَاهِرَة إِلَى الينبع برا وبحرا بضعَة عشر يَوْمًا كَمَا قَالَ وَأقَام بِمَكَّة وَله أَوْلَاد وَرُبمَا أَقرَأ الْفَرَائِض والحساب.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد البيدموري البكتمري. فِي ابْن إِبْرَاهِيم يَأْتِي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن المرتضى بن الْهَادِي بن يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقسم ابْن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب الْعِزّ أَبُو عبد الله الحسني الْيَمَانِيّ الصَّنْعَانِيّ أَخُو الْهَادِي الْآتِي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وتعانى النّظم فبرع فِيهِ وصنف فِي الرَّد على الزيدية العواصم والقواصم فِي الذب عَن سنة أبي الْقسم وَاخْتَصَرَهُ فِي الرَّوْض الباسم عَن سنة أبي الْقسم وَغَيره ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَأنْشد عَنهُ قَوْله:
(الْعلم مِيرَاث النَّبِي كَذَا أَتَى ... فِي النَّص وَالْعُلَمَاء هم وراثه)
(فَإِذا أَرَادَ حَقِيقَة تدرى لمن ... وراثه فَكيف مَا مِيرَاثه)
(مَا ورث الْمُخْتَار غير حَدِيثه ... فِينَا وَذَاكَ مَتَاعه وأثاثه)
(قُلْنَا الحَدِيث وراثة نبوية ... وَلكُل مُحدث بِدعَة إحداثه)
وَكَانَ لقِيه لَهُ بمنزله من صنعاء سنة عشر. وَمَات فِي الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ وأرخه بَعضهم فِي الَّتِي قبلهَا بِصَنْعَاء الْيمن وَله ذكر فِي أَخِيه الْهَادِي من أنباء شَيخنَا فَإِنَّهُ قَالَ: وَله أَخ يُقَال لَهُ مُحَمَّد مقبل على الِاشْتِغَال بِالْحَدِيثِ شَدِيد الْميل إِلَى السّنة بِخِلَاف أهل بَيته رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الشَّمْس بن الْبُرْهَان القاهري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الصَّواف. مِمَّن)
اشْتغل قَلِيلا وتكسب بِالشَّهَادَةِ بحانوت بَاب الْفتُوح رَفِيقًا لعبد الْغَنِيّ بن الْأَعْمَى الْمَاضِي وَغَيره وَولي الْعُقُود. مَاتَ قَرِيبا من سنة خمسين(6/272)
بعد أَن أسْند وَصيته للبدر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ وَوجد لَهُ من النَّقْد نَحْو مِائَتي ألف مَعَ كَونه نَائِما على قَشّ الْقصب عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ المحيوي بن الْبُرْهَان الناصري الْحلَبِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ أحد الْفُضَلَاء كَانَ كل من جده وَأَبِيهِ يخْطب بالناصرية وجده يقرئ الْأَطْفَال.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ اليافعي الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بالبطيني مِمَّن كَانَ يتجر ويسكن مَكَّة. وَله بهَا وبمنى دَار. مَاتَ بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْجمال بن الْبُرْهَان أبي إِسْحَق الْعلوِي نِسْبَة لعَلي بن رَاشد بن بولان الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ الْحَنَفِيّ وَالِد أبي الْقسم الْآتِي وأخو النفيس سُلَيْمَان الْمَاضِي. تفقه بِأَبِيهِ وبالفقيه مُحَمَّد بن أبي يزِيد وَعلي بن عُثْمَان المطيب وَقَرَأَ الحَدِيث على أَخَوَيْهِ النفيس وَعمر الرِّفَاعِي وَالْجمال مُحَمَّد بن عبد الله الريمي وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أَحْمد بن أبي الْخَيْر، وبرع وأقرأ الحَدِيث بمدرسة أَبِيه ودرس الزبيدية.
وَذكره الخزرجي فِي تَرْجَمَة أَبِيه من تَارِيخه وَشَيخنَا فِي أنبائه والتقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ. مَاتَ بتعز فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن يُوسُف بن عَليّ المرداوي البرزي الصَّالِحِي ابْن أخي الشَّاعِر.
سمع من الصّلاح بن أبي عمر فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَبعدهَا من مُسْند أَحْمد وَمن مشيخة الْفَخر وَمن الْمُحب الصَّامِت، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وَكَانَ خيرا مُقيما ببرزة ظَاهر دمشق. مَاتَ بهَا كَمَا أرخه اللبودي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَدفن بمقبرتها رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر البيدمري نَشأ نشأة حَسَنَة وَقَرَأَ الْقُرْآن ونظم الشّعْر وتأمر وباشر الْخَاص وَكَانَت لَهُ معرفَة بالأمور. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن غباش الْمَقْدِسِي الْخَادِم بالأقصى. ولد سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة وَسمع فِي سنة خمس وَعشْرين بِقِرَاءَة الزين القلقشندي على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطوري ثلاثيات الدِّرَامِي أنابها جدي الصّلاح مُحَمَّد بن عمر أخبرتنا زَيْنَب ابْنة شكر وَحدث بهَا وَقرأَهَا عَلَيْهِ الصّلاح الجعبري وَقَالَ أَنه مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة تسعين)
وَصلى عَلَيْهِ الإِمَام عبد الْكَرِيم بن أبي الوفا وَدفن بماملا وَكَانَ كثير الْخدمَة لِلْمَسْجِدِ وَالنَّظَر فِي مَصَالِحه، وَيُحَرر اسْم جده فقد رَأَيْته بِخَط الصّلاح بِمُعْجَمَة وَقَالَ إِنَّه سمع أَيْضا على الْجمال بن جمَاعَة.(6/273)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن فرج الشَّمْس أَبُو الْخَيْر الْبَيَانِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن فريجان بِضَم الْفَاء مُهْملَة مَفْتُوحَة وجيم وَنون مصغر. ولد بحماة وَنَشَأ بهَا فتفقه بالزين الخرزي وبأبي الثَّنَاء مَحْمُود خطيب الدهشة ولازمه حَتَّى سمع عَلَيْهِ الصَّحِيح وَكتب شَرحه للمنهاج الْمُسَمّى لباب الْقُوت وَسمع من بلدية الشَّمْس بن الْأَشْقَر وانتفع بتربيته وَشَيخنَا وَآخَرين وبرع وَصَارَ من فضلاء بَلَده مَعَ فهم فِي الْعَرَبيَّة وديانة وَخير لقِيه الْعِزّ بن فَهد فَكتب عَنهُ وَمَات بعده بِيَسِير فِي الطَّاعُون سنة أَربع وَسبعين وَدفن قَرِيبا من الشَّيْخ عبد الله بن الْفُرَات صَاحب الْأَحْوَال والكرامات رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن الخواجا إِبْرَاهِيم بن مباركشاه بن عبد الله الأسعردي الدِّمَشْقِي. ولد فِي أَوَائِل الْقرن أَو آخر الَّذِي قبله. وَمَات فِي أَوَائِل سنة إِحْدَى وَخمسين بِدِمَشْق. قَالَه البقاعي مُجَردا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَبُو الْفَتْح بن الْبُرْهَان الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن الخص. مِمَّن سمع مَعَ أَبِيه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية وَحضر عِنْدِي قَلِيلا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وخطب وتنزل فِي صوفية البيبرسية.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن صلح الْكَمَال بن الْبُرْهَان النيني ثمَّ الدِّمَشْقِي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن القادري. حفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل يَسِيرا عِنْد الْجَوْجَرِيّ وَغَيره وأحضره وَالِده فِي الثَّانِيَة خَامِس الْمحرم سنة أَربع وَخمسين ختم البُخَارِيّ بالظاهرية وَقَرَأَ عَليّ فِي الألفية وَغَيرهَا وَمَا سلك مسك أَبِيه.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد إِبْرَاهِيم الجذامي البرنتيشي المغربي ابْن عَم أبي الْقسم بن مُحَمَّد وَالِد عبد الله مُحَمَّد الآتيين. مِمَّن اشْتغل وَقَرَأَ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبَصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَيعرف بِابْن زقزق. مِمَّن اشْتغل بِبَلَدِهِ وبالشام وتميز فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَشرح الْجَوَاهِر مُخْتَصر الملحة شرحا جيدا مُخْتَصرا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ وَعَن أَبِيه عبد الله الْبَصْرِيّ صَاحب البرهاني بن ظهيرة.)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَيُّوب الْبَدْر بن العصياتي. مضى بِدُونِ مُحَمَّد الثَّانِي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حطاب الشَّمْس أَبُو الْعَبَّاس الْوسط الْحلَبِي الكتبي وَيعرف فِي صغره بِالْقَاضِي وَرُبمَا حذف من نسبه مُحَمَّد. ولد كَمَا كتبه لي بِخَطِّهِ فِي ثامن عشر جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَلم تعلم لَهُ صبوة وأحضر فِي الرَّابِعَة على الْجمال(6/274)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن العديم الْمُوَطَّأ وَفِي الْخَامِسَة على مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن رَبَاح غَالب البُخَارِيّ وَسمع على الشهَاب بن المرحل ونسيبة الشّرف أبي بكر الْحَرَّانِي وَالْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن التكريتي فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَجَمَاعَة كالحراوي وَجُوَيْرِية، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد أجَاز لي وَكَانَ خيرا بارعا فِي التجليد مَعَ كرم وأخلاق حَسَنَة وعفة زَائِدَة وَكَذَا كَانَ أَبوهُ إنْسَانا حسنا بَيته مأوى الطّلبَة. مَاتَ صَاحب التَّرْجَمَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين أَو بعْدهَا رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مهيب الصدقاوي الزواوي الأَصْل ثمَّ البجائي الْمَالِكِي نزيل مَكَّة ويلقب سِرَاجًا. ولد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وقطن مَكَّة دهرا قبل أَبِيه وَبعده وناب فِيهَا عَن الْبُرْهَان بن ظهيرة بِالطَّائِف ثمَّ أعرض عَنهُ وَدخل مصر وَغَيرهَا، وَهُوَ إِنْسَان سَاكن فِيهِ فَضِيلَة بل أوقفني على أَشْيَاء جمعهَا وتكرر تردده لي بِمَكَّة فِي سنتي ثَلَاث وَأَرْبع وَتِسْعين واستفدت مِنْهُ تَرْجَمَة أَبِيه وجده. وَمَات بعد انفصالنا عَنهُ فِي رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأرموي ثمَّ الصَّالِحِي. سمع من فَاطِمَة ابْنة الْعِزّ وَغَيرهَا وَحدث سمع مِنْهُ شَيخنَا وَآخَرُونَ. وَمَات بِدِمَشْق سنة أَربع. ذكره فِي المعجم والأنباء.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْجمال عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله الغماري ثمَّ القاهري الْقَرَافِيّ خَليفَة أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن جزي الْأنْصَارِيّ الخزرجي البلنسي الأندلسي الضَّرِير الْمَعْرُوف بالبصير. لبس فِي سنة تسع وَتِسْعين الْخِرْقَة من الْبُرْهَان الأبناسي بِسَنَدِهِ أَخذهَا عَنهُ الشَّمْس ابْن الْمُنِير وَجَمَاعَة، وَكَانَ خيرا مُعْتَقدًا جَلِيلًا وجده عبد الله مِمَّن أَخذ عَن الْبَصِير. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين رَحمَه الله.)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف بن يُونُس الشَّمْس أَبُو عبد الله السلَامِي بالتثقيل البيري الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة بالبيرة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على عَمه وَقدم حلب فحفظ الْمِنْهَاج الفرعي والألفيتين وَغَيرهَا على جمَاعَة ولازم الْبُرْهَان الْحلَبِي فَأكْثر عَنهُ وَكَذَا أَخذ عَن شَيخنَا النخبة وَشَرحهَا وَالْأَرْبَعِينَ وَغير ذَلِك بل قَرَأَ عَلَيْهِمَا مُجْتَمعين مُسْند الشَّافِعِي فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ الشّرف عبد الله بن مُحَمَّد بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ القَاضِي وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي وَخلق، وتفقه بِعَبْد الْملك بن أبي المنى وَابْن(6/275)
خطيب الناصرية وَأخذ الْعَرَبيَّة والأصلين وَغَيرهَا عَن جمَاعَة وَكتب الْمَنْسُوب على ابْن مَجْرُوح وَكتب التوقيع عِنْد ابْن خطيب الناصرية بل نَاب فِي الْقَضَاء عَنهُ بالبيرة ثمَّ بحلب عَن التَّاج عبد الْوَهَّاب الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس. وَقدم الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وتكرر اجتماعي مَعَه بهَا وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مفننا دينا متواضعا حسن الْخط لطيف الْعشْرَة كتب على الرحبية شرحا وَنسخ بِخَطِّهِ الْكثير بِالْأُجْرَةِ وَغَيرهَا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَبُو ذَر ابْن شَيْخه. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع وَسبعين وَلم يخلف فِي الشَّافِعِيَّة بحلب مثله رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس بن الْمُعْتَمد الدِّمَشْقِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَسبعين بِدِمَشْق عَن تسع وَخمسين.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس بن الظهير بن المطهر على مَا يحرر الْجَزرِي الدِّمَشْقِي. سمع من ابْن الخباز وَغَيره وَأكْثر عَن أَصْحَاب الْفَخر بِطَلَبِهِ، وَكَانَ فَاضلا خيرا متغاليا فِي مقالات ابْن تَيْمِية متعصبا للحنابلة. مَاتَ فِي تَاسِع عشر شَوَّال سنة ثَلَاث عَن سِتِّينَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَفِي مُعْجَمه لكَونه مِمَّن أجَاز لَهُ. وَوَصفه المقريزي فِي عقوده بالحنبلي فَقَالَ: كَانَ فَقِيها حنبليا وَأَنه مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة فَالله أعلم.
مُحَمَّد الْعِزّ الطّيب بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مطير الْحكمِي الْيَمَانِيّ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. تفقه وَسمع الحَدِيث وَالتَّفْسِير. وَمَات بعد أَخِيه مُحَمَّد.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْبَدْر بن الْبُرْهَان البعلي الشَّافِعِي عرف كأبيه بِابْن المرحل. درس بعد أَبِيه بِالْمَدْرَسَةِ النورية ببعلبك. وَمَات فِي سنة تسع وَسبعين فَتلقى)
النّصْف فِيهَا عَنهُ ابْن أُخْته الْبَهَاء بن الفصي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس الياسوفي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أحد النواب بِالْقَاهِرَةِ ووالد مُحَمَّد الْآتِي. بَاشر النقابة للباعوني بِدِمَشْق بل وباشر حسبتها وأستادارية نَاظر الْخَاص وَغير ذَلِك وَلم يكن مَحْمُودًا وَلكنه اخْتصَّ بِالظَّاهِرِ خشقدم لسابق معرفَة بِهِ فَكَانَ قُضَاة مصر يستنيبونه لذَلِك. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَسبعين عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مقبل أَبُو الْفَتْح البلبيسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الوفائي. مِمَّن أَخذ عني بِالْقَاهِرَةِ.(6/276)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قوام الدّين بن غياث الدّين الْحُسَيْنِي الكازروني. ولد فِي غَزَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأخذ عَن الْأمين مُحَمَّد البلياني وروى عَن سعيد الدّين الكازروني، قَالَ الطاووسي: أجَاز لي فِي سنة تسع وَعشْرين.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو الْبَقَاء الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّاعِر الشهير الطاهري وَيعرف بالبدر البشتكي. كَانَ أَبوهُ فَاضلا فولد لَهُ هَذَا فِي أحد الربيعين سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بجوار جَامع بشتك الناصري وَنَشَأ بخانقاه بشتك وَكَانَ أحد صوفيتها فَعرف بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا وَحفظ الْقُرْآن وكتابا فِي فقه الْحَنَفِيَّة ثمَّ تحول شافعيا وَصَحب الْبَهَاء مُحَمَّد بن عبد الله الكازروني وَكَانَ عجبا فِي جذب النَّاس للإقامة عِنْده بِحَيْثُ يهجروا أَهَالِيهمْ وَنَحْوهم خُصُوصا المردان فَاجْتمع بِهِ صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ كَذَلِك مَعَ كَونه من أجمل أهل عصره صُورَة فَلم يتَمَكَّن من مُفَارقَته بل أَقَامَ عِنْده ينْسَخ لَهُ كتب ابْن الْعَرَبِيّ بِحَيْثُ كتب مِنْهَا الْكثير وَغَيرهَا ثمَّ امتحن بِسَبَب ذَلِك فأظهر الرُّجُوع وأمعن النّظر فِي كَلَام ابْن حزم فغلب عَلَيْهِ حبه وتزيا بِكُل زِيّ وسلك كل طَرِيق واشتغل فِي فنون كَثِيرَة وَلكنه لم يتقن شَيْئا مِنْهَا وَأخذ عَن الْجمال بن نباتة جملَة من شعره وَكَاد حِكَايَة فِي الرقة والجزالة وَعَن غَيره من معاصريه كالقيراطي والصفدي والبدر بن الصاحب، وتعانى الأدبيات فمهر فِيهَا وَقَالَ الشّعْر الْجيد الْكثير السائر ومدح الْأَعْيَان كَالْقَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة وَلذَا كَانَ الْبُرْهَان يعظمه جدا وَجمع كتابا حافلا فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء وقفت على بعضه وَكَذَا جمع نظم شَيْخه ابْن نباتة فِي مجلدين تَعب فِي تَحْصِيله وَمَعَ ذَلِك فقد فَاتَهُ مِنْهُ جملَة بِحَيْثُ استدرك عَلَيْهِ شَيخنَا مِمَّا فَاتَهُ)
مجلدا رَأَيْته أَيْضا، وَلم يعتن هُوَ بِجمع نظم نَفسه وَهُوَ شَيْء كثير فَانْتدبَ لجمع مَا أمكنه مِنْهُ الشهَاب الْحِجَازِي وذيل عَلَيْهِ بعض الطّلبَة وَقد حدث الْبَدْر بالكثير من نظمه كتب عَنهُ الْأَئِمَّة، وَمِمَّنْ كتب عَنهُ ابْن مُوسَى المراكشي وَمَعَهُ الْمُوفق الأبي كراسة من نظمه وَكَانَ بَينه وَبَين الْجلَال بن خطيب داريا مكاتبات لَطِيفَة وَله قدرَة على اختراع الحكايات والنوادر غَايَة فِي ذَلِك مَعَ نزاهة نفس وإيثار للانفراد والوحدة والجلادة على النّسخ مَعَ الإتقان والسرعة الزَّائِدَة بِحَيْثُ كَانَ يكْتب فِي الْيَوْم خمس كراريس فَأكْثر وَرُبمَا يتعب فيضطجع على جنبه وَيكْتب، وَكتب بِخَطِّهِ من المطولات والمختصرات لنَفسِهِ وَلغيره مَا لَا يدْخل تَحت الْحصْر كَثْرَة خُصُوصا النَّهر لأبي حَيَّان وأعراب السمين والكرماني وتاريخ(6/277)
الْإِسْلَام للذهبي حَتَّى كتب من تصانيف شَيخنَا وَوجد لَهُ بآخر نُسْخَة من النَّهر أَنَّهَا الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة مِمَّا كتبه بِخَطِّهِ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي خطه الْحسن بِذَاكَ وبلغنا أَنه رام الْكِتَابَة على بعض الأستاذين فَرَأى سرعَة يَده وَقُوَّة عصبه فَقَالَ لَهُ: كم تكْتب فِي الْيَوْم فَذكر لَهُ قدرا فَأَشَارَ عَلَيْهِ بترك الِاشْتِغَال بملاحظة قوانين الْكِتَابَة لِأَنَّهُ لَا ينْهض بعد انتهائه إِلَى مرتبَة الْكتاب لتَحْصِيل مَا يتَحَصَّل لَهُ الْآن فَمَا خَالفه، ولسرعة كِتَابَته وملازمته لَهَا كَانَ موسعا عَلَيْهِ وَلَا يكَاد يتقلد مانة كل أحد حَتَّى أَنه بلغنَا أَنه أرسل يستعير من الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ بَيته ببولاق فَأرْسل لَهُ بالمفتاح وَمَعَهُ عشرَة دَنَانِير فقبح بالقاصد وَقَالَ لَهُ: لم أرسل أستحذيه ثمَّ أخرج جرابه ونثر مَا فِيهِ من ذهب وَفِضة وفلوس بِحَضْرَتِهِ وَلَكِن عد هَذَا فِي سوء طباعه وَلذَا كَانَ لَا يقدر كل أحد على مصاحبته لحدة خلقه وَسُرْعَة استحالته وإنكاء جليسه بِلِسَانِهِ نظما ونثرا، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بقوله أَنه تزيا بِكُل زِيّ وسلك كل طَريقَة ويؤثر الِانْفِرَاد ويلازم التوحد وَلَا يقدر كل أحد على معاشرته، وَذكر معنى مَا تقدم وَأنْشد عَنهُ من نظمه أَشْيَاء ويحكى عَنهُ قَالَ للكمال الدَّمِيرِيّ حِين شرح ابْن مَاجَه سمه بعثرة الدَّجَاجَة وَكَانَ حِين سمي البُلْقِينِيّ الْفَوَائِد المنتهضة على الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة يَقُول وَالرَّوْضَة بِفَتْح الْوَاو ليَكُون موازيا للمنتهضة وَلذَا غير البُلْقِينِيّ التَّسْمِيَة إِلَى الْمَحْضَة بل كَانَ يَقُول: لما لم يكن للشَّيْطَان سَبِيل للبلقيني حسن لَهُ نظم الشّعْر فَأتى بِمَا يضْحك مِنْهُ وَنَحْو هَذَا، وعلت سنه وَهُوَ مُقيم بخلوة علو المنصورية يرتقى إِلَيْهَا بسبعين دَرَجَة فَعرض عَلَيْهِ شَيخنَا أَن يُعْطِيهِ خلوته السفلية قصد التَّخْفِيف للْمَشَقَّة عَلَيْهِ فَمَا أجَاب بل صرح بِمَا لَا يُنَاسب، وَلم يزل على)
طَرِيقَته إِلَى أَن مَاتَ فَجْأَة خرج من الْحمام واتكأ فَمَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشري جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاثِينَ عَفا الله عَنهُ ورحمه، وَقد انْتفع بِهِ شَيخنَا ابْتِدَائه فِي الأدبيات بل قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْعرُوض وَصَارَ يمده بالأغاني وَنَحْوهَا، وحضه على الإقبال على الحَدِيث ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ الْبَدْر بعد ذَلِك الْكثير من صَحِيح البُخَارِيّ وترجمه فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء لَهُ بترجمة جليلة، وَمن نظمه مِمَّا أنشدنيه بعض أَصْحَابه عَنهُ يهجو التقي بن حجَّة:
(صبيغ دعاويه مَا تَنْتَهِي ... ويخطي الصَّوَاب وَلَا يشْعر)
(تفكرت فِيهِ وَفِي ذقنه ... فَلم أدر أَيهمَا أَحْمَر)
وَقَوله يهجو الْبَدْر الدماميني:
(تَبًّا لقاض لَا ترى أَحْكَامه ... إِلَّا على المنثور والمنظوم)
وَقَوله يهجو ابْن خطيب داريا:(6/278)
(لحى الله داريا فنجل خطيبها ... على الله فِي هَذَا الزَّمَان قد افترى)
(تنبأ فِينَا بالضراط وشعره ... فَكَانَ على الْحَالين معْجزَة خرى)
وَمِمَّا كتبه عَنهُ شَيخنَا أَبُو النَّعيم الْمُسْتَمْلِي مَا أنْشدهُ إِيَّاه فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين من نظمه
(يَا أخلاي والحياة غرور ... اذْكروا الْمَوْت فالمصير إِلَيْهِ)
(وَاعْمَلُوا صَالحا يسر فَلَا ب ... د يَقِينا من الْقدوم عَلَيْهِ)
وَمن نظمه:
(وَكنت إِذا الْحَوَادِث دنستني ... فزعت إِلَى المدامة والنديم)
(لأغسل بالكؤوس الْهم عني ... لِأَن الراح صابون الهموم)
وَقَوله:
(بدا بِوَجْه جميل ... قد شرف الْحسن قدره)
(فِي شمسه كل صب ... يود يبْذل بدره)
وَكتب لَهُ شَيخنَا فِي رَمَضَان:
(أَلَيْسَ عجيبا بِأَنا نَصُوم ... وَلَا نشتكي من أَذَى الصَّوْم غما)
(ونسغب وَالله فِي نسكنا ... إِذا نَحن لم نرو نثرا ونظما)
)
فَأَجَابَهُ بقوله:
(أيا شهابا رقى فِي الْعلَا ... فأمطرنا نوؤه العذب قطرا)
(إِلَى فقرة مِنْك يَا فقرنا ... ونستغن إِن قلت نظما ونثرا)
وَقد كثر ولع الشُّعَرَاء بِهِ مِمَّا هُوَ مَشْهُور فَلَا نطيل بِهِ وَمن ذَلِك قَول عويس الْعَالِيَة:
(أيا معشر الصحب مني اسمعوا ... مقالي ولس أُخْت من ينتكي)
(أَلا فالعنوا آكلين الْحَشِيش ... وبولوا على شَارِب البشتكي)
والبشتكي ضرب من المسكرات كالتمر بغاوي وَنَحْوه.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْبُرْهَان بن الأدمِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي. ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة وَسمع من ابْن الفصيح بعض مُسْند أَحْمد وَمن نَاصِر الدّين بن الْفُرَات بعض الشفا، وَحدث أَخذ عَنهُ النَّجْم بن فَهد وَقَالَ إِنَّه مَاتَ فِي حُدُود سنة أَرْبَعِينَ. وَقَالَ البقاعي أَنه كَانَ متكلما فِي اعْتِقَاده شاع عَنهُ مَا دلّ على تمذهبه بِمذهب ابْن عَرَبِيّ قَالَ: وَقد أَخذ عَنهُ بعض أَصْحَابنَا وَإِنَّمَا كتبته للتحذير مِنْهُ فَعَلَيهِ من الله مَا يسْتَحق وَوَقع فِي حق السَّيِّد يُوسُف الصّديق عَلَيْهِ السَّلَام بِمَا يُوجب ضرب الْعُنُق. انْتهى فَالله أعلم.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّمْس المرداوي ثمَّ الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي نزيل الْجَامِع المظفري.
ولد سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَسمع الْمُحب الصَّامِت وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن يُونُس ومُوسَى بن عبد الله المرداوي وَعبد الله بن خَلِيل الحرستاني وَآخَرين وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وَكَانَ يخالط الأكابر. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين وَدفن بِأَعْلَى الرَّوْضَة من سفح قاسيون رَحمَه الله.(6/279)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الشكيلي الْمدنِي أحد فراشيها ومؤذنيها وَعم مَحْمُود بن أَحْمد الْآتِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الأرموي ثمَّ الصَّالِحِي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد السلَامِي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن عبد الرَّحِيم الْبَدْر بن الْبُرْهَان الْحَمَوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي والماضي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن الْحَمَوِيّ. رجل ذُو أَوْلَاد. ولد فِي سنة سبع وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ واشتغل وَعقد الْوَعْظ بعد أَبِيه وَفِي حَيَاته واستجازني وَحج غير)
مرّة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن المطهر. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ على مَا يحرر.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن معمر أَبُو الْفَتْح الْأنْصَارِيّ المباشري ومباشر فِي الشرقية ثمَّ القاهري الْمَالِكِي نزيل الدريس من بَاب النَّصْر وَهُوَ بكنيته أشهر. نَشأ فَقَرَأَ على ابْن قمر فِي البُخَارِيّ بل كَانَ يزْعم أَنه قَرَأَ على شَيخنَا وَلَيْسَ بِبَعِيد وَكَذَا قَرَأَ على غَيره واشتغل يَسِيرا وَقَرَأَ فِي بعض الْجَوَامِع وَغَيرهَا وَتسَمى بَين الْعَوام وَنَحْوهم بالواعظ وقصده كثير من النَّاس فِي ضروراتهم فَكَانَ يَأْخُذ مِنْهُم لبَعض الخدام والأمراء مَا يوصلهم بِهِ لمقاصدهم فراج أمره وَجلسَ بِبَعْض الزوايا مَعَ كَثْرَة تودده وتلمقه وإطعامه أَحْيَانًا فاعتقده بعض الأتراك وَحصل وَحج قبل ذَلِك كُله بل سَمِعت أَنه كَانَ يقرئ الْأَبْنَاء مَعَ كَونه لم يحفظ الْقُرْآن وَمَا كَانَ بالمحمود. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ قَارب السِّتين عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مكرم بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم ابْن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن مكرم الْعَلَاء بن الْعِزّ بن السراج بن الْعِزّ بن نَاصِر الدّين بن الْعِزّ الفالي الشِّيرَازِيّ وفال بَلْدَة من عَملهَا بَينهمَا عشرَة أَيَّام الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن أُخْته أَحْمد بن نعْمَة الله ومكرم الْأَعْلَى هُوَ خَال الصفي مَسْعُود وَالِد القطب مُحَمَّد شَارِح اللّبَاب والتقريب والكشاف.
ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بفال وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على جمَاعَة من أَصْحَاب ابْن الْجَزرِي وَأخذ عَن أَبِيه وَابْن عَم وَالِده الْجمال إِسْحَق بن يحيى بن إِبْرَاهِيم الثَّانِي فِي نسبه، وَحج مرَارًا ولقيني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَقَرَأَ عَليّ بعض البُخَارِيّ ولازمني فِيهَا وَفِي الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة دراية وَرِوَايَة وكتبت لَهُ إجَازَة ذكرت مِنْهَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير مقصودها وَهُوَ خير فِيهِ فَضِيلَة مَعَ تعبد كثير وتلاوة وتقنع. مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين رَحمَه الله وإيانا.(6/280)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منجك نَاصِر الدّين بن صارم الدّين بن الأتابك سيف الدّين اليوسفي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بِابْن منجك. ولد بعد الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وَصَارَ من جملَة أمرائها فِي دولة النَّاصِر فرج، وَصَحب شَيخا وَهُوَ نَائِب الشَّام فاختص بِهِ وامتحن بِسَبَبِهِ بِحَيْثُ رام النَّاصِر قَتله فَلَمَّا تسلطن الْمُؤَيد رعى لَهُ مَا مَسّه من أَجله وأنعم عَلَيْهِ بتقدمة بِدِمَشْق وبإقطاع فِي مصر وعظمه جدا ونالته السَّعَادَة وَعرض عَلَيْهِ زِيَادَة على مَا ذكر)
الْوَظَائِف والأعمال فَأبى، وَصَارَ يصيف بِدِمَشْق ويشتي بِالْقَاهِرَةِ مقتصدا فِي هَيئته غير مراع لناموس الْأُمَرَاء فِي لبسه حَتَّى حِين لعبه مَعَ السُّلْطَان الكرة وَنَحْوهَا بل وَلَا يحضر الخدم السُّلْطَانِيَّة، وَحكى سودون الْحكمِي أَنه رَآهُ حضر مرّة إِلَى الْقَاهِرَة فَأكْرمه الْمُؤَيد على عَادَته بِالْجُلُوسِ فَوق أكَابِر الْأُمَرَاء وَنَحْوه وَأَرَادَ أَن يخلع عَلَيْهِ فَامْتنعَ تنزها فحنق الْمُؤَيد مِنْهُ وَقَالَ: وَالله إِن لم تلبسها وليتك الْآن نِيَابَة الشَّام فَمَا وَسعه إِلَّا لبسهَا ثمَّ خلعها خَارج بَاب القلعة واقتفى أثر الْمُؤَيد كل من بعده بل صَار فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباي إِلَى عَظمَة زَائِدَة بِحَيْثُ كَانَ يجلسه على يسَاره وأمير سلَاح دونه وَكَأَنَّهُ لكَونه لم يكن يتَكَلَّم مَعَ غَيره فِي مَجْلِسه إِلَّا لحَاجَة واقتفى أثر من قبله فِي التَّعْظِيم وَإِن زَاد عَلَيْهِم فَإِنَّهُ كَانَ إِذا توجه مَعَه للصَّيْد تَنْحَصِر الْكَلِمَة فِيهِ دون سَائِر الْأُمَرَاء لتقدمه فِي معرفَة الصَّيْد بالجوارح وَضرب الكرة ومزيد غرامه بذلك، وَقد قدم على الظَّاهِر جقمق فَعَظمهُ جدا وسلك مَسْلَك من قبله وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ يَسِيرا ثمَّ رَجَعَ بعد اسْتِئْذَانه فِي التَّوَجُّه إِلَى الْحجاز وشفاعته فِي الزيني عبد الباسط ليرْجع مَعَه من مَكَّة إِلَى الْبِلَاد الشامية فَأذن لَهُ فِي الْأَمريْنِ مَعًا، وَحج فِي موسم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَعَاد بالزيني وَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا. وَمَات فِي يَوْم الْأَحَد منتصف ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين، وَكَانَ شكلا حسنا مسترسل اللِّحْيَة إِلَى الطول أقرب حُلْو المحاضرة رَشِيق الْحَرَكَة رَأْسا فِي الكرة والجوارح عَاقِلا سَاكِنا عَارِفًا بمداخلة الْمُلُوك، وَذكره المقريزي فَقَالَ: مَاتَ عَن نَحْو السّبْعين بِدِمَشْق وَكَانَ يُوصف بدين وعفة وحظي فِي الدولة المؤيدية ثمَّ الأشرفية وَكَانَ يقدم فِي كل سنة إِلَى السُّلْطَان بهدية ويشاور وَله غناء وثراء وإفضال على قوم يعتقدهم بِدِمَشْق، وَقَالَ غَيره: كَانَ كثير المَال جدا سَاكِنا كثير الصمت وَالظَّاهِر أَنه يقْصد ستر جَهله بذلك كل ذَلِك مَعَ مزِيد شحه بِحَيْثُ يضْرب بِهِ فِي ذَلِك الْمثل وَكَونه جمع من الْأَمْوَال والأملاك مَا يضاهي بِهِ جده أَو أَزِيد عفيفا دينا مائلا للمعروف وَله من الْآثَار الجامعان اللَّذَان أنشأهما بِظَاهِر بِدِمَشْق وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ بِهِ تجمل لبني الدُّنْيَا عَفا الله عَنهُ ورحمه.(6/281)
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن نَاصِر الْجمال الْحُسَيْنِي بَلَدا ثمَّ الزبيدِيّ الشَّافِعِي. لَازم الشّرف بن الْمقري وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من تصانيفه وتفقه عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ من أجل تلاميذه وَسمع مِنْهُ وَكَذَا من الْفَقِيه مُوسَى الضجاعي وَبِه تفقه أَيْضا وَمن ابْن الْجَزرِي وَلم يَنْفَكّ عَن الِاشْتِغَال لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى)
تقدم فِي الْفِقْه وعلق أَشْيَاء مفيدة وَاخْتصرَ الْقُوت للاذرعي والتفقيه للجمال الريمي وَلم يكملها كاختصاره للجواهر للقمولي وتصدى للتدريس والإفتاء بزبيد وانتفع النَّاس بِهِ. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَخمسين وأرخه بَعضهم سنة ثَلَاث وَخمسين وبالأول كتب إِلَى حَمْزَة النَّاشِرِيّ وَهُوَ أشبه.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف القاهري الشَّافِعِي أحد فضلاء الشيخونية وَيعرف بِابْن يُوسُف.
