(مُقَدّمَة الْكتاب)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم
الْحَمد لله جَامع الشتات وَرَافِع من شَاءَ فِي الْحَيَاة وَبعد الْمَمَات ومقيل الْمقبل على الاكثار من الطَّاعَات مِمَّن يعد من ذَوي الهيئات مَا لَعَلَّه يصدر عَنهُ من الزلات وقابل تَوْبَة من أخْلص وَرجع عَمَّا اقْتَرَف من البليات سِيمَا الصادرات فِي الصِّبَا الْغَالِب مَعَه ترك النّظر فِي العاقبات وفضلا عَمَّن نَشأ فِي الطَّاعَات بل ذَاك مِمَّن يئله الله فِي ظلّ عَرْشه ويمنحه الْمَزِيد من الكرامات فضل بعض خلقه على بعض فِي الْعلم وَالْعَمَل وَسَائِر الدَّرَجَات وَجعل لكل زمن رجَالًا يرجع إِلَيْهِم فِي النَّوَازِل والمهمات بِحَيْثُ لَا تزَال الطَّائِفَة قَائِمَة بالادلة القطعية والنظريات فَيمكن تيَسّر الِاجْتِهَاد من مجموعهم لما عدم وَاحِد يجمع شُرُوطه المحققات وَيمْنَع بوجودهم التأثيم على القَوْل بِأَنَّهُ من فروض الكفايات مُمَيّزا كل طبقَة على الَّتِي تَلِيهَا فِي الحركات والسكنات وَذَلِكَ بِالنّظرِ للمجموع على الْمَجْمُوع عِنْد مُسْتَقر الطَّبَقَات والاقرب مُتَأَخّر بِفضل عدد قبله بالأوصاف والسمات مَعَ أَن الْكثير بل الْأَكْثَر من أوساط هَذَا الْقرن وهلم جرا إِلَى آخر الْأَوْقَات إِنَّمَا مشاركتهم فِي مُسَمّى الْعلم وَالْحِفْظ ونسخة الْإِسْلَام وَنَحْوهَا من مجَاز الْعبارَات والاستعارات وَعند تَحْقِيق المناط هم فضلاء متفاوتون فِي الْفَهم والديانات وَلذَا ورد الشَّرْع بانزال كل مَنْزِلَته بِشُرُوطِهِ الْمُعْتَبرَات وَبَيَان المزلزلين من الاثبات والضعفاء من الْعُدُول التقات وَأهل السّنة من فاسدي العقيدات ليَكُون الْمَرْء على بَصِيرَة فِيمَا يصل إِلَيْهِ مِنْهُم وَلَو فِي الْقَضَاء والفتيا ومالهم من المصنفات فَكيف بذوي الرِّوَايَات وَهُوَ لجريانه فِي الْمصَالح وَكَذَا النصائح العامات كَانَ ذكر الْمَرْء بِمَا يكرههُ من أوكد الْمُهِمَّات(1/4)
بل من الْوَاجِبَات مِمَّا اسْتثْنى من أَنْوَاع الْغَيْبَة الْمُحرمَات إِن لم يسترسل فِيمَا زَاد على الْحَاجَات
فَلهُ الْحَمد على نعمه الخفيات والجليات وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد سيد السادات ومعدن السعادات وعَلى آله وَصَحبه وَالتَّابِعِينَ لَهُم مَا دَامَت الأَرْض وَالسَّمَوَات
وَبعد فَهَذَا كتاب من أهم مَا بِهِ يعتني جمعت فِيهِ من عَلمته من أهل هَذَا الْقرن الَّذِي أَوله سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة ختم بِالْحُسْنَى من سَائِر الْعلمَاء والقضاة والصلحاء والرواة والأدباء وَالشعرَاء وَالْخُلَفَاء والملوك والأمراء والمباشرين والوزراء مصريا كَانَ أَو شاميا حجازيا أَو
يمنيا روميا أَو هنديا مشرقيا أَو مغربيا بل وَذكرت فِيهِ بعض الْمَذْكُورين بِفضل وَنَحْوه من أهل الذِّمَّة اكتفاءا فِي أَكْثَرهم بِمن أضفتهم إِلَيْهِ فِي عزوه لِأَنَّهُ اجْتمع لي من هُوَ الجم الْغَفِير وارتفع عني اللّبْس فِي جمهورهم إِلَّا الْيَسِير
مُسْتَوْفيا من كَانَ مِنْهُم فِي مُعْجم شَيخنَا وأنبائه وتاريخي الْعَيْنِيّ والمقريزي سِيمَا فِي عقوده الَّتِي رتبها النَّجْم بن فَهد وَإِن لم ينهضها لاستيفائه إِلَى غَيرهَا من التواريخ كالذيل لحلب لِابْنِ خطيب الناصرية ولمسكة للنجم بن فَهد مَعَ أَصله للفاسي والطبقات والوفيات الْمُدَوَّنَة والتراجم كشيوخ ابْن فَهد التقى وَولده تَخْرِيجه وَغَيرهَا من المعاجم وَمَا علقته من مجاميع مفيدنا الزين رضوَان أَو رَأَيْته فِي استدعاآت ابْن شَيخنَا وَنَحْوه من الْأَعْيَان وَسَائِر من ضبطته مِمَّن أَخذ عَن شَيخنَا أَو عني أَو أخذت عَنهُ وَلَو لم يكن لَهُ كَبِير اعتنا وَرُبمَا أثبت من لَا يذكر لبَعض الْأَغْرَاض الَّتِي لَا يحسن مَعهَا الِاعْتِرَاض وألحقت فِي أَثْنَائِهِ كثيرا من الْمَوْجُودين انْتِفَاع من لَعَلَّه يسْأَل عَنْهُم من المستفيدين مَعَ غَلَبَة الظَّن الْغَنِيّ عَن التَّوْجِيه بِبَقَاء من شَاءَ الله مِنْهُم إِلَى الْقرن الَّذِي يَلِيهِ
مُرَتبا لَهُ لتسهيل الْكَشْف على حُرُوف المعجم التَّرْتِيب الْمَعْهُود فِي الأسما والآباء والأنساب والجدود مبتدئا من الرِّجَال بالأسماء ثمَّ بالكنى ثمَّ بالأنساب والألقاب وَكَذَا المهبمات بعد الْأَبْنَاء مراعيا فِي التَّرْتِيب لذَلِك كُله حُرُوف الْكَلِمَة الْمَقْصُودَة بِحَيْثُ أبدأ فِي الْألف مثلا بِالْهَمْزَةِ الَّتِي بعْدهَا مُوَحدَة وَألف ثمَّ بِالَّتِي بعْدهَا رَاء على مَا ألف مردوفا ذَلِك بِالنسَاء كَذَلِك
وكل مَا أطلقت فِيهِ شَيخنَا فمرادي بِهِ ابْن حجر أستاذنا وَكنت أردْت ايراد شَيْء مِمَّا لَعَلَّه يكون عِنْدِي من حَدِيث من شَاءَ الله من المترجمين فَخَشِيت التَّطْوِيل سِيمَا أَن(1/5)
حصل أيضاحه بالتبيين وَلذَا اقتصرت على الرضى والزكى والسراج والعضد والمحيوي مِمَّن يلقب رضى الدّين أَو زكى الدّين أَو سراج الدّين أَو عضد الدّين أَو محيي الدّين مِمَّن المُصَنّف عَلَيْهِ محتوى وأعرضت لذَلِك عَن الافصاح بالمعطوف عَلَيْهِ للْعلم بِهِ فأقتصر على قولي مَاتَ سنة ثَلَاث مثلا دون وَثَمَانمِائَة وثوقا بِأَنَّهُ لَيْسَ يشْتَبه
ثمَّ ليعلم أَن الْأَغْرَاض فِي النَّاس مُخْتَلفَة والأعراض بِدُونِ التباس فِي الْمَحْظُور مؤتلفة ولكنني لم آل فِي التَّحَرِّي جهدا وَلَا عدلت عَن الِاعْتِدَال فِيمَا أَرْجُو قصدا وَلذَا لم يزل الأكابر يتلقون مَا أبديه بِالتَّسْلِيمِ ويتوقون الِاعْتِرَاض فضلا عَن الْأَعْرَاض عَمَّا ألقيه والتأثيم حَتَّى كَانَ الْعِزّ
الْحَنْبَلِيّ والبرهان بن ظهيرة المعتلى يَقُولَانِ أَنَّك مَنْظُور إِلَيْك فِيمَا تَقول مسطور كلامك المنعش للعقول وَقَالَ غير وَاحِد مِمَّن يعْتد بِكَلَامِهِ وتمتد إِلَيْهِ الْأَعْنَاق فِي سَفَره ومقامه: من زكيته فَهُوَ الْمعدل وَمن مرضته فالضعيف الْمُعَلل إِلَى غَيرهَا من الْأَلْفَاظ الصادرة من الْأَئِمَّة الأيقاظ بل كَانَ بعض الْفُضَلَاء المعتبرين يُصَرح بتمني الْمَوْت فِي حَياتِي لأترجمه لَعَلَّه يخفي عَن كثيرين نعم قد يشك من يعلم أنني لَا أقيم لَهُ وزنا فيمرق بل يختلق مَا يضمحل فِي وقته حسا وَمعنى ويستفيد بِهِ التَّنْبِيه على نَفسه فَيتَحَقَّق مِنْهُ مَا كَانَ حَدثا وظنا
وَالله أسأَل أَن يجنبنا الاعتساف المجانب للأنصاف وَأَن يرزقنا كلمة الْحق فِي السخط وَالرِّضَا ويصرفنا عَمَّا لَا يرتضي ويقينا شَرّ القضا
وسميته الضَّوْء اللامع لأهل الْقرن التَّاسِع وَهُوَ مَعَ كتاب شَيخنَا وَمَا استدركته عَلَيْهِ فِي الْقرن الثَّامِن من تَفْوِيت أحد من أَعْيَان القرنين فِيمَا أَرْجُو نَفَعَنِي الله بِهِ وَالْمُسْلِمين.(1/6)
(حرف الْألف)
آدم بن سعد بن عِيسَى الكيلاني الأَصْل ثمَّ الْمَكِّيّ قطنها نَحوا من عشْرين سنة وَزوج بهَا واسكن بِأخرَة رِبَاط سكر وَكَانَ مُعْتَقدًا. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَسِتِّينَ.
آدم بن سعيد بن أبي بكر الجبرتي الْحَنَفِيّ نزيل مَكَّة والمتوفى بهَا شَابًّا قطنها مديما للاشتغال على فضلائها والواردين عَلَيْهَا فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا وللتلاوة على طَريقَة جميلَة وإناقة من شُيُوخه السراج معمر بن عبد الْقوي فِي الْعَرَبيَّة وَعبد النَّبِي المغربي وَسمع على وَأَنا بِمَكَّة الْكثير من الصَّحِيح وَغَيره بل حضر عِنْدِي بعض الدُّرُوس. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالمعلاة عوضه الله الْجنَّة.
آدم بن عبد الرَّحْمَن بن حاجي الْوَركَانِي مَاتَ سنة بضع وَعشْرين.
أبان بن عُثْمَان بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ ولد فِي آخر سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة.
أبجد رجل مجذوب كَانَ يكثر التنقل من بَيت الْمُقَدّس إِلَى مَكَّة صُحْبَة الزين عبد الْقَادِر النَّوَوِيّ الْمَقْدِسِي وانتفع بلحظه وَمَا علمت مَتى مَاتَ.
إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة والآتي أَبوهُ وأخواه مُحَمَّد وَإِسْمَاعِيل وَيعرف بِابْن زقزق مِمَّن قطن مَكَّة ورأيته بهَا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَكَذَا جاور بِالْمَدِينَةِ سِنِين وَكَانَ أَبوهُ وَأَخُوهُ مُحَمَّد من عُلَمَاء الْبَصْرَة وَهُوَ من الصلحاء. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين.
إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الْمُحب أَبُو الْفضل بن الْبُرْهَان بن البدراني عبد الله الْجَعْفَرِي الْمَقْدِسِي ثمَّ النابلسي الْحَنْبَلِيّ الْآتِي أَبوهُ وجده وَعَمه الْكَمَال مُحَمَّد من بَيت قَضَاء وَاعْتِبَار عرض على الخرقى وَقَرَأَ على بعض البخارى سوى مَا سَمعه على مِنْهُ وَمن غَيره كل ذَلِك فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَعَاد إِلَى بَيت الْمُقَدّس.(1/7)
إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مَسْعُود القاهري المولد وَالدَّار الْآتِي أَبوهُ. وَيعرف كل مِنْهُمَا بِابْن سَابق ولد بعد السِّتين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ يَسِيرا من الْمِنْهَاج حفظا أَو حلا ثمَّ زوجه وَالِده وتشاغل بِالْأَذَانِ والوقيد وَنَحْوهمَا بالمنكوتمرية بل أَخذ إمامتها وَغَيرهَا من الْوَظَائِف: كالصلاحية وَغَيرهَا بعد أَبِيه وَحج وتكسب بعد بِبَعْض الحوانيت عِنْد بَاب القنطرة وَرُبمَا اشْتغل بالخياطة وَعمل حاسبا وَفقه الله.
إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد برهَان الدّين النَّوَوِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيُقَال إِنَّه قريب النَّوَوِيّ أَخذ عَن التقى بن قَاضِي شُهْبَة وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتميز فِي الْفَرَائِض والحساب ومتعلقاتهما وأقرأ ذَلِك الطّلبَة وانتفع بِهِ جمَاعَة كَأبي الْفضل بن الإِمَام وَأَخْبرنِي أَنه شرح الْمِنْهَاج ونظم فَرَائِضه ثمَّ ضم إِلَيْهِ الْحساب ومتعلقاته فِي ألفية سَمَّاهَا الْحَلَاوَة السكرية زَاد غَيره أَنه شرح الجرومية وَكَانَ سريع النّظم حسنه. مَاتَ تَقْرِيبًا سنة خمس وَثَمَانِينَ بِدِمَشْق وَقد جَازَ السّبْعين
رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر القَاضِي برهَان الدّين الأبودري ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي سبط الزين عبيد السكالسي وَولد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالأبودري ولد فِيمَا ظَنّه مِمَّا ذكره لَهُ وَالِده فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي والرسالة وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَعرض على الْعِزّ بن جمَاعَة وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبرهان البيجوري وأجازوه ولازم الزين عبَادَة فِي الْفِقْه وَغَيره كالشهاب الصنهاجي وَأبي الْقسم النويري فِيهِ وَفِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهمَا وَأخذ أَيْضا عَن الشهَاب الأبدي وابي الْفضل المشدالي بل وَحضر دروس الْبِسَاطِيّ واستنابه وَكَذَا استنابه من بعده وتصدى لذَلِك وَصَارَ من أَعْيَان النواب وَحج مرَارًا وجاور فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَدخل الاسكندرية وَغَيرهَا وَسمع على ابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس. مَاتَ فِي ثَالِث صفر سنة تسع وَخمسين رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الشِّيرَازِيّ الموقت لقِيه الْحَافِظ الْجمال(1/8)
ابْن مُوسَى المراكشي باسكندرية وترجمه بالاستاذ الْفَاضِل الموقت وَقَالَ لَهُ مؤلفات فِي علم الْمِيقَات وَيَد طولى فِي متعلقاته من النُّجُوم وَغَيرهَا واستجازه لجَماعَة مِنْهُم ابْن فَهد وَذكره فِي مُعْجَمه بذلك. وَمَا علمت وَقت وَفَاته.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الرُّومِي الأَصْل العجمي الْحَنَفِيّ نزيل الْقَاهِرَة وأخو حيدر الْآتِي لَهُ ذكر فِيهِ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أَحْمد الميلق بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد القَاضِي برهَان الدّين ابْن الْخَطِيب الْبَدْر اللَّخْمِيّ الْحُسَيْنِي نِسْبَة لجدله القاهري الشَّافِعِي الشاذلي وَيعرف بِابْن الميلق. ولد فِي رَابِع رَمَضَان سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَكَانَ يحْكى أَنه تَلا بِهِ لابي عمر وعَلى الْفَخر الضَّرِير وَأَنه حفظ غَيره وَسمع دروس ابْن الملقن والبلقيني وَالشَّمْس القليوبي والنور الأدمى فِي الْفِقْه وَغَيره ودروس وَالشَّمْس البوصيري وَسمع على التنوخي وَغَيره مِمَّا كُله مُمكن وَقد وقفت على سَمَاعه على الصّلاح الزفتاوي والحلاوي والسويداوي وَأَجَازَ لي وناب فِي الْقَضَاء وَصَارَ ذادربة بِالْأَحْكَامِ والشروط وَمِمَّنْ يذكر بجودة الخطابة لكَونه كَانَ كأبيه خَطِيبًا بِجَامِع الماس وصوته فِيهَا جَهورِي وَلذَا عينه الظَّاهِر جقمق
وَكَانَت لَهُ بِهِ خلْطَة حِين مجاورته لَهُ أَيَّام أَمرته بِالْقربِ من الْجَامِع الْمَذْكُور للخطابة بِجَامِع طولون بعد عزل أبي الْيُسْر بن النقاش عَنْهَا وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين مَعَ مشيخة الميعادية أَيْضا ولخطبة جَامع القلعة فِي أول جُمُعَة فِي صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين حِين تغيظه على القَاضِي الشَّافِعِي.
وَذكر حِينَئِذٍ لولاية الْقَضَاء الْأَكْبَر ثمَّ بَطل إِلَّا أَنه صَار يَنُوب عَن السُّلْطَان ثمَّ غضب عَلَيْهِ وأبعده وَأرْسل بِهِ إِلَى القَاضِي الشَّافِعِي مَعَ أبي الْخَيْر النّحاس لينْظر فِي حكم صدر مِنْهُ فنهره القَاضِي وَقَالَ لَهُ أَنَّك أَفْتيت فِي الْأَحْكَام بِدُونِ إِذن مني وَلم يزل خاملا حَتَّى مَاتَ فِي سنة سبع وَسِتِّينَ ثامن عشرى شعْبَان وأرخه البقاعي فِي نَحْو النّصْف من رَمَضَان بعد أَن أضرّ وأملق وقاسى مَا لَعَلَّه يكفر بِهِ عَنهُ وَدفن بتربة التَّاج بن عطاءالله من القرافة عَفا الله عَنهُ وَقد بَالغ البقاعي فِي أَذَاهُ حَيْثُ تَرْجمهُ فِي مُعْجم شُيُوخه لكَونه لم يجرئه على أخصامه جَريا على عَادَته وَنسبه إِلَى الاختلاق وَأَنه الْأَذَل نسْأَل الله السَّلامَة. وَلما أورد المقريزي خطابته بالسلطان حِين غضب على شَيخنَا سَمَّاهُ برهَان الدّين إِبْرَاهِيم(1/9)
ابْن شهَاب الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن مياق وَالْأول أشبه.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن مُوسَى الْمَقْدِسِي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ ثمَّ الشَّافِعِي أَخُو الزين عبد الرَّحْمَن الهمامي وَعبد الرَّزَّاق وَمُحَمّد الْآتِي ذكرهم وَكَذَا أبوهم. ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين والمنهاج الفرعي والملحة وايساغوجي وتصريف الْعُزَّى وَغَيرهَا وَخذ فِي الْفِقْه وَغَيره عَن النَّجْم بن قَاضِي عجلون وَجمع الْعشْر على وَالِده والسبع على الشَّمْس بن عمرَان ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ إِذْ قدمهَا فِي سنة أَربع وَسبعين على الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي وَقَرَأَ على حِينَئِذٍ فِي الْأَذْكَار وَغَيره وَأَظنهُ أَخذ عَن البقاعي وَجَمَاعَة وَحج مرَارًا وزار بَيت الْمُقَدّس وقطنه وقتا ولقيتي بِمَكَّة أَيْضا وَمَعَهُ وَلَده مُحَمَّد فَعرض محافيظه على وَكَانَ يُؤَدب الْأَطْفَال بكلاسة الْجَامِع الْأمَوِي وَنعم الرجل كَانَ فضلا وَخيرا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي رَمَضَان سنة أَربع وَتِسْعين بِدِمَشْق وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَقِيه برهَان الدّين بن قطب الدّين القلقشندي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الأطروش أَخُو شَيخنَا الْعَلَاء على الْآتِي وأخوته وَسمع فِي
سنة تسع وَتِسْعين بعض الصَّحِيح على ابْن أبي المجدو غير ذَلِك بمشاركة التنوخي والحافظين الْعِرَاقِيّ والهيثمي الْخَتْم مِنْهُ وَكَذَا سمع عَليّ ابْن الْجَزرِي وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة مِمَّن تَأَخّر واشتغل يَسِيرا وَكتب الْمَنْسُوب وَينزل فِي صوفية البيبرسية والجمالية وتكسب باقراء الْأَطْفَال مُدَّة وَكَانَ خيرا أجَاز لي وَمَات فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين رَحمَه الله وَهُوَ وَالِد بدر الدّين مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن خَليفَة البجائي قاضيها فِي زَمَنه. مَاتَ فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ أرخه ابْن عزم.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن ثَابت النابلسي شخص من بني عبد الْقَادِر شُيُوخ نابلس نَشأ بهَا فتعلم الْكِتَابَة وَقَرَأَ شَيْئا من الْقُرْآن وانتمى لقاضيها الشَّافِعِي أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن الجوبري وخدمه بِحَيْثُ صَار يَسْتَعْمِلهُ فِي الشَّهَادَات مَعَ تكسبه فِي غُضُون هَذَا حَرِيرًا فَترفع حَاله يَسِيرا ثمَّ سَافر إِلَى دمشق وَتردد للبلاطنسي وَحضر(1/10)
عِنْده واجتهد فِي خدمته فراج هُنَاكَ وَحصل بجاهه وظائف فِي الْجَامِع وانضم بعد مَوته للزين خطاب وَرُبمَا حضر دروسه بل قَرَأَ فِي الجرومية على أبي الْعَزْم الحلاوي وَلَكِن لم يفتح عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك بل تميز فِي المخاصمات.
وَنَحْوهَا وخدم عِنْد الْعَلَاء الصَّابُونِي واستنابه فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق وَتكلم عَنهُ فِي عدَّة جِهَات وتزايدت محاسنه فِي هَذَا النَّوْع وَذكر بَين المباشرين وَنَحْوهم وترقى لخدمة السُّلْطَان إِلَى أَن كَانَ من أكبر المرافقين للعلاء مخدومه حِين نكب مَعَ تكَلمه بَين النَّاس وَبَين الْملك فِي الولايات والعزل والمخاصمات والمصادرات وَنَحْوهَا فازدحم الغوغاء بل وَكثير من الْخَواص بِبَابِهِ وَقطع وَوصل وَقرب وَبعد وَتسَمى وَكيل السُّلْطَان وهابه كل أحد وأضيفت إِلَيْهِ تداريس ومشيخات وأنظار وَغَيرهَا من الْجِهَات وتمول جدا وَصَارَت الجمالية لسكناه بقاعة مشيختها كدار وأتى الشرطة وَكَاد أَن يخرب الديار الشامية بِنَفسِهِ وبولده الْآتِي فِي الأحمدين إِلَى أَن أمسك كل مِنْهُمَا فِي مَحل سلطته وَأخذ مِنْهُمَا من الْأَمْوَال والذخائر مَا يفوق الْوَصْف مَعَ مزايدها بَينهمَا وَضرب هَذَا بَين يَدي السُّلْطَان ثمَّ الدوادار الْكَبِير حَتَّى أشرف على التّلف وَحِينَئِذٍ حمل من بَيت الدوادار فِي قفص الى الجمالية فَلم يلبث أَن مَاتَ على حِين غَفلَة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ فَغسل وكفن وَصلى عَلَيْهِ ثمَّ دفن بتربة عضد الدّين الصيرامي وَاسْتقر بعده فِي تدريس الخروبية بِمصْر الشَّمْس البامي وَفِي تدريس
القطبية بِرَأْس حارة زويلة الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ وَفِي نظر الْمَسْجِد الْمَعْرُوف بِابْن طَلْحَة تجاه البرقوقية الشهَاب بن المحوجب وَفِي نصف مشيخه الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس ابْن غَانِم وَمَا تأسف عَلَيْهِ أحد مِمَّن يمِيل إِلَى الْخَيْر على فَقده بل هُوَ مستراح مِنْهُ مَعَ منامات كَانَ يخبر بهَا عَن نَفسه وأحوال نسْأَل الله خَاتِمَة خير.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد برهَان الدّين العجلوني ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة كَانَ أَبوهُ برادعيا فَنَشَأَ هُوَ تَاجِرًا فِي الْبر بِبَعْض حوانيت الْقُدس وَقد مَاتَ أَخ لَهُ اسْمه حسن كَانَ عطارا محظوظا فِي التِّجَارَة خيرا رَاغِبًا فِي بر الطّلبَة فورثه وبواسطته كَانَ الْبُرْهَان يجْتَمع بالزين ماهر أحد عُلَمَاء الْقُدس(1/11)
وصلحائه فَرَأى مِنْهُ فطنة وذكاءا فخطبه للاشتغال ورغبه فِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْحَاوِي الصَّغِير فِي التَّقْسِيم وَأذن لَهُ بعد بِيَسِير فِي التدريس بِحَيْثُ عرف بِهِ وَكَذَا قَرَأَ ألفية النَّحْو على أبي عَليّ الناصري الْمُؤَدب وانتمى إِلَيْهِ جمَاعَة من فُقَرَاء النَّاس وَكَانَ يحلق بهم لاقرائهم مديما لذَلِك ثمَّ صاهر التقى القلقشندي على ابْنَته وَلكنه قبل الْبناء بهَا قدم الْقَاهِرَة ساعيا فِي مشيخة صلاحيتها بعد تنافسه مَعَ ابْن جمَاعَة فَلم ينْتج لَهُ أَمر وَلزِمَ من ذَلِك إِقَامَته فِيهَا فتضررت الزَّوْجَة وَأَهْلهَا لذَلِك وَأَرْسلُوا فِي تخييره بَين الطَّلَاق أَو الْمَجِيء للدخول وساعدهم الْأَمِير أزبك الظَّاهِرِيّ حَتَّى علق طَلاقهَا على مضى مُدَّة إِن لم يتَوَجَّه إِلَيْهِم قبل انتهائها وَتوجه وَدخل بهَا واستولدها وَمَاتَتْ تَحْتَهُ فَورثَهَا وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَحج وَدخل الشَّام وَغَيرهَا وراج أمره بذكائه وَتَعْبِيره عَن مُرَاده وأقرأ الطّلبَة فِي فنون وأخذعنه غيرواحد من الْأَعْيَان لكنه كثر انتماء الْأَحْدَاث إِلَيْهِ وَأكْثر هُوَ من التبذير والإنفاق عَلَيْهِم وعَلى من لَعَلَّه يجْتَمع عَلَيْهِ حَتَّى افْتقر بعد المَال الْكثير وَصَارَ ينْتَقل من مَكَان إِلَى مَكَان لعَجزه عَن أجرته وَمن قَرْيَة لأخرى لاشتهار أمره عِنْد أهل الأولى مَعَ كِتَابَته على الفتاوي بل رُبمَا قصد فِي تَرْتِيب مَا ينشأ عَنهُ الْوُصُول للمقاصد مِمَّا قد لَا يكون مطابقا للْوَاقِع وَقد يَأْخُذ الْجعَالَة فِي كليهمَا مِمَّا يحملهُ عَلَيْهِ شدَّة الْفقر والتساهل وَهُوَ مِمَّن لَهُ الْيَد الشلاء فِي الْكَنِيسَة وَلَا زَالَ فِي تقهقر حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانِينَ بحارة بهاء الدّين لكَونه كَانَ قد سكن بَيت الصّلاح المكيني فِيهَا سامحه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حسن بن الْغَرْس خَلِيل بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن رَمَضَان بن الْخضر بن خَلِيل بن أبي الْحسن برهَان الدّين أَبُو اسحاق بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن الْبَدْر أبي مُحَمَّد
التنوخي الطَّائِي العجلوني ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْغَرْس. ولد على رَأس الْقرن تَقْرِيبًا ولازم ابْن نَاصِر الدّين فَأكْثر عَنهُ وَكَذَا سمع على الشَّمْس مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْمُحب الْأَعْرَج والشرف عبد الله بن مُفْلِح سنَن ابْن مَاجَه وعَلى لَطِيفَة ابْنة الأياسي جُزْء ابْن عَرَفَة بحضورها لَهُ فِي الثَّالِثَة على زَيْنَب ابْنة ابْن الخباز فِي آخَرين وارتحل صُحْبَة شَيْخه إِلَى حلب فَسمع بهَا من الْحَافِظ الْبُرْهَان سبط ابْن العجمي وببعلبك من التَّاج بن بردس ولقى شَيخنَا فِي سنة أحد فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِظَاهِر بِلِسَان(1/12)
جريء وَقدمه للاستملاء عَلَيْهِ فِيمَا أملاه بِدِمَشْق بِإِشَارَة شَيْخه فِيمَا أَظن وَطلب وقتا وَلم يُمْهل وَلَا كَاد هَذَا مَعَ وصف شَيخنَا لَهُ فِي مراسلة كتبهَا إِلَيْهِ من أَجلي بِالْحَافِظِ وَفِي مَوضِع آخر بصاحبنا نعم تَرْجمهُ الْبُرْهَان الْمَاضِي فِي بعض مجاميعه بقوله طَالب علم استحضر بعض شَيْء انْتهى وَهُوَ أشبه.
وَقَرَأَ البُخَارِيّ على الْعَامَّة فِي الْجَامِع الْأمَوِي والناصري وخطه كعقله ردئ وَعبارَته سقيمة وَعِنْده من الْكتب والأجزاء وتصانيف شَيْخه مَا لم ينْتَفع بِهِ بل وعطل على غَيره الِانْتِفَاع بهَا لعدم سماحه بعاريتها حَسْبَمَا استفيض عَنهُ حَتَّى نقل عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول إِذا عَايَنت الْمَوْت ألقيتها فِي الْبَحْر وكما قَالَ وَقد لَقيته بِدِمَشْق وَمَا أكثرت من مُجَالَسَته لَكِن رَأَيْت بعض الطّلبَة استجازه فِي استدعاء فِيهِ بعض الْأَوْلَاد وَزعم أَنه أَخذ عَن عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي فَالله أعلم وَحدث باليسير. مَاتَ فِي الْعشْر الثَّانِي من شَوَّال سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بِدِمَشْق وتفرق النَّاس كتبه بأبخس ثمن رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ هَذَا وَسَيَأْتِي فِي إِبْرَاهِيم.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأَذْرَعِيّ الأَصْل أحد الْأُخوة من بني الإِمَام شهَاب الدّين وشقيق الْكَمَال مُحَمَّد مِمَّن سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية واختص بالكمال نَاظر الْجَيْش وَحج مَعَه فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وجاور الَّتِي تَلِيهَا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حُسَيْن الْموصِلِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي نزيل مَكَّة كَذَا ذكره شَيخنَا والمقريزي بن مُحَمَّد بن حُسَيْن.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن خضر الصَّالِحِي الْحَنَفِيّ مَاتَ سنة سِتّ عشرَة.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن خلف النَّبِي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي التَّاجِر بسوق الْعَمى خَارج بَاب الْفتُوح ووالد أَحْمد وَمُحَمّد الآتيين كَانَ خيرا متعبدا كثير التِّلَاوَة حفظ فِي صغره الْعُمْدَة والملحة والرسالة واشتغل عِنْد الزينين عبَادَة وطاهر وَغَيرهمَا وَينزل فِي الخانقاه الجمالية وَغَيرهَا
وَحج وجاور وَاقْتصر على التكسب مَعَ الْعِبَادَة والتلاوة حَتَّى مَاتَ فِي عشر رَجَب سنة ثَمَان وَسِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن رَجَب بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن جميل بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن سَعَادَة بن عِيسَى بن مُوسَى أبي البركات بن عدي بن مُسَافر برهَان الدّين أَبُو اسحق بن الشّرف البقاعي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد الشهَاب أَحْمد الْآتِي وَأَبوهُ وَيعرف بالزهري لكَونه سبط الشهَاب الزُّهْرِيّ بل يجْتَمع مَعَه أَيْضا فِي أَحْمد بن عُثْمَان. ولد فِي(1/13)
سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة واشتغل قَلِيلا وَولى بعد قَضَاء طرابلس دون شهر ثمَّ عزل ثمَّ أُعِيد فَلم يُمكن من الْمُبَاشرَة ثمَّ ولى قَضَاء صيداء مُدَّة ثمَّ سَافر إِلَى الْقَاهِرَة للسعي فِي طرابلس فَلم يحصل لَهُ فولى كِتَابَة سرصفد ثمَّ أضيف إِلَيْهِ الْقَضَاء بهَا ثمَّ استعفى مِنْهَا لقلَّة معلومها مَعَ أَنه كَانَ بَاشر قضاءها مُبَاشرَة حَسَنَة فِيمَا نقل عَن التقى بن قَاضِي شُهْبَة ثمَّ أُعِيد لقَضَاء صيداء ثمَّ عزل وَولى قَضَاء حماه مرّة بعد أُخْرَى وَكَانَ قاضيها فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ثمَّ قدم دمشق وسعى فِي النِّيَابَة بهَا أَيَّام الشهَاب بن المحمرة فَلم يجبهُ فَلَمَّا اسْتَقر ابْن الْبَارِزِيّ فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ استنابه ثمَّ نَاب لمن بعده وَأخذ خطابة بيروت من الْقُضَاة بل أَخذ لوَلَده قضاءها فجرت لَهُ أُمُور وشكى فعزل وَلَده فَتَوَلّى هُوَ قضاءها وَتوجه إِلَيْهَا ليصلح بَين وَلَده وَبَين غُرَمَائه فَمَا تيَسّر لَهُ ذَلِك واخترمته الْمنية يُقَال من حمرَة طلعت فِيهِ فِي آخر نَهَار الثُّلَاثَاء حادي عشرى صفر سنة أَرْبَعِينَ قَالَ التقى بن قَاضِي شُهْبَة: كَانَ جيد الْعقل كثير المداراة محبا فِي الطّلبَة مساعدا لَهُم فِي حشمة وكرم وضيق فِي غَالب عمره وتحمله الدّين قَالَ وَلم يكن فِيهِ عيب أعظم من قلَّة الْعلم.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَامر السَّعْدِيّ شيخ عمر دهرا فِيمَا قيل وَحدث بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّة عَن الْفَخر بن البُخَارِيّ روى عَنهُ التقى أَبُو بكر القلقشندي وَقَالَ أَنه بَقِي إِلَى حُدُود سنة خمس عشرَة.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عوض الطنتدائي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن لم يكن مِمَّن سلك طَرِيق وَالِده وَلَا قَرِيبا مِنْهَا بل كَانَ متصرفا بِأَبْوَاب الْقُضَاة وَبِيَدِهِ نصف أُمَامَة الرِّبَاط بالبيبرسية حَتَّى مَاتَ قَرِيبا من سنة ثَمَانِينَ عَفا الله عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن أَحْمد بن عبد الدَّائِم سعد الدّين بن
تقى الدّين بن نَاظر الْجَيْش الْمُحب الْحلَبِي الاصل الْمصْرِيّ القاهري خَال الولوي ابْن تقى الدّين البُلْقِينِيّ فأمه كَافِيَة أُخْت هَذَا كَانَ كَاتبا فِي بعض الدَّوَاوِين وَرَأَيْت نسبه هَكَذَا بِخَط ابْن قمر وَقد سمع بقرَاءَته على جارهم الْبَدْر بن البلسي سداسيات الرَّازِيّ وَمَات فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ أَو الَّتِي قبلهَا عَفا الله عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الْكَافِي بن عَليّ أَو عبد الله السَّيِّد برهَان الدّين أَبُو الْخَيْر الحسني الطباطبي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ نزيل الْحَرَمَيْنِ أَخذ القراآت عَن الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني(1/14)
بِالْمَدِينَةِ والشهاب الشوابطي بِمَكَّة وَمن قبلهمَا عَن الزين بن عَيَّاش بل فِي سنة ثَمَان وَعشْرين عَن ابْن سَلامَة وَابْن الْجَزرِي وَكَذَا أَخذهَا بِالْقَاهِرَةِ عَن حبيب بن يُوسُف الرُّومِي والزين رضوَان وابي عبد الله مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن سُلَيْمَان الْحلَبِي بن أَمِير حَاج والتاج بن تمرية وبخانقاه سرياقوس عَن الْكَمَال مَحْمُود الْهِنْدِيّ وَمن قبلهم عَن الزراتيتي فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين تَلا عَلَيْهِ الْبَعْض لأبي عمر وبدمشق عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن النجار وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ عَنهُ أَزِيد من بعض واقصى ماتلا بِهِ للعشر وَكَذَا سمع على أبي الْفَتْح المراغي والتقى بن فَهد وَمِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ مُسْند أَحْمد وعَلى أَولهمَا صَحِيح مُسلم بالروضة النَّبَوِيَّة فِي رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَأَرْبَعين وَفِيه سمع عَلَيْهِ الشفا والمحب المطري وَقَرَأَ عَلَيْهِ صَحِيح مُسلم وَالسّنَن لأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والموطأ والشفا وَالْجمال الكازروني وَسمع عَلَيْهِ مجَالِس من أبي دَاوُد وَغَيره ثمَّ بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّة وَأخذ عَن شَيخنَا وَغَيره بِالْقَاهِرَةِ كالعز بن الْفُرَات وَمِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَرْبَعين الَّتِي انتقاها شَيخنَا من مُسلم فِي سنة ثَمَان واربعين وَسمع عَلَيْهِ من أول التِّرْمِذِيّ إِلَى الصَّلَاة الَّتِي تَلِيهَا وقرأه بِتَمَامِهِ على الْجمال عبد الله بن جمَاعَة بِبَيْت الْمُقَدّس فِي سنة تسع وَخمسين وَقَرَأَ قبل ذَلِك فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ من أول مُسلم إِلَى الْإِيمَان على الشهَاب أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله البعلي قاضيها الْحَنْبَلِيّ ابْن الحبال بِسَمَاعِهِ لَهُ على بعض من سَمعه على أم أَحْمد زَيْنَب ابْنة عمر بن كندي عَن الْمُؤَيد وتصدى للاقراء بالحرمين وَأخذ عَنهُ الامائل وَمِمَّنْ جمع عَلَيْهِ للأربعة عشر الشريف الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد المقسي الوفائي الْحَنَفِيّ القجماسية الْآن وَبَلغنِي أَنه كتب على الشاطبية شرحا وَلَقَد لَقيته بِمَكَّة وَسمع بِقِرَاءَتِي على الْكَمَال بن الْهمام وَغَيره وَكَانَ أحد الخدام بالحجرة النَّبَوِيَّة وَهُوَ الَّذِي أنهى أَمر ابْن فدعم الرَّافِعِيّ إِلَى الظَّاهِر جقمق وَأَنه سمع مِنْهُ مَا يَقْتَضِي الْكفْر فبادر إِلَى)
الاحتيال عَلَيْهِ حَتَّى أحضر إِلَيْهِ فَأمر بقتْله وَبعد ذَلِك كف السَّيِّد عَن الْإِقَامَة بِالْمَدِينَةِ وَلزِمَ مَكَّة مديما للطَّواف وَالْعِبَادَة والاقراء حَتَّى مَاتَ بهَا فِي مغرب لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث الْمحرم سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله. وَينظر إِبْرَاهِيم ابْن أَحْمد الشريف البرهاني الطباطبي ختن مَحْمُود الْهِنْدِيّ فأظنه غير هَذَا.(1/15)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن نجم بن عبد الْمُعْطِي الْبرمَاوِيّ وَالِد الْفَخر عُثْمَان وَإِخْوَته. مَاتَ كَمَا قَالَه شَيخنَا فِي تَرْجَمَة وَلَده قبله بِعشر سِنِين فَيكون مَوته سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عَليّ بن عُثْمَان بن عَليّ بن عُثْمَان بن سعد بن ابي الْمَعَالِي الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَق وَأَبُو الْوَفَاء بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن الْفَخر الدِّمَشْقِي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْموقع وَيعرف بالرقي نِسْبَة للرقة من أَعمال حلب وقديما بِابْن عُثْمَان كَانَ وَالِده مَا ورديا ذَا حشمة وشكالة حَسَنَة يعرف بصهر ابْن قمر الدولة وبوكيل الطنبذي فولد هَذَا فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وألفية النَّحْو عِنْد صاحبنا الشَّمْس بن قمر وَعرض على الْجلَال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والبيجوري وَابْن الْجَزرِي والقمني والبدر بن الْأَمَانَة والمحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ وَشَيخنَا وَصَالح الزواوي والتلواني والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وأجازوه فِي آخَرين كَالشَّمْسِ الشطنوفي والبرهان بن حجاج الأبناسي والشرف السُّبْكِيّ وَعرض أَيْضا على خلق من الْأَعْيَان مِمَّن لم يُصَرح فِي خطه بِالْإِجَازَةِ كالشموس الْبرمَاوِيّ والهروى وَابْن الديري والبساطي والشامي الْحَنْبَلِيّ وَبَلغنِي أَنه سمع على الشّرف بن الكويك وَلَا أستبعده واشتغل يَسِيرا فَقَرَأَ النَّحْو على الشّرف الطنوبي والمعاني وَالْبَيَان على الشَّمْس السرواني وَكَذَا قَرَأَ على التقى الحصني نزيل الْقَاهِرَة فِيمَا بَلغنِي وجود الْخط على الزين بن الصَّائِغ وبرع فِيهِ بِحَيْثُ أجَازه بالأقلام كلهَا وتنزل فِي صوفية البيبرسية وتدرب فِي التوقيع بناصر الدّين الناقوي وبشارته اسْتَقر أحد موقعي الدرج فِي الْأَيَّام البدرية ابْن مزهر ثمَّ ترقى لتوقيع الدست فِي الْأَيَّام الكمالية برغبة يُونُس الْحَمَوِيّ لَهُ عَن ذَلِك وَاسْتقر أَيْضا فِي الشَّهَادَة وبالاسطل وَحج مرَارًا وجاور غير مرّة وَنسخ هُنَاكَ عدَّة مصاحف وزار الْقُدس والخليل وَسمع هُنَاكَ على التقى أبي بكر القلقشندي وَالْجمال بن جمَاعَة بل قَرَأَ بِنَفسِهِ على بعض الْفُضَلَاء من أَصْحَابنَا بِالْقَاهِرَةِ ورام مني ذَلِك فَمَا تيَسّر لكنه كَانَ
يسْأَل عَن أَشْيَاء خطه عِنْدِي بِبَعْضِهَا واستجيز فِي بعض الاستدعاءات وَكَانَ تَامّ الْعقل حسن الْعشْرَة كثير السّكُون سِيمَا بعد ثقل سَمعه ماهرا بالشطرنج فِيهِ رياسة وحشمة مَعَ وضاءة وتواضع ولأوصافه الَّتِي(1/16)
انْفَرد بهَا عَن رفقته صَار أوحد أهل الدِّيوَان وَقد أثكل عدَّة أَوْلَاد آخرهَا فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وحزن عَلَيْهِ كثيرا وسافر لذَلِك إِلَى مَكَّة فِي الْبَحْر فَأَقَامَ على طَريقَة حميدة من الطّواف وَالصَّلَاة وَكَثْرَة التِّلَاوَة إِلَيّ أَن أدْركهُ أَجله وَهُوَ محرم عَشِيَّة عَرَفَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَنقل إِلَى المعلاة فَدفن بهَا يَوْم الْعِيد وَذَلِكَ يَوْم الْأَحَد وغبطه الْعُقَلَاء على هَذَا وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن خلف بن عبد الْعَزِيز بن بدران برهَان الدّين ابْن إِسْحَق بن مُحَمَّد الْبُرْهَان الخليلي الدَّارمِيّ عرف بِابْن الْمُحْتَسب ولى بعد أَخِيه الشَّمْس مُحَمَّد قَضَاء بَلَده وقدما الْقَاهِرَة بِسَبَب صهره أبي بكر أَمِين حرم وَكَانَ حَيا بعد ثَلَاث وَتِسْعين.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن خلف بن عبد الْعَزِيز بن بدران برهَان الدّين أَبُو السُّعُود بن الشهَاب الطنتدائي الْحُسَيْنِي نِسْبَة لسكنى الحسينية القاهري نزيل الشرابشية بِالْقربِ من جَامع الْأَقْمَر الشَّافِعِي سبط الشَّمْس البوصيري الْآتِي فِي المحمدين وَأَبوهُ فِي الأحمدين وَهُوَ بكنيته أشهر. ولد فِي سادس عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وأحضر وَهُوَ ابْن ثَلَاثَة أشهر على الشّرف أبي بكر بن جمَاعَة المسلسل ثمَّ سمع بعد أَن ترعرع على الشّرف بن الكويك وَالْجمال بن فضل الله والكمال بن خير والشموس ابْن الْجَزرِي وَابْن الْمصْرِيّ وَمُحَمّد بن حسن البيجوري والنور بن الفوي وسبط الزبير والشهب الكلوتاتي والواسطي وَشَيخنَا والزين القمني فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ الحلاوي والشهاب الْجَوْهَرِي وَالشَّمْس المنصفي وَآخَرُونَ وَحفظ الْقُرْآن واشتغل قَلِيلا وتنزل بالمدارس وبالخانقاه الصلاحية وَولى إِعَادَة بالسابقية ولازم قِرَاءَة الصَّحِيح والشفا وَنَحْوهمَا فِي بعض الْجَوَامِع لبَعض من يثيبه عَلَيْهِ وَكَذَا تكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا ثمَّ ترك وَكَانَ خيرا سَاكِنا متوددا متواضعا أجَاز لي. وَهُوَ فِي مُعْجم التقى بن فَهد وَولده بِاخْتِصَار. وَمَات فِي أَوَائِل ربيع الأول سنة سِتّ وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن سليم بن فريح بن أَحْمد الإِمَام الْفَقِيه برهَان الدّين أَبُو إِسْحَق البيجوري نِسْبَة لقرية بالمنوفية القاهري الشَّافِعِي ولد(1/17)
فِي حُدُود الْخمسين أَو قبلهَا وَقدم الْقَاهِرَة وَحفظ الْقُرْآن وكتبا وتفقه بالجمال الأسنوي ولازم البُلْقِينِيّ ورحل بعد الأسنوي)
إِلَى الشهَاب الْأَذْرَعِيّ بحلب فِي سنة سبع وَسبعين وبرع فِي الْفِقْه جدا بِحَيْثُ كَانَ عجبا فِي استحضاره سِيمَا كَلَام الْمُتَأَخِّرين بل كَانَ أمة فِي ذَلِك مَعَ مُشَاركَة فِي النَّحْو وَالْأُصُول قَالَ الْعَلَاء ابْن خطيب الناصرية: حضرت عِنْده فِي الْقَاهِرَة بالناصرية والسابقية وقرأت عَلَيْهِ ورأيته أمة يستحضر كثيرا من الْفِقْه خُصُوصا كَلَام الْمُتَأَخِّرين وَلم أر بهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وَهُوَ سنة ثَمَان أَو تسع وَثَمَانمِائَة من يستحضر كاستحضاره مَعَ شدَّة فقره وَقلة وظائفه بل أَخْبرنِي من أَثِق بِهِ أَن الْعِمَاد الحسباني عَالم دمشق شهد لَهُ لما اجْتمع بِهِ أَنه أعرف الشَّافِعِيَّة بالفقه فِي عصره وَقَالَ وَلَقَد شاهدته يجاري البُلْقِينِيّ حَتَّى يخرج ويلج هُوَ فَلَا يرجع وَلَا يزَال الصَّوَاب يظْهر مِنْهُ فِي النَّقْل وَقَالَ الْجمال عبد الله بن الشهَاب الْأَذْرَعِيّ إِنَّه لما قدم عَلَيْهِم حلب كَانَ يكْتب المجلد من الْقُوت يَعْنِي لِأَبِيهِ فِي شَهْرَيْن وَينظر فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة على مَوَاضِع وَيُرَاجع الشَّيْخ فيصلح بَعْضهَا وينازعه فِي بَعْضهَا زَاد غَيره فَكَانَ الْأَذْرَعِيّ يعْتَرف لَهُ بالاستحضار وَقَالَ التقى بن قَاضِي شُهْبَة حكى لي صاحبنا يَعْنِي الْجمال الْمَذْكُور قَالَ جَاءَ البيجوري إِلَى الْوَالِد بِكِتَاب الْعِمَاد الحسباني يوصيه بِهِ فَقَالَ لَهُ مَا تُرِيدُ قَالَ أكتب الْقُوت وأقرؤه فأخلى لَهُ بَيْتا وَقَالَ لَهُ هَات حوائجك فَقَالَ مَا معي شَيْء فَأرْسل إِلَيْهِ أثاثا وكتبا وَخمْس دسوت ورق قَالَ فَكَانَ يكْتب كل مُجَلد فِي شَهْرَيْن وَينظر فِي كل لَيْلَة على مَوَاضِع ويعرضها على الشَّيْخ فبعضها يصلحه وَبَعضهَا ينازعه فِيهِ والقوت فِي خطّ المُصَنّف فِي سِتَّة أَجزَاء والغنية فِي أَرْبَعَة وَلما فرغ جمع لَهُ من أهل حلب دَرَاهِم وَاشْترى لَهُ فرسا وَخرج هُوَ وأعيان الْبَلَد بأسره حَتَّى وَدعوهُ قَالَ التقي وَقد رَأَيْت نُسْخَة المُصَنّف بالقوت وَلَا بنظيرات كَثِيرَة وَالظَّاهِر أَنَّهَا بِخَط الْبُرْهَان وَكثير مِنْهَا لسُقُوط كلمة أَو حرف وَلما رَجَعَ من حلب وَوصل لدمشق كَانَ أول من وصل بالقوت إِلَيْهَا فأرغبه النَّجْم بن الجابي فِي الثّمن وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ فَبلغ الْأَذْرَعِيّ فَأرْسل إِلَيْهِ يعتب عَلَيْهِ فِي تفريطه وَعدم استصحابه مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة وَإنَّهُ كَانَ مُرَاده دُخُوله بِهِ ووقوف الاسنائي عَلَيْهِ انْتهى والاسنوي كَانَ قد مَاتَ قبل ارتحاله وَكَذَا قَالَ الْبُرْهَان سبط ابْن العجمي أَنه قدم عَلَيْهِم فِي سنة سبع وَسبعين وَنزل بالعصرونية وَكتب الْقُوت وَكَانَ يعقب على أَمَاكِن من دماغه حِين(1/18)
الْكِتَابَة فَلَمَّا وصل إِلَى الطَّلَاق ترك حياءا من مُصَنفه لكَونه كَانَ نازلا عِنْده وَقَالَ محيي الدّين البصروي فارقته سنة خمس وَثَمَانِينَ وَهُوَ يسْرد الرَّوْضَة حفظا انْتهى وَبَقِيَّة كَلَامه كَانَ البيجوري شَيخا وَأَنا صبي قَالَ وَلما سَافَرت إِلَى مصر بعد الْفِتْنَة حَضَرنَا عِنْد)
الْجلَال البُلْقِينِيّ فَتكلم فغوش عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ اسْكُتْ يَا بيجوري أَنْت مَا تعرف أصولا وَلَا نَحوا أَنْت مَا تعرف إِلَّا الْفِقْه فَقَط وبكته زَاد بَعضهم أَنه حدر من دمعه فَتكلم فَرفع لَهُ الْجلَال يَدَيْهِ على رَأسه كالقرنين وَقَالَ لَهُ وَمَا عَليّ إِذا لم تفهم الْبَقر فَزَاد فِي الْكَلَام مَعَه شحطوه فشحطوه برجلة حَتَّى أَخْرجُوهُ من الْمجْلس هَذَا وَالْحق بِيَدِهِ فَلَمَّا انْفَصل الْمجْلس وَرجع الْجلَال لبيته أرسل لَهُ دَرَاهِم وقماشا وَصَالَحَهُ وَقَالَ لَهُ الْحق بِيَدِك وانكى مَا وَقع للجلال مِنْهُ لَا بِقصد الانكار من الشَّيْخ انه ابدى فَرحا وطنطن لَهُ واستغرب نَقله من عزاله فَقَالَ لَهُ إِنَّه فِي التَّنْبِيه.
وَقَالَ الْجمال الطيماني هُوَ احفظ النَّاس للنَّقْل للفقه واكثر من وَصفه بذلك وَهُوَ افضل البياجرة الثَّلَاثَة هُوَ وشمس الدّين وَنور الدّين. وَقَالَ المقريزي إِنَّه لم يخلف بعده احفظ لفروع الْفِقْه مِنْهُ وَقد تصدى لنشر الْفِقْه واخذ عَنهُ الْأَئِمَّة حَتَّى كَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ من شُيُوخنَا الْبُرْهَان بن خضر وأتقن مَعَه جَامع المختصرات والزين السندبيسي والجلال الْمحلي والشريف النسابة والعبادي وَفِي اصحابه كَثْرَة بالديار المصرية الْآن بقايا من أَصْحَابه حَتَّى كَانَ الطّلبَة يصححون عَلَيْهِ تصانيف الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فيتحرك لما فِيهَا من التَّحْقِيق والمتانة وَحسن الايضاح ويهديهم لما لَعَلَّه يكون فِيهَا على خلاف الصَّوَاب نقلا وفهما مِمَّا لَا يسلم مُصَنف مِنْهُ ويطالعون المُصَنّف بذلك فيسر بِهِ وَيصْلح نسخه ويحض على الْمَزِيد من ذَلِك وَهُوَ مِمَّن عرض عَلَيْهِ الْوَالِد وَالْعم محافيظهما لَا تقانة واستجازه شَيخنَا لأولاده واثنى عَلَيْهِ فِي تَارِيخه وَكَذَا اثنى عَلَيْهِ ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة لَهُ وَابْن خطيب الناصرية فِي ذيل تَارِيخ حلب كل هَذَا مَعَ كَثْرَة الْعِيَال ومزيد الْفَاقَة بِحَيْثُ جلس فِي دكان الطّلبَة رَفِيقًا للشلقاني وَغَيره للتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا ثمَّ اعْرِض عَنْهَا لِكَثْرَة جفَاء الثانى لَهُ مَعَ مَا بَينهمَا من(1/19)
المرافقة فِي الأخذعن الأسنوي.
ودرس بالغرابية والخشقدمية وَكَذَا بالناصرية والسابقية احتسابا وَلما بني الْفَخر عبد الْغَنِيّ بن أبي الْفرج مدرسته الَّتِي بَين السورين من الْقَاهِرَة أعْطى مشيختها للشمس الْبرمَاوِيّ فباشرها مُدَّة ثمَّ تحول فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين إِلَى دمشق صُحْبَة النَّجْم بن حجى فاستنزله عَنْهَا النَّجْم لصَاحب التَّرْجَمَة بِمَال تبرع عَنهُ سِيمَا وَكَانَت زَوْجَة الْبرمَاوِيّ ابْنَته وَأرْسل بالاشهاد اليه بعد أَن أَخذ لَهُ شَيخنَا خطّ النَّاصِر وَهُوَ عبد الْقَادِر ابْن الْوَاقِف بالامضاء فَامْتنعَ من قبُولهَا فَلم يزل بِهِ الطّلبَة حَتَّى قبل وباشرها تدريسا ومشيخة على الْعَادة وَلم يلبث أَن مَاتَ. وَكَانَ دينا خيرا حاد الْخلق سليم الْبَاطِن جدا متواضعا ممتهنا لنَفسِهِ بِالْمَشْيِ وَحمل طبق الْعَجِين على طَرِيق)
السّلف لَا يكترث بملبس وَلَا غَيره بل معرضًا عَن الرياسة الَّتِي كَمَا قَالَ المقريزي عرضت عَلَيْهِ فأباها وَعَن الْكِتَابَة على الْفَتْوَى تورعا لَا يتَرَدَّد لأحد من بني الدُّنْيَا وَلَا يمل من الاقراء والمطالعة وَله على الرَّوْضَة وَغَيرهَا حواش متقنة مفيدة وخطه وضيء نير وَترك الِاشْتِغَال فِي آخر عمره وَأَقْبل على التِّلَاوَة والتحدث وَكَانَ ورده فِي كل يَوْم خَتمه أَو قريبها حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم السبت رَابِع عشر رَجَب سنة خمس وَعشْرين وَكثر التأسف على فَقده لكَونه لم يخلف بعده فِي حفظ الْفُرُوع مثله وَاسْتقر بعده فِي الفخرية رَفِيقَة الشلقامي وتألم وَلَده لذَلِك فَأَعْرض عَن بَقِيَّة وظائفه بعد مُبَاشَرَته لَهَا فتفرقها النَّاس فَأخذ الغرابية الشّرف السُّبْكِيّ والعشقتمية التَّاج بن تمرية رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن احْمَد بن عَليّ بن عمر الأديب برهَان الدّين أَبُو مُحَمَّد بن الشهَاب الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الأَصْل المليجي القاهري الشَّافِعِي خطيب جَامع الْأَقْمَر ولد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بمليج وانتقل مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة واشتغل بهَا بعد أَن حفظ الْقُرْآن والمنهاج وَتردد إِلَى الْمَشَايِخ وَبحث فِي الْفِقْه على الْبَدْر بن ابي الْبَقَاء السُّبْكِيّ القَاضِي فانه كَانَ يقرىء أَوْلَاده وَفضل وَسمع الحَدِيث على الزين القمني وَغَيره وَجلسَ مَعَ الشُّهُود ثمَّ ترك وخطب بِجَامِع الاقمر دهرا وَحج مَعَ الرجبية فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ فجاور بَقِيَّة السّنة وَقَرَأَ فِيهَا البُخَارِيّ على الْجمال الشيبي وَدخل اسكندرية ودمياط متفرجا وناب فِي بعض الْبِلَاد لشَيْخِنَا وَغَيره وتعانى نظم الشّعْر فَصَارَ يمتدح الْأَعْيَان والقضاة التماسا لنائلهم وبرهم وَرُبمَا يَقع لَهُ الْجيد وَهُوَ أحد(1/20)
من امتدح شَيخنَا فِي ختم فتح الْبَارِي مِمَّا أودعته فِي الْجَوَاهِر بل قَالَ فِي أبياتا ونظمه كثير سَار فَمِنْهُ:
(وافيت بَيْتا قلت فِيهِ بِأَنَّهُ ... من أمه أضحى بِفَضْلِك آمنا)
(ومننت لي بجواره فَغَدَوْت فِي ... أرجائه بعد التحرك كامنا)
(فاسمع وجد وَاصْفَحْ ورد ... عَن ثقل ذَنْب فِي الجوانح كامنا)
وَله غنية الْمُحْتَاج إِلَى نظم الْمِنْهَاج وصل فِيهِ إِلَى أثْنَاء الصَّلَاة وشواهد التَّحْقِيق فِي نظم قصَّة يُوسُف الصّديق والمدائح النَّبَوِيَّة والمناقب المحمدية بل أنشأ ديوَان خطب فِيهِ بلاغة وَكَانَ حِين المحاضرة طلق الْعبارَة فصيح الخطابة متوددا مَعَ بعض إخساس فِي النَّحْو وَرُبمَا تكلم فِي شَهَادَته فِيمَا قيل. مَاتَ فِي آخر سنة إِحْدَى وَسبعين أَو أول الَّتِي تَلِيهَا بعد أَن كف بل وأثكل وَلَده الْبَدْر مُحَمَّدًا واحتسب عوضه الله وإيانا خيرا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ برهَان الدّين السويفي ثمَّ القاهري أَخُو نور الدّين عَليّ الإِمَام الْآتِي.
ولد فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَسمع بِالْقَاهِرَةِ على ابْن أبي الْمجد بعض الصَّحِيح وَمن ذَلِك بمشاركة الزين الْعِرَاقِيّ والهيتمي والتنوخي خَتمه وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ ختم الصَّحِيح وَحج وجاور وَكَانَ خيرا مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَانِم بن عَليّ بن الشَّيْخ جمال الدّين أبي الْغَنَائِم غَانِم بن عَليّ الْبُرْهَان بن النَّجْم الْمَقْدِسِي شيخ الخانقاه الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس ووالد النَّجْم مُحَمَّد الْآتِي وَابْن أخي الشّرف عِيسَى قَاضِي الْمُقَدّس وَيعرف كسلفه بِابْن غَانِم ولد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ وَابْنه نَاصِر الدّين فِي يَوْم وَاحِد من سنة تسع وَثَمَانِينَ وَكَانَ الابْن شكلا حسنا قل أَن ترى الْأَعْين مثله وَقد سمع صَاحب التَّرْجَمَة من أبي الْخَيْر بن العلائي والتنوخي والعراقي والبلقيني وَابْن الملقن وَآخَرين وَاسْتقر فِي المشيخة الْمشَار إِلَيْهَا بعد موت عَمه عِيسَى فِي سنة سبع وَتِسْعين المستقر فِيهَا بعد أَخِيه الْأَكْبَر النَّجْم أَحْمد المستقر فِيهَا بعد أَبِيهِمَا غَانِم فِي حُدُود السِّتين وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ.(1/21)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَنَّام البعلي الْمدنِي أحد مؤذنيها المقرىء وَالِد أَحْمد وَمُحَمّد الآتيين وَيعرف بِابْن علبك ولد بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا وَسمع على البرهانين ابْن فَرِحُونَ وَابْن صديق وَالْعلم سُلَيْمَان السقا والزين أبي بكر المراغي فِي آخَرين وَرَأَيْت وَصفه بالمؤدب بِالْمُوَحَّدَةِ مجودا فَكَأَنَّهُ كَانَ مَعَ كَونه مُؤذنًا يُؤَدب الْأَبْنَاء وَكَذَا وصف بالمقرئ وَرَأَيْت من عرض عَلَيْهِ فِي سنة تسع عشرَة وَهَذَا آخر عهدي بِهِ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن هِلَال بن تَمِيم بن سرُور الْمُحدث برهَان الدّين أَبُو إِسْحَق بن الْحَافِظ الشهَاب أبي مَحْمُود الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي. ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَرَأَيْت بِخَط أَبِيه ولد إِبْرَاهِيم الْأَصْغَر فِي سادس صفر سنة أَربع وَخمسين فَيحْتَمل أَن يكون أَحدهمَا غَلطا وَيحْتَمل غَيره. اعتنى بِصَاحِب التَّرْجَمَة أَبوهُ فأسمعه على شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا كالبرهان بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن ابْن جمَاعَة والزيتاوي والبياني وناصر الدّين التّونسِيّ وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم البقالي والتاج السُّبْكِيّ وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ جمع الْجَوَامِع وعَلى التّونسِيّ مشيخته تَخْرِيج الزين الْعِرَاقِيّ وعَلى الْبَيَانِي المستجاد من تَارِيخ بَغْدَاد وعَلى الزيتاوي ختم ابْن مَاجَه وَكَذَا سمع على أَبِيه وَأَجَازَ لَهُ العلائي وَابْن كثير وَابْن الجوخي وَابْن الخباز
والقلانسي والمنبجي وَآخَرُونَ وَحدث سمع مِنْهُ جمَاعَة مِمَّن أَخذنَا عَنهُ كالموفق الابي وَأكْثر وَتَنَاهوا هُوَ والتقي أَبُو بكر القلقشندي وابنا أَخِيه أَبُو حَامِد أَحْمد وَأَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الرَّحِيم القلقشندي أَخُو التقي الْمَشْهُور. وَمَات وَالِده وَقد تميز فَقَرَأَ ولقبه ابْن مُوسَى الْحَافِظ فاستجازه للتقي بن فَهد وَولده وَخلق وَوَصفه بِالْإِمَامِ الْعَالم الْمسند المكثر الْمُحدث. مَاتَ بالقدس فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة وبخط النَّجْم ابْن فَهد وَغَيره سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين فَالله أعلم.
وَقد أهمله شَيخنَا فِي أنبائه وَذكره ابْن أبي عذيبة فَقَالَ الخواصي الْمَقْدِسِي الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْمسند برهَان الدّين سبط الْحَافِظ عَلَاء الدّين الْمَقْدِسِي مدرس الصلاحية مولده سنة سِتِّينَ وَسمع على وَالِده وَبكر بِهِ فأسمعه من أَعْيَان الْحفاظ وَكَانَ رجلا جيدا خيرا صَالحا يتكسب بِالشَّهَادَةِ إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين. وَلَيْسَ بعمدة فِي انْتِفَاء مَا تقدم.(1/22)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي عُرْيَان التّونسِيّ شيخ الكتبة فِي قطره مَاتَ بِمَكَّة بعيد الْمغرب من لَيْلَة الْأَحَد ثَانِي رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَدفن بمقبرة شيكه لَا لومد أرخه ابْن عزم.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبُرْهَان بن الخواجا جهان بن قاوان أَخُو الشَّيْخَيْنِ مُحَمَّد وحسين الآتيين وَهُوَ الْأَصْغَر سبط الشريف شمس الدّين مُحَمَّد الحصني الدِّمَشْقِي ابْن أخي التقي الْمَشْهُور وَمَات وَالِده وَقد تميز فَقَرَأَ واشتغل قَلِيلا واتجر وسافر وفني مَا بِيَدِهِ بعد موت عَمه ثمَّ بعد ذَلِك وَهُوَ الْآن بدايول على خير وانجماع لطف الله بِهِ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن خضر بن مُسلم الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنَفِيّ الْمَذْكُور أَبوهُ فِي الَّتِي قبلهَا. ولد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل على أَبِيه وناب فِي الْقَضَاء مُدَّة ودرس وَأفْتى وَولي افتاء دَار الْعدْل وَكَانَ جريئا مقداما ثمَّ ترك الِاشْتِغَال بِآخِرهِ وافتقر وَمَات فِي ربيع الأول سنة عشر. ذكره شَيخنَا فِي الأنباء.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الحميد الفيومي الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بشردمة سمع مَعنا على بعض الشُّيُوخ بل ومني فِي الامالي وَغَيرهَا وَكَانَ فَقِيرا صَالحا وَمَا ضبطت وَفَاته.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله برهَان الدّين بن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس المغربي التلمساني الاصل التّونسِيّ الْمَكِّيّ وَالِد عبد الله الْآتِي وَيعرف بالزعبلي. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ بن جمَاعَة والاسنائي والأذرعي وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ)
والعماد بن كثير وَابْن الْقَارِي وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن الهبل وَآخَرُونَ وَمن جملَة اخوته طَائِفَة أَيْضا وَكَانَ خيرا دينا مُنْقَطِعًا ببيته لَا يخرج إِلَّا للْجُمُعَة ويتكسب بِعَمَل أوراق الْعُمر أَخذ عَنهُ ابْن فَهد وَقَالَ انه مَاتَ فِي ضحى يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشر صفر سنة تسع وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة. قلت وأغفله الفاسي وَشَيخنَا نعم ذكر الفاسي وَالِده.(1/23)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن فَهد الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ فِي ابْن أبي بكر بن مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأديب برهَان الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن الْعَلامَة جلال الدّين أبي الطَّاهِر بن الشَّمْس أبي عبد الله بن الْجلَال أبي مُحَمَّد بن الْجمال أبي مُحَمَّد الخجندي بِضَم ثمَّ فتح الأَصْل الاخوي بِفَتْح الْهمزَة والمعجمة الْمدنِي الْحَنَفِيّ أَخُو طَاهِر ووالد الشَّمْس مُحَمَّد الآتيين وَأَبوهُ فِي محالهم وَيُسمى مُحَمَّد أَيْضا. ولد فِي سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والكنز والألفية والكافية وتلا بالسبع على الشَّيْخَيْنِ عبد الله الشنيني بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَكسر النونين بَينهمَا تَحْتَانِيَّة وَيحيى التلمساني الضَّرِير وَعنهُ وَعَن وَالِده الْجلَال أَخذ النَّحْو وَعَن أَبِيه وَغَيره الْفِقْه وانتفع بأَخيه وَسمع على ابْن صديق ختم الصَّحِيح وعَلى أَبِيه والزيون الْعِرَاقِيّ والمراغي وَعبد الرَّحْمَن بن عَليّ الْأنْصَارِيّ الزرندي الْحَنَفِيّ قَاضِي الْمَدِينَة والبرهان ابْن فَرِحُونَ وَابْن الْجَزرِي وناصر الدّين بن صَالح وبأخرة على أبي الْفَتْح المراغي وَقَرَأَ على الْجمال الأسيوطي وعَلى غَيره مِمَّن سميناهم وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ والتنوخي والبلقيني وَابْن الملقن والهيثمي وَأَبُو عبد الله بن مَرْزُوق الْكَبِير فِي آخَرين وَحج غير مرّة وبرع فِي الْعَرَبيَّة وتعانى الْأَدَب وَجمع لنَفسِهِ ديوانا وَأَنْشَأَ عدَّة رسائل بِحَيْثُ انْفَرد فِي بَلَده بذلك وَكَانَ يتراسل مَعَ سميه الْبُرْهَان الباعوني مَعَ الْخط الْجيد والمحاسن وَقد درس وَحدث بالبخاري وَغَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَلَده وَسمع مِنْهُ الطّلبَة ولقيه البقاعي فَكتب عَنهُ وَزعم أَن جيد شعره قَلِيل ينْتَقل فِيهِ من بَحر إِلَى بَحر وَمن لجة إِلَى قفر قَالَ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ غير واف وَكثير مِنْهُ سفساف وَرُبمَا انْتقل من الحضيض إِلَى السها كَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قلب فِي مدح النَّاس فَإِذا قَالَ فِي الغرام أَجَاد وَكتب بِخَطِّهِ أَن الْأَمر الَّذِي وسم بِهِ الرافضة انهم رفضوا زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن حِين خرج على هِشَام بن عبد الْملك فَقَالُوا لَهُ تَبرأ من أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ هما إِمَامًا عدل لَا نبرأ مِنْهُمَا رَضِي الله عَنْهُمَا)
فرفضوه ثمَّ افْتَرَقت كل فرقة ثَمَانِي عشرَة فرقة وَكَذَا كتب على بعض الاستدعاءات قَوْله:
(أجزت لَهُم أبقاهم الله كل مَا ... رويت عَن الْأَشْيَاخ فِي سالف الدَّهْر)
(وَمَالِي من نثر ونظم بشرطة ... على رأى من يروي الحَدِيث وَمن يقرى)(1/24)
(وأسال إحسانا من الْقَوْم دَعْوَة ... تحقق لي الآمال والأمن فِي الْحَشْر)
وأوردت من نظمه فِي تَرْجَمته من مُعْجم الْمَدَنِيين غير ذَلِك وَكَانَ فَاضلا بارعا ناظما ناثرا بليغا محبا للفائدة كيسا حسن المجالسة لطيف المحاضرة كثير النَّوَادِر وَالْملح ذَا كرم زَائِد وآداب وغرائب. مَاتَ فِي ثَانِي رَجَب سنة إِحْدَى وَخمسين بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَدفن من يَوْمه بِالبَقِيعِ بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ بالروضة رَحمَه الله. وَهُوَ عِنْد المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار وَغلط فَسمى جده أَحْمد وكناه أَبَا اسحق وَوَصفه بالأديب وَأنْشد لَهُ:
(كن جوابي إِذا قَرَأت كتابي ... لَا تردن للجواب كتابا)
واعفني من نعم وسوف ولي شغل وَكن خير من دعِي فاجابا
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد برهَان الدّين الْمصْرِيّ الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي أَخُو الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي وَهَذَا أَصْغَر وَيعرف كل مِنْهُمَا بِابْن الريس وأبوهما قَدِيما بِابْن الْخَطِيب. ولد فِي ثَانِي عشري الْمحرم سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو وَعرض على أَبَوي الْفرج المراغي والكازروني والابشيطي وَسمع على الْمُحب المطري وَغَيره وَكَذَا سمع على حِين اقامتي بِطيبَة فِي الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا وباشر الرياسة بِالْمَدِينَةِ وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا وَحضر مَعَ أَخِيه عِنْد الْبكْرِيّ وَكَذَا حضر عِنْدِي وَرَأَيْت لَهُ منسكا رجزا أَطَالَ فِيهِ جدا متعرضا للْخلاف لم يكمل قَرَأَ على مِنْهُ وقرظته لَهُ مَعَ الاجازة وامتدحني برجز كتبه لي فِي قَائِمَة كتبت التقريظ بظاهرها وَرَأَيْت مِنْهُ سكونا وتوددا كَانَ الله لَهُ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وفا أَبُو المكارم بن الشهَاب القاهري الشاذلي الْمَالِكِي أَخُو أبي الْفضل عبد الرَّحْمَن وَأبي الْفَتْح مُحَمَّد وَأبي السعادات يحيى وَحسن ابْن أخي سَيِّدي عَليّ بن مُحَمَّد الْآتِي أبوهم وَيعرف كل مِنْهُم بِابْن وَفَاء. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَمَات فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ مطعونا. أرخه شَيخنَا وَلم يعرف بِشَأْنِهِ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد البلالي الدمياطي الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَخمسين
وَثَمَانمِائَة واشتغل ولازم الْبَدْر المارداني فِي الْفَرَائِض(1/25)
والحساب وبرع فيهمَا وأقرأ ذَلِك وجاور بِمَكَّة سِنِين ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وتكسب فِيهَا شَاهدا مداوما حُضُور تَقْسِيم عبد الْحق وَهُوَ مِمَّن سمع مني تَرْجَمَة النَّوَوِيّ وَغَيرهَا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد الحتاتي بِضَم الْمُهْملَة ومثناتين أَبُو أَحْمد التَّاجِر الْآتِي عَام مدولب مقبل على شَأْنه. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانِينَ وَولده غَائِب وَكَانَ لَهُ مشْهد حفل وَدفن بِالْقربِ من مقَام اللَّيْث بِالْقَاهِرَةِ.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن نَاصِر بن خَليفَة بن فَرح بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرَّحْمَن الْبُرْهَان أَبُو اسحق بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الناصري الباعوني الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ واخوته فِي محالهم وَيعرف كسلفه بالباعوني وناصرة قَرْيَة من عمل صفد وباعون قَرْيَة صَغِيرَة من قرى حوران بِالْقربِ من عجلون ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشري رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بصفد وَبِه جزم ابْن قَاضِي شُهْبَة وَقيل فِي الَّتِي قبلهَا بصفد وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلاه تجويدا على الشهَاب أَحْمد بن حسن الفرعني إِمَام جَامعهَا وَحفظ بعض الْمِنْهَاج ثمَّ انْتقل مِنْهَا قَرِيبا من سنّ الْبلُوغ مَعَ أَبِيه إِلَى الشَّام فَأخذ الْفِقْه بهَا عَن الشّرف الْغَزِّي وَغَيره ولازم النُّور الابياري حَتَّى حمل عَنهُ عُلُوم الْآدَاب وَغَيرهَا وَدخل مصر أَظُنهُ قَرِيبا من سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فَأخذ عَن السراج البُلْقِينِيّ ولازمه سنة وَأخذ عَن الْكَمَال الدَّمِيرِيّ شَيْئا من مصنفاته ولازمه وَسمع إِذْ ذَاك على الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَتردد بهَا إِلَى غير وَاحِد من شيوخها وعلمائها ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده فَأَقَامَ بهَا على أحسن حَال وأجمل طَريقَة.
وَسمع على أَبِيه وَالْجمال بن الشرائحي والتقى صَالح بن خَلِيل بن سَالم وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَالشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن خطاب بن الْيُسْر الْمُؤَذّن بالأقصى وباشر نِيَابَة الحكم عَن أَبِيه والخطابة بِجَامِع بني أُميَّة ومشيخة الشُّيُوخ بالسميساطية وَنظر الْحَرَمَيْنِ برغبة أَبِيه لَهُ عَنْهَا فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة فباشر ذَلِك أحسن مُبَاشرَة ثمَّ صرف وجهز اليه التوقيع بِالْقضَاءِ حِين اسْتِقْرَار الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ فِي كِتَابَة سر الديار المصرية فَامْتنعَ وصمم وراجعه النَّائِب وَغَيره من أَعْيَان الْأُمَرَاء والرؤساء وَغَيرهم فَمَا أذعن وتكرر خطبه لذَلِك مرّة بعد أُخْرَى وَهُوَ يَأْبَى إِلَى أَن قيل لَهُ فعين لنا من يصلح فعين أَخَاهُ وَولي الخطابة غير مرّة وَكَذَا بَاشر قبل ذَلِك خطابة بَيت الْمُقَدّس ثمَّ مشيخة الخانقاه)(1/26)
الباسطية عِنْد الجسر الْأَبْيَض من صالحية دمشق وَحكى لي فِي ذَلِك غَرِيبا وَهُوَ أَنه دخل على واقفها فِي قدمة قدمهَا قبل ظُهُور تَقْرِيره إِيَّاهَا مدرسة للتهنئة بقدومه فَأَعْجَبتهُ وَقَالَ فِي نَفسه أَنه لَا يتهيأ لَهُ سُكْنى مثلهَا إِلَّا فِي الْجنَّة فَلَمَّا انْفَصل من السَّلَام عَلَيْهِ لم يصل إِلَى بَابهَا إِلَّا وَبَعض جمَاعَة القَاضِي قد تبعه فَأخْبرهُ أَن القَاضِي تحدث وَهُوَ فِي الطَّرِيق بعملها مدرسة وَقَررهُ فِي مشيختها وحمدت سيرته فِي مباشراته كلهَا خُصُوصا فِي مَال الْحَرَمَيْنِ بِحَيْثُ امْتنع من قبُول رِسَالَة مصادمة للحق وَلَو جلّ مرسلها. وأختصر الصِّحَاح للجوهري اختصارا حسنا وَجمع ديوَان خطب من إنشائه وديوان شعر من نظمه وَضمن الفية ابْن مَالك قصيدة امتدح بهَا النَّجْم ابْن حجي وَله الْغَيْث الهاتن فِي وصف العذار الفاتن أَتَى فِيهِ بمقاطيع رائقة وَمَعَان فائقة اشْتَمَل على نَحْو مائَة وَخمسين مَقْطُوعًا أودع كلا مِنْهَا معنى غَرِيبا غير الآخر مَعَ كَثْرَة مَا قَالَ النَّاس فِي ذَلِك مِمَّا هُوَ دَال عل سَعَة نظره وَحسن فكره وَأَنْشَأَ رِسَالَة عاطلة من النقط من عجائب الْوَضع فِي السلاسة والانسجام وَعدم الحشو والتكلف سَمعهَا مِنْهُ شَيْخي وَذكره فِي مُعْجَمه وَهُوَ خَاتِمَة من فِيهِ موتا وَغَيره من الْأَئِمَّة وأثنوا على فضائله وَجَمِيل خصائله واشتهر ذكره وَبعد صيته وَعمر حَتَّى أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء طبقَة بعد طبقَة وَصَارَ شيخ الْأَدَب بالبلاد الشامية بِغَيْر مدافع وَلَهُم بِوُجُودِهِ الْجمال وَالْفَخْر قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة اضافنا بِمَنْزِلَة فِي الصالحية صُحْبَة النَّجْم بن حجي وَقَرَأَ علينا تَضْمِينه لألفية ابْن مَالك فِي مدح النَّجْم كَمَا فعل ابْن نبانة بالملحة فِي مدح السُّبْكِيّ فأجاد كل الاجادة على أَن بَين الألفية والملحة البون الْكثير فتضمين الألفية أَشد وَلكنه مِمَّن أَلين لَهُ الْكَلَام. وَذكره المقريزي فِي تَارِيخه وَقَالَ انه مُمَيّز فِي عدَّة فنون سِيمَا الْأَدَب فَلهُ النّظم الْجيد قَالَ وَتردد إِلَى مَعَ وَالِده ترددا كثيرا. وَأورد ابْن خطيب الناصرية فِي تَارِيخه من نظمه وَوَصفه بالشيخ الامام الْعَامِل الْفَاضِل البليغ انْتهى. وَقد لفيته بِدِمَشْق وقرأت عَلَيْهِ بباسطيتها أَشْيَاء وَسمعت من نظمه ونثره مَالا أحصيه وَعِنْدِي مِنْهُمَا الْكثير وأوردت فِي معجمي مِنْهُ جملَة وابتهج بقدومي عَلَيْهِ وَبَالغ فِي الثَّنَاء وَالذكر الْجَمِيل وَكَانَ جميل الْهَيْئَة منور الشيبة طوَالًا مهابا ذَا فصاحة وطلاقة وحشمة ورياسة وَمَكَارِم وتواضع وتودد وَعدم تدنس بِمَا يحط من مِقْدَاره واقتدار على النّظم والنثر بِحَيْثُ كتب بِخَطِّهِ الْحسن من انشائه مَا لَا يُحْصى كَثْرَة وَكَانَ يحْكى أَن(1/27)
الزين عبد الباسط قَالَ لَهُ ان مراسلاتك المسجعة إِلَيْنَا تبلغ أَربع مجلدات فَكيف بغَيْرهَا. وَقد تَرْجمهُ بعض الْمُتَأَخِّرين بالشيخ الامام الْعَلامَة خطيب الخطباء شيخ الشُّيُوخ)
لِسَان الْعَرَب ترجمان الْأَدَب برهَان النّظر فريد الْعَصْر انسان عين الدَّهْر برع فِي فن الانشاء وصناعة الْأَدَب والترسل وَالنّظم والنثر بِحَيْثُ انه لم يكن فِي زَمَنه من يدانيه فِي ذَلِك وَكتب هُوَ لمن سَأَلَهُ فِي تَرْجَمته وترجمة أَبِيه بعد أَن أجَاب انا فِي ذَلِك كجالب التَّمْر إِلَى هجر والمتفاصح على أهل الْوَبر. وَهُوَ مِمَّن ذكره المقريزي فِي الْعُقُود بِاخْتِصَار جدا وانه اجْتمع بِهِ مَعَ وَالِده بِدِمَشْق مرَارًا قَالَ وَنعم الرجل هُوَ. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري ربيع الأول سنة سبعين بمنزله بالباسطية وَصلى عَلَيْهِ من يَوْمه بالجامع المظفري تقدم فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ أَخُوهُ الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي وَدفن بالروضة من سفح قاسيون بِوَصِيَّة مِنْهُ وَكَانَت جنَازَته حافلة حضرها النَّائِب فَمن دونه من الْأُمَرَاء والأعيان وَجَاء الْخَبَر بذلك إِلَى الديار المصرية فَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بالجامع الْأَزْهَر رَحمَه الله وإيانا. وَمِمَّا كتبته عَنهُ قَوْله:
(سل الله رَبك مَا عِنْده ... وَلَا تسْأَل النَّاس مَا عِنْدهم)
(وَلَا تبتغي من سواهُ الْغنى ... وَكن عَبده لَا تكن عبدهم)
وَقَوله:
(إِذا اسْتغنى بَنو الدُّنْيَا بِمَال ... لَهُم جم فَكُن بِاللَّه أغْنى)
(وَإِن مالوا إِلَى الْإِكْثَار فاقنع ... فَإِن القنع كنز لَيْسَ يفنى)
وَقَوله:
(سئمت من الدُّنْيَا وصحبة أَهلهَا ... وأصبحت مرتاحا إِلَى نقلتي مِنْهَا)
(وَوَاللَّه مَا آسي عَلَيْهَا وانني ... وَإِن رغبت فِي صحبتي رَاغِب عَنْهَا)
(فَمَا زَالَت الاكدار محفوفة بهَا ... وَمَا زَالَ عَنْهَا دَائِما ذُو النَّهْي ينْهَى)
وَقَوله:
(إِذا اسْتغنى الصّديق وصا ... ر ذَا وصل وَذَا قطع)
(وَلم يبد احتفالا بِي ... وَلم يحرص على نفعي)
(فَأَنا عَنهُ واستغني ... بجاه الصَّبْر والقنع)
(وأحسب انه مَا مر ... فِي الدُّنْيَا على سَمْعِي)
وَقَوله مِمَّا كتب بِهِ فِي الصغر على سماط الشهَاب بن الهائم فِي النَّحْو:(1/28)
(لفتى الهائم فهم ... قد محا الاشكال محوا)
)
(مد بالقدس سماطا ... أشْبع الطلاب نَحوا)
وَمِنْه:
(أَشْكُو إِلَى الْبَارِي اناسا قد غَدَتْ ... ملأى بأنواع المخازي دُورهمْ)
(تغلي على صُدُورهمْ غيظا كَمَا ... تغلي على الْجَمْر الكثيف قدورهم)
(هم يعلنون لَدَى التقاء مودتي ... وَالله يعلم مَا تكن صُدُورهمْ)
وَمِنْه:
(أَشد النَّاس فِي الدُّنْيَا عناءا ... كريم مجده مجد اثيل)
(يحب مَكَارِم الْأَخْلَاق مثلي ... وَلَيْسَ لَهُ إِلَى الدُّنْيَا سَبِيل)
وَمِنْه فِي شُرُوط الْوضُوء:
(احفظ شُرُوطًا للْوُضُوء نظمتها ... فيحفظها يَعْنِي الْفَقِيه البارع)
(تَمْيِيز اسلام وَمَاء مُطلق ... وَالْعلم بالاطلاق شَرط رَابِع)
(ثمَّ النقا عَن حَيْضهَا ونفاسها ... وتيقن الْحَدث اشْترط وَالسَّابِع)
(ان يُمكن اسْتِعْمَاله لَا عائق ... عَنهُ وان لَا يَعْتَرِيه مَانع)
(ولدائم الْحَدث اشْترط من بعد ذَا ... أَيْضا دُخُول الْوَقْت وَهُوَ التَّاسِع)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن وَفَاء. فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وَفَاء.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يُوسُف بن مُحَمَّد برهَان الدّين بن القَاضِي الشهَاب ابي الْعَبَّاس بن قَاضِي الْجَمَاعَة الْجمال ابي المحاسن الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن القطب رَأَيْته فِيمَن اثبته ابْن نَاصِر الدّين فِي السامعين مِنْهُ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة لمتبايناته وانه سمع على الْبَدْر ابي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن مُوسَى بن رسْلَان ابْن مُوسَى بن ادريس بن مُوسَى بن موهوب السّلمِيّ حَدِيث انصر أَخَاك من جُزْء الْأنْصَارِيّ بِسَمَاعِهِ لجَمِيع الْجُزْء من أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُوسَى بن الشيرجي وناب عَن قُضَاة الْحَنَفِيَّة بِبَلَدِهِ ثمَّ لما ترادفت ولَايَة من لَا يصلح اعْرِض عَن النِّيَابَة وخطب للْقَضَاء الْأَكْبَر فاستنكر مَا طلب مِنْهُ وَصرح بِالْعَجزِ عَنهُ فضيق عَلَيْهِ بقلعة بَلَده اشهرا إِلَى أَن أذعن وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين ظنا عوضا عَن الْمُحب ابْن القصيه وَكَانَ قدم الْقَاهِرَة مَطْلُوبا فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بِسَبَب تَرِكَة كَانَ وَصِيّا فِيهَا فَأخذ عَنهُ بعض الطّلبَة ثمَّ قدم أَيْضا مَطْلُوبا فَمَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَتِسْعين)
وَدفن بتربة سعيد السُّعَدَاء.(1/29)
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يُوسُف الْقُدسِي الأَصْل ثمَّ الدِّمَشْقِي التَّاجِر مِمَّن سمع مني بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَتِسْعين المسلسل.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يُونُس برهَان الدّين أَبُو اسحاق بن الْفَاضِل شهَاب الدّين الْغَزِّي الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي نزيل الْمدرسَة الشرفية بحلب والآتي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الضَّعِيف بِالتَّصْغِيرِ والتثقيل ولد فِي حُدُود سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَسمع على ابْن الصّديق بعض الصَّحِيح وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء ولقيته بحلب فَسمِعت عَلَيْهِ ثلاثيات الصَّحِيح وَغَيرهَا وَكَانَ اميا خيرا محافظا على الصَّلَوَات وَالْخَيْر كثير الاحسان للغرباء مَعَ الْفَاقَة والتقلل والانجماع عَن النَّاس والسذاجة ولكثرة مواظبته للمواعيد ومجالس الْبُرْهَان صَار يستحضر أَشْيَاء وَهُوَ مِمَّن أسر فِي الْفِتْنَة وَحضر بِبِلَاد الْعَجم مجَالِس أهل الْعلم. مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ على مَا تحرر.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشريف الْبُرْهَان الطباطبي نزيل خانقاه سرياقوس وختن الْكَمَال مَحْمُود بن عَليّ الْهِنْدِيّ يحْتَمل أَنه الْمَاضِي فِيمَن جده عبد الْكَافِي فيحرر.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد برهَان الدّين القليوبي ثمَّ القاهري المقرىء أحد قراء الصّفة بالبيبرسية والأسباع وَنَحْوهمَا وَمِمَّنْ سمع ختم الشفا على الشّرف بن الكويك وَأَجَازَ لنا. مَاتَ بعد الْخمسين تَقْرِيبًا وَأَظنهُ جَازَ السّبْعين وَكَانَ خيرا رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَبُو اسحاق الْأنْصَارِيّ المغربي المالقي قاضيها الْمَالِكِي وَيعرف بالبدوي مِمَّن أَخذ عَنهُ الْعَرَبيَّة والفرائض أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد ابْن عَليّ بن الْأَزْرَق وتلا عَلَيْهِ لِابْنِ كثير وَقَالَ لَهُ أَنه مَاتَ تَقْرِيبًا بمالقة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد البيجوري. فِي ابْن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن سليم.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الجبرتي مِمَّن أَخذ عَن شَيخنَا وَمَا علمت الْآن من خَبره شَيْئا.
إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْعقيلِيّ المغربي الغرناطي مفتيها الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن فتوح مِمَّن لَازمه فِي الْفِقْه والأصلين والنحو والمنطق أَبُو عبد الله بن الْأَزْرَق بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَقَالَ إِلَى أَنه مَاتَ بغرناطة سنة سبع وَسِتِّينَ.(1/30)
إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عياد بن مُحَمَّد برهَان الدّين ابو إِسْحَاق ابْن أبي الفدا العينوسي نِسْبَة لقرية من نابلس الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ الكتبي ولد فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين
وَسَبْعمائة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بِهِ فَقَرَأَ الْقُرْآن واشتغل فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير على القَاضِي سعد الدّين بن الديري وَولده بل رَأَيْت سَمَّاعَة عَلَيْهِ لبَعض صَحِيح مُسلم وَكَذَا قَرَأَ فِي الحَدِيث على الشَّمْس بن الْمصْرِيّ وَابْن نَاصِر الدّين والزين عبد الْكَرِيم القلقشندي وَآخَرين وَزعم ابْن أبي عديبة أَن لَهُ إجَازَة من أبي الْخَيْر بن العلائي وتنزل فِي بعض الْجِهَات وباشر قِرَاءَة الحَدِيث بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وتميز فِي معرفَة الشُّرُوط ونظم الشّعْر الْمُتَوَسّط وَالْغَالِب عَلَيْهِ فِيهِ المجون مَعَ الْخَيْر والسمت الْحسن والتواضع والتقنع بتجليد الْكتب وَقد كتب عَنهُ بعض الْفُضَلَاء من نظمه ولقيته بِبَيْت الْمُقَدّس فَكتبت عَنهُ قَوْله:
(فِي وَجه حَتَّى آيَات مبينَة ... فأعجب لآيَات حسن قد حوت سورا)
(فنون حَاجِبه مَعَ صَاد مقلته ... وَنور عَارضه قد حير الشعرا)
وَقَوله:
(أَنا الْمقل وحبي ... أذاب قلبِي ولوعه)
(أبْكِي عَلَيْهِ بجهدي ... جهد الْمقل دُمُوعه)
وَغير ذَلِك مِمَّا أودعته معجمي وَمن نظمه فِي مسَائِل الشَّهَادَة بالاستفاضة:
(أفهم مسَائِل سِتَّة وَأشْهد بهَا ... من غير رؤياها وَغير وقُوف)
(نسب وَمَوْت والولاد وناكح ... وَولَايَة القَاضِي وأصل وقُوف)
وَكتب للشمس بن الْمصْرِيّ:
(يَا أَيهَا الْمولى الَّذِي من أم لَهُ ... نَالَ مِنْهُ فِي الورى مَا أمله)
(جِئْت أَشْكُو لَك بعد الحسبلة ... ضيقَة الْيَد ووسع الجسبلة)
فَقَالَ لَهُ وَمَا هِيَ الجسبلة فَقَالَ كَثْرَة الْعِيَال كَمَا ذكره الثعالبي فِي فقه اللُّغَة فوصله مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة عشري الْمحرم سنة أَربع وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن اسماعيل بن إِبْرَاهِيم بن غنيم برهَان الدّين بن عماد الدّين البعلي سمع فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة على كليم ابْنة معبد الْمِائَة انتقاء ابْن تَيْمِية من الصَّحِيح قَالَت أَنا الحجار وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر والشهاب أَحْمد بن عبد الْكَرِيم المعلي وَغَيرهمَا وَحدث لقية الْحَافِظ ابْن مُوسَى واستجازه لبني فَهد وَغَيرهم وَسمع مِنْهُ شَيخنَا الْمُوفق الابي وَآخَرُونَ وأوردة النَّجْم عمر فِي مُعْجَمه(1/31)
ومعجم أَبِيه وَكَذَا قَالَ شَيخنَا وَقد ذكره فِي الْقسم الثَّانِي من)
مُعْجَمه أجَاز لأولادي.
إِبْرَاهِيم بن اسماعيل بن إِبْرَاهِيم الْبَدْر الْمَقْدِسِي النابلسي الْحَنْبَلِيّ كَانَ يَنُوب فِي الحكم ويستحضر نقلهَا جيدا ويتقن الْفَرَائِض وَسيرَته مشكورة. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَقد ناهز السِّتين. أرخه شَيخنَا فِي أنبائه.
إِبْرَاهِيم بن اسماعيل بن أَحْمد السروسي سمع على شَيخنَا الْكثير من سنَن الدَّار قطنى.
إِبْرَاهِيم بن اسماعيل بن مُوسَى السهروردي الكتبي نزيل الْقَاهِرَة ووالد مَحْمُود الْآتِي ولد مُزَاحم الْقرن وَقدم الْقَاهِرَة فتكسب بالكتب وَغَيرهَا وَكَانَ طوَالًا سكينته يجلس كثيرا بِالْقربِ من الحسينية.
إِبْرَاهِيم بن اسماعيل برهَان الدّين الجحافي الْيَمَانِيّ التعزي. صَوَابه اسماعيل بن إِبْرَاهِيم وَسَيَأْتِي.
إِبْرَاهِيم بن اسماعيل الجبرتي مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ.
إِبْرَاهِيم بن بَابي بِفَتْح الموحدتين صارم الدّين العواد الْمُغنِي كَانَ مقربا عِنْد الْمُؤَيد شيخ أبي النَّفس إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي جودة الضَّرْب بِالْعودِ مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة مستهل ربيع الأول سنة إِحْدَى وَعشْرين ببستان الْحلِيّ يَعْنِي المطل على النّيل وَكَانَ قد إستأجره وعمره وَلم يخلف بعده مثله قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه. وَقَالَ غَيره أحد ندماء الْمُؤَيد ومغنيه كَانَ اعجوبة زَمَانه فِي ضرب الْعود والغناء وَلم يكن جيد الصَّوْت بل كَانَ راسا فِي الْعود وَفِي فن الموسيقى انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة فِي ذَلِك وَهُوَ رومي الأَصْل وَفِي حَدِيثه باللغة الْعَرَبيَّة عجمة وَخلف مَالا جزيلا.
إِبْرَاهِيم بن الظَّاهِر برقوق بن أنس الجركسي القاهري أَخُو النَّاصِر فَرح والمنصور عبد الْعَزِيز وَهَذَا أَصْغَر الثَّلَاثَة سكن مَعَ أَخِيه الْمَنْصُور بالقلعة فَلَمَّا ملكوا أَخَاهُ بعد إختفاء أخيهما النَّاصِر وَعَاد إِلَى المملكة استمرا مقيمين إِلَى أَن أرسل بهما إِلَى اسكندرية ورتب لَهما فِي كل يَوْم للنَّفَقَة خَمْسَة آلَاف وَلم يلبث أَن مَاتَ كل مِنْهُمَا فِي لَيْلَة سَابِع ربيع الثَّانِي سنة تسع يُقَال مسمومين ودفنا ثمَّ نقلا لتربة أَبِيهِمَا بالصحراء كَمَا سَيَأْتِي فِي أَخِيه.(1/32)
إِبْرَاهِيم بن بَرَكَات بن حسن بن عجلَان الحسني ابْن صَاحب الْحجاز وأخو الجمالي مُحَمَّد صَاحبه وَهُوَ أكبر من أَخِيه الْآتِي رام بِأخرَة الْمُخَالفَة على أَخِيه وانضم إِلَيْهِ جمَاعَة توجه بهم إِلَى جازان فَلم يُوَافق من صَاحبهمَا وَأصْلح بَينهمَا فِيمَا بَلغنِي وَهُوَ الْآن سنة سبع وَتِسْعين حَيّ
منضم لِأَخِيهِ ورأيته مَعَه فِي الزِّيَارَة من السّنة الَّتِي تَلِيهَا.
إِبْرَاهِيم بن بركَة سعد الدّين القبطي الْمصْرِيّ الْوَزير وَيعرف بالبشيري ولد فِي لَيْلَة سَابِع ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وخدم لما ترعرع فِي بَيت نَاظر الْجَيْش التقي بن الْمُحب ثمَّ تنقل فِي الْخدمَة عِنْد الْأُمَرَاء وَغَيرهم إِلَى أَن ولي نظر الدولة وباشر عِنْد جمال الدّين التتري وَاعْتمد عَلَيْهِ فِي أَمر الوزارة ثمَّ اسْتَقل بالوزارة بعده إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ فِي الدولة المؤيدية فِي سنة سِتّ عشرَة فَلَزِمَ منزله حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر صفر سنة ثَمَانِي عشرَة وَلم يتَّفق لَهُ عِنْد الْقَبْض أَن يضْرب وَلَا تمكنت أعداؤه وَكَانَ عَارِفًا بِالْمُبَاشرَةِ سلك طَرِيق الوزراء السالفين فِي الحشم وَالتَّرْتِيب مَعَ كَونه جيد الاسلام بِحَيْثُ جدد الْجَامِع بِالْقربِ من منزل سكنه ببركة الرطلي.
إِبْرَاهِيم بن بَريَّة برهَان الدّين مُسْتَوْفِي البيمارستان المنصوري وَأحد مسالمة النَّصَارَى من كتاب الأقباط ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَعرض عَلَيْهِ مرَارًا الرُّجُوع فَأبى بل أصر على ردته وَلم يبد سَببا لذَلِك فَضربت عُنُقه بِبَاب الْقلَّة من القلعة فِي سنة احدى بِحَضْرَة الطواشي شاهين الحسني اُحْدُ خاصكية السُّلْطَان.
إِبْرَاهِيم بن بيغوث صارم الدّين ولي بعد أَبِيه وَكَانَ نَائِب صفر حجوبية الْحجاب بِدِمَشْق وداره من أجل بيوتها وَمَات مقتولا فِي تجريدة سوار سنة ثَلَاث وَسبعين وَكَانَ عَارِفًا بِأُمُور دُنْيَاهُ عَارِيا عَن فَضِيلَة وَسَيَأْتِي لَهُ ذكر فِي أَبِيه وَله ولد اسْمه أَبُو بكر سمع على بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله.
إِبْرَاهِيم بن أبي البركات بن مُوسَى برهَان الدّين بن سعد الدّين بن أبي الهول أحد كتاب المماليك وأخو خَلِيل الْآتِي مِمَّن يتَرَدَّد الي وَهُوَ فِيمَا سَمِعت كثير التِّلَاوَة وسافر فِي عدَّة تجاريد فَاضل جدا.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن اسماعيل بن مُحَمَّد بن حسن(1/33)
صارم الدّين العامري الْيَمَانِيّ الحرضي وَالِد مُحَمَّد الطّيب الْآتِي وَقَرِيب شيخ يحيى بن أبي بكر بن مُحَمَّد العامري فَقِيه أَخذ عَن أبي بكر بن مُحَمَّد وَالِد قَرِيبه يحيى رَفِيقًا لقريبه ثمَّ أَخذ عَن يحيى رِوَايَة وأقرأ الْفِقْه فِي حَيَاة يحيى ثمَّ بعده وَحج وزار وَهُوَ الْآن سنة أَربع وَتِسْعين حَيّ ابْن سِتّ وَخمسين وَقد كتب لي فِي موسمها وَأَنا بِمَكَّة يستجيزني وَقَالَ:)
(سَلام على العبيق من الأناب ... مذاقته ألذ من الرضاب)
(على الشَّيْخ الْأَجَل الْحَافِظ الثبت ... من ذكرَاهُ زين للْكتاب)
(مدى الْأَيَّام مَا هبت جنوب ... وَمَا همرت حَيا وطب السَّحَاب)
فأجزته نفع الله بِهِ.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن أَحْمد بن عَليّ الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن البيطار أَخُو بركَة الْآتِيَة فِي النِّسَاء لَقيته بصالحية دمشق وَهُوَ متوعك كثير الْبكاء والتأوه لما يقاسي من الْأَلَم فَظن بعض من لَا تَمْيِيز لَهُ فِي هَذَا إختلاطه فَلم أَقرَأ عَلَيْهِ لذَلِك شَيْئا وَلَكِن استجزته فِي استدعاء الْوَلَد فَأجَاز وَمَات بعد ذَلِك بِنَحْوِ شهر فِي ثَانِي عشر رَجَب سنة تسع وَخمسين فِي نَحْو الثَّمَانِينَ وَدفن من الْغَد بسفح قاسيون وَقد قَرَأَ عَلَيْهِ بعض من هُنَاكَ من طلبة الحَدِيث جُزْءا من المختارة للضياء بِحُضُورِهِ لَهُ فِي الأولي على.
إِبْرَاهِيم بن الزكي أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ القباني الْعَطَّار بِمَكَّة أَخُو أَحْمد وَعلي وَعمر الْمَذْكُورين فِي محالهم سمع عَليّ بِمَكَّة فِي مجاورتي الثَّالِثَة.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الله برهَان الدّين القاهري الْحَنَفِيّ أحد مَشَايِخ الزوار بالقرافتين مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشر شَوَّال سنة سِتِّينَ ارخه الْمُنِير.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الله الشنويهي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ أحد صوفية الأشرفية ونزيل القراسنقرية مِمَّن سمع على ابْن الْجَزرِي فِي مشيخة الْفَخر وَغَيرهَا وَأخذ عَنهُ بعض الطّلبَة وَكتب فِي الأستدعاآت وَهُوَ الْآن حَيّ.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الله الْموصِلِي الماحوزي. يَأْتِي فِيمَن لم يسم جده.(1/34)
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الله برهَان الدّين بن تمرية رَأَيْته فِيمَن سمع على التقي بن فَهد بِمَكَّة.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن اسماعيل العزيزي الْيَمَانِيّ مَاتَ سنة عشر.
قَالَه ابْن عزم.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الخالق بن عُثْمَان سعد الدّين بن الزيني أبي الصدْق بن الْبَدْر الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الأحدب يعرف كسلفه بِابْن مزهر وَهُوَ أكبر بني أَبِيه وَسمع على الشاوي وثواب وَزَوْجَة أَبوهُ سعد الْمُلُوك إبنة
الشّرف الْأنْصَارِيّ. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين وَترك اولادا من الْمشَار إِلَيْهَا عوضه الله خيرا.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الْمُسَمّى مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد عَليّ الخوافي الشهير وَالِده كَمَا سَيَأْتِي قدم مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة أَربع وَعشْرين فَقَالَ لشَيْخِنَا حِين مدح وَالِده بِمَا سَيَأْتِي:
(شهَاب الْمجد من شرف وَقدر ... علا مستغنيا عَن الأتصاف)
(مُحِيط الْعلم طود الْعلم حَقًا ... لَهُ الْفضل الْعَظِيم بِلَا خلاف)
وَمَا علمت مَتى مَاتَ.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن فَهد الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ وَأَبوهُ يُسمى أَحْمد. ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة واستجيز لَهُ جمَاعَة بل أحضر بِقِرَاءَتِي على أبي الْفَتْح المراغي وَكَذَا أحضر على جده وَمَات بهَا قبل أَن يتَمَيَّز فِي رَجَب سنة تسع وَخمسين.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد برهَان الدّين الْبُرُلُّسِيّ الحسني نِسْبَة لبلدة يُقَال لَهَا محلّة حسن بالغربية من أَعمال مصر القاهري الفرضي ذكره التقي الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَقَالَ أَنه سمع بهَا فِي عشر السّبْعين وَسَبْعمائة على ألاميوطي والنشاوري وَغَيرهمَا وأقرأ بهَا الْفَرَائِض والحساب وَكَانَ بارعا فِي ذَلِك أَخذه عَن الكلائي صَاحب الْمَجْمُوع الشهير وانتفع بِهِ النَّاس وَكَانَت مجاورته بهَا(1/35)
نَحْو عشْرين سنة مُتَوَالِيَة إِلَّا أَنه تردد فِي بعض السنين لمصر طلبا للرزق وأدركه أَجله بهَا إِثْر قدومه لَهَا فِي ثَالِث عشرى الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَدفن فِيمَا أَحسب بمقابر بَاب النَّصْر وَقد قَارب السِّتين فِيمَا أَحسب. قلت وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار فَقَالَ صَاحب الكلائي سكن الْقَاهِرَة ثمَّ مَكَّة فَانْتَفع بِهِ المكيون فِي الْفَرَائِض.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد الْقُدسِي ثمَّ القاهري الحريري العقاد أحب السماع وَدَار مَعَ متوسطي الطّلبَة مُدَّة واختص بالمحب بن صاق وَمَا علمت مَتى مَاتَ.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن أبي بكر صَلَاح الدّين بن التقي بن النُّور بن المعلي الْحَمَوِيّ الْحَنَفِيّ شَقِيق عبد الرَّحْمَن الْآتِي وأبوهما. مِمَّن ولي بعد أَبِيه فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين قَضَاء الْحَنَفِيَّة وَهُوَ اصغر من أَخِيه سنا وفضلا.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن يُوسُف كَمَال الدّين أَو برهَان الدّين بن الْجمال الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة. ولد
فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وتعاطى التِّجَارَة ولقيته بِمَكَّة فِي الْحجَّة الأولى فأنشدني لنَفسِهِ:
(أَلا لَيْت شعري هَل أتيتن لَيْلَة ... بروضة خير الْمُرْسلين مُحَمَّد)
(نَبِي لَهُ الله اصْطفى من عباده ... وأرشدنا مِنْهُ إِلَى كل مقصد)
مَاتَ فِي آخر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ذِي الْقعدَة سنة تسع وَخمسين بِمَكَّة وَصلى عَلَيْهِ صَبِيحَة الْغَد عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة.
إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الماحوزي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي تفقه قَلِيلا وسلك طَرِيق التصوف مَعَ الدّين المتين وَكَثْرَة المَال بِحَيْثُ لم يكن يقبل لأحد شَيْئا بل يُنْهِي أَصْحَابه عَن الْأكل لأحد وَكَانَت تِلْكَ طَريقَة وَالِده وتزايد اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ حَتَّى كَانَ قل أَن يرد أحد من الْأُمَرَاء رسَالَته وَقد حج عشْرين حجَّة فَبَقيَ فِي كل مرّة يحصل بِهِ للنَّاس النَّفْع الزَّائِد وَمَات رَاجعا من الْحَج فِي الْمحرم سنة أَربع عشرَة. وَدفن بتبوك وَلم يكمل السِّتين رَحمَه الله. تَرْجمهُ شَيخنَا فِي أنبائه وَصرح فِي أثْنَاء التَّرْجَمَة بِأَنَّهُ ابْن الشَّيْخ أبي بكر الْموصِلِي فَإِن يكن كَذَلِك فَهُوَ ابْن عبد الله وَقد مَاتَ يَعْنِي الْأَب فِي سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة.
إِبْرَاهِيم بن ثَابت نزيل بجاية مَاتَ سنة خمسين. قَالَه ابْن عزم.(1/36)
إِبْرَاهِيم بن جَابر بن مُوسَى الزواوي أرخه ابْن عزم سنة سبع وَخمسين.
إِبْرَاهِيم بن الحاقر الْغَزِّي الميقاتي. مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن عزم أَيْضا وَنسبه فِي مَوضِع آخر فَقَالَ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حاقر.
إِبْرَاهِيم بن حاجي صارم الدّين بن شيخ تربة برقوق وقاضي الْعَسْكَر زين الدّين الْحَنَفِيّ سمع على الْجمال الْحَنْبَلِيّ ثمانيات النجيب وسباعياته ولقيه البقاعي وَغَيره وَلم أعلم مَتى مَاتَ.
إِبْرَاهِيم بن حجاج بن مُحرز بن مَالك الْبُرْهَان أَبُو اسحق الأبناسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد الزين عبد الرَّحْمَن الْآتِي وَيعرف بالأبناسي ولد بعد الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة بأبناس وَقَرَأَ الْقُرْآن وَغَيره وَقدم مِنْهَا وَهُوَ صَغِير على سميَّة الْبُرْهَان بن مُوسَى الأبناسي فِي زاويته بالمغنم وَأقَام بهَا بَقِيَّة حَيَاته وَبعده وَلَا أستبعد أَخذه عَنهُ وَكَذَا عَن أهل تِلْكَ الطَّبَقَة كالبلقيني الْكَبِير سِيمَا وَقد رَأَيْت الزين الْعِرَاقِيّ أثبت سَمَاعه من نَفسه للمجلس الرَّابِع وَالسبْعين بعد الثلاثمائة من أَمَالِيهِ وسَاق الْبُرْهَان عَنهُ سَنَده بِبَعْض الْكتب وَقَرَأَ على الْبُرْهَان البيجوري فِي جَامع المختصرات وَكَانَ يذم تركيبه وَكَذَا أَخذ الْفِقْه وَغَيره وأظن من شُيُوخه فِيهِ الصَّدْر سُلَيْمَان الأبشيطي فقد
رَأَيْته شهد عَلَيْهِ فِي إجَازَة سنة ثَلَاث وثلثمائة أَو بعْدهَا والعربية عَن جمَاعَة كالعجيمي وَالشَّمْس البوصيري وَكَانَ يَقُول إِنَّه لم يعلم معنى الْكَلِمَة إِلَّا مِنْهُ. ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي فنونه الَّتِي كَانَ يقرئها وَالشَّمْس الْبِسَاطِيّ بل كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَكَذَا لَازم الْعَلَاء البُخَارِيّ مُدَّة إِقَامَته بالديار المصرية وَلم يكن الْعَلَاء يقدم عَلَيْهِ غَيره كَمَا سَيَأْتِي وَيَقُول أَنه عَارِف بقواعد الْعُلُوم. وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْعَضُد والحاشيتين وَكَذَا كَانَ ابْن جمَاعَة يجله وَأخذ فِي مبادىء الْمنطق وَغَيره عَن الشَّمْس الشنشي وَسمع بِأخرَة على ابْن الْجَزرِي وَغَيره وَقَرَأَ على شَيخنَا فِي شرح النخبة ولازمه فِي دروسه واسماعه وَكَانَ شَيخنَا يقدمهُ على رَفِيقه القاياتي بِحَيْثُ أجلسه فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بالقلعة من جِهَة يَمِينه هَذَا مَعَ مزِيد تَعْظِيم الْبُرْهَان لَهُ حَتَّى أَن الْعَلَاء الرُّومِي لما تجرأ قَائِلا لشَيْخِنَا انه يصلح أَن يكون شيخك قَالَ لَهُ الْبُرْهَان بل أَنا تِلْمِيذه وقرأت عَلَيْهِ وَهُوَ شيخ الاسلام وَكَذَا بَلغنِي عَن التقي بن قَاضِي شُهْبَة أَنه قَالَ سَأَلت الْعَلَاء البُخَارِيّ عَنهُ فَقَالَ انه كَانَ أولى من ابْن هِشَام والقاياتي فِي غير الْفِقْه وَصَحب الْبُرْهَان الادكاوي وتلقن مِنْهُ(1/37)
وَكَذَا صحب الزَّاهِد بل هُوَ أحد من أوصى على بنيه وجامعه وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة مفتيا فصيحا مفوها عالي الهمة كثير التَّوَاضُع طارحا للتكلف شهما أبي النَّفس كَرِيمًا مَعَ تقلله بِحَيْثُ أَنه كَانَ أَحْيَانًا رُبمَا يَحْتَلِم فيدلي نَفسه بِحَبل فِي الْبِئْر لعدم تيَسّر مَا يدْخل بِهِ الْحمام وَلم يكن باسمه من الْوَظَائِف سوى التصوف بالمؤيدية بتنزيل الْوَاقِف وَبِيَدِهِ مُرَتّب يسير فِي الجوالي وَبَعض رزق. وَوَصفه البقاعي حَيْثُ روى عَن الْعِزّ السنباطي عَنهُ شَيْئا بالعلامة النادرة الْمُحَقق وتصدى لنفع الطّلبَة مُدَّة وَحكى أَنه قَرَأَ التَّوْضِيح أَكثر من سبعين مرّة وَابْن المُصَنّف مَا ينيف على الثَّلَاثِينَ وَكتب عَلَيْهِ حَاشِيَة يُقَال أَنَّهَا كَانَت عِنْد الشهَاب المسطيهي بل أَقرَأ الْعَضُد فِي صباه فِي حَيَاة شيخيه قَرَأَ عَلَيْهِ بعض طلبتها وَهُوَ الزين الأشمومي المتوفي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا ابْن خضر وَالْجمال بن هِشَام ولازمه حَتَّى مَاتَ وَبِه انْتفع والوروري والمناوي والعبادي والطوخي وَالشَّمْس النوشي وَابْن المرخم والعز السنباطي وَحكى لي كثيرا من تَرْجَمته وَابْن قمر وأنشدني لَهُ مِمَّا نظمه على لِسَانه للجلال البُلْقِينِيّ
(يقبل الأَرْض دَاع لَا يفنده ... عَن الدُّعَاء لكم شَيْء فيقعده)
(وَالْعَبْد يسْأَل مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا ... قَاضِي الْقُضَاة غياث الْمَرْء يَقْصِدهُ)
(بَحر الْعُلُوم الَّذِي لَا يَنْتَهِي أبدا ... وكل بَحر لَهُ بر يحدده)
)
(جلال دين الْهدى وَهُوَ الْجلَال لَهُ ... مؤيد الْحق وَالْمولى مؤيده)
(نجل الإِمَام الَّذِي شاعت إِمَامَته ... حَتَّى ارتضاها اعاديه وحسده)
(ان امْر وحامل الْقُرْآن احفظ منهاج الْفُرُوع الَّذِي يحيي مشيده)
(وَغَيره فِي عُلُوم جلّ موقعها ... تهدي الْفَتى ولعلم الشَّرْع ترشده)
(فَالْعَبْد يسألكم شَيْئا يقربهُ ... من اشْتِغَال فَإِن الْفقر يبعده)
(أنهيتها شاكرا ثمَّ الصَّلَاة على ... خير الْأَنَام وحسبي الله أَحْمَده)
وَكَذَا أَنْشدني مِمَّا امتدحه شَيْخه الْبُرْهَان بِهِ فَقَالَ:
(الشَّمْس من قمر تكون عجيبا ... وَرَأَيْت مِنْك من الْخِصَال غَرِيبا)
(إِن كَانَ من فقه فَأَنت إِمَامه ... أَو كَانَ من نَحْو فَأَنت أريبا)
(أَو كَانَ غَيرهمَا فَأَنت مهذب ... هذبت كل مقَالَة تهذيبا)
وَبَلغنِي أَن من نظمه قَوْله:(1/38)
(خلقت طينا وَمَاء الْبَحْر يتلفني ... وَعند قلبِي نفور من مراكبه)
(وَالْبَحْر لَيْسَ رَفِيقًا بالرفيق لَهُ ... وَالْبر مثل اسْمه بر براكبه)
وَآخَرُونَ مِنْهُم مِمَّن هُوَ بِقَيْد الْحَيَاة الولوي الاسيوطي والنور اخو حُذَيْفَة وَحكى لي عَنهُ ان شخصا التمس مِنْهُ مساعدته عِنْد يشبك الاعرج فَاعْتَذر لَهُ بِعَدَمِ مَعْرفَته فَأبى إِلَّا أَن يساعده فَتوجه إِلَيْهِ لمزيد رغبته فِي مساعدة الملهوف وَكَلمه فِي شَأْنه وَسَأَلَهُ فِي دَفعه مَعَ خَصمه للشَّرْع فانزعج الْأَمِير مَعَ ذكره بمحبة الْخَيْر وَقَالَ أَلسنا نعمل بِالشَّرْعِ فَقَالَ لَهُ الْبُرْهَان أَنَّك لَا تعرفه لَو وَجب عَليّ امْرِئ قطع يَده الْيُمْنَى فَقطعت الْيُسْرَى غَلطا كَيفَ تعْمل فبادر إِلَى ارسالهما وَحصل الْغَرَض. مَاتَ بعد مرض طَوِيل فِي سَابِع عشري ربيع الأول سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَدفن عِنْد ضريح الشَّيْخ شهَاب خَارج بَاب الشعرية. وَقد أرخه شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار وَقَالَ انه اشْتغل كثيرا وَسكن زَاوِيَة سميه الشَّيْخ برهَان الدّين الابناسي وانتفع بِهِ الطّلبَة رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن حجي بن عَليّ بن عِيسَى بن خضر بن إِبْرَاهِيم بن قَاسم الشريف المعمر أَبُو اسحق الحسني الطرابلسي الأَصْل نزيل الْخَلِيل وربيب سُلَيْمَان بن جِبْرِيل ذكر ان مولده سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة وَطعن التقى الفاسي فِي ذَلِك وَقَالَ أَنه جازف فِيهِ وَأَنه امتحنه فِي ذَلِك فَعرف أَنه تجَاوز الْحَد فِيهِ وَأَن مولده يُمكن أَن يكون فِي حُدُود الْأَرْبَعين أَو)
قبلهَا بِقَلِيل. وَنَحْوه قَول ابْن نَاصِر الدّين أَنه ذكر لَهُ أَنه سمع من الحجار وَلم يَصح وَكَذَا قَالَ غَيره أَنه ذكر أَنه سمع على الصَّدْر الْمَيْدُومِيُّ عدَّة أَجزَاء فَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض الطّلبَة بقوله قَالَ شَيخنَا فِي الْقسم الثَّانِي من مُعْجَمه وَلم يظْهر لذَلِك أَي سَمَاعه من الْمَيْدُومِيُّ صِحَة ثمَّ ادّعى أَن الحجار أجَاز لَهُ وَأَنه ولد فِي سنة خمس وَعشْرين وَكتب على الاستدعاآت وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض من لم يمعن فِي أمره ثمَّ تبين حَاله. وَذكر لي الْحَافِظ التقي الفاسي وَغَيره من أهل هَذَا الشَّأْن مجازفته وَبطلَان دَعْوَاهُ إجَازَة الحجار واما سَمَاعه من الْمَيْدُومِيُّ فممكن لَكِن لم يظْهر أصل بذلك. وَمَات فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَلَو كَانَ صَادِقا الضاهي الحجار فِي مُجَاوزَة الْمِائَة وَزَاد عَلَيْهِ فِيمَا بَين وَقت تحمله وأدائه فان الحجار أقدم شَيْء سَمعه سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمَات سنة ثَلَاثِينَ وَهَذَا أَن كَانَ الحجار أجَاز لَهُ فَتكون سنة ثَلَاثِينَ أَو قبلهَا وَقد تَأَخّر بعد الثَّلَاثِينَ قَالَ وَالْحق أَن آخر من حدث عَن الحجار(1/39)
بالاجازة الْخَاصَّة المحققة شَيخنَا الزين أَبُو حُسَيْن وَأَشَارَ شَيخنَا فِي الْقسم الأول من مُعْجَمه أَيْضا لِلطَّعْنِ عَلَيْهِ بِاخْتِصَار وَلكنه قَالَ أَنه رغم أَنه ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَزَاد أجَاز لنا فِي سنة تسع وَعشْرين. قلت وأرخ غَيره وَفَاته فِي مستهل ربيع الأول وَمَعَ كَونه ذكره فِي قسمي مُعْجَمه أغفله من إنبائه وَبَلغنِي أَن الْمَكْتُوب فِي الطَّبَقَة الَّتِي على الْمَيْدُومِيُّ نسبته لزوج أمه فَقيل إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان بن مَرْوَان وَقد اعْتمد كَونه مِمَّن أجَاز لَهُ الحجار إجَازَة خَاصَّة ابْن نَاصِر الدّين قَالَ وبذكره ختمنا مؤلفنا الْمُسَمّى بالانتصار لسَمَاع الحجار والميل لَهَا قَالَ شَيخنَا وَغَيره أَكثر.
إِبْرَاهِيم بن الْبَدْر حسن بن إِبْرَاهِيم بن حسن بن عليبة الْآتِي جده قَرِيبا وَأَبوهُ وشقيقه على أمهما صيبه لِأَبِيهِ مَاتَا بالطاعون فِي جُمَادَى الأول سنة سبع وَتِسْعين وَهَذَا دون سنّ الْبلُوغ عوضهَا الله الْجنَّة.
إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْكَرِيم برهَان الدّين العرابي بِفَتْح أَوله وَتَشْديد ثَانِيه ورأيته بِخَطِّهِ بِكَسْر ثمَّ تَخْفيف نسبه لقرية من ضواحي صفد الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ولد فِي سنة خمسين وَسَبْعمائة كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وتفقه بالبدر مَحْمُود العجلوني سمع عَلَيْهِ بحث تيسير الْحَاوِي الشّرف الْبَارِزِيّ بِسَمَاعِهِ لَهُ على أَصْحَاب مُؤَلفه وَكَذَا أَخذ عَنهُ سواهُ وَأخذ عَن خَاله الشَّمْس العرابي أَخذ الْأَصْلَيْنِ عَن الْعَلَاء بن الْعَطَّار تلميذ النَّوَوِيّ وَذكر أَنه سمع الصَّحِيح على التقي القلقشندي والتاج الزَّيْلَعِيّ وَالصَّلَاح بن المنجا الْحَنْبَلِيّ ومحيي الدّين الرجبي والبرهان بن
جمَاعَة وَأبي الْخَيْر بن العلائي وَمن الْأَخير وَحده صَحِيح مُسلم وَمن التَّاج الاقفاصي الْمَقْدِسِي جَامع التِّرْمِذِيّ وَكَذَا سمع على الشَّمْس بن حَامِد وَغَيره وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء ولقيه ابْن فَهد وَغَيره وَكَانَ أحد فُقَهَاء الصلاحية مِمَّن يديم التِّلَاوَة بِحَيْثُ يخْتم كل يَوْم غَالِبا. مَاتَ فِي رَجَب ظنا سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بالقدس.
إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن عبد الله الرهاوي ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي وَيعرف بالرهاوي. ولد فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة بالرها وَقدم حلب بعد الثَّلَاثِينَ فَسمع بهَا على حافظها الْبُرْهَان وَشَيخنَا وَكتب التوقيع بِبَاب ابْن خطيب الناصرية وَسمع عَلَيْهِ بِدِمَشْق الدُّعَاء للمحاملي بِقِرَاءَة الخيضري ثمَّ كتب التوقيع للمحب بن الشّحْنَة وناب فِي الْقَضَاء عَن حفيده أبي الْبَقَاء ثمَّ أعرض عَنْهَا وَلزِمَ الشَّهَادَة وَحدث سمع(1/40)
عَلَيْهِ الشريف بن أبي الْمَنْصُور وَهُوَ فِي سنة خمس وَتِسْعين حَيّ.
إِبْرَاهِيم بن حسن بن عجلَان بن رميثة الحسني الْمَكِّيّ أَخُو أَحْمد وبركات وعَلى الْآتِي ذكرهم.
مَاتَ فِي رَابِع ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين بثغر دمياط غَرِيبا كأخيه عَليّ وَكَانَ السُّلْطَان حبسهما أَولا بالبرج ثمَّ نقلهما إِلَى اسكندرية ثمَّ إِلَى دمياط وَكَانَت الْمنية بهَا رحمهمَا الله وعوضهما الْجنَّة.
إِبْرَاهِيم بن حسن بن عَليّ الجراحي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل سعيد السُّعَدَاء وَأحد صوفيتها ولد فِيمَا ذكره لي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقَرَأَ على الشَّمْس الشنشي وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَحضر دروس غَيرهمَا وَلم ينجب وَصَحب يشبك الْفَقِيه وَغَيره من الْأُمَرَاء وناب فِي الْقَضَاء بِبَعْض الْقرى ثمَّ خمد.
إِبْرَاهِيم بن حسن بن عَليّ الشحري لَقِيَنِي بِمَكَّة فَسمع على إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن فَرح بن سعد كَمَال الدّين الْحلَبِي الشَّافِعِي الْموقع بالدست وَيعرف بِابْن الْحَطب بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ ولد منتصف جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع على الشهَاب بن المرحل السّنَن للدَّار قطني بفوت وَكتب على استدعاء لِابْنِ شَيخنَا وَغَيره بعد الثَّلَاثِينَ وَمَا علمت من شَأْنه زِيَادَة على مَا أثْبته وَلَا مَتى مَاتَ وأجوز أَن يكون ابْن فَهد والبقاعي رأياه أَو أَحدهمَا ثمَّ رَأَيْت ثَانِيهمَا ذكره وَقَالَ انه مَاتَ فِي حُدُود سنة أَرْبَعِينَ.
إِبْرَاهِيم بن حسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي وَيعرف كسلفه بِابْن المزلق اسْتَقر فِي نظر الجوالي فِي حَيَاة أَبِيه وَقدم هُوَ وَأَخُوهُ الشَّمْس مُحَمَّد القاهري بعد مَوته وَلم
يوافقا على الدُّخُول فِي شَيْء من الْوَظَائِف بل رجعا بطالين فَلم يلبث هَذَا أَن مَاتَ وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَسبعين وَهُوَ أخيرهما.
إِبْرَاهِيم بن حسن بن مُوسَى بن أَيُّوب الابناسي هَكَذَا تَرْجمهُ المقريزي فِي تَارِيخه هُنَا وَتعقبه شَيخنَا بقوله زِيَادَة حسن غلط فتحول إِلَى حرف الْمِيم من أَسمَاء الْآبَاء.
إِبْرَاهِيم بن حسن برهَان الدّين الْمَنَاوِيّ ثمَّ القاهري التَّاجِر وَيعرف بِابْن عليبة بِضَم الْمُهْملَة تَصْغِير علبة بموحدة كَانَ مولده فِي مَسّه بن سلسل وتعانى التِّجَارَة فرزق فِيهَا حظا وبركة لما كَانَ ينطوي عَلَيْهِ من الاخلاص ومحبة الْفُقَرَاء واعتقادهم وَالْوُقُوف مَعَ اشاراتهم كأحمد الخشاب بِحَيْثُ كَانَ يَحْكِي من وقائعه مَعَهم الْكثير بل صحب الشَّيْخ مُحَمَّد الغمري وَغَيره من المسلكين وَقَامَ لجامعه فِي الْقَاهِرَة بمصارف(1/41)
كَثِيرَة فِي زَيْت الْوقُود وتسبيل المَاء فِي كل يَوْم وَكَذَا الْقِرَاءَة وللطعام لَيْلَة الْوَقْت من كل شهر وللبخاري فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة ولغير ذَلِك مِمَّا أرصد لَهُ ربعا أنشأه قَرِيبا مِنْهُ ورزقه حبسهما عَلَيْهِ وعَلى غَيره من الْقرب وَصَارَ بَيته موردا للصالحين كالفوي والصندلي وَإِمَام الكاملية وَابْن الْجمال وَابْن شَيْخه الغمري بل محلا لإِقَامَة غَيرهم بعياله كل ذَلِك مَعَ المداومة على التِّلَاوَة والمراقبة والأوصاف الجميلة وَعدم الرَّغْبَة فِي مُخَالطَة بني الدُّنْيَا إِلَّا بِقدر الْحَاجة وإنكاره على ولديه البدري حسن والمحيوي عبد الْقَادِر الزِّيَادَة عَلَيْهِمَا مِمَّا تعبا بِسَبَبِهِ وَلم يحصلا فِيهِ على طائل وَقد حج غير مرّة وجاور وَكنت مِمَّا استأنس بمجالسته وَلَا زَالَ فِي ترق من الْخيرَات وَالصَّلَاة حَتَّى مَاتَ بِمَكَّة لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث رَجَب سنة خمس وَسبعين وَدفن بالمعلاة وَلم يخلف فِي أَبنَاء جنسه مثله رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن حسن بن إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة بن أبي بكر بن عمر الخالدي المَخْزُومِي التلوي نِسْبَة لقرية بِظَاهِر اسعرد وَيعرف بالحصني مَعَ كَونه لم يسكنهَا فضلا عَن كَونه مِنْهَا كَانَ جَلِيلًا مبجلا فِي جمَاعَة الحصنيين وَنَحْوهم مَعَ فضل وَخير. مَاتَ فِي سنة تسع وَسِتِّينَ بِالْقَاهِرَةِ وَهُوَ وَالِد حسن الْآتِي.
إِبْرَاهِيم بن حُسَيْن بن عَليّ المريني أَخُو الشهَاب الْآتِي رجل خير تكسب بالترخيم وَغَيره وتكرر اجتماعه عَليّ حَتَّى بِمَكَّة فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَكَانَ قدمهَا لزوجته رَفِيقًا لِابْنِ شَيْخه الشَّيْخ مَدين فِي موسم الَّتِي قبلهَا ثمَّ رَجَعَ مَعَه فِي الركب.
إِبْرَاهِيم بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن حبيب الْبُرْهَان بن الْبَدْر السرميني الأَصْل الْحلَبِي المولد وَالدَّار
الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن الْحلَبِي مولده فِي سَابِع عشري رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده فِي بَلَده على مُحَمَّد بن عَليّ المعر مصيني نزيل حلب وَيعرف بِابْن الدّهن بل قَرَأَ لعاصم وَابْن كثير على عمر الدركوشي الْحلَبِي الضَّرِير وبالقاهرة لأبي عَمْرو على عبد الْقَادِر المنهاجي الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وللسبع افرادا على الزين جَعْفَر السنهوري وَحفظ جلّ الشاطبية وَمن الْمِنْهَاج إِلَى الْفَرَائِض وَأخذ الْفِقْه هُنَاكَ عَن الْبَدْر حسن السيوفي وعبد القادر بن الابار وَغَيرهمَا وعَلى أَولهمَا قَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة ثمَّ قَرَأَ فِيهَا وَفِي(1/42)
الصّرْف على الشَّمْس الدلجي الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَقَرَأَ الورقات فِي أصُول الْفِقْه على الشهَاب أَحْمد المسيري الْمحلي وَحضر عِنْد غَيرهم قَلِيلا وَقدم الْقَاهِرَة غير مَا مرّة مَعَ أَبِيه ثمَّ مُسْتقِلّا فِي التِّجَارَة وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة بملاحظة فقيهه عمر التتائي بل قَرَأَ على الديمي البُخَارِيّ وعَلى صَحِيح مُسلم ولازمني فِي غير ذَلِك سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة.
إِبْرَاهِيم بن حُسَيْن بن مُحَمَّد برهَان الدّين البعلي الشَّافِعِي التَّاجِر وَيعرف بِابْن العجمي ولد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على قَاضِي المنيظرة واشتغل عِنْد ابْن السقيف وَغَيره وَسمع البُخَارِيّ على الزين عبد الرَّحْمَن ابْن الزعبوب إِمَامَة الْحجاز ولقيته ببعلبك فَقَرَأت عَلَيْهِ الثلاثيات مِنْهُ وَقد حج وَكَانَ خيرا يتجر فِي البرمات فِي.
إِبْرَاهِيم بن حُسَيْن بن يُوسُف بن هبة الْحلَبِي النَّحْوِيّ الْفَاضِل أَظُنهُ الَّذِي كَانَ يقرىء ابْن الشّحْنَة الصَّغِير وَسَيَأْتِي فِيمَن لم يسم أَبوهُ.
إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة بن أبي بكر بن يحيى بن أَحْمد بن خضر بن فياض بن سوار بن هِشَام بن مدركة السَّيِّد برهَان الدّين بن عز الدّين الْهَاشِمِي الْجَعْفَرِي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ سقت نسبه إِلَى انتهائه فِي معجمي كَانَ أَبوهُ مِمَّن يَلِي نظر الْجَامِع والديوان وَغَيرهمَا وَيذكر بِالْكَرمِ والرياسة فولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة فِي الْعشْر الأول من رَمَضَان سنة سبع وَسبعين بحلب وَنَشَأ بهَا فِيمَا قيل غير مرضى الطَّرِيقَة وَسمع بهَا على ابْن صديق ختم الصَّحِيح وأوله كَلَام الرب مَعَ جِبْرِيل قَالَ أَنا الحجار وَحدث بذلك سَمعه مِنْهُ الْفُضَلَاء وَولي بِبَلَدِهِ نظر الْجَيْش ووكالة بَيت المَال وعمالة أوقاف الْحَنَفِيَّة وَمَات قريب عصر يَوْم الْأَحَد سَابِع عشر الْمحرم سنة تسع وَأَرْبَعين.
إِبْرَاهِيم بن خَالِد بن سُلَيْمَان برهَان الدّين الدَّارَانِي الْحَنْبَلِيّ سمع من الْمَيْدُومِيُّ المسلسل وجزء
البطاقة وَغَيرهمَا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالحافظ الْجمال بن مُوسَى المراكشي وَشَيخنَا الْمُوفق الْآتِي وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لبنتي رَابِعَة. مَاتَ فِي حُدُود الْعشْرين.
إِبْرَاهِيم بن خضر بِكَسْر الْخَاء وَسُكُون الضَّاد المعجمتين بن أَحْمد بن عُثْمَان ابْن كريم الدّين جَامع بن مُحَمَّد بن جَامع بن مُحَمَّد بن فوارة بن فضَالة بن عكاشة ابْن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي الطّيب بن هبة الله بن أبي اسحاق(1/43)
مُحَمَّد بن مِيكَائِيل بن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان شَيخنَا الْعَلامَة الفريد برهَان الدّين أَبُو اسحاق بن الزين العثماني الصعيدي القصوري نِسْبَة لقرية من اعمالها تسمى الْقُصُور. بِضَم الْقَاف والمهملة القاهري المولد وَالدَّار الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن خضر. ولد فِي شَوَّال سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس السعودي الضَّرِير والعمدة والتنبيه وَغَيرهمَا وَعرض على الزين الْعِرَاقِيّ وَخلق وَأخذ الْفِقْه عَن الْبُرْهَان البيجوري والبرماويين الشهَاب الطنتدائي وَعنهُ أَخذ الْفَرَائِض وَكَانَ يذكر لي أَنه أَخذهَا أَيْضا عَن عمي أبي بكر وَكَذَا تفقه بالولي الْعِرَاقِيّ وَسمع عَلَيْهِ ألفيه وَالِده وَشَرحهَا وبالجلال البُلْقِينِيّ واستكتبه تصانيف شَيخنَا والعربية عَن الْجمال الْقَرَافِيّ وَجل انتفاعه فِيهَا بِهِ وَالشَّمْس الأسيوطي على مَا تحرر والبرهان بن حجاج الأبناسي والشهاب بن هِشَام حضر عِنْده فِي التسهيل والْعَلَاء ابْن المغلي وَعنهُ أَخذ أَيْضا فِي الْأَصْلَيْنِ وَغَيرهمَا وَقَرَأَ عِنْده الحَدِيث فِي رَمَضَان والاصلين أَيْضا وَغَيرهمَا من الْفُنُون عَن الْبِسَاطِيّ والْعَلَاء البُخَارِيّ ولازم القاياتي فِي الْعَضُد وَغَيره وَكَذَا لَازم شَيخنَا فِي الحَدِيث واشتدت عنايته بملازمته بِحَيْثُ أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ كتب الْإِسْلَام وَالْكثير من تصانيفه خُصُوصا فتح الْبَارِي فَمَا أعلم قَرَأَهُ عَلَيْهِ تَاما غَيره وَسمع على الشرفين ابْن الكويك وَيُونُس الواحي والشموس الْبرمَاوِيّ والشامي الْحَنْبَلِيّ وَابْن الْجَزرِي والشهابين أَحْمد بن حسن البطائحي والواسطي وَالْجمال الكازروني والسراج قاري الْهِدَايَة وَالْفَخْر عُثْمَان الدنديلي والبدر حُسَيْن البوصيري وَالْمجد الْبرمَاوِيّ والنجم بن حجي والزين الزَّرْكَشِيّ والتاج الشرابي والفاقوسي وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبية فِي آخَرين وَالْكثير من ذَلِك بقرَاءَته وَأَجَازَ لَهُ ابْن طولوبغا حِين لقِيه بِمَكَّة وَغير وَاحِد وَلَا زَالَ يدأب فِي تَحْصِيل الْعُلُوم ويديب بصافي فكره النّظر فِي منطوقها وَالْمَفْهُوم مَعَ مَا أوتيه من الذِّهْن الثاقب والفهم الصائب حَتَّى برع فِي النَّحْو وفَاق فِي الْفِقْه وَأَصله وَتقدم فِي الْفَرَائِض والحساب وَضرب فِي غَالب الْفُنُون بأوفر نصيب)
وَصَارَ فِي كل ذَلِك أحد الْأَئِمَّة الْمشَار إِلَيْهِم حَتَّى كَانَ القاياتي يرجحه فِي الْفِقْه على الونائي وَيَقُول أَنه فَقِيه النَّفس بل بَلغنِي أَنه كَانَ فِي حَال شبوبيته يرجح على الْجلَال البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه فَيرجع إِلَى قَوْله وَيضْرب على مَا كَانَ كتبه وَأَنه لم يكن عِنْد شَيْخه البيجوري وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ أحد يعدله وَلم يكن فِي عصره أدرى بِجَامِع المختصرات مِنْهُ وَأما فِي(1/44)
قِرَاءَة الخطوط المتنوعة وَسُرْعَة السّير فِيهَا من غير نظرها قبل فشيء لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره مَعَ تَمام الاسْتقَامَة سِيمَا فِي الْعَرَبيَّة بِحَيْثُ عجز الأكابر عَن ضبط هفوة مِنْهُ فِي ذَلِك وَقد سَمِعت بقرَاءَته جُزْءا من تصانيف شَيخنَا من المسودة الَّتِي بِخَطِّهِ على ضوء الْقنْدِيل الْمُعَلق بِالْمَدْرَسَةِ فَمر فِيهِ أحسن مُرُور لكَونه كَانَ أَجْهَر وَلما ذكرته وَلم يكن شَيخنَا يقدم عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَة فِي رَمَضَان غَيره وَكَذَا كَانَ سريع الْكِتَابَة جدا مَعَ الصِّحَّة ومزيد الاتقان وَهِي طَريقَة ظريفة نيرة وَقد كتب بِخَطِّهِ الْكثير خُصُوصا من تصانيف شَيخنَا كل ذَلِك مَعَ الدّيانَة وَالْأَمَانَة وَالصِّفَات الْحَسَنَة الجميلة من الْكَرم المفرط بِحَيْثُ لَا يبقي على شَيْء ويحكى عَن بعض شُيُوخه أَنه أوصاه بذلك وَطرح التَّكَلُّف وَعدم التأنق فِي مركبه وملبسه بِحَيْثُ لَا يتحاشى لبس دنس الثِّيَاب سِيمَا وَكَانَت النزلة تعتريه كل قَلِيل وَكَانَ يحْكى فِي سَببهَا أَنه أحرم متجردا فِي حجَّته الأولى من رابغ وَلذَا لم يكن يرفع عمَامَته وَلَا يخفها وَلَا ينْزع طيلسانه إِلَّا نَادرا وَيكثر لأَجلهَا من اسْتِعْمَال الْأَدْوِيَة وتعاطي الحقن وَنَحْو ذَلِك مَعَ بهاء صورته وضوئها وَحسن المعاشرة وخفة الرّوح مَعَ السّمن المفرط الْمنَافِي لأكْثر صِفَاته لكنه كَانَ طارئا ومزيد التَّوَاضُع مَعَ الشهامة وَعدم التَّرَدُّد للأكابر والاسترواح فِي الاقراء بِحَيْثُ يقرىء المشكلات بِدُونِ تبييت مطالعة ويبحث مَعَ الأكابر بِدُونِ انزعاج وتكلف وَلَو قصر نَفسه على التصدي للاقراء لما اتسعت أوقاته لِاسْتِيفَاء من يَقْصِدهُ للاستفادة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الْأَعْيَان الشهَاب بن أَسد والْعَلَاء البُلْقِينِيّ ولازمه كثيرا الشهَاب البيجوري حفيد شَيْخه وَهُوَ الْآن أمثل الْمَوْجُودين من تلامذته وَكنت مِمَّن أَكثر من ملازمته وقرأت عَلَيْهِ مُعظم شرح الألفيه لِابْنِ عقيل بل أمْلى عَليّ فِي الْفَنّ مُقَدّمَة تشْتَمل على حُدُود وضوابط مفيدة كَانَ يمرن المتعلمين بهَا وَكَأَنَّهَا من جُمُعَة وقرأت عَلَيْهِ مُعظم الْفِقْه بل كنت أول الْأَمر أَقرَأ عَلَيْهِ مَا أروم قِرَاءَته على شَيخنَا من تصانيفه وَحَضَرت عِنْده فِي قِرَاءَة شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وَفِي قِرَاءَة منهاج الْبَيْضَاوِيّ والتوضيح وجامع المختصرات وَغير ذَلِك وَسمعت من لَفظه الْكثير وَمَا أعلم أنني أخذت بعد شَيخنَا عَن أجل)
مِنْهُ وَلم يكن مَعَ هَذِه الْأَوْصَاف الحميدة والمناقب العديدة عِنْده أجل مِنْهُ بل قصر نَفسه على صحبته والانتماء إِلَيْهِ ومحبته حَتَّى كَانَ شَيخنَا يغبط بذلك وَلما ولي القاياتي الْقَضَاء امْتنع من مزِيد التَّرَدُّد إِلَيْهِ مَعَ مَا كَانَ بَينهمَا من الْمُصَاهَرَة(1/45)
والمودة والاختصاص الزَّائِد فِي مجَال التَّرَدُّد وَغَيرهَا وَعدم تحيل شَيخنَا من ذَلِك وتوقا بصداقته بل بَلغنِي أَنه كَانَ يتَمَنَّى لَو وَقع ليَكُون وَسِيلَة فِي جر النَّفْع وَدفع الْأَذَى وَمَعَ هَذَا كُله فقد عد عَلَيْهِ بَعضهم قِرَاءَته البُخَارِيّ فِي القلعة بِمَجْلِس السُّلْطَان حِين كَانَ قَاضِيا وَكَذَا لم يكن يتَرَدَّد للْقَاضِي علم الدّين بن البُلْقِينِيّ الْبَتَّةَ وَلذَلِك أوذي من قبله قبيل مَوته بِيَسِير بِمَا أحرق فُؤَاده وَنفى رقاده وَلم يجد لذَلِك ظهيرا وَلَا وليا ونصيرا وَعند الله تلتقي الْخُصُوم وَلم يكن شَيخنَا أَيْضا يقدم عَلَيْهِ من أَصْحَابه غَيره وَرُبمَا استملى عَلَيْهِ وَقد وَصفه فِي فتح الْبَارِي بالامام الْعَالم الْعَلامَة الْفَاضِل الباهر الماهر الْمعِين مُفِيد الطالبين جمال المدرسين وَفِي مَوضِع آخر حَيْثُ أرخ وَفَاته بقوله وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله صِيَانة وديانة وفهما وحافظة وَحسن تصور وانجماعا عَن أَكثر النَّاس الا من يَسْتَفِيد مِنْهُ علما أَو يفِيدهُ وَعدم التَّرَدُّد إِلَى الأكابر مَعَ ضيق الْيَد والعائلة وَبسط النَّفس والتوسعة على الْأَقَارِب والأجانب وَترك التشكي وَالصَّبْر المستمر قَالَ وَقد أجَاز لَهُ شَيخنَا الْعِرَاقِيّ وَجَمَاعَة وَسمع الْكثير بقرَاءَته وقليلا بِقِرَاءَة غَيره ولازمني كثيرا من نَحْو أَرْبَعِينَ سنة وَقَرَأَ على جَمِيع فتح الْبَارِي وتلقاه مني استملاءا فِي المبادئ ثمَّ عرضا وتحريرا وَقَرَأَ على الْكتب الْكِبَار فِي عدَّة سِنِين من شهر رَمَضَان من كل مِنْهَا وَعند الله أحتسبه وَقَالَ فِي مَوضِع آخر الشَّيْخ الْفَاضِل الْعَالم الْمُحدث الْفَقِيه الفرضى المفنن الْفَائِق فِي جلّ الْعُلُوم ثمَّ قَالَ فرحمه الله فَلَقَد كَانَ لي بِهِ سرُور وانتفاع فِي الْغَيْبَة والحضور فَعِنْدَ الله احتسب مصيبتي فِيهِ وأسأله خير الْعِوَض انْتهى.
وَمَعَ هَذَا كُله فَلم يشغل نَفسه بتصنيف نعم لَهُ على كثير من الْكتب تقاييد نفيسة وحواش مفيدة من ذَلِك على خبايا الزوايا للزركشي وَهِي كَثِيرَة بِحَيْثُ افردها بعض الآخذين عَنهُ مَعَ زيادات ضمهَا إِلَيْهِ وَكَذَا لَهُ حواش على جَامع المختصرات وعَلى مسئلة السَّاكِت للسوسني وَأكْثر مَا يَكْتُبهُ من ذَلِك بالبديهة وَعبارَته فِي غَايَة الْجَوْدَة والتحرير والرشاقة مَعَ ذَلِك وَقد ولي تدريس الْفِقْه بالمنكوتمرية بعد شَيْخه الشهَاب الطنتدائي وبالخروبية بِمصْر بعد الْمُحب بن ابي الْحسن الْبكْرِيّ وناب فِي تدريس الحَدِيث بالقبة البيبرسية عَن شَيخنَا وَكَذَا نَاب فِي التَّكَلُّم فِي المنكوتمرية وَالنَّظَر على جَامع ساروجا وَغير ذَلِك مِمَّا حمد فِي جَمِيعه وَحج مرَارًا)(1/46)
وجاور فِي بَعْضهَا وَحدث باليسير وَرُبمَا كتب على الْفَتْوَى بل كَانَ شَيخنَا كثيرا مَا يعرض عَلَيْهِ أجوبته فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة والفرضية وَنَحْو ذَلِك وَرُبمَا أرسل إِلَيْهِ بالمسائل الدقيقة لَا لعَجزه عَنْهَا بل لاشتغاله بِمَا هُوَ أهم مِمَّا تعين عَلَيْهِ وَكَذَا كَانَ يُرْسل إِلَيْهِ بِمن يروم السُّلْطَان مِنْهُ اختبار صلاحيته لولاية الْقَضَاء وَنَحْوه لعظم وثوقه بِنَفسِهِ وَيُعْطِيه فِي كل سنة مَالا جما يفرقه زَكَاة على الطّلبَة والفقراء وَكَانَ يتحَرَّى فِيهِ حَتَّى عَادَاهُ بعض الْفُضَلَاء لكَونه امْتنع من اعطائه لعلمه بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقه. وَفِي تَرْجَمته من معجمي زِيَادَة على مَا ذكر وَلم يزل على طَرِيقَته فِي الْعلم إِلَى أَن تعلل بِمَرَض فِي بَاطِنه عظم مِنْهُ توهجه ثمَّ ظهر لَهُ خراج فِي مقعدته حَتَّى نقل عَن الجرايحي الَّذِي كَانَ يعالجه أَنه طاعون فَزَاد بِهِ الْأَمر وشب فِي أحشائه اللهيب مَعَ ضيق النَّفس وَمَات وَهُوَ يسْتَغْفر الله بعد صَلَاة الْعشَاء بساعة من اللَّيْلَة المسفر صباحها يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي مشْهد حافل تقدم النَّاس فِيهِ الْبَدْر بن السسي الْمَالِكِي بِإِشَارَة شَيخنَا وحضوره وَكَذَا حُضُور الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ على بَاب مصلى بَاب النَّصْر وَدفن بتربة حوش بعد أَن أدْركهُ السفطي وَهُوَ إِذْ ذَاك قَاضِي الشَّافِعِيَّة فصلى عَلَيْهِ هُنَاكَ فِي طَائِفَة وَعظم تأسف النَّاس على فَقده لَا سِيمَا شَيخنَا وَلم يخلف ذكرا فقرر السفطي فِي الخروبية وَلَده واستناب عَنهُ الْبَهَاء بن الْقطَّان ثمَّ أعطَاهُ لَهُ شَيخنَا اسْتِقْلَالا وَاسْتقر فِي المنكوتمرية التقى القلقشندي وَفِي النِّيَابَة فِي البيبرسية ابْن حسان ورؤيت لَهُ منامات صَالِحَة كَانَ جَدِيرًا بهَا فرحمه الله وإيانا ونفعنا ببركاته.
إِبْرَاهِيم بن خلف بن تَاج بن صَدَقَة البلبيسي الشَّافِعِي النحال ولد قبل سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ببلبيس وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ثمَّ اشْتغل بتربية النَّحْل وَالتِّجَارَة فِيمَا يُخرجهُ الله مِنْهَا فنسيه وَحج مرَّتَيْنِ الأولى فِي أَوَائِل الْقرن وزار الْقُدس والخليل وسافر إِلَى صفد وَجَاوَزَ الاربعين وَهُوَ لَا يعرف نظما وَلَا يحدث بِهِ نَفسه إِلَى أَن قدم عَلَيْهِم واعظ يُقَال لَهُ الطنبدي فَتكلم على قَوْله تَعَالَى أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى فَنقل أَن الله لما استخرج ذُرِّيَّة آدم من ظَهره فِي صور الذَّر وَقَالَ لَهُم أَلَسْت بربكم انقسموا قسمَيْنِ فقسم قَالُوا بلَى وَقسم سكت ثمَّ انقسم كل قسم قسمَيْنِ فَقَالَ قسم من الساكتين ليتنا أجبنا كَمَا أجَاب هَؤُلَاءِ وَاسْتمرّ الْقسم الآخر على السُّكُوت وَقَالَ قسم من المجيبين ليتنا سكتنا كَمَا سكت هَؤُلَاءِ وَاسْتمرّ الْقسم الآخر على إجَابَته(1/47)
فَأَما المجيبون وَالَّذين استمروا مِنْهُم على الْإِجَابَة يعيشون مُؤمنين ويموتون كَذَلِك وَالَّذين قَالُوا ليتنا سكتنا يعيشون)
مُؤمنين لكَوْنهم أجابوا ويموتون كفَّارًا لكَوْنهم تمنوا السُّكُوت وَأما الساكتون الَّذين استمروا على السُّكُوت مِنْهُم يعيشون كفَّارًا ويموتون كَذَلِك وَالَّذين قَالُوا ليتنا أجبنا يعيشون كفَّارًا لسكوتهم أَولا ويموتون مُؤمنين لتمنيهم الْإِجَابَة فِي ثَانِي الْحَال ثمَّ حُكيَ أَن عابدا عبد الله مائَة سنة ثمَّ حَضرته الْوَفَاة فَاسْتَدَارَ نَحْو الْمشرق فاستعظم خادمه ذَلِك فَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَن نَفسه حصل لَهَا إعجاب فخذلت وَمَات على غير التَّوْحِيد فطار قلب الْخَادِم خوفًا وَأكْثر النحيب فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ طرق الْبَاب فَخرج فَإِذا رَاهِب فَقَالَ مَا شَأْنك قَالَ أَن رَاهِبًا منا مَاتَ فوجهناه إِلَى الشرق فَتوجه إِلَى الْقبْلَة وَمَات مُسلما فَجئْت إِلَيْك لتسأل لي شيخك مَاذَا نصْنَع بِهِ فَقَالَ أَن شَيْخي قد مَاتَ إِلَى الشرق كَافِرًا فهات ميتنا وَخذ ميتكم فدفنوا الراهب بالزاوية ونقلوا الشَّيْخ إِلَى مَقْبرَة الرهبان وَكَانَ اسْم الْخَادِم عليا وَكَانَ فِي الْخَلِيل فَاشْتَدَّ خَوفه لذَلِك إِلَى أَن كَانَ لَا يفتر من الْبكاء وَلَا يهجع من النحيب فَسمى الشَّيْخ عَليّ الْبكاء قَالَ صَاحب التَّرْجَمَة فَلَمَّا سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة حصل لي مِنْهَا مَا أزعج نَفسِي وأطار عَقْلِي وأدهش فكري وَأطَال غمي وأدام همي بِحَيْثُ بقيت أَيَّامًا لَا أَنَام أصلا وَلَا آكل إِلَّا كَمَا يَأْكُل العليل وَلَا شغل لي إِلَّا الافتكار وَأَنِّي من أَي قسم أكون فَبينا أَنا لَيْلَة أفكر إِذْ جرى على لساني كَلَام فِي معنى مَا أَنا فِيهِ وكتبته فِي لوح كَانَ عِنْدِي ثمَّ تتَابع حَتَّى تمّ فِي هَذِه الْقطعَة وَاسْتمرّ بعد ذَلِك ينظم فِي الْفُنُون والأبحر وَالنّظم سهل عَلَيْهِ جدا غير أَنه لَا يعرف النَّحْو فنظمه فِي البحور كثير اللّحن وَلَا عجب أَن كَانَ النحال لحانا وَهَذِه الْقطعَة من أحسن مَا نظمه وَقد كتبتها عَنهُ سنة سِتّ وَأَرْبَعين ببلبيس وأولها:
(ضَاعَ عمري فِي افتكاري ... وَلَا أَدْرِي مَا الْخَبَر)
(وَأصْبح قلبِي حَزِين ... يَا ترى أَيْن الْمقر)
وَمَات بعد ذَلِك فِي.
إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل برهَان الدّين الْأنْصَارِيّ الصنهاجي الأَصْل المنصوري نِسْبَة للمنصورة بالشرقية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ الْعدْل بالرخاصي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَقيل سنة تسعين وَبَينهمَا بون كَبِير وَالثَّانِي أشبه بالمنصورة وَحفظ الْقُرْآن ثمَّ انْتقل إِلَى(1/48)
الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة فحفظ الْعُمْدَة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَأَقْبل على الِاشْتِغَال فَتلا لأبي عَمْرو عَليّ الزراتيتي وَأخذ الْفِقْه عَن البيجوري والأدمي وَالشَّمْس الْعِرَاقِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَآخَرين)
والفرائض والحساب بأنواعه عَن الشَّمْس الْعِرَاقِيّ وَابْن المجدي وَعنهُ أَخذ علم الْوَقْت والنحو عَن الشَّمْس الشطنوفي والبرماوي وَغَيرهمَا وَالْأُصُول عَن الْفَتْح الباهي الْحَنْبَلِيّ والشهاب العجيمي والتصوف والأصلين عَن الْعَلَاء البُخَارِيّ والجلال الْحلْوانِي بل بحث فِي فقه الْحَنَفِيَّة عَليّ نَاصِر الدّين الأياسي بغزة قَرَأَ عَلَيْهِ بعض الْمُخْتَار وَفِي نظم طَاهِر بن حبيب لكتاب الْكَامِل لِابْنِ الكشك وأقرأ ذَلِك بهَا وَتردد إِلَى دمشق وَحضر دروس مشايخها كَالشَّمْسِ بن الْعيار فِي النَّحْو وَالشَّمْس الكفيري وَغَيره فِي الْفِقْه وزار الْقُدس والخليل وَحج سنة خمس وَعشْرين وَدخل الاسكندرية وَأخذ بهَا الْفَرَائِض عَن دحيبات ودمياط وَغَيرهمَا وَهُوَ مِمَّن سمع على الشّرف بن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَآخَرين وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي وَخلق باستدعاء شَيخنَا أبي النَّعيم وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا مشاركا فِي فنون بارعا فِي الْفَرَائِض والحساب مُبَارَكًا عدلا ثِقَة سَاكِنا متكسبا بِالشَّهَادَةِ حدث باليسير وَكنت مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ بعض الْأَجْزَاء. وَمَات فِي رَجَب سنة سِتّ وَخمسين بِالْقَاهِرَةِ بعد أَن كف ووقف كتبه وَأوصى بجهات خير رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن مُوسَى برهَان الدّين الْمحلي الأَصْل وَهِي محلّة دمتا من الغربية السلموني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد فِي سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسلمون من الشرقية وَحفظ الْقُرْآن ببلبيس عِنْد الْبُرْهَان الفاقوسي ومختصر أبي شُجَاع والجرومية وَبَعض الْمِنْهَاج واشتغل يَسِيرا ولازم أخي فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا قَرَأَ عَليّ الْكثير من البُخَارِيّ وَغَيره وَحضر بحث غَالب شرح ألفية الْعِرَاقِيّ للناظم أَو الْكثير مِنْهُ وَأخذ عَن أبي السعادات البُلْقِينِيّ والزين خَالِد المنوفي والجلال الْمحلي وَطَائِفَة بل قَرَأَ على البوتيجي فِي الْفَرَائِض وَغَيره وجود الْقُرْآن على الشهَاب السكندري والنور الإِمَام وعبد الدائم وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وخطب وَأم وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَقصر نَفسه عَلَيْهَا وَلم يمهر مَعَ خير وَستر وفقر وَحج وجاور غير مرّة وَحضر هُنَاكَ دروس الْبُرْهَان وأخيه الْفَخر.
إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم القرا غُلَام بِفَتْح الْقَاف والمهملة وَضم الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف اللَّام لَفْظَة مركبة أَي الْغُلَام الْأسود المدير فِي الدولة وَيعرف بالمدبر(1/49)
وبابن جميلَة بِالْجِيم مُصَغرًا وَكَانَ مَسْكَنه قرب سويقة الْفِيل سمع بعض ابْن مَاجَه على الْجَوْهَرِي والغماري والابناسي ولقيه البقاعي فَلم يفد عَنهُ شَيْئا وَمَات.
إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن عمر بن أَحْمد بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم الفارسكوري الحائك وَيعرف بِابْن
النبشاوي بِفَتْح النُّون وَالْمُوَحَّدَة والمعجمة ولد فِي أَوَائِل سنة عشر وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بفارسكور وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ ثمَّ ارتزق بالحياكة وتعانى النّظم فمدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقصائد عدَّة ولقيه ابْن فَهد والبقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ فكتبا عَنهُ قَوْله:
(قد فاق وَجهك بدرتم مقمرا ... وَكَذَا قوامك فاق غصنا مثمرا)
وَكَانَ جيدا وقورا رَقِيقا عَلَيْهِ آثَار الْخَيْر والسكينة لَا يَخْلُو عَن فَضِيلَة فِي النَّحْو. مَاتَ فِي.
إِبْرَاهِيم بن خَلِيل الْكرْدِي. هُوَ الَّذِي قبله.
إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن مُحَمَّد بن أبي بكر العباسي ولد أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتضد ابْن المتَوَكل. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج واشتغل كثيرا وَخلف وَالِده لما سَافر خلَافَة حَسَنَة شكر عَلَيْهَا وَكَانَ حسنا كَبِير الرياسة. وَمَات فِي حَيَاته قبل إِكْمَال ثَلَاثِينَ سنة بِمَرَض السل فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشر ربيع الأول سنة سبع وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ. وَله ذكر وَبِه تمّ لِأَبِيهِ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ ذكرا ثكلهم. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن التَّاج أبي الْوَفَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد برهَان الدّين الْحُسَيْنِي الْمَقْدِسِي ابْن أخي الشَّيْخ أبي بكر وأخو الْمقري عبد الْكَرِيم الآتيين وَيعرف كأبيه بِابْن الْوَفَاء. ولد سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَأَجَازَ لَهُ ولأخيه فِي سنة أَربع وَخمسين جمَاعَة باستدعاء الْكَمَال بن أبي شرِيف كَمَا فِي تَرْجَمته وَكَانَ فَاضلا.
إِبْرَاهِيم بن دَاوُد السرحموشي الدِّمَشْقِي كَانَ رجلا حسنا يحب الْفُقَرَاء وَيكثر الضِّيَافَة مَعَ فقره وَقد ولي فِي آخر عمره مشيخة الخانقاه النجيبية وسكنها إِلَى أَن مَاتَ فِي رَمَضَان سنة خمس وَله سِتُّونَ سنة. تَرْجَمَة شَيخنَا فِي أنبائه.
إِبْرَاهِيم بن دقماق. فِي ابْن مُحَمَّد بن ايدمر بن دقماق.
إِبْرَاهِيم بن رضوَان الشَّيْخ برهَان الدّين الْحلَبِي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بِأَبِيهِ كَانَ مِمَّن اشْتغل بالفقه وَمهر وتميز وتنزل فِي الْمدَارِس بِبَلَدِهِ وَولي بهَا بعض الْمدَارِس وناب فِي الحكم واختص بالناصري ولد السُّلْطَان لما أَقَامَ مَعَ وَالِده بحلب فِي آخر دولة الْأَشْرَف ثمَّ لما وَفد عَلَيْهِ الْقَاهِرَة لَازمه أَيْضا حَتَّى اسْتَقر بِهِ اماما(1/50)
وقررت لَهُ تجاهه وظائف وَلَا زَالَ فِي نمو وسفارته نَدبه أَبوهُ فِي الرسلية إِلَى حلب فِي بعض الْمُهِمَّات ثمَّ كَانَ من مَرضه حَتَّى مَاتَ وانخفض جَانِبه بِحَيْثُ استعاد مِنْهُ بعض التداريس من كَانَ انتزعه مِنْهُ وَتوجه لِلْحَجِّ بعد فَسقط
عَن الْجمل وانكسر مِنْهُ شَيْء وتداوى حَتَّى برأَ فَقدر أَنه سقط فِي رُجُوعه أَيْضا وَدخل الْقَاهِرَة مَعَ الركب وَهُوَ سَالم فَلم يلبث أَن مَاتَ قبل انْقِضَاء الْمحرم سنة خمسين ذكره شَيخنَا قَالَ وَكَانَ ينْسب إِلَى شَيْء يستقبح ذكره وَالله أعلم بسريرته.
إِبْرَاهِيم بن رَمَضَان صارم الدّين التركماني نَائِب أذنة وَغَيرهَا ونسبت إِلَيْهِ أُمُور مُنكرَة أحضرهُ السُّلْطَان بِسَبَبِهَا إِلَى الْقَاهِرَة فعزر وأودع السجْن مهددا بِالْقَتْلِ فَلم يلبث أَن مَاتَ بعد اسبوع فِي ربيع الأول سنة خمسين حَسْبَمَا ذكرته فِي الوفيات.
إِبْرَاهِيم بن رَمَضَان الْبُرْهَان المجدلي الْبَصِير ذكر لي بلديه أَبُو الْعَبَّاس الْقُدسِي أَنه من أَوَائِل من تخرج بهم.
إِبْرَاهِيم بن سَالم الْعَبَّادِيّ ثمَّ القاهري الأزبكي شَقِيق أَحْمد ومجد الآتيين.
إِبْرَاهِيم بن سَابق. فِي ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن سَابق وَمضى وَلَده إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم أَيْضا.
إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَبُو المكارم بن أبي الْحسن الْحَضْرَمِيّ الأندلسي المغربي الْمَالِكِي وَيعرف بالحربي وبابن الصّباغ شَاب يكثر الِاجْتِمَاع بالسنباطي وَيقْرَأ عَلَيْهِ وَيَأْخُذ مِنْهُ أَجزَاء يقْرؤهَا على حفيد الشَّيْخ يُوسُف العجمي وَغَيره وَتوسع لاناس لَيْسُوا فِي عداد الرِّوَايَة بِالنِّسْبَةِ لهَذَا الزَّمَان بِحَيْثُ أحضر لي استدعاءا عَلَيْهِ خطوط من لم أعرفهُ فأبيت الْكِتَابَة عَلَيْهِ وسألني فِي مَسْأَلَة من الِاصْطِلَاح فقررتها لَهُ وَهُوَ مِمَّن يقْرَأ فِي الْعَرَبيَّة على السنهوري ونظام ويشارك جمَاعَة عِنْد الديمي فِي شرح الألفية الحديثية ثمَّ إِنَّه لازمني وَقَرَأَ عَليّ أَشْيَاء وَحصل شرحي للألفية وَغَيره وَقَرَأَ فِيهِ جُزْءا على التَّقْسِيم ورأيته فهما ذكيا ذَا أنسة بالطلبة وميل إِلَى التَّحْصِيل وَأَقْبل بكليته على التَّرَدُّد إِلَيّ وَقَالَ الان علمنَا أَنا لم نحصل شَيْئا وَلما مَاتَ أَبوهُ وَكَانَ تَاجِرًا متمولا تَعب وَدخل الاسكندرية مجدا وَلم يحصل على طائل بل مَاتَ سَرِيعا فِي أول سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَتَفَرَّقَتْ التَّرِكَة وَلم يفده امساكه وحرصه كأبيه رحمهمَا الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن سعيد بن سَالم الاطرابلسي ذكره ابْن فَهد فِي مُعْجَمه وَأَنه ذكر أَنه سمع من ابْن أميلة السّنَن لأبي دَاوُد وَالْجَامِع لِلتِّرْمِذِي وَمَا علمت لَهُ تَرْجَمَة وَلَا وَفَاة.(1/51)
إِبْرَاهِيم بن سُلْطَان بن أَحْمد الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَاق الدِّمَشْقِي قدم الْقَاهِرَة فِي أول سنة تسعين فَسمع مني وأجزت لَهُ.
إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان بن سَالم الْبُرْهَان الْفَزارِيّ استادار تمرباي الناصري مِمَّن حج مَعَ الرجبية سنة إِحْدَى وَسبعين وَحضر عِنْدِي هُنَاكَ بعض الْمجَالِس وَكَانَ سَاكِنا بل كَاد الامشاطي أَن يصفه بِالْخَيرِ وَمَات قبل الثَّمَانِينَ أَو بعيدها.
إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن الْبُرْهَان أَبُو سعيد السرائي هَكَذَا قرأته بِخَط شَيْخه الزين الْعِرَاقِيّ بل هُوَ بِخَط نَفسه وَأما شَيخنَا فَانْقَلَبَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه قَالَ إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان الْبُرْهَان السرائي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بابراهيم شيخ وَالصَّوَاب مَا قَدمته قدم الْقَاهِرَة واعتنى بِالْحَدِيثِ عناية تَامَّة ولازم فِيهِ الزين الْعِرَاقِيّ وَمن جملَة مَا قَرَأَ عَلَيْهِ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَوَصفه كَمَا بِخَطِّهِ عَلَيْهِ بالشيخ الامام الْفَاضِل الناسك وعَلى النَّسَائِيّ بِدُونِ الناسك وَحصل النشخ المليحة وَقَامَ بضبطها وتحسينها مَعَ معرفَة تَامَّة بالفقه وَكَونه مِمَّن يحفظ الْحَاوِي الصَّغِير ويديم درسه وَكِتَابَة الْمَنْسُوب ونظم الشّعْر وَمِنْه مِمَّا كتبه عَنهُ شَيخنَا:
(ولد الإِمَام الشَّافِعِي الرَّافِعِيّ ... خمْسا وخمسمئ فعي)
شالت نعامته ثَلَاثًا بعد عشْرين وستمئ أسائل فاسمع واتقانه لعدة صنائع بِيَدِهِ وَقد ولي مشيخة الرِّبَاط بالبيبرسية وَكَانَ خيرا دينا صينا.
مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشري ربيع الأول وَقَالَ شَيخنَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشريه سنة اثْنَتَيْنِ وثمان مائَة وَمن لطائفه قَوْله كَانَ أول خُرُوج تمرلنك فِي سنة عَذَاب يُشِير إِلَى أَن أول ظُهُوره سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة لِأَن الْعين بسبعين والذال الْمُعْجَمَة بسبعمائة وَالْألف وَالْبَاء بِثَلَاثَة وَقد ذكره شَيخنَا فِي ثَانِي قسمي مُعْجَمه وَفِي أنبائه وَقَالَ سَمِعت من فَوَائده وَمن نظمه وَأفَاد أَن وَلَده ضيع كتبه من بعده والمقريزي وَابْن خطيب الناصرية وحرف الْعَيْنِيّ نسبته بالشيرازي.
إِبْرَاهِيم بن شاه رخ بن تيمورلنك وَبَاقِي نسبه فِي جده السُّلْطَان أَمِير زاه ابْن القان معِين الدّين بن الطاغية الشهير اسْتَقر بِهِ أَبوهُ فِي شيراز وأعمالها فظهرت لَهُ نجابته وعدله فأضاف إِلَيْهِ مَا والاها وَحسنت سيرته فِي رَعيته ثمَّ بعد مُدَّة أرسل عسكرا إِلَى الْبَصْرَة فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وثمان مائَة فملكوها لَهُ ثمَّ وَقع الِاخْتِلَاف بَينهم وَبَين أَهلهَا فَاقْتَتلُوا فِي لَيْلَة عيد الْفطر مِنْهَا فَانْهَزَمَ عَسْكَر إِبْرَاهِيم وَقتل مِنْهُم عدَّة وخافوا من ملكهم فَلم يلبث أَن ورد عَلَيْهِم مَوته وَأَنه مَاتَ فِي(1/52)
رَمَضَان مِنْهَا كَذَا قيل وَلَكِن انما أرخ شَيخنَا مَوته فِي رَمَضَان من سنة تسع وَثَلَاثِينَ)
فَالله أعلم وسر أهل الْبَصْرَة بذلك سُرُورًا عَظِيما وَوجد عَلَيْهِ أَبوهُ وَأهل شيراز وَكَانَ شَابًّا جميلا من عُظَمَاء الْمُلُوك مَعَ فَضِيلَة تَامَّة وَخط بديع يضْرب بحسنه الْمثل بل قيل انه يوازي خطّ ياقوت وَقد تَرْجمهُ شَيخنَا بِاخْتِصَار فَقَالَ كَانَ فَاضلا حسن الْخط جيدا ملك الْبَصْرَة. قلت وَسمعت من يذكرهُ بالجميل.
إِبْرَاهِيم بن شيخ الْأَمِير صارم الدّين بن الْمُؤَيد أبي النَّصْر المحمودي الظَّاهِرِيّ. ولد بالبلاد الشامية فِي أَوَائِل الْقرن تَقْرِيبًا وَأمه أم ولد اسْمهَا نوروز مَاتَت قبل سلطنة أَبِيه. ذكره ابْن خطيب الناصرية وَأَنه كَانَ مَعَ أَبِيه وَهُوَ صَغِير حِين كَانَ نَائِب حلب ثمَّ قدمهَا مَعَه فِي أَيَّام سلطنته ثمَّ لما جرده أَبوهُ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين لفتح الْبِلَاد القرمانية وَمَعَهُ عدَّة من المقدمين كططر وقحماز القردمي وجقمق الأرغون شاوي وَمن الطبلخاناه نزلها بالعساكر ثمَّ رَجَعَ والنواب بطرابلس وحلب وحماه صحبته وَدخل الْبِلَاد القرمانية فَنزل أَولا على قيصرية فَفَتحهَا ثمَّ إِلَى بِلَاد نكدة وَولى بهَا نوابا عَن السُّلْطَان وَأقَام هُنَاكَ ثَلَاثَة أشهر ثمَّ عَاد إِلَى حلب فِي آن رَجَب وَنزل بقلعتها وَأقَام بهَا إِلَى الْعشْر الْأَخير من شعْبَان إِلَى أَن رسم لَهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى الديار المصرية فَرجع بالعساكر فِي أَوَاخِر شعْبَان وبرز أَبوهُ لملاقاته فِي سَابِع عشري رَمَضَان وتيمن بطلعته فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة منتصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَعشْرين مسموما وَهُوَ فِي حُدُود الْعشْرين وَكَانَ شَابًّا حسنا شجاعا عِنْده حشمة وملوكية كَرِيمًا عَاقِلا سَاكِنا مائلا إِلَى الْخَيْر وَالْعدْل والعفة عَن أَمْوَال النَّاس زَاد غَيره مَعَ اسراف على نَفسه وَأَنه لما لقِيه الامراء بالحظارة سلم عَلَيْهِم بأجمعهم وَهُوَ رَاكب وبمجرد أَن عاين الناصري بن الْبَارِزِيّ كَاتب السِّرّ نزل لَهُ عَن فرسه وتعانقا لعلمه بتمكنه عِنْد أَبِيه ثمَّ عَاد الْجَمِيع فِي خدمته إِلَى منزله العكرشه فتلاقوا مَعَ السُّلْطَان هُنَاكَ فَنزل الْأُمَرَاء القادمون صُحْبَة الصارمي ثمَّ نزل هُوَ وَقبل الأَرْض ثمَّ قَامَ وَمَشى حَتَّى قبل ركاب أَبِيه فَبكى لفرحته وَبكى النَّاس لبكائه فَكَانَت سَاعَة عَظِيمَة ثمَّ سارا بموكبهما إِلَى خانقاه سرياقوس وباتا بهَا لَيْلَة الْخَمِيس تَاسِع عشرِيَّة وَركب السُّلْطَان من اللَّيْل فَرمى الطير بِالْبركَةِ واصطاد وَوَافَقَ قدوم تنبك ميه الْعَلَاء نَائِب الشَّام ضحى فَركب فِي الموكب وَدخل السُّلْطَان إِلَى الْقَاهِرَة من بَاب النَّصْر وَقد احتفل النَّاس بالزينة لوَلَده وَهُوَ بتشريف هائل وَخَلفه الأسرى الَّذين أَخذهم من قلعة نكدة(1/53)
وهم نَحْو الْمِائَتَيْنِ فِي الأغلال وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَنزل إِلَى دَاره وَاسْتمرّ على حَاله أَولا أشهرا ودس كَاتب)
السِّرّ فِي غُضُون ذَلِك لِأَبِيهِ من يبغضه فِيهِ لِأَنَّهُ بلغه عَنهُ توعده إِيَّاه بِالْقَتْلِ فَأعْلم أَبوهُ بِأَنَّهُ يتَمَنَّى مَوته لكَونه يعشق بعض حظاياه وَلَا يتَمَكَّن مِنْهَا بِسَبَبِهِ إِلَّا خُفْيَة وَبرهن على ذَلِك بأمارات وعلامات وَأَنه صمم على قَتله بالسم أَو بِغَيْرِهِ إِن لم يمت عَاجلا من الْمَرَض مَعَ مَا فِي نَفسه من محبَّة الاستبداد وَأَنه يعد الْأُمَرَاء بمواعيد إِذا وَقع ذَلِك فَحِينَئِذٍ إِذن السُّلْطَان لبَعض خواصه أَن يُعْطِيهِ مَا يكون سَببا لقَتله من غير اسراع فدسوا إِلَيْهِ من سقَاهُ من المَاء الَّذِي يطفأ فِيهِ الْحَدِيد فَلَمَّا شربه أحس بالمغص فِي جَوْفه فعالجه الْأَطِبَّاء مُدَّة وَنَدم السُّلْطَان على مَا فرط مِنْهُ فَتقدم للأطباء فِي الِاجْتِهَاد فِي علاجه فلازموه نصف شهر إِلَى أَن أبل قَلِيلا من مَرضه وَركب فِي محفة إِلَى بَيت الزيني عبد الباسط بشاطئ النّيل ثمَّ ركب إِلَى الخروبية بالجيزة فَأَقَامَ بهَا وَكَاد أَن يتعافى فدسوا عَلَيْهِ من سقَاهُ ثَانِيًا بِغَيْر علم أَبِيه فانتكس وَاسْتمرّ إِلَى خَامِس عشري جُمَادَى الأولى فتحول يَوْمئِذٍ من الخروبية إِلَى الحجازية ببولاق وَنزل لَهُ أَبوهُ لعيادته فِيهَا فَلَمَّا كَانَ فِي ثَالِث عشر جُمَادَى الثَّانِيَة عَادوا بِهِ إِلَى القلعة وَهُوَ مَحْمُول على الأكتاف لعَجزه عَن الرّكُوب فِي المحفة فَمَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشرَة فَاشْتَدَّ جزع أَبِيه عَلَيْهِ إِلَّا أَنه تجلد وأسف النَّاس كَافَّة على فَقده وَأَكْثرُوا الترحم عَلَيْهِ وشاع بَينهم أَن أَبَاهُ سمه إِلَّا أَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ التَّصْرِيح بذلك وَلم يَعش أَبوهُ بعده سوى سِتَّة أشهر وأياما كدأب من قتل أَبَاهُ أَو ابْنه على الْملك فَتلك عَادَة مُسْتَقِرَّة وَطَرِيقَة مستقرأة قَالَه شَيخنَا قَالَ وَصَارَ الَّذين حسنوا لَهُ ذَلِك يبالغون فِي ذكر معايبه وينسبونه إِلَى الاسراف والتبذير والمجاهرة بِالْفِسْقِ من اللواط وَالزِّنَا وَالْخمر والتعرض لحرم أَبِيه وَغير ذَلِك مِمَّا كَانَ بَرِيئًا عَن أَكْثَره بل يختلقون أَكْثَره ليتسلى أَبوهُ عَن مصابه وَدفن بالجامع المؤيدي وَحضر أَبوهُ الصَّلَاة عَلَيْهِ يَوْم الْجُمُعَة مَعَ عدم نهضته للْقِيَام وَإِنَّمَا يحمل على الأكتاف حَتَّى يركب ثمَّ يحمل حَتَّى ينزل وَأقَام بِهِ إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة وخطب بِهِ ابْن الْبَارِزِيّ خطْبَة حَسَنَة سبك فِيهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب وَلَا نقُول مَا يسْخط الرب وَإِنَّا بك يَا إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ فأبكى السُّلْطَان وَمن حضر ثمَّ عَاد إِلَى القلعة وَأقَام الْقُرَّاء يقرؤون على قَبره سبع لَيَال وَلم يتَّفق أَن السُّلْطَان بعد ذَلِك دخل المؤيدية وَوَقع(1/54)
الْخلَل فِي أهل دولته وَاحِدًا بعد وَاحِد وَلم يتهن لَهُم عَيْش بِجَمْعِهِمْ وَمَات ابْن الْبَارِزِيّ أَيْضا قبل استكمال أَرْبَعَة أشهر من السّنة رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن الْمُؤَيد شيخ أَخُو الَّذِي قبله وَبَينهمَا فِي الْوَفَاة عشر سِنِين مَاتَ وَهُوَ صَغِير فِي
الطَّاعُون بالاسكندرية وَدفن بهَا ثمَّ حملت جثته إِلَى الْقَاهِرَة وَدفن بجوار أَبِيه فِي الْقبَّة من جَامعه المؤيدي يَوْم الِاثْنَيْنِ منتصف شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
إِبْرَاهِيم بن صَدَقَة بن إِبْرَاهِيم بن اسماعيل الْمسند المكثر برهَان الدّين أَبُو اسحق بن فتح الدّين الْمَقْدِسِي الأَصْل الصَّالِحِي نِسْبَة لصالحية دمشق القاهري المولد والمنشأ الْحَنْبَلِيّ وَيعرف أَبوهُ بالصائغ بِمُهْملَة وَآخره مُعْجمَة وبالبزار بمعجمتين وَهُوَ بالصالحي. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَأمه خَدِيجَة ابْنة مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَقْدِسِي خَالَة جده القَاضِي عز الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْكِنَانِي الْآتِي لأمه نَشأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة فِي الحَدِيث ومختصر الْخرقِيّ فِي فروعهم وَعرض على ابْن الملقن والابناسي وَابْن حَاتِم والعراقي وأجازوا لَهُ بل سمع على من عدا لاول وَكَذَا سمع على أمه وَالْجمال الْبَاجِيّ والنجم ابْن رزين والصدر أبي حَفْص بن رزين والعزأبي الْيمن بن الكويك وَولده الشّرف أبي الطَّاهِر والقراء الثَّلَاثَة الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي وَأبي الْبَقَاء بن القاصح والزين أبي الْفرج عبد الرَّحْمَن السلماسي الْحَنَفِيّ وَكَذَا الزين بن الشيخة والصلاحين البلبيسي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن حسن الشاذلي والشهب الْأَرْبَعَة ابْن الْمقري وَابْن بَنِينَ والسويداوي والجوهري والشموس الْأَرْبَعَة الرفاء وَابْن أبي زبا وَابْن ياسين الْجُزُولِيّ والتقى الدجوي وَالْفَخْر القاياتي وَآخَرين وَأَجَازَ لَهُ خلق مِمَّن لم أَقف لَهُ على سَماع عَلَيْهِم فَمنهمْ من المغاربة أَبُو عبد الله السلاوي وَمن غَيرهم من عُلَمَاء مذْهبه القَاضِي نَاصِر الدّين بن عَرَفَة وَأَبُو الْقَاسِم الْبُرْزُليّ وَالْقَاضِي ابْن خلدون وَالْفَخْر أَبُو عمر عُثْمَان بن أَحْمد القيرواني وَأَبُو عبد الله السلاوي وَمن غَيرهم من عُلَمَاء مذْهبه القَاضِي نَاصِر الدّين نصر الله بن أَحْمد الْكِنَانِي والجلال نصر الله بن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ وَمن سَائِر النَّاس السراج الكومي والتنوخي والعز بن المليجي وَابْن أبي الْمجد وَابْن الفصيح والتاج الصردي وَالشَّمْس الفرسيسي والصدر بن الابشيطي والمناوي وناصر الدّين بن الميلق وعبد الكريم بن مُحَمَّد ابْن القطب الْحلَبِي وَالشَّمْس الحريري والْعَلَاء بن السَّبع. واشتغل بالفقه وَغَيره وَأذن(1/55)
لَهُ الشّرف عبد المنعم الْبَغْدَادِيّ فِي التدريس وَأثْنى عَلَيْهِ وتنزل فِي الْجِهَات كالشيخونية وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا وَمهر فِيهَا ثمَّ عجز وأقعد بمنزله وقصده الطّلبَة للاسماع وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء الْكثير وَكنت مِمَّن حمل عَنهُ أَشْيَاء كَثِيرَة أوردتها فِي تَرْجَمته من معجمي وَكَانَ خيرا ثِقَة صبورا على التحدث لايمل وَلَا يضجر محبا فِي الحَدِيث وَأَهله قَلِيل الْمثل فِي ذَلِك مَعَ سُكُون ووقار وَرُبمَا أورد الْحِكَايَة)
والنادرة وَقد وَصفه قَرِيبه الْعِزّ الْكِنَانِي بمزيد الانحراف وَشدَّة الانجماع وَسُوء الظَّن وَعدم المداراة فَالله أعلم. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من محَاسِن المسندين. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سادس عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بعد أَن تغير قَلِيلا فِيمَا قيل وَمَا ثَبت ذَلِك عِنْدِي وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بِجَامِع الْأَزْهَر رَحمَه الله وإيانا. وَقَول البقاعي انه اخْتَلَط من أول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين من فالج أبطل أحد شقيه حَتَّى مَاتَ مجازفة صَرِيحَة.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَلِيل بن دَاوُد بن عبد الله بن عبد الملك بن حزب الله برهَان الدّين الْأنْصَارِيّ السَّعْدِيّ الخليلي الشَّافِعِي نزيل بَيت الْمُقَدّس وَيعرف بِابْن قوقب بقافين مفتوحتين بَينهمَا وَاو وَآخره مُوَحدَة ولد فِي عَاشر الْمحرم سنة تسع عشرَة وثماني مائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا وتفقه بِالْعَلَاءِ القلقشندي والونائي حَتَّى كَانَ جلّ تفقهه بهما وبابن رسْلَان والتقى بن قَاضِي شُهْبَة وَتخرج فِيهِ بالشمس الْمَالِكِي وَفِي النَّحْو بِابْن أبي بكر المغربي وانتفع فِيهِ بعمر بن قديد وَأخذ الْأُصُول عَن القاياتي وَأخذ عَن شَيخنَا شرح النخبة بحثا وَغير ذَلِك بل قَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وامتدحه بِأَبْيَات دالية كتبتها عَنهُ أثبتها فِي الْجَوَاهِر وَسمع القبابي والتدمري وَإِبْرَاهِيم بن حجي وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِمَا المسلسل بِحُضُور أَولهمَا وَسَمَاع الثَّانِي على الْمَيْدُومِيُّ وجزء ابْن عَرَفَة بِحُضُور أَولهمَا وإجازة الثَّانِي مِنْهُ بِقِرَاءَة ابْن نَاصِر الدّين فِي أَيَّام التَّشْرِيق سنة سِتّ وَعشْرين بالخليل بل حَدثهمْ الْقَارئ بِجُزْء من حَدِيثه تَخْرِيجه لنَفسِهِ وَكَذَا سمع على ابْن الْجَزرِي فِي سنة تسع وَعشْرين وعَلى الزَّرْكَشِيّ وَابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَعَائِشَة الكنانية وَآخَرين وشافهه ابْن خطيب الناصرية بالاجازة وبرع فِي الْفَضَائِل وَأذن لَهُ غير وَاحِد كَابْن رسْلَان بالافتاء والتدريس ودرس وَأفْتى وَوعظ ونظم ونثر وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن جمَاعَة ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وَأَقْبل على الْعِبَادَة تِلَاوَة وقياما وصياما. وَحج وجاور وَدخل الشَّام والقاهرة غير مرّة وَقَرَأَ فِي مجاورته بِمَكَّة عِنْد عبد المعطي المغربي فِي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ كل ذَلِك مَعَ السّكُون وَالْوَقار والخصال الحميدة وَقد امتحن(1/56)
بِسَبَب كَنِيسَة الْيَهُود الَّتِي بِبَيْت الْمُقَدّس فِي سنة تسع وَسبعين ومسه مَكْرُوه كَبِير من ضرب وَوضع فِي الْحَدِيد وَحبس وترسيم وغرامة وَسَب وَلعن وَغير ذَلِك مِمَّا أَرْجُو مضاعفة الْأجر لَهُ بِسَبَبِهِ وَتكلم فِي الْمجْلس الْمَعْقُود لَهُم بِكَلَام متين وقطن الْقَاهِرَة سِنِين لكَونه منع من التَّوَجُّه لبيت الْمُقَدّس حمية لَهُم وتجرع فاقة وضيقا وتشتيتا ثمَّ سمح لَهُ بالاقامة بالخليل فَتوجه)
إِلَيْهَا. وَمَات فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشري ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين مبطونا بِبَلَد الْخَلِيل وَدفن فِي التربة الَّتِي بزاوية الشَّيْخ عَليّ الْبكاء بِوَصِيَّة مِنْهُ وصلينا عَلَيْهِ بِمَكَّة صَلَاة الْغَائِب بعد الْجُمُعَة تَاسِع عشري شعْبَان رَحمَه الله وإيانا ونفعنا ببركاته. وَمن نظمه حِين اسْتَقر فِي مشيخة الْمدرسَة الحنينية بالأقصى عقب الشَّمْس القباقبي الْمقري المتلقي لَهَا عَن شَيْخه ابْن رسْلَان حَيْثُ قَالَ تبعا لشيخه لما قَالَ:
(حباني إلهي بالتصاقي بقبلة ... بمسجده الْأَقْصَى الْمُبَارك حوله)
(فحمدا وشكرا يَا إلهي وإنني ... أود لاخوان المحبين مثله)
فَقَالَ:
(كَذَاك إلهي قد حباني بِمثل مَا ... حبا الشَّيْخ أستاذي لقد نَالَ سؤله)
(فحمدا وشكرا يَا إلهي وانه ... دَلِيل على أَنِّي محب أَخ لَهُ)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن حُسَيْن بن حسن بن قَاسم برهَان الدّين أَبُو اسحاق الْمدنِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْقطَّان. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي والكافية وَعرض على الْمُحب المطري والنجم السكاكيني وَعنهُ أَخذ مُقَدّمَة لَهُ فِي الْعَرَبيَّة وَقَرَأَ على أَولهمَا جَمِيع الصَّحِيحَيْنِ والشفا وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وَسمع على وَالِده فِي سنة ثَمَان وَعشْرين الْبَعْض من الصَّحِيحَيْنِ وعَلى الشّرف أبي الْفَتْح المراغي وَالْجمال الكازروني وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على السَّيِّد نور الدّين على شيخ الباسطية المدنية فِي سنة خمس وَخمسين صَحِيح البُخَارِيّ وَغَيره بل لَازمه فِي قِرَاءَة المطول والكافية وَشَرحهَا والمتوسط وتصريف الْعُزَّى وايساغوجي وَبَعض شرح الشمسية وعادت بركته عَلَيْهِ لكَونه كَانَ غَايَة فِي الْعلم وَالصَّلَاح كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجمهُ وعَلى القَاضِي أبي السعادات بن ظهيرة حِين كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَحِيح مُسلم وَسمع البُخَارِيّ وَحضر دروسه الَّتِي أقرأها هُنَاكَ فِي المنهاجين الفرعي والأصلي والجمل وَغير ذَلِك ولازم الأبشيطي فِي دروسه وَغَيرهَا وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة أَولهَا فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَكتب حِينَئِذٍ عَن شَيخنَا مجَالِس من أَمَالِيهِ وَقَرَأَ فِي سنة سبع وَخمسين على(1/57)
السَّيِّد النسابة بعض النَّسَائِيّ وعَلى الْأمين الاقصرائي مُخْتَصر جَامع الْأُصُول وَالشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي فِي أَشْيَاء سَمَاعا وعَلى القَاضِي سعد الدّين بن الديري صَحِيح مُسلم وَغَيره وعَلى إِمَام الكاملية قِطْعَة من شَرحه للمنهاج الْأَصْلِيّ وَعلي القَوْل)
البديع وَغَيره من تصانيفي وَكَذَا دخل الشَّام وَغَيرهَا وَلَقي النَّاس وَمن دب ودرج وَولي تدريس الحَدِيث لمختصر النقاشي مُعتق أبي أُمَامَة بن النقاش بعد موت أَخِيه المتلقي لَهُ عَن أَبِيهِمَا المتلقي لَهُ عَن ناظره أبي هُرَيْرَة بن النقاش. وَهُوَ إِنْسَان خير أثكل فِي شيخوخته غير ولد من الرِّجَال وَعَلِيهِ أنس يكثر الْخلطَة بِبَعْض أُمَرَاء الْمَدِينَة والمعاملة لَهُم وَعِنْده كتب بل ينْسب لثروة وَرَأَيْت من يصفه فِي سنة سِتّ وَتِسْعين بتعاطيه وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ الكيمياء وكرهت ذكر ذَلِك فَالله أعلم. وَقد تضعضع حَاله وَعجز عَن الْمَجِيء لِلْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْجُمُعَة بتكلف بل حضر حِين ختم وَلَده الصلاحي عَليّ صَحِيح مُسلم فِي الرَّوْضَة وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَتِسْعين وَهُوَ خَاتِمَة من نعرفه من قدماء الْمَدِينَة رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن حمدَان بن حميد بِالتَّكْبِيرِ برهَان الدّين بن زين الدّين العنبتاوي بِفَتْح الْمُهْملَة وَكَذَا النُّون ثمَّ مُوَحدَة سَاكِنة بعْدهَا فوقانية نِسْبَة إِلَى عنبتا قَرْيَة من جبل نابلس الْمَقْدِسِي ثمَّ الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو أَحْمد الْآتِي. ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بصالحية دمشق وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي رَمَضَان وَحفظ تصنيف وَالِده الْمُسَمّى بِالْأَحْكَامِ فِي الْحَلَال وَالْحرَام الَّذِي اختصر فِيهِ الِانْتِصَار للْقَاضِي كمالل الدّين المرداوي وعمدة الْفِقْه للموفق بن قدامَة وألفية ابْن مَالك وَعرض على القَاضِي الشَّمْس النابلسي وَبحث فِي الْفِقْه على الشَّمْس القباقبي الصَّالِحِي والشهاب بن يُوسُف المرداوي فِي النَّحْو على مَا بَينهمَا وَسمع على الْمُحب الصَّامِت ومُوسَى بن عبد الله المرداوي وَأبي حَفْص البالسي فِي آخَرين مِنْهُم باخباره وَوَثَّقَهُ نَاصِر الدّين بن زُرَيْق وَعَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كصاحبنا ابْن فَهد وَكَانَ عدلا دينا مواظبا على الْجَمَاعَات مُقبلا على شَأْنه سليم الْفطْرَة نَشأ على خير وَكَانَ يَحْكِي كَرَامَة وَقعت لَهُ مَعَ خَليفَة الْأَزْهَرِي السّني وَقد بَاشر الشَّهَادَة بِجَامِع بني أُميَّة ثمَّ انْقَطع للمتجر وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة بِسَبَبِهِ غير مرّة وَطَاف الْعَجم وَالروم وَعرف لسانهما وَمَعَ ذَلِك فَلم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج. مَاتَ بعد الْخمسين ظنا.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان برهَان الدّين السرائي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة.(1/58)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف وَالِده بِأبي شعر سمع وَالِده من شَيخنَا المسلسل وَالْقَوْل المسدد من تصانيفه وَلَا أَشك أَنه سمع على جمَاعَة من كبار مسندي بَلَده سِيمَا حافظه ابْن نَاصِر الدّين وَحج مَعَ أَبِيه سنة تسع وَثَلَاثِينَ وجاور وَسمع على التقي بن
فَهد وَأبي بِالْفَتْح المراغي وَقَرَأَ على الشَّمْس الصَّالِحِي وَأبي الْيمن النويري الأميوطي وَغَيرهم وَرجع فَمَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين فِي حَيَاة أَبِيه.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عَليّ بن عبد المحسن بن جمال الثنا الخواجا كَمَال الدّين الشَّيْبَانِيّ الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة وَأحد التُّجَّار مِمَّن سَافر لدمشق وَغَيرهَا وزار الْقُدس والخليل وَيعرف بِكَمَال ذكره ابْن فَهد فِي مُعْجَمه وَأنْشد عَنهُ قَوْله:
(بَدَت تختال فِي دلّ سعاد ... تخال كَأَن بجفنيها سهاد)
(فَقلت لناظريها عوذوها ... بحم الدُّخان وان يكَاد)
وَأنْشد عَنهُ غير ذَلِك. مَاتَ فِي سنة ثَمَان أَظُنهُ وَأَرْبَعين فقد رَأَيْت ابْن فَهد كتب عَنهُ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بجدة. وَسَيَأْتِي أَحْمد وعبد الله ابْنا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن فكأنهما ابْنا أَخ لهَذَا.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْأنْصَارِيّ القاهري أحد المعتقدين بَين الْعَوام الموصوفين لديهم بالجذب. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع ربيع الأول سنة خمسين بزاويته ظَاهر بَاب الْخرق وَدفن بهَا.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب الْبُرْهَان بن الزين اللدي الأَصْل الْغَزِّي نَاظر جيشها وَابْن ناظره وَيعرف قَدِيما بِابْن فليب اسْتَقر بعد أَبِيه وَيُقَال انه فاق عَلَيْهِ كرما وحسنا مَعَ الْخِبْرَة بِالْمُبَاشرَةِ وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وسافر مِنْهَا مَعَ أبي الْبَقَاء بن الجيعان فزار الْمَدِينَة ثمَّ حج وَعَاد فَمَاتَ فِي رُجُوعه فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشري ذِي الْحجَّة مِنْهَا بالابرقين وجهز مَعَ جمَاعَة فَدفن بالينبوع بِجَامِع هلمان خَارج الْبَلَد وَلم يكمل ثَمَانِيَة وَعشْرين عَفا الله عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن اسماعيل الْبُرْهَان أَبُو الْوَفَاء وَأَبُو الْفضل ابْن الزين الْمقري أبي هُرَيْرَة بن الشَّمْس بن الْمجد الكركي الأَصْل القاهري المولد وَالدَّار الْحَنَفِيّ إِمَام السُّلْطَان والآتي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الكركي ولد وَقت الزَّوَال من يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع رَمَضَان سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَأمه جركسية من موَالِي يشبك المشد الاتابك. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والشاطبية(1/59)
ومختصر الْقَدُورِيّ وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَعرض على أَئِمَّة عصره كشيخنا وَالْعلم البُلْقِينِيّ والْعَلَاء القلقشندي والولوي السفطي وَسعد الدّين بن الديري والأمين لاقصرائي وَابْن أُخْته الْمُحب وَابْن الْهمام وَأبي الْفَتْح وَفَاء والبدرين ابْن التنسي الْمَالِكِي والبغدادي الْحَنْبَلِيّ وَكَتَبُوا كلهم لَهُ وَوصف شَيخنَا وَالِده بالشيخ الْفَاضِل الأوحد المفنن)
المرتضى ودعا لوَلَده بقوله نَفعه الله تَعَالَى بِمَا علمه وَعلمه مَا يَنْفَعهُ وبلغه أَسْنَى الْمَرَاتِب الَّتِي تعظم قدره وترفعه والبلقيني بصاحبنا الشَّيْخ الإِمَام المفنن زين الدّين مُفِيد الطالبين وأجازاه والْعَلَاء فِي كتابتهم وَسمع صَحِيح مُسلم أَو أَكْثَره على الزين الزَّرْكَشِيّ وتلا الْقُرْآن على الشَّمْس بن الحمصاني وجود الْقِرَاءَة مَعَ درسها بهَا وَأكْثر من مُلَازمَة الشَّافِعِي وَاللَّيْث وَغَيرهمَا من الْمشَاهد الجليلة وعادت عَلَيْهِ بركَة أَرْبَابهَا وزوارها وَهُوَ فِي غُضُون ذَلِك مقبل على الْعلم وتحصيله مُتَوَجّه لمنقوله ومعقوله فَأخذ الْمِيقَات عَن الْبَدْر القيمري وَالْفِقْه والعربية عَن الشَّمْس إِمَام الشيخونية وَكَذَا أَخذ عَن النَّجْم القرمي قَاضِي الْعَسْكَر بل والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَسمع عَلَيْهِ الشفا مُلَفقًا بِقِرَاءَة قارئين وَوَصفه بسيدنا ومولانا الْفَاضِل المحصل ووالده بالشيخ الامام الْعَالم قَالَ:
(لعمري لقد حَاز المكارم والعلا ... بِجمع سَماع الْقُوت ثمت كملا)
(وأضحى فريدا أوحديا مُعظما ... بجد وَجهد كَامِل طيب الحلا)
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ على الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن صلح الْحلَبِي الْحَنَفِيّ ابْن الْعَطَّار وَحضر دروسه بل حضر دروس الْكَمَال بن الْهمام ولازم التقي الحصني فِي فنون كَثِيرَة وَكَذَا التقى الشمني وَالسيف بن الخواندار والمحيوي الكافياجي وَعظم اخْتِصَاصه بهم وتفننه عَلَيْهِم وَمِمَّا أَخذ عَن الشمني التَّفْسِير وعلوم الحَدِيث وَالْفِقْه والاصلين والعربية والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَغَيرهَا بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره تَحْقِيقا ودراية وبقراءته أَيْضا الشفا وَالْبُخَارِيّ وَدخل مَعَهم فِي كثير من مشكلات كتب هَذِه الْفُنُون وَغَيرهَا وأذنوا لَهُ فِي اقرائها وَوَصفه أَوَّلهمْ فأبلغ وثانيهم بالفاضل العديم النظير والمماثل صفوة الأذكياء خُلَاصَة الْفُضَلَاء وسلالة الصلحاء الاتقياء وَأَنه لَازمه مُلَازمَة طَوِيلَة للاشتغال إِلَى أَن رقى بذلك إِلَى رُتْبَة الْأَعْيَان وَفِي مَوضِع آخر بالفاضل الْأَصِيل والبارع الْجَلِيل وَأما الكافياجي فَكَانَ مِمَّا قَالَه فِي إِجَازَته الَّتِي أذن لَهُ فِيهَا فِي الاقراء والتدريس والافتاء والتأليف:
(لَا تنكرن إهداءنا لَك منطقا ... مِنْك استفدنا لَفظه ونظامه)(1/60)
وَمِنْه:
(أنظر إِلَى نَظَرِي إِلَيْك فانه ... عنوان مَا أخفيت فِي أحشائي)
وان فضائله الجمة لَا تحد وَلَا تحصى ومناقبه الْحَسَنَة لَا تعد وَلَا تستقصى إِلَى غَيرهم من)
شُيُوخ الرِّوَايَة والدراية أولى التَّحْقِيق وَالرِّعَايَة كل هَذَا مَعَ حذقه بِاللِّسَانِ التركي لمخالطته الاجلاء من أمرائهم حَتَّى أَنه لما سَافر الْأَمِير قايتباي وَهُوَ شاد الشربخاناه إِلَى الْبحيرَة استصحبه إِمَامًا فنال مَعَ مَا تقدم بذلك السَّعَادَة الدُّنْيَوِيَّة فانه لم يلبث أَن ارْتقى السلطنة فقربه وَأَدْنَاهُ وأحبه فَبلغ مناه واختص بِهِ عَمَّن عداهُ وَتفرد فِيهِ التفرد وتأنس بمحادثته سِيمَا فِي أَوْقَات التَّعَبُّد وخوله مزِيد النعم وشمله فِيمَا يلتمسه مِنْهُ بنعم وَأَعْطَاهُ قِرَاءَة البُخَارِيّ بالقلعة عَن الشهَاب بن أَسد وَاسْتِيفَاء الصُّحْبَة عَن الزين عبد الرَّحِيم بن الْبَارِزِيّ فِي حياتهما وَنظر الْكسْوَة عَن الشّرف الانصاري وتدريس أم السُّلْطَان والمحمودية والأبوبكرية والاينالية وخشقدم بِجَامِع الْأَزْهَر وتربة يشبك الْكَبِير بالصحراء ومشيخة الصُّوفِيَّة الارسلانية بالمنشية ونظرها مَعَ كَون شَرطهَا للشَّافِعِيَّة الا انها انْتَقَلت للحنفية من أَيَّام الزين التفهني والاعادة بالسيوفية فِي الصنادقيين وَكَذَا بالمهمندارية بِالْقربِ من جَامع المارديني مَعَ نِيَابَة النّظر فِيهَا وَفِي الابوبكرية كل ذَلِك أوجله عَن الْبَدْر ابْن عبيد الله وَلم يلْتَفت لما زَعمه بَعضهم من رغبته لَهُم عَنْهَا قبل مَوته بل كَاد الايقاع بِهِ كَمَا أَنه لم يصغ لما أَشَارَ بِهِ الْأمين من توزيعها عَلَيْهِ وعَلى غَيره بِحَيْثُ أدّى ذَلِك إِلَى استيحاش الْبُرْهَان مِنْهُ وَمَا كَانَ قَصده إِلَّا الْجَمِيل وَالْفِقْه بالاشرفية العتيقة بعد مشيخة السَّيْف وخطابة مدرسة مغلباي طاز عَن الزين الابشيهي والشهاب ابْن يُوسُف الصُّوفِي حِين تنازعهما إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا أضبطه خَارِجا عَن رزق واقطاع وانظار ومسموح وَهُوَ دِينَار كل يَوْم وجوالي وعدة وظائف كَانَت مَعَه وَمَعَ أَبِيه بِجَامِع طولون من رياسة وَغَيرهَا وَعَما رغب عَنهُ من المباشرات وَنَحْوهَا كمباشرة الشيخونية وتصوف فِي القرا بهَا ووظيفة مدح بالدوادارية لارتفاعه عَنْهَا بِحَيْثُ قيل أَن المستقر فِي جملَته الْيَوْم من جهاته مَا لَا أفوه بِهِ لكثرته سوى مَا يساق إِلَيْهِ من الْهَدَايَا والخدم والانعام كاعطائه فِي جهاز ابْنة لَهُ فِيمَا قيل ألف دِينَار من السُّلْطَان وَمن الدوادار مثلهَا بل زَائِد وَقس على هَذَا ونوه بِهِ فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة وَكَانَ شَأْنه أَعلَى من ذَلِك إِذْ كَانَ الْقُضَاة وَغَيرهم من الاعيان مِمَّن يتَرَدَّد لبابه ويتلذذ بخطابه بل مَال الْفُضَلَاء من الغرباء وَغَيرهم إِلَى الاستفادة مِنْهُ وَسَمَاع(1/61)
مباحثته وَالِانْتِفَاع بتنويهه ومساعدته وبمساعدته اسْتَقر شَيْخه الحصني فِي مشيخة الشَّافِعِي ورام بعده اعطاءها لصَاحِبهَا الزين عبد الرَّحِيم الابناسي فَمَا تيَسّر وَشَيْخه السَّيْف فِي المؤيدية ثمَّ الشيخونية بل وقبلهم طلع بِهِ إِلَى السُّلْطَان فأنعم عَلَيْهِ بثلثمائة دِينَار وَلما مَاتَ شَيْخه الشمني قَامَ مَعَ وَلَده فِي)
إِعْطَائِهِ مشيخة جَامع قايتباي الجركسي المجاور لدار الضِّيَافَة وخطابته والسكني بِهِ وَغير ذَلِك من تعلقاته وناب عَنهُ حَتَّى تزعزع بِحَيْثُ كَانَ معدنا لشيوخه وَأَصْحَابه محسنا لكثير مِمَّن ينتمي للْعلم بانتسابه وَلَقَد قَالَ للْملك فِي وَقت لَا أعلم الْآن من الاجماع عَلَيْهِ فِي علم كالسخاوي وَله الْيَد الْبَيْضَاء فِي إِعْطَاء رَفِيقه فِي إِمَامَة السُّلْطَان مشيخة البرقوقية بعد الامشاطي كَمَا أَنه من أجل المساعدين فِي قَضَاء الْحَنَابِلَة بمتوليه وَقَالَ لبَعض من رام تبكيت الزيني زَكَرِيَّا بِبَعْض الأسئلة فِي مجْلِس البُخَارِيّ بالقلعة يَا مسي تواجه مثل هَذَا الْعَالم بِهَذَا السُّؤَال مَعَ أَن الَّذِي نَسيَه لَا نعلمهُ إِلَى غير هَذَا مِمَّا ارتدع بِهِ المتجرئ بِحَيْثُ لم يحْتَمل وتوسل عِنْده بِالْقَاضِي الشَّافِعِي الولوي الاسيوطي حَتَّى جَاءَ مَعَه إِلَيْهِ واستغفر بل وَمنع غير وَاحِد من صوفية الاشرفية لعلمه بجراءتهم وإقدامهم وَلم يعد بَعضهم الا بمبالغة فِي التوسل عِنْده وَكَذَا عضد البقاعي فِي كثير من حركاته وَعظم اخْتِصَاصه بعظيم المملكة يشبك الدوادار وداخله وَغَيره من خَواص الْأُمَرَاء بل لم يكن يتَخَلَّف عَن السُّلْطَان فِي أَسْفَاره حَتَّى أَنه دخل مَعَه الشَّام وحلب وَبَيت الْمُقَدّس وَمَكَّة وَالْمَدينَة وسمعته ينشد أرجوزة لَهُ فِي حج السُّلْطَان وَقَالَ لي إِنَّه تمنى بِحَضْرَتِهِ الْمَوْت فِي حَيَاته فانزعج من ذَلِك وَقَالَ بل انا اتمناه لتقرأ عِنْد قَبْرِي وتزورني وَنَحْو ذَلِك وَلذَا لم يجب سُؤَاله فِي تَقْرِيره فِي مشيخة مدرسته المكية وَهُوَ ذَاكر للنعمة فِي هَذَا كُله شَاكر الرب فِي سَعَة عطائه لَهُ وفضله وَقد درس وصنف وَأفْتى وَحدث وروى ونظم ونثر ونقب وَتعقب وخطب وَوعظ وَقطع وَوصل وَقدم وَأخر. وَمن تصانيفه فِي الْفِقْه فَتَاوَى مبوبة فِي مجلدين وحاشية على توضيح ابْن هِشَام كل هَذَا مَعَ الفصاحة والبلاغة وَحسن الْعبارَة الْمُقْتَضِيَة للايجاز والربط والشكالة وجودة الْخط ولطف الْعشْرَة والظرف والميل إِلَى النادرة واللطف ومزيد الذكاء والتفنن وَسُرْعَة البديهة الَّتِي يَتَّضِح بهَا التبين وطراوة النغمة وَالِاعْتِرَاف كَمَا قدمت بِالنعْمَةِ والطبع الْمُسْتَقيم الَّذِي لَا يمِيل بِهِ غَالِبا لدنيء وَلَا لئيم. وَلما مَاتَ الاقصرائي اسْتَقر عوضه فِي مشيخة الاشرفية برسباي وامتدحه بقصيدة سينية مَضْمُومَة هنأه فِيهَا الشهَاب المنصوري وَله فِيهِ غير ذَلِك(1/62)
وباشرها بشهامة وَقُوَّة وَحِينَئِذٍ أخرج من وظائفه تدريس الاينالية وَنظر المهمندارية مَعَ الاعادة بهَا للشريف المقسي الوفائي شيخ القجماسية الْآن وتدريس خشقدم للسراج عمر الْمَنَاوِيّ أحد فضلاء النواب وَتزَوج خطيبة لأبي السُّعُود بن الشَّيْخ وأسكنها بِالْمَدْرَسَةِ وَهُوَ فِي ازدياد من الترقي ونمو من الْجِهَات والتوقي حَتَّى بلغ مبلغا)
لم يرتق لَهُ غَيره مِمَّا حمد فِي أَكْثَره سيره وَلكنه فِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ حِين مُطَالبَته لشخص بِمَا تجمد عَلَيْهِ لفلاحي الْكسْوَة ونسبته أَنه اشتط بِحَيْثُ أَمر بضربه فَعَاشَ نصف شهر وَمَات وَزعم وَلَده أَن ذَلِك سنة اجْتمعَا عِنْد رَأس نوبَة النوب فَكَانَت قلاقل وعواطل جَانب الْبُرْهَان فِيهَا أرجح مَعَ استمراره على وجاهته إِلَى أَن كَانَ فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ شكاه مهتار السُّلْطَان إِلَيْهِ زاعما تضرره ببروزه فِي بَيته على بركَة الْفِيل بِالْقربِ من مدرسة البشير الَّذِي كَانَ السُّلْطَان هُوَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ فِي أَوَائِل سلطنته وتحول إِلَيْهِ بعد سكنه بالسكاكين من الشَّارِع فِي بَيت الشَّمْس الْكَاتِب وَبَالغ المشتكى فِي التَّكَلُّم بِمَا لَا يَلِيق فبادر لارسال من هَدمه مَعَ كَون البروز كَانَ باذنه ثمَّ مَنعه من الطُّلُوع إِلَيْهِ فَحِينَئِذٍ انخفض جَانِبه عِنْد الملاحظين لذَلِك وخاض النَّاس فِي أَسبَابه وتحرك حِينَئِذٍ الْوَلَد الْمشَار إِلَيْهِ للشكوى فَأمر بالتوجه مَعَه للشَّافِعِيّ وَآل الْأَمر لمصالحته بِمِائَة دِينَار فنقم السُّلْطَان ذَلِك وهدد الامام فخارت طباعه بِحَيْثُ اختفى وَأخذ فِي التوسل عِنْده بِبَعْض الْأُمَرَاء فَمَا أنجع هَذَا مَعَ اسْتِمْرَار جهاته إِلَى أَن أخرج عَنهُ قِرَاءَة الحَدِيث بالقلعة لسبط شَيخنَا ثمَّ نظر الْكسْوَة لغريمه المهتار ثمَّ مشيخة الاشرفية للصلاح الطرابلسي والمسموح للخيضري ووفر الامامة وَغير ذَلِك ثمَّ بعد سِنِين طلب الشهَاب بن القريصاتي وألزمه باحضار مَا تحصل لَهُ عِنْده من جهاته فَمَا تمكن من مُخَالفَته ثمَّ بعد مُدَّة حصل الرِّضَا عَنهُ والاذن لَهُ بِطُلُوع المولد ثمَّ أعَاد لَهُ المسموح بعد الخيضري وتكرر اجتماعه بِهِ بل طلبه للحضور مَعَ الْحَنَفِيَّة المأمورين بالاجتماع فِي الْقبَّة الدوادارية بَين يَدَيْهِ وَكَانَ هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ وَتكلم بِمَا لم ينهضوا بِهِ وَظهر مِنْهُ التَّمَسُّك بِمَا هُوَ مُقَرر عِنْده من بديع ذكائه وَحسن اشاراته وإيمائه وتفرده عَن سَائِرهمْ بِمَا اجْتمع فِيهِ وتقيده فِي مباحثه بإيضاح مَا يبديه بِحَيْثُ أَنه فِي لَيْلَة المولد من سنة خمس وَتِسْعين لما رام الِانْصِرَاف أمره بالمبيت وَبَالغ فِي التودد إِلَيْهِ والاقبال عَلَيْهِ حَسْبَمَا بسطت كل هَذَا فِي تواريخه من الْحَوَادِث كل ذَلِك وَهُوَ قَائِم بِمُبَاشَرَة مَا تَأَخّر من وظائفه مُتَوَجّه للاقراء فِي بَيته لفنون الْعلم(1/63)
والفتيا طيب النَّفس متزود الهيبة وَقد رَأَيْت بِخَطِّهِ من نظمه مقرضا لبَعض الْفُضَلَاء المقتبسين من علمه:
(فيالله دَرك من كتاب ... حوى مَا لم يسطر فِي كتاب)
(أَتَى ببلاغة وفصيح لفظ ... وأسئلة محررة الْجَواب)
(وَتَحْقِيق وتدقيق نَفِيس ... بِهِ يهدى لمعْرِفَة الصَّوَاب)
)
(ومنشئه جزاه الله خيرا ... وضاعف أجره يَوْم الْحساب)
(بِفضل الْمُصْطَفى خير البرايا ... امام الْمُرْسلين بِلَا ارتياب)
(فصلى الله مَوْلَانَا عَلَيْهِ ... وآتاه الْوَسِيلَة فِي المآب)
(وناظمها الإِمَام عبيد بَاب ... يروم شَفَاعَة عِنْد الْحساب)
(فيا مولَايَ بلغه مناه ... وجد وامنن بتحسين الثَّوَاب)
وَكَذَا كتبت فِي حوادث سنة ثَمَان وَتِسْعين من نظمه قَوْله فِي أبي النجا بن الشَّيْخ خلف الفوى.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شرف بن مَنْصُور بن مَحْمُود بن توفيق بن مُحَمَّد بن عبد الله برهَان الدّين أَبُو اسحق بن الزين بن الشَّمْس الزرعي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد الْمُحب مُحَمَّد وأخو الولوي عبد الله والشهاب أَحْمد وَعم النَّجْم واخوته وَيعرف كل مِنْهُم بِابْن قَاضِي عجلون وجده ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَسمع على الشهَاب بن حجي وَالْجمال بن الشرائحي وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَقَرَأَ على الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين بل رَأَيْت ابْن أبي عذيبة قَالَ انه أجَازه ابْن أبي الْمجد وَابْن صديق وَتخرج بِابْن الشرائحي فَالله أعلم. وَحدث وَسمع مِنْهُ الطّلبَة وَمِمَّنْ لقِيه السبطي والعز بن فَهد وَكتب على بعض استدعاآت بعض الْأَوْلَاد بل قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن اللبودي صَحِيح البُخَارِيّ وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق مَعَ نظر الْأَيْتَام بهَا والمشاركة فِي وقف الأسرى وَكَانَ من خِيَار الْقُضَاة ومحتشميهم حسن السِّيرَة كثير التودد والمكارم طارحا للتكلف وَكَانَ يَحْكِي أَن وَالِده كَانَ صديقا للْقَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة فَلَمَّا مَاتَ فِي سنة تسعين وحملت بِهِ أمه قَالَ أَبوهُ إِن جَاءَ ذكرا سميته باسم الْبُرْهَان وَكَانَ كَذَلِك. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشري الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ من يَوْمه بالجامع الْأمَوِي وَدفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير وَكَانَت جنَازَته حافلة وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ ورثاه ابْن اللبودي بقصيدة فائية رَحمَه الله.(1/64)
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الشهَاب غَازِي ابْن أَيُّوب ابْن حسام الدّين مَحْمُود الْكَمَال أَبُو اسحق بن فتح الدّين أبي اليسري الْحلَبِي الْمَالِكِي ابْن أخي الْمُحب أبي الْوَلِيد مُحَمَّد الْحَنَفِيّ وَيعرف كسلفه بِابْن الشّحْنَة وَاسْتقر فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بحلب بعد أَبِيه فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الاذرعي. يحْتَمل أَن يكون ابْن قَاضِي عجلون الْمَاضِي قَرِيبا
والأذرعي يحرف من الزرعي.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ بن قبقب. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَلِيل.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشهرزوري المحتد التّونسِيّ الْفَقِيه المقرىء المجود وَيعرف بزعبوب. مَاتَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان أَو ثَلَاث وَثَمَانِينَ.
