حسن فِيهِ فَوَائِد جليلة توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة عَن غير ولد وَتقدم ذكر جده الشَّيْخ شمس الدّين بن كَامِل خطيب الْمقَام الْمشَار اليه فِي تراجم الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة الْخَطِيب عماد الدّين اسماعيل بن الْخَطِيب برهَان الدّين ابراهيم بن الْخَطِيب شهَاب الدّين أَحْمد بن الْخَطِيب شمس الدّين مُحَمَّد بن كَامِل التدمري الشَّافِعِي خطيب مقَام سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى فِي صفر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّحِيم بن عَليّ الْأَدْنَى الشهير بالحموي الْوَاعِظ الْخَطِيب الْمُفَسّر ولي خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى فِي دولة الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق وَفِيه قَالَ الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن القرقشندي إمامنا لما قَرَأَ هيمنا وأطربا تيمنا بنطقه وعندما قرا سبا كَانَ خَطِيبًا جيدا فَاضلا حبرًا لَهُ سماعات كَثِيرَة على مَشَايِخ الشَّام وحلب اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس للوعظ وَالتَّفْسِير وَقِرَاءَة الحَدِيث وَبعد صيته وَصَارَ لَهُ سمعة وَلما عمر الْأَشْرَف برسباي جَامعه الْمَسْجِد بِالْقَاهِرَةِ اسْتَقر خَطِيبه وَكَانَ يقْرَأ الحَدِيث بِمَجْلِس أَمِير الْمُؤمنِينَ وأتابك الديار المصرية والأمراء توفّي فَجْأَة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان واربعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَولي خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف بعد الْحَمَوِيّ أَخُو جمال الدّين الاستادار فناب عَنهُ الْخَطِيب جمال الدّين بن جمَاعَة ثمَّ اسْتَقل بهَا وَتقدم ذكره عِنْد ذكر مَشَايِخ الصلاحية الْخَطِيب شهَاب الدّين أَبُو حَامِد بن الشَّيْخ شرف الدّين عبد الرَّحِيم بن القرقشندي الشَّافِعِي مولده فِي سَابِع عشر رَمَضَان سنة ثَمَانمِائَة سمع الحَدِيث(2/140)
واشتغل وَأعَاد بالصلاحية وَحدث وروى عَنهُ الرحالون وَولي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مشاركا لغيره فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ حبرًا متواضعا توفّي فِي رَابِع عشر رَجَب سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا رَحمَه الله الْحَافِظ الْعَلامَة شيخ الاسلام شهَاب الدّين المكنى بِأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله الْكِنَانِي الشَّافِعِي الْوَاعِظ نزيل الْقُدس الشريف مولده بقرية مجدل حمامة بِالْقربِ من عسقلان من أَعمال غَزَّة فِي اوائل سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا ثمَّ استوطن بَيت الْمُقَدّس واشتغل بِالْعلمِ فَفتح عَلَيْهِ وانتمى الى الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن أرسلان وَهُوَ الَّذِي كناه واشتهر بكنيته دأب وَحصل فِي ابْتِدَاء أمره وَفضل وتميز وَصَارَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء والمعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَجلسَ للوعظ فاشتهر أمره حَتَّى قيل عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ زَمَانه وَأما حفظه فَكَانَ من الْعَجَائِب وكتابته على الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن وفصاحته وطلاقة لِسَانه لَا يجارى فيهمَا ولي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف عوضا عَن شهَاب الدّين أَحْمد بن القرقشندي وباشر عَنهُ وَلَده قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد قَاضِي الرملة وخطب فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع رَمَضَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة فَلم يتم لَهُ ذَلِك وعزل بعد مُدَّة يسيرَة بالخطيب عَلَاء الدّين القرقشندي ثمَّ توجه الشَّيْخ ابو الْعَبَّاس الى الْقَاهِرَة لضَرُورَة لَهُ فَدخل الْحمام فَوَقع وَكسر فَخذه وَمرض إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الاربعاء سادس عشري جمادي الاخرة سنة سبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقرافة رَحمَه الله الْخَطِيب عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ شرف الدّين عبد الرَّحِيم القرقشندي الشَّافِعِي مولده فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة اسْتَقر فِي نصف وَظِيفَة الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَهُوَ النّصْف الَّذِي كَانَ بيد أَخِيه الْخَطِيب شهَاب الدّين احْمَد وَاسْتمرّ بِيَدِهِ إِلَى أَن توفّي وَكَانَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية توفّي(2/141)
يَوْم السبت وَصلي عَلَيْهِ بعد الْعَصْر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ثَانِي شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا بالقلندرية عِنْد اقاربه رَحمَه الله الْخَطِيب برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم بن الْخَطِيب عَلَاء الدّين ابي الْحسن عَليّ القرقشندي اسْتَقر فِي نصف خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى بعد وَفَاة وَالِده وَكَانَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية حج الى بَيت الله الْحَرَام فَقضى مَنَاسِكه وَخرج من مَكَّة فَتوفي بِبَطن مر فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة عَفا الله عَنهُ الْخَطِيب مجد الدّين عبد الْوَهَّاب بن الْخَطِيب عماد الدّين اسماعيل التدمري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي خطيب مقَام سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بَاشر الخطابة بعد وَالِده دهرا طَويلا إِلَى أَن توفّي فِي شهر ربيع الأول سنة تسعين وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام شيخ الشُّيُوخ الْخَطِيب محب الدّين ابو الْبَقَاء أَحْمد بن قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين ابي اسحاق ابراهيم بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام جمال الدّين ابي مُحَمَّد عبد الله ابْن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي ولي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مشاركا لبَقيَّة الخطباء ثمَّ اسْتَقر فِيمَا كَانَ بيد الْخَطِيب برهَان الدّين القرقشندي وَهُوَ نصف الخطابة مُضَافا لما بِيَدِهِ وَهُوَ الثّمن ثمَّ عزل من النّصْف الْمَذْكُور ثمَّ أُعِيد اليه الرّبع مِنْهُ وَولي نصف مشيخة الخانقاه الصلاحية ثمَّ عزل مِنْهَا ثمَّ أُعِيد اليها وَسَنذكر تَفْصِيل ذَلِك فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف قايتباي فِي الْحَوَادِث الْوَاقِعَة فِي أَيَّامه وَتُوفِّي الى رَحْمَة الله تَعَالَى وَبِيَدِهِ الرّبع وَالثمن من الخطابة وَنصف مشيخة الخانقاه الصلاحية واعادة الْمدرسَة الصلاحية وَكَانَت وَفَاته فِي شهر رَمَضَان من شهور سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد اسلافه وَاسْتقر بعده فِيمَا بِيَدِهِ من ذَلِك وَلَده الْخَطِيب جلال الدّين مُحَمَّد فباشر الخطابة والخانقاه الصلاحية أحسن مُبَاشرَة إِلَى أَن توفّي بالطاعون فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ شَابًّا حسنا بلغ من الْعُمر نَحْو(2/142)
اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَلم يحصل مِنْهُ ضَرَر لأحد وَكَانَ متأدبا سالكا طرق الحشمة لم يصدر مِنْهُ مَا يشينه وتأسف النَّاس عَلَيْهِ وَدفن عِنْد أسلافه بماملا عِنْد الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وعوضه عَن شبابه الْجنَّة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة خطيب الخطباء شرف الدّين أَبُو اسحاق مُوسَى ابْن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام جمال الدّين أبي مُحَمَّد عبد الله بن شيخ الاسلام نجم الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي عين خطباء الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف ومعيد الْمدرسَة الصلاحية مولده فِي حادي عشري رَجَب سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي عفة وصيانة لم تعلم لَهُ صبوة واشتغل بِالْعلمِ الشريف على وَالِده وَغَيره وخطب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَله نَحْو خَمْسَة عشر سنة وَاسْتقر فِي الخطابة مشاركا لبَقيَّة الخطباء هُوَ وَأَخُوهُ الْخَطِيب بدر الدّين مُحَمَّد وَأعَاد الْخَطِيب شرف الدّين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَفضل وتميز واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة فَصَارَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ رجل خير من أهل الْعلم وَالدّين لَا يخْتَلط بِأحد وَلَا يتَكَلَّم بَين النَّاس فِي أُمُور الدُّنْيَا وَعِنْده فصاحة فِي الْخطْبَة وعَلى صَوته الانس والخشوع وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه كَانَ الله فِي عونه وَسَنذكر بَقِيَّة الخطباء فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان فِي الْحَوَادِث الْوَاقِعَة فِي أَيَّامه إِن شَاءَ الله تَعَالَى (ذكر فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم من الْأَعْيَان ومشايخ الصُّوفِيَّة والزهاد) (بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) الْفَقِيه ضِيَاء الدّين ابو مُحَمَّد عِيسَى بن مُحَمَّد الهكاري الشَّافِعِي أحد الْأُمَرَاء بالدولة الصلاحية كَانَ كَبِير الْقدر وافر الْحُرْمَة معولا عَلَيْهِ فِي الآراء والمشاورات وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أمره يشْتَغل بالفقه بِمَدِينَة حلب فاتصل بالأمير أَسد الدّين شيركوه عَم السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَصَارَ إِمَامه وَلما توجه إِلَى الديار المصرية(2/143)
وَولي الوزارة كَانَ فِي صحبته فَلَمَّا توفّي أَسد الدّين اتّفق الْفَقِيه عِيسَى والطواشي بهاء الدّين قراقوش على تَرْتِيب السُّلْطَان صَلَاح الدّين مَوْضِعه فِي الوزارة ودققا الْحِيلَة فِي ذَلِك حَتَّى بلغا الْمَقْصُود فَلَمَّا ولي صَلَاح الدّين رأى لَهُ ذَلِك وَاعْتمد عَلَيْهِ وَلم يكن يخرج عَن رَأْيه وَكَانَ كثير الادلال عَلَيْهِ يخاطبه بِمَا لَا يقدر عَلَيْهِ غَيره من الْكَلَام وَفِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة سَار الْملك صَلَاح الدّين لغزو الافرنج فَأسر الْفَقِيه عِيسَى فافتداه بعد سِنِين بستين الف دِينَار وَكَانَ وَاسِطَة خير للنَّاس نفع بجاهه خلقا كثيرا وَلم يزل على مكانته وتوفر حرمته الى أَن توفّي سحر لَيْلَة الثُّلَاثَاء تَاسِع ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة بالمخيم بِمَنْزِلَة الخروبة - مَوضِع بِالْقربِ من عكا - وَحمل من يَوْمه الى الْقُدس الشريف وَدفن بظاهرة بتربة ماملا وَكَانَ يلبس زِيّ الأجناد ويعتم بعمائم الْفُقَهَاء فَيجمع بَين اللباسين رَحمَه الله الشَّيْخ الْأَجَل الزَّاهِد العابد الْمُجَاهِد جلال الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشَّاشِي شيخ الزاوية الختنية بداخل الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَقفهَا عَلَيْهِ الْملك صَلَاح الدّين فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَتقدم ذكر ذَلِك الشَّيْخ الْفَقِيه ابو عبد الله مُحَمَّد بن ابي بكر بن خضر الْقُدسِي وَكيل بَيت المَال بالقدس الشريف وَهُوَ الَّذِي فوض اليه الْملك صَلَاح الدّين بيع الْملاك المختصة بِبَيْت المَال بالقدس الشريف ثمَّ اشْترى مِنْهُ كَنِيسَة صندحنا وَهِي الْمدرسَة الصلاحية والجهات الَّتِي وَقفهَا عَلَيْهَا من بَيت المَال وَتصرف فِي ذَلِك الْوَقْف وسطر ذَلِك فِي كتاب وَقفه المؤرخ فِي ثَالِث عشر رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة الشَّيْخ الامام الزَّاهِد العابد الْمُجَاهِد شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن جمال الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْمَعْرُوف بالقدسي وَالْمَشْهُور بِأبي ثَوْر كَانَ من عباد الله الصَّالِحين وَسبب تكنيته بِأبي ثَوْر أَنه حضر بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ يركب ثورا وَيُقَاتل عَلَيْهِ فِي الْغُزَاة فَسمى بذلك(2/144)
وَقد وقف عَلَيْهِ الْملك الْعَزِيز أَبُو الْفَتْح عُثْمَان بن الْملك صَلَاح الدّين يُوسُف ابْن أَيُّوب الْقرْيَة الَّتِي بِالْقربِ من بَاب الْخَلِيل - أحد أَبْوَاب مَدِينَة الْقُدس - وَهِي قَرْيَة صَغِيرَة بهَا دير من بِنَاء الرّوم يعرف قَدِيما بدير مارفيوس وَيعرف الْآن بدير أبي ثَوْر نِسْبَة اليه وَكَانَ الْوَقْف من الْملك الْعَزِيز فِي الْخَامِس وَالْعِشْرين من شهر رَجَب الْفَرد سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَلما توفّي دفن بالقرية الْمَذْكُورَة وقبره بهَا ظَاهر يزار وَله ذُرِّيَّة وهم مقيمون هُنَاكَ وَمِمَّا يحْكى عَنهُ أَنه كَانَ مُقيما بالدير الْمَذْكُور وَكَانَ إِذا قصد إبتياع شَيْء من الْمَأْكُول كتب ورقة بِمَا يُريدهُ ووضعها فِي رَقَبَة ثوره وسيره فيحضر الثور الى الْقُدس إِلَى أَن يَأْتِي إِلَى حَانُوت رجل كَانَ يتعاطى حوائج الشَّيْخ فيقف عِنْده فَيَأْخُذ ذَلِك الرجل الورقة ويقرأها وَيَأْخُذ للشَّيْخ مَا طلب فِيهَا ويحمله للثور فَيرجع الثور إِلَى الشَّيْخ بمكانه وَهَذَا من جملَة كراماته رَضِي الله عَنهُ الشَّيْخ الزَّاهِد أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْقرشِي الْهَاشِمِي الصَّالح الناسك صَاحب الكرامات الظَّاهِرَة كَانَ من السادات الاكابر والطراز الأول وَأَصله مغربي من الجزيرة الخضراء من بر الاندلس وَهِي مَدِينَة قبالة سبتة قدم إِلَى مصر وانتفع بِهِ من صَحبه أَو شَاهده وَكَانَ يعد جماعته الَّذين صحبوه بأَشْيَاء من الولايات والمنصب الْعَالِيَة وَصحت كلهَا وَنقل عَنهُ إِن الانسان إِذا خَافَ من التُّخمَة من كَثْرَة الاكل وَقَالَ عقب رفع الْمَائِدَة وفراغه من الْكل (الْحَمد لله لم يضرّهُ ذَلِك) قَالَ أَبُو عبد الله الْقرشِي الْيَوْم يَوْم عيد لم يضرّهُ ذَلِك وَكَانَ أهل مصر يحكون عَنهُ اشياء خارقة وَله كَلَام مدون قدم بَيت الْمُقَدّس واقام بِهِ الى أَن توفّي فِي سادس ذِي الْحجَّة سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَله خمس وَخَمْسُونَ سنة وَدفن بماملا وقبره ظَاهر يزار وَقد جدد عمَارَة ضريحه الشَّيْخ أَبُو بكر الصَّفَدِي فِي شهور سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَإِلَى جَانِبه دفن الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد(2/145)
اشْتهر عِنْد النَّاس أَن من جلس عِنْد القبرين ودعا الله بِشَيْء اسْتُجِيبَ لَهُ وَقد جربت ذَلِك فصح نفع الله بهما وجمعنا مَعَهُمَا فِي دَار كرامته بمنه وَكَرمه الشَّيْخ شرف الدّين مُحَمَّد بن عُرْوَة الْموصِلِي الْمَنْسُوب اليه مشْهد بن عُرْوَة بالجامع الْأمَوِي لِأَنَّهُ أول من فَتحه وَقد كَانَ مشحونا بالحواصل الجامعية وَبنى قبَّة الْبركَة ووقف وَقفا على درس حَدِيث فِيهِ ووقف فِيهِ خَزَائِن كتب وَكَانَ مُقيما بالقدس الشريف وَكَانَ من خَواص الْملك الْمُعظم عِيسَى انْتقل الى دمشق حِين خرب سور بَيت الْمُقَدّس وَتُوفِّي بهَا فِي سنة عشْرين وسِتمِائَة وقبره عِنْد قباب اتابك طغتكين قبلي الْمصلى الشَّيْخ الْقدْوَة الْمُحَقق الْملك غَانِم بن عَليّ بن حُسَيْن الانصاري الخزرجي الْمَقْدِسِي مولده بقرية بورين من عمل نابلس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب المشيخة بالخانقاه الصلاحية المنسوبة اليه بالقدس الشريف وَالنَّظَر عَلَيْهَا ورايت توقيعه بذلك وَعَلِيهِ خطّ السُّلْطَان لما قرأته الْحَمد لله على نعمائه وَقد قطع تَارِيخه لطول الزَّمَان وَهُوَ أول من وَليهَا وَسكن الْقُدس من ذَلِك التَّارِيخ وتناسل مِنْهُ ذُرِّيَّة معروفون مَشْهُورُونَ وَسَنذكر مَا تيَسّر مِنْهُم إِن شَاءَ الله تَعَالَى صحب الشَّيْخ غَانِم مَشَايِخ أهل زَمَانه وَأخذ مِنْهُم مَكَارِم الْأَخْلَاق وَحسن المآثر توفّي بِدِمَشْق فِي شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة السَّيِّد بدر الدّين بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن بدران بن يَعْقُوب بن مطر بن سَالم أخي السَّيِّد تَاج العارفين أبي الوفا مُحَمَّد لِأَبِيهِ وهما ولدا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زين بن الْحسن بن المرتضى الْأَكْبَر عوض بن زيد بن زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم اجمعين كَانَ السَّيِّد بدر قطبا عَارِفًا مُتَمَكنًا خضعت لَهُ أَوْلِيَاء زَمَانه وهرع اليه الْخَاص وَالْعَام وَقصد بالزيارة وزارته الوحوش وَالسِّبَاع وترددت إِلَى زيارته وزيارة اولاده المدفونين بضريح شرفات ومرغت(2/146)
وجوهها عِنْد بَاب ضريحه وَله كَلَام عَال على لِسَان أهل الدقائق وكرامات مَشْهُورَة توفّي فِي سنة خمسين وسِتمِائَة وَدفن بزاويته بوادي النسور ظَاهر الْقُدس الشريف من جِهَة الغرب ومسافته عَن بَيت الْمُقَدّس نَحْو ثلث بريد وَهُوَ مَقْصُود بالزيارة نفع الله بِهِ وَأما وَلَده السَّيِّد مُحَمَّد فَإِنَّهُ كَانَ من ذَوي المجاهدات وَالْأَحْوَال والاشارات والعزم السيديد فِي الْعِبَادَات ومعانقة الطَّاعَات تخرج بِهِ جمع كثير وَظَهَرت لَهُ أَحْوَال خارقة توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَأما ولد السَّيِّد مُحَمَّد الْمشَار اليه هُوَ السَّيِّد عبد الْحَافِظ كَانَ من أجلاء العارفين المتصرفين الأخيار الْعلمَاء بِأُمُور الدّين المتوجهين الى الله تَعَالَى المتوكلين عَلَيْهِ تخرج بِهِ جمَاعَة وانتهت اليه رياسة أهل هَذِه الطَّرِيقَة فِي زَمَانه وَكَانَ اول امْرَهْ ارتحل من وَادي النسور حِين ضَاقَتْ منازلها بذرية السَّيِّد بدر إيثارا لَهُم واعرض عَن الَّذِي يتَحَصَّل مِنْهَا واقام بقرية شفرات ظَاهر الْقُدس الشريف وَهِي الْمَشْهُورَة فِي عصرنا بشرفات وَحَقِيقَة ذَلِك أَن الاول هُوَ اسْم هَذِه الْقرْيَة وَإِنَّمَا اطلق الِاسْم الثَّانِي عَلَيْهَا من حِين مصيرها إِلَى السَّادة الْأَشْرَاف اولاد السَّيِّد أبي الوفا اشتقاقا من سكانها الشرفا توفّي السَّيِّد عبد الْحَافِظ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَأما وَلَده السَّيِّد دَاوُد فَكَانَ من الْأَوْلِيَاء اصحاب الكرامات وَمن كراماته أَن قَرْيَة شرفات الْمَذْكُورَة كَانَ بهَا قَلِيل نَصَارَى يزرعون ارضها وَلَيْسَ فِيهَا مُسلم غَيره وَغير اتِّبَاعه وَعِيَاله وَكَانَ يتستر بالعبادات حَتَّى أظهره الله تَعَالَى وَكَانَ أول اسباب ظُهُوره ان النَّصَارَى بالقرية الْمَذْكُورَة كَانُوا يعصرون الْخُمُور ويبيعونها للفساق من الْمُسلمين وَغَيرهم فشق ذَلِك على السَّيِّد دَاوُد فَتوجه فيهم إِلَى الله تَعَالَى فَكَانُوا بعْدهَا لَا يعصرون الْخمر إِلَّا انقلبت خلا وَقيل مَاء فَقَالَ النَّصَارَى هَذَا سَاحر وَارْتَحَلُوا فشق ذَلِك على مقطعها فَبلغ السَّيِّد دَاوُد ذَلِك(2/147)
فَأرْسل إِلَيْهِ وإستأجرها مِنْهُ وَبنى بهَا زَاوِيَة وقبة وَهِي مدفنه ومدفن اولاده وَذريته وَاتفقَ أَن الْقبَّة لما عقدت اتاها رجل طَائِر فِي الْهَوَاء فَأَشَارَ اليها بِيَدِهِ فَسَقَطت فَظن الْبناء أَنه طَائِر فَذكر ذَلِك للسَّيِّد دَاوُد فَسكت ثمَّ أمره ببنائها ثَانِيًا فَلَمَّا انْتَهَت اتاها الطَّائِر فَسَقَطت ثَانِيًا فَأخْبر السَّيِّد دَاوُد بذلك فَأمر ببنائها فَلَمَّا انْتَهَت حضر السَّيِّد دَاوُد فَأَتَاهَا الطَّائِر فَأَشَارَ اليه السَّيِّد دَاوُد بِيَدِهِ فَسقط مَيتا فِي دَار خلف الزاوية فَأمر أَصْحَابه باحضاره اليه فَاحْضُرْ فَإِذا هُوَ رجل كَامِل الْخلقَة نير الْوَجْه شعر رَأسه مسدول طَوِيل فَغسل وكفن وَصلى عَلَيْهِ وَدفن فِي الْقبَّة الْمَذْكُورَة ثمَّ قَالَ السَّيِّد دَاوُد بَعثه الله لحتفه فَقيل لَهُ هَل تعرفه؟ قَالَ نعم هُوَ ابْن عمي اسْمه احْمَد الطير غارت همته من همتنا واراد ان يطفيء الشُّهْرَة بهدم الْقبْلَة فَلم يرد الله إِلَّا الشُّهْرَة وَجعله الله أول من يدْفن فِي الْقبَّة توفّي السَّيِّد دَاوُد فِي سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة وَأما وَلَده السَّيِّد أَحْمد الملقب بالكبريت الْأَحْمَر الشهير بالكريدي كَانَ من أجلاء الْمَشَايِخ الكاملين الْمُحَقِّقين المتمكنين انْتَهَت اليه رياسة هَذَا الشَّأْن وَوضع الله لَهُ الْقبُول عِنْد كل إِنْسَان واوضح على يَدَيْهِ الْبُرْهَان وَسَماهُ رجال عصره بالكبريت الْأَحْمَر لقلَّة وجود مثله فِي زَمَانه وَكَانَ وَالِده قد خرجه وتكمل فِي زَمَانه وَكَانَ يُشِير فِي بعض الْحَوَادِث اليه فخلفه من يعده وَتخرج بِهِ جمَاعَة لَا يحسون كَثْرَة من ذَوي الاحوال وانتمى اليه خلق كثير وَكَانَ مِمَّن تخرج بِهِ أَخُوهُ السَّيِّد شمس الْمُتَوفَّى قبله وَالشَّيْخ الْعَارِف أَحْمد الصلتي الشهير بِابْن الموله وَالشَّيْخ الْعَارِف أَبُو المحاسن يُوسُف البربراوي نِسْبَة الى قَرْيَة بربر من أَعمال غَزَّة قريبَة من عسقلان وقبره فِيهَا ظَاهر يزار وَالشَّيْخ الصَّالح سَيِّدي عَليّ المومني وَغَيرهم توفّي السَّيِّد أَحْمد الكبريت الْأَحْمَر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَكَانَ لَهُ خَمْسَة أَوْلَاد ذكران وَثَلَاث اناث أحد الذُّكُور السَّيِّد عَليّ وَالثَّانِي(2/148)
السَّيِّد مُحَمَّد البها وَكَانَ من رجال الْوَقْت وعارفيه وَكَانَ لَهما خوارق وَمَكَارِم اخلاق وبر وَكَانَا عُمْدَة الأَرْض المقدسة وَمَا حولهَا يخشاهما السبَاع والمناحيس وتأوي اليهما الْفُقَرَاء ويحضر على موائدهما الْخَاص وَالْعَام ويقصد بركاتهما فِي الْمُهِمَّات الجم الْغَفِير وَكَانَ الْغَالِب على السَّيِّد عَليّ الصحو والحضور وعَلى الشَّيْخ البها الِاسْتِغْرَاق والغيبة ثمَّ توفّي السَّيِّد البها عَن وَلدين فرباهما السَّيِّد عَليّ وَفِي أيامهم وقف منجك نَائِب الشَّام عَلَيْهِم قَرْيَة شرفات الْمَذْكُورَة فتوقف السَّيِّد عَليّ فِي قبُولهَا ثمَّ قبلهَا اليصيرها مرعي اغنامهم وَيكون من أشجارها احطابهم وَلم تؤرخ وَفَاة السَّيِّد مُحَمَّد البها وَأما السَّيِّد عَليّ فوفاته فِي سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة وَله نَيف وَخَمْسُونَ سنة وَأما ولد السَّيِّد عَليّ وَهُوَ السَّيِّد تَاج الدّين أَبُو الوفا مُحَمَّد كَانَ لَا يقطع التَّرَدُّد الى الْقُدس فيأتيه أَكثر مَا كَانَ يَأْتِيهِ وَالِده وجده الكبريت الْأَحْمَر فَاشْترى بالقدس دَارا وَبنى فَوْقهَا وَهُوَ أول من استوطن الْقُدس الشريف بعد موت ابيه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَتُوفِّي فِي يَوْم الْجُمُعَة السَّادِس عشر من ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا شَرْقي الْبركَة وَهُوَ وَالِد الشَّيْخَيْنِ الصَّالِحين الشَّيْخ ابي بكر وَالشَّيْخ عَليّ الْآتِي ذكرهمَا فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمن اقاربهم الشَّيْخ الكمالي كَانَ من أجلاء الرِّجَال ذَوي الْأَحْوَال والمكاشفات وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الجذب ومحاسبة النَّفس غضب يَوْمًا على إِنْسَان فَنظر اليه نظرة غضب فَمَاتَ لوقته وَله تَصَرُّفَات وحالات لَا تسعها الأفهام توفّي وَله نَيف وَخَمْسُونَ سنة واخبرت أَن وَفَاته بعد الثَّمَانمِائَة وَدفن بِظَاهِر الْقُدس عِنْد برج الْعَرَب على طَرِيق الْمَار الى قَرْيَة لفتا وَأما ضريح شرفات فقد حوى من البدرية الْمشَار اليهم عدَّة أَرْبَعِينَ لَا تكَاد تحصى مناقبهم لكثرتها رَحِمهم الله تَعَالَى وَرَضي عَنْهُم ونفعنا بهم بمنه وَكَرمه الشَّيْخ عَليّ الْبكاء صَاحب الزاوية بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام(2/149)
كَانَ مَشْهُورا بالصلاح وَالْعِبَادَة وإطعام من يجتاز بِهِ من الْمَارَّة وَالزُّوَّارِ وَكَانَ الْملك الْمَنْصُور قلاوون يتثني عَلَيْهِ وَيذكر انه اجْتمع بِهِ وَهُوَ أَمِير وَأَنه كاشفه فِي أَشْيَاء وَقعت لَهُ وَسبب بكائه الْكثير أَنه صحب رجلا كَانَت لَهُ أَحْوَال وَخرج عه من بَغْدَاد فوصلا فِي سَاعَة وَاحِدَة الى بَلْدَة بَينهَا وَبَين بَغْدَاد مسيرَة سنة فَقَالَ لَهُ ذَلِك الرجل أَنِّي سأموت فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ فاشهدني فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْوَقْت حضر عِنْده وَهُوَ فِي السِّيَاق وَقد اسْتَدَارَ الى الشرق فحو لَهُ الشَّيْخ عَليّ فَقَالَ لَهُ لَا تتعب فَأَنِّي لَا أَمُوت إِلَّا على هَذَا الْوَجْه وَجعل يتَكَلَّم بِكَلَام الرهبان حَتَّى مَاتَ فَحَمله الشَّيْخ عَليّ وَجَاء بِهِ الى دير هُنَاكَ فَوجدَ أهل الدَّيْر فِي حزن عَظِيم فَقَالَ مَا شَأْنكُمْ؟ قَالُوا كَانَ عندنَا شيخ كَبِير ابْن مائَة سنة فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم مَاتَ على دين الاسلام فَقَالَ الشَّيْخ عَليّ خذو هَذَا بدله وسلموه اليه فَوَلِيه وَصلى عَلَيْهِ وَدَفنه توفّي الشَّيْخ عَليّ البكا فِي جمادي الْآخِرَة سنة سبعين وسِتمِائَة وَدفن بزاويته الْمَشْهُورَة وَهِي بحارة مُنْفَصِلَة عَن مَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من جِهَة الشمَال وَالَّذِي بنى الزاوية والايوان وَمَا مَعَه الْأَمِير عز الدّين أيدمر فِي دولة الْملك الظَّاهِر بيبرس فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة قبل وَفَاة الشَّيْخ ثمَّ بنى قبَّة الزاوية من الساحة وَمَا مَعهَا الْأَمِير الاسفهسلار حسام الدّين طريطاي نَائِب الْقُدس الشريف فِي دولة الْملك الْمَنْصُور قلاوون فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة ثمَّ بنى البوابة والمنارة علوها وهما فِي غَايَة الاتقان وَالْحسن الْأَمِير سيف الدّين سلار نَائِب السلطنة بالديار المصرية والممالك الشامية بِمُبَاشَرَة الْأَمِير كيكلدى النجمي فِي دولة الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فِي مستهل رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْخَطِيب الْقدْوَة الزَّاهِد برهَان الدّين ابو إِسْحَاق ابراهيم بن أبي الْفضل سعد الله بن جمَاعَة بن عَليّ بن جمَاعَة ابْن حَازِم بن صَخْر بن(2/150)
عبد الله بن جمَاعَة الْكِنَانِي الْحَمَوِيّ المولد الشَّافِعِي من ولد مَالك بن كنَانَة ولد بحماه فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ منتصف رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير ثمَّ انْتقل الى دمشق وتفقه على الشَّيْخ ابي مَنْصُور بن عَسَاكِر ثمَّ اشْتغل بِالْحَدِيثِ ودرس بعدة أَمَاكِن وَكَانَ كثير التهمد ملازما للاشتغال بِالْحَدِيثِ وَالصِّيَام عَارِفًا بِعلم اهل الطَّرِيق حسن الْكَلَام فِيهِ لَهُ قبُول عِنْد النَّاس وَلَهُم فِيهِ اعْتِقَاد وَحج مرَارًا آخرهَا فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة ثمَّ قصد من حماة زِيَارَة الْبَيْت الْمُقَدّس فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة واستصحب مَعَه كَفنه وودع أهل الْبَلَد وَأخْبرهمْ أَنه يَمُوت بِبَيْت الْمُقَدّس فوصل اليه وَأقَام بِهِ اياما ثمَّ مرض يَوْمَيْنِ وَتُوفِّي فِي الثَّالِث وَكَانَت وَفَاته بكرَة يَوْم عيد الاضحى من سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة وَصلي عَلَيْهِ ضحوة النَّهَار بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَدفن بماملا عِنْد سَيِّدي الشَّيْخ ابي عبد الله الْقرشِي وَهُوَ أول من استوطن بَيت الْمُقَدّس من بني جمَاعَة وَكَانَ يلقب بِصَاحِب عَرَفَة لِأَنَّهُ رَآهُ جمَاعَة من النَّاس بِعَرَفَة واصبح خطب عيد الْأَضْحَى بِمَدِينَة حماة فَلَمَّا ظَهرت لَهُ هَذِه الْكَرَامَة توجه لزيارة بَيت الْمُقَدّس وَتُوفِّي بِهِ - كَمَا تقدم - رَحمَه الله الشَّيْخ الْعَالم الْكَبِير الصَّالح أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَارِف غَانِم الْمَقْدِسِي الانصاري وقفت على مرسوم السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون ان يُقرر لَهُ برسم زاويته فِي كل شهر غِرَارَتَانِ قمحا بِالْكَيْلِ النابلسي إنعاما مستمرا مؤرخ المرسوم فِي الثَّالِث من الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَلم أطلع لَهُ على تَرْجَمَة وَلَا تَارِيخ وَفَاة رَحمَه الله عمر بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن كَعْب الوَاسِطِيّ توفّي فِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشر شعْبَان سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن بماملا وقبره عَلَيْهِ بِنَاء عَظِيم وَهُوَ على جَانب الطَّرِيق قبلي قبَّة الكبكية وَلَا أعرف لَهُ تَرْجَمَة(2/151)
(قبر وجدنَا) بِالْقربِ من قبر الوَاسِطِيّ - الْمَذْكُور من جِهَة الْقبْلَة قبر على جَانب الطَّرِيق السالك يعرف بِقَبْر وجدنَا وَالسَّبَب فِي ذَلِك انه مر اثْنَان وَهُوَ رَاكب فَقَرَأَ عِنْده قَوْله تَعَالَى (ووجوا مَا عمِلُوا حَاضرا وَلَا يظلم رَبك أحدا) فَأجَاب من الْقَبْر بقوله وجدنَا وجدنَا حَتَّى سَمعه ذَلِك الرجل وَهُوَ قبر مَشْهُور عَلَيْهِ أَحْجَار كبار وَلَا يعرف اسْم صَاحبه وَإِنَّمَا يعرف بِقَبْر وجدنَا وَقد وهم بعض النَّاس فَظَنهُ قبر الوَاسِطِيّ وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن ذَاك اسْمه مَكْتُوب على الْقَبْر وَهَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ كِتَابَة وَحكي ان بعض النَّاس اخذ الْأَحْجَار الَّتِي على قبر وجدنَا ونقلها الى مَكَان آخر فَأصْبح وَقد وجدهَا على الْقَبْر كَمَا كَانَت فعد ذَلِك من كراماته رَحمَه الله الْفَقِيه شرف الدّين قَاسم بن الشَّيْخ الْقدْوَة علم الدّين سُلَيْمَان بن شرف الدّين قَاسم الحوراني نزيل الْقُدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَهُوَ جد بني قَاسم الْمَشْهُورين بالقواسمه وَكَانَ لَهُ وصلَة بالأمير سنجر الدويدار وَاقِف الدويدارية بِبَاب شرف الْأَنْبِيَاء وَجعله مشارفا لمدرسته وأشركه فِي النّظر مَعَ وَلَده جمال الدّين مُوسَى وَعين ذَلِك فِي كتاب وَقفه - الْمُتَقَدّم ذكر تَارِيخه عِنْد ذكر الْمدرسَة الشَّيْخ أَبُو يَعْقُوب المغربي الْمُقِيم بالقدس الشريف كَانَ النَّاس يَجْتَمعُونَ بِهِ وَهُوَ مُنْقَطع بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة الشَّيْخ الصَّالح العابد الزَّاهِد جلال الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم بن الصَّدْر زين الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الْعقيلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن القلانسي ولد سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة سمع على جمَاعَة واشتغل بصناعة الْكِتَابَة ثمَّ انْقَطع وَترك ذَلِك كُله وَاقْبَلْ على الْعِبَادَة والزهادة وَبنى لَهُ الْأُمَرَاء بِمصْر زَاوِيَة وترددوا اليه وَكَانَ فِيهِ بشاشة وَقَضَاء حَاجَة وَكَانَ ثقيل السّمع ثمَّ انْتقل الى الْقُدس وَقدم دمشق وَحدث بهَا ثمَّ عَاد الى الْقُدس وَتُوفِّي لَيْلَة الْأَحَد الثَّالِث من ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا رَحمَه الله الشَّيْخ الصَّالح أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم الْمصْرِيّ الْقصرى توفّي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا رَحمَه الله الشَّيْخ الْعَلامَة نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد الشَّيْخ الدّين سُلَيْمَان بن غَانِم شيخ حرم الْقُدس الشريف رَأَيْت توقعاً لَهُ من قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين ابي الْحسن عَليّ القونوي الشَّافِعِي قَاضِي دمشق بمشيخة الْحرم بالقدس الشريف تَارِيخ التوقع فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن شَوَّال سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة الشَّيْخ ابراهيم الهدمة اصله كردِي من بِلَاد الشرق قدم الشَّام وَأقَام بَين الْقُدس والخليل فِي أَرض اخْتَارَهَا وعنى بهَا وَزرع فِيهَا وَكَانَ يقْصد للزيارة وَظَهَرت لَهُ كرامات وَقد بلغ مائَة سنة وَتزَوج فِي آخر عمره ورزق اولادا صالحين وَحكي عَنهُ انه كَانَ يصرف لَهُ من سماط سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي كل يَوْم عشرَة أرغفة فَكَانَت تجمع لَهُ من أول الاسبوع إِلَى آخِره فيحضر فِي آخر يَوْم من الاسبوع وَيدْفَع لَهُ الْخبز عَن جَمِيع ذَلِك الاسبوع ويفت فِي وعَاء وَيُوضَع عَلَيْهِ الحشيشة من السماط الْكَرِيم فيأكله جَمِيعه وَيسْتَمر بَقِيَّة الاسبوع لَا يَأْكُل شَيْئا توفّي فِي جمادي الْآخِرَة سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِالْقربِ من قَرْيَة سعير بَين الْقُدس والخليل رَحمَه الله الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْقدْوَة الْمُحَقق برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم ابْن عمر بن ابراهيم بن خَلِيل الْمقري الجعبري الخليلي الشَّافِعِي وَكَانَ يُقَال لَهُ شيخ الْخَلِيل ولد بجعبر فِي حُدُود سنة اربعين وسِتمِائَة وتلا بالسبع وبالعشر ثمَّ قدم دمشق ثمَّ رَحل الى بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأقَام بِهِ مُدَّة طَوِيلَة نَحْو اربعين سنة ورحل النَّاس اليه وروى عَنهُ خلائق وصنف نزهة البررة فِي القراآت الْعشْرَة وَشرح الشاطبية والرائية وَاخْتصرَ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ومقدمته فِي النَّحْو وكمل شرح التَّعْجِيز فَإِن صَاحبه لم يكمله وَله مُصَنف فِي عُلُوم الحَدِيث ومناسك إِلَى غير ذَلِك من التصانيف المختصرة الَّتِي تقَارب الْمِائَة وَكَانَ منور الشيبة ولي مشيخة مَسْجِد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى أَن توفّي فِي يَوْم الْأَحَد الْخَامِس من شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِظَاهِر الْبَلَد تَحت الزيتونة وَله ثِنْتَانِ وَتسْعُونَ سنة رَحمَه الله الشَّيْخ سيف الدّين أَبُو بكر بن الشَّيْخ الْقدْوَة حسن بن الشَّيْخ الْقدْوَة غَانِم الانصاري كَانَ مَوْجُودا فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَولده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد وَالشَّيْخ عبد الرَّحِيم كَانَا موجودين فِي شهر رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَمِمَّنْ كَانَ فِي عصر الشَّيْخ سيف الدّين الشَّيْخ شرف الدّين عِيسَى بن مُوسَى ابْن الشَّيْخ غَانِم وَلم أطلع لأحد مِنْهُم على تَرْجَمَة ولاتاريخ وَفَاة رَحِمهم الله تَعَالَى الشَّيْخ فَخر الدّين عُثْمَان بن برهَان الدّين ابراهيم العجمي الشَّافِعِي كَانَ من الْفُقَهَاء والعدول بالقدس الشريف وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة الْأَمِير جلال الدّين الْعشي بن عز الدّين بن حسام الدّين اتابك الكيلاني الْمَغَازِي من ذُرِّيَّة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ توفّي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة القَاضِي عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الصَّالِحِي الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الْفَاضِل شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم بن خَلِيل بن ابي الْعَبَّاس الجعبري الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود التسعين والستمائة وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة مِنْهُم وَالِده واستجاز لَهُ أَبوهُ جمعا وَولي مشيخة حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة(2/152)
وَالسَّلَام بعد وَالِده وانفصل مِنْهَا ثمَّ اعيد وَاسْتمرّ الى أَن مَاتَ فِي ثَالِث عشر صفر سنة تسع واربعين وَسَبْعمائة وَكَانَ قد زوجه وَالِده بِالْمَرْأَةِ الصَّالِحَة زهراء بنت الشَّيْخ زين الدّين عمر بن أخي الشَّيْخ عَليّ البكا فَولدت لَهُ عدَّة أَوْلَاد يعرف مِنْهُم خَمْسَة مُحَمَّد وَأحمد وَعمر وَعلي وابراهيم فَأَما مُحَمَّد فَلم يعرف من حَاله إِلَّا أَنه استجيز لَهُ جمع كَبِير من الْعلمَاء وَكَأَنَّهُ مَاتَ صَغِيرا وَأما أَحْمد فَإِنَّهُ عَاشَ وَحدث لَهُ أَوْلَاد وَلَكِن لَا تعرف لَهُ تَرْجَمَة وَأما عمر فَالظَّاهِر أَنه الْأَكْبَر وَله تَرْجَمَة هُوَ الشَّيْخ الْفَاضِل الصَّالح ولد سنة ارْبَعْ عشرَة وَسَبْعمائة واستجاز لَهُ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد البرزالي جمعا كَبِيرا من الْعلمَاء وَولي مشيخة حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد وَالِده مُسْتقِلّا بهَا وَكَانَ يقاسم اخوته الْمَعْلُوم الْمُتَعَلّق بهَا وَأخذ طَريقَة السَّادة الصُّوفِيَّة البكائية عَن خَاله الشَّيْخ عَليّ بن الشَّيْخ عمر فَكَانَ شيخ الطَّائِفَة الْمَذْكُورَة وَشَيخ الزاوية الكائنة على ضريح الشَّيْخ عَليّ البكا والناظر عَلَيْهَا وَكَانَ مُعْتَقدًا فِيهِ الصّلاح وَالْخَيْر توفّي فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأَخُوهُ عَليّ هُوَ الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل نور الدّين وَيُقَال عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن ولد فِي حُدُود سنة عشْرين وَسَبْعمائة واستجاز لَهُ جده الامام برهَان الدّين الْعَلامَة شرف الدّين الْبَارِزِيّ وَسمع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَغَيره وَولي مشيخة حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد أَخِيه الشَّيْخ عمر وَتُوفِّي بعد أَن فوض المشيخة إِلَى وَلَده - الْآتِي ذكره - سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَأَخُوهُ الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم لم يعرف لَهُ تَرْجَمَة وَوجدت وَصيته فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَأما ولد الشَّيْخ نور الدّين - الْمَوْعُود بِذكرِهِ - هُوَ الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل(2/155)
شمس الدّين أبوعبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ نور الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن ابراهيم الجعبري ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع من ابيه وَعَمه الشَّيْخ عمر وَغَيرهمَا وَكَانَت عِنْده الْخِرْقَة البكائية عَن عَمه ووالده وَتفرد بروايتها وقصده جمَاعَة لأخذها عَنهُ وَولى مشيخة الزاوية البكائية بعد عَمه الشَّيْخ عمر ومشيخة الْحرم بعد أَبِيه بتفويض مِنْهُ وَتزَوج بنت عَمه الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم وَحدث لَهُ مِنْهَا أَوْلَاد مِنْهُم الشَّيْخَانِ الشمسي والسراجي المعروفان وَسَنذكر ترجمتهما فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى الشَّيْخ الْعَالم الْفَاضِل زين الدّين عبد الْقَادِر توفّي بعد ان اشْتغل بِالْعلمِ وَالْقِرَاءَة والْحَدِيث وَسمع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَغَيره وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة عَن ازيد من اربعين سنة وَتُوفِّي الشَّيْخ شمس الدّين الجعبري - الْمشَار اليه - فِي إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة مطعونا وَزَوجته سِتّ الْمَشَايِخ بنت برهَان الدّين مولدها سنة ارْبَعْ وَخمسين وَسَبْعمائة وَتوفيت فِي سنة ثَلَاث واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين حسن بن عَلَاء الدّين ابي الْحسن عَليّ الصَّفَدِي الشَّافِعِي كَانَ من اعيان الْفُقَهَاء بالقدس الشريف وَكَانَ يتَحَمَّل الشَّهَادَة عِنْد الْقُضَاة وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود الْخمسين والسبعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعدْل المعمر شرف الدّين قَاسم بن سُلَيْمَان بن قَاسم الْأَذْرَعِيّ الْقُدسِي إِمَام قبَّة مُوسَى بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف مولده فِي سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النابلسي الْحَنْبَلِيّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتُوفِّي بالقدس الشريف فِي سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَامِل البارع الْمُحدث المعمر صدر الاكابر قطب الدّين ابو بكر مُحَمَّد بن الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام الْعَالم جلال الدّين أبي الْعَزْم مكرم الانصاري الخزرجي نزيل الْحَرَمَيْنِ الشريفين والقدس الشريف مولده فِي سنة سبعين وسِتمِائَة وَله سَنَد عَال فِي الحَدِيث أجَاز للشَّيْخ شمس الدّين عبد الْقَادِر(2/156)
النابلسي الْحَنْبَلِيّ بالقدس الشريف فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعدْل المرتضى أَمِين الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرحمان الْجَزرِي أحد اصحاب الْفَخر البُخَارِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النابلسي الْحَنْبَلِيّ الحَدِيث واجازه بقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة فِي ثَالِث عشر جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة الْمسند شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن خطاب بن الْيُسْر الْقُدسِي الموقت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف ولد فِي الْمحرم سنة ارْبَعْ وعشين وَسَبْعمائة سمع من الْحجاز وَمن العلائي وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء واجاز لأبي الْفَتْح المراغي فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَامِل الصَّالح الْقدْوَة الْكَبِير الزَّاهِد مربي الطالبين مرشد السالكين ولي الله فِي الْعَالمين الشَّيْخ عَليّ الصفي البسطامي شيخ فُقَرَاء البسطامية بالقدس الشريف كَانَ من الْأَوْلِيَاء الْمَشْهُورين توفّي فِي عصر يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشر صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَدفن بالبسطامية بماملا قدس الله روحه الشَّيْخ الصَّالح الشَّهِيد المرحوم عَليّ بن أَحْمد المذكوري توفّي فِي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْحَافِظ الْمُحدث جمال الدّين أَبُو مَحْمُود أَحْمد بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن هِلَال الْقُدسِي الخواصي الشَّافِعِي ولد فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَسَبْعمائة ضبط وافاد ورحل ودرس بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية بالقدس الشريف بعد وَفَاة العلائي صنف الْمِصْبَاح فِي الْجمع بَين الْأَذْكَار وَالسِّلَاح ومثير الغرام إِلَى زِيَارَة الْقُدس وَالشَّام وكل فَرَاغه مِنْهُ فِي يَوْم الاربعاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة بِبَيْت الْمُقَدّس وَصَارَ رحْلَة وَمن نظمه قد صَحَّ عِنْد النَّاس اني مغرم أَتَرَى تجود بِمَا أَدْعُوهُ وتنعم(2/157)
فَلَقَد شهدتك دوتهم بدر الدجى لبليتي ومنيتي وَلَقَد عموا كم ذَا اوري والعوذل حضر واصد عَن ذكراك كي يتوهموا واذا ذكرت ارى الرَّقِيب تجلدا وأخو الصبابة مَا عساه يكتم غدر الْهوى من بعد مَا سالمته وَمن الَّذِي يهون وَمِنْه يسلم توفّي الشَّيْخ أَبُو مَحْمُود بِمصْر فِي ربيع الآخر سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن يَعْقُوب بن الياس الانصاري الخزرجي البيساني الْمَقْدِسِي الْمَعْرُوف بِابْن إِمَام الصَّخْرَة ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَحضر على الْفَخر بن البُخَارِيّ وَسمع على جمَاعَة واجاز لَهُ جمَاعَة توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ سراج الدّين أَبُو حَفْص عمر بن الشَّيْخ الصَّالح أبي الْقَاسِم العدلي الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الْعَالم الصَّالح غَانِم بن عِيسَى بن غَانِم الْمَقْدِسِي الصُّوفِي كَانَ شَيخا للصوفية بالخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف وَله نظم رائق وَهُوَ ولد القَاضِي شرف الدّين عِيسَى بن غَانِم قَاضِي الْقُدس الشريف - الْمُتَقَدّم ذكره - توفّي الشَّيْخ غَانِم سنة سبعين وَسَبْعمائة بالقدس الشريف الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة جمال الدّين عبد الله بن الشَّيْخ الامام الْعَلامَة نَاصِر الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن حسام الدّين ابي الرّبيع سُلَيْمَان بن غَانِم الشَّافِعِي شيخ حرم الْقُدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة القَاضِي بدر الدّين أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن القَاضِي تَقِيّ الدّين أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن القَاضِي قطب الدّين عبد اللَّطِيف بن الشَّيْخ صدر الدّين يحيى السُّبْكِيّ الانصاري الامام الْعَالم البارع الأوحد مولده بِالْقَاهِرَةِ قيل سنة ارْبَعْ وَقيل خمس وَقيل سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع من جمَاعَة بِمصْر وَالشَّام ودرس وافتى وعمره خمس عشرَة سنة(2/158)
فِي حَيَاة جده لأمه قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وناب فِي الحكم بِدِمَشْق لخاله القَاضِي تَاج الدّين السُّبْكِيّ ثمَّ ولي قَضَاء الْعَسْكَر بِدِمَشْق وَكَانَ حسن الخطابة كثير الْأَدَب والحشمة وَالْحيَاء وَالنَّاس مجمعون على محبته توفّي بالقدس الشريف فِي شَوَّال سنة احدى وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقابر بَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الصَّالح عبد الله الْهِنْدِيّ كَانَ من الْأَوْلِيَاء الْمَشْهُورين توفّي بالقدس الشريف لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشري ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا عِنْد أبي عبد الله الْقرشِي الْمسند بدر الدّين مُحَمَّد بن الْأَمِير سيف الدّين قلنجد بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ابْن أخي الْحَافِظ ابي سعيد العلائي ولد فِي ثَالِث شعْبَان سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَسمع من جمَاعَة وَحدث سَمعه الْفُضَلَاء وَكَانَ رجلا حسنا لَهُ أوراد وَفِيه خير توفّي بالقدس الشريف يَوْم الْجُمُعَة حادي عشري شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين أَبُو الفدا اسماعيل بن عَليّ بن الْحسن بن سعيد بن صَالح القرقشندي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف وفقهيه مولده فِي سنة اثْنَيْنِ وَسَبْعمائة بِمصْر وَقَرَأَ بهَا وَحصل ثمَّ قدم دمشق وَقَرَأَ على الشَّيْخ فَخر الدّين الْمصْرِيّ فَأَجَازَهُ بالافتاء ثمَّ أَقَامَ بالقدس مثابرا على نشر الْعلم وَتزَوج بنت مدرس الصلاحية العلائي وَأعَاد عِنْده واشتهر أمره وَبعد صيته ورحل اليه وَكَثُرت تلامذته توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس جمادي الْآخِرَة سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بالقلندرية بماملا وَهُوَ أول من استوطن بَيت الْمُقَدّس من بني القرقشندي وَله ذُرِّيَّة معروفون سنذكر تراجمهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى الشَّيْخ الْعَلامَة سراج الدّين أَبُو حَفْص عمر الزَّيْلَعِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي أحد عُلَمَاء الْقُدس الأخيار توفّي فِي سادس رَجَب سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة(2/159)
بالقدس الشريف وَدفن بالقلندرية بماملا الشيد الشريف الحسيب النسيب الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْخَيْر بادار بن عبد الله القرنوي الْبَصِير نزيل الْقُدس الشريف كَانَ يتَكَلَّم على النَّاس بقبة السلسلة بِصَحْنِ الصَّخْرَة قَالَ الشَّيْخ بدر الدّين مَحْمُود العجلوني مَا عرفت الله إِلَّا بملازمة مجالسه وقبره ظَاهر الْقُدس الشريف بِالْقربِ من خَان الظَّاهِر وَهُوَ مَعْرُوف يزار وَعِنْده ايوان بِهِ محراب على جَانب الطَّرِيق توفّي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشر شعْبَان سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الْقدْوَة شمس الدّين مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حسن بن مُوسَى بن غَانِم الْمَقْدِسِي شيخ بَيت الْمُقَدّس ولد فِي رَمَضَان سنة سبع وَسَبْعمائة وَسمع من هَدِيَّة بنت عَسَاكِر الأول من حَدِيث الْهَاشِمِي وَالْأول من شَيْخه العيسوي وَمن زَيْنَب بنت شكر ثلاثيات الدَّارمِيّ وَمن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الجرائدي السَّفِينَة الجرائدية وَهِي سَبْعَة أَجزَاء وَحدث بِبَيْت الْمُقَدّس وَغَيره وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الأوحد الْعَالم بدر الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام الْعَالم جمال الدّين عبد الله بن الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن غَانِم شيخ حرم الْقُدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْخَطِيب الشَّافِعِي فَقِيه الْقُدس ومفتيه انْتفع عَلَيْهِ فُقَهَاء بَيت الْمُقَدّس وَأخذ عَنهُ الشَّيْخ سعد الدّين الديري الاصول واخذ عَنهُ غَيره من الْعلمَاء علوما كَثِيرَة توفّي بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَدفن بِالبَقِيعِ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الانصاري الْقُدسِي الشَّافِعِي ولد فِي شهر ربيع الأول سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ وَصَارَ من الْفُضَلَاء توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الزَّاهِد قطب زَمَانه شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد(2/160)
ابْن عُثْمَان بن عمر التركماني الأَصْل الْمَعْرُوف بالقرمي الشَّافِعِي مولده فِي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة عشْرين وَسَبْعمائة كَانَ اُحْدُ افراد زَمَانه عبَادَة وزهدا وورعا متصديا لزيارة الْأَوْلِيَاء القادمين من الْبِلَاد على الْقُدس وَتَأْتِي الْمُلُوك إِلَى بَابه وَلم يكن فِي زَمَانه اشهر بالصلاح مِنْهُ وَله خلوات ومجاهدات وَكَانَ يقْرَأ الْقُرْآن كثيرا يقْرَأ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ثَلَاث ختمات وَلما احْتضرَ حضر عِنْده الشَّيْخ عبد الله البسطامي فَقَالَ لَهُ ان النَّاس قد أَكْثرُوا فِيك القَوْل فِيمَا تقْرَأ من الْخَتْم فِي الْيَوْم فَأَخْبرنِي قَالَ أَنا لَا أضبط ذَلِك وَلَكِن ثمَّ من ضبط اني قَرَأت من الصُّبْح الى الْعَصْر خمس ختمات وَكَانَ نَشأ بِدِمَشْق ثمَّ أَقَامَ بِبَيْت الْمُقَدّس وَبنى لَهُ زَاوِيَة وَكَانَ يُقيم فِي الْخلْوَة اربعين يَوْمًا لَا يخرج إِلَّا للْجُمُعَة وَسمع الصَّحِيح من الْحجاز بالجامع الْأمَوِي تَحت النسْر سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَمن غَيره ايضا وَكَانَ يسئل فِي الحَدِيث فَيمْتَنع ثمَّ حدث فِي آخر عمره وَسمع مِنْهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان وَغَيره توفّي بالقدس الشريف فِي نَهَار الْأَحَد التَّاسِع من صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَحمل جنَازَته الْعلمَاء والمشايخ والصلحاء وَلم يتَأَخَّر من مَدِينَة الْقُدس أحد عَن دَفنه وَدفن بزاويته بِخَط مرزبان بِالْقربِ من حمام عَلَاء الدّين الْبَصِير وَله كرامات ظَاهِرَة وَكَانَ فِي عصر الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن عَلَاء الدّين شاه بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد الجيلي كَانَ من أُمَرَاء العشرات بغزة المحروسة وَهُوَ مُقيم بالقدس الشريف وَله أوقاف كَثِيرَة وعمارات من جُمْلَتهَا زَاوِيَة الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي - الْمُتَقَدّم ذكرهَا - وَغَيرهَا بالخط الْمَذْكُور وَغَيره ووكان لَهُ اعْتِقَاد فِي الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي ووقف عَلَيْهِ وعَلى ذُريَّته ثلث جهاته واخبرت أَنه توفّي فِي حَيَاة الشَّيْخ ووقف على غسله وَدفن بماملا بِالْقربِ من أبي عبد الله الْقرشِي شيخ الاسلام برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين(2/161)
أبي الفدا اسماعيل القرقشندي الشَّافِعِي ولد سنة ثَمَان واربعين وَسَبْعمائة كَانَ من الْعلمَاء الْأَعْلَام سمع على وَالِده وجده العلائي وتفقه بهما وَسمع على الْبَهَاء والتاج السبكيين وأذنا لَهُ فِي الافتاء والتدريس وَأخذ عَن خلق كثير من الْعلمَاء وَكَانَ من عجائب الدَّهْر حفظا وذكاء واستحضارا للعلوم حَتَّى قيل انه كَانَ يحفظ فردة كتب توفّي فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة وَكَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله وَحكي عَنهُ انه قبل مَوته بِقَلِيل نظر إِلَى أَخِيه الْعَلامَة شمس الدّين ثمَّ أنْشد بِلِسَان منطلق مُحَمَّد صبرا فقبلك قد بَكت عين النَّبِي وَمَات ابراهيم وَدفن بماملا بتربة اقاربه إِلَى جَانب أَبِيه القَاضِي بدر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مزهر اشْتغل بِالْعلمِ وَنَشَأ على طَريقَة حَسَنَة ولي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق مرَّتَيْنِ عشر سِنِين وَنَحْو ثَمَانِيَة أشهر وباشر بعفة ونزاهة وَكَانَ شكلا حسنا توفّي بالقدس الشريف فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة عبد الله بن خَلِيل بن عَليّ الاسد آبادي البسطامي كَانَ من اولياء الله تَعَالَى العارفين وَله أَحْوَال ظَاهِرَة وَهُوَ صَاحب الزاوية البسطامية بحارة المشارفة توفّي بالقدس الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بحوش البسطامية بماملا عِنْد شَيْخه الشَّيْخ عَليّ الصفي - الْمُتَقَدّم ذكره - المسندة الصَّالِحَة الْبركَة أَسمَاء بنة الْحَافِظ صَلَاح الدّين خَلِيل بن العلائي ولدت فِي سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمعت على والدها وَغَيره وَحدثت الْكثير من مسموعاتها وَهِي زَوْجَة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين اساعيل القرقشندي وَأم ولديه الشمسي والبرهاني اجازت بالفتوى لحفيدها شَيخنَا القرقشندي - الْآتِي ذكره - وَتوفيت سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة ودفنت بماملا بالقلندرية بجوار زَوجهَا واولادها(2/162)
الشَّيْخ الْقدْوَة أَبُو حَفْص عمر بن نجم الدّين يَعْقُوب الْبَغْدَادِيّ ثمَّ الْمَقْدِسِي الْمَعْرُوف بالمجرد ولد بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة وَسمع البُخَارِيّ بِدِمَشْق سنة سِتّ وَعشْرين وَأقَام بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَبنى بِهِ زَاوِيَة فِي غَايَة الْحسن بِنَاء ومنظرا وَبنى اماكن بِأَعْلَاهَا ورتب فِيهَا من يتَعَلَّم الْقُرْآن وأجرى لَهُم المعاليم وَكَانَ اذا قَرَأَ الْقُرْآن عِنْده أحد يخيره بَين الاقامة عِنْده بِشَرْط أَن يشْتَغل بِالْعلمِ وَيُعْطِيه كتابا أَو يذهب الى بَلْدَة أُخْرَى وَلَا يدع أحدا يقْعد عِنْده بطالا وَكَانَ فِي فعل الْخَيْر من الْعَجَائِب لَا يقْصد فِي حَاجَة إِلَّا قَضَاهَا ويضيف من يَقْصِدهُ بِمَا حضر عِنْده وَكَانَ يُوجد عِنْده من الماكولات اطيبها وَكَانَ شَيخا طَويلا يلبس على رَأسه قبعا من غير عِمَامَة توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بزاويته بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقد وهم بعض المؤرخين فِيهِ فَظَنهُ الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد وَاقِف زَاوِيَة المغاربة بالقدس لاشْتِرَاكهمَا فِي الِاسْم والشهرة وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن صَاحب زَاوِيَة المغاربة بالقدس الشريف الشَّيْخ عمر بن عبد الله بن عبد النَّبِي المغربي المصمودي الْمُجَرّد وتاريخ وَقفه لزاويته فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة قبل مولد الشَّيْخ عمر صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة بتسع سِنِين وَلما توفّي الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد صَاحب الزاوية بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ قد فوض أَمر زاويته الى الشَّيْخ الْعَلامَة جمال الدّين عبد الله المراكشي الهنتاني الْمَالِكِي فِي خَامِس شهر جمادي الآولى سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا وَفعل من كل حَسَنَة وَجَمِيل ثمَّ فِي الْعشْر الأول من شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة قرر الشَّيْخ جمال الدّين الْمَذْكُور ولديه مُحَمَّد وَأحمد فِي المشيخة بالزاوية وَالتَّصَرُّف فِيهَا وَكتب مُسْتَندا بذلك عَلَيْهِ خطّ شيخ الاسلام شهَاب الدّين أَحْمد بن الهائم وَالشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي(2/163)
الشَّيْخ عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن الشهير بالغوري المجذوب الْخَيْر الصَّالح كَانَ من صلحاء بَيت الْمُقَدّس يَقُولُونَ انه خفيرها وَلما مَاتَ قطعُوا عباءته قطعا صغَارًا وحمولها فِي عمائهم وَمِمَّنْ كَانَ يعْتَقد فِيهِ قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري توفّي بالقدس الشريف فِي سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف عِنْد جَامع الْمَالِكِيَّة خلف المسطبة الشَّيْخ الامام الْقدْوَة الزَّاهِد العابد الخاشع الناسك ابو بكر بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ الْموصِلِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْعَالم الْمُفِيد بَقِيَّة مَشَايِخ عُلَمَاء الصُّوفِيَّة وحيد عصره قدم من الْموصل وَهُوَ شَاب وعلاذكره وَصَارَ يتَرَدَّد اليه نواب الشَّام ويمتثلون أوامره وَحج غير مرّة وَكَانَ من كبار الْأَوْلِيَاء جمع بَين علمي الشَّرِيعَة والحقيقة ورزق الْعلم وَالْعَمَل وَقد زَارَهُ السُّلْطَان برقوق فِي منزله بالأمينية بجوار سور الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف من جِهَة الشمَال توفّي بالقدس فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ حادي عشري شَوَّال سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا وَله مصنفات كَثِيرَة فِي التصوف وَغَيره وَله منسك صَغِير فِي نَحْو كراسين ذكر فِيهِ الْمذَاهب الْأَرْبَعَة الشَّيْخ مُحَمَّد بن أبي جوز رجل صَالح من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى توفّي بعد الثَّمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بماملا قبلي الْبركَة بِالْقربِ من بَاب القلندرية وَنقل ان الدُّعَاء عِنْد قَبره مستجاب المسندة خَدِيجَة بنت أبي بكر بن يُوسُف بن عبد الْقَادِر بن يُوسُف بن مَسْعُود بن سعد الله الْخَلِيفَة سَمِعت الحَدِيث وَحدثت واجازت لأبي الْفَتْح المراغي والحافظ ابْن حجر توفيت فِي أَوَاخِر سنة أحدى وَثَمَانمِائَة الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى بن علم الدّين سُلَيْمَان الْمَشْهُور بِابْن الْعلم نِسْبَة لوالده وَهُوَ الْمَنْسُوب اليه حارة الْعلم وَله ذُرِّيَّة معروفون وَيعرف وَالِده بِابْن الْمُهَذّب وَكَانَت وَفَاة الْعلم فِي حُدُود التسعين والسبعمائة وَكَانَ شرف الدّين مُوسَى أحد رجال الخليفية الشامية وَهُوَ مُقيم بالقدس الشريف توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالحارة الْمَذْكُورَة فِي تربة هُنَاكَ مَعْرُوفَة بِهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْحَافِظ صَلَاح الدّين خَلِيل بن كيكلدى العلائي ولد فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَبكر بِهِ وَالِده الى السماع وَهُوَ آخر من حدث عَن ابي حَيَّان بالبلاد الشامية توفّي بالقدس الشريف فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَقيل فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ رَابِع عشري ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَدفن من الْغَد بِجَانِب قبر أَبِيه بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الناصح الْمصْرِيّ الصَّالح الْمُحدث كَانَ من الْمَشْهُورين بالصلاح وَحكى الشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي أَنه شَاهده وَقد خرج من الْمدرسَة الفخرية إِلَى الأٌ قصى وَرَأى الأَرْض تطوى تَحْتَهُ ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَتُوفِّي فِي رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة الْمسند شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الخليلي الْقُدسِي نزيل غَزَّة ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع من ابي الْفَتْح الْمَيْدُومِيُّ والعلائي وَغَيرهمَا وَمن تصانيفه القَوْل الْحسن فِي بعث معَاذ الى الْيمن وَتَحْقِيق المُرَاد فِي أَن الرَّأْي يَقْتَضِي الْفساد وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَكَانَ فَاضلا دينا صَالحا توفّي فِي صفر سنة خمس وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْمسند زين الدّين عبد الرحمان بن مُحَمَّد بن حَامِد سمع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ والعلائي وَغَيرهمَا وَسمع عَلَيْهِ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي واجازه توفّي سنة سبع وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح العابد الزَّاهِد الشَّيْخ صَامت الأدهمي شيخ الزاوية الادهمية توفّي سلخ رَجَب سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَدفن بالزاوية الْمَذْكُورَة سفل الساهرة وَكَانَ قبله شيخ الزاوية الأدهمية الشَّيْخ دَاوُد بدر الأدهمي واخبرت أَن وَفَاته قبل وَفَاة الشَّيْخ صَامت بِثَلَاثِينَ سنة وَدفن بالزاوية الْمَذْكُورَة القَاضِي جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن القَاضِي شمس الدّين أبي عبد الله(2/164)
مُحَمَّد بن الشَّيْخ زين الدّين أبي المحامد حَامِد الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة المستندة آمِنَة ابْنة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي ولدت فِي بضع واربعين وَسَبْعمائة سَمِعت على والدها وجدهَا لأمها الْعَلامَة المسلسل بالأولية وَغَيره وَسمعت على الْمَيْدُومِيُّ وَجَمَاعَة وَحدثت بالقدس الشريف وَتوفيت فِي ربيع الآخر سنة تسع وَثَمَانمِائَة ودفنت بالزاوية القلندرية من ماملا بجوار أَبِيهَا شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شيخ مَدِينَة الْقُدس وعالمها ولد سنة خمس واربعين وَسَبْعمائة وَسمع على الْمَيْدُومِيُّ واخذ عَن ابيه وجده لأمه الْحَافِظ صَلَاح الدّين العلائي واشتغل وَمهر وساد حَتَّى صَار شيخ الْقُدس فِي الْفَتْوَى والتدريس توفّي فِي رَجَب سنة تسع وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بمقبرة ماملا عِنْد وَالِده واخته بالقلندرية وَمن نظمه لم أر مثلي مذنبا عَاصِيا على معاصي ربه أجْرى (1) نَفسِي حرون فَإِذا شَهْوَة لاحت فَمَا ريح الصِّبَا أجْرى (2) اني على هَذَا وامثاله أنال من رب العلى أجرا (3) المسندة غزال عتيقة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي أم عبد اللَّطِيف سَمِعت من الْمَيْدُومِيُّ وأجازت لشَيْخِنَا التَّقْوَى القرقشندي توفيت بالقدس الشريف فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة ودفنت بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّحِيم بن شيخ الاسلام نجم الدّين مُحَمَّد بن زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي أَخُو الْخَطِيب جمال الدّين أبن جمَاعَة - (1) من الجراءة (2) من الجري (3) من الْأجر(2/166)
مولده فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْفُضَلَاء أعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية توفّي فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح عبد الله بن مصطفى الرُّومِي الْمَشْهُور بالدالي كَانَ رجلا صَالحا وَلأَهل بَيت الْمُقَدّس فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم واشتهر أمره حج الى بَيت الله الْحَرَام فَمَاتَ بطرِيق مَكَّة فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة وَكَانَ الْأَمِير حسن الكنكلي نَاظر الْحَرَمَيْنِ بنى لَهُ تربة بِبَاب الرَّحْمَة ليدفن فِيهَا مَعَه فَلَمَّا مَاتَ بطرِيق مَكَّة أوصى النَّاظر حسن أَن يدْفن عِنْد الشَّيْخ أبي عبد الله الْقرشِي بماملا الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد الصَّفَدِي مفتي الشَّافِعِيَّة ومدرسهم ومعيد الْمدرسَة الصلاحية كَانَ فرضيا وَيعرف النَّحْو والحساب وَإِنَّمَا أَخّرهُ تعَاطِي الشَّهَادَة توفّي فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة ابراهيم الْمزي نفع الله بِهِ توفّي بالقدس الشريف وَدفن بتربة الساهرة وَقد عمر على قَبره شعْبَان اليغموري فِي سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَالظَّاهِر أَنه توفّي فِي ذَلِك التَّارِيخ الشَّيْخ المعمر ابراهيم بن أَحْمد بن فلاح السَّعْدِيّ من خَان بني سعد ظَاهر الْقُدس الشريف يروي بالاجازة الْعَامَّة عَن الْفَخر بن البُخَارِيّ مَاتَ فِي رَجَب سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة وَله من الْعُمر فِيمَا ذكر - وَالله أعلم - نَحْو مائَة واربعين سنة كَذَا رَأَيْته مَنْقُولًا بِخَط بعض الْفُقَهَاء قلت إِن صَحَّ أَنه رُوِيَ عَن الْفَخر بن البُخَارِيّ فَهُوَ يحْتَمل ان يكون عمر هَذَا الْمِقْدَار فَإِن الْفَخر وَفَاته فِي سنة تسعين وسِتمِائَة الْمسند شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي بكر بن يُوسُف الخليلي ثمَّ الدِّمَشْقِي ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة أوفي الَّتِي بعْدهَا سمع من جمَاعَة وَحدث توفّي فِي الْمحرم سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة الْمسند شرف الدّين مُوسَى بن نجم الدّين مُحَمَّد بن الهائم الْمَقْدِسِي سمع على الْمَيْدُومِيُّ وَكَانَ خيرا سَاكِنا سمع عَلَيْهِ شَيخنَا التقوي القرقشندي واجاز لَهُ(2/167)
توفّي فِي سنة بضع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمسند برهَان الدّين ابراهيم بن الْحَافِظ شهَاب الدّين ابي مَحْمُود أَحْمد بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن هِلَال بن تَمِيم الخواصي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة سمع على وَالِده وَغَيره وَهُوَ سبط الْحَافِظ عَلَاء الدّين الْمَقْدِسِي مدرس الصلاحية وَكَانَ خيرا صَالحا يتكسب بِالشَّهَادَةِ الى أَن توفّي فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَأَجَازَ يمؤلفات وَالِده رحمهمَا الله الْمسند اسماعيل بن ابراهيم بن مَرْوَان الخليلي ولد سنة ثَمَان واربعين وَسَبْعمائة سمع على الْمَيْدُومِيُّ وَسمع عَلَيْهِ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي وَأَجَازَ لَهُ توفّي بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ زين الدّين عبد الرحمان بن الشَّيْخ شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي الشَّافِعِي مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة سمع من ابيه وَجَمَاعَة ورحل الى دمشق والقاهرة مرَارًا وعلق بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَكَانَ حسن الْخط صَادِقا توفّي فِي مستهل ذِي الْقعدَة سننة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة الزَّاهِد مُحَمَّد بن الشَّيْخ عِيسَى الصمادي لَهُ كرامات مَشْهُورَة توفّي فِي ثَانِي عشري جمادي الْآخِرَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بالساهرة عِنْد الشَّيْخ عبد الله الصَّامِت وَالشَّيْخ ابراهيم الْمزي وقبره ظَاهر يقْصد للزيارة الشَّيْخ شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن نصر الله بن جِبْرِيل الكركي الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَمن أَعْيَان فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة الْمَوْجُودين بالقدس الشريف فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والثمانمائة كَانُوا من المعيدين وَالْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية الشَّيْخ علم الدّين قَاضِي الجزيرة وَالشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد البوتنجي الشَّيْخ زين الدّين عبد الرحمان الناصري وَالشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن كريم وَالشَّيْخ(2/168)
شمس الدّين مُحَمَّد المازوني وَالشَّيْخ جمال الدّين العجلوني وَالشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن مَحْمُود وَالشَّيْخ شمس الدّين بن شهَاب الشَّيْخ الصَّالح مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِأَكْل الْحَيَّات وَغَيرهَا من الْهَوَام كالخنافس وَمَا فِي معنى ذَلِك فَيرى الخنافس زبيبا والحية قثاء وَنَحْو ذَلِك وَكَانَ من أكَابِر الصَّالِحين مِمَّن تنْقَلب لَهُ الْأَعْيَان وَظَهَرت لَهُ كرمات ومكاشفات وَحكي عَنهُ أَنه كَانَ يرى على جبل عَرَفَات مَعَ الْحجَّاج وَيُصْبِح بالقدس الشريف فِي يَوْم عيد الْأَضْحَى توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَإِلَى جَانِبه دفن الشَّيْخ ماهر رحمهمَا الله تَعَالَى الشَّيْخ الصَّالح العابد عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ العابد المسلك صدر الدّين بن الشَّيْخ الصَّالح صفي الدّين الاردبيلي العجمي الزَّاهِد العابد الْحجَّة شيخ الصُّوفِيَّة وَابْن شيخهم كَانَ وَالِده من اعيان الصَّالِحين بِبَلَدِهِ وَله كرامات ظَاهِرَة وَكَذَلِكَ كَانَ وَلَده الشَّيْخ عَليّ الْمشَار اليه وَذكر عَنهُ من الكرامات والمناقب مَا يطول شَرحه قدم الى دمشق فِي سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة قَاصِدا الْحَج وَمَعَهُ خلق كثير من أَصْحَابه واتباعه وجاور بِمَكَّة ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس وَيُقَال انه شرِيف علوي توفّي بالقدس الشريف فِي أَوَاخِر جمادي الآولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو سِتِّينَ سنة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة بلصق سور الْمَسْجِد وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدفنه وَبنى اصحابه على قَبره قبَّة كَبِيرَة وَهِي مَشْهُورَة تقصد للزيارة وَهُوَ شيخ للشَّيْخ مُحَمَّد بن الصَّائِغ الْمَشْهُور بخليفة الاردبيلي - الْآتِي ذكره مَعَ فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى - الشَّيْخ الْعَالم العابد الْوَاعِظ شهَاب الدّين أَحْمد الْمَعْرُوف بشكر الرُّومِي قدم من بِلَاد الرّوم قبل فتْنَة تيمورلنك ثمَّ عَاد إِلَى الرّوم ثمَّ رَجَعَ وَوعظ بِبَيْت الْمُقَدّس وبالشام بالتركي والعربي والعجمي وَكَانَ للنَّاس فِيهِ إعتقاد توفّي بالقدس(2/169)
الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَبني على قَبره قبَّة فَلَيْسَ بمقبرة بَاب الرَّحْمَة قبَّة سواهَا وقبة الشَّيْخ عَلَاء الدّين الاردبيلي وارخ ابْن رَوْحَة أَبُو عذيبة وَفَاته فِي يَوْم الْأَحَد عَاشر ربيع الآخر وَلم يذكر السّنة وَلَا شكّ انه توفّي بعد الثَّمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن عُثْمَان بن الْحوَاري الخليلي الشَّافِعِي مولده بِبَلَد الْخَلِيل فِي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ وَقدم من بَلْدَة الْخَلِيل الى بَيت الْمُقَدّس وناب فِي التدريس بالصلاحية عَن الْهَرَوِيّ وناب فِي الْقَضَاء وَأعَاد بالصلاحية وصنف فِي الْفَرَائِض وَكَانَ فَاضلا خيرا توفّي فِي إِحْدَى الجمادين سنة ثَلَاثِينَ وثمامائة الخواجا مُحَمَّد بن احْمَد بن حاجي الْمَشْهُور بمولانا شمس الدّين وَيعرف بِأبي عذيبة لملازمته العذبة اتبَاعا للسّنة وَبِه عرف ربيبه شهَاب الدّين أَحْمد المؤرخ مولده قبيل سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة بتبريز واشتغل قَدِيما وَسمع الحَدِيث ورحل الى الْبِلَاد وَدخل الى الْقُدس فِي سنة خمس وَتِسْعين وَكَانَ يتجر مَعَ الِاشْتِغَال بالفقه والعربية وَقَرَأَ عَلَيْهِ ربيبة شهَاب الدّين المؤرخ فِي الْعَرَبيَّة والقراآت ورحل مَعَه للمجاورة بِمَكَّة وَكَانَ لَهُ دنيا وَاسِعَة وَتردد الى مَكَّة فَتوفي بهَا فِي رَابِع عشري الْمحرم سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَالم الْمُحدث الضَّابِط تَاج الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَالم نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسلم بن عَليّ بن ابي الْجُود الشهير بِابْن الغرابيلي الكركي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة ارْبَعْ أَو خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة اشْتغل وَحفظ كتبا من المختصرات وَلزِمَ مَشَايِخ بَيت الْمُقَدّس كالشيخ شمس الدّين الْهَرَوِيّ وَالشَّيْخ شمس الدّين الْبرمَاوِيّ وَالشَّيْخ شمس الدّين الديري الْحَنَفِيّ وَولده الشَّيْخ سعد الدّين واشتهر بِمَعْرِِفَة الحَدِيث وَرِجَاله مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وأصوله والنحو وَكَانَ دينا خيرا متعففا لم يقبل الْوَظَائِف حسن الشكل ذَا سمت حسن وَيكْتب خطا حلواً(2/170)
توجه الى الْقَاهِرَة لزيارة الْحَافِظ ابْن حجر فَعَظمهُ كثيرا واثنى عَلَيْهِ وَقصد الْحَج فَأَدْرَكته الْمنية بِالْقَاهِرَةِ فِي عَاشر جمادي الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالصوفية بِبَاب النَّصْر وشيعه جم غفير رَحمَه الله وَولده الشَّيْخ الْعَالم الامام نَاصِر الدّين مُحَمَّد مولده فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي نعْمَة كَامِلَة وَولي نِيَابَة قلعة الكرك ثمَّ صرف وَسكن بَيت الْمُقَدّس وَتُوفِّي فِي ثَالِث عشري رَجَب سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْمسند المعمر الامام شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن الْخَطِيب شهَاب الدّين أَحْمد بن الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن كَامِل التدمري الخليلي الشَّافِعِي مولده فِي سنة خمسين وَسَبْعمائة سمع عَليّ صدر الدّين الْمَيْدُومِيُّ وَكَانَ رجلا صَالحا أضرّ فِي آخر عمره وَحدث بمسموعه وَتحمل عَنهُ الْعلمَاء توفّي فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء قبل الْعشَاء المسفرة عَن مستهل ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة شيخ الشُّيُوخ الْقدْوَة برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن الشَّيْخ نجم الدّين احْمَد بن غَانِم الانصاري الشَّافِعِي شيخ الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف مولده فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَتُوفِّي وَالِده نجم الدّين فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ هُوَ وَولده نَاصِر الدّين فِي يَوْم وَاحِد وَكَانَ نَاصِر الدّين شكلا حسنا قل أَن ترى الْعُيُون مثله فَنَشَأَ الشَّيْخ برهَان الدّين بعده وَولي مشيخة الخانقاه فِي سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْأَعْيَان المعتبرين لم يل أحد مشيخة الخانقاه أمثل مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي عمرها وَأقَام نظامها فعمر المنارة والبوابة الْكُبْرَى والدركاه الَّتِي بداخلها والايوان الْكَائِن بصدر الدركاه والمحراب السفلي وَعمر غَالب المسقفات وباشر بتقوى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ حُرْمَة وشهامة ثمَّ فوض لوَلَده الشَّيْخ نجم الدّين - الْآتِي ذكره - مشيخة الخانقاه وَالنَّظَر عَلَيْهَا فِي خَامِس عشر شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي فِي شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف(2/171)
وَأَخُوهُ الشَّيْخ شرف الدّين غَانِم كَانَ مَوْجُودا بعد الثَّلَاثِينَ والثمانمائة وَالشَّيْخ بهاء الدّين احْمَد بن غَانِم من أَقَاربه كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح أَبُو بكر بن عبد الله الدِّمَشْقِي الأَصْل الْقُدسِي الْمَعْرُوف بالعداس مولده فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا ورباه الشَّيْخ عبد الله الذاكر لما قدم من الرّوم وسلكه وَكَانَ للنَّاس فِيهِ وَفِي شَيْخه اعْتِقَاد زَائِد وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس زاهدا صَالحا خيرا فَلَمَّا مَاتَ شَيْخه الذاكر فِي سنة أاحدى عشرَة صَار من مَشَايِخ الْقُدس الْمشَار اليهم بالصلاح توفّي فِي رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة القَاضِي برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن بدر الدّين حسن بن ابراهيم العرابي الشَّافِعِي مولده فِي سنة خمسين وَسَبْعمائة كَانَ من أَعْيَان فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وناب فِي الْقَضَاء بالقدس الشريف توفّي سنة إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث الْمسند شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بهاء الدّين ابي الْحَيَاة الْخضر بن علم الدّين سُلَيْمَان بن دَاوُد الشهير بِابْن الْمصْرِيّ الْحلَبِي الأَصْل ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف وَشَيخ الْمدرسَة الباسطية مولده بحلب فِي احدى الجمادين سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة سمع من جمَاعَة وَأَجَازَهُ جمع وَكَانَ رجلا خيرا دينا انْقَطع فِي آخر عمره بِالْمَدْرَسَةِ الباسطية بالقدس الشريف يحدث بهَا إِلَى أَن توفّي فِي منتصف رَجَب سنة إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة وكف بَصَره فِي آخر عمره وَدفن بالساهرة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة زين الدّين عبد الْقَادِر بن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى شمس الدّين مُحَمَّد القرمي الشَّافِعِي - الْمُتَقَدّم ذكر وَالِده - كَانَ رجلا صَالحا وَمن الْأَعْيَان بِبَيْت الْمُقَدّس توفّي فِي سنة ثَلَاث واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده بالزاوية بِخَط مرزبان(2/172)
الشَّيْخ الامام الْعَالم الْقدْوَة الخاشع تَقِيّ الدّين أَبُو الصدْق ابو بكر بن الشَّيْخ شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله الْحلَبِي الطولوني البسطامي شيخ الْمدرسَة الطولونية بالقدس الشريف ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول سنة ثَمَان واربعين وَسَبْعمائة كَانَ من أهل الْعلم وَالْعَمَل وَمن أَعْيَان الْمَشَايِخ قدم الى الْقُدس فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَولي مشيخة الطولونية وَكَانَ خطه فِي غَايَة الْحسن بلغ من الْعُمر فَوق خمس وَتِسْعين سنة توفّي بالقدس الشريف فِي التَّاسِع عشر من رَمَضَان سنة ثَلَاث واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش البسطامية بماملا وَعند رَأسه بلاطة مَكْتُوب عَلَيْهَا من نظمه - وَكَانَت لَهَا عِنْده مُدَّة بالطولونية فِي حَيَاته جهزها لذَلِك - رحم الله فَقِيرا زار قَبْرِي وقرا لي سُورَة السَّبع المثاني بخشوع ودعا لي ومكتوب أَيْضا على قَبره من نظمه من زار قَبْرِي فَلْيَكُن عَالما ان الَّذِي لاقيت يلقاه فرحم الله فَتى زارني وَقَالَ لي يَرْحَمك الله وَله نظم غير هَذَا ومحاسنه ومناقبه كَثِيرَة وَقد كَانَ من أجلاء الْمَشَايِخ الأخيار الشَّيْخ مُحَمَّد فولاد بن عبد الله أَصله من الْعَرَب وَقدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي حُدُود التسعين والسبعمائة وَانْقطع بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِلْعِبَادَةِ فَقَط وَاخْتَارَهُ عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وجهزوه بمفاتيح الصَّخْرَة الى تيمور لما بَلغهُمْ أَخذه دمشق فَتوجه اليه فَلَمَّا كَانَ بِالطَّرِيقِ بلغه رُجُوعه فَرجع وَحج سِتِّينَ حجَّة غالبها مَاشِيا على قَدَمَيْهِ وَصَارَ من أَعْيَان الصلحاء المتورعين الْمشَار اليهم بالصلاح بالقدس وَمَكَّة وَغَيرهمَا وَحكي عَنهُ كرامات كَثِيرَة ومكاشفات وَكَانَ بوابا بالخانقاه الصلاحية وَكَانَ لَهُ هَيْبَة زَائِدَة على الصُّوفِيَّة بالخانقاه بِحَيْثُ تضرب الْأَمْثَال بسطوته عَلَيْهِم وَحكى هُوَ أَنه رأى الْملك صَلَاح الدّين(2/173)
