على الْإِسْلَام فَقَالَ كَذَلِك قلت نعم قَالَ فاتبعته لَيْلَتي إِلَى الصَّباح فَأَذنت بِالصَّلَاةِ لما أَصبَحت لما أَصبَحت وَأَعْطَانِي إِنَاء فَتَوَضَّأت فِيهِ فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصَابِعه فِي الْإِنَاء فأنفجر عيُونا قَالَ (من أَرَادَ مِنْكُم أَن يتَوَضَّأ فَليَتَوَضَّأ) واخرج ابْن السكن عَن همام بن نقيد السَّعْدِيّ قَالَ قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله حفر لنا بِئْر فَخرجت مالحة فَدفع الي أداوة فِيهَا مَاء فَقَالَ صبه فِيهَا فصببته فعذبت فَهِيَ أعذب مَاء بِالْيمن
بَاب معجزاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَكْثِير الطَّعَام غير مَا تقدم
أخرج مُسلم عَن أنس قَالَ جِئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَوَجَدته جَالِسا مَعَ أَصْحَابه يُحَدِّثهُمْ وَقد عصب بَطْنه بعصابه فَقلت لبَعض أَصْحَابه لم عصب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَطْنه قالو من الْجُوع فَذَهَبت إِلَى أبي طَلْحَة فَأَخْبَرته فَدخل على أُمِّي فَقَالَ هَل من شَيْء قَالَت نعم عِنْدِي كسر من خبز وتمرات فَإِن جَاءَنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحده أشبعناه وَإِن جَاءَنَا مَعَه حد قل عَنْهُم فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَة اذْهَبْ يَا أنس فَقُمْ قَرِيبا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا قَامَ فَدَعْهُ حَتَّى يتفرق أَصْحَابه ثمَّ اتبعهُ حَتَّى إِذا قَامَ على ستر بَابه فَقل أبي يَدْعُوك فَفعلت ذَلِك فَلَمَّا قلت أَن أبي يَدْعُوك قَالَ لأَصْحَابه يَا هَؤُلَاءِ تَعَالَوْا ثمَّ أَخذ بيَدي فشدها ثمَّ أقبل بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذا دنونا من بيتنا أرسل يَدي فَدخلت وَأَنا حَزِين لِكَثْرَة من جَاءَ بِهِ فَقلت يَا أبتاه قد قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي قلت لي فَدَعَا أَصْحَابه وَقد جَاءَك بهم فَخرج أَبُو طَلْحَة وَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّمَا أرْسلت أنسا ليدعوك وَحدك وَلم يكن عِنْدِي مَا يشْبع من أرى فَقَالَ ادخل فَإِن الله سيبارك فِيمَا عنْدك فَدخل فَقَالَ اجْمَعُوا مَا عنْدكُمْ ثمَّ قربوه فَقَرَّبْنَا مَا كَانَ عندنَا من خبز وتمر فجعلناه على حصيرنا فَدَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ فَقَالَ يدْخل عَليّ ثَمَانِيَة فأدخلت عَلَيْهِ ثمانيه فَجعل كَفه فَوق الطَّعَام فَقَالَ كلوا وَسموا الله فَأَكَلُوا من بَين أَصَابِعه حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ(2/76)
أَمرنِي أَن أَدخل عَلَيْهِ ثَمَانِيَة فَمَا زَالَ ذَلِك أمره حَتَّى دخل عَلَيْهِ ثَمَانُون رجلا كلهم يَأْكُل حَتَّى يشْبع ثمَّ دَعَاني ودعا أُمِّي وَأَبا طلحه فَقَالَ كلوا فأكلنا حَتَّى شبعنا ثمَّ رفع يَده فَقَالَ يَا أم سليم أَيْن هَذَا من طَعَامك حِين قدمتيه قَالَت بِأبي أَنْت وَأمي لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتهمْ يَأْكُلُون لَقلت مَا نقص من طعامنا شَيْء
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ أَبُو طَلْحَة لأم سليم لقد سَمِعت صَوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَعِيفا أعرف فِيهِ الْجُوع فَهَل عنْدك من شَيْء قَالَت نعم فأخرجت أقراصا من شعير ثمَّ ذهبت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أرسلك أَبُو طَلْحَة قلت نعم فَقَالَ لمن مَعَه قومُوا فَجئْت أَبَا طَلْحَة فَأَخْبَرته فَقَالَ أَبُو طَلْحَة يَا أم سليم قد جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس وَلَيْسَ عندنَا مَا نطعمهم قَالَت الله وَرَسُوله أعلم فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَلُمِّي مَا عنْدك يَا أم سليم فَأَتَت بذلك الْخبز فَأمر بِهِ ففت وعصرت عَلَيْهِ عكة لَهَا فأدمته ثمَّ قَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ الله أَن يَقُول ثمَّ قَالَ ائْذَنْ لعشرة فَأذن لَهُم فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ خَرجُوا ثمَّ قَالَ ائْذَنْ لعشرة فَأذن لَهُم فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ قَالَ ائْذَنْ لعشرة حَتَّى أكل الْقَوْم كلهم وشبعوا وَالْقَوْم سَبْعُونَ رجلا أَو ثَمَانُون
وَأخرجه مُسلم من عدَّة طرق وَفِي بَعْضهَا ثمَّ أكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل الْبَيْت وأفضلوا مَا بلغ جيرانهم وَفِي بَعْضهَا (فَقَالَ بِسم الله اللَّهُمَّ عظم فِيهِ الْبركَة)
وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ لما تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب بنت جحش قَالَت لي أُمِّي يَا أنس إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبح عروسا وَلَا أرى أصبح لَهُ غداء فَهَلُمَّ تِلْكَ العكة وَتَمْرًا قد رمد فَجعلت لَهُ حَيْسًا فَقَالَت اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَامْرَأَته فَأَتَيْته بِهِ فِي تور من حِجَارَة فَقَالَ ضَعْهُ فِي نَاحيَة الْبَيْت واذهب فَادع لي أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليا وَنَفَرًا من أَصْحَابه ثمَّ أدع لي أهل الْمَسْجِد وَمن رَأَيْته فِي الطَّرِيق فَجعلت أتعجب من قلَّة الطَّعَام وَمن كَثْرَة من يَأْمُرنِي أَن أَدْعُو من النَّاس فدعوتهم حَتَّى امْتَلَأَ الْبَيْت والحجرة ثمَّ قَالَ يَا أنس هَلُمَّ ذَاك(2/77)
فَجئْت بالتور فَغمسَ فِيهِ ثَلَاثَة أَصَابِع فَجعل يَرْبُو ويرتفع فَجعلُوا يتغدون وَيخرجُونَ حَتَّى إِذا فرغوا أَجْمَعُونَ بَقِي فِي التور نَحْو مَا جِئْت بِهِ قَالَ ضَعْهُ قُدَّام زَيْنَب قَالَ ثَابت فَقلت لأنس كم ترى كَانَ الَّذين أكلُوا قَالَ اثْنَيْنِ وَسبعين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي قسيمة عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ بَعَثَنِي أَصْحَاب الصّفة وهم عشرُون رجلا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَشكونَ الْجُوع فَالْتَفت فِي بَيته فَقَالَ هَل من شَيْء قَالُوا نعم هَهُنَا كسرة أَو كسر وَشَيْء من لبن فَأتى بِهِ ففت فتا دَقِيقًا ثمَّ صب عَلَيْهِ اللَّبن ثمَّ جبله بِيَدِهِ حَتَّى جعله كالثريد ثمَّ قَالَ يَا وَاثِلَة ادْع لي عشرَة من أَصْحَابك وَخلف عشرَة فَفعلت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلوا بِسم الله من حواليها وَاعْفُوا رَأسهَا فان الْبركَة تأتيها من فَوْقهَا وَأَنَّهَا تمد فرأيتهم يَأْكُلُون ويتخللون أَصَابِعه حَتَّى تملأوا شبعا ثمَّ ذَهَبُوا وَجَاء الْآخرُونَ فَقَالَ لَهُم مثل مَا قَالَ للأولين فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى تملأوا شبعا حَتَّى انْتَهوا وان فِيهَا فضلَة وَقمت مُتَعَجِّبا لما رَأَيْت
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق سُلَيْمَان بن حبَان عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ كنت من اصحاب الصّفة فَشَكا أَصْحَابِي الْجُوع فَقَالُوا يَا وَاثِلَة اذْهَبْ إِلَى رَسُول الله فاستطعم لنا فَأَتَيْته فَقلت إِن أَصْحَابِي يَشكونَ الْجُوع فَقَالَ يَا عَائِشَة هَل عنْدك من شَيْء قَالَت مَا عِنْدِي إِلَّا فتات خبز قَالَ هاتيه ودعا بصحفة فأفرغ الْخبز فِي الصحفة ثمَّ جعل يصلح الثَّرِيد بيدَيْهِ وَهُوَ يَرْبُو حَتَّى امْتَلَأت الصحفة وَقَالَ اذْهَبْ فجيء بِعشْرَة من أَصْحَابك فَقَالَ خُذُوا بِسم الله من حواليها وَلَا تَأْخُذُوا من أَعْلَاهَا فَإِن الْبركَة تنحدر من أَعْلَاهَا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ قَامُوا وَبَقِي فِي الصحفة مثل مَا كَانَ فِيهَا ثمَّ جعل يصلحها بِيَدِهِ وَهِي تربو حَتَّى امْتَلَأت وَقَالَ جِيءَ بِعشْرَة من أَصْحَابك فَفَعَلُوا مثل ذَلِك فَقَالَ هَل بَقِي أحد قلت نعم عشرَة قَالَ جِيءَ بهم فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ قَامُوا وَبَقِي فِي الصحفة مثل مَا كَانَ قَالَ اذْهَبْ بهَا إِلَى عَائِشَة(2/78)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق يزِيد بن أبي مَالك عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ أَقَمْنَا ثَلَاثَة أَيَّام لم نطعم فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ هَل من شَيْء قَالَت الْجَارِيَة نعم رغيف وكتلة من سمن فَدَعَا بهَا ثمَّ فت الْخبز بِيَدِهِ وَقَالَ اذْهَبْ ادْع عشرَة فدعوتهم فأكلنا حَتَّى صدرنا فَكَأَنَّمَا خططنا فِيهَا بأصابعنا ثمَّ قَالَ ادْع لي عشرَة وَذكر أَنه دَعَا بعد ذَلِك من بَين عشرَة عشرَة وَقَالَ وأفضلوا فضلا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن صَفِيَّة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت جَاءَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَقَالَ أعندك شَيْء فَإِنِّي جَائِع قلت لَا إِلَّا مَدين من طحين قَالَ فاسخنيه فَجَعَلته فِي الْقدر وأنضجته فَقلت قد نضج ثمَّ دَعَا بنحي لَيْسَ فِيهِ إِلَّا قَلِيل فعصر حافتيه فِي الْقدر فَوضع يَده فَقَالَ بِسم الله أَدعِي أخواتك فَإِنِّي أعلم إنَّهُنَّ يجدن مثل مَا أجد فدعونهن فأكلنا حَتَّى شبعنا ثمَّ جَاءَ أَبُو بكر فَدخل ثمَّ جَاءَ عمر فَدخل ثمَّ جَاءَ رجل فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفضل عَنْهُم
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ ضاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْرَابِيًا فَطلب لَهُ شَيْئا فَلم يجد إِلَّا كسرة يَبِسَتْ فِي جُحر فَأَخذهَا ففتها أَجزَاء وَوضع يَده عَلَيْهَا ودعا وَقَالَ كل فَأكل الْأَعرَابِي حَتَّى شبع وفضلت فضلَة فَجعل الْأَعرَابِي ينظر إِلَيْهِ وَيَقُول إِنَّك لرجل صَالح
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وصححوه وَأَبُو نعيم عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بقصعة فِيهَا طَعَام فتعاقبوها إِلَى الظّهْر مُنْذُ غدْوَة يقوم قوم وَيقْعد آخَرُونَ فَقَالَ رجل لسمرة هَل كَانَت تمد قَالَ مَا كَانَت تمد إِلَّا من هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى السَّمَاء(2/79)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي أَيُّوب قَالَ صنعت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما وَلأبي بكر قدر مَا يكفيهما فأتيتهما بِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذْهَبْ فَادع لي ثَلَاثِينَ من أَشْرَاف الْأَنْصَار فشق ذَلِك عَليّ وَقلت فِي نَفسِي مَا عِنْدِي شَيْء أزيده فَكَأَنِّي تغافلت فَقَالَ اذْهَبْ فَادع لي ثَلَاثِينَ من أَشْرَاف الْأَنْصَار فدعوتهم فَجَاءُوا فَقَالَ اطعموا فَأَكَلُوا حَتَّى صدرُوا ثمَّ شهدُوا أَنه رَسُول الله وَبَايَعُوهُ قبل أَن يخرجُوا ثمَّ قَالَ ادْع لي سِتِّينَ إِلَى أَن أكل من طَعَامه ذَلِك مائَة وَثَمَانُونَ رجلا من الْأَنْصَار
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثِينَ وَمِائَة فَقَالَ هَل مَعَ أحد مِنْكُم طَعَام فَإِذا مَعَ رجل صَاع من طَعَام أَو نَحوه فعجن ثمَّ جَاءَ رجل بِغنم يَسُوقهَا فَاشْترى مِنْهُ شاه فَأمر بهَا فصنعت وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسواد الْبَطن أَن يشوى قَالَ وَايْم الله مَا من الثَّلَاثِينَ وَمِائَة إِلَّا وَقد جز لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَواد بَطنهَا إِن كَانَ شَاهدا أعطَاهُ وَإِن كَانَ غَائِبا خبأ لَهُ قَالَ وَجعل مِنْهَا قصعتين فأكلنا مِنْهَا أَجْمَعُونَ وشبعنا وَفضل فِي القصعتين فحملتا على الْبَعِير
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِن كنت لأعتمد بكبدي على الأَرْض من الْجُوع وَإِن كنت لأشد الْحجر على بَطْني من الْجُوع وَلَقَد قعدت يَوْمًا على الطَّرِيق فَمر بِي أَبُو بكر فَسَأَلته عَن آيَة من كتاب الله مَا سَأَلته إِلَّا ليستتبعني فَمر وَلم يفعل ثمَّ مر بِي عمر فَسَأَلته عَن آيَة من كتاب الله مَا سَأَلته إِلَّا ليستتبعني فَمر وَلم يفعل ثمَّ مر بِي أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَبَسَّمَ حِين رَآنِي وَعرف مَا فِي نَفسِي وَمَا فِي وَجْهي ثمَّ قَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة قلت لبيْك يَا رَسُول الله قَالَ إلحق وَمضى فَأَتْبَعته فَدخل واستأذنت فَأذن لي فَدخلت فَوجدت لَبَنًا فِي قدح فَقَالَ من أَيْن هَذَا اللَّبن قَالُوا أهداه لَك فلَان أَو فُلَانَة قَالَ أَبَا هر قلت لبيْك يَا رَسُول الله قَالَ إلحق بِأَهْل الصّفة فادعهم لي قَالَ وَأهل الصّفة(2/80)
أضياف الْإِسْلَام لَا يأوون إِلَى أهل وَلَا مَال إِذْ أَتَتْهُ صَدَقَة بعث بهَا إِلَيْهِم وَلم يتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئا فَإِذا أَتَتْهُ هَدِيَّة أرسل إِلَيْهِم وَأصَاب مِنْهَا وأشركهم فِيهَا فساءني ذَلِك قلت وَمَا هَذَا اللَّبن فِي أهل الصّفة وَكنت أَرْجُو أَن أُصِيب من هَذَا اللَّبن شربة أتقوى بهَا وَإِنِّي لرَسُول فَإِذا جَاءُوا أَمرنِي أَن أعطيهم وَمَا عَسى أَن يبلغنِي من هَذَا اللَّبن وَلم يكن من طَاعَة الله وَطَاعَة رَسُوله بُد فأتيتهم فدعوتهم فَأَقْبَلُوا وَأخذُوا مجَالِسهمْ من الْبَيْت فَقَالَ أَبَا هر قلت لبيْك يَا رَسُول الله قَالَ خُذ فأعطهم فَأخذت الْقدح فَجعلت أعْطِيه الرجل فيشرب حَتَّى يرْوى ثمَّ يرد عَليّ الْقدح أعْطِيه الآخر فيشرب حَتَّى يرْوى ثمَّ يرد عَليّ الْقدح حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد رُوِيَ الْقَوْم كلهم فَأخذ الْقدح فَوَضعه على يَده وَنظر إِلَيّ وَتَبَسم وَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة قلت لبيْك يَا رَسُول الله قَالَ بقيت أَنا وَأَنت قلت صدقت يَا رَسُول الله قَالَ اقعد فَاشْرَبْ فَشَرِبت فَقَالَ اشرب فَشَرِبت فَمَا زَالَ يَقُول اشرب فَاشْرَبْ حَتَّى قلت لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أجد مسلكا لَهُ فأعطيته الْقدح فَحَمدَ الله وسمى وَشرب الفضلة
وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ قَالَ بتنا لَيْلَة بِغَيْر عشَاء فَأَصْبَحت فَالْتمست فَأَصَبْت مَا اشْتريت طَعَاما وَلَحْمًا بدرهم ثمَّ أتيت بِهِ فَاطِمَة فخبزت وطبخت فَلَمَّا فرغت قَالَت لَو أتيت أبي فدعوته فَجئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول أعوذ بِاللَّه من الْجُوع ضجيعا فَقلت يَا رَسُول الله عندنَا طَعَام فَهَلُمَّ فجَاء وَالْقدر تَفُور فَقَالَ أغرفي لعَائِشَة فغرفت فِي صَحْفَة ثمَّ قَالَ أغرفي لحفصة فغرفت فِي صَحْفَة حَتَّى غرفت لجَمِيع نِسَائِهِ التسع ثمَّ قَالَ أغرفي لأَبِيك وزوجك فغرفت فَقَالَ أغرفي فكلي فغرفت ثمَّ رفعت الْقدر وَأَنَّهَا لتفيض فأكلنا مِنْهَا مَا شَاءَ الله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة فَقَالَ ادْع لي أهل الصّفة فدعوتهم فَوضع لنا صَحْفَة فِيهَا صَنِيع من شعير أَظُنهُ قدر مد وَوضع يَده عَلَيْهَا وَقَالَ خُذُوا بِسم الله فأكلنا مِنْهَا مَا شِئْنَا وَكُنَّا مَا بَين السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ ثمَّ رفعنَا أَيْدِينَا وَهِي مثلهَا حِين وضعت إِلَّا أَن فِيهَا أثر الْأَصَابِع(2/81)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن جَابر بن عبد الله قَالَ صنعت أُمِّي طَعَاما وَقَالَت اذْهَبْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَادعه فَجئْت فساررته فَقَالَ لأَصْحَابه قومُوا فَقَامَ مَعَه خَمْسُونَ رجلا فَقَالَ ادخُلُوا عشرَة عشرَة فأكلو حَتَّى شَبِعُوا وَفضل نَحْو مَا كَانَ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن صُهَيْب قَالَ صنعت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَأَتَيْته وَهُوَ فِي نفر من أَصْحَابه فَقُمْت حياله فَلَمَّا نظر إِلَيّ أَوْمَأت إِلَيْهِ فَقَالَ وَهَؤُلَاء قلت لَا فَسكت وَقمت مَكَاني فَلَمَّا نظر إِلَيّ أَوْمَأت إِلَيْهِ فَقَالَ وَهَؤُلَاء مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَقلت نعم وَإِنَّمَا كَانَ شَيْء يسير صَنعته لَك فَأَكَلُوا وَفضل مِنْهُم
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَأَبُو نعيم من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبن لعبد الله بن طهفة عَن أَبِيه قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اجْتمع الضيفان قَالَ لينقلب كل رجل بضيفه حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة اجْتمع فِي الْمَسْجِد ضيفان كثير فَقَالَ لينقلب كل رجل مَعَ جليسه فَكنت أَنا مِمَّن انْقَلب مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عَائِشَة هَل من شَيْء قَالَت نعم حويسة كنت أعددتها لإفطارك فَأتي بهَا فِي قعيبة فَأكل مِنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا ثمَّ قدمهَا إِلَيْنَا ثمَّ قَالَ بِسم الله كلوا فأكلنا مِنْهَا حَتَّى وَالله مَا نَنْظُر إِلَيْهَا ثمَّ قَالَ هَل من شراب فَقَالَت لبينة أعددتها لإفطارك فَجَاءَت بهَا فَشرب مِنْهَا شَيْئا ثمَّ قَالَ بِسم الله اشربوا فشربنا حَتَّى وَالله مَا نَنْظُر إِلَيْهَا
وَأخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَن أبي سَلمَة عَن يعِيش بن طخفة قَالَ كَانَ أبي من أهل الصّفة فَأمر بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل الرجل يذهب بِرَجُل وَالرجل برجلَيْن وَانْطَلَقت أَنا فِيمَن انْطلق مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عَائِشَة أطعمينا فَجَاءَت بجشيشة فأكلنا ثمَّ جَاءَت بحيسه مثل القطاة فأكلنا ثمَّ قَالَ يَا عَائِشَة اسقينا فَجَاءَت بقدح صَغِير من لبن فشربنا
وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقَامَ أَيَّامًا لم يطعم طَعَاما حَتَّى شقّ ذَلِك عَلَيْهِ فَأتى فَاطِمَة فَقَالَ يَا بنية هَل عنْدك شَيْء قَالَت لَا فَلَمَّا خرج من(2/82)
عِنْدهَا بعثت إِلَيْهَا جَارة بهَا بِرَغِيفَيْنِ وَقطعَة لحم فَوَضَعته فِي جفْنه وغطت عَلَيْهَا وَأرْسلت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرجع إِلَيْهَا فَقَالَ قد أَتَى الله تَعَالَى بِشَيْء فَخَبَّأْته لَك قَالَ هَلُمِّي فَأَتَتْهُ فكشف عَن الْجَفْنَة فَإِذا هِيَ مَمْلُوءَة خبْزًا وَلَحْمًا فَلَمَّا نظرت إِلَيْهَا بهتت وَعرفت إِنَّهَا بركَة من الله تَعَالَى فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَيْن لَك هَذَا يَا بنية قَالَت يَا أَبَت هُوَ من عِنْد الله ان الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي جعلك يَا بنية شَبيهَة بِسَيِّدَة نسَاء بني إِسْرَائِيل فَإِنَّهَا كَانَت إِذا رزقها الله تَعَالَى شَيْئا فَسُئِلت عَنهُ {قَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَليّ ثمَّ أكل هُوَ وَعلي وَفَاطِمَة وَحسن وحسين وَجَمِيع أَزوَاج نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل بَيته جَمِيعًا حَتَّى شَبِعُوا وَبقيت الْجَفْنَة كَمَا هِيَ وَبعثت ببقيته إِلَى الْجِيرَان وَجعل الله تَعَالَى فِيهَا بركَة وَخيرا كثيرا
وَأخرج ابْن سعد عَن أم عَامر أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن قَالَت رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِدنَا الْمغرب فَجئْت منزلي فَجِئْته بعرق وأرغفة فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي تعش فَقَالَ لأَصْحَابه كلوا يسم الله فَأكل هُوَ وَأَصْحَابه الَّذين جَاءُوا مَعَه وَمن كَانَ حَاضرا من أهل الدَّار فو نَفسِي بِيَدِهِ لرأيت بعض الْعرق لم يتعرق وَعَامة الْخبز وَأَن الْقَوْم أَرْبَعُونَ رجلا ثمَّ شرب من مَاء عِنْدِي فِي شجب ثمَّ انْصَرف فَأخذت ذَلِك الشجب فدهنته وطويته فَكُنَّا نسقي مِنْهُ الْمَرِيض وَنَشْرَب مِنْهَا فِي الْحِين رَجَاء الْبركَة الشجب قربَة تخرز من أَسْفَلهَا وتقطع رَأسهَا تشبه الدَّلْو الْعَظِيم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مَسْعُود بن خَالِد قَالَ بعثت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شاه ثمَّ ذهبت فِي حَاجَة فَرد إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شطرها فَرَجَعت فَإِذا لحم فَقلت يَا أم خناس مَا هَذَا اللَّحْم قَالَت رده إِلَيْنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الشاه الَّتِي بعثت بهَا إِلَيْهِ قلت مَالك لَا تطعمينه عِيَالك قَالَت هَذَا سورهم وَكلهمْ قد اطعمت وكانو يذبحون الشاتين وَالثَّلَاث وَلَا تجزي عَنْهُم(2/83)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ دَعَاني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة فَقَالَ انْطلق إِلَى الْمنزل فَقل هلموا الطَّعَام الَّذِي عنْدكُمْ فاعطوني صحيفَة فِيهَا عصيدة بِتَمْر فَأَتَيْته بهَا فَقَالَ لي ادْع أهل الْمَسْجِد فَقلت فِي نَفسِي الويل لي مِمَّا أرى من قلَّة الطَّعَام وَالْوَيْل لي من الْمعْصِيَة فدعوتهم فَاجْتمعُوا فَوضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصَابِعه فِيهَا وغمز نَوَاحِيهَا وَقَالَ كلوا بِسم الله فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وأكلت حَتَّى شبعت ورفعتها فَإِذا هِيَ كهيئتها حِين وضعت إِلَّا أَن فِيهَا آثَار أَصَابِع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرجت يَوْمًا من بَيْتِي إِلَى الْمَسْجِد لم يخرجني إِلَّا الْجُوع فَوجدت نَفرا قَالُوا مَا أخرجنَا إِلَّا الْجُوع فَدَخَلْنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرنَاهُ فَدَعَا بطبق فِيهِ تمر فَأعْطى كل رجل منا مِنْهَا تمرتين فَقَالَ كلوا هَاتين التمرتين وَاشْرَبُوا عَلَيْهَا من المَاء فَإِنَّهُمَا ستجزيانكم يومكم هَذَا
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أَن بكر جَاءَ بِثَلَاثَة يَعْنِي أضيافا وَذهب تعشى عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ لبث فجَاء بَعْدَمَا مَا مضى من اللَّيْل مَا شَاءَ الله تَعَالَى فَقَالَت لَهُ امْرَأَته مَا حَسبك عَن أضيافك قَالَ أوما عشيتهم قَالَت أَبَوا حَتَّى تَجِيء قَالَ وَالله لَا أطْعمهُ أبدا قَالَ وَايْم الله مَا كُنَّا نَأْخُذ من لقْمَة إِلَّا رَبًّا من أَسْفَلهَا أَكثر مِنْهَا فشبعنا وَصَارَت أَكثر مِمَّا كَانَت فَنظر إِلَيْهَا أَبُو بكر فَإِذا هِيَ كَمَا هِيَ أَو أَكثر فَقَالَ لامْرَأَته يَا أُخْت بني فراس مَا هَذَا قَالَت لَا وقرة عينى لهي الْآن أَكثر مِمَّا كَانَت قبل ذَلِك بِثَلَاث مَرَّات فَأكل مِنْهَا أَبُو بكر وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك من الشَّيْطَان يَعْنِي يَمِينه ثمَّ حملهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَصْبَحت عِنْده وَكَانَ بَيْننَا وَبَين قوم عهد فَمضى الْأَجَل فَعرفنَا إثنا عشر رجلا مَعَ كل رجل مِنْهُم نَاس الله أعلم كم مَعَ كل رجل غير أَنه بعث بَعثهمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتمرات فَقلت أدع لي فِيهِنَّ بِالْبركَةِ فقبضهن ثمَّ دَعَا فِيهِنَّ بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ خذهن فاجعلهن فِي مزودك فَإِذا أردْت أَن تَأْخُذ مِنْهُنَّ فَادْخُلْ(2/84)
يدك فَخذ وَلَا تنثرهن نثرا قَالَ فَحملت من ذَلِك التَّمْر كَذَا وَكَذَا وسْقا فِي سَبِيل الله وَلَفظ ابْن سعد رواحل فِي سَبِيل الله وَكنت آكل مِنْهُ وَأطْعم وَكَانَ فِي حقوي حَتَّى كَانَ يَوْم قتل عُثْمَان فَوَقع فَذهب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة فَأَصَابَهُمْ عوز من الطَّعَام فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة عنْدك شَيْء قلت شَيْء من تمر فِي مزودي قَالَ جىء بِهِ فَجئْت بالمزود فَقَالَ هَات نطعا فَجئْت بالنطع فبسطته فَأدْخل يَده فَقبض على التَّمْر فَإِذا هُوَ إِحْدَى وَعِشْرُونَ تَمْرَة ثمَّ قَالَ بِسم الله فَجعل يضع كل تَمْرَة ويسمي حَتَّى أَتَى على التَّمْر فَقَالَ بِهِ هَكَذَا فَجَمعه فَقَالَ ادْع فلَانا وَأَصْحَابه فَأَكَلُوا وشبعوا وَخَرجُوا ثمَّ قَالَ ادْع فلَانا وَأَصْحَابه فَأَكَلُوا وشبعو وَخَرجُوا ثمَّ قَالَ أدع فلَانا وَأَصْحَابه فَأَكَلُوا وشبعوا وَخَرجُوا ثمَّ قَالَ ادْع فلَانا وَأَصْحَابه فَأَكَلُوا وشبعوا وَخَرجُوا وَفضل تمر فَقَالَ لي اقعد فَقَعَدت فَأكل وأكلت وَفضل تمر فَأَخذه وَأدْخلهُ فِي المزود وَقَالَ لي إِذا رَأَيْت شَيْئا فَادْخُلْ يدك فَخذ وَلَا تكفأ فَمَا كنت أُرِيد تَمرا إِلَّا أدخلت يَدي فَأخذت مِنْهُ خمسين وسْقا فِي سَبِيل الله وَكَانَ مُعَلّقا خلف رحلي فَوَقع فِي زمن عُثْمَان فَذهب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق أبي مَنْصُور عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أصبت بِثَلَاث مصائب فِي الْإِسْلَام لم أصب بمثلهن موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقتل عُثْمَان والمزود قَالُوا وَمَا المزود قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة أَمَعَك شَيْء قلت تمر فِي مزود فَقَالَ جىء بِهِ فأخرجت مِنْهُ تَمرا فَأَتَيْته بِهِ فمسه فَدَعَا فِيهِ ثمَّ قَالَ أدع عشرَة فدعوت عشرَة فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ كَذَلِك حَتَّى أكل الْجَيْش كُله وَبَقِي من تمر المزود قَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة إِذا أردْت أَن تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا فَادْخُلْ يدك فِيهِ وَلَا تكفه فَأكلت مِنْهُ حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلَمَّا قتل عُثْمَان انتهب مَا فِي بَيْتِي فانتهب المزود أَلا أخْبركُم كم أكلت مِنْهُ أكلت مِنْهُ أَكثر من مِائَتي وسق(2/85)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا بَقِي فِي بَيْتِي إِلَّا شطر من شعير فِي رف لي فَأكلت مِنْهُ حَتَّى طَال عَليّ فكلته ففني
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ وَالْبَزَّار عَن جَابر أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير فَمَا زَالَ الرجل يَأْكُل مِنْهُ وَامْرَأَته وَمن ضيفاه حَتَّى كاله فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَو لم تكله لأكلت مِنْهُ ولقام بكم
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب إِنَّه اسْتَعَانَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّزْوِيج فَدفع إِلَيْهِ ثَلَاثِينَ صَاعا من شعير قَالَ فطعمنا مِنْهُ نصف سنه ثمَّ كلناه فوجدناه كَمَا أدخلْنَاهُ فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (لَو لم تكله لأكلت مِنْهُ مَا عِشْت)
وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَالنَّسَائِيّ فِي الكنى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن خَالِد بن عبد الْعُزَّى بن سَلامَة أَنه أجزره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاة وَكَانَ عِيَال خَالِد كثيرا يذبح فَلَا تيد عِيَاله عظما عظما وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل مِنْهَا ثمَّ قَالَ أَرِنِي دلوك يَا أَبَا خناس فَصنعَ فِيهَا فضلَة الشَّاة ثمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ بَارك لأبي خناس فَانْقَلَبَ بِهِ فنثره لَهُم وَقَالَ تواسوا فِيهِ فَأكل مِنْهُ عِيَاله وأفضلوا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن نَضْلَة بن عَمْرو الْغِفَارِيّ أَنه حلب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَاء فَشرب ثمَّ شرب فضلَة إنائه فَامْتَلَأَ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت لأشرب السَّبْعَة فَمَا أمتلىء
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ بَيْنَمَا نَحن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ غُلَام فَقَالَ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله غُلَام يَتِيم وَأُخْت لَهُ يتيمة وَأم لَهُ أرملة أطعمنَا أطعمك الله تَعَالَى مِمَّا عِنْده فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْطلق إِلَى أهلنا فأتنا بِمَا وجدت عِنْدهم فَأتى بِوَاحِدَة وَعشْرين تَمْرَة فوضعها فِي كف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَشَارَ(2/86)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكفه إِلَى فِيهِ وَنحن نرى أَنه يَدْعُو بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ يَا غُلَام سبعا لَك وَسبعا لأمك وَسبعا لأختك فتعشى بتمرة وتغدى بِأُخْرَى
وَأخرج البُخَارِيّ من طَرِيق الشّعبِيّ عَن جَابر أَن أَبَاهُ اسْتشْهد يَوْم أحد وَترك سِتّ بَنَات وَترك عَلَيْهِ دينا كثيرا فَلَمَّا حضر جذاذ النّخل قلت يَا رَسُول الله قد علمت أَن وَالِدي اسْتشْهد وَترك عَلَيْهِ دينا كثيرا فَأَنا أحب أَن يراك الْغُرَمَاء قَالَ اذْهَبْ فبيدر كل تمر على نَاحيَة فَفعلت ثمَّ دَعوته فأطاف حول أعظمها بيدرا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ جلس عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ ادْع أَصْحَابك فَمَا زَالَ يَكِيل لَهُم حَتَّى أدّى الله تَعَالَى أَمَانَة وَالِدي وَأَنا رَاض أَن أدّى الله أَمَانَة وَالِدي وَلَا أرجع إِلَى اخوتي بتمرة فَسلم وَالله البيادر كلهَا حَتَّى أنظر إِلَى البيدر الَّذِي عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ لم ينقص مِنْهُ تَمْرَة وَاحِدَة
وَأخرج الشَّيْخَانِ من طَرِيق وهب بن كيسَان عَن جَابر أَن أَبَاهُ توفّي وَترك عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وسْقا لرجل من الْيَهُود فاستنظره جَابر فَأبى فَكلم جَابر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشعفع إِلَيْهِ فَكلم الْيَهُودِيّ ليَأْخُذ تمر نخله بِالَّذِي لَهُ فَأبى فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمشى فِيهَا ثمَّ قَالَ يَا جَابر جد لَهُ فأوفه الَّذِي لَهُ فجد بَعْدَمَا رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأوفاه ثَلَاثِينَ وسْقا وفضلت لَهُ سَبْعَة عشر وسْقا فَأخْبر جابرعمر فَقَالَ لقد علمت حِين مَشى فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليباركن الله فِيهَا
قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا لَا يُخَالف الأول فَإِن ذَلِك فِي سَائِر الْغُرَمَاء الَّذين حَضَرُوا أَولا وَحضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أوفاهم وَهَذَا فِي الْيَهُودِيّ الَّذِي أَتَاهُ بعدهمْ وطالب بِدِينِهِ فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بجد مَا بَقِي على النخلات وإيفائه
وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق نُبيح الْعَنزي عَن جَابر قَالَ لما قتل أبي ترك دينا فَذكر الحَدِيث وَفِيه وَقلت لامرأتي إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجيئنا الْيَوْم نصف النَّهَار فَدخل وفرشت لَهُ فَنَامَ فذبحت عنَاقًا فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ وَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ ادْع لي أَبَا بكر ثمَّ حوارييه الَّذين مَعَه فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفضل مِنْهَا لحم كثير(2/87)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن عَسَاكِر عَن أبي رَجَاء قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل حَائِطا لبَعض الْأَنْصَار فَإِذا هُوَ يسنو فِيهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تجْعَل لي إِن أرويت حائطك قَالَ إِنِّي أجهد أَن أرويه فَمَا أُطِيق ذَلِك قَالَ تجْعَل لي مائَة تَمْرَة إِن أَنا أرويته قَالَ نعم فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الغرب فَمَا لبث أَن أرواه حَتَّى قَالَ الرجل غرق حائطي فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة تَمْرَة فَأكل هُوَ وَأَصْحَابه حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ رد عَلَيْهِ مائَة تَمْرَة كَمَا أَخذهَا مِنْهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَت امْرَأَة من دوس يُقَال لَهَا أم شريك أسلمت فَأَقْبَلت تطلب من يصحبها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيت رجلا من الْيَهُود فَقَالَ تعالي فَأَنا أصحبك قَالَت فانتظرني حَتَّى املأ سقاي مَاء قَالَ معي مَاء فَانْطَلَقت مَعَه فَسَارُوا حَتَّى أَمْسوا فَنزل الْيَهُودِيّ وَوضع سفرته فتعشى وَقَالَ يَا أم شريك تعالي إِلَى الْعشَاء قَالَت اسْقِنِي فَإِنِّي عطشى وَلَا أَسْتَطِيع أَن آكل حَتَّى أشْرب قَالَ لَا أسقيك قَطْرَة حَتَّى تهودي قَالَت وَالله لَا أتهود أبدا فَأَقْبَلت إِلَى بَعِيرهَا فعقلته وَوضعت رَأسهَا على ركبته قَالَت فَمَا أيقظني إِلَّا برد دلو قد وَقع على جبيني فَرفعت رَأْسِي فَنَظَرت إِلَى مَاء أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل فَشَرِبت حَتَّى رويت ثمَّ نضحت على سقاي حَتَّى ابتل ثمَّ ملأته ثمَّ رفع بَين يَدي وَأَنا أنظر حَتَّى توارى مني فِي السَّمَاء فَلَمَّا أَصبَحت جَاءَ الْيَهُودِيّ فَقَالَ يَا أم شريك قلت وَالله قد سقاني الله قَالَ من أَيْن أنزل عَلَيْك من السَّمَاء قلت وَالله لقد أنزل الله على من السَّمَاء ثمَّ رفع بَين يَدي حَتَّى توارى عني فِي السَّمَاء ثمَّ أَقبلت حَتَّى دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوهبت لَهُ بضعهَا فَزَوجهَا زيدا وَأمر لَهَا بِثَلَاثِينَ صَاعا وَقَالَ كلوا وَلَا تكيلوا وَكَانَ مَعَه مَعهَا سمن هَدِيَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لجارية لَهَا بلغي هَذِه العكة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلَقت بهَا فَأَخَذُوهَا ففرغوها وَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علقوها وَلَا توكوها فعلقوها فِي مَكَانهَا فَدخلت أم شريك فَنَظَرت إِلَيْهَا مَمْلُوءَة سمنا فَقَالَت يَا فُلَانَة أَلَيْسَ أَمرتك أَن(2/88)
تنطلقي بِهَذِهِ العكة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت قد وَالله انْطَلَقت بهَا كَمَا قلت ثمَّ قلت ثمَّ أَقبلت بهَا أصوبها مَا يقطر مِنْهَا شَيْء وَلكنه قَالَ علقوها وَلَا توكوها فعلقتها فِي مَكَانهَا فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى فنيت ثمَّ كالوا الشّعير فوجدوه ثَلَاثِينَ صَاعا لم ينقص مِنْهُ شَيْء
بَاب قصَّة العكة والنحي والسقاء والرحى والذراع
أخرج مُسلم عَن جَابر أَن أم مَالك كَانَت تهدي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عكة لَهَا سمنا فيأتيها بنوها فَيسْأَلُونَ الْأدم وَلَيْسَ عِنْدهم شَيْء فتعمد ألى العكة فتجد فِيهَا سمنا فَمَا زَالَ يُقيم لَهَا أَدَم بَيتهَا حَتَّى عصرته فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أعصرتيها قَالَت نعم قَالَ لَو تركتيها مَا زَالَ قَائِما
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر عَن أم شريك أَنَّهَا كَانَت عِنْدهَا عكة تهدي فِيهَا سمنا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَطلب مِنْهَا صبيانها ذَات يَوْم سمنا فَلم يكن فَقَامَتْ إِلَى العكة لتنظر فَإِذا هِيَ تسيل قَالَت فَصَبَبْت لَهُم فَأَكَلُوا مِنْهَا حينا ثمَّ ذهبت تنظر مَا بَقِي فصبته كُله ففني ثمَّ أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا أصببته أما أَنَّك لَو لم تصببه لقام لَك زَمَانا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن يحيى بن جعدة عَن رجل حَدثهُ عَن أم مَالك الْأَنْصَارِيَّة أَنَّهَا جَاءَت بعكة سمن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بِلَالًا فعصرها ثمَّ أَعْطَاهَا فَرَجَعت فَإِذا هِيَ مَمْلُوءَة سمنا فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (هَذِه بركَة عجل الله لَك ثَوَابهَا)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم أَوْس البهزية قَالَت سليت سمنا لي فَجَعَلته فِي عكة وأهديته ألى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبله وَترك فِي العكة قَلِيلا وَنفخ فِيهِ ودعا(2/89)
بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ ردوا عَلَيْهَا عكتها فردوها عَلَيْهَا وَهِي مَمْلُوءَة سمنا فظنت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقبلهَا فَجَاءَت لَهَا صُرَاخ فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنَّمَا سليته لَك لتأكله فَعلم أَنه قد أستجيب لَهُ فَقَالَ أذهبوا فَقولُوا لَهَا فلتأكل سمنها ولتدع بِالْبركَةِ فَأكلت بَقِيَّة عمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وولايته أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان حَتَّى كَانَ من أَمر عَليّ وَمُعَاوِيَة مَا كَانَ
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أنس أَن أمه أم سليم جمعت من شَاتِهَا سمنا فِي عكة وَأرْسلت بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأفرغها وردهَا فعلقت العكة على وتد فَجَاءَت أم سليم فرأت العكة ممتلئة تقطر سمنا فَجَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ إِن كَانَ الله أطعمك كَمَا أطعمت نبيه كلي وأطعمي فَجئْت فقسمت فِي قَعْب لنا كَذَا وَكَذَا وَتركت فِيهَا مَا ائتد منا بِهِ شهرا أَو شَهْرَيْن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق كثير بن زيد عَن مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ طَعَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدُور على أَصْحَابه على هَذَا لَيْلَة وعَلى هَذَا لَيْلَة فدار عَليّ فَعمِلت طَعَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذهبت بِهِ فَتحَرك النحي فأهريق مَا فِيهِ فَقلت على يَدي أهريق طَعَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدنه فَقلت لَا أَسْتَطِيع يَا رَسُول الله فَرَجَعت فَإِذا النحي يَقُول قب قب فَقلت فضلَة فضلت فِيهِ فاجتذبه فَإِذا هُوَ قد ملىء إِلَى يَدَيْهِ فأوكيته ثمَّ جِئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ (أما أَنَّك لَو تركته لملىء إِلَى فِيهِ)
وَقَالَ ابْن سعد أَنا سعيد بن سُلَيْمَان حَدثنَا خَالِد بن عبد الله عَن حُصَيْن عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَيْنِ فِي بعض أمره فَقَالَا يَا(2/90)
رَسُول الله مَا مَعنا مَا نتزوده فَقَالَ ابتغيا لي سقاء فجاءاه بسقاء قَالَ فَأمرنَا فملأناه ثمَّ أوكأه وَقَالَ اذْهَبَا حَتَّى إِذا تبلغا مَكَان كَذَا وَكَذَا فَإِن الله سيرزقكما فَانْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا ذَلِك الْمَكَان الَّذِي أَمرهمَا بِهِ فانحل سقاؤهما فَإِذا اللَّبن وزبد غنم فأكلا وشربا حَتَّى شبعا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَتَى رجل أَهله فَرَأى مَا بهم من الْحَاجة فَخرج إِلَى الْبَريَّة فَقَالَ اللَّهُمَّ أرزقنا مَا نعتجن ونختبز فَإِذا الْجَفْنَة ملأى خبْزًا والرحى تطحن والتنور ملأى جنوب شواء فجَاء زَوجهَا فَقَالَ عنْدكُمْ شَيْء قَالَت نعم رزق الله فَرفع الرَّحَى فكنس مَا حولهَا فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (لَو تركتهَا لدارت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا من الْأَنْصَار كَانَ ذَا حَاجَة فَخرج يَوْمًا وَلَيْسَ عِنْد أَهله شَيْء فَقَالَت امْرَأَته لَو أَنِّي حركت رحاي وَجعلت فِي تنوري سعفات فَسمع جيراني صَوت الرَّحَى وَرَأَوا الدُّخان فظنوا أَن عندنَا طَعَاما مَا بِنَا خصَاصَة فَقَامَتْ إِلَى تنورها فأوقدته وَقد تحرّك الرَّحَى فَأقبل زوحها وَسمع الرَّحَى فَقَالَ مَا تطحنين فَأَخْبَرته فَدخل وَإِن رحاها لتدور وتصب دَقِيقًا فَلم يبْقى فِي الْبَيْت وعَاء إِلَّا ملىء ثمَّ خرجت ألى تنورها فَوَجَدته مملوءا خبْزًا فَأقبل زَوجهَا فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَمَا فعلت الرَّحَى قَالَ رفعتها ونفضتها قَالَ (لَو تَرَكْتُمُوهَا مَا زَالَت كَمَا هِيَ لكم حَيَاتكُم) إِسْنَاده صَحِيح
وَأخرج أَحْمد الدَّارمِيّ وَابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن أبي عبيد أَنه طبخ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدرا فَقَالَ لَهُ ناولني ذِرَاعا فَنَاوَلَهُ الذِّرَاع ثمَّ قَالَ ناولني الذِّرَاع فَنَاوَلَهُ ذِرَاعا ثمَّ قَالَ ناولني ذِرَاعا فَقلت يَا نَبِي الله وَكم للشاة من ذِرَاع فَقَالَ (وَالَّذِي نغسي بِيَدِهِ لَو سكت لأعطيت أذرعا مَا دَعَوْت بِهِ)(2/91)
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طرق أَرْبَعَة عَن أبي رَافع قَالَ ذبحت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاة فَقَالَ يَا أَبَا رَافع ناولني الذِّرَاع فناولته ثمَّ قَالَ ناولني الذِّرَاع فناولته ثمَّ قَالَ ناولني الذِّرَاع فَقلت يَا رَسُول الله وَهل للشاة إِلَّا ذراعان فَقَالَ (لَو سكت لناولتني مَا دَعَوْت بِهِ)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة أَن شَاة طبخت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ناولني الذِّرَاع فناولته ثمَّ قَالَ ناولني الذِّرَاع فناولته ثمَّ قَالَ ناولني الذِّرَاع فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّمَا للشاة ذراعان فَقَالَ أما أَنَّك لَو التمستها لوجدتها)
وَأخرج من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذبح ذَات يَوْم شَاة فَقَالَ يَا غُلَام ائْتِنِي بالكتف فَأَتَاهُ بهَا ثمَّ قَالَ لَهُ أَيْضا فَأَتَاهُ بهَا ثمَّ قَالَ أَيْضا فَأَتَاهُ بهَا ثمَّ قَالَ أَيْضا فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّمَا ذبحت شَاة وَقد أَتَيْتُك بِثَلَاثَة أكتاف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو سكت لجئت بهَا مَا دَعَوْت بهَا)
وَأخرج من وَجه ثَالِث عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا بِذِرَاع شَاة فَأكلهَا ثمَّ دَعَا بِذِرَاع أُخْرَى فَأكلهَا ثمَّ بِذِرَاع أُخْرَى فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّمَا للشاة ذراعان قَالَ (وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَو سكتم لوجدتموها)
قَالَ أَبُو نعيم وَجه الدّلَالَة من هَذِه الْأَخْبَار إِعْلَامه فضيلته بِأَن الله يُعْطِيهِ إِذا سَأَلَ مَا لم تجر الْعَادة بِهِ تَفْصِيلًا لَهُ وتخصيصا
بَاب الطَّعَام الَّذِي أَتَاهُ من السَّمَاء وَمن الْجنَّة
أخرج أَحْمد والدارمي وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَلمَة بن نفَيْل السكونِي قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قَالَ قَائِل يَا رَسُول الله هَل أتيت بِطَعَام من السَّمَاء وَفِي لفظ من الْجنَّة قَالَ نعم قَالَ وبماذا قَالَ فِي مسخنة قَالَ فَهَل كَانَ فِيهَا فضل عَنْك قَالَ نعم قَالَ فعل بِهِ قَالَ رفع إِلَى السَّمَاء وَهُوَ يوحي إِلَيّ إِنِّي مكفوت غير لابث فِيكُم ولستم بلابثين(2/92)
بعدِي إِلَّا قَلِيلا حَتَّى تَقولُوا شَيْئا وتأتوني أفنادا يتبع بَعْضكُم بَعْضًا وَبَين يَدي السَّاعَة موتان شَدِيد وَبعده سنوات الزلازل
قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصر الْمُسْتَدْرك الْخَبَر من غرائب الصِّحَاح
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْحَارِث بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي رجل يكنى أَبَا سعيد قَالَ قدمت الْمَدِينَة فَسمِعت رجلا يَقُول لصَاحبه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قرى اللَّيْلَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله بَلغنِي أَنَّك قريت اللَّيْلَة قَالَ أجل قلت وَمَا ذَاك قَالَ طَعَام فِيهِ مسخنة قلت فَمَا فعل فَضله قَالَ رفع
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق حَفْص بن عمر الدِّمَشْقِي عَن عقيل بن خَالِد عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله عَتبه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ آتى جِبْرِيل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وأرسلني اليك بِهَذَا القطف لتأكله فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ حَفْص بن عمر الدِّمَشْقِي عرف بِصَاحِب حَدِيث القطف قَالَ البُخَارِيّ لَا يُتَابع عَلَيْهِ مَاتَ سنة سبعين وَمِائَة
وَأخرج أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي كتاب الْأَطْعِمَة بِسَنَد فِيهِ كَذَّاب عَن حوطة بن مرّة قَالَ قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل أتيت من طَعَام الْجنَّة بِشَيْء قَالَ نعم أَتَانِي جِبْرِيل بخبيصة من خبيص الْجنَّة فَأَكَلتهَا قَالَ ابْن حجر فِي الاصابة هَذَا حَدِيث مَوْضُوع(2/93)
ذكر معجزاته فِي ضروب الْحَيَوَانَات
بَاب قصَّة الْجمل والناقة
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن ناضحا لبَعض بني سَلمَة اغتلم فصَال عَلَيْهِم وَامْتنع حَتَّى عطشت نَخْلَة فَشَكا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بلغ بَاب النّخل فَقيل يَا رَسُول الله لَا تدخل فَإنَّا نَخَاف عَلَيْك مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادخُلُوا فَلَا بَأْس عَلَيْكُم فَلَمَّا رَآهُ الْجمل أقبل يمشي وَاضِعا رَأسه حَتَّى قَامَ بَين يَدَيْهِ فَسجدَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ائْتُوا جملكم فاخطموه
واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ بَيْنَمَا نَحن قعُود بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ إِن نَاضِح آل فلَان قد أبق عَلَيْهِم فَنَهَضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونهضنا مَعَه فَقُلْنَا يَا رَسُول الله لَا تقربه فَإنَّا نخافه عَلَيْك فَدَنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْبَعِير فَلَمَّا رَآهُ الْبَعِير سجد ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع يَده على رَأس الْبَعِير فَقَالَ هاتوا السفار فجيء بالسفار فَوَضعه فِي رَأسه وَقَالَ ادعوا لي صَاحب الْبَعِير فدعي لَهُ فَقَالَ احسن علفه وَلَا تشق عَلَيْهِ فِي الْعَمَل
واخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وأبونعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ قوم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِن بَعِيرًا لنا قطن فِي حَائِط فجَاء إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ(2/94)
(تَعَالَى فجَاء مطأطئا رَأسه فخطمه وَأَعْطَاهُ صَاحبه فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله كَأَنَّهُ علم أَنَّك نَبِي) فَقَالَ (مَا بَين لابتيها أحد إِلَّا يعلم أَنِّي نَبِي إِلَّا كفرة الْجِنّ والانس)
واخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ سَمِعت شَيخا من قيس يحدث عَن أَبِيه قَالَ جَاءَنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدنَا بكرَة صعبة لَا نقدر عَلَيْهَا فَدَنَا مِنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح ضرْعهَا فحفل فاحتلب وَشرب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَائِطا لرجل من الْأَنْصَار فَإِذا فِيهِ جمل فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حن إِلَيْهِ وذرفت عَيناهُ فَقَالَ من رب هَذَا الْجمل فجَاء فَتى من الْأَنْصَار فَقَالَ هُوَ لي فَقَالَ أَلا تتقي الله فِي هَذِه الْبَهِيمَة الَّتِي ملكك الله إِيَّاهَا فانه شكا إِلَيّ أَنَّك تجيعه وتدئبه
واخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة والدارمي وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ دفعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حَائِط بني النجار فَإِذا فِيهِ جمل لَا يدْخل الْحَائِط أحد إِلَّا شدّ عَلَيْهِ فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُ فجَاء وَاضِعا مشفرة فِي الأَرْض حَتَّى برك بَين يَدَيْهِ فَقَالَ هاتوا خطاما فخطمه وَدفعه إِلَى صَاحبه ثمَّ الْتفت فَقَالَ (مَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض إِلَّا يعلم إِنِّي رَسُول الله إِلَّا عاصي الْجِنّ وَالْإِنْس
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجده إِذْ أقبل جمل نَاد حَتَّى وضع رَأسه فِي حجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجرجر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا الْجمل يزْعم أَنه لرجل وَأَنه يُرِيد أَن ينحره فِي طَعَام عَن أَبِيه الْآن فجَاء يستغيث ثمَّ أَتَى صَاحبه فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ أَنه أَرَادَ ذَلِك فَطلب إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا ينحره فَفعل(2/95)
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي نفر فجَاء بعير فَسجدَ لَهُ وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل حَائِطا فجَاء بعير فَسجدَ لَهُ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك قَالَ اشْترى إِنْسَان من بني سَلمَة جملا ينضح عَلَيْهِ فَأدْخلهُ فِي مربد فَجرد كَمَا يحمل عَلَيْهِ فَلم يقدر أحد أَن يدْخل عَلَيْهِ إِلَّا تخبطه فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ قَالَ افتحوا عَنهُ فَقَالُوا إِنَّا نخشى عَلَيْك مِنْهُ قَالَ افتحة اعنه ففتحوا فَلَمَّا رَآهُ الْجمل خر سَاجِدا فسبح الْقَوْم فَقَالُوا يَا رَسُول الله كُنَّا نَحن أَحَق بِالسُّجُود من هَذِه الْبَهِيمَة قَالَ (لَو يَنْبَغِي لشَيْء من الْخلق أَن يسْجد لشَيْء دون الله لانبغى للْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا)
أخرج الطَّبَرَانِيّ ابو نعيم عَن يعلى بن مرّة قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فجَاء بعير يرغو حَتَّى سجد لَهُ فَقَالَ الْمُسلمُونَ نَحن أَحَق أَن نسجد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (لَو كنت آمُر أحدا أَن يسْجد لغير الله لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا تَدْرُونَ مَا يَقُول هَذَا يزْعم أَنه خدم موَالِيه أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى إِذا كبر نَقَصُوا من علفه وَزَادُوا فِي عمله حَتَّى إِذا كَانَ لَهُم عرس أخذُوا الشفار لينحروه فَأرْسل إِلَى مة \ واليه فَقص عَلَيْهِم فَقَالُوا صدق وَالله يَا رَسُول الله قَالَ إِنِّي أحب أَن تَدعُوهُ لي)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن بُرَيْدَة أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن لنا جملا صئولا فِي الدَّار وَلَيْسَ أحد منا يَسْتَطِيع أَن يقربهُ أَو يُدِير أَنفه فَقَامَ مَعَه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقمنا مَعَه فَأتى ذَلِك الْبَاب ففتحه فَلَمَّا رَآهُ الْجمل جَاءَ إِلَيْهِ فَسجدَ لَهُ وَوضع جرانه فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَأْسِهِ فمسحه ثمَّ دَعَا بالخطام فخطمه ثمَّ دَفعه إِلَى صَاحبه فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر وَعمر قد عرفك يَا رَسُول الله أَنَّك نَبِي الله قَالَ (إِنَّه لَيْسَ من شَيْء أَلا يعرف أَنِّي رَسُول الله غير كفرة الْجِنّ وَالْإِنْس)
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق أبي ظلال عَن أنس أَن رجلا من الْأَنْصَار كَانَ لَهُ بعير فشرد عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن لي بَعِيرًا قد شرد عَليّ وَهُوَ فِي أقْصَى(2/96)
أرضي وَأَنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن أدنو مِنْهُ خشيَة أَن يتناولني فَانْطَلق إِلَيْهِ فَلَمَّا نظر الْبَعِير إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل يحمحم وَألقى بجرانه حَتَّى برك عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل عَيناهُ تسيلان فَقَالَ يَا فلَان أرى بعيرك يشكوك فَأحْسن إِلَيْهِ فجَاء بِحَبل فَأَلْقَاهُ فِي رَأسه
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو نعيم من طَرِيق حَفْص ابْن أخي أنس عَن أنس نَحوه وَفِيه فجَاء الْجمل حَتَّى خر سَاجِدا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ أَصْحَابه هَذِه بَهِيمَة لَا تعقل فَنحْن أَحَق أَن نسجد لَهُ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل حَائِطا من حَوَائِط الْأَنْصَار فَإِذا فِيهِ جملان يصرخان ويرعدان فاقترب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُمَا فوضعا جرانهما بِالْأَرْضِ فَقَالَ من مَعَه سجدا لَهُ
وَأخرج مُسلم عَن جَابر قَالَ غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتلاحق بِي وتحتي نَاضِح لي قد أعيي وَلَا يكَاد يسير فَقَالَ لي مَا لبعيرك قلت عليل فزجره ودعا لَهُ فَمَا زَالَ بَين يَدي الْإِبِل قدامها يسير فَقَالَ لي كَيفَ ترى بعيرك قلت بِخَير قد أَصَابَته بركتك
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رجلا فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله رَسُول قد أعييتني نامي أَن تنبعث فَأَتَاهَا فضربها بِرجلِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد رَأَيْتهَا تسبق الْقَائِد
وَأخرج ابْن حبَان فِي كتاب الصَّحَابَة وَالْحسن بن سُفْيَان وَابْن أبي عَاصِم وَالْبَغوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن الحكم بن أَيُّوب وَيُقَال ابْن الْحَارِث السّلمِيّ قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ خلأت نَاقَتي فزجرها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتقدمت الركاب
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ شكا إعرابي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سرق ناقه(2/97)
فَقَالَت النَّاقة من خلف الْبَاب وَالَّذِي بَعثك بالكرامة أَن هَذَا مَا سرقني وَلَا ملكني أحد سواهُ
قَالَ الْحَاكِم رُوَاته ثِقَات وَفِيه يحيى بن عبد الله الْمصْرِيّ عَن عبد الرَّزَّاق لَا أعرفهُ وَلَا جرح قَالَ الذَّهَبِيّ هُوَ الَّذِي اختلقه قلت للْحَدِيث طَرِيق آخر
أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد فِيهِ مَجْهُولُونَ عَن زيد بن ثَابت قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَذَا الإعرابي سرق هَذَا الْبَعِير فرغا الْبَعِير سَاعَة وأنصت لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ للرجل انْصَرف عَنهُ فَأن الْبَعِير شهد عَلَيْك أَنَّك كَاذِب
وَأخرج ابْن شاهين وَابْن مندة عَن الْمطلب بن عبد الله قَالَ قلت لبني الْحَارِث ابْن سَوَاء أبوكم الَّذِي جحد بيعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَا تقل ذَاك فَلَقَد أعطَاهُ بكرَة وَقَالَ إِن الله سيبارك لَك فِيهَا فَمَا أَصْبَحْنَا نسوق سارحا وَلَا بارحا إِلَّا مِنْهَا
بَاب قصَّة الشَّاة وَالْغنم
أخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن السكن عَن نَافِع بن الْحَارِث بن كلدة أَنه كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زهاء أَرْبَعمِائَة رجل فَنزل بِنَا على غير مَاء فَاشْتَدَّ على النَّاس إِذْ أَقبلت عنز تمشي حَتَّى أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محددة القرنين فحلبها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأروى الْجند وَرُوِيَ ثمَّ قَالَ يَا نَافِع املكها وَمَا أَرَاك تَملكهَا فَأخذت عودا فوكزته فِي الأَرْض وَأخذت رِبَاطًا فَربطت الشَّاة فاستوثقت مِنْهَا ونام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونام النَّاس ونمت فَاسْتَيْقَظت وَإِذا الْحَبل محلول وَإِذا لَا شَاة فَأخْبرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَو مَا أَخْبَرتك أَنَّك لَا تَملكهَا إِن الَّذِي جَاءَ بهَا هُوَ الَّذِي ذهب بهَا(2/98)
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق الْحسن عَن سعد مولى أبي بكر قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فنزلنا منزلا فَقَالَ لي يَا سعد احلب تِلْكَ العنز وعهدي بذلك الْموضع لَا عنز فِيهِ فَأتيت فَإِذا بعنز حافل فاحتلبتها لَا أَدْرِي كم من مرّة واحتفظت بالعنز وأوصيت بهَا فاشتغلنا عَنْهَا بالرحلة ففقدت العنز فَقلت يَا رَسُول الله فقدت العنز قَالَ ذهب بهَا رَبهَا
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْنة خباب بن الْأَرَت أَنَّهَا أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَاة فاعتقلها وحلبها وَقَالَ ائْتِنِي بأعظم إِنَاء لكم فَأَتَيْته بِجَفْنَة الْعَجِين فَحلبَ فِيهَا حَتَّى ملأها ثمَّ قَالَ اشربوا أَنْتُم وجيرانكم فَكُنَّا نَخْتَلِف بهَا إِلَيْهِ فأخصبنا حَتَّى قدم أبي فَأَخذهَا فاعتقلها فَعَادَت إِلَى لَبنهَا فَقَالَت أُمِّي أفسدت علينا شاتنا قَالَ وَمَا ذَاك قَالَت إِن كَانَ لتحلب ملْء هَذِه الْجَفْنَة قَالَ وَمن كَانَ يحلبها قَالَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَقد عدلتني بِهِ وَهُوَ وَالله أعظم بركَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد الطَّبَرَانِيّ وَابْن سعد عَن ابْنة خباب قَالَت خرج أبي فِي غزَاة فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتعاهدنا فيحلب عَنْزًا لنا فَكَانَ يحلبها فِي جَفْنَة لنا فتمتلىء فَلَمَّا قدم خباب فَعَاد حلابها كَمَا كَانَ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي قرصافة قَالَ كَانَ بدؤ إسلامي أَنِّي كنت يَتِيما بَين أُمِّي وخالتي وَكنت أرعى شوبهات لي فَكَانَت خَالَتِي كثيرا مَا تَقول لي يَا بني لَا تمر إِلَيّ هَذَا الرجل تَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيغويك ويضلك فَكنت أخرج إِلَى المرعى فأترك شويهاتي وَآتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا أَزَال عِنْده أسمع مِنْهُ ثمَّ أروح بغنمي ضمرا يابسات الضروع فَقَالَت لي خَالَتِي مَا لغنمك يابسات الضروع قلت مَا أَدْرِي ثمَّ فعلت فِي الْيَوْم الثَّانِي كَذَلِك ثمَّ عدت إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث فَأسْلمت وشكوت إِلَيْهِ أَمر خَالَتِي وغنمي فَقَالَ جئني بالشياه فَجِئْته بِهن فَمسح ضروعهن وظهورهن ودعا فِيهِنَّ بِالْبركَةِ فامتلأن شحما ولبنا فَلَمَّا دخلت على خَالَتِي بِهن قَالَت يَا بني هَكَذَا فارع فَأَخْبَرتهَا الْخَبَر فَأسْلمت هِيَ وَأمي(2/99)