مِمَّن اشْتغل فِي الْفِقْه والعربية ولازم سيف الدّين والكفياجي فِي فنون، وبرع وَسمع الحَدِيث على أم هَانِئ الهورينية وَمن كُنَّا نحضره مَعهَا واختص بِبَعْض الخدام ثمَّ بِالْإِمَامِ الكركي وَعرف بالمداعبة واللطافة والتذنيب مَعَ انطراح النَّفس والتقلل وَرُبمَا أَفَادَ الطّلبَة. مَاتَ سنة تسعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن خلد بن أَيُّوب بن مُحَمَّد الْعِزّ أَبُو الْبَقَاء الربعِي الحسفاوي الْحلَبِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي عَمه أَبُو بكر بن يُوسُف. مِمَّن ولي قَضَاء حلب فِي أَيَّام الْأَشْرَف قايتياي مرّة بعد أُخْرَى بالبذل المستدان أَكْثَره وجده أَيْضا مِمَّن ولي قضاءها.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن سُلَيْمَان الشَّمْس الْمَنَاوِيّ منية بني سلسيل المنزلي الشَّافِعِي أحد الْفُضَلَاء وَيعرف بالعسيلي. ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَخمسين بالمنية وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبية والملحة ومثلث قطرب وغالب الْمِنْهَاج وَقطعَة من جمع الْجَوَامِع وَمن أليفة النَّحْو وَمن التَّلْخِيص بهَا وبجامع الْأَزْهَر حِين هَاجر إِلَيْهِ للاشتغال فِي سنة أَربع وَسبعين ولازم الْبَدْر حسن الْأَعْرَج حَتَّى بحث عَلَيْهِ الْمِنْهَاج والوسيلة فِي الْحساب لِابْنِ الهائم بكمالهما وَقطعَة من مَجْمُوع الكلائي وَغَيرهَا وَكَذَا المحيوي عبد الْقَادِر بن الوروري الْفِقْه وأصوله والعربية وَعبد الْحق السنباطي فِي عدَّة تقاسيم والنور الكلبشي فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول وَغَيرهمَا وانتفع بمذاكرة الشهَاب الحديدي، وتميز وَأذن لَهُ غير وَاحِد مِمَّن ذكر وَقَرَأَ البُخَارِيّ على الشاوي وَسمع على الخيضري والديمي قَلِيلا وناب فِي قَضَاء الْمنزلَة ومنية وبدران عَن أصيل الدّين بن إِمَام الدّين وتكسب مَعَ ذَلِك بِالشَّهَادَةِ هُنَاكَ بل قَرَأَ على الْعَامَّة البُخَارِيّ والسيرة وَغَيرهمَا بعدة أَمَاكِن من الْمنية وَغَيرهَا وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة فِي تِلْكَ النَّاحِيَة، وَحج فِي سنة ثَلَاث(6/282)
وَثَمَانِينَ ثمَّ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا بعياله وتجدد لَهُ هُنَاكَ ذكر فِي لَيْلَة المولد بعد أَن رَجَعَ من سَماع مصنفي فِي المولد النَّبَوِيّ بمحله وتفالت لَهُ بِهِ ولازمني فِي قِرَاءَة شرحي على التَّقْرِيب)
بحثا وَكتبه بِخَطِّهِ وَكَذَا قَرَأَ على السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام تجاه الْكَعْبَة وَكَذَا التَّذْكِرَة للقرطبي وَكَانَ يلازم درس القَاضِي بِحَيْثُ اشتهرت فضيلته مَعَ جودته واستقامة طَرِيقَته وَلَقَد كتب إِلَى الْأمين بن النجار أَنه من أهل الْعلم وَالْبر وَالصَّلَاح لَيْسَ لَهُ نَظِير فِي الْبَحْر الصَّغِير وَأَن وَالِده المتوفي فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ من أَصْحَاب الشَّيْخ مُحَمَّد الغمري.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الصَّدْر جمال الدّين أَبَا حنان الْحَضْرَمِيّ الْكِنْدِيّ مُحَمَّد بن أَحْمد الْآتِي. كَانَ مُقيما ببندر زيلع ثمَّ عَاد إِلَى عدن وسكنها حَتَّى مَاتَ بهَا فِي سنة خمس وَسِتِّينَ، وَكَانَ ذَا مَال كثير جدا فَلَمَّا أحس بِالْمَوْتِ أوصى من ثلثه للحرمين بِأَلف أُوقِيَّة ذهب وَجعل وَصِيّه على بنيه عَامر بن طَاهِر سُلْطَان الْيمن فقلد ذَلِك بعض الْفُقَهَاء المقيمين بعدن فقلده لثالث فَضَاعَ فِي أسْرع وَقت عَفا الله عَنْهُم.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجمال الْعلوِي. فِيمَن جده عمر بن عَليّ بن عمر.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجمال المرشدي. فِيمَن جده أَحْمد بن أبي بكر.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس أَبُو عبد الله الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بالسيلي بِكَسْر الْمُهْملَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة بعْدهَا لَام. كَانَ إِمَامًا فِي الْفَرَائِض والحساب والوصايا انْتفع بِهِ فِي ذَلِك وَأخذ عَنهُ الْأَئِمَّة بل وَقَرَأَ أَيْضا وَمِمَّنْ أخذهما عَنهُ الْعَلَاء المرداوي وَكَانَ خَازِن كتب الضيائية لَقيته بالصالحية وَنعم الرجل كَانَ. مَاتَ قريب السِّتين تَقْرِيبًا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس التروجي الخانكي التَّاجِر وَالِد أبي البركات مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بجحا بجيم مَضْمُومَة ثمَّ مُهْملَة مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس القبطي أَخُو التَّاج عبد الرَّزَّاق وَعبد الْغَنِيّ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي ذكرهم وَيعرف بِابْن الهيصم. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة خمسين وَدفن بتربة ظَاهر بَاب النَّصْر.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم صفي الدّين الْقصار المروستي. كَانَ من ذَوي المكاشفات لقِيه الطاووسي فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بمزار وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن مائَة وَسبع عشرَة سنة فاستجازه.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم صَلَاح الدّين وَكيل ابْن الحزمي. مِمَّن أسلم أَبوهُ وَنَشَأ هُوَ فِي ثمَّ عمل وَكيلا لشهاب الدّين أَحْمد الحزمي فَيُقَال أَن الشهَاب ترك عِنْده مَالا كثيرا وَلذَا اشْتهر بالملاءة الزَّائِدَة بعد سَفَره وَصَارَ إِلَى وجاهة يتَرَدَّد(6/283)
إِلَى السُّلْطَان فَمن دونه ويخدمه اخْتِيَارا وَكرها وَكَانَ يسكن)
بِالْقربِ من رَأس حارة زويلة ثمَّ تحول لبيت القباني بِالْقربِ من الْأَزْهَر ثمَّ لدرب الأتراك فِي بَيت جَوْهَر القنقباي وَبِه مَاتَ بعد تعلله مُدَّة ثمَّ أشرف على الشِّفَاء وطلع إِلَى السُّلْطَان فألبسه خلعة فَكَانَت الْمنية فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ ثمَّ دفن عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السَّيِّد عز الدّين الحسني. مضى فِيمَن جده عَليّ بن المرتضى.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو البركات الْعَسْقَلَانِي الخانكي. فِي الكنى.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم نزيل الحسينية وَيعرف بِابْن درباس. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين عَن سنّ عالية. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البطيني. مضى فِيمَن جده عَليّ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السمديسي. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مخلوف.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّافِعِي كتب فِي عرض سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَأَظنهُ الشطنوفي.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشطنوفي. فِيمَن جده عبد الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم العجمي. عرض عَلَيْهِ الْمُحب بن أبي السعادات بن ظهيرة أربعي النَّوَوِيّ وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم العرضي نِسْبَة للعرضي من نواحي حلب الْحلَبِي. شَاب قَرَأَ عَليّ التَّوَجُّه للرب فِي شَوَّال سنة سِتّ وَتِسْعين وَبَلغنِي أَن وَالِده من فضلاء حلب المتعيشين فِي حَانُوت الْبَز بهَا.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْغَزِّي. كَانَ يذكر أَنه من أَوْلَاد إِبْرَاهِيم بن زقاعة وَلم يَصح فأبوه فِيمَا قَالَه أهل بَلَده كَانَ مزينا. مَاتَ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَخمسين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي. فِيمَن جده عبد الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي ثمَّ الْمَكِّيّ. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المنرازي. مَاتَ سنة بضع عشرَة.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المغربي إِمَام جَامع الْقرَوِيين. مَاتَ قَرِيبا من سنة سبع وَأَرْبَعين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عِيسَى بن عمر بن خلد بن عبد المحسن المَخْزُومِي القاهري الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن الخشاب. ولد فِي ثَالِث شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على الشَّمْس النشوي والعمدة وَقطعَة من)
الْمِنْهَاج الفرعي وجامع المختصرات وَجَمِيع جمع الْجَوَامِع والتحفة فِي أصُول الْفِقْه أَيْضا ونظم الْجلَال البُلْقِينِيّ لمختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك والْحَدِيث والنخبة لشَيْخِنَا ونظم الشَّمْس الْبرمَاوِيّ فِي الْفَرَائِض ومنظومة(6/284)
ابْن سينا فِي كليات الطِّبّ ومنظومة الخزرجي فِي الْكحل والخزرجية فِي الْعرُوض وقطعا مفرقة من التَّلْوِيح للخجندي فِي كليات الطِّبّ وَغير ذَلِك، وَعرض بعض محافيظه على السراج بن الملقن وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا أجَاز لَهُ الْجلَال نصر الله الْبَغْدَادِيّ وَالِد الْمُحب، وَأَقْبل على الِاشْتِغَال فَأخذ فِي الْفِقْه عَن الْبُرْهَان البيجوري والشمسين الغراقي والبوصيري والشرف السُّبْكِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ آخَرين وَحضر دروس الْعَلَاء البُخَارِيّ فِي الْحَاوِي الصَّغِير وَفِي غَيره من الْعُلُوم وَالْعرُوض عَن السراج الأسواني والنحو عَن الْعِزّ بن جمَاعَة بحث عَلَيْهِ مُقَدّمَة من تصنيفه وَعَن الشمسين ابْن العجمي بن هِشَام والبرماوي والزينين الفارسكوري والسندبيسي والشهاب الصهناجي والطب بأنواعه عَن إِسْمَاعِيل التبريزي والسراج البلادري والأصلين والتصريف والمنطق والطبيعي والجدل وَغَيرهَا كالعربية أَيْضا عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ ولازمه وَعلم الْوَقْت عَن الْجمال المارداني والشهب السطحي والبرديني والأستاذ ابْن المجدي وَأبي طاقية، وَسمع الحَدِيث على ابْن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على الْمُحب بن نصر الله وَتزَوج ابْنَته واختص بشيخنا وعظمت رغبته فِيهِ، وَأَجَازَ لَهُ كل من شيخيه فِي الطِّبّ بالإقراء والمعالجة وأثنيا عَلَيْهِ كثيرا واختص بثانيهما حَتَّى رغب لَهُ عَن تدريسي البيمارستان وجامع ابْن طولون فِيهِ وأمضى ذَلِك فِي حَيَاته وباشره فَلَمَّا مَاتَ قَامَ ابْن الْعَفِيف مساعدا لِابْنِ خضر وَابْن البندقي وَقرر عِنْد الْأَشْرَف برسباي عدم أَهْلِيَّة الشّرف لذَلِك فَأمر بِإِعْطَاء البيمارستان لِابْنِ خضر وَالْآخر فَوقف للسُّلْطَان فِي رَمَضَان أَيَّام قِرَاءَة البُخَارِيّ وتظلم وتلا قَوْله تَعَالَى يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض الْآيَة فرسم بِعقد مجْلِس وَتَقْدِيم الْمُسْتَحق فاتفق طُلُوع الْبَدْر الْعَيْنِيّ على عَادَته للسُّلْطَان فَحكى لَهُ الْمجْلس فَأعلمهُ بِأَن تِلَاوَة الشّرف لِلْآيَةِ مُخَاطبا للسُّلْطَان إساءة يسْتَحق الضَّرْب عَلَيْهَا وَلم يعلم الشّرف بِهَذَا فَلَمَّا اجْتَمعُوا للموعد مَال السُّلْطَان عَلَيْهِ وَأمر بضربه بَين يَدَيْهِ وَلم يُعْطه شَيْئا بل اسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فانتزعهما مِنْهُمَا فِي أَيَّام الظَّاهِر وَعمل فيهمَا أجلاسا أما الْآن أَو أَولا بِحَضْرَة قُضَاة الْقُضَاة وأكابر الْعلمَاء اشْتَمَل على عُلُوم وفوائد واستمرتا مَعَه حَتَّى مَاتَ وَكَذَا أقت فِي الأشرفية برسباي وجامع الصَّالح والمنصورية بل كَانَ يَجِيء شَيخنَا فِي يَوْم)
الْجُمُعَة فيعلمه بِالْوَقْتِ ليركب للخطبة، وباشر خزن الْكتب بالظاهرية الْقَدِيمَة مَحل سكنه، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة أَربع وَعشْرين وَمرَّة رَفِيقًا لشَيْخِنَا ابْن خضر جاور فِيهَا بعض سنة، وَكَذَا جاور سنة تَامَّة فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمَاتَتْ أمه وسرق بَيته فَلم يبْق لَهُ شَيْء يعز عَلَيْهِ وَرجع إِلَى(6/285)
الْقَاهِرَة، وَكَانَ إنْسَانا حسنا فصيحا مقداما لطيف الْعشْرَة ثِقَة شَدِيد التثبت عالي الهمة اجْتمعت بِهِ كثيرا وَسمعت من فَوَائده ونوادره، وَمن نظمه:
(فِي سَبِيل الله عمري ... ضَاعَ فِي لَهو شَدِيد)
(لم أحصل قطّ شَيْئا ... نَافِعًا يَوْم الْوَعيد)
(لَا وَلَا أمرا لدُنْيَا ... من خُيُول وَعبيد)
(غير أَنِّي أترجى ... من إلهي ومعيدي)
(رَحْمَة لي ولآبا ... ئي ونسلي وجدودي)
مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشَّمْس الطَّائِي الْبَيَانِي الْحَمَوِيّ وَيعرف بِابْن الْأَشْقَر. يَأْتِي بِدُونِ إِبْرَاهِيم.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد المفعلي بِفَتْح الْمِيم ثمَّ فَاء ومهملة وَلَام الصَّالِحِي النجار وَيعرف بالمسلوت بمهلة وَآخره مثناه. ولد تَقْرِيبًا سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة وأحضر على الْمُحب بن صَامت لِلنِّصْفِ الثَّانِي من بلدانيات السلَفِي ثمَّ سمع عَلَيْهِ غَيرهَا، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وَمَات.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْجلَال بن الْمُحب بن القَاضِي الْبُرْهَان ابْن جمَاعَة.
حفظ الْمِنْهَاج والألفية واشتغل فِي النَّحْو وَالْفِقْه، وَاسْتقر فِي نصف مشيخة التصوف بالخانقاه بالقدس عَن وَالِده وَكَذَا فِي ربع الخطابة بالأقصى. وَمَات فِيهِ بالطاعون فِي سنة سبع وَتِسْعين وَاسْتقر بعده.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله البيدموري التركي التّونسِيّ الْمَالِكِي وَيُقَال لَهُ التريكي بِالتَّصْغِيرِ. كَانَ عَليّ جد أَبِيه من آمد وَنَشَأ ابْنه بِدِمَشْق وَكَانَت لَهُ بهَا رياسة لاتصاله بنوروز أَو غَيره وانتقل ابْنه إِلَى الْمغرب فَارًّا من الْمُؤَيد فسكن تونس وَتزَوج بهَا فولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة أَو قبلهَا تَقْرِيبًا وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع ثمَّ تلاه للسبع على أبي الْقسم الْبُرْزُليّ فأتقنها وَهُوَ ابْن عشر وَأَجَازَهُ بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلت)
عَلَيْهِ فهرسته وَهُوَ فِي نَحْو سِتّ كراريس، وَحفظ الشاطبيتين وعرضهما بكمالهما على أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن القماح الْأنْصَارِيّ الأندلسي الْعَسْقَلَانِي وَأَجَازَ لَهُ والرسالة وَبَعض ابْن الْحَاجِب الفرعي وَغير ذَلِك وَأخذ الْفِقْه عَن جمَاعَة مِنْهُم الْبُرْزُليّ الْمَذْكُور وبالقاسم الوشتائي القسنطيني وَكَانَ يحذف الْهمزَة وَالْوَاو من كنيته خُرُوجًا من الْخلاف وَعمر القلشاني وَعَن ثانيهم وَأبي عبد الله مُحَمَّد الرَّمْلِيّ وَغَيرهمَا أَخذ الْعَرَبيَّة وَعَن الْأَخيرينِ وَعبد الله الْبُحَيْرِي وَغَيرهم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعَن الْأَخيرينِ(6/286)
والرملي وَغَيرهم أصُول الْفِقْه وعَلى الرَّمْلِيّ وَأبي يَعْقُوب المصمودي وَمُحَمّد بن عِقَاب قَاضِي تونس الْمنطق وَعَن القلشاني والرملي وَأبي الْفضل المعلقي أصُول الدّين وَمِمَّا أَخذه عَن القلشاني فِيهِ قِطْعَة من شَرحه على الطوالع وَعَن مُحَمَّد بن أبي بكر الوانجريسي والحاج الْمصْرِيّ الْحساب والفرائض وَعَن أَولهمَا الْعرُوض وبرع فِي جلها، وَقدم الْقَاهِرَة هَارِبا مِمَّا اتّفق لَهُ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين فحج وَرجع فَأَقَامَ بهَا وَتردد لأعيانها كشيخنا وَأخذ عَنهُ واغتبط كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ وَاجْتمعت بِهِ فِي مَجْلِسه وَقبل ذَلِك أول مَا قدم مرَارًا وَسمعت من نظمه ومباحثه وَقَالَ أَنه شرح جمل الخونجي فِي سفر سَمَّاهُ كَمَال الأمل فِي شرح الْجمل جمع فِيهِ بَين الْكَلَام ابْن وَاصل والشريف التلمساني وَسَعِيد العقباني وَمُحَمّد بن مَرْزُوق مَعَ زيادات من شرح الشمسية وشراح ابْن الْحَاجِب وَشرح ابْن الرشيد لكَلَام الْمعلم الأول أرسطو وَغير ذَلِك من غير تَكْرِير وَأثْنى على شرح سعيد جدا وَكَذَا لَازم التَّرَدُّد للكمالي بن الْبَارِزِيّ ونوه بِهِ حَتَّى ولاه قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق عوضا عَن الشهَاب التلمساني فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ثمَّ لم يلبث أَن صرف عَنهُ وانتمى لأبي الْخَيْر النّحاس بِحَيْثُ كَاد أَن يَلِي قَضَاء مصر وَأَعْطَاهُ خزانَة المحمودية بعد شَيخنَا وَلذَا امتحن ومسه غَايَة الْمَكْرُوه مِمَّا لَا حَاجَة لشرحه وَرجع إِلَى بِلَاده وَهُوَ الْآن فِيمَا أخْبرت نَاظر جَامع الزيتونية بتونس بل ولى قَضَاء الْمحلة الَّذِي هُوَ فِي الْحَقِيقَة قَضَاء الْعَسْكَر وَكَذَا نظر الْجَيْش وَكَانَ من خَواص مَسْعُود بن صَاحب الْمغرب لَهُ ضخامة ووجاهة مَعَ رسوخ فِي الْفِقْه واستحضار كثير لَهُ وَلغيره من كثير من الْعُلُوم وحافظة جَيِّدَة حَتَّى كَانَ ابْن الْهمام يَقُول أَنه معجون فقه وأدبه كثير ومحاضراته حَسَنَة وَكَذَا طلاقته وشكالته وَلَكِن الظَّاهِر أَنه مَعْلُول الدّيانَة غير مُثبت وَلَا متحر وَقد أفحش البقاعي فِي شَأْنه حمية لشيخه أَبَا الْفضل البجائي وَاعْتمد فِي كثير مِمَّا أثْبته على أعدائه كأبا الْفضل وَلم يفعل نَظِير هَذَا فِيهِ نسْأَل الله السَّلامَة ثمَّ)
بلغنَا فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَتِسْعين وَفَاته فِيهَا وَاسْتقر عوضه فِي قَضَاء الْمحلة أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّطِيف بن الْحسن بن عمر القلجاني رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بِمَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْأمين وَقَالَ المقريزي: الزين أَبُو الْيمن بن الشهَاب أَبَا المكارم بن أبي أَحْمد الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي أَحْمد أَخُو الْمُحب أَبَا البركات مُحَمَّد من ذَاك الْقرن وَأمه حَسَنَة ابْنة مُحَمَّد بن كَامِل بن يعسوب الحسني. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَأَجَازَ لَهُ ابْن الْمصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم بن الخيمي وَغَيرهمَا من مصر وَأَبُو بكر بن الرضي(6/287)
وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال والمزي والبرازاني وَآخَرُونَ من دمشق والشرف الأميوطي بل سمع عَن وَالِده وَعِيسَى بن عبد الله الحجي والزين الطَّبَرِيّ والأقشهري وَابْن مكرم وَعُثْمَان بن الصفي وَعُثْمَان بن سجاع الدمياطي وَالْفَخْر التوزري والسراج الدمنهوري وَالْجمال عبد الْوَهَّاب الوَاسِطِيّ والعز بن جمَاعَة والتاج ابْن بنت أبي سعد والنور الهمذاني والشهاب الهكاري وَآخَرين وَتفرد بِالسَّمَاعِ من عِيسَى وبالرواية عَن الزين والأقشهري وَعُثْمَان الدمياطي والواسطي وَكَذَا بِالْإِجَازَةِ الشّرف الأميوطي وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه، والمقريزي فِي عقوده وكرره وَأَنه سليم الْبَاطِن، والتقي الفاسي وترجمه فِي تَارِيخ مَكَّة وَغَيره، وَالصَّلَاح الأقفهسي وَخرج من حَدِيثه جُزْءا، والتقي بن فَهد وَأوردهُ فِي مُعْجَمه وَآخَرُونَ. وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا وَولي إِمَامَة الْمقَام بِمَكَّة بعد أَخِيه الْمُحب شركَة لِابْنِ أَخِيه الرضي بن الْمُحب وناب عَنهُ أَخِيه الْمُحب فِي الْإِمَامَة وَكَذَا فِي التَّرَاوِيح كل سنة غَالِبا، وَكَانَ منور الْوَجْه مَشْهُورا بِالْخَيرِ بِحَيْثُ يقْصد للزيارة والتبرك وَله وَقع فِي الْقُلُوب مَعَ الانقباط عَن النَّاس، وَقد صحب جمَاعَة من الْفُقَرَاء ورؤي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَهُوَ يَأْمر بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ قَالَ: لِأَنَّهُ من أهل الْجنَّة أَو قَالَ: من سلم عَلَيْهِ دخل الْجنَّة. مَاتَ فِي صفر سنة تسع بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الفاسي المغربي. ذكره ابْن عزم وَقَالَ: فِي مَوضِع وَالِد هبة وَفِي آخر ويدعى هبة. يَأْتِي فِي الْهَاء.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُفْلِح الشَّمْس القلقيلي نِسْبَة لقلقيلة من أَعمال جلجوليا الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي)
جد النَّجْم مُحَمَّد بن أَحْمد الْآتِي. ولد فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة كَمَا كتبه بِخَطِّهِ والملحة وَقدم بَيت الْمُقَدّس بعد إقرائه الْأَطْفَال بجلجولية دهرا فتكسب بالخياطة مُدَّة ثمَّ ضمه إِلَيْهِ الْبُرْهَان بن غَانِم فأقرأ أَوْلَاده وتنزل فِي مدارس وأكب على الْكِتَابَة والاشتغال وَلزِمَ الْجمال الفرخاوي فِي سَماع الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وعَلى كبر وَكَذَا سمع على غَيره وَأكْثر من قِرَاءَة الحَدِيث وَكَانَ يستحضر السِّيرَة لِابْنِ هِشَام والمقامات، كل ذَلِك مَعَ الْفَضِيلَة وَكَثْرَة الْعِبَادَة وإطراح النَّفس وَحسن المذاكرة بِحَيْثُ اعتقده النَّاس وأثكل ولدا لَهُ فأسف، وَله مآثر وأحوال صَالِحَة. مَاتَ بعلة الاسْتِسْقَاء فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بِبَيْت الْمُقَدّس رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الشَّمْس بن الشهَاب بن الْبُرْهَان(6/288)
الأبناسي الأَصْل القاهري المقسي الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَأَبوهُ وجده. نَشأ فحفظ الْقُرْآن واشتغل قَلِيلا وَسمع على شَيخنَا وَلم يمهر وَلَا كَاد لكنه اسْتَقر فِي النّظر على زَاوِيَة جده الشهيرة وناب عَنهُ فِي التدريس بهَا شَيخنَا ابْن خضر وَغَيره وَكَانَ يحضر عِنْد ابْن خضر وَالْفَخْر المقسي وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وتميز فِي الرَّمْي وَالشطْرَنْج وَغَيرهمَا من الصَّنَائِع والحرف وَصَارَ ذَا يقظة فِي ذَلِك وَنَحْوه مَعَ شكالة حَسَنَة وبشاشة. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد زاحم الْخمسين وَلم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْمُحب أَبُو الْفضل المشهدي القاهري الشَّافِعِي. مان مِمَّن يكْتب الْإِمْلَاء عَن شَيخنَا ويتكسب بِالشَّهَادَةِ رَفِيقًا للبرهان المنصوري بحانوت الزجاجين ثمَّ كتب التوقيع بِبَاب الحسام بن حريز، وَلم يلبث أَن مَاتَ عَن قريب الْخمسين عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الفيومي ثمَّ القاهري يَأْتِي فِي أبي الْخَيْر من الكنى.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن حمدَان الشهَاب الْأَذْرَعِيّ. يَأْتِي فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن حَازِم.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن حسن الشَّمْس بن الشهَاب المسيري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْفَقِيه. ولد بمسير وَحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج الفرعي وألفية النَّحْو، وَأقَام بالمحلة فِي جَامع الغمري وَتَحْت نظره مُدَّة وخدمه كثيرا مَعَ اشْتِغَاله بِالذكر والتلاوة وَالْعِبَادَة وَبعد مَوته تحول إِلَى الْقَاهِرَة وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الشَّمْس البامي)
وَحضر دروس الْعلم البُلْقِينِيّ وَتردد للولوي البُلْقِينِيّ وَجَمَاعَة، وَحج وجاور وَكَانَ صَالحا خيرا تجرد واختلى وَلزِمَ الْخَيْر والسداد إِلَى أَن مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَلم يكمل الْأَرْبَعين رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن شمس الدّين أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَفْضَل وَيعرف بالشمس المسيري وَذَاكَ الأسن. ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بمسير، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وغالب الْمِنْهَاج والألفية وَأقَام فِي الْمحلة بِجَامِع الغمري وَتَحْت نظره وانعرك بَين الْفُقَرَاء وَتخرج بهم فِي المداومة على الذّكر والتلاوة والأوراد ووظائف الْعِبَادَة ثمَّ تحول بعد مَوته إِلَى الْقَاهِرَة فقطنها ولازم الِاشْتِغَال فِي الْفِقْه والأصلين والعربية وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَغَيرهَا، وَمن شُيُوخه الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي وَالشَّمْس البامي والشهاب الزواوي والتقي الحصني والأبدي ثمَّ الْفَخر المقسي(6/289)
والجوجري وَابْن قَاسم وَآخَرُونَ كالولوي البُلْقِينِيّ واختص بِهِ ثمَّ الْكَمَال إِمَام الكاملية وَقصر نَفسه بِأخرَة عَلَيْهِ وَقَرَأَ بَين يَدَيْهِ حِين اسْتَقر فِي تدريس الشَّافِعِي وانتفع كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ وَسمع الحَدِيث على شَيخنَا وَغَيره ولازمني مُدَّة مغتبطا بذلك وَكتب عني فِي مجَالِس الْإِمْلَاء وَأخذ عني فِي الْإِصْلَاح وَغَيره، وبرع فِي الْفُنُون لوفور ذكائه وفطنته وَأم بِجَامِع الزَّاهِد وقتا وَكَذَا خطب بِهِ وتصدى لإرشاد المبتدئين فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة، وَحج غير مرّة وجاور وَقَرَأَ هُنَاكَ على التقي بن فَهد وَحضر عِنْد الْخَطِيب أبي الْفضل النويري وسافر مَعَ شَيْخه الْكَمَال فِي سنة أَربع وَسبعين فَمَاتَ شَيْخه فِي توجهه وَاسْتمرّ هُوَ إِلَى أَن وصل إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا وَصَارَ يجْتَمع عَلَيْهِ بعض الطّلبَة وَطَابَتْ لَهُ الْإِقَامَة وَلَكِن حسن لَهُ بعض بني الْكَمَال وَالرُّجُوع فَلم يجد مِنْهُ بدا وَقَررهُ جَوْهَر المعيني بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بغيظ الْعدة فَضَاقَ صَدرا بذلك وبادر إِلَى الرُّجُوع لمَكَّة سَرِيعا فِي الْبَحْر بعد قطع جَمِيع علائقه وَأَقْبل هُنَاكَ على الإقراء ومالت الْأَنْفس الزكية إِلَيْهِ وَمَشى على طَريقَة حَسَنَة فِي سلوك التودد وَعدم الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه والتقنع باليسير لمزيد دربته وعقله وانتفع الطّلبَة سِيمَا المبتدئون بِهِ لجودة تَقْرِيره وَحسن تَعْلِيمه وتفهيمه وَصَارَ كثير من التُّجَّار وَنَحْوهم يَقْصِدهُ بِالْبرِّ، وَاسْتمرّ فِي نمو من الِاشْتِغَال والإشغال وَالتَّعَفُّف بل كَانَ يكثر الِاسْتِدَانَة لمعيشته، وخطبه الخواجا ابْن الزَّمن لمشيخة رِبَاط السُّلْطَان وأثتى عَلَيْهِ عِنْده وأحضره إِلَيْهِ حِين كَانَ هُنَاكَ فَأكْرمه بِالْقيامِ وَالْكَلَام وَقَالَ لَهُ: قد خرج أَمر الرِّبَاط مني وَصَارَ يتَعَلَّق بك فَقَالَ لَهُ:)
بل اجْعَلْهُ للْقَاضِي فَخر الدّين أخي القَاضِي وَكَانَا حاضرين فَقَالَ لَهُ: إِنَّه مشتغل بجدة وَغَيرهَا وَأَنت مُقيم فَحِينَئِذٍ قبل وباشره أحسن مُبَاشرَة ملاحظا التأدب وسلوك التَّوَاضُع فزادت وجاهته وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة السبت خَامِس عشري صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ بعد الصُّبْح من الْغَد عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة فِي شعب النُّور عِنْد الشَّيْخ عبد الله الضَّرِير وَشهد القَاضِي فَمن دونه وتأسف النَّاس على فَقده رَحمَه الله وإيانا ونفعنا بِهِ وخلفة فِي ولديه خيرا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن طوق النصيبي الْكَاتِب. مَاتَ سنة عشر.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْكَرِيم بن أبي طَالب بن عَليّ بن سيدهم الشَّمْس اللَّخْمِيّ النستراوي الأَصْل الْمصْرِيّ ابْن أخي كريم الدّين عبد الْكَرِيم بن أَحْمد الْمَاضِي. ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وباشر الدِّيوَان مُدَّة إِلَى أَن ولي عَمه نظرة الْجَيْش فباشر قَلِيلا ثمَّ ترك وتزهد وَلبس الصُّوف وَسمع(6/290)
مَعنا على الْكثير من مَشَايِخنَا، وَكَانَ يحب أهل الْخَيْر وينفر غَايَة النفرة مِمَّن يتزوكر وَاسْتمرّ على قدم التصوف سبعا وَثَلَاثِينَ سنة مَعَ صِحَة العقيدة وجودة الْمعرفَة وَالصَّبْر على قلَّة ذَات الْيَد. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة الثَّانِي عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَعشْرين. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه وَوَقع عِنْده تَسْمِيَة جده مُحَمَّدًا وَالصَّوَاب مَا قَدمته.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ نَاصِر الدّين بن الشهَاب بن الطولوني الْمعلم ابْن الْمعلم الْمَاضِي أَبوهُ، كَانَ يَلِي معلمية السُّلْطَان وَتزَوج الظَّاهِر بأخته. مَاتَ بعد أَبِيه بأشهر فِي لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس عشري رَجَب سنة إِحْدَى وَدفن من الْغَد فِي تربتهم من القرافة بعد أَن صلى عَلَيْهِ فِي مشْهد حَضَره الْخَلِيفَة المتَوَكل على الله وغالب الْأُمَرَاء والأعيان، وَكَانَ شَابًّا جميل الْوَجْه طَوِيل الْقَامَة لَهُ مُشَاركَة وَله اعْتِقَاد فِي الْفُقَرَاء. ذكره الْعَيْنِيّ وَغَيره.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر بن يزِيد بن جَعْفَر بن أبي إِبْرَاهِيم مُحَمَّد الممدوح الْبَدْر أَبُو عبد الله بن الْعِزّ الْحُسَيْنِي الْحلَبِي الْمَاضِي أَبوهُ نقيب الْأَشْرَاف بهَا وَكَاتب سرها مَعًا. كَانَ إنْسَانا حسنا بارعا يستحضر شَيْئا من التَّارِيخ ويذاكر بِهِ. مَاتَ بالطاعون فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَعشْرين وَقد جَازَ الْأَرْبَعين وَكَانَ الْجمع فِي جنَازَته مشهودا أثنى عَلَيْهِ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَابْن خطيب الناصرية)
وَقَالَ إِنَّه كَانَ كتب وَصيته وَجعلهَا فِي جيبه وَصَارَ يلهج بِذكر الْمَوْت إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شرف الشَّمْس أَبُو الْمَعَالِي بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس الْبكْرِيّ القاهري الشَّافِعِي السعودي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الحصري بمهملتين مَضْمُومَة ثمَّ سَاكِنة وبابن الْعَطَّار أَيْضا وَكَانَ يُقَال لبَعض أجداده الْخَطِيب السعودي. ولد فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَقيل إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبيتين والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَعرض على الأبناسي وَابْن الملقن والعراقي والغماري وَعبد اللَّطِيف الأسنائي وأجازوا لَهُ فِي آخَرين وتلا بالسبع على الْفَخر البلبيسي الضَّرِير وَالشَّمْس الْعَسْقَلَانِي وَكَانَ يذكر أَنه يُقيد الإجازات عَنهُ وَسمع عَلَيْهِ الشاطبية وَكَذَا سمع على التنوخي والشرف بن الكويك بأخباره، وَأخذ علم الحَدِيث عَن الزين الْعِرَاقِيّ وَالْفِقْه عَن الأبناسي وَابْن الملقن ولازمه حَتَّى حمل عَنهُ جملَة من تصانيفه كالعجالة وهادى التَّنْبِيه وَشرح الْحَاوِي وَأَشْيَاء من غَيرهَا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير مِنْهَا وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة على الشَّمْس الغماري وَفِي الْأُصُول عَن الشَّمْس الشطنوفي(6/291)
وَأخذ الْفَرَائِض عَن الشَّمْس الكلائي ثمَّ عَن الشَّمْس الغراقي وَسمع الحَدِيث على الْعَزِيز المليجي وَالصَّلَاح أبي عبد الله البلبيسي والتاج الصردي والشهاب أَحْمد بن الداية والتنوخي وناصر الدّين بن الْفُرَات فِي آخَرين وَمِمَّا سَمعه على الأول مُسْند الشَّافِعِي وعَلى الثَّالِث جُزْء سُفْيَان وعَلى الرَّابِع فَضَائِل الصَّحَابَة لوكيع وَحج قَدِيما فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وتكسب بِالشَّهَادَةِ إِلَى آخر الْوَقْت وَحدث وأقرأ الْقرَاءَات أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء وَكَانَ خيرا سَاكِنا ضابطا ثِقَة قديم الْفَضِيلَة صبورا على الإسماع. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سلخ الْمحرم سنة ثَمَان وَخمسين رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْجمال بن الشهَاب الْبونِي. ولد بعيد الْأَرْبَعين بِمَكَّة وَنَشَأ كأبيه فِي خدمَة صَاحب مَكَّة فِي التّرْك وَغَيرهَا وتمول بالعقارات وَغَيرهَا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن مُوسَى الشَّمْس الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمقري أَخُو إِبْرَاهِيم وَعبد الرَّحْمَن الهمامي وَعبد الرَّزَّاق الأشقاء الماضيين وثانيهم هُوَ الْمُفِيد لَهُ. ولد سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَحَوله أَبوهُ قبل استكماله نصف سنة إِلَى دمشق فَنَشَأَ بهَا وَحصل لَهُ توعك أدّى إِلَى خرسه فَلَمَّا بلغ السَّادِسَة من عمره توجه بِهِ للشَّيْخ عبد الله)
العجلوني بل للتقي الحصني ملتمسا بركته ودعاءه فَدَعَا لَهُ وبشره بعافيته وألزمه بتقليده شافعيا وإقرائه الْمِنْهَاج مَعَ كَونه سلفه وأخوته كلهم حنفية فامتثل وعوفي عَن قرب وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج فِي أَربع سِنِين بِحَيْثُ صلى للنَّاس التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان بِالْقُرْآنِ بِتَمَامِهِ كل عشر مِنْهُ إِمَام من الْعشْرَة، وَكَذَا حفظ الْعُمْدَة وأربعي الْمُنْذِرِيّ والودعانية المكذوبة والشاطبيتين وألفية الحَدِيث والنحو والمولد لِابْنِ نَاصِر الدّين وَجمع الْجَوَامِع ونظم الْقَوَاعِد لِابْنِ الهائم وتصريف الْعُزَّى وَالتَّلْخِيص والأندلسية فِي الْعرُوض وَغَيرهَا وَعرض على الْعَلَاء البُخَارِيّ وَآخَرين مِنْهُم شَيخنَا حِين اجتيازه بِدِمَشْق فِي سنة آمد وَأخذ الْقرَاءَات عَن أَبِيه والفقيه عَن التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَولده الْبَدْر والعربية عَن الْعَلَاء القابوني والمعاني وَالْبَيَان عَن يُوسُف الرُّومِي وَحضر مَجْلِسه فِي أصُول الْفِقْه وبرع فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَكتب الْخط الْحسن المتقن السَّرِيع بِحَيْثُ كتب الْقَامُوس مضبوطا فِي ثَلَاثَة أشهر وَكَانَ الْجمال بن السَّابِق يتبجح بِبَعْض كتبه كَونه بِخَطِّهِ، وَقَالَ الشّعْر الْجيد بِحَيْثُ عمل فِي شَيْخه التقي الشهبي مرثية وَتقدم فِي صناعَة التوقيع وَكَانَ يتكسب مِنْهَا وَمن كِتَابَة الْمَصَاحِف على طَريقَة وَالِده، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأخذ هُنَاكَ الْقرَاءَات عَن الزين بن عَيَّاش وَأذن لَهُ وَكَذَا أذن لَهُ غَيره، وتصدر فِي الْقرَاءَات وَرَأَيْت بِخَطِّهِ تقريظا لمجموع البدري(6/292)
أرخه سنة تسعين اشْتَمَل على نثر ونظم فَكَانَ من نظمه فِيهِ:
(وَمَا لي فِي بحور الشّعْر شيخ ... طَوِيل لَا وَلَا بَاعَ مديد)
بل كتب عَنهُ البدري فِي الْمَجْمُوع قَوْله:
(شبهت زهر اللَّوْن لما بدا ... فِي كف عبد لابس أحمرا)
(فصوص كافور على عنبر ... من حولهَا ورد زهى منْظرًا)
ثمَّ توقفت فِي ذَلِك. مَاتَ بِمَكَّة يَوْم التَّرويَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد التَّاج النويري الباهي نزيل مصر. مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ القاهري قريب زَوْجَة شَيخنَا.
مِمَّن سمع من شَيخنَا ثمَّ مني، وَكَانَ فَقِيرا عسيرا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِدْرِيس بن أبي الْفَتْح الشَّمْس الدِّمَشْقِي بن السراج أَخُو الْعِمَاد أبي بكر. سمع على الحجار الصَّحِيح وَحدث. مَاتَ بِدِمَشْق فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ. ذكره المقريزي فِي عقوده،)
وَينظر فَفِي الظَّن أَنه عِنْدِي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَسد بن عبد الْوَاحِد الْبَدْر أَبُو الْفضل بن الشهَاب الأميوطي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن أَسد. ولد ظنا سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بحارة بهاء الدّين من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن وكتبا جمة كالشاطبيتين والألفيتين والبهجة وَجمع الْجَوَامِع وَالتَّلْخِيص وَعرض على من دب ودرج، وَأَجَازَ لَهُ فِي جملَة بني أَبِيه من فِي استدعاء النَّجْم بن فَهد وهم خلق من جلّ الْآفَاق وَسمع الْكثير على شَيخنَا بل وَفِي الظَّن أَن وَالِده أسمعهُ على ابْن بردس وَابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَغَيرهم ولازم وَالِده فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والقراءات وَكَذَا حضر تقاسيم الشّرف الْمَنَاوِيّ وَرُبمَا حضر عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ وربيبه ثمَّ لَازم الْفَخر المقسي فِي الْفِقْه وفرائض الرَّوْضَة والعربية وَقَرَأَ على الزين زَكَرِيَّا أَشْيَاء وَأكْثر عَن ابْن قَاسم بل قَرَأَ على التقي الحصني فِي فنون وعَلى الزين الأبناسي فِي آدَاب الْبَحْث وعَلى الكافياجي فِي مُؤَلفه فِي عُلُوم الحَدِيث وَتردد للبدر أبي السعادات فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وللجوجري والبقاعي وَآخَرين ولازم الْمَجِيء إِلَيّ وَالْأَخْذ عني ومراجعاتي فِي كثير وَمَا كنت أَحْمد كثيرا من أُمُوره مَعَ يبس وبلادة وَإِظْهَار لمحبة الْفَائِدَة وَالشح بالعارية وَغَيرهَا وَحج فِي سنة سِتّ وَخمسين وَسمع معي بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة على أبي الْفرج المراغي وَغَيره وَكَذَا سمع بِمَكَّة، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْمَنَاوِيّ فَمن بعده وتنقل فِي مجَالِس بل لما مَاتَ وَالِده صَارَت إِلَيْهِ جهاته وفيهَا تدريس الْقرَاءَات بالبرقوقية وبالمؤيدية وَمَا يفوق(6/293)
الْوَصْف كالخطابة بالأهناسية والإمامة بالزينية فباشرها وَرُبمَا أَقرَأ الطّلبَة وَسمعت أَنه كَانَ يكْتب على الْبَهْجَة الْفِقْهِيَّة وَكَذَا على منظومة للسخاوي فِي عُلُوم الحَدِيث وَلم يكن من أهل هَذِه الزمرة وَقد أعرض عَنهُ الولوي الأسيوطي فِي النِّيَابَة فتفوه بالسعي عَلَيْهِ بسبعة آلَاف دِينَار وَكَثُرت القالة بذلك وَدفع للعلاء بن الصَّابُونِي خَمْسمِائَة دِينَار على يَد يَهُودِيّ عِنْده افترضها مِنْهُ فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ وَمَا نَهَضَ لترقيه لذَلِك ثمَّ نزل حَتَّى ولي قَضَاء قليوب فِي الْأَيَّام الزينية مُلْتَزما عَن أوقاف الْحَرَمَيْنِ بِزِيَادَة على من قبله وَصَارَ يتَوَجَّه إِلَيْهَا فِي بعض أَيَّام الْأُسْبُوع مَعَ ثروته من الْأَمْلَاك والوظائف واتهامه بِمَال كثير وَلكنه كَانَ يُنكره بِالْحلف وَغَيره وَلم يلبث أَن تعلل وَلزِمَ الْفراش نَحْو سبعين يَوْمًا بالإسهال والربو وَنَحْوهمَا، ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَالِث عشري ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن عِنْد أمه بِالْقربِ من الأهناسية وَخلف)
أَوْلَادًا وَلم يُوجد لَهُ من النَّقْد فِيمَا قيل شَيْء وَخرج من وظائفه جملَة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الشّرف البدماصي الْمصْرِيّ. قدم مَكَّة فَأَقَامَ بهَا نَحْو عشر سِنِين وَسمع بهَا من ابْن صديق وتكسب بالوثائق وَلم يحمد فِي ذَلِك. مَاتَ بهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَقد جَازَ الْأَرْبَعين ظنا وَكَانَ يذاكر أَنه من ذُرِّيَّة الصّديق رَضِي الله عَنهُ، ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْجلَال بن القطب القلقشندي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وأخوته إِبْرَاهِيم وَعبد الرَّحْمَن والْعَلَاء عَليّ وَهُوَ شقيقه، أمهما شريفة. ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَسمع من الزين الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَمن غَيره، أجَاز لي وَكَانَ خيرا يتكسب بِالشَّهَادَةِ. مَاتَ سنة خمس وَخمسين رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن يحيى نَاصِر الدّين آغا التركماني العبطيني ثمَّ الْحلَبِي نزيل مصر. قَالَ الْعَيْنِيّ فِي تَارِيخه: كَانَ فَاضلا اشْتغل فِي عُلُوم كَثِيرَة وَحصل علوما كثيرا وَكَانَ بزِي الْجند وَله اتِّصَال بالأمير منكلي بغا الشمسي وتحدث عَنهُ فِي البيمارستان لما كَانَ ناظره فِي دولة الْأَشْرَف وَذكر أَنه تلقن الذّكر وَلبس الْخِرْقَة من الْأمين الخلواتي وسَاق سندا أثْبته فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَقَالَ أَنه فقد فِي الشَّام فِي الكائنة الْعُظْمَى سنة ثَلَاث مَعَ الْعَسْكَر. وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: كَانَ استنابه الْجمال الْمَلْطِي لما سَافر السُّلْطَان فِي وقْعَة اللنك ففقد مَعَ المفقودين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل التَّاجِر الحسباني. مَاتَ سنة سِتّ وَعشْرين.(6/294)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس الدِّمَشْقِي الْمقري وَيعرف بِابْن الصعيدي وبالأحدب. جاور بِمَكَّة سِنِين وانتصب للإقراء، وَكَانَ خيرا مُبَارَكًا. مَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَقد بلغ الْخمسين أَو قاربها. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إينال العلائي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ دوادار برسباي قرا الْمَاضِي أَبوهُ.