فِي النّوم وَقد وقف لَهُ على الْبَاب وَقبض على يَده وَقَالَ لَهُ أَنْت شَرِيكي فِي هَذَا الْوَقْف وَلم تفته حجَّة وَلَا صَلَاة فِي جمَاعَة نَحْو سِتِّينَ سنة وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الحصني إِذا قدم الى الْقُدس لَا ينزل إِلَّا عِنْده وَلَا يَأْكُل لأحد طَعَاما إِلَّا لَهُ وَقَالَ فِي بعض مصنفاته وَحكى لي السَّيِّد الْجَلِيل فولاد وَهُوَ مِمَّن يشْهد لَهُ بالصلاح توفّي بعد رُجُوعه من الْحَج فِي شهر صفر سنة ارْبَعْ واربعين وَثَمَانمِائَة وَقد جَاوز الثَّمَانِينَ سنة وَدفن بماملا شيخ الاسلام بركَة الانام القطب الرباني شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس احْمَد بن الْفَقِيه أَمِين الدّين حُسَيْن بن حسن بن عَليّ بن يُوسُف بن عَليّ بن أرسلان الرَّمْلِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الحبر الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ذُو الكرامات الظَّاهِرَة والعلوم والمعارف مولده بالقرية بالرملة تَقْرِيبًا فِي سنة ثَلَاث أَو خمس وَسبعين وَسَبْعمائة كَمَا كتب بِخَطِّهِ وَأَصله من الْعَرَب من كتانه اشْتغل فِي كبره وَحصل بِقُوَّة ذكائه وفهمه وَكَانَ مُقيما بالرملة بجامعة الْمَشْهُور بحارة الباشقردي وانتفع بِهِ خلق كثير وَمَا اشْتغل عَلَيْهِ أحد ولازمه إِلَّا وَأثر نَفعه فِيهِ وَكَانَ يكنى جماعته بكنى ينتخبها لَهُم وَصَارَت علما عَلَيْهِم كَأبي طَاهِر وَأبي مَدين وَأبي الْعَزْم وَأبي طَلْحَة وَغير ذَلِك وَمن مشايخه الَّذين أَخذ مِنْهُم الْعلم الشَّيْخ شمس الدّين القرقشندي وَالشَّيْخ شهَاب الدّين بن الهائم وقاضي الْقُضَاة جلال الدّين البُلْقِينِيّ واذن لَهُ بالافتاء وَولي تدريس الخاصكية بالرملة ودرس بهَا مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ ترك تدريسها وَترك الافتاء وَأَقْبل على الله تَعَالَى رَحل من الرملة الى الْقُدس الشريف وَأقَام بالزاوية الختنية وَرَاء قبْلَة الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَألف كتبا فِي الْفِقْه والنحو وَغير ذَلِك مِنْهَا صفوة الزّبد وَشَرحهَا شرحين ومختصر الاذكار وَشرح سنَن أبي دَاوُد وعلق على الشِّفَاء تعليقة جَيِّدَة لضبط أَلْفَاظه وَقطعَة من تَفْسِير الْقُرْآن وَشرح جمع الْجَوَامِع ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ ومختصر ابْن الْحَاجِب ونظم فِي علم القراآت واعرب الالفية(2/174)
وَشرح الملحة وَشرح البُخَارِيّ فِي ثَلَاث مجلدات وَاخْتصرَ الْمِنْهَاج بِحَذْف الْخلاف وَصحح الْحَاوِي وَشرح قِطْعَة من نظم ابْن الوردي على الْحَاوِي وَاخْتصرَ الرَّوْضَة ونظم القرآت الثَّلَاث الزَّائِدَة على السَّبْعَة ثمَّ القراآت الثَّلَاث الزَّائِدَة على الْعشْرَة واعربها اعرابا جيدا ونظم فِي عُلُوم الْقُرْآن فصولا تصل الى سِتِّينَ نوعا وَجمع طَبَقَات الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَغير ذَلِك من الْكتب المفيدة وَكَانَ متواضعا زاهدا لَهُ قدم عَال فِي التَّهَجُّد وَالْعِبَادَة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَاتفقَ من امْرَهْ ان كاشف الرملة ضرب شخصا من جماعته يُقَال لَهُ الشَّيْخ مُحَمَّد المشمر فاستغاث بالشيخ فَقَالَ لَهُ الكاشف أَن كَانَ لشيخك برهَان يظهره فِي هَذِه النَّخْلَة - وَكَانَت نَخْلَة قَائِمَة على سَاقهَا امامه - فَفِي الْحَال وَقعت الى الأَرْض فترجل الكاشف واتى اليه وَوَقع على قَدَمَيْهِ وَكَانَ يُخَاطب الشَّيْخ نجم الدّين بن جمَاعَة ب (يَا شيخ الصلاحية) وَهُوَ صَغِير فوليها وَلما من الله على الشَّيْخ شهَاب الدّين بالاقامة بالقدس الشريف وَالسُّكْنَى بالزاوية الختنية انشد حباني إلهي بالتصافي لقبلة بمسجده الْأَقْصَى الْمُبَارك حوله فحمدا وشكرا دائمين وانني اريد لاخواني المحبين مثله وَقد عمر الشَّيْخ برجا على جَانب الْبَحْر المالح بثغر يافا وَكَانَ كثير الرِّبَاط بِهِ وَكَانَ شَيخا طوَالًا تعلوه صفرَة حسن المأكل والملبس والمتلقى لَهُ مكاشفات ودعوات مستجابات توفّي بالزاوية الختنية فِي ثَانِي عشرى شعْبَان كَذَا ارخه بعض الْفُقَهَاء وأرخ ابْن رَوْحَة ابو عذيبة وَفَاته يَوْم الاربعاء رَابِع عشري شعْبَان سنة ارْبَعْ واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن الى جَانب ابي عبد الله الْقرشِي بماملا وَحكى أَنه لما اخذه الحفار وأنزله قَبره سَمعه يَقُول رب انزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين ورؤى لَهُ عدَّة منامات صَالِحَة ومناقبه كَثِيرَة يطول شرحها وَيُقَال ان من(2/175)
دَعَا الله بَين قَبره وقبر أبي عبد الله الْقرشِي بِأَمْر يُريدهُ اسْتَجَابَ الله لَهُ وَقد جربت ذَلِك فصح رَضِي الله عَنْهُمَا وَفِي الْيَوْم الَّذِي توفّي فِيهِ توفّي الشَّيْخ الصَّالح ابو بكر مُحَمَّد المجيدي البسطامي وَكَانَ صَالحا وَحكي لي انه لما توفّي الشَّيْخ شهَاب الدّين كَانَ الشَّيْخ مُحَمَّد المجيدي فِي حَال صِحَّته فَقيل لَهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَخُوك توفّي فَقَامَ يتأهب لحضور جنَازَته فَتَوَضَّأ وَصلى رَكْعَتَيْنِ سنة الْوضُوء فَلَمَّا سجد توفّي فِي سُجُوده ثمَّ غسل من وقته وَجِيء بِهِ إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَصلي عَلَيْهِمَا مَعًا وحملا إِلَى ماملا ودفنا فِي وَقت وَاحِد وَقد جَاوز الشَّيْخ مُحَمَّد السّبْعين الشَّيْخ الْقدْوَة الزَّاهِد عبد الْملك بن الشَّيْخ الامام الناسك الْقدْوَة الْعَالم الْعَلامَة ابي بكر عبد الله الْموصِلِي الشَّيْبَانِيّ الشَّافِعِي اُحْدُ أَعْيَان الْمَشَايِخ الزهاد بالقدس الشريف مولده فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة وَتقدم ذكر وَالِده كَانَ الشَّيْخ عبد الْملك من أهل الْعلم وَمن مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَكَانَ شكلا حسنا قَالَ الشَّيْخ عمر بن حَاتِم العجلوني - وَقد سُئِلَ عَنهُ - هُوَ رجل ينْطق بالحكمة وَكَانَت لَهُ كَلِمَات حكمِيَّة ولطائف صوفية وفقهية وَكَانَ ذَا ابهة وحشمة وَكلمَة نَافِذَة وسماعات واجازات وفقراء ومريدين وَكَانَ كثيرا مَا ينشد لَا وَالَّذِي قد من بالايمان يثلج فِي فُؤَادِي مَا كَانَ يخْتم بالاساءة وَهُوَ بالاحسان بَادِي وَكَانَ ينشد ايضا فان امت بعد بُلُوغ المنى فَذَاك من فضل الْعَزِيز المليك وَإِن أمت قبل بُلُوغ المنى فكم لنا تَحت الثرى من شريك توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر رَمَضَان سنة أَربع واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الْقدْوَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ تَاج الدّين أبي الوفا مُحَمَّد بن الشَّيْخ عَليّ ابي الوفا البدري الزَّاهِد الصَّالح مولده فِي حُدُود سنة تسعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الصَّالِحين حَافِظًا لكتاب الله كثير التِّلَاوَة وَكَانَت لَهُ شهرة عَظِيمَة بالصلاح وَالتَّصَرُّف بِالْحَال وَكَانَ كثير السيارات وَعرض لَهُ فِي بعض سياراته قطاع الطَّرِيق فصاح بهم فانصرعوا وَلم يفيقوا حَتَّى سَأَلَهُ أهل تِلْكَ النَّاحِيَة واستعطفوه فنفل فِي مَاء ورش على وجوهم فأقاقوا تَائِبين وكشف الله عَن قُلُوبهم حجاب الْغَفْلَة ولزموا خدمته وَظَهَرت لَهُم أَحْوَال وماتوا على ذَلِك وَلَهُم قُبُور تزار وَله غير ذَلِك من التَّصَرُّفَات والبركات مِنْهَا إِن جمَاعَة أوقدوا لَهُ نَارا وسألوه ان يبين لَهُم من حَاله فَأَشَارَ الى عَبده فَدخل النَّار ذَاكِرًا متواجدا وَلَا زَالَ يمشي عَلَيْهَا يَمِينا وَشمَالًا حَتَّى صَارَت رَمَادا وَأكْثر تَصَرُّفَاته كَانَت فِي الْبر بِخِلَاف أَخِيه السَّيِّد ابي بكر توفّي فِي ثَانِي عشر شَوَّال سنة ارْبَعْ واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة زين الدّين عبد الْمُؤمن بن عمر بن أَيُّوب بن مُحَمَّد الرهاوي الأَصْل الْحلَبِي ثمَّ الْقُدسِي الشَّافِعِي الْوَاعِظ معيدالمدرسة الصلاحية وَهُوَ واعظ مَدِينَة الْقُدس الشريف ومفتيها وعالمها مولده فِي حُدُود سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَدِينَة الرها قدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة فَأكْرمه الشَّيْخَانِ شمس الدّين الْهَرَوِيّ وشمس الدّين الديري ووجدا فِيهِ اهلية الْعلم فولاه الْهَرَوِيّ اعادة الصلاحية وَجلسَ للوعظ يعظ النَّاس وَكَانَ لَهُ اشْتِغَال قديم وَفضل وَسَمَاع للْحَدِيث رؤى صَحِيح البُخَارِيّ عَن جمَاعَة من أَصْحَاب ابْن الشّحْنَة وَكَانَ خيرا عَالما فَاضلا مفتيا واعظا متفننا يعظ بلطافة ومجون وجد وهزل ولسماع مواعيده الْتِفَات وَيَأْتِي بِغَرَائِب ونوادر وأشعار مليحة توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم عَرَفَة من سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الصَّالح عمر بن حَاتِم العجلوني الزَّاهِد العابد القانت الْعَارِف الْعَالم الْفَاضِل الأوحد بركَة الْوَقْت صَاحب الكرامات والمجاهدات والمكاشفات خرج من بَلَده عجلون وَورد الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَنزل عِنْد الشَّيْخ عمر(2/176)
الْمُجَرّد فِي زاويته وَعقد الايمان على نَفسه أَنه لَا يَأْخُذ من شعره وَلَا من ظفره وَلَا يغسل ثَوْبه وَلَا بدنه إِلَّا من ضَرُورَة شَرْعِيَّة الى ان يحفظ الْقُرْآن الْعَزِيز وبر قسمه فَلَمَّا حفظ الْقُرْآن رَجَعَ الى عجلون ثمَّ توجه الى حلب واقام بهَا وَأخذ فِي الْقيام بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَوَقع لَهُ كرامات وَكَانَ الشَّيْخ عز الدّين الْمَقْدِسِي يتأسف على عدم لقِيه كثيرا وَكَانَ يَقُول مَا تأسفت على أحد مَا تأسفت عَلَيْهِ ويحكى عَنهُ لطائف كَثِيرَة ومكاشفات وأخبار عَجِيبَة ومحاسن عديدة وَكَانَ يحفظ الاحياء والقوت ورسالة الْقشيرِي وعوارف المعارف وَيَقُول لَا يصير الصُّوفِي صوفيا حَتَّى يحفظ هَذِه الْكتب الاربعة وَكَانَ ضعف بَصَره ثمَّ أَنه جاور بِمَكَّة وَخرج مِنْهَا مُتَوَجها الى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَمَاتَ ببدر منصرفا من الْحَج فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة وَقد جَاوز السّبْعين سنة الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الانصاري الشَّافِعِي مولده فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث هُوَ والخطيب جمال الدّين بن جمَاعَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة على الْجلَال عبد الْمُنعم بن النجمي أَحْمد بن مُحَمَّد الانصاري وَكَانَ مباشرا لوقف التنكزية وللوقف الشريف النَّبَوِيّ وَغير ذَلِك توفّي فِي سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الزَّاهِد العابد الْعَارِف الْوَرع المسلك الْقدْوَة عبد الله الزرعي الدِّمَشْقِي الأَصْل نزيل بَيت الْمُقَدّس كَانَ رجلا خيرا زاهدا متورعا متقللا من الدُّنْيَا لَهُ حَظّ من الصَّلَاة وَالْعِبَادَة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير وَكَانَ من الْمَشَايِخ الصلحاء اشْتغل قَدِيما بِدِمَشْق وَصَحب جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي وَالشَّيْخ عبد الله البسطامي وَالشَّيْخ أَبُو بكر الْموصِلِي وَغَيرهم وَسمع الحَدِيث وأسن وَطَالَ عمره وَكَانَ سَاكِنا قَلِيل الْكَلَام والاختلاط بِالنَّاسِ مُعظما الى النُّفُوس يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر حسنا فِي وعظه وَكَانَ ينْسَخ وَيَأْكُل من عمل يَده ثمَّ(2/178)
عجز عَن ذَلِك فَتَركه فَيُقَال انه كَانَ ينْفق من الْغَيْب وَكَانَ يَقُول انه مَا اغْتسل قطّ من احْتِلَام وَلَا حصل لَهُ وَلَا يعرفهُ ومحاسنه كَثِيرَة ومناقبه جمة توفّي بالقدس الشريف فِي خَامِس رَمَضَان من سنة ثَمَان واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَقد بلغ ثَمَانِينَ سنة وَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِمصْر وَالشَّام وَغَيرهم وتأسف النَّاس عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُم بِهِ حَاجَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَاتِم الْمَقْدِسِي سمع الحَدِيث فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ متكلما بالقدس على الايتام والغياب مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ نَاظرا على وقف الْأَمِير بركه خَان فَخرج عَنهُ وَتوجه الى الْقَاهِرَة للسعي فِيهِ فَتوفي هُنَاكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان واربعين وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو سبعين سنة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن خَلِيل بن أبي بكر القباقبي الْحلَبِي ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الْمُسلمين مولده فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة اشْتغل فِي القراآت وفَاق الْمَشَايِخ وانتهت اليه رياسة هَذَا الْفَنّ أَخذ الحَدِيث عَن الْحَافِظ ابي الْفضل بن الْعِرَاقِيّ وَغَيره وَكَانَ رجلا خيرا دينا منكبا على الاقراء والتصنيف مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشاركا فِي عدَّة فنون قدم الْقُدس للزيارة فَأَشَارَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان بالاقامة بِبَيْت الْمُقَدّس فَأَقَامَ بِهِ وَحصل لَهُ الْخَيْر وكف بَصَره فِي إِحْدَى الجمادين سنة ثَمَان واربعين وَتُوفِّي عصر يَوْم الْجُمُعَة لعشرين من شهر رَجَب سنة تسع واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا بجوار الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان رحمهمَا الله تَعَالَى وَمن مصنفاته منظومته الْمُسَمَّاة بِجمع السرُور ومطلع البدور وايضاح الرموز ومفتاح الْكُنُوز وَغير ذَلِك من النّظم والنثر عَفا الله عَنهُ وَكتب لناظر الْحَرَمَيْنِ قصيدة لصرف معلومه من نظمه أَولهَا يَا نَاظر الْحَرَمَيْنِ أَنْت وَعَدتنِي بِالْخَيرِ يَا من وعده لَا يخلف تالله لم ابرح ببابك وَاقِفًا حَتَّى تقرر لي وتكتب يصرف(2/179)
ثمَّ بعد وَفَاته خَلفه وَلَده الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شيخ الاسلام الْقدْوَة الْمُحَقق برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم اُحْدُ أَعْيَان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس فِي الْعلم والقراآت رجل عَالم صَالح لم تعلم لَهُ صبوة اسْتَقر فِيمَا بيد وَالِده من الْقِرَاءَة بمصحف الْملك الظَّاهِر جقمق بالصخرة الشَّرِيفَة وتدريس القراآت بِالْمَدْرَسَةِ الجوهرية واشتغل وَحصل وَفضل وتميز وَصَارَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وتصدر للافتاء والتدريس ونفع الْمُسلمين وَهُوَ سالك طَريقَة السّلف الصَّالِحين وَعبارَته فِي الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه يَتْلُو كتاب الله بِحسن صَوت وَطيب نَغمَة وَله مصنفات مِنْهَا شرح جمع الْجَوَامِع فِي الْأَصْلَيْنِ ونظم الارشاد فِي الْفِقْه وألفية الْمعَانِي وَالْبَيَان وَشَرحهَا وَشرح ألفية ابْن مَالك فِي النَّحْو وَالصرْف وَشرح التَّقْرِيب والتيسير فِي عُلُوم الحَدِيث للامام الْكَبِير محيي الدّين النَّوَوِيّ رَضِي الله عَنهُ وَشرح الْقَوَاعِد نظم الْعَلامَة شهَاب الدّين بن الهائم والأسئلة فِي الْبَسْمَلَة وَالْعقد المنضد فِي شُرُوط حمل الْمُطلق على الْمُقَيد وَشَرحه وَغير ذَلِك وَهُوَ حَيّ يرْزق الى يَوْمنَا ابقاه الله تَعَالَى ونفع بِهِ الْمُسلمين الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن حُسَيْن الأوتاري الشَّافِعِي نِسْبَة لأوتارية - قَرْيَة من عمل جلجوليا - رَحل الى مصر صَغِيرا واشتغل على الْعلمَاء وَسمع الصَّحِيح على الْبُرْهَان الشَّامي مُسْند الْقَاهِرَة فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة لسماعه على الْحجاز بِسَنَدِهِ وَسمع على جمَاعَة واشتغل وَفضل وَكَانَ يعْمل بِمَسْأَلَة ابْن سُرَيج وَيُصَرح بِالْجَوَازِ فِيهَا وَقد اتنابه قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين بن جمَاعَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة حَتَّى حكم بهَا لبَعض المقادسة وَله مؤلف سَمَّاهُ فتح الخلاق فِي تَنْبِيه ابي اسحاق وتكسب بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا ألى ان توفّي فِي اثناء سنة تسع واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الصَّالح شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحيى بن سعيد بن عبد الله الْمَقْدِسِي القادري الْمَشْهُور بجده الْأَعْلَى سعيد شيخ القادرية وَصَاحب الذّكر والأوراد كَانَ لَهُ حَلقَة عَظِيمَة يجْتَمع فِيهَا خلق كثير بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى(2/180)
صبحية كل يَوْم وَكَانَ يحصل بِهِ خير كثير مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة توفّي وَالِده الشَّيْخ الصَّالح صَاحب الْأَحْوَال والأوراد الشَّيْخ مُحَمَّد فِي حادي عشري شعْبَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي هُوَ يَوْم الاربعاء رَابِع عشري صفر سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَله أقَارِب فشهرتهم اولاد الشَّيْخ سعيد كَانُوا شُيُوخ زَاوِيَة الدركاه الشَّيْخ الصَّالح الْعَالم نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الزولعة الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي مولده فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث وَكَانَ عَالما فَاضلا واعظا مَشْهُورا قدم من حماة الى بَيت الْمُقَدّس للزيارة فَتوفي بِهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة عماد الدّين اسماعيل بن ابراهيم بن شرف الشَّافِعِي معيد الصلاحية وَعين فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس الشريف مولده تَقْرِيبًا فِي سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ رَفِيق الْعَلامَة الشَّيْخ ماهر الْمصْرِيّ وَكَانَ خصيصا بِهِ اشْتغل عَلَيْهِ جمَاعَة من الْأَعْيَان وانتفعوا بِهِ وَله مصنفات مِنْهَا شرح الْبَهْجَة فِي مجلدين وابتدأ فِي شرح آخر اطول مِنْهُ وَله على ألفية الْبرمَاوِيّ توضيح حسن مُفِيد وَشرح تَهْذِيب التَّنْبِيه وَشرح مصنفات شَيْخه ابْن الهائم وَكَانَ قَلِيل النّظر الى الدُّنْيَا مكبا على الِاشْتِغَال الى ان توفّي فِي ثَالِث عشر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن ابراهيم بن مُفْلِح القلقيلي الشَّافِعِي قَارِئ الحَدِيث الشريف بِبَيْت الْمُقَدّس نِسْبَة لقرية قليقلة - من اعمال جلجوليا - مولده فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ شَيخا صَالحا عَالما فَاضلا حسن المذاكرة جيد التِّلَاوَة كثير الْعِبَادَة عَلَيْهِ أنس كَبِير وَكَانَ يقرئ الاطفال بجلجوليا دهرا ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي حُدُود سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة وانتمى الى الشَّيْخ برهَان الدّين بن غَانِم فَكَانَ يقرئ أَوْلَاده وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ ولازم(2/181)
الِاشْتِغَال واعتقده النَّاس وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه شهَاب الدّين أَحْمد حسن الصَّوْت وَكَانَ ناظما كَاتبا مجموعا حسنا إِلَى الْغَايَة من نظمه يُخَاطب شهَاب الدّين أَحْمد موقع الْأَمِير جاني بك داوادار الْملك الْأَشْرَف يَا شهابا رقى الْعلَا لَا تخن قطّ صَاحبك زادك الله رفْعَة ورعى الله جَانِبك توفّي قبل وَالِده فِي ثامن عشري شعْبَان سنة تسع واربعين وَثَمَانمِائَة فَجْأَة فَحصل لوالده عَلَيْهِ الوجدالعظيم وَلم يزل مهموما عَلَيْهِ الى ان توفّي وَكَانَ كلما سُئِلَ عَن حَاله يَقُول شَيْئَانِ لَو بَكت الدِّمَاء عَلَيْهِمَا عَيْنَايَ حَتَّى يؤذنا بذهاب لم يبلغَا المعشار من عشريهما فقد الشَّبَاب وَفرْقَة الأحباب ويبكي حَتَّى يبكي من حضر لبكائه توفّي الشَّيْخ شمس الدّين فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشري شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بعلة الاسْتِسْقَاء وَقد رَأَيْت كثيرا من المسندات الشَّرْعِيَّة بِخَط وَلَده وَعبارَته فِيهَا دَالَّة على فَضله ومعرفته رَحمَه الله الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد الصلتي الشَّافِعِي ولد سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَله اشْتِغَال قديم وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف مُدَّة طَوِيلَة وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشري شعْبَان من سنة اثْنَتَيْنِ وخمسن وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الشهير بِابْن الْبُرْهَان الخليلي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْخَطِيب بالقدس الشريف هُوَ ووالده من قبله مولده بِمَدِينَة الْخَلِيل فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ واتقن علم الْوَقْت وَلم يتَزَوَّج قطّ وَكَانَت وَفَاة وَالِده فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة وَكَانَ هُوَ فَقِيها فرضيا نحويا أعَاد بالصلاحية نِيَابَة وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة(2/182)
اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الزَّاهِد شهَاب الدّين أَبُو الْبَقَاء أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ الزبيرِي الشَّافِعِي مولده فِي حُدُود السّبْعين والسبعمائة بصعيد مصر سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ وَقدم بَيت الْمُقَدّس بعد الثَّلَاثِينَ والثمانمائة وَصَحب الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن أرسلان وَنزل بمدارس الْفُقَهَاء ثمَّ انْقَطع بالطولونيا لِلْعِبَادَةِ لَا يخرج مِنْهَا توفّي بالقدس الشريف فِي حادي عشر ربيع الأول سنة ارْبَعْ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَحضر جنَازَته نَائِب السلطنة مبارك شاه والقضاة والأعيان رَحِمهم الله الشَّيْخ الصَّالح الرحلة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن حَامِد الانصاري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده تَقْرِيبًا سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة اشْتغل فِي الْعُلُوم وَحصل الْفَوَائِد وَأدْركَ الْمُتَقَدِّمين وَسمع عَلَيْهِم وَعرض محفوظاته على قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين بن جمَاعَة توفّي وَقت الظّهْر فِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشري ذِي الْقعدَة سنة ارْبَعْ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد عَمه عَلَاء الدّين عَليّ بن حَامِد الْمُتَوفَّى فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حسان الشَّافِعِي مولده فِي صفر سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي وَالِده بِدِمَشْق قَتِيلا فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة فَنَشَأَ هُوَ بعده واشتغل بِالْعلمِ وجد واجتهد بِبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ انْتقل الى مصر فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فَصَارَ من أَعْيَان عُلَمَاء الْقَاهِرَة وَسُئِلَ لمشيخة الصلاحية فَأبى مُفَارقَة الديار المصرية وَولي مشيخة سعيد السُّعَدَاء توفّي فِي سلخ صفر سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد النحال - بحاء مُهْملَة - البرموني الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة سبعين وَسَبْعمائة بالبرمون اشْتغل قَدِيما على الْمَشَايِخ وَسمع الحَدِيث على أبي الْخَيْر بن العلائي وَغَيره وَحدث(2/183)
وَكَانَ رجلا خيرا انجمع عَن النَّاس وَضعف بَصَره فِي آخر عمره توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد التَّمِيمِي الموقت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف كَانَ من أهل الحذق فِي فنه بَاشر التَّأْقِيت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي بعْدهَا بِقَلِيل الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر الشَّافِعِي المؤرخ الْمَشْهُور بِابْن رَوْحَة أبي عذيبة نِسْبَة لزوج والدته الخواجا مُحَمَّد الْمَشْهُور بِأبي عذيبة - الْمُتَقَدّم ذكره - وَبَعض النَّاس يَظُنّهُ ابْن ابي عذيبة وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ بيبه مولده فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن يَوْم الْأَحَد ثَالِث شهر شعْبَان المكرم سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ وَكَانَ من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية واعتنى بِعلم التَّارِيخ وَكتب تاريخين احدهما مطولا وَالْآخر مُخْتَصرا وَقد وقفت على مُعظم الْمُخْتَصر وَهُوَ مُرَتّب على حُرُوف المعجم وَلم يظْهر تَارِيخه الْكَبِير بعد وَفَاته وَقد أخْبرت انه لما توفّي اطلع بعض النَّاس عَلَيْهِ فَوجدَ فِيهِ أَشْيَاء فَاحِشَة من ثلب أَعْرَاض النَّاس فاعدمه فَلم يُوجد إِلَّا بعض كراريس مُتَفَرِّقَة من التَّارِيخ الْمُخْتَصر توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشر ربيع الآخر سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة عَفا الله عَنهُ الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحدث زين الدّين عبد الْكَرِيم بن الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد القرقشندي الشَّافِعِي كَانَ من اعيان الْعلمَاء بالقدس الشريف وَله يَد طولى فِي علم الحَدِيث وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من الْأَعْيَان وَله أَحَادِيث مخرجة توفّي فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو اللطف مُحَمَّد بن عَليّ الحصكفي الشَّافِعِي الامام الْعَلامَة مولده بحصن كيفا سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة فَتخرج هُنَاكَ فِي فن الْأَدَب(2/184)
ثمَّ قدم بَيت الْمُقَدّس فَلَزِمَ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان واشتغل عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي وجد وَحصل وشارك فِي الْعُلُوم وتميز وَصَارَ من أَعْيَان الْعلمَاء وَكَانَ ذكيا حسن النّظم والنثر يكْتب الْخط الْمليح وَعِنْده تودد وحلاوة لِسَان وَهُوَ دين خير لَهُ مؤلفات مفيدة فِي النَّحْو وَالصرْف وَغير ذَلِك توفّي فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن نَهَار الثُّلَاثَاء عَاشر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الى جَانب وَالِده ووفاة وَالِده فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَترك الشَّيْخ أَبُو اللطف وَلدين احدهما الشَّيْخ الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْفضل عَليّ توفّي وَالِده وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ بعده واشتغل على عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس مِنْهُم الشَّيْخ أَبُو مساعد وَغَيره ورحل الى الديار المصرية واخذ عَن علمائها وَفضل وتميز وَصَارَ من الْأَعْيَان وَلما توفّي شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن أبي شرِيف مدرس الْمدرسَة الصلاحية قَرَّرَهُ من المعيدين بهَا ثمَّ استوطن دمشق المحروسة وَصَارَ من اعيان الْفُقَهَاء بهَا وَهُوَ حَيّ يرْزق وَالثَّانِي الشَّيْخ الْعَلامَة سيف الدّين القرقشندي توفّي وَالِده وَهُوَ حمل فَنَشَأَ بعده واشتغل بِالْعلمِ الشريف على عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَغَيره ثمَّ رَحل الى الديار المصرية واخذ عَن علمائها مِنْهُم الشَّيْخ شمس الدّين الْجَوْجَرِيّ وَغَيره وَسمع الحَدِيث وقرأه وَصَارَ من أَعْيَان الْعلمَاء الأخيار الموصوفين بِالْعلمِ وَالدّين والتواضع وَعِنْده تودد ولين جَانب وسخاء نفس وإكرام لمن يرد عَلَيْهِ لَا يحب الْفَخر وَلَا الْخُيَلَاء وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَقد أذن لَهُ الْعلمَاء بالديار المصرية وَغَيرهَا بالافتاء والتدريس مُدَّة طَوِيلَة وَالنَّاس مجمعون على محبته لعلمه وَدينه وَهُوَ مِمَّن احبه الله عَامله الله بِلُطْفِهِ الْخَفي ونفعنا الله بِعُلُومِهِ الشَّيْخ الْعَالم المسلك السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب تَقِيّ الدّين أَبُو بكر بن الشَّيْخ تَاج الدّين أبي الوفا مُحَمَّد بن الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن أبي الوفا الْحُسَيْنِي(2/185)
الشَّافِعِي شيخ الوفائية بالقدس الشريف مولده فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة اخذ عَن اصحاب الْمَيْدُومِيُّ وَجَمَاعَة واشتغل قَدِيما وانتفع وَكَانَ رجلا كَرِيمًا مُعظما للواردين اليه كثير التودد للنَّاس مستجلب للقلوب لَهُ حَظّ من صِيَام وَصَلَاة وتلاوة واعتكاف وانتهت اليه رياسة الْفُقَرَاء بالقدس الشريف وألبس خرقَة الوفائية عَن وَالِده قدم عَلَيْهِ بعض اقاربه وَهُوَ الشَّيْخ سلار فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَقد ثَبت نسب شرفه بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة وَلم ينتسب قبل ذَلِك بهَا توفّي شَهِيدا بالبطن فِي نَهَار الْجُمُعَة سَابِع عشري شَوَّال سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَكَانَت جنَازَته حافلة وتأسف عَلَيْهِ النَّاس من الْفُقَرَاء وَغَيرهم وَدفن بماملا بحوش الْأَمِير طوغان العلائي الملاصق لزاوية القلندرية من جِهَة الشرق الْمعدل نور الدّين عَليّ بن يحيى الايدوني الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف قدم من دمشق الى بَيت الْمُقَدّس فَأَقَامَ بِهِ دهرا طَويلا يحترف بِالشَّهَادَةِ وخطه حسن وَله معرفَة بمصطلح الوثائق ورزق الْقبُول التَّام فِي هَذَا الْفَنّ وَكَانَ قُضَاة بَيت الْمُقَدّس يعظمونه ويحتفلون بأَمْره وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود السِّتين والثمانمائة ووفاته فِي ذَلِك الْعَصْر الرئيس علم الدّين سُلَيْمَان الصَّفَدِي رَئِيس المؤذنين بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف كَانَ حسن الصَّوْت وَعِنْده حسمة زَائِدَة ويلبس القماش الْحسن ويسلك طرفا لراسه وَكَانَ صَوته حسنا يضْرب بِهِ الْمثل توفّي بعد السِّتين والثمانمائة بالقدس الشريف الْعدْل زين الدّين الْخضر بن جُمُعَة بن خَلِيل الدَّارِيّ النقوعي من ذُرِّيَّة سيدنَا تَمِيم الدَّارِيّ كَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ وَرُبمَا بَاشر فِي دَار النِّيَابَة وخطه حسن وَكَانَ من ذَوي المروآت توفّي فِي شَوَّال سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا فِي الْقُدس الشَّيْخ الْحَافِظ الْمُحدث الْعَلامَة عماد الدّين أَبُو الفدا اسماعيل بن قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين ابي اسحاق ابراهيم بن قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين ابي مُحَمَّد عبد الله بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي مولده فِي رَمَضَان سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة حفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع وَصلى بِالنَّاسِ وَحفظ عدَّة من الْكتب فِي الْفِقْه وَغَيره وَعرض على جمَاعَة من شُيُوخ الاسلام مِنْهُم جده الجمالي بن جمَاعَة وجده السَّعْدِيّ الديري الْحَنَفِيّ ورحل الى الديار المصرية وَأخذ عَن الْحَافِظ بن حجر وَأَجَازَهُ بالتدريس والافادة وَسمع الحَدِيث وَطلب العالي من الاسناد وَقَرَأَ الْكتب السِّتَّة والشفاء وَالتَّرْغِيب والترهيب وأجزاء حَدِيثِيَّةٌ وَشرح الألفية فِي علم الحَدِيث للزين الْعِرَاقِيّ شرحا حسنا أدمج الأَصْل فِي الشَّرْح وَبِذَلِك سهل مأخذه وَشرح تصريف الْعزي وَشرح أَلْفَاظ الشِّفَاء ذكر الْغَرِيب مِنْهُ وَرُبمَا تعرض لتخريج الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ ودرس الدُّرُوس الْعَامَّة والخاصة وَلما ولي جده الشَّيْخ جمال الدّين تدريس الصلاحية سنة خمسين وَثَمَانمِائَة اسْتَقر معيدا بهَا وَصَارَ ينْقل الْغَرِيب الْحسن والفوائد الجمة وَكَانَ خَطِيبًا فصيحا زاهدا متواضعا نحيف الْجِسْم خطب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف نِيَابَة عَن جده وَولي مشيخة الخانقاه الصلاحية مشاركا لبني غَانِم (نادرة) وَوَقعت لَهُ كَرَامَة وَهِي ان والدته حصل لَهَا ضعف فَحَضَرَ عِنْدهَا وسألها عَن حَالهَا فتأوهت وَشَكتْ شدَّة الْحمى فَقَالَ لَهَا فِي الْجَواب قد تحملت عَنْك مَا انت فِيهِ فَمَا قَامَ من مَجْلِسه إِلَّا وَهُوَ مَحْمُوم فَلم يزل يتزايد بِهِ الضعْف ووالدته تقوى الى ان قَبضه الله تَعَالَى توفّي بعد صَلَاة الْعَصْر من نَهَار الِاثْنَيْنِ سادس شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة احدى وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد اقاربه الشَّيْخ الْفَقِيه جمال الدّين أَبُو المحاسن يُوسُف بن مَنْصُور بن أَحْمد الْمَشْهُور بِابْن النَّائِب الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة اشْتغل قَدِيما فِي الْفِقْه والنحو وَسمع الحَدِيث بِقِرَاءَة الْعَلامَة شمس الدّين القرقشندي على الْمسند ابي الْخَيْر العلائي وتفقه على الشَّيْخ بن الهائم وَعمل المواعيد توفّي بالقدس الشريف فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة الْعدْل زين الدّين عبد الرَّحِيم بن حسن بن قَاسم الْمَشْهُور بجده - أحد الْعُدُول بالقدس الشريف - احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا وَكَانَ رَفِيقًا للشَّيْخ برهَان الدّين الكتبي وسيرتهما محمودة توفّي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي رَجَب الْفَرد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد القرمي الشَّافِعِي كَانَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وفقهاء الْمدرسَة الصلاحية وباشر الامامة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة منور الشيبة توفّي نَهَار السبت تَاسِع عشر ربيع الأول سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده وجده بالزاوية بِخَط مرزبان وَتُوفِّي وَالِده الْعدْل زين الدّين عمر - أحد الْعُدُول بالقدس الشريف وَالْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية - فِي سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد اسلافه بالزاوية الشَّيْخ الْعَلامَة الْقدْوَة الْمُحَقق زين الدّين أَبُو الْجُود ماهر بن عبد الله بن نجم الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الْمُسلمين مولده فِي سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة اشْتغل بالعلوم الْفِقْه والنحو والفرائض والحساب وَأَجَازَ لَهُ جمع من الْمَشَايِخ المسندين وَلَقي جمَاعَة من الْعلمَاء وَأخذ عَنْهُم وَأَصله من بِلَاد مصر وَقدم بَيت الْمُقَدّس واستوطنها فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة واشتغل عَلَيْهِ جمَاعَة من الْأَعْيَان وانتفع بِهِ الطّلبَة بصلاحه ونصحه وَكَانَ حسن التَّقْرِير أفتى ودرس وَمن تلامذته شيخ الاسلام الْكَمَال بن أبي شرِيف وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن ابناء الدُّنْيَا كثير التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد وَكَانَ ورعا زاهدا متواضعا توفّي بالقدس الشريف فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سلخ ربيع الأول سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الى جَانب الشَّيْخ مُحَمَّد أكال الْحَيَّات نفع الله بهما وَرَضي عَنْهُمَا شيخ الاسلام عَلامَة الزَّمَان أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام تَقِيّ الدّين أَبُو بكر عبد الله ابْن شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين(2/186)
اسماعيل القرقشندي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي سبط الْحَافِظ ابي سعيد العلائي عَالم الارض المقدسة شَيخنَا الامام الْعَلامَة الحبر الفهمامة مولده بالقدس الشريف فِي لَيْلَة الثَّالِث عشر من شهر ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة اشْتغل فِي صغره على وَالِده وَغَيره وَسمع على الْمَشَايِخ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَسمع من لفظ البُلْقِينِيّ المسلسل بالأولية وَسمع على الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النابلسي الملقب بالحبة شَيْخه ابْن الْجَوْزِيّ عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَأَجَازَهُ جمع من الْعلمَاء والحفاظ افتى ودرس وناظر وَحدث وَسمع عَلَيْهِ الرحالون وساد بِبَيْت الْمُقَدّس وَلما عمر القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الدِّمَشْقِي رَئِيس المملكة مدرسته الباسطية شمال الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف قرر فِي مشيختها الشَّيْخ شمس الدّين بن الْمصْرِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - وَاسْتمرّ بهَا إِلَى أَن توفّي ثمَّ قرر بعده فِيهَا الشَّيْخ شرف الدّين يحيى بن الْعَطَّار الْحَمَوِيّ الأَصْل ثمَّ الْمصْرِيّ فباشرها مُدَّة ثمَّ تنزه عَنْهَا وَسَأَلَ الْوَاقِف أَن يُقرر فِيهَا شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي فقرره بهَا فانتهت اليه الرياسة بالقدس وَعظم عِنْد أكَابِر المملكة وَكَانَ عِنْده ملاطفة واستمالة للقلوب وَحسن سياسة وَكَثْرَة تواضع وفصاحة لفظ وَكَانَ حسن الشكل منور الشيبة لَهُ سمت إِذا رَآهُ من لَا يعرفهُ علم انه من أهل الْعلم بِرُؤْيَة شكله وَأما سخاؤه وَبسط يَده فَلَا يكَاد يُوصف وكتابته على الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن وفصاحة اللَّفْظ وترتيب الْعبارَة وَقد عرضت عَلَيْهِ ملحة الاعراب فِي ثَانِي جمادي الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بمنزله بجوار الْمدرسَة الصلاحية ولي دون سِتّ سِنِين فَإِن مولدِي بالقدس الشريف فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن يَوْم الْأَحَد ثَالِث عشري ذِي لقعدة سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ أول شيخ عرضت عَلَيْهِ وتشرفت بِالْجُلُوسِ بَين يَدَيْهِ وأجازني بالمحلة بِسَنَدِهِ الْمُتَّصِل الى المُصَنّف وبغيرها من كتب الحَدِيث الشريف وَمَا يجوز رِوَايَته وَكتب وَالِدي الاجازة بِخَطِّهِ وَكتب الشَّيْخ خطه الْكَرِيم عَلَيْهَا(2/189)
وَكن للْأَرْض المقدسة بل ولسائر الممالك بِوُجُودِهِ الْجمال وَلَو شرعت أذكر مناقبه ومحاسنه لطال الْفَصْل وَخرجت عَن حد الِاخْتِصَار فَإِن تَرْجَمته وَذكر مشايخه تحْتَمل الافراد بالتأليف وَهُوَ أعظم من ان يُنَبه مثلي على فَضله وعلو مرتبته فَلَقَد كَانَ من اعظم محَاسِن الدَّهْر توفّي لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشر شهر جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بداخل الايوان الْكَائِن بالزاوية القلندرية بتربة ماملا وَكَانَ يَوْمًا كثير الْمَطَر القَاضِي جمال الدّين عبد الله بن زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن الصاحب التَّمِيمِي الخليلي من ذُرِّيَّة سيدنَا تَمِيم الدَّارِيّ رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ نَاظرا على وَقفه وَهُوَ أَرض بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَله مُرُوءَة ومحبة لأَصْحَابه كَانَ يُبَاشر بدار النِّيَابَة وَلم يحصل مِنْهُ ضَرَر لأحد توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة شيخ الشُّيُوخ نجم الدّين مُحَمَّد بن شيخ الشُّيُوخ شهَاب الدّين ابراهيم بن شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم الانصاري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف اسْتَقر فِيهَا بعد وَفَاة وَالِده الشَّيْخ برهَان الدّين ثمَّ نزل عَن نصفهَا للشَّيْخ عماد الدّين بن جمَاعَة وَحصل بَينه وَبَين بني جمَاعَة نزاع ثمَّ أستقر فِيهَا بكمالها وَتوجه الى الْقَاهِرَة فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي مستهل شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ومولده فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَالم شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين حسن بن دَاوُد الْمَشْهُور بِابْن الناصري الشَّافِعِي ولد بالقدس الشريف وَنَشَأ بِهِ واشتغل بِالْعلمِ الشريف وَأخذ عَن عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ من أَعْيَان الْقُدس ولي مشيخة الْمدرسَة الجوهرية وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة يسْلك طرق الرياسة توفّي فِي شهر جمادي الاولى سنة سبعين وَثَمَانمِائَة وَقد قَارب السّبْعين وَدفن بماملا الشَّيْخ الصَّالح الْعَالم زين الدّين عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن حسن النواوي الشَّافِعِي(2/190)
مولده فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة توجه الى الْيمن فِي سنة عشر وَرجع فِي سنة خمس عشرَة وَقد قَرَأَ وَسمع بِالْيمن بزبيد وَتلك الْبِلَاد وَارْضَ الْحجاز واشتغل وتلا بالسبع وَفضل وَانْقطع عَن النَّاس وَكَانَ رجلا صَالحا صوفيا مقرئا عَالما فَاضلا لَهُ حَظّ من صَلَاة وَصَوْم وَعبادَة يمشي اليه الْخَواص ويسألونه الدُّعَاء يتبركون بِهِ والأهل بَيت الْمُقَدّس فِيهِ اعْتِقَاد وَكَانَ مِمَّن يقوم بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر توفّي فِي خَامِس شهر شعْبَان سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَحمل تابوته على الرؤس وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة الْعدْل تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم بن القَاضِي الصَّلْت الشَّافِعِي كَانَ من اعيان الْعُدُول بالقدس الشريف وَكَانَت الْقُضَاة والحكام يعظمونه وباشر تحمل الشَّهَادَة دهرا طَويلا وَقد توجه الى مَدِينَة الرملة فَتوفي بهَا فِي شهر صفر سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدْرَسَةِ الخاصكية وَدفن عِنْد قبَّة الجاموس الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عمر بن الشَّيْخ عبد الْمُؤمن الْحلَبِي الأَصْل الشَّافِعِي شَيخنَا بالاجازة كَانَ رجلا صَالحا لَهُ سَنَد عَال فِي الحَدِيث الشريف أَخذ عَن جمَاعَة من فُقَهَاء بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ منور الشيبة عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار وَقد حضرت ختم البُخَارِيّ عَلَيْهِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بالصخرة الشَّرِيفَة وأجازني توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَ مشهود الْجِنَازَة الْعدْل تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الْمُؤَدب كَانَ رجلا خيرا احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا وَكَانَ ينْسَخ الْكتب وخطه حسن وَعِنْده تواضع توفّي فِي رَابِع شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالساهرة الشَّيْخ أَحْمد جعارة كَانَ مجذوبا وَله كرامات ظَاهِرَة وَأهل بَيت الْمُقَدّس يَعْتَقِدُونَ صَلَاحه وَحكي عَنهُ أَشْيَاء تدل على ولَايَته توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا بِالْقربِ من القلندرية نفع الله بِهِ الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحَقق شيخ الْمُسلمين شمس الدّين أَبُو مساعد(2/191)
مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الشَّافِعِي شَيخنَا أحد جمَاعَة الْعَلامَة شهَاب الدّين بن أرسلان وَهُوَ الَّذِي كناه كَانَ من اعيان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس والمعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَكَانَ يكْتب على الْفَتْوَى عبارَة حَسَنَة انْتفع النَّاس بِهِ وَقد عرضت عَلَيْهِ قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وأجازني توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة بالطاعون وَدفن بالساهرة وَكَانَت جنَازَته حافلة الْعدْل شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الخليلي الشَّافِعِي رَئِيس المؤذنين بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى كَانَ حسن الصَّوْت فِي الاذان اسْتَقر فِي رياسة الاذان بعد وَفَاة علم الدّين الصَّفَدِي وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ رَفِيقًا للْقَاضِي عماد الدّين التركستاني وَعِنْده حشمة زَائِدَة ويلبس القماش الفاخر وَله مُرُوءَة تَامَّة توفّي فِي الْمحرم سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَلم يبْق بعده من هُوَ فِي مَعْنَاهُ من حسن الصَّوْت فِي الاذان والمديح وَنَحْوهمَا السَّيِّد الشريف الشَّيْخ عز الدّين حَمْزَة الدِّمَشْقِي أحد عُلَمَاء دمشق توفّي بالقدس الشريف فِي سنة أَربع وسبيعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا القَاضِي زين الدّين أَبُو حَفْص عمر بن الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ الْحوَاري الشَّافِعِي أحد اعيان الْفُقَهَاء بالقدس الشريف والمعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية كَانَ من أهل الْفضل وناب فِي الْقَضَاء بالقدس الشريف وَكَانَ خيرا متواضعا مولده فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي فِي يَوْم الاربعاء الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَتقدم ذكر وَالِده الشَّيْخ غرس الدّين خَلِيل بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الخليلي الشَّافِعِي أَخُو الشَّيْخ برهَان الدّين - الْآتِي ذكره - كَانَ الشَّيْخ غرس الدّين من أهل الْفضل وَذَوي المروآت وَعِنْده تواضع وباشر نِيَابَة الحكم بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وناب فِي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الشريف الخليلي توفّي فِي شهر ربيع(2/192)
الاول سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَدِهِ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن احْمَد بن مُحَمَّد بن حَامِد الْأنْصَارِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الْمدرسَة الفخرية مولده فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أهل الْفضل وَمن اعيان بَيت الْمُقَدّس توجه الى دمشق فَتوفي بهَا فِي سَابِع ربيع الآخر سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِالْقربِ من المذهبية وَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الأوتاري الْمُقْرِئ الشَّافِعِي مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة كَانَ رَئِيس الْقُرَّاء بالقدس الشريف حفظ الْقُرْآن حفظا جيدا ويؤديه بِحسن صَوت وَطيب نَغمَة وينظم الشّعْر وخطه حسن وَرُبمَا احترف بِالشَّهَادَةِ فِي بعض الْأَوْقَات وَكَانَ عِنْده بشاشة وتودد للنَّاس توفّي فِي الاربعاء سَابِع شهر رَجَب سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْقدْوَة برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن الشَّيْخ الْقدْوَة عَلَاء الدّين ابي الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ ابي الوفا البدري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي أحد مَشَايِخ الوفائية بالقدس الشريف نَشأ فِي خدمَة وَالِده وخرجه ثمَّ تكمل بِعَمِّهِ الشَّيْخ ابي بكر فِي حَيَاة ابيه وَلزِمَ خدمَة عَمه الى ان توفّي وَمن تَخْرِيج وَالِده لَهُ أَنه كَانَ رَاكِبًا يخدمته فِي سفر وَمَعَهُمْ رجل صَالح يمشي أَمَام الْفرس الَّتِي تَحْتَهُ فَلَمَّا أحس وَالِده ان الرجل تَعب وَلم يتفكر وَلَده فِي ذَلِك أَمر وَلَده بنزوله واركب فرسه لذَلِك الرجل الْمَاشِي وَأمر وَلَده أَن يمشي أَمَام الْفرس فَمشى حَتَّى تَعب كثيرا فَنزل الْفُقَرَاء وكشفوا رؤوسهم وَاسْتَغْفرُوا عَنهُ فَقَالَ لَا حَتَّى يعرف ألم التَّعَب ثمَّ عَفا عَنهُ وَمن هُنَالك نشطت همته جدا وَصَارَ لَا يماثل فِي الْمُهِمَّات والاقدام على الامور المشكلات وَالْكَرم الزَّائِد الى النِّهَايَة وتلقى الواردين وتربية المريدين حفظ الْقُرْآن(2/193)
والمنهاج والجرجانية فِي النَّحْو وَعرض الْمِنْهَاج على الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي شيخ الصلاحية وَقَررهُ بهَا وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَأَجَازَهُ بِهِ وَسمع أَيْضا من الشَّيْخ ماهر وَمن الشَّيْخ عضد الدّين الصيرامي بِمصْر وَغَيره واخذ عَن مَشَايِخ الصُّوفِيَّة صُحْبَة الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن قرا فِي طَرِيق السَّيِّد عبد الْقَادِر الكيلاني اعاد الله علينا من بركاته وَكَذَلِكَ من سَيِّدي مُحَمَّد البرموني وَغَيرهمَا وَكَانَ عَمه السَّيِّد أَبُو بكر يندبه فِي الْمُهِمَّات ويصرفه فِي كثير من الْأَحْوَال دون غَيره من الْأَوْلَاد والأقارب لعلمه بهمته وشجاعته وعزمه واقدامه توفّي فِي شهر شَوَّال يَوْم مسير الْحَاج من الْقُدس الْقُدس الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا على جَانب الْبركَة من جِهَة الشرق وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لجنازته الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عِيسَى البسطامي الشَّافِعِي الشهير بأخي زرع كَانَ رجلا صوفيا من فُقَرَاء البسطامية وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن ويقرىء الاطفال بِالْمَدْرَسَةِ الطازية وَهُوَ رجل خير اسْتَقر فِي أَوَاخِر عمره فِي بوابة الخانقاه الصلاحية وَهُوَ من جملَة الصُّوفِيَّة بهَا وبالجوهرية وَمن الْفُقَهَاء بالصلاحية توفّي فِي خَامِس رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَأَخُوهُ الشَّيْخ مُحَمَّد زرع - الَّذِي اشْتهر بِهِ - كَانَ صَالحا ووفاته قبل أَخِيه بِنَحْوِ عشْرين سنة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عقبَة الْمُقْرِئ الْمُؤَذّن الشَّافِعِي كَانَ حسن الصَّوْت فِي الْقِرَاءَة وَالْأَذَان وَاسْتقر من جملَة الْفُقَهَاء بالصلاحية وَتعين حَتَّى صَار يقْرَأ المراسيم الشَّرِيفَة الْوَارِدَة من السُّلْطَان على دكة الْمَسْجِد الْأَقْصَى توفّي خَامِس عشري رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَيَأْتِي ذكر وَالِده وجده مَعَ فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة إِن الله تَعَالَى الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّزَّاق بن نَاصِر الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الشهير بِابْن شيخ السُّوق اشْتغل وَحصل وَصَارَ من الْفُضَلَاء وتقرر من الْفُقَهَاء(2/194)
بالصلاحية والصوفية بالخانقاه وَكَانَ من جمَاعَة شيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة وباشر النقابة عَنهُ حِين ولي الْقَضَاء وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ ترك ذَلِك وَتوجه الى مَكَّة سنة أَربع وَسبعين وجاور فَتوفي بهَا فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن حُسَيْن الْمُقْرِئ كَانَ من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وقارئ الْعشْر بهَا وَمن الصُّوفِيَّة بالخانقاه وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن حفظا جيدا وَهُوَ رجل خير منجمع عَن النَّاس لَا يتَكَلَّم فِيمَا لَا يعنيه توفّي بالقدس الشريف فِي شهر شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة الْوَرع الزَّاهِد شهَاب الدّين أَبُو الأسباط أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْقدْوَة شَيخنَا مولده فِي حُدُود سنة عشر وَثَمَانمِائَة ظنا كَانَ من أَعْيَان الْعلمَاء وَمن تلامذه الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان وَهُوَ الَّذِي كناه ولي قَضَاء الرملة بعد القَاضِي عَلَاء الدّين بن السائح فِي سنة نَيف واربعين فباشر بعفة ونزاهة وَكَانَ من قُضَاة الْعدْل لَا يحابي أحدا وَلَا يلْتَمس على الْقَضَاء الدِّرْهَم وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة رُؤْيَة شكله تدل على علمه وصلاحه استوطن بَيت الْمُقَدّس دهرا طَويلا وَكَانَ من اعيان المنتهين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَعرضت عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه وأجازني ثمَّ فِي آخر عمره توجه إِلَى الرملة لضَرُورَة لَهُ فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالجامع الْأَبْيَض الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن أبي عمر الشَّافِعِي كَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بالقدس الشريف وَله وجاهة وَكَانَ قَدِيما يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ ترك ذَلِك توفّي فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالساهرة الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو البركات مُحَمَّد بن الشَّيْخ نجم الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ برهَان الدّين بن غَانِم الانصاري الشَّافِعِي شيخ الخانقاه الصلاحية اسْتَقر فِيهَا بعد(2/195)
وَفَاة وَالِده فِي سنة سبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ نزل عَن النّصْف للشَّيْخ جمال الدّين بن غَانِم شيخ الْحرم فَلَمَّا ولي الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة نصف المشيخة فِي سنة ثَمَان وَسبعين بمرسوم السُّلْطَان اعْترف الشَّيْخ جمال الدّين أَن النّصْف الَّذِي اسْتَقر فِيهِ الْخَطِيب محب الدّين هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ وَاسْتمرّ الشَّيْخ أَبُو البركات فِيمَا بِيَدِهِ من النّصْف مشاركا للخطيب محب الدّين بن جمَاعَة وَتُوفِّي الشَّيْخ أَبُو البركات فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر شهر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَله اربعون سنة القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين حسن الجلجولي الشَّافِعِي ولد بجلجوليا وَنَشَأ بهَا واخذ الْعلم عَن الشَّيْخ شهَاب الدّين القباقي وباشر الْقَضَاء بجلجوليا وَكَانَ من أهل افضل وَعِنْده تواضع توفّي يَوْم السبت خَامِس عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش البسطامية بماملا القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن عَليّ اللدي الشَّافِعِي سبط الْعَلامَة شيخ الاسلام جمال الدّين بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي كَانَ من أَعْيَان الرؤساء بِبَيْت الْمُقَدّس وَله اشْتِغَال وَرِوَايَة فِي الحَدِيث وَكَانَ يقْرَأ صَحِيح البُخَارِيّ فِي كل سنة بالصخرة الشَّرِيفَة ويختمه بالجامع الْأَقْصَى وَله شهامة ومروءة ومساعدة لأَصْحَابه وَقد حضرت مرّة خَتمه لصحيح البُخَارِيّ بالأقصى تجاه الشباك الَّذِي عِنْد جَامع عمر فِي أَوَاخِر شهر رَمَضَان سنة بضع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ بِالْمَجْلِسِ رجل لَا يحضرني من هُوَ فَأخذت الرجل سنة من النّوم وَقت الْخَتْم فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ حَاضر فِي الْمجْلس فَاسْتَيْقَظَ الرجل وقص الرُّؤْيَا على من حضر - وَكَانَ مَجْلِسا حافلا - فَحصل للْقَاضِي شهَاب الدّين اللدي السرُور بذلك وَبكى هُوَ وَمن حضر بِالْمَجْلِسِ وَكَانَت سَاعَة عَظِيمَة توفّي فِي شهور سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا وَفِي هَذِه السّنة توفّي القَاضِي كَمَال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد(2/196)
الشَّافِعِي أَمِين الحكم الْعَزِيز والمتكلم على الايتام بالقدس الشريف وَكَانَ من الرؤساء بِبَيْت الْمُقَدّس وَعِنْده تواضع وتودد للنَّاس ولين الْجَانِب وَتُوفِّي ابْن عَمه القَاضِي محب الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَامِد وَكَانَ من اعيان المباشرين على أوقاف الْقُدس والخليل توفّي الشَّيْخ محب الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن عوجان الْعمريّ الشَّافِعِي وَكَانَ قد اشْتغل بِالْعلمِ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي وَخَالف فِي ذَلِك وَالِده وجده - الْآتِي ذكرهمَا مَعَ فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة - وَصَارَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ووفاته فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَانِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة عَن خمس واربعين سنة وَدفن بماملا الشَّيْخ الْفَاضِل يُوسُف الْكرْدِي الشَّافِعِي كَانَ من أهل الْفضل وَمن الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَله مُشَاركَة جَيِّدَة وَكَانَ يبْحَث فِي درس الصلاحية بحثا جيدا غير أَن لِسَانه فِيهِ ثقل فَكَانَ كَلَامه لَا يفهمهُ إِلَّا من لَهُ بِهِ خبْرَة وَمن اقرانه الشَّيْخ الْفَاضِل بدر الدّين حسن الْجَزرِي النَّحْوِيّ الشَّافِعِي كَانَ يحسن الْعَرَبيَّة واشتغل عَلَيْهِ كثير من الطّلبَة وانتفعوا بِهِ وَكَانَ من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَالشَّيْخ الْفَاضِل عُثْمَان الحصني الشَّافِعِي الفرضي كَانَ من اهل الْفضل وَله يَد طولى فِي الْفَرَائِض وَكَانَ اشْتِغَاله ببلاده فِي جِهَة الشرق واستوطن بِبَيْت الْمُقَدّس واشتغل عَلَيْهِ جمَاعَة وانتفعوا بِهِ وَكَانَت وَفَاته هُوَ وَالشَّيْخ حسن الْجَزرِي وَالشَّيْخ يُوسُف الْكرْدِي - الْمُتَقَدّم ذكرهمَا - فِي مُدَّة مُتَقَارِبَة بعد الثَّمَانِينَ والثمانمائة بالقدس الشريف الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الْكرْدِي الْحلَبِي البسطامي الشَّافِعِي شيخ البسطامية بالقدس الشريف كَانَ صوفيا مُبَارَكًا وَكَانَ ينْسَخ الْكتب وخطه جيد وَهُوَ من جملَة الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والصوفية بالخانقاه وَكَانَ متواضعا قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه وَصَحب الشَّيْخ ابا بكر الطولوني وَكَانَ يُصَلِّي بِهِ ثمَّ صحب بعده الشَّيْخ كَمَال الدّين إِمَام الكاملية ثمَّ اسْتَقر فِي مشيخة الزاوية البسطامية(2/197)
بالقدس الشريف وَاسْتمرّ بهَا إِلَى ان توفّي بالقدس الشريف فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالطاعون الشَّيْخ الْعَلامَة الْفَقِيه عَلَاء الدّين أَبُو مَدين عَليّ بن ابراهيم الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف كَانَ من تلامذة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان وَهُوَ الَّذِي كناه فاشتهر يكنيته وَكَانَ يعرف فِي الرملة بِابْن قطيط استوطن بَيت الْمُقَدّس وباشر الحكم بِهِ نِيَابَة عَن القَاضِي عَلَاء الدّين بن السائح وَصَارَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والخانقاه وَغَيرهمَا وان يجلس للوعظ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَكَانَ مطرحا للتكلف وَعِنْده تواضع وتقشف على طَريقَة السّلف توفّي فِي آخر رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا تَحت الْقبَّة الَّتِي بحوش الشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن عمر المرداوي كَانَ يحفظ الْقُرْآن وَبِيَدِهِ مَال يتجر فِيهِ ثمَّ نفذ مِنْهُ المَال وَصَارَ فَقِيرا فاحترف بِالشَّهَادَةِ وَفتح عَلَيْهِ ولازم مجَالِس الْقُضَاة وقصده النَّاس وَاسْتمرّ على ذَلِك مُدَّة تقرب من عشْرين سنة توفّي فِي سادس شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن عُثْمَان السَّعْدِيّ الشَّافِعِي بن أخي شيخ الاسلام عز الدّين بن عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي شيخ الصلاحية وَبِه كَانَ يعرف كَانَ من أهل الْفضل وَمن جملَة فُقَهَاء الْمدرسَة الصلاحية بَاشر نِيَابَة الحكم بالرملة فِي أَوَاخِر عمره مُدَّة يسيرَة وَحصل لَهُ توعك فَحمل الى الْقُدس الشريف فَمَاتَ فِي الطَّرِيق وَدفن بالقدس الشريف بِبَاب الرَّحْمَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة القَاضِي برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم بن القَاضِي شهَاب الدّين ابي الْعَبَّاس احْمَد بن الْقَاسِم الشَّافِعِي الْمَشْهُور بِابْن الْحِكْمَة كَانَ وَالِده قَاضِي بَيت الْمُقَدّس وَتقدم ذكره وَولي هُوَ قَضَاء نابلس ثمَّ قَضَاء الرملة مَرَّات آخرهَا فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وعزل فِي سنة أَربع وَسبعين واقام بوطنه بالقدس الشريف وَكَانَ(2/198)
شكلا حسنا لَهُ مُرُوءَة وَعِنْده سخاء توفّي بالقدس لَيْلَة الثُّلَاثَاء الْعشْرين من شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن اسحاق الْمقري الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف كَانَ من أهل الْفضل واستوطن بَيت الْمُقَدّس دهرا طَويلا وَكَانَ يتكسب بِالشَّهَادَةِ وَسيرَته محمودة وَعِنْده تواضع وَدين توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة أَبُو الْعَزْم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحلاوي الشَّافِعِي النَّحْوِيّ كَانَ من اهل الْعلم وَالدّين وَهُوَ من تلامذة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان وكناه بِأبي الْعَزْم فاشتهر بكنيته وَكَانَ لَهُ يَد طولى فِي الْعَرَبيَّة وصنف شرحا على الجرومية وَكَانَ يقرئ الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف انْتفع عَلَيْهِ كثير من الْفُقَهَاء بِبَيْت الْمُقَدّس ونابلس وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية فِي زمن شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَبعده فِي ولَايَة شيخ الاسلام النجمي بن جمَاعَة وَكَانَ عِنْده قيام فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى وَقعت الْفِتْنَة بِسَبَب كَنِيسَة الْيَهُود بالقدس الشريف وَطلب السُّلْطَان أهل بَيت الْمُقَدّس على مَا سَنذكرُهُ فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ هُوَ بِالْقَاهِرَةِ فاختفى وَتوجه الى الْحجاز الشريف وجاور بِمَكَّة حَتَّى توفّي بهَا فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَكَانَت جنَازَته حافلة قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو زرْعَة مُحَمَّد بن برهَان الدّين بن أبراهيم الزرعي الشَّافِعِي الْمقري أحد جمَاعَة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان وَهُوَ الَّذِي كناه كَانَ شيخ الْقُرَّاء بِمَدِينَة الرملة وَمن أهل الْعلم ولي قَضَاء الرملة بعد الْخمسين والثمانمائة مُدَّة ثمَّ بَاشر الحكم بهَا نِيَابَة عَن القَاضِي غرس الدّين أخي ابي الْعَبَّاس ثمَّ اشْتغل بِالْقضَاءِ فِي سنة خمس وَسبعين بِولَايَة السَّيِّد الشريف وَكيل السُّلْطَان فَإِنَّهُ كَانَ فوض اليه السُّلْطَان أَمر الْقَضَاء بالمملكة فعزل وَولي بِالشَّام وجلب وَغَيرهمَا وَمن جملَة من ولاه القَاضِي شمس الدّين ابو زرْعَة الْمَذْكُور فاستمر إِلَى سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة(2/199)
وعزل بِالْقَاضِي شمس الدّين بن يُونُس النابلسي ثمَّ استوطن بَيت الْمُقَدّس وَصَارَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة وَعند تواضع وتودد للنَّاس توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا الشَّيْخ الْقدْوَة أَبُو طَاهِر خَلِيل بن مُوسَى الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي الْمَشْهُور بِابْن الطِّبّ الصَّالح الناسك بركَة الْمُسلمين كَانَ من أَعْيَان جمَاعَة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان وَهُوَ الَّذِي كناه استوطن بَيت الْمُقَدّس دهرا طَويلا وَكَانَ يحترف بيع القماش فِي سوق التُّجَّار وَكَانَ فَقِيرا جدا وَلِلنَّاسِ فِيهِ إعتقاد وَكَانَ كثير التِّلَاوَة لِلْقُرْآنِ يحْكى عَنهُ فِي ذَلِك الْعَجَائِب من سرعَة تِلَاوَته حَتَّى قيل عَنهُ أَنه كَانَ يشمي من منزله إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف فَيقْرَأ ختما كَامِلا وَقد أَخْبرنِي من جلس الى جَانِبه فِي صَلَاة الْجُمُعَة انه سَمعه ابْتَدَأَ فِي الْقُرْآن حِين صعد الْخَطِيب الْمِنْبَر فَلَمَّا أكمل الْخطْبَة وَنزل للصَّلَاة سَمعه يقْرَأ سُورَة الرَّحْمَن فسبحان المتفضل بِمَا شَاءَ على من شَاءَ وَكَانَ شكله عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار منور الشيبة على طَريقَة السّلف الصَّالح توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشرى شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بماملا وَفِي ذَلِك الْيَوْم توفّي الشَّيْخ شمسي الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ عبد الله الغدادي الشَّافِعِي الْعدْل كَانَ وَالِده من الْفُقَرَاء الصُّوفِيَّة وَمَات وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ بعده واشتغل الْعلم وَحفظ كتاب التَّنْبِيه فِي الْفِقْه وَقرر فِي الخانقاه والمدرسة الصلاحية وَتحمل الشَّهَادَة عِنْد الْقُضَاة وَكَانَ ينظم الشّعْر وينقل التَّارِيخ وَله محاضرة لَطِيفَة وَكَانَ شكلا حسنا فصيح الْعبارَة لَهُ خبْرَة بأحوال النَّاس والمتقدمين وَكتب كثيرا وَكَانَ خطه قرب أَن يشبه الْخط الْكُوفِي وَسكن بالزاوية الكائنة بِقرب القلعة ظَاهر الْقُدس الشريف الْمَعْرُوفَة قَدِيما بالشيخ يَعْقُوب العجمي فَعرفت بِهِ لسكنه بهَا فَصَارَ يُقَال لَهَا زَاوِيَة بن الشَّيْخ عبد الله وَعمر على ظَاهرهَا طبقَة مُرْتَفعَة وَكَانَ الرؤساء والقضاة(2/200)
من أَصْحَابه يقصدونه بالزاوية ويجلسون عِنْده ويأنسون بِهِ وبمجالسته وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وَحسن عشرَة توفّي فِي يَوْم وَفَاة الشَّيْخ ابي طَاهِر - وَتقدم ذكره - وَدفن بماملا الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن قطلوشاه الْمقري الرَّمْلِيّ الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي كَانَ وَالِده من أَعْيَان الْقُرَّاء حسن الصَّوْت طيب اسْتَقر فِي وَظِيفَة الْقِرَاءَة بمصحف الْملك الْأَشْرَف برسباي الَّذِي وَضعه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَلما توفّي اسْتَقر بعده فِي الْوَظِيفَة وَلَده هَذَا وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن وَله وظائف ويتجر وَله دنيا وَاسِعَة توفّي بالقدس فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الْعدْل شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم الحريري كَانَ رجلا خيرا احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَعِنْده تواضع توفّي فِي سنة سِتّ وثمانمين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف القَاضِي عماد الدّين اسماعيل بن الشَّيْخ الصَّالح ابراهيم التركماني الشَّافِعِي الْعدْل كَانَ عين موقعي الحكم بالقدس الشريف وانتهت اليه الرياسة فِي فن الشَّهَادَة وَكِتَابَة المستندات وخطه حسن وَله معرفَة تَامَّة بالمصطلح وأوتي من الْحَظ والاقبال مَا لم ينله غَيره وَكَانَ الْقُضَاة يعظمونه ويكرمونه وَكَانَ يلبس القماش الفاخر ويتوسع فِي النَّفَقَة وبترفه فِي المأكل وَله مُرُوءَة تَامَّة وإكرام لأَصْحَابه وَقيام بحقوقهم وَقَضَاء لحوائجهم توفّي فِي نصف شهر شعْبَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَلم يبْق من هُوَ فِي مَعْنَاهُ الشَّيْخ الْعَلامَة شمس الدّين ابو الْفضل مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النجار الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود سنة اربعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وتفقه على شيخ الاسلام الكمالي ابْن أبي شرِيف وَالشَّيْخ أبي مساعد وَغَيرهمَا وَكن من أَعْيَان أهل الْعلم بِبَيْت الْمُقَدّس وَمن أماثل الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَكَانَ دينا خيرا عِنْده تواضع وتودد للنَّاس وَله نظم رائق وَيَد طولى فِي الألغاز وَكَانَ يدرس بِالْمَسْجِدِ(2/201)
الْأَقْصَى وانتفع عَلَيْهِ كثير من الطّلبَة وَلم يعلم مِنْهُ مَا يشينه وَتُوفِّي فِي نصف شعْبَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الْقدْوَة برهَان الدّين أَبُو الصَّفَا ابراهيم بن عَليّ بن أبي الوفا الاسعردي شَافِعِيّ الصُّوفِي الزَّاهِد مولده باسعرد فِي سنة خمس أَو سِتّ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا اشْتغل على علمائها ورحل الى تبريز الْعَجم واشتغل بهَا ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس واستوطنه وَقَررهُ الْملك الظَّاهِر جقمق فِي الْمدرسَة الحنبلية بِبَاب الْحَدِيد وَأقَام فِي الْقُدس دهرا طَويلا وَتزَوج ورزق الْأَوْلَاد ثمَّ استوطن دمشق وَبَقِي يتَرَدَّد إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة لَهُ مُرُوءَة وَحسن لِقَاء لمن يرد عَلَيْهِ توفّي بِدِمَشْق فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَلامَة برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم العجلوني الشَّافِعِي كَانَ من أهل الْعلم وَعِنْده تَحْقِيق وَيكْتب على الْفَتْوَى عبارَة حَسَنَة وَكَانَ من اعيان شافعية بِبَيْت الْمُقَدّس رَحل إِلَى الديار المصرية قبل الثَّمَانِينَ والثمانمائة وَأقَام بهَا ثمَّ استوطن دمياط مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى الْقَاهِرَة فَتوفي بهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شعْبَان بن سَالم بن شعْبَان من بَيت ساحور المعمر أَبُو سَالم ولد كَمَا اقْتضى كَلَامه - سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ يذكر أَنه لَقِي الْبُرْهَان بن جمَاعَة والقرقشندي وَأَنه كَانَ يحضر عِنْدهمَا فِي حَالَة الْقِرَاءَة فَأخذ عَنهُ بعض الطّلبَة قَالَ بَعضهم انه رأى لَهُ سَمَاعا على الشهَاب بن العلائي وَحدث بالاجازة الْعَامَّة من أبي حَفْص عمر بن أُميَّة وَصَلَاح الدّين بن عمر توفّي فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَيْت ساحور خَارج الْقُدس الشريف وَدفن بهَا فَكَانَ عمره - على مَا اقْتَضَاهُ كَلَامه - مائَة سنة وَخَمْسَة عشر سنة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث شمس الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَالم زين الدّين عمر بن الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة المسلك المربى تَقِيّ الدّين أبي بكر السَّعْدِيّ البسطامي الشَّافِعِي الخليلي الْمَعْرُوف بِابْن الْحَاجة مولده فِي رَابِع عشر ربيع الآخر سنة(2/202)
سِتّ وَقيل ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام توفّي فِي سادس عشر شهر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وثمامائة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن بمقبرة الرَّأْس الْحَافِظ الْعَلامَة شيخ الْمُسلمين شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن القَاضِي زين الدّين عمر العميري الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْوَاعِظ الْمُحدث شَيخنَا ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة بالقدس الشريف وتفقه على الشَّيْخ ماهر وَغَيره وَهُوَ من جمَاعَة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان اشْتغل ودأب وَحصل وَأخذ الحَدِيث عَن الْحَافِظ بن حجر وَلَقي جمَاعَة من أهل الْعلم وَأخذ عَنْهُم وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن القَاضِي شهَاب الدّين قَاضِي الْخَلِيل حِين ولي الْقُدس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ حَافِظًا فصيحا لَهُ مُشَاركَة فِي كثير من الْعُلُوم جلس للوعظ واشتهر امْرَهْ فِي المملكة وَعظم عِنْد النَّاس وَصَارَ لَهُ قبُول فِي الْوَعْظ وَكن خَاشِعًا مأنوس النِّعْمَة والشكل ذَا سُكُون ووقار مَعْرُوفا بالديانة لَا يغتاب أحدا وَإِن وَقع فِي مَجْلِسه استغابه منع مِنْهَا ودرس وافتى وَأعَاد بالصلاحية وَكَانَ قرر فِي الْمدرسَة الْمَشْهُورَة لمولانا الْملك الْأَشْرَف قايتباي الَّتِي هدمت وَبنى مَكَانهَا الْمدرسَة الْمَشْهُورَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف بجوار بَاب السلسلة وَلما عمرت الْمدرسَة الْمَذْكُورَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآن وانتهت عمارتها أَدْرَكته الْمنية فَتوفي وَكَانَ متواضعا حسن اللِّقَاء كثير الْبشر عِنْده إكرام لمن يرد عَلَيْهِ وَقد عرضت عَلَيْهِ فِي حَيَاة الْوَالِد قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه وأجازني فِي شهور سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ لما توفّي الْوَالِد لازمته للاشتغال فَكنت اقْرَأ عَلَيْهِ فِي الْمقنع واحضر مجْلِس وعظه ودرسه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وحصلت الاجازة مِنْهُ غيرمرة خَاصَّة وَعَامة توفّي فِي لَيْلَة السبت ثامن أَو سَابِع شهر ربيع الأول سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا ظَاهر الْقُدس الشريف وَقد كتب على قَبره تَارِيخ وَفَاته فِي ربيع الأول(2/203)
سنة تسع وَثَمَانِينَ وَهُوَ خطأ فَإِنِّي اجْتمعت بِهِ بعد قدومي من الْقَاهِرَة فِي شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ علمت بوفاته وَأَنا مُقيم بالرملة فِي شهر ربيع الأول سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَصليت عَلَيْهِ بالرملة القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحِيم بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَامِد الانصاري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي كَانَ من اعيان بَيت الْمُقَدّس وَعِنْده حشمة وتواضع لَهُ رِوَايَة فِي الحَدِيث توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشر رَمَضَان سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا شيخ الشُّيُوخ جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الشَّيْخ الْقدْوَة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن غَانِم الانصاري الخزرجي الشَّافِعِي شيخ حرم الْقُدس الشريف والخانقاه الصلاحية مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ وَالِده شيخ حرم الْقُدس الشريف وَمن أَعْيَان بني غَانِم توفّي وَالشَّيْخ جمال الدّين صَغِير فَنَشَأَ بعده وَولي مَا كَانَ بيد وَالِده من مشيخة الْحرم ثمَّ ولي مشيخة الخانقاه الصلاحية شركَة واستقلالا وَعمر وَكَانَ كَرِيمًا حسن الْأَوْصَاف لَهُ مُرُوءَة تَامَّة ومحبة لأَصْحَابه توفّي فِي شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة تسعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة عِنْد سلفه الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْقدْوَة الْمُحَقق السَّيِّد الشريف تَاج الدّين أبي الوفا مُحَمَّد بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أبي بكر بن أبي الوفا الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي البدري شيخ فُقَرَاء الوفائية بِالْأَرْضِ المقدسة كَانَ من أهل الْعلم وَله وجاهة عِنْد النَّاس وَله تصانيف التصوف وَغَيره سكن مصر مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى وَطنه بالقدس الشريف وَقدر أَنه زوج بِمَدِينَة الرملة وَكَانَ يتَرَدَّد اليها فَتوفي بهَا فِي يَوْم عَاشُورَاء وَحمل إِلَى الْقُدس الشريف فَغسل وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى يَوْم الْحَادِي عشر من الْمحرم سنة إِحْدَى تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد وَالِده بجوار الزاوية القلندرية الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّزَّاق بن شمس الدّين مُحَمَّد بن جمال الدّين يُوسُف بن الْمصْرِيّ الخليلي الشَّافِعِي كَانَ من أهل الْعلم وَمن أَعْيَان فُقَهَاء بلد سيدنَا(2/204)
الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ استوطن بَيت الْمُقَدّس مُدَّة وَصَارَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وَتُوفِّي فِي يَوْم الاربعاء حادي عشري شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالمقبرة السُّفْلى على أَبِيه الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن يُوسُف الْأَزْرَقِيّ الشَّافِعِي الشهير بمذهبه ولد سنة ثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَسمع على جمَاعَة وَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله حسن الْخط بَاشر العمالة بأوقاف سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالشَّهَادَة وَحدث قَلِيلا توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشري ذِي الْقعدَة سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مَنْصُور الْأَزْرَق الشَّافِعِي ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ظنا وَقَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ على الشَّيْخ جمال الدّين بن جمَاعَة بالقدس الشريف وَسمع على غَيره وتفقه على جمَاعَة مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي ابْن أبي شرِيف وَأَجَازَهُ الْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيره ودرس يَسِيرا توفّي فِي يَوْم عَاشُورَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الشَّيْخ الصَّالح عُثْمَان الْحطاب الْمصْرِيّ الزَّاهِد كَانَ من أَعْيَان الصَّالِحين بِالْقَاهِرَةِ المحروسة وَله زَاوِيَة عَظِيمَة بِخَط البندقيين بِالْقربِ من السُّوق الَّذِي يُبَاع فِيهِ الرَّقِيق وَعِنْده خلق كثير من المريدين يَتلون كتاب الله وهم عاكفون على الذّكر والاوراد لَيْلًا وَنَهَارًا وَلِلنَّاسِ فِيهِ إعتقاد فَقدر حُضُوره إِلَى بَيت الْمُقَدّس زَائِرًا وَأقَام بِهِ مُدَّة يسيرَة ثمَّ توجه لزيارة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَعَاد الى بَيت الْمُقَدّس فَتوفي بِهِ فِي شهور سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة حضرها خلق من الْأَعْيَان وَغَيرهم الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن خَلِيل بن أَحْمد بن عِيسَى بن الصّلاح خَلِيل القيمري الخليلي ولد فِي سنة احدى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام(2/205)
وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَكَانَ خيرا حَافِظًا لِلْقُرْآنِ كثير التِّلَاوَة لَهُ وَيُؤذن بمقام الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَحدث بالقدس والخليل ووالده مِمَّن سمع الحَدِيث وَحدث وجده صَلَاح الدّين بن خَلِيل بن عِيسَى القيمري مولده سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ بالروايات على الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الْحجاز توفّي الشَّيْخ شمس الدّين فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن بهَا شيخ الاسلام برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم بن زين الدّين عبد الرَّحْمَن الانصاري الخليلي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحَقق شَيخنَا مولده فِي عَاشر الْمحرم سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل لَقِي جمَاعَة من الْعلمَاء وَأخذ عَنْهُم وَسمع الحَدِيث بِبَلَدِهِ على جمَاعَة ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وَأخذ الحَدِيث عَن جمَاعَة أَجلهم الْحَافِظ ابْن حجر واخذ الفقة عَن جمَاعَة مِنْهُم تَقِيّ الدّين أَبُو بكر بن قَاضِي شُهْبَة وَأذن لَهُ فِي الافتاء والتدريس والقاياني والوفائي وشمس الدّين بن الْمَالِكِي الرَّمْلِيّ وَآخَرُونَ مِنْهُم الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان أفتى ودرس وناظر ورحل من بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى الْقُدس الشريف واستوطنه وباشر نِيَابَة الحكم عَن القَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة قبل السِّتين والثمانمائة وَبعدهَا ثمَّ ترك الحكم وَتعين وَصَارَ من أَعْيَان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وَقد عرضت عَلَيْهِ قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه بالزاوية الختنية فِي شهر جمادي الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وأجازني بِمَا يجوز لَهُ رِوَايَته وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة شَيْخه ابْن ارسلان أَنه أنْشد - حِين سكن الزاوية الختنية - حباني آلهي بالتصافي لقبلة بمسجده الْأَقْصَى الْمُبَارك حوله فحمدا وشكرا دائمين وانني أود لاخواني المحبين مثله(2/206)