وَأخرج مُسلم عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ جِئْت أَنا وصاحبان لي قد كَادَت تذْهب أسماعنا وأبصارنا من الْجهد فآوانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رَحْله ولآل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أعنز يحتلبونها فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوزع اللَّبن بَيْننَا وَكُنَّا نرفع إِلَيْهِ نصِيبه فَيَجِيء يسلم تَسْلِيمًا يسمع الْيَقظَان وَلَا يوقظ النَّائِم فَقَالَ لي الشَّيْطَان وَلَو شربت هَذِه الجرعة فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي بالأنصار فيتحفونه فَمَا زَالَ حَتَّى شربتها فَلَمَّا شربتها ندمني وَقَالَ لي مَا صنعت يَجِيء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجد شرابه فيدعو عَلَيْك فتهلك وَجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا كَانَ يَجِيء فصلى مَا شَاءَ الله أَن يُصَلِّي ثمَّ نظر إِلَى شرابه فَلم ير شَيْئا فَرفع يَدَيْهِ فَقلت الْآن يَدْعُو عَليّ فَأهْلك فَقَالَ اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي واسق من سقاني فَأخذت الشَّفْرَة فَانْطَلَقت إِلَى الأعنز اجسهن أيتهن أسمن كي أذبحه لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا حفل كُلهنَّ فَأخذت إِنَاء لآل مُحَمَّد مَا كَانُوا يطْعمُون أَن يحتلبوا فِيهِ فحلبت حَتَّى علته الرغوة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أبياته التِّسْعَة يطْلب طَعَاما وَعِنْده نَاس من أَصْحَابه فَلم يُوجد فَنظر إِلَى عنَاق فِي الدَّار مَا نتجت شَيْئا قطّ فَمسح مَكَان الضَّرع قَالَ فَدفعت بضرع مدلى بَين رِجْلَيْهَا فَدَعَا بِقَعْبٍ فَحلبَ فَبعث بِهِ إِلَى أبياته قَعْبًا قَعْبًا ثمَّ حلب فَشَرِبُوا
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف أَنا مُحَمَّد بن رَاشد حَدثنِي الْوَضِين بن عَطاء أَن جزارا فتح بَابا على شَاة ليذبحها فانفلتت مِنْهُ حَتَّى جَاءَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واتبعها فَأَخذهَا يسحبها برجلها فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اصْبِرِي لأمر الله وَأَنت يَا جزار فسقها إِلَى الْمَوْت سوقا رَفِيقًا)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَائِطا للْأَنْصَار وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر فِي رجال من الْأَنْصَار فِي الْحَائِط غنم فسجدن لَهُ فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله كُنَّا نَحن أَحَق بِالسُّجُود لَك من هَذِه الْغنم قَالَ (إِنَّه لَا يَنْبَغِي فِي أمتِي أَن يسْجد أحد لأحد وَلَو كَانَ يَنْبَغِي أَن يسْجد أحد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا)(2/100)
بَاب قصَّة الظبية
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو نعيم عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّحرَاء فَإِذا مُنَاد يُنَادِيه يَا رَسُول الله فَالْتَفت فَلم ير أحدا ثمَّ الْتفت فَإِذا ظَبْيَة موثقة فَقَالَت أدن مني يَا رَسُول الله فَدَنَا مِنْهَا فَقَالَ مَا حَاجَتك فَقَالَت إِن لي خشفين فِي هَذَا الْجَبَل فحلني حَتَّى أذهب فأرضعهما ثمَّ ارْجع اليك قَالَ وتفعلين قَالَت عذبني الله عَذَاب العشار إِن لم أفعل فاطلقها فَذَهَبت فأرضعت خشفيها ثمَّ رجعت فأوثقها فانتبه الْأَعرَابِي فَقَالَ أَلَك حَاجَة يَا رَسُول الله قَالَ نعم نطلق هَذِه فأطلقها فَخرجت تعدو وَهِي تَقول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله فِي إِسْنَاده أغلب بن تَمِيم ضَعِيف لَكِن للْحَدِيث طرق كَثِيرَة تشهد بِأَن للقصة أصلا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم من طَرِيق صَالح المري وَهُوَ ضَعِيف عَن ثَابت عَن أنس بن مَالك قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم قد أَصَابُوا ظَبْيَة فشدوها إِلَى عَمُود فسطاط فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي وضعت ولي خشفان فَاسْتَأْذن لي أَن أرضعهما حَتَّى أَعُود فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلوا عَنْهَا حَتَّى تَأتي خشفيها فترضعهما وَتَأْتِي اليكم قَالُوا وَمن لنا بذالك يَا رَسُول الله قَالَ أَنا فأطلقوها فَذَهَبت فأرضعت ثمَّ رجعت إِلَيْهِم فأوثقوها قَالَ تبيعونها قَالُوا يَا رَسُول الله هِيَ لَك فَخلوا عَنْهَا فأطلقوها فَذَهَبت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بظبية مربوطة إِلَى خبأ فَقَالَت يَا رَسُول الله حلني حَتَّى أذهب فأرضع خشفي ثمَّ أرجع فتربطني فَقَالَ رَسُول الله صيد قوم وربيطة قوم فَأخذ عَلَيْهَا فَحَلَفت فَمَا مكثت إِلَّا قَلِيلا حَتَّى جَاءَت وَقد نفضت مَا فِي ضرْعهَا فربطها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء أَصْحَابهَا فاستوهبها مِنْهُم فوهبوها لَهُ فَحلهَا(2/101)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن زيد بن أَرقم قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض سِكَك الْمَدِينَة فمررنا بخبأ أَعْرَابِي فَإِذا ظَبْيَة مشدودة إِلَى الخباء فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن هَذَا الْأَعرَابِي اصطادني ولي خشفان فِي الْبَريَّة وَقد تعقد اللَّبن فِي أخلافي فَلَا هُوَ يذبحني فاستريح وَلَا يدعني فَارْجِع إِلَى خشفي فِي الْبَريَّة فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن تركتك ترجعين قَالَت نعم إِلَّا عذبني الله تَعَالَى عَذَاب العشار فأطلقها فَلم تلبث أَن جَاءَت تلمظ فشدها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الخباء وَأَقْبل الْأَعرَابِي وَمَعَهُ قربَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتبيعنيها قَالَ هِيَ لَك يَا رَسُول الله فأطلقها قَالَ زيد بن أَرقم فَأَنا وَالله رَأَيْتهَا تسيح فِي الْبَريَّة وَتقول لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
بَاب قصَّة الذِّئْب
أخرج أَحْمد وَابْن سعد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وصححاه وَأَبُو نعيم من طرق عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بَيْنَمَا رَاع يرْعَى بِالْحرَّةِ إِذْ عرض ذِئْب لشاة من شياهه فحال الرَّاعِي بَين الذِّئْب وَبَين الشَّاة فأقعى الذِّئْب على ذَنبه ثمَّ قَالَ لِلرَّاعِي أَلا تتقي الله تَعَالَى تحول بيني وَبَين رزق سَاقه الله تَعَالَى إِلَيّ فَقَالَ الرَّاعِي الْعجب من الذِّئْب يتَكَلَّم بِكَلَام الْإِنْس فَقَالَ الذِّئْب أَلا أحَدثك بِأَعْجَب من ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الحرتين يحدث النَّاس بأنباء مَا قد سبق فساق الرَّاعِي غنمه حَتَّى قدم الْمَدِينَة فَدخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحدث بِحَدِيث الذِّئْب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صدق صدق أَلا أَنه من أَشْرَاط السَّاعَة كَلَام السبَاع للإنس وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الْإِنْس ويكلم الرجل شِرَاك نَعله وعذبة سَوْطه ويخبره فَخذه بِمَا احدث أَهله من بعده)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن اهبان بن أَوْس أَنه كَانَ فِي غنم لَهُ فَشد الذِّئْب على شَاة مِنْهَا فصاح عَلَيْهِ فأقعى على ذَنبه قَالَ فخاطبني(2/102)
فَقَالَ من لَهَا يَوْم تشغل عَنْهَا اتنزع مني رزقا رزقنيه الله قلت وَالله مَا رَأَيْت شَيْئا أعجب من هَذَا قَالَ وتعجب وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين هَذِه النخلات يحدث النَّاس بأنباء مَا قد سبق وأنباء مَا يكون وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الله وَإِلَى عِبَادَته فَأتى اهبان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ وَأسلم
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ بَيْنَمَا رَاع فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غنم لَهُ إِذْ جَاءَ الذِّئْب فَأخذ الشَّاة ووثب الرَّاعِي حَتَّى انتزعها من فِيهِ فَقَالَ لَهُ الذِّئْب أما تتقي الله تَعَالَى أَن تمنعني طعمة أطعمنيها الله تَعَالَى تنزعها مني قَالَ الرَّاعِي الْعجب من ذِئْب يتَكَلَّم فَقَالَ الذِّئْب أَلا أدلك على مَا هُوَ أعجب من كَلَامي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّخل يخبر النَّاس بِحَدِيث الْأَوَّلين والآخرين فَانْطَلق الرَّاعِي حَتَّى جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ وَأسلم
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فشددت على غنمي فجَاء الذِّئْب فَأخذ مِنْهَا شَاة فاشتدت الرعاء خَلفه فَقَالَ الذِّئْب طعمة أطعمنيها الله تَعَالَى تنزعونها مني فبهت الْقَوْم فَقَالَ الذِّئْب مَا تعْجبُونَ من كَلَام الذِّئْب وَقد نزل الْوَحْي على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ ذِئْب إِلَى راعي غنم فَأخذ مِنْهَا شَاة فَطَلَبه الرَّاعِي حَتَّى انتزعها مِنْهُ قَالَ فَصَعدَ الذِّئْب على تل فأقعى وَقَالَ عَمَدت إِلَى رزق رزقنيه الله تَعَالَى فانتزعته مني فَقَالَ الرَّاعِي تالله إِن رَأَيْت كَالْيَوْمِ ذئبا يتَكَلَّم قَالَ الذِّئْب أعجب من هَذَا رجل فِي النخلات بَين الحرتين يُخْبِركُمْ بِمَا مضى وَبِمَا هُوَ كَائِن بعدكم وَكَانَ الرجل يَهُودِيّا فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبرهُ فَصدقهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن خَالِد الدِّمَشْقِي قَالَ رَافع بن عميرَة الطَّائِي فِيمَا يَزْعمُونَ كلمة الذِّئْب وَهُوَ فِي ضَأْن لَهُ يرعاها فَدَعَاهُ الذِّئْب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمره باللحوق بِهِ وَله شعر قَالَ ذَلِك(2/103)
(رعيت الضَّأْن أحميها زَمَانا ... من الضبع الْخَفي وكل ذيب)
(فَلَمَّا أَن سَمِعت الذِّئْب نَادَى ... يبشرني بِأَحْمَد من قريب)
(سعيت إِلَيْهِ قد شمرت ثوبي ... عَن السَّاقَيْن قاصدة الركيب)
(فالفيت النَّبِي يَقُول قولا ... صَدُوقًا لَيْسَ بالْقَوْل الكذوب)
(فبشرني لدين الْحق حَتَّى ... تبينت الشَّرِيعَة للمنيب)
(وابصرت الضياء يضيء حَولي ... أَمَامِي إِن سعيت وَعَن جنوبي)
(أَلا أبلغ بني عَمْرو بن عَوْف ... وأخوتهم جديلة أَن أجيبي)
(دَعَا الْمُصْطَفى لَا شكّ فِيهِ ... فَإنَّك إِن أجبْت فَلَنْ تخيبي)
وَأخرج الْبَزَّار وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ ذِئْب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأقعى بَين يَدَيْهِ ثمَّ جعل يبصبص بِذَنبِهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَذَا وَافد الذئاب جَاءَ يسألكم أَن تجْعَلُوا لَهُ من أَمْوَالكُم شَيْئا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة بن أبي أسيد قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة رجل فَإِذا الذِّئْب مفترش ذِرَاعَيْهِ على الطَّرِيق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا يستفرض فافرضوا لَهُ قَالُوا ترى رَأْيك يَا رَسُول الله قَالَ من كل سَائِمَة شَاة فِي كل عَام قَالُوا كثير فَأَشَارَ إِلَى الذِّئْب أَن خالسهم فَانْطَلق الذِّئْب
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس بِالْمَدِينَةِ فِي أَصْحَابه إِذْ أقبل ذِئْب فَوقف بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعوى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا وَافد السبَاع إِلَيْكُم فَإِن أَحْبَبْتُم أَن تفرضوا لَهُ شَيْئا لَا يعدوه إِلَى غَيره وَأَن أَحْبَبْتُم تَرَكْتُمُوهُ وتحذرتم مِنْهُ فَمَا أَخذ فَهُوَ رزقه قَالُوا يَا رَسُول الله مَا تطيب أَنْفُسنَا لَهُ بِشَيْء فَأومى إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأصابعه الثَّلَاث أَي خالسهم فولى وَله عسلان(2/104)
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن منيع فِي مُسْنده وَأَبُو نعيم من طَرِيق شمر بن عَطِيَّة عَن رجل من مزينة أَو جُهَيْنَة قَالَ صلى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر فَإِذا هُوَ بقريب من مائَة ذِئْب قد أقعين وُفُود الذئاب فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترضخون لَهُم شَيْئا من طَعَامكُمْ وتأمنون على مَا سوى ذَلِك فشكو الْحَاجة قَالَ فآذنوهن فآذنوهن فخرجن ولهن عوى
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ أشرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْحرَّة فَإِذا الذِّئْب وَاقِف بَين يَدَيْهِ فَقَالَ هَذَا أويس يسْأَل من كل سَائِمَة شَاة فَأَبَوا فَأومى إِلَيْهِ بأصابعه فولى
بَاب قصَّة الْحمرَة
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فمررنا بشجرة فِيهَا فرخا حمرَة فأخذناهما فمرت الْحمرَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي تعرض فَقَالَ من فجع هَذِه بفرخيها قُلْنَا نَحن قَالَ ردوهما موضعهما فرددناهما
بَاب قصَّة الْوَحْش
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ لآل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحش فَإِذا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعب وَذهب وَجَاء فَإِذا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربض فَلم يترمرم مَا دَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبَيْت صَححهُ الهيتمي(2/105)
بَاب قصَّة الْفرس
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جعيل قَالَ غزوت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وانا على فرس لي عجفاء ضَعِيفَة فَكنت فِي أخريات النَّاس فلحقني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سر يَا صَاحب الْفرس قلت يَا رَسُول الله عجفاء ضَعِيفَة فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مخفقة مَعَه فضربها بهَا وَقَالَ اللَّهُمَّ بَارك لَهُ فِيهَا فَلَقَد رَأَيْتنِي مَا أملك رَأسهَا أَن تقدم النَّاس وَلَقَد بِعْت من بَطنهَا بِاثْنَيْ عشر ألفا
وَأخرج الشَّيْخَانِ من طَرِيق حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن النَّاس وأجود النَّاس وَأَشْجَع النَّاس وَلَقَد فزع أهل الْمَدِينَة لَيْلَة فَركب فرسا لأبي طَلْحَة عرى فَخرج النَّاس فَإِذا هم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد سبقهمْ إِلَى الصَّوْت قد اسْتَبْرَأَ الْخَبَر وَهُوَ يَقُول لن تراعوا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد وَجَدْنَاهُ بحرا أَو أَنه لبحر قَالَ حَمَّاد وحَدثني ثَابت أَو بَلغنِي عَنهُ قَالَ فَمَا سبق ذَلِك الْفرس بعد ذَلِك قَالَ وَكَانَ فرسا يبطىء
بَاب قصَّة الْحمار
أخرج ابْن سعد عَن إِسْحَاق ابْن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ زار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَعْدا فَقَالَ عِنْده فَلَمَّا أَن برد جاءها بِحِمَار لَهُم أَعْرَابِي قطوف فوطئوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقطيفة عَلَيْهِ فَرَكبهُ فَرده وَهُوَ هملاج فريغ لَا يسائره قَوْله فريغ بفاء وغين مُعْجمَة أَي وَاسع الْمَشْي
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عصمَة ابْن مَالك الخطمي قَالَ زارنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قبَاء فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرجع جئناه بِحِمَار قطوف فَركب ورده علينا وَهُوَ هملاج مَا يسائر(2/106)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي مَنْظُور قَالَ لما فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر أصَاب فِيهَا حمارا أسود فَوقف بَين يَدَيْهِ فَكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحمار فَكَلمهُ الْحمار فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا اسْمك قَالَ يزِيد بن شهَاب أخرج الله تَعَالَى من نسل جدي سِتِّينَ حمارا كلهم لَا يركبه إِلَّا نَبِي قد كنت أتوقعك أَن تركبني لم يبْقى من نسل جدي غَيْرِي وَلَا من الْأَنْبِيَاء غَيْرك قد كنت قبلك لرجل يَهُودِيّ وَكنت أتعثر بِهِ عمدا وَكَانَ يجيع بَطْني وَيضْرب ظَهْري فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَنت يَعْفُور فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْعَث بِهِ إِلَى بَاب الرجل فَيَأْتِي الْبَاب فيقرعه بِرَأْسِهِ فَإِذا خرج إِلَيْهِ صَاحب الدَّار أومىء إِلَيْهِ أَن أجب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ إِلَى بِئْر كَانَت لأبي الْهَيْثَم بن التيهَان فتردى بهَا جزعا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو نعيم عَن معَاذ بن جبل قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِخَيْبَر حمَار أسود فَقَالَ من أَنْت قَالَ أَنا عَمْرو بن فلَان كُنَّا ثَلَاثَة أخوة كلنا ركبنَا الْأَنْبِيَاء أَنا أَصْغَرهم وَكنت لَك فملكني رجل من الْيَهُود فَكنت إِذا ذكرتك كبأت بِهِ فيوجعني ضربا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْت يَعْفُور
بَاب كل دَابَّة ركبهَا لم تهرم ببركته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ ابْن سبع من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن كل دَابَّة ركبهَا بقيت على الْقدر الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ وَلم تهرم ببركته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب قصَّة الضَّب
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَابْن عدي وَالْحَاكِم فِي المعجزات وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الْخطاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي محفل من أَصْحَابه إِذْ جَاءَ إعرابي من بني سليم قد صَاد ضبا فَقَالَ وَاللات والعزى لَا آمَنت بك حَتَّى يُؤمن بك هَذَا الضَّب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَنا يَا ضَب فَقَالَ الضَّب بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين يفهمهُ الْقَوْم جَمِيعًا لبيْك وَسَعْديك يَا رَسُول رب الْعَالمين قَالَ من تعبد فَقَالَ الَّذِي فِي السَّمَاء عَرْشه وَفِي الأَرْض سُلْطَانه وَفِي(2/107)
الْبَحْر سَبيله وَفِي الْجنَّة رَحمته وَفِي النَّار عَذَابه قَالَ فَمن أَنا قَالَ أَنْت رَسُول رب الْعَالمين وَخَاتم النَّبِيين قد أَفْلح من صدقك وَقد خَابَ من كَذبك فَأسلم الْأَعرَابِي لَيْسَ فِي إِسْنَاده من ينظر فِي حَاله سوى مُحَمَّد بن عَليّ بن الْوَلِيد الْبَصْرِيّ السّلمِيّ شيخ الطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي
قَالَ الْبَيْهَقِيّ الْحمل فِي هَذَا الحَدِيث عَلَيْهِ قَالَ وَقد رُوِيَ من طرق أُخْرَى عَن عَائِشَة أبي هُرَيْرَة وَقد زعم ابْن دحْيَة أَن هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع وَكَذَا الذَّهَبِيّ قلت لحَدِيث عمر طَرِيق أخر لَيْسَ فِيهِ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْوَلِيد أخرجه أَبُو نعيم وَقد ورد أَيْضا مثله من حَدِيث عَليّ أخرجه ابْن عَسَاكِر
بَاب قصَّة الْأسد
أخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَابْن مندة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سفينة مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ركبت سفينة فِي الْبَحْر فَانْكَسَرت فركبت لوحا مِنْهَا فَأَخْرجنِي إِلَى أجمة فِيهَا أَسد إِذْ أقبل الْأسد فَلَمَّا رَأَيْته قلت يَا أَبَا الْحَارِث أَنا سفينة مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل يبصبص بِذَنبِهِ حَتَّى قَامَ إِلَى جَنْبي ثمَّ مَشى معي حَتَّى أقامني على الطَّرِيق ثمَّ هَمهمْ سَاعَة فَرَأَيْت أَنه يودعني
وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن سفينة قَالَ لَقِيَنِي الْأسد فَقلت أَنا سفينة مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَضرب بِذَنبِهِ الأَرْض وَقعد
بَاب قصَّة الطَّائِر
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ الْحَاجة أبعد فَذهب يَوْمًا فتبعته فَقعدَ تَحت شَجَرَة فَنزع خفيه وَلبس أَحدهمَا فجَاء طير فَأخذ الْخُف الآخر فحلق بِهِ فِي السَّمَاء فانسل مِنْهُ أسود سالخ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه كَرَامَة أكرمني الله بهَا(2/108)
وَأخرج ابْن نعيم عَن أبي أُمَامَة قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخفيه فَلبس أَحدهمَا ثمَّ جَاءَ غراب فَاحْتمل الآخر فَرمى بِهِ فَخرجت مِنْهُ حَيَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يلبس خفيه حَتَّى ينفضهما
وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ فَنزع خفيه فَسقط مِنْهُ أسود سالخ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَذِه كَرَامَة أكرمني الله بهَا اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بك من شَرّ من يمشي على أَربع)
بَاب قصَّة العفريت
أخرج الشَّيْخَانِ من طَرِيق مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن عفريتا من الْجِنّ تفلت عَليّ البارحة ليقطع عَليّ الصَّلَاة فأمكنني الله مِنْهُ فَأَخَذته وَأَرَدْت أَن أربطه إِلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد حَتَّى تصبحوا فتنظروا إِلَيْهِ فَذكرت دَعْوَة أخي سُلَيْمَان {رب اغْفِر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} فرددته خاسئا
وَأخرج من طَرِيق أبي سَلمَة عَن ابْن هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اعْترض لي الشَّيْطَان فِي مصلاي فَأخذت بحلقه حَتَّى وجدت برد لِسَانه على كفي وَلَوْلَا مَا كَانَ من دَعْوَة أخي سُلَيْمَان لأصبح موثقًا تنْظرُون إِلَيْهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر عَليّ الشَّيْطَان فتناولته فَأَخَذته فخنقته حَتَّى وجدت برد لِسَانه على يَدي فَقَالَ أوجعتني أوجعتني وَلَوْلَا مَا دَعَا سُلَيْمَان لأصبح مناطا إِلَى اسطوانة من أساطين الْمَسْجِد ينظر إِلَيْهِ ولدان أهل الْمَدِينَة
وَأخرج الْحَاكِم عَن عتبَة بن مَسْعُود قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صَلَاة الْغَدَاة فَأَهوى بِيَدِهِ قدامه فَسئلَ فَقَالَ جَاءَ الشَّيْطَان فانتهرته وَلَو أَخَذته لربطته(2/109)
إِلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد حَتَّى يطوف بِهِ ولدان أهل الْمَدِينَة
وَأخرج البيهقيي وَالْبَزَّار وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْفجْر فَجعل يهوي بِيَدِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَسَأَلَهُ الْقَوْم حِين انْصَرف فَقَالَ إِن الشَّيْطَان جَاءَنِي يلقِي عَليّ شرر النَّار ليفتنني فتناولته فَلَو أَخَذته مَا انفلت مني حَتَّى يناط بِسَارِيَة من سواري الْمَسْجِد ينظر إِلَيْهِ ولدان أهل الْمَدِينَة
وَأخرج مُسلم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعته يَقُول أعوذ بِاللَّه مِنْك ثمَّ ألعنك بلعنة الله ثَلَاثًا ثمَّ بسط يَده كَأَنَّهُ يتَنَاوَل شَيْئا فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة سألناه قَالَ إِن عَدو الله إِبْلِيس جَاءَ بشهاب من نَار ليجعله فِي وَجْهي فَأَرَدْت أَخذه فلولا دَعْوَة أخي سُلَيْمَان لأصبح موثقًا يلْعَب بِهِ ولدان أهل الْمَدِينَة
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق أبن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَيْنَمَا أَنا نَائِم اعْترض لي الشَّيْطَان فَأخذت بحلقه فخنقته حَتَّى أَنِّي لأجد برد لِسَانه على إبهامي فيرحم الله سُلَيْمَان لَوْلَا دَعوته لأصبح مربوطا تنْظرُون إِلَيْهِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دخلت الْبَيْت فَإِذا شَيْطَان خلف الْبَاب فخنقته حَتَّى وجدت برد لِسَانه على يَدي فلولا دَعْوَة العَبْد الصَّالح لأصبح مربوطا يرَاهُ النَّاس
بَاب آيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَامهم
تقدم فِي بَاب حجَّة الْوَدَاع إحْيَاء أمه وَفِي بَاب غَزْوَة خَيْبَر كَلَام الشَّاة المسمومة وَفِي بَاب غَزْوَة بدر إحْيَاء أَصْحَاب القليب وَكَلَام الجدي المسموم
وَأخرج ابْن عدي وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ عدنا شَابًّا من الْأَنْصَار وَعِنْده أم لَهُ عَجُوز عمياء فَمَا برحنا أَن مَاتَ فأغمضناه وَمَدَدْنَا على وَجه الثَّوْب وَقُلْنَا لأمه احتسبيه قَالَت وَقد مَاتَ قُلْنَا نعم فمدت يَديهَا إِلَى(2/110)
السَّمَاء وَقَالَت اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم إِنِّي هَاجَرت إِلَيْك وَإِلَى نبيك رَجَاء أَن تغيثني عِنْد كل شدَّة فَلَا تحمل عَليّ هَذِه الْمُصِيبَة الْيَوْم قَالَ أنس فو الله مَا برحنا حَتَّى كشف الثَّوْب عَن وَجهه وَطعم وطعمنا مَعَه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق آخر عَن أنس قَالَ أدْركْت فِي هَذِه الْأمة ثَلَاثًا لَو كَانَت فِي بني إِسْرَائِيل لم تقاسمها الْأُمَم قُلْنَا هن قَالَ كُنَّا فِي الصّفة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَتْهُ امْرَأَة مهاجرة وَمَعَهَا ابْن لَهَا قد بلغ فَلم يلبث أَن أَصَابَهُ وباء الْمَدِينَة فَمَرض أَيَّامًا ثمَّ قبض فغمضه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر بجهازه فَلَمَّا أردنَا أَن نغسله قَالَ يَا أنس ائْتِ أمه فاعلمها قَالَ فأعلمتها فَجَاءَت حَتَّى جَلَست عِنْد قَدَمَيْهِ فَأخذت بهما ثمَّ قَالَت اللَّهُمَّ إِنِّي أسلمت لَك طَوْعًا وخلعت الْأَوْثَان زهدا وَهَاجَرت إِلَيْك رَغْبَة اللَّهُمَّ لَا تشمت بِي عَبدة الْأَوْثَان وَلَا تحملنِي من هَذِه الْمُصِيبَة مَا لَا طَاقَة لي بحملها قَالَ فو الله مَا تقضى كَلَامهَا حَتَّى حرك قَدَمَيْهِ وَألقى الثَّوْب عَن وَجهه وعاش حَتَّى قبض الله رَسُوله وَحَتَّى هَلَكت أمه
قَالَ ثمَّ جهز عمر بن الْخطاب جَيْشًا فَاسْتعْمل عَلَيْهِ الْعَلَاء ابْن الْحَضْرَمِيّ وَكنت فِي غزاته فأتينا مغازينا فَوَجَدنَا الْقَوْم وَقد تدرروا بِنَا فعفوا آثَار المَاء قَالَ وَكَانَ حر شَدِيد فجهدنا الْعَطش ودوابنا فَلَمَّا مَالَتْ الشَّمْس صلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ مد يَده وَمَا نرى فِي السَّمَاء شَيْئا فوَاللَّه مَا حط يَده حَتَّى بعث الله ريحًا وَأَنْشَأَ سحابا فأفرغت حَتَّى مَلَأت الْغدر والشعاب فشربنا وسقينا وَاسْتَقَيْنَا ثمَّ أَتَيْنَا عدونا وَقد جاوزوا خليجا فِي الْبَحْر إِلَى جَزِيرَة فَوقف على الخليج وَقَالَ يَا عَليّ يَا عَظِيم يَا كريم ثمَّ قَالَ أجيزوا بِسم الله قَالَ فأجزنا مَا يبل المَاء حوافر دوابنا فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى مَاتَ فدفناه فَأتى رجل بعد فراغنا من دَفنه فَقَالَ من هَذَا قُلْنَا هَذَا خير الْبشر هَذَا ابْن الْحَضْرَمِيّ فَقَالَ إِن هَذِه الأَرْض تلفظ الْمَوْتَى فَلَو نقلتموه إِلَى ميل أَو ميلين إِلَى أَرض تقبل الْمَوْتَى فَقُلْنَا مَا جَزَاء صاحبنا أَن نعرضه للسباع تَأْكُله فَاجْتَمَعْنَا على نبشه فَلَمَّا وصلنا إِلَى اللَّحْد إِذْ صاحبنا لَيْسَ فِيهِ وَإِذا اللَّحْد مد الْبَصَر نورا يتلألأ فأعدنا التُّرَاب إِلَى الْقَبْر ثمَّ ارتحلنا(2/111)
وَأخرج أَبُو نعيم حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابْن حَمَّاد حَدثنَا أَبُو برة مُحَمَّد بن أبي هَاشم مولى بني هَاشم حَدثنَا أَبُو كَعْب البداح بن سهل الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه سهل بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن بن كَعْب عَن أَبِيه كَعْب بن مَالك قَالَ أَتَى جَابر بن عبد الله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى وَجهه متغيرا رَجَعَ إِلَى امْرَأَته وَقَالَ قد رَأَيْت وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متغيرا وَمَا أَحْسبهُ إِلَّا من الْجُوع فَهَل عنْدك من شَيْء قَالَت وَالله مَا لنا إِلَّا هَذَا الدَّاجِن وفضلة من زَاد فذبحت الدَّاجِن وطحنت مَا كَانَ عِنْدهَا وخبزت وطبخت ثمَّ ثردنا فِي جَفْنَة لنا ثمَّ حملتها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا جَابر اجْمَعْ لي قَوْمك فَأَتَيْته بهم فَقَالَ ادخلهم عَليّ إرْسَالًا فَكَانُوا يَأْكُلُون فَإِذا شبع قوم خرجو وَدخل آخَرُونَ حَتَّى أكلُوا جَمِيعًا وَفضل فِي الْجَفْنَة شبه مَا كَانَ فِيهَا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهُم كلوا وَلَا تكسروا عظما ثمَّ أَنه جمع الْعِظَام فِي وسط الْجَفْنَة فَوضع يَده عَلَيْهَا ثمَّ تكلم بِكَلَام لم أسمعهُ فَإِذا الشَّاة قد قَامَت تنفض أذنيها فَقَالَ لي خُذ شَاتك فَأتيت امْرَأَتي فَقَالَت مَا هَذِه قلت هَذِه وَالله شاتنا الَّتِي ذبحناها دَعَا الله فأحياها لنا قَالَت أشهد أَنه رَسُول الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن حبَان من مُرْسل عبيد بن مَرْزُوق قَالَ كَانَت امْرَأَة بِالْمَدِينَةِ تقم الْمَسْجِد فَمَاتَتْ فَلم يعلم بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر على قبرها فَقَالَ مَا هَذَا الْقَبْر قَالُوا أم محجن قَالَ الَّتِي كَانَت تقم الْمَسْجِد قَالُوا نعم فَصف النَّاس فصلى عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ أَي الْعَمَل وجدت أفضل قَالُوا يَا رَسُول الله أتسمع قَالَ مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهَا فَذكر أَنَّهَا أجابت قُم الْمَسْجِد وَقد تقدم فِي بَاب غَزْوَة أحد سَماع رد السَّلَام من الشُّهَدَاء وَمن حَمْزَة وَسَمَاع الْقِرَاءَة من قبر عبد الله بن عَمْرو بن حرَام وَغَيره
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور بِسَنَد فِيهِ مُبْهَم عَن عمر بن الْخطاب أَنه مر بِالبَقِيعِ فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْقُبُور أَخْبَار مَا عندنَا أَن نساءكم قد تزوجت ودياركم قد سكنت وَأَمْوَالكُمْ قد فرقت فَأَجَابَهُ هَاتِف يَا عمر بن الْخطاب أَخْبَار مَا عندنَا مَا قدمْنَاهُ فقد وَجَدْنَاهُ وَمَا أنفقناه فقد ربحناه(2/112)
وَمَا خلفناه فقد خسرناه
وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخ نيسابور وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد فِيهِ من يجهل عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ دَخَلنَا مَقَابِر الْمَدِينَة مَعَ عَليّ بن أبي طَالب فَنَادَى يَا أهل الْقُبُور السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله تخبرونا بأخباركم أم نخبركم قَالَ فسمعنا صَوتا وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أخبرنَا عَمَّا كَانَ بَعدنَا فَقَالَ عَليّ أما أزواجكم فقد تزوجت وَأما أَمْوَالكُم فقد اقتسمت وَالْأَوْلَاد فقد حشروا فِي زمرة الْيَتَامَى وَالْبناء الَّذِي شيدتم فقد سكنه أعداؤكم فَهَذِهِ أَخْبَار مَا عنْدكُمْ فَمَا أَخْبَار مَا عنْدكُمْ فَأَجَابَهُ ميت قد تحرقت الأكفان وانتثرت الشُّعُور وتقطعت الْجُلُود وسالت الأحداق على الخدود وسالت المناخر بالقيح والصديد وَمَا قدمْنَاهُ وَجَدْنَاهُ وَمَا خلفناه خسرناه وَنحن مرتهنون بِالْأَعْمَالِ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن أَيُّوب الْخُزَاعِيّ قَالَ سَمِعت من يذكر أَن عمر بن الْخطاب ذهب إِلَى قبر شَاب فناداه يَا فلَان {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَأَجَابَهُ الْفَتى من دَاخل الْقَبْر يَا عمر قد أعطنيهما رَبِّي فِي الْجنَّة مرَّتَيْنِ والقصة مُطَوَّلَة قد أوردتها فِي كتاب البرزخ وأوردت فِيهِ أَخْبَارًا كَثِيرَة من هَذَا النمط فِيمَا وَقع من سَماع كَلَام الْمَوْتَى للصحابة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ قد رُوِيَ فِي التَّكَلُّم بعد الْمَوْت عَن جمَاعَة بأسانيد صَحِيحَة
ثمَّ أخرج عَن عبد الله بن عبيد الْأنْصَارِيّ أَن رجلا من قَتْلَى مُسَيْلمَة تكلم فَقَالَ مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عُثْمَان الآمين الرَّحِيم لَا أَدْرِي أَي شَيْء قَالَ لعمر
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ضَمرَة قَالَ كَانَ لرجل غنم وَكَانَ لَهُ ابْن يَأْتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقدح من لبن إِذا حلب ثمَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افتقده فجَاء أَبوهُ فَأخْبرهُ أَن ابْنه هلك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتُرِيدُ أَن أَدْعُو الله تَعَالَى أَن ينشره لَك أَو تصبر فيؤخره(2/113)
لَك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فيأتيك ابْنك فَيَأْخُذ بِيَدِك فَينْطَلق بك إِلَى بَاب الْجنَّة فَتدخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شِئْت قَالَ الرجل وَمن لي بذلك يَا نَبِي الله قَالَ هُوَ لَك وَلكُل مُؤمن)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن أبي سُبْرَة النَّخعِيّ قَالَ أقبل رجل من الْيمن فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق نفق حِمَاره فَقَامَ فَتَوَضَّأ وَصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي جِئْت مُجَاهدًا فِي سَبِيلك وابتغاء مرضاتك وَأَنا اشْهَدْ أَنَّك تحي الْمَوْتَى وتبعث من فِي الْقُبُور لَا تجْعَل لأحد عَليّ الْيَوْم منَّة أطلب إِلَيْك أَن تبْعَث لي حماري فَقَامَ الْحمار ينفض أُذُنَيْهِ قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا إِسْنَاد صَحِيح قَالَ وَمثل هَذَا يكون كَرَامَة لصَاحب الشَّرِيعَة حَيْثُ يكون فِي أمته
ثمَّ أخرجه هُوَ وَابْن أبي الدُّنْيَا من وَجه آخر عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ مثله زَاد الشّعبِيّ فَأَنا رَأَيْت الْحمار يُبَاع بالكناسة قَالَ الْبَيْهَقِيّ فَكَانَ إِسْمَاعِيل سَمعه مِنْهُمَا ثمَّ أخرجه هُوَ وَابْن أبي الدُّنْيَا أَيْضا عَن مُسلم بن عبد الله بن شريك النَّخعِيّ قَالَ خرج نباتة بن يزِيد رجل من النخع فِي زمن عمر بن الْخطاب غازيا فَذكر نَحوه وَزَاد فَقَالَ رجل من رهطه أبياتا مِنْهَا
(وَمنا الَّذِي أَحَي الْإِلَه حِمَاره ... وَقد مَاتَ مِنْهُ كل عُضْو مفصل)
بَاب آيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِبْرَاء الأبكم وَالْأَعْمَى غير مَا تقدم
أخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق شمر بن عَطِيَّة عَن بعض أشياخه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَتْهُ امْرَأَة بصبي قد شب فَقَالَت إِن ابْني هَذَا لم يتَكَلَّم مُنْذُ ولد فَقَالَ من أَنا قَالَ أَنْت رَسُول الله(2/114)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن السكن وَالْبَغوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن حبيب بن فديك وَيُقَال فويك أَن أَبَاهُ خرج بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَعَيناهُ مبيضتان لَا يبصر بهما شَيْئا فَسَأَلَهُ مَا أَصَابَك فَقَالَ وَقعت رجْلي على بيض حَيَّة فأصيب بَصرِي فنفث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عَيْنَيْهِ فأبصر فرأيته وَهُوَ يدْخل الْخَيط فِي الإبرة وَأَنه لِابْنِ ثَمَانِينَ سنة وَأَن عَيْنَيْهِ لمبيضتان
بَاب آيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِبْرَاء المرضى وَذَوي العاهات غير مَا تقدم
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِرَجُل بِرجلِهِ قرحَة قد أعيت الْأَطِبَّاء فَوضع أُصْبُعه على رِيقه ثمَّ رفع طرف الْخِنْصر فَوضع أُصْبُعه على التُّرَاب ثمَّ رَفعهَا فوضعها على القرحة ثمَّ قَالَ (بِاسْمِك اللَّهُمَّ ريق بَعْضنَا بتربة أَرْضنَا ليشفي سقيمنا بِإِذن رَبنَا) // مُرْسل //
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سماك بن حَرْب عَن مُحَمَّد بن حَاطِب قَالَ وَقعت على يَدي الْقدر فاحترقت فَانْطَلَقت بِي أُمِّي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يتفل عَلَيْهَا وَيَقُول (اذْهَبْ الْبَأْس رب النَّاس فبرأت)
قَالَ البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ حَدثنَا سعيد بن سُلَيْمَان حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان ابْن ابراهيم بن مُحَمَّد بن حَاطِب عَن أَبِيه عَن جده عَن مُحَمَّد بن حَاطِب عَن أمه أم جميل قَالَت أَقبلت بك من أَرض الْحَبَشَة حَتَّى إِذا كنت من الْمَدِينَة بليلة طبخت طبيخا ففني الْحَطب فَخرجت أطلب الْحَطب فتناولت الْقدر فَانْكَفَأت على ذراعك فَأتيت بك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يتفل على يدك وَهُوَ يَقُول (اذْهَبْ الباس رب النَّاس اشف أَنْت الشافي لَا شِفَاء إِلَّا شفاءك شِفَاء لَا يُغَادر سقما فَمَا قُمْت بك من عِنْده حَتَّى برأت يدك أخرجه الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم(2/115)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السكن وَابْن مندة والبيهفي عَن شُرَحْبِيل الْجعْفِيّ قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبكفي سلْعَة فَقلت يَا رَسُول الله هَذِه السّلْعَة قد آذتني تحول بيني وَبَين قَائِم السَّيْف أَن أَقبض عَلَيْهِ وعنان الدَّابَّة فنفث فِي كفي وَوضع كَفه على السّلْعَة فَمَا زَالَ يطحنها بكفه حَتَّى رَفعهَا عَنْهَا وَمَا أرى أَثَرهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْوَاقِدِيّ أَن أَبَا سُبْرَة قَالَ يَا رَسُول الله إِن بكفي سلْعَة قد منعتني من خطام رَاحِلَتي فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقدح فَجعل يضْرب بِهِ على السّلْعَة ويمسحها فَذَهَبت
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن أَبيض بن حمال أَنه كَانَ بِوَجْهِهِ جدرة يَعْنِي القوباء وَقد ألتمعت وَجهه وَفِي لفظ التقمت أَنفه فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح وَجهه فَلم يمس من ذَلِك الْيَوْم وَمِنْهَا أثر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حبيب بن يسَاف قَالَ شهِدت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مشهدا فأصابتي ضَرْبَة على عَاتِقي فتعلقت يَدي فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتفل فِيهَا وألزقها فالتأمت وبرأت وَقتلت الَّذِي ضَرَبَنِي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهَا أَصَابَهَا ورم فِي رَأسهَا ووجهها فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على رَأسهَا ووجهها من فَوق الثِّيَاب فَقَالَ بِسم الله اذْهَبْ عَنْهَا سوءه وفحشه بدعوة نبيك الطّيب الْمُبَارك المكين عندكفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَذهب الورم
وَأخرج ابْن سعد عَن عبيد بن عُمَيْر أَن أَسمَاء كَانَ فِي عُنُقهَا ورم فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسحها وَيَقُول اللَّهُمَّ عافها من فحشه وأذاه
وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة جَاءَت بِابْن لَهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن بِابْني هَذَا جنونا وَأَنه يَأْخُذهُ عِنْد(2/116)
وعشائنا فَيفْسد علينا فَمسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدره ودعا لَهُ فثع ثعة فَخرج مِم جَوْفه مثل الجرو الْأسود فشفي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَن امْرَأَة جَاءَت بِابْن لَهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت هَذَا ابْني وَقد أُتِي عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ كَمَا ترى فَادع الله أَن يميته فَقَالَ أدع الله أَن يشفيه ويشب وَيكون رجلا صَالحا فَيُقَاتل فِي سَبِيل الله فَيقْتل فَيدْخل الْجنَّة فَدَعَا الله فشفاه الله وشب وَكَانَ رجلا صَالحا فقاتل فِي سَبِيل الله فَقتل قَالَ الْبَيْهَقِيّ // مُرْسل جيد //
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن نوح بن ذكْوَان أَن عبد الله بن رَوَاحَة قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أشتكي ضرسي أذاني وَاشْتَدَّ عَليّ فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على الخد الَّذِي فِيهِ الوجع وَقَالَ اللَّهُمَّ اذْهَبْ عَنهُ سوء مَا يجد وفحشه بدعوة نبيك الْمُبَارك المكين عنْدك سبع مَرَّات فشفاه الله تَعَالَى قبل أَن يبرح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي الصَّحَابَة عَن رِفَاعَة بن رَافع قَالَ أخذت شحمة فازدردتها فاشتكيت مِنْهَا سنة ثمَّ إِنِّي ذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح بَطْني فألقيتها خضراء فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ مَا اشتكيت بَطْني حَتَّى السَّاعَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جرهد أَنه أكل بِيَدِهِ الشمَال فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل بِالْيَمِينِ فَقَالَ إِنَّهَا مصابة فنفث عَلَيْهَا فَمَا اشْتَكَى حَتَّى مَاتَ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن أنيس قَالَ ضرب المستنير بن رزام الْيَهُودِيّ وَجْهي فشجني منقلة أَو مأمومة فَأتيت بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكشف عَنْهَا وَنَفث فِيهَا فَمَا آذَانِي مِنْهَا شَيْء
وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْوَازِع أَنه انْطلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْن لَهُ مَجْنُون فَمسح وَجهه ودعا لَهُ فَلم يكن فِي الْوَفْد أحد بعد دَعْوَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعقل مِنْهُ(2/117)
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُرْوَة أَنه ملاعب الأسنة أرسل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستشفيه من وجع كَانَ بِهِ الدُّبَيْلَة فَتَنَاول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَدَرَة من الأَرْض فتفل فِيهَا ثمَّ ناولها إِيَّاه فَقَالَ دفها بِمَاء ثمَّ اسقها إِيَّاه فَفعل فبرأ وَيُقَال أَنه بعث إِلَيْهِ بعكة عسل فَلم يزل يعلقها حَتَّى برأَ
وَأخرج ابْن سعد أَن الْوَاقِدِيّ حَدثنِي أبي بن عَبَّاس بن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت عدَّة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم أَبُو أسيد وَأَبُو حميد وَأبي سهل بن سعد يَقُولُونَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِئْر بضَاعَة فَتَوَضَّأ فِي الدَّلْو ورده فِي الْبِئْر وَمَج فِي الدَّلْو مرّة أُخْرَى وبصق فِيهَا وَشرب من مَائِهَا وَكَانَ إِذا مرض الْمَرِيض فِي عَهده يَقُول إغسلوه من مَاء بضَاعَة فَيغسل فَكَأَنَّمَا حل من عقال
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ عادني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر فِي بني سَلمَة فوجدني لَا أَعقل فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ فرش مِنْهُ عَليّ فَأَفَقْت فَقلت كَيفَ أصنع فِي مَالِي فَنزلت {يُوصِيكُم الله} الْآيَة
وَأخرج ابْن السكن وَأَبُو نعيم فِي الصَّحَابَة عَن مُعَاوِيَة بن الحكم قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنزى أخي عَليّ بن الحكم فرسه خَنْدَقًا فقصر الْفرس فدق جِدَار الخَنْدَق سَاقه فأتينا بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فرسه فَمسح سَاقه فَمَا نزل عَنْهَا حَتَّى برأَ وَقَالَ مُعَاوِيَة بن الحكم فِي قصيدة لَهُ
(وانزاها عَليّ وَهِي تهوى ... هوي الدَّلْو مترعة بسدل)
(صُفُوف الخندقين فأهرقته ... هوية مظلم الْحَالين غمل)(2/118)
(فعصب رجله فسما عَلَيْهَا ... سمو الصَّقْر صَادف يَوْم ظلّ)
(فَقَالَ مُحَمَّد صلى عَلَيْهِ ... مليك النَّاس هَذَا خير فعل)
(لعالك فاستمر بهَا سويا ... وَكَانَت بعد ذَاك أصح رجل)
بَاب آيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إذهاب الْجُوع والعطش والتعب والغيرة وَالْحر وَالْبرد وَحبس الدمع
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ أَقبلت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا فوقفت بَين يَدَيْهِ فَنظر إِلَى وحهها مصفر من شدَّة الْجُوع فَرفع يَده فوضعها على صدرها فِي مَوضِع القلادة وَفرج بَين أَصَابِعه ثمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ مشبع الجاعة وَرَافِع الوضيعة ارْفَعْ فَاطِمَة بنت مُحَمَّد) قَالَ عمرَان فَنَظَرت إِلَيْهَا وَقد ذهبت الصُّفْرَة من وَجههَا فلقيتها بعد فسألتها فَقَالَت مَا جعت بعد يَا عمرَان قَالَ الْبَيْهَقِيّ الظَّاهِر أَنه رَآهَا قبل نزُول الْحجاب
وَأخرج قَاسم بن ثَابت فِي الدَّلَائِل من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ خرجنَا مَعَ عمر حجاجا حَتَّى إِذا كُنَّا بالعرج إِذا هَاتِف على الطَّرِيق قفوا فوقفنا فَقَالَ أفيكم رَسُول الله فَقَالَ لَهُ عمر أتعقل مَا تَقول قَالَ نعم قَالَ مَاتَ فَاسْتَرْجع فَقَالَ من ولي بعده قَالَ أَبُو بكر قَالَ أهوَ فِيكُم قَالَ مَاتَ فَاسْتَرْجع فَقَالَ من ولي بعده قَالَ عمر قَالَ أهوَ فِيكُم قَالَ هُوَ الَّذِي يخاطبك قَالَ الْغَوْث الْغَوْث قَالَ فَمن أَنْت قَالَ أَنا حَنش بن عقيل أحد بني نفيلة لَقِيَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ردهة بني جِعَال فدعاني إِلَى الْإِسْلَام فَأسْلمت فسقاني فضلَة من سويق فَمَا زلت أجد ريها إِذا عطشت وشبعها إِذا جعت ثمَّ يممت رَأس الْأَبْيَض فَمَا زلت فِيهِ أَنا وَأَهلي عشرَة أَعْوَام أُصَلِّي خمْسا فِي كل يَوْم وَأَصُوم شهر رَمَضَان وأذبح لعشر ذِي الْحجَّة نسكا كَذَلِك عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أصابتني السّنة قَالَ أَتَاك الْغَوْث الحقني على المَاء فَلَمَّا رَجعْنَا سَأَلنَا(2/119)
صَاحب المَاء عَنهُ فَقَالَ ذَاك قَبره فَأَتَاهُ عمر فترحم عَلَيْهِ واستغفر لَهُ
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن أبي غَالب عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قومِي فانتهيت إِلَيْهِم وَأَنا طاوي وهم يَأْكُلُون الدَّم فَقَالُوا هَلُمَّ فَقلت إِنَّمَا جِئتُكُمْ لأنهاكم عَن هَذَا فاستهزأوا بِي وكذبوني وردوني فَانْطَلَقت من عِنْدهم وَأَنا جَائِع ظمآن قد نزل بِي جهد شَدِيد فَنمت فَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فناولني إِنَاء فِيهِ لبن فَأَخَذته فَشَربته فشبعت وَرويت فَعظم بَطْني فَقَالَ بَعضهم لبَعض أَتَاكُم رجل من سراة قومكم فرددتموه إذهبو إِلَيْهِ فأطعموه من الطَّعَام وَالشرَاب مَا يَشْتَهِي فأتوني بطعامهم وشرابهم فَقلت لَا حَاجَة لي فِيهِ قَالُوا قد رَأَيْنَاك بِجهْد قلت إِن الله أَطْعمنِي وسقاني فأريتهم بَطْني فأسلموا من عِنْد آخِرهم
وَفِي بعض طرقه عِنْد ابْن عَسَاكِر فَجعلت أدعوهم إِلَى الْإِسْلَام ويأبون عَليّ فَقلت لَهُم وَيحكم أسقوني شربة من مَاء فَإِنِّي شَدِيد الْعَطش قَالُوا لَا وَلَكِن نَدعك حَتَّى تَمُوت عطشا فاعتممت وَضربت برأسي فِي العباءة ونمت فِي الرمضاء فِي حر بشديد فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي بقدح زجاج لم ير النَّاس أحسن مِنْهُ وَفِيه شراب لم ير النَّاس شرابًا ألذ مِنْهُ فأمكنني مِنْهَا فشربتها فَحَيْثُ فرغت من شرابي استيقظت فَلَا وَالله مَا عطشت وَلَا غرثت بعد تِلْكَ الشربة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ثَابت وَأبي عمرَان الْجونِي وَهِشَام بن حسان قَالُوا هَاجَرت أم أَيمن من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وَلَيْسَ مَعهَا زَاد فَلَمَّا كَانَت عِنْد الروحاء عطشت عطشا شَدِيدا قَالَت فَسمِعت حفيفا شَدِيدا فَوق رَأْسِي فَرفعت رَأْسِي فَإِذا دلو مدل من السَّمَاء برشاء أَبيض فتناولته بيَدي حَتَّى استمسكت بِهِ فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى رويت قَالَت فَلَقَد أَصوم بعد تِلْكَ الشربة فِي الْيَوْم الْحَار الشَّديد ثمَّ أَطُوف فِي الشَّمْس كي أظمأ فَمَا ظمئت بعد تِلْكَ الشربة(2/120)
وَأخرجه ابْن منيع فِي مُسْنده حَدثنَا روح حَدثنَا هِشَام عَن عُثْمَان بن الْقَاسِم بِهِ مثله
وَأخرجه ابْن سعد عَن أبي أُسَامَة عَن جرير بن حَازِم عَن عُثْمَان بن الْقَاسِم بِهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَن أم سَلمَة أخْبرته قَالَت خطبني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت مَا مثلي ينْكح أما أَنا فَلَا ولد فِي وَأَنا غيور وَذَات عِيَال فَقَالَ أَنا أكبر مِنْك وَأما الْغيرَة فيذهبها الله وَأما الْعِيَال فَإلَى الله وَرَسُوله فَتَزَوجهَا قَالَ فَكَانَت فِي النِّسَاء كَأَنَّهَا لَيست مِنْهُنَّ لَا تَجِد مَا يجدن من الْغيرَة
وَأخرجه ابْن منيع من وَجه آخر عَن عمر بن أبي سَلمَة مثله
وَأخرجه أَبُو يعلى وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد من حَدِيث أنس نَحوه
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم إِسْحَاق قَالَت هَاجَرت مَعَ أخي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي أخي نسيت نفقتي بِمَكَّة فَرجع ليأخذها فَقتله زَوجي فَقدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لَهُ قتل أخي فَأخذ كفا من مَاء فنضحه فِي وَجْهي فَكَانَت تصيبها الْمُصِيبَة فترى الدُّمُوع فِي عينيها وَلَا تسيل على خدها
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق أَيُّوب بن سيار عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله عَن أبي بكر عَن بِلَال قَالَ أَذِنت فِي غَدَاة بَارِدَة فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يجد فِي الْمَسْجِد أحدا فَقَالَ أَيْن النَّاس يَا بِلَال قلت مَنعهم الْبرد قَالَ اللَّهُمَّ اذْهَبْ عَنْهُم الْبرد قَالَ بِلَال فرأيتهم يتروحون فِي السجة أَو الصُّبْح يَعْنِي بالسبحة صَلَاة الضُّحَى تفرد بِهِ أَيُّوب
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سفينة أَنه قيل لَهُ مَا اسْمك قَالَ سماني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سفينة قيل وَلم قَالَ خرج وَمَعَهُ أَصْحَابه فثقل عَلَيْهِم مَتَاعهمْ فَقَالَ لي ابْسُطْ كساءك فبسطته فَجعلُوا فِيهِ مَتَاعهمْ فَحَمَلُوهُ عَليّ(2/121)
فَقَالَ احْمِلْ فَإِنَّمَا أَنْت سفينة فَلَو حملت من يَوْمئِذٍ وقر أَو بعير أَو بَعِيرَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة أَو خَمْسَة أَو سِتَّة أَو سَبْعَة مَا ثقل عَليّ
بَاب آيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إذهاب النسْيَان وَالْبذَاء وَحُصُول الْحِفْظ وَالْعلم والفهم وَالْحيَاء
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا يَوْمًا فَقَالَ (من يبسط ثَوْبه حَتَّى أفرغ من حَدِيثي ثمَّ يقبضهُ إِلَيْهِ فبسطت ثوبي ثمَّ حَدثنَا فقبضته إِلَيّ فوَاللَّه مَا نسيت شَيْئا سمعته مِنْهُ)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع مِنْك حَدِيثا كثيرا فأنساه قَالَ (ابْسُطْ رداءك فبسطته فغرف بِيَدِهِ فِيهِ ثمَّ قَالَ ضم فضممته فَمَا نسيت حَدِيثا بعده)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن يَا رَسُول الله تبعثني وَأَنا شَاب أَقْْضِي بَينهم وَلَا أَدْرِي مَا الْقَضَاء فَضرب بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ (اللَّهُمَّ أهد قلبه وَثَبت لِسَانه) فو الَّذِي فلق الْحبَّة مَا شَككت فِي قَضَاء بَين اثْنَيْنِ
وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّك تبعثني إِلَى قوم شُيُوخ وَإِنِّي أَخَاف أَن لَا أُصِيب فَقَالَ (إِن الله سيثبت لسَانك وَيهْدِي قَلْبك)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ كَانَت امْرَأَة تراقث الرِّجَال وَكَانَت بذئة فمرت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْكُل ثريدا فطلبت مِنْهُ فناولها فَقَالَت أَطْعمنِي مَا فِي فِيك فَأَعْطَاهَا فَأكلت فعلاها الْحيَاء فَلم تراقث أحدا حَتَّى مَاتَت(2/122)
بَاب آيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حُصُول الْقُوَّة فِي الرَّمْي
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على نَاس من أسلم ينتضلون فَقَالَ حسن هَذَا اللَّهْو ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الْأَكْوَع فامسك الْقَوْم بِأَيْدِيهِم فَقَالُوا لَا وَالله لَا نرمي وَأَنت مَعَه إِذا ينضلنا قَالَ ارموا وَأَنا مَعكُمْ جَمِيعًا فَلَقَد رموا عَامَّة يومهم ذَلِك ثمَّ تفَرقُوا على السوَاء مَا نضل بَعضهم بَعْضًا
بَاب آيَة أُخْرَى
أخرج ابْن سعد عَن ابْن لسَعِيد بن الْمسيب عَن أَبِيه عَن جده حزن قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا اسْمك قلت حزن قَالَ بل أسمك سهل قلت يَا رَسُول الله بعد كبر السن أغير إسمي قَالَ فَلم تزل فِينَا حزونة بعد
وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجدي حزن (أَنْت سهل فَقَالَ إِنَّمَا السهولة للحمار وأبى أَن يقبل قَالَ فَنحْن وَالله نَعْرِف الحزونة فِينَا)
وَأخرج البُخَارِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أَبِيه أَن أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا اسْمك قَالَ حزن قَالَ أَنْت سهل قَالَ لَا أغير إسما سمانيه أبي قَالَ ابْن الْمسيب فَمَا زَالَت الحزونة فِينَا بعد
بَاب آيَة أُخْرَى
اخْرُج الْحَاكِم عَن أبي بن كَعْب قَالَ كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء أَعْرَابِي فَقَالَ يَا نَبِي الله إِن لي أَخا بِهِ وجع قَالَ وَمَا وَجَعه قَالَ بِهِ لمَم قَالَ فأتني بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ(2/123)
فَوَضعه بَين يَدَيْهِ فعوذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَاتِحَة الْكتاب وَأَرْبع آيَات من سُورَة الْبَقَرَة وَهَاتين الْآيَتَيْنِ {وإلهكم إِلَه وَاحِد} وَآيَة الْكُرْسِيّ وَآيَة من الْأَعْرَاف {إِن ربكُم الله} وَآخر سُورَة الْمُؤمنِينَ {فتعالى الله الْملك الْحق} وَآيَة من سُورَة الْجِنّ وَأَنه تَعَالَى رَبنَا وَعشر آيَات من أول الصافات وَثَلَاث من آخر الْحَشْر وَقل هُوَ الله أحد والمعوذتين فَقَامَ الرجل كَأَنَّهُ لم يشك شَيْئا قطّ
بَاب آيَة أُخْرَى فِي استعاذة الْجِنّ
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف أَن رهطا من الْأَنْصَار من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرُوهُ أَن رجلا قَامَ من جَوف اللَّيْل يُرِيد أَن يفْتَتح سُورَة كَانَ قد وعاها فَلم يقدر مِنْهَا على شَيْء إِلَّا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَوَقع ذَلِك لناس من أَصْحَابه فَأَصْبحُوا فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السُّورَة فَسكت سَاعَة لم يرجع إِلَيْهِم شَيْئا ثمَّ قَالَ نسخت البارحة فنسخت من صُدُورهمْ وَمن كل سيء كَانَت فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي هَذَا دلَالَة ظَاهِرَة من دلالات النُّبُوَّة
ذكر معجزاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَنْوَاع الجمادات
بَاب تَسْبِيح الْحَصَى وَالطَّعَام
أخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا وَحده فَجئْت حَتَّى جَلَست إِلَيْهِ فجَاء أَبُو بكر فَسلم ثمَّ جلس ثمَّ جَاءَ عمر ثمَّ عُثْمَان وَبَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع حَصَيَات فأخذهن فوضعهن فِي كَفه فسبحن حَتَّى سَمِعت لَهُنَّ حنينا كحنين النَّحْل ثمَّ وضعهن(2/124)
فخرسن ثمَّ أخذهن فوضعهن فِي يَد أبي بكر فسبحن حَتَّى سَمِعت لَهُنَّ حنينا كحنين النَّحْل ثمَّ وضعهن فخرسن ثمَّ تناولهن فوضعهن فِي يَده فسبحن عمر فسبحن حَتَّى سَمِعت لَهُنَّ حنينا كحنين النَّحْل ثمَّ وضعهن فخرسن ثمَّ تناولهن فوضعهن فِي يَد عُثْمَان فسبحن حَتَّى سَمِعت لَهُنَّ حنينا كحنين النَّحْل ثمَّ وضعهن فخرسن فَقَالَ سُبْحَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَذِه خلَافَة نبوة)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ حَصَيَات فِي يَده حَتَّى سمعنَا التَّسْبِيح ثمَّ صيرهن فِي يَد أبي بكر فسبحن حَتَّى سمعنَا التَّسْبِيح ثمَّ صيرهن فِي يَد عمر فسبحن حَتَّى سمعنَا التَّسْبِيح ثمَّ صيرهن فِي يَد عُثْمَان فسبحن حَتَّى سمعنَا التَّسْبِيح ثمَّ صيرهن فِي أَيْدِينَا رجلا رجلا فَمَا سبحت حَصَاة مِنْهُنَّ
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم مُلُوك حَضرمَوْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم الْأَشْعَث بن قيس فَقَالُوا إِنَّا قد خبأنا لَك خبأ فَمَا هُوَ فَقَالَ سُبْحَانَ الله إِنَّمَا يفعل ذَلِك بالكاهن وَإِن الكاهن وَالْكهَانَة فِي النَّار فَقَالُوا كَيفَ نعلم أَنَّك رَسُول الله فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفا من حَصى فَقَالَ (هَذَا يشْهد أَنِّي رَسُول الله فسبح الْحَصَى فِي يَده) قَالُوا نشْهد أَنَّك رَسُول الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن أنس بن مَالك قَالَ أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطَعَام ثريد فَقَالَ (إِن هَذَا الطَّعَام يسبح) قَالُوا يَا رَسُول الله وتفقه تسبيحه قَالَ نعم ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل أدن هَذِه الْقِصَّة من هَذَا الرجل فأدناها فَقَالَ نعم يَا رَسُول الله هَذَا الطَّعَام يسبح ثمَّ أدناها من آخر ثمَّ آخر فَقَالَا مثل ذَلِك ثمَّ ردهَا فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله لَو أمرت على الْقَوْم جَمِيعًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا لَو سكتت عِنْد رجل لقالوا من ذَنْب ردهَا فَردهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن خَيْثَمَة قَالَ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يطْبخ قدرا فَوَقَعت على وَجههَا فَجعلت تسبح(2/125)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن قيس قَالَ بَيْنَمَا أَبُو الدَّرْدَاء وسلمان يأكلان من صَحْفَة إِذْ سبحت وَمَا فِيهَا
بَاب حنين الْجذع
اخْرُج البُخَارِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ جذع يقوم إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا وضع لَهُ الْمِنْبَر سمعنَا للجذع مثل أصوات العشار حَتَّى نزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوضع يَده عَلَيْهِ فَسكت
وَأخرج البُخَارِيّ عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقوم إِلَى نَخْلَة فَجعلُوا لَهُ منبرا فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة دفع إِلَى الْمِنْبَر فصاحت النَّخْلَة صياح الصَّبِي فَنزل فَضمهَا إِلَيْهِ فَجعلت تَئِنُّ أَنِين الصَّبِي الَّذِي يسكن قَالَ (كَانَت تبْكي على مَا كَانَت تسمع من الذّكر عِنْدهَا)
وَأخرج الدَّارمِيّ من طَرِيق عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِلَى جذع فَاتخذ لَهُ منبرا فَلَمَّا فَارق الْجذع وَعمد إِلَى الْمِنْبَر الَّذِي صنع لَهُ جزع الْجذع فحن كَمَا تحن النَّاقة فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوضع يَده عَلَيْهِ وَقَالَ (اختر أَن أغرسك فِي الْمَكَان الَّذِي كنت فِيهِ فَتكون كَمَا كنت وَإِن شِئْت أَن أغرسك فِي الْجنَّة فَتَشرب من أنهارها وعيونها فَيحسن نيتك وتثمر فيأكل أَوْلِيَاء الله من ثمرتك فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول لَهُ نعم قد فعلت مرَّتَيْنِ فَسئلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اخْتَار أَن أغرسه فِي الْجنَّة) وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم مثله من طَرِيق عبد الله بن بُرَيْدَة عَن عَائِشَة بِهِ
وَأخرج الْبَغَوِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي بن كَعْب كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِلَى جذع فَصنعَ لَهُ مِنْبَر فَلَمَّا قَامَ عَلَيْهِ حن الْجذع فَقَالَ لَهُ (اسكن أَن تشأ(2/126)