كتب لي بِخَطِّهِ أَنه ولد فِي حُدُود سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَأَنه حفظ الْقُرْآن والكنز والمنار فِي الْأُصُول والعمدة فِي أصُول الدّين والملحة وَأَنه اشْتغل على الْبَدْر عبيد الله وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والكافياجي والزين قَاسم وعضد الدّين الصيرامي والقاضيين سعد الدّين بن الديري)
وَإِبْرَاهِيم والأمين الأقصرائي وَابْن الْهمام وَأَنه سمع على السَّيِّد النسابه وَالْعلم البُلْقِينِيّ والشهاب الشاوي وبإسكندرية على النُّور بن يفتح الله قَرَأَ عَلَيْهِ الْجُزْء الأول من ثَلَاثِينَ من البُخَارِيّ ورأيته يقْرَأ على الشَّمْس الأمشاطي قبل الْقَضَاء وَبعده وَكثر تردد خير الدّين بن الرُّومِي أحد الْفُضَلَاء وَغَيره لَهُ للإقراء والمذاكرة ويأكلون عِنْده مَعَ نوع إِحْسَان وَحج وَعرف بِالْعقلِ والتودد لكنه ذكر بالإقبال على التَّحْصِيل حَتَّى من نفائس كتب الْعلم والتاريخ خُصُوصا حِين كَانَ بِبَاب الْأَمِير برسباي قرا ثمَّ كَانَ مِمَّن نهب فِي كائنته وتحدث النَّاس بفقد شَيْء كثير لَهُ وَلم يفصح هُوَ بمجموعه وَبعد ذَلِك شرع فِي الِاسْتِخْلَاف لَهُ ولأميره وتوصل للأمور الشَّرِيفَة بالبذل الأراذل وعينه الْأَشْرَف لقبض الْخمس من منوف وَمَا حمد سيره فِيهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إينال القاهري الْحَنَفِيّ نزيل الشيخونية وَيعرف بِابْن الشّحْنَة لكَون أَبِيه كَانَ شحنة جَامع شيخو ثمَّ ترقى الْأَب فَصَارَ خَادِم السجادة بِالْمَدْرَسَةِ ثمَّ خَادِمًا كَبِيرا وَنَشَأ وَلَده هَذَا ففضل مَعَ سرعَة حَرَكَة وَنَوع خفَّة فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ وَذَلِكَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ امْتنع النَّاظر من تَقْرِير هَذَا فِي الْخدمَة مَعَ كَونه مقررا فِيهَا تَعْلِيقا من الكافياجي ثمَّ سيف الدّين فِيمَا قيل وَقرر أَبَا الطّيب الأسيوطي مَعَ إِظْهَاره تسخطها وَكَاد أَن يهْلك لكَونه فِيمَا قيل كَانَ يرى أَن المشيخة دونه بل من قريب كَانَ يُنَازع الصّلاح الطرابلسي فِي مشيخة الصرغتمشية وَوَقع بَينه وَبَين الْجلَال الأسيوطي مخاصمات أدَّت إِلَى طلبه للجلال من الأمشاطي فتلطف أَبُو الطّيب بِالْقَاضِي وَأصْلح بَين الْخَصْمَيْنِ وَتردد هَذَا إِلَى إِذْ ذَاك وَأخذ عني قَلِيلا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن بطيخ بن بدر الدّين القاهري رَئِيس الْأَطِبَّاء بهَا مِمَّن قدم فِي الرياسة على البهادري مَعَ تقدم ذَلِك فِي الْفَنّ. مَاتَ بهَا فِي رَابِع شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين.(6/295)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد الْمُحب أَبُو الْوَلِيد بن الشهَاب الْحَمَوِيّ الْمَالِكِي أَخُو عبد الْقَادِر الْمَاضِي ووالده نجم الدّين الْمَوْجُود الْآن وَيعرف كأبيه بِابْن الرسام. ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِبَلَدِهِ مَعَ قُصُور مرتبته، وَمَات بهَا سنة بضع وَسِتِّينَ وَقد جَازَ الكهولة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل نَاصِر الدّين ولقبه بَعضهم نور الدّين أَبُو الْفَتْح بن الشهَاب البوصيري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بالبوصيري. ولد فِي خَامِس عشري رَجَب سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتقريب الْأَسَانِيد للعراقي ومختصر المتباينات لشَيْخِنَا والنخبة لَهُ وألفية الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَفِي السِّيرَة)
والجرومية والشذور وتنقيح اللّبَاب للْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَعرضه عَلَيْهِ بل عرض على جمَاعَة فَمنهمْ مِمَّن أجَاز لَهُ النَّجْم بن حجي وَالشَّمْس الشطنوفي والْعَلَاء البُخَارِيّ والتقي الفاسي وَخلق وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ ورقية الثعلبية والنور الفوي سمع عَلَيْهِ ختم السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وَشَيخنَا وَمن لفظ الشهَاب الكلوتاتي وأحضر فِي الثَّالِثَة من لفظ الْوَلِيّ الأول من أَمَالِيهِ وَعَلِيهِ الثلاثيات وَبَعض الصَّحِيح وَفِي الشَّهْر السَّابِع من الْخَامِسَة على الشّرف بن الكويك سداسيات الرَّازِيّ وَألبسهُ الزين الخوافي الطاقية، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سِتّ عشرَة فَمَا بعْدهَا خلق سوى من تقدم كالعز بن جمَاعَة وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ والشهاب المتبولي وَالْمجد الْبرمَاوِيّ وَحَمَّاد التركماني والجلال البُلْقِينِيّ وَالْجمال بن ظهيرة والصدر السويفي وَأَبُو هُرَيْرَة بن النقاش وَالْفَخْر الدنديلي والنور وَالشَّمْس البيجوريين وقاري الْهِدَايَة وغانم الخشبي وَأبي الْقسم العبدوسي والشمسين الشَّامي والحبتي وَمن أوردته فِي المعجم وَقد حج مرَارًا أَولهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسافر للجون صُحْبَة الْأَمِير يشبك الْفَقِيه ثمَّ لقشتيل وَغَيرهَا وَدخل إسكندرية ودمياط وطرابلس وَلَقي بهَا ابْن مزهر شيخها وتشاغل بنسخ تصانيف أَبِيه وَغَيرهَا مَعَ نقص بضاعته ومزيد فاقته وانجماعه عَن أَكثر النَّاس وإقامته بالحسينية غَالِبا وخبرته بِاللِّسَانِ التركي وَقد قصدني مرَارًا وَأَجَازَ فِي بعض الاستدعاءات وَحدث بأَشْيَاء ولفاقته كَانَ يبر.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن جُبَير الْحلَبِي الْخياط. ذكر مَا يدل لِأَن مولده سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع على ابْن صديق بعض الصَّحِيح، وَحدث سمع مِنْهُ النَّجْم بن فَهد وَذكره فِي مُعْجم أَبِيه وَغَيره وَأثْنى عَلَيْهِ بالجودة وَالْعِبَادَة والبراعة فِي الْخياطَة والنصح فِيهَا قَالَ: وَعَلِيهِ سمت الصَّالِحين. مَاتَ فِي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن رسْلَان أوحد الدّين أَبُو الْخَيْر وكناه(6/296)
بَعضهم أَبَا الْفَتْح بن الشهَاب البُلْقِينِيّ الأَصْل الْمحلي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي وَلَده أَبُو السعادات مُحَمَّد وَيعرف كل مِنْهُم بِابْن العجمي. ولد فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشري شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي وألفية النَّحْو وَغَيرهَا وَعرض على جمَاعَة وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ والمحب بن نصر الله وَشَيخنَا وعَلى الْمَشَايِخ الْأَرْبَعين بالظاهرية الْقَدِيمَة ختم الصَّحِيح، وَأَجَازَ لَهُ خلق واشتغل على الْوَلِيّ بن قطب وَالشَّمْس الشنشي وَغَيرهمَا، وَقدم الْقَاهِرَة فَأخذ عَن الْعلم البُلْقِينِيّ والقاياتي والشرف السُّبْكِيّ وتميز فِي الْفَرَائِض)
والحساب وشارك فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا بل كَانَ فَقِيه النَّفس وافر الذكاء فهامة درس وَأفْتى وَحدث وَولي قَضَاء الْمحلة شركَة لِأَبِيهِ ثمَّ بعده اسْتِقْلَالا إِلَى أَن مَاتَ مَعَ انْفِصَاله فِي أثْنَاء الْمدَّة غير مرّة بِغَيْر وَاحِد كَمَا بَينته فِي غير هَذَا الْمحل، وَكَذَا ولي قَضَاء إسكندرية وقتا وَبَالغ البقاعي فِي الْحَط عَلَيْهِ والأمين الأقصرائي، وَالثنَاء وَهُوَ فِي أَوَاخِر أمره أحسن مِنْهُ قبلا بِحَيْثُ بَلغنِي أَنه كَانَ يَتْلُو فِي كل يَوْم ثلث الْقُرْآن سِيمَا حِين إِقَامَته الْأَخِيرَة بِالْقَاهِرَةِ معزولا. مَاتَ فَجْأَة فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر رَمَضَان سنة سبع وَثَمَانِينَ بالمحلة رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْكَمَال أَبُو الْفضل الْقرشِي النبكي. ولد بِالْيمن وَأمه مِنْهَا وَنَشَأ بهَا ثمَّ حج وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء ابْن فَهد فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فَمَا بعْدهَا خلق كالواسط وَالزَّرْكَشِيّ والقبابي والبرهان الْحلَبِي وَمَات بعد ذَلِك.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْجمال أَبُو عبَادَة الصَّامِت بن الشهَاب بن الرضي بن الْمُوفق بن الْجمال الْيَمَانِيّ الزبيدِيّ النَّاشِرِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ ولقبه بالصامت لجده لأمه الْمُتَوفَّى سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة. ولد فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي حجر أَبِيه فحفظ الْقُرْآن ثمَّ الْمِنْهَاج وَلم يترعرع حَتَّى مَاتَ أَبوهُ فَكَفَلَهُ أَخُوهُ الطّيب وَوجه عنايته إِلَيْهِ فبرع فِي أسْرع مُدَّة بِحَيْثُ كَانَ فَقِيها عَالما عَاملا ذكيا مِمَّن جمع بَين الْعلم وَالدّين وَسمع من النفيس الْعلوِي والتقي الفاسي وَابْن الْجَزرِي بل قَرَأَ كثيرا من أُمَّهَات الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَجُمْلَة من المختصرات والأجزاء وَكتب العارفين على عَمه الْمُوفق عَليّ ولازمه حَتَّى مَاتَ، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة كعائشة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والزين أبي بكر المراغي باستدعاء ابْن مُوسَى المراكشي وَغَيره وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على الشّرف إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم البومة وجود الْقرَاءَات وَولي الْإِعَادَة(6/297)
والإمامية بالفرحانية وناب عَن أَخِيه فِي تدريسها والصلاحية وَفِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة عَن ابْن عَمه كل ذَلِك بزبيد وَنظر فِي الجرجانية خَارج زبيد وَله شعر جيد وَخط حسن ومدح النَّاصِر وَغَيره، ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وتزهد وتقلل وَلبس الخشن من الثِّيَاب وداوم الصّيام وَالْقِيَام والتلاوة وَلزِمَ الصَّلَاة بِمَسْجِد الأشاعر وَهُوَ مَسْجِد شهير بزبيد وتعانى النّظم والنثر وامتدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيره بقصائد وَحج وجاور. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَسبعين.)
طول الْعَفِيف النَّاشِرِيّ فِي تَرْجَمته وَهُوَ فِي تَرْجَمَة أَبِيه من صلحاء الْيمن بِاخْتِصَار فَقَالَ: اشْتغل بالعلوم وَمهر فِي الْفِقْه وَغَيره ثمَّ سلك طَرِيق النّسك وَالْعِبَادَة وَلبس الخشن وزهد فِي المناصب ولازم الصَّلَاة بِمَسْجِد الأشاعر وَفِيه يَقُول يَعْنِي مقتفيا للسبكي:
(وَفِي هَذَا الأشاعر لطف معنى ... بِهِ بَين الْأَنَام أظل ساجد)
(عَسى أَنِّي أمس بَحر وَجْهي ... مَكَانا مَسّه قدم لعابد)
مُحَمَّد الْجمال أَبُو عبد الله الشَّافِعِي أَخُو الَّذِي قبله ووالد الْعَفِيف عبد الله الْمَاضِي وَيعرف هَذَا بالطيب. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بزبيد وَنَشَأ بهَا فتفقه بِأَبِيهِ وَأخذ عَنهُ عدَّة عُلُوم وَسمع الحَدِيث من عَمه الْمُوفق عَليّ وَالْمجد اللّغَوِيّ والنفيس الْعلوِي وَغَيرهم كالبدر الدماميني وَابْن الْجَزرِي حِين قدومهما الْيمن وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة باستدعاء الْجمال المراكشي وَغَيره كابنة ابْن عبد الْهَادِي والزين المراغي وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ الْغَايَة فِي الصِّحَّة والضبط بل ألف نكتا على الْحَاوِي مفيدة سَمَّاهَا إِيضَاح الْفَتَاوَى فِي النكت الْمُتَعَلّقَة بالحاوي فِي ثَلَاث مجلدات واختص بِالظَّاهِرِ يحيى بن إِسْمَاعِيل صَاحب الْيمن وقلده أَمر مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بتعز تدريسا ونظرا وحضه على وقف كتب فِيهَا فَفعل وَأقر بهَا من نفائس الْكتب مَا يتعجب مِنْهُ كَثْرَة وحسنا وَهِي تَقْرِيبًا نَحْو خَمْسمِائَة مجلدة، وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس الأشرفية إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس والفرحانية كِلَاهُمَا بتعز وَكَذَا كَانَ لَهُ عِنْد عَليّ بن طَاهِر حُرْمَة عَظِيمَة بِحَيْثُ عَاده فِي مَرضه وَمَعَهُ القَاضِي الشَّمْس يُوسُف ابْن يُونُس الحبابي، وَكَانَ فَقِيها محققا تصدى للإقراء والإفتاء بل أفتى وَهُوَ ابْن عشْرين سنة وانتفع بِهِ النَّاس وَقَالَ لي بعض فضلاء الْحَنَفِيَّة مِمَّن لقِيه هُنَاكَ إِنَّه رأى لَهُ بعد الْخمسين حَلقَة عَظِيمَة وحافظة فِي الْفِقْه قَوِيَّة، وَولي قَضَاء الْأَقْضِيَة بزبيد بعد موت عَمه الْمشَار إِلَيْهِ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين فدام حَتَّى مَاتَ بزبيد فِي شَوَّال سنة أَربع وَسبعين على الْأَصَح الَّذِي كتبه وَلَده بِخَطِّهِ، وَهُوَ مِمَّن أجَاز لصاحبنا ابْن فَهد، وترجمه الْعَفِيف النَّاشِرِيّ فطول جدا وسرد من درس من(6/298)
طلبته جمعا قَالَ: وَهُوَ أبرع من درس الْحَاوِي وَكَانَ من يحضر عِنْده يشْهد بِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ فِيهِ بل استحضر مظان الرَّوْضَة لخدمته لَهَا أتم خدمَة وَله عَلَيْهَا حواش، ودرس بعد موت أَبِيه بالصالحية والفرحانية كِلَاهُمَا بزبيد وَفِي حَيَاته باللطيفية بل ألزمهُ بالفتوى وَلم يعذرهُ فِي تَركهَا حَيَاء مِنْهُ مَعَ الْقيام بوظائف الْعِبَادَات والمحاسن المتكاثرات وَإِلَيْهِ انْتَهَت رياسة الْفَتْوَى وَالْأَحْكَام وَكَثُرت)
تلامذته وانتشرت فَتَاوَاهُ وَهُوَ وَأَبوهُ وجده وجد أَبِيه ووالده عُلَمَاء وَقل أَن يتَّفق ذَلِك، وامتدحه الأكابر وَهُوَ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْعلم والرياسة على قدم عَظِيم من التَّوَاضُع وخفض الْجنَاح والقرب وَقَضَاء حوائج النَّاس مَا أمكن وَله نظم على طَريقَة الْفُقَهَاء فَمِنْهُ مِمَّا كتب بِهِ لِعَمِّهِ الْمُوفق عَليّ بن أبي بكر:
(قلبِي بكم أهل الغوير متيم ... لَا يَشْتَهِي طعم الطَّعَام لَهُ فَم)
(من يَوْم مَا رَحل الحداة بعيسكم ... نَحْو العذيب حمامهم يترنم)
إِلَى أَن قَالَ:
(ولي اخْتِصَاص دون كل مجَالِس ... وفوائد لَيست لغيري مِنْكُم)
(تجْرِي الدُّمُوع من المآقي عِنْدَمَا ... وَالْقلب ينكى والمنية تهجم)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشَّمْس الطَّائِي الْبَيَانِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْأَشْقَر. ولد سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَقيل سبعين وَالْأول أثبت بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وَأخذ عَن الْجمال يُوسُف بن خطيب المنصورية وَقَرَأَ عَلَيْهِ الصَّحِيح وَالْتمس مِنْهُ الْإِذْن لَهُ بقرَاءَته على الْعَامَّة فَأَشَارَ باستئذان الْعَلَاء القضامي أَيْضا فِي ذَلِك للأمن من معارضته بعد، قَالَ: فتوجهت إِلَيْهِ فاختبرني بِثَلَاثَة أَمَاكِن من مشكلات الصَّحِيح وَهِي الْمَسَاجِد الَّتِي على الطَّرِيق وَحَدِيث أم زرع وَالتَّفْسِير قَالَ: فَفتح الله بالمرور الْحسن فِيهَا وَكَانَ ذَلِك سَببا لإذنه أَيْضا، وَسمع بِدِمَشْق بعض الصَّحِيحَيْنِ مَعَ ثلاثيات البُخَارِيّ على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالجمال بن السَّابِق وأفادني تَرْجَمته والنجم بن فَهد وناصر الدّين بن زُرَيْق وَكَانَ لقِيه فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ بل كتب عَنهُ شَيخنَا وناهيك بِهَذَا. وَرَأَيْت من سمى جده إِبْرَاهِيم بن أبي بكر فَالله أعلم وَكَانَ إنْسَانا حسنا زاهدا عابدا منعزلا عَن بني الدُّنْيَا مستحضرا لكثير من الْفِقْه كثير التِّلَاوَة مُعظما فِي بَلَده مشارا إِلَيْهِ بمشيختها. مَاتَ فِي ثامن عشري أَو رَابِع عشري شَوَّال سنة خمسين رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن الحزمي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كأبيه بِابْن جبيلات.(6/299)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر الشَّمْس أَبُو الْفَتْح بن الشهَاب الفوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الصُّوفِي.)
ولد قبل التسعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن وَسمعت أَنه اشْتغل فِي الْمِنْهَاج يَسِيرا وَصَحب إِبْرَاهِيم الأدكاوي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن عَافِيَة بن أَحْمد الْغَزالِيّ والزين أَبَا بكر المداوي وَآخَرين وَقَرَأَ والمرسلات وَالَّتِي تَلِيهَا على أَحْمد بن عَليّ بن مُوسَى الأدكاوي الصُّوفِي وتلقن مِنْهُ ذكرا وخصوصا وَقَالَ إِنَّه تلقنه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام، واختص بشيخه الأول وانتفع بِصُحْبَتِهِ وبسلوكه وإرشاده وَعرف بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح، وَعمل رِسَالَة سَمَّاهَا سلَاح المسالك وسد المهالك فِي علم الطَّرِيق لأهل الْأَمَانَة والتصديق وتصدى للإرشاد فَأخذ عَنهُ الأكابر فَمن دونهم وَكنت مِمَّن صَحبه وتلقن مِنْهُ الذّكر على طريقتهم، وَحج وجاور غير مرّة آخرهَا فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَ خيرا كثير الصمت حسن السمت ملازما لِلْعِبَادَةِ والتلاوة منجمعا عَن النَّاس مَذْكُورا بالصلاح لَهُ أَتبَاع يعتقدونه ويعظمونه ويؤثرون عَنهُ الكرامات مِمَّا أوردت بَعْضهَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير. مَاتَ فِي مسَاء يَوْم السبت تَاسِع عشري ربيع الأول سنة سِتّ وَدفن بتربة الحلاوي بِالْقربِ من الرَّوْضَة ظَاهر بَاب النَّصْر رَحمَه الله ونفعنا بِهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر البيري الشَّافِعِي بن الْحداد. صَوَابه مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح وَسَيَأْتِي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر الدِّمَشْقِي النّحاس. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَار الله بن زَائِد الْجمال بن الشهَاب السنبسي الْمَكِّيّ. ولد فِي سنة ثَمَان وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن وَتعلم الْكِتَابَة بِحَيْثُ صَار يكْتب الوثائق لنَفسِهِ وَلغيره، وتعانى التِّجَارَة فأثرى جدا. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين بِمَكَّة وَحصل لَهُ قبل مَوته حرارة عَظِيمَة جوفية بِحَيْثُ أَقَامَ أَيَّامًا وليالي جَالِسا منغمسا فِي مَاء بَارِد فِي قدر من نُحَاس وَلَا يَسْتَطِيع مَعَ ذَلِك شربة مَاء بل أَقَامَ اثْنَي عشر يَوْمًا ينظره وَلَا يسيغه وطلق قبل مَوته إِحْدَى زوجتيه ليخص الْأُخْرَى بميراثه. ذكره الفاسي فِي مَكَّة مطولا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَار الله بن صَالح الشَّيْبَانِيّ الْمَكِّيّ. أجَاز لي فِيمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ فيحرر.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَار الله الْبناء. مَاتَ فِي رَجَب سنة خمس وَثَمَانِينَ بِمَكَّة أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن أَحْمد بن عَليّ الديواني الْمَكِّيّ. خدم عنان بن مغامس بن رميثة وَغَيره من أُمَرَاء مَكَّة وَمَات بهَا ظنا فِي سنة سِتّ أَو فِي الَّتِي بعْدهَا. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.(6/300)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حاجي مَوْلَانَا شمس الدّين التبريزي ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن)
عذيبة لملازمته العذبة. ولد قبيل سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة بتبريز واشتغل قَدِيما وارتحل إِلَى أقْصَى الْعَجم والهند وَالروم واليمن والحجاز للتِّجَارَة مَعَ اشْتِغَاله بالفقه والعربية وَالصرْف والقراءات وَدخل مصر فِي زمن الأسنوي وحلب فِي زمن الْأَذْرَعِيّ وَالشَّام فِي زمن ابْن كثير وَابْن رَافع وَحضر عِنْدهم وَعند غَيرهم وَحصل كتبا جَيِّدَة وَدخل الْقُدس فِي سنة خمس وَتِسْعين وَعرف بالخواجا وجاور سِنِين بِمَكَّة قبل الْفِتْنَة. ذكره ابْن أبي عذيبة وَقَالَ إِنَّه بِهِ عرف وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والقراءات وجاور مَعَه بِمَكَّة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ أحد رجال الدَّهْر كرما وديانة وتصوفا وتخشعا ومحبة فِي أهل الْعلم وَالْخَيْر وفضلا ذَا نعْمَة طائلة وثروة مَعَ سَرقَة كَثِيرَة من مَاله وغرفه. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة خمس وَثَلَاثِينَ بعد مرض طَوِيل رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حبيب الشَّمْس الغانمي الْمَقْدِسِي وَيعرف بِابْن دامس. شيخ حسن من أهل الْقُرْآن، لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس وأخبرت أَنه سمع على أبي الْخَيْر بن العلائي وَالشَّمْس القلقشندي وَغَيرهمَا، وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض الْأَجْزَاء وَكَانَ صوفيا بالصلاحية هُنَاكَ وخازن الْكتب بالأقصى ومولده فِي عشر الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة. وَمَات قريب السِّتين تَقْرِيبًا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن أَحْمد بن عَطِيَّة الْبَدْر بن عَطِيَّة المنوفي قاضيها الشَّافِعِي. ولد بهَا تخمينا فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس أبي عبد الله الْمَعْرُوف بكنيته والشهاب الهيثمي وَغَيرهمَا وَحفظ كتبا عرضهَا على الصَّدْر الهيثمي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَحضر مَجْلِسه فِي الْإِمْلَاء وَادّعى أَنه حضر عِنْد وَالِده أَيْضا، لَقيته بمنوف فَأجَاز لي وَمَا علمت حَاله.
مَاتَ قريب السِّتين أَيْضا تَقْرِيبًا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن إِسْمَاعِيل بن يَعْقُوب بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس بن الشهَاب الكجكاوي العينتابي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ شَقِيق مَحْمُود الْآتِي، أمهما فردوس ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن مُوسَى وَيعرف بالأمشاطي نِسْبَة لجده أبي أمه لكَونه هُوَ الَّذِي رباه لمَوْت وَالِده وَابْنه صَغِير وَكَانَ الْجد يتجر فِيهَا وَكَانَ خيرا. ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي سادس عشري ذِي الْحجَّة أَو الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة مُقَابل صهريج منجك بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ الْقُرْآن وجود بعضه على حبيب العجمي وَحفظ الْقَدُورِيّ وَبَعض الْمجمع وَغَيرهمَا وَقَرَأَ تَصْحِيحا على قَارِئ الْهِدَايَة بل حضر دروسه ودرس التفهني وَابْن الفنري وتفقه بالشمس بن الجندي وَعبد اللَّطِيف)
الْكرْمَانِي(6/301)
وَابْن الديري والأمين الأقصرائي وأذنا لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَعَلَيْهِمَا قَرَأَ فِي الْأُصُول وَكَذَا على الْكرْمَانِي وَعَن ثَانِيهمَا وَابْن الجندي وَكَذَا الشمني والراعي أَخذ الْعَرَبيَّة وانتفع بِابْن الديري وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء وَكَانَ كثير التبجيل لَهُ وحاول وسائط السوء تَغْيِير خاطره عَلَيْهِ لكَونه لَا ينجر مَعَهم فِيمَا يَخُوضُونَ فِيهِ فَأبى الله إِلَّا تَقْدِيمه عَلَيْهِم بِحَيْثُ صَار فِي قَضَاء مذْهبه كالشاملة وَكَذَا انْتفع بملازمة الْأمين وَأخذ عَن ابْن الْهمام وَكَانَ أَيْضا يجله حَتَّى أَنه لما عين لَهُ تصوفا بالأشرفية وَقرر جَوْهَر فِيهِ غَيره غضب وَكَانَ ذَلِك هُوَ السَّبَب فِي خلع الكمالي نَفسه من الْوَظِيفَة واسترضوه بِكُل طَرِيق فَمَا أذعن، وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِيمَا يغلب على ظَنّه والشموس بن الْجَزرِي والشامي وَابْن الْمصْرِيّ والشهاب الوَاسِطِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس وَابْن الطَّحَّان والمحب بن يحيى والشرابيشي وَشَيخنَا وَابْن أبي التائب والمحبين ابْن الإِمَام والقمني وَعلي بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْقيم وَعَائِشَة وَفَاطِمَة الحنبليتين وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة وأخيها الْجمال عبد الله فِي آخَرين، بل رَأَيْت لَهُ حضورا فِي الثَّالِثَة مَعَ وَالِده على الشّرف بن الكويك لبَعض الْجُزْء الأول من مُسْند أبي حنيفَة للحارثي بِقِرَاءَة الكلوتاتي وَلذَا لَا أستبعد أَن يكون عِنْده أقدم من هَؤُلَاءِ، وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد ترجمت لَهُ أَكْثَرهم فِي مُجَلد، ودرس للحنفية بالفخرية ويدرس بكلمش وبالفيروزية مَعَ مشيخة الصُّوفِيَّة بهَا وبالمنكوتمرية والباسطية وبالمسجد الْمَعْرُوف بإنشاء الظَّاهِر جقمق بخان الخليلي وبمدرسة سودون من زَاده وناب فِي مشيخة التصوف بالأشرفية وتدريسها فِي غيبَة ابْن شَيْخه الأقصرائي وَكَذَا فِي تدريس الصرغتمشية فقها وحديثا فِي غيبَة أَبِيه وَهُوَ من جملَة معيديها، وَحج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا أشهرا. وسافر دمياط وغزة وَغَيرهمَا وأقرأ الطّلبَة وَحلق بل أفتى بإلزام شَيْخه الْأمين لَهُ بذلك وَرُبمَا كتب الْأَمِير تَحت خطه وَعرف بالثقة وَالْأَمَانَة والديانة والنصح وبذل الهمة وَالْقِيَام مَعَ من يَقْصِدهُ وتأييد طلبة الْعلم فِي الْأَمَاكِن الَّتِي رُبمَا يحصل لَهُم فِيهَا امتهان والتواضع مَعَ من يُحِبهُ وَحمل الْأَذَى والتقلل من الدُّنْيَا مَعَ التعفف وَشرف النَّفس والتصميم فِي الْحق وَعدم الْمُحَابَاة وَترك قبُول الْهَدِيَّة فاشتهر ذكره وَقبلت شَفَاعَته وأوامره خُصُوصا عِنْد كل من يتَرَدَّد إِلَيْهِ من الْأُمَرَاء كَبِيرهمْ وصغيرهم وباشر العقد لغير وَاحِد من الْأَعْيَان وَمِنْهُم فِيمَا بَلغنِي الظَّاهِر جقمق رَغْبَة مِنْهُم فِي ديانته وثقته مَعَ حرص بعض مستنيبيه على مُبَاشرَة بَعْضهَا وسعيه فِي ذَلِك وَلَا يحاب وَمَا انْفَكَّ مَعَ هَذَا كُله عَن)
مناوئ وَهُوَ لَا يزْدَاد مَعَ ذَلِك إِلَّا عزا، وَلما مَاتَ شَيْخه سعد الدّين(6/302)
تعفف عَن الدُّخُول فِي القضايا إِلَّا فِي النَّادِر ثمَّ ترك أصلا كل ذَلِك مَعَ الْفَهم الْجيد وَحسن التَّصَوُّر وذوق الْعلم والإتقان فِيمَا يبديه والمشاركة فِي فنون وَالرَّغْبَة فِي إخفاء كثير من أَعماله الصَّالِحَة، وَقد جود الْخط على الزين بن الصَّائِغ وَكتب بِهِ كثيرا لنَفسِهِ وَلغيره من كتب الْعلم وَغَيرهَا وانتفى وَأفَاد وَكَذَا كتب بِخَطِّهِ ماربعة ومصحف ووقف بَعْضهَا قصدا للثَّواب بل أهْدى لكل من الْأَشْرَف قايتباي وجانبك الدوادار ويشبك الدوادار وَغَيرهم ربعَة وَامْتنع من قبُول مَا يثيبونه فِي مُقَابل ذَلِك وَهُوَ شَيْء كثير، وَكتب فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ ربع الْقُرْآن وَضَبطه فِي لَيْلَة لاضطراره لذَلِك فِي الارتفاق بِثمنِهِ فِي ملاقاة شَيْخه ابْن الجندي حِين حج، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ حَسَنَة من حَسَنَات الدَّهْر وَقد صحبته قَدِيما فَمَا أعلم مِنْهُ إِلَّا الْخَيْر وَأشْهد مِنْهُ من مزِيد الْحبّ مَا لَا أنهض لبثه، وَسمع مني بِالْقَاهِرَةِ جملَة وَعين للْقَضَاء غير مرّة بِإِشَارَة شَيْخه الْأمين وَغَيره وَهُوَ لَا يذعن حَتَّى كَانَت كائنة شقراء ابْنة النَّاصِر فرج بن برقوق وانحراف السُّلْطَان عَن الْمُحب بن الشّحْنَة بِسَبَب قيام ابْنه الصَّغِير فِي التعصب مَعهَا وَغير ذَلِك حَسْبَمَا شرحته فِي الْحَوَادِث صرح بعزل القَاضِي وَأخذ بِيَدِهِ فأقامه من مَجْلِسه ثمَّ ولى صَاحب التَّرْجَمَة إلزاما وَذَلِكَ فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين من غير سبق علم بذلك فِيمَا قيل مَعَ استدعاء السُّلْطَان لَهُ أمس تَارِيخه وَتكلم مَعَه فِي الكائنة وَغَيرهَا وَركب وَمَعَهُ الْمَالِكِي والحنبلي فِي جمع من نواب كل مِنْهُم حَتَّى وصل الصالحية على الْعَادة وَهِي مَحل سكنه وهرع النَّاس للسلام عَلَيْهِ وَاسْتقر بالشريف جلال الدّين الجرواني نقيب شَيْخه فِي النقابة. ورام التَّخْفِيف من النواب والاقتصار على من يكون مِنْهُم أشبه فَلم يتم لَكِن مَعَ التَّأْكِيد على جمَاعَة مِنْهُم ثمَّ بَاشر على طَرِيقَته فِي التصميم وَمَا تمكن من منع الاستبدالات بعد معالجة ومراجعة كَمَا بَينته فِي تراجم الْقُضَاة وَغَيرهَا وَلَكِن مَعَ احْتِيَاط وَضبط بِالنِّسْبَةِ، ثمَّ قَرَّرَهُ السُّلْطَان فِي مشيخة البرقوقية ونظرها بعد موت العضدي الصيرامي وَأعْرض حِينَئِذٍ عَن كثير من وظائفه الصغار لجَماعَة من الْفُضَلَاء والمستحقين مجَّانا لارتقائه عَن مباشرتها بل رام فِيمَا بَلغنِي إِعْطَاؤُهُ الشيخونية فَمَا وَافق كَمَا أَنه لم يُوَافق على المؤيدية قبل، وَاسْتمرّ فِي الْقُضَاة وَهُوَ يكابد ويناهد ويدافع ويمانع ويخاصم ويسالم ويتعصب ويغضب وَيقوم وَيقْعد ويشدد ويتودد وَيملك مَا يمدح بِهِ أَو يذم أَو يغْضب صديقه أَو يطم كقيامه مَعَ البقاعي فِي حَادِثَة لَيْسَ فِي الْإِمْكَان أبدع مِمَّا كَانَ)
وَعدم التفاته فِي الْخَوْض فِي جَانِبه بِمَا يقاربها وَكَاد أمره أَن ينحط عِنْد الْملك فلطف الله بِهِ.