ثمَّ قدر الله تَعَالَى أَن الشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري لما استوطن بَيت الْمُقَدّس قرر فِيهَا وَسكن بهَا فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة فأنشده كَذَاك إلهي قد حباني بِمَا حبا بِهِ الشَّيْخ استاذي لقد نَالَ سؤله فحمدا وشكرا يَا إلهي وانه دَلِيل على أَنِّي محب أَخ لَهُ وَلم يزل مُقيما بهَا إِلَى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَوَقَعت الْفِتْنَة الَّتِي بِسَبَب كَنِيسَة الْيَهُود - وسنذكرها فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان - فَطلب الى الْقَاهِرَة وامتحن وَمنع من سُكْنى الْقُدس وَاسْتمرّ مُقيما بِالْقَاهِرَةِ إِلَى سنة ثَمَان وثلامانين ثمَّ قدم بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأقَام بهَا متصديا لاشتغال الطّلبَة إِلَى أَن توفّي فِي سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة شَهِيدا بالبطن وَصلي عَلَيْهِ بالحضرة الشَّرِيفَة الخليلية وَدفن بزاوية الشَّيْخ عَليّ البكا وَترك الشَّيْخ برهَان الدّين وَلدين احدهما الشَّيْخ الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو الْجُود مُحَمَّد مولده بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة ووالسلام فِي شعْبَان سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة حفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفيه من مَالك والجزرية وَبَعض الشاطبية واشتغل على وَالِده ثمَّ أخذعن جمَاعَة من الْعلمَاء بالديار المصرية أَجلهم شيخ الاسلام قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين يحيى الْمَنَاوِيّ وَمِنْهُم الشَّيْخ كَمَال الدّين إِمَام الكاملية وَأخذ الْعُلُوم عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الشمني الْحَنَفِيّ وَفضل وتميز وأجيز بالافتاء والتدريس وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية فِي زمن شيخ الاسلام كَمَال الدّين ابْن أبي شرِيف وَله تصانيف مِنْهَا شرح الجرومية وَشرح الْمُقدمَة الجزرية وَشرح مُقَدّمَة الْهِدَايَة فِي عُلُوم الرِّوَايَة للجزري وَشرح مَعُونَة الطالبين فِي معرفَة إصطلاح المعربين وَقطعَة من شرح تَنْقِيح اللّبَاب لشيخ الاسلام ولي الدّين الْعرَاق وَغير ذَلِك من التَّعَالِيق والفوائد ودرس وَأفْتى فِي حَيَاة وَالِده وَبعده مَعَ وجود أَعْيَان الْعلمَاء وَهُوَ مُسْتَمر على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا(2/207)
وَالثَّانِي القَاضِي شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس احْمَد مولده فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة حفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ على وَالِده وعَلى شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن أبي شرِيف وَغَيرهمَا وَسمع الحَدِيث وَفضل وتميز وَأعَاد بالصلاحية فِي زمن شيخ الاسلام بن أبي شرِيف ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف فِي حَيَاة وَالِده وَهُوَ رجل خير متواضع ولي مشيخة الزاوية الختنية ينزول صدر لَهُ من وَالِده قبل وَفَاته وَهُوَ مُسْتَمر بهَا إِلَى يَوْمنَا الشَّيْخ غرس الدّين خَلِيل بن اسحاق الخليلي الشهير بِابْن قازان ولد فِي حُدُود عشر وَثَمَانمِائَة ظنا وَسمع على جمَاعَة وَحدث وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم خيرا ظريفا حسن المحاضرة يستحضر غَالب مقامات الحريري فِي رجلَيْهِ إعوجاج وَصَحب الْأَمِير أَبَا بكر بن فضل أَمِير عرب جرم فَلَمَّا قتل وشي بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَأَنه أودع عِنْده مَالا فَطَلَبه إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ اطلق وَجَاء إِلَى بَلَده فَلَمَّا وصل إِلَى قَرْيَة عجلَان - بَين غَزَّة وبلده - توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى فِي جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَنقل إِلَى بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَصلي عَلَيْهِ وَدفن بهَا شيخ الشُّيُوخ الْعَلامَة سراج الدّين أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي شيخ حرم سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ولد فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَقيل خمس وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وتلي بعضه بروايات السَّبع على جمَاعَة من الْقُرَّاء وأذنوا لَهُ فِي الاقراء وتفقه بِبَلَدِهِ على الْخَطِيب تَاج الدّين اسحاق التدمري وَغَيره وبالقدس على الشَّيْخ شمس الدّين الْبرمَاوِيّ وَالشَّيْخ عز الدّين الْقُدسِي وَغَيرهمَا وبالقاهرة على القاياتي وَغَيره وَأخذ عَن ابْن حجر وَأذن لَهُ فِي الافادة للفقه وَسمع عَلَيْهِ وعَلى جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ الجم الْغَفِير درس وافتى وَحدث بِبَلَدِهِ وبالقدس والقاهرة وَسمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء وَولي(2/208)
نصف مشيخة حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَنظر وقف عَم جده الشَّيْخ عَليّ البكا رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ رَأس الْفُقَهَاء بِبَلَدِهِ ثمَّ انجمع وَترك ذَلِك وَكَانَ عَالما خيرا متواضعا لطيفا حسن النادرة شجاعا مقداما طلق اللِّسَان فصيح الْعبارَة محبا للْعلم وَأَهله وَكَانَت وَفَاته بعد أَن خرج عَن جَمِيع املاكه ووظائفه لأولاده فِي ضحى يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَصلى عَلَيْهِ فِي يَوْمه وَتقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ ابْن أَخِيه الْعَلامَة عبد الباسط وشيع الى مَقْبرَة الراس وَكَانَ خلق كثير وَدفن بحذاء التربة الَّتِي زين الدّين أَنْشَأَهَا وَلَده الشَّيْخ زين الدّين الشَّيْخ الْعَلامَة القَاضِي حميد الدّين أَبُو الْحَمد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَشْهُور بكنيته كَانَ من أهل الْفضل وَله يَد طولى فِي الْفِقْه أعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَأفْتى ودرس وباشر نِيَابَة الحكم بالرملة عَن القَاضِي غرس الدّين أخي ابي الْعَبَّاس ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف وعزل مِنْهَا وأعيد اليها مرَارًا توفّي فِي الْعشْر الثَّانِي من شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عجور الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ولد سنة خمس وَعشْرين وثمنمائة تَقْرِيبًا وَنَشَأ بالقدس الشريف بالختنية ايام الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن أرسلان ثمَّ خدم القَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة وَكَانَ نَقِيبًا عِنْده فِي زمن ولَايَته الْقَضَاء وَسمع الحَدِيث على الشَّيْخ جمال الدّين بن جمَاعَة وَغَيره وَأَجَازَهُ شيخ الاسلام ابْن حجر وَقَرَأَ الْقُرْآن على الشَّيْخ شمس الدّين بن عمرَان وَكَانَ يحفظه وَيكثر التِّلَاوَة وَنزل فَقِيها بالصلاحية وصوفيا بالخانقاه ثمَّ فِي آخر عمره انجمع عَن النَّاس وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الْعدْل محب الدّين مُحَمَّد بن الناصري الْمَشْهُور بالبرسني الشَّافِعِي كَانَ(2/209)
من جملَة الْعُدُول بالقدس الشريف وَله همة عالية فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَسيرَته حَسَنَة فِي تحمل الشَّهَادَة توفّي فِي أَوَائِل سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ زين الدّين عبد الْكَرِيم بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن المغربي الخليلي ثمَّ الْمَقْدِسِي الْمُقْرِئ الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وتلا بالروايات السَّبع على وَالِده وَالشَّمْس بن عمرَان وَغَيرهمَا واشتغل بالميقات على شمس الدّين مُحَمَّد بن الفقاعي موقت الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمهر فِي أوضاعه وباشر التَّأْقِيت بالقدس الشريف مُدَّة وَقرر من الْفُقَهَاء بالصلاحية والصوفية بالخانقاه وَكَانَ يُؤَدِّي الْقِرَاءَة بِحسن صَوت وَطيب نَغمَة وناب فِي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وأقرأ وَحج وَكَانَ خيرا فَاضلا فِي الْقرَاءَات توفّي فِي صفر سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَتُوفِّي شَيْخه شمس الدّين مُحَمَّد بن الفقاعي موقت الْمَسْجِد الْأَقْصَى فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكن لَهُ معرفَة تَامَّة بِعلم التَّأْقِيت وباشره مُدَّة طَوِيلَة الشَّيْخ الصَّالح شهَاب الدّين أَحْمد بن عمر بن ابراهيم القلانسي الخليلي الشهير بِابْن الموقت وَهُوَ أَيْضا موقت مَسْجِد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وثمنمائة بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَكَانَ خيرا سَاكِنا منجمعا متعبدا حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى كثير التِّلَاوَة لَا يكَاد يفتر عَنْهَا وَعِنْده خير وَصَلَاح وَكَثْرَة صَلَاة وَتعبد وخشوع أدب الْأَطْفَال بِبَلَدِهِ مُدَّة ثمَّ تحول إِلَى الْقُدس الشريف أدب بهَا أَيْضا وَحدث بِكُل من البلدتين توفّي بالقدس الشريف فِي سَابِع عشري ربيع الآخر سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَولده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد وَكَانَ يعرف بالقزازي كَانَ من طلبة الْعلم وَكَانَ يتَحَمَّل الشَّهَادَة بِبَلَد الْخَلِيل ثمَّ بالقدس واستوطن بَيت الْمُقَدّس مُدَّة وَقرر(2/210)
من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والصوفية بالخانقاه ثمَّ أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة وَتُوفِّي بهَا قبل وَالِده ينحو سنتَيْن وَالله أعلم الشَّيْخ الْعَالم المسندكريم الدّين أَبُو المكارم عبد الْكَرِيم بن الشَّيْخ زين الدّين دَاوُد بن سُلَيْمَان بن أبي الوفا البدري الْمُقْرِئ الشَّافِعِي شيخ الْقُرَّاء وَإِمَام الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف ولد سنة سِتّ أَو سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ وَالِده الشَّيْخ دَاوُد من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح توفّي وَالشَّيْخ عبد الْكَرِيم صَغِير لَهُ نَحْو السّنة فَنَشَأَ بعده بالقدس الشريف وَسمع بهَا على جمَاعَة أعلاهم الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن عمر القباقبي الْحَنْبَلِيّ وَكَانَ من أهل الْفضل وشيوخ الْقِرَاءَة أعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وباشر الامامة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف اربعين سنة من سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ سخيا وَعِنْده حسن لِقَاء للواردين عَلَيْهِ وَكَانَ يُؤَدِّي الْقِرَاءَة على أوضاعها وَله همة ومروءة وَعِنْده تواضع وتودد للنَّاس وروى عَنهُ جمَاعَة توفّي عَشِيَّة يَوْم السبت وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الظّهْر من يَوْم الْأَحَد سَابِع جمادي الأولى سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَ يَوْمًا مشهودا شهده الْخَاص وَالْعَام من الْعلمَاء والقضاة وناظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة الْأَمِير دقماق وَغَيرهم وتأسف النَّاس عَلَيْهِ الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله المراكشي القادري الشَّافِعِي شيخ زَاوِيَة الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ رجلا مُبَارَكًا وَعِنْده فضل توفّي فِي شهر شَوَّال سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالزاوية الْمَذْكُورَة عِنْد وَالِده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَمِين الصُّوفِي الوفائي التَّاجِر سمع الحَدِيث على الشَّيْخ جمال الدّين بن جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَمَا بعْدهَا قَاضِي الْقُضَاة سعدالدين الْحَنَفِيّ وَغَيره وَكَانَ خيرا مُبَارَكًا مثابرا على الْخَيْر والاعمال الصَّالِحَة والاحسان إِلَى الْفُقَرَاء وَكَانَ شيخ الطَّائِفَة الوفائية وَيتَعَاطَى(2/211)
التَّسَبُّب بالبزازة بسوق التِّجَارَة بالقدس وسافر الى دمشق ثمَّ عَاد فَتوفي بالرملة فِي يَوْم الاربعاء وَنقل الى الْقُدس الشريف وَدفن بماملا يَوْم الْخَمِيس ثامن عشر صفر سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَت جنَازَته حافلة الشَّيْخ الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن قَاسم الاردبيلي البطائحي الشَّافِعِي ولد بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج والشاطبية وألفية بن مَالك ولامية التصريف لَهُ وَغير ذَلِك وَعرض على جمَاعَة وَقَرَأَ بالروايات على الشَّيْخ شمس الدّين بن عمرَان الْحَنَفِيّ وَأخذ فِي الْعُلُوم عَن جمَاعَة مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي بن أبي شرِيف وَغَيره واخبرني أَنه تفقه على الشَّيْخ شمس الدّين الْجَوْهَرِي بِالْقَاهِرَةِ وَأَقْبل على المطالعة والتدريس والاقراء وَمهر وبرع فِي القراآت وَكَانَ يدرس بِمَسْجِد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد الْمغرب تجاه الْمِحْرَاب بِعِبَارَة فصيحة وَصَارَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بِبَلَدِهِ توفّي فِي يَوْم الاربعاء ثامن شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن بالمقبرة السُّفْلى الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْعَلامَة الْمُقْرِئ عمادالدين اسماعيل بن خَلِيل الشهير بالمرزوقي الخليلي ولد سنة خمس وَثَمَانمِائَة ظنا وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة وَحدث وَأخذ النَّاس عَنهُ وَكَانَ رجلا خيرا حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى كثير التِّلَاوَة توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن بمقابر الرَّأْس الشَّيْخ زين الدّين أَبُو المفاخر عبد الْقَادِر بن الْعَلامَة الشَّيْخ سراج الدّين عمر بن مُحَمَّد الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي شيخ حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ولد فِي ثامن عشري شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر وَالشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن القاياتي وَكَانَ صَدُوقًا كَرِيمًا رَئِيسا(2/212)
مفضالا حسنا شجاعا اجْتمع فِيهِ من مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْأَوْصَاف مَا قل وجوده فِي غَيره وَولي نِيَابَة النّظر على الْوَقْف الخليلي فباشره أتم مُبَاشرَة بِأَحْسَن سيرة ثمَّ صرف نَفسه وَولي حِصَّة بمشيخة حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد وَالِده وَمرض بالحمى نَحْو ثَلَاث سِنِين وَقدر الله توجهه الى الرملة فَتوفي بهَا فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر شهر الله الْمحرم سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَنقل الى بلد الْخَلِيل وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بمقبرة الرَّأْس جوَار أَبِيه بالتربة الَّتِي انشأها وَكثر التأسف عَلَيْهِ وَترك اولادا أكبرهم وامثلهم الشَّيْخ الْعَالم الْمُحدث غرس الدّين أَبُو سعيد خَلِيل مولده فِي الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَهُوَ سبط الْخَطِيب شهَاب الدّين القرقشندي خطيب الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف حفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ على جمَاعَة مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَغَيرهمَا واعتنى بِعلم الحَدِيث الشريف ورحل إِلَى مصر وَالشَّام فِي طلبه وَأخذ عَنهُ جمَاعَة وَجمع معجما لأسماء شُيُوخه وَهُوَ رجل خير من أهل الْعلم وَالدّين والتواضع ولي حِصَّة فِي مشيخة حرم سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مِمَّا كَانَ بيد وَالِده وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَهُوَ مِمَّن أحبه فِي الله عَامله الله بِلُطْفِهِ الشَّيْخ الامام الْعَلامَة زين الدّين أَبُو الْفضل عبد الله بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن عمر بن ابراهيم بن خَلِيل الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي ولد فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَنَشَأ بهَا واشتغل بِالْعلمِ عقليا ونقليا وَأخذ عَن جمَاعَة واجازه قَاضِي الْقُضَاة علم الدّين صَالح البُلْقِينِيّ بالافتاء والتدريس وَسمع على إِمَام الكاملية واجاز لَهُ شيخ الاسلام ابْن حجر وَجَمَاعَة درس وافتى وَحدث قَلِيلا وَولي نصف مشيخة حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَانَ فَاضلا دَقِيق النّظر خيرا متفننا شجاعا(2/213)
ماهرا فِي الرَّمْي توفّي فِي يَوْم السبت الثَّامِن من شهر صفر سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخلَل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن بمقابر الرَّأْس بِالْقربِ من أَهله الشَّيْخ الْمسند شمس الدّين أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن الْحَافِظ زين الدّين أبي هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن بن شيخ الاسلام شمس الدّين مُحَمَّد بن فَقِيه الْمَذْهَب تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي الأَصْل الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ولد بِبَيْت الْمُقَدّس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة واعتنى بِهِ ابوه فَأحْضرهُ على جمَاعَة واستجاز لَهُ آخَرين ولي مشيخة الكريمية والملكية والطازية واعاد بالصلاحية وَحدث وَتفرد بغالب محضوراته واجازاته الْقَدِيمَة بالقدس الشريف توفّي بعد الْعشَاء من لَيْلَة السبت الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالكاملية وَدفن من الْغَد بَاب الرَّحْمَة جوَار جده لأمه الشَّيْخ صَلَاح الدّين العلائي الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مكي الشَّافِعِي نقيب الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَأحد الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والصوفية بالخانقاه توفّي فِي سلخ ربيع الآخر سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالساهرة الشَّيْخ زين الدّين ابو حَفْص عمر بن القَاضِي زين الدّين عبد الرحمان بن القَاضِي عَلَاء الدّين أبي الْحسن عَليّ التَّمِيمِي الدَّارِيّ الشَّافِعِي الْفَقِيه الْفَاضِل كَانَ من أهل الْفضل وَعِنْده تواضع توفّي بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي قَرِيبه الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَبُو الطّيب عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان التَّمِيمِي الشَّافِعِي - وَكَانَ من أهل الْفضل - فِي ثَانِي ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي وَالِد الشَّيْخ ابو الطّيب الْمَذْكُور - وَهُوَ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الرحمان التَّمِيمِي الشَّافِعِي - قبل ذَلِك بِالْقَاهِرَةِ فِي رَابِع عشري شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أهل الْفضل(2/214)
الشَّيْخ الْعَالم الْمسند الصَّالح الخاشع الصُّوفِي شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن عَليّ الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي شيخ حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَثَمَانمِائَة بقرية الحطمان خَارج بلد الْخَلِيل حِين انجفل النَّاس من تيمورلنك وَنَشَأ بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَحفظ الْقُرْآن وَمجمع الْبَحْرين فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ تأليف جده وَلبس خرقَة التصوف عَن جمَاعَة وَسمع على شيخ الْقُرَّاء ابْن الْجَزرِي وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ خلق كثير ونظم وَجمع شَيْئا فِي التصوف وأشتهر بالصلاح وَرُبمَا وَقعت لَهُ كرامات وَكَانَ للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد وَنَشَأ على خير فِيهِ وَصَلَاح وخشوع وَعبادَة وَقُوَّة على مُلَازمَة الصَّلَوَات والاوراد مَعَ السن الطَّوِيل وعسر الطَّرِيق من منزله الى الْمَسْجِد بِحَيْثُ لَا يكَاد تفوته صَلَاة الصُّبْح بِالْمَسْجِدِ وَلَو شتاء وَلَا يفتر من النّظر فِي الْعلم وَكَلَام الصَّالِحين وَلَا يُصَلِّي إِلَّا قَائِما ومتع بحواسه وَحدث بِبَلَدِهِ والقدس الشريف والقاهرة توفّي فِي يَوْم السَّادِس وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ من صبيحته بالْمقَام الخليلي على سكنه الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن بمقابر الرَّأْس القَاضِي كَمَال الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عمرَان الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي حفظ الْقُرْآن واتقنه على وَالِده وقلد مَذْهَب الشَّافِعِي خلاف وَالِده واخوته وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَنَشَأ وَتزَوج بالقدس الشريف ورزق الْأَوْلَاد ثمَّ فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة استوطن الْقَاهِرَة واتصل بالأمير جَوْهَر الزِّمَام وَحصل لَهُ الْقبُول وَكثر مَاله واتسعت دُنْيَاهُ وَصَارَ مباشرا على الاوقاف المشمولة بِنَظَر الزِّمَام ثمَّ تنقلت بِهِ الْأَحْوَال حَتَّى ولي مُبَاشرَة بديوان السُّلْطَان وَارْتَفَعت مَنْزِلَته ثمَّ غضب السُّلْطَان عَلَيْهِ وامتحنه بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس فَمَاتَ فِي المحنة فِي الْمحرم سنة تِسْعمائَة الشَّيْخ المعمر شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ أَحْمد بن مُحَمَّد الْعمريّ الشَّافِعِي(2/215)
مولده فِي سنة احدى عشرَة وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بالقدس الشريف وَحفظ الْقُرْآن وَقرر من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ثمَّ تَركهَا بِاخْتِيَارِهِ من زمن طَوِيل وَكَانَ لَهُ اتِّصَال بأكابر المملكة مِنْهُم القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الدِّمَشْقِي رَئِيس المملكة وَمِنْهُم القَاضِي كَمَال الدّين ابْن المبارزي وَالْقَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف وَغَيرهم من الْأَعْيَان وَآخر من صحب ملك الْأُمَرَاء قانصوه اليحياوي نَائِب الشَّام وَكَانَ مقدما عِنْدهم لما فِيهِ من الْمُرُوءَة وعلو الهمة وَكَانَ عِنْده سخاء وخدمة لمن يلوذ بِهِ وعاش غَالب عمره منعما مترفها بِحسن المأكل والملبس وَعمر ومتع بحواسه وَلم ينقص مِنْهُ سوى سَمعه فَإِنَّهُ ثقل قبل وَفَاته بِنَحْوِ سنتَيْن أَو ثَلَاث وَهُوَ من ذُرِّيَّة السَّيِّد الْجَلِيل عَليّ بن عليل الْمَشْهُور عِنْد النَّاس بِابْن عليم - بِالْمِيم - وَالصَّحِيح انه عليل - بِاللَّامِ - مُتَّصِل نسبه بأمير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب توفّي فِي شهر ربيع الأول سنة تِسْعمائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَكَانَت جنَازَته حافلة شيخ الاسلام عَلامَة الزَّمَان برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن أبي شرِيف الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الحبر الْهمام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحَقق الفهامة ولد فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَنَشَأ بِهِ واشتغل بفنون الْعلم على أَخِيه شيخ الاسلام الكمالي ورحل بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ الْفِقْه عَن قَاضِي الْقُضَاة علم الدّين صَالح البُلْقِينِيّ والاصول عَن الشَّيْخ جلال الدّين الْمحلي وَسمع عَلَيْهِ ايضا فِي الْفِقْه وَأخذ عَن عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر وجد ودأب وتميز وَصَارَ من اعيان الْعلمَاء وَحج الى بَيت الله الْحَرَام ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة المحروسة وَتزَوج ابْنة قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شرف الدّين يحيى الْمَنَاوِيّ قَاضِي الديار المصرية وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء ودرس وَأفْتى وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية بالقدس الشريف وصنف نظما ونثرا وَولي الْوَظَائِف السّنيَّة من التداريس وَغَيرهَا من الانظار بِالْقَاهِرَةِ المحروسة وَعظم أمره واشتهر صيته وَصَارَ الْآن الْمعول(2/216)
عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى بالديار المصرية وَهُوَ رجل عَظِيم الشَّأْن كثير التَّوَاضُع حسن اللِّقَاء فصيح الْعبارَة ذُو ذكاء مفرط وَحسن نظم وَنظر وثقة نفس وكتابته على الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن ومحاسنه كَثِيرَة وترجمته وَذكر مشايخه يحْتَمل الْأَفْرَاد بالتأليف وَلَو ذكرت حَقه فِي التَّرْجَمَة لطال الْفَصْل فَإِن المُرَاد هُنَا الِاخْتِصَار قدم شيخ الاسلام برهَان الدّين من الْقَاهِرَة المحروسة الى بَيت الْمُقَدّس فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين بعد غيبَة طَوِيلَة ثمَّ عَاد الى وَطنه بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ حضر إِلَى الْقُدس فِي سنة تِسْعمائَة وَحصل للْأَرْض المقدسة وسكانها بِوُجُودِهِ الْجمال وانتفع بِهِ النَّاس فِي الْفَتْوَى فَإِن أَخَاهُ شيخ الاسلام الكمالي من حِين يقدم الْمشَار اليه الْقُدس ير اليه أَمر الْفَتَاوَى وَلَا يكْتب هُوَ إِلَّا على قَلِيل مِنْهَا مَا دَامَ حَاضرا وَهُوَ حَيّ يرْزق متع الله بِوُجُودِهِ الْأَنَام وحماه من غير اللَّيَالِي وَالْأَيَّام (ذكر فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وطلبة الْعلم الشريف) الشَّيْخ الامام الْعَالم الزَّاهِد الْمُفَسّر جمال الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن الْحسن بن الْحُسَيْن الْبَلْخِي ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن النَّقِيب مولده فِي النّصْف من شعْبَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَقيل إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة بالقدس الشريف واشتغل بِالْقَاهِرَةِ وَأقَام مُدَّة بِجَامِع الْأَزْهَر ودرس فِي بعض الْمدَارِس هُنَاكَ ثمَّ انْتقل إِلَى الْقُدس الشريف واستوطنه إِلَى أَن مَاتَ بِهِ وَكَانَ شَيخا فَاضلا فِي التَّفْسِير لَهُ فِيهِ مُصَنف حافل كَبِير جمع فِيهِ خمسين مصنفا من التفاسير بلغ تِسْعَة وَتِسْعين مجلدا وَكَانَ النَّاس يقصدون زيارته بالقدس ويتبركون بدعائه توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَقيل سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الأوحد سراج الدّين أبي حَفْص عمر بن الشَّيْخ الصَّالح بدر الدّين حُسَيْن الْحَنَفِيّ إِمَام قبَّة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة كَانَ مَوْجُودا فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة(2/217)
الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحَقق كَمَال الدّين اسماعيل الشريحي الْحَنَفِيّ شيخ الْمدرسَة المعظمية الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف أَخذ عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام سعد الدّين الديري الْحَنَفِيّ فَسمع عَلَيْهِ كثيرا من كتاب الْهِدَايَة فِي الْفِقْه بتدريسه فِي سِنِين عديدة أَولهَا سنة سبع وَسبعين وَآخِرهَا فِي جمادي الْآخِرَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأَجَازَ لَهُ فِي إقراء الْقُرْآن الْعَزِيز وَتَصْحِيح بعض مَا حفظه من الْكتب وَهُوَ كتاب الكنى فِي الْفِقْه للعلامة حَافظ الدّين النَّسَفِيّ والكافية فِي النَّحْو لابي عَمْرو ابْن الْحَاجِب وَغير ذَلِك مِمَّا علمه من فَوَائِد لم يَأْخُذهَا عَن غَيره وَمن عُلَمَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف فِي عصر الشَّيْخ كَمَال الدّين الشريحي الشَّيْخ كريم الدّين عبد الْكَرِيم القرماني الرُّومِي أَخذ عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري وَأذن لَهُ فِي رِوَايَة كتاب الْهِدَايَة وَغَيره من الْكتب الَّتِي يَرْوِيهَا ككتاب المصابيح للامام الْبَغَوِيّ ومشارق الْأَنْوَار للصاغاني وَغَيرهمَا من الْكتب وَلم اطلع لَهما على تَرْجَمَة وَلَا تَارِيخ وَفَاة الشَّيْخ الْعَلامَة شهَاب الدّين ابو الْعَبَّاس احْمَد بن حسن بن الرصاص الْحَنَفِيّ النَّحْوِيّ شَارِح الألفية كَانَ إِمَامًا كَبِيرا فِي فقه ابي حنيفَة وَغير ذَلِك وَعَلِيهِ انْتفع الشَّيْخ شمس الدّين الديري توفّي بِدِمَشْق فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبُو الانصاف وَأَبُو بكر بن الشَّيْخ فَخر الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان بن الشَّيْخ صَلَاح الدّين أبي الْخيرَات خَلِيل الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا مُتَوَلِّيًا نِيَابَة الحكم فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَبعدهَا القَاضِي شمس الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ عَلَاء الدّين أبي الْحسن عَليّ ابْن المرحوم شادكام الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا مُتَوَلِّيًا نِيَابَة الحكم فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الْوَرع الزَّاهِد شمس الدّين مُحَمَّد بن المرحوم شهَاب الدّين أَحْمد بن جمال الدّين عبد الله الْحَنَفِيّ من أَصْحَاب سيدنَا الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي(2/218)
كَانَ مَوْجُودا فِي سنة احدى وَسبعين وَسَبْعمائة الشَّيْخ خَلِيل بن مقبل بن عبد الله العلقمي مولدا والحلبي منشأ والحنفي مذهبا شرح مُقَدّمَة أبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي شرحا نَافِعًا جيدا وَفرغ من تبييضه قبيل الْعَصْر مستهل جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالقدس الشريف قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين أَبُو الْمَوَاهِب خَلِيل بن عِيسَى بن عبد الله العجمي البايرتي الْحَنَفِيّ الامام الْعَلامَة كَانَ من أهل الْعلم وَالدّين قدم من بِلَاده وَاخْتَارَ الاقامة بِبَيْت الْمُقَدّس وَولي قَضَاء الْقُدس من الْملك الظَّاهِر برقوق فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ أول من ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف بعد الْفَتْح الصلاحي ثمَّ ولي تدريس المعظمية وَكَانَت سيرته حَسَنَة توفّي بالقدس الشريف فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زين الدّين ابي البركات مصطفى الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة موفق الدّين أَبُو عبد الله الياس بن سعدالدين أبي الصَّفَا سعيد ابْن نور الدّين أبي الْحسن عَليّ الكاشهري الْحَنَفِيّ قَاضِي الْعَسْكَر بِمصْر ولي قَضَاء الْقُدس بعد قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين الْحَنَفِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - وَرَأَيْت بعض اسجالاته مؤرخا فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَبعد ذَلِك سقِِي السم مَعَ بكلش بِالْمَدْرَسَةِ البلدية فَمَاتَ مَعَه وَسقي شمس الدّين الديري لكنه لم يكثر فَمَرض طَويلا وعوفي وَكَانَ شهَاب الدّين بن النَّقِيب حَاضرا فَاعْتَذر بِالصَّوْمِ الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شهَاب الدّين أَحْمد بن أَحْمد السوداني الْحَنَفِيّ كَانَ شيخ المقاولة ومعيد الْمدرسَة المعظمية توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ من مَشَايِخ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الديري قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن تَقِيّ الدّين أبي مُحَمَّد عبد الله ابْن نور الدّين أبي الْحسن عَليّ الْحَنَفِيّ قَاضِي الْقُدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي شهر(2/219)
ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَفِي اسجاله عَن ولَايَته مُتَّصِلَة بالمواقف الشَّرِيفَة السُّلْطَانِيَّة الملكية الناصرية - يَعْنِي فرج بن برقوق - قَاضِي الْقُضَاة الامام الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن شرف الدّين عِيسَى بن الرصاص الْحَنَفِيّ سمع عَليّ العلائي وانتفع بِهِ وَسمع من غَيره وَأَجَازَ لَهُ خلق وتصدر وافتى ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية الْحَنَفِيَّة وَولي قَضَاء صفد أجَاز لَهُ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي بِرِوَايَاتِهِ توفّي بالقدس الشريف فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَدفن بمقابر الشُّهَدَاء القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن شمس الدّين مُحَمَّد الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف وَالْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن الافتخار الْحَنَفِيّ كِلَاهُمَا كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الانفاق أَبُو بكر بن شرف الدّين أبي الرّوح عِيسَى بن الرصاص الْحَنَفِيّ بَاشر نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة ثمَّ ولي اسْتِقْلَالا وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَولي قَضَاء غَزَّة ودرس بالنحوية وَكَانَ مشكور السِّيرَة فِي الْقَضَاء عفيفا دينا سمع كثيرا وَكَانَ فَقِيها توفّي بِدِمَشْق فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو سبعين سنة وَمن الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين أَبُو الْفضل أَحْمد بن الشَّيْخ شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن السَّيِّد بدر الدّين أبي مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ ولي عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين بن خير الدّين مُدَّة يسيرَة وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي جمادي الأولى سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل وأعيد القَاضِي شمس الدّين بن خير الدّين الشَّيْخ الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن النَّقِيب الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ كَانَ(2/220)
من أهل الْعلم أَخذ هُوَ وَالشَّيْخ شمس الدّين الديري عَن الشَّيْخَيْنِ الامامين صدر الدّين وَشرف الدّين ابْني مَنْصُور الحنفيين شيخ الْحَنَفِيَّة بِالشَّام المحروسة وَأخذ عَن الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن النَّقِيب قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري قَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من الْهِدَايَة فِي الْفِقْه بِالْمَدْرَسَةِ الارغونية بالقدس الشريف وَرَأَيْت خطّ قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين بذلك وَترْجم الشَّيْخ عَلَاء الدّين بالشيخ الامام وَلم اطلع لَهُ على تَرْجَمَة غير ذَلِك وَأما وَلَده الْعَلامَة الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد فمولده فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ اُحْدُ عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس مَشْهُورا بِالْعلمِ وَالصَّلَاح توفّي فِي الْمحرم أَو صفر سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَولده قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة كَمَال الدّين مُحَمَّد كَانَ من اعيان الْعلمَاء وَكَانَ يدعى خزانَة الْعلم ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالرملة مُدَّة طَوِيلَة وباشر بشهامة وَكلمَة نَافِذَة وَاسْتمرّ على الْقَضَاء الى ان توفّي بالرملة فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والثمانمائة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة الصَّالح الزَّاهِد عمر بن عبد الله الْبَلْخِي الْحَنَفِيّ كَانَ الهائم بِهِ بِبَيْت الْمُقَدّس الشَّيْخ شمس الدّين الْهَرَوِيّ توفّي فِي جمادي الْآخِرَة سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش البسطامي بماملا وَإِلَى جَانِبه دفن الْهَرَوِيّ بِوَصِيَّة مِنْهُ قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن جمال الدّين ابْن عبد الله بن سعد بن عبد الله بن مصلح بن الديري الخالدي الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحَقق نسبته الى قَرْيَة يُقَال لَهَا الدَّيْر بِالْقربِ من مردى من بِلَاد نابلس والعبسي نِسْبَة الى طَائِفَة بني عبس من عرب الْحجاز مولده فِي حُدُود الْخمسين والسبعمائة استوطن بَيت الْمُقَدّس واشتغل بِالْعلمِ فلاحظته الْعِنَايَة الربانية وَفتح عَلَيْهِ من قبل الله تَعَالَى فَصَارَ من أَعْيَان الْعلمَاء المعتبرين ولي مشيخة الْمدرسَة المنجكية ودرس بالمعظمية الْحَنَفِيَّة وافتى ودرس وَحدث وَجلسَ للمواعيد يُفَسر الْقُرْآن الْعَظِيم(2/221)
وَقَالَ الشَّيْخ عبد الرحمان القرقشندي فِيهِ يَا شمس دين الله يَا وَاحِدًا فِي عصره أفديه من وَاحِد فسر كتاب الله نلْت المنى لَا يُنكر التَّفْسِير لِلْوَاحِدِيِّ واشتهر اسْمه وشاع ذكره وَلم يبْق فِي هَذِه الْبِلَاد فِي الْحَنَفِيَّة نَظِيره الشَّيْخ محب الدّين بن الشّحْنَة وَله مُصَنف جيد أكمل مِنْهُ ارْبَعْ مجلدات سَمَّاهُ (الْمسَائِل اشريفة فِي أَدِلَّة أبي حنيفَة) وَلم يكمل واتصل بِالْملكِ الْمُؤَيد شيخ بِسَبَب وَاقعَة جرت وَهِي ان الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق لما كَانَ سُلْطَانا وَكَانَ الْملك الْمُؤَيد شيخ من جملَة أَرْكَان دولته قصد الْعِصْيَان عَلَيْهِ وَالْخُرُوج عَن طَاعَته فاستفتى الْملك النَّاصِر عَلَيْهِ الْعلمَاء وَمن جُمْلَتهمْ الشَّيْخ شمس الدّين الديري فأفتاه ان من خرج على الامام وحاربه يترتيب عَلَيْهِ كَذَا ويترتيب عَلَيْهِ كَذَا وسوغ لَهُ مَا يَقْتَضِي قَتله فَمَا كَانَ بأسرع من أَن قتل الْملك النَّاصِر وَولي الْمُؤَيد شيخ السلطنة فَلَمَّا نزل الْمُؤَيد شيخ إِلَى الشَّام وَقدم بَيت الْمُقَدّس تخوف مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين الديري فاستدعاه الْملك الْمُؤَيد فَحَضَرَ اليه بقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَحصل بنهما كَلَام يتَضَمَّن عتب السُّلْطَان عَلَيْهِ بِسَبَب مَا أفتى بِهِ عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ بِجَوَاب حسن مَعْنَاهُ انه لم يفت عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أفتى على من حَارب الامام الْأَعْظَم وَخرج عَن طَاعَته وَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان لَو استفتيتني انت على من حاربك وَخرج عَن طَاعَتك لأفتيتك بقتاله وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا فَقبل مِنْهُ السُّلْطَان ذَلِك وقربه اليه وَكَانَ يعتبره ويعظمه تَعْظِيمًا زَائِدا وَلما مَاتَ قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين بن العديم جِيءَ بِهِ من بَيت الْمُقَدّس على الْبَرِيد وَولي قَضَاء الديار المصرية فِي جمادي الأولى سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة فَعظم أمره ونفذت كَلمته وشاع ذكره وَهُوَ أول الرؤساء من بني الديري ثمَّ لما عمر السُّلْطَان الْمُؤَيد شيخ جَامعه بِبَاب زويلة بِالْقَاهِرَةِ قَرَّرَهُ شَيخا فِيهِ فِي مستهل ذِي الْقعدَة سنة اثتين وَعشْرين ثومانمائة(2/222)
ثمَّ صرف عَن الْقَضَاء بِاخْتِيَارِهِ وَاعْتذر بعلو سنة وَاسْتمرّ بمنزله بالمؤيدية مُعظما فَقدر الله حُضُوره الى بَيت الْمُقَدّس فِي سنة سبع وَعشْرين وَصَامَ بِهِ رَمَضَان وَعمل المواعيد التفسيرية وَهُوَ فِي همة الرُّجُوع إِلَى مصر فَمَرض وأدركه أَجله فَتوفي بالقدس فِي يَوْم الاربعاء تَاسِع شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام عِنْد النفرة وَصلي عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْعِيد من سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالصخرة الشَّرِيفَة وَدفن بماملا إِلَى جَانب ابي عبد الله الْقرشِي وَهُوَ وَالِد قَاضِي الْقُضَاة سعدالدين الديري - الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى - وَكَانَ لقَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الديري أَخ يُسمى عبد الله كَانَ فَاضلا عَالما ويحترف بِالشَّهَادَةِ توفّي فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو خمسين سنة الشَّيْخ بدر الدّين حسن بن أبي بكر بن البقيرة السوداني الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْعلمَاء توفّي فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة جمال الدّين عبد الله بن الصَّامِت القادري الْحَنَفِيّ كَانَ من أكَابِر الصَّالِحين اصحاب الكرامات الْمَشْهُورَة توفّي فِي لَيْلَة الاربعاء سلخ ربيع الآخر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربة الساهرة وَولده الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد كَانَ من الصَّالِحين توفّي بعد الْأَرْبَعين والثمانمائة وَدفن عِنْد وَالِده الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام تَقِيّ الدّين ابي بكر ابْن الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن البقيرة الشهير بِابْن السوداني الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ خيرا دينا عفيفا توفّي فِي رَمَضَان سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة القَاضِي نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين مُحَمَّد بن السكاكيني الْغَزِّي الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا نِيَابَة الحكم فِي شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث واربعين وَتُوفِّي بغزة فِي أَوَاخِر ذِي الْقعدَة سنة ارْبَعْ(2/223)
واربعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من اهل الْعلم وَالدّين حسن السمت والهيئة والشيبة شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ مولده بالقدس الشريف فِي سادس عشر الْمحرم سنة سبعين وَسَبْعمائة واشتغل بالعلوم وبرع ودرس وَأفْتى وانتفع النَّاس بفتياه ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية بالقدس وَسمع الحَدِيث على الشهَاب بن العلائي وَكَانَ كريم النَّفس قَلِيل الْحَظ من الدُّنْيَا قنوعا لين الْجَانِب شكلا حسنا فَارِسًا شجاعا توفّي فِي يَوْم السبت ثَالِث عشري جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الى جَانب الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان من جِهَة الْقبْلَة وَهُوَ وَالِد قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري وأخيه قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين - الْآتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى - القَاضِي شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن شمس الدّين مُحَمَّد بن غضية الْحَنَفِيّ كَانَ من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس عَن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خير الدّين الْحَنَفِيّ وَكَانَ مَوْجُودا قبل الْخمسين والثمانمائة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين ابي الْمَوَاهِب خَلِيل بن عِيسَى الْحَنَفِيّ البايرتي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي ولد بالقدس الشريف فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة أَخذ الْعلم عَن وَالِده وَجَمَاعَة وَله رِوَايَة فِي الحَدِيث وباشر الحكم فِي الْقُدس الشريف نِيَابَة عَن القَاضِي موفق الدّين قَاضِي الْعَسْكَر - الْمُتَقَدّم ذكره - ثمَّ ولي الْقَضَاء اسْتِقْلَالا وطالت مدَّته وَكَانَت نيفا واربعين سنة ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية الْحَنَفِيَّة مشاركا لبني الديري وباشر الحكم بشهامة وَكَانَ لَهُ إقدام وشجاعة وَله هَيْبَة عِنْد النَّاس والحكام وَنفذ أمره حَتَّى تكلم فِي الأسعار فَكَانَ يطْلب اللحامين والخبازين وَغَيرهم من أَرْبَاب الْحَرْف وَيَأْمُرهُمْ بِبيع بضائعهم بِسعْر معِين فَلَا يسعهم مُخَالفَته وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى ان صرف(2/224)
عَن الْقَضَاء بقاضي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري فِي حادي عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي مسموما فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر جمادي الأولى سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده بماملا وَتُوفِّي قبله أَخُوهُ القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم وَكَانَ من اهل الْفضل وباشر نِيَابَة الحكم عَن أَخِيه بالقدس وَكَانَت وَفَاته فِي شهور سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده القَاضِي أَمِين الدّين عبد الرَّحْمَن بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن الديري الْحَنَفِيّ مولده قبل الْعشْرين والثمانمائة اشْتغل وَحصل الْعُلُوم وفَاق وَتقدم وَكَانَ مفرط الذكاء سريع الْحِفْظ بَاشر الْقَضَاء نِيَابَة عَن أَخِيه قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين بالديار المصرية وافتى ودرس بالمعظمية بالقدس الشريف ولي نظر الْحَرَمَيْنِ الْقُدس والخليل وَعين لَهُ كتب السِّرّ بِمصْر وَكَانَ ينظم الشّعْر وَسَار بِبَيْت الْمُقَدّس وَعظم أمره فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق توفّي فِي لَيْلَة السبت المسفر صباحها عَن رَابِع ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة مبطونا وفدن بماملا الى جَانب وَالِده وَهُوَ وَالِد شيخ الاسلام بدر الدّين الديري أحد عُلَمَاء الديار المصرية فسح الله فِي مدَّته ونفع بِعُلُومِهِ وَفِي أَيَّام ولَايَته - النّظر - أنعم السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر جقمق على جهتي الوقفين المبرورين بِمِائَة وَعشْرين غرارة قَمح الْقيمَة عَنْهَا ثَلَاثَة آلَاف وسِتمِائَة دِينَار وَلما توفّي تجمد على الْوَقْف ثمن غلال فأنعم الْملك الظَّاهِر بتوفية الثّمن وَهُوَ أَرْبَعَة آلَاف وَسَبْعمائة دِينَار الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن محسن بن حسن اليمني الْهَاشِمِي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بخجا يمني شيخ الْمدرسَة الجوهرية بالقدس الشريف كَانَ رجلا خيرا وَله هَيْبَة وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي بعد ذَلِك بِيَسِير وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة(2/225)
القَاضِي برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن عَلَاء الدّين عَليّ الخزرجي الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بِابْن نسيبة مولده فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة كَانَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن القَاضِي تَاج الدّين الديري الْحَنَفِيّ وَتُوفِّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد الْقبَّة الكبكية وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق وَفَاة اربعة بِبَيْت الْمُقَدّس مولدهم فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة ووفاتهم فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وهم الشَّيْخ شمس الدّين القلقيلي وَالشَّيْخ شمس الدّين ابْن ابي عبد الله الخليلي وَالْقَاضِي شهَاب الدّين الصلتي الشَّافِعِي - وَتقدم ذكرهم - وَالْقَاضِي برهَان الدّين بن نسيبة القَاضِي شمس الدّين ابو الْفضل مُحَمَّد بن الشَّيْخ شهَاب الدّين ابي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله الْحلَبِي الْحَنَفِيّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن الشَّيْخ تَاج الدّين الديري فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ بَاشر بعده النِّيَابَة القَاضِي عماد الدّين بن الشَّيْخ تَاج الدّين بن عبد الْوَهَّاب بن الأخرم النابلسي أحد خلفاء الحكم الْعَزِيز بالديار المصرية يَوْمئِذٍ وَكَانَت مُبَاشَرَته للقدس فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة الْعدْل نجم الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بقيرة السوداني الْحَنَفِيّ كَانَ من فضلاء الْحَنَفِيَّة وأعيان الْعُدُول بالقدس الشريف توفّي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وانقرض بِمَوْتِهِ بَيت السوداني القَاضِي زين الدّين عمر بن خَلِيل العميري الْحَنَفِيّ وَالِد شَيخنَا الْعَلامَة شهَاب الدّين العميري الشَّافِعِي - الْمُتَقَدّم ذكره - كَانَ يتَحَمَّل الشَّهَادَة عِنْد الْقُضَاة وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري وَتُوفِّي قبل السِّتين والثمانمائة وَدفن بماملا بِالْقربِ من حوش البسطامية السَّيِّد الشريف بدر الدّين حسن بن حُسَيْن الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ الشهير بخال إِمَام(2/226)
الصَّخْرَة الشَّرِيفَة كَانَ رجلا خيرا من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة حسن الشكل منور الشيبة توفّي بعد السِّتين والثمانمائة الْعدْل برهَان الدّين ابراهيم بن اسحاق الكتبي العنابوسي الْحَنَفِيّ مولده فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من أهل الْفضل وَمن أَعْيَان الْعُدُول وَيتَعَاطَى عُقُود الْأَنْكِحَة وَكَانَ رجلا خيرا توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة عشري الْمحرم سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَالم الصَّالح شمس الدّين مُحَمَّد بن خضر الرُّومِي الْحَنَفِيّ كَانَ من أهل الْعلم وَالصَّلَاح اشْتغل عَلَيْهِ جمَاعَة وانتفعوا بِهِ وَكَانَ يتَصَدَّى للتدريس بِالْمَسْجِدِ الأقضى الشريف توفّي فِي سنة بضع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بحوش البسطامية بماملا قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام ملك الْعلمَاء الْأَعْلَام سعد الدّين أَبُو السعادات سعد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ الامام الْعَلامَة والحبر الفهامة ومولده بالقدس الشريف فِي سَابِع عشر رَجَب سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة اشْتغل بِالْعلمِ الشريف وَتفرد بِعلم التَّفْسِير وَأخذ الحَدِيث عَن جمَاعَة ودرس وَأفْتى وَولي مشيخة المنجكية وتدريس المعظمية بالقدس ثمَّ استوطن مصر وانتهت اليه الرياسة بالديار المصرية وَاسْتقر فِي مشيخة الْمدرسَة المؤيدية بِبَاب زويلة بعد وَفَاة وَالِده ثمَّ ولي الْقَضَاء بالديار المصرية فِي خَامِس عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَثَمَانمِائَة فِي ايام الْملك الْعَزِيز يُوسُف بن الْأَشْرَف بن برسباي بتسببب الْملك الظَّاهِر جقمق حِين كَانَ نظام الْملك ثمَّ لما اسْتَقر الظَّاهِر جقمق فِي السلطنة عظم أمره وعلت رتبته ونفذت كَلمته وَاسْتمرّ فِي الْقَضَاء نَحْو خمس وَعشْرين سنة إِلَى ايام الْملك الظَّاهِر خشقدم ثمَّ ضعف بَصَره وَطعن فِي السن وَصَارَ عمره نَحْو مائَة سنة فصرف عَن الْقَضَاء بِاخْتِيَارِهِ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَولي عوضه قَاضِي الْقُضَاة محب الدّين(2/227)
ابْن الشّحْنَة فَعظم ذَلِك على قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين وشق عَلَيْهِ ثمَّ توفّي بعدمدة يسيرَة وَكَانَت وَفَاته فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر ربيع الآخر سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربة الْملك الظَّاهِر خشقدم وَكَانَ شكلا حسنا بهي المنظر منور الْوَجْه وَمن نظمه مَا كتبه لِابْنِ زَوْجَة ابي عذيبة المؤرخ فِي اجازة وَنَقله فِي تَرْجَمته فِي تَارِيخه يَا مقتدرا جلّ عَن الاشباه من لَيْسَ سواهُ آمُر وناهي الطف بعبدك الضَّعِيف الساهي سعد بن مُحَمَّد بن عبد الله وَسَأَلَهُ السُّلْطَان مرّة عَن سَبَب وُقُوع الطَّاعُون فَقَالَ لما خالفوا فِي وضع مَا هم عوقبوا بِأخذ مَا هم وَله لطائف كَثِيرَة وَأَخُوهُ قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بَاشر الْوَظَائِف السّنيَّة بِالْقَاهِرَةِ مِنْهَا نظر الاسطبل وَنظر الجيوش وَكِتَابَة السِّرّ وَلم تطل مدَّته فِيهَا وَولي قَضَاء الْقُضَاة بالديار المصرية فِي سنة سبعين وَثَمَانمِائَة وَأقَام سَبْعَة أشهر وَصرف وَاسْتقر فِي مشيخة المؤيدية وَاسْتمرّ بهَا إِلَى أَن توفّي فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ من الرؤساء الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَامِل الصَّالح سراج الدّين سراج بن مُسَافر بن زَكَرِيَّا ابْن يحيى بن اسلام بن يُوسُف الرُّومِي الْحَنَفِيّ عَالم الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف وسراج هُوَ نفس اسْمه وَيُسمى ايضا عوض وضيا وَلم يشْتَهر إِلَّا بالشيخ سراج بالروم وبهذه الْبِلَاد مولده فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَقدم الى الْقُدس فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وأقرأ النَّاس الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَالتَّفْسِير وَكَانَ من أهل الْعلم وَالدّين والورع وَالصَّلَاح ولي مشيخة الْمدرسَة العثمانية بالقدس الشريف ثمَّ صرف عَنْهَا ياختياره لاطلاعه على شَرط الواقفة ان يكون الشَّيْخ أعلم زَمَانه فَقَالَ لست أَنا بِهَذِهِ الصّفة فتنزه عَنْهَا كَذَا أخْبرت وَهَذَا دَلِيل على كَمَال دينه(2/228)
وورعه وَكَانَ حسن الشكل منور الشيبة شكله يدل على علمه وصلاحه وَمن تلامذته الْأَعْيَان من الْعلمَاء توفّي بعد أَذَان الظّهْر من يَوْم السبت حادي عشري رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة تغمده الله برحمته الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحَقق شرف الدّين أَبُو الأسباط يَعْقُوب بن يُوسُف الرُّومِي الْحَنَفِيّ المتفنن فِي الْعُلُوم كَانَ من أكَابِر الْعلمَاء الْحَنَفِيَّة حَتَّى قيل فِي حَقه مَا تريدي زَمَانه ولي مشيخة الْمدرسَة القادرية بالقدس الشريف واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة وانتفعوا بِهِ وافتى ودرس وَمن تلامذت الْأَعْيَان المعتبرون وَكَانَ من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَله وجاهة وَهُوَ منجمع عَن النَّاس لَا يخالط ابناء الدُّنْيَا توفّي بِالْمَدْرَسَةِ القادرية فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع صفر سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة القَاضِي زين الدّين عبد اللَّطِيف بن شيخ الاسلام شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن عبد الله مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ كَانَ من أَعْيَان الْعُدُول بالقدس الشريف وباشر نِيَابَة الحكم بِهِ عَن ابْن عَمه قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري توفّي فِي شهرو سنة سبعين وَثَمَانمِائَة وَله ارْبَعْ وَسَبْعُونَ سنة وَدفن بماملا وَولده الشَّيْخ شرف الدّين يُونُس كَانَ من الْفُضَلَاء وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود السِّتين والثمنمائة توفّي قبل وَالِده وَولده الثَّانِي الْعدْل زين الدّين عبد الْقَادِر كَانَ رجلا خيرا متواضعا احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا لم يضْبط عَلَيْهِ مَا يشينه توفّي فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَلامَة الْمقري الْمُحدث شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُوسَى ابْن عمرَان الغزى ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ شَيخنَا بركَة الْوُجُود والعباد وَشَيخ الْقُرَّاء بالقدس الشريف وبجميع الْبِلَاد مولده فِي لَيْلَة سادس عشر شعْبَان سنة(2/229)
ارْبَعْ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بغزة سمع الحَدِيث عَليّ الْحَافِظ شمس الدّين الْجَزرِي وَأخذ عَنهُ علم القرآت وَأَجَازَهُ وَلبس مِنْهُ خرقَة التصوف وَكَانَ رجلا صَالحا ملازما لاقراء الْقُرْآن انْتفع بِهِ النَّاس وَتخرج عَلَيْهِ جمَاعَة وَعرف هَذَا الْفَنّ معرفَة جَيِّدَة وَكَانَ خيرا قنوعا طارحا للتكلف وَلم يكن بَقِي فِي الْقُدس شيخ متقن لفن الْقِرَاءَة سواهُ وَقد سَمِعت عَلَيْهِ صَحِيح البُخَارِيّ بِقِرَاءَة القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيد الشَّافِعِي فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وأجازني بروايته وبرواية غَيره من الاحاديث العشارية والمسلسل بالأولية والمصافحة والتشبيك وَوضع الْيَد على الْكَتف وَاسْتشْهدَ بِاللَّه واشهد لله واني أحبك ومسلسل سُورَة الصَّفّ وَقِرَاءَة الْقُرْآن الْعَظِيم على الْمَشَايِخ وَلبس الْخِرْقَة القادرية والأحمدية والرفاعية والسهر وردية والصحبة وَمَا يجوز لَهُ وَعنهُ رِوَايَته وَكَانَ شَيخا بهي المنظر منور الشيبة توفّي فِي يَوْم الْأَحَد قبيل الْعَصْر الْخَامِس من شهر رَمَضَان الْمُعظم سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن من الْغَد بمقبرة ماملا الشَّيْخ ابراهيم بن مُحَمَّد بن مبارك السبرتي الْحَنَفِيّ شيخ الْفُقَرَاء السطوحية بالقدس الشريف كَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي فقه الْحَنَفِيَّة واستحصار فِيهِ وَعِنْده مُرُوءَة وَقيام مَعَ أَصْحَابه توفّي فِي شهر صفر سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة الامام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحَافِظ الْقدْوَة حسام الدّين ابي مُحَمَّد الْحُسَيْن الْمَشْهُور بِابْن حَافظ الْحَنَفِيّ إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة كَانَ من أهل الْفضل حسن الشكل منور الشيبة ولي نصف إِمَامَة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة مشاركا لِأَخِيهِ وباشرها دهرا طَويلا إِلَى أَن توفّي فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث عشري الْمحرم يَوْم دُخُول الْحجَّاج الى الْقُدس الشريف فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَاسْتقر أَخُوهُ الامام شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد فِي نصف الامامة عوضا(2/230)
عَنهُ مُضَافا لما بِيَدِهِ من النّصْف وَكَانَ رجلا خيرا سَاكِنا قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه توفّي فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد اخيه وَكَانَ والدهما إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة قبلهمَا وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَالظَّاهِر ان وَفَاته بعد ذَلِك بِقَلِيل وَالله أعلم الشَّيْخ الْفَاضِل أَبُو يزِيد العجمي الْحَنَفِيّ كَانَ من أهل الْفضل خُصُوصا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَله مُشَاركَة جَيِّدَة وَكَانَ رجلا صَالحا الْغَالِب عَلَيْهِ التغفل توفّي فِي شهور سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن تَقِيّ الدّين ابي بكر بن الْعلم الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بسبط قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الديري كَانَ أَمِيرا حاجبا بالقدس الشريف ثمَّ ترك الأمرة وتخلق بأخلاق الْفُقَهَاء وَحفظ كتاب الْكَنْز فِي فقه مَذْهَب الامام ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال الى ان اسْتَخْلَفَهُ خَاله قَاضِي الْقُضَاة سعدالدين الديري فِي الحكم بالديار المصرية ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس عَن وَالِده قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين وبالرملة عَن قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري وَكَانَ لَهُ شهامة ومروءة توفّي فِي شهور سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّحِيم بن النَّقِيب الْحَنَفِيّ شيخ الْمدرسَة التنكزية كَانَ من الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين كَانَ يُفْتِي ويدرس بِبَيْت الْمُقَدّس أثنى على علمه وفهمه الْحَافِظ تَاج الدّين الغرابيلي وَغَيره توفّي فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة عَن نَيف وَخمسين سنة وَولده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الْمَشْهُور بالعجمي اسْتَقر فِي مشيخة التنكزية مشاركا لغيره وَكَانَ شكلا حسنا كثير التودد للنَّاس لين الْجَانِب توفّي فِي شهر شَوَّال سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَولده الشَّيْخ الْفَاضِل زين الدّين عبد الرَّحِيم اشْتغل فِي حَيَاة وَالِده وَحفظ مجمع الْبَحْرين وَولي مَا كَانَ بيد وَالِده من مشيخة التنكزية بعد وَفَاته ودرس(2/231)
الشَّافِعِي فِي وَظِيفَة قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس الشريف والرملة ونابلس عوضا عَن القَاضِي محيي الدّين بن جِبْرِيل بن الْغَزِّي والبس التشريف من حَضَره السُّلْطَان فِي ثامن صفر وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع ربيع الأول وَقُرِئَ توقيعه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر ربيع الأول وَفِي يَوْم الاحد رَابِع ربيع الاخر دخل الْأَمِير جانم نَائِب مَدِينَة الْقُدس اليها بخلعة السُّلْطَان وأوقد لَهُ السُّوق وَكَانَ يَوْمًا حافلا وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع الشَّهْر بِحُضُور نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَشَيخ الصلاحية والقضاة وَهُوَ مؤرخ فِي ثَانِي الْمحرم وفيهَا فِي نَهَار الاحد خَامِس عشري ربيع الآخر ورد مِثَال القَاضِي زين الدّين ابْن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف إِلَى نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي بِمَنْع القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الْحَنْبَلِيّ من تعَاطِي الْحُكَّام الشَّرْعِيَّة فَخَالف أمره وَاسْتمرّ يحكم اياما فَأنْكر عَلَيْهِ ذك فَامْتنعَ من الحكم وَاسْتمرّ معزولا الى ان تشفع بناظر الْحَرَمَيْنِ وَالْقَاضِي فَخر الدّين ابْن نسيبة وَكتب لَهُ توقيع شرِيف بالاستمرار وَوصل اليه فِي شهر شَوَّال وفيهَا فِي الْعشْرين من شهر رَجَب دخلت عين العروب الى الْقُدس الشريف وخلع الامير قانصوه اليحياوي على المعلمين وزينت الْمَدِينَة ثَلَاثَة أَيَّام وَكتب الامير قانصوه محَاضِر وعلهيا خطوط الاعيان لتعرض على المسامع الشَّرِيفَة وجهزها على يَد وَلَده الشهابي احْمَد ودواداره وَكَانَت مُدَّة عمارتها خَمْسَة أشهر وخمشة عشر يَوْمًا وَقد انفق السُّلْطَان فِي عمارتها مبلغا كَبِيرا وفيهَا فِي شهر شَوَّال قدم شيخ الاسلام الكمالي من الْقَاهِرَة المحروسة الى الْقُدس الشريف لقصد الزِّيَارَة بعد غيبته عَنهُ من سنة إدى وَثَمَانِينَ - كَمَا تقدم ذكر ذَلِك - ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِي(2/231)
بهَا وَحضر مَعَه فِي يَوْم جُلُوسه التدريس شيخ الاسلام الكمالي بالقدس الشريف ويغره وَكَانَ يَوْمًا حافلا فِي شهر شَوَّال سنة ة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين أَبُو الْعَزْم عبد الله بن شيخ الاسلام شمس الدّين اببي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام كَمَال الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من ذَوي المروءآت وَله حشمة وشهامة ولي قَضَاء الْقُدس الشريف والرملة فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ اضيف اليه قَضَاء بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَهُوَ أول من ولي قَضَاء الْخَلِيل من الْحَنَفِيَّة وَوَقع التشاجر بَينه وَبَين قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين هبة الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري وَشرع كل مِنْهُمَا يسْعَى على الآخر والوظيفة بَينهمَا دولا ثمَّ اسْتَقر الْأَمر آخرا للْقَاضِي جمال الدّين وَاسْتمرّ فِي المنصب الى أَن عزل فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ اسْتَقر بعده فِي الْوَظِيفَة قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان فِي صفر سنة سِتّ وَسبعين وَاسْتمرّ نَحْو سنتَيْن ثمَّ توجه القَاضِي جمال الدّين إِلَى الْقَاهِرَة فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين وَولي الْقَضَاء فِي سَابِع ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين وَهِي ولَايَته الرَّابِعَة والبس التشريف بقلعة الْجَبَل المنصورة من حَضْرَة الْملك الْأَشْرَف قايتباي وَعَاد إِلَى الْقُدس الشريف فَلَمَّا وصل الى الرملة حصل لَهُ توعك فَلم يسْتَطع ركُوب الْفرس فَحمل فِي محفة الى الْقُدس وَنزل بقصر ابْن عَمه الشَّيْخ تَاج الدّين الديري عِنْد خَان الظَّاهِر وَدخل الى الْقُدس الشريف صَبِيحَة يَوْم الْخَمِيس ثامن شهر ربيع الآخر وَركب النَّاس للقائه من الْقُضَاة والأعيان وناظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي ونائب السلطنة الْأَمِير جقمق وَركب لَهُ شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف لكنه لم يدْخل مَعَه فِي الموكب وَإِنَّمَا سلم عَلَيْهِ بِالْقصرِ وَانْصَرف زينت لَهُ الاسواق واوقدت وَكَانَ يَوْمًا مشهودا والبس التشريف من الْقصر وَركب وَهُوَ منزعج من التوعك(2/232)
الْحَاصِل لَهُ وَبَقِي فِي الموكب وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع التثبت على الْفرس لشدَّة الضعْف وَلَقَد شاهدته فِي تِلْكَ الْهَيْئَة فخطر لي ان سَكَرَات الْمَوْت لائحة عَلَيْهِ فَلَمَّا دخل منزله اشْتَدَّ بِهِ الْأَلَم وَلم يقدر انه حكم حكما وَلَا جلس فِي مجْلِس الحكم وَاسْتمرّ اربعة عشر يَوْمًا وَتُوفِّي فِي صَبِيحَة يَوْم الاربعاء حادي عشري ربيع الآخر سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَقد بلغ من الْعُمر نَحْو ارْبَعْ وَسبعين سنة وَدفن بِجَانِب وَالِده بماملا عِنْد الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان الشَّيْخ الْعَلامَة جمال الدّين بن شرف الدّين الرُّومِي الْحَنَفِيّ كَذَا كَانَ يكْتب بِخَطِّهِ اسْمه وَاسم ابيه وَهُوَ أَبُو المحاسن يُوسُف كَانَ من أهل الْفضل ولي مشيخة الْمدرسَة العثمانية بعد الشَّيْخ سراج الدّين - الْمُتَقَدّم ذكره - وَكَانَ يكْتب على الْفَتْوَى عبارَة حَسَنَة مَعَ كَونه روميا وَمن الْعجب أَنه كَانَ يَأْتِي اليه السُّؤَال فَلَا يحسن قِرَاءَته بِالْعَرَبِيَّةِ فَيَقُول لمن يَأْتِي بِهِ أَو غَيره اعلمني بِمَعْنى هَذَا السُّؤَال فيذكر لَهُ مَعْنَاهُ فَيكْتب عَلَيْهِ بِعِبَارَة وَاضِحَة مُطَابقَة للْحَال فِي غَايَة الْحسن توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الْفَقِيه شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غضية الْمقري الْحَنَفِيّ الْمُؤَذّن كَانَ وَالِده من أهل الْفضل بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف وَتقدم ذكره وَكَانَ هُوَ رجلا خيرا سَاكِنا يحفظ الْقُرْآن وَيُؤذن بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ويؤدب الْأَطْفَال بالجوهرية وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه مُحَمَّد توفّي قبله فِي سنة خمس وَسبعين وَتقدم ذكره مَعَ الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة فَصَبر واحتسب وَتُوفِّي فِي سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْعَلامَة شهَاب الدّين ابو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ الْقدْوَة تَقِيّ الدّين ابي بكر بن ابي الوفا الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ شيخ الوفائية بالقدس الشريف وَتقدم ذكر أسلافه مَعَ فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة كَانَ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَولا على مَذْهَب الشَّافِعِي(2/233)
وَتُوفِّي وَالِده وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ بعده وانتقل إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة وَكَانَ لَهُ ذكاء مفرط ينظم الشّعْر الْحسن وَكَانَ حسن الشكل طيب النغمة فِي الذّكر توجه إِلَى بِلَاد الرّوم فِي شَوَّال سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَاجْتمعَ بالشيخ شهَاب الدّين الكوراني وأركان دولة السُّلْطَان ابْن عُثْمَان فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وأعلموا بِهِ السُّلْطَان فَأحْسن اليه إحسانا بليغا ثمَّ اجْتمع بالسلطان فَأكْرمه وَبَالغ فِي تَعْظِيمه ورتب لَهُ مَا يقوم بكفايته وَاجْتمعَ النَّاس عَلَيْهِ وانتظم لَهُ الْحَال وَتعين فِي بِلَاد الرّوم وَصَارَ لَهُم فِيهِ إعتقاد وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى أَن توفّي فِي شهر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة اسطنبول وَهِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أبي بكر بن عِيسَى بن الرصاص الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أهل الْعلم وَيكْتب خطا حسنا افتى ودرس وَأخذ عَنهُ الطّلبَة وَكَانَ منجمعا عَن النَّاس وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ من فقه وَتَفْسِير وَكَانَ يتجمل بالملبوس الْحسن وَيُقِيم نظامه على طَريقَة الرؤساء مَعَ قلَّة مَاله توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بَين الظّهْر وَالْعصر وَدفن بماملا بعد صَلَاة الظّهْر من يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشر الشَّهْر الْمَذْكُور الشَّيْخ عَليّ بن مُحَمَّد الْمَشْهُور بقرًا عَليّ العجمي الْحَنَفِيّ كَانَ رجلا مُبَارَكًا منور الشيبة وَعِنْده سُكُون اشْتغل بِالْعلمِ على نَاصِر الدّين مُحَمَّد شاه بن الفنري وَكَانَ شيخ الْمدرسَة الفنرية الكائنة علو رواق بَاب الأسباط بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى حج إِلَى بَيت الله الْحَرَام فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فَقضى مَنَاسِكه وَفرغ من الْحَج وَتُوفِّي بِمَكَّة المشرفة فِي شهر ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة وَدفن بِبَاب المعلاة الشَّيْخ شُجَاع الدّين الياس بن عمرَان الرُّومِي الْحَنَفِيّ كَانَ من أهل الْفضل فِي مذْهبه وَهُوَ رجل خير متواضع سليم الْفطْرَة لَا يعرف شَيْئا من احوال النَّاس بَاشر نِيَابَة الْقَضَاء بالقدس الشريف عَن قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان فِي سنة(2/234)
سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَلم يتصد لتعاطي الْأَحْكَام وَإِنَّمَا اثْبتْ لبس مستندات شَرْعِيَّة تزوج ابْنة الشَّيْخ الْعَلامَة سراج الدّين الْحَنَفِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - ورزق مِنْهَا ولدا يُسمى شهَاب الدّين أَحْمد ففضل الْوَلَد وتميز وَصَارَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَتُوفِّي فِي حَيَاة وَالِده بالطاعون فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَوجدَ عَلَيْهِ وَالِده وتأسف النَّاس عَلَيْهِ وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَعمر وَالِده بعده مُدَّة وَتُوفِّي فِي لَيْلَة السبت حادي عشر شَوَّال سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَلَده بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْمقري شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الْحَنَفِيّ كَانَ من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَرَئِيس الْقُرَّاء بالقدس الشريف وَهُوَ رجل خير عِنْده تواضع ولين جَانب ومحبة لأَصْحَابه وَكَانَ يرقى للخطيب يَوْم الْجُمُعَة وَله وجاهة عِنْد النَّاس والأكابر توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء الْعشْرين من شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة عَن ثَلَاث وَثَمَانِينَ سنة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حبشِي الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بِابْن الشنتير مفتي الْحَنَفِيَّة بالقدس أَخذ الْعلم عَن الشَّيْخ نَاصِر الدّين الاياسي الْغَزِّي وَفضل وتميز وَصَارَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس أفتى ودرس وانتفع بِهِ الطّلبَة وَكَانَ عِنْده سُكُون قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه وَعِنْده تواضع توجه إِلَى الْحجاز الشريف فِي الْبَحْر فَلَمَّا وصل إِلَى جدة وَقع عَن الْجمل فَكسر فَخذه وَطَاف للقدوم مَحْمُولا وَتُوفِّي بِمَكَّة قبل الْحَج وَدفن بالمعلاة فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَأَخُوهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد كَانَ من أهل الْقُرْآن ويلبس ملبوس الاتراك وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة طيب النغمة فِيهَا اسْتَقر إِمَامًا عِنْد الْأَمِير قراجا بِدِمَشْق ثمَّ عَاد إِلَى بَيت الْمُقَدّس بعد السّبْعين والثمانمائة وَلما توفّي شهَاب الدّين أَحْمد بن حَافظ إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة قَرَّرَهُ نَاظر الْحَرَمَيْنِ(2/235)
الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي فِي نصف وَظِيفَة إِمَامَة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة مشاركا للْقَاضِي خير الدّين بن عمرَان فَلم يتم ذَلِك وَأخذت الْوَظِيفَة مِنْهُمَا بِأَمْر السُّلْطَان الشَّيْخ سعد الله الْحَنَفِيّ ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَشْهُور بِابْن الصَّائِغ الصُّوفِي الْحَنَفِيّ من أهل قلعة الرّوم كَانَ من أهل الدّين وَالصَّلَاح وَعِنْده فضل وَهُوَ خير متواضع منجمع عَن النَّاس منور الشيبة عَلَيْهِ ابهة الصَّالِحين وَكَانَ يعرف بخليفة الاردبيلي نِسْبَة لشيخه الشَّيْخ عَليّ الاردبيلي المدفون بِبَاب الرَّحْمَة توفّي فِي شهور سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْفَاضِل شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن جمال الدّين يُوسُف الشهير بِابْن جمال الْأَشْقَر الْحَنَفِيّ اشْتغل ودأب وَحصل وَفضل فِي مَذْهَب الامام ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وسافر إِلَى دمشق وَأذن لَهُ الشَّيْخ نور الدّين عبد الرَّحْمَن بن الْعَيْنِيّ عَالم دمشق بالافتاء وَأذن لَهُ قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان بالقدس الشريف توفّي فِي شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بماملا وَتُوفِّي وَالِده الشَّيْخ جمال الدّين يُوسُف بعده فِي سنة نَيف وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ رجلا خيرا أُصِيب بولده - الْمَذْكُور - فَصَبر الشَّيْخ الْعَلامَة سعد الدّين سعد الله بن حُسَيْن الْفَارِسِي الْحَنَفِيّ شيخ الْقُرَّاء اشْتغل ببلاده وَحفظ الْقُرْآن وأتقنه بالروايات وَكَانَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وأخبرت أَنه كَانَ قبل ذَلِك على مَذْهَب الامام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ قدم من بِلَاده إِلَى دمشق وَهُوَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي فِي سنة نَيف وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب الامام الْأَعْظَم ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَفضل فِيهِ وباشر نِيَابَة الحكم بِدِمَشْق وَكَانَ لَهُ حُرْمَة فِي مُبَاشَرَته ثمَّ قدم بَيت الْمُقَدّس فِي سنة سبع وَسبعين وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بالسلطان فَأكْرمه وَقَررهُ فِي إِمَامَة(2/236)
الصَّخْرَة الشَّرِيفَة والبسه خلعة وَدخل إِلَى الْقُدس فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين صُحْبَة قَاصِدا ابْن عُثْمَان ملك الرّوم وَكَانَ يَوْمًا حافلا وتصدر بالصخرة الشَّرِيفَة لاشتغال الطّلبَة والتدريس وَالْفَتْوَى وانتفع بِهِ جمَاعَة من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى أَن توفّي فِي أَوَائِل جمادي الأولى سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الْفَقِيه عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد الْغَزِّي الْمقري الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن قَامُوا شَيخنَا ذكر أَنه لما نزل الْأَشْرَف برسباي إِلَى آمد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة كَانَ مراهقا حفظ الْقُرْآن الْعَظِيم وتلى بالسبع على شَيخنَا الْعَلامَة شمس الدّين بن عمرَان وَغَيره وَأقَام بِبَيْت الْمُقَدّس دهرا وأدب بِهِ الْأَطْفَال وَسمع الحَدِيث وأقرأ الْقُرْآن وَكَانَ جيد الْحِفْظ لَهُ سريع الْقِرَاءَة وَقد قَرَأت عَلَيْهِ الْقُرْآن - ولي نَحْو عشر سِنِين - بمكتب بَاب الناظرة فأقرأني من سُورَة الْأَنْبِيَاء الى الْفَاتِحَة ثمَّ كررت ختم الْقُرْآن عَلَيْهِ مَرَّات كَثِيرَة وقرأت بعضه عَلَيْهِ بِرِوَايَة عَاصِم وأحضرني مجْلِس شَيخنَا ابْن عمرَان لسَمَاع الحَدِيث واعتنى بتحصيل الاجازة لي مِنْهُ توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة سنة تسعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف القَاضِي زين الدّين مَحْمُود بن بدر الدّين حسن بن الدويك الْحَنَفِيّ الفرضي كَانَ من أَعْيَان المباشرين على أوقاف الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَله يَد طولى فِي علم الْفَرَائِض والحساب وسافر من الْقُدس إِلَى جِهَة بِلَاد الْهِنْد حَتَّى وصل إِلَى بِلَاد الشعشاع وطالت غيبته ثمَّ قدم الى الْقُدس الشريف بعد السّبْعين والثمانمائة وباشر على الْأَوْقَاف على عَادَته وَكَانَ لَهُ وجاهة عِنْد الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي نَاظر الْحَرَمَيْنِ وَكَانَ رجلا خيرا كثير التَّوَاضُع لين الْجَانِب توفّي فِي خَامِس عشر الْمحرم سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بمقابر الشُّهَدَاء الشَّيْخ خير الدّين خضر بن اسماعيل الرُّومِي القرماني الْحَنَفِيّ كَانَ رجلا مُبَارَكًا يحفظ الْقُرْآن وَكَانَ يصنع المسابح بِيَدِهِ وَهُوَ منجمع عَن النَّاس توفّي(2/237)
فِي سنة نَيف وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة قَاضِي الْقُضَاة شيخ الشُّيُوخ تَاج الدّين سعد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ وَتقدم ذكر وَالِده وجده ولد فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالقدس الشريف وَنَشَأ بِهِ وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ على وَالِده وجده وَفضل وتميز وانتهت اليه الرياسة بالقدس الشريف ودرس بالمعظمية نِيَابَة عَن وَالِده وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء بالديار المصرية ثمَّ ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف فِي الْمحرم سنة أحدى وَخمسين وَثَمَانمِائَة عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين بن خير الدّين الْحَنَفِيّ ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية الْحَنَفِيَّة اسْتِقْلَالا ونفذت كَلمته وَعظم أمره بِاعْتِبَار وَالِده وَعمر عمَارَة هائلة بِظَاهِر الْقُدس بِأَرْض كرمه عِنْد خَان الظَّاهِر مصرفها يقرب من عشرَة آلَاف دِينَار وَاسْتمرّ إِلَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ تنزه عَن الْقَضَاء وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وفوض اليه وَالِده مشيخة المؤيدية وَاسْتقر وَلَده قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين هبة الله فِي قَضَاء الْقُدس الشريف فَلَمَّا توفّي وَالِده قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة نزل عَن المؤيدية لِعَمِّهِ برهَان الدّين واستوطن الْقُدس ثمَّ سَافر إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتقر فِي مشيخة المؤيدية فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَشرع يتَرَدَّد من الْقَاهِرَة إِلَى الْقُدس ذَهَابًا وإيابا الى ان نفد جَمِيع مَا مَعَه من المَال وَصَارَ فَقِيرا ثمَّ حضر الى الْقُدس الشريف فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَنزل بعمارته الَّتِي بكرمه عِنْد خَان الْملك الظَّاهِر بيبرس وَأقَام بهَا مُدَّة يسيرَة ثمَّ قصد التَّوَجُّه الى الْقَاهِرَة فوصل الى مَدِينَة غَزَّة فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس شهر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالجامع الجاولي وَدفن بتربة هُنَاكَ بجوار الْجَامِع وَقد تلاشت احوال عِمَارَته الَّتِي بِظَاهِر الْقُدس وَخرب عاليها فِي هَذِه الْمدَّة الْيَسِيرَة الَّتِي هِيَ دون تسع سِنِين بعد وَفَاته وَصَارَت من المهملات بعد مَا كَانَ فِيهَا(2/238)