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّزَّاق بن غراب سعد الدّين بن علم الدّين بن شمس الدّين السكندري الأَصْل الْمصْرِيّ القبطي أَخُو الْفَخر ماجد وَهُوَ الْأَكْبَر وَيعرف بِابْن غراب أَصله من أَبنَاء الكتبة الاقباط بالاسكندرية فاتصل بِخِدْمَة الْجمال مَحْمُود الاستادار واختص بِهِ ورقاه حَتَّى ولاه نظر الْخَاص قبل استكماله عشْرين سنة عوضا عَن سعد الدّين أبي الْفرج بن تَاج الدّين مُوسَى فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَمَعَ ذَلِك فَلَمَّا أمسك الْجمال الْمشَار إِلَيْهِ كَانَ هُوَ الْقَائِم باظهار خباياه ومحافصته بِحَيْثُ أَنه كَانَ إِذا رَآهُ يبكي من شدَّة قهره مِنْهُ وتزايدت بذلك وجاهته عِنْد الظَّاهِر برقوق وَبعده اسْتَقر بِهِ ابْنه النَّاصِر فرج فِي نظر الْجَيْش مُضَافا للخاص وَغَيره بل صَار هُوَ الْحل وَالْعقد لَا سِيمَا وَقد اسْتَقر بأَخيه فِي الوزارة وَلم يلبث أَن قبض عَلَيْهِمَا وأحيط بموجودهما وخلعا مِمَّا كَانَ مَعَهُمَا وتسلمهما أزبك رَأس نوبَة ثمَّ نقلا إِلَى قطلوبغا الكركي شادالشر بخاناه إِلَى أَن أفرج عَنْهُمَا وعادا لوظائفها ثمَّ عزلا وَلَا زَالا كَذَلِك ارتفاعا وانخفاضا إِلَى أَن اسْتَقر بِهِ النَّاصِر أَمِير مشورة وأنعم عَلَيْهِ بتقدمة ألف وَنزل إِلَى بَيته وَلزِمَ الْفراش مَرِيضا حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس أَو ضحوة نَهَاره تَاسِع عشر رَمَضَان سنة ثَمَان وَلم يبلغ الثَّلَاثِينَ وَكَانَ فِيمَا قيل شَابًّا جميلا كَرِيمًا جوادا ممدحا رَئِيسا نالته السَّعَادَة فِي مُبَاشَرَته مائلا إِلَى فعل الْخَيْر وَالصَّدَََقَة سِيمَا فِي الوباء الَّذِي كَانَ فِي سنة سِتّ فانه فعل فِيهِ من الْخيرَات مَا هُوَ مَذْكُور بِهِ مستفيض عَنهُ بل قيل إِنَّه مُنْذُ ولي الْوَظَائِف وَإِلَى أَن مَاتَ مَا دخل عَلَيْهِ مَمْلُوك من(1/65)
المماليك السُّلْطَانِيَّة كَبِيرا كَانَ أَو صَغِيرا فِي حَاجَة إِلَّا وسقاه السكر الْمُذَاب ثمَّ يَأْخُذ فِي قَضَاء حَاجته. وَقد تَرْجمهُ شَيخنَا فِي حوادث أنبائه فَقَالَ كَانَ جده غراب أول من أسلم من آبَائِهِ وباشر بالاسكندرية إِلَى أَن اتهمَ بِأَنَّهُ كَانَ مِمَّن دلّ الفرنج لما هجموها على عورات الْمُسلمين فَقتله ابْن عزام سنة سبع وَسبعين وَنَشَأ ابْنه عبد الرَّزَّاق وترقى إِلَى أَن ولي نظر الاسكندرية وَمَات فِي نَحْو الثَّمَانِينَ وَخلف وَلدين صغيرين مجد أكبرهما وَإِبْرَاهِيم هَذَا فَلَمَّا تمكن مَحْمُود من الظَّاهِر دخل الاسكندرية فأوى إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم وَهُوَ يَوْمئِذٍ يكْتب فِي العرضة)
تَحت كنف أَخِيه ماجد الَّذِي يلقب فَخر الدّين وَيُسمى مُحَمَّدًا فقربه مَحْمُود ودربه وخرجه إِلَى أَن مهر سَرِيعا وجادت كِتَابَته وَحمد مَحْمُود ذهنه وَسيرَته فاختص بِهِ وَتمكن مِنْهُ بِحَيْثُ صَار يدْرِي جَمِيع أُمُوره وَتعلم لِسَان التّرْك حَتَّى حذق فِيهِ فاتفق أَنه عثر عَلَيْهِ بخيانة فخاف ابْن غراب من سطوته فاستدرك نَفسه وانضوى إِلَى ابْن الطبلاوي وَهُوَ يَوْمئِذٍ قد قرب من قلب الظَّاهِر برقوق فَلم يَزَالَا بِالظَّاهِرِ حَتَّى بَطش بمحمود وَآل أمره إِلَى استنفاد أَمْوَاله وَمَوته بِحَبْس أولى الجرائم وتقلب ابْن غراب من مَاله فِيمَا يستحي من ذكره لكثرته ولازم خدمَة ابْن الطبلاوي إِلَى أَن رقاه فولي نظر الْخَاص ثمَّ ناطح ابْن الطبلاوي إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ باذن الظَّاهِر وَكَانَ من أوصياء الظَّاهِر ثمَّ اخْتصَّ بيشبك فَكَانَ مَعَه ظهيرا فِي تِلْكَ الحروب والمتقلبات حَتَّى ذهب ايتمش وتنم وَغَيرهمَا من أكَابِر الظَّاهِرِيَّة وتشتت شَمل أَكثر البَاقِينَ وَتمكن ابْن غراب حَتَّى استحضر أَخَاهُ فَخر الدّين فقرره وزيرا ثمَّ لما اسْتَقر فِي كِتَابَة السِّرّ وَنظر الْجَيْش أضَاف إِلَيْهِ نظر الْخَاص ثمَّ لبس الاستادارية وتزيا بزِي الجندي وَضرب على بَابه الطبول وَنعم جدا حَتَّى انه لما مرض كَانَ الْأُمَرَاء الْكِبَار يعودونه قيَاما على أَرجُلهم وَكَانَ هُوَ السَّبَب فِي فرار النَّاصِر وَتَركه المملكة وإقامته عِنْده تِلْكَ الْمدَّة مختفيا حَتَّى تمكن مِمَّا أَرَادَ من إبعاد من يود النَّاصِر وتقريب من أبغضه فَلَمَّا عَاد النَّاصِر إِلَى المملكة بتدبير ابْن غراب ألْقى إِلَيْهِ بالمقاليد فَصَارَ يكثر الامتنان على جَمِيع الامراء بِأَنَّهُ أبقى لَهُم بهجتهم وَأعَاد إِلَيْهِم مَا سلبوه من ملكهم وأمدهم بِمَالِه عِنْد فاقتهم وَكَانَ يُصَرح بِأَنَّهُ أَزَال دولة وَأقَام أُخْرَى ثمَّ أعَاد الاولى من غير حَاجَة لذَلِك وَأَنه لَو شَاءَ أَخذ الْملك لنَفسِهِ من غير مَانع وأهان كَاتب السِّرّ فتح الله وبادره وَلبس مَكَانَهُ ثمَّ ترفع عَن كِتَابَة السِّرّ فولاها كَاتبا عِنْده يُقَال الْفَخر بن المزوق وَلما تَكَامل لَهُ جَمِيع مَا أَرَادَ لحظته عين الْكَمَال بِالنَّقْصِ فَمَرض مُدَّة طَوِيلَة(1/66)
بالقولنج الصفراوي إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَبَات فِي قَبره لَيْلَة الْجُمُعَة وَكثر تعجب النَّاس لذَلِك وَلَا عجب فِيهِ فقد مَاتَ الْحجَّاج لَيْلَة سبع وَعشْرين من رَمَضَان وَلَكِن كَانَ ابْن غراب محبوبا إِلَى الْعَامَّة لما قَامَ بِهِ فِي الغلاء والفناء من إطعامه الْفُقَرَاء وتكفينه للأموات من مَاله وَلم يُوجد لَهُ كَبِير أَمر من المَال بل مَاتَ وَعَلِيهِ من الدُّيُون مَا لَا يدْخل تَحت الْحصْر وأعيد فتح الله لكتابة السِّرّ.
وَكَانَ مليح الشكل معرق الصُّورَة شَدِيد الزهو وَالْعجب يحب الِانْفِرَاد بالرياسة وَيظْهر التعفف عَارِفًا باللغة التركية مَعَ الدهاء وَالْمَكْر والمعرفة التَّامَّة بأخلاق أهل الدولة وهابا مفضالا كثير)
الْبَذْل وافر الْحُرْمَة بلغ فِي المملكة مَا لم يبلغهُ أحد فانه لم يمت حَتَّى صَار أَمِيرا بتقدمه ألف وتنقل فِي الولايات نظر الْخَاص والجيش والاستدارية وَكِتَابَة السِّرّ وَغَيرهَا وَلَقَد تلاعب بالدولة ظهرا لبطن وخدم عِنْد الاضداد وَعظم قدره حَتَّى شاع أَنه لَا بُد أَن يَلِي السلطنة.
وترجمته فِي عُقُود المقريزي مُطَوَّلَة وَالله يسامحه.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْغَنِيّ بن إِبْرَاهِيم أَمِين الدّين بن مجدالدين القبطي الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن الهيصم. ولد تَقْرِيبًا فِي أَوَائِل الْقرن بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف السَّعَادَة تَحت نظر أَبِيه ثمَّ عَمه التَّاج عبد الرَّزَّاق إِلَى أَن كتب الْمَنْسُوب وبرع فِي الْحساب فباشر فِي عدَّة جِهَات ثمَّ انْتقل إِلَى نظر الدولة عقب الكريمي عبد الْكَرِيم بن كَاتب جكم فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَعشْرين فدام فِيهَا إِلَى سنة سبع وَثَلَاثِينَ فاستقر حِينَئِذٍ فِي الوزارة بِالدَّار المصرية بعد صرف الكريمي بن كَاتب المناخات وَلم يلبث إِلَّا أشهرا ثمَّ اختفى إِلَى أَن ظهر بشفاعة اينال الا بوبكري الخازندار فِيهِ وَولي بعد ذَلِك نظر الْمُفْرد ثمَّ أُعِيد إِلَى نظر الدولة وَمكث فِيهَا سِنِين إِلَى يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَخمسين فَأَعَادَهُ الظَّاهِر إِلَى الْوزر عوض ابْن كَاتب المناخ أَيْضا فباشره حِينَئِذٍ مُبَاشرَة جَيِّدَة لَا سِيمَا لما وَقع الشراقي والغلاء فِي سنة أَربع وَخمسين بِحَيْثُ ألبس فِي تِلْكَ الْأَيَّام عدَّة خلع شكرا لَهُ على سَده إِيَّاهَا ثمَّ عجز واستعفى فأعفى وَاسْتقر عوضة تغرى بردى القلاوي فِي شَوَّال سنة سِتّ وَخمسين إِلَى أَن أعفي وأعيد الأميني فِي أَيَّام الْمَنْصُور تَاسِع عشر صفر سنة سبع وَخمسين ثمَّ بعد أشهر وَذَلِكَ فِي مستهل رَمَضَان اختفى لعَجزه وَقرر عوضه كَاتب المماليك فرج بن النجا إِلَى أَن ظهر صَاحب التَّرْجَمَة بِأَمَان فأعيد فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَخمسين فَمَا كَانَ بأسرع من عَجزه وَطَلَبه للاستعفاء فَلم يجب(1/67)
فاختفى فِي أثْنَاء ذِي الْقعدَة مِنْهَا وأعيد فرج وَاسْتمرّ اختفاء هَذَا إِلَى أَن مرض وسمح لَهُ بالاقامة ببيته حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة مستهل ربيع الآخر وَقيل فِي يَوْم الْأَحَد ثامن عشر صفر سنة تسع وَخمسين وَكَانَ رَئِيسا خَفِيف الظُّلم بِالنِّسْبَةِ كثير التجمل فِي ملبسه ومركبه غَايَة فِي الترف منعزلا عَن الاقباط بِحَيْثُ تزوج من الْمُسلمين وَحج وحفر بالكاملية بِئْرا عظم النَّفْع بهَا للمصلين وَغَيرهم وَمَال إِلَى الْفُقَرَاء وَالصَّالِحِينَ وَعظم اعْتِقَاده فيهم واشتدت رغبته فِي الاحسان إِلَيْهِم بالبذل وَغَيره مَعَ الاكثار من زيارتهم. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ من أصلح الْمَوْجُودين من أَبنَاء جنسه رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا وَهُوَ قريب الجمالي بن كَاتب جكم وأخيه الْآتِي قَرِيبا)
أمهما سارة ابْنة التَّاج عبد الرَّزَّاق عَم صَاحب التَّرْجَمَة.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْغَنِيّ بن شَاكر بن ماجد بن عبد الْوَهَّاب بن يَعْقُوب سعد الدّين بن فخرالدين الدمياطي الأَصْل القاهري وَيعرف كسلفه بِابْن الجيعان نَاظر الخزانة وكاتبها وأصغر اخوته الْخَمْسَة الأشقاء أمّهم ابْنة الْمجد كَاتب المماليك فِي أَيَّام النَّاصِر كَانَ رَئِيسا عَاقِلا محتشما وقورا محبا فِي الْعلمَاء مكرما لَهُم وَله مآثر حَسَنَة مِنْهَا جَامع بولاق بِالْقربِ من منظره الحجازية وَجعل فِيهِ شَيخا وصوفية وَأول من خطب فِيهِ بعض الْفُضَلَاء ثمَّ الولوي بن تَقِيّ الدّين البُلْقِينِيّ الَّذِي ولى قَضَاء الشَّام بعد ثمَّ رغب عَنْهَا لشيخ الْمَكَان وَاتفقَ لكل من الْأَوَّلين ماجرية فِي ذَلِك أودعتها فِي الْحَوَادِث وبالقرب مِنْهُ لَهُ عمائر هائلة بل ملك منظرة البراحية وَغَيرهَا مِمَّا صَار وَقفا عَلَيْهِ وَحج غير مرّة وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَتقدم فِي الرياسة وصاهر الجمالي بن كَاتب جكم على أُخْته فاستولدها شقرا تزَوجهَا ابْن خالها الكمالي نَاظر الْجَيْش ثمَّ خَلفه عَلَيْهَا حفيد عَمها البدري أَبُو الْبَقَاء وَلم يكن للجمالي مَعَ صَاحب التَّرْجَمَة أَمر وَله ابْنة أكبر مِنْهَا تزَوجهَا بعض من بني مخاطة وَهِي من سَرِيَّة لَهُ زَوجهَا فِي حَيَاته لبَعض اخصائهم الْخِيَار وَمَاتَتْ تَحْتَهُ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة. وَمَات فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث عشري ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ وَدفن من الْغَد بتربة أَخِيه الْمجد عبد الرَّحْمَن قَرِيبا من تربة الْأَشْرَف برسباي من الصَّحرَاء بعد أَن صلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة بالأزهر وَيُقَال انه لم يبلغ السِّتين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْكَرِيم بن بركَة بن سعد الدّين بن كريم الدّين بن سعد الدّين القبطي الْمصْرِيّ سبط التَّاج عبد الرَّزَّاق بن الهيصم وأخو الجمالي يُوسُف(1/68)
الآتيين وَيعرف بِابْن كَاتب جكم. ولد بِالْقَاهِرَةِ قبل الْعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ تَحت كنف أَبِيه وأحضر إِلَيْهِ من أقرأه الْقُرْآن وَعلمه الْكِتَابَة وَالْعلم كالفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي والعربية حَتَّى كتب الْمَنْسُوب وبرع فِي الْحساب والمباشرة فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ اسْتَقر فِي نظر الْخَاص ووكالة السُّلْطَان الْخَاصَّة بِهِ على سِتِّينَ ألف دِينَار وسنه نَحْو من الْعشْرين سنة فحسنت سيرته وسافر إِلَى آمد صُحْبَة الْأَشْرَف برسباي ثمَّ تغير عَلَيْهِ بعد عوده لكَونه لم يُوَافقهُ على الِاسْتِقْرَار فِي الْوزر وضربه وَاسْتقر بأَخيه الجمالي فِيهَا ثمَّ أعفى وألزما بِمَال كثير جدا قاما بِهِ وَاسْتمرّ صَاحب التَّرْجَمَة على وَظِيفَة الْخَاص إِلَى أَن مَاتَ بعد مرض طَوِيل بالسل وبالقولنج فِي أَثْنَائِهِ بِحَيْثُ حصل لَهُ صرع وَلم يكثر واتهم طبيبه بِأَنَّهُ دس عَلَيْهِ سما فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَصلي)
عَلَيْهِ بمصلى المؤمني فِي مشْهد حافل حَضَره السُّلْطَان فَمن دونه وَدفن لَيْلَة الْجُمُعَة عِنْد أَبِيه بالقرافة وَلم يبلغ الثَّلَاثِينَ وَاسْتقر أَخُوهُ بعده وَكَانَ شَابًّا حسن الشكالة جوادا كَرِيمًا دريا سيوسا مَعَ تيه وإسراف وزهو. وَقد أثنى عَلَيْهِ شَيخنَا فِي أنبائه فَقَالَ وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ وَكَانَ قَلِيل الْأَذَى كثير الْبَذْل طلق الْوَجْه نادرة فِي طائفته وَاسْتقر بعده فِي وظائفه أَخُوهُ جمال الدّين يُوسُف يَوْم السبت وهرع النَّاس للسلام عَلَيْهِ وَقَالَ فِي تَرْجَمَة أَبِيه أَن ابْنه هَذَا اسْتَقر بعده وَهُوَ أَمْرَد فاستمر وَلم يظنّ أحد أَنه يسْتَمر لصِغَر سنه لكنه اسْتَعَانَ أَولا بجده لأمه ثمَّ اسْتَقل بالأمور بعد وَفَاته وَقد تدرب وَكَانَ يتَكَلَّم بالتركي وَيحسن المعاشرة مَعَ لثغة فِي لِسَانه وَقَالَ المقريزي انه كَانَ من المترفين المنهمكين فِي اللَّذَّات المنغمسين فِي الشَّهَوَات.
إِبْرَاهِيم بن النَّجْم عبد الْكَرِيم بن عمر الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري ابْن أخي الخواجا الشَّمْس مُحَمَّد بن الزين. شَاب أَقَامَ بِمَكَّة ثمَّ بِالْمَدِينَةِ مَعَ عَمه وَوَحدهُ وسافر فِي التِّجَارَة وتفحل وابتني بِمَكَّة دَارا بِالْقربِ من دَار عَمه ثمَّ سَافر فِي التِّجَارَة لكالكوت وَغَيرهَا مَعَ سُكُون ورغبة فِي الْخَيْر واتصال بابنة عَمه بورك فيهمَا ثمَّ عَاد بعد موت عَمه بِقَلِيل فحج فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين ثمَّ رَجَعَ مَعَ الركب لقابل.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْكَرِيم الْكرْدِي الْحلَبِي دخل بِلَاد الْعَجم وَأخذ عَن الشريف الْجِرْجَانِيّ وَغَيره وَقَامَ بِمَكَّة وَكَانَ حسن الْخلق كثير الْبشر بالطلبة انتفعوا بِهِ كثيرا فِي عدَّة فنون أجلهَا الْمعَانِي وَالْبَيَان فانه كَانَ يقررها تقريرا وَاضحا. مَاتَ فِي آخر الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه وَسمي ابْن فَهد وَالِده خَلِيلًا وَالله(1/69)
أعلم وأرخ وَفَاته فِي لَيْلَة الْأَحَد ثامن عشر الْمحرم بِمَكَّة وَوَصفه بالعلامة وَقَالَ غَيره أَنه قطنها وأقرأ تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ ومنهاجه وَكَذَا المصابيح والعربية وَغَيرهَا وَمِمَّنْ ذكر أَنه أَخذ عَنهُ صاحبنا أَبُو الْوَقْت عبد الأول المرشدي.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْقُسْطَلَانِيّ الْمَكِّيّ. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وثمان مائَة بِمَكَّة وَسمع المراغي وَالْجمال بن ظهيرة وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لَهُ ابْن صديق والعراقي والهيثمي وَعَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي وَدخل الْقَاهِرَة مرَّتَيْنِ فَمَاتَ فِي ثانيتهما وَهُوَ صَغِير بالطاعون فِي سنة تسع عشرَة.
تَرْجمهُ ابْن فَهد.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْقسم بن صَالح بن هَاشم برهَان الدّين أَبُو
الْوَفَاء بن الْمُحدث الْجمال بن الْحَافِظ الشهَاب العرياني القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بالعرياني. ولد فِي ثامن عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلاه لأبي عَمْرو على الشَّمْس الزراتيتي وَحفظ كتبا فِي الْعُلُوم وَأخذ الْفِقْه عَن الشموس الثَّلَاثَة الْبرمَاوِيّ والشطنوفي والغراقي والبرهان البيجوري وقريبيه الشَّمْس والنور وَعَن الشطنوفي مَعَ الْبَدْر الدماميني أَخذ الْعَرَبيَّة وَعَن الْبرمَاوِيّ أَخذهَا هِيَ وَالْأُصُول بل قَرَأَ عَلَيْهِ شَرحه على الْعُمْدَة أَو غالبه وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول عَن الْمجد الْبرمَاوِيّ وَحضر بِأخرَة عِنْد القاياتي فِي الْعَضُد وَغَيره وَعلم الحَدِيث عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وانتفع فِي ابْتِدَائه فِي النَّحْو وَالْفِقْه والْحَدِيث بوالده الْجمال بل اعتنى بِهِ أَبوهُ فَأحْضرهُ على التقي بن حَاتِم والشهاب بن المنقر وَالصَّلَاح الزفتاوي والتاج الصردي والنجم ابْن الكشك والسراج الكومي والزينين ابْن الشيخة والمراغي والتقي الدجوي وستيتة ابْنة ابْن غالي وأسمعه على التنوخي وَابْن أبي الْمجد والبلقيني والعراقي والهيثمي والصدر الْمَنَاوِيّ والحلاوي والسويداوي والشرف أبي بكر بن جمَاعَة والنجم البالسي والشهاب أَحْمد بن عبد الله ابْن رشيد السّلمِيّ الْحِجَازِي الْحَنَفِيّ وَمَرْيَم الاذرعية فِي آخَرين من الصِّنْفَيْنِ وَأَجَازَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَابْن العلائي وَخلق وَهُوَ مكثر سَمَاعا وشيوخا. وَحج مرَّتَيْنِ الأولى فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَلزِمَ الِاشْتِغَال حَتَّى برع وَصَارَ يعد فِي الْفُضَلَاء مَعَ الذكاء المفرط والمذاكرة بِكَثِير من الحكايات والنوادر والأشعار والفوائد الجمة وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا وَمن قبله عَن البُلْقِينِيّ وَهُوَ كَانَ قارىء الحَدِيث عِنْده فِي رَمَضَان وَجمع(1/70)
شرح شَوَاهِد الكافية الشافية لِابْنِ ملك كَمَا رَأَيْته بِخَط شَيخنَا وَهُوَ شرح حسن يدل على اطلَاع زَائِد فِي النَّحْو وَغَيره وَحفظ غزير للْحَدِيث والاشعار الْعَرَبيَّة والأمثال وَلَيْسَ بِكَثِير عَلَيْهِ وان زعم بَعضهم أَنه وجد بتركة المقريزي شرحها للغماري فان كَانَ وقف عَلَيْهِ فَيمكن أَن يكون أَخذه وَزَاد عَلَيْهِ وَولي مشيخة العلائي طيبغا الطَّوِيل الْمَعْرُوفَة بالطويلية بالصحراء وَظِيفَة أَبِيه وجده وتنزل فِي صوفية البيبرسية وَغَيرهَا من الْجِهَات وَلكنه مَعَ هَذِه الْأَوْصَاف الشَّرِيفَة ضيع نَفسه بِكَثْرَة إسرافه على نَفسه ومجاهرته بِالْمَعَاصِي بِحَيْثُ شوهد مِنْهُ الْعجب من ذَلِك وأفضى بِهِ الْحَال إِلَى أَن سقط فِي الْبَحْر وَهُوَ ثمل فِيمَا قيل يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشري رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين فغرق وَلم يُوجد ثمَّ وجد فِي مستهل شعْبَان فَغسل من الْغَد وَدفن بعد أَن تَغَيَّرت رَائِحَته وَاسْتقر بعده فِي)
الطويلية أَبُو الْخَيْر بن النّحاس وَزعم صاحبنا التقى القلقشندي أَن شَيخنَا كَانَ اسْتَقر بِهِ فِيهَا لتجاهره بِمَا أَشرت إِلَيْهِ فَالله أعلم وَقد حدث باليسير وَأخذ عَنهُ أَصْحَابنَا وحملني شَره الطَّالِب على أَن قَرَأت عَلَيْهِ جُزْءا وَلَيْسَ بِأَهْل للرواية عَنهُ وَلَا كرامه سامحه الله وَعَفا عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن إِسْحَق صارم الدّين بن الْجمال بن الْعِمَاد البعلي الشَّافِعِي التَّاجِر وَيعرف بِابْن الْعِمَاد. ولد فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد ابْن قَاضِي المنيطرة وَسمع البُخَارِيّ على الزين عبد الرَّحْمَن بن الزعبوب فِي سنة خمس وَتِسْعين بِجَامِع بعلبك أنابه الحجار سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وقرأت عَلَيْهِ ببعلبك الْمِائَة لِابْنِ تَيْمِية وَكَانَ خيرا نير الشيبة جميل الْهَيْئَة يتكسب بِالتِّجَارَة مَاتَ فِي.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي أَيُّوب الصَّدْر أَبُو الْفضل بن الشّرف أبي الْقسم السلماسي ثمَّ التبريزي الشَّافِعِي وَيعرف بالزنهاري نِسْبَة لبَعض المعتقدين. لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي موسم سنة سِتّ وَثَمَانِينَ عقب الْحَج وَلم يحجّ قبلهَا فَسمع مني المسلسل وَأَخْبرنِي أَن مولده سنة ثَمَان وَعشْرين بسلماس اد غَيره أَنه ولي قَضَاء تبريز ثمَّ أعرض عَنهُ وَأَنه درس فِي فنون وكتبت لَهُ إِجَارَة.
إِبْرَاهِيم بن الْجمال عبد الله بن خَلِيل بن يُوسُف المارداني الْأَزْهَرِي الْآتِي أَبوهُ وولداه التقى عبد الرَّحْمَن الْأَصْغَر والمحب مُحَمَّد. ولد فِي أول سنة تسع وثمان مائَة وَمَات فِي خَامِس شعْبَان سنة سبعين بعد أَن أثكل أَصْغَر ولديه وَكَانَ موقتا.(1/71)
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الصَّنْعَانِيّ الأَصْل الْمدنِي الْمَالِكِي المادح مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد الدّين بن جمَاعَة الْبُرْهَان ابْن شَيخنَا الْجمال الْكِنَانِي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي سبط الشَّمْس بن الديري الْحَنَفِيّ ووالد الْعِمَاد إِسْمَاعِيل والنجم مُحَمَّد شيخ الصلاحية والخطيب الْمُحب أَحْمد الْآتِي ذكرهم. ولد فِي إِحْدَى الجمادين سنة خمس وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَسمع على جده لأمه فِي صَحِيح مُسلم وعَلى غَيره واشتغل يَسِيرا وَولي قَضَاء بَلَده وخطابتها وَتَكَلَّمُوا فِي سيرته وديانته وَأورد لَهُ شَيخنَا فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين من أنبائه حَادِثَة. مَاتَ فِي آخر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين بعد أَن استجيز بِبَعْض الاستدعاآت.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله سيف الدّين الشَّامي المهمندار ويلقب خرر قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه قدم مَعَ
الْمُؤَيد فولاه المهمندار بعد أَن لَاقَى وَكَذَا أولى مرّة ولَايَة وَمَات فِي الْعشْر الْأَخير من ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْأنْصَارِيّ الخليلي مِمَّن سمع عَليّ بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله الرفاء. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه كَانَ مُقيما بزاوية بِمصْر قَرِيبا من جَامع عَمْرو وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير ويحكى عَنهُ كرامات. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع.
إِبْرَاهِيم بن عبد الله المغربي الْمدنِي وَيعرف بالحطاب بِالْمُهْمَلَةِ قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه سكن الْمَدِينَة طَويلا على خير واستقامة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْملك بن إِبْرَاهِيم الجذامي البرنتيشي نِسْبَة لحصن من غرب الأندلس من أَعمال أشبونة المغربي ثمَّ القاهري تَاجر السُّلْطَان وَابْن عَم أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم وَالِد صاحبنا أبي عبد الله مُحَمَّد الْآتِي. مَاتَ بالاسكندرية فِي أَوَاخِر رَجَب أَو أول شعْبَان سنة ثَمَانِينَ عَن نَحْو الثَّمَانِينَ وَسمعت من يصفه بِخَير وعقل وَأَنه كَانَ من أَصْحَاب الْأَشْرَف قايتباي قبل استقراره فِي المملكة وَمن غَرِيب مَا اتّفق لَهُ أَنه جهز قبيل مَوته مُعظم تركته لأَهله ببلاده وَلم يتْرك عِنْده إِلَّا مَا يكون وَفَاء لدينِهِ حَتَّى لَا يدع شَيْئا تغتصبه الدولة وَمَعَ ذَلِك(1/72)
فَمَا سلم وَحصل لوَارِثه أبي عبد الله الْمشَار إِلَيْهِ اجحاف هُنَا وَهُنَاكَ عوضهما الله الْجنَّة.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْمُهَيْمِن فَخر الدّين القليوبي ثمَّ القاهري الخازن بالبيمارستان المنصوري وَالِد أَحْمد والشرف مُحَمَّد الْمَذْكُورين كَانَ من خَواص الْجمال الاستادار وَلذَا تعرض لوَلَده بعد مَوته.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب الْبُرْهَان بن الْجلَال المرشدي الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ وَالِد عبد الْوَاحِد. ولد فِي يَوْم الثُّلَاثَاء منتصف صفر سنة تسع عشرَة وثمان مائَة بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن والقدوري واشتغل على أَبِيه بل سمع على عَمه النّسك الْكَبِير لِابْنِ جمَاعَة. مَاتَ فِي ظهر يَوْم الْجُمُعَة عَاشر صفر سنة سبع وَسبعين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن درع برهَان الدّين أَبُو اسحق بن الْمسند التَّاج بن الْحَافِظ الْعِمَاد الْقرشِي البصروي الدِّمَشْقِي الْمزي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن كثير. ولد فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا وأحضر فِي الثَّالِثَة على ابْنة عَم وَالِده سِتّ الْقُضَاة أم عِيسَى ابْنة عبد الْوَهَّاب بن عمر بن كثير كتاب السّنة لأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن حَامِد بن السّري خَال ولد البستي لَقيته بالمزة وَهُوَ من بَيت علم وَحَدِيث)
فَقَرَأت عَلَيْهِ جزا وَمَات.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب بن أبي بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن التَّاج الحسني الصلتي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ بثروة وَتوجه للتِّجَارَة مِمَّن جاور فِي سنة سبع وَتِسْعين ورأيته هُنَاكَ على خير بِالنِّسْبَةِ لِأَبِيهِ وَيذكر.
إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب بن عبد السَّلَام بن عبد الْقَادِر برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق بن التَّاج الْبَغْدَادِيّ ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ التَّاجِر وَالِد عَليّ الْآتِي. ولد فِي ثَالِث ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِبَغْدَاد وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وسافر مَعَ أَبِيه إِلَى مَكَّة فجاور وَسمع بهَا على ابْن صديق فِي سنة سِتّ وثمان مائَة صَحِيح البُخَارِيّ ومسند الدَّارمِيّ وَغَيرهمَا وقطن الْقَاهِرَة وَحدث فِيهَا بِالصَّحِيحِ وَغَيره سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَأخذت عَنهُ أَشْيَاء وَكَانَ خيرا مواظبا على الْجَمَاعَات وَحُضُور التصوف بِسَعِيد السُّعَدَاء حَرِيصًا على الْخَيْر والقربات محبا فِي الحَدِيث وَأَهله سليم الصَّدْر متكسبا من التِّجَارَة على سداد وَخير. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشرى ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد رَحمَه الله وايانا.(1/73)
إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب سعد الدّين اللدي الْغَزِّي أَخُو عبد الرَّحْمَن وَذَاكَ الْأَكْبَر وَالْأَجَل ووالد الْكَمَال مُحَمَّد الآتيين نَاب عَن أَخِيه بدار السَّعَادَة بغزة ثمَّ اسْتَقر فِي كِتَابَة سرها وَغَيرهَا وَتزَوج ابْنة الناصري مُحَمَّد بن جمال الدّين بعد أَخِيه واستمرت تَحْتَهُ حَتَّى مَاتَ فِي مستهل شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَكَانَ عَاقِلا سيوسا وَتوجه أَبُو زَوجته لضبط تركته ظنا.
إِبْرَاهِيم بن عبيد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن هادي الْوَلَد السَّيِّد جمال الدّين بن الْعَلامَة النُّور بن الْعَارِف الْعَلَاء بن الْعَفِيف الْحُسَيْنِي الايجي الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي أَخُو حبيب الله وَعبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد الآني كل مِنْهُم وَيعرف كأبيه وجده بِابْن السَّيِّد عفيف الدّين. ولد فِي ثَالِث عشري جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَأمه أم ولد حضر إِلَيّ مَعَ أَبِيه وَهُوَ فِي الثَّالِثَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فِي تِلْكَ الْمُجَاورَة فحدثتهما بالمسلسل وَنَشَأ فدر بِهِ زوج أمه ملا على البُخَارِيّ فِي قِرَاءَة الْقُرْآن وَفِي النَّحْو بالعوامل والكافية وَفِي الصّرْف بتصريف الْعُزَّى وَلما كنت فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بِمَكَّة أحضرهُ إِلَيّ فَقَرَأَ أربعي النَّوَوِيّ ثمَّ ثلاثيات البُخَارِيّ بل سمع عَليّ أصل الصَّحِيح وَالشَّمَائِل بكمالهما والابتهاج بأذكار الْمُسَافِر الْحَاج وغنية الْمُحْتَاج فِي ختم صَحِيح مُسلم بن الْحجَّاج وَالْقَوْل النافع)
فِي ختم الصَّحِيح الْجَامِع ثلاثتهما من تأليفي وقابل بحضرتي نُسْخَة من أَولهَا وَهُوَ فطن لَبِيب يمسك حِين سَمَاعه نُسْخَة مَعَه فَيحسن الْإِمْسَاك مَعَ أدب وتربية بورك فِيهِ ثمَّ سَافر مَعَ أَبِيه مُتَعَلقا بِهِ من أمه وسافرت مَعَ زَوجهَا لجِهَة أُخْرَى.
إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن سعيد بن النجار وَالِد الْخَطِيب مُحَمَّد الوزيري كَانَ رجلا صَالحا يقرئ الْأَبْنَاء وَمِمَّنْ قَرَأَ عِنْده القَاضِي برهَان الدّين اللَّقَّانِيّ وَأثْنى على صَلَاحه كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته. مَاتَ فِي.
إِبْرَاهِيم بن علبك. فِي ابْن أَحْمد بن غَنَائِم.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن سعيد الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي مَدين وَهِي كنية أَبِيه. قدم الْقَاهِرَة فَسمع مني المسلسل فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن اسمعيل بن مُحَمَّد برهَان الدّين الْمَنَاوِيّ الأَصْل القاهري أَخُو أَحْمد وَمُحَمّد الشويهد كَانَ من أهل الْقُرْآن وَمِمَّنْ يذكر بملاه بِالنِّسْبَةِ(1/74)
لأخويه مَعَ ضيق الْمصرف والتقلل من الْعِيَال والملازمة لحضور الصلاحية إِلَى أَن انْقَطع وَأقَام مُدَّة فخشي ابْن أَخِيه الْمُسْتَحق لميراثه على مَا بِيَدِهِ فحازه وَزَاد فِي التقتير عَلَيْهِ فَلم يعْدم من يرفعهُ حَتَّى أَخذ مِنْهُ وَوضع تَحت يَد الشَّافِعِي وَفرض لَهُ ولجاريته مَا يكفيهما حَتَّى مَاتَ قريب التسعين بعد أَن وقف دَاره على ابْنَتي أَخَوَيْهِ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سعيد بن عبيد الله السَّيِّد برهَان الدّين بن الْعَلَاء الْحُسَيْنِي البقاعي الأَصْل الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنَفِيّ ولد بعد الْخمسين تَقْرِيبًا بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد عمر اللولوي الْحَنْبَلِيّ ومنظومة النَّسَفِيّ وأصوله وَأخذ فِي الْفِقْه عَن قَاسم الرُّومِي والشرف بن عبيد والكمال بن شهَاب النَّيْسَابُورِي وَعنهُ أَخذ فِي أصُول الدّين والنحو والمنطق والمعاني أَيْضا وَأخذ فِي أصُول الْفِقْه عَن ابْن الْحَمْرَاء ثمَّ لَازم عبد النَّبِي المغربي فِي الْأَصْلَيْنِ وَالْحكمَة وأدب الْبَحْث والمنطق وَغَيرهَا وجود الْقُرْآن على الشَّمْس بن الخدر وَعبد الله بن العجمي الْوَفَاء وَسمع الحَدِيث على الْبُرْهَان بن مُفْلِح القَاضِي وَعُثْمَان البلبلي وَالشَّمْس الخيري الشَّافِعِي وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ والبرهان النَّاجِي ولازمه والقطب الخيضري وَاسْتقر بِبَلَدِهِ فِي إِمَامَة الريحانية الْمُجَاورَة لنُور الدّين الشَّهِيد مولى الطواشي ريحَان واقفها وَغَيرهَا من وظائفها بعد أَبِيه الْمُتَوفَّى فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وتكسب)
بِالشَّهَادَةِ وَتزَوج ابْنة الْعَلَاء المرداوي وَحج بهَا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا ولازمني حِينَئِذٍ حَتَّى قَرَأَ شرحي على التَّقْرِيب للنووي وَكتبه بِخَطِّهِ بل وَسمع فِي شرحي للألفية وَكَذَا شرح المُصَنّف وَجُمْلَة من البُخَارِيّ وَغير ذَلِك وَقَرَأَ على عبد الْمُعْطِي رِسَالَة الْقشيرِي وَسمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة غَيره فِي العوارف للسهروردي وَهُوَ إِنْسَان خير فَاضل فَقير يستحضر كثيرا من البُخَارِيّ وَنَحْوه وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء كَانَ الله لَهُ.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ أَبُو الصفاء ابْن أبي الْوَفَاء بن أبي الْفَضَائِل الْحُسَيْنِي الْعِرَاقِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي وَالِد الْكَمَال أبي الْوَفَاء مُحَمَّد الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن أبي الْوَفَاء. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة مستهل ذِي الْحجَّة سنة عشر وثمان مائَة بالعراق وَحفظ بهَا الْقُرْآن عِنْد أَبِيه وانتقل وَهُوَ ابْن ثَمَان صُحْبَة أَبَوَيْهِ إِلَى ديار بكر الْعليا فَنَشَأَ بهَا وَحفظ الْحَاوِي الفرعي بل زعم أَنه قرا الْمُحَرر أَيْضا ومختصرا من كل مَذْهَب وَأَن بعض أَصْحَاب وَالِده وجده(1/75)
استماله للتقيد بالشافعي وَأَنه انْتفع بوالده وتلا عَلَيْهِ بالسبع أفرادا وجمعا وَكَذَا على الشَّيْخ عبد الله الشِّيرَازِيّ بحصن كيفا وارتقى حَتَّى زعم أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنة ثَلَاثِينَ وَهُوَ بمحراب زاويتهم وظهره للْقبْلَة وَوَجهه للشام وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ قَالَ فَأخذت فِي ذَلِك فتلجلج لساني قَالَ فلقنني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفَاتِحَة قَالَ ثمَّ رَأَيْته مرّة أُخْرَى فِي سنة نَيف وَخمسين فقرأتها عَلَيْهِ ثمَّ أُخْرَى فقرأتها مَعَه على نَحْو قراء الجوق وَأَنه أَخذ عَلَيْهِ الْعَهْد وَسمع مِنْهُ بعض الْأَحَادِيث الَّتِي لم نعرفها عَنهُ. وَأخذ أَيْضا عَن عبد الرَّحْمَن الْجلَال ابْن أُخْت شَارِح التَّلْبِيَة والسلوك عَن أَبِيه والعز يُوسُف بن عبد السَّلَام من ذُرِّيَّة السَّيِّد عبد الْقَادِر الجيلاني والمحيوي يحيى بن مُحَمَّد من ذُرِّيَّة أَحْمد بن الرِّفَاعِي والزين الحافي وعَلى العجمي ومحمود الْخُرَاسَانِي والمحيوي الطوسي من ذُرِّيَّة الْغَزالِيّ قَالَ وَكَانَ عَالما مطلعا وَلزِمَ الِاشْتِغَال حَتَّى ادّعى أَنه عرض عَلَيْهِ فِي كل من بَغْدَاد واربل والموصل وحلب وَغَيرهَا وظائف فأباها وَأَنه كَانَ ورده مَعَ الِاشْتِغَال ختمة فِي الْيَوْم وَأَنه جمع تصانيف مِنْهَا ألطف اللطائف فِي ذكر بعض صِفَات المعارف وعمدة الطالبين إِلَى معرفَة أَرْكَان الدّين والشفاء لصدور الصُّدُور والدواء لداء المصدور وَالْفَتْح الرباني فِي شرح الدّين الإيماني وَفتح الله حسبي وَكفى فِي مولد الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومنهاج السالكين إِلَى مقَام العارفين والرسالة القدسية فِي الإلهامات الانسية فِي أصُول الدّين يشْتَمل على عقائد وَعلم الطَّرِيقَة)
والحقيقة وتحفة الطلاب ومنحة الْوَهَّاب فِي الْآدَاب بَين الشَّيْخ وَالْأَصْحَاب وَوَصِيَّة الْوَالِد وَالْأَب للأولاد من الصلب وَالْقلب وابتهاج الناسكين فِي طَرِيق الْمُحَقِّقين ولمح الْبُرْهَان الفريد فِي شرح كَلِمَات الشَّيْخ رسْلَان فِي التَّوْحِيد وديوان شعر وَغير ذَلِك مِمَّا رَأَيْت أَكْثَره وَحج فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَفِي سنة ثَلَاث وَخمسين وابتنى بِالشَّام زَاوِيَة بميدان الْحَصَى بِالْقربِ من جَامع منجك وَأقَام بِهِ مُدَّة وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة وَتردد إِلَيْهِ فِي بَعْضهَا الزيني البوتيجي وَابْن المهندس الْموقع وَأخذ عَنهُ بعض تصانيفه وَكَذَا صَحبه الشهَاب المسطيهي وَيُقَال أَنه امتدحه وَآخَرُونَ ورأيته كتب بِخَطِّهِ للسَّيِّد الْعَلَاء بن عفيف الدّين حِين لقِيه بِبَيْت الْمُقَدّس سنة خمسين إجَازَة مُشْتَمِلَة على خطأ كَبِير وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين الزين الأبناسي(1/76)
ورفيقه الْبَدْر بن خطيب الفخرية وَغَيرهمَا وَجَرت خطوب وحروب أثبتها مفصلة فِي الْحَوَادِث وَغَيرهَا فَلم يَسعهُ إِلَّا لم أَطْرَافه وسافر وَمَا انْشَرَحَ الخاطر للاجتماع بِهِ مَعَ شدَّة حرصي على لِقَاء الغرباء والوافدين واختبار أَحْوَالهم إِلَى أَن حركني الابناسي الْمشَار إِلَيْهِ بِمَا أطراه بِهِ مِمَّا أثبت بعضه فِي مَوضِع آخر وَلَا أعلمهُ متصفا بِهِ فرأيته متصنعا مترددا فِي أَكثر كَلَامه ذَا ترهات وألفاظ منمقة فِيهَا من التَّنَاقُض مَا يُحَقّق أَن أَكثر مَا اختلقه لَا يروج أمره إِلَّا على ضعفاء الْعُقُول وَلَا يثبت شَيْئا من كَلِمَاته إِلَّا من لَا يدْرِي مَا يُقَال لَهُ وَلَا يتدبر مَا يَقُول مَعَ استعداد فِي الْجُمْلَة ومشاركة فِي بعض الفضال وشيبته بَيْضَاء نقية وَلَو أَطَعْت قلمي فِي إِثْبَات كل مَا سمعته عَنهُ لضاقت الأنفاس وَمِنْه أَن القاياتي والونائي سألاه عَن كَلَام بن عَرَبِيّ فأجابهما بِأَنَّهُ يضر الْمُبْتَدِئ وَلَا حَاجَة للمنتهي إِلَيْهِ وتبرم عِنْدِي مِنْهُ غَايَة التبرم وَالظَّاهِر من حَاله الْكَذِب فِي مقاله نسْأَل الله السَّلامَة. وَمِمَّا أملاه عَليّ من نظمه:
(يامن تحكم فِي قلبِي وَفِي كَبِدِي ... وحبه دَاخل الأحشاء والخلد)
(يامن نؤمل فِي الدَّاريْنِ رَحمته ... ونرتجي أزلا فضلا إِلَى الْأَبَد)
(يَا من إِلَيْهِ جَمِيع الْخلق مفتقر ... وكل من فِي الورى عبد بمستند)
أكملتها مَعَ غير ذَلِك من تَرْجَمته فِي مَوضِع آخر. مَاتَ بزاويته فِي سادس جُمَادَى الأولى سنة سبع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ تجاه بَابهَا ثمَّ دفن بهَا.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْبُرْهَان الْعَسْقَلَانِي التتائي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي قَرَأَ فِي الِاصْطِلَاح الْكثير من التَّقْرِيب ولازمني فِي كِتَابَة الأمالي وَسمع مني تَرْجَمَة النَّوَوِيّ من تأليفي وَهُوَ من)
جمَاعَة النُّور السنهوري مِمَّن اشْتغل فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وتميز فِي الْفِقْه مَعَ ذكاء وَفهم وَرُبمَا أَقرَأ ونظم مَا يكون فِيهِ المقبول وينسب إِلَيْهِ عمل الكيمياء وَلذَا يَجِيئهُ كثير مِمَّن يعانيها مَعَ تبرمه مِنْهَا وتصريحه بِأَنَّهَا لَا تصح وَقد تقلل من الِاشْتِغَال.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن اسماعيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ الْجمال أَبُو الْفَتْح ابْن شَيخنَا الْعَلَاء بن القطب القلقشندي الأَصْل القاهري المولد وَالدَّار الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وجده. ولد فِي حادي عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالصيرمية من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين والألفيتين والبردتين والبهجة وَجمع الْجَوَامِع وقواعد ابْن هِشَام والشافية فِي الْعرُوض وَالتَّلْخِيص(1/77)
وَعرض على خلق كالبساطي والمحب بن نصر الله وَشَيخنَا وَسمع على الْأَخيرينِ وَأَبِيهِ وجده والتاج الشرابسي والفاقوسي وَالزَّرْكَشِيّ وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَعَائِشَة الحنبلية والواسطي فِي آخَرين. وَقَرَأَ بِنَفسِهِ الْكثير على غير وَاحِد من المسندين بل قَرَأَ فِي محَاسِن الِاصْطِلَاح على ابْن الْمُؤلف الْعلم البُلْقِينِيّ وَأَجَازَ لَهُ خلق مِنْهُم الْعَلَاء البُخَارِيّ وَقَرَأَ على أَبِيه فِي التقاسيم والْحَدِيث وَغير ذَلِك وَكَذَا قَرَأَ على الْمحلى شروحه للمنهاج وَجمع الْجَوَامِع والبردة وَمَا كتبه من التَّفْسِير وَغَيرهَا وتلا السَّبع على النُّور البلبيسي الإِمَام وَزعم أَنه قَرَأَ على الشمنى فِي التَّلْخِيص وَغَيره وعَلى الشرواني فِي الْمُتَوَسّط وَغَيره. وَحج فِي حَيَاة أَبِيه وَكَانَ دُخُوله مَكَّة فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَخمسين وَسمع بهَا على المراغي والأميوطي وَابْن فَهد وَغَيرهم ثمَّ أَخذ بِالْمَدِينَةِ فِي سنة سبع وَخمسين عَن عبد الله بن فَرِحُونَ بقرَاءَته ثمَّ حج تاليه فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَاسْتقر فِي مشيخة الدوادارية وخزانة كتب الأشرفية برسباي وَغَيرهَا بعد أَبِيه وَكَذَا فِي تدريس الحَدِيث بِجَامِع طولون مشاركا لِعَمِّهِ ثمَّ اسْتَقل بِهِ بعد مَوته مَعَ الْمُبَاشرَة بِهِ وَفِي تدريس التَّفْسِير بالجمالية برغبة عبد الْبر بن الشّحْنَة وَفِي الْفِقْه بالسكرية بِمصْر وَفِي تدريس بالسابقية واستنزل بني ابْن أصيل عَن نِيَابَة النّظر بالصالحية ودرس بعض الطّلبَة بل حدث باليسير وَفِي كثير من مقاله توقف بل رَأَيْته كشط اسْم وَالِده فِي بعض مَا قَرَأَهُ على شَيخنَا وَجعل ذَلِك باسم نَفسه والألقاب والتاريخ يَشْهَدَانِ بِخِلَافِهِ هَذَا مَعَ بِأَو زَائِد وخبرة تَامَّة بِالْمُبَاشرَةِ بِحَيْثُ بَاشر فِي الناصرية وَغَيرهَا وَكَاد أَن يسْتَقلّ بِجَامِع طولون وَسكن بولاق فِي أَيَّام ولَايَة الزين زَكَرِيَّا جَاره قصدا فِيمَا يظْهر لستره عَن جماعته فِيمَا يحمل إِلَيْهِ من بَلَده مَعَ أَنه طلب حِين الترسيم عَلَيْهِم وَلَكِن اعتنى بِهِ)
الْخصم مَعَ مساعدته فِي إِضَافَة بَلَده للذخيرة فِيمَا قيل. وَرغب بِأخرَة عَن الدوادارية لبَعض نواب الْحَنَفِيَّة وَعَن السابقية بل رغب عَن غَالب جهاته فِي المحنة الْمشَار إِلَيْهَا لخزن كتب الأشرفية وَبَاعَ كتبه أوجلها وقاسى مَالا يعبر عَنهُ وتألمنا لَهُ فِي ذَلِك وَالله يحسن عاقبته وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن بركَة بن عَليّ بن أبي بكر بن المكرم برهَان الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي النعماني نِسْبَة للشَّيْخ أبي عبد الله بن النُّعْمَان وَبِه يعرف(1/78)
وَرُبمَا قيل لَهُ ابْن بركَة.
ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمصْر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعى النَّوَوِيّ فِي اصطناع الْمَعْرُوف وَصَحب السَّيِّد الشهَاب أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم الْآتِي وتدرب وتهذب بِهِ وعادت بركته عَلَيْهِ وَكَذَا صحب الْمَشَايِخ إِبْرَاهِيم المتبولي ومدين ومحمدا الْحَنَفِيّ وَأَبا الْفَتْح بن وَفَاء فِي آخَرين وَسمع على شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ ثمَّ على طَائِفَة بعدهمْ وَأخذ فِي الْفِقْه وَغَيره عَن جمَاعَة كالبلقيني الْمَذْكُور والمناوي والبهاء بن الْقطَّان والجلال الْبكْرِيّ والعربية عَن الشهَاب الْخَواص وَأبي الْعَبَّاس السرسي وَفِي الْأُصُول عَن ابْن الْهمام والأقصرائي ولازمه فِي النَّحْو وَغَيره وأصول الدّين عَن الكافياجي مَعَ أَخذه عَنهُ نَحوا وَغَيره والمنطق عَن أَحْمد بن يُونُس المغربي. وشارك فِي الْفَضَائِل واقرأ الطّلبَة فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه وَغَيرهمَا وتولع بنظم الشّعْر فَكَانَ مِمَّا نظمه الْخِصَال الَّتِي جمعتها فِي الَّذين يظلهم الله فِي ظلّ عَرْشه وكتبتها مَعَ غَيرهَا من فَوَائده المثبتة فِي المعجم والتاريخ الْكَبِير عَنهُ بل شرع فِي الْجمع بَين شرحي شَيخنَا والعيني على البُخَارِيّ فَكتب مِنْهُ جملَة مَعَ إِضَافَة حَاصِل مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ انْتِقَاض الِاعْتِرَاض لذَلِك وَكَذَا جمع غير ذَلِك ورد على ابْن الأسيوطي انتقاده عَلَيْهِ قِرَاءَة خصيصي فِي آخر الشفا بالتثنية بل أعرض عَن وظيفته قِرَاءَة الحَدِيث بالشيخونية من أَجله. وَحج فِي سنة تسع وَسبعين موسميا وزار بَيت الْمُقَدّس وابتنى زَاوِيَة بل مدرسة على شاطئ النّيل تجاه المقياس تُقَام فِيهَا الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات فَكَانَت مَقْصُودَة لكثير من الصَّالِحين والفضلاء سِيمَا مَعَ مزِيد أدبه وتودده ورفده ومدده وذكائه وتواضعه فِي انتهائه وابتدائه وَفِي كل سنة يعْمل المولد بالزاوية النعمانية الَّتِي تَحت نظره فيجتمع عِنْده الْأَعْيَان من كل صنف. وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ شيخ حسا وَمعنى وَهُوَ من قدماء أحبابنا والمقبلين بفضله علينا وَمِمَّنْ حمل عني أَشْيَاء وَكَانَ ابْن الأقصرائي يعتني بِهِ كثيرا ويجله بل عظم اخْتِصَاصه بأمير الْمُؤمنِينَ الْعِزّ المتَوَكل قبل)
استقراره فِي الْخلَافَة وَلذَا كَانَ قَارِئ الحَدِيث عِنْده فِي رَمَضَان وأوصافه جمة ورشاقته مَعْلُومَة مَعَ ضخامة جثته المجامعة لفطنته ولطيف عشرته. مَاتَ بعد أَن أثكل فِي الطَّاعُون ولدا لَهُ كَانَ مغتبطا بِهِ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث الْمحرم(1/79)
سنة ثَمَان وَتِسْعين وتأسفنا على فَقده رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن بريد تَصْغِير برد صاحبنا الشَّيْخ برهَان الدّين أَبُو اسحق الديري الْحلَبِي ثمَّ القاهري ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي القادري وَبِه يعرف فَيُقَال لَهُ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم القادري. ولد فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بدير العشاري من رحبة ابْن مَالك وسافر وَهُوَ طِفْل مَعَ أَبَوَيْهِ إِلَى حلب فاستوطنها وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي بعض الطواعين فَنَشَأَ فِي كَفَالَة عَمه مُحَمَّد وَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد جمَاعَة مِنْهُم إِبْرَاهِيم الماقريزي وَصَحب هُنَاكَ الزين قَاسم الحبشي وتواخيا وترافقا إِلَى أَمَاكِن من جُمْلَتهَا الشَّام فأقاما بزاوية أبي عمر وَكَانَ يقْرَأ على حسن الحبشي وَحضر مجْلِس أبي شعر وَغَيره ثمَّ دخلا الْقَاهِرَة بعد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فسمعا على شَيخنَا ثمَّ حجا ورجعا إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ إِلَى حلب واجتمعا فِي توجههما إِلَيْهَا بالشمس مُحَمَّد بن أبي بكر بن خضر الديري فلبسا مِنْهُ الْخِرْقَة وزارا بَيت الْمُقَدّس ثمَّ حجا ثَانِيًا وجاورا بِالْمَدِينَةِ شَهْرَيْن فَأكْثر ثمَّ عادا إِلَى الْقَاهِرَة وصحبا إِمَام الكاملية ثمَّ تزوجا وعادا أَيْضا إِلَى مَكَّة صُحْبَة السَّيِّد عَليّ بن حسن بن عجلَان فجاورا ثمَّ رجعا وقطنا الْقَاهِرَة وقتا وسمعا بهَا الْكثير على شَيخنَا والعز بن الْفُرَات وَآخَرين وَكَذَا سمعا بِدِمَشْق وَبَيت الْمُقَدّس وَمَكَّة وَغَيرهَا على طَائِفَة مِمَّن أَخذنَا عَنْهُم. وتلا الْقُرْآن على الشهَاب بن أَسد وَحضر دروس الْفِقْه عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيره وَقَرَأَ فِي الْأُصُول وَغَيره على إِمَام الكاملية وأتقن أَبْوَاب الْعِبَادَات وَلبس الْخِرْقَة أَيْضا من الشَّيْخ عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد القادري وَأبي الْفَتْح الفوى فِي آخَرين واعتنى بترجمة الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلاني فأجاد تصنيفها وقرضها لَهُ غير وَاحِد وَعمل أَيْضا النَّصِيحَة لدفع الفضيحة فِي الْإِنْكَار على الطَّائِفَة الصمادية فِي الطبل والرقص ضنعه فِي سنة سِتِّينَ وَرفع الالتباس وَدفع الوسواس ومفاتيح المطالب ورقية الطَّالِب وَغير ذَلِك ولهج كثيرا بِجمع أَخْبَار الصُّوفِيَّة فَكتب من ذَلِك جملَة فِي مجلدين وَهُوَ متقن فِي كل مَا يعمله كثير التَّحَرِّي لما يَنْقُلهُ غَايَة فِي الْوَرع وَصدق اللهجة والحرص على اتِّبَاع السّنة والتنفير عَن الْبدع مَعَ الهمة الْعَالِيَة ومزيد الأفضال على أحبابه والتقنع باليسير والانجماع عَن بني الدُّنْيَا وَعدم مخالطتهم والإقبال على)
شَأْنه من المطالعة وَالْعِبَادَة ووظائف الْخَيْر قل إِن رَأَيْت فِي مَجْمُوعَة مثله وَالثنَاء عَلَيْهِ مستفيض حَتَّى أَن سُلْطَان وقتنا وأتابك مَمْلَكَته لَا يعدله عِنْدهمَا أحد وَكم عرض عَلَيْهِ من شَيْء فأباه. وَقد حدث بِبَعْض تصانيفه(1/80)
أَخذهَا عَنهُ بعض الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد وبيننا من الود مَالا أنهض بوصفه وَقد اسْتَفَادَ مني كثيرا من التراجم وَالْأَحَادِيث وَكتب بِخَطِّهِ من تصانيفي جملَة سوى مَا عِنْده بِغَيْر خطه وافتتح بعض مَا كتبه عني بقوله أنبأ شَيخنَا الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ الْأُسْتَاذ الْعَلامَة فلَان. وَكَانَ بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ سَافر مِنْهَا فِي أَوَائِل ربيع الثَّانِي إِلَى دمشق مَحل استيطانه فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ قَرِيبا من نصف لَيْلَة السبت ثامن عشر رَجَب سنة ثَمَانِينَ بعد توعك نَحْو يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ صلى الصُّبْح يَوْم الْخَمِيس بِمَسْجِد تجاه مدرسة أبي عمر ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَيته فَأَقَامَ فِي مَكَان مِنْهُ عَادَته الْجُلُوس فِيهِ حَتَّى يُصَلِّي الضُّحَى فَلَمَّا دخل وَقتهَا قَامَ ليصليها قَائِما فَمَا اسْتَطَاعَ فَجَلَسَ ثمَّ غلب عَن نَفسه كَمَا قَامَ وَاسْتمرّ بَاقِي يَوْمه وَالَّذِي يَلِيهِ لَا يسمع مِنْهُ سوى قَول الْحَمد لله بهمة جَريا على عَادَته حِين قِرَاءَته الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة لكَون الصَّلَاة كَانَت آخر عَهده حَتَّى مَاتَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بجوار مواخيه قَاسم وَبلغ أمْنِيته فَإِنَّهُ كَانَ حِين إِقَامَته بِالْقَاهِرَةِ يرام مِنْهُ الْإِقَامَة بهَا فَيَقُول لَا أَمُوت بِبَلَد غير الَّذِي مَاتَ فِيهِ أخي لأنني أعلم مِنْهُ أنني لَو مت قبله لم يُفَارق قَبْرِي فِي أشباه هَذَا من الْكَلَام وَكَانَ قد تزوج بِزَوْجَتِهِ بعده وَكَأَنَّهُ بِوَصِيَّة مِنْهُ رحمهمَا الله وإيانا ونفعنا بِهِ.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْبُرْهَان البهنسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي. ولد فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ وَقَول غَيره سنة خمس وَسِتِّينَ غلط بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لأبي عَمْرو على الشَّيْخ مُحَمَّد التروجي وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَعرض على السراج بن الملقن وَعبد الْخَالِق بن عَليّ بن الْفُرَات وأجازا لَهُ وَأخذ النَّحْو عَن الشهَاب الأميوطي وَالْفِقْه عَن فتح الدّين التزمنتي والعز السُّيُوطِيّ وَبحث فِي الْأُصُول على عَليّ بن حمْرَان المنوفي وَحج مرَّتَيْنِ الأولى قبل الْبلُوغ وَالْأُخْرَى فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَدخل دمياط على قدم التَّجْرِيد وتنزل فِي صوفية البيبرسية. وولع بالنظم وبرع فِيهِ بِحَيْثُ أَتَى مِنْهُ بِمَا يستطرف وَخمْس الْبردَة تخميسا غَرِيبا فَإِنَّهُ افْتتح بصدر بَيت الأَصْل وَختم بعجزه وَكَلَامه بَينهمَا وَكتب عَنهُ من نظمه الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ كتب عَنهُ ابْن فَهد والبقاعي. وَمَات فِي أَوَائِل ربيع الأول سنة سِتّ وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ.)
وَمن نظمه:(1/81)
(لما رَأَيْت الْورْد ضَاعَ بخده ... وعذاره آس عَلَيْهِ دائر)
(أيقنت أَن الْقد غُصْن مثمر ... لجماله وَعَلِيهِ قلبِي دائر)
وَمِنْه:
(بانوا فَبَان الصَّبْر من بعدهمْ ... والحزن قد وافى وَولى السرُور)
(وخلفوا الصب حَلِيف الأسى ... أَلا إِلَى الله تصير الْأُمُور)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يزِيد برهَان الدّين الطَّائِي الأبناسي الأَصْل الخناني بِضَم الْمُعْجَمَة ثمَّ نون خَفِيفَة وَآخره نون القاهري الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد الْآتِي وَيعرف بالأبناسي. ولد بِأم خنان من المنوفية وَقدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن وَحضر الدُّرُوس وَمن شُيُوخه فِي الْفِقْه الشّرف السُّبْكِيّ والونائي والعبادي ولازم الِاشْتِغَال بالفرائض والحساب بِحَيْثُ صَارَت لَهُ فيهمَا مُشَاركَة جَيِّدَة وانتفع فِي ذَلِك بالشريف على تلميذ ابْن المجدي وَقَرَأَ على الكافياجي فِي الْمُتَوَسّط وعَلى الزين الأبناسي فِي الْمنطق وَغَيره وجود الْخط على الزين بن الصَّائِغ وبرع فِيهِ وَنسخ نسخا من البُخَارِيّ وَرُبمَا بَاعَ النُّسْخَة مِنْهُ بِخَمْسِينَ دِينَارا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وباشر التوقيع وَكَانَ قَادِرًا على الْإِنْشَاء بِحَسب الْوَقْت وَرُبمَا أنشأ بعض الْخطب وناب عَن نَاصِر الدّين بن أصيل فِي التوقيع عِنْد الْمُؤَيد أَحْمد فِي أَيَّام سلطنة أَبِيه الْأَشْرَف اينال واختص بِهِ بِحَيْثُ اسْتَقر بِهِ فِي مشيخة تربة وَالِده. وَحج وسافر إِلَى الشَّام وَدخل الاسكندرية مرَارًا آخرهَا قبيل مَوته وَرجع مِنْهَا وَهُوَ متوعك فَمَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَقد جَازَ الْخمسين وَخلف أَوْلَادًا وَأسْندَ وَصيته للزين الأبناسي لكَونه كَانَ زوج أوسطهم لابنته وَسمعت الثَّنَاء عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِض والحساب وَالْقُدْرَة على إنْشَاء الرسائل والخطب مِنْهُ قَالَ مَعَ شَيْء فِي الْفِقْه وتهجد وَصَوْم رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِسْمَعِيل بن إِبْرَاهِيم برهَان الدّين البلبيسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو التَّاج أَحْمد الْمَالِكِي الْآتِي وَيعرف بِابْن الظريف بالظاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد التَّحْتَانِيَّة وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن البُلْقِينِيّ وَجلسَ بالحسينية أضيفت إِلَيْهِ أَمَانَة الحكم بِالْقَاهِرَةِ ومصر وَحسنت مُبَاشَرَته لذَلِك مَعَ حسن عشرته ومعاملته لكنه كَانَ كثير الْإِسْرَاف على نَفسه. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بعد مرض طَوِيل عَن نَحْو سِتِّينَ سنة وأرخه بَعضهم بالطاعون فِي خَامِس)
عشري رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والمقريزي وَغَيرهمَا. وَقَالَ التقي ابْن قَاضِي شُهْبَة إِنَّه كَانَ آخر من بَقِي من الرؤساء ويحفظ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب(1/82)
وَجمع لَهُ بَين أَمَانَة مصر والقاهرة والحسبة وَكَانَت مُتَفَرِّقَة بَين ثَلَاثَة أنفس فباشرها مُبَاشرَة حَسَنَة بل خرج إِلَى بَيته على الْبَحْر فَسرق لَهُ مبلغ كَبِير فجَاء وَقد ارتجت الْقَاهِرَة وَقيل أَن أَمْوَال الْأَيْتَام والودائع ذهبت فَطلب بعض الْقُضَاة وَالشُّهُود وَأشْهد عَلَيْهِ أَنه لم يذهب من ذَلِك شَيْء ثمَّ ذهب واستقرض مبلغا كَبِيرا وَرهن أملاكه على ذَلِك كُله حَتَّى أَدَّاهُ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن بركَة بن صَخْر برهَان الدّين الزُّهْرِيّ التلحنيني الأَصْل الفاوي المولد القاهري المنشأ وَالدَّار الشَّافِعِي نزيل الحسينية ورفيق ابْن هَاشم فِي الشَّهَادَة بهَا. ولد فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بفاو من الصَّعِيد وأصلهم من تل حنين بِالْقربِ من عزار وكلني ولجده ضريح هُنَاكَ يقْصد للزيارة وَالدُّعَاء فانجفل أَبوهُ من اللنك إِلَى الْقَاهِرَة فَتزَوج أمه وَكَانَت قد انجفلت أَيْضا مَعَ أمهَا من عنتاب وَتوجه بهَا إِلَى فاو فَولدت لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة وعادا بِهِ وَهُوَ صَغِير إِلَى الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن وجوده بِمَكَّة حِين حج وَذَلِكَ قَرِيبا من سنة أَرْبَعِينَ على الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني وبالقاهرة على الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي وأدب بِهِ الْأَوْلَاد بِالْقربِ من جَامع كَمَال وقتا وخطب بِجَامِع ابْن اينال هُنَاكَ وَصَحب إِمَام الكاملية وَغَيره من الأخيار وَسمع الْكثير على شَيخنَا والشريف النسابة والحناوي وَآخَرين وَقَرَأَ عَليّ القَوْل البديع من نُسْخَة بِخَطِّهِ وَغير ذَلِك وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْخَيْر وَرُبمَا استدرج من رُفَقَاء السوء فِي الشَّهَادَات وَكَانَ مقهورا من ابْن هَاشم مَعَ أَنه لم يحصل لَهُ بعده رَاحَة. مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين بعد عَجزه وَانْقِطَاع حركته بِحَيْثُ كَاد أَن يخْتَلط.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن حسن الْبُرْهَان أَبُو اسحق القاهري الموسكي الحريري الموردي الْوَاعِظ الشَّافِعِي. ولد بقنطرة الموسكي قَرِيبا من زَاوِيَة ابْن بطالة وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَخر عُثْمَان المقسي وأخيه الشَّمْس والعمدة وعرضها على الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والعز الْحَنْبَلِيّ وَابْن الديري فِي آخَرين وَبَعض التَّنْبِيه وَحضر فِي دروس فقيهه الْفَخر والجوجري وَغَيرهمَا بل كَانَ أحد المقسمين فِي التَّنْبِيه وَالْحَاوِي والمنهاج عِنْد اسمعيل بن المغلى وَأخذ عَنهُ فِي النَّحْو وَغَيره ولازم الديمي فِي قِرَاءَة كثير من الْكتب كالبخاري وَالتَّرْغِيب وكتبهما مَعَ غَيرهمَا من كتب الحَدِيث(1/83)
وَغَيره بل قَرَأَ على الديمي الجرومية وَغَيرهَا كألفية الْعِرَاقِيّ. وَحج غير مرّة وجاور)
وَقَرَأَ على الْعَامَّة الحَدِيث ولقيني بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ من الْبيُوع من صَحِيح البُخَارِيّ إِلَى الصَّيْد والذبائح وَهُوَ نصفه وَسمع بِقِرَاءَة غَيره بَاقِيَة بل كتب مصنفي فِي ختم البُخَارِيّ وَفِي الْمِيزَان وقرأهما وَحضر عِنْدِي بعض الدُّرُوس وَقَالَ لي إِنَّه كَانَ يتَمَنَّى الِاجْتِمَاع بِي فِي الْقَاهِرَة للأخذ عني فَمَا تيَسّر لَهُ وَهُوَ إِنْسَان خير سَاكن يقْرَأ البُخَارِيّ وَالتَّرْغِيب وَنَحْوهمَا جيدا مَعَ أنسه بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيرهَا. مَاتَ بعد رُجُوعه من مَكَّة وانقطاعه بالفالج نَحْو شهر فِي ربيع الثَّانِي سنة خمس وَتِسْعين وَدفن بالقرافة رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أبي سعيد الْبُرْهَان بن الْعَلَاء المارديني الْمُقْرِئ بممن جود عَلَيْهِ بماردين الشهَاب أَحْمد بن رَمَضَان الْحلَبِي الضَّرِير فِيمَا قَالَه لي.
إِبْرَاهِيم بن عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ القلقشندي الْقُدسِي الْآتِي أَبوهُ وجده اسْتَقر بعده فِيمَا كَانَ باسمه من نصف الخطابة بالأقصى وباشرها إِلَى أَن مَاتَ وَهُوَ رَاجع من الْحَج فِي بطن مر فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين وَقد زَاد على الْأَرْبَعين وَكَانَ أحد مدرسي الكريمية والطازية تلقاهما عَن أَبِيه وَمن معيدي الصلاحية تلقاها عَن عَمه شهَاب الدّين وَغير ذَلِك ودرس يَسِيرا مَعَ انجماع عَن النَّاس وَستر وَهُوَ مِمَّن سمع مَعنا هُنَاكَ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عمر بن حسن بن حُسَيْن محب الدّين وبرهان الدّين أَبُو الْوَفَاء بن النُّور التلواني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي نزيل جَامع الْأَقْمَر وَيعرف كأبيه بالتلواني. ولد فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْجمال البدراني والمنهاج الفرعي والألفيتين وَجمع الْجَوَامِع وَعرض على شَيخنَا ووالده وَابْن البُلْقِينِيّ وَآخَرين واشتغل يَسِيرا فِي الْفِقْه على الونائي والسراج الدموشي فِيمَا قَالَ وَفِي الْعَرَبيَّة على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَغَيره وَلبس الْخِرْقَة من الزين رَمَضَان الأدكاوي وَأَجَازَ لَهُ وَهُوَ طِفْل باستدعاء مؤرخ بجمادى الأولى سنة أَربع عشرَة الشّرف بن الكويك وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ واستجيز فِي بعض الاستدعاآت بل رُبمَا حدث وَحج فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ ودرس بِجَامِع المقس فِي بَاب الْبَحْر وَكَذَا بالحاجبية وَجَرت لَهُ كائنة بِسَبَب أوقافه وَتكلم فِي جَامع الْأَقْمَر وَولى مشيخة الرِّبَاط بالبيبرسية وَرغب عَنْهَا بِأخرَة فِي سنة تسع(1/84)
وَثَمَانِينَ لعبد الْقَادِر بن النَّقِيب وَهُوَ إِنْسَان لين الْجَانِب تجرع بعد مَا أُشير إِلَيْهِ فاقة سِيمَا حِين توجه بِسَبَبِهَا لملاقاة السَّيِّد الْكرْدِي ليعينه)
فِيهَا فَإِنَّهُ سقط وانكسر بعض أَعْضَائِهِ. مَاتَ فِي سنة سبع وَتِسْعين رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عمر برهَان الدّين الْأنْصَارِيّ المتبولي ثمَّ القاهري الأحمدي أحد المعتقدين قدم من بَلَده متبول من الغربية إِلَى طنتدا فَأَقَامَ بضريحها مُدَّة ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة وَنزل بِظَاهِر الحسينية فَكَانَ يُدِير بهَا مزرعة ويباشر بِنَفسِهِ الْعَمَل فِيهَا من عزق وتحويل وَغير ذَلِك من مصالحها وَكَانَ يجْتَمع إِذْ ذَاك بالشيخ إِبْرَاهِيم الغنام وَنزل بزاوية هُنَاكَ بدرب التتر تعرف بالشيخ رستم وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي يتَرَدَّد إِلَيْهِ بهَا الْمُقْرِئ عبد الْغَنِيّ الهيثمي والزين عبَادَة بل كَانَ ابْتِدَاء اختفائه حِين طلب للْقَضَاء عِنْده فِيهَا ثمَّ قطن زَاوِيَة غَيرهَا بِالْقربِ من درب السبَاع وَصَارَ الْفُقَرَاء يردون عَلَيْهِ فِيهَا وَيقوم بكلفتهم من زرعه وَغَيره فاشتهر أمره وتزايد خَبره وَحج غير مرّة وانتقل لبركة الْحَاج وَأَنْشَأَ هُنَاكَ زَاوِيَة كَبِيرَة للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات وبستانا متسعا وسبيلا على الطَّرِيق هائلا عَم الِانْتِفَاع بِهِ سِيمَا فِي أَيَّام الْحَج وَكَذَا أنشأ جَامعا كَبِيرا بطنتدا وبرجا بدمياط وأماكن غير ذَلِك وَكَثُرت أَتْبَاعه بِحَيْثُ صَار يخبز لَهُم كل يَوْم زِيَادَة على أردب وَرُبمَا بلغ ثَلَاثَة أرادب سوى عليق الْبَهَائِم الَّتِي برسم مزدرعاته وَنَحْوهَا وَهُوَ فِيمَا بَلغنِي ثَمَانِيَة أرادب وهرع الأكابر فضلا عَمَّن دونهم لزيارته والتبرك بِهِ وَنسب إِلَيْهِ جماعته من الكرامات الْكثير واستفيض بَينهم أَنه لم يجب عَلَيْهِ غسل قطّ لَا من جماع فَإِنَّهُ لم يتَزَوَّج وَلَا احْتِلَام بل كَانَ فِيمَا قيل يذكر ذَلِك عَن نَفسه وَيَقُول أَنه أَخذ عَن الشَّيْخ يُوسُف الْبُرُلُّسِيّ الأحمدي وانتفع بِصُحْبَتِهِ وَأَنه فتح عَلَيْهِ فِي سطح جَامع الظَّاهِر لِأَنَّهُ أَقَامَ فِيهِ مُدَّة وتزاحم النَّاس عَلَيْهِ فِي الشفاعات وَكَانَ يرفدهم برسائله بل رُبمَا توجه هُوَ بِنَفسِهِ فِي المهم مِنْهَا كل ذَلِك مَعَ أميته ومداومته على الإهداء لكثير من الْأُمَرَاء وَنَحْوهم من فَاكِهَة بستانه وَنَحْوهَا وَالنَّاس فِيهِ فريقان وَكنت مِمَّن زرته وملت مَعَ محبيه بل بَلغنِي عَن الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ أَنه قَالَ لَا شكّ فِي صَلَاحه ووددت لَو كَانَ ثمَّ آخر مثله وَلَو لم يكن إِلَّا جمعه الجم الْغَفِير على الطَّعَام بل قيل أَنه ذكر مَا يُؤذن بِولَايَة الْبَدْر السَّعْدِيّ من بعده وَأَنه قيل لَهُ عَن الْخَطِيب فَذكر مَا يُؤذن أَنه لَا يصلح لصالحة وَعَن نور الدّين الشيشيني وَابْن جناق فَذكر مَا يلمح بموتهما قبله وَأكْثر مَا أنكر عَلَيْهِ اخْتِلَاط المردان من أتباعهم بغيرهم(1/85)
سِيمَا وَكَانَ البرهاني العجلوني يتَوَجَّه للإقامة هُنَاكَ برسم إقراء الطّلبَة مَعَ ذكر مَجِيئه عَنهُ فِي ذَلِك مَقَاصِد صَالِحَة وَالله أعلم بِهَذَا كُله. مَاتَ وَقد توجه لزيارة الْقُدس والخليل بعد توعكه مُدَّة بمَكَان بَين غَزَّة والرملة يُقَال لَهُ سدود بِالْقربِ)
من الْمقَام الْمَنْسُوب للسَّيِّد سُلَيْمَان فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثامن عشر ربيع الأول سنة سبع وَسبعين وَدفن هُنَاكَ وسنه ظنا يزِيد على الثَّمَانِينَ رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْبُرْهَان أَبُو اسحق الْمقدمِي الأحبولي الملحاني الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. لَقِيَنِي بِمَكَّة وَقَرَأَ عَليّ الحزب الْمَنْسُوب للنووي وَسمع عَليّ غَيره وأجزته.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن شمس بن رستم بن عبد الله الْبُرْهَان أَبُو اسحق الشمباري ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالزمزمي نِسْبَة لبئر زَمْزَم لكَونه كأبيه كَانَ يَلِي أمرهَا مَعَ سِقَايَة الْعَبَّاس نِيَابَة عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ العباسي. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَسمع على ابْن صديق والأبناسي وَأبي الطّيب السحولي والزين المراغي وَالْمجد اللّغَوِيّ وَالْجمال بن ظهيرة وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَابْن الْجَزرِي فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ النشاوري والتنوخي والمليجي والصردي وَمَرْيَم الْأَذْرَعِيّ وَخلق وَأخذ الْفِقْه عَن الْجمال بن ظهيرة والعربية عَنهُ وَعَن النسيم الكازروني ولازمه وَبِه تخرج وَعَلِيهِ انْتفع والركن الخوافي وَالشَّمْس المعيد والفرائض والحساب والجبر والمقابلة والهيئة والهندسة وَعلم الْمِيقَات واستخراج التَّقْوِيم من الزيج والتواريخ عَن أَخِيه الْبَدْر حُسَيْن وَالْعرُوض عَن أَخِيه الآخر الْمجد إِسْمَاعِيل والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وأصول الدّين عَن لطف الله السَّمرقَنْدِي تلميذ التَّفْتَازَانِيّ والتصوف عَن مُوسَى الزهْرَانِي والمحيوي مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد من ذُرِّيَّة الْغَزالِيّ وَحسن الأبيوردي وَذكر أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ التعرف فِي التصوف والزين الحافي وَمِنْه وَمن الْغَزالِيّ لبس الْخِرْقَة وأذنا لَهُ فِي إلباسها. ولازم الِاشْتِغَال حَتَّى تقدم فِي فنون وَانْفَرَدَ فِي بَلَده بعلمي الْمِيقَات والفرائض وتوابعهما وصنف فِي ذَلِك وَصَارَ الْمعول عَلَيْهِ فِيهِ بقطره مَعَ الْمُشَاركَة فِي غَيره من الْفَضَائِل والاشتمال على الْأَوْصَاف من الدّيانَة والثقة والعفة بِحَيْثُ لم تعلم لَهُ صبوة مَعَ كَونه لم يتَزَوَّج قطّ والتواضع وإطراح النَّفس وَعدم التَّكَلُّف وسلامة الصَّدْر وَالْوَقار والبهاء والمهابة وَقد ذكره شَيخنَا فِي تَرْجَمَة أَخِيه إِسْمَاعِيل وَقَالَ إِنَّه اشْتغل فِي عدَّة فنون وَأخذ عَن أَخِيه حُسَيْن علم الْفَرَائِض والحساب فمهر فيهمَا انْتهى.(1/86)
وَكَذَا ذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه اجْتمع بِهِ مرَارًا وَنعم الرجل فِي علمه وَدينه انْفَرد بِمَكَّة فِي قسم التركات والميقات وَيذكر بِفقه وَغَيره. قلت وَحدث ودرس وَأفَاد وَأخذ عَنهُ الْأَئِمَّة ولقيته بِمَكَّة فَقَرَأت عَلَيْهِ أَشْيَاء وَبَالغ فِي وصفي. وَمَات فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر ربيع)
الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وتأسف المكيون على فَقده رَحمَه الله وإيانا. وَمِمَّا كتبته عَنهُ من نظمه:
(وَإِن ترد كشف الصِّحَاح للفظة ... فالباب آخِره وَفصل أول)
(وَإِن يَك الْحَرْف الْأَخير عِلّة ... فَمن فُصُول آخر يحصل)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان برهَان الدّين الْأنْصَارِيّ الخزرجي التتائي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي العَبْد الصَّالح أَخُو الشّرف مُوسَى الْأنْصَارِيّ الْآتِي. ولد سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بتتا قَرَأَ بهَا الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه هرون وَقدم مِنْهَا فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فتلاه على الزين طَاهِر والشهاب السكندري وتلا عَلَيْهِ للكسائي وَكَذَا لنافع وَابْن كثير لَكِن إِلَى الْكَهْف فَقَط وعَلى غَيره لأبي عَمْرو وَحفظ لرسالة وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الزينين طَاهِر وَعبادَة وَأبي الْقسم النوري وَقسم عَلَيْهِ ابْن الْحَاجِب بِمَكَّة وَفِي الْعَرَبيَّة عَن أول الثَّلَاثَة مَعَ الوروري وَكتب عَن شَيخنَا فِي الأمالي ولازمه فِي غَيرهَا رِوَايَة وبحثا وَسمع على القَاضِي سعد الدّين بن الديري بل وعَلى الزين الزَّرْكَشِيّ فِي مُسلم وَأكْثر من الْمُلَازمَة للمناوي فِي مُدَّة تزيد على ثَلَاثِينَ سنة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكثير من كتب الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَالرَّقَائِق وَلبس الْخِرْقَة من جمَاعَة وَصَحب غير وَاحِد من الأكابر كالشيخ مَدين ولازم الْأمين الأقصرائي فِي قِرَاءَة تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره وَحج غير مرّة أَولهَا فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وجاور بعد الْخمسين وَقَرَأَ بِمَكَّة على أبي الْفَتْح المراغي الْيَسِير من الْكتب السِّتَّة والشفا وبالمدينة بَين الْقَبْر والمنبر على الْمِنْبَر على الْمُحب المطري الشفا بِكَمَالِهِ وَأقَام فِي الترسيم بعد أَخِيه مُدَّة مَعَ كَونه لم يدْخل مَعَه فِي شَيْء وَنعم الرجل صلاحا وصفاء ووضاءة ومداومة على التَّعَبُّد بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْم ورغبة فِي مجَالِس الحَدِيث وَالْعلم بل سِيمَا الْخَيْر عَلَيْهِ ظَاهِرَة. مَاتَ فِي لَيْلَة عَاشر رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين وَدفن بتربة أَخِيه بِالْقربِ من الشَّيْخ مُحَمَّد الإسطنبولي وَخلف ذكرا ابْن بضع عشرَة من أمة رُومِية اسْمه يحيى وَهُوَ الْآن حَيّ رَحمَه الله.(1/87)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْبُرْهَان بن الْعَلَاء الشَّامي الأَصْل القاهري الصحراوي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بالقطبي نِسْبَة لأحد شُيُوخ وَالِده. ولد تَقْرِيبًا هُوَ وَأَخُوهُ مُحَمَّد فِي بطن فِي الْمحرم سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَمَات والدهما سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن وَقَرَأَ على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ فِي الملحة والعمدة وعَلى الشَّمْس الشيشيني وَالسَّيِّد)
النسابة فِي الْفِقْه وعَلى ثَانِيهمَا جلّ البُخَارِيّ وتلا بالسبع أفرادا ثمَّ جمعا ثمَّ الثَّلَاثَة لتكملة الْعشْرَة على الزين جَعْفَر السنهوري وَقَرَأَ عَليّ فِي الْهِدَايَة لِابْنِ الْجَزرِي وَسمع مني القَوْل البديع بعد أَن حصله ولازمني فِي الأمالي وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ عَن الْكَمَال إِمَام الكاملية والزين زَكَرِيَّا فِي الْفِقْه أَيْضا وَغَيره وَقَرَأَ على أبي حَامِد التلواني عُمْدَة السالك لِابْنِ النَّقِيب حلا وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا وَحج غير مرّة مِنْهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَقد كف وَانْقطع بالصحراء وَرُبمَا دخل الْبَلَد لِأَخِيهِ وَكَثِيرًا مَا يَجِيء لزيارتي وَنعم الرجل.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة بن مَرْزُوق بن مُحَمَّد بن عَليّ الْبُرْهَان وَرُبمَا لقب الرضى أَبُو إِسْحَاق بن النُّور أبي الْحسن ابْن الْكَمَال أبي البركات بن الْجمال أبي السُّعُود الْقرشِي المَخْزُومِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي عَالم الْحجاز ورئيسه ووالد جماله المزال بهما عَن المشتبه تلبيسه وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة. ولد فِي لَيْلَة النّصْف من جُمَادَى الأولى سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَأمه أم الْخَيْر ابْنة القَاضِي عز الدّين النويري وَنَشَأ بهَا بَينهمَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ التَّرَاوِيح بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وجوده مرّة بعد أُخْرَى فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ على الزين بن عَيَّاش لكنه لم يكمله فِي الثَّانِيَة وَكَذَا جوده على الشهَاب الشوابطي بل قيل أَنه تلاه لأبي عَمْرو وَنَافِع من طَرِيق الشاطبية على أَولهمَا وَكَذَا حفظ أربعي النَّوَوِيّ وَالْحَاوِي الفرعي والمنهاج الْأَصْلِيّ وتلخيص الْمِفْتَاح والألفيتين النحوية والحديثية وَغَيرهَا وَعرض على جمَاعَة. وَسمع بِبَلَدِهِ على الشهَاب أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد المرشدي بعض البُخَارِيّ والختم من شرح السّنة لِلْبَغوِيِّ وَمن المنسك الْكَبِير لِابْنِ جمَاعَة وَجَمِيع الْبردَة للبوصيري وَمن الْجمال مُحَمَّد بن عَليّ الزمزمي بعض تحفة الْوَالِد وبغية الرائد تَخْرِيج التقي بن فَهد لَهُ من مروياته ومرويات غَيره وَمن أبي الْمَعَالِي الصَّالِحِي الترخيص فِي الْقيام والختم من(1/88)
الرياض والتبيان كلهَا للنووي وَقطعَة يسيرَة من أول البلدانيات لِابْنِ عَسَاكِر وَمن أبي الْفَتْح المراغي المسلسل بالأولية والكتب السِّتَّة بأفوات فِي البُخَارِيّ فَقَط والموطأ رِوَايَة يحيى بن يحيى خلا من أَوله إِلَى الزَّكَاة والرسالة للشَّافِعِيّ وَكَذَا السّنَن لَهُ رِوَايَة الْمُزنِيّ وإتحاف الزائر لِابْنِ عَسَاكِر وتاريخ الْمَدِينَة لوالده وَغير ذَلِك فِي آخَرين كالزينين أبي الْفرج بن عَيَّاش والحنبلي عرف بِأبي شعر والتقي بن فَهد والشهاب الشوايطي وَعَمه أبي السعادات بن ظهيرة.
وَأَجَازَ لَهُ خلق مِنْهُم من بَلَده التقي الفاسي ووالداه وجدته لِأَبِيهِ كمالية ابْنة القَاضِي تَقِيّ الدّين)
الْحرَازِي ولأمه كمالية أَيْضا ابْنة القَاضِي عَليّ النويري وَالْجمال المرشدي وَأَخُوهُ الْجلَال عبد الْوَاحِد وَالْجمال الشيبي وَالْجمال مُحَمَّد بن عَليّ النويري وَمن الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة الْجمال الكازروني وطاهر الخجندي والنور الْمحلى والمحب المطري وَمن الْقَاهِرَة الشَّمْس الشَّامي الْحَنْبَلِيّ والكلوتاتي وَعَائِشَة الحنبلية والزين الزَّرْكَشِيّ والتقي المقريزي والشهاب الوَاسِطِيّ والشرف الواحي والعز بن الْفُرَات وَمن دمشق حافظها ابْن نَاصِر الدّين والنجم بن حجي وَالشَّمْس الكفيري والشرف عبد الله ابْن مُفْلِح وَعبد الرَّحِيم بن الْمُحب والشهاب بن نَاظر الصاحبة وَمن بعلبك التَّاج والْعَلَاء ابْنا ابْن بردس وَمن حلب حافظها الْبُرْهَان سبط ابْن العجمي وَأَبُو جَعْفَر ابْن الضياء بن العجمي وَمن بَيت الْمُقَدّس الزين القبابي وَمن الْخَلِيل التدمري وَإِبْرَاهِيم بن حجي فِي آخَرين مِنْهَا وَمن غَيرهَا بل أجَاز لَهُ فِي جملَة أخوته سنة سبع وَعشْرين وَمَا بعْدهَا ابْن سَلامَة وَابْن الْجَزرِي وقريبه الْخَطِيب أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن الشهَاب بن ظهيرة وَفِي جملَة ذُرِّيَّة عَطِيَّة أحد أجداده الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَالْجمال بن الْخياط وَأخذ عَن شُيُوخ بَلَده والواردين إِلَيْهَا بل ارتحل إِلَى الديار المصرية فِي الطّلب مرَّتَيْنِ الأولى فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَالثَّانيَِة فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأقَام فِي كل مرّة مِنْهُمَا سنة وَمن شُيُوخه فِي علم الحَدِيث شَيخنَا والْعَلَاء القلقشندي فِي رحلته الأولى فَقَرَأَ على أَولهمَا نَحْو النّصْف الأول من شرح النخبة لَهُ وَسمع عَلَيْهِ سَبْعَة عشر جُزْءا مُتَوَالِيَة من أول مُسْند أبي يعلى وَالْكثير من البُخَارِيّ وَغير ذَلِك وعَلى ثَانِيهمَا فِي شرح الألفية للناظم وَفِي الْفِقْه عَمه الْمَذْكُور لَازمه كثيرا وَكَذَا الْبَدْر حُسَيْن الأهدل الْيَمَانِيّ وَالشَّمْس البلاطنسي والكمال الأسيوطي حِين مجاورة الثَّلَاثَة الأول فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَالثَّانِي فِي سنة سبع وَخمسين وَالثَّالِث فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فَقَرَأَ على ثانيهم فِي الرَّوْضَة وعَلى الآخرين(1/89)
الْحَاوِي كل ذَلِك بحثا وَشَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ والْعَلَاء القلقشندي والشرف الْمَنَاوِيّ كلهم فِي الرحلة الأولى فَقَرَأَ على ثانيهم فِي الرَّوْضَة من موضِعين مَعَ السماع عَلَيْهِ للْحَدِيث وَغَيره وعَلى أَوَّلهمْ قِطْعَة من ربع النِّكَاح من الْحَاوِي وعَلى كل من البَاقِينَ شَيْئا مِنْهُ وَمن شَرحه للقونوي وَفِي النَّحْو الْبُرْهَان الْهِنْدِيّ وَأَبُو الْفضل البجائي المغربي حِين مجاورتهما فَقَرَأَ على أَولهمَا ألفية ابْن مَالك وَسمع على ثَانِيهمَا شَيْئا مِنْهَا والتقي الشمني قَرَأَ عَلَيْهِ فِي رحلته الأولى الْمُغنِي مَعَ حَاشِيَته عَلَيْهِ والشوايطي فِي ابْتِدَائه وَفِي أصُول الْفِقْه الأهدل والهندي وَأَبُو الْفضل المذكورون والكمال بن الْهمام وَابْن إِمَام الكاملية والأمين)
الأقصرائي فَقَرَأَ على الأول شرح الْبَيْضَاوِيّ للأسنائي وعَلى الثَّانِي الْمَتْن وعَلى الثَّالِث فِي مجاورته سنة خمسين الْعَضُد ولازمه كثيرا حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه فِي أَكثر الْفُنُون بِهِ وعَلى الرَّابِع جَمِيع مُؤَلفه التَّحْرِير فِي مجاورته سنتي ثَمَان وَخمسين وَالَّتِي تَلِيهَا وَكَانَ قَرَأَ غالبه عَلَيْهِ فِي رحلتيه وعَلى الْخَامِس نَحْو النّصْف الأول من شَرحه الصَّغِير للمنهاج الْأَصْلِيّ فقطعة من أَوله فِي مجاورته سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَالْبَاقِي فِي رحلته الأولى وَسمع فِيهَا على السَّادِس بعض الْعَضُد وَكَذَا من شُيُوخه فِي أصُول الْفِقْه عَمه وَفِي أصُول الدّين الرُّكْن عمر بن قديد وَالشَّمْس بن حسان وَكَذَا الشمني وَابْن إِمَام الكاملية وَأَبُو الْفضل فَقَرَأَ على الأول فِي مجاورته سنة سِتّ وَخمسين نَحْو النّصْف من شرح الطوالع للدارحديني وعَلى كل من الثَّانِي فِي رحلته الأولى وَالرَّابِع فِي مجاورته سنة سبع وَخمسين قِطْعَة مِنْهُ وعَلى الثَّالِث فِي رحلته الثَّانِيَة جَمِيعه وعَلى الْأَخير فِيهَا قِطْعَة من شرح المواقف وَعَن النُّور البوشي أَيْضا أَخذ أصُول الدّين وَكَذَا قَرَأَ على البلاطنسي رِسَالَة شَيْخه الْعَلَاء البُخَارِيّ فاضحة الْمُلْحِدِينَ وَعنهُ أَخذ التصوف فَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح مُخْتَصر منهاج العابدين للغزالي وَفِي الْمنطق ابْن قديد وَابْن حسان والشمني والأقصرائي وَأَبُو الْفضل فَقَرَأَ على كل مِنْهُم قِطْعَة من شرح الشمسية وَالشَّمْس بن سارة قَرَأَ عَلَيْهِ فِي مجاورته سنة ثَمَان وَأَرْبَعين ايساغوجي وَكَذَا أَخذ الْمنطق عَن السَّيِّد عَليّ الشِّيرَازِيّ شيخ الباسطية العجمية وَغَيره من الْأَعَاجِم وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان الْهِنْدِيّ والأسيوطي وَابْن سارة فِي آخَرين فِي هَذِه الْعُلُوم وَغَيرهَا مِنْهُم المحيوي الكافياجي وأجازوه وَكَتَبُوا خطوطهم لَهُ بذلك فلاهدل والبلقيني والشمني والأسيوطي بالإقراء وَشَيخنَا والقلقشندي والمناوي(1/90)
بذلك وبالإفتاء والأقصرائي وَأَبُو الْفضل بإقراء فن المعقولات وَابْن الْهمام بِمَا أُجِيز لَهُ ونوهوا بِهِ وعظموه بِحَيْثُ وَصفه فِي إجَازَة شَيخنَا بالشيخ الإِمَام البارع المفنن المتقن الْعَلامَة وَقَالَ أَنه أبان حَال قِرَاءَته عَن يَد فِي الْفَهم طولى وأثار فَوَائِد كل مَا أطربت السَّامع فَائِدَة مِنْهَا قَالَت لَهُ أُخْتهَا وللآخرة خير لَك من الأولى بل أول مَا لقِيه صَادف الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة عِنْده وَهُوَ يتَكَلَّم فِي بعض الْمسَائِل فبحث مَعَه بتؤدة ومتانة وَنبهَ على مَحل النَّقْل بذلك وأحضر الْكتاب المعزو إِلَيْهِ فَوجدَ كَمَا قَالَ فَصَارَ شَيخنَا يكثر التَّعَجُّب من حجازي نسيب بِهَذِهِ المثابة من متانة الْعقل ومزيد الرياضة فِي الْبَحْث وَكَثْرَة الْأَدَب والاستحضار وَعدم سلوك مسالكهم فِي صَغِير الثِّيَاب وَمَا أشبه ذَلِك وَوَصفه البُلْقِينِيّ بالشيخ الْفَاضِل المفنن الْمُفِيد الْمجِيد وَأَنه حضر دروسه الْخَاصَّة)
والعامة ولازم من غير سآمة وَقَرَأَ قِرَاءَة بحث وَتَحْقِيق وتنقيح وتدقيق والقلقشندي بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة وَأَنه جد فِي الْعلم واجتهد ورقي فِيهِ أبلغ مرقى وَعلا أقرانه غربا وشرقا وَهَاجَر لذَلِك وهجر الوطن وَنفى الرقاد والوسن وَأَبَان فِي قِرَاءَته عَن جد واجتهاد وَعَن نظر واستعداد أَفَادَ فِيهَا واستفاد وَجعل دأبه معرفَة حقائق هَذَا الْكتاب الَّذِي يعد فاهم بعضه من الْأَفْرَاد هَذَا مَعَ يبسه فِي كتاباته بل قَالَ متفرسا فِيهِ أَنه لَا يزَال يترقى والمناوي بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة الحبر وَأَنه رَآهُ زاحم الْعلمَاء بالركب وَتمسك من الْعُلُوم النقلية والعقلية بأوثق سَبَب قَالَ فاستفدت مِنْهُ وأفدته فَوَائِد فرائد وخلت أَن فضل الله تَعَالَى فِيهِ متزايد وَابْن الْهمام بالشيخ الإِمَام المتقن الْمُحَقق الْجَامِع لأشتات الْعُلُوم الطَّبِيب لما يعرض لَهَا من الكلوم وَأَنه أظهر من الأبحاث الصَّحِيحَة والآراء الرجيحة مَا استفدنا بِهِ أَنه فِي التحقيقات النظرية أَي عريق وَأَنه لمرتادها لعمري نعم الرفيق ارتشفنا من زلال كَلِمَاته مَا تسربه النُّفُوس وحلا لأسماعنا من أبكار أفكاره الصَّحِيحَة كل عروس فتح من قواطعه مَا لَا طَاقَة بِهِ لِذَوي الْجلَال وحلى جيد الزَّمَان العاطل بجود سحره الْحَلَال فابتهجت بِهِ مجالسنا أَي ابتهاج وحرك من سواكن هممنا أقداح زنده بَيْننَا وأهاج أبقاه الله تَعَالَى لمشكلة يحلهَا ومنزلة عالية يحلهَا قَالَ وَلَقَد أحزنتني فرقته بعد أَن أحاطت بِي علقته:
(قدحت زفيري فاعتصرت مدامعي ... لَو لم يؤل جزعي إِلَى السلوان)
وَقَالَ بعد أَن أذن لَهُ مَعَ أَنه هُوَ الَّذِي أَفَادَ لَكِن على ظن أَنه اسْتَفَادَ وَالله تَعَالَى(1/91)
هُوَ المسؤل أَن يجمل الْوُجُود بِوُجُودِهِ ويديم حسن النّظر إِلَيْهِ بِمَعْنى لطفه وجوده والأقصرائي بسيدنا الْعَالم مجمع المكارم السالك فِي مسالك الْجنان السَّاعِي فِي مساعي رضَا الرَّحْمَن السائح فِي طرق الْفَهم بأقدام الِاجْتِهَاد السابح فِي بحار الْعلم بأيدي الرشاد الصاعد فَوق أَعْلَام الْعُلُوم على مراكب السهاد الطالع على أَعلَى ذرْوَة الْمَعَالِي عد الْأَيَّام والليالي الشيخي العلامي العالمي البرهاني وَأَنه بحث بحثا بإيقان وإتقان وتفتيش وتنقير وتوضيح وتنوير وإنعام وإمعان فَأفَاد وأجاد ثمَّ شهد لَهُ بِعِلْمِهِ بِكَمَال أَهْلِيَّته وَتَمام استعداده وتوقد فطنته وسلامة سليقته واسترسال أريحيته واحتوائه على أَصْنَاف الْعُلُوم وعلو مرتبته والشمني بالشيخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة وَأَنه هجر الوسن والرقاد حَتَّى كَانَ فرشه شوك القتاد وظفر من الْعلم بطائل وَأدْركَ من سبقه فِيهِ من الْعلمَاء الْأَوَائِل والبلاطنسي بالشيخ الْعَالم الْعَلامَة مفتي الْمُسلمين ومفيد الطالبين خطيب)
الْحرم الشريف الْمَكِّيّ وَأَنه ذَا كره فِي مَوَاضِع كَثِيرَة من الرَّوْضَة فَوَجَدَهُ عَالما فِي الْمَذْهَب فاق كثيرا من أهل زَمَانه وَعرف بالصيانة والديانة بِحَيْثُ استفيض أَنه لم يزن بريبة وَلَا طن على الأسماع عَنهُ مَا يدنس ثَوْبه وَلم تعلم لَهُ صبوة وَلَا ضبطت عَنهُ هفوة وطار صيته بذلك وبالتفنن حَتَّى أَنه لشهرته لَا يحْتَاج إِلَى الْإِيضَاح والتبين وَقد قَالَ البقاعي وَهُوَ من لم يسلم من أَدَّاهُ كَبِير أحد وَلَا يلْتَفت لمقاله إِلَّا إِن اعتضد: لَقيته مرّة فِي مَكَّة سنة تسع وَأَرْبَعين وَهُوَ يشار إِلَيْهِ فِي الْفضل وَالدّين وَقَالَ أَنه علا بِأبي الْفضل علوا كَبِيرا وانتفع بِهِ مَا لم ينْتَفع بِغَيْرِهِ ظهيرا إِلَى أَن قَالَ وَهُوَ شَاب حسن الشكل وَالْمعْنَى نَشأ فِي حجر الشهامة وَالْعلم وربي فِي حَظِيرَة السِّيَادَة والصيانة والحلم فبرع صَغِيرا وَمهر فِي فنون الْعلم حَتَّى صَار بسيادتها جَدِيرًا وَتقدم أقرانه فَهُوَ المظنون أَن لَا قرين لَهُ كَبِيرا قَالَ وَلم يخرج من الْقَاهِرَة إِلَّا وَقد امتطى مَرَاتِب الأسلاف وفَاق كثيرا مِنْهُم بِلَا خلاف قَالَ وَيقرب عِنْدِي من التَّحْقِيق أَنه تَنْتَهِي إِلَيْهِ رياسة الْحجاز دينا وفضلا وشهامة وعقلا بل احْتج على من قبحه فِي تأليفه المناسبات باستكتابه لَهُ وَعبارَته: وَلَو كَانَ مَا يَقُول الشَّافِعِيَّة فِي ذمَّة والتشنيع عَلَيْهِ حَقًا مَا اسْتَكْتَبَهُ الْعَلامَة قَاضِي الشَّافِعِيَّة بِمَكَّة الْمَشْهُور بِالْعلمِ والديانة إِلَى آخر كَلَامه. وتصدى فِي حَيَاة جُمْهُور شُيُوخه للإقراء بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام غير متقيد بِمحل يجلس فِيهِ ثمَّ فِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وَخمسين تقيد بِالْجُلُوسِ أَمَام بَاب العجلة(1/92)
بعد صَلَاة الظّهْر كل ذَلِك مَعَ تقنعه واقتصاده فِي معيشته وَعدم توسعه وتقلله من الدُّنْيَا وَترك تطفله على أَهلهَا فِي جَمِيع الْأَشْيَاء وَصرف همته للْعلم إِلَى أَن تحرّك سعده وتبرك بِهِ من ألهم رشده حَتَّى قيل:
(لقد زين الْبُرْهَان بطحاء مَكَّة ... وألبس من فِي أخشبيها تيمنا)
فَلم يلبث أَن اسْتَقر فِي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام عوضا عَن الْأَخَوَيْنِ الخطيبين أبي الْقسم وَأبي الْفضل ابْني أبي الْفضل النوري وَذَلِكَ فِي سادس عشر شعْبَان سنة خمس وَخمسين وَقُرِئَ توقيعه بذلك فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر رَمَضَان وباشر من يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشرَة وأكمدت الحساد بذلك وَللَّه در الْقَائِل:
(إِن الزَّمَان استبشرت أَيَّامه ... والمنبر استولى عَلَيْهِ إِمَامه)
(وَتَبَسم الْبَيْت الْعَتِيق مَسَرَّة ... لما رآك مُصَليا ومقامه)
(وغدوت يَا برهانه فِي مستوى ... من مجده منشورة أَعْلَامه)
)
(فالبس جلابيب المسرة والهنا ... فالجمع مشمول لديك نظامه)
ثمَّ انْفَصل عَنْهَا فِي أول جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَخمسين مَعَ اسْتِمْرَار وجاهته واستقرار شهرته وديانته بِحَيْثُ رغب عَمه وَشَيْخه فِي تَزْوِيجه بابنته وترويجه بضمه إِلَى جِهَته وَكَانَ لَهما بذلك مزِيد الْفَخر ولمناوئهما من أَجله غَايَة الْقَهْر واستولدها بِيَقِين فِي الْمحرم سنة تسع وَخمسين الجمالي أَبَا السُّعُود وسيقت لَهُ المسرات والسعود فَفِي أوائلها ولى النّظر على الْمدرسَة الجمالية المستجدة بِبَاب حزودة وأوقافها من واقفها ثمَّ أضيفت إِلَيْهِ مشيختها بعد موت شيخها الشّرف أبي الْفَتْح المراغي فِي عشري صفر مِنْهَا وَحضر بالصوفية بعد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الْأَحَد سَابِع جُمَادَى الثَّانِيَة وَكَانَ المنوفي يحضر أول النَّهَار لاشتغاله فِي الْعَصْر بمشيخة الزمامية وَكَذَا أضيف إِلَيْهِ بعد مَوته أَيْضا مشيخة إسماع الحَدِيث للظَّاهِر جقمق ثمَّ ولى نظر الْمَسْجِد الْحَرَام فِي شَوَّال مِنْهَا عوضا عَن طوغان شيخ وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْخَمِيس مستهل ذِي الْحجَّة ثمَّ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِمَكَّة فِي سَابِع عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عوضا عَن ابْن عَمه الْمُحب أبي السعادات وَقُرِئَ توقيعه فِي صَبِيحَة يَوْم السبت رَابِع عشري رَمَضَان بِحَضْرَة صَاحب مَكَّة السَّيِّد جمال الدّين مُحَمَّد بن بَرَكَات والقضاة والأعيان وباشر ذَلِك كُله بعفة ونزاهة وهمة ووجاهة وَحُرْمَة وافرة وديانة وَضبط وَأَمَانَة واجتهاد تَامّ فِي مصَالح الْمَسْجِد الْحَرَام ومبالغة فِي حفظ أَمْوَال الْأَيْتَام والغائبين وحرص على كف الْفساد والمعتدين بِحَيْثُ وقف(1/93)
الْجُمْهُور عِنْد مرتبتهم وخف الكرب فِي تعدِي الجرأة على ضعفتهم وهابه الْكَبِير وَالصَّغِير وأجابه الدَّهْر فِيمَا بِهِ يُشِير وقويت شوكته وعلت كَلمته وانتشرت بركته بمزيد اعْتِقَاد الجمالي نَاظر الْخَاص وشاد جده جَانِبك الظَّاهِرِيّ فِي علمه وأمانته وصلاحه سِيمَا وَأَخُوهُ الكمالي أَبُو البركات لَا يحوجه عِنْدهمَا لشَيْء بل هُوَ الْقَائِم بالمحاماة مَعَه والذب عَنهُ عِنْدهمَا بل وَعند سَائِر أَرْبَاب الْحل وَالْعقد من أهل الديار المصرية لتكرر دُخُول الْأَخ إِلَيْهَا وانتفع السَّيِّد صَاحب الْحجاز بذلك بِحَيْثُ صَار لَا يقدم عَلَيْهِ غَيره وتأيد كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ وَلم ينْهض الْخَطِيب أَبُو الْفضل فضلا عَمَّن دونه لخفضه وَلَا اعْترض من فِي قلبه مرض فِيمَا يقرره من مسنون الشَّرْع وفرضه سِيمَا وَقد حدس كَمَال الْمشَار إِلَيْهِ فِي مسَائِل نَازع فِيهَا بالبرهان شَهَادَة غير وَاحِد من الْأَئِمَّة الْأَعْيَان فَمَا وَسعه إِلَّا مُفَارقَة الْبَلَد ومعانقة الكمد وَالْجَلد وأعيد صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى الخطابة شَرِيكا لِأَخِيهِ الْمَذْكُور فِي عَاشر صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ عوضا عَن ابْني)
النويري أَيْضا ثمَّ انفصلا عَنْهَا بهما فِي سادس صفر سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وتركا الْمُبَاشرَة من سادس عشر ربيع الأول حِين الْعلم بذلك ثمَّ لم يلبث أَن أُعِيد إِلَيْهَا أَيْضا شَرِيكا لِأَخِيهِ الْفَخر أبي بكر فِي ثَانِي عشري ربيع الآخر مِنْهَا وَقُرِئَ توقيعهما فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر جُمَادَى الأولى ثمَّ انفصلا بِابْني النويري أَيْضا فِي شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَاسْتمرّ على وَظِيفَة الْقَضَاء وَالنَّظَر إِلَى أَن صرف عَن الْقَضَاء فَقَط فِي عشر شَوَّال سنة خمس وَسبعين بِابْن عَمه الْمُحب وَترك الْمُبَاشرَة حِين الْعلم بصرفه بوصول التوقيع فِي آخر ذِي الْقعدَة وَذَلِكَ بسفارة الشمسي بن الزَّمن أحد خَواص الْملك لمعارضته لَهُ فِي بِنَاء لما أنشأ رباطه بالمسعى وَمنعه الْعمَّال من الْحفر لكَونه فِي الْمَسْعَى وساعد القَاضِي من كَانَ هُنَاكَ من عُلَمَاء المجاورين وَنَحْوهم حَيْثُ كتب إِلَى السُّلْطَان بِمَا يَقْتَضِي انبعاثه لعزله فَأُجِيب لذَلِك وأحضر بعد عَزله فِي أَيَّام الْمَوْسِم بِحَضْرَة الْقُضَاة والأمراء وَالْعُلَمَاء والتجار وَسَائِر الْأَعْيَان من المساعدين والمعاندين مَا كَانَ تَحت يَده للأيتام والغائبين وَهُوَ نَحْو سِتَّة عشر ألف دِينَار ذَهَبا لم يخصم مِنْهُ نَفَقَة وَلَا كسْوَة وَلَا زَكَاة وَنَحْوهَا من المصارف الضرورية لكَونه كَانَ ينميها لَهُم بالمضاربة وبغيرها بِحَيْثُ تكون جَمِيع المصارف الْمشَار إِلَيْهَا من الرِّبْح بل رُبمَا يفضل مِنْهُ مَا يُضَاف إِلَى الأَصْل وَأَرَادَ المستقر أَن يسلم فَلم يُوَافق يشبك الجمالي(1/94)
أَمِير الْحَاج بل وَلَا ابْن الزَّمن الْقَائِم عَلَيْهِ وَلَا غَيرهمَا على ذَلِك بل التمسوا مِنْهُ إبقاءها تَحت يَده حَتَّى يُرَاجع السُّلْطَان فَامْتنعَ وَأَشَارَ بِأَنَّهَا تكون تَحت يَد ابْن الزَّمن أَو الْجمال مُحَمَّد بن الظَّاهِر فَلم يوافقا فَتركت تَحت يَده وَلما علم السُّلْطَان بذلك كُله وَافق عَلَيْهِ إِلَى اسْتِقْلَال الْأَيْتَام وَحُضُور الغائبين وَكَانَ فِي ذَلِك كُله الْفَخر لصَاحب التَّرْجَمَة وَلما لم يحصل التشفي مِنْهُ بأزيد من مُجَرّد الْعَزْل أضيف إِلَيْهِ لمزيد التشفي صرفه عَن نظر الْمَسْجِد الْحَرَام أَيْضا فِي أَوَائِل سنة سِتّ بالمحب أَيْضا وتفرغ حِينَئِذٍ الْبُرْهَان لمزيد الإقبال على الِاشْتِغَال وَعَكَفَ عَلَيْهِ الطّلبَة لوفور الْحَج وأقرأهم فِي شرح الْبَهْجَة وَفِي حَاشِيَة لَهُ على القونوي شرح الْحَاوِي كتب مِنْهَا كراريس وسافر أَخُوهُ الْكَمَال إِلَى الْقَاهِرَة ليسترضي السُّلْطَان عَنهُ فَوَثَبَ عَلَيْهِ أحد الْفُضَلَاء نور الدّين الفاكهي وَهُوَ فِي التفنن بمَكَان وبالتفصح طلق اللِّسَان بِحَضْرَتِهِ وشافهه بِمَا لَا يَلِيق ببهجته وَسكت عَن زبره وإخماد حسه لموافقته غَرضا أضمره فِي نَفسه بعد أَن كَانَ الْخصم استفتى على حكم القَاضِي بتضمن دَفعه عَمَّا زعم اسْتِحْقَاقه لَهُ فِي الْحَال والمستقبل والماضي فأفتاه من مَشى عَلَيْهِ)
ترويجه وتدبيجه كالعبادي والبكري والمقسي والجودي وتوصل بِمن أعلم السُّلْطَان فسد مَعَه بسكوته حِينَئِذٍ وَبِغير ذَلِك إِلَى ان حكم الشَّافِعِي وَهُوَ الأسيوطي قهرا وَغَلَبَة بإلغاء الحكم مُسْتَندا فِي ذَلِك للفتاوى الَّتِي ضمنهَا الأسجال ورام المخاصم اسْتِدْرَاج الموثق فِي تسجيل مَا لم يتَّفق فَمَا مَشى مَعَه لوفور يقظته وجرحت هَذِه الكائنة قلب الْكَمَال وأخيه وأحبابهما حَتَّى بَلغنِي أَنه يَقُول نطفنا لَا تنساها أَو كَمَا قَالَ وتكدر على الفاكهي أمره بل قهر عَن قرب أَشد الْقَهْر وَمَات وَقبل ذَلِك فِي موسم سنة سبع وَسبعين طلب السُّلْطَان القَاضِي للديار المصرية فبادر صُحْبَة السَّيِّد بَرَكَات بن صَاحب الْحجاز وَمَعَهُ كل من أَخَوَيْهِ الْكَمَال وَالْفَخْر وَولده أبي السُّعُود الجمالي وَمن شَاءَ الله من بني عَمه وأقربائه وَغَيرهم إِلَى الِامْتِثَال وَوصل الْقَاهِرَة مَعَ الْحَاج فِي يَوْم السبت رَابِع عشري الْمحرم سنة ثَمَان بعد احتفال السُّلْطَان بِأَمْر الْأُمَرَاء بتلقيهم وإكرامهم بتجهيز الملاقاة بل وَأرْسل لكل مِنْهُم فرسا وللقاضي بغلة ومدت لَهُم الأسمطة وَغير ذَلِك وَنزلا بتربته الَّتِي استجدها بِالْقربِ من الشَّيْخ عبد الله المنوفي وَذَلِكَ قبل انتهائها وهرع الأكابر لملاقاتهما إِلَى أَن طلعا إِلَى السُّلْطَان فاكرمهما وأجلهما وخلع عَلَيْهِمَا وَنزلا إِلَى الْمحل الْمعِين لإقامتهما وَهُوَ على الْبركَة جوَار(1/95)
جَامع البشيري وسيقت إِلَيْهِمَا الضيافات وَسَائِر أَنْوَاع المآكل والتفكهات وَنَحْو ذَلِك من السُّلْطَان فَمن دونه فَكَانَ شَيْئا عجبا يزِيد على الْوَصْف وَلم يلبث بعد عمل الْمصلحَة من السَّيِّد أَن أُعِيد لوظيفتي الْقَضَاء وَالنَّظَر وَذَلِكَ فِي أَوَائِل صفر مِنْهَا وجهز قَاصد بِمَكَّة للإعلام بذلك فوصلها فِي لَيْلَة سَابِع ربيع الأول وباشر ذَلِك عَنهُ نَائِبه وَابْن عَمه القَاضِي جمال الدّين بن نجم الدّين وَاسْتمرّ مُقيما هُوَ وَالسَّيِّد وَمن مَعَهُمَا بالديار المصرية على أسر حَال وأبهجه إِلَى موسم السّنة الْمعينَة مُمْتَنعا من الْإِفْتَاء والإقراء وعد ذَلِك من وفور عقله فَعَاد إِلَى مَكَّة وَقد تزايدت وجاهته وَتَنَاهَتْ ضخامته إِلَى أَن حج السُّلْطَان فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد انهاء مدرسته الَّتِي أنشئت لَهُ بمَكَان رِبَاط السِّدْرَة وَنَحْوه فَزَاد فِي تَعْظِيمه وَتَبعهُ فِي الطّواف وَالسَّعْي وَنَحْوهمَا مِمَّا استرشد فِيهِ من تَعْلِيمه وَقَررهُ شيخ الصُّوفِيَّة والدرس بهَا وَحضر مَعَه أول يَوْم وَحِينَئِذٍ رغب لِابْنِهِ عَن مشيخة الجمالية لمعارضتهما ثمَّ استنابه فِي الْقَضَاء وَصَارَ هُوَ يعْمل الدَّرْس بهَا أَيَّامًا فِي الْجمع فِي الرَّوْضَة والكشاف ويحضر التصوف كل يَوْم وانتفع فِي جَمِيع مَا أَشرت إِلَيْهِ وَفِي غَيره بصاحبنا النَّجْم بن فَهد الْهَاشِمِي فَإِنَّهُ كَانَ يبرز مَعَه قولا وفعلا فِي المواطن الَّتِي يجبن بهَا غَيره وَيكْتب لأَصْحَابه المصريين وَغَيرهم)
بِمَا يزْدَاد بِهِ قُوَّة ووجاهة حَتَّى كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يغتبط بِهِ بِحَيْثُ قَالَ الْخَطِيب أَبُو الْفضل وددت لَو كَانَ معي وَلَو تخلف عني سَائِر أَصْحَابِي وأقاربي وَلذَا عودي النَّجْم وَمَسّ بالأذى فِي نَفسه وجهاته وَهُوَ لَا ينثنى عَنهُ بل وَصفه بقوله إِمَام عَلامَة مفنن حسن التدريس والتقرير قَلِيل التَّكَلُّف قوي الْفَهم جيد الفطنة متواضع محتشم كثير الْإِنْصَاف مَعَ صِيَانة وَمَعْرِفَة بِالْأَحْكَامِ ودربة فِي الْقَضَاء ووضاءة ومروءة تَامَّة وَفضل جزيل لَا سِيمَا لأَصْحَابه والغرباء وَحسن محاضرة واستحضار لجملة من الْمُتُون والتواريخ والفضائل وَالْأَخْبَار والنوادر والوقائع بل هُوَ نادرة الْوَقْت علما وفصاحة ووقارا وبهاء وتواضعا وادبا وديانة وَلَيْسَ فِي أَبنَاء جنسه مثله انْتهى. وَلم يعْدم من طَاعن فِي علاهُ ظاعن عَن حماه كَمَا هُوَ الشَّأْن من الْجُهَّال فِي ذَوي الْكَمَال فَالنَّاس أَعدَاء لرب فَضِيلَة والإلباس غير مُؤثر فِي الْأَوْصَاف الجليلة وَقد جَاوَرت تَحت نظره غير مرّة وجاوزت فِي اختبار أمره كل مَسَرَّة وَرَأَيْت مِنْهُ مَا زَاد الْحَمد لَهُ بِسَبَبِهِ وَكَاد انْفِرَاده بِمَا يزِيد السَّامع لَهُ من تعجبه وَهُوَ فِي طول صحبتي لَهُ على نمط لم أضبط عَنهُ فِيهَا غير الْجَمِيل فِي(1/96)
الرِّضَا والسخط وطالما يراسلني بالثناء والاستمداد من الْفَوَائِد ليدفع بذلك من هُوَ بخطابه معاند وَلَيْسَ فِي الصِّلَة للحق بعائد من حَيَاة شَيخنَا ابْن الْهمام وهلم جرا بِدُونِ شكّ وامترا وَمَا أحسن قَول بعض الْفُضَلَاء فِي وَصفه: عقله يوازي عقول الوافدين لمفارقتهم لَهُ بِالرِّضَا عَنهُ وَالثنَاء على علمه ولطفه بل أكابرهم يتشرفون بِحُضُور مجالسه ويستمدون من علومه ونفائسه كالشرف بن عيد قَاضِي الشَّام ومصر وَمن لَا أحصره من أَعْيَان الْعَصْر ويلتمسون مِنْهُ الْإِجَازَة لما علمه وحازه وَرُبمَا يحضر من لَهُ تأليف شَيْئا من تصانيفه إِلَيْهِ ليقرضه لَهُ ويثني عَلَيْهِ فَيحصل هُوَ مَا يُعجبهُ من ذَلِك ويتفضل بالتنويه بِهِ لمن هُوَ لنمطه سالك وَقد حصل من تصانيفي جملَة واغتبط بهَا وَرَأى أَنَّهَا فِي مقصودها أتم وصلَة بِحَيْثُ ينْقل عَنْهَا فِي دروسه ويتعقل مَا فِيهَا من بليغ القَوْل ونفيسه وَيحسن مَشْيه فِيهَا وسيره لكَونه لَا يقدم على مصنفها غَيره وامتدحه مِنْهُم وَمن أهل بَلَده الْأَعْيَان بالقصائد الطنانة البليغة الْمعَانِي وَالْبَيَان وَهُوَ مَعَ هَذَا كُله لَا يزْدَاد إِلَّا أدبا وَلَا يعْتَاد غير التَّوَاضُع للفضلاء وَمن لَهُ صحبا مَعَ حسن الِاعْتِقَاد فِي خلص الْعباد والنفرة من الملبسين على ضعفاء الْمُسلمين وطالما سَمِعت مِنْهُ التنفير من جمَاعَة مِمَّن يظْهر تمكنه فِي الْفَضِيلَة وَالطَّاعَة ثمَّ يتَبَيَّن بعد دهر طَوِيل تَحْقِيق مقاله بالبرهان وَالدَّلِيل إِلَى غير ذَلِك من أُمُور نشأت عَن فراسة تشبه الْكَشْف ورياسة يستميل بهَا)
أهل التميز والعطف وَقد رَأَيْته كتب للشريف حُسَيْن حفيد شَيْخه الأهدل وَكَانَ مِمَّن يسْلك فِي الْأَخْذ عَنهُ الطَّرِيق الأعدل أَنه أبدى فِي بعض تِلْكَ الْمجَالِس من الْفَوَائِد مَا يتلَقَّى باليدين وَيحمل على الرَّأْس وَالْعين ويتعجب سامعها من حسنها فَيَقُول هَذَا من أَيْن ثمَّ يتراجع وَيَقُول وَلَا عجب فَهُوَ من الْبَيْت الطَّاهِر وَالْحُسَيْن وَابْن الْحُسَيْن جرى فِي إيرادها على قانون الْعَرَبيَّة والمواد الأدبية لَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ فِيمَا يلقيه ملامه لسلوكه فِيهِ وَاضح الاسْتقَامَة بِأَلْفَاظ آنق من الحدائق وأنقى من محَاسِن الغيد الْعَوَاتِق فيصل إِلَى الْمَقْصُود بأفصح عبارَة وألطف إِشَارَة جيد القريحة ذكي الْفطْرَة الصَّحِيحَة متع الله بفوائده ومحاسنه وأبقاه لاستخراج الدّرّ من معادنه وَقد أجزته طيب الله حَيَاته ورحم روح سلفه ورفاته إِلَى آخر مَا كتب مِمَّا لَيْسَ بعجب إِلَى غَيرهَا مِمَّا كتبه لِابْنِ عيد وقرض بِهِ كتاب السَّيِّد السمهودي الْمُفِيد حَسْبَمَا هُوَ عِنْدِي فِي مَكَان آخر وَالْمقَام أَعلَى من هَذَا وَلذَا وَصفته بسيدنا ومولانا بل أعلمنَا وأولانا قَاضِي الْقُضَاة والراضي بِمَا قدره الله(1/97)
وقضاه شيخ الْإِسْلَام عَلامَة الْأَئِمَّة الْأَعْلَام بركَة الْأَنَام والمحيي لما لَعَلَّه اندرس من الْعُلُوم بتوالي اللَّيَالِي وَالْأَيَّام مفخر أهل الْعَصْر والغرة المشرقة فِي جبهة الدَّهْر مجمع المحاسن الوافرة ومشرع القاصدين لعلوم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الْفَائِق فِي سياسته وَذريته وَالسَّابِق بمداراته وَرَحمته مسعد الْأَيْتَام والأرامل مرفد الغرباء فِي حالتي الْجدّة والإعدام والأفاضل من العقد الْإِجْمَاع على رياسته وَانْفَرَدَ بِدُونِ نزاع بوجاهته وجلالته فالنفوس المطمئنة لَا تركن لغير كَلَامه والرؤس اللينة لَا نطمئن إِلَّا فِي ائتمامه لإشاراته تصغي الْمُلُوك وبسفاراته يرتقي الْغَنِيّ فضلا عَن الصعلوك المعرب فعله عَن صِفَات بالْعَطْف تمييزها تَأَكد وَالْمغْرب بِمَا انْفَرد بِهِ عَن الكافة مِمَّا اسْترق بِهِ الْأَحْرَار واستعبد مجالسه محتفة بالفضلاء من سَائِر الْمذَاهب ومدارسته مشرفة بالنبلاء من أهل الْمَشَارِق والمغارب مِمَّن يقْصد الاستمداد مِنْهُ ويتعبد بالاستعداد للأخذ عَنهُ ويروا لكَوْنهم لم يبلغُوا مده وَلَا نصيفه وَقَول شبههم بِهِ لما علمُوا تصرفه وتصريفه وَقد أَقرَأ علوما كَثِيرَة وَلم يكن فِي الْجُمْلَة ينْهض للمشي مَعَه إِلَّا من هُوَ فِي التَّحْقِيق وَحسن النّظر تَامّ البصيرة إِذْ هُوَ بَطل لَا يجارى وجبل لَا يتزحزح وَلَا يمارى مَعَ كَثْرَة الْإِنْصَاف والشهرة بِعَدَمِ الرغبأ فِي الاعتساف وَكَذَا حدث بالكتب الْكِبَار فَكَانَ يُبْدِي من الأبحاث والأنفار مَا سَارَتْ بِهِ الركْبَان ودارت فِيهِ أفكار أَئِمَّة الْعرْفَان وَخرج لَهُ الْعِزّ بن فَهد تخريجا هائلا بالمحاسن يتلالا وَلم يزل على مكانته وجلالته مَعَ مزِيد تَعب قلبه وقالبه وشديد)
تكره بِمَا لَا تحتمله الْجبَال وَلَا يصل مَعَه إِلَى جَمِيع مآربه بِحَيْثُ توالى عَلَيْهِ النَّقْص فِي بدنه ووالى لذَلِك التَّدَاوِي بحقنه إِلَى أَن انْقَطع أسبوعا من بعد صَلَاة الْجُمُعَة بالحمى الْبَارِدَة ثمَّ عمل لَهُ مخرج وَانْطَلق بِهِ بَطْنه بِحَيْثُ حصل لقُوته ضعف وَاسْتمرّ بِهِ حَتَّى مَاتَ مكرما بِالشَّهَادَةِ وَهُوَ حَاضر الذِّهْن إِلَى حِين طُلُوع روحه فِي عشَاء لَيْلَة الْجُمُعَة سادس ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين ففجع النَّاس لذَلِك فجعة عَظِيمَة وَحصل عَلَيْهِ من نحيبهم وبكائهم مَا لَا يعبر عَنهُ فَجهز فِي ليلته وَصلى عَلَيْهِ وَلَده الجمالي عِنْد الْحجر الْأسود على عَادَتهم بعد نِدَاء الرئيس للصَّلَاة عَلَيْهِ فَوق قبَّة زَمْزَم وَوَصفه بِأبي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والأيتام والأرامل وَغير ذَلِك فازداد النَّاس نحيبا لذَلِك وَلم يتَخَلَّف عَن مشهده إِلَّا من شَذَّ بِحَيْثُ لم ير بِمَكَّة وَلَا سمع فِيهَا بأعظم من مشهده وَحضر صَاحب الْحجاز وَأَوْلَاده مشَاة بل وعادوا مَعَ وَلَده لبيته كَذَلِك مَعَ أَنه لم يكن بِمَكَّة وَقت مماته وَإِنَّمَا كَانَ بِالْبرِّ بِنَاحِيَة الْيمن بِالْقربِ من مَكَّة(1/98)
فَبلغ الْخَبَر فجَاء هُوَ وَعِيَاله وَبنَاته من ليلته إِلَى الْبَيْت وَبكى كثيرا وتأسف لعدم إِعْلَامه بِشدَّة مَرضه مَعَ أَنه جَاءَ لعيادته فِي أمره وَاسْتمرّ بعد ذَلِك يحضر الربعة فِي الْمَسْجِد والمعلاة صباحا وعشاء وَدفن بتربتهم بالحوش خَارج الْقبَّة خلف أَخَوَيْهِ سَوَاء وَيُقَال أَن ذَلِك بِوَصِيَّة مِنْهُ وَخلف من الْأَوْلَاد ثَلَاثَة عشر ولدا وَمن الْعِيَال جما غفيرا بل قيل أَن عَلَيْهِ من الدُّيُون ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار. وَاسْتقر وَلَده بعده فِي الْقَضَاء وَسَائِر مَا كَانَ مَعَه واستقبل تعبا كثيرا وكتبت لَهُ تَعْزِيَة وتهنئة بل رثاه غير وَاحِد رَحمَه الله تَعَالَى وإيانا وَجعل قراه الْجنَّة وجزاه عَنَّا وَعَن الْمُسلمين أوفر جَزَاء.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن هِلَال الربعِي المغربي التّونسِيّ الْمَالِكِي مِمَّن أَخذ عَنهُ القَاضِي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي الْمَكِّيّ بهَا الْفِقْه وأصوله وَأذن لَهُ فِي تدريسهما وَذَلِكَ قَرِيبا من سنة ثَلَاثِينَ
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد الْمَالِكِي القادري. مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ. أرخه ابْن عزم.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن نَاصِر برهَان الدّين الدمياطي الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد فِي أَوَائِل سنة خمس وَسِتِّينَ وَنَشَأ بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ سكن حلب حِين قَارب الْبلُوغ ولازم بني السفاح وَالْقَاضِي شرف الدّين الْأنْصَارِيّ والكمال بن العديم وَسمع الحَدِيث من الشّرف الْحَرَّانِي وَابْن صديق وَغَيرهمَا وَمن مسموعه على الأول الْعلم لأبي خَيْثَمَة واشتغل على الشَّمْس الْغَزِّي وَغَيره وَولي قَضَاء الْعَسْكَر بحلب وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء بل كتب عَنهُ شَيخنَا فِي فَوَائِد رحلته الْأَخِيرَة وَكَانَ خيرا دينا عَاقِلا رَئِيسا عديم الْأَذَى حَتَّى لعَدوه كثير الْقيام مَعَ الغرباء والعصبية للْعُلَمَاء
وَنَحْوهم وَمن الْغَرِيب أَنه مَشى من جبرين إِلَى حلب على رجل وَاحِدَة. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشري الْمحرم سنة سبع وَأَرْبَعين وَدفن يَوْم الْجُمُعَة قبل الصَّلَاة رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن نصير بن عَطاء الله برهَان الدّين النمراوي الأَصْل القاهري الْمَالِكِي الْمُقْرِئ فِي الجوق وَالِد الْفَاضِل عبد الْقَادِر وَيعرف بِابْن الفوال كَانَ خيرا مأنوس الْقِرَاءَة متكسبا بهَا وبتأديب الْأَطْفَال ملازما لحضور الخانقاه. مَاتَ بعد أَن أضرّ.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن يُوسُف النابلسي وَيعرف بِابْن علوة خَادِم الْكَمَال النابلسي الْحَنْبَلِيّ سمع عَليّ مَعَ مخدومه.(1/99)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ برهَان الدّين الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمكتب وَيعرف بِابْن الملاح مِمَّن رَأَيْته قرط مَجْمُوع البدري فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَقَالَ لي إِنَّه كتب عَلَيْهِ بل كتبت عَنهُ من نظمه:
(عصيت عذولي والغرام أطعته ... وخناس فكري بالسلويوسوس)
(وَإِن شكت العشاق فِي الْحبّ وَحْشَة ... فمحبوب قلبِي فِي الْبَريَّة يُونُس)
مَاتَ سنة ثَلَاث وَسبعين فِيمَا قيل وَقد قَارب الثَّمَانِينَ وَهُوَ مِمَّن أَخذ الْفُضَلَاء عَنهُ فِي الْفِقْه والعربية الْمعَانِي والمنطق وَغَيرهَا وَكتب بِخَطِّهِ نفائس وَرَأَيْت من قَالَ أَن عليا اسْم جده وَلم يعرف اسْم أَبِيه وَأَنه كَانَ خيرا بارعا فِي الْعَرَبيَّة وَالصرْف والمنطق ذَا مُشَاركَة فِي الْفِقْه وَغَيره وفوائد ونظم وَخط حسن مِمَّن كتب على الحبشي كتب عَنهُ البدري رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْبَارِي الدِّمَشْقِي الشَّاهِد إِمَام مَسْجِد الجوزة سمع الْجُزْء الأول من مشيخة الْفَخر على ابْن أميلة وَكَانَ أحد الْعُدُول بِدِمَشْق. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى عشرَة وَقد جَازَ الْخمسين. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
إِبْرَاهِيم بن عَليّ التادلي الْمَالِكِي. كَذَا فِي بعض نسخ المقريزي وَصَوَابه ابْن مُحَمَّد بن عَليّ وَسَيَأْتِي.
إِبْرَاهِيم بن عمر الرِّفَاعِي بن إِبْرَاهِيم الْعلوِي لَقِي شَيخنَا فِي سنة ثَمَانمِائَة بِالْيمن فَسمع عَلَيْهِ بعض الْمِائَة العشاريات تَخْرِيجه للتنوخي وَمَا علمت شَيْئا من خَبره.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم الْبُرْهَان الْحَمَوِيّ الأَصْل السوبيتي الطرابلسي الشَّافِعِي وَيعرف بالسوبيني. ولد قبيل الْقرن تَقْرِيبًا بسويين قَرْيَة من قرى حماة وَقَرَأَ الْقُرْآن بعضه بهَا وسائره بحماة وتفقه بالشمس بن زهرَة والشهاب أَحْمد بن الْبَدْر والتقي بن الجوبان وَالشَّمْس النويري)
وَولده السراج وَسعد الدّين الْآمِدِيّ وَالشَّمْس الْهَرَوِيّ وَلَيْسَ بِالْقَاضِي وَعنهُ أَخذ الْغُبَار وَعلم التَّجْنِيس كِلَاهُمَا فِي الْحساب وعَلى الْأَوَّلين والشهاب بن الحبال سمع الحَدِيث بل وَأخذ فقه الْحَنَفِيَّة عَن الشَّمْس الصَّفَدِي القَاضِي بحث عَلَيْهِ جَمِيع الْمُخْتَار وَغَيره وَعنهُ أَخذ الْعَرَبيَّة وَكَذَا أَخذهَا مَعَ الصّرْف عَن الشهَاب بن يهود الشَّامي الْحَنَفِيّ والفرائض والوصايا عَن الشهَاب أَحْمد المغربي الْمَالِكِي وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة(1/100)
وَأخذ الْجَبْر والمقابلة والمساحة والمقنطرات فِي الْوَقْت وَغَيرهَا عَن ابْن المجدي وَكَذَا أَخذ عَن ابْن القاياتي وَابْن البُلْقِينِيّ وَشَيخنَا وَأكْثر من ملازمته ونوه شَيخنَا بِهِ حَتَّى ولي قَضَاء مَكَّة عوضا عَن الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي أَوَائِل رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان فِيمَا قيل بِمَا ارتفق بِهِ وَلم يلبث أَن انْفَصل فِي شَوَّال من الَّتِي تَلِيهَا وَاسْتقر فِي صفر من سنة خمسين فِي قَضَاء حلب ثمَّ ولي قَضَاء الشَّام وحمدت سيرته فِي ذَلِك كُله لَكِن لصقت بِهِ أَشْيَاء فِيهَا مزِيد تنطع مَعَ غَفلَة وسذاجة ويبس وَعدم دربة بِالْجُمْلَةِ وَكَانَ كثير الاستحضار للفقه مَعَ معرفَة بالفرائض والحساب وَلكنه لم يكن فِي التَّحْقِيق وَحسن التَّصَوُّر بِالْبُلُوغِ. وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا مِمَّا كتبته جُزْء فِي مسَائِل تكون مُسْتَثْنَاة من قَاعِدَة لَا ينْسب لساكت قَول قرضه شَيخنَا وَغَيره من الْأَئِمَّة وَتعقب أَكْثَرهَا بِهَامِش من نُسْخَتي شَيخنَا ابْن خضر وَقد راج أمره على شَيخنَا فَإِنَّهُ قَالَ أَنه شَافِعِيّ الْمَذْهَب كثير المعارف فِي عدَّة عُلُوم رَأس فِي الْفَرَائِض وَهُوَ الْيَوْم عَالم طرابلس يشْتَغل فِي فقه الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة إِلَى أَن قَالَ وَذكر لي أَن جده لأمه الشَّيْخ عمر السوبيني كَانَ صَالحا لَهُ كرامات انْتهى. وَكَانَ كثير الْعِبَادَة والتلاوة والتهجد وَالْأَفْعَال المرضية والتواضع إِلَّا مَعَ المتكبرين وسلامة الْفطْرَة غالبة عَلَيْهِ وَقد أطلت تَرْجَمته فِي معجمي وأفحش البقاعي فِي شَأْنه. مَاتَ بِدِمَشْق بعد أَن زار بَيت الْمُقَدّس فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس من جِهَة الشمَال وَكَانَت جنَازَته حافلة حَسْبَمَا كتب إِلَيّ بِهِ بعض الدمشقيين قَالَ وَكَانَ من أوعية الْعلم مطرح التَّكَلُّف على طَريقَة السّلف لَهُ عدَّة تصانيف رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن حسن الرِّبَاط بِضَم الرَّاء بعْدهَا مُوَحدَة خَفِيفَة ابْن عَليّ بن أبي بكر برهَان الدّين وكنى نَفسه أَبَا الْحسن الخرباوي البقاعي نزيل الْقَاهِرَة ثمَّ دمشق وَصَاحب تِلْكَ الْعَجَائِب والنوائب والقلاقل والمسائل المتعارضة المتناقضة وَيُقَال أَنه يلقب ابْن عويجان تَصْغِير أَعْوَج. ولد فِيمَا زعم تَقْرِيبًا سنة تسع وَثَمَانمِائَة بقرية خربة روحا من عمل الْبِقَاع)
وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول إِلَى دمشق ثمَّ فَارقهَا وَدخل بَيت الْمُقَدّس ثمَّ الْقَاهِرَة للاستفتاء على أَهلهَا وَهُوَ فِي غَايَة من(1/101)
الْبُؤْس والقلة والعرى ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وَرجع عَن قرب فقطنها واشتغل بهَا يَسِيرا وَلم يعرف لَهُ كتاب فِي الْفِقْه والنحو وَلَا فِي غَيرهمَا بل قَالَ الْعَلامَة أَبُو الْقسم النويري وناهيك بِهِ لصهر صَاحب التَّرْجَمَة: قل لصاحبك وعينه يشْتَغل بالنجوم أَنه لم يعلم لَهُ بعد هَذِه الْمقَالة فِيهِ اشْتِغَال وَلذَلِك وَصفه التقي القلقشندي مِمَّا سَمعه ظنا من أَخِيه الْعَلَاء باللحن فِي قِرَاءَته وَهُوَ صَحِيح بِالنِّسْبَةِ لألفاظ كَثِيرَة يتَوَقَّف أعرابها على مَعَانِيهَا وَكَذَا الْكثير من مشتبه الروَاة وَيشْهد لَهُ فِي النَّوْعَيْنِ كَثْرَة رد الديمي عَلَيْهِ فِي قِرَاءَة أبي يعلى وكاتبه فِي السّنَن الْكُبْرَى للنسائي وَغير ذَلِك بل اشْتِغَاله فِي غَيره أَيْضا بالهوينا وَزعم أَنه قَرَأَ على التَّاج بن بهادر فِي الْفِقْه والنحو وَأَنه قَرَأَ على ابْن الْجَزرِي جمعا للعشر فِي أثْنَاء سُورَة الْبَقَرَة وَأَنه أَخذ عَن التقي الحصني الشَّامي وَغَيره بهَا والتاج الغرابيلي والعماد بن شرف وَآخَرين بِبَيْت الْمُقَدّس وَأخذ بِالْقَاهِرَةِ عَن الشّرف السُّبْكِيّ والْعَلَاء القلقشندي والقاياتي وَشَيخنَا وَطَائِفَة مِنْهُم أَبُو الْفضل المغربي وَهُوَ الَّذِي أعلمهُ بالقاعدة الَّتِي تجرأ على كتاب الله بهَا وَمَا عَلمته أتقن منا وَلَا بلغ مرتبَة الْعلمَاء بل قصارى أمره إدراجه فِي الْفُضَلَاء وتصانيفه شاهدة بِمَا قلته وتكسب بِالشَّهَادَةِ عِنْد أحد شُيُوخه الْفَخر الأسيوطي وَغَيره وبالنساخة وَتَعْلِيم الْأَطْفَال وَبِغير ذَلِك وسافر فِي خدمَة شَيخنَا إِلَى حلب وَأخذ عَن شُيُوخ الرِّوَايَة بهَا وبغيرها وَلم يمعن فِي ذَلِك أَيْضا بِحَيْثُ مَا عَلمته أكمل السِّتَّة أصُول الْإِسْلَام وفوت بتقصيره الْإِكْثَار عَن شُيُوخ كل وَاحِد مِنْهُم رحْلَة وَقَرَأَ أَشْيَاء غَيرهَا أولى مِنْهَا لَا لغَرَض كقراءته على الْعِزّ بن الْفُرَات الْجُزْء الثَّانِي من حَدِيث ابْن مَسْعُود لِابْنِ ساعد بإجازته من الْعِزّ بن جمَاعَة بقرَاءَته على الْحسن بن عمر الْكرْدِي بِحُضُورِهِ لَهُ فِي الرَّابِعَة على ابْن اللتي وَكَانَ فِي الْمَوْجُودين من يرويهِ مُتَّصِلا بِالسَّمَاعِ وَعند ابْن الْفُرَات الْكثير مِمَّا انْفَرد بِهِ وسافر لدمياط واسكندرية وَغَيرهمَا وَحج وَأقَام بِمَكَّة يَسِيرا وزار الطَّائِف وَالْمَدينَة وَركب الْبَحْر فِي عدَّة غزوات ورابط غير مرّة الله أعلم بنيته فِي ذَلِك كُله ورقاه شَيخنَا فعينه فِي حَيَاة الظَّاهِر جقمق لقِرَاءَة الحَدِيث بالقلعة ثمَّ مَنعه الظَّاهِر فِي حَيَاته وَأدْخلهُ حبس أولى الجرائم وَاسْتقر عوضه بِابْن الْأَمَانَة وَلذَا قَالَ لِأَنَّهُ أَي الْأَشْرَف اينال مُوَافق للظَّاهِر أَي جقمق فِي الانسلاخ من شرائع الدّين فِي الْبَاطِن مَعَ أَن هَذَا لم يكن عِنْده مَا عِنْد الظَّاهِر من الصَّبْر على إِظْهَار خلاف مَا يبطن من التَّمَسُّك بِالشَّرْعِ وَإِظْهَار تَعْظِيمه إِقَامَة)
لناموسه انْتهى.(1/102)
وَقد أَخذ عَنهُ الطّلبَة وانجمع زعم على التصنيف والإقراء وَالنّظم الَّذِي فِيهِ من الهجو مَا لَا يَلِيق وَكنت مِمَّن سَمِعت بقرَاءَته وَسمع بِقِرَاءَتِي واستفاد كل منا من الآخر على عَادَة الطّلبَة فِي ذَلِك وترجمني فِي مُعْجَمه. وَوَقَائعه كَثِيرَة وأحواله شهيرة ودعاوية مستفيضة أهلكه التيه وَالْعجب وَحب الشّرف والسمعة بِحَيْثُ زعم أَنه قيم العصريين بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله وَأَنه أبدى ببديهته جَوَابا مكث التقي السُّبْكِيّ وَاقِفًا عَنهُ أَرْبَعِينَ سنة وَأَنه لَا يخرج عَن الْكتاب وَالسّنة بل هُوَ منطبع بطباع الصَّحَابَة مَعَ رميه للنَّاس بِالْقَذْفِ وَالْفِسْق وَالْكذب وَالْجهل وَذكر ألفاظا لَا تصدر من عَاقل وَأُمُور متناقضة وأفعال سَيِّئَة وحقد تَامّ وَمَا أحسن قَول شيخ الْحَنَابِلَة وقاضيهم الْعِزّ الْكِنَانِي وَكَانَ قَدِيما من أكبر أَصْحَابه مِمَّا سَمعه مِنْهُ غير وَاحِد من الثِّقَات: وَالله أَنه لم يتبع سنة وَاحِدَة وَأَنه لأشبه بالخوارج فِي تنميق الْمَقَاصِد الخبيثة وإخراجها فِي قالب الدّيانَة انْتهى وَقد قيل:
(تَقول أَنا المملوء علما وَحِكْمَة ... وَأَن جَمِيع النَّاس غيرى جَاهِل)
(فَإِن كَانَ مَا فِي النَّاس غَيْرك عَالم ... فَمن ذَا الَّذِي يقْضِي بأنك فَاضل)
وَمَا أحقه بِمَا ترْجم هُوَ بِهِ النويري الْمشَار إِلَيْهِ حَيْثُ قَالَ مِمَّا قرأته بِخَطِّهِ فِيهِ رَأَيْته من أفجر عباد الله يظْهر لمن يجهله أثوابا من الدّين وتنسكا يملك بِهِ قلبه ويغتال عَلَيْهِ دينه لَيْسَ يَأْمَن من وَقع بَصَره عَلَيْهِ على مَال لَهُ وَلَا عرض بل وَلَا نفس لَهُ نفس شغفة بالشهرة ومشفة للعلو وَعِنْده جرْأَة بِاللِّسَانِ مفرطة أوصلته إِلَى حد التهور وَقَلبه ممتلئ مكرا وحسدا وكبرا وَله فِي كل من ذَلِك حكايات تسود الصحائف وتبيض النواصي مَا سكن فِي بلد إِلَّا أَقَامَ بهَا شرورا وشحنها فجورا وَلَوْلَا أعاذنا الله تَعَالَى بِهِ من شدَّة طيشه وإعجابه بِرَأْيهِ لسعر الْبِلَاد وَأهْلك الْعباد إِلَى أَن قَالَ نقلا عَن غَيره أَن أَبَا الْقسم قَالَ لَهُ أَن قَالَ الْمَالِكِيَّة بِالْقَتْلِ قلت بالعصمة وَإِن قَالُوا بالعصمة قلت بِالْقَتْلِ ثمَّ قَالَ وَلم يكن لَهُ فِي شَيْء من ذَلِك غَرَض معِين إِنَّمَا كَانَ غَرَضه بِالْخِلَافِ رَجَاء يرتب عَلَيْهِ ولَايَته الْقَضَاء انْتهى وَمَا علمت أحدا سلم من أَذَاهُ لَا الشُّيُوخ وَلَا الأقران وَلَا من يليهم من كل بلد دخله بالنظم وبالنثر حَتَّى من خوله فِي النعم بعد الْفَاقَة والعدم وَأخذ بجاهه أمورا لَا يَسْتَحِقهَا كالنظر على جَامع الفكاهين وعَلى خَان اويداني وَجَرت فيهمَا وقائع وكتدريس القراآت بالمؤيدية عقب أَمِين الدّين بن مُوسَى واستغرب النَّاس إِذْ(1/103)
ذَاك وُقُوع)
مثل هَذَا فِي أَمر لم يشهر بِهِ خُصُوصا مَعَ وجود شيخ الْقُرَّاء بِلَا مدافع الشهَاب بن أَسد بل كَاد أَمر الزين جَعْفَر السنهوري أَن يتم فِيهِ فقوى عَلَيْهِ بجاه مخدومه وَلم يرع لَهُ حق مساعدته لَهُ عِنْد الْمُحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ حَيْثُ أحضر لَهُ مصنفا عمله فِي التجويد فتوقف فِي تقريضه حَتَّى شهد عِنْده جَعْفَر بِأَنَّهُ أجاده وَعمل البقاعي بِحُضُور الشّرف الْمَنَاوِيّ إجلاسا ضبط عَنهُ أَنه من عمل شَيْخه أبي الْفضل المغربي لَهُ ثمَّ كَاد النَّاظر أَن يُخرجهُ عَنهُ لأمر اقْتَضَاهُ عِنْده فِي غَايَة الْقبْح والشناعة فبادر وَرغب عَنهُ الشهَاب الْمَذْكُور لكَونه من أَصْحَاب النَّاظر وحاباه لعدم توقفه عَن الْإِمْضَاء لَهُ وَخَالف المخدوم الْمشَار إِلَيْهِ غَرَض أستاذه الْأَشْرَف اينال فِي الْخَوْف من غائلة تَقْدِيمه فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا صَحَّ لي عَنهُ للشرف بن الخازن قبيل سلطنته لَو نفست للبقاعي لأخرب الدُّنْيَا ثمَّ لما تسلطن زبره فِي ارتفاعه على الشريف الْكرْدِي فَإِنَّهُ بعد أَن زَالَ عزه أسمعهُ من الْمَكْرُوه مَا يُقَابله عَلَيْهِ الله حَتَّى قَالَ لمن حَكَاهُ لي من الثِّقَات وَالله لقد أَزَال البقاعي اعتقادي من كل فَقِيه وخيلني من صُحْبَة كل أحد أَو نَحْو ذَلِك هَذَا مَعَ أَنه بعد موت أستاذه وَهُوَ فِي أثْنَاء محنته حِين سكنه بِالْقربِ من السابقية رَأسه حِين شكوى بعض التّرْك من جِيرَانه لَهُ بنقيبين وجلوسهما فِي مَسْجده حَتَّى يرفعانه إِلَى حاكمهما لخوضه فِي عرض ذَاك التركي فَحَضَرَ إِلَى التركي وَلَا زَالَ يتلطف بِهِ حَتَّى صفح وَغرم هُوَ للنقيبين بل وأنعم عَلَيْهِ إِذْ ذَاك بستين دِينَارا وَحَتَّى القاياتي الَّذِي زعم أَنه لَازمه كثيرا وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فِي أصُول الدّين والمنطق وَسمع دروسه فِي الْفِقْه وأصوله والنحو والمعاني وَالْبَيَان وَمن دروسه فِي الْكَشَّاف قَالَ فِيهِ أَنه لَا يزَال غلس الظَّاهِر دنس الأثواب سمج اللِّحْيَة قَالَ وَلم نعلم لذَلِك سَببا إِلَّا كَثْرَة إخلافه للوعد قَالَ وَلم أر مثل ولَايَته فِي كَثْرَة التقلب وتوالي العظائم واضطراب الْأُمُور وَكَثْرَة القال والقيل حَتَّى لقد قلعت على قلَّة أَيَّامهَا وَقصر زَمَنهَا من قُلُوب النَّاس كثيرا مِمَّا غرسه فِيهَا من الْمحبَّة قَالَ على أَنِّي لم أر بعيني أوسع بَاطِنا مِنْهُ يكون فِي غَايَة البغضة للْإنْسَان وَهُوَ يرِيه أَنه أقرب النَّاس عِنْده وَلَا أدق مكرا وَلَا أخْفى كيدا وَلَا أحفظ سرا وَلَا أنكى فعلا يذبح الْإِنْسَان كَمَا قَالُوا بفطنه وَهُوَ يضْحك وَلَا أرْضى اعتذارا رَأَيْته مطل إنْسَانا فِي غَايَة الْيَقَظَة بقضية هُوَ أمره بِفِعْلِهَا أَكثر من ثَلَاث سِنِين إِلَى آخر كَلَامه بل قَالَ عَن شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر إِن فِيهِ من سيء الْخِصَال أَنه لَا يُعَامل أحدا بِمَا يسْتَحقّهُ من الْإِكْرَام فِي نفس الْأَمر بل بِمَا(1/104)
يظْهر لَهُ على شمائله من محبَّة الرّفْعَة وَأَنه يغلط ويلج فِي غلطه وَوَصفه بشيخ نحس وَكتب تجاه بعض من)
تَرْجمهُ شَيخنَا فِي بعض مجاميعه انتقادا يرجع إِلَى الْعُلُوّ ووقف عَلَيْهِ شَيخنَا وضمه لما يُعلمهُ من فجوره وتعدى فِي تراجم النَّاس وَزَاد على الْحَد خُصُوصا فِي كِتَابه عنوان الزَّمَان فِي تراجم الشُّيُوخ والأقران الَّذِي طالعته بعد مَوته وَمُلَخَّصه الْمُسَمّى عنوان العنوان بتجريد أَسمَاء الشُّيُوخ والتلامذة والأقران وناقض نَفسه فِي كثيرين فَإِنَّهُ كَانَ يترجمهم أَولا بِبَعْض مَا يَلِيق بهم ثمَّ صَار بعد مخالفتهم لَهُ فِي أغراضه وَنَحْو ذَلِك يزِيد فِي تراجمهم أَو يُغير مَا كَانَ أثْبته أَولا كَمَا فعل مَعَ الْأمين الأقصرائي فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بِأخرَة أَنه يكون مَعَ كل من علم قُوَّة جَانِبه ويهمل أَمر الضَّعِيف وَإِن كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَيْهِ وَأَنه يتَقرَّب إِلَى ذَوي الجاه بِمَا يحبونَ وَأَنه أحدث فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِمَامَة الْحَنَفِيَّة تفريقا بَين كلمة الْمُسلمين وتشعيبا لأركان الدّين وَكَذَا بعد علمه بِعَدَمِ إنزاله الْمنزلَة الَّتِي أنزل نَفسه بهَا وَنَحْو ذَلِك كَكَوْنِهِ لم يضفه أَو ينْتَقد عَلَيْهِ مَا يظفر بِهِ من خطأه فنسأل الله كلمة الْحق فِي السخط وَالرِّضَا ولتناقضه النَّاشِئ من أغراضه كَانَ كَلَامه فِي الْمَدْح والقدح غير مَقْبُول عِنْد المتقنين من أَئِمَّة الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَمَا أحسن قَول بَعضهم:
(إِن البقاعي الْبَذِيء لفحشه ... ولكذبه ومحاله وعقوقه)
(لَو قَالَ أَن الشَّمْس تظهر فِي السما ... وقفت ذَوُو الْأَلْبَاب عَن تَصْدِيقه)
إِلَى غير ذَلِك من مجازفاته كوصفه التيزيني بِالتَّحَرِّي فِي شَهَادَته وطعنه فِي شَهَادَة شيخ النَّاس قاطبة الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ حمية لِلشِّهَابِ الكوراني لكَونه توسل بِهِ فِي طلب المناسبات من بِلَاد الرّوم وَمَا اكْتفى بذلك حَتَّى الْتزم لَهُ بإشهار جمع الْجَوَامِع لَهُ الَّذِي شحنه بالإساءة على من اجْتمع لَهُ مَعَ الْعلم وتحقيقه القطبية وَالْولَايَة والجلال الْمحلي وأشنع وأبشع تجريحه لحافظ الشَّام ابْن نَاصِر الدّين بالتزوير وكأغاليطه فِي المواليد والوفيات والأنساب وَتَصْحِيفه مِمَّا أضربت عَن بَسطه اكْتِفَاء بمصنف حافل أفردته لَهَا لكثرتها وقبحها وذكرتها مختصرة مَضْمُومَة لغَيْرهَا فِي ذيل الْقُرَّاء والمعجم وترجمة شَيخنَا وَمن قبلي ذكرهَا ابْن فَهد والزين رضوَان والبرهان الْحلَبِي وَمن الْمُتَأَخِّرين ابْن أبي عذيبة وَلكنه كَانَ إِذْ ذَاك أشبه فِي الْجُمْلَة وَكَذَا أفردها غَيْرِي بل اعتنى بَعضهم بِجمع أهاجي الشُّعَرَاء(1/105)
فِيهِ فِي مُجَلد وَمِنْه قَول الْعَلَاء بن اقبرس:
(لَك الْحَمد الجزيل بِلَا امتنان ... وَفضل بالعطاء بِلَا نزاع)
)
(فطهر قلبنا من كل غل ... وجنبنا الْخَبيث من الْبِقَاع)
وَقد روينَا عَن إِمَام دَار الْهِجْرَة ملك بن أنس رَحمَه الله أَنه قَالَ أدْركْت بِهَذِهِ الْبَلدة يَعْنِي الْمَدِينَة أَقْوَامًا لم تكن لَهُم عُيُوب فعابوا النَّاس فَصَارَت لَهُم عُيُوب وَأدْركت بهَا أَقْوَامًا كَانَت لَهُم عُيُوب فَسَكَتُوا عَن عُيُوب النَّاس فنسيت عيوبهم لله در الْقَائِل:
(لَا تهتكن من مساوي النَّاس مَا ستروا ... نبيتك الله سترا من مساويكا)
(وَاذْكُر محَاسِن مَا فيهم إِذا ذكرُوا ولاتعب أحدا مِنْهُم بِمَا فيكا)
وَقد رددت عَلَيْهِ غير مَسْأَلَة لَهُ فِي عدَّة تصانيف مِنْهَا الأَصْل الْأَصِيل فِي تَحْرِيم النَّقْل من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقَوْل المألوف فِي الرَّد على مُنكر الْمَعْرُوف وَمِمَّنْ رد عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَة الشهَاب المتبولي الْحُسَيْنِي وقرضه لَهُ الكافياجي فأبلغ من أَن المُصَنّف لَيْسَ بذلك وَأنْشد فِيهِ لغيره:
(يَا مدعي الْحبّ لمَوْلَاهُ ... من ادّعى صحّح دَعْوَاهُ)
(من ادّعى شَيْئا بِلَا حجَّة ... لَا بُد أَن تبطل دَعْوَاهُ)
ولنفسه:
(من ادّعى الْعلم وَلم يُوصف بِهِ ... فَذَاك قد عرض للنقص)
(فلعلم مَعْرُوف لأربابه ... يظْهر بالنطق وبالفحص)
وَكَذَا رد ابْن أبي عذيبة مقاله فِي السفطي حَيْثُ قَالَ تَرْجمهُ البقاعي بترجمة مظْلمَة وَذَاكَ لما كَانَ بَينهمَا من الشَّرّ فَالَّذِي يَنْبَغِي أَن لَا يسمع كَلَامه فِيهِ وَنَحْوه قَوْله فِي تَرْجَمَة ابْن حَامِد وَقَول البقاعي فِي فَوته فِي جُزْء أبي الجهم لَا عِبْرَة بِهِ إِنَّمَا الْفَوْت لِأَخِيهِ. وَلما علم مقت النَّاس لَهُ وإسماعهم إِيَّاه كل مَكْرُوه من تَكْفِير فَمَا دونه بل رام الْمَالِكِي أَن يرتب عَلَيْهِ مُقْتَضى مَا أخْبرت بِهِ الْبَيِّنَة العادلة من كَونه قَالَ أَن بعض المغاربة سَأَلَهُ أَن يفصل فِي المناسبات الَّتِي عَملهَا بَين كَلَام الله وَقَوله بِأَيّ وَنَحْوهَا دفعا لما لَعَلَّه يتَوَهَّم فترامى على الزيني بن مزهر حَتَّى عززه وَحكم بِإِسْلَامِهِ بعد أَن جبن عَن مقاومة الْمَالِكِي فِيهَا غير وَاحِد من أَعْيَان النواب وَرغب عَمَّا كَانَ باسمه كالميعاد بِجَامِع الظَّاهِر وَالْمَسْجِد الَّذِي يعلوه سكنه وَله فِي أَمرهمَا قعاقع وفراقع وَلم أَطْرَافه وَتوجه إِلَى دمشق وَهُوَ فِي غَايَة الذل فأنزله متصرفها بِالْمَدْرَسَةِ الغزالية وَأَعْطَاهُ مشيخة الْقُرَّاء بتربة أم الصَّالح وَأحسن هُوَ وَغَيره(1/106)
سِيمَا التقي بن قَاضِي)
عجلون لَهُ فَلم يتَحَوَّل عَن طباعه حَتَّى نافره أهل دمشق أَيْضا إِلَى أَن قاسى مَا يفوق الْوَصْف وعاداه أصدقاؤه فِيهَا حَتَّى أَنه رام حِين اجتياز الْعَسْكَر بهَا المرافعة فيهم عِنْد أميره فخذل أعظم خذلان وعارض وَهُوَ هُنَاكَ فِي حجَّة الْإِسْلَام أبي حَامِد الْغَزالِيّ ولمح بالحط عَلَيْهِ وَقَالَ أَن قَوْله لَيْسَ فِي الْإِمْكَان أبدع مِمَّا كَانَ كَلَام أهل الْوحدَة من الفلاسفة والإسلاميين الْقَائِلين بِأَن الله هُوَ الْوُجُود وَقَالَ أَيْضا أَنه وَجهه بِمَا لَا يَلِيق حَيْثُ قَالَ لَو فرض أحسن من هَذَا الْوُجُود لَكَانَ تَركه بخلا وعجزا وَكَذَا حط على التَّاج بن عَطاء الله وَصرح عَن نَفسه بِأَنَّهُ يبغض ابْن تَيْمِية لما كَانَ يُخَالف فِيهِ من الْمسَائِل وتحرك النَّاس من جُمْهُور الطوائف عَلَيْهِ وراسل يستفتي وبذل مَعَه الشَّمْس الأمشاطي قَاضِي الْحَنَفِيَّة الْجهد وَلم يتدبر تذكير النَّاس بمساعدته الْأَمر الْقَدِيم الْمُقْتَضِي لتعويل صَاحب التَّرْجَمَة عَلَيْهِ فِي كائنته وَمَعَ ذَلِك فاستمر يكايد ويناهد حَتَّى مَاتَ بعد أَن تفتت كبده فِيمَا قيل فِي لَيْلَة السَّبَب ثامن عشر رَجَب سنة خمس وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بالجامع الْأمَوِي وَدفن بالحمرية خَارج دمشق من جِهَة قبر عَاتِكَة وَلم يصل عَلَيْهِ التقي بن قَاضِي عجلون وَغَيره وَأوصى بِكُل مَا كَانَ بِخَطِّهِ من تصنيفه وَغَيره لِابْنِ قَرِيبه الْمحلى وسافر إِلَى الشَّام فَأَخذهَا وَهُوَ الَّذِي اسْتَقر فِي جواليه المصريه وَأما جوالية الشامية فَكَانَ هُوَ رغب عَنْهَا قبيل مَوته لعبد النَّبِي المغربي أحد من لم عَلَيْهِ فِي الشَّام.
ورثى نَفسه قبل مَوته بِمدَّة وَهُوَ فِي الْقَاهِرَة فَقَالَ فِي أَبْيَات كَانَ القَاضِي عز الدّين الْحَنْبَلِيّ يستكثرها عَلَيْهِ وَيَقُول لَعَلَّه ظفر بهَا لغيره وَأَقُول كَأَنَّهُ لمزيد حبه فِي مدح نَفسه انبعثت سجيته لَهَا:
(نعم إِنَّنِي عَمَّا قريب لمَيت ... وَمن ذَا الَّذِي يبْقى على الْحدثَان)
(كَأَنِّي بِي أنعى إِلَيْك وَعِنْدهَا ... ترى خَبرا صمت لَهُ الأذنان)
(فَلَا حسد يبْقى لديك وَلَا قلى ... فَتَنْطِق من مدحي بِأَيّ معَان)
(وَتنظر أوصافي فتعلم أَنَّهَا ... علت عَن مدان فِي أعز مَكَان)
(ويمسي رجال قد تهدم ركنهم ... فمدمعهم لي دَائِم الهملان)
(فكم من عَزِيز بِي يذل جماحه ... ويطمع فِيهِ ذُو شقا وهوان)
(فيا رب من يفجا بهول بوده ... وَلَو كنت مَوْجُودا إِلَيْهِ دَعَاني)
(ويارب شخص قد دهته مُصِيبَة ... لَهَا الْقلب أَمْسَى دَائِم الخفقان)
)
(فيطلب من يجلو صداها فَلَا يرى ... وَلَو كنت جلتها يَدي ولساني)(1/107)
(وَكم ظَالِم نالته مني غَضَاضَة ... لنصرة مظلوم ضَعِيف جنان)
(وَكم خطة سامت ذويها معرة ... أعيذت بِضَرْب من يَدي وطعان)
(فَإِن يَرِثنِي من كنت أجمع شَمله ... بتشتيت شملي فالوفاء رثاني)
(وَإِلَّا نعاني كل خلق ترفعت ... بِهِ هممي عَن شائن وبكاني)
وَمِمَّنْ رثى نَفسه قبل مَوته أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى بن زيد بن نَاقَة الْكُوفِي وَقَالَ ابْنه أَبُو مَنْصُور أَنْشدني قبل مَوته بساعة:
(وَكم شامت بِي إِن هَلَكت بِزَعْمِهِ ... وجاذب سيف عِنْد ذكر وفاتي)
(وَلَو علم الْمِسْكِين مَاذَا يُصِيبهُ ... من الذل بعدِي مَاتَ قبل مماتي)
وَفِيه نوع شبه بِمَا تقدم. ذكر الْإِشَارَة لشَيْء من مناقضاته مِمَّا بسطته فِي تَرْجَمته: أنكر على الشَّمْس العاملي قِرَاءَة سيرة الْبكْرِيّ لما فِيهَا من الْكَذِب وَأخذ مَا بأيدي الْكفَّار من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل عَنْهُم مَعَ تَصْرِيح بعض الْيَهُود بِكَوْن نسخته سقيمة وَأَنه كَانَ يقابلها مَعَه والقارئ الْيَهُودِيّ اعْتمد الْحر الى فِي تَفْسِيره مَعَ كَونه كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ فلسفي التصوف وَلم يُخَالِفهُ شَيخنَا فِيهِ وَكفر ابْن الفارض قَالَ التَّكْفِير أَمر عَظِيم لَا يَنْبَغِي الْإِقْدَام عَلَيْهِ إِلَّا بِنَصّ صَرِيح إِلَى آخر كَلَامه وَكفر ابْن الفارض بل قَالَ لكوني قلت لم يصل إِلَيّ مَا نسب إِلَيْهِ من الشّعْر عَنهُ بِسَنَد صَحِيح وَنحن لَا نكفر بِأَمْر مُحْتَمل سِيمَا وَلَا فَائِدَة فِي تكفيره وَإِنَّمَا الْفَائِدَة فِي التنفير من الْمقَالة أنني ملت مَعَ ابْن الفارص وعذلني الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ وَابْن الشّحْنَة فَلم يفد وصف الشّحْنَة بِالْكَذِبِ والنحس والبهتان وَأَنه أعظم رُؤْس أهل السّنة وَنَحْوه تَكْذِيبه للخطيب أبي الْفضل ثمَّ اعْتِمَاده عَلَيْهِ فِي تجريح غَيره صَرِيح بمجازفة الْأمين الأقصرائي حَيْثُ وقف قَاضِي الْمحلة أوحد الدّين بن العجيمي فِي عرض وَلَده بأوصاف زعم أَنه لَا يَسْتَحِقهَا لكَونه رُبمَا توقف فِي صرف معلومه فِي أوقافها ثمَّ أَخذ خطه لَهُ متأيدا بِهِ فِي تصانيفه وَنَحْوه وَصفه لإِمَام الكاملية بِأَمْر عَظِيم لَا يقبل قَوْله مَعَه ثمَّ جَاءَهُ ليستعين بِهِ فِي كائنة ابْن الفارض وَكَذَا بَالغ فِي الوقيعة فِي الْأَمِير يشبك الْفَقِيه ثمَّ خضع لَهُ وَبَالغ فِي إجلاله وَفعل مثل ذَلِك مَعَ الزيني بن مزهر قَامَ بإنكار المولد بطنتدا وبسيس مَعَ القائمين فِي إِبْطَاله ثمَّ توجه مَعَ مخدومه بردبك إِلَيْهِ وَنَحْوه قِيَامه فِي إِنْكَار الَّذين يطوفون فِي رَمَضَان بالشبابة وَنَحْوهَا لَيْلًا ويسمون بالمسحرين ثمَّ سَمَاعه)
للعمال بالآلة على الدكة عِنْد بردبك أَيْضا قَامَ يمْنَع جَامع الْقُضَاة من أَبْوَاب جَامع الفكاهين حِين كَانَ(1/108)
نَاظرا عَلَيْهِ وعطل هُوَ الِانْتِفَاع بِالْمَسْجِدِ المجاور لبيته على الْمُصَلِّين بِوَضْع أمتعته وأمتعة غَيره وَنَحْو ذَلِك زعم عدم منازعته للفقهاء فِي وظائفهم ثمَّ شاقق الْمُبَاشر لوقف الميعاد الَّذِي باسمه فِي جَامع الظَّاهِر ليثبت لَهُ مَا أَفْتيت بِزِيَادَتِهِ لَهُ فِي مَعْلُوم الْوَظِيفَة بل رام أَخذ دكان من وقف آخر ليحوزها إِلَى وظيفته فكفه عَن ذَلِك قَاضِي الْحَنَفِيَّة وَكَذَا كَانَ اقتلاعه لأصل الْوَظِيفَة بطريقة غير مرضية وَنَازع من بِيَدِهِ بنزول شَرْعِي وظائف كَانَت باسم الشهَاب أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْأَذْرَعِيّ لما كتبته فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة خَاصم نَاصِر الدّين الزفتاوي أحد النواب وَجمع فِيهِ جُزْءا وَسَماهُ أشلاء الباز على ابْن الخباز ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ كتاب النَّسَائِيّ وصيره فِي شُيُوخه وَجَاء السَّيِّد النسابة ليحضر فماقته وجافاه بِحَيْثُ رايت الصَّيْد احمر وَجهه وَكَاد أَن يبكي هَذَا مَعَ كَون جمَاعَة من شُيُوخه كالشهاب الكلوتاتي فِي زَاوِيَة الْحَنَفِيّ بِحَضْرَتِهِ وَالْجمال البدراني قرؤه عَلَيْهِ مَا اكْتفى بِهَذَا حَتَّى كتب بِخَطِّهِ فِي تَرْجَمته مَا يُقَابله الله عَلَيْهِ وَنقل عَنهُ فِي تَرْجَمته الْكَذِب الصراح هَذَا مَعَ مَعْرفَته بإجلال شَيخنَا لَهُ بِحَيْثُ أَنه لم يكن يتَخَلَّف عَن الْقيام لَهُ إِذا دخل عَلَيْهِ وَرُبمَا لم يعلم بِدُخُولِهِ إِلَّا بعد جُلُوسه فيستدرك الْقيام لَهُ وأبلغ مِنْهُ قَوْله فِي الولوي بن تَقِيّ الدّين البُلْقِينِيّ قَاضِي لشام مَا نَصه: وَكَانَ مَعْرُوفا بالمجاهرة بأنواع الْفسق والانقطاع إِلَى الخلاعة والسخرية والإضحاك للأكابر ثمَّ روى عَنهُ فَقَالَ حَدثنِي القَاضِي الْفَاضِل البارع المفنن ولي الدّين وسَاق شَيْئا وَنَحْوه قَوْله فِي الْعَلَاء القلقشندي أَنه حَدثهُ بِحَضْرَة شَيخنَا بِشَيْء وَصدقه شَيخنَا عَلَيْهِ قَالَ وَإِلَّا فَهُوَ إِذا حَدثَك بِحَدِيث وجدت قَلْبك غير سَاكن إِلَى جَمِيع مَا يَقُوله وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أَنه لم يخلف بعده فِي الشَّافِعِيَّة بِمصْر مثله فِي علم وَلَا دين وَذكروا عدَّة حض على سلوكها وَهِي اللين مَعَ أهل اللين والشدة على الْمُنَافِقين مَعَ كَونه آذَى خلقا من الصَّالِحين كالشيخ أبي بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد السعودي الْمصْرِيّ الضَّرِير الْمُقْرِئ لكَونه امْتنع من إِجَازَته وَلم يقتف أثر التقي السُّبْكِيّ حِين التمس مِنْهُ الزين الْعِرَاقِيّ فِي الشَّفَاعَة عِنْد الشَّيْخ فتح الدّين يحيى بن عبد الله بن مَرْوَان الفارقي ليحدثه لكَونه كَانَ يتعسر تورعا فَامْتنعَ التقي من إجَابَته وَقَالَ هَذَا رجل صَالح لَا أحب تَكْلِيفه وَنَحْوه قَوْله لشيخ الْمحلة الْوَلِيّ أبي عبد الله بن قطب لكَونه لم يُمكنهُ من الْقِرَاءَة عَلَيْهِ:
(قل للدنيء مكانة وخلائقا ... لَا تَسْتَطِيع الرّفْع أَنْت مكسر)(1/109)
)
(أَنى لَك الإسعاد يَوْمًا أَن ترى ... وَحَدِيث خير الْخلق عنْدك يذكر)
استفتى على من عَارضه فِي تدريس حَدِيث بالقدس وَجمع ذَلِك فِي جُزْء سَمَّاهُ معتدي المقادسة وأفتوه بتفسيق النَّاظر والمعارض ثمَّ بسبس بعد دهر طَوِيل مَعَ من عَارض الْمُنْفَرد بذلك فِي الديار المصرية جَمِيعه لمن لَا يحسن حَدِيثا وَلَا قَدِيما وَفِي إِيرَاد أشباه هَذَا طول وراسل ابْن قَرِيبه بعد كوائن الشاميين مَعَه أَن يسْأَل الْمقر الزيني بن مزهر أَن يكْتب إِلَى كل من الْمَالِكِي والحنبلي أَن شَيخنَا فلَانا يَعْنِي نَفسه مَا فارقناه إِلَّا عَن كَرَاهَة منا لفراقه ومحبة عَظِيمَة لقُرْبه وَجَمِيع الْأَعْيَان بِالْقَاهِرَةِ والصلحاء راضون عَنهُ متألمون لفراقه وَقد اختاركم على بَقِيَّة النَّاس وَاخْتَارَ بلدكم على بَقِيَّة الْبِلَاد فَلَمَّا وصل إِلَيْكُم أرسل بالثناء عَلَيْكُم وَقَالَ كثيرا من ذَلِك وَهُوَ مِمَّن يشْكر على الْقَلِيل نَحن نَعْرِف ذَلِك مِنْهُ وَقد بلغنَا فِي هَذِه الْأَيَّام أَن دَاء الْحَسَد دب إِلَى بعض النَّاس فَصَارَ يتَكَلَّم فِيهِ بعض السفلة وَنحن نعرفه من خمسين سنة ونعرف أَنه لَا يشاحن أحدا فِي دنيا بل هُوَ مشتغل بِحَالهِ فَلَا يتَكَلَّم فِيهِ إِلَّا مُتَّهم فِي دينه وهم الرعاع والجهلة كَمَا قَالَ الشَّافِعِي أَو الإِمَام عَليّ رَضِي الله عَنهُ: والجاهلون لأهل الْعلم أَعدَاء فَكَانَ المظنون بكم أَن تردعوا من يتَكَلَّم فِيهِ غَايَة الردع من غير طلب مِنْهُ لذَلِك من بَاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَإِن من يُرِيد تألم عَالم إِنَّمَا يُرِيد بذلك هدم السّنة وَالْمَعْرُوف من عَادَته أَنه إِذا تكلم أحد فِيهِ يصبر ويحتسب فَإِذا فعل هُوَ الْمَنْدُوب وَجب على النَّاس الذب عَنهُ وَكَيف لَا وأغلب أَحْوَاله سَعْيه فِي نفع أَصْحَابه لَا سِيمَا الشاميين مَا كَانَ إِلَّا كهفا لَهُم كَانُوا يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ لما كَانُوا مُحْتَاجين إِلَيْهِ وَهُوَ فِي بلد الْعِزّ لينتفعوا بِهِ فَأَقل مَاله عِنْدهم أَن يَفْعَلُوا مَعَه مَا كَانَ يفعل مَعَهم وأهون من ذَلِك تَركه وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من نفع عباد الله بالتدريس والتذكير بالميعاد وَنَحْو هَذَا فَإِنَّهُ أَي كتاب الزيني ينفع غَايَة النَّفْع قَالَ وَإِن كَانَ مَعَه كتاب البرهاني يَعْنِي الإِمَام الكركي زَاد نَفعه وَلَا تظهر أَنِّي كتبت إِلَيْك فِي هَذَا الْأَمر إِلَّا لضَرُورَة بل استفدته من حاملها إِلَى أَن قَالَ وَليكن الْكتاب إِلَيْهِمَا مَعَ ثِقَة يوصله إِلَيْهِمَا لَا إِلَى العَبْد يَعْنِي نَفسه وَلَكِن ترسل إِلَيّ بالإعلام بِجَمِيعِ معنى الْكتاب انْتهى بِحُرُوفِهِ. فَانْظُر وتعجب وَاعْلَم بِالْكَذِبِ فِيهِ فِي غير مَا مَوضِع نسْأَل الله السَّلامَة. وَمن عنوان نظمه قَوْله فِي قصيدة أنشدناها على الأهرام الْجَبَل بالجيزة:
(إِنَّا بَنو حسن وَالنَّاس تعرفنا ... وَقت النزال وَأسد الْحَرْب فِي حنق)(1/110)
)
(كم جِئْت قفرا وَلم يسْلك بِهِ بشر ... غَيْرِي وَلَا أنس إِلَّا السَّيْف فِي عنقِي)
وَقَوله مِمَّا هُوَ حجَّة عَلَيْهِ:
(مَا بَال قَلْبك قد زَادَت قساوته ... فَمَا تزَال بِأَدْنَى الغيظ منتقما)
(فاكظمه عفوا وَأحسن راحما أبدا ... فرحمة الله مَخْصُوص بهَا الرحما)
وَقَوله أَيْضا وَهُوَ حجَّة عَلَيْهِ:
(إِن رمت عَيْشًا صافيا ازمانا ... فاعمل بهذي الْخمس تعظم شانا)
(اصفح تحبب دَار واصبر واكتم الشحناء قد أوصى بهَا عثمانا)
وَقَوله فِي الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ:
(وعاذل قَالَ الْكَمَال حَاصِل ... بفرد شيخ للبيب الفائز)
(فَقلت أَعْيَان الزَّمَان الْكل يَا ... شَيْخي تتمات الْكَمَال الْبَارِزِيّ)
وَقَوله نَحوه أَيْضا:
(إِذا عَابَ العذول عَليّ فعلى ... وَقَالَ إِلَى مَتى هَذَا التغالي)
(تَطوف الأَرْض تجمعها شُيُوخًا ... أَقُول لَهُ لتَحْصِيل الْكَمَال)
إِبْرَاهِيم بن عمر بن زِيَادَة الاتكاوي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن شُعَيْب برهَان الدّين الدَّمِيرِيّ ثمَّ القاهري الْمَالِكِي. ولد تَقْرِيبًا سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَأول مَا ترعرع علم فِي بَيت الْعَلَاء بن قبرس ثمَّ ترقى للاشتغال وَأخذ عَن نور الدّين التنسي ثمَّ عَن السنهوري وَأكْثر من ملازمته فِي الْفِقْه والعربية وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة عِنْد الْبَدْر أبي السعادات البُلْقِينِيّ وَعبد الْحق السنباطي وَحضر على الْعَلَاء الحصني فِي الْمنطق وَغَيره وَرُبمَا قَرَأَ عَلَيْهِ وَقَرَأَ فِي شرح العقائد على الزين زَكَرِيَّا مَعَ سَماع شَيْء من التَّوْضِيح وَكَذَا من شُيُوخ النَّجْم بن حجي وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتميز فِيهَا ورباه الأمشاطي وَأَغْلظ من أَجله على يحيى السفطي ثمَّ أثنى عَلَيْهِ حِين أغراه عَلَيْهِ التقي الاوجاقي وَقد نَاب فِي الْقَضَاء عَن السراج بن حريز فَمن بعده وازدحمت عِنْده الأشغال سِيمَا حِين جُلُوسه عِنْد رَأس نوبَة النوب برسباي قرا أَوْقَات حكمه وإكثاره من خدمته وخدمة جماعته بل وخدمة قُضَاته بِحَيْثُ تمول وَركب البغلة وَاشْترى الْأَمْلَاك وَحج وجاور سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ يكثر الْحُضُور عِنْد(1/111)
الْبُرْهَان بن ظهيرة وَرُبمَا عمل الأشغال وَصَارَت لَهُ وجاهة)
فِي الْجُمْلَة قَامَ مرّة على ابْن شرف وَكَذَا على الشَّمْس الحليبي مِمَّا الصَّوَاب فِيهِ مَعَ الشَّمْس إِلَى غير ذَلِك من قِيَامه على النَّصْرَانِي فلاح البيبرسية مِمَّا عدم إحسانه اقْتضى لخذلانه وَلَقَد أَجَاد.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن عُثْمَان بن عَليّ برهَان الدّين الْخَوَارِزْمِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو الشهَاب أَحْمد الْآتِي وَذَاكَ الْأَكْبَر وَيعرف بِابْن قرا. رَأَيْته كتب فِي بعض الاستدعاآت سنة ثَلَاث وَسبعين وَمَات بِدِمَشْق بعد ذَلِك فِي عَاشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ صَالحا ذَا تهجد كثير وَصِيَام وعمامة صَغِيرَة تشبه أَبنَاء التّرْك وجلالة عِنْد الْخَاصَّة والعامة سِيمَا أَخُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ يجله كثيرا مِمَّا هُوَ جدير بِهِ بل قَالَ لَهُ الْعَلَاء البُخَارِيّ أَنْت فِي بركَة إِبْرَاهِيم وَحكى الثِّقَة عَن أَخِيه أَنه قَالَ لَهُ أَن الشَّيْخ سليما لما قدم دمشق قيل لَهُ فِي الشَّام خمارة فامر بِجمع الْفُقَرَاء فَاجْتمعُوا وذهبوا وَأَنا وإياه مَعَهم ليريقوا مَا فِيهَا من الْخمر فَلَمَّا أراق مَا فِيهَا وقف بِالْبَابِ مُقبلا بِوَجْهِهِ على من يُرِيد الْخُرُوج وَمد يَدَيْهِ فَوضع كل وَاحِدَة على ركن الْبَاب ثمَّ قَالَ اخْرُجُوا فَخرج النَّاس من تَحت يَدَيْهِ فَجئْت وَقبلت يَده وَخرجت فَلَمَّا جَاءَ أخي رده ثمَّ جَاءَ فَرده مرَارًا فَبَقيت خَائفًا عَلَيْهِ فَلَمَّا لم يبْق أحد أمره بِالْخرُوجِ وَأمْسك بِيَدِهِ ثمَّ أَمر شخصا أَن يمسك يَده وَأمر آخر أَن يمسك يَده الْأُخْرَى وَأمر آخر أَن يمسك ظَهره ثمَّ أكب على قَدَمَيْهِ وقبلهما.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن عَليّ الْبُرْهَان الطلحي نِسْبَة فِيمَا كَانَ يَقُول لطلْحَة بن عبيد الله أحد الْعشْرَة الْمحلى الْمصْرِيّ الشَّافِعِي التَّاجِر الْكَبِير سبط الشَّمْس بن اللبان ولد فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ بهَا فتعانى التِّجَارَة وسافر فِيهَا إِلَى الشَّام واليمن غير مرّة وخالط مُحَمَّد بن سَلام السكندري التَّاجِر وسافر لَهُ فَلَمَّا مَاتَ ابْن سَلام ضم إِلَيْهِ ابْنه الْأَكْبَر نَاصِر الدّين مُحَمَّد وزوجه بابنته ورزق فِي التِّجَارَة أوفر حَظّ مَعَ مَعْرفَته بِأُمُور الدُّنْيَا بِحَيْثُ ظَهرت استجابة دَعْوَة جده لأمه حَيْثُ دَعَا لَهُ عقب مولده وَبشر أَبَاهُ بِأَنَّهُ يَجِيء ناخوذة وتمول فِي آخر أمره جدا وَانْفَرَدَ برياسة التُّجَّار بعد موت الزكي أبي بكر بن عَليّ الخروبي وَكَانَ يَقُول أَنه مَا كَانَ فِي مركب فغرق وَلَا فِي قافلة فنهبت وعظمت مَنْزِلَته عِنْد الدولة بِالْقَاهِرَةِ وَكَذَا بِالْيمن وجدد مُقَدّمَة جَامع عَمْرو بل وجهز عسكرا إِلَى الاسكندرية من مَاله وَأَنْشَأَ دَارا بِظَاهِر مصر على شاطئ النّيل دَاخل صاغة(1/112)
الْفَاضِل فَجَاءَت فِي غَايَة الْحسن تشْتَمل على ثَلَاث قاعات مصطفة وعدة قواطين وأروقة الْجَمِيع مفروش بالرخام الملون والزخرفة الهائلة والإتقان أنْفق عَلَيْهَا زِيَادَة على خمسين ألف دِينَار ثمَّ بعد مُدَّة عمل بجوارها مدرسة بديعة وَقد)
احترقت الدَّار الْمَذْكُورَة فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسلمت الْمدرسَة فَقَط كَمَا قَالَه شَيخنَا وَلم يزل فِي نمو من المَال وَحدث نَفسه بغزو الْيمن وَأَخذهَا للسُّلْطَان واستعد لذَلِك فَمَاتَ دونه وَكَانَت وَفَاته فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر ربيع الأول سنة سِتّ بِمصْر وَولده أَحْمد الْآتِي إِذْ ذَاك بِالْيمن فوصل إِلَى مَكَّة وَمَعَهُ من الْأَمْوَال مَالا يدْخل تَحت الْحصْر قيل أَنه كَانَ مَعَه فِي تِلْكَ السّنة سِتَّة آلَاف زكيبة من أَصْنَاف البهار فتفرقت أموالهما شذر مذر بأيدي الْعباد فِي جَمِيع الْبِلَاد ونال صَاحب مَكَّة واليمن من ذَلِك الْكثير والناصر فرج صَاحب مصر مائَة ألف دِينَار وَلم يخلف بعده تَاجِرًا يضاهيه وَكَانَ من جملَة كِتَابه الْجمال يُوسُف بن الصفي الكركي الَّذِي ولي كِتَابَة سر مصر فِي الْأَيَّام الأشرفية برسباي وَقد تَرْجمهُ شَيخنَا فِي أنبائه قَالَ وَقد سَمِعت مِنْهُ عدَّة فَوَائِد وَسمع عَليّ تَرْجَمَة البُخَارِيّ من جمعي وَكَانَ يَقُول مَا ركبت فِي مركب قطّ فغرقت وسمعته يَقُول أحضرت عِنْد جدي لما ولدت فبشر أبي أَنِّي أصير باخودة ثمَّ سَمِعت ذَلِك من جدي وَأَنا ابْن أَربع سِنِين قَالَ وَكَانَ أَبوهُ مملقا فرزق هُوَ من المَال مَا رقي سَمَّاهُ وَلذَا قَالَ فِي الْقسم الثَّانِي من مُعْجَمه وأرخ تحديثه بترجمة البُخَارِيّ بِسنة خمس وَثَمَانمِائَة وَأَن ذَلِك كَانَ بمدرسته قَالَ وَلم يكن مَحْمُودًا فِي دينه وَقد ختم لَهُ بِخَير فَإِنَّهُ بنى مُقَدّمَة جَامع عَمْرو بن الْعَاصِ فصرف عَلَيْهِ مَالا كثيرا وجهز الْعَسْكَر إِلَى الاسكندرية بِسَبَب الفرنج قبل وَفَاته بِقَلِيل وَقَالَ غَيره كَانَت عِنْده حشمة ومروءة وترجمه المقريزي فِي عقوده رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن مُحَمَّد البلبيسي وَيعرف بِابْن العجمي سمع مني المسلسل.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن مُحَمَّد بن زِيَادَة الْبُرْهَان الاتكاوي القاهري الشَّافِعِي أحد السادات من العارفين حفظ الْقُرْآن ومختصر أبي شُجَاع وَعرضه بِتَمَامِهِ على القَاضِي دَاوُد السّري وَيُقَال أَن كِتَابه أَيْضا الْحَاوِي وَكَأَنَّهُ حفظه بعد وَأخذ عَن التقي عبد الرَّحْمَن الشبريسي صَاحب الشَّيْخ يُوسُف العجمي وَمَا تيَسّر لَهُ الْحَج ظَاهرا وَأخذ عَنهُ الشَّمْس الغراقي والأبناسي والقاياتي والونائي والمناوي وَالْجمال الأمشاطي والشهاب السكندري الْمقري والشهاب الطوخي خَادِم الجمالية والوروري والْعَلَاء(1/113)
القلقشندي وَالشَّمْس العاصفي والزين عبد الدَّائِم الْأَزْهَرِي الْمقري وَإِمَام الكاملية والعبادي وَخلق من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة وَمِنْهُم من أهل بَلَده رَمَضَان وسلامة وَمن الْحَنَفِيَّة الْعَلَاء البُخَارِيّ وَابْن الْهمام وَأفضل الدّين وَمن الْحَنَابِلَة الْعِزّ الْكِنَانِي فِي جمَاعَة كثيرين مِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد الفوي والنور أَخُو حُذَيْفَة وثنا الْكثير مِنْهُم بالكرامات وَالْأَحْوَال الغائقة فَمن)
ذَلِك كَون الْعَلَاء البُخَارِيّ تعقبت بِهِ تَابِعَة من الجان عجز الأكابر عَن خلاصه مِنْهَا حَتَّى كَانَ على يَدَيْهِ وَأَنه تزايد انقياده مَعَه لذَلِك بِحَيْثُ انه جَاءَ إِلَيْهِ وَهُوَ يقرئ وَبَين يَدَيْهِ الأمثل من كل مَذْهَب فَقَامَ إِلَيْهِ وَأَجْلسهُ مَكَانَهُ فَلم يحسن ذَلِك بخاطر بَعضهم فَقَالَ يَا سَيِّدي من يقرئنا الدَّرْس أَو نَحْو هَذَا كَالْمُسْتَهْزِئِ فَمَا جلس الْعَلَاء يكلمهُ بِهَذَا فبادر هُوَ وَأمر الْقَارئ بِالْقِرَاءَةِ وَأخذ فِي التَّقْرِير بِمَا أبهر كل من حضر وخضعوا لَهُ وطأطؤا رُؤْسهمْ سِيمَا وَقد قَالَ الشَّيْخ وَالله مَا كنت أعلم شَيْئا مِمَّا قلته فصور لي فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَو كَمَا قَالَ بل أَنْشدني عِنْد الْكَمَال إِمَام الكاملية لنَفسِهِ:
(صبوت وَمَا زَالَ الغرام مسامري ... إِلَى أَن محاني الشوق عَن كل زائر)
(بِذكر الَّذِي أفنى خيالي بحبه ... أغيب عَن الْأَحْوَال غيبَة حَاضر)
(وعاش فُؤَادِي بالحبيب وَهَا أَنا ... أَقُول وبالمحبوب ترْجم سائري)
(فخاص كَمَال السِّرّ آلف نوره ... لنُور شموس الصحو ألفة قَادر)
(وجامع جمع الْجمع أدهش نوره ... وفلق فرق الصُّبْح ينصر ناصري)
(وعفوك يَا مولَايَ زَاد بِهِ الهنا ... ومنك دنا نور حوى كل ناظري)
وَقَالَ لي الْكَمَال أَنه كَانَ يحذرهُ من مطالعة كتب ابْن عَرَبِيّ وينفره عَنْهَا وَحكى لي صاحبنا الشَّمْس بن سَلامَة أَنه رَآهُ فِي الْمَنَام وأنشده أبياتا كَأَنَّهَا لنَفسِهِ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يذكر مِنْهَا بَيْتا وَاحِدًا وَحكى ذَلِك للشَّيْخ رَمَضَان الْآتِي فَقَالَ لَهُ قد كنت مَعَك وحفظتها ثمَّ أنْشدهُ إِيَّاهَا وَهِي:
(يَا مَالك الْملك كن لي ... وذكرك اجْعَلْهُ شغلي)
(وهب لي قلبا سليما ... وأحيه بالتجلي)
(وَأَن أكون دواما ... مشاهدا لَك كلي)
(من غير أَيْن وَكَيف ... وَغير شبه وَمثل)
(سَأَلتك الله رَبِّي ... تمنن عَليّ بسؤلي)(1/114)
وَرَأَيْت بِخَطِّهِ قَائِمَة فِيهَا أَسمَاء من أذن لَهُ وَأَجَازَهُ. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَدفن بزاويته الَّتِي أَنْشَأَهَا لَهُ صهره وَأحد أَصْحَابه أَبُو يُوسُف أَحْمد بن عَليّ بن مُوسَى الْآتِي بأدكو من طرفها الغربي وَمَا رَأَيْت شَيخنَا وَلَا المقريزي وَلَا غَيرهمَا مِمَّن وقفت عَلَيْهِ ذَكرُوهُ مَعَ جلالته وَرَأَيْت من يُسمى جده زِيَادَة وَالله أعلم.)