أغرسك فِي الْجنَّة فيأكل مِنْك الصالحون وَأَن تشأ أَن أعيدك رطبا كَمَا كنت) فَاخْتَارَ الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة والدارمي وَأَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِلَى جذع فَصنعَ لَهُ مِنْبَر فَلَمَّا قَامَ عَلَيْهِ حن الْجذع حنين النَّاقة إِلَى وَلَدهَا فَنزل إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضمه فسكن إِلَيْهِ
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب إِلَى جذع فَلَمَّا اتخذ الْمِنْبَر تحول إِلَيْهِ فحن الْجذع فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فمسحه فسكن
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد والدارمي وَابْن ماجة وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب إِلَى جذع قبل أَن يتَّخذ الْمِنْبَر فَلَمَّا اتخذ الْمِنْبَر وتحول إِلَيْهِ حن الْجذع فَأَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ فسكن وَقَالَ (لَو لم احتضنه لحن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله يقوم إِلَى جذع فَلَمَّا اتخذ الْمِنْبَر وَقعد عَلَيْهِ خار الْجذع كخوار الثور حَتَّى ارتج الْمَسْجِد بخواره فَنزل إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالْتَزمهُ فَسكت فَقَالَ (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو لم الْتَزمهُ لما زَالَ هَكَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة حزنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن رَاهْوَيْةِ فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقوم إِلَى خَشَبَة فَلَمَّا اتخذ الْمِنْبَر حنت الْخَشَبَة فَأقبل النَّاس عَلَيْهَا فوقفوا إِلَى جنبها فرقوا من حنينها حَتَّى كثر بكاؤهم فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهَا فَوضع يَده عَلَيْهَا فسكنت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَشَبَة يسْتَند إِلَيْهَا إِذا خطب فَصنعَ لَهُ مِنْبَر فَلَمَّا فقدته خارت كخوار الثور حَتَّى سَمعهَا أهل الْمَسْجِد فَأَتَاهَا فاحتضنها فسكنت
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن ماجة وَابْن سعد وَأَبُو يعلى وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بن كَعْب قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِلَى جذع فَصنعَ الْمِنْبَر فَلَمَّا جَاوز ذَلِك الْجذع(2/127)
إِلَيْهِ خار حَتَّى تصدع وَانْشَقَّ فَنزل فمسحه بِيَدِهِ حَتَّى سكن
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسند ظَهره إِلَى جذع فِي الْمَسْجِد إِذا خطب فَلَمَّا جعل لَهُ الْمِنْبَر وَجلسَ عَلَيْهِ خار الْجذع خوار الثور فَأقبل عَلَيْهِ حَتَّى الْتَزمهُ فسكن وَقَالَ لَا تلوموه فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُفَارق شَيْئا إِلَّا وجد عَلَيْهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي حَاتِم الرَّازِيّ قَالَ عَمْرو بن سَواد قَالَ لي الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مَا أعْطى الله تَعَالَى نَبيا مَا أعْطى مُحَمَّدًا قلت أعطي عِيسَى إحْيَاء الْمَوْتَى فَقَالَ أعطي مُحَمَّدًا حنين الْجذع فَهَذَا أكبر من ذَاك
بَاب تَأْمِين اسكفة الْبَاب وحوائط الْبَيْت
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي اسيد السَّاعِدِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْعَبَّاس (لَا ترم مَنْزِلك غَدا أَنْت وبنوك حَتَّى آتيكم فَإِن لي فِيكُم حَاجَة فَلَمَّا أصبح أَتَاهُم فَقَالَ تقاربوا حَتَّى إِذا أمكنو اشْتَمَل عَلَيْهِم بملاءته فَقَالَ يَا رب هَذَا عمي وصنو أبي وَهَؤُلَاء أهل بَيْتِي فاسترهم من النَّار كستري إيَّاهُم بملاءتي هَذِه فآمنت أُسْكُفَّة الْبَاب وحوائط الْبَيْت آمين آمين آمين)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد الله بن الغسيل قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ يَا عَم ابتعني ببنيك فَانْطَلق بهم فأدخلهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْتا وغطاهم بشملة وَقَالَ (اللَّهُمَّ إِن هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي وعترتي فاسترهم من النَّار كَمَا سترتهم بِهَذِهِ الشملة قَالَ فَمَا بَقِي فِي الْبَيْت جدر وَلَا بَاب إِلَّا أَمن)(2/128)
بَاب تحرّك الْجَبَل
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ صعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا أَو حراء وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَرَجَفَ بهم فَضَربهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرجلِهِ وَقَالَ (أثبت عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان) وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث سهل بن سعد السَّاعِدِيّ مثله بِلَفْظ أحدا فَقَط وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثله وَزَاد وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر فَقَالَ إهدأ فَمَا عَلَيْك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد وَأخرجه أَحْمد من حَدِيث بُرَيْدَة بِلَفْظ حراء فَقَط
بَاب تحرّك الْمِنْبَر
أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر يَقُول (يَأْخُذ الْجَبَّار سمواته وأرضه بِيَدِهِ ثمَّ يَقُول أَنا الْجَبَّار أَيْن الجبارون أَيْن المتكبرون ويتميل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره حَتَّى نظرت إِلَى الْمِنْبَر يَتَحَرَّك من أَسْفَل شَيْء مِنْهُ حَتَّى أَنِّي أَقُول أساقط هُوَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدَّثتنِي عَائِشَة أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة وَمَا قدرُوا الله حق قدره الأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ قَالَ يَقُول أَنا الْجَبَّار أَنا أَنا ويمجد الرب نَفسه فَرَجَفَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منبره حَتَّى قُلْنَا ليخرن
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عدي عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة على الْمِنْبَر مَا قدرُوا الله حق قدره حَتَّى بلغ {عَمَّا يشركُونَ} فَقَالَ الْمِنْبَر هَكَذَا فجَاء وَذهب ثَلَاث مَرَّات(2/129)
بَاب معجزته فِيمَن مَاتَ وَلم تقبله الأَرْض
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن قبيصَة بن ذويب قَالَ أغار رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سَرِيَّة من الْمُشْركين فانهزمت فَغشيَ رجل من الْمُسلمين رجلا من الْمُشْركين وَهُوَ مُنْهَزِم فَلَمَّا أَرَادَ أَن يعلوه بِالسَّيْفِ قَالَ الرجل لَا إِلَه إِلَّا الله فَلم ينْزع عَنهُ حَتَّى قَتله ثمَّ وجد فِي نَفسه من قَتله فَذكر حَدِيثه لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَلا نقبت عَن قلبه فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى توفّي ذَلِك الرجل الْقَاتِل فَدفن فَأصْبح على وَجه الأَرْض فجَاء أَهله فَحَدثُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ادفنوه فدفنوه فَأصْبح على وَجه الأَرْض ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الأَرْض أَبَت أَن تقبله فاطرحوه فِي غَار من الغيران
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ بلغنَا أَن رجلا فَذكر نَحوه وَزَاد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أما أَنَّهَا تقبل من هُوَ شَرّ مِنْهُ وَلَكِن الله أَرَادَ أَن يَجعله موعظة لكم لِئَلَّا يقدم رجل مِنْكُم على قتل من يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أَو يَقُول أَنِّي مُسلم اذْهَبُوا بِهِ إِلَى شعب بني فلَان وادفنوه فَإِن الأَرْض ستقبله فدفنوه فِي ذَلِك الشّعب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم مثله بِهَذِهِ الزِّيَادَة من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن من طَرِيق عَاصِم الْأَحول عَن السميط عَنهُ
وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن إِسْحَاق عَن الْحسن نَحوه وَفِيه أَنه مَاتَ بعد سبع وَأَنه محلم بن جثامة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا فكذب عَلَيْهِ فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ مَيتا قد انْشَقَّ بَطْنه وَلم تقبله الأَرْض
وَأخرج الشَّيْخَانِ وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس أَن رجلا كَانَ يكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يملي عَلَيْهِ عليما حكيما فَيَقُول اكْتُبْ سميعا بَصيرًا(2/130)
فَيَقُول اكْتُبْ كَيفَ شِئْت ويملي عَلَيْهِ سميعا بَصيرًا فَيكْتب عليما حكيما فَارْتَد ذَلِك الرجل وَلحق بالمشركين وَقَالَ أَنا أعلم بِمُحَمد إِن كنت لأكتب مَا شِئْت فَمَاتَ ذَلِك الرجل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الأَرْض لَا تقبله فَدفن فَلم تقبله الأَرْض قَالَ أَبُو طَلْحَة فَقدمت الأَرْض الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَوَجَدته مَنْبُوذًا فَقلت مَا شَأْن هَذَا فَقَالُوا دفناه فَلم تقبله الأَرْض
بَاب الْآيَة فِيمَن كذب عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحكمه بقتْله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ جَاءَ رجل إِلَى قَرْيَة من قرى الْأَنْصَار فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْسلنِي إِلَيْكُم وأمركم أَن تزوجوني مِنْكُم فُلَانَة وَلم يكن أرْسلهُ فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فَأرْسل عليا وَالزُّبَيْر فَقَالَ اذْهَبَا فَإِن أدركتماه فاقتلاه وَلَا أر كَمَا تدركانه فذهبا فوجداه قد لدغته حَيَّة فَقتلته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن عبد الله بن الْحَارِث أَن جد جد الجندعي أَتَى الْيمن فعشق فيهم امْرَأَة فَقَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُركُمْ أَن تبعثوا إِلَيّ بفتاتكم فَقَالُوا عهدنا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يحرم الزِّنَا ثمَّ بعثوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا فَبعث عليا فَقَالَ ائته فَإِن وافقته خيا فاقتله وَإِن وجدته مَيتا فأحرقه بالنَّار فَخرج جدجد من اللَّيْل يَسْتَقِي من المَاء فلدغته أَفْعَى فَقتلته
بَاب الْآيَة فِي ابْن أُبَيْرِق
أخرج ابْن إِسْحَاق وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان أَن أَبَا طعمة بشير بن أُبَيْرِق كَانَ منافقا وَأَنه سرق من علية بن رِفَاعَة بن زيد طَعَاما وسلاحا فَنزل فِيهِ(2/131)
{إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} الْآيَات فهرب فلحق بِمَكَّة حَتَّى نزل على سَلامَة بنت سعد فَوَقع يشْتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَرَمَاهُ حسان بِأَبْيَات فَلَمَّا بلغَهَا شعر حسان أخرجته من بَيتهَا فلحق بِالطَّائِف فَدخل بَيْتا لَيْسَ فِيهِ أحد فَوَقع عَلَيْهِ فَقتله فَجعلت قُرَيْش تَقول وَالله مَا يُفَارق مُحَمَّدًا أحد من أَصْحَابه فِيهِ خير
بَاب الْآيَة فِي الحكم ابْن أبي الْعَاصِ أبي مَرْوَان
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق قَالَ كَانَ الحكم بن أبي الْعَاصِ يجلس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا تكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اختلج بِوَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن كَذَلِك فَلم يزل يختلج حَتَّى مَاتَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب يَوْمًا وَرجل خَلفه يحاكيه ويلمصه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك فَكُن فَرفع إِلَى أَهله فلبط بِهِ شَهْرَيْن ثمَّ أَفَاق حِين أَفَاق وهوكما حكى رَسُول الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَالك بن دِينَار قَالَ حَدثنِي هِنْد بن خَدِيجَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأبي الحكم فَجعل يغمز بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَآهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَل بِهِ وزغا فَرَجَفَ مَكَانَهُ والوزغ ارتعاش
وَأخرج الْبَغَوِيّ مثله وَقَالَ بالحكم أبي مَرْوَان وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد مثله وَقَالَ بالحكم بن أبي الْعَاصِ وَقَالَ فَمَا قَامَ حَتَّى ارتعش(2/132)
بَاب الْآيَة فِي ابْنة الْحَارِث
ذكر ابْن فتحون عَن الطَّبَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب إِلَى الْحَارِث بن أبي حَارِثَة ابْنة حمزه فَقَالَ إِن بهَا سوء وَلم يكن كَمَا قَالَ فَرجع فَوَجَدَهَا قد برصت
بَاب الْآيَة فِي النَّار
أخرج ابْن وهب عَن ابْن لَهِيعَة أَن الْأسود الْعَنسِي لما ادّعى النُّبُوَّة وَغلب على صنعاء أَخذ ذُؤَيْب بن كُلَيْب فَأَلْقَاهُ فِي النَّار لتصديقه بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم تضره النَّار فَذكر ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه فَقَالَ عمر الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتنَا مثل إِبْرَاهِيم الْخَلِيل قَالَ عَبْدَانِ فِي كتاب الصَّحَابَة ذُؤَيْب هَذَا هُوَ ابْن كُلَيْب ابْن ربيعَة الْخَولَانِيّ أول من أسلم من أهل الْيمن
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي بشر جَعْفَر بن أبي وحشية أَن رجلا من خولان أسلم فأراده قومه على الْكفْر فألقوه فِي نَار فَلم يَحْتَرِق مِنْهُ إِلَّا أمكنه لم يكن فِيمَا مضى يُصِيبهَا الْوضُوء فَقدم على أبي بكر فَقَالَ لَهُ اسْتغْفر لي قَالَ أَنْت أَحَق قَالَ أَبُو بكر إِنَّك ألقيت فِي النَّار فَلم تحترق فَاسْتَغْفر لَهُ ثمَّ خرج إِلَى الشَّام فَكَانُوا يشبهونه بإبراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم الْخَولَانِيّ أَن الْأسود بن قيس تنبأ بِالْيمن فَبعث إِلَى أبي مُسلم الْخَولَانِيّ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله قَالَ مَا أسمع قَالَ أَتَشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ نعم فَأمر بِنَار عَظِيمَة ثمَّ ألقِي أَبَا مُسلم فِيهَا فَلم تضره قيل للأسود إِن لم تنف هَذَا عَنْك أفسد عَلَيْك من اتبعك فَأمره بالرحيل فَقدم الْمَدِينَة وَقد قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستخلف أَبُو بكر فَقَالَ أَبُو بكر الْحَمد لله الَّذِي لم يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/133)
من صنع بِهِ كَمَا صنع بإبراهيم خَلِيل الرَّحْمَن فَكَانَ الخولانيون يَقُولُونَ للعنسيين صَاحبكُم الْكذَّاب الَّذِي أحرق صاحبنا بالنَّار فَلم تضره
وَقَالَ ابْن سعد حَدثنَا يحيى بن حَمَّاد أَنا أَبُو عوَانَة عَن أبي بلج عَن عَمْرو ابْن مَيْمُون قَالَ أحرق الْمُشْركُونَ عمار بن يَاسر بالنَّار فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمر بِهِ ويمر يَده على رَأسه لأسد فَيَقُول (يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على عمار كَمَا كنت على إِبْرَاهِيم تقتلك الفئة الباغية)
فَائِدَة فِي عدم احتراق المنديل الَّذِي كَانَ يمسح بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجهه وَخُرُوجه من النَّار مبيضا
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عباد بن عبد الصَّمد قَالَ أَتَيْنَا أنس بن مَالك فَقَالَ يَا جَارِيَة هَلُمِّي الْمَائِدَة نتغدى فَأَتَت بهَا ثمَّ قَالَ هَلُمِّي المنديل فَأَتَت بمنديل وسخ فَقَالَ اسجري التَّنور فأوقدته فَأمر بالمنديل فَطرح فِيهِ فَخرج أَبيض كَأَنَّهُ اللَّبن فَقُلْنَا مَا هَذَا قَالَ هَذَا منديل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح بِهِ وَجهه فَإِذا اتسخ صنعنَا بِهِ هَكَذَا لِأَن النَّار لَا تَأْكُل شَيْئا مر على وُجُوه الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن مُعَاوِيَة بن حرمل قَالَ خرجت نَار من الْحرَّة فجَاء عمر إِلَى تَمِيم الدَّارِيّ فَقَالَ قُم إِلَى هَذِه النَّار فَقَامَ مَعَه وتبعتهما فَانْطَلقَا إِلَى النَّار فَجعل تَمِيم يحوشها بِيَدِهِ حَتَّى دخلت الشّعب وَدخل تَمِيم خلفهَا فَجعل عمر يَقُول لَيْسَ من رأى كمن لم ير قَالَهَا ثَلَاثًا
وَأخرج أَبُو نعيم عَن مَرْزُوق أَن نَارا خرجت على عهد عمر فَجعل تَمِيم الدَّارِيّ يَدْفَعهَا بردائه حَتَّى دخلت غارا فَقَالَ لَهُ عمر لمثل هَذَا كُنَّا نختبئك يَا أَبَا رقية(2/134)
بَاب إضاءة العصى وَالسَّوْط والأصابع
أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي عبس بن جبر أَنه كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَوَات ثمَّ يرجع إِلَى بني حاثة فَخرج لَيْلَة مظلمه مطيرة فنور لَهُ فِي عَصَاهُ حَتَّى دخل دَار بني حَارِثَة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس أَن رجلَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجا من عِنْده ذَات لَيْلَة مطيرة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بَين أَيْدِيهِمَا فَلَمَّا افْتَرقَا صَار مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَاحِد حَتَّى أَتَى أَهله
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَن أنس قَالَ كَانَ عباد بن بشر وَأسيد بن حضير عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة حَتَّى ذهب من اللَّيْل سَاعَة وَهِي لَيْلَة شَدِيدَة الظلمَة ثمَّ خرجا وبيد كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فَأَضَاءَتْ لَهما عَصا أَحدهمَا فمشيا فِي ضوئها حَتَّى إِذا افْتَرَقت بهما الطَّرِيق أَضَاءَت للْآخر عَصَاهُ فَمشى كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي ضوء عَصَاهُ حَتَّى بلغ أَهله
وَأخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعمر سمرا عِنْد أبي بكر يتحدثان عِنْده حَتَّى ذهب اللَّيْل ثمَّ خرجا وَخرج أَبُو بكر مَعَهُمَا جَمِيعًا فِي لَيْلَة مظْلمَة مَعَ أَحدهمَا عَصا فَجعلت تضيء لَهما وَعَلَيْهِمَا نور حَتَّى بلغُوا الْمنزل
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فتفرقنا فِي لَيْلَة ظلماء فَأَضَاءَتْ أصابعي حَتَّى جمعُوا عَلَيْهَا ظهْرهمْ وَمَا هلك مِنْهُم وَأَن أصابعي لتنير
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كَانَت لَيْلَة مطيرة فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصَلَاة الْعشَاء برقتْ برقة فَرَأى قَتَادَة بن النُّعْمَان فَقَالَ يَا قَتَادَة إِذا صليت فَأثْبت حَتَّى آمُرك فَلَمَّا انْصَرف أعطَاهُ العرجون فَقَالَ خُذ هَذَا يضيء لَك أمامك عشرا وخلفك عشرا(2/135)
بَاب فِي تنوير بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث مَرَّات وَإجَابَة دُعَائِهِ فِي مغْفرَة سَائِر أمته
أخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَائِشَة قَالَت بَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جَانِبي ثمَّ استيقظت فاستوحشت لَهُ فَسمِعت حسه يُصَلِّي فَتَوَضَّأت ثمَّ جِئْت فَصليت وَرَاءه فَدَعَا مَا شَاءَ الله من اللَّيْل فجَاء نور حَتَّى أَضَاء الْبَيْت كُله فَمَكثَ مَا شَاءَ الله ثمَّ ذهب وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو فَمَكثَ مَا شَاءَ الله ثمَّ جَاءَ نور هُوَ أَشد من ذَلِك ضوءا حَتَّى لَو كَانَ الْخَرْدَل فِي بَيْتِي حسبت أَن ألقطه لقطَة ثمَّ انْصَرف فَقلت يَا رَسُول الله مَا هَذَا النُّور الَّذِي رَأَيْت قَالَ وَقد رَأَيْته يَا عَائِشَة قلت نعم قَالَ (إِنِّي سَأَلت رَبِّي أمتِي فَأَعْطَانِي الثُّلُث مِنْهُم فحمدته وشكرته ثمَّ سَأَلته الْبَقِيَّة فَأَعْطَانِي الثُّلُث الثَّانِي فحمدته وشكرته ثمَّ سَأَلته الثُّلُث الثَّالِث فأعطانيه فحمدته وشكرته)
حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس بن قُتَيْبَة حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو الْغَزِّي حَدثنَا عطاف بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مطر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ قَالَت عَائِشَة فَذكره عطاف ضَعِيف
بَاب البرقة الَّتِي برقتْ لِلْحسنِ وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء فَكَانَ يُصَلِّي فَإِذا سجد وثب الْحسن وَالْحُسَيْن على ظَهره فَإِذا رفع رَأسه أخذهما فوضعهما وضعا رَفِيقًا فَإِذا عَاد عادا فَلَمَّا صلى جعل وَاحِدًا هَهُنَا وواحدا هَهُنَا فَجئْت فَقلت يَا رَسُول الله أَلا اذْهَبْ بهما إِلَى أمهما قَالَ لَا فبرقت برقة فَقَالَ إلحقا بأمكما فَمَا زَالا يمشيان فِي ضوئها حَتَّى دخلا(2/136)
وَأخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ الْحسن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة ظلماء وَكَانَ يُحِبهُ حبا شَدِيدا فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى أُمِّي فَقلت أذهب مَعَه يَا رَسُول الله قَالَ لَا فَجَاءَت برقة من السَّمَاء فمشي فِي ضوئها حَتَّى بلغ إِلَى مد
بَاب رد الشَّمْس بعد غُرُوبهَا لعَلي رَضِي الله عَنهُ
أخرج ابْن مندة وَابْن شاهين وَالطَّبَرَانِيّ بأسانيد بَعْضهَا على شَرط الصَّحِيح عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوحى إِلَيْهِ فِي حجر عَليّ فَلم يصل الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَ فِي طَاعَتك وَطَاعَة رَسُولك فاردد الشَّمْس) قَالَت أَسمَاء فرأيتها غربت ثمَّ رَأَيْتهَا طلعت بعد مَا غربت وَفِي لفظ للطبراني فطلعت عَلَيْهِ الشَّمْس حَتَّى وقفت على الْجبَال وعَلى الأَرْض وَقَامَ عَليّ فَتَوَضَّأ وَصلى الْعَصْر ثمَّ غَابَتْ وَذَلِكَ بالصهباء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأسه فِي حجر عَليّ وَلم يكن صلى الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس فَلَمَّا قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا لَهُ فَردَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْس حَتَّى صلى ثمَّ غَابَتْ ثَانِيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر الشَّمْس فتأخرت سَاعَة من نَهَار
بَاب التمثال الَّذِي وضع يَده الشَّرِيفَة عَلَيْهِ فأذهبه
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَ دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مستترة بقرام فِيهِ صُورَة فهتكه ثمَّ قَالَ (إِن أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يشبهون بِخلق الله)(2/137)
قَالَت عَائِشَة وأتاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بترس فِيهِ تِمْثَال عِقَاب فَوضع يَده عَلَيْهِ فأذهبه الله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول قَالَ كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترس فِيهِ تِمْثَال رَأس كَبْش فكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَانَهُ فَأصْبح وَقد أذهبه الله
بَاب الشّعْر الَّذِي وضع يَده الْكَرِيمَة عَلَيْهِ فَلم يشب
أخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَابْن مندة وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن السكن وَابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق آمِنَة بنت أبي الشعْثَاء وَقُطْبَة كِلَاهُمَا عَن مدلوك أبي سُفْيَان قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ موَالِي فَأسْلمت فَمسح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على رَأْسِي قَالَتَا فَرَأَيْنَا مَا مسح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رَأسه أسود وَقد شَاب مَا سوى ذَلِك
وَأخرج ابْن سعد وَابْن مندة وَالْبَغوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَطاء مولى السَّائِب بن يزِيد قَالَ كَانَ رَأس السَّائِب أسود الهامة إِلَى مقدم رَأسه وَكَانَ سائره أَبيض فَقلت يَا مولَايَ مَا رَأَيْت أحدا أعجب شعرًا مِنْك قَالَ وَمَا تَدْرِي يَا بني لم ذَاك إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِي وَأَنا مَعَ الصّبيان فَقَالَ من أَنْت قلت السَّائِب بن يزِيد فَمسح بِيَدِهِ على رَأْسِي وَقَالَ بَارك الله فِيهِ فَهُوَ لَا يشيب أبدا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُونُس بن مُحَمَّد بن أنس عَن أَبِيه قَالَ قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَأَنا ابْن اسبوعين فَأتي بِي فَمسح رَأْسِي ودعا لي بِالْبركَةِ وَقَالَ سموهُ باسمي وَلَا تكنوه بكنيتي وَحج حجَّة الْوَدَاع وَأَنا ابْن عشر سِنِين قَالَ يُونُس وَلَقَد عمر أبي حَتَّى شَاب كل شَيْء مِنْهُ وَمَا شَاب مَوضِع يَد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رَأسه وَلَا من لحيته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد بن فضَالة الظفري مثله سَوَاء(2/138)
وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي الوضاح بن سَلمَة الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه عَن عَمْرو بن تغلب قَالَ لقِيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسْلمت وَمسح على وَجْهي فَمَاتَ عَمْرو بن تغلب وَقد أَتَت عَلَيْهِ مائَة سنة وَمَا وَقد أتيت عَلَيْهِ مائَة سنة وَمَا شابت مِنْهُ شَعْرَة مستها يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَجهه وَرَأسه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن السكن عَن مَالك بن عُمَيْر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع يَده على رَأسه وَوَجهه فعمر حَتَّى شَاب رَأسه ولحيته وَمَا شَاب مَوضِع يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رَأسه ولحيته
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح رَأس عبَادَة بن سعد بن عُثْمَان الزرقي ودعا لَهُ فَمَاتَ وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة وَمَا شَاب
وَأخرج ابْن عَسَاكِر وَإِسْحَاق الرَّمْلِيّ فِي فَوَائده عَن بشير بن عقربة الْجُهَنِيّ قَالَ لما قتل أبي يَوْم أحد أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي فَقَالَ مَا يبكيك أما ترْضى أَن أكون أَنا أَبَاك وَعَائِشَة أمك فَمسح على رَأْسِي فَكَانَ أثر يَده من رَأْسِي أسود وسائره أَبيض وَكَانَت بِي رتة وَلَفظ إِسْحَاق وَكَانَت فِي لساني عقدَة فتفل فِيهَا فانحلت وَقَالَ لي مَا أسمك قلت بجير قَالَ بل انت بشير
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ من طَرِيق علياء بن أَحْمَر عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ قَالَ مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ على رَأْسِي ولحيتي ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ جمله قَالَ فَبلغ بضعا وَمِائَة سنة وَمَا فِي لحيته بَيَاض وَقد كَانَ منبسط الْوَجْه وَلم ينقبض وَجهه حَتَّى مَاتَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق أبي نهيك الْأَزْدِيّ عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ عَمْرو بن أَخطب قَالَ استسقى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَيْته بِإِنَاء فِيهِ مَاء وَفِيه شعره فرفعتها ثمَّ ناولته فَقَالَ اللَّهُمَّ جمله قَالَ فرأيته(2/139)
وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَتِسْعين سنة وَمَا فِي رَأسه ولحيته شَعْرَة بَيْضَاء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ثُمَامَة عَن أنس أَن يَهُودِيّا أَخذ من لحية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ جمله فاسودت لحيته بَعْدَمَا كَانَت بَيْضَاء
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة قَالَ حلب يَهُودِيّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاقَة فَقَالَ اللَّهُمَّ جمله فاسود شعره حَتَّى صَار أَشد سوادا من كَذَا وَكَذَا قَالَ معمر وَسمعت غير قَتَادَة يذكر أَنه عَاشَ تسعين سنة فَلم يشب أخرجه ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ مُرْسل شَاهد لما قبله
بَاب الْآيَة فِي أثر يَده من الشِّفَاء والبريق وَالطّيب ونبات الشّعْر
أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالْبَغوِيّ وَالْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حَنْظَلَة بن حذيم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح رَأسه بِيَدِهِ وَقَالَ لَهُ بورك فِيك قَالَ الذَّيَّال فَرَأَيْت حَنْظَلَة يُؤْتى بِالشَّاة الوارم ضرْعهَا وَالْبَعِير وَالْإِنْسَان بِهِ الورم فيتفل فِي يَده وَيمْسَح بصلعته وَيَقُول بِسم الله على أثر يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيمسحه ثمَّ يمسح موقع الورم فَيذْهب الورم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَلَاء قَالَ عدت قَتَادَة بن ملْحَان فِي مَرضه فَمر رجل فِي مُؤخر الدَّار فرأيته فِي وَجه قَتَادَة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح وَجهه وَكنت قل مَا رَأَيْته كَأَن إِلَّا رَأَيْته على وَجهه الدهان
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَغوِيّ وَابْن مندة وَأَبُو نعيم وَابْن شاهين وثابت فِي الدَّلَائِل من طرق عَن بشر بن مُعَاوِيَة أَنه قدم مَعَ أَبِيه مُعَاوِيَة بن ثَوْر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح رَأس بشير وَوَجهه ودعا فَكَانَت فَكَانَت فِي وَجهه مسحة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/140)
كالغرة وَكَانَ لَا يمسح شَيْئا إِلَّا برأَ
وَأخرج ابْن شاهين عَن خُزَيْمَة بن عَاصِم العكلي أَنه قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم فَمسح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجهه فَمَا زَالَ وَجهه جَدِيدا حَتَّى مَاتَ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط بِسَنَد جيد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم عَاصِم امْرَأَة عتبَة بن فرقد قَالَت كُنَّا عِنْد عتبَة أَربع نسْوَة مَا منا امْرَأَة إِلَّا وَهِي تجتهد فِي الطّيب لتَكون أطيب من صاحبتها وَمَا يمس عتبَة الطّيب وَهُوَ أطيب ريحًا منا وَكَانَ إِذا خرج إِلَى النَّاس قَالُوا مَا شممنا ريحًا أطيب من ريح عتبَة فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِك قَالَ أَخَذَنِي الشرى على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكوت ذَلِك إِلَيْهِ فَأمرنِي أَن أتجرد فتجردت وَقَعَدت بَين يَدَيْهِ وألقيت ثوبي على فَرجي فنفث فِي يَده ثمَّ وضع يَده على ظَهْري وبطني فعبق بِي هَذَا الطّيب من يَوْمئِذٍ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن وَائِل بن حجر قَالَ كنت أُصَافح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يمس جلدي جلده فأعرف فِي يَدي بعد ثَالِثَة أُصِيب من ريح الْمسك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي طفيل أَن رجلا من بني لَيْث يُقَال لَهُ فراس بن عَمْرو أَصَابَهُ صداع شَدِيد فَذهب بِهِ أَبوهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بجلدة مَا بَين عَيْنِيَّة فجذبها فَنَبَتَتْ فِي مَوضِع أَصَابِع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جَبينه شَعْرَة فَذهب عَنهُ الصداع فَلم يصدع قَالَ أَبُو الطُّفَيْل فرأيتها كَأَنَّهَا شَعْرَة قنفذ قَالَ فهم بِالْخرُوجِ على عَليّ مَعَ أهل حروراء فَأَخذه أَبوهُ فأوثقه وحبسه فَسَقَطت تِلْكَ الشعرة فشق عَلَيْهِ سُقُوطهَا فَقيل لَهُ هَذَا مِمَّا هَمَمْت بِهِ فأحدث تَوْبَة فَتَابَ قَالَ أَبُو الطُّفَيْل فرأيتها بعد مَا نَبتَت قد سَقَطت ثمَّ رَأَيْتهَا قد نَبتَت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن أبي الطُّفَيْل أَن رجلا ولد لَهُ غُلَام على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بِهِ فَدَعَا لَهُ بِالْبركَةِ وَأخذ بجبهته فَنَبَتَتْ شَعْرَة فِي جَبهته كَأَنَّهَا هلبة فرس فشب الْغُلَام فَلَمَّا كَانَ زمن من الْخَوَارِج أجابهم فَسَقَطت الشعرة عَن جَبهته(2/141)
فوعظناه وَقُلْنَا لَهُ ألم تَرَ بركَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقعت فَلم نزل بِهِ حَتَّى تَابَ فَرد الله تَعَالَى الشعرة بعد فِي وَجهه
وَقَالَ ابْن سعد فِي طبقاته الهلب بن يزِيد بن عدي وَفد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أَقرع فَمسح رَأسه فنبت شعره فَسمى الهلب
وَأخرج الْمَدَائِنِي عَن رِجَاله أَن أسيد بن أبي أنَاس مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجهه وَألقى يَده على صَدره فَكَانَ أسيد يدْخل الْبَيْت المظلم فيضيء وَأخرجه ابْن عَسَاكِر
بَاب آيَة أُخْرَى
أخرج الْحَاكِم عَن حَنْظَلَة بن قيس أَن عبد الله بن عَامر بن كريز أُتِي بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتفل عَلَيْهِ وعوذه فَجعل يتسوغ ريق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّه لمسقي فَكَانَ لَا يعالج أَرضًا إِلَّا ظهر لَهُ مَاء
بَاب الْآيَة فِي خَاتمه الشريف
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ عَن سعيد بن الْمسيب أَن زيد بن خَارِجَة الْأنْصَارِيّ ثمَّ من بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج توفّي زمن عُثْمَان فسجي ثمَّ أَنهم سمعُوا جلجلة فِي صَدره ثمَّ تكلم فَقَالَ أَحْمد أَحْمد فِي الْكتاب الأول صدق صدق أَبُو بكر الصّديق الضَّعِيف فِي نَفسه الْقوي فِي أَمر الله تَعَالَى فِي الْكتاب الأول صدق صدق عمر بن الْخطاب الْقوي الآمين فِي الْكتاب الأول صدق صدق عُثْمَان بن عَفَّان على مناهجهم مَضَت أَربع وَبقيت اثْنَتَانِ أَتَت الْفِتَن وَأكل الشَّديد الضَّعِيف وَقَامَت السَّاعَة وسيأتيكم من جيشكم خبر بِئْر أريس وَمَا بِئْر أريس ثمَّ هلك رجل من خطمة فسجي بِثَوْبِهِ فَسمع جلجلة فِي صَدره ثمَّ تكلم فَقَالَ إِن أَخا بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج صدق صدق(2/142)
قَالَ البهيقي الامر فِي بِئْر أريس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتخذ خَاتمًا فَكَانَ فِي يَده ثمَّ كَانَ فِي يَد عمر ثمَّ كَانَ فِي يَد أبي بكر ثمَّ كَانَ فِي يَد عُثْمَان حَتَّى وَقع فِي بِئْر أريس بَعْدَمَا مضى من خِلَافَته سِتّ سِنِين فَعِنْدَ ذَلِك تَغَيَّرت عماله وَظَهَرت أَسبَاب الْفِتَن كَمَا قيل على لِسَان زيد بن خَارِجَة انْتهى
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ عَن انس قَالَ كَانَ خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَده وَفِي يَد أبي بكر بعده وَفِي يَد عمر بعد أبي بكر فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان جلس على بِئْر أريس فَأخْرج الْخَاتم فَجعل يعبث بِهِ فَسقط قَالَ فاختلفنا ثَلَاثَة أَيَّام مَعَ عُثْمَان فننزح الْبِئْر فَلم نجده
قَالَ بعض الْعلمَاء كَانَ فِي خَاتمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من السِّرّ شَيْء مِمَّا كَانَ فِي خَاتم سُلَيْمَان لِأَن سُلَيْمَان لما فقد خَاتمه ذهب ملكه وَعُثْمَان لما فقد خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انتفض عَلَيْهِ الْأَمر وَخرج عَلَيْهِ الخارجون وَكَانَ ذَلِك مبدأ الْفِتْنَة الَّتِي أفضت إِلَى قَتله واتصلت إِلَى آخر الزَّمَان
بَاب آيَة اخرى فِي الْخَاتم
اخْرُج ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا عليا فَقَالَ انقش خَاتمِي هَذَا وَهُوَ فضَّة كُله مُحَمَّد بن عبد الله فَأتى عَليّ النقاش فَقَالَ انقش هَذَا النقش فَقَالَ افْعَل فشارطه عَلَيْهِ فَوجدَ الله قد قلب يَده فنقش مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالَ عَليّ مَا بِهَذَا أَمرتك قَالَ فان الله قد قلب يَدي وَالله لقد كتبته وَمَا أَعقل فَقَالَ صدقت فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ أَنا رَسُول الله
بَاب آيَة فِي الْمِنْبَر
اخْرُج الزبير بن بكار فِي (اخبار الْمَدِينَة) عَن الْوَلِيد بن رَبَاح قَالَ كسفت الشَّمْس يَوْم زَاد مُعَاوِيَة فِي الْمِنْبَر حَتَّى رؤيت النُّجُوم(2/143)
ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة الْمعَانِي بِصُورَة الاجسام
بَاب رُؤْيَته الرَّحْمَة والسكينة
اخْرُج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سلمَان أَنه كَانَ فِي عِصَابَة يذكرُونَ الله تَعَالَى فَمر بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء نحوهم قَاصِدا حَتَّى دنا مِنْهُم فكفوا عَن الحَدِيث إعظاما لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (مَا كُنْتُم تَقولُونَ فَإِنِّي رَأَيْت الرَّحْمَة تنزل عَلَيْكُم فَأَحْبَبْت أَن اشارككم فِيهَا)
واخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعد بن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي مجْلِس فَرفع نظره إِلَى السَّمَاء ثمَّ طأطأ نظره ثمَّ رَفعه فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ (إِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم كَانُوا يذكرُونَ الله يَعْنِي أهل مجْلِس أَمَامه فَنزلت عَلَيْهِم السكينَة تحملهَا الْمَلَائِكَة كالقبة فَلَمَّا دنت مِنْهُم تكلم رجل مِنْهُم بباطل فَرفعت عَنْهُم) // مُرْسل //
بَاب (رُؤْيَته النُّور بأيدي قوم)
أخرج البُخَارِيّ فِي (التَّارِيخ) وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن انس قَالَ خرجت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد وَفِيه قوم رافعي أَيْديهم يدعونَ فَقَالَ (ترى بِأَيْدِيهِم مَا ارى قلت وَمَا بِأَيْدِيهِم قَالَ بِأَيْدِيهِم نور قلت أدع الله تَعَالَى أَن يرينيه فَدَعَا الله تَعَالَى فأرانيه)(2/144)
بَاب (قَوْله ان على بَاب ابي بكر نورا)
اخْرُج ابْن عَسَاكِر عَن أبي الاحوص حَكِيم بن عُمَيْر الْعَنسِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (عِنْدَمَا أَمر بِهِ من سد تِلْكَ الْأَبْوَاب إِلَّا بَاب أبي بكر وَقَالَ لَيْسَ مِنْهَا بَاب إِلَّا وَعَلِيهِ ظلمَة إِلَّا مَا كَانَ من بَاب أبي بكر فان عَلَيْهِ نورا)
واخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْمِقْدَام قَالَ استب عقيل بن ابي طَالب وَأَبُو بكر فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (الا تدعون لي صَاحِبي مَا شَأْنكُمْ وشأنه فو الله مَا مِنْكُم رجل إِلَّا وعَلى بَاب بَيته الظلمَة إِلَّا بَاب ابي بكر فَإِن على بَابه النُّور)
بَاب رُؤْيَته الْحمى وَسَمَاع كَلَامهَا
أخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم طَارق مولاة سعد قَالَت جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَأْذن فَسكت سعد ثمَّ أعَاد فَسكت سعد ثمَّ أعَاد فَسكت سعد فَانْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت فارسلني سعد إِلَيْهِ إِنَّه لم يمنعنا ان نَأْذَن لَك إِلَّا أَنا أردنَا أَن تزيدنا قَالَت فَسمِعت صَوتا على الْبَاب يسْتَأْذن وَلَا أرى شَيْئا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من انت قَالَت أَنا ام ملدم قَالَ لَا مرْحَبًا بك وَلَا أَهلا اتريدين إِلَى اهل قبَاء قَالَت نعم قَالَ فاذهبي اليهم
واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ أَتَت الْحمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستأذنت عَلَيْهِ فَقَالَ من أَنْت قَالَت ام ملدم قَالَ اتريدين اهل قبَاء قَالَت نعم قَالَ فحموا ولقوا مِنْهَا شدَّة فاشتكوا اليه فَقَالُوا يَا رَسُول الله لَقينَا من الْحمى قَالَ ان شِئْتُم دَعَوْت الله فكشفها عَنْكُم وَإِن شِئْتُم كَانَت لكم طهُورا قَالُوا تكون لنا طهُورا
واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان قَالَ استاذنت الْحمى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا من أَنْت قَالَت أَنا الْحمى أَنا ابري اللَّحْم وأمص الدَّم قَالَ اذهبي الى اهل قبَاء(2/145)
فأتتهم فَجَاءُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اصْفَرَّتْ وُجُوههم يَشكونَ الْحمى قَالَ إِن شِئْتُم دَعَوْت الله فكشفها عَنْكُم وَإِن شِئْتُم تَرَكْتُمُوهَا فَأسْقطت ذنوبكم قَالُوا بل ندعها
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَت الْحمى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله ابعثني إِلَى أحب قَوْمك إِلَيْك فَقَالَ اذهبي إِلَى الْأَنْصَار فَذَهَبت فصبت عَلَيْهِم فصرعتهم فَقَالُوا يَا رَسُول الله ادْع الله لنا بالشفاء فَدَعَا الله فكشف عَنْهُم قَالَ الْبَيْهَقِيّ يحْتَمل أَن هَذَا فِي قوم آخَرين من الْأَنْصَار
بَاب رُؤْيَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفِتَن
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أُسَامَة بن زيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أشرف على أَطَم من آطام الْمَدِينَة فَقَالَ (هَل ترَوْنَ مَا أرى إِنِّي لأرى مواقع الْفِتَن)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن بِلَال أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع بَصَره إِلَى السَّمَاء فَقَالَ (سُبْحَانَ الَّذِي يُرْسل عَلَيْهِم الْفِتَن ارسال الْقطر) وَأخرج أَيْضا مثله من حَدِيث جرير
بَاب رُؤْيَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّنْيَا وَسَمَاع كَلَامهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْأَيْمَان عَن زيد بن أَرقم قَالَ كُنَّا مَعَ أبي بكر الصّديق فَدَعَا بشراب فَأتى بِمَاء وَعسل فَبكى حَتَّى أبكى أَصْحَابه فَقَالُوا مَا يبكيك قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرأيته يدْفع عَن نَفسه شَيْئا وَلم أر مَعَه أحدا فَقلت يَا رَسُول الله مَا الَّذِي تدفع عَن نَفسك قَالَ هَذِه الدُّنْيَا مثلت لي فَقلت لَهَا إِلَيْك عني ثمَّ رجعت فَقَالَت إِن أفلت مني فَلَنْ ينفلت مني من بعْدك وَأخرجه الْبَزَّار بِلَفْظ قَالَ الدُّنْيَا تطولت لي فَقلت إِلَيْك عني فَقَالَت لي أما أَنَّك لست بمدركي(2/146)
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَطاء بن يسَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أئتني الدُّنْيَا خضرَة حلوة رفعت لي رَأسهَا وتزينت لي فَقلت إِنِّي لَا أريدك فَقَالَت إِن إنفلت مني لم ينفلت مني غَيْرك
بَاب رُؤْيَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة والساعة
أخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي الدُّنْيَا من طرق جيده عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي جِبْرِيل وَفِي يَده مرْآة بَيْضَاء فِيهَا نُكْتَة سَوْدَاء قلت مَا هَذِه يَا جِبْرِيل قَالَ هَذِه الْجُمُعَة يعرضهَا عَلَيْك رَبك لتَكون لَك عيدا ولقومك قلت مَا هَذِه النُّكْتَة السَّوْدَاء فِيهَا قَالَ هَذِه السَّاعَة
بَاب تجلي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عائش الْحَضْرَمِيّ عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة وَهُوَ طيب النَّفس مُسْفِر الْوَجْه فَسَأَلْنَاهُ قَالَ وَمَا يَمْنعنِي وأتاني رَبِّي اللَّيْلَة فِي أحسن صُورَة فَقَالَ يَا مُحَمَّد قلت لبيْك رَبِّي وَسَعْديك قَالَ فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت لَا أَدْرِي فَوضع يَده بَين كَتِفي حَتَّى وجدت بردهَا بَين ثديي حَتَّى تجلى لي مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض قَالَ ثمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وليكون من الموقنين} لَهُ طرق وَهُوَ مطول
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تجلى لي فِي أحسن صُورَة فَسَأَلَنِي فِيمَا أختصم الْمَلأ الْأَعْلَى فَقلت رب لَا علم لي بِهِ فَوضع يَده بَين كَتِفي حَتَّى وجدت بردهَا بَين ثديي فَمَا سَأَلَني(2/147)
عَن شَيْء إِلَّا عَلمته وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيث ثَوْبَان وَفِيه فخيل لي مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَمن حَدِيث ابْن عمر وَلَفظه إِن صليت فِي مصلاي فَضرب على أُذُنِي فَجَاءَنِي رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى فِي أحسن صُورَة الحَدِيث وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة وَلَفظه أَتَانِي رَبِّي فِي أحسن صُورَة فَقَالَ فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت لَا أَدْرِي فَوضع يَده بَين ثديي فَعلمت فِي مقَامي ذَلِك مَا سَأَلَني عَنهُ عَن أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الحَدِيث
بَاب فِيمَا اطلع عَلَيْهِ من أَحْوَال البرزخ وَالْجنَّة وَالنَّار غير مَا تقدم
أخرج ابْن ماجة من طَرِيق فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن عَن أَبِيهَا قَالَ لما توفّي الْقَاسِم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت خَدِيجَة وددت لَو كَانَ الله تَعَالَى أبقاه حَتَّى يستكمل رضاعه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن تَمام رضاعه فِي الْجنَّة) قَالَت لَو أعلم ذَلِك يَا رَسُول الله لهون عَليّ أمره فَقَالَ (إِن شِئْت دَعَوْت الله يسمعك صَوته) قَالَت بل أصدق الله وَرَسُوله
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَنَّهَا ذكرت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَطْفَال الْمُشْركين فَقَالَ إِن شِئْت أسمعتك تضاغيهم فِي النَّار
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن جَابر قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نحلا النَّبِي النجار فَسمع مَعَ أصوات رجال من بني النجار مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم فَخرج فَزعًا فَأمر أَصْحَابه أَن يتعوذوا من عَذَاب الْقَبْر
وَأخرج مُسلم عَن زيد بن ثَابت قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَائِط لبني النجار على بغلة لَهُ وَنحن مَعَه إِذْ حادت بِهِ فَكَادَتْ تلقيه وَإِذا أقبر سِتَّة أَو خَمْسَة أَو أَرْبَعَة فَقَالَ من يعرف أَصْحَاب هَذِه الأقبر فَقَالَ رجل أَنا فَقَالَ مَتى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاك فَقَالَ (إِن هَذِه الْأمة تبتلي فِي قبورها فلولا أَن لَا تدافنوا الدعوت الله أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر الَّذِي أسمع)(2/148)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قبرين فَقَالَ (انهما ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير أما أَحدهمَا فَكَانَ لَا يستبرىء من بَوْله وَأما الآخر فَكَانَ يمشي بالنميمة ثمَّ أَخذ جَرِيدَة رطبَة فَشَقهَا بِاثْنَتَيْنِ فَجعل فِي كل قبر وَاحِدَة فَقَالُوا يَا رَسُول الله لم فعلت هَذَا قَالَ لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا
وَأخرج ابْن جرير فِي كتاب السّنة عَن أبي أُمَامَة قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَقِيع الْغَرْقَد فَوقف على قبرين ثريين فَقَالَ أدفنتم هَهُنَا فلَانا وفلانة أَو قَالَ فلَانا وَفُلَانًا قَالُوا نعم قَالَ قد أقعد فلَان الْآن يضْرب ثمَّ قَالَ (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد ضربه ضَرْبَة سَمعهَا الْخَلَائق إِلَّا الثقلَيْن وَلَوْلَا تمريج فِي قُلُوبكُمْ وتزيدكم فِي الحَدِيث لسمعتم مَا أسمع ثمَّ قَالَ الْآن يضْرب هَذَا ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد ضرب ضَرْبَة مَا بَقِي مِنْهُ عظم إِلَّا انْقَطع وَلَقَد تطاير قَبره نَارا قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا ذنبهما قَالَ (أما هَذَا فَأَنَّهُ كَانَ لَا يستبرىء من الْبَوْل وَأما هَذَا فَأَنَّهُ كَانَ يَأْكُل لُحُوم النَّاس)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبلال يمشيان بِالبَقِيعِ فَقَالَ يَا بِلَال هَل تسمع مَا أسمع قَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله قَالَ أَلا تسمع أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يعلى بن مرّة قَالَ مَرَرْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَقَابِر فَسمِعت ضغطة فِي قبر فَقلت يَا رَسُول الله سَمِعت ضغطة فِي قبر قَالَ (وَسمعت يَا يعلى قلت نعم قَالَ فَأَنَّهُ يعذب فِي يسير من الْأَمر قلت وَمَا هُوَ قَالَ فِي المنميمة وَالْبَوْل)
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد حسن عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فارتفعت ريح مُنْتِنَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَدْرُونَ مَا هَذِه الرّيح هَذِه ريح الَّذين يغتابون الْمُؤمنِينَ)(2/149)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن جرير بن عبد الله قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَرَرْنَا إِلَى الصَّحرَاء فَإِذا رَاكب يوضع مُقبلا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَيْن أَقبلت قَالَ من مَالِي وَوَلَدي وعشيرتي قَالَ وَأَيْنَ تُرِيدُ قَالَ رَسُول الله قَالَ قد أصبت فَعلمه الْإِسْلَام وَتَقَع يَد بعيره فِي شبكة جرذان فَأَهوى الْجمل وَوَقع الرجل على رَأسه فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنِّي رَأَيْت ملكَيْنِ يدسان فِي فِيهِ من ثمار الْجنَّة) شبكة جرذان جُحر الفأر
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من حَدِيث ابْن مَسْعُود نَحوه وَزَاد ثمَّ أدخلهُ قَبره فَمَكثَ طَويلا ثمَّ خرج فَقَالَ لقد نزلت من الْحور الْعين كُلهنَّ يقلن يَا رَسُول الله زَوجْنَا لَهُ فَمَا خرجت حَتَّى زَوجته سبعين حوراء وَفِي هَذَا الحَدِيث أَن لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُزَوّج من شَاءَ من الْمُؤمنِينَ بِمن شَاءَ من الْحور الْعين كَمَا لَهُ من ذَلِك فِي نسَاء الدُّنْيَا
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أَسمَاء قَالَت كسفت الشَّمْس فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ (مَا من شَيْء لم أكن رَأَيْته لَا نأتيه فِي مقَامي هَذَا حَتَّى الْجنَّة وَالنَّار)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ انخسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى ثمَّ انْصَرف فَقَالُوا يَا رَسُول الله رَأَيْنَاك تناولت شَيْئا فِي مقامك ثمَّ رَأَيْنَاك كعكعت قَالَ (إِنِّي رَأَيْت الْجنَّة فتناولت عنقودا وَلَو أصبته لأكلتم مِنْهُ مَا بقيت الدُّنْيَا وَرَأَيْت النَّار فَلم أر منْظرًا كَالْيَوْمِ قطّ أفظع وَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة صَلَاة فَمد يَده ثمَّ أَخّرهَا فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ (إِنَّه عرضت عَليّ الْجنَّة فَرَأَيْت فِيهَا أغصانا دالية قطوفها دانية فَأَرَدْت أَن أتناول مِنْهَا شَيْئا وَعرضت عَليّ النَّار فِيمَا بَيْنكُم وبيني حَتَّى رَأَيْت ظِلِّي وظلكم فِيهَا)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اطَّلَعت فِي الْجنَّة فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا الْفُقَرَاء واطلعت فِي النَّار فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء)(2/150)
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (دخلت الْجنَّة فَسمِعت فِيهَا قِرَاءَة فَقلت من هَذَا قَالُوا حَارِثَة بن النُّعْمَان كذلكم الْبر كذلكم الْبر)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن حميد عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ادخلت الْجنَّة فَرفع لي قصر فَقلت لمن هَذَا قَالُوا لعمر بن الْخطاب فَمَا مَنَعَنِي أَن أدخلهُ إِلَّا غيرتك) قَالَ أَبُو بكر فَقلت لحميد فِي النّوم أَو فِي الْيَقَظَة قَالَ لَا بل فِي الْيَقَظَة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (رَأَيْت عَمْرو بن عَامر الْخُزَاعِيّ يجر قَصَبَة فِي النَّار وَكَانَ أول من سيب السوائب)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا وَرَأَيْت عمرا يجر قَصَبَة وَهُوَ أول من سيب السوائب
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَخذ جِبْرِيل بيَدي فَأرَانِي بَاب الْجنَّة الَّذِي يدْخل مِنْهُ أمتِي فَقَالَ أَبُو بكر وددت أَنِّي كنت مَعَك حَتَّى أرَاهُ فَقَالَ أما أَنَّك أول من يدْخل الْجنَّة من أمتِي)
بَاب اجتماعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالخضر وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام
أخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي الْمَسْجِد فَسمع كلَاما من وَرَائه فَإِذا هُوَ بقائل يَقُول اللَّهُمَّ أَعنِي على مَا ينجيني مِمَّا خوفتني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سمع ذَلِك أَلا تضم إِلَيْهَا أُخْتهَا فَقَالَ الرجل اللَّهُمَّ أرزقني شوق الصَّالِحين إِلَى مَا شوقتهم إِلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأنس اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقل لَهُ يَقُول لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تستغفر لي فجَاء أنس فَبَلغهُ فَقَالَ الرجل يَا أنس أَنْت رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيّ قَالَ نعم قَالَ اذْهَبْ فَقل لَهُ إِن الله فضلك على الْأَنْبِيَاء مثل مَا فضل رَمَضَان(2/151)
على سَائِر الشُّهُور وَفضل أمتك على الْأُمَم مثل مَا فضل يَوْم الْجُمُعَة على سَائِر الْأَيَّام فَذهب ينظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ الْخضر
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر من ثَلَاث طرق عَن أنس قَالَ خرجت لَيْلَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحمل الطّهُور فَسمع قَائِلا يَقُول اللَّهُمَّ أَعنِي على مَا ينجيني مِمَّا خوفتني مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أنس ضع الطّهُور وائت هَذَا فَقل لَهُ أدع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُعينهُ على مَا ابتعثه بِهِ وادع لأمته أَن يَأْخُذُوا مَا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم من الْحق فَأَتَيْته فَقلت لَهُ فَقَالَ مرْحَبًا برَسُول الله أَنا كنت أَحَق أَن آتيه اقْرَأ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني السَّلَام وَقل لَهُ الْخضر يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول لَك إِن الله فضلك على النَّبِيين كَمَا فضل شهر رَمَضَان على سَائِر الشُّهُور وَفضل أمتك على الْأُمَم كَمَا فضل يَوْم الْجُمُعَة على سَائِر الْأَيَّام فَلَمَّا وليت وسمعته يَقُول اللَّهُمَّ أجعلني من هَذِه الْأمة المرحومة المتاب عَلَيْهَا
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ رَأينَا بردا ويدا فَقُلْنَا يَا رَسُول الله مَا هَذَا الْبرد الَّذِي رَأينَا وَالْيَد قَالَ قد رَأَيْتُمُوهُ قُلْنَا نعم قَالَ ذَاك عِيسَى بن مَرْيَم سلم عَليّ وَأخرجه ابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن أنس
بَاب فِي رُؤْيَته رجلا من قوم عَاد رِجْلَاهُ فِي الْمَدِينَة وَرَأسه بِذِي الحليفة
أخرج ابْن عَسَاكِر عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ ربه أَن يرِيه رجلا من قوم عَاد فَأرَاهُ رجلا رِجْلَاهُ فِي الْمَدِينَة وَرَأسه بِذِي الحليفة(2/152)
بَاب رجل كَانَ يَأْكُل وَلم يسم الله قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا زَالَ الشَّيْطَان يَأْكُل مَعَه حَتَّى سمى
أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أُميَّة بن مخشى أَن رجلا كَانَ يَأْكُل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر فَلم يسم الله حَتَّى كَانَ فِي آخر طَعَامه قَالَ بِسم الله أَوله وَآخره فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا زَالَ الشَّيْطَان يَأْكُل مَعَه حَتَّى سمى فَمَا بَقِي فِي بَطْنه شَيْء إِلَّا قاءه)(2/153)
ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة أَصْحَابه الْمَلَائِكَة وَسَمَاع كَلَامهم مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره
أخرج الشَّيْخَانِ من طَرِيق أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ نبئت أَن جبرئيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده أم سَلمَة فَجعل يتحدث ثمَّ قَامَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذَا قَالَت هَذَا دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَت مَا حسبته إِلَّا إِيَّاه حَتَّى سَمِعت خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخبر جِبْرِيل قلت لأبي عُثْمَان مِمَّن سَمِعت هَذَا قَالَ من أُسَامَة
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بارزا للنَّاس فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ مَا الْأَيْمَان قَالَ (أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وبكتابه وَرُسُله وتؤمن بِالْبَعْثِ) قَالَ مَا الْإِسْلَام قَالَ أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وَتُؤَدِّي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان قَالَ مَا الْإِحْسَان قَالَ أَن تعبد الله كَأَنَّك تره فَإِن لم تكن ترااه فَأَنَّهُ يراك قَالَ مَتى السَّاعَة قَالَ مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وسأخبرك عَن إشراطها إِذا ولدت الْأمة ربتها وَإِذ تطاول رعاء الْإِبِل البهم فِي لبنان فِي خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله ثمَّ أدبر فَقَالَ ردُّوهُ فَلم يرَوا شَيْئا فَقَالَ هَذَا جِبْرِيل جَاءَ يعلم النَّاس دينهم
وَأخرج أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الْمعرفَة عَن تَمِيم بن سَلمَة قَالَ بَيْنَمَا أَنا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ انْصَرف من عِنْده رجل فَنَظَرت إِلَيْهِ موليا معتما بعمامة قد أرسلها من وَرَائه قلت يَا رَسُول الله من هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيل(2/154)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن حَارِثَة بن النُّعْمَان قَالَ مَرَرْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ جِبْرِيل فَسلمت عَلَيْهِ ومررت فَلَمَّا رَجعْنَا وَانْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَل رَأَيْت الَّذِي كَانَ معي قلت نعم قَالَ فَإِنَّهُ جِبْرِيل وَقد رد عَلَيْك السَّلَام
وَأخرج ابْن شاهين عَن الْقَاسِم أَن حَارِثَة أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُنَاجِي رجلا فَجَلَسَ وَلم يسلم فَقَالَ جِبْرِيل أما أَنه لَو سلم لرددنا عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن سعد عَن حَارِثَة قَالَ رَأَيْت جِبْرِيل من الدَّهْر مرَّتَيْنِ
وَأخرج ابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عُثْمَان عَن أَبِيه أَن حَارِثَة بن النُّعْمَان كف بَصَره
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كنت مَعَ أبي عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده رجل يناجيه فَكَانَ كالمعرض عَن أبي فخرجنا فَقَالَ لي أبي يَا بني ألم تَرَ إِلَى إِبْنِ عمك كالمعرض عني قلت يَا أَبَت أَنه كَانَ عِنْده رجل يناجيه فَرجع فَقَالَ يَا رَسُول الله قلت لعبد الله كَذَا وَكَذَا فَقَالَ إِنَّه كَانَ عنْدك رجل يناجيك فَهَل كَانَ عنْدك أحد قَالَ وَهل رَأَيْته يَا عبد الله قلت نعم قَالَ ذَاك جِبْرِيل هُوَ الَّذِي كَانَ يشغلني عَنْك