من الْعِزّ وَالْوَقار مَا لَا يُمكن شَرحه وَكَانَ الْقيَاس يَقْتَضِي أَنه اذا توفّي صَاحبهَا وَمضى عَلَيْهِ أزمنة ودهور لَا يؤول أمرهَا الى هَذَا التلاشي الْفَاحِش فِي هَذِه الْمدَّة الْيَسِيرَة فسبحان الْقَادِر على مَا يَشَاء والمتصرف فِي عباده بِمَا يُرِيد قَاضِي الْقُضَاة الامام الْعَلامَة خير الدّين أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام الْمقري الْمُحدث شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن عمرَان الْغَزِّي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ ولد بغزة فِي لَيْلَة الْعشْر من شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على وَالِده واجازه وسافر الى الديار المصرية واشتغل من ابْتِدَاء أمره ودأب وَحصل وتفقه بِالْقَاهِرَةِ على الشَّيْخ قَاسم الْحَنَفِيّ واذن لَهُ بالافتاء والتدريس وَلَقي الْعلمَاء وَأخذ عَن جمَاعَة الْفِقْه والْحَدِيث وبرع فِي مَذْهَب الامام الْأَعْظَم ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وتميز وَصَارَ من الْأَعْيَان المعتبرين ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري وَكَانَت ولَايَته فِي يَوْم ولَايَة شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف مشيخة الصلاحية وَالْقَاضِي شهَاب الدّين بن عبيد قَضَاء الشَّافِعِيَّة وخلع على الثَّلَاثَة بِحَضْرَة السُّلْطَان بالحوش وَكنت حَاضرا ذَلِك الْمجْلس فِي صَبِيحَة يَوْم السبت فِي شهر صفر سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وسافروا جَمِيعًا من الْقَاهِرَة ودخلوا الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشري ربيع الأول وباشر قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين الْقَضَاء بعفة وشهامة وَكَانَت سيرته حَسَنَة واحكامه مرضية ثمَّ فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَسبعين اسْتَقر فِي نصف الامامة بالصخرة الشَّرِيفَة بِحكم وَفَاة الامام شهَاب الدّين أَحْمد بن حَافظ مشاركا للشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد ابْن الشنتير بِالنِّصْفِ الثَّانِي بتقرير صدر لَهما من نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن النشاشيبي فَلم يتم لَهما ذَلِك واخذت مِنْهُمَا الامامة للشَّيْخ سعد الدّين الْحَنَفِيّ بِأَمْر السُّلْطَان بعد مباشرتهما مُدَّة يسيرَة وَاسْتمرّ القَاضِي خير الدّين على الْقَضَاء الى ان عزل بِالْقَاضِي جمال الدّين(2/239)
الديري فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين فَدخل القَاضِي جمال الدّين الى الْقُدس وَهُوَ متوعك فَأَقَامَ اربعة عشر يَوْمًا وَتُوفِّي - كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته - واعيد القَاضِي خير الدّين الى وَظِيفَة الْقَضَاء فِي شهر جمادي الأولى وَوصل اليه التوقيع الشريف والبس خلعة السُّلْطَان فِي محراب الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَشى النَّاس فِي خدمته الى منزله بِبَاب الْحَدِيد وَذَلِكَ فِي أَوَائِل جمادي الْآخِرَة وَاسْتمرّ نَحْو تِسْعَة أشهر ثمَّ عزل بقاضي الْقُضَاة شمس الدّين أخي القَاضِي جمال الدّين وَوصل المرسوم بذلك فِي سلخ صفر سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة فتنزه عَن الْقَضَاء وَلم يتَكَلَّم فِيهِ بعد ذَلِك وَانْقطع فِي منزله لِلْعِبَادَةِ والاشتغال بِالْعلمِ وَقِرَاءَة الْقُرْآن والْحَدِيث وانتهت اليه رياسة مَذْهَب ابي حنيفَة بالقدس وتصدر للافتاء والتدريس وَحج الى بَيت الله الْحَرَام وَعظم أمره عِنْد النَّاس وَصَارَ لَهُ الهيبة وَالْوَقار ودرس بالمعظمية نِيَابَة وَنسخ بِخَطِّهِ الْكثير من الْمَصَاحِف الشَّرِيفَة وَالْبُخَارِيّ وَكتب الحَدِيث وَالْفِقْه وغري ذَلِك وَكَانَ فِي سرعَة الْكِتَابَة والملازمة لَهَا من الْعَجَائِب وَعمل طَريقَة فِي الْمُصحف الشريف لم يسْبق اليها فِي مُقَابلَة الأحرف وَهِي أَنه إِذْ كَانَ أول حرف من أول سطر من الصَّحِيفَة الْفَا يكون أول حرف من أول السطر الْأَخير مِنْهَا كَذَلِك وَأول السطر الثَّانِي مثلا واوا فَيكون الَّذِي يُقَابله قبل السطر الْأَخير كَذَلِك وهلم جرا واحرف الْمُقَابلَة كتبهَا بالأحمر وَيكون أول الصفحة أول الْآيَة وَآخر الصفحة آخر الْآيَة وكل جُزْء فِي كراس كَامِل فَيكون الْمُصحف ثَلَاثِينَ كراسا لَا يزِيد وَلَا ينقص وَهَذِه الطَّرِيقَة من الْعَجَائِب وَفِي الْحَقِيقَة هِيَ طَريقَة فِي غَايَة الْمَشَقَّة وَقد سهلها الله لَهُ فعملها فِي اسرع وَقت وَهُوَ تيسير من قبل الله تعال وَقد اشْتهر هَذَا الْمُصحف بِهَذِهِ الطَّرِيقَة بِخَطِّهِ فِي غَالب المملكة حَتَّى وصل الى الْحجاز وَالْعراق وَالروم وَله ربعَة شريفة بِالْحرم الشريف النَّبَوِيّ على ساكنه افضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَانَ خيرا متواضعا حسن اللَّفْظ والشكل منور الشيبة وَعِنْده تودد(2/240)
للنَّاس ولين جَانب وَلَقَد أحسن إِلَيّ فِي زمن ولَايَته الْقَضَاء وَبعده توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس الثَّلَاثِينَ من شهر رَمَضَان سنة أَربع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَله سِتّ وَخَمْسُونَ سنة وَصلي عَلَيْهِ من يَوْمه بعد صَلَاة الْعَصْر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَدفن الى جَانب وَالِده بتربة ماملا وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لجنازته شيعه شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَشَيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة وناظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة الْأَمِير دقماق والقضاة والأإعيان وَغَيرهم تغمده الله برحمته وعوضه الْجنَّة الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن سعيد الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بِابْن نَائِب النَّاظر نِسْبَة لوالده الْحَاج مُحَمَّد فَإِنَّهُ كَانَ يُبَاشر نِيَابَة النّظر على الْمَسْجِد الْأَقْصَى فَعرف بِهِ وَكَانَ عَلَاء الدّين رجلا خيرا يحترف بِالشَّهَادَةِ بَاشَرَهَا دهرا طَويلا نَحْو سِتّ وَخمسين سنة على خير وعفاف لم يضْبط عَلَيْهِ مَا يشينه ثمَّ اذن لَهُ فِي عُقُود الانكحة فباشرها نَحْو سِتَّة عشر سنة وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وَعِنْده تواضع وتودد توفّي فِي عَاشر الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين مَحْمُود الْحَنَفِيّ شيخ الْمدرسَة الفنرية بالقدس الشريف قدم الى بَيت الْمُقَدّس وَأقَام بِهِ مُدَّة يسيرَة وَتُوفِّي فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث شهر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَبني على قَبره مسطبة كَبِيرَة بِبِنَاء مُحكم الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة زين الدّين عبد السَّلَام بن ابي بكر بن الرضي الكركي الْحَنَفِيّ ولد بِمَدِينَة الكرك وَنَشَأ بهَا وَكَانَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي شهور سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وانتقل الى مَذْهَب الامام الْأَعْظَم ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وتفقه على الشَّيْخ نَاصِر الدّين بن الشنتير - الْمُتَقَدّم ذكره - وبرع فِي مَذْهَب ابي حنيفَة وَأذن لَهُ فِي الافتاء ودأب وَحصل وتفنن فِي الْعُلُوم وتصدر للافتاء والتدريس وَكتب على الْفَتَاوَى كثيرا وانتفع النَّاس بِهِ واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة وَكَانَ من اهل الْعلم وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار وَالنَّاس(2/241)
سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَعبارَته فِي الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن درس بالمعظمية نِيَابَة الى أَن توفّي وَلما انْتقل من مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَى مَذْهَب ابي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا لامه بعض النَّاس على ذَلِك فَأَنْشد أَخذ السَّفِيه يلومني بِجَهَالَة لم لَا ثَبت على الطَّرِيق الأعرف فأجبته دع عَنْك لومي يَا فَتى واسلك طَريقَة ذَا الامام الْأَشْرَف ان الْمذَاهب خَيرهَا وأصحها مَا قَالَه النُّعْمَان حَقًا فاقتف انسان عين للأئمة كلهم وَالْكل عَنهُ للطريقة مقتفي فاخترت مذْهبه وَقلت بقوله وَجَعَلته يَوْم الْقِيَامَة مسعفي توفّي رَحمَه الله فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشري شهر رَجَب سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالطاعون وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الْعَصْر وَحمل تابوته على الرؤوس وَدفن بماملا وَمَات فَقِيرا لم يتْرك من الدُّنْيَا سوى نَحْو عشرَة دَنَانِير وَكتبه عَفا الله عَنهُ ودرس بعده فِي المعظمية الشَّيْخ الْعَلامَة القَاضِي شمس الدّين أَبُو اللطف مُحَمَّد ابْن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين خَلِيل الْحَنَفِيّ نِيَابَة بعد أَن كَانَت الْوَظِيفَة لَهُ اسْتِقْلَالا فَإِنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ حِصَّة مِنْهَا قدرهَا الخمسان تلقاها عَن وَالِده وباشرها مُدَّة فِي زمن الشَّيْخ تَاج الدّين الديري بمشاركته لَهُ فِيهَا وَنزل عَن الْحصَّة للْقَاضِي فَخر الدّين الخزرجي فَنزل عَنْهَا للشَّيْخ تَاج الدّين الديري فكملت الْوَظِيفَة ثمَّ تلقاها عَنهُ وَلَده قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين هبة الله ثمَّ نزل عَنْهَا للشَّيْخ رَضِي الدّين بن القَاضِي عماد الدّين بن الأحزم الْمُقِيم بِالْقَاهِرَةِ فاستناب قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان الْحَنَفِيّ إِلَى أَن توفّي ثمَّ استناب الشَّيْخ عبد السَّلَام بن الرضي الى ان توفّي ثمَّ استناب القَاضِي شمس الدّين خير الدّين وَالْأَمر مُسْتَمر على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا هَذَا اللَّهُمَّ اختم بِخَير(2/242)
الشَّيْخ الصَّالح الناسك العابد الخاشع الْقدْوَة شرف الدّين مُوسَى بن الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة جمال الدّين عبد الله بن الصَّامِت القادري الْحَنَفِيّ شيخ الشُّيُوخ القادرية بالقدس الشريف وَتقدم ذكر وَالِده وجده كَانَ الشَّيْخ مُوسَى من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَله عبَادَة وملازمة على ذكر الله تَعَالَى وَكَانَ مُقيما بِالْمَدْرَسَةِ الصبيبية شمَالي الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَيُقِيم فهيا الْأَوْقَات الْمَشْهُورَة بِالذكر خُصُوصا فِي ليَالِي الْجُمُعَة وَكَانَ يذكر الله تَعَالَى فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى بصدر جَامع الْأَنْبِيَاء عقب صَلَاة كل جُمُعَة وَعَلِيهِ الانس وَالْوَقار وَكَانَ منجمعا عَن النَّاس لَا يخالط ابناء الدُّنْيَا وَلَا يتَرَدَّد اليهم وَهُوَ من ذُرِّيَّة قوم صالحين وَقد اضر فِي بَصَره وَضعف بدنه قبل وَفَاته بسنين وَمَعَ ذَلِك لَا يفتر عَن ذكر الله تَعَالَى وَلَا عَن مُلَازمَة الطَّاعَة على عَادَته وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَالصَّلَاح ظَاهر عَلَيْهِ توفّي فِي لَيْلَة الْأَحَد وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد الظّهْر من يَوْم الْأَحَد سادس عشري صفر سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَحمل تابوته على الرؤوس وَدفن بتربة الساهرة عِنْد أسلافه وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لجنازته لم ير مثله فِي هَذِه الْأَزْمِنَة وشيعه شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وقضاة الشَّرْع وَالْعُلَمَاء وَالْخَاص وَالْعَام وَبلغ من الْعُمر نَحْو ثَلَاث وَسبعين سنة (ذكر فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وطلبة الْعلم الشريف) الشَّيْخ الصَّالح عمر بن عبد الله بن عبد النَّبِي المغربي المصمودي الْمُجَرّد كَانَ رجلا صَالحا عمر الزاوية الْمَعْرُوفَة بزاوية المغاربة وَهِي بأعلا حارتهم وأنشأها من مَاله ووقفها على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فِي ثَالِث ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة وَتُوفِّي بالقدس الشريف وَدفن بماملا عِنْد حوش البسطامية من جِهَة الغرب وَقد وهم بعض المؤرخين فَظَنهُ الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد وَاقِف الزاوية بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام لاشْتِرَاكهمَا فِي الِاسْم والشهرة والامر بِخِلَاف ذَلِك وَتَقَدَّمت(2/243)
تَرْجَمَة ذَلِك فِي تراجم الشَّافِعِيَّة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن حزب الله الْمَالِكِي كَانَ يسْتَحْلف فِي الثُّبُوت بِالشَّهَادَةِ على الْخط بالقدس الشريف وَرَأَيْت اسجاله فِي بعض المستندات مؤرخا فِي شهر صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة زين الدّين عبد الرحمان الكردبيسي المغربي الْمَالِكِي كَانَ من أَوْلِيَاء الله الصَّالِحين وَله كرامات ظَاهِرَة توفّي بالقدس الشريف وَدفن بماملا قبل الثَّمَانمِائَة وَمن كراماته ان بعض المعتقدين فِيهِ قصد بِنَاء قبَّة على قَبره فَأصْبح وَلم يجد الْقَبْر نفعنا الله بِهِ وَدفن الى جَانِبه جمَاعَة من شُيُوخ الدركاه أَوْلَاد الشَّيْخ سعيد الشَّيْخ مُوسَى المغربي الْمَالِكِي كَانَ رجلا صَالحا من ذَوي الكرامات وَهُوَ الَّذِي كَانَ سَببا لترتيب صَلَاة الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف توفّي بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن عِنْد الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد بزاويته فِي حُدُود الثَّمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله الْهِلَالِي الانصاري الْمَالِكِي الْمَشْهُور بِابْن الشحاذة أول من ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة اسْتِقْلَالا بالقدس الشريف كَانَ من أهل الْعلم ويدرس بِالْمَدْرَسَةِ الْمَالِكِيَّة بالقدس وَكَانَ يسْتَحْلف فِي الثُّبُوت بِالشَّهَادَةِ على الْخط ثمَّ اشْتغل بِالْقضَاءِ وَلم اطلع لَهُ على تَرْجَمَة وَإِنَّمَا أَخْبرنِي قَدِيما بعض الأكابر الثِّقَات الْمُعْتَمد على نقلهم انه كَانَ يَتِيما فَقِيرا وان والدته كَانَت تسْأَل النَّاس فَكَانَت تذْهب الى بعض الْفُقَهَاء بالمكتب وَتقول لَهُ يَا وَلَدي اشْتغل بِالْقُرْآنِ وانا اقوم بكفايتك فِيمَا تحتاجه فَكَانَ يقْرَأ وَتذهب هِيَ تسْأَل النَّاس وَتَأْتِي لَهُ بِمَا يقوته فحفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ فِي مَذْهَب الامام مَالك رَضِي الله عَنهُ وانْتهى بِهِ الْحَال إِلَى أَن ولي الْقَضَاء بِبَيْت الْمُقَدّس فَكَانَ أول قُضَاة الْمَالِكِيَّة(2/244)
وَقد وقفت على مُسْتَند ثَابت عَلَيْهِ واسجاله فِي ذَلِك الْمُسْتَند بِخَط نَفسه وَهُوَ مؤرخ فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَلَا شكّ انه كَانَ فِي ذَلِك التَّارِيخ مستخلفا وان استقلاله بِالْقضَاءِ كَانَ بعد الثَّمَانمِائَة واني وقفت على بعض اسجالاته نِيَابَة فِي سنة ثَمَانمِائَة ثمَّ رَأَيْت فِي اسجالاته فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة يذكر فِيهَا ان ولَايَته مُتَّصِلَة بالمواقف الشَّرْعِيَّة السُّلْطَانِيَّة الْمَالِكِيَّة الناصرية - يَعْنِي بِهِ فرج بن برقوق - ولعلها السّنة الَّتِي أشتغل فِيهَا بِالْقضَاءِ وَأَخْبرنِي شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف أَن جده لأمه القَاضِي شهَاب الدّين ابْن عوجان الْمَالِكِي ولي قَضَاء الْقُدس الشريف بعد وَفَاة القَاضِي جمال الدّين ابْن الحشاذة فِي سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وان وَفَاته فِي تِلْكَ السّنة أَو الَّتِي قبلهَا وَالله أعلم الشَّيْخ الْعَالم الْمسند شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مغيث الأندلسي الْمَالِكِي مقرئ بَيت الْمُقَدّس سمع من العلائي وَجَمَاعَة سمع عَلَيْهِ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي وَأَجَازَ لَهُ توفّي فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَهُوَ وَالِد الْأَخَوَيْنِ عَلَاء الدّين وشهاب الدّين إمامي الْمَالِكِيَّة بِبَيْت الْمُقَدّس قَاضِي الْقُضَاة فَخر الدّين عُثْمَان بن سراج الدّين عمر بن علم الدّين سلميان الْمُقْرِئ الجاناتي الْمَالِكِي بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف فِي سنة خَمْسَة عشر وَثَمَانمِائَة ثمَّ ولي الْقَضَاء بعد ذَلِك اسْتِقْلَالا وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ثَمَانِي عشر وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابي الانفاق ابي بكر الزرعي الْمَالِكِي قَاضِي الْقُدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي شهر رَمَضَان سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام عبد الْوَاحِد بن جبارَة المغربي الأَصْل الْمَالِكِي إِمَام الْمَالِكِيَّة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف الشَّاعِر الأديب الْمُقْرِئ وَهُوَ سبط ابْن مغيث مقرئ بَيت الْمُقَدّس كَانَ الشَّيْخ شمس الدّين يقْرَأ بالسبع وَيعرف الْفَرَائِض معرفَة جَيِّدَة والحساب والنحو وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ فِي أول عمره فَلَمَّا مَاتَ خَاله شهَاب الدّين(2/245)
ابْن مغيث كَانَ قد نزل لَهُ عَن إِمَامَة الْمَالِكِيَّة وَعَن تصديره بِالْمَسْجِدِ وَتُوفِّي فِي رَجَب سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَمن نظمه - وَقد بعث الى بلد الْخَلِيل يطْلب من ابْن نصف الدُّنْيَا سَاعَات رملية فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَكتب اليه وأجاد - إِذا كَانَت الدُّنْيَا جَمِيعًا بأسرها غَدَتْ سَاعَة لَا شكّ فِيهَا وَلَا مرا فَمن يطْلب السَّاعَات من نصفهَا يكن جهولا وَفِي هَذَا الفعال قد افترى الشَّيْخ الامام الْعَالم الصَّالح الزَّاهِد الْعَارِف الْمُقْرِئ عبد الله بن ابراهيم السكرِي المغربي الْمَالِكِي المجاور بالقدس الشريف كَانَ شيخ دَار القراآت السلامية يقرئ النَّاس بهَا انْتفع بِهِ خلق كثير وَكَانَ يستحضر من الْمُدَوَّنَة كثيرا وَيعرف القراآت وَغير ذَلِك وَلِلنَّاسِ فِيهِ إعتقاد ويحكى عَنهُ مكاشفات وَأُمُور عَجِيبَة لَا تحكى إِلَّا عَن كبار الْأَوْلِيَاء وأسن حَتَّى صَار يحمل فِي بِسَاط وَلَعَلَّه قَارب التسعين أَو جاوزها وَرَأى رجل من الصَّالِحين الْمَشْهُورين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول من قَرَأَ الْفَاتِحَة على الشَّيْخ عبد الله السكرِي دخل الْجنَّة فاشتهر ذَلِك وقصده النَّاس من الْبِلَاد وَمن لم يلْحقهُ توجه إِلَى قَبره وَقرأَهَا عَلَيْهِ وفضائله ومناقبه كَثِيرَة توفّي فِي ثَانِي جمادي الأولى سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا بِالْقربِ من حوش البسطامية من جِهَة الغرب الشَّيْخ الْقدْوَة خَليفَة بن مَسْعُود المغربي الجابري الْمَالِكِي من بني جَابر الْعَالم الصَّالح صَاحب الكرامات مولده فِي سنة تسع واربعين وَسَبْعمائة اشْتغل ببلاده وَقدم الى بَيت الْمُقَدّس على طَرِيق السياحة فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فحج الى بَيت الله الْحَرَام وَرجع وَظَهَرت لَهُ مكاشفات ثمَّ ولي مشيخة المغاربة بالقدس وإمامة الْمَالِكِيَّة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَحكى القَاضِي شهَاب الدّين بن عوجان الْمَالِكِي أَنه لما حج وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/246)
رَآهُ فِي النّوم وَقَالَ لَهُ سلم على خفير ايليا اذا رجعت اليها فَقَالَ وَمن هُوَ يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ خَليفَة واشتهر أمره وَكَانَ أسود بصاصا توفّي فِي يَوْم السبت مستهل ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وقبره ظَاهر يزار نفعنا الله بِهِ قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة شهَاب الدّين ابو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ علم الدّين ابي الرّبيع سُلَيْمَان بن أَحْمد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الْعمريّ الْمَالِكِي الْمَشْهُور بِابْن عوجان مولده فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة اشْتغل بِالْعلمِ وَحصل وَفضل وتميز وَكَانَ من أهل الْعلم وَالدّين يُفْتِي ويدرس عَارِفًا بمذهبه وبصناعة الْقَضَاء ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس بعد القَاضِي جمال الدّين بن الشحاذة - الْمُتَقَدّم ذكره - فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة فَهُوَ ثَانِي مالكي حكم بالقدس وَوَقع لَهُ الْعَزْل وَالْولَايَة مَرَّات وكل مرّة تكون مُدَّة يسيرَة وطالت مدَّته وَحسنت سيرته فِي ولَايَته واثنى عَلَيْهِ أهل عصره وَكَانَت أَحْكَامه مرضية وأموره مسددة توفّي فِي شهر جمادي الأولى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَولده قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد مولده فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة ولي الْقَضَاء بعد وَالِده مُدَّة ثمَّ عزل وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَثَمَانمِائَة وَولي بعد عَزله قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين ابو الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ غرس الدّين ابي البركات خَلِيل الطرابلسي الْمَالِكِي وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَبعدهَا الى سنة ارْبَعْ واربعين ثمَّ ولي بعده قَاضِي الْقُضَاة امين الدّين سَالم بن ابراهيم المغربي الصنهاجي الْمَالِكِي مولده - بالتخمين - بعد السّبْعين والسبعمائة اشْتغل فِي الْفِقْه بِبِلَاد الْمغرب وَقدم الى هَذِه الْبِلَاد عَالما فَاضلا وَوَقع فِي أسر الْكفَّار فِي سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وناظر الاساقفة ببلادهم وافحمهم وَأقَام عِنْدهم مُدَّة ثمَّ أَنْجَاهُ الله(2/247)
وَقدم الى دمشق وَولي قضاءها ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس وَكَانَت ولَايَته فِي سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ اعيد الى قَضَاء الشَّام فَسَار سيرة حَسَنَة بِحرْمَة وعفة ونزاهة وَكَانَ يحفظ الشِّفَاء غَائِبا توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الْبِسَاطِيّ الْمَالِكِي وَكَانَ من أهل الْعلم وولايته فِي سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة واقام مُدَّة يسيرَة قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو الرّوح عِيسَى بن شمس الدّين مُحَمَّد المغربي الشحيني الْمَالِكِي الشَّيْخ الامام الْعَلامَة الْمُحَقق كَانَ من اكابر أهل الْعلم ولي قَضَاء بَيت الْمُقَدّس بعد الْبِسَاطِيّ وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سبع واربعين وباشر بعفة وشهامة وَلم يَلِي الْقَضَاء مثله فِي الْعِفَّة وَالتَّقوى وَالْعلم وَكَانَ لَهُ هَيْبَة زَائِدَة وَوَقع فِي الْقُلُوب وَكَانَ من قُضَاة الْعدْل وَالْعَالمِينَ العاملين لَا يحابي احدا فِي الحكم وَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَمِمَّا وَقع لَهُ ان نَائِب الْقُدس مبارك شاه حِين ولي النِّيَابَة وَدخل الْقُدس ركب الْقُضَاة للقائه على الْعَادة وألبس خلعة السُّلْطَان وَكَانَ قد أمسك جمَاعَة من الفلاحين فَلَمَّا وصل بهم الى بَاب الْخَلِيل قصد شنقهم أَو شنق وَاحِد مِنْهُم فَأمر بذلك فَتقدم اليه القَاضِي شرف الدّين عِيسَى الْمَالِكِي وَقَالَ لَهُ مَا الَّذِي تُرِيدُ تفعل بحضورنا؟ فَقَالَ لَهُ اشنق هَؤُلَاءِ قَالَ بِأَيّ طَرِيق؟ قَالَ لصوص قاتلون للنَّفس فَقَالَ لَهُ هَل ثَبت هَذَا عَلَيْهِم بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ؟ قَالَ النَّائِب نَحن لَا نحتاج الى ثُبُوت فَقَالَ لَهُ القَاضِي تقتل مُسلما عمدا بحضوري بِغَيْر حق هَذَا لَا سَبِيل اليه وَلَكِن تدخل الى الْمَدِينَة وَتنظر فِي أَمرهم فَإِن ثَبت عَلَيْهِم مَا يَقْتَضِي قَتلهمْ قتلناهم وَإِلَّا فَلَا سَبِيل الى قَتلهمْ فَشدد النَّائِب فِي أَمرهم وَقَالَ لَا بُد من قَتلهمْ فَقَالَ لَهُ القَاضِي وَالله لَو قَتلتهمْ بحضوري لَكُنْت اقتلك بيَدي واعلقك الى جانبهم كَمَا انت بخلعة السُّلْطَان فَلم يقدر النَّائِب على مرجعته لهيبته وَدخل الى الْمَدِينَة وَلم يسْتَطع قَتلهمْ(2/248)
وَله مثل ذَلِك أَخْبَار كَثِيرَة عَفا الله عَنهُ وَاسْتمرّ على الْقَضَاء بالقدس الى ان توفّي فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَمِمَّنْ ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف القَاضِي برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن زين الدّين ابي الْمَعَالِي مَنْصُور التلمساني الْمَالِكِي وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَمِنْهُم السَّيِّد الشريف القَاضِي كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ أبي الصَّفَا ابراهيم ابْن أبي الوفا كَانَ على مَذْهَب الامام ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك وَولي الْقَضَاء بالقدس الشريف وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل وانتقل الى مذْهبه الأول وناب فِي الحكم بالديار المصرية عَن قَاضِي الْقُضَاة محب الدّين بن الشّحْنَة الْحَنَفِيّ مُدَّة ولَايَته ثمَّ بعد عزل ابْن الشّحْنَة من الْقَضَاء اسْتمرّ هُوَ معزولا من النِّيَابَة وَهُوَ حَيّ يرْزق الى يَوْمنَا هَذَا وَمِنْهُم القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن شَدَّاد الشَّافِعِي الْمَالِكِي كَانَ من فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وباشر الحكم نِيَابَة عَن قَاضِي الْقُضَاة الشَّيْخ برهَان الدّين بن جمَاعَة الشَّافِعِي ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك وَولي الْقَضَاء بالقدس الشريف فِي حُدُود السّبْعين والثمانمائة أَو بعْدهَا بِيَسِير وَدخل الى الْقُدس الشريف فَلم يقم الا مُدَّة يسيرَة نَحْو شهر أَو دون ذَلِك فتعصب جمَاعَة من الْمَالِكِيَّة والمغاربة وَغَيرهم فِي أمره وشنعوا عَلَيْهِ وَأشيع عَزله فَتوجه الى الْقَاهِرَة واقام أَيَّامًا يسيرَة وَتُوفِّي بهَا وأظن ان وَفَاته فِي سنة احدى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَالله أعلم الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ المغربي الْمَالِكِي الْمَشْهُور بالفلاح وَكَانَ يكْتب لَهُ فِي تَرْجَمته المطغر - بطاء مُهْملَة ثمَّ غين مُعْجمَة مَفْتُوحَة - كَانَ ينْسب هَكَذَا واشتهر بالقدس الشّرف بالفلاح لِأَنَّهُ كَانَ أول قدومه يُقيم بالقرى ويلبس لِبَاس الفلاحين فَسُمي بالقلاح كَانَ من أهل الْعلم وباشر الحكم بالقدس الشريف نِيَابَة عَن القَاضِي شمس الدّين المغراوي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة(2/249)
وَمِمَّنْ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف القَاضِي جمال الدّين يُوسُف المارديني وَلم أطلع لَهُ على تَرْجَمَة قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن زين الدّين ابي الْفرج عبد الرَّحْمَن التلمساني الْمَالِكِي الْمَشْهُور بالحريري ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف وَورد الْأَمر بولايته فِي مستهل ربيع الآخر سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وعزل فِي أَوَاخِر رَمَضَان مِنْهَا وإعيد القَاضِي شمس الدّين المغراوي قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعيد المغراوي الْمَالِكِي مولده فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا يحفظ الْقُرْآن قدم من بِلَاده الى الرملة واقام بهَا ثمَّ ولي قضاءها مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَوَقع لَهُ الْعَزْل فِي الْولَايَة مَرَّات وَتُوفِّي وَهُوَ بَاقٍ على الْقَضَاء فِي نصف شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة الْعدْل شهَاب الدّين أَحْمد بن محد بن الرباحي المغربي الأَصْل الْمَالِكِي كَانَ من الْعُدُول بالقدس الشريف وَمن طلبة الْعلم وَكَانَ يُؤذن بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَعِنْده مُرُوءَة زَائِدَة ومحبة لأَصْحَابه توجه الى الْحجاز الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وجاور بِمَكَّة سنة خمس وَسبعين فَلَمَّا قضى مَنَاسِكه ووقف بجبل عَرَفَات وَدخل الى مَكَّة ثمَّ عَاد الى منى توفّي بهَا وَدفن عِنْد مَسْجِد الْخيف فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة ووالده هُوَ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الرباحي من فضلاء المغاربة الْمَالِكِيَّة توفّي قبله بسنين بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّيْخ خَليفَة - الْمُتَقَدّم ذكره - قَاضِي الْقُضَاة نور الدّين ابو الْحسن عَليّ بن ابراهيم البدرشي البحري الْمَالِكِي المضري الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شَيخنَا كَانَ من أهل الْعلم وَله معرفَة تَامَّة بِالْعَرَبِيَّةِ وَعلم الْفَرَائِض والحساب والْحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ وَكَانَ من جلساء القَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف وأخصائه وَمن جملَة قراء الحَدِيث(2/250)
الشريف بقلعة الْجَبَل المنصورية بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بهَا وَدخل اليها فِي اوائل الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين فباشر بعفة ونزاهة وَحُرْمَة وشهامة وَنشر الْعلم وانتفع بِهِ الطّلبَة وعلت كَلمته وَبعد أمره لعفته وشهامته وَمَعَ ذَلِك كَانَ متواضعا لين الْجَانِب يحب الْعلم ونشره وَله مُصَنف فِي النَّحْو وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن حفظا جيدا وَيكثر من التِّلَاوَة وَقد قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة من آخر كتاب الخرقى فِي فقه مَذْهَب الامام رَضِي الله عَنهُ قِرَاءَة بحث وَفهم ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة من أول الْمقنع قِرَاءَة بحث وَفهم فَكَانَ يُقرر فِي الْعبارَة تقريرا حسنا لَعَلَّ كثيرا من اهل الْمَذْهَب لَا يقرره وقرأت عَلَيْهِ فِي النَّحْو ولازمت مُجَالَسَته وترددت اليه كثيرا وَحصل لي مِنْهُ غَايَة الْخَيْر والنفع وَلَكِن اخترمته الْمنية بِسُرْعَة قبل بُلُوغ المُرَاد مِنْهُ وَلما توفّي قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري الْحَنَفِيّ فِي حادي عشري ربيع الآخر حضر ضبط تركته ثمَّ مرض اياما وَتُوفِّي فِي صَبِيحَة يَوْم السبت ثَانِي جمادي الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَكَانَ بَين وَفَاته ووفاة القَاضِي جمال الدّين الديري عشرَة أَيَّام وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَكَانَت جنَازَته حافلة عَفا الله عَنهُ وعوضه الْجنَّة قَاضِي الْقُضَاة حميد الدّين أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن بدر الدّين ابي عبد الله الْحُسَيْنِي الْبكْرِيّ الْمَالِكِي الْقرشِي الخليلي الْمَشْهُور بِابْن المغربي كَانَ يحفظ الْقُرْآن ويتقنه بالروايات وَولي قَضَاء بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهُوَ أول من وليه من الْمَالِكِيَّة توفّي فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة ولي قَضَاء الْقُدس الشريف وأضيف اليه قَضَاء بلد الْخَلِيل ثمَّ عزل فِي أَوَاخِر سنة ارْبَعْ وَسبعين وَتوجه الى الْقَاهِرَة فولي قَضَاء طرابلس وَتوجه اليها وَتُوفِّي بهَا فِي شهرو سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن شمس الدّين مُحَمَّد الْهَاشِمِي الْمَالِكِي الكركي الأَصْل الْمَشْهُور بِابْن المزوار ولي قَضَاء الْقُدس فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل وَولي قَضَاء الكرك وَقَضَاء غَزَّة(2/251)
وَلما توفّي القَاضِي نور الدّين البدرشي ولي الْقَضَاء بعده بالقدس الشريف فِي مستهل شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَلم يدْخل الْقُدس إِلَّا فِي شهر صفر سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ الى جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ثمَّ توجه الى الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا وَهُوَ مُسْتَمر على الْولَايَة الى ان توفّي فِي يَوْم الاحد تَاسِع عشر جمادي الأولى سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع المارديني وَكَانَ عفيفا فِي مُبَاشَرَته لَا يتَنَاوَل غير معلومه الْمُرَتّب على وقف الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَهُوَ فِي كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم فضَّة السَّيِّد الشريف شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الْمَالِكِي المغربي كَانَ من اهل الْفضل وبحفظ الْقُرْآن وَكتب على الْفَتْوَى قَلِيلا وباشر الحكم بالقدس الشريف نِيَابَة عَن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الْعَيْنِيّ حِين كَانَ القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن المزوار بِالْقَاهِرَةِ - كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته - وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا خيرا متواضعا توجه الى الْحجاز الشريف فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ ثمَّ توجه الى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَتوفي بهَا فِي شهور سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الْعدْل شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد المصطاوي المغربي الْمَالِكِي كَانَ من أهل الْقُرْآن واحترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا توفّي فِي اواخر سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الناسك شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة خَليفَة ابْن مَسْعُود المغربي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي ولد بالقدس الشريف فِي لَيْلَة ثَانِي عشر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَحفظ الرسَالَة فِي فقه مَذْهَب الامام مَالك رَضِي الله عَنهُ وَلَقي جمَاعَة من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَأخذ الحَدِيث عَن جمَاعَة وَاسْتقر فِي إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ومشيخة القادرية بالقدس بعد وَفَاة وَالِده بَرَكَات وَكَانَ ذَا همة ومروءة وَعِنْده سخاء وَمَكَارِم اخلاق ثمَّ صرف عَن مشيخة المغاربة فِي سنة اثتين وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَفِي أَوَاخِر عمره اقبل على الْعِبَادَة وَترك النِّسَاء وتعزب من التَّارِيخ الْمَذْكُور(2/252)
الى حِين وَفَاته وَكَانَت لَيْلَة الْخَامِس عشر من شهر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن عِنْد وَالِده بماملا وَولده الشَّيْخ الصَّالح شمس الدّين مُحَمَّد خَليفَة كَانَ عبدا صَالحا وَأهل بَيت الْمُقَدّس يعتقدونه وَرُوِيَ لَهُ كرامات توفّي فِي لَيْلَة الْخَمِيس وَصلي عَلَيْهِ بعد الظّهْر من يَوْم الْخَمِيس السَّابِع وَالْعِشْرين من صفر سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَدفن بماملا عِنْد وَالِده وجده وَكَانَ لجنازته مشْهد عَظِيم شهده الْخَاص وَالْعَام الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن المغربي الأَصْل الخليلي ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ثمَّ الْمَالِكِي الشهير بِابْن المغربي ولد سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة سمع الحَدِيث على جمَاعَة وَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى يكثر تِلَاوَته وجاور بالقدس الشريف مُدَّة ثمَّ تحول إِلَى مَذْهَب الامام مَالك وباشر إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بالأقصى نِيَابَة وَحدث توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع شهر ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِي بيمارستان الْقُدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة شرف الدّين يحيى بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ المغربي الاندلسي الْمَالِكِي ولد سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَسمع ببلاده وَكَانَ من أهل الْعلم ماهرا فِي الْعَرَبيَّة اشْتغل بِالْعلمِ بالاندلس على قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين بن الْأَزْرَق الَّذِي ولي قَضَاء الْقُدس بعده وَقدم من بِلَاد الغرب وَأقَام بحلب وبالقدس ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِي أول رَمَضَان فَحَضَرَ مجْلِس قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين الحصري الشَّافِعِي قَاضِي دمشق وَهُوَ بالجامع الْأَزْرَق وَتكلم فِي درسه فَظهر لَهُ فَضله فسعى لَهُ فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس فولاه السُّلْطَان فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ من غير بذل وَلَا كلفة ثمَّ حضر الى الْقُدس فِي صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ الى شهر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فورد كتاب القَاضِي زين الدّين بن مزهر(2/253)
صَاحب ديوَان الانشاء بعزله فَتوجه من الْقُدس الشريف الى الْقَاهِرَة واقام بهَا اياما ثمَّ توجه الى الْحجاز الشريف وسافر الى بِلَاد جازان فَتوفي بهَا فِي شَوَّال سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَت ولَايَته قَضَاء الْقُدس بعد شغوره عَن القَاضِي عَلَاء الدّين بن المزوار نَحْو سبع سِنِين فان القَاضِي عَلَاء الدّين توجه من الْقُدس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ وَهُوَ بَاقٍ على الْولَايَة الى حِين وَفَاته فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَلم يسْتَخْلف احدا عَنهُ فِي الحكم ثمَّ استمرت الْوَظِيفَة على الشغور نَحْو ارْبَعْ سِنِين بعد وَفَاته الى ان اسْتَقر بهَا القَاضِي شرف الدّين فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم ذكره السَّيِّد الشريف شرف الدّين عِيسَى بن عمر الْحُسَيْنِي المغربي الشحيني الْمَالِكِي قدم من بِلَاده الى الْقُدس الشريف واقام بهَا مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن وَله مُشَاركَة فِي فقه الْمَالِكِيَّة ولي مشيخة المغاربة بالقدس الشريف فَحصل لَهُ ضعف فِي بدنه وَتوجه من الْقُدس الى جِهَة حلب فَتوفي فِي سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي فِي هَذِه السّنة القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبُو بكر بن القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْعلم الْمَالِكِي الْمَشْهُور وَالِده بعرق وَتقدم ذكره مَعَ فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَكَانَ القَاضِي تَقِيّ الدّين اولا حَنَفِيّ الْمَذْهَب كأبيه ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك رَضِي الله عَنهُ وَولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالرملة فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ الى سنة خمس وَسبعين وَتوجه الى الْقَاهِرَة للسعي فِي قَضَاء الْقُدس فَلم يَتَيَسَّر لَهُ ذَلِك فَأَقَامَ هُنَاكَ مُدَّة وَعَاد الى الْقُدس بعد وَفَاة وَالِده فِي شهور سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ اسْتَخْلَفَهُ القَاضِي شمس الدّين بن مارب الْعَزِيز فِي الحكم بالقدس حِين توجه الى وَطنه بغزة من اوائل شَوَّال سنة خمس وَتِسْعين الى ان قدم الى الْقُدس فِي مستهل ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين وَلم يقدر لَهُ ولَايَة بعد ذَلِك توفّي(2/254)
القَاضِي تَقِيّ الدّين بن الْعلم فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَأما مستخلفه القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم مارب الْعَزِيز الْمَالِكِي فَإِنَّهُ كَانَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي وباشر نِيَابَة الحكم بغزة وَهُوَ شَافِعِيّ ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك وَولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بغزة فِي سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فَأَقَامَ نَحْو سِتَّة أشهر ثمَّ عزل ثمَّ ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف فِي شهر شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد شغوره عَن القَاضِي شرف الدّين يحيى الْمغرب الاندلسي - الْمُتَقَدّم ذكره - وَكَانَ يتَرَدَّد الى الْقُدس وَيعود الى وَطنه بغزة ثمَّ عزل فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتوجه الى مَدِينَة غَزَّة وَأقَام بهَا وَلم يقدر لَهُ ولَايَة الى حِين وَفَاته بِمَدِينَة غَزَّة فِي اواخر ذِي الْحجَّة سنة تِسْعمائَة وَسَنذكر قدومه الى الْقُدس وتردده الى غَزَّة فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَاضِي الْقُضَاة الامام الْعَلامَة الْمُحَقق شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن الازرق المغربي الاندلسي الْمَالِكِي كَانَ من أهل الْعلم وَالصَّلَاح حسن الشكل منور الشيبة عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار وَكَانَ قَاضِيا بِمَدِينَة غرناطة بالاندلس فَلَمَّا استولى عَلَيْهَا الافرنج خرج مِنْهَا يستنفر مُلُوك الأَرْض فِي نجدة صَاحب غرناطة فَتوجه لملوك الْمغرب فَلم يحصل مِنْهُم نتيجة فَحَضَرَ الى السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف قايتباي نَصره الله تَعَالَى - وَكَانَ مشتغلا بِقِتَال سُلْطَان الرّوم ابي يزِيد بن عُثْمَان - فَتوجه الى مَكَّة المشرفة وجاور بهَا وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجع الى الْقَاهِرَة المحروسة فِي أول سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فَتكلم لَهُ فِي شَيْء يحصل مِنْهُ مَا يَسْتَعِين بِهِ على الْقُوت فولاه السُّلْطَان قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف فِي رَابِع رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن مَازِن الْغَزِّي وَقدم الى الْقُدس فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر شَوَّال سنة سِتّ وَتِسْعين واقام بِهِ نَحْو الشَّهْر وَهُوَ يتعاطى الْأَحْكَام بعفة ونزاهة من غير تنَاول شَيْء من النَّاس(2/255)
ثمَّ حصل لَهُ توعك وَاسْتمرّ الى ان توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة بعد فرَاغ الصَّلَاة سَابِع عشر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ فِي يَوْمه بعد صَلَاة الْعَصْر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَدفن بماملا الى جَانب حوش البسطامي من جِهَة الْقرب فَكَانَت إِقَامَته بالقدس إِحْدَى وَسِتِّينَ وَيَوْما توفّي وَله خمس وَسِتُّونَ سنة عَفا الله عَنهُ وَهُوَ شيخ القَاضِي شرف الدّين يحيى الاندلسي - الْمُتَقَدّم ذكره - وَقد كَانَ من قُضَاة الْعدْل وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على حسن خاتمته سرعَة وَفَاته قبل توغله فِي الْأَحْكَام ودخوله فِي الْأُمُور المشكلة فَإِنَّهُ بَاشر الحكم دون الشَّهْر بعفة وتقوى وسيرة محمودة ثمَّ لحق بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَالنَّاس راضون عَنهُ (ذكر فُقَهَاء الْحَنَابِلَة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وطلبة الْعلم الشريف) قد تقدم عِنْد ذكر الْفَتْح الصلاحي انه لما خطب القَاضِي محيي الدّين بن الزنكي اول جُمُعَة بعد الْفَتْح وقضيت الصَّلَاة انْتَشَر النَّاس وَكَانَ قد نصب سَرِير الْوَعْظ تجاه الْقبْلَة فَجَلَسَ عَلَيْهِ الشَّيْخ زين الدّين بن نجية وَعقد مَجْلِسا للوعظ وَهُوَ الشَّيْخ الامام الْفَقِيه الْوَاعِظ الْمُفَسّر زين الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن رَضِي الدّين ابي الطَّاهِر ابراهيم بن نجا بن غَانِم الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن منجة الْحَنْبَلِيّ نزيل مصر سبط الشَّيْخ ابي الْفرج الشِّيرَازِيّ الْحَنْبَلِيّ الَّذِي نشر مَذْهَب الامام احْمَد رَضِي الله عَنهُ بالقدس الشريف وَمَا حوله وَتقدم ذكره فِيمَن كَانَ بِبَيْت الْمُقَدّس قبل اسْتِيلَاء الافرنج عَلَيْهِ ولد الشَّيْخ شمس الدّين بن منجه بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَقيل عشر وَخَمْسمِائة وَكَانَ من اعيان اهل الْعلم وَله رَأْي صائب وَكَانَ الْملك صَلَاح الدّين يُسَمِّيه عَمْرو بن الْعَاصِ وَيعْمل بِرَأْيهِ ويكاتبه ويحضر مَجْلِسه وَله جاه عَظِيم وَحُرْمَة زَائِدَة حضر فتح بَيت الْمُقَدّس مَعَ الْملك صَلَاح الدّين وَجلسَ للوعظ عقب صَلَاة الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى - كَمَا تقدم - وَكَانَ مَجْلِسا حافلا حصل لَهُ الانس والبهجة(2/256)
والخشوع وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان فِي سابعه وَقيل ثَانِيه سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بِالْقَاهِرَةِ وَدفن من الْغَد بسفح المقطم الْفَقِيه الْمُحدث تَقِيّ الدّين أَبُو عبد الله يُوسُف بن عبد الْمُنعم بن نعْمَة بن سُلْطَان بن سرُور بن رَافع بن حسن بن جَعْفَر الْمَقْدِسِي ثمَّ النابلسي الْحَنْبَلِيّ ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا بالقدس الشريف وَسمع بِدِمَشْق من جمَاعَة وتفقه وَولي الامامة بالجامع الغربي بنابلس وَحدث وَهُوَ ابْن عَم الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِي وَكَانَ على طَريقَة حَسَنَة توفّي فِي عَاشر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بنابلس الشَّيْخ الْعَلامَة نجم الدّين أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن عبد الله الطوخي الصرصري ثمَّ الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه الأصولي المتفنن ولد سنة بضع وَسبعين وسِتمِائَة بقرية طوخى من أَعمال صَرْصَر ثمَّ دخل بَغْدَاد فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة فحفظ الْمُحَرر فِي الْفِقْه وبحثه على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الشِّيرَازِيّ وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة والتصريف والاصول والفرائض وشيئا من الْمنطق وجالس فضلاء بَغْدَاد فِي أَنْوَاع الْفُنُون وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وسافر الى دمشق سنة ارْبَعْ وَسَبْعمائة وَلَقي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية بن عفرَة ثمَّ سَافر الى مصر وجاور الْحَرَمَيْنِ الشريفين واقام بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة وَولي الاعادة بِالْمَدْرَسَةِ الناصرية والمنصورية وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا بغية السَّائِل فِي امهات الْمسَائِل فِي أصُول الدّين وقصيدة فِي العقيدة الْكَبِيرَة وَشَرحهَا ومختصر الرَّوْضَة فِي اصول الْفِقْه وَشَرحه فِي ثَلَاث مجلدات ومختصر الْحَاصِل فِي اصول الْفِقْه وَالْقَوَاعِد الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِد الصُّغْرَى والاكسير فِي وقاعد التَّفْسِير والرياض النواضر فِي الْأَشْبَاه والنظائر وبغية الْوَاصِل الى معرفَة الفواصل ومصنف فِي الجدل وَآخر صَغِير وَدَرَأَ القَوْل الْقَبِيح فِي التحسين والتقبيح ومختصر الْمَحْصُول وَدفع التَّعَارُض عَمَّا يُوهم التَّنَاقُض فِي الْكتاب وَالسّنة ومعراج الْأُصُول الى علم الْأُصُول فِي أصُول الْفِقْه والرسالة(2/257)
العلوية فِي الْقَوَاعِد الْعَرَبيَّة وعناية المجتاز فِي علم الْحَقِيقَة وَالْمجَاز والباهر فِي أَحْكَام الْبَاطِن وَالظَّاهِر يرد على الايجادية ومختصر الْعَالمين جزءين فِيهِ ان الْفَاتِحَة متضمنة لجَمِيع الْقُرْآن والذريعة الى معرفَة اسرار الشَّرِيعَة والرحيق المسلسل فِي الْأَدَب المسلسل وتحفة أصل الْأَدَب فِي معرفَة لِسَان الْعَرَب والانتصارات الاسلامية فِي دفع شبه النَّصْرَانِيَّة وتعاليق على الرَّد على جمَاعَة من النَّصَارَى وتعاليق على الاناجيل وتناقضها وَشرح نصف مُخْتَصر الخرقى فِي الْفِقْه ومقدمة فِي علم الْفَرَائِض ومختصر التبريزي وَشرح مقامات الحريري فِي مجلدا وموائد الحيس فِي شعر امْرِئ الْقَيْس وَشرح الاربعين للنواوي وَاخْتصرَ كثيرا من كتب الاصول وَمن كتب الحَدِيث ايضا وَلَكِن لم يكن لَهُ فِيهِ يَد فَفِي كَلَامه فِيهِ تخبيط كثير وَله نظم كثير رائق وقصائد فِي مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقصيدة طَوِيلَة فِي مدح الامام احْمَد رَضِي الله عَنهُ أَولهَا أَلد من الصَّوْت الرخيم إِذا شدا وَأحسن من وَجه الحبيب إِذا بدا ثَنَاء على الحبر الْهمام ابْن حَنْبَل إِمَام التقى محيي الشَّرِيعَة أحمدا وسافر الى الصَّعِيد وَلَقي بهَا جمَاعَة وَيُقَال ان لَهُ بقوص خزانَة كتب من تصانيفه فَإِنَّهُ أَقَامَ بهَا مُدَّة وَقد حصل لَهُ محنة فِي آخر عمره وَحج الى بَيت الله الْحَرَام فِي أَوَاخِر سنة أَربع عشرَة وَجَاوَزَ سنة خمس عشرَة ثمَّ حج وَنزل الى الشَّام الى الأَرْض المقدسة واقام بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَتُوفِّي بهَا فِي شهر رَجَب سنة عشر وَسَبْعمائة عَفا الله عَنهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن عبد الْوَلِيّ بن جبارَة الْمَقْدِسِي الْمقري الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه الأصولي النَّحْوِيّ ولد سنة سبع أَو ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وارتجل الى مصر فَقَرَأَ بهَا القراآت وَالْأُصُول والعربية وبرع فِي ذَلِك وتفقه فِي الْمَذْهَب(2/258)
ثمَّ استوطن بَيت الْمُقَدّس فتصدر لإقراء الْقُرْآن والعربية وصنف شرحا يَسِيرا للشاطبية وشرحا آخر للرائية فِي الرَّسْم وشرحا لألفية بن معطي وصنف تَفْسِيرا وَأَشْيَاء فِي الْقرَاءَات وَكَانَ صَالحا متعففا خشن الْعَيْش جم الْفَضَائِل ماهرا متفنا مقرئا بارعا فَقِيها نحويا نَشأ فِي صَلَاح وَدين وزهد وانتهت اليه مشيخة بَيت الْمُقَدّس وَحج وجاور بِمَكَّة وَكَانَ يعد من الْعلمَاء الصَّالِحين الأخيار توفّي بالقدس الشريف فَجْأَة سحر يَوْم الْأَحَد رَابِع رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن فِي الْيَوْم الْمَذْكُور بماملا وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع دمشق صَلَاة الْغَائِب فِي سادس عشر الشَّهْر الْمَذْكُور الشَّيْخ الامام سراج الدّين عمر بن الشَّيْخ نجم الدّين عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن القباقبي الْحَنْبَلِيّ سمع الحَدِيث وَكَانَ مَشْهُورا بالصلاح كريم النَّفس كَبِير الْقدر جَامعا بَين الْعلم وَالْعَمَل اشْتغل وانتفع بالشيخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية وَلم ير على طَرِيقه فِي الصّلاح مثله وَخرج لَهُ الْحُسَيْنِي شَيْخه وَحدث بهَا توفّي بالقدس الشريف فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْمُحدث المتقن الضَّابِط شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن احْمَد بن مُحَمَّد بن المندس الْمدرس الْحَنْبَلِيّ مولده فِي سنة ارْبَعْ واربعين وَسَبْعمائة رَحل وَكتب وَسمع على الْحَافِظ وروى عَنهُ جمَاعَة من الْأَعْيَان مِنْهُم قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري الْحَنَفِيّ توفّي بالقدس الشريف فِي شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَقيل ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربته بِبَاب القطانين عَن يَمِين الْخَارِج من بَاب الخوخة وَلم تبع تركته إِلَّا فِي سنة تسع بَاعهَا وَصِيّه شمس الدّين بن حسان وَكَانَ فِي عصر الشَّيْخ شهَاب الدّين بن المهندس جمَاعَة من الْحَنَابِلَة بالقدس الشريف وهم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن شيخ الوجيهية وَولده الشَّيْخ اسماعيل وَالشَّيْخ ابو عبد الله المرداوي وَالشَّيْخ عَليّ بن عبد الله بن ابي الْقَاسِم المرداوي وشمس الدّين مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ وَالشَّيْخ خير الدّين الراس عَيْني وَالشَّيْخ عَليّ الهيئتي وَالشَّيْخ(2/259)
مُحَمَّد بن المهندس وَلم أطلع على تَرْجَمَة أحد مِنْهُم وَلَا تَارِيخ وَفَاته وَلَكِن وَقعت على ورقة ضبط اسماء الْحَنَابِلَة بالقدس الشريف ذكر فِيهَا الشَّيْخ شهَاب الدّين وَهَؤُلَاء الْجَمَاعَة وزين الدّين عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ سراج الدّين القياتي - الْآتِي ذكره - وان قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين الْعَسْقَلَانِي الْحَنْبَلِيّ قَاضِي دمشق عين لَهُم مَعْلُوما يصرف لَهُم من وقف المرحوم شمس الدّين مُحَمَّد بن معمر رَحمَه الله تَعَالَى بِشَرْط مُلَازمَة الِاشْتِغَال والاجتماع فِي الْأَيَّام الْمُعْتَادَة للدرس بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف عمره الله بِذكرِهِ تَارِيخ الورقة الْمَذْكُورَة فِي الْعشْر الْأَوْسَط من شهر رَمَضَان الْمُعظم قدره سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة القَاضِي فَخر الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن الشَّيْخ الامام الْعَالم شهَاب الدّين ابي الْعَبَّاس احْمَد بن الشَّيْخ الامام الأوحد فَخر الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان الْحَنْبَلِيّ بَاشر الحكم بالقدس الشريف فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَالظَّاهِر انه كَانَ نَائِبا عَن قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الأقاليم - الْآتِي ذكره - وَبَقِي الى بعد الْعشْر والثمانمائة وَلم أطلع على تَارِيخ وَفَاته الشَّيْخ الْمسند المعمر زين الدّين أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ سراج الدّين عمر بن الشَّيْخ نجم الدّين عبد الرَّحْمَن بن حُسَيْن بن عبد المحسن القياتي ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ ولد فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن ثَالِث عشري شعْبَان سنة تسع واربعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْفُقَهَاء المعتبرين روى عَن خلق كثير من أَئِمَّة الحَدِيث ورورى عَنهُ خلق وَخرج لَهُ الْحَافِظ شيخ الاسلام قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين بن حجر اسماء شُيُوخه واضاف الى ذَلِك بَيَان مرويات الشُّيُوخ الَّذين اجازوا للمسندة المعمرة الاصلية فَاطِمَة بنت الشَّيْخ صَلَاح الدّين بن ابي الْفَتْح وَهِي بنت أخي قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين نصر الله بن احْمَد الْحَنْبَلِيّ لكَونهَا شاركته فِي الْكثير مِنْهُم فِي استدعاء مؤرخ بِشَهْر ربيع الأول سنة ارْبَعْ وَخمسين وَسَبْعمائة ولخص فِي ذَلِك مصنفا لطيفا سَمَّاهُ المشيخة السامية للقياتي وَفَاطِمَة(2/260)
وَكَانَ الشَّيْخ زين الدّين مُحدثا بالقدس وَكَانَ شيخ الْمدرسَة الفارسية الْمُجَاورَة للملكية شمَالي الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَقد أجَاز لشيخ الاسلام كَمَال الدّين ابْن ابي شرِيف الشَّافِعِي متع الله بِوُجُودِهِ الْأَنَام وَتُوفِّي الشَّيْخ زين الدّين فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الى جَانب وَالِده وعتيقه بِلَال كَانَ روى الحَدِيث وَأخذ عَنهُ جمَاعَة توفّي فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْده سَيّده بِبَاب الرَّحْمَة تَحت العامود الْخَارِج من سور الْمَسْجِد الْأَقْصَى الملاصق للأروقة بسوق الْمعرفَة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة عز الدّين أَبُو البركات عبد الْعَزِيز بن الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة عَلَاء الدّين أبي الْحسن عَليّ بن الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن عبد الْمَحْمُود الْبَغْدَادِيّ الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي منشأ الْبكْرِيّ الْحَنْبَلِيّ الشَّيْخ الْعَالم الْمُفَسّر قَاضِي الأقاليم مولده بِبَغْدَاد فِي سنة سبعين وَسَبْعمائة واشتغل بهَا ثمَّ قدم الى دمشق وَأخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن اللحام شيخ الْحَنَابِلَة فِي وقته وَعرض عَلَيْهِ الخرقى واعتنى بالوعظ وَكَانَ يستحضر كثيرا من تَفْسِير الْبَغَوِيّ واعتنى بِعلم الحَدِيث وَله مُشَاركَة فِي الْفِقْه وَالْأُصُول اشْتغل ودرس وَكتب على الْفَتَاوَى يَسِيرا وَله مصنفات مِنْهَا مُخْتَصر الْمُغنِي وَشرح الشاطبية وصنف فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَجمع كتابا سَمَّاهُ الْقَمَر الْمُنِير فِي أَحَادِيث البشير النذير ولي قَضَاء بَيت الْمُقَدّس بعد فتْنَة تيمورلنك سنة ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة وَلم يعلم ان حنبليا قبله ولي الْقُدس وطالت مدَّته وَاسْتمرّ مُدَّة تبلغ عشْرين سنة ثمَّ ولي قَضَاء دمشق فِي صفر سنة ثَلَاث وَعشْرين مُدَّة يسيرَة ثمَّ صرف عَنْهَا فولي تدريس المؤيدية بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ ولي قَضَاء الديار المصرية بعد عزل قَاضِي الْقُضَاة محب الدّين ابْن نصر الله وَكَانَت ولَايَته فِي ثَالِث عشر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل بِالْقَاضِي محب الدّين بن نصر الله فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر صفر سنة ثَلَاثِينَ(2/261)
ثمَّ ولي قَضَاء دمشق فِي دفعات يكون مجموعها ثَمَانِي وَسِتِّينَ وَالسَّبَب فِي تَسْمِيَته بِالْقَاضِي انه ولي قَضَاء بَغْدَاد وَالْعراق ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس ومصر وَالشَّام وَكَانَ فَقِيها دينا متقشفا عديم التَّكَلُّف فِي ملبسه ومركبه وَله معرفَة تَامَّة وَلما ولي الْقَضَاء بالديار المصرية صَار يمشي لِحَاجَتِهِ فِي الاسواق ويردف عَبده على بغلته وشيئا من هَذَا النسق وَكَانَت جَمِيع ولَايَته من غير سعي توفّي فِي لَيْلَة الْأَحَد مستهل ذِي الْقعدَة سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بالجامع الْأمَوِي وَحضر جنَازَته الْقُضَاة وَبَعض أَرْكَان الدولة وَدفن عِنْد قبر وَالِده بمقابر بَاب كيسَان إِلَى جَانب الطَّرِيق الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الشحام الْحَنْبَلِيّ الْمُؤَذّن بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق مولده فِي خَامِس عشري الْمحرم سنة احدى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة سمع من جمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة من الْأَعْيَان توفّي بالقدس الشريف فِي نَهَار الثُّلَاثَاء تَاسِع جمادي الْآخِرَة سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ زين الدّين ابي هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ شمس الدّين ابي عبد الله محمدالعمري العليمي الْحَنْبَلِيّ الْخَطِيب الْفَقِيه الْمُحدث ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بالرملة وَنَشَأ بهَا ثمَّ توجه الى مَدِينَة صفد فَأَقَامَ بهَا وَقَرَأَ الْقُرْآن وَحفظه بِرِوَايَة عَاصِم واتقنها وأجيز بهَا من مَشَايِخ الْقِرَاءَة ثمَّ عَاد الى الرملة واشتغل بِالْعلمِ فِي مَذْهَب الامام احْمَد رَضِي الله عَنهُ وَحفظ مُخْتَصر الخرقى وكل أسلافه شافعية لم يكن فيهم من هُوَ على مَذْهَب احْمَد سواهُ ولأسلافه مآثر وصدقات وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ بَاشر الحكم بالرملة على قَاعِدَة مذْهبه نِيَابَة عَن الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة ثمَّ اجْتهد فِي تَحْصِيل الْعلم وسافر الى الشَّام ومصر وَبَيت الْمُقَدّس وَأخذ عَن عُلَمَاء الْمَذْهَب وأئمة الحَدِيث وَفضل فِي فنون من الْعلم وتفقه بالشيخ شهَاب الدّين بن يُوسُف المرداوي وبرع فِي الْمَذْهَب وافتى وناظر وَقَرَأَ البُخَارِيّ(2/262)
والشفاء مرَارًا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير من نسخ البُخَارِيّ كِتَابَة جَيِّدَة مضبوطة قَائِمَة الْأَعْرَاب وَكَانَ بارعا فِي الْعَرَبيَّة وَكَانَ خَطِيبًا بليغا وصنف فِي الْخطب ولي قَضَاء الرملة اسْتِقْلَالا فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَلم يعلم ان حنبليا قبله وَليهَا ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس الشريف فِي أَوَاخِر دولة الْملك الْأَشْرَف برسباي فِي شهر رَمَضَان سنة احدى واربعين وَثَمَانمِائَة بعد شغوره تحو تسع عشرَة سنة عَن شَيْخه قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين الْبَغْدَادِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - فَهُوَ ثَانِي حنبلي حكم بالقدس ثمَّ لما توفّي الْأَشْرَف عزل عَن قَضَاء الْقُدس وَولي قَضَاء الرملة ثمَّ اعيد الى قَضَاء الْقُدس فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق فِي أحد الجمادين سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة واقام بِهِ عشْرين سنة مُتَوَالِيَة وأضيف اليه قَضَاء الرملة ثمَّ أضيف اليه قَضَاء بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ أول حنبلي ولي بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وباشر الحكم نِيَابَة بِدِمَشْق المحروسة وَولي قَضَاء صفد مُضَافا الى قَضَاء الرملة فِي دولة الْملك الْأَشْرَف اينال وَامْتنع من مباشرتها وَاخْتَارَ الاقامة بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَانَ خيرا متواضعا حسن الشكل مُتبعا للسّنة كثير التَّعْظِيم للأئمة الاربعة لَيْسَ عِنْده تعصب وَكَانَ سخيا مَعَ قلَّة مَاله مكرما لمن يرد عَلَيْهِ لَا يحب الْفَخر وَلَا الْخُيَلَاء وَيدخل الى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف فِي أَوْقَات الصَّلَاة بمفرده مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ من الهيبة وَالْوَقار وَله معرفَة تَامَّة بالمصطلح فِي الاحكام وَكِتَابَة المستندات وباشر الْقَضَاء بالاعمال الْمَذْكُورَة وافتى نَحْو أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَت احكامه مرضية وأموره مسددة وَمَات وَهُوَ بَاقٍ على ابهته ووقاره لم يمْتَحن وَلم يهن وَمن أعظم محاسنه الَّتِي ذكرت لَهُ فِي الدُّنْيَا ويرجى لَهُ بهَا الْخَيْر فِي الْآخِرَة أَن بالقدس الشريف كَنِيسَة النَّصَارَى مجاورة لكنيسة قمامة بلصق الصومعة من جِهَة الْقبْلَة وبناؤها مُحكم وَلها قبَّة عالية الْبناء وَكَانَ النَّصَارَى يَجْتَمعُونَ فِيهَا(2/263)
يقرؤن كِتَابهمْ ويرفعون اصواتهم حَتَّى كَانَ فِي بعض الْأَوْقَات يسمع ضجيجهم من قبَّة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة فينزعج المسملون من ذَلِك فَقدر الله تَعَالَى حُصُول زَلْزَلَة وَقعت فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس الْمحرم سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة فهدمت قبَّة الْكَنِيسَة الْمَذْكُورَة فَتوجه النَّصَارَى لنائب السلطنة وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ بالقدس الشريف ودفعوا لَهما مَالا فَأذن لَهُم القَاضِي الْحَنَفِيّ فِي إِعَادَتهَا بِالْبِنَاءِ الْقَدِيم فَحصل للْقَاضِي شمس الدّين العليمي الْحَنْبَلِيّ غَايَة الانزعاج وَاشْتَدَّ غَضَبه لذَلِك حضر اليه النَّصَارَى واحضروا لَهُ مَالا على أَن لَا يعارضهم فزجرهم زجرا بليغا ثمَّ بَارِد بِالْكِتَابَةِ للْملك الاشرف اينال ورتب قصَّة أنهى فِيهَا مَا كَانَ يَقع من النَّصَارَى بالكنيسة الْمَذْكُورَة وَأَن الله تَعَالَى قد غَار لدينِهِ وهدمها بالزلزلة وَسَأَلَ فِي بروز مرسوم شرِيف بِأَن ينظر فِي ذَلِك على مَا يَقْتَضِيهِ مَذْهَب إِمَامه المبجل أَحْمد بن حَنْبَل فبرزله الْأَمر بذلك فَحَضَرَ قاصده الى الْقُدس الشريف وَقد شرع النَّصَارَى فِي الْبناء حَتَّى كَادَت الْعِمَارَة تَنْتَهِي كَمَا كَانَت عَلَيْهِ اولا فَاجْتمع الْخَاص وَالْعَام ونائب السلطنة وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ - الْآذِن فِي الْبناء - وَبَقِيَّة الْقُضَاة وصدرت الدَّعْوَى من الشَّيْخ تَاج الدّين ابي الوفا بن ابي الوفا - الْمُتَقَدّم ذكره - عِنْد ذكر القَاضِي شمس الدّين العليمي وَسَأَلَهُ الحكم بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف فَحكم بِعَدَمِ اعادة الْكَنِيسَة الْمَذْكُورَة وبهدم الْبناء الْجَدِيد فهدم فِي الْحَال الْبناء الْجَدِيد وَبَعض الْقَدِيم وَلم يزل الْعَوام يهدمون حَتَّى نَهَاهُم القَاضِي واستمرت مهدومة الى يَوْمنَا هَذَا وَقد نقلت هَذِه الْحَادِثَة عَن الشَّيْخ ابي الوفا - الْمشَار اليه - من لَفظه وَمِنْهَا انه كَانَ النَّصَارَى بِبَيْت لحم احدثوا بِنَاء فِي الْكَنِيسَة وَورد مرسوم شرِيف بِالنّظرِ فِي ذَلِك فَتوجه نَائِب السلطنة وَشَيخ الصلاحية والقضاة والمشايخ والصوفية الى بَيت لحم وَسُئِلَ الْحَاكِم بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف فَحكم بهدم مَا استجد من الْبناء وَلم يخف فِي الله لومة لائم وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشري صفر سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ توجه جمَاعَة من الْفُقَرَاء والنائب وَهدم الْبناء فِي يَوْم(2/264)
الْأَحَد رَابِع ربيع الأول وَكَانَ يَوْمًا كثير الْمَطَر ثمَّ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جمادي الأولى توجه القَاضِي شمس الدّين الى كَنِيسَة قمامة وَهدم الدرابزين الْخشب المستجد بهَا وَنقل اخشابه الى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف بِالتَّكْبِيرِ والتهليل وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَمِنْهَا ان نَصْرَانِيّا من طَائِفَة الْحَبَش وَقع فِي حق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع اليه أمره واعترف عِنْده بِمَا صدر مِنْهُ فخوفه بعض النَّاس وَقَالَ لَهُ ان هَذِه الطَّائِفَة للدولة بهَا اعتناء ونخشى عَاقِبَة هَذَا من جِهَة السُّلْطَان فَلم يلْتَفت لذَلِك وَحكم بسفك دَمه وَضرب عُنُقه ثمَّ اخذه الْعَوام واحرقوه فِي صحن كَنِيسَة قمامة وَمِنْهَا انه كَانَ يُبَادر الى اطفال من يَمُوت من أهل الذِّمَّة وَيحكم باسلامهم على قَاعِدَة الْمَذْهَب فعارضه قَاض شَافِعِيّ بالقدس وَحكم لجَماعَة من أَوْلَاد الذِّمَّة ببقائهم على دينهم وتعارض الحكمان وَرفع الْأَمر للْملك الظَّاهِر جقمق وَاجْتمعَ بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية للنَّظَر فِي ذَلِك وَاتفقَ عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر على صِحَة الحكم بالاسلام وانه هُوَ الْمَعْمُول بِهِ وان مَا حكم بِهِ الشَّافِعِي غير صَحِيح وَطلب الْحَاكِم الشَّافِعِي للديار المصرية ورتب عَلَيْهِ التَّعْزِير وَمنع من الحكم بالقدس الشريف منعا مُؤَبَّدًا وَشرع أهل الذِّمَّة فِي الانتماء الى من لَهُ شَوْكَة من أَرْكَان الدولة لينقذهم من الحكم باسلام من مَاتَ من اولادهم فَلم يلْتَفت الى ذَلِك وَلم يزل مصمما على الحكم بذلك كلما رفع اليه الى ان لحق بِاللَّه تَعَالَى وَاسْتمرّ بالقدس الى ان عزل عَن الْقَضَاء فِي شهر جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وَورد عَلَيْهِ توقيع السُّلْطَان بِقَضَاء الرملة فَتوجه اليها فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس رَمَضَان واقام بهَا تِسْعَة وَخمسين يَوْمًا وَتُوفِّي بالطاعون بعد أَذَان الظّهْر من يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالدَّار الكائنة بداخل مَسْجِد شَيْخه الْعَلامَة شهَاب الدّين بن أرسلان رَضِي الله عَنهُ بحارة الباشقردي وَصلي عَلَيْهِ من يَوْمه بعد الْعَصْر بِجَامِع السُّوق وَدفن على بَاب الْجَامِع الْأَبْيَض(2/265)
ظَاهر مَدِينَة الرملة من جِهَة الغرب الى جَانب الحوش الملاصق لحائط الْجَامِع بِهِ قُبُور الْجَمَاعَة من الصَّالِحين وَيُقَال ان الحوش قبر الامام الْحَافِظ احْمَد النَّسَائِيّ صَاحب السّنَن فِي الحَدِيث وَكَانَت جنَازَته حافلة وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى صَلَاة الْغَائِب فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع ذِي الْقعدَة وَكثر التأسف عَلَيْهِ وَمن عَجِيب الِاتِّفَاق ان القَاضِي شمس الدّين العليمي الْحَنْبَلِيّ وَالْقَاضِي شمس الدّين المغراوي الْمَالِكِي - الْمُتَقَدّم ذكرهمَا - مولدهما فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَكَانَا قاضيين بِمَدِينَة الرملة ثمَّ صَارا قاضيين بالقدس الشريف وكل مِنْهُمَا ولي قضا صفد وتوفيا فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَلما توفّي المغراوي فِي نصف شعْبَان أخبر القَاضِي شمس الدّين العليمي ان القَاضِي الْمَالِكِي قد توفّي وَصلي عَلَيْهِ وَحمل الى ماملا فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله النَّاس الْيَوْم يَقُولُونَ توفّي القَاضِي الْمَالِكِي وَعَن قريب يَقُولُونَ توفّي الْحَنْبَلِيّ فَمَا مضى على ذَلِك إِلَّا دون عشرَة ايام وَورد عَلَيْهِ توقيع بِقَضَاء الرملة فَتوجه اليها فِي خَامِس رَمَضَان وَتُوفِّي رَابِع ذِي الْقعدَة بعد المغراوي بِنَحْوِ ثَمَانِينَ يَوْمًا رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وعوضه الْجنَّة والعمري نِسْبَة الى سيدنَا عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ والعليمي نِسْبَة الى سيدنَا ولي الله تَعَالَى عَليّ بن عليل الْمَشْهُور عِنْد النَّاس بعلي بن عليم وَالصَّحِيح انه عليل - بِاللَّامِ - كَذَا فِي نِسْبَة الثَّابِت (سلسلة النّسَب الْعمريّ) فلنذكر سلسلة النّسَب فِي هَذِه التَّرْجَمَة تبركا بهَا فَأَقُول هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن عِيسَى بن تَقِيّ الدّين عبد الْوَاحِد ابْن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن عبيد المجير بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عبد السَّلَام بن ابراهيم(2/266)
ابْن ابي الْفَيَّاض بن الشَّيْخ الرباني الْقدْوَة الْعَارِف أبي الْحسن عَليّ المدفون بشاطيء الْبَحْر المالح بساحل أرسوف صَاحب المناقب الْمَشْهُورَة والكرامات الظَّاهِرَة قدس الله روحه وَنور ضريحه ابْن الشَّيْخ عليل بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن ابْن السَّيِّد الْجَلِيل الزَّاهِد العابد الصوام القوام الصَّحَابِيّ عبد الله رَضِي الله عَنهُ ابْن مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب الْعَدوي الْقرشِي رَضِي الله عَنهُ وَعَن سَائِر أَصْحَاب رَسُول الله أَجْمَعِينَ وَهَذَا النّسَب ثَابت لهَذَا القَاضِي شمس الدّين الْمشَار اليه الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف مَحْكُوم بِهِ لَدَى قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين قَاضِي الْجَبَل ابْن قدامَة الْحَنْبَلِيّ بِالشَّام المحروس فِي شهور سنة سبعين وَسَبْعمائة رَحْمَة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ الشَّيْخ عمر بن اسماعيل الْحَنْبَلِيّ مؤدب الْأَطْفَال كَانَ رجلا صَالحا يحفظ الْقُرْآن ويؤدب الاطفال بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِالْمَكَانِ المجاور لجامع المغاربة من جِهَة الْقبْلَة وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه توفّي فِي شهر رَجَب سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين ابي حَاتِم عبد الْقَادِر بن شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد الْجَعْفَرِي النابلسي الْحَنْبَلِيّ ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَقيل احدى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بنابلس وَنَشَأ على طَريقَة حَسَنَة وَهُوَ من بَيت علم ورياسة سمع من جده وَابْن العلائي وَجَمَاعَة واشتغل بِالْعلمِ ودأب وَحصل وباشر الْقَضَاء بنابلس نِيَابَة ثمَّ وَليهَا اسْتِقْلَالا بعد الْأَرْبَعين والثمانمائة ثمَّ اضيف اليه قَضَاء الْقُدس الشريف بعد عزل القَاضِي شمس الدّين العليمي قبل الْخمسين والثمانمائة ثمَّ عزل من الْقُدس وَاسْتمرّ بنابلس ثمَّ بَاشر قَضَاء الْقُدس مرَّتَيْنِ عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين العليمي الاولى فِي شهور سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَالثَّانيَِة فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وكل مرّة يُقيم مُدَّة يسيرَة ثمَّ يُعَاد الى قَضَاء نابلس وَولي قَضَاء الرملة ونيابة الحكم بالديار المصرية(2/267)
وَكَانَ حسن السِّيرَة عفيفا فِي مُبَاشرَة الْقَضَاء مهيبا عندالناس وَكَانَ حسن الشكل منور الشيبة عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار ونورانية الْعلم وَالتَّقوى وَعمر ورزق الْأَوْلَاد وَالْحق الاحفاد بالاجداد ومتع بدنياه ثمَّ عزل عَن قَضَاء نابلس فِي أَوَاخِر عمره فَلم يلْتَفت اليه بعد ذَلِك وَاسْتمرّ الى أَن توفّي بنابلس فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشر شهر رَمَضَان سنة احدى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَله نَحْو تسعين سنة وَكَانَ لَهُ عدَّة أَوْلَاد أمثلهم قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين أَبُو الْفضل مُحَمَّد ولد سنة نَيف وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة دأب وَحصل وسافر الى الْبِلَاد واشتغل بِالْعلمِ واخذ عَن الْمَشَايِخ وَفضل وبرع فِي الْمَذْهَب وَأذن لَهُ الشَّيْخ عَلَاء الدّين المرداوي عَالم الْحَنَابِلَة فِي وقته ومصحح مَذْهَب الامام احْمَد ومنقحه بالافتاء والتدريس فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ اذن لَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن قندس أَيْضا فتميز وَصَارَ من ايعان الْحَنَابِلَة وافتى وناظر وَكَانَ عِنْده معرفَة بطرق الْأَحْكَام وباشر الْقَضَاء نِيَابَة عَن وَالِده بنابلس ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالديار المصرية عَن قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين الْكِنَانِي ثمَّ ولي قضا الْقُدس والرملة فِي شهر جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين العليمي - الْمُتَقَدّم ذكره - ثمَّ اضيف اليه بعد وَفَاته قَضَاء الرملة ثمَّ قَضَاء نابلس وعزل عَن الْقَضَاء فِي شهر شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين وَاسْتمرّ سنة كَامِلَة واعيد فِي سنة تسع وَسبعين ثمَّ عزل فِي جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَتوجه الى دمشق فَأَقَامَ بهَا نَحْو ثَلَاث سِنِين ثمَّ توجه الى ثغر دمياط وباشر بِهِ نِيَابَة الحكم ثمَّ سَافر من دمياط وَانْقطع خَبره وَلم يعلم مقره ثمَّ ورد الى الْقَاهِرَة خبر وَفَاته بِمَدِينَة الاسكندرية فِي شهرو سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَلم تعلم حَقِيقَة الْحَال فِي وَفَاته(2/268)
(ذكر مَا تيَسّر من أَسمَاء وَمن ولي النّظر والنيابة بالقدس الشريف) (وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام) وَلم استوعب اسماءهم وَلَا تراجمهم فَإِن ذَلِك تَطْوِيل لَا طائل تَحْتَهُ خُصُوصا حكام الشرطة من النواب لَيْسَ فِي الاعتناء بذكرهم كَبِير فَائِدَة وَإِنَّمَا أذكر من النظار والنواب من اشْتهر من أعيانهم وَمن عرف لَهُ فعل بر أَو مَعْرُوف فَأَقُول - وَالله الْمُوفق - الشَّيْخ الْقدْوَة مُوسَى بن غَانِم الْأنْصَارِيّ قَرَّرَهُ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب فِي مشيخة الْحرم بالقدس الشريف وَالنَّظَر عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّف فِي أوقافه وَرَأَيْت توقعيه بذلك وَعَلِيهِ عَلامَة السُّلْطَان الْحَمد لله على نعمائه وَقد قطع تَارِيخه وَلم أطلع للشَّيْخ مُوسَى على تَرْجَمَة وَلَا تارخ وَفَاة الْأَمِير حسام الدّين ساروج التركي اُحْدُ أُمَرَاء الْملك صَلَاح الدّين كَانَ دينا خيرا حسن السِّيرَة ولي أَمر بَيت الْمُقَدّس بعد الْفَتْح وَاسْتمرّ على ولَايَته الى حِين وُقُوع الْهُدْنَة بَين السُّلْطَان والافرنج فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة الْأَمِير عز الدّين جردبك اُحْدُ أُمَرَاء السُّلْطَان الْملك الْعَادِل نور الدّين الشَّهِيد كَانَ أَمِيرا مُعْتَبرا شجاعا واتصل بِخِدْمَة الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين وَكَانَ من اعيان جماعته فَلَمَّا حصل الصُّلْح بَين السُّلْطَان والافرنج بالهدنة فوض الى الْأَمِير جردبك ولَايَة الْقُدس الشريف بعد الْأَمِير حسام الدّين الْمَذْكُور قبله - فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَولي الْأَمِير علم الدّين قَيْصر أَعمال الْخَلِيل وعسقلان وغزة والداروم وَمَا رواءها وَذَلِكَ فِي السّنة الْمَذْكُورَة الْأَمِير سنقر الْكَبِير صَاحب الْقُدس كَانَ مُتَوَلِّيًا عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي فِي السّنة الْمَذْكُورَة(2/269)
وَاسْتقر بعده فِي الْقُدس الْأَمِير صارم الدّين قطلو مَمْلُوك عز الدّين فرخشاه ابْن شاهنشاه بن أَيُّوب الْأَمِير الاسفهلار عز الدّين سعيد السُّعَدَاء أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن عَليّ بن عبد الله الزنجيلي كَانَ مُتَوَلِّيًا على الْقُدس الشريف وَهُوَ الَّذِي عمر قبَّة الْمِعْرَاج بِصَحْنِ الصَّخْرَة الشَّرِيفَة فِي سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتقدم ذكر ذَلِك الْأَمِير حسام الدّين ابو سعيد عُثْمَان بن عبد الله العظمي مُتَوَلِّي الْقُدس الشريف وَهُوَ الَّذِي تولى عمَارَة قبَّة النحوية بِصَحْنِ الصَّخْرَة الشَّرِيفَة بِأَمْر الْملك الْمُعظم عِيسَى فِي سنة أَربع وسِتمِائَة الْأَمِير رشيد الدّين فرج بن عبد الله المعظمي مُتَوَلِّي بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي زمن الْملك الْمُعظم عِيسَى وَهُوَ الَّذِي تولى عمَارَة المنارة بمقام السَّيِّد يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام بقرية جلجول فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة الْأَمِير الْكَبِير عَلَاء الدّين الْأَعْمَى هُوَ أيدغدى بن عبد الله الصَّالِحِي النجمي كَانَ من أكَابِر الْأُمَرَاء فَلَمَّا أضرّ أَقَامَ بالقدس الشريف وَولي نظره فعمره وثمره وَكَانَ نَاظر الْحَرَمَيْنِ فِي أَيَّام الظَّاهِر بيبرس الى أَيَّام الْمَنْصُور قلاوون وَكَانَ مهيبا لَا تخَالف مراسيمه وَهُوَ الَّذِي بنى المطهرة قَرِيبا من الْمَسْجِد الشريف النَّبَوِيّ فَانْتَفع النَّاس بهَا فِي الْوضُوء وتيسيره أثابه الله تَعَالَى وانشأ بالقدس الشريف رِبَاطًا بِبَاب النَّاظر وآثارا حَسَنَة وبلط صحن الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَعمر المغلق بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على بَاب الْمَسْجِد الشريف الَّذِي بداخله الافران والطواحين وَهُوَ مَكَان من الْعَجَائِب يغلق عَلَيْهِ بَاب وَاحِد وَالْحَاصِل الَّذِي يوضع فِيهِ الْقَمْح وَالشعِير علوه وَكَانَ سماط الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي كل يَوْم خَمِيس كيالج قمحا وكيلجة عدسا فَمَا مَاتَ إِلَّا والسماط فِي كل يَوْم غِرَارَتَانِ قمحا وَهَذَا يعد من حسن سيرته وَطيب أَيَّامه وَكَانَ يُبَاشر الْأُمُور بِنَفسِهِ وَله حُرْمَة وافرة توفّي فِي شهر شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة وَدفن برباطه بِبَاب النَّاظر بالقدس(2/270)