إِبْرَاهِيم بن عمر بن مُوسَى صارم الدّين النابتي صَاحب الحديدة كَانَ مُبَارَكًا فَاضلا يفهم شَيْئا من الْعُلُوم وَينظر فِي التواريخ وَكتب الصُّوفِيَّة وَأحب بِأخرَة كتب ابْن الْعَرَبِيّ ولازم النّظر فِيهَا واغتبط بتحصيلها بِحَيْثُ اجْتمع عِنْده مِنْهَا جملَة بل واقتنى من سَائِر الْكتب شَيْئا كثيرا ووقفها بعد مَوته على أهل الخرم فَلم يتم ذَلِك لاستيلاء زوج ابْنَته المقبول بن أبي بكر الزَّيْلَعِيّ صَاحب الْحَال عَلَيْهَا وَحملهَا مَعَه إِلَى قريته اللِّحْيَة ثمَّ وَضعهَا فِي خزانَة فَلم ينْتَفع بهَا أحد.
وَكَانَت وَفَاته فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسبعين. أَفَادَهُ لي بعض الْفُضَلَاء اليمنيين مِمَّن أَخذ عني.
إِبْرَاهِيم بن عمر برهَان الدّين القاهري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الصَّواف. أَخذ عَن القَاضِي موفق الدّين وَغَيره وَفضل وناب فِي الحكم بل درس وَأخذ عَنهُ وَلَده الْبَدْر حسن وَالشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الغزولي وَآخَرُونَ. وَكَانَ فَقِيها فَاضلا. مَاتَ فِي الْعشْرين من رَمَضَان سنة ثَمَان. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار عَن هَذَا مَعَ كَونه لم يسم أَبَاهُ وَهُوَ عَم أم الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة.
إِبْرَاهِيم بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو اسحق النَّاشِرِيّ. ذكره الْعَفِيف وَقَالَ كَانَ رجلا خيرا صَالحا مشاركا فِي الْعُلُوم مَاشِيا على طَريقَة أَبِيه فِي التعفف والزهد ومحاسن الْأَخْلَاق. مَاتَ فِي ثَالِث أَيَّام التَّشْرِيق سنة سبع عشرَة بالكدرا.
إِبْرَاهِيم بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبيد الشرعبي محتدا اليمني بَلَدا الشَّافِعِي مُقَلدًا الْأَشْعَرِيّ مُعْتَقدًا. كَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه والعربية والقراآت وَغَيرهَا وطوف الْبِلَاد فَدخل الْقَاهِرَة وَالشَّام وَالروم وبلاد الْعَجم والهند وقطن بهَا سِنِين وأقرأ بهَا وبمكة حِين مجاورته بهَا بعد الْخمسين الطّلبَة وَكَذَا أَقرَأ بِغَيْرِهِمَا بل كتب عَنهُ أَبُو الْقسم بن فَهد وَغَيره من نظمه. وَآخر مَا كَانَ بِمَكَّة بعد التسعين وَرجع إِلَى عدن فَمَاتَ بهَا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَكَانَت بِيَدِهِ دريهمات يكْتَسب لَهُ مِنْهَا مَعَ ديانَة وَخير رَحمَه الله وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ وجيره الْفَخر السّلمِيّ ووقف كتبا حَسَنَة برباط(1/115)
الصَّفَا تَحت نظر ابْن الْعِرَاقِيّ جوزي خيرا.
إِبْرَاهِيم بن عِيسَى بن غَنَائِم الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي الطوباسي الْحَنْبَلِيّ سمع بنابلس فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة على الزيتاوي فِي ابْن مَاجَه وَكَذَا سمع على ابْن أميلة جَامع)
التِّرْمِذِيّ. وَمَات فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ أَو فِي أَوَائِل الَّتِي تَلِيهَا بسفح قاسيون. ذكره ابْن فَهد فِي مُعْجَمه.
إِبْرَاهِيم بن فائد بن مُوسَى بن عمر بن سعيد بن علال بن سعيد النبروني الزواوي النجار القسنطيني الدَّار الْمَالِكِي. ولد سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة فِي جبل جرجرا ثمَّ انْتقل إِلَى بجاية فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ظنا واشتغل بهَا فِي الْفِقْه على أبي الْحسن عَليّ بن عُثْمَان ثمَّ رَحل إِلَى تونس فَأخذ الْفِقْه أَيْضا وَكَذَا الْمنطق عَن أبي عبد الله الأبي وَالْفِقْه أَيْضا وَكَذَا التَّفْسِير عَن القَاضِي أبي عبد الله القلشاني وَالْفِقْه وَحده عَن يَعْقُوب الزعبي وَالْأُصُول عَن عبد الْوَاحِد الْفِرْيَانِيُّ ثمَّ رَجَعَ إِلَى جبال بجاية فَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الْأُسْتَاذ عبد العالي بن فراج ثمَّ انْتقل إِلَى قسنطينة فقطنها وَأخذ بهَا الْأَصْلَيْنِ والمنطق عَن حَافظ الْمَذْهَب أبي زيد عبد الرَّحْمَن الملقب بالباز والمعاني وَالْبَيَان عَن أبي عبد الله مُحَمَّد اللبسي الحكم الأندلسي ورد عَلَيْهِم حَاجا والأصلين والمنطق والمعاني وَالْبَيَان مَعَ الْفِقْه وغالب الْعُلُوم المتداولة عَن أبي عبد الله بن مَرْزُوق عَالم الْمغرب قدم عَلَيْهِم قسنطينة فَأَقَامَ بهَا نَحْو ثَمَانِيَة أشهر وَلم يَنْفَكّ عَن الِاشْتِغَال والأشغال حَتَّى برع فِي جَمِيع هَذِه الْفُنُون لَا سِيمَا الْفِقْه وَعمل تَفْسِيرا وَشرح ألفية ابْن مَالك فِي مُجَلد وتلخيص الْمِفْتَاح فِي مُجَلد أَيْضا وَسَماهُ تَلْخِيص التَّلْخِيص ومختصر الشَّيْخ خَلِيل فِي ثَلَاث مجلدات سَمَّاهُ تسهيل السَّبِيل فِي مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وَكَذَا فِي آخر إِن كَانَ كمل فِي مجلدين سَمَّاهُ فيض النّيل وَحج مرَارًا وجاور وتلا لنافع على الزين بن عَيَّاش بل حضر مجْلِس ابْن الْجَزرِي فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشهَاب بن يُونُس بل شَاركهُ فِي أَخذه عَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الدلدوي أحد مشايخه ولقيه البقاعي فِي سنة ثَلَاث وَخمسين حِين حج أَيْضا وَقَالَ أَنه رجل صَالح من الْمَشْهُورين بَين المغاربة بِالدّينِ وَالْعلم وَعَلِيهِ سمت الزهاد وسكونهم وَفِي الظَّن أنني لَقيته أَيْضا. وَمَات فِيمَا قَالَ ابْن عزم فِي سنة سبع وَخمسين رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن فرج الله بن عبد الْكَافِي الإسرائيلي الْيَهُودِيّ الدَّاودِيّ العافاني هلك فِي يَوْم الْجُمُعَة عشري ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَقد زَاد على السّبْعين(1/116)
أرخه المقريزي قَالَ وَلم يخلف بعده من يهود مصر مثله فِي كَثْرَة حفظه نُصُوص التَّوْرَاة وَكتب الْأَنْبِيَاء وَفِي تنكسه فِي دينه مَعَ حسن علاجه لمعرفته بالطب وتكسبه بِهِ وَكَانَ يقر بنبوة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويجهر بِأَنَّهُ رَسُول إِلَى الْعَرَب وَيَقُول فِي الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام أَنه صديق خلافًا لما يَقُوله الْيَهُود لعنهم)
الله. قلت وَكَذَا صَاحب التَّرْجَمَة.
إِبْرَاهِيم بن قَاسم بن سعيد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد العقباني المغربي الْمَالِكِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي هُوَ وأبوهما مِمَّن ولي قَضَاء تلمسان. مَاتَ بالطاعون سنة إِحْدَى وَسبعين أرخه لي بعض الآخذين عني من المغاربة وسمى ابْن عزم وَالِده أَبَا الْقسم بالكنية وجده أول من أحدث تَقْبِيل يَد مُلُوك الْمغرب الْأَقْصَى.
إِبْرَاهِيم بن الشَّيْخ الْمُقْرِئ قَاسم بن عَليّ بن حُسَيْن الجيراني سمع مني فِي الْإِمْلَاء.
إِبْرَاهِيم بن الشّرف أبي الْقسم بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن جعمان بِالْفَتْح الصَّيْرَفِي الدوالي الْيَمَانِيّ من بَيت الْفَقِيه أبي عجيل الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. ولد فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْفَقِيه وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن واشتغل بالفرائض والعربية وَكَذَا بالفقه والْحَدِيث على أَبِيه فَلَمَّا مَاتَ جد فِي الْفِقْه وَأَخذه عَن خَاله الْجمال مُحَمَّد الطَّاهِر بن أَحْمد بن جعمان وَالطّيب النَّاشِرِيّ بل وَأخذ أصُول الْفِقْه عَن الشّرف السيفي الشِّيرَازِيّ وبرع وتصدى فِي بَلَده للتدريس والإفتاء وَولي قضاءها وَحج وزار مَعَ شكالة وَخط وَضبط وورع. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر صفر سنة سبع وَتِسْعين وصلينا عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِمَكَّة وَقد كتب إِلَيّ بترجمته الْكَمَال مُوسَى الدوالي وَأثبت مولده كَمَا صدرنا بِهِ وَأَنه ترافق مَعَه فِي الطّلب وَقَرَأَ على أَبِيه البُخَارِيّ والشفا والمصابيح والأذكار وَقطعَة من وسيط الواحدي وَجُمْلَة من كتب النَّحْو وحقق من الْعُلُوم الْفِقْه والفرائض والجبر والمقابلة والنحو وَمهر فِي ذَلِك ودرسه مَعَ مُشَاركَة فِي الْأُصُول وَالْبَيَان بل كَانَ من أذكياء الْعَالم جيد النّظم والنثر وَبَلغنِي أَنه كتب على بُلُوغ المرام لشَيْخِنَا شَيْئا شبه الشَّرْح وَلَكِن لم أَقف عَلَيْهِ وَلم أسمع بِهِ مِنْهُ وَإِنَّمَا أعلمني بِهِ غَيره وَأما الرياسة والسؤدد والجاه العريض والتفات السُّلْطَان فَمن دونه إِلَيْهِ فَلم يكن من يُشَارِكهُ فِيهِ بل كَانَ فَردا فِي ذَلِك لَا ترد شَفَاعَته وَلذَا تزايد الأسف عَلَيْهِ من النَّاس قَالَ وَكَانَ يرتاح إِلَى لقائي ويتحسر على عدم مساعدة الْوَقْت فِي الِاجْتِمَاع رَحمَه الله وإيانا.(1/117)
إِبْرَاهِيم بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر ابْن عبد الرحمن بن عبد الله أَبُو إِسْحَاق النَّاشِرِيّ قَرَأَ على جده أبي عبد الله عدَّة من كتب الْفِقْه والْحَدِيث وَأخذ أَيْضا عَن أَبِيه وَعَمه وجيه الدّين بل قَرَأَ بعض الْوَسِيط عِنْد الْجمال الطّيب وروى عَن الْمجد اللّغَوِيّ وَابْن الْجَزرِي والنفيس الْعلوِي وَلَقي بِمَكَّة الْجمال بن ظهيرة وَغَيره وَأخذ عَنهُ أَخُوهُ إِسْحَاق)
وَآخَرُونَ وَولي قَضَاء أبي لقحمة وأعمالها بعد عَمه الْوَجِيه وَكَانَ يَنُوب عَنهُ بهَا فِي حَيَاته وَكَانَ قَاضِيا عَالما صَالحا أوحد مكرما للضيف. مَاتَ بعد الْأَرْبَعين.
إِبْرَاهِيم بن قرمش القرمي الأَصْل القاهري تَاجر المماليك كأبيه وَأحد خَواص الْأَشْرَف مِمَّن أثرى ثمَّ تضعضع بعد مَوته وَذكر بِخَير وبروحشمة وَإِلَى أَبِيه تنْسب الْأُمَرَاء القرمشية. مَاتَ فِي سنة سِتّ وَخمسين وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ. أَفَادَهُ الزين عبد الباسط بن الْأَمِير خَلِيل وَكَانَ زوجا لِعَمَّتِهِ.
إِبْرَاهِيم بن كَامِل البرشاني ثمَّ الوادياشي الْمَالِكِي أحد مدرسي وادياش مَعَ الْإِمَامَة انْتفع بِهِ جمَاعَة. مَاتَ تَقْرِيبًا سنة تسع وَثَمَانِينَ فَجْأَة عَن بضع وَسِتِّينَ وَكَانَ متميزا فِي الْفِقْه والعربية والفرائض والحساب وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَحْمد أبي يحيى وَأَخْبرنِي بترجمته.
إِبْرَاهِيم بن مباركشاه الأسعردي الخواجا التَّاجِر الشهير صَاحب الْمدرسَة بالجسر الْأَبْيَض. كَانَ كثير المَال وَاسع الْعَطاء كثير الْبَذْل بِخِلَاف قَرِيبه الخواجا الشَّمْس بن المزلق فَمَاتَ هَذَا مطعونا فِي رَجَب سنة سِتّ وَعشْرين وَلم يكمل السِّتين عَاشَ ابْن المزلق بعده دهرا طَويلا.
قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.
إِبْرَاهِيم بن مبارك بن سَالم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن يحيى المري الذهلي الشَّيْبَانِيّ الْبكْرِيّ الوائلي الزئبقي البزازي القبطي. ولد بهَا تَقْرِيبًا سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا ثمَّ توجه لمَكَّة فِي أَوَائِل سنة تسع وَخمسين فقطنها ومدح بهَا صَاحبهَا مُحَمَّد بن بَرَكَات بقصائد وَكَذَا مدح الْبُرْهَان بن ظهيرة وسافر مِنْهَا لليمن مرَارًا وَتزَوج بهَا ومدح صَاحب جازان دريب بن خلد والأخوين عَليّ وعامر ابْني طَاهِر وَكتب عَنهُ النَّجْم بن فَهد فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ قصائد مِنْهَا قصيدة نبوية أَولهَا:(1/118)
(قف بالعقيق ملبيا وَمُسلمًا ... وانثر دموعك من محاجرها دَمًا)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْبُرْهَان السوبيني الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي قريب الْبُرْهَان السوبيني الْمَذْكُور وَيعرف بِابْن الْخَطِيب وَكَذَا بالخطيب لكَونه خطيب جَامع برسباي الْحَاجِب. مولده فِي شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج وألفية النَّحْو وَقَالَ أَنه عرض واشتغل وَحج وجاور مرَارًا وَدخل حلب فَمَا دونهَا ولقيني بِمَكَّة مَعَ الشهَاب الأخصاصي ثمَّ بمنزلي فِي الْقَاهِرَة مَعَ ابْن القارى وَسمع عَليّ بعض)
البُخَارِيّ وتناوله وأجزت لَهُ ولبنيه المحيوي أبي الْفَتْح مُحَمَّد وَالْجمال أبي السُّعُود مُحَمَّد الْمَدْعُو نزيل الْكِرَام لكَونه ولد بِالْمَدِينَةِ وَالْفَخْر أبي بكر والنجم أَحْمد الْمَدْعُو ياسين وَأم الهنا فَاطِمَة وست الْكل أَسَاءَ وَلَا بني أُخْته الْبَدْر مُحَمَّد وَعَائِشَة ابْني مُحَمَّد بن العجمي ولموسى بن عبد الله بن المغربي وكتبت لَهُم إجَازَة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن سليم بن فريج بن أَحْمد الْبُرْهَان بن الشَّمْس بن فَقِيه الشَّافِعِيَّة الْبُرْهَان البيجوري الأَصْل القاهري الشَّافِعِي المقرى أَخُو الشهَاب أَحْمد الْآتِي وحفيد الْبُرْهَان الْمَاضِي. ولد فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالنابلسية تجاه سعيد السُّعَدَاء وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن وبلوغ المرام لشَيْخِنَا والشاطبية والمنهاج الفرعي وَغَيرهَا وَعرض على جمَاعَة كشيخنا وَسمع عَلَيْهِ وَكَذَا على الْجمال عبد الله الهيتي بِقِرَاءَة أَخِيه الأول من حَدِيث الصّقليّ واشتغل بِالْعلمِ وقتا وَحضر دروس الْمَنَاوِيّ وَآخَرين وتلا للسبع أفرادا وجمعا على الزين جَعْفَر السنهوري وجمعا على النُّور الإِمَام وَأَجَازَهُ وَأم بالمنصورية وسكنها وتنزل فِي الْجِهَات وَحج وَرُبمَا أَقرَأ القراآت بل وَحدث بعض الطّلبَة بالجزء الْمشَار إِلَيْهِ وَكَانَ خيرا متوددا متفضلا على كثيرين رَاغِبًا فِي الْبر والصلة مَعَ الانجماع غَالِبا عَن النَّاس وَالثنَاء عَلَيْهِ مستفيض. مَاتَ فِي حَيَاة أمه فِي لَيْلَة السبت سَابِع الْمحرم سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَترك طفْلا رَحمَه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْعَلامَة جلال الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَاق الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ سبط أبي الْهدى بن تَقِيّ الكازروني وَأحد أَعْيَان بَلَده بل إِمَام الْحَنَفِيَّة بهَا. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِطيبَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والكنز وَأخذ فِي الْفِقْه(1/119)
بِبَلَدِهِ على أَخِيه الشهَاب أَحْمد وَالْفَخْر عُثْمَان الطرابلسي وَفِي الْعَرَبيَّة وَعلم الْكَلَام عَن الشهَاب بن يُونُس المغربي وَكَذَا أَخذ فِي شرح العقائد عَن السَّيِّد السمهودي وَسمع على أَبِيه وَأبي الْفرج المراغي وَقَرَأَ بِمَكَّة فِي منى على النَّجْم بن فَهد الثلاثيات وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا أَولهَا فِي سنة أَربع وَسبعين وَسمع بهَا على النشاوي والديمي وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَأخذ فِيهَا عَن الزين قَاسم والعضدي الصيرامي الْفِقْه وَغَيره وَعَن نظام الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وَعَن الْجَوْجَرِيّ الْعَرَبيَّة وَكَذَا قَرَأَ فِيهَا على الزيني زَكَرِيَّا شَرحه لشذور الذَّهَب ولازم الْأمين الأقصرائي فِي فنون وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا وَأكْثر أَيْضا من ملازمتي)
رِوَايَة ودراية ثمَّ كَانَ مِمَّن لازمني حِين إقامتي بِطيبَة وَقَرَأَ عَليّ جَمِيع ألفية الْعِرَاقِيّ بحثا وَحمل عني كثيرا من شرحها للناظم سَمَاعا وَقِرَاءَة وَغير ذَلِك من تأليفي ومروياتي وأذنت لَهُ على الْوَجْه الَّذِي أثْبته فِي تَرْجَمته من تَارِيخ الْمَدِينَة وَغَيره وَقد ولي إِمَامَة الْحَنَفِيَّة بِالْمَدِينَةِ بعد أَخِيه وَتزَوج ابْنة الشَّيْخ مُحَمَّد المراغي وَنعم الرجل فضلا وعقلا وتواضعا وسكونا وأصلا وسمعته ينشد مِمَّا قَالَه وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ لما بلغه مَا وَقع من الْحَرِيق بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ:
(قلت بِمصْر جَاءَنَا فِي خبر ... وَقد جرى بِطيبَة أَمر مهول)
(خَافت النَّار إِلَهًا فالتجت ... تتشفع لائذة بالرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
مَاتَ فَجْأَة تَحت سَاقِط لَهُ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَتِسْعين وتأسفنا عَلَيْهِ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد برهَان الدّين بن شمس الدّين القاهري المقسي الشَّافِعِي الْخَطِيب سبط الْفَقِيه عُثْمَان القمني الْآتِي وَيعرف كأبيه بِابْن الخص حفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل عِنْد شَيخنَا ابْن خضر وَسمع الحَدِيث على شَيخنَا وَغَيره وتنزل فِي صوفية البيبرسية وَغَيرهَا من الْجِهَات بل خطب بِجَامِع ساروجا وَغَيره وتكسب بِالشَّهَادَةِ كأبيه بحانوت التَّوْبَة وَغَيره وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ حج مرَارًا آخرهَا فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وجاور فَسقط عَلَيْهِ بَيت سكنه بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَسبعين فَمَاتَ تَحت الْهدم شَهِيدا وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين رَحمَه الله وَرَأَيْت لِأَبِيهِ سَمَاعا لمجلس الْخَتْم للدارقطني على الأبناسي والغماري وَالشَّمْس الحريري إِمَام الصرغتمشية والفوى وَأحمد بن عبد الله بن رشيد السّلمِيّ الْحِجَازِي والزين بن النقاش وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة فيشار إِلَيْهِ(1/120)
فِي تَرْجَمته من المحمدين.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن صَالح برهَان الدّين النيني بِفَتْح النُّون الْمُشَدّدَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة سَاكِنة بعْدهَا نون نِسْبَة لنين من أَعمال مرج بني عَامر من نواحي دمشق الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي القادري وَيعرف بالبرهان القادري. ولد تَقْرِيبًا فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة بَنِينَ وتحول مِنْهَا إِلَى دمشق مَعَ أَبَوَيْهِ وَكَانَ أَبوهُ من أهل الْقُرْآن فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على الشَّمْس بن المكاري بِقَبْر عَاتِكَة وَصلى بِهِ بِجَامِع التَّوْبَة من العقيبة الْكُبْرَى بِدِمَشْق وَحفظ كتبا جمة وَهِي الْعُمْدَة وعقيدة الْغَزالِيّ والشاطبية وأرجوزة الْعِزّ الديريني فِي الْفرق بَين الضَّاد والطاء وألفية الحَدِيث والنحو والجرومية وَالْحُدُود للأبدي والمنهاج الْأَصْلِيّ والفرعي وآداب مَا يتَكَرَّر فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة من الْأكل وَالشرب وَالدُّعَاء وَالنَّوْم من نظم ابْن الْعِمَاد فِي أَرْبَعمِائَة بَيت)
وقصيدة ابْن الْمقري الَّتِي أَولهَا:
(إِلَى كم تماد فِي غرور وغفلة ... وَكم هَكَذَا نوم إِلَى غير يقظة)
والبردة للبوصيري ومختصر منهاج العابدين للبلاطنسي وَكتاب ابْن دَقِيق الْعِيد لنائبه باخميم القَاضِي مخلص الدّين وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم الْجلَال البُلْقِينِيّ حِين اجتيازه عَلَيْهِم بِدِمَشْق وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ حِين إِقَامَته عِنْدهم بهَا والتقي بن قَاضِي شُهْبَة وَعنهُ أَخذ فِي الْفِقْه وَكَذَا عَن البلاطنسي وَسمع ابْن نَاصِر الدّين وَقدم الْقَاهِرَة فلازم الْمَنَاوِيّ أتم مُلَازمَة فِي الْفِقْه تقسيما وَغَيره وَكَذَا أَخذ عَنهُ الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول بل لَازم تِلْمِيذه الْجَوْجَرِيّ وَكتب عَن شَيخنَا فِي الأمالي وَسمع ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وَقَرَأَ شرح ألفية الْعِرَاقِيّ على الديمي وَصَحب السَّيِّد عَليّ القادري وَالِد عبد الْقَادِر وَحج فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَغَيرهَا وزار الْمَدِينَة وَبَيت الْمُقَدّس والخليل وَتردد للجمالي نَاظر الْخَاص واختص بِهِ وقتا وَرُبمَا أجريت على يَدَيْهِ بعض مبراته وَكَذَا تردد من الرؤساء كل ذَلِك على وَجه السداد والاستقامة ولين الْكَلِمَة والتودد والتواضع وَالرَّغْبَة فِي الْفَائِدَة وَقد استفتاني وَحضر عِنْدِي فِي بعض دروس الألفية وحافظته أحسن من فاهمته وَلم يزل يُكَرر على محافيظه. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت سادس عشر شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانِينَ رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن ظهير الدّين برهَان الدّين السلموني الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد بدر الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن ظهير بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَكسر(1/121)
الْهَاء كوزير كَانَ وَالِده يذكر فِيمَا قيل بِالْفَضْلِ فَنَشَأَ هَذَا طَالب علم إِلَى أَن بَاشر النقابة والنيابة عِنْد التفهني ورقاه السُّلْطَان حَتَّى اسْتَقر بِهِ فِي نظر الْأَوْقَاف والزرد خاناة والعمائر السُّلْطَانِيَّة ثمَّ الإصطبلات عوضا عَن الْبُرْهَان بن الديري وَقبل ذَلِك ولي الشَّهَادَة على بعض ديوَان الفخري عُثْمَان بن الطَّاهِر. وَحج وسافر إِلَى الطّور بِسَبَب الْكَشْف على كنائسها وَكَذَا بَاشر حِين كَانَ نَاظر الْأَوْقَاف كشف الْكَنِيسَة المنسوبة للمكيين فِي قصر الشمع وَكَانَ الْمعِين لَهُ لنظر الْأَوْقَاف شَيخنَا ورسم لَهُ بِعَدَمِ التَّعَرُّض للأوقاف المشمولة بِنَظَر الْقُضَاة الْأَرْبَع وَكَانَ ماهرا فِي الْمُبَاشرَة ذَا وجاهة. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث صفر سنة ثَلَاث وَخمسين مطعونا وَلم يكمل السِّتين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر وَدفن بالتربة الْمَعْرُوفَة بهم تجاه تربة يلبغا الْعمريّ بالصحراء عَفا الله عَنهُ ورحمه.)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْوَفَاء عز الدّين أَبُو الْفضل بن روح الدّين بن عز الدّين الْأنْصَارِيّ الباسكندري وَهِي قَرْيَة من قرى لار الهرموزي المولد الشَّافِعِي.
ولد فِي صفر سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بهرموز وَنَشَأ بهَا فَأخذ فِي الْفِقْه وَغَيره عَن قاضيها نور الدّين يُوسُف بن صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن نور الدّين يُوسُف وَابْن عَمه الْمولى صدر الدّين مُحَمَّد بن تَاج الدّين عبد الله وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْحصن الْحصين لِابْنِ الْجَزرِي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَولي قضاءها مُدَّة ثمَّ تَركه وَهَاجَر لمَكَّة فَدَخلَهَا بعد السّبْعين وَقَرَأَ بهَا على الشَّيْخ عبد المحسن فِي الْفِقْه والنحو وَكَذَا فِي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ ودام بهَا متقنعا صَابِرًا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير لنَفسِهِ وَلغيره وَمن ذَلِك عدَّة نسخ من البُخَارِيّ وزار الْمَدِينَة غير مرّة وَسمع بِمَكَّة عَليّ أَشْيَاء كمعظم البُخَارِيّ والمصابيح وَجل الشَّمَائِل مَعَ جَمِيع أربعي النَّوَوِيّ والثلاثيات وَغَيرهمَا من مروياتي بل وتصانيفي كجل ختمي فِي صَحِيح مُسلم وَكتب بَعْضهَا وَلَكِن فِي سَمعه ثقل يسير وَكَانَ يستضيء للسماع بنسخة وكتبت لَهُ إجَازَة وَصفته فِيهَا بسيدنا الشيخي الهمامي الأمعي الأوحدي الأمجدي المفيدي المعيدي القدوتي الرحلتي الفاضلي الكاملي نَابِغَة الْكتاب ونادرة الْأَصْحَاب التارك للمنصب الدنيوي ورعا وزهدا والمشارك الصَّالِحين فِي مُسَمّى التجرد قصدا مَعَ الإقبال على التشرف بِكِتَابَة الحَدِيث النَّبَوِيّ وسماعه والاشتمال على مَا يُرْجَى بِهِ لَهُ مزِيد انتفاعه كالمرابطة بِالْبَلَدِ الْحَرَام والمخالطة لكثير من الْأَئِمَّة الْعِظَام.(1/122)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ برهَان الدّين بن اليافعي الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالبطيني بِالضَّمِّ لقب لِأَبِيهِ ولد فِي جُمَادَى الثَّانِيَة أَو رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه والشاطبية وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَعرض على البرهاني بن ظهيرة والزيني خطاب وَإِمَام الكاملية وَأبي الْفضل المغربي حِين مجاورة الثَّلَاثَة فِي آخَرين من أهل مَكَّة والقادمين عَلَيْهَا وَحضر دروسهم مَعَ دروس البرهاني وأخيه وَابْنه وَالشَّمْس الْجَوْجَرِيّ وَابْن يُونُس وَابْن الْعَرَب فِي عُلُوم وسافر لعدن مرَّتَيْنِ وَلَقي بهَا مُحَمَّد أَبَا الْفضل وَغَيره فَأخذ عَنْهُم وَكَذَا أَخذ بزبيد عَن الْفَقِيه عمر الفتي بل سمع بِمَكَّة على التقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي وَغَيرهمَا وزار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَقَرَأَ بهَا الشفا على الشَّيْخ مُحَمَّد المراغي ثمَّ سَمعه عَليّ فِي سنة سبع وَتِسْعين بِمَكَّة بل سمع عَليّ فِي الْمُجَاورَة قبلهَا غير ذَلِك وَأخذ عَن عز الدّين الهمامي فِي الْقرَاءَات.)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الشَّيْخ أبي الْقسم أَبُو اسحق المشدالي الأَصْل التّونسِيّ البجائي المغربي الْمَالِكِي قريب أبي الْفضل الشهير. لَقِيَنِي بِكُل من الْحَرَمَيْنِ وَسمع مني أَشْيَاء من تصانيفي وَغَيرهَا وَمن ذَلِك دروسا فِي شرحي للألفية وَكَذَا قَرَأَ آيَة على أبي عبد الله المراغي بِالْمَدِينَةِ وَأخذ عَن السراج معمر بن عبد الْقوي وَغَيره وَلكنه لم يتصون ونسبت إِلَيْهِ أَشْيَاء مصاحبته لِابْنِ سُوَيْد تشهد بِصِحَّتِهَا غفر الله لَهما.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الشّرف مُحَمَّد بن عَليّ بن الشّرف مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الشّرف يَعْقُوب بن الْأمين أبي اسحق إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يَعْقُوب بن يُوسُف الْبُرْهَان بن القَاضِي شمس الدّين الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الشَّافِعِي أحد نوابهم وحفيد سِتّ الْقُضَاة ابْنة ابْن زُرَيْق وَيعرف كسلفه بِابْن الْمُعْتَمد قريب سارة الْآتِيَة فِي النِّسَاء فَهِيَ عمَّة وَالِده كَانَ جده الْأَعْلَى الْأَمِير مبارز الدّين أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وَالِي دمشق مولده بالموصل وينسب عادليا ويوصف بالمعتمد. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة عَن ثَمَانِينَ سنة. ذكره الذَّهَبِيّ فِي تَارِيخ الْإِسْلَام وَابْنه الشّرف أَبُو يُوسُف يَعْقُوب كَانَ حنفيا يعرف بِابْن الْمُعْتَمد روى عَن حَنْبَل الرصافي وَغَيره وَعنهُ جمَاعَة مِنْهُم الدمياطي وَأورد عَنهُ فِي مُعْجَمه حَدِيثا وأرخ مولده فِي رَابِع رَمَضَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَمَات فِي ثَالِث عشر رَجَب سنة سبعين وسِتمِائَة عَن ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَذكره الذَّهَبِيّ أَيْضا وحفيده(1/123)
الشّرف مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم يروي عَن الْفَخر بن البُخَارِيّ وَمَات فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة ووالد صَاحب التَّرْجَمَة مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة عَن تسع وَخمسين كَمَا سَيَأْتِي وجده الشّرف الْأَعْلَى من ذُرِّيَّة سِتّ الْحسب ابْنة سِتّ الْحسن ابْنة قَاضِي الْقُضَاة الْبَهَاء بن الزكي. وَأما هَذَا فولد فِي ثَالِث عشر ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَقَامَ بِهِ على الْعَادة فِي رَمَضَان سنة أَربع وَخمسين والمنهاج وألفية النَّحْو وألفية الْبرمَاوِيّ فِي الْأُصُول والخزرجية فِي الْعرُوض وتفقه بالبدر بن قَاضِي شُهْبَة والنجم بن قَاضِي عجلون ولازمهما حَتَّى أَخذ عَن أَولهَا ربع الْعِبَادَات من شَرحه الْكَبِير على الْمِنْهَاج وَالرّبع الْأَخير من شَرحه الصَّغِير عَلَيْهِ وَمن أول النِّكَاح إِلَى أثْنَاء الْجراح من تعقباته على الْمُهِمَّات الْمُسَمّى بالمسائل المعلمات باعتراضات الْمُهِمَّات وَعَن ثَانِيهمَا من تصانيفه هادي الراغبين إِلَى منهاج الطالبين والتاج بزوائد الرَّوْضَة على الْمِنْهَاج بل أَخذ عَنهُ أصُول الْفِقْه وَالْعرُوض والنحو كألفية)
الْبرمَاوِيّ والخزرجية وَالْكثير من شرح الألفية لِابْنِ النَّاظِم والنحو أَيْضا عَن الشهَاب الزرعي والفرائض والحساب على الشَّمْس بن حَامِد الصَّفَدِي وَأذن لَهُ بالإفتاء فِيهَا فِي شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ وَكتب بالشامية وأنهى بهَا فِي الَّتِي تَلِيهَا بل أذن لَهُ فِيهَا الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة بالإفتاء إِذْنا عَاما وناب فِي الْقَضَاء فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وهلم جرا ودرس بالظاهرية الجوانية وبالعذراوية برغبة الْمُحب بن قَاضِي عجلون لَهُ عَنْهُمَا وبالمجاهدية الجوانية عَن الزين عمر بن مُحَمَّد الطرابلسي فَقِيه بعلبك المتلقي لَهَا عَن رَغْبَة الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة برغبته لَهُ وَالنّصف من إِفْتَاء دَار الْعدْل وَجمع تدريس الركنية والفلكية برغبة التقي بن قَاضِي عجلون لَهُ عَنْهَا والتصدير بمدرسة أبي عمر وبالجامع وَحج وَكتب على العجالة حَاشِيَة فِي ثَلَاث مجلدات وَأَشْيَاء مفرقة من تَارِيخ وَغَيره بل لَهُ نظم وَكتب الْمَنْسُوب وَسمع مَعنا بِدِمَشْق فِي سنة تسع وَخمسين على جدته والشهابين ابْن الشحام وَابْن الزين عمر بن عبد الْهَادِي وَالشَّمْس أَبُو خوارش وروفع فِيهِ فَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَتِسْعين فدام فِي الترسيم مُدَّة وتوجعنا لَهُ وزارني فِي ربيع الأول من الَّتِي بعْدهَا ثمَّ أوقفني على مُجَلد من كِتَابَته وأنشدني من نظمه مِمَّا كتب على قبر وَالِده:
(يَا رَبنَا يَا من لَهُ ... نعم غزار لَا تعد)
(يَا من يُرْجَى فَضله ... يَا من هُوَ الْفَرد الصَّمد)(1/124)
(اغْفِر لساكن ذَا الضري ... ح مُحَمَّد الْمُعْتَمد)
وكل مِنْهُ والشهاب بن اللبودي متزوج بأخت الآخر فَذَاك مَاتَت زَوجته مَعَه وَهَذَا استمرت تَحْتَهُ إِلَى الْآن واستجازني لنَفسِهِ ولبنيه.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْحكمِي الْيَمَانِيّ ثمَّ الخيفي الْآتِي أَبوهُ الْعِزّ الطّيب وَيعرف بِابْن مطير من بَيت شهير. مَاتَ فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ بجدة وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بمعلاتها.
إِبْرَاهِيم بن الْكَمَال مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد المراكشي الموحدي الْمدنِي الركبدار حفيد الْآتِي قَرِيبا فِيمَا يظْهر. سمع على أبي الْحسن الْمحلى سبط الزبير.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منجك اليوسفي الدِّمَشْقِي الْآتِي أَبوهُ أمه حبشية وَكَانَ هُوَ أسمر أخرج الظَّاهِر خشقدم عَنهُ أمرة عشرَة بائشام فِي سنة تسع وَسِتِّينَ. وَمَات بعد ذَلِك بِيَسِير
فِي صدر أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم برهَان الدّين أَبُو الْجبلي. ولد قبل التسعين بِيَسِير وَقَرَأَ الْقُرْآن وَحضر دروس الْفِقْه وَسمع الصَّحِيح على الزين عبد الرَّحْمَن بن الزعبوب أنابه الحجار وَحدث لَقيته ببعلبك فِي القدمة الأولى فَقَرَأت عَلَيْهِ بعض الصَّحِيح وَقد رَأَيْته أجَاز فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين فِي استدعاء فِيهِ ابْن شَيخنَا وَغَيره. مَاتَ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَاق الْهَاشِمِي الْجَعْفَرِي لكَونه كَانَ يذكر أَنه من ذُرِّيَّة عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب النابلسي الْحَنْبَلِيّ الْعَطَّار أَخُو عَليّ الْآتِي وَيعرف بِابْن الْعَفِيف. ولد سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة وَسمع على العلائي وَابْن الخباز والميدومي والقطب أبي بكر بن المكرم وَمُحَمّد بن هبة الله الشَّافِعِي وَمُحَمّد بن غَالب الماكسيني وقاسم بن سُلَيْمَان الْأَذْرَعِيّ إِمَام قبَّة مُوسَى بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي فِي آخَرين وَمِمَّا سَمعه على الأول الموافقات الْعَالِيَة والأبدال الحالية من تَخْرِيجه لنَفسِهِ وعَلى الثَّانِي قِطْعَة من مُسْند أَحْمد وصحيح مُسلم وجزء ابْن عَرَفَة أَو منتقى مِنْهُ وعَلى الثَّالِث الْكثير. وَأَجَازَ لَهُ خلق وَحدث سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة وَقد لقِيه شَيخنَا بنابلس فحدثه بِأَحَادِيث منتقاة من جُزْء ابْن عَرَفَة. وَكَذَا سمع عَلَيْهِ التقي أَبُو بكر القلقشندي وروى لنا عَنهُ. مَاتَ فِي سنة أَربع وَعشْرين بنابلس وَهُوَ فِي الأول من مُعْجم شَيخنَا بِاخْتِصَار عَن هَذَا.(1/125)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْأَمِير صارم الدّين بن القَاضِي نجم الدّين البشبيشي المولد الْمصْرِيّ الشَّافِعِي المهمندان وَيعرف بِابْن الشَّهِيد. ولد فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمَدِينَة بشبيش حِين كَانَ أَبوهُ كَاتب سرها وَقَرَأَ بهَا بعض الْقُرْآن ثمَّ انْتقل مَعَ وَالِده إِلَى الْقَاهِرَة فأكمله بهَا وَحفظ الْعُمْدَة وَسمع الصَّحِيح على ابْن أبي الْمجد وختمه على التنوخي والعراقي والهيثمي وَحج مرَّتَيْنِ الأولى فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وزار الْقُدس والخليل وسافر إِلَى الشَّام فَأكْثر وَولي المهمندارية سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة فدام فِيهَا مُدَّة وَكَانَ نيرا حسن الشكل كتب عَنهُ البقاعي فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين. وَمَات فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر ذِي الْحجَّة مِنْهَا بِالْقَاهِرَةِ وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْأَزْهَر.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الشرواني الشَّافِعِي. أثْبته الشهَاب المتبولي الْحُسَيْنِي فِي شُيُوخه الَّذين أَخذ عَنْهُم الْفِقْه والفرائض والحساب وَأَنه كَانَ مَعَ تقدمه فِي العقليات بارعا
فِيهَا وَقَالَ لي الْأمين بن البُخَارِيّ أَنه أَخذ عَنهُ جانبا من الْفِقْه وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَسِتِّينَ فحج من الْبَحْر وقصده الشَّمْس الشرواني للسلام عَلَيْهِ وَأَنه كَانَ متبحرا فِي جَمِيع الْعُلُوم يقرئ الْفِقْه وَغَيره وَأَنه شرح خطْبَة الْحَاوِي ورام الزين قَاسم الْحَنَفِيّ الْحُضُور مَعَ التَّاج بن شرف حِين قِرَاءَته عَلَيْهِ فعاكسه قَالَ وَكَانَ مَعَه ولد هُوَ أَيْضا من الْعلمَاء.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْيَمَانِيّ شيخ رِبَاط بِمَكَّة بعد الشهَاب بن المسدي وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي آخر يَوْم الْجُمُعَة وَأول لَيْلَة السبت سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وَقد فرط فِي ذَلِك من كتب الرِّبَاط بعاريتها لمن لَا يعرفهُ أَو لمن يختلسها مِمَّا لَا تحامل عَلَيْهِ صلاحيته وغفلته. ذكره الْعِزّ بن فَهد.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن أَيُّوب الأبناسي الأَصْل الْمَقْدِسِي القاهري الشَّافِعِي الْآتِي جده الْأَعْلَى فَمن دونه. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بالزاوية وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره كالأجرمية ... . وَبَعض الْمِنْهَاج واشتغل عِنْد الزيني عبد الرَّحِيم الأبناسي وَغَيره وأسمعه عَليّ فِي صَعِيد يُوسُف العجمي وَابْنه القمني وَحج فِي صغرة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسمع هُنَاكَ على بعض المسندين وَأَجَازَ لَهُ غَيرهم وَكَذَا قَرَأَ عَليّ فِي تقريب النَّوَوِيّ وَبعد مَوته جلس فِي دكان الطلخاوي وَصَارَ يقْرَأ عَلَيْهِ وزوجه ابْنَته.
إِبْرَاهِيم بن الرضي مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد بن عبد الله بن بدر الْغَزِّي الدِّمَشْقِي(1/126)
الْآتِي أَبوهُ وجده وَأَخُوهُ رَضِي الدّين مُحَمَّد. اسْتَقر فِي جِهَات أَبِيه شركَة لِأَخِيهِ وَذَاكَ الْأَصْغَر وَكَانَ فِيهِ فضل وَرُبمَا تعتريه حَالَة جُنُون مَاتَ فِي
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبدا لله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَادِر الدفري الْمَالِكِي الْآتِي أَبوهُ وَالْمَذْكُور جده فِي أهل الْقرن الثَّامِن. ولد فِي أول الْمحرم سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَحفظ الرسَالَة وعرضها على جمَاعَة كشيخنا وَأَجَازَ لَهُ هُوَ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ بل سمع على الْوَلِيّ فِي أملية وَغَيرهَا وتفقه بالزين بن طَاهِر ودرس بعد أَبِيه بالناصرية الحسنية وبمدرسة أم السُّلْطَان وتكسب قَلِيلا بِالشَّهَادَةِ وَولي عُقُود الْأَنْكِحَة ثمَّ ترك ذَلِك بل وَنزل عَن وظيفته وانجمع بالطويلية من الصَّحرَاء وَشرح الرسَالَة فِي مُجَلد وَابْن الْحَاجِب الفرعي فِي خمس وعلق من الْفَوَائِد غير ذَلِك وَلم يزل على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ فِي سادس رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وَدفن عِنْد جده بِالْقربِ من الطويلية وَهُوَ خَال الْبَدْر ابْن صاحبنا الشَّيْخ بهاء الدّين المشهدي فأمه)
آسِيَة أُخْت إِبْرَاهِيم.
إِبْرَاهِيم بن الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الدِّمَشْقِي وَيعرف كأبيه بِابْن قديدار. اسْتَقر بعد أَبِيه فِي مشيخة زاويته بِدِمَشْق فَجرى على طَريقَة حَسَنَة وديانة مَعَ حسن السمت رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن الْعِزّ مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الرضي أَبُو حَامِد بن الْعِزّ بن الْمُحب الْهَاشِمِي النويري الْمَالِكِي الشَّافِعِي أَخُو إِسْمَاعِيل الْآتِي. ولد فِي سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتنبيه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَسمع على ابْن صديق والزين المراغي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُحب الْمَقْدِسِي وَأَجَازَ لَهُ البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والعراقي والهيثمي والتنوخي وَآخَرُونَ مِنْهُم ابْن الذَّهَبِيّ وَابْن العلائي وَأَقْبل على الِاشْتِغَال فِي الْفِقْه والنحو وَالصرْف فَحصل طرفا وَقدم الْقَاهِرَة وَأخذ عَن أعيانها وَكتب بِخَطِّهِ كتبا وَكَانَ خطه صَالحا مَعَ خير وديانة وعفاف ورغبة فِي الْعِبَادَة بِحَيْثُ قَرَأَ فِي رَكْعَة إِلَى آخر يُوسُف فِيمَا أخبر بِهِ أَبوهُ وناب فِي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام مرّة وَاحِدَة فحمدت خطابته وَصلَاته. وَمَات فِي حَيَاة أَبِيه بِالْقَاهِرَةِ فِي الطَّاعُون فِي ربيع الأول ظنا سنة تسع عشرَة وَجَاء نعيه إِلَى مَكَّة فَكثر الأسف عَلَيْهِ وسنه إِحْدَى وَعِشْرُونَ سنة وَسَبْعَة أشهر وَأَيَّام(1/127)
يسيرَة رحمهمَا الله وعوضهما الْجنَّة. ذكره الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عبد الحميد بن يُوسُف بن أبي الْجِنّ السَّيِّد برهَان الدّين بن الخواجا الشَّمْس الحسبني الدِّمَشْقِي القبيباتي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَابْن أبي الْجِنّ بَيت شهير كَانُوا نقباء الْأَشْرَاف بِدِمَشْق مِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس بن الْجِنّ بن الْعَبَّاس بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر وتحرر انتساب صَاحب التَّرْجَمَة إِلَيْهِم والتقاؤه مَعَهم. ولد فِي تَاسِع عشري شعْبَان سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة الخيميين بِالْقربِ من جَامع الْأَزْهَر وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن وكتبا زعم أَنَّهَا تزيد على الْعشْرين كالمنهاج والألفيتين والشاطبيتين وَجمع الْجَوَامِع وَالتَّلْخِيص وَعرض على كثيرين كالمحلى والبوتيجي والبلقيني والمناوي والشمني وَابْن الديري وَأَنه تردد لجَماعَة للاشتغال فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والقراءات وَغَيرهَا كالجلال الْبكْرِيّ والبوتيجي والسنهوري والوراق فَكَانَ مِمَّا قَرَأَهُ على الْبكْرِيّ الْبَعْض من حَاشِيَته على الْمِنْهَاج وَالرَّوْضَة وعَلى البوتيجي قِطْعَة)
من شرح الألفية للعراقي ولازمه فِي الْفَرَائِض وَالْفِقْه وَغَيرهمَا وعَلى السنهوري فِي النَّحْو وَالْأُصُول وعَلى الْوراق شَرحه لحاوي ابْن الهائم وَفِي الْفَرَائِض والحساب وَالْفِقْه على الزين زَكَرِيَّا واليسير على الشهَاب السجيني والبدر المارداني وَفِي شرح الْهِدَايَة الجزرية على مؤلفها عبد الدَّائِم وَأَنه قَرَأَ بعض الْمِنْهَاج على البُلْقِينِيّ وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء والوروري وَربع البيع على الْعَبَّادِيّ فِي التَّقْسِيم وَحضر بعض تقاسيم الْمَنَاوِيّ ولازم الديمي وَغَيره وَأَنه جود الْقُرْآن على إِمَام الْأَزْهَر على جَعْفَر وَأما أَنا فَأعْلم تردد المحيوي الدمياطي إِلَيْهِ لقِرَاءَة جَامع المختصرات وَغَيره وَسمع على أم هَانِئ الهورينية وحفيد ابْن الملقن والحجازي وَابْن الفاقوسي وناصر الدّين الزفتاوي وَهَاجَر القدسية وَخلق وَقَرَأَ عَليّ فِي ألفية الْعِرَاقِيّ وَسمع مني غَيرهَا ثمَّ لما مَاتَ أَبوهُ اسْتَقر فِي نقابة الْأَشْرَاف بِدِمَشْق عوضا عَن السَّيِّد مُحَمَّد وَالِد الْعَلَاء الْحَنَفِيّ وكما زعم فِي النِّيَابَة فِي الْقَضَاء بهَا ورام الخيضري أَن يكون ذَلِك عَنهُ فَامْتنعَ فَتحَرك لأخذ وظيفته وكَالَة بَيت المَال وَكِتَابَة السِّرّ كِلَاهُمَا بِدِمَشْق وَاسْتقر فيهمَا فِي ربيع الثَّانِي سنة سبع وَسِتِّينَ ببذل كثير فدام فيهمَا دون سنة وأعيد الخيضري ثمَّ عَاد إِلَيْهِمَا بانضمام وظائف أخر كنظر القلعة والأسوار عوضا عَن الزين عمر(1/128)
بن الصَّابُونِي فِي أَوَاخِر أَيَّام الظَّاهِر خشقدم وَلم يلبث أَن انْفَصل عَنْهَا فِي أَيَّام الظَّاهِر بلبان وَعَاد الخيضري لوظيفته ثمَّ فِي أثْنَاء أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي أُعِيد لنظر القلعة وَمَا مَعهَا عَن شرامرد المؤيدي نَائِب قلعة دمشق إِلَى أَن انْفَصل عَنْهَا بالنابلسي كل هَذَا ونقابة الْأَشْرَاف مَعَه إِلَى أَن صرف عَنْهَا وافتقر وَذهب مَا خَلفه لَهُ أَبوهُ من نقد وَغَيره وَتحمل ديونا كَثِيرَة وَصَارَ بعد عزه بِأَبِيهِ إِلَى حَالَة امتهان مَعَ إقدام وجرأة ومرافعة مِمَّا لَا يزْدَاد بِهِ إِلَّا مقتا وإبعادا نعم قربه الخيضري بعد كَونه السَّبَب فِي أَكثر مَا غرمه حِين تعرضه لِلشِّهَابِ بن المحوجب مِمَّا كَانَ سَببا لإنفاد موجوده وَلَا زَالَ يسترسل فِيمَا هُوَ كمين فِي نَفسه إِلَى أَن رام الإجحاف بِولد الشريف الْكَمَال المحيريق أخي زَوجته بعد أَبِيهِمَا فِي تركته فبادر الْوَلَد وشكاه إِلَى السُّلْطَان فَطَلَبه وشهوده وهما إِبْرَاهِيم الدَّمِيرِيّ والتقي بن مَحْمُود فغيبا وَأمْسك هُوَ فبدر بِكَلِمَات قبيحة فبمجرد وُقُوفه أَمر بضربه فَضرب ضربا مبرحا وَهُوَ يستغيث وَيَقُول أيفعل هَذَا بِابْن ابْنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يرحم حَتَّى كَاد أَن يهْلك ثمَّ أرسل بِهِ إِلَى المقشرة ورثى لَهُ كل أحد وَإِن كَانَ كَمَا قُلْنَا مقداما جريئا ثمَّ أطلق بعد يَوْمَيْنِ بسفارة الدوادار الْكَبِير والزيني بن مزهر بعد الْإِشْهَاد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يطْرق بَيت أحد)
من الْأُمَرَاء والقضاة وَغَيرهم بل وَلَا يجْتَمع بِاثْنَيْنِ وَلم يلبث أَن مَاتَ المرافع فِيهِ وسافر بعد يسير إِلَى مَكَّة فحج وَرجع إِلَى دمشق فخاصم نقيب الْأَشْرَاف بهَا فبادر إِلَى الْملك فانتصر لَهُ وأهان الْمشَار إِلَيْهِ وَعَاد إِلَى محبسه فدام بِهِ أشهرا إِلَى أَن تشفع فِيهِ شيخ تربته وَاسْتمرّ حَتَّى حج أَيْضا فِي موسم سنة خمس وَتِسْعين وجاور الَّتِي بعْدهَا وقصدني غير مرّة وَمن ذَلِك وَمَعَهُ وَلَده للعرض وكتبت لَهُ إجَازَة ولقيته بمنى فَأَعْلمنِي بِأَن خادمة وصل إِلَيْهِ من دمشق وَمَعَهُ لَهُ نَحْو مائَة وَخمسين دِينَارا فَضَاعَت مِنْهُ وَرجع إِلَى مصر بالحملة فَهِيَ غريقة وَلَا مَأْمُون وَقد كتب إِلَى بعض من وقف على مزعمه نِيَابَة الْقَضَاء من ثِقَات الشاميين مَا نَصه أَنه لم يلها قطّ وَالله أرأف بعباده من ذَلِك انْتهى.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد برهَان الدّين الْبَصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد وأخوته وَيعرف بِابْن زقرق. لَهُ منظومة فِي الْفِقْه سَمَّاهَا الْيُسْر وَقَالَ فِيهَا:
(وسمى الْيُسْر لَعَلَّ الله ... يرزقنا الْيُسْر بِحَق طه)
مِمَّن أَخذ عَنهُ عبد الله الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة وَصَاحب قاضيها ابْن ظهيرة.(1/129)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبُرْهَان الشنويهي القاهري الشَّافِعِي مِمَّن حفظ الْقُرْآن والتنبيه وتفقه بالأبناسي والبلقيني فِي حياتهما بالقراسنقرية وَغَيرهَا وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من شُيُوخنَا الْبَدْر النمابة وَالْعلم البُلْقِينِيّ والشهاب الْحِجَازِي وَكَانَ فَقِيها صَالحا ذَا عمل فِي التَّفْسِير والْحَدِيث. مَاتَ قبل البُلْقِينِيّ بِيَقِين وَكَانَ حَيا فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وَهُوَ وَالِد زَيْنَب وزليخا المذكورتين فِي مُعْجم النِّسَاء رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد العجيل الْيَمَانِيّ. مِمَّن أَخذ عَن أَبِيه عَن النفيس الْعلوِي أَخذ عَنهُ ابْن أُخْته أَحْمد بن مُوسَى بن أَحْمد بن عجيل.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْمَكِّيّ الْحلْوانِي وَالِده الْعَطَّار وَهُوَ يعرف بالحجازي سمع من الزين المراغي سنة أَربع عشرَة المسلسل وَغَيره. مَاتَ فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَسبعين.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن ايدمر بن دقماق. سَيَأْتِي قَرِيبا بِدُونِ ايدمر.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن بهادر بن أَحْمد بن عبد الله برهَان الدّين الْقرشِي النَّوْفَلِي الْغَزِّي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن زقاعة بِضَم الزَّاي وَتَشْديد الْقَاف ثمَّ مُهْملَة وَمِنْهُم من يَجْعَل الزَّاي سينا مُهْملَة ولد بغزة فِي أول ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة كَمَا سَمعه مِنْهُ شَيخنَا قَالَ وَذكر
لي من أَثِق بِهِ عَنهُ غير ذَلِك. قلت وَأبْعد مَا قَالَ سنة أَربع وَعشْرين وتعانى الْخياطَة فِي مبدأ أمره وَسمع من قَاضِي بَلَده الْعَلَاء عَليّ بن خلف وَمن النُّور عَليّ الفوي وَغَيره وَأخذ القرآت عَن الشَّمْس الحكري وَالْفِقْه عَن الْبَدْر القونوي والتصوف عَن شخص من بني الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي اسْمه عمر وتولع بالأدب فَقَالَ الشّعْر وَنظر فِي النُّجُوم وَعلم الْحَرْف وَمَعْرِفَة مَنَافِع النَّبَات والأعشاب وساح فِي الأَرْض لتطلبه وَالْوُقُوف على حقائقه وتجرد زَمَانا وتزهد فَعظم قدره وطار ذكره وَبعد صيته خُصُوصا فِي أول دولة الظَّاهِر برقوق فَإِنَّهُ استقدم من بَلَده مرَارًا عديدة لحضور المولد النَّبَوِيّ وتطارح النَّاس على اخْتلَافهمْ عَلَيْهِ ثمَّ انحل عَنهُ قَلِيلا فَلَمَّا استبد ابْنه النَّاصِر فرج تخصص بِهِ وتحول للقاهرة بعد الكائنة الْعُظْمَى بِدِمَشْق فقطنها وَسكن مصر على شاطئ النّيل وَتقدم عِنْد النَّاصِر جدا حَتَّى كَانَ لَا يخرج إِلَى الْأَسْفَار إِلَّا بعد أَن يَأْخُذ لَهُ الطالع وَلَا يتَعَدَّى الْوَقْت الَّذِي يُعينهُ لَهُ فنقم عَلَيْهِ الْمُؤَيد ذَلِك ونالته مِنْهُ محنة فِي أَوَائِل دولته ثمَّ أعرض عَنهُ وَاسْتمرّ فِي خموله بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة عشرَة بمنزله بِمصْر وَدفن خَارج بَاب النَّصْر وأرخه بَعضهم(1/130)
فِي سنة ثَمَانِي عشرَة وَهُوَ غلط.
وَقد ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ إِنَّه جمع أَشْيَاء مِنْهَا دوحة الْورْد فِي معرفَة النَّرْد وتعريب التعجيم فِي حرف الْجِيم وَغير ذَلِك قَالَ وقرأت بِخَط صاحبنا خَلِيل بن مُحَمَّد الْمُحدث يَعْنِي الأقفهسي سَمِعت صاحبنا خَلِيل بن هَارُون الجزائري يَقُول سَمِعت الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي بِبَيْت الْمُقَدّس يَقُول كنت يَوْمًا فِي خلْوَة فَسَأَلت الله تَعَالَى أَن يبْعَث لي قَمِيصًا على يَد ولي من أوليائه فَإِذا الشَّيْخ إِبْرَاهِيم وَمَعَهُ قَمِيص فَقَالَ أعْطوا هَذَا الْقَمِيص للشَّيْخ وَانْصَرف من سَاعَته قَالَ وَأول مَا اجْتمعت بِهِ فِي سنة تسع وَتِسْعين فَسمِعت من نظمه وفوائده ثمَّ اجْتمعت بِهِ بغزة قبل تحوله إِلَى الْقَاهِرَة وَسمعت كَذَلِك من نظمه وفوائده ثمَّ اجْتمعت بِهِ بغزة قبل تحوله إِلَى الْقَاهِرَة وَسمعت كَذَلِك من نظمه وفوائده ثمَّ كثر اجتماعنا بعد سكناهُ الْقَاهِرَة وَقد حج وجاور وَأَجَازَ لي رِوَايَة نظمه وتصانيفه مِنْهَا القصيدة التائية فِي صفة الأَرْض وَمَا احتوت عَلَيْهِ وَكَانَت أَولا خَمْسمِائَة بَيت ثمَّ زَاد فِيهَا إِلَى أَن تجاوزت خَمْسَة آلَاف وَكَانَ ماهرا فِي استحضار الحكايات والماجريات فِي الْحَال وَفِي النّظم والنثر عَارِفًا بالاوقاف وَكَانَ يخضب بِالسَّوَادِ ثمَّ أطلق قبل مَوته بِثَلَاث سِنِين وسَاق لَهُ مِمَّا أنْشدهُ لَهُ من نظمه فِي قصيدة نبوية:
(غُصْن بَان بِطيبَة ... فِي حَشا الصب راسخ)
(من صباي هويته ... وَأَنا الْآن شائخ)
)
(قمر لَاحَ نوره ... فاستضاءت فراسخ)
(عجبا كَيفَ لم يكن ... كَاتبا وَهُوَ نَاسخ)
(ذللت حِين بَعثه ... من قُرَيْش شوامخ)
(أَسد سيف دينه ... ذابح الشّرك شالخ)
(فاتح مطلب الْهدى ... وعَلى الشّرك صارخ)
(ومسيح تَحْتَهُ ... طَائِر الْقلب نافخ)
(أَحْمد سيد الورى ... وَبِه شاد شالخ)
(مثل مَا شاد فالغ ... من قديم وفالخ)
(عقد أكسير وده ... لَيْسَ لي عَنهُ فاسخ)
(يَا نخيلات وجده ... إِن دمعي شمارخ)
(حرقي دست مهجتي ... فالهوى فِيهِ طابخ)
قَالَ وَهَذَا عنوان نظمه وَرُبمَا ندر لَهُ مَا هُوَ أفحل مِنْهُ وَقَالَ فِي أنبائه أَنه كَانَ(1/131)
أعجوبة زَمَانه فِي معرفَة الأعشاب واستحضار الحكايات والماجريات مقتدرا على النّظم عَارِفًا بالاوفاق وَمَا يتَعَلَّق بِعلم الْحَرْف مشاركا فِي الْقرَاءَات والنجوم وطرف من الكيمياء وعظمه الظَّاهِر جدا ثمَّ النَّاصِر حَتَّى كَانَ لَا يُسَافر إِلَّا فِي الْوَقْت الَّذِي يجده لَهُ وَمن ثمَّ نقم عَلَيْهِ الْمُؤَيد ونالته مِنْهُ محنة يسيرَة فِي أول دولته وَشهد عَلَيْهِ عِنْده جمَاعَة من الطواشية وَغَيرهم بِأُمُور مُنكرَة فأغضى عَنهُ وَقَالَ إِنَّه جاور فِي هَذَا الْعشْر يَعْنِي الَّذِي مَاتَ فِيهِ سنة بِمَكَّة قَالَ ونظمه كثير وغالبه وسط ويندر لَهُ الْجيد وَفِيه السفساف وَكتب إِلَيْهِ فِي سنة تسع وَتِسْعين:
(تطلبت إِذْنا بالرواية عَنْكُم ... فعادتكم إِيصَال بر وإحسان)
(ليرْفَع مقداري ويخفض حاسدي ... وأفخر بَين الطالبين ببرهان)
فَأجَاب مخطئا للوزن فِي الْبَيْت الثَّانِي:
(أجزت شهَاب الدّين دَامَت حَيَاته ... بِكُل حَدِيث جَازَ سَمْعِي بإتقان)
(وَفقه وتاريخ وَشعر رويته ... وَمَا سَمِعت أُذُنِي وَقَالَ لساني)
وَقَالَ التقي المقريزي اجْتمع بِي بعد طول امتناعي من ذَلِك وأنشدني كثيرا من شعره وملأ آذَانِي بهذيانه وهذره وَنقل عَنهُ فِي عدد قصيدته الْمشَار إِلَيْهَا أَنَّهَا سَبْعَة آلَاف وَسَبْعمائة وَسَبْعَة)
وَسَبْعُونَ بَيْتا وَكَانَ مكثارا مهذارا يُؤثر عَنهُ مخاريق وشعبذة ولآخرين فِيهِ اعْتِقَاد ويتلقون عَنهُ كرامات. قلت وَآخَرُونَ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ علمه وفضله وَمن الصُّوفِيَّة من كَانَ يزْعم أَنه يعلم الْحَرْف وَالِاسْم الْأَعْظَم بل وَصفه الْجمال بن ظهيرة وناهيك بِهِ بشيخنا الإِمَام الْعَلامَة شيخ الطَّرِيقَة والحقيقة وشعره سَائِر وَمِنْه مِمَّا كتبه عَنهُ الْجمال الْمشَار إِلَيْهِ فِي سنة إِحْدَى عشرَة:
(وَمن عجبي أَن النسيم إِذا سرى ... سحيرا بعرف البان والرند والآس)
(يُعِيد على سَمْعِي حَدِيث أحبتي ... فيخطر لي أَن الْأَحِبَّة جلاسى)
وَمِمَّا كتبه عَنهُ أَبُو السعادات بن ظهيرة فِيمَا قَالَ:
(رأى عَقْلِي ولبي فِيهِ حارا ... فأضرم فِي صميم الْقلب نَارا)
(وخلاني أَبيت اللَّيْل ملقى ... على الأعتاب أَحْسبهُ نَهَارا)
(إِذا لَام العواذل فِيهِ جهلا ... أصفه لَهُم فينقلبوا حيارى)
(وَإِن ذكرُوا السلو يَقُول قلبِي ... تصامم عَن أباطيل النَّصَارَى)
(وَمَا علم العواذل أَن صبري ... وسلواني قد ارتحلا وسارا)(1/132)
(فيا لله من وجد تولى ... على قلبِي فأعدمه القرارا)
(وَمن حب تقادم فِيهِ عهد ... فأورثني عناء وانكسارا)
(قضيت هواكم عشْرين عَاما ... وَعشْرين ترادفها استتارا)
(فنم الدمع من عَيْني فأبدى ... سرائر سر مَا أخْفى جهارا)
(إِذا مَا نسمَة البانات مرت ... على نجد وصافحت الغرارا)
(وصافحت الخزام وعتقوانا ... وشيحا ثمَّ قبلت الجدارا)
(جِدَار ديار من أَهْوى قَدِيما ... رعى الرَّحْمَن هاتيك الديارا)
(أَلا يَا لائمي دَعْنِي فَإِنِّي ... رَأَيْت الْمَوْت حجا واعتمارا)
(فَأهل الْحبّ قد سَكِرُوا وَلَكِن ... صَحا كل وفرقتنا سكارى)
وَله فِي قصيدة يمدح بهَا الْبُرْهَان بن جمَاعَة:
(لملة أَحْمد برهَان دين ... يقوم بحفظها فِي كل ساعه)
(فمت فِي حبه إِن شِئْت تحيا ... فَذا الْبُرْهَان قد أَحْيَا جمَاعه)
وَله مِمَّا زعم بعض مريديه أَن فِيهِ الِاسْم الْأَعْظَم:)
(سَأَلتك بالحواميم الْعَظِيمَة ... وبالسبع المطولة القديمه)
(وباللامين وَالْفَرْض المبدا ... بِهِ قبل الْحُرُوف المستقيمه)
(وبالقطب الْكَبِير وصاحبيه ... وبالأرض المقدسة الكريمه)
(وبالغصن الَّذِي عكفت عَلَيْهِ ... طيور قُلُوب أَصْحَاب العزيمه)
(وبالمسطور فِي رق الْمعَانِي ... وبالمنثور فِي يَوْم الوليمه)
(وبالكهف الَّذِي قد حل فِيهِ ... أَبُو فتيانها وَرَأى رقيمه)
(وبالمعمور من زمن النَّصَارَى ... بأحجار بعجرتها مقيمه)
(ففجر فِي فُؤَادِي عين حب ... تروي فِي مشارحها صميمه)
وَقد لقِيت غير وَاحِد من أَصْحَابه مِنْهُم مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الغزولي الْحَنْبَلِيّ وأنشدنا عَنهُ مَا سأورده فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله وَكَذَا روى لنا عَنهُ الْمُوفق الأبي قصيدة من نظمه أَولهَا:
(سَلام كلما دارت ... ببدر التم داراته)
وَأُخْرَى أَولهَا:
(سقى عقيق الأجرع ... غيث عقيق أدمعي)
سمعهما مِنْهُ هُوَ وَالْجمال بن مُوسَى المراكشي الْحَافِظ وَكتب عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي من نظمه:
(إلهي أَنْت فَوق رجا المرجي ... فَهَب لي قبل أَن أَلْقَاك توبه)(1/133)
(فَإِن الْعَفو عَن زلات جَان ... أحب إِلَى الْكَرِيم من العقوبه)
وَقَوله مِمَّا ينْقل من مشيخة الْبُرْهَان لشَيْخِنَا مَعَ كَلَام الْبُرْهَان فِيهِ قد حكاة لنجم بن فَهد فِي المشيخة الَّتِي خرجها للبرهان فَقَالَ اجْتمعت بِهِ فِي مَدِينَة غَزَّة فِي قدمتي إِلَيْهَا فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فَوَجَدته رجلا صَالحا كثير الْمَعْرُوف وَوقت جلوسي عِنْده دق عَلَيْهِ الْبَاب مَرَّات وَيخرج وَيَجِيء وَهُوَ مسترزق من العقاقير وَبَعض النَّاس من أهل غَزَّة يَقُولُونَ أَنه ينْفق من الْغَيْب وَهُوَ رجل فَاضل يعرف قراآت ويصف أَشْيَاء للأوجاع كالأطباء وَيطْلب مِنْهُ الدُّعَاء وَقد طلب مني أَحَادِيث يسْمعهَا عَليّ فانتقيت لَهُ أَحَادِيث من كتاب الْعلم لأبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب وسمعها عَليّ فِي القدمة الثَّالِثَة وَسمعت أَنا عَلَيْهِ وقرأت أَيْضا بعض شَيْء من شعره وَأَجَازَ لي مَا لَهُ من نظم ونثر وَمِمَّنْ ذكره بِاخْتِصَار المقريزي فِي عقوده.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف وَيعرف بِابْن صديق. يَأْتِي فِيمَن جده
صديق.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن مَسْعُود بن رضوَان برهَان الدّين المري بِالْمُهْمَلَةِ الْمَقْدِسِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو الْكَمَال مُحَمَّد وَيعرف كل مِنْهُمَا بِابْن أبي شرِيف. ولد فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثامن عشر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع وتلاه تجويدا بل وَلابْن كثير وَأبي عَمْرو على الشَّمْس بن عمرَان ولازم سِرَاجًا الرُّومِي فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول والمنطق وَيَعْقُوب الرُّومِي فِي الْعَرَبيَّة والمعاني وَالْبَيَان بل سمع عَلَيْهِمَا كثيرا من فقه الْحَنَفِيَّة وَسمع على التقي القلقشندي الْمَقْدِسِي والزين ماهر وَآخَرين وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء أَخِيه شَيخنَا وَخلق وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة فَقَرَأَ على الْأمين الأقصرائي شرح العقائد للتفتازاني وَعلي الْجلَال الْمحلى نَحْو النّصْف من شَرحه لجمع الْجَوَامِع فِي الْأُصُول مَعَ سَماع بَاقِيه وتفقه بِهِ وبالعلم البُلْقِينِيّ وَغَيرهمَا وَأخذ الْفَرَائِض والحساب عَن البوتيجي والشهاب الأبشيطي وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ الألغاز فِي الْفَرَائِض نظمه وَالتَّفْسِير عَن ابْن الديري وَكَذَا أَخذ عَن أبي الْفضل المغربي وانتفع فِي هَذِه الْعُلُوم وَغَيرهَا بأَخيه بل جلّ انتفاعه بِهِ وَبحث عَلَيْهِ فِي مصطلح الحَدِيث وَحج مَعَه صُحْبَة أَبِيهِمَا فِي ركب الرجبية سنة(1/134)
ثَلَاث وَخمسين فحج وَسمع بِمَكَّة وَالْمَدينَة على جمَاعَة كالتقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي وَأبي الْبَقَاء بن الضياء وَأبي السعادات والمحب المطري وبرع فِي فنون وَأذن لَهُ غير وَاحِد بالإقراء والإفتاء وَعمل شرحا للحاوي مزجا فِي مُجَلد أَو اثْنَيْنِ ولقواعد الْإِعْرَاب لِابْنِ هِشَام فِي نَحْو عشرَة كراريس دمج فِيهِ الْمَتْن وللعقائد لِابْنِ دَقِيق الْعِيد وَسَماهُ عنوان الْعَطاء وَالْفَتْح فِي شرح عقيدة ابْن دَقِيق الْعِيد أبي الْفَتْح بل نظم العقيدة المشروحة وللنفحة القدسية فِي الْفَرَائِض نظم ابْن الهائم سَمَّاهُ الْمَوَاهِب القدسية ولقطعة من الْبَهْجَة الوردية وَمن الْمِنْهَاج الفرعي وَله منظومة فِي رِوَايَة أبي عَمْرو نَحْو خَمْسمِائَة بَيت بل نظم النخبة لشَيْخِنَا فِي نَيف ومئة بَيت وَهِي وَالَّتِي قبلهَا على روى الشاطبية وبحرها وقرضها لَهُ جمَاعَة من المصريين وَغَيرهم نظما ونثرا ونظم لقطَة العجلان للزركشي والجمل فِي الْمنطق ومنطق التَّهْذِيب للتفتازاني والورقات لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وشذور الذَّهَب وَكَذَا نظم عقائد النَّسَفِيّ وَسَماهُ الفرائد فِي نظم العقائد بل لَهُ حواش على شرح العقائد للتفتازاني وَتَفْسِير سُورَة الْكَوْثَر وَسورَة الْإِخْلَاص وَالْكَلَام على الْبَسْمَلَة وعَلى خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة وعَلى قَوْله تَعَالَى إِن ربكُم الله فِي)
سُورَة الْأَعْرَاف إِلَى إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ وَشرع فِي نظم جَامع المختصرات فِي الْفِقْه وَكَذَا فِي مُخْتَصر فِي الْفِقْه حذا فِيهِ حَذْو مجمع الْبَحْرين فِي تضمين خلاف الْمذَاهب مَا عدا أَحْمد وَاخْتصرَ الرسَالَة القشيرية وَسَماهُ منحة الْوَاهِب النعم وَالقَاسِم فِي تَلْخِيص رِسَالَة الْأُسْتَاذ الْقشيرِي أبي الْقَاسِم. وقطن الْقَاهِرَة واختص فِيهَا بالشرف الْمَنَاوِيّ وَحضر دروسه بل صاهره على ابْنَته الَّتِي كَانَت زَوْجَة لِابْنِ الطرابلسي وَأخذ عَنهُ الطّلبَة فِي جَامع الْأَزْهَر وَغَيره وَقسم وأقرأ فنونا وَرُبمَا أفتى وَاسْتقر فِي تدريس التَّفْسِير بِجَامِع طولون وَفِي الْفِقْه والميعاد والخطابة ثلاثتها بالحجازية وَفِي الْفِقْه وَالنَّظَر بِجَامِع الفكاهين وَفِي غير ذَلِك وناب فِي الْفِقْه بالمزهرية وبالمؤيدية وتعاني التِّجَارَة وَعرف بالملاءة مَعَ الْفضل والبراعة وَالْعقل والسكون. وَمِمَّنْ كتب عَنهُ البقاعي وَقَالَ أَنه فِي الْعشْرين من عمره صَار من نَوَادِر الزَّمَان وَكَذَا كتبت عَنهُ أبياتا فِي مَوَانِع النِّكَاح وقصيدة فِي ختم البُخَارِيّ من أبياتها:
(دموعي قد نمت بسر غرامي ... وباح بوجدي للوشاة سقامي)
(فأضحى حَدِيثي بالصبابة مُسْندًا ... ومرسل دمعي من جفوني دامي)(1/135)
وَكتب إِلَى أَخِيه متشوقا:
(مَا خلت برقا بأرجاء الشآم بدا ... إِلَّا تنفست من أشواقي الصعدا)
(وَلَا شممت عبيرا من نسيمكم ... إِلَّا قضيت بِأَن أَقْْضِي بِهِ كمدا)
(وَلَا جرى ذكركُمْ إِلَّا جرت سحب ... أوردت لظى بفؤاد أورثته ردى)
(يَا لوعة الْبَين مَا أبقيت من جلد ... أيقنت وَالله أَن الصَّبْر قد نفدا)
(حشوت أحشاي نيرانا قد اتقدت ... بأضلعي فأذابت مني الجسدا)
(كَيفَ السَّبِيل إِلَى عود اللِّقَاء وَهل ... هَذَا البعاد قضى الْمولى لَهُ أمدا)
(من يبلغ الصحب أَن الصب قد بلغت ... أشواقه حَالَة مَا مثلهَا عهدا)
(لم أنس أنس لَيَال بالهنا وصلت ... وَالنَّفس بالوصل أَمْسَى عيشها رغدا)
(أحادي العيس إِن حاذيت حيهم ... فحيهم وصف الوجد الَّذِي وجدا)
(وَأشْهد بِمَا شهِدت عَيْنَاك من حرق ... يهدا السقام وَمَا مِنْهَا الْفُؤَاد هدا)
(وَإِن حللت رَبِّي تِلْكَ الرباع فسل ... عَن جيرة لَهُم روح المشوق فدا)
(فالروح مَا بَرحت بالقدس مَسْكَنهَا ... والجسم فِي مصر للتبريح قد قعدا)
)
(هِيَ الْبِقَاع الَّتِي شدّ الرّحال لَهَا ... على لِسَان رَسُول الله قد وردا)
(من حل أرجاءها ترجى النجَاة لَهُ ... أكْرم بهَا معبدًا أعظم بهَا بَلَدا)
(صوب العهاد على تِلْكَ الْمعَاهد لَا ... زَالَت سحائبه منهلة أبدا)
وَهُوَ فِي كدر بِسَبَب ولد لَهُ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عمر بن مُسلم الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن المدركل. ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع على مُحَمَّد بن يُوسُف من رِوَايَة المسلسل وعَلى زَيْنَب ابْنة الْكَمَال موافقاتها تَخْرِيج البرزالي. وَحدث سمع مِنْهُ شَيخنَا المسلسل وَقَالَ بِلَفْظِهِ المعجرف وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْعشْرَة الثَّانِيَة من الموافقات قَالَ وَأَظنهُ مَاتَ فِي الكائنة الْعُظْمَى سنة ثَلَاث يَعْنِي بِدِمَشْق وَتَبعهُ المقريزي فَذكره فِي عقوده وَلكنه جزم بتاريخ وَفَاته.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن يُوسُف بن عمر بن أبي بكر برهَان الدّين الْحلَبِي الدماطي نِسْبَة لدوماط قَرْيَة من حلب على نَحْو مرحلَتَيْنِ من جِهَة الغرب نزيل الْقَاهِرَة الشَّافِعِي سبط الْجمال يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن قَاسم الزَّاهِد طَالب سريع الْكِتَابَة خَفِيف الْحَرَكَة بعيد عَن الضَّبْط والإتقان والفهم قدم الْقَاهِرَة(1/136)
بعيد سنة خمس وَأَرْبَعين وَكتب ذيلا على طَبَقَات الشَّافِعِيَّة أَكثر فِيهِ الاستمداد مني وَكبره بِكَثِير من المهملين وأفرد حدودا وتعاريف فِي مُجَلد ورام من شَيخنَا تقريظه لَهُ فَمَا تيَسّر وَقد أَخذ عَنهُ شرح النخبة وَغَيرهَا وَتردد للْقَاضِي علم الدّين وقتا وَسمع عَليّ الشمني وَغَيره أَشْيَاء وَكتب الطباق وَدَار على الشُّيُوخ وَلم يتأهل فِي الْفَنّ وَلَا كَاد. مَاتَ بعد الْخمسين أَظُنهُ فِي سنة تسع بالبيمارستان المنصوري عَن نَحْو أَرْبَعِينَ سنة فتفرقت أوراقه فَلم ينْتَفع بهَا عَفا الله عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر برهَان الدّين الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْعدْل وَيعرف بِابْن الْحداد سمع فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة من الْحَافِظ أبي بكر بن الْمُحب النّصْف الأول من عوالي أبي يعلى الصَّابُونِي وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ مقربا عدلا مَاتَ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن الخازن. هَكَذَا ذكره ابْن عزم فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَأَظنهُ أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَحْمد بن الخازن الْآتِي.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حُسَيْن برهَان الدّين القاهري الْمَالِكِي نزيل مَكَّة وَيعرف بالموصلي كَانَ رجلا مُبَارَكًا تكسب بِالشَّهَادَةِ خَارج بَاب زويلة وأدب بهَا الْأَطْفَال ثمَّ قدم مَكَّة وَأقَام بهَا ثَلَاثِينَ
سنة فأزيد وَكَانَ كثير الْعِبَادَة بِالطّوافِ سالكا غَايَة الْوَرع والنسك وَالدّين المتين وَالْعِبَادَة بِحَيْثُ كَانَ يحجّ مِنْهَا مَاشِيا وَله إِلْمَام بِالْعلمِ وَخط حسن يتكسب بالنسخ بِحَيْثُ كتب بِهِ مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وَشَرحه لِابْنِ الْحَاجِب الفرعي وَكَانَ يذكر أَنه من تلامذته ولازم بِمَكَّة دروس الشَّيْخ مُوسَى على المراكشي وَسمع مِنْهُ وَمن الْعَفِيف النشاوري وَغَيرهمَا وأدب الْأَطْفَال بِمَكَّة سِنِين كَثِيرَة هِيَ محصورة فِي ثَلَاثِينَ وَسكن برباط السِّدْرَة مِنْهَا بل كَانَ يشرف على مَا يتَحَصَّل من ريع وَقفه بصيانة وعفاف بِحَيْثُ يتورع عَن أَخذ كثير من الصَّدقَات. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْعشْر الْأَخير من جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس عشرَة بعد أَن وقف شرح ابْن الْحَاجِب وَغَيره مِمَّا كتبه وَدفن بالمعلاة وَقد بلغ السّبْعين فِيمَا أَحسب. ذكره الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَقَالَ أَنه شهد الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه وأغفله شَيخنَا فِي أنبائه نعم ذكره فِي إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن الْحُسَيْن فِي سنة أَربع عشرَة وَالَّتِي تَلِيهَا للْخلاف فِي ذَلِك وَكَذَا ذكره المقريزي لكنه جزم بِسنة خمس عشرَة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن أبي بكر بن مُحَمَّد أَبُو الْمَعَالِي بن الشَّمْس الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن القباقبي. ولد وَقَرَأَ على الزين ماهر وَأخذ الْفِقْه عَن الْعلم البُلْقِينِيّ وَالْأُصُول عَن الْمحلى والقراءات عَن أَبِيه(1/137)
وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة وَمِمَّا كتبته من نظمه:
(يَا نفس كفى كفى مَا كَانَ من زلل ... فِيمَا مضى واجهدي فِي صَالح الْعَمَل)
(وَعَن هَوَاك اعدلي ثمَّ اعذلي وعظي ... بِمن مضى واغنمي الطَّاعَات واعتدلي)
(وَلَا تغرنك الدُّنْيَا وَزينتهَا ... فَإِنَّهَا شرك الأكدار والعلل)
(مَا أضحكت يَوْمهَا إِلَّا وَفِي غدها ... أبكت فكوني بهَا مِنْهَا على وَجل)
(فَتلك دَار غرور لَا بَقَاء لَهَا ... وَلَا دوَام لدانيها على أمل)
(أَيْن الْقُرُون الَّتِي كَانَت بهَا سلفت ... كَأَنَّهَا لم تكن فِي الأعصر الأول)
(فلازمي كل مَا لله فِيهِ رضَا ... واستمسكي بالتقى فِي القَوْل وَالْعَمَل)
(فَمن أطَاع سعيد عِنْد خالقه ... فِي جنَّة الْخلد فِي حلى وَفِي حلل)
وَقَوله:
(مَا خلى من حب ليلى كمن لم ... يتَّخذ فِي الورى رَوَاهَا خَلِيلًا)
(كم طوى البيد فِي هَواهَا وأضحى ... لَا يُرَاعِي فِي العذل عَنهُ الخلي لَا)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن خَلِيل الْبُرْهَان أَبُو الْوَفَاء الطرابلسي الأَصْل طرابلس الشَّام الْحلَبِي المولد
وَالدَّار الشَّافِعِي سبط ابْن العجمي لكَون أمه ابْنة عمر بن مُحَمَّد بن الْمُوفق أَحْمد بن هَاشم بن أبي حَامِد عبد الله بن العجمي الْحلَبِي وَيعرف الْبُرْهَان بالقوف لقبه بِهِ بعض أعدائه وَكَانَ يغْضب مِنْهُ وبالمحدث وَكَثِيرًا مَا كَانَ يُثبتهُ بِخَطِّهِ. ولد فِي ثَانِي عشري رَجَب سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة بالجلوم بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد اللَّام المضمومة بِقرب فرن عميرَة بِفَتْح الْعين وهما من بلبان حارة من حلب وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير جدا فكفلته أمه وانتقلت بِهِ إِلَى دمشق فحفظ بِهِ بعض الْقُرْآن ثمَّ رجعت بِهِ إِلَى حلب فَنَشَأَ بهَا وأدخلته مكتب الْأَيْتَام لناصر الدّين الطواشي تجاه الشَّاة بُخْتِيَّة الْحَنَفِيَّة بسوق النساب فأكمل بِهِ حفظه وَصلى بِهِ على الْعَادة التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان بخانقاة جده لأمه الشَّمْس أبي بكر أَحْمد بن العجمي وَالِد وَالِدَة الْمُوفق أَحْمد الْمَذْكُور فِي نَسَبهَا بِرَأْس درب البازيار وتلا بِهِ عدَّة ختمات تجويدا على الْحسن السايس الْمصْرِيّ ولقالون إِلَى آخر نوح على الشهَاب بن أبي الرضى وَلأبي عَمْرو ختمتين على عبد الْأَحَد بن مُحَمَّد بن عبد الْأَحَد الْحَرَّانِي الأَصْل الْحلَبِي ولعاصم إِلَى آخر سُورَة فاطر عَلَيْهِ وَلأبي عَمْرو إِلَى أثْنَاء بَرَاءَة فَقَط على الماجدي وَقطعَة من أَوله لكل من أبي عَمْرو وَنَافِع وَابْن كثير وَابْن عَامر على أبي الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَيْمُون الْقُضَاعِي الأندلسي(1/138)
وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الْكَمَال عمر بن إِبْرَاهِيم بن العجمي والْعَلَاء عَليّ بن حسن بن خَمِيس البابي والنور مَحْمُود بن عَليّ الْحَرَّانِي وَالِده بن الْعَطَّار وَولده التقي مُحَمَّد وَالشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الصَّفَدِي نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بشيخ الْوضُوء والشهب ابْن أبي الرضى والأذرعي وَأحمد بن مُحَمَّد بن جُمُعَة بن الْحَنْبَلِيّ والشرف الْأنْصَارِيّ والسراجين البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن وَبَعض هَؤُلَاءِ فِي الْأَخْذ عَنهُ أَكثر من بعض والنحو عَن أبي عبد الله بن جَابر الأندلسي ورفيقه أبي جَعْفَر والكمال إِبْرَاهِيم بن عمر الخابوري والزين عمر بن أَحْمد بن عبد الله بن مهَاجر وأخيه الشَّمْس مُحَمَّد والعز مُحَمَّد بن خَلِيل الحاضري والكمال بن العجمي والزين أبي بكر بن عبد الله بن مقبل التَّاجِر وَأَخذه أَيْضا عَنْهُم متفاوت واللغة عَن الْمجد الفيروزابادي صَاحب الْقَامُوس وطرفا من البديع عَن الْأُسْتَاذ أبي عبد الله الأندلسي وَمن الصّرْف عَن الْجمال يُوسُف الْمَلْطِي الْحَنَفِيّ وجود الْكِتَابَة على جمَاعَة أكتبهم الْبَدْر حسن الْبَغْدَادِيّ النَّاسِخ وَلبس خرقَة التصوف من شيخ الشُّيُوخ النَّجْم عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن مُوسَى الْحلَبِي ومصطفى وَأحمد القريعة وجلال الدّين عبد الله البسطامي الْمَقْدِسِي والسراج بن الملقن)
وَاجْتمعَ بالشيخ الشهير الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن القرمي وَسمع كَلَامه وفنون الحَدِيث عَن الصَّدْر الياسوفي والزين الْعِرَاقِيّ وَبِه انْتفع فَإِنَّهُ قرا عَلَيْهِ ألفيته وَشَرحهَا ونكته على ابْن الصّلاح مَعَ الْبَحْث فِي جَمِيعهَا وَغَيرهَا من تصانيفه وَغَيرهَا وَتخرج بِهِ بل أَشَارَ لَهُ أَن يخرج وَلَده الْوَلِيّ أَبَا زرْعَة وَأذن لَهُ فِي الإقراء وَالْكِتَابَة على الحَدِيث وَعَن البُلْقِينِيّ قِطْعَة من شرح التِّرْمِذِيّ لَهُ وَمن دروسه فِي الْمُوَطَّأ ومختصر مُسلم وَغَيرهَا من متعلقات الحَدِيث وَعَن ابْن الملقن قِطْعَة ابْن دَقِيق الْعِيد وَكتب عَنهُ شَرحه على البُخَارِيّ فِي مجلدين بِخَطِّهِ الدَّقِيق الَّذِي لم يحسن عِنْد مُصَنفه لكَونه كتب فِي عشْرين مجلدا وَأذن لَهُ كل مِنْهُمَا وَكَذَا أَخذ علم الحَدِيث عَن الْكَمَال بن العجمي والشرف الْحُسَيْن بن حبيب وَكَانَ طلبه للْحَدِيث بِنَفسِهِ بعد كبره فَإِنَّهُ كتب الحَدِيث فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبعين وأقدم سَماع لَهُ فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وعني بِهَذَا الشَّأْن أتم عناية فَسمع وَقَرَأَ الْكثير بِبَلَدِهِ على شيوخها كالأذرعي والكمال بن العجمي وقريبه الظهير والكمال بن حبيب وأخويه الْبَدْر والشرف والكمالين ابْن العديم وَابْن أَمِين الدولة والشهاب بن المرحل وَابْن صديق وَقَرِيب من سبعين شَيخا حَتَّى أَتَى على غَالب مروياتهم وارتحل إِلَى الديار المصرية مرَّتَيْنِ الأولى(1/139)
فِي سنة ثَمَانِينَ وَالثَّانيَِة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَسمع بِالْقَاهِرَةِ ومصر والاسكندرية ودمياط وتنيس وَبَيت الْمُقَدّس والخليل وغزة والرملة ونابلس وحماة وحمص وطرابلس وبعلبك ودمشق وَأدْركَ بهَا الصّلاح بن أبي عمر خَاتِمَة أَصْحَاب الْفَخر وَلم يسمع من أحد من أَصْحَابه سواهُ وَسمع بهَا من الْمُحب الصَّامِت وَأبي الهول وَابْن عوض وَالشَّمْس بن قَاضِي شُهْبَة وعدة نَحْو الْأَرْبَعين وشيوخه بِالْقَاهِرَةِ الْجمال الْبَاجِيّ والبدر بن حسب الله وَابْن ظافر والحراوي والتقي بن حَاتِم والتنوخي وَجُوَيْرِية الهكارية وَقَرِيب من أَرْبَعِينَ أَيْضا وبمصر الصّلاح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر البلبيسي وَغَيره وبالاسكندرية الْبَهَاء عبد الله بن الدماميني والمحيوي الْقَرَوِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن يفتح الله وَآخَرُونَ وبدمياط أَحْمد الْقطَّان وبتنيس بِالْقربِ من جَامعهَا الَّذِي خرب بعض رفقائه قَرَأَ عَلَيْهِ بإجازته الْعَامَّة من الحجار وببيت الْمُقَدّس الشَّمْس مُحَمَّد بن حَامِد بن أَحْمد والبدر مَحْمُود بن عَليّ بن هِلَال العجلوني والجلال عبد الْمُنعم بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وَمُحَمّد بن سُلَيْمَان بن الْحسن بن مُوسَى بن غَانِم وَغَيرهم وبالخليل نزيله عُمَيْر بن النَّجْم بن يَعْقُوب الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بالمحرد وبغزة قاضيها الْعَلَاء عَليّ بن خلف بن كَامِل أَخُو صَاحب ميدان)
الفرسان الشَّمْس الْغَزِّي وتلميذه وبالرملة بَعضهم وبنابلس الشَّمْس مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم وشهود بَنو عبد الْقَادِر بن عُثْمَان وَغَيرهم وبحماة أَبُو عمر أَحْمد بن عَليّ بن عَبْدَانِ العداس وَشرف ابْنة الْبَدْر مُحَمَّد بن حسن بن مَسْعُود وَجَمَاعَة وبحمص الْجمال إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن فِرْعَوْن وَعُثْمَان بن عبد الله بن النُّعْمَان الجزار وبطرابلس الشهَاب المسلك أَحْمد بن عبد الله الرواقي الْحَمَوِيّ وببعلبك الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد ابْن اليونانية والعماد إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن بردس وَآخَرُونَ. وَأَجَازَ لَهُ قبل رحلته ابْن أميلة وَأَبُو عَليّ بن الهبل وَغَيرهمَا.
وقرأت بِخَطِّهِ: مشايخي فِي الحَدِيث نَحْو الْمِائَتَيْنِ وَمن رويت عَنهُ شَيْئا من الشّعْر دون الحَدِيث بضع وَثَلَاثُونَ وَفِي الْعُلُوم غير الحَدِيث نَحْو الثَّلَاثِينَ وَقد جمع الْكل من شُيُوخ الْإِجَازَة أَيْضا صاحبنا النَّجْم بن فَهد الْهَاشِمِي فِي مُجَلد ضخم بَين فِيهِ أسانيده وتراجم شُيُوخه وانتفع بِبَيْت الشَّيْخ فِي ذَلِك وَفَرح الشَّيْخ بِهِ لكَونه كَانَ أَولا فِي تَعب بالكشف من الثبت وَكَذَا جمع التراجم وألم بالمسموع شَيخنَا لَكِن مَا أَظن صَاحب التَّرْجَمَة وقف عَلَيْهَا وَلَو علم بِالَّذِي قبله مَا عَملهَا.
وَحج فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة وَكَانَت الوقفة الْجُمُعَة وَلم يحجّ سواهَا وزار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس أَربع مرار وَلما(1/140)
هجم اللنك حلب طلع بكتبه إِلَى القلعة فَلَمَّا دخلُوا الْبَلَد وسلبوا النَّاس كَانَ فِيمَن سلب حَتَّى لم يبْق عَلَيْهِ شَيْء بل وَأسر أَيْضا وَبَقِي مَعَهم إِلَى أَن رحلوا إِلَى دمشق فَأطلق وَرجع إِلَى بَلَده فَلم يجد أحدا من أَهله وَأَوْلَاده قَالَ فَبَقيت قَلِيلا ثمَّ خرجت إِلَى الْقرى الَّتِي حول حلب مَعَ جمَاعَة فَلم أزل هُنَاكَ إِلَى أَن رَجَعَ الطغاة لجِهَة بِلَادهمْ فَدخلت بَيْتِي فَعَادَت إِلَيّ أمتِي نرجس وَذكرت أَنَّهَا هربت مِنْهُم من الرها وَبقيت زَوْجَتي وأولادي مِنْهَا وصعدت حِينَئِذٍ القلعة وَذَلِكَ فِي خَامِس عشري شعْبَان فَوجدت أَكثر كتبي فأخذتها وَرجعت.
واجتهد الشَّيْخ رَحمَه الله فِي هَذَا الْفَنّ اجْتِهَادًا كَبِيرا وَكتب بِخَطِّهِ الْحسن الْكثير فَمن ذَلِك كَمَا تقدم شرح البُخَارِيّ لِابْنِ الملقن بل فقد مِنْهُ نصفه فِي الْفِتْنَة فَأَعَادَ كِتَابَته أَيْضا وعدة مجاميع وَسمع العالي والنازل وقرا البُخَارِيّ أَكثر من سِتِّينَ مرّة وَمُسلمًا نَحْو الْعشْرين سوى قِرَاءَته لَهما فِي الطّلب أَو قراءتهما من غَيره عَلَيْهِ واشتغل بالتصنيف فَكتب تَعْلِيقا لطيفا على السّنَن لِابْنِ مَاجَه وشرحا مُخْتَصرا على البُخَارِيّ سَمَّاهُ التلقيح لفهم قَارِئ الصَّحِيح وَهُوَ بِخَطِّهِ فِي مجلدين وبخط غَيره فِي أَرْبَعَة وَفِيه فَوَائِد حَسَنَة وَقد الْتقط مِنْهُ شَيخنَا حَيْثُ كَانَ بحلب مَا ظن أَنه لَيْسَ عِنْده لكَون شَرحه لم يكن مَعَه كراريس يسيرَة وَأفَاد فِيهِ أَشْيَاء وَالَّذِي كتبه مِنْهُ مَا يحْتَاج)
إِلَى مُرَاجعَته قبل إثْبَاته وَمِنْه مَا لَعَلَّه يلْحقهُ وَمِنْه مَا يدْخل فِي الْقطعَة الَّتِي كَانَت بقيت على شَيخنَا من شَرحه هَذَا مَعَ كَون الْمُقدمَة الَّتِي لشَيْخِنَا من جملَة أصُول الْبُرْهَان فإنني قَرَأت فِي خطْبَة شَرحه: ثمَّ اعْلَم أَن مَا فِيهِ عَن حَافظ عصري أَو عَن بعض حفاظ الْعَصْر أَو نَحْوهَا بَين العبارتين فَهُوَ من قَول حَافظ هَذَا الْعَصْر الْعَلامَة قَاضِي الْمُسلمين حَافظ الْعَصْر شهَاب الدّين بن حجر من كِتَابه الَّذِي هُوَ كالمدخل إِلَى شرح البُخَارِيّ لَهُ أعَان الله على إِكْمَال الشَّرْح انْتهى. بل لصَاحب التَّرْجَمَة على البُخَارِيّ عدَّة املاآت كتبهَا عَنهُ جمَاعَة من طلبته والمقتفى فِي ضبط أَلْفَاظ الشفا فِي مُجَلد بيض فِيهِ كثيرا وَنور النبراس على سيرة ابْن سيد النَّاس فِي مجلدين وحواش على كل من صَحِيح مُسلم لَكِنَّهَا ذهبت فِي الْفِتْنَة وَالسّنَن لأبي دَاوُد وَكتب ثَلَاثَة وَهِي التَّجْرِيد والكاشف وتلخيص الْمُسْتَدْرك وَكَذَا على الْمِيزَان لَهُ وَسَماهُ نيل الْهِمْيَان فِي معيار الْمِيزَان يشْتَمل على تَحْرِير بعض تراجمه وزيادات عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مجلدة لَطِيفَة لكنه كَمَا قَالَ شَيخنَا لم يمعن النّظر فِيهِ والمراسيل للعلائي واليسير على ألفية الْعِرَاقِيّ وَشَرحهَا بل وَزَاد فِي الْمَتْن أبياتا غير مُسْتَغْنى عَنْهَا وَله نِهَايَة السول فِي رُوَاة السِّتَّة(1/141)
الْأُصُول فِي مُجَلد ضخم والكشف الحثيث عَمَّن رمى بِوَضْع الحَدِيث مُجَلد لطيف والتبيين لأسماء المدلسين فِي كراسين وَتَذْكِرَة الطَّالِب الْمعلم فِيمَن يُقَال أَنه مخضرم كَذَلِك والاغتباط بِمن رمى بالاختلاط وتلخيص المبهمات لِابْنِ بشكوال وَغير ذَلِك وَله ثَبت كثير الْفَوَائِد طالعته وَفِيه إِلْمَام بتراجم شُيُوخه وَنَحْو ذَلِك بل ورأيته ترْجم جمَاعَة مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ ورحل إِلَيْهِ كشيخنا وَهِي حافلة وَابْن نَاصِر الدّين وَطَائِفَة. وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة حَافِظًا خيرا دينا ورعا متواضعا وافر الْعقل حسن الْأَخْلَاق متخلقا بجميل الصِّفَات جميل الْعشْرَة محبا للْحَدِيث وَأَهله كثير النصح والمحبة لأَصْحَابه سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس متعففا عَن التَّرَدُّد لبني الدُّنْيَا قانعا باليسير طارحا للتكلف رَأْسا فِي الْعِبَادَة والزهد والورع مديم الصّيام وَالْقِيَام سهلا فِي التحدث كثير الْإِنْصَاف والبشر لمن يَقْصِدهُ للأخذ عَنهُ خُصُوصا الغرباء مواظبا على الِاشْتِغَال والأشغال والإقبال على الْقِرَاءَة بِنَفسِهِ حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى كثير التِّلَاوَة لَهُ صبورا على الأسماع رُبمَا أسمع الْيَوْم الْكَامِل من غير ملل وَلَا ضجر عرض عَلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِبَلَدِهِ فَامْتنعَ وأصر على الِامْتِنَاع فَصَارَ بعد كل وَاحِد من قاضيها الشَّافِعِي والحنفي من تلامذته الملازمين لمحله والمنتمين لناحيته وَاتفقَ أَنه فِي بعض الْأَوْقَات حوصرت حلب فَرَأى بعض أَهلهَا فِي الْمَنَام السراج البُلْقِينِيّ فَقَالَ لَهُ لَيْسَ على أهل حلب بَأْس)
وَلَكِن رح إِلَى خَادِم السّنة إِبْرَاهِيم الْمُحدث وَقل لَهُ يقْرَأ عُمْدَة الْأَحْكَام ليفرج الله عَن الْمُسلمين فَاسْتَيْقَظَ فَأعْلم الشَّيْخ فبادر إِلَى قرَاءَتهَا فِي جمع من طلبة الْعلم وَغَيرهم بالشرفية يَوْم الْجُمُعَة بكرَة النَّهَار ودعا للْمُسلمين بالفرج فاتفق أَنه فِي آخر ذَلِك النَّهَار نصر الله أهل حلب. وَقد حدث بالكثير وَأخذ عَنهُ الْأَئِمَّة طبقَة بعد طبقَة وَالْحق الأصاغر بالأكابر وَصَارَ شيخ الحَدِيث بالبلاد الحلبية بِلَا مدافع. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الأكابر الْحَافِظ الْجمال بن مُوسَى المراكشي وَوَصفه بِالْإِمَامِ الْعَلامَة الْمُحدث الْحَافِظ شيخ مَدِينَة حلب بِلَا نزاع وَكَانَ مَعَه فِي السماع عَلَيْهِ الْمُوفق الأبي وَغَيره والعلامة الْعَلَاء بن خطيب الناصرية وَأكْثر الرِّوَايَة عَنهُ فِي ذيله لتاريخ حلب وَقَالَ فِي تَرْجَمته مِنْهُ هُوَ شَيْخي عَلَيْهِ قَرَأت هَذَا الْفَنّ وَبِه انتفعت وبهديه اقتديت وبسلوكه تأدبت وَعَلِيهِ اسْتَفَدْت قَالَ وَهُوَ شيخ إِمَام عَامل عَالم حَافظ ورع مُفِيد زاهد على طَرِيق السّلف الصَّالح لَيْسَ مُقبلا إِلَّا على شَأْنه من الِاشْتِغَال(1/142)
والأشغال والإفادة لَا يتَرَدَّد إِلَى أحد وَأهل حلب يعظمونه ويترددون إِلَيْهِ ويعتقدون بركته وغالب رؤسائها تلامذته. قَالَ ورحل إِلَيْهِ الطّلبَة واشتغل على كثير من النَّاس وَانْفَرَدَ بأَشْيَاء وَصَارَ إِلَى رحْلَة الْآفَاق وحافظ الشَّام الشَّمْس بن نَاصِر الدّين وَكَانَت رحلته إِلَيْهِ فِي أول سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأثْنى عَلَيْهِ وَلما سَافر شَيخنَا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ صُحْبَة الركاب الأشرفي إِلَى آمد أضمر فِي نَفسه لقِيه وَالْأَخْذ عَنهُ لاستباحة الْقصر وَسَائِر الرُّخص ولكونه لم يدْخل حلب فِي الطّلب ثمَّ أبرز ذَلِك فِي الْخَارِج وَقَرَأَ عَلَيْهِ بِنَفسِهِ كتابا لم يقرأه قبلهَا وَهُوَ مشيخة الْفَخر بن البخاوي هَذَا مَعَ أَنه لم يكن حِينَئِذٍ مُنْفَردا بِالْكتاب الْمَذْكُور بل كَانَ بِالشَّام غير وَاحِد مِمَّن سَمعه على الصّلاح بن أبي عمر أَيْضا فَكَانَ فِي ذَلِك أعظم منقبة لكل مِنْهُمَا سِيمَا وَقد كَانَ يُمكن شَيخنَا أَن يَأْمر أحدا من الطّلبَة بِقِرَاءَتِهَا كَمَا فعل فِي غَيرهَا فقد سمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة غَيره أَشْيَاء وَحدث هُوَ وإياه مَعًا بِمُسْنَد الشَّافِعِي والمحدث الْفَاضِل وترجمه شَيخنَا حِينَئِذٍ بقوله وَله الْآن بضع وَسِتُّونَ سنة يسمع الحَدِيث ويقرؤه مَعَ الدّين والتواضع واطراح التَّكَلُّف وَعدم الِالْتِفَات إِلَى بني الدُّنْيَا قَالَ ومصنفاته ممتعة محررة دَالَّة على تتبع زَائِد وإتقان قَالَ وَهُوَ قَلِيل المباحث فِيهَا كثير النَّقْل وَقَالَ فِي مُقَدّمَة المشيخة الَّتِي خرجها لَهُ أما بعد فقد وقفت على ثَبت الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الْمسند شيخ السّنة النَّبَوِيَّة برهَان الدّين الْحلَبِي سبط ابْن العجمي لما قدمت حلب فِي شهور سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فرأيته يشْتَمل على مسموعاته ومستجازاته وَمَا تحمله فِي بِلَاده وَفِي رحلاته وَبَيَان ذَلِك مفصلا وَسَأَلته هَل جمع لنَفسِهِ معجما أَو مشيخه فَاعْتَذر بِالشغلِ بِغَيْرِهِ وَأَنه يقتنع بالثبت)
الْمَذْكُور إِذا أَرَادَ الْكَشْف عَن شَيْء من مسموعاته وَأَن الْحُرُوف لم تكمل عِنْده فَلَمَّا رجعت إِلَى الْقَاهِرَة راجعت مَا علقته من الثبت الْمَذْكُور وأحببت أَن أخرج لَهُ مشيخة أذكر فِيهَا أَحْوَال الشُّيُوخ الْمَذْكُورين ومروياتهم ليستفيدها الرحالة فَإِنَّهُ الْيَوْم أَحَق النَّاس بالرحلة إِلَيْهِ لعلو سَنَده حسا وَمعنى ومعرفته بالعلوم فَنًّا فَنًّا أثابه الْحسنى آمين. وفهرس المشيخة بِخَطِّهِ بِمَا نَصه جُزْء فِيهِ تراجم مَشَايِخ شيخ الْحفاظ برهَان الدّين ثمَّ عزم على إرْسَال نُسْخَة مِنْهَا إِلَيْهِ وَكتب بظاهرها مَا نَصه: المسؤل من فضل سيدنَا وَشَيخنَا الشَّيْخ برهَان الدّين وَمن فضل وَلَده الإِمَام موفق الدّين الْوُقُوف على هَذِه الكراريس وَتَأمل التراجم الْمَذْكُورَة فِيهَا وسد مَا أمكن من الْبيَاض لَا لحاق مَا وقف على مسطرها من معرفَة(1/143)
أَحْوَال من بيض على تَرْجَمته وإعادة هَذِه الكراريس بعد الْفَرَاغ من هَذَا الْعرض إِلَى الْفَقِير مسطرها صُحْبَة من يوثق بِهِ إِن شَاءَ الله.
وَكَذَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة وَلَده وصف شَيخنَا لصَاحب التَّرْجَمَة بشيخنا الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الَّذِي اشْتهر بالرعاية فِي الْإِمَامَة حَتَّى صَار هَذَا الْوَصْف لَهُ عَلامَة أمتع الله الْمُسلمين بِبَقَائِهِ وَسُئِلَ عَنهُ وَعَن حَافظ دمشق الشَّمْس بن نَاصِر الدّين فَقَالَ الْبُرْهَان نظره قَاصِر على كتبه وَالشَّمْس يحوش وَكَانَ ذكره قبل ذَلِك فِي الْقسم الثَّانِي من مُعْجَمه فَقَالَ: الْمُحدث الْفَاضِل الرّحال جمع وصنف مَعَ حسن السِّيرَة والتخلق بجميل الْأَخْلَاق والعفة والانجماع والإقبال على الْقِرَاءَة بِنَفسِهِ ودوام الأسماع والاشتغال وَهُوَ الْآن شيخ الْبِلَاد الحلبية غير مدافع أجَاز لأولادي وبيننا مكاتبات ومودة حفظه الله تَعَالَى قَالَ ثمَّ اجْتمعت بِهِ فِي قدومي إِلَى حلب فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ صُحْبَة الْأَشْرَف وَسمعت مِنْهُ المسلسل بالأولية بِسَمَاعِهِ من جمَاعَة من شويخنا وَمن شيخين لَهُ لم ألقهما ثمَّ سَمِعت من لَفظه المسلسل بالأولية تَخْرِيج ابْن الصّلاح سوى الْكَلَام انْتهى. وَبَلغنِي أَن شَيخنَا كتب لَهُ المسلسل بِخَطِّهِ عَن شُيُوخه الَّذين سَمعه مِنْهُم وَأدْخل فيهم شَيخا رام اختباره فِيهِ هَل يفْطن لَهُ أم لَا فنبه الْبُرْهَان لذَلِك بل وَنبهَ على أَنه من امتحان الْمُحدثين هَذَا مَعَ قَوْله لبَعض خواصه أَن هَذَا الرجل يَعْنِي شَيخنَا لم يلقني إِلَّا وَقد صرت نصف راجل إِشَارَة إِلَى أَنه كَانَ عرض لَهُ قبل ذَلِك الفالج وأنسى كل شَيْء حَتَّى الْفَاتِحَة قَالَ ثمَّ عوفيت وَصَارَ يتراجع إِلَيّ حفظي كالطفل شَيْئا فَشَيْئًا. وَهُوَ مِمَّن حضر مجْلِس إملاء شَيخنَا بحلب وعظمه جدا كَمَا أثْبته فِي تَرْجَمته واستفاد مِنْهُ كثيرا وَأما شَيخنَا فقد سمعته يَقُول لم أستفد من الْبُرْهَان غير كَون أبي عَمْرو بن أبي طَلْحَة اسْمه حَفْص فَإِنَّهُ أعلمني بذلك)
واستحضر كتاب فاضلات النِّسَاء لِابْنِ الْجَوْزِيّ لكَون التَّسْمِيَة فِيهِ وَلم أكن وقفت عَلَيْهِ. وَمِمَّنْ ترْجم الشَّيْخ أَيْضا الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد وَقَالَ مُحدث حلب والتقي المقريزي فِي تَارِيخه لَكِن بِاخْتِصَار وَقَالَ أَنه صَار شيخ الْبِلَاد الحلبية بِغَيْر تدافع مَعَ تدين وانجماع وسيرة حميدة وَقَالَ البقاعي أَنه كَانَ على طَريقَة السّلف فِي التَّوَسُّط فِي الْعَيْش وَفِي الِانْقِطَاع عَن النَّاس لاسيما أهل الدُّنْيَا عَالما بغريب الحَدِيث شَدِيد الِاطِّلَاع على الْمُتُون بارعا فِي معرفَة الْعِلَل إِذا حفظ شَيْئا لَا يكَاد يخرج من ذهنه مَا نَازع أحدا(1/144)
بحضرتي فِي شَيْء وكشف عَنهُ إِلَّا ظهر الصَّوَاب مَا قَالَه أَو كَانَ مَا قَالَه أحد مَا قيل فِي ذَلِك وَهُوَ كثير التَّوَاضُع مَعَ الطّلبَة والنصح لَهُم وحاله مقتصد فِي غَالب أمره. قلت وفيهَا مجازفات كَثِيرَة كَقَوْلِه شَدِيد الِاطِّلَاع على الْمُتُون بارعا فِي معرفَة الْعِلَل وَلكنه مَعْذُور فَهُوَ عَار مِنْهُمَا وَلما دخل التقي الحصني حلب بَلغنِي أَنه لم يتَوَجَّه لزيارته لكَونه كَانَ يُنكر مشافهة على لابسي الأثواب النفيسة على الْهَيْئَة المبتدعة وعَلى المتقشفين وَلَا يعدو حَال النَّاس ذَلِك فتحامي قَصده فَمَا وسع الشَّيْخ إِلَّا الْمَجِيء إِلَيْهِ فَوَجَدَهُ نَائِما بِالْمَدْرَسَةِ الشرفية فَجَلَسَ حَتَّى انتبه ثمَّ سلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لَعَلَّك التقي الحصني فَقَالَ أَنا أَبُو بكر ثمَّ سَأَلَهُ عَن شُيُوخه فسماهم لَهُ فَقَالَ لَهُ إِن شيوخك الَّذين سميتهم هم عبيد ابْن تَيْمِية أَو عبيد من أَخذ عَنهُ فَمَا بالك تحط أَنْت عَلَيْهِ فَمَا وسع التقي إِلَّا أَن أَخذ نَعله وَانْصَرف وَلم يَجْسُر يرد عَلَيْهِ وَلم يزل على جلالته وعلو مكانته حَتَّى مَاتَ مطعونا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشري شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بحلب وَلم يغب لَهُ عقل بل مَاتَ وَهُوَ يَتْلُو وَصلى عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي بعد الظّهْر وَدفن بالجبيل عِنْد أَقَاربه وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَلم يتَأَخَّر هُنَاكَ فِي الحَدِيث مثله رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن دقماق صارم الدّين القاهري الْحَنَفِيّ مؤرخ الديار المصرية فِي وقته ودقماق كَانَ أحد الْأُمَرَاء الناصرية مُحَمَّد بن قلاون وَهُوَ جد أَبِيه فَهُوَ مُحَمَّد بن ايدمر بن دقماق. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه ولد فِي حُدُود الْخمسين وَسَبْعمائة واعتنى بالتاريخ فَكتب مِنْهُ الْكثير بِخَطِّهِ وَعمل تَارِيخ الْإِسْلَام وتاريخ الْأَعْيَان وطبقات الْحَنَفِيَّة وَغير ذَلِك وامتحن فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِسَبَب شَيْء قَالَه فِي تَرْجَمَة الشَّافِعِي وَكَانَ يحب الأدبيات مَعَ عدم مَعْرفَته بِالْعَرَبِيَّةِ وَلكنه كَانَ جميل الْعشْرَة كثير الفكاهة حسن الود قَلِيل الوقيعة فِي النَّاس وَزَاد فِي أنبائه عَامي الْعبارَة وَأَنه ولي فِي آخر الْأَمر إمرة دمياط فَلم تطل مدَّته فِيهَا وَرجع إِلَى الْقَاهِرَة)
فَمَاتَ بهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَقد جَاوز السِّتين. قلت وَهُوَ أحد من اعْتَمدهُ شَيخنَا فِي أنبائه الْمَذْكُور قَالَ وغالب مَا أنقله من خطه وَمن خطّ ابْن الْفُرَات عَنهُ وَقد اجْتمعت بِهِ كثيرا ثمَّ ذكر أَنه بعد ابْن كثير عُمْدَة الْعَيْنِيّ حَتَّى يكَاد يكْتب مِنْهُ الورقة الْكَامِلَة مُتَوَالِيَة وَرُبمَا قَلّدهُ فِيمَا يهم فِيهِ حَتَّى فِي اللّحن الظَّاهِر كاخلع والمحنة الْمشَار إِلَيْهَا قد ذكرهَا شَيخنَا فِي سنة خمس(1/145)
لَا أَربع وَعبارَته وفيهَا أثْنَاء السّنة كائنة ابْن دقماق وجد بِخَطِّهِ خطّ صَعب على الإِمَام الشَّافِعِي فطولب بذلك من مجْلِس القَاضِي الشَّافِعِي فَذكر أَنه نَقله من كتاب عِنْد أَوْلَاد الطرابلسي فعزره القَاضِي جلال الدّين بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس قَالَ وَلم يكن الْمَذْكُور يستأهل ذَلِك وَقَالَ غَيره أَنه تزيا بزِي الْجند وَطلب الْعلم وتفقه يَسِيرا بِجَمَاعَة وَمَال إِلَى الْأَدَب ثمَّ حبب إِلَيْهِ التَّارِيخ وتصانيفه فِيهِ جَيِّدَة مفيدة واطلاعه كثير واعتقاده حسن وَلم يكن عِنْده فحش فِي كَلَامه وَلَا فِي خطه وَقَالَ المقريزي أَنه أكب عَلَيْهِ حَتَّى كتب فِيهِ نَحْو مِائَتي سفر من تأليفه وَغير ذَلِك وَكتب تَارِيخا كَبِيرا على السنين وَآخر على الْحُرُوف وأخبار الدولة التركية فِي مجلدين وسيرة للظَّاهِر برقوق وطبقات للحنفية وامتحن بِسَبَبِهَا وَكَانَ عَارِفًا بِأُمُور الدولة التركية مذاكرا بجملة أَخْبَارهَا مستحضرا لتراجم أمرئها ويشارك فِي غَيرهَا مُشَاركَة جَيِّدَة وَقَالَ أَنه كَانَ حَافِظًا لِلِسَانِهِ من الوقيعة فِي النَّاس لَا ترَاهُ يذم أحد من معارفه بل يتَجَاوَز عَن ذكر مَا هُوَ مَشْهُور عَنْهُم مِمَّا يرْمى بِهِ أحدهم بل يعْتَذر عَنهُ بِكُل طَرِيق صحبته مُدَّة وجاورني سِنِين وَهُوَ عِنْده فِي عقوده أَيْضا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن رَاشد برهَان الدّين الملكاوي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه أحد الْفُضَلَاء بِدِمَشْق اشْتغل وَهُوَ صَغِير وَحصل وَمهر فِي الْقرَاءَات وَكَانَ يشْتَغل فِي الْفَرَائِض بَين الْمغرب وَالْعشَاء بالجامع. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَأَشَارَ لما ذكره عَنهُ فِي حوادث الَّتِي قبلهَا وَهُوَ أَنه قَرَأَ على الْجمال بن الشرائحي الرَّد على الْجَهْمِية لعُثْمَان الدَّارمِيّ فَحَضَرَ عِنْدهم الزين عمر الكفيري وَأنكر عَلَيْهِم وشنع وَأخذ نُسْخَة من الْكتاب وَذهب بهَا إِلَى القَاضِي الْمَالِكِي وَهُوَ الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ التادلي الْآتِي فَطلب القارى صَاحب التَّرْجَمَة فَأَغْلَظ لَهُ ثمَّ طلبه ثَانِيًا فتغيب ثمَّ أحضرهُ فَسَأَلَهُ عَن عقيدته فَقَالَ الْإِيمَان بِمَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانزعج القَاضِي لذَلِك وَأمر بتعزيره فعزر وَضرب وطيف بِهِ ثمَّ طلبه بعد جُمُعَة لكَونه بلغه عَنهُ كَلَام أغضبهُ فَضَربهُ ثَانِيًا ونادى عَلَيْهِ وَحكم بسجنه شهرا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عون الطَّيِّبِيّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن عون. قدم الْقَاهِرَة غير مرّة فَقَرَأَ عَليّ بعض البُخَارِيّ والمجلس الَّذِي عملته فِي خَتمه بعد أَن كتبه وَكَذَا كتب عني فِي الآمالي ثمَّ قَرَأَ عَليّ الْآثَار لِابْنِ الْحسن(1/146)
وَسمع على شرح مَعَاني الْآثَار وَأَشْيَاء عَليّ ومني وَنعم الرجل.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن صديق ويدعى أَبَا بكر بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف برهَان الدّين الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الصُّوفِي الْمُؤَذّن بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق الحريري أَيْضا نزيل الْحرم بل يُقَال لَهُ المجاور بالحرمين وَيعرف بِابْن صديق بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة وَآخره قَاف وبابن الرسام وَهِي صَنْعَة أَبِيه وَرُبمَا قيل لصَاحب التَّرْجَمَة الرسام وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا بواب الظَّاهِرِيَّة بِدِمَشْق. ولد فِي آخر سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة أَو أول الَّتِي تَلِيهَا وَهُوَ الَّذِي أخبر بِهِ وَقَول بَعضهم فِي الطباق المؤرخة سنة خمس وَعشْرين أَنه كَانَ فِي الرَّابِعَة قَالَ الأقفهسي أَنه غلط صَوَابه فِي الْخَامِسَة بِنَاء على مَا أخبر بِهِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وشيئا من التَّنْبِيه بل قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي عَنهُ أَنه حفظه فِي صغره قَالَ وَكَانَ يعْقد الأزرار وَيُؤذن بِجَامِع بني أُميَّة وَدخل مصر والاسكندرية وَسمع على الحجار والتقي بن تَيْمِية وَالْمجد مُحَمَّد بن عمر بن الْعِمَاد الْكَاتِب وَأَيوب الكحال والشرف بن الْحَافِظ وَإِسْحَاق الْآمِدِيّ والمزي والبرزالي وَآخَرين تفرد بالرواية عَن أَكْثَرهم وَأَجَازَ لَهُ ابْن الزراد وَأَسْمَاء ابْنة صصرى والبدر بن جمَاعَة وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد المحسن الغراقي والختني والواني وَابْن القماح وَأَبُو الْعَبَّاس الْمرَادِي وَخلق من الشاميين والمصريين وَعمر دهرا طَويلا مَعَ كَونه لم يتَزَوَّج وَلَا تسري وَأكْثر الْمُجَاورَة بِمَكَّة وَالْحج مِنْهَا سِتّ سِنِين مُتَّصِلَة بِمَوْتِهِ تنقص تِسْعَة وَأَرْبَعين يَوْمًا وَمِنْهَا خمس سِنِين أَولهَا سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَغير ذَلِك وَكَذَا جاور بِالْمَدِينَةِ وَحدث بهما وبدمشق انْقِضَاء الْحَج من سنة سِتّ وَتِسْعين وَغير ذَلِك وَكَذَا جاور بِالْمَدِينَةِ وَحدث بهما وبدمشق وطرابلس وحلب وَكَانَ دُخُوله لَهَا فِي سنة ثَمَانمِائَة وَقُرِئَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ فِيهَا أَربع مرار وبمكة أَزِيد من عشْرين مرّة سمع عَلَيْهِ الْأَئِمَّة كالبرهان الْحلَبِي وَابْن ظهيرة والتقي الفاسي وَشَيخنَا لقِيه بِمَكَّة وَأخذ عَن خلق مِمَّن سمع عَلَيْهِ سوى شَيخنَا كالشرف المراغي والشهاب العقبي وَآخر من روى عَنهُ بالحضور أم حَبِيبَة زَيْنَب ابْنة أَحْمد الشوبكي فَإِنَّهَا عاشت إِلَى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ على حفيد يُوسُف العجمي وَألْحق جمَاعَة من الأصاغر)
بالأكابر وَكَانَ خيرا جيدا مواظبا على الْجَمَاعَات متعبدا نظيفا لطيفا يستحضر الْكثير من الْمُتُون وَنَحْوهَا من تكْرَار الْقِرَاءَة عَلَيْهِ بِحَيْثُ يرد بهَا على مبتدئي الطّلبَة وَمِمَّا سَمعه على الحجار البُخَارِيّ ومسند الدَّارمِيّ وَعبد وفضائل الْقُرْآن لأبي عبيد وَأكْثر النَّسَائِيّ وَغَيرهَا من الْكتب الْكِبَار(1/147)
وجزء أبي الجهم وَغَيره وعَلى ابْن تَيْمِية طرق زرغبا تَزْدَدْ حبا. مَاتَ بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْأَحَد سَابِع عشر شَوَّال سنة سِتّ بِمَنْزِلَة رِبَاط ربيع بأجناد مِنْهَا وَدفن من صبيحتها بالمعلاة وَله خمس وَثَمَانُونَ سنة وَأشهر ممتعا بسمعه وعقله رَحمَه الله وإيانا. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأنبائه والتقي الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَقَالَ أَنه كَانَ أسْند من بَقِي فِي الدُّنْيَا مَعَ حسن الْفَهم لما يقْرَأ عَلَيْهِ وَله إِلْمَام بمسائل فقهية وَرُبمَا يستحضر لفظ التَّنْبِيه إِلَّا أَنه صَار بِأخرَة يتَعَلَّم كثيرا وَيرد مَا لَا يتَّجه رده وَرُبمَا أَخطَأ فِي الرَّد ويلج فِي الْقِرَاءَة بِمَا يحفظه لكَون اللَّفْظ الَّذِي حفظه يُخَالف لفظ الرِّوَايَة المقروءة إِلَى غير ذَلِك مِمَّا بَسطه قَالَ وَكَانَ شَدِيد الْحِرْص على أَخذ خطه بِالْإِجَازَةِ أَو التَّصْحِيح وعَلى الْأَخْذ على التحدث لفقره وَحَاجته قَالَ وَله حَظّ من الْعِبَادَة وَالْخَيْر والعفاف مَعَ كَونه لم يتَزَوَّج قطّ على مَا ذكر ومتعه الله بحواسه وقوته بِحَيْثُ كَانَ يذهب إِلَى التَّنْعِيم مَاشِيا غير مرّة آخرهَا فِي سنة مَوته وَلم يزل حَاضر الْعقل حَتَّى مَاتَ قَالَ وَكَانَ صوفيا بالخانقاه الأندلسية بِدِمَشْق ومؤذنا بجامعها الْأمَوِي وعانى بيع الْحَرِير فِي وَقت على مَا ذكر وَأطَال فِي ذكر مسموعه وشيوخه بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة. وَكَذَا ذكره فِي ذيل التَّقْيِيد وَقَالَ الأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة وَكَانَ صَالحا خيرا متعبدا وَذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طيبغا الْغَزِّي الْحَنَفِيّ مِمَّن أَخذ عَن الكافياجي ونظم الْمجمع من كتبهمْ وَولي قَضَاء غَزَّة غير مرّة وَكَذَا قَضَاء صفد ثمَّ اقْتصر على الشَّهَادَة وَهُوَ الْآن حَيّ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم برهَان الدّين بن القَاضِي فتح الدّين أبي الْفَتْح الْمدنِي الشَّافِعِي وَيعرف كأسلافه بِابْن صَالح. ولد فِي أَوَاخِر سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْأَرْبَعِينَ والمنهاج كِلَاهُمَا للنووي وَجمع الْجَوَامِع وَنصف الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَجَمِيع ألفية ابْن مَالك والمقدمات لأبي الْقسم النويري وهما سِتّمائَة بَيت فِي الْعَرَبيَّة أَيْضا وَعرض على جمَاعَة كَأبي الْقسم الْمَذْكُور وَسمع عَلَيْهِ فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَسمع أَيْضا على الْجمال الكازروني فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ والمحب)
المطري وَأبي الْفَتْح الْمدنِي وأخيه وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وجود الْقُرْآن غير مرّة على السَّيِّد الطباطبي وَابْن شرف الدّين الششتري وَغَيرهمَا والفاتحة فَقَط على الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني وَنصف الْقُرْآن على النُّور بن يفتح الله وَحضر التَّقْسِيم عِنْد أبي السعادات بن ظهيرة بل كَانَ أحد الْقُرَّاء فِيهِ حِين كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ فِي البُخَارِيّ بِمَكَّة والشفا بِتَمَامِهِ فِي الْمَدِينَة(1/148)
وعَلى وَالِده البُخَارِيّ وَغَيره وَأخذ عَن الشهَاب البيجوري حِين إقامتهم عِنْدهم وَكَذَا حضر فِي دروس الشهَاب الأبشيطي وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا أَولهَا فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَأخذ عَن الْأمين الأقصرائي والتقي القلقشندي وَلم ينجب وَاسْتقر فِي مشيخة الباسطية المدنية بعد السَّيِّد عَليّ وباشر إِمَامه التَّرَاوِيح بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ فِي حَيَاة وَالِده ثمَّ الخطابة بِهِ فِي حَيَاة أَخِيه الزكي مُحَمَّد بل شَارك بعد قَتله فيهمَا وَفِي غَيرهمَا وَكنت مِمَّن سمع خطابته وَصلى خَلفه وَسمع هُوَ عَليّ بِالْقَاهِرَةِ وَالْمَدينَة وَتوجه لمصر حِين عورض بامتناع بَعضهم من الصَّلَاة خَلفه وَسَأَلَهُ الْملك سنة سبع وَتِسْعين أَن يُعْطِيهِ خمسين دِينَارا وَلَا يؤم فَلم يُوَافق وَرجع مَعَ أَخِيه على الخطابة والتوقف فِي الْإِمَامَة على الْمُوَافقَة وتأديته للخطبة نِهَايَة وَبَلغنِي أَنه خطب حِين توقف الْمَطَر فِي سنة تسع وَتِسْعين فَعرض بِمَا حَاصله كَيفَ تسترجي أجابتنا وَقد تلبسنا بَكَيْت وَكَيْت وَعُوتِبَ فِي ذَلِك فَاعْتَذر بِأَن الْخطْبَة لِابْنِ الميلق وَلم ينكرها وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مهيب الصدقاوي الزواوي الأَصْل ثمَّ البجائي الْمَالِكِي نزيل مَكَّة ووالد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالمصعصع مِمَّن أَخذ عَن مُحَمَّد بن أبي الْقسم المشدالي فِي آخَرين كَانَ ذَا إِلْمَام بالتفسير يستحضر من ابْن عَطِيَّة ويحضر دروس البرهاني بن ظهيرة وقطن الْمَدِينَة أَيْضا سِنِين ثمَّ انْقَطع بِمَكَّة نَحْو خمس عشرَة سنة حَتَّى مَاتَ بهَا فِي ضحى يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَهُوَ ابْن سِتّ وَسِتِّينَ وَأَبوهُ مِمَّن ولي الْقَضَاء بزواوة وَمَات تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَخمسين أَو الَّتِي قبلهَا عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق الْعلم بن أبي الْمَنْصُور الطنساوي ثمَّ القاهري الْمصْرِيّ تخرج فِي الْمُبَاشرَة بِأَبِيهِ وَعَمه أبي سعيد عبد الله وَكَانَا مباشرين فِي الْمُفْرد فتمهر بِحَيْثُ بَاشر فِيهِ أَيْضا بل كَانَ أحد كتاب المماليك مَعَ حسن الْخط والملتقى ولطف الْعشْرَة ومزيد الْكَرم والبذل وإكرام أهل الْعلم وَالْفضل ومخالطتهم بل كَانَ يقْرَأ فِي الْفِقْه وَغَيره على المحيوي)
الدماطي وَزَاد اخْتِصَاصه بِأَهْل الْأَدَب كالشهابين الْحِجَازِي والشاب التائب وَأَسْكَنَهُ عِنْده وأصيل الخضري وَغَيرهم وارتقى حَتَّى طارح الزين بن الجاموس الدِّمَشْقِي بِكِتَاب فِيهِ نظم ونثر فَكَانَ من نظمه:(1/149)
(خلفت مُنْذُ نأيت عني لوعة ... وجوي أكابد بؤسه وعناه)
(وَيزِيد فِيك تأوهي شوقا وَلَا ... عجب لذاك لأنني أَواه)
مَاتَ فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَقد زَاد على السِّتين عَفا الله عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عبد الرَّزَّاق الدواخلي نزيل جَامع الغمري مِمَّن سمع مني فِي سنة خمس وَتِسْعين
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الْبُرْهَان بن الْبَدْر النابلسي الْحَنْبَلِيّ الْآتِي أَبوهُ وَأَخُوهُ الْكَمَال مُحَمَّد وَسمع على بعض الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا بل كتب مَجْلِسا من الآمالي وَولي قَضَاء بَيت الْمُقَدّس وَغَيره.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعد القَاضِي برهَان الدّين بن الشَّمْس الديري الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ نزيل الْقَاهِرَة وأخو القَاضِي سعد الدّين سعد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن الديري. ولد فِي ثَانِي عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَقدم مَعَ أَبِيه وَهُوَ صَغِير الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ على الْعَادة وَالْمُغني للخبازي وَالْمُخْتَار والمنظومة وَالتَّلْخِيص والحاجبية وَقطعَة من مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَسمع بِقِرَاءَة الكلوتاتي على أَبِيه الصَّحِيح وعَلى الشّرف بن الكويك رَفِيقًا للزين السندبيسي الْعُمْدَة عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَحْمد بن عبد الدَّائِم أنابها جدي أَنا الْمُؤلف وَالْأَرْبَعِينَ النووية عَن الْمزي أَنا الْمُؤلف وتفقه بالسراج قَارِئ الْهِدَايَة قَرَأَ عَلَيْهِ الْهِدَايَة بكمالها وَكَذَا أَخذ عَن وَالِده وأخيه وَعنهُ أَخذ أصُول الدّين وَعَن الحناوي والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَأذن لَهُ وجود الْخط عِنْد ابْن الصَّائِغ وَغَيره ودرس بالفخرية فِي حَيَاة أَبِيه قبل استكماله خمس عشرَة سنة وَكَذَا نَاب عَنهُ حِين سَفَره فِي مشيخة المؤيدية وتصدر حِينَئِذٍ لعمل الميعاد بهَا بَين العشاءين وَكَانَ يقْضِي الْعجب من قُوَّة حافظته وَأول مَا ولي من الْوَظَائِف اسْتِقْلَالا تدريس مدرسة سودون من زَاده فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ عوضا عَن الْبَدْر الْقُدسِي ثمَّ نَاب عَن أَخِيه فِي الْقَضَاء ثمَّ بعناية السفطي اسْتَقر فِي نظر الاصطبل مرّة بعد أُخْرَى وَكَانَ أول ولاياته لَهَا فِي حُدُود سنة سبع وَأَرْبَعين وَفِي الخطابة)
بجامعه ثمَّ فِي نظر الجوالي ثمَّ الْجَيْش وَكَانَت ولَايَته بعد الشرفي الْأنْصَارِيّ فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ ثمَّ كِتَابَة السِّرّ فِي حُدُود سِتَّة وَسِتِّينَ وانفصل عَنْهَا بعد خَمْسَة عشر يَوْمًا وَعظم كربه بِمَا تحمله من الدُّيُون بِسَبَبِهَا(1/150)
ثمَّ رغب لَهُ ابْن أَخِيه التَّاج عبد الْوَهَّاب بعد موت وَالِده عَن مشيخة المؤيدية فباشره مُبَاشرَة حَسَنَة بعفة ونزاهة وأكد على النواب فِي عدم الارتشاء وَحسن تصرفه فِي الْأَوْقَاف وَنَحْوهَا وَحمد سيره وسلك طَرِيق الاحتشام والضخامة وَآل أمره إِلَى أَن عزل قبل استكمال سنة بعد أَن جرى فِي أَيَّامه مَا أَشرت لبعضه مَعَ تتمات تَرْجَمته فِي ذيل قُضَاة مصر وَلزِمَ منزله بالمؤيدية يدرس ويفتي مَعَ الانجماع والتقنع باليسير بِالنِّسْبَةِ لما أَلفه قبل وسلوك مسالك الاحتشام ومراعاة ناموس المناصب مَعَ مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من حسن الشكالة والفصاحة فِي الْعبارَة وَقُوَّة الحافظة وَحسن العقيدة وَعدم الْخَوْض فِيمَا الأولى تجنبه وَحج هُوَ وَأَخُوهُ فِي عَام وَاحِد وَقد اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَكتب على استدعاء لبَعض الْأَوْلَاد وَكَانَ كثير الْمحبَّة لي والتبجيل مَعَ قلَّة الِاجْتِمَاع وكتبت عَنهُ مَا ذكر أَنه نظمه ارتجالا وَهُوَ:
(كريم إِذا مَا الْقَوْم شحوا تراكمت ... عطاياه عَن بشر يفوح بنشره)
(يجود بِمَا يلقاه من كل نعْمَة ... وَيُعْطِي جزيلا ثمَّ يَأْتِي بِعُذْرِهِ)
وَكَذَا كتبت عَنهُ غير ذَلِك. تعلل مُدَّة وَمَات فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي مصلى المومني بِحَضْرَة السُّلْطَان وَدفن بالقرافة جوَار الشَّيْخ أبي الْخَيْر الأقطع والبوصيري صَاحب الْبردَة وأسف النَّاس عَلَيْهِ وأثنوا على مباشراته وَاسْتقر بعده فِي المؤيدية الشَّيْخ سيف الدّين وَفِي السودونية الشَّمْس الأمشاطي رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بنن مُحَمَّد بن عبد الله معِين الدّين أبي ذَر بن نور الدّين أبي عبد الله الْحُسَيْنِي الايجي أَخُو الْعَفِيف مُحَمَّد وَغَيره أجَاز لَهُ ابْن أميلة وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَابْن كثير والبرهان بن جمَاعَة والنشاوري والعراقي وَآخَرُونَ وَسمع على وَالِده. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ. ذكره الْعَفِيف الجرهي فِي مشيخته وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن سَابق برهَان الدّين بن بدر الدّين البرهمتوشي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل المنكوتمرية وإمامها وَأحد أَصْحَاب الغمري ووالد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بِابْن سَابق. ولد فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة وانتقل فِي طفوليته من بَلَده إِلَى دملوه ثمَّ إِلَى دماص وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ثمَّ صحب أَبَا عبد الله الغمري وانسلخ مِمَّا كَانَ فِيهِ)
تبعا لأسلافه من الشياخة وَنَحْوهَا وسنه نَحْو من خمس وَعشْرين سنة ثمَّ تحول من دماص إِلَى جوجر ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة(1/151)
فِي سنة خمس وَأَرْبَعين بِإِشَارَة شَيْخه وعادت بركته عَلَيْهِ بِحَيْثُ أقبل عَلَيْهِ الظَّاهِر جقمق وَقرر لَهُ مَعْلُوما فِي الجوالي وَصَارَ يقوم مَعَه فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَتردد إِلَى الزين البوتيجي حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج وَكَذَا أَخذ عَن غَيره يَسِيرا فِي الْفَرَائِض وَغَيرهَا بل قَرَأَ على شَيخنَا الْأَرْبَعين المتباينات والنخبة رِوَايَة وَقَرَأَ عَليّ أَيْضا فِيهَا وَفِي كثير من شرحها ولازمني فِي كثير من الْأَوْقَات وَسمع بِقِرَاءَتِي وبقراءة غَيْرِي على جمَاعَة من المسندين وتنزل فِي صوفية الصلاحية والبيبرسية وَغَيرهمَا من الْجِهَات وقطن المتكوتمرية زَمنا وَولي إمامتها وَكَانَ صَالحا خيرا سليم الْفطْرَة لونا وَاحِدًا. مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء لعشرين من شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بحوش الصلاحية رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُفْلِح بن مُحَمَّد بن مفرج بن عبد الله القَاضِي برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق بن الشَّيْخ أكمل الدّين أبي عبد الله بن الشّرف أبي مُحَمَّد ابْن الْعَلامَة صَاحب الْفُرُوع فِي الْمَذْهَب الشَّمْس الْمَقْدِسِي الراميني الأَصْل ورامين من أَعمال نابلس ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْآتِي أَبوهُ وَولده النَّجْم عمر وَيعرف كأسلافه بِابْن مُفْلِح. ولد فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْمقنع فِي الْمذَاهب ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ والشاطبية والرائية وألفية ابْن مَالك وَعرض على جمَاعَة وتلا بالسبع على بعض الْقُرَّاء وَأخذ عَن الْعَلَاء البُخَارِيّ فنونا فِي الْفِقْه عَن جده وَسمع عَلَيْهِ الحَدِيث وَكَذَا أَخذ عَن آخَرين حَتَّى عَن فَقِيه الشَّافِعِيَّة التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَأذن لَهُ وَسمع أَيْضا على ابْن نَاصِر الدّين وَابْن الْمُحب الْأَعْرَج وبرع فِي الْفِقْه وأصوله وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء وَكتب على الْمقنع شرحا فِي أَرْبَعَة أَجزَاء وَعمل فِي الْأُصُول كتابا بل بَلغنِي أَنه عمل للحنابلة طَبَقَات وَولي قَضَاء دمشق غير مرّة فحمدت سيرته بل وَطلب بعد القَاضِي عز الدّين لقَضَاء مصر فتعلل وَقد لَقيته بِدِمَشْق وَغَيرهَا وَكَانَ فَقِيها أصوليا طلقا فصيحا ذَا رياسة ووجاهة وشكالة فَردا بَين رفقائه ومحاسنه كَثِيرَة. مَاتَ فِي لَيْلَة الرَّابِع من شعْبَان سنة أَربع وَثَمَانِينَ بالصالحية وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي جمع حافل شهده النَّائِب وَخلق وَدفن عِنْد سلفه بالصالحية رَحمَه الله وإيانا وَاسْتقر بعده ابْنه الْمشَار إِلَيْهِ.)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله الْهَادِي الصَّنْعَانِيّ الْآتِي أَبوهُ وَابْنه عَليّ. كهل فَاضل من أدباء صنعاء الْمَوْجُودين بهَا بعد السّبْعين وَثَمَانمِائَة أَنْشدني وَلَده(1/152)
الْمشَار إِلَيْهِ عَنهُ من قَوْله فِي أَبْيَات:
(وَلَا صدعني ماجد ذُو حفيظة ... وَلَا هجرتني زَيْنَب وسعاد)
(وَلَكِن شعري مثل مَا قَالَ شَاعِر ... حَكِيم زُهَيْر دونه وَزِيَاد)
(إِذا نكرتني بَلْدَة أَو نكرتها ... خرجت مَعَ الْبَازِي على سَواد)
(أَبَت لي نفس حرَّة أَن أهينها ... وَقد شرفتها طيبَة ومعاد)
(فَلَيْسَتْ على خسف تقيم ببلدة ... وَلَا بزمام الاحتقار تقاد)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد المحسن بن خولان الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ رافقناه فِي سَماع الحَدِيث بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ ولي وكَالَة بَيت المَال بِدِمَشْق وَكَانَت لَدَيْهِ فَضَائِل وَحدث عَن أبي جَعْفَر الغرناطي الْمَعْرُوف بِابْن الشَّرْقِي بِكَثِير من شعره وَمن النَّوَادِر الَّتِي كَانَ يخبر بهَا أَن رجلا من أصدقائه مَاتَت امراته فطالبت غربته فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ لم أهم بِالتَّزْوِيجِ إِلَّا رَأَيْتهَا فأواقعها فَأصْبح وهمتي بَارِدَة عَن ذَلِك قَالَ فاتفق أَنه تزوج أُخْتهَا بعد ثَلَاث سِنِين فَلم يرهَا بعد ذَلِك فِي الْمَنَام. مَاتَ فِي الكائنة الْعُظْمَى فِيمَا أَظن وترجمه أَيْضا فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ فِيمَا استدركه على المقريزي فِي تَارِيخ مصر فَقَالَ كثيرا وَولي وكَالَة بَيت المَال بِدِمَشْق وَكَانَ يلازم يلبغا السالمي فاعتنى بِهِ وَكَانَ لطيف المحاضرة. مَاتَ بِدِمَشْق فِي الْفِتْنَة الْعُظْمَى سنة ثَلَاث وَكَانَ قد سمع من أبي جَعْفَر الغرناطي نزيل حلب وَحدث عَنهُ بِشَيْء من شعره بِالْقَاهِرَةِ انْتهى. وَقد ذكره المقريزي فِي عقوده وَمَشى على الْجَزْم فِي وَفَاته.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن إِسْحَاق الشَّيْخ برهَان الدّين الدجوي ثمَّ الْمصْرِيّ النَّحْوِيّ أَخذ عَن الشهَاب بن المرحل وَالْجمال بن هِشَام وَغَيرهمَا فِي الْعَرَبيَّة وبرع فِيهَا وتصدى لإقرائها دهرا وانتفع بِهِ النَّاس فِيهَا وَلَكِن أَكثر مَا كَانَ يعتني بِحل ألفية ابْن مَالك وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ التقي المقريزي فَإِنَّهُ قَالَ قَرَأت عَلَيْهِ النَّحْو وحفظت عَنهُ إنشادات وحكايات وَكَانَت فِيهِ دعابة زَاد شَيخنَا فِي أنبائه أَنه تكسب بالشهادات وبالعقود. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشري ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ قَالَ شَيخنَا وَأَظنهُ بلغ الثَّمَانِينَ وترجمه المقريزي فِي عقوده.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سُلَيْمَان بن رَسُول سعد الدّين بن المحبي بن الْأَشْقَر الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ. نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ وَتردد إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم
الْحلَبِي للْقِرَاءَة فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَسمع ختم البُخَارِيّ(1/153)
فِي الظَّاهِرِيَّة وَكَانَ حسن الشكالة وَالْعقل محببا إِلَى النَّاس. مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء لعشرين من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن بتربة أَبِيه تجاه التربة الناصرية فرج من الصَّحرَاء وتجرع أَبوهُ فَقده فَلم يلبث أَن مَاتَ عوضهما الله الْجنَّة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر بن شبْل بن مُحَمَّد بن خُزَيْمَة بن عنان بن مُحَمَّد بن مُدْلِج وَوجد فِي مَكَان آخر بعد عَليّ ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عنان بن شبْل بن أبي بكر بن مُحَمَّد فَالله أعلم. الْبُرْهَان بن الشَّمْس الْعَدوي النحريري الشَّافِعِي الرِّفَاعِي وَيعرف بِابْن البديوي. ولد بعد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالنحرارية وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ والعمدة والتبريزي وألفية ابْن مَالك وَقَالَ أَنه يعرض على السراجين البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن وَبحث فِي التبريزي والألفية على النُّور عَليّ بن مَسْعُود النحريري وَولده الشَّمْس وَأخْبر أَنه سمع الشفا بأفوات قبل الْقرن بِيَسِير على قَاضِي النحرارية الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن الْبَزَّاز الْأنْصَارِيّ الشَّافِعِي بِسَمَاعِهِ لَهُ على ابْن جَابر الوادياشي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة. وَحج فِي سنة خمس وَعشْرين وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة والاسكندرية مرَارًا وَكَذَا ارتحل إِلَى دمياط لزيارة الصَّالِحين وعني بنظم الشّعْر وسلك طَرِيق ابْن نباتة ففاق وَالِده فِي ذَلِك وَكَذَا حل المترجم كأبيه إِلَّا أَن وَالِده كَانَ قد فاق أهل عصره فِيهِ سِيمَا وَهَذَا لم يجد من مُدَّة متطاولة من يذاكره فِيهِ وَلَا من يكْتب لَهُ فِيهِ شَيْئا وَقد لقِيه ابْن فَهد والبقاعي وكتبا عَنهُ من نظمه وَقَالَ ثَانِيهمَا أَنه رَآهُ مُشْتَمِلًا على اللطافة الزَّائِدَة والذهن السيال وَإِدْرَاك النُّكْتَة الأدبية بِسُرْعَة وحلاوة النادرة وَمِمَّا كتباه عَنهُ مَا أنْشدهُ بالحجرة النَّبَوِيَّة:
(نَادَى مُنَادِي الصَّفَا أهل الوفا زوروا ... بِشِرَاك قلبِي مَا هَذَا الندا زور)
(قُم شقة الْبَين والهجران قد طويت ... وأسود الصد بعد الطول مَقْصُور)
(يممت نَحْو الْحمى يَا صَاح مُجْتَهدا ... وللذيول بِصدق الْعَزْم تشمير)
وَهِي طَوِيلَة وأخبرهما قَالَ أَخْبرنِي الشَّيْخ شمس الدّين البيطار قَالَ تَوَجَّهت صِحَة الشَّيْخ يُوسُف العجمي إِلَى زِيَارَة الشَّيْخ يحيى الصنافيري وَكَانَ مجذوبا لَا تنضبط أَحْوَاله فتلقانا خَارج بَاب الاسكندرية ثمَّ قَالَ يَا يُوسُف:
(ألم تعلم بِأَنِّي صيرفي ... أحك الأصدقاء على محك)
)
(فَمنهمْ بهرج لَا خير فِيهِ ... وَمِنْهُم من أجوزه بشك)(1/154)
(وَأَنت الْخَالِص الذَّهَب الْمُصَفّى ... بتزكيتي ومثلي من يزكّى)
مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بالنحرارية.
إِبْرَاهِيم بك بن مُحَمَّد بك بن عَلَاء الدّين عَليّ بك قرمان صارم الدّين صَاحب بِلَاد الرّوم قونية ولارندة وقيسارية وَغَيرهَا وَيعرف كسلفه بِابْن قرمان بِفَتْح الْقَاف والمهملة وَالْمِيم من بَيت مملكة نسبه مُتَّصِل بعلاء الدّين السلجوقي. أَقَامَ فِي الْملك أَكثر من خمس وَأَرْبَعين عَاما وَكَانَ ذَا عَسَاكِر هائلة ومملكة ضخمة وسيرة فِي الرّعية جَيِّدَة مقتديا بآبائه فِي الْعَدَاوَة مَعَ ابْن عُثْمَان مَعَ أَنه كَانَ متزوجا بأخت مُرَاد بك عَمه مُحَمَّد بن عُثْمَان وَله مِنْهَا عدَّة أَوْلَاد ذُكُور سِتَّة أَو خَمْسَة. مَاتَ إِمَّا فِي أَوَاخِر ذِي الْقعدَة أَو أَوَائِل الَّذِي يَلِيهِ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَقد قَارب السِّتين وَاسْتقر بعده وَلَده إِسْحَاق بِعَهْد من أَبِيه لكَونه من غير ابْنه ابْن عُثْمَان حَتَّى كَانَ ذَلِك سَببا للخلف بَين أَوْلَاده وانتماء أخوته إِلَى ابْن خالهم مُحَمَّد بن عُثْمَان وَاحْتَاجَ إِسْحَاق إِلَى مُكَاتبَة سُلْطَان مصر ليَكُون عونا لَهُ عَلَيْهِم فَأَجَابَهُ وجهز لَهُ خلعة سنية وَقَامَ مَعَ إِسْحَاق أَيْضا حسن بك بن عَليّ بك من قرا بلوك فَقَوِيت شوكته وَمَعَ هَذَا كُله أخرجه عَسْكَر بن عُثْمَان وتملك أخوته.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ الْبُرْهَان أَبُو سَالم التادلي قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَولي قَضَاء الشَّام وتكرر عَزله إِمَّا بالقفصي أَو غَيره ثمَّ عوده إِلَى هَذِه الْمدَّة عشر مرار وَكَانَت مُدَّة مباشراته ثَلَاث عشرَة سنة وَنصفا وَكَانَت بعض ولاياته فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة عوضا عَن الزين المازوني وَقد ولي أَيْضا قَضَاء حلب سنة إِحْدَى وَسبعين اسْتِقْلَالا يَعْنِي عوضا عَن أَمِين الدّين أبي عبد الله الإبلي وَكَانَ نَاب فِي الحكم بهَا يَعْنِي للصدر الدَّمِيرِيّ وَكَانَ قوي النَّفس مصمما فِي الْأُمُور جريئا مهابا ملازما تِلَاوَة الْقُرْآن فِي الأسباع وَهُوَ الَّذِي آذَى الْحَافِظ جمال الدّين الشرائحي بالْقَوْل لكَونه قرئَ عَلَيْهِ كتاب الرَّد على الْجَهْمِية لعُثْمَان الدَّارمِيّ بل وَأمر بِهِ إِلَى السجْن وَقطع نسخته بِالْكتاب الْمشَار إِلَيْهِ وَاشْتَدَّ أَذَاهُ للقارئ وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن رَاشد الملكاوي كَمَا ذكرته فِي تَرْجَمته. مَاتَ وَهُوَ قَاض بعد أَن حضر الْوَقْعَة مَعَ اللنكية وجرح عدَّة جراحات فَحمل فَمَاتَ قبل سفر السُّلْطَان من دمشق(1/155)
فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَقد جَازَ السّبْعين. وَقد أثنى عَلَيْهِ)
ابْن خطيب الناصرية فَقَالَ كَانَ حَاكما ناصرا للشَّرْع مهيبا قَالَ وَكتب إِلَيْهِ الْبَدْر أَبُو مُحَمَّد بن حبيب عِنْد توجهه من حلب:
(سر إِلَى جنَّة الشآم دمشق ... حَاكما عادلا رفيع الْمقَام)
(رامت الْقرب مِنْك فَادْخُلْ إِلَيْهَا ... يَا أَبَا سَالم بأزكى سَلام)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن عمر أَبُو التَّوْفِيق بن الشَّمْس الْمصْرِيّ القاهري الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كأبيه بِابْن الْمفضل. طِفْل حضر مَعَ وَالِده عِنْدِي وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَمَات.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن زِيَاد الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَاق العجلوني الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن خطيب بَيت عذراء. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة بعجلون وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي سنة سِتّ وَخمسين بقرية من تلال عجلون يُقَال لَهَا الاستب بِقرب باعون وعذراء قَرْيَة بالمرج من دمشق وَقدم وَهُوَ صَغِير مَعَ وَالِده خطيب عذراء إِلَى دمشق فحفظ الْمِنْهَاج واشتغل على جمَاعَة مِنْهُم ابْن خطيب يبرود والْعَلَاء حجي ولازمه كثيرا ودأب فِي الْفِقْه خُصُوصا الرَّوْضَة بِحَيْثُ كَانَ يستحضر مِنْهَا كثيرا. ورحل إِلَّا الاذرعي بحلب ورافق ابْن عشائر وَغَيره وَكَانَ حِينَئِذٍ يستحضر الرَّوْضَة حَتَّى كَانَ يرد على الْأَذْرَعِيّ فِي بعض مَا يُفْتِي بِهِ وَيدل على المسئلة من الرَّوْضَة فِي غير مظنتها وَكَذَا صحب ابْن رشد الْمَالِكِي وَغَيره وأنهاه ابْن خطيب يبرود بالشامية البرانية بِغَيْر كِتَابَة شهد لَهُ بِاسْتِحْقَاق ذَلِك الشَّمْس بن شيخ الزبداني وتصدى للْقَاضِي شهَاب الدّين بن أبي الرضى حَتَّى أَخذ عَلَيْهِ فِي ثَلَاثِينَ فتيا أَخطَأ فِيهَا بل نسبه فِي بَعْضهَا لمُخَالفَة الْإِجْمَاع مَعَ شدَّة ذكاء ابْن أبي الرضى إِذْ ذَاك وَكَانَ البُلْقِينِيّ يفرط فِي تقريظ الْبُرْهَان وَالثنَاء عَلَيْهِ بِحَيْثُ أَن ابْن منكل بغا الشمسي لما قَرَّرَهُ مدرسا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بِجَامِع أَبِيه بحلب وَكَانَ البُلْقِينِيّ إِذْ ذَاك صُحْبَة الْملك الظَّاهِر برقوق بحلب وَسَأَلَهُ أَن يحضر مَعَه أجلاسه وَحضر قَالَ لَهُ أتدرس أَنْت أَو أنوب مَعَك فَقَالَ بل أَنْت يَا مَوْلَانَا ثمَّ إِنَّه وَقع بَينه وَبَين بعض الْكِبَار مَا حصل بِسَبَبِهِ عَلَيْهِ تعصب فَاقْتضى ذَلِك الرَّغْبَة عَن وظائفه والانتقال من حلب إِلَى دمشق فولي قَضَاء صفد فِي حَيَاة الظَّاهِر بعناية الشَّيْخ مُحَمَّد المغربي فَأَقَامَ فِيهِ مُدَّة ثمَّ عزل ثمَّ أُعِيد بعد الْفِتْنَة التمرية ثمَّ انْفَصل وَقدم دمشق فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة فَأَقَامَ بهَا بطالا ثمَّ نَاب(1/156)
فِي الْقَضَاء بهَا مُدَّة ثمَّ ترك وأقلع عَنهُ بَعْدَمَا كَانَ عِنْده الْميل الْكثير فِيهِ وحصلت لَهُ فاقة ثمَّ حصل لَهُ تصدير بالجامع وَرغب لَهُ النَّجْم بن حجي عَن نصف تدريس الركنية فدرس بهَا درسين أَو ثَلَاثَة. وَكَانَ حسن الشكالة سهل الانقياد سليم الْبَاطِن فَقِيها)
مفتيا يحفظ كثيرا من شعر المتنبي ويتعصب لَهُ وَأَشْيَاء من كَلَام السُّهيْلي وَله شرح على الْمِنْهَاج غالبه مَأْخُوذ من الرَّافِعِيّ وَفِيه غرائب وَلم يكن لَهُ يَد فِي شَيْء من الْعُلُوم غير الْفِقْه والاعتناء بِكَلَام الْمُتَأَخِّرين وَهُوَ فِي الشاميين نَظِير البيجوري فِي المصريين. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر الْمحرم سنة خمس وَعشْرين بعد أَن حصل لَهُ فالج أَقَامَ بِهِ يَوْمَيْنِ وَهُوَ سَاكِت وَصلى عَلَيْهِ بِالْمَدْرَسَةِ الربحارية وَتقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ الشَّمْس مُحَمَّد بن قديدار ثمَّ صلى عَلَيْهِ ثَانِيًا بِمحل وَفِيه مَقْبرَة الشَّيْخ رسْلَان إِلَى جادة الطَّرِيق خَارج دمشق وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله وإيانا. ذكره شَيخنَا وَابْن خطيب الناصرية وبيض لاسم لِأَبِيهِ فَمن فَوْقه وَذكر بَعضهم فِي سَبَب مَوته أَنه خرج لَيْلَة الِاثْنَيْنِ خَامِس عشري الْمحرم ليُصَلِّي الْعشَاء بمدرسة بلبان على بَاب بَيته فانفرك بِهِ القبقاب وَوَقع فَحمل وَلم يتَكَلَّم فَيُقَال أَنه حصل لَهُ فالج وَمَات بعد يَوْمَيْنِ رَحمَه الله تَعَالَى.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن فتوح الغرناطي مَاتَ سنة سِتّ وَخمسين. أرخه ابْن عزم.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن ابي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد برحوس الْمَكِّيّ مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَنَشَأ فِي حَيَاة أَبِيه. مَاتَ فِي صفر سنة ثَمَانِينَ عوضه الله الْجنَّة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن لاجين الرئيس صارم الدّين بن الْوَزير نَاصِر الدّين بن الحسام الصقري كَانَ عِنْده فضل وفضيلة يكْتب الْخط الْحسن ويشارك فِي الْفَضِيلَة ويميل إِلَى الْأَدَب مَعَ حسن عشرَة ومحاضرة وَكَونه من بَيت رياسة يتزيا بزِي الْجند. وَقد ولي حسبَة الْقَاهِرَة فِي أَوَاخِر أَيَّام الْمُؤَيد شيخ ثمَّ انحطت رتبته قَلِيلا ثمَّ تراجع حَاله إِلَى أَن مَاتَ لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثامن عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بالطاعون عَن نَيف وَخمسين سنة. وَذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار فَقَالَ نَشأ طَالبا للْعلم فتأدب وَتعلم الْحساب وَالْكِتَابَة وَالْأَدب والخط البارع ذكر ولَايَته الْحِسْبَة وَلم يذكر اسْم جده.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مبارز بن مُحَمَّد بن أبي الْحَرْث عفيف الدّين أَو تَقِيّ الدّين بن شمس الدّين بن كَافِي الدّين الخنجي الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي الْمُحدث أَخذ عَن(1/157)
أبي الْفتُوح الطاوسي والزكي أبي بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن قَاسم السخاوي وزين الشَّرِيعَة عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن كلاه الخنجي وَالشَّمْس الْكرْمَانِي وغياث الدّين العاقولي وَأبي الْفضل النويري وجنيد بن عَليّ الشِّيرَازِيّ وَلَقي بِبَغْدَاد الْجمال العاقولي وَعبد الرَّحْمَن الاسفرايني رَفِيقًا للزين الخافي)
وبشيراز أَيْضا الْمولى عفيف الدّين مُحَمَّد بن سعيد الدّين مَسْعُود البلباني الكازروني وَكَذَا كَانَ يرْوى عَن نور الدّين الايجي وَالْمجد اللّغَوِيّ والزين الْعِرَاقِيّ وَكَانَ لقِيه بعد السّبْعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَسمع عَلَيْهِ فِي مُسلم وَغَيره أجَاز فِي استدعاآت ابْن فَهد لأولاده وَأخذ عَنهُ من أَصْحَابنَا أَيْضا الْجمال حُسَيْن الفتحي ولازمه بِحَيْثُ أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَذْكَار والتبيان كِلَاهُمَا للنووي فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَأخذ عَنهُ قبلهمَا الطاوسي وَكَانَ ابْن شَيْخه وَقَالَ كَانَ عَالما ثَابتا زاهدا حج وجاور فقطن شيراز حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَقيل خمس وَثَلَاثِينَ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن القَاضِي كَمَال الدّين أبي البركات مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْقُسْطَلَانِيّ الْمَكِّيّ الْمَالِكِي الشهير كأسلافه بِابْن الزين. ولد فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَسمع بهَا من خَال وَالِده الْجمال المرشدي وَأبي الْمَعَالِي الصَّالِحِي وَأبي شعر الْحَنْبَلِيّ وَأبي الْفَتْح المراغي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ آخَرُونَ. مَاتَ فِي ضحى يَوْم الْأَحَد خَامِس عشري شَوَّال سنة سِتِّينَ بِمَكَّة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الْمُحدث الْبُرْهَان الدِّمَشْقِي وَيعرف بالقرشي نِسْبَة إِلَى غير قُرَيْش الشَّافِعِي فِيمَا أَظن. ولد فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع الْكثير على أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الْمرَادِي وَابْن قيم الضيائية والبدر بن الجوخي والعرضي وست الْعَرَب والنجم بن الدجاجية وَمُحَمّد بن أزبك بِدِمَشْق وَمِمَّا سَمعه على الْأَخير الْقِرَاءَة خلف الإِمَام للْبُخَارِيّ وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة بعد السِّتين فَسمع بهَا على الخلاطي والقلانسي وَآخَرين وَأَجَازَ لَهُ التّونسِيّ والقطرواني وَابْن الرصدي والمظفر بن الْعَطَّار وَالْجمال بن نباتة وَابْن القارى والعز بن جمَاعَة والموفق الْحَنْبَلِيّ والماكسيني وَابْن النقبي وَابْن السوقي وَابْن الهبل وَابْن أميلة وَابْن النَّجْم وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَطَائِفَة وَلبس خرقَة التصوف من عبد الْكَرِيم بن عبد الْكَرِيم البعلي عَن الْعِزّ الفاروثي وَحدث وَسمع(1/158)
مِنْهُ الْفُضَلَاء.
وَمِمَّنْ روى لنا عَنهُ الْمُوفق الأبي ولقيه الْحَافِظ بن مُوسَى المراكشي وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الأوحد الْمُحدث الْعدْل وَذكر من مسموعه وشيوخه بِملَّة قَالَ وَهُوَ أقدم الْفُقَهَاء الْمَوْجُودين الْآن بِدِمَشْق سنا ونباهة. وَذكره شَيخنَا فِي الْقسم الأول من مُعْجَمه وَقَالَ أَنه أجَاز لِأَبِيهِ مُحَمَّد. مَاتَ)
فِي حادي عشر رَجَب سنة سِتّ وَعشْرين. وَهُوَ عِنْد المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حاقر. مضى فِي إِبْرَاهِيم بن حاقر.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن حَارِث بن حنينة تَصْغِير حنة ابْن نَصِيبين برهَان الدّين بن الشَّمْس بن الشّرف البعلي الشَّافِعِي وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن المرحل بِالْحَاء الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة ولد فِي شَوَّال سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة ببعلبك وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على وَالِده وتلاه جمعا للسبع على كل من الشهابين النجار وَالْفراء وَكَانَ آيَة بديعة فِي الْحِفْظ فحفظ كتبا جمة كالعمدة فِي الْأَحْكَام للبدر بن جمَاعَة والشاطبيتين والتنبيه وتصحيحه للأسنوي حفظه فِي قريب عشْرين يَوْمًا وألفية ابْن مَالك وَمِنْهَا الْأُصُول ونظم فصيح ثَعْلَب لعبد الحميد بن أبي الْحَدِيد والسخاوية فِي الْفَرَائِض ومثلث قطرب وَعرض على السراج البُلْقِينِيّ وَكتب لَهُ كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَجمع السَّبع إِلَى السَّبع والمرجو لَهُ الْفَلاح فَإِن السَّبع عَلامَة النجاح وَبهَا التَّمْكِين فِي الْمَخْلُوقَات وَالدّين جعلنَا الله وإياه من الْعلمَاء العاملين وأعانه على فهم ذَلِك وَيسر لَهُ فِيهَا المسالك وَالْقَاضِي شرف الدّين مُوسَى بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ والزين المراغي وَابْن الْجَزرِي وَأَجَازَ الْأَرْبَعَة لَهُ وَمِمَّنْ لم يجز الْبُرْهَان بن جمَاعَة القَاضِي والشهاب أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَهَّاب بن الْجبَاب والزين عمر بن مُسلم الْقرشِي والشرف عِيسَى بن عُثْمَان الْغَزِّي والتقي مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عَليّ بن سبع القَاضِي وَالشَّمْس الأخنائي القَاضِي والكمال مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الشرسي وَكَانَ أَولا حفظ من مُحَرر الْحَنَابِلَة تسع أوراق ليَكُون كأبيه حنبليا فَقدر انتقالهما مَعًا إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وتفقه حِينَئِذٍ بالبهاء بن الْمجد وَالْجمال عبد الله بن زيد أحد من ولي قَضَاء الشَّام والكمال بن السمسطاري والشرف مُوسَى بن السقيف وَآخَرين وبالشام وَغَيرهَا على جمَاعَة وَأخذ الحَدِيث والعربية وَالْعرُوض وَغَيرهَا عَن أَبِيه وَالْأُصُول عَن الْبَهَاء بن الْمجد والفرائض عَن التَّاج بن بردس وَسمع الصَّحِيح بِتَمَامِهِ على أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد اليونيني وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم(1/159)
الْحُسَيْنِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجردي وَبَعضه عَليّ الزين عبد الرَّحْمَن بن الزعبوب كلهم عَن الحجار سَمَاعا زَاد الثَّانِي وَعَن القَاضِي سُلَيْمَان وَأبي بكر بن أَحْمد بن عبد الدَّائِم وَأبي الْمَعَالِي الْمطعم وست الوزراء التنوخية والبهاء أبي مُحَمَّد الْقسم بن عَسَاكِر وَأبي زَكَرِيَّا يحيى بن مُحَمَّد بن سعد وَمُحَمّد بن أَحْمد بن أبي الهيجاء إِذْنا كلهم عَن ابْن)
الزبيدِيّ سَمَاعا زَاد الحجار وَعَن أبي المنجا والقطيعي والقلانسي قَالُوا أَنا أَبُو الْوَقْت وَحدث سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة قَرَأت عَلَيْهِ ببعلبك أَشْيَاء وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة فِي الْقرَاءَات وَالْفِقْه وأصوله والعربية واللغة وَالْأَدب حَافِظًا لكثير من أَلْفَاظ الحَدِيث مَعَ مَعَانِيهَا ذَا وجاهة وجلالة بِبَلَدِهِ بل وَتلك النواحي لَا أعلم بِأخرَة من الشَّافِعِيَّة هُنَاكَ مثله كل ذَلِك مَعَ التَّوَاضُع وَالْكَرم وَحسن السمت والتودد وَقد حج غير مرّة وَدخل حلب فِي سنة ثَمَانمِائَة وَوعظ فِيهَا بِحَضْرَة الأكابر فَأَثْنوا عَلَيْهِ وعَلى فضائله ودرس وَأفْتى وَوعظ. وَله نظم مَبْسُوط كتبت عَنهُ مِمَّا أوردهُ عِنْد قَوْله تَعَالَى وجعلناكم شعوبا وقبائل:
(إِن الْقَبِيل من الشعوب تقسمت ... فقبيلة مِنْهَا الْعِمَارَة قسمت)
(والبطن تَقْسِيم الْعِمَارَة والفخذ ... تَقْسِيم بطن بالتفات قد أَخذ)
(فصيلة تقسمت من فَخذ ... سِتّ أتتك بِالْبَيَانِ فَخذ)
وَشَرحهَا كَمَا أثْبته عَنهُ فِي المعجم وَكَذَا كتبت عَنهُ غير ذَلِك وَلَيْسَ نظمه كمقامه. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ ببعلبك وَدفن من الْغَد وَصلى عَلَيْهِ بِدِمَشْق صَلَاة الْغَائِب فِي الْيَوْم الثَّالِث وفقده البعليون رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مَحْمُود سعد الدّين بن محب الدّين بن القَاضِي شمس الدّين القاهري الْحَنَفِيّ سبط السراج قَارِئ الْهِدَايَة وَيعرف بِابْن الكماخي أحد نواب الْحَنَفِيَّة كأبيه وجده الآتيين. ولد فِي تَاسِع عشر شعْبَان سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَعرض واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا وشارك فِي الْفَضَائِل وَمن شُيُوخه الْأمين الأقصرائي والشمني وَسمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة مَحل سكنهم وَفِي غَيره مِمَّا قرئَ بِتِلْكَ الْأَيَّام. وَكَانَ عَاقِلا متوددا محتشما لطيف الْعشْرَة اسْتَقر بعد أَبِيه فِي تدريس الْفِقْه بالظاهرية الْمَذْكُورَة وبمدرسة قلمطاي بِالْقربِ من الرملة وباشر فِي عدَّة جِهَات كمدرسة يشبك الشَّعْبَانِي بالصحراء وَشَهَادَة وقف(1/160)
الْحَرَمَيْنِ الْجَارِي تَحت نظر الْحَنَفِيَّة إِلَى غَيرهَا من الْجِهَات والوظائف. وَحج غير مرّة وجاور وَهُوَ مِمَّن اعْتَمدهُ الأمشاطي أَيَّام قَضَائِهِ فِي الْأَوْقَاف والبرقوقية وَغير ذَلِك. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول أَو لَيْلَة التَّاسِع مِنْهُ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بعد أَن نَاب عَن القَاضِي الْجَدِيد وَقد جَازَ الْخمسين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَاسْتقر بعده فِي الظَّاهِرِيَّة مظفر الدّين الأمشاطي أحد خواصه وَفِي القلمطانية التَّاج حفيد إِمَام)
الشيخونية. وَمِمَّا كتبه عَنهُ الشهَاب الْحِجَازِي من نظمه:
(من رَحْمَة الله فَلَا تيأسن ... إِن كنت فِي الْعَالم ذَا مرحمه)
(فَمن يكن فِي النَّاس ذَا رَحْمَة ... حق على الرَّحْمَن أَن يرحمه)
وَهُوَ مِمَّن قرض مَجْمُوع البدري فطول وَكَانَ من نظمه فِيهِ:
(أيا من غاص فِي بَحر الْمعَانِي ... لما يَأْتِيهِ من وصف صَحِيح)
(فَمَا يَأْتِيك من معنى بديع ... فمكتسب من الْوَجْه الْمليح)
مِمَّا سَيَأْتِي وَبَينه وَبَين الزين بن الجاموس وَغَيره مطارحات رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف بن عَطِيَّة ورأيته بِخَطِّهِ مقدما على يُوسُف بن جميل ككبير القَاضِي برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق المغربي الأَصْل القهوقي بِضَم الْقَاف ثمَّ هَاء وَبعد الْوَاو قَاف اللَّقَّانِيّ ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي. ولد فِي أَوَائِل سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة بالقهوقية من أَعمال لقانة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد جمَاعَة مِنْهُم الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن سعيد بن النجار وَالِد الْخَطِيب الوزيري وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا وَكَذَا أَخُوهُ وَيدل لذَلِك أَنه اتّفق أَن صَاحب التَّرْجَمَة رأى وَهُوَ عَائِد فِي سُورَة الْحَج أَنه ارْتقى إِلَى أَعلَى دَرَجَة بمنبر جَامع الْأَزْهَر ليخطب بِالنَّاسِ وَأَنه خطب بهم بِخطْبَة الرسَالَة وَذَلِكَ قبل حفظه لَهَا فقصه على الْمشَار إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ تبلغ مبلغا فِي الْعُلُوّ والتدريس وَإِذا وَقع لَك ذَلِك فحلني فَقَالَ لَهُ نعم فَمَا مَاتَ حَتَّى رَآهُ يدرس وَذكره بالمنام فتذكره وَالْتمس مِنْهُ الْوَفَاء بِمَا وعده بِهِ فَفعل وَلما انْتهى حفظه لِلْقُرْآنِ بِالْبَلَدِ الْمَذْكُور حفظ بِهِ الْمَنْظُومَة الغافقية فِي الْمَذْهَب ثمَّ بعض الرسَالَة ثمَّ تحول مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة فجاور بِجَامِع الْأَزْهَر تَحت كنف الشَّمْس بن مُوسَى اللَّقَّانِيّ وأكمل حفظ الرسَالَة ثمَّ حفظ مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وألفية ابْن مَالك وَأخذ الْفِقْه عَن جمَاعَة كالزين طَاهِر ولازمه حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ والزين عبَادَة وَأحمد البجائي المغربي وَأبي الْقسم النويري واليسير عَن الشهَاب الأبدي وَعنهُ وَعَن الشهَاب البجائي وَأبي(1/161)
عبد الله الرَّاعِي المغاربة أَخذ الْعَرَبيَّة وَمِمَّا أَخذه عَن الْأَخير خَاصَّة شَرحه على الجرومية وَأخذ عَن التقي الحصني فِي القطب شرح الشمسية وَعَن الشمني فِي المطول وَحضر دروسه فِي الْعَضُد وَغَيره وَكَذَا حضر بَعْضًا من دروس الشرواني فِي الْأَصْلَيْنِ وَغَيرهمَا فِي آخَرين كالقاياتي وَحكى لي أَنه قَالَ لَهُ يَا فَقِيه قد استشكلت فِي مذهبكم شَيْئا لم أر التَّخَلُّص مِنْهُ وأبداه قَالَ فاختلج فِي فكري الْجَواب عَنهُ غير)
أَنِّي حاولت التَّعْبِير عَنهُ فَمَا أمكن فتوجهت للزيني عبَادَة وَكَانَ إِذْ ذَاك فِي انْقِطَاعه عِنْد الشَّيْخ مَدين فعرضته عَلَيْهِ فبادر للجواب عَنهُ بِمَا اختلج لي فاستعدته مِنْهُ مرّة بعد أُخْرَى وَهُوَ ينوع الْعبارَة إِلَى أَن تمكنت مِنْهُ ثمَّ عدت إِلَى القاياتي فأعلمته بذلك فسر ولازم الزين عبَادَة فِي انْقِطَاعه وَسمع عَليّ الزين الزَّرْكَشِيّ والمحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ وَشَيخنَا وَالْقَاضِي سعد الدّين بن الديري وَآخَرين وَحج وسافر لدمياط فِي بعض الضرورات وبرع فِي الْفِقْه وتصدى للتدريس فِيهِ خُصُوصا بعد إِذن الولوي السنباطي لَهُ فِي ذَلِك وَفِي الْإِفْتَاء بل واستنابه هُوَ وَمن بعده للْقَضَاء وَكَذَا نَاب فِي تدريس الْفِقْه بِكُل من المؤيدية وَأم السُّلْطَان والقمحية عَن ولد صَاحبه الْبَدْر بن المخلطة بل اسْتَقر فِي وَظِيفَة الميعاد بالسابقية بعد موت الْجلَال بن الملقن وَصَارَ بِأخرَة عَلَيْهِ الْمدَار فِي مذْهبه إِفْتَاء وَقَضَاء وَكثر قَصده بكليهما وَحمد النَّاس مِنْهُ مزِيد تواضعه ورفقه ومداراته وَعدم يبسه مَعَ اتصافه باستحضار فروع مذْهبه ومشاركته فِي الْعَرَبيَّة بِحَيْثُ يقرئ فِيهَا وَكَذَا فِي غَيرهَا لَكِن يَسِيرا ومزيد فتوته ومروءته وَكَرمه وَلم يزل على طَرِيقَته إِلَى أَن كَانَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس صفر سنة سبع وَسبعين فاستقر بِهِ الْأَشْرَف قايتباي فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بعد صرف السراج بن حريز وَلبس لذَلِك بعد يَوْمَيْنِ وتلقاه بَقِيَّة الْقُضَاة وَجمع من نوابهم وَنَحْوهم فَرَكبُوا مَعَه إِلَى الصالحية ثمَّ إِلَى منزله وباشر على عَادَته.
وَله قومات سديدة وعزمات شَدِيدَة مِنْهَا فِي كائنة البقاعي حَيْثُ نسب إِلَيْهِ ذَاك القَوْل الشنيع والهول الفظيع فِي كَلَام الله عز وَجل ورام التَّخَلُّص من طلب القَاضِي لَهُ بِأَمْر لم ير الِاكْتِفَاء بِهِ فِي الدّفع عَنهُ فاعتنى بِهِ الزين بن مزهر الشَّافِعِي وتجشم الحكم بِصِحَّة إِسْلَامه لتوقف غير وَاحِد من النواب عَن ذَلِك وسجل عَلَيْهِ بالحكم فَسكت القَاضِي وَغَيره حِينَئِذٍ على مضض وَكَذَا كَانَت لَهُ الْيَد الْبَيْضَاء فِي المجلسين المعقودين بِسَبَب هدم الْكَنِيسَة وَعلم مِنْهُ كل أحد الْإِنْكَار دون(1/162)
رفقته وَقَالَ إِن فرغ الشَّافِعِيَّة من هَذِه الكائنة وَرفعت إِلَيّ عملت فِيهَا بِالَّذِي أعرفهُ إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مشروح فِي الْحَوَادِث كإشهاره لتاج الدّين بن شرف وإعراضه عَن شَهَادَة ابْن قَرِيبه وإهانته لأبي حَامِد الْقُدسِي وَإِن كَانَ أفحش وَلَو كَانَ قِيَامه مَعَ دربة ورتبة وتذكر وتفكر لَكَانَ أدعى لقبوله وأرعى لجانبه عِنْد ذُهُوله وَلذَا تكَرر جفَاء السُّلْطَان لَهُ وتقرر عِنْده سيرة بعض أَتْبَاعه الْمُهْملَة إِلَى ان كَانَ فِي أول رَجَب من سنة سِتّ وَثَمَانِينَ حِين التهنئة وراجع فِيمَا ظهر للخاص وَالْعَام الْميل إِلَيْهِ من ثُبُوت مَا قَالَه الشهابي بن الْعَيْنِيّ مُرَاجعَة لم)
يرتضها كَمَا بسطت فِي محلهَا صرح بعزله وَقرر بعد ذَلِك عوضه المحيوي بن تَقِيّ وساء عَزله غَالب النَّاس وَلزِمَ القَاضِي منزله غير منفك عَن شُهُود غَالب الْجَمَاعَات سِيمَا الصُّبْح وَالْعشَاء فِي الْأَزْهَر مَعَ توعك بدنه وَعَيْنَيْهِ وَرُبمَا أَقرَأ وَأفْتى وَركب لمباشرة درس المؤيدية وَغَيره نِيَابَة مجَّانا فِيمَا يظْهر ورام فعل ذَلِك بالبرقوقية عقب موت صَاحبه السنهوري فعورض إِلَى أَن استنزل حفيدي شَيْخه الزين عبَادَة عَن تدريس الْفِقْه بالاشرفية برسباي وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان بعد موت فتح الدّين بن البُلْقِينِيّ بِدُونِ مَسْأَلَة الميعاد وَالتَّفْسِير بالبرقوقية وَظهر مِنْهُ مزِيد إقباله واعتذاره واستحضر حِينَئِذٍ قَوْله حِين ذكر الزيني زَكَرِيَّا لقَضَاء الشَّافِعِيَّة فِي جمَاعَة الَّذِي كَانَ أنكرهُ عَلَيْهِ إِذْ ذَاك أَنه لَا عهد لَهُ بالمصطلح وَهُوَ منقاد مَعَ جماعته وَحَال وَلَده مَعْلُوم لما ظهر لَهُ ذَلِك وَصَارَ رُبمَا يطلع للسلام عَلَيْهِ وتزايد تعلله حَتَّى مَاتَ قبل استكمال شهر بعد موت ابْن تَقِيّ فِي آخر يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى المؤمني فِي مشْهد حافل شهده السُّلْطَان وَأظْهر أسفا عَلَيْهِ ثمَّ دفن بتربة سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن الْمُحب مُحَمَّد بن الرضي مُحَمَّد بن الْمُحب مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد بن الرضي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الرضي أَبُو الْفَتْح الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. ولد فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَأمه سَعَادَة ابْنة الصفي الْمدنِي. نَشأ بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الشّرف أَبَا الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد وَأَبا الْمَعَالِي الصَّالِحِي وَأَجَازَ لَهُ الزين الزَّرْكَشِيّ والواسطي وَيُونُس الواحي وَعَائِشَة الحنبلية وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَعَائِشَة ابْنة الشرائحي والبرهان الْحلَبِي والقباني والتدمري وَغَيرهم. وناب فِي الْإِمَامَة بالْمقَام الإبراهيمي عَن وَالِده ثمَّ بمرو وَتردد للقاهرة وَصَارَ بهَا مَعَ الجعيدية بِحَيْثُ سكن(1/163)
مَعَهم تَحت القبو إِلَى أَن مَاتَ بهَا بالطاعون فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسبعين عَفا الله عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي المقرى وَيعرف بالفرضي. كتبته هُنَا تخمينا فيحقق إِن كَانَ من أهل هَذَا الْقرن.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَدْعُو عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وفا برهَان الدّين أَبُو المكارم بن الْمُحب أبي الْفضل بن الشَّمْس أبي المراحم بن أبي الْفضل بن الشهَاب القاهري الشاذلي الْمَالِكِي وَيعرف كسلفه بجدهم وَفَاء. ولد وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ
الْقُرْآن والمختصر وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَعرض على جمَاعَة كنت مَعَهم ثمَّ سخط عَلَيْهِ أَبوهُ بعد اجْتِهَاده فِي شَأْنه بِدُونِ سَبَب ظَاهر حَتَّى عجز الأكابر عَن استرضائه وَكَانَ المحيوي بن تَقِيّ قد زوجه ابْنَته فَأَقَامَ مَعهَا فِي ظله وصهره مديم التلطف بِهِ ثمَّ لم يلبث أَبوهُ أَن مَاتَ فاستقر فِي المشيخة وَعمل الميعاد وَحج وَلم يرع لصهره سَابق أفضاله مَعَ مزِيد احْتِمَاله وقاهر ابْنَته بالتزوج عَلَيْهَا وهجرها وَغير ذَلِك.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الْبُرْهَان النابلسي الْحَنْبَلِيّ وَالِد أَحْمد الْآتِي وَيعرف بِابْن فلاح. حكى عَنهُ وَلَده أَنه حدث عَن شَيْخه عبد الْملك بن أبي بكر الْموصِلِي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي قَالَ رَأَيْت فِي تَرْجَمَة وَزِير لصَاحب الْموصل أَنه تعاهد هُوَ وَصَاحب الْموصل أَن من مَاتَ مِنْهُمَا حمل إِلَى مَكَّة وطيف بِهِ أسبوعا ثمَّ يرد إِلَى الْمَدِينَة فيدفن فِي رِبَاط جمال الدّين يَعْنِي بِهِ مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور الْأَصْبَهَانِيّ الْمَعْرُوف بالجواد الَّذِي فِي ركن الْمَسْجِد القبلي وَيكْتب على بَاب الرِّبَاط رابعهم كلبهم فَمَاتَ الْوَزير وَفعل بِهِ ذَلِك قَالَ الشَّيْخ عبد الْملك فَلَمَّا قَرَأت هَذِه التَّرْجَمَة تاقت نَفسِي أَن أحج وَأرى هَذَا الْمَكْتُوب فَبينا أَنا نَائِم لَيْلَة رَأَيْت أَنِّي حججْت وَدخلت الْمَدِينَة وزرت الْقَبْر ثمَّ لم تكن همتي إِلَّا الرِّبَاط لأرى تِلْكَ الْكِتَابَة فَلَمَّا رَأَيْتهَا فَإِذا هِيَ أَرْبَعَة أسطر فعجبت وَهِي:
(لي سادة قربهم رَبهم ... رَجَوْت أَن يحصل لي قربهم)
(فَقلت إِذْ قربني حبهم ... ثَلَاثَة رابعهم كلبهم)
فَلَمَّا انْتَبَهت من نومي بادرت لكتابتها فِي الظلام على هَامِش كتاب خوفًا من نسيانها. وَحكى عَن شَيْخه أَيْضا مَحْمُود الغزنوي أَنه دخل فِي سياحة ملطية فَبينا هُوَ نَائِم إِذْ رأى بِلَالًا رَضِي الله عَنهُ كَأَنَّهُ بمَكَان مُرْتَفع وَهُوَ يُنَادي أَيهَا النَّاس(1/164)
هلموا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبادرت إِلَى الْخُرُوج فَرَأَيْت رحبة متسعة فِيهَا حَلقَة عَظِيمَة تكون قدر أَرْبَعمِائَة نفس كلهم من الصَّحَابَة فَنَظَرت فَلم أعرف مِنْهُم إِلَّا أَبَا ذَر وَأَبا الدَّرْدَاء وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِي صدر الْحلقَة وبجانبه الْجُنَيْد الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ يتَكَلَّم مَعَه فِي المريد والارادة قَالَ ثمَّ رفع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه وَهُوَ يَقُول خير الْقُرُون قَرْني ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ قَالَ مُشِيرا إِلَى الصَّحَابَة أتظنون أَنكُمْ قَرْني فَقَط كل من كَانَ على سنتي ومتابعتي فَهُوَ فِي قَرْني إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق بن الْعلم الزبيرِي النويري القاهري الشَّافِعِي الْمَذْكُور أَبوهُ فِي سنة تسع وَتِسْعين من أنباء شَيخنَا. ولد فِي الْمحرم سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع السّنَن لِابْنِ مَاجَه على الْجمال الحلاوي والختم على الشهَاب الْجَوْهَرِي وَنَبَّهنَا عَلَيْهِ الْعَلَاء القلقشندي وَأَنه كَانَ يلقب بالغطاس بغين مُعْجمَة ثمَّ طاء مُهْملَة مُشَدّدَة وَآخره مُهْملَة وَوجد كَذَلِك فِي الطَّبَقَة وَقد قرأتها عَلَيْهِ وَسمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء وَكَانَ محبا فِي السماع قَلِيل الضجر نير الْهَيْئَة نقي الشيبة مِمَّن يتكسب بِالشَّهَادَةِ عِنْد بَاب الصالحية وَغَيرهَا وَهُوَ أحد من ثَبت بِهِ كَون النّظر فِي وقف الشريفية المصرية للمدرس وَارْتَفَعت بذلك يَد الشرفي الْأنْصَارِيّ بعد منازعات وَكَانَ الْمدرس حِينَئِذٍ القَاضِي علم الدّين وَلم يلْتَفت الْبُرْهَان لكَونه ينتمي للشرف الْمَنَاوِيّ بِقرَابَة. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن الخواجا شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف العقعق الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة مِمَّن سمع مَعنا فِي سنة سِتّ وَخمسين على أبي الْفَتْح المراغي وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن وكتبا كالمنهاج الفرعي ثمَّ اشْتغل بالتكسب وَهُوَ الْآن سنة سبع وَتِسْعين حَيّ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد برهَان الدّين الششتري الْمدنِي صهر صحابنا شمس الدّين الْجلَال وَالِد زَوجته أم أَوْلَاده. سمع على الْجمال الكازروني وَغَيره وَكَانَ خيرا دينا سَمِعت الثَّنَاء عَلَيْهِ من صاحبنا ابْن الْعِمَاد وَغَيره. مَاتَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ قبل دخولي الْمَدِينَة المنورة بِيَسِير رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن التَّاجِر شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ الْمصْرِيّ الأَصْل وَيعرف أَبوهُ بِابْن زَيْت حَار. حفظ الْقُرْآن وكتبا وَعرض عَليّ وَسمع بِمَكَّة مَعَ الْجَمَاعَة ثمَّ تلاهى بِالْكَسْبِ وَنَحْوه.(1/165)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمسند برهَان الدّين الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن القطب. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بِدِمَشْق. أرخه ابْن اللبودي وَقَالَ أَنه أَخذ عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن بدر برهَان الدّين الْحلَبِي الأَصْل الدِّمَشْقِي القبيباتي الشَّافِعِي وَيعرف بالناجي بالنُّون وَالْجِيم لكَونه كَانَ فِيمَا قيل حنبليا ثمَّ تشفع وَرُبمَا قيل لَهُ الْمُحدث.