وَمَات فِي عزه ووجاهته فِي(6/303)
لَيْلَة الِاثْنَيْنِ خَامِس عشري رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ بعد عتق بعض مَا فِي ملكه وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد برحبة مصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد متوسط ثمَّ دفن على قَارِعَة الطَّرِيق بَين تربة قجماس أَمِير آخور والأشرف إينال وَقَالَ البدري بن الْغَرْس: ساءت وَفَاته كل عدل أَو نَحْو هَذَا، وَقَالَ الولوي الأسيوطي: إِن ذممنا فِيهِ خصْلَة أَو خَصْلَتَيْنِ حمدنا مِنْهُ كثيرا رَحمَه الله وإيانا وأرضى عَنهُ أخصامه فَلم يخلف بعده مثله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن دَاوُد بن سَالم بن معالي الْكَمَال أَبُو الْفضل ابْن الشهَاب العباسي الْحَمَوِيّ الْمَكِّيّ أَخُو الْمُوفق عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَذَاكَ الْأَكْبَر. ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والرسالة لِابْنِ أبي زيد والألفيتين وشذور الذَّهَب وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن أَبِيه وَابْن تقصيا وَالْفِقْه عَن بَعضهم، وَاسْتقر فِي قَضَاء حماة سنة خمس وَسِتِّينَ عوضا عَن الْمُحب مُحَمَّد بن الرسام ذبكلوشا ثمَّ انْتقل إِلَى قَضَاء دمشق فِي سنة ثَمَان وَسبعين ثمَّ انْفَصل عَنهُ بالشهاب المريني وَهُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن وَقيل مُوسَى بن عبد الْوَاحِد أَبُو عبد الله الْأمَوِي المغربي التّونسِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بالقباقبي. ولد فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة يَوْم اسْتِقْرَار أبي فَارس فِي مملكة تونس وَقدم الْقَاهِرَة فحج وَسمعت من نظمه قَوْله فِي شَيخنَا:
(لي مَالك مهما استعنت بِهِ سمح ... وَإِذا توجه فِي مناجدة نجح)
(أنبئت عَنهُ أَن فِي سيادة ... فَاعْلَم بقلبك أَنه نبأ رجح)
وَقد سبقه فقيهنا الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد السعودي الْآتِي لما فيهمَا وَكَذَا مدح تغرى برمش الْفَقِيه بقصيدة همزية سَمعهَا مِنْهُ صاحبنا التقي القلقشندي حَسْبَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَكتب عَنهُ أَيْضا غَيره من أَصْحَابنَا. مَاتَ فِي رَجَب سنة خمسين بإسكندرية رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْكَمَال بن الإِمَام الشهَاب الْأَذْرَعِيّ الأَصْل القاهري وَأمه دمشقية. قَرَأَ الْقُرْآن وَسمع مَعنا على غير وَاحِد وَكتب بِخَطِّهِ القَوْل البديع وخالط ذَوي الظّرْف ثمَّ انجمع ببولاق. وَمَات فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين عَن بضع وَخمسين تَقْرِيبًا وَهُوَ وَالِد فَاطِمَة زوج النَّجْم بن حجي.)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ الشَّمْس البابي ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد بِالْبَابِ ثمَّ قدم حلب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فَنزل الحلاوية النورية وَسمع فِيمَا قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي: ثمَّ أَخذ عَن وَلَده أبي ذَر وَالْفِقْه عَن يُوسُف الْكرْدِي والقراءات عَن عبيد بن أبي المنى والتقى أبي بكر بن أبي بكر البابيلي بن الحيشي وبمكة حِين(6/304)
جاور بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين عَن الزين بن عَيَّاش وَسمع عَلَيْهِ الحَدِيث وَتزَوج فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد الحيشي وَسكن عِنْده ولازمه وأجار لَهُ شَيخنَا وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء كالصحيحين والدميري لنَفسِهِ وَلغيره وناب عَن الْعِزّ النحريري الْمَالِكِي فِي الْإِمَامَة بمقصورة الحجازية من جَامع حلب ثمَّ عَن بني الشّحْنَة بمحرابه الْكَبِير. مَاتَ بحلب فِي مستهل رَجَب سنة سبع وَثَمَانِينَ بعد تمرضه بالفالج قَلِيلا وَدفن بالناعورة بزاوية الأطعاني وصلينا عَلَيْهِ بِمَكَّة صَلَاة الْغَائِب وَكَانَ كثير الْعِبَادَة والتلاوة يقْرَأ فِي كل يَوْم غَالِبا ختما رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن عمر نَاصِر الدّين بن الشهَاب الدِّمَشْقِي الشويكي نِسْبَة لحارة بهَا الشَّافِعِي وَيعرف بالقادري وبالصارم وبالطواقي، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة كثيرا وكتبت لَهُ إجَازَة وأودعت محصلها التَّارِيخ الْكَبِير.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا بن يحيى بن مَسْعُود بن غنيمَة ابْن عمر السويداوي القاهري الْمَاضِي أَبوهُ. مِمَّن أَخذ الْمِيقَات وَغَيره عَن الْجمال المارداني وَله مؤلف سَمَّاهُ إرشاد الْبشر إِلَى الْعَمَل بالكواكب وَالْقَمَر. مَاتَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن عَليّ الْجمال أَبُو عبد الله الْقَيْسِي الْقُسْطَلَانِيّ الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ وَالِد الْكَمَال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الزين. سمع بِمَكَّة من الْجمال الأميوطي والنشاوري وَغَيرهمَا كَعبد الرَّحْمَن بن الثَّعْلَبِيّ ظنا وَكَذَا بِمصْر وَالشَّام من آخَرين، وَكَانَ لَهُ اشْتِغَال بِالْعلمِ ونباهة وَكتب بِخَطِّهِ كتبا مَعَ كِتَابَته الوثائق. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى عَن أَرْبَعِينَ أَو قريبها. ذكره الفاسي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن الْحِجَازِي ثمَّ الْمصْرِيّ، كَانَ يُؤَدب الْأَطْفَال وَيقْرَأ الْقُرْآن فِي الأجواق وَله صَوت حسن ونغمة شجية مَعَ لطف روح وَجَمِيل عشرَة. ذكره هَكَذَا المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه رافقنا لمَكَّة ذَهَابًا وإيابا ومجاورة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ معدودا من جملتنا فَإِنَّهُ كَانَ يقرئ أخي نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْقُرْآن، وَمَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء حَتَّى مَاتَ فِي)
لَيْلَة مستهل رَجَب سنة تسع. ثمَّ حكى عَنهُ أَن بعض معارفه بِمَكَّة حَدثهُ أَن صاحبا لَهُ رأى بعد طَوَافه وَصلَاته الصُّبْح وجلوسه بمصلاة فِي مقَام الْحَنَفِيّ يذكر أَخَذته سنة فَرَأى كَأَنَّهُ يُجَامع امْرَأَة جميلَة فَلَمَّا انتبه إِذا بِتِلْكَ الْمَرْأَة بعينيها تَطوف فارتقبها حَتَّى قَضَت طوافها وتوجهت لبيتها فَسَأَلَ عَنْهَا فَإِذا هِيَ خلية فَتزَوج بهَا على أَن يكون لَهَا فِي كل يَوْم دِينَار وَكَانَ يملك مائَة فَلَمَّا فرغت اشْتَدَّ غمه لاستمرار حبه(6/305)
لَهَا ونفاد مَا مَعَه وَخرج ليعتمر فَوجدَ بطريقه كيسا فِيهِ ألف دِينَار فسر بِهِ ثمَّ عرفه فَلَمَّا عرفه صَاحبه أَخذه مَعَه لمنزله وَأخرج لَهُ ثَلَاثَة أكياس فِيهَا ثَلَاث آلَاف دِينَار وَقَالَ لي: إِن صَاحب هَذِه الْأَرْبَعَة أَمرنِي بإلقاء وَاحِد مِنْهَا وَمن عرفه دفعت إِلَيْهِ الثَّلَاثَة فَانْصَرف فَرجع إِلَى أَهله مَسْرُورا وتهنى بهَا وَالله أعلم.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن بن إِبْرَاهِيم عماد الدّين بن عز الدّين بن جمال الدّين بن حسام الدّين الخنجي الأَصْل اللاري المولد وَالدَّار الشَّافِعِي. من بَيت يعرف بالصلاح لَهُم زَاوِيَة وَأَتْبَاع فتولع هَذَا من بَينهم بالتكسب مَعَ اشْتِغَال يسير، وَقدم مَكَّة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فحج وَرجع مَعَ الشَّامي لبلاده ولقيني إِذْ ذَاك ثمَّ سمع مني بهَا فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة ثَلَاث المسلسل وَحَدِيث زُهَيْر وَقَرَأَ هُوَ ثلاثيات البُخَارِيّ وَحكى لي السَّيِّد عبد الله أَنه متميز فِي الْحساب والهيئة مَعَ محبَّة فِي الصَّالِحين وانتماء للسَّيِّد معِين الدّين بن السَّيِّد صفي الدّين الأيجي وَرُبمَا رأى فِي كتبه لَهُ مَا يشْهد لتبجيل سلفه وَقد سَافر فِي شعْبَان وَهُوَ مِمَّن جَازَ الثَّلَاثِينَ كتب الله سَلَامَته.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْبَدْر حُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ أبي بكر الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الشريف الْحُسَيْنِي الْمَاضِي جده وَابْن عَمه حُسَيْن بن صديق والآتي مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمه الآخر وَيعرف بِابْن الأهدل وبابن السَّيِّد وَيُسمى أَيْضا عبد المحسن تبركا بِعَبْد المحسن الشاذلي. ولد بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والإرشاد لِابْنِ الْمقري وَبحث فِيهِ على الْفَقِيه أَحْمد الزبيدِيّ وَكَذَا حضر دروس قَاضِي مَكَّة أبي السُّعُود فِي الْفِقْه ولازمني فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَسمع عَليّ غَالب البُخَارِيّ وَبَعض جَامع الْأُصُول وَغير ذَلِك وَهُوَ فَقير خير زوجه مفرج الصّباغ الْمَذْكُور بِالْخَيرِ ابْنَته وَقَامَ بكلفتهما بل توجه بهما فِي أَوَاخِر جُمَادَى الثَّانِيَة مِنْهَا للزيارة النَّبَوِيَّة، وكتبت لَهُ إجَازَة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن بن نَاصِر الدّين بن الشهَاب النبراوي القاهري الْحَنَفِيّ أحد النواب)
وَيعرف بالنبراوي، كَانَ أَبوهُ يقرئ الْأَبْنَاء فَنَشَأَ هُوَ وَحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار وَغَيره واشتغل قَلِيلا وبرع فِي التوثيق وتدرب فِيهِ بالمحيوي الْأَزْهَرِي والقرافي وأخرين وَقصد فِيهِ، وناب فِي الْقَضَاء وراج أمره فِيهِ خُصُوصا مَعَ اخْتِصَاصه بالدوادار دولات باي المحمودي وَكَانَ ينفذ مَا يحصله من ذَلِك أَولا فأولا لمزيد كرمه ومحبته فِي الِاجْتِمَاع المذموم مَعَ همة ومروءة وَبِه تدرب جمَاعَة وَتزَوج بِأخرَة خَدِيجَة ابْنة التقي البُلْقِينِيّ. وَمَات مَعهَا فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشرى جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ سامحه الله وإيانا.(6/306)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن الشَّمْس أَبُو عبد الله الْحلَبِي وَيعرف بِابْن الْحمال، مِمَّن حفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ وَلما عدا ابْن عَامر وَحَمْزَة إفرادا على الْمُقْرِئ مُحَمَّد ابْن الدّهن أحد أَئِمَّة الْجَامِع الْكَبِير بحلب وَقَرَأَ فِي الصّرْف والعربية وَالْفِقْه والفرائض على سعد الدّين سعد الله بن عُثْمَان نزيل حلب وَدخل الشَّام ثمَّ مَكَّة من الْبَحْر فِي شَوَّال سنة سبع وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ قِطْعَة من أول البُخَارِيّ وَمن تَنْبِيه الغافلين للسمرقندي وأعلمته بِمَا فِيهِ من الْمَوْضُوع والواهي وَسمع عَليّ من الرياض للنووي كل ذَلِك بعد أَن حدثته بالمسلسل وكتبت لَهُ إجَازَة وَهُوَ من المبتدئين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْزَة السمنودي الشَّافِعِي خَال صاحبنا الْجلَال الْآتِي. أَخذ عَنهُ ابْن أُخْته الْفِقْه وَقَالَ لي إِنَّه مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بسمنود.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلد بن خلد الشَّمْس أَبُو عبد الله الخمي الأندلسي المغربي الْمَالِكِي نزيل الجمالية ثمَّ الصالحية وَيعرف بِابْن خلد. ولد فِي لَيْلَة السبت سَابِع عشر رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة بغرناطة وَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَعشْرين فحج وقطنها ولازم فِيهَا بعض الشُّيُوخ وَسمع على شَيخنَا رَفِيقًا لصَاحبه الرَّاعِي وَغَيره وتنزل فِي بعض الْجِهَات وَكَانَ خيرا ذَاكِرًا لنوادر. مَاتَ بعد السِّتين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلد الشَّمْس القاهري أحد المؤذنين للسُّلْطَان وَيعرف بِابْن خلد. ولد فِي خَامِس عشري ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وتنزل فِي الْجِهَات كالجانبية والصرغتمشية والشيخونية والبيمارستان والحسنية وجامع المارداني وَصَارَ وجيها سَاكِنا يتقلد لأبي حنيفَة ويحضر وظائفه مَعَ حشمة وَذكر بثروة وَقلة مَصْرُوف وَهُوَ مِمَّن كَانَ يكثر الْحُضُور عِنْدِي بالصرغتمشية وَأَظنهُ كَانَ يدْرِي الْمِيقَات وَيجْلس أَحْيَانًا فِي بعض مراكز الشُّهُود. مَاتَ فِي أَوَاخِر رَجَب سنة تسع وَثَمَانِينَ رَحمَه الله وإيانا.)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلف الشَّامي. مِمَّن أَخذ عَن شَيخنَا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَلِيل الشَّمْس أَبُو عبد الله الغراقي بِالْمُعْجَمَةِ ثمَّ الْمُهْملَة الثَّقِيلَة ثمَّ قَاف نِسْبَة لقرية من قرى مصر البحرية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالغراقي. قدم الْقَاهِرَة فَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة والموفق الْحَنْبَلِيّ جُزْء ابْن نجيد ومسند عبد واشتغل فِي فنون ولازم البُلْقِينِيّ وَبِه انْتفع وَعَلِيهِ تخرج وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَأخذ الْفَرَائِض عَن الكلائي وبرع فِيهَا وَفِي الْفِقْه والحساب، وتصدر للإقراء بأماكن كمدرسة سعد الدّين إِبْرَاهِيم بن غراب بِالْقربِ من جَامع بشتك وجاور بِمَكَّة ودرس بهَا أَيْضا وانتفع بِهِ خلق فِي الْفَرَائِض وَغَيرهَا: وَكَانَ(6/307)
حسن الْإِلْقَاء للدرس خيرا دينا صَدُوقًا إِذا سَمِعت حسن ومهابة ووقار كثير التِّلَاوَة بِحَيْثُ كَانَ فِي مجاورته يَتْلُو كل يَوْم وَلَيْلَة سِتّ ختمات، وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ هُنَاكَ التقي ابْن فَهد وَذكره فِي مُعْجَمه وَكَذَا ذكره ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي الشَّافِعِيَّة وَشَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ إِنَّه اشْتغل كثيرا وتمهر فِي الْفَرَائِض وشغل النَّاس فِيهَا بالأزهر وَأم بِهِ نِيَابَة، وَكَثُرت طلبته مَعَ الدّين وَالْخَيْر وَحسن السمت والتواضع وَالصَّبْر على الطّلبَة وَكَانَ يقسم التَّنْبِيه والمنهاج فيقرن بَينهمَا جَمِيعًا فِي مُدَّة لَطِيفَة. وَقد سمع من الْعِزّ ابْن جمَاعَة بِمَكَّة وَحدث وجاور كثيرا وَكَانَ يعْتَمر فِي كل يَوْم أَربع عمر وَيخْتم فِي كل يَوْم ختمة. قلت: وَكَأن اقْتِصَاره على الْخَتْم فِي الْيَوْم الَّذِي يعْتَمر فِيهِ أَرْبعا ليلتئم مَعَ مَا تقدم إِن صَحَّ وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي. مَاتَ فِي خَامِس شعْبَان سنة سِتّ عشرَة بِالْقَاهِرَةِ عَن نَحْو السّبْعين رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن خواجا الْحَمَوِيّ ثمَّ الْمصْرِيّ الْخياط ربيب الخلاطي، سمع عَلَيْهِ وَحدث سمع مِنْهُ التقي الفاسي وَشَيخنَا، وَذكره فِي مُعْجَمه وَآخَرُونَ، مَاتَ فِي سنة سبع فِيمَا أَحسب.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْخَيْر بن حُسَيْن بن الزين مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو البركات الْقُسْطَلَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن حُسَيْن.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن دَاوُد الشَّمْس أَبُو عبد الله الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن النجار. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَأخذ الْقرَاءَات عَن صَدَقَة الضَّرِير تلميذ ابْن اللبان وبرع فِيهَا وتصدر لَهَا بِجَامِع بني أُميَّة وَغَيره فَأَخذهَا عَنهُ الْفُضَلَاء كالسيد حَمْزَة الْحُسَيْنِي وانتفعوا بِهِ فِيهَا وَكَانَ مَعَ ذَلِك ماهرا فِي الْحساب وَله مجْلِس يلبغا يعظ فِيهِ النَّاس وَكتب شرحا على)
بَاب وقف حَمْزَة وَهِشَام من القصيد وَكَذَا كتب فِي الْأَوْجه الْوَاقِعَة من آخر الْبَقَرَة أول آل عمرَان وعارضه فِيهَا بعض تلامذته وغلطه فِي بعض مقالاته. وَمَات ظنا قَرِيبا من سنة سبعين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن دِينَار الْفَقِيه جمال الدّين الْمَكِّيّ. أحد خدام الدرجَة. أجَاز لَهُ فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة الشهَاب الْجَوْهَرِي وَعبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد الْحلَبِي وَأَبُو الْيمن الطَّبَرِيّ وَعَائِشَة ابْنة مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي وَغَيرهم. وَمَات بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. ذكره ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن رَجَب نَاصِر الدّين وَيعرف بالنشاشيبي حِرْفَة. ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على ابْن كزلبغا والزين طَاهِر وَلأبي عَمْرو على ابْن عمرَان والفاتحة(6/308)
على أبي الْفَتْح النعماني وَكَانَ تبعا لِأَبِيهِ فِي خدمَة الظَّاهِر جقمق حِين إمرته بل كَانَ خازنداره فَلَمَّا تسلطن اسْتَقر فِي الخازندارية بقراجا، ثمَّ أُعِيدَت لهَذَا فِي عَاشر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين إِلَى أَن ولاه الْأَشْرَف قايتباي نظر الْقُدس والخليل فِي سادس الْمحرم سنة خمس وَسبعين فدام ثَمَانِي عشرَة سنة ثمَّ صرفه بدقماق، وَهُوَ خير محب فِي الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ مِمَّن حج وخالط الْفُضَلَاء والصلحاء.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَالم بن حسن الْجمال بن القَاضِي شهَاب الدّين الجدي وَيعرف بِابْن أبي الْعُيُون. كَانَ وَالِده يذكر أَنه من ربيعَة الْفرس وَسمع هُوَ من الزين المراغي الصَّحِيح. مَاتَ بِمَكَّة فِي رَجَب سنة خمس وَسبعين. ذكره ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد الْعِزّ الْمَقْدِسِي الأَصْل النابلسي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحلَبِي الْمَكِّيّ قاضيها الْحَنْبَلِيّ. ولد فِيمَا كتبه لي بِخَطِّهِ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة بِكفْر لبد بِفَتْح اللَّام وَالْمُوَحَّدَة من جبل نابلس وَنَشَأ بِهِ فحفظ الْقُرْآن ثمَّ انْتقل فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ لصالحية دمشق فتفقه بهَا على التقي بن مُفْلِح وأخيه الْجمال عبد الله والْعَلَاء بن اللحام والشهاب الفندقي ثمَّ لحلب فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فحفظ بهَا عُمْدَة الْأَحْكَام ومختصر وعرضهما وتفقه فِيهَا أَيْضا بالشرف بن فياض وَسمع بهَا على ابْن صديق وناب بهَا فِي الْقَضَاء وَفِي الخطابة بجامعها الْكَبِير ثمَّ لبيت الْمُقَدّس فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأقَام بِهِ إِلَى أثْنَاء سنة ثَمَانِي عشرَة ثمَّ لدمشق أَيْضا، وَحج وجاور مرَارًا وَسمع من الْجمال بن ظهيرة وَكتب لَهُ بِخَطِّهِ جزاءا من مروياته ثمَّ قطن مَكَّة من سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وناب فِي إِمَامَة الْمقَام الْحَنْبَلِيّ بهَا بل ولي قَضَاء الْحَنَابِلَة)
فِيهَا بعد موت السَّيِّد السراج عبد اللَّطِيف الفاسي، وَكَانَ إِمَامًا عَالما كثير الاستحضار لفروع مذْهبه مليح الْخط دينا سَاكِنا منجما عَن النَّاس مديما للْجَمَاعَة مَعَ كبر سنة متواضعا حسن الْخلق عفيفا نزها مَحْمُود السِّيرَة فِي قَضَائِهِ. وَله تصانيف مِنْهَا الشافي وَالْكَافِي فِي مُجَلد وكشف الْغُمَّة بتيسير الْخلْع لهَذِهِ الْأمة فِي مُجَلد لطيف والمسائل المهمة فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْعَاقِد فِي الخطوب المدلهمة وسفينة الْأَبْرَار الجامعة للآثار وَالْأَخْبَار فِي المواعظ فِي ثَلَاث مجلدات والآداب وَزعم بَعضهم أَنه حدث بالروضة النَّبَوِيَّة وَأخذ عَنهُ فِيهَا الونائي والبدر الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ السَّاعِي لَهُ فِي قَضَاء مَكَّة وَأَنه سمع من الْحَافِظ بن رَجَب بِحَيْثُ كَانَ آخر من رُوِيَ عَنهُ بِالسَّمَاعِ فَالله أعلم بِهَذَا كُله، أجَاز لي. وَمَات بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع عشر صفر سنة خمس وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله.(6/309)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَلام نَاصِر الدّين بن الشهَاب. ولي دمياط فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين عوضا عَن سودون المغربي ثمَّ صرف عَنْهَا فِي الَّتِي تَلِيهَا حِين انتصر لبَعض النَّصَارَى لما وثب عَلَيْهِ الدمياطيون وقتلوه فكاتب فِي إغراء الدولة عَلَيْهِم فَلَمَّا اتَّضَح خَبره للسُّلْطَان صرفه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الشهَاب المغربي الأَصْل الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي قاضيها وَابْن قاضيها الْمَاضِي ووالد الْمُحب مُحَمَّد الْآتِي وخال الْكَمَال بن أبي شرِيف. ولد سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وَكَانَ عريا من الْعلم، ولي الْقَضَاء مُدَّة ثمَّ صرف فكمد على نَفسه. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. ذكره ابْن أبي عذيبة فِي أَبِيه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن نصر الله الْبَدْر أَبُو الْخَيْر بن الشهَاب الزواوي القاهري الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ سُلَيْمَان. ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع والألفية وَغَيرهَا واشتغل قَلِيلا وَسمع عَليّ وبقراءتي وبقراءة الديمي أَشْيَاء بل سمع مَعَ أَبِيه على شَيخنَا فِي مُسْند أبي يعلى. وَمَات فِي شعْبَان سنة خمس وَسِتِّينَ عوضه الله الْجنَّة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن يَعْقُوب بن عَليّ بن سَلامَة بن عَسَاكِر بن حُسَيْن بن قَاسم ابْن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْجلَال أَبُو الْمَعَالِي بن الشهَاب الْأنْصَارِيّ الْبَيَانِي الأَصْل ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن خطيب داريا. ولد فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين)
وَسَبْعمائة واشتغل بالفقه والعربية واللغة وفنون الْأَدَب وَغَيرهَا من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة، وشارك فِي العقليات والنقليات وَكثر استحضاره للغة وَعرف بوفور الذكاء وَصِحَّة التَّصَوُّر حَتَّى قيل إِنَّه لفرط ذكائه كَانَ يقتدر على تَصْوِير الْبَاطِل حَقًا وَعَكسه وَلذَا كَانَ متلاعبا بالأكابر متصرفا بِلِسَانِهِ فِي الْكَلَام كَيفَ شَاءَ وَيسْتَعْمل إِذا قصد ذَلِك نوعا من الْكَلَام يُسَمِّيه سرياقات وَهُوَ عبارَة عَن كَلَام منسجم تفهم مفرداته أما تراكيبه فمهملة يتحير سامعها لِخُرُوجِهِ من علم إِلَى علم بِحَيْثُ يظنّ أَنه سرد جَمِيع الْعُلُوم. وَمن الْغَرِيب أَنه كَانَ يشْهد فِي قيمَة الْأَمْلَاك بِدِمَشْق فَكتب كتاب قيمَة دَار وصفهَا وحددها وَقدمه للبرهان بن جمَاعَة القَاضِي ليأذن فِي عمله فَبَان لَهُ تلاعبه بِهِ وَأَن هَذِه الدَّار هِيَ الزاوية الْمَعْرُوفَة بالغزالية من جَامع بني أُميَّة وَأَنه سلك فِي صَنِيعه طَرِيقَته فِي التَّصَرُّف فِي الْكَلَام وسماها الغزانية ليتَمَكَّن بعد من إصلاحها الغزالية ويبلغ مُرَاده من التشنيع على القَاضِي فِي كَونه أذن فِي بيع قِطْعَة من الْجَامِع الْأمَوِي فَفطن القَاضِي(6/310)
لصنيعه ورام الْإِيقَاع بِهِ ففر مِنْهُ إِلَى الْقَاهِرَة. وَبِالْجُمْلَةِ فالغالب عَلَيْهِ المجون والهزل مَعَ تقدمه جدا فِي فنون الْأَدَب حَتَّى صَار شَاعِر الشَّام فِي وقته بِدُونِ مدافع وَلَكِن لم تكن طبقته فِي النثر عالية، وسلك بِأخرَة الطَّرِيق الْمثْلِيّ وتصون وتعفف وَكَانَ كثير الْمُرُوءَة وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا الإمتاع بالاتباع رتبه على الْحُرُوف والإمداد فِي الأضداد ومحبوب الْقُلُوب وملاذ الشواذ ذكر فِيهِ شواذ الْقُرْآن من جِهَة اللُّغَة الْعَرَبيَّة وطرف اللِّسَان بطرق الزَّمَان بِفَتْح الطَّاء فِي الأولى ذكر فِيهِ أَسمَاء الْأَيَّام والشهور الْوَاقِعَة فِي اللُّغَة أَجَاد فِيهِ وَكتاب اللُّغَة رتبه على الْحُرُوف وخاتمه فِي النَّوَادِر والنكت وأرجوزة نَحْو ثلثمِائة بَيت ذكر فِيهَا من روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصَّحَابَة وَعدد مَا لكل مِنْهُم من الحَدِيث سَمَّاهَا رونق الْمُحدث مرموزة بالجمل وَتَحْصِيل الأدوات بتفصيل الوفيات فِي بَيَان من علم مَحل مَوته من الصَّحَابَة ومطالب المطالب فِي معرفَة تَعْلِيم الْعُلُوم ودربتها وَمَعْرِفَة من هُوَ أهل لذَلِك وَنِهَايَة الأمنيات فِي الْكَلَام على حَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَشرح ألفية ابْن ملك الْمُسَمّى طرح الْخَصَاصَة بشرح الْخُلَاصَة مزج فِيهِ الْمَتْن مَعَ الشَّرْح، وَكَانَ قد صاهر الْمجد اللّغَوِيّ فلازمه وَسمع مَعَه على جمَاعَة كَأبي الْحرم القلانسي وَعبد الْوَهَّاب بن أبي الْعَلَاء، وَحدث سمع عَنهُ الْفُضَلَاء روى لنا عَنهُ غير وَاحِد بل سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه فَقَالَ: سَمِعت عَلَيْهِ جُزْءا وأنشدني من نظمه كثيرا من قصائده ومقاطيعه وطارحته بلغز فَأَجَابَنِي)
عَنهُ، وَقَالَ فِي إنبائه إِنَّه عني بالأدب وَمهر فِي اللُّغَة وفنون الْأَدَب وَشهد فِي الْقيمَة وَقَالَ الشّعْر فِي صباه ومدح الْأَشْرَف شعْبَان لما فتح مدرسته بقصيدة أنشدت بِحَضْرَتِهِ وَكَذَا مدح أَبَا الْبَقَاء وَولده والبرهان بن جمَاعَة بل هجاه أَيْضا فَمن بعدهمْ كالجلال البُلْقِينِيّ فَإِنَّهُ امتدحه بقصيدة لامية طَوِيلَة جدا سَمعتهَا من لَفظه وفيهَا جلال الدّين يمدحه الْجلَال وَتقدم فِي الإجادة حَتَّى صَار شَاعِر عصره بِغَيْر مدافع، وَقد طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ كثيرا وَسمع من القلانسي فَمن بعده ولازم الْمجد الشِّيرَازِيّ صَاحب اللُّغَة وصاهره، وَكَانَ بعد الْفِتْنَة أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة فِي كنف ابْن غراب ثمَّ رَجَعَ إِلَى بيسان من الْغَوْر الشَّامي وَكَانَ لَهُ بهَا وقف فسومح بخراج ذَلِك وَأقَام هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول أَو صفر سنة إِحْدَى عشرَة سَمِعت مِنْهُ من شعره وَمن حَدِيثه وطارحته ومدحني. قلت: وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته بالأشعار وَغَيرهَا وَهُوَ الْقَائِل:
(يَا عين إِن بعد الحبيب وداره ... ونأت مرابعه وشط مزاره)
(فَلَقَد حظيت من الزَّمَان بطائل ... إِن لم تريه فَهَذِهِ آثاره)(6/311)
قَالَ شَيخنَا: وأقمنا دهرا نستحسن ذَلِك مِنْهُ وَلَا سِيمَا إِذْ رَأَيْنَاهُ قد كتبهما على حَائِط الْآثَار النَّبَوِيَّة الَّتِي بالمعشوق قبلى الْفسْطَاط إِلَى أَن وجدت بِخَط مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ مَا صورته: نقلت من خطّ الصَّفَدِي مَا صورته وَقلت وَقد زرت الْآثَار الَّتِي بالمعشوق بِمصْر فِي الْمَكَان الَّذِي بناه الصاحب تَاج الدّين بن حنا فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة:
(أكْرم بآثار النَّبِي مُحَمَّد ... من زارها استوفى السُّعُود مزاره)
(يَا عين دُونك فالحظي وتمتعي ... إِن لم تريه فَهَذِهِ آثاره. إنتهى.)
وَمن نظمه:
(شهِدت جفون معذبي بملاله ... مني وَإِن وداده تَكْلِيف)
(لكنني لم أنأ عَنهُ لِأَنَّهُ ... خبر رَوَاهُ الجفن وَهُوَ ضَعِيف)
وَقَوله:
(يَا معشر الْأَصْحَاب قد عَن لي ... رأى نزيل الْحمق فاستظرفوه)
(لَا تحضروا إِلَّا بأخفافكم ... وَمن تثاقل بَيْنكُم خففوه)
)
وَقَوله:
(تَقول وَقد أَتَتْنِي ذَات يَوْم ... مخبرة عَن الظبي الجموح)
(يَسُرك أَن أروح إِلَيْهِ أُخْرَى ... فَقلت لَهَا خذي مَالِي وروحي)
وَقَوله:
(تصفحت ديوَان الصفي فَلم أجد ... لَدَيْهِ من السحر الْحَلَال مرامي)
(فَقلت قلبِي دُونك ابْن نباتة ... وَلَا تقرب الْحلِيّ فَهُوَ حرامي)
وَقَوله:
(عاذلي فِي مقلة ... رق لي فِيهَا الْغَزل)
خل عَن عذلك لي سبق السَّيْف العذل وَقَوله:
(يَا مُفردا كلما تثنى ... جَاءَت مَعَانِيه بِالْبَيَانِ)
(ترادف الْحزن فِي فُؤَادِي ... وَمَا التقى فِيهِ ساكنان)
وَقَوله:
(إِذا الْمَرْء أبدى فِيك فرط محبَّة ... وَبَالغ فِي بذل الوداد وأكثرا)
(فإياك أَن تغتر من بذل وده ... وَلَو مد مَا بَين الثريا إِلَى الثرى)
(فَمَا حبه للذات فِيك وَإِنَّمَا ... لأمر إِذا مَا زَالَ عَنْك تغيرا)
وَقَوله:
(اقبل نصيحة واعظ ... وَلَو أَنه فِيهَا مرائي)
(فلربما نفع الطَّبِيب ... وَكَانَ أحْوج للدواء)
وَقَوله:
(لعمرك مَا فِي الأَرْض من تَسْتَحي لَهُ ... وَلَا من تُدَارِي أَو تخَاف لَهُ عتبا)
(فعش ملقيا عَنْك التَّكَلُّف جانبا ... وَلَا ترض بَين النَّاس من أحد قربا)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن عِيسَى تَقِيّ الدّين البدماصي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ الْحَنَفِيّ وَالِده البسطي وَيعرف بتقي الدّين البسطي. ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ بخوخة أيدغمش من الْقَاهِرَة وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وجوده على نَاصِر الدّين(6/312)
الْحِمصِي أَمَام المحمودية والْعَلَاء الْعزي إِمَام)
الإينالية وَحفظ الْخرقِيّ وألفية النَّحْو وَأخذ عَن الشهَاب الأبشيطي بل قَرَأَ التَّيْسِير على التقي بن قندس حِين قدم الْقَاهِرَة وَكَذَا على الْعَلَاء المرداوي لكنه أَكثر عَنهُ وَالْجمال يُوسُف بن الْمُحب بن نصر الله بل حضر فِيمَا زعم عِنْد الْمُحب أَبِيه وَقَرَأَ على الْعَلَاء عَليّ بن الْبَهَاء الْبَغْدَادِيّ حِين قدومه الْقَاهِرَة وَكَذَا أَخذ الْكثير عَن التقي الجراعي وَسمع بقرَاءَته جُزْء الْجُمُعَة على الْعلم البُلْقِينِيّ، وتنزل فِي الْجِهَات وَحضر عِنْد الْعِزّ الْكِنَانِي وَسمع عَلَيْهِ فِي دروسه أوقاتا وَسمع مَعَ الْوَلَد قَلِيلا وَكتب من تصانيفي القَوْل البديع وَرَوَاهُ عني ثمَّ اسْتَقر فِي تدريس الْحَنَابِلَة بالمؤيدية برغبة الْجمال الْمَذْكُور عِنْد سَفَره، كل هَذَا مَعَ تكسبه بسوق الْفَاضِل حَتَّى صَار كَهْف جماعته واختص بالطائفة القادرية بِحَيْثُ لَازم تغرى بردى الَّذِي صَار استادارا بل وأمير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل على الله بِحَيْثُ تكلم عَنهُ فِي المشهد النفيسي بتؤدة وعقل وَحج وجاور سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسمع التقي بن فَهد بل أَخذ عَن القَاضِي عبد الْقَادِر فِي الْعَرَبيَّة وَحضر دروس الْخَطِيب أبي الْفضل والبرهان بن زهيرة وَلَا بَأْس بِهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان الشَّمْس الاذرعي الْحَنَفِيّ. أَخذ عَن ابْن الرضى والبدر الْمَقْدِسِي ثمَّ تحول بعد الْفِتْنَة شافعيا وَولى قَضَاء بعلبك وَغَيرهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مذْهبه الأول، وناب فِي الحكم ودرس وَأفْتى وَكَانَت كِتَابَته على الْفَتَاوَى حَسَنَة وخطه جيدا وَكَذَا قِرَاءَته فِي البُخَارِيّ وَنَحْوه، توجه إِلَى مصر فِي آخر عمره فَلم يلبث أَن مَاتَ بهَا مطعونا غَرِيبا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن سنجر بن عَطاء الله الْمُحب الفيومي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالفيومي. كتب بِخَطِّهِ الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا وَقَرَأَ الحَدِيث بالجامع العمروي على الْعَامَّة مُعْتَقدًا بَين الْعَامَّة والخاصة، سَمِعت الْمَنَاوِيّ وَغَيره يثنى عَلَيْهِ وَكَانَ يُعجبنِي سمته وهديه وَقد حج بِأخرَة بعد أَن بَاعَ الْكتب السِّتَّة الَّتِي انتسخها برسمه وأظنها صَارَت لرباط ابْن الزَّمن بِمَكَّة فقد رَأَيْت عدَّة مِنْهَا فِيهِ وَمَات فِي صفر سنة ثَلَاث وَسبعين بعد توعكه أسبوعا انْقَطع لأَجله عَن الْجَامِع الْمَذْكُور وَصلى عَلَيْهِ وَدفن بتربة الْبَهَاء بن حنا جوَار مُسلم السّلمِيّ بن الفيومي من القرافة الصُّغْرَى وَكَانَ مشهده حافلا رَحمَه الله ونفعنا بِهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن الشَّيْخ الْبَهَاء الْأنْصَارِيّ الأخميمي. ذكره النَّجْم بن فَهد فِي مُعْجم أَبِيه التقى هَكَذَا مُجَردا.)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن صَالح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مكي الشَّمْس بن الشهَاب الشطنوفي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالشطنوفي. نَشأ بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل يَسِيرا وَوَصفه شَيخنَا فِي تَرْجَمَة وَالِده سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين من أبنائه بالنجابة، وتنزل صوفيا بالبيبرسية وَسمع فِي صغره على الْجمال الْحَنْبَلِيّ الْعُمْدَة وَغَيرهَا وَحدث بالعمدة غير مرّة سَمعهَا عَلَيْهِ بعض الْفُضَلَاء، وَأَجَازَ لنا وتعانى كأبيه الْمُبَاشرَة فِي عدَّة جِهَات كجامع طولون وَالْحَاكِم والحرمين، وَهُوَ الَّذِي حاقق ابْن شَيخنَا وأفحش وصمم على الْمُعَارضَة وتألم وَالِده شَيخنَا من ذَلِك وَكَانَ مَوْصُوفا بِالتَّحَرِّي فِي مباشراته متدينا تهجد وأوراد لَكِن نقم عَلَيْهِ الخيرون صَنِيعه الْمشَار إِلَيْهِ مَعَ تصريحه لي غير مرّة بِبَرَاءَة ذمَّة شَيخنَا وَآل أمره بعد إِلَى أَن أقعد وَلزِمَ منزله حَتَّى مَاتَ وَقد زَاد على السّبْعين فِي صفر سنة ثَلَاث وَسبعين عَفا الله عَنهُ ورحمه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن صلح القيرواني. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن صَدَقَة وسمى جده مرّة عبد الله الشَّمْس القاهري الْحُسَيْنِي وَيعرف بِابْن الشَّاهِد. كَانَ تَاجِرًا حسن الْخط فغرق فِي أَمْوَال النَّاس وأملق فَانْقَطع للنسخ ثمَّ جلس شَاهدا فَلم يظفر بطائل وساعده الْعِزّ بن المراحلي فِي كثير من رفاء دُيُونه وَحمله مَعَه فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ لمَكَّة فَأَقَامَ فِيهَا تَحت ظله وَرُبمَا شهد فِي بَاب السَّلَام إِلَى أَن مَاتَ بعد تعلله مُدَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بالبيمارستان وَدفن بالمعلاة وَهُوَ مِمَّن سمع على بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بِمَكَّة وَكتب من تصانيفي أَشْيَاء، وَقد حج قبل فقره أَيْضا برا وبحرا وجاور، وتنزل فِي صوفية البيبرسية وَكَانَ سَاكِنا لَا بَأْس بِهِ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن طَاهِر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْجلَال ابْن الزين بن الْجلَال الخجندي الأَصْل الْمدنِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الْجلَال. ولد فِي صفر سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِطيبَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَأَقْبل على التَّحْصِيل فَأخذ بِبَلَدِهِ عَن مُحَمَّد بن مبارك الْعَرَبيَّة ولازم أَحْمد بن يُونُس فِيهَا وَفِي الْمنطق والمعاني والحساب وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة مَعَ الصّرْف عَن الشهَاب الأبشيطي وَالْفِقْه فِي الِابْتِدَاء عَن عُثْمَان الطرابلسي والأصلين عِنْد السَّيِّد السمهودي قَرَأَ عَلَيْهِ شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وَشرح العقائد وَمِمَّا أَخذه عَنهُ فِي الْعَرَبيَّة وَكَذَا لَازم ابْن الْأَمِير ابْن أَمِير حَاج الْحلَبِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ المسايرة لشيخه ابْن الْهمام)
وَسمع على أبي الْفرج المراغي وخاله الشَّمْس حفيد الْجلَال الخجندي. وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة غير مرّة أَولهَا فِي سنة أَربع وَسبعين وَأخذ عَن الْأمين الأقصرائي والزين قَاسم الْفِقْه وَغَيره من الْأَصْلَيْنِ والعربية وَغَيرهَا وَكَذَا عَن التقي الحصني فِي عدَّة فنون وَعَن الْجَوْجَرِيّ فِي الْأُصُول فِي آخَرين كالعلاء الحصني والزين زَكَرِيَّا ونظام حَسْبَمَا بَينته فِي تَارِيخ الْمَدِينَة، ولازمني حَتَّى قَرَأَ عَليّ ألفية الحَدِيث بحثا وَغَيرهَا من الْكتب رِوَايَة وَكَذَا فِي مجاورتي بِالْمَدِينَةِ ثمَّ قَرَأَ عَليّ فِي سنة أَربع وَتِسْعين بِمَكَّة قِطْعَة من شرحي على الألفية وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة، وَولي مشيخة الزمامية بِمَكَّة وقتا ثمَّ أعرض عَنْهَا لعدم رغبته فِي الْإِقَامَة بِغَيْر طيبَة، وَهُوَ فَاضل عَلامَة ذكي بارع كثير الْأَدَب وَلَيْسَ بِالْمَدِينَةِ حَنَفِيّ مثله مِمَّن درس وَأفَاد، وَله نظم فَمِنْهُ:
(مثل محبوبي جمال مَا نشا ... حَاز من لين قوام مَا نشا)
(وحشى مُنْذُ تبدى قمرا ... شغفا كل فؤاد وحشا)
(وَفَشَا دمعي بسري علنا ... يَا شفا المهجة بالوصل شفا)
وسافر إِلَى الرّوم لأخذ أَمْوَال الْحَرَمَيْنِ بهائم رَجَعَ فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَقد تجدّد لَهُ تدريس الْحَنَفِيَّة وَللسَّيِّد السمهودي تدريس الشَّافِعِيَّة مَعَ طلبة لكل مِنْهُمَا ولغالب الْجَمَاعَة بِالْمَدِينَةِ أَشْيَاء بيّنت تفصيلها فِي الْحَوَادِث وَنعم الرجل زَاده الله من فَضله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْكَمَال أَبُو الْفضل بن الشهَاب المَخْزُومِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي ابْن عَم الْجمال مُحَمَّد بن عبد الله بن ظهيرة الْآتِي وَأمه أم كُلْثُوم ابْنة الْجمال مُحَمَّد بن عبد الله بن فَهد الْهَاشِمِي. ولد فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة وأربعي النَّوَوِيّ مَعَ إشارتها والتنبيه وَغَيرهَا وَحضر على الشَّيْخ خَلِيل الْمَالِكِي وَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة والموفق الْحَنْبَلِيّ وَالْجمال بن عبد الْمُعْطِي والكمال بن حبيب واليافعي والتقي الْبَغْدَادِيّ وَأحمد بن سَالم وَأم الْحسن فَاطِمَة ابْنة أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي فِي آخَرين، ورحل إِلَى دمشق فَسمع بهَا من الْحَافِظ الشَّمْس بن الْمُحب الصَّامِت وَجَمَاعَة، وَأَجَازَ لَهُ ابْن القطرواني وَابْن الرصاص وَابْن الْقيم وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن أميلة والقلانسي وَطَائِفَة وَحدث بالكثير سمع مِنْهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد وترجمه فِي مُعْجم وَالِده وَغَيره وَفِي الْأَحْيَاء الْآن هُنَاكَ من يروي عَنهُ وناب فِي الخطابة بِمَكَّة عَن أَبِيه وَعَن)
الْعِزّ النويري وباشر الْحرم وَكَانَ مديما للصيام ولبيته عديم الشَّرّ. مَاتَ فِي صفر سنة تسع وَعشْرين وترجمه الفاسي بِاخْتِصَار مَعَ تعْيين لبَعض مسموعه وَكَذَا ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لأولادي. والمقريزي فِي عقوده.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْحق بن أَحْمد الْمُحب أَبُو السُّعُود بن الْخَطِيب البليغ الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن الزين التلعفري الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي سبط الشهَاب بن المحوجب وَيعرف بِأَبِيهِ.
أحضرهُ أَبوهُ فَعرض عَليّ الشاطبية والجزرية فِي التجويد والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وتصريف الْعُزَّى الزنجاني وَالتَّلْخِيص والخزرجية لعبد الله، وَرجع إِلَى بَلَده فَلم يلبث أَن مَاتَ بالطاعون سنة سبع وَتِسْعين عوضه الله الْجنَّة وَقد جاور أَبوهُ فِي سنة تسع وَتِسْعين ولازمني فِي سَماع أَشْيَاء وَذكر أَن أَحْمد جده كَانَ شَاعِرًا شهيرا فَينْظر.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الحميد بن مُحَمَّد بن غشم الشَّمْس المرداوي الْمَقْدِسِي ثمَّ الصَّالِحِي.
سمع من أبي الْعَبَّاس المرداوي وَعبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم بن الملقن وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال وَجَمَاعَة وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء روى لنا عَنهُ بعض شُيُوخنَا بل أجَاز لشَيْخِنَا وَأوردهُ فِي مُعْجَمه وَغَيره. وَمَات فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.