الشريف وَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِدِمَشْق وَالدُّعَاء عِنْد قَبره مستجاب القَاضِي شرف الدّين عبد الرَّحْمَن بن الصاحب الْوَزير فَخر الدّين الخليلي نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين مَكَّة وَالْمَدينَة وحرمي الْقُدس والخليل وقفت على توقيعه بذلك من الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين مؤرخا فِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَهُوَ الَّذِي عمر مَنَارَة الغوانمة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَتقدم ذكر ذَلِك الْملك الأوحد نجم الدّين وسف بن الْملك النَّاصِر دَاوُد بن الْملك الْمُعظم عِيسَى ولي نظر الْقُدس والخليل فِي رَجَب سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وسِتمِائَة سمع من ابْن السّني وَغَيره وروى عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه وَسمع مِنْهُ البرزالي والمقاتلي والذهبي وقاضي الْقُدس تَاج الدّين ابو بكر بن الْكَمَال - الْمَذْكُور - صَحِيح البُخَارِيّ بِسَمَاعِهِ لَهُ على الْملك الأوحد بِسَمَاعِهِ على ابي السخاء بِسَنَدِهِ توفّي الْملك الأوحد لَيْلَة الثُّلَاثَاء الرَّابِع من ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة وَدفن برباطه الْمَعْرُوف بِالْمَدْرَسَةِ الأوحيدية بِبَاب حطة عَن سبعين سنة وَحضر جنَازَته خلق كثير وَكَانَ من خِيَار ابناء الْمُلُوك دينا وفضيلة وإحسانا الى الْفُضَلَاء الْأَمِير ركن الدّين منكورس الجاشنكير نَائِب السلطنة بقلعة الْقُدس الشريف توفّي فِي شعْبَان سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة وَدفن بماملا الْأَمِير نَاصِر الدّين مشد الْأَوْقَاف وطي نظر الْقُدس والخليل فِي الْمحرم سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة فعمر عمارات كَثِيرَة وَفتح فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشباكين اللَّذين عَن يَمِين الْمِحْرَاب وشماله وَعمل الرخام بصدر الْجَامِع الْأَقْصَى بمرسوم الْأَمِير تنكس نَائِب الشَّام فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة الْأَمِير الْكَبِير علم الدّين أَبُو سعيد سنجر بن عبد الله الجاولي الشَّافِعِي ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة بآمد ثمَّ صَار لأمير من الظَّاهِرِيَّة يُسمى الجاولي(2/271)
وانتقل بعد مَوته الى بَيت الْمَنْصُور وتنقلت بِهِ الاحوال الى ان صَار مقدما بِالشَّام وَفِي زمن المل النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون ولي نظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين والنيابة بالقدس الشريف وبلد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَولي نِيَابَة غَزَّة وَقبض عَلَيْهِ وامتحن ثمَّ اسْتَقر أَمِيرا مقدما بِمصْر ثمَّ ولي نِيَابَة حماه مُدَّة يسيرَة ثمَّ أُعِيد الى نِيَابَة غَزَّة ثمَّ عَاد الى مصر وَقد روى مُسْند الامام الشَّافِعِي عَن قَاضِي الشوبك اينال بن متكلمي وَحدث بِهِ غير مرّة ورتب مُسْند الشَّافِعِي ترتيبا حسنا وَشَرحه فِي مجلدات بمعاونة غَيره جمع بَين شرحيه لِابْنِ الاثير والرافعي وَزَاد عَلَيْهِمَا من شرح مُسلم للنووي وَبنى عِنْد مَسْجِد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْمَسْجِد الْمَعْرُوف بالجاولية - وَقد تقدم ذكره - وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن عمره من مَاله حِين كَانَ نَاظرا وَعمر جَامعا بغزة وخانقاه بِظَاهِر الْقَاهِرَة ومدرسة بالقدس الشريف وَهِي الَّتِي صَارَت فِي عصرنا مسكنا للنواب بالقدس الشريف ووقف اوقافا كَثِيرَة بغزة والخليل والقدس وَغَيرهَا وَكَانَ لَهُ معرفَة بِمذهب الشَّافِعِي وَكَانَ رجلا فَاضلا يستحضر كثيرا من نُصُوص الشَّافِعِي توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة خمس واربعين وَسَبْعمائة وَدفن بالخانقاه الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقَاهِرَةِ وَهِي عِنْد مَكَان يعرف بالكبش بِالْقربِ من جَامع ابْن طولون الْأَمِير ابو الْقَاسِم بن عُثْمَان بن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد التَّمِيمِي البصروي الْحَنَفِيّ أحد أُمَرَاء الطبلخانة ولي نابلس وَنظر الْقُدس والخليل وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة وَدفن بماملا الْأَمِير تمراز نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب السلطنة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة الْأَمِير قطلوبغا نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي دولة الْملك الأِشرف شعْبَان بن خسين فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ الَّذِي عمر مَنَارَة بَاب الاسباط(2/272)
الْأَمِير بدر الدّين حسن بن عماد الدّين العسكري نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب السلطنة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بهارد الْفَخر بن الظَّاهِر بن نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب السلطنة فِي دولة الْملك الظَّاهِر برقوق كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَفِي هَذِه السّنة عمر دكة المؤذنين بالصخرة الشَّرِيفَة - كَمَا تقدم - الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى بن بدر الدّين حسن نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة الْأَمِير بلوى الظَّاهِرِيّ نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب السلطنة وَهُوَ الَّذِي عمر الْمِحْرَاب والمسطبة الكائنة تَحت الشَّجَرَة الميس المحددة تجاه بَاب النَّاظر أحد ابواب الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَالسَّبَب فِي عمل السلسلة الْحَدِيد عَلَيْهَا! انها شَجَرَة عَظِيمَة وتفسخت اغاصنها فِي زمن الامير أركماس - الَّاتِي ذكره - فَجعل عَلَيْهَا السلسلة الْحَدِيد صِيَانة لَهَا من التفسخ ثمَّ فِي زمن الامير طوفان تفسخت فَزَاد عَلَيْهَا سلسلة ثَانِيَة فَصَارَت تعرف بالميسة المحددة الْأَمِير جانتمر الركني الظَّاهِرِيّ نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد اليغموري ولي نظر الْحَرَمَيْنِ ونيابة السلطنة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي دولة الْملك الظَّاهِر برقوق فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وأبطل المكوس والمظالم والرسوم الَّتِي أحدثها النواب قبله وَعمر الْحرم الشريف الخليلي ومقام السَّيِّد يُوسُف الصّديق وَتقدم ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمَة الْملك الظَّاهِر برقوق وَفِي ذكر الْمَسْجِد الشريف الخليلي الْأَمِير أصفهان بلاط نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة(2/273)
الْأَمِير زين الدّين عمر بن علم الدّين سُلَيْمَان الْمَشْهُور بِابْن الْعلم نِسْبَة لوالده وَكَانَ وَالِده يعرف بِابْن الْمُهَذّب ولي النِّيَابَة وَالنَّظَر بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَتُوفِّي قَتِيلا فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَمِمَّنْ ولي بعده الْأَمِير عَلَاء الدّين الكركي ثمَّ ولي شاهين المؤيدي وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن نَائِب الصبيبية نَاصِر الدّين مُحَمَّد ولي قلعة الصبيبية بعد وَالِده وَولي الحجوبية بِالشَّام غير مرّة وَولي نِيَابَة الْقُدس الشريف وَعمر بِهِ مدرسة على الْمَسْجِد بالصف الشمالي وَهِي مَشْهُورَة توفّي بِدِمَشْق بِخَط القبيبات فِي الْمحرم سنة تسع وثمامائة ثمَّ نقل الى الْقُدس بعد مُدَّة وَدفن بمدرسته الْمَذْكُورَة الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْعَطَّار نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر شَوَّال سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الْأَمِير شاهين الْمَشْهُور بالذباح نَائِب السلطنة بالقدس الشريف كَانَ اميرا مُعْتَبرا شجاعا وَسبب تَسْمِيَته بالذباح أَنه أمسك جمَاعَة من الْعَرَب وذبحهم عِنْد بَاب دَار النِّيَابَة بالقدس فَجرى الدَّم الى مَسَافَة بعيدَة لِكَثْرَة المذبوحين وَكَانَت ولَايَته فِي دولة الْملك الْأَشْرَف برسباي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والثمانمائة وَبعدهَا الْأَمِير سودون المغربي نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة الْأَمِير شاهين الشجاعي نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ولي بعد الْأَمِير سودون المغربي - الْمَذْكُور قبله - الْأَمِير شرف الدّين يحيى بن شلوه الْغَزِّي نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة الْأَمِير اركماس الجلباني ولي نظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونيابة السلطنة فِي دولة الْملك الْأَشْرَف برسباي بعد شرف الدّين بن شلوه - الْمَذْكُور قبله - وَكَانَ حَاكما(2/274)
مُعْتَبرا عمر الْأَوْقَاف ونماها وَصرف المعاليم وَاشْترى للْوَقْف مِمَّا أرصده من المَال جِهَات من الْقرى والمسقفات وَورد مرسوم السُّلْطَان بِصَرْف معاليم الْمُسْتَحقّين مِنْهَا وإرصاد مَا بَقِي لمصَالح الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَنقش ذَلِك برخامة والصقت بحائط الصَّخْرَة الشَّرِيفَة تجاه قبَّة الْمِعْرَاج فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل وَتُوفِّي فِي ثَالِث جمادي الْآخِرَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الْأَمِير حسن فجا نَاظر الْحرم الشريف ونائب السلطنة ولي بعد الْأَمِير أركماس وَكَانَ حَاكما مُعْتَبرا وَفِي أَيَّامه سرق مَال الْوَقْف الْمَوْضُوع بصندوق الصَّخْرَة الشَّرِيفَة واتهم بِهِ جمَاعَة من الخدام فَأَخذهُم الْأَمِير حسن فجا الى ديار دَار النِّيَابَة وَضرب بَعضهم بالمقارع وَحبس شيخ الْحرم جمال الدّين بن غَانِم وَكَانَت فتْنَة فَاحِشَة وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَبعدهَا الْأَمِير حسام الدّين ابو مُحَمَّد الْحسن بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن جمال الدّين عبد الله الشهير بالكشكلي الْحَنَفِيّ نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة كَانَ من الْأُمَرَاء المعتبرين عمر الْمدرسَة الحسنية الْمَعْرُوفَة بِهِ بِبَاب النَّاظر ووقف عَلَيْهَا اوقافا ورتب فِيهَا وظائف من التصوف وَغَيره وَكَانَت عمارتها فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وتاريخ وَقفهَا فِي الاول من شهر رَجَب سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي بالقدس الشريف بعد انْفِصَاله عَن النِّيَابَة وَالنَّظَر فِي خَامِس عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد الشَّيْخ ابي عبد الله الْقرشِي الْأَمِير طوغان العثماني نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَاشف الرملة ونابلس ومتولي الصَّلْت وعجلون واستادار الاغوار وَغير ذَلِك من التَّكَلُّم على الْجِهَات السُّلْطَانِيَّة جمع لَهُ بَين هَذِه الْوَظَائِف فِي دولة الْملك الْأَشْرَف برسباي فِي سنة اربعين وَثَمَانمِائَة وَبعدهَا فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق وَكَانَ من الْحُكَّام المعتبرين لَهُ محَاسِن كَثِيرَة بِبَيْت الْمُقَدّس من الْعِمَارَة وَإِقَامَة الْحُرْمَة(2/275)
وَلما توفيت زَوجته السِّت زهرَة جعل لَهَا مُصحفا شريفا يقْرَأ فِيهِ بالصخرة الشَّرِيفَة ودفنها على رَأس جبل طور زينا فِي قبَّة عمرها لَهَا بِالْقربِ من خروبة الْعشْرَة وعزل فِي سنة بضع واربعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي بغزة القَاضِي غرس الدّين خَلِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله السخاوي جليس الحضرة الشَّرِيفَة الظَّاهِرِيَّة ومشيرها مولده فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ صحب الْملك الظَّاهِر جقمق قبل السلطنة فَلَمَّا تسلطن قدمه وولاه نظر الْحَرَمَيْنِ فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث واربعين وَثَمَانمِائَة وأفردها عَن نظر الْأَمِير طوغان وَاسْتمرّ طوغان نَائِبا وَقدم السخاوي الْقُدس فِي مستهل ربيع الأول سنة ارْبَعْ واربعين هُوَ وَالْقَاضِي عَلَاء الدّين بن السائح وَقد ولي قَضَاء الشَّافِعِيَّة وَكَانَ دخولهما فِي يَوْم وَاحِد وكل مِنْهُمَا عَلَيْهِ خلعة السُّلْطَان بطرحه فعمر الاوقاف ورتب الْوَظَائِف وَأقَام نظام الْحَرَمَيْنِ وَفعل فيهمَا من الْخَيْر مَا لم يَفْعَله غَيره وَتقدم ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمَة الْملك الظَّاهِر جقمق ثمَّ توجه الى الْقَاهِرَة فَتوفي بهَا فِي إِحْدَى الجمادين سنة سبع واربعين وَثَمَانمِائَة الْأَمِير خشقدم نَائِب السلطنة بالقدس الشريف ولي النِّيَابَة فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق وباشر بشهامة فَحصل مِنْهُ عسف للرعية وجار عَلَيْهِم فَوَثَبَ أهل بَيت الْمُقَدّس عَلَيْهِ وَشَكَوْهُ للسُّلْطَان فَعَزله وَطلب الى الْقَاهِرَة ثمَّ بذل مَالا وَولي مرّة ثَانِيَة وَحضر من الْقَاهِرَة وَهُوَ يهدد أهل بَيت الْمُقَدّس ويوعدهم بِكُل سوء فَدخل فِي يَوْم الْخَمِيس الى الْقُدس وَحصل لَهُ توعك عقب دُخُوله فَمَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس الْآتِي وَلم يُمكنهُ الله من اُحْدُ من اهل بَيت الْمُقَدّس وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة فِي سنة نَيف وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَقد ولي نِيَابَة الْقُدس الشريف جمَاعَة وَبَعْضهمْ اضيف اليه النّظر قبل الثَّمَانمِائَة وَبعدهَا إِلَى نَحْو الاربعين اَوْ الْخمسين والثمانمائة فَمنهمْ أَحْمد الْحِمصِي وَأحمد الهيدباني وَحسن بن باكيش وعلاء الدّين يلبغا العلائي وَأحمد حيدر وَمُحَمّد الشريف وأمير حَاج بن مسندر وأمير عَليّ بن(2/276)
الْحَاجِب وجركس وكتبغاء الرماح وَصدقَة بن الطَّوِيل ومنكلي بغا وَيُونُس الرماح وَشَعْبَان بن اليغموري فِي دولة الْملك الْمُؤَيد شيخ وَعمر بن الطعان من الْملك الْمُؤَيد أَيْضا ويلبغا من الْملك الْمُؤَيد وخَالِد من الْملك الْمُؤَيد والياس ويلباي وَأَبُو يزِيد وقحقار ومغلباي وسودون الجاموس وَيَعْقُوب شاه وطيبغا وَأحمد بن بكتمر وَمُحَمّد بن مقبل واينال الزحبي واقبغا الهندباني وخليل بن الْحَاجِب وقرايغا وقوزي وبرسباي وَعلي بن قرا ويشبك طاز وَغَيرهم وقدتقدم فِي اول الْفَصْل أنني لم الْتزم استعيابهم وَلَا أذكر اخبارهم لعدم الْفَائِدَة فِي ذَلِك الْأَمِير تمراز المصارع نَائِب السلطنة كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي زمن الْملك الظَّاهِر جقمق فِي عصر القَاضِي أَمِين الدّين عبد الرحمان بن الديري نَاظر الْحرم الشريف وَوَقع بَينهمَا فتْنَة اتَّصل أمرهَا بالسلطان وَطلب النّظر الى الْقَاهِرَة وَكَانَ ذَلِك بعد الْخمسين والثمانمائة الْأَمِير مبارك شاه نَائِب الْقُدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق فِي سنة نَيف وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ حَاكما مُعْتَبرا وَتقدم ذكر مَا وَقع لَهُ مَعَ القَاضِي شرف الدّين عِيسَى الْمَالِكِي فِي تَرْجَمته وَهُوَ وَالِد الْأَمِير أَحْمد بن مبارك شاه الَّذِي ولي النِّيَابَة فِيمَا بعد كَمَا سَنذكرُهُ فِي تَرْجَمَة الْملك الْأَشْرَف قايتباي إِن شَاءَ الله تَعَالَى القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن الصّلاح مُحَمَّد الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الاديب المنشي البليغ النَّحْوِيّ الناطم الناثر الفضال مولده فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بَاشر التوقيع بديوان الانشاء بالديار المصرية ثمَّ ولي فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق نظر الْقُدس والخليل فِي جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَقدم الْقُدس فعمره وَفِي أَيَّامه أنعم الْملك الظَّاهِر على جِهَة الْوَقْف بمبلغ الفي دِينَار وَخَمْسمِائة دِينَار وَمِائَة(2/277)
وَعشْرين قِنْطَارًا من الرصاص برسم الْعِمَارَة وَتُوفِّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن محَاسِن النابلسي ولي النّظر فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَلم تطل مدَّته وعزل بعد محن حصلت عَلَيْهِ ثمَّ استوطن مَكَّة دهرا طَويلا إِلَى أَن توفّي بهَا بعد السّبْعين والثمانمائة الْأَمِير فَارس العثماني نَائِب السلطنة بالقدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة الْأَمِير اسنبغا الكلفكي ولي نظر الْحَرَمَيْنِ ونيابة السلطنة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي أَوَاخِر دولة الْملك الظَّاهِر جقمق وَدخل متسلمة الى الْقُدس الشريف فِي نَهَار الْخَمِيس سلخ ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَفِي يَوْم الاحد مستهل صفر سنة سبع وخمين دخل وَلَده نَاصِر الدّين مُحَمَّد الى الْقُدس بخلعة السُّلْطَان وَقُرِئَ مرسوم السُّلْطَان لوالده باستقراره فِي النِّيَابَة وَالنَّظَر ومرسوم الْملك الْمَنْصُور عُثْمَان بن الْملك الظَّاهِر جقمق بالاعلام بِأَن وَالِده خلع نَفسه من الْملك وَأَنه اسْتَقر هُوَ فِي الْملك فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشري الْمحرم سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ دخل الامير اسنبغا الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل ربيع الاول يخلعة السُّلْطَان بالنيابة وَالنَّظَر وَقُرِئَ توقيعه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف فَلم تطل مدَّته وعزل بعد اربعين يَوْمًا فِي أول دولة الْملك الْأَشْرَف اينال وَاسْتقر فِي النِّيَابَة الْأَمِير حسن بن أَيُّوب وَدخل متسلمة بن أَخِيه عِيسَى بن ايوب الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر ربيع الآخر وَاسْتقر الامير عز الدّين عبد الْعَزِيز بن المعلاق الْعِرَاقِيّ فِي النّظر وَدخل وَلَده حسن متسلمه صُحْبَة النَّائِب الْأَمِير حسن بن أَيُّوب فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشر ربيع الآخر ثمَّ دخل النَّاظر الى الْقُدس فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري ربيع الآخر سنة(2/278)
سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَفِي أَيَّامه أنعم الْملك الْأَشْرَف اينال على جِهَة الْوَقْف بِأَلف ومائتي اردب قَمح الْقيمَة عَنْهَا أَرْبَعَة آلَاف دِينَار وَثَمَانِية دَنَانِير وَاسْتمرّ نَاظرا الى أَن توفّي الْملك الْأَشْرَف إينال فِي سنة خمس وَسِتِّينَ فَإِنَّهُ كَانَ خصيصا بِهِ وَله عِنْده وجاهة وَقد عمر الاوقاف وَصرف المعاليم كَامِلَة وَكَانَت مُبَاشَرَته حسنه فَلَمَّا توفّي الاشرف اينال حصل لَهُ من الظَّاهِر خشقدم محنة وصادره وعزله وَاسْتمرّ معزولا مُقيما بِبَلَد الرملة الى أَن توفّي بهَا بعد السّبْعين والثمانمائة وَأما الْأَمِير حسن بن أَيُّوب فَإِنَّهُ وَقع لَهُ الْعَزْل وبالولاية من النِّيَابَة مَرَّات إِلَى آخر دولة الظَّاهِر خشقدم وَأول ولَايَة الْملك الْأَشْرَف قايتباي وَولي الكرك وعزل مِنْهَا وَآخر أمره انه اسْتمرّ معزولا بالقدس إِلَى أَن توفّي فِي يَوْم السبت عشري جمادي الْآخِرَة سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الْأَمِير قانصوه ولي نِيَابَة الْقُدس عوضا عَن الْأَمِير حسن بن ايوب فِي دولة الْملك الْأَشْرَف اينال وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر ربيع الآخر سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي يَوْم دُخُوله بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وعزل بِسُرْعَة واعيد ابْن ايوب وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم السبت تَاسِع عشر جمادي الْآخِرَة من السّنة الْمَذْكُورَة الامير اياس البجاسي ولي نِيَابَة الْقُدس الشريف عوضا عَن الْأَمِير حسن ابْن ايوب وَدخل متسلمه الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ فِي دولة الْملك الْأَشْرَف اينال طلب الامير حسن الى الْقَاهِرَة وامتحن من السُّلْطَان بِالضَّرْبِ وعزل اياس بعدمدة يسيرَة نَحْو الشَّهْر وَولي الامير شاه بكر مَنْصُور بن شَهْري وَدخل متسلمة الى الْقُدس فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر ربيع الأول وَدخل هُوَ الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ربيع الآخر وعزل فِي شهر رَجَب وَولي الامير حسن بن أَيُّوب الْأَمِير ابو بكر امشهور بميزه اصله من بلادالمشرق يُقَال أَنه من الرها(2/279)
ولي نِيَابَة الْقُدس الشريف فِي دولة الْملك الظَّاهِر خشقدم وَدخل الى الْقُدس يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع ذِي الْقعدَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَالسَّبَب فِي تلقيبه بميزه أَنه كَانَ لما يحضر الْخصم بَين يَدَيْهِ من ارباب الجرائم وَغَيرهم يُشِير الى اعوانه وَيَقُول ميزه يُرِيد بذلك ابراز الْخصم من بَين النَّاس ليتميز عَن غَيره وَأقَام مرّة فِي النِّيَابَة نَحْو سنة وعزل وتنقلت بِهِ الاحوال بعد ذَلِك وَصَارَ تأجرا بسوق الرميلة بِالْقَاهِرَةِ وَبَقِي الى بعد الثَّمَانِينَ والثمانمائة الْأَمِير ثغرى بردى وَالِي قطيا ولي النِّيَابَة بالقدس وَكَانَ يُقَال لَهُ أَبُو الْقُرُون وَسبب ذَلِك أَنه كَانَ يلبس الْعِمَامَة على طَريقَة أُمَرَاء مصر وَلم يعْهَد لَك قبله بِبَيْت الْمُقَدّس فَظهر هَذَا اللقب عَلَيْهِ وَكَانَ يدق الكؤس فِي الطبلخانة فِي كل لَيْلَة على عَادَة الامراء بِمصْر وَغَيرهَا وَلم تجر بذلك عَادَة قبله بالقدس الشريف لم تطل مدَّته وعزل فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَولي بعده الْأَمِير حسن بن أَيُّوب وَاسْتمرّ فِي النِّيَابَة الى أول دولة الْملك الاشرف قايتباي وَسَنذكر من ولي النِّيَابَة بعده الى آخر وَقت فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان إِن شَاءَ الله تَعَالَى الامير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْهمام الشَّافِعِي كَانَ من اعيان بَيت الْمُقَدّس اسْتَقر فِي نظر الْحَرَمَيْنِ بعد عزل الامير عبد الْعَزِيز بن المعلاق الْعِرَاقِيّ فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسِتِّينَ وثمامائة وَفِي أَيَّامه انْعمْ السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر خشقدم فِي جِهَة الْوَقْف بستين غرارة من الْقَمْح الْقيمَة عَنْهَا ثَمَانمِائَة واربعون دِينَارا ثمَّ طلب الى الْقَاهِرَة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الاول سنة تسع وَسِتِّينَ عزل من النّظر وَاسْتمرّ معزولا الى أَن توفّي فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا وَكَانَ شكلا حسنا وَعِنْده تواضع مَعَ حشمة الزَّائِدَة الْأَمِير حسن بن ططر الظَّاهِرِيّ دويدار تمر نَائِب الشَّام ولي نظر الْحَرَمَيْنِ وعزل الْأَمِير نَاصِر الدّين بن الْهمام وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ فِي النّظر الى أول دولة الْملك الْأَشْرَف قايتباي وعزل وَلم يتول بعد ذَلِك إِلَى أَن توفّي قبل الثَّمَانِينَ والثمانمائة وَسَنذكر من ولي النّظر بعده فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان الْمشَار اليه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَتقدم ذكر القَاضِي أَمِين الدّين عبد الرَّحْمَن بن الديري الْحَنَفِيّ نَاظر الْحَرَمَيْنِ عِنْد ذكر فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة لكَونه من أهل الْعلم الشريف وَتقدم ذكر الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن خير بك نَاظر الْحَرَمَيْنِ عِنْد ذكر قبَّة القيمرية وَتقدم عِنْد ذكر القلعة مَا كَانَ لَهَا من النظام فِي نيابتها وتلاشي احوالها فِي عصرنا وَقد ذكرت وَاحِدًا من نوابها فِي هَذَا الْفَصْل وَمِمَّنْ ادركناه من نواب القلعة بدر الدّين حسن بن حشيم الْمَشْهُور بِابْن شمص وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد أسن وَله همة ومروءة زَائِدَة ووفاته فِي سنة بضع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وبوفاته اخْتَلَّ نظام القلعة وَكَانَ بالقدس الشريف - فِيمَا تقدم - أَمِير حَاجِب على عَادَة غَيره من الْبِلَاد وَكَانَ يحكم بَين النَّاس وَيرْفَع اليه الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بأرباب الجرائم وَغَيرهَا مِمَّا يرفع الى حكام الشرطة وَكَانَ جملَة من وَليهَا الْأَمِير شاهين الْحَاجِب ثمَّ ولي بعده جمَاعَة مِنْهُم شهَاب الدّين أَحْمد بن شرف الدّين مُوسَى بن الْعلم وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة ثمَّ ولي بعده وَلَده نَاصِر الدّين مُحَمَّد التركماني وَتُوفِّي فِي رجيب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ ولي القَاضِي نَاصِر الدّين صرر العلمي - الْمُتَقَدّم ذكره عِنْد فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة - وَكَانَ فِي سلطنة الْملك الظَّاهِر جقمق ثمَّ لما ترك الامرة واشتغل بِالْعلمِ وَصَارَ من طَائِفَة الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَليهَا وَلَده عمر واقام نظامها مُدَّة فِي سلطنة الْأَشْرَف اينال ثمَّ بَطل هَذَا الْأَمر واختص الحكم(2/280)
بنواب الْقُدس من نَحْو السِّتين والثمانمائة وَكَانَ فِي الزَّمن السالف تَوْلِيَة النِّيَابَة وَالنَّظَر من نواب الشَّام وَلم يزل الْأَمر على ذَلِك إِلَى نَحْو الثَّمَانمِائَة ثمَّ عَاد الْأَمر من السُّلْطَان بالديار المصرية وَهُوَ مُسْتَمر على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا وَالله التَّوْفِيق (ذكر تَرْجَمَة ملك الْعَصْر مَوْلَانَا الْمقَام الْأَشْرَف الامام الْأَعْظَم السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف سُلْطَان الاسلام وَالْمُسْلِمين محيي الْعدْل فِي الْعَالمين منصف المظلومين من الظاملين قَاتل الْكَفَرَة وَالْمُشْرِكين مبيد الطغاة والمارقين جَامع كلمة الايمان قامع الظُّلم والعدوان ظلّ الله الوارف وَرَحمته السابغة للبادي والعاكف وناصر دينه الَّذِي قطعت الآراء بتفضيله وَلَا مُخَالف ملك البرين والبحرين خَادِم الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَسْجِد الْخَلِيل النيرين هُوَ سيف الدّين أَبُو النَّصْر قايتباي ابْن عبد الله الظَّاهِرِيّ نِسْبَة الى الْملك الظَّاهِر جقمق رَحمَه الله وَنصر الله مَوْلَانَا السُّلْطَان - الْمشَار اليه - نصرا عَزِيزًا وَفتح لَهُ فتحا مُبينًا) مولده فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدخل الى الديار المصرية فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فِي سلطنة الْملك الْأَشْرَف برسباي وَكَانَ من مماليكه ثمَّ انْتقل الى الْملك الظَّاهِر جقمق فَأعْتقهُ فنسب اليه ثمَّ رَفعه الله وساد على أقرانه الى ان ملكه الله الأَرْض وبويع لَهُ بالسلطنة بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المستنجد بِاللَّه ابي المظفر يُوسُف بن مُحَمَّد العباسي تغمده الله برحمته وقضاة الْقُضَاة ذَوي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة بالديار المصرية وهم قَاضِي الْقُضَاة ولي الدّين أَبُو الْفضل أَحْمد الأسيوطي الشَّافِعِي وقاضي الْقُضَاة محب الدّين أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن الشّحْنَة الْحَنَفِيّ وقاضي الْقُضَاة حسام الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الْمَالِكِي الْمَشْهُور بِابْن حريز وقاضي الْقُضَاة عز الدّين أَبُو البركات أَحْمد الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الْحَنْبَلِيّ وأركان الدولة من الامراء والوزراء وَأَصْحَاب الْحل وَالْعقل فَكَانَ الْمُتَوَلِي لاسترعاء الْبيعَة لَهُ القَاضِي زين الدّين أَبُو بكر بن مزهر الانصاري الشَّافِعِي صَاحب ديوَان الانشاء الشريف بعد خلع الْملك الظَّاهِر تمربغا وَالْقَبْض عَلَيْهِ وَجلسَ على سَرِير الْملك الْأَشْرَف فِي بكرَة يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس شهر رَجَب الْفَرد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة فنشر الْعدْل فِي الرّعية وَاطْمَأَنَّ النَّاس بولايته وزين بَيت الْمُقَدّس ودقت بِهِ البشائرعند وُرُود الْخَبَر بسلطنته وَكَانَ فِي ذَلِك التَّارِيخ نَاظر الْحَرَمَيْنِ بالقدس الشريف والخليل الْأَمِير حسن بن ططر الظَّاهِرِيّ ونائب السلطنة بهما الْأَمِير حسن بن ايوب وَشَيخ الصلاحية وقاضي الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة شيخ الاسلام نجم الدّين أَبُو الْبَقَاء مُحَمَّد بن جمَاعَة وقاضي الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة جمال الدّين أَبُو الْعَزْم عبد الله بن الديري وقاضي الْقُضَاة الْمَالِكِيَّة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد المعزاوي وقاضي الْقُضَاة الحنبلية شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد العليمي وَتقدم ذكرهم فِي تراجمهم فَفِي السّنة الْمَذْكُورَة وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين عقب سلطنته برز مرس 3 وم شرِيف بالافراج عَن الْأُمَرَاء المقمين بالقدس الشريف من زمن الْملك الظَّاهِر خشقدم وهم بيبرس خَال الْعَزِيز وبيبرس الطَّوِيل وجائي بك المشد وَغَيرهم وتوجههم الى الديار المصرية فتوجهوا الى أَن وصلوا بِالْقربِ من الْقَاهِرَة فرسم بعودهم الى الْقُدس الشريف فعادوا على مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَحضر أَيْضا الى الْقُدس الشريف جمَاعَة من الامراء الَّذين أَمر باخراجهم من الْقَاهِرَة مِنْهُم الْأَمِير يشبك الْفَقِيه الدوادار الْكَبِير وجائي بك كوهية الدوادار الثَّانِي ومغلباي الْمُحْتَسب وَغَيرهم فَمنهمْ من أَقَامَ بالقدس الى ان توفّي وَمِنْهُم من أفرج عَنهُ وَتوجه بعد ذَلِك من الْقُدس الشريف وفيهَا - أَعنِي السّنة الْمَذْكُورَة - اسْتَقر الْأَمِير برد بك التاجي فِي وَظِيفَة نظر الْحَرَمَيْنِ عوضا عَن حسن الظَّاهِرِيّ وَاسْتقر الْأَمِير مرداش العثماني فِي نِيَابَة السلطنة الشَّرِيفَة عوضا عَن الْأَمِير حسن بن أَيُّوب وَدخل كل مِنْهُمَا الى الْقُدس(2/282)
وَاسْتقر قَاضِي الْقُضَاة غرس الدّين ابو الصَّفَا خَلِيل بن عبد الله الْكِنَانِي الشَّافِعِي أَخُو الشَّيْخ ابي الْعَبَّاس الْوَاعِظ فِي مشيخة الصلاحية وَقَضَاء الشَّافِعِيَّة عوضا عَن الشَّيْخ نجم الدّين بن جمَاعَة وَدخل الى الْقُدس فِي ذِي الْقعدَة ثمَّ اضيف اليه قَضَاء بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام والرملة وَكَانَ الْملك الظَّاهِر خشقدم قد شرع فِي عمَارَة الْعين الْوَاصِلَة من العروب الى الْقُدس الشريف وَمَات وَهِي محتاجة إِلَى إِكْمَال الْعِمَارَة فَلَمَّا ولي بعده الْملك الظَّاهِر يلباي ثمَّ الْملك الظَّاهِر تمر بغا رسم كل مِنْهُمَا بإكمال الْعِمَارَة فَلم تطل مُدَّة وَاحِد مِنْهُمَا فَكتب اهل بَيت الْمُقَدّس من الْمَشَايِخ والقضاة والاعيان استدعاء للسُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف يتَضَمَّن سُؤال صدقاته فِي إِكْمَال عِمَارَته فبرز مرسومه الشريف بذلك فعمرت وَوصل المَاء الى الْقُدس وأعيد الْجَواب للسُّلْطَان بذلك وَكَانَ الْأَمِير حسن الظَّاهِرِيّ النَّاظر قد عمر مدرسة للْملك الظَّاهِر خشقدم على ظهر الرواق المجاور لمنارة بَاب السلسلة من جِهَة الشمَال وَكَانَ الْمصرف من مَال الْأَمِير حسن فَتوفي الظَّاهِر خشقدم بعد إِكْمَال عقودها وَقبل انْتِهَاء أمرهَا من القصارة وَعمل الابواب الْخشب فَلَمَّا عزل الْأَمِير حسن من النّظر وَتوجه الى الديار المصرية انهى للسُّلْطَان انه عمر الْمدرسَة من مَاله وَهِي بَاقِيَة على ملكه وَسَأَلَ السُّلْطَان فِي قبُولهَا وَأَن تكون منسوبة اليه فقبلها مِنْهُ وَكتب اسْمه على بَابهَا وَكَانَ بناؤها على حكم الْمدَارِس الْمَوْجُودَة بِالْمَسْجِدِ ويتوصل اليها من الْبَاب الَّذِي يصعد مِنْهُ الى المنارة وَكَانَت عمارتها على هَيْئَة عمائر مدارس الْقُدس لَيْسَ فِيهَا كَبِير امْر فَإِنَّهَا كَانَت تشْتَمل على مجمع وطارقة وخلوة للشَّيْخ على ظهر رواق الْمَسْجِد ويقابل ذَلِك من جِهَة الغرب ساحة على ظهر ايوان الْمدرسَة البلدية وفيهَا بعض خلاوي وَكَانَ السّلم المتوصل مِنْهُ اليها وَإِلَى المنارة ضيقا عسرا وَكَانَ الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري الشَّافِعِي قد تعين لمشيختها من زمن الْملك الظَّاهِر(2/284)
خشقدم فَلَمَّا آل أمرهَا الى مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف اسْتمرّ على مَا هُوَ عَلَيْهِ ثمَّ كَانَ من الْأَمر مَا سَنذكرُهُ فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وفيهَا احْتبسَ الْمَطَر بِبَيْت الْمُقَدّس حَتَّى دخل أَكثر الشتَاء وَحصل للنَّاس شدَّة من قلَّة المَاء ثمَّ حصل الغلاء الْعَظِيم فِي جَمِيع المملكة وَاشْتَدَّ الْأَمر بِبَيْت الْمُقَدّس وَقلت الأقوات مِنْهُ وَوصل سعر الْقَمْح كل مد بِدِينَار وَالشعِير كل مد بِعشْرين درهما وَوَقع الغلاء فِي كل الاصناف من الْأرز وَالزَّيْت والبصل وَغير ذَلِك حَتَّى فِي الخضروات وضج النَّاس الى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفيهَا كثرت الْفِتَن بَين نَاظر الْحَرَمَيْنِ بردبك التاجي ونائب السلطنة دمرداش العثماني وَوَقع الْخلف بَينهمَا وَكثر القيل والقال وانْتهى الْحَال الى أَن نَاظر الْحَرَمَيْنِ كَانَ يظاهر الْبَلَد عِنْد بركَة السُّلْطَان وَكَانَت قتاة السَّبِيل هُنَاكَ محتاجة الى عمَارَة وَقد شرع الصناع فِي الْعَمَل فِيهَا فَخرج النَّاظر للاشراف عَلَيْهِم وَهُوَ فِي جمع قَلِيل من حَاشِيَته فَسلط النَّائِب جمَاعَة من أعوانه فَخَرجُوا الى النَّاظر على بَغْتَة وضربوه ضربا مؤلما واغلظوا عَلَيْهِ وشتموه وأفحشوا لَهُ فِي القَوْل فاقيمت النائرة لذَلِك وَوصل المستنفرون إِلَى دَاخل الْمَدِينَة فبادر قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ جمال الدّين بن عبد الله الديري وَركب مَعَه جمَاعَة الى ظَاهر الْبَلَد وَدخل النَّاظر الى الْمَدِينَة على هَيْئَة قبيحة مِمَّا حصل فِي حَقه وَعقد بِالْمَسْجِدِ مَجْلِسا فَكتب مَا وَقع وجهز الى السُّلْطَان فَحَضَرَ من الْقَاهِرَة خاصكي بالكشف على ذَلِك وَبَقِي بعض أهل الْقُدس فِي جِهَة النَّاظر وَبَعْضهمْ فِي جِهَة النَّائِب وَاشْتَدَّ الْأَمر فِي وُقُوع الْفِتَن وَالِاخْتِلَاف بَين الأكابر وَحصل للْقَاضِي الْحَنَفِيّ ضَرَر لكَونه ركب الى ظَاهر الْبَلَد فِي يَوْم ضرب النَّاظر وَغرم مَالا بِسَبَب ذَلِك ثمَّ حصل الْخلَل فِي نظام الوقفين المبرورين بالقدس والخليل لسوء تَدْبِير النَّاظر بردبك التاجي وَعدم توفيقه وتلاشت الاحوال وفحشت وَكَثُرت المناحس من السراق وقطاع الطَّرِيق(2/285)
وفيهَا اسْتَقر القَاضِي كَمَال الدّين النابلسي الْحَنْبَلِيّ فِي قَضَاء الْحَنَابِلَة بالقدس الشريف والرملة عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين العليمي وَتقدم ذكر ذَلِك وَكتب توقيعه فِي ثَانِي جمادي الأولى وَدخل الى الْقُدس فِي أَوَاخِر جمادي الْآخِرَة وفيهَا اهتم الْأَمِير بردبك التاجي نَاظر الْحَرَمَيْنِ بإكمال عمَارَة الْمدرسَة الَّتِي نسبت للسُّلْطَان - كَمَا تقدم - وَعمل لَهَا الْأَبْوَاب وفرشت بالبسط وَجلسَ الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري فِيهَا بعد صَلَاة الْجُمُعَة فِي شهر رَجَب وَحضر مَعَه الْقَضَاء وَالْعُلَمَاء بالمجمع وَعمل درسا تكلم فِيهِ على قَوْله تَعَالَى إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ثمَّ عمل نَاظر الْحَرَمَيْنِ سماطا من الْحَلْوَى السكب وَأطْعم الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وفيهَا توفّي القَاضِي شمس الدّين المغراوي الْمَالِكِي قَاضِي الْقُدس الشريف فِي نصف شهر شعْبَان وَتقدم ذكر ذَلِك فِي تَرْجمهُ وفيهَا وَقع الوباء بالطاعون فِي جَمِيع المملكة وَدخل الى بَيت الْمُقَدّس فِي أَوَائِل شهر ذِي الْقعدَة وَاشْتَدَّ أمره وَكثر من الْعشْر الثَّالِث من ذِي الْقعدَة إِلَى أَوَاخِر ذِي الْحجَّة وَفِي لَيْلَة عيدالأضحى غسل الْأَمْوَات فِي اللَّيْل وحملوا وَقت الْقبْح الى صحن الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَصلي عَلَيْهِم عقب صَلَاة الصُّبْح وحملوا الى التربة قبل صَلَاة الْعِيد وَكَانَت سنة شَدِيدَة لما حصل فِيهَا من الحدب والغلا والوبا والفتن وَالْخلف بَين الْحُكَّام والاكابر وَحُصُول المحن فسبحان من يتَصَرَّف فِي عباده بِمَا يَشَاء وفيهَا توجه الْأَمِير بردبك التاجي نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين من الْقُدس الشريف الى الديار المصرية وَهُوَ مُسْتَمر على الأولاية واستناب عَنهُ فِي النّظر القَاضِي فَخر الدّين ابْن نسيبة الخزرجي وَلم يقدر لَهُ بعد ذَلِك الرُّجُوع الى الْقُدس الشريف إِلَى أَن انْفَصل من النّظر ثمَّ دخلت سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا سير السُّلْطَان الْأَمِير نَاصِر الدّين(2/286)
مُحَمَّد النشاشيبي أحد الخزندارية بالخدم الشَّرِيفَة لكشف أوقاف الْحَرَمَيْنِ الشريفين بالقدس والخليل وتحرير أَمرهمَا واصلاح مَا اخْتَلَّ من نظامهما فِي أَيَّام الْأَمِير بردبك التاجي فَحَضَرَ الى الْقُدس وَدخل بخلعة السُّلْطَان وَنظر فِي مصَالح الْأَوْقَاف وَعمر الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَصرف المعاليم وباشر تَدْبِير الْأُمُور حَتَّى صلح مِنْهَا مَا فسد فِي زمن بردبك التاجي وتراجعت أَحْوَال بَيت الْمُقَدّس الى الْخَيْر وَحصل الرخا وتباشر النَّاس بالفرج بعد الشدَّة وَكَانَت الْعين الْوَاصِلَة الى الْقُدس قد قطعت فَدخلت الى الْقُدس فِي شهر جمادي الْآخِرَة وتباشر النَّاس بذلك وعد ذَلِك من بركَة الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي ونقشت رخامة بذلك والصقت بِالْحَائِطِ الْكَائِن عِنْد درج الْعين بجوار التربة الجالقية وفيهَا اسْتَقر القَاضِي حميد الدّين أَبُو حَامِد الْمَالِكِي فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَدخل الى الْقُدس فِي شهر رَجَب وَتقدم ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمته وفيهَا اسْتَقر الْأَمِير يُوسُف الجمالي الْمَشْهُور بِابْن فطيس خازندارجا ثمَّ نَائِب الشَّام فِي نِيَابَة السلطنة بالقدس الشريف عوضا عَن دمرداش العثماني وَدخل اليه فِي شهر شَوَّال فِي يَوْم خُرُوج الْحجَّاج وَكَانَ دُخُوله بعد الظّهْر وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي توفّي فِيهِ الشَّيْخ برهَان الدّين أَبُو الوفا ثمَّ توجه الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي الى الابواب الشَّرِيفَة فِي أَوَاخِر السّنة وفيهَا - فِي شهر رَمَضَان - اسْتَقر القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم بن القَاضِي شهَاب الدّين التَّمِيمِي الشَّافِعِي فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام عوضا عَن شيخ الصلاحية القَاضِي غرس الدّين خَلِيل الْكِنَانِي ورسم بابطال مَا كتب للْقَاضِي أَبُو حَامِد الْمَالِكِي من قُضَاة الْمَالِكِيَّة بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ دخلت سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وفيهَا اسْتَقر الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد ابْن النشاشيبي فِي نظر الْحَرَمَيْنِ بالقدس والخليل اسْتِقْلَالا وَدخل الى الْقُدس الشريف(2/287)
فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشري الْمحرم وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَقُرِئَ توقيعه بعد صَلَاة الْجُمُعَة وأوقد الْمَسْجِد فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَشرع فِي عمَارَة الاوقاف وَصلح حَال سماط سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وباشر بعفة وشهامة وَحصل للْأَرْض المقدسة الْجمال بِوُجُودِهِ وَكَانَ يكثر من مجالسة الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء وَيحسن اليهم ويتلقاهم بالبشر وَالْقَبُول فعطف النَّاس عَلَيْهِ وابتهجوا بِهِ وفيهَا - فِي شهر شعْبَان - ورد مرسوم شرِيف بعزل القَاضِي جمال الدّين الديري - من قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف - وَتعين للولاية القَاضِي خير الدّين ابْن عمرَان (وَاقعَة أخي الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس) وفيهَا - فِي يَوْم السبت عَاشر شهر رَمَضَان - دخل الى الْقُدس الشريف القَاضِي شرف الدّين مُوسَى الانصاري وَكيل الْمقَام الشريف وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ الجوهرية بِخَط بَاب الْحَدِيد فَحَضَرَ عِنْده القَاضِي غرس الدّين خَلِيل الْكِنَانِي أَخُو الشَّيْخ ابي الْعَبَّاس الْوَاعِظ وَهُوَ شيخ الصلاحية وقاضي الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة للسلام عَلَيْهِ فصادف حُضُوره عِنْده حُضُور الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري الْوَاعِظ فقصد الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري الْجُلُوس فَوق القَاضِي وَكَانَ غَلطا مِنْهُ لِأَن القَاضِي كَانَ شيخ الصلاحية وَالشَّيْخ شهَاب الدّين من المعيدين عِنْده ورتبته لَا تَقْتَضِي الْجُلُوس فَوْقه فَحصل بَينهمَا تشاجر وفحش القَوْل فَكَانَ من جملَة كَلَام الشَّيْخ شهَاب الدّين للْقَاضِي اخرق عمامتك فِي رقبتك فَقَالَ لَهُ القَاضِي وَالله مَا تعرف معنى الْعِمَامَة مَا هُوَ؟ ثمَّ خرجا من الْمجْلس وَقد انْتَشَر الْكَلَام بَينهمَا فَبلغ ذَلِك شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف فانتصر للشَّيْخ شهَاب الدّين العميري وانْتهى الْحَال الى ان اجْتمع بمحراب الصَّخْرَة الشَّرِيفَة جمَاعَة مَعَ الشَّيْخ كَمَال الدّين مِنْهُم الشَّيْخ أَبُو الوفا وَالشَّيْخ شهَاب الدّين بن عتبَة الَّذِي ولي قَضَاء(2/288)
الشَّافِعِيَّة فِيمَا بعد وَجَمَاعَة من الْعلمَاء والفقراء وَالْفُقَهَاء واقيمت الغوغا على القَاضِي وانْتهى الْحَال إِلَى أَن الْعَوام توجوا الى الْمدرسَة الصلاحية وهجموا على منزل القَاضِي وحريمه ونهبوا لَهُ بعض أَمْتعَة من منزله وَاشْتَدَّ الْأَمر وتفاحش وَارْتَفَعت الْأَصْوَات وَكَانَ يَوْمًا مشهودا كثير الْمَطَر وَبَقِي النَّاس أحزابا وَكَانَت فتْنَة فَاحِشَة ثمَّ أَن الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري وَالشَّيْخ شهَاب الدّين بن عتبَة بادرا وختما صَحِيح البُخَارِيّ قبل النّصْف من رَمَضَان وَشرع عشيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وهما فِي السّفر الى الْقَاهِرَة فتوجهوا من الْقُدس الشريف فِي سَابِع عشر رَمَضَان وَخرج النَّاس لوداعهم بِالذكر والتهليل وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَكَانَ القَاضِي قد جهز وَلَده ابراهيم الى الْقَاهِرَة وسعى فِي طلب الْجَمَاعَة الى الابواب الشَّرِيفَة فبرز الْأَمر بذلك فَكَانَ توجههم من الْقُدس الشريف قبل وُصُول الطّلب ووصلوا الى الْقَاهِرَة فِي أَوَاخِر شهر رَمَضَان واجتمعوا بالسلطان وَهُوَ اول اجْتِمَاع شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف بِهِ فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ انتهر الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري وَقَالَ لَهُ اخربت الْقُدس وَجئْت تخرب مصر فانزعج لذَلِك وَقَرَأَ الْفَاتِحَة وَانْصَرف وَاسْتمرّ الشَّيْخ كَمَال الدّين جَالِسا ثمَّ وَجه خطابه للسُّلْطَان وَقَالَ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان تُرِيدُ أَن نتكلم بِكَلِمَات بَين يديكم وَلَكِن هَيْبَة مَوْلَانَا السُّلْطَان تَمْنَعنَا فان اذيتم تكلمنا فَقَالَ لَهُ تكلم فَقَالَ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان تثبت فَحصل للسُّلْطَان سُكُون وَزَالَ مَا كَانَ عِنْده من الانزعاج وَأذن لَهُ فِي الْكَلَام فَتكلم مَعَه بِكَلَام كَانَ فِيهِ الْخَيْر وعرفه حَقِيقَة أَمر القَاضِي وَمَا هُوَ عَلَيْهِ ثمَّ انْصَرف وَلما وصل ابراهيم ولد القَاضِي الى الْقُدس وَوجد الْمَشَايِخ قد سافروا قبل وُصُول الطّلب خشِي القَاضِي على نَفسه من طلب يرد اليه فَتوجه هُوَ الى الْقَاهِرَة فِي شهر ذِي الْقعدَة وصحبته جمَاعَة من الْعَوام مطلوبون بِسَبَب شكواه من جُمْلَتهمْ رجل اسْمه عمر الزبال وَآخر يدعى زُرَيْق يحمل الْأَمْوَات وَآخر يدعى كحيله يدق الطبل مَعَ الحرافيش(2/289)
فَلَمَّا وصلوا الى الْقَاهِرَة وقف القَاضِي لسلطان وأنهى مَا وَقع فِي حَقه فَقَالَ لَهُ من هُوَ غريمك؟ فَقَالَ مَا لي غَرِيم فانتهره السلطن لذَلِك وَقَالَ لَهُ من هُوَ غريمك؟ وتكرر ذَلِك مِنْهُ فَقَالَ غريمي عمر الزبال وَهُوَ رجل من أقل الْعَوام يجمع الزبل للحمامات بالقدس فَأمر السُّلْطَان بِضَرْب عمر الْمَذْكُور فَضرب بالمقارع - وَهُوَ مظلوم فِي الْوَاقِع - وَبَقِي أهل الْقُدس يسخرون بِالْقَاضِي وَيَقُولُونَ غرماؤه عمر الزبال وزريق الْحمال وكحيله الطبال ثمَّ انْتهى الْحَال الى تلاشي احوال القَاضِي وانعكس أمره واختفى فتحقق السُّلْطَان باختفائه انه مُبْطل فَصرحَ بعزله وَخرجت سنة خمس وَسبعين وَالْأَمر على ذَلِك والاخبار وَارِدَة الى بَيت الْمُقَدّس على أَنْوَاع مُخْتَلفَة واصحاب الاهواء كل مِنْهُم يتَكَلَّم بِمَا يُوَافق هَوَاهُ ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا دخل القَاضِي نور الدّين البدرشي الْمَالِكِي الْقُدس الشريف مُتَوَلِّيًا قَضَاء الْمَالِكِيَّة عوضا عَن القَاضِي حميدالدين ابي حَامِد بعد استقراره فِي الْوَظِيفَة من اواخر سنة خمس وَسبعين وَكَانَ دُخُوله الى الْقُدس فِي أَوَائِل الْمحرم فقمع المبتدعين وَنصر الشَّرِيعَة وفيهَا انْعمْ السُّلْطَان على شيخ الاسلام الكمالي ابْن أبي شرِيف باستقراره فِي مشيخة الْمدرسَة الصلاحية بالقدس الشريف من غير سعي مِنْهُ وَلَا بدل بل عينه السُّلْطَان لذَلِك فتوقف فِي الْقبُول ثمَّ الزم فَقبل وأنعم على القَاضِي شهَاب الدّين ابي - حَاتِم حَامِد بن عتبَة الشَّافِعِي بِقَضَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس الشريف وعَلى القَاضِي خير الدّين أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن عمرَان الْحَنَفِيّ بِقَضَاء الْحَنَفِيَّة وعَلى الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري بمشيخة الْمدرسَة الْقَدِيمَة الَّتِي كَانَ بناها النَّاظر حسن - كَمَا تقدم - وَهِي الَّتِي هدمت وَبنى مَكَانهَا الْمدرسَة الأشرفية الْمَوْجُودَة الْآن بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم السبت فِي شهر صفر والبس الثَّلَاثَة وهم شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَالْقَاضِي(2/290)
الشَّافِعِي وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ التشريف السلطاني على الْعَادة وألبس الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري على الْعَادة صوف اخضر على سنجاب وَحصل لَهُم الْجَبْر والاكرام فَإِنَّهُم لما اقْبَلُوا على السُّلْطَان من بَاب الحوش ووصلوا الى قريب من سَرِير الْملك نزل السُّلْطَان عَن السرير فانتصب قَائِما وَسلم عَلَيْهِم ثمَّ أَمرهم القَاضِي زين الدّين بن مزهر كَانَت بالسر بِالْخرُوجِ من الْحلقَة ولبسهم الْخلْع فالبسوا عَن يَمِين السُّلْطَان تَحت السحابة ثمَّ عَادوا الى السُّلْطَان وَهُوَ وَاقِف لم يجلس واسترعى القَاضِي زين الدّين ابْن مزهر لَهُم الْولَايَة من السُّلْطَان فِي مشيخة الصلاحية وَقَضَاء الشَّافِعِيَّة وَقَضَاء الْحَنَفِيَّة فَصرحَ بتوليتهم فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان فوضم للملوك مشيخة مدرستكم الشَّرِيفَة؟ فَقَالَ نعم وَكنت حَاضرا ذَلِك الْمجْلس وَانْصَرفُوا من حَضْرَة السُّلْطَان الى مَنَازِلهمْ بالجامع الْأَزْهَر وسافر شيخ الاسلام وصحبته القَاضِي الشَّافِعِي والحنفي من الْقَاهِرَة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن شهر ربيع الأول ودخلوا الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشري الشَّهْر الْمَذْكُور وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وقرئت التواقيع الشَّرِيفَة بعد صَلَاة الْجُمُعَة سادس عشري شهر ربيع الأول وفيهَا فِي نَهَار الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشري شعْبَان دخل الى الْقُدس الشريف الْأَمِير يُوسُف الجمالي التنائب عَائِدًا من لتجريدة فَإِنَّهُ كَانَ توجه الى التجريدة المجهزة لقِتَال شهسوار صُحْبَة الْأَمِير يشبك الدوادار وَأذن لَهُ فِي الانصارف الى مَحل ولَايَته فَحَضَرَ فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وفيهَا فِي شهر شعْبَان ايضا ظهر نجم فِي السَّمَاء لَهُ ذَنْب مستطيل وَاسْتمرّ يطلع مُدَّة لَيَال وَتَطير النَّاس من ذَلِك وفيهَا فِي أَوَاخِر السّنة حضر الى الْقُدس الشريف القَاضِي برهَان الدّين بن ثَابت النابلسي وَكيل السُّلْطَان وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أَمر وكَالَته توجه للسلام عَلَيْهِ(2/291)
قُضَاة بَيت الْمُقَدّس وأعيانه خشيَة سطوته وفيهَا فِي شهر ذِي الْقعدَة توفّي الامام شهَاب الدّين أَحْمد بن حَافظ إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة فقرر نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي فِي الامامة القَاضِي خير الدّين بن عمرَان وَالشَّيْخ شهَاب الدّين الشنتير فَلم يتم ذَلِك وبرز مرسوم السُّلْطَان بعزلهما وان ييستمر شهَاب الدّين بن الشنتير يُبَاشر على ان يرد على النَّاظر مَا يعْتَمد عَلَيْهِ واشيع ان الْوَظِيفَة تعيّنت لامام السُّلْطَان الشَّيْخ نَاصِر الدّين الاخميمي الَّذِي ولي قَضَاء الديار المصرية فِيمَا بعد وَكَانَ غَائِبا بِمَكَّة فَلَمَّا حضر الى الْقَاهِرَة امْتنع من الْحُضُور الى الْقُدس بِمُبَاشَرَة الامامة وَاسْتمرّ الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن الشنتير يُبَاشر على صفة النَّائِب لصَاحب الْوَظِيفَة الى اواخر السّنة الْآتِيَة وَهِي سنة سبع وَسبعين 877 هـ ثمَّ دخلت سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي شهر الْمحرم ف شرع الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي فِي عمَارَة الدرجَة المتوصل مِنْهَا الى صحن الصَّخْرَة الشَّرِيفَة تجاه بَاب السلسلة الْمُجَاورَة لقبة النحوية وَكَانَ قبلهَا دَرَجَة ضيقَة عَلَيْهَا قبو مَعْقُود وَكَانَ يُسمى زقاق البوس فسده وَبنى فَوْقه الدرجَة الْمَوْجُودَة الْآن وَعمل لَهَا قناطر على عمد كَبَقِيَّة الدرج الَّتِي للصخرة وَكَانَ الْفَرَاغ من عمارتها فِي شهر جمادي الأولى وَحصل بهَا الابتهاج لكَونهَا تقَابل بَاب السلسلة وَهُوَ عُمْدَة أَبْوَاب الْمَسْجِد وفيهَا فِي شهر الْمحرم حضر الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري من الْقَاهِرَة وَدخل الى الْقُدس الشريف وَهُوَ لابس التشريف السلطاني بمشيخة الْمدرسَة الَّتِي هدمت فَإِنَّهُ لما توجه الشَّيْخ كَمَال الدّين بن ابي شرِيف وَمن مَعَه من الْقَاهِرَة اسْتمرّ هُوَ مُقيما الى ان حضر فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وفيهَا فِي عَاشر الْمحرم ورد الْخَبَر بِالْقَبْضِ على شهسوار على يَد الْأَمِير يشبك الدوادار الْكَبِير وَكَانَ قَبضه فِي أَوَاخِر السّنة الْمَاضِيَة وَهِي سنة سِتّ وَسبعين وَالَّذِي تولى إِمْسَاكه وَوَضعه فِي الْحَدِيد ملك الامراء برقوق نَائِب الشَّام(2/292)
وَفِي مستهل شهر ربيع الأول توجه شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن ابي شرِيف شيخ الْمدرسَة الصلاحية وصحبته الْقُضَاة الاربعة بالقدس الشريف وهم القَاضِي شهَاب الدّين بن عبِّيَّة الشَّافِعِي وَالْقَاضِي خير الدّين بن عمرَان الْحَنَفِيّ وَالْقَاضِي نور الدّين البدرشي الْمَالِكِي وَالْقَاضِي كَمَال الدّين النابلسي الْحَنْبَلِيّ وَجَمَاعَة من الْفُقَهَاء من الْقُدس للرملة لملاقاة الْأَمِير يشبك الدوادار الْكَبِير عِنْد قدومه من الْبِلَاد الشامية وصحبته شهسوار فِي الاعتقال وَكَانَ تقدمهم للملاقاة نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي ونائب السلطنة يُوسُف الجمالي وَدخل يشبك الدوادار وَمَعَهُ شهسوار والعساكر السُّلْطَانِيَّة الى مَدِينَة الرملة فِي رَابِع شهر ربيع الأول وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَنزل على قبَّة الْجُلُوس واحتمع بِهِ شيخ الاسلام الكمالي والقضاة وناظر الْحَرَمَيْنِ وسلموا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مخيمه فَتَلقاهُمْ بالاكرام وَكَانَ من خطاب شيخ الاسلام لَهُ المرجو من كرم الله تَعَالَى كَمَا جعلكُمْ سَببا لكشف هَذِه الْغُمَّة ان يلهمكم شكر هَذِه النِّعْمَة ثمَّ سَافر من ليلته الى جِهَة غرَّة وَتوجه شيخ الاسلام والقضاة الى بَيت الْمُقَدّس وفيهَا اسْتَقر الْأَمِير دقماق الاينالي فِي نِيَابَة السلطنة بالقدس الشريف عوضا عَن يُوسُف الجمالي ولاه الْأَمِير يشبك الدوادار بِمَدِينَة غَزَّة عقب سفرة من الرملة وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي حادي عشر ربيع الأول وَحضر قِرَاءَة المولد الشريف فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وأوقد لَهُ الْمَسْجِد على الْعَادة وَكَانَت لَيْلَة مَشْهُودَة وباشر النِّيَابَة بِحرْمَة زَائِدَة وشهامة وقمع المناحيس لكنه كَانَ عسوفا فِي احكامه وَلم تطل مدَّته فَأَقَامَ بالقدس مائَة يَوْم واربعة أَيَّام وَتُوفِّي فِي خَامِس عشري جمادي الْآخِرَة وَدفن بالزاوية القلندرية بتربة ماملا وَاسْتقر بعده فِي النِّيَابَة الْأَمِير جقمق نَائِب دمياط الظَّالِم الْفَاجِر وَكَانَ - كَمَا قَالَ بَعضهم - لَا فَارس الْخَيل وَلَا وَجه الْعَرَب وَدخل متسلمه الى الْقُدس فِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشري رَجَب وَدخل جقمق فِي اوائل شهر رَمَضَان وَكَانَ يَوْم دُخُوله(2/293)
الْمَطَر وَلما ورد الْخَبَر بتوليته وَأَنه من جملَة من ترك الديار المصرية ظن النَّاس وشهامة فشرع الْعَوام يَقُولُونَ تولى جقمق من خَالفه شنق فَلَمَّا دخل فِي ذَلِك الْيَوْم الْكثير الأمطار تفاءل النَّاس ان لحيته بَارِدَة فَكَانَ وَشرع يكثر المزاح وَيتَكَلَّم بالْكلَام المهمل الْمُوجب لضحك النَّاس عَلَيْهِ صدر مِنْهُ ترهات وكلمات فشرية فِي الْمجَالِس والمحافل مِنْهَا انه كَانَ فِي عقد مجْلِس بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِحُضُور نَاظر الْحَرَمَيْنِ والقضاة وارتفع فشرع يتقلق من الْجُلُوس وَيَقُول انا الى الْآن مَا افطرت وَقد دخت من ثمَّ أَمر باحضار بقسماطة فأحضر لَهُ فشرع يَأْكُل مِنْهُ فَقدر أَن القيسماط كَانَ يَابسا فعسر عَلَيْهِ أكله وَشرع يعالجه وَالنَّاس ينظرُونَ اليه وَهُوَ يَقُول إِذا طلعت الشَّمْس على البرج حط يدك فِي الخرج وَالنَّاس يَضْحَكُونَ الْخَاص والعوام ثمَّ نَهَضَ وَتوجه الى حَال سَبيله وَتَبعهُ اعوانه فَقيل لَهُ ان الْمجْلس فتْنَة والاكابر جُلُوس فَلَو جَلَست مَعَهم فَقَالَ مَا يحْتَاج انا حضوري لَا فرض وَلَا سنة وَكَانَ يصدر مِنْهُ أَشْيَاء من هَذَا النسق فَكَانَت سَببا لتلاشي أَحْوَال الْبِلَاد وَفَسَاد النظام وَكَثْرَة السراق وقطاع الطّرق وفيهَا وَقع مطر كثير وَبرد بِبَيْت الْمُقَدّس وَهدم اماكن كَثِيرَة بِسَبَب ذَلِك قيل انها ثلثمِائة وَسِتُّونَ مَكَانا وَمن جُمْلَتهَا زَاوِيَة سيدنَا ولي الله الشَّيْخ مُحَمَّد رشي بِخَط مرزبان وَكَانَ هدم الزاوية فِي لَيْلَة مستهل رَمَضَان وَلم يحصل أحد من الْهدم ضَرَر سوى امْرَأَة وَاحِدَة مَاتَت من بَيت هدم عَلَيْهَا وفيهَا رتب السُّلْطَان لمدرسته بالقدس الشريف صوفية وفقهاء وَعين لَهَا أوقافا مَدِينَة غَزَّة وَجعل عدَّة الصُّوفِيَّة سِتِّينَ نَفرا لكل نفر فِي كل شهر خَمْسَة عشر درهما سامية وَجعل للطلبة لكل نفر فِي كل شهر خَمْسَة واربعين درهما وَجعل لَهَا أَرْبَاب لطائف من الْفراش والبواب وَنَحْو ذَلِك وَجعل للشَّيْخ فِي كل شهر خَمْسمِائَة دِرْهَم(2/294)
وَحضر فِيهَا شَيخنَا الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري وَحضر مَعَه الصُّوفِيَّة واشتغل الطّلبَة وَكَانَ ذَلِك فِي شهر جمادي الْآخِرَة وَاسْتمرّ الْأَمر على ذَلِك مُدَّة ثمَّ قطع لما قصد السُّلْطَان هدمها كَمَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وفيهَا ورد مرسوم شرِيف على يَد ساع بِطَلَب القَاضِي شهَاب الدّين بن عبِّيَّة الشَّافِعِي الى الابواب الشَّرِيفَة فَتوجه من الْقُدس فِي يَوْم الاحد خَامِس ذِي الْحجَّة الْحَرَام وَلم يسْتَخْلف أحدا عَنهُ فِي الحكم واستناب فِي النّظر فِي الاوقاف القَاضِي الْحَنْبَلِيّ كَمَال الدّين النابلسي وفيهَا اسْتَقر الشَّيْخ سعدالله الْحَنَفِيّ فِي إِمَامَة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة بعد منع القَاضِي خير الدّين بن عمرَان وَالشَّيْخ شهَاب الدّين بن الشنتير وَدخل الى الْقُدس فِي يَوْم الاحد سادس عشري ذِي الْحجَّة وَهُوَ لابس خلعة السُّلْطَان وَهِي تشريف وطرحة على الْعَادة وَدخل مَعَه قَاصِدا ابْن عُثْمَان ملك الرّوم الْوَارِد بالبشارة ان حسن بيك توجه الى بِلَاده وعَلى القاصد خلعة السُّلْطَان وَتقدم ذكر ذَلِك ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي يَوْم الاحد سَابِع عشر الْمحرم توجه نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين الامير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن النشاشيبي الى الْقَاهِرَة وصحبته جمَاعَة المباشرين بمرسوم شرِيف ورد بطلبهم وفيهَا فِي شهر الْمحرم ورد الْخَبَر الى الْقُدس الشريف صُحْبَة الْحجَّاج بوفاة الْخَطِيب برهَان الدّين ابراهيم بن عَلَاء الدّين عَليّ القرقشندي أحد خطباء الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَأَنه توفّي بعد فارغه من الْحَج وظهوره من مَكَّة بِمَنْزِلَة بطن مرو فِي خَامِس عشر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَتوجه ابْن عَمه الْخَطِيب الْعَلامَة فتح الدّين أَبُو الْحرم مُحَمَّد بن شَيخنَا الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام التقوي القرقشندي الى الْقَاهِرَة المحروسة للسعي فِيمَا كَانَ بيد ابْن عَمه الْخَطِيب برهَان الدّين من نصف خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَغير ذَلِك من الْوَظَائِف الدِّينِيَّة فَوجدَ الشَّيْخ شهَاب الدّين ابا الْعَبَّاس احْمَد ابْن المحوجب الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي اُحْدُ أَصْحَاب الْمقر(2/295)
الزيني ابي بكر بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف قد اسْتَقر فِي الْوَظَائِف الْمَذْكُورَة بمساعدة الْمقر الْمشَار اليه وبرز لَهُ الْأَمر بذلك وَكتب لَهُ توقيع شرِيف فَلَمَّا وصل الْخَطِيب فتح الدّين القرقشندي الى الْقَاهِرَة وَعلم بِهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن المحوجب تنزه عَن الْوَظَائِف وَأسْقط حَقه مِنْهَا وَسَأَلَ فِي اسْتِقْرَار الْخَطِيب فتح الدّين ابي الْحرم فِيهَا فَعرض الْأَمر على السُّلْطَان ورسم لَهُ باستقراره فِي ذَلِك وانتظم الْحَال على ذَلِك فعارض فِي ذَلِك القَاضِي برهَان الدّين بن ثَابت وَكيل السُّلْطَان وسعى فِي الْوَظَائِف الْمَذْكُورَة للخطيب محب الدّين بن جمَاعَة - الْمُتَقَدّم ذكره - وارسل اليه فَتوجه من الْقُدس الى الْقَاهِرَة وقوى أمره ببذل المَال مَعَ مساعدة وَكيل السُّلْطَان فأخرجت الْوَظَائِف عَن الْخَطِيب ابي الْحرم وَاسْتقر الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة فِي نصف خطابة الْمَسْجِد الاقصى وَمَا مَعهَا من الْوَظَائِف الدِّينِيَّة عوضا عَن الْخَطِيب برهَان الدّين القرقشندي بِحكم وَفَاته وَرُجُوع شهَاب الدّين بن المحوجب وعزل الْخَطِيب ابي الْحرم واضيف اليه نصف مشيخة الخانقاه الصلاحية مشاركا للشَّيْخ ابي البركات بن غَانِم وَكتب لَهُ بذلك توقيع شرِيف وَاسْتقر اخوه شيخ الاسلام نجم الدّين بن جمَاعَة فِي مشيخة الصلاحية عوضا عَن شيخ الاسلام الكمالي بن ابي شرِيف وَاسْتقر القَاضِي جمال الدّين الديري فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف عوضا عَن القَاضِي خير الدّين بن عمرَان ورسم للْقَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه باستمراره فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة وللأمير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي باستمراره فِي النّظر على عَادَته كل ذَلِك فِي مُدَّة مُتَقَارِبَة فِي أَوَائِل سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ القَاضِي غرس الدّين خَلِيل الْكِنَانِي الَّذِي كَانَ شيخ الصلاحية وقاضي الْقُدس قد شكى القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه للسُّلْطَان بِسَبَب مَا وَقع فِي حَقه(2/296)
من النهب وَمَا تقدم شَرحه فِي سنة خمس وَسبعين وَزعم ان غَرِيمه القَاضِي شهَاب الدّين ابْن عبيه وانه هُوَ الْآمِر بذلك وَشهد لَهُ بذلك الشَّيْخ جمال الدّين بن غَانِم شيخ الْحرم فِي حَضْرَة السُّلْطَان فِي وَجه القَاضِي شهب الدّين بن عبيه فرسم لَهُ السُّلْطَان بِأَلف دِينَار مِنْهَا مِائَتَا دِينَار على ناضر الْحَرَمَيْنِ الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي وَمِائَتَا دِينَار على شيخ الاسلام الكمالي بن ابي شرِيف وَمِائَتَا دِينَار على القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه وعَلى الخزائن الشَّرِيفَة واربعمائة دِينَار فَقبض مَا رسم لَهُ بِهِ من القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه وَلم يقبض من غَيره شَيْئا ثمَّ وَقع بعد ذَلِك مَا تقدم من اسْتِمْرَار القَاضِي الشَّافِعِي وناضر الْحَرَمَيْنِ وَولَايَة شيخ الصلاحية وأخيه وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ وَأذن لَهُم فِي السّفر فَدخل الى الْقُدس الشريف نَاظر الْحرم الشريف الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي وَالْقَاضِي شهَاب الدّين ابْن عبيه وعَلى كل مِنْهُمَا خلعة السُّلْطَان وَكَذَلِكَ الْأَمِير جقمق نَائِب السطنة البس خلعة الِاسْتِمْرَار وَردت عَلَيْهِ من الْقَاهِرَة وَدخل الثَّلَاثَة الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشري ربيع الاول وَكَانَ يَوْمًا حافلا ثمَّ دخل القَاضِي جمال الدّين الديري الْحَنَفِيّ الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن شهر ربيع الآخر وَهُوَ لابس تشريف الْولَايَة وَهُوَ ضَعِيف متوعك وَكَانَ حمل فِي محفة من الرملة الى قصر ابْن عَمه الشَّيْخ تَاج الدّين الديري عِنْد خَان الظَّاهِر ثمَّ البس الخلعة وَدخل وَهُوَ فِي غَايَة الانزعاج فَأَقَامَ اربعة عشر يَوْمًا وَتُوفِّي فِي يَوْم الاربعاء حادي عشر ربيع الآخر وَلم يقدر انه حكم حكما وَلَا جلس للْحكم بعد مَال كَبِير بذله فِي الْولَايَة وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَدفن بماملا الى جَانب وَالِده من جِهَة الْقبْلَة وَضبط موجوده وَكَانَ مِمَّن حَضَره قَاضِي الْقُضَاة الْمَالِكِي نور الدّين البدرشي ثمَّ توفّي بعده بِعشْرَة ايام فِي لَيْلَة السبت ثَانِي جمادي الأولى وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة(2/297)
وَتقدم ذكر ذَلِك مفصلا عِنْد ذكر التراجم وَإِنَّمَا ذكرت ذَلِك هُنَا لينتظم ذكر الْحَوَادِث الْوَاقِعَة فِي زمن مَوْلَانَا السُّلْطَان وَفِي يَوْم الاربعاء سادس جمادي الأولى توفّي شمس الدّين مُحَمَّد بن قطيبا الانصاري الْمَشْهُور بالعجمي أحد أَعْيَان المباشرين بالقدس الشريف والخليل عَلَيْهِ السَّلَام وَدفن بماملا وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع جمادي الأولى وصل الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة وَدخل هُوَ وَأَخُوهُ شيخ الاسلام النجمي وعَلى كل مِنْهُمَا خلعة السُّلْطَان بِولَايَة مَا تقدم ذكره من شيخة الصلاحية وَنصف الخطابة وَمَا مَعهَا وَنصف مشيخة الخانقاه الصلاحية ودخلا الى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَالنَّاس مَعَهُمَا وجلسا فِي الْمِحْرَاب وَقُرِئَ توقيع كل مِنْهُمَا وهما جالسان وَكَانَ الْقَارِي لَهما شمس الدّين بن عجور وَهَذَا خلاف المصطلح الْمَعْرُوف فَإِن الْعَادة جرت بِتَأْخِير قِرَاءَة التوقيع الى بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَاسْتقر القَاضِي خير الدّين بن عمرَان فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف والرملة بِحكم وَفَاة القَاضِي جمال الدّين الديري وَكتب توقيعه فِي خَامِس عشر جمادي الأولى وَورد عَلَيْهِ التوقيع والتشريف فَلبس من الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف فِي صَبِيحَة يَوْم الاربعاء حادي عشر جمادي الْآخِرَة وَمَشى النَّاس فِي خدمته الى منزله بِبَاب الْحَدِيد وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْجُمُعَة (وَاقعَة بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) وفيهَا وَقعت فتْنَة بَين طَائِفَة الدارية وَطَائِفَة الاكراد فَحصل بَينهمَا تشاجر وانتشر الْكَلَام بَينهمَا فَقتل من الْفَرِيقَيْنِ ثَمَانِيَة عشر نَفرا واستنفر كل من الطَّائِفَتَيْنِ من ينتصر لَهَا من العشير فَدَخَلُوا الى الْمَدِينَة ونهبوا مَا فِيهَا عَن آخِره إِلَّا الْقَلِيل مِنْهَا وَخَربَتْ أَمَاكِن وَاجْتمعَ أهل الْبَلَد من الاكراد ودخلوا بأولادهم وَنِسَائِهِمْ(2/298)
الى الْمَسْجِد الشريف وَأَغْلقُوا الابواب وَدخل جمَاعَة الدارية الى القلعة وتحصنوا بهَا وَكَانَت حَادِثَة فَاحِشَة لم يسمع بِمِثْلِهَا فِي هَذِه الْأَزْمِنَة وَرفع الْأَمر للسُّلْطَان فسير الْأَمِير عَليّ باي الخاصكي للكشف عَن ذَلِك وتحريره فَحَضَرَ الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الثُّلَاثَاء من عشر جمادي الْآخِرَة وَنزل بدار طوغان بِرَأْس دَرَجَة المولة وَكَانَ ظَالِما عسوفا جبارا عنيدا ميالا يقْرَأ وَلَا يحسن الْكَلَام بالعربي فَوَقع لَهُ انه صلى الصُّبْح بقبة الصَّخْرَة فِي يَوْم كثير الْمَطَر فَرَأى الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر بن قطلوشاه الْمقري يمشي على صحن الصَّخْرَة بالقبقاب فَأَخذه وَتوجه بِهِ الى منزله وضربه ضربا مبرحا ورسم عَلَيْهِ وَلم يفلته إِلَّا بِمَشَقَّة بمساعدة نَاظر الْحَرَمَيْنِ ابْن النشاشيبي وَالْقَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه ثمَّ توجه الى بلد الْخَلِيل صُحْبَة النَّاظر ونائب السلطنة الْأَمِير جقمق وَالْقَاضِي الشَّافِعِي شهَاب الدّين بن عبيه وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ خير الدّين بن عمرَان وَالْقَاضِي الْحَنْبَلِيّ كَمَال الدّين النابلسي وَكَانَ القَاضِي نور الدّين الْمدرس الْمَالِكِي قد توفّي إِلَى رَحْمَة الله فتوجهوا الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وجلسوا وَمَعَهُمْ أكَابِر بلد الْخَلِيل وَكَتَبُوا محَاضِر بِمَا وَقع من النهب وَالْقَتْل والسبي فِي ذَلِك ثمَّ قبض الخاصكي على أكَابِر بلد الْخَلِيل من الْقُضَاة والمشايخ وَطلب مِنْهُم اثْنَي عشر الف دِينَار وَتوجه وهم مَعَه معتقلا عَلَيْهِم الى أَن وصل الى مَدِينَة غَزَّة فَقتله يشبك العلائي نَائِب غَزَّة بمرسوم شرِيف ورد عَلَيْهِ من السُّلْطَان خُفْيَة وأشاع أَنه دخل الى الاصطبل ليَأْخُذ فرسا طلبَهَا من النَّائِب فَوَقع عَلَيْهِ حَائِط فَمَاتَ وَكَانَ مَوته فِي يَوْم الاربعاء حادي عشر رَجَب وثارت فتْنَة بِسَبَبِهِ بِالْقَاهِرَةِ من المماليك الجلبان وَاعْتذر لَهُم السُّلْطَان وَأنكر ان يكون أَمر نَائِب غَزَّة بقتْله وَحلف على ذَلِك وَمِمَّا وَقع انه لما ضرب الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر بن قطلوشاه - كَمَا تقدم - وَكَانَ من أهل الْقُرْآن وَضرب بِغَيْر حق وَكَانَ يتَضَرَّع الى الله وَيَدْعُو عَلَيْهِ فَبينا هُوَ ذَات لَيْلَة نَائِم فِي فرَاشه والى جَانِبه زَوجته وَهِي ابْنة عَمه إِذْ سمعته وَهُوَ نَائِم(2/299)
يَقُول اللَّهُمَّ خلص حَقي عَاجلا فَإِنِّي لَا أَصْبِر إِلَى الْآخِرَة لَا أَصْبِر الى الْآخِرَة لَا اصبر الى الْآخِرَة كررها ثَلَاثًا ثمَّ اسْتَيْقَظَ من نَومه فَأَخْبَرته زَوجته بِمَا سَمِعت مِنْهُ فصدقها على أَنه تكلم بذلك فِي رُؤْيا رَآهَا فَفِي صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة ورد الْخَبَر الى الْقُدس بهلاكه بغزة فسبحان قاصم الْجَبَابِرَة ثمَّ توجه اهل الْخَلِيل الى حَضْرَة السُّلْطَان وَلم يحصل لَهُم إِلَّا الْخَيْر ببركة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وعادوا الى أوطانهم وتراجع أَمر مَدِينَة الْخَلِيل الى الْعِمَارَة وَصلح حَالهَا وَللَّه الْحَمد (وَاقعَة كَنِيسَة الْيَهُود) وفيهَا وَقعت حَادِثَة بالقدس الشريف وَهِي ان بحارة الْيَهُود مَسْجِدا للْمُسلمين عَلَيْهِ مَنَارَة وَهُوَ بلصق كَنِيسَة الْيَهُود من جِهَة الْقبْلَة ويتوصل الى الْمَسْجِد من زقاق مستطيل من جِهَة الْقبْلَة وبجوار الْمَسْجِد من جِهَة الغرب دَار من جملَة اوقاف الْيَهُود فَوَقع الْمَطَر فِي زمن الشتَاء وَلَعَلَّه فِي شهر جمادي الاخرة فهدمت الدَّار الْمَذْكُورَة فكشف بَاب الْمَسْجِد من جِهَة الشَّارِع المسلوك فقصد الْمُسلمُونَ الِاسْتِيلَاء على الدَّار المنهدمة وَأَن يكون الاستطراق الى الْمَسْجِد مِنْهَا لكَونهَا على الشَّارِع المسلوك فَيكون أقرب للمصلين من الاستطراق من ذَلِك الزقاق القبلي لبعده بِالنِّسْبَةِ الى هَذَا الْمَكَان فَامْتنعَ الْيَهُود من ذَلِك وَرفعُوا أَمرهم للقضاة واظهروا من ايديهم الْمُسْتَند الشَّاهِد لَهُم باستحقاقهم للدَّار الْمَذْكُورَة واتصل ثُبُوته بحكام الشَّرِيعَة فنازعهم السملمون فِي ذَلِك وَزَعَمُوا ان الدَّار الْمَذْكُورَة من حُقُوق الْمَسْجِد وانْتهى الْحَال الى ان الْقُضَاة توجهوا بِأَنْفسِهِم لكشف ذَلِك وتحريره فجلسوا بِالْمَسْجِدِ الْمَذْكُور وهم القَاضِي شهَاب بن عبيه الشَّافِعِي وَالْقَاضِي خير الدّين بن عمرَان الْحَنَفِيّ وَالْقَاضِي كَمَال الدّين النابلسي الْحَنْبَلِيّ وَكنت حَاضرا ذَلِك الْمجْلس فحرر أَمر(2/300)
الدَّار الْمَذْكُورَة المهندسون وَقُرِئَ الْمَكْتُوب الْمحْضر من ايدي الْيَهُود فَتبين أَن الدَّار من جملَة أوقاف الْيَهُود وَأَن الْحق لَهُم فِيهَا وانفصل الْمجْلس على ذَلِك وَكَانَ ذَلِك فِي شهر رَجَب فَلم يرض الْمُسلمُونَ بذلك وتعصب بعض الْعَوام وَتوجه الى الْقَاهِرَة ووقف للسُّلْطَان وأنهى أَن الْكَنِيسَة الَّتِي للْيَهُود بالقدس محدثة وَأَن الدَّار الْمَذْكُورَة من جملَة حُقُوق الْمَسْجِد وَهِي بايدي الْيَهُود بِغَيْر حق فبرز مرسوم السُّلْطَان بِالنّظرِ فِي ذَلِك وتحريره وَورد الْأَمر بذلك الى الْقُدس الشريف فِي شهر رَمَضَان فعقد مجْلِس بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية بِمَجْلِس نَاظر الْحَرَمَيْنِ بن النشاشيبي بِحُضُور القَاضِي الشَّافِعِي شهَاب الدّين بن عبيه وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ خير الدّين بن عمرَان وَكَانَ الْمَالِكِي قدتوفي - كَمَا تقدم - والحنبلي قد عزل من شهر شعْبَان وَلزِمَ بَيته وَحضر بِالْمَجْلِسِ شيخ الاسلام نجم الدّين بن جمَاعَة شيخ الصلاحية وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَالشَّيْخ شهَاب الدّين العميري وَجمع من الْفُقَهَاء وَقُرِئَ المرسوم الشريف وَدَار الْكَلَام بَين الْحَاضِرين واقيمت بَينه شهِدت عِنْد القَاضِي الشَّافِعِي ان كَنِيسَة الْيَهُود محدثة فِي دَار الاسلام فاشهد عَلَيْهِ عِنْد القَاضِي انه منع الْيَهُود من اتخاذها كَنِيسَة لما صَحَّ عِنْده من انها محدثة فِي دَار الاسلام إِذْ لَا دَار لَهُم فَتكلم كَبِير الْيَهُود واسْمه يَعْقُوب بِكَلَام يقتضى العند لما امْر بِهِ القَاضِي فانتهره القَاضِي وَقَالَ لَهُ يَا مَلْعُون تنَازع فِي الاحكام الشَّرْعِيَّة وَالله أحضر لَك الجلاد يضْرب عُنُقك فهم الْمُسلمُونَ بالبطش باليهود فنهاهم القَاضِي عَن ذَلِك وَكَانَ من لَفظه يَا أمة التَّوْحِيد لَا يعارضهم أحد فَإِن هَؤُلَاءِ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله وَذمَّة أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ كتب محضرا بِمَا وَقع وَكتب فِيهِ الْعلمَاء والمشايخ خطوطهم وَكتب الموثق فِيهِ مَا صدر من القَاضِي الشَّافِعِي من مَنعهم وَكتب أَن القَاضِي الْحَنَفِيّ نفذ الْمَنْع فَلَمَّا وقف القَاضِي الْحَنَفِيّ على الْمحْضر انكر أَن يكون نفذ ذَلِك وَلم يضع خطه على الْمحْضر(2/301)
وأغلقت الْكَنِيسَة وَمنع الْيَهُود من دُخُولهَا والتعبد فِيهَا على عَادَتهم فَرفع الْيَهُود أَمرهم للسُّلْطَان وأنهوا مَا وَقع لَهُم بالقدس ومنعهم من كنيستهم فرسم السُّلْطَان بِعقد مجْلِس بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية بِخَط بَين القصرين وَالنَّظَر فِي ذَلِك وتحريره فَجَلَسَ قُضَاة الْقُضَاة بالديار المصرية وهم قَاضِي الْقُضَاة ولي الدّين الاسيوطي الشَّافِعِي وقاضي الْقُضَاة شمس الدّين الامشاطي الْحَنَفِيّ وقاضي الْقُضَاة برهَان الدّين اللَّقَّانِيّ الْمَالِكِي وقاضي الْقُضَاة بدر الدّين السَّعْدِيّ الْحَنْبَلِيّ وَمن الْعلمَاء الشَّيْخ سراج الدّين الْعَبَّادِيّ وَالشَّيْخ جلال الدّين الْبكْرِيّ وَالشَّيْخ جلال الدّين بن الامانة وَجمع من النواب وَالْفُقَهَاء وَقُرِئَ الْمحْضر المكتتب بالقدس الشريف وَدَار الْكَلَام بَينهم فِيهِ وتأملوا مَا صدر من القَاضِي الشَّافِعِي بالقدس من منع الْيَهُود من اتخاذها كَنِيسَة وَتكلم الْعلمَاء فِي ذَلِك فافاد كل من قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي وقاضي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ ان الْمَنْع الْمَذْكُور لَيْسَ بكاف فِي رفع الْيَد وَوَافَقَهُمَا على ذَلِك كل من الْعلمَاء الثَّلَاثَة - الْمشَار اليهم - وَأما الْمَالِكِي والحنبلي فَإِنَّهُمَا قَالَا هَذَا أَمر يتَعَلَّق بالشافعية وَلَيْسَ لنا فِيهِ تكلم وَكتب على ظَاهر الْمحْضر المكتتب بالقدس صُورَة عقد الْمجْلس بالصالحية وَمَا وَقع من قُضَاة مصر وعلمائها على هَذِه الصُّورَة ثمَّ برز مرسوم السُّلْطَان إِلَى نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة بالقدس والقضاة بِعقد مجْلِس بالقدس الشريف وَالْعَمَل بِمَا افاده قُضَاة مصر وعلماؤها وجهز المرسوم والمحضر على يَد بشير السَّاعِي وَهُوَ عبد اسود فَحَضَرَ الى الْقُدس الشريف وَعرض الْأَمر على الْحُكَّام فعقد مجْلِس بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تجاه بَاب النَّاظر عِنْد شَجَرَة الميس الَّتِي عَلَيْهَا السلسلة الْحَدِيد وَجلسَ نَاظر الْحَرَمَيْنِ نَاصِر الدّين بن النشاشيبي ونائب السلطنة الْأَمِير جقمق وَالْقَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه الشَّافِعِي وَالْقَاضِي خير الدّين بن عمرَان الْحَنَفِيّ وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَالشَّيْخ أَبُو الْعَزْم بن الحلاوي(2/302)
وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَائِما فِي هَذِه الْحَادِثَة وَجمع من الْفُقَهَاء والاعيان وَالْخَاص وَالْعَام وَكَانَ يَوْمًا مشهودا فقرئ المرسوم الشريف ثمَّ فتح الْمحْضر وَقُرِئَ مَا كتب على ظَاهره بالديار المصرية وَقَول الْعلمَاء بهَا أَن الْمَنْع الصَّادِر من الْحَاكِم الشَّافِعِي بالقدس الشريف لَيْسَ بكاف فِي رفع الْيَد فَلَمَّا سمع القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه هَذَا اللَّفْظ انتهر الْيَهُود وَكَانُوا قد دخلُوا الى الْمَسْجِد باذن لَهُم فِي ذَلِك ووقفوا فِي الْحلقَة بَين الْمُسلمين وَقَالَ القَاضِي اما قَول عُلَمَاء مصر ان هَذَا الْمَنْع لَيْسَ بكاف فِي رفع الْيَد فَأَنا مُوَافق على ذَلِك أَنا مَا رفعت ايديهم عَنْهَا وَإِنَّمَا منعتهم من اتخاذها كَنِيسَة وَهِي مستمرة فِي أَيْديهم وأذنت لَهُم ان يتصرفوا فِيهَا حانوتا وصمم على ذَلِك وَمن جملَة لَفظه أَنا منعتهم من اتخاذها كَنِيسَة وَأَنا بَاقٍ على هَذَا الْمَنْع الى ان القى الله وأحضر الشُّهُود بِالْمَجْلِسِ وهم الشَّيْخ ابو الْعَزْم بن الحلاوي وشمس الدّين مُحَمَّد بن نَاصِر الصبان وناصر الدّين مُحَمَّد بن الدِّمَشْقِي وَعلي بن نصير الْبَنَّا وخليل بن عليان وَغَيرهم وشهدوا عِنْد القَاضِي الشَّافِعِي ان الْكَنِيسَة محدثة فِي دَار الاسلام وَأشْهد عَلَيْهِ القَاضِي مرّة ثَانِيَة أَنه منع الْيَهُود من اتخاذها كَنِيسَة وَكتب الْجَواب للسُّلْطَان بذلك وَتوجه القاصد من الْقُدس الشريف بِالْجَوَابِ وَكَانَ ذَلِك فِي شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام وَتَأْتِي تَتِمَّة هَذِه الْحَادِثَة فِي السّنة الْآتِيَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وفيهَا فِي الشَّهْر الْمَذْكُور وَهُوَ شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام توفّي الشَّيْخ زين الدّين ابو البركات بن غَانِم شيخ الخانقاه الصلاحية وَاسْتقر بعده فِي نصف مشيخة الخانقاه الصلاحية القَاضِي برهَان الدّين بن ثَابت وَكيل الْمقَام الشريف وَورد الى الْقُدس الشريف مرسوم السُّلْطَان فَحَضَرَ بالخانقاه الصلاحية نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة وَالْقَاضِي الشَّافِعِي والحنفي وَقُرِئَ المرسوم الشريف بعد فرَاغ الْمحْضر مَضْمُونَة ان الصَّدقَات الشَّرِيفَة شملت القَاضِي برهَان الدّين بن ثَابت(2/303)
باستقراره فِي نصف مشيخة الخانقاه ونظرها عوضا عَن ابي البركات بن غَانِم وانه استناب عَنهُ فِي الْمُبَاشرَة شَرِيكه الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة فَتمكن من الْمُبَاشرَة مَعَ مساعدته وَشد عضده وَكَانَ الْمُتَوَلِي لقِرَاءَة المرسوم الْعدْل شمس الدّين مُحَمَّد ابْن عجور وفيهَا عمر سوق الطباخين بالقدس الشريف بِبِنَاء القناطر المعقودة على الحوانيت وَكَانَت ابْتِدَاء الْعِمَارَة من شهر رَجَب سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ قبل ذَلِك يسقف على الحوانيت بالقواصر وَيحصل من ذَلِك مشقة فِي الشتَاء من الوحل وَسُقُوط المَاء من ظهر السّقف فَعمِلت القنطرة وابتداؤها من درج الحرافيش الى قنطرة خَان الجبيلي فَحصل الرِّفْق للنَّاس بذلك فِي زمن الشتَاء ثمَّ دخلت سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وفيهَا ورد مرسوم السُّلْطَان على الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي نَاظر الْحَرَمَيْنِ بتمكين الْيَهُود من كنستهم وَعدم معارضتهم على عَادَتهم فمكنوا مِنْهَا ودخلوا اليه الْعنَّة الله عَلَيْهِم وَحصل للْمُسلمين بذلك نكاية فَإِن الْيَهُود أظهرُوا السرُور بذلك وعلقوا بهَا الستور وأوقدوا الْقَنَادِيل وَمضى الْأَمر على ذَلِك وفيهَا فِي يَوْم السبت سَابِع عشر صفر ورد مرسوم السُّلْطَان بالترسيم على القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة فَأَخذه نَائِب السلطنة الْأَمِير جقمق عِنْده بِمَنْزِلَة وَأقَام مُدَّة ثمَّ ورد الْأَمر الشريف بالافراج عَنهُ وفيهَا فِي عَشِيَّة يَوْم الاربعاء تَاسِع عشري صفر ورد مرسوم شرِيف بِولَايَة قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن شيخ الاسلام شمس الدّين مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ وَهُوَ أَخُو القَاضِي جمال الدّين الديري - الْمُتَقَدّم ذكره - وَظِيفَة قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام والرملة وعزل القَاضِي خير الدّين بن عمرَان واصبح القَاضِي شمس الدّين الديري فِي يَوْم الْخَمِيس سلخ صفر جلس باصطبل أَخِيه الْكَائِن بِرَأْس عقبَة السِّت عِنْد سوق الزَّيْت وَسلم النَّاس عَلَيْهِ(2/304)