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ رَأَيْت جِبْرِيل مرَّتَيْنِ ودعا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رَأَيْت جِبْرِيل لم يره خلق إِلَّا عمى إِلَّا أَن يكون نَبيا وَلَكِن أَن يَجْعَل ذَلِك فِي آخر عمرك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ عَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من الْأَنْصَار فَلَمَّا دنا من منزله سمعته يتَكَلَّم فِي الدَّاخِل فَلَمَّا دخل لم ير أحدا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كنت تكلم قَالَ يَا رَسُول الله دخل عَليّ دَاخل مَا رَأَيْت رجلا قطّ(2/155)
بعْدك أكْرم مَجْلِسا وَلَا أحسن حَدِيثا مِنْهُ قَالَ ذَاك جِبْرِيل وَأَن مِنْكُم لَرِجَالًا لَو أَن أحدهم يقسم عَليّ الله لَأَبَره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن مسلمة قَالَ مَرَرْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاضِعا خَدّه على خد رجل فَلم أسلم ثمَّ رجعت فَقَالَ لي مَا مَنعك أَن تسلم قلت يَا رَسُول الله رَأَيْتُك فعلت بِهَذَا الرجل شَيْئا مَا فعلته بِأحد من النَّاس فَكرِهت أَن أقطع عَلَيْك حَدِيثك فَمن كَانَ يَا رَسُول الله قَالَ جِبْرِيل
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت رَأَيْت جِبْرِيل وَاقِفًا فِي حُجْرَتي هَذِه وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يناجيه فَقلت يَا رَسُول الله من هَذَا قَالَ بِمن شبهته فَقلت بِدِحْيَةَ قَالَ لقد رَأَيْت جِبْرِيل قَالَت فَمَا لَبِثت إِلَّا يَسِيرا حَتَّى قَالَ يَا عَائِشَة هَذَا جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام قلت وَعَلِيهِ السَّلَام جزاه الله من دخيل خيرا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي بكر فَرَآهُ ثقيلا فَخرج من عِنْده فَدخل على عَائِشَة فَإِنَّهُ ليخبرها بوجع أبي بكر إِذْ دخل أَبُو بكر يسْتَأْذن فَقَالَت عَائِشَة أبي فَدخل فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتعجب لما عجل الله تَعَالَى لَهُ من الْعَافِيَة فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا أَن خرجت من عِنْدِي فغفوت فَأَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فسعطني سعطة فَقُمْت وَقد برأت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ خرج فتبعته فَإِذا عَارض قد عرض لَهُ فَقَالَ لي يَا حُذَيْفَة هَل رَأَيْت الْعَارِض الَّذِي عرض لي قلت نعم قَالَ (ذَاك ملك من الْمَلَائِكَة لم يهْبط إِلَى الأَرْض قبلهَا اسْتَأْذن ربه فَسلم عَليّ ويبشرني بالْحسنِ وَالْحُسَيْن إنَّهُمَا سيدا شباب أهل الْجنَّة وَأَن فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة)
وَأخرج مُسلم عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ إِن الْمَلَائِكَة كَانَت تسلم عَليّ فَلَمَّا اكتويت انْقَطع عني فَلَمَّا تركت عَاد إِلَيّ(2/156)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن غزالة قَالَت كَانَ عمرَان ابْن حُصَيْن يَأْمُرنَا أَن نكنس الدَّار ونسمع السَّلَام عَلَيْكُم السَّلَام عَلَيْكُم وَلَا نرى أحدا قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا تَسْلِيم الْمَلَائِكَة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان قَالَ مَا قدم علينا الْبَصْرَة من الصَّحَابَة أفضل من عمرَان بن حُصَيْن أَتَت عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ سنة تسلم عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة من جَوَانِب بَيته
وَأخرج ابْن سعد عَن قَتَادَة أَن الْمَلَائِكَة كَانَت تصافح عمرَان بن حُصَيْن حَتَّى اكتوى فتحت
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن الْبَراء قَالَ كَانَ رجل يقْرَأ سُورَة الْكَهْف وَإِلَى جَانِبه حصان مربوط فتغشته سَحَابَة فَجعلت تَدْنُو وَجعل فرسه ينفر فَلَمَّا أصبح أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر لَهُ فَقَالَ (تِلْكَ السكينَة تنزلت لِلْقُرْآنِ)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أسيد بن حضير قَالَ بَيْنَمَا هُوَ يقْرَأ من اللَّيْل سُورَة الْبَقَرَة وفرسه مربوط إِذْ جالت الْفرس فَسكت فسكنت لم قَرَأَ فجالت فَسكت فسكنت فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَإِذا هُوَ بِمثل الظلة فِيهَا أَمْثَال المصابيح عرجت إِلَى السَّمَاء حَتَّى مَا يَرَاهَا فَلَمَّا أصبح حدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالَ (تِلْكَ الْمَلَائِكَة دنت لصوتك وَلَو قَرَأت لأصبح النَّاس ينظرُونَ إِلَيْهَا لَا تتوارى مِنْهُم) لَهُ طرق عَن أسيد وَفِي بَعْضهَا اقْرَأ أسيد فقد أُوتيت من مَزَامِير آل دَاوُد وَكَانَ حسن الصَّوْت وَفِي بَعْضهَا ذَاك ملك يسمع الْقُرْآن أخرج أَبُو نعيم
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عَاصِم عَن زر وَأبي وَائِل قَالَا قَالَ أسيد بن حضير كنت أُصَلِّي إِذْ جَاءَنِي شَيْء فأظلني ثمَّ ارْتَفع فَغَدَوْت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ (تِلْكَ السكينَة نزلت تسمع الْقُرْآن)
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن مُحَمَّد بن جرير بن يزِيد أَن أَشْيَاخ أهل الْمَدِينَة حدثوه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ ألم تَرَ ثَابت بن قيس بن شماس لم(2/157)
تزل دَاره البارحة تزهر مصابيح قَالَ فَلَعَلَّهُ قَرَأَ سُورَة فَسَأَلَ ثَابت فَقَالَ قَرَأت سُورَة الْبَقَرَة
وَأخرج ابْن ابي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَفَقَدته لَيْلَة فَانْطَلَقت أطلبه فَإِذا معَاذ بن جبل وَعبد الله بن قيس قائمان قلت أَيْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَا لَا نَدْرِي غير أَنا سمعنَا صَوتا فِي أَعلَى الْوَادي فَإِذا مثل هزيز الرَّحَى وأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّه أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فخيرني بَين أَن يدْخل نصف أمتِي الْجنَّة وَبَين الشَّفَاعَة فاخترت الشَّفَاعَة
دَعَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الذّكر عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ أبي بن كَعْب لأدخلن الْمَسْجِد فلأصلين ولأحمدن الله تَعَالَى بِمَحَامِد لم يحمده بهَا أحد فَلَمَّا صلى وَجلسَ ليحمد الله ويثني عَلَيْهِ إِذا هُوَ بِصَوْت عَال من خَلفه يَقُول اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كُله وَلَك الْملك كُله وبيدك الْخَيْر كُله وَإِلَيْك يرجع الْأَمر كُله وَإِلَيْك يرجع الْأَمر كُله علاتية وسره لَك الْحَمد إِنَّك على كل شَيْء قدير اغْفِر لي مَا مضى من ذُنُوبِي واعصمني فِيمَا بَقِي من عمري وارزقني أعمالا زاكية ترْضى بهَا عني وَتب عَليّ فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقص عَلَيْهِ فَقَالَ ذَاك جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة فَجعلت أُخْته تبْكي عَلَيْهِ وَتقول واجبلاه وَكَذَا وَكَذَا فَقَالَ ابْن رَوَاحَة حِين أَفَاق مَا قلت لي شَيْئا إِلَّا وَقد قيل لي أَنْت كَذَلِك
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي عمرَان الْجونِي أَن عبد الله بن رَوَاحَة أُغمي عَلَيْهِ فَأَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ إِن كَانَ قد حضر أَجله فيسر عَلَيْهِ وَإِن لم يكن حضر أَجله فاشفه فَوجدَ خفَّة فَقَالَ يَا رَسُول الله أُمِّي تَقول واجبلاه واظهراه(2/158)
وَملك قد رفع مرزبة من حَدِيد يَقُول أَنْت كَذَا فَلَو قلت نعم لقمعني بهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة فَقَامَتْ الناعية فَدخل عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأفاق فَقَالَ يَا رَسُول الله أُغمي عَليّ فصاحت النِّسَاء واعزاه واجبلاه واظهراه فَقَامَ ملك مَعَه مرزبة فَجَعلهَا بَين رجْلي فَقَالَ أَنْت كَمَا تَقول قلت لَا وَلَو قلت نعم ضَرَبَنِي بهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن أَن معَاذ بن جبل أُغمي عَلَيْهِ فَجعلت أُخْته تَقول واجبلاه فَلَمَّا أَفَاق قَالَ مَا زلت لي مؤذية مُنْذُ الْيَوْم قَالَت لقد كَانَ يعز عَليّ أَن أؤذيك قَالَ مَا زَالَ ملك شَدِيد الإنتهار كلما قلت واكذا قَالَ كَذَلِك أَنْت فَأَقُول لَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مرض مَرضا شَدِيدا فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ظنُّوا أَنه قد فاضت نَفسه حَتَّى قَامُوا من عِنْده وجللوة ثوبا ثمَّ أَفَاق فَقَالَ إِنَّه أَتَانِي ملكان فظان غليظان فَقَالَ انْطلق بِنَا نحاكمك إِلَى الْعَزِيز الْأمين فذهبا بِي فلقيهما ملكان هما أرق مِنْهُمَا وأرحم فَقَالَا أَيْن تذهبان بِهِ قَالَا نحاكمه إِلَى الْعَزِيز الْأمين قَالَا دَعَاهُ فَإِنَّهُ مِمَّن سبقت لَهُ السَّعَادَة وَهُوَ فِي بطن أمه وعاش بعد ذَلِك شهرا ثمَّ توفّي
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة بن رُوَيْم عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة وَكَانَ شَيخا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يحب أَن يقبض فَكَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ كَبرت سني ووهن عظمي فاقبضني إِلَيْك قَالَ فينما أَنا يَوْمًا فِي مَسْجِد دمشق وَأَنا أُصَلِّي وأدعو أَن أَقبض إِذا أَنا بفتى شَاب من أجمل الرِّجَال وَعَلِيهِ دواج أَخْضَر فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُو بِهِ قلت وَكَيف أَدْعُو يَا ابْن(2/159)
أخي قَالَ قل اللَّهُمَّ حسن الْعَمَل وَبلغ الآجل قلت من أَنْت يَرْحَمك الله قَالَ أَنا رتائيل الَّذِي يسل الْحزن من صُدُور الْمُؤمنِينَ ثمَّ الْتفت فَلم أر أحدا(2/160)
ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة أَصْحَابه الْجِنّ وَسَمَاع كَلَامهم مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره
أخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وكلني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان فَأَتَانِي آتٍ فَجعل يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته وَقلت لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال ولي حَاجَة شَدِيدَة فخليت عَنهُ فَأَصْبَحت فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا هُرَيْرَة مَا فعل أسيرك البارحة قلت يَا رَسُول الله شكا حَاجَة شَدِيدَة وعيالا فرحمته وخليت سَبيله قَالَ أما أَنه قد كَذبك وَسَيَعُودُ فَعرفت أَنه سيعود فرصدته فجَاء يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته فَقلت لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال لَا أَعُود فرحمته وخليت سَبيله فَأَصْبَحت فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فعل أسيرك البارحة قلت يَا رَسُول الله شكا حَاجَة وعيالا فرحمته وخليت سَبيله قَالَ أما أَنه قد كَذبك وَسَيَعُودُ فرصدته الثَّالِثَة فجَاء يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته وَقلت لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا آخر ثَلَاث مرار تزْعم أَنَّك لَا تعود ثمَّ تعود فَقَالَ دَعْنِي أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بهَا إِذا آويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ حَتَّى تختمها فَأَنَّهُ لن يزَال عَلَيْك من الله حَافظ وَلَا يقربك الشَّيْطَان حَتَّى تصبح فَأَصْبَحت فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أما أَنه صدقك وَهُوَ كذوب تعلم من تخاطب مُنْذُ ثَلَاث يَا أَبَا هُرَيْرَة قلت لَا قَالَ ذَلِك الشَّيْطَان
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم من طَرِيق أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ مَعَه مِفْتَاح بَيت الصَّدَقَة وَكَانَ فِيهِ تمر فَذهب يَوْمًا يفتح الْبَاب(2/161)
فَوجدَ التَّمْر قد أَخذ مِنْهُ ملْء كف وَدخل يَوْمًا آخر فَإِذا قد أَخذ مِنْهُ ملْء كف ثمَّ دخل يَوْمًا ثَالِثا فَإِذا قد أَخذ مِنْهُ مثل ذَلِك فَشَكا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحب أَن تَأْخُذ صَاحبك هَذَا قَالَ نعم قَالَ فَإِذا فتحت الْبَاب فَقل سُبْحَانَ من سخرك لمُحَمد فَذهب فَفتح الْبَاب وَقَالَ سُبْحَانَ من سخرك لمُحَمد فَإِذا هُوَ قَائِم بَين يَدَيْهِ قَالَ يَا عَدو الله أَنْت صَاحب هَذَا قَالَ نعم دَعْنِي فَإِنِّي لَا أَعُود مَا كنت آخِذا إِلَّا لأهل بَيت من الْجِنّ فَقَرَأَ فخلى عَنهُ ثمَّ عَاد الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة فَقلت أَلَيْسَ قد عاهدتني أَن لَا تعود لَا أدعك الْيَوْم حَتَّى اذْهَبْ بك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تفعل وأعلمك كَلِمَات إِذا أَنْت قلتهَا لم يقربك أحد من الْجِنّ آيَة الْكُرْسِيّ
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم بِسَنَد رِجَاله موثوقون عَن معَاذ بن جبل قَالَ ضم إِلَيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تمر الصَّدَقَة فَجَعَلته فِي غرفَة لي فَكنت أجد فِيهِ كل يَوْم نُقْصَانا فشكوت ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي هُوَ عمل الشَّيْطَان فأرصده فرصدته لَيْلًا فَلَمَّا ذهب هوي من اللَّيْل أقبل على صُورَة الْفِيل فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْبَاب دخل من خلل الْبَاب على غير صورته فَدَنَا من التَّمْر فَجعل يلتقمه فشددت على ثِيَابِي فتوسطته فَقلت أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله يَا عَدو الله وَثَبت إِلَى تمر الصَّدَقَة فَأَخَذته وَكَانُوا أَحَق بِهِ مِنْك لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعاهدني أَن لَا يعود فَغَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا فعل أسيرك قلت عاهدني أَن لَا يعود قَالَ إِنَّه عَائِد فارصده فرصدته اللَّيْلَة الثَّانِيَة فَصنعَ مثل ذَلِك وصنعت مثل ذَلِك فعاهدني أَن لَا يعود فَغَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ إِنَّه عَائِد فرصدته اللَّيْلَة الثَّالِثَة فَصنعَ مثل ذَلِك فَقلت يَا عَدو الله عاهدتني مرَّتَيْنِ وَهَذِه الثَّالِثَة فَقَالَ لي إِنِّي ذُو عِيَال وَمَا أَتَيْتُك إِلَّا من نَصِيبين وَلَو أصبت شَيْئا دونه مَا أَتَيْتُك وَلَقَد كُنَّا فِي مدينتكم هَذِه حَتَّى بعث صَاحبكُم فَلَمَّا نزلت عَلَيْهِ آيتان نفرنا مِنْهَا فوقعنا بنصيبين وَلَا يقرآن فِي بَيت إِلَّا لم يلج فِيهِ الشَّيْطَان ثَلَاثًا فَإِن خليت سبيلي علمتكهما قلت نعم قَالَ(2/162)
آيَة الْكُرْسِيّ وَآخر سُورَة الْبَقَرَة {آمن الرَّسُول} إِلَى آخرهَا فخليت سَبيله ثمَّ غَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ صدق وَهُوَ كذوب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ كَانَ لي طَعَام فتبينت فِيهِ النُّقْصَان فَكنت فِي اللَّيْل فَإِذا غول قد سَقَطت عَلَيْهِ فقبضت عَلَيْهَا فَقلت لَا أُفَارِقك حَتَّى أذهب بك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِنِّي أَعُود إمرأة كَثِيرَة الْعِيَال لَا أَعُود فَحَلَفت لي فخليتها فَجئْت فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كذبت وَهِي كذوب فَجَاءَت الثَّانِيَة فأخذتها فَقَالَت لي كَمَا قَالَت فِي الأولى وَحلفت أَن لَا تعود فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كذبت وَهِي كذوب فَجَاءَت الثَّالِثَة فأخذتها فَقَالَت ذَرْنِي حَتَّى أعلمك شَيْئا إِذا قلته لم يقرب متاعك أحد منا إِذا آويت إِلَى فراشك فاقرأ على نَفسك وَمَالك آيَة الْكُرْسِيّ فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صدقت وَهِي كذوب
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَنه كَانَ فِي سهوة لَهُ وَكَانَت الغول تَجِيء فتأخذ فشكاها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِذا رَأَيْتهَا فَقل بِسم الله أجيبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَت فَقَالَ لَهَا فَأَخذهَا فَقَالَت لَا أَعُود فأرسلها فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ مَا فعل أسيرك قَالَ أَخَذتهَا فَقَالَت إِنِّي لَا أَعُود فأرسلتها فَقَالَ إِنَّهَا عَائِدَة فأخذتها مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا كل ذَلِك تَقول لَا أَعُود وَيَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا عَائِدَة فَقَالَت فِي الثَّالِثَة أَرْسلنِي وأعلمك شَيْئا تَقوله فَلَا يقربك شَيْء آيَة الْكُرْسِيّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقت وَهِي كذوب
وَأخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَن أبي أَيُّوب قَالَ كَانَ لي تمر فِي سهوة لي فَجعلت أرَاهُ ينقص فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّك ستجد فِيهِ غَدا هرة(2/163)
فَقل أجيبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ الْغَد وجدت فِيهِ هرة فَقلت أجيبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتحولت عجوزا فَذكر الحَدِيث
وَأخرجه الْحَاكِم من وَجه آخر عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أَبِيه أَن أَبَا أَيُّوب كَانَت لَهُ سهوة فَذكره
واخرجه من وَجه ثَالِث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نازلا على أبي أَيُّوب فِي غرفَة وَكَانَ طَعَامه فِي سلة فِي المخدع فَكنت تَجِيء من الكوة هَيْئَة السنور تَأْخُذ الطَّعَام من السلَّة فَشَكا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تِلْكَ الغول فَإِذا جَاءَت فَقل عزم عَلَيْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا تبرحي فَجَاءَت فَقَالَ لَهَا ذَلِك قَالَت دَعْنِي فو الله لَا أَعُود وَذكر تَتِمَّة الحَدِيث
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم بِسَنَد جيد عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ أَنه قطع تمر حَائِطه فَجعله فِي غرفَة فَكَانَت الغول تخَالفه إِلَى مشْربَته فتسرق تمره وتفسده عَلَيْهِ فَشَكا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تِلْكَ الغول يَا ابا أسيد فاستمع عَلَيْهَا فَإِذا سَمِعت اقتحامها فَقل بِسم الله أجيبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفعل فَقَالَت الغول يَا أَبَا أسيد إعفني أَن تكلفني أَن اذْهَبْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأُعْطِيك موثقًا من الله أَن لَا أَعُود وأدلك على آيَة تقرؤها على إنائك وَلَا يكْشف غطاؤه آيَة الْكُرْسِيّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقت وَهِي كذوب
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي بن كَعْب أَنه كَانَ لَهُ جرين فِيهِ تمر فَكَانَ يتعاهده فَوَجَدَهُ ينقص فحرسه ذَات لَيْلَة فَإِذا هُوَ بِدَابَّة شبه الْغُلَام المحتلم قَالَ فَسلمت فَرد عَليّ السَّلَام فَقلت مَا أَنْت أجني أم أنسي قَالَ جني قلت ناولني يدك فناولني فَإِذا يَد كلب وَشعر كلب قلت هَكَذَا خلق الْجِنّ قَالَ قد علمت الْجِنّ إِن مَا فيهم أَشد مني قلت مَا حملك على مَا صنعت قَالَ بلغنَا أَنَّك رجل تحب الصَّدَقَة فأحببنا أَن نصيب من طَعَامك قلت فَمَا الَّذِي يجيرنا مِنْكُم قَالَ آيَة الْكُرْسِيّ فَلَمَّا أصبح أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ صدق الْخَبيث(2/164)
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ خرج زيد بن ثَابت لَيْلًا إِلَى حَائِط لَهُ فَسمع فِيهِ جلبة فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ رجل من الجان أصابتنا السّنة فَأَرَدْت أَن أُصِيب من ثماركم فطيبوه لنا قَالَ نعم ثمَّ قَالَ زيد بن ثَابت أَلا تخبرنا بِالَّذِي يعيذنا مِنْكُم قَالَ آيَة الْكُرْسِيّ
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فَضَائِل الْقُرْآن والدارمي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وأبوة نعيم عَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا لَقِي شَيْطَانا فِي سكَّة من سِكَك الْمَدِينَة فصارعه فصرعه فَقَالَ دَعْنِي وأخبرك بِشَيْء يُعْجِبك فودعه فَقَالَ هَل تقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة قَالَ نعم قَالَ فَإِن الشَّيْطَان لَا يسمع مِنْهَا بِشَيْء إِلَّا أدبر وَله خبج كخبج الْحمار فَقيل لِابْنِ مَسْعُود من ذَاك الرجل قَالَ عمر بن الْخطاب الخبج بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة وجيم الضراط
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن سديسة مولاة حَفْصَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الشَّيْطَان لم يلق عمر مُنْذُ أسلم إِلَّا خر لوجهه)
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَقَالَ لعمَّار انْطلق فاستق لنا من المَاء فَانْطَلق فَعرض لَهُ شَيْطَان فِي صُورَة عبد أسود فحال بَينه وَبَين المَاء فصرعه عمار فَقَالَ لَهُ دَعْنِي وأخلي بَيْنك وَبَين المَاء فَفعل ثمَّ أَتَى فَأَخذه عمار الثَّانِيَة فصرعه فَقَالَ دَعْنِي وأخلي بَيْنك وَبَين المَاء فَفعل ثمَّ اتى فَأَخذه عمار الثَّالِثَة فصرعه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان قد حَال بَين عمار وَبَين المَاء فِي صُورَة عبد أسود وَأَن الله أظفر عمارا بِهِ قَالَ عَليّ فتلقينا عمارا فَأَخْبَرنَاهُ بقول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أما وَالله لَو شَعرت أَنه شَيْطَان لقتلته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ وَأَبُو نعيم عَن عمار بن يَاسر قَالَ أَرْسلنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بِئْر فَلَقِيت الشَّيْطَان فِي صُورَة الْإِنْس فقاتلني فصرعته ثمَّ جعلت أدقه بفهر معي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي عمار الشَّيْطَان عِنْد الْبِئْر فقاتله فَمَا عدا أَن رجعت فَأَخْبَرته قَالَ ذَاك الشَّيْطَان قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَيُؤَيِّدهُ قَول أبي هُرَيْرَة لأهل الْعرَاق(2/165)
أَلَيْسَ فِيكُم عمار بن يَاسر الَّذِي أجاره الله من الشَّيْطَان على لِسَان نبيه قلت أخرجه الْحَاكِم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن رَاهْوَيْةِ فِي مُسْنده عَن عمار قَالَ قَاتَلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِنْس وَالْجِنّ قُلْنَا كَيفَ قَاتَلت الْجِنّ قَالَ نزلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منزلا فَأخذت قربتي ودلوي لأستقي فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما أَنه سيأتيك آتٍ يمنعك عَن المَاء فَلَمَّا كنت على رَأس الْبِئْر إِذا رجل أسود كَانَ مرس فَقَالَ وَالله لَا تَسْقِي الْيَوْم مِنْهَا ذنوبا وَاحِدًا فَأَخَذته وأخذني فصرعته ثمَّ أخذت حجرا فَكسرت بِهِ أَنفه وَوَجهه ثمَّ مَلَأت قربتي فَأتيت بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَل أَتَاك على المَاء من أحد فَأَخْبَرته قَالَ ذَاك الشَّيْطَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء رجل من أقبح النَّاس وَجها وأقبحه ثيابًا وأنتنه ريحًا حاف يتخطى رِقَاب النَّاس حَتَّى جلس بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من خلقك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله قَالَ خلق السَّمَاء قَالَ الله قَالَ من خلق الأَرْض قَالَ الله قَالَ من خلق الله فَقَالَ سُبْحَانَ الله وَأمْسك بجبهته وطأطأ رَأسه وَقَامَ الرجل فَذهب فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فَقَالَ عَليّ بِالرجلِ فطلبناه فَكَأَن لم يكن فَقَالَ هَذَا إِبْلِيس جَاءَ يشكككم فِي دينكُمْ
بَاب فِيهِ ذكر حرز الْجِنّ الْمَعْرُوف بحرز أبي دُجَانَة
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي دُجَانَة قَالَ شَكَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله بَيْنَمَا أَنا مُضْطَجع فِي فِرَاشِي إِذْ سَمِعت فِي دَاري صَرِيرًا كَصَرِيرِ الرَّحَى ودويا كَدَوِيِّ النَّحْل ولمع كَلمعِ الْبَرْق فَرفعت رَأْسِي فَزعًا مَرْعُوبًا فَإِذا أَنا بِظِل أسود مدلى يَعْلُو وَيطول فِي صحن دَاري فَأَهْوَيْت إِلَيْهِ فمسست جلده فَإِذا هُوَ جلده(2/166)
كَجلْد الْقُنْفُذ فَرمى فِي وَجْهي مثل شرر النَّار فَظَنَنْت أَنه قد أحرقني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامر دَار سوء يَا أَبَا دُجَانَة ثمَّ قَالَ إيتوني بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس فَأتي بهما فَنَاوَلَهُ عَليّ بن أبي طَالب وَقَالَ أكتب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} هَذَا كتاب من مُحَمَّد رَسُول الله رب الْعَالمين إِلَى من طرق الدَّار من الْعمار وَالزُّوَّارِ وَالصَّالِحِينَ الإ طَارق يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن أما بعد فَإِن لنا وَلكم فِي الْحق سَعَة فَإِن تكن عَاشِقًا مُولَعا أَو فَاجِرًا مُقْتَحِمًا أَو رَاعيا حَقًا مُبْطلًا هَذَا كتاب الله ينْطق علينا وَعَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَرُسُلنَا يَكْتُبُونَ مَا كُنْتُم تَمْكُرُونَ أتركوا صَاحب كتابي هَذَا وَانْطَلَقُوا إِلَى عَبدة الْأَصْنَام وَإِلَى من يزْعم إِن مَعَ الله إِلَهًا آخر لَا إِلَه إِلَّا هُوَ كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون تغلبون حم لَا تنْصرُونَ حم عسق تفرق أَعدَاء الله وَبَلغت حجَّة الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم
قَالَ أَبُو دُجَانَة فَحَملته إِلَى دَاري وَجَعَلته تَحت رَأْسِي وَبت لَيْلَتي فَمَا انْتَبَهت إِلَّا من صُرَاخ صارخ يَقُول يَا أَبَا دُجَانَة أَحْرَقَتْنَا وَاللات والعزى الْكَلِمَات فَبِحَق صَاحِبَة لما رفعت عَنَّا هَذَا الْكتاب فَلَا عود لنا فِي دَارك وَلَا فِي جوارك فَغَدَوْت فَصليت الصُّبْح مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأخبرته بِمَا سَمِعت من الْجِنّ فَقَالَ يَا أَبَا دُجَانَة أرفع عَن الْقَوْم فو الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ أَنهم ليجدون ألم الْعَذَاب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
بَاب قَوْله فِي رجل قَرَأَ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ فقد برىء من الشّرك
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ كنت أَسِير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة ظلماء فَسمع رجلا يقْرَأ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما هَذَا فقد برىء من الشّرك وسرنا فسمعنا رجلا يقْرَأ قل هُوَ الله أحد فَقَالَ أما هَذَا فقد غفر لَهُ فكففت رَاحِلَتي لأنظر من هُوَ فَنَظَرت يَمِينا وَشمَالًا فَمَا رَأَيْت أحدا(2/167)
كرّ المعجزات فِيمَا أخبر بِهِ من المغيبات فَكَانَ كَمَا أخبر سوى مَا تقدم فِي الْأَبْوَاب السَّابِقَة
بَاب إخْبَاره بِمَوْت النَّجَاشِيّ يَوْم مَاتَ
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعى للنَّاس النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخرج بهم إِلَى الْمصلى فَصف بهم وَكبر أَربع تَكْبِيرَات
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَاتَ الْيَوْم رجل صَالح فصلوا على أَصْحَمَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم كُلْثُوم قَالَت لما تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم سَلمَة قَالَ (إِنِّي قد أهديت إِلَى النَّجَاشِيّ أواقي من مسك وحلة وَإِنِّي لَا أرَاهُ إِلَّا قد مَاتَ وَلَا أرى الْهَدِيَّة إِلَّا سترد عَليّ) فَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ النَّجَاشِيّ وَردت الْهَدِيَّة
قَالَ الْبَيْهَقِيّ قَوْله وَلَا أرَاهُ قد مَاتَ يُرِيد وَالله أعلم قبل بُلُوغ الْهَدِيَّة إِلَيْهِ وَهَذَا القَوْل صدر مِنْهُ قبل مَوته ثمَّ لما مَاتَ نعاه فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَصلى عَلَيْهِ انْتهى
بَاب إخْبَاره بِمَا سحر بِهِ
أخرج ابْن سعد الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن زيد بن أَرقم قَالَ كَانَ رجل من الْأَنْصَار يدْخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويأتمنه وَأَنه عقد لَهُ عقدا فَأَلْقَاهُ فِي(2/168)
بِئْر فصرع لذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ ملكان يعودانه فَأَخْبَرَاهُ أَن فلَانا عقد لَهُ عقدا وَهِي فِي بِئْر فلَان وَلَقَد اصفر المَاء من شدَّة عقده فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستخرج العقد فَوجدَ المَاء قد اصفر فَحل العقد ونام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقَد رَأَيْت الرجل بعد ذَلِك يدْخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يذكر لَهُ شَيْئا مِنْهُ وَلم يعاتبه
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طب حَتَّى أَنه ليُخَيل إِلَيْهِ أَنه صنع الشَّيْء وَمَا صنعه وَأَنه دَعَا ربه ثمَّ قَالَ أشعرت أَن الله قد أفتاني فِيمَا استفتيته قلت وَمَا ذَاك قَالَ جَاءَنِي رجلَانِ فَجَلَسَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي وَالْآخر عِنْد رجْلي فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه مَا وجع الرجل قَالَ مطبوب قَالَ من طبه قَالَ لبيد ابْن الْأَعْظَم قَالَ فيماذا قَالَ فِي مشط ومشاطه وجف طلعة ذكر قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْر ذروان فَأَتَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَذِه الْبِئْر الَّتِي أريتها كَأَن نخلها رُؤُوس الشَّيْطَان وَكَانَ مَاؤُهَا نقاعة الْحِنَّاء فَأمر بِهِ فَأخْرج
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن أبي عَبَّاس قَالَ مرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرضا شَدِيدا فَأَتَاهُ ملكان فَقعدَ أَحدهمَا عِنْد رَأسه وَالْآخر عِنْد رجلَيْهِ فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر مَا ترى قَالَ طب قَالَ وَمن طبه قَالَ سحر قَالَ وَمَا سحره قَالَ لبيد بن الأعصم الْيَهُودِيّ قَالَ أَيْن هُوَ قَالَ فِي بِئْر آل فلَان تَحت صَخْرَة فِي ركية فَأتوا الركي فأنزحوا مَاؤُهَا وَارْفَعُوا الصَّخْرَة ثمَّ أخذو الكرية وأحرقوها فَلَمَّا أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عمار بن يَاسر فِي نفر فَأتوا الركي فَإِذا ماءها مثل نقاعة الْحِنَّاء فنزحوا المَاء ثمَّ رفعوا الصَّخْرَة وأخرجوا الكرية وأحرقوها فَإِذا فِيهَا وتر فِيهِ إِحْدَى عشرَة عقدَة وأنزلت عَلَيْهِ هَاتَانِ السورتان فَجعل كلما قَرَأَ آيَة انْحَلَّت عقدَة {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس مثله وَفِيه نزُول السورتين وَإنَّهُ كلما قَرَأَ آيَة انْحَلَّت عقدَة(2/169)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ صنعت الْيَهُود لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَأَصَابَهُ من ذَلِك وجع شَدِيد فَأَتَاهُ جِبْرِيل بالمعوذتين فعوذه بهما فَخرج إِلَى أَصْحَابه صَحِيحا
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك قَالَ إِنَّمَا سحره بَنَات أعصم أَخَوَات لبيد وَكَانَ لبيد هُوَ الَّذِي ذهب بِهِ فَأدْخلهُ تَحت راعوفة الْبِئْر ودس بَنَات أعصم إِحْدَاهُنَّ فَدخلت على عَائِشَة فَسمِعت عَائِشَة تذكر مَا أنكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَصَره ثمَّ خرجت إِلَى أخواتها فأخبرتهن بذلك فَقَالَت إِحْدَاهُنَّ إِن يكن نَبيا فسيخبر وَإِن لم يكن غير ذَلِك فَسَوف يدلهه هَذَا السحر حَتَّى يذهب عقله فدله الله تعلى عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن سعد عَن عمر بن الحكم قَالَ سحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمحرم مرجعه من الْحُدَيْبِيَة
بَاب إخْبَاره بِمَا فتح من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج
أخرج الشَّيْخَانِ عَن زَيْنَب أم الْمُؤمنِينَ قَالَت اسْتَيْقَظَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النّوم محمرا وَجهه وَهُوَ يَقُول (لَا إِلَه إِلَّا الله ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه وَحلق حَلقَة)
بَاب إخْبَاره رجَالًا بِمَا حد ثَوَابه أنفسهم
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَنه كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَ رجل فَقَالَ من أَنْت قَالَ أَنا نَبِي قَالَ وَمَا نَبِي قَالَ رَسُول(2/170)
الله قَالَ مَتى تقوم السَّاعَة فَقَالَ غيب وَلَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ أَرِنِي سَيْفك فَأعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيْفه فهزه الرجل ثمَّ رده عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما أَنَّك لم تكن تَسْتَطِيع الَّذِي أردْت قَالَ وَقد كَانَ زَاد الطَّبَرَانِيّ ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا أقبل فَقَالَ آتيه فَاسْأَلْهُ ثمَّ أَخذ السَّيْف فَأَقْتُلهُ ثمَّ أغمد السَّيْف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ ذكرُوا رجلا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا قوته فِي الْجِهَاد واجتهاده فِي الْعِبَادَة فَإِذا هم بِالرجلِ مقبل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأرى فِي وَجهه سفعة من الشَّيْطَان فَلَمَّا دنا سلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل حدثت نَفسك بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَوْم أحد خير مِنْك قَالَ نعم ثمَّ ذهب فاختط مَسْجِدا ووقف يُصَلِّي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يقوم إِلَيْهِ فيقتله فَقَامَ أَبُو بكر فَانْطَلق فَوَجَدَهُ يُصَلِّي فَرجع فَقَالَ وجدته يُصَلِّي فَهبت أَن أَقتلهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّكُم يقوم إِلَيْهِ فيقتله فَقَامَ عمر فَصنعَ كَمَا صنع أَبُو بكر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّكُم يقوم فيقتله فَقَالَ عَليّ أَنا قَالَ أَنْت إِن أَدْرَكته فَذهب فَوَجَدَهُ قد انْصَرف فَرجع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا أول قرن خرج من أمتِي لَو قتلته مَا اخْتلف اثْنَان بعده فِي أمتِي
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن وابصة الْأَسدي قَالَ جِئْت لأسأل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبر وَالْإِثْم فَقَالَ من قبل أَن أسأله عَنهُ يَا وابصة أخْبرك بِمَا جِئْت تَسْأَلنِي عَنهُ قلت اخبرني يَا رَسُول الله قَالَ جِئْت تَسْأَلنِي عَن الْبر وَالْإِثْم قلت أَي وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ فَقَالَ (الْبر مَا انْشَرَحَ لَهُ صدرك وَالْإِثْم مَا حاك فِي نَفسك وَإِن أَفْتَاك عَنهُ النَّاس)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَهُ رجلَانِ أنصارى وثقفي يسألان فَقَالَ للثقفي سل من حَاجَتك وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بِالَّذِي جِئْت تسْأَل عَنهُ قَالَ انبئني فَذَاك أعجب إِلَيّ يَا رَسُول الله قَالَ فانك جِئْت تسْأَل عَن صَلَاتك بِاللَّيْلِ وَعَن ركوعك وَعَن سجودك وَعَن صيامك وَعَن غسلك من الْجَنَابَة فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِن ذَلِك الَّذِي جِئْت أَسأَلك عَنهُ ثمَّ قَالَ للْأَنْصَارِيِّ سل وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بِالَّذِي جِئْت تسْأَل عَنهُ قَالَ انبئني فَذَاك(2/171)
أعجب إِلَيّ يَا رَسُول الله فَقَالَ فأنك جِئْت تسْأَل عَن خُرُوجك من بَيْتك تؤم الْبَيْت الْعَتِيق وَتقول مَاذَا لي فِيهِ وَعَن وقوفك بِعَرَفَات وَعَن حلقك رَأسك وَعَن طوافك بِالْبَيْتِ وَعَن رميك الْجمار قَالَ أَي وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِن هَذَا الَّذِي جِئْت أسأَل عَنهُ وَورد مثله من حَدِيث أنس وَقد تقدم فِي بَاب حجَّة الْوَدَاع وَمن حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت أخرجه أَبُو نعيم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ جَاءَ رجال من أهل الْكتاب مَعَهم مصاحف فَاسْتَأْذنُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخلت فَأَخْبَرته فَقَالَ مَا لي وَلَهُم يَسْأَلُونِي عَمَّا لَا أَدْرِي إِنَّمَا أَنا عبد لَا أعلم إِلَّا مَا عَلمنِي رَبِّي ثمَّ تَوَضَّأ وَخرج إِلَى الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف فَقَالَ لي وَأَنا أرى السرُور فِي وَجهه أَدخل الْقَوْم عَليّ فَدَخَلُوا فَقَالَ إِن شِئْتُم أَخْبَرتكُم عَمَّا جئْتُمْ تسألونني عَنهُ من قبل أَن تكلمُوا قَالُوا بلَى فَأخْبرنَا قَالَ جئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَن ذِي القرنين أَن أول أمره أَنه كَانَ غُلَاما من الرّوم أعطي ملكا فَسَار حَتَّى أَتَى سَاحل أَرض مصر فأبتني مَدِينَة يُقَال لَهَا إسكندرية فَلَمَّا فرغ من بنائها بعث الله لَهُ ملكا فعرج بِهِ فاستعلى بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ قَالَ لَهُ أنظر مَا تَحْتك قَالَ أرى مدينتين فاستعلى بِهِ ثَانِيَة فَقَالَ لَهُ أنظر مَا تَحْتك لست أرى شَيْئا فَقَالَ لَهُ المدينتين هُوَ الْبَحْر المستدير وَقد جعل الله مسلكا تسلك بِهِ تعلم الْجَاهِل وَتثبت الْعَالم قَالَ ثمَّ جوزه فابتني السد بَين جبلين زلقين لَا يسْتَقرّ عَلَيْهِمَا شَيْء فَلَمَّا فرغ مِنْهُ سَار فِي الأَرْض فَأتى على قوم وُجُوههم كوجوه الْكلاب فَلَمَّا قطعهم أَتَى على قوم فَسَار فَلَمَّا قطعهم أَتَى على قوم من الْحَيَّات تلتقم الْحَيَّة مِنْهُم الصَّخْرَة الْعَظِيمَة ثمَّ أَتَى على الغرانيق فَقَالُوا هَكَذَا نجد فِي كتَابنَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أبي يُرِيد أَن يَأْخُذ مَالِي فَدَعَا أَبَاهُ فهبط جِبْرِيل فَقَالَ إِن الشَّيْخ قد قَالَ فِي نَفسه شَيْئا لم تسمعه أذنَاهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت فِي نَفسك شَيْئا لم تسمعه(2/172)
أذناك قَالَ لَا يزَال يزيدنا الله تَعَالَى بك بَصِيرَة ويقينا نعم قَالَ هَات فأنشا يَقُول
(غذوتك مولودا ومنتك يافعا ... تعل بِمَا أجني عَلَيْك وتنهل)
(إِذا لَيْلَة ضاقتك بِالسقمِ لم أَبَت ... لسقمك إِلَّا ساهرا أتململ)
(تخَاف الردى نَفسِي عَلَيْك وَأَنَّهَا ... لتعلم أَن الْمَوْت حتم مُوكل)
(كَأَنِّي أَنا المطروق دُونك بِالَّذِي ... طرقت بِهِ دوني فعيناي تهمل)
(فَلَمَّا بلغت السن والغاية الَّتِي ... إِلَيْك مدى مَا كنت فِيك أُؤَمِّل)
(جعلت جزائي غلظة وفظاظة ... كَأَنَّك أَنْت الْمُنعم المتفضل)
(فليتك إِذْ لم ترع حق أبوتي ... كَمَا يفعل الْجَار المجار تفعل) فَبكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذ بتلبيب ابْنه وَقَالَ أَنْت وَمَالك لأَبِيك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ خطبت فَاطِمَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لي مولاة لي هَل علمت أَن فَاطِمَة قد خطبت فَمَا يمنعك أَن تَأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا فَأَتَيْته وَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلالة وهيبة فَلَمَّا قعدت بَين يَدَيْهِ أفحمت فو الله مَا اسْتَطَعْت أَن أَتكَلّم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا جَاءَ بك فَسكت فَقَالَ لَعَلَّك جِئْت تخْطب فَاطِمَة قلت نعم)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أَصَابَنَا جوع مَا أَصَابَنَا مثله قطّ فَقَالَت لي أُخْتِي أذهب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْأَلْهُ فدئت فَإِذا هُوَ يخْطب فَقَالَ من يستعفف يعفه الله وَمن يسْتَغْن يغنه الله فَقلت فِي نَفسِي وَالله لكَأَنَّمَا أردْت بِهَذَا إِلَّا جرم لَا أسأله شَيْئا فَرَجَعت إِلَى أُخْتِي فَأَخْبَرتهَا فَقَالَت أَحْسَنت فَلَمَّا كَانَ من الْغَد فَإِنِّي وَالله لأتعب نَفسِي تَحت الأجم إِذْ وجدت من دَرَاهِم يهود(2/173)
فابتعنا بِهِ وأكلنا مِنْهُ وَجَاءَت الدُّنْيَا فَمَا من أهل بَيت من الْأَنْصَار أَكثر أَمْوَالًا منا وَأخرجه ابْن سعد بِلَفْظ فَكَانَ أول مَا واجهني بِهِ وبلفظ فَقلت مَا قَالَ هَذَا القَوْل إِلَّا من أَجلي وبلفظ فأتاح الله لي رزقا مَا كنت أحتسبه
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمنافقين
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فِي خطبَته (أَيهَا النَّاس إِن مِنْكُم منافقين فَمن سميت فَليقمْ قُم يَا فلَان قُم يَا فلَان حَتَّى عد سِتا وَثَلَاثِينَ)
وَأخرج ابْن سعد عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ اجْتمع المُنَافِقُونَ فتكلموا بَينهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن رجَالًا مِنْكُم اجْتَمعُوا فَقَالُوا كَذَا وَقَالُوا وَكَذَا فَقومُوا فاستغفروا الله واستغفر لكم فَلم يقومُوا فَقَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ لتقومن أَو لأسمينكم بأسمائكم فَقَالَ قُم يَا فلَان فَقَامُوا خزايا متقنعين)
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِي ظلّ حجرَة من حجره وَعِنْده نفر من الْمُسلمين قد كَانَ يقلص عَنْهَا الظل قَالَ سَيَأْتِيكُمْ رجل ينظر إِلَيْكُم بعيني شَيْطَان فَلَا تُكَلِّمُوهُ فَدخل رجل أَزْرَق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا تسبني أَنْت وَفُلَان وَفُلَان فَانْطَلق إِلَيْهِم فَدَعَا بهم فَحَلَفُوا وَاعْتَذَرُوا فَأنْزل الله تَعَالَى {يَوْم يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا فَيحلفُونَ لَهُ كَمَا يحلفُونَ لكم} الْآيَة(2/174)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال من نحر نَفسه
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن فلَانا مَاتَ فَقَالَ لم يمت فَعَاد الثَّانِيَة فَقَالَ إِن فلَانا مَاتَ فَقَالَ لم يمت فَعَاد الثَّالِثَة فَقَالَ إِن فلَانا نحر نَفسه بمشقص فَلم يصل عَلَيْهِ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَام أبي الدَّرْدَاء
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن جُبَير بن نفير قَالَ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يعبد صنما وَأَن عبد الله بن رَوَاحَة وَمُحَمّد بن مسلمة دخلا بَيته فكسرا صنمه فَرجع أَبُو الدَّرْدَاء فَرَآهُ فَقَالَ وَيحك هلا دفعت عَن نَفسك ثمَّ ذهب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنظر إِلَيْهِ ابْن رَوَاحَة مُقبلا فَقَالَ هَذَا أَبُو الدَّرْدَاء وَمَا أرى جَاءَ إِلَّا فِي طلبنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا إِنَّمَا جَاءَ ليسلم فَإِن رَبِّي وَعَدَني بِأبي الدَّرْدَاء أَن يسلم)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السحابة الَّتِي مطرَت بِالْيمن
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أصابتنا سَحَابَة فَخرج علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِن ملكا موكلا بالسحاب دخل عَليّ آنِفا فَسلم عَليّ وَأَخْبرنِي أَنه يَسُوق السَّحَاب إِلَى وَاد بِالْيمن يُقَال لَهُ صَرِيح فجاءنا رَاكب بعد ذَلِك فَسَأَلْنَاهُ عَن السحابة فَأخْبر أَنهم مُطِرُوا فِي ذَلِك الْيَوْم)
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَله شَاهد مُرْسل عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر عَن ملك السَّحَاب أَنه يَجِيء من بلد كَذَا وَأَنَّهُمْ مُطِرُوا يَوْم كَذَا وَأَنه سَأَلَهُ مَتى تمطر بلدنا فَقَالَ يَوْم كَذَا وَعِنْده نَاس من الْمُنَافِقين فحفظوه ثمَّ سَأَلُوا عَن ذَلِك فوجدوا تَصْدِيقه فآمنوا وَذكروا ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم زادكم الله إِيمَانًا(2/175)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاحب الجبذة بهَا
أخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي شهم قَالَ رَأَيْت جَارِيَة فِي بعض طرق الْمَدِينَة فَأَهْوَيْت بيَدي إِلَى خَاصرتهَا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَى النَّاس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليبايعوه فبسطت يَدي فَقلت بايعني يَا رَسُول الله فَقَالَ (السِّت صَاحب الجبيذة أمس قلت يَا رَسُول الله بايعني فو الله لَا أَعُود أبدا قَالَ فَنعم إِذا)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشَّاة الَّتِي أخذت بِغَيْر حق
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن رجل من الْأَنْصَار دعت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى طَعَام فَلَمَّا وضع أَخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقْمَة فَجعل يلوكها فِي فَمه ثمَّ قَالَ أجد لحم شَاة أخذت بِغَيْر حق فَسَأَلت الْمَرْأَة فَذكرت أَن جارتها أرسلتها بِغَيْر إِذن زَوجهَا
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه مروا بِامْرَأَة فذبحت لَهُم شَاة واتخذت لَهُم طَعَاما فَلَمَّا رجعُوا قَالَت يَا رَسُول الله إِنَّا اتخذنا لكم طَعَاما فادخلوا فَكُلُوا فَدخل هُوَ وَأَصْحَابه فَأخذ لقْمَة فَلم يسْتَطع أَن يسيغها فَقَالَ هَذِه شَاة ذبحت بِغَيْر إِذن أَهلهَا فَقَالَت الْمَرْأَة يَا نَبِي الله إِنَّا لَا تحتشم من آل معَاذ وَلَا يحتشمون منا أَن نَأْخُذ وَيَأْخُذُونَ منا
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشأن السَّارِق
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن الْحَارِث بن حَاطِب أَن رجلا سرق على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتي بِهِ فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَقَالُوا إِنَّمَا سرق قَالَ فاقطعوه ثمَّ سرق أَيْضا فَقطع ثمَّ سرق على عهد أبي بكر فَقطع ثمَّ سرق فَقطع حَتَّى قطعت قوائمه ثمَّ سرق الْخَامِسَة فَقَالَ أَبُو بكر كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلم بِهَذَا حَيْثُ أَمر بقتْله اذْهَبُوا(2/176)
بِهِ فَاقْتُلُوهُ فَقَتَلُوهُ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشأن الصائمة المغتابة
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي البخْترِي قَالَ كَانَت امْرَأَة فِي لسانها ذرابة فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أمست دَعَاهَا إِلَى طَعَامه فَقَالَت أما أَنِّي كنت صَائِمَة قَالَ مَا صمت فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الآخر تحفظت بعض التحفظ فَلَمَّا أمست دَعَاهَا إِلَى طَعَامه فَقَالَت أما أَنِّي كنت الْيَوْم صَائِمَة قَالَ كذبت فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الآخر تحفظت فَلم يكن مِنْهَا شَيْء فَلَمَّا أمست دَعَاهَا إِلَى طَعَامه فَقَالَت أما أَنِّي كنت صَائِمَة قَالَ الْيَوْم صمت // مُرْسل //
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة عَن أنس قَالَ أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَوْم يَوْم وَقَالَ لَا يفطرن أحد مِنْكُم حَتَّى أذن لَهُ فصَام النَّاس حَتَّى أَمْسوا فَجعل الرجل يَجِيء فَيَقُول يَا رَسُول الله إِنِّي ظللت صَائِما فَأذن لي فَأفْطر فَيَأْذَن لَهُ حَتَّى إِذا جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله امْرَأَتَانِ من أهلك ظلتا صائمتين وأنهما تستحيان أَن تأتياك فَأذن لَهما أَن تفطرا فاعرض عَنهُ ثمَّ عاوده فاعرض عَنهُ ثمَّ عاوده فاعرض عَنهُ فَقَالَ إنَّهُمَا لم تصوما وَكَيف صَامَ من ظلّ يَأْكُل لُحُوم النَّاس إذهب فمرهما إِن كَانَتَا صائمتين فلتستقيئا فَرجع إِلَيْهِمَا فَأَخْبرهُمَا فاستقاءتا فقاءت كل وَاحِدَة علقَة من دم فَرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو بقيت فِي بطونهما لأكلتهما النَّار
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة عَن عبيد مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن إمرأتين صامتا وَأَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِن هَهُنَا إمرأتين صامتا وإنهما كادتا أَن تموتا من الْعَطش قَالَ إدعهما فجاءتا فجيء بقدح أَو عس فَقَالَ لإحداهما قيئي فقاءت قَيْحا ودما وصديدا وَلَحْمًا حَتَّى مَلَأت نصف الْقدح ثمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى قيئي فقاءت من قيح وَدم وصديد وَلحم عبيط وَغَيره(2/177)
حَتَّى مَلَأت الْقدح فَقَالَ إِن هَاتين صامتا عَمَّا أحل الله لَهما وأفطرتا على مَا حرم الله عَلَيْهِمَا جَلَست إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى فجعلتا تأكلان لُحُوم النَّاس
الْعس بِضَم الْعين وَتَشْديد السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ الْقدح الْعَظِيم والعبيط بِفَتْح الْمُهْملَة وموحدة وتحتانية وطاء مُهْملَة الطريء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة قَالَت قلت لإمرأة مرت وَأَنا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه بطويلة الذيل فَقَالَت الفظي الفظي فلفظت مُضْغَة من لحم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن ثَابت قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس مَعَ أَصْحَابه إِذْ قَامَ فَدخل فَمر بِلَحْم هَدِيَّة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْقَوْم يَا زيد لَو قُمْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لَهُ إِن رَأَيْت أَن تبْعَث إِلَيْنَا من هَذَا اللَّحْم فَقَالَ ارْجع إِلَيْهِم فقد أكلُوا لَحْمًا بعْدك فَرَجَعت فَأَخْبَرتهمْ فَقَالُوا مَا أكلنَا لَحْمًا وَإِن هَذَا لأمر حدث فَجَاءُوا إِلَيْهِ فَقَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى خضرَة لحم زيد فِي أسنانكم فَقَالُوا أَي وَالله يَا رَسُول الله فَاسْتَغْفر لنا فَاسْتَغْفر لَهُم
وَأخرج الضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أنس قَالَ كَانَت الْعَرَب يخْدم بَعْضهَا بَعْضًا فِي الْأَسْفَار وَكَانَ لأبي بكر وَعمر رجل يَخْدُمهُمَا فَنَامَا فَاسْتَيْقَظَا وَلم يهيء لَهما طَعَاما فَقَالَا إِنَّه لنؤوم فأبقظاه فَقَالَا ائْتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقل لَهُ إِن أَبَا بكر وَعمر يقرئانك السَّلَام ويستأدمانك فَقَالَ إنَّهُمَا ائتدما فجاءا فَقَالَا يَا رَسُول الله بِأَيّ شَيْء أئتدمنا قَالَ بِلَحْم أَخِيكُمَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرى لَحْمه بَين ثَنَايَاكُمَا فَقَالَا إستغفر لنا يَا رَسُول الله قَالَ مراه فليستغفر لَكمَا
بَاب إِذا أَتَاكُم سَائل فَلَا تردوه
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم سَلمَة قَالَت أهْدى إِلَيّ بضعَة من لحم فَقلت للخادم ارفعيها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء سَائل فَقَامَ على الْبَاب فَقَالَ تصدقوا بَارك الله فِيكُم فَقُلْنَا لَهُ بَارك الله تَعَالَى فِيك وَذهب السَّائِل وَجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت للخادم قربي إِلَيْهِ اللَّحْم فَجَاءَت بهَا فَإِذا هِيَ قد صَارَت مروة حجر(2/178)
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاكُم الْيَوْم سَائل فرددتموه قلت نعم قَالَ كَانَ ذَلِك لذَلِك فَمَا زَالَت حجرا فِي نَاحيَة بَيتهَا تدق عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَت
بَاب لَا تغيب الشَّمْس حَتَّى يأتيكم الله برزق
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن أبي مَسْعُود قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فَأصَاب النَّاس جهد حَتَّى رَأَيْت الكآبة فِي وُجُوه الْمُسلمين والفرح فِي وُجُوه الْمُنَافِقين فَلَمَّا رأى ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالله لَا تغيب الشَّمْس حَتَّى يأتيكم الله برزق فَعلم عُثْمَان أَن الله وَرَسُوله سيصدقان فَاشْترى عُثْمَان أَربع عشرَة رَاحِلَة بِمَا عَلَيْهَا من الطَّعَام فَوجه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا بتسع فَعرف الْفَرح فِي وُجُوه الْمُسلمين والكآبة فِي وُجُوه الْمُنَافِقين فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع يَدَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ بَيَاض إبطَيْهِ يَدْعُو لعُثْمَان دُعَاء مَا سمعته دَعَا لأحد قبله
وَأخرج أَبُو نعيم عَن مَسْعُود بن الضَّحَّاك اللَّخْمِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمَّاهُ مُطَاعًا وَقَالَ لَهُ أَنْت مُطَاع فِي قَوْمك وَقَالَ لَهُ إمض إِلَى أَصْحَابك فَمن دخل تَحت رَايَتك هَذِه فَهُوَ آمن فَمضى إِلَيْهِم فأطاعوه وأقبلو مَعَه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا إدع الله تَعَالَى لنا على جرش فَقَالَ لَهُم جرش الأجراش يكثرون ويقل النَّاس فقالو يَا رَسُول الله الْآن دَعَوْت لَهُم بِالْكَثْرَةِ فَقَالَ جَاءَنِي جِبْرِيل فَأَخْبرنِي أَن مسعودا يقاتلني بكرَة مُشْركًا ويأتيني بالْعَشي مُؤمنا فَلَمَّا كَانَ مَعَ زَوَال الشَّمْس أقبل مَسْعُود فَآمن وَكَانَ مُطَاعًا يَأْخُذ الرَّايَة إِذا وَقع بَين الْقَبَائِل شَرّ فيصلح بَينهم
بَاب مبايعة رجلَيْنِ مذحجيين للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج ابْن سعد عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْجُهَنِيّ قَالَ بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ طلع راكبان فَلَمَّا رآهما قَالَ كنديان مذحجيان حَتَّى أَتَيَاهُ فَإِذا رجلَانِ من مذْحج فبايعاه(2/179)
بَاب بعث الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَدِيَّة إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي عَاصِم قَالَ حَدثنِي مولى لعُثْمَان بن عَفَّان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى عُثْمَان بهدية فاحتبس الرَّسُول ثمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حَبسك ثمَّ قَالَ إِن شِئْت أَخْبَرتك بِمَا حَبسك كنت تنظر إِلَى عُثْمَان مرّة وَإِلَى رقية مرّة أَيهمَا أحسن قَالَ أَي وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ أَنه الَّذِي حَبَسَنِي
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الزبير بن بكار قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سَلام الجُمَحِي قَالَ حَدثنِي أَبُو الْمِقْدَام مولى عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ رجل بظلف إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان فاحتبس الرجل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شِئْت أَخْبَرتك مَا حَبسك قَالَ نعم يَا رَسُول الله قَالَ تنظر إِلَى عُثْمَان ورقية تعجب من حسنهما
بَاب جَامع
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يطلع عَلَيْكُم رجل من أهل الْجنَّة فَاطلع أَبُو بكر فَسلم ثمَّ جلس)
وَأخرج أَحْمد عَن عمروبن الْعَاصِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أول من يدْخل من هَذَا الْبَاب رجل من أهل الْجنَّة فَدخل سعد بن أبي وَقاص)
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (يدْخل عَلَيْكُم من ذَا الْبَاب رجل من أهل الْجنَّة فَإِذا سعد بن أبي وَقاص قد طلع)
وَأخرج الْبَزَّار عَن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يدْخل عَلَيْكُم رجل من أهل الْجنَّة فَدخل سعد) قَالَ ذَلِك فِي ثَلَاثَة أَيَّام كل ذَلِك يدْخل سعد
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الآوسط عَن جَابر بن عبد الله قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَائِرًا لسعد بن الرّبيع فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَه فَقَالَ (يطلع عَلَيْكُم(2/180)
الْآن رجل من أهل الْجنَّة فطلع أَبُو بكر ثمَّ قَالَ يطلع عَلَيْكُم رجل من أهل الْجنَّة فطلع عمر ثمَّ قَالَ يطلع عَلَيْكُم رجل من أهل الْجنَّة فطلع عُثْمَان ثمَّ قَالَ يطلع عَلَيْكُم رجل من أهل الْجنَّة أللهم إِن شِئْت جعلته عليا فطلع عَليّ)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمى امْرَأَة أبي رَافع قَالَت إِنِّي لمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (ليطلعن عَلَيْكُم رجل من أهل الْجنَّة إِذا سَمِعت الخشفة فَإِذا عَليّ بن أبي طَالب)
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة من كلب فَبعث عَائِشَة تنظر إِلَيْهَا فَذَهَبت ثمَّ رجعت فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا رَأَيْت قَالَت مَا رَأَيْت طائلا فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد رَأَيْت طائلا لقد رَأَيْت خالا بخدها اقشعرت كل شَعْرَة مِنْك فَقَالَت يَا رَسُول الله مَا دُونك سر
وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن سابط عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسلها إِلَى امْرَأَة خطبهَا لتراها فَقَالَت مَا رَأَيْت طائلا فَقَالَ (لقد رَأَيْت خالا بخدها اقشعرت ذوائبك) قَالَت فَقلت مَا دُونك سر وَمن يَسْتَطِيع أَن يكتمك
وَأخرج ابْن سعد عَن الْعَبَّاس بن عبد الله بن معبد أَن خَالِد بن الْوَلِيد أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى مَكَّة وَأَنه إستأذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رجل من بني بكر يُرِيد أَن يَصْحَبهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْرُج بِهِ واخوك الْبكْرِيّ فَلَا تأمنه فَخرج بِهِ فَاسْتَيْقَظَ خَالِد وَقد سل السَّيْف يُرِيد أَن يقْتله بِهِ فَقتله خَالِد
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن سعد عَن عَمْرو بن الفغواء الْخُزَاعِيّ قَالَ دَعَاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أَرَادَ أَن يَبْعَثنِي إِلَى أبي سُفْيَان بِمَال إِلَى مَكَّة يقسمهُ فِي قُرَيْش بعد الْفَتْح بِمَكَّة فَقَالَ التمس صاحبا فَجَاءَنِي عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي قَالَ بَلغنِي أَنَّك تُرِيدُ الْخُرُوج إِلَى مَكَّة فَأَنا صَاحبك فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِذا هَبَطت بِلَاد قومه فأحذره فَأَنَّهُ قد قَالَ الْقَائِل أَخُوك الْبكْرِيّ فَلَا تأمنه فخرجنا حَتَّى إِذا جِئْت الابواء قَالَ إِنِّي أُرِيد حَاجَة إِلَى قومِي قومِي فتلبث لي فَقلت راشدا فَلَمَّا ولي ذكرت قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشددت على بَعِيري فَخرجت أوضعه حَتَّى إِذا كنت بالأصافر إِذا هُوَ يعارضني فِي رَهْط قَالَ وأوضعت فسبقته فَلَمَّا رأى قومه(2/181)
فوتي انصرفوا وَجَاءَنِي قَالَ كَانَت لي حَاجَة إِلَى قومِي قلت أجل ومضينا حَتَّى قدمنَا مَكَّة