ولد فِي أحد الربيعين سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَقَالَ أَنه سمع على شَيخنَا وَابْن نَاصِر الدّين وَالْفَخْر عُثْمَان بن الصلف والْعَلَاء بن بردس والشهاب أَحْمد بن حسن بن عبد الْهَادِي والزين
عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ خَلِيل والأريحي وَمِمَّا سَمعه على الْعَلَاء الشَّمَائِل ومشيخة الْأَشْرَف الْفَخر وَالسّنَن لأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وعَلى الْأَخير صَحِيح البُخَارِيّ وَكَذَا سمع على عبد الله وَعبد الرَّحْمَن ابْني زُرَيْق بل قَالَ أَنه أجازت لَهُ عَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي ثمَّ حوقق حَتَّى بَين أَنَّهَا عَامَّة واختص بِالْعَلَاءِ بن زكنون وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَغَيره وَتزَوج ابْنَته ثمَّ فَارقه وتحول شافعيا غير مرّة وَقد تكلم على النَّاس بأماكن بل وخطب مَعَ مزِيد تحريه وَشدَّة إِنْكَاره على معتقدي ابْن عَرَبِيّ وَنَحْوه كَابْن حَامِد محبا فِي أهل السّنة منجمعا عَن بني الدُّنْيَا قانعا باليسير وَالثنَاء عَلَيْهِ مستفيض وَوَصفه الخضيري بِأَنَّهُ شيخ عَالم فَاضل مُحدث مُحَرر متقن مُعْتَمد خدم هَذَا الشَّأْن بِلِسَانِهِ وقلمه وطالع كثيرا من كتبه. قلت ويقالى أَنه علق على التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ شَيْئا فِي مُجَلد لطيف وَعمل مولدا فِي كراريس وَغير ذَلِك وَبَلغنِي أَنه كثيرا مَا يقْرَأ الْفَاتِحَة فِي جماعته ثمَّ يَدْعُو لي مَعَ كَونه لم أعلم اجتماعي بِهِ وَهُوَ الْآن فِي الْإِحْيَاء.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَحْمُود الْبُرْهَان الجيلي الشَّافِعِي. فَاضل حج وزار وَلَقي بِالْيمن فِي زبيد رئيسه الْفَقِيه يُوسُف المقرى فَقَرَأَ عَلَيْهِ إِلَى البيع من الصَّحِيح ثمَّ لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي سنة سبع وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ فِي أول الَّتِي تَلِيهَا يَسِيرا من أول البيع ورام الاكثار من أول الْقِرَاءَة مَعَ الإطالة بالْكلَام الَّذِي لَا طائل تَحت أَكْثَره فَلم يتهيأ الْجمع بَينهمَا وَاسْتمرّ مُقيما بِمَكَّة متعللا ويتردد إِلَيّ أَحْيَانًا إِلَى أَن توجه للزيارة فِي الْقَافِلَة الَّتِي قبل بروزنا وَلم نَلْقَاهُ هُنَاكَ ثمَّ سمعنَا أَنه مَاتَ بهَا وَأَنه صلى عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بعدن.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مصلح بن إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الْعِرَاقِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ(1/166)
المولد وَالدَّار الشَّافِعِي وَالِد أبي بكر وَغَيره وَيعرف أَولا بالسقا ثمَّ بالعراقي. ولد فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد نَاصِر الدّين مُحَمَّد السخاوي وَأخي الْعِزّ بن نديم الظَّاهِر وَمن قبله عِنْد مُحَمَّد السحولي ثمَّ جوده عِنْد السكاكيني والشوايطي وَنَحْوهمَا واشتغل يَسِيرا وَحضر دروس ابْن سَلامَة والمحب بن ظهيرة وَالْجمال البشبيشي فِي آخَرين وَسمع على ابْن الْجَزرِي وَأبي الْفَتْح المراغي وَغَيرهمَا وَعرف بالديانة وَالْأَمَانَة وسلوك طَرِيق الْفُقَرَاء والتحبب إِلَى النَّاس سِيمَا الصلحاء والتجافي عَن بني الدُّنْيَا غَالِبا فركن إِلَيْهِ ذَوُو الْأَمْوَال خُصُوصا الغرباء وصاروا فِيمَا قيل يدْفَعُونَ إِلَيْهِ الزكوات ليفرقها على من يخْتَار فيصرفها فِي ذَلِك وَفِي غَيره من أَنْوَاع القربات بل وَتكلم فِي البيمارستان بِمَكَّة نِيَابَة عَن السَّيِّد بَرَكَات بعد)
الشَّمْس بن قلبة الدِّمَشْقِي فَسَار فِيهِ أحسن سيرة وَكَانَ يجمع الْفُقَرَاء عِنْده على الطَّعَام فِي الْأُسْبُوع مرّة فَأكْثر فَزَاد اشتهاره وَهُوَ الْقَائِم فِي إِجْرَاء عين بازان بعد أَن قرر مَعَ السَّيِّد عدم التَّعَرُّض لمن يَمُوت بِهِ إِن كَانَ لَهُ وَارِث فَتبقى تركته فِيهِ حَتَّى يحضر إِن كَانَ غَائِبا حَيْثُ التمس مِنْهُ الزيني بن مزهر ذَلِك وَلم يظْهر من مَكَّة لغير الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة والطائف والجعرانة وَنَحْوهَا وانتفع بِهِ النَّاس كثيرا فِي التَّوَجُّه لهَذِهِ الْأَمَاكِن لِكَثْرَة من يكون مَعَه وَرُبمَا واسى الْجَمِيع أَو الْغَالِب ذَهَابًا وإيابا وَكنت مِمَّن توجه للطائف صحبته وسمت من كَلِمَاته النافعة وَحصل مِنْهُ إكرام ورأيته إنْسَانا خيرا متواضعا متقشفا طارحا للتكلف ينطوي على خير وسترة وديانة وَقيام فِي الْمصَالح وتعاني التِّجَارَة فبورك لَهُ فِيهَا وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى مَاتَ بِمَكَّة فِي ظهر يَوْم الْأَحَد تَاسِع شعْبَان سنة أَربع وَسبعين وَاجْتمعَ فِي مشهده خلق رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُفْلِح بن مُحَمَّد بن مفرح بن عبد الله تَقِيّ الدّين وَيُقَال برهَان الدّين بن الْعَلامَة شمس الدّين الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَالِد الصَّدْر أبي بكر والنظام عمر الآتيين وَيعرف كأبيه بِابْن مُفْلِح. ولد سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَأخذ عَن أَبِيه وَالْجمال المرداوي وَغَيرهمَا كَأبي الْبَقَاء وَسمع من أبي مُحَمَّد بن الْقيم وَالصَّلَاح بن أبي عَمْرو الفرضي وَابْن الجوخي وَأحمد بن أبي الزهر ورحل بعد السِّتين إِلَى مصر فَسمع بهَا من القلانسي والخلاطي وناصر الدّين(1/167)
الفارقي وَنَحْوهم وَمهر وَتكلم على النَّاس فاجاد ودرس فَأفَاد وَولي قَضَاء الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق فحمدت سيرته وَكَانَ فَاضلا بارعا بل إِمَامًا فَقِيها عَالما بمذهبه دينا أفتى ودرس وَجمع وشاع اسْمه واشتهر ذكره وَلما طرق اللنك الشَّام كَانَ مِمَّن تَأَخّر بِدِمَشْق فَخرج إِلَيْهِ وسعى فِي الصُّلْح وتشبه بِابْن تَيْمِية مَعَ غازان وَكثر ترداده إِلَيْهِ رَجَاء الدّفع عَن الْمُسلمين ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَقرر مَعَ أَهلهَا مَا رامه من الصُّلْح فَلم يجب سُؤَاله وغدروا بِهِ وَضعف عِنْد رجوعهم. وَكَانَت وَفَاته بعد الْفِتْنَة بِأَرْض الْبِقَاع فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة ثَلَاث. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه قَالَ وَقد لَقيته وَسمعت مِنْهُ قَلِيلا وَلم يخلف بعده فِي مذْهبه بِبَلَدِهِ مثله. وَكَذَا قَالَ فِي مُعْجَمه أَنه انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الْمعرفَة بمذهبه وَأَن لقِيه لَهُ كَانَ بالجامع المظفري فذاكره وَقَرَأَ عَلَيْهِ المسلسلات للابراهيمي بِشَرْط التسلسل انْتهى. وَقد سَمعتهَا من لفظ شَيخنَا عَنهُ. وَمِمَّنْ ذكره لَكِن بِاخْتِصَار جدا التقى الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد وَكَذَا المقريزي فِي عقوده رَحمَه الله وايانا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن السَّيْف مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر مُحَمَّد بن
أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام بن نصر بن فتح بن مُحَمَّد بن حدثة برهَان الدّين بن سيف الدّين الْقرشِي الْعمريّ الْعَدوي الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بالبقاعي. سمع على الْمُحب الصَّامِت فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وعَلى أبي بكر بن إِسْمَاعِيل بن عُثْمَان البيتليدي وَأبي الهول عَليّ بن عمر الْجَزرِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن أبي عمر وَجَمَاعَة وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ خيرا دينا محافظا على الْجَمَاعَات مَعَ الْوَرع والزهد فَلَا يَأْكُل إِلَّا من كَسبه إِلَى أَن ضعف حَاله فَانْقَطع بمنزله وَصَارَ لَا يخرج مِنْهُ إِلَّا إِلَى الصَّلَاة حَتَّى مَاتَ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يس الْآتِي أَبوهُ وجده مِمَّن عرض عَليّ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن خطيب عذراء. مضى فِيمَن جده عِيسَى بن عمر.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد برهَان الدّين الْأَذْرَعِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِأبي سفط وَكَانَ ذَا فَضِيلَة تَامَّة فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَلكنه تكسب بِأخرَة بِالشَّهَادَةِ فحطت من رتبته لسوء المشاركين. مَاتَ فِي لَيْلَة رَابِع الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ أرخه صَاحبه ابْن اللبودي.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد برهَان الدّين القرمي القاهري الْحَنَفِيّ ابْن أخي النَّجْم إِسْحَاق الْآتِي. لَازم عَمه والأمين الأقصرائي ونظاما وَآخَرين وَفهم وتكسب بِالشَّهَادَةِ(1/168)
وباشر ديوَان قانباي صلق وَحج غير مرّة آخرهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَكَانَ شَاهد الْمحمل وسعى مرّة بعد أُخْرَى فِي قَضَاء الْعَسْكَر بمبلغ لشغوره من حِين موت ابْن أجا المتلقي لَهُ عَن عَمه النَّجْم فَأُجِيب وَلَكِن بغته الْأَجَل وَمَات فَجْأَة فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشري ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَدفن بتربة خشقدم الْمُقدم تجاه تربة طاز عِنْد عَمه وَسمعت من يذكرهُ بديانة وتودد وهمة ومساعدة رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد برهَان الدّين بن تَاج الدّين الكلبشي وكلبشا بجوار مليج من الغربية الشَّافِعِي شيخ معمر يُقَال أَنه جَازَ الْمِائَة كَانَ قد حفظ التَّنْبِيه وَغَيره واشتغل بالفقه والفرائض وَيُقَال أَن من شُيُوخه الأبناسي الْكَبِير وَصَارَ مفتي ناحيته وَمن عَلَيْهِ الْمعول فِي ذَلِك مَعَ مُبَاشَرَته قَضَاء بَلَده وخطابتها وَشدَّة حرصه على الْجمع والتحصيل بِحَيْثُ قيل أَنه خلف تَرِكَة هائلة وَلم يتْرك إِلَّا ابْنة وَأمّهَا وأخا اسْمه عبد الْغفار اسْتَقر بعده فِي الْقَضَاء والخطابة. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة تسعين رَحمَه الله وإيانا وَكَانَ أَبوهُ وجده خطباء الْبَلَد وقضاته أَيْضا.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد برهَان الْمَدِين الونائي أحد طلبة الحَدِيث بالصرغتمشية مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد صارم الدّين ابْن الْأَمِير الْوَزير نَاصِر الدّين بن الحسام الصقري. مضى فِيمَن جده لاجين.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأخضري نِسْبَة لقبيلة من الْعَرَب الطولقي وطولقة بِالْقربِ من سكرة التّونسِيّ المغربي الْمَالِكِي. أَخذ بقفصة عَن أبي يحيى بن عقبَة وقطن تونس من سنة ثَمَان وَعشْرين وَأخذ بهَا عَن أبي عبد الله القلجاني ثمَّ عَن وَلَده عمر وَكَذَا عَن قَاسم العقباني حِين اجتيازه بهم وَلم يكن عِنْده أجل مِنْهُ بل كَانَ يصفه بِالِاجْتِهَادِ الْمُطلق وَأَنه لَا يُفْتِي إِلَّا بِمذهب مَالك وَأما فِي خَاصَّة نَفسه فَلَا يعْمل إِلَّا بِمَا يرَاهُ وَتقدم فِي الْفِقْه والأصلين والعربية والمنطق وَغَيرهَا وشارك فِي الْفَضَائِل وتصدر للتدريس والإفتاء وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء وَكَانَ متين الدّيانَة زاهدا ورعا تَامّ الْعقل مهابا مَعَ حسن الْعشْرَة والملاطفة والتقنع باليسير لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَأعْرض عَن الْفتيا حِين اخْتِلَاف الْكَلِمَة.(1/169)
وَاقْتصر على التدريس وَلم يكن يمْنَع من يغتاب بِحَضْرَتِهِ وَلَكِن لَا يشاركهم بِكَلَامِهِ ونقم عَلَيْهِ السُّلْطَان ذَلِك وَأمر بِإِخْرَاجِهِ من جَامع الزيتونة ثمَّ أُعِيد بعد قَلِيل وزار قَبره بعد مَوته مَعَ قلَّة فعله لذَلِك. مَاتَ فِي سنة تسع وَتِسْعين وَقد قَارب الثَّمَانِينَ وَدفن بالزجاج. تَرْجمهُ لي غير وَاحِد مِمَّن لقِيه من المغاربة وَغَيرهم وَرُبمَا قيل لَهُ الحدري وَهُوَ تَحْرِيف.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأردبيلي ثمَّ الشماخي الشَّافِعِي قدم الْقَاهِرَة لِلْحَجِّ فِي أول سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ ابْن نَحْو من سِتِّينَ سنة فَأَقَامَ أشهرا وَظَهَرت تَمام فضيلته مَعَ الدّين والتواضع فقرئ عَلَيْهِ الْيَسِير ثمَّ حج وَرجع مَعَ الركب الشَّامي ثمَّ عَاد إِلَى بِلَاده وَهُوَ مِمَّن يقْصد فِيهَا بالفتاوى والإقراء وَله فِيهَا مآثر وَآخر الْعَهْد بِهِ فِي سنة سبع وَسبعين.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْحِجَازِي الْعَطَّار. مِمَّن سمع عَليّ فِي مَكَّة.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْحَمَوِيّ.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الرصافي كَانَ من ذَوي الْيَسَار فَقطع عَلَيْهِ الطَّرِيق وَقتل فِي سنة ثَلَاث عشرَة. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد برهَان الدّين الْكرْدِي ثمَّ الْمَكِّيّ نزيل الْحَرَمَيْنِ وَالِد مُحَمَّد مؤدب الْأَبْنَاء بِمَكَّة
وَيعرف وَالِده بشمس العقري كَانَ مُتَوَلِّي مشيخة البيمارستان بِمَكَّة بعد موت الشَّمْس الْبَلَدِي وَهُوَ المجدد فِي أوقافه الْمَكَان المجاور لباب الدربية اشْتَرَاهُ من ريعه فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين جزاه الله خيرا وكف من يروم أَخذه وَله شهرة بالصلاح وَالْخَيْر وَكَثْرَة الزِّيَارَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قَدَمَيْهِ بل يُقَال أَنه كَانَ يزور فِي كل سنة. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشري الْمحرم سنة ثَلَاث وَخمسين وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا وَاسْتقر بعده فِي المشيخة الشَّمْس بن قليب.
إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن عبد الحميد بن هِلَال الدولة عمر بن مُنِير الْحَارِثِيّ الصَّالِحِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن هِلَال الدولة. ولد سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع فِي سنة إِحْدَى أَو ثَلَاث وَتِسْعين من التقي أبي بكر بن مُحَمَّد بن الزكي عبد الرَّحْمَن الْمزي مَجْلِسا من فَوَائِد اللَّيْث بن سعد رِوَايَة يحيى بن بكير عَنهُ أنابه الحجار بِسَنَدِهِ وَحدث بِهِ سَمعه مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وَغَيره. مَاتَ فِي أَوَائِل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين.
إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم الْعِزّ بن النَّجْم بن الْعِزّ التسترِي الأَصْل الهرمزي(1/170)
الشَّافِعِي مِمَّن اشْتغل وَلَقي الأفاضل كالسيد معِين الدّين بن صفي الدّين وبرع وَقدم مَكَّة فحج ثمَّ وصل الْقَاهِرَة مَعَ الْمَوْسِم فِي أول سنة تسعين متجردا قَاصِدا التسليك فَلم يجد مرشدا فقطن عِنْد الْجمال يُوسُف العجمي فِي زاويته بالقرافة وَاجْتمعَ بحفيده عَليّ فَأَجَازَهُ ثمَّ قصدني فَسمع مني المسلسل وَبَعض البُخَارِيّ وَغير ذَلِك مِمَّا قصد بِهِ فِيمَا أخبر التَّوَصُّل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكتبت لَهُ إجَازَة وأعجبني سمته وهديه يسر الله لَهُ طرق الْخَيْر.
إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن أَحْمد بن حسن أَبُو الطّيب الأقصرائي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ المواهبي الْآتِي وَلَده مَحْمُود مِمَّن نسب نَفسه كَذَلِك للتلمذة لأبي الْمَوَاهِب ابْن زغدان وَقَبله صحب الشَّيْخ مُحَمَّد بن عمر المعربي نزيل جَامع كزلبغا وَهُوَ حَنَفِيّ أَخذ عَن اينال باي الْفِقْه وَذكره لي الْمُحب بن جرياش بِمَا أَعرَضت عَن ذكره وَأَنا أَبَاهُ كَانَ من المقطعين وَقد جاور بِمَكَّة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وزار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة أشهرا وانتمى إِلَيْهِ جمَاعَة ووصفوه بالعارف وَقد أرسل إِلَيّ بولده مَحْمُود فِي رَجَب سنة خمس وَتِسْعين فَعرض عَليّ الْأَرْبَعين للنووي وَالْمجْمَع لِابْنِ الساعاتي ثمَّ أَنه جاور فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَكَانَ يقصدني بِالسَّلَامِ وَيَقُول قد استجيبت دعوتكم فِي إجَازَة الْوَلَد بِجمع الشمل بِهَذَا الْحرم الشريف وَلم أر مِنْهُ إِلَّا
الْأَدَب والتواضع وَأثْنى عَلَيْهِ عِنْدِي القَاضِي خير الدّين السخاوي قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِطيبَة وَالله الْمُوفق.
إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن عبد الرَّحِيم بن أبي بكر بن مَحْمُود بن عَليّ بن أبي الْفَتْح الْحَمَوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْوَاعِظ الْآتِي أَبوهُ وجده وابناه مُحَمَّد ومحمود. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس بن الرزاز فِي جَامع السُّلْطَان والمنهاج وَسمع على الشَّمْس بن الْأَشْقَر ثمَّ تحول صُحْبَة أَبِيه إِلَى الْقَاهِرَة فِي أول أَيَّام الظَّاهِر جقمق فَسمع من شَيخنَا وَفِي البُخَارِيّ بالظاهرية وَقَرَأَ على السَّيِّد النسابة فِي الْفِقْه والحناوي فِي الْعَرَبيَّة والعز عبد السلام الْبَغْدَادِيّ فِي الحَدِيث وَغَيره والتقي الحصي الحاجبية وَبَعض الْمُتَوَسّط وَإِمَام الكاملية فِي آخَرين وسلك طَرِيق جده فِي الْوَعْظ وَحصل لَهُ قبُول بَين بعض الْعَوام وَكثير من النسْوَة وخطب بالأشرفية برسباي وَحج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ثمَّ بعْدهَا وَعمل هُنَاكَ ميعادا وَهُوَ خير نير حسن الملتقي كثير التَّوَاضُع وَالْأَدب حسن الْقِرَاءَة فِي الميعاد زارني مرَارًا وتيمنت بدعائه(1/171)
وسافر هُوَ وَولده وعيالهما مَعَ خوند زَوْجَة الأتابك وَابْنَة الظَّاهِر إِلَى مَكَّة فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين فَأَدْرَكته منيته فِي توجهه قبل سطح الْعقبَة يَوْم الْأَحَد ثامن عشر شَوَّال مِنْهَا وَكثر الأسف عَلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا ونفعنا بِهِ.
إِبْرَاهِيم بن أبي مَحْمُود. فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن هِلَال.
إِبْرَاهِيم بن مخاطة سعد الدّين أَخُو الشّرف مُوسَى وَعم إِبْرَاهِيم الآتيين كَانَ أحد كتاب المماليك وَمَعَهُ عدَّة مباشرات زوجه القَاضِي سعد الدّين إِبْرَاهِيم بن الجيعان ابْنَته واستولدها. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين بعد أَن أثكل وَلَده أَحْمد الْآتِي.
إِبْرَاهِيم بن مكرم كمحمد بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن مكرم الْعِزّ بن السراج الفالي الشِّيرَازِيّ وفال بِالْفَاءِ بَلْدَة من عَملهَا بَينهمَا عشرَة أَيَّام الشَّافِعِي وَالِد الْعَلَاء مُحَمَّد الْآتِي من بَيت علم اشْتغل على أَبِيه ثمَّ على ابْن عَمه الْجمال إِسْحَاق بن يحيى الْآتِي كل مِنْهُمَا ثمَّ ارتحل إِلَى شيراز فَأخذ عَن أئمتها وَقَرَأَ الْمِفْتَاح للسكاكي فِي علم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَبَعض شَرحه على ولد الشَّارِح الشَّمْس مُحَمَّد بن السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ وَأخذ البُخَارِيّ وَغَيره عَن الصّلاح خَلِيل الأقفهسي وَحج وبرع فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَالتَّفْسِير والمنطق وَصَارَ مشارا إِلَيْهِ فِي تَحْقِيق الْمعَانِي وَالْبَيَان والكشاف فَأقبل على التدريس والإفتاء وَتخرج بِهِ الْفُضَلَاء وَمِنْهُم قَرِيبه وصهره نعْمَة الله الْآتِي كل ذَلِك مَعَ الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة والحرص على الْجَمَاعَة
والأعراض عَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا والإقبال على الْآخِرَة حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة بعد فرَاغ الإِمَام من صَلَاة الْجُمُعَة رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَسبعين رَحمَه الله. ومكرم الْأَعْلَى فِي نسبه هُوَ خَال صفي الدّين مَسْعُود وَالِد القطب مُحَمَّد شَارِح اللّبَاب والتقريب والكشاف. أفادنيها ابْنه وسبطه.
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن أَيُّوب الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَاق وَأَبُو مُحَمَّد الأبناسي ثمَّ القاهري المقسي الشَّافِعِي الْفَقِيه. ولد فِي أول سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا كَمَا كتبه بِخَطِّهِ وَقَالَ مرّة حِين سُئِلَ عَنهُ لَا أَدْرِي يَعْنِي تَحْقِيقا بأبناس وَهِي قَرْيَة صَغِيرَة بِالْوَجْهِ البحري من مصر وَكتبه الْعِرَاقِيّ الأبنهسي وَقدم الْقَاهِرَة وَهُوَ شَاب فحفظ الْقُرْآن وكتبا وتفقه بالأسنوي وَولي الدّين الملوي المنفلوطي وَغَيرهمَا فِي الْفِقْه والعربية وَالْأُصُول وَتخرج بِالْعَلَاءِ مغلطاي وَسمع الحَدِيث على الوادياشي والميدومي وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل الأيوبي وَأبي نعيم الاسعردي والعرضي وَطَائِفَة(1/172)
بِالْقَاهِرَةِ والعفيف عبد الله بن الْجمال المطري وخليل بن عبد الرَّحْمَن والشهاب أَحْمد بن قَاسم الحراري فِي آخَرين بِمَكَّة وَابْن أميلة والمنبجي بِالشَّام وَمِمَّا سَمعه المسلسل وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ والموطأ والشفا وجزءي البطاقة وَأكْثر ذَلِك بقرَاءَته وَأَجَازَهُ جمَاعَة وَخرج لَهُ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ مشيخة حدث بهَا وبالكتب السِّتَّة وَغَيرهَا وَتقدم قَدِيما وتصدى للإفتاء والتدريس دهرا وَلبس عَنهُ غير وَاحِد الْخِرْقَة بلباسه لَهَا من الْبَدْر أبي عبد الله مُحَمَّد بن الشّرف أبي حَفْص عمر بن أبي الْحسن الدومراني بلباس كل مِنْهُم من أَبِيه بلباس أبي الأول من أبي عَمْرو عُثْمَان بن مليك الزفتاوي وَأبي الثَّانِي من وَالِده وَأبي الثَّالِث من أبي مُحَمَّد عبد الله الغماري بلباس الثَّلَاثَة من أبي الْعَبَّاس الْبَصِير الَّذِي جمع الشَّيْخ مناقبه ودرس بمدرسة السُّلْطَان حسن وبالآثار النَّبَوِيَّة وجامع المقسي مَعَ الخطابة بِهِ وَغَيرهَا وَولي مشيخة سعيد السُّعَدَاء مُدَّة وَصرف عَنْهَا وَاتخذ بِظَاهِر الْقَاهِرَة فِي المقس زَاوِيَة فَأَقَامَ بهَا يحسن إِلَى الطّلبَة ويجمعهم على التفقه ويرتب لَهُم مَا يَأْكُلُون وَيسْعَى لَهُم فِي الأرزاق حَتَّى كَانَ أَكثر فضلاء الطّلبَة بِالْقَاهِرَةِ من تلامذته ووقف بهَا كتبا جليلة ورتب فِيهَا درسا وطلبة وَحبس عَلَيْهَا رزقه وَنَحْو ذَلِك وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَالْجمال بن ظهيرة وَابْن الْجَزرِي وَشَيخنَا وَقَالَ اجْتمعت بِهِ قَدِيما وَكَانَ صديق أبي ولازمته بعد التسعين وبحثت عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج وقرأت عَلَيْهِ أَشْيَاء والعز مُحَمَّد بن عبد السَّلَام المنوفي وَكتب لَهُ إجَازَة بالتدريس)
طنانة كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته والفاسي وثنا عَنهُ من لَا أحصيه كَثْرَة وَآخر من تفقه بِهِ الشَّمْس البشبيشي والزين الشنواني والبرهان الكلمشاوي كل ذَلِك مَعَ حسن الْأَخْلَاق وَجَمِيل الْعشْرَة ومزيد التَّوَاضُع والتقشف والتعبد وَطرح التَّكَلُّف وَحسن السمت ومحبة الْفُقَرَاء وتقريبهم والمناقب الجمة بِحَيْثُ قل أَن ترى الْعُيُون فِي مَجْمُوعه مثله وَقد عين مُدَّة لقَضَاء الديار المصرية فَلَمَّا بلغه ذَلِك توارى وَذكر أَنه فتح الْمُصحف فِي تِلْكَ الْحَالة فَخرج لَهُ قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا تدعونني إِلَيْهِ الْآيَة فأطبقه وَتوجه إِلَى منية الميرج فاختفى بهَا أَيَّامًا حَتَّى ولي غَيره فَعَاد وَقد أَشَارَ إِلَى أصل ذَلِك القَاضِي تَقِيّ الدّين الزبيرِي فَإِنَّهُ قَالَ فِي حوادث سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة لما أَرَادَ برقوق صرف الْبُرْهَان بن جمَاعَة عَن الْقَضَاء لِأَنَّهُ تخيل مِنْهُ أَنه لَا يُوَافقهُ على استبداده بالسلطنة طلب من يصلح فَذكرُوا لَهُ جمَاعَة مِنْهُم الأبناسي فَأرْسل(1/173)
إِلَيْهِ موقعه أوحد الدّين وعرفه بِسَبَب الطّلب فوعده أَن يحضر إِلَيْهِ فِي وَقت عينه لَهُ ثمَّ تغيب واختفى فَلَمَّا لم يحضر طلب ابْن أبي الْبَقَاء فاستقر بِهِ وَذكره العثماني فِي الطَّبَقَات فَقَالَ الْوَرع الْمُحَقق مفتي الْمُسلمين شيخ الشُّيُوخ بالديار المصرية ومدرس الْجَامِع الْأَزْهَر لَهُ مصنفات يألفه الصالحون وتحبه الأكابر وفضله مَعْرُوف. وَقَالَ المقريزي أَنه صنف فِي الْفِقْه والْحَدِيث والنحو وَكَانَ أبر مَشَايِخ مصر بالطلبة طارحا للتكلف مُقبلا على شَأْنه وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد وَوهم فَزَاد فِي نسبه بَين اسْمه وَاسم أَبِيه الْحسن. وَقد حج كثيرا وجاور مرّة وَحدث هُنَاكَ وأقرأ ثمَّ رَجَعَ فَمَاتَ فِي الطَّرِيق فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ بِمَنْزِلَة كفافه فَحمل إِلَى المويلحة فَغسل وكفن وَصلى عَلَيْهِ فِي يَوْم تاسوعاء ثمَّ حمل إِلَى عُيُون الْقصب فَدفن بهَا وقبره بهَا يتبرك بِهِ الحجيج وعملت لَهُ قبَّة. قلت قد زرته وأصل الْقبَّة لبهادر الجمالي الناصري أَمِير الْحَج كَمَا قرأته على لوح قَبره وَأَنه مَاتَ فِي رُجُوعه من الْحَج فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ مُوَافق لما ذكر فِي تَرْجَمته وَقبل الدُّخُول إِلَيْهَا مَكَان آخر وَأَظنهُ مَحل دفن الشَّيْخ وَلَا قبَّة تعلوه. ورثاه الزين الْعِرَاقِيّ بِأَبْيَات دالية وَكَانَ صديقا لَهُ وَهُوَ الَّذِي سعى لوَلَده الْوَلِيّ فِي غَالب مَا حصل لَهُ من الْوَظَائِف. وَمن تصانيفه الشذى الفياح فِي مُخْتَصر ابْن الصّلاح شحنه بزوائد من نكت الْعِرَاقِيّ وَشَرحه للألفية وَغير ذَلِك وشرحا لألفية ابْن مَالك ومناقب الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْبَصِير وَحكى الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الْأَسْلَمِيّ نزيل الجيزة وَأحد فضلائها وصلحائها وَهُوَ من تلامذته أَنه سَمعه يَقُول للبلقيني أَنه سمع كَلَام)
الْمَوْتَى فِي قُبُورهم وَأَنه كَانَ فِي البقيع من الْمَدِينَة فَوقف عِنْد قبر جَدِيد ليسأل عَن صَاحبه فَقَالَ لَهُ شخص كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ من قبر يَا سَيِّدي لم تقف عِنْد قبر هَذِه الرافضية قَالَ فَرَأَيْت البُلْقِينِيّ احمر وَجهه وَنزلت دُمُوعه وَقَالَ آمَنت بذلك وناهيك بِهَذِهِ الْقِصَّة فِي جلالة الْبُرْهَان وَبَلغنِي أَيْضا أَنه كَانَ رُبمَا يتَرَدَّد لِابْنِ المقسي لما يرى مِنْهُ من مزِيد الْإِحْسَان للزاوية وَأَهْلهَا بل هُوَ الْآخِذ لَهُ مشيخة سعيد السُّعَدَاء فَبَيْنَمَا هُوَ فِي بعض الْأَيَّام دَاخل عَلَيْهِ إِذْ سَمعه يُخَاطب آخر بقوله اخلع هَذِه الْعِمَامَة والبس عِمَامَة بَيْضَاء وادخل فِي دينهم وتحكم فيهم أَو كَمَا قَالَ وَأَنه دخل فَوجدَ الْمَقُول لَهُ هَذَا نَصْرَانِيّا فانزعج وَمن ثمَّ لم يصل إِلَيْهِ. وَحكى لي الشريف الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمُنعم الجرواني.(1/174)
أَنه كَانَ عِنْده فَجَاءَتْهُ فتيا فَكتب عَلَيْهَا ثمَّ بعد أَن أَخذهَا السَّائِل تبين لَهُ الْخَطَأ فِيهَا فَأرْسل من يُدْرِكهُ فَمَا أمكن فتألم لذَلِك فَمَا مضى أَلا الْيَسِير وَجَاء السَّائِل وَأخْبر بِأَن الورقة سَقَطت مِنْهُ فِي الْبَحْر فَحَمدَ الشَّيْخ الله وسر ثمَّ كتب لَهُ الْجَواب. وَكَذَا حكى لي الْعِزّ السنباطي عَن شَيْخه الشَّمْس البوصيري أَن الأبناسي خرج فِي بعض ليَالِي طاعون سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة من سكنه بِالْمَدْرَسَةِ الشرابيشية بِالْقربِ من جَامع الْأَقْمَر ليستضيء فَمَا وجد من يقد مِنْهُ إِلَّا فِي الدَّرْب الْأَحْمَر لاستيلاء الطَّاعُون على النَّاس. وَهُوَ عِنْد المقريزي فِي تَارِيخ مصر مَعَ غلط فِيهِ كَمَا قدمنَا وَفِي الْعُقُود بِاخْتِصَار.
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن بِلَال بن عمرَان بن مَسْعُود بن دمج بتحريك الْمُهْملَة وَالْمِيم وَآخره جِيم الْبُرْهَان العدماني الكركي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالكركي. ولد فِي سنة خمس أَو سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَجزم مرّة بِالثَّانِي وَاقْتصر أُخْرَى على الأول كَمَا هُوَ عِنْدِي بِخَطِّهِ بِمَدِينَة كرك الشوبك وَزعم أَنه حفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ على الْعَادة وَأَن وَالِده مَاتَ وَهُوَ صَغِير فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَنه حفظ الْعُمْدَة وألفية الحَدِيث والنحو والمنهاج الفرعي والأصلي والشاطبية ونظم قَوَاعِد الْإِعْرَاب لِابْنِ الهائم وَغَيرهَا وَأَنه عرض الْعُمْدَة على الْعَلَاء الفاقوسي عَن القطب الْحلَبِي والمنهاج على الْبَدْر مَحْمُود العجلوني بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَذْكَار والرياض بروايته لَهَا عَن القَاضِي نَاصِر الدّين العرياني عَن الْمُؤلف وَكَذَا عرضه على البُلْقِينِيّ وَولده الْجلَال وَحضر دروسهما وَعرض ألفية الحَدِيث على ناظمها بل سمع عَلَيْهِ الصَّحِيح بفوت وَعرض نظم الْقَوَاعِد على ناظمه بِبَيْت الْمُقَدّس ولازمه وَعرض بِهِ الشاطبية على الشَّيْخ بير وتلا عَلَيْهِ لنافع وَابْن كثير وَأبي عَمْرو وَابْن عَامر وَعلي الشهَاب بن مُثبت)
الْمَالِكِي لَهَا مَا عدا ابْن عَامر وعَلى السراج بن الهليس ببلبيس لباقي السَّبع وَكَذَا عرض بِالْقَاهِرَةِ الشاطبية على الْفَخر البلبيسي أَمَام الْأَزْهَر وتلا عَلَيْهِ لأبي عَمْرو وعَلى الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي للسبغ مَعَ يَعْقُوب من طرق التَّيْسِير والعنوان والشاطبية وَعَلِيهِ سمع الشاطبية وبدمشق على الشَّمْس بن اللبان لِحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وعَلى كل من تِلْمِيذه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَيَّاش وَالْفَخْر بن الزكي إِمَام الكلاسة للسبع أفرادا ثمَّ جمعا على ابْن عَيَّاش وَحده بِمَا تضمنته القصيدة وَأَصلهَا والعنوان والإعلان للصفراوي وَعَن التنوخي جمعا لَهَا وَكَذَا بِبِلَاد الْخَلِيل على الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن عُثْمَان للسبع مَعَ يَعْقُوب وَأبي جَعْفَر وَخلف بِمَا تضمنه نظم الجعبري وَأَنه سمع(1/175)
الشاطبية أَيْضا على الشَّمْس مُحَمَّد بن دَاوُد الكركي الشهير بِابْن الْعَالم والتاج عبد الْوَهَّاب بن يُوسُف بن السلار الدِّمَشْقِي مفترقين وَقَالَ إِن أَولهمَا سمعهما على الشهَاب أبي شامة وَهُوَ عَجِيب فوفاة أبي شامة فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَأخذ أَيْضا الْقرَاءَات عَن أبي عبد الله المغربي التوزري وَعنهُ أَخذ النَّحْو والمنطق وَالصرْف وَأخذ النَّحْو فَقَط تلفيقا للألفية عَن الْعَلَاء بن الرصاص الْمَقْدِسِي والأبناسي بِالْقَاهِرَةِ وَبهَا تصريف الْعُزَّى على الشَّيْخ قنبر بالجامع الْأَزْهَر وَالْفِقْه عَن الشَّمْس بن حبيبحب البلبيسي بهَا والمنهاج وَنصف التَّنْبِيه بالكرك عَن الْعَلَاء الفاقوسي تلميذ الأزرعي وَربع الْعِبَادَات من أَولهمَا بِدِمَشْق على الشهَاب بن الْجبَاب وَحضر دروس الشَّمْس بن قَاضِي شُهْبَة والمنهاج تلفيقا عَن الأبناسي وتلميذه التقي الكركي بِالْقَاهِرَةِ وَعَن ثَانِيهمَا أَخذ الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ ومنهاج العابدين للغزالي ولازم بِالْقَاهِرَةِ الْبُرْهَان البيجوري وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَمن قبلهمَا الْبَدْر الطنبذي فِي الْفِقْه وَكَذَا لَازم فِيهِ بِبَيْت الْمُقَدّس الشَّمْس القلقشندي وَالشَّمْس بن الْخَطِيب والزيني القمني وترافق مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة وانتفع فِي الْفِقْه والعربية والْحَدِيث وَغَيرهَا بالشمس والشهاب بن السنديوني وقاسم بن عمر بن عواض لَقِيَهُمْ بدمنهور الْوَحْش وهم مِمَّن أَخذ عَن الشهَاب أَحْمد بن الجندي شيخ تِلْكَ النَّاحِيَة ومفتيها والمتوفي قَرِيبا من لقِيه لَهُم وَأكْثر من التَّرَدُّد للعلاء بن مغلى فِي الْأَصْلَيْنِ والعربية وَغَيرهَا وَسمع البُخَارِيّ بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره على التقي مُحَمَّد بن المحيوي بن الزكي الكركي ثمَّ الأربلي القَاضِي قَالَ أنابه الحجار وَكَذَا سَمعه على الْبَهَاء أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَابْن صديق والتنوخي وَابْن البيطار وَابْن الكشك الْحَنَفِيّ الدِّمَشْقِي والكمال عمر بن العجمي وَابْن أبي الْمجد والعراقي والهيثمي مفترقين مَعَ عدَّة من كتب الحَدِيث على ثالثهم وعَلى)
القَاضِي ابْن فَرِحُونَ بالرملة وَقَالَ أنابه الحجار ووزيرة وَمُسلمًا على الشهَاب بن المهندس أحد شُيُوخ شَيخنَا وَالشَّمْس بن الديري وكل مَا ذكره لست على وثوق من أَكْثَره لكَونه من إمْلَائِهِ على بعض أَصْحَابنَا مَعَ إِمْكَان أَكْثَره أَو كُله. وَقد حج وزار بَيت الْمُقَدّس مرَارًا وَتردد للقاهرة غير مرّة ثمَّ كَانَ استيطانه لَهَا من سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وتعاني التِّجَارَة فِي الْبر وقتا وَجلسَ فِي بعض الحوانيت بسوق أَمِير الجيوش وبواسطته عرف الشَّمْس الْبِسَاطِيّ شَيخنَا فَإِنَّهُ حكى أَن الْبِسَاطِيّ كَانَ يَوْمًا عِنْده فِي حانوته الْمشَار إِلَيْهِ وَحكى(1/176)
لَهُ أَنه سَأَلَ الزين الْعِرَاقِيّ عَن حَدِيث فَلم يستحضره قَالَ الْبُرْهَان فَلم نَلْبَث أَن اجتاز بِنَا ابْن حجر فَقلت للبساطي أَن هَذَا قد تقدم فِي الحَدِيث فَاسْأَلْهُ فَقَامَ إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ فاجابه وَأَنه رَاجع الْعِرَاقِيّ بعد بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فوافقه عَلَيْهِ انْتهى.
وَهَذِه الْحِكَايَة قد صحت لي من وَجه آخر وَلذَا أوردتها فِي الْجَوَاهِر والدرر وناب الْبُرْهَان بِبَعْض الْبِلَاد فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ ثمَّ لما اسْتَقر الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي الْقَضَاء أرسل بِهِ إِلَى الْمحلة لإقراء أَهلهَا ورتب لَهُ على أوقافها فِي كل شهر سِتّمائَة فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن ولاه الْهَرَوِيّ قضاءها فِي سنة سبع وَعشْرين وَكَذَا نَاب عَن شَيخنَا فِيهَا فِي سنة تسع وَعشْرين فِي منوف فِي سنة ثَلَاثِينَ وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت بِالْقَاهِرَةِ للْقَضَاء وَولي تدريس الْقرَاءَات بالظاهرية الْقَدِيمَة وتنازع هُوَ والسراج الْحِمصِي فِي الْبَيْت المرصد للمدرس ثمَّ ولي مشيخة مدرسة ابْن نصر الله بفوة وَأقَام بهَا وصنف كَمَا أملي أَيْضا فِي الْقرَاءَات والعربية وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه وأصوله فَأَما فِي الْقرَاءَات فالإسعاف فِي معرفَة الْقطع والاستئناف فِي مُجَلد وَاخْتَصَرَهُ فَسَماهُ لَحْظَة الطّرف فِي معرفَة الْوَقْف وَعمل كتابا متوسطا بَينهمَا سَمَّاهُ التَّوَسُّط بَين اللحظ والإسعاف والآلة فِي معرفَة الْفَتْح والإمالة فِي جُزْء لطيف ونكت على الشاطبية فِي مُجَلد لطيف وَحل الرَّمْز فِي وقف حَمْزَة وَهِشَام على الْهَمْز كَذَلِك وأنموذج حل الرَّمْز وأفرد رِوَايَة كل وَاحِد من السَّبْعَة على حِدة فِي مُجَلد كَبِير سَمَّاهُ عُمْدَة المحصل التَّمام فِي مَذَاهِب السَّبْعَة الْأَعْلَام ودرة الْقَارئ الْمجِيد فِي أَحْكَام الْقِرَاءَة والتجويد وَأما فِي الْعَرَبيَّة فشرح ألفية ابْن مَالك فِي مُجَلد لطيف وإعراب الْمفصل من الحجرات إِلَى آخر الْقُرْآن كَذَلِك ومرقاة اللبيب إِلَى علم الأعاريب فِي جُزْء لطيف ونثر الألفية النحوية وَشرح النّصْف الأول من فُصُول ابْن معطي وَأما فِي التَّفْسِير فحاشية على تَفْسِير الْعَلَاء التركماني الْحَنَفِيّ القَاضِي انْتهى فِيهَا إِلَى أول الْأَنْعَام فِي مُجَلد وَأما فِي الْفِقْه فمختصر الرَّوْضَة وصل فِيهِ إِلَى الرِّبَا وَشرح تَنْقِيح اللّبَاب)
للْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وصل فِيهِ إِلَى الْحَج وتوضيح مؤلفات ابْن الْحداد وَأما فِي أُصُوله فمختصر الورقات لإِمَام الْحَرَمَيْنِ. وَحدث ودرس وَأفْتى وانتفع بِهِ جمَاعَة فِي الْقرَاءَات والعربية وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْجمال البدراني صَحِيح البُخَارِيّ فِي سنة سِتّ وَعشْرين بخانقاه سعيد السُّعَدَاء وَعقد مجْلِس الأسماع ببلبيس وَغَيرهَا وانتفع بِهِ النَّاس فِي الْبِلَاد أَكثر وَمِمَّنْ لَازمه فَعرض عَلَيْهِ محافيظه ثمَّ تَلا عَلَيْهِ السَّبع الشهَاب بن أَسد الْآتِي وَأخذ عَنهُ السَّبع الزين عبد الغني الهيتمي والبرهان الفاقوسي الْآتِي قَرِيبا وَكَذَا(1/177)
الزين جَعْفَر لَكِن الى آخر آل عمرَان وَالشَّمْس المالقى الْمُحْصنَات وَآخَرُونَ وَعرضت عَلَيْهِ الْعُمْدَة وَكتب لي أَنه يَرْوِيهَا عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن عُثْمَان الخليلي وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين بن الزكي الكركي ثمَّ الاربلي سَمَاعا كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَحْمد ابْن عبد الدَّائِم سَمَاعا عَن جده سَمَاعا أَنا الْمُؤلف. وَكَانَ اماما عَالما عَلامَة بارعا مفننا مُتَقَدما فِي القراآت والعربية مشاركا فِي فنون أَلا أَنه لم تكن عَلَيْهِ وضاءة أهل الْعلم وَفِي كَلَامه تزيد وَرُبمَا نبز بأَشْيَاء الله اعْلَم بِصِحَّتِهَا حَتَّى صرح بالطعن فِي دَعْوَاهُ اخذ القراآت عَن بعض شُيُوخ ابْن الجزرى. وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يكن مدفوعا عَن علم وَقد ثقل لِسَانه مديدة من مرض حصل لَهُ بعد أَن كَانَ فصيحا. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين عَفا الله عَنهُ وَرَحْمَة وإيانا.
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن أبي بكر بن الشَّيْخ على الطرابلسي الْحَنَفِيّ نزيل المؤيدية من الْقَاهِرَة أَخذ فِي دمشق عَن جمَاعَة مِنْهُم الشّرف بن عيد وَقدم مَعَه الْقَاهِرَة حِين طلب لقضائها ولازم الصّلاح الطرابلسي وَرغب لَهُ عَن تصوفه بالمؤيدية لما أعْطى مشيخة الأشرفية وعد فِي النَّوَادِر وَأخذ عَن الديمي شرح ألفية الْعِرَاقِيّ للناظم وَعَن السنباطي أَشْيَاء وَكَذَا سمع على شرح مَعَاني الْآثَار والْآثَار لمُحَمد بن الْحسن وَغَيرهمَا وعلق عني بعض التآليف بل سمع على أبي السُّعُود الْعِرَاقِيّ وَالرِّضَا الأوجاقي وَهُوَ فَاضل سَاكن دين مِمَّن حضر بعد فِي أثْنَاء سنة أَربع وَتِسْعين بالقبة الدوادارية بَين يَدي السُّلْطَان وَعلم بِحَالهِ وفضله فأنعم عَلَيْهِ بِشَيْء ثمَّ قَرَّرَهُ فِي الجوالي المصرية عَن الكوراني وَنعم الصنع.
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن عبد الله الْهوى الصُّوفِي.
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَليّ المنوفي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن زين الدّين وَهُوَ لقب جده مِمَّن سمع هُوَ وَأَخُوهُ أَحْمد وأبوهما فِي مُسلم وَالنَّسَائِيّ بِقِرَاءَتِي واشتغل وتنزل فِي
الْجِهَات وصاهر الْبَدْر بن الشَّمْس الجلالي على ابْنَته وخدم تنبك قرا وتمول ثمَّ استلبه مَا حصله أوجله.
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى سعد الدّين بن الرئيس شرف الدّين بن مخاطة خَال البدري أبي الْبَقَاء بن الجيعان وأخوته والآتي أَبوهُ فِي مَحَله وَأمه مَوْطُوءَة لِأَبِيهِ مِمَّن كَانَ فِي ظلهم وَتكلم فِي أوقاف الصرغتمشية وَغَيرهَا وَسمع مَعَ بني أُخْته على ام هاني الهورينية وَمن كَانَ مَعَهُمَا ختم البُخَارِيّ وَغَيره وَلم يحمد فِي ديانته وَلَا مُبَاشَرَته. مَاتَ فِي رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين وَدفن بالقزافة وَكثر ذكره بالسوء سِيمَا من جمَاعَة الصرغتمشية.(1/178)
إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الصَّيْرَفِي أحد الْكتاب وَيعرف بِابْن فريعين مِمَّن يحضر بعض المواعيد ويتباله وَتزَوج التقي بن الرسام ابْنَته وَقطع الْأَشْرَف قايتباي يَده لاقْتِضَاء ذَلِك عِنْده وَبَلغنِي أَنه نَدم.
إِبْرَاهِيم بن مونس بن حميد بن عبد الرَّحْمَن الخليلي السوني من قراء الْقُرْآن. سمع مني بِمَكَّة فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَرجع لبلاده.
إِبْرَاهِيم بن نصر الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن هَاشم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن نصر الله بن أَحْمد الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَاق بن نَاصِر الدّين الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ سبط الْعَلَاء الْحَرَّانِي ووالد الْعِزّ أَحْمد الْآتِي. ولد فِي رَجَب أَو شعْبَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ واشتغل على أَبِيه وَغَيره وَنَشَأ على طَريقَة حَسَنَة ففوض إِلَيْهِ أَبوهُ نِيَابَة الحكم عَنهُ فباشرها بعقل وَسُكُون فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ اسْتَقر فِي الْقَضَاء الا كبر بعده فِي شعْبَان سنة خمس وَتِسْعين وعمره سبع وَعِشْرُونَ سنة فسلك فِي المنصب طَريقَة مثلى من الْعِفَّة والصيانة وبشاشة الْوَجْه والتواضع والتودد مَعَ التثبت فِي الْأَحْكَام والشهامة والمهابة وأحبه النَّاس ومالوا إِلَيْهِ أَكثر من وَالِده لما كَانَ عِنْد أَبِيه من التشدد والانقباض حَتَّى كَانَ الظَّاهِر برقوق يعظمه وَيرى لَهُ وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي ثامن ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَله أَربع وَثَلَاثُونَ سنة وَاسْتقر بعده أَخُوهُ موفق الدّين أَحْمد الْآتِي. ذكره شَيخنَا فِي دفع الأصر وأنبائه واستدركه بِاخْتِصَار على المقريزي حَيْثُ أهمله فِي تَارِيخ مصر لكنه ذكره فِي عقوده.
إِبْرَاهِيم بن نوح الهريبطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل تربة يلبغا من الصَّحرَاء وأدب الْأَطْفَال فَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن أَبُو السُّعُود الغراقي.
إِبْرَاهِيم بن أبي الْوَفَاء. مضى فِي ابْن دَاوُد بن مُحَمَّد بن عَليّ.
إِبْرَاهِيم بن يحيى بن سعد الدّين أبي الْفرج عبد الله سعد الدّين بن شرف الدّين ابْن بنت الملكي سبط منكلي وشقيق الجمالي يُوسُف الْآتِي وَهَذَا أصغرهما. ولد سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَنَشَأ فَقَرَأَ عِنْد جمَاعَة الْقُرْآن وَكتب وَرُبمَا اشْتغل يَسِيرا وصاهر الشّرف الْأنْصَارِيّ على ابْنة لَهُ ضريرة بل كَانَ الشّرف(1/179)
زوج أُخْته وَلِهَذَا كَانَ مِمَّن كلف بعد مَوته وَحج وَكَانَ كيسا. مَاتَ فِي لَيْلَة سَابِع جُمَادَى الأولى سنة خمس وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بالأزهر وَدفن بالقرافة وَله ذكر فِي عبد الْغَنِيّ بن عبد الله.
إِبْرَاهِيم بن يحيى الحسني الهدوي الصَّنْعَانِيّ من أكبر أدبائها الْمَوْجُودين بعد السّبْعين أَنْشدني نور الدّين الصَّنْعَانِيّ عَنهُ قَوْله من أَبْيَات:
(وذر ثوب الحيا فاذار وافى ... وَذَا ثوب الرّبيع العبقري)
(ربَاب المزن هامية حمانا ... وخد الارض من طرب ندي)
(وغرد طيرها حثوا كؤسا ... فَخير الْعَيْش صرف صرخدي)
(إِذا مَا استفها هرم أعادت ... لَهُ مَا يفعل الناشى الصَّبِي)
(وَكم محدودب كبرا حساها ... فجاءك وَهُوَ معتدل سوى)
(وَكم من مصمت شرب الحميا ... فَأصْبح وَهُوَ منطيق بِذِي)
(لَهَا روح سماوي بسيط ... لَهُ جسم زجاجي كسْرَى)
(إِذا صبَّتْ من الإبريق لَيْلًا ... أَتَى الإصباح وإنجاب الْعشي)
(فَخذهَا من يَدي رشأ أغن ... كَأَن جَبينه قمر مضى)
وتمامها عِنْدِي فِي التَّارِيخ الْكَبِير.
إِبْرَاهِيم بن أبي مزِيد الْحَنَفِيّ كتب عَنهُ فِي عرض سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَوَصفه الْكَاتِب وَهُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمُتَوَلِي بالشيخ الإِمَام الْقدْوَة وَرَأَيْت فِيمَن أَخذ عَنهُ خطيب مَكَّة النَّحْو وَالْأُصُول الْجمال بن أبي يزِيد المشهدي السَّمرقَنْدِي الْحَنَفِيّ وَكَأَنَّهُ هَذَا.
إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب بن عَليّ أَبُو إِسْحَاق الْحَنَفِيّ قَرَأَ البُخَارِيّ على النَّجْم بن رزين فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأَظنهُ تَأَخّر إِلَى هَذَا الْقرن.
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يُوسُف بن أبي الْفَتْح الْبُرْهَان الفاقوسي ثمَّ البلبيسي
الشَّافِعِي الرِّفَاعِي وَالِد عَليّ الْآتِي وَكَانَ يعرف قَدِيما بِابْن أبي الْفَتْح الَّذِي قيل أَنه من ذُرِّيَّة مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فَالله أعلم. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَتِسْعين بفاقوس من شرقية مصر وَقَرَأَ بهَا بعض الْقُرْآن على مُحَمَّد الزعيم ثمَّ انْتقل إِلَى بلبيس وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة سنة فأكمله بهَا على الْفَقِيه عَرَفَة بن الْفَقِيه حسن الْعمريّ وَحفظ الْبَهْجَة الوردية بعد حفظه الْمِنْهَاج وَعرضه على الْبُرْهَان الكركي الْمَاضِي قَرِيبا ثمَّ تَلا عَلَيْهِ السَّبع وَقَرَأَ عَلَيْهِ الصَّحِيح وَبحث عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج وَفِي الجرجانية(1/180)
النحوية وَأخذ علم الْوَقْت عَن الشهَاب البرديني بِالْقَاهِرَةِ وبرع فِيهِ وَصَحب الشهَاب أَحْمد الزَّاهِد وَغَيره وَأخذ عَنْهُم ثمَّ أَخذ عَن القاياتي فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَحج مرَّتَيْنِ وزار بَيت الْمُقَدّس وَأقَام ببلبيس يقرئ الْأَطْفَال دهرا وانتفعوا بِهِ فِي ذَلِك بِحَيْثُ لم يكن بهَا من هُوَ دونه فِي السن إِلَّا وَقد قرا عَلَيْهِ واشتهر بَينهم أَن من لم يقْرَأ عِنْده لم يَتَيَسَّر لَهُ إِكْمَال حفظ الْقُرْآن بل يُقَال أَيْضا أَن بعد مَوته مَا ختم أحد من أَهلهَا الْقُرْآن وَكَانَ هَذَا بلحظ ولي يُقَال لَهُ الشَّيْخ سليم لقِيه فِي أول أمره وَكَأَنَّهُ تضجر من ذَلِك فَقَالَ لَهُ يَا إِبْرَاهِيم اثْبتْ أَو كَمَا قَالَ. وَمِمَّنْ قَرَأَ عِنْده الزيني زَكَرِيَّا وَالشَّمْس بن الْعِمَاد والنور البلبيسي وَعمل أرجوزة فِي المولد النَّبَوِيّ تزيد على أَرْبَعمِائَة سطر قَليلَة الحشو غير بعيدَة من الْحسن لكنه لعدم مَعْرفَته للعروض كَانَت مُخْتَلفَة الأبحر كتبت عَنهُ بَعْضهَا وناولني سائرها وأولها:
(الْحَمد لله الحميد الصَّمد ... منور الأكوان بالممجد)
(مُحَمَّد خير الورى المكمل ... أهْدى إِلَيْنَا فِي ربيع الأول)
(أَعْلَام سعد الْمُصْطَفى قد نشرت ... فِي الْخَافِقين تلالات وتضوأت)
(فاح الْوُجُود بنشر عرف الْمُصْطَفى ... لما مَشى مَا بَين زَمْزَم والصفا)
(من قبل نشأة آدم أنواره ... قد سطرت فِي الْعَرْش لما اخْتَارَهُ)
وَكَانَ خيرا سَاكِنا مُعْتَقدًا بِبَلَدِهِ سِيمَا الْخَيْر عَلَيْهِ ظَاهِرَة لمثابرته على أَنْوَاع الْعِبَادَة ورغبته فِي الْقيام بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بِحَيْثُ لم يتْرك ببلبيس موطنا يتجاهر بِالزِّنَا فِيهِ وَأكْثر من إِرَاقَة الْخُمُور مَعَ الْمُحَافظَة على الأوراد صباحا وَمَسَاء وتلاوة جُزْء من الْقُرْآن والمنهاج والبهجة كل يَوْم وَاسْتقر فِي مشيخة الصُّوفِيَّة الَّتِي استجدها عِنْدهم ابْن الْمصْرِيّ التَّاجِر بسوق الشّرْب كَانَ بل حسنوا لَهُ الدُّخُول فِي الْحِسْبَة ليَكُون عونا لَهُ على مقاصده فباشرها مُجْتَهدا فِي النصح وَأدّى قبُوله للدخول فِيهَا إِلَى التسلط عَلَيْهِ فَلَزِمَ من ذَلِك أَن دخل بِأخرَة)
فِي الْقَضَاء أَيْضا بهَا نِيَابَة عَن النُّور البلبيسي أحد من قَرَأَ عِنْده لما اسْتَقل بقضائها وَلم يضْبط عَنهُ فِي الولايتين بِمَا ينقم عَلَيْهِ لَكِن كَانَ الأولى بِحَالهِ ترك الدُّخُول فيهمَا. وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ نادرة من نَوَادِر تِلْكَ النواحي وَمِمَّنْ اشْتهر بِالْخَيرِ وَالْعِبَادَة حَتَّى كَانَ الشَّيْخ مُحَمَّد الغمري يثني عَلَيْهِ ويجله. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ بعد أَن صلى الْعشَاء إِيمَاء وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بزاوية الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَلم يخلف بعده هُنَاكَ مثله رَحمَه الله ونفعنا ببركاته.(1/181)
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن التَّاجِر. مِمَّن سمع عَليّ بِمَكَّة.
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عَليّ الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَاق القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن العداس. ولد تَقْرِيبًا فِي الْعشْر الْأَوْسَط من رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل بالفقه والقراءات وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على أكمل الدّين شَرحه للهداية وَغَيره وعَلى التقي بن الْبَغْدَادِيّ الصَّحِيحَيْنِ على الْجمال بن خير أَولهمَا وَفضل بِحَيْثُ نَاب فِي الْقَضَاء وَحدث سمع مِنْهُ الزين رضوَان وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الفوي وَرُوِيَ عَنهُ بِالْإِجَازَةِ التقي الشمني.
مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان. وَلم يذكرهُ شَيخنَا.
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عِيسَى الفرنوي ثمَّ القاهري مِمَّن كتب على الزين بن الصَّائِغ وبرع وتصدى للتكسب فَانْتَفع بِهِ خلق مِنْهُم يسن الجلالي والجلال عبد الله الهيثمي وَيحيى بن يشبك الْفَقِيه. وَكَانَ خيرا مبارك التَّعْلِيم. مَاتَ أَظُنهُ بعيد السّبْعين قبل سنة خمس وَسبعين وَقد كف.
وَهُوَ عَم مُحَمَّد بن عَليّ الفرنوي نزيل الحسينية وَأحد من كتب عَلَيْهِ أَيْضا.
إِبْرَاهِيم بن الْعَلامَة الْجمال أبي المظفر يُوسُف بن مُحَمَّد بن مَسْعُود السرمري ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ الْعَطَّار. ولد فِي حُدُود الْخمسين وَسَبْعمائة وأسمع على ابْن الخباز جُزْءا فِيهِ أَحَادِيث رَوَاهَا أَحْمد عَن الشَّافِعِي وَفِي آخِره حديثان رَوَاهُمَا النَّسَائِيّ عَن عبد الله بن أَحْمد عَنهُ وعَلى بشر بن إِبْرَاهِيم بن بشر البعلي الفامي جُزْء أبي سهل الصعلوكي وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء روى لنا عَنهُ ذَلِك عبد الْكَافِي بن الذَّهَبِيّ. قَالَ شَيخنَا أجَاز لي وَمَات فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة ثَلَاث بِدِمَشْق. ابراهيم بن يُوسُف بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن عبد الله الْبُرْهَان القرماني الْحَنَفِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ سبطه الشهَاب أَحْمد بن عَليّ بن اسحاق الْآتِي البُخَارِيّ كَمَا ذكر.
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن علم الدّين بن محب الدّين برهَان الدّين الفارسكوري الشَّافِعِي شَقِيق المحمدين شمس الدّين وزين الدّين وَالِد أبي الطّيب وَإِبْرَاهِيم أكبر من أَخَوَيْهِ وَيعرف بِابْن
الْفَقِيه. تَلا للسبع على الْمُقْرِئ إِبْرَاهِيم البوصيري وَأخذ فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا عَن الشَّمْس الحريري وَغَيره وَجل انتفاعه بِأَبِيهِ وَأَنْشَأَ بِبَلَدِهِ مدرسة تُقَام بهَا الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات وَكَانَ يجلس فِيهَا للإقراء بِحَيْثُ انْتفع بِهِ جمَاعَة من الْأَبْنَاء وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الزين عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الفارسكوري(1/182)
حَتَّى كَانَت وَفَاته بِبَلَدِهِ تَقْرِيبًا قبيل السّبْعين وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم بن يُوسُف الحمامي القاهري الْأَزْهَرِي وَالِد أحد طلبة الْمَالِكِيَّة الْجمال يُوسُف الْآتِي وَيعرف بِابْن عراف. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين فَجْأَة فِي مغطس الْحمام عَفا الله عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن يُونُس بن مَحْمُود الأوغاني العجمي سمع عَليّ بِمَكَّة.
إِبْرَاهِيم سعد الدّين بن علم الدّين الباسطي الْمُبَاشر وَيعرف بالصغير بِالتَّصْغِيرِ كَاتب لباب نَاظر الْجَيْش الزيني عبد الباسط مِمَّن رسم عَلَيْهِ فِي محنته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَبعدهَا ثمَّ خلص وخدم الجمالي نَاصِر الْخَاص فَمن يعده وَعمر دهرا وَصَارَ يكْتب وصولات الْأُضْحِية الخاصية وَنَحْو ذَلِك. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد أَن كف ثمَّ رأى وَكَانَ مِمَّن يَتْلُو الْقُرْآن وَفِيه خير رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم سعد الدّين بن فَخر الدّين القبطي أَبوهُ وَالْمَعْرُوف بِابْن السكر والليمون وَأمه خَدِيجَة ابْنة التقي بن الْبَدْر بن السراج البُلْقِينِيّ. ولد فِي رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أمه وتدرب فِي الْكِتَابَة وَكَانَ بِبَاب كَاتب السِّرّ وَولده لاعتنائهما بِأُمِّهِ وقتا ثمَّ خدم بعض الْأُمَرَاء وَيذكر بحذق وذكاء فِي بَابه مَعَ حرص وَقد اسْتَقر بعد الشّرف إِبْرَاهِيم بن مخاطة الْمَاضِي قَرِيبا فِي أوقاف الصرغتمشية وَتعرض لَهُ أميره بالغرامة مرّة بعد أُخْرَى وَكَاد أَن يتضعضع.
إِبْرَاهِيم صارم الدّين بن نَاصِر الدّين بن الحسام الصقري. مضى فِيمَن أَبوهُ مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم ابْن أخي ابْن الزَّمن. هُوَ ابْن عبد الْكَرِيم بن عمر. مضى.
إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْفراء نزيل الْمدرسَة الصالحية من الْقَاهِرَة وَيعرف بِابْن الأبله رجل صَالح منور سليم الْفطْرَة صحب ابْن زكنون وَأَبا شعر وَابْن دَاوُد وَغَيرهم من سَادَات الْحَنَابِلَة وعادت عَلَيْهِ بركتهم وَحفظ عَنْهُم آدابا وفضائل وَقدم الْقَاهِرَة فقطن صالحيتها وَلم يعْدم من يحسن لَهُ لسذاجته عمل الكيمياء بزعمهم فَكَانَ ينْفد مَا يحصله من كد يَمِينه)
وَغَيره فِي ذَلِك بِحَيْثُ يصير مملقا وَرُبمَا ليم فِي ذَلِك وَهُوَ لَا ينكف وَكَذَا كَانَ يعْتَقد تملك ابْن عُثْمَان ملك الرّوم الديار المصرية ويترجى التَّوَصُّل لحقه الَّذِي كَانَ سَببا لمجيئه الْقَاهِرَة وَلم يحصل مِنْهُ على طائل وَلَا يعْدم من يمشي مَعَه على سَبِيل المماجنة فِي حقية ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فِي الْخَيْر بمَكَان وعَلى ذهنه فَوَائِد. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بالبيمارستان المنصوري وَدفن بجوار الشَّمْس الأمشاطي وَهُوَ مِمَّن كَانَ يَعْتَقِدهُ وَيحسن إِلَيْهِ(1/183)
كثيرا مَعَ انكاره عَلَيْهِ مَا قَدمته بِحَيْثُ كَانَ يَقُول لَهُ أود لَو تيَسّر لي مَا تنفقه فِي هَذِه المحنة من كدك لآكل مِنْهُ أَو نَحْو هَذَا وَأَظنهُ جَازَ السّبْعين وَنعم الرجل كَانَ رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
إِبْرَاهِيم بن الْأَصْبَهَانِيّ الْخياط أحد المعتبرين فِي صَنعته مَعَ خير وعصبية ومحافظة على الصَّلَوَات واعتقادا للْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ. مَاتَ فِي شعْبَان سنة أَربع وَتِسْعين بعد أَن عرض لَهُ فِي رجلَيْهِ مَا اقْتضى عدم مَشْيه إِلَّا الْيَسِير مُعْتَمدًا على الْعَصَا وَكَانَت ورشته تجاه الْمَسْجِد الَّذِي جدده الاستادار تغري بردي من الخشابين رَحمَه الله.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين بن البحلاق البعلي الْحَنْبَلِيّ مِمَّن أَخذ عَنهُ الْفِقْه قَاضِي بَلَده الصَّدْر عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد اليونيني وَغَيره وَكَانَ شيخ الْحَنَابِلَة ومدرسهم ومفتيهم هُنَاكَ. مَاتَ بهَا فِي الْعشْر الْأَوْسَط من شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين وَيُقَال إِنَّه سمع كثيرا.
إِبْرَاهِيم بن الْبَقَّال. يَأْتِي قَرِيبا فِي إِبْرَاهِيم السلماسي.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين بن التقي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ أحد نواب الحكم بِدِمَشْق. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين. أرخه ابْن اللبودي.
إِبْرَاهِيم بن الجندي أحد مؤذني الركاب وَهُوَ بالمفتي أشهر. مَاتَ فِي أَوَائِل سنة خمس وَسبعين وَكَانَ صُحْبَة الْعَسْكَر.
إِبْرَاهِيم بن الْحَمَوِيّ. فِي ابْن مَحْمُود بن عبد الرَّحِيم بن أبي بكر.
إِبْرَاهِيم بن خطيب عذراء. فِي ابْن مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر.
إِبْرَاهِيم بن قنديل. يَأْتِي قَرِيبا فِي إِبْرَاهِيم الشَّامي.
إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْحَاق الْمُقِيم بَين الطواحين تَحت قنطرة قديدار وَيعرف بِابْن الزيات كَانَ مُعْتَقدًا معدودا فِي المجاذيب مَقْصُودا بالزيارة ويحكي عَنهُ زواره كثيرا من الْكَشْف والخوارق. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ بِمحل إِقَامَته وَدفن هُنَاكَ. ذكره ابْن)
الْمُنِير وَغَيره.
إِبْرَاهِيم سعد الدّين القبطي الناصري وَيعرف بِابْن الْمرة كَانَ خدم فِي جِهَات وَولي نظر الدِّيوَان الْمُفْرد فِي الْأَيَّام الأشرفية برسباي ثمَّ صرف وَولي نظر بندر جدة وَحصل مِنْهَا ثروة زَائِدَة ودام فِيهِ مُدَّة واشتهر بِهِ وعد فِي الرؤساء بعد أَن كَانَ يخْدم فِي دواوين الْأُمَرَاء كأركماش الجلباني نَاظر طرابلس وَكَانَ يَحْكِي أَنه ضبط المتحصل من مكس الْقطن الموسوق للفرنج بميناء طرابلس(1/184)
فِي بعض السنين فجَاء نَحْو ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَذَلِكَ شَيْء غَرِيب واتصل فِي رياسته بالتزوج بِأم الزيني بن مزهر فِي صغره وَكَانَ كَرِيمًا بل مُسْرِفًا محبا فِي الْفَخر مَذْكُورا ببر وَخير فِي الْجُمْلَة بِحَيْثُ أَنه جدد جَامع جدة بل وَجعل على جلّ المراكب شَيْئا يُؤْخَذ مِنْهُم فِي كل سنة لمصالحه وَكَانَ هَذَا من حَسَنَاته. وَأورد لَهُ شَيخنَا فِي أنبائه أَنه صَالح الْعَرَب فِي قَضِيَّة اتّفقت لَهُ فِي طَرِيق الْحجاز بِمِائَة دِينَار أَو أَكثر وَآل أمره إِلَى أَن تعطل وخمل وافتقر بِحَيْثُ احْتَاجَ إِلَى سُؤال النَّاس حَتَّى مَاتَ وَقد قَارب السّبْعين بِالْقَاهِرَةِ فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر ربيع الآخر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَتصدق عَلَيْهِ بالكفن وَذكره المقريزي بِاخْتِصَار جدا.
إِبْرَاهِيم بن برهَان الدّين الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الملاح. فِي ابْن عَليّ.
إِبْرَاهِيم بن المهندس التَّاجِر فِي سوق أَمِير الجيوش. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشري شَوَّال سنة إِحْدَى وَسبعين.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الْحلَبِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي النَّحْوِيّ أَظُنهُ ابْن حُسَيْن بن يُوسُف بن هبة الله كَانَ يَحْكِي أَنه كَانَ فِي أول أمره حدادا وَأَن أُصْبُعه أُصِيب فِيهَا وَأَنه كَانَ يحسن التِّجَارَة وَنَحْوهَا ثمَّ أقبل على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وتميز فِي الْعَرَبيَّة والفرائض والحساب تميزا نسبيا وَسمع على الْبُرْهَان الْحلَبِي ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وَأخذ فِيهَا عَن التقي الشمني وَغَيره ودرب ولدا لَهُ فِي الْإِعْرَاب وَكَانَ يستصحبه مَعَه للأكابر فيعرب بحضرتهم مَا يقترح عَلَيْهِ فَذكر بَينهم لذَلِك وَصَارَ يتَرَدَّد للزيني بن مزهر وَغَيره من الرؤساء وَأَبْنَائِهِمْ كَابْن حجي وَابْن الْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الْأَشْقَر وَابْن الشّحْنَة وَابْن نَاظر الْخَاص فيتدربون بِهِ وَله جامكية عِنْد كل مِنْهُم وَرُبمَا تقرر فِي بعض الْجِهَات كالبيبرسية والجمالية بعنايتهم بِحَيْثُ تمول من ذَلِك وَغَيره لقلَّة مصروفه وَوجد لَهُ فِيمَا بَلغنِي نَحْو ألف دِينَار مِمَّا لم يكن يظنّ بعضه. مَاتَ فَجْأَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي)
عشر الْمحرم سنة خمس وَسبعين وَتكلم بعد مَوته فِي عقيدته وَلم يكن بالنير لكنه كَانَ لين الْجَانِب مَعَ جمود وَنقص فهم وَالله أعلم بِحَقِيقَة أمره.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الدِّمَشْقِي الْمَالِكِي باني الْحمام شَرْقي مَسْجِد الْقصب من دمشق. مَاتَ فِي سَابِع ربيع الآخر سنة سبع وَخمسين وَدفن بمقبرة بَاب توما رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الدمياطي نَاظر الْمَوَارِيث. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان. أرخه الْعَيْنِيّ.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الزرعي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد الْآتِي. مَاتَ(1/185)
قبل وَلَده بسنوات لَعَلَّه بعيد السّبْعين وَقد أسن وَكَانَ فَقِيها وَرُبمَا أنكر على وَلَده اشْتِغَاله بالعقليات وَنَحْوهَا فَكَانَ ابْنه يَقُول أَنه كبر كَأَنَّهُ يلمح بخرفه.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين السنهوري الْمَالِكِي شيخ تَلا عَلَيْهِ لأبي عَمْرو النُّور عَليّ الطنباوي وَقَالَ لَهُ أَنه كَانَ عَالما بالقرآآت نحويا أصوليا فرضيا وَمَا رَأَيْت من ذكره غَيره.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين صَاحب سيواس كَذَا سَمَّاهُ ابْن خطيب الناصرية وَهُوَ غلط وَصَوَابه أَحْمد قَالَ شَيخنَا ويتعجب من خفائه عَلَيْهِ.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الْحَنْبَلِيّ الصَّواف. مضى فِي ابْن عمر.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين الْفَزارِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. وَكَانَت لَدَيْهِ فَضِيلَة فِي الْفِقْه وَغَيره وَيقْرَأ عَلَيْهِ صغَار الطّلبَة. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشري شعْبَان سنة ثَلَاث وَخمسين. أرخه ابْن اللبودي.
إِبْرَاهِيم برهَان الدّين انقيراوي الْحِمصِي الشَّافِعِي أَخذ عَن الْجمال بن خطيب المنصورية وَغَيره وَكَانَ من نظراء بلديه الْبَدْر بن العصياتي درس وَأفْتى وانتفع بِهِ جمَاعَة. مَاتَ فِي الطَّاعُون سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين.
إِبْرَاهِيم سعد الدّين أَبُو غَالب بن عُوَيْد السراج. فِي الكنى.
إِبْرَاهِيم سعد الدّين بن نَاظر الْجَيْش وخال الولوي بن تَقِيّ الدّين البُلْقِينِيّ. مضى فِي ابْن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف.
إِبْرَاهِيم صارم الدّين الشهابي وَالِي ثغر أسوان قَتله أَوْلَاد الْكَبِير فِي سنة إِحْدَى وَاسْتقر عوضه مقبل أحد المماليك السُّلْطَانِيَّة.)
إِبْرَاهِيم صارم الدّين الذَّهَبِيّ الدِّمَشْقِي أحد قراء السَّبع كتب عَنهُ البدري فِي مَجْمُوعه قَوْله:
(وللشامة السَّوْدَاء فِي سرة الَّذِي ... هويت معَان فائقات مدققه)
(كنقطة مسك فَوق حقة مرمر ... فَإِن أنكروها قلت فَهِيَ محققه)
وَقد حج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين موسميا.
إِبْرَاهِيم الأبودري الْمَالِكِي. هُوَ ابْن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن مضى.
إِبْرَاهِيم الأخضري المغربي. مضى فِي ابْن مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم الاصفاني المهتار زوج ابْنة الْعِزّ عبد الْعَزِيز الزمزمي مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ بِمَكَّة.
إِبْرَاهِيم الْبَاجِيّ ثمَّ التّونسِيّ إِمَام متميز فِي الْفَرَائِض مشارك فِي غَيرهَا مَعَ(1/186)
تقشف وتقلل وولاه عُثْمَان الْعَدَالَة فباشرها وَلم تطل مدَّته بل مَاتَ قريب التسعين. أفادنيه ابْن حَاتِم وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ.
إِبْرَاهِيم البلباسي قَاضِي طرابلس. ذكره ابْن عزم مُجَردا.
إِبْرَاهِيم اللملوسقي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه أحد الْفُضَلَاء فِي مَذْهَب الشَّافِعِي مَعَ الدّين والخط الْحسن والانجماع. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث.
إِبْرَاهِيم التازي المغربي كَانَ صَالحا عَالما لَهُ قصائد بديعة. مَاتَ فِي سنة سِتّ سِتِّينَ. أرخه لي بعض فضلاء المغاربة.
إِبْرَاهِيم البرشكي التّونسِيّ. مِمَّن أَخذ عَنهُ القَاضِي عبد الْقَادِر بِمَكَّة الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا.
إِبْرَاهِيم الحتاتي مضى فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم الحصحاص قَاضِي سوسه. ذكره ابْن عزم هَكَذَا.
إِبْرَاهِيم الْخُدْرِيّ. فِي الأخضري وَأَنه ابْن مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم الخنجي. فِي ابْن مُحَمَّد بن مبارز بن مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم الرَّمْلِيّ نِسْبَة لرملة أتريب من الشرقية ويشهر بِعَبْد ربه أحد جمَاعَة أبي عبد الله الْعمريّ ثمَّ مَدين. مَاتَ بخلوته من جَامع الزَّاهِد فِي صفر سنة ثَمَان وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ وَقت صَلَاة الْجُمُعَة ثمَّ دفن بتربة الْجَامِع الْمُجَاورَة لخلوته وَشهد دَفنه جمَاعَة كَثِيرُونَ وَكَانَ مِمَّن)
يذكر بالصلاح وَرُبمَا لقن الذّكر مَعَ إِنْكَار بعض رفقائه عَلَيْهِ ذَلِك رَحمَه الله وإيانا.
إِبْرَاهِيم الزايرجي نزيل دمياط. مَاتَ فِي إِبْرَاهِيم الزرعي الدِّمَشْقِي. مضى قَرِيبا فِي الملقبين ببرهان الدّين. .
إِبْرَاهِيم الزواوي. هُوَ ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى.
إِبْرَاهِيم السطوحي الميداني أحد المعتقدين. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن بزاويته بميدان الْقَمْح ظَاهر بَاب القنطرة من الْقَاهِرَة. أرخه الْمُنِير.
إِبْرَاهِيم السلماسي الصُّوفِي وَيعرف بِابْن الْبَقَّال مِمَّن انْتفع بِهِ فِي التصوف ابْن الشماع وعظمه جدا وَوَصفه بسيدي ومرشدي مرشد الْخلق أبي الْحق الشَّيْخ(1/187)
الإِمَام الْقُدْرَة الْكَامِل برهَان الْملَّة وَالدّين وَقَالَ أَنه أَخذ عَن الْمُحَقق عماد الدّين إِسْمَاعِيل عَن الإِمَام الرفيع الْمقَام عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل عَن الْعَارِف أبي الْعَبَّاس أَحْمد الكوربار عَن الشَّيْخ لالا وَالْمجد الْبَغْدَادِيّ عَن النَّجْم الْكُبْرَى انْتهى.
وَيحْتَاج إِلَى تَحْرِير وَقَالَ أَيْضا أَن صَاحب التَّرْجَمَة أَخذ عَن الشَّيْخ عبد الله العجمي الَّذِي عمر مائَة سنة وَهُوَ عَن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي وَهَذَا شَيْء لَا يعتمده أهل الحَدِيث.
إِبْرَاهِيم السنهوري الْمَالِكِي. مضى فِي الملقبين ببرهان الدّين قَرِيبا.
إِبْرَاهِيم السيروان. مَاتَ فِي مستهل سنة أَربع وَسِتِّينَ.
إِبْرَاهِيم الشَّامي أحد التُّجَّار يعرف بِابْن قنديل. مَاتَ بِمَكَّة فِي سَابِع رَجَب سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد أَن أوصى بميراث مِنْهَا للعدول بِمِائَة دِينَار بل أحضر جمَاعَة فرق عَلَيْهِم البُخَارِيّ من ريعه وَهُوَ ضَعِيف وَأعْطى كلا مِنْهُم دينارين وَجَاء الْوَلَد فنازع العذول واتهمه ثمَّ كف.
إِبْرَاهِيم صَاحب سيواس. مضى قَرِيبا فِي الملقبين برهَان الدّين وَأَن صَوَابه أَحْمد.
إِبْرَاهِيم صَاحب شماخي وَتلك النواحي قدم حلب صُحْبَة تمرلنك لما دخل إِلَى الْبِلَاد الشامية فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وَاسْتمرّ حاكمها فَلَمَّا ملك قرا يُوسُف توريز وَمَا والاها جمع عساكره وتهيأ لقتاله فَكَانَت الكسرة عَلَيْهِ وَلَكِن بعد أَن أمْسكهُ قرا يُوسُف أطلقهُ وَأَعْطَاهُ بِلَاده فَتوجه إِلَيْهَا وَاسْتمرّ تَحت طَاعَته حَتَّى مَاتَ بعد سنة عشْرين أَو فِي حُدُودهَا. ذكره ابْن خطيب الناصرية وَكَذَا شَيخنَا فِي أنبائه لَكِن بِاخْتِصَار جدا.
إِبْرَاهِيم الصَّواف الْحَنْبَلِيّ. فِي ابْن عمر.
إِبْرَاهِيم الطنساوي أحد المباشرين. مضى فِي ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق.
إِبْرَاهِيم العجلوني اثْنَان اسْم أَبِيهِمَا أَحْمد بن حسن فأحدهما اسْم جده حسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد وَالْآخر حسن بن خَلِيل بن مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم العجمي الكتبي. مضى فِي ابْن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى.
إِبْرَاهِيم العجمي الكهنفوشي خَليفَة الشَّيْخ عَليّ كهنفوشي الْآتِي. مَاتَ يَوْم الْأَحَد تَاسِع جُمَادَى الأولى سنة تسع وَخمسين وَدفن بزاويته بِقرب المطبق. ذكره الْمُنِير.
إِبْرَاهِيم الغنام رجل فِي نواحي الحسينية من الْقَاهِرَة مُعْتَقد للخاصة والعامة مَشْهُور بالصلاح.
مَاتَ هُنَاكَ وَقد عمر فِي يَوْم الْخَمِيس مستهل ربيع الآخر سنة سبعين وَصلى عَلَيْهِ الشّرف الْمَنَاوِيّ على بَاب جَامع الأنور عِنْد خَان السَّبِيل(1/188)
من الحسينية فِي جمع حافل وَرَجَعُوا بِهِ إِلَى منزله فَدفن فِي قبر أعده لَهُ هُنَاكَ فِي حَيَاته وَكنت مِمَّن رَآهُ وَهُوَ يَسُوق غنم المعزى وَيبِيع لَبنهَا ودعا لي رَحمَه الله ونفعنا ببركاته. قلت لَا شكّ فِي صَلَاحه وَقد رَأَيْته مَالا أحصيه كَثْرَة لكَون مَسْكَنه بِالْقربِ من الخطة الَّتِي بهَا مَحل سكني وَكَانَ كثير الْمحبَّة لي والإقبال عَليّ بِحَيْثُ أَنِّي كلما اجْتمعت بِهِ يُبَادر بِالدُّعَاءِ لي مَعَ مزِيد البشاشة وإيناسه بِالْحَدِيثِ معي وَتَبَسم وَقد عَادَتْ عَليّ نفحاته وَبَرَكَاته ونفعني دعاؤه وَكنت أُصَلِّي مَعَه الْجُمُعَة غَالِبا بِجَامِع الأنور وأستأنس بجلوسي مَعَه رَغْبَة فِي دُعَائِهِ واغتناما لرُؤْيَته وَكَانَ يُقَال أَنه صَاحب الْوَقْت بِحَيْثُ أَن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم المتبولي كَانَ حِين نُزُوله بِظَاهِر الحسينية يجْتَمع بِهِ كَمَا سبق فِي تَرْجَمته وَمَا علمت تردده لأحد من بني الدُّنْيَا وَلَا قبُوله من أحد شَيْئا مَعَ التَّوَاضُع وَالسُّكُوت وتلطف معي مرّة بعد صَلَاتي بجانبه عيد الْأَضْحَى فِي قَضِيَّة فاعتذرت لَهُ بِمَا يَمْنعنِي من فعلهَا فَقبل عُذْري وَقَالَ راحتك عِنْدِي مُقَدّمَة على السَّائِل فِيهَا أَو نَحوه وَكَانَ يترحم على وَالِدي حِين اجتماعي بِهِ وَرُبمَا أثنى عَليّ فَأسر بذلك رَحمَه الله تَعَالَى وَأعَاد عَليّ من بركته وَالله تَعَالَى أعلم.
إِبْرَاهِيم الفرنوي أحد الْكتاب. فِي ابْن يُوسُف بن عِيسَى.
إِبْرَاهِيم الْقَزاز الْمُقْرِئ قَرَأَ عَلَيْهِ عبد الْقَادِر الطوخي الْقُرْآن لأبي عَمْرو وَابْن كثير.
إِبْرَاهِيم الْكرْدِي. اخْتلف فِي اسْم أَبِيه فَقيل خَلِيل وَقيل عبد الْكَرِيم وَتقدم فِي ابْن عبد الْكَرِيم.
إِبْرَاهِيم اثْنَان ابْن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الإِمَام وَابْن مُوسَى بن بِلَال المقرى.
إِبْرَاهِيم الكلبشي. فِي ابْن مُحَمَّد.
إِبْرَاهِيم الماقريزي الْحلَبِي شيخ قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن صاحبنا الْبُرْهَان القادري فِي ابْتِدَائه وَمَا علمت شَيْئا من خَبره.
إِبْرَاهِيم المتبولي. هُوَ ابْن عَليّ بن عمر.
إِبْرَاهِيم المغربي الشهير بالحاج لكَونه كَانَ يغْضب مِنْهَا فَصَارَت لقبا لَهُ كَانَ من قراء السَّبع مِمَّن قَرَأَ على مَيْمُون إِمَام الفخار مَعَ صَلَاح وَخير. مَاتَ فِي سنة سبع وَسِتِّينَ. أَفَادَهُ لي بعض أَصْحَابنَا المغاربة.
إِبْرَاهِيم الملكاوي. لَهُ ذكر فِي عمر بن عبد الله بن عمر بن دَاوُد وَهُوَ ابْن مُحَمَّد بن رَاشد.
إِبْرَاهِيم النَّاجِي. فِي ابْن مُحَمَّد بن مَحْمُود.(1/189)
إِبْرَاهِيم الْهِنْدِيّ الْحَنَفِيّ شيخ أَخذ عَنهُ الْبُرْهَان بن ظهيرة بِمَكَّة الْعَرَبيَّة والمعاني وَالْبَيَان وأجوز أَن يكون الْكرْدِي فَالله أعلم.
أبرك الْحكمِي أحد أُمَرَاء دمشق تنقل بعد أستاذ جكم المتغلب على حلب إِلَى أَن صَار فِي الْأَيَّام الأشرفية برسباي من أَعْيَان الخاصكية ثمَّ نقل إِلَى طبلخاناة دمشق حَتَّى مَاتَ بهَا ظنا قبيل الْأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ مُسْرِفًا على نَفسه عَفا الله عَنهُ.
أبرك الأشرفي برسباي أحد العشرات من نَاحيَة جَامع طولون. مَاتَ فِي حادي عشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَكَانَ شريرا.
اجترك القاسمي فِي مُشْتَرك.
أَجود بن زامل الْعقيلِيّ الجبري نِسْبَة لجد لَهُ اسْمه جبر وَلذَا يُقَال لَهُ ولطائفته بَنو جبر النجدي الأَصْل الْمَالِكِي مولده ببادية الحسا والقطيف من الشرق فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَقَامَ أَخُوهُ سيف على آخر وُلَاة الجراونة بقايا القرامطة حِين رام قَتله وَكَانَ الظفر لسيف بِحَيْثُ قَتله وانتزع الْبِلَاد الْمشَار إِلَيْهَا وملكها وَسَار فِيهَا بِالْعَدْلِ فدان لَهُ أَهلهَا وَلما مَاتَ خَلفه أَخُوهُ هَذَا بل اتسعت لَهُ مَمْلَكَته بِحَيْثُ ملك الْبَحْرين وعمان ثمَّ قَامَ حَتَّى انتزع مملكة هرموز ابْن أَخ لصرغل كَانَ اسْتَقر فِيهَا بعد موت أَبِيه وضيق على الابْن الْمشَار إِلَيْهِ وَصَارَ صرغل يبْذل لَهُ مَا كَانَ يبذله لَهُ أَخُوهُ أَو أَزِيد وَصَارَ رَئِيس نجد ذَا أَتبَاع يزِيدُونَ على الْوَصْف مَعَ فروسية تعدّدت فِي بدنه جراحات كَثِيرَة بِسَبَبِهَا وَله إِلْمَام بِبَعْض فروع)
الْمَالِكِيَّة واعتناء بتحصيل كتبهمْ بل اسْتَقر فِي قَضَائِهِ بِبَعْض أهل السّنة مِنْهُم بعد أَن كَانُوا شيعَة وَأَقَامُوا الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات وَأكْثر من الْحَج فِي أَتبَاع كثيرين يبلغون آلافا مصاحبا للتصدق والبذل وَغَيرهم. أَفَادَ حَاصله السَّيِّد السمهودي وَبَالغ معي فِي شَأْنه وَهُوَ مِمَّن يكثر الْبَذْل لَهُ.
أَجود بن سيف بن زامل الجبري. مَاتَ فِي
أجيرك فِي جيربك بِدُونِ همز.
(ذكر الأحمدين)
أَحْمد بن آق برس بِالسِّين الْمُهْملَة آخِره وَرُبمَا قلبت صادا ابْن بلغاق بن كنجك ابْن نَار قمس الْمسند شهَاب الدّين الْخَوَارِزْمِيّ الكنجي الأَصْل الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي وَرَأَيْت شَيخنَا فِي فَوَائِد أبي بكر بن أبي الهيتم من فهرسته قطع حُرُوف نسبته(1/190)
وضبطها ك ن ج ك ى. ولد سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمع من إِسْحَاق بن يحيى الْآمِدِيّ وَمُحَمّد بن عبد الله بن الْمُحب وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سبع وَعشْرين الختني والدبوسي ووجيهة وَابْن القماح والمزي والبرزالي وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الواني وَغَيرهم من المصريين والشاميين.
وروى لنا عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم الزين شعْبَان وَابْن عَمه شَيخنَا وَقَالَ أَنه كَانَ حسن الْخلق خيرا وَكَذَا سمع مِنْهُ من شُيُوخنَا الْعِزّ عبد السَّلَام الْقُدسِي وَذكره المقريزي فِي عقوده. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وجده ذكره القطب الْحلَبِي فِي تَارِيخ مصر وَأَنه سمع من عبد الدَّائِم. وَمَات بِمصْر سنة تسع وَسَبْعمائة.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب الشهَاب ولقبه شَيخنَا بالضياء أَبُو الْعَبَّاس المرشدي الفوي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي سبط الْجمال مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمُعْطِي وأخو الْجمال مُحَمَّد والجلال عبد الْوَاحِد. ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَحضر بهَا فِي الْخَامِسَة على الْعِزّ بن جمَاعَة منسكه الْكَبِير وتساعياته الْأَرْبَعين وَغير ذَلِك وعَلى اليافعي الصَّحِيح وَسمع على الزين بن الْقَارِي جُزْء ابْن الطلاية وعَلى جده لأمه صَحِيح ابْن حبَان وَغير ذَلِك وعَلى زَيْنَب ابْنة أَحْمد بن مَيْمُون التّونسِيّ والأختين أم الْحسن وَأم الْحُسَيْن الْمُسَمَّاة كل مِنْهُمَا فَاطِمَة ابْنة أَحْمد بن الرضي الطَّبَرِيّ فِي آخَرين بل ذكر أَنه سمع بِالْقَاهِرَةِ من ابْن الشَّهِيد نظم السِّيرَة لَهُ وبدمشق من الْمُحب الصَّامِت الْكثير وَأَجَازَ لَهُ بن رَافع والأسنائي والبهاء السُّبْكِيّ والكمال بن حبيب وَعمر بن إِبْرَاهِيم النقبي وَابْن قواليح وَابْن الهبل وَابْن النَّجْم)
وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَغَيرهم وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالتقي بن فَهد وولديه والأبي والبرهان بن ظهيرة. وَمَات فِي ظهر يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة بعد أَن أضرّ وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر ثمَّ دفن بالمعلاة وَكَانَت جنَازَته حافلة وَهُوَ مِمَّن ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار وَقَالَ أجَاز لأولادي بإفادة المراكشي وَقَالَ فِي أنبائه أَنه حدث قبل مَوته بِسنة بشرح السّنة لِلْبَغوِيِّ بإجازته من بعض شُيُوخه وَمن قبل مَوته بِشَهْر بالشمائل بإجازته من الصّلاح. وأرخ مولده سنة سِتِّينَ ووفاته يَوْم الْخَمِيس وَالْأول فيهمَا أثبت. وَذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن ثَابت الشهَاب النابلسي الْمَاضِي أَبوهُ. نَشأ فحفظ الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وَعرض على الزين خطاب وَغَيره واشتغل(1/191)
فِي الْعَرَبيَّة على أبي الْعَزْم الحلاوي ولازم خطابا والنجم بن قَاضِي عجلون وَنَشَأ متصونا مَعَ صباحة وَجهه وَلما اسْتَقر أَبوهُ فِي الْوكَالَة كَانَ هُوَ وَكيل السُّلْطَان بِدِمَشْق وراج أمره فِي ذَلِك بِحَيْثُ لم يكن لنائبها فَمن دونه مَعَه كَلَام وزاحم أَبَاهُ بل رُبمَا فاقه فِي جمع الْأَمْوَال وَنَحْوهَا إِلَى أَن أرسل إِلَيْهِ قبل مسك أَبِيه بأيام من قبض عَلَيْهِ وأودعه فِي الْحَدِيد واستخلص مِنْهُ بِالضَّرْبِ وَغَيره مَا لَا يضْبط إِلَى أَن مَاتَ فِي أثْنَاء ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ بل قيل أَنه طعن نَفسه وَلم يبلغ خمْسا وَعشْرين سنة.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن رَجَب شهَاب الدّين البقاعي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْأَعْرَج ابْن أُخْت القَاضِي تَاج الدّين والماضي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الزُّهْرِيّ. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بالبقاع العزيزي وانتقل صُحْبَة وَالِده إِلَى دمشق فَنَشَأَ بهَا وَحفظ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي لشعبان الآثاري وعرضها على الشَّمْس الكفيري واللوبياني وَغَيرهمَا وتلا الْقُرْآن على الشّرف صَدَقَة بن سَلامَة الضريري والزين بن اللبان وَعبد المحسن النيني وَأخذ فِي الْفِقْه عَن خَاله التَّاج والبرهان بن خطيب عذراء وَكَذَا عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ حِين إِقَامَته بِدِمَشْق وَفِي الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس البصروي وَفِي الْأُصُول عَن الشّرف بن مُفْلِح وَسكن صفد مَعَ وَالِده مُدَّة ثمَّ سَافر إِلَى الْقَاهِرَة فَسمع بهَا الوَاسِطِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ والكلوتاتي والْعَلَاء بن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَآخَرين وتنزل فِي صوفية الباسطية بهَا وقتا وَقَرَأَ البُخَارِيّ عِنْد الْغَرْس خَلِيل السخاوي وناب فِي الْقَضَاء بهَا عَن الْهَرَوِيّ ثمَّ عَن
شَيخنَا ثمَّ بصفد عَن أَبِيه ثمَّ اسْتَقل بهَا بعد مَوته وعزل مِنْهَا مرَارًا وَكَذَا بَاشر الْقَضَاء بأماكن كالرملة وحماة وطرابلس وغزة وحلب فَلم تحمد سيرته فِيهَا خُصُوصا حلب فَإِنِّي كنت فِيهَا حِين كَونه قَاضِيا بهَا فَسمِعت من أعيانها فَمن دونهم فِي وَصفه كل عَجِيب وَهُوَ الْحَاكِم بهدم بعض بَيت ابْن الشّحْنَة بعناية بعض الْأَعْيَان وَقد عرض عَلَيْهِ الصّلاح الطرابلسي الْحَنَفِيّ محافيظه فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَظنهُ كَانَ حِينَئِذٍ قاضيهم. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مِمَّن لم يذكر بِعلم وَلَا دين بل يُوصف بنقيضهما مَعَ خبث الطوية وإزراء الْهَيْئَة والتجاهر بالرشا والإقدام وَآل أمره إِلَى أَن صَار مطرحا مهملا(1/192)
دائرا على قَدَمَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَمَان وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ الْأمين الأقصرائي وَأسْندَ وَصيته إِلَيْهِ وَإِلَى النوري الانبابي نَائِب كَاتب السِّرّ وَكَانَ جَاره وَترك أما لَهُ مُسِنَّة وَلم يخلف ولدا وَلَا زَوْجَة عَفا الله عَنهُ وإيانا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَنَائِم شهَاب الدّين البعلي الْمدنِي ثمَّ القاهري الْمَاضِي أَبوهُ والآتي أَخُوهُ أَبُو الْفَتْح وَيعرف بِابْن علبك وَهُوَ لقب لجده أَحْمد القادم الْمَدِينَة وَكَأَنَّهُ مُخْتَصر من بعلبك ولد سنة تسعين وَسَبْعمائة أَو قبلهَا بِيَسِير بِالْمَدِينَةِ وَسمع على الْبُرْهَان بن فَرِحُونَ وَابْن صديق والزين المراغي وَالْعلم سُلَيْمَان السقا فِي سنة سبع وَتِسْعين وَقبلهَا وَبعدهَا حَتَّى فِي سنة خمس عشرَة وتحول إِلَى الْقَاهِرَة بعد موت أَبِيه فقطنها وداخل رؤساءها فترقى فِي الحشمة وَركب الْخُيُول النفيسة وَاسْتمرّ بهَا إِلَى أَن مَاتَ بعد الْخمسين ظنا وَورثه شقيقه أَبُو الْفَتْح الْمشَار إِلَيْهِ.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشهَاب بن الحتاتي بِمُهْملَة ومثناتين مخففا التَّاجِر ابْن التَّاجِر مِمَّن كَانَ يزاحم طلبة الْعلم ويحضر عِنْد الأبناسي وَنَحْوه وَرُبمَا جَاءَنِي مَعَ سرعَة حَرَكَة وَإِظْهَار تودد وحزم وسافر لمَكَّة فِي التِّجَارَة مرَارًا وجاور. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأسْندَ وَصيته لتاج الدّين بن عبد الْغَنِيّ بن الجيعان وَيُقَال أَنه وجد لَهُ شَيْء كثير بِحَيْثُ خدم مِنْهُ الْملك بِأَلف وَكَانَ قد تزوج عبد الْعَزِيز الْعقيلِيّ ابْنَته وَكَانَ مَوْتهمَا متقاربا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْبُحَيْرِي الخانكي ثمَّ الْمَكِّيّ. لازمني فِي الْإِمْلَاء وَغَيره بِمَكَّة فِي الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَسبعين.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الهروجي الْهِنْدِيّ القَاضِي لَقِيَنِي بِمَكَّة.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشهَاب العقبي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي ولد كَمَا ذكر فِي سنة ثَلَاث
وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة سبع وَأَرْبَعين فلازم الزين البوتيجي وَسكن عِنْده الْفَاضِلِيَّةِ وَعرف بِهِ وَكتب الْإِمْلَاء عَن شَيخنَا بل وَأخذ عَنهُ فِي شرح الألفية وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ عَن ابْن حسان وَغَيره وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء واختص بِابْن الجريس وقتا وَصَارَ فِي ظله حَتَّى مَاتَ وَبعده تحول إِلَى تعز وَهِي بِالْقربِ من بَلَده وَأقَام بهَا وَصَارَ يحجّ مِنْهَا كل سنة وَنعم الرجل سكونا ومشاركة فِي الْجُمْلَة مَعَ تعفف مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد شهَاب الدّين القوصي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن كَانَ أَبوهُ مَشْهُورا من أهل قوص وَنَشَأ هُوَ بهَا وَولي بهَا عدَّة مناصب(1/193)
ثمَّ دخل الْيمن فقطنها وناب فِي بعض بلادها عَن الْمجد الشِّيرَازِيّ وَكَانَ كثير الفكاهة قَالَه شَيخنَا فِي مُعْجَمه قَالَ وَذكر لي أَنه سمع من محيي الدّين بن الرَّحبِي بِدِمَشْق فَسمِعت مِنْهُ حَدِيثا وَاحِدًا بِمَدِينَة المهجم علقته فِي البلدانيات وَحج مَعنا فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْيمن وبلغنا أَنه حج أَيْضا. قلت وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار وَهُوَ غير أَحْمد بن عبد الله القوصي الْمصْرِيّ الْآتِي فاتفقا فِي الِاسْم وافترقا فِي النّسَب والبلد.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن هَاشم الشهَاب الْمحلي القاهري ولد قبل الْخمسين وَسَبْعمائة وَسمع على القلانسي أَكثر صَحِيح مُسلم وَأَجَازَ لَهُ سُلَيْمَان بن سَالم الْغَزِّي بل ذكر أَنه سمع عَلَيْهِ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ أحد الصُّوفِيَّة بالبيبرسية ويتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي بولاق ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار وَقَالَ أجَاز لأولادي مَاتَ فِي أول سنة خمس وَعشْرين وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ. قلت وَهُوَ عَم أبي شَيخنَا الْجلَال الْمحلي وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه شمس الدّين مُحَمَّد ولمحمد ابْن اسْمه عبد الْقَادِر مَاتَ فِي شعْبَان سنة سِتّ وَتِسْعين.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد المرشدي. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن أبي بكر.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس النابلسي وَيعرف بِابْن الدرويش سمع على الْمَيْدُومِيُّ المسلسل وَغَيره وعَلى ابْن القارى جُزْء ابْن الطلاية والمسلسل بالصف وَحدث سمع ذَلِك مِنْهُ شَيخنَا التقي أَبُو بكر القلقشندي وَغَيره فِي سنة اثْنَتَيْنِ وعاش حَتَّى أجَاز فِي استدعاء فِيهِ ابْن شَيخنَا سنة إِحْدَى وَعشْرين.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن حسن بن عجلَان الْحُسَيْنِي مِمَّن خَالف على عَمه بَرَكَات وقتا وَرُبمَا هجم
مَكَّة وَكَانَت جَوْلَة مَاتَ فِي عشري شَوَّال سنة سِتّ وَسِتِّينَ بِأَرْض خلد وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بهَا. أرخه ابْن فَهد.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الزموري مَاتَ بعد الْعشْرين أرخه ابْن عزم.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن خَلِيل بن مُحَمَّد الْحلَبِي الميقاتي مَاتَ بعد الْخمسين ذكره ابْن عزم مُجَردا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الشهَاب القليوبي ثمَّ القاهري أَخُو عَليّ الْآتِي مولده بعد الثَّمَانِينَ أَو قبلهَا تَقْرِيبًا وَسمع على المطرزي والتقي الدجوي والشرف بن الكويك فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة مَا حدث من أبي دَاوُد(1/194)
وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ وَكَانَ أحد الصُّوفِيَّة بِسَعِيد السُّعَدَاء وَمِمَّنْ يتكسب بِبيع الشبارى وَنَحْوهَا مَعَ الْخَيْر ولين الْجَانِب مَاتَ فِي أَوَائِل رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان شهَاب الدّين العكاري ثمَّ الطرابلسي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْعلم لكَون جده يلقب علم الدّين تفقه بِبَلَدِهِ على البُلْقِينِيّ وَغَيره ثمَّ دخل دمشق واشتغل بهَا على الْعِمَاد الحسباني ورحل مَعَ الصَّدْر الياسوفي إِلَى حلب فَسمع بهَا بقرَاءَته فِي سنة سبعين على الكمالين مُحَمَّد بن نصر الله بن أَحْمد بن النّحاس وَابْن حبيب وَأحمد بن قطلو وَغَيرهم وَولي قَضَاء عكار وَكَانَت لَدَيْهِ فَضِيلَة ويتكسب من الشَّهَادَة قَالَ الْعَلَاء بن خطيب الناصرية اجْتمعت بِهِ بطرابلس وَكَانَ فَاضلا مَاتَ بطرابلس فِي صفر سنة ثَمَان وَمَا عَلمته حدث. وَذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب الأبودري الْمَالِكِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَعرض الرسَالَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين والعمدة فِي الَّتِي تَلِيهَا فَكَانَ مِمَّن عرض عَلَيْهِ الأبناسي وَابْن الملقن والبلقيني والعراقي وَعبد الْخَالِق عَليّ بن الْفُرَات وأجازوه فِي خلق.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ شهَاب الدّين الْموصِلِي الأَصْل الدِّمَشْقِي نزيل الصالحية وَيعرف بِابْن الخباز سمع من أبي بكر بن الرضي وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال وَغَيرهمَا وَحدث سمع مِنْهُ صاحبنا الْحَافِظ غرس الدّين الأقفهسي وَأَظنهُ استجازه لي وَمَات فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى عَن بضع وَثَمَانِينَ سنة قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن صَدَقَة الصَّيْرَفِي وَيعرف بِخِدْمَة السخاوي كتب عني فِي
الأمالي وَغَيرهَا وَحصل القَوْل البديع وارتياح الأكباد وَأَشْيَاء من تصانيفي وَله رَغْبَة فِي الْفَائِدَة وَكَانَ فِي أول أمره فِي ثروة فَلم يراع نعمتها فَانْحَطَّ إِلَى غَايَة حَتَّى صَار يخالط أولى المكس بالشَّيْء الْيَسِير مَعَ اشْتِغَاله مَاتَ فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الْمُحب بن الْبُرْهَان بن الْجمال الْمَقْدِسِي بن جمَاعَة أَخُو إِسْمَاعِيل وَمُحَمّد الآتيين اشْتغل وَسمع على جده والتقي القلقشندي وتميز فِي الْفَرَائِض وَاسْتقر فِي ربع الخطابة بالأقصى وَنصف مشيخة التصوف بالصلاحية وَغير ذَلِك وباشر الخطابة وَغَيرهَا وَهُوَ مِمَّن سمع مَعنا هُنَاكَ مَاتَ فِي لَيْلَة السبت خَامِس رَمَضَان سنة تسع وَثَمَانِينَ وَقد زَاد على الْخمسين.(1/195)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْبَصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن الْمُفْرد مِمَّن سمع عَليّ بِمَكَّة فِي الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَسبعين الْكثير من القَوْل البديع ومني فِي الأمالي وَغير ذَلِك.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْكرْدِي الصَّالِحِي الحنبيل وَيعرف بِابْن معتوق ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وسمى جده معتوقا وَقَالَ لَقيته بالصالحية فَقَرَأت عَلَيْهِ صفة الْجنَّة لأبي نعيم بِسَمَاعِهِ لَهُ على عَليّ بن أبي بكر بن حصن الْحَرَّانِي قَالَ وَمَات فِي حِصَار دمشق فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَأَعَادَهُ فِي أبي بكر وَلم ويسمه وسمى جده أَيْضا معتوقا وَأما فِي أنبائه فَسَماهُ أَحْمد وجده عبد الله وَقَالَ الْمَعْرُوف بِابْن معتوق وَأَنه مَاتَ بعد عيد الْفطر وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِدُونِ عبد الله.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْمُهَيْمِن شهَاب الدّين بن فَخر الدّين القليوبي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو الشّرف مُحَمَّد الَّاتِي وَيعرف بِابْن الخازن لكَون أَبِيه كَمَا مضى كَانَ خَازِن حَاصِل البيمارستان المنصوري سمع فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِقِرَاءَة شَيخنَا على سارة بن التقي السُّبْكِيّ الْجُزْء الرَّابِع من تَارِيخ أبي زرْعَة الدِّمَشْقِي وَحدث بِهِ سَمعه مِنْهُ بعض الطّلبَة وَلم تطب نَفسِي بِالسَّمَاعِ مِنْهُ لما كَانَ متلبسا بِهِ مَعَ أَنه كَانَ يتكسب بِالشَّهَادَةِ على بَاب الكاملية لكنه أجَاز ثمَّ وجدت لَهُ سَماع جُزْء فِيهِ الحَدِيث المسلسل بالأولية من رِوَايَة الْجمال بن الشرائحي عَلَيْهِ أنابه أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود المنبجي وَغَيره وَمَات فِي سنة سبع وَخمسين عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن علبك الْمدنِي مضى فِيمَن جده أَحْمد بن غَنَائِم.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشهَاب بن الْبُرْهَان الأبناسي الصحراوي الشَّافِعِي
الْمَاضِي أَبوهُ وَكَانَ خيرا سَاكِنا متكرما مَعَ تقلل متوددا كثير التِّلَاوَة والتوجه رَاغِبًا فِي الصَّالِحين مِمَّن يشْتَغل أَحْيَانًا عِنْد الزين الأبناسي وَقَرَأَ عَليّ بعض البُخَارِيّ وَولى مشيخة الصُّوفِيَّة بتربة الْأَشْرَف اينال شركَة لِأَخِيهِ ولي الدّين مَاتَ فِي تَاسِع صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ عقب قدومه من الْحَج وَكَانَ توجه مَاشِيا فَلَمَّا وصل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة عجز فأركب ووجع بالبطن فَلم يلبث أَن مَاتَ وَصلى عَلَيْهِ فِي عصر يَوْمه وَدفن عِنْد أَبِيه بتربة الزين عبد الباسط وَلم أقصر بِهِ عَن الْخمسين رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن الْكَمَال مُحَمَّد بن أبي السُّعُود مُحَمَّد بن حُسَيْن الشهَاب ابْن عَالم الْحجاز ورئيسه الْبُرْهَان بن ظهيرة الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. ولد يَوْم الْجُمُعَة عَاشر(1/196)
ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَأمه نور الصَّباح الحبشية فتاة أَبِيه وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج والألفية وَجمع الْجَوَامِع وَسمع على أَبِيه وَحضر دروس أَخِيه الجمالي وَكَذَا حضر فِي الْإِرْشَاد عِنْد السَّيِّد الْكَمَال بن حَمْزَة حِين جاور فِي سنة سبع وَتِسْعين وَقَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ بعد أَن سمع عَليّ فِي حَيَاة أَبِيه وَبعده أَشْيَاء وعَلى أَعْيَان فِي الْعَرَبيَّة وَالصرْف وَالْأُصُول.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس العسلقي نِسْبَة إِلَى العمالق طَائِفَة من الْعَرَب الْيَمَانِيّ اشْتغل بِالْعلمِ وتفقه بِأَبِيهِ وبرع فِي الْفِقْه وَغَيره من الْعُلُوم واشتهر بذلك ذكره الأهدل فِي تَارِيخه وَقَالَ كَانَ فَقِيها مجودا للفقه نحويا لغويا مُفَسرًا مُحدثا وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير أَخذه عَن ابْن شَدَّاد بزبيد وَله معرفَة تَامَّة بِالرِّجَالِ والتواريخ وَالسير وَيَد قَوِيَّة فِي أصُول الدّين وَله قصيدة حَسَنَة رد بهَا على يَهُودِيّ فِي مَسْأَلَة الْقدر وَأُخْرَى أَكثر من ثلثمِائة بَيت فِي الرَّد على من يُبِيح السماع وَكَانَ دأبه تدريس الْفِقْه وإسماع الحَدِيث وملازمة الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد والتلاوة من ثلث اللَّيْل الْأَخير سريع الْكِتَابَة مَعَ جودة الْخط يُقَال أَنه كَانَ ينْسَخ فِي الْيَوْم أَرْبَعِينَ ورقة متجردا من أشغال الدُّنْيَا عاكفا على الْعلم والتحصيل صَاحب نور وهيبة وَيُقَال أَنه كَانَ يعرف الِاسْم الْأَعْظَم. مَاتَ سنة سِتّ عَن سِتّ وَثَمَانِينَ وَقد كف بَصَره وَمَعَ ذَلِك فَلم يتْرك صَلَاة الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد رَحمَه الله.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن عَليّ الشهَاب أَبُو الْفضل بن الْبُرْهَان الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن الْمحلى التَّاجِر الْمَاضِي أَبوهُ قَالَ شَيخنَا كَانَ شَابًّا حسنا كريم الشَّمَائِل خَفِيف الرّوح وَقَالَ فِي أَبِيه مِنْهُ أَنه بلغ الْغَايَة فِي الْمعرفَة بِأُمُور التِّجَارَة وَدخل الْيمن وَكَانَ بهَا حِين وَفَاة أَبِيه بِمصْر.
مَاتَ بعد أَبِيه بِيَسِير بِمَكَّة فِي أَوَاخِر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ. وَذكره التقي الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة)
فَقَالَ: كَانَ وافر الملاة إِلَى الْغَايَة خَبِيرا بِالتِّجَارَة وَفِيه انفعال للخير وَكَانَ صاحبنا الْحَافِظ شهَاب الدّين بن حجر يحضه عَلَيْهِ لمكانته عِنْده وَجَرت لَهُ على يَده صدقَات وَكَانَ يثني عَلَيْهِ بالعفة وَهِي عَجِيبَة من مثله وَكَانَ مبتلي بعلة الصرع وَبهَا مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس عشري ذِي الْقعدَة عَن سِتّ وَعشْرين سنة بعد قدومه من الْيمن باربعة أَيَّام وَكَانَ طلب مِنْهُ ليفوض لَهُ أَمر المتجر السلطاني بِمصْر بعد موت أَبِيه فسبقت الْمنية.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عِيسَى الشهَاب بن الْبُرْهَان الْقرشِي وَيعرف بِابْن الْبُرْهَان ولي قَضَاء الْقصير وَغَيره من عمل دمشق ثمَّ قَضَاء صفد مرَارًا وَتُوفِّي بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة(1/197)
ثَالِث عشر رَجَب سنة تسع عشرَة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة وَكَانَ قَلِيل الْمعرفَة للفقه حضر عِنْدِي إِلَى مجْلِس الحكم بِدِمَشْق فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَرَأَيْت مِنْهُ ذَلِك زَاد غَيره وَسمع على جمَاعَة كثيرين وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا قَاضِيا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البسطيني الْمَاضِي أَبوهُ والآتي جده. ولد فِي ثامن رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بجدة وَأمه حبشية لِأَبِيهِ ثمَّ تحول بعد شهر مَعَ أَبَوَيْهِ لمَكَّة فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والبردة وألفية النَّحْو والمنهاج وَعرض بَعْضهَا على التقي بن قَاضِي عجلون حِين جاور سمع عَليّ بِمَكَّة فِي تِلْكَ الْمُجَاورَة ثمَّ فِي سنة سبع وَتِسْعين الشفا وَالْبُخَارِيّ وَكَذَا سمع بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة على الشَّيْخ مُحَمَّد بن أبي الْفرج الشفا بِقِرَاءَة أَبِيه وَبَعض البُخَارِيّ واشتغل فِي النَّحْو وَغَيره عِنْد عيان وَغَيره.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن خَلِيل الشَّيْخ موفق الدّين أَبُو ذَر بن الْحَافِظ الْبُرْهَان أبي الوفا الطرابلسي الأَصْل ثمَّ الْحلَبِي المولد وَالدَّار الشَّافِعِي وَالِد أبي بكر الْآتِي وَهُوَ بكنيته أشهر ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع صفر سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على أَبِيه والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفيتي الحَدِيث والنحو وَعرض على الْعَلَاء بن خطيب الناصرية فَمن دونه من طلبة أَبِيه وتفقه بالعلاءين الْمَذْكُور وَابْن مَكْتُوم الرَّحبِي وَالشَّمْس السلَامِي وَبِه انْتفع فِيهِ وَفِي الْعَرَبيَّة وَآخَرين وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة عَن ابْن الأعزازي وَالشَّمْس الْمَلْطِي والزين الخرزي وَجَمَاعَة وَالْعرُوض عَن صَدَقَة وعلوم الحَدِيث عَن وَالِده وَشَيخنَا وَسمع عَلَيْهِمَا وعَلى غَيرهمَا من شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا وَدخل الشَّام فِي توجهه لِلْحَجِّ فَسمع بهَا على ابْن نَاصِر الدّين وَابْن الطَّحَّان وَابْن الْفَخر الْمصْرِيّ وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي وَلم)
يكثر بل جلّ سَمَاعه على أَبِيه وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة باستدعاء صاحبنا ابْن فَهد وتعاني فِي ابْتِدَائه فنون الْأَدَب فبرع فِيهَا وَجمع فِيهَا تصانيف نظما ونثرا ثمَّ أذهبها حَسْبَمَا أَخْبرنِي بِهِ عَن آخرهَا وَمن ذَلِك عروس الأفراح فِيمَا يُقَال فِي الراح وَعقد الدُّرَر واللآل فِيمَا يُقَال فِي السلسال وَستر الْحَال فِيمَا قيل فِي الْخَال والهلال المستنير فِي العذار المستدير والبدر إِذا استنار فِيمَا قيل فِي العذار. وَكَذَا تعاني الشُّرُوط وَمهر فِيهَا أَيْضا بِحَيْثُ كتب التوقيع بِبَاب ابْن خطيب الناصرية ثمَّ أعرض عَنْهَا أَيْضا وَلزِمَ الاعتناء بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْه وأفرد مبهمات البُخَارِيّ وَكَذَا إعرابه بل جمع عَلَيْهِ تَعْلِيقا لطيفا لخصه من(1/198)
الْكرْمَانِي والبرماوي وَشَيخنَا وَآخر أخصر مِنْهُ وَله التَّوْضِيح للأوهام الْوَاقِعَة فِي الصَّحِيح ومبهمات مُسلم أَيْضا وقرة الْعين فِي فضل الشَّيْخَيْنِ والصهرين والسبطين وَشرح الشفا والمصابيح وَلكنه لم يكمل والذيل على تَارِيخ ابْن خطيب الناصرية وَغير ذَلِك وأدمن قِرَاءَة الصَّحِيحَيْنِ والشفا خُصُوصا بعد وَفَاة وَالِده وَصَارَ مُتَقَدما فِي لغاتها ومبهماتها وَضبط رجالها لَا يشذ عَنهُ من ذَلِك إِلَّا النَّادِر وَلما كَانَ شَيخنَا بحلب لَازمه واغتبط شَيخنَا بِهِ وأحبه لذكائه وخفة روحه حَتَّى أَنه كتب عَنهُ من نظمه:
(الطّرف أحور حوى رقى غنج نُعَاس ... وَقد قد القنا أهيف نضر مياس)
(ريقتك مَاء الحيا يَا عاطر الأنفاس ... عذارك الْخضر يَا زيني وَأَنت الياس)
وَصدر شَيْخي كِتَابَته لذَلِك بقوله وَكَانَ قد ولع بنظم المواليا وَوَصفه بالامام موفق الدّين وَمرَّة بالفاضل البارع الْمُحدث الْأَصِيل الباهر الَّذِي ضاهى كنيه فِي صدق اللهجة الماهر الَّذِي ناجى سميه فَفَدَاهُ بالمهجة الْأَخير الَّذِي فاق الأول فِي البصارة والنضارة والبهجة أمتع الله الْمُسلمين بِبَقَائِهِ وَأذن لَهُ فِي تدريس الحَدِيث وَأفَاد بِهِ فِي حَيَاة وَالِده وراسله بذلك بعد وَفَاته فَقَالَ وَمَا التمسه أبقاء الله تَعَالَى وأدام النَّفْع بِهِ كَمَا نفع بِأَبِيهِ وبلغه من خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مَا يرتجيه من الْإِذْن لَهُ بالتدريس فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ فقد حصلت بغيته وحققت طلبته وأذنت لَهُ أَن يقرئ عُلُوم الحَدِيث مِمَّا عرفه ودريه من شرح الألفية لشَيْخِنَا حَافظ الْوَقْت أبي الْفضل وَمِمَّا تلفقه من فَوَائِد وَالِده الْحَافِظ برهَان الدّين تغمده الله تَعَالَى برحمته وَمن غير ذَلِك مِمَّا حصله بالمطالعة واستفاده بالمراجعة وَكَذَا غير الشَّرْح الْمَذْكُور من سَائِر عُلُوم الحَدِيث وَأَن يدرس فِي مَعَاني الحَدِيث كل كتاب قرئَ لَدَيْهِ ويقيد مَا يُعلمهُ من ذَلِك إِذا قَرَأَهُ هُوَ وَسمع عَلَيْهِ وأسأله أَن لَا ينساني من صَالح دعواته فِي مجَالِس الحَدِيث النَّبَوِيّ إِلَى آخر كَلَامه وَقد لَقيته بحلب وَسمع بِقِرَاءَتِي وَسمعت بقرَاءَته بل كتبت عَنهُ من نظمه سوى مَا تقدم مَا أثْبته فِي)
مَوضِع آخر وَزَاد اغتباطه بِي وَبَالغ فِي الإطراء لفظا وخطا وَكَانَت كتبه بعد ذَلِك ترد على بالاستمرار على لمحبة وَفِي بَعْضهَا الْوَصْف بشيخنا وَكَانَ خيرا شهما مبجلا فِي ناحيته منعزلا عَن بني الدُّنْيَا قانعا باليسير محبا للانجماع كثير التَّوَاضُع والاستئناس بالغرباء والأكرام لَهُم شَدِيد التخيل طارحا للتكلف ذَا فَضِيلَة تَامَّة وذكاء مفرط واستحضار جيد خُصُوصا لمحافيظه وحرص على صون كتب وَالِده قل أَن يُمكن(1/199)
أحدا مِنْهَا بل حسم الْمَادَّة فِي ذَلِك عَن كل أحد حَتَّى لَا يتَوَهَّم بعض أهل بَلَده اخْتِصَاصه بذلك وَرُبمَا أَرَاهَا بعض من يَثِق بِهِ بِحَضْرَتِهِ ومسه مزِيد الْأَذَى من بعض طلبه وَالِده وَصرح فِيهِ بِمَا لَا يَلِيق وَلم يرع حق أَبِيه وَلَكِن لم يُؤثر ذَلِك فِي وجاهته قَالَ البقاعي وَله حافظة عَظِيمَة وملكة فِي تنميق الْكَلَام وتأديته على الْوَجْه المستظرف قَوِيَّة مَعَ جودة الذِّهْن وَسُرْعَة الْجَواب وَالْقُدْرَة على اسْتِخْرَاج مَا فِي ضَمِيره يذاكر بِكَثِير من المبهمات وغريب الحَدِيث قَالَ وبيننا مَوَدَّة وصداقة وَقد تولع بنظم الْفُنُون حَتَّى برع فِي المواليا وأنشدني من نظمه كثيرا وسَاق مِنْهُ شَيْئا وَوَصفه فِي مَوضِع آخر بالأديب البارع المفنن وَقد تصدى للتحدث والإقراء وانتفع بِهِ جمَاعَة من أهل بَلَده والقادمين عَلَيْهَا بل وَكتب مَعَ القدماء فِي الاستدعاآت من حَيَاة أَبِيه وهلم جرا. وترجمه ابْن فَهد وَغَيره من أَصْحَابنَا وَكَذَا وَصفه ابْن أبي عذيبة فِي أَبِيه بِالْإِمَامِ الْعَلامَة وسمى بعض تصانيفه مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشري ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد أَن اخْتَلَط يَسِيرا وحجب عَن النَّاس وَدفن عِنْد أَبِيه قَالَ البقاعي أَنه مرض فِي آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ثمَّ عوفي من الْمَرَض وَحصل لَهُ اخْتِلَاط وفقد بَصَره وَاسْتمرّ بِهِ ذَلِك إِلَى أثْنَاء سنة أَربع وَثَمَانِينَ ثمَّ عوفي مِنْهُ وَرجع إِلَيْهِ بَصَره ثمَّ مَاتَ. قلت وَلم يخلف بعده هُنَاكَ مثله رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عرب الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْيَمَانِيّ الأَصْل الرُّومِي الزَّاهِد نزيل الشيخونية وَيعرف بِابْن عرب أَصله من الْيمن ثمَّ انْتقل أَبوهُ مِنْهَا إِلَى بِلَاد الرّوم فسكنها وَولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة بهَا فَنَشَأَ بِمَدِينَة برصا فَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن عرب على عَادَة الرّوم وَالتّرْك فِي تسميتهم من لم يكن مِنْهُم عَرَبيا وَكَانَت نشأته حَسَنَة على قدم جيد ثمَّ قدم وَهُوَ شَاب الْقَاهِرَة وتنزل فِي القاعة الَّتِي استجدها أكمل الدّين صوفيا بالشيخونية وَقَرَأَ على إمامها خير الدّين سُلَيْمَان بن عبد الله وَغَيره وَنسخ بِالْأُجْرَةِ مُدَّة واشتغل ثمَّ انْقَطع عَن النَّاس فَلم يكن يجْتَمع بِأحد بل اخْتَار الْعُزْلَة مَعَ الْمُوَاظبَة على الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات ويبكر إِلَى الْجُمُعَة بعد)
اغتساله لَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِد شتاء وصيفا وَلَا يكلم أحدا فِي ذَهَابه وإيابه وَلَا يجترئ أحد على الْكَلَام مَعَه لهيبته ووقاره وَأمره فِي الْوَرع وَالْعِبَادَة إِلَى الْغَايَة وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي يُرَاجع الشَّمْس البيجوري الشَّافِعِي نزيل الخانقاه الشيخونية فِيمَا يشكل عَلَيْهِ فَإِذا أوضح لَهُ مَا أشكل عَلَيْهِ فَارقه وَلم يكلمهُ بِكَلِمَة بعد ذَلِك وَلذَا قيل(1/200)
إِنَّه شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَرَأَيْت بخطى وَصفه بالحنفي وَمَا علمت مستندي فِيهِ وَكَانَ مَعَ ذَلِك يدْرِي الْقرَاءَات وَاقْتصر على اللبَاس الحقير الزَّائِد الخشونة وَلذَا يقنع باليسير من الْقُوت وتوزع جدا بِحَيْثُ أَنه لم يكن يقبل من أحد شَيْئا وَمَتى علم أَن أحدا من الباعة حاباه لكَونه عرفه لم يعد إِلَيْهِ وللخوف من ذَلِك كَانَ يتنكر وَيَشْتَرِي بعد الْعشَاء قوت يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَكَانَ النَّاس يبيتُونَ بالشيخونية رَجَاء رُؤْيَته وَأقَام على هَذِه الطَّرِيقَة أَكثر من ثَلَاثِينَ سنة وكراماته كَثِيرَة وَكَانَ فريدا فِيهَا لم يكن فِي عصره من يدانيه فِي طَرِيقَته قَالَ الْعَيْنِيّ وَثَبت بالتواتر أَنه أَقَامَ أَكثر من عشْرين سنة لَا يشرب المَاء أصلا وَكَانَ يقْضِي أَيَّامه بالصيام ولياليه بِالْقيامِ مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي ربيع الأول سنة ثَلَاثِينَ وَتقدم الْعَيْنِيّ النَّاس فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ. قَالَ شَيخنَا وَمن عجائب أمره أَنه لما مَاتَ كَانَ الْجمع فِي جنَازَته موفورا وَأكْثر النَّاس كَانُوا لَا يعلمُونَ بِحَالهِ وَلَا بسيرته فَلَمَّا تسامعوا بِمَوْتِهِ هرعوا إِلَيْهِ وَنزل السُّلْطَان من القلعة فصلى عَلَيْهِ بالرميلة وأعيد إِلَى الخانقاه فَدفن بهَا بجوار أكمل الدّين وَحمل نعشه على الْأَصَابِع وتنافس النَّاس فِي شِرَاء ثِيَاب بدنه واشتروها بأغلى الْأَثْمَان فاتفق أَن جملَة مَا اجْتمع من ثمنهَا حسب فَكَانَ قدر مَا تنَاوله من الْمَعْلُوم من أول مَا نزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ لَا يزِيد وَلَا ينْقض وعد هَذَا من كراماته رَحمَه الله ونفعنا بِهِ. وَمِمَّنْ ذكره المقريزي فِي عقوده.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هبة الله بن أَحْمد بن هبة الله بن أَحْمد بن يحيى شهَاب الدّين بن جمال الدّين بن نَاصِر الدّين بن كَمَال الدّين بن عز الدّين أبي البركات بن الصاحب محيي الدّين أبي عبد الله بن نجم الدّين بن جلال الدّين أبي الْفضل بن مجد الدّين أبي غَانِم بن جمال الدّين بن نجم الدّين الْعقيلِيّ بِالضَّمِّ الْحلَبِي الْحَنَفِيّ أَخُو الْكَمَال بن العديم قَاضِي مصر وَيعرف بِابْن العديم وبابن أبي جَرَادَة. ولد فِي ثَالِث عشر صفر سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فَسمع من أَبِيه والكمال مُحَمَّد بن عمر بن حبيب والشرف أبي بكر الْحَرَّانِي والبدر مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي سَالم بن إِسْمَاعِيل الْحلَبِي وَابْن صديق وَآخَرين وَأَجَازَ لَهُ مَحْمُود المنبجي وَابْن الهبل وَابْن السيوفي وَابْن أميلة وَابْن النَّجْم
وزغلش وَابْن قَاضِي الْجَبَل ومُوسَى بن فياض وَغير وَاحِد وَكَانَ يذكر أَنه كتب توقيعه بِقَضَاء بَلَده بعد الْفِتْنَة كجميع من أوردته من آبَائِهِ إِلَّا مُحَمَّد الثَّانِي وَلكنه لم يُبَاشر وَقَول شَيخنَا(1/201)
فِي مُعْجَمه أَنه ولي قضاءها لَا يُنَافِيهِ، وَكَذَا ولي عدَّة مدارس وحمدت سيرته وَكَانَ محافظا على الْجَمَاعَة والأذكار وَلم يكن تَامّ الْفَضِيلَة مَعَ اشْتِغَاله فِي صغره، وَقد حدث سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة وَأخذ عَنهُ غير وَاحِد من أَصْحَابنَا بل كَانَ شَيخنَا مِمَّن سمع عَلَيْهِ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ عشرَة الْحداد وَغَيرهَا وَأوردهُ فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه أجَاز لابنته رَابِعَة وَمن مَعهَا، وَأثْنى عَلَيْهِ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَذكره المقريزي بِاخْتِصَار جدا وَقَالَ أَنه مَاتَ بعد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، قلت مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء منتصف شَوَّال سنة سبع وَأَرْبَعين رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مطر بن عَليّ بن عُثْمَان شهَاب الدّين أَبُو الْقسم بن ضِيَاء الدّين أبي إِسْحَاق بن جمال الدّين أبي عبد الله بن عماد الدّين، / ذكره ابْن فَهد وَأَنه أجَاز لَهُم فِي سنة تسع عشرَة وَلم يزدْ.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر الشهَاب بن الْبُرْهَان النابلسي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ ثمَّ الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة والماضي أَبوهُ والآتي وَلَده أَبُو بكر، / ولد فِي عَاشر رَجَب سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة بنابلس وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَنَشَأ كأبيه حنبليا وَحفظ كتبا فِي الْمَذْهَب ثمَّ اتَّصل بالبهاء بن حجي وصهره الْكَمَال الْبَارِزِيّ بِدِمَشْق واختص بهما فتحول بأمرهما شافعيا وتفقه بِعَبْد الْوَهَّاب الحريري وَسمع الحَدِيث على ابْن نَاصِر الدّين وَأبي شعر واشتغل بالنحو على الْعَلَاء القابوني بِدِمَشْق والنظام يحيى الصيرامي لما قدم عَلَيْهِم نابلس وَكثر تردده لكل من دمشق والقاهرة وقطنهما وَقَالَ أَنه سمع بِبَيْت الْمُقَدّس على القبابي المسلسل وَغَيره وبالقاهرة غير أَنه لم يكن يرتضي مَا يَقع لَهُ مِنْهُ وَهُوَ حُلْو الْكَلَام سريع الْجَواب حُلْو النادرة نزيه المحاضرة ثمَّ أنْشد عَنهُ قَوْله وَقد اقترح الْبَهَاء بن حجي عَلَيْهِ وعَلى الْجمال يُوسُف الباعوني أَن يضمن قَول الشَّاعِر فوَاللَّه مَا أَدْرِي الْبَيْت الْآتِي قَالَ وَكَانَ ذَلِك أول شَيْء نظمه فَقَالَ:
(أَرَاك إِذا مَا مست يَوْمًا على الربى ... تَرَ لَك الورقا ويبدو وجيبها)
(فوَاللَّه مَا أَدْرِي أءنت كَمَا أرى ... أم الْعين مزهو إِلَيْهَا حبيبها)
وَقَالَ الْجمال:)
(أَرَاك حبيب الْقلب تزهو لناظري ... وَإِن مَرضت نَفسِي فَأَنت طبيها)
فوَاللَّه مَا أَدْرِي اليبت، وَمِمَّا حكاة الشهَاب أَنه كَانَ بِدِمَشْق فِي بعض حماماتها بلان(1/202)
كسيح يخْدم النَّاس بِالْحلقِ والغسيل وَهُوَ جَالس وَأَنه رأى فِي مَنَامه الشَّيْخ رسْلَان فَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدي انْظُر حَالي أَنا لست فِي هَذَا الْمقَام وَلَكِن سيدخل عَلَيْك اثْنَان فسلهما حَاجَتك ثمَّ خرج من عِنْده فَدخل عَلَيْهِ اثْنَان فاذاهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبوهُ الْخَلِيل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَشَكا إِلَيْهِمَا حَاله فَقَالَا لَهُ قُم فَقَامَ وَأصْبح صَحِيحا، قَالَ الشهَاب حاكيها وَكنت مِمَّن رَأَيْته كسيحا ثمَّ رَأَيْته صَحِيحا وَسمعت هَذَا الْمَنَام من جمع لَا يُحْصى قلت ثمَّ عرضت عَلَيْهِ هَذِه الْحِكَايَة فَأنْكر أَن يكون رأى البلان أَو يعرفهُ وَإِنَّمَا الحاكي لَهَا عَنهُ هُوَ الَّذِي رَآهُ وَالَّذِي فِيهَا مَعَ ذَلِك أَن رسْلَان هُوَ الَّذِي أَخذ بِيَدِهِ دون مَا بعده فَالله أعلم وَكَذَا أسلفت عَنهُ حِكَايَة فِي تَرْجَمَة أَبِيه، وَقد امتحن وأهين من الْأَشْرَف قايتباي فِي كائنة جرت بَينه وَبَين أبي الْحَجَّاجِي الأسيوطي.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الْعقيلِيّ الْحلَبِي وَيعرف بِابْن العديم. / مضى فِيمَن جده مُحَمَّد عرم بن عبد الْعَزِيز.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد محيي الدّين الدِّمَشْقِي ثمَّ الدمياطي الْحَنَفِيّ ثمَّ الشَّافِعِي الْمُجَاهِد وَيعرف بِابْن النّحاس. / انجفل فِي التنة اللنكية من دمشق إِلَى الْمنزلَة فَأكْرمه أَهلهَا ثمَّ تحول إِلَى دمياط فاتوطنها وَكَانَ يعرف الْفَرَائِض والحساب أتم معرفَة بِحَيْثُ كَانَ يُصَرح باقتداره على إِخْرَاج طرف الْحساب بالهندسة وصنف فِيهِ مَعَ الْمعرفَة الجيدة بالفقه والمشاركة فِي غَيره من الْفُنُون وَلكنه كَانَ يَقُول أَنه اشْتغل فِي النَّحْو فَلم يفتح عَلَيْهِ فِيهِ بِشَيْء وَهُوَ صَاحب مشارع الْأَسْوَاق إِلَى مصَارِع العشاق ومثير الغرام إِلَى دَار السَّلَام فِي مُجَلد كَبِير ضخم حافل فِي مَعْنَاهُ انْتفع بِهِ النَّاس وتنافسوا فِي تَحْصِيله وقرضه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَقد اخْتَصَرَهُ مُؤَلفه أَيْضا وَله كتاب تَنْبِيه الغافلين فِي معرفَة الْكَبَائِر والصغائر والمناهي والمنكرات والبدع وَكتاب بَيَان الْمغنم فِي الْورْد الْأَعْظَم وَغير ذَلِك كاختصار الرَّوْضَة لكنه لم يكمل وَكَانَ حَرِيصًا على أَفعَال الْخَيْر مؤثرا للخمول لَا يتكبر بمعارفه بل رُبمَا يتوهمه من لم يعرفهُ عاميا مَعَ الشكالة الْحَسَنَة واللحية الجميلة وَالْقصر مَعَ اعْتِدَال الْجَسَد، أَكثر المرابطة وَالْجهَاد حَتَّى قتل شَهِيدا بِالْقربِ من الطية بأيدي الفرنج بأيدي الفرنج مَعَ رَفِيقَيْنِ لَهُ بعد أَن قتلوا من الْكفَّار جمَاعَة فِي ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع عشرَة فلف الثَّلَاثَة فِي أكياب وحملوا إِلَى دمياط فدفنوا بهَا فِي أكيابهم)
بِالْقربِ من الشَّيْخ فتح بمَكَان(1/203)
وَاحِد لَكِن جعل بَينهم حواجز من خشب وَاجْتمعَ عِنْد دفنهم من لَا يحصي كَثْرَة، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ مِمَّن لَقيته الشَّمْس مُحَمَّد بن الْفَقِيه حسن البدراني وَهُوَ الْمُفِيد لترجمته وروى عَنهُ كِتَابه فِي الْجِهَاد رحمهمَا الله ونفعنا بهما، وَقد ذكره شَيخنَا فِي حوادث سنة أَربع عشرَة من أنبائه وَقَالَ أَنه كَانَ ملازما للْجِهَاد بثغر دمياط وَفِيه فَضِيلَة تَامَّة وَجمع كتابا حافلا فِي أَحْوَال الْجِهَاد وَأَنه قتل فِي المعركة مُقبلا غير مُدبر رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عماد الدّين مُحَمَّد التميم الْخَلِيل الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْعِمَاد، / مِمَّن حفظ الْقُرْآن والشاطبية والبهجة وألفية النَّحْو وتلا الثَّلَاثَة من الْأَئِمَّة على بلديه أبي حَامِد بن المغربي وَأخذ عَن الْكَمَال بن أبي شرِيف والنجم بن جمَاعَة وتعاني التوقيع وتميز فِيهِ وباشره عِنْد الشهَاب بن عبِّيَّة فِي الْقُدس والمحيوي بن جِبْرِيل بغزة ثمَّ ارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فَقَرَأَ على زَكَرِيَّا الْبَهْجَة بحثا وَكَذَا أَخذ عَن الْعَبَّادِيّ والجوجري وَغَيرهمَا كالبرهان العجلوني ولازمه وتميز فِي الْفِقْه والعربية واختص بجانبك المحمدي أحد الخاصكية فَكَانَ يقريه ويتولى غَالب أمره فَلَمَّا سَافر تحمل تَقْلِيد أَمِير الْمُؤمنِينَ لبَعض مُلُوك الهندسة سبع وَثَمَانِينَ سَافر مَعَه فقدرت منيته ذَلِك بعد إنعامه على صَاحب التَّرْجَمَة بِشَيْء لزم مِنْهُ تخلفه للخوف من مزاحمته أَو غير ذَلِك حَتَّى الْآن وَيُقَال أَنه ولي الْقَضَاء وَقد زَاد سنه فِي سنة سبع وَتِسْعين على الْخمسين وَهُوَ فِي الْإِحْيَاء ظنا وَكَانَ مِمَّا أَخذ عني بقرَاءَته الْجَواب الْجَلِيل لشَيْخِنَا وَغير ذَلِك وَسمع مني فِي الْإِمْلَاء.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن الْمُؤَذّن / سمع على بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْيَمَانِيّ الأَصْل الرُّومِي البرصاوي ثمَّ القاهري نزيل الشخيونية وَيعرف بِابْن عرب، / مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن عرب.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مخاطة سبط إِبْرَاهِيم بن الجيعان والماضي أَبوهُ. / مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه قبل إكماله الْعشْرين فِي وَترك طفْلا اسْمه كَمَال الدّين مُحَمَّد.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن معتوق أَبُو الْكرْدِي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ، / مضى فِيمَن جده عبد الله وَكَانَ معتوق جده الْأَعْلَى.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن ملاعب شهَاب الدّين السرميني ثمَّ الْحلَبِي الفلكي وَيعرف بِابْن ملاعب / وَكَانَ أستاذا ماهرا فِي علم الْهَيْئَة وَحل الزيج وَعمل التقاويم مبرزا فِيهِ انْفَرد بذلك بحلب فِي
وقته بِحَيْثُ كَانُوا يَأْخُذُونَ تقاويمه إِلَى الْبِلَاد النائية ويرسلون فِي طلبَهَا وَلذَا كَانَت سَائِر نوابها تقربه مَعَ نسبته لرقة الدّين(1/204)
وانحلال العقيدة وَترك الصَّلَاة وَشرب الْخمر بِحَيْثُ لم يكن عَلَيْهِ أنس الدّين تحول من حلب خوفًا من بعض الْأُمَرَاء إِلَى صفد فسكنها وَكَانَت منيته بهَا فِي سنة أَربع وَعشْرين وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ، ذكره ابْن خطيب الناصرية مطولا وَقَالَ أَنه اجْتمع بِهِ مرَارًا وَحكى أَنه قَالَ لبَعض الْأُمَرَاء مِمَّن سَمَّاهُ فِي محاربة لَا تركب الْآن فَلَيْسَ هَذَا الْوَقْت بجيد لَك فخالفه وَركب فَقتل، فِي حكايات نَحْو ذَلِك وَقعت لَهُ فِيهَا إصابات كَثِيرَة يحفظها الحلبيون قَالَ وسمعته مرَارًا يَقُول هَذَا الَّذِي أقوله ظن وتجربة وَلَا قطع فِيهِ، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه وَسمعت القَاضِي نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ يُبَالغ فِي إطرائه.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن نصر الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن هَاشم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن نصر الله بن أَحْمد القَاضِي عز الدّين أَبُو البركات بن الْبُرْهَان بن نَاصِر الدّين الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الأَصْل القاهري الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ القادري الْمَاضِي أَبوهُ. / ولد فِي سادس عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانمِائَة بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فِي كَفَالَة أمه لمَوْت وَالِده فِي مُدَّة رضاعه فحفظ الْقُرْآن وجوده على الزراتيتي ومختصر الْخرقِيّ وَعرضه بِتَمَامِهِ على الْمجد سَالم القَاضِي ومواضع مِنْهُ على الْعَادة على الشَّمْس الشَّامي وَأبي الْفضل بن الإِمَام المغربي فِي آخَرين وألفية ابْن مَالك والطوفي والطوالع للبيضاوي والشذور والملحة وَحفظ نصفهَا فِي لَيْلَة وتفقه بالمجد سَالم والْعَلَاء بن المغلي والمحب بن نصر الله وَجَمَاعَة وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس البوصيري واليسير مِنْهَا عَن الشطنوفي وَغَيره وَقَرَأَ على الشَّمْس بن الديري فِي التَّفْسِير وَسَأَلَ الْبُرْهَان البيجوري عَن بعض الْمسَائِل وَحضر عِنْد الْبِسَاطِيّ مَجْلِسا وَاحِدًا وَكَذَا عِنْد الْجلَال البُلْقِينِيّ ميعادا وَعند ابْن مَرْزُوق والعبدوسي واستفاد مِنْهُم فِي آخَرين كالمجد والمشس البرماويين والبدر بِنَا الدماميني والتقي الفاسي والعز بن جمَاعَة وَزَاد تردده إِلَيْهِ فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان والْحَدِيث وَغَيرهَا وَحضر دروس الشَّمْس الْعِرَاقِيّ فِي الْفَرَائِض وَغَيرهَا وَأخذ علم الْوَقْت عَن الشهَاب البرديني والتاريخ وَنَحْوه عَن المقريزي والعيني ولازم الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ فِي التَّفْسِير والعربية والأصلين والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَالْحكمَة وَغَيرهَا بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَكتب على ابْن الصَّائِغ وَلبس خرقَة التصوف مَعَ تلقين الذّكر من الزين أبي بكر الخوافي وَكَذَا صحب الْبُرْهَان الأدكاوي ولبسها من خَاله الْجمال عبد)
الله وَأمه عَائِشَة وَسمع عَلَيْهِمَا الْكثير(1/205)
وَكَذَا سمع على الشموس الزارتيتي والشامي وَابْن الْمصْرِيّ وَابْن البيطار والشرفين ابْن الكويك وَيُونُس الواحي والشهب الوَاسِطِيّ والطرايني وَشَيخنَا وَكَانَ يبجله جدا وَرُبمَا ذكره فِي بعض تراجمه ونوه بِهِ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَالْغَرْس خَلِيل الْقرشِي والزين الزَّرْكَشِيّ وَالْجمال بن فضل الله والكمال بن خير والمحب بن نصر الله والناصر الفاقوسي والتاج الشرابيسي وصالحة ابْنة التركماني وَطَائِفَة وَأَجَازَ لَهُ الزين الْعِرَاقِيّ وَأَبُو بكر المراغي وَعَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي وَالْجمال بن ظهيرة وَابْن الْجَزرِي وَخلق وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيْخه الْمجد سَالم وَهُوَ ابْن سبع عشرَة سنة وَصعد بهَا إِلَى النَّاصِر وَألبسهُ خلعة بل لما ضعف استنابه فِي تدريس الجمالية والحسينية وَالْحَاكِم وَأم السُّلْطَان فباشرها مَعَ وجود الأكابر وَكَذَا بَاشر قَدِيما الخطابة بِجَامِع الْملك بالحسينية وتدريس الحَدِيث بِجَامِع ابْن البابا وَبعد ذَلِك الْفِقْه بالأشرفية برسباي بعد موت الزين الزَّرْكَشِيّ بل كَانَ ذكر لَهَا قبله وبالمؤيدية بعد الْمُحب بن نصر الله بل عرضت عَلَيْهِ قبله أَيْضا فأباها لكَون الْعِزّ القَاضِي كَانَ استنابه فِيهَا عِنْد سَفَره إِلَى الشَّام على قَضَائِهِ لم ير ذَلِك مُرُوءَة وبغته الصَّالح بعد ابْن الرزازفي تلبيسه بِالْقضَاءِ وبالبديرية بِبَاب سر الصالحية وَكَذَا نَاب فِي الْقَضَاء عَن ابْن المغلي وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت ثمَّ أعرض عَن التصدي لَهُ شهامة وَصَارَ يقْضِي فِيمَا يقْصد بِهِ فِي بَيته مجَّانا ثمَّ تَركه جملَة وَهُوَ مَعَ ذَلِك كُله لَا يتَرَدَّد لأحد من بني الدُّنْيَا إِلَّا من يَسْتَفِيد مِنْهُ علما وَلَا يزاحم على سعي فِي وَظِيفَة وَلَا مُرَتّب بل قنع بِمَا كَانَ مَعَه وَمَا تجدّد بِدُونِ مَسْأَلَة، وَقد حج قَدِيما فِي سنة خمس عشرَة ثمَّ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين صُحْبَة الركب الرجبي وَاجْتمعَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة بالسيد عفيف الدّين الايجي وَسمع قصيدة لَهُ نبوية أنشدت فِي الرَّوْضَة بِحَضْرَة ناظمها وَكَذَا أنشدت لصَاحب التَّرْجَمَة هُنَاكَ قصيدة، وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل بَين حجتيه غير مرّة بل وبعدهما وَلَقي القبابي وَأَجَازَ لَهُ وَاجْتمعَ فِي الرملة بالشهاب ابْن رسْلَان وَأخذ عَنهُ منظومته الزّبد وَأذن لَهُ فِي إصلاحها وَبَالغ فِي تَعْظِيمه وَدخل الشَّام مرَّتَيْنِ لَقِي فِي الأولى وحافظها ابْن نَاصِر الدّين وَزَاد فِي إكرامه وَفِي الثَّانِيَة الْبُرْهَان الباعوني وأسمعه من لَفظه شَيْئا من نثره وَإِمَام جَامع بني أُميَّة الزين عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ القابوني وَكتب عَن صَاحب التَّرْجَمَة مِثَاله وَكَذَا دخل دمياط والمحلة وَغَيرهمَا من الْبِلَاد والقرى وَلَقي الأكابر وطارح الشُّعَرَاء(1/206)
وَأكْثر من الْجمع والتأليف والانتقاء والتصنيف حَتَّى أَنه قل فن إِلَّا وصنف فِيهِ إِمَّا نظما وَإِمَّا نثرا وَلَا)
أعلم الْآن من يوازيه فِي ذَلِك واشتهر ذكره وَبعد صيته وَصَارَ بَيته مجمعا لكثير من الْفُضَلَاء وَولي قَضَاء الْحَنَابِلَة بعد الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ مَعَ التداريس المضافة للْقَضَاء كالصالحية والأشرفية الْقَدِيمَة والناصرية وجامع ابْن طولون وَغَيره كالشيخونية وتصدير بالأزهر وَغَيرهمَا، وَلم يتَجَاوَز طَرِيقَته فِي التوضع والاستئناس بِأَصْحَابِهِ وَسَائِر من يتَرَدَّد إِلَيْهِ وتعففه وشهامته ومحاسنه الَّتِي أوردت كثيرا مِنْهَا مَعَ جملَة من تصانيفه وَنَحْوهَا فِي تَرْجَمته من قُضَاة مصر وَغَيره، وَحدث بالكثير قَدِيما وحديثا سمع مِنْهُ القدماء وروى بِبَيْت الْمُقَدّس مَعَ أمه بعض الْمَرْوِيّ وَأَنْشَأَ مَسْجِدا ومدرسة وسبيلا وصهريجا وَغير ذَلِك من القربات كمسجد بشبرا وَكَانَ بَيته يجمع طَائِفَة من الأرامل ونحوهن، وَله فِي من حسن العقيدة ومزيد التبجيل والمحبة مَا يفوق الْوَصْف وَمَا علمت من أستأنس بِهِ بعده. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسبعين وَغسل من الْغَد وَحمل نعشه لسبيل المومني فَشهد السُّلْطَان فَمن دونه الصَّلَاة عَلَيْهِ فِي جمع حافل تقدمهم الشَّافِعِي ثمَّ رجعُوا بِهِ إِلَى حوش الْحَنَابِلَة عِنْد قبر أَبَوَيْهِ وأسلافه وَالشَّمْس بن الْعِمَاد الحنبيل وَهُوَ بَين تربة كوكاي وَالظَّاهِر خشقدم فَدفن فِي قبر أعده لنَفسِهِ وَكثر الأصف على فَقده وَالثنَاء عَلَيْهِ وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوع مثله، وترجمته تحْتَمل مجلدا رَحمَه الله وإيانا. وَتَفَرَّقَتْ جهاته كَمَا بَيناهُ فِي الْحَوَادِث وَغَيرهَا وَصَارَ الْقَضَاء بعده مَعَ الشيخونية لنائبه الْبَدْر السَّعْدِيّ كَانَ الله لَهُ، وَمِمَّا كتبته عَنهُ قَوْله فِي لُغَات الْأُنْمُلَة والأصبع وَهُوَ مُشْتَمل على تسع عشرَة لُغَة:
(وهمز أُنْمُلَة ثلث وثالثه ... وَالتسع فِي أصْبع وَاخْتِمْ بأصبوع)
وَقَوله مِمَّا أَضَافَهُ لبيت ابْن الفارض وَهُوَ:
(بانكساري بذلتي بخضوعي ... بافتقاري بفاقتي بغناكا)
فَقَالَ:
(لَا تَكِلنِي إِلَى سواك وجدلي ... بالأماني وَالْأَمر من بلواكا)
وَقَوله:
(تَوَاتر الْفضل مِنْك يَا من ... بِكَثْرَة الْفضل قد تفرد)
(فرحت أروي صِحَاح بر ... عَن حسن جَاءَ عَن مُسَدّد)
(سلسلة أطلقت بناني ... لَكِن رقي بهَا مُقَيّد)
)
(تعزي إِلَى مَالك البرايا ... مُسندَة للْإِمَام أَحْمد)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف شهَاب الدّين الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْقطَّان(1/207)
بهَا أَخ يُوسُف الْآتِي. / سمع على أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن يُونُس الأول من فَوَائِد أبي عَمْرو بن مندة وعَلى عبد الله بن خَلِيل الحرستاني بعض الشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ قطانا بالصالحية.
مَاتَ.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف النيوري / أحد الخدام فِي ضريح اللَّيْث مِمَّن سمع مني مناقبه لشَيْخِنَا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الشَّيْخ كريم الدّين بن جلال الدّين بن سيف الدّين أَبُو الميادة الحسني الأودهي الْهِنْدِيّ الْحَنَفِيّ / لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّانِيَة فَقَرَأَ على البُخَارِيّ ولازمني فِي أَشْيَاء بل كتب عني مَا أمليته هُنَاكَ وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْعَبَّاس الْمَنَاوِيّ الشريف / مِمَّن أجمع على ولَايَته بِالْيمن، مَاتَ نَحوا من سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْكرْدِي / يذكرُونَهُ بأَشْيَاء مِنْهَا اتهامه بدكنوة من بنادر الْحَبَشَة بجحد وَدِيعَة مَعَ معاقبته عَلَيْهَا ثمَّ قيل أَنَّهَا وجدت مَعَه بل بَاعهَا أَو بَعْضهَا بِمَكَّة ورأيته كتب لأبي المكارم بن ظهيرة حِين ختم ابْنه الْقُرْآن:
(هَنِيئًا بالسرور لديك دَائِم ... بسيدنا بني بَحر المكارم)
(وَشهر بالمحرر من عُلُوم ... كَمثل الرَّافِعِيّ ذَوي العائم)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْمحلى. / مضى فِيمَن جده أَحْمد.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم شهَاب الدّين الزرعي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي / نزيل مدرسة أم الصَّالح، مِمَّن برع فِي فنون كالعربية وَالصرْف والمنطق وَكَانَ أَبوهُ فَقِيها. مَاتَ فِي أحد الربيعين سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَترك وَلدين استقرا فِيمَا كَانَ مَعَه من الْوَظَائِف فبادر عَمهمَا الْوَصِيّ عَلَيْهِمَا فِي زمن الطَّاعُون هُنَاكَ للرغبة عَنْهَا احْتِيَاطًا بِمِائَتي دِينَار وَمَاتَا عَن قرب فَوَثَبَ البقاعي وَكتب لَهُ النَّجْم بن القطب الخيضري فنازعه الْوَصِيّ بسبق النُّزُول وساعده التقي بن قَاضِي عجلون وراسل البقاعي متوسلا بالخيضري وَغَيره فِي استنجاز مرسوم بِإِبْطَال مَا كتب لغيره كل ذَلِك مَعَ زَعمه أَنه لَا يشاحن فِي وَظِيفَة وَلَا غَيرهَا.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الشهَاب الْحلَبِي الشَّاهِد / مَاتَ سنة خمس وَعشْرين، أرخه ابْن عزم.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْحِمصِي الشَّافِعِي / كتب على استدعاء بخطى أَرْسلتهُ للديار الحلبية مؤرخ بِسنة إِحْدَى وَخمسين وَلَكِن مَا عَلمته.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم السفطي / مِمَّن سمع مني فِي الأمالي.(1/208)
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم العجمي الكيلاني الْمَكِّيّ الْخياط قريب ابْن مُحَمَّد. / مَاتَ فِي صفر سنة ثَمَان وَسبعين.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم القمصي / كتبت بخطى أَنه فِي معجمي وَمَا رَأَيْته فتراجع المسودة.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْمدنِي الْمُؤَذّن / قَرَأَ على الْجمال الكازروني الْمُوَطَّأ فِي سنة عشْرين.
أَحْمد بن إِبْرَاهِيم عَالم بجاية، / ذكره ابْن عزم هَكَذَا وَأَنه مَاتَ بعد الْأَرْبَعين.
أَحْمد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب المرشدي الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ. /
مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَعشْرين.
أَحْمد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو بكر بن أبي ذَر بن الْحَافِظ الْبُرْهَان الْحلَبِي / وَهُوَ بكنيته أشهر يَأْتِي.
أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد بن حسن شاه بن بهمن شاه بن ظفر شاه بن شهَاب الدّين ملك كلبرجة وَابْن مُلُوكهَا. / لَهُ ذكر فِي أَبِيه قَرِيبا.
أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ بن شرف بن عبد الظَّاهِر الدلجي وَيعرف بِابْن القَاضِي أَحْمد، / قَرَأَ الْقُرْآن والتبريزي والملحة ولازم بِأخرَة خدمَة بلديه الشهَاب الدلجي وَسمع مني فِي الْإِمْلَاء. مَاتَ بدلجة فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ مطعونا وَلم يكمل الْأَرْبَعين.
أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان أَبُو الْعَبَّاس بن أبي الْعَبَّاس بن الشَّيْخ المسلك الزَّاهِد صَاحب الْجَامِع الشهير بالمقس وَيعرف كأبيه بِابْن الزَّاهِد وَهُوَ سبط الشهَاب الْحُسَيْنِي أمه خَدِيجَة الْآتِي كل مِنْهُم فِي مَحَله. / وَسمع مني من تَرْجَمَة النَّوَوِيّ تصنيفي.
أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن طرخان الشهَاب بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن الشَّيْخ شهَاب الدّين القاهري البحري الْحَنْبَلِيّ الْآتِي أَبوهُ وجده وَالِد أبي الْوَفَاء مُحَمَّد وَيعرف كسلفه بِابْن الضياء / وَكَانَ قد اتَّصل بِزَوْجَة شمس الدّين سبط ابْن الميلق ويلقب بالوزة أم وَلَده المستقر بعد أَبِيه فِي وظائفه من مُبَاشرَة وَغَيرهَا وهب ابْنة الشَّمْس بن خَلِيل شَاهد وقف)
الأشرفية فَلم يلبث أَن مَاتَ الْوَلَد وَاسْتقر هَذَا فِي جلها وَكَانَ الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ أذن لَهُ فِي مُبَاشرَة الآوقاف الَّتِي تَحت نظره ثمَّ رفع يَده لسوء أمره. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي ربيع الآخر سنة أَربع وَسبعين وَجَاز الْخمسين.
أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد شهَاب الدّين الدِّمَشْقِي أحد موقعي الحكم وَيعرف بِابْن النشار، / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه كَانَ من أَعْيَان الدماشقة حسن الْخط والخطابة. مَاتَ فِي شهر رَمَضَان سنة خمس عشرَة وَهُوَ مِمَّن وَافق اسْمه اسْم أَبِيه وجده.(1/209)
أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد الشهَاب الكازروني الْمدنِي الشَّافِعِي، / سمع على أبي الْحسن عَليّ بن سيف الأبياري فِي سنة ثَلَاث عشرَة ابْن مَاجَه وَضبط الْأَسْمَاء.
أَحْمد بن أَحْمد تمرباي شهَاب الدّين التمربغاوي / الَّذِي كَانَ جده رَأس نوبَة النواب وتأمر على الْحَج فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين. شَاب حَنَفِيّ اشْتغل عِنْد الكافياجي رَفِيقًا لِابْنِ أبي زيد وَهُوَ الْآن فِي الْأَحْيَاء.
أَحْمد بن أَحْمد بن جوغان بجيم ثمَّ وَاو ومعجمة وَآخره نون الشاذلي الْوَاعِظ نزيل مَكَّة / مِمَّن ولي مشيخة الزمامية. وَمَات فِي ربيع الآخر سنة خمسين.
أَحْمد شاه بن أَحْمد شاه بن حسن شاه بن بهمن شاه شهَاب الدّين أَبُو الْمَغَازِي وبخط الْعَيْنِيّ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأول أثبت / صَاحب كلبرجة وَمَا والاها من بِلَاد الْهِنْد دَامَ فِي المملكة نَحْو أَربع عشرَة سنة وَكَانَ أجل مُلُوك الْهِنْد دينا وَخيرا وعزما وحزما أنشأ بِمَكَّة رِبَاطًا هائلا مَعَ صدقَات وبر وأفضال. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَاسْتقر فِي ملك كلبرة ابْنه ظفر شاه واسْمه أَحْمد أَيْضا. وَينظر أَحْمد بن أَحْمد ابْن فندوكاس وَقد طول المقريزي فِي عقوده.
أَحْمد بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب بن الإِمَام الْأَذْرَعِيّ الأَصْل القاهري وَأمه تركية فتاة أَبِيه. / ولد فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن وتنزل فِي صوفية الباسطية وَغَيرهَا وابتني لَهُ بجوارها بَيْتا وَحضر عِنْدِي فِي دروس البرقوقية وَغَيرهَا وَنعم الرجل.
أَحْمد بن أَحْمد بن حسن الشهَاب المسيري وَالِد المحمدين الآتيين وَيعرف بالفقيه، / كَانَ فَاضلا صَالحا خيرا. مَاتَ تَقْرِيبًا قريب الْأَرْبَعين رَحمَه الله.
أَحْمد بن أَحْمد بن سِنَان بن عبد الله بن عمر ومسعود الْعمريّ الْمَكِّيّ العابد / مَاتَ سنة خمس
وَأَرْبَعين بالغد اخْرُج مَكَّة من ضرب الْيمن وَدفن بِهِ.
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الْخَالِق بن عبد المحي بن عبد الْخَالِق القَاضِي ولي الدّين بن الشهَاب بن السراج الأسيوطي الأَصْل القاهري الناصري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَعَمه. / ولد فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْمَدْرَسَةِ الناصرية وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه حسن العاملي والعمدة والمنهاج الفرعي وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وَعرض على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَطَائِفَة وأحضر وَهُوَ فِي الثَّالِثَة على الْجمال عبد الله بن الْعَلَاء عَليّ الْحَنْبَلِيّ ختم السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وَغَيره وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَأثبت اسْمه بِخَطِّهِ فِي بعض مجَالِس أَمَالِيهِ وَشَيخنَا وَابْن الْجَزرِي(1/210)
وَابْن الْمصْرِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ ووالده وَعَمه الْمجد إِسْمَاعِيل والشهاب الوَاسِطِيّ والتلواني وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة فِي آخَرين كالمحب بن نصر الله وَقَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَأخذ الْفِقْه عَن الشّرف السُّبْكِيّ ولازمه وَأذن لَهُ فِي التدريس وَكَذَا أَخذ عَن الْمجد الْبرمَاوِيّ والشمسين الْحِجَازِي والنائي وَالْعلم البُلْقِينِيّ واشتهر اخْتِصَاصه بِهِ وَحضر دروس القاياتي وَشَيخنَا وَجَمَاعَة وطرفا من الْعَرَبيَّة عَن الْبُرْهَان الأبناسي والحناوي وَفِي الْفَرَائِض عَن أبي الْجُود البنبي وَفِي أصُول الْفِقْه عَن الْكَمَال إِمَام الكاملية وَكَذَا من شُيُوخه الوروري، وجود الْخط وتدرب فِي الشَّهَادَة كالجلوس مَعَ بعض أَرْبَابهَا إِلَى أَن ترقى لمباشرة التوقيع بِبَاب الْعلم البُلْقِينِيّ رَفِيقًا للعز بن أبي التائب وتزايدت براعته فِي الصِّنَاعَة بمرافقته وَأول من استنابه فِي الْقَضَاء البُلْقِينِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَاسْتمرّ يَنُوب عَن من بعده إِلَّا الصّلاح المكيني فَلم ينب عَنهُ إِلَّا فِيمَا لَا تعلق للْأَحْكَام فِيهِ وَصَارَ من أجلاء النواب بِحَيْثُ أَنه كَانَ أحد الْعشْرَة الَّذين اسْتَقر بهم القاياتي أَولا وولاه شَيخنَا أَمَانَة الحكم بِأخرَة وَاسْتقر قبل ذَلِك فِي توقيع الدست فِي الْأَيَّام البدرية ابْن مزهر واختص بولده الْبَدْر أَيْضا وَكَذَا لَازم التَّرَدُّد للتقي بن الْبَدْر البُلْقِينِيّ وَكَانَ يقْرَأ فِي الدَّرْس عِنْده ثمَّ لوَلَده الولوي وناب عَنهُ فِي خطابة جَامع المغربي بِخَط سويقة المَسْعُودِيّ وانتمى للكمالي بن الْبَارِزِيّ وللجمالي نَاظر الْخَاص واختص بِهِ كثيرا وراج أمره بِصُحْبَتِهِ ونال فِيمَا يُقَال أمولا جمة ووظائف جملَة من أنظار ومباشرات وَغير ذَلِك كالإمامة لصهريج منجم وتدريس الطبرسية بعد شَيْخه المبكي ومشيخة الجمالية بِالْقربِ من سعيد السُّعَدَاء تصوفا وتدريسا بعد صرف السفطي واختفائه وتدريس الْفِقْه بِجَامِع ابْن طولون برغبة النَّجْم بن قَاضِي عجلون وبالناصرية مَحل سكنه بعد أبي الْعدْل البُلْقِينِيّ مَعَ إِفْتَاء دَار)
الْعدْل وبالمسجد الَّذِي جدده الظَّاهِر جقمق بخان الخليلي عوضا عَن ابْن أبي الْخَيْر الزفتاوي وَقِرَاءَة الحَدِيث بَين يَدي السُّلْطَان بالقلعة عوضا عَن الْجلَال بن الْأَمَانَة والميعاد بِجَامِع ابْن الْأَشْقَر والإمامة وَالنَّظَر بِالْمَسْجِدِ المجاور لباب الناصرية عوضا عَن الشَّمْس(1/211)
بن الْعَطَّار وَالنَّظَر بالأقبغاوية بِجَامِع السِّت مسكة وبالقبة الأنوكية بتفويض الْعلم البُلْقِينِيّ فَمن بعده وبوقف الأتابكي بِدِمَشْق وَغَيره عَن الْعِزّ الناعوري وبوقف سَيِّدي فتح الأسمر بدمياط عوضا عَن الْبرمَاوِيّ ومالا أحصره، ودرس قَدِيما فِي حَيَاة الأكابر وَحضر بَعضهم مَعَه أجلاسا لَهُ وتعاني التَّقْسِيم فِي كل سنة وتصدر فِي الْجَامِع الْأَزْهَر لذَلِك وأشير إِلَيْهِ بالبراعة فِي فن التوقيع والتحري فِي الْحُكَّام فتزايدت بِهَذِهِ الْأَوْصَاف وجاهته وَارْتَفَعت مكانته وَدخل فِي قضايا كبار فأنهاها وصمم على التَّوَقُّف فِيمَا لَا يرتضيه سفاها وَجَرت على يَدَيْهِ للجمالي الْمشَار إِلَيْهِ صدقَات وَشبههَا وثوقا بِهِ واعتمادا عَلَيْهِ وَقصد التَّوَسُّط عِنْده فِي كثير من المآرب وَتردد إِلَيْهِ بِسَبَب ذَلِك الْمُرْتَفع والمقارب فَصَارَ إِلَى اشتهار بذلك وَسُمْعَة وَعز متزايد ورفعة مَعَ مَا عِنْده من وفور الْعقل والسكون والتواضع الْمُقْتَضِي للركون وَعدم الطيش والتبسط فِي الْعَيْش والتودد بالْكلَام واستجلاب الخواطر فِي سَائِر الْأَقْسَام وَحسن المداخلة للكبار وَالْمُبَالغَة فِي لطف الْعشْرَة مَعَهم وَعدم السلوك لليبس عِنْدهم إِلَى غير ذَلِك من الْميل فِي المنسوبين للصلاح المتعاهدين أَسبَاب الْفَلاح ورغبة فِي الازدياد من زيارتهم والتطفل على كريم شيمهم وصفاتهم وحرص على مُلَازمَة حُضُور وَقت إمامنا الشَّافِعِي فِي كل شهر والتوسل بِهِ فِيمَا يجلب المسرات وَيدْفَع الْقَهْر ومحبة لشهود الْجَمَاعَات والتعبد وَالْقِيَام فِيمَا بَلغنِي للتهجد، وَقد حج مرَارًا آخرهَا فِي سنة سبعين السّنة الَّتِي حججْت فِيهَا وَكَانَ صُحْبَة وليد الْجمال الْمشَار إِلَيْهِ بعد موت والدهما فَكَانَ أكبرهما يُكَرر عَلَيْهِ ماضيه فِي كل يَوْم، وَرجع صحبتهما فَظهر بوصوله تَحْقِيق بطلَان مَا كَانَ أشيع فِي غيبته من وَفَاته الَّتِي كَانَت سَببا لفسخ كثير من جهاته لامتداد أعين السعاة إِلَيْهَا وَعدم توقفهم عَن ذَلِك ليثبت الْمقَالة الَّتِي تبين انه لَا اعْتِمَاد عَلَيْهَا وَلم يلبث إِلَّا الْيَسِير حَتَّى اسْتَقر فِي الْقَضَاء مَعَ وجود الْمَنَاوِيّ وَغَيره من الْأَعْيَان عوضا عَن الْبَدْر البُلْقِينِيّ فِي جُمَادَى الأولى سنة أحدى بِتَعْيِين الْأمين الأقصرائي وباشر على قَاعِدَته وَصَارَ يُرَاجع فِيمَا لَا ينْهض بالاستقلال بِهِ من الْفَتَاوَى وَنَحْوهَا وَرُبمَا تقوى بتضمين فتاوية الْمَوْجُودين فِي بعض الأسجلات عَلَيْهِ بالحكم وَاقْتصر على نقيب وَاحِد عَاقل وَلم يبتكر نَائِبا بل)
خص جمَاعَة مِمَّن اخْتصَّ بهم وَقَدَّمَهُمْ بالمور المهمة كالوصايا وَشبههَا وأمعن فِي(1/212)
تَأمل المكاتيب ودقق فِي المساجحة فِي أَسمَاء مستحقي أوقاف الْحَرَمَيْنِ لكَونه يتَوَلَّى كتابتهم بِنَفسِهِ لكنه لم يتهيأ لَهُ حسن النّظر فِي الْأَوْقَاف المشمولة بنظره مَعَ شدَّة حرصه على تعَاطِي معاليم الأنظار بل وَمَا كَانَ باسمه فِي مرتبات الصَّدقَات وَنَحْوهَا قبل ذل حَتَّى كَادَت أَن تخرب وَكثر الْخَوْض فِي جَانِبه بِسَبَبِهَا وَكَذَا بِنَقص بضاعته وَكَونه انْسَلَخَ مِمَّا كَانَ فِيهِ قبل الْولَايَة من المذاكرة بِالْعلمِ فِي الْجُمْلَة بِحَيْثُ اشْتهر بذلك عِنْد الْخَاص وَالْعَام وجاهره بعض رفقائه بل وَالسُّلْطَان بِمَا لَا يحْتَملهُ غَيره وَهُوَ ثَابت لَا يتزحزح وممسك لَا يتسمح حَتَّى أَنه لم يتَّفق لكثير مِمَّن أدركناهم مَعَ جلالتهم فِي الْعلم والبذل وَسَائِر الْأَوْصَاف مَا اتّفق لَهُ من الهناء بالمنصب مُدَّة من غير محرك إِلَى أَن صرفه فِي صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ بِسَبَب شرحته فِي مَحَله فَلم يلبث أَن أُعِيد بعناية الأتابك مَعَ عدم مُوَافَقَته عرض السُّلْطَان وَلذَا عَزله على حِين غَفلَة وَذَلِكَ بعد مستهل رَجَب من الَّتِي تَلِيهَا حِين التهنئة وأقيم من مَجْلِسه على وَجه لَا يَلِيق بِمثلِهِ ثمَّ اسْتَقر بالزيني زَكَرِيَّا ورام الترسيم عَلَيْهِ لعمل الْحساب فكفه الْمُتَوَلِي عَنهُ وتألم كَثِيرُونَ بانفصاله بعد مزِيد اشْتِغَاله سِيمَا مَعَ الْتِزَام الْمُتَوَلِي بعمارة الْأَوْقَاف وتسويته بِالْقطعِ بَين الْمُسْتَحقّين مِمَّا قرر أَنه الْعدْل والإنصاف وَلزِمَ هَذَا منزله غير آيس من عوده إِلَى أَن مَاتَ بعد تعلل مُدَّة فِي لَيْلَة الْأَحَد ثامن عشري صفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي جمع حافل جدا ثمَّ دفن بحوش صوفية سعيد السُّعَدَاء وَكثر الأسف على فَقده ورأيته فِي الْمَنَام على هَيْئَة حَسَنَة رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب القمصي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو عبد الرَّحْمَن الْآتِي وَهُوَ أَصْغَر أخوته. / ولد قَرِيبا من سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَجلسَ لَهَا دهرا بحانوت قنطرة الموسكي مديما للتلاوة على طَريقَة مرضية وَهُوَ مِمَّن حج مَعَ الرجبية. وَمَات فِي أَوَائِل جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَسبعين رَحمَه الله.
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ عبد الْوَاحِد بن معمر بن عبود الشهَاب السخاوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. / ولد فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة بسخا وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وتلا بِهِ للسبع على إِمَام جَامع الغمري بالمحلة قَاسم وللثلاث على الشهَاب بن جليدة وَأقَام بالمحلة نَحْو عشر)
سِنِين وَحفظ هُنَاكَ كتبا وَقَرَأَ على الشهَاب(1/213)
الْمصْرِيّ فِي الْفِقْه وعَلى نَاصِر الدّين الجندي فِي الْعَرَبيَّة وعَلى الْبَهَاء بن الْوَاعِظ فِي الْفَرَائِض فِي آخَرين كالشهاب بن الأقيطع، وتحول مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة واشتغل وَكتب عني جملَة من الْإِمْلَاء وَقَرَأَ عَليّ الرّبع الأول فَأكْثر من البُخَارِيّ وَسمع على النشاوي ثمَّ سَافر إِلَى أَن استوطن الْقَاهِرَة ولازم الزين الأبناسي وَغَيره وَقَرَأَ الحَدِيث على الْعَامَّة وأقرأ الْأَطْفَال ثمَّ حج فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ موسميا وَقَرَأَ على المحيوي الْحَنْبَلِيّ القَاضِي وَالشَّمْس المراغي واتصل بالشهابي بن الْعَيْنِيّ بإقراء أَوْلَاده، وَالْغَالِب عَلَيْهِ سَلامَة الْفطْرَة وَالْخَيْر.
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن أبي بكر الْمُحدث الْأَصِيل الزين حفيد السراج الشرجي الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ الْحَنَفِيّ أحد أَعْيَان الْحَنَفِيَّة. / ولد فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة، وَقَالَ حَمْزَة النَّاشِرِيّ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَهُوَ الصَّحِيح كَمَا سمع من لَفظه وَأَنه فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي عشري رَمَضَان بزبيد وَمَات أَبوهُ وَهُوَ حمل فَلِذَا سمى باسمه والمسمى لَهُ هُوَ الشَّيْخ أَحْمد بن أبي بكر الرداد وَأَبوهُ وجده مِمَّن أَخذ عَن شَيخنَا كَمَا سَيَأْتِي فِي ترجمتيهما، وَلِهَذَا نظم ونثر وتأليف وَهُوَ الَّذِي جمع مَا وقف عَلَيْهِ من نظم ابْن الْمُقْرِئ فِي مجلدين بل لَهُ أَيْضا طَبَقَات الْخَواص الصلحاء من أهل الْيمن خَاصَّة، وَسمع اتِّفَاقًا مَعَ أَخِيه على النفيس الْعلوِي والتقي الفاسي وبنفسه على ابْن الْجَزرِي سمع عَلَيْهِ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه ومسند الشَّافِعِي وَالْعدة والحصن كِلَاهُمَا لَهُ واليسير على أبي الْفَتْح المراغي وَكَذَا سمع على الزين البرشكي عَام وُصُوله صُحْبَة ابْن الْجَزرِي الْيمن فِي سنة تسع وَعشْرين الشفا والموطأ والعمدة وتصنيفه طرد المكافحة عَن سَنَد المصافحة، أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة بزببيد فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَقَالَ الْعَفِيف النَّاشِرِيّ أَنه صحب الْفَقِيه الصَّالح الشّرف أَبَا الْقَاسِم بن أبي بكر العسلقي بِضَم أَوله وثالثه بَينهمَا مُهْملَة سَاكِنة نِسْبَة إِلَى قَبيلَة يُقَال لَهَا العسالق من الْيمن وحجاوزارافي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وبصحبته انْتفع، وَقَالَ حَمْزَة النَّاشِرِيّ أَنه سمع من سُلَيْمَان الْعلوِي وَابْن الْخياط وَابْن الْجَزرِي ووغيرهم وتفقه فِي مذْهبه وَكَانَ أديبا شَاعِرًا لَهُ مؤلفات مِنْهَا طَبَقَات الْخَواص ومختصر صَحِيح البُخَارِيّ ونزهة الأحباب فِي مُجَلد كَبِير يتَضَمَّن أَشْيَاء كَثِيرَة من أشعار ونوادر وملح وحكايات وفوائد أَو حادي عشر ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَنزل النَّاس فِي زبيد بِمَوْتِهِ فِي(1/214)
الرِّوَايَة دَرَجَة رَحمَه الله انْتهى. وَمِمَّنْ تَرْجمهُ لي أَيْضا الْكَمَال)
مُوسَى الدوالي حَسْبَمَا كتب إِلَى بِهِ من الْيمن.
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الله الشهَاب الربيعي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة / أَقَامَ بهَا يشْتَغل عِنْد المسيري ثمَّ غَيره كالشرف عبد الْحق السنباطي ولازمني حِين الْمُجَاورَة الثَّالِثَة ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ رَجَاء لوفاء دينه وَصَارَ يحضر عِنْدِي أَحْيَانًا وَعند الْجَوْجَرِيّ وَعبد الْحق وَيكثر التَّرَدُّد للمجد القلعي بجامعها وَعَاد لمَكَّة ثمَّ سَافر مِنْهَا إِلَى الطَّائِف فدام بِهِ قَلِيلا وَكَذَا أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ يَسِيرا.
أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الله الزهوري العجمي نزيل دمشق / كَانَ بزِي الْفُقَرَاء وحصلت لَهُ جذبة فَصَارَ يهذي فِي كَلَامه ويخلط وَتَقَع لَهُ مكاشفات مِنْهَا أَنه لما كَانَ بِدِمَشْق وَكَانَ الظَّاهِر برقوق حِينَئِذٍ بهَا جنديا فَرَأى فِي مَنَامه أَنه ابتلع الْقَمَر بعد أَن رَآهُ صَار فِي صُورَة رغيف خبز فَلَمَّا أصبح اجتاز بِصَاحِب التَّرْجَمَة فصاح بِهِ يَا برقوق أكلت الرَّغِيف فَعظم اعْتِقَاده فِيهِ لذَلِك فَلَمَّا ولي السلطنة أحضرهُ وعظمه وَصَارَ يشفع عِنْده فَلَا يردهُ ثمَّ أفرط حَتَّى كَانَ يحضر مَجْلِسه الْعَام فيجلس مَعَه على مَقْعَده بل ويسبه بِحَضْرَة الْأُمَرَاء وَرُبمَا يبصق فِي وَجهه وَلَا يتأثر لذَلِك وَيدخل على حريمه فَلَا يحتجبن مِنْهُ وحفظت عَنهُ كَلِمَات كَانَ يلقيها فَيَقَع الْأَمر كَمَا كَانَ يَقُول وَكَانَ للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير. مَاتَ فِي سنة إِحْدَى، تَرْجمهُ شَيخنَا فِي أنبائه وَذكره الْعَيْنِيّ بِدُونِ أَحْمد الثَّانِي وَمَا علمت الصَّوَاب فِيهِ وَقَالَ: شيخ كَانَ السُّلْطَان يَعْتَقِدهُ إِلَى الْغَايَة بِحَيْثُ أَنه كَانَ يشتمه سفاها ويبزق على مَقْعَده وَيُقَال أَنه بشره بالسلطنة، وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ مغلوب الْعقل يتَكَلَّم تَارَة بِكَلَام الْعُقَلَاء وَتارَة يخلط وأرخه فِي يَوْم الْأَحَد مستهل صفر وَدفن فِي تربة السُّلْطَان بجوار الشَّيْخ طَلْحَة وَالشَّيْخ أبي بكر البخاوي، وَذكره المقريزي فِي عقوده وَلَكِن بِدُونِ اسْم جده بل اقْتصر على أَحْمد بن أَحْمد.
أَحْمد بن أَحْمد بن عُثْمَان شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس الدمنهوري وَيعرف بِابْن كَمَال. / ولد بدمنهور الْوَحْش وَقَرَأَ الْقُرْآن فِي صغره على بعض قرائها وَأَجَازَ لَهُ وَجلسَ مَعَ الشُّهُود بِمصْر وَصَحب قَاضِي بَلَده الزين الْأنْصَارِيّ فاختص بِهِ وَتردد مَعَه وَقَبله وَبعده إِلَى مَكَّة مرَارًا وجاور بهَا عدَّة سِنِين وَكَذَا تردد إِلَى الْقُدس ودمشق وَاجْتمعَ بِكَثِير من الصَّالِحين وَأهل الْخَيْر وخدمهم وَأحسن لبَعْضهِم كثيرا وعادت عَلَيْهِ بركتهم سما مَعَ إكثاره الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(1/215)
حَتَّى كَانَ يَقُول أَنه يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مائَة ألف مرّة أَو نَحْوهَا بل كَانَ يسبح)
اله ويهلله ويمدح فِي آخر اللَّيْل بمنارة بَاب الْعمرَة أوقاتا كَثِيرَة فِي سِنِين مُتعَدِّدَة ثمَّ امْتنع من ذَلِك رغما عَن أَنفه لأمر اقْتَضَاهُ وَرُبمَا كَانَ يذاكر أبياتا حَسَنَة من الشّعْر والأذكار كل ذَلِك مَعَ حِدة فِي خلقه تُفْضِي بِهِ إِلَى مَا لَا يحمد. مَاتَ بعد أَن تزوج عِنْد بَيت الزمزمي وَولد لَهُ عدَّة أَوْلَاد فِي لَيْلَة السبت الْعشْرين من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وَدفن بالمعلاة وَقد جَازَ السّبْعين بِيَسِير وَخلف طفْلا رَحمَه الله وإيانا. تَرْجمهُ التقي الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَتَبعهُ ابْن فَهد فِي مُعْجَمه وَشَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن أَحْمد بن الْفَخر عُثْمَان الغزولي ويلقب طبيخ. / مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَانِي صفر فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَكَانَ مثريا بعد فاقة.
أَحْمد بن أَحْمد بن عَلَيْك البعلي ثمَّ الْمدنِي أَخُو إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَنَائِم الْمَاضِي. / ولد فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع على ابْن صديق وَأَجَازَ فِي استدعاء فِيهِ شَيخنَا سنة إِحْدَى وَعشْرين، وَسَيَأْتِي أَحْمد بن أَحْمد بن علبك وَلَكِن ذَاك مَعَ كَونه بالغين الْمُعْجَمَة المضمومة اسْم جده وَهَذَا مَعَ كَونه بِالْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَة لقب وَاسم جده غَنَائِم.
أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر بن أَيُّوب بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن درباس فَخر الدّين أَبُو إِسْحَاق المازاني الْكرْدِي القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمُحدث وَيعرف بِابْن درباس / وَزَاد بَعضهم بَين أَبِيه وعَلى مُحَمَّد، قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه شَاب نبيه سمع من بعض شُيُوخنَا وَأكْثر مني. قلت وَكَانَ أحد المنزلين عِنْده فِي طلب الجمالية واشتمل عَلَيْهِ. وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ النخبة بِقِرَاءَة الشمني فِي سنة خمس عشرَة وَكتب من تصانيفه تَعْلِيق التَّعْلِيق وَقِرَاءَة الْكَمَال أَو أَكْثَره انْتهى. وتيقظ وَجمع أَشْيَاء حَسَنَة، وَمن فَوَائده أَنه سُئِلَ عَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبْعَة يظلهم الله هَل لَهُ مَفْهُوم وَكَانَ ذَلِك سَبَب جمع سَبْعَة أُخْرَى ثمَّ سَبْعَة أُخْرَى كَمَا ذكرت ذَلِك فِي الزَّكَاة عَن شرح البُخَارِيّ وسألني مرّة أُخْرَى عَن المسانيد الَّتِي يُخرجهَا أَصْحَاب المسانيد فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَي الْأَقْسَام الثَّلَاثَة هِيَ أَي إِن أَصْحَاب الحَدِيث وَغَيرهم يصرحون أَن السّنَن تَنْقَسِم إِلَى قَوْله وَفعله وَتَقْرِيره وَإِذا لم تكن من هَذِه الْأَقْسَام أشكلت على مَا أَطْلقُوهُ من الْحصْر فِي ثَلَاثَة، وَجمع كتابا فِي آل بَيته بني درباس وَآخر فِي آل ابْن العجمي وَلم يزل مكبا على الِاشْتِغَال والطلب(1/216)
وَكِتَابَة الحَدِيث مَعَ الدّين وَالْخَيْر وَالْعِبَادَة إِلَى أَن مَاتَ فِي الْمحرم سنة سبع عشرَة وَلم يتكهل وَلم يتأهل، وَهُوَ فِي عُقُود)
المقريزي بِاخْتِصَار وَقد اختصر التَّبْصِرَة فِي الْوَعْظ لِابْنِ الْجَوْزِيّ بِزِيَادَات رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ بن زَكَرِيَّا الشهَاب بن الشَّيْخ شهَاب الدّين الجديدي بِضَم الْجِيم ثمَّ دَال مُهْملَة مَفْتُوحَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة مُشَدّدَة مَكْسُورَة ثمَّ مُهْملَة نِسْبَة لقرية من قرى منية بدران لكَون أَصله مِنْهَا البدراني الشَّافِعِي نزيل دمياط والآتي أَبوهُ. / ولد فِي مستهل الْمحرم سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بمنية بدران وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد وَالِده والمنهاج والجرومية وبضع ألفية ابْن مَالك وَقدم الْقَاهِرَة فَحَضَرَ القاياتي وَغَيره كَالْعلمِ البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه وَكَذَا أَخذ الْفِقْه بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة حِين إِقَامَته بهَا نَحْو ثلث سنة لما حج فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَن الْجمال الكازروني والعربية عَن الشهَاب البجائي والْحَدِيث وَغَيره عَن شَيخنَا وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الزين الزَّرْكَشِيّ والكازروني والنور الْمحلى سبط الزبير وطاهر الخجندي وَطَائِفَة بِالْقَاهِرَةِ وَالْمَدينَة وقطن دمياط من سنة سبع وَخمسين وتصدى فِيهَا للتدريس فَانْتَفع بهَا جمَاعَة وَقصد بالفتاوى من تِلْكَ النواحي وَعمل على الجرومية شرحا مطولا ومختصرا لم يكملا وَكَذَا شرع فِي مُقَدّمَة الحناوي فِي النَّحْو وَلَعَلَّه أَخذ عَنهُ وَفِي شرح جَامع المختصرات وَله النَّصِيحَة الرابحة لِذَوي الْعُقُول الراجحة وَغير ذَلِك وَأَنْشَأَ الْخطب والرسائل نظما ونثرا وَفِي ذَلِك مَا يُوصف بالجودة، وَولي مشيخة المعينية المستجدة بدمياط وَكَانَ فَاضلا مشاركا ذكيا قَادِرًا على التَّعْبِير عَن مُرَاده متين الْكِتَابَة متوددا كَرِيمًا كثير السُّكُوت وَالِاحْتِمَال قَلِيل التشكي وَهُوَ مِمَّن كتب فِي كائنة ابْن الفارض وَلم يكن يعْتَمد فِيمَا يَقع لَهُ من الحيدث غَيْرِي ومدحني نظما ونثرا. مَاتَ بدمياط فِي حادي عشر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن بهاء الدّين أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأنْصَارِيّ التتائي الأَصْل الْآتِي أَبوهُ. /
مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشري جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بِمَكَّة، أرخه ابْن فَهد وَكَأَنَّهُ ولد بعد أَبِيه فَسُمي باسمه.
أَحْمد بن أَحْمد عَليّ الدمياطي / عَليّ إِمَام قاعة السِّلَاح المنسوبة للشَّيْخ عبد الرَّحْمَن العجمي، سمع مني فِي الْإِمْلَاء.
أَحْمد بن أَحْمد بن عمر بن حُسَيْن الزفتاوي الأَصْل المقسي الْآتِي أَبوهُ. وَعَمه عبد الْقَادِر. / قَرَأَ عَليّ فِي القتريب للنووي وَسمع على غير ذَلِك.)(1/217)
أَحْمد بن أَحْمد بن عمر بن غَنَّام الشهَاب البرنكيمي ثمَّ الزنكلوني ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي أَخُو الشّرف مُوسَى الْآتِي، / ولد فِي سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بيرنكيم من أَعمال الشرقية وَنَقله أَبوهُ وَهُوَ فِي المهد إِلَى زنكلون ثمَّ وَهُوَ طِفْل إِلَى الْقَاهِرَة فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه حسن العالمي وتلاه لأبي عَمْرو على ابْن عَبَّاس بِمَكَّة حِين حج فِي سنة تسع وَأَرْبَعين ثمَّ للسبع على عمر النجار بهَا أَيْضا فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاج وقطعا من الْكتب الْأَرْبَعَة جمع الْجَوَامِع وألفية الحَدِيث والنحو الشاطبية وَعرض على جمَاعَة كالمحب بن نصر الله والقاياتي وَشَيخنَا وَأخذ عَنهُ فِي شرحي النخبة والألفية وَسمع عَلَيْهِ جملَة وتفقه بِمَكَّة حِين حج بِأبي الْفَتْح المراغي وَسمع عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَغَيره وَكَذَا سمع على التقي بن فَهد وَفِي الْقَاهِرَة بالسيد النسابة والشرف الْمَنَاوِيّ وَعنهُ أَخذ أصُول الْفِقْه أَيْضا ولازمه بل حضر فِي دروس القاياتي وَابْن البُلْقِينِيّ والْعَلَاء القلقشندي وَابْن الْهمام وَأخذ النَّحْو عَن الحناوي والابدي وأصول الْفِقْه أَيْضا مَعَ الْمنطق وَغَيره عَن التقي وقرا على الْجَوْجَرِيّ الْمُخْتَصر وتوضيح ابْن هِشَام وَسمع عَلَيْهِ شرح العقائد ثلاثتها بِمَكَّة وَأخذ الْفَرَائِض عَن أبي الْجُود والبوتيجي والشهاب السجينيوسمع الحَدِيث على بعض من ذكر وَغَيرهم، وَمِمَّا سَمعه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية مَعَ مجْلِس قبله، وتميز وشارك فِي كثير من الْفَضَائِل وأقرأ فِي بَيت البُلْقِينِيّ وقتا وَاسْتقر فِي مشيخة الحبعانية ببولاق وَغَيرهَا بعد أَخِيه ودرس هُنَاكَ مَعَ سُكُون وَخير وتقنع.
أَحْمد بن أَحْمد بن غلبك بِضَم الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان اللَّام وَفتح الْمُوَحدَة وَآخره كَاف ابْن عبد الله شهَاب الدّين بن الْأَمِير شهَاب الدّين الجندي الْحلَبِي / أحد أجنادها المعتبرين. ولد بهَا فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة، وبخط بَعضهم تسع وَخمسين وَأَظنهُ غَلطا، وَكَانَ وَالِده من تولى الحجوبية والاستادارية وَغَيرهَا بحلب فَنَشَأَ هَذَا وَسمع على ابْن صديق فِي البُخَارِيّ وَولي نظر جَامع الطنبغا وَأثْنى عَلَيْهِ الْبُرْهَان الْحلَبِي بالمحافظة على وظائف الْعِبَادَة وَحسن السِّيرَة والحذق فِي فنه أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة، وَمَات فِي حُدُود سنة خمسين ظنا.
أَحْمد بن أَحْمد بن غَنَائِم البعلي الْمدنِي. / مضى فِيمَن جده علبك.
أَحْمد شاه بن أَحْمد شاه بن فند / وكاش المظفر شهَاب الدّين ملك بنجالة(1/218)
وجدته بخطي فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ من حَاشِيَة الأنباء، وَقد مضى أَحْمد بن أَحْمد بن حسن بن بهمز صَاحب كلبرجة فيحرر أَمرهمَا.
أَحْمد بن أَحْمد بن أبي الْيمن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ وَأمه زَيْنَب ابْنة عبد الله بن الزين أَحْمد بن الْجمال مُحَمَّد بن الْمُحب الطَّبَرِيّ. / سمع من الزين المراغي فِي سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَأَجَازَ لَهُ قبل ذَلِك فِي سنة خمس مَا بعْدهَا جده والزين الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَآخَرُونَ. مَاتَ.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر ابْن زيد بن جَعْفَر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الممدوح بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِسْحَاق بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن زين العابدين عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الْعِزّ أَبُو جَعْفَر بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن أبي الْمجد الْحُسَيْنِي ثمَّ الإسحاقي الْحلَبِي الشَّافِعِي نقيب الْأَشْرَاف وَابْن نقيبهم وَابْن أخي نقيبهم ووالد نقيبهم وسبط الإِمَام الجمالي أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن الشهَاب مَحْمُود الْكَاتِب. / ولد فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل كثيرا فِي النَّحْو وَغَيره على شُيُوخ وقته كَأبي عبد الله المغربي الضَّرِير وَسمع على جده لأمه وَالْقَاضِي نَاصِر الدّين بن العديم وَغَيرهمَا واستجاز لَهُ جده لأمه الوادياشي وَأَبا حَيَّان والميدومي وَأحمد بن كشغدى وَآخَرين من دمشق ومصر وَغَيرهمَا، وَحدث سمع مِنْهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَابْن خطيب الناصرية وَآخَرُونَ مِنْهُم الْبَهَاء بن الْمصْرِيّ وقرأت عَلَيْهِ الِاسْتِيعَاب بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْهُ بإجازته من الادياشي، وروى عَنهُ شَيخنَا بِالْإِجَازَةِ وَخرج عَنهُ فِي بعض تخاريجه وَكَانَ أوحد وقته زهدا وورعا وصيانة وعفة وجمال صُورَة ذَا وقار وسكينة ومهابة وجلالة وسمت حسن لَا يشك من رَآهُ أَنه من السلالة الطاهرة واقتفاء لآثار السّلف متمسكا بِالسنةِ اسْتَقر فِي النقابة بعدو وَالِده وَكَذَا ولي مشيخة خانقاه ابْن العديم مُدَّة ثمَّ امْتنع من مباشرتها وَانْفَرَدَ برياسة حلب حَتَّى كَانَ قضاتها وأكابرها يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ وَلَا يردون لَهُ كلمة، كل ذَلِك مَعَ مُشَاركَة جَيِّدَة فِي الْفضل وَيَد فِي الْعَرَبيَّة ونظم جيد ونثر رائق وَحسن محاضرة فِي أَيَّام النَّاس والتاريخ وحلاوة الحَدِيث، وَهُوَ من حَسَنَات الدَّهْر، وَمن نظمه مِمَّا أنشدناه الْبَهَاء بن الْمصْرِيّ عَنهُ:
(يَا رَسُول الله كن لي ... شافعا فِي يَوْم عرضي)
(فأولو الْأَرْحَام نصا ... بَعضهم أولى بِبَعْض)
وَقَوله وَقد ورد بَين زَمْزَم وَالنَّاس يتزاحمون عَلَيْهَا:)(1/219)
(وَذي ضغن تفاخر إِذْ وردنا ... لزمزم لَا بجد بل بجد)
(فَقلت تَنَح وَيْح أَبِيك عَنْهَا ... فَإِن المَاء مَاء أبي وجدي)
وَقَوله:
(يَا سائلي عَن محتدي وأرومتي ... الْبَيْت محتدنا الْقَدِيم وزمزم)
(وَالْحجر وَالْحجر الَّذِي أبدأ يرى ... هَذَا يُشِير لَهُ وَهَذَا يلثم)
فِي أَبْيَات. قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي نَشأ نشأة حَسَنَة لَا يعرف لَهُ لعب وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى أَن مَاتَ ملازما للخير محافظا على الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا مَعَ الطَّهَارَة فِي الْبدن وَالثَّوْب وَاللِّسَان وَالْعرض قَالَ لي أَنا أقدم مصَالح النَّاس على مصلحتي قَالَ وَكَانَ أديبا بليغا كَامِلا ذَا سمت وهيبة وخشمة مفرطة لم أر بحلب أَكثر أدبا وَلَا أحشم مِنْهُ لَا من الْأَشْرَاف وَلَا من غَيرهم مَعَ الذكاء وَحسن الْخلق وَحسن الْخط والفهم الْحسن. مَاتَ بعد كائنة التتار بحلب فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث بِمَدِينَة تيزين وَكَانَ قد تحول إِلَيْهَا فِي الكائنة وَبَينهَا وَبَين حلب مرحلتان إِلَى جِهَة الْفُرَات ثمَّ نقل إِلَى حلب فَدفن بمشهد الْحُسَيْن ظَاهرهَا بسفح جبل جوشن عِنْد أَقَاربه وأجداده رَحمَه الله وإيانا، ذكره ابْن خطيب الناصرية مطولا وَتَبعهُ شَيخنَا فِي أنبائه ومعجمه بِاخْتِصَار وَلَيْسَ عِنْده فِيهِ فِي نسبه بعد على الثَّانِي مُحَمَّد وَلَا إِبْرَاهِيم قَالَ وجده مُحَمَّد وَالِد جَعْفَر يَعْنِي الممدوح أول من ولي نقابة الطالبين بحلب فِي أَيَّام سيف الدولة وَأما فِي الأنباء فساقه كَمَا تقدم وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الزين أَحْمد بن الْجمال مُحَمَّد بن الْمُحب أَحْمد بن عبد الله أَبُو الطَّاهِر الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ وَأمه عَائِشَة ابْنة سعيد النويري. / ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَثَمَانمِائَة وأحضر فِي الرَّابِعَة على أَبِيه وَالْجمال بن ظهيرة وَآخَرين سنة سبع وَعشْرين بِمَكَّة.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد سبط الجاي. / يَأْتِي بِدُونِ أَحْمد بن مُحَمَّد الثَّانِي.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان شهَاب الدّين بن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس القاهري المقسي وَيعرف بِابْن الزَّاهِد الْمَاضِي وَلَده والآتي أَبوهُ. / ولد تَقْرِيبًا سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ يَتِيما فَقَرَأَ الْقُرْآن وَتزَوج ابْنة الشهَاب الْحُسَيْنِي واستولدها وَحج مَعَ أحد مريدي وَالِده أبي عبد الله الغمري وَقَامَ بِخِدْمَة جَامع وَالِده بالمقس أتم قيام مَعَ اسْتِعْمَاله أوراد أَبِيه وتلاوته لما تيَسّر حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد
الظّهْر فِي جَامع أَبِيه وَدفن بجوار ضريحه وَكَانَ صَالحا رَحمَه الله نفعنا ببركاته.(1/220)
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زُهَيْر الشهَاب الرَّمْلِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الشَّاعِر / إِمَام مَقْصُورَة جَامع بني أُميَّة بِدِمَشْق وَأحد من لم على البقاعي وَهُوَ هُنَاكَ. ولد فِي ربيع الأول سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بالرملة وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول إِلَى دمشق وَحفظ الْمِنْهَاج وألفية النَّحْو والْحَدِيث والشاطبيتين والدرة فِي الْقرَاءَات الثَّلَاث لِابْنِ الْجَزرِي وَعرض على جمَاعَة وَأخذ الْقرَاءَات عَن أبي زرْعَة الْمَقْدِسِي وَابْن عمرَان وخطاب وَعمر الطَّيِّبِيّ والزين الهثمي وجعفر بِالْقَاهِرَةِ ودمشق وَغَيرهمَا وتميز فِيهَا وَولي مشيخة الإقراء بِجَامِع بني أُميَّة وبدار الحَدِيث الأشرفية تلقاها عَن خَلِيل اللدي وبتربة الأشرفية بعد خطاب وبتربة أم الصَّالح بعد البقاعي وَكَانَ لَازمه حِين إِقَامَته بِدِمَشْق حَتَّى أَخذ عَنهُ فِي ألفية الحَدِيث وَغَيرهَا بل كتب من مناسباته قِطْعَة وسمعها وعادى أَكثر أهل بَلَده أَو الْكثير مِنْهُم بِسَبَب ذَلِك وَكَذَا لَازم خطابا فِي الْفِقْه وأطراه فِيهِ والنجم بن قَاضِي عجلون فِي آخَرين كالعبادي والبكري بِالْقَاهِرَةِ وَأخذ الْمُخْتَصر قِرَاءَة والمطول سَمَاعا غير ملا زادة السَّمرقَنْدِي وَكَذَا أَخذ عَنهُ العقائد وَبَعض شرَّاح المواقف، وتكرر قدومه للقاهرة وقصدني فِي بعض قدماته فَأخذ عني كراسة كتبتها فِي الْمِيزَان وَغير ذَلِك واستفتاني فِي حَادِثَة وَنقل لي عَن البقاعي أَنه لم يُرْسل من الشَّام فِي وَاقعَة إِلَّا ويحض الْمُرْسل إِلَيْهِ على استفتائي فِيهَا حَتَّى وَاقعَة الْغَزالِيّ وَذكر كلَاما كثيرا فِي نَحْو هَذَا الْمَعْنى وأنشدني قصيدة من نظمه امتدح بهَا الخيضري وَكَانَ نَائِبه فِي إِمَامه مَقْصُورَة الْجَامِع الْأمَوِي ثمَّ نَاب فِي الْقَضَاء، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ خَفِيف مَعَ فَضِيلَة. مَاتَ.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن أَيُّوب بن درباس. / مضى بِدُونِ مُحَمَّد فِي نسبه.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ شهَاب الدّين بن الْمعلم شمس الدّين الطولوني كَبِير المهندسين، / قَالَ المريزي فِي عقوده: كَانَ أَبوهُ وجده مهندسين وإليهما تقدمة الحجارين والبنائين بديار مصر وَعَلَيْهِمَا الْمعول فِي العمائر السُّلْطَانِيَّة، وَتقدم أَبوهُ بِخُصُوصِهِ فِي الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة برقوق جدا بِحَيْثُ تزوج السُّلْطَان ابْنَته وتزيا أَخُوهَا صَاحب التَّرْجَمَة بزِي الأتراك وحظي عِنْد الظَّاهِر أَيْضا وَتزَوج بابنته بعد أَن طلق أُخْته عَمَّتهَا وَتَزَوجهَا أَمِير اخور توروز الحافظي وَعَمله أحد أُمَرَاء العشرات الخاصكية إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس)
عشر رَجَب سنة إِحْدَى وَدفن بتربتهم من القرافة وَكَانَت جنَازَته حافلة(1/221)
وَيُقَال إِنَّه مُحَمَّد لَا أَحْمد وَقد خلط شَيخنَا تَرْجَمته بترجمة أَبِيه فَإِنَّهُ قَالَ فِي أنبائه مَا نَصه: كَانَ عَارِفًا بصناعته تقدم فِيهَا قَدِيما مَعَ حسن الشكالة وَطول الْقَامَة والمنزلة المرتفعة عِنْد الظَّاهِر برقوق بِحَيْثُ قَرَّرَهُ من الخاصكية وَلبس لذَلِك زِيّ الْجند ثمَّ أمرة عشرَة وَتزَوج ابْنَته وَكَانَت لَهُ ابْنة أُخْرَى تَحت نَاظر الْجَيْش الْجمال القيصري ثمَّ إِن الظَّاهِر طلق ابْنَته وَتَزَوجهَا نوروز بأَمْره وَتزَوج هُوَ أُخْتهَا.