ثمَّ فِي نَهَار الِاثْنَيْنِ ارْبَعْ ربيع الأول البس التشريف من ظَاهر الْبَلَد وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن ربيع الأول بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَفِي نَهَار الِاثْنَيْنِ ثامن عشر ربيع الاول توجه القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة الى الْقَاهِرَة مَطْلُوبا وفيهَا فِي اُحْدُ الربعين توفّي الْأَمِير خير بك الظَّاهِرِيّ الخشقدمي الَّذِي تسلطن لَيْلَة وَاحِدَة من غير عهد وَلَا مبايعة وَكَانَ قدومه من مَكَّة فِي أول سنة ثَمَان وَسبعين وَاسْتمرّ الى ان توفّي فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور بِالْمَدْرَسَةِ الخاتونية وَدفن بالقلندرية بماملا وفيهَا فِي شهر ربيع الآخر ورد مرسوم السُّلْطَان الى نَاظر الْحَرَمَيْنِ نَاصِر الدّين ابْن النشاشيبي وَنَظِيره للأمير جقمق نَائِب السلطنة مَضْمُون كل مِنْهُمَا انه اتَّصل بمسامعنا الشَّرِيفَة ان بعض الْفُقَرَاء بالقدس الشريف كتب كتابا الى الْقَاهِرَة يذكر فِيهِ أَن كَنِيسَة الْيَهُود بالقدس الشريف محدثة وان عُلَمَاء الاسلام افتوا بِعَدَمِ ابقائها وان الْيَهُود قَامُوا بمبلغ لَهُ صُورَة للخزائن الشريفه حَتَّى مكنوا من كنيستهم وَالدُّخُول اليها بِسَبَب مَا بذلوه من المَال للخزائن الشَّرِيفَة فعز ذَلِك على خواطرنا الشَّرِيفَة ومرسومنا ان يتَقَدَّم الْمجْلس بتحرير هَذَا الْأَمر وَمن تكلم بِهِ وتجهيز القَاضِي الشَّافِعِي وَالشُّهُود الَّذين شهدُوا فِيهَا الى الابواب الشَّرِيفَة لنَنْظُر فِي ذَلِك وأحضر كل من المرسومين على يَد بشير السَّاعِي فعقد مجْلِس بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى على المسطبة الكائنة عِنْد بَاب جَامع المغاربة وَكَانَ إِذْ ذَاك عَلَيْهَا شَجَرَة ميس فَقلعت وَنبت مَكَانهَا الْآن شجرتين وَحضر بِالْمَجْلِسِ نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة وَشَيخ الصلاحية نجم الدّين بن جمَاعَة وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَالْقَاضِي الشَّافِعِي شهَاب الدّين بن عبيه وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ شمس الدّين الديري وَجمع من الْفُقَهَاء وَكنت حَاضرا ذَلِك الْمجْلس وَطلب جمَاعَة من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة مِنْهُم الشَّيْخ مُوسَى بن الصَّامِت وَغَيره وسئلوا عَن هَذَا الْكتاب(2/305)
المحكي لَفظه فِي مرسوم السُّلْطَان فَأنْكر كل مِنْهُم أَنه كتب هَذَا الْكتاب وَحلف بِاللَّه الْعَظِيم أَنه لم يكن سَمعه إِلَّا من لفظ المرسوم الشريف وَكتب محْضر باعادة الْجَواب على السُّلْطَان وَكَانَ المسطر لَهُ القَاضِي كَمَال الدّين ابو البركات مُحَمَّد بن الشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي الَّذِي ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة فِيمَا بعد وَكتب فِيهِ ان الْعلمَاء والفقراء حلفوا بِاللَّه الْعَظِيم انهم لم يَكُونُوا كتبُوا ذَلِك وَلَا علمُوا بِهِ وَكتب الْعلمَاء والقضاة خطوطهم على الْمحْضر وكل مِنْهُم يحلف بِاللَّه على ذَلِك وَمن جملَة لفظ شيخ الصلاحية فِيمَا كتبه انه يقسم بِاللَّه الَّذِي فلق الْحبَّة وبرأ النَّسمَة مَا كتبت ذَلِك وَلَا علمت من كتبه وَمن جملَة مَا كتبه القَاضِي الشَّافِعِي وَلَو علمت بِهَذَا الْقَائِل لعزرته تعزيرا ولأقعدت بِهِ من الدجالين خلقا كثيرا وجهز هَذَا الْمحْضر الى السُّلْطَان على يَد قاصده بشير السَّاعِي فَلم يرض السُّلْطَان بذلك ورسم بِطَلَب القَاضِي الشَّافِعِي الى الْقَاهِرَة فَحَضَرَ هجان بِطَلَبِهِ بِسَبَب ذَلِك وبطلب نَاظر الْحَرَمَيْنِ أَيْضا فتوجها من الْقُدس الشريفه فِي نَهَار الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر جمادي الْآخِرَة وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو الْعَزْم بن الحلاوي خَال القَاضِي الشَّافِعِي بِالْقَاهِرَةِ يتَكَلَّم فِي أَمر الْكَنِيسَة فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي أثار هَذِه الْفِتْنَة من أَولهَا فَلَمَّا وصل نَاظر الْحَرَمَيْنِ وَالْقَاضِي الشَّافِعِي الى منزلَة بِئْر العَبْد قبل وصولهما الى قطية لقيهمَا الشَّيْخ أَبُو الْعَزْم وَالسَّيِّد الشريف مُحَمَّد بن عفيف الدّين الايجي الْحُسَيْنِي وهما متوجهان الى الْقُدس الشريف فتكلما مَعَ القَاضِي الشَّافِعِي وَقَالا لَهُ ان السُّلْطَان لم يطلبك وَقد فوض النّظر فِي أَمر الْكَنِيسَة للسَّيِّد الشريف - الْمشَار اليه - وَهُوَ مُتَوَجّه الى الْقُدس لتحرير أمرهَا فَرجع القَاضِي صحبتهما من بِئْر العَبْد ودخلوا الى الْقُدس فِي يَوْم السبت ثَانِي شهر رَجَب(2/306)
(ذكر هدم الْكَنِيسَة) ثمَّ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع شهر رَجَب عقدمجلس بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية حَضَره شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن ابي شرِيف وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري والأمير جقمق نَائِب السلطنة وَالْقَاضِي الشَّافِعِي شهَاب الدّين بن عبيه وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ شمس الدّين الديري وَالسَّيِّد الشّرف مُحَمَّد بن عفيف الدّين وَدَار الْكَلَام بَينهم وَحصل الْبَحْث بَين الشَّيْخ كَمَال الدّين بن ابي شرِيف وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري الخليلي وانتشر الْكَلَام بَينهمَا فَإِن شيخ الاسلام يَقُول لَا وَجه لمنع الْيَهُود من كنيستهم بِغَيْر مسوغ شَرْعِي وَيرى ان شَهَادَة من شهد بحدوثها بِغَيْر مُسْتَند شَرْعِي يسْتَند اليه فِي شَهَادَته لَا تقبل وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري كَانَ من جملَة القائمين فِي منع الْيَهُود بترجيح شَهَادَة من شهد بحدوثها فَلَمَّا حصل الْبَحْث بَينهمَا قصد الشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري نصْرَة قَوْله فَكَانَ من جملَة لفظ شيخ الاسلام لَهُ لَا تبحث معي بحث خليلي وَكَانَ مَجْلِسا حافلا آخِره ان القَاضِي الشَّافِعِي اشْهَدْ عَلَيْهِ بِمَنْع الْيَهُود من اتخاذها كَنِيسَة كَمَا تقدم أَولا وَثَانِيا واتصل إشهاده بذلك بِالْقَاضِي الْحَنَفِيّ وَكتب محْضر بذلك ثمَّ فِي آخر ذَلِك الْيَوْم بعد الصعد توجه الشَّيْخ مُحَمَّد بن عفيف الدّين وَمن مَعَه الى الْكَنِيسَة وَأمر بهدمها فشرع الْمُسلمُونَ فِي هدمها فهدم غالبها ثمَّ فِي ثَانِي ذَلِك الْيَوْم هدم بَاقِيهَا وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَشرع الشَّيْخ ابو الْعِزّ يحرض النَّاس على الْهدم وَيُقَوِّي عزمهم وَكلما ثار الْغُبَار من التُّرَاب على رُؤْس النَّاس واثوابهم ينفضه عَنْهُم بمنديل فِي يَده وَيَقُول هَذَا غُبَار الْجنَّة تثابون على هَذَا الْفِعْل فِي الْجنَّة ثمَّ توجه الشَّيْخ أَبُو الْعَزْم بالمحضر الى الْقَاهِرَة وَتوجه الْيَهُود للشكوى للسُّلْطَان فَلَمَّا علم السُّلْطَان بذلك وانهم افتاتوا عَلَيْهِ وهدموا الْكَنِيسَة بِغَيْر مرسومه غضب غَضبا شَدِيدا وَأمر بِالْقَبْضِ على الشَّيْخ أبي الْعَزْم وَكَانَ يَوْم وُصُوله للقاهرة(2/307)
فَبَلغهُ الْخَبَر فاختفى من حِينه وَاسْتمرّ مختفيا الى أَن توجه الى مَكَّة المشرفة واقام بهَا بَقِيَّة عمره الى ان توفّي بهَا فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ رسم السُّلْطَان بِطَلَب القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه الشَّافِعِي وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَالشُّهُود الى الْقَاهِرَة فبادر القَاضِي الشَّافِعِي وسافر من الْقُدس قبل وُصُول المرسوم فَلَمَّا وصل الى مَدِينَة غَزَّة صَادف وُصُول المرسوم لنائب غَزَّة الْأَمِير يشبك العلائي وَعلم ان القَاضِي الشَّافِعِي وصل الى غَزَّة فَقبض عَلَيْهِ وَتَركه فِي الترسيم بغزة ثمَّ ركب وَحضر الى الْقُدس فِي يَوْم الاحد تَاسِع شعْبَان وَجلسَ بالرواق الْعلوِي الَّذِي عِنْد دَار النِّيَابَة بجوار مَنَارَة الغوانمة وارز من يَده المرسوم الشريف يتَضَمَّن اعلامه انه اتَّصل بالمسامع الشَّرِيفَة مَا وَقع من هدم كَنِيسَة الْيَهُود بالقدس الشريف فالجناب العالي يتَقَدَّم من فوره قبل وضع هَذَا الْمِثَال الشريف من يَده وَيتَوَجَّهُ بِنَفسِهِ الى الْقُدس الشريف وَيقبض على القَاضِي الشَّافِعِي وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وولديه وَأبي الْعَزْم وشمس الدّين بن نَاصِر وناصر الدّين الدِّمَشْقِي الحوراني ويجهزهم الى الابواب الشَّرِيفَة محتفظاً بهم فَطلب الْجَمَاعَة فهرب ابْن ابي الْعَزْم وَهُوَ المكنى بِأبي الْيمن وَقبض على بَقِيَّة الْجَمَاعَة وهم الشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَمن ذكر فِي المرسوم وَوَضَعُوا فِي الْحَدِيد مَا عدا الشَّيْخ برهَان الدّين وَتوجه بهم من الْقُدس الشريف الى غَزَّة ثمَّ جهزهم وصحبهم القَاضِي الشَّافِعِي الى الْقَاهِرَة صُحْبَة قَاصد وَهُوَ رجل من اعوان الظلمَة اسْمه اسماعيل الكافري فوصلوا الى الْقَاهِرَة فِي أَوَاخِر شعْبَان ووقفوا للسُّلْطَان وَهُوَ جَالس بالحوش فِي مَحل خلْوَة فَأمر بضربهم فَضرب القَاضِي اولا ثمَّ الشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَمن مَعَهُمَا ضربا مؤلما مَا عدا ابْن الدمقشي وَابْن عليان وَابْن نصير فَإِن السُّلْطَان رَآهُمْ من الشُّيُوخ الهرمين فَعَفَا عَنْهُم وَلما ضرب الشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري شرع يَقُول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله اكبر لَا يزِيد على ذَلِك فألح عَلَيْهِ السُّلْطَان بقوله قل(2/308)
لي الْحق فَقَالَ لَهُ الْحق مَا أَقُول وَشرع فِي التَّسْبِيح والتهليل على مَا هُوَ فِيهِ الى ان فرغ من ضربه ونهض وَهُوَ يذكر الله ثمَّ سلمهم للوالي الْأَمِير يشبك بن حيدر وتركهم عِنْده فِي الترسيم ثمَّ فِي اوائل شهر رَمَضَان عقد مجْلِس بِمَجْلِس الْأَمِير يشبك بن مهْدي الدوادار الْكَبِير وحضره قُضَاة الْقُضَاة الاربعة بالديار المصرية - الْمُتَقَدّم ذكرهم - وَحضر من الْعلمَاء الشَّيْخ أَمِين الدّين الاقصراني الْحَنَفِيّ وَهُوَ من المساعدين للْمُسلمين وَحضر جمَاعَة من الْعلمَاء مِمَّن افتى بِعَدَمِ جَوَاز هدم الْكَنِيسَة وتعزير من افتات على الامام بالهدم بِغَيْر اذن شرِيف مِنْهُم سراج الدّين الْعَبَّادِيّ الشَّافِعِي وَالشَّيْخ جلال الدّين الْبكْرِيّ الشَّافِعِي وَالْقَاضِي شهَاب الدّين المغربي الْمَالِكِي قَاضِي الْجَمَاعَة بالمغرب وَهُوَ الَّذِي تولى كبرها وَأظْهر التعصب للْيَهُود وافحش وَحضر خلق من الْفُقَهَاء وَغَيرهم وَكَانَ يَوْمًا مهولا بنصرة الْيَهُود على الْمُسلمين وَدَار الْكَلَام بَين الْعلمَاء وَحصل الْبَحْث بَينهم وَبَقِي الْفُقَهَاء احزابا مِنْهُم من ينتصر للْمُسلمين وَمِنْهُم من يساعداليهود واصحاب الاهواء كل يتَكَلَّم بِمَا يُوَافق هَوَاهُ وَكَانَ الْأَمر بالقدس الشريف كَذَلِك وَخرج الشَّيْخ أَمِين الدّين الاقصراني من الْمجْلس وَهُوَ مغضب فَلم يلْتَفت اليه وَتكلم رجلَانِ من طلبة الْعلم بِمَا فِيهِ اعانة للْمُسلمين فأشهرهما الدوادار الْكَبِير وَوَضعهمَا فِي زنجير ثمَّ سُئِلَ القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه عَن الْمَنْع الصَّادِر مِنْهُ مَا وَجهه وَمَا مُسْتَنده فِيهِ؟ فَقَالَ مَا أَدْرِي مَا اقول فَقَالَ لَهُ القَاضِي زين الدّين ابْن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف قطع الله يدك ورجلك وَأَغْلظ عَلَيْهِ فِي القَوْل وَشرع الْأَمِير يشبك الدوادار الْكَبِير يهدده وَطَالَ الْكَلَام والنزاع بَين الْفُقَهَاء وَآخر الامر ان قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي بالديار المصرية ولي الدّين الاسيوطي اسْتخْلف القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه فِي الحكم وَرجع عَن الْمَنْع الصَّادِر مِنْهُ بالقدس الشريف لماتبين لَهُ من فَسَاده وَحكم بِصِحَّة الرُّجُوع الصَّادِر من نَفسه وَنفذ على(2/309)
خلفاء الحكم الْعَزِيز بالديار المصرية من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَأفْتى جمَاعَة من عُلَمَاء الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة بِمصْر بِجَوَاز إِعَادَة الْكَنِيسَة وَمن جملَة من أفتى قَاضِي الْجَمَاعَة المغربي فَأَنْشد فِيهِ بَعضهم تُفْتِي بِعُود كنيس وَكَانَ ذَلِك جهلا وتدعي فرط علم وَالله مَا أَنْت إِلَّا وَأنْشد النَّاس أبياتا كَثِيرَة فِي معنى ذَلِك وَوَقع الْقدح فِي حق الشَّيْخ سراج الدّين الْعَبَّادِيّ وأنشدوا فِيهِ ابياتا وأخبرت أَن بَعضهم كتب على بَاب منزله (وَلنْ ترْضى عَنْك الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تتبع ملتهم) وَكَانَت فتْنَة فَاحِشَة فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير وَاسْتمرّ الْمُسلمُونَ فِي الترسيم عِنْد الْوَالِي الى ان رُوجِعَ السُّلْطَان فِي أَمرهم فرسم باخراج القَاضِي الشَّافِعِي وَالشَّيْخ برهَان الدّين وانهما لَا يسكنان الْقُدس إِلَّا باذن شرِيف وافرج عَنْهُم اجمعين فَالْقَاضِي سَافر من الْقَاهِرَة بعد أَن صرح السُّلْطَان بعزله فِي وَجهه فوصل الى مَدِينَة الرملة فِي يَوْم السبت رَابِع عشري ذِي الْقعدَة وَتوجه الى دمشق وَأقَام بهَا الى يَوْمنَا وَهُوَ حَيّ يرْزق وَالشَّيْخ برهَان الدّين اسْتمرّ فِي الْقَاهِرَة الى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ سَافر الى مَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام واقام بهَا الى ان توفّي فِي شهور سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة - كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته - وَيَأْتِي ذكر إِعَادَة الْكَنِيسَة وبنائها وَمَا وَقع فِي ذَلِك فِي السّنة الْآتِيَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وفيهَا - يَعْنِي سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة أعيدالقاضي كَمَال الدّين النابلسي الْحَنْبَلِيّ إِلَى قَضَاء الْقُدس والرملة ونابلس على عَادَته وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي شهر شعْبَان عَائِدًا من الْقَاهِرَة بعد كلفة مَال كَبِير بذله فِي المنصب لم تجر بِهِ عَادَة قبله فِي قَضَاء الْحَنَابِلَة وَسَببه جور وَكيل السُّلْطَان ابْن ثَابت وفيهَا فِي ثامن رَمَضَان حضر خاصكي الى الْقُدس الشريف بتوجيه نَائِب غَزَّة(2/310)
ونائب الْقُدس الى الرملة بِسَبَب غَازِي واولاد شبانه فَتوجه نَائِب الْقُدس الْأَمِير جقمق الى الرملة فوردعليه مرسوم السُّلْطَان وَهُوَ بهابان يحضر الى الابواب الشَّرِيفَة طيب الْقلب منشرح الصَّدْر فَتوجه الى الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة وَاسْتقر عوضه فِي نِيَابَة الْقُدس الشريف الْأَمِير جارقطلي الظَّاهِرِيّ وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشري رَمَضَان دخل القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة الى الْقُدس بخلعة السُّلْطَان وَفِي يَوْم الاربعاء مستهل شَوَّال حضر متسلم جارقطلي النَّائِب وَفِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر ذِي الْقعدَة دخل الْأَمِير جارقطلي الى الْقُدس الشريف وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَقُرِئَ توقيعه يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي يَوْم دُخُوله وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر ذِي الْقعدَة دخل نَاظر الْحَرَمَيْنِ نَاصِر الدّين بن النشاشيبي الى الْقُدس الشريف عَائِدًا من الابواب الشَّرِيفَة بخلعة السُّلْطَان وفيهَا قدم القَاضِي غرس الدّين خَلِيل الْكِنَانِي الَّذِي كَانَ شيخ الصلاحية الى الْقُدس الشريف وَنزل بالارغونية وَأقَام بهَا لِأَن جارقطلي النَّائِب كَانَ صَاحبه فَلَمَّا ولي بَيت الْمُقَدّس قصد استيطانه فِي زَمَنه فَحَضَرَ الى الْقُدس فِي شهر شَوَّال وفيهَا فِي رَابِع شهر ذِي الْحجَّة اسْتَقر قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد بن يُونُس النابلسي الشَّافِعِي قَاضِي الرملة ونابلس فِي قَضَاء الْقُدس الشريف عوضا عَن القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه وَوصل اليه علم بذلك وَهُوَ بالرملة فِي شهر ذِي الْحجَّة وَمَضَت سنة تسع وَسبعين وَكَانَت كَثِيرَة الْفِتَن والمحن بالقدس الشريف ونسأل الله حسن الْعَاقِبَة ثمَّ دخلت سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِي شهر الْمحرم مِنْهَا دخل القَاضِي شمس الدّين ابْن يُونُس الشَّافِعِي الى الْقُدس الشريف بخلعة السُّلْطَان وَركب لَهُ الْقُضَاة وناظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة الْأَمِير جارقطلي وَلكنه لم يمش امامه وَإِنَّمَا مَشى خَلفه وفرئ توقيعه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر صفر دخل القَاضِي عَلَاء الدّين بن المزوار مُتَوَلِّيًا(2/311)
قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف عوضا عَن القَاضِي نور الدّين البدرشي وَكَانَت ولَايَته مستهل شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وَاسْتمرّ بِالْقَاهِرَةِ بعد الْولَايَة سنة واربعة اشهر الى ان حضر فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَدخل الى الْقُدس بخلعة السُّلْطَان وَقُرِئَ توقيعه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَكَانَ يَوْمًا حافلا (ذكر إِعَادَة كَنِيسَة الْيَهُود) لما جرى مَا تقدم ذكره من هدم الْكَنِيسَة بالقدس الشريف وَحُصُول المحنة للْمُسلمين من الْعلمَاء وَغَيرهم شرع الْيَهُود فِي السَّعْي فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة وتمسكوا بِمَا مَعَهم من الْفَتَاوَى بِجَوَاز إِعَادَتهَا وتشفعوا للسُّلْطَان بِمن لَهُم بهم اعتناء وَكَانَ اعظم المساعدين لَهُم يشبك الدوادار الْكَبِير بِمَال بذلوه وَلم يعلم السُّلْطَان بِشَيْء من ذَلِك فَلم يزل يشبك يسْعَى عِنْد السُّلْطَان الى ان رسم باعادتها بالاتها الْقَدِيمَة وَعين قاضيين من خلفاء الحكم بالديار المصرية وهما القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد الحزمي الشَّافِعِي الْمَشْهُور بِابْن جبيلات وَالْقَاضِي عَلَاء الدّين عَليّ الْمَيْمُونِيّ الْحَنَفِيّ فَحَضَرَ الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الاربعاء عشري ربيع الآخر وَعقد مجْلِس بقبة مُوسَى حَضَره قُضَاة الْقُدس الشريف الاربعة وَمن حضر من قُضَاة الْقَاهِرَة وَقُرِئَ المرسوم الشريف الْوَارِد بِمَعْنى ذَلِك فقضاة الْقُدس لم يحصل مِنْهُم مُعَارضَة وَلَا اذن واسندوا الامر الى من حضر من الْقَاهِرَة فَأذن القَاضِي الْمَيْمُونِيّ عَلَاء الدّين الْحَنَفِيّ للْيَهُود فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة بالاتها الْقَدِيمَة وشرعوا فِي بنائها فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشري ربيع الآخر سنة 110 هـ وَكَانَ القَاضِي شهَاب الدّين بن جبيلات حصل لَهُ توعك بالقدس فبادر الى الرُّجُوع الى الْقَاهِرَة قبل اتهاء أَمر الْكَنِيسَة وَلم يتَكَلَّم فِي أمرهَا بِشَيْء واستغفر الله تَعَالَى مِمَّا وَقع مِنْهُ من السّفر فِي هَذِه الْحَادِثَة وَحكي لي بِالْقَاهِرَةِ ان السَّبَب فِي رُجُوعه من الْقُدس بِسُرْعَة وَعدم تكَلمه فِي أَمر الْكَنِيسَة انه لما حصل لَهُ(2/312)
التوعك بالقدس كَانَ فِي خلْوَة بِالْمَدْرَسَةِ الجوهرية وَإِذا باليهود قد حَضَرُوا وجلسوا على بَاب الْخلْوَة الَّتِي هُوَ بهَا وَتَكَلَّمُوا فِي أَمر الْكَنِيسَة وَمَا حصل لَهُم من اذن القَاضِي الْحَنَفِيّ فِي إِعَادَتهَا فَقَالَ بَعضهم لبَعض هَذَا عيد مبارك باعادة هَذِه الْكَنِيسَة فَمَا نسمي هَذَا الْعِيد؟ فَقَالُوا نُسَمِّيه عيدالنصر فَلَمَّا سمع القَاضِي شهَاب الدّين بن جبيلات الشَّافِعِي ذَلِك اقشعر جسده وانزعج وبادر بِالْخرُوجِ من الْقُدس وَتوجه الى الْقَاهِرَة واستغفر الله مِمَّا وَقع مِنْهُ وَقد سَمِعت هَذَا الْكَلَام من لَفظه بِالْقَاهِرَةِ على هَذِه الصّفة فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَأما الْحَنَفِيّ فَإِنَّهُ اسْتمرّ مُقيما بالقدس الى ان كملت عمارتها وَلما اذن فِي إِعَادَتهَا امْتنع شُهُود بَيت الْمُقَدّس من كِتَابَة مُسْتَند بذلك فَكتب هُوَ بِخَطِّهِ ورقة بالاذن للْيَهُود فِي ذَلِك وَكَانَ بالقدس رجل اسْمه اسماعيل الْبناء تعين لبنائها فَبَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَة فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ يَا اسماعيل انت تصلي عَليّ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وتبني مَكَانا اسب فِيهِ فَامْتنعَ من بنائها فوعد بِمَال لَهُ صوره فَلم يلْتَفت اليه وَتَوَلَّى بناءها من كتب عَلَيْهِ الشقاوة وَلما وَقع ذَلِك كنت مُقيما بِالْقَاهِرَةِ وَبَلغنِي عَن هَذَا الْبَنَّا انه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَهَاهُ عَن الْبناء وَلم اتحقق كَيفَ وَقع القَوْل فَلَمَّا قدمت بَيت الْمُقَدّس فِي أَوَاخِر سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وجدته حَيا فَسَأَلته عَن حَقِيقَة الرُّؤْيَا فَأَخْبرنِي بهَا من لَفظه - كَمَا تقدم ذكره - وَلما انْتهى بِنَاء الْكَنِيسَة عَاد الْحَنَفِيّ الى الْقَاهِرَة وَقد أسكن الله مقته فِي قُلُوب الْعباد وَصَارَ يدعى بقاضي الْكَنِيسَة وَبَلغنِي انه لما وصل الى الْقَاهِرَة استدعى كَبِير الْيَهُود وَقَالَ لَهُ ابشرك انني بنيت لَك الْكَنِيسَة أَعلَى مِمَّا كَانَت بِكَذَا - واشار بِذِرَاع يَده - وَمِمَّا وَقع لَهُ انه كَانَ يكْتب علامته على المستندات الشَّرْعِيَّة الْحَمد لله ربالعالمين حمد الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا عمر الْكَنِيسَة وَعَاد الى الْقَاهِرَة كتب الْحَمد لله الَّذِي أَعلَى معالم الْعلم واعلامه فَنكتَ عَلَيْهِ بعض الظرفاء من الْفُقَهَاء(2/313)
وَقَالَ لَهُ يَنْبَغِي ان تكْتب الْحَمد الله الَّذِي أَعلَى معالم الدّين فَرجع وَكتب علامته الأولى وَلم يزل امْرَهْ يضمحل وأحواله تتناقص حَتَّى وَقع لَهُ محنة فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بِسَبَب حكم حكم بِهِ فِي ايام قَاضِي الْقُضَاة سعدالدين الديري من مُدَّة تقرب من عشْرين سنة قبل التَّارِيخ الْمَذْكُور فَأحْضرهُ السُّلْطَان بَين يَدَيْهِ وضربه ضربا مؤلما وَهُوَ بالحوش فِي الْمَكَان الَّذِي ضرب فِيهِ أهل الْقُدس وَوَضعه فِي زنجير وَسلمهُ للوالي الَّذِي كَانَ تسلم أهل بَيت الْمُقَدّس وَأمر باخراجه الى حلب بعد ان كتب عَلَيْهِ انه لَا يعْمل قَاضِيا وَلَا شَاهدا وعزله عزلا مُؤَبَّدًا فَخرج من الْقَاهِرَة الى ان وصل الى خانقاه سرياقوس فَوَقَعت فِيهِ شَفَاعَة فاعيد الى الْقَاهِرَة وَتوجه من ليلته الى بَلْدَة مينة مَيْمُون واقام بهَا مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ عَاد الى الْقَاهِرَة وَقد صَار فَقِيرا حَقِيرًا لَا يقدر على قوته وَقد اجْتمعت بِهِ وتكلمت مَعَه ولمته على مَا صدر مِنْهُ فِي أَمر الْكَنِيسَة والاهتمام باعادتها فأشهدني عَلَيْهِ ان الاذن الصَّادِر مِنْهُ فِي إِعَادَتهَا إِنَّمَا قصد بِهِ الْفَتْوَى وَلم يقْصد بِهِ الحكم الشَّرْعِيّ الرافع للْخلاف وَالله مُتَوَلِّي السرائر (ذكر قدوم السُّلْطَان الى بَيت الْمُقَدّس} 80 هـ وَفِي شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَمَانِينَ سَافر السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف من الْقَاهِرَة المحروسة قَاصِدا زِيَارَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف فوصل الى مَدِينَة غَزَّة المحروسة وَتوجه مِنْهَا فوصل الى مَدِينَة الْخَلِيل فِي يَوْم السبت خَامِس عشري رَجَب وَرفع اليه امْر الْحِسْبَة بِمَدِينَة الْخَلِيل وَأَنه يُؤْخَذ من الْمُحْتَسب مَال لنائب الْقُدس فَيلْزم مِنْهُ تسلطه على الْفُقَرَاء من المتسببين فرسم السُّلْطَان بابطال تَوْلِيَة الْحِسْبَة من نَائِب الْقُدس وابطال مَا هُوَ مُقَرر عَلَيْهَا من الرِّشْوَة وان يكون الْمُحْتَسب بمرسوم(2/314)
شرِيف بِغَيْر كلفة وَاسْتمرّ الْأَمر على ذَلِك مُدَّة ثمَّ اخْتَلَّ النظام وَرجع الْأَمر على مَا كَانَ عَلَيْهِ أَولا وَتوجه السُّلْطَان من مَدِينَة الْخَلِيل فِي يَوْم الْأَحَد سادس عشري رَجَب وَوصل الى الْقُدس فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشري رَجَب وَنزل بمخيمه عِنْد خَان الظَّاهِر ثمَّ ركب وَدخل الى الْمَدِينَة وَقت الظّهْر وَنزل بمدرسته الْقَدِيمَة الَّتِي هدمت فَلَمَّا رَآهَا لم تعجبه وَكَانَ ذَلِك هُوَ السَّبَب لهدمها وَبِنَاء الْمدرسَة الْمَوْجُودَة الْآن ثمَّ بعد صَلَاة الْعَصْر من الْيَوْم الْمَذْكُور جلس بقبة مُوسَى تجاه بَاب السلسلة وَجلسَ على مدرسته فِي الشباك المطل من جِهَة الشرق وَجلسَ عِنْده من دَاخل الْقبَّة الْأَمِير ازبك أَمِير كَبِير ومنن ظَاهر الشباك على المسطبة الْأَمِير يشبك الدوادار وَالْقَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَحضر مَعَ السُّلْطَان جمَاعَة من اركان الدولة مِنْهُم الْأَمِير خشقدم الطواشي الْوَزير وَالْقَاضِي تَاج الدّين الْمَقْدِسِي نَاظر الْخَواص الشَّرِيفَة وَالْقَاضِي شرف الدّين الانصاري وَالْقَاضِي برهَان الدّين بن ثَابت وَغَيرهم وشكى النَّاس على الْأَمِير جارقطلي نَائِب الْقُدس وَرفعت فِيهِ الْقَصَص بِسَبَب مَا تَعَمّده من الظُّلم والجور فَطَلَبه وَسمع فِيهِ الشكوى وانصف النَّاس مِنْهُ وَأمره ان يدْفع اليهم مَا أَخذ مِنْهُم وشكى النَّاس من القَاضِي غرس الدّين خَلِيل أخي ابي الْعَبَّاس وَأَنه يجْتَمع بالنائب وتيكلم فِي حق النَّاس فَطَلَبه السُّلْطَان وانتهره وَوَضعه على الارض ليضربه فشفع فِيهِ الْأَمِير يشبك الدوادار ورسم بِعَدَمِ إِقَامَته بالقدس فسافر مِنْهُ فَكَانَ يُقيم تَارَة بغزة وَتارَة بِبَلَد المجدل وَلم يزل على ذَلِك الى ان توجه الى مَكَّة وَتُوفِّي بهَا فِي شهور سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة 898 هـ ثمَّ بعد فرَاغ السُّلْطَان من فضل الحكومات فِي الْيَوْم الَّذِي دخل فِيهِ الى الْقُدس صلى الْمغرب بقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة خلف الامام سعدالله الْحَنَفِيّ ثمَّ نزل(2/315)
الى الْجَامِع الْأَقْصَى وَقد اوقدت الْقَنَادِيل على الْعَادة الَّتِي تكون فِي نصف شعْبَان وَكَذَلِكَ قبَّة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَكَانَت لية مَشْهُودَة وَجلسَ فِي محراب الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَإِلَى جَانِبه الْأَمِير أزبك أَمِير كَبِير والأمير يشبك الدوادار الْكَبِير وَغَيرهم من اركان الدولة وَجلسَ مَعَه شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَشَيخ الاسلام النَّجْم بن جمَاعَة والقضاة وَالْخَاص وَالْعَام وقرئت ختمات شريفة وَكَانَ مَعَ السُّلْطَان ثَلَاثَة انفار من رُؤَسَاء الْقُرَّاء بِالْقَاهِرَةِ فقرؤا وَحصل بهم الْبَهْجَة والانس ثمَّ قَرَأَ بعدهمْ الْقُرَّاء بِبَيْت الْمُقَدّس وَصلى السُّلْطَان الْعشَاء الْآخِرَة خلف الشَّيْخ نجم الدّين بن جمَاعَة وَانْصَرف وَلم يسمع قِرَاءَة الْمِعْرَاج الشريف لعدم وجود من يَقْرَؤُهُ فَإِن الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري كَانَ غَائِبا بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ حضر الشَّيْخ ابو مَدين وَقَرَأَ الْمِعْرَاج بِحُضُور اركان الدولة ثمَّ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشري رَجَب خرج السُّلْطَان الى مخيمه بِظَاهِر الْقُدس وَطلب النَّائِب وَأمره ان يُصَالح جَمِيع من شكى مِنْهُ فَصَالحهُمْ وَدفع لكل من اخذ مِنْهُ شَيْئا على جريمة نصف مَا أَخذ مِنْهُ وَمن لَهُ دين شَرْعِي دَفعه لَهُ بِكَمَالِهِ ثمَّ أعلم الدوادار الْكَبِير السُّلْطَان ان النَّائِب أرْضى جَمِيع خصمائه فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان احسن للنَّاس واحكم بَينهم بِالْعَدْلِ والانصاف وبالشرع الشريف وَإِن شكى أحد مِنْك بعد الْيَوْم قطعتك نِصْفَيْنِ ثمَّ قدم النَّائِب خدمته للسطان فألبسه خلعة الِاسْتِمْرَار وَتوجه السُّلْطَان فِي لَيْلَة الاربعاء الى الرملة وَكَانَ فِي زمن الشتَاء وَوَقع مطر كثير وَهُوَ بالمخيم على قبَّة الجاموس وَمِمَّا انفق ان انسانا من اللُّصُوص دخل على السُّلْطَان وَهُوَ نَائِم بالخيمة فِي اللَّيْل وسرق بقجة قماش من عِنْد رَأسه فَأصْبح السُّلْطَان وَقبض على الشَّيْخ حَرْب شيخ جبل نابلس بِسَبَب ذَلِك وَقصد قَتله وغرمه مَالا ثمَّ توجه السُّلْطَان الى مَدِينَة غَزَّة وَعَاد الى الْقَاهِرَة وَدخل اليها فِي يَوْم الْخَمِيس الثَّانِي وَالْعِشْرين من شعْبَان وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدُخُوله(2/316)
وَقدر أَن اللص الَّذِي دخل على السُّلْطَان قبض عَلَيْهِ وجهز الى السُّلْطَان ووقف بَين يَدَيْهِ واعترف بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَأمر بسجنه بالمقشرة وَلم يتقله وفيهَا وَقعت حَادِثَة بالقدس الشريف وَهِي ان شخصا نَصْرَانِيّا وَقع فِي حق سيدنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ والسيدة فَاطِمَة ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقَذْف وَرفع أمره القَاضِي عَلَاء الدّين بن المزوار الْمَالِكِي وَعقد لَهُ مجْلِس بدار النِّيَابَة بِحُضُور الْأَمِير جارقطلي نَائِب السلطنة وَحضر بِالْمَجْلِسِ شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَثَبت مَا نسب الى النَّصْرَانِي عِنْد القَاضِي الْمَالِكِي وَحكم بسفك دَمه وَضرب عُنُقه بِحُضُور الْجَمَاعَة بديار النِّيَابَة ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وفيهَا فِي مستهل الْمحرم حضر هجان من الْقَاهِرَة بمرسوم شرِيف بِالْقَبْضِ على الافرنج المقمين بدير صهبون وَبَيت لحم وكنيسة قمامة وتجهيزهم الى الابواب الشَّرِيفَة بِمُقْتَضى ان الافرنج أَسرُّوا أَرْبَعَة من اسكندرية وعدوا بهم واخذوهم الى بِلَاد الافرنج وفيهَا اسْتَقر القَاضِي فتح الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن دَاوُد بن الاسيل الشَّافِعِي فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس الشريف والرملة ونابلس عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين ابْن يُونُس وَورد عَلَيْهِ المرسوم الشريف الْوَارِد عَلَيْهِ من الابواب الشَّرِيفَة والبس القَاضِي شمس الدّين الديري خلعة الِاسْتِمْرَار بِقَضَاء الْحَنَفِيَّة وَهِي كاملية صوف مرسيني بفروسمور وألبس جمال الدّين يُوسُف بن ربيع خلعة لاستقراره فِي وَظِيفَة أَمَانَة الحكم ووكالة الغياب وَهِي فوقاني حَرِير بِوَجْهَيْنِ وطراز وَقُرِئَ توقيع الشَّافِعِي فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي يَوْم لبسه وَلم يقدر لِابْنِ يُونُس بعد ذَلِك ولَايَة قَضَاء بَيت الْمُقَدّس الى ان حج الى بَيت الله الْحَرَام فِي سنة سبع وَتِسْعين وَتُوفِّي بعد خُرُوجه من مَكَّة بِمَنْزِلَة بطن مرو وَحمل الى مَكَّة فَدفن بهَا(2/317)
وفيهَا - اعني سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ - فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشر جمادي الاخرة رَحل شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف من الْقُدس الشريف بأولاده وعائلته إِلَى الْقَاهِرَة المحروسة واستوطنها وَكَانَ دُخُوله اليها فِي اوائل رَجَب وفيهَا دخل الوباء بالطاعون حَتَّى عَم جَمِيع المملكة وَكَانَ دُخُوله بَيت الْمُقَدّس فِي اوائل رَجَب وَاسْتمرّ مُدَّة طَوِيلَة وَلم يزل الطَّاعُون بالقدس الى مستهل ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وأفنى خلقا من الشَّبَاب وَالنِّسَاء وَأهل الذِّمَّة وَلم يكن طَال ببلدة من الْبِلَاد أَكثر من بَيت الْمُقَدّس فسبحان الْقَادِر عَليّ مَا يَشَاء ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وفيهَا وصل الى الْقُدس الشريف الْأَمِير جانم الخاصكي قريب السُّلْطَان وناظر الجوالي بعد عوده من المملكة الشامية وَكَانَ دُخُوله الى الْقُدس فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر جمادي الأولى فَإِنَّهُ توجه الى بِلَاد الشَّام لكشف الاوقاف وَحضر الى الْقُدس بِسَبَب ذَلِك وأوقد لَهُ الْمَسْجِد الْأَقْصَى فِي لَيْلَة السبت وقبة الصَّخْرَة فِي لَيْلَة الاحد والمدرسة السُّلْطَانِيَّة فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ وَفِي كل لَيْلَة كَانَ يقْرَأ لَهُ ختمات شريفة بِحُضُورِهِ وَجمع لَهُ من جِهَة الاوقاف بالقدس الشريف تِسْعمائَة دِينَار وَقيل الف دِينَار وَمن اهل الذِّمَّة ثلثمِائة دِينَار فَلم يقبل شَيْئا من جِهَة الاوقاف وَأعَاد الْمبلغ بِكَمَالِهِ لمستحقية وَأخذ مَا جمع لَهُ من اهل الذِّمَّة وَحصل للْمُسلمين من مستحقي الاوقاف الْجَبْر بذلك وتضاعف الدُّعَاء فِي صحائفه وسافر من الْقُدس فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشري جمادي الاولى (ذكر سفر السُّلْطَان الى المملكة الشامية) وفيهَا سَافر السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف من الْقَاهِرَة قَاصِدا المملكة الشامية فوصل الى مَدِينَة غَزَّة فِي يَوْم الاربعاء تَاسِع شهر جمادي الْآخِرَة فِي جمع قَلِيل دون مائَة نفس وَولي الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَيُّوب نِيَابَة الْقُدس الشريف وَهُوَ بغزة(2/318)
عوضا عَن جَار قطلي وَألبسهُ كاملية خضراء بفروسمور وَدخل الى الْقُدس فِي نَهَار الْجُمُعَة حادي عشر الشَّهْر الْمَذْكُور وعَلى يَده المرسوم بولايته بِخَط قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين الخضري الشَّافِعِي قَاضِي دمشق وَوصل السُّلْطَان الى مَدِينَة حلب وَتوجه الى الْفُرَات وَحصل لَهُ توعك فِي السّفر وَعَاد الى دمشق وَهُوَ متوعك ثمَّ عوفي وَعَاد الى الْقَاهِرَة وَلم يقدر لَهُ الدُّخُول بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَانَ دُخُوله الى الْقَاهِرَة فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع شهر شَوَّال وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدُخُوله وفيهَا اسْتَقر الْخَطِيب ابو الحزم مُحَمَّد بن شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين ابي بكر بن القرقشندي فِي نصف خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف عوضا عَن الْخَطِيب محب الدّين ابْن جمَاعَة وَهُوَ النّصْف الَّذِي كَانَ اسْتَقر فِيهِ وَوَقع فِيهِ مَا تقدم شَرحه فِي حوادث سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وخطب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشر جمادي الْآخِرَة وَقَرَأَ فِي أول رَكْعَة (وَلما فتحُوا مَتَاعهمْ وجدوا بضاعتهم ردَّتْ اليهم) وَقُرِئَ توقيعه وَتوجه الى منزله وأعلام الْمَسْجِد حوله وَمَشى النَّاس فِي خدمته وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَاسْتقر الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله بن غَانِم شيخ الْحرم فِي جَمِيع مشيخته الخانقاه الصلاحية عوضا عَن القَاضِي برهَان الدّين بن ثَابت وَكيل السُّلْطَان بِحكم وَفَاته وَعَن الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة بِحكم عَزله فَإِن ابْن ثَابت هُوَ الَّذِي كَانَ قَائِما بنظام الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة وعضده فِي تَوْلِيَة نصف الخطابة وَنصف مشيخة الخانقاه ثمَّ اسْتَقر ابْن ثَابت فِي النّصْف الثَّانِي من مشيخة الخانقاه - تقدم ذكره - فَلَمَّا توفّي فِي اوائل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ بعد محن حصلت لَهُ مَعَ الْخَطِيب أَبُو الحزم فِي نصف الخطابة وَشَيخ الْحرم فِي جَمِيع مشيخة الخانقاه الصلاحية وأعانهما القَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف فاستقل فِي ذَلِك فِي شهر جمادي الاخرة(2/319)
وفيهَا فِي جمادي الْآخِرَة عزل القَاضِي كَمَال الدّين النابلسي الْحَنْبَلِيّ من قَضَاء الْحَنَابِلَة بالقدس الشريف والرملة ونابلس عَزله القَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف وَهُوَ بِمَنْزِلَة قانون صُحْبَة السُّلْطَان وَوَقع فِي عَزله مَا لم يَقع لغيره فَإِن الْعَادة جرت إِذا عزل القَاضِي يكْتب مرسوم السُّلْطَان أَو مطالعة القَاضِي كَاتب السِّرّ بعزله وَهَذَا القَاضِي إِنَّمَا ثَبت عَزله بِبَيِّنَة شهِدت عِنْد القَاضِي فتح الدّين ابي الْفَتْح بن الاسيل الشَّافِعِي على القَاضِي كَاتب السِّرّ انه عَزله من الْقَضَاء فَصرحَ القَاضِي الشَّافِعِي بِثُبُوت عَزله وَكَانَ الْحَنْبَلِيّ غَائِبا بِالْقَاهِرَةِ لِأَنَّهُ توجه اليها من جمادي الأولى وَكتب القَاضِي الشَّافِعِي الى نَائِبه بالرملة انه يمْنَع نَائِب الْحَنْبَلِيّ بهَا من الحكم بِمُقْتَضى ثُبُوت عزل مستخلفه وفيهَا فِي يَوْم الاحد حادي عشري رَجَب توفّي الْأَمِير غرس الدّين خَلِيل ابْن ابي وَالِي اُحْدُ أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ رَئِيسا كَرِيمًا وَفِيه الْخَيْر والاحسان الى الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ النَّاس يَتَرَدَّدُونَ اليه من الاعيان وَغَيرهم ويأكلون على سماطة فِي كل وَقت وَكَانَ يطعم من عرف وَمن لم يعرف فِي جَمِيع السّنة وَأما فِي شهر مضان فَمن الْعَجَائِب فِي إطْعَام الطَّعَام وَكَانَ ذَلِك عَن طيب نفس مِنْهُ لَا يتكره من ذَلِك بل يفرح لَهُ وَكَانَ قد اعتراه السّمن وتزايد حَتَّى كَانَ لَا يَسْتَطِيع الْقيام إِلَّا بِمَشَقَّة وَكَانَ من محَاسِن بَيت الْمُقَدّس وَمن أعظم محاسنه مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من هَذِه المناقب الْحَسَنَة سَلامَة النَّاس من يَده وَلسَانه وَلم يبْق بعده من هُوَ فِي مَعْنَاهُ ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي شهر ربيع الأول توجه المباشرون بالقدس الشريف الى الْقَاهِرَة المحروسة بمرسوم شرِيف ورد فِي ذَلِك وَأَقَامُوا بمشهد الْحُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ فِي ترسيم القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الصَّابُونِي وَكيل الْمقَام الشريف ثمَّ افرج عَنْهُم وعادوا الى الْقُدس وفيهَا طلب الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَيُّوب نَائِب الْقُدس الشريف بِسَبَب مَا وَقع عَلَيْهِ من الشكوى للسُّلْطَان ثمَّ خلع عَلَيْهِ بالاستمرار وَعَاد الى مَحل(2/320)
ولَايَته وَكَانَ ذَلِك فِي جمادي الأولى وفيهَا فِي شهر رَجَب توفّي الْأَمِير جاني بك الْفَقِيه أَمِير سلَاح بِالْمَدْرَسَةِ الخاتونية بعد حُضُوره الى الْقُدس من شهر الْمحرم حِين عوده من الْحجاز الشريف وَدفن بالقلندرية بماملا ثمَّ دخلت سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي الْمحرم برز الامر الشريف بِطَلَب القَاضِي فتح الدّين بن الاسيل الشَّافِعِي إِلَى الابواب الشَّرِيفَة فَتوجه الى الْقَاهِرَة وَنزل عِنْد الْأَمِير ابي بكر قرا الدويدار الثَّانِي وَغرم مَالا وَعَاد بعد الانعام عَلَيْهِ بالاستمرار فِي وظيفته وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم السبت رَابِع عشر ربيع الأول بخلعة السُّلْطَان وفيهَا حضر قَاصد من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة بِطَلَب المباشرين بالقدس الشريف فتوجهوا فِي شهر ربيع الأول - كَمَا تقدم فِي السّنة الْمَاضِيَة - ورسم عَلَيْهِم من بَاب القَاضِي عَلَاء الدّين الصَّابُونِي ثمَّ افرج عَنْهُم وعادوا الى الْقُدس وفيهَا توفّي أَمِير الْمُؤمنِينَ المستنجد بِاللَّه أَبُو المظفر يُوسُف بن مُحَمَّد العباسي تغمده الله برحمته وَاسْتقر بعده فِي الْخلَافَة مَوْلَانَا الامام الْأَعْظَم والخليفة المكرم أَمِير الْمُؤمنِينَ وَابْن عَم سيد الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووارث الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المتَوَكل على الله ابو الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن يَعْقُوب أعز الله بِهِ الدّين وأمتع بِبَقَائِهِ الاسلام وَالْمُسْلِمين ودعي لَهُ على مِنْبَر بَيت الْمُقَدّس وَغَيره من مَنَابِر الاسلام وفيهَا جدد عمل الرصاص على ظَاهر الْجَامِع الْأَقْصَى وَفك الرصاص الْقَدِيم ثمَّ ركب وَلم يكن كالاول فِي حسن الصِّنَاعَة والاتقان وَكَانَ الصَّانِع لَهُ رجلا من أهل الرّوم ثمَّ قصد نَاظر الْحَرَمَيْنِ الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي ان يفك الرصاص عَن ظَاهر قبَّة الصَّخْرَة ويجدده كَمَا فعل بالجامع الْأَقْصَى فَمَنعه الشَّيْخ جمال الدّين بن غَانِم شيخ الْحرم وَقَامَ فِي ذَلِك أعظم قيام وَكَانَ تَوْفِيقًا من الله فَإِن الرصاص الْقَدِيم الْمَوْجُود إِلَى الْآن أولى وَأحسن من المستجد الَّذِي عمل بالأقصى(2/321)
وفيهَا اسْتَقر الْأَمِير سنطباي النحاسي فِي نِيَابَة السلطنة الشَّرِيفَة بالقدس الشريف عوضا عَن الامير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَيُّوب وَدخل متسلمه الى الْقُدس فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشر جمادي الأولى وَدخل هُوَ إِلَى الْقُدس فِي يَوْم السبت سادس عشر رَجَب وَقُرِئَ توقيعه يَوْم الْجُمُعَة وفيهَا توجه القَاضِي فتح الدّين بن الاسيل الشَّافِعِي قَاضِي الْقُدس الى الْحجاز الشريف خُفْيَة من حَيْثُ لم يعلم النَّاس بِحَالهِ فَإِنَّهُ اظهر انه يتَوَجَّه الى نابلس فِي شهر رَمَضَان فَتوجه اليها ثمَّ توجه من نابلس الى بلد الْخَلِيل وسافر صُحْبَة الْحجَّاج وَهُوَ مُسْتَمر على الأولاية وشغرت الْوَظِيفَة عَنهُ من شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ ألى آخر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَلم يكن بالقدس إِذْ ذَاك حَاكم مالكي وَلَا حنبلي وَانْفَرَدَ القَاضِي شمس الدّين الديري الْحَنَفِيّ بالحكم فِي مَدِينَة الْقُدس مُدَّة سنة كَامِلَة الى ان ولي الْحَنْبَلِيّ وَدخل الى الْقُدس فِي ثامن عشر شهر شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ فَكَانَ القَاضِي الْحَنَفِيّ كلما احْتَاجَ الْأَمر الى مسئلة خلافية اسْتخْلف فِيهَا من اهل ذَلِك الْمَذْهَب وفيهَا - أَعنِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ - حج السُّلْطَان وَالْملك الْأَشْرَف قايتباي الى بَيت الله الْحَرَام وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الذّهاب واقام بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة أَرْبَعَة أَيَّام ثمَّ توجه مِنْهَا الى مَكَّة المشرفة وَقضى مَنَاسِكه وَعَاد الى مَحل سلطنته بالديار المصريية وَالله الْمُوفق ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة 885 هـ فِيهَا فِي شهر الْمحرم وَردت الْبُشْرَى الى الْقُدس الشريف بوصول السُّلْطَان من مَكَّة المشرفة وَكَانَ دُخُوله إِلَى الْقَاهِرَة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر الْمحرم وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدُخُوله وزينت مَدِينَة الْقُدس وَغَيرهَا من الْبِلَاد وفيهَا - بعد قدوم السُّلْطَان من الْحجاز الشريف - انْعمْ على الامير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَيُّوب باستقراره فِي نِيَابَة الْقُدس الشريف عوضا عَن الامير سنطباي(2/322)
النحاسي وُصُول متسلمه - وَهُوَ أَخُوهُ الشهابي احْمَد - الى الْقُدس فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس صفر وفيهَا ورد مرسوم شرِيف بِطَلَب نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي والمباشرين الى الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة فتوجهوا فِي نَهَار الثُّلَاثَاء سادس ربيع الأول ثمَّ توجه القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة ثَانِي نَهَار الِاثْنَيْنِ عَاشر ربيع الآخر بمرسوم شرِيف ورد بِحُضُورِهِ وَفِي يَوْم السبت ثَانِي عشري ربيع الآخر دخل الْأَمِير نَاصِر الدّين بن أَيُّوب الى الْقُدس بخلعة السُّلْطَان وَكَانَ يَوْمًا حافلا وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع جمادي الأولى دخل الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي نَاظر الْحَرَمَيْنِ الى الْقُدس الشريف عَائِدًا من الابواب الشَّرِيفَة وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدُخُوله وفيهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر جمادي الْآخِرَة كبس عَمْرو بن غَانِم البدري وَمن مَعَه من الْعَرَب الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَيُّوب نَائِب الْقُدس باريحاء الْغَوْر وحصلت فتْنَة قتل فِيهَا جمَاعَة وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع رَجَب توجه الْأَمِير نَاصِر الدّين بن أَيُّوب الى حلب قَاصِدا الْأَمِير يشبك الدوادار الْكَبِير وَفِي يَوْم الاحد ثَانِي عشر رَجَب حضر ملك الْأُمَرَاء برسباي نَائِب غَزَّة الى برك المرجيع وَنصب مخيمه هُنَاكَ بعمارة البرك وَشرع فِي الْعَمَل بِنَفسِهِ وَعَسْكَره وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر شعْبَان حضر الْأَمِير نَاصِر الدّين بن ايوب من مَدِينَة حلب الى الْقُدس الشريف وفيهَا اسْتَقر القَاضِي زين الدّين عبد الباسط بن القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد الْجَعْفَرِي النابلسي فِي قَضَاء الْحَنَابِلَة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام والرملة ونابلس بعد شغور قَضَاء الْقُدس عَن أَخِيه القَاضِي كَمَال الدّين من سنة اثْنَتَيْنِ(2/323)
وَثَمَانِينَ - كَمَا تقدم - والبس القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة كاملية على سمور واذن لَهُ فِي السّفر فَتوجه هُوَ وَالْقَاضِي زين الدّين عبد الباسط الْحَنْبَلِيّ من الْقَاهِرَة ودخلا الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر شعْبَان وكل مِنْهُمَا لابس خلعته وَقُرِئَ توقيع القَاضِي فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشري شعْبَان وفيهَا فِي شهر رَمَضَان ورد الْخَبَر الى الْقُدس الشريف ان الْأَمِير يشبك الدوادار الْكَبِير قتل فِي التجريدة فِي مملكة الشرق وأشاع ذَلِك رجل اسْمه يحيى ابْن جرار الفطايس فَبلغ النَّائِب الْأَمِير مُحَمَّد بن أَيُّوب ذَلِك فَطلب يحيى الْمَذْكُور وضربه بالمقارع لكَونه أشاع ذَلِك ثمَّ تَوَاتَرَتْ الاخبار بتقله وَصحت وارخ يَوْم قَتله فَكَانَ فِي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي تحدث النَّاس بِهِ بالقدس الشريف وَكَانَ قَتله بِأَرْض الرها من ملك الْعَجم وفيهَا وَقعت فتْنَة بالقدس الشريف سَببهَا ان الْأَمِير نَاصِر الدّين بن أَيُّوب نَائِب الْقُدس قبض على جمَاعَة من بني زيد وقتلهم فَحَضَرَ الى الْقُدس جمع كَبِير من جمَاعَة المقتولين وعصبتهم وهجموا على مَدِينَة الْقُدس فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشري شَوَّال فَعلم بهم النَّائِب فَركب من منزله وَتوجه الى نَحْو بَاب الاسباط فأدركه الْقَوْم وقصدوه فَدخل وَهُوَ رَاكب الى الْمَسْجِد من بَاب الاسباط وَاسْتمرّ رَاكِبًا الى أَن خرج من بَاب المغاربة وهجم العشير الى دَاخل الْمَسْجِد وَالسِّلَاح مَشْهُور بِأَيْدِيهِم لقصد قَتله فنجا مِنْهُم باسراعه بِالْخرُوجِ من بَاب المغاربة وَكسر بَاب السجْن وَأخرج من بِهِ من المسجونين وبادر التُّجَّار بتوزيع مَا فِي حوانيتهم وَقتل ثَلَاثَة أَنْفَار وجرح جمَاعَة وَشرع الْعَرَب فِي قطع الطّرق وايذاء النَّاس وَحصل الارجاف فِي النَّاس واغلقت الاسواق والمنازل خشيَة النهب وَكَانَت فتْنَة فَاحِشَة(2/324)
(ذكر بِنَاء الْمدرسَة الأشرفية المنسوبة لملك الْعَصْر مَوْلَانَا السُّلْطَان) (الْملك الْأَشْرَف ابي النَّصْر قايتباي نَصره الله تَعَالَى) قد تقدم ان الْأَمِير حسن الظَّاهِرِيّ كَانَ قد بنى الْمدرسَة الْقَدِيمَة للْملك الظَّاهِر خشقدم ثمَّ بعد وَفَاته سَأَلَ السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف فِي قبُولهَا فقبلها مِنْهُ ونسبت اليه ورتب لَهَا شَيخا وصوفية وفقهاء وَصرف لَهُم المعاليم ثمَّ حضر السُّلْطَان الى الْقُدس الشريف فِي سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فَلم تعجبه فَلَمَّا كَانَ فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ توجه القَاضِي أَبُو البقا بن الجيعان من الْقَاهِرَة الى دمشق لضبط تَرِكَة ملك الْأُمَرَاء جاني بيك قلقيس نَائِب دمشق وَدخل الى بَيت الْمُقَدّس فِي يَوْم الاربعاء ثَالِث ربيع الآخر وصحبته خاصكي لهدم الْمدرسَة الْمشَار اليها وتوسيعها بِمَا يُضَاف اليها من الْعِمَارَة وسافر القَاضِي ابو البقا فِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي يَوْم دُخُوله وَلم تهدم فِي ذَلِك التَّارِيخ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم الاحد رَابِع عشري شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ كَانَ الِابْتِدَاء فِي حفر الاساس لعمارة الْمدرسَة وَهدم الْبناء الْقَدِيم الَّذِي على رواق الْمَسْجِد وَشرع المهندسون فِي الْعَمَل فَبنى الْمجمع السفلي الملاصق لرواق الْمَسْجِد من جِهَة الشرق ثمَّ توجه الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري الى الديار المصرية بِسَبَب عمَارَة الْمدرسَة ليحرض السُّلْطَان على الِاجْتِهَاد فِي أمرهَا والاسراع فِي عمارتها وفيهَا اسْتَقر الامير شهَاب الدّين أَحْمد بن مبارك شاه فِي نِيَابَة الْقُدس الشريف عوضا عَن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَيُّوب وَدخل متسلمه الى الْقُدس الشريف فِي تَاسِع عشر ذِي الْقعدَة ثمَّ دخل هُوَ الى الْقُدس فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة وصحبته جمع كَبِير من الْعَرَب والعشير وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَقُرِئَ توقيعه يَوْم الْجُمُعَة وَغَضب السُّلْطَان على الْأَمِير نَاصِر الدّين بن أَيُّوب وَقبض عَلَيْهِ وامتحنه(2/325)
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشر الْمحرم دخل قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين أَبُو الْفضل عبد الْقَادِر بن جِبْرِيل الْغَزِّي الشَّافِعِي الى الْقُدس الشريف مُتَوَلِّيًا قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس والرملة ونابلس عوضا عَن القَاضِي فتح الدّين ابْن الاسيل بعد شغوره عَنهُ لغيبته من شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَكَانَت ولَايَة القَاضِي محيي الدّين من اواخر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي يَوْم دُخُوله وفيهَا سير السُّلْطَان الى الْقُدس الشريف من الْقَاهِرَة جمَاعَة من المعمارية والمهندسين والحجارين لعمارة مدرسته فَحَضَرَ مَعَهم شخص نَصْرَانِيّ من المهندسين بِالْقَاهِرَةِ لَهُ حذق فِي الهندسة فَلَمَّا رأى الْمجمع السفلي الْمَبْنِيّ بِالْمَسْجِدِ بلصق الرواق لم يُعجبهُ فقصد هَدمه بِكَمَالِهِ ثمَّ اقْتضى الْحَال هدم بعضه من الْقبْلَة فهدم وَهدم ايضا ثَلَاث قناطر من الرواق مِمَّا هُوَ ملاصق للباب المتوصل مِنْهُ الى المنارة واجتهد المنهدسون والصناع من المصرين فِي الْعِمَارَة وَكَانَ المتولى لذَلِك القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة الخزرجي وفيهَا فِي يَوْم الاربعاء ثامن عشر صفر ورد الى الْقُدس قَاصد سُلْطَان الْحَبَشَة - وَكَانَ زمن عيد النَّصَارَى الْمُسَمّى بسبت النُّور - وعَلى يَده مرسوم شرِيف بِأَن يُمكن جَمِيع النَّصَارَى من الدُّخُول الى قمامة فَمَنعه المباشرون وخازندار نَائِب الشَّام الْأَمِير قجماس وسمحوا لَهُ بِالدُّخُولِ هُوَ وجماعته فَامْتنعَ من ذَلِك ثمَّ سلموه مَفَاتِيح قمامة وَدخل هُوَ وَجَمِيع طوائف النَّصَارَى بِغَيْر كلفة وَلَا بذل وفيهَا فِي يَوْم السبت رَابِع عشر رَجَب دخل الى الْقُدس السُّلْطَان جم بن مُحَمَّد بن عُثْمَان ملك الرّوم وَدخل فِي خدمته نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة والجم الْغَفِير وفيهَا فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري شعْبَان حضر الى الْقُدس نَائِب غَزَّة برسباي وخليل بن اسماعيل شيخ جبل نابلس ومعهما خاصكي العزب وكبسهم وَانْصَرفُوا من غير شَيْء(2/326)
وفيهَا توجه الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة الى الْقَاهِرَة للسعي فِيمَا كَانَ بِيَدِهِ من مشيخة الخانقاه الصلاحية وَنصف خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَحضر إِلَى الْقَاهِرَة الشَّيْخ جمال الدّين بن غَانِم شيخ حرم الْقُدس الشريف والخطيب فتح الدّين أَبُو الحزم القرقشندي واتصل الامر بالسلطان واركان الدولة وَحصل بَينهم تشاجر وتنازع وَطَالَ الْخِصَام بَينهم وَكَانُوا بِالْقَاهِرَةِ فِي شهر رَجَب وَآخر الامر وَقع الصُّلْح بَينهم بِأَن يكون الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة بِيَدِهِ نصف مشيخة الخانقاه الصلاحية على عَادَته بمشاركة شيخ الْحرم بِالنِّصْفِ الْبَاقِي وَأَن يكون نصف الخطابة الْمُتَنَازع فِيهِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بيد الْخَطِيب ابي الحزم القرقشندي مُشْتَركا بَين الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة والخطيب ابي الحزم القرقشندي لكل مِنْهُمَا الرّبع وَحصل الرِّضَا على ذَلِك وتصادقوا عَلَيْهِ وَكتب لكل مِنْهُم توقيع شرِيف بِمَا اسْتَقر فِيهِ من ذَلِك وعادوا الى أوطانهم وفيهَا حضر الى الْقُدس الشريف الْأَمِير قانصوه اليحياوي نَائِب الشَّام بعد ان عَاد من الْأسر بِبِلَاد الْعَجم فَإِنَّهُ كَانَ قبض عَلَيْهِ بيندور باش عَسْكَر يَعْقُوب بك ابْن حيدر بك لما توجه للتجريدة مَعَ يشبك الدوادار الْكَبِير وَأطلق من الْأسر وَحضر صُحْبَة الامير ازبك امير كَبِير فَلَمَّا وصل الى الرملة ورد مرسوم السُّلْطَان بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وتجهيزه الى الْقُدس الشريف فَحَضَرَ الى الْقُدس فِي شهر شَوَّال وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ الخاتونية وفيهَا فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشري ذِي الْحجَّة ثار جمَاعَة من مَشَايِخ الْفُقَرَاء بمساعدة شيخ الصلاحية على نَائِب الْقُدس احْمَد بن مبارك شاه بِسَبَب جمَاعَة قبض عَلَيْهِم ليجهزهم الى خَلِيل بن اسماعيل شيخ جبل نابلس وحملوا عَلَيْهِ الاعلام وخلصوا مِنْهُ الْجَمَاعَة الَّذين قبض عَلَيْهِم ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وفيهَا تكاملت عمَارَة الْمدرسَة الاشرفية الَّتِي انشأها مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف بجوار بَاب(2/327)
السلسة وَصَارَت قَائِمَة الْبناء وَكَانَ الْفَرَاغ من بنائها فِي شهر رَجَب الْفَرد وَشرع المرخمون فِي عمل الرخام بهَا الى ان انْتَهَت عمارتها (صفة الْمدرسَة الأشرفية) قد تقدم ذكر بِنَاء الْمدرسَة الْقَدِيمَة وَتقدم ذكر اوصافها الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا أَولا وبروز أَمر السُّلْطَان بهدمها وبنائها وتجهيز الصناع من الْقَاهِرَة لعمارتها وَمَا وَقع فِي ذَلِك من الاهتمام الى ان صَارَت قَائِمَة الْبناء وتكامل الرخام بهَا وَركبت الابواب الْخشب وَصَارَت تشْتَمل على الاوصاف الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْآن من الْبناء السفلي والعلوي فالسفلي مِنْهَا هُوَ الْمجمع الملاصق لرواق الْمَسْجِد من جِهَة الشرق الْمُقَابل لثلاث قناطر من الرواق وَلِهَذَا الْمجمع بَابَانِ الاول مِنْهُمَا من جِهَة الشمَال وبجواره شباك مطل على الرواق الَّذِي هُوَ سفل الْمدرسَة العثمانية وَالْبَاب الثَّانِي من جِهَة الشرق والى جَانِبه شباكان عَن يَمِينه وشماله وبصدر الْمجمع محراب مِمَّا يَلِي الغرب وشباك مطل الى الْقبْلَة مِمَّا يَلِي الشرق وبلصق هَذَا الْمجمع من جِهَة الْقبْلَة دركاه محكة السناء بصدرها من جِهَة الغرب الْبَاب المتوصل مِنْهُ الى الْمدرسَة العلوية وَيدخل من هَذَا الْبَاب الى دركاه ثَانِيَة مفروشة بالرخام بهَا عَن يمنة الدَّاخِل خلة صَغِيرَة وبصدر الدركاه مسطبة مرخمة وَعَن يسرة الدَّاخِل بَاب يصعد مِنْهُ الى سلم متسع الْبناء يتَوَصَّل مِنْهُ الى الْمدرسَة العلوية والى مَنَارَة بَاب السَّلَام ويمتد انْتِهَاء السّلم بَاب يدْخل مِنْهُ الى سا حة سَمَاوِيَّة مفروشة الارض بالبلاط الابيض وبصدر هَذِه الساحة من جِهَة الشمَال بَاب مربع يدْخل مِنْهُ الى دركاه لَطِيفَة بهَا عَن يمنة الدَّاخِل دهليز يتَوَصَّل مِنْهُ الى الْمدرسَة الراكبة ظهر الْمجمع اسلفي - المنبه عَلَيْهِ اولا - وَهَذِه الْمدرسَة العلوية تشْتَمل على أَرْبَعَة أواوين متقابلة القبلي مِنْهَا وَهُوَ الْأَكْبَر بصدره محراب وبجانب الْمِحْرَاب من جِهَة الشرق شباكان مطلان على الْمَسْجِد(2/328)
الشريف وَمن جِهَة الغرب شباكان مطلان على السّلم المتوصل مِنْهُ الى الْمدرسَة وبالايوان الْمَذْكُور من جِهَة الشرق ثَلَاثَة شبابيك مطلة على الْمَسْجِد الى جِهَة صحن الصَّخْرَة الشَّرِيفَة ويقابلها ثَلَاث شبابيك على صحن الْمدرسَة والايوان الشمالي بِهِ شباكان مطلان على الْمَسْجِد الشريف من جِهَة الشمَال وشباكان من جِهَة الشرق والايوان الشَّرْقِي وَهُوَ الطارمة بِهِ ثَلَاث قناطر على عمودين من الرخام وعلوها قمريات من الزّجاج والافرنجي فِي غَايَة الْبَهْجَة والاتقان ويقابله الايوان الغربي وَبِه شباك مطل على صحن الْمدرسَة مفروش ارْض جَمِيع ذَلِك بالرخام الملون وحيطان ذَلِك مستدير عَلَيْهَا الرخام والسقف على جَمِيع ذَلِك من الْخشب المدهون بورق الذَّهَب واللازورد وَهُوَ فِي غَايَة الاحكام والاتقان والارتفاع وبجوار الايوان الشمالي بَيت مَعْقُود يدْخل اليه من الدركاه - الْمُتَقَدّم ذكرهَا - بَاب عَن يسرة الدَّاخِل وَهُوَ مفروش الارض بالرخام الملون وحيطانه مستدير عَلَيْهَا الرخام بِهِ شباكان مطلان على الايوان الشمالي من الْمدرسَة وعَلى ظَاهر هَذَا الْبَيْت طبقَة لَطِيفَة بهَا شباك مطل على دَاخل الْمدرسَة وشباك مطل على الساحة السماوية وبالساحة الْمَذْكُورَة - وَهِي السماوية - بَاب يدْخل مِنْهُ الى سا حة اخرى بهَا الخلاوي المعقودة والمتوضأ وَالْمَنَافِع مركب جَمِيع ذَلِك على الايوانين القبلي والشرقي وَغَيرهمَا من الْمدرسَة البلدية وبالمدرسة الْمشَار اليها من آلَات الْبسط والقناديل مَا هُوَ فِي غَايَة الْحسن مِمَّا لَا يُوجد فِي غَيرهَا وعَلى ظَاهرهَا الرصاص الْمُحكم كظاهر الْمَسْجِد الاقصى الشريف وَمن أعظم محاسنها كَونهَا فِي هَذِه الْبقْعَة الشَّرِيفَة وَلَو بنيت فِي غير هَذَا الْمحل لم يكن عَلَيْهَا الرونق الْمَوْجُود عَلَيْهَا ببنائها فَإِن النَّاس كَانُوا يَقُولُونَ قَدِيما مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس بِهِ جوهرتان هما قبَّة الْجَامِع الْأَقْصَى وقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة قلت وَهَذِه الْمدرسَة صَارَت جَوْهَرَة ثَالِثَة فَإِنَّهَا من الْعَجَائِب فِي حسن المنظر ولطف الْهَيْئَة وَالله الْمُوفق(2/329)
وَمن جملَة مَا عمره السُّلْطَان حِين عمْرَة الْمدرسَة لسبيل الْمُقَابل لَهَا بداخل الْمَسْجِد فَوق الْبِئْر الْمُقَابل لدرج الصَّخْرَة الغربي وَكَانَ قَدِيما على الْبِئْر الْمَذْكُور قبَّة مَبْنِيَّة ابالاحجار كَغَيْرِهِ من الْآبَار الْمَوْجُودَة بِالْمَسْجِدِ فازيلت تِلْكَ الْقبَّة وَبني السَّبِيل المستجد وفرش أرضه بالرخام وَصَارَ فِي هَيْئَة لَطِيفَة وَكَذَلِكَ الفسقية الَّتِي بِالْقربِ مِنْهُ قبلي المسطبة الْمُجَاورَة للسبيل والفسقية الَّتِي هِيَ بَين بَاب السلسلة وَبَاب السكينَة وَكَانَ قَدِيما مكاها حوانيت ويقابلها من جِهَة الْقبْلَة حوانيت اخر فازيلت الحوانيت من الْجَانِبَيْنِ وعمرت الفسقية الْمَذْكُورَة وَالَّتِي بداخل الْمَسْجِد افنتفع النَّاس بهما فِي تيسير الْوضُوء وَلم يَقع لنا فِي هَذِه السّنة مَا يصلح أَن يؤرخ غير ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وفيهَا اسْتَقر الْأَمِير جانم الأشرفي فِي نِيَابَة الْقُدس الشريف وَحضر متسلمه خضر بك الَّذِي ولي النِّيَابَة فِيمَا بعد فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشر الْمحرم وتسحب احْمَد بن مبارك شاه - الْمُنْفَصِل - وَضبط موجوده وَفِي يَوْم السبت رَابِع عشر الْمحرم توجه قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين بن جِبْرِيل الشَّافِعِي الى الْقَاهِرَة بمطالبة القَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف وَردت عَلَيْهِ بالحضور وان يكون طيب الْقلب منشرح الصَّدْر وَالسَّبَب فِي طلبه انه سمى عَلَيْهِ القَاضِي بدر الدّين بن الحمامي فتوقف الامر على طلبه فَتوجه الى الْقَاهِرَة فَقبض عَلَيْهِ الْأَمِير اقبردى الدوادار الْكَبِير وَوَضعه فِي الترسيم وفيهَا ورد المرسوم الشريف الى الْأَمِير قانصوه اليحياوي بعمارة قناة العروب وَعمارَة بكرَة المرجيع وجهز لَهُ من الخزائن الشَّرِيفَة خَمْسَة آلَاف دِينَار مِنْهَا الف دِينَار نَفَقَة للأمير قانصوه وَأَرْبَعَة آلَاف دِينَار للعمارة فَتوجه فِي عَاشر صفر للعمارة وصحبته مِائَتَا فَاعل وَنصب مخيمه وَشرع فِي الْعِمَارَة الى أَن اكملها وَتوجه اليه اعيان بَيت الْمُقَدّس وأكابرها وكل من توجه اليه يصحب مَعَه شَيْئا من أَنْوَاع الْمَأْكُول كالعسل وَالسمن وَالْغنم وَغير ذَلِك وفيهَا اسْتَقر القَاضِي بدر الدّين أَبُو البركات حسن بن عَليّ الحمامي الرَّمْلِيّ(2/330)
الْقُدس الشريف قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين يحيى بن مُحَمَّد الاندلسي الانصاري الْمَالِكِي مُتَوَلِّيًا قَضَاء الْمَالِكِيَّة بعد شغوره عَن القَاضِي عَلَاء الدّين بن المزوار نَحْو سبع سِنِين فان ابْن المزوار سَافر من الْقُدس فِي جمادي الاولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ وَهُوَ بَاقٍ على الْولَايَة الى ان توفّي فِي آخر جمادي الاولى سنة خمس وَثَمَانِينَ واستمرت الْوَظِيفَة شاغرة الى أَن ولي القَاضِي شرف الدّين يحيى - الْمشَار اليه - فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَدخل الى الْقُدس فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَفِي يَوْم السبت خَامِس عشر صفر أَيْضا توفّي أَمِين الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الْحلَبِي الْمَشْهُور بِابْن قطيبا مبَاشر الاوقاف ومولده فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة بمصطلح الْمُبَاشرَة والحساب وَكَانَ منور الشيبة حسن الشكل وفيهَا فِي مستهل جمادي الاولى ورد جَراد كثير على بَيت الْمُقَدّس فَأكل غَالب ثَمَرَة الكروم وَالزَّرْع والخضروات وَاسْتمرّ مُدَّة يذهب وَيعود وفيهَا عَاد شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف من الْقُدس الى الْقَاهِرَة فوصل اليها فِي جمادي الْآخِرَة وفيهَا كَانَ ابْتِدَاء الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف قايتباي وَبَين السُّلْطَان بايزيد ابْن عُثْمَان ملك الرّوم وجهز السُّلْطَان التجريدة لقِتَال ابْن عُثْمَان وَكَانَ الْمُقدم على الْعَسْكَر الْأَمِير تموراز أَمِير سلَاح وَكَانَ سَفَره من الْقَاهِرَة فِي جمادي الاولى فَلَمَّا وصل الى الرملة توجه اليه الامير جانم نَائِب الْقُدس وصحبته العشير الْمُجْتَمع من جبل الْقُدس بعد أَن عرض الرِّجَال فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي جمادي الْآخِرَة وتوجهوا فِي يَوْم السبت وفيهَا توجه نَاظر الْحَرَمَيْنِ الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي وصحبته جمَاعَة المباشرين الى الْقَاهِرَة المحروسة بمرسوم شرِيف ورد بطلبهم وَحصل بعض المباشرين محنة من السُّلْطَان فِي شهر شعْبَان ثمَّ لطف الله بهم وعادوا الى الْقُدس الشريف وَدخل نَاظر الْحَرَمَيْنِ بخلعة السُّلْطَان فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري رَمَضَان وَكَانَ يَوْمًا مشهودا(2/332)
ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَمَانمِائَة وفيهَا توفّي الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري فِي شهر ربيع الأول - كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته - وَكَانَ قد حصل لَهُ السرُور بمعمارة الْمدرسَة الاشرفية لِأَنَّهُ اجْتهد فِي عمارتها وراع السُّلْطَان فِيهَا واحتفل بأمرها فَلَمَّا انْتَهَت عمارتها أَدْرَكته الْمنية قبل بُلُوغ الامنية فسبحان من يتَصَرَّف فِي عباده بِمَا يَشَاء وفيهَا توفّي الشَّيْخ سعد الله الْحَنَفِيّ إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَترك ولدا صَغِيرا فَحمل الْوَلَد الى السُّلْطَان وساعده جمَاعَة فِي استقراره فِي إِمَامَة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة عوضا عَن وَالِده وَتوجه نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن خشنى المهشور بِابْن الشنتير للسعي فِي الامامة وساعده الْأَمِير تمراز أَمِير سلَاح فاقضى الْحَال الْمُشَاركَة بَينهمَا فاستقر نَاصِر الدّين ابْن دشني فِي نصف الامامة وَهُوَ الَّذِي كَانَ قرر وَالِده فِيهِ الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي - كَمَا تقدم ذكره فِي حوادث سنة سِتّ وَسبعين - وَاسْتقر نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ سعد الله فِي النّصْف الثَّانِي وَكتب لكل مِنْهُمَا توقيع شرِيف بِمَا اسْتَقر فِيهِ وفيهَا توجه القَاضِي شرف الدّين يحيى الْمَالِكِي قَاضِي الْقُدس الى الديار المصرية يشكي حَاله من جمَاعَة بالقدس الشريف فرسم لَهُ باستمراره فِي الْوَظِيفَة وتقوية يَده وَشد عضده وَكتب لَهُ مرسوم شرِيف بذلك (ذكر إِقَامَة نظام الْمدرسَة الأشرفية) وفيهَا عين السُّلْطَان لمشيخة مدرسته بالقدس الشريف شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف بِحكم وَفَاة الشَّيْخ شهَاب الدّين الْعمريّ وَطَلَبه الى حَضرته وشافهه بالأولاية وَسَأَلَهُ فِي الْقبُول فَأجَاب بذلك والبسه كامليه وَتوجه من الْقَاهِرَة المحروسة الى الْقُدس الشريف وصحبته القَاضِي بدر الدّين أَبُو البقا ابْن الجبعان والأميران جَان بلاط وماماي والمهتار رَمَضَان وَجَمَاعَة من الْقُرَّاء السُّلْطَانِيَّة ودخلوا الى بَيت الْمُقَدّس فِي يَوْم الاحد سادس رَجَب مومعهم اكبار المقادسة(2/333)
وأنعم فِي ذَلِك الْيَوْم على جمَاعَة بِلبْس الْخلْع الْوَارِدَة من الابواب الشَّرِيفَة مِنْهُم نَائِب الشَّام الْأَمِير قانصوه اليحياوي واولاده ونائب الْقُدس الْأَمِير جانم والناظر الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي وَالْقَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة والامام نصر الدّين بن الشنتير حضر مَعَهم من الْقَاهِرَة وألبس تَشْرِيفًا بطرحة وَمِمَّنْ حضر مَعَهم من الْقَاهِرَة القَاضِي شرف الدّين يحيى الْمَالِكِي وَدخل بِغَيْر خلعة وَكَانَ يَوْمًا مشهودا ثمَّ فِي يَوْم الْجُمُعَة جلس شيخ الاسلام الكمالي بِالْمَدْرَسَةِ وَعمل درسا حَضَره شيخ الاسلام نجم الدّين ابْن جمَاعَة والقضاة والاعيان وَمن حضر من اركان الدولة السُّلْطَانِيَّة وَالْخَاص وَالْعَام وَكَانَ يَوْمًا حافلا ورتبت الْوَظَائِف بِالْمَدْرَسَةِ وتقرر أمرهَا واستوطن شيخ الاسلام الكمالي بِبَيْت الْمُقَدّس وَسَنذكر تَرْجَمته فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ توجه القَاضِي ابو البقا وأركان الدولة الى الديار المصرية فِي الشَّهْر الْمَذْكُور وفيهَا طلب القَاضِي بدر الدّين ابْن الحمامي الشَّافِعِي الى الابواب الشَّرِيفَة وَتوجه فِي شهر جمادي الْآخِرَة وَغرم مَالا وأنعم عَلَيْهِ بالاستمرار فِي وظيفته بالقدس والرملة وَعَاد بعد ان خلع عَلَيْهِ كاملية بسمور وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي خَامِس عشري رَمَضَان وفيهَا وَردت مكاتبات القَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف الى الْأَمِير قانصوه اليحياوي نَائِب الشَّام وَإِلَى نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين والقضاة الثَّلَاثَة الشَّافِعِي والحنفي والمالكي يعملهم انه بلغه ان القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الْحَنْبَلِيّ بالقدس الشريف يعْتَمد أمورا لَا تلِيق بِمن هُوَ رَاكب لهَذَا المنصب الشريف بل تسْقط الْعَدَالَة وسالهم فِي الْكَشْف عَلَيْهِ وتحرير أمره وإعادة الْجَواب بِحَقِيقَة حَاله من غير مُرَاعَاة ليراجع فِي أمره المسامع الشَّرِيفَة ليترتيب على كل شَيْء مُقْتَضَاهُ ووردت المكاتبات بذلك فِي شهر ذِي الْقعدَة فَقدر ان القَاضِي كَانَ غَائِبا بنابلس فَلَمَّا حضر الى الْقُدس الشريف حصل لَهُ محنة فِي الطَّرِيق بِخُرُوج اللُّصُوص عَلَيْهِ(2/334)
وَأخذ جَمِيع مَا مَعَه فَكَانَ ذَلِك سَببا لعدم الْكَشْف عَلَيْهِ اكْتِفَاء بِمَا حصل لَهُ من المحنة ثمَّ كَانَ من أمره مَا سَنذكرُهُ فِي حوادث السّنة الْآتِيَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وفيهَا فِي شهر ذِي الْحجَّة توفّي الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله بن غَانِم شيخ حرم الْقُدس الشريف وَاسْتقر وَلَده الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد فِيمَا كَانَ بيد وَالِده من مشيخة الْحرم وَنصف مشيخة الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وفيهَا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث الْمحرم دخل الامير ماماي الخاصكي الى الْقُدس الشريف بخلعة السُّلْطَان وَالنَّاس فِي خدمته فرسم على أكَابِر الْبَلَد وَأخذ مِنْهُم مَالا فَأخذ من نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي اربعة بغال وحصانا وَمن النَّائِب الْأَمِير جانم مِائَتي دِينَار وَمن شيخ الصلاحية ثَلَاثِينَ دِينَارا وَمن القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة أَرْبَعمِائَة دِينَار وَمن القَاضِي شهَاب الدّين الْجَوْهَرِي ثلثمِائة دِينَار وَحصل للنَّاس مِنْهُ شدَّة وَتوجه فِي يَوْم السبت ثامن الْمحرم وفيهَا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع ربيع الأول توجه القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة الى الْقَاهِرَة بمرسوم شرِيف ورد بِطَلَبِهِ وفيهَا حضر الْأَمِير اقبردي الدوادار الْكَبِير من الْقَاهِرَة المحروسة الى جِهَة نابلس لتجهيز رجال للتجريدة لقِتَال بايزيد بن عُثْمَان ملك الرّوم وَوصل الى مَدِينَة الرملة فِي خامش عشر ربيع الأول وَهُوَ أول قدومه الى هَذِه الأَرْض فنصب مخيمه على تل العوجاء وَشرع يتنقل فَتَارَة ينزل بارض قاقون وَتارَة بِأَرْض اللجون وَتارَة بالرملة والبس خَلِيل بن اسماعيل مشيخة جبل نابلس على عَادَته وَشرع فِي تجهيز الرِّجَال وعرضهم وَدفع النَّفَقَة لَهُم وفيهَا فِي اواخر شهر ربيع الاول حصل للسُّلْطَان عَارض وَهُوَ انه ركب فرسا فِي الحوش بالقلعة فَرَمَاهُ وَوَقع فَوْقه فَكسر فَخذ السُّلْطَان وَاسْتمرّ نَحْو شَهْرَيْن وانزعجت المملكة لذَلِك ثمَّ عوفي - وَللَّه الْحَمد - وزينت مَدِينَة الْقُدس(2/335)
وَغَيرهَا من الْبِلَاد لعافيته وفيهَا عزل القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الْحَنْبَلِيّ من قَضَاء الْقُدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ونابلس وَكَانَ بروز الامر بعزله فِي رَابِع عشري ربيع الآخر وَورد علم ذَلِك الى بَيت الْمُقَدّس فِي الْعشْر الاول من جمادي الأولى وَخرج مختفيا فِي لَيْلَة خَامِس عشر الشَّهْر الْمَذْكُور بعد محن حصلت عَلَيْهِ من الشكاوى الْوَاقِعَة عَلَيْهِ الى دوادار السُّلْطَان وَهُوَ بمخيمه بِأَرْض اللجون وانحرف نَائِب الْقُدس عَلَيْهِ وَغَيره من الاكابر والعيان بِبَيْت الْمُقَدّس وَالله الْمُوفق وفيهَا فِي يَوْم السبت سَابِع عشري رَجَب حضر الْأَمِير اقبردي الدوادار الْكَبِير الى الْقُدس الشريف بعد فَرَاغه من المهم السلطاني وَقصد التَّوَجُّه الى الابواب الشَّرِيفَة وفرش لَهُ نَائِب الْقُدس - الْأَمِير جانم - الشقق الْحَرِير ونثر على رَأسه الْفضة وأوقد لَهُ الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَقدم لَهُ نَائِب الْقُدس عشْرين فرسا وقطار بغال وَعمل لَهُ سماطا عَظِيما فَخلع عَلَيْهِ وعَلى الْأَمِير قانصوه اليحياوي نَائِب الشَّام وسافر من الْقُدس فِي عَشِيَّة يَوْم الْأَحَد وَتوجه الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام للزيارة ثمَّ توجه الى مَدِينَة غَزَّة وَأقَام بهَا مدية يسيرَة ثمَّ توجه الى الديار المصرية وفيهَا فِي أَوَاخِر شهر شعْبَان حضر سيدنَا ولي الله تَعَالَى الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو العون مُحَمَّد الْغَزِّي القادري الشَّافِعِي نزيل جلجوليا أعَاد الله علينا من بركاته الى الْقُدس الشريف زَائِرًا ثمَّ توجه لزيارة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ السماط قد قطع مُدَّة أَيَّام فَلَمَّا قدم الى بلد الْخَلِيل تَلقاهُ الْفُقَرَاء وَالْفُقَهَاء ودخلوا مَعَه بِتِلَاوَة الْقُرْآن وَالذكر واعيد السماط ببركته ثمَّ عَاد الى الْقُدس الشريف فِي سلخ شعْبَان وَصَامَ أَيَّامًا فِي شهر رَمَضَان ثمَّ عَاد الى مَحل وَطنه عَامله الله بِلُطْفِهِ وفيهَا اسْتَقر الْأَمِير خضر بك فِي نِيَابَة الْقُدس الشريف وَوصل متسلمه السيفي كتبغا مَمْلُوك الْأَمِير قانصوه اليحياوي فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشري رَمَضَان وَقُرِئَ المرسوم الشريف بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَدخل النَّائِب الى الْقُدس فِي يَوْم(2/336)
الثلاثا تَاسِع ذِي الْقعدَة بعد كبس قَرْيَة جلجوليا فَقبض جمَاعَة من أَهلهَا ودخلوا مَعَه الى الْقُدس بعد ضَربهمْ واشهارهم على الْجمال وَقصد قَتلهمْ عِنْد بَاب الْخَلِيل فَوَقَعت الشافعة فيهم وَقُرِئَ توقيعه يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة وفيهَا احْتبسَ الْمَطَر حَتَّى دخل اكثر الشتَاء وَوَقع الجدب وانزعج النَّاس لذَلِك وتزايد ظلم النَّائِب وإفحاشه فِي حق الرّعية بالجور وَقل الْقُوت لاحتباس الْمَطَر وَمَضَت السّنة وَالْأَمر على ذَلِك ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وفيهَا عمر الْأَمِير خضر بك نَائِب الْقُدس بدار النِّيَابَة المقعد الملاصق لايوان الحكم من جِهَة الشمَال وَجعله على طَريقَة مجَالِس الْحُكَّام بالديار المصرية وسقفه بالخشب المدهون وَكَانَ قبل ذَلِك جُلُوس النَّائِب بصدر الايوان فَصَارَ جُلُوسه بالمقعد وَهُوَ أولى من النظام الأول وَقد كتب بأعلا المقعد تَارِيخ عِمَارَته فِي الْمحرم سنة احدى وَتِسْعين وَهُوَ خطأ وَإِنَّمَا عمر فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وفيهَا فَشَا الغلاء فِي جَمِيع المملكة وَاشْتَدَّ الْأَمر بِبَيْت الْمُقَدّس وتزايد ظلم النَّائِب بِهِ وُجُوه فورد مرسوم شرِيف بالكشف عَلَيْهِ وَمَا يُعلمهُ فِي حق الرّعية وَأَن يكون الْمُتَوَلِي لذَلِك الْأَمِير طومان باي الخاصكي وَكَانَ إِذْ ذَاك بالمملكة الشامية فانتظر حُضُوره وَكَانَ من تَقْدِير الله تَعَالَى أَن الَّذِي تسبب فِي وُرُود المرسوم الشريف بالكشف على النَّائِب جمال الدّين يُوسُف بن ربيع أَمِير الحكم بالقدس فَلَمَّا وصل المرسوم سر بذلك وَشرع فِي تَدْبِير الامور وترتيب الشكاة الى أَن يحضر الخاصكي للقدس فَقدر الله وَفَاة جمال الدّين بن ربيع فِي ثَالِث عشري جماي الاولى قبل حُضُور الخاصكي وصادف يَوْم وَفَاته وُرُود خلعة من الابواب الشَّرِيفَة للنائب فَخرجت جَنَازَة جمال الدّين بن ربيع الى ماملا والأسواق قد زينت والبشائر دقَّتْ لوُرُود خلعة النَّائِب ولبسها وَدخل الى الْقُدس فِي ثَانِي يَوْم وَفَاة ابْن ربيع(2/337)
وَقد رَأَيْت فِي ذَلِك الْيَوْم الْعجب من حَال الدُّنْيَا فَإِن النَّاس قد اخْتلفُوا للكشف على النَّائِب وَالْقِيَام فِي نصْرَة جمال الدّين بن ربيع من الاكابر والعوام لبغضهم فِي النَّائِب فَانْقَلَبَ الْأَمر بضده وَشرع النَّاس فِي الاحتفال بِأَمْر النَّائِب وَالرُّكُوب فِي خدمته وتهنئته بالخلعة الْوَارِدَة عَلَيْهِ وَشرع أهل جمال الدّين بن ربيع من اولاده وعائلته وَأَصْحَابه فِيمَا هم فِيهِ من عقد عزائه والنياحة عَلَيْهِ وتعاطي أَسبَاب تكفينه وَدَفنه والأمران فِي يَوْم وَاحِد فِي سَاعَة وَاحِدَة فسبحان نَاقض العزائم الَّذِي لَا يسئل عَمَّا يفعل فَلَمَّا حضر الخاصكي الى الْقُدس خمدت الامور لوفاة جمال الدّين بن ربيع وَحضر النَّائِب لشيخ الاسلام الكمالي بن أبي شرِيف وتلطف بِهِ وَعَاهد الله أَن لَا يعود لما صدر مِنْهُ فَكتب محْضر للسُّلْطَان ان النَّائِب عَاهَدَ الله على سلوك الطَّرِيق الحميدة وان لَا يعود لما صدر مِنْهُ وَكتب اهل بَيت الْمُقَدّس من الْقُضَاة والاعيان خطوطهم بالمحضر وجهز على يَد الخاصكي وَمضى الْأَمر على ذَلِك وفيهَا حضر الى الْقُدس الشريف الْأَمِير جَان بلاط وعَلى يَده مرسوم شرِيف بالكشف على الْأَوْقَاف وتحرير أمرهَا وَحضر صحبته ملك الْأُمَرَاء أقباي نَائِب غَزَّة المحروسة وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الاحد ثَانِي عشري شهر شعْبَان وَجلسَ بِالْمَدْرَسَةِ الاشرفية بِحُضُور شَيْخي الاسلام الكمالي بن ابي شرِيف والنجمي بن جمَاعَة والناظر والنائب والقضاة وَالْخَاص وَالْعَام وَقُرِئَ المرسوم الشريف ثمَّ انْتهى الْحَال على أَن جمع لَهُ من الاوقاف أَكثر من ألف دِينَار فَأَخذهَا وخدمه نَائِب الْقُدس وناظره وَجَمَاعَة من الْأَعْيَان ثمَّ فِي يَوْم الخيمس سادس عشري شعْبَان توجه وصحبته ملك الْأُمَرَاء بغزة وَشَيخ الاسلام الكمالي والناظر والنائب والقضاة الى ظَاهر الْقُدس الشريف وجلسوا على تل الغول لايقاع الصُّلْح بَين نَائِب الْقُدس السيفي خضر بك وخليل بن اسماعيل شيخ جبل نابلس بِسَبَب مَا وَقع بَينهمَا من التنافر فَحصل الصُّلْح بَينهمَا وَكتب(2/338)
الْجَواب للسُّلْطَان بذلك وَتوجه الْمشَار اليه الى نابلس وفيهَا فِي شهر شعْبَان ورد مرسوم شرِيف بالافراج عَن الْأَمِير قانصوه اليحياوي وان يتَوَجَّه من الْقُدس الشريف الى الْقَاهِرَة المحروسة فَتوجه فِي يَوْم الاربعاء يَوْم عيد الْفطر فَلَمَّا وصل الى غَزَّة ورد خبر وَفَاة الْأَمِير قجماس نَائِب الشَّام فتباشر الْأَمِير قانصوه وجماعته بولايته نِيَابَة الشَّام على عَادَته فَلَمَّا قدم الى الْقَاهِرَة المحروسة أكْرمه السُّلْطَان وانعم عَلَيْهِ واقام اياماً ثمَّ اسْتَقر فِي نِيَابَة الشَّام فِي أَوَاخِر السّنة وفيهَا اشْتَدَّ الْأَمر بالقدس والخليل وَغَيرهمَا وغلت الأسعار فوصل سعر الْقَمْح بالقدس كل مد بِثَلَاثِينَ درهما وَالشعِير كل مد بِاثْنَيْ عشر درهما وَالْخبْز كل رَطْل بأَرْبعَة دَرَاهِم وَكَانَ الغلاء عَاما فِي جَمِيع المملكة (وَاقعَة خضر بك) وفيهَا فحش أَمر خضر بك النَّائِب بالقدس وتزايد ظلمه وسفكه الدِّمَاء وَأخذ اموال النَّاس وَكثر شاكوه وَسَاءَتْ سيرته فَكتب شيخ الصلاحية النجمي بن جمَاعَة فِي أمره اللسلطان فورد مرسوم السُّلْطَان على الامير تغرى ورمش دوادار الْمقر الْأَشْرَف السيفي أقبردي الدوادار الْكَبِير وَهُوَ بِمَدِينَة نابلس بالتوجه الى الْقُدس والكشف على النَّائِب وتحرير امْرَهْ فَحَضَرَ الامير تغرى ورمش الى الْقُدس فِي يَوْم الخيمس ثَالِث عشر ذِي الْحجَّة وَقُرِئَ المرسوم الشريف بالكشف على النَّائِب فعقد لَهُ عدَّة مجَالِس اولها عقب صَلَاة الْجُمُعَة رَابِع عشر ذِي الْحجَّة بمحراب الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف ثمَّ تكَرر عُقُود الْمجَالِس فِي عدَّة أَمَاكِن بَعْضهَا بالمجمع الْكَائِن سفل الْمدرسَة الاشرفية وَبَعضهَا على المسطبة الكائنة عِنْد بَاب جَامع المغاربة وَبَعضهَا بِالْمَدْرَسَةِ لعثمانية وَأكْثر النَّاس من الشكوى عَلَيْهِ وكتبت الْقَصَص فِي حَقه وَحضر أهل مَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بأعلام الْمَسْجِد الشريف(2/339)