مُحَمَّد بن القَاضِي الْمُحب أَحْمد بن عبد الْحَيّ القيوم بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي إِحْدَى الجماديين سنة تسع وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ وَأمه كمالية ابْنة عبد الرَّحْمَن أُخْت عبد الْكَرِيم وهما ابْنا عَم أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل قَلِيلا عِنْد إِسْمَاعِيل بن أبي يزِيد وَسمع مني بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة بل لازمني فِي الْمُجَاورَة بعْدهَا حَتَّى سمع جملَة كتبت لَهُ كراسة، وَهُوَ ذكي متأدب لطيف فِي أقرانه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْخَالِق بن عبد المحيي الْمُحب أَبُو الْخَيْر الأسيوطي الأَصْل القاهري الناصري نِسْبَة للمدرسة الناصرية الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ الولوي أَحْمد القَاضِي. ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين وَغَيرهمَا وَعرض على شَيخنَا والمحب بن نصر الله فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة مولده الْكَمَال بن خير بالشفا وَغَيره من المرويات بل سمع على وَالِده بِقِرَاءَة البقاعي وعَلى شَيخنَا الرَّشِيدِيّ وظائفه وَحضر مَعَ أَخِيه فِي دروس الْمَنَاوِيّ وَلم يمعن فِي الِاشْتِغَال نعم خطب فِي أَمَاكِن وَرُبمَا كَانَ يراجعني فِي الْخطْبَة)
وأحاديثها بل سمع عَليّ فِي بعض تصانيفي وناب عَن أَخِيه فِي الْقَضَاء وأضيفت إِلَيْهِ عدَّة أَعمال وَكَذَا نَاب عَن أَخِيه فِي الْقَضَاء وأضيفت إِلَيْهِ عدَّة أَعمال وَكَذَا نَاب عَنهُ فِي مشيخة الجمالية مُدَّة وَعَن الزين زَكَرِيَّا وباشر النّوبَة مَعَ عقل وَسُكُون وَاحْتِمَال وَلم يحصل لَهُ بعد أَخِيه رَاحَة وَإِن اسْتَقر فِي غَالب جهاته كالجمالية وَاسْتمرّ يكابد مَعَ تعلله حَتَّى مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَتِسْعين رَحمَه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الدَّائِم الشَّمْس الأشموني ثمَّ القاهري الْمَالِكِي ابْن أُخْت الشَّيْخ مَدين ووالد أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بَين جمَاعَة خَاله بِابْن عبد الدَّائِم. ولد فِي سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة بأشمون جريس من المنوفية وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلاه فِيمَا قَالَ مَعَ جَمِيع مَا أثْبته فِي تَرْجَمته تجويدا وَكَذَا لِابْنِ كثير على التَّاج بن تمرية وَلأبي عَمْرو على الزين طَاهِر وَحفظ الرسَالَة وَابْن الْحَاجِب الفرعي والأصلي إِلَّا قَلِيلا مِنْهُ وألفية ابْن ملك ولازم الزين عبَادَة فِي الْفِقْه وَكَذَا أَخذ عَن الْبِسَاطِيّ جانبا من مُخْتَصر الْفَقِيه خَلِيل وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة على الْبُرْهَان بن حجاج الأبناسي والصحيحين على الْبَدْر بن التنسي والشفا على الولوي االسنباطي والرسالة القشيرية والعوارف السهروردية على الزين الفاقوسي وَسمع على الشلقامي والتلواني والرشيدي والمناوي وَابْن حريز وَالْبُخَارِيّ على الْمَشَايِخ الْأَرْبَعَة عشر بالظاهرية الْقَدِيمَة فِي آخَرين سماهم استدللت بنفيه فِي البُخَارِيّ بِخُصُوصِهِ لكوني كنت الضَّابِط فِيهِ على اختلال بَاقِيه وَصَحب خَاله وتلقن مِنْهُ واختلى عِنْده وَألبسهُ الْخِرْقَة وَأذن لَهُ فِي ذَلِك وتصدى لَهُ بعده بل ولقن فِي حَيَاته جمعا من النسْوَة ونحوهن، وَهُوَ مِمَّن صَحبه بعده الزين عبد الرَّحِيم الأبناسي وَهُوَ الَّذِي نوه بِذكرِهِ وَبَالغ فِي إطرائه، ورام بعد موت خَاله الْإِقَامَة بزاوية عبد الرَّحْمَن بن بكتمر الَّتِي كَانَت إِقَامَة خَاله أَولا بهَا فَمَا مكن ثمَّ لَا زَالَ يتنقل من مَكَان حَتَّى اسْتَقر بِالْمَدْرَسَةِ البقرية دَاخل بَاب النَّصْر وَله الْخُلَاصَة المرضية فِي سلوك طَرِيق الصُّوفِيَّة يشْتَمل على أَبْوَاب قرضها لَهُ الْعَبَّادِيّ والحصني وزَكَرِيا والزين الأبناسي والكافياجي والزين قَاسم وَابْن الْغَرْس والسنهوري، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ كثير الذّكر والتلاوة مَعَ مزِيد التَّوَاضُع وَالِاحْتِمَال وَالرَّغْبَة فِي إلفات النَّاس للأخذ عَنهُ والتردد إِلَيْهِم لذَلِك وَالْمُبَالغَة فِيهِ حَتَّى لمن لَا يُنَاسِبه حَاله، وَقد حضر عِنْدِي عدَّة مجَالِس فِي الْإِمْلَاء وسألني عَن غير حَدِيث وتبرم عِنْدِي مِمَّا يُخَالف عقيدة أهل السّنة وَحلف على ذَلِك. تعلل مُدَّة بِضيق النَّفس والربو والسعال)
وَنَحْوهَا. وَمَات فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادس جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي جمع متوسط تجاه مصلى بَاب النَّصْر وَدفن بتربة فُقَرَاء خَاله وَقَامَ بتكفينه وتجهيزه تغرى بردى القادري خازندار الدوادار الْكَبِير وَكَانَ التَّاج بن المقسي الْقَائِم بِأَكْثَرَ كلفه عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الشَّمْس القمصي الأَصْل القاهري ثمَّ الْمَنَاوِيّ الشَّافِعِي أَخُو الْجلَال عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وأبوهما. ولد كَمَا قرأته بِخَط أَبِيه فِي لَيْلَة الْخَامِس وَالْعِشْرين من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَعرض على جمَاعَة وَسمع على الشريف بن الكويك من قَوْله فضل الْمَدِينَة إِلَى آخر التِّرْمِذِيّ وَمن لَفظه المسلسل بِقِرَاءَة شَيخنَا الْخَتْم من مُسلم والمقدمة مِنْهُ مَعَ بعض الْإِيمَان وعَلى الْجمال الْحَنْبَلِيّ بعض الْمسند وَكَذَا سمع على الشهَاب البطائحي وَالْجمال الكازروني والسراج قاري الْهِدَايَة وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَأَجَازَ لَهُ الشَّمْس الشَّامي وعَلى الْبرمَاوِيّ والبرهان البيجوري وَالشَّمْس الشطنوفي وَغَيرهم، واشتغل بالفقه وَغَيره، وناب فِي الْقَضَاء بمنية ابْن سلسيل عَن قضاتها وقطنها وَتزَوج بهَا وَحج مرَّتَيْنِ وجاور. ولقيته بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يقدمهَا أَحْيَانًا فَأجَاز لي بل سمع مِنْهُ بِأخرَة بعض الطّلبَة، وَكَانَ خيرا صَالحا. مَاتَ بعد الثَّمَانِينَ تَقْرِيبًا وَدفن فِي ضريح جده بمنية القمص.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أبي بكر بن أَحْمد نزيل الْكِرَام الريمي الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَخُوهُ عمر وأبوهما. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة ثمَّ فِي الَّتِي تَلِيهَا قَرَأَ على القصيدة المنفرجة وَسمع على غَيرهَا. كَانَ يحضر عِنْد حنبلي مَكَّة وَله ذوق وَبَعض خبْرَة بالتجليد وَنَحْوه وزار الْمَدِينَة مَعَ أَبَوَيْهِ فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَقبلهَا بِانْفِرَادِهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف الْجمال الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي ابْن حفيد الْجمال الْمصْرِيّ وأخو عَليّ وَعمر الْمَذْكُورين. مِمَّن حفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره. ومولده سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة. وَدخل الْقَاهِرَة وزار الْمَدِينَة ثمَّ مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس الزرندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ ابْن أُخْت القَاضِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن الْفضل الْعِمَاد الْهَاشِمِي. شيخ الشُّيُوخ بحلب،)
وَليهَا بعد أبي الْخَيْر الميهني وباشر مُدَّة وَكَانَ من بيُوت الحلبيين وَأحد أعيانها. مَاتَ فِي الكائنة الْعُظْمَى مَعَ اللنكية فِي الْأسر سنة ثَلَاث. قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عُثْمَان الْبَدْر أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الأبياري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد وَعبد الرَّحْمَن وَغَيرهمَا مِمَّن تقدم وَيَأْتِي وَكَذَا مضى ذكر أَبِيه مَعَ التَّعَرُّض فِيهِ لوفاة جده، وَيعرف بِابْن الْأَمَانَة لقب جد أَبِيه. ولد كَمَا بِخَطِّهِ وَالِده فِي سادس صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بابيار وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ثمَّ تفرس فِيهِ أَبوهُ النجابة فَقدم بِهِ الْقَاهِرَة وَهُوَ ابْن عشر للاشتغال وسكنا بقاعة إِمَامَة الصالحية النجمية وَحفظ التَّنْبِيه والشاطبيتين وَغَيرهمَا وَعرض على جمَاعَة وَأَقْبل على التَّحْصِيل فتفقه بالعز عبد الْعَزِيز بن عبد المحيي الأسيوطي ولازمه حَتَّى أذن لَهُ بالإفتاء وَذَلِكَ فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَكَذَا لَازم البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن فِي الْفِقْه وَغَيره، وَمِمَّا قَرَأَهُ على أَولهمَا فروع ابْن الْحداد وانتفع بالزين الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وبالشمس الغماري والمحب بن هِشَام والمحب بن هِشَام فِي الْعَرَبيَّة وبسرجان المغربي الأكول فِي الْفَرَائِض وَكَذَا أَخذ الْفَرَائِض مَعَ الْحساب وطرف من الْفِقْه أَيْضا عَن وَالِده وبآخرين فِي الْأُصُول، وَمن شُيُوخه فِي الدِّرَايَة بل وَالرِّوَايَة أَيْضا الصَّدْر السويفي الشَّافِعِي وَالْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ القَاضِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ المقامات الحريرية فِي مجَالِس آخرهَا فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وتلا للسبع على الْفَخر عُثْمَان البلبيسي مَعَ قِرَاءَته للشاطبيتين عَلَيْهِ وانْتهى ذَلِك فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة، وَأذن لَهُ فِي الإقراء وَكتب لَهُ الْإِجَازَة عَنهُ الشّرف عبد الْمُنعم الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ وَقَالَ فِيهَا إِنَّه كَانَ قد هذب نَفسه بفنون المعارف وتفيأ من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة كل ظلّ وارف وَاقْتصر على الْفَتْوَى وَنشر الْعلم فَلم يكن لَهُ إِلَى سواهُمَا باعث ولاعن حماة صَارف، وبرع فِي الْعُلُوم والفضائل وَشهد بفضائله الأفاضل والأماثل وناظر النظراء فَكَانَ أنظرهم وشارك فِي الْعُلُوم الْعلمَاء فَكَانَ أنضرهم وَجمع إِلَى الْفُرُوع أصولا وَإِلَى الْمَنْقُول معقولا واجتهد فأثمر اجْتِهَاده وعلق بمحبة الْعلم فُؤَاده وَسمع مناقبه الشَّرِيفَة ولمح هَذِه الْمَرَاتِب المنيفة وَتحقّق أَن بِسَاحَة الْعُلُوم تلتقي أَطْرَاف مَعَاني الْفَضَائِل وبفنائه تنتظم عُقُود مناصب الْوَسَائِل وَأَنه حجَّة الله الْعليا ومحجته الْعُظْمَى وموروث النُّبُوَّة ومنصب الرسَالَة قَضَاء وَحكما وتيقن أَن كتاب الله الْعَزِيز متنوع الْعُلُوم ومنشؤها ومفتاح الْفَوَائِد ومبدؤها بَادر إِلَى طلب علومه مبادرة السَّيْل الْجَارِي وانقض إِلَى تَحْصِيل فنونه انقضاض الْكَوْكَب الساري إِلَى آخر مَا)
كتبه وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة وَالْبَحْر الفهامة فَخر الْعلمَاء وَصدر الْفُقَهَاء جمال المدرسين بَقِيَّة المصدرين مفتى الْمُسلمين. وَأثْنى عَلَيْهِ أَبِيه وجده وَقَالَ:
(سقى الْغَمَام ضريحا ضم أعظمهم ... حَتَّى تقلده من دره دررا)
(ودبجت رَاحَة الأنواء تربتهم ... وأطلعت زهرها فِي أفقه زهرا)
وَشهد على الْمُجِيز بِالْإِذْنِ وَكَذَا شهد عَلَيْهِ الزين عبد الرَّحْمَن الفارسكوري وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة مُفِيد الطالبين صدر المدرسين مفتي الْمُسلمين بدر الدّين. قَالَ: وَهُوَ بِحَمْد الله بذلك أَي بالمداومة على الشّغل والاشتغال حري وبحمل أعبائه ملي مَعَ مَا ضم إِلَيْهِ من فروع الْفِقْه وأصوله والتفنن فِي منقوله ومعقوله حَتَّى عد ذَلِك من حَاصله ومحصوله فليحمد الله على هَذِه النِّعْمَة منتصبا لإِفَادَة الطالبين بِأَعْلَى همة. وَالشَّمْس الزراتيتي وَقَالَ إِن الْفَخر كَانَ يَقُول فِي الدَّرْس: نَحن نستفيد من الشَّيْخ بدر الدّين وَسمع الحَدِيث على الْجمال عبد الله الْبَاجِيّ والسراج الكومي وَجُوَيْرِية وَابْن أبي الْمجد التنوخي والهيثمي وَطَائِفَة، وَمن مسموعة على الأول كتاب الْأَرْبَعين لمُحَمد بن أسلم الطوسي وعَلى الثَّانِي الرسَالَة للشَّافِعِيّ وَلم يزل يدأب حَتَّى تقدم وناب فِي الْقَضَاء فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة بعد أَن وَقع على الْحُكَّام بالصالحية مُدَّة مَعَ أَنه عرض عَلَيْهِ النِّيَابَة قبلهَا فَأبى إِلَى أَن اتّفق جُلُوس بَعضهم مَعَ نَقصه فَوْقه محتجا بِكَوْنِهِ قَاضِيا فَكَانَ ذَلِك باعثا لَهُ على الْقبُول، وأضيف إِلَيْهِ قَضَاء الجيزة مُدَّة وَغَيرهَا كالبرلس والقليوبية فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة، وَكَذَا نَاب فِي تدريس الْفِقْه بالشيخونية عَن الشهَاب بن المحمرة ثمَّ اسْتَقل بِهِ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ حِين رام بَعضهم الْوُثُوب عَلَيْهِ وَقد فِيهِ سِيمَا وَقد أَقَامَ الشهَاب على قَضَاء دمشق وَلم يلبث أَن جَاءَ فَمَا نازعه الْبَدْر فِي عوده لَهُ ودرس أَيْضا الْفِقْه بالتنكزية والمجدية والكهارية وَالْحَاكِم مَعَ التَّفْسِير بِهِ أَيْضا والْحَدِيث بالمنصورية والمنكوتمرية وتصدر بِجَامِع عمر وَإِلَى غير ذَلِك، وَحج قبل مَوته بِقَلِيل وتصدى للتدريس والإفتاء وَالْأَحْكَام وَصَارَ أحد الْأَعْيَان وَحدث بالرسالة للشَّافِعِيّ وَغَيرهَا سمع عَلَيْهِ الْأَئِمَّة وَأثْنى عَلَيْهِ المقريزي فِي تَارِيخه وَابْن قَاضِي شُهْبَة وسمى جده عبد الْغَنِيّ غَلطا وَكَانَ عَلامَة بارعا فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا ذكيا متقنا لما يُعلمهُ حسن المحاضرة والمذاكرة كثير الاستحضار لاسيما للفقه عَارِفًا بِالْأَحْكَامِ وَله نَوَادِر لَطِيفَة مَعَ وَقْفَة فِي لِسَانه تعيقه عَن سرعَة الْكَلَام سِيمَا فِي الْأَحْكَام والمباحث وَرَأَيْت)
من قَالَ إِنَّه كَانَ يهزأ بِهِ من أجلهَا، وَقد أثبت شَيخنَا اسْمه فِيمَن سمع عَلَيْهِ فِي عشاريات الصَّحَابَة من أَمَالِيهِ وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة مُفِيد الْجَمَاعَة وَلما رغب لَهُ عَن تدريس الحَدِيث بالمنصورية وللشهاب بن المحمرة عَن تدريس الْفِقْه بالشيخونية وَقَالَ النَّاس: إِنَّه لَو عكس كَانَ أولى، قَالَ شَيخنَا: إِنَّمَا أردْت انتشار كفاءة كل من الرجلَيْن فِيمَا لم يشْتَهر بِهِ وناهيك بِهَذَا من مثله. وَقَالَ فِي إنبائه أَنه كَانَ فِي آخر عمره كَبِير النواب مَعَ قلَّة الشَّرّ وَحسن المحاضرة والمذاكرة واستحضار كثير من أَخْبَار الْقُضَاة الَّذين أدركهم وماجرياتهم ونوادر ظريفة وأنجب أَوْلَادًا.
مَاتَ فَجْأَة فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سَابِع عشر شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَشَكوا فِي وَفَاته وَكَثُرت فِي ذَلِك الْأَقَاوِيل واضطربت فِيهِ الآراء فَأخر حَتَّى دفن قرب ظهر يَوْم الْأَرْبَعَاء رَحمَه الله وإيانا وَمن نظمه فِي الْجمال الاستادار مِمَّا أثْبته بَعضهم فِي تَرْجَمته:
(وقائلة هَل فِي كَافَّة مصرنا ... أَمِير بِهِ يعْطى الجزيل ويعسف)
(فَقلت لَهَا حَقًا تَقُولِينَ هَكَذَا ... وفيهَا جمال الدّين ذُو الْعقل يُوسُف)
وَأثبت فِي تَرْجَمته فِي معجمي بَعْضًا من فَوَائده.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْعِزّ بن الشهَاب الْجَوْجَرِيّ الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ سبط الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ والماضي أَبوهُ الْمَعْرُوف بأخي ابْن هِشَام لأمه. ولد وَاسْتقر فِي جملَة من جِهَات جده كتدريس الصَّالح وَلم يجْتَهد أَهله فِي إقرائه مَعَ تردد غير وَاحِد من الْفُقَهَاء لَهُ بِحَيْثُ لم يتكامل لَهُ حفظ الْقُرْآن وَرُبمَا قَرَأَ عِنْد القَاضِي الْبَدْر السَّعْدِيّ وَحضر دروسه وزوجه ابْنَته فَمَا أَظُنهُ أَزَال بَكَارَتهَا وَكَانَت محاربات حَتَّى فَارقهَا بعد سنتَيْن وَتزَوج بابنة للشمس الفرنوي من أمة وَحج مَعَ أَبَوَيْهِ وجاور سنة وَرجع فِي أول سنة أَربع وَتِسْعين فَجَلَسَ مَعَ الشُّهُود عِنْد الصالحية، وَله فهم وتمهر.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الدِّمَشْقِي الأَصْل الْمَكِّيّ المولد وَالدَّار ابْن أُخْت أَحْمد الدوري وَشَيخ الفراشين بهَا ووالد عمر ويلقب بيسق لكَونه ولد فِي سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة أَو ثَلَاث حِين كَانَ أَمِير آخور كَبِير بيسق مُتَوَلِّي الْعِمَارَة بهَا لما احْتَرَقَ الْمَسْجِد الْحَرَام بِمَكَّة، وَنَشَأ بهَا وَسمع على ابْن الْجَزرِي تصنيفه المصعد الأحمد فِي ختم مُسْند أَحْمد وَنزل لَهُ خَاله أَحْمد بن عبد الله الدوري الْفراش بِالْحرم الشريف عَن وَظِيفَة الفراشة قبل مَوته بِقَلِيل فِي سنة)
تسع عشرَة فباشرها ثمَّ ولي مشيخة الفراشين بِهِ وَأَمَانَة الزَّيْت والشمع بعد موت نور الدّين على ابْن أَحْمد بن فَرح الطَّبَرِيّ مَوْلَاهُم فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبَعين، وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة خمس وَسِتِّينَ بِمَكَّة، وَخَلفه وَلَده الْمَذْكُور.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ بن الْأَمَانَة، صَوَاب جده عبد الْعَزِيز. مضى قَرِيبا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ الْبَدْر بن الشهَاب بن الْفَخر بن أبي الْفرج سبط الشرفي يحيى ابْن بنت الملكي والماضي أَبوهُ وجده. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة ببيتهم جوَار الفخرية، وَنَشَأ فِي كَفَالَة أمه فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الزين عبد الدَّائِم الْأَزْهَرِي ثمَّ الْفَقِيه هرون التتائي وَقَرَأَ عِنْد الْجلَال الْبكْرِيّ فِي الْمِنْهَاج وغالب الْأَذْكَار وَحضر دروسه وَكَذَا دروس الْجَوْجَرِيّ وَسمع على الشاوي وَغَيره وَاسْتقر فِي إِمَامَة مدرستهم وَقِرَاءَة الحَدِيث والتصوف بهَا عقب الْجلَال القمصي، وَحج مَعَ أمه فِي الرجبية سنة إِحْدَى وَسبعين فقدرت منيتها بِمَكَّة وصاهر الشرفي الْأنْصَارِيّ وَكَانَ زوج أمه على ابْنَته وسافر مَعَه إِلَى الشَّام وزار بَيت الْمُقَدّس حِينَئِذٍ، ثمَّ حج فِي سنة سبع وَتِسْعين فِي الْبَحْر وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَاجْتمعَ بِي فِيهَا، وَلَا بَأْس بِهِ سَمِعت الثَّنَاء عَلَيْهِ من جمَاعَة ثمَّ قَرَأَ عَليّ الْأَذْكَار وَسمع الْمُوَطَّأ والختم من صَحِيح مُسلم مَعَ مُؤَلَّفِي فِي خَتمه وَمن لَفْظِي المسلسل وَقطعَة من أول تَرْجَمَة النَّوَوِيّ تأليفي وتناولها مني وَمُسلمًا وَغير ذَلِك، وأجزت لَهُ وَكَذَا سمع على المجالسة للدينوري وَالْأَدب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ وَجُمْلَة وَرجع فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَنعم الرجل. مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن أبي الْعَبَّاس ابْن عبد الْمُعْطِي الْجلَال أَبُو السعادات بن الشهَاب المحيوي الْأنْصَارِيّ الْمَالِكِي مِمَّن قَرَأَ عَليّ بِمَكَّة. وَهُوَ بكنيته أشهر يَأْتِي هُنَاكَ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر أكمل الدّين أَبُو الْفضل بن الشهَاب بن المحيوي القاهري الشارعي الْحَنَفِيّ نزيل الجيعانية بِالْبركَةِ وَابْن أخي عبد اللَّطِيف الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن عُثْمَان. مِمَّن اشْتغل فِي فنون عِنْد التقي الحصني وَغَيره وَفهم قَلِيلا وانجمع بمنزله فِي الجيعانية بِالْبركَةِ كعمه وَتردد لي أَحْيَانًا مَعَ أدب كثير ونيابة عَن الْحَنَفِيَّة فِي الْعُقُود وإلمام بالمزارات كسلفه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي أَخُو عبد الله الْمَاضِي. سمع على الزين المراغي.)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل بن سُلَيْمَان النَّجْم أَبُو الْفضل بن الشهَاب بن الْجمال أبي الْيمن القلقشندي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ سبط عبد الله الغماري خَليفَة أبي الْعَبَّاس الْبَصِير وَيعرف بِابْن أبي غُدَّة بِضَم الْمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة مُشَدّدَة وبالنجم القلقشندي. ولد فِي ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَلَكِن مُقْتَضى وَصفه فِي ربيع الآخر سنة تسع وَتِسْعين بِكَوْنِهِ فِي الرَّابِعَة أَن يكون قبل ذَلِك إِمَّا فِي سنة سِتّ أَو خمس بِالْقَاهِرَةِ. وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي وألفية ابْن ملك وَعرض على الْعِزّ بن جمَاعَة والجلال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَابْن النقاش وَنَحْوهم وأحضر قبل ذَلِك الصَّحِيح على ابْن أبي الْمجد وختمه على التنوخي والعراقي والهيثمي وتفقه بِأَبِيهِ وبالشرف عِيسَى الأقفهسي الشَّافِعِي وَقَرَأَ فِي الْفَرَائِض على الشَّمْس الشطنوفي وَعَلِيهِ وعَلى أَبِيه قَرَأَ فِي النَّحْو وتعانى النّظم وَخمْس الْبردَة بِمَا كتبه بعض الْفُضَلَاء عَنهُ، وَحدث باليسير سَمِعت عَلَيْهِ، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ فِي الْبِلَاد الَّتِي كَانَت باسم أَبِيه ثمَّ عَن العلمي وَشَيخنَا بِالْقَاهِرَةِ أَيْضا، وباشر الأحباس التوقيع لِلْأُمَرَاءِ، وَحج فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وسافر قبل ذَلِك إِلَى آمد فِي عَسْكَر الْأَشْرَف وَدخل إسكندرية وَغَيرهَا وَكَانَ سَاكِنا مَاتَ غريقا ببحر النّيل فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَسبعين رَحمَه الله وَمِمَّا كتبته من نظمه فِي الحلاوي الْمُحْتَسب:
(لما غَدا النَّاس فِي غلاء ... وأعوزوا الْخبز للتداوي)
(وعالجوا مِنْهُ مر الصَّبْر ... أَتَاهُم الله بالحلاوي)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن قَاضِي الْقُضَاة الشَّمْس مُحَمَّد الْجلَال بن الشهَاب الْقزْوِينِي القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالقزويني. ولد فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب النبراوي وَالْمُخْتَار فِي الْفِقْه وَعرضه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة على الْكَمَال الدَّمِيرِيّ وَأَجَازَ لَهُ بل سمع على الشّرف ابْن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ والفوي وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الْأمين الطرابلسي وقارى الْهِدَايَة وَحج وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتميز فِي التوقيع والشروط وانتفع فِي ذَلِك بأَخيه وباشر النقابة عِنْد الْجمال الأقفهسي الْمَالِكِي من سنة سبع عشرَة إِلَى أَن مَاتَ ثمَّ عِنْد الْبِسَاطِيّ مُدَّة وَكَذَا بَاشر عِنْد غَيره بل وباشر أَيْضا كِتَابَة الوصولات بالخشابية وَكَانَ رغب عَنْهَا فِي وَقت لعَجزه عَن الْمَجِيء لباب النَّاظر يَوْم النَّفَقَة فَأَنَّهُ أقعد زَمنا طَويلا فَامْتنعَ النَّاظر من الْإِمْضَاء لكَونه لم)
يُمكنهُ من غير كِتَابَة أَسمَاء الطّلبَة وَقد لَا يُوَافق المنزول لَهُ فِي الِاقْتِصَار على ذَلِك وسمح لَهُ النَّاظر حِينَئِذٍ بِالْإِقَامَةِ ببيته فَصَارَ أَكثر الطّلبَة يتَوَجَّه إِلَيْهِ لأخذ وُصُوله وَلم يلبث أَن مَاتَ النَّاظر فَرغب عَنْهَا حِينَئِذٍ ثمَّ مَاتَ عَن قرب وَذَلِكَ فِي الْعشْر الثَّانِي من ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَسبعين، وَكَانَ إنْسَانا سَاكِنا محتشما وجيها بَاشر النقابة أَبوهُ عِنْد الْجلَال البُلْقِينِيّ وَأَخُوهُ عِنْد الْبَدْر الْعَيْنِيّ وَحدث هَذَا باليسير أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة وَأَجَازَ لي رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد الطَّبِيب الْفَاضِل شمس الدّين بن الصَّغِير بِالتَّصْغِيرِ وسمى شَيخنَا فِي الأنباء وَالِده مُحَمَّدًا أَيْضا. ولد فِي منتصف جُمَادَى الأولى سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَكَانَ أَبوهُ فراشا فَمَال إِلَى الطِّبّ وَحفظ الموجز لِابْنِ نَفِيس وَشَرحه وَتصرف فِي معالجة المرضى وَصَحب الْبَهَاء الكازروني وَغَيره من المتصوفة فمهر وَتعلق بالزكي الخروبي التَّاجِر وجاور مَعَه بِمَكَّة فأجزل لَهُ من المَال بِحَيْثُ إِنَّه دفع لَهُ مرّة فِي مجاورته مَعَه ألف مِثْقَال ذهب هرجه دفْعَة. ذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ: كَانَ يتَرَدَّد إِلَيّ كثيرا وَله ثروة وَحسن شكالة. مَاتَ بعد مرض طَوِيل فِي عَاشر شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين ثمَّ سَاق عَنهُ أَشْيَاء جُمْلَتهَا أَنه رأى فِي مُبَاشَرَته المرستان شَابًّا حسن الْهَيْئَة جميل الصُّورَة غل فِي عُنُقه بسلسلة فَقَالَ لَهُ: مَا حالك فأنشده:
(يعاندي دهري كَأَنِّي عدوه ... وَفِي كل يَوْم بالكريهة يلقاني)
(فَأن رمت شَيْئا جَاءَنِي مِنْهُ ضِدّه ... وَإِن راق لي يَوْمًا تكدر فِي الثَّانِي)
وَهُوَ فِي الأنباء لشَيْخِنَا فَسمى وَالِده مُحَمَّدًا أَيْضا وَقَالَ الشهير وَالِده بالصغير. كَانَ حسن الشكالة ذَا مُرُوءَة، وَفِي الدُّرَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن صَغِير نَاصِر الدّين طَبِيب أَيْضا ابْن طَبِيب. مَاتَ سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَهُوَ وَالِد هَذَا وَيكون قد سقط مِنْهُ مُحَمَّد الثَّالِث وَيحْتَمل أَن يكون أَخا لهَذَا وَيحْتَمل أَن يكون غَيره وَهُوَ الظَّاهِر فصغير هُنَا بِالتَّكْبِيرِ وَفِي المترجم بِالتَّصْغِيرِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن بدر بن مفرج بن بدر بن عُثْمَان بن جَابر رضى الدّين أَبُو البركات بن الشهَاب أبي نعيم العامري الْغَزِّي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ ووالد إِبْرَاهِيم وَرَضي الدّين وَيعرف بالرضى بن الْغَزِّي. ولد فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة)
بِدِمَشْق وَنَشَأ فِيهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيرهمَا وَأخذ عَن والتقي بن قَاضِي شُهْبَة وَقدم الْقَاهِرَة فَأخذ عَن شَيخنَا بِقِرَاءَتِي وَغَيرهَا وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق وَصَارَ بِأخرَة أحد أَعْيَان الشَّافِعِيَّة بهَا وَأخذ عَنهُ الطّلبَة وَأفْتى ودرس وَعمل كتابا سَمَّاهُ بهجة الناظرين إِلَى تراجم الْمُتَأَخِّرين من الشَّافِعِيَّة المعتبرين أوقفني عَلَيْهِ بِدِمَشْق وسيرة للظَّاهِر جقمق وَقد رَأَيْت شَيخنَا ينتقي مِنْهَا، وَكَانَ جيد الاستحضار مَعَ سرعَة حَرَكَة وَنَوع خفَّة. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس مستهل ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ عقب الظّهْر بِجَامِع دمشق ثمَّ بِجَامِع تنكز وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة عِنْد رجْلي الشهَاب بن نشوان بِوَصِيَّة مِنْهُ رحمهمَا الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن رَمَضَان الشَّمْس أَبُو النجا وَأَبُو الْمَعَالِي بن الشهَاب القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالمخلصي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والعمدة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو وَعرض فِي سنة ثَمَان أَو تسع وَسِتِّينَ على الجلالين ابْن الملقن والبكري والعبادي والبامي وَابْن أَسد وَالْفَخْر بن السُّيُوطِيّ وَعُثْمَان المقسي والبهاء المشهدي وأمام الكاملية والمحيوي الطوخي وخطيب مَكَّة أبي الْفضل وَالصَّلَاح المكيني والولوي الأسيوطي والزين زَكَرِيَّا والنجم يحيى بن حجى والشرف ابْن الجيعان والبقاعي والتقي القلقشندي والديمي وسبط شَيخنَا وَمُحَمّد بن قَاسم الطنبذاوي وكاتبه الشافعيين والتقي الشمني والأمين الأقصرائي وَابْن قَاسم والبرهان ابْن الديري والمحب بن الشّحْنَة الحنفيين واللقاني وَعبد الْغفار والنور بن التنسي المالكيين والعز الْكِنَانِي والنور الشيشيني الحنبليين وأجازوه فِي آخَرين وتلا للسبع إفرادا ثمَّ جمعا على الزين الهيثمي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشاطبية حفظا وجمعا على الشَّمْس ابْن الحمصاني ولنافع وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَأبي عَمْرو ثمَّ للعشر جمعا إِلَى قَول مَعْرُوف من الْبَقَرَة على الزين جَعْفَر السنهوري وأذنوا لَهُ وَشهد على الْأَخير فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين زَكَرِيَّا وَكَذَا هُوَ وَالشَّمْس الْجَوْجَرِيّ وَعبد الْغَنِيّ الفارقي على الأول وَعمر النشار وزَكَرِيا بن حسن الطولوني والجلال بن السُّيُوطِيّ على الثَّانِي واعتنى بالرواية فَقَرَأَ أَو سمع على الْجلَال القمصي الْكثير وَمن ذَلِك البُخَارِيّ ومسند الشَّافِعِي وسننه والشفا وسيرة ابْن سيد النَّاس وألفية الْعِرَاقِيّ وَجمع الْجَوَامِع لِابْنِ السُّبْكِيّ بل قَرَأَ عَلَيْهِ بعض شرح الْمِنْهَاج للدميري بقرَاءَته لبعضه على مُؤَلفه وعَلى الزكي الْمَنَاوِيّ والملتوتي وَهَاجَر ونشوان، وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهَا فضل الْخَيل للدمياطي)
بِقِرَاءَة أبي الطّيب النقاوسي وعَلى الَّتِي قبلهَا الرسَالَة للشَّافِعِيّ بِقِرَاءَة عبد الْحق السنباطي وَعَلَيْهَا وعَلى الَّتِي قبلهَا جُزْء أبي الجهم وعَلى الزكي بعض ابْن ماجة وَأبي دَاوُد بل سمع على الشمني الْعُمْدَة وَقطعَة من شَرحه لنظم النخبة وَمن لَفظه المسلسل ولازم الديمي فِي قِرَاءَة أَشْيَاء كالصحيحين وأربعي النَّوَوِيّ واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والفرائض والحساب وَغَيرهَا وَمِمَّنْ لَازم فِي الْفِقْه الْبَدْر حسن الْأَعْرَج وَحضر قَلِيلا عِنْد ابْن هَاشم وزَكَرِيا ولازم الْكَمَال بن أبي شرِيف سِنِين عديدة حَتَّى أَخذ عَنهُ الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَشرح جمع الْجَوَامِع للمحلي مَا بَين سَماع وَقِرَاءَة لكليهما وَأذن لَهُ فِي إفادتهما بل وإفادة فن الْأُصُول وَأَنه لَازمه فِي الْفِقْه وَالْبُخَارِيّ وَغير ذَلِك وَشهد لَهُ بِأَنَّهُ شَارك فِي المباحثة الْفِقْهِيَّة مُشَاركَة جَيِّدَة دلّت على طول الممارسة وإجادة المدارسة وَأذن لَهُ فِي الإقراء من كتب الْفِقْه مَا تحرر وتقرر لَدَيْهِ أَيْضا فِي سنة تسعين وَمن شُيُوخه فِي الْعَرَبيَّة خَالِد الْوَقَّاد وَفِي الْفَرَائِض والحساب الزين عبد الْقَادِر بن شعْبَان والبدر المارداني وشارك فِي الْفَضَائِل، وتنزل فِي الْجِهَات كالمؤيدية، وَلم يَنْفَكّ عَن الِاشْتِغَال على طَريقَة جميلَة مرضية حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَتِسْعين فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ وَدفن بتربة فَيْرُوز النوروزي لكَونه كَانَ أحد صوفيتها بل فَقِيها لبني خشكلدي أحد عُتَقَاء الْوَاقِف.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَادِر القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله الدفري الأَصْل القاهري الْمَالِكِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَابْن أُخْت علم الدّين وجمال الدّين البساطيين وَلذَا قَرَأت بِخَطِّهِ سبط عدي بن حَاتِم وَيعرف بالدفري. قَالَ شَيخنَا: إِنَّه ولد سنة بضع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وتفقه وَأحب الحَدِيث فَسَمعهُ وَطَاف على الشُّيُوخ وَسمع مَعنا كثيرا وَكَانَ حسن المحاضرة جيد الاستحضار درس بالناصرية الحسنية وَغَيرهَا مَعَ قلَّة الْحَظ وَوَصفه فِي عرض وَلَده بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة أقضى الْقُضَاة، بل رَأَيْت الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ أثْبته فِي سامعي أَمَالِيهِ وَوَصفه بالعلامة ابْن أقضى الْقُضَاة وَكَذَا درس بِأم السُّلْطَان وَولي بعد أَبِيه إِفْتَاء دَار الْعدْل وبرغبة التَّاج أَحْمد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل مشيخة القمحية وَالنَّظَر إِلَيْهَا ثمَّ مشيخة الشَّيْخ عبد الله الجبرتي بالقرافة وَآل إِلَيْهِ النّظر فِي تربة مقدم المماليك مُخْتَار الحسامي بالقرافة أَيْضا، وناب فِي الحكم ثمَّ ترك، وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل دمياط، وَحدث بالبخاري سَمعه عَلَيْهِ الشَّمْس الجلالي خَازِن المحمودية ومدرس الألجيهية وَكَانَ مِمَّن قَامَ على)
بعض معتقدي ابْن عَرَبِيّ واستكثر من الاستفتاء فِي ذَلِك وخاشن الشَّمْس الْبِسَاطِيّ لامتناعه من الْكِتَابَة بتفكيره مُعَللا ذَلِك بانتقاله إِلَى الْآخِرَة وَنَحْو هَذَا وَاسْتمرّ الدفري قَائِما فِي ذَلِك مباينا للبساطي حَتَّى مَاتَ. وَكَانَت وَفَاته فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء الْعشْرين من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَعشْرين وَدفن عِنْد أَبِيه بِالْقربِ من الطويلية وَأَبوهُ مِمَّن توفّي فِي آخر ذَلِك الْقرن وَلم يزدْ شَيخنَا فِي أنبائه فِي نسبه على اسْم أَبِيه وَلما ترْجم أَبَاهُ فِي الأنباء أَيْضا سمى وَالِده مُحَمَّدًا وَالصَّوَاب مَا قَدمته وَكَذَا رَأَيْته بِخَط صَاحب التَّرْجَمَة وَولده إِبْرَاهِيم، وَقد تزوج صاحبنا الْبَهَاء المشهدي ابْنَته بعد مَوته وأنجبها أَوْلَادًا أمثلهم الْفَاضِل بدر الدّين مُحَمَّد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن عبد الْقَادِر بن عبد الْحق القطب أَبُو الْخَيْر بن النُّور الأبرقوهي الطاووسي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. أَخذ عَن أَبِيه الصّرْف الْفَارِسِي للعلامة الْجِرْجَانِيّ ومقدمتي ابْن الْحَاجِب الكافية مَعَ مَا كتبه عَلَيْهَا والشافية مَعَ شرحها للنيسابوري وَبَعض الْحَاوِي مَعَ حلّه وَبحث فِي ذَلِك ودقق مَعَ حفظه لمتونها وَأذن لَهُ أَبوهُ فِي الْإِفْتَاء وَألبسهُ الْخِرْقَة وَأذن لَهُ فِي إلباسها وَذَلِكَ فِي سنة خمسين. وَمَات صَاحب التَّرْجَمَة بعد ذَلِك فِي حَيَاة أَبِيه. وَرَأَيْت السَّيِّد الْعَلَاء ابْن عفيف الدّين يثني عَلَيْهِ ويتأسف على فَقده رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن قديدار. يَأْتِي بِدُونِ قديدار.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البُلْقِينِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشاذلي صهر عَليّ بن الْجمال الْمصْرِيّ. مِمَّن كَانَ يحفظ الْقُرْآن ويؤم بقرية سولة من وَادي نَخْلَة ويتبرك بِهِ فِيهَا بل يحسنون إِلَيْهِ بِالزَّكَاةِ وَغَيرهَا. مَاتَ بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة سبع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ اليمني الأَصْل الْمَكِّيّ. لَهُ ذكر فِي أَبِيه وَأَنه مَاتَ بِمَكَّة فِي سنة سبع عشرَة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى التقي بن الولوي بن الْجمال الزيتوني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط كريم الدّين الهيثمي الْمَاضِي وَكَذَا أَبوهُ وجده وَيعرف كهما بِابْن الزيتوني. ولد كَمَا قَالَه لي فِي رَجَب سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْبَهْجَة فِيمَا أَظن وأسمعه أَبوهُ على شَيخنَا وَغَيره وَأخذ الْفِقْه عَن الشّرف الْمَنَاوِيّ وَغَيره وناب فِي الْقَضَاء وَجلسَ بحانوت بَاب الشعرية وَشرع فِي عمَارَة دَار تجاه جَامع الطواشي فَمَا نَهَضَ لإكمالها مَعَ استدانته لَهَا ولغيرها وإتلافه على أَبَوَيْهِ الْكثير وَلم)
يحصل على طائل سِيمَا بعد مَوْتهمَا بِحَيْثُ سَافر لدمشق فِرَارًا من الدُّيُون فقطنها يشْهد أَو يقْضِي وَلَيْسَ بالمرضي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّمْس بن أبي الْعَبَّاس المجدلي النابلسي المولد الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه خَلِيل وَيعرف بِابْن أبي الْعَبَّاس. ولد فِي سلخ ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بنابلس وانتقل مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَعرض واشتغل عِنْد الشهَاب الْخَواص وَغَيره وَسمع على جمَاعَة وَهُوَ ذكي متزيد كتبت عَنهُ قَوْله فِي علمي مليح:
(رام العذول سلوى عَنهُ قلت لَهُ ... أقصر ملامك إِن السّمع فِي صمم)
(كَيفَ السَّبِيل إِلَى السلوان عَنهُ وَقد ... أضحى غرامي بِهِ نَار على علم)
ولقيني بِمَكَّة سنة أَربع وَتِسْعين وَكَأَنَّهُ عزم على الْمُجَاورَة ثمَّ إِنَّه جاور فِي سنتي ثَمَان وتسع وَتِسْعين وَمَات عَمه فِي أثنائهما وَرُبمَا حضر عِنْد الشَّيْخ عبد الْمُعْطِي المغربي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه مُحَمَّد بن مُوسَى وَالْأول أصح الشَّمْس الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بِابْن قديدار. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا فَإِنَّهُ قَالَ: كنت فِي فتْنَة بيبغاروس رضيعا، وَقَرَأَ الْقُرْآن فِي صغره والعمدة والمنهاج وألفية النَّحْو وَعرض على جمَاعَة وتلا بالسبع على ابْن اللبان وَغَيره وَصَحب أَبَا بكر الْموصِلِي وقطب الدّين وَغَيرهمَا وتفقه لَكِن غلب عَلَيْهِ التصوف وَأَقْبل على الْعِبَادَة فاشتهر بالصلاح من بعد سنة تسعين حَتَّى إِن تمر لما قرب من دمشق أرسل إِلَيْهِ هُوَ وجماعته بِالْأَمر من حماة فَلم يصبهم مَكْرُوه وَكَذَا كَانَ يُكَاتب الفرنج فِي مصَالح الْمُسلمين فَلَا يخالفونه غَالِبا، وَكَانَت لَهُ عِنْد الْمُؤَيد وَهُوَ نَائِب الشَّام منزلَة كَبِيرَة بِحَيْثُ بعث بِهِ مَعَ الشهَاب بِهِ حجي فِي الرسَالَة إِلَى النَّاصِر وَبنى لَهُ بِدِمَشْق زَاوِيَة وسكنها حَتَّى مَاتَ وَصَارَت كَلمته نَافِذَة وَله أتبلع ومريدون ومحبة فِي قُلُوب الْعَامَّة والخاصة وَهُوَ مَعَ هَذَا لين الْجَانِب حسن الْخلق كثير الْعِبَادَة جيد البزة شجي الصَّوْت وَقد قدم مصر فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة رَسُولا من شيخ إِلَى النَّاصِر. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: وَكَانَت بَيْننَا مَوَدَّة مَاتَ بِدِمَشْق بعد ضعف بدنه وَثقله فِي لَيْلَة عيد شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ،)
وَدفن يَوْم الْعِيد وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة تقدم الْعَلَاء البُخَارِيّ وَدفن على وَالِده بخشخاشة بمقبرة بَاب الصَّغِير إِلَى جَانب قبَّة مُعَاوِيَة وَصلي عَلَيْهِ بحلب وَغَيرهَا صَلَاة الْغَائِب. وَقَالَ بَعضهم إِنَّه كَانَ يكثر التَّرَدُّد لساحل بيروت للرباط وَبنى لَهُ زَاوِيَة هُنَاكَ وَعمل بهَا عدَّة للسلاح كَثِيرَة وَلم يكن يبْقى على شَيْء بل مهما حصل لَهُ أنفقهُ على مريديه وَأَتْبَاعه. وَقدم الْقَاهِرَة أَيْضا فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين لتعزية الْمُؤَيد فِي وَلَده إِبْرَاهِيم، وَنزل فِي قاعة الخطابة بالباسطية وَأما فِي الْمرة الأولى فَنزل هُوَ ورفيقه الشهَاب بن حجي بمدرسة البُلْقِينِيّ ثمَّ بمدرسة الْمحلي على شاطئ النّيل وَحصل لَهُ فِي آخر عمره ضعف فِي بدنه وَثقل فِي سَمعه وَالثنَاء عَلَيْهِ كثير، وَكَانَ دينا خيرا محبا فِي الْعلم وَأَهله كثير التَّوَاضُع والمرابطة ببيروت وَبنى بهَا زَاوِيَة ووقف بهَا عددا للحرب وَنعم الرجل وَهُوَ مِمَّن فِي عُقُود المقريزي رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله القَاضِي جمال الدّين أَبَا حميش قَاضِي عدن. أَخذ عَنهُ فُقَهَاء عدن كالفقيه موفق الدّين عَليّ بن عمر بن عفيف الْحَضْرَمِيّ وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين عمر بن مُحَمَّد اليافعي وَغَيرهمَا. ومولده بغيل أبي وَزِير من الشّجر سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَتَوَلَّى قَضَاء عدن من قبل عَليّ بن طَاهِر. وَمَات وَهُوَ على الْقَضَاء فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وانتفع بِهِ كثير من الْفُقَهَاء كالفقيهين مُحَمَّد أَبَا الْفضل وَعبد الله أَبَا مخرمَة من تِلْكَ النَّاحِيَة وَشرح الْحَاوِي شرحا حسنا مَبْسُوطا بيض ثلثه الأول وَمَات عَن بَاقِيه مسودة ينْتَفع بهَا كالانتفاع بالمبيضة وَإِن كَانَ فِي تِلْكَ زيارات كَثِيرَة. كتب إِلَيّ بذلك حَمْزَة النَّاشِرِيّ، وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الشَّمْس الْقزْوِينِي ثمَّ الْمصْرِيّ وسمى شَيخنَا فِي مُعْجَمه جده مُحَمَّدًا وَهُوَ الصَّوَاب وَسَيَأْتِي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله نَاصِر الدّين الدِّمَشْقِي النشنوي الْمُؤَذّن بِجَامِع المارداني بالمزة وَيعرف بِابْن الحكار. ولد فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة، أجَاز لي فِي سنة خمسين من دمشق وَزعم الْبُرْهَان العجلوني أَنه سمع على ابْن أميلة وَكَذَا قَالَ ابْن أبي عذيبة وَأَنه تَأَخّر إِلَى بعد الْخمسين وليسا بمعتمدين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ الأندلسي التّونسِيّ المغربي الْمَالِكِي وَيعرف بالشرفي بِفَتْح الْمُعْجَمَة والمهملة بعْدهَا فَاء نِسْبَة لبلدة بالأندلس تسمى الشّرف. ولد فِي سنة عشر)
وبخطي فِي مَوضِع آخر عشْرين وَثَمَانمِائَة بتونس وَحفظ الْقُرْآن لورش وَبَعض ابْن الْحَاجِب الفرعي وَبحث فِيهِ على إِبْرَاهِيم الأخضري وَمُحَمّد القفصي الشابي وَآخَرين وَفِي النَّحْو على ثَانِيهمَا وَأبي عبد الله الْقرشِي وَعَلِيهِ فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وعَلى الثَّانِي فِي الْعرُوض وخدم أَحْمد بن عروس أَبَا السرائر المجذوب فَعَادَت عَلَيْهِ بركته، وَقدم الْقَاهِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين حَاجا فَلَقِيته فِي جمَاعَة بالميدان فَكتبت عَنهُ من نظمه قصيدة أَولهَا:
(قف بالمعالم بَين البان وَالْعلم ... وَلَا تعج عَن حمى سلمى وَذي سلم)
(واحبس قلوصك بِالرَّوْحَاءِ متئدا ... هُنَاكَ قلبِي بَين الهضب والأكم)
(وَإِن أتيت إِلَى وَادي العقيق فقف ... أذرى عقيق دموعي فِيهِ كالديم)
وأبياتا مدح بهَا شَيخنَا أثبتها فِي الْجَوَاهِر.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الحبيشي الْمدنِي المادح أَبوهُ أَخُو عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي، مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الشاذلي الذيبي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله النحريري أَخُو عبد الْغَنِيّ الْمَاضِي كَذَلِك.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله. فِيمَن جده صَدَقَة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْملك بن أبي بكر الْموصِلِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. اسْتَقر فِي مشيخة زَاوِيَة الْأمين الأخصاصي بعد أَخِيه الشهَاب برغبة مِنْهُ وَهُوَ شَاب جميل الطَّرِيقَة من بَيت مشيخة، مِمَّن يشْتَغل ويحفظ الْمِنْهَاج وَأَبوهُ شيخ زَاوِيَة الْموصِلِي وهما فِي الْأَحْيَاء.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْملك الشَّمْس الدَّمِيرِيّ ثمَّ القاهري الْمَالِكِي نَاظر البيمارستان ومفتي دَار الْعدْل. ولي الْحِسْبَة مرَارًا أَولهَا فِي أَيَّام الْأَشْرَف شعْبَان وَكَذَا ولي نظر الأحباس وَقَضَاء الْعَسْكَر مَعَ نقص بضاعته وَلكنه كَانَ عَارِفًا بِالْمُبَاشرَةِ وَحصل فِي المرستان مَالا كثيرا جدا وفره مِمَّا كَانَ غَيره يصرفهُ فِي وُجُوه الْبر وَغَيرهَا فاتفق أَن النَّاصِر أَخذ مِنْهُ فِي بعض التجاريد جملَة مستكثرة. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقد زَاد عَلَيْهِ فِي صَنِيعه فِي البيمارستان الولوي السفطي كَمَا سَيَأْتِي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْمهْدي الْجمال الصَّيْرَفِي الْمَكِّيّ شيخ القوافل إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَيُقَال لَهُ ابْن مهْدي. سَمِعت من يذكرهُ ببر وإحسان لمن يكون مَعَه وَتحمل لكثير من الكلف الَّتِي)
يتَوَجَّه إِلَيْهِم أهل الدَّرْب فِيهَا غير مقتصر على هَذَا فِي سَفَره بل يتحف كل من قدم مَكَّة من الْفُقَرَاء بعد الزِّيَارَة إِمَّا بِالْإِطْعَامِ أَو غَيره. مَاتَ بِمَكَّة فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء مستهل رَجَب سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد أَن افْتقر رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد النُّور بن أَحْمد بن أَحْمد الصَّدْر أَبُو الْفضل بن الْبَهَاء أبي الْفَتْح الخزرجي الْأنْصَارِيّ المهلبي الفيومي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي سبط الحسام أبي عذبة قَاضِي الفيوم وَالْمَذْكُور بكرامات بِحَيْثُ يزار ضريحه هُنَاكَ ووالد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي والماضي أَبوهُ وَيعرف بخطيب الفخرية وَأَبوهُ بكنيته. ولد على رَأس الْقرن تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن والعمدة وألفية النَّحْو وَعرض على جمَاعَة وَأخذ عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا ولازمهما فِي الأمالي وَكَذَا أَخذ عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ وأخيه الْعلم وَالْمجد الْبرمَاوِيّ وقريبه الشَّمْس وَالشَّمْس الغراقي وَابْن المجدي وَغَيرهم وبرع فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا من النقلي والعقلي حَتَّى الْمِيزَان بِحَيْثُ كَانَ الْمحلي يلومه على عدم تصديه للإقراء وَرُبمَا كَانَ يُرَاجِعهُ بعض الْفُضَلَاء فِيمَا يشكل عَلَيْهِ فيحققه وَيَقُول: هَذَا شَيْء تَرَكْنَاهُ لكم، وأدمن النّظر فِي الرَّوْضَة والمهمات وَالشَّرْح الْكَبِير لِابْنِ الملقن على الْمِنْهَاج وغالبه بِخَطِّهِ وَخط أَبِيه وَشرح مُسلم للنووي والعمدة لِابْنِ دَقِيق الْعِيد وَتَفْسِير الْبَغَوِيّ وَشرح الألفية لِابْنِ أم قَاسم وتوضيحها لِابْنِ هِشَام مَعَ الْمُغنِي لَهُ والتسهيل وَغَيرهَا وَكَانَ خيرا متعبدا منجمعا عَن النَّاس متحريا فِي مأكله وطهارته اسْتَقر فِي خطابة الفخرية ابْن أبي الْفرج بعد بعض بني أبي وفا بتقرير عبد الْقَادِر ابْن الْوَاقِف، وَكَانَ زَائِد الِاعْتِقَاد فِيهِ وَفِي إِمَامَة الفخرية الْقَدِيمَة تلقاها عَن وَالِده، وتنزل فِي غَيرهمَا من الْجِهَات، أثنى عَلَيْهِ وَلَده فِيمَا كتبه لي بِخَطِّهِ وَأَنه لم ير مثله وَطَرِيقه. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبعين وَدفن بالقرافة بجوار الشَّيْخ مُحَمَّد الكيزاني وَحج عَنهُ بعد مَوته رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ عبد السَّلَام الشَّمْس أَبُو عبد الله بن أبي الْعَبَّاس القليبي، حج فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَكتب عَنهُ شَيخنَا أَبُو النَّعيم من نظمه بِحَضْرَة الشَّيْخ يُوسُف الصفي وَجَمَاعَة:
(ياخيرة الله من كل الْأَنَام وَمن ... لَهُ على الرُّسُل والأملاك مِقْدَار)
(رزحي الْفِدَاء لأرض قد ثويت بهَا ... بِطيب مثواك طَابَ الْكَوْن وَالدَّار)
(إِنِّي ظلوم انفسي فِي اتِّبَاع هوى ... وَقد تعاظمني ذَنْب وأوزار)
)
فِي أَبْيَات أنشدها تجاه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحجرة الشَّرِيفَة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب الشَّمْس أَبُو عبد الله الْبُرُلُّسِيّ التَّاجِر وَيعرف بِابْن وهيب، مِمَّن صحب الشهَاب بن الأقيطع وَأَبا الْعَبَّاس بن الغمري وَحج هُوَ وإياه فِي موسم سنة ثَلَاث وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا فلازمني وَسمع مني أَشْيَاء بل أحضر وَلَده عَليّ وأسمع ابْن أَخِيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وكتبت لَهُ كراسة وَاسْتمرّ بِمَكَّة بعدِي حَتَّى عَاد فِي الْبَحْر فِي أول سنة سِتّ وَتِسْعين، وَلم يلبث أَن رَجَعَ فِي الْبَحْر أَيْضا ولقيني فِي موسمها وَبعده صرف الله عَنهُ من يُؤْذِيه.