وَأخرج أَبُو يعلى بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غَضْبَان فَخَطب النَّاس فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء الْيَوْم إِلَّا أَخْبَرتكُم بِهِ وَنحن نرى إِن جِبْرِيل مَعَه فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا حَدِيث عهد بجاهلينه فَلَا تبد علينا سوآة فَاعْفُ عَنَّا عَفا الله عَنْك
وَأخرج أَبُو يعلى بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا يزَال هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش آمِنين حَتَّى يردوهم عَن دينهم كفَّارًا فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَفِي الْجنَّة أَنا أم فِي النَّار قَالَ فِي الْجنَّة ثمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخر فَقَالَ أَفِي الْجنَّة أَنا أم فِي النَّار قَالَ فِي النَّار ثمَّ قَالَ اسْكُتُوا عني مَا سكت عَنْكُم فلولا أَن لَا تدافنوا لأخبرتكم بملأ من أهل النَّار حَتَّى تعرفوهم وَلَو أمرت أَن أفعل لفَعَلت)
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر من طَرِيق مَكْحُول عَن معَاذ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بَعثه إِلَى الْيمن حمله على نَاقَته وَقَالَ يَا معَاذ انْطلق حَتَّى تَأتي الْجند فَحَيْثُ مَا بَركت بك هَذِه النَّاقة فَأذن وصل وابتن فِيهِ مَسْجِدا فَانْطَلق معَاذ حَتَّى انْتهى إِلَى الْجند دارت بِهِ النَّاقة وأبت أَن تبرك فَقَالَ هَل من جند غير هَذَا قَالُوا نعم جند ركامة فَلَمَّا أَتَاهُ دارت وبركت فَنزل معَاذ بهَا فَنَادَى بِالصَّلَاةِ ثمَّ قَامَ فصلى
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر من السَّمَاء فِي اللَّيْلَة الَّتِي قتل فِيهَا الْأسود الْعَنسِي فَخرج علينا فَقَالَ قتل الْأسود البارحة قَتله رجل مبارك من أهل بَيت مباركين قيل وَمن هُوَ قَالَ فَيْرُوز
وَأخرج الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي المبهمات عَن مدلوك أَن ضَمْضَم بن قَتَادَة ولد لَهُ مَوْلُود أسود من امْرَأَة من بني عجل فأوحش لذَلِك فَشَكا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَل لَك من إبل قَالَ نعم قَالَ فَمَا ألوانها قَالَ فِيهَا الْأَحْمَر(2/182)
وَالْأسود وَغير ذَلِك قَالَ فَأنى ذَلِك قَالَ عرق نزع قَالَ وَهَذَا عرق نزع قَالَ فَقدم عَجَائِز من بني عجل فأخبرن أَنه كَانَ للْمَرْأَة جدة سَوْدَاء أصل الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رجل لَا يكَاد يرى الْخَيْر وَلَا يعرف لَهُ كثير عمل فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل علمْتُم أَن الله أَدخل فلَانا الْجنَّة فتعجب الْقَوْم فَقَامَ رجل إِلَى أَهله فَسَأَلَ امرأتة عَن عمله فَقَالَت لَهُ مَا كَانَ لَهُ كثير عمل غير أَنه قد كَانَت فِيهِ خصْلَة كَانَ لَا يسمع الْمُؤَذّن فِي ليل وَلَا نَهَار إِلَّا قَالَ مثل قَوْله فجَاء الرجل حَتَّى إِذا كَانَ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَيْثُ يسمع الصَّوْت نَادَى مُنَادِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتيت أهل فلَان فسألتهم عَن عمله فأخبروك بِكَذَا وَكَذَا فَقَالَ الرجل أشهد أَنَّك رَسُول الله
بَاب إتقاء الْكَلَام والإنبساط إِلَى النِّسَاء تخوفا من نزُول شَيْء فيهم بالقران
أخرج البُخَارِيّ البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا نتقي الْكَلَام والإنبساط إِلَى نسائنا مَخَافَة أَن ينزل فِينَا شَيْء فَلَمَّا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكلمنا وانبسطنا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ تا الله لقد كَانَ أَحَدنَا يكف عَن الشَّيْء مَعَ امْرَأَته وَهُوَ وَإِيَّاهَا فِي ثوب وَاحِد تخوفا أَن ينزل فيهم شَيْء من الْقُرْآن(2/183)
ذكر المعجزات فِيمَا أخبر بِهِ من الكوائن بعده فَوَقع كَمَا أخبر
أخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ لقد حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يكون حَتَّى تقوم السَّاعَة
وَأخرج الشَّيْخَانِ من وَجه آخر عَنهُ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَاما مَا ترك فِيهِ شَيْئا إِلَى قيام السَّاعَة إِلَّا ذكره حفظه من حفظه ونسيه من نَسيَه وَأَنه ليَكُون مِنْهُ الشَّيْء قد كنت نَسِيته فَأرَاهُ فاذكره كَمَا يدْخل الرجل وَجه الرجل إِذا غَابَ عَنهُ ثمَّ إِذا رَآهُ عرفه
وَأخرج مُسلم عَن أبي زيد قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر ثمَّ صعد الْمِنْبَر فَخَطَبنَا حَتَّى حضرت الظّهْر ثمَّ نزل فصلى ثمَّ صعد الْمِنْبَر فَخَطَبنَا حَتَّى غربت الشَّمْس فَأخْبرنَا بِمَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فأحفظنا أعلمنَا
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي ذَر قَالَ لقد تركنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يقلب طَائِر جناحيه فِي السَّمَاء إِلَّا ذكرنَا مِنْهُ علما وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن منيع وَالطَّبَرَانِيّ مثله عَن أبي الدَّرْدَاء
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَاما فَأخْبرنَا بِمَا يكون فِي أمته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وعاه من وعاه ونسيه من نَسيَه(2/184)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله قد رفع لي الدُّنْيَا فَأَنا أنظر إِلَيْهَا وَإِلَى مَا هُوَ كَائِن فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّمَا أنظر إِلَى كفي هَذِه جليانا جلاه الله لنَبيه كَمَا جلاه لِلنَّبِيِّينَ من قبله
وَأخرج أَحْمد عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ كسفت الشَّمْس فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ (إِنِّي وَالله لقد رَأَيْت مُنْذُ قُمْت أُصَلِّي مَا أَنْتُم لاقوه من أَمر دنياكم وآخرتكم)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يفتح على أَصْحَابه وَأمته من الدُّنْيَا وَأَنه ليَكُون لَهُم أنماط ويتحاسدون ويقتتلون
أخرج مُسلم عَن أبي سعيدعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الدُّنْيَا حلوة خضرَة وَإِن الله مستخلفكم فِيهَا لينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقوا النِّسَاء فَإِن أول فتْنَة بني إِسْرَائِيل كَانَت فِي النِّسَاء)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَمْرو بن عَوْف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (وَالله مَا أخْشَى عَلَيْكُم الْفقر وَلَكِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم أَن تبسط عَلَيْكُم الدُّنْيَا كَمَا بسطت على من كَانَ قبلكُمْ فتنافسوا كَمَا تنافسوا وتلهيكم كَمَا ألهتهم)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَل لكم من أنماط قلت يَا رَسُول الله وأنى لنا أنماط قَالَ إِنَّهَا سَتَكُون لكم أنماط فَأَنا أَقُول الْيَوْم لإمرأتي نحي عني أنماطك فَتَقول ألم يقل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا سَتَكُون لكم أنماط بعدِي)
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَلْحَة النضري أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (عَسى أَن تدركوا زَمَانا حَتَّى يغدي على أحدكُم بحفنة وَيرَاح عَلَيْهِ بِأُخْرَى وتلبسون أَمْثَال أَسْتَار الْكَعْبَة قَالُوا يَا رَسُول الله أَنَحْنُ الْيَوْم خير أم ذَاك الْيَوْم(2/185)
قَالَ بل أَنْتُم الْيَوْم خير أَنْتُم الْيَوْم متحابون وَأَنْتُم يَوْمئِذٍ متباغضون يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد الله بن يزِيد إِنَّه دعِي إِلَى طَعَام فَلَمَّا جَاءَ رأى الْبَيْت منجدا فَقعدَ خَارِجا وَبكى فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (تطالعت إِلَيْكُم الدُّنْيَا ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ أَنْتُم الْيَوْم خير إِذا غَدَتْ عَلَيْكُم قَصْعَة وراحت أُخْرَى وَيَغْدُو أحدكُم فِي حلّه وَيروح فِي أُخْرَى وَتَسْتُرُونَ بُيُوتكُمْ كَمَا تستر الْكَعْبَة) قَالَ عبد الله أَفلا أبْكِي وَقد رأيتكم تسترون بُيُوتكُمْ كَمَا تستر الْكَعْبَة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أكلتنا الضبع يَعْنِي السّنة فَقَالَ (أَنا لغير الضبع أَخَاف عَلَيْكُم أَن تصب الدُّنْيَا عَلَيْكُم صبا فليت أمتِي لَا يتحلون الذَّهَب) وَأخرج مثله من حَدِيث أبي ذَر وَحُذَيْفَة
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَتْح الْحيرَة
أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن خريم بن أَوْس ابْن حَارِثَة بن لَام قَالَ هَاجَرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْصَرفه من تَبُوك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْحيرَة الْبَيْضَاء قد رفعت لي وَهَذِه الشَّهْبَاء بنت نفيلة الْأَزْدِيَّة على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فَقلت يَا رَسُول الله إِن نَحن دَخَلنَا الْحيرَة فَوَجَدتهَا كَمَا تصف فَهِيَ لي قَالَ هِيَ لَك فَلَمَّا كَانَ زمن أبي بكر وفرغنا من مُسَيْلمَة أَقبلنَا إِلَى الْحيرَة فَأول من تلقانا حِين دخلناها الشَّهْبَاء بنت نفيلة كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فتعلقت بهَا وَقلت هَذِه وَهبهَا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدعاني خَالِد بن الْوَلِيد عَلَيْهَا بِالْبَيِّنَةِ فَأَتَيْته بهَا وَكَانَت الْبَيِّنَة مُحَمَّد بن مسلمة وَمُحَمّد بن بشر الأنصاريين فسلمها إِلَيّ فَنزل إِلَيْنَا أَخُوهَا يُرِيد الصُّلْح فَقَالَ بِعَينهَا قلت لَا أنقصها وَالله من عشر مائَة دِرْهَم فَأَعْطَانِي ألف دِرْهَم فَقيل لي(2/186)
لَو قلت مائَة ألف لدفعها إِلَيْك فَقلت مَا كنت أَحسب أَن عددا أَكثر من عشر مائَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مثلت لي الْحيرَة كأنياب الْكلاب أَو أَنكُمْ ستفتحونها فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله هَب لي إبنه نفيلة قَالَ هِيَ لَك فَأَعْطوهُ إِيَّاهَا فجَاء أَبوهَا فَقَالَ تبيعها قَالَ نعم قَالَ بكم قَالَ ألف دِرْهَم قَالَ لَو قلت ثَلَاثِينَ ألف لأخذتها قَالَ وَهل عدد أَكثر من ألف)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَتْح الْيمن وَالشَّام وَالْعراق
أخرج الشَّيْخَانِ عَن سُفْيَان بن أبي زُهَيْر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (تفتح الْيمن فَيَأْتِي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم وَمن أطاعهم وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كانو يعلمُونَ ثمَّ تفتح الشَّام فَيَأْتِي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم وَمن أطاعهم وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ ثمَّ تفتح الْعرَاق فَيَأْتِي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم وَمن أطاعهم وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن حِوَالَة الْأَزْدِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ستجندون أجنادا جندا بِالشَّام وجندا بالعراق وجندا بِالْيمن قلت خُذ لي يَا رَسُول الله قَالَ عَلَيْك بِالشَّام فَمن أَبى فليحق بيمنه وليستق من غدره فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام وَأَهله)
وَأخرج ابْن سعد عَن سعد بن إِبْرَاهِيم قَالَ قَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أقطع لي النَّبِي أَرضًا بِالشَّام يُقَال لَهَا السَّلِيل فَتوفي وَلم يكْتب لي بهَا كتابا وَإِنَّمَا قَالَ لي إِذا فتح الله علينا الشَّام فَهِيَ لَك(2/187)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقت لأهل الْعرَاق ذَات عرق
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَتْح الْمُقَدّس وَمَا مَعَه
أخرج البُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اعدد سِتا بَين يَدي السَّاعَة موتِي ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس ثمَّ موتان يَأْخُذ فِيكُم كقعاص الْغنم ثمَّ استفاضه المَال فِيكُم حَتَّى يعْطى الرجل مائَة دِينَار فيظل ساخطا ثمَّ فتنه لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته ثمَّ هدنه تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ غَايَة تَحت كل غَايَة إثنا عشر ألفا) زَاد الْحَاكِم ثمَّ يغدرون بكم حَتَّى حمل امْرَأَة فَلَمَّا كَانَ عَام عمواس زَعَمُوا أَن عَوْف بن مَالك قَالَ لِمعَاذ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي اعدد سِتا فقد كَانَ مِنْهُنَّ الثَّلَاث وَبَقِي ثَلَاث فَقَالَ معَاذ إِن لهَذِهِ مُدَّة وَلَكِن خمس أَظَلَّتْكُم من اِدَّرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئا ثمَّ اسْتَطَاعَ أَن يَمُوت فليمت أَن يظْهر التلاعن على المنابر وَيُعْطِي مَال الله على الْكَذِب والبنيان وتسفك الدِّمَاء بِغَيْر حق وتقطع الْأَرْحَام
وَأخرج ابْن سعد عَن ذِي الْأَصَابِع قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِن إبتلينا بِالْبَقَاءِ من بعْدك فَأَيْنَ تامرني أَن أنزل فَقَالَ (إنزل بَيت الْمُقَدّس وَلَعَلَّ الله يرزقك ذُرِّيَّة يعمرون ذَلِك الْمَسْجِد يَغْدُونَ إِلَيْهِ وَيَرُوحُونَ)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَتْح مصر وَمَا يحدث فِيهَا
وَأخرج مُسلم عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّكُم ستفتحون أَرضًا يذكر فِيهَا القيراط فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خيرا فَإِن لَهُم ذمَّة ورحما فَإِذا رَأَيْتُمْ رجلَيْنِ يقتتلان على مَوضِع لبنة فَاخْرُج مِنْهَا) قَالَ فَمر بريبعة وَعبد الرَّحْمَن بن شُرَحْبِيل(2/188)
ابْن حَسَنَة يتنازعان فِي مَوضِع لبنة فَخرج مِنْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن كَعْب بن مَالك سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا افتتحتم مصر فَاسْتَوْصُوا بالقبط خيرا فَإِن لَهُم ذمَّة ورحما يَعْنِي أَن أم إِسْمَاعِيل هَاجر كَانَت مِنْهُم ومارية أم إِبْرَاهِيم قبطية)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم سَلمَة قَالَت أوصى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد وَفَاته فَقَالَ (الله الله فِي قبط مصر فَإِنَّكُم ستظهرون عَلَيْهِم فيكونون لكم عدَّة وأعوانا فِي سَبِيل الله)
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (منعت الْعرَاق درهمها وقفيزها ومنعت الشَّام مديها ودينارها ومنعت مصر أردبها ودينارها وعدتم من حَيْثُ بدأتم) قَالَ يحيى بن آدم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر القفيز وَالدِّرْهَم قبل أَن يَضَعهُ عمر على الأَرْض قَالَ الْهَرَوِيّ أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا لم يكن وَهُوَ فِي علم الله تَعَالَى كَائِن فَخرج لَفظه بِصِيغَة الْمَاضِي لِأَنَّهُ مَاض فِي علم الله تَعَالَى
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقت لأهل الْمَدِينَة ذَا الحليفة وَلأَهل الشَّام ومصر وَالْمغْرب الْجحْفَة
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بغزاة الْبَحْر وَإِن أم حرَام مِنْهُم
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على أم حرَام فَنَامَ عِنْدهَا فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يضْحك قَالَت مَا يضحكك يَا رَسُول الله قَالَ (نَاس من أمتِي عرضوا عَليّ غزَاة فِي سَبِيل الله يركبون ثبج هَذَا الْبَحْر ملوكا على الأسرة قَالَت فَقلت يَا رَسُول الله إدع الله أَنه يَجْعَلنِي مِنْهُم فَدَعَا لَهَا ثمَّ وضع رَأسه فَنَامَ ثمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يضْحك قَالَت فَقلت يَا رَسُول الله مَا يضحكك قَالَ نَاس من(2/189)
أمتِي عرضوا عَليّ غزَاة فِي سَبِيل الله يركبون ثبج هَذَا الْبَحْر ملوكا على الأسرة قلت يَا رَسُول الله إدع لنا الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم قَالَ أَنْت من الْأَوَّلين فركبت أم حرَام الْبَحْر غَازِيَة مَعَ زَوجهَا عبَادَة بن الصَّامِت فِي زمن مُعَاوِيَة فَلَمَّا انصرفوا من غزاتهم قافلين قربوا إِلَيْهَا دَابَّة لتركبها فصرعتها فَمَاتَتْ
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عُمَيْر بن الْأسود قَالَ حَدَّثتنَا أم حرَام أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (أول جَيش من أمتِي يغزون الْبَحْر قد أوجبوا قلت يَا رَسُول الله أَنا فيهم قَالَ أَنْت فيهم ثمَّ قَالَ أول جَيش من أمتِي مَدِينَة قَيْصر مغْفُور لَهُم قلت أَنا فيهم قَالَ لَا)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقِتَال خوز وكرمان وَقوم نعَالهمْ الشّعْر
أخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا خوزا وكرمان قوما من الْأَعَاجِم حمر الْوُجُوه فطس الأنوف صغَار الْأَعْين كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر) قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد وَقع ذَلِك فَإِن قوما من الْخَوَارِج خَرجُوا بِنَاحِيَة الرّيّ وَكَانَت نعَالهمْ الشّعْر وقوتلوا
بَاب غَزْوَة الْهِنْد
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وعدنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة الْهِنْد
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ستصالحكم الرّوم صلحا آمنا
أخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ذِي مخبر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول(2/190)
(ستصالحكم الرّوم صلحا آمن)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَتْح فَارس وَالروم
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وثابت فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن حِوَالَة قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكونا إِلَيْهِ العري والفقر وَقلة الشَّيْء فَقَالَ (إبشروا فو الله لأَنا بِكَثْرَة الشَّيْء أخوف عَلَيْكُم من قلته وَالله لَا يزَال هَذَا الْأَمر فِيكُم حَتَّى يفتح الله أَرض فَارس وَالروم وَأَرْض حمير حَتَّى تكونو أجنادا ثَلَاثَة جندا بِالشَّام وجندا بالعراق وجندا بِالْيمن حَتَّى يعْطى الرجل الْمِائَة فيسخطها قلت يَا رَسُول الله من يَسْتَطِيع الشَّام وَبِه الرّوم ذَوَات الْقُرُون قَالَ وَالله ليفتحنها الله عَلَيْكُم وليستخلفنكم فِيهَا حَتَّى تظل الْعِصَابَة الْبيض مِنْهُم قيَاما على الرويجل الْأسود مِنْكُم المحلوق مَا أَمرهم من شَيْء فَعَلُوهُ) قَالَ عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفَيْل فَعرف أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعت هَذَا الحَدِيث فِي جُزْء بن سُهَيْل السّلمِيّ وَكَانَ على الْأَعَاجِم فِي ذَلِك الزَّمَان فَكَانُوا إِذا راحوا إِلَى الْمَسْجِد نظرُوا إِلَيْهِ وإليهم قيَاما حوله فعجبوا لنعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفِيهِمْ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عبد الله بن بسر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لتفتحن عَلَيْكُم فَارس وَالروم حَتَّى يكثر الطَّعَام فَلَا يذكر عَلَيْهِ إسم الله عز وَجل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا مشت أمتِي الْمُطَيْطَاء وَخدمَتهمْ أَبنَاء فَارس وَالروم سلط شرارهم على خيارهم)
وَأخرج الْحَاكِم عَن الزبير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أما أَنه لَا يَأْتِي عَلَيْكُم إِلَّا كَذَا وَكَذَا حَتَّى تفتح عَلَيْكُم فَارس وَالروم فيغدو أحدكُم فِيهِ حلَّة وَيروح فِي حلَّة ويغذى عَلَيْكُم بقصعة وَيرَاح عَلَيْكُم بِأُخْرَى)(2/191)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَوْف بن مَالك قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَصْحَابه فَقَالَ (الْفقر تخافون وَأَن الله فاتح لكم أَرض فَارس وَالروم وَيصب عَلَيْكُم الدُّنْيَا صبا حَتَّى لَا يزيغكم بعدِي إِن زغتم إِلَّا هِيَ)
وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم عَن هَاشم بن عتبَة قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فَسَمعته يَقُول (تغزون جَزِيرَة الْعَرَب فيفتحها الله ثمَّ تغزون فَارس فيفتحها الله ثمَّ تغزون الرّوم فيفتحها الله ثمَّ تغزون الدَّجَّال فيفتحه الله)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (رَأَيْت اللَّيْلَة كَأَنَّمَا يَتبعني غنم سود ثمَّ أردفها غنم بيض حَتَّى لم تَرَ السود فِيهَا فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله هِيَ الْعَرَب تتبعك ثمَّ تردفها الْعَجم حَتَّى لم يرَوا فِيهَا قَالَ أجل كَذَلِك عبرها الْملك سحرًا) مُرْسل
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَلَاك كسْرَى وَقَيْصَر وإنفاق كنوزهما وَأَنه لَا يكون بعدهمَا كسْرَى وَقَيْصَر
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِذا هلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتنفقن كنوزهما فِي سَبِيل الله)
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لتفتحن عِصَابَة من الْمُسلمين كنوز كسْرَى الَّتِي فِي الْقصر الْأَبْيَض فَكنت أَنا وَأبي فيهم فأصابنا من ذَلِك ألف دِرْهَم)
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن عفيف الْكِنْدِيّ قَالَ قدمت مَكَّة فَأتيت الْعَبَّاس لأبايع مِنْهُ فَإِنِّي لعنده بمنى إِذْ خرج رجل من خبأ قريب مِنْهُ إِذْ نظر إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا رَآهَا مَالَتْ قَامَ يُصَلِّي ثمَّ خرجت امْرَأَة فَقَامَتْ تصلي خَلفه ثمَّ خرج غُلَام فَقَامَ مَعَه يُصَلِّي فَقلت للْعَبَّاس مَا هَذَا قَالَ هَذَا مُحَمَّد ابْن أخي وَامْرَأَته(2/192)
خَدِيجَة وَابْن عَمه عَليّ يزْعم أَنه نَبِي وَلم يتبعهُ على أمره إِلَّا امْرَأَته وَابْن عَمه وَهُوَ يزْعم أَنه سيفتح عَلَيْهِ كنوز كسْرَى وَقَيْصَر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَن عمر أُتِي بِسوَارِي كسْرَى فألبسهما سراقَة بن مَالك فبلغا مَنْكِبَيْه فَقَالَ الْحَمد لله سواري كسْرَى بن هُرْمُز فِي يَدي سراقَة بن مَالك أَعْرَابِي من بني مُدْلِج
قَالَ الشَّافِعِي وأنما ألبسهما سراقَة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لسراقة وَنظر إِلَى ذِرَاعَيْهِ كَأَنِّي بك قد لبست سواري كسْرَى ومنطقته وتاجه
وَأخرج من طَرِيق ابْن عتبَة عَن إِسْرَائِيل أبي مُوسَى عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لسراقة بن مَالك (كَيفَ بك إِذا لبست سواري كسْرَى) قَالَ فَلَمَّا أَتَى عمر بِسوَارِي دَعَا سراقَة فألبسه وَقَالَ قل الْحَمد لله الَّذِي سلبهما كسْرَى ابْن هُرْمُز والبسهما سراقَة الأعربي
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن ابْن محيريز قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَارس نطحة اَوْ نطحتان ثمَّ لَا فَارس بعد هَذَا أبدا وَالروم ذَوَات الْقُرُون كلما هلك قرن خَلفه قرن)
بَاب اخباره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالخلفاء بعده ثمَّ الْمُلُوك وَخِلَافَة الْأَرْبَعَة وَمُعَاوِيَة وَبني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس وَبِأَن الْأَمر فِي قُرَيْش لايخرج عَنْهُم مَا أَقَامُوا الدّين وَبِأَن التّرْك تسلبهم ملكهم
أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (كَانَت بَنو اسرائيل تسوسهم الانبياء كلما هلك نَبِي خلف نَبِي وانه لَا نَبِي بعدِي وستكون خلفاء فيكثرون قَالُوا فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ فوابيعة الأول فَالْأول وأعطوهم حَقهم فان الله سائلهم عَمَّا استرعاهم)(2/193)
واخرج مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا يزَال الدّين قَائِما حَتَّى يكون اثْنَا عشر خَليفَة من قُرَيْش ثمَّ يخرج كذابون بَين يَدي السَّاعَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَتَكُون بعدِي خلفاء يعْملُونَ مَا يعلمُونَ ويفعلون مَا يؤمرون وستكون بعدهمْ خلفاء يعْملُونَ مَا لَا يعلمُونَ ويفعلون مَا لَا يؤمرون)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لكعب بن عجْرَة (أَعَاذَك الله من أَمارَة السُّفَهَاء قَالَ وَمَا امرارة اكسفهاء أُمَرَاء يكونُونَ بعدِي لَا يَهْتَدُونَ بهديي وَلَا يستنون بِسنتي)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَتَكُون اثرة وَأُمُور تنكرونها قَالُوا فَمَا يصنع من أدْرك ذَلِك منا قَالَ أَدّوا الْحق الَّذِي عَلَيْكُم وسلوا الله الَّذِي لكم)
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ وعظنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موعظة بليغة وجلت مِنْهَا الْقُلُوب وذرفت مِنْهَا الْعُيُون فَقَالُوا يَا رَسُول الله هَذِه موعظة مُودع فَمَا تعهد إِلَيْنَا قَالَ (أوصيكم بتقوى الله والسمع وَالطَّاعَة وَإِن كَانَ عبدا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ من يَعش مِنْكُم فسيرى اخْتِلَافا كثيرا وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِنَّهَا ضَلَالَة فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فَعَلَيهِ بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ)
وَأخرج أَبُو يعلى والْحَارث بن أُسَامَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سفينة قَالَ لما بنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد جَاءَ أَبُو بكر بِحجر فَوَضعه ثمَّ جَاءَ عمر بِحجر فَوَضعه ثمَّ جَاءَ عُثْمَان بِحجر فَوَضعه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَؤُلَاءِ وُلَاة الْأَمر بعدِي)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة قَالَت أول حجر حمله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبِنَاء الْمَسْجِد ثمَّ حمل أَبُو بكر حجرا ثمَّ حمل عُثْمَان حجرا ثمَّ حمل عمر حجرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء بعدِي)(2/194)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن قُطْبَة بن مَالك قَالَ مَرَرْت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَهُوَ يؤسس مَسْجِد قبَاء فَقلت يَا رَسُول الله تبني هَذَا الْبناء وَإِنَّمَا مَعَك هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قَالَ (إِن هَؤُلَاءِ أَوْلِيَاء الْخلَافَة بعدِي)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أرى اللَّيْلَة رجل صَالح أَن أَبَا بكر نيط برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونيط عمر بِأبي بكر ونيط عُثْمَان بعمر) قَالَ جَابر فَلَمَّا قمنا من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَا الرجل الصَّالح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما مَا ذكر من نوط بَعضهم بَعْضًا فهم وُلَاة هَذِه الْأَمر الَّذِي بعث الله تَعَالَى بِهِ نبيه
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر) وَأخرج الْحَاكِم مثله من حَدِيث ابْن مَسْعُود
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (بَيْنَمَا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي على قليب عَلَيْهَا دلو فنزعت مِنْهَا مَا شَاءَ الله ثمَّ أَخذهَا أَبُو بكر فَنزع مِنْهَا ذنوبا أَو ذنوبين وَفِي نَزعَة ضعف وَالله يغْفر لَهُ ثمَّ استحالت غربا فَأَخذهَا ابْن الْخطاب فَلم أر عبقريا من النَّاس نزع نَزعه حَتَّى ضرب النَّاس بِعَطَن) وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (رَأَيْت كَأَنِّي أَسْقِي غنما سُودًا إِذْ خالطتها غنم عفر إِذْ جَاءَ أَبُو بكر فَنزع ذنوبا أَو ذنوبين وَفِيه ضعف إِذْ جَاءَ عمر فَأخذ الدَّلْو فاستحالت غربا فأروى النَّاس وَصدر الشَّاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأولت أَن الْغنم السود الْعَرَب وَإِن العفر إخْوَانكُمْ من هَذِه الإعاجم) قَالَ الشَّافِعِي رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي والضعف مَذْكُور قصر مُدَّة أَبُو بكر وعجلة مَوته
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ قَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله مَا زَالَ أَرَانِي أَطَأ فِي عذرات النَّاس قَالَ لتكونن من النَّاس بسبيل قَالَ وَرَأَيْت فِي صَدْرِي كالرقمتين قَالَ سنتَيْن(2/195)
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن شهَاب قَالَ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيَة فَقَصَّهَا على أبي بكر فَقَالَ يَا أَبَا بكر رَأَيْت كَأَنِّي استبقت أَنا وَأَنت دَرَجَة فسبقتك بمرقاتين وَنصف فَقَالَ يَا رَسُول الله يقبضك الله إِلَى رَحمته ومغفرته وأعيش بعْدك سنتَيْن وَنصفا)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مَرضه ادعِي لي أَبَاك وأخاك حَتَّى أكتب لأبي بكر كتابا فَإِنِّي أَخَاف أَن يَقُول قَائِل ويتمنى متمن ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عمر وَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سَيكون فِيكُم اثْنَا عشر خَليفَة أَبُو بكر الصّديق لَا يلبث خَلْفي إِلَّا قَلِيلا وَصَاحب رَحا دَار الْعَرَب يعِيش حميدا وَيَمُوت شَهِيدا قَالَ رجل وَمن هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ عمر بن الْخطاب ثمَّ الْتفت إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ وَأَنت يَسْأَلك النَّاس أَن تخلع قَمِيصًا كساكه الله وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَئِن خلعته لَا تدخل الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ وجهني وَفد بني المصطلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا سَله إِن جِئْنَا فِي الْعَام الْمقبل فَلم نجدك إِلَى من ندفع صَدَقَاتنَا فَقلت لَهُ فَقَالَ قل لَهُم أَن يدفعوها إِلَى أبي بكر فَقلت لَهُم فَقَالُوا قل لَهُ فَإِن لم نجد أَبَا بكر فَقلت لَهُ فَقَالَ قل لَهُم إدفعوها إِلَى عمر فَقلت لَهُم فَقَالُوا قل لَهُ فَإِن لم نجد عمرفقلت لَهُ فَقَالَ قل لَهُم إدفعوها إِلَى عُثْمَان وتبا لكم يَوْم يقتل عُثْمَان
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي (إِنَّك مؤمر مستخلف وَأَنَّك مقتول وَإِن هَذِه مخضوبة من هَذِه يَعْنِي لحيته من رَأسه)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ثَوْر بن مجزاة قَالَ مَرَرْت بطلحة يَوْم الْجمل فِي آخر رَمق فَقَالَ لي مِمَّن أَنْت قلت من أأصحاب أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ فَقَالَ إبسط يدك أُبَايِعك(2/196)
فبسطت يَدي وبايعني وفاضت نَفسه فَأتيت عليا فَأَخْبَرته فَقَالَ الله أكبر صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَبى الله أَن يدْخل طَلْحَة الْجنَّة إِلَّا وبيعتي فِي عُنُقه)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق سهل بن أبي حثْمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن سهل الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ أحد من شهد أحدا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا كَانَت نبوة قطّ إِلَّا تبعتها خلَافَة وَلَا كَانَت خلَافَة قطّ إِلَّا تبعها ملك وَلَا كَانَت صَدَقَة قطّ صَارَت إِلَّا مكسا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي عبيده بن الْجراح ومعاذ بن جبل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن هَذَا الْأَمر بَدَأَ نبوة وَرَحْمَة ثمَّ يكون خلَافَة وَرَحْمَة ثمَّ كَائِن ملكا عَضُوضًا ثمَّ كَائِن عتوا وَجَبْرِيَّة وَفَسَادًا فِي الْأمة يسْتَحلُّونَ الْفروج وَالْخُمُور وَالْحَرِير وينصرون على ذَلِك وَيُرْزَقُونَ أبدا حَتَّى يلْقوا الله)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سفينة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خلَافَة النُّبُوَّة) وَفِي لفظ (الْخلَافَة فِي أمتِي ثَلَاثُونَ عَاما ثمَّ يكون ملكا فَكَانَت مُدَّة خلَافَة الْأَرْبَعَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (خلَافَة نبوة ثَلَاثُونَ عَاما يُؤْتِي الله الْملك من يَشَاء فَقَالَ مُعَاوِيَة قد رَضِينَا بِالْملكِ)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّكُم فِي النُّبُوَّة مَا شَاءَ الله أَن تكون ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ ثمَّ تكون خلَافَة على منهاج النُّبُوَّة تكون مَا شَاءَ الله أَن تكون ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ ثمَّ يكون ملك عضوض ثمَّ تكون جبرية مَا شَاءَ الله أَن تكون ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ ثمَّ تكون خلَافَة على منهاج النُّبُوَّة) فَلَمَّا ولي عمر بن عبد الْعَزِيز ذكر لَهُ هَذَا الحَدِيث وَقيل لَهُ إِنَّا نرجو أَن تكون بعد الجبرية فسر بِهِ
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْخلَافَة بِالْمَدِينَةِ وَالْملك بِالشَّام)(2/197)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن حِوَالَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا رَأَيْت الْخلَافَة قد نزلت بِالْأَرْضِ المقدسة فقد أَتَت الزلازل زالبلابل والأمور الْعِظَام والساعة أقرب إِلَى النَّاس من يَدي هَذِه إِلَى رَأسك) قَالَ الْبَيْهَقِيّ أَرَادَ بالساعة إنخرام ذَلِك الْقرن
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (بَيْنَمَا أَنا نَائِم رَأَيْت عَمُود الْكَتَائِب أحتمل من تَحت رَأْسِي فَظَنَنْت أَنه مذهوب بِهِ فاتبعته بَصرِي فَعمد لَهُ إِلَى الشَّام وَأَن الْإِيمَان حِين تقع الْفِتَن بِالشَّام) وَأخرج نَحوه من حَدِيث عمر بن الْخطاب وإبن عمْرَة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ (لَا مَدِينَة بعد عُثْمَان وَلَا رخاء بعد مُعَاوِيَة)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده من طَرِيق عبد الْملك بن عُمَيْر عَن مُعَاوِيَة قَالَ مَا زلت أطمع فِي الْخلَافَة مُنْذُ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا مُعَاوِيَة إِن ملكت فَأحْسن)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عُمَيْر قَالَ قَالَ مُعَاوِيَة وَالله مَا حَملَنِي على الْخلَافَة إِلَّا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا مُعَاوِيَة إِن وليت أمرا فَاتق الله وَأَعْدل) فَمَا زلت أَظن إِنِّي مبتلي بِعَمَل لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لمعاوية (كَيفَ بك لَو قد قمصك الله قَمِيصًا يَعْنِي الْخلَافَة فَقَالَت أم حَبِيبَة يَا رَسُول الله وَإِن الله مقمص أخي قَمِيصًا قَالَ نعم وَلَكِن فِيهِ وهنات وهنات)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يَا مُعَاوِيَة إِن الله ولاك من أَمر هَذِه الْأمة فَانْظُر مَا أَنْت صانع قَالَت أم حَبِيبَة أَو يُعْطي الله أخي ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ نعم وفيهَا هَنَات(2/198)
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يَا مُعَاوِيَة إِن وليت أمرا فَاتق الله واعدل) قَالَ فَمَا زلت أَظن إِنِّي مبتلي بِعَمَل لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ابْتليت وَأخرج أَبُو يعلى من حَدِيث مُعَاوِيَة مثله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْحسن عَن مُعَاوِيَة قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اما أَنَّك ستلي أَمر أمتِي بعدِي فَإِذا كَانَ ذَلِك فاقبل من محسنهم وَتجَاوز عَن مسيئهم) فَمَا زلت أرجوها حَتَّى قُمْت مقَامي هَذَا
وَأخرج الديلمي عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ سَمِعت عليا يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك مُعَاوِيَة)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن مسلمة بن مخلد قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لمعاوية (اللَّهُمَّ علمه الْكتاب وَمكن لَهُ فِي الْبِلَاد وقه الْعَذَاب)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم قَالَ جَاءَ إعرابي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صارعني فَقَامَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فَقَالَ أَنا أصارعك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لن يغلب مُعَاوِيَة أبدا) فصرع الإعرابي فَلَمَّا كَانَ يَوْم صفّين قَالَ عَليّ لَو ذكرت هَذَا الحَدِيث مَا قَاتَلت مُعَاوِيَة
أَخْبَار خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ بلغنَا أَن عمر بن الْخطاب قَالَ فِي وَلَدي رجل بِوَجْهِهِ شين يَلِي فَيمْلَأ الأَرْض عدلا قَالَ نَافِع لَا أَحْسبهُ إِلَّا عمر بن عبد الْعَزِيز
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ كَانَ ابْن عمر يَقُول كثيرا لَيْت شعري من هَذَا الَّذِي من ولد عمر فِي وَجهه عَلامَة يمْلَأ الأَرْض عدلا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن دِينَار قَالَ قَالَ ابْن عمر يزْعم النَّاس أَن الدُّنْيَا لن تَنْقَضِي حَتَّى يَلِي رجل من آل عمر يعْمل بِمثل عمل عمر فَكَانُوا يرونه بِلَال بن عبد الله بن عَمْرو كَانَ بِوَجْهِهِ أثر فَلم يكن هُوَ وَإِذا هُوَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَأمه إبنة عَاصِم بن عمر بن الْخطاب(2/199)
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد على عَليّ بن أبي طَالب قَالَ لَا تَلْعَنُوا بني أُميَّة فَإِن فيهم أَمِيرا صَالحا يَعْنِي عمر بن عبد الْعَزِيز
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ الْخُلَفَاء أَبُو بكر والعمران فَقيل لَهُ من عمر الآخر قَالَ يُوشك أَن تعرفه قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَابْن الْمسيب مَاتَ قبل عمر بن عبد الْعَزِيز بِسنتَيْنِ وَلَا يَقُوله إِلَّا تَوْفِيقًا
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِذا بلغ بَنو أبي الْعَاصِ أَرْبَعِينَ رجلا اتَّخذُوا دين الله دغلا
واخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذا بلغ بَنو أبي الْعَاصِ ثَلَاثِينَ رجلا اتَّخذُوا دين الله دغلا وَمَال الله دولا وَعباد الله خولا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن موهب أَنه كَانَ عِنْد مُعَاوِيَة فَدخل عَلَيْهِ مَرْوَان فَقَالَ لَهُ اقْضِ حَاجَتي با أَمِير الْمُؤمنِينَ فو الله مؤونتي لعظيمة وَإِنِّي أَبُو عشرَة وَعم عشرَة وأخو عشرَة فَلَمَّا أدبر مَرْوَان وَابْن عَبَّاس جَالس مَعَ مُعَاوِيَة على السرير فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا ابْن عَبَّاس أما تعلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِذا بلغ بَنو الحكم ثَلَاثِينَ رجلا اتَّخذُوا مَال الله بَينهم دولا وَعباد الله خولا وَكتاب الله دغلا فَإِذا بلغُوا تِسْعَة وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة رجل كَانَ هلاكهم أسْرع من لوك تَمْرَة) فَقَالَ ابْن عَبَّاس اللَّهُمَّ نعم وَذكر مَرْوَان حَاجَة لَهُ فَرد مَرْوَان عبد الْملك إِلَى مُعَاوِيَة فَكَلمهُ فِيهَا فَلَمَّا أدبر عبد الْملك قَالَ مُعَاوِيَة يَا ابْن عَبَّاس أما تعلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر هَذَا فَقَالَ أَبُو الْجَبَابِرَة الْأَرْبَعَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس اللَّهُمَّ نعم
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي ذَر سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا بلغت بَنو أُميَّة أَرْبَعِينَ اتَّخذُوا عباد الله خولا وَمَال الله نحلا وَكتاب الله دغلا)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (رَأَيْت فِي النّوم بني الحكم ينزون على منبري كَمَا تنزوا القردة) قَالَ فَمَا رُؤِيَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَاحِكا مستجمعا حَتَّى توفّي(2/200)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الْمسيب قَالَ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني أُميَّة على منبره فساءه ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنَّمَا هِيَ دنيا أعطوها فقرت عينه
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رأى بني أُميَّة يخطبون على منبره رجلا رجلا فساءه ذَلِك فَنزلت {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} وَنزلت إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة القدروما أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر يملكهَا بَنو أُميَّة قَالَ الْقَاسِم بن الْفضل فحسبنا مُدَّة ملك بني أُميَّة فَإِذا هِيَ ألف شهر لَا تزيد وَلَا تنقص
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن مرّة الْجُهَنِيّ وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ جَاءَ الحكم بن أبي الْعَاصِ يسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (أئذنوا لَهُ حَيَّة أَو ولد حَيَّة عَلَيْهِ لعنة الله وعَلى من يخرج من صلبه إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ وَقَلِيل مَا هم يشرفون فِي الدُّنْيَا ويوضعون فِي الْآخِرَة ذَوُو مكر وخديعة يُعْطون فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُم فِي الْآخِرَة من خلاق)
وَأخرج الفاكهي عَن الزُّهْرِيّ وَعَطَاء الخرساني أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْحكم (كَأَنِّي أنظر إِلَى بنيه يصعدون منبري وينزلون)
وَأخرج عَن مُعَاوِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْحكم (إِذا بلغ وَلَده ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ ملكوا الْأَمر)
وَأخرج ابْن تجيب فِي جزئه عَن جُبَير بن مطعم قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر الحكم بن أبي الْعَاصِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ويل لأمتي مِمَّا فِي صلب هَذَا)
وَأخرج ابْن أبي أُسَامَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ليرعفن جَبَّار من جبابرة بني أُميَّة على منبري هَذَا) فرعف عَمْرو بن سعيد بن العَاصِي على مِنْبَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سَالَ الدَّم على درج الْمِنْبَر(2/201)
خلَافَة بني الْعَبَّاس
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الْعَبَّاس قَالَ كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة فَقَالَ (أنظر هَل ترى فِي السَّمَاء من نجم قلت نعم أرى الثريا قَالَ أما أَنه يَلِي هَذِه الْأمة بعددها من صلبك إثنين فِي فتْنَة)
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عَبدِي وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس (فِيكُم النُّبُوَّة والمملكة)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدَّثتنِي أم الْفضل قَالَت مَرَرْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِنَّك حَامِل بِغُلَام فَإِذا وَلدته فائتيني بِهِ قلت يَا رَسُول الله أَي ذَاك وَقد تحالفت قُرَيْش أَن لَا يَأْتُوا النِّسَاء قَالَ هُوَ مَا قد أَخْبَرتك قَالَت فَلَمَّا ولدت أَتَيْته بِهِ فَأذن فِي إِذْنه الْيُمْنَى وَأقَام فِي الْيُسْر والبأه من رِيقه وَسَماهُ عبد الله وَقَالَ إذهبي بِهِ بِأبي الْخُلَفَاء فَأخْبرت الْعَبَّاس فَأَتَاهُ فَذكر لَهُ فَقَالَ هُوَ مَا أَخْبَرتك هَذَا أَبُو الْخُلَفَاء حَتَّى يكون مِنْهُم السفاح حَتَّى يكون مِنْهُم الْمهْدي حَتَّى يكون مِنْهُم من يُصَلِّي بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام)
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَرَرْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا مَعَه جِبْرِيل وَأَنا أَظُنهُ دحْيَة الْكَلْبِيّ وَعلي ثِيَاب بيض فَقَالَ جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه لوضح الثِّيَاب وَإِن وَلَده يلبسُونَ السوَاد فَقلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَرْت بك وَكَانَ مَعَك دحْيَة قَالَ فَذكره وَذكر قصَّة ذهَاب بَصَره ورده عَلَيْهِ عِنْد مَوته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يقتتل عتد كنزكم هَذَا ثَلَاثَة كلهم ولد خَليفَة لَا يصير إِلَى وَاحِد مِنْهُم ثمَّ تقبل الرَّايَات السود من خُرَاسَان(2/202)
فيقتلونكم مقتلة لم تروا مثلهَا)
واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تخرج رايات سود من خُرَاسَان لَا يردهَا شَيْء حَتَّى تنصب بايلياء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبان بن الْوَلِيد بن عقبَة قَالَ قدم ابْن عَبَّاس على مُعَاوِيَة وَأَنا حَاضر فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة هَل تكون لكم دولة قَالَ نعم قَالَ فَمن أنصاركم قَالَ أهل خُرَاسَان ولبني أُميَّة من بني هَاشم نطحات
وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِنَّا أهل بَيت اخْتَار الله لنا الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَأَن أهل بَيْتِي سيلقون بعدِي بلَاء وتطريدا وتشريدا حَتَّى ياتي قوم من هَهُنَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْو الْمشرق أَصْحَاب رايات سود فَيسْأَلُونَ الْحق فَلَا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون حَتَّى يدفعوها إِلَى رجل من أهل بَيْتِي فيملأها عدلا كَمَا ملئت ظلما)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أهل بَيْتِي سيلقون من بعدِي من أمتِي قتلا وتشريدا)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله (يخرج رجل من أهل بَيْتِي عِنْد انْقِطَاع من الزَّمَان وَظُهُور الْفِتَن يُقَال لَهُ السفاح يكون عطاؤه المَال حثيا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (منا السفاح والمنصور وَالْمهْدِي)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ (يكون منا ثَلَاثَة أهل الْبَيْت سفاح وَمَنْصُور ومهدي)
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه أوصى حِين ضربه ابْن ملجم فَقَالَ فِي وَصيته إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرنِي بِمَا يكون من اخْتِلَاف بعده وَأَمرَنِي بِقِتَال النَّاكِثِينَ والمارقين والقاسطين وَأَخْبرنِي بِهَذَا الَّذِي(2/203)
أصابني وَأَخْبرنِي أَنه يملك مُعَاوِيَة وَابْنه يزِيد ثمَّ يصير إِلَى بني مَرْوَان يتوارثونها وَأَن هَذَا الْأَمر صائر إِلَى بني أُميَّة ثمَّ إِلَى بني الْعَبَّاس وَأرَانِي التربة الَّتِي يقتل بهَا الْحُسَيْن
وَأخرج أَيْضا عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ قَالَ لي عمر بن الْخطاب وَالله ليعورن الْإِسْلَام بَنو أُميَّة ثمَّ ليعمين ثمَّ لَا يدْرِي أَيْن يكون وَلَا من يكون لَهُ ثمَّ يَقع هَهُنَا وَهَهُنَا مَا شَاءَ الله من مائَة وست وَثَلَاثِينَ سنة ثمَّ يبْعَث الله تَعَالَى وَفْدًا كوفد الْمُلُوك طيبَة ريحهم فَيرد الله سَمعه وبصره قلت وَمن هم قَالَ عراقي ومشرقي وأعجمي وقليلا مَا كَانَ وقليلا مَا دَامَ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يزَال هَذَا الْأَمر فِيكُم وَأَنْتُم ولاته مَا لم تحدثُوا أعمالا تنزعه مِنْكُم فَإِذا فَعلْتُمْ ذَلِك سلط الله عَلَيْكُم شرار خلقه فالتحوكم كَمَا يلتحى الْقَضِيب)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن مُعَاوِيَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش لَا يعاديهم أحد إِلَّا كَبه الله على وَجهه مَا أَقَامُوا الدّين)
وَأخرج الْحَاكِم عَن الضَّحَّاك بن قيس أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا يزَال وَال من قُرَيْش)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أتركوا التّرْك مَا تركوكم فَإِن أول من يسلب أمتِي ملكهم وَمَا خولهم الله بَنو قنطوراء)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي بكرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أَرضًا تسمى الْبَصْرَة أَو البصيرة تنزلها نَاس من الْمُسلمين عِنْدهم نهر يُقَال لَهُ دجلة يكون لَهُم عَلَيْهَا جسر وَيكثر أَهلهَا فَإِذا كَانَ فِي آخر الزَّمَان جَاءَ بَنو قنطوراء عراض الْوُجُوه صغَار الْأَعْين حَتَّى ينزلُوا على شاطىء النَّهر فتتفرق النَّاس عِنْد ذَلِك ثَلَاثَة فرق فرقة(2/204)
تلْحق بأصلها فهلكوا وَفرْقَة تَأْخُذ على أَنْفسهَا فَكَفرُوا وَفرْقَة تقَاتلهمْ قتالا شَدِيدا فَيفتح الله على بَقِيَّتهمْ)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن بُرَيْدَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن أمتِي يَسُوقهَا قوم عراض الْوُجُوه صغَار الْأَعْين كَأَن وُجُوههم الحجف ثَلَاث مَرَّات حَتَّى يلحقوهم بِجَزِيرَة الْعَرَب أما الأولى فينجو من هرب مِنْهُم وَأما الثَّانِيَة فينجو بعض وَأما الثَّالِثَة فيصطلمون من بَقِي مِنْهُم قَالَ يَا رَسُول الله من هم قَالَ التّرْك وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليربطن خيولهم إِلَى سواري مَسَاجِد الْمُسلمين)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن مُعَاوِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَيظْهرَن التّرْك على الْعَرَب حَتَّى تلحقها بمنابت الشيح والقيصوم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ (كَأَنِّي بِالتّرْكِ قد اتتكم على براذين مخرمَة الْأَذَان حَتَّى تربطها بشط الْفُرَات)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن هَذَا الْحَيّ من مُضر لَا يزَال بِكُل عبد صَالح تقتله وتهلكهه وتفنيه حَتَّى يركبهم الله بِجُنُود من عِنْده فيقتلهم)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو يعلى بِسَنَد صَحِيح عَن عمار بن يَاسر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يكون بعدِي قوم يَأْخُذُونَ الْملك بقتل بَعضهم بَعْضًا)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشَّهَادَةِ لعمر رَضِي الله عَنهُ
أخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن أبي الْأَشْهب عَن رجل من مزينة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى على عمر ثوبا فَقَالَ أجديد أم غسيل فَقَالَ بل غسيل فَقَالَ (يَا عمر إلبس جَدِيدا وعش حميدا وتوف شَهِيدا) // مُرْسل // وَقد أخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن ابْن عمر مَرْفُوعا مثله وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيث جَابر مثله(2/205)
وَأخرج أَبُو يعلى بِسَنَد صَحِيح عَن سهل بن سعد أَن أحدا ارتج وَعَلِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أثبت أحد فَمَا عَلَيْك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شهيدان)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي حَائِط فَاسْتَأْذن أَبُو بكر فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ ثمَّ اسْتَأْذن عمر فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ وبالشهادة ثمَّ اسْتَأْذن عُثْمَان فَقَالَ لَهُ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ وبالشهادة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عبد الرَّحْمَن بن يسَار قَالَ شهِدت موت عمر بن الْخطاب فانكسفت الشَّمْس يَوْمئِذٍ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ببئر أريس فَجَلَسَ على قف الْبِئْر فتوسطه ثمَّ دلى رجلَيْهِ فِي الْبِئْر وكشف عَن سَاقيه فَقلت لأكونن الْيَوْم بواب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء أَبُو بكر فَقلت على رسلك وَذَهَبت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت هَذَا أَبُو بكر يسْتَأْذن قَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ فَدخل حَتَّى جلس إِلَى جنب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي القف على يَمِينه ودلى رجلَيْهِ ثمَّ جَاءَ عمر فَقلت هَذَا عمر يسْتَأْذن قَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ فجَاء حَتَّى جلس مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على يسَاره ودلى رجلَيْهِ ثمَّ جَاءَ عُثْمَان فَقلت هَذَا عُثْمَان يسْتَأْذن فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ على بلوى تصيبه فَدخل فَلم يجد فِي القف مَجْلِسا فَجَلَسَ وجائهم من شقّ الْبِئْر ودلى رجلَيْهِ) قَالَ سعيد بن الْمسيب فَأَوَّلتهَا قُبُورهم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والبيقهي عَن زيد بن أَرقم قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (انْطلق حَتَّى تَأتي أَبَا بكر فتجده فِي دَاره جَالِسا مُحْتَبِيًا فبشره بِالْجنَّةِ ثمَّ انْطلق حَتَّى تَأتي الثَّنية فَتلقى عمر رَاكِبًا على حمَار تلوح صلعته فبشره(2/206)
بِالْجنَّةِ ثمَّ انْطلق حَتَّى تَأتي عُثْمَان فتجده فِي السُّوق يَبِيع ويبتاع فبشره بِالْجنَّةِ بعد بلَاء شَدِيد) فَانْطَلَقت فوجدتهم كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرتهمْ
وَأخرج ابْن أبي خَيْثَمَة فِي تَارِيخه وابو يعلى وَالْبَزَّار وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَائِط فجَاء آتٍ فدق الْبَاب فَقَالَ يَا أنس قُم فافتح لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ وبالخلافة من بعدِي فَإِذا أَبُو بكر ثمَّ جَاءَ رجل فدق الْبَاب فَقَالَ يَا أنس قُم فافتح لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ وبالخلافة من بعد أبي بكر فَإِذا عمر ثمَّ جَاءَ رجل فدق الْبَاب فَقَالَ افْتَحْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ وبالخلافة من بعد عمر وَإنَّهُ مقتول فَإِذا عُثْمَان)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي حش من حشان الْمَدِينَة فَاسْتَأْذن رجل خفيض الصَّوْت فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ على بلوى تصيبه فَإِذا هُوَ عُثْمَان)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن ثَابت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (مر بِي عُثْمَان وَعِنْدِي ملك من الْمَلَائِكَة فَقَالَ شَهِيد يقْتله قومه إِنَّا لنستحي مِنْهُ)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ قتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح رجلا من قُرَيْش صبرا ثمَّ قَالَ لَا يقتل قرشي بعد هَذَا الْيَوْم صبرا إِلَّا رجل قتل عُثْمَان بن عَفَّان قَتَلُوهُ فَإِن لَا تَفعلُوا تقتلُوا قتل الشَّاء
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ وَعُثْمَان مَحْصُور سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (سَتَكُون فتْنَة وَاخْتِلَاف قُلْنَا يَا رَسُول الله مَا تَأْمُرنَا قَالَ عَلَيْكُم بالأمير وَأَصْحَابه وَأَشَارَ إِلَى عُثْمَان
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا عُثْمَان فَجعل يُشِير إِلَيْهِ ولون عُثْمَان يتَغَيَّر فَلَمَّا كَانَ يَوْم الدَّار قُلْنَا أَلا تقَاتل قَالَ لَا إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد إِلَيّ أمرا فَأَنا صابر نَفسِي عَلَيْهِ(2/207)
وَأخرج الْحَاكِم وَابْن ماجة وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعُثْمَان (إِن الله مقمصك قَمِيصًا فَإِن أرادك المُنَافِقُونَ على خلعه فَلَا تخلعه)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل إِلَى عُثْمَان فَقَالَ لَهُ (إِنَّك مقتول مستشهد فاصبر صبرك الله وَلَا تخلعن قَمِيصًا قمصكه الله ثِنْتَيْ عشرَة سنة وَسِتَّة أشهر فَلَمَّا أدبر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبرك الله فَإنَّك سَوف تستشهد وَتَمُوت وَأَنت صَائِم وتفطر معي)
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا عُثْمَان إِنَّك ستؤتى الْخلَافَة من بعدِي وسيريدك المُنَافِقُونَ على خلعها فَلَا تخلعها وصم فِي ذَلِك الْيَوْم فَإنَّك تفطر عِنْدِي)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن حِوَالَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تهجمون على رجل معتجر بِبُرْدَةٍ يُبَايع النَّاس من أهل الْجنَّة فهجمت على عُثْمَان وَهُوَ معتجر بِبُرْدَةٍ حبرَة يُبَايع)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا عُثْمَان تقتل وَأَنت تقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة فَتَقَع قَطْرَة من دمك على فَسَيَكْفِيكَهُم الله) قَالَ الذَّهَبِيّ مَوْضُوع
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن حِوَالَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من نجا من ثَلَاث فقد نجا قَالُوا مَاذَا يَا رَسُول الله قَالَ موتِي وَقتل خَليفَة مصطبر بِالْحَقِّ يُعْطِيهِ وَمن الدَّجَّال) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ مثله من حَدِيث عقبَة بن عَامر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن رحى الْإِسْلَام ستدور بعد خمس أَو سِتّ أَو سبع وَثَلَاثِينَ فَإِن يهْلكُوا فسبيل من هلك وَإِن يقم لَهُم دينهم يقم سبعين قَالَ عمر يَا نَبِي الله مِمَّا مضى قَالَ لَا بل مِمَّا بَقِي) قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَكَذَلِكَ كَانَ ملك بني أُميَّة إِلَى أَن دخله الوهن وَظَهَرت الدعاة بخراسان نَحْو سبعين سنة(2/208)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن مرّة بن كَعْب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر فتْنَة فقربها فمرر رجل مقنع فِي ثوب فَقَالَ (هَذَا يَوْمئِذٍ على الْهدى فَقُمْت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ عُثْمَان)
وَأخرج البيقهي عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتلُوا إمامكم وتجتلدوا بأسيافكم وَيَرِث دنياكم شِرَاركُمْ)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عديس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يخرج أنَاس يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية يقتلُون فِي جبل لبنان) قَالَ ابْن لَهِيعَة كَانَ عبد الرَّحْمَن بن عديس البلوي سَار بِأَهْل مصر إِلَى عُثْمَان فَقتله ثمَّ قتل ابْن عديس بعد ذَلِك بعام أَو عَاميْنِ بجبل لبنان
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن مهَاجر بن حبيب قَالَ بعث عُثْمَان إِلَى عبد الله بن سَلام وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ لَهُ إرفع رَأسك ترى هَذِه الكوة فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشرف مِنْهَا اللَّيْلَة فَقَالَ يَا عُثْمَان أحصروك قلت نعم فأدلى لي دلوا فَشَرِبت مِنْهُ فَإِنِّي أجد برده على كَبِدِي ثمَّ قَالَ لي إِن شِئْت دَعَوْت الله فينصرك عَلَيْهِم وَإِن شِئْت أفطرت عندنَا فاخترت الْفطر عِنْده فَقتل فِي يَوْمه
وَأخرج ابْن منيع فِي مُسْنده من طَرِيق النُّعْمَان بن بشير عَن نائلة بنت الفرافضة امْرَأَة عُثْمَان قَالَت لما حصر عُثْمَان ظلّ صَائِما فَلَمَّا كَانَ عِنْد الْإِفْطَار سَأَلَهُمْ المَاء العذب فمنعوه فَبَاتَ فَلَمَّا كَانَ فِي السحر قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اطلع على هَذَا السّقف وَمَعَهُ دلو من مَاء فَقَالَ إشرب يَا عُثْمَان فَشَرِبت حَتَّى رويت ثمَّ قَالَ ازدد فَشَرِبت حَتَّى امْتَلَأت