وَمَات فِي رَجَب سنة إِحْدَى، وَقد أَعَادَهُ شَيخنَا على الصَّوَاب فِي الَّتِي بعْدهَا بِدُونِ تَسْمِيَة أَبِيه بل قَالَ أَحْمد بن مُحَمَّد وباختصار فَقَالَ الطولوني المهندس كَانَ كَبِير الصناع فِي العمائر مَا بَين بِنَاء ونجار وحجار وَنَحْوهم وَيُقَال لَهُ الْمعلم وَكَانَ من أَعْيَان الْقَاهِرَة حَتَّى تزوج الظَّاهِر ابْنَته فَعظم قدره وَحج بِسَبَب عمَارَة الْمَسْجِد الْحَرَام فَمَاتَ رَاجعا بَين مرو عسفان يَعْنِي فِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر صفر وعادوا بِهِ فَدفن بالمعلاة كَمَا قَالَه الفاسي فِي مَكَّة وترجمه بالمعلم شهَاب الدّين الْمصْرِيّ تردد إِلَى مَكَّة للهندسة على الْعِمَارَة بِالْحرم الشريف وَغَيره من المآثر بِمَكَّة غير مرّة آخرهَا سنة إِحْدَى مَعَ الْأَمِير بيشق الظَّاهِرِيّ وَتوجه مِنْهَا بعد الفرغ من الْعِمَارَة فِي أَوَائِل صفر سنة اثْنَتَيْنِ فأدركه الْأَجَل بعسفان فِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر صفر فَحمل إِلَى مَكَّة وَدفن بالمعلاة وَكَانَ الظَّاهِر صَاحب مصر صاهره على ابْنَته ونال بذلك وجاهة، وَقَالَ المقريزي: أَحْمد بن مُحَمَّد الشهَاب الطيلوني تمكن فِي الدولة وَتزَوج السُّلْطَان بابنته وَصَارَ ابْنه الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد من جملَة الْأُمَرَاء، وَتُوفِّي بعسفان يَوْم الْجُمُعَة عَاشر صفر سنة اثْنَتَيْنِ فَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بالمعلان رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الشهَاب البرنسي المغربي الفاسي الْمَالِكِي وَيعرف بزروق بِفَتْح الْمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة مُشَدّدَة بعْدهَا وَاو ثمَّ قَاف / ولد فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن عشري الْمحرم سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَمَات أَبَوَاهُ قبل تَمام أسبوعه فَنَشَأَ يَتِيما وَحفظ الْقُرْآن وكتبا وَأخذ عَن مُحَمَّد بن الْقسم أَحْمد الغوري وارتحل إِلَى الديار المصرية فحج وجاور بِالْمَدِينَةِ وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ نَحْو سنة مديما للاشتغال عِنْد الْجَوْجَرِيّ وَغَيره فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول وَغَيرهمَا وَقَرَأَ عَليّ بُلُوغ المرام وَبحث عَليّ فِي الِاصْطِلَاح بقرَاءَته ولازمني فِي أَشْيَاء وأفادني جمَاعَة من أهل بِلَاده وَالْغَالِب عَلَيْهِ التصوف والميل فِيمَا يُقَال إِلَى ابْن عَرَبِيّ وَنَحْوه، وَقد تجرد وساح وَورد الْقَاهِرَة أَيْضا بعيد الثَّمَانِينَ ثمَّ تكَرر دُخُوله إِلَيْهَا ولقيني بِمَكَّة فِي سنة)
أَربع وَتِسْعين وَصَارَ لَهُ أَتبَاع ومحبون وَكتب على حكم ابْن عَطاء الله وعَلى القرطبية(1/222)
فِي الْفِقْه وَعمل فُصُول السّلمِيّ أرجوزة.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم بن يُوسُف بن سَالم بن دليم الْقرشِي الزبيرِي الْبَصْرِيّ الْمَكِّيّ الْآتِي ابْن أَخِيه أَحْمد بن يُوسُف وَيعرف بالشهاب دليم بِضَم الدَّال الْمُهْملَة ثمَّ لَام وَآخره مِيم / صغر أَكثر من النّظم ومدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقصائد وَكتب عَنهُ صاحبنا ابْن فَهد قَوْله:
(أَلا لَيْت شعري هَل أرى لي عودة ... إِلَى الْمُصْطَفى فَهُوَ البشير مُحَمَّد)
(أقبل مثواه وألثم تربه ... وأشكر رَبِّي عِنْد ذَاك وَأحمد)
وَقد لَقيته وَسمعت بعض نظمه. وَمَات وَأَنا بِمَكَّة فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء خَامِس عشر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ بعد الصُّبْح وَدفن بالمعلاة.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن هِلَال الشهَاب الْأَزْدِيّ الشنوي الْمزي الشَّافِعِي. / ولد فِي لَيْلَة مستهل رَجَب سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَيُقَال أَنه سمع على ابْن أميلة وَلَكِن لم نقف على مَا نعتمده فِي ذَلِك نعم سمع بِمَكَّة على جمَاعَة مِنْهُم الزين المراغي وَأَجَازَ فِي استدعاء دمشقي باسم ابْني مؤرخ بِسنة سِتّ وَخمسين. وَمَات فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَلَيْسَ أَحْمد بن هِلَال الْحلَبِي الْآتِي بوالد هَذَا فأبوه من الْمِائَة الثَّامِنَة.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشهَاب أَبُو عبد الله القادري الديسطي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي الْمُقْرِئ / حفظ الْقُرْآن وشيئا من الرسَالَة واشتغل يَسِيرا وَحضر عِنْد الزينين عبَادَة وطاهر وَأبي الْجُود وَغَيرهم ولازمني فِي أَشْيَاء سَمعهَا وتعاني الْقِرَاءَة فِي الجوق ثمَّ رياسته وتكسب بذلك وَحصل مِنْهُ ثروته ثمَّ انْقَطع بعد أَن حج وجاور قَلِيلا وَأَظنهُ مِمَّن سمع على شَيخنَا وَقد كف. وَمَات فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين بِالْقَاهِرَةِ عَفا الله عَنهُ ورحمه.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَنَاوِيّ وَنسبه لمنية أبي عبد الله بالشرقية الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْمُؤَدب / صحب الزين الحافي وناصر الدّين الطبناوي وَزوج الطبناوي ابْنه بابنته، وَكَانَ صَالحا جلس لتعليم الْأَبْنَاء بِبَلَدِهِ. وَمَات فِي آخر سنة سِتّ وَخمسين أَو أول الَّتِي تَلِيهَا وَمِمَّنْ قَرَأَ عِنْده نور الدّين السروي.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الطولوني كَبِير المهندسين. / مضى قَرِيبا فِيمَن جده مُحَمَّد
بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ.(1/223)
أَحْمد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن مُوسَى الشهَاب الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ وَالِد إِبْرَاهِيم وَعبد الرَّحْمَن اليمامي وَمُحَمّد الْمَذْكُورين فِي محالهم، وَيعرف بالعجيمي وَفِي الشَّام بالمقدسي. /
ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالقدس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع والقدوري وَقَرَأَ الْقرَاءَات على جمَاعَة مِنْهُم الْعَلَاء بن اللفت وَمهر فِيهَا وتصدى لإقرائها فَانْتَفع بِهِ أَوْلَاده وَغَيرهم وَهُوَ مِمَّن أَخذ أَيْضا عَن ابْن الهائم والعماد بن شرف وَآخَرين وتحول إِلَى الشَّام فِي سنة خمس وَعشْرين باستدعاء مُحَمَّد بن منجك لَهُ لإقراء بنيه فقطنها وتكسب بِكِتَابَة الْمَصَاحِف وَكَانَ متقنا فِيهَا مَقْصُودا من الْآفَاق بِسَبَبِهَا وَحج غير مرّة وجاور. مَاتَ بِدِمَشْق فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسِتِّينَ، أَفَادَهُ لي وَلَده الهمامي ثمَّ عبد الرَّزَّاق بِزِيَادَات.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن طرخان الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الشهَاب بن الضياء الْآتِي أَبوهُ وَهُوَ بكنيته أشهر. / تكسب بِالشَّهَادَةِ كسلفه ثمَّ استنابه الْعِزّ الْكِنَانِي فِي الْعُقُود والفسوخ ثمَّ فِي الْقَضَاء. وَمَات فِي ربيع الأول سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَظنهُ جَازَ السّبْعين أَو زاحمها.
أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الْحَنَفِيّ سبط الجاي اليوسفي / صَاحب الْمدرسَة الجليلة بسويقة الْعِزّ وناظرها أمه فرج بن قرنطاي بن الجاي. ولد فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ وَسمع مني فِي الأمالي وَغَيرهَا وبقراءتي على بعض المسندين وَأثبت لَهُ وَلم يحسن تصرفه ورأيته بخطي فِي مَحل آخر تَكْرِير أَحْمد بن مُحَمَّد فِي نسبه فيحرر.
أَحْمد بن أَحْمد بن يلبغا وَيعرف بِابْن الْمُرضعَة. / مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة خمس وَتِسْعين عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن أَحْمد بن عليبة ابْن عَم الْبَدْر وَعبد الْقَادِر / مِمَّن كَانَ فِي خدمتهما حَتَّى مَاتَا ورسم عَلَيْهِ ثمَّ أودع المقشرة.
أَحْمد بن أَحْمد شهَاب الدّين الْكِنَانِي الشَّامي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي / أحد الْفُضَلَاء مِمَّن صحب الولوي بن تَقِيّ الدّين البُلْقِينِيّ ولازمه واختص بِهِ وَحضر دروسه وَنزل بواسطته فِي بعض الْجِهَات بل نَاب عَنهُ فِي خطابة الحجازية والميعاد بهَا وأجاد فِي تأديتها وَجلسَ قَلِيلا بِبَعْض الحوانيت للشَّهَادَة، وَكَانَ مديما للدّين مستكثرا من تَحْصِيل الْكتب بِخَطِّهِ مشاركا فِي الْفُنُون وراغبا فِي المباحثة والمناظرة، وَقد أَخذ بِالْقَاهِرَةِ عَن الشهَاب الأبدي فِي الْمنطق(1/224)
والزين)
البوتيجي فِي الْحساب وَغَيره والزين زَكَرِيَّا فِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا وَلم يكن يقدم عَلَيْهِ من شُيُوخه غَيره والبدر أبي السعادات البُلْقِينِيّ والبقاعي فِي آخَرين وَشرع فِي اخْتِصَار شرح البُخَارِيّ لشَيْخِنَا فَكتب مِنْهُ جملَة وَرُبمَا أَقرَأ وَكَانَ هم أَن يتحنبل فأسمعه الْعِزّ قَاضِي الْحَنَابِلَة مَا يكره لظَنّه فِيهِ قصد مزاحمته فِي الْوَظَائِف وَغَيرهَا لشدَّة فقره وَعدم رواجه بَين كثير من أهل مذْهبه مِمَّن كَانَ البقاعي حِين تردده إِلَيْهِ يُقرر عِنْده أَنه أمثل مِنْهُم ويحضه على منازعتهم فَكف، وَلم يزل على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عَن قريب الثَّلَاثِينَ وَدفن بتربة جوشن رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن أَحْمد شهَاب الدّين بن الْعَلامَة شهَاب الدّين الصعيدي الْقُدسِي الحنقي ويلقب بالسوداني. / كَانَ أَبوهُ من الصَّعِيد فَقدم الْقُدس وتكسب بِالشَّهَادَةِ مَعَ الْفضل وَولد لَهُ هَذَا وَغَيره وَصَارَ صَاحب التَّرْجَمَة شيخ المقادسة ومعيد المعظمية. وَمَات سنة اثْنَتَيْنِ.
أَحْمد بن أَحْمد الْحَنْبَلِيّ بن الضياء، / مضى فِيمَن اسْم جده أَحْمد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم.
أَحْمد بن أَحْمد الزهوري. / فِيمَن جده عبد الله.
أَحْمد بن أَحْمد الْعمريّ / نِسْبَة لِذَوي عمر أحد القواد. مَاتَ فِي يَوْم السبت تَاسِع عشري ربيع الآخر سنة خمس وَأَرْبَعين بالغد خَارج مَكَّة من صوب الْيمن وَدفن بِهِ، أرخه ابْن فَهد.
أَحْمد ابْن أبي أَحْمد بن الشنبل بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون بعْدهَا مُوَحدَة ضمومة ثمَّ لَام / وَهُوَ مكيال الْقَمْح بحمص أَبُو الْعَبَّاس الْحِمصِي. اشْتغل بِبَلَدِهِ وَمهر وبرع ولي قضاءها وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا وتنزل فِي خانقاه سعيد السُّعَدَاء ثمَّ سعى فِي قَضَاء دمشق فَوَلِيه فِي آخر سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل عَن قرب، وَكَانَ نبيها فِي الْفِقْه مَعَ طيش فِيهِ. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه وَكَذَا ذكره فِي مُعْجَمه وَقَالَ ولي قَضَاء حمص وَله نباهة فِي الْفِقْه وسعى فِي قَضَاء دمشق بِالْمَالِ ففوض إِلَيْهِ فِي آخر سنة سِتّ ثمَّ عزل بعد أشهر ثمَّ نَاب بعد عَن الأخنائي. وَمَات بهَا سنة سِتّ عشرَة وَالظَّاهِر أَنه كَانَ شافعيا وَقد رَأَيْت الخيضري ذكره فِي الشَّافِعِيَّة.
أَحْمد بن أبي أَحْمد شهَاب الدّين الصَّفَدِي الشَّامي نزيل الْقَاهِرَة، / كَانَ قد ختم فِي التوقيع مُدَّة عِنْد الْمُؤَيد شيخ حِين كَانَ نَائِبا ثمَّ قدم مَعَه الْقَاهِرَة وَظن أَنه يَلِي كِتَابَة السِّرّ فاختص القَاضِي نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ بالسلطان وَكَانَ يكره الصَّفَدِي لطرش فِيهِ فَأَرَادَ الْإِحْسَان إِلَيْهِ وجبر خاطره فقرره فِي نظر(1/225)
المرستان والأحباس فباشرهما حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع عشرَة وَلم)
يكن مَحْمُودًا وَاسْتقر عوضه فِي المرستان التقي الْكرْمَانِي وَفِي الأحباس الْبَدْر الْعَيْنِيّ، قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن أبي أَحْمد شهَاب الدّين المغراوي الْمَالِكِي. / يَأْتِي فِي ابْن مُحَمَّد بن عبد الله.
أَحْمد بن أبي أَحْمد الْحلَبِي الْمُقْرِئ / اعتنى بالقراءات وَكَانَ يقرئ بِمَسْجِد يجاور الشاذبختية بحلب مُدَّة ثمَّ تحول من حلب إِلَى الْقُدس قبل الْوَقْعَة الْعُظْمَى ثمَّ انْتقل إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا ثمَّ إِلَى طرابلس فتأهل بهَا وَاسْتمرّ إِلَى أَن مَاتَ فِي شَوَّال سنة سبع عشرَة، أثنى الْعَلَاء بن خطيب الناصرية فِي ذيله على خَيره وَدينه. قَالَه شَيخنَا فِي الأنباء.
أَحْمد بن أبي أَحْمد الزَّاهِد. / فِي ابْن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان.
أَحْمد بن أرسلان بن عباد السفطي. / يَأْتِي فِي ابْن عباد. (سقط)
أحمدبن أرغون شاه الأشرفي شعْبَان بن قلاون. / كَانَ أَبوهُ أحد المقدمين فِي زمن الْأَشْرَف الْمشَار إِلَيْهِ خصيصا عِنْده بل قيل أَنه كَانَ أتابكه فسافر مَعَه لِلْحَجِّ فَلَمَّا ركبُوا عَلَيْهِ كَانَ مِمَّن رَجَعَ مَعَه فَقتل فِي ذِي الْعقْدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَابْنه هَذَا حمل فَوَضَعته أمه بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وترقى حَتَّى صَار أحد الشعرات وأضيف إِلَيْهِ نظر الْأَوْقَاف، وَمَات سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ عَن نَحْو السّبْعين بعد أَن أَنْجَب خَلِيلًا وَفَاطِمَة الْآتِي ذكرهمَا وَدفن بتربة أَبِيه بالصحراء.
أَحْمد بن إِسْحَاق بن عَاصِم بن مُحَمَّد بن عبد الله الْجلَال بن النظام بن الْمجد بن السعد الْأَصْبَهَانِيّ الخانكي شيخ خانكتها الْحَنَفِيّ وَيعرف بالشيخ أصلم وبخط الْعَيْنِيّ اسلام / ولد فِي حُدُود السِّتين وَسَبْعمائة وَنَشَأ بِالْقَاهِرَةِ وتفقه بِأَبِيهِ وَغَيره وَولي مشيخة خانقاه سرياقوس كأبيه فحمدت سيرته فِيهَا إِلَى الْغَايَة، وَكَانَ جميلا فصيحا بهيا مهابا لَهُ فضل وأفضال وَمَكَارِم اخْتصَّ بِالظَّاهِرِ برقوق وقتائم تغير عَلَيْهِ وَصَرفه عَن المشيخة الْمشَار إِلَيْهَا بعد مَوته فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ فِي خَامِس عشري ربيع الآخر أَو الأول سنة اثْنَتَيْنِ ورام أهل الخانقاه رجم نعشه لبغضهم لَهُ فمنعوا وَاسْتقر بعده فِي المشيخة ابنيا شيخ الخانقاه القوصونية، قَالَ الْعَيْنِيّ وَكَانَ خَالِيا عَن سَائِر الْعُلُوم ينْسب إِلَى علم الْحَرْف وَلَيْسَ بِصَحِيح إِنَّمَا كَانَ يجمع من أَمْوَال الخانقاه وَيطْعم النَّاس من غير اسْتِحْقَاق ويجتمع فِي مَجْلِسه الأراذل(1/226)
وَأَصْحَاب الملاهي والمعاني، وَذكر المقريزي فِي عقوده أَنه لم ير فِي شُيُوخ الخوانك من يدانيه فِي خشمته ورياسته ومروءته وتجمله وأفضاله عَفا الله عَنهُ. وَأَبوهُ من الْمِائَة قبلهَا.)
أَحْمد بن أَسد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن أَسد الدّين أبي الْقُوَّة الأميوطي الأَصْل السكندري المولد القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَالِد أبي الْفضل مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن أَسد. / ولد فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بالاسكندرية انْتقل مِنْهَا وَهُوَ مرضع صُحْبَة أَبَوَيْهِ إِلَى الْقَاهِرَة فقطنها وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس النحريري السعودي والعمدة والشاطبيتين والدماثة فِي الْقرَاءَات الثَّلَاثَة للجعبري والطيبة لِابْنِ الْجَزرِي والنخبة لشَيْخِنَا والألفيتين والمنهاجين والخزرجية فِي الْعرُوض وَالْمقنع فِي الْجَبْر والمقابلة لِابْنِ الهائم، وَغير ذَلِك وَعرض على خلق مِنْهُم الْجلَال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَأخذ الْفِقْه والعلوم عَن شُيُوخ ذَاك الْعَصْر وهلم جرا فَقَرَأَ الْمِنْهَاج على الْبُرْهَان البيجوري وَالشَّمْس البوصيري وَحضر دروسهما مَعَ دروس الْمجد وَالشَّمْس البرماويين بل قَرَأَ عَلَيْهِ فِي شرح الألفية وَقَالَ أَن مُعظم انتفاعه فِي الْفِقْه بالبيجوري وَكَذَا تفقه بالطنتدائي وَأخذ عَنهُ فِي شَرحه لجامع المختصرات وَبَعض مَا كتبه على الجعبرية والألفية وَسمع فِي الْحَاوِي الصَّغِير على الْعَلَاء البُخَارِيّ ثمَّ تفقه بالبرهان الأبناسي الصَّغِير وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْعُلُوم الأدبية وَغَيرهَا وَكَذَا حضر عِنْد الشّرف السُّبْكِيّ دروسه فِي الْفِقْه وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج أَيْضا وتفقه أَيْضا بالقاياتي وَقَرَأَ على الونائي فِي الْمِنْهَاج أَو كُله وَحضر عِنْده مَا أقرأه من الرَّوْضَة وَكَذَا أَخذ عَن الْبَدْر النسابة وقرا عَلَيْهِ شرح العقائد وَغَيره من تصانيفه وَمن كتب الحَدِيث البُخَارِيّ وَغَيره وَسمع عَلَيْهِ النَّسَائِيّ وَأَشْيَاء وتفقه بِابْن خضر وبالعلم البُلْقِينِيّ والْعَلَاء القلقشندي والمناوي وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج وبالبوتيجي والمحلي وَسمع عَلَيْهِ شروحه للمنهاج والورقات وَجمع الْجَوَامِع والبردة وَغَيرهَا وَقَرَأَ على شَيخنَا العجالة وَأذن لَهُ مَعَ جمَاعَة مِمَّن تقدم كَابْن البُلْقِينِيّ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَكَانَ سمع قَدِيما عِنْد الْجلَال البُلْقِينِيّ مجَالِس فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَعند الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي الْفِقْه وَسمع عَلَيْهِ فِي ابْن مَاجَه وبعضا من أَمَالِيهِ وَسمع عِنْد الْبِسَاطِيّ دروسا فِي التَّفْسِير وَغَيره وَعند السراج قَارِئ الْهِدَايَة فِي تَفْسِير الْبَغَوِيّ وَعند الشَّمْس بن الديري وَآخَرين مِنْهُم ابْن الْحلْوانِي شَارِح تصريف الْعُزَّى وَقَرَأَ منهاج الْأُصُول على الشَّمْس الشطنوفي وَفِي شَرحه للعبري على الشرواني وَهَذَا أَخذ الْأُصُول أَيْضا عَن القاياتي وَابْن الْهمام والمحلى وَطَائِفَة وأصول الدّين عَن النظام الصيرامي أَخذ عَنهُ قِطْعَة من شرح المواقف والشرواني(1/227)
أَخذ عَنهُ شرَّاح العقائد والعربية عَن الشهَاب الصنهاجي سمع عَلَيْهِ الحاجبية والشمسين الشطنوفي والبرماوي والزين عبَادَة قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن المُصَنّف)
والتوضيح والشهاب بن هِشَام صَاحب حَاشِيَة التَّوْضِيح وَغَيرهَا والنور المقني قَرَأَ عَلَيْهِمَا ابْن المُصَنّف والحناوي قَرَأَ عَلَيْهِ مقدمته وَغَيرهَا ولازمه وَبِه انْتفع وَابْن الْمجد أَخذ عَنهُ الشذور وَشَرحه وَأبي الْقسم النويري قَرَأَ عَلَيْهِ الرضى والقاياتي والراعي والأبدي وَأخذ الْمُغنِي وحاشيته المصرية والهندية للدماميني عَن الْعَضُد الصيرامي والحاشية الشمنية عَن مؤلفها التقي والعربية أَيْضا مَعَ فصيح ثَعْلَب بحثا عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَعنهُ أَخذ الْمنطق أَيْضا والعربية مَعَ عُلُوم الْأَدَب عَن الأبناسي وَشرح الشواهد وَغَيره من تصانيف الْعَيْنِيّ عَنهُ والمعاني وَالْبَيَان عَن الشمني والعضدي الصيرامي بل أَخذ عَنهُ وَعَن الكافياجي كثيرا من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة مَعَ أَشْيَاء من تصانيف ثَانِيهمَا وَالْعرُوض عَن النواحي قَرَأَ عَلَيْهِ شرح الخزرجية للسَّيِّد وَلابْن الدماميني عَن مُؤَلفه بل قَرَأَ عَلَيْهِ البديعية وَغَيرهَا من كتب الْأَدَب ولازمه وانتفع بِهِ فِي ذَلِك والشهابين الإبشيطي أَخذ عَنهُ شَرحه للخزرجية والخواص وعنهما وَعَن أبي الْجُود والبوتيجي أَخذ الْفَرَائِض وَهِي والحساب والميقات عَن ابْن المجدي مَعَ جملَة من تصانيفه وَمن ذَلِك شَرحه للجعبرية والتصوف عَن الشَّيْخ مَدين والخط تجويدا عَن الزين بن الصَّائِغ ولقراءات عَن الشهَاب بن هائم قَرَأَ عَلَيْهِ للسبع مَعَ الشاطبية وَأَصلهَا والعنوان والرائية وانتفع بِهِ وَكَذَا تَلا للسبع على الشهَاب أَحْمد بن عَليّ بن مُوسَى الضَّرِير إِمَام جَامع ابْن شرف الدّين والبرهان الكركي والنور عَليّ بن آدم البوصيري مَعَ الشاطبيتين وَغَيرهمَا عَلَيْهِ وَلَقي الزين بن عَيَّاش بِمَكَّة فِي السّنة الَّتِي ارتحل فِيهَا مَعَ ابْن الْجَزرِي فَتلا عَلَيْهِ بَعْضًا وَقَرَأَ على الشَّمْس العفصي للست الزَّائِدَة على السَّبع بِمَا فِي المصطلح وللثمان مَعَ الشاطبية وَأَصلهَا والعنوان على الزراتيتي فِي آخَرين أَجلهم ابْن الْجَزرِي وسافر مَعَه فِي سنة سبع وَعشْرين إِلَى مَكَّة وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي المناهل وَغَيرهَا حَتَّى أكمل عَلَيْهِ يَوْم الصعُود بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَأذن لَهُ وَسمع عَلَيْهِ ثلاثيات أَحْمد بعقبة ايلة وَكَثِيرًا من الْمسند الْحَنْبَلِيّ وَأَحَادِيث من عشارياته ومللاته وَغَيرهَا بغَيْرهَا وَأخذ عَن وَلَده الشهَاب شَرحه لطيبة وَلَده وَغَيره وتلا عَلَيْهِ شَيخنَا للسبع إِلَى المفلحون وَسمعت ذَلِك حِينَئِذٍ بقرَاءَته ولازم شَيخنَا(1/228)
فِي الحَدِيث مُلَازمَة تَامَّة حَتَّى سمع عَلَيْهِ أَكثر مَا قرئَ عِنْده من مروياته وتآليفه وَحضر مجالسه فِي التَّفْسِير وَشبهه وَكتب عَنهُ قِطْعَة من قتح الْبَارِي وَأَشْيَاء من تصانيفه وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة الْبَحْر الفهامة إِمَام الإقراء فَخر الْفُقَهَاء وَفَارِس الْعَرَبيَّة والقائم بالقواعد الْأُصُولِيَّة شرف الْعلمَاء أوحد الْفُضَلَاء مفتي)
الْمُسلمين أقضى الْقُضَاة قَالَ وأذنت لَهُ أَن يدرس فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا مِمَّا حصله بجد واجتهاد وساوى بِهِ كثيرا مِمَّن أَكثر التطواف فِي الْبِلَاد إِلَى أَن قَالَ وَقد أَكثر حُضُور مجالسي فِي الْإِمْلَاء ودروس الحَدِيث وَالْفِقْه وَمَا زَالَ يُبْدِي فِي جَمِيع ذَلِك الْفَوَائِد وَيُعِيد فَاسْتحقَّ أَن يدرج فِي سلك من يدرس ويفيد وَالله يمتع بحياته. وَكَذَا سمع على غير وَاحِد من شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا سوى من تقدم فَمِمَّنْ سمع عَلَيْهِ كَمَا أخبر الشَّمْس الشَّامي والْعَلَاء بن المغلي والمحب بن نصر الله والزين الزَّرْكَشِيّ الحنبليون والْعَلَاء بن بردس والزين بن الطَّحَّان والشهاب بن نَاظر الصاحبة والشرف يُونُس الواحي والمقريزي وَابْن عمار وَغَيرهم بل قَرَأَ على الكلوتاتي أَشْيَاء وَسمع بقرَاءَته على رقِيه التغلبية وَغَيرهَا وَأَجَازَ لَهُ الشموس الحنني وَابْن الْمصْرِيّ وَابْن قَاسم السُّيُوطِيّ والبلالي والأمشاطي التقي بن حجَّة وَشَعْبَان الآثاري وَآخَرُونَ وتكسب فِي أول أمره بتعليم الْأَطْفَال ورزق فِيهَا حظا وقبولا ونبغ من عِنْده جمَاعَة وَكَذَا تكسب بِالشَّهَادَةِ وَأم بِجَامِع الْحُكَّام زَمنا وَقَرَأَ فِيهِ الصَّحِيح وَالتَّرْغِيب وَغَيرهمَا على الْعَامَّة ثمَّ ترك ذَلِك حِين استقراره فِي الْإِمَامَة بالزينية الاستادارية أول مَا فتحت بعناية شَيخنَا لَهُ فِي ذَلِك وانتقل فسكنها وناب فِي الْقَضَاء عَن السفطي فَمن بعده وانتدب للْقَضَاء وتهالك فِيهِ وَصرح شَيخنَا بِأَنَّهُ لَو علم مِنْهُ وَمن غَيره مِمَّن أنكر السفطي وَلَا يتهم الْقبُول لبادر لفعله، وبرع فِي الشُّرُوط وَرُبمَا تدرب فِيهَا بحارة النَّجْم بن النبيه كل ذَلِك مَعَ صرف الهمة فِي الْعلم والمداومة على المطالعة والمقابلة وَنَحْوهمَا حَتَّى تقدم فِي الْفُنُون مَعَ توقفه فهما وحافظة لَكِن كَثْرَة الْعَمَل قد مته وَولي تدريس الْقرَاءَات بالبرقوقية برغبة شَيْخه العفصي لَهُ عَنهُ وبالمؤيدية برغبة البقاعي لَهُ حِين كائنته الفظيعة مَعَ صَاحبه أبي الْعَبَّاس الْوَاعِظ والتصدير فِيهَا بالسابقية برغبة الْجمال بن القلقشندي وَقِرَاءَة الحَدِيث(1/229)
بالقلعة حِين اسْتَقر الأسيوطي فِي الْقَضَاء بعناية الدوادار يشبك الْفَقِيه فَإِنَّهُ اكن مِمَّن يتَرَدَّد إِلَيْهِ لِيُقِر المير عَلَيْهِ وَكَذَا صحب المير ازبك الظَّاهِرِيّ وَأم عِنْده نِيَابَة عَن إِمَامه وقتا، وَيُقَال أَنه كَانَ يتْرك الْقُنُوت فِي الصُّبْح والجهر بالبسملة على مَذْهَب الْحَنَفِيَّة، وَحج مرارامنها فِي سنة سِتّ وَخمسين ولقيته بِمَكَّة ثمَّ برابغ فَقَرَأت عَلَيْهَا بهَا حَدِيثا وتلوت عَلَيْهِ قبل ذَلِك وَأَنا بمكتبه لأبي عَمْرو وَابْن كثير وَغَيرهمَا وحفظت عِنْده أَكثر كتبي وتدربت بِهِ فِي المطالعة وَالْقِرَاءَة وَسمعت عَلَيْهِ دروسا كَثِيرَة فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَكَانَ لِكَثْرَة أدبه يَقُول فرع فاق أَصله، وَيكثر من التَّرَدُّد إِلَى وَمن الْمُرَاجَعَة فِي كثير من)
الرِّجَال والأسانيد وَغير ذَلِك بِلَفْظِهِ وخطه وَسمع مني كثيرا من الْأَجْوِبَة الحديثية وَكتب بِخَطِّهِ بَعْضهَا بل استكتب من تصانيفي القَوْل البديع وَشرع فِي مُقَابلَته معي بقرَاءَته وبلغه فِي حَال توعكي تمني بَعضهم موتى فَقَالَ وَالله إِن جِيءَ لي بِهَذَا المتمني حكمت فِيهِ بِكَذَا فَهَذَا رجل لَا يكرههُ إِلَّا مُبْتَدع غير رَاغِب فِي السّنة فجزاه الله خيرا وَقد أَقرَأ الطّلبَة فِي الْفِقْه والأصلين والعربية وَالصرْف وَغَيرهَا وَقصد فِي الْقرَاءَات وَصَارَ الْمشَار إِلَيْهِ فِيهَا وَحملهَا عَنهُ إِلَّا ماثل حَسْبَمَا بَينته فِي تَرْجَمته من ذيل الْقُرَّاء وَغَيره وَلَو تفرغ للإقراء خُصُوصا فِي الْقرَاءَات لَكَانَ أولى بِهِ، ونظم رِسَالَة ابْن المجدي فِي الْمِيقَات أرجوزة سَمَّاهَا غنية الطَّالِب فِي الْعَمَل بالكواكب وَشرع فِي شرح على الشاطبية وَفِي ذيل على تَارِيخ الْعَيْنِيّ بل نظم فِي التَّارِيخ أرجوزة سَمَّاهَا الذيل غنية الطَّالِب فِي الْعَمَل بالكواكب وَشرع فِي شرح على الشاطبية وَفِي ذيل على تَارِيخ الْعَيْنِيّ بل نظم فِي التَّارِيخ أرجوزة سَمَّاهَا الذيل المترف من الْأَشْرَف إِلَى الْأَشْرَف واعتنى بِكَثِير من كتبه فحشاها وَقيد مشكلها لكني لم أَقف على شَيْء من ذَلِك سوى الغنية وَسمعت بَعْضهَا من لَفظه ونظمها فِيهِ يبس لتكلفه لَهُ، وَكَانَ قبيل مَوته، عديدة ضعف بِحَيْثُ أشرف على الْمَوْت بل تحدث بِهِ النَّاس ثمَّ تراجع وَكَذَا اتّفق قبيل سَفَره أَنه فِي حَال قِرَاءَته بالقلعة صرع وَهُوَ على الْكُرْسِيّ وَنزل بِهِ وَلَده مَحْمُولا مايوسا نمه ثمَّ عوفي وَصعد للْقِرَاءَة فِي الْمجْلس الْقَابِل حَتَّى ختم وسافر إِلَى مَكَّة بعد نَحْو شهر صُحْبَة الركب قَاضِيا عَلَيْهِ وَكَانَ عين لذَلِك بسفارة الدوادار أَيْضا فَتوجه فحج وَرجع وَهُوَ متوعك فِي رابغ وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ لعشرين من ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين بَين الْحَرَمَيْنِ وهم سائرون فِي وَادي الصَّفْرَاء وَدفن بالحديدة بِالْقربِ من أَحْمد الْقَرَوِي المغربي وَجَاء بالْخبر بذلك فاستقر وَلَده الْبَدْر أَبُو الْفضل مُحَمَّد فِي وظائفه مَا عدا الْقِرَاءَة فِي القلعة فَإِنَّهَا اسْتَقَرَّتْ للْإِمَام الكركي الْحَنَفِيّ، وَكَانَ رَحمَه الله إِمَامًا عَلامَة(1/230)
متين الأسئلة بَين الْأَجْوِبَة مشاركا فِي فنون مُتَقَدما فِي الْقرَاءَات محبا فِي الْعلم مثابرا على التَّحْصِيل حَتَّى مِمَّن هُوَ دون طبقته رَاغِبًا فِي الْفَائِدَة وَلَو من آحَاد الطّلبَة سريع التَّقْيِيد لذَلِك للخوف من تفلته مبالغا فِي لتوضع مستكثرا من تَحْصِيل نفائس الْكتب متمولا كثير التحصل من الْوَظَائِف والأملاك وَكَذَا المعلامات وَالْقَضَاء قَلِيل المصروف وَلِهَذَا كَانَ مَاله فِي نمو مَعَ كَونه أَيْضا غير متأنق فِي مركبه وملبسه وَلَا أعلم فِيهِ مَا يعاب سوى الْمُبَالغَة فِي الْحِرْص وَحب الدُّنْيَا وَإِلَّا فقد كَانَ من محَاسِن مصر رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن اسكندر بن صَالح بن غَازِي بن قرا أرسلان بن أرتق بن أرسلان ابْن ايلغازي بن البي بن تمرباش بن اليلغازي بن أرتق الْملك الصَّالح شهَاب الدّين الأرتقي صَاحب ماردين. /
نَشأ فِي دولة ابْن عَمه الظَّاهِر مجد الدّين عِيسَى بن المظفر واختص بِهِ وززوجه ابْنَته واستخلفه على ماردين غير مرّة وَآل أمره إِلَى أَن رغب عَنْهَا لقرا يُوسُف بن قرا مُحَمَّد بِعشْرَة آلَاف دِينَار وَألف فرس وَعشرَة آلَاف رَأس غنم وزوجه ابْنَته وَأَعْطَاهُ الْموصل فَتوجه إِلَيْهَا فَلم يقم سوى ثَلَاثَة أَيَّام. وَمَات هُوَ وَالزَّوْجَة الْمشَار إِلَيْهَا فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَيُقَال أَن قرا يُوسُف سمه وَخلف أَرْبَعَة أَوْلَاد مُحَمَّد وَأحمد ومحمود وَعلي فَأخْرجهُمْ قرا يُوسُف من الْموصل وَهُوَ آخر الْمُلُوك من بني أرتق وماردين، وَقد طول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الشَّيْخ جُمُعَة الْبُحَيْرِي الأَصْل القاهري الْمصرف / بِبَاب سكَّة الجمالي حِين حسبته وَقبلهَا وَكَانَ الْمشَار إِلَيْهِ فِي الْحِسْبَة ولجده جُمُعَة ضريح بِدِمَشْق وَكَانَ أَعور الْعين الْيُسْرَى من جدري كَانَ عرض لَهُ وَهُوَ صَغِير، مِمَّن نَشأ مَعَ أَبِيه فِي خدمَة قَائِم التَّاجِر الأتابكي فأبوه مهتاره وَهَذَا فِي طشتخانته وسافر مَعَه للروم ثمَّ مَعَ غَيره من الْأُمَرَاء وَغَيرهم فِي الثَّانِيَة بِحَيْثُ طَاف الْأَمَاكِن ثمَّ اقْتصر على خدمَة الْمشَار إِلَيْهِ وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ برداره فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَتِسْعين عَن بضع وَسبعين وَدفن بِإِزَاءِ أَبِيه وَكَانَ عاميا مَحْضا عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عجيل الْأمين الْيَمَانِيّ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. / من بَيت شهير.
مَاتَ فِي سنة أَرْبَعِينَ.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن سعيد بن عَليّ الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الشَّيْخ أبي السُّعُود المنوفي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي السعودي نزيل الْقَاهِرَة(1/231)
وَيعرف بِابْن أبي السُّعُود الْآتِي أَبوهُ فِي مَحَله. / ولد فِي شَوَّال سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة بمنوف الْعليا. وَمَات وَالِده وَهُوَ صَغِير فتشأ يَتِيما وَحفظ هُنَاكَ الْقُرْآن وَصلى بِهِ والمنهاج وَبحث فِيهِ وَفِي ألفية النَّحْو على الْبُرْهَان الكركي ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَعشْرين فحفظ بهَا الألفية والمنهاج الْأَصْلِيّ وَبحث فِي الْفِقْه أَيْضا على الزين القمني وأظن من شُيُوخه الْبِسَاطِيّ وَكَذَا أَخذ الْفِقْه عَن الشهَاب بن المحمرة والْعَلَاء القلقشندي وَكَثُرت ملامته لَهُ حَتَّى أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس مَعَ يبسه فِي ذَلِك ثمَّ القاياتي والونائي وَالْعلم البُلْقِينِيّ يَسِيرا والمحلى وَبِه تخرج فِي الْأُصُول وَغَيره)
والمناوي وَأكْثر من ملازمته وَكَانَ يبجله ويعتقد وَالِده، وَأخذ الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا عَن ابْن المجدي والبوتيجي فِي آخَرين والعربية عَن الحناوي وَعلم الْكَلَام عَن الشرواني والطب وَغَيره عَن الزين بن الْجَزرِي والْحَدِيث عَن شَيخنَا واختص بِهِ ولازمه فِي مجْلِس الْإِمْلَاء وَغَيره وَكَانَ يمِيل إِلَيْهِ حَتَّى أَنه انْقَطع غير مرّة فَقَالَ لَهُ أَنِّي أحب مَعَ الْمحبَّة القلبية الِاجْتِمَاع الصُّورِي، وَكَذَا سمع عَليّ الزيون القمني وَالزَّرْكَشِيّ وَابْن الطَّحَّان والشهابين ابْن نَاظر الصاحبة والكلوتاتي والْعَلَاء بن بردس وَالْجمال البالسي والشرف وَعَائِشَة الحنبلية وَجَمَاعَة، وَتقدم فِي الْفَرَائِض والحساب وتعاني الْأَدَب فبرع فِيهِ وساد وطارح الشُّعَرَاء وَقَالَ الشّعْر الْجيد والنثر البديع الْمُفْرد واشتهر اسْمه وَبعد وَصيته فِي ذَلِك وَقَالَ الوعاظ من كَلَامه فِي المحافل والمجامع وَصَحب غير وَاحِد من الرؤساء فاختص بهم واغتبطوا بعقله وتحرزه فِي مَنْطِقه حَتَّى أَنه كَانَ يجمع بَين صُحْبَة الأضداد وَيرى كل مِنْهُم أَنه هُوَ الْمُخْتَص بِهِ، وناب فِي الْقَضَاء مسؤولا عَن الْمَنَاوِيّ وَغَيره وأضيف إِلَيْهِ قَضَاء الجزيرة وَكَذَا لبيار ورام الْمَنَاوِيّ بولايته إِيَّاهَا كف الْعَلَاء بن اقبرص عَنْهَا وَكَانَ يعين عَلَيْهِ بالشيخ بن الشَّيْخ وَلم يكثر من تعَاطِي الْأَحْكَام وتعفف جدا ودرس بِأم السُّلْطَان وباقراسنقرية وَكَانَت مَحل سكنه وَالْفِقْه والْحَدِيث بتربة السِّت طغاي بالصحراء والفرائض بالسابقية وَكَانَ الزين الاستادار عينه لمشيخة مدرسته أول مَا فتحت ثمَّ صرفهَا عَنهُ للشمس الشنشي بسفارة السفطي وَلم يكن ذَلِك بمانع لِلشِّهَابِ عَن مزِيد الْإِحْسَان لَهُ لكَونه كَانَ صديقا لوالده بل حكى لي من رَآهُ مرّة يقدم نَعله، وَأعْرض بِأخرَة عَن تعَاطِي الشّعْر بل غسل جَمِيع مَا كَانَ عِنْده من نظم ونثر بِحَيْثُ لم يتَأَخَّر مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ ببرز قيل وَيُقَال إِن ذَلِك لم يكن(1/232)
عَن قصد وَإِنَّمَا اتّفق أَنه جمع أوراق نظمه ثمَّ أفرد مِنْهَا مَا لَا يرتضيه ليغسله ففاجأه بعض أَصْحَابه فَقَامَ لتقيه وَأمر بعض من كَانَ عِنْده بِغسْل الأوراق الَّتِي عَن يَمِين مَجْلِسه فَاشْتَبَهَ الْأَمر عَلَيْهِ بِحَيْثُ غسل مَا كَانَ يحب بَقَاءَهُ فَلَمَّا عَاد سقط فِي يَده وَغسل الْبَاقِي وَأكْثر حِينَئِذٍ من النّظر فِي الْفِقْه والمداومة على الِاشْتِغَال بِهِ بل وَتردد إِلَى الشرواني للقسرة عَلَيْهِ لأجل بعض الرؤساء من أَصْحَابه فولع بِهِ جمَاعَة من الشبَّان وَنَحْوهم تلحينا وردا فَتحمل وتجرع كل مَكْرُوه من ذَلِك وَمَا وجد قَائِما يردعهم وَآل أَمرهم مَعَه إِلَى أَن أبرز مُصَنف ملقب بِجَامِع المارداني فِيهِ من الهجو وَنَحْوه مَا لَيْسَ بمرضي مِمَّا الْحَامِل عَلَيْهِ الْحَسَد وَهُوَ مَعَ ذَلِك يكابد ويتجلد وَلم يُقَابل أحدا مِنْهُم بنظم وَلَا نثر ثمَّ رام قطع هَذِه الْحَادِثَة)
فَأَنْشَأَ السّفر إِلَى الْحَج فحج وزار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَعَاد فِي الْبَحْر فَأَقَامَ يَسِيرا وَصَارَ يتودد لأكْثر من أَشرت إِلَيْهِم ثمَّ رَجَعَ بعد صلَاته على الْعلم البُلْقِينِيّ إِلَى الْحَرَمَيْنِ فِي الْبَحْر أَيْضا وصحبته ميبرات لأهلهما فوصل الْمَدِينَة فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ فَأَقَامَ بهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى مَكَّة صحب الركب الشَّامي فحج ثمَّ عَاد إِلَيْهَا أَيْضا فَأَقَامَ بهَا إِلَى نصف شعْبَان من الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ رَجَعَ من الينبوع إِلَى مَكَّة فاستمر بهَا إِلَى ربيع الأول لسنة سبعين فَشهد المولد ثمَّ رَجَعَ فِي الْبَحْر إِلَى الْمَدِينَة أَيْضا فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ مبطونا فِي ثَالِث عشر شَوَّال من السّنة بعد أَن تعلل مُعظم رَمَضَان وَدفن بِالبَقِيعِ بَين السَّيِّد إِبْرَاهِيم وَالْإِمَام مَالك رَضِي الله عَنْهُمَا وغبط بذلك كُله وتفرق النَّاس جهاته. وَكَانَ رَحمَه الله فَاضلا بارعا ذكيا وجيها حسن المحاضرة والمفاكهة والمعاملة كثير التخيل كثير التَّحَرِّي فِي الطَّهَارَة مداوما على الضُّحَى والإكثار من الصّيام وَالْقِيَام والتلاوة مَعَ خضوع وخشوع متحرزا فِي أَلْفَاظه وتحسين عِبَارَته متأنقا فِي ملبسه ومشيته ومسكنه وخدمته وهيبته عطر الرَّائِحَة حسن الْعمة بهجة فِي أُمُوره كلهَا بارا بِكَثِير من الْفُقَهَاء والفقراء ساعيا فِي إِيصَال الْبر إِلَيْهِم حسن السفارة لَهُم وبغيرهم مِمَّن يَقْصِدهُ من جِيرَانه فَمن دونهم مَقْبُول الْكَلِمَة خُصُوصا عِنْد الزيني بن مزهر صَاحبه وَقد جر إِلَيْهِ خيرا كثيرا وَحصل لفقراء الْحَرَمَيْنِ بواسطته بر وَفضل، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فِي أَوَاخِر عمره حَسَنَة من حَسَنَات دهره، وَمِمَّا بَالغ فِي أذيته وتقبيح سيرته وطويته ورميه الدَّائِم بالعظائم البقاعي بِحَيْثُ قَالَ لي صَاحب التَّرْجَمَة قد عجزت عَن استرضائه ليكف كل ذَلِك لكَونه لما بلغه قَوْله فِي قصيدة وَمَا أنيسي إِلَّا السَّيْف فِي عنقِي قَالَ يسْتَحق مَعَ مُلَاحظَة كَون النَّاس استحسنوا(1/233)
قصيدة صَاحب التَّرْجَمَة فِي ختم فتح الْبَارِي على قصيدته وَكَونه عمل مرثية لشَيْخِنَا على روى قصيدته الثَّقِيلَة وَزنهَا فَكَانَت بديعة الانسجام والرقة مَعَ انه لخوفه من شَره لم يبرزها إِلَى غير ذَلِك بل كَاد مرّة أَن يقْتله فَإِنَّهُ برك عَلَيْهِ فِي مجْلِس الْإِمْلَاء والخنجر بِيَدِهِ هَذَا مَعَ مطارحة بَينهمَا فَكَانَ جَوَاب البقاعي:
(أيا من سما حذقا وحفظا ومقولا ... فَكَانَ إياسا أحمدا وَكَذَا قسا)
(معَاذ إلهي أَن أفرط فِي الَّذِي ... جعلت لنابسطا بنظمك أَو أنسى)
وَبَين يَدي الله تلتقي الْخُصُوم، وَقد صحبته كثيرا وَسمعت من نظمه ونثره مِمَّا كتبت مِنْهُ جملَة فِي المعجم والوفيات وَغَيرهمَا وكتبت عَنهُ القصيدة الْمشَار إِلَيْهَا وأودعتها فِي الْجَوَاهِر بل)
وَسمعت أَيْضا وَلكنه لم يسمح لي بكتابتها لما قلت وَمن نظمه فِي مليح منجم:
(لمحبوبي المنجم قلت يَوْمًا ... فدتك النَّفس يَا بدر الْكَمَال)
(براني الهجر واكشف عَن ضميري ... فَهَل يَوْمًا أرى بَدْرِي وَفِي لي)
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الصَّدْر أَبُو البركات بن الْمجد المكراني الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وأخو مُحَمَّد الْآتِي. / اشْتغل فِي الْفِقْه والعربية وَالصرْف وَنَحْوهَا يَسِيرا ولازمني بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة فَسمع على كثيرا وَمن ذَلِك مجَالِس من شرحي للألفية بحثا وكتبت لَهُ إجَازَة وَهُوَ سَاكن جامد اضْطربَ فِي اسْم أَبِيه فَقَالَ مرّة هَكَذَا وَمرَّة عبد الْقَادِر لكَونه لَا يعرفهُ إِلَّا بلقبه وَكَأن إِسْمَاعِيل أصح.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس بن الْمجد القاهري الحريري الْجَوْهَرِي القادري الْحَنَفِيّ أحد نوابهم وَيعرف بِابْن إِسْمَاعِيل. / ولد فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَالَّتِي بعْدهَا وَمَات أَبوهُ وَهُوَ حمل فَلَمَّا ترعرع حفظ الْقُرْآن والعمدة والقدوري وألفية ابْن مَالك والجرومية وَعرض فِي سنة سِتِّينَ فَمَا بعْدهَا على الْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الديري والأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ والقرافي آخَرين مِمَّن أجَازه بل عرض جَمِيع فُصُول أبقرات فِي الطِّبّ على الصَّدْر السُّبْكِيّ وأماكن مِنْهَا على الشّرف بن الخشاب وَغَيرهمَا من رُؤَسَاء الطِّبّ ومهرته ثمَّ أعرض عَن تعَاطِي ذَلِك وَأَقْبل على الِاشْتِغَال فاخذ عَن التقي الشمني الْفِقْه والعربية والْحَدِيث وَجل ذَلِك بقرَاءَته وَكَذَا عَن الْأمين الأقصرائي وَالسيف والكافياجي ولازم الزين قاسما حَتَّى حمل عَنهُ الْكثير جدا فِي الْفِقْه وأصوله والْحَدِيث وأوقاف الْخصاف وَجُمْلَة من رسائله وتصانيفه وَسمع عَلَيْهِ مُخْتَصر مُشكل الْآثَار لِابْنِ رشد وَكَذَا اشتدت عنايته(1/234)
بملازمة الأمشاطي قبل قَضَائِهِ وَبعده وَكَانَ قَارِئ دروسه أَيَّام قَضَائِهِ وَبعده لَازم نظاما فِي شرح الشمسية للقطب وَفِي شرح أكمل الدّين عَليّ الْمنَار فِي الْأُصُول وَفِي الطارقية فِي الْإِعْرَاب وقرا عَلَيْهِ مَشَارِق الصغاني وَغَيره وعَلى الْبَدْر بن الْغَرْس جُزْءا فِي القضايا لَهُ وعَلى المظفر الأمشاطي فِي شرح الموجز وَلم يقْتَصر فِي الْأَخْذ عَن عُلَمَاء مذْهبه بل أَخذ مُعظم ألفية ابْن مَالك تقسيما عَن السنهوي وَفِي ابْتِدَائه فِي الجرومية والمكودي عَن النُّور الْوراق المالكيين والقطر وَشَرحه عَن الشّرف عبد الْحق السنباطي وَقطعَة من توضيح ابْن هِشَام عَن الْجَوْجَرِيّ ومعظم شرح العقائد عَن الزيني زَكَرِيَّا وَجَمِيع ألفية الْعِرَاقِيّ عني مَعَ قِرَاءَة قِطْعَة من أول شرحي عَلَيْهَا بعد أَن)
حصله وَقطعَة تقرب من النّصْف من شرح مَعَاني الْآثَار للطحاوي، وَسمع على النشاوي وَعبد الصَّمد الهرساني وَأم هاني الهورينية وَهَاجَر القدسية والنور على حفيد الْجمال يُوسُف العجمي وتلقن مِنْهُ الذّكر وَألبسهُ الْخِرْقَة والعذبة وَطَائِفَة، وَقد حج فِي سنة سبعين وَدخل الشَّام للنزهة وَاجْتمعَ بالبدر بن قَاضِي شُهْبَة وزار بَيت الْمُقَدّس وتنزل فِي الْجِهَات كالأشرفية برسباي والصرغتمشية والشيخونية وناب فِي الْقَضَاء عَن الْمُحب بن الشّحْنَة فَمن بعده ورقاه الأمشاطي فِي مستهل ذِي الْقعدَة سنة سبع وَسبعين للجلوس بِجَامِع الصَّالح عوضا عَن الصُّوفِي وَبعده جلس فِي أَيَّام الشَّمْس الْغَزِّي بِجَامِع الفكاهين ثمَّ بالصالحية وَأذن لَهُ غير وَاحِد كالزين قَاسم فِي التدريس وَغَيره كالنظام فِيهِ وَفِي الْإِفْتَاء أَيْضا وحضرنا مَعَه خَتمه لمتن الْمنَار وَشَرحه عَلَيْهِ وَصرح بحضرتنا بِمَا هُوَ أَعلَى من ذَلِك، وَاسْتقر فِي تدريس الجمالية برغبة ابْن الْغَرْس لَهُ عَنهُ ثمَّ فِي تدريس الحسينية بعد شَيْخه نظام وَأعَاد بِجَامِع طولون كل ذَلِك مَعَ عدم تهالكه على الْقَضَاء ومداومته للاشتغال ومزيد الرَّغْبَة فِي الْعلم وتحصيله مَعَ بهجته وتواضعه وعقله وفضيلته حسن محاضرته بِحَيْثُ كنت أستأنس بِهِ سِيمَا وَله إِلَيّ أتم الْميل وَالرَّغْبَة وإقباله على مَا يهمه وكثره تعلله بالرمد وَغَيره. مَاتَ فِي صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وتأسفنا لفقده وَاسْتقر بنوه فِي جهاته رَحمَه الله وعوضه الْجنَّة.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أبي بكر بن عمر بن بريد بموحدة وَرَاء وَآخره دَال أَو هَاء مصغر وَيُقَال خلد بدله فَلَعَلَّهُ اسْمه وَالْآخر لقبه الشهَاب الأبشيطي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي نزيل طيبَة / وَأحد السادات. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بابشيط بِكَسْر الْهمزَة ثمَّ مُوَحدَة سَاكِنة بعْدهَا مُعْجمَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة(1/235)
وطاء مُهْملَة قَرْيَة من قرى الْمحلة من الغربية وَنَشَأ بصندنا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْعُمْدَة والتبريزي، وَأخذ بهَا الْفِقْه عَن الْبَدْر بن الصَّواف والشهاب بن حميد وَولي الدّين بن قطب وتلا لأبي عَمْرو على أَحْمد الرمسيسي الْبُحَيْرِي ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة عشْرين فقطن جَامع الْأَزْهَر مُدَّة وَأخذ بهَا الْفِقْه عَن الْبُرْهَان البيجوري وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والشهاب السيرجي وَآخَرين مِنْهُم القاياتي وَعنهُ وَعَن ابْن مصطفى القرماني والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ أَخذ الْمنطق وَأخذ النَّحْو عَن الشهَاب أَحْمد الصنهاجي وَالشَّمْس الشطنوفي وناصر الدّين البارنباري والمحب بن نصر الله وَعنهُ أَخذ فقه الْحَنَابِلَة والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وَغَيرهَا عَن ابْن المجدي والبارنباري تلميذ ابْن)
الهائم وأصول الدّين والمعاني وَالْبَيَان عَن البدرشي وأصول الْفِقْه عَنهُ وَعَن القاياتي والمحلى والمحب بن نصر الله والشرف السُّبْكِيّ وَقَالَ أَنه كَانَ عَلامَة فِي حل الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ لَا يلْحق فِيهِ وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والتلواني وَابْن نصر الله وَابْن الديري وَآخَرين مِنْهُم شَيخنَا بل كتب عَنهُ فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وَكَانَ كثير الِاعْتِقَاد فِيهِ حَتَّى أَن الْبَهَاء بن حرمي حكى لي أَنه قَالَ أحب ملاحظتكم لي فَلَا تقطع توجهك إِلَيْهِ بعد مَوته فَإِنَّهُ يَكْفِيك وَكَذَا بَلغنِي أَن شخصا سَأَلَهُ أَن يرِيه بعض أَوْلِيَاء الله فَمشى بِهِ إِلَى بَيت الْمحلى وَقَالَ هَذَا بَيت شخص مِنْهُم، وَكَانَ مَعَ ملازمته للقاياتي رُبمَا يتَعَرَّض لَهُ فِيمَا لم يعلم سَببه بِحَيْثُ أَن جمَاعَة تعصبوا وأهانوه بل حموا ابْن المبارزي على إهانته وَبعد ذَلِك سكن وَلزِمَ الِاشْتِغَال حَتَّى برع فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والفرائض والحساب وَالْعرُوض والمنطق وَغَيرهَا وَنزل فِي صوفية الْحَنَابِلَة المؤيدية أول مَا فتحت لشدَّة فاقته وَحفظ مُخْتَصر الْخرقِيّ وَصَارَ يحضر عِنْد مدرسهم الْعِزّ الْبَغْدَادِيّ فَمن بعده مَعَ أقرائه فقه الشَّافِعِيَّة وَقد تصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ ابْن أَسد والشرف يحيى الْبكْرِيّ والجوجري وَآخَرُونَ طبقَة بعد أُخْرَى وصنف نَاسخ الْقُرْآن ومنسوخه ونظم أبي شُجَاع والناسخ والمنسوخ للبارزي وَشرح الرحبية والمنهاج وَابْن الْحَاجِب الأصليين وتصريف ابْن مَالك وَلَا ميته والجمل للخونجي وإيساغوجي والخزرجية ولسان الْأَدَب لِابْنِ جمَاعَة وخطبة الْمِنْهَاج الفرعي وَله الْحَاشِيَة الجلية السّنيَّة على حل تراكيب أَلْفَاظ الياسمينية فِي الْجَبْر والمقابلة لخصها من شرحها لِابْنِ الهائم والتحفة فِي الْعَرَبيَّة فِي مُجَلد(1/236)
ومنظومة فِي الْمنطق وأفراد مُثَلّثَة وروى الصادي وعجالة الغادي وَغير ذَلِك وَعرف بالزهد وَالْعِبَادَة ومزيد التقشف والإيثار والانعزال والإقبال على وظائف الْخَيْر وَكَونه مَعَ فقره جدا بِحَيْثُ لم يكن فِي بَيته شئ يفرشه لَا حَصِير وَلَا غَيره بل ينَام على بَاب هُنَاكَ كَانَ يتَصَدَّق من خبزه بالمؤيدية إِلَى أَن كَانَ فِي موسم سنة سبع وَخمسين فحج وزارة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَانْقطع عِنْده بهَا وَعظم انْتِفَاع أَهلهَا بِهِ فِي الْعلم والإيثار وحفظوا من كراماته وبديع إشاراته مَا يفوق الْوَصْف وَكَانَ بَينهم كلمة إِجْمَاع وَبَالغ هُوَ فِي إكرامهم وَفِي وَصفهم بِخَطِّهِ فِيمَا يَكْتُبهُ لَهُم يترجى اتصافهم بذلك وَصَارَ فِي غَالب السنين يحجّ مِنْهَا بل جاور بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَكنت هُنَاكَ فَكثر اجتماعي بِهِ واستئناسي بمحادثته وَأَقْبل وَللَّه الْحَمد عَليّ بكليته وَسمعت من فَوَائده ومواعظه وَكنت أبتهج بِرُؤْيَتِهِ وَسَمَاع دعواته وَكَانَ على قدم عَظِيم من)
الِاشْتِغَال بوظائف الْعِبَادَة صَلَاة وطوافا ومشاهدة وتلاوة وإيثارا وتقشفا وتحرزا فِي لَفظه بل وغالب أَحْوَاله منعزلا عَن أَهلهَا الْبَتَّةَ وَرُبمَا جلس فِي بعض مجَالِس الحَدِيث بأطراف الْحلقَة وحاوله جمَاعَة فِي الإقراء فَمَا وَافق بل امْتنع من التحديث فِي الْمَدِينَة أدبا مَعَ أبي الْفرج المراغي فِيمَا قيل وَالظَّاهِر أَنه للأدب مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا زَالَ فِي ترق من الْخَيْر وأخباره ترد علينا بِمَا يدل على ولَايَته حَتَّى مَاتَ بعد أَن توعك قَلِيلا بالحمى بعد عصر يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ صبح يَوْم السبت بالروضة ثمَّ دفن بِالبَقِيعِ وَكَانَ لَهُ مشْهد حافل جدا وتأسف النَّاس خُصُوصا أهل الْمَدِينَة على فَقده وقبره ظَاهر يزار رَحمَه الله وإيانا ونفعنا ببركاته، وَمِمَّا سمعته من نظمه:
(المنجيات السَّبع مِنْهَا الواقعه ... وَقبلهَا يس تِلْكَ الجامعه)
(وَالْخمس الانشراح وَالدُّخَان ... وَالْملك والبروج وَالْإِنْسَان)
وَوَصفه البقاعي بالشيخ الْفَاضِل البارع المفنن الزَّاهِد الشَّافِعِي ثمَّ الْحَنْبَلِيّ وَأَنه جاور بِالْمَدِينَةِ أَكثر من عشْرين سنة وانتفع بِهِ أَهلهَا وَأَنه امْتنع من إخْبَاره بمولده.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن خَليفَة بن عبد العالي الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الْعِمَاد أبي الْفِدَاء النابلسي الحسباني الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي، / هَكَذَا رَأَيْت بِخَط الْوَلِيّ فِي تَرْجَمَة وَالِده من ذيله على العبر تَكْرِير خَليفَة وَكَذَا بِخَط غَيره ورايت من جعل عبد العالي بَينهمَا. ولد فِي أَوَاخِر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل فِي حَيَاة وَالِده وَبعده فِي الْفِقْه وأصوله والفرائض والعربية والْحَدِيث وَغَيرهَا وَكَانَ مِمَّن(1/237)
أَخذ عَنهُ الْفِقْه والفرائض وَالِده والنحو أَبُو الْعَبَّاس العنابي وَسمع الْكثير وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَطلب الحَدِيث بِدِمَشْق والقاهرة فَأكْثر وَحمل الْكثير من الْأَجْزَاء وَالْمَسَانِيد وَعِنْده جمع جم من أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ وَغَيرهم كَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن الهبل وَابْن رَافع إِلَى أَن ترافق مَعَ شَيخنَا فِي السماع على جمَاعَة من شُيُوخه وَدخل حلب فَسمع بهَا على عمر بن ايدغمش وخليل بن مَحْمُود وجالس بهَا البُلْقِينِيّ وَغَيره وَمهر فِي الْفَنّ وَضبط الْأَسْمَاء واعتنى بتحرير المشتبه وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَتقدم على أقرانه فِي عدَّة فنون وَهُوَ شَاب وَكَانَ ذكيا مستحضرا صَاحب فنون سريع الْقِرَاءَة مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَولي تدريس الحَدِيث بالأشرفية وَغَيرهَا كالأمينية قَدِيما وناب فِي الحكم بل اسْتَقل فِي دولة الْمُؤَيد أَيَّام تغلبه بِغَيْر إِذن النَّاصِر فَكَانَ يتورع زعم ويشتد فِي تَنْفِيذ الْأَحْكَام إِلَى أَن أذن)
بعض رفقته ثمَّ امتحن فِي أَيَّام النَّاصِر وَولي الْقَضَاء أَيَّامًا قَلَائِل فِي دولة المستعين وَكَانَ مِمَّن أعَان على مُوجب قتل النَّاصِر وبواسطة دُخُوله فِي الْولَايَة وحبه للرياسة فتر بعد الْفِتْنَة عَن الِاشْتِغَال سِيمَا وَنَشَأ لَهُ ابْنه تَاج الدّين فَزَاد الْأَمر إفسادا وألقاه فِي مهاوي المهالك، وَقد تَرْجمهُ رَفِيقه الشهَاب بن حجي فَقَالَ إِنَّه برع فِي الْعَرَبيَّة وَسمع الْكثير بِدِمَشْق ومصر وَقَرَأَ بِنَفسِهِ قِرَاءَة صَحِيحَة وَكَانَ صَحِيح الذِّهْن جيد الْفَهم حسن التدريس إِلَّا أَنه كَانَ شَرها فِي طلب الْوَظَائِف كثير المخالطة للدولة شَدِيد الجرءة والإقبال على التَّحْصِيل قَالَ وعزل غير مرّة وامتحن مرَارًا فِي كل مرّة يبلغ الْهَلَاك ثمَّ يَنْمُو وَقد تغير بِأخرَة لما جرى عَلَيْهِ من الممن وَكَانَ يحب وَلَده فيرميه فِي المهالك ويمقته النَّاس بِسَبَبِهِ وَهُوَ لَا يُبَالِي بهم قَالَ شَيخنَا وَأَخْبرنِي الشَّيْخ نور الدّين الأبياري أَنه عذله لما دخل الْقَاهِرَة فِيهِ فَقَالَ يَا أخي النَّاس يحسدونه لِأَنَّهُ أعرف مِنْهُم بالتحصيل قَالَ فَعرفت أَنه لَا يُفِيد فِيهِ العتاب. وَمِمَّا قَالَه ابْن حجي فِي تَرْجَمَة أَبِيه أَنه لما مَاتَ أثبت ابْن الْجَزرِي محضرا بِأَن من شَرط وقف جَامع التَّوْبَة أَن يكون خَطِيبه حَافِظًا لِلْقُرْآنِ وَأَن الشهَاب يَعْنِي صَاحب التَّرْجَمَة لَا يحفظه فقرر فِيهَا لذَلِك وَكَانَ الشهَاب بِمصْر فَقدم وَمَعَهُ توقيع بهَا وانتزعها من ابْن الْجَزرِي، وَذكره العثماني قَاضِي صفد فِيمَن كَانَ بِدِمَشْق من أَعْيَان الشَّافِعِيَّة فِي الْعشْر الثَّامِن من الْقرن الثَّامِن فَقَالَ فِي حَقه شيخ دمشق وَابْن شيخها الْعَلامَة شهَاب الدّين لَهُ حَلقَة بالجامع الْأمَوِي وَشرع فِي تَفْسِير أَجَاد فِي تهذيبه وناب فِي الحكم مُدَّة ثمَّ ولي(1/238)
قَضَاء دمشق اسْتِقْلَالا فَلم يحمد، وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه رَأَيْت بِخَطِّهِ أَنه علق على الْحَاوِي الصَّغِير وعَلى ألفية ابْن مَالك وَعمل شَيْئا من تَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ وَسَماهُ شافي العي فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ، اجْتمعت بِهِ مرَارًا وأفادني كثيرا من أَجْزَائِهِ الَّتِي كَانَ يضن بهَا على غَيْرِي وحَدثني من لَفظه بِجُزْء من حَدِيث الجلالي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ بِسَمَاعِهِ لَهُ على ابْن الهبل، زَاد فِي أنبائه وَكَانَ شَيخنَا البُلْقِينِيّ يُحِبهُ ويعظمه وَشهد لَهُ أَنه أحفظ أهل دمشق للْحَدِيث حَتَّى ولي الأشرفية وَقد أكرمني بِدِمَشْق ثمَّ قدم الْقَاهِرَة بعد الكائنة فأعطيته جملَة من الْأَجْزَاء وَشهد لي بِالْحِفْظِ فِي عنوان تَعْلِيق التَّعْلِيق قَالَ وَكَانَ قد شرع فِي تَفْسِير كَبِير أكمل مِنْهُ كثيرا وَعَلِيهِ فِيهِ مآخذ ثمَّ عدم فِي الكائنة قَالَ أَيْضا وَعمل طَبَقَات الشَّافِعِيَّة. زَاد غَيره وترتيب طَبَقَات الْقُرَّاء، وَقَالَ التقي بن قَاضِي شُهْبَة جرت لَهُ مَعَ جمَاعَة فتْنَة وأوذي أَذَى كثيرا ثمَّ نجا، قَالَ شَيخنَا وَكَانَ نده كرم مفرط قد يُفْضِي إِلَى الْإِسْرَاف وَعِنْده)
شجاعة وإقدام وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى الْحَافِظ والأبي. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء عَاشر ربيع الآخر سنة خمس عشرَة بِمَنْزِلَة الصالحية وَدفن بهَا مصروفا عَن الْقَضَاء بالأخنائي عَفا الله عَنهُ. وترجمه شَيخنَا أَيْضا فِيمَا استدركه على تَارِيخ مصر للمقريزي وَلكنه عِنْده فِي عقوده وَابْن خطيب الناصرية فِي ذيله وَابْن فَهد فِي مُعْجَمه. وَأَبوهُ فِي الْمِائَة قبلهَا.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن صَدَقَة الشهَاب القاهري الْحَنَفِيّ صهر الأمشاطي ابْن أخي زَوجته وَيعرف بِابْن الصَّائِغ. / ولد فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَأخذ عَن الشمني والأقصرائي والتقي الحصني وَكَذَا الْعَلَاء وبرع وتنزل بعناية صهره فِي الْجِهَات كالأشرفية بل استنابه فِي الْقَضَاء وَاسْتمرّ بِهِ مَعَ فَضِيلَة عقل وتودد، وَقد حج فِي سنة سِتّ وَتِسْعين ثمَّ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين كِلَاهُمَا فِي الْمَوْسِم وَتردد إِلَيّ فِي كليهمَا ثمَّ فِي سنة سبع وَسَبْعمائة وجاور سنة ثَمَان وَسكن بِالْمَدْرَسَةِ الزمامية فَأَصَابَهُ مَا أصَاب الْمُسلمين من التهبة الْعَام من بني إِبْرَاهِيم وأعوانهم وَلم يبقوا أُسْوَة كنزله شَيْئا من الْمُسلمين. ثمَّ حج سنة ثَمَان وَرجع إِلَى مصر سالما عمرسه سَافر من مَكَّة فِي أَوَائِل محرم برا صُحْبَة الأتابكي قيت الرجبي.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عَبَّاس بن عَليّ بن دَاوُد بن يُوسُف بن عمر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن رَسُول النَّاصِر بن الْأَشْرَف بن الْأَفْضَل بن الْمُجَاهِد بن الْمُؤَيد بن المظفر بن الْمَنْصُور / مُلُوك(1/239)
الْيمن صَاحب زبيد وعدن وتعز وجبلة وَغير من بِلَاد الْيمن. ملك بعد أَبِيه فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فَلم تحمد سيرته وَجَرت لَهُ كائنات وَكَانَ فَاجِرًا جائرا من شرار بني رَسُول وَفِي أَيَّامه خرب غَالب بِلَاد الْيمن لِكَثْرَة ظلمه وعسفه وَعدم سياسته وتدبيره وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى سَقَطت صَاعِقَة على حصنه الْمُسَمّى قَوَارِير من زجاج خَارج مَدِينَة زبيد فارتاع من صَوتهَا وتمرض أَيَّامًا ثمَّ مَاتَ فِي سادس عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَعشْرين قَالَ الله تَعَالَى: وَيُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء وَحمل لتعز فَدفن بمدرسة أَبِيه بهَا إِذْ لم يبن لَهُ مدرسة. وَوَصفه الْعَفِيف النَّاشِرِيّ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْصُوفا عِنْد الْعَام وَالْخَاص بوفور الْحلم التَّام بِحَيْثُ أَنه ترفع إِلَيْهِ الْأُمُور الْعِظَام الَّتِي لَا تحْتَمل فَلَا يغْضب لَهَا وَهَذَا يُؤَيّد مَا تقدم. وَملك بعده ابْنه الْمَنْصُور عبد الله الْآتِي إِن شَاءَ الله هُوَ وَولد هَذَا إِسْمَاعِيل وجده. وَذكره المقريزي فِي عقوده مطولا.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله الشهَاب الطّيب وَيعرف بالحريري. / اشْتغل بالطب وتعانى الْأَدَب
وَنظر فِي الْمنطق وَكَانَ خاملا فاتفق أَن كَاتب السِّرّ فتح الله قربه من الظَّاهِر برقوق فِي عَارض عرض لَهُ فَحصل لَهُ الْبُرْء سَرِيعا فَأقبل عَلَيْهِ وولاه عدَّة وظائف يَعْنِي كمشيخة خانقاه سَالَ وتدريس الْجَامِع الحصراي وَالْجَامِع الحاكمي عوضا عَن الْعَلَاء الأقفهسي بعد منازعات فنبه قدره بعد خمول طائل وَلم يطلّ فِي ذَلِك. وَمَات فِي خماس عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع. قَالَه شَيخنَا فِيمَا استدركه على المقريزي فِي تَارِيخ مصر وَإِلَّا فَهُوَ فِي عقوده، وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه كَانَ ذكيا فَاضلا تعانى الِاشْتِغَال بالطب وَالْأَدب وفنونا أُخْرَى وَمهر وَكَانَ يتزيا بزِي الْأَعَاجِم فِي شكله وملبسه ثمَّ ولي فِي آخر عمره بعض المناصب لما توصل إِلَى خدمَة الظَّاهِر وَحسنت حَاله بعد ذَلِك فِي دينه ودنياه إِلَى أَن مَاتَ بِمصْر، سَمِعت من فَوَائده كثيرا وأنشدني من نظمه فِي عويس بَيْتَيْنِ ثمَّ وقفت على أَنَّهُمَا لغيرة. وَقَالَ فِي الأنباء أَنه مهر فِي الطِّبّ والهيئة والمعقولات وَنظر فِي الْأَدَب وَكَانَ خاملا ملقا جدا اجْتمعت بِهِ فِي الكتبيين مرَارًا وَسمعت من نظمه وفوائده ثمَّ اتَّصل بِأخرَة بِالظَّاهِرِ فَأعْطَاهُ وظائف الشَّيْخ عَلَاء الدّين الأقفهسي فأثري وَحسنت حَاله وَتزَوج وسلك الطَّرِيق الحميدة وَله نظم ونثر لكنه يطعن فِي النَّاس كثيرا وَيَدعِي دعاوى عريضة انْتهى، وَقَالَ المقريزي مَا مَعْنَاهُ: وَمن الغرائب أَن صاحبنا الشَّمْس(1/240)
الْعمريّ كَاتب الدست حج مَعَ الركب الموسمي فِي شَوَّال سنة تسع والشهاب هَذَا بهَا طيب فَلَمَّا قدم المبشر على الْعَادة كَانَ مَعَه كتاب الْعمريّ أبي فتح الله كَاتب السِّرّ فَكَانَ مِمَّا أخبر فِيهِ أَنه اجْتمع فِي مَكَّة بولِي لله يُقَال لَهُ مُوسَى الْمَنَاوِيّ فَسَأَلَهُ عَن جمَاعَة من المصريين مِنْهُم الحريري هَذَا فَأخْبرهُ أَنه طيب حَسْبَمَا فَارقه فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ مُدَّة يذكر عندنَا بِعَرَفَة فِي كل سنة وَفِي هَذِه لم يذكر وَكَانَ قد توفّي قبل الْوُقُوف فَكَانَت عَجِيبَة وفيهَا بشرى لصَاحب التَّرْجَمَة رَحمَه الله.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله الدِّمَشْقِي. / سمع عَليّ بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عُثْمَان بن أَحْمد بن رشيد بن إِبْرَاهِيم شرف الدّين ثمَّ دعِي شهَاب الدّين الشهرزوري الْهَمدَانِي التبريزي الكوراني ثمَّ القاهري / عَالم بِلَاد الرّوم، وَرَأَيْت من زَاد فِي نسبه يُوسُف قبل إِسْمَاعِيل. ولد فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة بقرية من كوران وأرخه المقريزي فِي ثَالِث عشر ربيع الأول سنة تسع بشهرزور وَحفظ الْقُرْآن وتلاه للسبع عَليّ الزين عبد الرَّحْمَن بن عمر الْقزْوِينِي الْبَغْدَادِيّ الْجلَال واشتغل وَحل عَلَيْهِ الشاطبية وتفقه بِهِ وَقَرَأَ)
عَلَيْهِ الشَّافِعِي وحاشية للتفتازاني وَأخذ عَنهُ النَّحْو مَعَ علمي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَالْعرُوض وَكَذَا اشْتغل على غَيره فِي الْعُلُوم وتميز فِي الْأَصْلَيْنِ والمنطق وَغَيرهَا وَمهر فِي النَّحْو والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا من العقليات وشارك فِي الْفِقْه ثمَّ تحول إِلَى حصن كيفا فَأخذ عَن الْجلَال الْحلْوانِي فِي الْعَرَبيَّة وَقدم دمشق فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ فلازم الْعَلَاء البُخَارِيّ وانتفع بِهِ وَكَانَ يرجح الْجلَال عَلَيْهِ وَكَذَا قدم مَعَ الْجلَال بَيت الْمُقَدّس وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْكَشَّاف ثمَّ الْقَاهِرَة فِي حُدُود سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَهُوَ فَقير جدا فَأخذ عَن شَيخنَا بقرَاءَته فِي البُخَارِيّ وَشرح ألفية الْعِرَاقِيّ ولازمه وَغَيره وَسمع فِي صَحِيح مُسلم أَو كُله على الزين الزَّرْكَشِيّ ولازم الشرواني كثيرا، قَالَ المقريزي وقرأت عَلَيْهِ صَحِيح مُسلم والشاطبية فبلوت مِنْهُ براعة وفصاحة وَمَعْرِفَة تَامَّة لفنون من الْعلم مَا بَين فقه وعربية وقراءات وَغَيرهَا انْتهى. وأكب على الِاشْتِغَال والأشغال بِحَيْثُ قَرَأَ على الْعَلَاء القلقشندي فِي الْحَاوِي ولازم حُضُور الْمجَالِس الْكِبَار كمجلس قِرَاءَة البُخَارِيّ بِحَضْرَة السُّلْطَان وَغَيره واتصل بالكمال بن الْبَارِزِيّ فَنَوَّهَ بِهِ وبالزيني عبد الباسط وَغَيرهم من المباشرين والأمراء بِحَيْثُ اشْتهر وناظر الأماثل وَذكر بالطلاقة والبراعة والجرأة الزَّائِدَة فَلَمَّا ولي الظَّاهِر جقمق وَكَانَ يَصْحَبهُ تردد إِلَيْهِ فَأكْثر وَصَارَ أحد ندمائه وخواصه فانهالت عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَتزَوج مرّة بعد أُخْرَى(1/241)
لمزيد رغبته فِي النِّسَاء مَعَ كَونه مطلاقا وَظهر لما ترفع حَاله مَا كَانَ كامنا لَدَيْهِ من اعْتِقَاد نَفسه الَّذِي جر إِلَيْهِ الطيش والخفة وَلم يلبث أَن وَقع بَينه وَبَين حميد الدّين النعماني الْمَذْكُور أَنه من ذُرِّيَّة الإِمَام أبي حنيفَة مباحثة سَطَا فِيهَا عَلَيْهِ وتشاتما بِحَيْثُ تعدى هَذَا إِلَى آبَائِهِ وَوصل علم ذَلِك إِلَى السُّلْطَان فَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وسجنه بالبرج ثمَّ ادّعى عَلَيْهِ عِنْد قَاضِي الْحَنَفِيَّة ابْن الديري وأقيمت الْبَيِّنَة بالشتم وبكونه من ذُرِّيَّة الإِمَام فعزز بِحَضْرَة السُّلْطَان نَحْو الثَّمَانِينَ بل وَأمر بنفيه وَأخرج عَنهُ تدريس الْفِقْه بالبرقوقية وَكَانَ قد اسْتَقر فِيهِ بعد ابْن يحيى وَعمل فِيهِ أجلاسا فاستقر بعده فِيهِ الْجلَال الْمحلى وَخرج الشهَاب منفيا قَالَ المقريزي بعد أَن بَاعَ أثاثه وأخرجت وظائفه ومرتباته إِلَى دمشق فَلَمَّا خرج الْحَاج توجه مَعَه فَرد إِلَى حلب فَلم يشعروا بِهِ حَتَّى قدم الطّور ليمضي فِي الْبَحْر إِلَى مَكَّة فَقبض عَلَيْهِ وسير بِهِ حَتَّى تعدى الْفُرَات وَذَلِكَ كُله سنة أَربع وَأَرْبَعين وَلَا يظلم رَبك أحدا انْتهى، وتوصل الشهَاب إِلَى مملكة الرّوم وَلَا زَالَ يترقى بهَا حَتَّى اسْتَقر فِي قَضَاء الْعَسْكَر وَغَيره وتحول حنفيا وَعظم اخْتِصَاصه بِملك الرّوم ومدحه وَغَيره بقصائد طنانة وَحسنت حَالَته)
هُنَاكَ جدا بِحَيْثُ لم يصر عِنْد مُحَمَّد بن مُرَاد أحظى مِنْهُ وانتقل من قَضَاء الْعَسْكَر إِلَى منصب الْفَتْوَى وَتردد إِلَيْهِ الأكابر وَشرح جمع الْجَوَامِع وَكثر تعقبه الْمحلى بِمَا اخْتلف الْفُضَلَاء فِيهِ تصويبا وردا وَقَالَ فِيهِ إِن من قصائده فِي ملكه قَوْله:
(هُوَ الشَّمْس إِلَّا أَنه اللَّيْث باسلا ... هُوَ الْبَحْر إِلَّا أَنه مَالك الْبر)
وَكَذَا بَلغنِي أَنه عمل تَفْسِيرا وشرحا على البُخَارِيّ وقصيدة فِي علم الْعرُوض نَحْو سِتّمائَة بَيت وَغَيرهَا من القصائد وَأَنْشَأَ باسطنبول جَامعا ومدرسة سَمَّاهَا دَار الحَدِيث بل لَهُ مَسْجِد بِخطْبَة وَآخر بِدُونِهِ وَفِي الغلطة تجاهها مَسْجِد إِلَى غَيرهَا من الدّور، وَقد أَخذ عَنهُ الأكابر حَتَّى أَن المقريزي روى عَنهُ حِكَايَة عَن شَيْخه الْجلَال فِي فضل أهل الْبَيْت هَذَا مَعَ كَونه مِمَّن أَخذ عَنهُ كَمَا أسلفته، وغالب مَا نقلته عَنهُ من عقوده. وَلما كنت بحلب وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَخمسين دَخلهَا ثمَّ الْبِلَاد الشامية وَهُوَ فِي ضخامة زَائِدَة وَحج فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وترامى عَلَيْهِ البقاعي فِي هَذَا الْآن ليتوصل بِهِ إِذا رَجَعَ بِهِ للملكة الرومية فِي طلب كِتَابه المناسبات من هُنَاكَ رَجَاء أَن يحصل لَهُ رواج بذلك وتبينه زعم بِمن يسره الله لَهُ ذَلِك بِدُونِ تكلّف وَلَا تطلب وَالْتزم لَهُ بتولي إشهار شَرحه لجمع الْجَوَامِع وَأخذ على جاري عَادَته فِي المبالغات إِذا كَانَت موصلة لأغراضه وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور وَلم(1/242)
يزل الكوراني على جلالته وطريقته حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر رَجَب سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه وَلَعَلَّه دفن بمدرسته رَحمَه الله.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن شمس الزمزمي وَيُقَال لَهُ نابت وَهُوَ بِهِ أشهر. / يَأْتِي فِي النُّون.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن صَالح الفرنوي. / مَاتَ سنة سبعين وَثَمَانمِائَة، أرخه ابْن عزم.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن كثير الشهَاب بن الْحَافِظ الْعِمَاد البصروي ثمَّ الدِّمَشْقِي أَخُو عبد الْوَهَّاب الْآتِي وَيعرف كأبيه بِابْن كثير. / ولد سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وأحضر على ابْن الشيرجي أحد أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ وتزيا بزِي الْجند وَحصل لَهُ إقطاع وَكَانَ فِيمَا قَالَه الشهَاب بن حجي أحسن أخوته سمتا عَارِفًا بالأمور. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشهَاب الونائي القاهري الشَّافِعِي أَخُو الشَّمْس الْآتِي /
بَلغنِي عَن شَيخنَا ابْن خضر أَنه كَانَ يَقُول هُوَ أقعد من أَخِيه غير أَنه كَانَ سَاكِنا انْتهى. وَهُوَ مِمَّن حضر عِنْد شَيخنَا وَسمعت أَنه قَرَأَ على القاياتي وَرُبمَا أَقرَأ وتأخرت وَفَاته عَن أَخِيه وَله ولد فِي الْأَحْيَاء فيحقق أمره مِنْهُ إِن كَانَ يحسن.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ القطب الْمَقْدِسِي الأَصْل القلقشندي المولد القاهري الشَّافِعِي وَالِد الْعَلَاء عَليّ / وَإِخْوَته الْمَذْكُورين فِي محالهم. ولد فِي رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة أَو قبلهَا بقلقشندة وانتقل مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة وَهُوَ شَاب فحفظ كَمَا قَالَ التقي ابْنه الْقُرْآن والمنهاج مَعَ غَيره قَالَ وَطلب من نَفسه فَأخذ الْفِقْه عَن ابْن حَاتِم والأبناسي والبهاء ابي الْفَتْح البُلْقِينِيّ وَعَلِيهِ قَرَأَ الْفُرُوع لِابْنِ الْحداد، والضياء القرمي بحث عَلَيْهِ الْمِنْهَاج وَأذن لَهُ فِي التدريس وَكَذَا حضر عِنْد البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن واشتغل فِي النَّحْو على مُوسَى الدلاصي نزيل المشهد الْحُسَيْنِي بِالْقَاهِرَةِ والصدر الأبشيطي وَشهد لَهُ أَنه لم يَأْتِ من بَلَده أنحى مِنْهُ وَفِي الحَدِيث على التقي الدجوي ولازمه مُدَّة وَسمع على النَّجْم بن رزين وَابْن الخشاب وَالْجمال الْبَاجِيّ والمطرز والشهاب الْجَوْهَرِي والشرف بن الكويك وَطَائِفَة وتلا على يَعْقُوب الجوشني الضَّرِير وتميز فِي الْفَرَائِض والحساب وَكتب الْخط الْحسن وناب فِي الحكم قَدِيما بِبَعْض النواحي عَن التقي الزبيرِي ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن شَيخنَا وَكَذَا بَاشر فِي أوقاف الجرمين وجامع ابْن طولون وَحدث بالبخاري وَابْن مَاجَه وَغَيرهم سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد، وَكَانَ دينا خيرا شهما سليم الْفطْرَة ملازما(1/243)
لسلوك الْخَيْر وَالْعِبَادَة، وَحصل لَهُ فِي سَمعه ثقل ومتع بباقي حواسه قَالَ وَكَانَ يذكر أَنه من ذُرِّيَّة غنيم الْقُدسِي. مَاتَ فِي لَيْلَة الثَّامِن من ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي مشْهد حافل تقدمهم شَيخنَا، ذكره فِي أنبائه بِاخْتِصَار فَقَالَ كَانَ حسن الْكِتَابَة متقنا للمباشرة وَفِيه شهامة وَهُوَ أكبر من بَقِي من شُهُود الْمُودع الْحكمِي قَالَ وأنجب عدَّة أَوْلَاد مِنْهُم وَلَده عَلَاء الدّين وَهُوَ أمثلهم طَريقَة، قلت وَقد مَسّه من القَاضِي علم الدّين بعض الْمَكْرُوه رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن ملك بن غَازِي سُلْطَان دهلك. / أرخه ابْن عزم فِي سنة إِحْدَى وَخمسين.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن عمر بن عبد الْعَزِيز الهواري البنداري أَخُو مونس الْآتِي / من رُؤُوس عرب هوارة، وَيُسمى فيهم بالأمير أحضرهُ الدوادار الْكَبِير مَعَه فعلق رَأسه فِي جمَاعَة بِبَاب زويلة وهم أَحيَاء إِلَى أَن مَاتَ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وتوجع النَّاس
من مشاهدته.
أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الشهَاب الأبشيطي القاهري الشَّافِعِي الْوَاعِظ. / ولد سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا تفقه قَلِيلا وَلزِمَ قَرِيبه الصَّدْر الأبشيطي وأدب جمَاعَة من أَوْلَاد الْكِبَار ولهج بالسيرة البنوية فَكتب مِنْهَا كثيرا إِلَى أَن شرع فِي جمع كتاب حافل فِيهَا كتب مِنْهُ نَحْو ثَلَاثِينَ سفرا يحتوي على سيرة ابْن إِسْحَاق مَعَ مَا كتبه السُّهيْلي وَغَيره عَلَيْهَا وَمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ الْبِدَايَة للعماد بن كثير وعَلى مَا احتوت عَلَيْهِ الْمَغَازِي لِلْوَاقِدِي وَغير ذَلِك ضابطا للألفاظ الْوَاقِعَة فِيهَا وَكَانَ يتَكَلَّم على النَّاس فِي الْجَامِع الْأَزْهَر. مَاتَ فِي سلخ شَوَّال سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَقد جَازَ السّبْعين. ذكره شَيخنَا فِي الأنباء والمعجم والمقريزي فِي عقوده وَقد شَارك الشهَاب الأبشيطي الْمَاضِي فِي اسْمه وَاسم أَبِيه ونسبته.
أَحْمد بن اقبرص. / مضى فِي ابْن آق برص بمهملتين.
أَحْمد بن أويس بن الشَّيْخ حسن السريسري الْكَبِير بن الْحُسَيْن بن اقبغا ابْن ايلكان بن القان غياث الدّين / صَاحب بَغْدَاد وتبريز وسلطانهما درب ملك الْعرَاق عَن أَبِيه الْمُتَوفَّى بتبريز فِي سنة سِتّ وَسبعين فَأَقَامَ إِلَى سنة خمس وَتِسْعين ثمَّ قدم حلب وَمَعَهُ أَرْبَعمِائَة فَارس من أَصْحَابه جافلا من تمرلنك حِين استيلائه على بَغْدَاد لائذا بِالظَّاهِرِ برقوق فَأرْسل أَمر بإكرامه ثمَّ استقدمه الْقَاهِرَة وَبَالغ فِي إكرامه بِحَيْثُ تَلقاهُ وَأرْسل لَهُ نَحْو عشرَة آلَاف دِينَار ومائتي قِطْعَة قماش(1/244)
وعدة خُيُول وَعشْرين جَارِيَة وَمثلهَا مماليك وَتزَوج السُّلْطَان أُخْتا لَهُ وَأقَام فِي ظله إِلَى أَن سَافر مَعَه حِين توجه بالعساكر لجِهَة الشَّام وحلب فَلَمَّا رَجَعَ عَاد أَحْمد إِلَى بِلَاده بعد أَن ألبسهُ تَشْرِيفًا وتزايدت وجاهته وجلالته فَلم يلبث أَن ساءت سيرته وَقتل جمَاعَة من الْأُمَرَاء فَوَثَبَ عَلَيْهِ الْبَاقُونَ وأخرجوه وكاتبوا نَائِب تمرلنك بشيراز ليتسلمها فَفعل وهرب هَذَا إِلَى قرا يُوسُف التركماني بالموصل فَسَار مَعَه إِلَى بَغْدَاد فَالتقى بِهِ أَهلهَا فكسروه وانهزما نَحْو الشَّام وقطعا الْفُرَات ومعهما جمع كَبِير من عَسْكَر بَغْدَاد والتركمان وَنزلا بالساجور قَرِيبا من حلب فَخرج إِلَيْهِمَا نَائِب حلب وَغَيره من النواب وَكَانَت وقْعَة فظيعة انْكَسَرَ فِيهَا الْعَسْكَر الْحلَبِي وَأسر نَائِب حماة وتوجها نَحْو بِلَاد الرّوم وَلما كَانَ قَرِيبا من بهسنا التقاه نائبها وَجَمَاعَة فكسروه واستلبوا مِنْهُ سَيْفا يُقَال لَهُ سيف الْخلَافَة وَغير ذَلِك وَعَاد إِلَى بَغْدَاد فَدَخلَهَا وَمكث بهَا مُدَّة حَاكما ثمَّ جَاءَ إِلَيْهَا التتار فَخرج هَارِبا بمفرده وَجَاء إِلَى حلب فِي صفر سنة سِتّ وَهُوَ بليد)
فِي زِيّ فَقير فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ رسم النَّاصِر باعتقاله بالقلعة فاعتقل بهَا ثمَّ طلب إِلَى الْقَاهِرَة فَتوجه إِلَيْهَا واعتقل فِي توجهه بقلعة دمشق ثمَّ أطلق بِغَيْر رضَا من السُّلْطَان وَعَاد إِلَى بَغْدَاد ودخلها بعد أَن نزل التتار عَنْهَا لوفاة تمرلنك وَاسْتمرّ على عَادَته ثمَّ تنَازع هُوَ وقرا يُوسُف فَكَانَت الكسرة عَلَيْهِ فَأسرهُ وَقَتله خنقا فِي لَيْلَة الْأَحَد سلخ ربيع الآخر سنة ثَلَاث عشرَة وَجَاء الْخَبَر إِلَى حلب بذلك فِي جُمَادَى الْآخِرَة. وَقد طول شَيخنَا ذكره فِي أنبائه وَأَنه سَار السِّيرَة الجائرة وَقتل فِي يَوْم وَاحِد ثَمَانمِائَة نفس من الْأَعْيَان قَالَ وَكَانَ سفاكا للدماء متجاهرا بالقبائح وَله مُشَاركَة فِي عدَّة عُلُوم كَالنُّجُومِ والموسيقا وَله تتبع كَبِير بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيرهَا وَكتب الْخط الْمَنْسُوب مَعَ شجاعة ودهاء وحيل وصحبة فِي أهل الْعلم. وَكَذَا طول المقريزي فِي عقوده وَابْن خطيب الناصرية تَرْجَمته وَقَالَ أَنه كَانَ حَاكما عَارِفًا مهيبا لَهُ سطوة على الرّعية فتاكا منهمكا على الشّرْب وَاللَّذَّات لَهُ يَد طولى فِي علم الموسيقا.
أَحْمد بن أويس بن عبد الله بن صلوة شهَاب الدّين بن شرف الدّين بن أكمل الدّين الجبرتي ثمَّ القاهري الصحراوي الشَّافِعِي / مدرس تربة السِّت بالصحراء وإمامها وَابْن إمامها. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ أرخه شَيخنَا فِي أنبائه، وَرَأَيْت بِخَطِّهِ إجَازَة لمن عرض عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة(1/245)
وَكَذَا للزين عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَليّ بن عبيد القلعي الصمل فِي سنة ثَمَانمِائَة وَأَبوهُ مِمَّن أَخذ عَن ابْن القاصح وَغَيره.
أَحْمد بن اينال الْمُؤَيد الشهَاب أَبُو الْفَتْح بن الْأَشْرَف أبي النَّصْر العلائي الظَّاهِرِيّ ثمَّ الناصري / من ذُرِّيَّة الظَّاهِر بيبرس فأمه ابْنة ابْن خَاص بك. ولد فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بغزة حِين كَانَ أَبوهُ بهَا وَهُوَ أَمِير عشْرين وَنَشَأ فَقَرَأَ عِنْد الْعَلَاء الْغَزِّي وَغَيره وترقى فِي أَيَّام أَبِيه وَكَانَت حجَّته هائلة تضرب بهَا الْأَمْثَال ثمَّ اسْتَقر فِي المملكة بعده فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة خمس وَسِتِّينَ بِعَهْد مِنْهُ لَهُ ودام إِلَى يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر رَمَضَان مِنْهَا وَأرْسل بِهِ إِلَى الثغر السكندري فِي الْبَحْر وتألم النَّاس لذَلِك سِيمَا قَاضِي الْحَنَابِلَة بالعز الْكِنَانِي وَلم يتحاش عَن التظاهر بذلك فَإِنَّهُ كَانَ قد أحسن السِّيرَة فِي تِلْكَ الْأَيَّام وانكف المماليك بِهِ عَن تِلْكَ البليات الْعِظَام واتفقت الْقُلُوب على حبه وخضع الْأُمَرَاء فَمن دونهم لَهُ وتفاءلوا بِالْعَدْلِ وَالْخَيْر فِي سلطنته هَذَا مَعَ تلفته فِي غَالب أَيَّام أَمرته إِلَى الْعلمَاء وإكرامه لَهُم وتفقدهم وميله لرقائق الْأَشْعَار ورقة طباعه وَحسن عشرته ومزيد عقله وخبرته بالأمور وَبعد إرْسَاله لم يلبث)
أَن كسر قَيده بل قدم الديار المصرية بعد وَفَاة أمه وَتزَوج الدوادار الْكَبِير عَظِيم المملكة ابْنَته وَاسْتقر حِين كَونه بالاسكندرية فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فِي مشيخة الشاذلية وَكَانَ يلقنهم الذّكر ويحضر مجَالِسهمْ وَمن يتَوَجَّه مَعَه إِلَى بَيته من جمَاعَة الشاذلية يكرمهم بِالْإِطْعَامِ وَنَحْوه وَلَا وَجه لَهُ وَهُوَ هُنَاكَ لقَضَاء حَاجَة من يَقْصِدهُ إِلَّا بغرض. مَاتَ فِي منتصف صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَجِيء بجثته إِلَى الْقَاهِرَة فَدفن عِنْد أَبِيه رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن إينال العلائي الظَّاهِرِيّ برقوق وَالِد مُحَمَّد الْآتِي. / ولد سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقَرَأَ فِي الْقُرْآن وَكَانَ فِيمَا قَالَ لي وَلَده يحفظ تحفة الْمُلُوك، وخدم عِنْد قايتباي الجركسي وأدارا فَحصل وَلم يتَعَرَّض الْأَشْرَف إينال لَهُ بعد انْقِضَاء دولة مخدومه لكَون أَبِيه من خجداشيته بل زَاد فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ وَحج وانعزل ببيته على خير وَستر وبر للْفُقَرَاء حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع الْمحرم سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَدفن من الْغَد يَوْم عَاشُورَاء رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
أَحْمد بن إينال الْأَمِير شهَاب الدّين بن الْأَمِير / أحد خَواص الظَّاهِر وَجهه(1/246)
وصحبته أَرْبَعُونَ مَمْلُوكا لقِتَال بلَى من عرب الْحجاز ثمَّ عَاد وَمَعَهُ جمَاعَة سمروا ثمَّ وسطوا فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين.
أَحْمد بن إينال شهَاب الدّين الْحَنَفِيّ / خَادِم الشيخونية وسحنتها ووالد أحد فضلاء الْحَنَفِيَّة الشَّمْس مُحَمَّد. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَاسْتقر عوضه فِي الْخدمَة أَبُو الطّيب السُّيُوطِيّ وَلم يلْتَفت لوَلَده وَعز ذَلِك على كثيرين وَإِن كَانَ المستقر أضبط وأمتن.
أَحْمد بن أَيُّوب بن أَحْمد بن عبد الله بن عَفَّان بن رَمَضَان الفيومي الأَصْل أَخُو أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان. / مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين.
أَحْمد بن الْبَدْر بن الشجاع عمر الْكِنْدِيّ ثمَّ الْمَالِكِي / من بني ملك بطن من كِنْدَة الظفاري ملكهَا بعد أَبِيه الْآتِي ودبر المملكة مَعَه جمَاعَة من إخْوَته ثمَّ وَقعت بَينهم الْفِتْنَة وتفرق شملهم وَغلب بَعضهم على بعض حَتَّى تفانوا وَكَانَ من آخر أَمرهم تشتتهم فِي الأَرْض فَحَضَرَ بَعضهم إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا غَرِيبا طريدا إِلَى أَن خرج عَنْهَا فِي سنة خمس وَعشْرين، ذكره شَيخنَا فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فِي أَبِيه.
أَحْمد بن الْبَدْر بن مُحَمَّد بن أويس الشهَاب المغربي الأَصْل الطرابلسي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْبَدْر. / روى عَن بهادر القرمي مُسْند طرابلس وَعَن غَيره ودرس وَأفْتى، أَخذ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم
ابْن الْوَجِيه والسوبيني وَكَانَ فَقِيها نحويا دينا متواضعا وجيها. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاثِينَ، ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار، وَقَالَ لي الصّلاح الطرابلسي الْحَنَفِيّ أَن وَالِده أَخذ عَنهُ الْقرَاءَات السَّبع فَالله أعلم.
أَحْمد بن بردبك سبط الْأَشْرَف إينال وأخو مُحَمَّد الْآتِي. /
أَحْمد بن برسباي الشهابي بن الْأَشْرَف الدقماق الظَّاهِرِيّ أَخُو الْعَزِيز يُوسُف وأصغر أَوْلَاد أَبِيه. / مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ حمل وَأمه أم ولد جركسية. مَاتَ عَن نَحْو سبع وَعشْرين سنة فِي أَوَائِل ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بِالْقَاهِرَةِ بعد أَخِيه بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا كَانَ قد تولى تَرْبِيَته زوج أمه قرقماس الأشرفي أَمِير سلَاح وأحضر لَهُ من علمه الْقُرْآن والخط الْمَنْسُوب وأقرأه الْعلم وَلم يكن يظْهر من بَيته الْبَتَّةَ حَتَّى وَلَا للْجُمُعَة مَعَ حسن الشكالة وامتداد الْقَامَة وَشهد السُّلْطَان فَمن دونه الصَّلَاة عَلَيْهِ بمصلى المومني وَدفن مَعَ أَبِيه فِي تربته.(1/247)
أَحْمد بن بَرَكَات بن مُحَمَّد بن مُحرز الجزائري. / مَاتَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ أرخه ابْن عزم.
أَحْمد بركَة الشهَاب الدِّمَشْقِي / كتب عَنهُ البدري فِي مَجْمُوعه قَوْله:
(مليح يغيب الْبَدْر عِنْد حُضُوره ... ويخجل غُصْن البان بالقد إِن خطر)
(لَهُ شامة فَوق الجبين كَأَنَّهَا ... قَلِيل سَواد الْغَيْم فِي طلعة الْقَمَر)
وَقَوله:
(لَهُ خَال بِخَط الْمسك قدرا ... على كرْسِي الخدود قد تعلى)
(كشجر قد غَدا فِي روض ورد ... وسالفة تمد عَلَيْهِ ظلا)
أَحْمد بن بلبان بن عبد الله الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْقمرِي اللؤْلُؤِي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ، / وَصفه الْبُرْهَان الْحلَبِي بالمحدث الْمُقْرِئ وَأَنه يحفظ الْقُرْآن ويستحضر كِتَابه فِي مَذْهَب أَحْمد وَأَنه قرا الحَدِيث بِصَوْت حسن وَأَنه قدم عَلَيْهِ فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن مَاجَه.
أَحْمد بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْحكمِي من ذُرِّيَّة الشَّيْخ مُحَمَّد بن أبي بكر الْحكمِي. /
ذكره الْعَفِيف مُخْتَصرا وَلم يؤرخه.
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْمَكِّيّ الْآتِي جده قَرِيبا، / مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة.
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن التقي سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر
الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ. / سمع من أبي مُحَمَّد بن الْقيم جُزْءا من حَدِيث أبي الْقسم المنبجي أنابه الْفَخر عَن مَحْمُود بن أَحْمد عَنهُ. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لي، وبيض لوفاته.
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن يُوسُف بن عبد الْملك بن عبد الله بن سَالم ابْن عبد الْملك بن عِيسَى بن أَحْمد بن عوَانَة بن حمود بن زِيَاد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عَليّ التقي بن مُحَمَّد التقي بن عَليّ الرضى بن مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن زين العابدين عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو الْعَبَّاس بن أبي يحيى الْحُسَيْنِي القيرواني الأَصْل التّونسِيّ الْمَالِكِي نزيل مصر وَيعرف بِابْن عوَانَة. / ولد فِي يَوْم عَاشُورَاء سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بتونس وَنَشَأ بهَا وَقدم الْقَاهِرَة فِي أول دولة الْأَشْرَف إينال وَحج مِنْهَا فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَكَانَت الوقفة الْجُمُعَة وَصَحب خطيب مَكَّة فَنَوَّهَ بِهِ وعرفه بالأكابر من الْأُمَرَاء وَغَيرهم وشاع بَين الْعَامَّة شبهه بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكِتَابَة عُلَمَاء(1/248)
القيروان كَابْن أبي زيد صَاحب الرسَالَة فَمن قبله باستفاضة نسب شخص من أسلافه.
مَاتَ فِي مستهل الْمحرم سنة إِحْدَى وَتِسْعين بالاسكندرية وَكَانَ توجه إِلَيْهَا بإلزام السُّلْطَان لَهُ مَعَ صهره أبي عبد الله البرنتيشي كالامين وَكَانَ كثير المحاسن عالي الهمة مَعَ من يَقْصِدهُ لَا يهاب ملكا وَلَا غَيره كَرِيمًا شهما متوددا متجملا فِي ملبسه ومركبه مِمَّن تكَرر تردده إِلَيّ مَعَ من يَقْصِدهُ فِي الِاجْتِمَاع بِي من غرباء بَلَده كقاضي الركب وَرُبمَا سمع مَعَهم عَليّ ومقاصده شريفة وخصاله منيفة عوضه الله الْجنَّة.
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن سيف الدّين الْحَمَوِيّ الأَصْل الْحلَبِي الْحَنْبَلِيّ القادري وَالِد الزين عبد الْقَادِر الْآتِي وَيعرف بِابْن الرسام. / ولد تَقْرِيبًا كَمَا قرأته بِخَطِّهِ سنة ثَلَاث وسيعين وَسَبْعمائة أَو ثَلَاث وَسِتِّينَ كَمَا كتبه بَعضهم، وَأما شَيخنَا فَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه فِي حُدُود السّبْعين بل قبلهَا بحماة وَنَشَأ بهَا فاشتغل يَسِيرا وَسمع على قاضيها الشهَاب أبي الْعَبَّاس الماداوي الْأَرْبَعين المخرجة لَهُ والمعجم الْمُخْتَص للذهبي وعَلى الْحسن بن أبي الْمجد وَغَيرهمَا من شُيُوخ بَلَده وَأحمد بن حُسَيْن الْحِمصِي بهَا والعماد إِسْمَاعِيل بن بردس وَأبي عبد الله بن اليونانية ببعلبك وَمِمَّا سَمعه على ثانيهم الصَّحِيح والمحب الصَّامِت بِدِمَشْق وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ الْعلم وَالذكر وَالدُّعَاء كِلَاهُمَا ليوسف القَاضِي والبلقيني والعراقي وَجَمَاعَة بِالْقَاهِرَةِ وَأَجَازَ لَهُ ابْن رَجَب وَابْن سَنَد وَعبد الرَّحِيم بن مَحْمُود بن خطيب بعلبك)
وَيحيى بن يُوسُف الرَّحبِي وَآخَرُونَ واشتغل واذن لَهُ بالإفتاء وَلَكِن كَانَت طبقته فِي الْعلم متوسطة بل منحطة عَن ذَلِك، وَقد جمع فِي فَضَائِل الْأَعْمَال كتابا سَمَّاهُ عقد الدُّرَر واللآلي فِي فضل الشُّهُور وَالْأَيَّام والليالي فِي أَربع مجلدات وَفِي المتبانيات آخر يقْضِي الْعجب من وضعهما وَدلّ صنعه فِي ثَانِيهمَا على عدم علمه بموضوع التَّسْمِيَة سِيمَا وَقد أوقف شَيخنَا، وتعانى الْوَعْظ فاتى فِيهِ بأخبار مستحسنة وَحدث وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد والأبي وَغَيرهمَا بل سمع مِنْهُ شَيخنَا وَابْن مُوسَى المراكشي وَولي قَضَاء بَلَده مرَارًا تخللها قَضَاء طرابلس ثمَّ حلب وَاسْتمرّ قَاضِيا بِبَلَدِهِ حَتَّى مَاتَ فِي ثامن عشر ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَأَرْبَعين كَمَا أَخْبرنِي بِهِ وَلَده وَرَأَيْت نُسْخَة من الصَّحِيح معظمها بِخَطِّهِ أرخ كِتَابَة بعض أَجْزَائِهَا فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين، وَكَانَ صَاحب دهاء وَرَأَيْت من قَالَ أَنه كَانَ يعرف بِابْن شيخ(1/249)
السُّوق وَكَأَنَّهُ إِن صَحَّ هجر. وَقد تَرْجمهُ شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه جمع كتابا فِي فَضَائِل الْأَيَّام وَكَانَ يحسن عمل المواعيد وَولي قَضَاء بَلَده ثمَّ قَضَاء حلب وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا سَمِعت من لَفظه بعض شَيْء من أربعي المرداوي باكباب وبراعة وَذكره بعض الْمُتَأَخِّرين فَقَالَ: ققاضي حماة وواعظها ومفتيها توفّي فِي شَوَّال عَن نَحْو سبعين سنة وَهُوَ وَالِد القَاضِي زين الدّين الرسام كَاتب سر حلب وناظر جيشها وَالْقَاضِي محب الدّين مُحَمَّد أبي الْوَلِيد الْمَالِكِي قَاضِي حماة، وَذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار وَأَنه عمل المواعيد فأجاد.
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْيَمَانِيّ نزيل مَكَّة وَيعرف بالمخدوعة / مِمَّن لَهُ فضل وتمييز فِي الْعَرَبيَّة وَالنّظم ويتكسب بالنساخة الجيدة مَعَ مزِيد فاقته وَكَثْرَة أخلاقه وَعدم موافاته فِي الْكِتَابَة وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ غَنِيا مِنْهَا وَقد كتب من تصانيفي كشرح الألفية وَحضر عِنْدِي كثيرا بل قرا عَليّ بعض تصانيفي وَغَيرهَا وَأنْشد بحضرتي شَيْئا من نظمه وامتدح بعض الْأَعْيَان وَحكى عَنهُ النَّجْم بن فَهد فِي تَرْجَمَة الْمُحب مُحَمَّد بن الْعَلَاء مُحَمَّد بن عفيف الدّين الايجي مناما.
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن يحيى العامري الحرضي الْيَمَانِيّ. / مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَتِسْعين.
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الصُّوفِي وَيعرف بِابْن الزَّاهِد. / ولد فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَحج غير مرّة مِنْهَا)
فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وجاور سنة خمس فَسمع بهَا على الْعَفِيف اليافعي أَشْيَاء من تصانيفه ومروياته ثمَّ سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسمع بهَا على ابْن الصّديق والشهاب بن الناصح وَالشَّمْس مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن مخلوف الصّقليّ الْمَالِكِي وَأبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْعقيلِيّ الْمَالِكِي ثمَّ سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَسمع فِيهَا على الأبناسي وَدخل بَيت الْمُقَدّس فِي خلال ذَلِك فَسمع بِهِ فِي رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة على الْبَدْر أبي عبد الله مَحْمُود بن عَليّ العجلوني والاسكندرية بعد ذَلِك فَسمع بهَا على أبي عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الْمَالِكِي المسلسلات بل سمع بِالْقَاهِرَةِ سنة سِتّ وَسِتِّينَ على الْمُحب الخلاطي السّنَن للدارقطني وعَلى الْجمال بن نباتة السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وَبعد ذَلِك على ابْن الفصيح وَابْن أبي الْمجد وَآخَرين، وَأَجَازَ لجَماعَة مِنْهُم التقي الشمني وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة، وترجمته بأبسط مِمَّا هُنَا فِي تاريخي الْكَبِير وَرَأَيْت من أرخه سنة تسع عشرَة رَحمَه الله.(1/250)
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الهكاري الْكرْدِي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة / وَحفظ الْحَاوِي وَعرضه على الْعِمَاد الحسباني وَسمع من ابْن أميلة وَابْن قوالح والكمال بن حبيب وَالْجمال الْبَاجِيّ وَآخَرين بِدِمَشْق وحلب والقاهرة والاسكندرية وَتردد إِلَى مَكَّة غير مرّة وَانْقطع نَحْو أَربع عشرَة سنة مُتَوَالِيَة مُتَّصِلَة بِمَوْتِهِ على طَريقَة حَسَنَة برباط الْعِزّ الْأَصْبَهَانِيّ وَله أَصْحَاب من ذَوي الِاعْتِبَار بديار مصر يصل إِلَيْهِ مِنْهُم أَو من بَعضهم فِي كل سنة مَا يَسْتَعِين بِهِ فِي أمره، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ فِيهِ مُرُوءَة وكياسة ولطف عشرَة. مَاتَ فِي الْعشْر الْأَخير من صفر سنة ثَمَان عشرَة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله. ذكره التقي الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَابْن فَهد فِي مُعْجَمه.
أَحْمد بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل بن سليم ككبير بن قايماز بن عُثْمَان بن عمر الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الكتاني البوصيري القاهري الشَّافِعِي. / ولد فِي الْعشْر الْأَوْسَط من الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بأبوصير من الغربية وَنَشَأ بهَا فحفظ لقرآن وجوده ببوصير على الشَّيْخ عمر بن الشَّيْخ عِيسَى وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمِيقَات وانتفع بلحظه ودعائه ثمَّ انْتقل بإشارته بعد استرضاء وَالِده إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ الْفِقْه عَن النُّور الْآدَمِيّ وحصت لَهُ بركاته وطرفا من النَّحْو عَن الْبَدْر الْقُدسِي الْحَنَفِيّ وَسمع دروس الْعِزّ بن جمَاعَة فِي الْمَنْقُول والمعقول ولازم الشَّيْخ يُوسُف إِسْمَاعِيل الأنباني فِي الْفِقْه وَسمع الْكثير من جمَاعَة مِنْهُم التقي بن حَاتِم والتنوخي والبلقيني والعراقي)
والهيثمي وَكَثُرت عنايته بِهَذَا الشَّأْن ولازم فِيهِ ابْن الْعِرَاقِيّ على كبر كثيرا وَولده الْوَلِيّ وَكَذَا لَازم شَيخنَا قَدِيما فِي حَيَاة شيخهما الْمَذْكُور ثمَّ بعده إِلَى أَن مَاتَ حَتَّى كتب عَنهُ من تصانيفه اللِّسَان والنكت للكاشف وزوائد الْبَزَّار على السِّتَّة وَأحمد وَغير ذَلِك وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَوَصفه بالشيخ الْمُفِيد الصَّالح الْمُحدث الْفَاضِل وَكتب بِخَطِّهِ أَيْضا منن تصانيف غَيره الْكثير كالفردوس وَمُسْنَده بِحَيْثُ علق بذهنه من أحاديثهما أَشْيَاء كَثِيرَة كَانَ يذاكر بهَا مَعَ عدم مُشَاركَة فِي غَيره وَلَا خبْرَة بالفن كَمَا يَنْبَغِي لكنه كَانَ كثير السّكُون والتلاوة وَالْعِبَادَة والانجماع عَن النَّاس والإقبال على النّسخ والاشتغال مَعَ حِدة فِي خلقه وخطه حسن مَعَ تَحْرِيف كثير فِي الْمُتُون والأسماء وَمِمَّا جمعه زَوَائِد ابْن مَاجَه على بَاقِي الْكتب الْخَمْسَة مَعَ الْكَلَام على أسانيدها وزوائد السّنَن الْكُبْرَى للبيهقي على السِّتَّة(1/251)
فِي مجلدين أَو ثَلَاثَة وزوائد مسانيد الطَّيَالِسِيّ وَأحمد ومسدد والْحميدِي والعدني وَالْبَزَّار وَابْن منيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد والحرث بن أبي أُسَامَة وَأبي يعلى مَعَ الْمَوْجُود من مُسْند ابْن رَاهَوَيْه على السِّتَّة أَيْضا فِي تصنيفين أَحدهمَا يذكر أسانيدهم وَالْآخر بِدُونِهَا مَعَ الْكَلَام عَلَيْهَا والتقط من هَذِه الزَّوَائِد وَمن مُسْند الفردوس كتابا جعله ذيلا على التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ سَمَّاهُ تحفة الحبيب للحبيب بالزوائد فِي التَّرْغِيب والترهيب، وَمَات قبل أَن يهذبه ويبيضه فبيضه من مسودته وَلَده على خلل كثير فِيهِ فَإِنَّهُ ذكر فِي خطبَته أَنه يقتفي أثر الأَصْل فِي اصْطِلَاحه وسرده وَلم يوف بذلك بل أَكثر من إِيرَاد الموضوعات وَشبههَا بِدُونِ بَيَان عمل جُزْءا فِي خِصَال تعْمل قبل الْفَوْت فِيمَن يجْرِي عَلَيْهِ بعد الْمَوْت وَآخر فِي أَحَادِيث الْحجامَة إِلَى غير ذَلِك، وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وناب فِي الْإِمَامَة الحسينية وَكَانَ قاطنا بهَا ثمَّ أم بالقبة مِنْهَا وتنزل فِي صوفية الشيخونية ثمَّ المؤيدية أول مَا فتحت وَاسْتمرّ على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ وَقت الزَّوَال من يَوْم الْأَحَد سَابِع عشري الْمحرم وَذَلِكَ يَوْم فتح السد عَام أَرْبَعِينَ بالحسينية بعد أَن نزل بِهِ الْحَال وَخفت ذَات يَده جدا وطالت عَلَيْهِ وَدفن بتربة طشتمر الدوادار رَحمَه الله وإيانا، وَقد ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والمقريزي فِي عقوده وَابْن فَهد وَآخَرُونَ.
أَحْمد بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل الْحُسَيْنِي / نسبا فِيمَا قَالَ وبلدا لِأَنَّهُ من أَبْيَات الْفَقِيه حُسَيْن من الْيمن ويشهر بالمذكور. رجل عَامي يسير بالقافلة إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة كل سنة غَالِبا وَرُبمَا يتَكَرَّر لَهُ أَكثر من مرّة فِي السّنة رَأَيْته كثيرا وَجَلَست مَعَه فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين بالحرمين
وَذكر لي أَنه حِين توفّي الأهدل كَانَ ابْن خمس عشرَة سنة فَيكون مولده سنة أَرْبَعِينَ تَقْرِيبًا.
أَحْمد بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس الدنكلي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. / اشْتغل بِالْعلمِ وتفقه وبرع قَالَ الأهدل فِي تَارِيخ فَقِيه مُحَقّق ولي قَضَاء المحالب وَاجْتمعت بِهِ ثمَّ ترك الْقَضَاء زهدا فِيهِ وَسمعت بوفاته سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ.
أَحْمد بن أبي بكر بن الْحُسَيْن بن عمر أَبُو النَّصْر بن الزين المراغي الْمدنِي الشَّافِعِي أَخُو شَيخنَا أبي الْفَتْح مُحَمَّد وَذَاكَ الْأَكْبَر ظنا، / سمع مَعَه على أَبِيه وَالْعلم سُلَيْمَان بن أَحْمد السقا والعراقي والهيثمي وَابْن حَاتِم وَغَيرهم وَبَعض ذَلِك فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَفِي ظَنِّي أَن وَفَاته فِي هَذَا الْقرن فيحرر.(1/252)
أَحْمد بن أبي بكر حُسَيْن شهَاب الدّين القاهري الصَّيْرَفِي وَيعرف بِابْن حيينة / حفظ الْقُرْآن وَاسْتقر فِي الصّرْف بالبيبرسية وَغَيرهَا ثمَّ فصل عَنْهَا بعد أَن تمول وَأَنْشَأَ دَارا فَأكْثر وتنزل فِي جِهَات وباشر صرف الجوالي حِين تكلم ابْن الجمالي نَاصِر الْخَاص ثمَّ الزين بن عبد الباسط ثمَّ وَلَده فِيهَا وَوضع يَده فِيمَا قيل على مَال ليستوفي مِنْهُ بعض مَا كَانَ أوردهُ للذخيرة مِمَّا اسْتهْلك فِيهِ بِزَعْمِهِ مَاله فرسم عَلَيْهِ لاسترجاعه مِنْهُ وَأقَام فِي الترسيم نَحْو سِتّ سِنِين بل أهين بِالضَّرْبِ وَغَيره كل ذَلِك وَهُوَ مصر على إِظْهَار الْعَجز وقاسى ذلا بعد عز وثروة ورثى لَهُ كَثِيرُونَ حَتَّى من كَانَ سيئ الْمُعَامَلَة مَعَه من الْمُسْتَحقّين مِمَّا الظَّن أَنهم سَبَب محنته، وَاسْتمرّ كَذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد حادي عشري رَمَضَان سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بحوش البيبرسية عوضه الله خيرا وسامحه.
أَحْمد بن أبي بكر بن رسْلَان بن نصير ككبير بن صَالح بن شهَاب بن عبد الْخَالِق بن مُحَمَّد بن مُسَافر الشهَاب البُلْقِينِيّ ثمَّ الْمحلي قاضيها الشَّافِعِي ابْن أخي السراج البُلْقِينِيّ وأخو الْبَهَاء أبي الْفَتْح رسْلَان وجعفر وناصر الدّين مُحَمَّد ووالد أوحد الدّين مُحَمَّد وَيعرف بالعجيمي بِضَم الْعين مصغر / ولد فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة ببلقينة وَتُوفِّي أَبوهُ وَهُوَ ابْن خمس سِنِين فانتقلت بِهِ أمه إِلَى الْمحلة فحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ ثمَّ تحول إِلَى عَمه السراج بِالْقَاهِرَةِ فحفظ الْعُمْدَة وَالْمُحَرر وألفية ابْن مَالك وَبَعض الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَمن أول التدرب لَهُ إِلَى الْفَرَائِض وَبحث عَلَيْهِ فِي الْفِقْه وأصوله وَكَذَا على أَخِيه الْبَهَاء أبي الْفَتْح وَفِي النَّحْو على سرحان الْمَالِكِي إِمَام الصالحية والمحب بن هِشَام وَحضر دروس الأبناسي وَالْقَاضِي نَاصِر)
الدّين بن الميلق والبدر الطنبذي بل قَرَأَ على الشهَاب الْأَذْرَعِيّ درسا وَاحِدًا لما قدم عَلَيْهِم الْقَاهِرَة وَكَانَ يَقُول أَيْضا أَنه سمع على أبي الْيمن بن الكويك والمعين عبد الله قيم الكاملية والفرسيسي وَابْن الملقن ثمَّ عَاد إِلَى الْمحلة فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فَأخذ فِي الْفِقْه أَيْضا عَن قاضيها الْعِمَاد الباريني وناب فِي الحكم بهَا عَن قاضيها الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن سليم بِالتَّصْغِيرِ جد الْمُحب بن الإِمَام لأمه ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن ابْن عَمه الْجلَال البُلْقِينِيّ مَعَ إِضَافَة عدَّة قرى إِلَيْهِ بل ولي الْقَضَاء الْأَكْبَر بالمحلة سنة عشر وَثَمَانمِائَة عَنهُ وَعَن من بعده إِلَى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ سوى تخللات يسيرَة وأثرى وصنف فِي الْفَرَائِض كتابا سَمَّاهُ الرَّوْضَة الأريضة فِي قسم الْفَرِيضَة قرضه لَهُ ابْن عَمه والجلال بن خطيب داريا وَكَأَنَّهُ أَخذهَا عَن سرحان، وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها عَالما مفننا وقورا عَاقِلا يُوصف بالدهاء والحيل(1/253)
وَيذكر بَين غَالب أهل بَلَده بِسوء السِّيرَة فِي الْقَضَاء وَغَيره مَعَ قَول بعض الثِّقَات أَنه مَا أَخذ عاله فِي مَال يَتِيم قطّ وَكَانَ يحْكى أَنه أسلم على يَدَيْهِ نَيف وَثَلَاثُونَ نفسا. مَاتَ بالمحلة فِي عصر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَأَرْبَعين وَدفن صَبِيحَة يَوْم الثُّلَاثَاء فِي مشْهد حسن صلى عَلَيْهِ عمر وَلَده وَهُوَ المستقر فِي قَضَاء الْمحلة بعده وأثنوا على الْمَيِّت خيرا رَحمَه الله وإيانا. وَمن حكاياته عَن عَمه السراج أَنه حكى أَن الشَّيْخ عِيسَى بن الشَّيْخ عمر النفياي نزل الْبَحْر يتَوَضَّأ فَرَأى الْجِنّ وهم يَقُولُونَ:
(لَيْت الْغنى لَو دَامَ ... وشملنا يلتام)
وَمِمَّنْ ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَابْن فَهد وَآخَرُونَ.
أَحْمد بن أبي بكر بن سراج البابي. / فِيمَن جده عَليّ بن سراج.
أَحْمد بن أبي بكر بن صَالح بن عمر الشهَاب أَبُو الْفَضَائِل المرعشي ثمَّ الْحلَبِي الْحَنَفِيّ خَال الشَّمْس بن أجا. / ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بمرعش من الْبِلَاد الحلبية وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَبَعض المختصرات واشتغل يَسِيرا ثمَّ تحول مِنْهَا إِلَى منتاب فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فتفقه بهَا عل عالمها عِيسَى ثمَّ إِلَى حلب فِي سنة سِتّ عشرَة فقطنها وَبحث الْكَشَّاف وَشرح الْمِفْتَاح على الزين عمر الْبَلْخِي وَالْمُغني فِي الْأُصُول وَغَيره على الْبَدْر بن سَلامَة مَعَ قِرَاءَة الصَّحِيحَيْنِ عَلَيْهِ وَتقدم فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وشارك فِي فنون وَأذن لَهُ غير وَاحِد فِي الْإِفْتَاء وَالْإِلْقَاء وتصدر من سنة عشْرين بحلب فَانْتَفع النَّاس بِهِ وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة وَصَارَ عَالم حلب)
وفقيهها ومفتيها وَعرض عَلَيْهِ الظَّاهِر جقمق قضاءها فتنزه عَنهُ مَعَ تقلله. وصنف كنوز الْفِقْه ونظم الْعُمْدَة للنسفي فِي أصُول الدّين وَزَاد عَلَيْهَا أَشْيَاء وَكَذَا نظم الْكَنْز وَخمْس الْبردَة، أجَاز فِي بعض الاستدعاءات ولقيه الْعِزّ بن فَهد وَقد اسن فَكتب عَنهُ تخميس الْبردَة وَأخذ عَنهُ الشَّمْس بن المغربي الْمقري أَخُو قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِمصْر وَكَذَا الشَّيْخ عبد الْقَادِر الْأَبَّار. وَمَات عقب ابْن فَهد بِيَسِير فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمن نظمه:
(وَلما رَأينَا عَالما بجواهر ... خدمناه بِالْعقدِ المنظم من در)
(على رَأْي من يروي من الشّعْر حِكْمَة ... خلافًا لمن قَالَ القريض بِنَا يزري)
ومدحه بَعضهم بقوله:
(عَن الْعلمَاء يسألني خليلي ... أَلا قل لي فَمن أهْدى وأرشد)
(وَمن أحمدهم فعلا وفضلا ... فَقلت المرعشي الشَّيْخ أَحْمد)(1/254)
أَحْمد بن أبي بكر بن طباجوا البعلي الخباز أَبوهُ الْعَطَّار هُوَ. / سمع فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة بِبَلَدِهِ عَن مُحَمَّد بن عَليّ اليوتيني وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحُسَيْنِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجردي الصَّحِيح قَالُوا أنابه الحجار، وَحدث أَخذ عَنهُ بعض أَصْحَابنَا وَمَا لَقيته فِي الرحلة وَكَأَنَّهُ مَاتَ قبلهَا.
أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن التقي سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر العزابي الْخَيْر بن الْعِمَاد بن الزين الْقرشِي الْعمريّ الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو نَاصِر الدّين مُحَمَّد وأخوته وَيعرف كسلفه بِابْن زُرَيْق. / ولد فِي سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد إِسْمَاعِيل العجلوني وَتَجْرِيد الْعِنَايَة لِابْنِ الْحَاج واشتغل فِي الْفِقْه والعربية عِنْد التقي بن قندس وَأذن لَهُ بالإفتاء والإقراء وسَمعه أَخُوهُ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ فَمَا بعْدهَا على ابْن نَاصِر الدّين وَابْنَة ابْن الشرائحي وَابْن الطَّحَّان وَآخَرين وَحدث باليسير وَيذكر بالشجاعة والإقدام وَنَحْو ذَلِك وَلكنه سقط عَن فرسه فعجز عَن الْمَشْي إِلَّا بعكازين. مَاتَ بِدِمَشْق فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثامن ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَدفن عِنْد أَقَاربه.
أرخه اللبودي.
أَحْمد بن الزكي أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ أَخُو إِبْرَاهِيم وَعلي وَعمر، / مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة.
أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الله بن أَيُّوب جلال الدّين أَبُو الْفضل الطولوني الغزولي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن أخي الريس. / حفظ الْقُرْآن وَغَيره وَأخذ عَن الشّرف السُّبْكِيّ فِي الْفِقْه وَغَيره وتلقى عَن عَمه الشَّمْس مُحَمَّد بن الْجمال عبد الله الْآتِي الرياسة وَسَائِر وظائفه بالجامع الطولوني بل بَاشر النقابة عِنْد الونائي فِي ولَايَته الثَّالِثَة لدمشق وَكَانَ سمسارا فِي الْغَزل ذَا حَظّ تَامّ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يدانيه فِي قبُول كلمة عِنْد البَائِع والمشرتي غَيره مَعَ خير وكرم، وَقد روى عَنهُ البقاعي مناما فِي تَرْجَمَة شَيْخه السُّبْكِيّ وَوَثَّقَهُ مَعَ طعنه فِي شَهَادَة شيخ النَّاس الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ. مَاتَ سنة أَربع وَسبعين.
أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الشهَاب الْقرشِي المَخْزُومِي الْيَمَانِيّ الزبيدِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة. / ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسعين وَسَبْعمائة بزبيد من بِلَاد الْيمن وَنَشَأ بهَا وَتردد إِلَى مَكَّة مرَارًا لِلْحَجِّ وَسمع بهَا من عَمه الْجمال بن ظهيرة وَأَجَازَ لَهُ(1/255)
الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَابْن صديق وَطَائِفَة وَحدث سمع مِنْهُ صاحبنا ابْن فَهد وَكَانَ خيرا مُبَارَكًا كثير الطّواف سَاكِنا متكسبا بِالتِّجَارَة وَانْقطع بِأخرَة بِمَكَّة حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَخمسين بعد أَن أجَاز لي.
أَحْمد بن الْفَخر أبي بكر بن عبد الله الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّاهِد / أَبوهُ مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة وَأَهْلهَا وَكثير مِنْهُم ينازعون فِيهِ.
أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْملك بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن التَّاج عَليّ الْقُسْطَلَانِيّ الْمصْرِيّ القباني عَم صاحبنا الشهَاب الْآتِي، / ولد سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة وَكَانَ مِمَّن قَرَأَ الْقُرْآن وتكسب بالقبان وجاور بعد الثَّمَانِينَ. مَاتَ فِي سنة أَربع وَتِسْعين عَن بضع وَسبعين تَقْرِيبًا.
أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد الشهَاب الْمحلى أَخُو مُحَمَّد الْآتِي. / تكسب بِالشَّهَادَةِ وناب فِي الْقَضَاء وَعمل أَمَانَة الحكم بهَا مُدَّة وَكَانَ حسن الْخط خيرا يقْرَأ الْقُرْآن ويجيد الصِّنَاعَة. مَاتَ بعد الْخمسين قبل أَخِيه.
أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ بن سراج شهَاب الدّين البابي الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي. / تفقه بعبيد بن أبي المنى وَتخرج فِي الْكِتَابَة بِابْن الْمَجْرُوح وناب عَن ابْن خطيب الناصرية فَمن بعده بِالْبَابِ إِلَى أَن انْفَصل عَنهُ وَأنْشد حِينَئِذٍ:)
(عاديتمونا بِلَا ذَنْب وَلَا سَبَب ... وَقد عدوتم كَمَا الْحَيَّات تنساب)
(لأرحلن إِلَى أَرض أعيش بهَا ... لَا النَّاس أَنْتُم وَلَا الدُّنْيَا الْبَاب)
وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل وَقع للسَّيِّد التَّاج عبد الْوَهَّاب حِين قَضَائِهِ بحلب وَتردد للقاهرة غير مرّة وَأخذ عَن شَيخنَا فِيمَا قيل وَكتب عَنهُ بعض الطّلبَة من نظمه وَغَيره فِي الهجاء كثيرا. مَاتَ فِي عيد الْأَضْحَى سنة سبع وَثَمَانِينَ بحلب وَقد جَازَ السِّتين.
أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ بن عبد الله بن بوافي بِفَتْح الْمُوَحدَة والواووكسر الْفَاء ابْن يحيى بن مُحَمَّد بن صَالح الشهَاب بن الْفَخر بن الْوَلِيّ النُّور أبي الْحسن الْأَسدي المعشمي بميمين أولاهما مَفْتُوحَة وَبعدهَا عين مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ شين مُعْجمَة مَفْتُوحَة الْمَكِّيّ سبط الْبُرْهَان الأردبيلي وَيعرف جده بالطواشي. / ولد فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة ظنا وَحضر على الْعِزّ بن جمَاعَة بل سمع الضياء الْهِنْدِيّ وَفَاطِمَة ابْنة التقي الْحرَازِي وَعبد الْوَهَّاب القزوي وَأَجَازَ لَهُ الْكَمَال بن حبيب وَأَخُوهُ الْحُسَيْن وَآخَرُونَ، وَكَانَ خيرا دينا متواضعا متقشفا فِي لِبَاسه متعبدا منعزلا عَن النَّاس مُعْتَقدًا فيهم. مَاتَ فِي ضحى يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر(1/256)
شعْبَان سنة تسع وَعشْرين وَصلى عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَدفن بالشبيكة من أَسْفَل مَكَّة بِوَصِيَّة مِنْهُ وحملت جنَازَته على الرؤوس وشيعه أَمِير مَكَّة عَليّ بن عنان رَحمَه الله. تَرْجمهُ الفاسي فِي تَارِيخه وَشَيخنَا فِي أنبائه والمقريزي فِي عقوده وَابْن فَهد فِي مُعْجَمه.
أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن يَعْقُوب الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الرضي بن الْمُوفق النَّاشِرِيّ بنُون ومعجمة الزبيدِيّ بِفَتْح الزَّاي الشَّافِعِي. / ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة مستهل الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وتفقه بِأَبِيهِ وَالْجمال الريمي وَالشَّمْس أَبُو ضوء وَغَيرهم وَسمع الحَدِيث من أيبه وَالْمجد الشِّيرَازِيّ وَطَائِفَة وَكَانَ عَالما عَاملا فَقِيها كَامِلا فريدا تقيا ذكيا غَايَة فِي الْحِفْظ وجودة النّظر فِي الْفِقْه ودقائقه مَقْصُودا من الْآفَاق بِحَيْثُ ازْدحم عَلَيْهِ الْخَلَائق وتفقه بِهِ جمع كَثِيرُونَ فِي المملكة اليمنية وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من أهل بَيته الْمُوفق عَليّ بن أبي بكر النَّاشِرِيّ وَولده الْجمال مُحَمَّد الطّيب والفقيه موفق الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد والشرف بن الْمقري والكمال مُوسَى بن مُحَمَّد الضجاعي وَالْجمال بن الْخياط وَالْجمال بن كبن، ودرس بالصلاحية من زبيد وَغَيرهَا كل ذَلِك مَعَ التَّوَاضُع والتقلل من الدُّنْيَا وبذل همته للطلبة سِيمَا من أنس مِنْهُ الْفَائِدَة حَتَّى أَنه)
رُبمَا قَصده بِنَفسِهِ إِلَى مَوْضِعه وَإِذا عرض لأَحَدهم مَا انْقَطع بِسَبَبِهِ عَن الْحُضُور فِي وظيفته خرج إِلَى الْمدرسَة وَقَرَأَ مَا تيَسّر من الْقُرْآن كَأَنَّهُ للنيابة عَنهُ قيَاما بِمَا عَلَيْهِ من الْعهْدَة محتسبا لخطاه تِلْكَ وَفعله، ولي قَضَاء زبيد وأعمالها فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَأَقَامَ إِلَى صفر سنة تسعين ثمَّ انْفَصل وَلم يدع لَهُ الْحق صديقا بِابْن عَمه مُحَمَّد بن عبد الله الْآتِي وَلم يلبث أَن أُعِيد فِي سادس عشر ربيع الآخر مِنْهَا فَأَقَامَ يَسِيرا ثمَّ انْفَصل فِي ربيع الآخر من الَّتِي تَلِيهَا بالنفيس سُلَيْمَان بن عَليّ ثمَّ أُعِيد فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَأَقَامَ دون شهر وضج مِنْهُ كثير من النَّاس سِيمَا أهل الدولة وَأَتْبَاع السُّلْطَان لما يُعلمهُ مِنْهُم من التَّعَدِّي والجور فَرَمَوْهُ عَن قَوس وَاحِدَة ونفرت طباع كثيرين عَنهُ فَصَرفهُ السُّلْطَان بأَخيه عَليّ مَعَ كَونه لم يكن يرضى للْقَضَاء غَيره لصلاحه وعفته وورعه ومعرفته وَكَونه بِأخرَة لَا نَظِير لَهُ وَلَكِن خوفًا مِنْهُم، وَجَرت لَهُ مَعَ الصُّوفِيَّة بزبيد لما أنكر عَلَيْهِم الِاشْتِغَال بكتب ابْن عَرَبِيّ واعتقاد مَا فِيهَا لَا سِيمَا الفصوص وشق ذَلِك على أكابرهم فتعصبوا عَلَيْهِ(1/257)
بِسَبَب ذَلِك والتمسوا من السُّلْطَان مَنعه من التَّعَرُّض لَهُم وَكَانَ السُّلْطَان فِيهِ حسن اعْتِقَاد فَلم يزده ذَلِك أَلا حمية لله وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولقب فِي وقته لذَلِك بناصر السّنة وقامع المبتدعة وَله تصانيف مفيدة ومذاكرة جَيِّدَة فَمن تصانيفه اخْتِصَار الْمُهِمَّات واختصار أَحْكَام النِّسَاء لِابْنِ الْعَطَّار والإفادة فِي مَسْأَلَة الْإِرَادَة وَعمل كتابا حافلا بَين فِيهِ فَسَاد عقيدة ابْن الْعَرَبِيّ وَمن ينتمي إِلَيْهِ، قَالَ الْحمال بن الْخياط سَمِعت من لَفظه أَكْثَره وَهُوَ رد على شَيخنَا الْمجد الشِّيرَازِيّ ونصرة لشَيْخِنَا الْوَالِد فِي رد النحلة الْمشَار إِلَيْهَا وَذكر وَلَده أَنه احْتَرَقَ فِيمَا بعد. قلت وَكَأَنَّهُ أَرَادَ تسكين الفقية بِدَعْوَى احتراقه. وَحج فِي سنة سبع وَسبعين وزار وَرجع فِي الَّتِي بعْدهَا. ذكره الخزرجي فِي تَارِيخ الْيمن مطولا وَشَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ اجْتمعت بِهِ واستفدت مِنْهُ بزبيد زَاد فِي أنبائه وَنعم الشَّيْخ كَانَ، وَكَذَا ذكره التقي بن قَاضِي شُهْبَة فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة وَآخَرُونَ. مَاتَ فِي خَامِس عشري الْمحرم سنة خمس عشرِيَّة وَقد جَازَ السّبْعين، وَقد ذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ شهَاب الدّين السُّيُوطِيّ أَخُو الشريف مُحَمَّد الْآتِي / أثْبته الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي سامعي إمْلَائِهِ سنة إِحْدَى عشرَة.
أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ الطهطاوي الْمَكِّيّ أَخُو عبد الْكَرِيم الْآتِي. / مِمَّن سمع عَليّ بِمَكَّة.
أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ الكيلاني بن خواجا. / يَأْتِي فِيمَن لم يسم أَبوهُ من أَوَاخِر الأحمدين.
أَحْمد بن أبي بكر بن مر بن يُوسُف الشهَاب بن الزكي الْقرشِي الْعَبدَرِي الْمَيْدُومِيُّ الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بالميدومي. / ولد فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب الْأَشْقَر والعمدة والمنهاجين وألفية ابْن مَالك وعرضها على جمَاعَة واشتغل فِي الْفِقْه على أَبِيه والسراج الدموشي وَالْجمال السمنودي وَالشَّمْس بن الْقطَّان وَغَيرهم وَحضر دروس الْجلَال البُلْقِينِيّ وَغَيره وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا فَمن بعده وتصدر بالجامع الْعمريّ وَحج وزار وَكَانَ تَامّ الْعقل متواضعا وَله حُضُور فِي الرَّابِعَة سنة سبع وَتِسْعين لختم الْمُوَطَّأ على النَّجْم البالسي وَالشَّمْس بن المكين الْبكْرِيّ الْمَالِكِي وَحدث بِهِ سَمعه مِنْهُ الْفُضَلَاء وقرأته عَلَيْهِ. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
أَحْمد بن أبي بكر بن عمر وَيعرف جده بِابْن العريض. / ذكره ابْن عزم.(1/258)
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر. / مضى بِدُونِ مُحَمَّد فِي نسبه وَكَأَنَّهُ زِيَادَة.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَحْمد الشهَاب الدِّمَشْقِي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد صَلَاح الدّين أبي الْيمن مُحَمَّد وَيعرف بِابْن الحزمي وبابن حبيلات. / ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع عشرِيَّة وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَزعم أَنه سَافر مَعَ أَبِيه إِلَى الاسكندرية فلقي بهَا ابْن مَرْزُوق وَكَذَا لَقِي بِالْمَدِينَةِ حِين حج سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ الْجمال الكازروني وَقد حج قبلهَا ثمَّ بعْدهَا مرَارًا وَدخل الشَّام فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَحضر عِنْد التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَكَذَا أَخذ بِالْقَاهِرَةِ عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والشهاب الْمحلى خطيب جَامع ابْن ميالة وَالشَّمْس الشنشي والبوتيجي والنسابة وبالمحلة عَن ابْن قطب وَلَا اعْتمد أخباره فِي هَذَا وَإِن كَانَ يُمكن فِي بعضه وَإِنَّمَا نَشأ كأبيه تَاجِرًا فِي قيسارية طيلان نعم أَخذ يَسِيرا عَن السراج والصاوي وَحسن الْأَعْرَج وَحصل كتبا كشرح الْمِنْهَاج لِابْنِ الملقن وَفتح الْبَارِي ثمَّ بدا لَهُ الْقَضَاء فناب عَن الْعلم البُلْقِينِيّ بِالْقَاهِرَةِ وأضاف إِلَيْهِ بعض الْأَعْمَال وَاسْتمرّ يَنُوب عَن من بعده مَعَ خدمَة الْحَوَاشِي بل أذن لَهُ شَيخنَا فِي الْعُقُود قَدِيما كَمَا قرأته بِخَطِّهِ على قصَّة، وَكَانَ أحد القاضيين المتوجهين لبيت الْمُقَدّس لبِنَاء الْكَنِيسَة فحصلت لَهُ حمى مَعَ زَعمه أَنه إِنَّمَا قدمه للزيارة وَعَاد وَهُوَ ضَعِيف فدام)
كَذَلِك إِلَى أَن عوفي وَاسْتمرّ نَائِبا فِي الْقَضَاء مَعَ دربة فِي الْجُمْلَة حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَتِسْعين عَفا الله عَنهُ وإيانا.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر النَّاشِرِيّ الْآتِي أَبوهُ وجده / وَحج مَعَ أَبِيه وجاور سنتَيْن ولازمني فِي السماع هُنَاكَ فيهمَا حِين الْمُجَاورَة الثَّالِثَة بعد الثَّمَانِينَ.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن الرداد الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ. / يَأْتِي فِي ابْن أبي بكر بن مُحَمَّد إِذْ الرداد لَيْسَ اسْم أَب لَهُ بل هُوَ لقب.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَحْمد بن عمر بن سَلامَة المارديني الْحلَبِي الْحَنَفِيّ. /
ولد سنة سبعين هَكَذَا رَأَيْته بخطى فِي الأحمدين وَهُوَ غلط صَوَابه الْحسن وَهُوَ أَخُو الْبَدْر مُحَمَّد وَسَيَأْتِي كل مِنْهُمَا.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن دَاوُد الْحُسَيْنِي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كهوبابن أبي الْوَفَاء أَخُو أبي الْوَفَاء مُحَمَّد الْآتِي، / وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة(1/259)
باستدعاء ابْن أبي شرِيف وَبَلغنِي أَنه توفّي بالروم قريب الثَّمَانِينَ بعد أَن تحنف وَأَنه أَصْغَر من أَخِيه أبي الْوَفَاء وَأَنه كَانَ ينظم الشّعْر الْحسن رَحمَه الله.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ الشهَاب المسوقي الواداني المغربي الأَصْل الْمدنِي المولد / والمقيم بهَا وبمكة ثمَّ انْقَطع بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ مِمَّن سمع عَليّ بهَا وَقد دخل الْقَاهِرَة مرَارًا ولديه جرْأَة.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن الْعِمَاد الشهَاب الْحَمَوِيّ الْحَنْبَلِيّ / قدم الْقَاهِرَة شَابًّا فَعرض كتبه وَأخذ عَن الْجمال بن هِشَام والعز الْحَنْبَلِيّ وَغَيرهمَا، وَسمع بِقِرَاءَتِي على محيي الدّين بن الذَّهَبِيّ وَطَائِفَة، وَمِمَّا سَمعه فِي البُخَارِيّ بالظاهرية وَدخل دمشق فَأخذ عَن الْبُرْهَان بن مُفْلِح والتقي بن قندس وتميز فِي الْحِفْظ يَسِيرا وَقدم الْقَاهِرَة الْأَيَّام السعدية فتكسب بِالشَّهَادَةِ وَكَانَ مَعَ يبسه وجموده عديم التَّدْبِير بل هُوَ إِلَى الْحمق أقرب بِحَيْثُ نافر القَاضِي. مَاتَ قَرِيبا من سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ إِن لم يكن فِيهَا وَأَظنهُ قَارب الْخمسين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشهَاب بن الزين الْأنْصَارِيّ السمنودي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْخَطِيب أَخُو التَّاج مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن تمرية. / ولد سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة
بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ الْقُرْآن وجوده عِنْد الزراتيتي وَأخذ الْفِقْه عَن البيجوري ولازم الْقِرَاءَة فِي التَّقْسِيم عِنْد الشّرف السُّبْكِيّ وَكَذَا حضر عِنْد التلواني ولازم القاياتي وَقَرَأَ على الزين طَاهِر فِي شرح الشاطبية للفاسي وَغَيره وَأخذ الْفَرَائِض وَنَحْوهَا عَن ابْن المجدي وَسمع على الْكَمَال بن خير، وَمِمَّا سَمعه مِنْهُ الْكثير من الشفا وَتَنَاول جَمِيعه مِنْهُ فِي سنة سبع عشرَة والزين الزَّرْكَشِيّ، وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ صَحِيح مُسلم بل كَانَ ضَابِط الْأَسْمَاء فِيهِ وَشَيخنَا ولازمه فِي الأمالي وَابْن عَيَّاش لقِيه بِمَكَّة فِي آخَرين قيل أَن مِنْهُم الْجمال الْحَنْبَلِيّ وَقَرَأَ كلا من الصَّحِيح والشفا على شَيخنَا الرَّشِيدِيّ فِي جَامع الْأَزْهَر وخطب بالمؤيدية نِيَابَة عَن الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وجاور سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَقَرَأَ هُنَاكَ البُخَارِيّ وَغَيره وَكَانَ فَاضلا خيرا متحريا فِي النِّيَّة سَاكِنا تَامّ الْعقل مأنوسا حسن الْمُلْتَقى مديد الْقَامَة جَهورِي الصَّوْت من صوفية البيبرسية جالسته كثيرا وَسمع بِقِرَاءَتِي وَأَجَازَ فِي بعض الاستدعاءات وَبَلغنِي أَنه رأى الرَّافِعِيّ فِي الْمَنَام وَسَأَلَهُ عَن بعض الْمسَائِل. مَاتَ فِي وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن السراج الْقرشِي(1/260)
الْبكْرِيّ التَّيْمِيّ الْمَكِّيّ ثمَّ الزبيدِيّ الصُّوفِي ثمَّ القَاضِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الرداد. / ولد فِي خَامِس عشري جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وتفقه بِأَبِيهِ وَغَيره وَسمع من بعض الشُّيُوخ بِمَكَّة وَأَجَازَ لَهُ من دمشق أَبُو بكر بن الْمُحب وَعمر بن أَحْمد الجرهمي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد الْمَقْدِسِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الصفي الغزولي وَآخَرُونَ وَلم يكن عِنْده رِوَايَة على قدر سنه، وَدخل الْيمن فاتصل بِصُحْبَة الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل بن الْأَفْضَل فلازمه وَاسْتقر من ندمائه ثمَّ صَار من أخصهم بِهِ وَغلب عَلَيْهِ وَلم يكن يَنْقَطِع عَنهُ يَوْمًا وَاحِدًا وَكَذَا لَازم صُحْبَة الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الجبرتي، وَكَانَت لَدَيْهِ فَضَائِل كَثِيرَة ناظما نافرا ذكيا إِلَّا أَنه غلب عَلَيْهِ حب الدُّنْيَا والميل إِلَى تصوف الفلاسفة وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى هَذِه الْبِدْعَة الَّتِي ذاقها وَعرف مغزاها يعادي عَلَيْهَا وَيقرب من يعْتَقد ذَلِك المعتقد وَمن عرف أَنه حصل نُسْخَة بالفصوص قربه وَأفضل عَلَيْهِ وَأكْثر من النّظم والتصنيف فِي ذَلِك الضلال الْبَين إِلَى أَن أفسد عقائد أهل زبيد إِلَّا من شَاءَ الله، ونظمه وشعره ينعق بالاتحاد وَكَانَ المنشدون يتحفظونه لإنشاده فِي المحافل تقربا بذلك وَله تصانيف فِي التصوف، وعَلى وَجهه آثَار الْعِبَادَة لكنه يُجَالس السُّلْطَان فِي خلواته وَيُوَافِقهُ على شهواته من غير تعاط مَعَهم لشَيْء من الْمُنْكَرَات وَلَا تنَاول للمسكرات، وَولي الْقَضَاء بعد وَفَاة الْمجد)
الشِّيرَازِيّ بِثَلَاث سِنِين لكَون النَّاصِر بن الْأَشْرَف تَركه شاغرا بعد الْمجد هَذِه الْمدَّة ينْتَظر قدوم شَيخنَا عَلَيْهِ ليوليه إِيَّاه فَلَمَّا طَال الأمد سعى فِيهِ بعض الأكابر للفقيه النَّاشِرِيّ فخشي صَاحب التَّرْجَمَة من تمكنه من الْإِنْكَار على المبتدعة بِحَيْثُ يواجه ابْن الرداد بِمَا يكره وَكَانَ الْمجد يداهنه فبادر من أجل ذَلِك بِطَلَب الْوَظِيفَة من النَّاصِر والناصر لَا يفرق بَين الرجلَيْن ويظن أَن هَذَا عَالم كَبِير فولاه لَهُ مَعَ كَونه مزجي البضاعة فِي الْفِقْه عديم الْخِبْرَة بالحكم فأظهر العصبية وانتقم مِمَّن كَانَ يُنكر عَلَيْهِ بدعته من الْفُقَهَاء فاهانهم وَبَالغ فِي ردعهم والحط عَلَيْهِم فعوجل وَمَات عَن قرب وَذَلِكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وصاروا يعدون مَوته من الْفرج بعد الشدَّة. قَالَه شَيخنَا فِيمَا اجْتمع من أنبائه ومعجمه قَالَ وَقد سَمِعت من نظمه وَمن فَوَائده وَسمع عَليّ بزبيد جُزْءا من الحَدِيث وَسمع بِقِرَاءَتِي وَأَجَازَ فِي استدعاء أَوْلَادِي فِي أول سنة وَفَاته قلت وَذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ لَهُ شعر جيد فَمِنْهُ:
(وَلَو أَن لي مَا كَانَ فِي الْكَوْن كُله ... وَكَانَت لي الأكوان بِالْأَمر سَاجِدَة)(1/261)
(لما نظرت عَيْني إِلَيْهَا ولازنت ... إِذا لم تكن ذاتي لذَلِك وَاحِدَة)
وَمِنْه مِمَّا قَالَه قبل وَفَاته بِيَوْم:
(تعبنا من الدُّنْيَا وَمن طول غمها ... وَمَا بعْدهَا خير وَأبقى وَأفضل)
(فَعجل لنا بِالْخَيرِ يَا خير مفضل ... وَيَا خير مأمول عَلَيْهِ الْمعول)
والخزرجي فِي تَارِيخ الْيمن فَقَالَ أَنه برع فِي فنون وَكَانَ فَقِيها نبيها فصيحا صبيحا عَالما عَاملا كَامِلا جوادا كَرِيمًا حَلِيمًا اشْتغل بالنسك وَالْعِبَادَة وَالْحج والزيارة وَظَهَرت لَهُ كرامات وَصَارَت لَهُ وجاهة عِنْد الْأَشْرَف لاعْتِقَاده فِيهِ ومحبته وأحبه النَّاس وانهالت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وصنف فِي الْحَقِيقَة وسلوك الطَّرِيقَة وَكَانَ قد لبس الْخِرْقَة من إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الجبرتي الْآتِي عَن أبي بكر بن أبي الْقسم عَليّ بن عمر بن الأهدل عَن أَبِيه عَن عَمه أبي بكر بن عَليّ عَن أيبه عَليّ بن مُحَمَّد عَن الشَّيْخ عبد الْقَادِر، وَيحْتَاج هَذَا السَّنَد إِلَى تَحْرِير وَالْمُعْتَمد فِي تَرْجَمته مَا قَدمته.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشهَاب الْعَبَّادِيّ نِسْبَة لمنية أبي عباد قَرْيَة من الغربية من أَعمال الْقَاهِرَة ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ. / تفقه بالسراج الْهِنْدِيّ وَفضل ودرس النَّاس وشغل النَّاس ثمَّ صاهر القلنجي وناب فِي الحكم وَوَقع على الْقَضَاء ورأيته شهد فِي إجَازَة مؤرخة سنة سِتّ
وَتِسْعين، ودرس بالحسينية وَكَانَ يجمع الطّلبَة وَيحسن إِلَيْهِم وَجَرت لَهُ محنة مَعَ السالمي ثمَّ أُخْرَى مَعَ الظَّاهِر برقوق وَأَشَارَ إِلَيْهَا شَيخنَا فِي أنبائه، وَذكره ابْن خطيب الناصرية فَقَالَ قدم حلب فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين صُحْبَة الظَّاهِر فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وَهِي أَرْبَعُونَ يَوْمًا ورأيته بِخِدْمَة البُلْقِينِيّ بِجَامِع حلب وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض الطّلبَة هُنَاكَ وَكَانَ إِمَامًا عَالما نحويا حسن الشكلة دينا درس وَأفْتى سِنِين وانتفع بِهِ الطّلبَة. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد تَاسِع عشر ربيع الآخر سنة إِحْدَى بِالْقَاهِرَةِ وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ النَّحْو والفرائض الشهَاب السيرجي وَأذن لَهُ بل كتب لَهُ تقريظا على أرجوزة لَهُ فِي الْفَرَائِض وَنَحْوه.
أَحْمد بن أبي بكر بن الشَّمْس مُحَمَّد فَخر الدّين اللاري الهناجي / وَهِي قَرْيَة من لار الشَّافِعِي لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي مجاورتي الثَّالِثَة فلازمني فِي سَماع أَشْيَاء رِوَايَة ودراية وكتبت لَهُ ووصفته بالشيخ الصَّالح المحصل الْمجِيد.
أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الشَّافِعِي الشاذلي الْمقري القاهري، وَيعرف بِأَبِيهِ. / ولد سنة بضع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ إفرادا وجمعا على الزين جَعْفَر وَعمر النشار وَالشَّمْس الحمصاني وَحفظ الْكثير من الشاطبية(1/262)
والمنهاج واشتغل على جمَاعَة كالكمال بن أبي شرِيف بل قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من مُسْند الشَّافِعِي وَكَذَا أَخذ فِي الْفِقْه عَن النُّور الأشموني وَالشَّمْس بن المسد وَعنهُ وَعَن الشَّمْس العطري وملا عَليّ فِي العريبة وَعَن الْأَخير أَخذ فِي الْأُصُول وَحضر عِنْد عبد الْحق وَيس بل والجوجري وَقَرَأَ على الديمي أَزِيد من نصف البُخَارِيّ وَجَمِيع الْأَذْكَار، وَحج غير مرّة وجاور وتكسب بإقراء الْأَطْفَال وَأقَام بِالْمَدِينَةِ أَكثر من نصف شهر ولقيني بهَا فَقَرَأَ عَليّ الثلاثيات والشاطبية وَغَيرهمَا وَهُوَ لَهُ قابلية وَتوجه.
أَحْمد بن أبي بكر بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الدمنهوري القاهري. / سمع مَعَ أَبِيه على الصّلاح الزفتاوي والحلاوي والسويداوي والأبناسي والغماري وَابْن الشيخة والمراغي ختم البُخَارِيّ.
ذكره البقاعي وَمَا لَقيته.
أَحْمد بن أبي بكر بن معدان الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْيَمَانِيّ الأديب / صَاحب الْخط البديع والخلق الوسيع والمنصب الرفيع وَالْعرض الوافر المنيع اشْتغل بفنون الْأَدَب واعتنى بِمَعْرِِفَة أَنْسَاب الْعَرَب وشارك فِي كثير من الْعُلُوم وبرز فِي المنثور والمنظوم فَلذَلِك استقربه السُّلْطَان كَاتب إنشاءاته وأوحد جُلَسَائِهِ مَعَ شرف النَّفس وعلو الهمة وَالْكَرم والحلم ثمَّ انْعَزل وتقنع واشتغل)
بالحرث والزراعة وَكَانَ حَيا فِي سنة ثَمَانمِائَة. ذكره الخزرجي فِي تَارِيخ الْيمن وأثبته هُنَا لتجويز أَن يكون تَأَخّر لما بعْدهَا.
أَحْمد بن أبي بكر بن يُوسُف بن أَيُّوب الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الزين الْكِنَانِي القلقيلي / نِسْبَة لقرية قلقيليا بَين نابلس والرملة ثمَّ السكندري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بالشامي ثمَّ بالشهاب السكندري وَهُوَ الَّذِي اسْتَقر. ولد فِي عَاشر رَمَضَان سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة كَمَا أَخْبرنِي بِهِ وَكتبه لي بِخَطِّهِ واعتنى بالقراءات فَتلا بالسبع على الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي وَعَلِيهِ سمع الشاطبية وعَلى الزكي أبي البركات الأسعردي وناصر الدّين بن كستغدي وَابْن السكاكيني وخليل بن الْمسيب والشرف يَعْقُوب الجوشني وَابْن الْجَزرِي وبالأربعة عشر على الْفَخر البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر وَعَلِيهِ سمع التَّيْسِير والْعَلَاء بن الفالح وأذنوا لَهُ فِي الإقراء وَسمع على الصَّدْر مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ القَاضِي جلّ الصَّحِيح مَعَ سَائِر ثلاثياته فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِقِرَاءَة الْمُحب بن هِشَام وَقَالَ أَنه قرأته بِتَمَامِهِ(1/263)
بعد على الشَّمْس بن الديري وَأَنه سمع على الصّلاح البلبيسي العنوان فِي الْقرَاءَات وَبَعضه بقرَاءَته على السويداوي التَّيْسِير للداني وَأَنه كتب على الزين الْعِرَاقِيّ من أَمَالِيهِ مَعَ سَمَاعه للمسلسل بالأولية مِنْهُ بِشَرْطِهِ، وَقد حدث وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ خلق سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكنت مِمَّن قَرَأَ وَسمع عَلَيْهِ وَأخذ عَنهُ ابْن أَسد والأعيان طبقَة بعد أُخْرَى وَانْقطع بالجامع الْأَزْهَر دهرا مَعَ تَأْدِيب الْأَيْتَام بمتب الجانبكية كل ذَلِك بعد موت ممحق لكَونه كَانَ فِي خدمته وَكَانَ خيرا متوضعا متقشفا سهلا لين الْجَانِب أكولا عَارِفًا بطرق الْقرَاءَات ذَاكِرًا لَهَا إِلَى حِين وَفَاته حسن الْأَدَاء لَهَا ملازما لنفع الطّلبَة وَهُوَ مَعَ تقدمه فِي السن صَحِيح الْعقل والسمع عَليّ الهمة طَوِيل الرّوح، وَقد أثبت شَيخنَا اسْمه فِي الْقُرَّاء بالديار المصرية وسط هَذَا الْقرن بل وَصفه فِي شَهَادَة عَلَيْهِ بالشيخ الإِمَام والحبر الْهمام شهَاب الدّين بركَة الْمُسلمين علم الْأَدَاء وقدوة الْأَئِمَّة الْقُرَّاء وحامل لِوَاء الإقراء وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين، وَفِي أُخْرَى قبلهَا بالشيخ الإِمَام الْفَاضِل، وَكَذَا مِمَّن شهد عَلَيْهِ ابْن الديري والأقصرائي والقاياتي والونائي وطاهر وَوَصفه بالعالم الْعَلامَة بَقِيَّة السّلف وحيد دهره وفريد عصره شَيخنَا وَلم يَنْفَكّ عَن الإقراء حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَخمسين عَن مائَة سنة رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن أبي بكر بن يُوسُف بن عبد الْقَادِر بن يُوسُف بن خَلِيل بن مَسْعُود بن سعد الله الشهَاب
بن الْعِمَاد الخليلي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ. / ولد فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة أَو الَّتِي بعْدهَا وَسمع عَليّ أبي مُحَمَّد بن الْقيم طرق زد رغبا تَزْدَدْ حبا لأبي نعيم وَغير ذَلِك، وَكَذَا سمع من وَالِده والماد أَحْمد بن عبد الْهَادِي وَأَبُو الهول الْجَزرِي وَآخَرين، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ سمع من شُيُوخنَا الأبي وَوَصفه ابْن مُوسَى بِالْإِمَامِ الْعَالم الْعدْل وَوصف وَالِده بِالْإِمَامِ، وَأَجَازَ لشَيْخِنَا قَدِيما فِي سنة سبع وَتِسْعين ثمَّ لابنته رَابِعَة فِي سنة أَربع عشرَة، وَمَات فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثامن عشر الْمحرم سنة سِتّ عشرَة وَرَأَيْت من حذف خَلِيلًا من نسبه وَمن جعل يُوسُف الثَّانِي فِي نسبه ابْن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد الله، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِدُونِ خَلِيل فِي نسبه وَسعد بِدُونِ إِضَافَة ابْن عبد الله وأرخه فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَالْأول أتقن.
أَحْمد بن أبي بكر بن الْخَطِيب المورعي الْيَمَانِيّ / أحد الْعلمَاء الْمُتَأَخِّرين. قَالَ الأهدل كَانَ رجلا قَصِيرا فَقِيها محققا يعرف الرَّوْضَة ويستحضر نصوصها وَهُوَ(1/264)
يَوْمئِذٍ مفتي الْبَلَد يذكر بِالْخَيرِ وَالدّين اجْتمعت بِهِ فِي رحلتي إِلَى مورع، وَمَات بعد اجتماعي بِهِ ببضع عشرَة تَقْرِيبًا رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن أبي بكر بن الدِّيوَان. / يَأْتِي فِي آخر الأحمدين فِيمَن لم يسم أَبوهُ.
أَحْمد بن أبي بكر بن شمس الدّين اللاري. / فِيمَن جده مُحَمَّد قَرِيبا.
أَحْمد بن أبي بكر الْبَهَاء الْحوَاري الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي / وَهُوَ بلقبه أشهر مِمَّن أَخذ عَن التقي بن قَاضِي شُهْبَة ثمَّ وَلَده الْبَدْر وَتقدم فِي الْفِقْه وَصَارَ أحد الْمُفْتِينَ بِدِمَشْق وصنف فِيهِ كتابا حاكى فِيهِ جَامع المختصرات سَمَّاهُ الْإِرْشَاد، وناب فِي الْقَضَاء قَلِيلا ثمَّ ترك وانجمع عَن النَّاس لَا سِيمَا قبل مَوته وَأقَام بتربة القبيبات فِي ظَاهر دمشق. مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَقد قَارب الثَّمَانِينَ.
أَحْمد بن أبي بكر أَبُو الْعَبَّاس المكدي الزَّيْلَعِيّ الْعَالم الْفَقِيه. / تفقه بالشهاب أَحْمد بن أبي بكر النَّاشِرِيّ وبرع فِي الْفَرَائِض والحساب. مَاتَ فِي سنة سِتّ أَو سبع وَثَلَاثِينَ. ذكره الْعَفِيف.
أَحْمد بن أبي بكر البرنهي قَاضِي أَب. / مَاتَ فِي سنة خمس وَعشْرين. أرخه ابْن عزم.
أَحْمد بن أبي بكر الْعَبَّادِيّ الْحَنَفِيّ. / فِيمَن جده مُحَمَّد.
أَحْمد الشهَاب بن الأتابكي تاني بك. / ولد فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة فقد كَانَ فِيمَا قيل وَقت)
دُخُول الْمُؤَيد مَعَ الْخَلِيفَة المستعين ابْن أَرْبَعِينَ يَوْمًا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة لعشرين من شَوَّال سنة سبع وَسبعين ببركة الْحَاج وَحمل فِي محفته الَّتِي توجه فِيهَا إِلَى بَيته فَوجدَ قد ختم عَلَيْهِ فَغسل خَارجه بالحوش أَو بالمقعد وَصلى عَلَيْهِ فِي آخر يَوْمه وَدفن بتربة أَبِيه بِبَاب القرافة وَكَانَ قد توجه أَمِير الأول وَهُوَ فِي آخر الْكَرَاهَة لذَلِك والتململ مِنْهُ لشدَّة مَرضه بِحَيْثُ أَنه لم يُمكنهُ طُلُوع القلعة الْيَوْم الْمَاضِي للبس الخلعة بل أركب فِي المحفة على أَنه تكَرر سَفَره أَمِير الْحَاج فِي أَيَّام الظَّاهِر خشقدم وسافر مَعَه التقي الحصني زوج ابْنَته فِي مرّة مِنْهَا وَهُوَ فِي طهاشبه المصادر لِكَثْرَة كلفه الَّتِي لَا يعوض عَنْهَا مَا الْعَادة جَارِيَة بل بِهِ يستدين سِيمَا فِي هَذِه وَمَعَ ذَلِك فَنزل الْأَمِير الْمعِين الْآن عوضه على بركَة وأضافه السُّلْطَان إقطاعه وَهُوَ ربع بلد منية مرجا لنَفسِهِ وَفتحت حواصله بعد فَوجدَ بهَا من البيارم والشاشات وَنَحْوهَا الْكثير وَصَاح عِيَاله بِسَبَب ذَلِك كُله وَأَكْثرُوا الابتهال وَالدُّعَاء.
أَحْمد بن تاني بك الشهَاب بن أبي الْأَمِير الإياسي الْحَنَفِيّ ثمَّ الشَّافِعِي / ولد فِي(1/265)
شعْبَان سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالجودرية وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فاشتغل يَسِيرا وَقَرَأَ عِنْد الزين عبد الْغَنِيّ الإشليمي ثمَّ تطلع إِلَى الحَدِيث ولازم الديمي ثمَّ لازمني مُدَّة وَقَرَأَ عَليّ التَّقْرِيب وَشرح النخبة والاقتراح وَغير ذَلِك وَقَرَأَ على الشاوي وَفهم فِي الْجُمْلَة فَلَمَّا سَافَرت تردد لِابْنِ الْكَمَال السُّيُوطِيّ فشفعه بعد أَن كَانَ قد قَرَأَ على الصّلاح الطرابلسي فِي الْفِقْه وعَلى غَيره ثمَّ سافرا، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من نمطه لظَنّه الْوُصُول بغلطه وَلذَا بعدته بعد أَن خبرته ثمَّ لما رجعت هُنَا ويتردد وَيظْهر سخطا على صَاحبه مَعَ فهم فِي هَذَا الشَّأْن وَتَحْصِيل لجملة من تصانيفي بِحَيْثُ ذكر لي أَنه مشتغل بِجمع الْحفاظ ورام مني وَصفه بذلك فَمَا أسعفته وَشرع يتوسع فِي الْكثير باستجازة أنَاس من المهملين وَقد يكون اعْتِمَاده فِي رواياتهم عَلَيْهِم بل على مَا يتوهمه مِمَّا يكون خطأ سِيمَا فِي الغرباء فَإِنَّهُ زَاد فِي شَأْنهمْ حِين حج فَارًّا من الطَّاعُون وابتدأ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ جَاءَ لمَكَّة بعد أشهر ودام بهَا نَحْو سنتَيْن وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى فِيهَا وَالله تَعَالَى يلهمه الْخَيْر وينفعه وينفع بِهِ الْمُسلمين.
أَحْمد بن تَقِيّ الْمَالِكِي. / هُوَ ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ يَأْتِي.
أَحْمد بن تَمِيم. / هُوَ ابْن عَليّ بن يحيى بن تَمِيم يَأْتِي.
أَحْمد بن ثقبة بمثلثة وفتحات بن رميثة وَاسم رميثة منجد بن أبي نمر مُحَمَّد بن أبي سعد
حسن بن عَليّ بن قَتَادَة الشريف شهَاب الدّين الحسني الْمَكِّيّ أميرها. / وَليهَا شَرِيكا لعنان بن نُعَاس فِي ولَايَته الأولى بتفويض من عنان ليستظهر بِهِ على آل عجلَان المنازعين لَهُ مَعَ كَونه كَانَ ضريرا كحل لما مَاتَ ابْن عَمه أَحْمد بن عجلَان بن رميثة وَأمر وَلَده مُحَمَّد لكنه كَانَ من أجل بني حسن وأسعدهم وَأَكْثَرهم خيلا وسلاحا وَكَانَ خطيب مَكَّة يذكرهما فِي خطبَته. مَاتَ فِي آخر الْمحرم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَدفن بالمعلاة وَقد قَارب السّبْعين أَو بلغهاوخلف أَرْبَعَة ذُكُور وَبَعض بَنَات. ذكره الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة مطولا.
أَحْمد بن جاحق المؤيدي جارنا وسبط أُخْت جِهَة شَيخنَا أمه الشَّرِيفَة / سمع على شَيخنَا وجهته وتكسب بحانوت فِي الباسطية.
أَحْمد بن جَار الله بن زَائِد بن يحيى بن محيي بن سَالم بن معقب بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُوسَى الشهَاب السنيسي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي أَخُو عَليّ الْآتِي وَيعرف بِابْن زَائِد. / ولد فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة أَو بعْدهَا بِقَلِيل وَسمع من الْجمال(1/266)
بن عبد الْمُعْطِي الشفا بفوت من أَوله وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ بن جمَاعَة والعماد بن كثير وَابْن سَنَد وَابْن رَافع وَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن الهبل والحراوي والأسنائي وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَآخَرُونَ وتفقه فِي ابْتِدَاء أمره قَلِيلا بالشيخ أَحْمد بن نَاصِر الوَاسِطِيّ وَحضر مجَالِس اليافعي فِي الحَدِيث وَغَيره وَكَذَا حضر دروس الشهَاب بن ظهيرة فَصَارَت لَهُ بعض مشاركات فِي الْفِقْه وَفِي مسَائِل فَرضِيَّة وحسابية ولازم الشريف حسن بن عجلَان صَاحب مَكَّة وَنظر لَهُ فِي أَمْوَاله بوادي مرو غَيرهَا فأنتفع بذلك وَكَثْرَة مُرَاعَاة النَّاس لَهُ فأثرى واتسعت أَمْوَاله واستفاد بِمَكَّة دورا ونخيلا وسقايا كَثِيرَة بالوادي الْمَذْكُور وَغَيره ورزق عدَّة أَوْلَاد. وَمَات فِي لَيْلَة الْأَحَد سادس عشر بيع الأول سنة سبع وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن من الْغَد بالمعلاة. ذكره الفاسي بِاخْتِصَار فِي تَارِيخ مَكَّة.
أَحْمد بن جَار الله بن صَالح بن أبي الْمَنْصُور أَحْمد بن عبد الْكَرِيم ثمَّ الْجلَال بن الشهَاب الشباني الطَّبَرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ أَخُو عَليّ الْآتِي أَيْضا. / ولي نِيَابَة قَضَاء جدة وَاسْتقر فِيهِ أَخُوهُ على بعده. مَاتَ كهلا شَهِيدا من ضَرْبَة بساقه من لصوص خَرجُوا عَلَيْهِم بمضيق حِين توجهه لعرفة سنة ثَمَان وَعشْرين فَأَقَامَ هُوَ وَأَخُوهُ بهَا لعَجزه عَن الْحَج حَتَّى مَاتَ على إِحْرَامه فِي لَيْلَة الْحَادِي عشر أول أَيَّام التَّشْرِيق فَحمل إِلَى المعلاة فَدفن بهَا.
أَحْمد بن جَار الله الْمَكِّيّ الْبناء الشهير بالحمة. / مَاتَ بهَا فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ.
أَحْمد بن جَانِبك كوهيه الْآتِي أَبوهُ. /
أَحْمد بن جِبْرِيل الخليلي الْمُؤَذّن / سمع الْمَيْدُومِيُّ وَحدث عَنهُ مَعَ جمَاعَة فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بنسخة إِبْرَاهِيم بن سعد سَمعهَا مِنْهُم التقي أَبُو بكر القلقشندي.
أَحْمد بن جَعْفَر بن التَّاج عبد الْوَهَّاب النابلسي الْحَنْبَلِيّ سبط الْبَدْر بن عبد الْقَادِر. / مِمَّن أَخذ عني مَعَ خَاله الْكَمَال وَغَيره.
أَحْمد بن الظَّاهِر أبي سعيد جقمق أمه خوندشاه زَاده ابْنة عُثْمَان متملك الرّوم. / مَاتَ بالطاعون.
فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء مستهل صفر سنة ثَلَاث وَخمسين عَن سبع سِنِين.
أَحْمد بن أبي جَعْفَر. / فِي ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن الضياء مُحَمَّد بن عُثْمَان الْحلَبِي.
أَحْمد بن جلال. / فِي يَعْقُوب بن جلال بن أَحْمد بن يُوسُف.
أَحْمد بن جلبان بن أبي سُوَيْد بن أبي دعيج بن أبي نمي الشريف الحسني. / مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سادس عشري الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ بخيف بني شَدِيد(1/267)
وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بهَا.
أرخه ابْن فَهد.
أَحْمد بن جُمُعَة بن عبد الله الوَاسِطِيّ الأَصْل الخراز وَالِده وَالْبَزَّار / هُوَ بقيسارية الْإِمَارَة مِمَّن قَرَأَ الْقُرْآن وَتكلم فِي البيمارستان وقتا وَسمع على ابْن الْجَزرِي فِي سنة ثَمَان وَعشْرين. مَاتَ فِي الْمحرم سنة سبع وَخمسين بِمَكَّة وَخلف بهَا دورا وَأَبْنَاء.
أَحْمد بن الجوبان شهَاب الدّين الدِّمَشْقِي الذَّهَبِيّ الْكَاتِب المجود وَالِد عبد الْكَافِي الْآتِي، / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه كَانَ كثير المداخلة للدولة بِسَبَب التِّجَارَة وَكَانَت لَهُ دنيا واعتنى بِهِ المشير فَأرْسلهُ إِلَى صَاحب الْيمن بِكِتَاب الْمُؤَيد فَلم ينل مِنْهُ غَرضا وَرجع إِلَى مَكَّة فَمَاتَ بمنى فِي ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وَنقل إِلَى مَكَّة بعد غسله وتكفينه بهَا وَدفن بالمعلاة عَن خمسين سنة أَو نَحْوهَا وَكَانَ حج مَعنا من الْقَاهِرَة فِي الَّتِي قبلهَا وَتوجه من ثمَّ إِلَى الْيمن، قَالَ الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَكَانَ مَعَ ذَلِك يحضر مجَالِس الْعلم والْحَدِيث وَينظر فِي كتب الْفِقْه والْحَدِيث وَالْأَدب فنبه ونظم الشّعْر وَتردد إِلَى مَكَّة لِلْحَجِّ وَالتِّجَارَة مرَارًا وَهُوَ مِمَّن عَرفْنَاهُ بِدِمَشْق فِي الرحلة الأولى وَسمع مَعنا فِيهَا من بعض شُيُوخنَا وَأمر ابْنه بِالسَّمَاعِ مَعنا فَسمع كثيرا.
أَحْمد بن حَاتِم بن مُحَمَّد بن حَاتِم بن عبد الله البسطي الصنهاجي الحبسي الفاسي الْمَالِكِي نزيل
الْقَاهِرَة وَيعرف بَين المصريين بحاتم. / ولد فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِبَاب الحبسة من فاس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والرسالة والجرومية وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَأخذ بتلمسان عَن جمَاعَة مِنْهُم يحيى بن أَحْمد بن أبي الْقسم العقباني وَمُحَمّد بن الْجلاب وبقسطنطينية عَن ابْن الْقسم بن أبي الْحَدِيد بل حضر بتونس عِنْد إِبْرَاهِيم الْخُدْرِيّ وَقَرَأَ بطرابلس المعرب على أَحْمد حلولو الْقَرَوِي فِي آخَرين بِهَذِهِ وَغَيرهَا كإبراهيم النَّاجِي وَأخذ عَنهُ الْفِقْه والفرائض وَحضر عِنْد أبي عبد الله التريكي وتحول إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة ثَلَاث وَسبعين فَأخذ بهَا عَن الْبُرْهَان الْأنْصَارِيّ فِي الرسَالَة وارتفق بِهِ وبأخيه وَحج مَعَه فِي سنة أَربع وَسبعين وَعَن السنهوري والنور بن التنسي وَكَذَا التقي الحصني وَحضر عِنْد سيف الدّين الْحَنَفِيّ فِي التَّفْسِير وَالْأُصُول والأمين الأقصرائي قَرَأَ على الْبَدْر بن الْقطَّان ايساغوجي وَبَعض الشمسية فِي آخَرين(1/268)
مِنْهُم بالاسكندرية شعْبَان بن جنيبات وَأَجَازَ لَهُ الشاوي واختص بِتَمْر الْوَالِي وَبِغَيْرِهِ من الْأُمَرَاء، وَحج غير مرّة الثَّانِيَة فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَكَذَا فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ إِلَى موسم سنة أَربع وَتِسْعين، وَدخل الْقَاهِرَة فِي أَوَائِل سنة خمس فدام السّنة الَّتِي بعْدهَا، وتزايد اخْتِصَاصه بِالْملكِ وَصَارَ يبيته عِنْده فِي بعض ليَالِي الْأُسْبُوع مَعَ اخْتِصَاصه قبل ذَلِك بالأتابكي أَيْضا وَبَالغ كل مِنْهُمَا فِي إكرامه واقتفى أثرهما غير وَاحِد كَمَا سَافر لزيارة بَيت الْمُقَدّس ثمَّ دخل مِنْهُ الشَّام وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ إِلَى مَكَّة فِي موسمها وَلم يلبث أَن أُصِيب فِي مَال غدي عَلَيْهِ وتعددت أملاكه بِمَكَّة وجافى شافعيها مَعَ مزِيد إكرامه وحنبليها وَغَيرهمَا وخالطه كَثِيرُونَ لأطماعه لَهُم بِالْقِرَاءَةِ وَغَيرهَا بِحَيْثُ صَار مِمَّن يرغب ويرهب ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة وَجرى على عَادَته فِي الطُّلُوع والدوران إِلَى أَن ضعف وَهُوَ الْآن أثْنَاء سنة تسع وَتِسْعين وَلم يزل يظْهر لي زَائِد التودد والتردد بِكُل من البلدين ويوهم مَا لَا يخفى عَليّ وَرُبمَا يَقُول لي إِذا ذَكرتني لأحد فَلَا تصفني إِلَّا بالصلاح دون الْعلم وَكَأَنَّهُ علم كساد سوقه فِي مَعْرفَته لشأنه عِنْدهم على أَنه وأقرأ بِالْقَاهِرَةِ قَلِيلا ثمَّ بِمَكَّة فِي الْفِقْه وَغَيره وَرَأَيْت مِنْهُ استحضارا فِي الْفِقْه وَبَعض مُشَاركَة واستحضارا لكثير من أَحْوَال بعض أَئِمَّة المغاربة وإتقانا فِيمَا يبديه، وتميز فِي الطِّبّ مَعَ مزِيد عقل وخبرة زَائِدَة بمداخلة النَّاس واستجلاب الخواطر بِحَيْثُ صحب مَعَ من أَشَرنَا إِلَيْهِ أكَابِر الْأُمَرَاء والمباشرين فَمن دونهم وَحمد من بَعضهم فِي مخالطته لَهُم ومرابطته مَعَهم وَلسَانه مَحْفُوظ وعقله ملحوظ وَقد تنزل فِي)
جِهَات وقررت لَهُ مرتبات سوى الهوائي.
أَحْمد بن حَامِد. / هُوَ ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد.
أَحْمد بن حجي بن مُوسَى بن أَحْمد بن سعيد بن غشم بن غَزوَان بن عَليّ بن مشرف بن تركي الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الْعَلَاء أبي مُحَمَّد السَّعْدِيّ نِسْبَة للصحابي عَطِيَّة بن عُرْوَة السَّعْدِيّ الحسباني الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو النَّجْم عمر الْآتِي وَيعرف بِابْن حجي بِكَسْر الْمُهْملَة وَالْجِيم الثَّقِيلَة / ولد فِي لَيْلَة الْأَحَد رَابِع الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة بِظَاهِر دمشق وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والتنبيه وتفقه بِأَبِيهِ ولازمه كَمَا ذكر نَحْو عشْرين سنة وبالشمس بن أبي حسن الْغَزِّي وَابْن قَاضِي شُهْبَة وَأبي(1/269)
الْبَقَاء والتاج السبكيين والعماد الحسباني والأذرعي وَابْن قَاضِي الزبداني وَابْن خطيب يبرود وَالشَّمْس الْموصِلِي والعنابي وَسمع من الْعِمَاد بن السيرجي وَابْن النَّجْم وَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَمُحَمّد بن الْمُحب وَأحمد بن عمر الأبكي والتقي بن رَافع وَمُحَمّد بن أبي بكر السوقي الْكثير حَتَّى سمع مِمَّن بعد هَؤُلَاءِ، وَله إجَازَة من ابْن الْقيم والعلائي والزيباوي وَابْن نباتة وَخلق. وَكتب الْكثير وتميز وَتقدم فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والإقراء وناب فِي الحكم مُدَّة وَولي خطابة الْجَامِع الْأمَوِي وَنَظره مرَارًا وَترك النِّيَابَة بل أُرِيد على الْقَضَاء الْأَكْبَر بِدِمَشْق مرَارًا وَهُوَ يمْتَنع حَتَّى وليه فِي حَيَاته أَخُوهُ النَّجْم وَجمع شرحا على الْمُحَرر لِابْنِ عبد الْهَادِي كتب مِنْهُ قِطْعَة ونكتا على ألغاز الأسنوي وَكَذَا على مهماته وتاريخا مُفِيدا ديل بِهِ على تَارِيخ ابْن كثير بَدَأَ فِيهِ من سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَآخر مَا علق مِنْهُ إِلَى ذِي الْقعدَة سنة خمس عشرَة وَكَانَ انحابه وبعلم الْمِيقَات ومعجما لشيوخه على حُرُوف المعجم وكتابا نفيسا سَمَّاهُ الدارس فِي أَخْبَار الْمدَارِس يدل على اطلَاع كثير. وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا آخرهَا فِي الرسلية عَن الْمُؤَيد قبل سلطنته سنة ثَمَان وَحصل نُسْخَة من تَعْلِيق التَّعَلُّق لشَيْخِنَا وَشهد لَهُ فِي عنوانها بِالْحِفْظِ وَكتب خطه بذلك فِي أَصله. وَحدث بِالْقَاهِرَةِ وببلده بالكثير ودرس وَأفْتى، وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ من شُيُوخنَا الْعلم البُلْقِينِيّ والأبي وانتهت إِلَيْهِ فِي آخر وقته رياسة الْعلم بِدِمَشْق وَكَانَ أشياخه ونظراؤه يثنون عَلَيْهِ كل ذَلِك مَعَ الدّين والصيانة والانجماع على نَفسه والملازمة لبيته والحظ من الْعِبَادَة. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه اجْتمعت بِهِ بِدِمَشْق وَسمعت من فَوَائده وذاكرته. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر وَرَأَيْت فِي تَارِيخه فِي تَرْجَمَة وَالِده قَالَ رَأَيْت أبي فِي النّوم فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِي الأَسدِية فَقُمْت خَلفه فَقلت)
كَيفَ أَنْتُم فَتَبَسَّمَ وَقَالَ طيب فمشيت مَعَه إِلَى الْبَاب فَكَانَ من جملَة مَا سَأَلته أَيهمَا أفضل الِاشْتِغَال بالفقه أَو الحَدِيث فَقَالَ الحَدِيث بِكَثِير قَالَ فَقلت لَهُ أدع لي فَدَعَا لي بِثَلَاث بوفاء الدّين وخاتمة الْخَيْر ونسيت الثَّالِثَة ثمَّ الْتفت إِلَيّ كَالْمُودعِ فَقَالَ أَنهم يشكرونك فَقلت من قَالَ الْمَلَائِكَة فَقلت بِاللَّه قَالَ نعم قَالَ فَاسْتَيْقَظت مَسْرُورا. بل أَشَارَ شَيخنَا لَهَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ وَمن الْفَوَائِد عَنهُ مَا وجدته بِخَط الْمُحدث خَلِيل بن مُحَمَّد هُوَ الأقفهسي أَنه سَمعه يَقُول رَأَيْت أبي فِي النّوم فَعرفت أَنه ميت فَقلت كَيفَ أَنْت قَالَ طيب بعد أَن تَبَسم فَقلت أَيّمَا أفضل الِاشْتِغَال بالفقه أَو الحَدِيث قَالَ الحَدِيث بِكَثِير انْتهى. وَسلم من الْفِتْنَة الْعُظْمَى وَمَات فِي سادس الْمحرم سنة(1/270)
سِتّ عشرَة رَحمَه الله وإيانا. وَقد ذكره ابْن مُوسَى وَابْن فَهد فِي معجميهما وَابْن قَاضِي شُهْبَة فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة وَآخَرُونَ كالمقريزي فِي عقوده وَأَنه جرت بَينهمَا مبَاحث بِمَجْلِس كَاتب السِّرّ فتح الله.
أَحْمد أَمِير بن حسن السِّرّ الزردكاش. / كَانَ مُتَقَدما فِي صناعته ثمَّ اعتزل النَّاس واعتقد. مَاتَ فِي يَوْم السب تَاسِع صفر سنة أَربع وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بالأزهر فِي طَائِفَة وَدفن فِي بَيت وَالِده بِالْقربِ من زَاوِيَة بني وفا بحارة عبد الباسط.
أَحْمد بن حسن شاه الشهَاب أَبُو الْفضل القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الْحسن. / اشْتغل بعد بُلُوغه وَحفظ كتبا وبرع فِي فنون بعد جُلُوسه أَولا عِنْد السدار على بَاب الكتبيين ثمَّ تنزل فِي صوفية الأشرفية. وَمن شُيُوخه الشمني والأقصرائي والحصني وَآخَرُونَ واختص بالأولين حِين عقد لَهُ أَولهمَا على ابْنَته قبل مَوته وَجعله أحد أوصيائه فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي حَيَاة وَالِده قبل أَن يتكهل فِي ظهر يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشر رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين قبل دُخُوله على الْمشَار إِلَيْهَا لصغرهاوصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَكَانَ قد حج فِي موسم سنة إِحْدَى وَسبعين وَأحرم فارنا وَأَخْبرنِي وَأَنا هُنَاكَ بمصاهرته للشَّيْخ سُرُورًا مِنْهُ بذلك، وَنعم الشَّاب فضلا وديانة وعقلا وانجماعا، وَقد سمع بِقِرَاءَتِي على السَّيِّد النسابة والبارنباري وَالشَّمْس السكرِي والأزهري.
أَحْمد بن حسن بن إِبْرَاهِيم شهَاب الدّين الدماطي ثمَّ الْأَزْهَرِي / كَانَ بارعا فِي الْكِتَابَة والتذهيب يجيد الْقِرَاءَة فِي الجوق مِمَّن اشْتهر ببني الجيعان، وَحج غير مرّة وَجَرت على يَدَيْهِ كثير من المبرات وَصَارَ خَبِيرا بتقرقتها بل جدد جَامع جَزِيرَة الْفِيل وأحكمه وأتقنه مستعينا فِي ذَلِك بِمَا يَأْخُذهُ من الرؤساء وَنَحْوهم وَرُبمَا توفر لَهُ مِنْهُ مَا يضمه لما يتَحَصَّل لَهُ من جهاته وَنَحْوهَا)
بِحَيْثُ خلف من النَّقْد وَغَيره مَا يوازي ثَلَاثَة آلَاف دِينَار بل كَانَ الظَّن بِهِ أَكثر، كل ذَلِك مَعَ تعاني الظّرْف مَعَ كثافته والسخرية بِالنَّاسِ حَتَّى بِمن عرف بِهِ مَعَ ركاكته وَقد عزره أَبُو البركات الهيثمي بِشَيْء سلكه فِي سخريته بقوالح وَإِلَّا مروراء هَذَا، وَبَلغنِي أَنه لم يتَزَوَّج قطّ وَأَنه رُبمَا نظم ورأيته كتب على مَجْمُوع البدري:
(يَا شمس بدر جَاءَنِي ... بِوَجْهِهِ يَنْفِي الْحزن)
(وَقَالَ صفني وَاخْتصرَ ... فَقلت مَجْمُوع حسن)(1/271)
مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسعين وَقد قَارب السّبْعين ظنا عَفا الله عَنهُ وإيانا.
أَحْمد بن حسن بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم شهَاب الدّين الخريمي الْكِنَانِي الجازاني الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي نزيل الْحَرَمَيْنِ وَيعرف بالجازاني. / ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِأبي عَرِيش من أَعمال جازان من الْيمن وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وَهَاجَر لمَكَّة صُحْبَة خَاله فقطنها وَحفظ الْإِرْشَاد وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو واشتغل بهَا وبالمدينة على غير وَاحِد من أَهلهَا والقادمين عَلَيْهَا كإسماعيل بن أبي يزِيد وَمعمر والنور للطنتدائي وَأبي الْخَيْر بن أبي السُّعُود والسمهودي فِي الْفِقْه والفرائض والعربية وَغير ذَلِك، وَمن شُيُوخه فِي الْعَرَبيَّة الْبَدْر حسن الْمرْجَانِي قَرَأَ عَلَيْهِ الكافية وَالنّصف الأول من الْمُتَوَسّط مَعَ جَمِيع شَرحه لقواعد ابْن هِشَام بل قَرَأَ عَلَيْهِ مؤلفا لَهُ فِي الدِّمَاء وَحضر دروس الْجمال بل سمع على وَالِده فِي الصَّحِيحَيْنِ والسيرة وعَلى عَمه الْفَخر أبي بكر قَلِيلا فِي الْفِقْه وفرائض الْإِرْشَاد وَكَذَا قَرَأَ على السَّيِّد للكمال بن حَمْزَة فِي الْإِرْشَاد حِين مجاورته بِمَكَّة وَقبل ذَلِك فِيهِ إِنَّمَا على الشهَاب الْخَولَانِيّ بل قَرَأَ على النُّور بن عطيف الْإِيضَاح فِي الْمَنَاسِك للنووي والفاعلية وعَلى الْمُحب بن أبي السعادات مفترقين، وَدخل الشَّام وَبَيت الْمُقَدّس وَأخذ عَن الْكَمَال بن أبي شرِيف والتقي بن قَاضِي عجلون وَكَذَا أَخذ بِالْقَاهِرَةِ عَن عبد الْحق السنباطي والزين النشاوي وَحضر عِنْد زَكَرِيَّا حِين دُخُوله مصر وَكتب من تصانيفي تَرْجَمَة النَّوَوِيّ والابتهاج وقرأهما ولازمني فِي مجاورتي بعد الثَّمَانِينَ فِي مجاورتي بعد التسعين فَسمع الْكثير وَمن ذَلِك ألفية الحَدِيث بكمالها بحثا وَقَرَأَ على جملَة من أَوَائِل الْكتب وكتبت لَهُ إجَازَة فِي كراسة والآن فِي سنة تسع وَتِسْعين مُقيم بِالْقَاهِرَةِ قضى الله مآربه وَهُوَ خير سَاكن كَانَ رُبمَا يتكسب بالتأديب ثمَّ أعرض عَنهُ وَله حرص على التَّحْصِيل.
أَحْمد بن حسن بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي بن عبد الحميد بن عبد الْهَادِي بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن
قدامَة بن مِقْدَام الشهَاب بن الْبَدْر الْقرشِي الْعمريّ الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ ابْن أخي الْحَافِظ الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي ووالد الْبَدْر حسن الْآتِي وَيعرف بِابْن عبد الْهَادِي. / ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع على أَبِيه وَعَمه إِبْرَاهِيم بن أَحْمد وَأبي حَفْص البالسي فِي آخَرين مِنْهُم الصّلاح بن أبي عمر وَكَانَ خَاتِمَة أَصْحَابه بِالسَّمَاعِ سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء فِي الْمسند لِأَحْمَد والجزء الثَّانِي من أمالي أبي بكر بن الْأَنْبَارِي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء(1/272)
كَابْن فَهد أجَاز لي وَكَانَ صَالحا دينا خيرا قانعا متعففا من بَيت صَلَاح وَعلم وَرِوَايَة مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث رَجَب سنة سِتّ وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة بالجامع المظفري وَدفن بالروضة بسفح قاسيون جوَار الْمُوفق بن قدامَة رحمهمَا الله وإيانا.
أَحْمد بن حسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن فليتة الجدي الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف بالحنش. / مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ فِي مَكَّة.
أَحْمد بن حسن بن أَحْمد الشهَاب الهيتمي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي نقيب الأسيوطي وَولد عبد الْقَادِر. /
نَشأ بَين المجاورين فَقَرَأَ الْقُرْآن وَكتب الْمَنْسُوب وَنسخ بِهِ أَشْيَاء بِالْأُجْرَةِ وَغَيرهَا وَقَرَأَ فِي الأجواق وتنزل فِي الصُّوفِيَّة وَنَحْوهم وانتمى لبنى ابْن عليبة بتعليم أبنائهم وخدمهم فَصَارَ يتَكَلَّم فِي تعلقاتهم لحذقه بالْكلَام فَترفع حَاله وَعرف بَين النَّاس خُصُوصا وَقد خدم لولوي الأسيوطي حَتَّى كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِي لأموره كلهَا لَا يقدم عَلَيْهِ غَيره وَصَارَ عِنْده شبه النَّقِيب وَاسْتمرّ فِي نمو من المَال إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَكَانَ توجه للاسكندرية لملاقاة الزين عبد الْقَادِر بن عليبة فَحم هُنَاكَ فَرجع فَأَقَامَ دون أُسْبُوع ثمَّ مَاتَ وَصلى عَلَيْهِ بالأزهر فِي مشْهد حافل وَدفن بِالْقربِ من تربة الشَّيْخ سليم وتأسف الأسيوطي على فَقده لمزيد نصحه لَهُ وَأَظنهُ جَازَ الْأَرْبَعين عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن حسن بن أَحْمد الطَّائِي الصعدي الْيَمَانِيّ. / لَقيته بِمَكَّة فِي رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين فَسمع مني المسلسل بِشَرْطِهِ وعَلى ختم السِّيرَة الهشامية ومؤلفي فِي خَتمهَا وقصيدة البوصيري الهمزية وكتبت لَهُ إجَازَة وَقَالَ لي أَنه ولد فِي آخر سنة خمس وَخمسين أَو أول الَّتِي تَلِيهَا بصعدة واشتغل قَلِيلا وَسمع على بعض الآخذين عَن يحيى العامري وَقَرَأَ فِي هَذِه السّنة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة حِين كَانَ فِيهَا للزيارة على قاضيها خير الدّين بن القصبي الْمَالِكِي فِي الْمُوَطَّأ)
وَرجع إِلَى بِلَاده.
أَحْمد بن حسن بن إِسْمَاعِيل بن يَعْقُوب بن إِسْمَاعِيل الشهَاب العنتابي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد ومحمود الْمَعْرُوف كل مِنْهُمَا بالأمشاطي / مِمَّن اشْتغل وَفضل وَذكر بِالْخَيرِ ورافق شَيخنَا فِي السماع قبل الْقرن على بعض شُيُوخه فِي الْمُسْتَخْرج وَغَيره وَأثبت اسْمه فِي الطباق وَشَيْخه وَنسبه فِي بَعْضهَا عجميا وَفِي بَعْضهَا كحكاويا وَفِي بَعْضهَا عينتابيا وَكَذَا سمع بعد ذَلِك. مَاتَ فِي سنة تسع عشرَة.
أَحْمد بن حسن بن خَلِيل بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن رَمَضَان بن الْخضر بن خَلِيل(1/273)
بن أبي الْحسن الشهَاب بن الْبَدْر بن الْغَرْس التنوخي الطَّائِي العجلوني ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بِابْن الْغَرْس. / ولد فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَسمع عَائِشَة ابْنة عبد الْهَادِي وَالْجمال بن الشرائحي أجَاز لي وَكتب بِخَطِّهِ أَنه سمع عَلَيْهَا الثلاثيات وَأَن من شُيُوخه الشَّمْس مُحَمَّد القلقشندي الْمَقْدِسِي والضياء والتقي أَبُو بكر الفرعوني وَغَيرهم وَوَصفه ابْن نَاصِر الدّين بالشيخ الْمُحدث ووالده بالشيخ الصَّالح الْبركَة الْمُقْرِئ الْعَالم.
مَاتَ فِي
أَحْمد بن حسن بن دَاوُد بن سَالم بن معالي الشهَاب العباسي الْحَمَوِيّ الْحَنْبَلِيّ. / ولد فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْمُحَرر فِي الْفُرُوع والطوفي فِي أصولهم وألفيتي الحَدِيث وَابْن مَالك والشذور وتفقه بِالْعَلَاءِ بن المغلي، وَقَالَ ابْن أبي عذيبة أَنه سمع الْكثير من مَشَايِخ عصره وَوَصفه بالشيخ الإِمَام وَاقْتصر من نسبه على أَبِيه، وَولي قَضَاء بَلَده فِي سنة خمس وَعشْرين فَأَقَامَ إِلَى أَن كف بعد السِّتين فاستقر فِيهِ وَلَده الْمُوفق عبد الرَّحْمَن الْآتِي. وَمَات فِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وَسبعين.
أَحْمد بن حسن بن صلح الشهَاب السُّبْكِيّ / مؤدب أَوْلَاد الزكي بِمَكَّة سمع عَليّ مَعَهم فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة.
أَحْمد بن الْحسن بن عبد الله الْجَوْهَرِي. / صَوَاب جده عَليّ وَسَيَأْتِي.
أَحْمد بن حسن بن عجلَان بن رميثة وَاسم رميثة منجد بن أبي نمى مُحَمَّد بن أبي سعد حسن بن عَليّ بن قَتَادَة بن إِدْرِيس بن مطاعن الشريف الحسني الْمَكِّيّ. / نَشأ بِمَكَّة وأشركه أَبوهُ مَعَ أَخِيه بَرَكَات فِي إمرتها سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة وتكرر لَهُ ذَلِك وَبعد موت أَبِيهِمَا توجه إِلَى
زبيد من الْيمن مفارقا لِأَخِيهِ الْمَذْكُور فَمَاتَ هُنَاكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
أَحْمد بن حسن بن عَطِيَّة بن مُحَمَّد بن فَهد الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ وجده / سمع عَليّ بِمَكَّة.