آخر الْجُزْء السَّادِس ويتلوه الْجُزْء السَّابِع، أَوله: مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)(6/313)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن خلد شمس الدّين الأشموني الأَصْل القاهري الْمَدِينِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن الموله. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين والرسالة والمختصر الفرعيين وَالْكثير من شرح ثانيمهما للبساطي وَجَمِيع الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَأخذ الْفِقْه عَن نور الدّين التنسى والعلمى والمنهوري واللقاني وداوود شخص شرح الرسَالَة وَكَانَ فِي رواق الجبرت ولأصول عَن الْفَخر عُثْمَان المقسى والعربية وَغَيرهَا عَن الزين الأبناسي والمنطق عَن الْعَلَاء الحصني وَكَذَا قَرَأَ على خَاله النُّور الكلبشي وَابْن قَاسم فِي آخَرين، وَلَا زمنى فِي الرِّوَايَة والدراية وَكتب بعض تصانيفى، وتميز فِي الْفَضَائِل وتكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ نَاب فِي الْقَضَاء عَن اللَّقَّانِيّ ثمَّ ابْن تَقِيّ، وَجلسَ فِي بولاق وبباب قاضية عِنْد المشهد النفيسي أَيَّامًا لوثوقه بِهِ وشكرت سيرته، وَشرع فِي نظم الْمُخْتَصر وسرد بحضرتي الْكثير مِنْهُ، وَحج فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ لَا بَأْس بِهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن خلف بن عُثْمَان الْمُحب البهوتى بِالضَّمِّ القاهري الشَّافِعِي السعودي نِسْبَة لطريقة الْفُقَرَاء السعودية وَيعرف بالبهوتي. ولد سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلاه لأبى عمر وعَلى النُّور على السفطى بِالْفَاءِ الضَّرِير وَعرض الْعُمْدَة والمنهاج وألفية ابْن ملك على البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والأبناسي والعراقي بل سمع عَلَيْهِ وعَلى غَيره واشتغل فِي الْفِقْه على شمس الغراقى وَحضر فِي النَّحْو عِنْد الشهَاب الْخَواص وَحج فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة، وَدخل دمياط وَغَيرهَا وَأَجَازَ لَهُ)
عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَخلق باستدعاء الزين رضوَان وَوَصفه بِأحد الْقُرَّاء بالخانقاه الناصرية المستجدة بالصحراء وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الجزازين أجازلى. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع أَو الْمحرم سنة خمس وَخمسين رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عبد الله بن سُلَيْمَان بن عمر بن الشَّيْخ مُحَمَّد صَاحب الْخضر الْمَشْهُور قَبره بالقرافة ابْن سَيِّدي أبي الْعَبَّاس الحراز الْعِزّ التكروري الأَصْل القرافى القاهري الْمَالِكِي الكتبي وَيعرف بالعز التكروري وَرُبمَا كَانَ يُقَال لَهُ قَدِيما الغاني نِسْبَة إِلَى لغانة مَدِينَة بالتكرور. ولد فِي أَوَائِل سنة أحدى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالقرافة الْكُبْرَى وَحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عمر وعَلى الزراتيتي والعمدة(7/2)
والرسالة وألفيه ابْن ملك وعرضها على جمَاعَة لم يجز مِنْهُم غير التلواني وَأخذ الْفِقْه عَن الشهَاب الصنهاجى وَالشَّمْس بن عمار والنحو وَالْعرُوض وَعلم الْغُبَار عَن نَاصِر الدّين البارنبارى والفرائض عَن الشَّمْس الغراقي.
وَحج سنة تسع عشرَة وَبعدهَا وَكتب على الشَّمْس والوسيمى واسناد الزين عبد الرَّحْمَن بن الصَّائِغ فأجاد وَصَارَ لَهُ خطّ حُلْو جدا متقن قَالَ وَقلت فِي حَال كتابتي عَلَيْهِ وعمري إِذْ ذَاك دون الْعشْرين فِي مليح نَاسخ وأشرت إِلَى قلم الْأَشْعَار وقلم الْمُحَقق وَالريحَان وَالْغُبَار:
(لما شغفت بناسخ ناديته ... فِي مِيم ثغرك تنشد الْأَشْعَار)
(نَادَى قلام الخد قلت محققا ... ريحَان خدك مَا عَلَيْهِ غُبَار)
وشارك فِي الْفَضَائِل وَله نَوَادِر وأخبار ظريفة، وتنزل فِي الْجِهَات وَسمع على التنوخي أَشْيَاء مِنْهَا جُزْء أَبى الجهم وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي وَجَمَاعَة وَنَبَّهنَا عَلَيْهِ الْعَلَاء القلقشندي وَكَانَ يجلس عِنْده فِي سوق الْكتب وَأخذ عَن التقى بن حجَّة شرح البديعية لَهُ وَكتب بِخَطِّهِ مِنْهُ عدَّة نسخ وتعانى النّظم وَتقدم فِي صناعَة الْكتب بِحَسب الْوَقْت وَصَارَ فِي سوقه عين الْجَمَاعَة وراج أمره بِسَبَبِهَا وَلزِمَ الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وَالْجمال نَاظر الْخَاص فأثرى وَجَرت على يَدَيْهِ من قبلهمَا مبرات كل ذَلِك مَعَ الدّيانَة وَالْأَمَانَة والتواضع وَالْعقل والتودد والخبرة بِالزَّمَانِ وَحسن الصمت وملازمة التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة وَقد حدث باليسير أخذت عَنهُ أَشْيَاء وكتبت عَنهُ قَوْله:
(سكنت الْقلب يَا رَحْمَة ... وبى من عذلى غمه)
(فان لاموا فَلَا بدع ... فَمَا فِي قلبهم رَحمَه)
)
مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ بمصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن فِي الصَّحرَاء، وَكَانَ صديقا للبدر الْبَغْدَادِيّ القَاضِي قلم يتم بعده شهرا رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْفَقِيه عُثْمَان بن عمر بن عمرَان الدِّمَشْقِي الصالحى الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بشقير. ولد سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَذكر أَنه سمع بِجَامِع بني أُميَّة الْمُحب الصَّامِت وَابْن السراج فاستجازه صاحبنا ابْن فَهد مَاتَ فِي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عمر أَبُو عبد الله التّونسِيّ الْمَالِكِي نزيل الْحَرَمَيْنِ وَيعرف بالوانوغى بتَشْديد النُّون المضمومة وَسُكُون الواوا وَبعدهَا مُعْجمَة. ولد ظنا فِي سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة بتونس وَنَشَأ بهَا فَسمع من مسندها ومقرئها وَأبي الْحسن بن أبي الْعَبَّاس البطرنى خَاتِمَة أَصْحَاب ابْن الزبير بِالْإِجَازَةِ وَمن ابْن عَرَفَة وانتفع بِهِ فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير والأصلين والمنطق وعلوم الْحساب والهندسة وَعَن(7/3)
أبي الْعَبَّاس الْقصار عدَّة كتب فِي الْعَرَبيَّة وَعَن آخَرين واعتنى بِالْعلمِ وَأتم عناية وَكَانَ عَارِفًا بالتفسير والأصلين والمنطق والعربية والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وَغَيرهَا وَأما الْفِقْه فمعرفته بِهِ دون مَعْرفَته بهَا مَعَ حسن الْإِيرَاد للتدريس وَالْفَتْوَى والاستحضار لنكت طريفة وأشعار لَطِيفَة وطراوة نَغمَة فِي إنشادها ومروءة تَامَّة ولطف عشرَة وَكَونه لشدَّة ذكائه وَسُرْعَة فهمه إِذا رأى شَيْئا وعاه وَقَررهُ وَإِن لم تسبق لَهُ بِهِ عناية، وَقد درس وَأفْتى وَحدث وَأذن فِي الرِّوَايَة لجَماعَة مِمَّن لقيتهم وَله أجوبة عَن مسَائِل عِنْد صاحبنا النَّجْم بن فَهد بل لَهُ تأليف على قَوَاعِد ابْن عبد السَّلَام زَاد عَلَيْهِ فِيهِ وَتعقب كثيرا وَكَذَا أرسل من الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة بأسئلة عشْرين دَالَّة على فضيلته ليكتب عَلَيْهِمَا عُلَمَاء مصر أجَاب عَنْهَا الْجلَال البُلْقِينِيّ إِلَى غير ذَلِك من فتاو كَثِيرَة مُتَفَرِّقَة يَقع لَهُ فِيهَا بل وَفِي كل مَا تقدم مخالفات كَثِيرَة للمنقول وَمُقْتَضى الْقَوَاعِد مِمَّا يُنكر عَلَيْهِ سِيمَا مَعَ تلفته لمراعاة السَّائِلين بِحَيْثُ يَقع لَهُ بِسَبَب ذَلِك مناقضات، وَكَذَا عيب بِإِطْلَاق لِسَانه فِي أَعْيَان من الْعلمَاء خُصُوصا شَيْخه ابْن عَرَفَة وَمن هُوَ أَعلَى وأقدم كالتقى والسبكي بل والنووى. وَجَاز كتبا كَثِيرَة وَدُنْيا وَاسِعَة بِالنِّسْبَةِ لمثله فأذهبها بإقراضها للْفُقَرَاء مَعَ مَعْرفَته بحالهم وَلَكِن يحملهُ على ذَلِك رغبته فِي الرِّبْح الْمُلْتَزم فِيهَا وناله بِسَبَب ذَلِك مَا لَا يَلِيق بالعلماء من كَثْرَة تردده للباعة وأغراض بَعضهم عَنهُ حَال طلبه. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الآخر سنة تسع عشرَة بعد عِلّة طَوِيلَة وَدفن من قبر الشَّيْخ أبي الْحسن الشولى بالمعلاة.)
تَرْجمهُ الفاسي فِي مَكَّة مطولا وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ وَفِي تَرْجَمته عِنْده فَوَائِد وَكَذَا تَرْجَمته فِي تَارِيخ الْمَدِينَة، والتقى بن فَهد فِي مُعْجَمه، والمقريزي فِي عقوده وَشَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ إِنَّه برع فِي الْفُنُون مَعَ الذكاء المفرط وَقُوَّة الْفَهم وَحسن الْإِيرَاد وَكَثْرَة النَّوَادِر المستظرفة وَالشعر الْحسن والمروءة التَّامَّة والبأو الزَّائِد وَشدَّة الْإِعْجَاب بِنَفسِهِ والإزدراء بمعاصريه وَكَثْرَة الوقيعة فِي أَعْيَان الْمُتَقَدِّمين وعلماء الْعَصْر وشيوخهم فلهجوا بِذِمَّة وتتبعوا أغلاطه فِي فَتَاوِيهِ وَجَرت لَهُ محن أَقَامَ بِمَكَّة مجاورا ثمَّ بِالْمَدِينَةِ دهرا مُقبلا فِي كليهمَا على الأشغال والتدريس والتصنيف والإفتاء والإفادة اجْتمعت بِهِ فيهمَا وَسمعت من فَوَائده وَله أسئلة مشكلة كتبهَا للْقَاضِي جلال الدّين البُلْقِينِيّ فَأَجَابَهُ عَنْهَا ثمَّ بعث هُوَ بِنَقْض الْأَجْوِبَة عَفا الله عَنهُ: مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الْمُحب بن الشهَاب الريشي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي نزيل الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة والماضي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الكوم الريشى. مَاتَ(7/4)
فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين غير مأسوف عَلَيْهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن نعيم بِالْفَتْح ثمَّ الْكسر ابْن مقدم بِكَسْر الدان الْمُشَدّدَة وَوَجَدته أَيْضا بِفَتْحِهَا ابْن مُحَمَّد بن حسن بن غَانِم بن مُحَمَّد بن عليم بِضَم الْعين وَآخره مِيم الشَّمْس أَبُو عبد الله الْبِسَاطِيّ ثمَّ القاهري الْمَالِكِي عَالم الْعَصْر ووالد عبد الْغَنِيّ وَمُحَمّد وَهَكَذَا قَرَأت نِسْبَة بِخَطِّهِ وَأسْقط مرّة مُحَمَّدًا قبل عليم، وَيعرف بالبساطي. ولد فِي سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة قيل فِي الْمحرم وَقبل فِي سلخ جُمَادَى الأولى وَقيل فِي صفر وَهُوَ الْمُعْتَمد وَرَأَيْت الْعَفِيف الجرهي لأرخه فِي مشيخته بآخر الْمحرم سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ فَالله أعلم ببساط من قرى الغربية بِالْأَعْمَالِ البحرية من أَعمال مصر بهَا وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والرسالة لِابْنِ أبي زيد ثمَّ ارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة ثَمَان وَسبعين فعرضها على ابْن عَم أَبِيه الْعلم سُلَيْمَان بن خَالِد بن نعيم واشتغل بِالْعلمِ وَأول من أَخذ عَنهُ من الْمَشَايِخ كَمَا قرأته بِخَطِّهِ النُّور الجلاوى المغربي الْمَالِكِي ولازمة نَحْو عشر سِنِين فِي الْفِقْه والعقليات وَغَيرهَا وَكَانَ يذهب إِلَيْهِ لمصر مَاشِيا وَلما مرض أَشَارَ عَلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ فِي العقليات على الْعِزّ بن جمَاعَة فلازمه فِيمَا كَانَ يقرئه من الْعُلُوم عقليها ونقليها وَكَذَا انْتفع فِي الْفِقْه مَعَ فنون كَثِيرَة وأكثرها أصُول الْفِقْه لِابْنِ خلدون وَفِي العقليات بالشيخ قنبر العجمي واشتدت ملازمته وأحبه الشَّيْخ حَتَّى أَنه خصّه بالاجتماع بِهِ دون رفقائه لما رأى من مزِيد اهتمامه بِالْعلمِ)
دونهم وَأخذ أَيْضا كثيرا من الْفُنُون عَن أكمل الدّين والعز الرَّازِيّ وزاده الحنفيين وأصول الْفِقْه مَعَ الْفِقْه والعربية عَن الشَّمْس أبي عبد الله الركراكي قَرَأَ عَلَيْهِ مختصرى ابْن الْحَاجِب الفرعي وَالْأَصْل وغالب الحاجبية، والعربية وَحدهَا عَن الشَّمْس الغماري وَالْفِقْه أَيْضا عَن ابْن عَم أَبِيه الْعلم سُلَيْمَان التَّاج بهْرَام والزين عبيد البشكالسي وَيَعْقُوب الراكراكي والفرائض والحساب عَن الشهَاب بن الهائم والهندسة عَن الْجمال المارداني والقراءات عَن النُّور الدَّمِيرِيّ أخي بهْرَام فِي آخَرين، وَسمع البُخَارِيّ على ابْن أبي الْمجد وَكَانَ يذكر أَنه سَمعه على التقى الْبَغْدَادِيّ فِي سنة تسع وَسبعين وَهُوَ مَعَ مُسلم على التقى الدجوى وَالْجمال بن الشرائحي والصدر الأبشيطى بفوت فيهمَا على الثَّانِي فَقَط وبفوت فِي البُخَارِيّ فَقَط على الْأَخير وصحيح البُخَارِيّ فَقَط على الغمارى وَابْن الكشك والتقي بن حَاتِم بفوت على الْأَخير وَحده وَبَعض سِنِين أَبى دَاوُد على الغماري والمطرز وَسنَن ابْن مَاجَه على الشهَاب الْجَوْهَرِي وثمانيات النجيب على الْجمال الْحَنْبَلِيّ وَسمع أَيْضا على النَّجْم بن(7/5)
رزين والتنوخي والابناسي ابْن خلدون وَابْن خير فِي آخَرين واستفاد من الزين الْعِرَاقِيّ، وَلم يكثر بل كَمَا قَالَ شَيخنَا لم يطْلب الحَدِيث أصلا وَلَا اشْتغل بِهِ وَإِنَّمَا وَقع لَهُ ذَلِك اتِّفَاقًا، وَكَانَ فِي شبيبته نَابِغَة فِي الطّلب وَلم يزل يدأب فِي الْعُلُوم ويتطلب الْمَنْطُوق مِنْهَا وَالْمَفْهُوم حَتَّى تقدم فِي الْفِقْه والأصلين والعربية واللغة والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَالْحكمَة والجبر والمقابلة والطب والهيئة والهندسة والحساب وَصَارَ إِمَام عصره وفريد دهره وَيُقَال أَنه قَالَ مرّة أعرف نَحْو عشْرين علما لي نَحْو عشْرين سنة مَا سُئِلت عَن مسئلة مِنْهَا، مَعَ تجرع مَا كَانَ فِيهِ من الْفَاقَة والتقلل الزَّائِد بِحَيْثُ أخبر عَن نَفسه كَمَا قَالَ المقريزي أَنه كَانَ ينَام على قَشّ الْقصب وَبِمَا مَضَت الْأَيَّام وَلَيْسَ مَعَه الدِّرْهَم بِحَيْثُ يضْطَر لبيع بعض نفائس كتبه إِلَى أَن تحرّك لَهُ الْحَظ وَأَقْبل عَلَيْهِ السعد فَأثْنى عَلَيْهِ البنان وَاللَّفْظ فَكَانَ أول تدريس وليه تدريس الْفِقْه بالشيخونية فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة ثمَّ بالصاحبية وولاه جمال الدّين تدريس الْفِقْه بمدرسته أول مَا فتحت سنة إِحْدَى عشرَة وعظمه جدا مَعَ كَونه أفتى بِالْمَنْعِ من قتل من كَانَ غَرَضه قَتله مُخَالفا فِي ذَلِك أهل مذْهبه حَتَّى قاضيهم وَمَا اقْتصر على ذَلِك بل أحسن إِلَيْهِ أَيْضا، ثمَّ مشيخة التربة الناصرية فرج بن برقوق بالصحراء فِي سنة ثَمَانِي عشرَة بعناية نَائِب الْغَيْبَة الْأَمِير ططر ثمَّ قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالديار المصرية فِي خَامِس عشرى جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث)
وَعشْرين بعد موت الْجمال عبد الله بن مقداد الأقفهسي وَذَلِكَ فِي آخر أَيَّام الْمُؤَيد وَقدمه على قَرِيبه الْجمال يُوسُف رغب فِيمَا ذكر لَهُ عَنهُ من الْفَاقَة وَالتَّعَفُّف مَعَ سَعَة الْعلم وَكَونه أفقه وَأكْثر معرفَة بالفنون مِنْهُ وَإِن كَانَ الْجمال أسن وأدرب بِالْأَحْكَامِ وأشهم كَمَا قَالَه شَيخنَا فيهمَا، هَذَا بعد أَن كَانَ نَاب قَدِيما عَنهُ حِين كَانَ قَاضِيا بل وناب أَيْضا عَن غَيره كَمَا قَالَ شَيخنَا ثمَّ ترك، وَكَانَت لشَيْخِنَا فِي ولَايَته البد الْبَيْضَاء على مَا بَلغنِي مَعَ قيام ططر أَيْضا وَكَذَا اسْتَقر فِيمَا كَانَ مَعَ الْجمال الْمَذْكُور من التداريس بالبرقوقية والفخرية والقمحية وَرغب عَن الشيخونية حِينَئِذٍ لِلشِّهَابِ بن تقى لكَونه كَانَ عين للبرقوقية فاختارها القَاضِي لقربها مِنْهُ وَأَعْطَاهُ الصاحبية أَيْضا وَاسْتمرّ على ولَايَته إِلَى أَن مَاتَ، وسافر مَعَ السُّلْطَان فِي جملَة الْقُضَاة والخليفة مرّة بعد أُخْرَى، بل وجاور بِمَكَّة سنة بَينهمَا وَكَانَ القَاضِي هُنَاكَ على قدم عَظِيم من الْعِبَادَة وَكَثْرَة التِّلَاوَة وأقرأ كتبا وانتفع بِهِ جمَاعَة امتدحه مِنْهُم أَبُو السعادات بن ظهيرة، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة عَارِفًا بفنون الْمَعْقُول والعربية والمعاني وَالْبَيَان والأصلين متواضعا لينًا سريع الدمعة رَقِيق الْقلب محبا فِي السّتْر والصفح وَالِاحْتِمَال طارحا للتكلف رُبمَا صَاد السّمك.(7/6)
اشْتهر أمره وَبعد وَصيته وَصَارَ شيخ الْفُنُون بِلَا مدافع وَتخرج بِهِ خلق طَار اسمهم فِي حَيَاته وتزاحم الْأَئِمَّة من سَائِر الْمذَاهب والطوائف فِي الْأَخْذ عَنهُ وَحدث بِالْقَاهِرَةِ وَمَكَّة سمع مِنْهُ الجلة واستدعى شَيخنَا الْإِجَازَة مِنْهُ لوَلَده وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن خطيب الناصرية وَشَيخنَا والمقريزي وَآخَرُونَ فِي تصانيفهم، وَمن تصانيفه المغنى فِي الْفِقْه لم يكمل وشفاء الغليل على كَلَام الشَّيْخ خَلِيل يَعْنِي فِي مُخْتَصره الفرعي لم يكمل أَيْضا بقى مِنْهُ الْيَسِير جدا فَكَلمهُ أَبُو الْقسم النويري وتوضيح الْمَعْقُول وتحرير الْمَنْقُول على ابْن الْحَاجِب الفرعي لم يكمل أَيْضا وحاشية على المطول للتفتازاني وعَلى شرح الْمطَالع للقطب وعَلى المواقف للعضد ونكتا على الطوالع للبيضاوي ومقدمة مُشْتَمِلَة على مَقَاصِد الشَّامِل فِي الْكَلَام وَأُخْرَى فِي أصُول الدّين وَفِي الْعَرَبيَّة وَكتب على مُفْرَدَات ابْن البيطار وَله قصَّة الْخضر ورسالة فِي الْمُفَاخَرَة بَين الشَّام ومصر بديعة فِيمَا بَلغنِي وتقريض على الرَّد الوافر بن نَاصِر الدّين بِسَبَب التقى بن تَيْمِية أَجَاد فِيهِ ولمح بالحط على الْعَلَاء البُخَارِيّ لأجل تجاذبهما فِي ابْن عَرَبِيّ، وَغير ذَلِك مِمَّا لم يظْهر كمصنف فِي ابْن عَرَبِيّ وَشرح للتائية والفارضية فِيمَا قيل مِمَّا لم يثبت أَمرهمَا عِنْدِي، ونظم ونثر من قسم المقبول فَمَا عَلمته من)
نظمه امتداحه لشَيْخِنَا قَدِيما كَمَا هُوَ فِي مَكَان آخر وَقَوله عقب رُجُوعه من الْمُجَاورَة بِمَكَّة:
(لم أنس ذَاك الْأنس وَالْقَوْم هجع ... وَنحن ضيوف والقراء منوع)
(وعشاق ليلى بَين باك وصارخ ... وَآخر مسرور بالوصال ممتع)
(وَآخر فِي السّتْر الآلهي متيم ... تغوص بِهِ الأمواج حينا وترفع)
(وَآخر قرت حَاله فتميزت ... معارفه فِيمَا يروم وَيدْفَع)
(وَآخر أفنى الْكل عَن كل ذَاته ... فَكل الَّذِي فِي الْكَوْن مرءا ومسمع)
(وَآخر لأَكُون لَدَيْهِ وَلَا لَهُ ... رَقِيب بقاحط يثنى وَيجمع)
وَمِمَّا عَلمته من نثره مَا قرض بِهِ سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض مِمَّا أثْبته فِي تَرْجَمته مَعَ غَيره من الْفَوَائِد من ذيل رفع الأصر، وَقد سلف فِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله المغراوي حِكَايَة تدخل فِي تَرْجَمته، وَلم يزل على علو مَكَانَهُ وارتفاع كيوانه حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث عشر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ وَصلى عَلَيْهِ بِبَاب النَّصْر ثمَّ دفن بِجَانِب شَيْخه الْعِزّ ابْن جمَاعَة فِي تربة بنى جمَاعَة بِالْقربِ من تربة سعيد السُّعَدَاء. وَقَالَ شَيخنَا وَهُوَ جَالس بَين القبرين أَنا الْآن بَين بحرين وَأوصى أَن لَا يعلم قَبره بأحجار وأمطرت السَّمَاء مَطَرا خَفِيفا فِي حَال مغتسلة وتكاثر حَالَة الدّفن وَبعدهَا وَلم يخلف بعده فِي فنون مثله وَقد ذكره(7/7)
المقريزي فِي عقوده وَأَنه شرح الْمُخْتَصر وَابْن الْحَاجِب والمغنى ثلاثتها فِي الْفِقْه وَعمل حَاشِيَة على المطول وعَلى شرح الطوالع للقطب ونكتا على المواقف للعضد ومقدمة فِي أصُول الدّين وَأَنه أَقرَأ الْمُخْتَصر الفرعي لِابْنِ الْحَاجِب بِمَكَّة فِي نَحْو مائَة وَعشْرين مَجْلِسا من خَمْسَة أشهر والمختصر الْأَصْلِيّ والطوالع فِي أصُول الدّين وَأَنه أنْشدهُ فِي سنة أَربع عشرَة مِمَّا كتب بِهِ وَهُوَ بالسجن بحماة إِلَى أَصْحَابه وَقد انْقَطَعت مكاتباتهم عَنهُ قَالَ ثمَّ كتبتها من خطة وساقها وَمَا رَأَيْت من ذكر أَنه سجن غَيره فيحرر رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان الشَّمْس التتائي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَيعرف بالهنيدي. ولد بتتا أَو بناحيتها وَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه هرون وَحضر فِي الْفِقْه عَن أبي الْقسم النويري وطاهر والنور والوراق والتريكي المغربي ثمَّ السنهوري فِي آخَرين وأقرأ فِي الطباق وتكسب بِالشَّهَادَةِ وباشر لمثقال الساقي ثمَّ لقايتباى فِي إمرته وأبعده قبيل سلطنته بل ضَرْبَة، وَكَانَ ذَا نظم وَمَعْرِفَة بالتركي مَعَ جَرَاءَة وَحج. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَتِسْعين وَقد جَازَ)
السّبْعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْعِزّ بن أَحْمد بن أبي الْعِزّ بن صَالح الْأَذْرَعِيّ بن الثور. هَكَذَا كتبه بَعضهم وَمُحَمّد زِيَادَة بل هُوَ أَحْمد وَقد مضى.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عطيف الْفَقِيه الْأَجَل الصَّالح الْجمال الْأمين تفقه بعد حفظه الْمِنْهَاج بخاله الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد النَّاشِرِيّ وبابن خَاله القَاضِي أَحْمد ابْن أبي الْقسم. ذكره الْعَفِيف وَلم يؤرخه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن علوان بن نَبهَان بن عمر بن نَبهَان بن عباد نَاصِر الدّين بن الشهَاب الجبريني الناصري الْحلَبِي وَيعرف بأبن نَبهَان. ولد سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا. وَمَات ظنا بعد سنة خمسين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد المحسن السخاوي الْمُؤَدب نزيل مَكَّة. سَيَأْتِي فِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ قَرِيبا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد المغيث بن مصطفى ابْن فضل بن حَمَّاد بن إِدْرِيس الشَّمْس بن الشهَاب النشرتي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ولد كَمَا قرأته بِخَط أَبِيه فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشرى رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وجوده على بعض الْقُرَّاء والعمدة والتنبيه وَغَيرهمَا وَعرض واشتغل فِي الْمِيقَات والحساب والعربية وَنَحْوهَا وَمن شُيُوخه فِي ذَلِك نور الدّين النقاش وَعبد الْعَزِيز الوفائي والمحب بن الْعَطَّار وَسمع الحَدِيث مَعَ الْوَلَد على جمَاعَة بل أَخذ فِي مَكَّة عَن التقى بن فَهد وَغَيره ولازمني(7/8)
حَتَّى قَرَأَ على القَوْل البديع وترجمة النووى وَغَيرهمَا من تصانيفى وبذل الماعون والخطب وَغَيرهمَا من تصانيف شيخى وألفية السِّيرَة للعراقي وَأَشْيَاء وَكَذَا كتب عَنى فِي مجَالِس الْإِمْلَاء وَحصل أَشْيَاء من تصانيفى وأجوبتي وَقَرَأَ أَيْضا على الْفَخر الديمى جملَة وعَلى البقاعي مُخْتَصر الرّوح لَهُ وعَلى أبي حَامِد الْقُدسِي، واعتنى بتحصيل الْكتب واشتدت رغبته فِي الاستفادة حَتَّى صَار متقنا مُفِيدا بارعا فِي الْمِيقَات والحساب ذَا إِلْمَام بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيرهَا مجيدا لقِرَاءَة الحَدِيث مَعَ تواضع وَخير وثقة وإقبال على شَأْنه أَقرَأ فِي الطباق، وَحج وتنزيل فِي صوفية الصلاحية والبيبيرسية والجمالية، وباشر التوقيع فِي جَامع آل ملك بل أم بِهِ. مَاتَ بعد توعكه مُدَّة بِطرف استسقاء فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء منتصف)
رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد تجاه جَامع آل ملك وَدفن بِالْقربِ مِنْهُ عِنْد أسلافه، وَلم يخلف بِتِلْكَ الخطة فِي مَعْنَاهُ مثله رَحمَه الله وإيانا. وَرَأَيْت ألفية الْعِرَاقِيّ السِّيرَة بِخَط شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد المغيث بن مصطفى ابْن فضل بن حَمَّاد بن إِدْرِيس النشرتي الْمَالِكِي كتبهَا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وسمعها من ناظمها فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَهُوَ قريب لهَذَا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن التقي أبي الْفضل سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر مُحَمَّد بن أَحْمد بن قدامَة الشَّمْس أَبُو عبد الله بن النَّجْم بن الْفَخر بن النَّجْم بن الْعِزّ الْمَقْدِسِي الدمشقى الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ نزيل الْقَاهِرَة. وَيعرف بالخطيب ابْن أبي عمر. ولد فِي عَشِيَّة عيد الْفطر سنة خمس وَثَمَانمِائَة بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على إِبْرَاهِيم الْخفاف الْحَنْبَلِيّ أحد الصلحاء وَحفظ الخرقى، وَقَالَ أَنه قَرَأَ فِي الْفِقْه على زوج أمه أبي شعر وَغَيره بِدِمَشْق وعَلى الْمُحب بن نصر الله بِالْقَاهِرَةِ وَأَنه سمع على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي فِي السِّيرَة بِقِرَاءَة ابْن مُوسَى زَاد غَيره من الطّلبَة أَنه وقف على سَمَاعه عَلَيْهَا لقطعة من ذمّ الْكَلَام للهروى بِقِرَاءَة ابْن مُوسَى أَيْضا وَأَنه سمع على الْجمال بن الشرائحي والشهاب بن حجي، وَمِمَّا سَمعه على أَولهمَا الْجُزْء الأول من مشيخة الْفَخر. وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا أَولهَا فِي سنة سبع وَعشْرين وَسمع بهَا فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين بِحَضْرَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ على ابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَكَذَا حج جاور غير مرّة أَولهَا فِي سنة عشْرين مَعَ زوج أمه ثمَّ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسمع على ابْن الْجَزرِي فِي مُسْند أَحْمد وَمن ذَلِك الْخَتْم وعَلى عَائِشَة الكنانية عَارِية الْكتب لليزدى، وناب فِي الْقَضَاء بِبَلَدِهِ عَن ابْن الحبال ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن الْعِزّ الْبَغْدَادِيّ(7/9)
فَمن بعده وَجلسَ بحانوت الْقصر وقتا، وأضيف إِلَيْهِ بعد موت الشّرف بن الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ قَضَاء الْعَسْكَر ثمَّ بعد موت الْبَدْر نَفسه تصدير بِجَامِع عَمْرو وجهة يُقَال لَهَا بلاطة بنابلس وَولى خطابة الْجَامِع الْجَدِيد بِمصْر والإمامة بِهِ وإعادة بالمنصورية وَاسْتِيفَاء جَامع طولون وَصَارَ يكثر الْخلطَة بِأَهْل المناوآت لذَلِك وَالْإِقَامَة عِنْدهم وابتنى هُنَاكَ مَكَانا والتصوف بالبرقوقية بل تحدث فِي استقراره فِي الْقَضَاء عقب الْبَدْر الْمشَار إِلَيْهِ ثمَّ ترشح لَهُ أَيْضا فِي أَيَّام الْعِزّ الْكِنَانِي فَكف الْجمال نَاظر الْخَاص السُّلْطَان عَن ولَايَته وعرفه بمكانته وَكَذَا ذكر بعد مَوته)
لذَلِك فَمَا تهَيَّأ وتألم جدا وَقد كتب بِخَطِّهِ الْكثير كتاريخ ابْن كثير وطبقات الْحفاظ للذهبي والمغنى لِابْنِ قدامَة وَالْفُرُوع لِابْنِ مُفْلِح وَرُبمَا أفتى بِأخرَة وهش وانجمع مَعَ عدم دربة خبْرَة وَسُرْعَة بادرة وَرغب من الِاسْتِيفَاء وَغَيره وَتردد إِلَيْهِ صغَار الطّلبَة للسماع بِحَيْثُ حدث بمسموعة من ذمّ الْكَلَام وَبِغير ذَلِك، وَكتب على الاستدعاءات وَكنت مِمَّن حدث بِحَضْرَتِهِ بأَشْيَاء من جُمْلَتهَا مسموعة من ذمّ الْكَلَام وَهُوَ من بَاب فِي ذكر أَشْيَاء من هَذَا الْبَاب ظَهرت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الطَّبَقَة السَّادِسَة وَمن قَوْله فِيهِ إِلَى وَأَجَازَ لنا وَلَا زَالَ فِي تنَاقض مُقيما بالبرقوقية.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد البعلي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن حبيب وَهُوَ لقب أَبِيه. ولد فِي مستهل شعْبَان سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ببعلبك. وَمَات بهَا فِي حُدُود سنة وَسبعين. قَالَه البقاعي.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس السفطرشيني نِسْبَة لسفط رشين من البهنساوية نزيل سويقة عصفر وَمن الْقَاهِرَة مِمَّن أَخذ عَن الْبُرْهَان النعماني وَأرْسل بِهِ إِلَى فَسمع منى المسلسل فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سِتّ وَتِسْعين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن إِدْرِيس الْبَدْر أَبُو الْفضل بن الْبَدْر العلائي الرُّومِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ نزيل تربة قانم وربيب سعد الدّين الكماخي، والماضي جده. ولد فِي لَيْلَة رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بالديلمية، وَمَات أَبوهُ وَهُوَ طِفْل فَكَفَلَهُ جده الْمشَار إِلَيْهِ، وَحفظ الْقُرْآن والقدورى والمنار والكافية وَبَعض الشاطبية وتلا للعشر فأزيد على الزين جَعْفَر وَابْن الحمصاني وَغَيرهمَا وَأخذ عَن الزين قَاسم والأمين الاقصرائي وتلميذه الصّلاح الطرابلسي فِي الْفِقْه ولازم فِي الْعَرَبيَّة وَالصرْف والمنطق والمعاني وَغَيرهمَا التقى والْعَلَاء الحصنيين واعتنى بالتردد للقادمين كملا حسن شلبي وملا أبي الْقسم اللَّيْثِيّ السَّمرقَنْدِي وحبِيب الله، وَطلب الحَدِيث وقتا وَسمع الحَدِيث وَطلب يَسِيرا وَأخذ عني أَشْيَاء دراية(7/10)
وَرِوَايَة بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره وَكَذَا لَازم الديمي وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح النخبة وَلبس الْخِرْقَة من عَليّ حفيد يُوسُف العجمي وَأخذ عَنهُ ريحَان الْقُلُوب لجده وَغير ذَلِك وَحج وَأخذ بِمَكَّة عَن النَّجْم بن فَهد وبالمدينة عَن أبي الْفرج المراغي، مَعَ عقل وَسُكُون وتعفف وميل للغرباء وخضوع لَهُم أَكثر من خضوعه لمن هم فِي مرتبَة شيوخهم، وَصَارَ إِلَيْهِ بعض)
الْجَوَامِع بالروضة فَتوجه لإصلاحه وَالسُّكْنَى هُنَاكَ وَرُبمَا خطب بِهِ، وَنعم الرجل.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن اسحق بن مُحَمَّد القَاضِي شمس الدّين الخليلي الدَّارِيّ، عرف بِابْن الْمُحْتَسب. ولد سنة شرة وثمان وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل وَحفظ الْمِنْهَاج وَعرضه على جمَاعَة من المصريين وَغَيرهم وَسمع على إِبْرَاهِيم بن حجي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد التدمري وَلكنه لم يشْتَغل، وَولى قَضَاء بَلَده بعد أَبِيه فَلم يحمد، وأضر بِأخرَة فولى أَخُوهُ إِبْرَاهِيم. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين بِالْقَاهِرَةِ لما طلب هُوَ وَأَخُوهُ بِسَبَب صهره أبي بكر أَمِير جرم بعلة الْبَطن.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْحسن عَليّ بن أبي بكر بن حسن الشَّمْس البتوكي بِضَم الْمُوَحدَة ثمَّ الْمُثَنَّاة وَآخره كَاف وبتوكة من الْبحيرَة القاهري الظَّاهِرِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بالنحريري لكَون بعض أجداده من قبل أمه مِنْهَا. ولد قبل سنة عشْرين تَقْرِيبًا بالظاهرية الْقَدِيمَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع وَقَرَأَ على الشَّمْس العفصي وحبِيب والشهاب بن هَاشم والنور الإِمَام وَغَيرهم بَعضهم تجويدا وَبَعْضهمْ لأبي عمْرَة وَكَذَا حفظ الْعُمْدَة والرسالة وألفية النَّحْو وَبَعض ابْن الْحَاجِب وَعرض فِيمَا قَالَ على الْوَلِيّ العرافي والبيجوري والبساطي والمحب بن نصر الله وَشَيخنَا والشهاب الصنهاجي وَصَالح المغربيين فِي آخَرين، وَحضر فِي دروس الْبِسَاطِيّ بلَى قَرَأَ كثيرا فِي الْفِقْه على الزين عبَادَة وَفِي الْعَرَبيَّة على يحيى الدماطي وَكَذَا أَخذ عَن طَاهِر وَغَيره، وَسمع على شَيخنَا وَابْن نصر الله وَعَائِشَة الحنبلية وَجَمَاعَة قَرَأَ الشفا وَغَيره على بعض الْمُتَأَخِّرين فَأحْسن الْقِرَاءَة فِيمَا يكون مضبوطا، وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء ابْن فَهد فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ خلق، وَتزَوج البقاعي أم زَوجته فنقم عَلَيْهِ الطّلبَة كَونه وَصفه بِزَوْج حماتي، وتنزل فِي بعض الْجِهَات وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل استنابه الولوى السُّيُوطِيّ فِي الجيزة لاختصاصه بِهِ ثمَّ تَركهَا وَتردد إِلَى أوقاتا وَقَرَأَ على الزين زَكَرِيَّا وَحج وأثكل ابْنه عبد الْقَادِر فصير وَقد انْقَطع وَكَانَ أَبوهُ خيرا تَاجِرًا يتكسب بِالتِّجَارَة فِي الشّرْب وَغَيره مِمَّن حفظ الْقُرْآن والرسالة واشتغل قَلِيلا وَصَحب الزين عبَادَة.