والطبلخانات واقيمت الغوغاء عَلَيْهِ وَاسْتمرّ الْأَمر على ذَلِك أَكثر من عشرَة أَيَّام وَكَانَت أَيَّامًا مهولة مزعجة ثمَّ كتب الْجَواب للسُّلْطَان بِمَا صدر مِنْهُ من الْكَشْف على النَّائِب وَمَا هُوَ مرتكبه من الظُّلم وَسُوء السِّيرَة وَكتب الْعلمَاء والقضاة بالمدينتين على الْمحْضر ليحضر على السُّلْطَان وَمِمَّا وَقع ان القَاضِي الْمَالِكِي بالقدس الشريف شرف الدّين يحيى المغربي الاندلسي كَانَ فِي بَاطِن الامر يساعد النَّائِب ويلطف امْرَهْ فَلَمَّا وَقع الْكَشْف ورد على نَاظر الْحَرَمَيْنِ الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي مطالعة الْمقر الزيني ابي بكر بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف يُعلمهُ انه وصل بالمسامع الشَّرِيفَة ان القَاضِي الْمَالِكِي بالقدس كَانَت سيرته اولا حَسَنَة وَكَانَ يُبَاشر بعفة ثمَّ ساءت سيرته وَشرع يَأْخُذ الرِّشْوَة وَقد اقْتَضَت الآراء الشَّرِيفَة عَزله وَمنعه من تعَاطِي الاحكام الشَّرْعِيَّة فالمخدوم يُعلمهُ بذلك ويمنعه من تعَاطِي الاحكام مؤرخ فِي اواخر ذِي الْقعدَة فَلَمَّا وصلت المطالعة لناظر الْحَرَمَيْنِ كتم امرها حَتَّى يفرغ أَمر الْكَشْف على انائب ثمَّ يتتلطف فِي عود الْجَواب عَن القَاضِي وَالسَّعْي فِي استمراره على عَادَته فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم الاحد سادس عشر شهر ذِي الْحجَّة عقد مجْلِس للكشف بِالْمَدْرَسَةِ العثمانية وَجلسَ الامير تغرى ورمش وناظر الْحَرَمَيْنِ وَشَيخ الاسلام الكمالي وَشَيخ الاسلام النجمي والقضاة وَمن جُمْلَتهمْ الْمَالِكِي فَأذن الْعَصْر فَقَامَ القَاضِي الْمَالِكِي يُصَلِّي وَالنَّاس جالسون خَلفه فَوَقع كَلَام من النَّاظر عرض فِيهِ بِذكر القَاضِي الْمَالِكِي وانه يساعد النَّائِب فِي أمره وانه يَأْخُذ الرِّشْوَة وَكَانَ القَاضِي الْمَالِكِي حِين تكلم النَّاظر فِي صلب الصَّلَاة فَسمع كَلَامه فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة وَجه خطابه للأمير تغرى ورمش وَقَالَ لَهُ يَا خوند إِن كَانَ هَذَا الرجل ينسبني لأخذ الرِّشْوَة على الاحكام فَهُوَ يَأْخُذهَا على الاوقاف فانتشر الْكَلَام بَينهمَا وَأخذ شيخ الاسلام الكمالي ينتصر للنَّاظِر وانتهر القَاضِي وَقَالَ لب(2/340)
تكذب فبادر النَّاظر وَأمر باحضار المطالعة الْوَارِدَة بعزل القَاضِي فَلَمَّا قُرِئت قَالَ القَاضِي أَنا ولايتي من السُّلْطَان وَهَذِه مطالعة القَاضِي كَاتب السِّرّ لَا أنعزل بهَا فَقيل لَهُ ان كَاتب السِّرّ هُوَ لِسَان الْملك وقائم مقَامه فِي الْعَزْل وَالْولَايَة وَصرح النَّاظر بِمَنْعه من تعَاطِي الْأَحْكَام فَكثر الغوش على القَاضِي من النَّاس وأفحشوا لَهُ فِي القَوْل وَخرج من الْمجْلس معزولا فَتوجه من حِينه الى الْقَاهِرَة وَلم يقدر لَهُ ولَايَة بعد ذَلِك ثمَّ توجه الى بِلَاد الْيمن فَتوفي بهَا - كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته - ثمَّ كتب الْجَواب للسُّلْطَان بِمَا صدر من الْكَشْف على النَّائِب وَمَا هُوَ مرتكبه من الظُّلم وَسُوء السِّيرَة وَكتب الْعلمَاء والقضاة والاعيان بالقدس خطوطهم على المحاضر وَكتب اهل الْخَلِيل ايضا محَاضِر وَكتب عَلَيْهَا قَاضِي بلد الْخَلِيل واعيانه وجهزت لتعرض على المسامع الشَّرِيفَة وَمَضَت السّنة الْمَذْكُورَة والاحوال مضطربة لما وَقع فِيهَا من الْكَشْف على النَّائِب وَغير ذَلِك من اختلال النظام وَالله الْمُدبر ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي شهر الْمحرم توجه نَائِب الْقُدس الْأَمِير خضر بك الى الابواب الشَّرِيفَة بعد صُدُور الْكَشْف عَلَيْهِ - كَمَا تقدم - وَتوجه أَيْضا نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي فِي الشَّهْر الْمَذْكُور وتمثل كل مِنْهُمَا بالحضرة الشَّرِيفَة فَلَمَّا وقف النَّائِب للسطان وَكَانَ قد عرض عَلَيْهِ مَا كتب فِي حَقه من محَاضِر الْكَشْف ضربه السُّلْطَان وسجنه ورسم ان يدْفع مَا عَلَيْهِ من الْحُقُوق لأربابها وعزله من النِّيَابَة وَأما النَّاظر فَإِنَّهُ استعفى من وظيفته وَسَأَلَ فِي عزل نَفسه فتوقف السُّلْطَان فِي ذَلِك فَادّعى الْعَجز والخ عَلَيْهِ فِي الاستعفاء فأعفي وشغرت كل من الوظيفتين النِّيَابَة وَالنَّظَر وبرز مرسوم شرِيف الى ملك الْأُمَرَاء اقباي نَائِب غَزَّة بتجيهز دواداره الى مَدِينَة الْقُدس ليقيم بهَا الى ان يُجهز اليها من يوليه السُّلْطَان فَجهز دواداره السيفي خشقدم فَقدم الى الْقُدس فِي يَوْم السبت ثامن عشري الْمحرم وَأحسن السياسة(2/341)
وفيهَا فِي شهر صفر اسْتَقر الْأَمِير دقماق دوادار اينال الاشقر فِي نظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونيابة السلطنة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ببذل عشرَة آلَاف دِينَار للخزائن الشَّرِيفَة غير مَا تكلفه لأركان الدولة وَحضر متسلمه طرباي الى الْقُدس فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشري صفر وَكَانَ ذَلِك من أقبح الْأُمُور وأبشعها فَإِن نَاظر الْحَرَمَيْنِ الامير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي كَانَ من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح فأبدل بظالم فَاجر وَهُوَ - كَمَا قيل - لاذات وَلَا أدوات وفيهَا قطع السماط الْكَرِيم بِحَضْرَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام من أول السّنة الى عشري جمادي الأولى ثمَّ عمل من الشّعير وَلم يعلم انه قطع مثل ذَلِك فِي تقادم السنين فَالْحكم لله العلمي الْكَبِير وفيهَا أنعم السُّلْطَان على القَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة بِالرِّضَا والبس خلعة من الحضرة الشَّرِيفَة وَأذن لَهُ فيا لتوجه الى مَحل وَطنه بالقدس الشريف فسافر هُوَ والأمير دقمقا نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السطنة وصحبتهما جمَاعَة المباشرين وَتوجه النَّاس للقائهم من الْقُدس الشريف الى مَدِينَة غَزَّة ودخلوا الى الرملة فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشر جمادي الأولى وفيهَا حضر الْأَمِير أقبردي الدوادار الْكَبِير وصحبته القَاضِي زين الدّين ابْن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف من الْقَاهِرَة المحروسة الى جِهَة نابلس لتجهيز الرِّجَال للتجريدة لقِتَال بايزيد خَان بن عُثْمَان خَان فوصلا الى الرملة فِي يَوْم السبت حادي عشري جمادي الاولى وَكَانَ الْأَمِير دقماق وَالْقَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة بالرملة قبل توجهما الى الْقُدس فاجتمعا بِالْمُشَارِ اليهما وَحضر اعيان بَيت الْمُقَدّس للقاء القَاضِي كَاتب السِّرّ والدوادار الْكَبِير بالرملة مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَشَيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة والقضاة والاعيان وتسلم الامير دقماق وَالْقَاضِي فَخر الدّين من مَال الخزائن الشَّرِيفَة الْوَارِد عَليّ يَد الْأَمِير الدوادار الْكَبِير خَمْسَة آلَاف دِينَار ليصرفا ذَلِك على الرِّجَال المعينين من(2/342)
جبل الْقُدس والخليل واذن لَهما فِي التَّوَجُّه الى الْقُدس فتوجها من الرملة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشري جمادي الأولى ودخلا الى الْقُدس فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشري جمادي الأولى والامير دقماق بخلعة النِّيَابَة وَالنَّظَر وَهُوَ متوشح بأطلسين على الْعَادة وَالْقَاضِي فَخر الدّين بكاملية على سمور وَكَانَ يَوْمًا حافلا وَقُرِئَ توقيع النَّائِب فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي يَوْم دُخُوله وَحصل للنائب ضعف شَدِيد عقب ذَلِك وَانْقطع فَتَوَلّى القَاضِي فَخر الدّين أَمر تجهيز الرِّجَال وَصرف عَلَيْهِم الْمبلغ وَتوجه بهم من الْقُدس فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث رَجَب الى الامير الدوادار الْكَبِير وَتوجه الدوادار الْكَبِير وَالْقَاضِي كَاتب السِّرّ لجِهَة نابلس وجهز الرِّجَال من جبل نابلس ثمَّ توجه القَاضِي كَاتب السِّرّ فِي شهر رَجَب وَهُوَ متوعك الى الابواب الشَّرِيفَة فوصل الى مَحل وَطنه وَاسْتمرّ متوعكا الى أَن توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس سادس شهر رَمَضَان وَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشري رَمَضَان رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ ثمَّ توجه بعده الدوادار الْكَبِير فِي شهر شعْبَان وسارت العساكر لقِتَال بايزيد خَان بن عُثْمَان خَان وفيهَا من الله تَعَالَى على عباده بِحُصُول الرخا وتيسير الاقوات وانحطاط الاسعار وَحصل الرِّفْق للعباد مَعَ وجود الشدَّة بِسَبَب التجاريد وَذَهَاب النَّاس الى بِلَاد الرّوم فسبحان من يتَصَرَّف فِي عباده بِمَا يَشَاء وفيهَا اسْتَقر شيخ الشُّيُوخ جلال الدّين ابو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي شرِيف الشَّافِعِي أَخُو شيخ الاسلام الكملاي فِي ربع وَظِيفَة المشيخة بالخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف بنزول شَرْعِي صدر لَهُ من الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن غَانِم شيخ الْحرم وَتوجه الى الديار المصرية لاخراج توقيع شرِيف على حكم النُّزُول فَأُجِيب الى ذَلِك وَكتب لَهُ التوقيع الشريف وَحضر من الْقَاهِرَة المحروسة وباشرها وَهِي مستمرة بِيَدِهِ الى يَوْمنَا(2/343)
وفيهَا تزايد ظلم دقماق نَائِب الْقُدس الشريف وَكثر طمعه وتلاشت احوال الْمُعَامَلَة واختل نظامها وَكثر السراق وأفحشوا فِي قطع الطّرق وَقتل الْأَنْفس وَبَقِي النَّاس فِي شدَّة لذَلِك فَإِن دقماق - الْمَذْكُور - كَانَ فِي مُبَاشَرَته على طَريقَة النَّائِب جقمق - الْمُتَقَدّم ذكره - يصدر مِنْهُ كَلِمَات مُهْملَة فِي الْمجَالِس والمحافل توجب انتقاص النَّاس لَهُ وَكَانَ يُخَاطب آحَاد الْعَوام بالترهات الفشرية ويعتمد افعالا لَا تلِيق مِنْهَا انه وزن نَفسه فِي القبان وَكَانَ يُجَالس السُّفَهَاء ويضحك مَعَهم ويخاطبهم بالمزاح وَكَانَ إِذا مر بِجَمَاعَة يَقُول سَلام عَلَيْكُم جمَاعَة فنقموا عَلَيْهِ بذلك وَشرع بعض النَّاس يرتب ألفاظا ويسجعها مِنْهَا سَلام عَلَيْكُم جمَاعَة دقماق عِنْده سقاعة فَبَلغهُ ذَلِك فَطلب ذَلِك الرجل وَقَالَ لَهُ تَقول عني كَذَا؟ فَقَالَ حاش الله إِنَّمَا قلت سَلام عَلَيْكُم جمَاعَة دقماق عِنْده شجاعة فشرع النَّائِب يضْحك وَيتَكَلَّم بالسخريات وَوَقع لَهُ انه حكى عَن اخته حِكَايَة مَعْنَاهَا انه كَانَ فِي مَكَان مخوف وانه ظهر عَلَيْهِ جمَاعَة وطردوه فهرب مِنْهُم فَمن أَلْفَاظه أَنه قَالَ فَأخذت فلسي فِي كفي وَقمت الْقيام وَأَشْيَاء من هَذَا النسق اوجبت تلاشي احواله واختلال نظامه فَكَانَ أمره بِخِلَاف دقماق الاينالي - الْمُتَقَدّم ذكر - فَإِنَّهُ ولي مُدَّة يسيرَة وَكَانَت سطوته وهيبته تضرب بهما الامثال فَهُوَ يُوَافقهُ فِي الِاسْم وَيُخَالِفهُ فِي الْفِعْل وفيهَا اسْتَقر القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم الرجبي الْمَشْهُور بِابْن مَازِن الْقَرَوِي الْمَالِكِي فِي وَظِيفَة قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف بعد شغورها عَن القَاضِي شرف الدّين يحيى الاندلسي - الْمُتَقَدّم ذكره - من اواخر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَكتب توقيعه بذلك فِي ثامن عشر شَوَّال وَورد كِتَابه الى الْقُدس الشريف(2/344)
باستخلاف القَاضِي كَمَال الدّين ابي البركات مُحَمَّد بن الشَّيْخ خَليفَة فباشر عَنهُ من شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وفيهَا توفّي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن الْغَزِّي سبط الْجَوْهَرِي وَبِه اشْتهر وَكَانَ عِنْده معرفَة تَامَّة بِالْحِسَابِ والمباشرة واحوال النَّاس وباشر العمالة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف مُدَّة ثمَّ نزل عَنْهَا وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وَقيام مَعَ أَصْحَابه مَعَ لين جَانب وساد وراس وَكَانَ يترفه بالملبوس الْحسن والمأكل وَعِنْده حشمة وتواضع ووفاته فِي شهر ذِي الْقعدَة وَقد قَارب السَّبْعَة وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله ثمَّ دخلت سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا حضر الْأَمِير اقبردي الدوادار الْكَبِير الى جبل نابلس فِي شهر الْمحرم بِسَبَب الْقَبْض على بني اسماعيل مَشَايِخ جبل نابلس لما حصل مِنْهُم التَّقْصِير فِي المهم الشريف بِبِلَاد الرّوم وبرز الْأَمر لنائب الْقُدس دقماق باسترجاع مَال التجريدة مِمَّن كَانَ دفع اليه من الرِّجَال لما نسب اليهم من التَّقْصِير وعودهم من بِلَاد الرّوم بِغَيْر اذن فأحضر دقماق كل من اخذ شَيْئا واسترجعه مِنْهُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس وافحش فِي الامور وَمن النَّاس من تسحب فَقبض على من يكون مَنْسُوبا اليه من أَقَاربه واصحابه وجيرانه وَشرع يضْرب النَّاس بالمقارع ويضعهم فِي الْحَبْس وَفعل بهم فعلا لم يسمع بِمثلِهِ فِي زمن الْجَاهِلِيَّة حَتَّى ان بعض النَّاس بَاعَ ابْنَته كَمَا يُبَاع الرَّقِيق وتفاحش الْأَمر وَبَقِي النَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة ومحنة لم تعهد بالارض المقدسة قبل ذَلِك فسبحان من يتَصَرَّف فِي عباده بِمَا يَشَاء وَتوجه الدودار الْكَبِير فِي اوائل جمادي الاولى الى مَحل وَطنه بالديار المصرية وفيهَا فِي شهر صفر احدث النَّصَارَى المقيمون بدير صهيون كَنِيسَة ظَاهر الْقُدس الشريف بِالْقربِ من الدَّيْر زَعَمُوا ان مَكَانهَا مقَام السيدة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام واحكموا بناءها وَجعلُوا بهَا من جِهَة الشرق الهيكل الَّذِي يعْمل فِي الْكَنَائِس وَصَارَت كَنِيسَة محدثة بدار الاسلام وَكَانَ المساعد لَهُم دقماق النَّائِب وَأذن لَهُم فِي الْبناء(2/345)
بِمَال بذل لَهُ وَلغيره فِي ذَلِك وَحصل الوهن فِي الاسلام بذلك فَمن الله بزاولها كَمَا سَنذكرُهُ فِي السّنة الْآتِيَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى (تَجْدِيد الْبيعَة للسُّلْطَان) وفيهَا غضب السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف ابو النَّصْر قايتباي نَصره الله تَعَالَى من مماليكه فقصد خلع نَفسه من الْملك وَالْخُرُوج من الديار المصرية وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم السبت رَابِع شهر ربيع الاخر بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل على الله ابي الْعِزّ عبد الْعَزِيز ابْن يَعْقُوب أعز الله بِهِ الدّين وقضاة الْقُضَاة الاربعة وهم شيخ الاسلام زين الدّين أَبُو مُحَمَّد زَكَرِيَّا الانصاري الشَّافِعِي وَشَيخ الاسلام نَاصِر الدّين مُحَمَّد الاخميمي الْحَنَفِيّ وَشَيخ الاسلام مُحي الدّين عبد الْقَادِر بن تَقِيّ الْمَالِكِي وَشَيخ الاسلام بدر الدّين مُحَمَّد السَّعْدِيّ الْحَنْبَلِيّ وَغَيرهم من الامراء واركان الدولة فَوَقع مِنْهُ بحضرتهم مَا يُؤذن بخلعة بِأَن قَامَ وخلع سلارية عَنهُ وَرمى بِهِ بعد ان تبرم من السلطنة وَهَؤُلَاء الامراء وَفِيهِمْ من هُوَ أهل للسلطنة فَاخْتَارُوا من شِئْتُم وَأَنا اتوجه من هُنَا الى مَكَّة فِي جمَاعَة قَليلَة وَلَا اعارضكم فِي سلطنتكم وكلمات اخر نَحوا من هَذَا فجزع النَّاس لذَلِك ثمَّ استعطف خاطره واسترضى وجددت لَهُ الْبيعَة بالسلطنة وكاني وَمَا مشهودا وفيهَا حضر الى الْقُدس الشريف القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن مَازِن الْمَالِكِي وَبِيَدِهِ التوقيع الشريف بِولَايَة الْقَضَاء وَكَانَ قدومه فِي يَوْم الاربعاء ثامن ربيع الآخر وفيهَا قصد أَمِير عربان جرم وَهُوَ أَبُو العويسر ان يجدد مظْلمَة على الفلاحين بجبل الْقُدس الشريف وَيَأْخُذ مِنْهُم مَالا وَكَانَ ابو العويسر صَغِيرا دون الْبلُوغ وَكَانَ حَاجِبه هُوَ الْمُدبر لأَمره فَقَامَ فِي ذَلِك شيخ الاسلام نجم الدّين بن جمَاعَة(2/346)
شيخ الْمدرسَة الصلاحية وَمنعه من ذَلِك وَجلسَ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى عِنْد الشباك المطل على عين سلوان وَجلسَ مَعَه شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف والقضاة والمشايخ وَكَتَبُوا محضرا وَوَضَعُوا خطوطهم بِهِ ان ذَلِك لم تجر بِهِ عَادَة قبل الْيَوْم وجهز الْمحْضر الى الْأَمِير اقبردي دوادار الْمقَام الشريف وَهُوَ بمخيمة بالرملة وَلم يُمكن أَمِير جرم من اخذ شَيْء من الفلاحين وسطرت هَذِه المثوبة فِي صَحَائِف شيخ الاسلام النجمي بن جمَاعَة وفيهَا ورد مرسوم شرِيف فِي شهر شعْبَان على يَد قَاصد من بَاب الامير ازبك امير كَبِير يتَضَمَّن أَن رُهْبَان دير صهيون انهوا ان من حُقُوق ديرهم جَمِيع القبو المجاور لَهُ وَكَانَ مدفنا لموتاهم وان جمَاعَة من الْمُسلمين زَعَمُوا ان بِهِ قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وبنوا بِهِ محرابا للْقبْلَة وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك وان الْعلمَاء أفتوا بِأَنَّهُ من اسْتِحْقَاق النَّصَارَى وَلَا يجوز ان يكون مَسْجِدا لكَونه مَقْبرَة وبرز الْأَمر بتحرير ذَلِك وَتَسْلِيم القبو لِلنَّصَارَى وَمنع من يعارضهم وَعقد مجْلِس بدار النِّيَابَة بِحَضْرَة الْقُضَاة وَقصد بعض النَّاس إِعَانَة النَّصَارَى على انْتِزَاعه من الْمُسلمين فعز ذَلِك على أهل الاسلام لكَونه بِأَيْدِيهِم وَبِه قبْلَة الى الْكَعْبَة المشرفة فخذل الله النَّصَارَى ومساعديهم وَانْصَرف الْمجْلس من غير شَيْء وَسَنذكر تَتِمَّة هَذِه الْحَادِثَة فِي السّنة الْآتِيَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وفيهَا ورد مرسوم شرِيف على دقماق نَائِب الْقُدس الشريف بِطَلَب المباشرين الى الابواب الشَّرِيفَة والحط عَلَيْهِ بِسَبَب تَقْصِيره فِي سماط سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَمن جملَة أَلْفَاظ المرسوم يَا معلون مَا أَنْت مُسلم وَقُرِئَ المرسوم فِي مجْلِس حافل بِحَضْرَة الْخَاص وَالْعَام بدار النِّيَابَة فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشري شعْبَان وَمِمَّا تضمنه المرسوم عزل القَاضِي شمس الدّين الديري الْحَنَفِيّ من قُضَاة الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف وتجهيزه الى الابواب الشَّرِيفَة فأعيد الْجَواب بالتطلف فِي مره وَاسْتمرّ مُقيما الى ان حصل الانعام عَلَيْهِ(2/347)
باعادته الى وظيفته اواخر شهر ذِي الْقعدَة وَفِي شهر ذِي الْحجَّة بعد عيد الاضحى توجه القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن مَازِن الْمَالِكِي الى مَحل وَطنه بغزة واستخلف عَنهُ فِي الحكم القَاضِي كَمَال الدّين ابو البركات بن الشَّيْخ خَليفَة على عَادَته ثمَّ دخلت سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا قحط الْمَطَر بِبَيْت الْمُقَدّس حَتَّى مضى غَالب الشتَاء وانزعج النَّاس لذَلِك وصاموا ثَلَاثَة ايام ثمَّ استسقوا فِي صَبِيحَة يَوْم الْأَحَد خَامِس عشر ربيع الآخر بالصخرة الشَّرِيفَة وخطب الْخَطِيب شرف الدّين ابْن جمَاعَة خطْبَة بليغة وتضرع وابتهل وضج النَّاس الى الله بِالدُّعَاءِ ودخلوا الى الْجَامِع الْأَقْصَى بِالذكر والتهليل ثمَّ انصرفوا وَلم يسقوا فِي يومهم فجزع النَّاس لذَلِك وَتَضَرَّعُوا الى الله تَعَالَى فَلَمَّا مضى النَّهَار وَأَقْبَلت لَيْلَة الِاثْنَيْنِ أغاث الله عباده بالمطر الغزير فامتلأت الْآبَار وَرويت الأَرْض وَأظْهر الله إِجَابَة دُعَاء عباده الضُّعَفَاء فاطمأن النَّاس وحمدوا الله واثنوا عَلَيْهِ وَله الْحَمد والْمنَّة وفيهَا اشْتَدَّ الامر بِسَبَب التجريدة لقِتَال بايزيد خَان بن عُثْمَان خَان ملك الرّوم وتجهيز الرِّجَال من جبل الْقُدس وجبل الْخَلِيل وَغَيرهمَا وَتوجه الْأَمِير أزبك أَمِير كَبِير وصحبته المراء والعساكر فَلَمَّا وصل الى مَدِينَة الرملة كتب مرسومه الى بَيت الْمُقَدّس الى مَشَايِخ الاسلام والقضاة بِسَبَب رُهْبَان دير صهيون وَمَا أنهوه من جِهَة القبو الَّذِي يُقَال ان بِهِ قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وان يحرر الْأَمر فِيهِ وَإِذا تبين انه من اسْتِحْقَاق النَّصَارَى بالطرق الشَّرْعِيّ يسلم اليهم فعقد مجْلِس لذَلِك بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية بِحَضْرَة شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَشَيخ الاسلام النجمي بن جمَاعَة ودقمق نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة والقضاة وَدَار الْكَلَام بَينهم فِي تَحْرِير امْرَهْ وَكَتَبُوا محضرا يتَضَمَّن ان هَذَا الْمَكَان بِهِ محراب الى جِهَة الْقبْلَة وانه بأيدي الْمُسلمين من تقاد السنين وَكتب(2/348)
الْعلمَاء والقضاة وَالْفُقَهَاء خطوطهم بالمحضر وَلم يتلفت الى النَّصَارَى وَلَا إِلَى من يساعدهم فِي ذَلِك كل ذَلِك وهم مستمرون على الْفساد لعنة الله عَلَيْهِم (وَاقعَة قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام والقبة المحدثة عِنْد دير صهيون) (والكشف على دقماق نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب الْقُدس الشريف) وفيهَا - عقب مَا تقدم ذكره من أَمر النَّصَارَى - كتب شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف للسُّلْطَان مكاتبتين احداهما ذكر فِيهَا ان الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف قد اخْتَلَّ نظامه وَاحْتَاجَ الى الْعِمَارَة وَإِقَامَة الشعائر وَالثَّانيَِة فِي معنى الْقبَّة الَّتِي احدثها النَّصَارَى عِنْد دير صهيون وانها صَارَت كَنِيسَة محدثة وَمَا وَقع بِسَبَب القبو الَّذِي يُقَال ان بِهِ قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وجهز المكاتبتين للسُّلْطَان فعرضتا عَلَيْهِ واقترن بذلك كَثْرَة الشكاوى على دقمق نَائِب الْقُدس لما يصدر مِنْهُ من الظُّلم والجور وَقطع الطّرق فِي أَيَّامه فَجهز السُّلْطَان خاصكيا اسْمه أزبك بالكشف على النَّائِب وَكتب مرسوم شرِيف مُطلق بِمَا وَقع على النَّائِب من شكوى الرّعية وَمَا يعْمل فِي حَقهم وان يحرر أمره ويعاد الْجَواب على المسامع الشَّرِيفَة ورسوم ثَان مُخْتَصّ بالشيخ كَمَال الدّين جَوَابا لمكاتبتيه - الْمُتَقَدّم ذكرهمَا - وانه يحرر أَمر الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَمَا هُوَ يحْتَاج اليه من الْعِمَارَة وان ينظر فِي أَمر الْقبَّة الَّتِي احدثها النَّصَارَى عِنْد دير صهيون واذا كَانَ الْبناء مُخَالف للشَّرْع يهدم وَيُحَرر أَمر قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَيعْمل مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف وإعادة الْجَواب بِمَا يتحرر من ذَلِك وَفصل الخاصكي الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَجلسَ بِالْمَسْجِدِ الشريف الخليللي وَحصل الْكَشْف على النَّائِب بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل فكثرت عَلَيْهِ الشكوى بِسَبَب سماط سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا يحصل مِنْهُ من الضَّرَر لأهل بلد الْخَلِيل وَكتب محْضر بذلك بِخَط القَاضِي وَأهل الْبَلَد(2/349)
ثمَّ حضر الخاصكي والنائب صحبته فدخلا الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الْخَمِيس آخر جمادي الْآخِرَة وجلسا فِي محراب الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَجلسَ مَشَايِخ الاسلام والقضاة وَالْخَاص وَالْعَام وَقُرِئَ المرسوم الشريف الْوَارِد بالكشف على النَّائِب والمرسوم الثَّانِي بِسَبَب النَّصَارَى وَمَا أحدثوه وضج النَّاس وَأَكْثرُوا من الشكوى على النَّائِب وافحشوا لَهُ فِي القَوْل واصبح النَّاس فِي يَوْم الْجُمُعَة جَلَسُوا بالمجمع سفل الْمدرسَة الشرفية وشرعوا فِي الْكَشْف على النَّائِب وَادّعى عَلَيْهِ كثير من النَّاس عِنْد قاضة الشَّرْع الشريف بامر أنكر بَعْضهَا واعترف بِبَعْض (هدم الْقبَّة) فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم السبت ثَانِي شهر رَجَب توجه شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَشَيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة ودقماق النَّائِب وأزبك الخاصكي والقضاة وَالْخَاص وَالْعَام الى دير صهبون وجلسوا بداخل الْقبَّة اليا حدثها النَّصَارَى وَتَكَلَّمُوا فِي أمرهَا فَتحَرَّر من امرها ان النَّصَارَى انهو ان بِقرب دير صهيون قبرا يُسمى الْقَبْر المنسي وَأَنه يقْصد للزيارة وَأَن مُرَادهم الْبناء عَلَيْهِ واثبتوا محضرا ان هَذَا الْمَكَان هُوَ الْقَبْر المنسي فبنوا الْقبَّة الْمَذْكُورَة اعْتِمَادًا على أَن الْقَبْر المنسي تحتهَا فَلَمَّا جلس الْعلمَاء والقضاة للتحرير تبين أَن الْأَمر بِخِلَاف مَا انهوه لمقْتَضى ان الْقَبْر المنسي فِي مَوضِع آخر بِالْقربِ من الْقبَّة فِي حاكورة هُنَاكَ وَأمره مَجْهُول لَا يعلم مَا هُوَ وَأَن المدفون بِهِ حَيْثُ كَانَ مُسلما فَلَا مدْخل لِلنَّصَارَى فِي الْبناء عَلَيْهِ وتحرر أَن مَحل الْقبَّة الْمَذْكُورَة إِنَّمَا هُوَ الْمَكَان الَّذِي تزْعم النَّصَارَى أَنه مقَام السيدة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام وَقد بنيت الْقبَّة الْمَذْكُورَة على صفة الْكَنَائِس وَبهَا هيكل الى جِهَة الشرق فَلَمَّا اتَّضَح ذَلِك اقيمت الْبَيِّنَة عِنْد القَاضِي بدر الدّين بن الحمامي الشَّافِعِي(2/350)
ان الْقبَّة الْمَذْكُورَة مجدثة فِي دَار الاسلام وان الْمُتَوَلِي لبنائها رَئِيس دير صهيون وَرجل آخر من النَّصَارَى بسعيهما فِي ذَلِك وحضرا بِالْمَجْلِسِ وسألهما القَاضِي عَن ذَلِك فاعترفا ببنائها وأنهما هما المتسببان فِي ذَلِك فألزمهما بهدمها وَنفذ لَهُ بَقِيَّة الْقُضَاة الْأَرْبَعَة مَا صدر مِنْهُ من الالزام بالهدم وَأما القبو الَّذِي يُقَال ان بِهِ قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَتحَرَّر من أمره انه كَانَ قَدِيما بأيدي النَّصَارَى وَحصل فِيهِ نزاع كثير من الْمُسلمين فِي الزَّمن السالف من نَحْو مائَة سنة وَرفع امْرَهْ الى الْمُلُوك السالفة مِنْهُم الْملك الْمُؤَيد شيخ والأشرف برسباي وَغَيرهمَا وَكتب مراسيم شريفة فِي أمره وَكثر النزاع فِي الزَّمن السالف بَين الْمُسلمين وَالنَّصَارَى بِسَبَبِهِ وَكَانَ تَارَة يَأْخُذهُ الْمُسلمُونَ وَتارَة يسترجعه النَّصَارَى وَلم يزل امْرَهْ فِي تخبيط الى زمن الْملك الظَّاهِر جقمق رَحْمَة الله عَلَيْهِ فَرفع أمره اليه وَكَانَ من امْرَهْ مَا تقدم شَرحه فِي تَرْجَمته فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَاسْتقر قبر دَاوُد من ذَلِك التَّارِيخ بأيدي الْمُسلمين بمرسوم الْملك الظَّاهِر جقمق وَبنى بِهِ قبْلَة الى جِهَة الْكَعْبَة المشرفة وبالقبو الْمَذْكُور محراب موجه الى جِهَة صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس وَبِه صفة قبر يُقَال أَنه قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَولي النّظر عَلَيْهِ الشَّيْخ يَعْقُوب الرُّومِي الْحَنَفِيّ عَالم الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف وَكتب لَهُ مربعات حسبَة من الْملك الْأَشْرَف اينال وَالْملك الظَّاهِر خشقدم بمرتب يصرف للمكان الْمَذْكُور وَاسْتمرّ بأيدي الْمُسلمين الى عصرنا من غير مُنَازع وتحرر أَمر ذَلِك على الصّفة الْمَذْكُورَة وَلم يتَبَيَّن لِلنَّصَارَى مَا يَقْتَضِي استحقاقهم لَهُ وَلَا مَا يسوغ انْتِزَاعه من الْمُسلمين فَعِنْدَ ذَلِك جلس شيخ الاسلام والقضاة والاعيان بالقبو الْمَذْكُور وقرؤا الْقُرْآن وَذكروا الله تَعَالَى ومدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يَوْمًا مشهودا أعز الله فِيهِ الاسلام وَأَعْلَى كلمة الايمان وقمع عَبدة الصلبان فَللَّه الْحَمد والْمنَّة ثمَّ انْصَرف النَّاس الى دَاخل الْمَدِينَة للكشف على النَّائِب وَحصل الِاتِّفَاق مَعَ النَّصَارَى انهم فِي الْيَوْم الثَّانِي وَهُوَ نَهَار الاحد يهدمون(2/351)
مَا أحدثوه من بِنَاء الْقبَّة الْمَذْكُورَة وانفصل الامر على ذَلِك فَلَمَّا دخل النَّاس إِلَى الْمَدِينَة ورد الْخَبَر أَن السُّلْطَان قدم الى مَدِينَة الرملة وَنصب خيامه بهَا فاضطرب الْحَال لذَلِك وَشرع النَّاس من الاعيان والاكابر فِي التأهب للقاء السُّلْطَان وَبَقِي الْخلق فِي هوج وموج فَأَشَارَ شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف بالمبادرة الى هدم الْقبَّة الْمَذْكُورَة قبل التَّوَجُّه الى لِقَاء السُّلْطَان خشيَة من عَارض يحدث ثمَّ ركب بِنَفسِهِ وَتوجه وصحبته الخاصكي والنائب والقضاة والجم الْغَفِير وعادوا على الْفَوْر إِلَى دير صهيون وَأمرُوا بهدمها وهم جُلُوس هُنَاكَ فاحضرت آلَات الْهدم وانتهز أهل الاسلام الفرصة وهدموا الْقبَّة عَن آخرهَا ودكوها دكا واسبعوا الْكَافرين صكا وَاسْتمرّ الْهدم من ضحى النَّهَار إِلَى آخِره وَعمل فِيهِ خلق من الْفُقَهَاء والفقراء والصوفية والزهاد وَالْخَاص وَالْعَام كل ذَلِك والمسلمون تعلو أَصْوَاتهم بالتسبيح والتهليل وَالتَّكْبِير وَكَانَ يَوْمًا مشهودا يذكر مَا سلف من الْغَزَوَات نصْرَة الاسلام على مِلَّة الْكفْر وَهَذِه المثوبة فِي صَحَائِف شيخ لااسلام الكمالي فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ سَببا لهَذَا الْمَعْرُوف فجزاه الله عَن الاسلام وَالْمُسْلِمين خيرا فَلَمَّا انْتهى الْهدم وَلم يبْق للقبة اثر ورد الْخَبَر من مَدِينَة الرملة من جمَاعَة حَضَرُوا مِنْهَا فِي ذَلِك الْوَقْت ان السُّلْطَان لم يكن حضر وَلَا خرج من الْقَاهِرَة وان الْخَبَر الْوَارِد بقدومه الى الرملة لَا أثر لَهُ فَعجب النَّاس لذَلِك وعد ذَلِك من بركَة الاسلام فَإِنَّهُ لماورد الْخَبَر بقدوم السُّلْطَان كَانَ السَّبَب الى الاسراع بهدم الْقبَّة وَوَقع جَمِيع ذَلِك فِي يَوْم السبت ثَانِي شهر رَجَب - كَمَا تقدم ذكره وكتبت محَاضِر بِمَا وَقع فِي أَمر الْقبَّة وهدمه ابحكم الشَّرْع الشريف وَمَا تحرر من أَمر قبر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَأَنه تَبْيِين انه بأيدي الْمُسلمين من تقادم السنين وَمَا وَقع فِيهِ من الْقِرَاءَة وَالذكر وَكتب شُيُوخ الاسلام والقضاة وَالْفُقَهَاء خطوطهم على المحاضر وَلما حضر الخاصكي بالكشف كَانَ القَاضِي الْمَالِكِي شمس الدّين بن مَازِن بغزة(2/352)
فَحَضَرَ بعد الشُّرُوع فِي الْكَشْف بِنَحْوِ ثَلَاثَة أَيَّام وَكتب خطه مَعَ الْجَمَاعَة على المحاضر واصبح النَّاس فِي يَوْم الْأَحَد فِي الشُّرُوع فِيمَا يتَعَلَّق بالكشف على النَّائِب وَحصل التَّشْدِيد من الخاصكي عَلَيْهِ وَاغْلُظْ عَلَيْهِ فِي القَوْل وَوَضعه فِي الترسيم وَكتب الْجَواب للسُّلْطَان بمحاضر عَلَيْهَا خطوط اعيان بَيت الْمُقَدّس بِمَا تحرر من أَمر النَّائِب وَسُوء سيرته وَمَا اعْتَمدهُ فِي حق الرّعية من الظُّلم وَعدم سلوك الطَّرِيق الحميدة وخراب الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وجهزت المحاضر على يَد الامام نَاصِر الدّين ابْن الشنتير إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة فبادر النَّائِب وجهز دواداره طرباي خُفْيَة الى الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بالأمير اقبردي الدوادار الْكَبِير واعلمه بِمَا وَقع فِي حق استاذه ووعده بِمَال فانتصر للنائب ثمَّ علم بوصول إِمَام الصَّخْرَة وعَلى يَده المحاضر فَجهز لَهُ من تَلقاهُ فِي ظَاهر الْقَاهِرَة وَقبض عَلَيْهِ وَوَضعه فِي الترسيم وَمنعه من الِاجْتِمَاع بالسلطان وَاسْتمرّ الْأَمر بالقدس الشريف على مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْكَشْف على النَّائِب وعقود الْمجَالِس نَحْو سِتَّة وَعشْرين يَوْمًا وَحصل للنائب شدَّة من الاساءة عَلَيْهِ من أقل الْعَوام فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم السَّادِس وَالْعِشْرين من شهر رَجَب وَالنَّاس مجتمعون بِالْمَدْرَسَةِ الأشرفية من الْمَشَايِخ والقضاة وَالْخَاص وَالْعَام إِذْ ورد مرسوم شرِيف على يَد قَاصد النَّائِب طرباي يتَضَمَّن الانكار على الخاصكي لما وَقع مِنْهُ فِي حق النَّائِب لكَونه رسم عَلَيْهِ بِغَيْر مرسوم شرِيف وان الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة اقْتَضَت حُضُور النَّائِب وَشَيخ الصلاحية وَالْقَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة وان الخاصكي يُعِيد للنائب جَمِيع مَا وصل اليه مِنْهُ حَتَّى النفقه فَلَمَّا ورد هَذَا الْخَبَر حصل للنائب الْفرج بعد الشدَّة ودق الطبلخانات للبشرى وَشرع فِي تتبع من أَسَاءَ الْأَدَب فِي حَقه فاختفى كثير من النَّاس وانزعج الاكابر وانقلب الْأَمر بنصرة النَّائِب على من خاصمه واسترجع من الخاصكي كل مَا دَفعه اليه وَكَانَت فتْنَة فَاحِشَة(2/353)
ثمَّ فِي أَوَائِل شعْبَان توجه من الْقُدس الشريف كل من النَّائِب وَشَيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة وَالْقَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة ودخلوا الى الْقَاهِرَة المحروسة وَورد مرسوم شرِيف لشيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف بالتكلم على الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف ومقام سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَتوجه الى بلدالخليل وَأقَام نظامه واصلح امْر السماط الْكَرِيم وَلما وصل الْجَمَاعَة المطلوبون للقاهرة قدر ان شيخ الصلاحية تكلّف مبلغا نَحْو الف دِينَار ورسم باستمراره فِي وظيفته وَعَاد الى بَيت الْمُقَدّس فِي شهر شَوَّال وَدخل فِي اللَّيْل وَالْقَاضِي فَخر الدّين بن نسيبة حصل لَهُ محنة من السُّلْطَان واخرجه الى الواح فَأَقَامَ بهَا نَحْو سنتَيْن ثمَّ فِي سنة سبع وَتِسْعين رسم بعوده الى الْقَاهِرَة فَعَاد وَهُوَ مُقيم بهَا الى يَوْمنَا وَالله لطيف بعباده وَأما النَّائِب فَإِنَّهُ انْتَمَى الى الدوادار الْكَبِير وبذل مَالا ورسم باستمراره فِي النِّيَابَة وَالنَّظَر ومماوقع فِي هَذِه الْحَادِثَة أَنه لما توجه نَاصِر الدّين إِمَام الصَّخْرَة بالمحاضر - كَمَا تقدم - وَأشْهد عَلَيْهِ دقماق انه عَزله مِمَّا بِيَدِهِ من نصف إِمَامَة الصَّخْرَة وَقرر فِيهَا القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس فَلَمَّا وصل النَّائِب الى الْقَاهِرَة ورسم لَهُ باستمراره فِي النِّيَابَة وَالنَّظَر حصل لامام الصَّخْرَة نَاصِر الدّين بن الشنتير الِاجْتِمَاع بالسلطان ولامه على مَا صدر مِنْهُ من التَّكَلُّم فِيمَا لَا يعنيه من سَفَره بالمحاضر وَكَونه جعل نَفسه قَاصِدا ووبخه بِمثل ذَلِك فَاسْتَغْفر الله تَعَالَى وَكَانَ من لَفظه للسُّلْطَان يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان اعْفُ عني عَفا الله عَنْك وَوَقع بَينهمَا كَلَام لطيف من جملَته ان السُّلْطَان امْرَهْ ان يَرْمِي بِحَضْرَتِهِ النشاب فَرمى فأعجب السُّلْطَان رميه وَأمره ان يَجْعَل عمَامَته كعمامة الْجند كَمَا كَانَت اولا وحصلت لَهُ عناية فرسم السُّلْطَان باستمراره فِي نصف الامامة على عَادَته وعزل القَاضِي شهَاب الدّين بن المهنس وَكتب لَهُ توقيع شرِيف بذلك مَعْنَاهُ ان يسْتَقرّ فِي نصف الامامة على عَادَته وعزل شهَاب الدّين ابْن المهندس الَّذِي قَرَّرَهُ السيفي دقماق بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي وَلَا مرسوم شرِيف(2/353)
وَحضر إِمَام الصَّخْرَة الى الْقُدس الشريف فِي شهر رَمَضَان وَقُرِئَ توقيعه بِالْمَسْجِدِ الاقصى بعد صَلَاة الْجُمُعَة عقب ختم البُخَارِيّ وإهدائه فِي صَحَائِف السُّلْطَان وَفِي رَابِع شهر شَوَّال توجه القَاضِي شمس الدّين ابْن مَازِن الْمَالِكِي إِلَى وَطنه بغزة واستخلف عَنهُ فِي الحكم بالقدس الشريف القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبَا بكر بن الْعلم الْمَالِكِي قَاضِي الرملة كَانَ وفيهَا اسْتَقر القَاضِي شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن المهندس الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ فِي وَظِيفَة قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين الديري بمساعدة دقماق نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب الْقُدس وَالسَّبَب فِي ذَلِك انه لما حصل الْكَشْف على النَّائِب حصل لَهُ من القَاضِي شمس الدّين الديري كَلِمَات اغلظ فِيهَا عَلَيْهِ فَوجدَ فِي نَفسه فَلَمَّا تقرر القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس فِي نصف إِمَامَة الصَّخْرَة وَلم يتم لَهُ الْأَمر سعى لَهُ فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة لكَونه سَافر فِي خدمته مساعدا لَهُ واجيب الى ذَلِك وبرز الْأَمر بولايته فِي ثامن عشري رَمَضَان وَوصل مرسوم الاعلام الى الْقُدس فِي أَوَاخِر شهر ذِي الْقعدَة وَمنع القَاضِي شمس الدّين الديري من الحكم وفيهَا حضر الْأَمِير اقبردي الدوادار الْكَبِير الى الْقُدس الشريف مُتَوَجها لجِهَة الْغَوْر وَوصل الى الْقُدس فِي يَوْم الاحد سَابِع عشري ذِي الْحجَّة وَنزل بخان الظَّاهِر وَاسْتمرّ الى يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشر الشَّهْر وَدخل الى المسجدا لأقصى فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ركب من حِينه وَتوجه الى الْغَوْر ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَفِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس الْمحرم دخل الْأَمِير دقماق نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة الى الْقُدس الشريف وَهُوَ لابس خلعة الِاسْتِمْرَار كاملية بسمور وصحبته القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس الْحَنَفِيّ وَهُوَ لابس تشريف الْولَايَة وَفِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي يَوْم دخلوهما قرئَ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مرسوم السُّلْطَان باستمرار النَّائِب وتوقيع القَاضِي(2/355)
الْحَنَفِيّ ثمَّ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع الْمحرم توجه النَّائِب الى الدوادار بالغور وَاسْتمرّ عِنْده الى اواخر ربيع الأول وَحضر الدوادار من الْغَوْر وَنزل الرملة على قبَّة الجاموس وَحضر النَّائِب الى الْقُدس وفيهَا ورد مرسوم شرِيف بِطَلَب القَاضِي بدرالدين بن الحمامي الشَّافِعِي وَالْقَاضِي شمس الدّين الديري الْحَنَفِيّ وَالشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن شروين الْمقري الى الْقَاهِرَة وَالسَّبَب فِي ذَلِك دقماق نَائِب الْقُدس الشريف بِسَبَب كَلَام وَقع مِنْهُم فِي وَقت الْكَشْف عَلَيْهِ فِي السّنة الْمَاضِيَة وتوجهوا من الْقُدس فِي نصف شهر صفر وتكلفوا مَالا وعادالقاضي الشَّافِعِي وَهُوَ مُسْتَمر على الْولَايَة وَالْقَاضِي شمس الدّين الديري وَهُوَ مُسْتَمر على الْعَزْل وَكَانَ عودهما الى الْقُدس فِي نصف شهر رَمَضَان وَفِي أول شهر ربيع الأول حضر القَاضِي الْمَالِكِي شمس الدّين بن مَازِن من غَزَّة الى الْقُدس الشريف بِمُبَاشَرَة وظيفته {وَاقعَة الزَّيْت} وَفِي أول شهر ربيع الآخر حضر السيفي قانصوه من مخيم الْأَمِير اقبردي الدوادار الْكَبِير بمرسومه برمي الزَّيْت المتحصل من جبل نابلس على أهل بَيت الْمُقَدّس الْخَاص وَالْعَام من الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى كل قِنْطَار بِخَمْسَة عشر دِينَارا ذَهَبا وَالسَّبَب فِي ذَلِك دقماق نَائِب الْقُدس الشريف لما حصل عِنْده من الحنق على أهل بَيت الْمُقَدّس مِمَّا وَقع مِنْهُم حِين الْكَشْف عَلَيْهِ فِي السّنة الْمَاضِيَة وَكَانَ الزَّيْت قبل ذَلِك من تقادم السنين ومضي الْأَزْمِنَة يرد من جبل نابلس وَيُبَاع بالقدس والرملة بالسعر الْوَاقِع من غير حرج على أحد وَاسْتمرّ الامر على ذَلِك الى سنة تسعين وَثَمَانمِائَة فتسبب بعض وسائط السوقة فِي امْرَهْ فَصَارَ يضْبط الزَّيْت وَيَرْمِي على اربابه وهم التُّجَّار الَّذين يصنعون الصابون بالقدس الشريف ومدينة الرملة وَيدْفَع لَهُم بِقدر معِين من غير تعرض الى أحد غير من يصنع الصابون وَحضر(2/356)
فِي اوائل الْأَمر الْأَمِير تغرى ورمش لقبض ثمنه ثمَّ صَار يعين فِي كل سنة بعض المماليك بِخِدْمَة الْأَمِير دوادرا كَبِير للحضور الى جبل نابلس فيحضر ويضبط الزَّيْت ويبيعه لأربابه وَيقبض ثمنه فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِه السّنة خضر الْأَمِير الدوادار من الْقَاهِرَة - كَمَا تقدم - وَقصد بيع الزَّيْت لأربابه على مَا جرت بِهِ الْعَادة من سنة تسعين فسعى دقماق فِي رميه على جَمِيع أهل بَيت الْمُقَدّس لينتقم مِنْهُم فَلَمَّا حضر السيفي قانصوه فِي أول ربيع الآخر - كَمَا تقدم - وَجلسَ مَعَ دقماق بدار النيبابة طلب أهل الْقُدس بأسرهم وَكتب أَسْمَاءَهُم فِي قَوَائِم وَعين على كل انسان قناطير مُعينَة وَأمرهمْ بشرَاء الزَّيْت كل قِنْطَار بِخَمْسَة عشر دِينَارا ورسم على النَّاس وشدد عَلَيْهِم وضربهم ضربا مؤلما وَشرع يحمل كل اُحْدُ فَوق طاقته وَلم يطعه ضربه حَتَّى يكَاد يهْلك وَمن غَابَ هجم على منزله وَأخذ مَاله من الْأَمْتِعَة وَمن لم يُوجد لَهُ امتعة وَلَا مَوْجُود أحضر زَوجته وضرباه وسجنها حَتَّى تدفع مَا عَليّ زَوجهَا فهتك كثير من المخدرات وَمن لم يظفر بِزَوْجَتِهِ احضر من يكون من أَقَاربه فَإِن لم يُوجد لَهُ قريب أحضر من يكون من جِيرَانه حَتَّى وَقع أَنه طلب شخصا فَلم يجده فَقَالَ لأعوانه أحضروا زجته فَقيل لَهُ انها ختفت فَقَالَ انْظُرُوا من يكون من اقاربه فَقيل لَيْسَ لَهُ قرَابَة فَقَالَ انْظُرُوا جِيرَانه فَقيل أَن جِيرَانه قد اختفوا فَقَالَ انْظُرُوا من يكون جلس عِنْده وحدثه فأحضر الاعوان رجلا وَقَالُوا ان هَذَا جلس فِي وَقت على حانوته وتحدث مَعَه فَأمر دقماق ذَلِك الرجل ان يدْفع ثمن الزَّيْت الْمعِين عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لم؟ قَالَ لِأَنَّك جَلَست عِنْده فِي وَقت وتحدثت مَعَه ثمَّ ضرب ذَلِك الرجل الى ان اخذ مِنْهُ مَا على الْغَائِب وَمثل هَذِه الْحِكَايَة كَثِيرَة وَوَقع ماهو أفحش مِنْهَا وأشنع وَاسْتمرّ النَّاس فِي الضَّرْب والترسيم والمحنة وهتك الْحرم شهر ربيع الآخر بِكَمَالِهِ وَبَاعَ النَّاس امتعتهم وثيابهم بأبخس الاثمان وَبيع كل مِثْقَال من الذَّهَب(2/357)
الطّيب بِدُونِ خمسين درهما وَبَاقِي النَّاس يَأْخُذُونَ الزَّيْت كل قِنْطَار بِخَمْسَة عشر دِينَارا ذَهَبا ويبيعونه بِمِائَتي دِرْهَم وَخمسين درهما فضَّة فَكَانَت الخسارة أَكثر من الثُّلثَيْنِ ثمَّ جهز دقماق دواداره طرباي الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَرمى على أهل بلد الْخَلِيل جانبا من الزَّيْت ورسم عَلَيْهِم الى ان استوفى مِنْهُم الثّمن وحملت الى مخدومه وَكَانَت محنة فَاحِشَة لم يسمع بِمِثْلِهَا فِي عصر من الاعصار بل وَلَا فِي مِلَّة من الْملَل خُصُوصا فِي مثل هَذِه الْبقْعَة الشَّرِيفَة الَّتِي فِيهَا أحد الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة الَّتِي تشد لَهَا الرّحال وَعند مقَام نَبِي الله وخليله ابراهيم عَلَيْهِ السَّلَام فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير ثمَّ توجه دقماق والسيفي قانصوه - الْمَذْكُورَان - بالمبلغ الْمَقْبُوض ثمنا عَن الزَّيْت وَهُوَ نَحْو عشْرين الف دِينَار الى مخيم لأمير الدوادار بِظَاهِر مَدِينَة الرملة فانتقم الله تَعَالَى من دقماق اشد انتقام وعزل الامير دوادار كَبِير من نظر الْحَرَمَيْنِ ونيابة السلطنة وَأخرجه الله من الأَرْض المقدسة فسبحان المنتقم بعدله وفيهَا اسْتَقر الْأَمِير خضر بك الَّذِي كَانَ نَائِب الْقُدس الشريف فِي نظر الْحَرَمَيْنِ ونيابة السلطنة بالقدس وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عوضا عَن دقماق - الْمُتَقَدّم ذكره - وألبس الخلعة من حَضْرَة دوادار السُّلْطَان بِظَاهِر مَدِينَة الرملة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع شهر جمادي الأولى وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي سَافر فِيهِ الْأَمِير دوادار من الرملة قَاصِدا الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر جمادي الأولى وَمَعَهُ من الْخلق والعشير مَا لَا يحصيهم إِلَّا الله تَعَالَى وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدُخُوله لم ير مثله لدُخُول حَاكم فِي هَذِه الازمنة واستبشر النَّاس بولايته وَحصل الْأَمْن فِي الطّرق وردع الناحيس وَكَانَ قبل ذَلِك بِيَسِير فِي شهر ربيع الآخر برز الْأَمر الشريف باخراج مَدِينَة الرملة عَن نَائِب الشَّام الْأَمِير قانصوه اليحياوي وإضافتها الى ملك الْأُمَرَاء أقباي نَائِب غَزَّة المحروسة وَلم تجر بذلك عَادَة قبل هَذَا التَّارِيخ ثمَّ فِي شهر شعْبَان(2/358)
ورد على الْأَمِير خضر بك نَائِب الْقُدس وناظر الْحَرَمَيْنِ خلعة من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة وَكتب لَهُ توقيع شرِيف باستقراره فِي الوظيفتين والبس من ظَاهر الْقُدس وَدخل النَّاس فِي خدمته وَكَانَ يَوْمًا حافلا وَقُرِئَ توقيعه بعد صَلَاة الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريفز وفيهَا أخمد الله الْفِتْنَة بَين الْملك الْأَشْرَف وَبَين السُّلْطَان بايزيد خَان بن عُثْمَان خَان ملك الرم وحضرقصاد السُّلْطَان بايزيد خَان قَاضِي مَدِينَة برصة لعقدالصلح مَعَ مَوْلَانَا السُّلْطَان عز نَصره فَأحْسن اليهم واكرمهم وَعَاد القصاد وَالْقَاضِي - الْمشَار اليه - وزاروا سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ودخلو بَيت الْمُقَدّس فِي شهر رَمَضَان وَركب للقائهم الْأَمِير خضر بك نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَشَيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة والقضاة الاربعة وَالْخَاص وَالْعَام ودخلوا الى الْقُدس الشريف وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وتوجهوا فِي الشَّهْر الْمَذْكُور قَاصِدين بلادالروم وَحصل الصُّلْح بَين الْملكَيْنِ وَحصل للرعية الطُّمَأْنِينَة بذلك وَللَّه الْحَمد والْمنَّة وجهز السُّلْطَان قاصده الْأَمِير جَان بلاط السُّلْطَان ابْن عُثْمَان لعوق الْجَواب عَن الصُّلْح فَحصل لَهُ الْخَيْر من ملك الرّوم وَبَالغ فِي إكرامه وأكمل الله الصُّلْح بَين الْملكَيْنِ وَكَانَ ابْتِدَاء الْفِتْنَة وتجهيز العساكر للتجريدة من اوائل سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الى ان لطف الله تَعَالَى بعباده وَوَقع الصُّلْح فِي هَذَا التَّارِيخ بعد وُقُوع الْحَرْب وافتن نَحْو ثَمَان سِنِين وَصرف فِي التجاريد لذَلِك مَا لَا يُحْصى كَثْرَة وَكَانَ عود الْأَمِير جَان بلاط من بِلَاد الرّوم فِي شهر ربيع الأول من سنة سبع وَتِسْعين وفيهَا - أَعنِي سنة سِتّ وَتِسْعين - ورد مرسوم شرِيف على شيخ الاسلام الكمالي يتَضَمَّن انه اتَّصل بالمسامع الشَّرِيفَة ان الْقبَّة الَّتِي احدثها النَّصَارَى عِنْد دير صهيون لما هدمت بَقِي بعض بِنَاء من أَثَرهَا فَتقدم باكمال هدمها ومحو أَثَرهَا فَتوجه شيخ الاسلام الكمالي وناظرا لحرمين ونائب السلطنة الامير خضر بك والقضاة(2/359)
الى دير صهيون ومحى أَثَرهَا بهدم مَا بَقِي مِنْهَا ونبش اساسها بحضورهم وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان وَكَانَ يَوْمًا مشهودا اعظم من يَوْم هدمها الأول - كَمَا تقدم فِي السّنة الْمَاضِيَة - وفيهَا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر شَوَّال دخل قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن الازرق الاندلسي الْمَالِكِي الى الْقُدس الشريف مُتَوَلِّيًا قَضَاء الْمَالِكِيَّة عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين الْغَزِّي وباشر بعفة وَتوجه ابْن مَازِن الى غَزَّة فِي اوائل شهر ذِي الْقعدَة وَاسْتمرّ معزولا الى ان توفّي فِي خَامِس عشر ذِي الْحجَّة سنة تِسْعمائَة وَكَانَت إِقَامَة ابْن الْأَزْرَق بالقدس الشريف مُدَّة شَهْرَيْن وَتُوفِّي فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر ذِي الْحجَّة وَتقدم ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمته عَفا الله عَنهُ ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي شهر ربيع الأول الْمُوَافق لكانون الثَّانِي وَقع هدم فَاحش بكنيسة قمامة بالقدس فِي اللَّيْل من الْمَطَر وَهلك تَحْتَهُ رجلَانِ من طَائِفَة الْحَبَش وَاسْتمرّ الى يَوْمنَا لم يعمر وفيهَا ورد مرسوم شرِيف على شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف بالتوجه الى مَدِينَة غَزَّة وصحبته الْأَمِير خضر بك نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة بالقدس الشريف وإيقاع الصُّلْح بَينه وَبَين الْمقر الاشرف السيفي اقباي كافل المملكة الغزية بِسَبَب مَا بَينهمَا من التنافر وَإِزَالَة الكدر والوحشة من بَينهمَا والمعاهدة بَينهمَا على ذَلِك وَكِتَابَة صُورَة وعرضها على المسامع الشَّرِيفَة فَتوجه من الْقُدس الشريف الى غَزَّة امتثالا للمراسيم الشَّرِيفَة وَحصل الصُّلْح بَين الْمشَار اليهما على أحسن وَجه فَكَانَ ذَلِك فِي جمادي الْآخِرَة وَدخل الْأَمِير خضر بك الى الْقُدس الشريف بخلعة كاملية بسمور فِي بكرَة يَوْم الاربعاء حادي عشري جمادي الاخرة وَدخل شيخ الاسلام الكمالي بعد الْعَصْر من يَوْم الْخَمِيس بكاملية صوف ابيض سمور وفيهَا دخل الوباء بالطاعون حَتَّى عَم جَمِيع المملكة وابتدأ بالقدس الشريف(2/360)
فِي عشري جمادي الْآخِرَة وَاسْتمرّ الى آخر رَجَب يبلغ عدد الاموات فِي كل يَوْم الى ثَلَاثِينَ واربعين وَفِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشري رَجَب نَحْو الْخمسين وَهِي أول جُمُعَة ظهر فِيهَا كَثْرَة الْأَمْوَات وَاشْتَدَّ الْأَمر فِي شهر شعْبَان فَبلغ الْعدَد فِي كل يَوْم فَوق الْمِائَة وَقيل انه بلغ فِي الْيَوْم إِلَى الْمِائَة وَثَلَاثِينَ وَبلغ الْعدَد بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي دون الْخمسين وَتُوفِّي الامير خضر بك نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة فِي لَيْلَة الاحد الْحَادِي وَالْعِشْرين من شعْبَان وَكَانَ لما ولي النِّيَابَة فِي الْمرة الاولى ساءت سيرته وَوَقع فِي أمره مَا تقدم شَرحه فِي حوادث سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فَلَمَّا ولي النِّيَابَة وَالنَّظَر فِي الْمرة الثَّانِيَة فِي سنة سِتّ وَتِسْعين بَاشر مُبَاشرَة حَسَنَة واظهر الْعدْل فِي الرّعية واستعطف خواطر النَّاس وَشرع فِي سلوك طرق الرياسة وَاسْتمرّ على ذَلِك الى أَن دخل الوباء فتطير من ذَلِك وَخرج من مَدِينَة الْقُدس الى ظَاهرهَا وَأقَام بالكروم اياما واظهر الْخَوْف الزَّائِد فَأنْكر النَّاس عَلَيْهِ ذَلِك فَدخل الى الْمَدِينَة وَأقَام يَسِيرا وَتوفيت ابْنة لَهُ ثمَّ بعد يَوْمَيْنِ اَوْ ثَلَاثَة توفيت زَوجته ثمَّ بعد وفاتها بِنَحْوِ سِتَّة أَيَّام توفّي هُوَ وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الظّهْر من يَوْم الاحد الْحَادِي وَالْعِشْرين من شعْبَان وَدفن بتربة ماملا وَكَانَ اسند وَصيته لشيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف - أمتع الله بحياته - فَتوجه الى التربة وَتَوَلَّى امْرَهْ ووقف على دَفنه وصحبته جمَاعَة من الاعيان وقضاة الشَّرْع الشريف وَاسْتمرّ الوباء بالقدس فِي قوته الى سلخ شعْبَان وافنى خلقا من الاطفال والشباب وافنى طَائِفَة الهنود عَن آخِرهم وَكَذَلِكَ الْحَبَش وَمَات جمَاعَة من الاخيار الصَّالِحين مِنْهُم الشَّيْخ عبد السَّلَام الرضي الْحَنَفِيّ وَتقدم ذكر تَرْجَمته وَمِنْهُم الشَّيْخ جِبْرِيل الْكرْدِي الشَّافِعِي وَكَانَ من أهل الْفضل وَمن اصحاب شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَمِنْهُم الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل يُوسُف السُّلَيْمَانِي الْحَنَفِيّ نَائِب إِمَام الصَّخْرَة(2/361)
الشَّرِيفَة وَكَانَ من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَالْفضل فِي مَذْهَب ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ يُصَلِّي إِمَامًا بالصخرة وعَلى قِرَاءَته الانس وَالْجمال وَمِنْهُم الشَّيْخ الصَّالح الْمقري عَليّ الْجُزُولِيّ الْمَالِكِي نَائِب إِمَام الْمَالِكِيَّة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَكَانَ من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى وَكَانَ يؤم بِجَامِع المغاربة وَيُؤَدِّي الصَّلَاة على أوضاعها من الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَمِنْهُم الشَّيْخ صَالح مُوسَى المغربي وَكَانَ عبدا صَالحا يقيمها بالخلوة الَّتِي تَحت سور الصَّخْرَة الشَّرِيفَة القبلي سفل التَّارِيخ وَكَانَ يجلس على بَاب الْخلْوَة ويجتمع عِنْده أهل الْخَيْر يَتلون كتاب الله وَكَانَ يجلس غَالِبا وَرَأسه مَكْشُوف وَالصَّلَاح ظَاهر عَلَيْهِ وَمِنْهُم الشَّيْخ الصَّالح الناسك اسحاق الجبرتي وَكَانَ عابدا زاهدا مُنْقَطِعًا الى الله تَعَالَى فِي الْخلْوَة الَّتِي بصدر جَامع النِّسَاء بداخل الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَالنَّاس يَتَرَدَّدُونَ اليه ويتبركون بِهِ وَقد ظهر لَهُ كرامات ومكاشفات وَمِنْهُم الْعدْل خير الدّين أَبُو الْخَيْر أَحْمد بن شهَاب الدّين أَحْمد بن شمس الدّين مُحَمَّد القلقيلي الْمقري الْحَنَفِيّ وَتقدم ذكر وَالِده وجده مَعَ الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة كَانَ يحفظ الْقُرْآن ويؤديه بِحسن صَوت وَطيب نَغمَة واحترف بِالشَّهَادَةِ مُدَّة طَوِيلَة وباشر عُقُود الانكحة وَلم يمت بالطاعون وَإِنَّمَا ركب بغلة وَتوجه الى الكروم فَوَقع بِظَاهِر الْبَلَد فَكسرت رجله من ركبته وَحمل الى الْمَدِينَة فَمَرض أَيَّامًا وَتُوفِّي آخر يَوْم من رَجَب وَمِنْهُم الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن شروين الْمقري الخليلي التَّاجِر وَكَانَ رجلا من أهل الْقُرْآن يتقنه بالروايات وَأَجَازَهُ الشَّيْخ شمس الدّين ابْن عمرَان وَكَانَ حسن الصَّوْت طيب النغمة بِالْقِرَاءَةِ وَله دنيا وَاسِعَة وَكَانَت وَفَاته فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين من شعْبَان رَحْمَة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وتناقص الوباء من أول شهر رَمَضَان(2/362)
وفيهَا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع شهر رَمَضَان توفّي الْخَطِيب جلال الدّين بن جمَاعَة - الْمُتَقَدّم ذكره مَعَ وَالِده عِنْد ذكر خطباء الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف - وَكَانَ بِيَدِهِ نصف مشيخة الخانقاه الصلاحية وَالرّبع وَالثمن من خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَاسْتقر بعده فِيمَا بِيَدِهِ من الوظيفتين أَوْلَاد عميه وهم الْخَطِيب الْعَلامَة برهَان الدّين أَبُو السحاق ابراهيم بن شيخ الاسلام النجمي بن جمَاعَة واخوه لِأَبِيهِ الْخَطِيب الْعَلامَة زين الدّين أَبُو هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن وَابْن عَمهمَا الْخَطِيب مُحي الدّين عبد الرَّحِيم بن الشَّيْخ عز الدّين عبد الْعَزِيز بن قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين بن جمَاعَة وانعمت الصَّدقَات الشَّرِيفَة عَلَيْهِم باستقرارهم فِي ذَلِك بِمَال بذلوه وَكَانَ ارْتِفَاع الوباء من الْقُدس الشريف فِي أَوَاخِر شهر شَوَّال بعد إِقَامَته بهَا نَحْو أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام وَبلغ عدد الْأَمْوَات بِالْقَاهِرَةِ المحروسة فِي كل يَوْم أَكثر من عشْرين ألفا وبدمشق فِي كل يَوْم ثَلَاثَة آلَاف وبحلب فِي كل يَوْم ألف وَخَمْسمِائة وبغزة فِي كل يَوْم نَحْو أَرْبَعمِائَة وبالرملة فِي كل يَوْم نَحْو الْمِائَة وَعشرَة وَلم يمْكث فِي بَلْدَة من الْبِلَاد أَكثر من بَيت الْمُقَدّس فسبحان من يتَصَرَّف فِي عباده بِمَا يَشَاء وفيهَا اسْتَقر قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ فِي وَظِيفَة قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف عوضا عَن القَاضِي شهَاب الدّين بن المهنسد وَاسْتقر قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين أَبُو البركات مُحَمَّد بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي فِي وَظِيفَة قَضَاء الْمَالِكِيَّة بعد شغورها عَن القَاضِي شمس الدّين بن الازرق - الْمُتَقَدّم ذكره فِي السّنة الْمَاضِيَة - ووصلت الْولَايَة اليهما مَعًا على يَد سعد الدّين قَاصد الْمقر البدري ابْن مزهر كَاتب السريف الشريف فِي صَبِيحَة يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر شَوَّال وَحصل الْجمع بَين يَدي شيخ الاسلام الكمالي بن ابي شرِيف بِالْمَدْرَسَةِ الاشرفية وَجَمَاعَة من طلبة الْعلم الشريف وَالْخَاص وَالْعَام فَكَانَ تَارِيخ توقيع القَاضِي الْمَالِكِي خَامِس عشري رَمَضَان وتوقيع(2/363)
الْحَنَفِيّ خَامِس شَوَّال ثمَّ فِي يَوْم الْجُمُعَة بعد صلَاتهَا قرئَ كل من التوقيعين بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وفيهَا حج الى ابيت الله الْحَرَام سيدنَا ولي الله تَعَالَى الشَّيْخ شمس الدّين ابو العون مُحَمَّد الْقرشِي القادري الشَّافِعِي نزيل جلجوليا أعَاد الله علينا من بركاته ونفعنا ببركة علومه وَصَالح دعواته فَدخل الى الْقُدس الشريف من جلجوليا فِي يَوْم السبت سَابِع عشر شَوَّال وَتوجه من الْقُدس الشريف الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَاصِدا مَكَّة المشرفة بعد الظّهْر من يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر من شَوَّال فَقضى مَنَاسِكه وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَاد الى مَحل وَطنه وَللَّه الْحَمد فسح الله فِي مدَّته وفيهَا اسْتَقر الامير جَان بلاط اخو الْأَمِير خضر بك وَوصل الى الْقُدس الشريف مرسوم السُّلْطَان بولايته فِي شهر رَمَضَان وَقدم الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ دخل الى الْقُدس فِي بكرَة يَوْم السبت ثامن شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدُخُوله وسلك مسلكا حسنا وَمِمَّا وَقع ان أَخَاهُ الْأَمِير خضر بك لما توفّي ضبط موجوده وَمن جملَته سَبْعمِائة دِينَار ذَهَبا فَوضع المَال فِي خزانَة بمنزل اخيه بِالْمَدْرَسَةِ الارغونية مَعَ بعض الْمَوْجُود المخلف عَنهُ فَلَمَّا قدم الْأَمِير جَان بلاط حضر بِالْمَدْرَسَةِ الارغونية وَحضر شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف والقضاة وَفتح الْمَكَان واحضر الصندوق فَوجدَ مكسورا وَالْمَال قد فقد مِنْهُ واضطرب الْحَال لذَلِك واتهم بِهِ جمَاعَة وَلم يثبت فِي جِهَة أحد مِنْهُم وَمضى أمره وَلم يعلم حَقِيقَة الْحَال فِيهِ ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي شهر الله الْمحرم تعين السيفي قَائِم الخاصكي للتوجه الى المملكة الشامية لكشف الاوقاف والمدارس على عَادَة من تقدمه فِي ذَلِك فَدخل الى الْقُدس الشريف فِي عَشِيَّة يَوْم السبت ثَالِث صفر وَجلسَ فِي بكرَة يَوْم الاحد بِالْمَدْرَسَةِ السُّلْطَانِيَّة بِحُضُور شيخ الاسلام الكمالي بن أبي شرِيف وَشَيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة والأمير جَان بلاط نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة(2/364)
الشَّرِيفَة وقضاة الشَّرْع الشريف وَقُرِئَ المرسوم الشريف الْوَارِد على يَده بِمَعْنى كشف الأوراق وَمَا تحصل من التّرْك المخلفة عَن الْأَمْوَات فِي الوباء المختصة بِجِهَة بَيت المَال الْمَعْمُور واستخرج من الاوقاف اموالا نَحْو الف وَخَمْسمِائة دِينَار وَحصل الضَّرَر بذلك للْفُقَرَاء وَالْفُقَهَاء وَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير وَتوجه من الْقُدس فِي صَبِيحَة يَوْم السبت عَاشر صفر وفيهَا فِي الْعشْر الْأَوْسَط من صفر حضر الْأَمِير اقبردي الدوادار الْكَبِير من الديار المصرية على حِين غَفلَة وَلم يعلم بِهِ حَتَّى دخل الى مَدِينَة غَزَّة ثمَّ توجه الى الرملة وَوضع اثقاله بهَا ثمَّ توجه من فوره هُوَ وَمن مَعَه على الْخُيُول الى جِهَة نابلس ثمَّ عَاد الى الرملة وَأقَام بداخل الْبَلَد هُوَ وجماعته وَلم ينصب مخيمه بظاهرها على مَا جرت بِهِ الْعَادة ونادى بالأمان وَأمر جماعته بِعَدَمِ التَّعَرُّض لأحد من الرّعية وَكَانَ مقَامه بالرملة بدار الامير مَنْصُور بن قرابغا يبيت بهَا لَيْلًا وجلوسه فِي النَّهَار بدار ابْن باكيش الْمعدة للحكام وَجَمَاعَة من الخدم وَغَيرهم نزلُوا عِنْد النَّاس فِي مَنَازِلهمْ مُتَفَرّقين ثمَّ فِي يَوْم الاحد عَاشر ربيع الأول حضر الى الْقُدس الشريف السيفي قانصوه وعَلى يَده مرسوم الْأَمِير اقبردي الدوادار فِي الزَّيْت المتحصل من جبل نابلس على التُّجَّار المعتادين بِعَمَل الصابون كل قِنْطَار بِخَمْسَة عشر دِينَار ذَهَبا بعد أَن ختم على مَا اشتروه وَنُودِيَ فِي الْبَلَد بالأمان للعوام وان الزَّيْت لَا يَأْخُذهُ إِلَّا اربابه فَمن النَّاس من لم يصدق هَذِه المنادات وَخرج هَارِبا وَمِنْهُم من اطْمَأَن ثمَّ شرع قانصوه فِي كِتَابَة أَسمَاء التُّجَّار وَمن لَهُ عَادَة بِعَمَل الصابون حَتَّى اطْمَأَن النَّاس وَشرع يقبض عَلَيْهِم وَاحِدًا بعد وَاحِد من التُّجَّار وَغَيرهم ويلزمهم بشرَاء الزَّيْت على حكم مَا فعل بهم فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَرمى على الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَطلب نسَاء الغائبين وَضرب بعض جمَاعَة وَلكنه فِي هَذِه الْمرة أخف وَطْأَة من الْمرة الاولى الَّتِي كَانَت فِي سنة سِتّ بِمُقْتَضى ان نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة بالقدس(2/365)
الْأَمِير جَان بلاط اعتنى بِأَهْل بَيت الْمُقَدّس وتلطف بهم فَلم يَقع فيهم الافحاش كَمَا تقدم فِي زمن دقماق النَّائِب وَكَانَ الزَّيْت المرسوم برميه على أهل الْقُدس وبلد الْخَلِيل ألف وَخَمْسمِائة قِنْطَار من ذَلِك مائَة وَسِتُّونَ قِنْطَارًا مُخْتَصَّة بِأَهْل بلد الْخَلِيل وَالْبَاقِي على أهل الْقُدس وَرمى على أهل غَزَّة ألف قِنْطَار ثمَّ رمى على أهل الرملة جانبا من الزَّيْت وضيق عَلَيْهِم بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس وسافر السيفي قانصوه من مَدِينَة الْقُدس صُحْبَة النَّائِب بِالْمَالِ الْمَقْبُوض بعد صَلَاة الْجُمُعَة الْعشْرين من ربيع الآخر بعد إِقَامَته بهَا اربعين يَوْمًا وَحضر الى الامير اقبردي الدوادار الْكَبِير النواب والأمراء الى الرملة من طرابلس وحماه وصفد والبيرة واهدي اليه من الْأَمْوَال والمواشي ثمَّ جهز إِلَيْهِ ملك الامراء قانصوه اليحياوي كافل المملكة الشامية والأمير يُونُس حَاجِب الْحجاب بِالشَّام وَغَيرهَا وَحضر الْأَمِير قانصوه اليحياوي ال الْقُدس الشريف لقصد الزِّيَارَة وَنزل فِي تربته الَّتِي انشأها بِظَاهِر بَاب الاسباط فِي عَشِيَّة يَوْم الْخَمِيس رَابِع جمادي الأولى وَتوجه من الْقُدس الشريف فِي صَبِيحَة يَوْم الْأَحَد سَابِع الشَّهْر الى دمشق وَتوجه الْأَمِير اقبردي الدودار الْكَبِير من الرملة لجِهَة الغو لقِتَال الْعَرَب وَتوجه اليه الْأَمِير جَان بلاط لجِهَة الْقُدس فِي بكرَة يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن جمادي الأولى وَتوجه الى بِلَاد حوران وَأَذْرعَات وَغَيرهمَا وَحصل لَهُ من الموال والمواشي مَالا يُحْصى كَثْرَة وَحضر اليه عَامر بن مقلد شيخ الْعَرَب فَقبض عَلَيْهِ وَحضر الى مَدِينَة الرملة فِي يَوْم السبت تَاسِع عشر شهر جمادي الْآخِرَة وَتوجه مِنْهَا قَاصِدا الديار المصرية فِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشري جمادي الْآخِرَة وصحبته من الْمَوَاشِي مَالا يُحْصى كَثْرَة فَهَلَك مِنْهَا فِي الطَّرِيق غالبها وَلم يصل مَعَه مِنْهَا الى الْقَاهِرَة إِلَّا الْأَقَل وفيهَا اسْتَقر القَاضِي كَمَال الدّين ابو البركات مُحَمَّد بن الشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي فِي وَظِيفَة(2/366)
مشيخة المغاربة بالقدس الشريف عوضا عَن قَاسم المغربي بِحكم وَفَاته وَورد التوقيع الشريف عَلَيْهِ بذلك فِي الْعشْر الاول من شهر ربيع الآخر وتاريخه فِي حادي عشري ربيع الأول وفيهَا اسْتَقر القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس فِي ربع وَظِيفَة مشيخة الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف بنزول صدر لَهُ من الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ جمال الدّين عبالله بن غَانِم شيخ حرم الْقُدس الشريف وَهَذَا الرّبع هُوَ الَّذِي كَانَ تَأَخّر بِيَدِهِ من الْوَظِيفَة الْمَذْكُورَة وبمقتضى هَذَا النُّزُول من الشَّيْخ نَاصِر الدّين خرجت مشيخة الخانقاه من يَد بني غَانِم وَكَانَت بِأَيْدِيهِم من زمن الْوَاقِف الْملك صَلَاح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَحضر القَاضِي شهَاب الدّين بالصوفية فِي الْمجمع فِي شهر رَمَضَان الْمُعظم وفيهَا فِي شهر شَوَّال حل ركاب الْأَمِير قانصوه نَائِب قلعة الْجَبَل المنصورة بالديار المصرية فِي مَدِينَة الرملة مُتَوَجها الى ملك الشرق من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة وأوقع الصُّلْح بَين أَخِيه الْأَمِير جَان بلاط نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب الْقُدس الشريف وَبَين ملك الْأُمَرَاء المفر السيفي اقباي كافل المملكة الغزية بِسَبَب مَا كَانَ بَينهمَا من التنافر والبس الامير جَان بلاط كاملية بسمور وَكَانَ ذَلِك بِمَدِينَة الرملة ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا فِي الْعشْر الاوسط من الْمحرم توجه الْأَمِير جَان بلاط نَائِب الْقُدس الى قَرْيَة القباب - من أَعمال الرملة - الْجَارِيَة تَحت نظره وكبسها وَأخذ مَوْجُود الفلاحين بهَا وَاحْتج بِأَنَّهُم عصوا عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ تَحت نظره وَحصل التنافر بَينه وَبَين ملك الْأُمَرَاء اقباي نَائِب غَزَّة لكَون الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فِي مُعَامَلَته وَدخل اليها بِغَيْر اذنه وَحصل بذلك التخبيط فِي الطّرق وفيهَا - عقب الْوَقْعَة الْمَذْكُورَة - ورد مرسوم شرِيف بِطَلَب الْأَمِير جَان بلاط - الْمَذْكُور - الى الابواب الشَّرِيفَة بِسَبَب شكوى جمَاعَة عَلَيْهِ فَتوجه من الْقُدس فِي لَيْلَة السبت تَاسِع عشري شهر الْمحرم وَلم يعلم اُحْدُ بِسَفَرِهِ إِلَّا بعد يَوْمَيْنِ(2/367)
أَو ثلَاثه فوصل الى الْقَاهِرَة المحروسة وَغرم مَالا ورسم لَهُ بالاستمرار فِي وظيفته وفيهَا فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشري ربيع الأول الْمُوَافق السَّابِع كانون الثَّانِي وَقع الثَّلج بالقدس الشريف وَاسْتمرّ ينزل من ظهر الثُّلَاثَاء الى عَشِيَّة يَوْم الْخَمِيس مستهل ربيع الآخر لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى امْتَلَأت الشوارع والاسطحة والأماكن وَحكى الْكِبَار انهم لم يرَوا مثل ذَلِك فِي هَذِه الْأَزْمِنَة من نَحْو سبعين سنة وَكَانَ حجمه فَوق الأَرْض فِي بعض الْأَمَاكِن أَكثر من أَرْبَعَة اذرع واخبرت انه كَانَ فِي بعض الْأَمَاكِن اكثر من خَمْسَة أَذْرع وتقطعت السبل وسدت الشوارع وَأصْبح النَّاس يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي ربيع الآخر فِي شدَّة شَدِيدَة واقيمت صَلَاة الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف فَلم يحضرها من أهل بَيت الْمُقَدّس النّصْف بل وَلَا الثُّلُث وَوَقع الثَّلج بِمَدِينَة الرملة وَلم يعْهَد وُقُوعه بهَا فِي هَذِه الْأَزْمِنَة إِلَّا مَا يحْكى ان من مُدَّة طَوِيلَة نَحْو ثَمَانِينَ سنة وَقع بهَا الثَّلج فِي سنة فسماها أهل الرملة سنة الثَّلج وَلم يعلم انه بلغ قدر مَا بلغ فِي هَذِه الْمرة فَإِنَّهُ وصل الى الْبَحْر وَاسْتمرّ فِي شوارع الْقُدس أَكثر من عشْرين يَوْمًا وَاشْتَدَّ حَتَّى صَار كالحجارة ثمَّ وَقع الْبرد الشَّديد بعد وُقُوع الثَّلج بِنَحْوِ خَمْسَة عشر يَوْمًا حَتَّى جمد المَاء وَصَارَ جليدا ثمَّ فِي عَشِيَّة الْخَمِيس لَيْلَة الْجُمُعَة السَّادِس عشر من ربيع الآخر عادالثلج وَنزل حَتَّى عَم الأَرْض لكنه كَانَ خَفِيفا وَمن الِاتِّفَاق ان الثَّلج كَانَ قد وَقع بالقدس فِي السّنة الْمَاضِيَة وَهِي سنة ثَمَان وَتِسْعين فِي يَوْم تَاسِع عشري ربيع الأول ثمَّ وَقع فِي هَذِه السّنة فِي يَوْم تَاسِع عشري ربيع الأول لكنه فِي الْعَام الْمَاضِي كَانَ فِي يَوْم الْجُمُعَة وَفِي هَذَا الْعَام فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثمَّ وَقع الثَّلج بغزة المحروسة وَلم يعلم وُقُوعه بهَا قبل ذَلِك فسبحان الْقَادِر على مَا يَشَاء وَأما الْأَمِير جَان بلاط نَائِب الْقُدس فقد تقدم توجهه الى الابواب الشَّرِيفَة والانعام عَلَيْهِ بالاستمرار فِي وظيفته ثمَّ البس التشريف المستمر بالحضرة الشَّرِيفَة وَدخل فِي بكرَة يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشري ربيع الْآخِرَة وَكَانَ يَوْمًا كثير الْمَطَر(2/368)
لم ير مثله فِي تزاحم الْعَالم وَركب النَّاس للقائه من الْقُضَاة والاعيان وَاسْتمرّ الْمَطَر ينزل عَلَيْهِم من عِنْد خَان الظَّاهِر الى دَار النِّيَابَة وَدخل صحبته القَاضِي برهَان الدّين الْجَوْهَرِي وَعَلِيهِ خلعة كاملية بسمور وَلم يعْهَد دُخُول حَاكم لبيت الْمُقَدّس فِي مثل هَذَا الْيَوْم إِلَّا جقمق الظَّالِم الْفَاجِر - كَمَا تقدم ذكره فِي حوادث سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ فِي ثَانِي يَوْم دُخُول الْأَمِير جَان بلاط الى الْقُدس الشريف وَهُوَ نَهَار الْجُمُعَة ث الث عشر من ربيع الآخر اسْتمرّ الثَّلج نازلا الى بعد الظّهْر من يَوْم السبت حَتَّى بَقِي حجمه فَوق الأَرْض أَكثر من ذِرَاع وامتلأت الشوارع والاسطحة مِنْهُ وأنزعج النَّاس لذَلِك خشيَة الضَّرَر واصبح الى يَوْم الاحد فأغاث الله عباده بنزول الْمَطَر الغزير من بعد الظّهْر من يَوْم الاحد إِلَى آخر لَيْلَة الِاثْنَيْنِ فأزال الثَّلج حَتَّى لم يبْق مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل ثمَّ وَقع الْهدم فِي الاماكن فَسقط الْكثير من الدّور والابنية وفيهَا اسْتَقر ملك الْأُمَرَاء اقباي نَائِب غَزَّة فِي نِيَابَة صفد وَتوجه اليها فِي ربيع الآخر وَاسْتقر الْأَمِير قاني بك فِي نِيَابَة غَزَّة وَقدم اليها فِي جمادي الْآخِرَة واضيف اليه كشف الرملة فِي شهر رَجَب بعد اسْتِيلَاء نَائِب الشَّام عَلَيْهَا وَحضر نَائِب غَزَّة اليها فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن شعْبَان وَحضر اليه الْأَمِير جَان بلاط نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة بالقدس الشريف وصحبته قُضَاة بَيت الْمُقَدّس فِي يَوْم السبت ثَانِي عشر شعْبَان وعادوا الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الاربعاء سادس عشرَة وفيهَا اسْتَقر القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس الْحَنَفِيّ فِي وَظِيفَة قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام والرملة وَورد توقيعه مؤرخ فِي ثامن عشر رَجَب والبس التشريف من ظَاهر مَدِينَة الْقُدس فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع شعْبَان وَكَانَت ولَايَته بِبَيْت الْمُقَدّس عوضا عَن القَاضِي عز الدّين الديري والرملة عوضا عَن القَاضِي كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الاحزم النابلسي وَحضر الى مَحل ولَايَته بالرملة صُحْبَة نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير جَان بلاط فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم ذكره قَرِيبا(2/369)
وفيهَا اسْتَقر مُحَمَّد بن ابراهيم الودياتي فِي أمرية جرم عوضا عَن ثَابت الرميني بمساعدة الْأَمِير جَان بلاط ومكاتبته مَعَ السُّلْطَان واركان الدولة وَقدم الى مَدِينَة غَزَّة فورد مرسوم شرِيف لنائب غَزَّة الْأَمِير قاني بك وقرينه مرسوم شرِيف لناظر الْحَرَمَيْنِ ونائب الْقُدس الْأَمِير جَان بلاط يعلمهَا ان مُكَاتبَة نَائِب غَزَّة وَردت للأبواب الشَّرِيفَة تَتَضَمَّن ان الامير جرم مُحَمَّد الودياتي لَا يصلح للأمرية لعَجزه عَن الْقيام بِالْقُوَّةِ وَمَا هُوَ مُقَرر عَلَيْهِ للخزائن الشَّرِيفَة وان نَائِب الْقُدس يتَوَجَّه وصحبته قُضَاة الْقُدس الشريف واركان الدولة بِمَدِينَة غَزَّة ويجتمع نَائِب غَزَّة وقضاتها واركان الدولة بهَا وَجَمِيع أُمَرَاء جرم وَمن كَانَ يصلح للولاية مِمَّن ترْضى بِهِ الرّعية وَيقدر على مَا هُوَ مُقَرر وَيكْتب بِهِ محْضر شَرْعِي ويعرض على الابواب الشَّرِيفَة فَتوجه نَاظر الْحَرَمَيْنِ وقضاة الْقُدس الشريف الْأَرْبَعَة من الْقُدس الشريف فِي لَيْلَة الاحد سَابِع عشري شعْبَان ووصلوا الى غَزَّة فِي بكرَة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَحصل الِاجْتِمَاع بنائب غَزَّة وقضاتها بدار النِّيَابَة بغزة بعد الْعَصْر من يَوْم الثُّلَاثَاء وَدَار الْكَلَام بَينهم فِيمَن يصلح فنائب غَزَّة قصد ان يسْتَقرّ فِي الأمرية ابو العويس ابين ابي بكر ونائب الْقُدس قصد اسْتِمْرَار مُحَمَّد الودياتي لكَونه هُوَ الَّذِي سعى فِي تَوليته ثمَّ الْتزم نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب الْقُدس بِمَا على مُحَمَّدًا لودياتي من الْقُوَّة وَالْعَادَة فِي مُدَّة ولَايَته وبمبلغ خَمْسمِائَة دِينَار زِيَادَة على مَا هُوَ مُقَرر عَلَيْهِ فَلم يحصل اتِّفَاق بَين نَائِب غَزَّة ونائب الْقُدس وانفصل الْمجْلس على غير ترَاض وكل من النائبين كتب للسُّلْطَان بِمَا يختاره وَتوجه نَائِب الْقُدس وقضاته من غَزَّة فِي بكرَة يَوْم الاربعاء سلخ شعْبَان وبصحبتهم مُحَمَّد الودياتي امير جرم ومكنه نَائِب الْقُدس من الأمرية والبس خلعة السُّلْطَان بقرية قرنيا فِي بكرَة يَوْم الْخَمِيس مستهل رَمَضَان وَقَامَ فِي نصرته لكل مُمكن وفيهَا افردت وَظِيفَة قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام عَن قَضَاء بَيت الْمُقَدّس وَاسْتقر فِيهَا القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي الطّيب التَّمِيمِي عوضا(2/370)
عَن القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس وَكتب توقيعه بذلك فِي ثامن عشري شعْبَان فَكَانَ اسْتِمْرَار القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس فِي قَضَاء بلد الْخَلِيل مُدَّة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلم تجر عَادَة قبل ذَلِك بافراد قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِبَلَد الْخَلِيل بل كَانَت تُضَاف لقَضَاء الْقُدس - كَمَا تقدم - فَلَمَّا وَقع ذَلِك شقّ على القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم التَّمِيمِي الشَّافِعِي قَاضِي بلد الْخَلِيل وسعى إِلَى أَن كتب لَهُ توقيع شرِيف باستمراره فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِمَدِينَة الْخَلِيل وابطال مَا كتب للحنفي بالخليل وَورد التوقيع بذلك فِي شهر ذِي الْقعدَة فَكَانَت مُدَّة ولَايَة الْحَنَفِيّ بالخليل دون ثَلَاثَة اشهر وفيهَا ورد مرسوم شرِيف على الْأَمِير قاني بك نَائِب غَزَّة بالتوجه الى الْقُدس الشريف وَالصُّلْح مَعَ نَائِب الْقُدس وَالسَّبَب فِيهِ حَادِثَة وَقعت قتل فِيهَا جانم دوادار نَائِب الْقُدس فِي قَرْيَة بَيت لقيا فِي شهر شَوَّال وَنسب قلته لمن هُوَ من جِهَة نَائِب غَزَّة فَحَضَرَ الى الْقُدس فِي ضحى يَوْم الثُّلَاثَاء عَاشر ذِي الْقعدَة وَحصل الِاجْتِمَاع بَينه وَبَين الْأَمِير جَان بلاط نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب الْقُدس بِحُضُور شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف بمنزله بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية وَوَقع الصُّلْح بَينهمَا وحصلت الْمُوَافقَة والمعاهدة بَينهمَا على زَوَال مَا حصل من التنافر وَتوجه نَائِب غَزَّة من الْقُدس فِي ذَلِك الْيَوْم ثمَّ دخلت سنة تِسْعمائَة من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة وفيهَا فِي ثامن الْمحرم اعيد شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي الطّيب التَّمِيمِي الى قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِمَدِينَة الْخَلِيل وَهِي ولَايَته الثَّانِيَة وَكتب توقيعه بذلك وبابطال مَا كتب للْقَاضِي شهَاب الدّين الشَّافِعِي الْمنَافِي ذَلِك فَكَانَ اسْتِمْرَار مَنعه من قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِبَلَد الْخَلِيل وإضافتها للشَّافِعِيّ دون شَهْرَيْن وفيهَا فِي شهر الله الْمحرم اخذ الْعَرَب من بني لاد ركب الْحَج الشَّامي بِالْقربِ من الكرك ونهبوا الْحجَّاج عَن آخِرهم وَكَانَ عدَّة جمال الركب ثَلَاثَة عشر الف جمل(2/371)
لم يسلم من ذَلِك سوى سِتَّة عشر جملا من غير أحمال وَهلك من الرِّجَال وَالنِّسَاء والاطفال خلق لَا يحصيهم إِلَّا الله تَعَالَى وَأخذت الاموال وَسبي الْحَرِيم وَكَانَت حَادِثَة فَاحِشَة وَقد اشْتهر أمرهَا فاعتصب من أهل بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام جمَاعَة من الكرك وتوجهوا الى جِهَة الاعوان وَغَيرهَا وأحضروا جمَاعَة من الْحجَّاج الى بلد الْخَلِيل وَإِلَى الْقُدس الشريف وتسبب شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَجَمَاعَة من أهل الْخَيْر فِي جمع مَال من أهل الْقُدس الشريف وَدفع لكل وَاحِد من الْحجَّاج مَا يكتري بِهِ وينفقه عَلَيْهِ الى ان يصل الى وَطنه فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير وفيهَا اسْتَقر القَاضِي عز الدّين عبد الْعَزِيز الديري الْحَنَفِيّ فِي وَظِيفَة قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف عوضا عَن القَاضِي شهَاب الدّين بن المهندس وَتقدم ان القَاضِي شهَاب الدّين اسْتَقر فِي قَضَاء الْقُدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام والرملة وان توقيعه مؤرخ فِي ثامن عشر رَجَب سنة تسع وَتِسْعين وَتقدم أَن قَضَاء بلدالخليل عَلَيْهِ السَّلَام افرد عَنهُ بعد استمراره بِيَدِهِ اربعين يَوْمًا ثمَّ افرد عَنهُ قَضَاء الرملة باستقرار القَاضِي كَمَال الدّين بن الأخرم فِي يَوْم الاربعاء مستهل الْمحرم سنة تِسْعمائَة فَكَانَ استمراره فِي قَضَاء الرملة خَمْسَة أشهر واثنى عشر يَوْمًا ثمَّ اسْتَقر القَاضِي عز الدّين الديري فِي قَضَاء الْقُدس الشريف وَورد الْخَبَر بولايته وَجلسَ للْحكم فِي يَوْم السبت ثامن عشري ربيع الأول فَكَانَ استمراره فِي قَضَاء الْقُدس من حِين تمكنه من الحكم فِي سَابِع شعْبَان سنة تسع وَتِسْعين سَبْعَة أشهر وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي شهر ربيع الآخر دخل جَان بلاط الى الْقُدس وَهُوَ لابس خلعة التشريف الْوَارِدَة اليه من الابواب الشَّرِيفَة وَدخل مَعَه القَاضِي عز الدّين الديري وَهُوَ لابس خلعة بطرحة وفيهَا كتب توقيع شرِيف باستمرار القَاضِي برهَان الدّين التَّمِيمِي الشَّافِعِي فِي قَضَاء بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وابطال مَا كتب للْقَاضِي الْحَنَفِيّ بهَا فَكَانَ(2/372)
اسْتِمْرَار الْحَنَفِيّ فِي ولَايَته الثَّانِيَة نَحْو ثَلَاثَة أشهر وفيهَا برز الْأَمر الشريف باضافة التَّكَلُّم على كشف مَدِينَة الرملة المحروسة للأمير جَان بلاط نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب الْقُدس الشريف واخرجت عَن الْأَمِير قاني بك نَائِب غَزَّة وتسلمها الْأَمِير جَان بلاط فِي شهر جمادي الأولى وَفَرح أهل الرملة بِزَوَال نَائِب غَزَّة لَكِن حصل تخبيط فِي الطّرق وفيهَا فِي سادس عشر رَجَب اعيد شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي الطّيب الى قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهِي ولَايَته الثَّالِثَة وَكتب توقيعه بذلك وابطال مَا كتب للْقَاضِي الشَّافِعِي الْمنَافِي لذَلِك فَكَانَ اسْتِمْرَار مَنعه من قَضَاء الْحَنَفِيَّة واضافتها للشَّافِعِيّ دون ثَلَاثَة أشهر وَاسْتمرّ الى يَوْمنَا لم يعْزل وَقد تقدم تَارِيخ ابْتِدَاء ولَايَته فِي ثامن عشري شعْبَان سنة تسع وَتِسْعين فعزل وَولي ثَلَاث مَرَّات فِي عشرَة أشهر وَثَمَانِية أَيَّام وفيهَا ورد السيفي عَلان من الابواب الشَّرِيفَة وعَلى يَده مرسوم شرِيف برمي الزَّيْت المتحصل من جبل نابلس على أهل الْقُدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وغزة والرملة على مَا جرت بِهِ الْعَادة فِي سنة سِتّ وَسنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فَرمي عَلَيْهِم كل قِنْطَار بِالْكَيْلِ الرَّمْلِيّ بِخَمْسَة عشر دِينَارا ذَهَبا فَالَّذِي رمي على أهل الْقُدس وَأهل بلد الْخَلِيل تِسْعمائَة قِنْطَار وعَلى أهل الرملة مِائَتَا قِنْطَار وَحصل لأهل الْبِلَاد الْمَذْكُورَة الرِّفْق من الْأَمِير جَان بلاط النَّائِب فَإِنَّهُ تلطف بهم وَلم يحصل مِنْهُ ضَرَر وَلَا تشويش لأحد مِنْهُم بل استعطف خواطرهم وَأَخذهم بِالَّتِي هِيَ أحسن وَلَكِن تضرر الْفُقَرَاء من ذَلِك لِكَثْرَة الخسارة فِي بَيْعه فَإِن كل قِنْطَار بِخَمْسَة عشر دِينَارا وكلفته نَحْو دِينَار فَبيع بِتِسْعَة دَنَانِير فَمَا دونهَا فَكَانَت الخسارة نَحْو النّصْف وَكَانَ الرَّمْي على أهل الْقُدس والخليل فِي الجمادين وعَلى أهل الرملة فِي رَجَب وَشَعْبَان ثمَّ ورد مرسوم السُّلْطَان الى الْأَمِير جَان بلاط فِي شهر شَوَّال بِأَن يرْمى على أهل الْقُدس الشريف من الزَّيْت ثَلَاثمِائَة قِنْطَار بالسعر الْمُتَقَدّم ذكره فَطلب التُّجَّار(2/373)