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ سَمِعت صَوتا يَوْم قتل عُثْمَان إبشر يَا ابْن عَفَّان بِروح وَرَيْحَان إبشر يَا ابْن عَفَّان بِرَبّ غير غَضْبَان إبشر يَا ابْن عَفَّان بغفران ورضوان فَالْتَفت فَلم أر أحدا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن مسْهر بن حُبَيْش قَالَ دفنا عُثْمَان لَيْلًا فغشينا(2/209)
سَواد من خلفنا فهبناهم حَتَّى كدنا أَن نفترق فَنَادَى مُنَاد لَا روع عَلَيْكُم إثبتوا فَإنَّا جِئْنَا لنشهده مَعكُمْ فَكَانَ يَقُول هم وَالله الْمَلَائِكَة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُرْوَة قَالَ مكث عُثْمَان فِي حش كَوْكَب ثَلَاثًا لَا يدفنونه حَتَّى هتف بهم هَاتِف إدفنوه وَلَا تصلوا عَلَيْهِ فَإِن الله تَعَالَى قد صلى عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن سعد عَن مَالك بن أبي عَامر قَالَ كَانَ النَّاس يتوقون أَن يدفنوا موتاهم فِي حش كَوْكَب فَكَانَ عُثْمَان يَقُول يُوشك أَن يهْلك رجل صَالح فيدفن هُنَاكَ فيتأسي النَّاس بِهِ فَكَانَ عُثْمَان أول من دفن هُنَاكَ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُثْمَان بن مرّة عَن أمه قَالَت سَمِعت الْجِنّ تنوح على عُثْمَان فَوق مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث لَيَال فَكَانَ مِمَّا قالو
(لَيْلَة الحصبة إِذْ يرْمونَ بالصخر الصلاب ... ثمَّ جَاءُوا بكرَة يَبْغُونَ صقرا كالشهاب)
(زينهم فِي الْحَيّ والمجلس فكاك الرّقاب ... )
وَأخرج ابْن سعد عَن مُجَاهِد قَالَ أشرف عُثْمَان على الَّذين حاصروه فَقَالَ إِنَّكُم إِن تقتلوني لَا تصلوا جَمِيعًا أبدا وَلَا تغزون جَمِيعًا أبدا وَلَا يقسم فيئكم بَيْنكُم فَلَمَّا أَبَوا قَالَ اللَّهُمَّ أحصهم عددا واقتلهم بددا وَلَا تبْق مِنْهُم أحدا قَالَ مُجَاهِد فَقتل مِنْهُم من قتل فِي الْفِتْنَة وَبعث يزِيد إِلَى أهل الْمَدِينَة عشْرين ألفا فأباحوا الْمَدِينَة ثَلَاثًا يصنعون مَا شاؤوا لمداهنتهم
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل عَليّ رَضِي الله عَنهُ)
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّك ستضرب ضَرْبَة هَهُنَا وضربة هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى صدغيه فيسيل دمهما حَتَّى تخضب لحيتك) وَله طرق كَثِيرَة عَن عَليّ(2/210)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم عَن عمار بن يَاسر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي (أَشْقَى النَّاس الَّذِي يَضْرِبك على هَذِه يَعْنِي قرنه حَتَّى تبل هَذِه من الدَّم يَعْنِي لحيته) وَورد مثله من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة وصهيب أخرجهُمَا أَبُو نعيم
وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس دخلت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَليّ وَهُوَ مَرِيض وَعِنْده أَبُو بكر وَعمر فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه مَا أرَاهُ إِلَّا هَالكا فَقَالَ رَسُول الله) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه لن يَمُوت إِلَّا مقتول وَلنْ يَمُوت حَتَّى يمْلَأ غيظا)
واخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ لما كَانَ صباح قتل عَليّ بن أبي طَالب لم يرفع حجر فِي بَيت الْمُقَدّس إِلَّا وجد تَحْتَهُ دم
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ صَبِيحَة يَوْم قتل عَليّ ابْن أبي طَالب لم ترفع حَصَاة من الأَرْض إِلَّا وتحتها دم عبيط
بَاب اخباره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحُصُول الشَّهَادَة لطلْحَة وَالزُّبَيْر رَضِي الله عَنْهُمَا
أخرج مُسلم عَن ابي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ على حراء هُوَ وابو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر فتحركت الصَّخْرَة فَقَالَ (اهدأ فَمَا عَلَيْك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد)
واخرج الْحَاكِم وَابْن ماجة وَأَبُو نعيم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من أحب أَن ينظر إِلَى شَهِيد يمشي على وَجه الأَرْض فَلْينْظر إِلَى طَلْحَة بن عبيد الله)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن طَلْحَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَآنِي قَالَ (من أَرَادَ ان ينظر إِلَى شَهِيد يمشي على وَجه الأَرْض فَلْينْظر إِلَى طَلْحَة بن عبيد الله)(2/211)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالشهاده لِثَابِت بن قيس بن شماس
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم من طَرِيق الزُّهْرِيّ اخبرني إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِثَابِت بن قيس بن شماس (يَا ثَابت أَلا ترْضى أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة قَالَ بلَى) فَعَاشَ حميدا وَقتل شَهِيدا يَوْم مُسَيْلمَة الْكذَّاب
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ)
أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم الْفضل بنت الْحَارِث قَالَت دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بالحسين فَوَضَعته فِي حجره ثمَّ حانت مني إلتفاته فَإِذا عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تهريقان من الدُّمُوع فَقَالَ (أَتَانِي جِبْرِيل فَأَخْبرنِي أَن أمتِي ستقتل ابْني هَذَا وأتاني بتربة من تربته الْحَمْرَاء)
وَأخرج ابْن رَاهْوَيْةِ والبهقي وَأَبُو نعيم عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اضْطجع ذَات يَوْم فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خاثر وَفِي يَده تربة حَمْرَاء بقلبها قلت مَا هَذِه التربة يَا رَسُول الله قَالَ (أَخْبرنِي جِبْرِيل أَن هَذَا يَعْنِي الْحُسَيْن يقتل بِأَرْض الْعرَاق وَهَذِه تربَتهَا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ اسْتَأْذن ملك الْمَطَر أَن يَأْتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهُ فَدخل الْحُسَيْن فَجعل يَقع على منْكب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْملك أَتُحِبُّهُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم قَالَ فَإِن أمتك تقتله وَإِن شِئْت أريتك الْمَكَان الَّذِي يقتل فِيهِ فَضرب بِيَدِهِ فَأرَاهُ تُرَابا أَحْمَر فَأَخَذته أم سَلمَة فصرته فِي ثوبها فَكُنَّا نسْمع أَنه يقتل بكربلاء(2/212)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ الْحسن وَالْحُسَيْن يلعبان ببيتي فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن أمتك تقتل ابْنك هَذَا من بعْدك وَأَوْمَأَ إِلَى الْحُسَيْن وَأَتَاهُ بتربة فشمها ثمَّ قَالَ ريح كرب وبلاء وَقَالَ يَا أم سَلمَة (إِذا تحولت هَذِه التربة دَمًا فاعلمي أَن إبني قد قتل فجعلتها فِي قَارُورَة)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حسن قَالَ كُنَّا مَعَ الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ بنهر كربلاء فَنظر إِلَى شمر بن ذِي الجوشن فَقَالَ صدق الله وَرَسُوله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَأَنِّي أنظر إِلَى كلب أبقع يلغ فِي دِمَاء أهل بَيْتِي وَكَانَ شمر أبرص)
وَأخرج ابْن السكن وَالْبَغوِيّ فِي الصَّحَابَة وَأَبُو نعيم من طَرِيق سحيم عَن أنس بن الْحَارِث سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن إبني هَذَا يَعْنِي الْحُسَيْن يقتل بِأَرْض يُقَال لَهَا كربلاء فَمن شهد ذَلِك مِنْكُم فلينصره) فَخرج أنس بن الْحَارِث إِلَى كربلاء فَقتل بهَا مَعَ الْحُسَيْن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن الْحُسَيْن دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده جِبْرِيل فِي مشربَة عَائِشَة فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل ستقتله أمتك وَإِن شِئْت أَخْبَرتك بِالْأَرْضِ الَّتِي يقتل فِيهَا وَأَشَارَ جِبْرِيل بِيَدِهِ إِلَى الطف بالعراق فَأخذ تربة حَمْرَاء فَأرَاهُ إِيَّاهَا وَأخرجه من طَرِيق آخر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة مَوْصُولا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ إِن ابْن عمر قدم الْمَدِينَة فَأخْبر أَن الْحُسَيْن قد توجه إِلَى الْعرَاق فَلحقه فِي مسيرَة لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ إِن الله تَعَالَى خير نبيه بَين الدُّنْيَا وَبَين الْآخِرَة فَاخْتَارَ الْآخِرَة وَلم يرد الدُّنْيَا وَإِنَّكُمْ بضعَة مِنْهُ وَالله لَا يَليهَا أحد مِنْكُم أبدا وَمَا صرفهَا الله عَنْكُم إِلَّا للَّذي هُوَ خير لكم فَارْجِعُوا فَأبى فاعتنقه إِبْنِ عمر وَقَالَ أستودعك الله من قَتِيل
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا كُنَّا نشك وَأهل الْبَيْت متوافرون أَن الْحُسَيْن يقتل بالطف(2/213)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن يحيى الْحَضْرَمِيّ أَنه سَافر مَعَ عَليّ إِلَى صفّين فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى نَادَى صبرا أَبَا عبد الله بشط الْفُرَات قلت مَاذَا قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حَدثنِي جِبْرِيل أَن الْحُسَيْن يقتل بشط الْفُرَات وَأرَانِي قَبْضَة من تربته
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أصبغ بن نباتة قَالَ أَتَيْنَا مَعَ عَليّ مَوضِع قبر الْحُسَيْن فَقَالَ هَهُنَا مناخ رِكَابهمْ وَمَوْضِع رحالهم ومهراق دِمَائِهِمْ فتية من آل مُحَمَّد يقتلُون بِهَذِهِ الْعَرَصَة تبْكي عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض 4
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أوحى الله تَعَالَى إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي قتلت بِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا سبعين ألفا وَإِنِّي قَاتل بِابْن بنتك سبعين ألفا وَسبعين ألفا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم ذَات يَوْم نصف النَّهَار أَشْعَث أغبر بِيَدِهِ قَارُورَة فِيهَا دم فَقلت مَا هَذِه قَالَ هَذَا دم الْحُسَيْن وَأَصْحَابه لم أزل التقطه مُنْذُ الْيَوْم فأحصى ذَلِك الْوَقْت فَوجدَ قد قتل ذَلِك الْيَوْم
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وعَلى رَأسه ولحيته التُّرَاب فَقلت مَالك يَا رَسُول الله قَالَ شهِدت قتل الْحُسَيْن آنِفا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن بصرة الْأَزْدِيَّة قَالَت لما قتل الْحُسَيْن مطرَت السَّمَاء دَمًا فأصبحنا وخباؤنا جرارنا وكل شَيْء لنا ملآن دَمًا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بَلغنِي أَنه يَوْم قتل الْحُسَيْن لم يقلب حجر من أَحْجَار بَيت الْمُقَدّس إِلَّا وجد تَحْتَهُ دم عبيط
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم حبَان قَالَت يَوْم قتل الْحُسَيْن أظلمت علينا ثَلَاثًا وَلم يمس منا اُحْدُ من زعفرانهم شَيْئا فَجعله على وَجهه إِلَّا احْتَرَقَ وَلم يقلب حجر بِبَيْت الْمُقَدّس إِلَّا وجد تَحْتَهُ دم عبيط(2/214)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جميل بن مرّة قَالَ أَصَابُوا إبِلا فِي عَسْكَر الْحُسَيْن يَوْم قتل فنحروها وطبخوها فَصَارَت مثل العلقم فَمَا اسْتَطَاعُوا أَن يسبغوا مِنْهَا شَيْئا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سُفْيَان قَالَ حَدَّثتنِي جدتي قَالَت لقد رَأَيْت الورس عَاد رَمَادا وَلَقَد رَأَيْت اللَّحْم كَأَنَّهُ فِيهِ النَّار حِين قتل الْحُسَيْن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن مسْهر قَالَ حَدَّثتنِي جدتي قَالَت كنت أَيَّام قتل الْحُسَيْن جَارِيَة شَابة فَكَانَت السَّمَاء أَيَّامًا عليلة
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق سُفْيَان عَن جدته قَالَت شهد رجلَانِ من الجعفيين قتل الْحُسَيْن فَأَما أَحدهمَا فطال ذكره حَتَّى كَانَ يلفه وَأما الآخر فَكَانَ يسْتَقْبل الراوية بِفِيهِ حَتَّى يَأْتِي على آخرهَا فَمَا يرْوى
وَأخرج أَبُو نعيم عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ سَمِعت الْجِنّ تنوح على الْحُسَيْن وَهِي تَقول
(مسح النَّبِي جَبينه ... فَلهُ بريق فِي الخدود)
(أَبَوَاهُ فِي عليا قُرَيْش ... وجده خير الجدود)
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق حبيب بن أبي ثَابت عَن أم سَلمَة قَالَت مَا سَمِعت نوح الْجِنّ مُنْذُ قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا اللَّيْلَة وَمَا أرى إبني إِلَّا قد قتل يَعْنِي الْحُسَيْن فَقَالَت لجاريتها أَخْرِجِي فاسألي فَأخْبرت أَنه قد قتل وَإِذا بجنية تنوح
(أَلا يَا عين فاحتفلي بِجهْد ... وَمن يبكي على الشُّهَدَاء بعدِي)
(على رَهْط تقودهم المنايا ... إِلَى متجبر فِي ملك عبد)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن مزِيد بن جَابر الْحَضْرَمِيّ عَن أمه قَالَت سَمِعت الْجِنّ تنوح على الْحُسَيْن وَهِي تَقول(2/215)
(أنعي حُسَيْنًا هبلا ... كَانَ حُسَيْن جبلا)
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن أبي قبيل قَالَ لما قتل الْحُسَيْن احتزوا رَأسه وقعدوا فِي أول مرحلة يشربون النَّبِيذ فَخرج عَلَيْهِم قلم من حَدِيد من حَائِط فَكتب سطرا بِدَم
(أترجو أمة قتلت حُسَيْنًا ... شَفَاعَة جده يَوْم الْحساب)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْمنْهَال بن عَمْرو قَالَ أَنا وَالله رَأَيْت رَأس الْحُسَيْن حِين حمل وَأَنا بِدِمَشْق وَبَين يَدي الرَّأْس رجل يقْرَأ سُورَة الْكَهْف حَتَّى بلغ قَوْله تَعَالَى {أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا عجبا} فأنطلق الرَّأْس بِلِسَان ذرب فَقَالَ أعجب من أَصْحَاب الْكَهْف قَتْلِي وحملي
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرّدَّةِ بعده
أخرج مُسلم عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تلْحق قبائل من أمتِي بالمشركين وَحَتَّى يعبدوا الْأَوْثَان)
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَلا ليذادن رجال عَن حَوْضِي كَمَا يذاد الْبَعِير الضال فأناديهم أَلا هَلُمَّ فَيُقَال أَنهم قد بدلُوا فَأَقُول سحقا سحقا)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَلا إِنَّه بجاء بِرَجُل من أمتِي فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال فَأَقُول أَصْحَابِي فَيُقَال أَنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح {وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم فَلَمَّا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم} فَيُقَال إِنَّهُم لم يزَالُوا مرتدين على أَعْقَابهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ(2/216)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن جَزِيرَة الْعَرَب لَا تعبد فِيهَا الْأَصْنَام أبدا
أخرج مُسلم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الشَّيْطَان قد آيس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَلَكِن فِي التحريش بَينهم)
بَاب أَن هلكة الرّوم مَعَ السَّاعَة
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمُسْتَوْرد سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن اشد النَّاس عَلَيْكُم الرّوم وَإِنَّمَا هلكتهم مَعَ السَّاعَة
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن سُهَيْل بن عَمْرو يقوم مقَاما حسنا
أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن الحنيفة قَالَ قَالَ عمر يَا رَسُول الله دَعْنِي أنزع ثنية سُهَيْل بن عَمْرو فَلَا يقوم خَطِيبًا فِي قومه أبدا فَقَالَ دعها لَعَلَّهَا أَن تسرك يَوْمًا قَالَ سُفْيَان فَلَمَّا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفر مِنْهُ أهل مَكَّة فَقَامَ سُهَيْل بن عَمْرو عِنْد الْكَعْبَة قَالَ من كَانَ مُحَمَّد إلهه فَإِن مُحَمَّد قد مَاتَ وَالله حَيّ لَا يَمُوت
وَأخرج يُونُس بن بكير فِي الْمَغَازِي وَابْن سعد من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد ابْن عَمْرو بن عَطاء قَالَ لما أسر سُهَيْل بن عَمْرو قَالَ عمر يَا رَسُول الله إنزع ثنيته يدلع لِسَانه فَلَا يقوم خَطِيبًا أبدا وَكَانَ سُهَيْل أعلم من شفته فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أمثل فيمثل الله بِي وَإِن كنت نَبيا وَلَعَلَّه يقوم مقَاما لَا تكرههُ فَقَامَ بِمَكَّة حِين جَاءَتْهُ وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب بِخطْبَة أبي بكر كَأَنَّهُ سَمعهَا فَقَالَ عمر حِين بلغه كَلَام سُهَيْل أشهد أَنَّك رَسُول الله حَيْثُ قَالَ لَعَلَّه يقوم يَوْمًا مقَاما لَا تكرههُ(2/217)
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي عَمْرو بن عدي بن الْحَمْرَاء الْخُزَاعِيّ قَالَ نظرت إِلَى سُهَيْل بن عَمْرو يَوْم جَاءَ نعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة وَقد خَطَبنَا بِخطْبَة أبي بكر الَّتِي خطب بِالْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ كَانَ سَمعهَا فَلَمَّا بلغ ذَلِك عمر قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَن مَا جَاءَ بِهِ حق هَذِه هُوَ الْمقَام الَّذِي عَنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ لي لَعَلَّه يقوم مقَاما لَا تكرههُ وَأخرجه الْمحَامِلِي فِي فَوَائده مَوْصُولا من طَرِيق سعيد بن ابي هِنْد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْبَراء بن مَالك لَو أقسم على الله لَأَبَره
أخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كم من ضَعِيف مستضعف ذِي طمرين لَو أقسم على ألله لَأَبَره مِنْهُم الْبَراء بن مَالك وَأَن الْبَراء لَقِي زحفا بتستر فانكشف الْمُسلمُونَ فَقَالُوا لَهُ يَا برَاء إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أَقْسَمت على الله لأبرك فاقسم على رَبك قَالَ أقسم عَلَيْك يَا رب لما منحتنا أكتافهم فمنحوا أكتافهم ثمَّ الْتَقَوْا على قنطرة السوس فأوجعوا فِي الْمُسلمين فَقَالُوا أقسم على رَبك يَا برَاء قَالَ أقسم يَا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك ثمَّ حملُوا فَانْهَزَمَ الْفرس وَقتل الْبَراء شَهِيدا
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل تَمُوت بالربوة فَمَاتَ بالرملة
أخرج ابْن السكن وَابْن مندة كِلَاهُمَا فِي الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طرق عَن الْأَقْرَع بن شفي العكي قَالَ دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مرض لَا أَحسب إِلَّا أَنِّي ميت من مرضِي قَالَ كلا لتبقين ولتهاجرن إِلَى أَرض الشَّام وَتَمُوت وتدفن بالربوة من أَرض فلسطين فَمَاتَ فِي خلَافَة عمر وَدفن بالرملة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن مرّة الْبَهْزِي سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لرجل إِنَّك تَمُوت بالربوة فَمَاتَ بالرملة(2/218)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن عمر من الْمُحدثين
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَانَ فِي الْأُمَم محدثون فَإِن يكن فِي أمتِي أحد فعمر)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّه لم يبْعَث الله نَبيا إِلَّا كَانَ فِي أمته محدثون وَإِن يكن فِي أمتِي أحد فَهُوَ عمر قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ مُحدث قَالَ تَتَكَلَّم الْمَلَائِكَة على لِسَانه)
وَأخرج أَيْضا عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا كَانَ نَبِي إِلَّا كَانَ فِي أمته معلم أَو معلمان فَإِن يكن فِي أمتِي مِنْهُم أحد فَهُوَ عمر بن الْخطاب)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ كُنَّا نشك وَنحن متوافرين أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن السكينَة تنطق على لِسَان عمر على
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن طَارق بن شهَاب قَالَ كُنَّا نُحدث أَن عمر بن الْخطاب ينْطق على لِسَان ملك
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ مَا سَمِعت عمر يَقُول لشَيْء أَنِّي لَا أَظن كَذَا وَكَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يظنّ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأول أَزوَاجه لُحُوقا بِهِ
أخرج مُسلم عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَسْرَعكُنَّ لُحُوقا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا فَكُن يَتَطَاوَلْنَ أيهن أطول يدا فَكَانَت زَيْنَب أطول يدا لِأَنَّهَا كَانَت تعْمل بِيَدِهَا وَتَتَصَدَّق)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ قُلْنَ النسْوَة يَا رَسُول الله أَيّنَا أسْرع بك لُحُوقا قَالَ(2/219)
(أَطْوَلكُنَّ يدا فأخذن يتذارعن أيهن أطول يدا فَلَمَّا توفيت زَيْنَب علِمْنَ أَنَّهَا كَانَت أَطْوَلهنَّ يدا فِي الْخَيْر وَالصَّدَََقَة)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكِتَابَة الْمَصَاحِف
اخْرُج ابْن عَسَاكِر عَن نبيط الْأَشْجَعِيّ قَالَ لما نسخ عُثْمَان الْمَصَاحِف قَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة أصبت ووفقت أشهد لسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن أَشد أمتِي حبا لي قوم يأْتونَ من بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني يعْملُونَ بِمَا فِي الْوَرق الْمُعَلق فَقلت أَي ورق حَتَّى رَأَيْت الْمَصَاحِف فأعجب ذَلِك عُثْمَان وَأمر لأبي هُرَيْرَة بِعشْرَة آلَاف وَقَالَ وَالله مَا علمت أَنَّك لتحبس علينا حَدِيث نَبينَا
بَاب اخباره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأويس الْقَرنِي
أخرج مُسلم عَن عمر قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا أَن رجل من اهل الْيمن يقدم عَلَيْكُم وَلَا يدع بهَا إِلَّا أماله قد كَانَ بِهِ بَيَاض فَدَعَا الله أَن يذهبه عَنهُ فأذهبه عَنهُ إِلَّا مَوضِع الدِّينَار يُقَال لَهُ أويس فَمن لقِيه مِنْكُم فليأمره فليستغفر لَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيكون فِي التَّابِعين رجل من قرن يُقَال لَهُ أويس بن عَامر يخرج بِهِ وضح فيدعو الله أَن يذهبه عَنهُ فيذهبه فَيَقُول اللَّهُمَّ دع لي فِي جَسَدِي مِنْهُ مَا اذكر بِهِ نِعْمَتك عَليّ فيدع لَهُ فِي جسده فَمن أدْركهُ مِنْكُم فاستطاع أَن يسْتَغْفر لَهُ فليستغفر لَهُ
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ نَادَى رجل من أهل الشَّام يَوْم صفّين فَقَالَ فِيكُم أويس الْقَرنِي قالو نعم قَالَ إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن من خير التَّابِعين أويس الْقَرنِي ثمَّ ضرب دَابَّته فَدخل فيهم(2/220)
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم من طَرِيق أَسِير بن جَابر عَن عمر أَنه قَالَ لأويس الْقَرنِي اسْتغْفر لي قَالَ كَيفَ اسْتغْفر لَك وَأَنت صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن خير التَّابِعين رجل يُقَال لَهُ أويس الْقَرنِي
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال عبد الله بن سَلام
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد الله بن سَلام أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ انت على الْإِسْلَام حَتَّى تَمُوت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ ذَاك منزل الشُّهَدَاء وَلنْ تناله
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بقصعة فَأكل مِنْهَا ففضلت فضلَة فَقَالَ يَجِيء رجل من هَذَا الْفَج من أهل الْجنَّة فيأكل هَذِه الفضلة فجَاء عبد الله بن سَلام فَأكلهَا
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشَّهَادَةِ لرافع بن خديج
أخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يحيى بن عبد الحميد بن رَافع قَالَ حَدَّثتنِي جدتي أَن رَافعا رمى يَوْم أحد أَو يَوْم حنين بِسَهْم فِي ثندوته فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله انْزعْ السهْم فَقَالَ لَهُ يَا رَافع إِن شِئْت نزعت السهْم والقطبة جَمِيعًا وَإِن شِئْت نزعت السهْم وَتركت القطبة وَشهِدت لَك يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك شَهِيد فَقَالَ رَافع يَا رَسُول الله انْزعْ السهْم وَدم القطبة واشهد لي يَوْم الْقِيَامَة إِنِّي شَهِيد فَعَاشَ بعد ذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ خلَافَة مُعَاوِيَة انْتقض ذَلِك الْجرْح فَمَاتَ(2/221)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال أبي ذَر
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم ذَر قَالَت وَالله مَا سير عُثْمَان أَبَا ذَر وَلَكِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِذا بلغ الْبناء سلعا فَاخْرُج مِنْهَا فَلَمَّا بلغ الْبناء سلعا وَجَاوَزَ خرج أَبُو ذَر إِلَى الشَّام
وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم عَن أم ذَر قَالَت لما حضرت أَبَا ذَر الْوَفَاة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أنفر من الْمُؤمنِينَ أَنا فيهم ليموتن رجل مِنْكُم بفلاة من الأَرْض يشهده عِصَابَة من الْمُؤمنِينَ وَلَيْسَ من اولئك النَّفر أحد إِلَّا وَقد مَاتَ فِي قَرْيَة وَجَمَاعَة فَأَنا ذَلِك الرجل فابصري الطَّرِيق فَقلت إِنِّي وَقد ذهب الْحَاج وتقطعت الطَّرِيق فَبَيْنَمَا انا وَهُوَ كَذَلِك إِذا أَنا بِرِجَال على رحالهم فالحت بثوبي فَأَسْرعُوا إِلَيّ حَتَّى وقفُوا عَليّ فحضروه وَقَامُوا عَلَيْهِ حَتَّى دفنوه
وَأخرج ابْن ابي شيبَة عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَيحك بعدِي فَبَكَيْت وَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي لباق بعْدك قَالَ نعم فَإِذا رَأَيْت الْبناء على جبل سلع فَالْحق بالعرب أَرض قضاعة فَإِنَّهُ سَيَأْتِي يَوْم قاب قَوس أَو قوسين أَو رمح أَو رُمْحَيْنِ)
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا أَبَا ذَر كَيفَ أَنْت إِذا كَانَت عَلَيْك أُمَرَاء يستأثرون بالفيء قلت إِذن أضْرب بسيفي قَالَ أَفلا أدلك على مَا هُوَ خير من ذَلِك أَصْبِر حَتَّى تَلقانِي)
وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي ذَر قَالَ أَخْبرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم لن يسلطوا على قَتْلِي وَلنْ يفتنوني عَن ديني وَأَخْبرنِي أَنِّي أسلمت فَردا وأموت فَردا وأبعث يَوْم الْقِيَامَة فَردا
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أَسمَاء بنت يزِيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد أَبَا ذَر نَائِما فِي الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُ أَلا أَرَاك نَائِما فِيهِ قَالَ فَأَيْنَ أَنَام مَا لي بَيت غَيره قَالَ فَكيف أَنْت إِذا(2/222)
أخرجوك مِنْهُ قَالَ الْحق بِالشَّام قَالَ فَكيف أَنْت إِذا أخرجوك من الشَّام قَالَ أرجع إِلَيْهِ قَالَ فَكيف أَنْت إِذا أخرجوك مِنْهُ الثَّانِي قَالَ إِذن آخذ سَيفي فأقاتل حَتَّى أَمُوت فَقَالَ أَلا أدلك على خير من ذَلِك تنقاد لَهُم حَيْثُ قادوك وتنساق لَهُم حَيْثُ ساقوك حَتَّى تَلقانِي وَأَنت على ذَلِك
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن أبي الْمثنى الْمليكِي قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خرج إِلَى أَصْحَابه قَالَ عُوَيْمِر حَكِيم أمتِي وجندب طريد أمتِي يعِيش وَحده وَيَمُوت وَحده وَالله يَكْفِيهِ وَحده
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي ذَر (إِذا بلغ الْبناء سلعا فَاخْرُج مِنْهَا ونحا بِيَدِهِ نَحْو الشَّام وَلَا أرى أمراءك يدعونك قَالَ يَا رَسُول الله أَفلا أقَاتل من يحول بيني وَبَين أَمرك قَالَ لَا أسمع وأطع وَلَو لعبد حبشِي فَلَمَّا كَانَ ذَلِك خرج إِلَى الشَّام فَكتب مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان أَن أَبَا ذَر قد أفسد النَّاس بِالشَّام فَكتب إِلَيْهِ عُثْمَان فَقدم ثمَّ خرج إِلَى الزبذة وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة وَعَلَيْهَا عبد لعُثْمَان حبشِي فَتَأَخر فَقَالَ أَبُو ذَر تقدم فصل فقد أمرت أَن أسمع وَأطِيع وَلَو لعبد حبشِي فَأَنت عبد حبشِي)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الإعرابي قبل أَن ينخرق سقاؤه
أخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن كدير الضَّبِّيّ أَن رجلا إعرابيا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَخْبرنِي بِعَمَل يقربنِي من الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي من النَّار قَالَ تَقول الْعدْل وَتُعْطِي الْفضل قَالَ وَالله لَا أَسْتَطِيع أَن أَقُول الْعدْل كل سَاعَة وَمَا أَسْتَطِيع أَن أعطي الْفضل قَالَ فتطعم الطَّعَام وتفشي السَّلَام قَالَ هَذِه أَيْضا شَدِيدَة قَالَ فَهَل لَك من إبل قَالَ نعم قَالَ فَانْظُر إِلَى بعير من إبلك وسقاية ثمَّ أعمد إِلَى أهل بَيت لَا يشربون المَاء إِلَّا غبا فاسقهم فلعلك لَا يهْلك بعيرك وَلَا ينخرق سقاؤك حَتَّى تجب لَك الْجنَّة فَانْطَلق الإعرابي فَمَا انخرق سقاؤه وَلَا هلك بعيره حَتَّى قتل شَهِيدا(2/223)
قَالَ الْمُنْذِرِيّ رُوَاته رُوَاة الصَّحِيح إِلَّا أَن كديرا تَابِعِيّ فَالْحَدِيث مُرْسل وتوهم ابْن خُزَيْمَة أَن لَهُ صُحْبَة فَأخْرجهُ فِي صَحِيحه
قلت لَهُ شَاهد موصل أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد رِجَاله ثِقَات إِلَّا يحيى الْحمانِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ مَا عمل إِن عملت بِهِ دخلت الْجنَّة قَالَ أَنْت بِبَلَد يجلب بِهِ المَاء قَالَ نعم قَالَ فاشتر بهَا سقاء جَدِيدا ثمَّ اسْقِ فِيهَا حَتَّى تخرقها فَإنَّك لن تخرقها حَتَّى تبلغ بهَا عمل الْجنَّة
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل من أمته يدْخل الْجنَّة فِي الدُّنْيَا
فَأتى
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين وَابْن حبَان فِي الثِّقَات من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن ابي عبلة عَن شريك بن خباشة النميري أَنه ذهب يَسْتَقِي من جب سُلَيْمَان بِبَيْت الْمُقَدّس فَانْقَطع دلوه فَنزل ليخرجه فَبَيْنَمَا هُوَ فِي طلبه إِذا هُوَ بشجرة فَتَنَاول مِنْهَا ورقة فأخرجها مَعَه فَإِذا هِيَ لَيست من شجر الدُّنْيَا فَأتى بهَا عمر فَقَالَ أشهد أَن هَذَا هُوَ الْحق سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يدْخل الْجنَّة من هَذِه الْأمة رجل من أهل الدُّنْيَا فَجعل الورقة بَين دفتي الْمُصحف)
وَأخرجه الْكَلْبِيّ من وَجه آخر عَن امْرَأَة شريك بن خباشة قَالَ خرجنَا مَعَ عمر أَيَّام خرج إِلَى الشَّام فَذكر الْقِصَّة وَفِيه فَأرْسل عمر إِلَى كَعْب فَقَالَ هَل تَجِد فِي الْكتاب أَن رجلا من هَذِه الْأمة يدْخل الْجنَّة فِي الدُّنْيَا قَالَ نعم
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكذابين بعده وبالحجاج
أخرج مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن بَين يَدي السَّاعَة ثَلَاثِينَ كذابا دجالًا كلهم يزْعم أَنه نَبِي)
وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فِي أمتِي كذابون ودجالون سَبْعَة(2/224)
وَعِشْرُونَ مِنْهُم أَربع نسْوَة وَإِنِّي خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي)
وَأخرج ابْن عدي وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الزبير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ كذابا مِنْهُم مُسَيْلمَة والعنسي وَالْمُخْتَار وَشر قبائل الْعَرَب بَنو أُميَّة وَبَنُو حنيفَة وَثَقِيف)
وَأخرج مُسلم عَن أَسمَاء بنت أبي بكر أَنَّهَا قَالَت للحجاج سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن فِي ثَقِيف كذابا ومبيرا فَأَما الْكذَّاب فقد رَأَيْنَاهُ وَأما المبير فَلَا أخالك إِلَّا أَيَّاهُ) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا مثله
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب أَنه أَتَاهُ آتٍ فَأخْبرهُ أَن أهل الْعرَاق قد حصبوا إمَامهمْ فَخرج غَضْبَان فصلى فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا فرغ قَالَ اللَّهُمَّ أَنهم قد لبسوا عَليّ فألبس عَلَيْهِم وَعجل عَلَيْهِم بالغلام الثَّقَفِيّ الَّذِي يحكم فيهم بِحكم الْجَاهِلِيَّة لَا يقبل من محسنهم وَلَا يتَجَاوَز عَن مسيئهم وَمَا ولد الْحجَّاج يَوْمئِذٍ قَالَ أَبُو الْيَمَان علم عمر أَن الْحجَّاج خَارج لَا محَالة فَلَمَّا أغضبوه استعجل لَهُم الْعقُوبَة الَّتِي لَا بُد لَهُم مِنْهُ
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ قَالَ عَليّ لأهل الْكُوفَة اللَّهُمَّ كَمَا ائتمنتهم فخانوني وَنَصَحْت لَهُم فغشوني فَسلط عَلَيْهِم فَتى ثَقِيف الذَّيَّال الميال يَأْكُل خضرتها ويلبس فروتها وَيحكم فِيهَا بِحكم الْجَاهِلِيَّة قَالَ الْحسن وَمَا خلق الْحجَّاج يَوْمئِذٍ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان عَن عَليّ أَنه قَالَ الشَّاب الذَّيَّال أَمِير المصريين يلبس فروتها وَيَأْكُل خضرتها وَيقتل أَشْرَاف حضرتها يشْتَد مِنْهُ الْفرق وَيكثر مِنْهُ الأرق
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ قَالَ عَليّ لرجل لامت حَتَّى تدْرك فَتى ثَقِيف قَالَ مَا فَتى ثَقِيف قَالَ ليقالن لَهُ يَوْم الْقِيَامَة اكْفِنَا زَاوِيَة من زَوَايَا جَهَنَّم رجل(2/225)
يملك عشْرين أَو بضعا وَعشْرين لَا يدع لله مَعْصِيّة إِلَّا ارتكبها حَتَّى لَو لم يبْق إِلَّا مَعْصِيّة وَاحِدَة وَكَانَ بَينه وَبَينهَا بَاب مغلق لكسره حَتَّى يرتكبها يقتل بِمن أطاعه من عَصَاهُ
بَاب إِخْبَار صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْحسن يصلح الله بِهِ بَين فئتين
أخرج البُخَارِيّ عَن أبي بكرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْحسنِ (إِن ابْني هَذَا سيد وَلَعَلَّ الله أَن يصلح بِهِ بَين فئتين عظيمتين من الْمُسلمين) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث جَابر مثله
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمُحَمد بن الحنيفة
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سيولد لَك بعدِي غُلَام قد نحلته إسمي وكنيتي)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصلَة بن أَشْيَم
أخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق ابْن الْمُبَارك أَنا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر قَالَ بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يكون فِي أمتِي رجل يُقَال لَهُ صلَة بن أَشْيَم يدْخل الْجنَّة بِشَفَاعَتِهِ كَذَا وَكَذَا)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بوهب والقرظي وغيلان والوليد
أخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/226)
(يكون فِي أمتِي رجل يُقَال الْوَلِيد لَهُ وهب يهب الله لَهُ الْحِكْمَة وَرجل يُقَال لَهُ غيلَان هُوَ أضرّ على النَّاس من إِبْلِيس)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ينعق الشَّيْطَان بِالشَّام نعقة يكذب ثلثاهم بِالْقدرِ) وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ إِشَارَة إِلَى غيلات القدري
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بردة الظفري سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يخرج فِي أحد الكاهنين رجل يدرس الْقُرْآن دراسة لَا يدرسها أحد يكون من بعده) قَالَ نَافِع بن يزِيد فَكُنَّا نقُول هُوَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ الكاهنات قُرَيْظَة وَالنضير
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يكون فِي أحد الكاهنين رجل يدرس الْقُرْآن دراسة لَا يدرسها اُحْدُ غَيره) قَالَ فَكَانُوا يرَوْنَ أَنه مُحَمَّد بن كَعْب القرضي والكاهنان قُرَيْظَة وَالنضير مُرْسل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عون بن عبد الله قَالَ مَا رَأَيْت أحدا أعلم بِتَأْوِيل الْقُرْآن من الْقرظِيّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ ولد لأخي أم سَلمَة غُلَام فَسَموهُ الْوَلِيد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسمون بأسماء فراعنتكم سَيكون فِي هَذِه الْأمة رجل يُقَال لَهُ الْوَلِيد لَهو شَرّ لأمتي من فِرْعَوْن لِقَوْمِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فَكَانَ النَّاس يرَوْنَ أَنه الْوَلِيد بن عبد الْملك بن يزِيد قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا // مُرْسل // حسن وَأخرجه الْحَاكِم بِلَفْظِهِ من طَرِيق ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَوْصُولا وَصَححهُ
وَأخرج أَحْمد عَن عمر بن الْخطاب قَالَ ولد لأخي أم سَلمَة غُلَام فَذكر مثله
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالطاعون الَّذِي وَقع بِالشَّام وَبِأَن فنَاء أمته بالطعن والطاعون تقدم فِي حَدِيث عَوْف بن مَالك
أخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ستهاجرون إِلَى(2/227)
الشَّام فتفتح لكم وَيكون فِيكُم دَاء كالدمل أَو كالحزة يَأْخُذ بمراق الرجل يستشهد الله بِهِ أَنفسكُم ويزكي أَعمالكُم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تَنْزِلُونَ منزلا يُقَال لَهُ الْجَابِيَة يُصِيبكُم فِيهَا دَاء مثل غُدَّة الْجمل يستشهد الله بِهِ أَنفسكُم وذراريكم ويزكي بِهِ أَعمالكُم)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فنَاء أمتِي بالطعن والطاعون قيل يَا رَسُول الله هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُون قَالَ وخز أعدائكم من الْجِنّ وَفِي كل شَهَادَة)
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تفنى أمتِي إِلَّا بالطعن والطاعون قلت يَا رَسُول الله هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُون قَالَ غُدَّة كَغُدَّة الْبَعِير الْمُقِيم بهَا كالشهيد والفار مِنْهَا كالفار من الزَّحْف)
بَاب يكثر الْمَوْت فِي قوم فَشَا الزِّنَا فيهم
وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمرقال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لم تظهر الْفَاحِشَة فِي قوم قطّ حَتَّى يعلنوا بهَا إِلَّا فَشَا فيهم الطَّاعُون)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا فَشَا الزِّنَا فِي قوم قطّ إِلَّا كثر فيهم الْمَوْت)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم ورقة بِالشَّهَادَةِ
أخرج أَبُو دَاوُد وَأَبُو نعيم عَن جَمِيع وَعبد الرَّحْمَن بن خَلاد الْأنْصَارِيّ عَن أم ورقة بنت نَوْفَل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عزا بَدْرًا قَالَت يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِي الْغَزْو مَعَك لَعَلَّ الله تَعَالَى أَن يَرْزُقنِي شَهَادَة قَالَ قري فِي بَيْتك فَإِن الله يرزقك الشَّهَادَة فَكَانَت تسمى(2/228)
الشهيدة وَكَانَت قد قَرَأت الْقُرْآن ثمَّ أَنَّهَا دبرت غُلَاما لَهَا وَجَارِيَة فقاما إِلَيْهَا من اللَّيْل فغماها بقطيفة حَتَّى مَاتَت وَذَلِكَ فِي إِمَارَة عمر فَأمر بهما فصلبا فَكَانَا أول مصلوب بِالْمَدِينَةِ وَأخرجه ابْن رَاهْوَيْةِ وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر وزراده فِي آخِره فَقَالَ عمر صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول (انْطَلقُوا نزور الشهيدة)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم الْفضل
أخرج ابْن سعد عَن زيد بن عَليّ بن حُسَيْن قَالَ مَا وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فِي حجر امْرَأَة لَا تحل لَهُ بعد النُّبُوَّة إِلَّا أم الْفضل زوج الْعَبَّاس فَأَنَّهَا كَانَت تفليه وتكحله فَبَيْنَمَا هِيَ ذَات يَوْم تكحله إِذْ قطرت قَطْرَة من عينهَا على خَدّه فَقَالَ مَالك فَقَالَت إِن الله تَعَالَى نعاك لنا فَلَو أوصيت بِنَا من يكون بعْدك قَالَ انكم مقهورون مستضعفون بعدِي
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالفتنة وَأَن مبدأها قتل عمر رَضِي الله عَنهُ
أخرج الشَّيْخَانِ عَن حُذَيْفَة قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد عمر فَقَالَ أَيّكُم يحفظ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْفِتْنَة قلت أَنا قَالَ هَات قلت ذكر فتْنَة الرجل فِي أَهله وَمَاله وَولده وجاره تكفرها الصَّلَاة والصدقه قَالَ لَيْسَ عَن هَذَا اسألك إِنَّمَا اسألك عَن الَّتِي تموج كموج الْبَحْر قلت لَيْسَ عَلَيْك مِنْهَا بَأْس يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن بَيْنك وَبَينهَا بَابا مغلقا قَالَ ارأيت الْبَاب يفتح أَو يكسر قلت لَا بل يكسر قَالَ إِذن لَا يغلق أبدا فَسئلَ حُذَيْفَة من الْبَاب قَالَ عمر
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن عُرْوَة بن قيس قَالَ قيل لخَالِد بن الْوَلِيد إِن الْفِتَن قد ظَهرت قَالَ أما وَابْن الْخطاب حَيّ فَلَا إِنَّمَا تكون بعده(2/229)
وَأخرج ابْن رَاهْوَيْةِ عَن أبي ذَر أَنه ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكر عمر فَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ بعد الثَّلَاثِينَ اصرف وَجهك حَيْثُ شِئْت فَإنَّك لن تصرفه إِلَّا إِلَى عجز أَو فجور
وَأخرج ابْن سعد عَن كَعْب أَنه قَالَ لعمر وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَنْسَلِخ ذُو الْحجَّة حَتَّى تدخل الْجنَّة وَإِنَّا لنجدك فِي كتاب الله على بَاب من أَبْوَاب جَهَنَّم تمنع النَّاس أَن يقعوا فِيهَا فَإِذا مت لم يزَالُوا يقتحمون فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن قدامَة بن مَظْعُون أَن عُثْمَان بن مَظْعُون قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لعمر هَذَا غلق الْفِتْنَة لَا يزَال بَيْنكُم وَبَين الْفِتْنَة بَاب شَدِيد الغلق مَا عَاشَ هَذَا بَين ظهرانيكم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي ذَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تصيبنكم فتْنَة مَا دَامَ هَذَا فِيكُم يَعْنِي عمر)
وَأخرج مُسلم عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا وضع السَّيْف فِي أمتِي لم يرفع عَنْهُم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (بَين يَدي السَّاعَة الْهَرج قَالُوا مَا الْهَرج قَالَ الْقَتْل إِنَّه لَيْسَ بقتل الْمُشْركين وَلَكِن قتل بَعْضكُم بَعْضًا)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن كرز بن عَلْقَمَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تقع الْفِتَن كَأَنَّهَا الظلل تعودُونَ فِيهَا أساود صبا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض) قَالَ الزُّهْرِيّ الْأسود الْحَيَّة إِذا أَرَادَت تنتهش تنتصب هَكَذَا فَرفع يَده ثمَّ تصب
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن خَالِد بن عرفطة قَالَ قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَتَكُون أَحْدَاث وَفتن وَفرْقَة وَاخْتِلَاف فَإِن اسْتَطَعْت ان تكون الْمَقْتُول لَا الْقَاتِل فافعل)(2/230)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن الْحمق قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تكون فتْنَة يكون أسلم النَّاس فِيهَا الْجند الغربي) قَالَ ابْن الْحمق فَلذَلِك قدمت عَلَيْكُم مصر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَتَكُون أَربع فتن الأولى فتْنَة يسْتَحل فِيهَا الدَّم وَالثَّانيَِة يسْتَحل فِيهَا الدَّم وَالْمَال وَالثَّالِثَة يسْتَحل فِيهَا الدَّم وَالْمَال والفروج)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَوْت أبي الدَّرْدَاء قبل الْفِتْنَة
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قلت يَا رَسُول الله بَلغنِي أَنَّك تَقول ليرتدن أَقوام بعد أَيْمَانهم قَالَ أجل وَلست مِنْهُم فَتوفي أَبُو الدَّرْدَاء قبل أَن يقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ عَن يزِيد لسبن أبي حبيب أَن رجلَيْنِ إختصما إِلَى أبي الدَّرْدَاء فِي شبر من الأَرْض فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا كنت فِي أَرض فَسمِعت رجلَيْنِ يختصمان فِي شبر من الأَرْض فَاخْرُج مِنْهَا فَخرج أَبُو الدَّرْدَاء إِلَى الشَّام
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن مُحَمَّد بن مسلمة لَا تضره الْفِتْنَة
أخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة قَالَ مَا أحد من النَّاس تُدْرِكهُ الْفِتْنَة إِلَّا أَنا أخافها عَلَيْهِ إِلَّا مُحَمَّد بن مسلمة إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول(2/231)
(لَا تَضُرك الْفِتْنَة) قَالَ ثَعْلَبَة بن ضبيعة فأتينا الْمَدِينَة فَإِذا فسطاط مَضْرُوب وَإِذا مُحَمَّد ابْن مسلمة الْأنْصَارِيّ فَسَأَلته فَقَالَ لَا أستقر بِمصْر من أمصارهم حَتَّى تنجلي هَذِه الْفِتْنَة عَن جمَاعَة الْمُسلمين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن مُحَمَّد بن مسلمة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا رَأَيْت النَّاس يقتتلون على الدُّنْيَا فاعمد بسيفك إِلَى أعظم صَخْرَة من الْحرَّة فَاضْرِبْهُ بهَا حَتَّى ينكسر ثمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتك حَتَّى تَأْتِيك يَد خاطئة أَو منية قاضية فَفعلت مَا أَمرنِي بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن مسلمة قَالَ أَعْطَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيْفا فَقَالَ (جَاهد بِهَذَا السَّيْف فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا رَأَيْت من الْمُسلمين فئتين يقتتلان فَاضْرب بِهِ الْحجر حَتَّى تكسره ثمَّ كف لسَانك ويدك حَتَّى تَأْتِيك منية قاضية أَو يَد خاطئة) فَلَمَّا قتل عُثْمَان وَكَانَ من أَمر النَّاس مَا كَانَ خرج إِلَى صَخْرَة فَضرب بهَا سَيْفه فَكَسرهُ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بوقعة الْجمل وصفين والنهروان وقتال عَائِشَة وَالزُّبَيْر عليا رَضِي الله عَنْهُم وَبعث الْحكمَيْنِ
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَ ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُرُوج بعض أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَضَحكت عَائِشَة فَقَالَ انظري أَن لَا تَكُونِي أَنْت ثمَّ الْتفت إِلَى عَليّ فَقَالَ إِن وليت من أمرهَا شَيْئا فارفق بهَا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن قيس قَالَ لما بلغت عَائِشَة بعض ديار بني عَامر نبحت عَلَيْهَا الْكلاب فَقَالَت أَي مَاء هَذَا قَالُوا الحوأب قَالَت مَا أظنني إِلَّا رَاجِعَة
قَالَ الزبير لَا بعد تقدمي فيراك النَّاس وَيصْلح الله ذَات بَينهم قَالَت مَا اظنني إِلَّا رَاجِعَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (كَيفَ بإحداكن إِذا نبحتها كلاب الحوأب)(2/232)
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أيتكن صَاحِبَة الْجمل الْأَحْمَر الأديب تخرج حَتَّى تنبحها كلاب الحوأب يقتل حولهَا قَتْلَى كَثِيرَة ثمَّ تنجو بَعْدَمَا كَادَت)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن حُذَيْفَة أَنه قيل لَهُ حَدثنَا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو فعلت لرجمتموني قُلْنَا سُبْحَانَ الله قَالَ لَو حثدتكم أَن بعض أُمَّهَاتكُم تغزوكم فِي كَتِيبَة تضربكم بِالسَّيْفِ مَا صدقتموني قَالُوا سُبْحَانَ الله وَمن يصدقك بِهَذَا قَالَ أتتكم الْحَمْرَاء فِي كَتِيبَة تَسوق بهَا أعلاجها قَالَ الْبَيْهَقِيّ أخبر بِهَذَا حُذَيْفَة وَمَات قبل مسير عَائِشَة
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي بكرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يخرج قوم هلكى لَا يفلحون قائدهم امْرَأَة قائدهم فِي الْجنَّة)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي (أَنه سَيكون بَيْنك وَبَين عَائِشَة أَمر فَإِذا كَانَ ذَلِك فارددها إِلَى مأمنها)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْأسود قَالَ شهِدت الزبير خرج يُرِيد عليا فَقَالَ لَهُ عَليّ أنْشدك الله هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول تُقَاتِلهُ وَأَنت لَهُ ظَالِم فَقَالَ لم أذكر ثمَّ مضى الزبير منصرفا
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي جروة الْمَازِني قَالَ سَمِعت عليا يَقُول للزبير نشدتك بِاللَّه أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّك تُقَاتِلنِي وَأَنت ظَالِم لي قَالَ بلي وَلَكِن نسيت
وَأخرج الْحَاكِم عَن قيس قَالَ قَالَ عَليّ للزبير أما تذكر يَوْم كنت أَنا وَأَنت فَقَالَ لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتُحِبُّهُ فَقلت وَمَا يَمْنعنِي فَقَالَ أما أَنَّك ستخرج عَلَيْهِ وتقاتله وَأَنت ظَالِم قَالَ فَرجع الزبير(2/233)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد السَّلَام قَالَ قَالَ عَليّ للزبير يَوْم الْجمل أنْشدك الله هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَتُقَاتِلنَّهُ وَأَنت ظَالِم لَهُ ثمَّ لينصرن عَلَيْك قَالَ قد سمعته لَا جرم لَا أقا تِلْكَ
ذكر وقْعَة صفّين
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يقتتل فئتان عظيمتان تكون بَينهمَا مقتلة عَظِيمَة دَعْوَاهَا وَاحِدَة)
وَأخرج البيقهي عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن بني إِسْرَائِيل اخْتلفُوا فَلم يزل اخْتلَافهمْ بَينهم حَتَّى بعثوا حكمين فضلا وأضلا وَأَن هَذِه الْأمة ستختلف فَلَا يزَال اخْتلَافهمْ بَينهم حَتَّى يبعثوا حكمين ضلا وضل من اتبعهما
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يكون فِي هَذِه الْأمة حكمان ضالان ضال من تبعهما قَالَ سُوَيْد بن غَفلَة فَقلت يَا أَبَا مُوسَى أنْشدك الله أَلَيْسَ إِنَّمَا عناك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّهَا سَتَكُون فتْنَة فِي أمتِي أَنْت فِيهَا يَا أَبَا مُوسَى نَائِما خير مِنْك قَاعِدا وَقَاعِدا خير مِنْك قَائِما وَقَائِمًا خير مِنْك مَاشِيا فخصك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يعم النَّاس)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْحَارِث قَالَ كنت مَعَ عَليّ بصفين فَرَأَيْت بَعِيرًا من إبل الشَّام جَاءَ عَلَيْهِ رَاكِبه وَنَقله فَألْقى مَا عَلَيْهِ وَجعل يَتَخَلَّل الصُّفُوف إِلَى عَليّ فَجعل مشفره فِيمَا بَين رَأس عَليّ ومنكبه وَجعل يحركها بجرانه فَقَالَ عَليّ وَالله إِنَّهَا للعلامة الَّتِي بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْقَطَعت نَعله فَتخلف عَليّ يخصفها فَمشى قَلِيلا ثمَّ قَالَ إِن مِنْكُم من يُقَاتل على تَأْوِيل الْقُرْآن كَمَا قَاتَلت على تَنْزِيله فَقَالَ أَبُو بكر أَنا قَالَ لَا قَالَ عمر أَنا قَالَ لَا وَلَكِن خاصف النَّعْل(2/234)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي أَيُّوب قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا بِقِتَال النَّاكِثِينَ والقاسطين والمارقين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط مثله عَن ابْن مَسْعُود وَعَن عَليّ بِلَفْظ أمرت وبلفظ عهد إِلَيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم على عَليّ قَالَ إِن مِمَّا عهد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْأمة ستغدر بِي بعده
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي أما أَنَّك ستلقى بعدِي جهدا قَالَ فِي سَلامَة من ديني قَالَ نعم
وَأخرج الْحميدِي وَابْن أبي عَمْرو وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم عَن أبي الْأسود الديلمي أَن عبد الله بن سَلام أَتَى عليا وَقد وضع رجله فِي الغرز فَقَالَ لَا تَأتي الْعرَاق فَإنَّك إِن أَتَيْته أَصَابَك بِهِ ذُبَاب السَّيْف فَقَالَ عَليّ وأيم الله لقد قَالَهَا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبلك
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَليّ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَتَكُون فتن وستحاج قَوْمك قلت فَمَا تَأْمُرنِي قَالَ احكم بِالْكتاب
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أحذركم سبع فتن فتْنَة تقبل من الْمَدِينَة وفتنة بِمَكَّة وفتنة من الْيمن وفتنة تقبل من الشَّام وفتنة تقبل من الْمشرق وفتنة تقبل من الْمغرب وفتنة من بطن الشَّام وَهِي السفياني) قَالَ ابْن مَسْعُود مِنْكُم من يدْرك أَولهَا وَمن هَذِه الْأمة من يدْرك آخرهَا قَالَ الْوَلِيد بن عَيَّاش فَكَانَت فتْنَة الْمَدِينَة من قبل طَلْحَة وَالزُّبَيْر وفتنة مَكَّة فتْنَة ابْن الزبير وفتنة الشَّام من قبل بني أُميَّة وفتنة الْمشرق من قبل هَؤُلَاءِ(2/235)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأغيلمة من قُرَيْش وبرأس السِّتين
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (هَلَاك أمتِي على يَدي أغيلمة من قُرَيْش) قَالَ أَبُو هُرَيْرَة إِن شِئْت سميتهم بني فلَان وَبني فلَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يكون خلف من بعد سِتِّينَ سنة أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غبا ثمَّ يكون خلف يقرؤون الْقُرْآن لَا يعدو تراقبهم)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ لما رَجَعَ عَليّ من صفّين قَالَ يَا أَيهَا النَّاس لَا تكْرهُوا إِمَارَة مُعَاوِيَة فَإِنَّهُ لَو قد فقدتموه لرأيتم الرؤوس تندر عَن كواهلها كالحنظل
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تعوذوا بِاللَّه من رَأس السِّتين وَمن إِمَارَة الصّبيان وَلَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تصير للكع ابْن لكع)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يمشي فِي سوق الْمَدِينَة وَيَقُول اللَّهُمَّ لَا تدركني سنة سِتِّينَ وَيحكم تمسكوا بصدغي مُعَاوِيَة اللَّهُمَّ لَا تدركني إِمَارَة الصّبيان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَعَن أبي ذَر وَأَبُو نعيم أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يزَال هَذَا الْأَمر معتدلا بِالْقِسْطِ حَتَّى يثلمه رجل من بني أُميَّة يُقَال لَهُ يزِيد(2/236)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أتتكم الْفِتَن كَقطع اللَّيْل المظلم كلما ذهب رسل جَاءَ رسل تناسخت النُّبُوَّة فَصَارَت ملكا أمسك يَا معَاذ واحص فَلَمَّا بلغت خَمْسَة قَالَ يزِيد لَا يُبَارك الله فِي يزِيد ثمَّ ذرفت عَيناهُ فَقَالَ نعي إِلَيّ حُسَيْن وأتيت بتربته وأخبرت بقاتله فَلَمَّا بلغت عشرَة قَالَ الْوَلِيد إسم فِرْعَوْن هَادِم شرائع الْإِسْلَام يبوء بدمه رجل من أهل بَيته)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة يرويهِ قَالَ (ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب على رَأس السِّتين تصير الْأَمَانَة غنيمَة وَالصَّدَََقَة غَرَامَة وَالشَّهَادَة بالمعرفة وَالْحكم بالهوى)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعالم الْمَدِينَة
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوشك النَّاس أَن يضْربُوا أكباد الْإِبِل فَلَا يَجدوا عَالما أعلم من عَالم الْمَدِينَة) قَالَ سُفْيَان ترى هَذَا الْعَالم مَالك بن أنس
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعالم قُرَيْش
أخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تسبوا قُريْشًا فَإِن عالمها يمْلَأ الأَرْض علما) قَالَ الإِمَام أَحْمد وَغَيره هَذَا الْعَالم هُوَ الشَّافِعِي لِأَنَّهُ لم ينتشر فِي طباق الأَرْض من علم عَالم قرشي من الصَّحَابَة وَغَيرهم مَا انْتَشَر من علم الشَّافِعِي
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال زيد بن صوحان وجندب
اخْرُج أَبُو يعلى وَابْن مندة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من سره أَن(2/237)
ينظر إِلَى رجل يسْبقهُ بعض أَعْضَائِهِ إِلَى الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى زيد بن صوحان)
وَأخرج ابْن مندة وَابْن عَسَاكِر عَن بُرَيْدَة قَالَ سَاق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ فَجعل يَقُول (جُنْدُب وَمَا جُنْدُب وَإِلَّا قطع الْخَبَر زيد) فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ أماجندب فَيضْرب ضَرْبَة يكون فِيهَا أمة وَحده وَأما زيد فَرجل من أمتِي تدخل الْجنَّة يَده قبل بدنه ببرهة فَلَمَّا ولي الْوَلِيد بن عقبَة الْكُوفَة فِي زمن عُثْمَان أَجْلِس رجلا يسحر يُرِيهم أَنه يحيى وَيُمِيت فَأتى جُنْدُب بِسيف فَضرب بِهِ عنق السَّاحر وَقَالَ أَحَي نَفسك الْآن وَأما زيد بن صوحان فَقطعت يَده يَوْم الْقَادِسِيَّة وَقتل يَوْم الْجمل وَأخرجه ابْن عَسَاكِر من حَدِيث عَليّ وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو من طَرِيق أبي مجلز مُرْسلا
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْأَجْلَح عَن عبيد بن لَاحق قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَنزل رجل من الْقَوْم فساق بهم ورجز ثمَّ نزل آخر ثمَّ بدا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يواسي أَصْحَابه فَنزل فَجعل يَقُول جُنْدُب وَمَا جُنْدُب وَإِلَّا قطع الْخَيْر زيد ثمَّ ركب فَدَنَا مِنْهُ أَصْحَابه فَسَأَلُوهُ عَمَّا قَالَ فَقَالَ رجلَانِ يكونَانِ فِي هَذِه الآمة يضْرب أَحدهمَا ضَرْبَة يفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل وَالْآخر تقطع يَده فِي سَبِيل الله ثمَّ يتبع الله آخر جسده أَوله قَالَ الْأَجْلَح أما جُنْدُب فَقتل السَّاحر عِنْد الْوَلِيد بن عقبَة وَأما زيد فَقطع يَده يَوْم جولاء وَقتل يَوْم الْجمل زيد بن صوحان مُخْتَلف فِيهِ هَل لَهُ صُحْبَة أم لَا وَرجح ابْن حجر أَنه مخضرم لَهُ إِدْرَاك وَلَيْسَ لَهُ روية
وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحسن أَن أَمِيرا من أُمَرَاء الْكُوفَة دَعَا ساحرا يلْعَب بَين يَدي النَّاس فَبلغ جُنْدُب فَأقبل بِسَيْفِهِ فَلَمَّا رَآهُ ضربه بِسَيْفِهِ فَتفرق النَّاس عَنهُ فَقَالَ أَيهَا النَّاس لن تراعوا إِنَّمَا أردْت السَّاحر
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحَارِث الْأَعْوَر قَالَ كَانَ مِمَّا ذكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد الْخَيْر وَهُوَ زيد بن صوحان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَيكون بعدِي رجل من التَّابِعين وَهُوَ زيد الْخَيْر يسْبقهُ بعض أَعْضَائِهِ إِلَى الْجنَّة بِعشْرين سنة) فَقطعت يَده الْيُسْرَى بنهاوند وعاش بعد ذَلِك عشْرين سنة ثمَّ قتل يَوْم الْجمل بَين يَدي عَليّ وَقَالَ قبل أَن يقتل إِنِّي رَأَيْت يَدي خرجت من السَّمَاء تُشِير إِلَيّ أَن تعال وَأَنا لَاحق بهَا(2/238)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل عمار بن يَاسر