وَمَات أعنى أَبَاهُ فِي لَيْلَة سَابِع عشرى رَجَب سنة سِتّ(7/11)
وَخمسين عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر القَاضِي جمال الدّين بن القَاضِي أبي الْفضل لن القَاضِي موفق الدّين النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. ولى قَضَاء زبيد بعد وَفَاة عَمه عبد الْمجِيد إِلَى أَن)
مَاتَ فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة أَربع وَسبعين مَعَ كَونه غير مشكور فِي قَضَائِهِ لكنه كَانَ جوادا مطعاما مفضالا على حسب وسعة وَكَانَ قد تفقه قَلِيلا بالجمال مُحَمَّد بن نَاصِر الْحُسَيْنِي بَلَدا أحد تلامذة ابْن الْمقري. أَفَادَهُ لي بعض ثِقَات اليمانيين.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن حُسَيْن تَقِيّ الدّين بن الشهَاب الْعَبَّادِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ وَقد ناف على الثَّلَاثِينَ فِي يَوْم الْجُمُعَة مستهل رَجَب سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد الْجُمُعَة بالازهر، وَكَانَ قد اشْتغل عِنْد أَبِيه وَعم وَالِده السراج وَقَرَأَ فِي بعض تقاسيمه وَآخَرين، وَجلسَ مَعَ الشُّهُود وتنزل فِي الْجِهَات عَفا الله عنخ ورحمه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن خَليفَة الشَّمْس الدكماوي المنوفي ثمَّ القاهري الازهري الْحَنَفِيّ أَخُو على الْمَاضِي ويلقب حُذَيْفَة لمحبة أَبِيه فِي حُذَيْفَة بن الْيَمَان الصَّحَابِيّ. ولد فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بدكما، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتحنف لما اسْتَقر فِي امامة الْمدرسَة السودونية فِي سويقة الْعُزَّى وخطابتها عوضا عَن الْبَدْر حسن الْقُدسِي بل كَانَ يتَكَلَّم فِي أوقافها وَأخذ عَن الْأمين الاقصرائي وَغَيره وَحج واختص بِغَيْر وَاحِد من الْأُمَرَاء وَكَانَ حسن الشكالة تَامّ الْكَرم عَظِيم الهمة مَعَ من يَقْصِدهُ كثير التودد وَالْعقل. مَاتَ فِي أَوَائِل ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن خَلِيل السنهوري الدمنهوري. ولد فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بدمنهور الْوَحْش وَقدم الْقَاهِرَة فَكَانَ صانع حمام بحلق وَيغسل مَعَ محبَّة فِي الْعلم وَأَهله ومعارف. ذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ تردد إِلَى سِنِين وَحكى عَنهُ من صنائع أَبنَاء حرفته مَا لَا أطيل بِهِ، وَلم يؤرخ وَفَاته.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الرُّكْن المعري ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي مِمَّن ينتسب إِلَى أبي الْهَيْثَم التنوخي عَم أبي الْعَلَاء المعري. ولد سنة بضع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وتفقه وَأخذ عَن الزين الباريني والتاج بن الدريهم وبدمشق عَن التَّاج السُّبْكِيّ، وَكتب بِخَطِّهِ من الْكتب الْكِبَار الْكثير المتقن مَعَ ضعفه وخطب بِجَامِع حلب مُدَّة وَأَنْشَأَ خطبا فِي مجلده، وَكَانَ حاد الْخلق كثير الْبر وَالصَّدَََقَة وَله نظم وسط بل نَازل فَمِنْهُ فِي معالج: جسمي سقيم من هوى مهفهف يعالج(7/12)
كَيفَ تَزُول علتي وممرضى معالج)
وَمِنْه:
(أَحْبَبْت رساما كبدر الدجى ... بل فاق فِي الْحسن على الْبَدْر)
(فَقلت مَا ترسم يَا سَيِّدي ... قَالَ بتعذيبك بالهجر)
مَاتَ فِي الكائنة الْعُظْمَى سنة ثَلَاث. ذكره ابْن خطيب الناصرية وَأنْشد من نظمه غير ذَلِك وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ النَّحْو وَغَيره وَكَذَا أَخذ عَنهُ ابْن الرسام أَيْضا وَهُوَ ابْن عَم الْجمال السَّابِق لأمه، وَرَأَيْت لَهُ مصنفا سَمَّاهُ روض الأفكار وغرر الحكايات وَالْأَخْبَار وَكتب على ظَهره قريب لَهُ أَنه مَاتَ مقتولا شَهِيدا على يَد تمرلنك لكَونه لقِيه بِكَلَام شَدِيد قَالَ وَكَانَ عَالما صَالحا مفتيا رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أحمدبن عَليّ بن عبد الْخَالِق الشَّمْس الاسيوطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي المنهاجي. ولد كَمَا قَالَ لي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقيل سنة عشر بأسيوط، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد سعد الدّين الواحى وَغَيره والعمدة وأربعى النووى الشاطبية والمنهاج الفرعي والأصلي وسطور الْأَعْلَام فِي معرفَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام للحمصي فِيمَا زَعمه وَأَنه عرض على الْجلَال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبيجوري والشرف الأقفهسي والتفهني وقاري الْهِدَايَة والبساطي وَابْن مغلى فِي آخَرين مِنْهُ انجم بن عبد الْوَارِث والحمصي وَأَنه تَلا لأبي عَمْرو على الشمي البوصيري، وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الزكي الْمَيْدُومِيُّ وَالشَّمْس بن عبد الرَّحِيم والبدر بن الْخلال وَعَن الزكي أَخذ النَّحْو أَيْضا وَعَن الشهَاب السخاوي القادم عَلَيْهِم أسيوط مَجْمُوع الكلائى والملحة وَقيل الشهَاب العجيمي وَهُوَ الَّذِي سمعته مِنْهُ والْحَدِيث عَن شَيخنَا والتقي بن عبد الْبَارِي الكفيف وَغَيرهمَا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتعاني الْأَدَب وتميز فِيهِ وامتدح شَيخنَا بقصيدة دالية سَمعتهَا مِنْهُ مَكَّة والقاهرة وكتبتها أوجلها فِي الْجَوَاهِر وَكَذَا كتبهَا عَنهُ البقاعي مِنْهَا:
(ياكعبة قبل الْوُقُوف دَخَلتهَا ... من بَاب شيبَة حمدك المتأكد)
وَجمع فِي الشُّرُوط كتابا سَمَّاهُ جَوَاهِر الْعُقُود ومعين الْقُضَاة وَالشُّهُود فِي مُجَلد ضخم وَأذن لَهُ شَيخنَا فِي الْعُقُود، وَصَحب الْأَمِير جامم قريب الْأَشْرَف برسباي فاختص بِهِ وسافر مَعَه لحلب ثمَّ للشام وَكتب عَنهُ الْفُضَلَاء من نظمه ونثره وَجمع مجاميع فِي الْأَدَب والتاريخ وَلكنه يَرْمِي بالمجازفة وَلَا يحمد فِي شهاداته وَقد أهين بِسَبَبِهَا فِي مَكَّة وَغَيرهَا، وَلما كَانَ مجاورا)
بِمَكَّة قرض للتقي بن فَهد كِتَابه نِهَايَة التَّقْرِيب وَقَرَأَ بهَا البُخَارِيّ مرّة بعد أُخْرَى ثمَّ لقِيه حفيده الْعِزّ بحلب بعد دهر وَكتب عَنهُ من نظمه قصائد، ولقيني بِمَكَّة ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ.(7/13)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الفاسي فِيمَن جده عَليّ بن مُحَمَّد بِمَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن أبي الْفَتْح بن هَاشم بن اسماعيل ابْن إِبْرَاهِيم بن نصر الله بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن الْعَلَاء الْكِنَانِي الرَّمْلِيّ الْعَسْقَلَانِي القاهري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف أَولا بالرملي ثمَّ بالشامي. ولد فِي صفر سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة بالرملة، وانتقل وَهُوَ صَغِير إِلَى مصر فحفظ الْقُرْآن وَالْمقنع وَحضر دروس القَاضِي موفق الدّين ولازم ابْن عَمه القَاضِي نَاصِر الدّين نصر الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح وخدمه ثمَّ أَوْلَاده وَسمع على العرضى مُسْند أَحْمد الا الْيَسِير مِنْهُ مشيخة الْفَخر بن البُخَارِيّ ورباعيات التِّرْمِذِيّ وعَلى أبي الْحرم القلانسي ذيل مشيخته تَخْرِيج الْعِرَاقِيّ والحربيات الْخَمْسَة مَا عدا أَولهَا وجزء الْآثَار وَهُوَ الأول من حَدِيث الزُّهْرِيّ وعَلى الْعِزّ بن جمَاعَة الادب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ وعَلى الْجمال بن نباتة السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وعَلى الْمُحب الخلاطي سنَن الدارقطنى بفوت وَسمع من آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ خلق وَاجْتمعَ بِابْن شيخ الْجَبَل حِين قدم الْقَاهِرَة وَسمع كَلَامه، وَحدث بالكثير بِالْقَاهِرَةِ وَمَكَّة وَغَيرهمَا سمع مِنْهُ خلق كشيخنا وَابْن مُوسَى والأبي وَفِي الْأَحْيَاء سنة خمس وَتِسْعين بعض من سمع مِنْهُ، وَتفرد فِي الدُّنْيَا بِسَمَاعِهِ من العرضى، وناب فِي الْقَضَاء مُدَّة وَصَارَ عين النواب وأكبرهم، وَحج وجاور وَكَانَ شَيخا مُفِيدا حَافِظًا للمقنع مذاكرا بِهِ مَعَ جموده وقصوره، قَالَ شَيخنَا: قَرَأت عَلَيْهِ وَأَجَازَ لأولادي. مَاتَ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَهُوَ فِي عُقُود المقريزى وَإِن الشَّامي تردد إِلَيْهِ دهرا رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله جمال الدّين أَبُو عبد الله الخصرمي التريمى الْعَدنِي الدَّار الشَّافِعِي وَيعرف بَابا فضل. أرسل فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ يستدعى منى الْإِجَازَة وَأَنا بِمَكَّة فَكتب لَهُ ولد فِي سلخ شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ بتريم بِفَتْح الْمُثَنَّاة ثمَّ رَاء ككريم أعظم قرى حضر موت وارتحل مِنْهَا لعدن فاستوطنها وَحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي، وتفقه بقاضيها مُحَمَّد بن أَحْمد الدوعاني الهجراني باحميش وَقَرَأَ صَحِيح مُسلم وَغَيره على قاضيها أَيْضا مُحَمَّد بن)
مَسْعُود بن سعد الْأنْصَارِيّ الخزرجي النجار المكني بِأبي شكيل، واشتغل على غَيرهمَا مِمَّن تقدم عَلَيْهِم فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا، وبرع وتفنن وتصدى للاقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَشرح ألفية الْبرمَاوِيّ فِي الْأُصُول وَعمل الْعدة وَالسِّلَاح فِي أَحْكَام النِّكَاح وَغير ذَلِك وَحج غير مرّة وزار وَعرف مَعَ فضيلته بالصلاح والورع واعتقده أهل تِلْكَ النواحي وَهُوَ(7/14)
سنة ثَمَان وَتِسْعين فِي الْأَحْيَاء.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله الشَّمْس الْحِجَازِي الشريفي الْعَطَّار بِمَكَّة وَشَيخ المقرئين بالجامع ووالد عبد اللَّطِيف الْمَاضِي وَغَيره. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْعقْدَة سنة وَخمْس وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عَليّ الشَّمْس أَبُو الْمَعَالِي بن الشهَاب المقرى وَالِده وَيعرف بِابْن الشَّيْخ عَليّ. ولد عرض على بِحَضْرَة أَبِيه وَجَمَاعَة الْمِنْهَاج والألفية فِي ربيع الثَّانِي سنة تسعين وأجزته.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر بن أَحْمد بن أبي بكر بن سَالم الْجمال أَبُو الْخَيْر ابْن الشهَاب أبي الْعَبَّاس الكلَاعِي الْحِمْيَرِي الشوائطي نِسْبَة لشوائط بلد بِقرب تعز الْيَمَانِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ على. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانِي عشرَة بِمَكَّة، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ بالسبع وَالْعشر على وَالِده وأربعى النووى والملحة ومساعد الطلاب فِي الْكَشْف عَن قَوَاعِد الْإِعْرَاب للنجم الْمرْجَانِي والبردة والشاطبيتين وألفية النَّحْو والْحَدِيث وتلخيص الْمِفْتَاح وإيساغوجى والنخبة لشَيْخِنَا والمنهاج الْأَصْلِيّ والبهجة الوردية وعروض ابْن الْحَاجِب وتتمة الشاطبية فِي الْقرَاءَات الثَّلَاث للواسطى وَثَلَاثَة أَربَاع تحبير التَّنْبِيه للزنكلوني، وَسمع بِمَكَّة من وبالمدينة من الْجمال الكازروني وتفقه فِيهَا بِهِ وَفِي مَكَّة بِأَبِيهِ بحث عَلَيْهِ التَّنْبِيه وَالْوَجِيز للغزالي وبالشهاب الضراسي الْيَمَانِيّ حِين كَانَ مجاورا بِمَكَّة بحث عَلَيْهِ الْبَهْجَة وبإبراهيم الْكرْدِي الشوساري وَإِمَام الدّين أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الشِّيرَازِيّ بحث عَلَيْهِمَا مفترقين نَحْو الرّبع الأول من الحاوى الصَّغِير وَأخذ الْأُصُول عَن الْكرْدِي الْمَذْكُور والنجم الوَاسِطِيّ قَرَأَ على كل مِنْهُمَا منهاج الْبَيْضَاوِيّ وَسمع على ثَانِيهمَا بِقِرَاءَة أَبِيه شَرحه لَهُ، وأجازهما بإقرائهما وَقَرَأَ على إِمَام الدّين الْمشَار إِلَيْهِ قِطْعَة من منهاج الْبَيْضَاوِيّ وغالب التَّلْخِيص وشيئا من الكافية فِي النَّحْو وعَلى السَّيِّد الشريف أصُول الدّين)
قَرَأَ عَلَيْهِ رِسَالَة الزين الخوافي وعقائد النسفى وَشَرحهَا للسعد التَّفْتَازَانِيّ وشيئا من الطوالع للبيضاوي وَأَجَازَ لَهُ، وَتوجه إِلَى الديار المصرية فِي أثْنَاء سنة خمس وَأَرْبَعين فَأخذ عَن جمَاعَة من أعيانها كالتقي الشمني والشرف الْمَنَاوِيّ وَإِمَام الكاملية وَقَرَأَ على شَيخنَا النخبة وَشَرحهَا فِي مجَالِس آخرهَا سَابِع صفر سنة سبع وَأَرْبَعين وَأذن لَهُ فِي إفادتها لمن أَرَادَ وَوَصفه فِي مراسلة عزى فِيهَا أَبَاهُ بِهِ بِأَنَّهُ أَسف عَلَيْهِ كلما عرفه لما انطوى عَلَيْهِ من الْخَيْر وَالْعِبَادَة وطلاقة الْوَجْه وحلاوة اللِّسَان وَقلة الفضول وَكَثْرَة(7/15)
الِاحْتِمَال والإقبال على الِاشْتِغَال بِحَيْثُ أَنه لَا يتفرغ لتناول مَا يسد رمقه. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي رَمَضَان سنة بضع وَأَرْبَعين وَدفن بِالزِّيَادَةِ من حوش سعيد السُّعَدَاء وفجع بِهِ وَالِده عوضهما لله الْجنَّة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر أَو مُحَمَّد سعد الدّين أَبُو البركات بن حَرْب أرغد بن صير الدّين بن ولسع الجبرتي الحبشي وَيعرف كسلفه بِابْن سعد الدّين وَالِد صير الدّين مُحَمَّد الْآتِي ملك الْمُسلمين من الْحَبَشَة كَانَ أَخُوهُ حق الدّين مُحَمَّد الْمَذْكُور فِي الدُّرَر قد حَبسه مُدَّة فاتفق أَنه ملك بعده سنة سِتّ وَسبعين وسلك مسلكه فِي محاربة الحطى وَتمكن فِي الْملك بتؤدة وسياسة واتسعت مَمْلَكَته وَكَثُرت جيوشه، ودام فِي الْملك حَتَّى اسْتشْهد فِي سنة خمس عشرَة فمده مَمْلَكَته نَحْو أَرْبَعِينَ سنة. وَهَكَذَا استفدته من بعض تعاليق شَيخنَا وَلم يذكرهُ فِي إنبائه نعم هُوَ مَذْكُور فِي سنة ربع وَثَمَانمِائَة من حوادثه، وَكَانَ خيرا دينا، وَبعد ثَمَانِيَة أشهر من وَفَاته انتظم شَمل مَمْلَكَته بِأحد أَوْلَاد صير الدّين فان النَّاصِر أَحْمد ابْن الْأَشْرَف صَاحب الْيمن جهزه وَمَعَهُ اخوته التِّسْعَة إِلَيْهَا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عواض. يَأْتِي بِدُونِ أَحْمد.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عِيسَى تَاج الدّين بن زين الدّين الانصاري الدهروطي الأَصْل الريشي المولد القاهري البهائي الشَّافِعِي سبط الْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ ووالد الشهَاب أَحْمد الماضيين وَأَبوهُ وَيعرف بِالْأَنْصَارِيِّ. حفظ الْمِنْهَاج وَعرضه واشتغل فِيهِ عِنْد البيجوري والبرماوي وَغَيرهمَا وناب فِي تفهنة وَغَيرهَا لذا نسب تفهنيا بل نَاب عَن شَيخنَا بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ جَاره. مَاتَ بعد مرض طَوِيل فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وأرخه شَيخنَا فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشري الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَقَالَ إِنَّه لم يُجَاوز السِّتين وَدفن بحوش لجده لأمه يعرف بِالْعَلَاءِ التركماني تجاه الشَّيْخ حسن الجاكى رَحمَه الله.)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن تَقِيّ الدّين أَحْمد بن زكي بن عبد الْخَالِق بن نَاصِر الدّين مَنْصُور بن شرف الدّين طلائع الْجلَال بن الولوى الْمحلى ثمَّ السمنودى الشَّافِعِي الرِّفَاعِي وَيعرف بِابْن الْمحلى. ولد فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسمنود وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد ابْن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود العجمي تلميذ الشَّيْخ مظفر وَعَلِيهِ جوده وَالنِّهَايَة المنسوبة للنووى فِي الْفِقْه ومعظم التَّنْبِيه وَجَمِيع الرحبية فِي الْفَرَائِض وألفيه(7/16)
ابْن ملك والملحة وتصريف الْعُزَّى، وَعرض على قَاضِي الْمحلة الشهَاب العجمي وَأخذ الْفِقْه عَن خَاله الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْزَة الْمَاضِي وَالشَّمْس الشنشى والورورى وَتردد لدرس المناوى والعبادى، والفرائض عَن السراج عمر بن مصلح الْمحلى وَأبي الْجُود وَكَذَا أَخذهَا مَعَ الْعَرَبيَّة عَن بلدية الْعِزّ المناوى، وَحضر فِي الْعَرَبيَّة أَيْضا وَفِي غَيرهَا دروس الشمني والميقات عَن عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ عمر السمنودى وَسمع بِقِرَاءَتِي على شَيخنَا الْيَسِير من آخر الْجُزْء الأول من حَدِيث ابْن السماك فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَخمسين ثمَّ على أبي حَامِد بن الضياء الْمَكِّيّ بهَا سنة وست وَسِتِّينَ دَاخل الْكَعْبَة شَيْئا وَكَانَ مجاورا فِي تِلْكَ السّنة ثمَّ جاور الَّتِي تَلِيهَا وَقَرَأَ بترغيب صاحبنا السنباطي فَأَنَّهُ جاور فِيهَا على أبي الْفَتْح المراغى والزين الأميوطي والتقي بن فَهد والبرهان الزمزمي والأبى والشوائطى وَآخَرين، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وَقد احب الطّلب فَقَرَأَ على الزين البوتيجي والزكي المناوى وَطَائِفَة بِحَيْثُ أكمل الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا، وَأكْثر من التَّرَدُّد إِلَى فِي مجَالِس الْإِمْلَاء والإقراء وَغَيرهَا، وَأقَام بِبَلَدِهِ متصديا للإفادة فَأخذ عَنهُ جمَاعَة وأقرأ الْأَوْلَاد وقتا وَأفْتى وَوعظ وَولى الْعُقُود بهَا وَامْتنع من الدُّخُول فِي الْقَضَاء وَصَارَت لَهُ وجاهة وشهرة فِي تِلْكَ النَّاحِيَة وصنف كتابا فِي أدب الْقَضَاء مُفِيدا قرضته لَهُ وَشرح تائية الْبَهَاء السُّبْكِيّ وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَهُوَ إِنْسَان خير قَانِع متعفف مَعَ فَضِيلَة وعقل وتودد وَحسن عشرَة وإكرام للوافدين مَعَ مزِيد فاقته ورغبة فِي إِزَالَة الْمُنكر، كتبت عَنهُ فِي بَلَده وَغَيرهَا من نظمه وَكَذَا سمع مِنْهُ البقاعي فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ قصيدة عَملهَا فِي كَنِيسَة أحدثت بسمنود وَكتب لي مناما بِخَطِّهِ سَمعه من رائية وَبَالغ فِي إثْبَاته فِي الْوَصْف وخطبه الخيضري ليَكُون شيخ الْمَكَان الَّذِي عمله بجوار ضريح الشَّافِعِي فَقدم فِي سادس ذِي الْحجَّة فَلم يتهيأ لَهُ أَمر بل حصل لَهُ صدع فِي رجله فَأَقَامَ للتداوي مِنْهُ ثمَّ بِمُجَرَّد أَن تصل عَاد لبلده)
فابتدأ بِهِ الضعْف فِي الطَّرِيق وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ بهَا فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع عشرى الْمحرم التَّالِي لَهُ سنة وَتِسْعين وَدفن بالزاوية الْمَعْرُوفَة بهم على شاطئ الْبَحْر وَحصل التأسف على فَقده رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ضوء الْكَمَال بن الشهَاب بن الْعَلَاء الصَّفَدِي ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ وَالِد الْعَلَاء على الْمَاضِي وجده وَيعرف بِابْن النَّقِيب. اشْتغل وَفضل وَسمع على أَبِيه وجده والْعَلَاء المفعلي والشهاب بن العلائي وَجَمَاعَة ودرس بالتنكزية والارغونية وَولى قَضَاء الرملة نَحْو خمس عشرَة سنة بِحرْمَة(7/17)
وصرامة، مَاتَ بهَا فِي منتصف شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن عبد الْملك التقي أَبُو عبد الله وَأَبُو الطّيب وَبهَا اشْتهر ابْن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن أبي الْحسن الْحسنى الفاسي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي شيخ الْحَرَام والماضي أَبوهُ وَيعرف بالتقي الفاسي. ولد فِي ربيع الأول سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا بِالْمَدِينَةِ لتحوله إِلَيْهَا مَعَ أمه فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وقتا وَحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ على الْعَادة بمقام الْحَنْبَلِيّ وأربعى النووى باشاراتها والعمدة والرسالة والمختصر الفرعيين وألفية ابْن مَالك وجانبا كَبِيرا من الْمُخْتَصر الْأَصْلِيّ، وَعرض على جمَاعَة بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّة بل لما كَانَ بِالْمَدِينَةِ سمع بهَا من فَاطِمَة ابْنة الشهَاب الْحرَازِي ثمَّ طلب بِنَفسِهِ فَسمع بِبَلَدِهِ من ابْن صديق والشهاب بن الناصح وَالْقَاضِي نور الدّين عَليّ بن أَحْمد النويري وَجَمَاعَة وبالمدينة أَيْضا من الْبُرْهَان بن فَرِحُونَ وَغَيره وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة أَولهَا فِي سنة سبع وَتِسْعين فَقَرَأَ بهَا على البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والعراقي والهيثمي والتنوخي وَمَرْيَم ابْنة الْأَذْرَعِيّ وَكَذَا دخل دمشق مرَارًا أَولهَا فِي الَّتِي تَلِيهَا فَقَرَأَ بهَا وبصالحيتها وَغَيرهَا من غوطتها على أبي هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَابْن أبي الْمجد وَخَدِيجَة ابْنة ابْن سُلْطَان فِي آخَرين وببيت الْمُقَدّس على الشهَاب بن العلائي وَغَيره وبغزة والرملة ونابلس واسكندرية وَغَيرهَا، وَدخل الْيمن مرَارًا أَولهَا فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَسمع بهَا من الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن بن حيدر الدهقلي والشهاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَيَّاش الدِّمَشْقِي وَطَائِفَة، وَأَجَازَ لَهُ قبل هَذَا كُله آبو بكر بن الْمُحب والتاج أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مَحْبُوب والزين عبد الرَّحْمَن بن الْأُسْتَاذ الْحلَبِي والقيراطي،)
وَبَلغت عدَّة شُيُوخه بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة نَحْو الْخَمْسمِائَةِ، وَأخذ علم الحَدِيث عَن الْعِرَاقِيّ وَالْجمال بن ظهيرة والشهاب بن حجي وأذنوا لَهُ فِي تدريسه ووفه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وَمن بَينهمَا بِالْحِفْظِ، وَالْفِقْه عَن ابْن عَم أَبِيه الشريف عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر الْحسنى والتاج بهْرَام والزين خلف وَأبي عبد الله الوانوغى وأذنوا لَهُ أَيْضا فِي الافتاء والتدريس واصول الْفِقْه عَن أبي الْفَتْح صَدَقَة التزمنتى والوانوغى أَيْضا والبرهان الابناسي وَالشَّمْس القليوبى وَعنهُ أَخذ النَّحْو أَيْضا، وعني بِعلم الحَدِيث أتم عناية وَكتب الْكثير وَأفَاد وانتفع النَّاس بِهِ وَأخذُوا عَنهُ، ودرس وَأفْتى وَحدث بالحرمين والقاهرة ودمشق وبلاد الْيمن بجملة من مروياته ومؤلفاته سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة وَفِي الْأَحْيَاء بِمَكَّة جمَاعَة مِمَّن أَخذ عَنهُ، قَالَ(7/18)
شَيخنَا فِي مُعْجَمه: حَدثنِي من لَفْظَة بِأَحَادِيث وَأَجَازَ لأولادي وَلم يخلف بالحجاز مثله، وقرض لَهُ شَيخنَا غير مَا تصنيف وَكَانَ هُوَ يعْتَرف بالتلمذة لشَيْخِنَا وتقدمه على سَائِر الْجَمَاعَة حَتَّى شيخهما الْعِرَاقِيّ كَمَا بيّنت ذَلِك فِي الْجَوَاهِر، وَخرج لَهُ الْجمال ابْن مُوسَى معجما مَاتَ قبل إكماله، وَكَانَ ذَا يَد طولى فِي الحَدِيث والتاريخ وَالسير وَاسع الْحِفْظ واعتنى بأخبار بَلَده فأحيا معالمها وأوضح مجاهلها وجدد مآثرها وَترْجم أعيانها فَكتب لَهَا تَارِيخا حافلا سَمَّاهُ شِفَاء الغرام بأخبار الْبَلَد الْحَرَام فِي مجلدين جمع فِيهِ مَا ذكره الْأَزْرَقِيّ وَزَاد عَلَيْهِ مَا تجدّد بعده بل وَمَا قبله واحتصره مرَارًا وَعمل العقد الثمين فِي تَارِيخ الْبَلَد الْأمين فِي أَربع مجلدات ترْجم فِيهِ جمَاعَة من حكام مَكَّة وولاتها وقضاتها وخطبائها وأئمتها ومؤذنيها وَجَمَاعَة من الْعلمَاء والرواة من أَهلهَا وَكَذَا من سكنها سِنِين أَو مَاتَ بهَا وَجَمَاعَة لَهُم مآثر فِيهَا أَو فِيمَا أضيف لَهُ، رتبه على المعجم ثمَّ اخْتَصَرَهُ وَكَذَا ذيل على سير النبلاء وعَلى التَّقْيِيد لِابْنِ نقطة وكتابا فِي الأخريات سود غالبه وَفِي الْأَذْكَار والدعوات وَفِي الْمَنَاسِك على مَذْهَب الشَّافِعِي وَملك اختصر حَيَاة الْحَيَوَان للدميري وَخرج الْأَرْبَعين المتباينات والفهرست كِلَاهُمَا لنَفسِهِ وَكَذَا خرج لجَماعَة من شُيُوخه، وتصانيفه كَثِيرَة ضَاعَ أَكْثَرهَا لاشترطه فِي وَقفهَا أَن لَا تعار لمكي سِيمَا وَقد تعدى النَّاظر بِالْمَنْعِ لغَيرهم خوفًا مِنْهُم، وَولى قُضَاة الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة سبع وَثَمَانمِائَة من قبل النَّاصِر فرج وَلم يسْتَقلّ بِهِ قبله غَيره وعزل مرَارًا. وَمَات وَهُوَ مَعْزُول بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بعد أَن عمي فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمكن من قدحه فَمَا أطَاق ذَلِك وَلَا فاده وَكَانَ الأَصْل أعشى، وَلم يكن ذَلِك)
يمانع لَهُ عَن التَّأْلِيف بل هُوَ لقُوَّة حافظته ومعرفته بالمظان يرشد من يطالع لَهُ وَهُوَ يملي على من يكْتب وَبِالْجُمْلَةِ فتصانيفه إِذْ ذَاك لَيست كَمَا يَنْبَغِي وَلم يخلف بالحجاز بعده مثله وَقد ترْجم نَفسه فِي تَارِيخ مَكَّة بِزِيَادَة على كراس وَفِي ذيل التَّقْيِيد وَأوردهُ ابْن فَهد فِي مُعْجم أَبِيه مطولا وَفِي غَيره، وَشَيخنَا فِي أنبائه ومعجمه وَكَذَا ذكرته فِي تَارِيخ الْمَدِينَة وَغَيرهَا، والمقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه تردد إِلَيْهِ بِمَكَّة وبالقاهرة وَهُوَ بَحر علم وكنز فَوَائِد لم يخلف بالحجاز مثله، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة فَقِيها حَافِظًا للأسماء والكنى ذَا معرفَة تَامَّة بالشيوخ والبلدان وَيَد طولى فِي الديث والتاريخ وَالْفِقْه وأصول مُفِيد الْحجاز البلادية وعالمها لطيف الذَّات حسن الْأَخْلَاق عَارِفًا بالأمور الدِّينِيَّة والدنيوية لَهُ غور ودهاء وتجربة وَحسن عشرَة وحلاوة لِسَان بِحَيْثُ يجلب الْقُلُوب بِحسن عِبَارَته ولطيف(7/19)
إِشَارَته قَالَ شَيخنَا: وَافقنِي فِي السماع كثيرا بِمصْر وَالشَّام واليمن وَغَيرهَا وَكنت أوده وأعظمه وأقوم مَعَه فِي مهماته وَلَقَد سَاءَنِي مَوته وأسفت على فقد مثله رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن احْمَد الْبَدْر أَبُو الْمَعَالِي ابْن شَيخنَا الْعَسْقَلَانِي الْمصْرِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ، وَيعرف كَهُوَ بِابْن حجر. ولد فِي صفر سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة، وَوَجَدته بخطى فِي مَوضِع آخر سنة أَربع عشرَة، وَأمه أم ولد تركية، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ على الْعَادة فِي رمصان سنة سِتّ وَعشْرين بالبيبرسية وأسمعه وَالِده على الشهَاب الوَاسِطِيّ تِلْكَ الْأَجْزَاء وَالْفَخْر الدندلي جُزْء ابْن حذلم فِي آخَرين وَكتب عَن وَالِده فِي الْإِمْلَاء وَأكْثر عَنهُ، وَأَجَازَ لَهُ خلق من الشَّام ومصر وَغَيرهمَا مِنْهُم عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والزين أَبُو بكر المراغى، وَلما ترعرع اشْتغل بِالْقيامِ بِأَمْر الْقُضَاة والأوقاف وَنَحْوهمَا حَتَّى فاق وَصَارَت لَهُ خبْرَة تَامَّة بِالْمُبَاشرَةِ والحساب وتزايدت محبَّة وَالِده لَهُ، وَولى فِي حَيَاته عدَّة وظائف أجلهَا مشيخة الخانقاة البيبرسية وتدريس الحَدِيث بالحسنية وناب عَنهُ فيهمَا وَالِده والإمامة بِجَامِع طولون، وَكَانَ حسن الشكالة قوى النَّفس شهما متكرما على عِيَاله أمضى أَكثر مَا أوصى بِهِ أَبوهُ من الصَّدقَات وَنَحْوهَا لكنه ضيع المهم من ذَلِك وَهُوَ تصانيفه وَنَحْوهَا مِمَّا كتبه بِخَطِّهِ كَمَا بسطته فِي مَكَان آخر أنشأ عدَّة دور وأملاك وَنَحْوهَا، وَحج فِي حَيَاة أَبِيه وَبعده غير مرّة وجاور، وَحدث باليسير وَخرجت لَهُ جُزْءا وَكتب على الاستدعاءات وَمَا كَانَ لَهُ توجه لشَيْء)
من هَذَا وَنَحْوه. مَاتَ وَقد كَاد أَن يضيق حَاله بِالنِّسْبَةِ لاتلافه مبطونا شَهِيدا فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَدفن بتربة جوشن عَفا الله عَنهُ وسامحه وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى الْمحلى الْمدنِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده. سمع على جده.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَمِين الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي المنهاجي سبط الشَّمْس بن اللبان. ولد سنة بضع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه وَغَيره واشتغل بِالْعلمِ وأسمع على ابْن عبد الْهَادِي فِي صَحِيح مُسلم وعَلى جده لأمه وَكَانَ مَعَه عدَّة جِهَات من الْأَوْقَاف الجكمية يُبَاشر فِيهَا وَانْقطع إِلَى الصَّدْر المناوى فاشتهر بِصُحْبَتِهِ وَصَارَت لَهُ وجاهة، ثمَّ تعانى التِّجَارَة وَاتخذ لَهُ مطبخ سكر وَكثر مَاله: مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ سَمِعت مِنْهُ قَلِيلا، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده وَأَنه ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة.(7/20)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مَحْمُود بن نجم بن ظاعن بن دغير الشَّمْس الْهِلَالِي الشيحى نِسْبَة لشيح الْحَدِيد من معاملات حلب الْحَمَوِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ المقرى أَخُو عَليّ وَعمر الماضيين وَيعرف بِابْن الخدر وبامام قانم. ولد فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة بالشيح وانتقل إِلَى حماة فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَأخذ الْفِقْه عَن الْبُرْهَان ابْن البحلاق وناصر الدّين اليونينى البعليين وَغَيرهمَا واعتنى بالقراآت فَأَخذهَا عَن غير وَاحِد بعدة أَمَاكِن وَقَالَ أَنه تَلا الْفَاتِحَة فَقَط على ابْن الْجَزرِي وَسمع الحَدِيث على الْعَلَاء بن بردس وَالشَّمْس بن الْأَشْقَر الْحَمَوِيّ وَجَمَاعَة وَحج وجاور وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل الرّوم وَكَذَا الْقَاهِرَة مرَارًا ثمَّ استوطنها وَأم فِيهَا قانما التَّاجِر وغريم خير بك الظَّاهِرِيّ خشقدم وتصدر وأقرأ فَأخذ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم الشَّمْس النوبي، وقصدني غير مرّة وَأَخْبرنِي أَنه ولى بعض التداريس بِجَامِع بني أُميَّة وَأَنه نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْبُرْهَان بن مُفْلِح ثمَّ انْفَصل عَن الْقَاهِرَة وَبَلغنِي أَنه الْآن بِدِمَشْق يَنُوب عَن النَّجْم ولد الْبُرْهَان وَأَنه توجه فِي بعض السنين قَاضِيا على الركب الشَّامي وَهُوَ مستحضر للقراءات مشارك فِي غَيرهَا فِي الْجُمْلَة خَبِير بِعشْرَة الرؤوساء وَفِي سَمعه نقل وقِي نَقله تزيد وَقَالَ لي أَنه رأى أَخَاهُ عليا الْمَاضِي بعد مَوته وَسَأَلَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ عاملني بحلمه وَكَرمه وَغفر لي بِحرف وَاحِد من الْقُرْآن من رِوَايَة ابْن عَامر، وَأَن التقى بن)
قَاضِي شُهْبَة كتب هَذَا الْمَنَام عَنهُ. مَاتَ سنة ثَلَاث وَتِسْعين بِدِمَشْق.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُوسَى الصاحب فَخر الدّين سُلَيْمَان بن السيرجي وَكَانَ يعرف بِالْأَنْصَارِيِّ. صحب أَبَا بكر الْموصِلِي وتلمذ لَهُ. وَمَات بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن نجم. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ أَمَام الدّين بن المحيى بن الرضى الْمحلى السمنودي سبط الْمُحب بن الإِمَام وَيعرف كجده بِابْن الإِمَام. مِمَّن سمع منى بِالْقَاهِرَةِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْبَدْر المناوى الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن جنَّة وَهِي أمه نسب إِلَيْهَا بِحَيْثُ هجر انتسابه لِأَبِيهِ بِكَوْنِهَا ابْنة الْبَدْر مُحَمَّد ابْن السراج البُلْقِينِيّ. مَاتَ بعد تعلله مُدَّة فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَسبعين بمنزله من حارة بهاء الدّين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع الْحَاكِم وَدفن بفسقية كَانَ ابْن خَاله والولوى بن تَقِيّ الدّين البلقيتي أعدهَا لنَفسِهِ بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقربِ من الشريفية وَيُقَال ان الولوى دفن بِالشَّام فِي فسقية كَانَ هَذَا أعدهَا لنَفسِهِ فَكَانَت(7/21)