وَالنَّاس وألزمهم بِأخذ الزَّيْت وَكتب الى كاشفه بالرملة يطْلب التُّجَّار بِأَن يَرْمِي عَلَيْهِم من الزَّيْت جانبا فطلبوا والزموا بذلك وَحصل لأهل الْقُدس الشريف والرملة الضَّرَر من ذَلِك لكَوْنهم تقدم لَهُم اخذ الزَّيْت ثمَّ رمى عَلَيْهِم مرّة ثَانِيَة فانزعج النَّاس لذَلِك فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْكَبِير (ذكر الْفِتْنَة بَين نَائِب الْقُدس ونائب غَزَّة) وفيهَا وَقعت فتْنَة بَين الْأَمِير جَان بلاط نَاظر الْحَرَمَيْنِ ونائب الْقُدس والرملة وَبَين الْأَمِير قاني بك نَائِب غَزَّة وَهِي ان الْأَمِير جَان بلاط قدم الى الرملة بِسَبَب الزَّيْت - الْمُتَقَدّم ذكره - وَكَانَ وُصُوله الى الرملة فِي يَوْم الاحد سادس عشر رَجَب فَلَمَّا كَانَ فِي صَبِيحَة يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشر رَجَب أَمر كاسشفه بالرملة وَهُوَ الجمالي يُوسُف بالركوب هُوَ وجماعته وَالْمَشْي فِي مُعَاملَة الرملة لحفظها من المناحيس والذب عَن الرّعية لِأَنَّهُ كَانَ قبل ذَلِك حضر جمَاعَة من الْعَرَب ونهبوا ابقارا لأهل الرملة فَلَمَّا ركب الكاشف بجنده ركب نَاظر الْحَرَمَيْنِ وصحبته دواداره برسباي ومعهما اربعة انفس وَخَرجُوا الى ظَاهر الرملة للمسايرة فَخرج على الكاشف جمَاعَة من الْعَرَب وطردوه وطردهم ثمَّ قوى أَمرهم عَلَيْهِ فطردوه الى أَن حصروه بالبرج الْكَائِن بقرية خلدا من اعمال الرملة فتحصن بِهِ فَأخذُوا خيوله وقلوا جمَاعَة مِمَّن مَعَه وَكَانَ الْأَمِير جَان بلاط بِالْقربِ من قَرْيَة تل الجزر فَسمع الصَّوْت فَسَار بِمن مَعَه من دواداره برسباي وَالْأَرْبَعَة أنفس الَّذين مَعَهم نَحْو الصَّوْت فَخرج عَلَيْهِم الْعَرَب وتواقعوا فَقتل برسباي وَمن مَعَه حَتَّى لم يبْق سوى الْأَمِير جَان بلاط بمفرده فَثَبت لَهُم وَقَاتلهمْ أَشد الْقِتَال بمفرده حَتَّى تخلص مِنْهُم وَنَجَا فَكَانَت عدَّة الْقَتْلَى فِي ذَلِك الْيَوْم عشرَة أنفس مِنْهُم رجل شرِيف وحملوا الى الرملة ودفنوا بهَا وَتوجه قُضَاة الرملة الى تل الجزر وعاينوا بعض الْقَتْلَى بأرضها وَكنت إِذْ ذَاك بالرملة وَحَضَرت هَذِه الْحَادِثَة وَكَانَت فِي غَايَة الشناعة(2/374)
وَكتب محْضر بذلك وجهز الى الابواب الشَّرِيفَة مَعَ مُكَاتبَة الْأَمِير جَان بلاط المتضمنة ان هَذَا الْفِعْل باشارة نَائِب غَزَّة وَهُوَ الْوَاقِع لِأَنَّهُ وجد فِي نَفسه من نَائِب الْقُدس بِسَبَب مَا تقدم من ولَايَة أَمِير جرم باشارة نَائِب الْقُدس دون رضَا نَائِب غَزَّة ثمَّ وَقع ان نَائِب الْقُدس أَخذ كشف الرملة وانتزعه من نَائِب غَزَّة فتأكدت الْعَدَاوَة بَينهمَا فَكَانَ نَائِب غَزَّة يُسَلط الْعَرَب والمفسدين ويغريهم على نَائِب الْقُدس ويحرضهم على الْفساد فِي مُعَامَلَته يقْصد بذلك التشنيع عَلَيْهِ فَلَمَّا وَقع لما ذكر من هَذِه الْفِتْنَة القبيحة وسطرت المحاضر بشرح الْحَال وجهزت للسُّلْطَان كتب نَائِب غَزَّة الى السُّلْطَان يشتكي من الْأَمِير جَان بلاط بِكَلِمَات مُهْملَة لَا حَقِيقَة لَهَا فبرز أَمر السُّلْطَان بتجهيز السيفي قانصوه الخاصكي وعَلى يَده مرسوم شرِيف لشيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وقضاة غَزَّة والقدس والرملة بالتوجه الى الْمَكَان الَّذِي وَقعت فِيهِ الْفِتْنَة وتحرير ذَلِك وإعادة الْجَواب على المسامع الشَّرِيفَة فَتوجه شيخ الاسلام - الْمشَار اليه - وصحبته قُضَاة الْقُدس الشريف الى الرملة فِي يَوْم الاربعاء عَاشر شهر رَمَضَان وَاجْتمعَ بِهِ الخاصكي وقاضة الرملة وتوجهوا الى قريتي تل الجزر وخلد وحرروا الامر فِي ذَلِك فَتبين لَهُم ان الْحق بيد نَائِب الْقُدس وان الْقَتْل والفتنة كَانَا فِي معامله بِأَرْض الرملة وَحضر قُضَاة غَزَّة الى تل الطافية بأطراف مُعَاملَة غَزَّة وامتنعوا من الْحُضُور الى الرملة والاجتماع بشيخ الاسلام وقضاة الْقُدس والرملة واظهروا التعصب لنائب غَزَّة فَكتب شيخ الاسلام وقضاة الْقُدس والرملة محضرا وَكَتَبُوا خطوطهم عَلَيْهِ بِمَا يَقْتَضِي ان الْحق بيدنائب الْقُدس وناظر الْحَرَمَيْنِ ثمَّ كتب قُضَاة غَزَّة محضرا بِمَا اختاروه ومخلصه أَن نَائِب الْقُدس هُوَ المعتدي بِدُخُولِهِ مُعَاملَة غَزَّة وجهز كل من المحضرين للسُّلْطَان وَعَاد شيخ الاسلام وقضاة الْقُدس الى اوطانهم فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر رَمَضَان(2/375)
ثمَّ حضر الخاصكي الى الْقُدس الشريف للزيارة وَدخل بخلعة السُّلْطَان فِي شهر رَمَضَان وَحضر عيدالفطر بالقدس وَتوجه لزيارة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ توجه الى مَدِينَة غَزَّة ليقيم بهَا لانتظار الْجَواب الْوَارِد عَلَيْهِ من المراسيم الشَّرِيفَة فَلَمَّا كَانَ الْعشْر الثَّالِث من شهر شَوَّال ورد مرسوم السُّلْطَان الى شيخ الاسلام الكمالي بن ابي شرِيف الشَّافِعِي ومرسوم شرِيف مُطلق لقضاة غَزَّة والقدس الشريف يعلمهُمْ انه لما جهز الْأَمِير قانصوه باقر الخاصكي لكشف هَذِه الاجوبة وتحريرها وَكِتَابَة محْضر بقضاة غَزَّة والقدس بِمَا يَتَّضِح بِهِ الْحق وان كلا من النائبين كتب محضرا بِمَا يختاره وَلم يَتَّضِح للمسامع الشَّرِيفَة الْحق فِي ذَلِك وان المرسوم الشريف الْوَارِد على يَد الخاصكي انما برز بِكِتَابَة محْضر وَاحِد لامحضرين وبرز أَمر السُّلْطَان ان شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف يتَوَجَّه بِنَفسِهِ وصحبته قُضَاة الْقُدس الشريف والرملة الى مَدِينَة غَزَّة المحروسة ويجتمعون مَعَ قُضَاة غَزَّة وتحرر هَذِه الْوَاقِعَة من اولها إِلَى آخرهَا وَيكْتب محْضر شَرْعِي بِمَا يَتَّضِح بِهِ الْحق وَإِن لم يحرر ذَلِك تبرز المراسيم الشَّرِيفَة لقضاة غَزَّة والقدس بالزامهم بِالْقيامِ للخزائن الشَّرِيفَة بِعشْرَة آلَاف دِينَار مؤرخ المرسوم الشريف فِي ثَالِث عشر شَوَّال فَعِنْدَ ذَلِك قَابل شيخ الاسلام الكمالي وقضاة الْقُدس الشريف أَمر السُّلْطَان بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة وتوجهوا الى الرملة وَسَار مِنْهَا مَعَ من تيَسّر من قضاتها الى مَدِينَة غَزَّة وَهَذِه الْوَاقِعَة من الْعَجَائِب لِأَن شيخ الاسلام رجل عَظِيم الشَّأْن وَهُوَ بركَة الْوُجُود وعالم المملكة وَهُوَ شيخ كَبِير سنة نَحْو الثَّمَانِينَ وبنيته ضَعِيفَة وَالسّفر يشق عَلَيْهِ فكلف الى مَالا طَاقَة لَدَيْهِ فِي زمن الْحر الشَّديد بِسَبَب وَاقعَة حدثت من الْعَرَب المفسدين الْمُحَاربين للدّين لَا إِسْلَام لَهُم وَلَا إِيمَان وَلما توجه من الْقُدس الشريف حمل فِي محارة على جمل وَكَانَ لَا يركب الْفرس إِلَّا قَلِيلا لضعف بدنه فَقدم الى مَدِينَة غَزَّة فِي عَشِيَّة يَوْم الْخَمِيس مستهل ذِي الْقعدَة وَنزل بالجامع الْمَنْسُوب لمولانا السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف واصبح يَوْم الْجُمُعَة فَحَضَرَ(2/376)
بَين يَدَيْهِ قُضَاة غَزَّة وأكابرها للسلام عَلَيْهِ ثمَّ عقب صَلَاة الْجُمُعَة جلس بالجامع - الْمشَار اليه - وَجلسَ مَعَه قانصوه الخاصكي وقضاة غَزَّة والقدس الشريف وَمن تيَسّر من قُضَاة الرملة وَدَار الْكَلَام بَينهم فِي تَحْرِير هَذِه الْحَادِثَة وَكَتَبُوا محضرا وَاحِدًا ملخصه مَا كتب فِي الْمحْضر الاول من قتل جمَاعَة نَائِب الْقُدس الشريف وَنهب خيولهم يزِيد فِيهِ ان الجمالي يُوسُف كاشف الرملة لما خرج من الرملة وَوصل الى آخر معاملتها وجد ثَلَاثَة أَنْفَار من العشير والعوام فطردهم الى أَرض عمورية من عمل غَزَّة المحروسة وَقتل مِنْهُم فرسين ثمَّ طردوه إِلَى أَن وصل الى مُعَاملَة الرملة عِنْد قَرْيَة خلدا وقرية تل الجزر وَحصل مَا حصل من الْقَتْل والنهب - كَمَا تقدم شَرحه - وَكتب شيخ الاسلام وقضاة غَزَّة والقدس والرملة خطوطهم بالمحضر الْمَذْكُور وجهز للأبواب الشَّرِيفَة مُكَاتبَة شيخ الاسلام وَاسْتمرّ الخاصكي بغزة لانتظار الْجَواب وَعَاد شيخ الاسلام وقضاة الْقُدس الى أوطانهم وَكَانَ سفرهم من غَزَّة فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ خَامِس ذِي الْقعدَة وانْتهى الْحَال الى أَن السُّلْطَان عزل نَائِب غَزَّة ونائب الْقُدس مَعًا وَمَضَت سنة تِسْعمائَة وَكَانَت سنة شَدِيدَة كَثِيرَة الْفِتَن والحروب وَالْخلف بَين الْحُكَّام والعسكر فِي جَمِيع مملكة الاسلام بالديار المصرية والمملكة الشامية وَالْأَرْض المقدسة وَالله لطيف بعباده وَقد انْتهى ذكر الْحَوَادِث الْوَاقِعَة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى آخر سنة تِسْعمائَة من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام فلنذكر تَرْجَمَة شَيخنَا الكمالي ابْن ابي شرِيف كَمَا تقدم الْوَعْد بِهِ فَأَقُول - وَبِاللَّهِ استعين - هُوَ شيخ الاسلام ملك الْعلمَاء الاعلام حَافظ الْعَصْر وَالزَّمَان بركَة الامة عَلامَة الْأَئِمَّة كَمَال الدّين ابو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن ابي بكر بن عَليّ بن ابي شرِيف الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شَيخنَا الامام(2/377)
الحبر الْهمام الْعَالم الْعَلامَة الرحلة الْقدْوَة الْمُجْتَهد الْعُمْدَة سبط قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين ابي الْعَبَّاس أَحْمد الْعمريّ الْمَالِكِي الْمَشْهُور بِابْن عوجان مولده فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن يَوْم السبت خَامِس شهر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة الْقُدس وَنَشَأ بهَا فِي عفة وصيانة وتقوى وديانة لم يعلم لَهُ صبوة وَلَا ارْتِكَاب مَحْظُور وَحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم والشاطبية والمنهاج للنووي وعرضهما على قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شهَاب الدّين بن حجر وقاضي الْقُضَاة شيخ الاسلام محب الدّين بن نصر الله الجبيلي وقاضي الْقُضَاة سعد الدّين الديري الْحَنَفِيّ وَشَيخ الاسلام عز الدّين الْمَقْدِسِي فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ حفظ الفية بن مَالك وألفية الحَدِيث وَقَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على الشَّيْخ أبي الْقَاسِم النويري وَسمع عَلَيْهِ وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة واصول الْفِقْه والمنطق واصطلاح الحَدِيث والتصريف وَالْعرُوض والقافية وَأذن لَهُ فِي التدريس فِيهَا سنة ارْبَعْ واربعين وَثَمَانمِائَة وتفقه بالشيخ زين الدّين ماهر وَالشَّيْخ عماد الدّين بن شرف وَحضر عِنْد الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن ارسلان وَالشَّيْخ عز الدّين الْمَقْدِسِي واشتغل فِي الْعُلُوم ورحل الى الْقَاهِرَة فِي سنة ارْبَعْ واربعين واخذ عَن عُلَمَاء الاسلام مِنْهُم شيخ الاسلام ابْن حجر وَكتب لَهُ إجَازَة وَوَصفه بالفاضل البارع الأوحد وَقَالَ شَارك فِي المباحث الدَّالَّة على الاستعداد وتأهل لَان يُفْتِي بِمَا يُعلمهُ ويتحققه من مَذْهَب الامام الشَّافِعِي من أَرَادَ ويفيد الْعُلُوم الحديثية من الْمَتْن والاسناد علما بأهليته لذَلِك وتلوحه فِي مضائق تِلْكَ المسالك انْتهى وَأخذ عَن غير وَاحِد من الْعلمَاء كالشيخ كَمَال الدّين بن الْهمام وقاضي الْقُضَاة شمس الدّين القاياتي وَالْمقر الْبَغْدَادِيّ وَغَيرهم وجد ودأب ولازم الِاشْتِغَال والاشغال إِلَى أَن برع وتميز واشير اليه فِي حَيَاة شَيْخه الزيني ماهر وَكَانَ يرشد الطّلبَة للْقِرَاءَة عَلَيْهِ حِين ترك هُوَ الاقراء وَكَذَلِكَ المستفتين ودرس وَأفْتى من سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة ونظم وَأَنْشَأَ وَسمع الحَدِيث على شيخ الاسلام ابْن حجر وَالشَّيْخ(2/378)
زين الدّين الزَّرْكَشِيّ الْحَنْبَلِيّ وَالشَّيْخ عز الدّين بن الْفُرَات وَغَيرهم من الْمَشَايِخ الاعيان وَتردد الى الْقَاهِرَة مَرَّات وَحج مِنْهَا فِي وسط السّنة صُحْبَة القَاضِي عبد الباسط رَئِيس المملكة فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وثمانماءئة فَسمع الحَدِيث بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة على الْمُحب الطَّبَرِيّ وَغَيره وبمكة المشرفة على ابي الْفَتْح المراغي وَغَيره وَلم يزل حَاله فِي ازدياد وَعلمه فِي اجْتِهَاد فَصَارَ نادرة وقته واعجوبة زَمَانه إِمَامًا فِي الْعُلُوم محققا لما يَنْقُلهُ وَصَارَ قدوة بَيت الْمُقَدّس ومفتيه وَعين أَعْيَان المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ثمَّ لما وَقعت حَادِثَة أخي ابي الْعَبَّاس - الْمُتَقَدّم شرحها فِي حوادث سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة - سَافر الى الْقَاهِرَة المحروسة وَاجْتمعَ بالسلطان وحوسب فَعرف مقَامه وأنعم عَلَيْهِ باستقراره فِي مشيخة الْمدرسَة الصلاحية فتوقف فِي الْقبُول فَالْزَمْ بِهِ وتمثل بالحضرة الشَّرِيفَة فِي شهر صفر سنة سِتّ وَسبعين فَلَمَّا قدم على السُّلْطَان نزل عَن سَرِير الْملك وتلقاه وأكرمه وفوض اليه الْوَظِيفَة الْمشَار اليها والبسه التشريف وَولي مَعَه فِي ذَلِك الْيَوْم القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه قَضَاء الشَّافِعِيَّة وَالْقَاضِي خير الدّين بن عران قَضَاء الْحَنَفِيَّة وَالشَّيْخ شهَاب الدّين العميري مشيخة الْمدرسَة الأشرفية الَّتِي هدمت وَكنت حَاضرا ذَلِك الْمجْلس وسافر شيخ الاسلام وصحبته القاضيان - الْمشَار اليهما - من الْقَاهِرَة المحروسة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول ودخلوا الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشري ربيع الأول سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وباشر تدريس الصلاحية وَالنَّظَر عَلَيْهَا مُبَاشرَة حَسَنَة عمرها وأوقافها وشدد على الْفُقَهَاء وحثهم على الِاشْتِغَال وَعمل بهَا الدُّرُوس الْعَظِيمَة فَكَانَ يدرس فِيهَا أَرْبَعَة أَيَّام فِي الاسبوع فقها وتفسيرا وأصولا وَخِلَافًا وأملى فِيهَا مجَالِس من الاحاديث الْوَاقِعَة فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَاسْتمرّ بهَا أَكثر من سنتَيْن ثمَّ اسْتَقر فِيهَا شيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة فِي شهور سنة ثَمَان وَسبعين - كَمَا تقدم ذكره - فَلم يهتم بهَا بعد ذَلِك واسمر بمنزله على مَا كَانَ عَلَيْهِ من الِاشْتِغَال بِالْعلمِ والافتاء(2/379)
وَتُوفِّي وَالِده الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد فِي جمادي الاولى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة عَن سِتّ وَثَمَانِينَ سنة وَدفن بجوار منزله بِبَاب السلسلة ثمَّ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ توجه شيخ الاسلام الى الْقَاهِرَة المحروسة واستوطنها وَتردد اليه الطّلبَة والفضلاء وَاشْتَغلُوا عَلَيْهِ فِي الْعُلُوم وانتفعوا بِهِ وعظمت هيبته وَارْتَفَعت كَلمته عِنْد السُّلْطَان وأركان الدولة وَفِي شَوَّال سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ حضر الى الْقُدس الشريف زَائِرًا ثمَّ توجه الى الْقَاهِرَة فِي جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ - كَمَا تقدم ذكر ذَلِك - وَلما وَقع مَا تقدم ذكره من هدم الْمدرسَة الأشرفية الْقَدِيمَة وَبِنَاء الْمدرسَة المستجدة المنسوبة لملك الْعَصْر مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف وانتهت عمارتها وَقدر الله تَعَالَى وَفَاة الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري قبل تَقْرِير أمرهَا وترتيب وظائفها - كَمَا تقدم ذكره - برز أَمر السُّلْطَان باستقرار شيخ الاسلام الكمالي فِيهَا وَطَلَبه الى حَضرته وشافهه بِالْولَايَةِ وَسَأَلَهُ فِي الْقبُول فَأجَاب لذَلِك وَألبسهُ كاملية بسمور وَحضر الى الْقُدس الشريف هُوَ وَمن مَعَه من اركان الدولة الشَّرِيفَة وباشرها - كَمَا تقدم ذكره فِي حوادث سنة تسعين وَثَمَانمِائَة - وَحصل للمدرسة الْمشَار اليها وللأرض المقدسة بل ولسائر مملكة الاسلام الْجمال والهيبة وَالْوَقار بقدومه وانتضم امْر الْفُقَهَاء وحكام الشَّرِيعَة المطهرة بِوُجُودِهِ وبركة علومه وَنشر الْعلم وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر وازداد شَأْنه عظما وعلت كَلمته ونفذت أوامره عِنْد السُّلْطَان فَمن دونه وبرزت اليه المراسيم الشَّرِيفَة فِي كل وَقت بِمَا يحدث من الوقائع وَالنَّظَر فِي أَحْوَال الرّعية وَترْجم فِيهَا بالجناب العالي شيخ الاسلام وَوَقع لَهُ مَا لم يَقع لغيره مِمَّن تقدمه من الْعلمَاء والأكابر وَبَقِي صدر الْمجَالِس وطراز المحافل الْمرجع فِي القَوْل اليه والتعويل فِي الْأُمُور كلهَا عَلَيْهِ وقلده أهل الْمذَاهب كلهَا وَقبلت فتواه على مذْهبه وَمذهب غَيره ووردت الفتاى اليه من مصر وَالشَّام وحلب وَغَيرهَا وَبعد صيته وانتشرت مصنفاته فِي سَائِر الاقطار(2/380)
وَصَارَ حجَّة بَين الْأَنَام فِي سَائِر ممالك الاسلام وَمن اعظم محاسنه الَّتِي شكرت لَهُ فِي الدُّنْيَا وَيرْفَع الله بهَا درجاته فِي الْآخِرَة مَا فعله فِي الْقبَّة المستجدة عِنْد دير صهيون وقيامه فِي هدمها بعد أَن صَارَت كَنِيسَة محدثة فِي دَار الاسلام فِي بَيت الله الْمُقَدّس وقيامه فِي منع النَّصَارَى من انتزاع القبو المجارو لدير صهيون الْمَشْهُور أَن بِهِ قبر سيدنَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بعد بَقَائِهِ فِي ايدي الْمُسلمين مُدَّة طَوِيلَة وَبنى قبْلَة فِيهِ لجِهَة الْكَعْبَة المشرفة - كَمَا تقدم ذكر ذَلِك مفصلا فِي حوادث سنة خمس وَسنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَغير ذَلِك من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وقيامه على حكام الشرطة ومنعهم من الظُّلم ومواجهتهم بالْكلَام الزاجر لَهُم وَفِي شهر شَوَّال سنة تِسْعمائَة ورد عَلَيْهِ مرسوم شرِيف بِأَن يكون متكلما على الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف ينظر فِي أمرهَا وَعمل مصالحها فحضرها فِي عَشِيَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس شَوَّال وَجلسَ بالمجمع مَعَ الصُّوفِيَّة فِي مجْلِس الشَّيْخ وَحصل للخانقاه وَأَهْلهَا الْجمال بِحُضُورِهِ ثمَّ بعد فرَاغ الْحُضُور جلس على تَفْرِقَة الْخبز على مشايخها وَتصرف فِيهَا باجازة الْوَقْف وانلظر فِي أمره وَشرع فِي عمَارَة الخانقاه واصلاح مَا اخْتَلَّ من نظامها واضيف اليه التَّكَلُّم على الْمدرسَة الجوهرية وَغَيرهَا لما هُوَ مَعْلُوم من ديانته وورعه واجتهاده فِي لَعَلَّ الْخيرَات وَإِزَالَة الْمُنْكَرَات وَأما سمته وهيبته فَمن الْعَجَائِب فِي الابهة والنورانية رُؤْيَته تذكر السّلف الصَّالح وَمن رَآهُ علم انه من الْعلمَاء العاملين بِرُؤْيَة شكله وَإِن لم يكن يعرفهُ وَأما خطه وَعبارَته فِي الْفَتْوَى فنهاية فِي الْحسن وَبِالْجُمْلَةِ فمحاسنه أَكثر من أَن تحصر وَأشهر من أَن تذكر وَهُوَ اعظم من أَن يُنَبه مثلي على فَضله وَلَو ذكرت حَقه فِي التَّرْجَمَة لطال الْفَصْل فَإِن مناقبه وَذكر مشايخه يحْتَمل الْأَفْرَاد بالتأليف وَالْمرَاد هُنَا الِاخْتِصَار وَمن تصانيفه الاسعاد شرح الارشاد فِي الْفِقْه والدرر اللوامع بتحرير(2/381)
جمع الْجَوَامِع فِي الاصول والفرائد فِي حل شرح العقائد والمسامرة بشرح المسايرة وَكتب قِطْعَة على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَقطعَة على صَحِيح البُخَارِيّ وَقطعَة على شرح الْمِنْهَاج وَقطعَة على صفوة الزّبد للشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان وَغير ذَلِك وَقد عرضت عَلَيْهِ فِي حَيَاة الْوَالِد رَحمَه الله قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه على مَذْهَب الامام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ ثمَّ عرضت عَلَيْهِ مرّة ثَانِيَة مَا حفظت بعد الْعرض الأول وأجازني فِي شهور سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَحَضَرت بعض مجالسه من الدُّرُوس والاملاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَحَضَرت كثيرا من مجالسه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف قبل رحلته الى الْقَاهِرَة المحروسة وَبعد قدومه الى بَيت الْمُقَدّس وحصلت الاجازة مِنْهُ غير مرّة خَاصَّة وَعَامة وَمن إنشاده فِي بَيت الْمُقَدّس - بعد غيبته عَنهُ مُدَّة طَوِيلَة - أحيي بقاع الْقُدس مَا هبت الصِّبَا فَتلك رباع الْأنس فِي زمن الصِّبَا وَمَا زلت من شوق اليها مواصلا سلامي على تِلْكَ الْمعَاهد والربا وَقد سمعتهما من لَفظه بدرس الْقُدس حِين عوده من غَزَّة المحروسة فِي شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة تِسْعمائَة وأجازني بروايتهما عَنهُ أعز الله بِهِ الدّين وأدام بَقَاءَهُ للْمُسلمين قَالَ الْمُؤلف وَهَذَا آخر مَا تيَسّر ذكره من أَخْبَار بَيت الْمُقَدّس وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَغَيرهمَا مِمَّا تقدم الْوَعْد بِذكرِهِ فَمَا كَانَ فِيهِ من صَوَاب فَمن الله وَمَا كَانَ فِيهِ من خطأ فَهُوَ من شَأْن الانسان والمسئول من كل وَاقِف عَلَيْهِ من الاخوان فِي الله تَعَالَى ستر مَا فِيهِ من الْخَطَأ وَإِصْلَاح مَا يُمكن إِصْلَاحه وَعدم الْمُؤَاخَذَة بِمَا فِيهِ من نقص أَو خلل فَإِنِّي اجتهدت فِي تَحْرِير مَا نقلته وتتبعت التراجم والحوادث مَا اسْتَطَعْت وجمعتها من كتب وأوراق مُتَفَرِّقَة وَكثير مِنْهَا من حفظي للوقائع والاطلاع عَلَيْهَا(2/382)
وَمَعَ ذَلِك لم أستوعب مَا هُوَ الْمَقْصُود من التَّارِيخ لعدم الِاطِّلَاع على مِنْهُ فِي هَذَا الْمُخْتَصر مَا لم يُوجد فِي غَيره مِمَّا يتَعَلَّق بالقدس الشريف الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَقد تفحصت فَلم أظفر بِغَيْر مَا نقلت وَالله الْمُوفق وَكَانَ ابتدائي فِي جمعه فِي خَامِس عشري ذِي الْحجَّة سنة تِسْعمائَة من جمعه وترتيبه فِي دون أَرْبَعَة أشهر مَعَ مَا تخَلّل فِي ذَلِك من عوارض نَحْو شهر لم أكتب فِيهِ شَيْئا وَمَعَ اشْتِغَال الفكرة بِأُمُور الدُّنْيَا وَالله لطيف بعباده وَإِن فسح الله فِي الْأَجَل جعلت لَهُ ذيلا أذكر فِيهِ مَا يَقع من الْحَوَادِث بالقدس الشريف وبلاد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَغَيرهمَا من أولى سنة إِحْدَى وَتِسْعمِائَة الى آخر وَقت يُريدهُ الله تَعَالَى فِيمَا بَقِي من الْعُمر حمدا لمن يسر لنا إتْمَام هَذَا التَّارِيخ الْجَمِيل الْمُسَمّى ب (الْأنس الْجَلِيل فِي تَارِيخ الْقُدس والخليل) وَهُوَ مُشْتَمل على جلّ مَا احتوى عَلَيْهِ تواريخ الْقُدس مَعَ زيادات نافعة مثل ذكر وفيات الْعلمَاء الْأَعْلَام وَمن تولى الْقَضَاء مِنْهُم فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة بَين الْأَنَام وَذكر الوقائع الْحَاصِلَة بِالشَّام فِي مُدَّة السُّلْطَان قايتباي من ابْتِدَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة الى التسْعمائَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ كتاب عَظِيم الْفَوَائِد وافر الموائد يبتهج المطالعون بدراري أخباره ويتشف السامعون بدرر آثاره(2/383)
فهرس مواضيع كتاب (الأنس الْجَلِيل بتاريخ الْقُدس والخليل) صفحة مواضيع الْكتاب 5 ذكر الْفَتْح الناصري الدَّاودِيّ (وَهُوَ أول الْجُزْء الثَّانِي) 6 ذكرت سليم الْقُدس الى الافرنج 7 ذكر الْفَتْح الصلاحي النجمي 11 ذكر صفة الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَا هُوَ عَلَيْهِ فِي عصرنا 13 بِئْر الورقة وَفِيه نادرة عَن النَّبِي (ص) 14 محراب النَّبِي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام 14 سوق الْمعرفَة 15 مهد النَّبِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام 15 جَامع المغاربة 16 قبَّة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة 16 الْقدَم الشريف 17 ذكر المغارة الَّتِي تَحت الصَّخْرَة 18 قبْلَة السلسلة 19 قبَّة الْمِعْرَاج 20 مقَام النَّبِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 20 مقَام النَّبِي الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام 21 قبَّة النَّبِي سُلَيْمَان وقبة النَّبِي مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام 23 قبَّة الطومار وحاكورة القاشاني 23 زَاوِيَة البسطامية وزاوية الصمادية 24 ذرع الْمَسْجِد طولا وعرضا(2/384)
صفحة مواضيع الْكتاب 24 تَنْبِيه ان الْأَقْصَى اسْم لجَمِيع الْمَسْجِد 25 فِي الْمَسْجِد صفاة عَظِيمَة لَا يتصورها إِلَّا من شَاهدهَا 26 الْأَقْصَى الْقَدِيمَة من جِهَة الْقبْلَة = اصطيل سُلَيْمَان وَهُوَ دَاخل تَحت الْمَسْجِد = ان منائر الْمَسْجِد اربعة وَالْبناء الْجَدِيد 27 ابواب الْمَسْجِد بَابَانِ متحدان 28 قيل للخضر أَيْن تصلي الصُّبْح؟ فَقَالَ عِنْد الرُّكْن الْيَمَانِيّ 29 قَول ابْن عَبَّاس (وَإِذ قُلْنَا ادخلو هَذِه الْقرْيَة) = فِي تَسْمِيَة بَاب حطة وَهُوَ فعلة من الْحَط ومغفرة 30 كَانَ فِي زمن بني اسرائيل إِذا أذْنب أحد كتب على بَابه = بَاب شرف الْأَنْبِيَاء فِي جِهَة الشمَال من الْمَسْجِد 32 فِي تَرْتِيب الْأَئِمَّة فِي دَاخل الْمَسْجِد = قبْلَة أهل بَيت الْمُقَدّس من غَزَّة والرملة 33 وللمسجد الْأَقْصَى عدَّة أَئِمَّة بداخل الْجَامِع = مَا يُوقد يه من المصابيح فِي كل لَيْلَة وَقت الْعشَاء = وظائف المدرسين والمعيدين والخدام والقراء = ذكر غَالب مَا فِي بَيت الْمُقَدّس من الْمدَارِس = الفارسية بداخل الْمَسْجِد الْأَقْصَى 34 النحوية على طرف صحن الصَّخْرَة من الْقبْلَة = الناصرة على برج بَاب الرَّحْمَة = مَا حول الْمَسْجِد من الْمدَارِس والزوايا الخنثية = الْمدَارِس الْمُجَاورَة للسور من جِهَة الغرب(2/385)
صفحة مواضيع الْكتاب 35 الْمدرسَة التنكزية واقفها تنكز الناصري = الْمدرسَة البلدية واقفها الْأَمِير منكلي 36 الْمدرسَة العثمانية واقفها امْرَأَة اسْمهَا اصفهان = الرِّبَاط الخاتونية واقفتها أغل خاتون = الْمدرسَة الارغونية واقفتها ارغون الكاملي 37 الْمدرسَة المزهرية واقفها ابو بكر بن مزهر = رِبَاط كرد واقفه الْمقر السيفي كرد = الزاوية الوفائية تعرف قَدِيما بدار مُعَاوِيَة = الْمدرسَة المنجكية واقفها الْأَمِير منجك 38 الْمدرسَة الجاولية واقفها سنجر الجاولي = الْمدرسَة الصبييبية واقفها عَليّ بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد = الْمدرسَة الأسعردية واقفها الخواجا عبد الْغَنِيّ = الْمدرسَة الملكية عمرها ملك الجوكندار = الْمدرسَة الفارسية واقفها الْأَمِير فَارسي البكي 39 الْمدرسَة الأمينية واقفها أَمِين الدّين عبد الله = الْمدرسَة الدويدارية واقفها أَبُو مُوسَى سنجر بن عبد الله = الْمدرسَة الباسطية واقفها عبد الباسط بن خَلِيل = التربة الأوحدية واقفها الأوحد نجم الدّين = الْمدرسَة الكريمية واقفها كريم الدّين عبد الْكَرِيم 40 الْمدرسَة الغادرية واقفها مُحَمَّد بن دلغادر = الْمدرسَة الطولونية أَنْشَأَهَا الظَّاهِر برقوق = الْمدرسَة الفنرية أَنْشَأَهَا شهَاب الدّين الطولوني(2/386)
صفحة مواضيع الْكتاب 40 الحسنية وقف شاهين الحسني 41 الْأَمَاكِن المتوصل مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِد وَلها ابواب = مَا فِي الْمَدِينَة من الْمدَارِس والمشاهد = الْمدرسَة الصلاحية وقف صَلَاح الدّين = الزاوية الشيخونية واقفها سيف الدّين قطيشا 42 الْمدرسَة الكاملية واقفها كَامِل من طرابلس = رِبَاط المارديني منسوبة لامرأتين = الْمدرسَة المعظمية وقف الْمُعظم عِيسَى = الْمدرسَة السلامية واقفها الخواجا أَبُو الفدا = الزاوية المهمازية منسوبة للشَّيْخ كَمَال المهمازي = الْمدرسَة الوجيهية وقف وجيه الدّين مُحَمَّد = الْمدرسَة المحدثية واقفها رجل من أهل الْعلم = الرِّبَاط المنصوري وقف السُّلْطَان قلاوون = رِبَاط عَلَاء الدّين واقفه الْأَمِير عَلَاء الدّين آيدغدي = الْمدرسَة الحسنية واقفها الْأَمِير حسن الكشكيلي = الْمدرسَة التشتمرية واقفها الْأَمِير تشتمر السيفي = الْمدرسَة البارودية واقفهتها السِّت سَفَرِي خاتون 44 الزاوية المحمدية واقفها مُحَمَّد بك زَكَرِيَّا = اليونسية زَاوِيَة مُقَابل البارودية = الْمدرسَة الجهاركسية بجوار اليونسية = الْمدرسَة الحنبلية واقفها الْأَمِير بيدمر = التربة السعدية(2/387)
صفحة مواضيع الْكتاب 44 التربة الجالقية وقف ركن الدّين العجمي = دَار الحَدِيث واقفها الْأَمِير عِيسَى الهكاري 45 دَار الْقُرْآن واقفها سراج الدّين السلَامِي = الْمدرسَة الطازية وقف الْأَمِير طاز = تربة الْملك حسام الدّين بركَة = التربة الكيلانية بجوار الطازية = التربة الطشتمرية وقف الْأَمِير طشتمر العلائي = زَاوِيَة الطواشية واقفها شمس الدّين مُحَمَّد = زَاوِيَة المغاربة وقف عمر بن عبد اله المغربي 46 الْمدرسَة الْأَفْضَلِيَّة وقف الْملك الْأَفْضَل = زَاوِيَة البلاسي نسبتها للشَّيْخ أَحْمد البلاسي = زَاوِيَة الْأَزْرَق نسبتها للشَّيْخ ابراهيم الْأَزْرَق = الْمدرسَة اللؤلؤية واقفها الْأَمِير لُؤْلُؤ غَازِي 47 الْمدرسَة البدرية واقفها بدر الدّين الهكاري = زَاوِيَة الدركاه واقفها الْملك المظفر = زَاوِيَة الشَّيْخ يَعْقُوب العجمي وَهِي كَنِيسَة = مَسْجِد الْحَيَّات مَنْسُوب الى عمر بن الْخطاب = الخانقاه الصلاحية وقف الْملك صَلَاح الدّين = الزاوية الْحَمْرَاء منسوبة للْفُقَرَاء = الزاوية اللؤلؤية وقف بدرالدين لُؤْلُؤ 48 الزاوية البسطامية واقفها عبد الله البسطامي = الْمدرسَة الميمونية واقفها الْأَمِير فَارس الدّين(2/388)
صفحة مواضيع الْكتاب 48 التربة المهمازية واقفها الْأَمِير نَاصِر الدّين المهمازي = زَاوِيَة الهنود للْفُقَرَاء الرفاعية = الجراحية زَاوِيَة واقفتها الْأَمِير حسام الدّين الجراحي = القيمرية نسبتها لجَماعَة من الشهدا الْمُجَاهدين 49 مَنَارَة على الْمَسْجِد على سجن الشرطة = المنارة على زَاوِيَة الدركاه = مَنَارَة على الْمَسْجِد ملاصق للكنيسة 50 وصف مَدِينَة الْقُدس شوارعها وابنيتها = سوق القطانين مجاور لباب الْمَسْجِد 51 الْكَنَائِس والديارات من زمن الرّوم = الحارات الْمَشْهُورَة فِي الْقُدس الشريف 52 خطّ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام 53 خطّ مرزبان = خطّ وَادي الطواحين 55 القلعة حصن عَظِيم الْبناء بِظَاهِر الْقُدس 57 ذكر عين سلوان وَغَيرهَا مِمَّا هُوَ بِظَاهِر الْقُدس = عين المقذوفات 58 بِئْر أَيُّوب 60 دير أبي ثَوْر = طورزيتا وَهُوَ الْجَبَل الشَّرْقِي 61 قبر مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام 62 الساهرة قرب طور زيتا(2/389)
صفحة مواضيع الْكتاب 63 الأدهمية كَهْف عَجِيب = مغارة الْكَتَّان من جِهَة الْقبْلَة 64 مَقْبرَة الساهرة ومقبرة الشُّهَدَاء ومقبرة ماملا بِظَاهِر الْقُدس = القلندرية وَسطهَا زَاوِيَة تسمى القلندرية 65 بَيت لحم قريبَة من الْقُدس 66 قبَّة راحيل وَالِدَة يُوسُف الصّديق (ع) = ذكر رَملَة فلسطين 67 فلسطين بِكَسْر الْفَاء وَفتح اللَّام 68 صفة مَدِينَة الرملة قَدِيما = هدم القلعة وَهدم مَدِينَة لد 587 = مَا بني فِيهَا من مَسَاجِد ومنائر زمن الْملك قلاوون 69 لم يبْق حول الْجَامِع من الأبينية سوى حارة = تَجْدِيد عمَارَة الْجَامِع الْأَبْيَض زمن صَلَاح الدّين = فتح يافا سنة 666 بيد الْملك بيبرس = بِنَاء مَنَارَة بِأَمْر الْأَمِير شاهين الكمالي 70 أول من ولي قَضَاء فلسطين عبَادَة بن الصَّامِت = مولد ابي شُعَيْب النَّسَائِيّ ووفاته بالرملة = فِيهَا من الْأَوْلِيَاء مُحَمَّد البطائحي وَالِاخْتِلَاف فِي أمره = قبر الشَّيْخ مَحْمُود الْعَدوي بحارة العنابة = ذكر لد وَحَدِيث الدَّجَّال آخر الزَّمَان = بِظَاهِر لد قبر عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الصَّحَابِيّ 72 وبظاهر الرملة مشْهد روبيل بن يَعْقُوب(2/390)
صفحة مواضيع الْكتاب 72 وَمن الاولياء بِأَرْض فلسطين عَليّ بن عليل 73 فِي عصر الْمُؤلف ولي النّظر أَبُو العون مُحَمَّد الْغَزِّي = ذكر عسقلان وَقَول النَّبِي (ص) عَلَيْك بِالشَّام وعسقلان فيهمَا الْبركَة 74 خراب عسقلان بيد الْملك صَلَاح الدّين = ذكر غَزَّة وَهِي مجاورة لبيت الْمُقَدّس = ذكر أرِيحَا (وَإِذا قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم ادخُلُوا الأَرْض المقدسة الَّتِي كتب الله لكم) 75 ذكر نابلس مَدِينَة بِالْأَرْضِ المقدسة = الْمشَاهد المنسوبة الى جمَاعَة من الانبياء 76 ذكر نبذة من اخبار مَدِينَة الْخَلِيل (ع) 77 من أدْرك عِيسَى (ع) وآمن بِهِ = حارة الشَّيْخ عَليّ البطا وحارة الأكراد وَبَقِيَّة الحارات مُحِيطَة بِالْمَسْجِدِ 78 زَاوِيَة الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد وزاوية المغاربة فِي الْقُدس = زَاوِيَة الشَّيْخ عَليّ البكا وزاوية القواسمة بِالْقربِ مِنْهَا 79 الرِّبَاط المنصوري تجاه بَاب القلعة = البيمارستان المنصوري وقف قلاوون = زَاوِيَة الشَّيْخ ابراهيم المري = مَسْجِد رعونة وَبَقِيَّة الزوايا بِظَاهِر الْبَلَد 80 مشْهد الْأَرْبَعين يقْصد للزيارة = عين الطواشي بِقرب مَدِينَة الْخَلِيل (ع) = عين الخدام منبعها خلة الْعُيُون = عين سارة بِظَاهِر الْبَلَد بَين الْكَرم الكروم(2/391)
صفحة مواضيع الْكتاب 80 عين الْحمام بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل (ع) = عين حبري ومنبعها من الْجَبَل 81 الكروم بِظَاهِر الْمَدِينَة مُحِيطَة بهَا من كل جَانب = إقطاع تَمِيم الدَّارِيّ الَّذِي أقطعه لَهُ النَّبِي (ص) = الْقطعَة الْأَدِيم يُقَال انها من خف أَمِير الْمُؤمنِينَ (ع} 2 نُسْخَة كتاب رَسُول الله 0 ص) كتبه لتميم الدَّارِيّ 85 ذكر جمَاعَة من أَعْيَان من ولي على بَيت الْمُقَدّس = عمر بن الْخطاب فَتحه وأنقذه من أَيدي الْكفَّار = مِمَّن ولي الْملك نجم الدّين أَيُّوب = ولَايَة الْملك الْمعز أيبك التركماني 86 الْملك الشّرف مُوسَى آخر مُلُوك بني أَيُّوب بِمصْر = الْملك الظَّاهِر بيبرس الصَّالِحِي 87 تَجْدِيد فصوص الصَّخْرَة وتعمير الخان بِظَاهِر الْقُدس = تعْيين الْقُضَاة الثَّلَاثَة عوضا عَن قَاضِي وَاحِد 88 ولَايَة الْملك السعيد مُحَمَّد بركَة = ولَايَة السُّلْطَان قلاوون الصَّالِحِي 89 الرِّبَاط المنصوري بِبَاب النَّاظر = تسلطن الْملك الْأَشْرَف الْحَاكِم بِأَمْر الله = انْقِطَاع الافرنج وَزَوَال دولتهم من بِلَاد الاسلام 90 قتل الْملك صَلَاح الدّين قلاوون فِي الْقَاهِرَة = تسلطن الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون = خلع الْعَادِل كتبغا وَولَايَة الْملك الْمَنْصُور(2/392)
صفحة مَوَاضِع الْكتاب 90 تسلطن الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون 92 فِي غارات التتر وَغَيرهم 93 تسلطن جمَاعَة من الْخُلَفَاء وعزل الْبَعْض مِنْهُم 94 ولَايَة الْملك الظَّاهِر برقوق وخلعه ثمَّ اعادته = وُرُود الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد بن اليغموري 95 ولَايَة الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق 96 ولَايَة الْملك الْأَشْرَف برسباي الدقمامقي = الْمُصحف الشريف الَّذِي وضع بداخل الْجَامِع = ولَايَة الْملك جقمق العلائي الظَّاهِرِيّ 97 حرق سقف الصَّخْرَة بصاعقة من السَّمَاء 98 الْحَوَادِث الَّتِي وَقعت فِي الْقُدس الشريف = وَفَاة الْملك الظَّاهِر سنة 857 = ولَايَة الْملك الْأَشْرَف اينال الناصري = وَولي النّظر الْأَمِير عبد الْعَزِيز الْعِرَاقِيّ 00 ولَايَة السُّلْطَان الظَّاهِر خشقدم = عمَارَة قناة السَّبِيل من عين العروب = ولَايَة الْأَمِير نَاصِر الدّين نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين 100 ابطال الْمَظَالِم من الْقُدس الشريف = تسلطن الظَّاهِر بيلباي = ثمَّ تسلطن الْملك الْأَشْرَف قايتباي 101 ذكر مَا تيَسّر من أَعْيَان الْعلمَاء بالقدس = قَاضِي الْقُضَاة بهاء الدّين ابْن تَمِيم الاسدي الْموصِلِي(2/393)
صفحة مواضيع الْكتاب 102 شيخ الاسلام مجد الدّين طَاهِر بن نصر الله بن جهبل 103 شيخ الاسلام فَخر الدّين مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَسَاكِر 104 شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين عُثْمَان النصري 105 من مَشَايِخ الصلاحية ابْن الصّلاح = مِمَّن ولي قَضَاء غَزَّة جمال الدّين الباجربقي = ولَايَة الْقَضَاء شمس الدّين ابْن خلكان = الشَّيْخ نجم الدّين الْكرْدِي مدرس الصلاحية = الشَّيْخ شهَاب الدّين بن جهبل الْحلَبِي 106 شيخ الاسلام عَلَاء الدّين عَليّ الْمَقْدِسِي = شيخ الاسلام صَلَاح الدّين خَلِيل بن كبكاري 107 قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين ابْن الْخَطِيب 108 مِمَّن ولي التدريس وخطابة الْمَسْجِد محب الدّين أَحْمد 109 قَاضِي الْقُضَاة عماد الدّين أَحْمد الْأَزْرَقِيّ الكركي = شيخ الاسلام شمس الدّين مُحَمَّد الْجَزرِي الدِّمَشْقِي 110 الْعَلامَة زين الدّين ابْن عمر القمني الْمصْرِيّ = شيخ الاسلام شهَاب الدّين الْمَقْدِسِي ابْن الهائم 111 قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد بن عطا الرَّازِيّ 112 شيخ الاسلام مُحَمَّد بن عبد الله الدَّائِم الْعَسْقَلَانِي = قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين احْمَد بن الصّلاح 113 شيخ الاسلام عز الدّين بن عبد السَّلَام السَّعْدِيّ 114 قَاضِي الْقُضَاة ابو حَفْص عمر بن مُوسَى الْحِمصِي 116 قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين مُحَمَّد بن جمَاعَة الْكِنَانِي(2/394)
صفحة مواضيع الْكتاب 118 الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة بالقدس وبلد الْخَلِيل 119 قَاضِي الْقُضَاة سَالم بن صاعد الْبَاهِلِيّ = قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد بن هبة الله بن بنْدَار 120 قَاضِي الْقُضَاة يحيى بن هبة الله العلثي = القَاضِي ابو عبد الله مُحَمَّد بن صاعد بن الْقرشِي = قَاضِي الْقُضَاة أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابي الْغَنَائِم = القَاضِي ابو الْحسن عَليّ بن صاعد بن السّلم 121 القَاضِي صفي الدّين بن مَكْتُوم الْقَيْسِي = القَاضِي شهَاب الدّين مُحَمَّد بن نَاصِر بن العالمة = القَاضِي شرف الدّين مُوسَى بن جِبْرِيل = القَاضِي ابو مُحَمَّد بن ابي حَامِد الجعبري = القَاضِي جلال الدّين ابْن ابي الْفرج الْخُزَاعِيّ = قَاضِي الْقُضَاة أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن جَعْفَر 122 القَاضِي أَبُو عبد الله بن ابي الْغَنَائِم = القَاضِي شرف الدّين منيف بن سُلَيْمَان 123 القَاضِي فَخر الدّين بن علم الْهِلَالِي = القَاضِي نجم الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الانصاري = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن أبي الْفرج = القَاضِي نجم الدّين عبد المحسن بن معالي = القَاضِي ابو عبد الله بن حَامِد = القَاضِي شمس الدّين التدمري 124 القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد التدمري(2/395)
صفحة مواضيع الْكتاب 124 القَاضِي زين الدّين ابو مُحَمَّد عبد الله = القَاضِي عَلَاء الدّين بن شهَاب الوحيد = القَاضِي أَمِين الدّين أَبُو عبد الله = القَاضِي بدر الدّين أَبُو عبد الله = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد الْكِنَانِي 125 القَاضِي علم الدّين أَبُو الرّبيع = القَاضِي علم الدّين سُلَيْمَان = القَاضِي تَاج الدّين أَبُو الانفاق = القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله = القَاضِي ابو عبد الله بن ابي البركات 126 القَاضِي عَلَاء الدّين عَليّ بن الْعَبَّاس = القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد = القَاضِي زين الدّين أَبُو المكارم = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن جلال الدّين = القَاضِي بدر الدّين أَبُو عبد الله بن شَجَرَة 127 القَاضِي شمس الدّين بن شرف الدّين الْأنْصَارِيّ = القَاضِي شمس الدّين بن الْخَطِيب = القَاضِي عماد الدّين أَبُو الفدا = القَاضِي تَقِيّ الدّين الْبُرُلُّسِيّ = القَاضِي شهَاب الدّين احْمَد = القَاضِي شرف الدّين أَبُو الرّوح = القَاضِي تَقِيّ الدّين ابو مُحَمَّد(2/396)
صفحة مواضيع الْكتاب 128 القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن أبي عَمْرو عُثْمَان = القَاضِي شهَاب الدّين احْمَد السلاوي = القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبُو الأيادي = القَاضِي زين الدّين عبد اللَّطِيف = القَاضِي سعد الدّين بن يُوسُف النواوي = القَاضِي شمس الدّين بن قرموز الزرعي 129 القَاضِي بدر الدّين بن مكي = القَاضِي جمال الدّين عبد الله الْعِرَاقِيّ = القَاضِي شرف الدّين بن القرقشندي = القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم = القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن الْحِكْمَة = القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن رَشِيدَة 130 القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد أَبُو الانفاق = القَاضِي عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن الرماوي = قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين عَليّ التَّمِيمِي = القَاضِي شمس الدّين النقوعي = قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين البصروي 131 قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين ابْن السائح 132 قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد السَّعْدِيّ = قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين احْمَد التَّمِيمِي 133 القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد التَّمِيمِي(2/397)
صفحة مواضيع الْكتاب 133 قَاضِي الْقُضَاة ابْن جمَاعَة الْكِنَانِي 134 الخطباء بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ومقام الْخَلِيل 135 الشَّيْخ أَبُو الْحسن عَليّ بن المغافري المالقي = الْخَطِيب مُحَمَّد بن بكران بن مُحَمَّد = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد النابلسي = القَاضِي شرف الدّين أَحْمد الْخَطِيب 136 الشَّيْخ عبد الْمُنعم بن ابي الْفَهم = قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ = قَاضِي الْقُضَاة أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن جمَاعَة 137 قَاضِي الْقُضَاة عمر بن يحيى الْقرشِي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي الْبَقَاء 138 الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم الْكِنَانِي = الْخَطِيب عماد الدّين ابو الفدا = قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين بن غَانِم 139 قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين مُحَمَّد الباعوني = الشَّيْخ شرف الدّين القرقشندي = الْخَطِيب تَاج الدّين التدمري 140 الْخَطِيب عماد الدّين التدمري = الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحِيم الْحَمَوِيّ = الْخَطِيب شهَاب الدّين القرقشندي 141 الْحَافِظ شهَاب الدّين الْكِنَانِي = الْخَطِيب عَلَاء الدّين القرقشندي(2/398)
صفحة مواضيع الْكتاب 142 الْخَطِيب برهَان الدّين ابْن عَليّ القرقشندي = الْخَطِيب مجد الدّين التدمري الخليلي = شيخ الشُّيُوخ ابو البقا احْمَد الْكِنَانِي 143 الشَّيْخ شرف الدّين مُوسَى بن جمَاعَة = ذكر فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم من الاعيان 144 الشَّيْخ جلال الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد = الشَّيْخ ابو عبد الله مُحَمَّد بن ابي بكر = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد الْمَعْرُوف بالقدسي 145 الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم الْهَاشِمِي 146 الشَّيْخ شرف الدّين مُحَمَّد بن عُرْوَة الْموصِلِي = الشَّيْخ غَانِم بن عَليّ الخزرجي = السَّيِّد بدر الدّين بن سَالم من ذُرِّيَّة الامام عَليّ رَضِي الله عَنهُ 147 السَّيِّد عبد الْحَافِظ من أَصْحَاب الكرامات 152 قبر وَجَدْنَاهُ بِالْقربِ من قبر الوَاسِطِيّ = الْفَقِيه شرف الدّين الحوراني = الشَّيْخ ابو يَعْقُوب المغربي = الشَّيْخ صَالح جلال الدّين الْعقيلِيّ 153 الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم القصري = الشَّيْخ نَاصِر الدّين ابْن غَانِم = الشَّيْخ ابراهيم الهدمة الْكرْدِي = الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري 154 الشَّيْخ سيف الدّين ابو بكر الانصاري(2/399)
صفحة مواضيع الْكتاب 154 الْأَمِير جلال الدّين الْعشي = القَاضِي عَلَاء الدّين عَليّ الصَّالِحِي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الجعبري 155 عَليّ وَيُقَال ابو الْحسن الجعبري = برهَان الدّين ابراهيم الجعبري = الشَّيْخ نور الدّين أَبُو عبد الله الجعبري 156 الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الصَّفَدِي = الشَّيْخ شرف الدّين الْأَذْرَعِيّ = الشَّيْخ قطب الدّين الخزرجي 157 الشَّيْخ أَمِين الدّين مُحَمَّد الْجَزرِي = شمس الدّين مُحَمَّد بن الْيُسْر = الشَّيْخ عَليّ الصفي البسطامي = الشَّيْخ الشَّهِيد عَليّ بن احْمَد المذكوري = الْحَافِظ جمال الدّين بن هِلَال الخواصي 158 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم البيساني = الشَّيْخ سراج الدّين الْقَاسِم العدلي = الشَّيْخ غَانِم بن عِيسَى الْمَقْدِسِي = الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله بن غَانِم 159 الشَّيْخ عبد الله الْهِنْدِيّ = الْمسند سيف الدّين قلنج ابْن العلائي = شيخ الاسلام ابو الفدا اسماعيل(2/400)
صفحة مواضيع الْكتاب 159 الشَّيْخ سراج الدّين عمر الزَّيْلَعِيّ 160 السَّيِّد شهَاب الدّين ابو الْخَيْر الْبَصِير = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَقْدِسِي = الشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن جلال الدّين الْمَقْدِسِي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن الْخَطِيب = الشَّيْخ شمس الدّين بن حامدا النصاري = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عمر التركماني 161 الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الجيلي = الشَّيْخ برهَان الدّين القرقشندي 162 الشَّيْخ عبد الله بن خَلِيل البسطامي = المسندة اسماء ابْنة خَلِيل العلائي 163 الشَّيْخ عمر بن نجم الدّين الْبَغْدَادِيّ 164 الشَّيْخ عِيسَى بن الرَّحْمَن الغوري = الشَّيْخ ابو بكر بن عَليّ الشَّيْبَانِيّ الْموصِلِي 164 الشَّيْخ مُحَمَّد بن ابي جوز = المسندة خَدِيجَة بنت ابي بكر = الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى بن سُلَيْمَان 165 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن خَلِيل = الشَّيْخ أَحْمد بن الناصح الْمصْرِيّ = الْمسند شهَاب الدّين أَحْمد بن عُثْمَان 165 الشَّيْخ زين الدّين عبد الرحمان = الشَّيْخ صَامت الأدهمي(2/401)
صفحة مواضيع الْكتاب 165 القَاضِي جمال الدّين ابو مُحَمَّد عبد الله 166 المسندة آمِنَة ابْنة اسماعيل القرقشندي = المسندة غزال أم عبد اللَّطِيف = شيخ زين الدّين عبد الرَّحِيم الْكِنَانِي 167 الشَّيْخ عبد الله بن مصطفى الرُّومِي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الصَّفَدِي = الشَّيْخ ابراهيم الْمزي = الشَّيْخ ابراهيم بن أَحْمد السَّعْدِيّ = الْمسند شهَاب الدّين أَحْمد الخليلي = الْمسند شرف الدّين مُوسَى بن الهائم 168 الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم الخواصي = الْمسند اسماعيل بن ابراهيم الخليلي = الشَّيْخ زين الدّين عبد الرحمان القرقشندي = الشَّيْخ مُحَمَّد بن الشَّيْخ عِيسَى الصمادي = الشَّيْخ شمس الدّين نصر الله الكركي = الشَّيْخ علم الدّين قَاضِي الجزيرة 169 الشَّيْخ مُحَمَّد الْمَعْرُوف بآكل الْحَيَّات = الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن صفر الأردبيلي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد الْمَعْرُوف بشكر 170 الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن عُثْمَان الحوادي = الخواجا مُحَمَّد بن احْمَد بن حاجي = الشَّيْخ تَاج الدّين ابْن الغرابيلي الكركي(2/402)
صفحة مواضيع الْكتاب 171 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد التدمري = الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم الْأنْصَارِيّ 172 الشَّيْخ أَبُو بكر بن عبد الله العداس = القَاضِي براهان الدّين العرابي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد ابْن الْمصْرِيّ = الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر القرمي 713 الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابو الصدْق الطولوني = الشَّيْخ فولاذ بن عبد الله اصله من الْعَرَب 714 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد الرَّمْلِيّ 176 الشَّيْخ عبد الْملك بن ابي بكر الْموصِلِي = الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن البدري 177 الشَّيْخ زين الدّين عبد الؤمن الرهاوي = الشَّيْخ عمر بن حَاتِم العجلوني 178 الشَّيْخ زين الدّين عبد الرحمان الْأنْصَارِيّ = الشَّيْخ عبد الله الزرعي الدِّمَشْقِي 179 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن الْمَقْدِسِي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن خَلِيل القباقبي 180 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الأوثادي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد القادري 181 الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الزولعة = الشَّيْخ عماد الدّين اسماعيل بن ابراهيم = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد ابْن احْمَد القلقيلي(2/403)
صفحة مواضيع الْكتاب 182 الشَّيْخ شهَاب الدّين ابو الْعَبَّاس الصلتي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد ابْن الْبُرْهَان 183 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْبَقَاء الزبيرِي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد الْأنْصَارِيّ = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد النحال 184 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد التَّمِيمِي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن رَوْحَة = الشَّيْخ زين الدّين عبد الْكَرِيم القرقشندي = شيخ الاسلام مُحَمَّد بن عَليّ الحصفكي 185 الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ وأخيه القرقشندي = الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابي الوفا الحسنيني 186 نور الدّين عَليّ بن الأيدوني = الرئيس علم الدّين سُلَيْمَان الصَّفَدِي = الشَّيْخ عماد الدّين أَبُو الفدا اسماعيل 187 نادرة وَقعت للشَّيْخ جمال الدّين = الشَّيْخ جمال الدّين ابْن النَّائِب 188 زين الدّين عبد الرَّحِيم بن حسن = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد القرمي = الشَّيْخ زين الدّين أَبُو الْجُود الْأنْصَارِيّ = شيخ الاسلام ابو بكر القرقشندي 190 القَاضِي جمال الدّين التَّمِيمِي(2/404)
صفحة مواضيع الْكتاب 190 الشَّيْخ نجم الدّين مُحَمَّد بن شهَاب = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن بدر الدّين = الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر النواوي 191 الْعدْل تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن الصَّلْت = الشَّيْخ زين الدّين عمر بن عبد الْمُؤمن = الْعدْل تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب = الشَّيْخ أَحْمد جعارة = الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو مساعد = الْعدْل شهَاب الدّين احْمَد الخليلي = السَّيِّد عز الدّين حَمْزَة الدِّمَشْقِي = القَاضِي زين الدّين عمر الْحوَاري = غرس الدّين خَلِيل بن الخليلي 193 الشَّيْخ شمس الدّين أَحْمد الانصاري = الشَّيْخ شهَاب الدّين الأوتاري = الشَّيْخ برهَان الدّين البدري الْحُسَيْنِي 194 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد البسطامي = وَأَخُوهُ الشَّيْخ مُحَمَّد زرع = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد = الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب 195 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن حُسَيْن = قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد الرَّمْلِيّ = الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب(2/405)
صفحة مواضيع الْكتاب 195 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن نجم الدّين 196 القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد الجلجولي = القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد الليدي 197 الشَّيْخ يُوسُف الْكرْدِي = الشَّيْخ حسن الْجَزرِي النَّحْوِيّ = الشَّيْخ عُثْمَان الحصني الفرضي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الْكرْدِي 198 الشَّيْخ عَلَاء الدّين ابو مَدين الرَّمْلِيّ = الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ المرداوي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عُثْمَان السَّعْدِيّ = القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم 199 الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن الْمقري = الشَّيْخ ابو الْعَزْم مُحَمَّد الحلاوي = قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابو زرْعَة 200 الشَّيْخ ابو طَاهِر خَلِيل بن مُوسَى 201 زين الدّين عبد الْقَادِر بن قطلوشاه = الْعدْل شمس الدّين مُحَمَّد الحريري = القَاضِي عماد الدّين اسماعيل التركماني = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد النجار 202 الشَّيْخ برهَان الدّين الاسعري = الشَّيْخ برهَان الدّين العجلوني = الشَّيْخ شعْبَان بن سَالم من ساحور(2/406)
صفحة مواضيع الْكتاب 202 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد السَّعْدِيّ 203 الْحَافِظ شهَاب الدّين أَحْمد بن عمر 204 القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحِيم الانصاري = الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله بن غائم = الشَّيْخ تَاج الدّين الْحُسَيْنِي البدري = الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّزَّاق الْمصْرِيّ 205 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن يُوسُف الْأَزْرَقِيّ = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الْأَزْرَقِيّ = الشَّيْخ عُثْمَان الْخطاب الْمصْرِيّ = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد القميري 206 شيخ الاسلام برهَان الدّين ابراهيم 208 الشَّيْخ غرس الدّين خَلِيل = الشَّيْخ سراج الدّين عمر بن مُحَمَّد الجعبري 209 الشَّيْخ حميد الدّين مُحَمَّد بن الْمصْرِيّ = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عجور = الْعدْل محب الدّين بن الناصري الترسني 210 الشَّيْخ زين الدّين عبد الْكَرِيم المغربي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن عمر القلانسي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد القزازي 211 الشَّيْخ كريم الدّين عبد الْكَرِيم البدري = الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله المراكشي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن الوفائي(2/407)
صفحة مواضيع الْكتاب 212 الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن قَاسم الاردبيلي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن اسماعيل المرزوقي = الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر الجعبري 213 الشَّيْخ زين الدّين عبد الله الجعبري 214 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي هُرَيْرَة = الشَّيْخ شمس الدّين عمر بن الرحمان 215 الشَّيْخ شمس الدّين الجعبري = الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن الْعمريّ 216 شيخ الاسلام بن الامير نَاصِر الدّين مُحَمَّد 217 ذكر فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء = الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْبَلْخِي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي حَفْص عمر 218 الشَّيْخ كَمَال الدّين اسماعيل الشريحي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن حسن = الشَّيْخ تَقِيّ الدّين خَليفَة الحكم الْعَزِيز = القَاضِي شمس الدّين أَحْمد الحكم الْعَزِيز = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد 219 الشَّيْخ خَلِيل بن مقبل العلقمي = قَاضِي الْقُضَاة خَلِيل بن عِيسَى البايرتي = القَاضِي شمس الدّين بن ابي البركات = قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد بن الكاشهري = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن السوداني(2/408)
صفحة مواضيع الْكتاب 219 قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد بن عبد الله 220 قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين بن رصاص = القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد = الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ الافتخار = قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين بن الرصاص = قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين أَحْمد الْحُسَيْنِي = الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن النَّقِيب 221 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن النَّقِيب = الشَّيْخ كَمَال الدّين مُحَمَّد بن النَّقِيب = الشَّيْخ الزَّاهِد عمر بن عبد الله الْبَلْخِي = قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الديري 223 الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله بن الصَّامِت = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي بكر = القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد ابْن السكاكيني 224 شيخ الاسلام شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الله = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن عضبة = قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي الْمَوَاهِب 225 القَاضِي أَمِين الدّين عبد الرَّحْمَن الديري = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن محسن الْهَاشِمِي 226 القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم بن عَليّ = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي الْعَبَّاس = القَاضِي عماد الدّين بن عبد الْوَهَّاب(2/409)
صفحة مواضيع الْكتاب 226 الْعدْل نجم الدّين مُحَمَّد بن بقيرة = القَاضِي زين الدّين عمر بن خَلِيل = السَّيِّد بدر الدّين حسن بن حُسَيْن الْحُسَيْنِي 227 الْعدْل برهَان الدّين ابراهيم الكتبي = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن خضر = قَاضِي الْقُضَاة سعد بن مُحَمَّد الديري 228 قَاضِي الْقُضَاة ابو اسحاق ابراهيم = الشَّيْخ سراج الدّين بن مُسَافر الرُّومِي 229 الشَّيْخ شرف الدّين يَعْقُوب بن يُوسُف = القَاضِي زين الدّين عبد اللَّطِيف الديري = وَولده الشَّيْخ شرف الدّين يُونُس = الْعدْل زين الدّين عبد الْقَادِر = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُوسَى الْغَزِّي 230 الشَّيْخ ابراهيم بن مُحَمَّد بن السبرتي = الامام شمس الدّين مُحَمَّد بن الْحَافِظ 231 الشَّيْخ ابو يزِيد العجمي = القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن ابي بكر = الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحِيم بن النَّقِيب = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد العجمي 231 الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحِيم العجمي 232 قَاضِي الْقُضَاة عبد الله الديري 233 الشَّيْخ جمال الدّين الرُّومِي(2/410)
صفحة مواضيع الْكتاب 233 الْفَقِيه شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد غضية = الشَّيْخ شهَاب الدّين بن احْمَد ابي بكر الْحُسَيْنِي 234 الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن ابي بكر الرصاص = الشَّيْخ عَليّ بن مُحَمَّد الْمَشْهُور بقراعلي = الشَّيْخ شُجَاع الدّين الياس الرُّومِي 235 الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن عبد اللَّطِيف = الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حبشِي = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن حبشِي 236 الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد مُحَمَّد بن الصَّائِغ = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن جمال الدّين 237 الْفَقِيه عَلَاء الدّين عَليّ الْغَزِّي = القَاضِي زين الدّين مَحْمُود الدويك = الشَّيْخ خير الدّين خضر القرماني 238 قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين سعد الْعَبْسِي 239 قَاضِي القَاضِي خير الدّين مُحَمَّد الْغَزِّي 241 الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود = الشَّيْخ زين الدّين عبد السَّلَام الكركي 243 الشَّيْخ شرف الدّين مُوسَى بن شهَاب = ذكر فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء = الشَّيْخ عمر بن عبد الله المصمودي 244 الشَّيْخ شمس الدّين عبد الرَّحْمَن المغربي(2/411)
صفحة مواضيع الْكتاب 244 الشَّيْخ مُوسَى المغربي 245 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن مغيث = قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين الْحسن بن الْأَزْرَقِيّ = الشَّيْخ عبد الْوَاحِد بن جبارَة المغربي 246 الشَّيْخ عبد الله بن ابراهيم السكرِي = الشَّيْخ خَليفَة بن مَسْعُود المغربي 247 قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد ابْن عوجان = قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد ابْن عوجان = قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين عَليّ بن ابي البركات = قَاضِي الْقُضَاة أَمِين الدّين سَالم الصنهاجي 248 قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد البسطامي = قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين عِيسَى الشحيني 249 القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم ابْن ابي الوفا = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن احْمَد بن شَدَّاد = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ المغربي 250 القَاضِي جمال الدّين يُوسُف المارديني = قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد المغراوي = الْعدْل شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد المغربي = قَاضِي الْقُضَاة نور الدّين عَليّ بن ابراهيم 251 قَاضِي الْقُضَاة حميد الدّين مُحَمَّد بن الْحُسَيْنِي = قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين عَليّ الْهَاشِمِي 252 السَّيِّد شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الْحُسَيْنِي(2/412)
صفحة مواضيع الْكتاب 252 الْعدْل شمس الدّين مُحَمَّد بن المصطاوي 253 الشَّيْخ شمس الدّين بن مُحَمَّد خَليفَة = الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد المغربي = قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين يحيى الانصاري 254 السَّيِّد شرف الدّين عِيسَى بن عمر الْحُسَيْنِي = القَاضِي شمس الدّين بن مارب 255 قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد بن الْأَزْرَق 256 شيخ شرف الدّين يحيى الآندلسي = ذكر فُقَهَاء الْحَنَابِلَة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء = القَاضِي مُحي الدّين بن الزنكي 257 الْفَقِيه تَقِيّ الدّين يُوسُف = الشَّيْخ نجم الدّين أَحْمد 258 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن ابي عبد الله 259 الشَّيْخ سراج الدّين عمر بن عبد الرَّحْمَن = الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن الْمدرس = الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن وَأَوْلَاده وَغَيرهم 260 القَاضِي فَخر الدّين عُثْمَان بن الْعَبَّاس = الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن القياتي 261 قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين الْبَغْدَادِيّ 262 الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد الشحام = قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد التعليمي 266 سلسلة النّسَب الْعمريّ(2/413)
صفحة مواضيع الْكتاب 266 مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْعمريّ 267 قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين الْجَعْفَرِي 269 ذكر مَا تيسير من أَسمَاء النظار والنيابة = الشَّيْخ مُوسَى بن غَانِم الانصاري = الْأَمِير عز الدّين جروبك = الْأَمِير علم الدّين قَيْصر = الْأَمِير سنقر الْكَبِير صَاحب الْقُدس 270 الْأَمِير الأسفهلار ابو عَمْرو الزنجيلي = الْأَمِير حسام الدّين عُثْمَان المعظمي = الْأَمِير رشيد الدّين فرج المعظمي = الْأَمِير عَلَاء الدّين الْأَعْمَى 271 القَاضِي شرف الدّين عبد الرَّحْمَن = الْملك الأوحد نجم الدّين يُوسُف = الْأَمِير ركن الدّين منكورس الجاشنكير = الْأَمِير نَاصِر الدّين مشد الْأَوْقَاف = الأميرعلم الدّين سنجر الجاولي 272 الْأَمِير أَبُو الْقَاسِم بن عُثْمَان البصروي = الْأَمِير تمراز نَاظر الْحَرَمَيْنِ 273 الْأَمِير بدر الدّين حسن العسكري = الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بهادر 273 الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى بن حسن = الْأَمِير بلوي الظَّاهِرِيّ نَاظر الْحَرَمَيْنِ(2/414)
صفحة مواضيع الْكتاب 23 الْأَمِير جانتمر الركني الظَّاهِرِيّ = الامير شهَاب الدّين احْمَد اليغموري = الْأَمِير اصفهان بلاط 274 الامير زين الدّين عمر الْمَشْهُور بِابْن الْمعلم = مِمَّن ولي بعده الْأَمِير عَلَاء الدّين الشاهين = الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ نَائِب الصبيبية = الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْعَطَّار = الْأَمِير شاهين الشجاعي = الْأَمِير شرف الدّين يحيى شلوه الْغَزِّي = الْأَمِير كماس الجلباني 275 الْأَمِير حسن فجا نَائِب السلطنة = الْأَمِير حسام الدّين الكشكلي = الْأَمِير طوغان العثماني 276 القَاضِي غرس الدّين خَلِيل = الْأَمِير خشقدم نَائِب السلطنة = وومن ولي الْقُدس جمَاعَة كَثِيرَة 277 الامير تمراز المصارع = الامير مبارك شاه = القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن الصّلاح 278 الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد النابلسي = الْأَمِير فَارس العثماني = الْأَمِير اسبنغا الكلفكي(2/415)
صفحة مواضيع الْكتاب 279 الامير قانصوه = الْأَمِير اياس الْحلَبِي = الْأَمِير ابو بكر الْمَشْهُور بمزة 280 الامير تغري بردي وَالِي قطيا = الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْهمام 280 الامير حسن بن ططر الظَّاهِرِيّ 281 بدر الدّين حسن بن حشيم = شهَاب الدّين احْمَد بن الْعلم = القَاضِي نَاصِر الدّين صرر العلمي 282 ذكر تَرْجَمَة سيف الدّين قايتباي 284 قَاضِي الْقُضَاة غرس الدّين خَلِيل = عمَارَة الْعين الْوَاصِلَة من العروب = تعمير مدرسة الظَّاهِر خشقدم = عزل الْأَمِير حسن من النّظر = تعْيين الشَّيْخ شهَاب الدّين العميري 285 احتباس الْمَطَر سنة 873 = فتْنَة بردبك التاجي ودمرداش = أَقْدَام جمال الدّين مَعَ جمَاعَة = الْخلَل فِي نظام الوقفين الْقُدس والخليل 268 تعْيين القَاضِي كَمَال الدّين فِي الْقَضَاء = إتْمَام عمَارَة الْمدرسَة بيد بردبك التاجي = وَفَاة القَاضِي شمس الدّين المغراوي(2/416)
صفحة مواضيع الْكتاب 268 وُقُوع الوباء بالطاعون فِي المملكة = سفر الْأَمِير بردبك الى الديار المصرية = وُرُود الْأَمِير نَاصِر الدّين لكشف الاوقاف = اسْتِقْرَار القَاضِي حميد الدّين فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة = الْأَمِير سيف الدّين الجمالي الْمَشْهُور بِابْن فطيس = اسْتِقْرَار القَاضِي برهَان الدّين فِي الْقَضَاء = اسْتِقْرَار الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي 288 وُرُود مرسوم بعزل القَاضِي جمال الدّين = وَاقعَة الشَّيْخ ابي الْعَبَّاس فِي رَمَضَان 290 دُخُول القَاضِي نور الدّين البدرشي = الانعام على الشَّيْخ الكمالي 291 سفر شيخ الاسلام من الْقَاهِرَة الى الْقُدس = دُخُول الامير يُوسُف الجمالي الْقُدس = ظُهُور نجم فِي السَّمَاء لَهُ ذَنْب مستطيل = حُضُور القَاضِي برهَان الدّين الى الْقُدس 292 وفاءة شهَاب الدّين احْمَد = مُبَاشرَة الشَّيْخ شهَاب الدّين الشنتيري = عمَارَة الدرجَة فِي الْقُدس = حُضُور الشَّيْخ شهَاب الدّين من الْقَاهِرَة = الْقَبْض على شهسوار على يَد الدوادار 293 توجه الْقُضَاة الْأَرْبَعَة الى الرملة = دُخُول يشبك وَمَعَهُ شهسوار الى الرملة 293 اسْتِقْرَار الامير دقماق فِي نِيَابَة الْقُدس = اسْتِقْرَار الامير جقمق نَائِب دمياط 294 هطول الامطار وَالْبرد وَهدم اماكن كَثِيرَة(2/417)
صفحة مواضيع الْكتاب 294 تعْيين الاوقاف لمدينة غَزَّة للصوفية 295 وُرُود مرسوم بِطَلَب القَاضِي ابْن عتبَة = اسْتِقْرَار الشَّيْخ سعد الله الْحَنَفِيّ فِي الْقُدس 296 خُرُوج الْوَظَائِف عَن الْحرم = اسْتِقْرَار شيخ الاسلام بن جمَاعَة = اسْتِقْرَار القَاضِي جمال الدّين فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة = مرسوم بِتَعْيِين شهَاب الدّين فِي الْقَضَاء = شكوى القَاضِي غرس الدّين الْكِنَانِي 297 اسْتِمْرَار القَاضِي الشَّافِعِي = دُخُول القَاضِي جمال الدّين الديري 298 وَفَاة شمس الدّين مُحَمَّد قطيبا = وُصُول الْخَطِيب محب الدّين بخلعة السُّلْطَان = اسْتِقْرَار القَاضِي خير الدّين بن جمَاعَة 298 اسْتِقْرَار القَاضِي خير الدّين فِي الْقَضَاء = وَاقعَة بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام = وُقُوع الْفِتْنَة بَين الدارية والاكراد 299 سفر الامير عَليّ باي الخاصكي = توجه الْأَمِير جقمق الى بلد الْخَلِيل (ع) = ضرب الشَّيْخ زين الدّين بن قطلوشاه 300 توجه اهالي الْخَلِيل الى حَضْرَة السُّلْطَان = وَاقعَة الْكَنِيسَة بالقدس الشريف 301 عقد مجْلِس بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية = عناد الْكفَّار بِأَمْر القَاضِي فِي الحكم 302 غلق الْكَنِيسَة ومنعهم من دُخُولهَا(2/418)
صفحة مواضيع الْكتاب 302 بروز مرسوم السُّلْطَان بِأَمْر الْعلمَاء 303 وَفَاة الشَّيْخ زين الدّين شيخ الصلاحية = مرسوم سلطاني فِي الصَّدقَات 304 تعمير سوق الطباخين وَبِنَاء القناطر = مرسوم بِتَعْيِين شمس الدّين الديري 305 وَفَاة الْأَمِير خير بيك الظَّاهِرِيّ = وُرُود مرسوم الى نَاصِر الدّين النشاشيبي = عقد مجْلِس للْعُلَمَاء بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى 306 كِتَابَة محْضر وانتضار الْجَواب 307 ذكر هدم الْكَنِيسَة 308 طلب القَاضِي ابْن عبِّيَّة من الْقَاهِرَة 309 عقد مجْلِس بِمَجْلِس الامير يشبك 309 اسْتِخْلَاف القَاضِي ابْن عبِّيَّة فِي الحكم 310 اعادة القَاضِي كَمَال الدّين الى الْقُدس = حُضُور الخاصكي نَائِب غَزَّة 311 دُخُول القَاضِي فَخر الدّين الى الْقُدس = قدوم القَاضِي غرس الدّين الْكِنَانِي الى الْقُدس 311 اسْتِقْرَار القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد فِي قَضَاء الْقُدس = دُخُول القَاضِي عَلَاء الدّين بن المزوار مُتَوَلِّيًا 312 حُصُول المحنة بالأعادة = رُجُوع القَاضِي شهَاب الدّين بن جبيلات 313 رُؤْيا اسماعيل الْبَنَّا النَّبِي (ص) حول الْبناء(2/419)
صفحة مواضيع الْكتاب 314 قدوم السُّلْطَان الى بَيت الْمُقَدّس من الْقَاهِرَة = رفع الْحِسْبَة بِمَدِينَة الْخَلِيل (ع) 315 توجه السُّلْطَان فِي مَدِينَة الْخَلِيل = جُلُوس السُّلْطَان بقبة مُوسَى بَاب السلسلة = بشكوى النَّاس من الْأَمِير جَار قطلبي = فرَاغ السُّلْطَان من فصل الحكومات 316 جُلُوس السُّلْطَان مَعَ الْأَمِير لزبك الْكَبِير = خُرُوج السُّلْطَان الى مخيمه بِظَاهِر الْقُدس = وُصُول السُّلْطَان للرملة وَوُقُوع الْمَطَر 317 الْقَبْض على اللص الَّذِي دخل على السُّلْطَان = فِيمَن سبّ سيدنَا عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ = القاء الْقَبْض على الافرنج المقيمين = لبس الخلعة لجمال الدّين يُوسُف 318 دُخُول الوباء بالطاعون حَتَّى عَم الْجَمِيع = وُصُول الْأَمِير الخاصكي الى الْقُدس = سفر السُّلْطَان الى المملكة الشامية 319 وُصُول السُّلْطَان الى حلب 319 اسْتِقْرَار الْخَطِيب ابو الحزم فِي الخطابة = اسْتِقْرَار الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله 320 عزل القَاضِي كَمَال الدّين النابلسي = وَفَاة الْأَمِير غرس الدّين = توجه المباشرين من الْقَاهِرَة للقدس = طلب الامير نَاصِر الدّين من قبل السُّلْطَان(2/420)
صفحة مواضيع الْكتاب 321 وَفَاة الْأَمِير جاني بك أَمِير سلَاح = بروز الْأَمر الى القَاضِي ابْن اسيل = حُضُور قَاصد من السُّلْطَان بِطَلَب المباشرين = وَفَاة المستنجد بِاللَّه يُوسُف العباسي = تَجْدِيد عمل الرصاص لظَاهِر الْجَامِع 322 اسْتِقْرَار الامير سنطباي النحاسي = توجه القَاضِي فتح الدّين ابْن الاسيل للحجاز = توجه الْملك قايتباي الى بَيت الله الْحَرَام = قدوم السُّلْطَان من الْحجاز 323 دُخُول الامير نَاصِر الدّين النشاشيبي = حُصُول فتْنَة وَقتل من الْعَرَب = حُضُور الامير نَاصِر الدّين من حلب = اسْتِقْرَار القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد الْجَعْفَرِي 324 قتل الامير يشبك الدوادار = الْقَبْض على جمَاعَة من بني زيد 325 بِنَاء الْمدرسَة الاشرفية = اسْتِقْرَار الامير شهَاب الدّين احْمَد فِي النِّيَابَة 326 دُخُول قَاضِي الْقُضَاة مُحي الدّين الْقُدس = تسفير السُّلْطَان جمَاعَة من الْقَاهِرَة الى الْقُدس = وُصُول قَاصد من سُلْطَان الْحَبَشَة الى الْقُدس 326 دُخُول السُّلْطَان جم ملك الرّوم = وُصُول نَائِب غَزَّة برسباي لكبس الْعَرَب 327 توجه الْخَطِيب محب الدّين للحصول على المشيخة = رُجُوع الامير قانصوه اليحياوي من الْعَجم = قيام مشائخ الْفُقَرَاء بمساعدة نَائِب الْقُدس = اتمام عمَارَة الْمدرسَة الاشرفية بِالْمَسْجِدِ(2/421)
صفحة مواضيع الْكتاب 328 صفة الْمدرسَة وَأمر السُّلْطَان بهدمها 329 محَاسِن الْمدرسَة وَمحل بناءها 330 اسْتِقْرَار الامير جانم الاشرفي 330 توجه قَاضِي الْقُضَاة الى الْقَاهِرَة = صُدُور مرسوم بعمارة قناة العروب 331 اسْتِقْرَار القَاضِي بدر الدّين حسن = دُخُول الامير جانم نَائِب الْمَدِينَة بخلعة = خلعة الامير قانصوه على المعلمين = قدوم شيخ الاسلام الى الْقُدس من الْقَاهِرَة 332 وَفَاة امين الدّين مُحَمَّد الْحلَبِي = الْفِتْنَة بَين الْملك قايتباي وَالسُّلْطَان 333 وَفَاة الشَّيْخ سعدالله امام الصَّخْرَة = توجه القَاضِي شرف الدّين الى الديار المصرية = اقامة نظام الْمدرسَة الاشرفية = تعْيين لمدرسة السُّلْطَان الكمالي 334 الانعام بِلبْس الْخلْع من الابواب الشَّرِيفَة = جُلُوس شيخ الاسلام وَجَمَاعَة من الْقُضَاة = تغريم بدر الدّين الحمامي = المكاتبات الْوَارِدَة فِي حق عبد الباسط 335 وَفَاة الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله = دُخُول الامير ماماي الخاصكي بالقدس 336 وُصُول الامير اقبردي من الْقَاهِرَة = حُضُور الشَّيْخ مُحَمَّد الْغَزِّي للزيارة = اسْتِقْرَار الامير خضر بك فِي النِّيَابَة 337 وُقُوع الجدب واحتباس الْمَطَر = تعمير المقعد الملاصق لايوان الحكم = افشاء الغلاء فِي جَمِيع المملكة 338 اخمادالفتنة فسبحان نَاقض العزائم 338 الْكَشْف على الْأَوْقَاف وتحريريها 339 الافراج عَن الامير قانصوه 339 وَاقعَة خضر بك نَائِب الْقُدس = مَا وَقع للْقَاضِي يحيى المغربي = وُصُول المطالعة وكتم امرها 341 مَا كتب للسُّلْطَان من الْكَشْف(2/422)
صفحة مَوَاضِع الْكتاب 339 صُدُور الْأَمر الى اقباي نَائِب غَزَّة 342 اسْتِقْرَار الْأَمِير دقماق فِي نظر الْحَرَمَيْنِ = قطع السماط عَن سيدنَا الْخَلِيل = خلعة السُّلْطَان للْقَاضِي = استلام الخزينة من القَاضِي 343 تجهيز فَخر الدّين بِالرِّجَالِ = حُصُول الرخَاء والاقوات = اسْتِقْرَار جلال الدّين بوظيفة المشيخة 344 تزايد ظلم دقماق واطماعه 344 اسْتِقْرَار القَاضِي مُحَمَّد الرَّحبِي 345 وَفَاة القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد 345 الْقَبْض على بني اسماعيل = احداث النَّصَارَى كَنِيسَة ظَاهر الْقُدس 346 تَجْدِيد بيعَة السُّلْطَان بعد خلع نَفسه = استلام القَاضِي شمس الدّين ولَايَة الْقَضَاء = تَجْدِيد الْمظْلمَة على الفلاحين بجبل الْقُدس 347 وُرُود مرسوم فِي دفن الْمَوْتَى 348 توجه القَاضِي شمس الدّين الى محلّة بغزة = قحط الْمَطَر بَيت الْمُقَدّس وانزعاج النَّاس = مقاتلة بايزيد ملك الرّوم = تَحْرِير مجْلِس بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية 349 وَاقعَة قبر دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام والقبة المحدثة = اقامة الشعائر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى 350 هدم الْقبَّة الَّتِي احدثها النَّصَارَى 351 تَحْرِير القبو الَّذِي على قبَّة دَاوُود (ع) 352 التهليل وَالتَّكْبِير وَفَرح الْمُسلمين بالنصر = وُرُود الاخبار مَعَ جمَاعَة من مَدِينَة الرملة = مَا كتب محْضر لما وَقع فِي هدم الْقبَّة 354 وُرُود جمَاعَة الى الْقَاهِرَة وتضمينهم 355 اسْتِقْرَار القَاضِي شهَاب الدّين احْمَد بِالْقضَاءِ(2/423)
صفحة مواضيع الْكتاب 355 وُرُود الامير اقبردي للقدس 356 مرسوم بِطَلَب القَاضِي بدر الدّين الحمامي 357 مَجِيء الامير الدوادرا لبيع الزَّيْت = ظلم الرّعية والمحنة والهتك 358 القاء الزَّيْت على بلد الْخَلِيل = اسْتِقْرَار الامير خضر بك فِي نظر الْحَرَمَيْنِ = اخراج مَدِينَة الرملة عَن نَائِب الشَّام 359 اخماد الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان وَملك الرّوم 360 دُخُول القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد الى الْقُدس = توجه شيخ الاسلام الكمالي الى الْقَاهِرَة = دُخُول الوباء بالطاعون فِي الْقُدس 361 وَفَاة الْأَمِير خضر بك نَاظر الْحَرَمَيْنِ = اسْتِمْرَار الوباء وقوته وافناء الاطفال = الشَّيْخ يُوسُف السُّلَيْمَانِي وجماعته 363 ارْتِفَاع الوباء من الْقُدس بعد اربعة أشهر = اسْتِقْرَار القَاضِي عز الدّين فِي الْقَضَاء 368 هطول الثَّلج حَتَّى جمد المَاء = توجه الامير جَان بلاط الى الْقَاهِرَة 377 كَثْرَة الْفِتَن والحروب وَالْخلف بَين الْحُكَّام = انْتِهَاء الْحَوَادِث بالقدس آخر سنة 900 = تَرْجَمَة الكمالي ابْن ابي شرِيف 379 وُقُوع حَادِثَة اخوابي الْعَبَّاس = سفر شيخ الاسلام والقضاة الى الْقَاهِرَة 380 وَفَاة الامير نَاصِر الدّين مُحَمَّد = تَجْدِيد الْمدرسَة الاشرفية الْقَدِيمَة 381 وُصُول مرسوم على الخانقاه الصلاحية 382 انْتِهَاء كَلَام الْمُؤلف من اخبار بَيت الْمُقَدّس 383 صُورَة الِانْتِهَاء من الطَّبْع سنة 1283 هـ {تمّ الفهرست بعونه تَعَالَى}(2/434)