أَحْمد بن حسن الرِّبَاط بن عَليّ بن أبي بكر البقاعي عَم إِبْرَاهِيم بن عمر الْمَاضِي ووالد يُوسُف الَّذِي وَرثهُ. / نقل عَنهُ ابْن أَخِيه أَنه كَانَ يَقُول من أَرَادَ أَن يغْتَسل بِالْمَاءِ الْبَارِد فِي زمن الْبرد وَلَا يضرّهُ فَلْيقل يَا مَاء لَا تؤذيني أشتكيك غَدا إِلَى رب الْعَالمين وَأَنه كَانَ إِذا اغْتسل يَقُوله فَوَجَدَهُ صَحِيحا قَالَ مَعَ أَنِّي لَا أَغْتَسِل بِالْمَاءِ الْحَار إِلَّا نَادرا وَرُبمَا اغْتَسَلت والثلج ينزل على جسمي وَقَالَ أَنه هُوَ(1/274)
الَّذِي علمه الْكِتَابَة واستفاد مِنْهُ وأرخ مولده قبل سنة سبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بخربة روحا من الْبِقَاع ووفاته بهَا سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة ظنا عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن هَاشم بن بعاس ابْن جَعْفَر الشريف الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْحُسَيْنِي القسطيني الأَصْل الْمصْرِيّ المولد والمنشأ الشَّافِعِي وَيعرف بالنعماني / نِسْبَة للأستاذ أبي عبد الله بن النُّعْمَان. ولد تَقْرِيبًا سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة بِمَسْجِد النُّور شَرْقي راوية الْأُسْتَاذ الْمشَار إِلَيْهِ من مصر وَسمع على أبي مُحَمَّد عبد الله بن خَلِيل بن فرج بن سعيد الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزل الْحرم الصَّحِيحَيْنِ والمصابيح وتأليفه تحفة المريدين وعَلى مهنا بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم خَادِم الْفُقَرَاء برباط الحوري مِصْبَاح الظلام لِابْنِ النُّعْمَان وَلبس الْخِرْقَة النعمانية من أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن أبي عبد الله بن النُّعْمَان وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قفل الْقرشِي وَأقَام بالزاوية الْمشَار إِلَيْهَا مديما للذّكر والأوراد والإرشاد فَانْتَفع بِهِ النَّاس وَصَارَت لَهُ وجاهة وجلالة وشفاعات مَقْبُولَة، وَمِمَّنْ كَانَ يقوم مَعَه فِي مهماته لاعتقاد جلالته الْأمين الأقصرائي وَأخذ عَنهُ الشَّمْس بن عبد الرَّحِيم المنهاجي سبط ابْن اللبان والمحب الفيومي وَالْجمال البارنباري وَابْنه الولوي والشهاب بن الدقاق والجلال الْبكْرِيّ وَآخَرُونَ، وَكَانَ نقمة على أهل الذِّمَّة فِيمَا يجدونه فِي كنائسهم بل هُوَ الْقَائِم فِي هدم كَنِيسَة النَّصَارَى الملكيين بقصر الشمع حَتَّى صَارَت جَامعا وَقَالَ لي صاحبنا الْبُرْهَان النعماني أحد أَصْحَابه وخليفته فِي المشيخة أَنه أسلم على يَدَيْهِ ثَمَانُون كَافِرًا وَأَنه لم يبْق فِي قصر الشمع وَلَا دموة وَلَا فِي الْمَدِينَة كَنِيسَة للْيَهُود وَلَا النَّصَارَى إِلَّا وَقد شملها من السَّيِّد إِمَّا هدم أَو بعض هدم وَإِمَّا إِزَالَة مِنْبَر أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا فِيهِ إهانة لَهُم وَأَنه كَانَ كثير الصَّدَقَة وَالصِّيَام والتهجد وَالذكر والبكاء غير مَانع لَهُ عَن ذَلِك مَا بِهِ من مرض الْبَاسُور)
والفتق وَغَيرهمَا كثير المحاسبة لنَفسِهِ والتوبيخ لَهَا غَايَة فِي التَّوَاضُع والحث على الْخَيْر، حج وجاور بِمَكَّة سبع سِنِين وعزم على الاستيطان هُنَاكَ لعداوة بعض من كَانَ أَرْكَان الدولة الناصرية لَهُ فاتفق أَن بعض أهل الْكَشْف لقِيه إِمَّا فِي الطّواف أَو فِي الْحرم فامسك بأذنه وَقَالَ لَهُ ارْجع إِلَى مصر وَعمر الزاوية فَإِن الْكلاب تدْخلهَا من حَائِط انْهَدم فِيهَا فقدمات عَدوك فِي هَذَا الْيَوْم ورحم فِي تابوته فانثنى عزمه عَن الْإِقَامَة وَرجع وَكَانَ الْأَمر كَذَلِك. مَاتَ وَقد عمر فِي لَيْلَة(1/275)
الثُّلَاثَاء ثَالِث ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بِمصْر وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بجامعها فِي مشْهد حافل لم ير بِمصْر أعظم مِنْهُ وَدفن بالزاوية النعمانية وَأوصى أَن يُقَال حِين دَفنه سبعين ألفا لَا إِلَه إِلَّا الله فنفذت وَصيته رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن عبد الله الشهَاب النشوي القاهري الْحَنَفِيّ. / اشْتغل وتميز فِي الْكِتَابَة وشارك فِي الْجُمْلَة مَعَ لطف وَحسن عشرَة وَلما كنت بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَكَانَ قاطنا بهَا صُحْبَة شيخ الخدام بهَا قَائِم قَرَأَ على الشفا ولازمني فِي أَشْيَاء ثمَّ بعد مَوته قدم الْقَاهِرَة فِي أول سنة إِحْدَى وَتِسْعين ثمَّ عَاد إِلَيْهَا صُحْبَة شاهين وَلكنه لم يكن مَعَه كَذَاك ثمَّ رَأَيْته بِمَكَّة فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَرجع إِلَى الْمَدِينَة وَنعم الرجل توددا أحسن الله إِلَيْهِ.
أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب الْأَذْرَعِيّ الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي. / ولد باذرعات وتحول مِنْهَا إِلَى دمشق وَحفظ الْقُرْآن وَأخذ عَن نَاصِر الدّين بن قديدار فِي الْعلم والتصوف وَأم بِجَامِع بني أُميَّة فاتفق أَن الْمُؤَيد حِين كَانَ نائبها سمع قِرَاءَته فطرب فاستدعى بِهِ فقرره إِمَامه وَلما كَانَت الْوَقْعَة بَينه وَبَين النَّاصِر وَانْهَزَمَ النَّاصِر حضرت الْمغرب فَتقدم للْإِمَامَة على الْعَادة فَقَرَأَ فِي الأولى واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل مستضعفون فِي الأَرْض الْآيَة فاستحسنها الْأَمِير وتفاءل بِتمَام النَّصْر فَكَانَ كَذَلِك وَلذَا زَاد حِين تمّ الْأَمر لَهُ فِي تقريبه وَجعله من ندمائه وَاسْتقر بِهِ وبذريته فِي إِمَامَة جَامعه وَكَذَا اخْتصَّ بالزيني عبد الباسط وَاسْتقر بِهِ فِي مشيخة مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِخَط الكافوري وأثرى وَلم يزل يؤم من بعد الْمُؤَيد من الْمُلُوك حَتَّى مَاتَ بعد تعلله نَحْو سَبْعَة أشهر بالاستسقاء وَغَيره فِي الْعشْر الأول من جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَخمسين عَن ثَلَاث وَسبعين سنة وَخلف ثَلَاثَة عشر ذكرا سوى الْإِنَاث وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا نيرا مشاركا جيد الْقِرَاءَة فِي الْمِحْرَاب إِلَى الْغَايَة ندي الصَّوْت بِحَيْثُ كَانَ يُشَارك فِي الموسيقا منطويا على ديانَة وَخير واهتمام مَعَ من يَقْصِدهُ ومحبة فِي الْمَعْرُوف ومزيد انقياد)
للشَّرْع وتعظيم حَملته. وَمن لطائفه أَنه اسْتعْمل فِي إغراء السُّلْطَان بالأكرم النَّصْرَانِي فَقَرَأَ بِهِ فِي الصَّلَاة سُورَة اقْرَأ فَلَمَّا انْتهى إِلَى قَوْله وَرَبك الأكرم بَكَى وَقطع الْقِرَاءَة فَسَأَلَهُ الْمُؤَيد عَن ذَلِك فَقَالَ أجللت هَذَا الْوَصْف الْعَظِيم أَن يتسمى بِهِ هَذَا اللعين وَأَشَارَ إِلَى النَّصْرَانِي فَكَانَ ذَلِك سَببا لإتلافه، ومحاسنه كَثِيرَة وَهُوَ مِمَّن سمع على شَيخنَا وَكَانَ مبجلا لَهُ وَقد أطلت تَرْجَمته فِي التبر المسبوك.(1/276)
أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب بن الْبَدْر الطلخاوي الأَصْل القاهري الْآتِي أَبوهُ. / مِمَّن حفظ الْقُرْآن وكتبا وَعرض وَحضر درس أَبِيه وَكَذَا سمع عَليّ وزوجه أَبوهُ ابْنة للخطيب عَليّ بن عبد الْحق.
أَحْمد بن الْحسن بن عَليّ الشهَاب الْجَوْجَرِيّ ثمَّ القاهري. / ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَقَرَأَ كثيرا وَسمع على الشَّمْس بن قَاضِي شُهْبَة بعض الْأَمْوَال لأبي عبيد ولازم الْعَلَاء على الأقفاصي وَغَيره كالبدر الطنبذي، ونظم الشّعْر فأجاد وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل نَاب فِي لحكم وَكَانَ أديبا فَاضلا. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه مَا عدا أَخذه عَن الطنبذي وَأنْشد لَهُ:
(إِن الحلاوي مَعَ قوم يخالطهم ... إِلَّا محاسومه عَنْهُم محاسنهم)
(السعد وَالْفَخْر والطوخى صَاحبهمْ ... فَأَصْبحُوا لَا ترى إِلَّا مساكنهم)
فالسعد وَالْفَخْر هما الأخوان أَبنَاء غراب والطوخي هُوَ الْبَدْر الْوَزير، قَالَ شَيخنَا فَلَمَّا سمعتهما عززتهما بثالث بعد قتل النَّجْم بن حجي:
(وَابْن الكويز وَعَن قرب أَخُوهُ قضى ... والبدر والنجم رب اجْعَلْهُ ثامنهم)
والبدر هُوَ ابْن محب الدّين والنجم هُوَ ابْن حجي قَالَ وَقد لَازم الْمشَار إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ السَّبْعَة مُلَازمَة شَدِيدَة واختص بِكُل مِنْهُم اختصاصا بَالغا، وَلم يؤرخ شَيخنَا وَفَاة الْجَوْجَرِيّ هَذَا وَقد كَانَ شيخ التصوف بالبشتكية مَعَ خزن كتب العرابية بجوارها وَغير ذَلِك، وَرَأَيْت بِخَطِّهِ الْجيد نظما يمدح بِهِ الجعبرية فِي الْفَرَائِض أَوله:
(سقى الله قبر المعتني بالمصالح ... وتاج الدنا وَالدّين ذِي الْفضل صَالح)
وَذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار وَلم يعين وَفَاته أَيْضا وسمى جده عبد الله غَلطا وَنسب نظم شَيخنَا لصَاحب التَّرْجَمَة أَيْضا.
أَحْمد بن حسن بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْقَيْسِي الْقُسْطَلَانِيّ أمه آمِنَة ابْنة أَحْمد بن يُوسُف الْمدنِي / أجَاز لَهُ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة الْعِرَاقِيّ والهيثمي والحلاوي والسويداوي وَابْن سبع وَابْن قوام وابنتا ابْن عبد الْهَادِي وَابْنَة ابْن المنجا وَعمر البالسي وَآخَرُونَ وَلم يؤرخ ابْن فَهد وَلَا غَيره وَفَاته نعم قَالَ أَنه لم يعقب.
أَحْمد بن حسن بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد الله الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس البطائحي(1/277)
الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة. / ولد فِي رَمَضَان سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع من الخلاطي السّنَن للدارقطني وَعَن الْعِزّ بن جمَاعَة قِطْعَة من قَضَاء الْحَوَائِج لِابْنِ أبي الدُّنْيَا وَمن الْحسن بن عبد الْعَزِيز الْمدْخل لِابْنِ الْحَاج وَمن الْبَدْر بن الخشاب قِطْعَة من مُسْند أبي يعلى وَمن الْعلم سُلَيْمَان بن سَالم الْغَزِّي الْأَذْكَار وَكَانَ يذكر أَن ابْن عبد الْهَادِي أجَاز لَهُ وَاسْتقر فِي خدمَة البيبرسية وَحدث بِخَتْم مُسلم وَالنَّسَائِيّ شَرِيكا لِابْنِ الكويك وَغَيره بِقِرَاءَة شَيخنَا وَكَذَا حدث بالأذكار سمع مِنْهُ غير وَاحِد مِمَّن أَخذنَا عَنهُ. وَمَات بالبيبرسية فِي سنة عشر. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار، وتحرر وَفَاته فَإِنَّهُ أجَاز فِي استدعاء لِابْنِ فَهد مؤرخ بِذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْ عشرَة.
وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه كَانَ يلازم ابْن الملقن. وَلم يجْزم بمولده بل قَالَ فِيهِ تخمينا وَالْأول أضبط وَسمي وَالِده حسنا، وجوزت كَونه من النَّاسِخ إِن لم أكن احاشيه عَن هَذَا.
أَحْمد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد بن يحيى بن مَسْعُود بن غنيمَة بن عمر الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الْمُحدث الْبَدْر أبي مُحَمَّد الْقُدسِي السويداوي الأَصْل القاهري المولد وَالدَّار الشَّافِعِي وَيعرف بالسويداوي. / ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَعشْرين وأسمعه أَبوهُ الْكثير من شُيُوخ عصره كَابْن الْمصْرِيّ وَابْن فضل الله وَابْن القماح وَمُحَمّد بن غالي وَأحمد بن كشغدى وَإِبْرَاهِيم بن الخيمي وَابْن طي وَابْن أَيُّوب المشتولي وَصَالح بن مُخْتَار الأشنهي وَأبي حَيَّان وَعَائِشَة ابْنة الصنهاجي وَغَيرهم من أَصْحَاب ابْن عبد الدَّائِم والنجيب وَنَحْوهم وَأكْثر من الشُّيُوخ والمسموع وَأَجَازَ لَهُ من دمشق الْمزي والبرزالي والذهبي والشهاب الْجَزرِي وَابْنَة الْكَمَال فِي آخَرين لَيْسَ بِبَعِيد أَن يكون مِنْهُم الحجار والختني والدبوسي والواني وَابْن قُرَيْش لحصر وَالِده على الطّلب وَلَكِن لم نقف على ذَلِك، وَأخذ عَن القطب الْحلَبِي والركن بن القريع. وتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَحضر الدُّرُوس وَبحث فِي الرَّوْضَة وَجلسَ مَعَ الشُّهُود وَحدث قَدِيما قبل الثَّمَانِينَ وَتفرد بِكَثِير من مروياته وَكَانَت عِنْده)
عدَّة أَجزَاء من مروياته وَهُوَ أصُول وَالِده وَكَانَ يحدث مِنْهَا ثمَّ توزعها الطّلبَة، وَسمع مِنْهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ، وَأكْثر عَنهُ شَيخنَا وروى لنا عَنهُ خلق تَأَخّر بَعضهم إِلَى بعد السّبْعين قَالَ شَيخنَا وَقد قَرَأَ عَلَيْهِ بعض الطّلبَة بِإِجَازَة بعض من أدْركهُ بِالظَّنِّ والتخمين فلتحقق إِجَازَته مِنْهُم ثمَّ تجَاوز فَقَرَأَ عَلَيْهِ المعجم الْكَبِير للطبراني بإجازته من عبد الله بن عَليّ الصنهاجي وَهُوَ(1/278)
خطأ قَبِيح فَإِن الصنهاجي مَاتَ قبل مولد الشَّيْخ بِسنة وَقد نبهت الشَّيْخ بعد مُدَّة على فَسَاد ذَلِك فَأشْهد على نَفسه بِالرُّجُوعِ عَنهُ ثمَّ أشهدني أَنه رَجَعَ عَن جَمِيع مَا قرئَ عَلَيْهِ بِالْإِجَازَةِ إِلَّا إجَازَة مُحَققَة وَكَانَ خيرأ محبا للْحَدِيث وَأَهله وأضر بِأخرَة وأقعد بتربة السِّت زَيْنَب خَارج بَاب النَّصْر إِلَى أَن مَاتَ بهَا فِي لَيْلَة التَّاسِع عشر من ربيع الآخر سنة أَربع وَقد قَارب الثَّمَانِينَ أَو أكملها وَدفن هُنَاكَ، وَكَانَ نعم الشَّيْخ رَحمَه الله. وَمِمَّنْ تَرْجمهُ الأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة وَرُوِيَ عَنهُ بِالْإِجَازَةِ قَالَ وَكَانَ خيرا صَالحا، والتقي الفاسي فِي ذيله والقريزي فِي عقوده وَأَنه سمع عَلَيْهِ كثيرا وَكَانَ نعم الرجل خيرا محبا للْحَدِيث وَأَهله وَأَبوهُ كَانَ من كبار الْمُحدثين سمع الْكثير وَجمع وَأما جده فَكَانَ يعرف بالقدسي لصحبة الْقُدسِي الْوَاعِظ وتعاني الْوَعْظ فتعلم مِنْهُ وَسمع من النجيب وَابْن مُضر وَمَنْصُور بن سليم وَله نظم ونثر. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة.
أَحْمد بن حسن بن مُحَمَّد الشهَاب المنوفي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ نزيل المنكوتمرية وَقَرِيب التقي عبد الْغَنِيّ المنوفي. / حفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وَغَيرهمَا واشتغل يَسِيرا وَأخذ الْقرَاءَات عَن الزين جَعْفَر السنهوري بل قَرَأَ الْيَسِير بواسطته على شَيخنَا وَصلى بِهِ التَّرَاوِيح وَكَذَا أَخذ عَن قَرِيبه ابْن أبي السُّعُود والبدر حسن الْأَعْرَج وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَكَانَ عَاقِلا فهما كيسا. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سادس الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين بعد توعكه أَيَّامًا وتأسف عَلَيْهِ غَالب معارفه وَقد جَازَ الْأَرْبَعين عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن حسن شهَاب الدّين الْمحلى الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن جليدة تَصْغِير جلدَة / وَهِي شهرة خَاله تَلا عَلَيْهِ وعَلى الشهَاب الاسكندري القلقيلي للسبع وتصدر لإقراء الْأَطْفَال دهرا بل أَخذ عَنهُ جمَاعَة الْقُرْآن كالشمسين النوبي وَابْن أبي عبيد وَأم بِجَامِع الغمري بالمحلة وأقرأ وَلَده، وَكَانَ خيرا حج مرَارًا وجاور وَآخر الْأَمر توجه فِي الْبَحْر. وَمَات فِي شَوَّال سنة أَربع وَسبعين بِمَكَّة رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن حسن بن قفند. / هَكَذَا كتبه ابْن عزم.
أَحْمد بن حسن الشهَاب الْحَنَفِيّ شيخ المنجكية. / مَاتَ بعد انْقِطَاعه بالفالج مُدَّة فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصَارَت المشيخة لناصر الدّين الأخميمي أحد أَئِمَّة السُّلْطَان.(1/279)
أَحْمد بن حسن الشهَاب الطنابي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الْمُؤَدب جد الْبَدْر الدَّمِيرِيّ الْآتِي فِي المحمدين لأمه / قَالَ لي أَنه كَانَ يُؤَدب الْأَطْفَال بحانوت الزجاجيين وَله نِيَابَة عَن الْمُحْتَسب فِي النّظر فِي فُقَهَاء الْمكَاتب يقر المتأهل وَيمْنَع غَيره بصولة وَحُرْمَة وديانة وَمِمَّنْ انْتفع بتعليمه الْبَهَاء البُلْقِينِيّ والمناوي والضاني ويتولى مَعَ ذَلِك الْعُقُود وَالْقِرَاءَة بِصفة البيبرسية. مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء رَحمَه الله.
أَحْمد بن حسن البطائحي. / مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن سُلَيْمَان.
أَحْمد بن الْحسن البيدقي الْمصْرِيّ / أَمِين الحكم بهَا. سمع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَغَيره وَحدث سمع عَلَيْهِ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه وَأَنه مَاتَ خاملا فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى عشرَة وَقد جَازَ السّبْعين، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه الَّذِي تولى الدَّعْوَى على نَاصِر الدّين بن مُحَمَّد بن الميلق.
أَحْمد بن حسن الْحلَبِي، / مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
أَحْمد بن حسن الرُّومِي الْمَكِّيّ الْفراش بهَا وَيعرف بالأقرع. / مَاتَ بهَا فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين.
أَحْمد بن حسن السندبسطي القاهري الْمَدِينِيّ الشَّافِعِي النَّاسِخ، / كتب لِابْنِ حجي الْمطلب وَغَيره وَسمع مني بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل عِنْد الْفَخر المقسي فِي الْفِقْه وَقَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ وعَلى ابْن قَاسم فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا حضر عِنْد يحيى الدماطي حِين كَانَ يَجِيء الزاوية، وجود الْكِتَابَة على ابْن سعد الدّين وَغَيره وَحج غير مرّة.
أَحْمد بن الْحسن العباسي الْحَنْبَلِيّ. / مضى فِيمَن جده دَاوُد بن سَالم.
أَحْمد بن الْحسن الغماري العروسي. / كَبِير الشُّهْرَة بالغرب كُله بالصلاح وَالْخَيْر عمر نَحْو الْمِائَة. وَمَات فِي رَمَضَان أَو شَوَّال سنة أَربع وَسبعين. أَفَادَهُ لي بعض المغاربة.
أَحْمد بن أبي الْحسن عَليّ بن عِيسَى الشهَاب الحسني السمهودي الشَّافِعِي وَالِد عبد الله الْآتِي / وَكَانَ أَبوهُ من أَعْيَان سمهود وعدولها فَنَشَأَ وَلَده بهَا وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج وارتحل إِلَى قوص
فتفقه بهَا وانتفع فِي الْفِقْه بأخي زَوجته القَاضِي نَاصِر الدّين السمهودي الْمَذْكُور جده عبد الرَّحِيم فِي الطالع السعيد وَولي قَضَاء بَلَده وقتا وَغير ذَلِك مَعَ مَا أضيف إِلَيْهَا من الْأَعْمَال فحسنت مُبَاشَرَته وَكَانَ ذَا ثروة تلقاها عَن أَبِيه فَلِذَا كَانَ متجملا فِي هَيئته وطريقته مَعَ الْعِفَّة فِي الْقَضَاء والطريقة(1/280)
الْحَسَنَة، وَقد حج وَرجع إِلَى مصر فَمَاتَ بهَا بعد الْعشْرين. أفادنيه حفيده السَّيِّد عَليّ ابْن عبد الله نزيل طيبَة نفع الله بِهِ.
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم محيي الدّين الْمدنِي الأَصْل الدِّمَشْقِي وَالِد نجم الدّين. / ولد سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَكَانَ أَبوهُ انْتقل من الْمَدِينَة إِلَيْهَا وَنَشَأ بِدِمَشْق فَطلب الْعلم وعني بصناعة الْإِنْشَاء وباشر التوقيع من صغره فِي أَيَّام جمال الدّين بن الْأَمِير وَدخل مصر بعد اللنك فباشر التوقيع أَيْضا ثمَّ قدم مَعَ شيخ وَمَعَهُ صهره الْبَدْر بن مزهر وَأسْندَ وَصيته إِلَيْهِ وَصَحب الفتحي فتح الله فاستكتبه أَيْضا فِي الْإِنْشَاء وعول عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات فَلَمَّا مَاتَ رَجَعَ إِلَى دمشق ولي بهَا كِتَابَة السِّرّ فِي أَوَائِل سنة ثَمَان عشرَة وَكَانَ دينا عَاقِلا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس فَاضلا عفيفا كثير التِّلَاوَة متنسكا ورعا مشكور السِّيرَة عَارِفًا متوددا لَا يكْتب على شَيْء يُخَالف الشَّرْع لكنه ينْسب للتشيع. مَاتَ فِي صفر سنة عشْرين. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَرَأَيْت من أرخه نقل ذَلِك غَلطا كالمقريزي فَإِنَّهُ قَالَ فِي عقوده أَنه مَاتَ فِي ثَالِث شعْبَان سنة ثَمَان عشرَة نعم أرخه ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سنة عشْرين لَكِن خَامِس عشري الْمحرم من السّنة بعد مَا تعلل مُدَّة وَدفن بتربة الصُّوفِيَّة بِدِمَشْق عَن نَحْو سبعين سنة وَكَانَ بِسَبَب تجرئه ينْسب إِلَى نففن ورد مَا نسب إِلَيْهِ من التَّشَيُّع وَأَنه كَانَ من خِيَار الْمُسلمين أهل السّنة رَحمَه الله.
أَحْمد بن حُسَيْن بن أَحْمد بن قاوان الشهَاب بن الْفَاضِل الْبَدْر بن الشهَاب الكيلاني الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وجده وَهُوَ سبط السراج الْحَنْبَلِيّ الشريف قَاضِي الْحَرَمَيْنِ وَيعرف كسلفه بِابْن قاوان. / أَخذ عَن أَبِيه وَغَيره وَسمع مني وَعلي الْيَسِير بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة وَهُوَ شَاب سَاكن سَافر إِلَى كلبرجة وَغَيرهَا وَلم يحصل فِي سَفَره على طائل لكَون عَم وَالِده قتل فِي تِلْكَ الْأَيَّام بل ضيع قدرا كَبِيرا فِي ذَهَابه وإيابه كَانَ مَعَه لِأَبِيهِ وسافر بعد مَوته إِلَى كنهايت فغرق مركبه قبل وصولها ثمَّ دَخلهَا فِي الْبر مُجَردا فسوعد فِي استرجاع بعض مَا كَانَ مَعَه من نقد وَغَيره ودام بهَا إِلَى أَن مَاتَ فِيهَا أَو فِي غَيرهَا بعيد التسعين عوضه الله الْجنَّة.
أَحْمد بن حُسَيْن بن حسن بن عَليّ بن يُوسُف بن عَليّ بن أرسلان بِالْهَمْزَةِ / كَمَا بِخَطِّهِ ابْن أبي بكر الدِّمَشْقِي الْخَطِيب. ولد سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكتب بِخَطِّهِ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين بِبَعْض الاستدعاءات وَمَا علمت أمره.(1/281)
أَحْمد بن حُسَيْن بن حُسَيْن بن حُسَيْن الشهَاب أَبُو الْفَتْح بن الفتحي الْمَكِّيّ أَوسط أخوته الثَّلَاثَة وَخَيرهمْ وَزوج ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد الكيلاني نَائِب الإِمَام بمقام الْحَنْبَلِيّ. / ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَسمع عَليّ.
أَحْمد بن حُسَيْن بن حسن بن عَليّ بن يُوسُف بن عَليّ بن أرسلان بِالْهَمْزَةِ كَمَا بِخَطِّهِ وَقد تحذف فِي الْأَكْثَر بل هُوَ الَّذِي على الْأَلْسِنَة الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي نزيل بَيت الْمُقَدّس وَيعرف بِابْن رسْلَان / وَيُقَال أَنهم من عرب نعير وَقَالَ بَعضهم من كنَانَة كَانَ وَالِده خيرا قَارِئًا تَاجِرًا وَأمه أَيْضا من الصَّالِحَات لَهَا أَخ لَهُ أوراد وتلاوة كَثِيرَة فولد لَهما صَاحب التَّرْجَمَة فِي سنة ثَلَاث أَو خمس وَسبعين وَسَبْعمائة برملة. ولد وَنَشَأ بهَا لم تعلم لَهُ صبوة على طَرِيق وَالِديهِ وخاله فحفظ الْقُرْآن وَله نَحْو عشر سِنِين وَيُقَال أَن أَبَاهُ أجلسه فِي حَانُوت بزاز فَكَانَ يقبل على المطالعة ويهمل أمرهَا فظهرت فِيهَا الخسارة فلامه على ذَلِك فَقَالَ أَنا لَا أصلح إِلَّا للمطالعة فَتَركه وَسلم لَهُ قياده، وَحكى ابْن أبي عذيبة نَحوه فَقَالَ وَكَانَ أَبوهُ تَاجِرًا لَهُ دكان فَكَانَ يَأْمُرهُ بالتوجه إِلَيْهَا فَيذْهب إِلَى الْمدرسَة الخاصكية للاشتغال بِالْعلمِ وينهاه أَبوهُ فَلَا يلْتَفت لنَهْيه بل لَازم الِاشْتِغَال وَكَانَ فِي مبدئه يشْتَغل بالنحو واللغة والشواهد وَالنّظم وَقَرَأَ الْحَاوِي الصَّغِير وحله على الشَّمْس القلقشندي وَابْن الهائم وَأخذ عَنهُ الْفَرَائِض والحساب وَولي تدريس الخاصكية ودرس بهَا مُدَّة ثمَّ تَركهَا والإفتاء ببرها وَأَقْبل على الله وعَلى الِاشْتِغَال تَبَرعا وعَلى التصوف وألبس خرقته جمَاعَة من المصريين والشاميين فِي مُدَّة لَا يكلم أحدا انْتهى. وَقَالَ آخر أَنه أقبل على الِاشْتِغَال وَحفظ كتبا وَاتفقَ قدوم مغربي الرملة وَكَانَ يقرئ الْبَيْت من ألفية ابْن مَالك بِربع دِرْهَم فَلَزِمَهُ حَتَّى أَخذهَا عَنهُ بِحَيْثُ تأهل لإقرائها واشتهر بِحسن إفادتها وإلقائها وتحول لبيت الْمُقَدّس فتفقه بالقلقشندي وَأخذ عَن ابْن الهائم وَصَحب الشهَاب بن الناصح والجلال عبد الله بن البسطامي وَمُحَمّد القرمي وَمُحَمّد القادري وَأخذ عَنْهُم التصوف وتلقن مِنْهُم الذّكر وَسمع من الشهَاب أَوَّلهمْ وَكَذَا من القرمي وَمن الشهَاب أبي الْخَيْر بن الْعَلَاء الصَّحِيح وَمن أبي حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ الصَّالِحِي وَيعرف بِابْن الزراتيتي الْمُوَطَّأ)
رِوَايَة يحيى بن بكير وانتفع فِي الْعلم أَيْضا بالشمس العيزري الْغَزِّي وَنظر فِي الحَدِيث وَغَيره.
وَقد قَالَ ابْن أبي عذيبة أَنه ارتحل بِهِ أَبوهُ إِلَى الْقُدس من الرملة فألبسه الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي(1/282)
الْخِرْقَة وَسمع عَلَيْهِ الصَّحِيح بِسَمَاعِهِ لَهُ على الحجار بِدِمَشْق وَكَذَا لبسهَا من الشهَاب ابْن الناصح وَأبي بكر الْموصِلِي وَسمع كثيرا من أبي هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَابْن الْعِزّ وَابْن أبي الْمجد وَابْن صديق وَغَيرهم كَأبي الْخَيْر بن العلائي، وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ ومسند الشَّافِعِي وَالْجمال بن ظهيرة والتنوخي وَابْن الكويك وبالرملة من أبي حَفْص عمر الزراتيتي وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ الْمُوَطَّأ وَمن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ بن سنجر المارديني الشفا وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وسيرة ابْن هِشَام وَابْن سيد النَّاس وغالب تصانيف اليافعي بروايته عَنهُ من نسيم بن أبي سعيد بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عمر بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ الدقاق معالم التَّنْزِيل لِلْبَغوِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِير والعوارف للسهروردي ومسند الشَّافِعِي والأذكار وَالْأَرْبَعِينَ كِلَاهُمَا للنووي كل ذَلِك بقرَاءَته لِلْبَغوِيِّ على وَالِده عَن الصَّدْر أبي المجامع الْجُوَيْنِيّ عَن مُؤَلفه وبروايته لتصنيفي النَّوَوِيّ عَن عَليّ بن أَحْمد النويري الْعقيلِيّ بِسَمَاعِهِ من يحيى بن مُحَمَّد التّونسِيّ المغراوي أَنا مؤلفهما وَمن الشهَاب الحسباني صَحِيح البُخَارِيّ وَقَرَأَ غَالب البُخَارِيّ على الْجلَال البُلْقِينِيّ وَأذن لَهُ بالإفتاء وَسمع وَالِده السراج وَحضر عِنْده وَقَرَأَ النَّحْو على الغماري، وَأَجَازَهُ النشاوري وَلَا زَالَ يدأب وَيكثر المذاكرة والملازمة للمطالعة والأشغال مُقيما بالقدس تَارَة وبالرملة أُخْرَى حَتَّى صَار إِمَامًا عَلامَة مُتَقَدما فِي الْفِقْه وأصوله والعربية مشاركا فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَالْكَلَام وَغَيرهَا مَعَ حرصه على سَائِر أَنْوَاع الطَّاعَات من صَلَاة وَصِيَام وتهجد ومرابطة بِحَيْثُ لم تكن تَخْلُو سنة من سنه عَن إِقَامَته على جَانب الْبَحْر قَائِما بِالدُّعَاءِ إِلَى الله سرا وجهرا آخِذا على يَدي الظلمَة مؤثرا صُحْبَة الخمول والشغف بِعَدَمِ الظُّهُور تَارِكًا لقبُول مَا يعرض عَلَيْهِ من الدُّنْيَا ووظائفها حَتَّى أَن الْأَمِير حسام الدّين حسن نَاظر الْقُدس والخليل جدد بالقدس مدرسة وَعرض عَلَيْهِ مشيختها وَقرر لَهُ فِيهَا فِي كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم فضَّة فَأبى بل كَانَ يمْتَنع من أَخذ مَا يُرْسل بِهِ هُوَ وَغَيره إِلَيْهِ من المَال ليفرقه على الْقُرَّاء وَرُبمَا أَمر صَاحبه بتعاطي تفرقته بِنَفسِهِ محافظا على الْأَذْكَار والأوراد وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر معرضًا عَن الدُّنْيَا وبنيها جملَة حَتَّى أَنَّهَا لما سَافر الْأَشْرَف إِلَى آمد هرب من الرملة إِلَى الْقُدس فِي ذَهَابه وإيابه لِئَلَّا يجْتَمع بِهِ هُوَ)
أَو أحد من أَتْبَاعه وَأَن تضمن ذَلِك تَفْوِيت الِاجْتِمَاع بِمن كَانَ يتمناه كشيخنا(1/283)
فَإِنَّهُ سَأَلَ عَنهُ رَجَاء زيارته فَقيل أَنه غَائِب حَتَّى صَار الْمشَار إِلَيْهِ بالزهد فِي تِلْكَ النواحي وَقصد للزيارة من سَائِر الْآفَاق وَكَثُرت تلامذته ومريدوه وتهذب بِهِ جمَاعَة وعادت على النَّاس بركته وشغل كلا فِيمَا يرى حَاله يَلِيق بِهِ فِي النجابة وَعدمهَا وَهُوَ فِي الزّهْد والورع والتقشف وَاتِّبَاع السّنة وَصِحَّة العقيدة كلمة إِجْمَاع بِحَيْثُ لَا أعلم فِي وقته من يدانيه فِي ذَلِك وانتشر ذكره وَبعد وحيته وَشهد بخيره كل من رَآهُ، قَالَ ابْن أبي عذيبة وَكَانَ شَيخا طَويلا تعلوه صفرَة حسن المأكل والملبس والملتقى لَهُ مكاشفات ودعوات مستجابات غير عَابس وَلَا مقت وَلَا يَأْكُل حَرَامًا وَلَا يشْتم وَلَا يلعن وَلَا يحقد وَلَا يُخَاصم بل يعْتَرف بالتقصير وَالْخَطَأ ويستغفر وَإِذا أقبل على من يخاصمه لاطفه بالْكلَام اللين حَتَّى يَزُول مَا عِنْده وَلَا ينَام من اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا وَلما اجْتمع مَعَ الْعَلَاء البُخَارِيّ وَذَلِكَ فِي ضِيَافَة عِنْد ابْن أبي الْوَفَاء بَالغ الْعَلَاء فِي تَعْظِيمه بِحَيْثُ أَنه بعد الْفَرَاغ من الْأكل بَادر لصب المَاء على يَدَيْهِ ورام الشَّيْخ فعل ذَلِك مَعَه أَيْضا فَمَا مكنه وَصرح بانه لم ير مثله، وجدد بالرملة مَسْجِدا لأسلافه صَار كالزاوية يُقيم بهَا من أَرَادَ الِانْقِطَاع إِلَيْهِ فيواسيهم بِمَا لَدَيْهِ على خفَّة ذَات الْيَد ويقرئ بهَا وَكَذَا لَهُ زَاوِيَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَذَا قَالَ ابْن أبي عذيبة أَنه بنى بالرملة جَامعا كَبِيرا بِهِ خطْبَة وبرجا على جَانب الْبَحْر بثغر يافا فخفض المينا وَكَانَ كثير الرِّبَاط فِيهِ وَلما قدم الْعَلَاء البُخَارِيّ الْقُدس اجْتمع بِهِ ثَلَاث مَرَّات الأولى مُسلما وَجَلَسْنَا ساكتين فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَبُو بكر بن أبي الوفا يَا سَيِّدي هَذَا ابْن رسْلَان فَقَالَ أعرف ثمَّ قَرَأَ الْفَاتِحَة وتفرقا وَالثَّانيَِة أول يَوْم من رَمَضَان اجْتمعَا وَشرع الْعَلَاء يُقرر فِي أَدِلَّة ثُبُوت رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان بِشَاهِد وَيذكر الْخلاف فِي ذَلِك وَابْن رسْلَان لَا يزِيد على قَوْله نعم وانصرفا ثمَّ أَن الْعَلَاء فِي لَيْلَة عاشره سَأَلَ ابْن أبي الْوَفَاء فِي الْفطر مَعَ ابْن رسْلَان فَسَأَلَهُ فَامْتنعَ فَلم يزل يلح عَلَيْهِ حَتَّى أجَاب فَلَمَّا أفطر أحضر خَادِم الْعَلَاء الطست والإبريق بَين يَدي الْعَلَاء فَحمل الْعَلَاء الطشت بيدَيْهِ مَعًا وَوَضعه بَين يَدي ابْن رسْلَان وَأخذ الإبريق من الْخَادِم وصب عَلَيْهِ حَتَّى غسل وَلم يحلف عَلَيْهِ وَلَا تشوش وَلَا توجه لفعل نَظِير مَا فعله الْعَلَاء مَعَه غير أَنه لما فرغ الْعَلَاء من الصب عَلَيْهِ دَعَا لَهُ بالمغفرة فشرع يُؤمن على دُعَائِهِ ويبكي ثمَّ أَن خَادِم الْعَلَاء صب عَلَيْهِ فَلَمَّا تفَرقا خرج ابْن أبي الْوَفَاء مَعَ ابْن رسْلَان فَقَالَ لَهُ ابْن رسْلَان صُحْبَة الأكابر حصر قَالَ ابْن أبي لوفاء ثمَّ دخلت على الْعَلَاء فشرع يثني عَلَيْهِ فَقلت لَهُ يَا)
سَيِّدي وَالله مَا فِي هَذِه الْبِلَاد(1/284)
مثله فَقَالَ الْعَلَاء وَالله وَلَا فِي مصر مثله وكررها كثيرا. وَله تصانيف نافعة فِي التَّفْسِير الحَدِيث وَالْفِقْه والأصلين والعربية وَغَيرهَا كَقطع مُتَفَرِّقَة من التَّفْسِير وَنسب إِلَيْهِ ابْن أبي عذيبة نظم الْقرَاءَات الثَّلَاثَة الزَّائِدَة على السَّبْعَة ثمَّ الثَّلَاث الزَّائِدَة على الْعشْرَة وَأَنه أعربهم إعرابا جيدا بِحَيْثُ سَأَلَ الشَّمْس القباقبي فِي قرَاءَتهَا عَلَيْهِ فسمح لَهُ وَلَكِن لم يتهيأ ثمَّ سَأَلَ وَلَده الشهَاب أَيْضا فِي ذَلِك فَأجَاب وَمَا تهَيَّأ أَيْضا وَأَنه نظم فِي علم الْقرَاءَات فصولا تصل إِلَى سِتِّينَ نوعا انْتهى وكشرحه لسنن أبي دَاوُد وَهُوَ فِي أحد عشر مجلدا ورما استمد فِيهِ من شَيخنَا بِبَعْض الأسئلة وَنقل عَنهُ فِي بَاب تَنْزِيل النَّاس مَنَازِلهمْ من الْأَدَب بقوله قَالَ شَيخنَا ابْن حجر وَكَذَا نقل عَنهُ فِي شَرحه لصفوة الزّبد وَغَيره ومختصره المقتصر فِيهِ على ضبط أَلْفَاظه وَشَرحه للأربعين النووية وللبخاري وصل فِيهِ إِلَى آخر الْحَج قيل فِي ثَلَاث مجلدات ولتراجم ابْن أبي جَمْرَة فِي مُجَلد وللشفا معتنيا فِيهِ بضبط أَلْفَاظه ولألفية الْعِرَاقِيّ فِي السِّيرَة وَله تَنْقِيح الْأَذْكَار وعَلى التَّنْقِيح للزركشي والكرماني استشكالات كمل مِنْهَا مُجَلد وَشرح كلا من جمع الْجَوَامِع فِي مُجَلد ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ فِي مجلدين وَفِيمَا قيل مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ونظم أصُول الدّين من جمع الْجَوَامِع وخاتمة التصوف مِنْهُ وَجعل الأول مُقَدّمَة وَالثَّانِي خَاتِمَة لمنظومة الزّبد وَشرح النّظم الْمشَار إِلَيْهِ مزجا مطولا وَآخر مُخْتَصرا كالتوضيح وَكَذَا شرح كلا من الْبَهْجَة الوردية وَأَصلهَا لم يكمل وَاحِد مِنْهُمَا وَعمل تَصْحِيح الْحَاوِي وَاخْتصرَ كلا من الرَّوْضَة والمنهاج بِحَذْف الْخلاف فِي ثَانِيهمَا وأدب الْقَضَاء للغزي وَعمل منظومة نافعة سَمَّاهَا صفوة الزّبد للشرف الْبَارِزِيّ وتوضيحا لَهَا وشرحا وَشرح ملحة الحريري مزجا وأعرب الألفية وَغير ذَلِك نظما ونثرا كفوائد مَجْمُوعَة نفيسة تتَعَلَّق بِالْقضَاءِ وبالشهود واختصار حَيَاة الْحَيَوَان للدميري مَعَ زيادات فِيهِ لقطعة من النباتات وطبقات الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وسمى بَعْضهَا بِخَطِّهِ قَالَ وجميعها تحْتَاج لتبييض واستغفر الله، وَعِنْدِي من نظمه وفوائده الْكثير وَمن ذَلِك قَوْله لم أزل أسمع فِي أَلْسِنَة النَّاس الدُّعَاء بخاتمة الْخَيْر وَلم أجد لَهُ أصلا حَتَّى ظَفرت بذلك فِي الْحِلْية لأبي نعيم من طَرِيق الصَّلْت بن عَاصِم الْمرَادِي عَن أَبِيه عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ لما أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض استوحش لفقد أصوات الْمَلَائِكَة فهبط عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ يَا آدم هلا أعلمك شَيْئا تنْتَفع بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالَ بلَى قَالَ قل اللَّهُمَّ ادم لي النِّعْمَة حَتَّى تهنيني الْمَعيشَة اللَّهُمَّ اختم لي بِخَير لَا تضرني ذُنُوبِي اللَّهُمَّ اكْفِنِي مُؤنَة الدُّنْيَا وكل هول فِي)
الْقِيَامَة حَتَّى تدخلني(1/285)
الْجنَّة انْتهى وعَلى كَلَامه وشعره روح، وَمِمَّا نظمه فِي المواطن الَّتِي لَا يجب رد السَّلَام فِيهَا:
(رد السَّلَام وَاجِب إِلَّا على ... من فِي صَلَاة أَو بِأَكْل شغلا)
(أَو شرب أَو قِرَاءَة أَو أدعية ... أَو ذكر أَو فِي خطْبَة أَو تَلْبِيَة)
(أَو فِي قَضَاء حَاجَة الْإِنْسَان ... أَو فِي إِقَامَة أَو الْأَذَان)
(أَو سلم الطِّفْل أَو السَّكْرَان ... أَو شَابة يخْشَى بهَا افتتان)
(أَو فَاسق أَو ناعس أَو نَائِم ... أَو حَالَة الْجِمَاع أَو محاكم)
(أَو كَانَ فِي الْحمام أَو مَجْنُونا ... هِيَ اثْنَتَانِ بعْدهَا عشرونا)
وَله:
(دَوَاء قَلْبك خمس عِنْد قسوته ... فادأب عَلَيْهَا تفز بِالْخَيرِ وَالظفر)
(خلاء بطن وَقُرْآن تدبره ... كَذَا تضرع باك سَاعَة السحر)
(ثمَّ التَّهَجُّد جنح اللَّيْل أوسطه ... وَأَن تجَالس أهل الْخَيْر وَالْخَيْر)
وَكَذَا نظم مُسْنده بالبخاري مَعَ حَدِيث من ثلاثياته وَاقْتصر فِيهِ من شُيُوخه على ابْن العلائي وَلكنه وهم حَيْثُ قرن مَعَ الحجار وزيرة فَابْن العلائي لم يرو عَنْهَا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْكَمَال بن أبي شرِيف وَأَبُو الأسباط الْآتِي فِي الأحمدين وَمَا لقِيت أحدا إِلَّا ويحكي لي من صَالح أَحْوَاله مَا لم يحكه الآخر، وَمِمَّا بَلغنِي أَن طوغان نَائِب الْقُدس وَكَاشف الرملة وَردت عَلَيْهِ إِشَارَة الشَّيْخ بكف مظْلمَة فَامْتنعَ وَقَالَ طولتم علينا بِابْن رسْلَان إِن كَانَ لَهُ سر فليرم هَذِه النَّخْلَة لنخلة قريبَة مِنْهُ فَمَا تمّ ذَلِك إِلَّا وهبت ريح عَاصِفَة فألقتها فَمَا وَسعه إِلَّا الْمُبَادرَة إِلَى الشَّيْخ فِي جمَاعَة مُسْتَغْفِرًا معترفا بالْخَطَأ فَسَأَلَهُ عَن سَبَب ذَلِك فَقيل لَهُ فَقَالَ لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه من اعْتقد أَن رمي هَذِه النَّخْلَة كَانَ بسببي أَو لي فِيهِ تعلق مَا فقد كفر فتوبوا إِلَى الله وجددوا إسلامكم فَإِن الشَّيْطَان أَرَادَ أَن يستزلكم فَفَعَلُوا مَا أَمرهم بِهِ وتوجهوا أَو نَحْو هَذَا. وَحكى صهره الْحَافِظ التَّاج بن الغرابيلي عَنهُ أَنه كَانَ قَلِيلا مَا يهجع من اللَّيْل وَأَنه فِي وَقت انتباهه ينْهض قَائِما كالأسد لَعَلَّ قِيَامه يسْبق كَمَال استيقاظه وَيقوم كَأَنَّهُ مذعور فيتوضأ وَيقف بَين يَدي ربه يناجيه بِكَلَامِهِ مَعَ التَّأَمُّل والتدبر فَإِذا أشكل عَلَيْهِ معنى آيَة أسْرع فِي تينك الرَّكْعَتَيْنِ وَنظر فِي التَّفْسِير حَتَّى يعرف الْمَعْنى ثمَّ يعود إِلَى الصَّلَاة، وَقَالَ لي الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ أَنه أَخذ عَنهُ منظومته الزّبد)
وَأذن لَهُ فِي إصلاحها وَكتب لَهُ خطه بذلك بل سَأَلَهُ فِي الإقراء عِنْده وَلَو درسا وَاحِدًا ويحضر الشَّيْخ عِنْده فَامْتنعَ من ذَلِك أدبا. وَمِمَّنْ لقِيه فِي صغره جدا وَحكى(1/286)
لي من كراماته أَبُو عبد الله بن الْعِمَاد بن البلبيسي وَمن قبله أَبُو سعد الْقطَّان وَأَبُو الْعَزْم الحلاوي ومناقبه كَثِيرَة ومراتبه شهيرة، وَعِنْدِي من تَرْجَمته مَا لَو بسطته لَكَانَ فِي كراسة ضخمة. مَاتَ فِي رَمَضَان وَقَالَ ابْن أبي عذيبة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشري شعْبَان سنة أَربع وَأَرْبَعين بسكنه من الْمدرسَة الختنية بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى من بَيت الْمُقَدّس وَدفن بتربة ماملا بِالْقربِ من سَيِّدي أبي عبد الله الْقرشِي وَارْتجَّ بَيت الْمُقَدّس بل غَالب الْبِلَاد لمَوْته وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْأَزْهَر وَغَيره صَلَاة الْغَائِب، وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة وَقد صلينَا عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بالجامع الْأمَوِي فِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع رَمَضَان، وَهَذَا يُؤَيّد أَن مَوته فِي شعْبَان وَقيل إِنَّه لما ألحد سَمعه الحفار يَقُول رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين وَرَآهُ حُسَيْن الْكرْدِي أحد الصَّالِحين بعد مَوته فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ يَا أَحْمد أَعطيتك الْعلم فَمَا عملت بِهِ قَالَ عَلمته وعملت بِهِ فَقَالَ صدقت يَا أَحْمد تمن عَليّ فَقلت تغْفر لمن صلى عَليّ فَقَالَ قد غفرت لمن صلى عَلَيْك وَحضر جنازتك، وَلم يلبث الرَّائِي أَن مَاتَ. وَلم يخلف فِي مَجْمُوعه مثله علما ونسكا وزهدا نفعنا الله ببركاته. قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة: وَكَانَ جَامعا بَين الْعلم وَالْعَمَل والزهد وَلم يكن بعد الحصني أزهد مِنْهُ وَسُئِلَ عَنهُ عمر بن حديم العجلوني الزَّاهِد الْوَلِيّ حِين قدم الْقُدس أهوَ من الْأَوْلِيَاء فَقَالَ مَا أَهْون الْوَلِيّ عِنْد النَّاس وَأَيْنَ دَرَجَة الْولَايَة فَقيل لَهُ هُوَ عَارِف فَقَالَ وَمَا أَهْون الْعرْفَان عنْدكُمْ فَقيل لَهُ فَمَا هُوَ فَقَالَ عَابِد خَائِف قيل لَهُ فعبد الْملك الْموصِلِي فَقَالَ رجل ينْطق بالحكمة قيل لَهُ فَأَبُو بكر بن أبي الْوَفَاء فَقَالَ رجل قَائِم بِمَا عَلَيْهِ من حُقُوق الْعباد. فَحكى هَذَا كُله للعز عبد السَّلَام الْقُدسِي فَقَالَ لله در هَذَا الرجل وَكَيف فَاتَنِي الِاجْتِمَاع بِهِ وتأسف على لقِيه. وترجمه المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه كتب إِلَيّ وكتبت إِلَيْهِ وَلم يقدر لي لقاؤه فرحمه الله فَلَقَد كَانَ مُقبلا على الْعِبَادَة غزير الْعلم كثير الْخَيْر مربيا للمريدين محسنا للقادمين متبركا بدعائه ومشاهدته صَادِق التأله متخلقا من الْمُرُوءَة وَالْعلم والزهد وَالْفضل والانقطاع إِلَى الله بأكمل الْأَخْلَاق بِحَيْثُ يظْهر عَلَيْهِ سِيمَا السكينَة وَالْوَقار ومهابة الصَّالِحين قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا أعلم بعده مثله، وَلم يسلم الشَّيْخ من أَذَى البقاعي فقد قَرَأت بِخَطِّهِ فِي بعض مجاميعه أَن جماعته الْمَوْجُودين الْآن لم يَنْبغ مِنْهُم غير شخص وَاحِد وَهُوَ أَبُو الأسباط وَأما بَقِيَّتهمْ فمساوئ)
كل مِنْهُم غالبة عَلَيْهِ أَو لَيْسَ فِيهِ حَسَنَة إِلَّا نَادرا وَإِنِّي كنت أتعجب من ذَلِك جدا لكَون الشَّيْخ كَانَ من الْعلمَاء الزهاد قل أَن(1/287)
رَأَيْت مثله وَمَا زلت مُتَعَجِّبا إِلَى أَن جلا عني ذَلِك شخص فَقَالَ أَنا أَظن أَنهم عوقبوا لِأَن الشَّيْخ كَانَ حسن الْآدَاب فَكَانُوا يسيؤون أدبهم مَعَه تَصْدِيقًا للمثل إِذا حسن أدب الرجل سَاءَ أدب غلمانه قَالَ فَذكرت ذَلِك للقاياتي فَقَالَ صدق هَذَا الْقَائِل وَأَنا شاهدت مثل ذَلِك وَهُوَ أَن الصَّدْر بن العجمي كَانَ مَعَ توقد ذهنه وَحسن تصَوره وطلاقة لِسَانه لَا يقدر يَحْكِي عَن الشَّمْس الأسيوطي مَسْأَلَة وَذَلِكَ أَنه كَانَ هُوَ وَنور الدّين الْعَبْسِي بِالْمُوَحَّدَةِ يتحاكيان ويتغامزان عَلَيْهِ انْتهى. وتضمن ذَلِك إساءته على خلق من الْخِيَار مِنْهُم ابْن أبي شرِيف وَالله الْمُسْتَعَان.
أَحْمد بن حُسَيْن بن خلد بن حُسَيْن شهَاب الدّين الهيتمي / سمع الْجمال بن السَّابِق بقرَاءَته على الزين الزَّرْكَشِيّ مُعظم صَحِيح مُسلم وَقَالَ لي أَنه توفّي سنة خمسين فتنظر تَرْجَمته.
أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب بن الْبَدْر الْأَذْرَعِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي / الْآتِي أَبوهُ من مُعْجم شَيخنَا وَغَيره وَيعرف كأبيه بِابْن قَاضِي اذرعات نَائِب الحكم بِدِمَشْق. مَاتَ بهَا فِي لَيْلَة الْأَحَد عشري صفر سنة أَربع وَسِتِّينَ وَدفن من الْغَد بمقابر بَاب توما. أرخه ابْن اللبودي.
أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ الشهَاب الحسني الأرميوني ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي / قدم الْقَاهِرَة بعد أَن بلغ فَنزل الْجَامِع الْأَزْهَر وَحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي الْفِقْه وَغَيره ولازم الزين طَاهِرا وَأَبا الْقَاسِم النويري مُلَازمَة تَامَّة بِحَيْثُ مر على ابْن الْحَاجِب وَغَيره من كتب الْمَذْهَب عِنْدهمَا غير مرّة وَكَانَ ثَانِيهمَا يَقُول هُوَ من أهل الْعلم، وَكَذَا أَخذ عَن الزين عبَادَة وَغَيره وَأكْثر من التَّرَدُّد للمناوي فِي شرح ألفية الْعِرَاقِيّ وَغَيره وللأمين الأقصرائي وَفضل وَسمع على جمَاعَة وَمن ذَلِك ختم البُخَارِيّ على أم سيف الدّين وَمن شركها وأسمعه مَعَه أَحْمد وَمُحَمّد وَفَاطِمَة وَهِي فِي الرَّابِعَة من أَوْلَاده وانتمى لقراجا الظَّاهِرِيّ وتزايد إحسانه إِلَيْهِ فَلَمَّا اخْرُج عَن الديار المصرية احْتَاجَ إِلَى التكسب بِالشَّهَادَةِ وَجلسَ بحانوت بِالْقربِ من الجملون وَكَذَا بِجَامِع الصَّالح ثمَّ نَاب فِي الْقَضَاء عَن الحسام بن حريز فَمن بعده وَجلسَ بالشوائين دهرا ثمَّ قبيل مَوته بِجَامِع الفكاهين قَلِيلا وَقَامَ بردع كثير من المتمردين عملا بناموس الشَّرْع فَمَنعه السُّلْطَان فِي بعض الْأَوْقَات إِلَى أَن أُعِيد بسفارة الْأمين الأقصرائي وَسكن أمره من حِينَئِذٍ)
وَقصد بالفتاوى وَكَانَ مُسَددًا فِي كِتَابَته عَلَيْهِ الْمدَار فِيهَا مَعَ جمود حركته وتواضعه(1/288)
فِي الاستفادة بِحَيْثُ كَانَ يكثر من إرْسَال الْفَتَاوَى إِلَيّ وَرُبمَا قصدني هُوَ بالسؤال وَكَثْرَة تودده وسكونه. مَاتَ فِي صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة تسع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بعد صَلَاة الْجُمُعَة بالأزهر ثمَّ دفن بِقَبْر اشْتَرَاهُ بِنَفسِهِ فِي أَيَّام ضعفه بِالْقربِ من الشَّيْخ عبد الله المنوفي وَخلف كتبا وَنَحْو ثلثمِائة دِينَار وَزِيَادَة على عشرَة أَوْلَاد، وَفِي الظَّن أَنه قَارب السّبْعين رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ الشهَاب المرحومي الأَصْل الأشموني المولد القاهري الْمَدِينِيّ الْمَالِكِي الْآتِي أَبوهُ. / ولد تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بأشمون وانتقل بِهِ أَبَوَاهُ إِلَى الْقَاهِرَة فقطنوها تَحت نظر الشَّيْخ مَدين، وَحفظ الْقُرْآن والرسالة والمختصر وألفية النَّحْو وَعرض على الْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الديري وَابْن الْهمام وَابْن قديد والبدر الْبَغْدَادِيّ وَأبي الْقسم النويري وطاهر وَغَيرهم فِي الْفِقْه والعربية والفرائض وَنَحْوهَا وَكَذَا قرا فِي التسهيل وَابْن عقيل على يحيى الدماطي وَأذن لَهُ وعَلى ابْن قَاسم فِي التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام وَسمع عَلَيْهِ فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا غير ذَلِك وَصَحب الشَّيْخ مَدين وَكَانَ أَبوهُ خَادِم زاويته وخطب بهَا وتكسب بالنساخة وَتَعْلِيم الْأَبْنَاء وَقَرَأَ عَليّ الشفا وَالْكثير من صَحِيح البُخَارِيّ واليسير من مُسلم وَأبي دواد وَمن التَّرْغِيب وَفِي الْبَحْث قِطْعَة من شرح النخبة ولازمني فِي أَشْيَاء حَتَّى قَرَأَ عَليّ من تصانيفي السِّرّ المكتوم واليسير من ارتياح الأكباد وكتبهما بِخَطِّهِ بل سمع الْكثير من البُخَارِيّ على أم هَانِئ الهورينية وَبَعضه على الْجلَال بن الملقن والشهاب الْحِجَازِي وَغير ذَلِك مِمَّا ضبطته وَهُوَ من الْخِيَار المقلين، وَحج فِي سنة سبع وَتِسْعين ورام الْمُجَاورَة فِي الَّتِي بعْدهَا فَعرض لَهُ ضعف شَدِيد فَرَجَعت بِهِ زَوجته.
أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ الشهَاب أَبُو الْبَقَاء الزبيرِي. / ولد فِي حُدُود السّبْعين وَسَبْعمائة أَو قبلهَا بصعيد مصر وَقدم الْقَاهِرَة فلازم حَلقَة البُلْقِينِيّ مُدَّة طَوِيلَة والعراقي وَسمع عَلَيْهِ كثيرا وَابْن الملقن واستفاد من كَلَامه والهيثمي والتنوخي وَغَيرهم كالأبناسي وَابْن الْعِرَاقِيّ والكمال الدَّمِيرِيّ والعراقي والشطنوفي والشهاب العاملي والبيجوري والبرماويين وَآخَرين مِمَّن أَخذ عَنْهُم الْعلم وَسمع عَلَيْهِم الحَدِيث وَفضل وَقدم بَيت الْمُقَدّس بعد الثَّلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة واشتغل فِي النَّحْو وَصَحب ابْن رسْلَان وتنزل بمدارس الْفُقَهَاء ثمَّ انْقَطع بِالْمَدْرَسَةِ الطولونية مشتغلا)
بِالْعبَادَة مَعَ الزّهْد وَالْعلم وَلما قدم التقي بن قَاضِي شُهْبَة إِلَى الْقُدس مَشى إِلَى الطولونية لزيارته وَكَذَا أَخذ عَنهُ الْعَلَاء بن السَّيِّد عفيف الدّين فِي سنة خمسين. مَاتَ فِي ربيع(1/289)
الأول سنة أَربع وَخمسين وَحضر جنَازَته غَالب أهل الْبَلَد وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَرجع مبارك شاه النَّائِب مِنْهَا فَسقط عَن فرسه بِحَيْثُ توهم إِمَّا الْمَوْت أَو فَسَاد بعض أَعْضَائِهِ فَلم يَقع شَيْء مِنْهُمَا وعد ذَلِك من كراماته.
أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ الْعِرَاقِيّ الطَّائِفِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. / ولد بالطائفة من أَعمال سخا وتحول إِلَى الْمحلة مَعَ أَخِيه فحفظ الْقُرْآن بِجَامِع الغمري ومختصر أبي شُجَاع ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فقطنها وَنزل فِي سعيد السُّعَدَاء واقرأ بني الْبَدْر بن عليبة، وَتزَوج وَكَانَ خيرا سَاكِنا مِمَّن سمع مني. مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء خَامِس عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن فِي تربة ابْن عليبة خَارج بَاب النَّصْر وَأَظنهُ جَازَ الثَّلَاثِينَ رَحمَه الله وإيانا، وَبَلغنِي أَن بالطائفة ضريح الشَّيْخ عَليّ الْعِرَاقِيّ وَهُوَ جد أَعلَى لهَذَا.
أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ النغشواني ويدعى بالجنيد وَهُوَ بِهِ أشهر. / سَيَأْتِي.
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُسلم الشهَاب بن الْبَدْر الْمَكِّيّ الشَّافِعِي شَقِيق عَليّ وسبط أبي الْخَيْر بن عبد الْقوي الآتيين وَيعرف كأبيه بِابْن العليف بِضَم الْعين تَصْغِير علف / ولد فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والألفية النحوية وَالْأَرْبَعِينَ النووية وعرضهما وَالْكثير من الْمِنْهَاج وَسمع بِمَكَّة على التقي وتكسب بالنساخة بل وَشهد فِي عمَارَة الْمَسْجِد النَّبَوِيّ مَعَ عقل وتؤدة وَحسن عشرَة تميز وَلم يسلم مَعَ ذَلِك مِمَّن يعاديه بل كَاد أَن يُفَارق الْمَدِينَة لذَلِك، وَرُبمَا نظم مَا يَقع لَهُ فِيهِ الْجيد كتب لي بقصيدة رثى بهَا ابْن أبي الْيمن أَولهَا:
(بأية حكم لَا تدان عَزَائِمه ... يحاربنا صرف الردى ونسالمه)
وأنشدني أُخْرَى رثى بهَا صاحبنا ابْن فَهد وامتدحني بِمَا أوردته فِي مَحل آخر مَعَ غَيره من نظمه وراسل أَبَا الْبَقَاء بن الجيعان بقصيدة جليلة، وأغلب إِقَامَته الْآن بِطيبَة على خير وانجماع وتقلل وَنعم الرجل.
أَحْمد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد البظائحي. / صَوَابه ابْن حسن وَقد مضى.
أَحْمد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحِيم بن الشَّيْخ مَحْمُود الشهَاب الطَّائِفِي الغمري
الْمَالِكِي الضَّرِير. / حفظ الْقُرْآن وَغَيره ودأب فِي الِاشْتِغَال فِي الْفِقْه والعربية والفرائض ولازم أَبَا الْجُود دهرا وَكَذَا سمع شَيخنَا وَغَيره وَصَحب أَبَا عبد الله الغمري وَحج مَعَه وأقرأ بعض بني عليبة وَحصل كتبا وتميز فِي الْجُمْلَة وَصَارَ يستحضر(1/290)
مسَائِل وفوائد وَأكْثر من النّسخ وَالْعِبَادَة والتوجه والانفراد مَعَ ضعف بَصَره ثمَّ كف وقطن الطَّائِفَة لَا يخرج مِنْهَا إِلَّا للْجُمُعَة أَو الْحَاجة وَرُبمَا تردد مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة أَحْيَانًا وَلَا يَنْفَكّ فِي كل قدمة عَن التَّرَدُّد إِلَيّ وَالسَّمَاع مني وَعلي وَنعم الرجل.
أَحْمد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الشهَاب الْخَوَارِزْمِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. / مِمَّن حفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج والألفية وَأخذ الْقرَاءَات عَن الزين بن عَيَّاش وَهُوَ الَّذِي رثاه فَجمع عَلَيْهِ للعشر وَالْفِقْه عَن القَاضِي أبي السعادات بن ظهيرة وَعبد الرَّحْمَن بن الْجمال الْمصْرِيّ والنحو عَن الْجلَال المرشدي ولازمه بِحَيْثُ كَانَ أصل جماعته، وتميز ودرس بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَدخل الْيمن وَصَحب جمَاعَة من الشاميين وارتفق برهم وَكَانَ ثِقَة خيرا ذكيا فَاضلا. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشري ذِي الْحجَّة سنة خمس وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
أَحْمد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ الشغدري الشاوري الْيَمَانِيّ الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي. / مِمَّن قدم مَكَّة قبل الْأَرْبَعين أَو بعْدهَا بِيَسِير وَحفظ الشاطبية والبهجة وَجمع الْجَوَامِع والألفية وَالتَّلْخِيص ولازم الشهَاب الشوابطي حَتَّى جرد عَلَيْهِ الْقُرْآن بل تلاه عَلَيْهِ جمعا وإفرادا وَبحث عَلَيْهِ التَّنْبِيه بِكَمَالِهِ وَكَذَا بحث الْبَهْجَة وَالتَّلْخِيص وَغَيرهمَا على وَلَده الْجمال مُحَمَّد وَسكن رِبَاط الْبَدْر الطَّاهِر حَتَّى مَاتَ وَكَانَ خيرا صَالحا عَالما مفننا آيَة فِي الذكاء حسن المذاكرة متعففا محببا إِلَى النَّاس وَرُبمَا نظم. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة خمسين وشيعه معتقدوه إِلَى المعلاة وببركته حصل عِنْد الْجُلُوس على قَبره إظلالهم بالغمام بل اسْتمرّ حَتَّى رجعُوا إِلَى محالهم وَأنْشد قبيل مَوته إِمَّا لَهُ أَو متمثلا:
(صلوا مغرما قد وَاصل السقم جِسْمه ... من أجلكم طيب الْمَنَام فقد فقد)
(بأحشائه نَار تأجج فِي الْهوى ... فَكيف بإطفاء الغرام وَقد وَقد)
رَحمَه الله. وَذكره ابْن فَهد مطولا.
أَحْمد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد. / فِي أَحْمد الْقزْوِينِي من آخر الأحمدين.
أَحْمد بن حُسَيْن البسطامي بن الإعزازي شيخ زَاوِيَة ابْن الأطعاني / بحارة المشارقة ظَاهر)
حلب. جود الْقُرْآن لأبي عَمْرو وَحفظ ربع الْمِنْهَاج وَصَحب الشّرف أَبَا بكر الحبشي وَكَانَ مَاتَ بِمَكَّة بعد السِّتين.
أَحْمد بن الْحُسَيْن بن النصيبي الْمَقْدِسِي الخليلي. / ولد سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة وَسمع من الْمَيْدُومِيُّ نُسْخَة إِبْرَاهِيم بن سعد ومجالس الْخلال الْعشْرَة وَغَيرهمَا وَحدث(1/291)
سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى الْحَافِظ ورفيقه شَيخنَا الأبي والتقي أبي بكر القلقشندي وَحدثنَا عَنهُ وَآخَرين أجَاز لشَيْخِنَا ولولده فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَذكره لذَلِك فِي مُعْجَمه وَأَنه مَاتَ بعْدهَا، وَقد أثبت ابْن فَهد فِي نسبه فِي غير مَوضِع مُحَمَّدًا فَصَارَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن.
أَحْمد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد الحسني الهدوي الصعدي الْمَكِّيّ وَيعرف بِأبي سواسواي وَالِد مُحَمَّد. /
مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة سبع وَسِتِّينَ. ذكره ابْن فَهد وَقَالَ فِي مُحَمَّد سبط أبي سواسوا وَيُحَرر التئامهما.
أَحْمد بن أبي حمو مُوسَى بن عبد الْوَاحِد / وَعبد الْوَاحِد هَذَا جد لَهُ أَعلَى أَبُو الْعَبَّاس العَبْد الْوَادي التلمساني سُلْطَان الْمغرب الْأَوْسَط وَمَا والاها والملقب بالمعتصم. مَاتَ فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَله ذكر فِي حوادث سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ أَو الَّتِي بعْدهَا من أنباء شَيخنَا، وترجمه الزين عبد الباسط مطولا.
أَحْمد بن خَاص شهَاب الدّين الْحَنَفِيّ. / أحد الْفُضَلَاء المتميزين أَكثر من الِاشْتِغَال بالفقه والْحَدِيث لَيْلًا وَنَهَارًا وَكتب كثيرا وَجمع ودرس. مَاتَ فِي سنة تسع قَالَه الْبَدْر الْعَيْنِيّ، وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه أَن الْبَدْر أَخذ عَنهُ وَكَانَ يطريه.
أَحْمد بن خَالِد الْمَقْدِسِي / كتب فِي الاستدعاءات. وَمَات بِهِ فِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَخمسين وَلم أعلم أمره.
أَحْمد بن خرص الجميعي الْقَائِد. / مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع الْمحرم سنة خمس وَسِتِّينَ.
أرخه ابْن فَهد.
أَحْمد بن خضر المقسي الفران السطوحي وَيعرف بخروف. / شيخ مُعْتَقد مِمَّن يذكر بالجذب ويقصد للزيارة والتبرك بِهِ وَيتَكَلَّم فِي حَال صحوه بِمَا يدل على فضل فِي الْجُمْلَة. مَاتَ فِي يَوْم السبت سَابِع ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسِتِّينَ وَكَانَ بِأخرَة قد استوطن قرب جَامع بلكتمر الشيخوني الْمَعْرُوف بالجامع الْأَخْضَر بطرِيق بولاق وعمرت لَهُ زَاوِيَة هُنَاكَ فَدفن بهَا. ذكره)
الْمُنِير وَابْن تغري بردي.
أَحْمد بن خفاجا الشهَاب الصَّفَدِي / شيخها وزاهدها كَانَ جيدا صَالحا خيرا زاهدا عابدا قَانِتًا لأهل بَلَده فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير سِيمَا وَهُوَ لَا يقبل لأحد شَيْئا وَكَانَ فِي أول أمره حائكا ثمَّ تَركهَا وتقنع بكروم لَهُ. مَاتَ بعد أَن عمر طَويلا بصفد فِي سَابِع عشر رَجَب سنة خمسين.(1/292)
أَحْمد بن خلف شهَاب الدّين الْمصْرِيّ / نَاظر الْمَوَارِيث كَانَ أَبُو مهتارا عِنْد ابْن فضل الله. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن خَلِيل بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الشهَاب الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الشَّافِعِي سبط الْجمال يُوسُف بن مُحَمَّد بن أَحْمد الحجيني أحد المسندين الْآتِي فِي مَحَله وَيعرف بِابْن اللبودي وَابْن عرعر وَلكنه بِالْأولَى أشهر. / ولد فِي سَابِع عشر شعْبَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بسفح قاسيون من دمشق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي فنون وَمن شُيُوخه فِي الْفِقْه الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة والزين عبد الرَّحْمَن بن النشاوي وَفِي الْعَرَبيَّة الشهَاب بن زيد، وَطلب الحَدِيث وَتخرج بالخيضري فِيمَا قيل وَسمع على الشهَاب أَحْمد بن حسن بن عبد الْهَادِي خَاتِمَة أَصْحَاب الصّلاح بن أبي عمر بِالسَّمَاعِ ومجير الدّين بن الذَّهَبِيّ وَآخَرين أَوَّلهمْ مؤدبه شعْبَان بن مُحَمَّد بن جميل الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ سمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة الخيضري مُعظم السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وتميز وتعانى نظم الشّعْر فبرع وتكسب بِالشَّهَادَةِ بِبَاب الْبَرِيد وَلما دخلت دمشق سمع بِقِرَاءَتِي على جمع من شيوخها وَكنت أستفهمه عَمَّن بهَا من المسندين إِذْ ذَاك فَلَا يكَاد يفصح وأوقفني على مُصَنف لَهُ جمع فِيهِ الْأَوَاخِر ظريف فِي بَابه وعَلى تَارِيخ استفتحه من سنة مولده استمد فِيهِ من تَارِيخ التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَغَيره وَأَظنهُ خرج الْأَرْبَعين والمعجم وَكَذَا خرج الْأَرْبَعين لشيخه الْبَدْر بن قَاضِي شُهْبَة بل أرسل إِلَيّ يذكر أَنه جمع قُضَاة دمشق ثمَّ رَأَيْت نظمه فِي ذَلِك أرسل بِهِ للعز بن فَهد، وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا رَأَيْت بِدِمَشْق طَالبا لهَذَا الشَّأْن غَيره وَقد كتبت من نظمه ونثره وَأكْثر الاستمداد مني على يَد صاحبنا الْبُرْهَان القادري وَمن ذَلِك الْخِصَال المستوجبة للظلال وَبعد أَن فارقته حج وَلَقي صاحبنا ابْن فَهد وَسمع مِنْهُ وَمن غَيره بعض الشَّيْء ظنا بل قَرَأَ على التقي بن فَهد وَكتب لَهُ وَأَنا بِمَكَّة بإبلاغي سَلَامه وتعريفي بِكَثْرَة أشواقه واستمراره على نشر ألوية الدُّعَاء وَالثنَاء وَأَنه لَوْلَا مَا يرَاهُ من استصغار نَفسه للكتب إِلَيّ لكتب فَإِنَّهُ من أكبر المحبين، ثمَّ إِنَّه كتب إِلَيّ بعد ذَلِك طَائِفَة مُشْتَمِلَة على نظم ونثر وأدب كَبِير وتكررت)
مكاتباته إِلَيّ وَفِي بَعْضهَا السُّؤَال عَن مُؤَلَّفِي فِي الرَّحْمَة وَنعم هُوَ ذكاء وفضلا وتواضعا وتوددا ولطافة، وَمِمَّا كتب عَنهُ الْعِزّ بن فَهد قَوْله:(1/293)
(قلت لوجه الحبيب يَوْمًا ... وَالْقلب قد مل مِنْهُ صده)
(قد كنت تروي عَن ابْن بشر ... وَالْيَوْم تروي عَن ابْن عقده)
وَقَوله:
(يَا ناظري انْظُر فديتك لَا تكن ... مِمَّن غَدا يُبْدِي التعنت فِي الْأُمُور)
(وَإِذا رَأَيْت بيُوت نظمي قد وهت ... سامح فكم عِنْد الْفَقِير من الْقُصُور)
وَكتب عَليّ بعض الاستدعاءات:
(أجازهم مَا التمسوا بِشَرْطِهِ الْمَعْهُود ... رَاقِم هَذَا أَحْمد ابْن الفتي اللبودي)
وَكَانَ متزوجا بأخت إِبْرَاهِيم بن الْمُعْتَمد الْمَاضِي كَمَا أَن ذَاك كَانَ متزوجا بأخته وَلَكِن مَاتَت زَوْجَة هَذَا فِي حَيَاته وَاسْتمرّ هُوَ حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة قبل الْعَصْر سادس الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي ثمَّ بالجامع المظفري ثمَّ دفن بتربة الْمُوفق بن قدامَة عِنْد أَبِيه رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن خَلِيل بن أَحْمد بن سُلَيْمَان الْكَامِل بن الْكَامِل بن الْأَشْرَف الأيوبي الْآتِي أَبوهُ. / فر إِلَى جاهنشاه بتبريز خوفًا من ابْن أَخِيه نَاصِر فَلم يلبث أَن قتل نَاصِر جِيءَ بِهَذَا وَتمكن الْحصن فدام نَحْو سنتَيْن ثمَّ تغلب عَلَيْهِ ابْن عَمه خلف بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَاضِي وفر هَذَا إِلَى بَغْدَاد بعد تملك حسن بك الحصني ثمَّ إِلَى مصر فَأكْرمه عَتيق جده مرجان العادلي مقدم المماليك وَكَانَت منيته بهَا فِي أَيَّام الظَّاهِر خشقدم. استفدته من بعض أَقَاربه وَهُوَ وَالِد مَنْصُور الْمُقِيم بحماة.
أَحْمد بن خَلِيل بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن غَانِم بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن غَانِم بن عبد الرَّحْمَن شهَاب الدّين الْأنْصَارِيّ الخزرجي الْعَبَّادِيّ الْمَقْدِسِي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن غَانِم وبالجنيد / خَادِم الربعة بالمؤيدية. كَانَ يذكر أَنه سمع على أبي الْخَيْر بن العلائي بالقدس كثيرا بِقِرَاءَة الشَّمْس القلقشندي وتحيل على الْإِثْبَات الَّتِي عِنْد ابْن الرَّمْلِيّ فِي ذَلِك واستجازه البقاعي قبل وُقُوفه عَلَيْهَا وَقَالَ أَنه ولد فِي منتصف رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَمَات فِي حُدُود سنة سِتِّينَ أَو قبل ذَلِك.
أَحْمد بن خَلِيل بن أَحْمد الشهَاب بن الْغَرْس السخاوي الأَصْل القاهري البرجواني. / ولد فِي تَاسِع عشري ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي ثروة وَعز ثمَّ تقاعد بِهِ الزَّمن مَعَ ذكاء وفطنة وذوق بِحَيْثُ عمل العرافي الْعود قرضه لَهُ من دب ودرج نظما ونثرا وَكنت مِمَّن كتب لي بِهِ فَمَا رَأَيْت(1/294)
أَن أكتب وَسمعت مِنْهُ مقامة حَسَنَة عَملهَا بعد موت الزيني بن مزهر وَكَانَ يحسن إِلَيْهِ كثيرا، وَقد حج فِي الْبَحْر وجاور وَدخل كثيرا من الْبِلَاد الشامية وتغرب وَكَانَ كثير المخالطة لِابْنِ تغري بردي وَبَلغنِي أَنه عمل المواعيد وباشر فِي أوقاف الباسطية، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بديع الذكاء مفرط الْفَاقَة. وَمِمَّا كتب بِهِ: مَا يَقُول مَوْلَانَا الْفَاضِل اللبيب الَّذِي حَاز من البلاغة أوفى نصيب فِي اسْم من أَرْبَعَة تركب ثَلَاثَة أَرْبَاعه لَا تستحيل بالانعكاس فِي كل مَذْهَب وَفِيه ثَلَاثَة أحرف متماثلة وَهِي جمع لِأَشْيَاء حاملة نصفه الأول بعد تَصْحِيف ثَانِيه كم راحت عَلَيْهِ روح مَعَانِيه وَكم عاشق ذليل رَضِي بمقلوبه ليفوز باللذة من وصل محبوبه وَإِن صحفت بعد قلبه الثَّانِي وَالْأول كَانَ فعل أَمر وَإِن لم تفهمه فسل وَإِن كررت هَذَا الْأَمر مَعَ إِضَافَة وصف فَم الحبيب كَانَ صفة لقنديل أَو مَجْنُون سليب وَإِن صحفت ثَانِي هَذَا الِاسْم وحذفت أَوله كَانَ جمعا لآلات مستعملة وَإِن حذفت آخِره كَانَ اسْما لمأكول تعرفه بالذوق إِن فهمت مَا أَقُول وَإِن أشكل تَصْحِيف آخِره بعد حذف الأول كَانَ اسْم آلَة فِيهَا النّصْف من أشكل وَإِن صحفت ثَانِي نصفه الأول بترتيب كَانَ صفة من أَوْصَاف ردف الحبيب أَو صفة لعاشق متيم كئيب وَإِن قلبت هَذَا النّصْف وصحفته كَانَ اسْم شَيْء من البهار إِن عَرفته وَإِن صحفت بعض هَذَا الِاسْم فِيمَا تحكي فكتبي لَك تحصل بِغَيْر شكّ وَفِيه شكّ إِن قلبته أَو لم تقلبه فَتَأمل مَعَانِيه فَإِنَّهَا مجيبة وَرُبمَا ازْدَادَ بالتصحيف بالمدد حَتَّى يصير سِتا بِالْعدَدِ فأبنه يَا من غَدَتْ الفصاحة طوع يَدَيْهِ وتأمله فَإِنَّهُ ظَاهر ومساق الْكَلَام عَلَيْهِ.
أَحْمد بن خَلِيل بن حسن الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ وَيعرف وَالِده بالفراء. / ذكره الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وَقَالَ أَنه نَشأ بهَا وفيهَا ولد فِيمَا أَحسب وعنى بِحِفْظ الْقُرْآن وَصَارَ يُصَلِّي بِهِ التَّرَاوِيح إِمَامًا ويخطب ليَالِي فِي بعض الْمدَارِس وعني بِالْكِتَابَةِ حَتَّى حسن خطه ثمَّ لايم الدولة بِمَكَّة لكَون مقبل العرامي زوج أمه كَانَ يخدمها ويسافر بهَا إِلَى مصر فاستكتبه إِلَيْهَا وَعرف أَهلهَا بِهِ فعرفوه فَلَمَّا مَاتَ عَمه صَار يُسَافر بهم إِلَى مصر وَيدخل فِي أُمُورهم عِنْد النَّاس وَحصل فِي نفوس بعض أَعْرَاب الْحجاز مِنْهُ شَيْء لتَقْصِيره فِي خدمتهم فَقدر أَنه وَافق بَعضهم فِي السّفر)
إِلَى مَكَّة فِي سنة ثَلَاث عشرَة فَقتل بَين الْعقبَة وينبع فِي لَيْلَة سَابِع عشر ربيع الآخر مِنْهَا وَوصل رَفِيقه بحوائجه وَذكر أَنه فَارقه لَيْلًا لحَاجَة فِي بعض الطَّرِيق فَجَاءَهُ من لَا يعرفهُ فَقتله واتهم بِهِ رَفِيقه فَالله أعلم، وَكَانَ كثير الْأَذَى للنَّاس والتسلط عَلَيْهِم(1/295)
وَعَلِيهِ اعتمدت فِي كَونه أَنْصَارِيًّا سامحه الله.
أَحْمد بن خَلِيل بن طبخ الجودري الْمُؤَدب نزيل مَكَّة / مِمَّن سمع مني بهَا وَكَانَ يجيد حفظ الْقُرْآن وَيقْرَأ بِهِ على الْقُبُور وَغَيرهَا. مَاتَ بهَا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين.
أَحْمد بن خَلِيل بن كيكلدي الشهَاب أَبُو الْخَيْر بن الْحَافِظ الصّلاح أبي سعيد العلائي الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي خَال الشَّمْس مُحَمَّد بن التقي إِسْمَاعِيل القلقشندي. / ولد سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق واعتنى بِهِ أَبوهُ فأسمعه من كبار الْحفاظ والمسندين بهَا كالمزي والبرزالي والذهبي وَابْن المهندس وَابْن نباتة وَأبي الْحسن بن مَمْدُود الْبَنْدَنِيجِيّ وَأبي الْمَعَالِي بن أبي التائب والشرف بن الْحَافِظ والحجار وَأبي بكر بن عنتر وَأبي عبد الله بن طرخان وَالْفَخْر عبد الرَّحْمَن بن الْفَخر البعلي وَزَيْنَب ابْنة يحيى بن الْعِزّ عبد السَّلَام وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال وحبيبة ابْنة الزين وَعَائِشَة الحرانية بل أحضرهُ على الْعَفِيف إِسْحَاق الْآمِدِيّ وست الْفُقَهَاء ابْنة الوَاسِطِيّ وارتحل بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة بعد الْأَرْبَعين فأسمعه من الْأُسْتَاذ أبي حَيَّان وَأبي نعيم الأسعردي وَالْجمال يُوسُف المعدني والتاج عبد الْوَهَّاب القمني والميدومي وَإِسْمَاعِيل التفليسي وَجمع من أَصْحَاب النجيب وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ خلق وَهُوَ مكثر سَمَاعا وشيوخا وَمن شُيُوخه أَيْضا وَالِده وَكَذَا من عُيُون مروياته الصَّحِيح وَالسّنَن لِابْنِ مَاجَه وموافقات عبد وثلاثياته وجزء أبي الجهم سَمعهَا مَعَ غَيرهَا على الحجار والمعجم الصَّغِير الطَّبَرَانِيّ وجزء إِبْرَاهِيم بن فَهد سمعهما على ابْن أبي التائب وَالْجَامِع لِلتِّرْمِذِي سَمعه رَفِيقًا للتنوخي على شُيُوخه، وَخرج لَهُ الْمُحدث أَبُو حَمْزَة أنس بن عَليّ الْأنْصَارِيّ أَرْبَعِينَ حَدِيثا عَن أَرْبَعِينَ شَيخا حدث بهَا وبجل مروياته سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة كالحافظ الْجمال بن ظهيرة وَابْن رسْلَان وَابْن أُخْته الشَّمْس القلقشندي وَولده شَيخنَا التقي أَبُو بكر وَأكْثر عَنهُ وَأُخْته أَسمَاء وَالْجمال بن جمَاعَة وَابْن الديري وَمن لَا أحصيه كَثْرَة وَصَارَ رحْلَة تِلْكَ الْبِلَاد وقصده شَيخنَا فَمَاتَ قبل وُصُوله لكنه أجَاز لَهُ بل كَانَ يظنّ حُضُوره عَلَيْهِ بِبَيْت الْمُقَدّس سنة خمس وَسبعين فِي صغره مَعَ أَبِيه، وَكَذَا حدث بِالْقَاهِرَةِ وبدمشق أَيْضا حَيْثُ دَخلهَا لضَرُورَة فِي سنة خمس وَتِسْعين فِي دَار الحَدِيث الأشرفية بِحَضْرَة الشهَاب)
الحسباني، وَكَانَ خيرا فَاضلا محبا للْحَدِيث وَأَهله. وَمِمَّنْ تَرْجمهُ سوى شَيخنَا التقي الفاسي فِي ذيله والمقريزي فِي عقوده وَأَنه كتب لَهُ بِالْإِجَازَةِ فِي سنة أَربع وَسبعين وَكَانَ من أَعْيَان بَلَده.
مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ عَن(1/296)
سِتّ وَسبعين سنة رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن خَلِيل بن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم القادري المدير. / ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد ابْن أَسد وتكسب حريريا وبالدوران للأعلام بالموتى لفقره وَعِيَاله.
أَحْمد بن خَلِيل بن يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن العنتابي الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ الضَّرِير. / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه كَانَ عَارِفًا بالقراءات لَهُ يَد طولى فِي حل الشاطبية ونونية السخاوي ومنظومة النَّسَفِيّ فِي الْفِقْه، مِمَّن يسكن بحارة الْبَسَاتِين بعنتاب ويقرئ النَّاس، قَالَ الْعَيْنِيّ قَرَأت عَلَيْهِ سنة سِتّ وَسبعين أرخه فِي صفر سنة خمس وَقَالَ فِي آخر تَرْجَمته أَنه توفّي قبل ذَلِك بِسنتَيْنِ أَيَّام تمرلنك انْتهى. وَفِي سنة ثَلَاث أرخه شَيخنَا.
أَحْمد بن خَلِيل الصُّوفِي / أحد الْأَطِبَّاء ووالد الْمَوْجُودين الْآن كَانَ يجلس عِنْد عطار بِبَاب جَامع الْأَقْمَر كولده الْآن وَآخر عهدي بِهِ بعد السِّتين.
أَحْمد بن خيربك أَخُو مُحَمَّد وَإِسْمَاعِيل وأمير الْمُؤمنِينَ عبد الْعَزِيز بني يَعْقُوب الْآتِي ذكرهم لأمهم / وَتزَوج ابْنة الْبِسَاطِيّ.
أَحْمد بن دَاوُد بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد الصَّالِحِي الْقطَّان أَبوهُ الْمُؤَذّن / هُوَ. ولد سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمع على الْمزي والبرزالي والعز مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي عمر وَعبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْيُسْر وَآخَرين وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ لم أجد لَهُ سَمَاعا على قدر سنه ثمَّ ذكر أَنه قَرَأَ وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء وَكَذَا سمع عَلَيْهِ الْعِزّ عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي. مَاتَ فِي رَجَب سنة سِتّ، وَهُوَ فِي الأنباء بِاخْتِصَار وَكَذَا فِي عُقُود المقريزي.
أَحْمد بن دَاوُد بن سُلَيْمَان بن صَلَاح بن إِسْمَاعِيل الشهَاب البيجوري ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. / ولد بالبيجور سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَقدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين والألفيتين وَيَقُول العَبْد وَعرض على خلق ولازم الِاشْتِغَال عِنْد الشّرف عبد الْحق السنباطي وَأخي أبي بكر فِي التَّقْسِيم وَغَيره بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بهما، وَكَذَا أَكثر من الْحُضُور عِنْد الْجَوْهَرِي والزين السنتاوي والطنتدائي الضَّرِير وَقَرَأَ على الشّرف مُوسَى البرمكيني وعَلى الزين زَكَرِيَّا يَسِيرا وَرُبمَا حضر عِنْد الْعَبَّادِيّ ثمَّ الشهَاب الْعمريّ والبدر المارداني والشهاب(1/297)
أَحْمد بن عبد الله المنهلي، وَطلب الحَدِيث وَأكْثر عَن بقايا الشُّيُوخ سَمَاعا وإجازة وَحصل بعض مسموعه وَكَانَ يراجعني فِي كثير من الْأَسَانِيد مَعَ قِرَاءَة البُخَارِيّ وَغَيره عَليّ وَتَحْصِيل جَانب من شرح الألفية وَقِرَاءَة بعضه وَرُبمَا استملى عَليّ وَضبط الْأَسْمَاء فِي بعض السّنَن على المنشاوي بِحَضْرَة الخيضري وَكَذَا قَرَأَ على الديمي والسنباطي وَآخَرين، وَحج وتنزل فِي الصلاحية والبيبرسية وَغَيرهمَا وأقرأ ولد الْعَبْسِي وقتا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وشارك فِي الْفِقْه وَنَحْوه وَأذن لَهُ الْجَوْجَرِيّ فِي الإقراء من سنة سِتّ وَثَمَانِينَ والشرف عبد الْحق فِيهِ وَفِي الْإِفْتَاء وَكَذَا إجَازَة المارداني والعميري والمنهلي والسنتاوي والخيضري وَغَيرهم وكتبت لَهُ: وقفت على هَذِه الأجايز الصادرة مِمَّن صيرهم الله تَعَالَى يشار إِلَيْهِم بالتدريس والإفادة وَأَحْكَام التأسيس والإرادة نفع الله بهم وَرفع بِالْعلمِ من تمسك بسببهم وعولت على مَا أبدوه ومشيت فِيمَا اعتمدوه ورأوه وَقلت إِن الْمجَاز نفع الله بِهِ غير مُتَأَخّر عَن هَذِه الْمرتبَة لاجتهاده فِي الْعلم واعتداله فِيمَا تحمله وَكتبه بِحَيْثُ أَنه لازمني رِوَايَة ودراية وساومني فِيمَا ارْتَفع لَهُ بَين أهل الحَدِيث راية بل قَرَأَ وَسمع الْكثير وَصَارَ الْمرجع فِي معرفَة من صَار يذكر فِي هَذِه الْأَزْمَان بِالْإِسْنَادِ والتذكير لِأَنَّهُ حصل من ذَلِك جملَة وتفضل على القاصرين بِمَا فَضله مِنْهُ وأجمله كل ذَلِك مَعَ سلوك الِاعْتِدَال واشتهاره بتجنب الطَّرِيق المصاحبة للاعتلال بل جلس للتدريس سِنِين مُتعَدِّدَة وأزال عَن الطلاب مَا كَانَ لديهم فِيهِ الْإِشْكَال والتلبيس وَبعده وَكَانَ يحضر فِي ختومه الْأَعْيَان من الْفُضَلَاء والشبان وَذكر باستحضار الْفِقْه والمشاركة فِي غَيره ثمَّ لم يزل فِي ارتقاء فِي عمله وخيره وَكنت مِمَّن سبق مني الْأذن لَهُ فِي ذَلِك وَتحقّق مني الْمَشْي فِي هَذِه المسالك رَزَقَنِي الله وإياه الْإِخْلَاص بالْقَوْل وَالْعَمَل ووفقني لما يكون وَسِيلَة لحسن الخاتمة عِنْد الْأَجَل.
وَحج فِي سنة سِتّ وَتِسْعين فِي الْبَحْر وجاور بَقِيَّة السّنة وَجلسَ بِبَاب السَّلَام بل أَقرَأ وَعَاد مَعَ الركب فَمَاتَ بالمويلحة فِي الْمحرم سنة سبع وَتِسْعين وتأسفنا عَلَيْهِ فَنعم الرجل كَانَ.
أَحْمد بن دَاوُد بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الدلاصي. / شَاهد الطرحي كَانَ من الْأَعْيَان المعتبرين بِالْقَاهِرَةِ. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه، وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته وَأَنه بَاشر عِنْد جمَاعَة من الْأُمَرَاء فِي دواوينهم وناب عَنهُ فِي الْحِسْبَة وَسكن فِي ذَلِك وَأَنه زَاد على السِّتين وَكَانَ(1/298)
لَهُ بِهِ أنس، ثمَّ سَاق عَنهُ حِكَايَة اتّفقت للظَّاهِر برقوق حِين كَانَ فِي سجن الكرك.
أَحْمد بن دريب بن خلد الشهَاب أَبُو الغواير بن قطب الدّين الحسني صَاحب جازان وَابْن صَاحبهَا. / حاصره السَّيِّد مُحَمَّد بن بَرَكَات فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ كَمَا فِي الْحَوَادِث.
أَحْمد بن دلامة الخواجا الشهَاب الْبَصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي. / أنشأ مدرسة بصالحية دمشق، وَمَات فِي ثامن عشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَخمسين فَدفن بعد الْعَصْر من يَوْمهَا رَحمَه الله.
أَحْمد بن رَاشد بن طرخان شهَاب الدّين الملكاوي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي / نَشأ بِدِمَشْق وتفقه وبرع وشارك فِي الْفُنُون ودرس وَأفْتى وناب فِي الحكم مَعَ الدّين المتين وَنصر السّنة. قَالَه شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ جالسته بِجَامِع دمشق وَسمعت من فَوَائده وَسمع معي من بعض الشُّيُوخ وحَدثني بِجُزْء من حَدِيثه غَابَ عني الْآن وَقد قَالَ الشهَاب الزُّهْرِيّ يَعْنِي فِي حَيَاة الشّرف الشريشي وَغَيره أَنه لَيْسَ بِدِمَشْق من أَخذ الْعلم على وَجهه غَيره. وَمن مروياته الْجُزْء الثَّالِث من حَدِيث عبيد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ الميدلاني سَمعه على أبي عَليّ بن الهبل عَن الْفَخر وَرَأَيْت سَمَاعه فِي طَبَقَات التَّاج السُّبْكِيّ الْكُبْرَى عَلَيْهِ فِي عدَّة أَجزَاء وَنَحْوه قَوْله فِيمَا استدركه على المقريزي كَانَ بارعا فِي الْفتيا وتدريس الْفِقْه محبا فِي السّنة ملازما للاشتغال، وَقَالَ فِي أنبائه كَانَ دينا خيرا يحب الحَدِيث وَالسّنة، قَالَ ابْن حجي كَانَ ملازما للأشغال والاشتغال وَيكْتب على الْفَتَاوَى كِتَابَة جَيِّدَة محررة واشتهر بذلك فَصَارَ يقْصد من الأقطار قَالَ وَكَانَ فِي ذهنه وَقْفَة وَكَانَ يلازم الْجَامِع الْأمَوِي فِي الصَّلَوَات وَله حَلقَة بِهِ يشْتَغل فِيهَا ودرس بالدماغية وَغَيرهَا، وَكَانَ يمِيل إِلَى ابْن تَيْمِية ويعتقد رُجْحَان كثير من مسَائِله مَعَ حِدة ونفرة من كثير من النَّاس انْفَصل من الْوَقْعَة وَهُوَ سَالم وَلَكِن حصل لَهُ جوع فَتغير مِنْهُ مزاجه وتعلل إِلَى أَن مَاتَ فِي نصف رَمَضَان سنة ثَلَاث، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن رَاشد الينبعي / قاضيها من قبل إِمَام الزيدية وَصَاحب صنعاء لكَونه زيديا فدام سِنِين حَتَّى مَاتَ وَكَانَ يتَوَقَّف فِي قبُول كثير من مخالفيه مَعَ نِسْبَة لخبرة مذْهبه، وَحج فِي سنة تسع عشرَة فأدركه أَجله بعد الْحَج فِي النَّفر الأول أَو الثَّانِي مِنْهَا وَدفن بالمعلاة وَبني على قَبره نصب. ذكره الفاسي.
أَحْمد بن رَاشد التَّيْمِيّ الْبناء الْمَكِّيّ. / مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سبع وَخمسين.(1/299)
أَحْمد بن ربيعَة بن علوان الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ / أحد المجودين للقراءات العارفين بالعلل أَخذ عَن ابْن اللبان وَغَيره وانتهت إِلَيْهِ رياسة هَذَا الْفَنّ بِدِمَشْق، وَكَانَ مَعَ ذَلِك خاملا لمعاناة ضرب
المندل واستحضار الْجِنّ. مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَقد جَازَ السِّتين. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن رَجَب بن طيبغا المجدي أحد مقدمي الألوف الشهَاب بن الزين القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن المجدي نِسْبَة لجده. / ولد فِي الْعشْر الأول من ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج ثمَّ جَمِيع الْحَاوِي وألفية النَّحْو وَغير ذَلِك وتفقه بالبلقيني وَابْن الملقن والكمال الديمري والشرف مُوسَى بن البابا وَبِه انْتفع فِي الْحَاوِي لمزيد تقدمه فِيهِ وَالشَّمْس الْعِرَاقِيّ وَعنهُ أَخذ الْفَرَائِض وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ الْفَرَائِض والحساب عَن التقي بن عز الدّين الْحَنْبَلِيّ والعربية عَن الشَّمْس العجيمي وَقيد عَنهُ شرحا على الشذور فِي آخَرين مِنْهُم فِي الْمِيقَات ومتعلقاته الْجمال المارداني وَكَانَ يخبر أَنه سمع الْمُوَطَّأ على المحيوي الْقَرَوِي وجد فِي الطّلب واجتهد بأعظم سَبَب بِحَيْثُ كَانَ يَحْكِي أَنه مر على الميمي خمْسا وَسِتِّينَ مرّة، وبرع فِي فنون تقدم بذكائه المفرط الَّذِي قل أَن يوازى فِيهِ وأشير إِلَيْهِ بالتقدم قَدِيما وَصَارَ رَأس النَّاس فِي أَنْوَاع الْحساب والهندسة والهيئة والفرائض وَعلم الْوَقْت بِلَا مُنَازع، واشتهر بإجادة إقراء الْحَاوِي، وانتدب للإقراء وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء وَأخذ عَنهُ الْأَعْيَان من كل مَذْهَب طبقَة بعد أُخْرَى وَمِمَّنْ لَازمه وانتفع بِهِ شَيخنَا ابْن خضر والنور الْوراق الْمَالِكِي والشرف بن الجيعان وَالسَّيِّد عَليّ والشهاب السجيني والهيثمي والبدر المارداني والزين زَكَرِيَّا والبدر حسن الْأَعْرَج، وَحكى لي عَنهُ أَنه صعد القلعة للاجتماع بالأشرف فِي قَضِيَّة ضَاقَ صَدرا بهَا فَمَا تيَسّر فَرجع وَقد تزايد كربه فاتفق أَنه دخل مدرسة قريبَة من القلعة فَتَوَضَّأ وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَرفع رَأسه فَوجدَ بِجَانِب مِحْرَابهَا مَكْتُوبًا:
(دعها سَمَاوِيَّة تجْرِي على قدر ... لَا تعترضها بِأَمْر مِنْك تنفسد)(1/300)
فَاسْتَبْشَرَ بذلك وآلى أَن قضى أمره أَن يضمنهُ فِي أَبْيَات فَلم يلبث أَن جَاءَ قَاصد السُّلْطَان بِطَلَبِهِ وَحصل الْغَرَض فَقَالَ فِي أثْنَاء أَبْيَات:
(فَقلت للفكر لما صَار مضطربا ... وخانني الصَّبْر والتفريط وَالْجَلد)
(دعها سَمَاوِيَّة تجْرِي على قدر ... لَا تعترضها بأمرمنك تنفسد)
(فخفني بخفي اللطف خالقنا ... نعم الْوَكِيل وَنعم العون والمدد)
وَكَذَا حَكَاهَا لي عَنهُ الشّرف بن الجيعان وَعين الْمَكَان، وَكنت مِمَّن أَخذ عَنهُ، وَمِمَّنْ حضر عِنْده الشَّيْخ الشهَاب الكلوتاتي الْمُحدث الشهير، وَله تصانيف كَثِيرَة فائقة مِنْهَا الدوريات وجزء فِي)
الحناني وَآخر فِي قَول الْمَدْيُون لرب الدّين ضع وتعجل ومختصر فِي الْفَرَائِض بديع لم يسْبق إِلَيْهِ سَمَّاهُ إبراز لطائف الغوامض فِي إِحْرَاز صناعَة الْفَرَائِض وَآخر أكبر مِنْهُ لكنه لم يشْتَهر كاشتهاره لكَونه لم يتم فَإِنَّهُ قِسْمَانِ علمي وَتمّ فِي مُجَلد وعملي لم يتم كتب مِنْهُ كراريس وَتعرض فِيهِ لخلاف الْأَرْبَعَة سَمَّاهُ الْكَافِي وَشرح الجعبرية والرسالة الْكُبْرَى وَهِي سِتُّونَ بَابا لشيخه المارداني وَالتَّلْخِيص لِابْنِ الْبناء فِي الْحساب وَهُوَ عَظِيم الْفَائِدَة بل هُوَ من أعظم تصانيفه فِي مُجَلد ضخم والرسالة لِابْنِ السراج وَله أَيْضا فِي الْحساب المبتكرات فِي دون كراس وَكَذَا من تصانيفه إرشاد الحائر فِي الْعَمَل بِربع الدائر وَزَاد الْمُسَافِر وَالْقَوْل الْمُفِيد فِي جَامع الْأُصُول والمواليد والدرر فِي مُبَاشرَة الْقَمَر والدر الْيَتِيم فِي حل الشَّمْس وَالْقَمَر وَهُوَ نَفِيس فِي بَابه وكشف الْحَقَائِق فِي حِسَاب الدرج والدقائق والمنهل العذب الزلَال فِي معرفَة حِسَاب الْهلَال والفصول فِي الْعَمَل بالمقنطرات ورسالة فِي الْعَمَل بالجيب والضوء الأح فِي وضع الخطوط على الصفائح ورسالة فِي الرّبع المستر وَأُخْرَى فِي الرّبع الْهِلَالِي وكراسة فِي معرفَة الأوساط وَأُخْرَى فِي اسْتِخْرَاج التواريخ بَعْضهَا من بعض وَله فِي إِخْرَاج الْقبْلَة بِثَلَاث نقط من غير دَائِرَة اثْنَا عشر بَيْتا وَشَرحهَا والتسهيل والتقريب فِي طرق الْحل والتركيب والإشارات فِي كَيْفيَّة الْعَمَل بالمحلولات والمنثورة فِي عُلُوم شَتَّى وَله مُصَنف فِي الحَدِيث وَكِتَابَة جَيِّدَة على الفتاوي، كل ذَلِك مَعَ الدّيانَة وَالْأَمَانَة والثقة والتواضع والسكون والسمت الْحسن وإيراد النُّكْتَة والنادرة والظرف والانجماع عَن النَّاس بمنزله المجاور للأزهر والاستغناء عَنْهُم بإقطاع بِيَدِهِ بل كَانَ يبر الطّلبَة والفقراء أَيْضا وَبَلغنِي أَنه كَانَ يَقُول إِذا استغرقت فِي غوامض الْمِيقَات أحس بالظلام فِي قلبِي وَأَنِّي كالممقوت. وَولي مشيخة الجانبكية الدوادارية بالشارع ولاه إِيَّاهَا الْأَشْرَف وَهُوَ المبتكر للتصوف فِيهَا لكَون واقفها كَانَ عتيقه وَأسْندَ إِلَيْهِ وَصيته. وَاسْتمرّ على طَرِيقَته الجميلة حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة(1/301)
السبت حادي عشر ذِي الْقعدَة سنة خمسين عَن أَربع وَثَمَانِينَ سنة وَدفن من الْغَد بِالْقربِ من الطَّوِيلَة فِي مشْهد حسن أمّهم شَيخنَا وَلم يخلف بعده فِي فنونه مثله وَلم يذكرهُ شَيخنَا مَعَ وَاقعَة دينية اتّفقت لَهُ عَارضه فِيهَا بمقصد صَالح من كل مِنْهُمَا أَشَارَ إِلَيْهَا فِي سنة ثَلَاثِينَ. وَقد قَالَ الْعَيْنِيّ فِي تَارِيخه كَانَ من أهل الْعلم وَالدّين كَاف الشَّرّ عَن النَّاس مُنْقَطِعًا عَنْهُم ملازما لبيته وَعِنْده بعض مسك الْيَد مَعَ الْقُدْرَة على الدُّنْيَا انْتهى، ومستنده فِي ذَلِك فِيمَا ظهر لي أَنه لأجل كَون عِيَاله كن إِمَاء كَانَ
يخرج لَهُنَّ مَا يحتجن إِلَيْهِ فِي كل يَوْم بِالْمَعْرُوفِ خوفًا من تبذيرهن ويصل ذَلِك كَذَلِك على لِسَان النسْوَة إِلَى الْبَدْر لكَونه من جِيرَانه وَإِلَّا فَلم أر من طلبته الْفُقَرَاء وَنَحْوهم إِلَّا وَهُوَ يذكر بره وصلته إِلَيْهِ رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن رَجَب بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن جميل الشّرف البقاعي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد الْبُرْهَان بن الزُّهْرِيّ الْمَاضِي. / مَاتَ فِي فتْنَة التتار سنة ثَلَاث.
أَحْمد بن رسْلَان. / هُوَ ابْن الْحُسَيْن بن الْحسن بن عَليّ بن رسْلَان.
أَحْمد بن رسْلَان السفطي القاهري الشَّافِعِي / أحد من جد وَمهر إِلَى أَن صَار يستحضر الْكثير من الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة ويباحث ويستشكل وَيفهم قَلِيلا وَهُوَ من كبار الطّلبَة بالخانقاه الشيخونية مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَعشْرين وَقد أكمل السِّتين.
أَحْمد بن رضوَان بن عَليّ بن رضوَان شهَاب الدّين القاهري الشَّافِعِي. / نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَدَار مَعَ أَبِيه فِي الأسباع وَنَحْوهَا واشتغل يَسِيرا وترفع عَن طَريقَة وَالِده فناب فِي الْقَضَاء وتنزل فِي وظائف وباشر فِي جِهَات كالخشابية وَكَانَ عَاقِلا كيسا ذَا ثروة كأبيه واستجد دَارا دَاخل بَاب النَّصْر. مَاتَ فَجْأَة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فِي حَيَاة أَبِيه وَقد جَازَ الْأَرْبَعين وَكثر تأسف النَّاس عَلَيْهِ مَعَ التوجع لِأَبِيهِ رَحمَه الله.
أَحْمد بن رَمَضَان بن عبد الله الشهَاب السُّلَيْمَانِي ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي الضَّرِير نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بالشهاب الْحلَبِي. / ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بالسليمانية بِالْقربِ من آمد وانتقل مِنْهَا فِي صغره فجود الْقُرْآن بعد أَن حفظه على كل من عبد الله الشِّيرَازِيّ بحصن كيفا والْعَلَاء عَليّ بن أبي سعيد وَابْنَة الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بماردين وَابْن شلنكار بعنتاب، وتلا لعاصم وَالْكسَائِيّ وَابْن عَامر على الْبَدْر حُسَيْن الرهاوي بهَا وَلأبي عَمْرو على عبيد الضَّرِير وَمُحَمّد الأعزازي كِلَاهُمَا بحلب ولعاصم على الشَّمْس الحوراني بطرابلس وَله وَلابْن عَامر(1/302)
وَغَيرهمَا على الشَّمْس بن النجار بِدِمَشْق وللكسائي على الشَّمْس القباقبي بغزة وبالجامع الْكَبِير على الْبُرْهَان الكركي بِالْقَاهِرَةِ وَكَذَا جمع الْبَعْض بهَا على التَّاج بن تمريه وَطَاف سوى مَا سلف من الْأَمَاكِن كل ذَلِك مَعَ ضَرَره الَّذِي كَانَ ابتداؤه فِي صغره من جدري عرض لَهُ وحافظته قَوِيَّة قَالَ لي أَنه حفظ الْعُمْدَة ومعالم التَّنْزِيل والشاطبيتين وألفية الْعِرَاقِيّ فِي الحديثية وَالْحَاوِي والمنهاج الفرعيين وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك والحاجبية وَجُمْلَة وَلَكِن اشْتِغَاله فِي غير الْقرَاءَات
يسير فَأخذ فِي الْفِقْه والعربية وَالتَّفْسِير وَغَيرهَا عَن ابْن زهرَة بطرابلس وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الْبُرْهَان الْحلَبِي والتاج بن بردس وَابْن نَاصِر الدّين وَابْن العصياتي وَطَائِفَة وقطن الْقَاهِرَة دهرا وَقَرَأَ على شَيخنَا من حفظه من أول البُخَارِيّ إِلَى مَوَاقِيت الصَّلَاة وأقرأ الطّلبَة وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَمِير يشبك الْفَقِيه رَأَيْته عِنْده وَفِي مجْلِس شَيخنَا كثيرا وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن الْقصاص إِمَام الجيعانية، وَهُوَ حسن الأبهة نير الشيبة كثير التودد زَائِد الْمقَال لَهُ فهم فِي الْجُمْلَة. وَمَات قريب الثَّمَانِينَ عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن رَمَضَان التركماني الأجقي / صَاحب أدنة وسيس وَإيَاس وَغَيرهَا. ولي الأمرة من قبل الثَّمَانِينَ وَاسْتمرّ يُشَاقق الْعَسْكَر الشَّامي تَارَة ويصالحوه أُخْرَى وتجردوا لَهُ مرّة سنة ثَمَانِينَ كَمَا فِي الْحَوَادِث ثمَّ فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ فَكسر فِيهَا أَمِير عسكره أَخُوهُ إِبْرَاهِيم فَلَمَّا كَانَت الْفِتْنَة الْعُظْمَى وَرجع اللنك إِلَى الْعرَاق اسْتَقر قدم أَحْمد وَاسْتمرّ على ذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة تسع عشرَة. وَكَانَ شَيخا كَبِيرا مهيبا شهما عَليّ الهمة كَرِيمًا صاهره النَّاصِر على ابْنَته، وَله الْيَد الْبَيْضَاء فِي طرد الْعَرَب عَن حلب فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَابْن خطيب الناصرية وَزَاد مَعَ طيش ومحبة فِي الْفِتَن فَكَانَ تَارَة يدْخل تَحت الطَّاعَة وَتارَة يُشَاقق وَيكثر الْفساد وتجردت إِلَيْهِ العساكر الحلبية مرَارًا.
أَحْمد بن زَكَرِيَّا التلمساني المغربي الْمَالِكِي. / أَخذ عَن ابْن مَرْزُوق الْحَفِيد وَتقدم فِي أصُول الْفِقْه والمنطق وشارك فِي الْفِقْه وَغَيره، وَهُوَ فِي سنة تسعين حَيّ وَيكون تَقْرِيبًا فِي حُدُود السّبْعين، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ صاحبنا عبد الله الحسناوي وَله ذكر فِي أبي الْفضل البجائي.
أَحْمد بن الزين الْوَالِي. / يَأْتِي فِي ابْن عمر.
أَحْمد بن سَالم بن حسن شهَاب الدّين الجدي نزيل مَكَّة وقاضي جدة وَيعرف(1/303)
بِابْن أبي الْعُيُون. /
تفقه كثيرا بِابْن سَلامَة نور الدّين وَحضر دروس الْجمال بن ظهيرة وَولده الْمُحب عَليّ وَكَانَ لَهما وادا، وجاءه توقيع بِقَضَاء جدة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَوَافَقَهُ الْمُحب على ذَلِك وَتوجه لَهَا فباشر الْأَحْكَام على صفة لَا يعْهَد مثلهَا بهَا فشق ذَلِك على الْمُحب فاستدعاه لأمر مَا فَلم يحضر فَعَزله ثمَّ أَعَادَهُ وَسُئِلَ فِي صرفه فَأجَاب وَكَانَ مِمَّا يعانى التِّجَارَة وَحصل دنيا وعقارا والتقط من المنسك الْكَبِير لِابْنِ جمَاعَة مَا يتَعَلَّق بِهِ بِمذهب الشَّافِعِي فِي كراريس وَكَانَ يذكر أَنه من ربيعَة الْفرس. مَاتَ بِمَكَّة فِي أَوَائِل ربيع الآخر سنة سبع وَعشْرين وَدفن بالمعلاة وَهُوَ)
فِي عشر الْخمسين ظنا. ذكره الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة.
أَحْمد بن سَالم بن حسن الإسحاقي / نِسْبَة لمحلة إِسْحَاق من الغربية. ولد قبل الْخمسين وَثَمَانمِائَة وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَنسخ واشتغل قَلِيلا وَقد اجْتمع بِي فَأخذ عني شَيْئا.
أَحْمد بن سَالم الْعَبَّادِيّ ثمَّ القاهري الأزبكي شَقِيق إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَمُحَمّد الْآتِي / مِمَّن يتسمى شافعيا كَأَنَّهُ لأجل الْوَظَائِف وَإِلَّا فالثلاثة لَا أَهْلِيَّة فيهم، وَقد حج مَعَ أَبِيه وأخيه فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين فَرَجَعَا وَتَأَخر إِبْرَاهِيم.
أَحْمد بن أبي السعادات بن عَادل الْحُسَيْنِي الْمدنِي أَخُو عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَعبد الْكَرِيم الْمَذْكُورين. / ولد سنة سبع وَسِتِّينَ بِالْمَدِينَةِ وَحفظ الْقُرْآن والقدوري واشتغل قَلِيلا وَهُوَ مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة.
أَحْمد بن سعد بن أَحْمد الشهَاب الخيفي بِالْمُعْجَمَةِ ثمَّ تَحْتَانِيَّة بعْدهَا فَاء الْمَكِّيّ / حفظ الْقُرْآن وتنزل مَعَ قراء سبع سودون الطياري وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة الْجَوْهَرِي وَعبد الْكَرِيم حفيد القطب الْحلَبِي وَأَبُو الْيمن الطَّبَرِيّ وَعَائِشَة بنة عبد الْهَادِي وَغَيرهم وَسمع بِمَكَّة سنة أَربع عشرَة على الزين المراغي المسلسل بالأولية وَختم البُخَارِيّ وَكَانَ مُبَارَكًا لَهُ نظم، كتب عَنهُ النَّجْم بن فَهد وَقَالَ مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد تَاسِع شعْبَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة.
أَحْمد بن سعد بن مُسلم شهَاب الدّين الأريحي الدِّمَشْقِي الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ / نَائِب مقَام الْحَنَفِيَّة بهَا وَشَيخ رِبَاط ربيع. شهد على ابْن عَيَّاش فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِإِجَازَة عبد الأول المرشدي. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس مستهل جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بِمَكَّة.
أرخه ابْن فَهد.
أَحْمد بن سعد الْهِنْدِيّ الْمَكِّيّ / الْقَائِد نَائِب مَكَّة للسَّيِّد بَرَكَات ثمَّ لوَلَده وَكَانَ طَويلا مهابا جريئا.
مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن الْمحرم سنة خمس وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد.(1/304)
أَحْمد بن سعد الدّين. / فِي بدلاي.
أَحْمد بن أبي السُّعُود. / فِي ابْن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى.
أَحْمد بن سعيد بن أَحْمد السماقي الحسباني أَخُو القَاضِي شرف الدّين قَاسم وَالشَّاهِد بسوق صاروجا. / مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْ عشرَة عَن سبعين سنة بِدِمَشْق. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن سعيد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قَاضِي الشَّام السنوسي. / ذكره ابْن عزم.
أَحْمد بن سعيد بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الْجريرِي بِفَتْح الْجِيم وبمهملتين نِسْبَة لقرية من قرى القيروان تنْسب لشخص يُقَال لَهُ ابْن جرير الْمرَادِي المالقي الْمَالِكِي. / ولد فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة بالقرية الْمَذْكُورَة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لنافع ثمَّ انْتقل إِلَى القيروان فَأخذ الْفِقْه عَن عمر المسراتي ثمَّ إِلَى تونس فَأَخذه عَن أَبَوي الْقسم بن أَحْمد البرزالي ولازمه أَرْبعا وَعشْرين سنة فَأكْثر حَتَّى كَانَ انتفاعه بِهِ وَابْن عَبدُوس وَعمر بن مُحَمَّد القلشاني بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون ثمَّ مُعْجمَة ثمَّ نون وَعنهُ أَخذ الْأَصْلَيْنِ والعربية والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَمُحَمّد الطبلبي بموحدتين الأولى مَضْمُومَة بَينهمَا لَام سَاكِنة مُحَمَّد بن مَرْزُوق وَأبي الْقسم العقباني والعربية أَيْضا عَن حسن العلويني وَأحمد الشماع، والفرائض والحساب عَن يُوسُف التّونسِيّ، وَسمع على البرزالي وَابْن مَرْزُوق والعقباني والشماع فِي آخَرين ثمَّ قصد التجرد وَظهر لَهُ أَن النِّيَّة فِي الِاشْتِغَال والأشغال فَاسِدَة فارتحل لِلْحَجِّ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وسافر فِي الْبَحْر فِي أَوَاخِر ربيع الآخر مِنْهَا فِي مركب لبَعض الفرنج فَخرج عَلَيْهِم مركب للحسويين فأصيب مركبهم مِنْهُ فقصدوا رودس وَأَقَامُوا بهَا نَحْو عشْرين يَوْمًا حَتَّى أصلحوها ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وسافر مِنْهَا فِي الْبَحْر أَيْضا إِلَى مَكَّة فَقَدمهَا فِي رَمَضَان مِنْهَا فحج وزار صُحْبَة الْمركب وقطن الْمَدِينَة وصاهر قاضيها فتح الدّين بن صَالح وَبَقِي على طَرِيق السياحة مُدَّة ثمَّ سُئِلَ فِي الأشغال فَامْتنعَ ثمَّ استخار الله فانشرح لَهُ صَدره وتصدى لإقراء الْفِقْه والعربية وَكَانَ مُحَمَّد بن نَافِع الْآتِي وَغَيره يمتنعون من الإقراء مَعَه وَرُبمَا حضر بَعضهم عِنْده مَعَ الصّلاح وَالْعِبَادَة حَتَّى أنني رَأَيْت أهل الْمَدِينَة فِيهِ كلمة إِجْمَاع وَمَعَ ذَلِك فَقَالَ البقاعي أَنه لقِيه فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَكتب عَنهُ من نظمه:
(يَا سَيِّدي يَا رَسُول الله يَا سندي ... يَا عمدتي يَا رجائي مُنْتَهى أملي)
(أنته الْوَجِيه الَّذِي ترجى شَفَاعَته ... كن لي شَفِيعًا غَدا يَا خَاتم الرُّسُل)(1/305)
وَمن إنشاده لأبي يحيى بن عقيبة القفصي مِمَّا أنْشد لَهُ:
(أزف الْحمام وَأَنت ساه معرض ... عَن كل خطب فَمَا لئيم يعرض)
(يَا وَيْح من ركب البطالة واعتدى ... يشْتَد فِي طلب الْخِصَام وينهض)
وَبحث مَعَه وَأَنه رَآهُ شَدِيد الْإِعْجَاب بِنَفسِهِ مَعَ إِظْهَار الصّلاح وَالْمُبَالغَة فِي التبرئ من الدُّنْيَا)
وَبَالغ فِي الْحَط مِنْهُ وَوَصفه بالعجب وَالْكبر والحسد قَالَ وَأهل الْمَدِينَة مفتونون بِهِ، وهجاه بقوله:
(وثعبان بدا فِي زِيّ حَبل ... لأجعله جَرِيرًا للبعير)
(يُخَادع كالجريري كل كسر ... فَقلت لحاك رَبِّي من جريري)
قلت وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي صَبِيحَة يَوْم الْخَمِيس لخ رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم لم يتَخَلَّف عَنهُ أحد من أهل السّنة رَحمَه الله وإيانا وَهُوَ وَالِد زَوْجَة الْبَدْر حسن بن زين الدّين وَقد اسْتَفَدْت بعض شُيُوخه من إِجَازَته لعبد السَّلَام الأول ابْن الشَّيْخ نَاصِر الدّين الكازروني حِين عرض عَلَيْهِ بعض محافيظه.
أَحْمد بن سعيد بن مُحَمَّد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس التلمساني المغربي الْمَالِكِي. / ولي قَضَاء الاسكندرية ودمشق وطرق الْبِلَاد وَدخل شيراز وَشهد بهَا وَفَاة ابْن الْجَزرِي وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ، وَعمر الدَّار وَالْحمام دَاخل بَاب الْفرج فَلم يمتع بذلك إِلَّا قَلِيلا، وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ على شَيخنَا فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره وَأثْنى على مُبَاشَرَته لقَضَاء الاسكندرية فِي تَرْجَمَة الْجمال عبد الله بن الدماميني من تَارِيخه فَإِنَّهُ قَالَ أَنه اسْتَقر بعده وباشره متحفظا فِي مُبَاشَرَته إِلَى أَن شاعت سيرته المستحسنة وَقد رَأَيْته كثيرا بَين يَدَيْهِ، وَولي قَضَاء الشَّام بعد وانفصل بِابْن عبد الْوَارِث ثمَّ أُعِيد ثمَّ انْفَصل، مَاتَ مصروفا فِي رَابِع ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَسبعين بِدِمَشْق وَصلى عَلَيْهِ بالجامع وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس فِي الْجِهَة الشرقية وَكَانَ قد قدم الْقَاهِرَة قبل بِيَسِير وحاول عود الْقَضَاء فَمَا أمكن رَحمَه الله، وَكَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا.
أَحْمد بن سعيد ويكنى أَبَا نَافِع هُوَ بِهِ أشهر. / شيخ مسن من صوفية البيبرسية كَانَ حكويا ضخم الشكالة طلق الْعبارَة كثير المماجنة والدعابة، غير متحرز فِي أَلْفَاظه وحكاياته، سَمِعت من ذَلِك جملَة بَاب البيبرسية وَكَأَنَّهُ كَانَ من قدماء صوفيتها فقد رَأَيْته سَمَاعه بهَا على النُّور عَليّ بن سيف الأبياري لليسير من سنَن ابْن مَاجَه فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَشَيْخه ضَابِط الْأَسْمَاء وَكَانَت وَفَاته(1/306)
بعد سنة أَرْبَعِينَ عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن سَفَرِي الإِمَام شهَاب الدّين. / سمع هُوَ وصهره برهَان الدّين على شَيخنَا المتباينات لَهُ بِقِرَاءَة يحيى بن فَهد.
أَحْمد بن سُلْطَان النشيلي ثمَّ القاهري. / نَشأ فِي خدمَة صهره فَقِيرا جدا وَكَانَ يحضر دروسه
وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا بل أم بالسابقية فَلَمَّا ولي الْقَضَاء صَار أحد شُهُود الْمُودع وَحضر التّرْك وكاس وتعددت ثِيَابه النفيسة الفاخرة وَكَثُرت جهاته فَلَمَّا امتحن القَاضِي وجماعته اختفى فدام مُدَّة الترسيم عَلَيْهِم ثمَّ لما عملت الْمصلحَة ظهر وَيُقَال أَنه على مَال أَيْضا وَهُوَ من نمطهم فِي إِظْهَار الْأَدَب مَعَ بَاطِن الله أعلم بحقيقته.
أَحْمد بن سلمَان بن مُحَمَّد الشهَاب الْحَمَوِيّ. / مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عوجان الشهَاب المغربي الأَصْل الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن عوجان بِمُهْملَة ثمَّ وَاو ثمَّ جِيم مفتوحات وَالِد مُحَمَّد وَفَاطِمَة. / ولد فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة فَكَانَ ثَانِي مالكي بهَا وعزل غير مرّة ثمَّ يُعَاد وَلم تحمد سيرته فِي الْقَضَاء لبذله ثمَّ ارتشائه مَعَ أَنه كَانَ عَالما فَقِيها فَاضلا يُفْتِي ويدرس وَيعرف صناعَة الْقَضَاء حَتَّى كَانَ فِي كِتَابَة الشُّرُوط وإتقانه لَهَا وَمَعْرِفَة الْخلاف فِيهَا بمَكَان، قَالَ الشَّمْس الْهَرَوِيّ كَانَ يكْتب مائَة سطر مَا يحكم عَلَيْهِ فِي سطر. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَرَآهُ الْبُرْهَان بن غَانِم فِي النّوم بعد مَوته بِقَلِيل فَسَأَلَهُ عَن حَاله فَحلف لَهُ بِالطَّلَاق أَن الله قد غفر لَهُ، وَاسْتقر عوضه فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة ابْنه. ذكره ابْن أبي عذيبة مطولا وَقَالَ أَن الشهَاب أخبرهُ أَنه حج مرّة فَنَامَ فِي الْحرم الْمدنِي فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا دَاخل الْحُجْرَة وَأَنه رام الدُّخُول مَعَ من يدْخل فَمنع فَصَارَ يترقق لمن يمنعهُ ويبالغ فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدخل على مَا فِيك من دبر فَكَانَ يحكيها وَهُوَ بكي قَالَ وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ لما دخل عَلَيْهِ سلم على غفير إيلياء إِذا رجعت إِلَيْهَا فَقَالَ وَمن هُوَ يَا رَسُول الله فَقَالَ خَليفَة، وَقَالَ ابْن أبي عذيبة أَن وَالِده سُلَيْمَان مَاتَ فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة عَن تسعين بِتَقْدِيم التَّاء فأزيد وَكَانَ مرقيا للخطباء وجابي الصَّدقَات الْحكمِيَّة وبلغنا من الثِّقَات أَنه كَانَ سيء العقيدة يعْتَقد أَن الشَّمْس فعالة وَأَنَّهَا تسْتَحقّ الْعُبُودِيَّة.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد الشهَاب الْمصْرِيّ ثمَّ السكندري الْمَالِكِي وَيعرف(1/307)
بالتروجي / نِسْبَة لتروجة من نواحي الاسكندرية سكن الاسكندرية وقتا ثمَّ جال فِي الْبِلَاد وَدخل الْعرَاق والهند وَعظم أمره ببنجالة من بِلَاد الْهِنْد وَحصل لَهُ فِيهَا دنيا ثمَّ ذهبت عَنهُ وانتقل إِلَى الْحجاز وَأقَام بالحرمين سِنِين، وَمَات بِمَكَّة فِي رَابِع شَوَّال سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَدفن بالمعلاة عَن نَحْو سِتِّينَ
سنة. وَكَانَت لَهُ نباهة فِي الْعلم ويذاكر بأَشْيَاء حَسَنَة من الحكايات وَالشعر وينطوي على خير وَبَلغنِي أَنه وقف عدَّة كتب وَجعل مقرها برباط الخوزي من مَكَّة وَبِه كَانَ يسكن وَفِيه توفّي رَحمَه الله. قَالَه الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن جَار الله بن زايد السنبسي الْمَكِّيّ. / ذكره ابْن فَهد هَكَذَا مُجَردا.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن الْعِزّ مُحَمَّد بن التقي سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن أبي عمر الْمَقْدِسِي ثمَّ الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو عبد الرَّحْمَن الْآتِي. / ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنَّهَا أجَاز لَهُ فِي استدعاء الصرخدي سنة اثْنَتَيْنِ وبيض لَهُ.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن عقبَة الْبناء. / مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن عِيسَى البدماصي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ نزيل الإينالية / بالشارع وإمامها ووالد التقي مُحَمَّد الْحَنْبَلِيّ البسطي شيخ سوق الْفَاضِل الْآتِي. شيخ معمر من أهل الْقُرْآن يذكر بِخَير.
مَاتَ وَقد أضرّ.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن غَازِي بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن تورشاه بن أَيُّوب بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب بن شاذي الْأَشْرَف أَبُو المحامد بن الْعَادِل بن الْمُجَاهِد بن الْكَامِل بن الْعَادِل بن الأوحدي الْمُعظم بن الصَّالح نجم الدّين صَاحب مصر بن الْكَامِل الأيوبي صَاحب حصن كيفا وأعمالها من ديار بكر. / وَليهَا بعد أَبِيه فِي سنة سبع وَعشْرين وَكَانَ مشكور السِّيرَة محبا لرعيته لوفور عقله وسياسته وديانته مَعَ فضل وميل زَائِد إِلَى الْأَدَب ومشاركة فِي فنون وكرم وشجاعة وظرف. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ أَنه كَانَ خرج فِي عسكره لملاقاة السُّلْطَان على حِصَار آمد فاتفق أَنه نزل لصَلَاة الصُّبْح فَوَقع بِهِ فريق من التركمان فأوقعوا بِهِ على غرَّة فَقتل وَذَلِكَ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَدفن بالحصن وَهُوَ فِي أَوَائِل الكهولة وَوصل وَلَده الصَّالح خَلِيل مَعَ بَقِيَّة أَصْحَابه إِلَى السُّلْطَان فقرره فِي مملكة أَبِيه ولقب بالكامل قَالَ وَكَانَ فَاضلا أديبا لَهُ شعر حسن(1/308)
وقفت على ديوانه وَهُوَ يشْتَمل على نوائح فِي أَبِيه وغزل وزهديات وَغير ذَلِك، وَكَانَ جوادا محبا فِي الْعلمَاء رَحمَه الله. قلت وَمِمَّنْ ذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه مَاتَ عَن نَحْو السِّتين فَالله أعلم وشق قَتله على الْأَشْرَف كثيرا، وَمن نظمه:
(بدا حبي وَقد خضب الْيَدَيْنِ ... فأتلف مهجتي بالحاجبين)
(وَبَين النّوم والجفن اخْتِلَاف ... كَمَا بَين الَّذِي أَهْوى وبيني)
)
(ترفق يَا حبيب الْقلب واعطف ... لتنعم بِالرِّضَا عَيْني بعيني)
(إِذا رمت سلوا الق قلبِي ... يجرجره الْجمال بقائدين)
(وَإِن أذنبت ذَنبا يَا غزالي ... أرى لَك عِنْد قلبِي شافعين)
(يعنفني فُؤَادِي كَيفَ أسلو ... مليحا سَاكِنا فِي الناظرين)
(يذوب الْقلب مني حِين يضحى ... شرودا للغرام محركين)
(فزرني يَا حَبِيبِي تلق أجرا ... ودس فضلا على رَأْسِي وعيني)
أَحْمد بن النَّجْم سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن مَرْوَان بن عَليّ بن منْجَاب بن حمايل الزملكاني الشَّيْبَانِيّ البعلي ثمَّ الصَّالِحِي. / أحد رَوَاهُ الصَّحِيح عَن الحجار وَسمع أَيْضا من غَيره وَله إجَازَة من أبي بكر بن مُحَمَّد بن عنتر وَغَيره، وَحدث سمع عَلَيْهِ الياسوفي وَغَيره. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى، قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه، وَذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه أجَاز لَهُ التقي بن تَيْمِية وَغَيره وَأَنه مَاتَ فِي دمشق وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الله الشهَاب الْكِنَانِي الحوراني الأَصْل الْغَزِّي الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ نزيل مَكَّة وأخو عبد الله الْآتِي. / اشْتغل بالقراءات وتميز فِيهَا وَفهم العريبة واشتغل وقطن مَكَّة على خير وانجماع مَعَ تحرز وتخيل، وَقد لازمني كثيرا فِي الرِّوَايَة وكتبت لَهُ إجَازَة وسمعته ينشد من نظمه:
(سَلام على دَار الْغرُور لِأَنَّهَا ... مكدرة لذاتها بالفجائع)
(فَإِن جمعت بَين المحبين سَاعَة ... فعما قَلِيل أردفت بالموانع)
ثمَّ قدم الْقَاهِرَة من الْبَحْر فِي رَمَضَان سنة تسع وَثَمَانِينَ وأنشدني من لَفظه قصيدتين فِي الْحَرِيق والسيل الْوَاقِع بِالْمَدِينَةِ وبمكة وكتبهما لي بِخَطِّهِ وسافر لغزة لزيارة أمه وجاءتني مطالعته فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَنه قَرَأَ فِيهَا البُخَارِيّ وَأَقْبل عَلَيْهِ جمَاعَة من أَهلهَا ويلتمس مني سندي بِهِ وَبِغَيْرِهِ.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد الديروطي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن عزيرة وَهِي أمه. /(1/309)
قَرَأَ على شَيخنَا فِي البُخَارِيّ وَكَذَا على الْبُرْهَان الكركي وشاركه مُشَاركَة يسيرَة فِي الْفِقْه والنحو والفرائض وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَحج. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول سنة سِتّ وَسبعين.
أَحْمد بن سُلَيْمَان بن نصر الله بن إِبْرَاهِيم الشهَاب البلقاسي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَالِد
سُلَيْمَان الْآتِي وَيعرف جده إِبْرَاهِيم بالخطيب وَهُوَ بالزواوي / لكَونه كَمَا سمعته مِنْهُ كَانَ يجلس فِي الْمكتب وَحده بالزاوية مِنْهُ فَهُوَ لقب كَمَا كَانَ الشَّيْخ صَالح الزواوي يَقُول فِي شهرته بهَا أَنه لقب. ولد سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا ببلقاس من الغربية وانتقل مِنْهَا وَهُوَ صَغِير إِلَى الْقَاهِرَة فقطن بالأزهر وَحفظ الْقُرْآن والعقيدة للغزالي ومختصر التبريزي والمنهاج كِلَاهُمَا فِي الْفِقْه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن مَالك والعراقي والشاطبية وَكَذَا بُلُوغ المرام لشَيْخِنَا فِيمَا بَلغنِي وَغير ذَلِك وَعرض فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ فَمَا بعْدهَا على خلق مِنْهُم شَيخنَا والقاياتي والشهاب بن المحمرة وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الديري والأقصرائي وباكير والبساطي والزين عبَادَة وَابْن تَقِيّ والحناوي وطاهر والمحب بن نصر الله وَأَقْبل بجد على الِاشْتِغَال فلازم القاياتي فِي الْفِقْه والأصلين والعربية والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا من الْفُنُون بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَابْن المجدي فِي الْفَرَائِض والحساب والميقات والهيئة والهندسة وَغَيرهمَا مِمَّا كَانَ يُؤْخَذ عَنهُ وَالشَّمْس الْحِجَازِي فِي الْفِقْه وَغَيره أَخذ عَنهُ فِي مُخْتَصره للروضة وَفِي العجالة والونائي وَالْعلم البُلْقِينِيّ لَكِن يَسِيرا وَكَذَا اشتدت عنايته فِي الْفُنُون بملازمة الكافياجي، وَأخذ عَن الشمني وَابْن الْهمام وَمن لَا أحصيه كَثْرَة، وَجمع للعشر على الزين طَاهِر والشهاب السكندري وللثمان على الزين رضوَان الْمُسْتَمْلِي وَأكْثر التَّرَدُّد إِلَيْهِ حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ شرح مَعَاني الْآثَار للطحاوي وَأَشْيَاء مِنْهَا قِطْعَة من الْحِلْية لألبي نعيم واغتبط بشيخنا وَأخذ عَنهُ الْكثير بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره فَكَانَ مِمَّا قَرَأَهُ هُوَ السّنَن للدارقطني وزوائد ابْن حبَان على الصَّحِيحَيْنِ وَالْمَوْجُود من صَحِيح ابْن خُزَيْمَة وَأكْثر فِي الرِّوَايَة والدراية عَمَّن دب ودرج ورافقنا على ابْن الْفُرَات والرشيدي والصالحي والشهاب العقبي، وَسمعت الْكثير بقرَاءَته وَكَذَا سمع بِقِرَاءَتِي أَشْيَاء بل وَأخذ عَن جمَاعَة قبلنَا كَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان والزين الزَّرْكَشِيّ وَلَا يزَال يدأب حَتَّى برع وَتقدم فِي فنون وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة التَّامَّة وَأذن لَهُ القاياتي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين فِي إقراء الْفِقْه وأصوله والمعاني وَالْبَيَان والبديع لمن شَاءَ فِي أَي(1/310)
وَقت شَاءَ قَالَ لعلمه بتأهله لذَلِك فِي آخَرين مِنْهُم كشيخنا وَابْن المجدي والزين طَاهِر، وتصدى للاشتغال فِي حَيَاة جلّ شُيُوخه فَانْتَفع بِهِ الطّلبَة وَرُبمَا كتب على الفتوي، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة قوي الحافظة حسن الفاهمة مشاركا فِي فنون طلق اللِّسَان محبا فِي الْعلم والمذاكرة والمباحثة غير منفك عَن التَّحْصِيل بِحَيْثُ أَنه كَانَ يطالع فِي مَشْيه ويقرئ الْقرَاءَات فِي حَال أكله خوفًا من ضيَاع وقته فِي غَيره
أعجوبة فِي هَذَا الْمَعْنى لَا أعلم فِي وقته من يوازيه فِيهِ طارحا للتكلف كثير التَّوَاضُع مَعَ الْفُقَرَاء سَهْما على غَيرهم سريع الْقِرَاءَة جدا، وَقد حج مَعَ وَالِده وَلم يزل على طَرِيقَته فِي الِاشْتِغَال والأشغال حَتَّى مَاتَ قبل أَن يتكهل فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ببيته فِي سويقة السباعين وَصلى عَلَيْهِ بالأزهر وَدفن بتربة يُونُس الدوادار المستجدة تجاه تربة برقوق رَحمَه الله وإيانا، وَلم يسلم من أَذَى البقاعي حَيْثُ وَصفه فِي بعض الْأَثْبَات بِابْن الْمُهْتَدي وَهَذَا لَو صَحَّ لم يكن بقادح فِيهِ وَالله حسيبه.
أَحْمد بن سُلَيْمَان الْهِنْدِيّ. / يَأْتِي فِي مكي.
أَحْمد بن سِنَان بن رَاجِح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن مَسْعُود الْعمريّ الْمَكِّيّ الْقَائِد. / مَاتَ فِي يَوْم السبت تَاسِع رَجَب سنة سبع وَأَرْبَعين بِالْهَدةِ وَحمل إِلَى مَكَّة فوصلوا بِهِ فِي آخر لَيْلَة الْأَحَد فَدفن بالمعلاة.
أَحْمد بن سَنَد. / هَكَذَا بخطى فِي الآخذين عني وَأَظنهُ مُحَمَّد بن سَنَد الْمُسَمّى أَبوهُ بعلي وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله.
أَحْمد بن شاه روخ بن تيمورلنك كوركان الْمَعْرُوف بِأَحْمَد جوكي. / كَانَ من أَعْيَان أَوْلَاد أَبِيه وَمِمَّنْ لَهُ سطوة وإقدام وشجاعة فَكَانَ لذَلِك يُرْسِلهُ فِي العساكر إِلَى الأقطار وَفتح عدَّة بِلَاد وقلاع وَوَقع بَينه وَبَين اسكندر بن قرا يُوسُف متملك تبريز حروب ووقائع آخرهَا فِي سنة وَفَاته، وَمَات بعد ذَلِك فِي شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ فَاشْتَدَّ حزن أَبِيه عَلَيْهِ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار قَالَ وَاتفقَ أَن وَالِده مَاتَ لَهُ فِي هَذِه السّنة ثَلَاثَة أَوْلَاد كَانُوا مُلُوك الشرق بشيراز وكرمان وَهَذَا كَانَ من أَشَّدهم.
أَحْمد بن شاهين الكركي سبط شَيخنَا وشقيق يُوسُف الْآتِي. / مَاتَ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ بعد أَن استجاز لَهُ جده فِي سنة خمس وَعشْرين جمَاعَة.
أَحْمد بن شاور بن عِيسَى الشهَاب العاملي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الفرضي /(1/311)
تقدم فِي الْفَرَائِض والحساب ومتعلقاتهما، وَمن شُيُوخه الشَّمْس الكلائي وَوَصفه الزين الْعِرَاقِيّ فِي طبقَة الشَّيْخ، وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه كَانَ عَالما بالفرائض مشاركا فِي غَيرهَا. مَاتَ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ. قلت وَأخذ عَنهُ مِمَّن لَقيته الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن الرُّومِي الْحَنَفِيّ وكتبت لَهُ كَمَا فِي تَرْجَمته من معجمي إجَازَة بليغة والشهاب السيرجي وَله تقريظ لمنظومة أثْبته فِي تَرْجَمته.
أَحْمد بن شبوان بن عمر أَبُو الْعَبَّاس بن أبي الْجُود الحصيني من عرب بِالْقربِ من الجزائر العابدي الْعلوِي المغربي الْمَالِكِي. / شيخ فَاضل مفنن قدم علينا الْقَاهِرَة فَقَرَأَ على ألفية الْعِرَاقِيّ بحثا وَسمع مني فِي الأمالي وَغَيرهَا وَكَذَا قَرَأَ على ابْن قَاسم وَغَيره ثمَّ رَجَعَ إِلَى غَزَّة فَأَقَامَ بهَا يَسِيرا عِنْد قاضيها وَغَيره وَلم يلبث أَن مَاتَ بهَا فِي الطَّاعُون سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ شَهِيدا وَكَانَ مَعَ فضيلته صَالحا رَحمَه الله ونفعنا بِهِ.
أَحْمد بن الشَّرِيفَة. / هُوَ ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب. يَأْتِي.
أَحْمد بن شعْبَان بن عَليّ بن شعْبَان الشهَاب الْأنْصَارِيّ الفارسكوري الأَصْل الْغَزِّي الشَّافِعِي أمثل بني أُميَّة وَيعرف بِابْن شعْبَان الكساني. / نَشأ بغزة فحفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي وَجمع الْجَوَامِع وألفيتي الحَدِيث والنحو وَغير ذَلِك كالشاطبية والرائية، وَأخذ عَن ابْن الْحِمصِي فِي الْفِقْه وَغَيره، وَقدم الْقَاهِرَة فاخذ عَن الْمَنَاوِيّ والعبادي وَغَيرهمَا وتلا فِيهَا للأربعة عشر على الزين جَعْفَر وَفِي بَيت الْمُقَدّس للسبع على الشَّمْس بن عمرَان وَفِي غَزَّة على الزين مُحَمَّد أبي شامة القادري وبرع وتفنن ونظم وَأفَاد وتصدى للتدريس والإفتاء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة مَعَ تصون وَخير واستقامة، وَقد أَخذ عني قَلِيلا ثمَّ بعد مُدَّة رَجَعَ إِلَى بَلَده فاستقر بهَا وتمشيخ وَصَارَ يجمع النَّاس على الذّكر فراج بَين عرب الْبَوَادِي والقرى بِالنِّسْبَةِ لكساد سوق الْعلم، وَحج وجاور وأقرأ الطّلبَة هُنَاكَ وبالاسكندرية ودمياط ودمشق وَبَيت الْمُقَدّس وَغَيرهَا وَكَثُرت طلبته وَاسْتقر بِهِ الْأَشْرَف قايتباي فِي قِرَاءَة الحَدِيث بمدرسته بغزة وَنعم الرجل.
أَحْمد بن شعْبَان. / عمل البرددارية فِي الْخَاص وتمول وَأَنْشَأَ دَارا حَسَنَة بِالْقربِ من زَاوِيَة الشَّيْخ مَدين بالمقسم وَكَانَ مِمَّن يثني عَلَيْهِ فِي طائفته مَعَ أَنه كَانَ قد أعرض عَن البرددارية وقتا وتعلل مُدَّة إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشري جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد الصَّلَاة وَدفن فِي حوش(1/312)
بِالْقربِ من تربة الْأَشْرَف برسباي وَكَانَ مصاهرا للبدر بن الْغَرْس فَعمل لَهُ بعد جُمُعَة مأتما عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن شُعَيْب / خطيب بَيت لهيا كَانَ عابدا قَانِتًا كثير التَّهَجُّد وَالذكر حَتَّى قَالَ الشهَاب بن حجي أَنه قل من كَانَ يحلقه فِي ذَلِك. مَاتَ فِي الْمحرم سنة إِحْدَى. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن شُعَيْب. / فِي ابْن مُحَمَّد بن شُعَيْب. يَأْتِي.
أَحْمد بن سكر / ويدعى بدير يَأْتِي فِي الْمُوَحدَة.
أَحْمد بن شهَاب الدّين بن أَحْمد بن شهَاب بن أَحْمد بن عَبَّاس الشرباصي ثمَّ الفارسكوري الخامي وَيعرف بِابْن الأديب. / ولد تَقْرِيبًا فِي سنة ثَمَانمِائَة بشرباص يحركها أَولهَا مُعْجمَة وَآخِرهَا مُهْملَة من عمل دمياط، ونظم الشّعْر وارتزق من الحياكة، ولقيه ابْن فَهد والبقاعي وَابْن الإِمَام فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ فَكَتَبُوا عَنهُ من نظمه قصيدة أَولهَا:
(من ذَا الَّذِي من مقلتيه يقيني ... هَذَا الَّذِي أخلصت فِيهِ يقيني)
وَغير ذَلِك، وَكَانَ عاميا مطبوعا مَعَ كَونه أُمِّيا لَا يحسن الْكِتَابَة وَكَذَا كَانَ أَبوهُ من المشتهرين هُنَاكَ بالأدب.
أَحْمد بن الشَّهِيد. / هَكَذَا ذكره شَيخنَا فِي سنة ثَلَاث عشرَة من أنبائه وَقَالَ أَنه كَانَ أَولا يتعانى صناعَة الْفراء ثمَّ اشْتغل قَلِيلا وباشر فِي ديوَان السُّلْطَان ثمَّ ولي الوزارة ثمَّ وَقعت فتْنَة اللنك وَهُوَ وَزِير فاستصحبه إِلَى بِلَاده ثمَّ خلص مِنْهُ بعد ثَلَاثِينَ وَورد دمشق فباشر نظر الْجَيْش وَغَيره فِي شعْبَان انْتهى.
أَحْمد بن شيخ بن عبد الله المظفر الشهَاب أَبُو السعادات بن الْمُؤَيد المحمودي وَأمه سعادات من أهل الشَّام. / ولد فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، ولي السلطنة بعد أَبِيه فِي الْيَوْم الَّذِي دفن فِيهِ أَبوهُ من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وسنه حِينَئِذٍ سنة وَثَمَانِية أشهر وَبَعض شهر، وَدخل حلب مَعَ أمه لما تزَوجهَا الطَّاهِر ططر قبل أَن يتسلطن ثمَّ خلعه فِي شعْبَان مِنْهَا. وَمَات بعد ذَلِك فِي سجن الاسكندرية هُوَ وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم الصَّغِير الْمَاضِي فِي الطَّاعُون فَكَانَت وَفَاة هَذَا فِي لَيْلَة الْخَمِيس سلخ جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ ودفنا(1/313)
بالثغر ثمَّ نقلا بعد مُدَّة إِلَى الْقَاهِرَة فدفنا عِنْد أَبِيهِمَا بالقبة من الْجَامِع المؤيدي وَكَانَ بِعَيْنِه حول فَاحش حصل عِنْد سلطنته من دق الكوسات حِين غَفلَة فلاقوه إِلَّا بِاللَّه. وَقد ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار جدا والمقريزي فِي عقوده.
أَحْمد بن صَالح بن أَحْمد بن عمر / وَاخْتلف فِيمَن فَوْقه فَفِي ثَبت الْبُرْهَان الْحلَبِي يُوسُف بن أبي السفاح وَقيل أَحْمد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن صَلَاح الدّين أبي الْبَقَاء الْحلَبِي الشَّافِعِي وَالِد عمر وَصَالح الآتيين وأخو نَاصِر الدّين مُحَمَّد وَيعرف بِابْن السفاح لكَون أَبِيه ابْن أُخْت قَاضِي حلب النَّجْم عبد الْوَهَّاب والزين عمر ابْني أبي السفاح. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَغَيره وَسمع من الْكَمَال بن حبيب سنَن ابْن مَاجَه وَغَيرهَا)
وعَلى الشهَاب بن المرحل وَغَيره واشتغل يَسِيرا وتعانى بِبَلَدِهِ الْكِتَابَة فِي التوقيع إِلَى أَن مهر فِيهِ ثمَّ ولي نظر الشَّيْخ بهَا بعد الْفِتْنَة التمرية ثمَّ عزل وسافر إِلَى الْقَاهِرَة فاستقر موقع الْأَمِير يشبك أتابك العساكر بعد أَخِيه نَاصِر الدّين ثمَّ ولي كِتَابَة السِّرّ بصفد ثمَّ بحلب مرّة بعد أُخْرَى وباشرها مُبَاشرَة حَسَنَة ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وَاسْتقر فِي توقيع الْأَشْرَف قبل سلطنته فَلَمَّا تسلطن اسْتَقر بِهِ كَاتب السِّرّ ابْن الكويز فِي كِتَابَة السِّرّ بِبَلَدِهِ إِرَادَة للراحة مِنْهُ فَتوجه إِلَيْهَا بعد أَن كَانَ يُبَاشر توقيع الدست مُدَّة فَلَمَّا مَاتَ الشريف شهَاب الدّين أَحْمد ابْن ابراهيم بن عدنان الْحُسَيْنِي كَاتب السِّرّ وَأَخُوهُ الْعِمَاد أَبُو برك استدعى الْأَشْرَف فاستقر بِهِ فِي كِتَابَة السِّرّ بِمصْر وَذَلِكَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَاسْتقر بولده عمر عوضه فِي حلب فباشر الشهَاب الْوَظِيفَة بِدُونِ دربة وسياسة لكَونه لم يكن بالفاضل حَتَّى وَلَا فِي الْإِنْشَاء مَعَ سوء خطّ بِحَيْثُ أَنه أرسل مطالعة للأشرف فَلم يحسن الْبَدْر بن مزهر قرَاءَتهَا لضعف خطها وتركيب ألفاظها وَلَا فهم المُرَاد نها فَجَعلهَا فِي طي كتاب يتَضَمَّن أَنا قد عجزنا عَن فهمما فِي كتابك فالمخدوم ينْقل خطواته إِلَيْنَا ليقرأه على السُّلْطَان، وَكَانَ ذَلِك سَببا لغرامته جملَة وَكَذَا مَعَ طيش وخفة مزاج بِحَيْثُ أَنه كثيرا مَا كَانَ يكلم نَفسه وَمَعَ ذَلِك فاستمر فِيهَا حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر رَمَضَان سنة خمس وَثَلَاثِينَ بعد توعكه خَمْسَة أَيَّام وَصلى عَلَيْهِ السُّلْطَان والقضاة والأمراء والأعيان فِي مصلى المؤمني وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى وَاسْتقر عوضه الصاحب كريم الدّين عبد الْكَرِيم بن كَاتب المناخات. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: وَكَانَ قَلِيل الشَّرّ غير مهاب ضَعِيف التَّصَرُّف قَلِيل الْعلم جدا وَلذَا كَانَ السُّلْطَان يتمقته(1/314)
فِي طول ولَايَته مَعَ اسْتِمْرَار خدمته لَهُ بِبدنِهِ وَمَاله وَيُقَال أَنه أزعجه بِشَيْء هدده بِهِ فضعف قلبه من الرعب وَكَانَ ذَلِك سَبَب مَوته، وَقَالَ فِي مُعْجَمه: وَكَانَت قد انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الحلبيين بهَا. وَقَالَ الْعَلَاء بن خطيب الناصرية كَانَ أخي من الرضَاعَة وصديقي وَفِيه حشمة ومروءة وعصبية وَقيام فِي حَاجَة من يَقْصِدهُ مَعَ دين وميل إِلَى أهل الْعلم وَالْخَيْر وإحسان إِلَيْهِم قَالَ وَبنى بحلب مدرسة ورتب فِيهَا مدرسا وخطيبا على مَذْهَب الشَّافِعِي. وَقَالَ الْعَيْنِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس من بَيت مَشْهُور بحلب وَلكنه لم يكن من أهل الْعلم وَبِه بعض وَسْوَسَة، وَقد سَهَا شَيخنَا حَيْثُ سمى جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي السفاح وَأما فِي مُعْجَمه فَلم يزدْ على اسْم أَبِيه. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ ثلاثيات ابْن مَاجَه وَغَيرهَا الْمُحب بن الشّحْنَة، وَأثْنى التقي بن قَاضِي شُهْبَة عَلَيْهِ فَقَالَ أَنه بَاشر جيدا وَكَانَت وطأته خَفِيفَة على النَّاس بِالنِّسْبَةِ
إِلَى من تقدمه. وَاخْتصرَ المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته وأرخه فِي تَاسِع عشر رَمَضَان عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن صَالح بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الحسني قَبيلَة من خولان الرازحي ورازح بَينهَا وَبَين أَب نَحْو يَوْمَيْنِ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي / كتبت لَهُ فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَنا بِمَكَّة على نُسْخَة مَعَه بالمنهاج إجَازَة وَهُوَ شيخ مبارك.
أَحْمد بن صَالح بن تَاج الدّين الشهَاب الْمحلى / خطيب جَامع ابْن ميالة. يَأْتِي فِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله.
أَحْمد بن صَالح بن الْحسن بن إِبْرَاهِيم اللَّخْمِيّ السكندري شيخها الْمَالِكِي. / ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بالاسكندرية وَسمع وَهُوَ كَبِير من العرضي لما قدمهَا عَلَيْهِم بعد سنة سِتِّينَ جَامع التِّرْمِذِيّ وَحدث بِهِ عَنهُ بِسَمَاعِهِ من زَيْنَب بنة مكي وإجازته من الْفَخر على ابْن البُخَارِيّ بسندهما وَكَذَا قَرَأَ على يحيى بن أَحْمد بن مُحَمَّد الملقي كَمَا أثْبته ابْن الْجَزرِي فِي تَرْجَمَة يحيى إِلَى المفلحون قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه أجَاز لي فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين، وَمَات بعد الْقرن. قلت قد تَلا عَلَيْهِ السراج عمر بن يُوسُف البسلقوني فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة بل وَأخذ عَنهُ الْفِقْه أَيْضا وَقَالَ أَنه قَرَأَ على أبي عبد الله الأريسي القباقبي، وَذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار.
أَحْمد بن صَالح بن خلاسة الشهَاب الزواوي المغربي الْمَالِكِي نزيل جَامع الْأَزْهَر. / سمع على الشّرف بن الكويك وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَغَيرهمَا وَكتب عَن شَيخنَا(1/315)
فِي الأمالي وَغَيرهَا وجاور بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَعمل فِيهَا حارسا بِبَعْض النّخل وَكَانَ الْمجد صَالح الزواوي الْآتِي يجْتَمع مَعَه هُنَاكَ لوثوقه بخيره وفضله وَكَثْرَة عِبَادَته وَقد أَقَامَ بالأزهر مُدَّة. وَمَات فِي ربيع الأول سنة خمس وَخمسين عَن نَحْو السّبْعين بعد أَن أجازني.
أَحْمد بن صَالح بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن أبي بكر المرشدي الْمَكِّيّ الأَصْل والمنشأ الْهِنْدِيّ المولد الشَّافِعِي. / مِمَّن حفظ الْقُرْآن وتكسب بِعَمَل الْعُمر وَكَذَا بالتسبب قَلِيلا وسافر فِيهِ لليمن وَغَيره وَسمع مني بِمَكَّة ثمَّ سَافر إِلَى مندوه للمعيشة.
أَحْمد بن صَالح بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي السفاح. / هَكَذَا نسبه شَيخنَا فِي أنبائه وَصَوَابه أَحْمد صَالح بن أَحْمد بن عمر، وَقد تقدم.
أَحْمد بن صَالح بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الشطنوفي القاهري وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي. / ذكره شَيخنَا فِي الأنباء فَقَالَ الْعَامِل بمودع الحكم بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يجيد الْكِتَابَة والضبط وللجهد بِهِ جمال. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشري ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وتلاشى الْأَمر بعده جدا فَللَّه الْأَمر، وَذكر لي وَلَده وَهُوَ من النجباء أَن مولد وَالِده ومض، وَقَالَ غَيره أَنه جَازَ الثَّمَانِينَ رَحمَه الله.
أَحْمد بن صَالح الشَّاعِر. / هُوَ ابْن مُحَمَّد بن صَالح يَأْتِي.
أَحْمد بن صبح / أحد الظلمَة بِدِمَشْق. مَاتَ بقلعتها فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين.
أَحْمد بن صحصاح / بمهملات يَأْتِي فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان.
أَحْمد بن صَدَقَة بن أَحْمد بن حُسَيْن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشهَاب أَبُو الْفضل بن فتح الدّين أبي الْفَتْح بن أبي الْعَبَّاس الْعَسْقَلَانِي الْمَكِّيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الصَّيْرَفِي، / هَكَذَا أملي عَليّ نسبه وَأرَانِي مَكْتُوبًا مؤرخا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بابتياع وَالِده من أَبِيه وَغَيره مَكَانا بحارة زويلة ليشهد بذلك ثمَّ كتب لي ذَلِك بِخَطِّهِ وَزعم أَن جده كَانَ عَالما قَارِئًا للسبع وَأَن أَبَاهُ حُسَيْنًا كَانَ من أكَابِر التُّجَّار لَهُ وَصِيَّة فِيهَا قرب ومبرات ثبتَتْ على السُّبْكِيّ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وابتنى مَسْجِدا وَعَلِيهِ أوقاف بَاقٍ بَعْضهَا فَالله أعلم. كَانَ وَالِده صيرفيا بالاصطبلات الشَّرِيفَة وَيعرف بِابْن شهَاب وَكَانَ كأبيه يسكن بحارة زويلة فولد لَهُ هَذَا فِي سَابِع ذِي الْحجَّة سنة تسع وَعشْرين وَكتب لي بِخَطِّهِ أَنه وَقت صَلَاة الْجُمُعَة سَابِع ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَأَنه كَانَ توءما لآخر اسْمه أَبُو بكر عَاشَ سَبْعَة أشهر وَأَن أمهما رَأَتْ فِي زمن حملهَا رُؤْيا غَرِيبَة حَسَنَة وَأَنه(1/316)
نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع وَلم يحْتَج إِلَى إِعَادَته والعمدة والشاطبيتين والجزرية فِي التجويد وألفيتي الحَدِيث والنحو والتنبيه وَجمع الْجَوَامِع وتلخيص الْمِفْتَاح والخزرجية فِي الْعرُوض والقوافي وحاوي الْحساب والبردة وَبَانَتْ سعاد وانْتهى حفظه لَهَا فِي أَوَاخِر سنة خمس وَأَرْبَعين وَتزَوج فِي الَّتِي تَلِيهَا وَحج مَعَ أَبَوَيْهِ فِي الَّتِي تَلِيهَا فَلَمَّا رَجَعَ وَذَلِكَ فِي أول سنة ثَمَان وَأَرْبَعين أقبل على التفهم وَالْأَخْذ عَن الْمَشَايِخ فِي الَّتِي تَلِيهَا فَأخذ الْقرَاءَات عَن الزين طَاهِر والنورين البلبيسي إِمَام الْجَامِع وَابْن يفتح الله والشموس أبي عبد الْقَادِر الضَّرِير الْأَزْهَرِي وَابْن الْعَطَّار وَابْن مُوسَى الْحَنَفِيّ والشهاب السكندري والتاج بن تمرية والْعَلَاء القلقشندي والزين بن عَيَّاش وَكَأَنَّهُ إِن صَحَّ لقِيه)
بِمَكَّة وأقصى مَا جمع للعشر، وَالْعرُوض والقوافي عَن الشهابين الْخَواص والأبشيطي وَغَيرهمَا والفرائض والحساب عَنْهُمَا وَعَن البوتيجي والشهاب الشارمساحي فِي آخَرين من المغاربة وَغَيرهم كَابْن المجدي فَإِنَّهُ أخذهما عَنهُ مَعَ الْجَبْر والمقابلة وَغير ذَلِك من الْحساب المفتوح وَغَيره والفلك والمقنطرات والجبر والهندسة والهيئة وَالْحكمَة والعربية عَن الْخَواص والقلقشندي وطاهر وَكَذَا الحناوي وَابْن قديد والشرواني والأبدي والبدر الْعَيْنِيّ فِي آخَرين من عُلَمَاء الْقَاهِرَة وَغَيرهم كالتقي الحصني فِيهَا وَفِي الصّرْف وَعلم الحَدِيث عَن شَيخنَا وَأَنه سمع عَلَيْهِ وعَلى الْعَيْنِيّ وَابْن الديري فِي آخَرين وَالْفِقْه والأصلين والمعاني وَالْبَيَان وفن الْأَدَب والبديع والمنطق والتصوف وَغَيرهَا عَن جمَاعَة، وَمن شُيُوخه الَّذين لازمهم فِي الْفِقْه وأصوله الْمحلى وَمِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ شَرحه لجمع الْجَوَامِع وغالب شَرحه للمنهاج الفرعي وَفِي العقليات وَنَحْوهَا الكافياجي والشرواني وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ الْعَضُد مَعَ حَوَاشِيه وَشرح الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ للأسنائي، وَأخذ بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين التصوف عَن عبد الْمُعْطِي المغربي وَكَذَا مَعَ السلوك بِالْقَاهِرَةِ عَن أبي الْفَتْح بن أبي الْوَفَاء وتلقن الذّكر من مَدين ولازم فِي الْفِقْه وَغَيره القلقشندي والمناوي والبوتيجي وَقسم عَلَيْهِ الْمُهَذّب وَابْن حسان وَفِي الْكِتَابَة بأنواعها ابْن الصَّائِغ وَفِي الْكُوفِي والهندي مَعَ غَيرهمَا وبالتذهب بِالْمُشَاهَدَةِ من فقيهه الشَّمْس بن البهلوان، وَتعلم اللِّسَان التركي بِالْمُشَاهَدَةِ من بعض رفقائه فِي الْمكتب وَسمي من شُيُوخه فِي أَوَائِل اشْتِغَاله القاياتي والونائي وجد فِي التَّحْصِيل واجتهد فِي التَّفْرِيع والتأصيل والعقلي والنقلي وأنهى الْكتب الْكِبَار من مشكلات الْعُلُوم والفنون مَعَ الْمُحَقِّقين حَتَّى تميز وترافق مَعَ أبي البركات الغراقي فِيمَا أَخذه عَن شَيخنَا(1/317)
من شرح الألفية وَفِيمَا أَخذه عَن الْعَيْنِيّ من شرح الشواهد لَهُ، وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة التَّامَّة مَعَ مزِيد الذكاء وَسُرْعَة النادرة والطلاقة حَتَّى أذن لَهُ غير وَاحِد فِي التدريس والإفتاء وعظمه الْمحلى وَغَيره ودرس وَأفْتى وأسمع الحَدِيث بالطيبرسية لكَون إمامتها مَعَه ثمَّ حصلت لَهُ مشيختها وَكَانَ يجْتَمع عِنْده فِي ختومه الْأَئِمَّة وَعمل بِسَبَب ذَلِك التَّذْكِرَة فِي مجَالِس الْكِرَام فِي ختم البُخَارِيّ. وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء بِالْقَاهِرَةِ وَمَكَّة بل كتب عَنهُ صاحبنا النَّجْم بن فَهد فِيهَا حِين دَخلهَا مَعَ الرجبية وَكَانَ قَاضِي ركبهمْ بل نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْمَنَاوِيّ فَمن بعده وَجلسَ بقاعة الصالحية وإيوانها وقتا ثمَّ بخلوة فِيهَا وشق فِي الِابْتِدَاء ذَلِك على كثيرين سِيمَا أَهلهَا لصِغَر سنة وحرفة أَبِيه فَلم يلتف لهَذَا وَاسْتمرّ)
على طَرِيقَته فِي الِاشْتِغَال وتعاطي الْأَحْكَام إِلَى أَن صَار فِي الْأَيَّام الولوية من أماثل النواب وَزَاد حَتَّى سجل عَلَيْهِ فِي وصف أَبِيه بِالْعلمِ وَأكْثر من ذَلِك بل وصف جده بالتسليك وَنَحْوه وَمَا نَهَضَ أحد يمنعهُ سِيمَا وَقد أبرز الْمَكْتُوب الَّذِي أَشرت إِلَيْهِ أَولا وَيذكر بتساهل فِيهِ وَقَامَت عَلَيْهِ الثائرة حِين أثبت أَنه عصبَة لعَلي بن عبد الرَّحْمَن الصَّيْرَفِي بل وَفِي أَكثر مَا يخبر بِهِ سِيمَا فِي إكثاره الْحِكَايَة عَن شَيخنَا وَابْن المجدي مِمَّا اتّفق لَهُ مَعَهُمَا وَيكثر عجبي من إكثاره لذَلِك عَن أَولهمَا بحضرتي وَمَعِي مَعَ عدم التَّوَقُّف فِي تقدمه فِي الْفَضَائِل ولحاقه بالجوجري فِي تفننه وذكائه وتفرده عَنهُ بالقراءات كَمَا تفرد هُوَ بِصدق اللهجة وَحسن النّظم وَلَكِن قد أَكثر هَذَا مِنْهُ وَرَأَيْت من ينْسبهُ للشرقة فِيهِ أَحْيَانًا وَالْحق أَن الْكثير مِنْهُ كالتضمين، وَلَو فرغ نَفسه للْعلم فِي هَذِه الْأَزْمَان الَّتِي قل فِيهَا من يزاحمه فِي فضائله وَلزِمَ التَّحَرِّي لما لحقه غَيره وَقد حركته لذَلِك غير مرّة فَمَا وفْق. وَمن تصانيفه شرح التبريزي فِي الْفِقْه والورقة فِي أصُول الْفِقْه للعز بن جمَاعَة وَالْكَافِي لشيخه الْخَواص فِي الْعرُوض ومقدمة فِي الْفلك وَكِتَابَة على ديوَان ابْن الفارض وَهُوَ من رُؤُوس الذابين عَن كَلَامه الرافعين لأعلامه ونظم فِي واقعتها أَشْيَاء أودعتها فِي أَخْبَارهَا بل لَهُ جَوَاب أَكْثَره غير مرضِي وَلَقَد قَالَ لَهُ بعض الفسقة من الشُّعَرَاء حِين سمع مِنْهُ قَوْله فِي كائنتها لم أزل أَنا وَأبي وجدي وجد أبي نعتقده نَحن فِي وَاقعَة لَا ننتقل عَنْهَا إِلَى أَبْيَات لَيست فِي ضمنهَا أَو كَمَا قَالَ، ونظم النخبة لشَيْخِنَا والإرشاد فِي الْفِقْه لِابْنِ الْمقري وَالْحَاوِي فِي الْحساب لِابْنِ الهائم مَعَ شَرحه للْأَصْل وَفِي الْقرَاءَات قصيدة(1/318)
على روى الشاطبية ووزنها وأبوابها مَعَ مَا تفرد بِهِ كل من الْكتب الثَّلَاثَة التَّيْسِير والعنوان والشاطبية بل لَهُ ديوَان شعر ومنظومة فِي الْعرُوض وَأُخْرَى فِي أصُول الْفِقْه، وسمعته ينشد كثيرا من نظمه وَمن ذَلِك:
(أَسْتَار بَيْتك أَمن المستجير وَقد ... علقتها طامعا فِي الْعَفو يَا باري)
(وَقد نزلت بِبَيْت قد أمرت بِأَن ... نأتيه للأمن فِي العقبى من النَّار)
(وإنني جَار بَيت أَنْت حافظه ... فَارْحَمْ جواري كَمَا أوصيت للْجَار)
وَاسْتقر فِي تدريس الْفِقْه بالشيخونية برغبة الْجلَال بن الْأَمَانَة لَهُ عَنهُ وَفِي الميعاد وَالتَّفْسِير بالبرقوقية بعد اللَّقَّانِيّ وَعمل فِي كل مِنْهُمَا أجلاسا ثَانِيهمَا أحفل مَعَ كَونه أهمل، وتزايد انتماؤه للبدري أبي الْبَقَاء بن الجيعان وخدمته لَهُ وخطب بِالْمحل الَّذِي جدده بالزاوية الْحَمْرَاء وَكَذَا الْأَمِير أخور وَأَتْبَاعه وَكَانَ فِي رَكبه سنة ثَمَان وَتِسْعين مَعَ الانجماع وَكَأَنَّهُ للنفرة من مُخَالطَة)
غَيره مِمَّن كَانَ مَعَه.
أَحْمد بن صَدَقَة بن تَقِيّ الْعزي / نِسْبَة للعز بن جمَاعَة لكَونه كَانَ فِي خدمته بل كَانَت أمه زوجا لمفتاح بن عبد الله عَتيق الْبَدْر وَالِد الْعِزّ أَخذ الْفِقْه واشتغل قَلِيلا ثمَّ لَازم سوق الْكتب فِي حَانُوت ثمَّ افْتقر فَصَارَ يُنَادي على الْكتب وينسخ مَعَ ضعف خطه وَكَانَ سَاكِنا ضَعِيف الْحَال والبنية. مَاتَ فِي سنة تسع. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والمقريزي فِي عقوده.
أَحْمد بن الصّلاح / هُوَ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن نصر بن المحمرة. يَأْتِي.
أَحْمد بن طَاهِر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد جلال الدّين بن الزين بن جلال الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن جلال. / ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والعمدة وَعرض على بعض الشُّيُوخ بل سمع على الزين بن أبي بكر المراغي واشتغل يَسِيرا عِنْد أَبِيه وَعَمه واعتنى بالأسفار وَقَضَاء حوائج أخوانه وَنَحْوهم ثمَّ توجه إِلَى الْحَج وَركب الْبَحْر فَانْقَطع خَبره وَيُقَال أَنه مَاتَ قبل الثَّمَانِينَ بنواحي سَمَرْقَنْد رَحمَه الله.
أَحْمد بن ططر. / كَذَا رَأَيْته بِهَامِش نُسْخَتي من الأنباء أَظُنهُ نقلا من الْعَيْنِيّ وَصَوَابه مُحَمَّد وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله.
أَحْمد بن طوغان وَيُسمى عَليّ بن عبد الله الصَّالِحِي الحمامي وَيعرف بِابْن البيطار. /(1/319)
سمع فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة على أبي الهول الْجَزرِي أَشْيَاء مِنْهَا جُزْء فِيهِ عوالي من مسموعات أبي نعيم، وَحدث سمع مِنْهُ ابْن فَهد وَغَيره وَمَات فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بصالحية دمشق وَدفن بسفح قاسيون رَحمَه الله.
أَحْمد بن طوغان بن عبد الله الشيخوني وَيعرف بدوادار النَّائِب. / مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فرباه سودون النَّائِب فباشر الدوادارية عِنْده وأثرى وَكَانَ يحب أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وترامى على أهل الحَدِيث وَالصَّلَاح واختص بهم ولازم مطالعة كتب أهل الظَّاهِر واشتهر ذَلِك حَتَّى صَار مأوى لمن ينْسب إِلَى ذَلِك مَعَ تعانيه الْعَمَل بِمَا يَقْتَضِيهِ قَول الْأَطِبَّاء فِيمَا يتَعَلَّق بالغداء وَالْعشَاء بِحَيْثُ يكثر الحمية فِي زمن الصِّحَّة وَلَا يَأْكُل إِلَّا بالميزان فَلَا يزَال مُعْتَلًّا. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان رَحمَه الله. ذكره شَيخنَا فِي الأنباء.
أَحْمد بن الطّيب مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن الشهَاب بن الْجمال النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. /
حفظ الْمِنْهَاج وتفقه بِأَبِيهِ وَأذن لَهُ بالإفتاء وَلكنه تورع عَنْهَا فِي حَيَاته بل وَبعده وشارك فِي الْفَضَائِل وَحصل من الْكتب جملَة ودرس وَأفَاد وَكَانَ متواضعا حسن الْأَخْلَاق معرضًا عَن الشُّهْرَة. مَاتَ فِي سنة سِتّ وَسبعين رَحمَه الله.
أَحْمد بن عَابِد الشهَاب الْقُدسِي الشَّافِعِي / وَأَظنهُ مَنْسُوبا إِلَى جده. ذكر لي أَبُو الْعَبَّاس الْقُدسِي الْوَاعِظ أَنه لَازمه فِي الْفِقْه وَغَيره.
أَحْمد بن عَادل بن مَسْعُود الشريف الْفَقِيه شهَاب الدّين الْمدنِي الْحَنَفِيّ. / سمع على النُّور الْمحلى سبط الزبيرِي فِي الِاكْتِفَاء للكلاعي سنة عشْرين.
أَحْمد بن عَاشر. / هُوَ ابْن قَاسم بن أَحْمد. يَأْتِي.
أَحْمد بن عَاصِم الفيومي ثمَّ الشبراوي الشَّافِعِي. / تحول من الفيوم مَعَ أَبِيه ظنا فقطن شبرى الْخَيْمَة مَعَ تردده للاشتغال.
أَحْمد بن عَامر الشهَاب المجدلي الشَّافِعِي وَيعرف بكنانة. / ذكر لي بلديه أَبُو الْعَبَّاس الْقُدسِي الْوَاعِظ أَنه أول شيخ تخرج بِهِ.
أَحْمد بن عباد بن شُعَيْب الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس القنائي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل القطبية الْمُجَاورَة للصاحبية وَيعرف بالخواص / لكَونه كَانَ يتكسب أول مَا قدم الْجَامِع الْأَزْهَر بِعَمَل المراوح بعد رعي الْغنم فِي بِلَاده. ولد بقنا من أَعمال أسيوط بالصعيد وَقدم مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ كَمَا أخبر رجل كَامِل فَدخل الْأَزْهَر وَحفظ الْقُرْآن والبهجة وألفية ابْن مَالك وعروض الشاري وَبَانَتْ سعاد وَغَيرهَا(1/320)
واشتغل بالفنون فَأخذ الْفَرَائِض والحساب عَن ابْن المجدي وناصر الدّين البارنباري وَعنهُ أَخذ الْعرُوض وَكَذَا أَخذ عَنهُ وَعَن الشّرف السُّبْكِيّ وَالشَّمْس البوصيري الْفِقْه وحضره عِنْد الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والبرهان البيجوري وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والنحو عَن الشَّمْس بن الجندي والحناوي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الصَّحِيح فِي آخَرين فِي هَذِه الْعُلُوم وَغَيرهَا حَتَّى بَلغنِي أَنه كَانَ يقْرَأ على الشَّمْس بن سارة فِي الْعَضُد أَو غَيره وَلم يزل يدأب حَتَّى أُشير إِلَيْهِ بالفضيلة والبراعة فِي الْفِقْه وأصوله وَفِي الْفَرَائِض والحساب والعربية وَالْعرُوض والمعاني وَغَيرهَا مَعَ الْحِرْص على تَكْرِير محافيظه، وتصدى للإقراء مُدَّة طَوِيلَة فَانْتَفع بِهِ النَّاس وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَعمل فِي الْعرُوض مُقَدّمَة رَأَيْتهَا وسماها الْكَافِي فِي الْعرُوض والقوافي وَقد شرحها من طلبته الشهَاب بن الصَّيْرَفِي ونظمها هُوَ الشهَاب القليجي،)
وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الزين المنهلي وَابْن سولة وَابْن الصَّيْرَفِي وَمن لَا أحصيه كَثْرَة وَكَانَ حسن التَّعْلِيم لين الْجَانِب حاد الْخلق مديما للأشغال طول نَهَاره بِدُونِ ضجر وَلَا ملل مَعَ التقشف ونحافة الْبدن وَكَثْرَة التوعك ومزيد اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ بل لم يره أحد إِلَّا اعتقده والتقلل من الدُّنْيَا فَلم يكن باسمه سوى وَظِيفَة التصوف بالفخرية ثمَّ الْإِمَامَة بالقطبية ومشيختها وَكَانَت مَحل إِقَامَته وَلذَلِك كَانَ الْمَنَاوِيّ يُرْسل إِلَيْهِ وَلَده زين العابدين ليصحح عَلَيْهِ لوجه فِي الْبَهْجَة، رَأَيْته وَنعم الرجل كَانَ وَلكنه لم يكن بالذكي. مَاتَ بالقطبية بعد تمرضه مُدَّة فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَخمسين وَقد قَارب الثَّمَانِينَ وَدفن خَارج بَاب النَّصْر فِي حوش الصُّوفِيَّة رَحمَه الله وإيانا ونفعنا بِهِ.
أَحْمد بن عباد الشهَاب السفطي. / ذكره ابْن فَهد فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه ذكر أَنه سمع الصَّحِيح من التقي بن حَاتِم وَهُوَ مِمَّن أثْبته الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِيمَن سمع مِنْهُ الْإِمْلَاء فِي سنة ثَمَان عشرَة وَسمي أَبَاهُ أرسلان.
أَحْمد بن عبَادَة بن عَليّ بن صلح بن عبد الْمُنعم الشهَاب بن الزين الْأنْصَارِيّ الخزرجي الزرزاري الأَصْل القاهري الْمَالِكِي. / أَخذ الْفِقْه عَن أَبِيه وَغَيره والعربية عَن الحناوي وَكَذَا أَخذ عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ الْعَرَبيَّة والمنطق وَتردد للمجد الْبرمَاوِيّ وَسمع عَلَيْهِ كثيرا من السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَكَذَا سمع من شَيخنَا وبرع فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وشارك فِي الْفِقْه وَكَانَ مُتَأَخِّرًا عَن أَخِيه النُّور عَليّ فِيهِ مقدما عَلَيْهِ فِي غَيره، وباشر تدريس الأشرفية بعد موت وَالِده بل تصدى(1/321)
للإقراء وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء وناب فِي الْقَضَاء، وَكَانَ فَقِيرا ضَعِيف النّظر بل كف وَرغب عَن جلّ وظائفه وَلم يكن بالمرضي. مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ زَاد عَن السِّتين وَرَأَيْت بعض المهملين أرخه سنة سبع وَخمسين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
أَحْمد بن عبَادَة. / يَأْتِي فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبَادَة.
أَحْمد بن عَبَّاس بن أَحْمد بن عمر بن نَاصِر بن أَحْمد الْمَنَاوِيّ نِسْبَة لمنية مسود بالمنوفية الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. / شَاب يكثر الِاشْتِغَال جدا وَيَأْخُذ عَمَّن دب ودرج، وَمن شُيُوخه الزين زَكَرِيَّا وَكَذَا تردد إِلَيّ وقتا فِي شرحي للألفية وَغَيره وَهُوَ حسن الْفَهم غير سريعه نَاب فِي إِمَامَة البيبرسية ثمَّ اسْتَقل بإمامة سعيد السُّعَدَاء ولازم ابْن الصَّيْرَفِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي البرقوقية حِين اسْتَقر فِي التَّفْسِير بهَا بل كَانَ يجلس عِنْده أَحْيَانًا للشَّهَادَة، وترقى حَاله قَلِيلا وَتزَوج.
أَحْمد بن عَبَّاس بن أَحْمد البارنباري. / شهد على بعض الْحَنَفِيَّة سنة إِحْدَى.
أَحْمد بن الْعَبَّاس الْعَبَّادِيّ التلمساني. / مَاتَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ. أرخه ابْن عزم.
أَحْمد بن عبد الباسط بن خَلِيل شهَاب الدّين بن الزيني نَاظر الْجَيْش الْآتِي أَبوهُ. / مَاتَ بالطاعون فِي مستهل شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بعد أَن بلغ وناب عَن وَالِده فِي كِتَابَة الْعَلامَة وَكَانَت جنَازَته حافلة.
أَحْمد بن عبد الْبَاقِي الشهَاب بن الْعِمَاد الأقفهسي. / هَكَذَا رتبه بَعضهم وَهُوَ غلط وَصَوَابه ابْن عماد بن يُوسُف يَأْتِي.
أَحْمد بن عبد الحميد بن سُلَيْمَان بن حميد شهَاب الدّين اللاري النابلسي ثمَّ الصَّالِحِي. / سمع من الصّلاح بن أبي عمر فِي سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة الْأَوَّلين من تَخْرِيج أبي سعد الْبَغْدَادِيّ عَن شُيُوخه. ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَلم يزدْ.
أَحْمد بن عبد الحميد الْمَالِكِي. / فِي ابْن يُوسُف بن عمر بن يُوسُف.
أَحْمد بن عبد الْحَيّ القيوم بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة محب الدّين الْقرشِي الشَّافِعِي قَاضِي جدة وأخو عَطِيَّة وَابْن عَم كريم الدّين عبد الْكَرِيم بن عبد الرَّحْمَن وَزوج أُخْته فَاطِمَة وَأمه من زبيد. / ولد فِي رَجَب ظنا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل عِنْد شُيُوخ بَلَده وَسمع من الزين الأميوطي وَأبي الْفَتْح المراغي وقريبه أبي السعادات بن ظهيرة، وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ جُزْء ابْن الجهم وإحياء الْقلب الْمَيِّت، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ من أجَاز لقريبه الْمُحب مُحَمَّد بن أبي حَامِد مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن أبي السُّعُود(1/322)
مُحَمَّد بن حُسَيْن، وَدخل مصر غير مرّة أَولهَا فِي سنة أَربع وَخمسين وَكَذَا دخل دمشق وحلب وطرابلس وَغَيرهَا وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وناب فِي قَضَاء جدة وخطابتها من سنة بضع وَسِتِّينَ عَن قَرِيبه الْكَمَال أبي البركات بن ظهيرة وَغَيره فحمدت سيرته لمزيد تواضعه ورفقه وَلينه وخفة وطأته، وَهُوَ مِمَّن أَكثر التَّرَدُّد إِلَيّ فِي مجاورتي الْأَخِيرَة كَانَ الله لَهُ.
أَحْمد بن عبد الْخَالِق بن عبد المحيي بن عبد الْخَالِق الشهَاب بن السراج الأسيوطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل الناصرية ووالد الولوي أَحْمد الْمَاضِي وأخو إِسْمَاعِيل الْآتِي. / ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع من عَمه الْعِزّ عبد الْعَزِيز والتنوخي وَعبد الله بن الْمعِين
وَمُحَمّد بن عَليّ بن قيم الكاملية وَجُوَيْرِية ابْنة الهكاري وَمن مسموعه عَلَيْهَا ثلاثيات البُخَارِيّ وجزء فِيهِ مجلسان من أمالي أبي جَعْفَر البخْترِي وَأبي بكر الشَّافِعِي وَغير ذَلِك، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ وَلَده، وَكَانَ صَالحا عابدا خيرا رَضِي الْأَخْلَاق جدا كثير التَّهَجُّد والتلاوة ذَا هَيْئَة حَسَنَة وشكالة مَقْبُولَة وَشَيْبَة منورة عَلَيْهِ سمت الصَّالِحين وسكينتهم ووقارهم اجْتمع النَّاس على الثَّنَاء عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ بعض رفقائه فِي الشَّهَادَة رافقته نَحْو أَرْبَعِينَ سنة فَمَا سَمِعت مِنْهُ مَا أكره، وَقَالَ يحيى العجيسي جَاره فِي الناصرية أَنا فِي جواره مُنْذُ نَيف وَثَلَاثِينَ سنة مَا عبت عَلَيْهِ خصْلَة وَقَالَ أَخُوهُ: مَاتَ أَبونَا وَخلف دنيا وَاسِعَة فخرتها وَكنت أعْطِيه الْيَسِير جدا فِي كل يَوْم فَلَمَّا بلغ واستقل بِنَفسِهِ لم يقل لي يَوْمًا من الْأَيَّام مَا فعلت فِي تَرِكَة وَالِدي لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَلْوِيحًا. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي عشري ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية مَحل سكنه وَدفن بتربة الصُّوفِيَّة شيعه الْعلم البُلْقِينِيّ وَخلق. رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبد الْخَالِق بن عَليّ بن الْحسن بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن الْفُرَات الشهَاب بن الصَّدْر بن النُّور الْبَدْر القاهري الْمَالِكِي. / كَانَ أَبوهُ من أَعْيَان الموقعين وَنَشَأ هُوَ بِالْقَاهِرَةِ فاشتغل بالفقه وأصوله والعربية والطب وَالْأَدب وَمهر فِي الْفُنُون الْعَقْلِيَّة ونظم الشّعْر الْحسن مَعَ لطافة الشكل وبشاشة الْوَجْه وَحسن الْخلق. قَالَه شَيخنَا قَالَ وَكَانَت بَيْننَا مَوَدَّة سمع مَعنا من بعض الشُّيُوخ وَسمعت من نظمه كثيرا وَهُوَ الْقَائِل:
(إِذا شِئْت أَن تحيا حَيَاة سعيدة ... ويستحسن الأقوام مِنْك المقبحا)
(تزي بزِي التّرْك واحفظ لسانهم ... وَإِلَّا فجانبهم وَكن متصولحا)(1/323)
مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَلم يدْخل فِي الكهولة. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأنبائه، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه كَانَ إِذا كتب لَهُ الْبَيْت من الشّعْر أَو نَحوه فِي ورقة لم يرهَا وَدفعت إِلَيْهِ وَيَده من تَحت ذيله قَرَأَهَا وَيَده وثوبه يحول بَين بَصَره وَبَين رؤيتها إِلَّا أَنه يمر بِيَدِهِ على الْمَكْتُوب خَاصَّة فَيقْرَأ مَا كتب فِي الورقة امتحناه بذلك غير مرّة وشاهدت غَيره أَيْضا يفعل مثله انْتهى. وَحكى لنا الزيني عبد الباسط بن ظهيرة عَن شخص من التُّجَّار اسْمه عمر بن بسيس أَنه شَاهد هُوَ وَغَيره مِنْهُ مثل ذَلِك.
أَحْمد بن عبد الْخَالِق بن مُحَمَّد بن خلف المجاصي بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم مخففا / قَرْيَة فِي الْمغرب
أَحْمد بن عبد الدَّائِم بن عمر الشهَاب بن القَاضِي زين الدّين المرصفاوي. / قَالَ الزين رضوَان أَنه سمع على الشّرف بن الكويك وَأَشَارَ إِلَى أَنه مَاتَ وَلم يبين تَارِيخ مَوته.
أَحْمد بن عبد الدَّائِم بن عمر الشريف الحسني بن عمر الشريف الْبَدْر النسابة. / قيل أَنه بالمشهد الْحُسَيْنِي وَأَنه استجيز وَهَذَا لَا أعرفهُ أصلا.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُوفق أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشهَاب بن الزين أبي الْفرج الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو يُوسُف الْآتِي وَيعرف أَبوهُ بِابْن الذَّهَبِيّ وَهُوَ بِابْن نَاظر الصاحبية وَرُبمَا أسقطت الْيَاء. / ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وأرخه بَعضهم بِسنة سِتّ وَسِتِّينَ لغَرَض، وَسمع من أَبِيه وَمُحَمّد بن الرشيد عبد الرَّحْمَن الْمَقْدِسِي وَأحمد بن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم بن غَنَائِم بن المهندس والشهاب أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي والعماد أبي بكر بن يوزسف الخليلي وناصر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن حَمْزَة فِي آخَرين، وقرأت بِخَط الخيضري مَا نَصه: ذكر لي شَيخنَا يَعْنِي ابْن نَاصِر الدّين الْحَافِظ مرَارًا أَن وَالِد صَاحب التَّرْجَمَة قَالَ لَهُ مَا فرحت بِشَيْء من أَنِّي أحضرت وَلَدي وعني صَاحب التَّرْجَمَة جَمِيع مُسْند أَحْمد على الْبَدْر أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الرقَاق بن الجوخي أخبرتنا بِهِ زَيْنَب ابْنة مكي بمندة، قَالَ ابْن نَاصِر الدّين وَكَانَ وَالِده(1/324)
من الثِّقَات، وَكَذَا حَكَاهُ الْمُحدث نَاصِر الدّين بن زُرَيْق عَن ابْن نَاصِر الدّين معينا لكَونه حِين الْحُضُور فِي الثَّالِثَة وَلكنه سكت عَن توثيقه، ثمَّ قَالَ ابْن زُرَيْق فَالله أعلم بِصِحَّة ذَلِك انْتهى. وَقد اعْتمد النَّاس قَول ابْن نَاصِر الدّين وحكاية توثيقه لوالده فَحدث صَاحب التَّرْجَمَة بالمسند أَو جله بِدِمَشْق بل واستدعى بِهِ الظَّاهِر جقمق بعناية بعض أمرائه فِي سنة خمس وَأَرْبَعين مَعَ آخَرين من المسندين إِلَى الْقَاهِرَة، وَحدث بِهِ أَيْضا وَبِغَيْرِهِ من مروياته وَسمع من الْأَعْيَان وَكَانَ ختم الْمسند وَهُوَ تَرْجَمَة عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر بِحُضُور شَيخنَا، وَرجع إِلَى بَلَده فَمَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع وَأَرْبَعين، وَكَانَ دينا خيرا أحد الشُّهُود بِمَجْلِس الحكم الْحَنْبَلِيّ بِدِمَشْق رَحمَه الله. وَقد ذكره)
شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار فَقَالَ أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن النَّاظر الْحَنْبَلِيّ سمع من الْمسند الْحَنْبَلِيّ على أَحْمد بن جوخي وَحدث أجازنا فِي سنة تسع وَعشْرين. وترجمته فِي الأنباء إِنَّمَا كتبهَا الخيضري وَلست لمؤلفه فاعتمده.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن سُلَيْمَان الْبَهَاء بن الْجلَال الْأنْصَارِيّ الأسنائي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن العكم. / ولد قبل الْأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وناب فِي الْقَضَاء بعد وَفَاة أَبِيه بل ولي أَمَانَة الحكم وَحبس الأسيوطي يَده بِأخرَة ثمَّ رَفعه بِالْكُلِّيَّةِ زَكَرِيَّا وَصَارَ مُقْتَصرا على النِّيَابَة إِلَى أَن سَافر فِي الْبَحْر حِين رأى اختلال أَمر قاضيه وجماعته فوصل مَكَّة فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين على هَيْئَة إملاق فدام بهَا حَتَّى حج وبلغه وَفَاة ولد لَهُ فَاشْتَدَّ حزنه وَلم يلبث أَن تعلل ومل فَرجع إِلَى جدة ليتوجه مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة بعد الزِّيَارَة فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الضعْف بهَا فَعَاد لمَكَّة فتزايد ضعفه وَاسْتمرّ كَذَلِك نَحْو شَهْرَيْن إِلَى أَن مَاتَ فِي ثَالِث عشري جُمَادَى الأولى أَو الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين ثَانِي يَوْم طلق زَوْجَة لَهُ كَانَ اتَّصل بهَا هُنَاكَ وبالغت فِي خدمته وَيُقَال أَنه لم يكن حِينَئِذٍ واعيا وَصلى عَلَيْهِ بعض عصر يَوْمه ثمَّ دفن بالمعلاة بتربة لِابْنِ شمس وَكَانَت فِيهِ حشمة فِي الْجُمْلَة لَكِن مَعَ تساهل شَدِيد عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب أَبُو مُحَمَّد بن الْبَهَاء بن الشهَاب القمصي البارنباري وبارنبار مُقَابل منية القمص وَهِي أعظم مِنْهَا القاهري الشَّافِعِي وَالِد الْجلَال عبد الرَّحْمَن الْآتِي. / كَانَ أَبوهُ من أَصْحَاب عبد العال خَليفَة الشَّيْخ أَحْمد البدوي مِمَّن يذكر بالكرامات وَالْأَحْوَال وَله بِبَلَدِهِ منية القمص(1/325)
زَاوِيَة أَنْشَأَهَا وَولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة بهَا قَرِيبا من سنة خمسين وَسَبْعمائة فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ وَلَده وَالْأَشْبَه أَن يكون بعد ليناسب تَارِيخ عرضه فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وَغَيرهَا وَعرض فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة على الأبناسي وَوصف وَالِده بالشيخ الصَّالح الزَّاهِد العابد المربي الناسك السالك كَهْف الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين الشَّيْخ بهاء الدّين بن الشَّيْخ الصَّالح شهَاب الدّين البارنباري، وَكَذَا عرض على ابْن الملقن وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن سعد الله بن جمَاعَة وَقَالَ أَولهمَا أَنه سمع عَلَيْهِ قبل ذَلِك دروسا فِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعضه بحثا وَكتب شَرحه لَهُ أَي الْمِنْهَاج الفرعي بِكَمَالِهِ والصدر الأبشيطي وَالْجمال الأسنوي والشهاب بن النَّقِيب والبهاء أَحْمد بن التقي السُّبْكِيّ وَمُحَمّد بن عبد الْبر السُّبْكِيّ والبدر حسن بن الْعَلَاء القونوي وأكمل)
الدّين الْحَنَفِيّ والسراج الْهِنْدِيّ وَآخَرين، وَوصف كلهم وَالِده بِالْولَايَةِ وَالصَّلَاح وَرَأَيْت خطّ الْكَمَال الدَّمِيرِيّ على الْجُزْء الْأَخير من شَرحه للمنهاج بِخَط صَاحب التَّرْجَمَة بِمَا نَصه: بلغ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْمُحَقق مُفِيد الطالبين وَصدر المدرسين وأوحد الْعلمَاء العاملين سَيِّدي الشَّيْخ شهَاب الدّين بن سَيِّدي الشَّيْخ الإِمَام الْعَارِف المسلك صَاحب الْأَحْوَال السّنيَّة والطرائق المرضية زين الدّين بن الشَّيْخ شهَاب الدّين القمصي أدام الله النَّفْع بِهِ قَرَأَهُ عَلَيْهِ من أول بَاب الْمُسَاقَاة إِلَى هَهُنَا وقابل أَصله هَذَا بأصلي فَالله تَعَالَى يَجعله وإياي من الَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة وَأَن يبلغ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مُرَاده وَأَن يرفعهُ مَعَ الَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات وَأَن يوفقه وإياي فِي الحركات والسكنات وَكَانَ انْتِهَاء ذَلِك فِي تَاسِع عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة انْتهى وَحكى لي وَلَده أَنه قَرَأَ على الْجمال الأسنوي مُعظم تصانيفه بعد أَن كتبهَا بِخَطِّهِ وَكَذَا كتب النكت لِابْنِ النَّقِيب وَقرأَهَا عَلَيْهِ وَتَخْرِيج المصابيح للصدر الْمَنَاوِيّ وقرأه عَلَيْهِ قَالَ وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مُتَقَدما فِي عُلُوم مَعَ كَثْرَة التِّلَاوَة حَتَّى أَنه رُبمَا تَلا الْخَتْم بِكَمَالِهِ وَهُوَ منتصب على قَدَمَيْهِ وَله صَوت عريض، وَقد أَخذ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم وَلَده والزين القمني وَغَيرهمَا وانعزل عَن النَّاس وَأقَام بزاوية وَالِده عِنْد ضريحه إِلَى أَن مَاتَ فِي رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين بمنية ابْن سلسل وَكَانَ خرج إِلَيْهَا بمفرده فقدرت وَفَاته بهَا واستجيبت دَعوته فَإِنَّهُ دَعَا أَن لَا يَمُوت بِبَلَدِهِ فَحمل مِنْهَا إِلَى الْمنية وَدفن عِنْد أَبِيه رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِي الأَصْل الْمَكِّيّ(1/326)
الشهير كأبيه ابْن قيم الجوزية. / مِمَّن ورث أَبَاهُ وَتزَوج ابْنة أبي الْبَقَاء بن الضياء واستولدها وَمَاتَتْ تَحْتَهُ ثمَّ تناقص حَاله وَصَارَ عطارا بِبَاب السَّلَام ثمَّ ارتحل بولديه وأخيه إِلَى الْقَاهِرَة فماتوا بهَا فِي طاعون سنة ثَلَاث وَسبعين بعد دُخُوله مِنْهَا الشَّام عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أَحْمد بن مَنْصُور بن نعيم بِالْفَتْح ككبير الشهَاب أَبُو الأسباط العامري نسبه لقبيلة بني عَامر الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بكنيته. / ولد سنة خمس أَو سِتّ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بالرملة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ مُعظم الْقُرْآن عِنْد الشهَاب بن رسْلَان وَصَحبه إِلَى أَن مَاتَ وَحفظ الْحَاوِي وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم الْوَلِيّ بن الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وَأَجَازَ لَهُ بل أَخذ عَن ثَانِيهمَا النخبة وَغَيرهَا وَأذن لَهُ فِي الإقراء وتفقه
بِابْن رسْلَان وبالشمسين الْمَالِكِي نِسْبَة الشَّافِعِي والبرماوي عَنهُ أَخذ الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول وَغَيرهمَا، وَسمع بِبَيْت الْمُقَدّس على القبابي وَابْن بردس وَغَيرهمَا كَالشَّمْسِ بن الديري فَإِنَّهُ حضر عَلَيْهِ فِي صغره وبالخليل عَليّ التدمري جُزْءا ابْن عَرَفَة وبدمشق على ابْن نَاصِر الدّين وَغَيره وَدخل الديار المصرية غير مرّة وَكَذَا دخل الشَّام وَحج وزار وتصدى للإقراء فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس الْقُدسِي الْوَاعِظ. وَولي قَضَاء بَلَده فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَأَرْبَعين حِين كَانَ الونائي قَاضِي دمشق فحسنت سيرته جدا وَكثر ثَنَاء النَّاس عَلَيْهِ وَصرف عَنْهَا غير مرّة ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وَلزِمَ الِاشْتِغَال والأشغال والإفتاء وَالتِّجَارَة فِي الصابون وَغَيره وَعرف بِتمَام الْفَضِيلَة حَتَّى صَار عَالم بَلَده وَرُبمَا نظم الشّعْر مَعَ الإقبال على الْعِبَادَة وسلوك طَرِيق الْخَيْر ومزيد التَّوَاضُع واقتفاء طَرِيق السّلف وَصدق اللهجة والمحاسن الجمة، وَقد لَقيته بِبَلَدِهِ فَأخذت عَنهُ أَحَادِيث ثمَّ كثر اجتماعي مَعَه بِالْقَاهِرَةِ وَأرْسل إِلَيّ بمصنف لَهُ أفرده لرجال البُخَارِيّ استمد فِيهِ من تَهْذِيب شَيخنَا وَأَصله فأصلحته لَهُ، وقطن بِبَيْت الْمُقَدّس بِأخرَة حَتَّى مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سبع وَسبعين. وَقد تَرْجمهُ البقاعي مرَارًا مراعيا التَّعَرُّض لبَعض رفقائه فَقَالَ أَنه لَيْسَ فِي تلامذة ابْن رسْلَان مثله علما وعقلا وَأَنه برع فِي الْفِقْه والنحو وَالْأُصُول وَغَيرهَا وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ الْحسن السَّرِيع وَعِنْده عقل وافر وتواضع كثير وَصَلَاح وسكينة وَبشر للأصحاب وتودد مَعَ تؤدة وشكل مَقْبُول وسمت حسن وَلَيْسَ فِي الرملة الْآن من يدانيه علما ودينا وعقلا، وَوَصفه بِالْإِمَامِ الْعَلامَة قَاضِي الرملة وعالمها رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن حسن أَبُو حسيل النجار وَيعرف بِابْن بنيفة. / مَاتَ(1/327)
فِي الْمحرم سنة تسع وَخمسين.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن حمدَان بن حميد بِالتَّكْبِيرِ الشهَاب بن الزين العنبتاوي بِفَتْح النُّون وَإِسْكَان الْمُوَحدَة بعْدهَا فوقانية نِسْبَة إِلَى عنبتا قَرْيَة من عمل نابلس الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. / ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع من الْمُحب الصَّامِت وَأبي الهول وَغَيرهمَا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وتكسب بِالشَّهَادَةِ. مَاتَ فِي سَابِع عشر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين مطعونا.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن دَاوُد بن الكويز أَخُو صَلَاح الدّين مُحَمَّد الْآتِي. / سمع فِيمَا أَظن على شَيخنَا.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن هرون بن بدر بن عَليّ بن عَامر بن هَارُون بهاء الدّين بن عماد الدّين العامري الْجُهَنِيّ التتائي القاهري الشَّافِعِي. / هَكَذَا قَرَأت نسبه بِخَطِّهِ، وَيعرف بِابْن حرمي بمهملتين مفتوحتين ثمَّ مِيم وَكَأَنَّهُ عَمه فَسَيَأْتِي حرمي بن سُلَيْمَان. ولد بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وبخطى أَيْضا سنة أَربع وَتِسْعين فَالله أعلم، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وألفية النَّحْو وَبَعض منهاج الْأُصُول، وَعرض على جمَاعَة كالبرهان البيجوري وَعنهُ أَخذ فِي الْفِقْه وَكَذَا عَن الشمسين الْبرمَاوِيّ والعراقي وَآخَرين بل ذكر أَنه سمع مَعَ أَخِيه الْبَدْر مُحَمَّد عَليّ السراج البُلْقِينِيّ ختم البُخَارِيّ بِقِرَاءَة الشهَاب الْحُسَيْنِي قَالَ وأحفظ عَنهُ قَوْله لَهُ أَحْسَنت يَا شهَاب الدّين قَالَ وَكنت فِيمَن ظهر مَعَ الزين الْعِرَاقِيّ للاستسقاء فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَسمعت خطبَته انْتهى. وَرَأَيْت لَهُ سَمَاعا على النُّور الأبياري نزيل البيبرسية فِي سنَن ابْن مَاجَه سنة ثَلَاث عشرَة وَهُوَ مِمَّن لَازم شَيخنَا فَأكْثر وَكتب عَنهُ شرح البُخَارِيّ وَغَيره فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وَزَاد بره لَهُ وَلم تكن ثروته فِي أثْنَاء ذَلِك من إِرْث أَخِيه بمانعة لَهُ عَن قبُول بره إِمَّا لعدم ظَنّه وُجُوبه أَو كَانَ يَدْفَعهُ لمستحق، وَقد أم بالحجازية وتنزل فِي بعض الْجِهَات وتكسب بالنساخة وقتا وَكَذَا بِالشَّهَادَةِ إِلَى آخر وقته، وَحكى لي أَن عَدَالَته ثبتَتْ على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ بِشَهَادَة الحناوي وَالشَّمْس الطنتدائي والشريف عمر بن محَاسِن وَتَمام تِسْعَة وَاحْتج للعاشر لالتزام الْوَلِيّ أَن لَا يثبت عَدَالَة لغير شَافِعِيّ يُزَكِّيه عشرَة فَأثْنى عَلَيْهِ وَلَده التَّاج عبد الْوَهَّاب. وَكَانَ ثِقَة خيرا متعبدا بالتلاوة وَالْقِيَام محبا فِي الحَدِيث وَأَهله ذَاكِرًا لكثير من الْمُتُون مَعَ التَّحَرِّي فِي نَقله وألفاظ الحَدِيث يتعانى التِّجَارَة فِي الصابون وَغَيره عَلَيْهِ سِيمَا الْخَيْر وَكنت(1/328)
مِمَّن استأنس بِهِ وبزيارته إِلَى أَحْيَانًا وَسمعت مِنْهُ مَا أسلفته فِي الشهَاب الأبشيطي مِمَّا هُوَ فِي مَنَاقِب شَيخنَا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس سادس شَوَّال سنة خمس وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد فِي مشْهد حَضَره الْأمين الأقصرائي والعبادي وَالشَّافِعِيّ وَتقدم للصَّلَاة وَغَيرهم وَدفن بتربة البيبرسية وَأثْنى عَلَيْهِ النَّاس كثيرا وَخلف دنيا طائلة وَولدا ذكرا رَحمَه الله وإيانا. (سقط)
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب بن الصَّالح الْقدْوَة بركَة الْمُسلمين الزين الدفري الْمَالِكِي. / أجَاز لَهُ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي سنة ثَمَان عشرَة بعد سَمَاعه مِنْهُ وَعَلِيهِ أَشْيَاء.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن يُوسُف بن هِشَام الشهَاب بن التقي بن الْجمال الْأنْصَارِيّ
القاهري الشَّافِعِي أَخُو الولوي مُحَمَّد الْآتِي وَذَاكَ أكبر وَيعرف كسلفه بِابْن هِشَام. / ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل كثيرا وَأول مَا أَخذ الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس الشطنوفي وَلم يلبث مَعَه إِلَّا يَسِيرا حَتَّى برع فِيهَا ثمَّ أَخذهَا عَن قَرِيبه الشَّمْس العجيمي سبط ابْن هِشَام وعظمه جدا بِحَيْثُ أَنه لما قدم الْعَلَاء البُخَارِيّ ولازمه قَالَ لَهُ أَنَّك لم تستفد مِنْهُ أَكثر مَا عنْدك فَقَالَ أوليس صرنا فِيهِ على يَقِين. وَكَذَا لَازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي الْعُلُوم الَّتِي كَانَ يقرئها وَأخذ عَن الْبرمَاوِيّ فِي آخَرين كَالشَّمْسِ الْبِسَاطِيّ وَقَرَأَ أَيْضا على النظام يحيى الصيرامي المواقف وَحضر مَعَه عِنْده فِيهِ القاياتي والجلال الْمحلى وَخلق وَكَانَ يَقُول قَرَأت على الْبُرْهَان بن(1/329)
حجاج الأبناسي فِي الْمنطق وَلم أفهم عَنهُ شَيْئا ثمَّ لما صَار يبْحَث مَعَه فِيهِ كَانَ يحمد الله على ذَلِك، وَحضر دروس الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وإملاءه وَأثبت اسْمه فِي بَعْضهَا سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة وَتقدم فِي الْفُنُون سِيمَا الْعَرَبيَّة بِحَيْثُ فاق فِيهَا وتصدى للإقراء وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ فِي الْمُخْتَصر والمحيوي يحيى الدماطي فِي التسهيل وَكَانَ يكْتب عَلَيْهِ شرحا كَمَا أَنه كتب على نسخته من توضيح الألفية لجده حَوَاشِي كَثِيرَة جردها فِي تصنيف مُسْتَقل الشَّمْس البلاطنسي فِي مُجَلد انْتفع بِهِ الْفُضَلَاء والعز السنباطي فِي شرح الشمسية كل ذَلِك فِي بَيت ابْن الْبَارِزِيّ وَشَيخنَا ابْن خضر والفرباني بل وَحضر دروسه الشهَاب بن المجدي وتنزل فِي صوفية المؤيدية ثمَّ أعرض عَنهُ وتنزل فِي التَّفْسِير بهَا مَعَ مُرَتّب يسير فِي الجوالي وَكَذَا ولي خزن كتب الأشرفية ثمَّ أعرض عَنهُ لما وَقع بَينه وَبَين ابْن الْهمام فاستقر فِيهِ حِينَئِذٍ الشَّمْس بن الجندي وَقَامَ الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ بكفايته وَكَانَ غَايَة فِي الذكاء مجيدا للعب الشطرنج بل كَانَ غَالِيَة فِيهِ مَعَ حسن الشكالة ومزيد الْكَرم والحدة المفرطة وَسْوَسَة فِي الطَّهَارَة، وَالصَّلَاة وَلم يكن اشْتِغَاله إِلَّا وَهُوَ كَبِير فَإِن الشهَاب الريشي واجهه وهما يتلاعبان الشطرنج بقوله يَا عَامي فحمى من ذَلِك واشتغل من ثمَّ. وَقد ذكره شَيخنَا فِي أنبائه بِاخْتِصَار، وَقَالَ أَنه فاق فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَكَانَ يجيد لعب الشطرنج وانصلح بِآخِرهِ وَسكن دمشق فَمَاتَ بهَا فِي ضحوة يَوْم الْخَمِيس رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ بالإسهال شَهِيدا وَدفن بِبَاب الصَّغِير وَكَانَ قدمهَا لزيارة الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ ثمَّ عَاد لمصر، ثمَّ رَجَعَ فَمَاتَ وَحضر جنَازَته الْعَلَاء البُخَارِيّ والقضاة والأعيان رَحمَه الله وإيانا، وأرخ بَعضهم مولده سنة سبع وَتِسْعين وَأَنه مَاتَ عَن نَحْو أَرْبَعِينَ ولقب وَالِده صفي الدّين.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْغَنِيّ بن شَاكر بن ماجد شهَاب الدّين بن القَاضِي مجد الدّين بن فَخر الدّين القاهري الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن الجيعان. / نَشأ فِي كنف أَبِيه فَقَرَأَ الْقُرْآن وَغَيره، وَتخرج فِي الْمُبَاشرَة قَلِيلا وباشر الْكِتَابَة فِي الخانقاه البيبرسية فَلم يحمده ضعفاء أَهلهَا وَكَانَ مترفعا لَا لِمَعْنى، وَقد حج غير مرّة. مَاتَ وَقد جَازَ الْأَرْبَعين فِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بعد صَلَاة الْجُمُعَة بالأزهر ثمَّ دفن بتربتهم فِي مشْهد حافل وَاسْتقر بعده فِي البيبرسية أَخُوهُ عبد الرَّحِيم خَاتِمَة بني أَبِيه عَفا الله عَنهُ.(1/330)
أَحْمد بن الرَّحْمَن بن عبد الْكَرِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشهَاب أَبُو الْفضل النابلسي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن مَكِّيَّة وَهِي أم أَحْمد الْأَعْلَى. / إِمَام الْجَامِع الْكَبِير بنابلس والمتكلم فِيهِ على الْعَامَّة، سمع مني المسلسل وَغَيره وقرأه على بعض القَوْل البديع وَسمع عَليّ أَشْيَاء وَقَالَ لي أَنه سبط خطبا ابْنة عبد الله بن تَقِيّ ابْنة خَالَة التقي أبي بكر القلقشندي وَالَّتِي كَانَت تروي عَن أبي الْخَيْر بن العلائي وَتوفيت قبل السّبْعين بعد أَن أَخذ عَنْهَا الطّلبَة من المقادسة وَنَحْوهم.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن فضل الْحوَاري الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمزي الشَّافِعِي. / كتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَقَالَ أَنه الإِمَام يَوْمئِذٍ بالشرفي يُونُس الأشرفي بِمَدِينَة غَزَّة. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد النَّاصِر الزبيرِي. / يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد النَّاصِر.