اتفاقية عَجِيبَة، كَانَ بَاشر النقابة بِالشَّام عِنْد قاضية زوج أمه السراج الْحِمصِي وقتا وخطب عَنهُ بالجامع الْأمَوِي وَكَانَ غير وَاحِد من الْأَعْيَان كالبلاطنسي يقدم الصَّلَاة خَلفه على قاضيه وَحصل هُنَاكَ وظائف وتمول وَأَنْشَأَ بِالْقَاهِرَةِ دَارا متوسطة بجوار مَحل دَفنه، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْعلم البُلْقِينِيّ وَلكنه لم يتعاط الْأَحْكَام بِالْقَاهِرَةِ إِلَّا نَادرا، كل ذَلِك مَعَ كَونه عريا من الْفَضَائِل وان شَارك ابْن خَاله فِي مُسَمّى الْأَخْذ عَن الْمجد الْبرمَاوِيّ وَغَيره عَفا الله عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ تَاج الدّين الْأنْصَارِيّ. فِيمَن جده عَليّ بن عِيسَى.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ التقى الفاسي. فِيمَن جده عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ خير الدّين أَبُو الْخَيْر القاهري الحريري نزيل البيبرسية وَيعرف بِابْن البيطار. مِمَّن اشْتغل قَلِيلا وَتردد لبَعض الشُّيُوخ وَحضر عِنْدِي وتكسب فِي سوق الشّرْب وقتا وخالط أهل السَّفه ثمَّ كف فِيمَا أَظن.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الشَّمْس الأبياري ثمَّ القاهري وَيعرف بِابْن السدار وَهِي شهرة خاليه عَليّ وَعبد الرَّحْمَن وَكَانَ يُقَال لَهُ أَولا ابْن أُخْت ابْن السدار ثمَّ خفف. نَشأ يَتِيما فكلفه خَاله)
النُّور عَليّ وَحفظ الْقُرْآن وتخر بِهِ فِي الْكِتَابَة والتذهيب وَبِغَيْرِهِ كَالشَّمْسِ الْمَالِكِي وَرُبمَا كتب على ابْن الصَّائِغ بل تخرج بخاله الآخر عبد الرَّحْمَن وبرع فِي الْكِتَابَة والتجليد مَعَ صناعَة التذهيب وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الزنجفر واللازورد بل انْفَرد بِمَعْرِِفَة اسْتِخْرَاج عكر العصفر وَغير ذَلِك ورزق تَمام الْقبُول فِي كُله فَكَانَ صَاحب الحظوة فِيهِ حَتَّى سَمِعت القَاضِي عز الدّين الْحَنْبَلِيّ غير مرّة يَقُول لَا أعلم الكيمياء الاصنعة ابْن السدار، وتمول واقتنى تحفا كَثِيرَة من الْآلَات مَعَ سلوك طَرِيق الاسْتقَامَة والمحافظة على الْجَمَاعَات بَالا زهر وَغَيره والمداومة على التِّلَاوَة وَالْبر لأقاربه وَالصَّدَََقَة وتسبيل المَاء فِي الحمامات وَغَيرهَا وَالْإِحْسَان للأيتام بتعمير أدويتهم وإعطائهم الأقلام وشهود المواعيد وزيارة الصَّالِحين ومزيد العصبية مَعَ المنتمين إِلَيْهِ والإضاءة وملاحة الشكل والملبس. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَدفن بِالْقربِ من حوش صوفية البيبرسية عَن نَيف وَسبعين سنة وَلم يخلف فِي مَجْمُوعَة مثله رَحمَه الله وأيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الشَّمْس بن الْفَخر الديسطي القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَيعرف أَبوهُ بِابْن الْبُحَيْرِي وَهُوَ بالديسطي. وَكَانَ أَبوهُ مدْركا ففارقه وَقدم الْقَاهِرَة قَرِيبا من سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتوجه مِنْهَا إِلَى الشَّام فَأَقَامَ بهَا مُدَّة(7/22)
ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل بالفقه والأصلين والعربية والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا، وبرع وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة والطلاقة، وَمن شُيُوخه الزين عبَادَة وَالشَّمْس الغراقي وَأَبُو الْقسم النويري وَأَبُو الْفضل المشدالي المغربي، وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَتردد لكمالي بن الْبَارِزِيّ وَنَحْوه ووثب بتحريك البقاعي وشيخهما أبي الْفضل على قَاضِي الْمَالِكِيَّة الْبَدْر بن التنسي مَعَ كَونه من شُيُوخه حَيْثُ عَارضه فِي قتل الشريف الكيمياوي حَسْبَمَا شرحته فِي الْحَوَادِث، وتقرب من الظَّاهِر جقمق بذلك، وناب حِينَئِذٍ فِي الْقَضَاء وَغَيره وَصَارَت لَهُ حركات وقلاقل أنبأ فِيهَا عَن كامن طيش وخفة وتساهل ومجازفة وجرأة وَآل أمره إِلَى أَن أهين جدا وطيف بِهِ على أَسْوَأ حَال وَعَاد كَمَا بَدَأَ بل أَسْوَأ فَأَنَّهُ خمد كَأَن لم يكن، وسافر إِلَى مَكَّة فحج وَكَذَا حج قبل محنته ثمَّ عَاد مظْهرا للإنابة، وَلَا زَالَ فِي خمود وانخفاض حَتَّى مَاتَ فِي وَقد تنافر مَعَ البقاعي وقتا وَمد كل مِنْهُمَا لِسَانه فِي الآخر كَمَا هِيَ سنة الله فِي الصُّحْبَة الْفَاسِدَة غفا الله عَنْهُمَا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الشَّمْس القاهري الْحُسَيْنِي سكنا الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بالغزولي. ولد سنة)
ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على الشَّمْس بن الْأَعْمَى قَالَ وَكَانَ تَاجِرًا مُتَقَدما فِي الْقرَاءَات وَالْفَخْر البلبيسي الإِمَام وَحفظ كتبا مِنْهَا ألفية ابْن مَالك وَقَرَأَ فِي النَّحْو على عبد الْحق وَلم ينْسبهُ وَفِيه وَفِي الْمنطق والمعاني وَالْبَيَان وَالْحكمَة على الْمجد اسماعيل الرُّومِي نزيل البيبرسية وَفِي الْفِقْه على الْبُرْهَان الصَّواف ولازم ابْن زقاعة فِي أَشْيَاء وَعرض عَلَيْهِ الألفية وَكتب لَهُ الْإِجَازَة نظما رَوَاهُ لي عَنهُ وَكَانَ أحد صوفية البيبرسية مِمَّن ينْسب لعلم الْحَرْف وَلذَا لم يكن بالرضى وَكَأَنَّهُ لذاك اخْتصَّ الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن سُلْطَان القادري فقد كَانَ أَيْضا يذكر بِهِ، وَحج وَدخل الشَّام لأجل تَرِكَة أَبِيه وزار الْقُدس واقتنى كتبا فِي فنون مَعَ مُشَاركَة فِي الْجُمْلَة وَسُكُون. مَاتَ بعد تعلله نَحْو ثَلَاث سِنِين فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَخمسين وَهُوَ جد الشَّمْس مُحَمَّد ابْن بيرم الْحَنْبَلِيّ لأمه رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ نَاصِر الدّين الْمَقْدِسِي نزيل مَكَّة وَيعرف بالسخاوى. سمع من ابْن صديق الصَّحِيح ومسندى وَالدَّار قطنى وَعبد وفضائل الْقُرْآن بفوت فِيهِ والامالي وَالْقِرَاءَة لِابْني عَفَّان، وَحدث بِالصَّحِيحِ قَرَأَ عَلَيْهِ النُّور بن الشيخة وَكَانَ لَهُ إِلْمَام بالقراءات أدب الْأَطْفَال بِمَكَّة مُدَّة نَاب عَن الزين بن عَيَّاش فِي الْمدرسَة الكلبرقية فِي إقراء عشرَة من الْقُرَّاء كل يَوْم. مَاتَ فِي الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ(7/23)
بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد وَوَصفه بالشيخ وَقَالَ سَمِعت عَلَيْهِ وسمى جده عَليّ بن عبد المحسن وَسَيَأْتِي فِيمَن لم يسم جده آخر شَاركهُ فِي الأسم وأسم الْأَب واللقب والبلد وَكَونه مَاتَ بِمَكَّة وفارقه بِالسَّبقِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو عَليّ الزفتاوي ثمَّ الْمصْرِيّ الْمكتب. ولد فِي سنة خمسين وَسَبْعمائة وَسمع على خَلِيل بن طرنطاوى الصَّحِيح وتعانى الْكِتَابَة وَأَخذهَا عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي رقيبة فبرع، وصنف فِي أوضاع الْخط كتابا سَمَّاهُ منهاج الْإِصَابَة فِي أوضاع الْكِتَابَة، وانتفع بِهِ المصريون فِي تجويد الْخط وَصَارَ غَايَة فِي معرفَة الخطوط المنسوبة لَا يرى خطا مِنْهَا إِلَّا وَيعرف الَّذِي كتبه لَا يلْحق فِي معرفَة ذَلِك، وَكَانَ مَعَ هَذَا حسن المحاضرة ممتع المذاكرة لَهُ مَا جريات مطربة لَا تمل مُجَالَسَته، وَمِمَّنْ تعلم مِنْهُ الْكِتَابَة شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه وَقَالَ لازمته مُدَّة وتعلمت الْخط الْمَنْسُوب مِنْهُ وناولني مصنفة الْمشَار إِلَيْهِ. وَمَات فِي نصف الْمحرم سنة سِتّ، وَقيل أَنه كَانَ يَقُول أَنا أكتب)
الْمَنْسُوب بِذِرَاع الْحَدِيد الَّذِي يُقَاس بِهِ، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الأقواسي الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة ووالد عَليّ الْمَاضِي والمتسبب فِي دارالامارة بِمَكَّة وَمَات بهَا. ذكره ابْن فَهد مُجَردا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الحوراني نزيل الصالحية وَيعرف بِابْن الحوازى. سمع هُوَ وَأَخ لَهُ اسْمه عمر من الْمُحب الصَّامِت فِي ربيع الأول سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة النّصْف الأول من فَوَائِد أبي يعلي الصَّابُونِي ولقيه ابْن فَهد، وَرَأَيْت فِي طبقَة عَليّ بن الْمُحب فِي التَّارِيخ الْمعِين مُحَمَّد وَعمر ابْنا أَحْمد بن مُحَمَّد الحوراني وَسَأَلت فِي رحلتي لدمشق من أَهلهَا عَنهُ فَقيل لي عَن شخص اسْمه أَمِين الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الجوراني كَانَ لَهُ أَخ اسْمه عمر وَلَكِن لم يُحَقّق الْقَائِل اسْم جدهما وَمَعَ ذَلِك فَمَا أمكن لقِيه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن المعاجيني. ولد فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة، وَفِي مَوضِع آخر بخطي فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَحَدهمَا غلط. تكسب بالنساخة وبتأديب الْأَطْفَال بزاوية الشَّيْخ عبد الله بن الشَّيْخ خَلِيل ولقيه ابْن فَهد وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ وَلغيره ي استدعاء مؤرخ بشعبان سنة سبع وَثَلَاثِينَ. وَمَات بعد ذَلِك.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْعَسْقَلَانِي. مضى فِيمَن جده عَليّ بن عبد الله بن أبي الْفَتْح.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ القلقشدي. هَكَذَا رَأَيْته فِي سَماع البُخَارِيّ فِي الطَّبَقَة الَّتِي بهَا البكتمري وَكَأَنَّهُ النَّجْم مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد الْمَاضِي وهم الْكَاتِب فِي اسْم جده.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عماد بن يُوسُف بن عبد النَّبِي الشَّمْس أَبُو الْفَتْح بن(7/24)
الشهَاب أبي الْعَبَّاس الأفقهسي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كأبيه بِابْن الْعِمَاد. ولد فِي لَيْلَة مستهل رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والعمدة والشاطبية والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك، وَعرض على البُلْقِينِيّ وَغَيره وَسمع على التنوخي والسراج الكومى وَأبي عبد الله الرفا والفرسيسي وناصر الدّين بن الميلق والحلاوي والسويداوي وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْخَيْر بن العلائي وَأَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وناصر الدّين بن حَمْزَة ويوسف بن السلار وَجَمَاعَة وَأخذ الْفِقْه عَن أَبِيه وَغَيره وَبحث عَلَيْهِ فِي الْأُصُول والعربية وعَلى الْفَخر الضَّرِير إِمَام الْأَزْهَر الشاطبية وَكتب عَن الولى الْعِرَاقِيّ كثيرا من)
أَمَالِيهِ وَحضر دروسه ودروس جمَاعَة وبرع فِي الْفِقْه وشارك فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فاستفعلوه، وتنزل بِسَعِيد السُّعَدَاء وَكَانَ سَاكِنا ظَاهرا الجمود حَرِيصًا على الِاشْتِغَال وَالْجمع والمطالعة وَالْكِتَابَة عجبا فِي ذَلِك مَعَ كبر سنه تَامّ الْفَضِيلَة لَكِن لَا يعلم ذَلِك مِنْهُ إِلَّا بالمخالطة، وَقد أَقرَأ فِي الْفِقْه وَغَيره بِالْقَاهِرَةِ وبمكة حِين مجاورته بهَا وَولي بعد أَبِيه التدريس بِبَعْض مدارس منية ابْن خصيب وَكَانَ يتَوَجَّه إِلَيْهَا أَحْيَانًا وَيُقِيم هُنَاكَ أشهر، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكنت أول من أَفَادَ سَمَاعه لِأَصْحَابِنَا وقرأت عَلَيْهِ أَشْيَاء، وَحج مرَّتَيْنِ الأولى مَعَ أَبِيه فِي سنة ثَمَانمِائَة وَالثَّانيَِة فِي موسم سنة أَربع وَخمسين وجاور الَّتِي بعْدهَا وفيهَا قَرَأَ عَلَيْهِ الْمُحب بن أبي السعادات بن ظهيرة تنوير الدياجير بِمَعْرِِفَة أَحْكَام المحاجير والإعلام بِمَا يتَعَلَّق بالتقاء الختانين من الْأَحْكَام كِلَاهُمَا من تأليفه وَله أَيْضا الذريعة إِلَى معرفَة الْأَعْدَاد الْوَارِدَة فِي الشَّرِيعَة يذكر مثلا مَا ورد فِي لفظ الْوَاحِد فِي الْكتاب وَالسّنة وَكَذَا الِاثْنَان وَالثَّلَاثَة وَهَكَذَا وَالشَّرْح النَّبِيل الْحَاوِي لكَلَام ابْن المُصَنّف وَابْن عقيل وايقاظ الْوَسْنَان بِالْآيَاتِ الْوَارِدَة فِي ذمّ الانسان والألفاظ العطرات فِي شرح جَامع المختصرات كتب مِنْهُ من أَوله إِلَى آخر اللَّقِيط وَمن أثْنَاء الْجِنَايَات إِلَى آخر الكتابوقد طالع شَيخنَا تصنيفه الذريعة وسمعته يَقُول لَعَلَّه من تصانيف أَبِيه ظفر بِهِ فِي مسودته، وَكَانَ مِمَّن يحضر عِنْده فِي مَجْلِسه وَيُقَال انه كَانَ يتَكَلَّم عِنْده بِمَا ينْسب من أَجله لعدم البراعة. مَاتَ فَجْأَة وَهُوَ مُتَوَجّه لمَكَان لَهُ يصلحه تجاه بَاب الْخرق فِي يَوْم السبت خَامِس ربيع الأول سنة سبع وَسِتِّينَ رجمه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عماد بن الهائم. فِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عماد بن عَليّ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمرَان نَاصِر الدّين البوصيري ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ مبَاشر مدرسة الجائي والبارع فِي الشُّرُوط والتوقيع بِحَيْثُ جلس بِبَاب الْحَنَفِيّ وقتا،(7/25)
مِمَّن اشْتغل وَحضر دروس الْأمين الأقصرائي وَغَيره وناب فِي الْقَضَاء مَعَ عقل ودربة.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الشَّمْس الْخَلِيل الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بِابْن الموقت. حفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيرهمَا واشتغل على جمَاعَة مِنْهُم الْكَمَال بن أبي شرِيف وتوكل لَهُ فِي الصابون وَنَحْوه وتميز فِي الْفضل وقطن الْقَاهِرَة وَحضر عِنْدِي فِي بعض الْمجَالِس مَعَ سُكُون وعقل، وَأَبوهُ من أهل الْقُرْآن مِمَّن يُؤَدب الْأَبْنَاء فِي بَلَده.)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم الْبَدْر القمنى الأَصْل القاهري الْوَكِيل حفيد شَيخنَا السراج وسبط الْفَخر عُثْمَان الْبرمَاوِيّ وَالِد شهَاب أَحْمد. ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالظاهرية الْقَدِيمَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين والشاطبيتين وألفية النَّحْو، وَعرض على التلواني والونائي والقاياتي وَشَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيرهم وَحضر دروس الشَّمْس الشنشى وقاسم البُلْقِينِيّ وجود الْقُرْآن على ابْن كزلبغا بل قَرَأَ عَلَيْهِ الشاطبيتين بتمامهما وَكَذَا وجود بعضه على الزين طَاهِر وَقَرَأَ فِي النَّحْو على الابدي وَسمع الحَدِيث على فَاطِمَة الحنبلية بِقِرَاءَة البقاعي وعَلى القادمين من الشَّام عِنْد نَائِب القلعة تغرى برمش الْفَقِيه بِقِرَاءَة القلقشندي وعَلى شَيخنَا وَغَيرهم، وتنزل فِي المؤيدية وَغَيرهَا بعد أَبِيه تَنْزِيل الْوَاقِف ثمَّ أعرض عَن الِاشْتِغَال ووقف بِبَاب الْعلم البُلْقِينِيّ ثمَّ ابْن الديري وراج أمره بذلك فِي بَاب ابْن الشّحْنَة وسافر لَهُ إِلَى حلب فِي بعض ضروراته، وَحج غير مرّة أَولهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَجَاوَزَ كثيرا وَكَانَ هُنَاكَ يجلس بِبَاب السَّلَام ويتوكل ويحضر دروس الْبُرْهَان ثمَّ وَلَده وَكَذَا أَكثر من السماع عِنْدِي وَحُضُور كثير من دروسي فِي مجاورتي وَأكْثر من الطّواف والتلاوة وتناقض حَاله جدا وَكَانَ مجاورا أَيْضا فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَرجع أحد ولديه مَعَ الركب وفارقه من الينبوع فَركب الْبَحْر ثمَّ رَجَعَ هُوَ فِي الْبَحْر فِي جُمَادَى الأولى من الَّتِي تَلِيهَا وَمَعَهُ زَوجته وَابْنَة الآخر كتب الله سلامتهم.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن عبد الله الْجمال الْمَدْعُو بِالظَّاهِرِ الصريفي الدوالي الْيَمَانِيّ وَالِد أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن جمعان وَهُوَ خَال الْفَقِيه إِبْرَاهِيم بن أبي الْقسم شَقِيق أمه وَهُوَ أسن من ذَاك بِعشر سِنِين وَتَأَخر عَنهُ إِلَى الْآن. ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة بِبَيْت ابْن عجيل وَهُوَ فَقِيه متعبد متجرد مِمَّن درس التَّنْبِيه والبهجة وَهِي مَحْفُوظَة تفقه على صهره أبي الْقسم بن جعمان وَهُوَ على أبي صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ على إِبْرَاهِيم جد إِبْرَاهِيم بن جعمان وَقد أَخذ(7/26)
عَنهُ فِي الْعَرَبيَّة وَفِيهِمَا عَن الطّيب النَّاشِرِيّ وَحضر فِي صغره دروس أَبِيه، وَحج فِي سنة تسع وَخمسين وَلَقي شخصا روميا فَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي عوارف المعارف وأقرأ وَأفْتى وانتفع بِهِ جمَاعَة أشهرهم ابْنه الشهَاب أَحْمد مفتي زبيد وَهُوَ الْآن مُقيم بِبَيْت ابْن عجيل وَلم يجاوزها لغير الْحَج نفع الله بِهِ.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن بدر كَمَال الدّين بن شهَاب الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف)
بِابْن الجعجاع. حفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرضه وَقَرَأَ على بِمَكَّة من حفظه إِلَى صَلَاة الْجَمَاعَة وَجَمِيع أربعى النَّوَوِيّ وَسمع مني غير ذَلِك وَكَانَ قَرَأَ على أبي الْعَزْم الحلاوي فِي مجاورته بِمَكَّة وكتبت لَهُ إجَازَة بِمَا سَمعه وقرأه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن شرف الشَّمْس أَبُو الْفضل بن الشهَاب القاهري الْقَرَافِيّ الْمَالِكِي سبط بن أبي جَمْرَة والماضي أَبوهُ وَيعرف بالقرافي. ولد فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة يدرب السلَامِي من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد أَبِيه وَصلى بِهِ فِي سنة عشر، والعمدة والرسالة والشاطبية وألفية الْعِرَاقِيّ وَابْن مَالك والملحة والحاجبية وغالب التسهيل، مِمَّن كَانَ يصحح عَلَيْهِ الشاطبية الْبُرْهَان الحريري، وَعرض على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وَمُحَمّد بن أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْمَالِكِي وَآخَرين وَأخذ النَّحْو عَن وَالِده وناصر الدّين البارنباري وَالشَّمْس الشطنوفي والشهاب أَحْمد الصنهاجي وَالْفِقْه عَن الْجمال الأقفهسي وَالشَّمْس الدفري وأصوله عَن الْمجد الْبرمَاوِيّ والصنهاجي والفرائض والحساب عَن البارنباري وَالشَّمْس السكندري جنيبات وَعبد الْمُنعم المراغي ومصطلح الحَدِيث عَن شَيخنَا ولازم الْبِسَاطِيّ كثيرا وانتفع بِهِ فِي الْفِقْه والنحو والأصلين والمنطق والمعاني وَالْبَيَان وَسمع عَلَيْهِ غَالب شَرحه لمختصر الشَّيْخ خَلِيل وَكَذَا من شُيُوخه فِي الْعلم الدنيسري، وجود الْخط على ابْن الصَّائِغ وَسمع الحَدِيث على غير وَاحِد كالشرف بن الكويك والجمالين الْحَنْبَلِيّ وَابْن فضل الله والشموس الشَّامي وَابْن البيطار وَابْن الْمصْرِيّ الزراتيتي وَابْن الْجَزرِي والنور والفوى والزين الزَّرْكَشِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والنجم بن حجي والكمال بن خير لقبه باسكندرية وَقد دَخلهَا مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَمَان وَعشْرين فِي آخَرين مِنْهُم شَيخنَا وَأكْثر من ملازمته، وَحج مرَّتَيْنِ الأولى فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وجاور سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسمع هُنَاكَ على الْجمال الشيبي وَدخل دمشق فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فَسمع بهَا على الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَدخل(7/27)
دمياط غير مرّة، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَخرجت لَهُ قَدِيما مَا عَلمته من مسموعة فِي جُزْء ولازم الِاشْتِغَال إِلَى أَن صَار أحد الْأَعْيَان وبرع فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا وفَاق النَّاس فِي التوثيق بِحَيْثُ كَانَ يملي فِي آن وَاحِد على اثْنَيْنِ فِي مسطورين مُخْتَلفين بل على ثَلَاثَة وَلَا يجِف لوَاحِد مِنْهُم فِيمَا بَلغنِي قلم وَقصد فِي القضايا الْكِبَار من الْأَعْيَان فأنهاها وتمول من ذَلِك جدا وتدرب بِهِ جمَاعَة فِي)
الصِّنَاعَة كل ذَلِك مَعَ الْخط الْحسن البديع الْفَائِق والعبارة البليغة الرائقة والذهن الصافي الَّذِي هُوَ فِي غَايَة الْجَوْدَة يتوقد ذكاء مَعَ الرياضة الزَّائِدَة وَالْعقل التَّام والتواضع وَالِاحْتِمَال والمدارة وَبعد الْغَوْر وَالصَّبْر على الْأَذَى وتجرع الغصة إِلَى إِمْكَان انتهاز الفرصة والصحبة الْحَسَنَة للنَّاس بِحَيْثُ أَنه قل أَن اجْتمعت محاسنه فِي غَيره بل هُوَ حَسَنَة من حَسَنَات، وَقد نَاب فِي الْقَضَاء عَن شَيْخه البساطى بعد سنة خمس وَثَلَاثِينَ فحمدت سيرته، وَلم يمض عَلَيْهِ إِلَّا الْيَسِير حَتَّى صَار أحد أَعْيَان النواب وَتردد إِلَى النَّاس لَا سِيمَا الأكابر حَتَّى كَانَ عِنْدهم بِالْمحل الْجَلِيل مَعَ بذل الْجهد فِي إنقاذ الْأَحْكَام وردع الْجَبَابِرَة من الْعَوام وَنَحْوهم حَتَّى ضرب بِهِ الْمثل فِي ذَلِك ثمَّ نَاب للبدر بن التنسى وَصَارَ أروج نوابه وَلَوْلَا وجود الْمعَارض لَكَانَ قَاضِي الْمَذْهَب بعده مَعَ أَنه لم يتَخَلَّف عَن النِّيَابَة عَمَّن بعده إِلَى أَن مَاتَ، ودرس للمالكية بالفخرية عقب البساطى وبالبرقوقية عقب أبي الْجُود وتصدر بِجَامِع عَمْرو وَكَانَت عينت لَهُ الجمالية بعد الْبَدْر بن التنسى وَلَكِن لم يَنْتَظِم أمرهَا لَهُ، وأقرأ الطّلبَة وَأفْتى وَصَارَ الِاعْتِمَاد فِي الْفَتَاوَى عَلَيْهِ لمزيد إتقانه واختصاره وتحريره وَحسن إِدْرَاكه لمقاصد السَّائِلين، وَحدث وعظمت رغبته فِي السماع والإسماع وعلت همته فِي ذَلِك سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة وحملت عَنهُ جملَة وَبَالغ فِي الثَّنَاء على بِلَفْظِهِ وخطه، وَكتب على الجرومية شرحا دمجا وَكَذَا على الملحة لكنه لم يكمل وَله غير ذَلِك، وَهُوَ من رُفَقَاء الْجد أبي الْأُم وقدماء أَصْحَابه وَمَا كنت أَنْقم عَلَيْهِ إِلَّا امتهانه لنَفسِهِ بالتردد للأراذل ومساعدتهم فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَرُبمَا جر ذَلِك لمالا يَلِيق بأمثاله وَهَذَا هُوَ الَّذِي قعد بِهِ عَن التَّقَدُّم لما كَانَ هُوَ الْمُسْتَحق لَهُ، وَقد أنشأ قاعة جليلة صَارَت من الدّور الْمَذْكُورَة وَلم يمتع بهَا لكَونه لم يزل متوعكا بالربو وَتارَة بالسعال وبحبس الإراقة وَتارَة بِضيق النَّفس حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالقرافة عِنْد ابْن أبي حَمْزَة وَكَانَ يقْرَأ عِنْد ضريحه أول كل عَام منتقاه من البُخَارِيّ ويهرع النَّاس لسَمَاع ذَلِك قصدا للتبرك بزيارة الشَّيْخ رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن كميل بِضَم الْكَاف بن عوض بن رشيد(7/28)
بِالتَّكْبِيرِ بن مُحَمَّد وَقيل عَليّ الشَّمْس المنصوري الشَّافِعِي الشَّاعِر وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد وَيعرف بِابْن كميل. ولد فِي صفر سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بالمنصورية قَرْيَة قريبَة لدمياط وَنَشَأ)
بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وَغَيره وَتردد للقاهرة للاشتغال وَغَيره فتفقه بالبلقيني وَابْن الملقن والشهاب القلقشندي والزين بن النظام والشهاب الْجَوْجَرِيّ وَأخذ فِي الْفِقْه وَالْأُصُول عَن بعض هَؤُلَاءِ بل وَعَن غَيرهم، وتميز وتعانى الْأَدَب ففاق فِي النّظم وَولي قَضَاء بَلَده مناوبة بَينه وَبَين ابْن عَم وَالِده الشَّمْس مُحَمَّد بن خلف بن كميل الْآتِي واستقل بِهِ عَن الْمُؤَيد لكَونه امتدحه بقصيدة تائية طنانة لما رَجَعَ من سَفَره نوروز وأضيف إِلَيْهِ مَعهَا سَلمُون بل زَاده شَيخنَا أَيْضا منية أبن سلسيل وشكرت سيرته فِي ذَلِك كُله وَكَذَا امتدح الناصري بن الْبَارِزِيّ وَغَيره من الْأَعْيَان التماسا لمساعدتهم والتوجه إِلَيْهِ بعنايتهم بل لَهُ قصائد نبوية وَغَيرهَا سائرة، واشتهر اسْمه وَبعد صيته بذلك وَكتب النَّاس عَنهُ من نظمه، وترجمه شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَوَصفه بِالْفَضْلِ واستحضار الْحَاوِي وَقَالَ لقِيه بطرِيق مَكَّة يَعْنِي سنة أَربع وَعشْرين وطارحني بنظم منسجم ثمَّ كثر اجتماعنا وَسمعت من نظمه كثيرا، وَنَحْوه قَوْله فِي أنبائه وَكُنَّا نَجْتَمِع ونتذاكر فِي الْفُنُون وَقَالَ غَيره إِنَّه مدح الْمُلُوك والأكابر وَكَانَ حَافِظًا للشعر كثير الإستحضار للأبيات والتطلع إِلَيْهَا معدودا من المكثرين فِي ذَلِك مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وَغَيره وثروة من الزَّرْع وَالتِّجَارَة وَكَثْرَة تودد وحلو محاضرة وحشمة وَطرح تكلّف وَمِمَّنْ تَرْجمهُ شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأبنائه وَابْن فَهد وكاتبه. مَاتَ فَجْأَة فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين سَقَطت مَنَارَة جَامع سَلمُون من ريح عاصف على خلوته وَهُوَ بهَا فَمَاتَ وَهُوَ جَالس غما تَحت الرَّدْم رَحمَه الله وإيانا. وَمن نظمه فِي هَاجر:
(هَل كاشف كربَة اكتئابي ... أَو رَاحِم ذلتي وعاذر)
(لسوء حظي سقام جسمي ... مواصل والحبيب هَاجر)
وَقَوله:
(لله ثغر حبيب زانه فرم ... وَمثله رمت لما أَن لثمت فَمَا)
(وَحين فَوق سهم اللحظ قلت لَهُ ... لَا ترم قلب محب مشته فرما)
وَقَوله:
(يَقُولُونَ بالساقي شغفت محبَّة ... فَقلت لما بِالْقَلْبِ من نبل أحداق)
(فكم لَيْلَة بَات السرُور منادمي ... بطلعته والتفت السَّاق بالساق)
وَقَوله:)
(وَلما أَتَى الْكذَّاب دجال وقته ... وَقد فتنت أَلْفَاظه كل مُسلم)
(فَقولُوا لَهُ إِن ابْن مَرْيَم قد أَتَى ... وَهل يقتل الدَّجَّال إِلَّا ابْن مَرْيَم)
وأوردت فِي تَرْجَمته من التبر المسبوك والمعجم غير هَذَا وشعره منتشر فَلَا نطيل بِهِ،(7/29)
وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن الضياء مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبيد الله بن عمر بن الشَّهِيد أبي صَالح عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن طَاهِر بن مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد الشهَاب أَبُو جَعْفَر بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن أبي الْقسم الْقرشِي الْأمَوِي الْحلَبِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن العجمي. ولد فِي الْعشْر الأول من ربيع الأول سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فَسمع على الشهَاب بن المرحل والشرف أبي بكر الْحَرَّانِي وَأبي حَفْص عمر بن ايدغمش وخليل بن مَحْمُود الشهابي وَأبي جَعْفَر الأندلسي والعز الْحُسَيْنِي وَابْن صديق فِي آخَرين وبدمشق على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وبالقاهرة على البلقينى وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَجُوَيْرِية الهكارية والحراوي وَخلق، وَكَانَ قد تفقه بالزين بن الكركى والشرف الداديخى، وَولى قَضَاء حلب عقب الْفِتْنَة فِي إمرة دمرداش فَسَار فِيهِ أحسن سيرة قُم عزل نفسة بعد أَرْبَعَة أشهر لكَون نائبها طلب مِنْهُ الْقَرْض من الْأَوْقَاف أَو من مَال الْأَيْتَام وَلم يَنْفَكّ عَن النِّيَابَة عَمَّن يَلِيهِ وَكَذَا بَاشر نظر عدَّة مدارس وتدريسها كمدرسة جدة الشرفية والزجاجية والشمسية والظاهرية، وَحدث كتب عَنهُ شَيخنَا وَأوردهُ فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لأولادي ثمَّ سَمِعت عَلَيْهِ بحلب أَشْيَاء ذكرتها فِي فَوَائِد الرحلة انْتهى. وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ من أَصْحَابنَا ابْن فَهد وَمن شُيُوخنَا الأبي مَعَ ابْن مُوسَى فِي سنة خمس عشرَة أجَاز لي، وَكَانَ من رؤوساء بَلَده وأصلائها لطيف المحاضرة حَرِيصًا على مُلَازمَة الْبُرْهَان الْحلَبِي حَتَّى أَنه حج هُوَ وإياه فِي سنة ثَلَاث عشرَة ثمَّ حج بمفرده بعد ذَلِك وَكتب عَن الْبُرْهَان شَرحه للْبُخَارِيّ وَغَيره من تصانيفه وَسمع عَلَيْهِ غَالب الْكتب السِّتَّة، ذَا شكالة حَسَنَة رأى النَّاس وتأدب بهم لَكِن مَعَ الْإِمْسَاك وحدة الْخلق. مَاتَ فِي بكرَة يَوْم الْأَرْبَعَاء منتصف رَمَضَان سنة سبع وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ بالجامع الْكَبِير وَدفن الْمدرسَة الكاملية بالجبيل الصَّغِير، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وبيض لَهُ رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس النحريري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمُؤَدب)
الضَّرِير، وَيعرف بالسعودي نِسْبَة لقريب لَهُ كَانَ يخْدم الشَّيْخ أَبَا السُّعُود وَرَأَيْت من قَالَ مِمَّن نسخ لَهُ شَيْئا قَدِيما أَنه يعرف بِابْن أخي السعودي فَكَأَنَّهُ ترك تَخْفِيفًا.
ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة بالنحرارية وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وَغَيرهمَا واشتغل بهَا فِي الْفِقْه على قضاتها الْبُرْهَان بن(7/30)
الْبَزَّار والتاج عَتيق والشهابين المنصوري وَابْن الإِمَام وَعَلِيهِ بحث فِي الْكَشَّاف أَيْضا ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة فتكسب فِيهَا بزازا بِبَعْض حوانيتها وَكَذَا بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَخذه فِي الْفِقْه أَيْضا عَن الشَّمْس الْبكْرِيّ وَفِي الْفَرَائِض عَن الشَّمْس الغرافي وَكَذَا أَخذ عَن ابْن الملقن الْفِقْه أَيْضا والتذكرة لَهُ فِي عُلُوم الحَدِيث وَسمع عَلَيْهِ المسلسل وَغَيره وَعَن البُلْقِينِيّ ولازمة وخدمه فِي جمع أُجْرَة أملاكه وَغَيرهَا، وتلا لأبي عَمْرو على الْفَخر البلبيسي وَسمع على التنوخي وَالصَّلَاح الزفتاوي وَابْن الشيخة والحلاوي والسويداوي والأبناسي والغماري والمراغي وَغَيرهم ورام الْحَج مَعَ الْأَشْرَاف شعْبَان بن حُسَيْن فَكَانَت تِلْكَ الكائنة فَرجع مَعَ من رَجَعَ وَتوجه من هُنَاكَ إِلَى الْقُدس فَأَقَامَ بِهِ شهرا وَنصفا وتلا فِيهِ لأبي عمر وَأَيْضًا على الشَّمْس الفيومي، ثمَّ عَاد لبلده فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقُدس أَيْضا فَأخذ الْفِقْه عَن النَّجْم بن جمَاعَة والبدر العليمي والأخوين الشَّمْس والبرهان ابْني القلقشندي وَبحث على كل مِنْهُمَا التَّقْرِيب فِي عُلُوم الحَدِيث للنوويوعلى الْمُحب الفاسي فِي الْعَرَبيَّة والفرائض وَسمع هُنَاكَ فِي صفر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ على أبي الْخَيْر بن العلائي الْجُزْء الأول من مسلسلات وَالِده الصّلاح بل قَالَ وَهُوَ ثِقَة ضَابِط أَنه سمع بالقدس مَعَ الْبُرْهَان القلقشندي الدَّارمِيّ على الْعِمَاد بن كثير يَعْنِي فِي الْمرة الأولى فِي غَالب ظَنّه، وَدخل اسكندرية فَسمع بهَا من لفظ الْعَلامَة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن فوز الأمدى الشَّافِعِي شَيْئا من أول كل من صَحِيح البُخَارِيّ والرسالة القشيرية وحديثا مسلسلا مَوْضُوعا وَلَو وجد من يعتني بِهِ ويرشده لأدرك إِسْنَادًا عَالِيا، واستوطن الْقَاهِرَة وتنزل فِي صوفية البيبرسية وتكسب بتأديب الْأَطْفَال بِالْمَسْجِدِ الملاصق لسكن شَيخنَا جوَار الْمدرسَة المنكوتمرية وانتفع بِهِ من لَا يُحْصى كَثْرَة كشيوخنا ابْن خضر والجلال بن الملقن والبهاء البالسي وَابْن أَسد وَابْن عمر الطباخ الْمقري وَالْوَالِد وَالْعم وَكَانَ القَاضِي كريم الدّين بن عبد الْعَزِيز نَاظر الْجَيْش وصهر شَيخنَا يَنْفَعهُ كثيرا وَلَا يعْتَمد غَيره فِي الْإِشْهَاد على قضاياه، وأشير إِلَيْهِ بالتقدم فِي التَّأْدِيب مَعَ الْحُرْمَة الوافرة وَشدَّة الْبَأْس على الْأَطْفَال)
حَتَّى أَن بَعضهم رام أَن يدس عَلَيْهِ سما وَكَاد يتم فلطف الله بِهِ لحسن مقْصده، وَقد حدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَرَأَيْت شَيخنَا علق فِي تَذكرته شَيْئا من نوادره فَقَالَ سَمِعت جارنا الْفَقِيه السعودي وسَاق شَيْئا، بل قَرَأَ بِحَضْرَتِهِ شَيخنَا الْبُرْهَان بن خضر فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ عَلَيْهِ المسلسل الْمشَار إِلَيْهِ، وَكَانَ شَيخا جيدا فَاضلا مُفِيدا يقظا ظريفا فكها منقبضا عَن النَّاس ملازما لِلْمَسْجِدِ الْمَذْكُور، فَلَمَّا(7/31)