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي سعيد وَمُسلم عَن أم سَلمَة وَأبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعمَّار (تقتلك الفئة الباغية) هَذَا الحَدِيث متواتر رَوَاهُ من الصَّحَابَة بضعَة عشر كَمَا بيّنت ذَلِك فِي الْأَحَادِيث المتواترة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن مولاة لعمَّار قَالَت اشْتَكَى عمار شكوى فَغشيَ عَلَيْهِ فأفاق وَنحن نبكي حوله فَقَالَ أتخشون أَن أَمُوت على فِرَاشِي أَخْبرنِي حَبِيبِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه تقتلني الفئة الباغية وَأَن آخر ادمي من الدُّنْيَا مذقة من لبن
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي البخْترِي أَن عمار بن يَاسر أُتِي يَوْم صفّين بِشَربَة من لبن فَضَحِك فَقيل لَهُ مِم تضحك فَقَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (آخر شراب تشربه من الدُّنْيَا شربة لبن ثمَّ تقدم فَقتل) وَأخرجه من أوجه أُخْرَى عَن عمار
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لعمَّار تقتلك الفئة الباغية تشرب شربة ضياح تكون آخر رزقك من الدُّنْيَا
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (أللهم أولعت قُرَيْش بِعَمَّار قَاتل عمار وسالبه فِي النَّار)
وَأخرج ابْن سعد عَن هُذَيْل قَالَ أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل لَهُ أَن عمارا وَقع عَلَيْهِ حَائِط فَمَاتَ قَالَ مَا مَاتَ عمار(2/239)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل أهل الْحرَّة
ي
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَيُّوب بن بشير المعاوي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي سفر فَلَمَّا مر بحرة زهرَة وقف فَاسْتَرْجع فَسَأَلُوهُ فَقَالَ (يقتل بِهَذِهِ الْحرَّة خِيَار أمتِي بعد أَصْحَابِي) مُرْسل قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد ورد عَن ابْن عَبَّاس فِي تَأْوِيل آيَة مَا يؤكده
ثمَّ أخرج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ تَأْوِيل هَذِه الْآيَة على رَأس سِتِّينَ سنة {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها} قَالَ لأعطوها يَعْنِي إِدْخَال بني حَارِثَة أهل الشَّام على الْمَدِينَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ لما كَانَ يَوْم الْحرَّة قتل أهل الْمَدِينَة حَتَّى كَاد لَا ينفلت مِنْهُم أحد
وَأخرج عَن مَالك بن أنس قَالَ قتل يَوْم الْحرَّة سَبْعمِائة رجل من حَملَة الْقُرْآن مِنْهُم ثَلَاثمِائَة من الصَّحَابَة وَذَلِكَ فِي خلَافَة يزِيد
وَأخرج عَن الْمُغيرَة قَالَ أنهب مُسلم بن عقبَة الْمَدِينَة ثَلَاثَة أَيَّام وافتض فِيهَا ألف عذراء وَأخرج عَن اللَّيْث بن سعد قَالَ كَانَت وقْعَة الْحرَّة يَوْم الْأَرْبَعَاء لثلاث بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمقتولين ظلما بعذراء
أخرج يَعْقُوب بن سُفْيَان فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الْأسود قَالَ دخل مُعَاوِيَة على عَائِشَة فَقَالَت مَا حملك على قتل أهل عذراء حجر وَأَصْحَابه قَالَ رَأَيْت قَتلهمْ صلاحا للْأمة وبقائهم فَسَادًا للْأمة فَقَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (سيقتل بعذراء نَاس يغْضب الله لَهُم وَأهل السَّمَاء) // مُرْسل //(2/240)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ يَا أهل الْعرَاق سيقتل مِنْكُم سَبْعَة نفر بعذراء مثلهم كَمثل أَصْحَاب الْأُخْدُود فَقتل حجر وَأَصْحَابه قَالَ أَبُو نعيم ذكر زِيَاد ين سميَّة عَليّ بن أبي طَالب على الْمِنْبَر فَقبض حجر الْحَصْبَاء ثمَّ أرسلها وحصب من حوله زيادا فَكتب إِلَى مُعَاوِيَة يَقُول إِن حجرا حصبني على الْمِنْبَر فَكتب إِلَيْهِ مُعَاوِيَة أَن يحمل إِلَيْهِ حجرا فَلَمَّا قرب من دمشق بعث من يتلقاهم فَالتقى مَعَهم بعذراء فَقَتلهُمْ قَالَ الْبَيْهَقِيّ لَا يَقُول على مثل هَذَا إِلَّا بِأَن يكون سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل عَمْرو بن الْحمق
أخرج ابْن عَسَاكِر عَن رِفَاعَة بن شَدَّاد البَجلِيّ أَنه خرج مَعَ عَمْرو بن الْحمق حِين طلبه مُعَاوِيَة قَالَ فَقَالَ لي يَا رِفَاعَة إِن الْقَوْم قاتلي إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرنِي أَن الْجِنّ وَالْإِنْس تشترك فِي دمي قَالَ رِفَاعَة فَمَا تمّ حَدِيثه حَتَّى رَأَيْت أَعِنَّة الْخَيل فودعته وواثبته حَيَّة فلسعته وأدركوه فاحتزوا راسه وَكَانَ أول رَأس أهدي فِي الْإِسْلَام
بَاب إِخْبَار صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعمى زيد بن أَرقم
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أَرقم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهِ يعودهُ من مرض كَانَ بِهِ فَقَالَ لَهُ لَيْسَ عَلَيْك من مرضك بَأْس وَلَكِن كَيفَ بك إِذا عمرت بعدِي فعميت قَالَ إِذن احتسب فاصبر قَالَ إِذن تدخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب فَعمى بَعْدَمَا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رد الله تَعَالَى عَلَيْهِ بَصَره ثمَّ مَاتَ(2/241)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأئمة يصلونَ الصَّلَاة لغير وَقتهَا
أخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَعَلَّكُمْ متدركون أَقْوَامًا يصلونَ الصَّلَاة لغير وَقتهَا فَإِن أدركتموها فصلوا فِي بُيُوتكُمْ للْوَقْت الَّذِي تعرفُون ثمَّ صلوا مَعَهم واجعلوها سبْحَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سيلي أُمُوركُم بعدِي أُمَرَاء يطفئون السّنة ويعلنون الْبِدْعَة ويؤخرون الصَّلَاة عَن مواقيتها)
وَأخرج ابْن ماجة عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَيكون أُمَرَاء تشغلهم أَشْيَاء يؤخرون الصَّلَاة عَن وَقتهَا فاجعلوا صَلَاتكُمْ مَعَهم تَطَوّعا) قلت كَانَت هَذِه الْأُمَرَاء بني أُميَّة فأنهم معروفون بذلك إِلَى أَن ولي عمر بن عبد الْعَزِيز فَأَعَادَ الصَّلَاة إِلَى ميقاتها
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعمر جمَاعَة وبانخرام الْقرن
أخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عمر قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء لَيْلَة فِي آخر حَيَاته فَلَمَّا سلم قَامَ فَقَالَ (أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه فَإِن رَأس مائَة سنة مِنْهَا لَا يبقي مِمَّن هُوَ الْيَوْم على ظهر الأَرْض أحد يُرِيد بذلك أنخرام الْقرن
وَأخرج مُسلم عَن جَابر بن عبد الله سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل مَوته بِشَهْر تسْأَلُون عَن السَّاعَة وَإِنَّمَا علمهَا عِنْد الله فاقسم بِاللَّه مَا على ظهر الأَرْض من نفس منفوسة الْيَوْم يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنة
وَأخرج مُسلم عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ لم يبْق أحد مِمَّن لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيْرِي وَقد مَاتَ أَبُو الطُّفَيْل على رَأس الْمِائَة
وَأخرج الْحَاكِم الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي عَن عبد الله بن(2/242)
بسر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع يَده على رَأسه وَقَالَ (يعِيش هَذَا الْغُلَام قرنا فَعَاشَ مائَة سنة وَكَانَ فِي وَجهه ثولول فَقَالَ لَا يَمُوت هَذَا حَتَّى يذهب الثولول من وَجهه فَلم يمت حَتَّى ذهب)
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَغوِيّ وَأَبُو نعيم فِي الصَّحَابَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن حبيب بن مسلمة الفِهري أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ ليراه فأدركه أَبوهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله يَدي ورجلي فَقَالَ لَهُ ارْجع مَعَه فَإِنَّهُ يُوشك أَن يهْلك فَهَلَك فِي تِلْكَ السّنة
وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن أبي مليكَة ان حبيب بن مسلمة قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة غازيا وَأَن أَبَاهُ أدْركهُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ مسلمة يَا نَبِي الله إِنِّي لَيْسَ لي ولد غَيره يقوم فِي مَالِي وضيعتي وعَلى أهل بَيْتِي وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رده مَعَه وَقَالَ لَعَلَّك أَن يَخْلُو لَك وَجهك فِي عامك فَارْجِع يَا حبيب مَعَ أبي فَرجع فَمَاتَ مسلمة فِي ذَلِك الْعَام وغزا حبيب فِيهِ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشَّهَادَةِ للنعمان بن بشير
أخرج ابْن سعد عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة قَالَ جَاءَت عمْرَة بنت رَوَاحَة تحمل ابْنهَا النُّعْمَان بن بشير فِي ليفة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يكثر مَاله وَولده فَقَالَ أوما ترْضينَ أَن يعِيش كَمَا عَاشَ خَاله حميدا وَقتل شَهِيدا وَدخل الْجنَّة
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الْملك بن عُمَيْر أَن بشير بن سعد جَاءَ بالنعمان بن بشير إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله لأبني هَذَا فَقَالَ أما ترْضى أَن يبلغ مَا بلغت ثمَّ يَأْتِي الشَّام فيقتله مُنَافِق من أهل الشَّام
وَأخرج عَن مسلمة بن محَارب وَغَيره قَالُوا لما قتل الضَّحَّاك بن قيس بمرج راهط فِي خلَافَة مَرْوَان بن الحكم أَرَادَ النُّعْمَان بن بشير أَن يهرب من حمص وَكَانَ عَاملا عَلَيْهَا فَخَالف ودعا لِأَبْنِ الزبير فَطَلَبه أهل حمص فَقَتَلُوهُ واحتزوا رَأسه(2/243)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكذابين فِي الحَدِيث وشياطين يحدثُونَ
أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَيكون فِي آخر أمتِي نَاس يحدثونكم بِمَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم فأياكم وإياهم)
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يطوف إِبْلِيس فِي الْأَسْوَاق وَيَقُول حَدثنِي فلَان ابْن فلَان بِكَذَا وَكَذَا)
وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن الشَّيْطَان ليتمثل فِي صُورَة الرجل فَيَأْتِي الْقَوْم فيحدثهم بِالْحَدِيثِ من الْكَذِب يتفرقون
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان قَالَ حَدثنِي من رأى قَاصا يقص فِي مَسْجِد الْخيف فطلبته فَإِذا هُوَ شَيْطَان
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِيسَى بن أبي فَاطِمَة الْفَزارِيّ قَالَ كنت جَالِسا عِنْد شيخ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أكتبت عَنهُ فَقَالَ الشَّيْخ حَدثنِي الشَّيْبَانِيّ فَقَالَ رجل حَدثنِي الشَّيْبَانِيّ فَقَالَ عَن الشّعبِيّ فَقَالَ حَدثنِي الشّعبِيّ فَقَالَ عَن الْحَارِث فَقَالَ قد وَالله رَأَيْت الْحَارِث وَسمعت مِنْهُ فَقَالَ عَن عَليّ قَالَ قد وَالله رَأَيْت عليا وَشهِدت مَعَه صفّين فَلَمَّا رايت ذَلِك قَرَأت آيَة الْكُرْسِيّ فَلَمَّا قلت وَلَا يؤده حفظهما الْتفت فَلم أر شَيْئا
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَغَيُّر النَّاس فِي الْقرن الرَّابِع
أخرج مُسلم عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خَيركُمْ قَرْني ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ يكون قوم بعدهمْ يخونون وَلَا يؤتمنون وَيشْهدُونَ(2/244)
وَلَا يستشهدون وينذرون وَلَا يُوفونَ وَيظْهر فيهم السّمن)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفرا بَان آخِرهم موتا فِي النَّار
أخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي نَضرة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لعشرة فِي بَيت من أَصْحَابه آخركم موتا فِي النَّار فيهم سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ أَبُو نَضرة فَكَانَ سَمُرَة آخِرهم موتا) وَأخرجه من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة
وَأخرج ابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أَوْس بن خَالِد عَن أبي مَحْذُورَة قَالَ كنت أَنا وَأَبُو هُرَيْرَة وَسمرَة فِي بَيت فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (آخركم موتا فِي النَّار فَمَاتَ أَبُو هُرَيْرَة ثمَّ مَاتَ أَبُو مَحْذُورَة ثمَّ مَاتَ سَمُرَة)
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أَنا معمر سَمِعت ابْن طاؤوس وَغَيره يَقُولُونَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي هُرَيْرَة ولسمرة بن جُنْدُب ولرجل آخر (آخر مَوْتَاكُم موتا بالنَّار) فَمَاتَ الرجل قبلهمَا وَبَقِي أَبُو هُرَيْرَة وَسمرَة فَكَانَ إِذا اراد الرجل أَن يغِيظ أَبَا هُرَيْرَة يَقُول مَا ت سَمُرَة فَإِذا سَمعه غشي عَلَيْهِ وصعق ثمَّ مَاتَ أَبُو هُرَيْرَة قبل سَمُرَة
وَأخرج ابْن وهب عَن أبي يزِيد الْمَدِينِيّ قَالَ لما مرض سَمُرَة مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَصَابَهُ برد شَدِيد فأوقدت لَهُ نَار فَجعل كانون بَين يَدَيْهِ وكانون خَلفه وكانون عَن يَمِينه وكانون عَن شِمَاله فَجعل لَا ينْتَفع بذلك فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَن سَمُرَة كَانَ أَصَابَهُ كزاز شَدِيد وَكَانَ لَا يكَاد يدفأ فَأمر بِقدر عَظِيمَة فملئت مَاء وأوقد تحتهَا وَاتخذ فَوْقهَا مَجْلِسا وَكَانَ يصل إِلَيْهِ بخارها فيدفئه فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذا خسف بِهِ فَاحْتَرَقَ(2/245)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أحد النَّفر فِي النَّار
أخرج الْوَاقِدِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن رَافع بن خديج قَالَ كَانَ بِالرِّجَالِ بن عنفوة من الْخُشُوع واللزوم لقِرَاءَة الْقُرْآن وَالْخَيْر شَيْء عَجِيب فَخرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَالرِّجَال مَعنا جَالس مَعَ نفر فَقَالَ أحد هَؤُلَاءِ النَّفر فِي النَّار قَالَ رَافع فَنَظَرت فِي الْقَوْم فَإِذا بِأبي هُرَيْرَة وَأبي أروى الدوسي والطفيل بن عَمْرو وَرِجَال بن عفنوة فَجعلت أنظر وأتعجب وَأَقُول من هَذَا الشقي فَلَمَّا توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجعت بَنو حنيفَة فَسَأَلت مَا فعل الرِّجَال بن عنفوة فَقيل افْتتن هُوَ الَّذِي شهد لمُسَيْلمَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أشركه فِي أمره من بعده فَقلت مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ حق قَالَ ابْن عَسَاكِر الرِّجَال بِالْجِيم وَيُقَال بِالْحَاء لقب وإسمه نَهَار
وَأخرج سيف بن عمر فِي الْفتُوح عَن مخلد بن قيس البَجلِيّ قَالَ خرج فرات بن حَيَّان وَالرِّجَال بن عنفوة وَأَبُو هُرَيْرَة من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لضرس أحدهم فِي النَّار أعظم من أحد وَإِن مَعَه لقفا غادر فَبَلغهُمْ ذَلِك إِلَى ان بلغ أَبَا هُرَيْرَة وفراتا خبر الرِّجَال فخرا ساجدين
بَاب إِشَارَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حَال الْوَلِيد بن عقبَة
أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْوَلِيد بن عقبَة قَالَ لما فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة جعل أهل مَكَّة يأْتونَ بصبيانهم فيمسح على رؤوسهم وَيَدْعُو لَهُم فَخرجت بِي أُمِّي إِلَيْهِ وَإِنِّي مُطيب بالخلوق فَلم يمسح على رَأْسِي وَلم يمسني قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا لسابق علم الله فِي الْوَلِيد فَمنع بركَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإخبار الْوَلِيد حِين اسْتَعْملهُ عُثْمَان مَعْرُوفَة من شربه الْخمر وتأخيره الصَّلَاة وَهُوَ من جملَة الْأَسْبَاب الَّتِي نقموها على عُثْمَان حَتَّى قَتَلُوهُ(2/246)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال قيس بن مطاطة
أخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ جَاءَ قيس بن مطاطة إِلَى حَلقَة فِيهَا سلمَان الْفَارِسِي وصهيب الرُّومِي وبلال الحبشي فَقَالَ هَؤُلَاءِ الْأَوْس والخزرج قَامُوا بنصرة هَذَا الرجل فَمَا بَال هَؤُلَاءِ قَالَ فَقَامَ معَاذ فَأخذ بتلبيبه حَتَّى أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بمقالته فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مغضبا يجر رِدَاءَهُ حَتَّى دخل الْمَسْجِد ثمَّ نُودي الصَّلَاة جَامِعَة فَحَمدَ الله تَعَالَى وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ (يَا أَيهَا النَّاس إِن الرب رب وَاحِد وَأَن ألأب أَب وَاحِد وَإِن الدّين دين وَاحِد وَأَن الْعَرَبيَّة لَيست لكم بأب وَلَا أم وَإِنَّمَا هِيَ لِسَان فَمن تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ عَرَبِيّ) فَقَالَ معَاذ بن جبل وَهُوَ آخذ بِسَيْفِهِ يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي هَذَا الْمُنَافِق فَقَالَ دَعه إِلَى النَّار قَالَ فَكَانَ فِيمَن ارْتَدَّ فَقتل فِي الرِّدَّة
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَنه بعث إبنه عبد الله إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة فَوجدَ رجلا فَرجع وَلم يكلمهُ من أجل مَكَان الرجل مَعَه فلقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَبَّاس بعد ذَلِك فَقَالَ الْعَبَّاس أرْسلت إِلَيْك إبني فَوجدَ عنْدك رجلا فَلم يسْتَطع أَن يكلمك فَرجع قَالَ وَرَآهُ قَالَ نعم قَالَ ذَاك جِبْرِيل وَلنْ يَمُوت حَتَّى يذهب بَصَره وَيُؤْتى علما
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَرَرْت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي ثِيَاب بيض وَهُوَ يُنَاجِي دحْيَة وَهُوَ جِبْرِيل وَأَنا لَا أعلم فَلم أسلم فَقَالَ جِبْرِيل مَا أَشد وضح ثِيَابه أما أَن ذُريَّته ستسود بعده لَو سلم رددت علبه فَلَمَّا رجعت قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مَنعك أَن تسلم قلت رَأَيْتُك تناجي دحْيَة الْكَلْبِيّ فَكرِهت أَن أقطع عَلَيْكُمَا قَالَ ورأيته قلت نعم قَالَ أما أَنه سيذهب بَصرك وَيرد عَلَيْك فِي موتك قَالَ عِكْرِمَة فَلَمَّا قبض ابْن(2/247)
عَبَّاس وَوضع على سَرِيره جَاءَ طَائِر شَدِيد الوضح فَدخل فِي أَكْفَانه فَلم يردهُ فَقَالَ عِكْرِمَة هَذِه بشرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي قَالَ لَهُ فَلَمَّا وضع فِي لحده تلقي بِكَلِمَة سَمعهَا على شَفير قَبره ياأيتها النَّفس المطمئنة إرجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنِي أَنه سيذهب بَصرِي فقد ذهب وحَدثني إِنِّي سأغرق وَقد غرقت فِي بحيرة الطبرية وحَدثني أَنِّي سأهاجر من بعد فتْنَة اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك أَن هجرتي الْيَوْم ألى مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بافتراق أمته على ثَلَاث وَسبعين فرقة وبسلوكهم سنَن من قبلهم
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم عَن ابي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (افترق الْيَهُود على إِحْدَى أَو إثنتين وَسبعين فرقة وافترقت النَّصَارَى على إِحْدَى أَو إثنتين وَسبعين فرقة وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة)
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أهل الْكتاب تفَرقُوا فِي دينهم على إثنتين وَسبعين مِلَّة وتفترق هَذِه الآمة على ثَلَاث وَسبعين مِلَّة يَعْنِي الْأَهْوَاء كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة وَهِي الْجَمَاعَة وَيخرج فِي أمتِي أَقوام تتجارى تِلْكَ الْأَهْوَاء بهم كَمَا يتجارى الْكَلْب بِصَاحِبِهِ فَلَا يبْقى مِنْهُ عرق وَلَا مفصل إِلَّا دخله)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَأْتِي على أمتِي مَا أَتَى على بني إِسْرَائِيل حَذْو النَّعْل بالنعل حَتَّى لَو كَانَ فيهم من نكح أمه عَلَانيَة كَانَ فِي أمتِي مثله إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقُوا على إِحْدَى وَسبعين مِلَّة وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين مِلَّة كلهَا فِي النَّار إِلَّا مِلَّة وَاحِدَة قل مَا هِيَ قَالَ مَا أَنا عَلَيْهِ الْيَوْم وأصحابي)(2/248)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن عَوْف قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لتسلكن سنَن من قبلكُمْ إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقت)
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لتركبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ شبْرًا بشبر وذراعا بِذِرَاع وباعا بباع حَتَّى لَو ان أحدهم دخل جُحر ضَب لدخلتم وَحَتَّى لَو ان أحدهم جَامع أمه لفعلتم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنْتُم أشبه الْأُمَم ببني إِسْرَائِيل لتركبن طريقهم حَذْو القدة بالقدة حَتَّى لَا يكون فيهم شَيْء إِلَّا كَانَ فِيكُم مثله حَتَّى أَن الْقَوْم لتمر عَلَيْهِم الْمَرْأَة فَيقوم إِلَيْهَا بَعضهم فيجامعها ثمَّ إِلَى أَصْحَابه يضْحك إِلَيْهِم وَيضْحَكُونَ إِلَيْهِ)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تتْرك هَذِه الْأمة شَيْئا من سنَن الْأَوَّلين حَتَّى تَأتيه)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ أَنْت إِذا افْتَرَقت هَذِه الْأمة على ثَلَاث وَسبعين فرقة فرقة وَاحِدَة فِي الْجنَّة وسائرهن فِي النَّار قلت وَمَتى ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ إِذا كثرت الشَّرْط وملكت الأماء وَقَعَدت الحملان على المنابرواتخذ الْقُرْآن مَزَامِير وزخرفت الْمَسَاجِد وَرفعت المنابر وَاتخذ الْفَيْء دولا وَالزَّكَاة مغرما وَالْأَمَانَة مغنما وتفقه فِي الدّين لغير الله وأطاع الرجل امْرَأَته وعق أمه وأقصى أَبَاهُ وَأدنى صديقه وَلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا وساد الْقَبِيلَة فاسقهم وَكَانَ زعيم الْقَوْم أرذلهم وَأكْرم الرجل أتقاء شَره فَيَوْمئِذٍ يكون ذَلِك ويفزع النَّاس إِلَى الشَّام قلت وَهل تفتح الشَّام قَالَ نعم وشيكا ثمَّ تقع الْفِتَن بعد فتحهَا)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لتتبعن سنَن من قبلكُمْ باعا(2/249)
فباعا وذراعا فذراعا وشبرا فشبرا حَتَّى لَو دخلُوا جُحر ضَب لدخلتموه مَعَهم قيل يَا رَسُول الله الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالَ فَمن إِذن)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالخوارج
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بَيْنَمَا نَحن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقسم قسما إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخوَيْصِرَة فَقَالَ يَا رَسُول الله أعدل قَالَ وَيلك وَمن يعدل إِذا لم أعدل خبت وخسرت إِن لم أكن أعدل قَالَ عمر يَا رَسُول لله ائْذَنْ لي فِيهِ أضْرب عُنُقه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعه فَإِن لَهُ أصحابا يحقر أحدكُم صلَاته مَعَ صلَاتهم وصيامه مَعَ صِيَامهمْ يقرأون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم يَمْرُقُونَ من الْإِسْلَام كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية آيَتهم رجل أسود إِحْدَى عضديه مثل ثدي المراة أَو مثل الْبضْعَة تدَرْدر يخرجُون على خير فرقة من النَّاس
قَالَ أَبُو سعيد فاشهد أَنِّي سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأشْهد أَن عَليّ بن أبي طَالب قَاتلهم وَأَنا مَعَه وَأمر بذلك الرجل فالتمس فَوجدَ فَأتي بِهِ حَتَّى نظرت إِلَيْهِ على نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي نَعته
وَأخرجه أَبُو يعلى وَزَاد فِي آخِره فَقَالَ عَليّ أَيّكُم يعرف هَذَا فَقَالَ رجل من الْقَوْم هَذَا حرقوص وَأمه هَهُنَا فَأرْسل إِلَى أمه فَقَالَ لَهَا مِمَّن هَذَا قَالَت مَا أدبري إِلَّا أَنِّي كنت فِي الْجَاهِلِيَّة أرعى غنما لي بالزبدة فغشيني شَيْء كَهَيئَةِ الظلمَة فَحملت مِنْهُ فَولدت هَذَا
وَأخرج مُسلم عَن ابْن سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (تمرق مارقة عِنْد فرقة من الْمُسلمين تقتلها أولى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ)
وَأخرج مُسلم عَن عُبَيْدَة قَالَ لما فرغ عَليّ من اصحاب النَّهر قَالَ ابْتَغوا فيهم إِن كَانُوا الْقَوْم الَّذين ذكرهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن فيهم رجلا مُخْدج الْيَد فابتغيناه فوجدناه فدعوناه إِلَيْهِ فجَاء حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ الله اكبر ثَلَاثًا وَالله لَوْلَا أَن تبطروا لحدثتكم بِمَا قضى الله على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن قتل هَؤُلَاءِ قلت أَنْت سَمِعت هَذَا من(2/250)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أرى وَرب الْكَعْبَة ثَلَاث مَرَّات
وَأخرج الْحَاكِم عَن سعيد بن جمْهَان قَالَ أتيت عبد الله بن أبي أوفى فَقَالَ مَا فعل أَبوك قلت قتلته الْأزَارِقَة قَالَ لعنهم الله حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم كلاب النَّار
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالرافضة والقدرية والمرجئة والزنادقة
أخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِيك من عِيسَى مثلا أبغضته الْيَهُود حَتَّى بهتُوا أمه وأحبته النَّصَارَى حَتَّى أنزلوه بالمنزلة الَّتِي لَيْسَ بهَا أَلا وَأَنه يهْلك فِي إثنان محب مفرط يقرظني بِمَا لَيْسَ فِي ومبغض يحملهُ شنآني على أَن يبهتني
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يكون فِي أمتِي قوم يسمون الرافضة يرفضون الْإِسْلَام) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس مثله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا بعث الله نَبيا قطّ إِلَّا وَفِي أمته قدرية ومرجئة يشوشون عَلَيْهِ أَمر أمته)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْقَدَرِيَّة والمرجئة مجوس هَذِه الْأمة) وَأخرج مثله من حَدِيث إِبْنِ عمر
وَأخرج عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صنفان من أمتِي لَيْسَ لَهما فِي الْإِسْلَام نصيب المرجئة والقدرية) وَأخرج مثله من حَدِيث جَابر وواثلة وَأخرج إِبْنِ ماجة مثله من حَدِيث ابْن عَبَّاس
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَعَلَّك أَن تبقى بعدِي حَتَّى تدْرك قوما يكذبُون بِقدر الله الذُّنُوب على عباده فَإِذا كَانَ ذَلِك فابرأ إِلَى الله تَعَالَى مِنْهُم)(2/251)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (سَيكون فِي أمتِي أَقوام يكذبُون بِالْقدرِ)
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (سَيكون فِي هَذِه الْأمة مسخ أَلا وَذَاكَ فِي المكذبين بِالْقدرِ والزنديقية)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يزَال أَمر هَذِه الْأمة مقاربا مَا لم يتكلموا فِي الْولدَان وَالْقدر)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (آخر الْكَلَام فِي الْقدر لشرار هَذِه الْأمة)
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سَيكون فِي أمتِي مسخ وَقذف وَهُوَ فِي أهل الزندقة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أمتِي لَا تزَال متمسكة بدينها مَا لم يكذبوا بِالْقدرِ فَعِنْدَ ذَلِك هلاكهم)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيْمُونَة أَنَّهَا لَا تَمُوت بِمَكَّة
فحملوها حَتَّى أَتَوا بهَا سرف إِلَى الشَّجَرَة الَّتِي بنى بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحتهَا فَمَاتَتْ
بَاب مَا اخبر بِهِ أَبَا رَيْحَانَة
أخرج مُحَمَّد بن الرّبيع لجيزي فِي كتاب من دخل مصر من الصَّحَابَة عَن أبي رَيْحَانَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ كَيفَ أَنْت يَا أَبَا رَيْحَانَة يَوْم تمر على قوم قد صَبَرُوا(2/252)
دَابَّة فَتَقول أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نهى عَن هَذَا فَيَقُولُونَ اقْرَأ لنا الْآيَة الَّتِي نزلت فِيهَا فَمر على قوم يصبرون دجَاجَة فنهاهم فَقَالُوا اقْرَأ لنا الْآيَة الَّتِي انزلت فِيهَا فَقَالَ صدق الله وَرَسُوله
بَاب مَا أخبر بِهِ رَئِيس خَيْبَر
أخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن أسلم قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب لرئيس خَيْبَر ترى ذهب عني قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ بك إِذا رفض بك بعيرك يَوْمًا نَحْو الشَّام ثمَّ يَوْمًا ثمَّ يَوْمًا)
إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَلَام الْمَيِّت بعده
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد جيد عَن حُذَيْفَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يكون فِي أمتِي رجل يتَكَلَّم بعد الْمَوْت)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ وَأَبُو نعيم من طرق عَن ربعي بن حِرَاش قَالَ مَاتَ أخي الرّبيع وَكَانَ أصومنا فِي الْيَوْم الْحَار وأقومنا فِي اللَّيْلَة الْبَارِدَة فسجيته فَضَحِك فَقلت يَا أخي أحياة بعد الْمَوْت قَالَ لَا وَلَكِنِّي لقِيت رَبِّي فلقيني بِروح وَرَيْحَان وَجه غير غَضْبَان فَقلت كَيفَ رَأَيْت الْأَمر قَالَ أيسر مِمَّا تظنون فَذكر لعَائِشَة فَقَالَت صدق ربعي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أمتِي من يتَكَلَّم بعد الْمَوْت وَفِي لفظ يتَكَلَّم رجل من أمتِي بعد الْمَوْت من خير التَّابِعين
قلت لهَذَا الحَدِيث طرق وَقد استوفيت أَخْبَار من تكلم بعد الْمَوْت فِي كتاب البرزخ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمن يرد سنته وَلَا يحْتَج بهَا وبمن يُجَادِل بمتشابه الْكتاب
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَلا أَنِّي(2/253)
أُوتيت الْكتاب وَمثله مَعَه أَلا يُوشك رجل شبعان على أريكته يَقُول عَلَيْكُم بِهَذَا الْقُرْآن فَمَا وجدْتُم فِيهِ من حَلَال فأحلوه وَمَا وجدْتُم فِيهِ من حرَام فحرموه)
وَأخرج أَبُو دَاوُد الْبَيْهَقِيّ عَن أبي رَافع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا الفين أحدكُم مُتكئا على أريكته يَأْتِيهِ الْأَمر من أَمْرِي بِمَا أمرت بِهِ أَو نهيت عَنهُ فَيَقُول لَا نَدْرِي مَا وجدنَا فِي كتاب الله اتبعناه
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات} الْآيَة فَقَالَ إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ فأؤلئك الَّذين رمى الله فَاحْذَرْهُمْ وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ فَإِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يجادلون بِهِ قَالَ أَيُّوب وَلَا أعلم أَن من أَصْحَاب الْأَهْوَاء أحد إِلَّا وَهُوَ يُجَادِل بالمتشابه
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال قيس بن خَرشَة
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن يزِيد بن أبي زِيَاد الثَّقَفِيّ قَالَ أَن قيس بن خَرشَة قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أُبَايِعك على مَا جَاءَ من الله تَعَالَى وعَلى أَن أَقُول بِالْحَقِّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا قيس عَسى الله أَن يمدك الدَّهْر أَن يلقيك بعدِي من لَا تَسْتَطِيع أَن تَقول بِالْحَقِّ مَعَهم قَالَ قيس وَالله لَا أُبَايِعك على شَيْء إِلَّا وفيت لَك بِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذن لَا يَضرك بشر وَكَانَ قيس يعيب زِيَاد بن أبي سُفْيَان وَابْنه عبيد الله فَبلغ ذَلِك عبيد الله فَأرْسل إِلَيْهِ أَنْت الَّذِي تفتري على الله وعَلى رَسُوله قَالَ لَا وَلَكِن إِن شِئْت أَخْبَرتك بِمن يفتري على الله وعَلى رَسُوله من ترك الْعَمَل بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله قَالَ من ذَاك قَالَ أَنْت وَأَبُوك وَالَّذِي أمركما قَالَ قيس وَمَا الَّذِي افتريت على الله وعَلى رَسُوله قَالَ تزْعم أَنه لَا يَضرك بشر قَالَ نعم قَالَ لتعلمن الْيَوْم إِنَّك قد كذبت ائْتُونِي بِصَاحِب الْعَذَاب وبالعذاب قَالَ فَمَال قيس عِنْد ذَلِك فَمَاتَ)(2/254)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْصَار بِأَنَّهُم سيلقون بعده أَثَره
أخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْأَنْصَار أَنكُمْ سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَره فِي الْقسم وَالْأَمر فأصبروا حَتَّى تَلْقَوْنِي على الْحَوْض
وَأخرج الْحَاكِم عَن مقسم أَن أَبَا أَيُّوب أَتَى مُعَاوِيَة فَذكر حَاجَة لَهُ فجفاه وَلم يرفع بِهِ رَأْسا فَقَالَ أَبُو أَيُّوب أما أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أخبرنَا أَنه سيصيبنا بعده أَثَره قَالَ فَبِمَ أَمركُم قَالَ أمرنَا أَن نصبر حَتَّى نرد عَلَيْهِ الْحَوْض قَالَ فَاصْبِرُوا إِذا فَغَضب أَبُو أَيُّوب وَحلف أَنه لَا يكلمهُ أبدا
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن مولى الْقَوْم من أنفسهم
أخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن بن الْحسن قَالَ كَانَ حَيّ من الْأَنْصَار لَهُم دَعْوَة سَابِقَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ مِنْهُم ميت جَاءَت سَحَابَة فأمطرت قَبره فَمَاتَ مولى لَهُم فَقَالَ الْمُسلمُونَ لننظرن الْيَوْم إِلَى قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مولى الْقَوْم من أنفسهم) فَلَمَّا دفن جَاءَت سَحَابَة فأمطرت قَبره
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال أبي هُرَيْرَة
أخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَبُو هُرَيْرَة وعَاء الْعلم) وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عمر قَالَ أَبُو هُرَيْرَة أعلمنَا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحفظنا لحديثه
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقوم يأْتونَ من بعده
أخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أُنَاسًا من أمتِي يأْتونَ بعدِي يود أحدهم لَو اشْترى رؤيتي بأَهْله وَمَاله)(2/255)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ياتخاذ أمته الخصيان
اخْرُج ابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَيكون قوم ينالهم الإخصاء فَاسْتَوْصُوا بهم خيرا)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالشرطة)
أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوشك أَن طَالَتْ بك مُدَّة أَن ترى قوما فِي أَيْديهم مثل أَذْنَاب الْبَقر يَغْدُونَ فِي غضب الله وَيَرُوحُونَ فِي سخطه)
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صنفان من أهل النَّار لم أرهما قوم مَعَهم سياط كأذناب الْبَقر يضْربُونَ بهَا النَّاس وَنسَاء كاسيات عاريات مميلات رؤوسهن كأسمنة البخت المائلة) قَالَ أَبُو نعيم النِّسَاء الْمَذْكُورَات فِي هَذَا الحَدِيث قيل أَنَّهُنَّ الْمُغَنِّيَات بالعراق يعتممن بكارات كبار على رؤوسهن ثمَّ يتجلببن فوقهن
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يخرج فِي هَذِه الْأمة رجال مَعَهم سياط كَأَنَّهُمْ أَذْنَاب الْبَقر يَغْدُونَ فِي سخط الله وَيَرُوحُونَ فِي غَضَبه)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالنَّار الَّتِي تخرج من الْحجاز
أخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نَار بِأَرْض الْحجاز يضيء مِنْهَا أَعْنَاق الْإِبِل ببصرى)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي ذَر قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَلَمَّا رَجعْنَا تعجل نَاس فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوشك أَن تدعوها أحسن مَا كَانَت لَيْت شعري مَتى تخرج نَار من جبل ورقان يضيء لَهَا أَعْنَاق البخت ببصرى) قلت قد خرجت هَذِه النَّار سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة(2/256)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبَصْرَةِ والكوفة
أخرج أَبُو نعم عَن أبي ذَر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِنِّي لَا أعرف أَرضًا يُقَال لَهَا الْبَصْرَة أقوامها قبْلَة وأكثرها مَسَاجِد ومؤذنين يدْفع عَنْهَا من الْبلَاء مَا لَا يدْفع عَن سَائِر الْبِلَاد)
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر أهل الْكُوفَة فَذكر أَنه سينزل بهم بلايا عِظَام ثمَّ ذكر اهل الْبَصْرَة فَذكر أَنهم أقصد الْأَمْصَار قبْلَة وَأَكْثَرهم مُؤذنًا يدْفع الله عَنْهُم مَا يكْرهُونَ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يكون للْمُسلمين ثَلَاثَة أَمْصَار مصر بملتقى الْبَحْرين ومصر بِالْحيرَةِ ومصر بِالشَّام)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ستمصرون أمصارا فَيكون فِيهَا مصر يُقَال لَهُ الْبَصْرَة يكون فِيهَا خسف ومسخ
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبِنَاء بَغْدَاد
أخرج أَبُو نعيم عَن جرير بن عبد الله سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ستبنى مَدِينَة بَين دجيلة والصراة وقطر بل تَجْتَمِع فِيهَا جبابرة الأَرْض يَجِيء إِلَيْهَا خراج الأَرْض لهي أسْرع خسفا من السِّكَّة فِي الأَرْض السبخة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن حُذَيْفَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (ستبنى مَدَائِن بَين نهرين من الْمشرق يحْشر إِلَيْهَا خَزَائِن الأَرْض وكنوزها يسكنهَا شرار خلق الله يخسف الله بهَا بعد مَا يعذب بِالسَّيْفِ)
قلت قد بنيت فِي الْقرن الثَّانِي وعذبت بِالسَّيْفِ أَشد الْعَذَاب من التتار فِي الْقرن السَّابِع وَبَقِي الْخَسْف(2/257)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمُدَّة أمته
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لن يعجز الله هَذِه الْأمة من نصف يَوْم)
وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد بن أبي وَقاص ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لن يعجزني عِنْد رَبِّي أَن يُؤَجل أمتِي نصف يَوْم قيل وَمَا نصف يَوْم قَالَ خَمْسمِائَة سنة)
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن طَائِفَة من أمته لَا تزَال على الْحق حَتَّى تقوم السَّاعَة)
أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى يَأْتِي أَمر الله
واخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا يزَال هَذَا الدّين قَائِما تقَاتل عَلَيْهِ عِصَابَة من الْمُسلمين حَتَّى تقوم السَّاعَة)
واخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى تقوم السَّاعَة
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله يبْعَث إِلَى هَذِه الْأمة على رَأس مل مائَة سنة من يجدد لَهَا دينهَا)
بَاب لَا يخرج الدَّجَّال حَتَّى يذهل النَّاس عَن ذكره
أخرج عبد الله بن احْمَد فِي زَوَائِد الْمسند عَن الصعب بن جثامة سَمِعت(2/258)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا يخرج الدَّجَّال حَتَّى يذهل النَّاس عَن ذكره وَحَتَّى يتْرك الْأَئِمَّة ذكره على المنابر)
قلت لَا ترى فِي زَمَانك خَطِيبًا يذكرهُ على مِنْبَر
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذهاب الأمثل فالأمثل
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن رويفع بن ثَابت قَالَ قرب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَمرا وَرطب فَأَكَلُوا مِنْهُ حَتَّى لم يبقوا شَيْئا إِلَّا نواة وَمَا لَا خير فِيهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تَدْرُونَ مَا هَذَا تذهبون الْخَيْر فالخير حَتَّى لَا يبْقى مِنْكُم مثل هَذَا)
بَاب جَامع فِيمَا أخبر بِهِ من أَحْوَال أمته وَوَقع كَمَا أخبر
أخرج الشَّيْخَانِ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ كَانَ النَّاس يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ مَخَافَة أَن يدركني فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّة وَشر فجاءنا الله بِهَذَا الْخَيْر فَهَل بعد هَذَا الْخَيْر من شَرّ قَالَ نعم قلت فَهَل بعد ذَلِك الشَّرّ من خير نعم وَبِه دخن قلت وَمَا دخنه قَالَ قوم يستنون بِغَيْر سنتي ويهتدون بِغَيْر هَدْيِي تعرف مِنْهُم وتنكر قلت يَا رَسُول الله فَهَل بعد ذَلِك الْخَيْر من الشَّرّ قَالَ نعم دعاة على أَبْوَاب جَهَنَّم من أجابهم إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قلت صفهم لي قَالَ نعم هم قوم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا
قَالَ الْأَوْزَاعِيّ الشَّرّ الأول الَّذِي بعده الْخَيْر هُوَ الرِّدَّة الَّتِي كَانَت بعد وَفَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ جَاءَت بَنو سليم بِقِطْعَة من ذهب من مَعْدن(2/259)
لَهُم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَتَكُون وَفِي لفظ ستظهر معادن وسيحضرها أشرار الْخلق)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوشك الْأُمَم أَن تداعى عَلَيْكُم كَمَا تتداعى الْأكلَة إِلَى قصعتها فَقَالَ قَائِل وَمن قلَّة نَحن يَوْمئِذٍ قَالَ بل أَنْتُم كثير وَلَكِنَّكُمْ غثاء كغثاء السَّيْل وَلَينْزَعَنَّ الله من صُدُور عَدوكُمْ المهابة مِنْكُم وليقذفن فِي قُلُوبكُمْ الوهن قيل وَمَا الوهن يَا رَسُول الله قَالَ حب الدُّنْيَا وكراهية الْمَوْت)
وَأخرج الْبَغْدَادِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان لَا يُبَالِي الْمَرْء بِمَا أَخذ المَال بحلال أم بِحرَام)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ليَأْتِيَن على أحدكُم يَوْم لِأَن يراني ثمَّ لِأَن يراني أحب إِلَيْهِ من أَهله وَمَاله)
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وددت أَنِّي رَأَيْت إخْوَانِي قَالُوا اَوْ لسنا إخوانك يَا رَسُول الله قَالَ: بل أَنْتُم أَصْحَابِي وأخواني الَّذين لم يَأْتُوا بعد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تَسْمَعُونَ وَيسمع مِنْكُم وَيسمع مِمَّن يسمع مِنْكُم) وَأخرج أَبُو نعيم من حَدِيث ثَابت بن قيس مثله وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي بكرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب فَلَعَلَّ بعض من يبلغهُ يكون أوعى لَهُ من بعض من سَمعه وَأخرج أَبُو نعيم من حَدِيث ثَابت بن قيس مثله
واخرج ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هَارُون الْعَبْدي قَالَ كُنَّا ندخل على أبي سعيد الْخُدْرِيّ فَيَقُول مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رَسُول الله حَدثنَا أَنه سَيَأْتِيكُمْ قوم من الْآفَاق يتفقهون فَاسْتَوْصُوا بهم خيرا وَأخرج ابْن ماجة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثله(2/260)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله لَا يقبض الْعلم أنتزاعا ينتزعه وَلَكِن يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء فَإِذا لم يبْق عَالم اتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فسئلوا فافتوا بِغَيْر علم فضلوا واضلوا)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو كَانَ الْعلم بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من أَبنَاء فَارس)
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن سِيرِين قَالَ كنت عِنْد أبي هُرَيْرَة فَسَأَلَهُ رجل عَن شَيْء لم أفهمهُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة الله أكبر سَأَلَ عَن هَذَا اثْنَان وَهَذَا الثَّالِث سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَقُول ان رجَالًا سترتفع بهم الْمَسْأَلَة حَتَّى يَقُولُوا هَذَا الله سُبْحَانَهُ خلق الْخلق فَمن خلقه)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي تأخيرهم الصَّلَاة عَن وَقتهَا وتعجيلهم الصَّلَاة عَن وَقتهَا)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يظْهر الدّين حَتَّى يُجَاوز الْبحار وَحَتَّى تخاض الْبحار بِالْخَيْلِ فِي سَبِيل الله ثمَّ يَأْتِي قوم يقرؤن الْقُرْآن يَقُولُونَ قد قَرَأنَا الْقُرْآن من اقْرَأ منا من أفقه منا من أعلم منا ثمَّ الْتفت إِلَى اصحابه فَقَالَ هَل فِي أُولَئِكَ من خير اولئك هم وقود النَّار)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوشك أَن يمْلَأ الله أَيْدِيكُم من الْعَجم ثمَّ يجعلهم أسدا لَا يفرون فيقتلون مُقَاتِلَتكُمْ وياكلون فيئكم) وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس وَحُذَيْفَة مثله وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر وَمثله وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى مثله
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر إِلَى بقْعَة من بقاع الْمَدِينَة (فَقَالَ رب يَمِين لَا تصعد ألى الله بِهَذِهِ الْبقْعَة فَرَأَيْت بهَا النخاسين بعد)
وَأخرج الْحَاكِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت سَمِعت رَسُول الله يَقُول (سيليكم أُمَرَاء بعدِي يعرفونكم مَا تنكرون وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُم مَا تعرفُون فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فَلَا طَاعَة لمن عصى الله)(2/261)
وَأخرج ابْن رَاهْوَيْةِ عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خُذُوا الْعَطاء مَا دَامَ إِعْطَاء فَإِذا صَار رشوة على الدّين فَلَا تَأْخُذُوا ولستم بتاركيه يمنعكم من ذَلِك المخافة والفقر أَلا وَأَن رحى الْإِيمَان دَائِرَة فدوروا مَعَ الْكتاب حَيْثُ يَدُور أَلا وَأَن السُّلْطَان وَالْكتاب سيفترقان فَلَا تفارقوا الْكتاب أَلا أَنه سَيكون عَلَيْكُم أُمَرَاء إِن أطعتموهم أضلوكم وَإِن عصيتوهم قتلوكم قَالُوا فَمَا نصْنَع يَا نَبِي الله قَالَ كَمَا صنع أَصْحَاب عِيسَى بن مَرْيَم حملُوا على الْخشب ونشروا بالمناشير موت فِي طَاعَة الله خير من حَيَاة فِي مَعْصِيّة الله)
وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن الْحَارِث أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (سَيكون بعدِي سلاطين الْفِتَن على أَبْوَابهم كمبارك الْإِبِل لَا يُعْطون أحدا شَيْئا إِلَّا أخذُوا من دينه مثله)
وَأخرج ابْن قَانِع عَن حجر بن عدي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (إِن قوما من أمتِي يشربون الْخمر يسمونها بِغَيْر إسمها) وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث عَائِشَة مثله
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يقوم الْقَائِم فَيَقُول من يبيعنا دينه بكف من دَرَاهِم)
وَأخرج أَحْمد عَن عمرَان بن حُصَيْن الضَّبِّيّ أَنه أَتَى الْبَصْرَة وَبهَا عبد الله بن عَبَّاس أَمِير فَإِذا هُوَ بِرَجُل يكثر أَن يَقُول صدق الله وَرَسُوله فَسَأَلَهُ فَقَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فدَاء ابْن لشيخين من الْحَيّ فَقَالَ هوذا فأت بِهِ أَبَاهُ فَقلت الْفِدَاء يَا نَبِي الله فَقَالَ (إِنَّه لَا يصلح لنا آل مُحَمَّد أَن نَأْكُل ثمن أحد من ولد إِسْمَاعِيل ثمَّ قَالَ لَا أخْشَى على قُرَيْش إِلَّا أَنْفسهَا قلت وَمَا لَهُم يَا رَسُول الله قَالَ إِن طَال بك عمر رَأَيْتهمْ هَهُنَا حَتَّى ترى النَّاس كالغنم بَين الحوضين مرّة إِلَى هُنَا وَمرَّة إِلَى هُنَا فَأَنا أرى نَاسا يستأذنون على ابْن عَبَّاس رَأَيْتهمْ الْعَام يستأذنون على مُعَاوِيَة فَذكرت قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يكون قوم آخر الزَّمَان(2/262)
يخضبون بِهَذَا السوَاد كحواصل الطُّيُور لَا يريحون رَائِحَة الْجنَّة)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن ماجة عَن سَلامَة بنت الْحر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يَأْتِي على النَّاس زمَان يقومُونَ سَاعَة لَا يَجدونَ إِمَامًا يُصَلِّي بهم)
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن جَابر بن سَمُرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (ثَلَاثًا أخوف على أمتِي الإستسقاء بالأنواء وحيف السُّلْطَان وَتَكْذيب بِالْقدرِ)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَخَاف على أمتِي تَكْذِيبًا بِالْقدرِ وَتَصْدِيقًا بالنجوم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أَخَاف مَا أَخَاف على أمتِي فِي آخر زمانها النُّجُوم وَتَكْذيب بِالْقدرِ وحيف السُّلْطَان)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن سعد وَابْن السكن وَالطَّبَرَانِيّ عَن جناده الْأَزْدِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاث من فعل الْجَاهِلِيَّة لَا يدعهن أهل الْإِسْلَام إستسقاء بالكواكب وَطعن فِي النّسَب والنياحة على الْمَيِّت)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَلَاك أمتِي فِي ثَلَاث فِي العصبية والقدرية وَالرِّوَايَة من غير تثبت)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَخَاف على أمتِي ثَلَاثًا زلَّة عَالم وجدال مُنَافِق بِالْقُرْآنِ والتكذيب بِالْقدرِ)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لكل أمة أجل وَأَن اجل أمتِي مائَة سنة فَإِذا مر على أمتِي مائَة سنة أَتَاهَا مَا وعدها الله عز وَجل) قَالَ ابْن لَهِيعَة يَعْنِي كَثْرَة الْفِتَن
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وكل مَا توعدون فِي مائَة سنة)(2/263)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَزَّار عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ترفع زِينَة الدُّنْيَا سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن لهَذَا الدّين إقبالا وإدبارا أَلا وَأَن من إقبال هَذَا الدّين أَن تفقه الْقَبِيلَة بأسرها فَلَا حَتَّى لَا يبْقى فِيهَا إِلَّا الْفَاسِق أَو الفاسقان ذليلان فِيهَا إِن تكلما قهرا واضطهدا وَإِن من إدبار هَذَا الدّين أَن تجفو الْقَبِيلَة بأسرها فَلَا يبْقى فِيهَا إِلَّا الْفَقِيه أَو الفقيهان فهما ذليلان إِن تكلما قهرا واضطهدا ويلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا أَلا وَعَلَيْهِم حلت اللَّعْنَة حَتَّى يشْربُوا الْخمر عَلَانيَة حَتَّى تمر الْمَرْأَة بالقوم فَيقوم إِلَيْهَا بَعضهم فيرفع بذيلها كَمَا يرفع بذنب النعجة فَقَائِل يَقُول يَوْمئِذٍ أَلا واريتها وَرَاء الْحَائِط فَهُوَ يَوْمئِذٍ فيهم مثل أبي بكر وَعمر فِيكُم فَمن أَمر يَوْمئِذٍ بِالْمَعْرُوفِ وَنهي عَن الْمُنكر فَلهُ أجر خمسين مِمَّن رَآنِي وآمن بِي وأطاعني وبايعني)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا رَأَيْت أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول لَهُ أَنْت ظَالِم فقد تودع مِنْهُم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بكرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يأمرون فِيهِ بِمَعْرُوف وَلَا ينهون عَن مُنكر)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ بكم أَيهَا النَّاس إِذا طَغى نسؤكم وَفسق شبابكم قَالُوا يَا رَسُول الله إِن هَذَا لكائن قَالَ نعم وَأَشد مِنْهُ كَيفَ بكم إِذا تركْتُم الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر قالو يَا رَسُول الله إِن هَذَا الْكَائِن قَالَ نعم وَأَشد مِنْهُ كَيفَ بكم إِذا رَأَيْتُمْ الْمُنكر مَعْرُوفا ورأيتم الْمَعْرُوف مُنْكرا)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَأْتِي على النَّاس زمَان يَتَحَلَّقُونَ فِي مَسَاجِدهمْ وَلَيْسَ هَمهمْ إِلَّا الدُّنْيَا لَيْسَ لله فيهم حَاجَة فَلَا تُجَالِسُوهُمْ)(2/264)
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا أبْغض الْمُسلمُونَ عُلَمَائهمْ وأظهروا عمَارَة أسواقهم وتناكحوا على جمع الدَّرَاهِم رماهم الله بِأَرْبَع خِصَال بِالْقَحْطِ من الزَّمَان وجور السُّلْطَان والخيانة من وُلَاة الْأَحْكَام والصولة من الْعَدو)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يكون فِي آخر هَذِه الْأمة رجال يركبون على المياثر حَتَّى يأتو أَبْوَاب الْمَسَاجِد نِسَاؤُهُم كاسيات عاريات على رُؤْسهنَّ كأسمنة البخت الْعِجَاف) قَالَ الْقِتْبَانِي المياثر سروج عِظَام
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَقع بهم الْخَسْف وَالْمَسْخ وَالْقَذْف قَالُوا وَمَتى ذَلِك يَا نَبِي الله قَالَ إِذا رَأَيْت النِّسَاء ركبن السُّرُوج وَكَثُرت الْقَيْنَات وَشهد شَهَادَات الزُّور وَشرب المصلون فِي آنِية أهل الشّرك الذَّهَب وَالْفِضَّة وَاسْتغْنى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء)
وَأخرج الْحَاكِم عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تزَال الْأمة على شَرِيعَة مَا لم تظهر فيهم ثَلَاث مَا لم يقبض مِنْهُم الْعلم وَيكثر فيهم ولد الْخبث وَيظْهر فيهم السقارون قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا السقارون قَالَ بشر يكونُونَ فِي آخر الزَّمَان يكون تحيتهم بَينهم إِذا تلاقوا التلاعن)
وَأخرج الْحَاكِم عَن حُذَيْفَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لن تفنى أمتِي حَتَّى يظْهر فيهم التمايز والتمايل والمعامع قلت مَا التمايز قَالَ عصبية يحدثها النَّاس بعدِي فِي الْإِسْلَام قلت فَمَا التمايل قَالَ تميل الْقَبِيلَة على الْقَبِيلَة فتستحل حرمتهَا قلت فَمَا المعامع قَالَ تسير الْأَمْصَار بَعْضهَا إِلَى بعض تخْتَلف أعناقها فِي الْحَرْب)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لتنقضن عرى الْإِسْلَام عُرْوَة عُرْوَة فَكلما انتقضت عُرْوَة تشبث النَّاس بِالَّتِي تَلِيهَا أَو لَهُنَّ نقضا الحكم وآخرهن الصَّلَاة)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن من وَرَائِكُمْ أَيَّام الصَّبْر الصَّبْر فِيهِنَّ كقبض على الْجَمْر لِلْعَامِلِ فِيهَا أجر خمسين قَالَ عمر منا أَو مِنْهُم قَالَ مِنْكُم وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث أبي ثَعْلَبَة مثله(2/265)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (ليَأْتِيَن عليكمزمان تغبطون فِيهِ الرجل بخفة الحاذ كَمَا تغبطونه الْيَوْم بِكَثْرَة المَال وَالْولد حَتَّى يمر أحدكُم بِقَبْر أَخِيه فيتمعك كَمَا تتمعك الدَّابَّة وَيَقُول يَا لَيْتَني مَكَانك مَا بِهِ شوق إِلَى الله وَلَا عمل صَالح قدمه إِلَّا لما نزل بِهِ من الْبلَاء)
واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يكذب فِيهَا الصَّادِق وَيصدق فِيهَا الْكَاذِب ويخون فِيهَا الْأمين ويؤتمن فِيهَا الخائن وَيشْهد الْمَرْء وَإِن لم يستشهد وَيحلف الْمَرْء وَإِن لم يسْتَحْلف وَيكون أسعد النَّاس بالدنيا لكع بن لكع)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن النَّاس شَجَرَة ذَات جنى ويوشك أَن يعودوا شَجَرَة ذَات شوك إِن ناقرتهم ناقروك وَإِن تَركتهم لم يتركوك وَإِن هربت مِنْهُم طلبوك قَالَ فَكيف الْمخْرج من ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ تقرضهم من عرضك ليَوْم فاقتك)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا يزْدَاد الْأَمر إِلَّا شدَّة وَلَا يزْدَاد المَال إِلَّا إفَاضَة وَلَا يزْدَاد النَّاس إِلَّا شحا وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن حُذَيْفَة قَالَ قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى يتْرك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر قَالَ (إِذا أَصَابَكُم مَا أصَاب بني إِسْرَائِيل إِذا داهن خياركم فجاركم وَصَارَ الْفِقْه فِي شِرَاركُمْ وَالْملك فِي صغاركم)
وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا الْعَن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا فَمن كتم حَدِيثا فقد كتم مَا أنزل الله)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يكون فِي آخر الزَّمَان أَقوام أَخَوان الْعَلَانِيَة أَعدَاء السريرة قَالُوا كَيفَ يكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ برغبة بَعضهم إِلَى بعض وبرهبة بَعضهم من بعض)(2/266)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَيَجِيءُ أَقوام فِي آخر الزَّمَان وُجُوههم الْآدَمِيّين وَقُلُوبهمْ قُلُوب الشَّيَاطِين لَا يزعون عَن قَبِيح إِن تابعتهم داروك وَإِن تواريت عَنْهُم اغتابوك وَإِن حدثوك كَذبُوك وَإِن ائتمنتهم خانوك صبيهم عَارِم وشبابهم شاطر وشيخهم لَا يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُنْهِي عَن الْمُنكر الإعتزاز بهم ذل وَطلب مَا فِي أَيْديهم فقر الْحَلِيم فيهم غاو والآمر فيهم بِالْمَعْرُوفِ مُتَّهم وَالْمُؤمن فيهم مستضعف وَالْفَاسِق فيهم مشرف السّنة فيهم بِدعَة والبدعة فيهم سنة فَعِنْدَ ذَلِك يُسَلط عَلَيْهِم شرارهم وَيَدْعُو خيارهم فَلَا يُسْتَجَاب لَهُم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَأْتِي على النَّاس زمَان هم ذئاب فَمن لم يكن ذئبا أَكلته الذئاب)
وَأخرج احْمَد وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (يَأْتِي على النَّاس زمَان يُخَيّر فِيهِ الرجل بَين الْعَجز والفجور فَمن أدْرك الزَّمَان فليختر الْعَجز على الْفُجُور)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (سيصيب أمتِي دَاء الْأُمَم قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا دَاء الْأُمَم قَالَ الإشر والبطر والتدابر والتنافس والتباغض وَالْبخل حَتَّى يكون الْبَغي ثمَّ يكون الْهَرج)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن بعض الصَّحَابَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لن تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تكون للكع ابْن لكع)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يذهب الصالحون الأول فَالْأول وَتبقى حثالة كحثالة التَّمْر لَا يُبَالِي الله بهم)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أول مَا يرفع من هَذِه الْأمة الْحيَاء وَالْأَمَانَة وَآخر مَا يبْقى فِيهِ الصَّلَاة)(2/267)
وَأخرج أَحْمد عَن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج قوم يَأْكُلُون بألسنتهم كَمَا تَأْكُل الْبَقر بألسنتها)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يكون فِي آخر الزَّمَان عباد جهال وقراء فسقة)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أخوف مَا أَخَاف على امتي عمل قوم لوط)
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبيد الْجُهَنِيّ وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ إِن فِي أمتك ثَلَاثَة أَعمال لم تعْمل بهَا الْأُمَم قبلهَا النباشون والمتسمنون وَالنِّسَاء بِالنسَاء)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (أول مَا يكفىء أمتِي عَن الْإِسْلَام كَمَا يكفأ الْإِنَاء فِي الْخمر)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون حَدِيثهمْ فِي مَسَاجِدهمْ فِي أَمر دنياهم فَلَا تُجَالِسُوهُمْ فَلَيْسَ لله فيهم حَاجَة) مُرْسل