أَحْمد بن الزين عبد الرَّحْمَن الْمَدْعُو عبيد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم الديروطي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي المنيح. / أَخذ عني بِالْقَاهِرَةِ أَشْيَاء.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أبي بكر بن أَحْمد بن مَسْعُود الشهَاب الريمي الْيَمَانِيّ / وأربعي النَّوَوِيّ والبردة وَقرأَهَا بِالْمَدِينَةِ على الأبشيطي وَمُحَمّد بن المراغي، كَانَ شافعيا فتحنبل وَقرر فِي درس خير بك بِمَكَّة وَصَارَ ملازما للحنبلي فِي ذَلِك وَغَيره وَهُوَ الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ وَابْنه نزيل الْكِرَام. ولد فِي أول لَيْلَة من إِحْدَى الجمادين سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن، وَهُوَ إِنْسَان خير كثير الطّواف وَالْعِبَادَة عَلَيْهِ سِيمَا الْخَيْر زار الْمَدِينَة غير مرّة وَصَحب النَّجْم عمر بن فَهد وَسمع مِنْهُ وَمن غَيره كوالده التقي وَأبي الْفَتْح المراغي وَقَرَأَ)
الْفَاتِحَة على الزين بن عَيَّاش وتكسب بِفعل الْعُمر ثمَّ بإقراء الْأَوْلَاد وَكتب عَنهُ ابْن فَهد:
(أهوَ مليح من أول حرف اسْمه عين ... إِذا قلبته وجدته يَا وَلَام فِي عين)
(جرح قلبِي وَأخذ عَقْلِي حبيب الْعين ... ترك دموعي تجْرِي كشبه الْعين)
وَكَانَ فِي ظله ثمَّ فِي رفد وَلَده وَكَذَا لازمني بِمَكَّة فِي سَماع أَشْيَاء وَسمعت مِنْهُ هَذَا.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الشهَاب الْمحلى القاهري الأَصْل الطولوني الشَّافِعِي المبتلي. /
كَانَ أَبوهُ من مياسير التُّجَّار وَنَشَأ هُوَ كَذَلِك مَعَ مصاحبة الِاشْتِغَال فلازم السَّيْف الْحَنَفِيّ فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَحج مَعَ أَبِيه فِي سنة سِتّ وَخمسين فَقَرَأَ الْقُرْآن على الديروطي وَحضر دروس أبي البركات الهيثمي وَيَعْقُوب المغربي(1/331)
وَغَيرهمَا وَسمع هُنَاكَ وَهنا بِقِرَاءَتِي يَسِيرا على أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره، وابتلى بالجذام ولازال فِي تزايد حَتَّى مَاتَ عَن نَحْو الثَّلَاثِينَ ظنا أَظُنهُ فِي حَيَاة أَبِيه عوضهما الله الْجنَّة.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ السكندري المسدي. / سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر شهَاب الدّين الْبِسَاطِيّ. / أثْبته الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي السامعين أَمَالِيهِ فِي سنة عشر.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عوض بن مَنْصُور بن أبي الْحسن الشهَاب الأندلسي الأَصْل الطنتدائي القاهري الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي. / ولد سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة الطنتدي وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وَغَيره وَدخل الْقَاهِرَة فعرضها على الْبُرْهَان بن جمَاعَة فِي ولَايَته الأولى ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وأكب على الِاشْتِغَال وَحفظ مَا نَيف عَن خَمْسَة عشر ألف بَيت رجز فِي عدَّة عُلُوم مِنْهَا تَفْسِير الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الديريني ونظم الْمطَالع للموصلي ثمَّ قدم الْقَاهِرَة قبيل الثَّمَانِينَ فقطنها ولازم الأبناسي والبلقيني وَابْن الملقن والزين الْعِرَاقِيّ وَكَذَا قَرَأَ على الضياء العفيفي وتميز وَلَا سِيمَا فِي الْفَرَائِض وَكَأَنَّهُ أَخذهَا عَن الكلائي، وَولي إِعَادَة الحَدِيث بقبة البيبرسية وإمامة الرِّبَاط بهَا والتدريس بالمنكوتمرية وخطب بِجَامِع الْحَاكِم ولكونه كَانَ يَقُول فِي خطبَته عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر اقيدا بالخيرا مَا لَقيته السُّلْطَان مُنْذُ أسلم أنكر عَلَيْهِ يُونُس الواحي فَلم يلْتَفت لإنكاره وَقدر اجْتِمَاعهمَا تجاه الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة فَقَالَ يُونُس يَا رَسُول الله إِن هَذَا الرجل يَقُول كَذَا فِي حق صَاحبك وَأَنا أنهاه فَلَا يَنْتَهِي فَخَجِلَ الشَّيْخ، وتصدى لإقراء الْعلم فَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء كشيخنا ابْن خضر، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْعم وَالْوَالِد. وَكتب على جَامع
المختصرات شرحا فِي ثَمَان مجلدات وتوضيحا فِي مُجَلد، وَكَانَ فَقِيها فرضيا متواضعا متقشفا على طَريقَة السّلف، قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه اجْتمع بِي كثيرا وطالت مجالستي لَهُ وَالسَّمَاع من فَوَائده وَكتب بِخَطِّهِ من تصانيفي كثيرا وَكَذَا كتب عني أَكثر مجالسي فِي الْإِمْلَاء وَسمع كثيرا عَليّ وَمَعِي وَحصل هَل فِي آخر عمره خلط فِي رجلَيْهِ ثمَّ فِي لِسَانه ثمَّ مَاتَ فِي ثَالِث شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَتَبعهُ فِي ذكره ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي طبقاته والمقريزي فِي عقوده وَلم يذكرهُ شَيخنَا فِي الأنباء وَكَانَ من مجاوريه وَدفن فِي حوش البيبرسية رَحمَه الله.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلف بن عِيسَى بن عساس بن بدر بن عَليّ بن يُوسُف بن عُثْمَان كَمَال الدّين أَبُو البركات بن التقي أبي الحزم بن(1/332)
الْحَافِظ الْجمال أبي عبد الله الْأنْصَارِيّ الخزرجي المطري الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي / ولد كَمَا قرأته بِخَط أَخِيه أبي حَامِد نقلا عَن خطّ أَبِيهِمَا بعد غرُوب الشَّمْس من يَوْم الْخَمِيس لثمان خلون من شعْبَان سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة، وَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة جُزْءا من حَدِيثه تَخْرِيجه لنَفسِهِ وَغَيره وَمن الْأمين بن الشماع وَحَمْزَة بن عَليّ الحسني السُّبْكِيّ، وَدخل الْقَاهِرَة والاسكندرية وَسمع بهَا من حسن بن عَليّ الْعمريّ وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ فَمَا بعْدهَا أَبُو الْحرم القلانسي وناصر الدّين التّونسِيّ ومصطفى الدّين الْعَطَّار وَأحمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْقُسْطَلَانِيّ وَآخَرُونَ، وَحدث سمع مِنْهُ التقي بن فَهد وروى عَنهُ هُوَ وَأَبُو الْفَتْح بن صَالح، وَكَانَ فَقِيها صوفيا عَارِفًا بِعلم الصُّوفِيَّة والْحَدِيث والعربية وأصول الدّين غواص الْفِكر على الدقاق واستنباط الْفَوَائِد ويذاكر بأَشْيَاء مفيدة، وينسب إِلَى معاناة الكيمياء، وَقد تزهد وَدخل الْيمن وَأقَام بهَا نَحوا من عشرَة أَعْوَام وَأقَام فِي مَدِينَة حلْس عِنْد القَاضِي ابْن الْعرَاق حَتَّى مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فِي أول ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَدفن هُنَاكَ رَحمَه الله، وَهُوَ فِي أنباء شَيخنَا بِاخْتِصَار.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف الشهَاب بن الْوَجِيه الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن الْجمال الْمصْرِيّ. / حفظ الْقُرْآن وجوده على الزين بن عباش وأحضر فِي الثَّالِثَة سنة ثَلَاث عشرَة ثمَّ فِي الرَّابِعَة على الزين المراغي فِي مُسلم وَابْن حبَان، وَدخل الْهِنْد وقطنها وقتا واستولد بهَا أَوْلَادًا وَرجع بهم إِلَى مَكَّة ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فَكَانَت الْمنية سنة ثَلَاث وَسبعين عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن حسن أَبُو الْيُسْر بن أبي الْفضل الْحَنَفِيّ. / فِي الكنى.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله السَّيِّد نور الدّين بن الصفي الْحُسَيْنِي الأيجي الشَّافِعِي أَخُو السَّيِّد معِين الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَهَذَا أكبر وَذَاكَ أعلم. / ولد فِي ضحى الْجُمُعَة تَاسِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بشيراز وَأخذ فِي النَّحْو وَالصرْف عَن غياث الدّين الأيجي وَفِي الْكَلَام عَن الشّرف حسن البدخشوني الْحَنَفِيّ وَفِي الْمعَانِي عَن قوام الدّين الشيفكي وأخيه إِمَام الدّين فِي الْفِقْه عَن سعد الدّين الكازروني وصاهره على ابْنَته وَلَكِن جلّ اشْتِغَاله عِنْد أَبِيه، وَسمع الحَدِيث بشيراز على الشّرف الجرهي وَابْن الْجَزرِي وبمكة وَكَانَ أول دُخُوله لَهَا فِي سنة خمس وَأَرْبَعين على أبي الْفَتْح المراغي وبالمدينة على الْمُحب المطري فِي آخَرين مِنْهُم الزين بن عَيَّاش وتلا عَلَيْهِ(1/333)
فِي الْقُرْآن وزار بَيت الْمُقَدّس وَلَقي بهَا بعض المعتمرين وَكَذَا دخل الشَّام وحلب وَغَيرهمَا وَحدث باليسير وشارك فِي الْفَضَائِل قَلِيلا وَانْفَرَدَ عَن أهل بَيته بإقبال مُلُوك عصره وعظمائهم عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ وَلَا ينفكون عَن أوامره إِلَى أَن حصل بَينه وَبَين صَاحب هرموز تنافر بِحَيْثُ قطع مَا كَانَ يصل إِلَيْهِ وَهُوَ شَيْء كثير وتناقص حَاله بِسَبَب ذَلِك مَعَ كَونه لم يكن يدّخر شَيْئا بل لَهُ جِهَات هِيَ بيد أقربائه وَنَحْوهم فَلَا يسْأَل عَنْهَا وَأَنا أحضر لَهُ مِنْهَا مهما كَانَ قنع بِهِ كَمَا بَلغنِي مَعَ مزِيد من ذَلِك وَقد رَأَيْته بِمَكَّة حِين قدومه لَهَا مَعَ بني جبر فِي موسم سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَهُوَ بالمفاصل بِحَيْثُ لَا يمشي إِلَّا مُعْتَمدًا على العكاز وَنَحْوه بل لَا يَسْتَطِيع النهوض فِي كثير من أوقاته فحج ثمَّ تلبث ليزور بعد انْفِصَال المولد من ربيع الأول سنة أَربع فعاقه الْمَرَض وَاسْتمرّ كَذَلِك ينشط تَارَة وَيَنْقَطِع أُخْرَى وَبَالغ فِي التأدب معي وَجَاء ليعيزين فِي الْأَخَوَيْنِ وَالْتمس مني الْإِجَازَة لوَلَده ولجماعته بل حدثت بِحَضْرَتِهِ وماشاني فِي بعض الأسئلة وَعَلِيهِ نور وخفر ومهابة مَعَ لطف ذَات وَجَمِيل عشرَة كل ذَلِك وَهُوَ غير مقتصر على مَا يلائمه بل يسْتَعْمل أَشْيَاء غير مُنَاسبَة وَيكثر الْجِمَاع حَتَّى أَنه تزوج عدَّة زَوْجَات وَاحِدَة بعد أُخْرَى سوى مَا مَعَه من السراري وَأكْثر من تحمل الدُّيُون فِي الْإِنْفَاق وَنَحْوه وَيُقَال أَنه مِمَّن يرغب فِي الكيمياء وأنفدت ابْنَته السيدة بديعة جلّ مَا كَانَ مَعهَا حَتَّى ملت، وَقد فارقته بِمَكَّة بعد انْفِصَال الْمَوْسِم وسافر للمدينة فدام بهَا قَلِيلا ثمَّ ركب الْبَحْر من الينبوع ليرْجع لبلاده وَبلغ جدة فتعلل فَعَاد لمَكَّة وَكَانَت منيته بهَا فِي عصر يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري جُمَادَى الأول سنة خمس وَتِسْعين وَدفن من الْغَد عقب الصُّبْح عِنْد سلفه من المعلاة رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد النَّاصِر بن تَاج الرياسة شهَاب الدّين بن التقي الْمحلى ثمَّ الزبيرِي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَأَخُوهُ الْعَلَاء عَليّ. / ذكره شَيخنَا فِي أنبائه فَقَالَ أحد موقعي الحكم كَانَ قد مهر فِي صناعته وَحصل مِنْهَا مَالا جزيلا مَعَ شدَّة إِمْسَاكه حَتَّى كَانَ مَا وَرثهُ أَخُوهُ مِنْهُ نَحْو ألفي دِينَار سوى العقارات وَكَانَ شَدِيد الْإِتْلَاف فهما طرفا نقيض. مَاتَ فِي نصف ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة وَلَيْسَ مُحَمَّد فِي نسبه فِي الأنباء بل نسب فِيهِ لجد أَبِيه.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد النُّور العثماني التّونسِيّ. / سمع بِقِرَاءَتِي فِي(1/334)
مَكَّة على أبي الْفَتْح المراغي سنة سِتّ وَخمسين.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شرف بن مَنْصُور الشهَاب بن الزين الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَغَيره ووالد الْعَلَاء عَليّ الْحَنَفِيّ الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن قَاضِي عجلون. / اشْتغل على الشّرف الْغَزِّي وباشر التوقيع عِنْد أركماس الدوادار ثمَّ فِي أول ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ولي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق بعد الْبَهَاء بن حجي ثمَّ صرف عَنْهَا فِي ربيع الأول من الَّتِي تَلِيهَا بالصلاح خَلِيل بن السَّابِق. وَمَات فِي لَيْلَة الْخَمِيس تَاسِع عشري ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشَّامي الْمدنِي وَيعرف بِابْن الشَّامي. / مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الشهَاب بن الإِمَام الْمُقْرِئ الزيني الفكير بِفَتْح الْفَاء ثمَّ كَاف مَكْسُورَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ رَاء نِسْبَة لقبيلة التّونسِيّ ثمَّ السكندري الْمَالِكِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بالعسلوني بمهملتين / ولد سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالاسكندرية وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وَغَيره وَحفظ الْعُمْدَة واشتغل على وَالِده فِي التَّهْذِيب للبرادعي وَأَجَازَ لَهُ الزين أَبُو بكر المراغي. وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق وَغَيرهمَا وَأم بِجَامِع الغربي بالاسكندرية خَمْسَة وَثَلَاثِينَ عَاما وَجلسَ شَاهدا بِبَاب الْبَحْر مِنْهَا وقتا ثمَّ ترك وَأَقْبل على التكسب بِالتِّجَارَة، قَرَأت عَلَيْهِ بالثغر جُزْءا وَكَانَ خيرا وضيئا أنشأ مَاتَ بِهِ قريب السّبْعين رَحمَه الله.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن النَّاظر الْحَنْبَلِيّ. / فِيمَن جده أَحْمد بن إِسْمَاعِيل.
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْعَلامَة جمال الدّين بن هِشَام. / مضى أَيْضا فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف.
أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الشهَاب بن التَّاج أبي الْفضل الْهَمدَانِي الْكُوفِي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الفصيح بفاء مَفْتُوحَة ثمَّ مُهْملَة مَكْسُورَة وَآخِرهَا مُهْملَة / نَشأ فتعانى التِّجَارَة ثمَّ عمل نقيب الحكم الْحَنَفِيّ بِدِمَشْق ثمَّ سكن الْقَاهِرَة مُدَّة، وَكَانَ ابْن الْآدَمِيّ يُكرمهُ ويعظمه لقرابة بَينهمَا من جِهَة النِّسَاء وبعنايته اسْتَقر فِي خدمَة البيبرسية سنة خمس عشرَة فاستمر فِيهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي مستهل شعْبَان سنة ثَمَان وَعشْرين عَن بضع وَسبعين سنة. قَالَ شَيخنَا: وَكَانَ قَلِيل الْكَلَام محبا فِي الانجماع معاشرا لِأُنَاس مخصوصين كثير الْمعرفَة بالأمور الدُّنْيَوِيَّة وَمَا تردد أَنه سمع على ابْن أميلة وَمن قبله لَكِن لم أَقف(1/335)
على ذَلِك تَحْقِيقا وَسَأَلته عَنهُ فَلم يعْتَرف بِهِ بل سَأَلته أَن يُجِيز لجَماعَة فَامْتنعَ ظنا مِنْهُ أَن ذَلِك على سَبِيل السخرية لشدَّة تخيله. قلت مَعَ أَنه من بَيت حَدِيث وَقد حَدثنَا غير وَاحِد عَن أَبِيه، وَهُوَ وَأَبوهُ فِي الدُّرَر الكامنة.
أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن حسن بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْقسم الشهَاب بن الزين بن الْبَدْر أبي مُحَمَّد التلعفري الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن المحوجب. / ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرض على البلاطنسي والتقي الْأَذْرَعِيّ وَحميد الدّين الْحَنَفِيّ وَابْن مُفْلِح وَآخَرين وَسمع على وَالِده وَعَمه وَأَسْمَاء ابْنة المهراني وَالْجمال بن جمَاعَة حِين قدم عَلَيْهِم وعَلى الشاوي ونسوان الكنانية بِالْقَاهِرَةِ فِي آخَرين بل قَرَأَ على الشهَاب بن زيد البُخَارِيّ وعَلى الْبُرْهَان النَّاجِي بعضه والسيرة بكمالها وَغير ذَلِك وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَأخذ عَن البلاطنسي والبدر بن قَاضِي شُهْبَة وخطاب والرضى الْغَزِّي والزين النشاوي وحسين قَاضِي الجزيرة فِي آخَرين، وَكتب الْمَنْسُوب وشارك فِي الْفَضَائِل وَحج فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ واختص بالزين بن مزهر وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَاسْتقر بعد النابلسي فِي نظر الْمَسْجِد الشهير بِابْن طَلْحَة تجاه البرقوقية ثمَّ رغب عَنهُ لإمامها عبد الْقَادِر وخالط غير وَاحِد من الْأُمَرَاء سِيمَا نَائِب الشَّام قجماس وانتفع النَّاس بِهِ مَعَ حشمه وكرم ورفق وتواضع ورغبة فِي الْخَيْر وميل إِلَى أهل الحَدِيث وَتوجه لكثير من الْكتب بِخَطِّهِ واستكتابه حَتَّى أَنه حصل أَشْيَاء من تصانيفي، وَمِمَّا كتبه طَبَقَات ابْن السُّبْكِيّ الْكُبْرَى وتاريخ قزوين للرافعي وبيننا وَبَينه آنسة وَله أفضال كثر الْحَمد لَهُ بِسَبَبِهِ وَقد تعرض لَهُ لمرافعة من لم يراقب الله فِيهِ ودام فِي الترسيم مُدَّة وَبَاعَ كتبه وَغَيرهَا وانجمع سِيمَا
بعد موت الزيني بن مزهر وَبعد انْقِضَاء الطَّاعُون الْمُنْفَصِل عَن موت بنيه وَعِيَاله وارتفاقه بذلك فِي وَفَاء بعض دُيُونه توجه لمَكَّة فِي الْبَحْر من الطّور فوصلها فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَتِسْعين وتكرر الِاجْتِمَاع مَعَه والاستئناس بمحاسنه ثمَّ عَاد مصحوبا بالسلامة وَالْقَبُول.
أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم الْوَلِيّ أَبُو زرْعَة بن الزين أبي الْفضل الْكرْدِي الأَصْل المهراني القاهري الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كأبيه بِابْن الْعِرَاقِيّ. / ولد فِي سحر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث(1/336)
ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَأمه عَائِشَة ابْنة لمغاي العلائي أحد أجناد أرغون النَّائِب بكر بِهِ أَبوهُ فَأحْضرهُ الْكثير على ابْن الْحرم القلانسي والمحب أبي الْعَبَّاس الخلاطي وناصر الدّين التّونسِيّ والشهاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْعَسْقَلَانِي بن الْعَطَّار والعز بن جمَاعَة وَالْجمال بن نباتة وَخلق، ورحل أول مَا طعن فِي الثَّالِثَة سنة خمس وَسِتِّينَ إِلَى دمشق فَأحْضرهُ بهَا على الحافظين الشَّمْس الْحُسَيْنِي والتقي بن رَافع والمحدث أبي الثَّنَاء المنبجي وَأبي حَفْص الشحطبي والشرف يَعْقُوب الحريري والعماد مُحَمَّد بن مُوسَى بن السيرجي وَابْن أميلة وَابْن النَّجْم وَابْن الهبل وَابْن السوقي وست الْعَرَب حفيدة الْفَخر بن البُخَارِيّ وَغَيرهم من أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ وَغَيره وببيت الْمُقَدّس على الزيتاوي واستجاز لَهُ خلقا كالعرضي وَابْن الجوخي وَأبي حَفْص عمر بن عَليّ بن شيخ الدولة السُّيُوطِيّ خَاتِمَة أَصْحَاب الْعِزّ الْحَرَّانِي، وَكَذَا روى بِالْإِجَازَةِ عَن الْعَفِيف اليافعي وَلما رَجَعَ من الرحلة مَعَ أَبِيه حفظ الْقُرْآن وعدة مختصرات من الْفُنُون وَنَشَأ يقظا طلب بِنَفسِهِ واجتهد فِي اسْتِيفَاء شُيُوخ الديار المصرية وَأخذ عَمَّن دب ودرج. وَمن شُيُوخه أَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ والبهاء بن خَلِيل والزين بن الْقَارِي والحراوي والبهاء بن الْمُفَسّر وَجُوَيْرِية والباجي، بل وارتحل إِلَى دمشق وَمَعَهُ رَفِيق وَالِده الْحَافِظ نور الدّين الهيثمي بعد الثَّمَانِينَ وَلَكِن بعد موت تِلْكَ الطَّبَقَة وَأخذ بهَا عَن الْحَافِظ أبي بكر بن الْمُحب وَأبي الهول الْجَزرِي وناصر الدّين بن حَمْزَة وَالشَّمْس بن الصفي الغزولي وَجَمَاعَة من أَصْحَاب التقي سُلَيْمَان وَأبي الْمَعَالِي الْمطعم وَأبي نصر بن الشِّيرَازِيّ وَالْقسم بن عَسَاكِر، وَكَذَا ارتحل مَعَ أَبِيه إِلَى مَكَّة وَالْمَدينَة غير مرّة ترافق مَعَ وَالِده فِي أَولهَا وَكَانَت سنة ثَمَان وَسِتِّينَ الشهَاب بن النَّقِيب أحد الْأَعْلَام وابتدأ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فأقاما بهَا شهرا ثمَّ توجها إِلَى مَكَّة فَكَانَ لصَاحب التَّرْجَمَة مِنْهُ حَظّ كَبِير من الْإِحْسَان والملاطفة، وَسمع بِمَكَّة على الْكَمَال أبي الْفضل النويري والبهاء بن عقيل النَّحْوِيّ)
وَمُحَمّد بن أَحْمد بن عبد الْمُعْطِي وَأحمد بن سَالم بن ياقوت الْمَكِّيّ والعفيف النشاوري وَالْجمال الأميوطي وبالمدينة على الْبَدْر عبد الله بن فَرِحُونَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مكثر سَمَاعا وشيوخا وَكتب الطباق وَضبط الْأَسْمَاء وَسمع الْأَئِمَّة بقرَاءَته وَخرج لغير وَاحِد من شُيُوخه كالصدر بن الْمَنَاوِيّ وَعبد الْوَهَّاب الأخنائي الْمَالِكِي وَابْن الشيخة والبلقيني وَأبي البركات بن النظام القوصي وَلم يتهيأ لَهُ إِفْرَاد شُيُوخه ومسموعه لَعَلَّه لقُصُور الهمم خُصُوصا(1/337)
فِي هَذَا النَّوْع، نعم عمل لنَفسِهِ فهرستا لطيفا وَكَذَا أورد ابْن مُوسَى فِي أوراق رحلته والتقي الفاسي فِي ذيله على التَّقْيِيد من مروياته نبذة وَشَيخنَا فِي مُعْجَمه يَسِيرا وتدرب بوالده فِي الحَدِيث وفنونه وَكَذَا فِي غَيره من فقه وأصل وعربية وعادت بركَة تَرْبِيَته عَلَيْهِ وَكَذَا تفقه بالأبناسي وَعظم انتفاعه بِهِ وَتوجه الشَّيْخ إِلَيْهِ بِحَيْثُ ساعده فِي تَحْصِيل وظائف لخصوصية كَانَت بَينه وَبَين وَالِده وبالسراج البُلْقِينِيّ بِحَيْثُ كَانَ معوله فِي الْفِقْه عَلَيْهِ وأفرد حَوَاشِيه على الرَّوْضَة وانتفع النَّاس بهَا خُصُوصا فِيمَا تجدّد من الْحَوَاشِي بعد جمع الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ وطرز تصانيفه بِكَثِير من اختياراته ومباحثه مفتخرا بإيرادها وإضافتها إِلَيْهِ وبابن الملقن وَغَيرهم بل حضر دروس الْجمال الأسنائي بالناصرية مُدَّة وعلق عَنهُ وَسمع عَلَيْهِ التَّمْهِيد والكوكب وَقطعَة من أول الْمُهِمَّات وَغير ذَلِك من تصانيفه ومروياته بل قَرَأَ عَلَيْهِ بِنَفسِهِ المسلسل بالأولية وَأخذ أصُول الْفِقْه والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهمَا من الْفُنُون عَن الضياء عبيد الله العفيفي الْقزْوِينِي الشَّافِعِي فَقَرَأَ عَلَيْهِ منهاج الْبَيْضَاوِيّ وغالب التَّلْخِيص مَعَ سَماع سائره إِلَى غَيره من كتب عديدة وفنون شَتَّى انْتفع بِهِ فِيهَا، والعربية عَن شيخ النُّحَاة أبي الْعَبَّاس بن عبد الرَّحِيم التّونسِيّ الْمَالِكِي وانتفع بِهِ فِيهَا وَلم يلبث أَن برع فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وأصوله والعربية والمعاني وَالْبَيَان وشارك فِي غَيرهَا من الْفَضَائِل، وَأذن لَهُ غير وَاحِد من شُيُوخه بالإفتاء والتدريس، وَاسْتمرّ يترقى لمزيد ذكائه حَتَّى سَاد وَأبْدى وَعَاد وَظَهَرت نجابته ونباهته واشتهر فَضله وبهر عقله مَعَ حسن خلقه وخلقه وَنور خطه ومتين ضَبطه وَشرف نَفسه وتواضعه وَشدَّة انجماعه وصيانته وديانته وأمانته وعفته وَطيب نغمته وضيق حَاله وَكثر عِيَاله، ودرس وَهُوَ شَاب فِي حَيَاة أَبِيه وشيوخه فِي عدَّة أَمَاكِن وَقَالَ أَبوهُ فِي دروسه قَدِيما:
(دروس أَحْمد خير من دروس أبه ... وَذَاكَ عِنْد أَبِيه مُنْتَهى أربه)
بل قَامَ بسد وظائف أَبِيه حِين توجه على قَضَاء الْمَدِينَة وخطابتها وَلَكِن وثب عَلَيْهِ شَيْخه)
السراج بن الملقن فَانْتزع دَار الحَدِيث الكاملية خَاصَّة مِنْهُ وتحرك صَاحب التَّرْجَمَة لمعارضته وتحدث فِي تَمْيِيز كفاءته فَحمل عَلَيْهِ كل من شَيْخه الأبناسي والبلقيني فَسكت وطار بِكُل ذَلِك ذكره وَسَار فِيهِ فخره ثمَّ أضيفت إِلَيْهِ جِهَات أَبِيه بعد مَوته فزادت رياسته وانتشرت فِي الْعُلُوم وجاهته، وَكَانَ من الْأَمَاكِن الَّتِي درس فِيهَا الحَدِيث الْمدرسَة الظَّاهِرَة البيبرسية والقانبيهية والقراسنقرية(1/338)
وجامع طولون وَالْفِقْه الْفَاضِلِيَّةِ والجمالية الناصرية مَعَ مشيخة التصوف بهَا وَمَسْجِد علم دَار، وناب الْقَضَاء عَن الْعِمَاد أَحْمد بن عِيسَى الكركي فِي سنة نَيف وَتِسْعين فَمن بعده وأضيف إِلَيْهِ فِي بعض الْأَوْقَات قَضَاء منوف وعملها وَغير ذَلِك وَسَار فِيهِ سيرة حَسَنَة وَاسْتمرّ فِي النِّيَابَة نَحْو عشْرين سنة ثمَّ ترفع عَن ذَلِك وَفرغ نَفسه للإفتاء والتدريس والتصنيف وَكَذَا الْإِمْلَاء بعد موت وَالِده بالديار المصرية بل وبمكة حِين حج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين فَإِنَّهُ أمْلى هُنَاكَ مَجْلِسا ابتدأه بالمسلسل بالأولية مَعَ فَوَائِد تتَعَلَّق بِهِ حَضَره الْأَئِمَّة من المكيين وَغَيرهم ثمَّ مَجْلِسا آخر أمْلى عَلَيْهِ أَحدهمَا الزين رضوَان وَالْآخر التقي بن فَهد ولقيه الشّرف بن الْمُقْرِئ الْعَلامَة حِينَئِذٍ، وَكَذَا أمْلى بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فِي تِلْكَ السّنة مَجْلِسا باستملاء الزين رضوَان للْأولِ والشرف الْمَنَاوِيّ للثني إِلَى أَن خطبه الظَّاهِر ططر بِغَيْر سُؤال إِلَى قَضَاء الديار المصرية فِي منتصف شَوَّال سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة مَعَ وجود السعاة فِيهِ بالبذل وَذَلِكَ عقب موت الْجلَال البُلْقِينِيّ بأَرْبعَة أَيَّام فَسَار فِيهِ أحسن سيرة بعفة ونزاهة وَحُرْمَة وصرامة وشهامة وَمَعْرِفَة وَكَانَ يحض أَصْحَابه على الاهتمام بإجابة من يلْتَمس مِنْهُم الشَّفَاعَة عِنْده عملا بِالسنةِ وليكون لَهُم عِنْد المسؤول لَهُ بذلك أياد وَقَامَ جمَاعَة عَلَيْهِ حَتَّى ألزموه بتفصيل الرفيع من الثِّيَاب وقرروا لَهُ أَن فِي ذَلِك قُوَّة للشَّرْع وتعظيما للقائم بِهِ، وَإِلَّا فَلم يكن عزمه التَّحَوُّل عَن جنس لِبَاسه قبله، وَلم يكن فِيمَا بلغنَا فِي حَال نيابته يثبت عَدَالَة غير شَافِعِيّ بتعديل عشرَة أنفس احْتِيَاطًا وتحريا، وَلم يلبث أَن مَاتَ الظَّاهِر فَبَايع لوَلَده الصَّالح مُحَمَّد بالسلطنة بعده قبل انْفِصَال السّنة ثمَّ لنظامه الْأَشْرَف برسباي فِي ثامن ربيع الآخر من الَّتِي بعْدهَا وَاسْتمرّ القَاضِي حَتَّى صرف فِي سادس ذِي الْحجَّة مِنْهَا لإقامته الْعدْل وَعدم محاباته لأحد من أَجله وتصميمه فِي أُمُور لَا يحتملها أهل الدولة حَتَّى شقّ على كثيرين مِنْهُم وتمالؤوا عَلَيْهِ بعد أَن كَانَ منع نوابه من الحكم فِي شَوَّال مِنْهَا مُخْتَارًا لأمر خُولِفَ فِيهِ وَبلغ الْأَشْرَف فاسترضاه وَوَافَقَهُ على الْأَمر الَّذِي كَانَ غضب بِسَبَبِهِ حَتَّى كَانَ ذَلِك سَببا للتمادي والممالأة)
عَلَيْهِ فِي صرفه فَكَانَت مُدَّة ولَايَته سنة وَدون شَهْرَيْن وَمِمَّنْ ساعد فِي صرفه قصروه أَمِير أخور وَابْن الكويز كَاتب السِّرّ والْعَلَاء بن المغلي قَاضِي الْحَنَابِلَة وَظَهَرت كَرَامَة الْوَلِيّ فِي المتعصبين فِي عَزله وأكبرهم الْعَلَاء فَإِنَّهُ قَامَ بِقَلْبِه وقالبه فِي صرفه لكَونه كَانَ يتمشيخ عَلَيْهِ وَولَايَة الآخر لكَونه كَانَ تتلمذ لَهُ فَأحب أَن يكون رَفِيقه مِمَّن(1/339)
يعرف لَهُ دون من يتعاظم عَلَيْهِ فانعكس الْأَمر وَنَدم بعد أَن تورط وَصَارَ يُبَالغ فِي نقيض مَا كَانَ مِنْهُ بِحَيْثُ كتب على فتيا بَالغ فِيهَا فِي الْحَط عَلَيْهِ ثمَّ عُوقِبَ بِأَن أُصِيب بولده قبل إِكْمَال الْحول من عزل الْوَلِيّ ثمَّ أُصِيب فِي نَفسه. قَالَه شَيخنَا قَالَ وَكَذَا صنع الله بِابْن الكويز فَإِنَّهُ كَانَ الأَصْل الْكَبِير فِي ذَلِك لِامْتِنَاع الْوَلِيّ من إجَابَته فِي أَخذ مجمع الزَّوَائِد بِخَط مُؤَلفه ولغير ذَلِك فَلم ينْتَفع بِنَفسِهِ بعد إِلَّا قَلِيلا وَاسْتمرّ موعوكا سِتَّة أشهر إِلَى أَن مَاتَ عقب الْوَلِيّ بِشَهْر وَاحِد ومجتمع الْكل عِنْد الله انْتهى بِزِيَادَة، وتألمت الخواطر الصافية لعزله وتكدرت معيشته هُوَ سِيمَا وَقد جاهره وَقت عَزله بعض المزورين بِمَا لَا يَلِيق واستقروا بِبَعْض تلامذته وَإِن كَانَ هُوَ ابْن شَيْخه وَصَارَ المستقر يتَكَلَّم بِمَا لَا يجمل مِمَّا يَقُول صَاحب التَّرْجَمَة حِين وُصُول ذَلِك إِلَيْهِ أعرف ذَنبي وَيُشِير لما أَشرت إِلَيْهِ مَعَ شَيْخه ابْن الملقن وَأظْهر السرُور بِهِ فِي الْحَالة الراهنة من اقْتصر على مُلَاحظَة الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة وَلزِمَ طَرِيقَته قبل فِي الانجماع على الْعلم وإفادته وتصنيفه وإسماعه إِلَى أَن مَاتَ قبل استكمال سنة من صرفه مبطونا شَهِيدا آخر يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشري شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين وَصلى عَلَيْهِ صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة بالأزهر فِي مشْهد حافل شهده خلق من الْأُمَرَاء والقضاة وَالْعُلَمَاء والطلبة تقدم القَاضِي المستجد مَعَ كَونه أوصى لمُعين ثمَّ دفن إِلَى جَانب وَالِده بتربة طشتمر من الصَّحرَاء رَحمَه الله وإيانا ونفعنا بِهِ وبسلفه وعلومهما. وتأسف الخيرون على فَقده، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه وَلما صرف عَن الْقَضَاء حصل لَهُ سوء مزاج من كَونه صرف بِبَعْض تلامذته بل بِبَعْض من لَا يفهم عَنهُ كَمَا يَنْبَغِي وَكَانَ يَقُول لَو عزلت بِغَيْر فلَان مَا صَعب عَليّ قَالَ واستيعاب قضاياه يطول، وَكَانَ من خير أهل عصره بشاشة وصلابة فِي الحكم وقياما فِي الْحق وطلاقة وَجه وَحسن خلق وَطيب عشرَة، وَلما وقف القَاضِي علم الدّين على كَونه صرف بِبَعْض الدَّهْر وَغلظ الْيَمين فَرَأى ذَلِك مُصَنف الطَّبَقَات فضبب عَلَيْهِ فِي نسخته، وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه أَنه قَرَأَ وَسمع عَلَيْهِ وَمن لَفظه قَالَ وَكَانَ مجْلِس الْإِمْلَاء قد انْقَطع بعد موت أَبِيه إِلَى أَن شرع فِيهِ من ابْتِدَاء شَوَّال سنة عشر وَثَمَانمِائَة فأحيا الله بِهِ نوعا)
من الْعُلُوم كَمَا أَحْيَاهُ قبل بِأَبِيهِ، وَأثْنى على ولَايَته قَالَ إِلَّا أَنه غلب عَلَيْهِ بعض أصهاره مِمَّن لم يسر سيرته فلزق بِهِ اللوم وتعصب عَلَيْهِ بعض أهل الدولة، قَالَ وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الْخَيْر والتواضع وسلامة الْبَاطِن قَالَ وتحدث بِكَثِير من مسموعاته عاليها ونازلها، قَالَ(1/340)
وَأَعْلَى مَا عِنْده مُطلقًا جُزْء ابْن عَرَفَة حَضَره على القلانسي بإجازته من الْعِزّ الْحَرَّانِي عَن ابْن كُلَيْب قَالَ وَلم يخلف بعده مثله، وَقَالَ فِي رفع الأصر وَكثر الأسف عَلَيْهِ خُصُوصا من طلبة الْعلم، وَقَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي أَنه سمع بقرَاءَته على أَبِيه وَغَيره قَالَ وَهُوَ عَالم نَشأ نشأة حَسَنَة فِي غَايَة من اللطافة والحشمة وَحسن الْخلق والخلق كثير الأشغال والاشتغال من أول عمره إِلَى آخِره وَكَانَ بعد موت الْجلَال البُلْقِينِيّ أوحد فُقَهَاء مصر والقاهرة وَعَلِيهِ الْمُعْتَمد فِي الْفتيا. وَقَالَ التقي الفاسي أخذت عَنهُ أَشْيَاء من تواليفه ومروياته وانتفعت بِهِ كثيرا فِي علم الحَدِيث وَغَيره قَالَ وَهُوَ أَكثر فُقَهَاء عصرنا هَذَا حفظا للفقه وتعليقا لَهُ وتخريجا وفتاويه على كثرتها مستحسنة ومعرفته للتفسير والعربية وَالْأُصُول متقنة وَأما الحَدِيث فأوتي فِيهِ حسن الرِّوَايَة وعظيم الدِّرَايَة فِي فنونه، قَالَ وَحدث بِكَثِير من مسموعاته وَله آمال كَثِيرَة أملاها بعد وَالِده، وَقد كتب لَهُ وَالِده أَنه سامع فِيمَا حَضَره بِبِلَاد الشَّام مَعَ كَونه كَانَ فِي الثَّالِثَة لما رأى فِيهِ وَالِده من الفطنة الْكَثِيرَة قَالَ وَهُوَ كثير الذكاء والمروءة والمحاسن قَاض لحوائج النَّاس إِلَى أَن قَالَ وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الْخَيْر والتواضع وسلامة الْبَاطِن، وَقَالَ الْجمال بن مُوسَى: الإِمَام الْعَلامَة الفريد شيخ الْحفاظ هُوَ أشهر من أَن يُوصف. وَقَالَ الْبَدْر الْعَيْنِيّ كَانَ عَالما فَاضلا لَهُ تصانيف فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَفِي شرح الْأَحَادِيث وَيَد طولى فِي الْإِفْتَاء كَانَ آخر الْأَئِمَّة الشَّافِعِيَّة بالديار المصرية.
وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ وحسنوا للسُّلْطَان تَوْلِيَة ابْن شَيْخه على بذل مَال الْتزم بِهِ مَعَ قَوْلهم أَنه أعلم مِنْهُ وَأَنه من بَيت الْعلم والرياسة تنغصت حَيَاته وَأُصِيب كل من تعصب عَلَيْهِ وَاسْتمرّ بطالا من الحكم عمالا فِي الأشغال والتدريس وَالْجمع فِي حلقته متوفر وَأكْثر أَيَّامه يشْتَغل ويشغل وتصنيفه ودروسه من محَاسِن الدُّرُوس يجْرِي فِيهَا بِدُونِ تلعثم وَلَا توقف، وَكَانَ فِي أوخر حَيَاته بعد وَفَاة السراج البُلْقِينِيّ أوحد فُقَهَاء مصر والقاهرة وَمن عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْمُعْتَمد انْتهى.
وَسمعت من يَقُول أَنه كَانَ فِي تَقْرِيره للْعلم كَأَنَّهُ خطيب فصاحة وطلاقة وإعرابا بل لَو رام شخص كِتَابَة ذَلِك تمكن مها إِن كَانَ سريعها وَجعله وَالِده ثَانِي اثْنَيْنِ يرجع إِلَيْهِمَا بعده فِي علم الحَدِيث كَمَا بَينته فِي تَرْجَمَة شَيخنَا وَوَصفه بِالْحَافِظِ وَهُوَ جدير بذلك وَكَانَ إِذا وَردت عَلَيْهِ)
مناسخة يسْتَعْمل أحد جماعته الزين البوتيجي فِيهَا(1/341)
مَعَ قَوْله لَيْسَ ذَلِك عَجزا مني إِنَّمَا لتيسره عَلَيْك سِيمَا وينشأ عَنهُ تزيينه والتفات النَّاس إِلَيْهِ فِي ذَلِك وَقَرِيب مِنْهُ أَنه لما اجْتمع بِهِ ابْن الْمُقْرِئ فِي مَكَّة كَمَا قدمنَا قَالَ لَهُ أَنْت الْقَائِل قل لِلشِّهَابِ بن عَليّ بن حجر قَالَ نعم قَالَ فأنشدناهما فَفعل، قد كثرت تلامذته والآخذون عَنهُ بِحَيْثُ أَنه قل من فضلاء سَائِر الْمذَاهب من لم يَأْخُذ عَنهُ وَأكْثر عَنهُ مِمَّن أخذت عَنهُ الزين رضوَان والبوتيجي الْمحلى عَنهُ وَقَالَ لنا أَنه كَانَ فِي طاقيته قِطْعَة من عود السيسان يَعْنِي شجر الْمخيط لأجل الْعين والمناوي وَكَانَ أَكثر من علمناه ويحكى عَنهُ بِأَن الْوَلِيّ كَانَ زوجا لأخته والأبي، وَفِي الْأَحْيَاء الْكثير مِمَّن أَخذ عَنهُ رِوَايَة وَطَائِفَة مِمَّن أَخذ عَنهُ دراية كالعبادي وَقَالَ لنا أَنه أعلمهُ بِرُؤْيَتِهِ للأسنوي فِي الْمَنَام فَقَالَ لَهُ الْوَلِيّ بعد أَن كنت تلميذا صرت رَفِيقًا وَرُبمَا يعِيش بعض الروَاة عَنهُ إِلَى مُضِيّ عشْرين من الْقرن الْعَاشِر وَأَعْلَى من ذَلِك مَا رَوَاهُ لنا شَيخنَا عَن شَيْخه الزين قَالَ سَمِعت ابْني أَبَا زرْعَة يَقُول لَا أعلم حَدِيثا كثير الثَّوَاب مَعَ قلَّة الْعَمَل أصح من حَدِيث من بكر وابتكر وَغسل واغتسل ودنا وأنصت كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة يمشيها كَفَّارَة سنة الحَدِيث بل أَعلَى من هَذَا أَيْضا أَن الشّرف يَعْقُوب المغربي المنوفي فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة كَانَ يواظب الْحُضُور عِنْده فِي الظَّاهِرِيَّة لكَونه منزلا فِي طلبتها مَعَ كَون السراج بن الملقن كَانَ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي مَذْهَب مَالك وَلذَا قَالَ الْوَلِيّ فقد أَخذ الْمَذْكُور عني وَأخذ عَنهُ شَيْخي قَالَ وَهَذِه ظريفة، وَحدث عَنهُ شَيخنَا فِي حَيَاته فَقَالَ أَنا أَبُو الْعَبَّاس بن أبي الْفضل بن أبي عبد الله الصحراوي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بالصالحية وَلم ينتبه لكَونه هُوَ الْإِفْرَاد مَعَ كَونه فِي السامعين مِنْهُ لتخريجه الْوَاقِع فِيهِ ذَاك غير وَاحِد من طلبته، وَحدث الْوَلِيّ فِي غير مَا مَوضِع من ضواحي الْقَاهِرَة كانبابة وساقية مَكَّة من الجيزة والجزيرة الوسطي وَالْمَكَان الْمَعْرُوف بالسبع وُجُوه وطنان وَغَيرهَا من القليوبية ومنوف بل وببعض من مناهل الْحجاز كالينبوع وَكَانَ يتَوَلَّى ضبط الْأَسْمَاء بِنَفسِهِ لقُصُور غَالب الطّلبَة فِي ذَلِك وَرُبمَا أحضر بعد المسندين المنفردين لمجلسه يسمع عَلَيْهِ هُوَ وَمن شَاءَ الله وَمن طلبته وجماعته قصدا للخير وَعُمُوم النَّفْع وَلَكِن بلغنَا أَنه لم يلْحق فِي ذَلِك شَيخنَا، وَبِالْجُمْلَةِ فمحاسنه كَثِيرَة. وَمِمَّا عَلمته من تصانيفه فهرست مروياته على وَجه الِاخْتِصَار وَالْبَيَان والتوضيح لمن أخرج لَهُ فِي التَّصْحِيح وَقد مس بِضَرْب من التجريح وَهُوَ أول مَا صنفه والمستجاد فِي مبهمات الْمَتْن والإسناد جمع فِيهِ بَين تصانيف من قبله فِي ذَلِك مَعَ)
زيادات جمة رتبه على الْأَبْوَاب، وتحفة(1/342)
التَّحْصِيل فِي ذكر رُوَاة الْمَرَاسِيل، وأخبار المدلسين، والذيل على الكاشف للذهبي ذكر فِيهِ من تَركه الذَّهَبِيّ مِمَّن فِي تَهْذِيب الْمزي وأضاف إِلَيْهِ رجال مُسْند أَحْمد مِمَّا استمده من الشريف الحسني، والأطراف بأوهام الْأَطْرَاف للمزي، والذيل على ذيل وَالِده على الوفيات لِلْحَافِظِ أبي الْحُسَيْن بن أيبك افتتحه من سنة مولده وقفت مِنْهُ على نَحْو مُجَلد لطيف يَنْتَهِي إِلَى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقَالَ التقي الفاسي أَنه وقف مِنْهُ إِلَى سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَالظَّاهِر أَنه أكمله، وترجمة وَالِده وسماها تحفة الْوَارِد، وَشرح نظم وَالِده للاقتراح فِي الِاصْطِلَاح وقفت على أَمَاكِن مِنْهُ بل شرح أبياتا من ألفية وَالِده وَشرح السّنَن لأبي دَاوُد كتب مِنْهُ إِلَى أثْنَاء سُجُود السَّهْو سبع مجلدات سوى قِطْعَة من الْحَج وَمن الصّيام أَطَالَ فِيهِ النَّفس وَهُوَ من أَوَائِل تصنيفه لم يكمله وَلم يهذبه وأكمل شرح وَالِده على تَرْتِيب المسانيد وتقريب الْأَسَانِيد وَهُوَ كتاب حافل وَعمل كتابا فِي الْأَحْكَام على تَرْتِيب سنَن أبي دَاوُد كتب مِنْهُ قطعا مفرقة وَجمع طرق حَدِيث الْمهْدي وَفضل الْخَيل وَمَا ورد فِيهَا من الْخَيْر والنيل وَأَرْبَعين فِي الْجِهَاد بِدُونِ إِسْنَاد وَشرح الصَّدْر بِذكر لَيْلَة الْقدر والأجوبة المرضية عَن الأسئلة المكية الْوَارِدَة عَلَيْهِ من التقي بن فَهد وَالدَّلِيل القويم على صِحَة جمع التَّقْدِيم وجزء فِي الْفقر بَين الحكم بِالصِّحَّةِ والموجب وتنقيح اللّبَاب للمحاملي وَشرح الْبَهْجَة الوردية وَسَماهُ النهجة المرضية وَاخْتصرَ الْمُهِمَّات مَعَ إِضَافَة حَوَاشِي شَيْخه البُلْقِينِيّ على الرَّوْضَة وَغَيرهَا إِلَيْهَا بل أفرد حَوَاشِي شَيْخه الْمشَار إِلَيْهَا كَمَا قَدمته فِي مجلدين وانتفع فِيهِ بِمَا كَانَ الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ جمعه فِي الْأَمَاكِن الَّتِي ألمحت من رَوْضَة الشَّيْخ وَعمل التعقبات على الرَّافِعِيّ كتب مِنْهُ نَحْو سِتّ مجلدات على أَمَاكِن مفرقة والنكت على المختصرات الثَّلَاثَة جمع فِيهَا بَين نكت ابْن النَّقِيب على الْمِنْهَاج ونكت النَّسَائِيّ على التَّنْبِيه وَتَصْحِيح الْحَاوِي لِابْنِ الملقن والتوشيح للتاج السُّبْكِيّ مَعَ زيادات من كَلَام البُلْقِينِيّ وَغَيره سَمَّاهَا تَحْرِير الفتاوي وَاخْتصرَ المنسك الْكَبِير للعز بن جمَاعَة وَعمل نكتا على الْإِيضَاح فِي الْمَنَاسِك للنووي فِي كراسة ونكتا على الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ سَمَّاهَا التَّحْرِير لما فِي منهاج الْأُصُول من الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وجزءا فِي أَفْرَاد تراجم رِجَاله الْمَذْكُورين فِيهِ وشرحا للمتن مُخْتَصرا جدا اقْتصر فِيهِ على حل اللَّفْظ وشرحا لنظم وَالِده لَهُ الْمُسَمّى النَّجْم الْوَهَّاج ولجمع الْجَوَامِع مُلَخصا لَهُ من شَرحه للزركشي وَاخْتصرَ الْكَشَّاف مَعَ تَخْرِيج أَحَادِيثه وتتمات وَنَحْوهَا وَله تذكره مفيدة فِي عدَّة مجلدات، إِلَى غير ذَلِك)
مِمَّا انْتَشَر كثير مِنْهُ وَحمله عَنهُ(1/343)
الْأَئِمَّة وَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ مبهماته فِي سنة خمس وَتِسْعين شَيخنَا أَبُو الْفَتْح المراغي وَأقر الْأَئِمَّة بِبَعْض تصانيفه فِي حَيَاته وَكَانَ يسر بذلك وَهِي مهذبة محررة سِيمَا شَرحه للبهجة والنكت وَشرح جمع الْجَوَامِع. وَله نظم كثير ونثر يسير وخطب فَمن نثره مَا قرض بِهِ الْمِائَة العشاريات تَخْرِيج شَيخنَا لشيخهما التنوخي وَمَا كتبه فِي إجَازَة أبي الْفَتْح المراغي مِمَّا كتبه فِي مَوضِع آخر. وَمن نظمه وَيَقَع فِيهِ المقبول مِمَّا كتبته عَن غير وَاحِد من أَصْحَابه مِمَّا أنْشدهُ فِي أَمَالِيهِ:
(إِن ترد رَحْمَة وَاسِعَة ... فِي الدنا ثمَّ فِي القارعة)
(فَارْحَمْ الْخلق طرا تَجِد ... راحما رَحْمَة وَاسِعَة)
وَمِنْه:
(يَا رب عفوا شَامِلًا لسَائِر الذُّنُوب ... فقد صبوت فِي الصِّبَا وشبت فِي المشيب)
وَمِنْه:
(قَالُوا الْكَرِيم من الْقَبِيح لضيفه ... عِنْد الْقدوم مَجِيئه بالزاد)
(قلت الْقَبِيح أَن يَجِيء مُخَالفا ... تزودوا فَإِن خير الزَّاد)
وأنشدونا عَنهُ عَن شَيْخه الْجمال الأسنائي سَمَاعا مِمَّا قَالَه وَقد رويته عَن أَصْحَابه:
(يَا من سما نفسا إِلَى نيل الْعلَا ... ونحا إِلَى الْعلم الْعَزِيز الرافع)
(قلد سمى الْمُصْطَفى ونسيبه ... والزم مطالعة الْعَزِيز الرَّافِعِيّ)
وَعَن شَيْخه الْجمال بن نباتة حضورا مِمَّا قَالَه وَقد رويته أَيْضا عَن أَصْحَابه:
(دَعونِي فِي حل من الْعَيْش ماشا ... ومرتقبا من بعده عَفْو رَاحِم)
(أمد إِلَى ذَات الأساور مقلتي ... وأسأل للأعمال حسن الْخَوَاتِم)
وامتدحه بعض الشُّعَرَاء بقصيدة فَلم يجزه عَلَيْهَا فَكتب لَهُ:
(أقاضي ولي الدّين إِن قصيدتي ... يتيمة بكر بَعْلهَا قَادر ملي)
(تفض بِلَا شَيْء لَهَا وتردها ... عَليّ بِلَا مهر وَأَنت لَهَا ولي)
وترجمته تحْتَمل أَضْعَاف هَذَا.
أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن صَالح بن سعيد الشهَاب أَبُو الْبَهَاء أَبُو حَامِد القلقشندي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْخَطِيب أَخُو
الْعَلَاء عَليّ ابْنا التقي أبي بكر الآتيين. / ولد فِي سَابِع عشر رَمَضَان سنة ثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عَن الْعَلَاء بن اللفت الضَّرِير وَحفظ التَّنْبِيه وَعرضه على الشهَاب بن الهائم وَالشَّمْس الْهَرَوِيّ وَغَيرهم وَسمع الحَدِيث على الشهَاب بن الناصح وَالشَّمْس مُحَمَّد بن سعيد شيخ زَاوِيَة(1/344)
الدركاه وَأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن الْحَافِظ أبي مَحْمُود ويوسف الغانمي وَمُحَمّد بن يُوسُف التازي وغزال عتيقة عَمه فِي آخَرين وبنابلس على الْعَلَاء عَليّ بن مُحَمَّد بن السَّيْف وَأَجَازَ لَهُ الْعِرَاقِيّ والهيثمي والصدر الْمَنَاوِيّ وَآخَرُونَ واشتغل يَسِيرا وتنزل طَالبا بالصلاحية فَقِيها فِي سنة إِحْدَى عشرَة ثمَّ معيدا بهَا وَكَذَا فِي ربع الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى كِلَاهُمَا بعد موت وَالِده سنة إِحْدَى وَعشْرين، لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس فَحملت عَنهُ أَشْيَاء وَكَانَ خيرا متواضعا من بَيت علم ورياسة. وَهُوَ جد الصّلاح خَلِيل الجعبري لِأَنَّهُ مَاتَ فِي رَجَب سنة تسع وَتِسْعين وَاسْتقر بعده فِي ربع الخطابة أَخُوهُ فَصَارَ مَعَه النّصْف فِيهَا.
أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن مَحْمُود بن أَحْمد الشهَاب بن الزين بن شَيخنَا الْبَدْر الْعَيْنِيّ الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ. / ولد فِي حُدُود سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي حَيَاة أَبِيه عِنْد الْأَمِير خشقدم لكَونه ابْن ربيبته فرباه وَاسْتمرّ مَعَه حَتَّى تسلطن فأنعم عَلَيْهِ بإمرة عشرَة ثمَّ بعدة إقطاعات وَسكن قلعة الْجَبَل كعادة بني الْمُلُوك وَصَارَ يُخَاطب بسيدي وَيكْتب لَهُ الْمقَام الشهابي سبط الْمقَام شرِيف وَلَا زَالَ يرقيه حَتَّى صيره من مقدمي الألوف بالديار المصرية فزادت حرمته وعظمته وَصَارَت الْأُمُور غَالِبا لَا تصدر إِلَّا عَنهُ فِي الولايات والعزل وَنَحْو ذَلِك مَعَ لطف وَصَوت طري بِالْقِرَاءَةِ وَنَحْوهَا وتقريب اللطفاء وذوق جيد وعقل رصين وَفهم متين وَلم يُغير مَعَ ارتفاعه طباعه فِي البشاشة والتواضع وَالْإِحْسَان للواردين عَلَيْهِ بل سَار على سيرة أكَابِر الْمُلُوك فِي الإنعام والمماليك خُصُوصا لما سَافر مَعَ جدته خوند الْكُبْرَى أَمِير الْحَاج سنة ثَمَان وَسِتِّينَ فَإِنَّهُ فعل من الْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان شَيْئا كثيرا وَعقد عِنْده مجْلِس الحَدِيث فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة فَمَا تخلف كَبِير أحد عَن حُضُور مَجْلِسه ابْتِدَاء ومخطوبا رَاغِبًا أَو رَاهِبًا وَصَارَ يعطيهم الصرر عِنْد الْخَتْم وَالْخلْع وَغير ذَلِك وَكنت مِمَّن خطب لذَلِك وَجَاءَنِي قاصده مرّة أُخْرَى فَمَا انْشَرَحَ الخاطر لتغيير مألوفي، بل وَعمل مدرسة جده تداريس وتصوفا وَنَحْو ذَلِك وَكَانَ من جملَة المقررين هُنَاكَ الشمني والأقصرائي والحصني والعبادي وَخلق وَكَانَ ينزل فِي مَجْلِسه كل أحد مَنْزِلَته بِحَيْثُ أَن الْعَبَّادِيّ رام الْجُلُوس فَوق الشمني فَأَخذه بِيَدِهِ وَحَوله إِلَى الْجِهَة)
الْأُخْرَى وَكَذَا لما امْتنع التقي القلقشندي من تَمْكِين خطيب مَكَّة أبي الْفضل النويري من الْجُلُوس فَوْقه زبره أعظم زبر بِحَيْثُ فَاتَ الْمجْلس وَآخر أمره فِي أَيَّام الظَّاهِر كَونه أَمِير أخور ثمَّ فِي أَيَّام الظَّاهِر تمربغا ارْتقى لأمرة مجْلِس وَلم يلبث أَن زَالَ ذَلِك كُله أول(1/345)
اسْتِقْرَار الْأَشْرَف وصودر على أَمْوَال كَثِيرَة تفوق الْوَصْف وأهين مرّة بعد أُخْرَى ثمَّ انصلح أمره مَعَ السُّلْطَان بِحَيْثُ أَنه أمده فِي ختان بنيه بِبَعْض مَا أَخذ مِنْهُ وَكَانَ مهما حافلا وأسعفه بِمَا يرتفق بِهِ فِي عمَارَة بَيت جده المجاور لمدرسته بل عزل الشَّافِعِي والمالكي لتوقفهما فِي ثُبُوت الْتِزَام من بَعضهم لَهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّام كَمَا شرحته فِي الْحَوَادِث وكل هَذَا بِحسن نِيَّته وكرم أَصله وبنيته وَلذَا تزايد إقبال السُّلْطَان عَلَيْهِ بِحَيْثُ صَار يتَكَلَّم مَعَه فِي كثير من المآرب فتقضي وَشرع فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فِي تَكْمِلَة عِمَارَته تجاه مدرسة جده لتَكون سكنا لوَلَده مُحَمَّد عِنْد اتِّصَاله بابنة الْأَمِير لاشين أَمِير مجْلِس كَانَ فِي بَيت هائل بالأزبكية وَصَارَ بَابه محط رحال المستغيثين من القاطنين والوافدين ثمَّ انجمع عَن ذَلِك بعد تلافيه لما كَانَ قرر مَعَ الْملك فِي شَأْنه بِحَيْثُ تكلّف شَيْئا كثيرا وَاسْتمرّ على وجاهته ثمَّ جاور بِمَكَّة واستبدل الْمدرسَة المجاهدية ثمَّ قائمه عَظِيم وَهدم مَا تحتهَا من الدكك فِي الْمَسْجِد وبرز فِي الشَّارِع الْأَعْظَم بروزا فَاحِشا، وارتحل إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة سنة ثَمَان وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي ابْن النّحاس فِي ذِي الْحجَّة وَدفن بقبة سيدنَا الْحسن وَالْعَبَّاس وَالله يجازيه على أَفعاله.
أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن يُوسُف وَيعرف بِابْن الغزولي. / مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ قريب التسعين.
أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق بن سُلَيْمَان بن أبي الْكَرم بن سُلَيْمَان الشهَاب الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن أبي الْكَرم. / مُتَوَلِّي ديوَان الناصري مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منجك كأبيه كَانَ مثريا معدودا فِي رُؤَسَاء دمشق مَذْكُورا بِحسن الْمُبَاشرَة وبخير وبر وَهُوَ الَّذِي زَاد فِي مدرسة أبي عمر بصالحية دمشق من جِهَة الْمشرق ووقف على ذَلِك وَقفا، مَاتَ فِي ثامن عشر رَجَب سنة سبع وَأَرْبَعين وَدفن بالروضة من صالحية دمشق.
أَحْمد بن بعد الرَّزَّاق بن عُثْمَان الشهَاب القاهري التَّاجِر الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن النّحاس / حِرْفَة أَبِيه الْمُنْتَقل عَنْهَا إِلَى التِّجَارَة الْمُقْتَدِي صَاحب التَّرْجَمَة بِأَبِيهِ فِيهَا بِحَيْثُ حصل دنيا طائلة يُقَال أَنَّهَا عشرَة آلَاف دِينَار مَعَ اشْتِغَاله بِالْعلمِ عِنْد الْمحلى والمناوي والعبادي والحناوي وَابْن قديد فِي الْفِقْه والنحو وَغَيرهم وتميز بِحَيْثُ ذكر بعض الطّلبَة بِمَكَّة والقاهرة، كل هَذَا مَعَ يبس
وَحبس يَد وَلذَا ضَاعَ جلّ مَا حصل أَو جَمِيعه على يَد وَلَده فِي السَّبَب وَنَحْوه، وَقد حج كثيرا وجاور غير مرّة وَرجع فِي سنة تسعين قَاضِي الْمحمل لكَون قاضيه فِي تِلْكَ السّنة وَهُوَ(1/346)
أَبُو الْحجَّاج الأسيوطي تخلف عَن الركب مجاورا ثمَّ لم يلبث أَن تزوج أم حَافظ الدّين المنهلي وَصَارَ يبيت مَعهَا بالنابلسية. ومولده فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين.
أَحْمد بن عبد السَّلَام بن عبد الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن أبي الْمَعَالِي الشهَاب الكازروني الْمُؤَذّن. / ولد بِمَكَّة وَبهَا نَشأ وَتزَوج وباشر الْأَذَان بِبَاب الْعمرَة كأبيه ثمَّ سَافر إِلَى الْيمن والديار المصرية غير مرّة وَانْقطع بِمصْر نَحْو عشْرين سنة. حَتَّى مَاتَ بِبَعْض قرى الصَّعِيد فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافر إِلَيْهَا لعمل مصَالح صوفية سعيد السُّعَدَاء لكَونه مِنْهُم وَرُبمَا أذن بالخانقاه أَحْيَانًا وَكَانَ حسن التأذين صيتًا. مَاتَ فِي آخر سنة سبع عشرَة أَو أَوَائِل الَّتِي بعْدهَا.
تَرْجمهُ الفاسي فِي مَكَّة.
أَحْمد بن عبد السَّلَام الشريف الصفي التّونسِيّ الْحَكِيم / بَقِيَّتهمْ وَصَاحب التصانيف فِي الْفَنّ. مَاتَ فِي حُدُود سنة عشْرين أَو بعْدهَا بِقَلِيل.
أَحْمد بن عبد الطَّاهِر بن أَحْمد بن عبد الظَّاهِر التفهني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو عبد القاهر الْآتِي. / مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
أَحْمد بن عبد العال بن عبد المحسن بن يحيى الشهَاب السندفائي ثمَّ الْمحلى الشَّافِعِي الجزيري وَيعرف بِابْن عبد العال. / ولد سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بسندفا من أَعْرَاب الغربية وَهِي بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ بَينهمَا نون سَاكِنة ثمَّ فَاء ممدودة، وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَبَعض الْمِنْهَاج، وَحضر دروس القاضيين الْعِمَاد إِسْمَاعِيل الباريني والكمال جَعْفَر وَالشَّيْخ عمر الطريني فِي الْفِقْه والنحو وَغَيرهمَا، وَحج قبل الْقرن سنة مَاتَ بهادر، وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا قَرَأَ فِي بَعْضهَا من البُخَارِيّ على شَيخنَا بل سمع جَمِيعه فِي سنة ثَمَانِي عشرَة على التَّاج أبي البركات إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي الخليلي الشَّافِعِي بِسَمَاعِهِ لَهُ على أبي الْخَيْر بن العلائي، وتعانى النّظم بالطبع وَإِلَّا فَهُوَ عَامي وَرُبمَا وَقع لَهُ الْجيد وَقد أفرده بديوان سَمَّاهُ الْجَوْهَر الثمين فِي مدح سيد الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولقيه ابْن فَهد والبقاعي وَغَيرهمَا فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بالمحلة فكتبا عَنهُ مِنْهُ:
(مَكَانك من قلبِي وعيني كِلَاهُمَا ... مَكَان السويدا من فُؤَادِي وَأقرب)
)
(وذكرك فِي نَفسِي وَإِن شفها الظما ... ألذ من المَاء الزلَال وأعذب)
وَأنْشد لَهُ المقريزي فِي عقوده:(1/347)
(يَا من يَقُول الشّعْر غير مهذب ... ويسومني تهديب مَا يهذي بِهِ)
(لَو أَن أهل الأَرْض فِيك مساعدي ... لعجزت عَن تَهْذِيب مَا تهذي بِهِ)
وَقَالَ توفّي سنة عشْرين وَهَذَا غلط.
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن سَالم بن ياقوت الشهَاب الْمَكِّيّ الْمُؤَذّن. / ولد فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَسمع على ابْن صديق مُسْند الدَّارمِيّ وَأَجَازَ لَهُ الْعَفِيف النشاوري والتنوخي والعراقي والهيثمي وَطَائِفَة وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَدخل بِلَاد سواكن من مُدَّة تزيد على ثَلَاثِينَ سنة وسافر مِنْهَا إِلَى بر السودَان فَتزَوج هُنَاكَ ورزق أَوْلَادًا وَصَارَ يحجّ غَالِبا وَرُبمَا جاور ثمَّ انْقَطع عَن الْحَج من بعد الْأَرْبَعين بِقَلِيل وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ هُنَاكَ فِي أَوَائِل سنة سِتّ وَخمسين وَكَانَ خيرا ساذجا.
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الْعَلامَة إِمَام الدّين أَو همام الدّين الشيفكي ثمَّ الشِّيرَازِيّ، / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه قَرَأَ على السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ الْمِصْبَاح فِي شرح الْمِفْتَاح وَقدم مَكَّة فَنزل فِي رِبَاط رامست وأقرأ الطّلبَة وَكَانَ حسن التَّقْرِير قَلِيل التَّكَلُّف مَعَ لطف الْعبارَة وَكَثْرَة الْوَرع ومعرفته بالسلوك على طَرِيق كبار الصُّوفِيَّة وتحذيره من مقَالَة ابْن الْعَرَبِيّ وتنفيره عَنْهَا وَاتفقَ أَنه كَانَ يقرئ فِي بَيته بِمَكَّة فَسقط بهم الْبَيْت إِلَى طبقَة سفلى فَلم يصب أحد مِنْهُم بِشَيْء بل خَرجُوا يَمْشُونَ فَلَمَّا برزوا سقط السّقف الَّذِي كَانَ فَوْقهم. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشري رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ، وَاقْتصر ابْن فَهد على تَارِيخ وَفَاته وَلكنه أَفَادَ اسْم جده نعم تَرْجمهُ فِي ذيله لتاريخ مَكَّة.
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْوَاحِد بن عمر بن عياد الشهَاب الْأنْصَارِيّ المغربي الأَصْل الْمدنِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي. /
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عُثْمَان الشهَاب الأبياري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد بن الْأَمَانَة الْآتِي / تَرْجَمَة وَلَده فِيمَا نَقله شَيخنَا عَنهُ فَقَالَ كَانَ يعرف الْفَرَائِض والحساب وينقل كثيرا من الْفِقْه من كتاب تَمْيِيز التَّعْجِيز وَيقْرَأ بالسبع وَله حَظّ من إتقان الْقرَاءَات ومخارج الْحُرُوف، ورحل إِلَى حلب وأقرأ. مَاتَ فِي ثَانِي عشر سنة اثْنَتَيْنِ وَقد نَيف على السّبْعين وَأما أَبوهُ فَكَانَت
وَفَاته فِي سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة.(1/348)
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن رشيد الشهَاب القاهري الْحَنْبَلِيّ النجار أَبوهُ. / ولد تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بحدرة عَلَاء من الْقَاهِرَة، نَشأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا كالعمدة وَالْمقنع وألفية النَّحْو والملحة وَجل الطوفي والشاطبية، وَعرض على الْأمين الأقصرائي وَسيف الدّين والأمشاطي وَالْفَخْر المقسي والجوجري والبكري والبامي واشتغل فِي الْفِقْه على الْبَدْر السَّعْدِيّ والشهاب الشيني ولازم الأبناسي وَابْن خطيب الفخرية وَابْن قَاسم والبدر حسن الْأَعْرَج والْعَلَاء الحصني فِي الْعَرَبيَّة والأصلين وَغَيرهَا وَكَذَا لازمني فِي الألفية وَشَرحهَا وَشرح النخبة وَالْبُخَارِيّ بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره وَقَرَأَ على الزين زَكَرِيَّا فِي الرسَالَة القشيرية وَغَيرهَا، وَحج وتميز وَفهم وتنزل فِي الْجِهَات كالشيخونية وَكتب بالأخرة وَغَيرهَا وتكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ ولي عاقدا فاسخا بعد سعي كَبِير وصاهر ابْن بيرم على ابْنَته.
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الشهَاب الْجَوْجَرِيّ الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ أَخُو الْجمال عبد الله بن هِشَام لأمه وَلذَا يعرف بِابْن هِشَام / بل انتسب أَنْصَارِيًّا. ولد فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ تَحت كنف أَخِيه وَرُبمَا حضر دروسه فِي الْفِقْه وَغَيره واختص بِابْن الأهناسي وبالولوي بن تَقِيّ الدّين وقتا ولازمه قَدِيما وحديثا وناب عَنهُ فِي بعض الْعَمَل الْمُضَاف لَهُ ثمَّ لَا زَالَ يجْتَهد ويتوسل بطرق فِي التَّقَرُّب من قَاضِي الْحَنَابِلَة الْعِزّ حَتَّى زوجه ابْنَته واستنابه فِي الْقَضَاء واستولدها ولدا، أضيف لَهُ بعد موت جده تدريس الصَّالح وَغَيره من التداريس والجهات بِبَعْض كلفة وَصَارَ يَنُوب عَنهُ بعد الْمَشْي مَعَ الأبناسي أَو كَاتبه أَحْيَانًا فِيمَا يُؤَدِّيه، وَحج غير مرّة وجاور سنة ثَلَاث وَتِسْعين بجماعته وبولده بعد مُفَارقَته لزوجته ابْنة الْبَدْر السَّعْدِيّ، وتكررت مناكدته للبدر مرّة بعد أُخْرَى مَعَ كَونه مِمَّن نَاب عَنهُ وَكثر اجتماعه وانقطاعه لضَعْفه بِحَيْثُ انْقَطع عَن مُبَاشرَة الْقَضَاء بمنية وشبرى وَلَكِن رُبمَا يعين عَلَيْهِ الْبَدْر قاضيهم مَا يرتفق بِهِ وَهُوَ من أحبابنا مَعَ عَليّ همة وتودد.
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز الشهَاب بن الْبَدْر / وَغَيره وَدَار مَعَ الطّلبَة قَلِيلا وَاسْتقر فِي الْمُبَاشرَة بِجَامِع طولون والناصرية(1/349)
والأشرفية وَغَيرهَا بعد أَبِيه وَحسن حَاله بِالنِّسْبَةِ لما قبله وَتزَوج زَوْجَة التقي القلقشندي بعد وَذكر بالدربة وَالْعقل والتودد والخبرة والمباشرة واليقظة فِيهَا. وَمَات مزاحما للخمسين ظنا فِي لَيْلَة خَامِس صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ)
بعد تعلله مُدَّة طَوِيلَة وفقد بَصَره رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن يُوسُف بن عبد الْغفار بن وجيه بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد بن عبد النُّور الشهَاب بن الْعِزّ السنباطي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي نزيل الباسطية والآتي أَبوهُ وجده. / ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن واشتغل عِنْد الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والمناوي والشريف النسابة والتقي الحصني وزَكَرِيا فِي النَّحْو وَالصرْف وَالْفِقْه وَغَيرهَا من الْعقلِيّ والنقلي، ولازم الشهَاب الأبدي فِي الْعَرَبيَّة وَلذَا أحضر فِيهَا عِنْد الْبَدْر أبي السعادات البُلْقِينِيّ. وَأَجَازَ لَهُ خلق قَدِيما باستدعاء ابْن فَهد، بل وَسمع قَلِيلا وَلَا أستبعد سَمَاعه عِنْد شَيخنَا وتميز فِي الْعَرَبيَّة وأقرأها الطّلبَة وَأَجَازَ تعليمها وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتنزل فِي الصلاحية والبيبرسية وَغَيرهمَا، وهمته عَلَيْهِ سِيمَا مَعَ من يمِيل إِلَيْهِ مَعَ التأنق فِي ملبسه وَعَمَّته ومعيشته بِحَيْثُ لَا يبْقى على شَيْء، وَفِيه محَاسِن وَبسط فِي الْكَلَام مدحا وَقَدحًا كَانَ الله لَهُ.
أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الشيفكي ثمَّ الشِّيرَازِيّ. / مضى فِيمَن جده أَحْمد.
أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ بن عبد الرَّزَّاق بن أبي الْفرج الشهابي بن الْأَمِير فَخر الدّين بن الْوَزير تَاج الدّين / ولي قطيا وَحج، وَمَات وَهُوَ فِي الكهولة بقطيا فِي أَوَائِل الْمحرم سنة سبع وَخمسين وَنقل فَدفن بمدفنهم من الْمدرسَة.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن إِبْرَاهِيم الصَّدْر أَبُو البركات بن الْمجد المكراني الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. / مضى فِي ابْن إِسْمَاعِيل وَرَأَيْت بِخَط بَعضهم تَسْمِيَته مُحَمَّدًا كأخيه.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن حُسَيْن بن عَليّ الغمري الْآتِي جده وَأَخُوهُ مُحَمَّد. / مِمَّن سمع مني فِي سنة خمس وَتِسْعين.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن عبد الْوَهَّاب الْقرشِي الْآتِي أَبوهُ. / ولد فِي مستهل ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فأسمعه يَسِيرا عَليّ وَكَذَا على الفتحي وَقبل ذَلِك أحضرهُ على النشاوي والرضى والأوجاقي وَأبي السُّعُود الغراقي ثمَّ على عبد(1/350)
الْغَنِيّ الْبِسَاطِيّ وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر أبي الْقسم بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُعْطِي الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن المحيوي الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ الْمَالِكِي الْآتِي أَبوهُ وَولده أَبُو السعادات مُحَمَّد. / ولد فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة، وَرَأَيْت من أرخه سنة أَربع
بِمَكَّة، وَنَشَأ بهَا فِي كنف وَالِده فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ على الْعَادة وأربعي النَّوَوِيّ والمختصرين الْأَصْلِيّ والفرعي لِابْنِ الْحَاجِب وألفية ابْن مَالك وَعرض على ابْن الْهمام والبلاطنسي وَأبي السعادات بن ظهيرة وَأبي الْبَقَاء بن الضياء، وَغَيرهم من أهل مَكَّة والقادمين عَلَيْهَا، وتلا بِالْقُرْآنِ تجويدا على عَليّ الديروطي وَأخذ الْفِقْه والعربية عَن وَالِده وَالْأُصُول عَن أَحْمد بن يُونُس وَابْن إِمَام الكاملية والزين خطاب والمحب أبي البركات الهيثمي والمنطق عَن مظفر الدّين الشِّيرَازِيّ، وَسمع من أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره وتصدر بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فِي الْفِقْه والعربية والْحَدِيث، وناب فِي الْقَضَاء وَكَانَ جم المحاسن مَعَ صغر سنه. مَاتَ فِي آخر يَوْم الثُّلَاثَاء منتصف ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح من الْغَد عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة وفجع بِهِ وتجرع غصته رحم الله شبابه.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن أَحْمد أبي عبد الله الحسني الفاسي الْمَكِّيّ الْحَنْبَلِيّ. /
ولد بعد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة، وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فكفلته أمه وَهِي أم الْوَفَاء ابْنة الإِمَام رَضِي الدّين مُحَمَّد بن الْمُحب مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد بن الرضي الطَّبَرِيّ، وَسمع من أبي شعر وَأبي الْمَعَالِي الصَّالِحِي وَأبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد وَإِبْرَاهِيم الزمزمي وَابْن أَخِيه عبد السَّلَام وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة تسع وَعشْرين جمَاعَة مِنْهُم الوَاسِطِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ وَابْن الْفُرَات وَعَائِشَة الحنبلية والتدمري والقبابي وَخلق، وناب فِي إِمَامَة الْمقَام الْحَنْبَلِيّ وقتا وَدخل الْقَاهِرَة وَكَانَ مفرط الْعُقُود. مَاتَ فِي ضحى يَوْم الْخَمِيس ثَانِي صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الظّهْر وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن طريف بِالْمُهْمَلَةِ كرغيف الشهَاب بن المحيوي النشاوي بِالْمُعْجَمَةِ القاهري الْحَنَفِيّ أَخُو أم الْخَيْر وَابْن أخي التَّاج عبد الْوَهَّاب الآتيين وَكَذَا أَبوهُ. /
ولد فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ ويتأيد بِإِثْبَات كَونه كَانَ فِي الْخَامِسَة سنة تسع وَتِسْعين، وَحِينَئِذٍ فَمن قَالَ أَنه فِي سنة(1/351)
سِتّ وَتِسْعين فقد أَخطَأ بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ومقدمة أبي اللَّيْث وَالْكثير من الْمجمع، واسمع فِي الْخَامِسَة على ابْن أبي الْمجد الصَّحِيح وعَلى التنوخي والعراقي والهيثمي ختمة وَسمع عَليّ الحلاوي كثيرا من مُسْند أَحْمد وَعلي الهيثمي بعضه وعَلى سارة ابْنة التقي السُّبْكِيّ مشيخة ابْن شَاذان وغالب مُعْجم أَبِيهَا، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو حَفْص البالسي وَابْن قوام وَفَاطِمَة ابْنة المنجا وَفَاطِمَة ابْنة عبد الْهَادِي وَطَائِفَة وتنزل فِي)
صوفية الجمالية بعد الصلاحية، وَدخل الاسكندرية والصعيد، وتكسب بِعَمَل السراسيج وَجلسَ لذَلِك بِبَعْض الحوانيت وَصَارَ وجيها بَين أَرْبَابهَا سِيمَا حِين يَقْصِدهُ الطّلبَة ثمَّ أعرض عَنْهَا وَلزِمَ التقي الشمني فَحَضَرَ عِنْده بعض دروسه ثمَّ بعنايته قَرَّرَهُ الجمالي نَاظر الْخَاص بالسبيل الَّذِي جدده بنواحي الْمنية إِلَى أَن رغب عَنهُ بعد مَوته وَصَارَ يرتفق مَعَ تصوفه ببر التقي لَهُ ثمَّ بعده ببر الطّلبَة وَنَحْوهم، وَحدث بالبخاري غير مرّة سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَذَا حدث بِغَيْرِهِ وَصَارَ بِأخرَة فريد الْوَقْت وَهُوَ مِمَّن سمعنَا عَلَيْهِ قَدِيما ثمَّ صَار بِأخرَة يكثر التَّرَدُّد ويلازم حُضُور مجْلِس الْإِمْلَاء غَالِبا، وَكَانَ خيرا قانعا باليسير محبا للطلبة صبورا عَلَيْهِم متوددا إِلَيْهِم حَافِظًا لنكت ونوادر وفوائد لَطِيفَة ذَا همة وجلادة على الْمَشْي مَعَ تقدمه فِي السن لكَونه فِيمَا يظْهر لم يتَزَوَّج إِلَّا بعد الْأَرْبَعين ومتع بمواته إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشري ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر تقدم النَّاس فِي الصَّلَاة الزيني زَكَرِيَّا وَقد ناف عَن التسعين وَنزل النَّاس بِمَوْتِهِ فِي البُخَارِيّ بِالسَّمَاعِ الْمُتَّصِل دَرَجَة رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن الْفَخر عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن البعلي الْحَنْبَلِيّ ابْن عَم عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْآتِي. / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع على الْمزي وَأحمد بن عَليّ الْجَزرِي الأول وَالثَّانِي من حَدِيث أبي نجيح وَحدث سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه وَابْن خطيب الناصرية وَكَانَ لقِيه لَهُ فِي سنة خمس عشرَة وَآخَرُونَ، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه توفّي بعد سنة خمس عشرَة.
أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ مُرْتَفع الشهَاب النيربي الصَّالِحِي / سمع من أبي حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشحطبي تَابع حَدِيث ابْن عُيَيْنَة رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد الْمقري أنابه الْفَخر وَحدث سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى وَشَيخنَا الأبي. وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَأَنه أجَاز لابنته رَابِعَة.
أَحْمد بن عبد الْقوي بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن معمر بن(1/352)
سُلَيْمَان بن عبد الْعَزِيز بن أَيُّوب بن عَليّ الشهَاب بن الْعَلامَة الْوَلِيّ أبي مُحَمَّد البجائي الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَالِكِي أَخُو القطب أبي الْخَيْر مُحَمَّد ووالدهم الْمَدْعُو يسر الآتيين وَيعرف بِابْن عبد الْقوي. / ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَسمع من ابْن صديق والزين المراغي وَمُحَمّد بن عبد الله البهنسي وَأَجَازَ لَهُ الْعِرَاقِيّ والهيثمي والشهاب
الْجَوْهَرِي وَآخَرُونَ، وَحضر دروس أَبِيه والبساطي حِين جاور بِمَكَّة، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَيُقَال أَنه لم يحمد فِيهَا وناب فِي حسبَة مَكَّة عَن أبي الْبَقَاء بن الضياء، وَحدث سمع مِنْهُ الطّلبَة ورأيته بِمَكَّة فأنشدني من نظمه لفظا:
(أَلا لَيْت شعري هَل أبيتن لَيْلَة ... بِطيبَة حَيْثُ الطيبون نزُول)
(وَهل أرد الزَّرْقَاء ريا وأنثني ... إِلَى رَوْضَة الظل ثمَّ ظَلِيل)
مَاتَ فِي عشَاء لَيْلَة السبت حادي عشر رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَصلى عَلَيْهِ صَبِيحَة الْغَد وَدفن بالمعلاة سامحه الله.
أَحْمد بن عبد الْكَافِي بن عبد الْوَهَّاب البليني / هَكَذَا ذكره شَيخنَا فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة من أنبائه وَهُوَ سَهْو بِمِائَة سنة سَوَاء فوفقته سنة سِتّ وَسَبْعمائة مَعَ أَنه لم يذكرهُ فِي الدُّرَر.
أَحْمد بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبَادَة بن عبد الْغَنِيّ الشهَاب بن النَّجْم بن الشَّمْس الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْمَذْكُور أَبوهُ وعماه أَمِين الدّين مُحَمَّد وشهاب الدّين أَحْمد، وَيعرف كسلفه بِابْن عبَادَة. / كَانَ كل من جده وَأحد أَوْلَاده الشهَاب حنبليا وَخَالفهُ ولداه الْآخرَانِ فتشفع الْأمين وتحنف وَالِد صَاحب التَّرْجَمَة وَنَشَأ هَذَا خَطِيبًا وَولي قَضَاء الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق كجده وَعَمه الشهَاب وَذَلِكَ بعد صرف الْبُرْهَان بن مُفْلِح فدام قَلِيلا ثمَّ صرف بِهِ أَيْضا، وَعرض لَهُ ضَرْبَان فِي رجلَيْهِ فَانْقَطع بِهِ مُدَّة وسافر لمَكَّة فجاور بهَا حَتَّى مَاتَ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَكَانَ مَعَه وَلَده من ابْنة ابْن الدقاق وزوجه ابْنة خَاله مُحَمَّد بن عِيسَى الْقَارِي.
أَحْمد بن عبد الْكَرِيم بن البشيري الْموقع. / سكن بِقرب بَاب زِيَادَة جَامع الْحَاكِم. مَاتَ فِي سَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَكَانَ مِمَّن يخالط الْفُضَلَاء بل سمع فِي النَّسَائِيّ الْكَبِير بِقِرَاءَة البقاعي على جمَاعَة وَتردد لَهُ.
أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن أَحْمد بن جَار الله بن زَائِد السنبسي بمهملتين مكسورتين بَينهمَا نون ثمَّ مُوَحدَة مَكْسُورَة الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي جده والآتي شقيقه عبد الْعَزِيز. / حفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره واشتغل فِي الْفِقْه والعربية مَعَ(1/353)
فهم وَخير وعقل وانتفع بتربية خَاله الشَّيْخ أبي سعد الْهَاشِمِي، وَمَات فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشري رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة.
أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن أبي بكر بن أَحْمد بن عمر الشهَاب بن السراج الشرجي ثمَّ الزبيدِيّ
الْحَنَفِيّ الْآتِي، / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه اشْتغل كثيرا وَمهر فِي الْعَرَبيَّة وَكَذَا كَانَ أَبوهُ ودرس بالصالحية بزبيد، اجْتمعت بِهِ وَسمع عَليّ شَيْئا من الحَدِيث وَسمعت من فَوَائده. مَاتَ بحرض فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة عَن أَرْبَعِينَ سنة انْتهى، وَذكره الخزرجي فِي تَارِيخه فِي تَرْجَمَة وَالِده وَقَالَ أَنه أَخذ عَن أَبِيه وَغَيره وتفنن فِي الْفِقْه والنحو والآداب ودأب وَحصل كثيرا وَكَانَ حسن الْخط جيد الضَّبْط وَالنَّقْل عَارِفًا ذكيا ناسكا تقيا حَافِظًا مرضيا سَاد فِي زمن الشَّبَاب.
أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن عَليّ الشريف الشهَاب بن الْكَمَال المحرنق. / مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين.
أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن مُوسَى بن عميرَة بِالْفَتْح بن مُوسَى بن صَالح الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن السراج الْقرشِي المَخْزُومِي اليبناوي بِضَم التَّحْتَانِيَّة وَسُكُون الموحة بعْدهَا نون ثمَّ الْمَكِّيّ الْحَنْبَلِيّ نزيل صالحية دمشق والآتي أَبوهُ وَابْن أخي االشهاب أَحْمد بن مُوسَى الْمَذْكُور فِي المكيين للفاسي / وَأَنه توفّي سنة تسعين وَسَبْعمائة. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عشري ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة نَشأ بهَا فحفظ أربعي النَّوَوِيّ والشاطبية ومختصر الْخرقِيّ والعمدة فِي الْفِقْه أَيْضا للشَّيْخ موفق الدّين والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن مَالك وعرضهما على جمَاعَة من أهل مَكَّة والقادمين إِلَيْهَا، وَسمع على الزين المراغي وَطَائِفَة، وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد، وارتحل إِلَى دمشق بعد الثَّلَاثِينَ فقطنها مَعَ تردده فِي بعض السنين إِلَى مَكَّة وَطلب بِنَفسِهِ وَسمع بِالْقَاهِرَةِ ودمشق وحلب وَغَيرهَا ورافق ابْن فَهد وَابْن زُرَيْق والخيضري وَغَيرهم وَقَرَأَ وَكتب الطباق وتميز ولازم الْأُسْتَاذ أَبَا شعر وتفقه وَأثْنى عَلَيْهِ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل الْمُحدث وَأَنه سريع الْقِرَاءَة صحيحها وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ الْمُحدث الْفَاضِل وَسنَن ابْن مَاجَه ومشيخة الْفَخر بن البُخَارِيّ وَغير ذَلِك، وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ ابْن نَاصِر الدّين وَشَيخنَا وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنْهُمَا أَيْضا وَقَرَأَ على ابْن الطَّحَّان سيرة ابْن هِشَام، وَوَصفه المرداوي بالمحدث والمتقن. وَقَالَ غَيره أَنه نظم الشّعْر وَحدث بِشَيْء من شعره، وَقَالَ ابْن فَهد: وَكَانَ خيرا دينا سَاكِنا منجمعا. مَاتَ فِي أَوَائِل رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بِدِمَشْق(1/354)
وَدفن بالروضة بسفح قاسيون.
أَحْمد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الشهَاب أَبُو الْخَيْر بن الْمُوفق الْآتِي وَيعرف بِابْن موفق الدّين وَالِد بهاء الدّين مُحَمَّد. / مولده فِي شَوَّال سنة خمس وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ الْقُرْآن والعمدة وَالْأَرْبَعِينَ والمنهاج والملحة وَغير ذَلِك وَعرض على شَيخنَا والقاياتي والشرف السُّبْكِيّ وَابْن
البُلْقِينِيّ وَغَيرهم بل سمع على شَيخنَا وَكَانَ يَجِيء إِلَيْهِم السراج الوروري لإقرائه وَالشَّمْس الْمَالِكِي لتكتيبه، وَحج وباشر بعد أَبِيه كِتَابَة ديوَان جَيش الشَّام والأشراف ثمَّ انْفَصل عَن الأولى بالبدر بن الأنبابي وَعَن الثَّانِيَة بتاج الدّين بن قريميط أحد كتاب المماليك ثمَّ صَارَت للبدري أبي الْبَقَاء بن الجيعان وَلذَلِك كَانَ كثير الْإِمْدَاد لَهُ فِي حَال انْقِطَاعه حَتَّى مَاتَ بعد تعلله مُدَّة صَبِيحَة يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَتِسْعين وَدفن بتربته.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب الْقُسْطَلَانِيّ وَيعرف بالحرضي. / ولد سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وَسمع من الزينين أبي بكر المراغي والطبري وَالشَّمْس الشَّامي وَابْن الْجَزرِي وَالْجمال بن ظهيرة وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة مولده التنوخي وَابْن الذَّهَبِيّ وَابْن العلائي وَخلق، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وسجل على الْحُكَّام. مَاتَ سنة سِتّ وَعشْرين بِمَكَّة. ذكره ابْن فَهد وَغَيره وَكَانَ حَيا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن زعرور بِالْفَتْح بن عبد الله بن أَحْمد بن أبي محلى المرداوي الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن عبد الله وَرُبمَا لقب زعرور وَيُقَال أَنه لقب جده أَحْمد. / ولد فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع على أبي الهول الْجَزرِي النّصْف الثَّانِي من عوالي أبي نعيم تَخْرِيج الضياء وَحدث سمع مِنْهُ ابْن فَهد وَغَيره. وَمَات.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله الشهَاب بن الْجمال القلقشندي. / يَأْتِي فِي ابْن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله فَالصَّوَاب فِي اسْم أَبِيه عَليّ.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد الشهَاب بن الْجمال بن الشهَاب بن إِمَام الدّين بن السَّيْف بن الْفَخر أبي المحاسن بن القَاضِي الشَّمْس الْقزْوِينِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ النَّقِيب وَالِد مُحَمَّد الْآتِي. / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه ولد سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ حنفيا يستحضر كثيرا من الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بمذهبه وباشر النقابة(1/355)
عِنْد ابْن الطرابلسي وَولده مُدَّة، ثمَّ لما عزل بِابْن العديم اتَّصل هُوَ بالجلال البُلْقِينِيّ فقرره نَقِيبًا مُضَافا لغيره وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ لَوْلَا مكر فِيهِ ودهاء ورام الِاسْتِقْرَار بعده عِنْد الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فَأَبْعَده فَلَمَّا صرف بِابْن البُلْقِينِيّ الْأَصْغَر خدمه إِلَى أَن مَاتَ وَذَلِكَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَعشْرين بعد ضعف شَدِيد مُدَّة.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد اليرتقي. / فِي ابْن مُحَمَّد المريقي.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الْجمال الْعقيلِيّ الزَّيْلَعِيّ الْيَمَانِيّ الْحَنَفِيّ. /
راسلني وَأَنا بِمَكَّة بعد الثَّمَانِينَ يطْلب الْإِجَازَة فَكتبت لَهُ وَذكرت فِيهَا مَا بَلغنِي من أَوْصَافه حَسْبَمَا أثْبته فِي التَّارِيخ الْكَبِير.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد الجزائري الرابطي. / ذكره ابْن عزم مُجَردا.
أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ / شيخ الإقراء بِدِمَشْق فِي زَمَنه وَيعرف بِابْن اللبان.
مَاتَ بهَا فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين عَن سنّ عالية وَقد سمع كثيرا. قَالَه ابْن أبي عذيبة وَيُحَرر.
أَحْمد بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل بن الْأَحْمَر. / رُوِيَ عَن الْمَيْدُومِيُّ، سمع مِنْهُ شَيخنَا التقي أَبُو بكر القلقشندي نُسْخَة إِبْرَاهِيم بن سعد فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وَحدثنَا بهَا.
أَحْمد بن عبد الله بن بدر بن مفرح بن بدر بن عُثْمَان بن كَامِل أَو جَابر بن ثَعْلَب الشهَاب أَبُو نعيم العامري الْغَزِّي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد الرضي مُحَمَّد وَيعرف بالغزي. / ولد فِي ربيع الأول سنة سبعين وَسَبْعمائة وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه سنة سِتِّينَ تَقْرِيبًا وَفِي أنبائه سنة بضع وَخمسين بغزة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتنبيه وَفِي كبره الْحَاوِي وَأخذ عَن قاضيها الْعَلَاء عَليّ بن خلف بن كَامِل وَسمع عَلَيْهِ الصَّحِيح أنابه الحجار ثمَّ تحول إِلَى دمشق بعد الثَّمَانِينَ وَهُوَ فَاضل فقطنها وَأخذ بهَا عَن الشرفين بلديه الْغَزِّي وَابْن الشريسي وقاضيها الشهَاب أَحْمد الزُّهْرِيّ الْفِقْه وأصوله وَمِمَّا أَخذه عَن الْأَخير الْمُخْتَصر مَا بَين قِرَاءَة وَسَمَاع وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء سنة إِحْدَى وَسبعين وَكَذَا أَخذ عَن الْبُرْهَان الصنهاجي، ورحل إِلَى الْقُدس فَأخذ عَن التقي القلقشندي، وبرع فِي الْفِقْه وأصوله وشارك فِي غَيرهمَا مَعَ مذاكرة حَسَنَة فِي الحَدِيث ومتعلقاته، وناب فِي الحكم عَن الشَّمْس االأخنائي فِي آخر ولَايَته وَعَن غَيره وَولي نظر البيمارستان النوري وَغَيره فحمدت قوته وعفته وَعين مُدَّة للْقَضَاء اسْتِقْلَالا فَلم يتم وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل والتدريس بعدة أَمَاكِن وتصدى للإقراء قَدِيما وَجلسَ لذَلِك بالجامع فِي حَيَاة مشايخه وَأفْتى وَأعَاد واشتهر(1/356)
وَتفرد برياسة الْفَتْوَى بِدِمَشْق فَلم يبْق فِي أَوَاخِر عمره من يُقَارِبه فِي رياسة الْفِقْه إِلَّا ابْني نشوان بل لم يزل فِي ارْتِفَاع حَتَّى صَار من مفاخر دمشق وأذكر أَهلهَا للفقه وَأَصله، وَكَانَ يرجع إِلَى دين وعفة من صغره وَكَذَا فِي الْقَضَاء مَعَ علو همة ومروءة ومساعدة لمن يَقْصِدهُ وَحسن عقيدة وسلامة بَاطِن لَكِن مَعَ عجلة فِيهِ وحدة خلق، قَالَ شَيخنَا وَكَانَ صديقنا النَّجْم الْمرْجَانِي يقرظه ويفرط فِيهِ. وَمن تصانيفه الْحَاوِي الصَّغِير فِي أَرْبَعَة)
أسفار وَشرح جمع الْجَوَامِع للتاج السُّبْكِيّ ومختصر الْمُهِمَّات للأسنوي فِي خَمْسَة أسفار وَأحسن فِيهِ وَغير ذَلِك وَعمل شَيْئا على رجال البُخَارِيّ وَكم لكل مِنْهُم فِيهِ من الحَدِيث. وَحج من دمشق غير مرّة وجاور بِمَكَّة ثَلَاث سِنِين مُتَفَرِّقَة وَكَانَت وَفَاته بهَا مبطونا فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس سادس شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَله اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سنة وَصلى عَلَيْهِ فِي عصر يَوْمه عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة بجوار قبر أبي الْفضل النويري وجماعته، وَقد ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار وَأَنه أجَاز لِابْنِهِ مُحَمَّد وَتفرد برياسة الْفَتْوَى بِدِمَشْق وَلذَا قَالَ فِي أنبائه مَعَ بسط تَرْجَمته قَالَ وَبَلغنِي أَن صديقه النَّجْم الْمرْجَانِي صاحبنا رَآهُ فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك فَتلا عَلَيْهِ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي الْآيَة وَقَالَ الْعِزّ عبد السَّلَام كُنَّا إِذا جِئْنَا درس الملكاوي وَلم يَجِيء هُوَ وَلَا يَجِيء القبابي نَكُون كالحدادين بِلَا فَحم، وَقَالَ الْعَلَاء البُخَارِيّ: بَلغنِي صيته وَأَنا وَرَاء النَّهر من أقْصَى بِلَاد الْعَجم، وَذكره التقي بن قَاضِي شُهْبَة فِي طبقاته فَقَالَ أجزت لَهُ محبَّة سنة خمس وَتِسْعين، وَحج وجاور ثَلَاث مَرَّات وناب فِي الحكم بعد الْفِتْنَة وَاسْتمرّ وباشر المرستان وَالْجَامِع فَانْحَطَّ بِسَبَب ذَلِك، وَكَانَ فصيحا ذكيا جريئا مقداما وبديهته أحسن من رويته وطريقته جميلَة بَاشر الحكم على أحسن وَجه، وَاخْتصرَ التقي الفاسي تَرْجَمته فِي ذيل التَّقْيِيد وطولها فِي تَارِيخ مَكَّة وَقَالَ فِيهِ أَنه سمع مِنْهُ فَوَائِد علمية كَثِيرَة وحكايات مستحسنة وَأَنه أجَاز لَهُ ورزق قبولا عِنْد نَائِب دمشق قَالَ وَولي نظر البيمارستان النوري وَالْجَامِع الْأمَوِي وَغير ذَلِك من الأنظار الْكِبَار كوقف الْحَرَمَيْنِ والبرج والغاية وَحمد فِي مُبَاشَرَته لتنمية غلال مَا ينظر فِيهِ من الْأَوْقَاف وَقلة طمعه فِي ذَلِك وعادى بِسَبَبِهَا جمَاعَة مِمَّن لَهُ فِيهَا اسْتِحْقَاق من الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء وَغَيرهم وَظهر عَلَيْهِم فِي غير مَا قَضِيَّة، إِلَى أَن قَالَ وَفِي خلقه حِدة وعادت عَلَيْهِ هَذِه الحدة بِضَرَر فِي غير مَا قَضِيَّة وَكَانَ بِأخرَة عِنْد حكام دمشق أعظم قدرا من كثير من قضاتها وفقهائها وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة فِيمَا يعْقد من(1/357)
الْمجَالِس وَحكم بِجرح غير وَاحِد من الْقُضَاة بِدِمَشْق وَمنع بعض الْمُفْتِينَ والوعاظ وَتمّ مُرَاده، قَالَ وَتوجه من مَكَّة فِي بعض مجاوراته إِلَى الطَّائِف لزيارة ابْن عَبَّاس وأقرأ بِمَكَّة الْمُخْتَصر الْأَصْلِيّ فِي حَلقَة حافلة بالفقهاء وَكَذَا أَقرَأ غير ذَلِك وَأذن فِيهَا لغير وَاحِد من طلبته بالإفتاء والتدريس. قلت وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى وابي وروى لنا عَنهُ وَذكر بَعضهم من تصانيفه اخْتِصَار تعليقة الْبُرْهَان الْفَزارِيّ على التَّنْبِيه ورتبها وَأَنه ابْتَدَأَ فِي شَرحه للحاوي من الْبيُوع فَلَمَّا تمّ شرع فِي تكملته
من أَوله فوصل إِلَى التَّيَمُّم ثمَّ مَاتَ فشرع ابْنه فِي تكملته وَله منسك وَشرح لمختصر ابْن الْحَاجِب بديع وَلكنه احْتَرَقَ فِي الْفِتْنَة وَقطعَة على الْمِنْهَاج إِلَى الصَّلَاة فِي مجلدين وَكَذَا قِطْعَة عَن الْبَيْضَاوِيّ وعَلى ألفية ابْن مَالك وعَلى الْعُمْدَة وَفِي أَسمَاء البُخَارِيّ وَغير ذَلِك وَكَانَ يَقُول الْحَافِظ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ قد شاركته فِي اسْمه وَاسم أَبِيه فَلَا تكنوني إِلَّا بكنيته، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار.
أَحْمد بن عبد الله بن بِلَال الْفراش والوقاد بِالْحرم الْمَكِّيّ وأخو مُحَمَّد وَإِسْحَاق، / الظَّن أَنه عَم أبي نَار الزَّيْت أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِلَال. قَالَه ابْن فَهد.
أَحْمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله شهَاب الدّين أَبُو الْفضل بن الْجمال النابلسي الأَصْل القاهري المولد التَّاجِر أَبوهُ وَيعرف باللفاف. / قَرَأَ عَليّ بِحَضْرَة أَبِيه وَغَيره من حفظه من أول الْمِنْهَاج إِلَى التَّيَمُّم وَسمع من لَفْظِي المسلسل وأوائل الْكتب السِّتَّة كل ذَلِك فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين بمنزلي وأجزت لَهما.
أَحْمد بن عبد الله بن حسن بن أبي بكر العامري الحرضي الْيَمَانِيّ / مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَتِسْعين.
أَحْمد بن عبد الله بن الْحسن بن طوغان بن عبد الله الشهَاب الأوحدي / نِسْبَة لبيبرس الأوحدي نَائِب القلعة لكَون جده لما قدم من بِلَاد الشرق سنة عشر وَسَبْعمائة اتَّصل بخدمته وناب عَنهُ بالقلعة فشهر بِهِ القاهري الْمُقْرِئ الشَّافِعِي الأديب المؤرخ. ولد فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وتلا بالسبع بل بالأربع عشرَة على التقي الْبَغْدَادِيّ وَكَذَا لَازم الْفَخر البلبيسي الإِمَام فِي ذَلِك اثْنَتَيْ عشرَة سنة، وَسمع الحَدِيث وَطَاف على الشُّيُوخ الحراوي وَجُوَيْرِية ثمَّ ابْن الشيخة وَغَيرهم وَقَرَأَ التَّيْسِير للداني على السوداوي، ورافق شَيخنَا فِي بعض ذَلِك وَكتب بِخَطِّهِ وبرع فِي الْقرَاءَات وَالْأَدب وَجمع مجاميع واعتنى بالتاريخ وَكَانَ لهجا بِهِ وَكتب مسودة كَبِيرَة لخطط مصر والقاهرة تَعب فِيهَا وَأفَاد وأجاد(1/358)
وبيض بَعْضهَا فبيضها التقي المقريزي ونسبها لنَفسِهِ مَعَ زيادات، وَله نظم كثير قَالَ شَيخنَا سَمِعت من نظمه وفوائده وَأنْشد عَنهُ قَوْله:
(إِنِّي إِذا مَا نابني أَمر نفى تلذذي ... وَاشْتَدَّ مِنْهُ جزعي وجهت وَجْهي للَّذي)
قَالَ وَكتب عَنهُ رفيقنا الصّلاح الأقفهسي:
(أغيد زَاد فِي تباعده ... عني فسقمي لأَجله حَاصِل)
(مذ دَامَ لي هاجرا بِلَا سَبَب ... مَا زلت حَتَّى عملته وَاصل)
ونظمه سَائِر وَمِنْه:
(رب قد ضَاقَتْ المسالك طرا ... واعتراني هم براني ضرا)
(فأجرني من الهموم وهب لي ... يَا إلهي من عسر أَمْرِي يسرا)
وَكَانَ بزِي الأجناد قَلِيل ذَات الْيَد. مَاتَ فِي تَاسِع عشري جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى عشرَة.
ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأنبائه وَأثبت ابْن الْجَزرِي فِي تَرْجَمَة الْفَخر البلبيسي من طَبَقَات الْقُرَّاء لَهُ قِرَاءَة هَذَا عَلَيْهِ وَكَذَا قَرَأت بِخَطِّهِ أَنه يروي عَن زَيْنَب ابْنة مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن السكرِي ابْنة العصيدة وَفِي تَرْجَمته من عُقُود المقريزي فَوَائِد واعترف بانتفاعه بمسوداته فِي الخطط وَأَنه نَاوَلَهُ ديوَان شعره قَالَ وَكَانَ ضابطا متقنا ذَاكِرًا لكثير من الْقرَاءَات وتوجيهها وعللها حَافِظًا لكثير من التَّارِيخ سِيمَا أَخْبَار المصريين فَإِنَّهُ لَا يكَاد يشذ عَنهُ من أَخْبَار مُلُوكهَا وخلفائها وأمرائها وَقلع حروبها وخطط دورها وتراجمع أعيانها إِلَّا الْيَسِير مَعَ معرفَة النَّحْو وَالْعرُوض وَالنّظم الْحسن وَالْحِفْظ فِي الْفِقْه لمَذْهَب الشَّافِعِي وَكَثْرَة التعصب للدولة التركية والمحبة لطريق الله، إِلَى آخر كَلَامه عَفا الله عَنْهُمَا.
أَحْمد بن عبد الله بن الْحسن بن عَطِيَّة بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد الزيدي. / توفّي محرما ملبيا فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع ذِي الْحجَّة سنة سبع وَدفن بالمعلاة. قَالَه التقي الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة.
أَحْمد بن عبد الله بن حسن الشهَاب البوصيري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي / قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأنبائه تفقه ولازم الولوي الملوي وبرع فِي الْفُنُون ودرس مُدَّة وَأفَاد وتعانى التصوف وَتكلم على مصطلح الْمُتَأَخِّرين فِيهِ، حضرت دروسه وَكَانَ ذكيا صَاحب فنون لكنه غير متثبت فِي النَّقْل ولازم عبد الله الْحَجَّاجِي المجذوب إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس، وَذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار وَأَنه خدم الشَّيْخ عبد الله الْحَجَّاجِي المجذوب.
أَحْمد بن عبد الله بن خلف بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشهَاب الشبراوي ثمَّ القاهري(1/359)
الشَّافِعِي / إِمَام الشرابسية. سمع على المؤرخ نَاصِر الدّين بن الْفُرَات فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَتِسْعين ختم الشفا أَخذ عَنهُ ابْن فَهد وَأَجَازَ. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس صفر، وأرخه بَعضهم بربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَدفن من يَوْمه.
أَحْمد بن عبد الله بن رشيد الشهَاب السّلمِيّ الْحِجَازِي الْحَنَفِيّ الضَّرِير. / سمع عَلَيْهِ الْمجد إِمَام
الصرغتمشية فِي سنة أَربع وَتِسْعين الْخَتْم من الدَّارَقُطْنِيّ وجزء الغطريف. وكتبته هُنَا حدسا وَإِلَّا فَمَا وقفت لَهُ على تَرْجَمَة.
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عَليّ بن عبد المحسن بن جمال الثَّنَاء شهَاب الدّين بن أَمِين الدّين الْبَصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي شَقِيق الْعَفِيف عبد الله الْآتِي والشهاب أكبرهما. / اشْتغل وَسمع عَن التقي بن فَهد وَغَيره وسافر لبر سواكن قَرِيبا من سنة سبعين وانتفع بِهِ أهل تِلْكَ النواحي فِي إِدْخَاله فِي قضاياهم وَنَحْوهَا شبه القَاضِي، وَهُوَ الْآن سنة ثَلَاث وَتِسْعين فِي قيد الْحَيَاة.
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب الْعلوِي الزبيدِيّ أَخُو الشّرف إِسْمَاعِيل الْوَزير الْآتِي. /
قَتله الظَّاهِر صَاحب الْيمن وأخو النَّاصِر لكَونه رأى زَوْجَة أَخِيه الْمَذْكُور فأعجبه جمَالهَا فَأمره بِطَلَاقِهَا وضيق عَلَيْهِ حَتَّى فعل وَمَا وَسعه بعد دُخُوله بهَا إِلَّا الْفِرَار إِلَى مَكَّة رَجَاء إِزَالَة قهره وألمه فَلَمَّا بلغ الظَّاهِر ذَلِك قتل أَخَاهُ وَنهب بيوتهما وأزل نعمتهم وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الْغفار الأشموني. / مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
أَحْمد بن عبد الله بن عبد الْقَادِر بن عبد الْحق بن عبد الْقَادِر الْحَكِيم بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام نور الدّين أَبُو الْفتُوح بن الْجلَال أبي الْكَرم بن أبي الْفتُوح بن أبي الْخَيْر الطاوسي نِسْبَة لطاوس الْحَرَمَيْنِ الأبرقوهي الأَصْل الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي وَالِد القطب مُحَمَّد وَابْن أخي الظهير عبد الرَّحْمَن الْآتِي / هُوَ وَأَبوهُ من بَيت كَبِير لَهُم شهرة وجلالة بشيراز ذكرت فِي تاريخي الْكَبِير فهم جملَة ولد تَقْرِيبًا فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة وتلا الْقُرْآن بَعْدَمَا تعلمه من أدباء مجودين لعاصم على أَبِيه وَسمع الْكثير مِنْهُ بالعشر على ابْن الْجَزرِي وَكَذَا قَرَأَ الْقُرْآن ومقدمات الْعُلُوم على الظهير عبد اللَّطِيف الْبكْرِيّ وَأخذ فِي مبادئ الْعُلُوم أَيْضا عَن التَّاج مَحْمُود الفاروثي والشهاب دَاوُد اللاري وَالْفَخْر أَحْمد الشيفكي والكمال مَحْمُود الْخَوَارِزْمِيّ ولازم الثَّانِي كثيرا فِي الكافيتين وشروحهما وَشرح الشمسية فِي الْمنطق بل وَبَعض الْكَشَّاف(1/360)
وَالثَّالِث فِي كَافِيَة النَّحْو والريحانية فِي الصّرْف وشرحهما لكل من السد ركن الدّين والتفتازاني وَالرَّابِع شرح الشمسية للقطب وَأخذ الْحَاوِي وَشَرحه للقونوي والمنهاج الْأَصْلِيّ وَشَرحه للأسنوي عَن الْجمال مَحْمُود بن أبي الْفَتْح السرسنائي وَالْكثير من شرح المواقف عَن مُؤَلفه الصَّدْر الْأَصْبَهَانِيّ وَجُمْلَة من المطول والمختصر وَغَيرهمَا عَن السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ مَعَ حَاشِيَة على أَولهمَا وَشَرحه
لمفتاح السكاكي وَعَن الرُّكْن الخوافي شَرحه للمختصر الْأَصْلِيّ والمواقف للأيجي وَعَن الشَّمْس التسترِي المطول فِي آخَرين فِي هَذِه الْعُلُوم وَغَيرهَا، وتفنن وبرع وَأذن لَهُ غير وَاحِد من الأكابر كالركن الخوافي، واعتنى بالرواية وارتحل بِسَبَبِهَا وَلَكِن مَا أَظُنهُ دخل مصر وَالشَّام وَحصل مِنْهَا جانبا بِحَيْثُ زاحمت شُيُوخه سَمَاعا وإجازة الْمِائَتَيْنِ وَلم يتَوَقَّف فِي الْأَخْذ عَن أقرانه بل وَمن دونهم وأفرد لَهُ مشيخة طالعتها وفيهَا الْكثير مِمَّا ينْتَقد وَفِيهِمْ عَمه مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الْآتِي وفيهَا أَن من تصانيفه خزانَة الآلي فِي الْأَحَادِيث العوالي وَنشر الْفَضَائِل فِي تَرْجَمَة رجال الشَّمَائِل وتنقيح الْحَاوِي فِي الْفِقْه وَتَحْقِيق التَّنْقِيح ورسائل وَغَيرهَا كَالَّذي كتبه على الكافية وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ جمع فِيهِ أَكثر مَا فِي شروحهما حَتَّى شرح النَّجْم الرضي، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من نَوَادِر تِلْكَ النواحي وَقد لقِيه صاحبنا السَّيِّد العلائ الأيجي فَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة وَسمع مِنْهُ بعض الْأَحَادِيث وَقَالَ لي أَنه كَانَ عَالما صنف فِي الْفِقْه وَغَيره وَأخذ عَنهُ الأجلاء. وَمَات وَقد عمر قَرِيبا من سنة إِحْدَى وَسبعين وَمن شُيُوخه بِالسَّمَاعِ عماه عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد والجنيد البلياني وَابْن الْجَزرِي وَالْمجد الفيروزابادي وَالسَّيِّد نور الدّين الأيجي والشرف الجرهي وَسعد الدّين الْمصْرِيّ، وَأما بِالْإِجَازَةِ فكثير كالجمال أبي الْفضل مُحَمَّد بن عَليّ النويري وَمِمَّنْ قبلهم كَانَ ابْن صديق أجَاز لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشهَاب المنهلي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. / ولد بمنا وهلة بِالْقربِ من منوف سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا واتقل مِنْهَا هُوَ وَأَبوهُ وَآله فقطن الْقَاهِرَة وجاور بالأزهر فحفظ الْقُرْآن وجوده على جمَاعَة أَجلهم إِمَامَة النُّور البلبيسي وَقَرَأَ بِبَعْض الرِّوَايَات على الزين جَعْفَر السنهوري وَكَذَا حفظ الْمِنْهَاج ولازم الْعَبَّادِيّ فِي الْفِقْه فِي أَكثر من عشْرين سنة كَانَ الْقَارئ فِيهَا فِي التقاسيم واشتغل فِي النَّحْو على السنهوري والجوجري وَفِي الْفَرَائِض على السَّيِّد على تلميذ ابْن المجدي وَفِي الْأُصُول عَن الإمامي وَسمع على شَيخنَا النَّسَائِيّ الْكَبِير(1/361)
أَو جله وتميز فِي الْفِقْه والفرائض وأقرأ فِيهِ الطّلبَة وَهُوَ أجل قراء الصّفة بالباسطية طيب النغمة وارتفق فِي معيشته بتعليم بني واقفها ثمَّ التاجي بن عبد الْغَنِيّ بن الجيعان، وَحج وجاور كثيرا وَاسْتقر فِي مشيخة الرواق بعد الشَّمْس الخالدي وَهُوَ إِنْسَان خير متواضع.
أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْحِيرِي الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي / أحد الفراشين هُوَ وَأَبوهُ
بِالْحرم الْمدنِي. قَرَأَ عَليّ فِي مجاورتي بهَا أربعي النَّوَوِيّ ثمَّ قدم وَأَبوهُ الْقَاهِرَة فاجتمعا فِي آخر سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن أبي الْفَتْح بن هَاشم بن إِسْمَاعِيل بن نصر الله بن أَحْمد الشهَاب بن الْجمال بن العلائي الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ الْآتِي أَبوهُ وَكَانَ يعرف بِابْن الجندي. / ولد فِي أَوَاخِر سنة ثَمَانمِائَة أَو فِي الَّتِي بعْدهَا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتسهيل فِي الْفِقْه وَسمع على وَالِده فَأكْثر وعَلى الشهَاب الطريني وَابْن الكويك وصالحة التركمانية فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ الزين المراغي وَالْجمال بن ظهيرة وَطَائِفَة كعائشة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي، وَحج وسافر إِلَى دمياط وزار الْقُدس والخليل وارتزق مُدَّة بالسمسرة فِي الْكتب وَتقدم من أَهلهَا لمعرفته بل لأصله ثمَّ تَركهَا بعد ولَايَة ابْن عَمه الْعِزّ قَضَاء الْحَنَابِلَة وَجلسَ مَعَ الْحَنَابِلَة بِبَاب الصالحية فتكسب بِالشَّهَادَةِ مَعَ جِهَات باسمه كالتصوف بالأشرفية، وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ، وَمَات بعد أَن ورث الْعِزّ وَغَيره وَكَونه لم يحصل على طائل فِي لَيْلَة الثَّامِن من شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
أَحْمد بن عبد الله بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسن العجمي وَيعرف بالصرفي نزيل مَكَّة. /
مَاتَ بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد وَوَصفه بالشيخ.
أَحْمد بن عبد الله بن عمر السرسي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي نزيل الصَّحرَاء. / مِمَّن لازمني فِي الرِّوَايَة والدراية واشتغل يَسِيرا ثمَّ تكسب بالتعليم لفقره وضرورته.
أَحْمد بن عبد الله بن فَرح الْمَكِّيّ الشهير بالأقباعي. / حفظ الْقُرْآن وَكَانَ شيخ حَلقَة السَّبع بِالْمَسْجِدِ وتكسب بالسمسرة وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ مقلا لكَونه سَافر إِلَى كنباية فارتاش بِحَيْثُ اشْترى بِمَكَّة بعد عوده دَارا وَاسْتمرّ بهَا حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول سنة خمس وَخمسين.(1/362)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن لاجين الشهَاب بن الْجمال الرَّشِيدِيّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي وأبوهما وعمهما. / ولد تَقْرِيبًا سنة سبعين وَسَبْعمائة واعتنى بِهِ أَبوهُ فأسمعه الْكثير على ابْن حَاتِم وَأبي الْيمن بن الكويك وعزيز الدّين المليجي وَابْن الفصيح وَابْن الشيخة والتنوخي فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ ابْن الْحَافِظ الْعَلَاء وَابْن الذَّهَبِيّ وَجَمَاعَة وَحدث سمع
من الْفُضَلَاء، وَكَانَ خيرا. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد ثامن عشر شعْبَان سنة أَربع وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ رَحمَه الله.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السخاوي ثمَّ البُلْقِينِيّ نزيل الْقَاهِرَة ثمَّ مَكَّة وَيعرف بالشاذلي. / ولد بسخا وَقدم مَعَ أَبِيه إِلَى بلقينة ثمَّ بمفرده إِلَى الْقَاهِرَة فلازم الشَّيْخ مُحَمَّد الْحَنَفِيّ سِنِين ثمَّ تحول إِلَى مَكَّة فَقَدمهَا فِي سنة إِحْدَى وَهُوَ ابْن ثَمَانِي عشرَة سنة فقطنها حَتَّى مَاتَ فِي شَوَّال سنة سبع وَأَرْبَعين، وَكَانَ خيرا يخْطب بوادي الْمُبَارك من نخله وَله سَماع فِي المنسك الْكَبِير لِابْنِ جمَاعَة على الشهَاب المرشدي.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد الرُّومِي الْآتِي أَخُوهُ مُحَمَّد وأبوهما. / كَانَ تَارَة يجلس مَعَ أَخِيه شَاهدا وَتارَة تَاجِرًا فِي الشّرْب وَنَحْوه وَهُوَ خير من أَخِيه بِكَثِير. مَاتَ بعيد الثَّمَانِينَ تَقْرِيبًا.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن عَمْرو بن عَليّ بن عبد الدَّائِم الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْكِنَانِي الأَصْل المجدلي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْوَاعِظ وَيعرف بِأبي الْعَبَّاس الْقُدسِي. / ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَكَذَا نَقله غَيْرِي عَنهُ وَأَنه فِي أوائلها وَزعم البقاعي أَنه أخبرهُ بِأَنَّهُ فِي حُدُود سنة خمس عشرَة فَالله أعلم بالمجدل وَنَشَأ بِهِ فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد بلديه عبد الله بن خلد وَصلى بِهِ وتلاه تجويدا على الشَّمْس مُحَمَّد بن مُوسَى الْمَعْرُوف بِابْن أبي بيض وَالْجمال مَحْمُود بن حنون القَاضِي المجدليين، وَحفظ الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وتصريف الْعزي والجمل للخونجي فِي الْمنطق والياسمينية فِي الْجَبْر والمقابلة والنخبة لشَيْخِنَا وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة وَأول مَا انْتقل من بَلَده إِلَى غَزَّة ثمَّ إِلَى الرملة ثمَّ إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ إِلَى الشَّام ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة وَمَكَّة وجاور بهَا فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَلزِمَ الِاشْتِغَال فِي كل مِنْهَا بالفقه والأصلين والعربية والفرائض والحساب وَالْعرُوض وَأول مَا تخرج بالشهاب أَحْمد بن عَامر الْمَعْرُوف بكتانة وَابْن أبي بيض الْمَذْكُور والبرهان إِبْرَاهِيم بن رَمَضَان الْبَصِير، وَلَقي بِدِمَشْق الْعَلَاء البُخَارِيّ وَسمع كَلَامه وَجلسَ(1/363)
بحلقته وَرَاءَهَا، وَجل انتفاعه فِي الْفُنُون بِأبي الْقسم النويري وَمن ذَلِك الْعَرَبيَّة وَكَذَا أَخذهَا عَن الْعَلَاء القابوني وناصر الدّين الإياسي الْحَنَفِيّ وَأخذ عَن رسْلَان ولازمه فِي الْفِقْه وأصوله والنحو واللغة والْحَدِيث وَهُوَ الْآمِر لَهُ بالوعظ وَالْفِقْه عَن ماهر والعز الْقُدسِي والتقيين ابْن قَاضِي شُهْبَة والحريري والشهاب بن)
المحمرة وَالْعلم البُلْقِينِيّ والشرف السُّبْكِيّ وَالْجمال الأمشاطي وَعَلِيهِ قَرَأَ الْعرُوض أَيْضا والقاياتي والونائي وعظمت ملازمته لَهما فِي الْفِقْه والعربية والأصلين وَغَيرهَا وَالشَّمْس الْمَالِكِي نسبا الشَّافِعِي مذهبا وَعنهُ أَخذ اليامسينية وَكَثِيرًا من بهجة الْحَاوِي فِي آخَرين مِنْهُم القَاضِي شمس الدّين الأعسر وَولي الله الشهَاب بن عايد وَالشَّمْس القباقبي وَعَلِيهِ سمع بعض مُصَنفه فِي الْقرَاءَات الْأَرْبَعَة عشر والعبادي وَأبي الأسباط الرَّمْلِيّ وَالشَّمْس المكيني، وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ أَكثر من بعض، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الأَصْل وَغَيره من الْفُنُون والعماد بن شرف والْحَدِيث التَّاج بن الغرابيلي وَشَيخنَا أَكثر من ملازمته وَحُضُور مجالسه فِي الْإِمْلَاء وَغَيره، وَكَذَا سمع الحَدِيث على الزين بن عَيَّاش بِمَكَّة بل وتلا عَلَيْهِ لأبي عَمْرو، وَأبي الْفَتْح المراغي والمحب بن نصر الله الْبَغْدَادِيّ والبساطي والزين الزَّرْكَشِيّ والقبابي والتدمري والعز الْقُدسِي والسعد بن الديري وَعَائِشَة الحنبلية فِي آخَرين حَتَّى أَنه أَخذ عَن غَالب مَشَايِخ الْعَصْر فِي مصر وَالشَّام وَمَكَّة وَغَيرهَا وَتردد لمن دب ودرج، وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ بن الْفُرَات وَجَمَاعَة وَلَقي بِمَكَّة أَيْضا الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني الْمقري، وجد فِي التَّحْصِيل حَتَّى برع وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء القاياتي والونائي وَابْن قَاضِي شُهْبَة والبلقيني والعبادي وَآخَرُونَ وَرَأَيْت إِذن القاياتي لَهُ بالإقراء وَوَصفه بالمولى الإِمَام الْفَاضِل الْكَامِل سلالة الأماثل ونجل الأفاضل الشَّيْخ الْعَلامَة وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ الرّبع الأول من الْحَاوِي وَكَذَا من الْوَصَايَا إِلَى النِّكَاح وَمن الْعدَد إِلَى آخِره وَمن الْمِنْهَاج من البيع قِطْعَة وافرة مُتَوَالِيَة وبقراءة غَيره من كل من بَاقِي أَرْبَاعه كَأَنَّهُ فِي التَّقْسِيم وبقراءته الْكثير من جمع الْجَوَامِع كل ذَلِك بحثا وتحقيقا ونظرا، وَولي الْإِعَادَة بالصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس والتصدير فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى وتصدى لنفع الطّلبَة، وناب بِأخرَة عَن الْعلم البُلْقِينِيّ وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت بعناية الولوي البُلْقِينِيّ فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّن اخْتصَّ بِهِ وقتا وراج أمره عَلَيْهِ وَلَكِن مَا تحصل فِي الْقَضَاء على طائل، وَعقد مجْلِس الْوَعْظ قَدِيما من سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وساد فِيهِ وتمول مِنْهُ جدا وتخطى النَّاس فِيهِ لكَونه غَايَة فِي الذكاء وَسُرْعَة(1/364)
الْحِفْظ بِحَيْثُ سمعته يَحْكِي أَنه حفظ نَحْو خمسين سطرا من صِحَاح الْجَوْهَرِي بِحَضْرَة السفطي من مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة مستحضرا لكثير من التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وأصوله والعربية حَافِظًا لجمل مستكثرا من الْأَشْعَار الْقَدِيمَة وَغَيرهَا وَكَذَا الحكايات والنوادر فِي ذَلِك كُله ومجالسه فِي الْوَعْظ نِهَايَة وَلَو تحرى الصدْق لَكَانَ نَسِيج وَحده فِي مَعْنَاهُ إِلَّا أَنه ينْسب إِلَى مجازفة فِي القَوْل وَالْفِعْل بِحَيْثُ)
يحصل التَّوَقُّف فِي أَكثر مَا يبديه مَعَ دهاء وملق وقدرة على استجلاب الخواطر وإلفات النَّاس إِلَى جَانِبه مَعَ أَنه لَيْسَ عَلَيْهِ رونق الْعلمَاء وَلَا أَئِمَّة الوعاظ، وَقد تَرْجمهُ الشهَاب بن أبي عذيبة فَبَالغ وَوَصفه بشيخنا الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْوَاعِظ الْمُفْتِي الْمدرس معيد الصلاحية وَإِمَام أهل الْوَعْظ بِلَا مُنَازع من مُدَّة متطاولة وَكتب عَلَيْهَا الْبُرْهَان الْأنْصَارِيّ والشهاب العميري وَغَيرهمَا من أهل بَيت الْمُقَدّس إِن الْأَمر فَوق مَا ذكر بل كَانَ الْعِزّ الْقُدسِي يُبَالغ فِي إطرائه وَيَقُول أَنه لم يصعد كرْسِي الْوَعْظ بعد الزين الْقرشِي مثله، قَالَ ابْن أبي عذيبة وَمَعَ ذَلِك فَلم ينصفه لِأَنَّهُ أحفظ من الزين بِكَثِير قَالَ وَلَقَد قَالَ الْعِزّ أَيْضا أَنه أحفظ من ابْن تَيْمِية مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَيْهِ من معرفَة الحَدِيث وتمييز صَحِيحه من ضعيفه إِلَى غير ذَلِك من فنونه وَقيل إِن البلاطنسي كَانَ كثير الْمحبَّة وَالثنَاء عَلَيْهِ وَكَذَا غَالب أهل دمشق حَتَّى أَنه عرض عَلَيْهِ قَضَاء بعض بلادها فَامْتنعَ، وَأما شَيخنَا فَإِنَّهُ أورد لَهُ حَادِثَة فِي تَارِيخه مؤذنة بإجلاله وَقَالَ أَنه اشْتغل كثيرا بالقدس وَفِيه فرط ذكاء وتعانى الْكَلَام على الْعَامَّة فمهر فِي ذَلِك وَاجْتمعَ عَلَيْهِ خلق كثير وَنقل عَن أبي الْبَقَاء بن الضياء الْحَنَفِيّ الْمَكِّيّ أَنه من الْفُضَلَاء الأذكياء انْتفع بِهِ النَّاس واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة وَكتب على الفتوي وَوعظ بِالْمَسْجِدِ فَاجْتمع عَلَيْهِ الْعَوام وَبَعض الْخَواص انْتهى.
وَإِلَى هَذِه الكائنة أَو غَيرهَا أَشَارَ ابْن أبي عذيبة فَقَالَ وَجَرت لَهُ محنة بِسَبَب الْوَعْظ افتراء عَلَيْهِ فنصره الله بِقِيَام أهل الْحق مَعَه. قلت بل جرت لَهُ حوادث وخطوب أشنعها كائنته مَعَ عشيره وَصديقه البقاعي الَّتِي أوردتها فِي سيرته المفردة ومحصلها حِكَايَة التفاعل من الجنبين والمقاهرة بِأخذ مَال كثير كَانَ مودعا لصَاحب التَّرْجَمَة عِنْد الآخر فجحده إِيَّاه واتفقت قضايا قبيحة من الطَّرفَيْنِ أنزه قلمي عَن الْمُرُور عَلَيْهَا وَآل الْأَمر إِلَى وزن البقاعي بعد مَا رغب عَن شَيْء من وظائفه ليمنع عَنهُ ظن صدقه فِي دَعْوَاهُ أَكثر المَال الْمُدعى بِهِ وَأشْهد كل مِنْهُمَا على نَفسه بِالْبَرَاءَةِ من المَال وَالْعرض وَصَارَ كل مِنْهُمَا بِهَذِهِ الْحَادِثَة مثلَة(1/365)
لَكِن صَار البقاعي يسلى نَفسه بقوله أما المَال فَلَا يظنّ بِي أَخذه وَأما التفاعل فأكبر مَا فِيهِ أَن يُقَال رام شخص فعلا فَفعل فِيهِ مثله وأقبح، وبواسطة هَذِه الْحِكَايَة أَكثر من التَّرَدُّد للدوادار الْكَبِير يشبك الْفَقِيه والزيني كَاتب السِّرّ وَعقد مجْلِس الْوَعْظ عِنْد كل مِنْهُمَا واغتبطا بِهِ وَمَا نَهَضَ الْغَرِيم إِلَى بُلُوغ أربه وَالله أعلم بِحَقِيقَة أَمرهمَا والجنسية عِلّة الضَّم، هَذَا وَقد كتب البقاعي عَنهُ جَوَابه عَن لغز ابْن الوردي بل كتب عَنهُ من نظم وَلَده وَشَيْخه ابْن رسْلَان والمحب بن الشّحْنَة وَغَيرهم
وَاعْتَمدهُ فِي أَشْيَاء أثبتها وَوضع تَرْجَمته فِي شُيُوخه وَآل أمره إِلَى أَن تعلل من يَده من وقْعَة فِي الْحمام كسرت مِنْهَا رجله فِيمَا قيل ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سادس عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبعين وَدفن من الْغَد بالقرافة الصُّغْرَى فِي تربة يشبك الدوادار وتجاذب كل من إِبْرَاهِيم الجبرتي وسميه البقاعي الدعوي بِأَن مَوته من كرامته لسبق خُصُومَة قريبَة بَينه وَبَين الجبرتي أَيْضا وَقد لقِيت أَبَا الْعَبَّاس كثيرا وَكَانَ يكثر الْمَجِيء إِلَيّ خُصُوصا بعد كائنته الْمشَار إِلَيْهِ وَقَرَأَ عَليّ بِمَجْلِس الْعَلَاء الصَّابُونِي ديباجة بعض تصانيفه واستجازني بروايته مَعَ سَائِر مَا صنفته ورويته وَلما اجتزت بالمجدل اجْتمع بِي وأوقفني على شرح كتبه على منظومة لأبي الْفَتْح السُّبْكِيّ فِي تعداد الْخُلَفَاء وذيلها الشهَاب بن أبي عذيبة وَهُوَ فِي نَحْو عشرَة كراريس وأنشدني أشعارا زعم أَنَّهَا نظمه وَلَيْسَ بمدفوع عَن كل هَذَا وَالله أعلم وَمن ذَلِك مَا ذكر أَنه جَوَابه عَن لغز ابْن الوردي وَهُوَ:
(عِنْدِي سُؤال حسن مستظرف ... فرع على أصلين قد تفرعا)
(قَابض شَيْء بِرِضا مَالِكه ... وَيضمن الْقيمَة والمثل مَعًا)
فَقَالَ:
(خُذ الْجَواب نظم در مبدعا ... بالْحسنِ هَذَا محسن تَبَرعا)
(أعَار صيدا من حَلَال ثمَّ إِذْ ... احرم ذَا أتْلفه فاجتمعا)
وَمِمَّا أنْشدهُ ملغزا فِي حر وَكتبه عَنهُ ابْن أبي عذيبة أَبْيَات تزيد على عشْرين أَولهَا:
(سَأَلتك يَا خير الْأَنَام بأسرهم ... عَن اسْم ثلاثي بنظم مسطر)
(عَلَيْهِ مدَار النّصْف من دين أَحْمد ... عَلَيْهِ صَلَاة الله والآل تعطر)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِلَال الْوَقَّاد بِالْمَسْجِدِ الْمَكِّيّ وَيعرف بقار الزَّيْت / وَقد ينْسب لجده بِلَال. مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْعَبَّاس النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ. / كَانَ فَقِيها فَاضلا كَرِيمًا قَرَأَ الحَدِيث على وَالِده واشتغل(1/366)
فِي بدايته بِالْعلمِ بِجَامِع المهجم وَغَيره. وَتزَوج ابْنة عَم لَهُ ثمَّ بَان بِأَن بنيهما رضَاعًا فحجبت عَنهُ مَعَ مزِيد حبه لَهَا وَكَاد يَمُوت بل كَانَ ذَلِك فِي سنة أَربع وَعشْرين بعد مَوتهَا قبله.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله السَّيِّد الشهَاب بن الْجلَال الحسني
التبريزي الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي وخال الْعَلَاء مُحَمَّد بن الْعَفِيف مُحَمَّد الْآتِي أَيْضا سمع من أَخِيه الْمَذْكُور بعض مَا زعم أَنه سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَكَذَا سمع مِنْهُ الْبردَة. مَاتَ.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ الشهَاب بن الْعَفِيف اليمني الْعَدنِي الْمَكِّيّ / كَانَ أَبوهُ من أَعْيَان التُّجَّار بعدن بِولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة بهَا ثمَّ انْتقل مَعَ أَبِيه إِلَى مَكَّة وَأقَام بهَا مَعَه وَبعده نَحْو أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا أَنه رُبمَا سَافر فِي بعض السنين إِلَى الْيمن لحَاجَة ثمَّ يعود إِلَى أَن توجه إِلَيْهَا مرّة فأدركه الْأَجَل بجدة فِي جُمَادَى الأولى سنة عشْرين فَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بالمعلاة وَكَانَ تعانى الزِّرَاعَة بعد موت وَالِده فِيمَا خَلفه لَهُ ولأخوته من الْأَرَاضِي والسقايات بِأَرْض نَافِع من وَادي نَخْلَة، وَمَا مَاتَ حَتَّى بَاعَ نصِيبه فِي ذَلِك وَغَيره وَكَانَ ينطوي على خير ومروءة، وصاهر الْجمال مُوسَى بن الْبَدْر بن جَمِيع على ابْنَته وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه مُحَمَّد ويلقب بالجمال توفّي قبله بِمَكَّة فِي سنة سبع عشرَة. ذكره الفاسي.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الشهَاب القليجي القاهري الْحَنَفِيّ. / ولد فِي ثامن عشري ذِي الْقعدَة سنة تسع وَعشْرين وثماني مائَة وَحفظ الْقُرْآن والكنز واشتغل على ابْن الديري والشمني والزين قَاسم وَكَذَا حضر دروس ابْن الْهمام والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَأخذ أَيْضا عَن الْبُرْهَان الْهِنْدِيّ والأبدي والتقي الحصني والشهاب الْخَواص وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وتعانى الْأَدَب وتميز وشارك فِي الْفَضَائِل وَاسْتقر فِي موقعي الدست وناب فِي الْقَضَاء فِي سنة ثَلَاث وَخمسين عَن شَيْخه ابْن الديري فَمن بعده وقرأه عَلَيْهِ الْعلم الزواوي وَقَالَ لي أَنه بارع فِيهِ بِدُونِ تكلّف فَإِنَّهُ أتقن أَصله مَعَ مُؤَلفه وَلكنه مزري الْهَيْئَة غير متصون، وَمن نظمه إِجَابَة لمن سَأَلَهُ إجَازَة قَول الْقَائِل:
(هَذَا صباح وصبوح فَمَا ... عذرك فِي ترك صباح الصَّباح)(1/367)
فَقَالَ:
(تمنع الْحبّ وفقد الندى ... وَخَوف واش ورقيب ولاح)
وَله أَيْضا:
(لقد ضرني من كنت أَرْجُو بِهِ نفعا ... وَقد سَاءَنِي أَفعاله خلتها أَفْعَى)
(إِذا مَا بدا لي ضَاحِكا زِدْت خيفة ... وَفِي ضحك الأفعى لَا تأمن اللسعا)
وَقَوله:
(عودتني مِنْك الْجَمِيل تكرما ... فَعَن المكارم لَا أَعُود محيرا)
(فَامْنُنْ بِهِ مجْرى عوائد فَضلكُمْ ... فالقطر أحسن مَا يكون مكررا)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى ولي الدّين بن الْجمال القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَولده التقي مُحَمَّد وَيعرف بِابْن الزيتوني. ولد فِي صَبِيحَة يَوْم الْأَحَد سَابِع عشر ربيع الآخر سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس بن الخص وَبَعضه عِنْد صهره الْفَخر عُثْمَان القمني وَصلى بِهِ والعمدة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَعرض على الْجمال وَالشَّمْس البساطيين وَالْجمال عبد الله السملاي المالكيين فِي آخَرين، وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أَبِيه والبرهان بن حجاج الأبناسي وَالْجمال يُوسُف الأمشاطي والشرف السُّبْكِيّ والشمسين الْحِجَازِي والونائي فِي آخَرين وَعَن أوليهما والحناوي وَالْجمال بن هِشَام أَخذ الْعَرَبيَّة، وأملى عَلَيْهِ الحناوي على مقدمته فِيهَا تَعْلِيقا عزم صَاحب التَّرْجَمَة على تبييضه ولازم ابْن خضر والشنشي فِي الْفِقْه والعربية وَالْأُصُول وَغَيرهَا وَكَذَا قَرَأَ فِي الْأُصُول والعربية على الولوي السنباطي وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الحناوي والنور بن الْقيم وَشَيخنَا، وَأكْثر من التَّرَدُّد إِلَيْهِ وأسمع وَلَده مَعَه عَلَيْهِ وَحضر مجَالِس السعد بن الديري فِي التَّفْسِير وَغَيره وخطب بِجَامِع الطواشي وَغَيره بل تصدر عقب وَالِده بِبَعْض الْأَمَاكِن وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَكَانَ قد تدرب فِيهَا بِأَبِيهِ بِحَيْثُ كَانَ يزبره إِذا اقْتصر على عبارَة وَاحِدَة فِيمَا يتَكَرَّر لَهُ وَيَقُول لَهُ تسلك مَسْلَك لعوام فِي التقيد بالألفاظ ليَكُون ذَلِك حثا مِنْهُ على تنوع الْعبارَات فِي الْمَعْنى الْوَاحِد، وَقد حج وباشر النقابة عِنْد الْمَنَاوِيّ ثمَّ عِنْد الْبَدْر البُلْقِينِيّ وراج أمره فِيهَا وَكَذَا جلس للتوقيع بِبَاب الحسام بن حريز ثمَّ أُصِيب بالفالج وَانْقطع مُدَّة تزيد على عشر سِنِين مديما للتلاوة فِيمَا بَلغنِي إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة السبت ثامن ربيع الثَّانِي سنة تسعين وَدفن من الْغَد بحوش سعيد السُّعَدَاء وَكَانَ عَاقِلا متواضعا كثير التودد حسن الْهَيْئَة حُلْو الْكَلَام بعيد الْغَوْر متميزا فِي صناعَة الشُّرُوط مشاركا مَعْرُوفا بِصُحْبَة بَيت ابْن الْأَشْقَر رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عبد الْخَالِق بن خَلِيل بن مقلد بن سَالم بن جَابر محيي الدّين أَبُو الْيُسْر بن التقي بن النُّور أبي البركات(1/368)
بن أبي الْمَعَالِي بن الشّرف بن الْعَفِيف الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل الصالحية وَيعرف بِابْن الصائع وَهُوَ
بكنيته أشهر، / ولد فِي الْعشْر الْأَخير من جُمَادَى الآولى أَو الْآخِرَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأحضر على الشهَاب أَحْمد بن عَليّ الْجَزرِي وأسمع على أبي عبد الله بن الخباز وَأَجَازَ لَهُ مُحَمَّد بن عمر السلاوي وَدَاوُد بن سُلَيْمَان خطيب بَيت الْأَبَّار وَالشَّمْس بن النَّقِيب وَسمع من الْحَافِظ الْمزي والتقي السُّبْكِيّ وَالْجمال إِبْرَاهِيم بن الشهَاب مَحْمُود وَمن ابْن الوردي الْبَهْجَة من نظمه وَغير ذَلِك وَكَذَا سمع من أبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وَعبد الرَّحْمَن بن أَحْمد المرداوي والوادياشي وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال وَعبد الْقَادِر بن القرشية وَأكْثر ذَلِك بعناية أَبِيه فَأكْثر وَتفرد بأَشْيَاء سَمعهَا واشتغل قَلِيلا وَطلب بِنَفسِهِ وَقَرَأَ على مُحَمَّد بن أبي بكر بن خَلِيل الإعزازي وَالصَّلَاح بن أبي عمر مفترقين مشيخة الْفَخر وَكتب الطباق وَتخرج قَلِيلا بِابْن سعد، وَكَانَ حسن المذاكرة وَلكنه لم ينجب كَمَا أَنه يحب التواريخ والآداب وَلَكِن لم يكن يدْرك الْوَزْن. قَالَه شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَحكى مَا يشْهد لذَلِك وَقَالَ إِنَّه قَرَأَ عَلَيْهِ وَكتب عَنهُ أبياتا لِابْنِ الوردي وَكَانَ عسرا فِي التحديث وَأَجَازَ لابنته وروى لنا عَنهُ مجير الدّين الذَّهَبِيّ وَشَعْبَان الْعَسْقَلَانِي وَآخَرُونَ، مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سبع وَذكره المقريزي فِي عقوده بِحَذْف مُحَمَّد الثَّالِث.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشهَاب الْأمَوِي الدِّمَشْقِي الْمَالِكِي. / نَشأ بِدِمَشْق فتعاطى الشَّهَادَة وَكتب جيدا وخدم الْبُرْهَان التادلي ثمَّ ولي قَضَاء طرابلس ثمَّ دمشق فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة نَحْو ثَلَاثَة أشهر ثمَّ صرف ثمَّ أُعِيد فِي الَّتِي بعْدهَا فَامْتنعَ النَّائِب من إِمْضَاء ولَايَته ثمَّ أُعِيد من قبل شيخ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وانفصل بعد أَرْبَعَة أشهر وهرب مَعَ شيخ إِلَى بِلَاد الرّوم وقاسى شدَّة فَلَمَّا تسلطن شيخ ولاه قَضَاء الديار المصرية فِي ثامن عشر ربيع الآخر سنة سِتّ عشرَة بعد عزل الشَّمْس مُحَمَّد الْمدنِي مَعَ كَرَاهِيَة شيخ لَهُ ويسميه السَّاحر وَلَكِن كَانَ ذَلِك بعناية بعض أهل الدولة وَلم يتم لَهُ سنة حَتَّى صرف فِي ثَانِي عشر رَمَضَان من الَّتِي تَلِيهَا بالجمال عبد الله الأقفهسي ثمَّ ولي قَضَاء الشَّام فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين فَأَقَامَ بِهِ نَحْو أَرْبَعَة أشهر وَصرف ثمَّ أُعِيد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَعشْرين وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء حادي عشر صفر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ لكَون الْأَشْرَف كَانَ يَعْتَقِدهُ فَإِنَّهُ بشره وَهُوَ فِي السجْن بالسلطنة فَلَمَّا تسلطن اتّفق أَنه كَانَ حِينَئِذٍ قَاضِيا فاستمر(1/369)
بِهِ وَلم يسمع فِيهِ كلَاما لأحد مَعَ شهرته بِسوء السِّيرَة ومزيد الْجَهْل والتجاهر بالرشوة حَتَّى حصل من ذَلِك مَالا جزيلا تمزق بعده عَفا الله عَنهُ، ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَرفع الأصر.)
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّدْر أَبُو الْمَعَالِي بن الْجمال أبي مُحَمَّد بن الشّرف بن نَاصِر الدّين المقدادي البهوتي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ، مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الآخر سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد أَن توعك مُدَّة وَكَانَ ينتمي للمحب بن الْأَشْقَر وللعضدي الصيرامي بل كَانَ يزْعم أَنه من جمَاعَة وَالِده النظام وَأَنه كَانَ هُوَ ووالده مِمَّن يَنُوب عَن قُضَاة الْحَنَفِيَّة. وَقد كتب فِي التوقيع وَسمع ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة وَتردد إِلَى الأكابر وَكَانَ يَحْكِي من أَحْوَال ذَاك الدّور الْكثير وَرُبمَا اسْتَقل وَلم يصدق ثمَّ بعد انْقِضَاء تِلْكَ الحلبة انْعَزل سامحه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشهَاب الردماني الْيَمَانِيّ. / مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
أَحْمد بن الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد الششتري الْمدنِي. / مِمَّن سمع على الزين المراغي فِي سنة خمس عشرَة وَكتب قصيدة ابْن عَيَّاش فِي الْقرَاءَات الثَّلَاثَة فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشهَاب الطلياوي الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ. / سمع على ابْن الكويك والكمال بن خير وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والفوي والطبقة وَيُقَال أَنه أَخذ الْقرَاءَات عَن الْفَخر البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر وتلا عَلَيْهِ لأبي عَمْرو الشهَاب السجيني الفرضي ولغالب السَّبع إفرادا وجمعا جَعْفَر السنهوري وَكَانَ يقرئ الْأَطْفَال وانتفع بِهِ جمَاعَة فِي ذَلِك أجَاز وَمَات فِي
أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشهَاب القلعي الْمصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ نزيل مَكَّة وَيعرف بشيخ الْمِنْبَر. /
قطن مَكَّة وَتردد مِنْهَا مرَارًا إِلَى الْقَاهِرَة ودمشق وتنزل فِي الشيخونية وخالط النَّاس وَحضر بعض الدُّرُوس وَكَذَا سمع على ابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس وَابْن الطَّحَّان بِحَضْرَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ بالجيزة ولازم الْحُضُور عِنْدِي فِي الْمُجَاورَة الثَّانِيَة بِمَكَّة بل كَانَ يزْعم أَن سَبَب تلقيبه بشيخ الْمِنْبَر ملازمته لجلوسه أَسْفَل مِنْبَر الْقَارئ بَين يَدي شَيخنَا وينشد عَنهُ أبياتا قَالَهَا فِيهِ فَالله أعلم. مَاتَ وَقد قَارب السّبْعين ظنا فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ بالشخونية وَكَانَ قدم من الشَّام وَهُوَ متوعك وَدفن من الْغَد عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن عبد الله برهَان الدّين السيواسي قاضيها الْحَنَفِيّ. / اشْتغل ببلاده ثمَّ قدم(1/370)
حلب فلازم الِاشْتِغَال بهَا وَدخل الْقَاهِرَة فَأخذ عَن فضلائها أَيْضا ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده فصاهر صَاحبهَا ثمَّ عمل عَلَيْهِ حَتَّى قَتله وَصَارَ حَاكما بهَا وتزيا بزِي الْأُمَرَاء وَاتفقَ لَهُ مَعَ عَسْكَر الظَّاهِر برقوق مَا ذكر فِي حوادث سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَفِي سنة تسع وَتِسْعين نازله التتار الَّذين كَانُوا بِأَذربِيجَان فاستنجد الظَّاهِر فأمده بجريدة من عَسَاكِر الشَّام فَلَمَّا أشرفوا على سيواس انهزم
التتار مِنْهُم فقصده قرابلوك بن طور على التركماني أَوَاخِر سنة ثَمَانمِائَة فتقابلا فانكسر عَسْكَر سيواس وَقتل برهَان الدّين فِي المعركة إِمَّا فِيهَا كَمَا أرخه الْعَيْنِيّ أَو فِي أول سنة إِحْدَى كَمَا لشَيْخِنَا فِي وفياتها وحوادثها وَلذَا أوردته هُنَا.
أَحْمد بن عبد الله شهَاب الدّين بن جمال الدّين القوصي ثمَّ الْمصْرِيّ / أحد الشُّهُود المميزة بِمصْر ولد سنة نَيف وَسبعين وَسَبْعمائة واشتغل بالفقه وَالْأَدب سمعنَا من نظمه أَشْيَاء حَسَنَة وَحج مَعنا فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة، مَاتَ فِي ثَانِي عشر رَمَضَان سنة عشر، قَالَه شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَهُوَ غير أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشهَاب القوصي الْمَاضِي مَعَ اتِّفَاقهمَا فِي الِاسْم واللقب وَالنِّسْبَة وَالْوَقْت وَلَكِن ذَاك يماني وَهَذَا مصري وَذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه تفقه للشَّافِعِيّ وبرع فِي الوراقة وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَقَالَ الشّعْر وَمَات فِي ثامن عشري رَمَضَان.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب البوتيجي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي / قَالَ شَيخنَا فِي الأنباء: تفقه وَمهر وَكَانَ يستحضر الْمِنْهَاج عَن ظهر قلبه وَبعد تكسبه بِالشَّهَادَةِ تَركهَا تورعا مَاتَ سنة سبع وَعشْرين.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب البوصيري / فِيمَن جده حسن.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب الحسني الأَصْل الْمدنِي شيخ الفراشين والمداحين بحرمها، / مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي / قَاضِي كرك نوح وسمى شَيخنَا مرّة وَالِده مُحَمَّدًا قَالَ ابْن حجي فِيمَا نَقله عَنهُ شَيخنَا فِي الأنباء: كَانَ من خِيَار الْفُقَهَاء وَقد ولي الخطابة وَالْقَضَاء بكرك نوح ثمَّ قَضَاء الْقُدس وناب بالخطابة بالجامع الْأمَوِي وَفِي تدريس البادرائية. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب الْمَكِّيّ مكبر حرمهَا وَيعرف بالحلبي / قَالَ الفاسي فِي مَكَّة: كَانَ من طلبة درس يلبغا وسافر مرَارًا إِلَى مصر وَالشَّام للاسترزاق وَانْقطع لذَلِك بِالْقَاهِرَةِ سِنِين حَتَّى صَار بهَا خَبِيرا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة فدام بهَا سِنِين حَتَّى(1/371)
مَاتَ فِي يَوْم النَّحْر سنة تسع وَذَلِكَ فِيمَا أَحسب قبل التَّحَلُّل. وَدفن بالمعلاة سامحه الله.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب الطوخي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ سبط الْبُرْهَان الصَّالِحِي الْمَاضِي أَو قَرِيبه. / اشْتغل وَحفظ الْمُحَرر ورافق ابْن الجليس وَغَيره فِي الْحُضُور عِنْد الْمُحب بن نصر الله
واختص بالشرف بن الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وَقَرَأَ على قَرِيبه الْبُرْهَان البُخَارِيّ فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين.
وَمَات فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَكَانَ فِيهِ زهو وَإِعْجَاب وَرُبمَا دعِي بِالْإِمَامِ أَحْمد.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب العجيمي الْحَنْبَلِيّ / قَالَ شَيخنَا فِي الأنباء: أحد الْفُضَلَاء الأذكياء أَخذ عَن شُيُوخنَا وَمهر فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول وَقَرَأَ فِي عُلُوم الحَدِيث ولازم الإقراء والاشتغال فِي الْفُنُون. وَمَات عَن ثَلَاثِينَ سنة بالطاعون فِي رَمَضَان سنة تسع بِالْقَاهِرَةِ.
أَحْمد بن عبد الله شهَاب الدّين الْقزْوِينِي. / مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب القلقشندي، / مضى فِيمَن جده أَحْمد بن عبد الله وَأَن صَوَابه أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله وَسَيَأْتِي.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب النحريري الْمَالِكِي. / قدم الْقَاهِرَة وَهُوَ فَقير جدا واشتغل وأقرأ النَّاس فِي الْعَرَبيَّة ثمَّ ولي قَضَاء طرابلس وامتحن من منطاش بِالضَّرْبِ بالمقارع والسجن بِدِمَشْق فَلَمَّا فر منطاش رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة وَقد تمول فسعى إِلَى أَن ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة فِي الْمحرم سنة أَربع وَتِسْعين بعد موت الشَّمْس مُحَمَّد الركراكي فَلم تحمد سيرته بل كَانَ كَمَا قيل:
(لقد كشف الأثراء عَنهُ خلائقا ... من اللؤم كَانَت تَحت ثوب من الْفقر)
فصرف فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا وَكَذَا كَانَ بِيَدِهِ نظر وقف الصَّالح تَلقاهُ عَن الْعِمَاد الكركي فِي رَجَب سنة تسع وَتِسْعين وَلم تحمد سيرته فِيهِ أَيْضا مَاتَ معزولا فِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَلَاث. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ فِي رفع الأصر وَحط عَلَيْهِ المقريزي فِي عقوده.
أَحْمد بن عبد الله الشهَاب النحريري الْمَالِكِي / آخر من نَاب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق ثمَّ ولي قَضَاء حماة ثمَّ حلب. وَمَات بهَا فِي شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ. أرخه ابْن اللبودي.
أَحْمد بن عبد الله أَبُو مغامس الْمَكِّيّ / أحد تجارها وَهُوَ بكنيته أشهر كَانَ فِي مبدأ أمره صيرفيا ثمَّ حصل دنيا وَصَارَ يداين النَّاس كثيرا فاشتهر. مَاتَ فِي(1/372)
يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ربيع الآخر سنة خمس عشرَة بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وَقد بلغ السِّتين أوجازها. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
أَحْمد بن عبد الله النَّوَوِيّ شيخ نوى من القليوبية وَيعرف بِابْن طفيش / مِمَّن تكَرر نزُول الْأَشْرَف قايتباي لَهُ بل حج مَعَه فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وضخم حَتَّى صَار لَيْسَ بِالْوَجْهِ البحري أرفع كلمة مِنْهُ مَعَ كَونه صادره أثْنَاء مصادقته. وَمَات وَاسْتقر بعده ابْنه عبد الله.
أَحْمد بن عبد الله الدمياطي وَيعرف بالشيخ حطيبة بمهملتين مُصَغرًا / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه نقلا عَن خطّ المريزي: أحد المجاذيب الَّذين يعْتَقد فيهم الْعَامَّة الْولَايَة قيل أَنه كَانَ متزوجا محبا للْمَرْأَة فَبَلغهُ أَنَّهَا اتَّصَلت بِغَيْرِهِ فَحصل لَهُ من ذَلِك طرف خبال ثمَّ تزايد بِهِ إِلَى أَن اخْتَلَّ عقله وَنزع ثِيَابه وَصَارَ عُريَانا وَله فِي حَالَته هَذِه أشعار مِنْهَا مواليا:
(سرى فضحتي وَأَنت سركي قد صنت ... قصدي رضاك وَأَنت تطلبي لي الْعَنَت)
(ذليت من بعد عزي فِي الْهوى وهنت ... يَا لَيْت فِي الْخلق لَا كنتي وَلَا أَنا كنت)
مَاتَ فِي أول الْمحرم سنة ثَمَان.
أَحْمد بن عبد الله الرُّومِي وَيعرف بالشيخ صارو وَهُوَ الْأَشْقَر بالتركية / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه قدم من بِلَاده فَعَظمهُ نَائِب الشَّام شيخ قبل أَن يتسلطن وَصَارَ من خواصه وَسكن الشَّام فَكَانَ يقبل شَفَاعَته ويكرمه وولاه عدَّة وظائف وَكَانَ كثير الْإِنْكَار للْمُنكر. وَقد حج وجاور. مَاتَ فِي شعْبَان سنة خمس عشرَة بحلب عِنْد شيخ لما ولي نيابتها وَقد شاخ.
أَحْمد بن عبد الله البوصيري. / مَاتَ سنة إِحْدَى. ذكره ابْن عزم وَينظر فِيمَن اسْم جده حسن بل الظَّاهِر أَنه غَيره.
أَحْمد بن عبد الله التركماني / أحد من كَانَ يعْتَقد بِمصْر. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.
أَحْمد بن عبد الله الخالع النَّاسِخ. / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه كَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب إِلَّا أَنه يحب ابْن تَيْمِية ومقالاته وَكَانَ حسن الْخط كتب ثلثمِائة مصحف وعدة نسخ من صَحِيح البُخَارِيّ. مَاتَ سنة سبع عشرَة مطعونا وأرخه التقي بن قَاضِي شُهْبَة فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس عشرَة فيحرر.(1/373)
أَحْمد بن عبد الله الدوري الْمَكِّيّ فرَاش بحرمها. / سمع الْعِزّ بن جمَاعَة وَمَا عَلمته حدث وباشر الفراشة سِنِين كَثِيرَة جدا وَأَمَانَة الزَّيْت والشمع قَلِيلا وَلم يحمد فِي انتمائه وَكَانَ على ذهنه قَلِيل من الحكايات المضحكة يحكيها عِنْد قبَّة الفراشين ويجتمع عِنْده الْأَطْفَال لسماعها ويترددون إِلَيْهِ لذَلِك وَكَانَ مَعَ ذَلِك يُصَلِّي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيح بِالْقربِ مِنْهَا فَيصَلي مَعَه الجم الْغَفِير لمزيد تخفيفه ويلقبون صلَاته المسلوقة وَقد أثكل عدَّة أَوْلَاد فِي حَيَاته وَلذَا رغب قبل مَوته بِقَلِيل عَن الفراشة لِابْنِ أُخْته ووقف جانبا من دَاره بالمسفلة من مَكَّة على أَوْلَاد أُخْته وَمَات بِمَكَّة سحر
يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر شَوَّال سنة تسع عشرَة وَقد جَازَ السِّتين ظنا غَالِبا وَدفن بالمعلاة. قَالَه الفاسي فِي مَكَّة.
أَحْمد بن عبد الله الذَّهَبِيّ الشَّافِعِي، / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه اشْتغل قَلِيلا وَحفظ الْمِنْهَاج ثمَّ صحب الشَّيْخ قطب الدّين وَغَيره وسافر بعد اللنك إِلَى الْقَاهِرَة فَعظم بهَا وسافر مَعَه أكَابِر الْأُمَرَاء فِي الاعتناء بعمارة الْجَامِع الْأمَوِي والبلد وَحصل لَهُ إقبال كَبِير ثمَّ عَاد إِلَى مصر فِي أول الدولة المؤيدية ثمَّ توجه رَسُولا إِلَى صَاحب الْيمن وحصلت لَهُ دنيا ثمَّ عَاد فَمَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع عشرَة.
أَحْمد بن عبد الله الزهوري. / مضى فِي أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الله.
أَحْمد بن عبد الله الزواوي الملوي المغربي الْمَالِكِي نزيل الجزائر. / من الْمَشْهُورين بالصلاح وَالْعلم والورع وَالتَّحْقِيق. مَاتَ فِي عَاشر الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ عَن أَربع وَثَمَانِينَ سنة.
أَفَادَهُ لي بعض المغاربة.
أَحْمد بن عبد الله العرجاني الدِّمَشْقِي. / قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه اشْتغل قَلِيلا وَكتب خطا حسنا وتعانى الْإِنْشَاء وَالنّظم وباشر أوقاف السميساطية وَكَانَ يحب السّنة والْآثَار. مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمس.
أَحْمد بن عبد الله القوصي. / مضى فِي الملقبين شهَاب الدّين قَرِيبا.
أَحْمد بن أبي عبد الله بن أبي الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي. / يَأْتِي فِي ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُعْطِي.
أَحْمد بن عبد الْملك بن أبي بكر بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ الشهَاب الْموصِلِي الأَصْل الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. / من بَيت كَبِير قدم عَليّ بِولد لَهُ عرض الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والألفية واستفدت مِنْهُ وَفَاة أَبِيه.
أَحْمد بن عبد الْمهْدي بن عَليّ بن جَعْفَر المشعري. / مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الأول سنة سبع وَأَرْبَعين.(1/374)
أَحْمد بن عبد النُّور بن أَحْمد الْبَهَاء أَبُو الْفَتْح الفيومي القاهري الشَّافِعِي وَالِد الصَّدْر مُحَمَّد الْآتِي وَهُوَ بكنيته أشهر. / كَانَ أحد خطباء الفيوم ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فقطنها وَأخذ عَن علمائها وَكتب بِخَطِّهِ جملَة وَمن ذَلِك كَمَا وقفت عَلَيْهِ أَوسط شُرُوح الْمِنْهَاج لِابْنِ الملقن وأرخه فِي سنة ثَلَاث
وَسبعين وناب فِي الْقَضَاء عَن الصَّدْر الْمَنَاوِيّ وأنجب أَوْلَادًا. مَاتَ فِي وَثَمَانمِائَة رَحمَه الله.
أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الشهَاب البهوتي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمصْرِيّ التَّاجِر صهر الْفَخر عُثْمَان الديمي أَخُو زَوجته ثمَّ وَالِد الَّتِي تَلِيهَا. / سمع بقرَاءَته ومعنا على الرَّشِيدِيّ والصالحي بل وَشَيخنَا، وَمِمَّا سَمعه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية، وَأخذ الْقرَاءَات عَن الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي واشتغل يَسِيرا وَحضر الدُّرُوس وَفهم فِي الْجُمْلَة وَلَكِن همته متوجهة للتِّجَارَة والتحصيل مَعَ يبس وإمساك وَهُوَ وَالِد جلال الدّين خَال صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن الديمي.
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد الشهَاب بن التَّاج بن الشهَاب الدِّمَشْقِي بن الزُّهْرِيّ. / قَرَأَ بعض التَّمْيِيز واشتغل قَلِيلا فِي حَيَاة أَبِيه ثمَّ ترك بعد موت أَبِيه وَاسْتقر هُوَ وَأَخُوهُ الْجلَال فِي جِهَات أَبِيهِمَا مَعَ كثرتها لم يخرج عَنْهُمَا سوى تدريس الشامية البرانية ودرس بالعادلية الصُّغْرَى وَلبس خلعة بِقَضَاء الْعَسْكَر فِي سنة خمس وَعشْرين فباشر أَيَّامًا ثمَّ ترك مطعونا فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر بيع الأول سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن التقي أبي بكر الْغَزِّي وَكيل الناصري. / يَأْتِي فِي أَوَاخِر الأحمدين مِمَّن لم يسم أَبوهُ.
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن دَاوُد بن عَليّ بن مُحَمَّد السَّيِّد سعد الدّين أَبُو مُحَمَّد بن التَّاج الْحُسَيْنِي المحمدي القوصي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي. / ولد بقوص وتفقه ثمَّ دخل الْقَاهِرَة واشتغل وبرع فِي الْفِقْه وَغَيره ثمَّ الشَّام فَأَقَامَ بهَا فَأَقَامَ بتبريز وأصبهان ثمَّ يزدْ ثمَّ شيراز وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ البهائية مِنْهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث عَن نَيف وَسبعين سنة. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه، زَاد غَيره وَكَانَ يروي مصنفات النَّوَوِيّ عَن وَالِده وَكَذَا الْبردَة عَنهُ سَمَاعا بِرِوَايَة أَبِيه عَن النَّوَوِيّ والبوصيري ويروي بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّة عَن زَيْنَب ابْنة الْكَمَال وَصَحبه السَّيِّد صفي الدّين عبد الرَّحْمَن الأيجي والطاوسي وَوَصفه بِأَنَّهُ مفتي الشَّافِعِيَّة بشيراز، وَذكره الْعَفِيف الجرهي فِي مشيخته وَأَنه مَاتَ عَن نَيف وَتِسْعين كَذَا فِي نُسْخَة بِتَقْدِيم التَّاء.
أَحْمد بن عبيد الله بن عوض بن مُحَمَّد الشهَاب بن الْجلَال بن التَّاج الأردبيلي(1/375)
الشرواني القاهري الْحَنَفِيّ أَخُو الْبَدْر مَحْمُود الْآتِي وَيعرف بِابْن عبيد الله. / ولد فِي صفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة واشتغل قَلِيلا وَتعلم بالتركي وَكَانَ جميل الصُّورَة فقربه كثير من الْأُمَرَاء وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال إِلَى أَن نَاب فِي الحكم بالجاه عَن التفهني فَمن بعده مَعَ قلَّة البضاعة فِي
الْفِقْه والمصطلح وَلذَلِك حفظت عَنهُ عدَّة أَحْكَام فَاسِدَة. وَكَانَ مَعَ ذَلِك يلازم الْجُلُوس بِمَسْجِد بِظهْر الخانقاه الشيخونية إِلَى أَن مَاتَ بالإسهال الدموي والقولنج والصرع فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشري رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه، وَله ذكر أَيْضا فِي حوادث سنة خمس وَعشْرين وَالَّتِي قبلهَا مِنْهُ، وَأَخْبرنِي أَخُوهُ أَنه حفظ النافع وَأَنه درس بالايتمشية برغبته لَهُ عَنْهَا فَلَمَّا مَاتَ عَادَتْ الْوَظِيفَة لَهُ عَفا الله عَنهُ.
أَحْمد بن عبيد الله وَرُبمَا قيل عبيد بِلَا إِضَافَة ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد العال الشهَاب السجيني ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الفرضي أَخُو عبد الْوَهَّاب ووالد عبد الله الآتيين. / ولد أول لَيْلَة من رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة بسجين الْمُجَاورَة لمحلة أبي الْهَيْثَم من الغربية وَهِي بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة ثمَّ جِيم مُخَفّفَة، وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن بهَا ابْتِدَاء ثمَّ بالْمقَام الأحمدي من طنتدا عِيَادَة، وتحول صُحْبَة جده لأمه بعد أَن قَرَأَ بعض الْمِنْهَاج إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فقطن الْأَزْهَر وأكمل بِهِ الْمِنْهَاج مَعَ حفظ ألفية ابْن مَالك وشذور الذَّهَب واشتغل فِي الْفِقْه على الشّرف السُّبْكِيّ والجلال الْمحلى بل أَخذ عَنهُ قِطْعَة من شَرحه لجمع الْجَوَامِع فِي الْأَصْلَيْنِ وَغير ذَلِك، وَقَرَأَ على الْعَبَّادِيّ فِي بعض التقاسيم وَكَذَا حضر دروس القاياتي والونائي والحجازي مُخْتَصر الرَّوْضَة والشرواني وَابْن حسان وَغَيرهم من الشَّافِعِيَّة وَابْن الْهمام والشمني والأقصرائي والكافياجي وَغَيرهم من الْحَنَفِيَّة وَمِمَّا أَخذه عَن الشرواني أصُول الدّين واشتدت عنايته بملازمة ابْن المجدي فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والفرائض والحساب والمساحة والجبر والمقابلة والهندسة والميقات وَسَائِر فنونه الَّتِي انْفَرد بهَا وَقصر نَفسه عَلَيْهِ بِحَيْثُ تكَرر لَهُ أَخذ كثير من هَذِه الْفُنُون عَنهُ غير مرّة وَكَانَ جلّ انتفاعه بِهِ، وجود الْقُرْآن على ابْن الزين النحراري فِي بعض قدماته الْقَاهِرَة بل قَرَأَ لأبي عمر وَعلي الشهَاب الطلياوي والزين طَاهِر وَسمع عَلَيْهِ غَالب شرح الألفية لِابْنِ المُصَنّف ولازم الشهَاب الْخَواص فِي الْفَرَائِض والميقات والشهاب الأبشيطي فِي الصّرْف وَقَرَأَ عَلَيْهِ عدَّة مناظيم لَهُ مِنْهَا منظومة النَّاسِخ والمنسوخ للباري وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ وَطَائِفَة كَابْن(1/376)
الديري وَالشَّمْس الشنشي بل تردد لشَيْخِنَا فِي الرِّوَايَة والدراية وَقَرَأَ على السَّيِّد النسابة البُخَارِيّ وَأَجَازَ لَهُ فِي استدعاء ابْن فَهد المؤرخ بتاسع عشري رَجَب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ خلق وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وجاور بِالْمَدِينَةِ نَحْو عَاميْنِ لضبط بعض العمائر وَكَذَا ضبط بعض العمائر فِي)
غَيرهَا وَسمع بِمَكَّة على ابي الْفَتْح المراغي وبالمدينة على أَخِيه والمحب المطري بل قَرَأَ عَلَيْهِ أَكثر النّصْف الأول من البُخَارِيّ وَسمع من لَفظه غير ذَلِك، وسافر فِي بعض حجاته إِلَى الطَّائِف للزيارة وَكَذَا دخل الصَّعِيد فزار أَبَا الْحجَّاج الأقصري وَعبد الرَّحِيم القنائي وَغَيرهمَا من السادات واختص بالشرف بن الجيعان وَسمع عَلَيْهِ الشّرف بعض تصانيف شيخهما ابْن المجدي بل قَرَأَ عَلَيْهِ وأقرأ الشهَاب أَوْلَاده فَعرف بصحبتهم وانتفع بمددهم وَلَكِن لم يتوجهوا إِلَيْهِ فِي أَمر يَلِيق بِهِ بلَى قد ولي مشيخة رواق ابْن معمر بِجَامِع الْأَزْهَرِي فِي سنة سِتّ وَخمسين عقب الشَّمْس بن الْمَنَاوِيّ والتاجر وَقِرَاءَة الحَدِيث بتربة الْأَشْرَف قايتباي. وتنزل فِي الْجِهَات وَجلسَ مَعَ بعض الشُّهُود من طلبته وقتا وَكَذَا مَعَ آخَرين ببولاق وَعرف بالبراعة فِي الْفَرَائِض والحساب والتقدم فِي العمليات والمساحة وَتردد عَلَيْهِ الْفُضَلَاء لأخذ ذَلِك وَلكنه لم يتَكَلَّف لَهُ للتصدي وَلَو تفرغ لذَلِك لَكَانَ أولى بِهِ، وَكتب على كل من مَجْمُوع الكلائي والرحبية شرحا. وَكَانَ فَاضلا حاسبا فرضيا خيرا متقشفا متواضعا طارحا للتكلف ممتهنا نَفسه مَعَ الْمشَار إِلَيْهِم حضر إِلَيّ مَعَهم غير مرّة وَقَرَأَ عَليّ شَيْئا من كَلَامي وَهُوَ كثير المحاسن تعلل مرّة بعد أَن سقط وَفسخ عصب رجله الْأَيْسَر بِحَيْثُ صَار يمشي على عكاز وَاسْتمرّ مُعَللا حَتَّى مَاتَ فِي آخر يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن رَجَب سنة خمس وَثَمَانِينَ بمنزله من بولاق وَحمل إِلَى بَيته بالباطلية فَغسل فِيهِ من الْغَد ثمَّ صلى عَلَيْهِ بالأزهر فِي أنَاس مِنْهُم الْمَالِكِي والزيني زَكَرِيَّا والبكري تقدمهم الشهَاب الصندلي ثمَّ دفن بتربة بِالْقربِ من تربة الشَّيْخ سليم بجوار أَخِيه وتأسف النَّاس عَلَيْهِ وأثنوا عَلَيْهِ جميلا حَتَّى سَمِعت من بعض قدماء الأزهريين أَن الشَّيْخ حسن النهياوي كتب فِي بعض مراسلاته أَن بَقَاءَهُ أَمن من الدَّجَّال رَحمَه الله وإيانا.
أَحْمد بن عبيد بن عَليّ بن أَحْمد. / مضى فِي ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أَحْمد.
أَحْمد بن عبيد بن مُحَمَّد بن أَحْمد. / فِي ابْن عبيد الله قَرِيبا.
أَحْمد بن عبيد الله بن مُحَمَّد المنيني. / مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة.
أَحْمد بن عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد اللَّطِيف بن النَّجْم بن عبد الْمُعْطِي(1/377)
الشهَاب بن الْفَخر الْبرمَاوِيّ القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. / ولد قبل سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فاشتغل بالفقه والعربية وَغَيرهمَا، وَمن شُيُوخه فِي النَّحْو الحناوي وتميز فِيهِ وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل ولي الْقَضَاء وَلم يحصل فِيهِ على طائل، وَكَانَ خيرا وَفِي الظَّن أَنه تَأَخّر إِلَى قريب السِّتين.
أَحْمد بن عُثْمَان بن أَحْمد القجطوخي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي أَبُو عُثْمَان. / ولد تَقْرِيبًا سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بقوج طوخ من الغربية وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ تحول إِلَى الْأَزْهَر واشتغل وَقَرَأَ على دَاوُد وَغَيره فِي الْفِقْه وَغَيره وَكَذَا قَرَأَ فِي الرِّوَايَة على النشاوي والمحب بن الشّحْنَة والزين زَكَرِيَّا وَآخَرين مِنْهُم كأبيه والديمي، وَهُوَ قَارِئ الحَدِيث عِنْد تغري بردي القادري الاستادار فِي حَيَاة صَاحبه الدوادار الْكَبِير وَبعده ختم كتبا كبارًا وهرع الْفُضَلَاء فَمن دونهم لسماعها كخلد والكمال الطَّوِيل، وتنزل بِوَاسِطَة ذَلِك فِي جِهَات وانتعش بعض انتعاش وَرُبمَا تكلم فِي بعض تعلقات البيبرسية وَتَأَخر عَلَيْهِ بعض شَيْء بل فِي شَيْء يتَعَلَّق بالاستدارية.
أَحْمد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الشهَاب أَبُو الْفَتْح الْكرْمَانِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الْمُحدث وَيعرف بالكلوتاتي. / ولد فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَهُوَ الْمُعْتَمد أَو فِي رَمَضَان كَمَا قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة، وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ ابْن جمَاعَة فهرست مروياته وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَخلق وحبب إِلَيْهِ الطّلب بعناية صديقه الشَّمْس بن الرفا وَدَار على الشُّيُوخ وَسمع على نَاصِر الدّين الحراوي والعفيف النشاوي والتقي بن حَاتِم وَجُوَيْرِية ابْنة الهكاري وَغَيرهم من أَصْحَاب ابْن الصَّواف وَابْن الْقيم ثمَّ من أَصْحَاب وزيرة والحجار والواني والدبوسي والختني ثمَّ من أَصْحَاب النجيب ثمَّ من أَصْحَاب الْفَخر ثمَّ من بعدهمْ حَتَّى قَرَأَ على أقرانه وَمن سمع بعده وَكَانَ ابْتِدَاء قِرَاءَته سنة تسع وَسبعين وهلم جرا مَا فتر وَلَا وني وتكررت قِرَاءَته للكتب الْكِبَار حَتَّى أَنه قَرَأَ البُخَارِيّ أَكثر من سِتِّينَ مرّة وشيوخه فِيهِ نَحْو من ذَلِك إِلَى غَيره من الْكتب الْكِبَار والمعاجم والمشيخات وَالْمَسَانِيد والأجزاء مِمَّا لَا ينْحَصر. وَأخذ عُلُوم الحَدِيث عَن الْعِرَاقِيّ وَولده وَشَيخنَا وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ الاقتراح لِابْنِ دَقِيق الْعِيد وعلوم الحَدِيث للتركماني بل لِابْنِ الصّلاح والإلمام وَغير ذَلِك من تصانيفه كتعليق التَّعْلِيق بِكَمَالِهِ وَقطعَة من أَطْرَاف الْمسند ومروياته وَأَجَازَهُ غير وَاحِد مِنْهُم شَيخنَا(1/378)
بالإقراء. بل كَانَ شَيخنَا مِمَّن اسْتَفَادَ مِنْهُ المسموع والشيوخ وَوَصفه فِي إجَازَة لَهُ بالأخ فِي الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الأوحد الْمُحدث مُفِيد الطالبين عُمْدَة الْمُحدثين جمال الكملة الْقدْوَة الْمُحَقق، زَاد فِي أُخْرَى البارع صدر المدرسين جمال الْحفاظ المعتبرين بَقِيَّة السّلف الْمُتَّقِينَ خَادِم سنة سيد الْمُرْسلين، وَكَذَا أَخذ الْفِقْه عَن الْعِزّ الرَّازِيّ وَالشَّمْس ابْن أخي الْجَار والبدر بن)
خَاص بك وأكمل الدّين والجلال التباني وَغَيرهم والقراءات عَن جمَاعَة وَأكْثر من الِاشْتِغَال بِالْعَرَبِيَّةِ على الغماري والشهاب الصنهاجي وَعبد الحميد الطرابلسي والسراج وَطَائِفَة وَلم يمهر فِيهَا حَتَّى كَانَ بعض الشُّيُوخ إِذا سمع قِرَاءَته يَقُول لَهُ احرم سلم وَكَذَا لم يمهر فِي غَيرهَا حَتَّى قَالَ شَيخنَا أَنه لم ينْتَقل عَن الْحَد الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ فِي الْفَهم والمعرفة وَالْحِفْظ وَالْقِرَاءَة دَرَجَة مَعَ شدَّة حرصه على الِاشْتِغَال فِي الحَدِيث وَالْفِقْه والعربية وَالْقِرَاءَة وتحصيله الْكثير من الْكتب بِحَيْثُ كتب بِخَطِّهِ جملَة من تصانيف الشُّيُوخ ثمَّ من تصانيف الأقان كالولي الْعِرَاقِيّ ثمَّ شَيخنَا وَآخَرين وخطه رَدِيء وفهمه بطيء ولحنه فَاش لكنه كَانَ دينا خيرا كثير الْعِبَادَة على وَجهه وضاءة الحَدِيث وَكَانَ فِي أَكثر عمره متقللا من الدُّنْيَا حَتَّى كَانَ يحْتَاج إِلَى التكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ قرر فِي قِرَاءَة الحَدِيث بِالْقصرِ الْأَسْفَل من القلعة بِأخرَة بعد السراج قَارِئ الْهِدَايَة فَقَرَأَ صَحِيح مُسلم عدَّة سنوات فَلَمَّا كَانَت سنة أَربع وَثَلَاثِينَ كَانَ متوعكا فقرر عوضه شَيخنَا الشَّمْس الرَّشِيدِيّ لكَونه كَانَ مصاهرا لَهُ وَلذَا اسْتَقر فِيهَا عوضه، بل كَانَ باسمه قبل ذَلِك إسماع الحَدِيث بتربة الظَّاهِر برقوق خَارج بَاب النَّصْر اسْتَقر فِيهَا فِي سنة سبع شَعْرَة، قَالَ شَيخنَا وَقد صاهر الزين الْعِرَاقِيّ على ابْنَته جوَيْرِية فأولدها أَوْلَادًا مَاتُوا وَتزَوج ابْنة لَهُ مِنْهَا النَّجْم الفاسي فأولدها وَلدين وَمَات عَنْهُمَا فَنَشَأَ فِي كفَالَته إِلَى أَن فَارق جدتهما فسافرت بهما مَعَ ابْنَته إِلَى مَكَّة فماتا هُنَاكَ قَالَ وَقد أَشرت عَلَيْهِ أَن يجمع شُيُوخه إِرَادَة أَن يتيقظ وَيتَخَرَّج كَمَا تمهر غَيره فَمَا أَظُنهُ فعل. قلت قد رَأَيْته اختصر النَّاسِخ والمنسوخ للحازمي وَعمل مُخْتَصرا فِي عُلُوم الحَدِيث قَالَ أَنه من كَلَام الْعلمَاء وتخريجا لنَفسِهِ لم يكمله ومختصر تَهْذِيب الْكَمَال شرع فِيهِ وَله ثَبت فِي مجلدين فِيهِ أَوْهَام كَثِيرَة الْتقط شَيخنَا مِنْهَا الْيَسِير وَبَينه فِي جُزْء سَمَّاهُ سكُوت ثَبت كلوت، وأسمع فِي أَوَاخِر عمره من لَفظه لكَونه عرض لسمعه ثقل، سمع مِنْهُ خلق من الْأَعْيَان كالمناوي(1/379)
وَابْن حسان وتغري برمش الْفَقِيه وَابْن قمر وَفِي الْإِحْيَاء مِنْهُم جمَاعَة، وَلم يرْزق حظا وَلَا نباهة، وَمَات فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة خمس وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَدفن جوَار الزين الْعِرَاقِيّ وَلم يخلف بعده فِي مَعْنَاهُ مثله رَحمَه الله ونفعنا بِهِ، وَرَأَيْت من نقل عَن تغري برمش الْفَقِيه أَنه قَالَ لم ندرك فِيمَن أدركنا أَكثر سَمَاعا مِنْهُ قيل لَهُ وَلَا ابْن حجر قَالَ نعم وَلَا أشياخه. وَهَذَا مجازفة فكم من كتاب وجزء ومشيخة ومعجم قَرَأَهُ شَيخنَا أَو سَمعه لَعَلَّ الكلوتاتي مَا رَآهُ. وَقد تَرْجمهُ المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار وَأَنه لم يخلف بعده فِي قِرَاءَة
الحَدِيث مثله.
أَحْمد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْبَهَاء أَبُو الْفتُوح بن الْفَخر أبي عَمْرو بن التَّاج أبي عبد الله بن الْبَهَاء أبي الْفِدَاء الْمَنَاوِيّ الأَصْل السّلمِيّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو الْبَدْر مُحَمَّد ووالد عَليّ وَعمر الْآتِي ذكرهم. / ولد فِي رَجَب سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل على ابْن عَم وَالِده الصَّدْر الْمَنَاوِيّ وَغَيره وأجيز بالإفتاء والتدريس وَاسْتقر هُوَ وَأَخُوهُ بعد أَبِيهِمَا فِي وظائفه كالجاولية والسعدية والسكرية والقطبية العتيقة والمجدية والمشهد الْحُسَيْنِي وإفتاء دَار الْعدْل، وخطب بالجامع الحاكمي وَقَبله بالصالحية وناب فِي الحكم بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا من أَعمال الْوَجْه البحري، وَولي أنظارا كَثِيرَة وَتزَوج خَدِيجَة ابْنة النُّور عَليّ بن السراج بن الملقن وأولدها الْمَذْكُورين وَابْنَة تزوج بهَا الولوي السفطي وَغَيره، وَكَانَ حسن السمت والتودد وافر الْعقل كثير الْمُرُوءَة محبا فِي أهل الْعلم رَئِيسا ذَا وجاهة زَائِدَة بِحَيْثُ عين مرّة للْقَضَاء وَكَانَت نَفسه تسمو إِلَيْهِ فَلم يتَّفق. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر رَمَضَان سنة خمس وَعشْرين عَن نَحْو الْأَرْبَعين وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى، وَاسْتقر ابناه فِي جهاته واستنيب عَنْهُمَا خالهما جلال الدّين بن الملقن رَحمَه الله. ذكره شَيخنَا بِاخْتِصَار فِي إنبائه، وَحكى لي وَلَده النُّور أَنه روى عَن الشهَاب البطائحي وَأَنه كَانَ يطالع الْمطلب ويحضر دروس الْجلَال البُلْقِينِيّ فيستكثر الْجلَال مَا يبديه من الأبحاث والنقول ويضج من ذَلِك بِحَيْثُ أَدَّاهُ إِلَى أَخذ النُّسْخَة الَّتِي كَانَ يطالع مِنْهَا من خَازِن كتب الخطيري واستكتمه وَمَعَ هَذَا فَلم يخف على الْبَهَاء وَعدل لنظر غَيره من كتب الْأَصْحَاب الَّتِي بالمحمودية وَغَيرهَا وَلزِمَ طَرِيقَته فِي المباحثة وَنَحْوهَا حَتَّى صَار الْجلَال يَقُول لَهُ أَنْت تطالع من خزانَة مَحْمُود وَأَنا أَسْتَمدّ من الْملك الْمَحْمُود.(1/380)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
1 - أَحْمد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن أَحْمد بن يُوسُف الشهَاب بن الْفَخر الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ وَيعرف كل مِنْهُمَا بِابْن الصلف بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر اللَّام ثمَّ فَاء. / ولد فِي شعْبَان سنة عشر وَثَمَانمِائَة وأحضره أَبوهُ فِي الثَّانِيَة مَعَ الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي الصَّحِيح وثلاثيات الدَّارمِيّ وَعَلَيْهَا وعَلى الْجمال بن الشرايحي مَجْلِسا من أمالي أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ أَخّرهُ وحزنه، وباشر الرياسة بِجَامِع بني أُميَّة بعد وَالِده وَكَذَا اسْتَقر فِي غَيرهَا من الْجِهَات، أجَاز فِي بعض الاستدعاءات بل حدث أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة، وَقَالَ لي أَنه
عرض لَهُ فالج مَعَ الْعقل وَالْمَشْي، وَأَنه حَيّ فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ.
2 - أَحْمد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الشهَاب الريشي القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالكوم الريشي / وَهِي من ضواحي الْقَاهِرَة خربَتْ. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ والعمدة وَقَالَ أَنه عرضهَا على ابْن الملقن والبرهانين ابْن جمَاعَة والأبناسي والصدر الأبشيطي وكتبا، واشتغل يَسِيرا بالفقه ثمَّ انْتقل إِلَى كوم الريش فسكنها وخطب بجامعها عَن التقي الزبيرِي وَالْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ مُدَّة فاشتهر بالانتساب لَهَا، ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة وخطب بِجَامِع عَمْرو وَغَيره وأدب الْأَطْفَال وَأَقْبل على الطّلب فَأخذ الْفِقْه عَن الْبُرْهَان البيجوري وَالشَّمْس الشطنوفي والْعَلَاء البُخَارِيّ وَآخَرين، ولازم الشَّمْس الْعِرَاقِيّ فِي الْفِقْه والفرائض قَالَ وَأَجَازَ لي، وَبحث فِي الْحساب على الْجمال المارداني وَأخذ النَّحْو عَن الشطنوفي والعز بن جمَاعَة وَغَيرهمَا كَالشَّمْسِ السُّيُوطِيّ والمعقولات عَن الْعِزّ الْبِسَاطِيّ والْعَلَاء البُخَارِيّ وَغَيرهم وَعلم الحَدِيث عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ بل كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي شَرحه لجمع الْجَوَامِع وعَلى الْعِزّ ابْن مَاجَه وَشَرحه لِابْنِ الصّلاح وَشرح الْعُمْدَة لِابْنِ دَقِيق الْعِيد بِحَيْثُ قيل أَنه لَو عكس كَانَ أولى وَمِمَّا بَحثه على الْعِزّ التَّمْهِيد والكوكب وَشرح الألفية لِابْنِ المُصَنّف وَشرح الطوالع للأصبهاني وَالْكثير، وتلا بِبَعْض الرِّوَايَات على الْفَخر إِمَام الْأَزْهَر والشرف يَعْقُوب الجوشني والشطنوفي وَغَيرهم وبالسبع جمعا على الزراتيني وَسمع الحَدِيث على ابْن أبي الْمجد والتنوخي والعراقي والهيثمي وَابْن الكويك والشهاب البطائحي وقاري الْهِدَايَة وَآخَرين وَلم يَنْفَكّ عَن مُلَازمَة الدُّرُوس سِيمَا القاياتي والونائي بل لَازم الأمالي عِنْد شَيخنَا وَغَيرهَا خُصُوصا فِي شهر رَمَضَان وَمَعَ ذَلِك كُله فَلم يمهر وَلَا كَاد نعم كَانَ يستحضر أَشْيَاء(2/2)
مفيدة لِكَثْرَة تواليها على سَمعه وَيكثر من إيرادها بِحَيْثُ صَار الطّلبَة تضيفها إِلَيْهِ هَذَا مَعَ إِذن الْعُزْلَة وَكَذَا أذن لَهُ الزراتيتي فِي إقراء السَّبع وَغَيرهَا وَآخَرُونَ كالشطنوفي وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْفَاضِل الْكَامِل الْعَالم الْقدْوَة الْعُمْدَة بل أذن لَهُ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ حِين قِرَاءَته عَلَيْهِ لألفية أَبِيه بحثا وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل البارع الْكَامِل المفنن ذِي المناقب الحميدة والمزايا العديدة نَفعه الله ونفع بِهِ ورزقه فهم المشتبه وقراءته بِأَنَّهَا قِرَاءَة بحث وَنظر وإتقان مُعْتَبر فِي إقرائها وإفادتها، وانْتهى ذَلِك فِي شَوَّال سنة عشْرين، وَحج فِي سنة تسع عشرَة وَقَالَ كَمَا قرأته بِخَطِّهِ أَنه تَلا من الْبركَة إِلَى الينبوع إِحْدَى عشرَة ختمة وَمِنْه لمَكَّة خمْسا وَفِي الطّواف وَاحِدَة، وَمن مَكَّة إِلَى)
منى ثمَّ عَرَفَة ثَلَاثَة وَمن منى إِلَى طيبَة سَبْعَة وَعند رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة وَمن الْمَدِينَة إِلَى الينبوع خَمْسَة وَكَذَا مِنْهُ إِلَى الأزلم ثمَّ مِنْهُ إِلَى الْعقبَة ثمَّ مِنْهَا إِلَى الْبركَة خَمْسَة فجملتها أَرْبَعُونَ وَبَدَأَ فِي ختمة بِالْبركَةِ وَأهْدى ثَوَابهَا للحضرة النَّبَوِيَّة زِيَادَة فِي شرفه وَإِلَى سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَالصَّحَابَة أَجْمَعِينَ، وَحدث باليسير سَمِعت عَلَيْهِ أَشْيَاء وكتبت من نوادره وَمَا جرياته جملَة وفيهَا الْكثير من المضحكات سِيمَا أَبْيَات ذيل بهَا على أَبْيَات السُّهيْلي يَا من يرى وَأنْشد عَن شَيْخه الشَّمْس السُّيُوطِيّ قَوْله:
(جَاوَزت سِتِّينَ سنه ... كَأَنَّهَا كَانَت سنه)
(وعيشتي قد أَصبَحت ... من بعد صفو آسنه)
(إِن كَانَ لي عمر فقد ... قطعت مِنْهُ أحْسنه)
(يَا لَيْت شعري كُله ... سَيِّئَة أَو حسنه)
وَقد تَرْجمهُ شَيخنَا فَقَالَ فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ: كَانَ أَبوهُ طحانا بكوم الريش وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَحصل الْقرَاءَات وَحفظ كتبا وناب فِي الخطابة عَن الْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ بكوم الريش وأقرأ أَوْلَاد التَّاج بن الظريف ثمَّ أَوْلَاد نَاصِر الدّين بن التنسي ثمَّ أقبل على الِاشْتِغَال فلازم الشطنوفي وَالشَّمْس الْعِرَاقِيّ والعز بن جمَاعَة، واشتهر بِالطَّلَبِ وَنزل فِي الْجِهَات وَكَانَ حسن المفاكهة صبورا على مزح من يعاشره من الرؤساء ويجيد اللّعب بالشطرنج ويستحضر كثيرا من الْمسَائِل وَإِذا حفظ شَيْئا أتقنه وَلكنه لم يكن فِي حسن التَّصْوِير بالماهر مواظبا مجالسي فِي الْإِمْلَاء إِلَى أَوَاخِر ذِي الْحجَّة فَلم يَنْقَطِع عَنْهَا غير مجلسين، وَكَانَ يذكر أَنه واظب الْقِرَاءَة فِي مشْهد اللَّيْث نَحْو خمسين سنة انْتهى. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشري الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ فِي يَوْمه بِجَامِع الْأَزْهَر تقدم النَّاس الولوي السفطي القَاضِي وَدفن بِالْقربِ من ضريح اللَّيْث بالقرافة رَحمَه الله وإيانا.
3 - أَحْمد بن عُثْمَان بن نظام الجرخي البُخَارِيّ الْحَنَفِيّ / وَيُقَال لَهُ مَالا زَاده. قَرَأَ عَلَيْهِ يُوسُف بن أَحْمد الْآتِي المصابيح فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وعظمه جدا وَكتب لَهُ إجَازَة حافلة.(2/3)
4 - أَحْمد بن عُثْمَان بن يُوسُف الخرباوي البعلي. / ولد سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة واشتغل على ابْن اليونانية والعماد يَعْقُوب وَسمع عَلَيْهِمَا وَولي قَضَاء بعلبك ثمَّ قدم دمشق، وَكَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه وَغَيره وَعِنْده سُكُون وانجماع وعفة. مَاتَ مطعونا فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَعشْرين،
تَرْجمهُ شَيخنَا فِي أنبائه.
5 - أَحْمد بن عُثْمَان بن الْعَفِيف علم الدّين الْعلوِي الحصني الأسعردي الشَّافِعِي الصُّوفِي وَيعرف بالعلمي / رَأَيْت خَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الدمياطي كتب مِنْهُ عقيدة لَهُ نظمها أَولهَا:
(الله رَبِّي وَاحِد فِي ذَاته ... أحد قديم دَائِم بصفاته)
(حَيّ عليم قَائِم بحياته ... وَهُوَ الْقَدِير وَمَاله من رافد)
وَأَجَازَهُ بهَا وبإقرائها وبماله من تصنيف نظما ونثرا وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ.
6 - أَحْمد بن عُثْمَان شهَاب الدّين بن الْفَقِيه فَخر الدّين القمني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي. / نَشأ بِالْقَاهِرَةِ واشتغل وَفضل فِي فنون وَرُبمَا أَقرَأ وَحج وجاور مَعَ أَبَوَيْهِ وَمَات فِي حياتهما شَابًّا قبيل سنة ثَلَاثِينَ بعد أَن تزوج أُمِّي بكرا وَلم يلبث أَن مَاتَ فاتصلت بالوالد.
7 - أَحْمد بن عربشاه. / فِي ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم.
8 - أَحْمد بن عَرَفَات. / تكسب بِالشَّهَادَةِ وبرع فِيهَا مَعَ نقص ديانته وفحش طباعه، وَحج غير مرّة وجاور سنة سِتّ وَثَمَانِينَ.
9 - أَحْمد بن أبي الْعِزّ بن أَحْمد بن أبي الْعِزّ بن صلح بن وهيب فَخر الدّين الْأَذْرَعِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ ابْن الكشك وَيعرف بِابْن الثور بِفَتْح الْمُثَلَّثَة / سمع من أول البُخَارِيّ إِلَى الْوتر عَليّ الحجار وَمن إِسْحَاق الْآمِدِيّ وَعبد الْقَادِر بن الْمُلُوك وَغَيرهمَا. مَاتَ فِي صفر سنة إِحْدَى عَن ثَمَانِينَ سنة إِلَّا أَيَّامًا. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه أجَاز لَهُ فِي سنة سبع وَتِسْعين، زَاد فِي الأنباء وَكَانَ أحد الْعُدُول بِدِمَشْق، والمقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار.
10 - أَحْمد بن عطا الله بن أَحْمد السَّمرقَنْدِي. / مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
11 - أَحْمد بن عَطِيَّة بن عبد الْحَيّ القيوم بن أبي بكر بن أبي ظهيرة الْمَكِّيّ الْحَنْبَلِيّ ابْن أخي الْمُحب قَاضِي جدة / عرض عَليّ قبل بُلُوغه أَو مَعَه فِي ربيع سنة ثَلَاث وَتِسْعين محافيظه أربعي النَّوَوِيّ ومختصر الْخرقِيّ والألفية فِي أَفْرَاد أَحْمد عَن الثَّلَاثَة للعز مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن ومختصر الْبُرْهَان بن مُفْلِح فِي أصُول الْفِقْه وألفية ابْن مَالك والجرومية وتلخيص الْمِفْتَاح بل وَقَرَأَ على من حفظه جَمِيع الْأَرْبَعين وَسمع فِي البُخَارِيّ، وَهُوَ ذكي قوي الْجنان والحافظة حل فِي كِتَابه الفقهي على الْعَلَاء بن الْبَهَاء الْبَغْدَادِيّ حِين مجاورته ويحضر عِنْد
قَاضِي مَكَّة والكريمي الحنبليين وترجى لَهُ البراعة إِن لزم الِاشْتِغَال وَقد أجزت لَهُ.(2/4)
12 - أَحْمد بن عقبَة الْيَمَانِيّ الْحَضْرَمِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ نزيل الْقَاهِرَة / أحد من يَعْتَقِدهُ الْكثير من النَّاس دَامَ بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة حَتَّى مَاتَ فِي شَوَّال سنة خمس وَتِسْعين بتربة من الصَّحرَاء.
13 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الشهَاب أَبُو مُحَمَّد الْمَنَاوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَمُحَمّد الْآتِي. / ولد تَقْرِيبًا سنة تسعين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتبريزي فِي الْفِقْه وَعرضه على الشَّمْس الْعِرَاقِيّ وَغَيره وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الْجمال الْقَرَافِيّ والمحب الْمَنَاوِيّ، وَحج فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَبعدهَا وزار الْقُدس والخليل وتكسب بِالشَّهَادَةِ إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ رَفِيقه فِيهَا أَولا الشَّمْس مُحَمَّد بن قَاسم السُّيُوطِيّ فَسمع عَلَيْهِ جُزْءا من تساعيات الْعِزّ بن جمَاعَة تَخْرِيجه لنَفسِهِ بِسَمَاع الأسيوطي مِنْهُ وَحدث بِهِ قرأته عَلَيْهِ وَكَانَ صوفيا بخانقة سعيد السُّعَدَاء وطالبا بالسابقية وَغَيرهَا سَاكِنا مديما للجلوس بحانوت السروجيين بِالْقربِ من سوق أَمِير الجيوش وَرُبمَا جلس بِغَيْرِهِ وَلم يكن بالماهر فِي صناعته. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
14 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عدنان بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عدنان الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الْعَلَاء الْحُسَيْنِي الْمنْقري الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو الْعِمَاد أبي بكر. / ولد فِي سَابِع شَوَّال سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَقيل سنة إِحْدَى بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ التَّنْبِيه واشتغل فِي الْفِقْه وَشَيْء من الْعُلُوم وَسمع الحَدِيث وَلَكِن لم يصرف همته لذَلِك ولي نظر العذراوية ثمَّ نظر الْجَامِع الْأمَوِي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَبعد الْفِتْنَة بَاشر كأبيه وجده نقابة الْأَشْرَاف بِدِمَشْق لما ولي أَبوهُ كِتَابَة السِّرّ، وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن عَبَّاس والأخنائي وَالزهْرِيّ، وَولي نظر الْجَيْش لنوروز مُدَّة لَطِيفَة ثمَّ عزل وصودر وأخرجت جهاته ثمَّ استرجعها وَولي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق فِي الْأَيَّام المؤيدية سنة عشْرين بعد أَن نَاب عَن أَبِيه فِيهَا فباشر خمس سِنِين وشهرين ثمَّ استنابه النَّجْم بن حجي فِي الْقَضَاء لما حج أَولا وَثَانِيا فَلَمَّا اسْتَقر النَّجْم فِي كِتَابَة سر مصر اسْتَقل هَذَا بِقَضَاء الشَّام فِي الْأَيَّام الأشرفية وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَعشْرين فَلَمَّا عزل ابْن حجي وَعَاد لمصر حصل بَينهمَا شَرّ كَبِير أدّى لبذل الْأَمْوَال الجزيلة من كل مِنْهُمَا وَعَاد النَّجْم للْقَضَاء وَرجع السَّيِّد لدمشق مُنْفَصِلا إِلَى أَن اسْتَقر فِي نظر جيشها بعد الْبَدْر حُسَيْن فدام نَحْو عشرَة أشهر ثمَّ اسْتَقر فِي كِتَابَة سر مصر بعد جلال بن مزهر فِي منتصف ذِي الْحجَّة سنة)
اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَت طرحته خضراء برقمات ذهب فباشرها مُبَاشرَة حَسَنَة وَلم يلبث أَن مَاتَ مطعونا فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشري جُمَادَى الْآخِرَة من الَّتِي بعْدهَا وَدفن فِي تربة الْأَشْرَف عِنْد السَّيِّد حسن بن عجلَان بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ بِبَاب الْوَزير فِي محفل(2/5)
شهده السُّلْطَان، وَلما جَاءَ الْخَبَر لدمشق بوفاته وَأخذ أَهله فِي الْبكاء عَلَيْهِ سقط سقف العزيزية الَّتِي كَانَت تَحت نظره.
ذكره شَيخنَا فِي أنبائه ومعجمه وَابْن خطيب الناصرية فِي ذيله لكَونه سَافر مَعَ نَائِب دمشق أَيَّام الْمُؤَيد إِلَى حلب وَكَانَ من رُؤَسَاء بَلَده ذَا حشمة وعقل وتخير وتمول لَهُ ثروة جزيلة ومآثر بهَا حَسَنَة وأملاك كَثِيرَة مَعَ مَكَارِم وأفضال عَارِيا من الْفَضَائِل بِحَيْثُ يتأسف لذَلِك وَيَقُول لَيْتَني كنت من أهل الْعلم وَلم يحجّ وَلَا عمل من الصَّالِحَات الَّتِي يذكر بهَا شَيْئا وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه أجَاز لأولادي وَلم أَقف لَهُ على سَماع طائل إِلَّا إِن كَانَ أَخذ شَيْئا عَن بعض شُيُوخنَا اتِّفَاقًا، وَقَالَ الْعَيْنِيّ أَنه كَانَ مطبوعا بشوشا لكنه مُتَّهم بأَشْيَاء وَقَالَ غَيره كَانَت بِيَدِهِ تداريس وأنظار وَهِي بِبَاب الْجَامِع القاعة الْعَظِيمَة الْمَعْرُوفَة بقاعة القَاضِي الْفَاضِل وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ المقريزي فِي عقوده قَالَ عِنْد الله نحتسبه ونسأله أَن يلْحقهُ بسلفه الْكَرِيم.
15 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الْحُسَيْنِي سكنا الشَّافِعِي الشَّاهِد وَالِد بَرَكَات وَيعرف بِابْن أبي الروس. / مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَأخذ عَن الزين البوتيجي وَنقل لي عَنهُ بِشَارَة تتَعَلَّق بِي وَكَذَا أَخذ عَن الشريف النسابة والحناوي وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَلم يتَمَيَّز فِي الْعلم مَعَ دين وَستر وَقد انهرم وَالظَّاهِر كَمَا قَالَ لي وَلَده أَن مولده تَقْرِيبًا سنة خمس عشرَة وَهُوَ سنة تسع وَتِسْعين فِي الْإِحْيَاء.
16 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مَكْنُون الشهَاب الهيتي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. / ولد بهيت وَهِي من أَعمال المنوفية وَقدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن وكتبا كالمنهاج الفرعي وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وَبَلغنِي أَنه كَانَ يعد نَفسه إِذا ختم الْمِنْهَاج أَنه يطْعمهَا من عرعر طباخ على بَاب الْجَامِع ولازم الِاشْتِغَال عِنْد أَئِمَّة الْعَصْر كالقاياتي والونائي وَالْجمال بن الْمُجبر وَابْن المجدي وَشَيخنَا وَكتب عَنهُ من أَمَالِيهِ وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الزين الزَّرْكَشِيّ وناصر الدّين الفاقوسي وَعَائِشَة الكنانية وَآخَرين وبرع فِي الْفِقْه وَكثر استحضاره لَهُ بل وللكثير من شرح مُسلم للنووي لإدمان نظره فِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الطّلبَة ودرس بِجَامِع الفكاهين ولازمه الْفَخر عُثْمَان الديمي وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُعينهُ على المطالعة فِي إِكْمَال ابْن مَاكُولَا وَشرح مُسلم وَكَانَ لَا يمل من)
المطالعة والاشتغال مَعَ الْخَيْر وَالدّين والتواضع وَالْجد الْمَحْض والتقلل الزَّائِد والاقتدار على مزِيد السهر وَلَوْلَا بطء الْفَهم لَكَانَ نادرة فِي وقته وَقد سَمِعت بقرَاءَته فِي الرَّوْضَة على شَيخنَا الونائي وَكَثُرت مجالستي مَعَه وَسمعت من فَوَائده وأبحاثه وَكَانَ جرش الصَّوْت فِي مباحثته ومخاطباته لَا يعرف الفضول وَلَا الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه طوَالًا حسنا وضيئا فِي لِسَانه لثغة، وَعين فِي أَوَاخِر عمره لبَعض التداريس فَلم يتم أمره فِيهِ، وَلم يلبث أَن مَاتَ بالطاعون فِي يَوْم الْأَحَد(2/6)
رَابِع عشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ من يَوْمه بالأزهر وَدفن بجوار شَيْخه القاياتي وَقد زَاد على الْأَرْبَعين بِيَسِير رَحمَه الله وإيانا.
17 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْحلَبِي ابْن أخي الصوة / يَأْتِي فِي أَوَاخِر الأحمدين فِيمَن لم يسم أَبوهُ.
18 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الشهَاب الْمدنِي وَيعرف بالخياط / مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة.
19 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الشهَاب القاهري الْحَنَفِيّ خَادِم الْأمين الأقصرائي وَيعرف بالقريصاتي / حِرْفَة أَبِيه بل وَاسْتمرّ هُوَ يزاولها وقتا وَيُقَال لَهُ اللالي أَيْضا. ولد فِي سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وترقى بِخِدْمَة الشَّيْخ وملازمته فِي الْحَج والمجاورة بالحرمين وَغَيرهمَا وَحضر دروسه وَمَا انْفَكَّ عَنهُ حَتَّى مَاتَ بعد إِذْنه لَهُ فِي التدريس والإفتاء فِيمَا قيل وتموله بالانتماء لَهُ جدا واستقراره بجاهه فِي جهاته وظائف كَثِيرَة، وباشر الْخدمَة بالأشرفية نِيَابَة وَكَانَ يروم استقلاله بهَا بعد موت صَاحبهَا فَسبق مِمَّا كَانَ الْأَمر فِيهِ على خلاف الْقيَاس، وَقد أَخْبرنِي أَنه رافق أَبَا السُّعُود بن شيخة فِي الْأَخْذ عَن الشَّمْس الفيومي والعجمي وَفِي السماع على الزين الزَّرْكَشِيّ وَمن ذكر فِي تَرْجَمته بل قَرَأَ على أبي الْجُود فِي الْفَرَائِض وعَلى الشّرف العلمي الْمَالِكِي أَيْضا فِي النَّحْو وَكَذَا قَرَأَ فِيهِ الحاجبية على الْمُحب الأقصرائي، وجاور بعد شَيْخه مَعَ أُخْت الْمُحب الَّتِي كَانَت زوجا للدويدار سنة سبع وَثَمَانِينَ وَكَانَ هُوَ الْمُتَوَلِي للأمور الظَّاهِرَة وَزَوجته للأمور الْبَاطِنَة فَلَا يتعداهما شَيْء إِلَى أَن مَاتَت وَسلم لَهما مَا كنزاه ظَاهرا وخفية كل ذَلِك مَعَ قلَّة كلفته وتبسطه وَكَذَا لَازم خدمَة البرهاني الكركي الإِمَام حَتَّى صَار فِي أَيَّام اختفائه هُوَ الْمُتَوَلِي لقبض جهاته وانتزعها مِنْهُ الْملك.
20 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْمُحب بن الْعَلَاء القلقشندي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي لِأَبِيهِ وَذَاكَ الْأَصْغَر. / صاهر الشَّمْس بن قمر على ابْنَته وَسمع الحَدِيث وأجيز وَلَكِن لم يتأهل لجفاء أَبِيه لَهُ.
21 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر الشهَاب الشاذلي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن أبي الْحسن وَهِي كنية أَبِيه. / سمع من شَيخنَا فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة تَرْجَمَة البُخَارِيّ من جمعه.
22 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَبَّاس الشهَاب البنبي ثمَّ القاهري الجيزي الشَّافِعِي نزيل الخروبية بالجيزة / ومؤدب الْأَطْفَال بهَا. ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بقرية بنب وَقَرَأَ بهَا بعض الْقُرْآن ثمَّ نَقله أَبوهُ إِلَى الْقَاهِرَة وأكمله بهَا وتلا لأبي عَمْرو عَليّ الشّرف يَعْقُوب الجوشني وَحفظ التَّنْبِيه والمنهاج الفرعي وألفية ابْن مَالك وَأخذ الْفِقْه عَن الأبناسي والبلقيني وقريبه أبي الْفَتْح والبدر الطنبذي وَغَيرهم والنحو عَن الْمُحب بن هِشَام ولازم الشَّيْخ قنبر فِي الْعُلُوم الَّتِي كَانَت تقْرَأ(2/7)
عَلَيْهِ الْأُصُول والمنطق والنحو وَغَيرهَا وانتفع بِهِ كثيرا وَبحث على الشهَاب بن الهائم فِي الْحساب والفرائض فَأكْثر، وَحج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وجاور وَسمع جلّ البُخَارِيّ على ابْن صديق وَجل الشفا على أبي الْحسن عَليّ بن القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد النويري الْمَالِكِي وبالقاهرة جَمِيع عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح عَليّ الحلاوي وتحول إِلَى الجيزة حِين جعل الْمُؤَيد الخروبية مدرسة فقطنها وتصدى لتعليم الْأَطْفَال فانجب عِنْده جمَاعَة، وَكَانَ صَالحا كثير التِّلَاوَة غَنِيا بِالْقُرْآنِ عَن النَّاس، لقِيه السنباطي والبقاعي وَآخَرُونَ وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بالجيزة رَحمَه الله وإيانا.
23 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن المحن بن يُوسُف الحسني الصُّوفِي القادري المرغياني / نِسْبَة لقرية من قريات حلب الْحَنْبَلِيّ شيخ الْفُقَرَاء بِتِلْكَ النَّاحِيَة وَيعرف بِابْن المحن مِمَّن أثْبته البقاعي وَأَنه ولد فِي سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة.
24 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم الشهَاب بن النُّور الْعقيلِيّ الْهَاشِمِي النويري الْمَكِّيّ الْمَالِكِي. / ولد فِي صفر سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن والرسالة لِابْنِ أبي زيد وَسمع من الْعَفِيف النشاوري وَابْن صديق وَأَجَازَ لَهُ ابْن حَاتِم والمليجي وَأَبُو الهول الْجَزرِي والعراقي والهيثمي وَجَمَاعَة وَحضر دروس الشريف عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر الفاسي وَولي إِمَامَة مقَام الْمَالِكِيَّة شَرِيكا لِأَخِيهِ وناب فِي الْقَضَاء ثمَّ وليه اسْتِقْلَالا عوضا عَن التقي الفاسي وَلكنه لم يتَمَكَّن من الْمُبَاشرَة وَلم يزل يحصل لَهُ من التِّجَارَة الدُّنْيَا الطائلة وَهُوَ ينفدها أَولا فأولا. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سبع وَعشْرين وَدفن بالمعلاة، وَقد طول التقي الفاسي تَرْجَمته
فِي تَارِيخ مَكَّة.
25 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله الشهَاب بن الْجمال أبي الْيمن الْفَزارِيّ القلقشندي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد النَّجْم مُحَمَّد الْآتِي. / ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة واشتغل بالفقه وَغَيره وَسمع على ابْن الشيخة وَمن فِي وقته. وَكَانَ أحد الْفُضَلَاء مِمَّن برع فِي الْفِقْه وَالْأَدب وَكتب فِي الْإِنْشَاء وناب فِي الحكم وَشرح قطعا من جَامع المختصرات بل شرع فِي نظمه وَعمل صبح الْأَعْشَى فِي قوانين الإنشا فِي أَربع مجلدات جمع فِيهِ فأوعى وَكَانَ يستحضر أَكثر ذَلِك مَعَ جَامع المختصرات وَالْحَاوِي وكتابا فِي أَنْسَاب الْعَرَب، وَهُوَ مِمَّن قرض سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض مَعَ تواضع ومروءة وَخير، مَاتَ فِي يَوْم السبت عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَله خمس وَسِتُّونَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأنبائه والمقريزي والعيني وَآخَرُونَ وسمى الْعَيْنِيّ والمقريزي وَالِده عبد الله وَهُوَ وهم وَقَالَ آخر أَنه برع فِي الْعَرَبيَّة وَعرف الْفَرَائِض وشارك فِي الْفِقْه وَسمع الحَدِيث ونظم ونثر وأرخ وَفَاته فِي لَيْلَة السبت عَاشر جُمَادَى الثَّانِيَة.(2/8)
26 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد المغيث بن فضل الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ النشرتي الأَصْل نِسْبَة لنشرت بالغربية بِالْقربِ من سخا وسنهور القاهري الشَّافِعِي الْآتِي وَالِده وَولده مُحَمَّد وَيعرف بالنشرتي. / ولد فِي مستهل ربيع الأول سنة تسعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وَصلى بِهِ فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة والعمدة والتنبيه والشاطبية وَغَيرهَا، وَعرض على الزين الْعِرَاقِيّ وَولده والهيثمي والكمال الدَّمِيرِيّ والزين الفارسكوري والبرشنسي وَأبي الْحسن بن الملقن فِي آخَرين مِنْهُم مِمَّن لم أر فِي كتابتهم التَّصْرِيح بِالْإِجَازَةِ البُلْقِينِيّ وَغَيره وَابْنه الْجلَال والصدر الْمَنَاوِيّ، وتلا بالسبع على الشهَاب بن هَاشم والزراتيتي واشتغل بالفقه على السَّيِّد النسابة وَهُوَ من أَوَائِل من قَرَأَ عَلَيْهِ وَغَيره وتكسب بإقراء المماليك بالطباق السُّلْطَانِيَّة وبتلاوة الأجواق ورافق ابْن الركاب فِي ذَلِك وقتا وَصَارَ بِأخرَة يكرهها لما فِيهَا من التمطيط وَشبهه وَلذَا تَركهَا وَحج فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وجاور وتلا بعض الْقُرْآن هُنَاكَ بالسبع على ابْن عَيَّاش وَمُحَمّد الكيلاني وَحضر الْإِيضَاح للنووي عِنْد الْجلَال الْبكْرِيّ وَكَانَ صَالحا خيرا كثير التِّلَاوَة وَالتَّسْبِيح والتهجد وإدمان الصَّوْم وَاسْتمرّ على الطَّرِيق الْحَسَنَة حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة سِتِّينَ رَحمَه الله وإيانا.
27 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر أَبُو الْفضل بن النُّور المنوفي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي. / ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن أَو أَكْثَره وَجلسَ مَعَ أَبِيه شَاهدا وَسمع مني بل أجَاز لَهُ شَيخنَا وَغَيره باستدعائي. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسعين وَدفن فِي يَوْمه وَكَانَ مَوته هُوَ وَأَخُوهُ وأبوهما متقاربا عَفا الله عَنهُ.
28 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة شهَاب الدّين بن فَخر الدّين بن نجم الدّين بن عز الدّين بن التقي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْخَطِيب بالجامع المظفري. / أرخه شَيخنَا فِي أنبائه سنة أَربع عشرَة وَلم يترجمه.
29 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن وجيه الشهَاب أَبُو حَامِد بن النُّور أبي الْحسن بن الشهَاب بن القطب أبي البركات الشيشيني الأَصْل القاهري الميداني الْحَنْبَلِيّ. / ولد بعد عصر يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بميدان الْقَمْح خَارج بَاب القنطرة وَنَشَأ بِهِ فِي كنف أَبَوَيْهِ(2/9)
فحفظ الْقُرْآن وَالْمُحَرر والطوفي وألفية النَّحْو وتلخيص الْمِفْتَاح وغالب الْمُحَرر لِابْنِ عبد الْهَادِي وَعرض على جمَاعَة فَكَانَ مِنْهُم من الشَّافِعِيَّة الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والبوتيجي والمحلى والعبادي والشنشي وَيحيى الدماطي والزين خلد المنوفي والكمال بن إِمَام الكاملية والتقي الحصني وَالْفَخْر المقسي والزين زَكَرِيَّا وَمن الْحَنَفِيَّة ابْن الديري والأقصرائي وَابْن أُخْته الْمُحب والشمني وَمن الْمَالِكِيَّة السنباطي وَمن الْحَنَابِلَة الْعِزّ الْكِنَانِي والنور بن الرزاز وَأَجَازَهُ كلهم وَكَانَ أول عرضه فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَلما ترعرع أقبل على الِاشْتِغَال فَأخذ الْفِقْه عَن وَالِده واليسير عَن الْعِزّ والْعَلَاء المرداوي والتقي الجراعي حِين قدومهما الْقَاهِرَة والأصلين والمعاني واليبان والمنطق عَن التقي الحصني بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ والعربية عَن الشمني وأصول الدّين أَيْضا عَن الكافياجي فِي آخَرين وَكَذَا لَازم الشرواني، وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة مِمَّن كَانَ يسمع الْوَلَد عَلَيْهِم بل سمع عَليّ ختم الدَّلَائِل للبيهقي مَعَ تصنيفي فِي تَرْجَمَة مؤلفها وَكتب من تصانيفي أَشْيَاء وقابل بَعْضهَا معي وَكَانَ يراجعني فِي كثير من أَلْفَاظ الْمُتُون وَنَحْوهَا بل أخبر أَنه سمع فِي صغره مَعَ وَالِده على شَيخنَا فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وَكَذَا مَكَّة حِين كَانَ مجاورا مَعَه فِي سنة إِحْدَى وَخمسين على أبي الْفَتْح المراغي والشهاب الزفتاوي وَحج مَعَ الرجبية فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وجود فِي الْقُرْآن على الْفَقِيه عمر النجار وبرع فِي الْفَضَائِل وناب فِي الْقَضَاء عَن الْعِزّ ثمَّ عَن الْبَدْر لَكِن يَسِيرا)
وَاسْتقر بعد الْعِزّ فِي تدريس الأشرفية برسباي بكلفة لمساعدة وَكَذَا أعَاد لي الصَّالح ودرس وَأفْتى وتعانى الْقِرَاءَة على الْعَامَّة فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وراج بَينهم بذلك وَهُوَ قوي الحافظة وَفِي فهمه قُصُور عَنْهَا مَعَ ديانَة وَخير مَا أعلم لَهُ صبوة وَلكنه لَا تَدْبِير لَهُ بِحَيْثُ أَنه هُوَ المحرك بفتياه لِابْنِ الشّحْنَة فِي كائنة شقرا مِمَّا كَانَ السَّبَب فِي عَزله وأسوأ من ذَلِك أَنه عمل مؤلفا حِين تحدث الْملك بجباية شَهْرَيْن من الْأَمَاكِن فِي سنة أَربع وَتِسْعين ليستعين بذلك فِي الْإِنْفَاق على المجردين لدفع الْعَدو ومؤيدا لَهُ فقبحه الْعَامَّة فِي ذَلِك وأطلقوا ألسنتهم فِيهِ نظما ونثرا وكادوا قَتله وإحراق بَيته حَتَّى أَنه اختفى وَلم يجد لَهُ مغيثا وَلَا ملْجأ وَنقص بذلك نقصا فَاحِشا وَسَار أَمر تقبيحه فِيهِ إِلَى الْآفَاق وَلم يلبث أَن مَاتَ شخص مغربي بعدن كَانَ لَهُ مَعَه زِيَادَة على ألفي دِينَار بَعْضهَا أَو كلهَا لتركة بني الشَّيْخ الْجَوْهَرِي فَإِنَّهُ أحد الأوصياء وَكَاد يَمُوت من كلا الْأَمريْنِ وَلَكِن ورد عَلَيْهِ الْعلم بِأَنَّهُ قبل مَوته أقرّ ثمَّ ضبط وَحفظ(2/10)
مِمَّا اطْمَأَن بِهِ فِي الْجُمْلَة وسافر لمَكَّة فِي الْبَحْر بعياله أثْنَاء سنة سبع وَثَمَانِينَ فَأَقَامَ بهَا وَعقد الميعاد فَلم يكن لَهُ تِلْكَ القابلية بِمصْر وَاسْتمرّ حَتَّى حج ثمَّ رَجَعَ فِيهَا مَعَ الركب على أَنه قد دخل فِي عدَّة وَصَايَا وَكَاد أمره فِي أَيَّام الأمشاطي أَن يتم فِي الْقَضَاء حِين صرف الْبَدْر وَكَذَا قيل أَنه تحدث لَهُ فِي قَضَاء مَكَّة بعد السَّيِّد المحيوي الفاسي ولمي يتهيأ لَهُ ذَلِك.
30 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن أبي الْحسن الشهَاب المنزلي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي أَخُو الشَّمْس مُحَمَّد السكرِي لِأَبِيهِ خَاصَّة وَيعرف بِابْن الْقطَّان. / ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بالمنزلة، وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج الفرعي ثمَّ تحول مَعَ أَخِيه إِلَى الْقَاهِرَة فقطنها وجاور بالأزهر فجود الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه عمر التتائي وأكمل الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والألفيتين وَعرض على الْمَنَاوِيّ والشمني والأقصرائي والكافياجي وَالْفَخْر السُّيُوطِيّ وَجَمَاعَة وَأخذ عَن الْعَبَّادِيّ وَالْفَخْر المقسمي ولازم تقسيمهما فِي الْفِقْه من سنة سبعين إِلَى أَن مَاتَ ثَانِيهمَا وَكَذَا أَخذ بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره عَن التقي الحصني الْفِقْه والعربية والمعاني وَالْبَيَان وَعلم الْكَلَام، ولازم إِبْرَاهِيم العجلوني فِي الْفِقْه وأصوله والشرف عبد الْحق السنباطي فِي الْعُلُوم المتداولة والسنهوري فِي الْعَرَبيَّة وأصول الْفِقْه بل قَرَأَ عَلَيْهِ كلا من الصَّحِيحَيْنِ وَسنَن أبي دَاوُد وَعظم انتفاعه بِهِ وأصول الْفِقْه أَيْضا عَن الْكَمَال بن أبي شرِيف والعربية أَيْضا وَغَيرهَا عَن الْجَوْجَرِيّ والنور ابْن التنسي والمنطق عَن أَحْمد بن
يُونُس المغربي والفرائض والسحاب عَن الْبَدْر المارداني، وجود مُعظم الْقُرْآن على عبد الدَّائِم الْأَزْهَرِي وَسمع على الجلالين ابْن الملقن والقمصي والشاوي والزفتاوي ونشوان والهوريني وَهَاجَر وَخلق كالديمي والمشهدي وَطلب بِنَفسِهِ وَقَرَأَ الْكثير ولازمني فِي الِاصْطِلَاح والمالي وَغير ذَلِك دراية وَرِوَايَة، وَحج فِي سنة أَربع وَسبعين وجاور الَّتِي بعْدهَا وَقَرَأَ هُنَاكَ على النَّجْم ابْن فَهد والكمال الْمرْجَانِي بل وَحج قبلهَا وَاجْتمعَ بالشرواني وَهُوَ أحد قراء شرح الرَّوْض على مُؤَلفه الزيني زَكَرِيَّا أَيَّام قَضَائِهِ وَأَقْبل عَلَيْهِ لحسن تصَوره وسكونه وعقله وتواضعه ولطافة عشرته، وَله ذوق حسن فِي الْأَدَب وطبع مُسْتَقِيم فِي الْوَزْن وَغَيره بِحَيْثُ تخرج بِهِ بعض من صَار شَاعِرًا وَكَذَا تميز فِي الْقبُول بِهَذَا الشَّأْن وَخرج بمراجعتي لشيخه النُّور على سبط الْجمال يُوسُف بن العجمي عَن شُيُوخه(2/11)
وقرأه عَلَيْهِ بحضرتي، كل ذَلِك مَعَ تقلله وَكَونه لَيست مَعَه وَظِيفَة وَلَا تصوف بل هُوَ فِي ظلّ أَخِيه وَلزِمَ من ذَلِك مساعدته لَهُ فِي صناعته وتعب فِي ذَلِك كثيرا سِيمَا فِي هَذِه السنين وكل وَقت يهم بِالْإِعْرَاضِ عَنهُ ويأبى الله إِلَّا مَا أَرَادَ ثمَّ أَنه سَافر فِي الْبَحْر وطلع مِنْهُ لجدة فِي ليَالِي الْحَج من سنة سبع وَتِسْعين فَلم يتَمَكَّن من إِدْرَاكه وجاور السّنة الَّتِي تَلِيهَا وأقرأ الطّلبَة مَعَ ملازمته لإقراء الْبَدْر ابْن أخي وللقراءة على دراية وَرِوَايَة بِحَيْثُ ختم على فِيهَا كتبا وَكُنَّا مستأنسين بِهِ وَحضر كثيرا من دروس القَاضِي وَأثْنى عَلَيْهِ سِيمَا حِين الْمُرَاجَعَة بَينه وَبَين الْخَطِيب الوزيري بل كَانَ الْفُضَلَاء كلهم مَعَه فِيمَا قَالَه ثمَّ رَجَعَ مَعَ الركب أسمعنا الله عَنهُ كل خير.
31 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الشهَاب الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي قَاضِي الركب الْعِرَاقِيّ وَيعرف بِابْن الدخنة. /
سجن بالبرج مُدَّة ثمَّ خلص بعد أَن أجزته.
32 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الشهَاب البقاعي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن عبِّيَّة / وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق وصاهر الْعَلَاء المرداوي على ابْنَته وَكَانَ سريع الْحَرَكَة مِمَّن نافره البقاعي مَعَ اخْتِصَاصه بِهِ وَقدم الْقَاهِرَة فَأخذ عني. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَمَانِينَ عَفا الله عَنهُ.
33 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الشهَاب السكندري ثمَّ القاهري الْمَالِكِي أَخُو الشَّاهِد بالكعكيين وَيعرف بِابْن الْقصاص / مِمَّن سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية وَمن ذَلِك الْمجْلس الْأَخير بل قَرَأَ فِي شعْبَان سنة خمس وَأَرْبَعين على الزَّرْكَشِيّ بعض صَحِيح مُسلم وَسمع على شَيخنَا واشتغل وَفهم. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَلم يكن مَحْمُودًا عَفا الله عَنهُ.
34 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الشهَاب الزيَادي الأَصْل نِسْبَة لمحلة زِيَاد بِالتَّشْدِيدِ من الغربية القاهري الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي. / ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبية والمنهاج وَعرض على جمَاعَة وجود الْخط وَكتب بِهِ أَشْيَاء وَحضر دروس الْبكْرِيّ وَغَيره وَكَذَا حضر عِنْدِي فِي البرقوقية وَغَيرهَا وتنزل فِي بعض الْجِهَات وَقَرَأَ فِي الجوق وَحج وجاور بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَهُوَ فَقير خير متودد.
35 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الشهَاب الطَّيِّبِيّ القاهري ابْن عَم يُوسُف بن مُحَمَّد الْآتِي مِمَّن أَخذ عني. /
36 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد الحسني الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الْأَمِير / صَاحب وَاسِط(2/12)
من وَادي مر. مَاتَ بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد.
37 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد النويري الْمَالِكِي / إِمَام مقَام الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم.
38 - أَحْمد بن عَليّ بن أزدمر شهَاب الدّين الطرابلسي النَّاسِخ وَيعرف بِابْن يومند. / ولد فِي الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بطرابلس الشَّام وَنَشَأ بهَا وَسمع ببعلبك من الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحُسَيْنِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن أَحْمد اليونيني وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجردي صَحِيح البُخَارِيّ، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وتكسب بِالشَّهَادَةِ. مَاتَ فِي
39 - أَحْمد بن عَليّ بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن مصلح بن عمر بن عبد الْعَزِيز حاجي هَكَذَا أملي على نسبه وَسَاقه بَعضهم فَجعل بعد مُحَمَّد الثَّانِي عمر بن عبد الْعَزِيز بن مصلح فَالله أعلم. شهَاب الدّين بن الْعَلَاء التَّمِيمِي الدَّارِيّ الخليلي الشَّافِعِي أَخُو عبد الرَّحْمَن الْآتِي وسبط الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن مَحْمُود القرماني الْمَاضِي. ولد فِي ثامن عشري ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالخليل وَنَشَأ بِهِ فَقَرَأَ الْقُرْآن على جمَاعَة مِنْهُم الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن مكي وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مَرْوَان وَغَيرهمَا وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاج وألفية ابْن مَالك وَعرض على وَالِده وَكَانَ قَاضِي بَلَده وَابْن الهائم والزين القمني والْعَلَاء بن الرصاص فِي آخَرين وتفقه بِأَبِيهِ وَعنهُ أَخذ فِي الْعَرَبيَّة وَعَن ابْن الهائم فِي الْفَرَائِض وَقَرَأَ البُخَارِيّ فِيمَا أخبر عَن جده لأمه بل قَالَ أَنه سَمعه على أبي الْخَيْر بن الْعَلَاء بِقِرَاءَة القلقشندي وَوَجَدته كَذَلِك بِخَط الْعِمَاد إِسْمَاعِيل بن جمَاعَة وَالله أعلم. وَحج مرَّتَيْنِ وَولي قَضَاء الْخَلِيل والرملة فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وأضيف إِلَيْهِ مرّة قَضَاء غَزَّة مَعَ الْخَلِيل وانفصل
فِي أثْنَاء ذَلِك مرَارًا وَكَذَا نَاب بِالْقَاهِرَةِ عَن شَيخنَا بِجَامِع الصَّالح وبولاق. وَولي بِأخرَة قَضَاء بَيت الْمُقَدّس عوضا عَن الْبُرْهَان بن جمَاعَة فَأَقَامَ دون نصف سنة وانفصل بالمذكور فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا، وَمَات فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَدفن بمقبرة بَاب الرَّحْمَة رَحمَه الله. وَكَانَ متواضعا خيرا ذَاكِرًا لمسائل وأشعار وَسمعت من يصفه بالعفة فِي قَضَائِهِ وَلكنه كَانَ رَأس إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ المتحاربتين بِبَلَد الْخَلِيل نسْأَل الله التَّوْفِيق. وَمِمَّا كتبت عَنهُ مَا أنشدنيه لفظا من نظمه:
(أُمَم أَمَام الْمُصْطَفى فلك الهنا ... بِالْفَضْلِ والفوز الْكثير وبالمنى)
(وَانْزِلْ بساحته ولذ بجنابه ... مَا خَابَ من يلجو إِلَيْهِ وَإِن جنى)(2/13)
(يحمي النزيل بجاهه وذمامه ... نَالَ السَّعَادَة من أَتَى هَذَا الفنا)
(هَذَا الفنا قد حل فِيهِ بَينا ... هَذَا الفنا قد حل فِيهِ شفيعنا)
40 - أَحْمد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى تَاج الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن القَاضِي عَلَاء الدّين البهنسي الأَصْل الْمصْرِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن الظريف بِالْمُعْجَمَةِ المضمومة وَتَشْديد التَّحْتَانِيَّة بعْدهَا فَاء. ولد فِي الْمحرم سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَسمع من نَاصِر الدّين التّونسِيّ السّنَن لأبي دَاوُد وَمن الْعِزّ بن جمَاعَة المسلسل والبردة وَغَيرهمَا وبمكة من قاضيها الشهَاب الطَّبَرِيّ وَعلي بن الزين وَالشَّيْخ خَلِيل الْمَالِكِي وَمُحَمّد بن سَالم بن عَليّ الْحَضْرَمِيّ، وَطلب الْعلم فأتقن الشُّرُوط وَمهر فِي الْفَرَائِض والحساب وَالْفِقْه وانْتهى إِلَيْهِ التميز فِي فنه مَعَ حَظّ كَبِير من الْأَدَب وَمَعْرِفَة حل المترجم وَفك الألغاز والذكاء المفرط، وَقد وَقع للحكام بل نَاب فِي الحكم وَنسخ بِخَطِّهِ التَّارِيخ الْكَبِير للصفدي وتذكرته بكمالها وَشرح عرُوض ابْن الْحَاجِب وَجُمْلَة، قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكَانَ يودني كثيرا وَكتب عني من نظمي وَقد نقم عَلَيْهِ بعض شهاداته وَحكمه ثمَّ نزل عَن وظائفه بِأخرَة وَتوجه إِلَى مَكَّة فَمَاتَ بهَا فِي رَجَب سنة إِحْدَى عشرَة، وَقَالَ فِي مُعْجَمه كَانَ أوحد عصره فِي معرفَة الوثائق سريع الْخط جدا وافر الذكاء يحل المترجم والألغاز فِي أسْرع من رَجَعَ الطّرف نَاب فِي الحكم فَلم يحمد ثمَّ خم لَهُ بِخَير فَإِنَّهُ حج فِي سنة عشر فجاور بِمَكَّة فَمَاتَ بهَا فِي رَجَب من الَّتِي تَلِيهَا، سَمِعت عَلَيْهِ الْعَاشِر من أبي دَاوُد وَأَخْبرنِي الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ الهيثمي قَالَ اجْتمعت مَعَه فَكتبت لَهُ مترجما:
(هَذَا المترجم قد كتبت لكَي أرى ... من ذهنك الْوَقَّاد مَا لَا يُوصف)
)
(فَامْنُنْ على بحله فِي سرعَة ... إِذْ كنت فِي حل المترجم تعرف)
قَالَ فَكتب لي بعد أَن تفكر فِيهِ لأجل حلّه:
(إِنِّي إِذا كتب المترجم لي فَتى ... أظهرت أَنِّي عِنْده لَا أعرف)
(فأطيل فِيهِ الْفِكر وقتا وَاسِعًا ... هَذَا الَّذِي من أَجله أتوقف)
وَقد تَرْجمهُ الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة وذيل التَّقْيِيد وَأَنه دفن بالمعلاة بِقرب الفضيل بن عِيَاض بعد تعلله مُدَّة بالاستسقاء وَقَالَ أَنه اجْتمع بِهِ بِالْقَاهِرَةِ وَمَكَّة وَلم يقدر لَهُ السماع مِنْهُ لكنه أجَاز لَهُ، وَذكره ابْن فَهد فِي مُعْجَمه وَقَالَ أَنه أجَاز لَهُ الْعَفِيف اليافعي والشهاب الْحَنَفِيّ والتقي الْحرَازِي وَطَائِفَة وَلم يدانه أحد فِي زَمَنه فِي معرفَة الوثائق والسجلات وَلَا فِي سرعَة كتَابَتهَا بِحَيْثُ أَنه يفرغ من كِتَابَة الْبَسْمَلَة(2/14)
قبل أَن تَجف الْبَسْمَلَة فِي الْمَكْتُوب الْكَبِير الَّذِي هُوَ عدَّة أسطر، وَكَانَ جميل المحاضرة حسن الْعشْرَة جيد المذاكرة وَكَانَ يَرْمِي قبل كِتَابَته بعظائم فِي تَصْوِير الْحق بِصُورَة الْبَاطِل وَعَكسه وامتحن بِسَبَب ذَلِك وَتردد إِلَى مَكَّة غير مرّة وَلم يرقى مَعْنَاهُ مثله.
وَمن محاسنه أَنه كَانَ لَا يرى غَضبا بل لَا يزَال بشوشا انْتهى. وَقد سمع مِنْهُ جمَاعَة عدَّة أَجزَاء من السّنَن مِمَّن حَدثنَا عَفا الله عَنهُ.
41 - أَحْمد بن عَليّ بن إينال شهَاب الدّين بن الْعَلَاء بن الأتابك اليوسفي. / نَشأ بِالْقَاهِرَةِ فَلَمَّا ترعرع أَخذه الظَّاهِر جقمق وَهُوَ إِذْ ذَاك من أُمَرَاء العشرات لسابق حُقُوق لِأَبِيهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي رقّه قبل استرقاق الظَّاهِر برقوق لَهُ وَكَذَا كَانَ يُقَال جقمق العلائي فرباه ورقاه وَعَمله خازنداره ثمَّ بسفارته أمره الْأَشْرَف بطرابلس فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن ملك الظَّاهِر فَأمره بِالْقَاهِرَةِ عشرَة ثمَّ عمله نَائِب الاسكندرية مُدَّة ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بإمرة طبلخاناه فدام كَذَلِك سِنِين ثمَّ أعطَاهُ مُقَدّمَة بعد انْتِقَال إينال الأجرود إِلَى الأتابكية فَأَقَامَ حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سَابِع عشري ذِي الْقعدَة سنة خمس وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ السُّلْطَان بسبيل المؤمني وَقد تَرْجمهُ فِي الوفيات مطولا.
42 - أَحْمد بن عَليّ بن أَيُّوب الشهَاب المنوفي / إِمَام الصالحية بِالْقَاهِرَةِ. اشْتغل كثيرا وَكَانَ كثير المزاح حَتَّى رَمَاه بَعضهم بالزندقة. مَاتَ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَله سِتُّونَ سنة، ذكره شَيخنَا فِي أنبائه، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده: الشَّافِعِي اشْتغل كثيرا وضبطت عَلَيْهِ كَلِمَات حمله عَلَيْهَا مجونه لَو نُوقِشَ عَلَيْهَا هلك.
43 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر بن حسن الشهَاب بن أبي الْحسن الشوبكي الأَصْل النحريري
القاهري نزيل الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة ووالد الشَّمْس مُحَمَّد النحريري الْمَالِكِي. / مَاتَ فِي رَجَب سنة سِتّ وَخمسين عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة. وَله ذكر فِي وَلَده.
44 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر بن شَدَّاد شهَاب الدّين الزبيدِيّ الْمقري. / ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع من وَالِده وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء روى عَنهُ ابْن فَهد فَإِنَّهُ أجَاز لَهُ فِي استدعاء مؤرخ بالمحرم سنة تسع عشرَة.
45 - أَحْمد بن عَليّ بن الشّرف أبي بكر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشهَاب بن النُّور الْمَنَاوِيّ الأَصْل القاهري الْآتِي أَبوهُ وَعَمه عبد الرَّحِيم. / الْموقع بِبَاب الشَّافِعِي بل أحد جمَاعَة الْمُودع مِمَّن اشْتغل فِي التَّنْبِيه على الشَّمْس الْعِمَاد الأقفهسي وَسكن بِالْقربِ من سَيِّدي حبيب جوَار بَيت ابْن الْعلم. مَاتَ بِالْعقبَةِ وَهُوَ مُتَوَجّه لمَكَّة آخر شَوَّال سنة ثَمَان(2/15)
وَتِسْعين وَدفن بهَا فِي مستهل ذِي الْقعدَة وَكَانَ بارعا فِي التوقيع سَاكِنا جَامِدا.
46 - أَحْمد بن القَاضِي موفق الدّين عَليّ بن أبي بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله الشهَاب أَبُو الْفضل النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ أَخُو عبد الْمجِيد الْآتِي. / ولد سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَحفظ الْمِنْهَاج وَكَثِيرًا من الْفَوَائِد الأدبية وَحضر مجَالِس عَمه الشهَاب أَحْمد وَسمع الْمجد اللّغَوِيّ وَابْن الْجَزرِي وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على عبد الله بن مُحَمَّد النَّاشِرِيّ والفرائض على عَليّ بن أَحْمد الجلاد وَأخذ عَنهُ الْعَفِيف النَّاشِرِيّ وَوَصفه بِالْفَضْلِ والأخلاق الْحَسَنَة وَالشَّمَائِل المرضية مَعَ مداومة الْعِبَادَة وَالْقِيَام والأوراد وَأَنه ولي قَضَاء زبيد نِيَابَة عَن وَالِده من سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة أَربع وَخمسين وأنجب أَوْلَادًا مِنْهُم الْجمال مُحَمَّد وَكَانَ أَبوهُ ولي الْقَضَاء الْأَكْبَر بعد الشهَاب أَحْمد بن أبي بكر الرداد الْمَاضِي.
47 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن قوام الشهَاب البالسي ثمَّ الصَّالِحِي. / ولد فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَحضر فِي الرَّابِعَة على عمر بن مُحَمَّد الشحطبي السَّابِع من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة وَسمع من عَليّ بن الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن الرشيد عبد الرَّحْمَن المقدسيين وَأبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر البالسي والمحب الصَّامِت وَأبي الهول الْجَزرِي وَآخَرين، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى وَشَيخنَا الأبي، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لابنتي رَابِعَة وَمن مَعهَا وَكَذَا ذكره المقريزي فِي عقوده. وَمَات قريب الْعشْرين.
48 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر الشهَاب الْحُسَيْنِي / سكنا الترجمان أحد الصُّوفِيَّة بخانقاه سعيد
السُّعَدَاء. ولد قبل الْقرن بِكَثِير بل الظَّن أَنه قبل سنة سبعين وَكَانَ يذكر أَنه كتب عَن الزين الْعِرَاقِيّ من أَمَالِيهِ. وروى عَن الشَّيْخ عمر السمنودي مَا أنْشدهُ إِيَّاه وَكَأَنَّهُ من نظمه:
(يَا أَيهَا الراضي بأحكامنا ... لَا بُد أَن تحمد عُقبى الرِّضَا)
(فوض إِلَيْنَا وابق مستسلما ... فالراحة الْعُظْمَى لمن فوضا)
فِي أَبْيَات. كتب عَنهُ البقاعي فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَقَالَ أَنه مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي حُدُود سنة أَرْبَعِينَ.
49 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر الشهَاب بن النُّور بن الزين الشارمساحي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمقري الفرضي، / وشارمساح من أَعمال دمياط. شيخ جَاوز الثَّمَانِينَ بِيَسِير لكنه لم يكتف بسنه حَتَّى ادّعى أَنه عمر وَجَاز الْمِائَة بِأَرْبَعِينَ سنة فَأكْثر وأعانه(2/16)
على ذَلِك الْهَرم فهرع إِلَيْهِ من لَا يُحْصى ثمَّ تبين لَهُم حَيْثُ روجعت فِيهِ فَسَاده وَظُهُور الْخلَل فِيهِ بالكشط فِي أوراق عرضه وَغَيرهَا فانكشف الْمُعظم عَنهُ. وَقد حفظ الْعُمْدَة والشاطبيتين وَالْحَاوِي وَعرض فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين فَمَا بعده على الأبناسي وَابْن الملقن والعسقلاني والغماري والنور أخي بهْرَام وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر بن يُوسُف الْمقري الضَّرِير عرف بالشنشي، وأجازوا لَهُ ولقب فِي أَكْثَرهَا بِالْوَلَدِ على الْعَادة، وَسمع على الفوي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين صَحِيح مُسلم وسيرة ابْن سيد النَّاس وَكَانَ يذكر أَنه أَخذ الْقرَاءَات عَن الْعَسْقَلَانِي وَأبي الصَّفَا خَلِيل بن الْمسيب وَغَيرهمَا كَأَخِي بهْرَام وَأَنه تفقه بالأبناسي والطبقة وَأخذ الْعَرَبيَّة والفرائض عَن الغماري وَأَنه تجرد وَطَاف الْبِلَاد وكل ذَلِك مُمكن، وَهُوَ مِمَّن برع فِي الْفَرَائِض والحساب والقراءات وَمهر فِي الْحَاوِي مَعَ مُشَاركَة فِي فنون كالنحو وَكتب على مَجْمُوع الكلائي شرحا حافلا فِي مُجَلد أقرأه الطّلبَة وَكَذَا أَخذ عَنهُ الْقرَاءَات والفرائض والحساب جمَاعَة وَيُقَال أَن مِمَّن أَخذ عَنهُ الشَّمْس البامي وَحدث باليسير. مَاتَ وَقد ضعف بَصَره فِي رَجَب سنة خمس وَخمسين بعد أَن كتب على استدعاء بعض الْأَوْلَاد وَدفن دَاخل الْمدرسَة الجاولية رَحمَه الله وإيانا.
50 - أَحْمد بن عَليّ بن حسن الغمري. / مِمَّن سمع مني فِي سنة خمس وَتِسْعين.
51 - أَحْمد بن عَليّ بن حُسَيْن بن حسن بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الشهَاب الْعَبَّادِيّ ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي ابْن أخي السراج عمر الْآتِي. / ولد فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بمنية عباد وَقدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفيتي الحَدِيث والنحو وَجمع
الْجَوَامِع وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة واشتغل عِنْد الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والبرهان البيجوري وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والطبقة ثمَّ شَيخنَا وداوم مَجْلِسه فِي الْإِمْلَاء وَفِي رَمَضَان وَأَحْيَانا فِي غَيرهمَا وَابْن المجدي والقاياتي والنائي وَالْعلم البُلْقِينِيّ بِحَيْثُ صَار يستحضر الْكثير من الْفِقْه وتصدى للإقراء بِجَامِع الْأَزْهَر فِيهِ غَالِبا وَرُبمَا أَقرَأ الْفَرَائِض والحساب واليسير من الْعَرَبيَّة وَعَمله فِي الْفِقْه أحسن من ذَلِك كُله وحافظته أمتن من غَيرهَا كل ذَلِك مَعَ المداومة على التِّلَاوَة وشهود الْجَمَاعَة ومباشرة إمْلَائِهِ بالخشابية وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا وتصوفاته بالجمالية والبيبرسية وَغَيرهمَا وَعدم انفكاكه عَن ذَلِك وارتفاقه فِي معيشته بِالشَّهَادَةِ بحانوت الطارمة وَصَارَ بِأخرَة يقْصد بالفتاوى وشكر بعض الطّلبَة كِتَابَته فِيهَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ خيرا قَلِيل الفضول كثير السّكُون محبا فِي المذاكرة بِالْعلمِ شَدِيد الصحب فِي مباحثاته(2/17)
وَهُوَ مِمَّن أنكر على البقاعي من التَّوْرَاة وَنَحْوهَا وتحرك لذَلِك فتوسل إِلَيْهِ بِعَمِّهِ حَتَّى سكت على مضض وَنعم الرجل كَانَ. مَاتَ بعد انْقِطَاعه أَزِيد من شهر فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر ربيع الأول سنة ثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بالأزهر بمصلى بَاب النَّصْر وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَقد جَازَ السّبْعين رَحمَه الله وإيانا.
52 - أَحْمد بن عَليّ ن حُسَيْن بن عَليّ بن يُوسُف الشهَاب الدمياطي وَيعرف بالأشموني نِسْبَة لأمه لكَون أَصْلهَا مِنْهَا. / ولد بدمياط وَنَشَأ بهَا قبانيا ثمَّ حبب إِلَيْهِ الْعلم فَأخذ عَن الشهَاب الجديدي ولازم الشهَاب البيجوري فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا حَتَّى برع وَمِمَّا حمله عَنهُ جَامع المختصرات، وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة وَأخذ عَن الْعلم البُلْقِينِيّ وَكَذَا قَرَأَ على الْبُرْهَان العجلوني فِي الْفِقْه والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا وَعَن الْجَوْجَرِيّ وَابْن قَاسم وزَكَرِيا وَلَكِن جلّ انتفاعه إِنَّمَا هُوَ بالشهابين وبثانيهما أَكثر بِحَيْثُ لم يشْتَهر بِغَيْرِهِ وَقَرَأَ فِي تَقْسِيم التَّنْبِيه عِنْد إِمَام الكاملية وَحضر عِنْدِي فِي عدَّة مجَالِس وَكَذَا أَخذ عَن البقاعي وتزايد اخْتِصَاصه بِهِ بِحَيْثُ كَانَ يُرْسل إِلَيْهِ بِبَعْض تصانيفه وناب عَن الصّلاح بن كميل فِي قَضَاء دمياط وَحج وجاور وانْتهى هُنَاكَ لِابْنِ أبي الْيمن وَكتب عَنهُ، وَلما مَاتَ الصّلاح ضيق عَلَيْهِ فانتمى للأمير تمراز فكفهم عَنهُ وَاسْتمرّ مُقيما عِنْده حَتَّى سَافر مَعَه فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ إِلَى الْبِلَاد الحلبية ودام مَعَه حَتَّى مَاتَ بحلب غَرِيبا فِي ثَانِي ربيع الأول سنة تسعين عَن نَحْو خمسين سنة وَخلف أما وأولادا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ، وَكَانَ شَدِيد الْحِرْص على التَّحْصِيل بِدُونِ تحر وَلَا تعفف مَعَ تضييق على نَفسه بِحَيْثُ تمول جدا حَسْبَمَا بَلغنِي وَأَنه زَائِد الذكاء حسن الْفَهم قَلِيل الحافظة بِحَيْثُ لم يحفظ الْقُرْآن
شَدِيد الحقد عديم التصون لَهُ ذوق فِي النّظم وَمِنْه قَوْله:
(إِذا وَافق الأربعا رَابِع ... ورابع عشر مضى أَو بَقِي)
(ورابع عشْرين أَو أَربع ... بَقينَ فنحس فثق وَاتَّقِ)
وَبَلغنِي أَنه كتب للمحلى سؤالا فَرَأى قُوَّة تركيبه فَسَأَلَهُ عَن كِتَابه فَقَالَ جَامع المختصرات فَقَالَ وَلذَلِك سؤالك يكد أَو كَمَا قَالَ.
53 - أَحْمد بن عَليّ بن حُسَيْن بن الْبَدْر النَّجْم بن الزين الرِّفَاعِي الصحراوي شيخ طائفته ووالد عَليّ الْآتِي. / ولد فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَتردد إِلَيّ كثيرا فِي سَماع الحَدِيث ومجالس الْإِمْلَاء وَكَذَا سمع على بقايا من المسندين وَقَرَأَ على إِمَام الكاملية وَفِيه حشمة وتودد.
54 - أَحْمد بن عَليّ بن حُسَيْن الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن جوشن / كَانَ(2/18)
أحد التُّجَّار بِمَكَّة وَبَلغنِي أَنه وقف على الْفُقَرَاء جِهَة بِالْهَدةِ بني جَابر. مَاتَ فِي سنة إِحْدَى بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة.
قَالَه الفاسي فِي تاريخها.
55 - أَحْمد بن عَليّ بن خلف بن عبد الْعَزِيز بن بدران الشهَاب الطنتدائي ثمَّ القاهري الْحُسَيْنِي لسكناه الحسينية مِنْهَا الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي / قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَغَيره لَازم شَيخنَا البُلْقِينِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَكتب عَنهُ من فَتَاوِيهِ قدر مُجَلد وَمن غَيرهَا وَمهر فِي الْعَرَبيَّة وشارك فِي الْفُنُون وَكتب الْخط الْحسن وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة للْحَدِيث جدا لطيف المزاج حسن الْخلق رافقنا فِي السماع على عدَّة مَشَايِخ وَسَمعنَا من فَوَائده ونظمه مرَارًا. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث عشرَة وَقد زوجه الشَّمْس البوصيري ابْنَته واستولدها وناهيك بِهَذَا جلالة لصَاحب التَّرْجَمَة أَيْضا. وَذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه سمع بقرَاءَته الْحَسَنَة على البُلْقِينِيّ.
56 - أَحْمد بن عَليّ بن خَلِيل شهَاب الدّين الْمَقْدِسِي صهر التقي أبي بكر القلقشندي الْمَقْدِسِي على ابْنَته وسبط الْجمال عبد الله بن جمَاعَة شيخ الصلاحية وَيعرف بِابْن اللدي. / ولد سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاج والألفيتين وَغَيرهَا وَسمع على جده لأمه وصهره وَابْن أَخِيه أبي حَامِد أَحْمد بن عبد الرَّحِيم والسراج الْحِمصِي بل وَعَائِشَة الكنانية فِي آخَرين من أهل بَلَده والواردين عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّن سمع معي كثيرا مِمَّا قرأته هُنَاكَ وَكَانَ عَارِفًا بلقاء الأكابر بمروءة وتودد وكرم. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ بِبَيْت الْمُقَدّس وَدفن
بتربة ماملا عِنْد القلقشندي رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ.
57 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي رَاجِح. / يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن إِدْرِيس.
58 - أَحْمد بن عَليّ بن زَكَرِيَّا الشهَاب الجديدي وَالِد الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي. / كَانَ مَعْرُوفا بالصلاح والكرامات وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد. مَاتَ فِي لَيْلَة سَابِع صفر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
59 - أَحْمد بن عَليّ بن سَالم بن أَحْمد بن عبد الْخَالِق الشهَاب الْبُرُلُّسِيّ الشوري الْمَالِكِي أَخُو الْبَدْر حسن الْآتِي. / ولد فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بشورى من البرلس وَحفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب الفرعي والأصلي وكافيته فِي الْعَرَبيَّة وجود الْقُرْآن على مُحَمَّد الجبرتي وَأخذ عَن الشهَاب بن الأقيطع وأخيه الْبَدْر وَغَيرهمَا وَلَكِن جلّ انتفاعه بأَخيه، وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة ثَمَانِينَ وَأخذ عني(2/19)
بقرَاءَته وسماعا أَشْيَاء وكتبت لَهُ إجَازَة طَوِيلَة وتكسب بِالشَّهَادَةِ مَعَ فهم وَخير ووجاهة بَين أهل بَلَده بِحَيْثُ يرجعُونَ إِلَيْهِ وَيشْهد بَينهم.
60 - أَحْمد بن عَليّ بن سعيد بن عمر اليافعي الْمَكِّيّ الخراز الدَّلال. / مَاتَ بهَا فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ.
61 - أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن شهَاب الدّين الفيشي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي النَّاسِخ. /
حفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل يَسِيرا وشارك وَكتب الْخط الْجيد وتشاغل بالنسخ بِالْأُجْرَةِ حَتَّى كتب الْكثير جدا وَمِمَّا كتبه شرح البُخَارِيّ لشَيْخِنَا نَحْو مرَّتَيْنِ وَأكْثر وَشرح ابْن الملقن وَجل الْخَادِم وَهُوَ سريع الْكِتَابَة غير صحيحها وَأم بِجَامِع الغمري وَبِغَيْرِهِ وخطب وَقَرَأَ على القَوْل البديع تصنيفي بعد أَن كتب مِنْهُ نسخا وَكَذَا قَرَأَ على غَيره بل قَرَأَ الحَدِيث على الْعَامَّة بِبَعْض الْجَوَامِع وَحج غير مرّة وجاور وتكسب بِالشَّهَادَةِ زَمنا وتعانى التِّجَارَة وَآخر أمره جلس لَهَا فِي سوق الشّرْب حَتَّى مَاتَ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ لَيْلَة السب ثَالِث الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد توعكه أَيَّامًا بِمَرَض حاد وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر وَدفن بحوش بِتِلْكَ النواحي وَلم يقصر عَن الْخمسين وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا مُحْتملا قَائِما بِمَا يصلحه رَحمَه الله وإيانا.
62 - أَحْمد بن عَليّ بن سِنَان بن رَاجِح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن مَسْعُود الْعمريّ / أحد قواد مَكَّة. مَاتَ فِي مقتلة أَشرت إِلَيْهَا فِي الْحَوَادِث فِي صفر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وطيف بِرَأْسِهِ بجدة ثمَّ دفن من يَوْمه، وَكَانَ من أَعْيَان القواد المنفردين بمزيد التمول وَالْعَقار وَالْأَمْوَال ويضارب ويقارض وَله سَبِيل بطرِيق المعلاة بِالْقربِ من مَسْجِد الرَّايَة وقف عَلَيْهِ الدَّار الْمُتَّصِلَة بِهِ.
63 - أَحْمد بن عَليّ بن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس بن أبي الْحسن القبابلي. / يَأْتِي فِي أَحْمد بن عَليّ بِدُونِ زِيَادَة.
64 - أَحْمد بن عَليّ بن صبيح الْمدنِي أحد فراشيها وأخو مُحَمَّد الْآتِي. / مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
65 - أَحْمد بن عَليّ بن عَامر بن عبد الله الشهَاب بن نور الدّين المسطيهي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. / نَشأ فلازم الْبُرْهَان بن حجاج الأبناسي فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وانتفع بِهِ وَأمره بِالْقِرَاءَةِ على الْعَبَّادِيّ وَكَانَ من أَوَائِل من أَخذ عَنهُ وَكَذَا حضر دروس الونائي فِي التَّقْسِيم وَغَيره والقاياتي لَكِن يَسِيرا فِي(2/20)
آخَرين مِنْهُم ابْن البُلْقِينِيّ وَشَيخنَا وَأكْثر من التَّرَدُّد إِلَيْهِ والاستفادة مِنْهُ وبرع فِي فنون وَكَانَ غَايَة فِي الذكاء مَعَ حسن الشكالة ولطف الْعشْرَة وَالْبزَّة وَله نظم ونثر وناب فِي الْقَضَاء عَن السفطي فَمن بعده بل سَمِعت أَن أول من ابتكر ولَايَته القاياتي بعناية الولولي بن تَقِيّ الدّين فَإِنَّهُ كَانَ من عشرائه المختصين بِهِ وَعمل أَمَانَة الحكم لِابْنِ البُلْقِينِيّ. مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه فِي سحر يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَخمسين عَن نَحْو الْأَرْبَعين وَدفن فِي يَوْمه عَفا الله عَنهُ، وَخلف ابْنة نشأت فِي كَفَالَة أمهَا وَقد خَلفه شَيْخه الْعَبَّادِيّ عَلَيْهَا وَتزَوج بالابنة بعد الْبَهَاء بن المحرقي الْخَطِيب واستولدها يحيى الْآتِي. وَمن نظم صَاحب التَّرْجَمَة:
(بِمَا بجفنيك من سحر وَمن سقم ... أحكم بِمَا شِئْت غير الهجر واحتكم)
(يَا راشقي بسهام من لواحظه ... أصبت قلبِي فدا والكلم بالكلم)
(وكف كف الجفا بالوصل مِنْك فقد ... أَصبَحت من ألمي لَحْمًا على وَضم)
فِي أَبْيَات
66 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن تَمِيم بن عبد الصَّمد بن أبي الْحسن بن عبد الصَّمد بن تَمِيم التقي أَبُو الْعَبَّاس بن الْعَلَاء بن المحيوي الْحُسَيْنِي العبيدي البعلي الأَصْل القاهري سبط ابْن الصَّائِغ وَيعرف بِابْن المقريزي / وَهِي نِسْبَة لحارة فِي بعلبك تعرف بحارة المقارزة وَكَانَ أَصله من بعلبك وجده من كبار الْمُحدثين فتحول وَلَده إِلَى الْقَاهِرَة وَولي بهَا بعض الْوَظَائِف الْمُتَعَلّقَة بِالْقضَاءِ وَكتب التوقيع فِي ديوَان الْإِنْشَاء وأنجب صَاحب التَّرْجَمَة. وَكَانَ مولده حَسْبَمَا كَانَ يخبر بِهِ ويكتبه بِخَطِّهِ بعد السِّتين، وَقَالَ شَيخنَا أَنه رأى بِخَطِّهِ مَا يدل على تَعْيِينه فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَذَلِكَ بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا نشأة حَسَنَة فحفظ الْقُرْآن)
وَسمع من جده لأمه الشَّمْس بن الصايغ الْحَنَفِيّ والبرهان الْآمِدِيّ والعز بن الكويك والنجم بن رزين وَالشَّمْس بن الخشاب والتنوخي وَابْن أبي الشيخة وَابْن أبي الْمجد والبلقيني والعراقي والهيثمي والفرسيسي وَغَيرهم بل كَانَ يزْعم أَنه سمع المسلسل على الْعِمَاد بن كثير. وَلَا يكَاد يَصح وَحج فَسمع بِمَكَّة من النشاوري والأميوطي وَالشَّمْس بن سكر وَأبي الْفضل النويري القَاضِي وَسعد الدّين الاسفرايني وَأبي الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي وَجَمَاعَة، وَأَجَازَ لَهُ الأسنوي والأذرعي وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَعلي بن يُوسُف الزرندي وَآخَرُونَ وَمن الشَّام الْحَافِظ أَبُو بكر بن الْمُحب وَأَبُو الْعَبَّاس بن الْعِزّ وناصر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد(2/21)
بن دَاوُد وَطَائِفَة واشتغل كثيرا وَطَاف على الشُّيُوخ وَلَقي الْكِبَار وجالس الْأَئِمَّة فَأخذ عَنْهُم وتفقه حنفيا على مَذْهَب جده لأمه وَحفظ مُخْتَصرا فِيهِ ثمَّ لما ترعرع وَذَلِكَ بعد موت وَالِده فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَهُوَ حِينَئِذٍ قد جَازَ الْعشْرين تحول شافعيا وَاسْتقر عَلَيْهِ أمره لكنه كَانَ مائلا إِلَى الظَّاهِر وَلذَلِك قَالَ شَيخنَا أَنه أحب الحَدِيث فواظب على ذَلِك حَتَّى كَانَ يتهم بِمذهب ابْن حزم وَلكنه كَانَ لَا يعرفهُ انْتهى.
هَذَا مَعَ كَون وَالِده وجده حنبليين. وَنظر فِي عدَّة فنون وشارك فِي الْفَضَائِل وَخط بِخَطِّهِ الْكثير وانتقى وَقَالَ الشّعْر والنثر وَحصل وَأفَاد وناب فِي الحكم وَكتب التوقيع وَولي الْحِسْبَة بِالْقَاهِرَةِ غير مرّة أَولهَا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة والخطابة بِجَامِع عَمْرو وبمدرسة حسن والإمامة بِجَامِع الْحَاكِم وَنَظره وَقِرَاءَة الحَدِيث بالمؤيدية عوضا عَن الْمُحب بن نصر الله حِين استقراره فِي تدريس الْحَنَابِلَة بهَا وَغير ذَلِك، وحمدت سيرته فِي مباشراته وَكَانَ قد اتَّصل بِالظَّاهِرِ برقوق وَدخل دمشق مَعَ وَلَده النَّاصِر فِي سنة عشر وَعَاد مَعَه وَعرض عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا مرَارًا فَأبى وَصَحب يشبك الدوادار وقتا ونالته مِنْهُ دنيا بل يُقَال أَنه أودع عِنْده نَقْدا. وَحج غير مرّة وجاور وَكَذَا دخل دمشق مرَارًا وَتَوَلَّى بهَا نظر وقف القلانسي والبيمارستان النوري مَعَ كَون شَرط نظره لقاضيها الشَّافِعِي وتدريس الأشرفية والإقبالية وَغَيرهَا ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وَأقَام بِبَلَدِهِ عاكفا على الِاشْتِغَال بالتاريخ حَتَّى اشْتهر بِهِ ذكره وَبعد فِيهِ صيته وَصَارَت لَهُ فِيهِ جملَة تصانيف كالخطط للقاهرة وَهُوَ مُفِيد لكَونه ظفر بمسودة الأوحدي كَمَا سبق فِي تَرْجَمته فَأَخذهَا وزادها زَوَائِد غير طائلة، ودرر الْعُقُود الفريدة فِي تراجم الْأَعْيَان المفيدة ذكر فِيهِ من عاصره، وإمتاع الأسماع بِمَا للرسول من الْأَبْنَاء والأخوال والحفدة وَالْمَتَاع وَكَانَ يحب أَن يكْتب بِمَكَّة وَيحدث بِهِ فتيسر لَهُ ذَلِك، والمدخل لَهُ وَعقد جَوَاهِر الأسفاط فِي مُلُوك مصر والفسطاط وَالْبَيَان)
وَالْإِعْرَاب عَمَّا فِي أَرض مصر من الْأَعْرَاب والإلمام فِيمَن تَأَخّر بِأَرْض الْحَبَشَة من مُلُوك الْإِسْلَام والطرفة الغريبة فِي أَخْبَار حَضرمَوْت العجيبة وَمَعْرِفَة مَا يجب لآل الْبَيْت النَّبَوِيّ من الْحق على من عداهم وإيقاظ الحنفاء بأخبار الْأَئِمَّة الفاطميين الْخُلَفَاء والسلوك بِمَعْرِِفَة دوَل الْمُلُوك يشْتَمل على الْحَوَادِث إِلَى وَفَاته والتاريخ الْكَبِير المقفي وَهُوَ فِي سِتَّة عشر مجلدا وَكَانَ يَقُول أَنه لَو كمل على مَا يرومه لجاوز الثَّمَانِينَ، وَالْأَخْبَار عَن الْإِعْذَار وَالْإِشَارَة وَالْكَلَام بِبِنَاء(2/22)
الْكَعْبَة بَيت الْحَرَام ومختصره وَذكر من حج من الْمُلُوك وَالْخُلَفَاء، والتخاصم بَين بني أُميَّة وَبني هَاشم وشذور الْعُقُود وضوء الساري فِي معرفَة خبر تَمِيم الدَّارِيّ والأوزان والأكيال الشَّرْعِيَّة وَإِزَالَة التَّعَب والعناء فِي معرفَة الْحَال فِي الْغناء وَحُصُول الإنعام والمير فِي سُؤال خَاتِمَة الْخَيْر والمقاصد السّنيَّة فِي معرفَة الْأَجْسَام المعدنية وَتَجْرِيد التَّوْحِيد وَمجمع الفرائد ومنبع الْفَوَائِد يشْتَمل على علمي الْعقل وَالنَّقْل المحتوى على فني الْجد والهزل بلغت مجلداته نَحْو الْمِائَة وَمَا شَاهده وسَمعه مِمَّا لم ينْقل فِي كتاب وشارع النجَاة يشْتَمل على جَمِيع مَا اخْتلف فِيهِ الْبشر من أصُول دياناتهم وفروعها مَعَ بَيَان أدلتها وتوجيه الْحق مِنْهَا وَالْإِشَارَة والإيماء إِلَى حل لغز المَاء وَهُوَ ظريف وَغير ذَلِك. وقرض سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض وَقد قَرَأت بِخَطِّهِ أَن تصانيفه زَادَت على مِائَتي مجلدة كبار وَأَن شُيُوخه بلغت سِتّمائَة نفس، وَكَانَ حسن المذاكرة بالتاريخ لكنه قَلِيل الْمعرفَة بالمتقدمين وَلذَلِك يكثر لَهُ فيهم وُقُوع التحريف والسقط وَرُبمَا صحف فِي الْمُتُون مِمَّا رَأَيْته بِخَطِّهِ فِي ذَلِك ابْن الْبَدْر وَهُوَ بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالدَّال الْمُهْملَة فضبطه بِخَطِّهِ بِالْبَدَلِ وَعلي بن مَنْصُور الكرجي شيخ السلَفِي وَهُوَ بِالْجِيم فضبطه بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَكَثِيرًا مَا يَجْعَل عبد الله عبيد الله وَعَكسه بل وَبَلغنِي أَنه جعل أَبَا طَاهِر بن محمش رَاوِي الحَدِيث المسلسل بالأولية حِين حدث بِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بدل الْمُهْملَة، وَأما فِي الْمُتَأَخِّرين فقد انْفَرد فِي تراجمهم بِمَا لَا يُوَافق عَلَيْهِ كَقَوْلِه فِي ابْن الملقن أَنه كَانَ يسيء الصَّلَاة جدا وَكَانَ مَعَ ذَلِك يكثر الِاعْتِمَاد على من لَا يوثق بِهِ من غير غَزْو إِلَيْهِ حَتَّى فعل ذَلِك فِي نسبه فَإِن مُسْتَنده فِي كَونه من العبيديين كَونه دخل مَعَ وَالِده جَامع الْحَاكِم فَقَالَ لَهُ يَا وَلَدي هَذَا جَامع جدك لَا سِيمَا وَمَا قَالَه ابْن رَافع فِي نسبه عبد الْقَادِر جده أَنْصَارِيًّا يخدش فِي هَذَا وَإِن توقف صَاحب التَّرْجَمَة فِيهِ لكنه مَعَ ذَلِك لم يكن يتَجَاوَز فِي تصانيفه فِي سِيَاق نسبه عبد الصَّمد بن تَمِيم وَإِن أظهر زِيَادَة على ذَلِك فَلِمَنْ يَثِق بِهِ ثمَّ رَأَيْت مَا يدل على أَنه اعْتمد فِي هَذِه النِّسْبَة)
العرياني الْمَشْهُور بِالْكَذِبِ فَالله أعلم وَمن يصف من يكون كَذَلِك بِالْحَافِظِ يُرِيد الِاصْطِلَاح فقد جازف وَمَا أحسن قَول بَعضهم مِمَّا فِي بعضه توقف. وَكَانَ كثير الاستحضار للوقائع الْقَدِيمَة فِي الْجَاهِلِيَّة وَغَيرهَا وَأما الوقائع الإسلامية وَمَعْرِفَة الرِّجَال وأسمائهم وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل والمراتب وَالسير وَغير ذَلِك من أسرار التَّارِيخ ومحاسنه فَغير ماهر فِيهِ، وَكَانَت لَهُ معرفَة قَليلَة بالفقه والْحَدِيث والنحو واطلاع على أَقْوَال السّلف(2/23)
وإلمام بِمذهب أهل الْكتاب حَتَّى كَانَ يتَرَدَّد إِلَيْهِ أفاضلهم للاستفادة مِنْهُ مَعَ حسن الْخلق وكرم الْعَهْد وَكَثْرَة التَّوَاضُع وعلو الهمة لمن يَقْصِدهُ والمحبة فِي المذاكرة والمداومة على التَّهَجُّد والأوراد وَحسن الصَّلَاة ومزيد الطُّمَأْنِينَة فِيهَا والملازمة لسننه حَتَّى أَن بعض الرؤساء فِيمَا بَلغنِي عَتبه على انْقِطَاعه عَنهُ فَأَنْشد قَول غَيره:
(قَالَت الأرنب اللفوت كلَاما ... فِيهِ ذكرى لتفهم الْأَلْبَاب)
(أَنا أجري من الْكلاب وَلَكِن ... خير يومي أَن لَا تراني الْكلاب)
وَلَو أنْشدهُ قَول ابْن الْمُبَارك:
(قد أَرحْنَا وَاسْتَرَحْنَا ... من غدو ورواح)
(واتصال بلئيم ... أَو كريم ذِي سماح)
(بعفاف وكفاف ... وقنوع وَصَلَاح)
(وَجَعَلنَا الْيَأْس مفتاحا ... حا لأبواب النجاح)
لَكَانَ أحسن، والخبرة بالزايرجة والاصطرلاب والرمل والميقات بِحَيْثُ أَنه أَخذ لِابْنِ خلدون طالعا وَالْتمس مِنْهُ تعْيين وَقت ولَايَته فَيُقَال أَنه عين لَهُ يَوْمًا فَكَانَ كَذَلِك وعد من النَّوَادِر كل ذَلِك مَعَ تبجيل الأكابر لَهُ إِمَّا مداراة لَهُ خوفًا من قلمه أَو لحسن مذاكراته، وَقد حدث بِبَعْض تصانيفه ومروياته بِمَكَّة والقاهرة سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَأخْبر أَنه سمع فضل الْخَيل للدمياطي على أبي طَلْحَة الحراوي مرَّتَيْنِ فاعتمدوا إخْبَاره بذلك وَقُرِئَ عَلَيْهِ مرّة بل كتب بِخَطِّهِ قبيل مَوته بِسنة أَنه لَا يعلم من يُشَارِكهُ فِي رِوَايَته، وَرَأَيْت بِخَط صاحبنا النَّجْم بن فَهد أَنه حضر فِي الرَّابِعَة على الحراوي وَمَا علمت مُسْتَنده فِي ذَلِك. وَقد تَرْجمهُ شَيخنَا فِي مُعْجَمه بقوله وَله النّظم الْفَائِق والنثر الرَّائِق والتصانيف الباهرة وخصوصا فِي تَارِيخ الْقَاهِرَة فَإِنَّهُ أَحْيَا معالمها وأوضح مجاهلها وجدد مآثرها وَترْجم أعيانها. وَلكنه لم يُبَالغ فِي أنبائه لهَذَا الْحَد بل قَالَ وأولع)
بالتاريخ فَجمع مِنْهُ شَيْئا كثيرا وصنف فِيهِ كتبا وَكَانَ لِكَثْرَة ولعه بِهِ يحفظ كثيرا مِنْهُ قَالَ وَكَانَ حسن الصُّحْبَة حُلْو المحاضرة. وَقَالَ الْعَيْنِيّ كَانَ مشتغلا بِكِتَابَة التواريخ وبضرب الرمل تولى الْحِسْبَة بِالْقَاهِرَةِ فِي آخر أَيَّام الظَّاهِر يَعْنِي برقوق ثمَّ عزل بمسطره ثمَّ تولى مُدَّة أُخْرَى فِي أَيَّام الدودار الْكَبِير سودون ابْن أُخْت الظَّاهِر عوضا عَن مسطره بِحكم أَن مسطره عزل نَفسه بِسَبَب ظلم سودون الْمَذْكُور. وَقَالَ ابْن خطيب الناصرية فِي تَرْجَمَة جده: وَهُوَ جد الإِمَام الْفَاضِل المؤرخ تَقِيّ الدّين وَقَالَ غَيره جمع كتابا فِيمَا شَاهده وسَمعه مِمَّا لم يَنْقُلهُ من كتاب وَمن أعجب مَا فِيهِ أَنه كَانَ فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين مارا بَين القصرين فَسمع الْعَوام يتحدثون أَن الظَّاهِر برقوق خرج من(2/24)
سجنه بالكرك وَاجْتمعَ عَلَيْهِ النَّاس قَالَ فضبطت ذَلِك الْيَوْم فَكَانَ كَذَلِك. وَمن شعره فِي دمياط:
(سقى عهد دمياط وحياه من عهد ... فقد زادني ذكرَاهُ وجدا على وجدي)
(وَلَا زَالَت الأنواء تسقى سحابها ... ديارًا حكت من حسنها جنَّة الْخلد)
وَهِي أَكثر من عشْرين بَيْتا. مَاتَ فِي عصر يَوْم الْخَمِيس سادس عشري رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ بعد مرض طَوِيل وَذَلِكَ على مَا قَالَه شَيخنَا تَكْمِلَة ثَمَانِينَ سنة من عمره وَدفن يَوْم الْجُمُعَة قبل الصَّلَاة بحوش الصُّوفِيَّة البيبرسية رَحمَه الله وإيانا.
67 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد الشهَاب ابْن الشَّيْخ نور الدّين بن النقاش الميقاتي الْآتِي أَبوهُ. / ولد سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ. فَاضل متميز فِي الْمِيقَات متقن للحسابيات والوضعيات خَبِير بِالْمُبَاشرَةِ فِي الرياسة خلف وَالِده فِي مباشراته وقطن البارزية فِي بولاق لسد مباشرتها واستنابه فِي جهاته بِالْقَاهِرَةِ. وَكَانَ منجمعا عَن النَّاس مَعَ مُشَاركَة فِي النَّحْو وَالصرْف وَغَيرهمَا ونظم حسن وَعشرَة لَطِيفَة واستحضار لنكت وظرائف وَأَظنهُ لم يتَزَوَّج.
وَمن نظمه فِيمَن اسْمه يُونُس:
(قُم فاقطف الوردة من خَدّه ... وَلَا تخف فِي ذَاك من يحرس)
(وآنس النَّفس بِذكر الَّذِي ... لساقه فَهُوَ لَهَا يُونُس)
(عذاره وَالْقد مَعَ طرفه ... مَا الآس مَا البان مَا النرجس)
(وَذكره العذب إِذا مَا نبا ... حلت مخافات العدى يُونُس)
وَقَوله:)
(كل من طبعه الأذية ... مَا يَمُوت إِلَّا مقهر)
(شامت فِيهِ الأعادي ... وعَلى نَفسه يحسر)
(لَا تكن يَا صَاح تغتاب ... لَا وَلَا صَاحب نميمه)
(واترك المزح ودعه ... مَعَ الْأَلْفَاظ الدميمه)
(والزم التَّقْوَى فَفِيهَا ... سَاعَة مِنْهَا غنيمه)
(لَا ترم قطّ سواهَا ... تندم الْآن وتخسر)
(وَتصير بَين الْخَلَائق ... أخمل النَّاس وتقهر)
وَقَوله:
(من ذَا الَّذِي يمْنَع مَا قدره ... من أمره وَهُوَ الَّذِي صوره)
(لَو كَانَ للنَّاس من نَفسه ... موعظة أَو كَانَ ذَا تبصره)
(رأى بِعَين الْحَال فِي حَاله ... وَحَال عَمَّا حَاله انكره)
(فَكيف وَالْآيَة فِيهِ أَتَت ... أَي قتل الْإِنْسَان مَا أكفره)
(يَا أَيهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك ... بِرَبِّك الْمُنعم إِلَّا الشره)
(فاقلع عَن الذَّنب وَتب واستقم ... واخضع لَهُ إِن ترتجي الْآخِرَه)
(وَقل إلهي سَيِّدي مقصدي ... سؤلي مناي الْعَفو والمغفره)
مَاتَ تَقْرِيبًا سنة سبع وَتِسْعين.(2/25)
68 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن حَاتِم بن مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الشهَاب بن الْعَلَاء الطرابلسي الأَصْل الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الحبال. / ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وتفقه واشتغل قَدِيما وَسمع الحَدِيث من عَمه الْجمال يُوسُف وَكَانَ مَعَ القائمين فِي إِزَالَة دولة الظَّاهِر برقوق بِحَيْثُ أَخذ مَعَهم وَضرب ثمَّ اشْتهر بعد اللنك بطرابلس وَعظم شَأْنه وناب فِي قَضَائهَا ثمَّ اسْتَقل بل صَار أَمر الْبَلَد إِلَيْهِ وَأكْثر من الْقيام مَعَ الطّلبَة وَالرَّدّ عَنْهُم والتعصب لعقيدة الْحَنَابِلَة والإنصاف لأهل الْعلم مَعَ قلَّة بضاعته فِي الْعلم وَكَانَ أهل طرابلس يَعْتَقِدُونَ فِيهِ أقْصَى رتب الْكَمَال حَتَّى نقل ابْن قَاضِي شُهْبَة عَن الشَّاب التائب أَنهم لَو علمُوا جَوَاز بعث الله لنَبِيّ فِي هَذَا الزَّمَان لَكَانَ هُوَ، وَاسْتمرّ إِلَى أَن نوه بِهِ ابْن الكويز فِي أول ولَايَة الظَّاهِر ططر وبعناية الدودار الْكَبِير برسباي قبل سلطنته بِقَلِيل لكَونه كَانَ يعرفهُ من طرابلس حَتَّى اسْتَقر فِي قَضَاء الشَّام فَدَخلَهَا
فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَعشْرين وَشرط أَن لَا يلْزم بالركوب مَعَ الْقُضَاة لدار السَّعَادَة فاستمر إِلَى أَن صرف فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِسَبَب مَا اعتراه من ضعف الْبَصَر والارتعاش وَثقل السّمع بِحَيْثُ كَانَ الْأُمُور لذَلِك تخرج كَثِيرَة الْفساد مَعَ كَونه وَهُوَ كَذَلِك يكثر الْعِبَادَة ويلازم الْجَمَاعَة، قَالَ التقي بن قَاضِي شُهْبَة: وَكَانَ قد بَاشر مُبَاشرَة رَدِيئَة بِاعْتِبَار أَنه كَانَ لَا يبصر وَلَا يَهْتَدِي لشَيْء ففسد النظام وَأثبت أَشْيَاء مزمنة وَمَعَ ذَلِك مشت لكَونه فِي نَفسه جيدا والنائب وَغَيره يعتقدونه فَهَلَك بِسَبَب ذَلِك خلق كثير واستفتى عَلَيْهِ عُلَمَاء الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة والحنابلة فأفتوا بعزل القَاضِي بالعمى وَآخر أمره لم يبْق لَهُ فهم وَلَا بصر إِلَّا الْيَسِير، كل ذَلِك مَعَ كَثْرَة عِبَادَته على كبر سنه وإلمامه بِالْحَدِيثِ وَكَونه لَيْسَ فِي الْفِقْه بِذَاكَ، وَبعد عَزله حمل إِلَى طرابلس فَمَاتَ بعد وُصُوله إِلَيْهَا بِيَوْم فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ عَن أَربع وَثَمَانِينَ سنة، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَاخْتَصَرَهُ فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز لنا غير مرّة. وَفِي عصره أَحْمد بن الحبال أَيْضا وَهُوَ ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي غَانِم وَسَيَأْتِي.
69 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ بن أبي رَاجِح مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشهَاب الْقرشِي الشيبي الْمَكِّيّ. / مَاتَ بهَا فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين عَفا الله عَنهُ.
70 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد القاهري الأَصْل المقسي وَيعرف بِابْن قريميط. / ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتِّينَ بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الفيومي(2/26)
إِمَام الزَّاهِد وَأخي الْفَخر المقسي وَقَرَأَ فِي الْمِنْهَاج عِنْد الشَّمْس المسيري ولازمه فِيهِ بِالْقَاهِرَةِ وَكَذَا بِمَكَّة حِين مجاورته بهَا وتكسب قِيَاسا ثمَّ من سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بِالْمُبَاشرَةِ بديوان يشبك الجمالي وسافر مَعَه فِي التجاريد الثَّلَاثَة وَحمد عقله وحذقه وأدبه مَعَ الْفُضَلَاء وإحسانه إِلَيْهِم بِحَيْثُ رتب لنُور الدّين الكلبشي فِي كل شهر دِينَارا وَكَذَا يكثر الْإِحْسَان لأمين الدّين بن النجار ولحذقة طلبته واستخبرته عَن تجريدة سنة خمس وَتِسْعين فَوَجَدته محررا ضابطا.
71 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله الشهَاب الدلجي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي / اشْتغل بِمصْر وَفضل فِي النَّحْو وَغَيره من العقليات ثمَّ توجه لطرابلس فَأَقَامَ بهَا يَسِيرا ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَقد تميز فدرس بالأتابكية نِيَابَة عَن الْبَارِزِيّ وتعانى الشَّهَادَة وَحصل مِنْهَا دنيا وَولي مشيخة خانقاه حَانُوت بسفارة الْعَلَاء البُخَارِيّ وَكِتَابَة إِلَى مصر بِحَيْثُ انتزعت من ابْن حجي، وَكَانَ حسن الْعبارَة جيد الْخط عَارِفًا بالصناعة فصيح الْعبارَة فَاضلا وَلكنه كَانَ متنقصا للنَّاس كثير الِاسْتِهْزَاء بهم.
مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَهُوَ فِي عشر السّبْعين ظنا وَلم يتَزَوَّج قطّ وَكَانَ يزْعم أَنه يعِيش الْعُمر الطبيعي. والتقط من شرح البُخَارِيّ للكرماني فَوَائِد وأفادنيها وَجمع بَين التَّوَسُّط وَالْخَادِم فِي مجلدات مَعَ زَوَائِد كَثِيرَة ومعقولات بِخَطِّهِ الْجيد وَوَقع لخطيب مَكَّة مِنْهَا أَرْبَعَة أَجزَاء ضخمة أَو أَكثر وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي يشكره وَيَقُول أَنه يسْتَدلّ بِهِ على زِيَادَة فضيلته.
قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة كَانَ فَاضلا فِي صناعَة الشَّهَادَة جيد الْخط وَيتَكَلَّم فِي العقليات جيدا غير أَنه كَانَت تنْسب إِلَيْهِ أَشْيَاء فَالله أعلم.
72 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله النفياني الأَصْل القاهري نزيل المنكوتمرية. / شَاب حفظ الْقُرْآن واشتغل عِنْد الْبَدْر حسن الْأَعْرَج والزينين الأبناسي وَأخي ولازمني فِي تقريب النَّوَوِيّ وَغَيره وتنزل فِي الصُّوفِيَّة.
73 - أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله قيم مدرسة الولوي البُلْقِينِيّ وَيعرف بالبصيري بِالتَّصْغِيرِ. / مِمَّن نَشأ فِي بَيت الولوي الْمشَار إِلَيْهِ وأقربائه وَكَثُرت مرافعاته وَلم يحصل على طائل بل نسبت إِلَيْهِ جريمة فَاحِشَة مَعَ زِيَارَة اللَّيْث وَنَحْوه.
74 - أَحْمد بن عَليّ بن خيل الشهَاب القاهري أحد صوفية سعيد السُّعَدَاء وَيعرف بِابْن السكرِي حِرْفَة أَبِيه. / مِمَّن يشْتَغل عِنْد الزين زَكَرِيَّا والبكري ثمَّ نزل للكمال الطَّوِيل وَنَحْوه، وَقد حج وَتردد إِلَيّ وَعِنْده سُكُون وأدب.(2/27)
أَحْمد بن عَليّ بن عَليّ بن عِيسَى فتح الدّين أَبُو الْفَتْح المنوفي القلعي الشَّافِعِي. / أحد النواب وَهُوَ بكنيته أشهر. يَأْتِي فِي الكنى.
75 - أَحْمد بن عَليّ بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب القمني الأَصْل ثمَّ القاهري الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن الشَّيْخ عَليّ. / وَكَانَ وَالِده وَهُوَ ابْن أُخْت الزين القمني من أهل الْقُرْآن وَالْخَيْر فولد لَهُ هَذَا فِي خَامِس عشري رَمَضَان سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ دَاخل بَاب زويلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب الصعيدي أحد من جمع للسبع على الزين طَاهِر وتلاه لأبي عَمْرو وعَلى الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي وتدرب فِي قِرَاءَة الأجواق فتميز حَتَّى صَار أحد رُؤَسَاء الْقُرَّاء وَانْفَرَدَ بالتبرع فِي الْقِرَاءَة فِي الْمشَاهد والمجامع وَنَحْوهَا وَعدم مزاحمته لجماعته فِي ذَلِك وَكَثُرت جهاته وأملاكه وثروته مَعَ رغبته فِي الملاطفة والمماجنة والألفاظ الَّتِي يستطرفها عشراؤه ورام الْأَشْرَف قايتباي التَّعَرُّض لَهُ رَجَاء حوز شَيْء وضيق عَلَيْهِ فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ، وَيُقَال
أَن سَببه تَسْمِيَته لَهُ قاشان فَمَا ظفر مِنْهُ بِشَيْء فَأَطْلقهُ وَلم يلبث أَن احْتَرَقَ لَهُ ملك هائل بحارة الرّوم وتحاموا إِعْلَامه لضَعْفه إِذْ ذَاك، وَقد قصدني غير مرّة وَعرض وَلَده عَليّ، ورأيته كتب على مَجْمُوع البدري مَقْطُوعًا أَظُنهُ لغيره وَلكنه قَالَ إِنَّه لكَاتبه فَالله أعلم.
76 - أَحْمد بن عَليّ بن عمر بن أَحْمد بن أبي بكر بن سَالم الشهَاب الكلَاعِي الْحِمْيَرِي الشوايطي اليمني ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد الْجمال مُحَمَّد وَعلي. / ولد فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بشوايط بِمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة بَلْدَة بِقرب تعز وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ثمَّ قدم تعز بعد التسعين فحفظ بهَا الشاطبية وتلا على الشَّيْخ عبد الله البنبي ختمة جمع فِيهَا بَين قِرَاءَة قالون عَن نَافِع وَابْن كثير وَأبي عَمْرو بل وَجمع عَلَيْهِ للسبع من أول الْقُرْآن إِلَى ويسألونك عَن الْأَهِلّة ثمَّ تَلا ختمة للسبع على الْمُقْرِئ عبد الرَّحْمَن بن هبة الله الملحاني، ثمَّ انْتقل إِلَى مَكَّة سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فقطنها حَتَّى مَاتَ وسافر مِنْهَا إِلَى الزِّيَارَة النَّبَوِيَّة غير مرّة وَلذَا تردد إِلَى الْيمن مرَارًا وَلَقي بحران من بلادها مُحَمَّد بن يحيى الشارفي الْهَمدَانِي شيخ الملحاني الْمُتَقَدّم فَتلا عَلَيْهِ أَيْضا للسبع وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَكَذَا تَلا فِي حَال إِقَامَته وأذنوا لَهُ فِي الإقراء وتفقه فِي الْمَدِينَة بالجمال الكازروني بحث عَلَيْهِ من التَّنْبِيه إِلَى الرَّهْن وَفِي مَكَّة بالشمس الغراقي بحث عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيه أَيْضا والمنهاج وَسمع بِمَكَّة(2/28)
على الشريف عبد الرَّحْمَن الفاسي وَابْن صديق والمراغي وَالْجمال بن ظهيرة والزين الطَّبَرِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ حِين قدمهَا وَعلي بن مَسْعُود بن عَليّ بن عبد الْمُعْطِي فِي آخَرين وبالمدينة على المراغي أَيْضا والرضى أبي حَامِد المطري ورقية ابْنة ابْن مزروع وَجَمَاعَة وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير لنَفسِهِ وَلغيره وأقرأ الْأَطْفَال مُدَّة وَعَكَفَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام يقرئ ويدرس ويفيد فَعم الِانْتِفَاع، وباشر مشيخة الباسطية هُنَاكَ حِين أعرض عَنْهَا الشَّيْخ عمر الشيبي بعد أَن كَانَ أحد صوفيتها وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا الْأمين الأقصرائي تَلا عَلَيْهِ لأبي عَمْرو فِي بعض مجاوراته ولقيته بِمَكَّة فَحملت عَنهُ الْكثير، وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا مفننا خيرا دينا سَاكِنا متواضعا ذَا سمت حسن ونسمة لَطِيفَة بالجرم وانجماع وملازمة لِلْعِبَادَةِ والإقراء وَالطّواف محبا إِلَى النَّاس قاطبة مبارك الإقراء. وَقد وَصفه شَيخنَا بالشيخ الْقدْوَة الْفَاضِل الأوحد الْفَقِيه. مَاتَ فِي صبح يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة رَحمَه الله وإيانا.
77 - أَحْمد بن عَليّ بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحرز الشهَاب بن النُّور بن السراج
الصندفي الْمحلى الْمَالِكِي سبط الشَّيْخ أبي بكر الطريني وَيعرف بِابْن مُحرز. / مِمَّن أَخذ عني بِالْقَاهِرَةِ.
78 - أَحْمد بن عَليّ بن عمر بن كنان شهَاب الدّين الْعَيْنِيّ الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي وَالِد الْفَخر يَعْنِي الْآتِي / هُوَ وَأَبوهُ أَيْضا كَانَ يذكر أَنه ينتسب للزبير بن الْعَوام وَوصل نسبه بِهِ. ولد بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَقَرَأَ على ابْن الْجَزرِي طيبته من حفظه وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا سمع على النُّور الْمحلى سبط الزبير فِي سنة عشر بعض الِاكْتِفَاء للكلاعي. وَكَانَ خيرا متعبدا منجمعا عَن النَّاس كثير التِّلَاوَة تحول فِي آخر عمره لمَكَّة فدام بهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَدفن بجوار وَالِده فِي المعلاة رَحمَه الله وإيانا.
79 - أَحْمد بن عَليّ بن عمر شهَاب الدّين القاهري نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن الشوا. / عَامي تعلق على المتجر فَحصل قدرا وَلم يكن بالمرضي. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بِمَكَّة وَقد قَارب السّبْعين وَهُوَ الَّذِي لفت خَالِي عَن طَريقَة وَالِده إِلَى التِّجَارَة وَركب بِهِ الْبَحْر متوغلا فِي الْبِلَاد حَتَّى قيل إِنَّه أتْلفه فَالله قبيله.
80 - أَحْمد بن عَليّ بن عواض الشهَاب التروجي ثمَّ السكندري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن عواض. / حفظ فِيمَا قيل الْكَنْز واشتغل بِالتِّجَارَة وبذل فِي قَضَاء الاسكندرية ثَلَاثَة(2/29)
آلَاف دِينَار عجل ثلثهَا وَصرف بِهِ الدرشابي فَمَكثَ أَزِيد من شهر بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ مَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَيُقَال أَنه هدد بالمقشرة فِي وزن الْبَاقِي بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك سَببا لمَوْته وَصلى عَلَيْهِ بالأزهر ثمَّ دفن بتربة المجاورين وَهُوَ فِي نَحْو السِّتين وَكَانَ مصاهرا لِابْنِ محليس مِمَّن يذكر بِخَير وديانة عَفا الله عَنهُ.
81 - أَحْمد بن عَليّ بن عِيسَى بن عَليّ بن عِيسَى بن عبد الْكَرِيم الشهَاب الزملكاني ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن السديدارة بِضَم السِّين وَفتح الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ ثمَّ تَحْتَانِيَّة. / ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ بِبَعْض الاستدعاءات، وَرَأَيْت من قَالَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَن أَبَاهُ مَاتَ سنة خمس وَسبعين وَهُوَ ابْن سبع سِنِين وَسمع فِي صغره من مَشَايِخ بَلَده وَشهد على الْقُضَاة قَدِيما وَتعين بعد موت السويدي وَابْن الحساني إِلَى أَن صَار هُوَ ورفيقه الشَّمْس الْأَذْرَعِيّ عين شُهُود الشَّام بل عمل نقيب الشَّافِعِي هُنَاكَ، مَعَ شح زَائِد حَتَّى على نَفسه. مَاتَ)
فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخلف من النَّقْد شَيْئا كثيرا.
أَحْمد بن عَليّ بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى الحسني السمهودي. / مضى فِي ابْن أبي الْحسن.
82 - أَحْمد بن عَليّ بن عِيسَى الزين الْأنْصَارِيّ الدهروطي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي والدا التَّاج مُحَمَّد الأتي وَيعرف بِالْأَنْصَارِيِّ / تزوج ابْنة الْمجد اسماعيل قَاضِي الْحَنَفِيَّة وَكَانَ بعد صهره بِقَلِيل.
83 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي الْقسم بن الْقسم بن مُحَمَّد بن حسن اليمني الْمَكِّيّ الزيدي وَيعرف بِابْن الثقيف. / عَنى قَلِيلا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالشعر ونظم ومدح السَّيِّد حسن صَاحب مَكَّة وَغَيره وهجا صَاحب يَنْبع وَأَقْبل على اللَّهْو واجتماع النَّاس عِنْده لذَلِك وحنق بَعضهم مِنْهُ لِاجْتِمَاع بعض الشَّبَاب عِنْده فَقتل لذَلِك فِيمَا قيل فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشري شَوَّال سنة تسع عشرَة عَن نَحْو الثَّلَاثِينَ أَو أَزِيد بِقَلِيل وطل دَمه وَأنكر الْمُتَّهم بقتْله ذَلِك والموعد الْقِيَامَة وَقد فَازَ بِالشَّهَادَةِ ولعلها أَن تكفر عَنهُ. قَالَه الفاسي فِي مَكَّة.
84 - أَحْمد بن عَليّ بن قرطاي الشهَاب أَبُو الْفضل بن الْعَلَاء بن السَّيْف الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ سبط مُحَمَّد بن بكتمر الساقي الْحَنَفِيّ وَيعرف بسيدي أَحْمد بن بكتمر. / ولد فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث عشري شعْبَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي ترف زَائِد ونعمة سابغة وثروة ظَاهِرَة من أقطاع وأوقاف كَثِيرَة جدا حَتَّى أَن غَلَّته تزيد على عشرَة دَنَانِير كل يَوْم فِيمَا قيل وَمَعَ ذَلِك فَلَا يزَال فِي دين كثير لكَونه(2/30)
يقتني الْكتب النفيسة بالخطوط المنسوبة والجلود المتقنة وَغير ذَلِك من الْآلَات البديعة وَالْقطع المنسوبة الْخط وَقد اشْتغل فِي الْفُنُون وأتقن صنائع عدَّة وبرع فِي الْفِقْه وَكتب على الْعَلَاء بن عُصْفُور فبرع فِي الْكِتَابَة وفنونها حَتَّى فاق فِي الْمَنْسُوب لَا سِيمَا فِي طَريقَة ياقوت، وَكَانَ يَقُول إِنَّه سمع على ابْن الْجَزرِي حَدِيث قصّ الْأَظْفَار وعَلى القبابي وَأكْثر النّظر فِي التَّارِيخ والأدبيات وَقَالَ الشّعْر الْجيد وَهُوَ مِمَّن قرض سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض. وَكَانَ فَاضلا أديبا شَاعِرًا لطيفا حسن المحاضرة صبيح الْوَجْه محبا فِي الْفَضَائِل والتحف ذَا ذهن وقاد مَعَ السّمن الْخَارِج عَن الْحَد بِحَيْثُ لَا يحملهُ إِلَّا الْجِيَاد من الْخَيل حَتَّى أَنه يقترح لأَصْحَاب الصَّنَائِع أَشْيَاء فِي فنونهم فيقرون بِأَنَّهَا أحسن مِمَّا كَانُوا يُرِيدُونَ عمله وَهُوَ من أفكه النَّاس محاضرة وأحلاهم نادره وَأحسنه وَجها وأطهرهم وضاءة عِنْده من لطيفات الصِّفَات بِقدر مَا عِنْده من ضخامة الذَّات، وَله وجاهة عِنْد الأكابر، ومحاسنه شَتَّى غير أَنه كَانَ مُسْرِفًا على نَفسه ينْفد أَوْقَات جده ويستدين أَيْضا كَمَا تقدم، وَقد قطن الْقُدس ودمشق والقاهرة)
وَتُوفِّي بهَا فِي الطَّاعُون لَيْلَة الِاثْنَيْنِ عَاشر ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَحمل جنَازَته ثَمَانِيَة أنفس مِنْهُم أَرْبَعَة بالخشب الَّذِي يسمونه أقوابا رَحمَه الله. وَمن نظمه مِمَّا كتبه عَنهُ البقاعي:
(تسلطن إِلَى مَا بَين الأزاهر نرجس ... بِمَا خص من إبريزه ولجينه)
(فَمد إِلَيْهِ الْورْد رَاحَة مقتر ... فَأعْطَاهُ تبرا من قراضة عينه)
وَمن نظمه:
(إِن إِبْرَاهِيم أورى ... فِي الحشا مِنْهُ ضراما)
(لَيْت قلبِي بلقاه ... نَالَ بردا وَسلَامًا)
وَقَوله:
(رعى الله أَيَّام الرّبيع وروضها ... بهَا الْورْد يزهو مثل خد حَبِيبِي)
(وَإِنِّي وَحقّ الْحبّ لَيْسَ ترحلي ... سوى لمَكَان ممرع وخصيب)
وَعِنْدِي من نظمه بِهَامِش الأنباء سوى هَذَا وَقد أثنى عَلَيْهِ المقريزي.
أَحْمد بن عَليّ بن قوام / فِيمَن جده أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن قوام.
85 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشهَاب السنديمي الْمَكِّيّ. / أجَاز لَهُ فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الْعَفِيف النشاوري وَابْن حَاتِم والعراقي والهيثمي وَابْن صديق والصردي وَابْن خلدون وَابْن عَرَفَة والغياث العاقولي وَآخَرُونَ، وَسمع على ابْن الْجَزرِي وَغَيره أجَاز لي وَكَانَ أحد خدام دَرَجَة الْكَعْبَة وأضر بِأخرَة ثمَّ قدح لَهُ فأبصر. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع صفر سنة أَربع وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالمعلاة.
86 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن(2/31)
أَحْمد. حفيد الْبَدْر ابْن شَيخنَا ابْن حجر. /
87 - أَحْمد بن عَليّ بن أبي رَاجِح مُحَمَّد بن إِدْرِيس أَبُو المكارم الْعَبدَرِي الشيبي الحَجبي الْمَكِّيّ / كَانَ من أَعْيَان الحجبة. توفّي فِي أَوَائِل سنة ثَمَان غريقا فِي الْبَحْر المالح وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى بِلَاد الْيمن. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.
88 - أَحْمد بن الْفَقِيه عَليّ بن مُحَمَّد بن تَمِيم شهَاب الدّين أَبُو عبد الباسط الدمياطي الشَّافِعِي وَيعرف بالزلباني. / شيخ معمر رَأَيْته بالسابقية فِي سنة سبع وَسبعين حَيْثُ قدم الْقَاهِرَة فِي بعض الْمَقَاصِد وَأَخْبرنِي أَنه جَازَ الْمِائَة بسنين وأمارات الصدْق عَلَيْهِ لائحة، وَقد تسارع جمَاعَة
للاجتماع بِهِ ومصافحته، وَهُوَ مِمَّن صحب الزين أَبَا بكر الخوافي وَعبد الْعَزِيز الغزنوي وتلقن مِنْهُمَا الذّكر وصافحاه، وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَن الشبرلسي سمعته يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَيذكر شَيْئا من الْآدَاب الصُّوفِيَّة وَقَرَأَ الْفَاتِحَة ودعا لي، وَلم يلبث أَن رَجَعَ إِلَى بَلَده وَمَات. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الزين زَكَرِيَّا.
89 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْبَهَاء الْأنْصَارِيّ الثتائي القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي أَخُو الشّرف مُوسَى وأخويه مُحَمَّد وَأبي بكر ووالد مُحَمَّد الْمَاضِي. / ولد فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة بتتا قَرْيَة بالمنوفية وَقدم الْقَاهِرَة فاشتغل بِالْعلمِ وَكتب الْمَنْسُوب ثمَّ صحب الأكابر وتعانى المتجر وَعرف بالصيانة والديانة وجاور بِمَكَّة عدَّة سِنِين حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة، وَكَانَ حُلْو اللِّسَان كثير الْأَدَب كريم النَّفس متجملا فِي حركاته وخدمه والواردين رَحمَه الله وإيانا.
90 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ضوء الشهَاب أَبُو عبد الْعَزِيز الْآتِي الصَّفَدِي الأَصْل الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن النَّقِيب أَخُو يُوسُف الْآتِي. / ولد فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع عشري رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع من الزيتاوي سنَن ابْن مَاجَه بفوت وَمن اليافعي وخليل بن إِسْحَاق الدَّارَانِي وَعبد الْمُنعم بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ والعلائي وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى وَوَصفه بالشيخ الإِمَام الْعَالم وَشَيخنَا الأبي، قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه أجَاز لأولادي وَذكره فِي أنبائه فَقَالَ: أَحْمد بن عَليّ بن النَّقِيب.
تقدم فِي فقه الْحَنَفِيَّة وشارك فِي فنون وَكَانَ يؤم بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مَاتَ سنة سِتّ عشرَة.
91 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن حسن الكيلاني الْمَكِّيّ وَيعرف أَبوهُ بالخواجا شيخ عَليّ. / ولد سنة سبع بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَسمع فِي سنة أَربع من الزين أبي بكر المراغي الْخَتْم من مُسلم وَأبي دَاوُد وَابْن حبَان. وَمَات ظنا بِالْيمن.(2/32)
92 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الشهَاب البُلْقِينِيّ الأَصْل الْمصْرِيّ القادري. / أَخذ عَن حسن الكشكشي القادري بل وَفِيمَا قيل عَن ابْن الناصح وتجرد وساح مُدَّة ثَمَانِي عشرَة سنة وَصَارَ مَشْهُورا بالصلاح. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين وَدفن ظَاهر بَاب النَّصْر رَحمَه الله.
93 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن البتنوني الأَصْل القاهري الباسطي زوج ابْنة أبي
الْعَبَّاس الغمري الْآتِي / سمع مني مَعَ أَبِيه وَكَذَا سمعا على القمصي.
94 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن يُوسُف الْكَمَال أَبُو الْعَبَّاس بن الصّلاح الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الشَّمْس الرقي الْمقري وَيعرف بِابْن عبد الْحق وقديما بَاب قَاضِي الْحصن وَعبد الْحق جد جده لأمه وَهُوَ عبد الْحق بن خَلِيل الْحَنْبَلِيّ. / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأحضر بإفادة جده لأمه على أبي مُحَمَّد بن أبي التائب والبندنيجي وَأَسْمَاء ابْنة صصرى وَسمع على الْمزي والبرزالي وَأكْثر وَالشَّمْس بن نباتة وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي عصرون وَعَائِشَة ابْنة الْمُسلم الحرانية وَخلق كثير من أَصْحَاب ابْن عبد الدَّائِم وَتفرد بأَشْيَاء وَحدث بالكثير، قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا جملَة وَقَالَ إِنَّه لم يكن مَحْمُودًا فِي سيرته ويتعسر فِي التحديث.
مَاتَ فِي ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَنا بِدِمَشْق وَقد جَازَ السّبْعين. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وأنبائه والفاسي فِي ذيله والمقريزي فِي عقوده.
95 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن نَاصِر بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد الباقر بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن أبي هَاشم بن الْحَافِظ الشَّمْس أبي المحاسن الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد الْعِزّ حَمْزَة الْآتِي وَكَذَا أَبوهُ. / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَسمع من أبي هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَابْن صديق وَأبي الْعَبَّاس بن عبد الْحق الْحَنَفِيّ وَأبي الْيُسْر ابْن الصَّائِغ وَزَيْنَب ابْنة مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان السكرِي وَغَيرهم الْكثير، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَأذن بالجامع الْأمَوِي بل كَانَ رَئِيس المؤذنين فِيهِ. مَاتَ بِدِمَشْق فِي سلخ صفر أَو أول ربيع الأول سنة ثَمَان وَأَرْبَعين رَحمَه الله.
96 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن ضرغام بن عَليّ بن عبد الْكَافِي الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْقرشِي التَّمِيمِي الْبكْرِيّ الغضايري الْحَنَفِيّ الْمُؤَذّن أَخُو الشَّمْس مُحَمَّد يعرف بِابْن سكر بِضَم الْمُهْملَة ثمَّ كَاف مُشَدّدَة / سمع بإفادة أَخِيه من الْبَدْر الفارقي(2/33)
وَأبي زَكَرِيَّا يحيى بن الْمصْرِيّ وَأبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وَالْحسن بن السديد ويوسف بن عبد الله الدِّمَشْقِي والشهاب أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ الزبيرِي والموفق أَحْمد بن أَحْمد بن عُثْمَان الشارعي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر السراج وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن تَيْمِية فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ الْمزي والذهبي وَابْن الْجَزرِي وَفَاطِمَة ابْنة الْعِزّ وَآخَرُونَ وَحدث سمع مِنْهُ
الْأَئِمَّة كشيخنا بِالْقَاهِرَةِ والتقي الفاسي وَذكره فِي تَقْيِيده والمقريزي فِي عقوده وَأَنه روى لَهُ المسلسل والعمدة، وَكَانَ شَيخا سَاكِنا مُؤذنًا بالمنصورية وجامع الْحَاكِم وَله بِقُرْبِهِ دكان يَبِيع فِيهِ الفخار. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي رَجَب سنة سِتّ وَله بضع وَسَبْعُونَ سنة.
97 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله بن أبي بكر الشهَاب بن النُّور الفاكهي الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي ابْن أُخْت السراج معمر الْآتِي وَأَبوهُ. / ولد فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثماني مائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والإرشاد لِابْنِ الْمقري وألفية ابْن مَالك وَعرض على الْبُرْهَان بن ظهيرة والمحب الطَّبَرِيّ والعلمي فِي آخَرين وَسمع مني بِمَكَّة وبالمدينة أَشْيَاء بل قَرَأَ عَليّ بِالْقَاهِرَةِ فِي سنَن أبي دَاوُد وتكرر قدومه لَهَا وَهُوَ حاذق فطن متودد.
98 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ شهَاب الدّين بن السَّابِق. / مَاتَ فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة فِي محبسه بالمقشرة وَكَانَ شيخ الْعَرَب بالغربية تلقاها بعد موت ابْن عَمه السراج عمر بن عبد الله بن السَّابِق وَاسْتمرّ فِيهَا مُدَّة إِلَى أَن صودر فِي نَحْو ثَلَاثِينَ ألف دِينَار فِيمَا قيل وَآل أمره إِلَى أَن طيف بِهِ وَقد سلخ رَأسه على جمل ثمَّ أودع السجْن فَلم يلبث إِلَّا نَحْو شهر وَمَات، كل ذَلِك بعد أَن اسْتَقر عوض إِبْرَاهِيم بن عمر الْمَذْكُور وَهُوَ أَخُوهُ لأمه.
99 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله بن أبي بكر الْمُحب أَو الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الفاكهي وَهُوَ عَم وَالِد لمذكور قَرِيبا وَابْن أُخْت الْجلَال عبد الْوَاحِد المرشدي. / ولد سنة سبع وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج والعمدة فِي أصُول الدّين للنسفي وعرضهما على جمَاعَة. وتفقه بِالنَّجْمِ الوَاسِطِيّ ولازمه حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج بحثا وَسمع الْحَاوِي غير مرّة عَلَيْهِ بحثا وَكَذَا حضر دروس خَاله فِي التَّفْسِير والعربية وَغَيرهمَا ودروس أبي السعادات بن ظهيرة وتفنن وبرع وَأذن لَهُ النَّجْم فِي الإقراء والإفتاء سمع على الزين المراغي الصَّحِيحَيْنِ بفوت، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وناب فِي قَضَاء جدة عَن(2/34)
القَاضِي نور الدّين عَليّ بن دَاوُد الكيلاني وَعَن اليونيني، ورام النِّيَابَة بِمَكَّة فَمَا تمكن بعد أَن أذن لَهُ فِيهِ، أجَاز لي وَمَات فِي عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَسِتِّينَ بِمَكَّة رَحمَه الله وإيانا.
100 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله شهَاب الدّين الردادي الْحَنَفِيّ أَخُو المحمدين / اشْتغل
قَلِيلا. وَمَات فِي منتصف شعْبَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ عَن أَربع وَسِتِّينَ سنة عَفا الله عَنهُ.
101 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح النُّور الْمُنْذِرِيّ الدِّمَشْقِي ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن النّحاس وبالمحدث. / اشْتغل بِالْحَدِيثِ وَحصل مِنْهُ طرفا وَأخذ عَن الصّلاح الصَّفَدِي وَسمع بِدِمَشْق وحلب الْكثير من أَصْحَاب ابْن عبد الدَّائِم ثمَّ أَقَامَ بهَا وأقرأ بهما بعض الطّلبَة وَكَانَت محاضرته حَسَنَة يستحضر من التَّارِيخ وَأَيَّام النَّاس طرفا جيدا وَأثْنى البُلْقِينِيّ على فضيلته وتحول إِلَى كلمز من أَعمال حلب فسكنها وَقَرَأَ البُخَارِيّ على النَّاس ثمَّ انْتقل إِلَى سرمين فَمَاتَ بهَا فِي سنة ثَلَاث فِيمَا يغلب على ظَنِّي. قَالَه ابْن خطيب الناصرية، وَأوردهُ شَيخنَا فِي سنة أَربع وَمن إنبائه بِاخْتِصَار نقلا عَنهُ.
102 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَيُّوب الشهَاب بن النُّور بن البرقي الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ وجده وأخواه مُحَمَّد وَأَبُو بكر وهما شقيقان / وَصَاحب التَّرْجَمَة شَقِيق لأخته.
ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وناب عَن ابْن الديري فَمن بعده، وَله حشمة وَستر فِي الْجُمْلَة بِالنِّسْبَةِ لأخويه وَهُوَ مِمَّن كَانَ مَعَ الركب الأول فِي سنة سِتّ وَتِسْعين فحج وَرجع.
أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبَادَة. / يَأْتِي قَرِيبا فِيمَن جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عبَادَة.
103 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس بن نور الدّين بن أبي عبد الله الحسني الفاسي الممكي الْمَالِكِي وَالِد التقي مُحَمَّد الْآتِي. / ولد فِي ثَانِي عشري ربيع الأول سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع بهَا من الْعِزّ بن جمَاعَة منسكه الْكَبِير وَغَيره وَمن الْفَقِيه خَلِيل الْمَالِكِي واليافعي وَطَائِفَة وبالقاهرة من الْبَهَاء أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَغَيره وبحلب من جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ العلائي وَسَالم الْمُؤَذّن وَغَيرهمَا كالصلاحين الصَّفَدِي وَابْن أبي عَمْرو وَابْن النَّجْم وَابْن أميلة وَابْن الجوخي وزغلش والبياني والزيتاوي، وَحفظ فِي صغره كتبا وَأخذ الْفِقْه والعربية عَن جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي ومُوسَى المراكشي وَأَشْيَاء من الْعلم عَن القَاضِي أبي الْفضل النويري وَكَذَا أَخذ عَن غير وَاحِد بِمصْر وَغَيرهَا الْأُصُول(2/35)
والمعاني وَالْبَيَان وَالْأَدب وَغير ذَلِك وَأذن لَهُ ابْن عبد الْمُعْطِي بالإفتاء، وَتقدم فِي معرفَة الْأَحْكَام والوثائق ودرس وَأفْتى وَحدث وصنف فِي مسَائِل مَعَ نظم ونثر فِيهِ أَشْيَاء حَسَنَة وَأكْثر من مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَا لَهُ مدائح فِي أُمَرَاء مَكَّة وَولي مُبَاشرَة الْحرم)
بعد أَبِيه فِي سنة إِحْدَى سبعين وناب فِي قضايا عَن صهره وَشَيْخه القَاضِي أبي الْفضل وَعَن وَلَده الْمُحب وَالْجمال بن ظهيرة وَابْن أُخْته السراج عبد اللَّطِيف الْحَنْبَلِيّ وَكَذَا نَاب فِي الْعُقُود عَن الْمُحب النويري وَولده الْعِزّ بل نَاب بِأخرَة فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة عَن وَلَده التقي، وَدخل الديار المصرية وَالشَّام واليمن غير مرّة وَكَذَا زار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَارًا كَانَ فِي بَعْضهَا مَاشِيا وجاور بِالْمَدِينَةِ أوقاتا كَثِيرَة وَكَانَ مُعْتَبرا بِبَلَدِهِ ذَا مكانة عِنْد ولاتها بِحَيْثُ يدخلونه فِي أُمُورهم وَهُوَ ينْهض بِالْمَقْصُودِ من ذَلِك بل صاهر أَمِير مَكَّة السَّيِّد حسن بن عجلَان على ابْنَته أم هَانِئ وَمن نظمه فِيهِ من قصيدة:
(عدلت فَمَا تؤوي الْهلَال الْمَشَارِق ... لينظره بالمغربين الْمَشَارِق)
(فَمَا رائح إِلَّا بخوفك أعزل ... وَلَا صَامت إِلَّا بِفَضْلِك نَاطِق)
كل ذَلِك مَعَ كَثْرَة الْمُرُوءَة وَالْإِحْسَان إِلَى الْفُقَرَاء وَغَيرهم وَشدَّة التخيل والانجماع. تَرْجمهُ وَلَده فِي تَارِيخ مَكَّة وبيض لَهُ فِي ذيل التَّقْيِيد. وَقَالَ شَيخنَا فِي إنبائه أَنه عني بِالْعلمِ فمهر فِي عدَّة فنون وخصوصا الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر الرَّائِق وفَاق فِي معرفَة الوثائق ودرس وَأفْتى وَحدث قَلِيلا، أجَاز لي وباشر شَهَادَة الْحرم نَحْو خمسين سنة، زَاد فِي مُعْجَمه وَكَانَ كثير التخيل والانجماع سَمِعت من نظمه وفوائده وَأَجَازَ لِابْني مُحَمَّد. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشري شَوَّال سنة تسع عشرَة وَصلى عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة بجوار ابْنَته الْمَذْكُورَة وَكَانَت جنَازَته حافلة، وَمِمَّنْ تَرْجمهُ المقريزي فِي عقوده. رَحمَه الله وإيانا.
104 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد شَيْخي الْأُسْتَاذ إِمَام الْأَئِمَّة الشهَاب أَبُو الْفضل الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الْمصْرِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن حجر / وَهُوَ لقب لبَعض آبَائِهِ. ولد فِي ثَانِي عشري شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة بِمصْر العتيقة وَنَشَأ بهَا يَتِيما فِي كنف أحد أوصيائه الزكي الخروبي فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع عِنْد الصَّدْر السفطي شَارِح مُخْتَصر التبريزي وَصلى بِهِ على الْعَادة بِمَكَّة حَيْثُ كَانَ مَعَ وَصِيّه بهَا والعمدة وألفية ابْن الْعِرَاقِيّ وَالْحَاوِي الصَّغِير ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ والملحة وَغَيرهَا، وَبحث فِي صغره وَهُوَ بِمَكَّة الْعُمْدَة على الْجمال بن ظهيرة(2/36)
ثمَّ قَرَأَ على الصَّدْر الأبشيطي بِالْقَاهِرَةِ شَيْئا من الْعلم وَبعد بُلُوغه لَازم أحد أوصيائه الشَّمْس بن الْقطَّان فِي الْفِقْه والعربية والحساب وَغَيرهَا وَقَرَأَ)
عَلَيْهِ جانبا كَبِيرا من الْحَاوِي وَكَذَا لَازم فِي الْفِقْه والعربية النُّور الأدمِيّ وتفقه بالأبناسي بحث عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج وَغَيره وَأكْثر من ملازمته أَيْضا لاختصاصه بِأَبِيهِ وبالبلقيني لَازمه مُدَّة وَحضر دروسه الْفِقْهِيَّة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكثير من الرَّوْضَة وَمن كَلَامه على حواشيها وَسمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَة الشَّمْس الْبرمَاوِيّ فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ وبابن الملقن قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة كَبِيرَة من شَرحه الْكَبِير على الْمِنْهَاج، ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي غَالب الْعُلُوم الَّتِي كَانَ يقرئها دهرا وَمِمَّا أَخذه عَنهُ فِي شرح الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَفِي جمع الْجَوَامِع وَشَرحه للعز وَفِي الْمُخْتَصر الْأَصْلِيّ وَالنّصف الأول من شَرحه للعضد وَفِي المطول وعلق عَنهُ بِخَطِّهِ أَكثر من شرح جمع الْجَوَامِع، وَحضر دروس الْهمام الْخَوَارِزْمِيّ وَمن قبله دروس قنبر العجمي وَأخذ أَيْضا عَن الْبَدْر بن الطنبدي وَابْن الصاحب والشهاب أَحْمد بن عبد الله البوصيري وَعَن الْجمال المارداني الموقت الحاسب، واللغة عَن الْمجد صَاحب الْقَامُوس والعربية عَن الغماري والمحب بن هِشَام، وَالْأَدب وَالْعرُوض وَنَحْوهمَا عَن الْبَدْر البشتكي وَالْكِتَابَة عَن أبي عَليّ الزفتاوي والنور البدماصي، والقراءات عَن التنوخي قَرَأَ عَلَيْهِ بالسبع إِلَى المفلحون وجوده قبل ذَلِك على غَيره، وجد فِي الْفُنُون حَتَّى بلغ الْغَايَة وحبب الله إِلَيْهِ الحَدِيث وَأَقْبل عَلَيْهِ بكليته طلبه من سنة ثَلَاث وَتِسْعين وهلم جرا، لكنه لم يلْزم الطّلب إِلَّا من سنة سِتّ وَتِسْعين فعكف على الزين الْعِرَاقِيّ وَتخرج بِهِ وانتفع بملازمته وَقَرَأَ عَلَيْهِ ألفيته وَشَرحهَا ونكته على ابْن الصّلاح دراية وتحقيقا وَالْكثير من الْكتب الْكِبَار والأجزاء الْقصار وَحمل عَنهُ من أَمَالِيهِ جملَة واستملى عَلَيْهِ بَعْضهَا. وتحول إِلَى الْقَاهِرَة فسكنها قبيل الْقرن وارتحل إِلَى الْبِلَاد الشامية والمصرية والحجازية وَأكْثر جدا من المسموع والشيوخ فَسمع العالي والنازل وَأخذ عَن الشُّيُوخ والأقران فَمن دونهم وَاجْتمعَ لَهُ من الشُّيُوخ الْمشَار إِلَيْهِم والمعول فِي المشكلات عَلَيْهِم مَا لم يجْتَمع لأحد من أهل عصره لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم كَانَ متبحرا فِي علمه ورأسا فِي فنه الَّذِي اشْتهر بِهِ لَا يلْحق فِيهِ فالتنوخي فِي معرفَة القراءت وعلو سَنَده فِيهَا والعراقي فِي معرفَة عُلُوم الحَدِيث ومتعلقاته والهيثمي فِي حفظ الْمُتُون واستحضارها والبلقيني فِي سَعَة الْحِفْظ وَكَثْرَة الِاطِّلَاع وَابْن الملقن فِي كَثْرَة التصانيف وَالْمجد الفيروزابادي فِي حفظ اللُّغَة واطلاعه عَلَيْهَا والغماري فِي معرفَة الْعَرَبيَّة ومتعلقاتها(2/37)
وَكَذَا الْمُحب بن هِشَام كَانَ حسن التَّصَرُّف فِيهَا لوفور ذكائه وَكَانَ الغماري فائقا فِي حفظهَا والعز بن جمَاعَة فِي تفننه فِي عُلُوم كَثِيرَة بِحَيْثُ أَنه كَانَ يَقُول)
أَنا أَقْْرِئ فِي خَمْسَة عشر علما لَا يعرف عُلَمَاء عصري أسماءها، وَأذن لَهُ جلهم أَو جَمِيعهم كالبلقيني والعراقي فِي الْإِفْتَاء والتدريس. وتصدى لنشر الحَدِيث وَقصر نَفسه عَلَيْهِ مطالعة وَقِرَاءَة وإقراء وتصنيفا وإفتاء وَشهد لَهُ أَعْيَان شُهُوده بِالْحِفْظِ وزادت تصانيفه الَّتِي معظمها فِي فنون الحَدِيث وفيهَا من فنون الْأَدَب وَالْفِقْه والأصلين وَغير ذَلِك على مائَة وَخمسين تصنيفا ورزق فِيهَا من السعد وَالْقَبُول خُصُوصا فتح الْبَارِي بشرح البُخَارِيّ الَّذِي لم يسْبق نَظِيره أمرا عجبا بِحَيْثُ استدعى طلبه مُلُوك الْأَطْرَاف بسؤال عُلَمَائهمْ لَهُ فِي طلبه وَبيع بِنَحْوِ ثلثمِائة دِينَار وانتشر فِي الْآفَاق وَلما تمّ لم يتَخَلَّف عَن وَلِيمَة خَتمه فِي التَّاج والسبع وُجُوه من سَائِر النَّاس إِلَّا النَّادِر وَكَانَ مَصْرُوف ذَلِك إِلَيْهِم نَحْو خَمْسمِائَة دِينَار، واعتنى بتحصيل تصانيفه كثير من شُيُوخه وأقرانه فَمن دونهم وكتبها الأكابر وانتشرت فِي حَيَاته وأقرأ الْكثير مِنْهَا وَحفظ غير وَاحِد من الْأَبْنَاء عدَّة مِنْهَا وعرضوها على جاري الْعَادة على مشائخ الْعَصْر. وَأنْشد من نظمه فِي المحافل وخطب من ديوانيه على المنابر لبليغ نظمه ونثره. وَكَانَ مصمما على عدم دُخُوله فِي الْقَضَاء حَتَّى أَنه لم يُوَافق الصَّدْر الْمَنَاوِيّ لما عرض عَلَيْهِ قبل الْقرن النِّيَابَة عَنهُ عَلَيْهَا ثمَّ قدر أَن الْمُؤَيد ولاه الحكم فِي بعض القضايا وَلزِمَ من ذَلِك النِّيَابَة وَلكنه لم يتَوَجَّه إِلَيْهَا وَلَا انتدب لَهَا إِلَى أَن عرض عَلَيْهِ الِاسْتِقْلَال بِهِ وألزم من أَجَابَهُ بقبوله فَقبل وَاسْتقر فِي الْمحرم سنة سبع وَعشْرين بعد أَن كَانَ عرض عَلَيْهِ فِي أَيَّام الْمُؤَيد فَمن دونه وَهُوَ يَأْبَى وتزايد ندمه على الْقبُول لعدم فرق أَرْبَاب الدولة بَين الْعلمَاء وَغَيرهم ومبالغتهم فِي اللوم لرد إشاراتهم وَإِن لم تكن على وفْق الْحق بل يعادون على ذَلِك واحتياجه لمداراة كَبِيرهمْ وصغيرهم بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ مَعَ ذَلِك الْقيام بِكُل مَا يرومونه على وَجه الْعدْل وَصرح بِأَنَّهُ جنى على نَفسه بتقلد أَمرهم وَأَن بَعضهم ارتحل للقائه وبلغه فِي أثْنَاء توجهه تلبسه بوظيفة الْقَضَاء فَرجع، وَلم يلبث أَن صرف ثمَّ أُعِيد وَلَا زَالَ كَذَلِك إِلَى أَن أخْلص فِي الإقلاع عَنهُ عقب صرفه فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بعد زِيَادَة مدد قَضَائِهِ على إِحْدَى وَعشْرين سنة وزهد فِي الْقَضَاء زهدا تَاما لِكَثْرَة مَا توالى عَلَيْهِ من الأنكاد والمحن بِسَبَبِهِ وَصرح بِأَنَّهُ لم تبْق فِي بدنه شَعْرَة تقبل اسْمه. ودرس فِي أَمَاكِن كالتفسير بالحسنية والمنصورية(2/38)
والْحَدِيث بالبيبرسية والجمالية المستجدة والحسنية والزينية والشيخونية وجامع طولون والقبة المنصورية والإسماع بالمحموية وَالْفِقْه بالخروبية البدرية بِمصْر والشريفية الفخرية والشيخونية والصالحية النجمية والصلاحية)
الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ والمؤيدية وَولي مشيخة البيبرسية ونظرها والإفتاء بدار الْعدْل والخطابة بِجَامِع الْأَزْهَر ثمَّ بِجَامِع عَمْرو وخزن الْكتب بالمحمودية وَأَشْيَاء غير ذَلِك مِمَّا لم يجْتَمع لَهُ فِي آن وَاحِد، وأملى مَا ينيف على ألف مجْلِس من حفظه واشتهر ذكره وَبعد صيته وارتحل الْأَئِمَّة إِلَيْهِ وتبجح الْأَعْيَان بالوفود عَلَيْهِ وَكَثُرت طلبته حَتَّى كَانَ رُؤْس الْعلمَاء من كل مَذْهَب من تلامذته وَأخذ النَّاس عَنهُ طبقَة بعد أُخْرَى وَألْحق الْأَبْنَاء بِالْآبَاءِ والأحفاد بل وأبناءهم بالأجداد وَلم يجْتَمع عِنْد أَحْمد مجموعهم وقهرهم بذكائه وتفوق تصَوره وَسُرْعَة إِدْرَاكه واتساع نظره ووفور آدابه وامتدحه الْكِبَار وتبجح فحول الشُّعَرَاء بمطارحته وطارت فتواه الَّتِي لَا يُمكن دُخُولهَا تَحت الْحصْر فِي الْآفَاق، وَحدث بِأَكْثَرَ مروياته خُصُوصا المطولات مِنْهَا كل ذَلِك مَعَ شدَّة تواضعه وحلمه وبهائه وتحريه فِي مأكله ومشربه وملبسه وصيامه وقيامه وبذله وَحسن عشرته ومزيد مداراته ولذيذ محاضراته ورضى أخلاقه وميله لأهل الْفَضَائِل وإنصافه فِي الْبَحْث ورجوعه إِلَى الْحق وخصاله الَّتِي لم تَجْتَمِع لأحد من أهل عصره وَقد شهد لَهُ القدماء بِالْحِفْظِ والثقة وَالْأَمَانَة والمعرفة التَّامَّة وَالذَّهَب الْوَقَّاد والذكاء المفرط وسعة الْعلم فِي فنون شَتَّى وَشهد لَهُ شَيْخه الْعِرَاقِيّ بِأَنَّهُ أعلم أَصْحَابه بِالْحَدِيثِ. وَقَالَ كل من التقي الفاسي والبرهان الْحلَبِي: مَا رَأينَا مثله، وَسَأَلَهُ الْفَاضِل تغري برمش الْفَقِيه أَرَأَيْت مثل نَفسك فَقَالَ الله تَعَالَى: فَلَا تزكوا أَنفسكُم. ومحاسنه جمة وَمَا عَسى أَن أَقُول فِي هَذَا الْمُخْتَصر أَو من أَنا حَتَّى يعرف بِمثلِهِ خُصُوصا وَقد تَرْجمهُ من الْأَعْيَان فِي التصانيف المتداولة بِالْأَيْدِي التقي الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد والبدر البشتكي فِي طبقاته للشعراء والتقي المقريزي فِي كِتَابه الْعُقُود الفريدة والْعَلَاء بن خطيب الناصرية فِي ذيل تَارِيخ حلب وَالشَّمْس بن نَاصِر الدّين فِي توضيح المشتبه والتقي بن قَاضِي شُهْبَة فِي تَارِيخه والبرهان الْحلَبِي فِي بعض مجاميعه والتقي بن فَهد الْمَكِّيّ فِي ذيل طَبَقَات الْحفاظ والقطب الخيضري فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة وَجَمَاعَة من أَصْحَابنَا كَابْن فَهد النَّجْم فِي معاجيمهم وَغير وَاحِد فِي الوفيات وَهُوَ نَفسه فِي رفع الأصر وَكفى بذلك فخرا وتجاسرت فأوردته فِي(2/39)
معجمي والوفيات وذيل الْقُضَاة بل وأفردت لَهُ تَرْجَمَة حافلة لَا تَقِيّ بِبَعْض أَحْوَاله فِي مُجَلد ضخم أَو مجلدين كتبهَا الْأَئِمَّة عني وانتشرت نسخهَا وَحدثت بهَا الأكابر غير مرّة بِكُل من مَكَّة والقاهرة وَأَرْجُو كَمَا شهد بِهِ غير وَاحِد أَن تكون غَايَة فِي بَابهَا سميتها الْجَوَاهِر والدرر. وَقد قَرَأت عَلَيْهِ الْكثير جدا من تصانيفه ومروياته بِحَيْثُ لَا أعلم من شاركني فِي
مجموعها وَكَانَ رَحمَه الله يودني كثيرا وينوه بذكرى فِي غيبتي مَعَ صغر سني حَتَّى قَالَ لَيْسَ فِي جماعتي مثله وَكتب لي على عدَّة من تصانيفي وَأذن لي فِي الإقراء والإفادة بِخَطِّهِ وَأَمرَنِي بتخريج حَدِيث ثمَّ أملاه. وَلم يزل على جلالته وعظمته فِي النُّفُوس ومداومته على أَنْوَاع الْخيرَات إِلَى أَن توفّي فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَكَانَ لَهُ مشْهد لم ير من حَضَره من الشُّيُوخ فضلا عَمَّن دونهم مثله وَشهد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالسُّلْطَان فَمن دونهمَا الصَّلَاة عَلَيْهِ وَقدم السُّلْطَان الْخَلِيفَة للصَّلَاة وَدفن تجاه تربة الديلمي بالقرافة وتزاحم الْأُمَرَاء والأكابر على حمل نعشه وَمَشى إِلَى تربته من لم يمش نصف مسافتها قطّ، وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله. ورثاه غير وَاحِد بِمَا مقَامه أجل مِنْهُ رَحمَه الله وإيانا. وَمن نظمه مِمَّا قرأته عَلَيْهِ وأنشدنيه لفظا:
(خليلي ولى الْعُمر منا وَلم نتب ... وننوي فعال الصَّالِحَات وَلَكنَّا)
(فحتى مَتى نَبْنِي بُيُوتًا مشيدة ... وأعمارنا منا تهد وَمَا تبنى)
وَقَوله:
(لقد آن أَن نتقي خَالِقًا ... إِلَيْهِ المآب وَمِنْه النشور)
(فَنحْن لصرف الردى مالنا ... جَمِيعًا من الْمَوْت واق نصير)
وَقَوله:
(سِيرُوا بِنَا لمتاب ... إِن الزَّمَان يسير)
(إِن الدَّار الْبلَاء مَا ... لنا مجير نضير)
وَقَوله:
(أخي لَا تسوف بالمتاب فقد أَتَى ... نَذِير مشيب لَا يُفَارِقهُ الْهم)
(وَإِن فَتى من عمره أَرْبَعُونَ قد ... مَضَت مَعَ ثَلَاث عدهَا عمر جم)
105 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أبي بكر بن يفتح الله الشهَاب بن النُّور السكندري الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن يفتح الله. / مَاتَ بِمَكَّة وَكَانَ مجاورا بهَا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسبعين بعد أَن تعلل مُدَّة وَدفن من الْغَد جوَار قبر أَبِيه، وَكَانَ ظريفا خَفِيف الرّوح وَلم يسْلك مسالك أَبِيه وَقد استنابه الْبَدْر بن المخلطة فِي الْقَضَاء بالاسكندرية وَمَا حمد لَهُ ذَلِك سامحه الله وإيانا.(2/40)
106 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عبَادَة بِالْفَتْح الشهَاب الْأنْصَارِيّ الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْمُؤَذّن وَيعرف بِابْن الشحام بِمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة مثقلة / ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة قبيل الصَّلَاة خَامِس عشري الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وَالْفَخْر العجلوني وَغَيرهمَا والعمدة للموفق بن قدامَة وَحضر فِي الْفِقْه عِنْد الْعَلَاء بن اللحام بل حضر مواعيد الزين بن رَجَب وَالْجمال العرجاوي وَسمع الحَدِيث على الكمالين ابْن النّحاس وَابْن عبد الْحق وَالْحسن بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح البعلي وَأبي حَفْص البالسي، وَآخَرين وَحدث بِبَلَدِهِ وَبَيت الْمُقَدّس وَغَيرهمَا سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وحملت عَنهُ بالصالحية وَكفر بَطنا أَشْيَاء وَكَانَ خيرا منورا محبا فِي الحَدِيث بَاشر مشيخة الْكَهْف والإمامة بجبل قاسيون وَالْأَذَان بِجَامِع بني أُميَّة وَحج مرَّتَيْنِ وزار بَيت الْمُقَدّس، وَمَات هُنَاكَ فِي إِحْدَى الجمادين سنة أَربع وَسِتِّينَ وَدفن بمقبرة الزاهرة.
107 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مكي بن مُحَمَّد بن عبيد بن عبد الرَّحِيم الْأنْصَارِيّ الدماصي بمهملتين نِسْبَة لدماص قَرْيَة بالشرقية ثمَّ القاهري البولاقي الْحَنَفِيّ وَيعرف بقرقماس / لمشاركته لتركي اسْمه كَذَلِك اشْتهر بالعسف فِي أَحْكَامه. ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار وَتَذْكِرَة الْكَبِير والمنظومة كلهَا فِي الْفِقْه والمنار فِي أُصُوله والحاجبية فِي الْعَرَبيَّة واشتغل فِي الْفِقْه على الْجمال يُوسُف الضَّرِير وَخير الدّين وَفِي أُصُوله على الزين طَاهِر وَغَيره وَفِي العريبة على الْعِزّ بن جمَاعَة بل حضر دروسه فِي غَيره وَسمع سنَن أبي دَاوُد وَابْن مَاجَه على الغماري وختمهما على الأبناسي وأولهما على الْمُطَرز وَثَانِيهمَا على الْجَوْهَرِي. وَحج فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَدخل دمياط والصعيد وناب فِي الْقَضَاء عَن التفهني والعيني فَمن بعدهمَا، وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكنت مِمَّن أَخذ عَنهُ شَيْئا، وَتكلم فِي سيرته وأهين فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق وطيف بِهِ وَأَنْشَأَ ببولاق جملَة أَمَاكِن أَتَى الْحَرِيق على أَكْثَرهَا. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشر ربيع الثَّانِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بكرَة الْجُمُعَة الْأمين الأقصرائي عِنْد جَامع الحظيري وَدفن بالقرافة. وَولده قريب النمط مِنْهُ وَأما حفيده عبد الْقَادِر فَهُوَ وَإِن كَانَ أحد الْفُضَلَاء فسيرته أَيْضا غير مرضية وَسَيَأْتِي.
108 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مَنْصُور الشهَاب بن النُّور أبي الْحسن الْمحلى ثمَّ الْمدنِي
الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ. / ولد بِطيبَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة(2/41)
وَنَشَأ بهَا فَحَضَرَ على الْجمال الأميوطي فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ عدَّة أَجزَاء وَسمع مِنْهُ وَمن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن الْبَنَّا وَسليمَان بن أَحْمد السقا وَجَمَاعَة، وَأَجَازَ لَهُ الْعِرَاقِيّ والهيثمي والبلقيني وَآخَرُونَ، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، قَرَأت عَلَيْهِ بمنى وَالْمَدينَة أَشْيَاء، وَكَانَ خيرا ذَا همة وَمَعْرِفَة ودهاء. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت عَاشر أَو خَامِس الْمحرم سنة ثَمَان وَخمسين بِمَكَّة المشرفة وَكَانَ أَقَامَ بهَا لمَرض عرض لَهُ أَيَّام الْحَج رَحمَه الله وإيانا.
109 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر الله الدركواني الأَصْل الْحَمَوِيّ الْحَنْبَلِيّ الْمُقْرِئ، / ودركو بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة قَرْيَة من قرى حماة، وَيعرف كأبيه وجده بالخطيب لكَون جده كَانَ خطيب دركوا. كَانَ مولد أَبِيه بهَا وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول مِنْهَا إِلَى حماة فولد لَهُ الشهَاب هَذَا فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَمَات هُوَ فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ فحفظ الْقُرْآن وجوده على عبد الرَّحْمَن الكازواني نِسْبَة لقرية كازو من حماة الْحَمَوِيّ وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ بل تَلا عَلَيْهِ إفرادا وجمعا للسبع وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا تَلا مُعظم الْبَقَرَة للسبع بِالْقَاهِرَةِ مَعَ الْأَزْرَق أحد رُوَاة ورش والأصبهاني أحد رُوَاة قالون على الزين جَعْفَر السنهوري وَقَرَأَ فِي الْمُحَرر من كتبهمْ على قَاضِي طرابلس الْعَلَاء بن باديس الْعَلَاء الْحَمَوِيّ قبل انْتِقَاله لطرابلس وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ وعَلى الشَّمْس بن قريحان فِي الْعَرَبيَّة وَعَلَيْهِمَا مَعًا فِي البُخَارِيّ وَقَرَأَ فِيهِ أَيْضا على الشَّمْس بن الْحِمصِي الْغَزِّي بهَا، وَحج وزار الْقُدس والخليل وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا وَقَرَأَ فِيهَا البُخَارِيّ على الديمي ثمَّ اجْتمع بِي أَوَاخِر سنة خمس وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ من أول كل من الْكتب الْمَنّ مُسْند إِمَامه أَحْمد وإمامنا الشَّافِعِي وَغير ذَلِك وقأ على الخيضري وَغَيره وخطب بالجامع الْكَبِير بِبَلَدِهِ نِيَابَة وَقَرَأَ فِيهِ على الْعَامَّة وتكسب بِالتِّجَارَة على وَجه جميل.
110 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو الْعَبَّاس الشاذلي الشَّافِعِي. / رَأَيْت نُسْخَة من شرح ألفية الْعِرَاقِيّ قَالَ ناسخها أَنه كتبهَا من نسخته وَهِي مقروءة على شَيخنَا وَأذن لَهُ. وعَلى القاياتي أَيْضا وَيُشبه أَن يكون أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ الْآتِي فِي الكنى وَقع الْغَلَط فِي نسبه ومذهبه فيحرر.
111 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب الْحُسَيْنِي الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن بنت شقائق. / كَانَ شريفا مَعْرُوفا يتعانى الشَّهَادَة. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى. قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه.
112 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب الْمَنَاوِيّ وَيعرف بِابْن زُرَيْق / مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
113 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب الْقَرَافِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالشاب التائب. /(2/42)
كَانَ أديبا فَاضلا مطارحا جيد الْخط مِمَّن أَخذ عَن ابْن الْهمام وَله فِيهِ قصيدة حَسَنَة، وَعَن الشمني والحصني وَمِمَّا أَخذه عَنهُ المطول وَغَيرهم وَله مَجْمُوع مُفِيد وأقرأ التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام. لَقيته وكتبت عَنهُ قَوْله فِيمَن اسْمهَا شقراء:
(سبقت لميدان الْفُؤَاد بحبها ... شقراء تجذب مهجتي بعنان)
(فتراكبت حمر الدُّمُوع شبهها ... مذ جالت الشقراء فِي الميدان)
وكتبت عَنهُ غير ذَلِك. وَمِمَّنْ تطارح مَعَه الشهَاب المنصوري وَبَلغنِي عَن ابْن بردبك دَعْوَاهُ فِيهِ التفرد بمجموعه. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس شعْبَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَهُوَ غير الشهَاب أَحْمد الشَّافِعِي الْمَعْرُوف أَيْضا بالشاب التائب فَذَاك اسْم أَبِيه عمر بن أَحْمد بن عبد الله وَسَيَأْتِي.
114 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب الْمصْرِيّ التَّاجِر نزيل مَكَّة وَيعرف بالعاقل. / مِمَّن أنشأ بِمَكَّة دَارا وَكَذَا بمنى مَعَ شيل عمله بهَا فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَكَانَ مُسْرِفًا على نَفسه. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس عشري رَمَضَان سنة أَربع وَسِتِّينَ بجدة وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بهَا وَخلف أَوْلَادًا. أرخه ابْن فَهد.
115 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب الصُّوفِي الشَّافِعِي. / مِمَّن سمع ختم النَّسَائِيّ الْكَبِير على النسابة واللذين مَعَه.
116 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب الْغَزِّي الْحَنَفِيّ نزيل مَكَّة / من أَصْحَاب يحيى الْوَاعِظ. قَرَأَ عَليّ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين أربعي النَّوَوِيّ ثمَّ فِي الَّتِي تَلِيهَا بعض البُخَارِيّ ولازمني فيهمَا وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ بِمَكَّة على الْمُحب بن حرباش فِي الْفِقْه وعَلى عبد الله الشَّامي فِي النَّحْو، وَفِيه سُكُون وجمود.
117 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشهَاب الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ أحد الخواجكية وَيعرف بالكواز / نِسْبَة فِيمَا يزعمونه لصالح شهير بَينهم مِمَّن لَهُ مآثر وَقرب فِي إصْلَاح الْمَسْجِد الْحَرَام وَعين حنين وَمحل المولد الْحَنَفِيّ النَّبَوِيّ وَغير ذَلِك بل عمل سَبِيلا بِالْأَبْطح وَيُقَال إِن مَا كَانَ بِيَدِهِ من الْمَالِيَّة لِأَخِيهِ حُسَيْن وَكَانَ مُعظما جوادا يجْتَمع عِنْده الْأَعْيَان من التُّجَّار والدولة ويكرمهم بِحَيْثُ كَانَ شاه بندر نحده ممدحا بِحَيْثُ كَانَ مِمَّن يمدحه الْبُرْهَان الزمزمي فضلا عَن أبي الْخَيْر بن عبد الْقوي وَيَرْمِي مَعَ ذَلِك بالبشع. مَاتَ بعد أَن تضعضع وخدم الدولة بكلبرجة.
118 - أَحْمد بن الشَّيْخ عَليّ بن نَاصِر الدّين بن مُحَمَّد البعلي الْعَطَّار / هُوَ وَأَبوهُ. ولد ببعلبك وَنَشَأ بهَا فَسمع الصَّحِيح على الزين عبد الرَّحْمَن بن الزعبوب أَنا الحجار(2/43)
لَقيته بهَا فَقَرَأت عَلَيْهِ الثلاثيات وَنعم الرجل. مَاتَ فِي
119 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الخانكي شَقِيق أبي الْخَيْر مُحَمَّد الْآتِي وسبط النُّور الرَّشِيدِيّ وَيعرف بِابْن التَّاجِر. / ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بالخانقاه وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن واشتغل عِنْد النُّور البوشي ثمَّ قَاضِي بَلَده الشَّمْس الونائي ومحمود الْهِنْدِيّ وتنزل فِي صوفية الْمَكَان، وتقنع وَقد حضرني بِولد لَهُ عرض عَليّ الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والألفية وَعَلِيهِ سِيمَا الْخَيْر.
120 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد السجسْتانِي الْحَنَفِيّ / لقِيه الْعَلَاء بن السَّيِّد عفيف الدّين غير مرّة مِنْهَا بسجستان فِي سنة سِتّ وَخمسين حِين عود الشَّيْخ من مَكَّة فحدثه بالأحاديث الزينيات المكذوبات عَن الْجلَال أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافظي البُخَارِيّ السرغي الْآتِي.
121 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْهِنْدِيّ. / مِمَّن أَخذ عني بِمَكَّة.
122 - أَحْمد بن عَليّ بن مَنْصُور الْحِمْيَرِي والبجائي شَارِح الجرومية. / مِمَّن أَخذ عَنهُ بِالْقَاهِرَةِ الْبُرْهَان اللَّقَّانِيّ. مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ. أرخه ابْن عزم.
123 - أَحْمد بن عَليّ بن مُوسَى أَبُو يُوسُف الأتكاوي الْمَالِكِي أَخُو زَوْجَة الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الأتكاوي / الْمَاضِي كَمَا أَن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم أَخُو زَوجته فَالْحَاصِل أَن كلا مِنْهُمَا أَخُو زَوْجَة الآخر، وَهُوَ بكنيته أشهر وَيُقَال لَهُ أَيْضا أَبُو نجور بنُون ثمَّ جِيم مُشَدّدَة وَآخره رَاء تَأَخَّرت وَفَاته عَن صهره إِلَى قريب الْأَرْبَعين ظنا وَكَانَ سيدا كَبِيرا يذكر بصلاح كثير قَالَ لَهُ الْجمال يُوسُف الصفي أحد السادات كَمَا سَمعه مِنْهُ الشهَاب أَحْمد الصندلي يَا سَيِّدي أَحْمد أفض عَليّ من قَلْبك إِلَى غير ذَلِك من الكرامات وَالْأَحْوَال الصَّالِحَة وَقد جود الْقُرْآن على بلديه شيخ الْقُرَّاء الشَّمْس مُحَمَّد بن سيف الدّين تَلا عَلَيْهِ لأبي عَمْرو وَتَمام أَربع رِوَايَات وَأَقْبل على الطَّرِيق وَأخذ عَن بلديه صهره الْمشَار إِلَيْهِ أَخذ عَنهُ جمَاعَة من أهل بَلَده وَغَيرهَا وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة فَأخذ عَنهُ الْعَبَّادِيّ والصندلي وَإِمَام الكاملية وَحكى من كراماته وكشفه وَاجْتمعَ بِهِ فِي آخرهَا الزين زَكَرِيَّا، وَحج وَمَات بهَا سنة خمس وَأَرْبَعين تَقْرِيبًا وَدفن بتربة الشَّيْخ سليم رَحمَه الله وإيانا.
وَهُوَ جد عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْآتِي لأمه.
124 - أَحْمد بن عَليّ بن مُوسَى الْأَزْرَق الْمَكِّيّ شيخ معلاتها وَيعرف بكباس بموحدتين ثانيتهما مُشَدّدَة
بَينهمَا كَاف مَفْتُوحَة وَآخره مُهْملَة. / مَاتَ بِمَكَّة فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ.(2/44)
125 - أَحْمد بن عَليّ بن يحيى بن تَمِيم بن حبيب بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْقسم بن الْحسن الشهَاب الْحُسَيْنِي الْعلوِي الدِّمَشْقِي / وَكيل بَيت المَال بهَا. ولد سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة وَسمع من الحجار وَابْن تَيْمِية والمزي وَغَيرهم الْكثير، وَولي وكَالَة بَيت المَال وَنظر المرستان النوري وَنظر الأحباس وَنظر الأوصياء فَشكر فِي مباشراته وَكَانَ تيدمر يعظمه ويقدمه ثمَّ ترك الْمُبَاشرَة وَانْقطع ببيته وَكَانَ الشريف نَاصِر الدّين بن عدنان يطعن فِي نسبه، قَالَ شَيخنَا لكني رَأَيْت بِخَط السُّبْكِيّ نسبته حسينيا، وَقد حدث بالكثير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأَ عَلَيْهِ شَيخنَا أَشْيَاء وَذكره فِي مُعْجَمه وأنبائه وَقَالَ إِنَّه مَاتَ وَقد تغير قَلِيلا من الْهَرم فِي رَابِع ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَله سبع وَثَمَانُونَ سنة واستراح من رعب الكائنة الْعُظْمَى. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار.
126 - أَحْمد بن عَليّ بن يحيى بن جَمِيع الشهَاب بن النُّور الصعدي الْعَدنِي. / رَئِيس تجار الْيمن، كَانَت لَهُ بعدن وَغَيرهَا أَمْوَال جمة مَعَ حشمة ووجاهة وَتمكن من الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل صَاحب الْيمن وآداب وَمَعْرِفَة وَحسن وَجه، قَالَ المقريزي فِي عقوده إِنَّه اجْتمع بِهِ بِالْقَاهِرَةِ بِمَجْلِس ابْن خلدون وذاكره بأَشْيَاء من أَحْوَال الْيمن. وَمَات بعدن بعد رُجُوعه من الْحَج فِي محرم سنة سبع عَن خمس وَعشْرين سنة وَأَظنهُ مَذْكُورا فِي كتابي فيراجع.
أَحْمد بن عَليّ بن يفتح الله. / مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب.
127 - أَحْمد بن عَليّ بن يُوسُف الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْمحلي وَيعرف بالطريني ويلقب مشمش. / كَانَ يخْدم أَوْلَاد القونوي ورافقهم فِي السماع صُحْبَة الزين الْعِرَاقِيّ على العرضي لمشيخة الْفَخر وَغَيرهَا وعَلى المظفر بن الْعَطَّار والمحب الخلاطي وَأبي الْحرم القلانسي وَآخَرين مِنْهُم أَبُو طَلْحَة الحراوي سمع عَلَيْهِ فضل الْعلم للمرهبي وَعبد الْقَادِر بن أبي الدّرّ الْبَغْدَادِيّ سمع عَلَيْهِ من سنَن أبي دَاوُد وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ وَابْن خَاله الشهَاب أَحْمد بن عبد الله والشمني، قَالَ شَيخنَا أجَاز لي وَهُوَ مِمَّن كَانَ يحضر عِنْدِي درس الْقبَّة البيبرسية لما وليته سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة، وَكَانَ شَاهدا فِي شؤون الْمُفْرد ومباشرا فِي بعض الْمدَارِس وَعند بعض الْأُمَرَاء سَاكِنا خيرا سَمِعت أَصْحَابنَا يثنون عَلَيْهِ، وَمَات فِي أول جُمَادَى الأولى وَقيل ثَانِي ربيع الأول سنة ثَلَاث عشرَة. ذكره فِي الْقسم الثَّانِي من مُعْجَمه وَنسبه كَمَا
هُنَا وَكَذَا(2/45)
فِي أنبائه، وَأما فِي الأول فَقَالَ: أَحْمد بن يُوسُف بن عَليّ بن مُحَمَّد، وَكَذَا رَأَيْته فِي غير مَا مَوضِع وَهُوَ الصَّوَاب وَكَذَا هُوَ فِي عُقُود المقريزي.
أَحْمد بن عَليّ بن شهَاب الدّين بن أبي الروس. / فِيمَن جده إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد.
128 - أَحْمد بن عَليّ الشهَاب بن الْأَمِير نور الدّين التركماني وَيعرف بِابْن الشَّيْخ عَليّ. / ولي نِيَابَة الكرك وصفد وَاسْتقر بِأخرَة أَمِيرا كَبِيرا بِدِمَشْق مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ بِمصْر. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه وترجمه غَيره بِأَنَّهُ من أُمَرَاء الظَّاهِر برقوق وَأَنه ولي نِيَابَة صفد ثمَّ تنقل فِي الولايات حَتَّى صَار من مقدمي الألوف بِدِمَشْق. وَمَات بهَا فِي ذِي الْقعدَة وَرَأَيْت فِي حوادث سنة إِحْدَى أَن أَحْمد بن الشَّيْخ عَليّ الَّذِي كَانَ نَائِب صفد مَاتَ فِيهَا وَحمل موجوده إِلَى الظَّاهِر برقوق وَقِيمَته نَحْو عشرَة آلَاف دِينَار فيحرر مَعَ مَا تقدم.
129 - أَحْمد بن عَليّ الْمصْرِيّ أَخُو مُحَمَّد الضَّرِير الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن أبي الرداد / أحد أُمَنَاء النّيل. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشري شَوَّال سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن بتربتهم عِنْد أَبِيه.
أَحْمد بن عَليّ بن الحبال. / فِيمَن جده عبد الله بن عَليّ بن حَاتِم بن مُحَمَّد.
أَحْمد بن عَليّ بن النَّقِيب الْحَنَفِيّ / منيمن جده مُحَمَّد بن ضوء.
130 - أَحْمد بن عَليّ الزفوري وَيعرف بِابْن سابة / كَانَ رَأْسا فِي المعاملين الَّذين يحملون اللَّحْم للمماليك وصاهره أَبُو الْفَوْز بن زين الدّين على بنته وَمَات قريب التسعين.
131 - أَحْمد بن عَليّ الشهَاب الحبيشي نِسْبَة لمينة حُبَيْش ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْأَزْهَرِي ثمَّ الْمَدِينِيّ. / كَانَ أَبوهُ نجارا فحفظ الْقُرْآن والرسالة وألفية النَّحْو وَقطعَة من الشَّامِل لبهرام وتفقه بالوراق والسنهوري والنور بن التنسي والبدر بن مخلطة وشارك فِيهِ والعربية والأصلين والفرائض وَغير ذَلِك. وتكسب بِالشَّهَادَةِ وأقرأ الطّلبَة بالأزهر وَغَيره وَنعم الرجل سكونا وفضلا.
132 - أَحْمد بن عَليّ شهَاب الدّين الْحلْوانِي التعزي السباك. / ولد فِي حُدُود سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فَأخذ عَن جمَاعَة أقدمهم الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد المرغياني التعزي وَتخرج بِأَبِيهِ الْجمال مُحَمَّد وتميز ثمَّ لَازم القَاضِي الشَّمْس يُوسُف بن الجاي عَالم الْجبَال فِي وقتنا وَقَررهُ عَليّ بن طَاهِر فِي أَمَاكِن فأثرى وناب فِي الْقَضَاء ودرس بل وتصدى للإفتاء بتعز فأجاد وَكَانَ أديبا لبيبا ناسكا رَاغِبًا فِي الانجماع بمنزله. مَاتَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ بتعز.)
أَفَادَهُ لي بعض اليمانيين.(2/46)
أَحْمد بن عَليّ الشهَاب السكندري الْمَالِكِي. / فِيمَن جده أَحْمد.
133 - أَحْمد بن عَليّ السكندري الْمدنِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي. / مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ.
134 - أَحْمد بن عَليّ الفيلالي المغربي. / كَانَ كأبيه عَالما صَالحا حج وَلَقي بِالْقَاهِرَةِ جمَاعَة وَمَات فِي سنة سِتِّينَ. أفادنيه بعض المغاربة.
135 - أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْعَبَّاس بن الرئيس أبي الْحسن بن الشَّيْخ القبايلي. / وَزِير صَاحب الْمغرب كَانَ سلفه من خَواص بني عبد الْمُؤمن وَقتل أَبوهُ أَبُو الْحسن سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة بيد يَعْقُوب بن عبد الْحق المريني وَكَانَ كَاتبا مطيقا وَنَشَأ وَلَده فأتقن الْكِتَابَة وباشر الْأَعْمَال السُّلْطَانِيَّة وتميز فِي معرفَة الْحساب وصناعة الدِّيوَان فَلَمَّا ظهر السُّلْطَان أَبُو الْحسن امتحن ثمَّ خدمه وناصحه وَقَامَ بعده بِولَايَة وَلَده أبي فَارس ثمَّ عقد لِأَخِيهِ أبي عَامر ثمَّ ببيعة أَخِيه أبي سعيد ثمَّ أوقع أهل الشَّرّ بَينهمَا فَأرْسل إِلَيْهِ وَإِلَى ابْنه عبد الرَّحْمَن فسجنهما ثمَّ ذبحهما فِي شَوَّال سنة ثَلَاث. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه.
136 - أَحْمد بن عَليّ الْمصْرِيّ الرسام. / ولد بعد الْخمسين وَسَبْعمائة وتعانى صناعَة الرَّسْم وتعاطى النّظم مَعَ عامية شَدِيدَة وَلكنه كَانَ سهلا عَلَيْهِ وَله نَوَادِر لَطِيفَة. قَالَه شَيخنَا فِي مُعْجَمه سَمِعت من نظمه وَأَنا شَاب وَكَانَ عِنْد إنشائه الشّعْر كَأَنَّهُ يتَكَلَّم لعدم تكلفه لذَلِك. مَاتَ فِي ثَالِث ربيع الأول سنة سبع عشرَة، وعنوان نظمه فِي ابْن خلدون لما عزل من أَبْيَات:
(تداعت روحه للقدس لما ... عزل يَوْمًا بِأَنْفَاسِ الْخَلِيل)
وَمِمَّنْ ذكره بِاخْتِصَار المقريزي فِي عقوده.
أَحْمد بن الشَّيْخ عَليّ أحد قراء الجوق. / فِيمَن جده عَليّ بن مُحَمَّد.
أَحْمد بن الشَّيْخ عَليّ أَخُو نَائِب صفد. / مضى قَرِيبا فِي الملقبين شهَاب الدّين.
أَحْمد بن عَليّ. / صَوَابه مُحَمَّد بن سَنَد وَسَيَأْتِي.
137 - أَحْمد بن عماد بن يُوسُف بن عبد النَّبِي الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الآقفهسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الْعِمَاد. نَشأ فَأخذ قَدِيما عَن الْجمال الأسنوي من أول الْمُهِمَّات إِلَى الْجِنَايَات وَأَحْكَام الخناثي بقرَاءَته والكوكب والتمهيد سَمَاعا وَكَانَ يحضر مجْلِس السراج البُلْقِينِيّ وَسمع على خَلِيل بن طرنطاي الدوادار الزيني كتبغا صَحِيح البُخَارِيّ أَنا بِهِ الحجار
ووزيرة وصحيح مُسلم أنابه الْعِزّ أَبُو عمرَان الموسوي وعَلى ابْن الشَّهِيد نظم السِّيرَة لَهُ وعَلى الشَّمْس الرفاء(2/47)
صَحِيح ابْن حبَان بفوت قيل إِنَّه أُعِيد لَهُ وعَلى ابْن الصَّائِغ تخميس الْبردَة وعَلى الْجمال الْبَاجِيّ وَآخَرين وَكَذَا سمع على الزين أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الأيوبي الْأَصْبَهَانِيّ المجلدين الْأَوَّلين من سنَن الْبَيْهَقِيّ بِسَمَاعِهِ لجَمِيع الْكتاب على الْعِزّ أبي الْفضل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن الْحَمَوِيّ بِسَمَاعِهِ لَهُ على الْفَخر بن البُخَارِيّ بِسَنَدِهِ، وَمهر وَتقدم فِي الْفِقْه وسعة نظره بِحَيْثُ كتب على الْمُهِمَّات لشيخه الأسنوي كتابا حافلا فِيهِ تعقبات نفيسة سَمَّاهَا التعقبات على الْمُهِمَّات اكثر فِيهِ من تخطئته وَرُبمَا أفذع فِي بعض ذَلِك وَنسبه لسوء الْفَهم وَفَسَاد التَّصَوُّر مَعَ قَوْله إِنَّه قَرَأَ الأَصْل على مُصَنفه وَلَكِن قد سَمِعت بعض الْفُضَلَاء يُقرر حسن مقْصده فِي ذَلِك لتَضَمّنه الْتِفَات النَّاس إِلَى سَماع مَا رأى أَن غَيره خطأ لِأَنَّهُ لَو أورد الْكَلَام ساذجا بِدُونِهِ لم يلتفتوا إِلَيْهِ لكَون الأسنوي أجل عِنْدهم وَأعلم، وَأما شَيخنَا فَقَالَ إِن فِي ذَلِك أدل دَلِيل على بركَة الشَّيْخَيْنِ وَالْجَزَاء من جنس الْعَمَل، وَكَذَا لَهُ على الْمِنْهَاج عدَّة شُرُوح وجد من أكبرها قِطْعَة إِلَى صَلَاة الْجَمَاعَة فِي ثَلَاث مجلدات أَطَالَ فِيهِ النَّفس يكثر الاستمداد فِيهِ من شرح الْمُهَذّب وأصغرها فِي مجلدين سَمَّاهُ التَّوْضِيح وَفِي أَحْكَام الْمَسَاجِد وَفِي أَحْكَام النِّكَاح وَسَماهُ تَوْقِيف الْحُكَّام على غوامض الْأَحْكَام وَفِي آدَاب الطَّعَام والأبريز فِيمَا يقدم على موت التَّجْهِيز وَالْقَوْل التَّام فِي أَحْكَام الْمَأْمُوم وَالْإِمَام وَهُوَ غير آخر فِي موقف الْمَأْمُوم وَالْإِمَام وَشرح الْعُمْدَة وَالْأَرْبَعِينَ النووية والبردة وَعمل كتابا فِي أَحْكَام الْحَيَوَان وَاخْتَصَرَهُ وَسَماهُ التِّبْيَان فِيمَا يحل وَيحرم من الْحَيَوَان ونظمه فِي أَرْبَعمِائَة بَيت وَله التِّبْيَان فِي آدَاب حَملَة الْقُرْآن وَرُبمَا يُسمى تحفى الأخوان فِي نظم التِّبْيَان للنووي يزِيد على سِتّمائَة بَيت نونية تعرض فِيهِ لمؤدب الْأَبْنَاء والاقتصاد فِي كِفَايَة العقاد تزيد على خَمْسمِائَة بَيت وَله عَلَيْهِ شرح مُخْتَصر وكشف الْأَسْرَار تسلط بِهِ الدوادار على الأسئلة لكثير من الْفُقَهَاء بعد الثَّمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ مَسْبُوق بِهِ من النَّيْسَابُورِي، والدرة الفاخرة يشْتَمل على أُمُور تتَعَلَّق بالعبادات وَالْآخِرَة وَفِيه الْكَلَام على قَوْله تَعَالَى: وَنَضَع الموازين بِالْقِسْطِ ونظم قصيدة فِي حوادث الْهِجْرَة سَمَّاهَا نظم الدُّرَر من هِجْرَة خير الْبشر وَشَرحهَا وَله آدَاب دُخُول الْحمام ونظم التَّذْكِرَة لِابْنِ الملقن فِي عُلُوم الحَدِيث وَشَرحهَا وَغير ذَلِك نظما ونثرا. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: أحد أَئِمَّة الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة فِي هَذَا الْعَصْر سَمِعت من نظمه من لَفظه. وَقَالَ فِي مُعْجَمه سَمِعت(2/48)
من لَفظه قصيدة مدح بهَا)
شَيخنَا البُلْقِينِيّ، زَاد فِي مُعْجم الْبُرْهَان الْحلَبِي يَوْم ختمت عَلَيْهِ قِرَاءَة دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي ومدحني فِيهَا وَهُوَ من نبهاء الشَّافِعِيَّة كثير الِاطِّلَاع والتصانيف قَالَ وَنعم الشَّيْخ كَانَ رَحمَه الله وَكَانَ أَخذ عَنهُ شَيخنَا الرَّشِيدِيّ أَحْكَام الْمَسَاجِد وَكتبه بِخَطِّهِ وقرأه عَلَيْهِ أَيْضا الْبُرْهَان الْحلَبِي مَعَ سَماع التِّبْيَان من تصانيفه وَكتب عَنهُ:
(إِمَام محب نَاشِئ متصدق ... مصل وَبَاكٍ خَائِف سطوة الباس)
(يظلهم الرَّحْمَن فِي ظلّ عَرْشه ... إِذا كَانَ يَوْم الْحَشْر لَا ظلّ للنَّاس)
قَالَ وَهُوَ كثير الْفَوَائِد دمث الْأَخْلَاق وَفِي لِسَانه بعض حبسة. مَاتَ فِي سنة ثَمَان وعينه المقريزي بِأحد الجمادين وَقَالَ أَنه أحد فضلاء الشَّافِعِيَّة وَرَأَيْت لَهُ جُزْءا سَمَّاهُ الْبَيَان التقريري فِي تخطئة الْكَمَال الدَّمِيرِيّ وَكتب عَلَيْهِ شَيخنَا ابْن خضر الْمُخطئ الْكَمَال هُوَ الْمُخطئ رَحِمهم الله، وَكَذَا من مناظيمه المواطن الَّتِي تُبَاح فِيهَا الْغَيْبَة وَهِي عشرَة أَبْيَات وَبَلغهَا إِلَى نَحْو الْعشْرين والدماء المجبورة فِي نَحْو أَرْبَعِينَ بَيْتا وَبَلغهَا سِتَّة وَثَلَاثِينَ ظنا والأماكن الَّتِي تُؤخر فِيهَا الصَّلَاة عَن أول الْوَقْت وَبَلغهَا نَحْو أَرْبَعِينَ فِي اثْنَي عشر بَيْتا وَشَرحهَا والنجاسات المعفو عَنْهَا وَيُسمى الدّرّ النفيس وَهِي مِائَتَان وَسَبْعُونَ بَيْتا وقصيدة لامية نَحْو خَمْسمِائَة بَيت مُشْتَمِلَة على مسَائِل نثرية ومنظومة فِي الْعدَد الْكثير.
أَحْمد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم القمني / الْآتِي أَبوهُ وَابْنه الْبَدْر مُحَمَّد.
138 - أَحْمد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشهَاب الخليلي الموقت حفيد الْمُحدث الْبُرْهَان القلانسي. / ولد فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَسمع على التدمري وَإِبْرَاهِيم بن حجي سمع عَلَيْهِمَا بِقِرَاءَة ابْن نَاصِر الدّين فِي سنة سِتّ وَعشْرين جُزْء الْحسن بن عَرَفَة بل سمع من لفظ الْقَارئ جُزْءا من عواليه ثمَّ سمع فِي كبره على الْجمال بن جمَاعَة.
وَكَانَ خيرا كثير التِّلَاوَة وَالصَّلَاة محبا لطلبة الحَدِيث كتب على استدعاء فِي سنة تسعين وَمَات فِي صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشري ربيع الثَّانِي سنة خمس وَتِسْعين بِبَيْت الْمُقَدّس وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة بالأقصى ثمَّ دفن بِبَاب الرَّحْمَة رَحمَه الله وإيانا.
139 - أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن عمر الشهَاب الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ المنقش وَالِد عمر الْآتِي / كَانَ فَقِيها مشاركا فِي فنون كَثِيرَة مَشْهُورا بالنحو فِيهَا وصنف(2/49)
فِيهِ شرحا على الظَّاهِرِيَّة وَمن شُيُوخه فِيهِ الْجمال مُحَمَّد بن أبي الْقسم الْمَقْدِسِي بِالْمُعْجَمَةِ وَفِي الْفِقْه الشهَاب أَحْمد بن أبي بكر النَّاشِرِيّ،
وَولي كِتَابَة الشَّرْع مُدَّة طَوِيلَة. أفادنيه بعض أَصْحَابنَا اليمانيين. وَذكره الْعَفِيف النَّاشِرِيّ وَأَنه تفقه بالجمال الطَّبِيب وَقَرَأَ اللُّغَة على الرضي أبي بكر بن مُحَمَّد الديمي وَالْعرُوض على الْبَدْر الدماميني والفرائض على احْمَد بن أبي بكر المكوي وَالْفِقْه وَالتَّفْسِير على الشهَاب النَّاشِرِيّ والعربية عَن الْجمال الْمَقْدِسِي وَكَانَ مبارك التدريس انْتفع بِهِ جمَاعَة أخذت عَنهُ النَّحْو وَولي كِتَابَة الشَّرْع بزبيد والأنكحة بل وتدريس الصلاحية بهَا وصنف دُرَر الْأَخْبَار وجواهر الْآثَار يشْتَمل على آدَاب وحكايات وَغَيره من التآليف وَله نظم ونثر وَشرح مُقَدّمَة طَاهِر فِي النَّحْو وَكَانَ جده حنفيا فتحول بنوه شافعية.
140 - أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن عِيسَى الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الشاذلي الشَّافِعِي الْوَاعِظ وَيعرف بالشاب التائب / لقبه بذلك كَمَا قرأته بِخَطِّهِ بلبل الأفراح أَبُو صَالح عبد الْقَادِر الْجبلي فِي الْمَنَام. ولد على مَا قرأته بِخَطِّهِ بعد عصر يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشري ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَطلب الْعلم واشتغل بالنحو وتفقه شافعيا وَصَارَ معدودا فِي الْفُضَلَاء وَقَالَ الشّعْر الَّذِي حدث بِبَعْضِه. وَمن شُيُوخه البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والعز بن الكويك وَمن الْمَالِكِيَّة الغماري وَابْن خلدون وَالشَّمْس بن مكين الْمصْرِيّ وَصَحب أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن الزيات أحد أَصْحَاب يحيى الصنافيري وَمَال إِلَى التصوف وَلبس الْخِرْقَة الشاذلية من حُسَيْن الخباز الموسكي عَن القطب ياقوت الحبشي عَن أبي الْعَبَّاس المرسي عَن أبي الْحسن الشاذلي، والقادرية من الْعَلَاء عَليّ الحسني الْحَمَوِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى جده عبد الْقَادِر، وسافر إِلَى الْحجاز وَدخل الْيمن ثمَّ رَجَعَ بعد سِنِين فخلق لِلْمِيعَادِ بالأزهر وَغَيره على طَرِيق الشاذلية والأشعرية وَكَانَ يكثر فِيهِ النَّقْل الْجيد بِعِبَارَة حَسَنَة وَطَرِيقَة مليحة ونظم الشّعْر على طريقتهم كل ذَلِك مَعَ الظّرْف واللطف والتواضع، وَبنى زَاوِيَة خَارج بَاب زويلة هِيَ الَّتِي كَانَت مَعَ الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ بعد وَصَارَ للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد جيد، وَاخْتصرَ زَاد الْمسير وَسَماهُ لب الزَّاد وَعمل النكت والحواشي على التفاسير وَغير ذَلِك وزار بَيت الْمُقَدّس وَوعظ بَقِيَّة السلسلة مُدَّة وَكَذَا ارتحل إِلَى دمشق فقطنها وَبنى بهَا أَيْضا زَاوِيَة بَين النهرين وَعمل بهَا المواعيد الهائلة وأحبه أَهلهَا وَزَاد اعْتِقَادهم فِيهِ حَتَّى مَاتَ بهَا بسكنه من أَعلَى المؤيدية تَحت القلعة فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن عشر أَو ثَانِي عشر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ عَن نَحْو(2/50)
السّبْعين وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير شمَالي بِلَال وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَاتفقَ على أَن)
مَوته فِي رَجَب وَاخْتلف فِي تعْيين يَوْمه وعدده. وَآخر مَا جاور بِمَكَّة السّنة الَّتِي قبلهَا قَالَ وَهِي مجاورتي الْخَامِسَة وَعرض عَلَيْهِ صاحبنا النُّور بن أبي الْيمن فِيهَا بعض محافيظه. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَقَالَ إِنَّه اشْتغل بالفقه قَلِيلا وتعانى المواعيد فمهر فِيهَا وَكَانَ بلغ من حفظه وَطَاف الْبِلَاد فِي ذَلِك فَدخل الْيمن مرَّتَيْنِ ثمَّ الْعرَاق مرَارًا وَدخل حصن كيفا وَكَثِيرًا من بِلَاد الشرق وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة وَحج مرَارًا، وَكَانَ فصيحا ذكيا يحفظ شَيْئا كثيرا وَله رواج زَائِد عِنْد الْعَوام وَبنى عدَّة زَوَايَا بالبلاد انْتهى. وسمى المقريزي وَابْن فَهد فِي مُعْجَمه جده عبد الله وَقَالَ أَولهمَا سَمِعت ميعاده بالجامع الْأَزْهَر فَتكلم فِي تَفْسِير آيَة وَأكْثر من النَّقْل الْجيد بِعِبَارَة حَسَنَة وَطَرِيقَة مليحة قَالَ وَنعم الرجل كَانَ.
141 - أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن مَنْصُور بن مُوسَى الشهَاب التروجي الشَّافِعِي وَيعرف فِي نايحته بَان عمر. / ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بتروجة قَرْيَة من أَعمال الْبحيرَة قرب الاسكندرية وَحفظ الْقُرْآن بالاسكندرية وَصلى بِهِ وتلاه بالروايات على بعض المغاربة والمنهاج الفرعي وَعرضه على الْبَدْر بن الدماميني وَبحث فِيهِ وَفِي ألفية ابْن مَالك على النُّور عَليّ بن صلح والزين خلف التروجي بالاسكندرية وَتردد للقاهرة كثيرا فَحَضَرَ بهَا دروس الشَّمْس الْعِرَاقِيّ والجلال البُلْقِينِيّ والبساطي والقاياتي والونائي وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَحج فِي سنة ثَمَان وَعشْرين ونظم الشّعْر الْحسن وَحل المترجم مِمَّا أَجَاد فِي الْكثير مِنْهُ. وَله فِي شَيخنَا مدائح مِنْهَا قصيدة سَمعتهَا مِنْهُ أَولهَا:
(جمال أَحْمد جَاءَت فِيهِ آيَات ... وَفِي مَعَانِيه قد صحت رِوَايَات)
(وَفِي محاسنه الْحَسْنَاء قد وَردت ... أَخْبَار صدق وَفِي الْمَعْنى حكايات)
وسبقتها بِتَمَامِهَا فِي الْجَوَاهِر، وَكَذَا فِي تَرْجَمته من معجمي غير ذَلِك وَكَانَ خيرا سَاكِنا يذاكر بنبذة يسيرَة فِي الْفِقْه والعربية مَعَ سَلامَة الصَّدْر وَله بفقيهنا الشهَاب بن أد صُحْبَة وَرُبمَا كَانَ يُرَاجِعهُ فِي بعض الْأَلْفَاظ وَقد كتب عَنهُ هُوَ وَغير وَاحِد من أَصْحَابنَا بل وتطارح مَعَ البقاعي وَمَا سلم من أَذَاهُ وَأَظنهُ كَانَ عَاقد الْأَنْكِحَة بناحيته. مَاتَ فِي حُدُود سنة سِتِّينَ بالاسكندرية وَخلف ولدا اسْمه عَليّ قطنها.
142 - أَحْمد بن عمر بن أَحْمد الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الوَاسِطِيّ الأَصْل الغمري(2/51)
الْمحلي الشَّافِعِي أَخُو الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي. / مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين بالمحلة)
وَقد رَأَيْته كثيرا وَسمعت أَنه اشْتغل وَأقَام بالأزهر مُدَّة وَفضل وَمَا كَانَ أَخُوهُ يحمد أمره وَرُبمَا هجره رَحمَه الله وإيانا.
143 - أَحْمد بن عمر بن أَحْمد الشهَاب النمراوي ثمَّ الْمحلى صهر الغمري وَيعرف بِابْن النخال. /
اشْتغل يَسِيرا وَسمع مني أَشْيَاء.
144 - أَحْمد بن عمر بن أَحْمد الشرنبابلي. / سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.
145 - أَحْمد بن عمر بن أصلم الْآتِي أَبوهُ وَأَخُوهُ يحيى وَهَذَا أكبرهما / أَو كَانَ ظن ذَاك أَن يكون هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ وَكَانَ هَذَا هُوَ الْمُتَأَخر مَعَ عدم تصونه.
146 - أَحْمد بن عمر بن بدر الشهَاب الدِّمَشْقِي التَّاجِر نزيل مَكَّة ووالد مُحَمَّد وأخو مُحَمَّد الآتيين وَيعرف بالجعجاع. / مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
147 - أَحْمد بن عمر بن جعمان أَبُو الْعَبَّاس الصريفي، / من أهل بَيت وَصَلَاح مِمَّن لَا يشك من يرَاهُ أَنه من كبار الْأَوْلِيَاء الأخيار الأتقياء. مَاتَ فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ. ذكره الْعَفِيف، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ وَلَده الْجمال الطَّاهِر الْآتِي فِي المحمدين وقريبه أَبُو الْقسم بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْآتِي أَيْضا.
148 - أَحْمد بن عمر بن حجي بن مُوسَى بن أَحْمد الشهَاب بن النَّجْم بن الْعَلَاء الحسباني الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو الْبَهَاء مُحَمَّد وَيعرف بِابْن حجي. / ولد فِي ربيع الأول سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَرغب لَهُ أَبوهُ قبل قَتله عَن تدريس الشامية البرانية واستنكر النَّاس ذَلِك لصغره جدا ولكونها لم يلها إِلَّا الأساطين واستنيب عَنهُ فِيهَا واستمرت مَعَه حَتَّى مَاتَ فِي رَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة خمس وَأَرْبَعين فاستقر بعده فِيهَا أَخُوهُ.
149 - أَحْمد بن عمر بن خَلِيل الشهَاب العميري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْوَاعِظ وَيعرف بالعميري بِالتَّصْغِيرِ. / ولد فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفيتي الحَدِيث والنحو وَغَيرهَا، وَأخذ عَن الزين ماهر والعماد بن شرف والشهاب الزبيدِيّ وَالِد أبي الْبَقَاء وَكَانَ يَجعله وَرَاء ظَهره لكَونه أَمْرَد، وبالقاهرة عَن الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي وَتخرج فِي الْأُصُول بسراج الرُّومِي وَأبي الْفضل المغربي وَعَن أَولهمَا أَخذ أَشْيَاء من العقليات وَلبس خرقَة التصوف من ابْن رسْلَان وَسمع الحَدِيث من الْجمال بن جمَاعَة والتقي(2/52)
القلقشندي والشهاب بن حَامِد والزين القابوني فِي آخَرين من أهل بَلَده والواردين)
عَلَيْهَا، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَأخذ فِيهَا عَن السَّيِّد النسابة والأمين الأقصرائي وَمِمَّا أَخذ عَنهُ فِي التَّفْسِير وَسيف الدّين بل أَخذ عَن شَيخنَا وَسمع أَيْضا على الشاوي والأبودري وَالْمجد إِمَام الصرغتمشية فِي آخَرين وَدخل حلب فَمَا دونهَا وَتخرج فِي الْوَعْظ بِأبي الْعَبَّاس الْقُدسِي وَعقد الْمجْلس بالأزهر وبمكة حِين جاور بهَا وببلده ورزق الْقبُول فِي الْوَعْظ ودرس وَأفْتى وَحدث وعد فِي أَعْيَان الْوَقْت وَقَررهُ الْأَشْرَف قايتباي فِي مشيخة مدرسته بالقدس فدام بهَا حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة السبت تَاسِع ربيع الأول سنة تسعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد النَّجْم بن جمَاعَة ثمَّ دفن بتربة ماملا وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم لم ير بِتِلْكَ الْبِلَاد مثله وَصلى عَلَيْهِ بالأزهر صَلَاة الْغَائِب.
وَكَانَ خيرا فَاضلا متوددا متأدبا رَحمَه الله وإيانا.
150 - أَحْمد بن عمر بن رضوَان بن عمر بن يُوسُف بن مُحَمَّد الشهَاب بن الزين الْحلَبِي وَيعرف بِابْن رضوَان. / ولد فِي حُدُود سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن وَسمع من ابْن صديق الصَّحِيح أنابه الحجار وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَقدم الْقَاهِرَة فَلَقِيته بهَا وَأخذت عَنهُ شَيْئا وَكَانَ خيرا ذَا مُرُوءَة ومحافظة على التِّلَاوَة عدلا مرضيا مَحْمُود السِّيرَة. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة منتصف رَجَب سنة إِحْدَى وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ بعد الْجُمُعَة بِجَامِع المهمندار وَدفن بِالْجَبَلِ التحتاني.
151 - أَحْمد بن عمر بن سَالم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشهَاب بن السراج الشَّامي الأَصْل القاهري البولاقي الشَّافِعِي وَيعرف بالشامي. / ولد تَقْرِيبًا فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج والألفية وعرضها فِيمَا قَالَ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة على الْعِرَاقِيّ وَابْن الملقن والغماري والدميري والقويسني وَطَائِفَة واشتغل فِي الْفِقْه على الآخرين والأبناسي والطنتدائي فِي آخَرين وَحضر دروس الغماري فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَقَالَ أَنه سمع على ابْن الملقن مَجْلِسا أملاه فِي المسلسل، وَكَذَا رَأَيْت سَمَاعه فِي أمالي الْعِرَاقِيّ الْكَبِير بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَتِسْعين وَوصف وَالِده بالرسول، وَكَانَ خيرا شَاهدا هَذَا بِالْقربِ من جَامع الوَاسِطِيّ ببولاق حَرِيصًا على كِتَابَة الْإِمْلَاء عَن شَيخنَا مَعَ بعد مَكَانَهُ. وَمِمَّا كتبته عَنهُ مِمَّا كتبه عَن الزين الْعِرَاقِيّ فِي إمْلَائِهِ من نظمه:
(الله أنزل لِلْخَلَائِقِ رَحْمَة ... وسعت جَمِيع الْخلق فِي دنياهم)
(ويتمها مائَة غَدا مَخْصُوصَة ... بِالْمُؤْمِنِينَ فَلَا تنَال سواهُم)(2/53)
مَاتَ بعيد شَيخنَا بِيَسِير ظنا.
152 - أَحْمد بن عمر بن شرف الشهَاب الْقَرَافِيّ ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن قومة. / كَانَ مَذْكُورا بالصلاح وجودة التَّعْلِيم للأبناء انْتفع بِهِ فِي ذَلِك الشهَاب بن تَقِيّ وَولده، وَبَلغنِي مِمَّا يشْهد لصلاحه أَنه غَابَ عَن بني مكتبه ثمَّ جَاءَ فَوَجَدَهُمْ فِيمَا يَلْعَبُونَ بِهِ عمل أحدهم قَاضِيا وَآخر شَاهدا آخر رَسُولا وَنَحْو ذَلِك فَقَالَ هَكَذَا يكون فَكَانَ كَذَلِك، مَعَ الْفضل فِي الْفِقْه والعربية بِحَيْثُ أَن وَلَده أَخذ الْعَرَبيَّة عَنهُ.
أَحْمد بن عمر بن عبد الله الشَّاب التائب. / هَكَذَا سمي جده عبد الله المقريزي ثمَّ ابْن فَهد، وَسَماهُ شَيخنَا وَغَيره أَحْمد بن عِيسَى وَقد تقدم.
153 - أَحْمد بن عمر بن عُثْمَان بن عَليّ الشهَاب الْخَوَارِزْمِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بِابْن قرا / أحد الْأَعْيَان مِمَّن أَخذ فِي الْفِقْه عَن نَاصِر الدّين التنكزي والتقي الحصني كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي كِتَابه الْحَاوِي والتقي بن قَاضِي شُهْبَة، وَبَلغنِي أَنه سمع على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وارتحل فَسمع على التَّاج ابْن بردس وَغَيره وَقَرَأَ على ابْن نَاصِر الدّين ثمَّ باينه كالبلاطنسي فَلم يلبث أَن نافره البلاطنسي وَجمع فِيهِ جُزْءا سَمَّاهُ جد المفترى فِيمَا ابتدعه ابْن قرا ثمَّ غير اسْمه وَسَماهُ الْبَاعِث. وَكَانَ عَالما صَالحا دينا مُصَرحًا بالحط على الطَّائِفَة الْعَرَبيَّة بل وَأَتْبَاع ابْن تَيْمِية بِحَيْثُ أَنه قَالَ مجيبا لمن سَأَلَهُ عَن اعْتِقَاده من الْمُخَالفين لَهُ: اعتقادي زيتونة مباركة لَا غربية ابْن عَرَبِيّ وَلَا شرقية ابْن تَيْمِية وَقد درس وَوعظ وَحلق للأوراد وَالذكر وَجمع فِي ذَلِك شَيْئا بل بنى زَاوِيَة شهيرة خلف بُسْتَان الصاحب وَكَانَ يجْتَمع عَلَيْهِ الْفُقَرَاء يُطعمهُمْ مَعَ نورانية وتجمل وَحسن بزَّة بِحَيْثُ يُسمى ملك الْعباد وَلما دخل بَيت الْمُقَدّس اجْتمع عَلَيْهِ أعيانه كالكمال بن أبي شرِيف وأخذو عَنهُ ثمَّ سَافر مِنْهُ إِلَى الْخَلِيل ثمَّ إِلَى مَكَّة مَعَ الركب وَكَانَ ذَلِك فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وفيهَا شهد على بن عمرَان بإجازته للنوبي وَقَالَ لي أَنه كَانَ مجيدا لإقراء الْحَاوِي وَأمره بالاجتماع على الزين ماهر وأعلمه بِأَن ابْن أبي الْوَفَاء فَاسد العقيدة قَالَ وَكَانَت عمَامَته شَبيهَة ببني الأتراك مَعَ صغرها. وَقَالَ ابْن أبي عذيبة أَنه أحد الْأَعْيَان الصلحاء الْمشَار إِلَيْهِم بِدِمَشْق، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي بَلَده فِي عَاشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد عَن بضع وَسِتِّينَ وَدفن بالقبيبات بتربة قبلي مَقْبرَة التقي الحصني وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله.)(2/54)
154 - أَحْمد بن عمر بن عَليّ بن عبد الصَّمد بن أبي الْبَدْر الشهَاب أَبُو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالجوهري / وَرُبمَا نسبه شَيخنَا اللولوي وَقد يُقَال اللال. ولد سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة بِبَغْدَاد وَقدم مَعَ أَبِيه وَعَمه دمشق فَأَسْمع بهَا من الْمزي والذهبي وَدَاوُد بن الْعَطَّار وَآخَرين، وَقدم الْقَاهِرَة فاستوطنها وَسمع فِيهَا من الشّرف بن عَسْكَر وَحدث بهَا وبمصر بسنن ابْن مَاجَه وَغَيره غير مرّة أَخذ عَنهُ الأكابر كشيخنا وَقَالَ أَنه كَانَ شَيخا وقورا سَاكِنا حسن الْهَيْئَة محبا فِي الحَدِيث وَأَهله عَارِفًا بصناعته جميل المذاكرة بِهِ على سمت الصُّوفِيَّة ولديه فَوَائِد مَعَ الْمُرُوءَة التَّامَّة وَالْخَيْر ومحبة التواجد فِي السماع والمعرفة التَّامَّة بصنف الْجَوْهَر. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع وَقد تغير ذهنه قَلِيلا. قلت وَقد أثنى عَلَيْهِ المقريزي فِي عقوده وسَاق عَنهُ حكايات تَأَخّر بعض من حضر عَلَيْهِ وَأَجَازَ لَهُ إِلَى قريب التسعين.
155 - أَحْمد بن عمر بن قطينة بِالْقَافِ وَالنُّون مصغر شهَاب الدّين / كَانَ أَبوهُ عاميا فَنَشَأَ ابْنه فِي الخدم وتنقل حَتَّى بَاشر استادارية بعض الْأُمَرَاء فأثرى من ذَلِك ثمَّ بَاشر سد الكارم فِي أَيَّام الظَّاهِر برقوق وامتحن مرَارًا ثمَّ خدم عِنْد تغري بردي وَالِد الْجمال يُوسُف استادارا وطالت مدَّته فِي خدمته ثمَّ اسْتَقر بِهِ السُّلْطَان وزيره فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة واستعفى بعد اسبوع بمساعدة أميره الْمشَار إِلَيْهِ فأعفي وَعَاد إِلَى خدمته ثمَّ تصرف فِي عدَّة أَعمال حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشر الْمحرم سنة تسع عشرَة عَن مَال جزيل، وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار جدا.
156 - أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي بن عبد الحميد بن عبد الْهَادِي بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام الشهَاب بن الزين بن الْحَافِظ الشَّمْس الْقرشِي الْعمريّ الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ نزيل الشبلية وَيعرف بِابْن زين الدّين. / ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وأحضر على أبي الهول الْجَزرِي وَدُنْيا وَفَاطِمَة وَعَائِشَة بَنَات ابْن عبد الْهَادِي، وَسمع من أَبِيه وَمُحَمّد بن الرشيد عبد الرَّحْمَن بن أبي عمر والشهاب أَحْمد بن أبي بكر بن الْعِزّ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عمر بن عوض وَجَمَاعَة، وَزعم ابْن أبي عذيبة أَنه سمع ابْن أميلة وطبقته وَكذب بحت، وَحدث سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة، ولقيته بصالحية دمشق فَقَرَأت عَلَيْهِ أَشْيَاء وَكَانَ خيرا من بَيت حَدِيث وجلالة. مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع شَوَّال سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ رَحمَه الله.
157 - أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد شهَاب الدّين بن الْمُحب بن الشَّمْس الخصوصي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أثير الدّين مُحَمَّد الْآتِي / وَسمع من الْوَلِيّ(2/55)
الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ كثيرا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتميز فِيهَا وَتَأَخر عَن أَخِيه.
158 - أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر المرشدي الْمَكِّيّ ابْن عَم أَحْمد ابْن صَالح بن مُحَمَّد الْمَاضِي وشقيق أبي حَامِد وَمُحَمّد الْآتِي / مِمَّن حفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره وتكسب بإقراء الْأَبْنَاء وبالعمر وَكَذَا أَحْيَانًا بِالسَّفرِ للطائف وَنَحْوه وَسمع مني بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة وَهُوَ خير.
159 - أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر الشهَاب القاهري ثمَّ المنوفي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن القنيني. /
ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وألفية ابْن مَالك وعرضها فِيمَا أخبر على البُلْقِينِيّ والصدر الْمَنَاوِيّ والقويسني والدميري وَغَيرهم، وقطن منوف وَوَقع على قضاتها ولقيته بهَا فاستجزته لقرائن تودي باعتماده فِي مقاله. مَاتَ قبل السِّتين تَقْرِيبًا.
160 - أَحْمد بن النَّجْم أبي الْقسم عمر بن التقي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن فَهد الْمُحب أَبُو الطّيب الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ. / مَاتَ وَهُوَ ابْن سِتِّينَ وَخَمْسَة أشهر فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَأَرْبَعين.
161 - أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو الْعَبَّاس الطنبذي القاهري الشَّافِعِي. / ولد فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَنَشَأ طَالبا للْعلم وبرع فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والمعاني وَالْبَيَان ودرس وَأفْتى وَعمل المواعيد وَكَانَ مفرطا فِي الذكاء والفصاحة، مُتَقَدما فِي الْبَحْث وَلَكِن لكَونه لم يتَزَوَّج يتَكَلَّم فِيهِ وَلم يكن ملتفتا لذَلِك بل لَا يزَال مُقبلا على الْعلم على مَا يعاب بِهِ حَتَّى مَاتَ فِي حادي عشري ربيع الأول سنة تسع وَقد جَازَ السِّتين، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ الْفَقِيه اشْتغل كثيرا ولازم أَبَا الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَسمع على القلانسي وناصر الدّين الفارقي وَرَأَيْت سَمَاعه عَلَيْهِ لجزء حَنْبَل بن إِسْحَاق بِخَط شَيخنَا الْعِرَاقِيّ فِي أول الْمحرم سنة سبع وَخمسين وَكَذَا قَرَأَ على مغلطاي جُزْءا جمعه فِي الشّرف قَائِما فِي سنة تسع وَخمسين وَكتب لَهُ خطه وَأفْتى ودرس وَوعظ وَمهر فِي الْفُنُون وَكَانَ رَدِيء الْخط غير مَحْمُود الدّيانَة وَقد سَمِعت من فَوَائده وَحَضَرت دروسه، وَنَحْوه فِي الإنباء لكنه سمى وَالِده مُحَمَّدًا وَنَصّ تَرْجَمته فِيهِ: بدر الدّين أحد)
الْفُضَلَاء المهرة أَخذ عَن أبي الْبَقَاء والأسنوي وَنَحْوهمَا وَأفْتى ودرس وَوعظ وَكَانَ عَارِفًا بالفنون ماهرا فِي الْفِقْه والعربية فصيح الْعبارَة وَله هَنَات سامحه الله. وَقَالَ المقريزي بعد أَن سمى وَالِده(2/56)