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عمر بن حَفْص قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَأْتِي على النَّاس زمَان تتَّخذ الْمُلُوك الْحَج نزهة والأغنياء تِجَارَة والفقراء مَسْأَلَة)
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن بكر بن سوَادَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَيكون نشوء من امتي يولدون فِي النَّعيم ويغذون بِهِ همتهم ألوان الطَّعَام وألوان الثِّيَاب يتشدقون بالْقَوْل أُولَئِكَ شرار أمتِي)
وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَيكون قوم بعدِي من أمتِي يقرأون الْقُرْآن ويتفقهون فِي الدّين يَأْتِيهم(2/268)
الشَّيْطَان فَيَقُول لَو أتيتم السُّلْطَان فَأصْلح من دنياكم واعتزلتموهم بدينكم وَلَا يكون ذَلِك كَمَا لَا يجتني من القتاد إِلَّا الشوك كَذَلِك لَا يجتنى من قربهم إِلَّا الْخَطَايَا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ يَأْتِي على النسان زمَان لَا يسلم لذِي دين دينه إِلَّا من هرب بِدِينِهِ من شَاهِق إِلَى شَاهِق وَمن حجر إِلَى حجر فَإِذا كَانَ ذَلِك الزَّمَان لم تنَلْ الْمَعيشَة إِلَّا بسخط الله فأذا كَانَ ذَلِك كَانَ هَلَاك الرجل على يَدي زَوجته وَولده فَإِن لم تكن لَهُ زَوْجَة وَلَا ولد كَانَ هَلَاكه على يَدي أَبَوَيْهِ فَإِن لم يكن لَهُ أَبْوَاب كَانَ هَلَاكه على يَدي قرَابَته وَالْجِيرَان قَالُوا كَيفَ ذَلِك يارسول الله قَالَ يُعَيِّرُونَهُ بِضيق الْمَعيشَة فَعِنْدَ ذَلِك يُورد نَفسه الْمَوَارِد الَّتِي يهْلك فِيهَا نَفسه)
بَاب مَا أخبر بِهِ من اشراط السَّاعَة فَوَقع كَمَا أخبر بِهِ
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم وَيثبت الْجَهْل وَيشْرب الْخمر وَيظْهر الزِّنَا)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن أَعْرَابِيًا قَالَ يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة قَالَ إِذا ضيعت الْأَمَانَة فانتظر السَّاعَة قَالَ كَيفَ إضاعتها قَالَ إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله فانتظر السَّاعَة
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ مَتى السَّاعَة قَالَ مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وسأخبرك عَن اشراطها إِذا رَأَيْت الْأمة تَلد ربتها فَذَاك من أشراطها وَإِذا رَأَيْت الحفاة العراة الصم الْبكم مُلُوك الأَرْض فَذَاك من أشراطها وأذا رَأَيْت رعاء البهم يتطاولون فِي الْبُنيان فَذَاك من أشراطها
وَأخرج الْبَزَّار عَن عَمْرو بن عَوْف قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن بَين يَدي السَّاعَة سِنِين خداعة يصدق فِيهَا الْكَاذِب ويكذب فِيهَا الصَّادِق ويؤتمن فِيهَا الخائن ويخون فِيهَا الْأمين وينطق فِيهَا الرويبضة قيل وَمَا الروينضة يَا رَسُول الله قَالَ الْمَرْء(2/269)
التافه فِي أَمر الْعَامَّة وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من أَشْرَاط السَّاعَة الْفُحْش والتفحش وَقَطِيعَة الْأَرْحَام وتخوين الْأمين وائتمان الخائن)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَقُول من أَعْلَام السَّاعَة أَن يكون الْوَلَد غيظا والمطر قيظا أَن تفيض الأشرار فيضا وَمن أَعْلَام السَّاعَة أَن تواصل الأطباق وَأَن تقطع الارحام وَأَن يسود كل قَبيلَة منافقوها وَمن أَعْلَام السَّاعَة أَن تزخرف المحاريب وَأَن تخرب الْقُلُوب وَأَن يكون الْمُؤمن فِي الْقَبِيلَة اذل من العَبْد وَأَن يَكْتَفِي الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء وَمن أَعْلَام السَّاعَة ملك الصّبيان ومؤامرة النِّسَاء وَأَن يعمر خراب الدُّنْيَا وَيخرب عمرانها وَأَن تظهر المعازف وَالْكبر وَشرب الْخُمُور وَأَن يكثر أَوْلَاد الزِّنَا قيل لِابْنِ مَسْعُود وهم مُسلمُونَ قَالَ نعم يَأْتِي على النَّاس زمَان يُطلق الرجل الْمَرْأَة طَلاقهَا فيقيم على فرشها فهما زانيان مَا أَقَامَا)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَجْعَل كتاب الله عارا ويتقارب الزَّمَان وتنقص السنون والثمرات ويؤتمن التهماء ويتهم الْأُمَنَاء وَيصدق الْكَاذِب ويكذب الصَّادِق وَيكثر الْهَرج وَيظْهر الْبَغي والحسد وَالشح وتختلف الْأُمُور بَين النَّاس وينبع الْهوى وَيَقْضِي بِالظَّنِّ وَيقبض الْعلم وَيظْهر الْجَهْل وَيكون الْوَلَد غيظا والشتاء قيظا ويجهر بالفحشاء وتروى الأَرْض دَمًا)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ لاتقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش وَالْبخل ويخون الْأمين ويؤتمن الخائن وَيهْلك الوعول وَيظْهر التحوت قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا الوعول وَمَا التحوت قَالَ الوعول(2/270)
وُجُوه النَّاس وأشرافهم والتحوت الَّذين كَانُوا تَحت أَقْدَام النَّاس لايعلم بهم)
وَأخرج أَيْضا عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون الْوَلَد غيظا والمطر قيضا وَتفِيض اللئام فيضا وتغيض الْكِرَام غيضا ويجتريء الصَّغِير على الْكَبِير واللئيم على الْكَرِيم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ إِذا اقْترب الزَّمَان كثر لبس الطيالسة وَكَثُرت التِّجَارَة وَكثر المَال وَعظم رب المَال لمَاله وَكَثُرت الْفَاحِشَة وَكَانَت أمْرَأَة الصّبيان كثر النِّسَاء وجار السُّلْطَان وطفف فِي الْمِكْيَال وَالْمِيزَان ويربي الرجل جرو كلب خير لَهُ من أَن يُربي ولدا أَو لَا يوقر كَبِير وَلَا يرحم صَغِيرا وَيكثر أَوْلَاد الزِّنَا)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَمْرو عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ من اقتراب السَّاعَة أَن ترفع الأشرار وتوضع الأخيار وَيفتح القَوْل وَيحبس الْعَمَل
وَأخرج فِي الْأَوْسَط عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا فَيُقَال لليلتين وَأَن تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقا وَأَن يظْهر موت الْفُجَاءَة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ عَن طَلْحَة بن أبي حدد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرَوا الْهلَال فيقولوا ابْن لَيْلَتَيْنِ وَهُوَ ابْن لَيْلَة
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتسافد وافي الطَّرِيق تسافد الْحمير)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بكرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لاتقوم السَّاعَة حَتَّى يسود كل قَبيلَة منافقوها)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يسلم الرجل لَا يسلم إِلَّا للمعرفة وَأَن تَفْشُو التِّجَارَة حَتَّى تعين الْمَرْأَة زَوجهَا وَقطع الْأَرْحَام وَشَهَادَة الزُّور وكتمان شَهَادَة الْحق وَأَن يجتاز الرجل بِالْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّي فِيهِ)(2/271)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن العداء بن خَالِد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يسلم الرجل إِلَّا على من يعرف وَحَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقا)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من إقتراب السَّاعَة كَثْرَة الْمَطَر وَقلة النَّبَات وَكَثْرَة الْقُرَّاء وَقلة الْفُقَهَاء وَكَثْرَة الْأُمَرَاء وَقلة الْأُمَنَاء)
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجا وأنهارا وَحَتَّى يسير الرَّاكِب بَين الْعرَاق وَمَكَّة لَا يخَاف إِلَّا ضلال الطَّرِيق)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يقترب الزَّمَان وَتَكون السّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَالْيَوْم كأحتراق الحزمة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن استحلت أمتِي سِتا فَعَلَيْهِم الدمار إِذا ظهر فيهم التلاعن وَشَرِبُوا الْخمر ولبسوا الْحَرِير وَاتَّخذُوا القيان وَاكْتفى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء)
وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتباهى النَّاس فِي الْمَسَاجِد)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَرَاكُم تشرفون مَسَاجِدكُمْ بعدِي كَمَا شرفت الْيَهُود كنائسها وكما شرفت النَّصَارَى بيعهَا)
وَأخرج ابْن ماجة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا سَاءَ عمل قوم قطّ إِلَّا زخرفوا مَسَاجِدهمْ)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى لَا يقسم مِيرَاث وَلَا يفرح بغنيمة عَدو)
وَقلت وجد الثَّانِي وَظَهَرت مبادىء الأول فَإِن وزراء هَذَا الْقرن حرمُوا كثيرا(2/272)
من الْوَرَثَة مواريثهم
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجا وأنهارا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنته عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقا وَحَتَّى يسلم الرجل على الرِّجَال بالمعرفة وَحَتَّى تتجر الْمَرْأَة وَزوجهَا وَحَتَّى تغلو الْخَيل وَالنِّسَاء ثمَّ ترخص فَلَا تغلو إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل الْغَزْو خير لوديك
أخرج الديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل من بني حَارِثَة (أَلا تغزو يَا فلَان قَالَ يَا رَسُول الله غرست وديا لي وَإِنِّي أَخَاف إِن غزوت أَن تضيع فَقَالَ الْغَزْو خير لوديك قَالَ فغزا فَوجدَ وديه كأحسن الودي وأجوده)
بَاب أَخذ القرامطة للحجر الْأسود
أخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن بن مُحَمَّد الْعلوِي قَالَ كنت بِالْكُوفَةِ وَأَنا صبي فِي الْمَسْجِد الْجَامِع وَقد جَاءَ القرامطة بِالْحجرِ الْأسود وَكَانَ أهل الْكُوفَة قد رووا عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ كَأَنِّي يالأسود دنداني من أَوْلَاد حام قد دلى الْحجر الْأسود من القنطرة السَّابِعَة فِي مَسْجِدي هَذَا يُقَال لَهُ رخمة وَذكروا إسمه بِالْحَاء رَحْمَة قَالَ فَلَمَّا دخلُوا الْمَسْجِد قَالَ السَّيِّد القرمطي يَا رخمة بِالْخَاءِ قُم فَقَامَ أسود الدنداني من أَوْلَاد حام كَمَا ذكر امير الْمُؤمنِينَ فَأعْطَاهُ الْحجر وَقَالَ اطلع إِلَى السَّطْح وَدلّ الْحجر فَأَخذه وطلع فجَاء يدليه من القنطرة(2/273)
الأولى وَكَانَ إنْسَانا دَفعه إِلَى الثَّانِيَة وَكَانَ كلما أَرَادَ أَن يدليه من القنطرة مَشى إِلَى قنطرة أُخْرَى حَتَّى وصل إِلَى القنطرة السَّابِعَة وَدَلاهُ مِنْهَا فَكبر النَّاس لقَوْل أَمِير الْمُؤمنِينَ وَتَصْحِيح قَوْله
قلت مثل هَذَا لَا يُقَال من قبل الرَّأْي وَإِنَّمَا يُقَال عَن تَوْقِيف وَقد كَانَت فتْنَة القرامطة وَأَخذهم الْحجر الْأسود سنة سبع عشرَة وثلاثمائة(2/274)
ذكر المعجزات فِي إِجَابَة الدَّعْوَات مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الإستسقاء وَذَلِكَ مَرَّات غير مَا تقدم
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ أَصَابَت النَّاس سنة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة يخْطب أَتَاهُ إعرابي فَقَالَ يَا رَسُول الله هلك المَال وجاع الْعِيَال فَادع الله لنا فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ وَمَا نرى فِي السَّمَاء قرعَة فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا وضعهما حَتَّى ثار سَحَاب كأمثال الْجبَال ثمَّ لم ينزل عَن الْمِنْبَر حَتَّى رَأَيْت المَاء يتحادر على لحيته فمطرنا يَوْمنَا ذَلِك وَمن الْغَد وَبعد الْغَد وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَة الْأُخْرَى فَقَامَ ذَلِك الْأَعرَابِي فَقَالَ يَا رَسُول الله تهدم الْبناء فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ وَقَالَ (اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا) فَمَا يُشِير بِيَدِهِ إِلَى نَاحيَة من السَّحَاب إِلَّا انفرجت حَتَّى صَارَت الْمَدِينَة مثل الجوبة وسال الْوَادي وَادي قناة شهرا وَلم يَجِيء أحد من نَاحيَة إِلَّا حدث بالجود لَهُ طرق عَن أنس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُسلم الْملَائي عَن أنس قَالَ جَاءَ إعرابي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله وَالله لقد آتيناك ومالنا بعير يئط وَلَا صبي يَصِيح وَأنْشد
(أَتَيْنَاك والعذرا تدمي لثاتها ... وَقد شغلت أم الصَّبِي عَن الطِّفْل)
(وَألقى بكفيه الصَّبِي استكانة ... من الْجُوع ضعفا مَا يمر وَمَا يحلي)
(وَلَا شَيْء مِمَّا يَأْكُل النَّاس عندنَا ... سوى الحنظل القاني وَالْعِلْهِز الْغسْل)
(وَلَيْسَ لنا إِلَّا إِلَيْك فرارنا ... وَأَيْنَ فرار النَّاس إِلَّا إِلَى الرُّسُل)(2/275)
فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صعد الْمِنْبَر ثمَّ رفع يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء فَقَالَ اللَّهُمَّ اسقنا غيثا مغيثا مريئا غدقا طبقًا عَاجلا غير رائث نَافِعًا غير ضار تملأ بِهِ الضَّرع وتنبت بِهِ الزَّرْع وتحيي بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا وَكَذَلِكَ تخرجُونَ فوَاللَّه مَا رد يَدَيْهِ إِلَى نَحره حَتَّى أَلْقَت السَّمَاء بأردافها وَجَاء أهل الوطابة يضجون يَا رَسُول الله الْغَرق الْغَرق فَرفع يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء وَقَالَ اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا فانجاب السَّحَاب عَن الْمَدِينَة فَضَحِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ثمَّ قَالَ لله در أبي طَالب لَو كَانَ حَيا قرت عَيناهُ فَقَالَ عَليّ كَأَنَّك أردْت يَا رَسُول الله قَوْله
) وابيض يَسْتَسْقِي الْغَمَام بِوَجْهِهِ ... ثمال الْيَتَامَى عصمَة للأرامل)
وَقَامَ رجل من كنَانَة فَقَالَ
(لَك الْحَمد وَالْحَمْد مِمَّن شكر ... سقينا بِوَجْه النَّبِي الْمَطَر)
(دَعَا الله خالقه دَعْوَة ... إِلَيْهِ وأشخص مِنْهُ الْبَصَر)
(أغاث بِهِ الله عليا مُضر ... وَهَذَا العيان لذاك الْخَبَر)
(وَكَانَ كَمَا قَالَه عَمه ... أَبُو طَالب أَبيض ذُو غرر)
(فَلم تَكُ إِلَّا ككف الرِّدَاء ... أَو أسْرع حَتَّى رَأينَا الدُّرَر)
(بِهِ الله يسْقِي صوب الْغَمَام ... وَمن يكفر الله يلقِي الْغَيْر) فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَك شَاعِر يحسن فقد أَحْسَنت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى فِي الْمَسْجِد فَكبر ثَلَاث تَكْبِيرَات ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اسقنا ثَلَاثًا اللَّهُمَّ ارزقنا سمنا ولبنا وشحما وَلَحْمًا وَمَا نرى فِي السَّمَاء من سَحَاب فثارت ريح وغبرة ثمَّ اجْتمع السَّحَاب فصبت السَّمَاء فصاح أهل الْأَسْوَاق وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم فسالت فِي الطّرق فَمَا رَأَيْت عَاما كَانَ أَكثر لَبَنًا وَسمنًا وشحما وَلَحْمًا مِنْهُ أَن هُوَ إِلَّا فِي الطّرق مَا يَشْتَرِيهِ أحد(2/276)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء قَالَت بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره إِذْ احْتَاجَ النَّاس إِلَى وضوء فالتمسوا فِي الركب مَاء فَلم يجد فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمطرت حَتَّى استقى النَّاس وَسقوا
وَأخرج البيهقشي وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابْن الْمسيب عَن أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة يخْطب فَقَالَ اللَّهُمَّ اسقنا قَالَ أَبُو لبَابَة يَا رَسُول إِن التَّمْر فِي المرابد قَالَ اللَّهُمَّ اسقنا حَتَّى يقوم أَبُو لبَابَة عُريَانا يسد ثَعْلَب مربده بِإِزَارِهِ وَمَا نرى فِي السَّمَاء سحابا فاستهلت السَّمَاء فأمطروا فأطافت الْأَنْصَار بِأبي لبَابَة فَقَالُوا يَا أَبَا لبَابَة إِن السَّمَاء لن تقلع حَتَّى تفعل مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ أَبُو لبَابَة عُريَانا فسد ثَعْلَب مربده فأقلعت السَّمَاء
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَائِشَة قَالَت شكا النَّاس إِلَى رَسُول الله قُحُوط الْمَطَر فَخرج إِلَى الْمصلى وَقعد على الْمِنْبَر وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ بَيَاض إبطَيْهِ فَأَنْشَأَ الله سَحَابَة فَرعدَت وَبَرقَتْ ثمَّ أمْطرت فَلم يَأْتِ الْمَسْجِد حَتَّى سَالَتْ السُّيُول فَقَالَ أشهد أَن الله على كل شَيْء قدير وَإِنِّي عبد الله وَرَسُوله
وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب بن مرّة أَو مرّة بن كَعْب الْبَهْزِي قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مُضر فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ إِن قَوْمك قد هَلَكُوا فَادع الله لَهُم فَقَالَ (اللَّهُمَّ اسقنا غيثا مغيثا غدقا طبقًا مريعا نَافِعًا غير ضار عَاجلا غير رائث فَمَا لبثنا إِلَّا جُمُعَة حَتَّى مُطِرْنَا فَأتوهُ فشكوا إِلَيْهِ الْمَطَر فَقَالُوا تهدمت الْبيُوت فَقَالَ اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا فَجعل السَّحَاب يتقطع يَمِينا وَشمَالًا)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ إعرابي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد جئْتُك من عِنْد قوم مَا يتزود لَهُم رَاع وَلَا يحصر لَهُم فَحل فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ اسقنا غيثا مغيثا مريئا طبقًا مريعا غدقا عَاجلا غير رائث ثمَّ نزل فَمَا يَأْتِيهِ أحد من وَجه من الْوُجُوه إِلَّا قَالُوا أحيينا)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ رُبمَا ذكرت قَول الشَّاعِر وَأَنا أنظر إِلَى وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر يَسْتَسْقِي فَمَا ينزل حَتَّى يَجِيش كل ميزاب(2/277)
(وابيض يَسْتَسْقِي الْغَمَام بِوَجْهِهِ ... ثمال الْيَتَامَى عصمَة للأرامل)
وَأخرج الْخطابِيّ فِي غَرِيب الحَدِيث وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قحط النَّاس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج من الْمَدِينَة إِلَى بَقِيع الْغَرْقَد معتما بعمامة سَوْدَاء قد أرْخى طرفها بَين يَدَيْهِ وَالْآخر بَين مَنْكِبَيْه متنكبا قوسا عَرَبِيَّة فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَكبر وَصلى بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ جهر بِالْقِرَاءَةِ فيهمَا قَرَأَ فِي الأولى {إِذا الشَّمْس كورت} وَالثَّانيَِة {وَالضُّحَى} ثمَّ قلب رِدَاءَهُ لتنقلب السّنة ثمَّ حمد الله عز وَجل وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ (اللَّهُمَّ ضاحت بِلَادنَا واغبرت أَرْضنَا وهامت دوابنا اللَّهُمَّ منزل البركات من اماكنها وناشر الرَّحْمَة من معادنها بالغيث المستغيث أَنْت المستغفر من الْإِلْمَام فنستغفرك للجمات من ذنوبنا ونتوب إِلَيْك من عَظِيم خطايانا اللَّهُمَّ ارسل السَّمَاء علينا مدرارا واكفنا مغزورا من تَحت عرشك من حَيْثُ ينفعنا غيثا مغيثا دارعا رائعا ممرعا طبقًا عَاما خصبا تسرع لنا بِهِ النَّبَات وتكثر لنا بِهِ البركات وَتقبل بِهِ الْخيرَات اللَّهُمَّ إِنَّك قلت فِي كتابك وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ اللَّهُمَّ لَا حَيَاة لشَيْء خلق من المَاء إِلَّا بِالْمَاءِ اللَّهُمَّ وَقد قنط النَّاس أَو من قنط مِنْهُم وساء ظنهم وهامت بهائمهم وعجت عجيج الثكلى على أَوْلَادهَا إِذْ حبست عَنَّا قطر السَّمَاء فدقت لذَلِك عظمها وَذهب لَحمهَا وذاب شحمها اللَّهُمَّ إرحم أَنِين الآنة وحنين الحانة وَمن لَا يحمل رزقه غَيْرك اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْبَهَائِم الحائمة والأنعام السَّائِمَة والأطفال الصائمة اللَّهُمَّ ارْحَمْ المشائخ الركع والأطفال الرضع والبهائم الرتع اللَّهُمَّ زِدْنَا قوتا إِلَى قوتنا والا تردنَا محرومين إِنَّك سميع الدُّعَاء بِرَحْمَتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ فَمَا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى جَاءَت السَّمَاء حَتَّى أهم كل رجل مِنْهُم كَيفَ ينْصَرف إِلَى منزله فَعَاشَتْ الْبَهَائِم وأخصبت الأَرْض وعاش النَّاس كل ذَلِك ببركة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/278)
بَاب دُعَائِهِ لآله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اللَّهُمَّ احصل رزق آل مُحَمَّد قوتا) قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد رزقوا ذَلِك وصبروا عَلَيْهِ
بَاب ضِيَافَة رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أضَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضيفا فَأرْسل إِلَى أَزوَاجه يَبْتَغِي عِنْدهم طَعَاما فَلم يجد عِنْد وَاحِدَة مِنْهُنَّ شَيْئا فَقَالَ (اللَّهُمَّ إِنِّي اسألك من فضلك ورحمتك فَأَنَّهُ لَا يملكهَا إِلَّا أَنْت فأهديت إِلَيْهِ شَاة مصلية فَقَالَ هَذِه من فضل الله وَنحن نَنْتَظِر الرَّحْمَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع نَحوه وَفِيه شَاة مصلية ورغف فَأكل مِنْهَا أهل الصّفة حَتَّى شَبِعُوا فَقَالَ (إِنَّا سَأَلنَا الله من فَضله وَرَحمته فَهَذَا فَضله وَقد ذخر لنا عِنْده رَحمته)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر رَضِي الله عَنهُ
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم بِسَنَد حسن عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرب صدر عمر بِيَدِهِ حِين أسلم ثَلَاث مَرَّات وَهُوَ يَقُول (اللَّهُمَّ أخرج مَا فِي صدر عمر من غل وأبدله إِيمَانًا)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَرضت فعادني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أَقُول اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَجلي قد حضر فأرحني وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا فارفعني وَإِن كَانَ بلَاء فصبرني فَقَالَ (اللَّهُمَّ اشفه اللَّهُمَّ عافه ثمَّ قَالَ قُم فَقُمْت فَمَا عَاد ذَلِك الوجع بعد)(2/279)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ مشيت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى امْرَأَة فذبحت لَهُ شَاة فَقَالَ (ليدْخل رجل من أهل الْجنَّة فَدخل أَبُو بكر ثمَّ قَالَ ليدخلن رجل من أهل الْجنَّة فَدخل عمر ثمَّ قَالَ ليدخلن رجل من أهل الْجنَّة اللَّهُمَّ إِن شِئْت جعلته عليا فَدخل عَليّ)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن أبي حَازِم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لسعد (اللَّهُمَّ استجب لَهُ إِذا دعَاك) // مُرْسل حسن //
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق قيس عَن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اللَّهُمَّ استجب لسعد إِذا دعَاك فَكَانَ لَا يَدْعُو إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس نَحوه
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق قيس بن أبي حَازِم عَن أبي بكر الصّديق سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لسعد (اللَّهُمَّ سدد سَهْمه وأجب دَعوته وحببه)
وَأخرج الشَّيْخَانِ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الْملك بن عُمَيْر عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ شكا نَاس من اهل الْكُوفَة سعد بن أبي وَقاص إِلَى عمر فَبعث مَعَه من يسْأَل عَنهُ بِالْكُوفَةِ فطيف بِهِ فِي مَسْجِد الْكُوفَة فَلم يقل لَهُ الْأَخير حَتَّى انْتهى إِلَى مَسْجِد فَقَالَ رجل يدعى أَبَا سعده أما إِذا أنشدتنا فَإِن سَعْدا كَانَ لَا يقسم بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يسير بالسرية وَلَا يعدل فِي الْقَضِيَّة فَقَالَ سعد اللَّهُمَّ إِن كَانَ كَاذِبًا فأطل عمره وأطل فقره وَعرضه للفتن
قَالَ ابْن عُمَيْر فرأيته شَيخا كَبِيرا قد سقط حاجباه عَن عَيْنَيْهِ من الْكبر وَقد افْتقر يتَعَرَّض للجواري فِي الطَّرِيق يغمزهن فَإِذا قيل لَهُ كَيفَ أَنْت يَقُول شيخ كَبِير مفتون أصابتني دَعْوَة سعد(2/280)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُصعب بن سعد أَن سَعْدا خطبهم بِالْكُوفَةِ فَقَالَ أَي أَمِير كنت لكم فَقَامَ رجل فَقَالَ اللَّهُمَّ إِن كنت مَا علمتك لَا تعدل فِي الرّعية وَلَا تقسم بِالسَّوِيَّةِ وَلَا تغزو فِي السّريَّة فَقَالَ سعد اللَّهُمَّ إِن كَانَ كَاذِبًا فأعم بَصَره وَعجل فقره وأطل عمره وَعرضه للفتن فَمَا مَاتَ حَتَّى عمي وافتقر حَتَّى سَأَلَ النَّاس وَأدْركَ فتْنَة الْمُخْتَار الْكذَّاب فَقتل فِيهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن قبيصَة بن جَابر قَالَ هجا رجل من الْمُسلمين سعد بن أبي وَقاص فَقَالَ سعد اللَّهُمَّ كف لِسَانه وَيَده عني بِمَا شِئْت فَرمي ذَلِك الرجل يَوْم الْقَادِسِيَّة فَقطع لِسَانه وَقطعت يَده فَمَا تكلم كلمة حَتَّى لحق بِاللَّه تَعَالَى
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب مجابي الدعْوَة وَابْن عَسَاكِر عَن مُغيرَة عَن أمه قَالَت كَانَت امْرَأَة قامتها قامة صبي فَقَالُوا هَذِه ابْنة سعد غمست يَدهَا فِي طهوره فَقَالَ يضع الله قرنك فَمَا شبت بعد
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن ميناء مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن امْرَأَة كَانَت تطلع على سعد فينهاها فَلم تَنْتَهِ فاطلعت يَوْمًا فَقَالَ شاه وَجهك فَعَاد وَجههَا فِي قفاها
وَأخرج الْحَاكِم عَن قيس قَالَ شتم رجل عليا فَقَالَ سعد اللَّهُمَّ إِن هَذَا يشْتم وليا من أوليائك فَلَا تفرق هَذَا الْجمع حَتَّى تريهم قدرتك فو الله مَا تفرقنا حَتَّى ساخت بِهِ دَابَّته فرمته على هامته فِي تِلْكَ الْأَحْجَار فانفلق دماغه وَمَات
وَأخرج الْحَاكِم عَن مُصعب بن سعد أَن سَعْدا دَعَا على رجل فَجَاءَتْهُ نَاقَة فَقتلته فاعتق سعد نسمَة وَحلف أَن لَا يَدْعُو على اُحْدُ
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن الْمسيب أَن مَرْوَان قَالَ إِن هَذَا المَال مالنا نُعْطِيه من شِئْنَا فَرفع سعد يَدَيْهِ وَقَالَ أفأدعو فَوَثَبَ مَرْوَان فاعتنقه وَقَالَ أنْشدك الله أَبَا إِسْحَاق أَن لَا تَدْعُو فَإِنَّمَا هُوَ مَال الله
واخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن لَبِيبَة عَن أَبِيه عَن(2/281)
جده قَالَ دَعَا سعد بن أبي وَقاص فَقَالَ يَا رب إِن لي بَنِينَ صغَارًا فَأخر عني الْمَوْت حَتَّى يبلغُوا فاخر عَنهُ الْمَوْت عشْرين سنة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَامر بن سعد قَالَ بَيْنَمَا سعد يمشي إِذْ مر بِرَجُل وَهُوَ يشْتم عليا وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر فَقَالَ لَهُ سعد إِنَّك تَشْتُم أَقْوَامًا قد سبق لَهُم من الله مَا سبق فو الله لتكفن عَن شتمهم أَو لأدعون الله عَلَيْك فَقَالَ يخوفني كَأَنَّهُ نَبِي فَقَالَ سعد اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا يشْتم أَقْوَامًا قد سبق لَهُم مِنْك مَا سبق فاجعله الْيَوْم نكالا فَجَاءَت بُخْتِيَّة فأفرج النَّاس لَهَا فتخبطته فَرَأَيْنَا النَّاس يتبعُون سَعْدا وَيَقُولُونَ اسْتَجَابَ الله لَك يَا أَبَا إِسْحَاق
بَاب إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمَالِك بن ربيعَة
أخرج ابْن مندة وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن أبي مَرْيَم عَن أَبِيه مَالك بن ربيعَة السَّلُولي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا لَهُ أَن يُبَارك لَهُ فِي وَلَده فولد لَهُ ثَمَانُون ذكرا
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن عتبَة
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم ولد عبد الله بن عتبَة قَالَت قلت لسيدي عبد الله بن عتبَة إيش تذكر من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أذكر أَنِّي غُلَام خماسي أَو سداسي أجلسني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجره ودعا لي بِالْبركَةِ قَالَت فَنحْن نَعْرِف ذَلِك إِنَّا لَا نهرم
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنابغة
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق يعلى بن الْأَشْدَق قَالَ سَمِعت النَّابِغَة نَابِغَة بني جعدة يَقُول أنشدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الشّعْر فأعجبه فَقَالَ (أَجدت لَا يفضض الله فَاك) فَلَقَد رَأَيْته وَلَقَد اتى عَلَيْهِ نَيف وَمِائَة سنة وَمَا ذهب لَهُ سنّ ثمَّ(2/282)
أخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن النَّابِغَة وَأخرجه ابْن أبي أُسَامَة من وَجه آخر عَنهُ وَفِيه فَكَانَ من أحسن النَّاس ثغرا فَكَانَ إِذا سَقَطت لَهُ سنّ نَبتَت لَهُ أُخْرَى وَأخرجه ابْن السكن من وَجه آخر عَنهُ وَفِيه فَرَأَيْت أَسْنَان النَّابِغَة أَبيض من الْبرد لدَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِثَابِت بن يزِيد
أطبراني فِي مُسْند الشاميين وَابْن مندة والبارودي فِي الْمعرفَة عَن ابْن عَائِذ قَالَ قَالَ ثَابت بن يزِيد يَا رَسُول الله إِن رجْلي عرجاء لَا تمس الأَرْض قَالَ فَدَعَا لي فبرأت حَتَّى اسْتَوَت مثل الْأُخْرَى
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْمِقْدَادِ
أخرج أَبُو نعيم عَن ضباعة بنت الزبير وَكَانَت تَحت الْمِقْدَاد قَالَت خرج الْمِقْدَاد يوميا لِحَاجَتِهِ بِالبَقِيعِ فَدخل خربة فَبَيْنَمَا هُوَ جَالس إِذا خرج جرذ من حجر دِينَارا فَلم يزل يخرج دِينَارا دِينَارا حَتَّى بلغ سَبْعَة عشر دِينَارا فجَاء بهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ خَبَرهَا فَقَالَ (هَل أتبعت يدك الْحجر) قَالَ لَا قَالَ لَا صَدَقَة عَلَيْك فِيهَا بَارك الله لَك فِيهَا قَالَت ضباعة فَمَا فني آخرهَا حَتَّى رَأَيْت غَرَائِر الْوَرق فِي بَيت الْمِقْدَاد
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن الْحمق
أخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن الْحمق أَنه سقى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَبَنًا فَقَالَ (اللَّهُمَّ أمتعه بشبابه فمرت بِهِ ثَمَانُون سنة لم ير الشعره الْبَيْضَاء)(2/283)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَوْلَاد أبي سُبْرَة
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سُبْرَة أَن أَبَاهُ أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا لوَلَده فَلم يزَالُوا فِي شرف إِلَى الْيَوْم
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لضمرة بن ثَعْلَبَة
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ضَمرَة بن ثَعْلَبه الْبَهْزِي أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله لي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ (اللَّهُمَّ إِنِّي أحرم دم ابْن ثَعْلَبَة على الْمُشْركين فعمر زَمَانا من دهره وَكَانَ يحمل على الْقَوْم حَتَّى يخرق الصَّفّ ثمَّ يعود)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْيَهُودِيِّ
أخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد مَجْهُول عَن أنس قَالَ كَانَ يَهُودِيّ بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا فعطس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ يَرْحَمك الله فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هداك الله فَأسلم)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي سَلمَة
أخرج ابْن سعد من طَرِيق عبد الحميد بن سَلمَة عَن أَبِيه عَن جده أَن أَبَوَيْهِ إختصما فِيهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحدهمَا مُسلم وَالْآخر كَافِر فخيره فَتوجه إِلَى الْكَافِر فَقَالَ (اللَّهُمَّ إهده فَتوجه إِلَى الْمُسلم فَقضى لَهُ بِهِ)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفتى أَن يطهر قلبه وَيغْفر ذَنبه
أخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي أُمَامَة قَالَ إِن فَتى شَابًّا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي بِالزِّنَا فَأقبل الْقَوْم عَلَيْهِ فزجروه وَقَالُوا مَه مَه فَقَالَ (أدنه فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبا قَالَ أَجْلِس فَجَلَسَ قَالَ أَتُحِبُّهُ لأمك قَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله جعلني الله تَعَالَى فدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يحبونه لأمهاتهم قَالَ(2/284)
أفتحبه لأبنتك قَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله جعلني الله فدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يحبونه لبناتهم قَالَ أَتُحِبُّهُ لأختك قَالَ لَا وَالله جعلني الله فدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يحبونه لأخواتهم قَالَ أفتحبه لعمتك قَالَ لَا وَالله جعلني الله فدَاك قَالَ وَلَا النَّاس يحبونه لعماتهم قَالَ أفتحبه لخالتك قَالَ لَا وَالله جعلني الله فدَاك فَقَالَ وَلَا النَّاس يحبونه لخالاتهم قَالَ فَوضع يَده عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَغفر ذَنبه وطهر قلبه وَأحْصن فرجه قَالَ فَلم يكن بعد ذَلِك الْفَتى يلْتَفت إِلَى شَيْء)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بن كَعْب
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان بن صرد أَن أبي بن كَعْب أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برجلَيْن قد اخْتلفَا فِي الْقِرَاءَة كل وَاحِد مِنْهُمَا يَقُول أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستقرأهما فَقَالَ أحسنتما قَالَ أبي فَدخل فِي قلبِي الشَّك من أَشد مِمَّا كنت عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَدْرِي وَقَالَ (اللَّهُمَّ أذهب عَنهُ الشَّيْطَان فأرفضضت عرقا وَكَأَنِّي أنظر إِلَى الله فرقأ)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَبْنِ عَبَّاس
أخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دَعَا لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين) وَأخرجه الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَنهُ بِزِيَادَة وَعلمه التَّأْوِيل
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأْسِي ودعا لي بالحكمة فَلم تخطئني دَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا لَهُ فَقَالَ (اللَّهُمَّ أعْطه الْحِكْمَة وَعلمه التَّأْوِيل)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا لَهُ فَقَالَ (اللَّهُمَّ علمه تَأْوِيل الْقُرْآن)(2/285)
وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن عَبَّاس فَقَالَ (اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ وأنشر مِنْهُ)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأنس بن مَالك
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ دَعَا لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده وَبَارك لَهُ فِيمَا رزقته) قَالَ أنس فو الله إِن مَالِي لكثير وَأَن وَلَدي وَولد وَلَدي ليتعادون على نَحْو الْمِائَة قَالَ وحدثتني إبنتي آمِنَة أَنه قد دفن من صلبي إِلَى مقدم الْحجَّاج الْبَصْرَة تِسْعَة وَعِشْرُونَ وَمِائَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا لَهُ (اللَّهُمَّ أطل عمره وَأكْثر مَاله واغفرله)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ كَانَ لأنس بُسْتَان يحمل فِي السّنة الْفَاكِهَة مرَّتَيْنِ وَكَانَ فِيهِ ريحَان يَجِيء مِنْهُ ريح الْمسك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حميد أَن أنسا عمر مائَة إِلَّا سنة وَمَات سنة إِحْدَى وَتِسْعين
وَأخرج ابْن سعد عَن أنس قَالَ دَعَا لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده وأطل عمره واغفر لَهُ) فقد دفنت من صلبي مائَة واثنين وَأَن ثمرتي لتحمل فِي السّنة مرَّتَيْنِ وَلَقَد بقيت حَتَّى سئمت الْحَيَاة وَأَرْجُو الرَّابِعَة
وَأخرج ابْن سعد عَن أنس قَالَ إِنِّي لأعرف دَعْوَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفِي مَالِي وَفِي وَلَدي
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي هُرَيْرَة وَأمه
أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ مَا على وَجه الأَرْض مُؤمن وَلَا مُؤمنَة إِلَّا وَهُوَ يحبني قلت وَمَا علمك بذلك قَالَ إِنِّي كنت أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَام فتابى(2/286)
فَقلت يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يهدي أم أبي هُرَيْرَة إِلَى الْإِسْلَام فَدَعَا لَهَا فَرَجَعت فَلَمَّا دخلت الْبَيْت قَالَت أشهد ان لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي من الْفَرح كَمَا كنت أبْكِي من الْحزن وَقلت يَا رَسُول الله قد اسْتَجَابَ الله لدعوتك وَهدى أم أبي هُرَيْرَة إِلَى الْإِسْلَام فَادع الله أَن يحببني وَأمي إِلَى عباده الْمُؤمنِينَ وَأَن يحببهم إِلَيْنَا فَقَالَ (اللَّهُمَّ حبب عَبدك هَذَا وَأمه إِلَى عِبَادك الْمُؤمنِينَ وحببهم إِلَيْهِمَا فَمَا على وَجه الأَرْض مُؤمن وَلَا مُؤمنَة إِلَّا وَهُوَ يحبني وأحبه)
وَأخرج الْحَاكِم عَن مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة أَن رجلا جَاءَ زيد بن ثَابت فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَقَالَ عَلَيْك بِأبي هُرَيْرَة فَإِنَّهُ بَينا أَنا وَهُوَ وَفُلَان فِي الْمَسْجِد نَدْعُو خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدعوت أَنا حبى وَرَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بؤمن على دعائنا ثمَّ دعائنا ثمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَة فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي اسألك مثل مَا سَأَلَك صَاحِبَايَ وَأَسْأَلك علما لَا ينسى فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (آمين) فَقُلْنَا يَا رَسُول الله وَنحن نسْأَل الله علما لَا ينسى فَقَالَ (سبقكما بهَا الدوسي)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للسائب
أخرج البُخَارِيّ عَن الْجَعْد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ مَاتَ السَّائِب بن يزِيد وَهُوَ ابْن أَربع وَتِسْعين سنة وَكَانَ جلدا معتدلا وَقَالَ لقد علمت مَا متعت بسمعي وبصري إِلَّا بِدُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف (بَارك الله لَك) وَأخرجه ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر وَزَاد قَالَ عبد الرَّحْمَن فَلَقَد رَأَيْتنِي وَلَو رفعت حجرا لرجوت ان أُصِيب تَحْتَهُ ذَهَبا أَو فضَّة(2/287)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعروة الْبَارِقي
أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُرْوَة الْبَارِقي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا لَهُ بِالْبركَةِ فِي بيعَة فَكَانَ لَو اشْترى التُّرَاب لربح فِيهِ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُرْوَة الْبَارِقي قَالَ دَعَا لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُبَارك لي فِي صفقتي فَمَا اشْتريت شَيْئا إِلَّا ربحت فِيهِ
وَأخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَنهُ قَالَ قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بَارك الله لَك فِي صَفْقَة يَمِينك) فَكنت أقوم بالكناسة فَمَا أرجع إِلَى أَهلِي حَتَّى اربح أَرْبَعِينَ ألفا
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن جَعْفَر
أخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن عَمْرو بن حُرَيْث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على عبد الله بن جَعْفَر وَهُوَ يَبِيع شَيْئا يلْعَب بِهِ فَدَعَا لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ بَارك لَهُ فِي تِجَارَته
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحمل أم سليم
أخرج الشَّيْخَانِ من طَرِيق إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ اشْتَكَى ابْن لأبي طَلْحَة فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَة خَارج فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَته أَنه قد مَاتَ هيأت شَيْئا ونحته فِي جَانب الْبَيْت فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَة قَالَ كَيفَ الْغُلَام قَالَ هدأت نَفسه وَأَرْجُو أَن يكون قد استراح فَظن أَبُو طَلْحَة أَنَّهَا صَادِقَة فَبَاتَ فَلَمَّا أصبح اغْتسل فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج أعلمته إِنَّه قد مَاتَ فصلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا كَانَ مِنْهَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَعَلَّ الله أَن يُبَارك لَكمَا فِي ليلتكما) قَالَ سُفْيَان فَقَالَ رجل من ألأنصار فَرَأَيْت لَهما تِسْعَة أَوْلَاد كلهم قد قَرَأَ الْقُرْآن(2/288)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ثَابت عَن أنس قَالَ كَانَ لأم سليم من أبي طَلْحَة ابْن فَمَاتَ فغطته فَدخل أَبُو طَلْحَة فَقَالَ كَيفَ أَمْسَى ابْني قَالَت هادئا فتعشى ثمَّ قَالَت لَهُ أَرَأَيْت لَو أَن رجلا أعارك عَارِية ثمَّ أَخذهَا مِنْك أجزعت قَالَ لَا قَالَت فَإِن الله أعارك ابْنك وَقد أَخذه مِنْك فغدا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بقولِهَا وَقد كَانَ أَصَابَهَا تِلْكَ اللَّيْلَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بَارك الله لَكمَا فِي ليلتكما) قَالَت فَولدت غُلَاما كَانَ أُسَمِّهِ عبد الله فَذكرُوا أَنه كَانَ من خير أهل زَمَانه وَأخرجه ابْن سعد نَحوه وَقَالَ فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَار ناشيء أفضل مِنْهُ وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق زِيَاد النميري عَن أنس نَحوه وَزَاد فجيء بِالصَّبِيِّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحنكه ثمَّ مسح ناصيته وَسَماهُ عبد الله فَكَانَت تِلْكَ المسحة غرَّة فِي وَجهه
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن هِشَام
أخرج البُخَارِيّ عَن أبي عقيل أَنه يخرج بِهِ جده عبد الله بن هِشَام إِلَى السُّوق ليَشْتَرِي الطَّعَام فيتلقاه ابْن الزبير وَابْن عمر فَيَقُولَانِ أشركنا فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد دَعَا لَك بِالْبركَةِ فيشركهم فَرُبمَا أصَاب الرَّاحِلَة كَمَا هِيَ فيبعث بهَا إِلَى الْمنزل
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحكيم بن حزَام
أخرج ابْن سعد من طَرِيق أبي حُصَيْن عَن شيخ من أهل الْمَدِينَة قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَكِيم بن حزَام بِدِينَار يبْتَاع لَهُ بِهِ أضْحِية فَمر بهَا فَبَاعَهَا بدينارين فَابْتَاعَ لَهُ أضْحِية بِدِينَار وَجَاء بِدِينَار فَدَعَا لَهُ أَن يُبَارك لَهُ فِي تِجَارَته
وَأخرج عَن حَكِيم أَنه كَانَ رجلا مجدودا فِي التِّجَارَة مَا بَاعَ شَيْئا قطّ إِلَّا ربح فِيهِ(2/289)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقريش
أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي أسَامَه وَأَبُو يعلى وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ كَمَا أذقت أول قُرَيْش نكالا فاذق آخرهَا نوالا)
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ أذقت قُرَيْش عذَابا ووبالا فاذق آخرهَا نوالا)
بَاب قَوْله فِي زُهَيْر بن أبي سَلمَة
قَالَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي الأغاني وجدت فِي بعض الْكتب عَن عبد الله ابْن شبيب عَن الزبير بن بكار عَن حميد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الزُّهْرِيّ عَن أَخِيه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد يرفعهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نظر إِلَى زُهَيْر بن أبي سَلمَة وَله مائَة سنة فَقَالَ اللَّهُمَّ أعذني من شَيْطَانه فَمَا لاك بَيْتا حَتَّى مَاتَ
بَاب إِسْلَام خَالِد بن أسيد بن أبي الْعيص
قَالَ ابْن سعد كَانَ فِي خَالِد بن أسيد بن أبي الْعيص تيه شَدِيد فَلَمَّا أسلم يَوْم فتح مَكَّة إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (اللَّهُمَّ زده تيها فَإِن ذَلِك لفي وَلَده إِلَى الْيَوْم)
بَاب دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل مر بِهِ
أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن يزِيد بن نمر قَالَ رَأَيْت رجلا مقْعدا(2/290)
فَقَالَ مَرَرْت بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا على حمَار وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ (اللَّهُمَّ اقْطَعْ أَثَره فَمَا مشيت عَلَيْهَا)
بَاب جَامع من دعواته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَحْمد وَالْأَرْبَعَة وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن صَخْر الغامدي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها) وَكَانَ صَخْر رجلا تَاجِرًا وَكَانَ يبْعَث غلمانه فِي أول النَّهَار فأثرى وَكثر مَاله حَتَّى لم يدر أَيْن يَضَعهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن امْرَأَة شكت زَوجهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا أتبغضينه قَالَت نعم قَالَ أدنيا رؤوسكما فَوضع جبهتها على جبهة زَوجهَا ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ آلف بَينهمَا وحبب أَحدهمَا إِلَى صَاحبه ثمَّ لَقيته الْمَرْأَة بعد ذَلِك فَقبلت رجلَيْهِ فَقَالَ كَيفَ أَنْت وزوجك قَالَت مَا طارف وَلَا تالد وَلَا ولد أحب إِلَيّ مِنْهُ فَقَالَ أشهد أَنِّي رَسُول الله قَالَ عمر وَأَنا اشْهَدْ أَنَّك رَسُول الله
وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله نَحوه
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي أُمَامَة قَالَ انشأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة فَأَتَيْته فَقلت يَا رَسُول الله ادْع لي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ (اللَّهُمَّ سلمهم وغنمهم فغزونا فسلمنا وغنمنا ثمَّ أنشأ غَزْوَة فَأَتَيْته فَقلت يَا رَسُول الله إدع لي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ (اللَّهُمَّ سلمهم وغنمهم فغزونا فسلمنا وغنمنا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْيمن فَقَالَ (اللَّهُمَّ أقبل بقلوبهم ثمَّ نظر إِلَى الشَّام فَقَالَ اللَّهُمَّ أقبل بقلوبهم ثمَّ نظر إِلَى الْعرَاق فَقَالَ اللَّهُمَّ أقبل بقلوبهم(2/291)
وَأخرج مُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن رجلا أكل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشمَالِهِ فَقَالَ (كل بيمينك) قَالَ لَا استطيع قَالَ لَا اسْتَطَعْت مَا مَنعه إِلَّا الْكبر قَالَ فَمَا رَفعهَا إِلَى فِيهِ بعد
اخْرُج البيقهي عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى سبيعة الأسْلَمِيَّة تَأْكُل بشمالها فَقَالَ (أَخذهَا دَاء غَزَّة فَلَمَّا مرت بغزة أَصَابَهَا الطَّاعُون فَقَتلهَا
وَأخرج البيقهي عَن بُرَيْدَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ عَن رجل يُقَال لَهُ قيس فَقَالَ (لَا أقرته الأَرْض) فَكَانَ لَا يدْخل أَرضًا يسْتَقرّ بهَا حَتَّى يخرج مِنْهَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ضَمرَة ومهاجر إبني حبيب قَالَا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة فصلى بِأَصْحَابِهِ على ظهر فاقتحم رجل من النَّاس فصلى على الأَرْض فَقَالَ (خَالف خَالف الله بِهِ) فَمَاتَ الرجل حَتَّى خرج من الْإِسْلَام
وَأخرج ابْن مندة وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن يعلي اللَّيْثِيّ أَن بكر بن شَدَّاخٍ اللَّيْثِيّ وَكَانَ مِمَّن يخْدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهوغلام فَلَمَّا احْتَلَمَ جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت أَدخل على أهلك وَقد بلغت مبلغ الرِّجَال فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ صدق قَوْله وَلَفظه ولقه الظفر) فَلَمَّا كَانَ من ولَايَة عمر جَاءَ وَقد قتل يَهُودِيّا فأعظم ذَلِك عَمْرو جزع وَصعد الْمِنْبَر وَقَالَ إِنِّي مَا ولاني الله تَعَالَى واستخلفني بقتل الرِّجَال أذكر الله رجلا كَانَ عِنْده علم إِلَّا عَلمنِي فَقَامَ إِلَيْهِ بكر بن شَدَّاخٍ فَقَالَ أَنا بِهِ فَقَالَ الله أكبر بؤت بدمه فهات الْمخْرج قَالَ بلَى خرج فلَان غازيا ووكلني بأَهْله فَجئْت إِلَى بَابه فَوجدت هَذَا الْيَهُودِيّ فِي منزله وَهُوَ يَقُول
(وأشعت غرَّة الْإِسْلَام حَتَّى ... خلوت بعرسه ليل التَّمام)
(أَبيت على ترائبها ويمسى ... على قوادء لاحبة الحزام)
(كَانَ مجامع الريلات مِنْهَا ... فِئَام ينهضون إِلَى فِئَام)(2/292)
قَالَ فَصدق عمر قَوْله وأبطل دَمه بدماء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ وَاللَّفْظ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ادْع لي مُعَاوِيَة فَقلت أَنه يَأْكُل فَقَالَ فِي الثَّالِثَة لَا أشْبع الله بَطْنه فَمَا شبع بَطْنه أبدا)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن وَحشِي قَالَ كَانَ مُعَاوِيَة ردف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (يَا مُعَاوِيَة مَا يليني مِنْك) قَالَ بَطْني قَالَ (اللَّهُمَّ إملأه علما وحلما)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي يحيى عَن فروخ مولى عُثْمَان أَن عمر قيل لَهُ إِن مَوْلَاك فلَانا قد احتكر طَعَاما فَقَالَ قد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من احتكر على الْمُسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام أَو بالإفلاس فَقَالَ مَوْلَاهُ نشتري بِأَمْوَالِنَا ونبيع فَذكر أَبُو يحيى أَنه رأى مولى عمر بعد حِين مجذوما
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا سَاجِدا وَهُوَ يَقُول بِشعرِهِ هَكَذَا يكفه عَن التُّرَاب فَقَالَ (اللَّهُمَّ قبح شعره قَالَ فَسقط
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عبد الْملك بن هَارُون بن عنترة عَن أَبِيه عَن جده عَن أبي ثروان أَنه كَانَ رَاعيا لإبل بني عَمْرو بن تَمِيم فخاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قُرَيْش فَخرج فَدخل فِي الْإِبِل فَرَآهُ أَبُو ثروان فَقَالَ من أَنْت قَالَ رجل أردْت أَن أستأنس إِلَى إبلك قَالَ أَرَاك الرجل الَّذِي يَزْعمُونَ أَنه خرج نَبيا قَالَ اجل قَالَ أخرج فَلَا تصلح إبل أَنْت فِيهَا فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (اللَّهُمَّ أطل شقاءه وبقاءه) قَالَ هَارُون فَأَدْرَكته شَيخا كَبِيرا يتَمَنَّى الْمَوْت فَقَالَ لَهُ الْقَوْم مَا نرَاك إِلَّا قد هَلَكت دَعَا عَلَيْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كلا إِنِّي قد أَتَيْته بعد حِين ظهر الْإِسْلَام فَأسْلمت فَدَعَا عَليّ واستغفر وَلَكِن الأولى قد سبقت
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة سَوْدَاء أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِنِّي أصرع فَادع الله لي قَالَ (إِن شِئْت صبرت وَلَك الْجنَّة وَإِن شِئْت دَعَوْت الله أَن يعافيك) فَقَالَت أَصْبِر قَالَت فَإِنِّي أتكشف فأدع الله أَن لَا أتكشف فَدَعَا لَهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد أَن رجلا اشْترى بَعِيرًا فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي(2/293)
اشْتريت بَعِيرًا فَادع الله أَن يُبَارك لي فِيهِ فَقَالَ (اللَّهُمَّ بَارك لَهُ فِيهِ) فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى مَاتَ ثمَّ اشْترى بَعِيرًا آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يُبَارك لي فِيهِ فَدَعَا لَهُ فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى مَاتَ ثمَّ اشْترى آخر فَأتى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ أحملهُ عَلَيْهِ فَمَكثَ عِنْده عشْرين سنة قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقعت الْإِجَابَة فِي المرات الثَّلَاث لِأَن دُعَاء الْبركَة صَار إِلَى أَمر الْآخِرَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي قنوته (يَا أم ملدم عَلَيْك ببني عصية فأنهم عصوا الله وَرَسُوله) قَالَ فصرعتهم الْحمى
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالنَّسَائِيّ عَن أم قيس أَنَّهَا قَالَت توفّي إبني فَجَزِعت فَقلت للَّذي يغسلهُ لَا تغسل إبني بِالْمَاءِ الْبَارِد فيقتله فَانْطَلق عكاشة بن مُحصن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بقولِهَا فَتَبَسَّمَ ثمَّ قَالَ (طَال عمرها فَلَا تعلم إمرأة عمرت مَا عمرت)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَقبلت ليلى بنت الخطيم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مول ظَهره الشَّمْس فَضربت على مَنْكِبه فَقَالَ (من هَذَا أكله الْأسود) فَقَالَت أَنا بنت مطعم الطير ومباري الرّيح أَنا ليلى بنت الخطيم جئْتُك لأعرض عَلَيْك نَفسِي تزَوجنِي قَالَ قد فعلت فَرَجَعت إِلَى قَومهَا فَقَالَت قد تزَوجنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا بئس مَا صنعت أَنْت امْرَأَة غيرى أَنْت امْرَأَة غيرى وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاحب نسَاء تغارين عَلَيْهِ فيدعو الله عَلَيْك فاستقيليه نَفسك فَرَجَعت فَقَالَت يَا رَسُول الله أَقلنِي قَالَ قد اقلتك فَتَزَوجهَا مَسْعُود بن أَوْس فَبَيْنَمَا هِيَ فِي حَائِط من حيطان الْمَدِينَة تَغْتَسِل إِذْ وثب عَلَيْهَا ذِئْب لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأكل بَعْضهَا وَأدْركت فَمَاتَتْ وَأخرج ابْن سعد عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة مُرْسلا نَحوه بِلَفْظ أكله الْأسد بل الْأسود
وَأخرج البارودي وَابْن شاهين وَابْن السكن وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ جَاءَ ثَعْلَبَة ابْن حَاطِب فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا وَولدا فَقَالَ (وَيحك يَا(2/294)
ثَعْلَبَة قَلِيل تطِيق شكره خير من كثير لَا تُطِيقهُ فأبي فَقَالَ وَيحك يَا ثَعْلَبَة أما تحب أَن تكون مثلي فَلَو شِئْت أَن يسير رَبِّي هَذِه الْجبَال معي ذَهَبا لَسَارَتْ فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا وَولدا فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ أَن أَتَانِي الله مَالا لَأُعْطيَن كل ذِي حق جقه فَدَعَا لَهُ فَاشْترى غنما فبورك لَهُ فِيهَا ونمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بِهِ الْمَدِينَة فَتنحّى بهَا فَكَانَ يشْهد الصَّلَاة بِالنَّهَارِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يشهدها باليل ثمَّ نمت فَتنحّى بهَا فَكَانَ لَا يشْهد الصَّلَاة لَا بِاللَّيْلِ وَلَا بِالنَّهَارِ إِلَّا من جُمُعَة إِلَى جُمُعَة ثمَّ نمت فَتنحّى بهَا فَكَانَ لَا يشْهد جُمُعَة وَلَا جَنَازَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيْح ثَعْلَبَة بن حَاطِب ثمَّ أَن الله أَمر رَسُوله أَن يَأْخُذ الصَّدقَات فَبعث رجلَيْنِ وَكتب لَهما أَسْنَان الْإِبِل وَالْغنم كَيفَ يأخذانها وَأَمرهمَا أَن يمرا على ثَعْلَبَة بن حَاطِب فَخَرَجَا فمرا بِهِ فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَة فَقَالَ أرياني كتابكما فَنظر فِيهِ فَقَالَ مَا هَذِه إِلَّا جِزْيَة إنطلقا حَتَّى تفرغا ثمَّ مرا فَلَمَّا فرغا مرا بِهِ فَقَالَ مَا هَذِه إِلَّا جِزْيَة انْطَلقَا حَتَّى أرى رَأْيِي فَانْطَلقَا حَتَّى قدما الْمَدِينَة فَلَمَّا رآهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قبل أَن يكلمهما وَيْح ثَعْلَبَة بن حَاطِب وَأنزل الله {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله} الْآيَات الثَّلَاث فَبلغ ثَعْلَبَة مَا أنزل فِيهِ فَقدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ إِن الله مَنَعَنِي أَن أقبل مِنْك فَجعل يبكي ويحثي التُّرَاب على رَأسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا عَمَلك بِنَفْسِك تَكُ فَلم أَمر تُطِعْنِي فَلم يقبل مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَبُو بكر وَلَا عمر حَتَّى هلك فِي خلَافَة عُثْمَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن هَهُنَا غُلَاما قد احْتضرَ فَيُقَال لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَلَا يَسْتَطِيع أَن يَقُولهَا قَالَ (أَلَيْسَ كَانَ يَقُولهَا فِي حَيَاته) قَالُوا بلَى قَالَ فَمَا مَنعه مِنْهَا عِنْد مَوته فَنَهَضَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونهضنا مَعَه حَتَّى أَتَى الْغُلَام فَقَالَ يَا غُلَام قل لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ لَا أَسْتَطِيع أَن أقولها قَالَ وَلم قَالَ لعقوق والدتي قَالَ أحية هِيَ قَالَ نعم قَالَ ارسلوا إِلَيْهَا فَجَاءَتْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنك هُوَ قَالَت(2/295)
نعم قَالَ أَرَأَيْت لَو أَن نَارا أججت فَقيل لَك إِن لم تشفعي فِيهِ دفناه فِي هَذِه النَّار فَقَالَت إِذن كنت أشفع لَهُ قَالَ فاشهدي الله واشهد بِنَا بأنك قد رضيت قَالَت قد رضيت عَن ابْني قَالَ يَا غُلَام قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَمد لله الَّذِي أنقذه بِي من النَّار
وَأخرج الْأَرْبَعَة عَن زيد بن ثَابت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نضر الله أمرا سمع مَقَالَتي فبلغها فوعاها فأداها كَمَا سَمعهَا)
قَالَ الْعلمَاء لَيْسَ أحد من أهل الحَدِيث إِلَّا وَفِي وَجهه نَضرة لدَعْوَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب دعاؤه لرجل ولأهله
أخرج احْمَد عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دَعَا لرجا أَصَابَته وأصابت وَلَده وَولد وَلَده
وَأخرج أَبُو يعلى عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ دَعَا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولولدي ولولد وَلَدي فَسمِعت أبي يَقُول لأخت لي إِنَّك مِمَّن اصابته دَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب دُعَائِهِ على امْرَأَة فَمَاتَتْ
أخرج أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي الأغاني من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي قَالَ عُبَيْدَة ابْن أَشْعَث عَن أَبِيه أَنه ولد سنة تسع من الْهِجْرَة وَأَن أمه كَانَت تنقل كَلَام أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعضهنَّ إِلَى بعض فَتلقى بَينهُنَّ الشَّرّ فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا فَمَاتَتْ
بَاب مَا علمه لأَصْحَابه من الدَّعْوَات والرقي وَظَهَرت أثاره
رقية الْحمى وَدُعَاء أَدَاء الدّين
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَائِشَة وَهِي موعوكة وَهِي(2/296)
تسب الْحمى فَقَالَ لَا تسبيها فَأَنَّهَا مأمورة وَلَكِن إِن شِئْت علمتك كَلِمَات إِذا قلتيهن أذهبها الله عَنْك قَالَت فعلمني قَالَ قولي اللَّهُمَّ أرْحم جلدي الرَّقِيق وعظمي الدَّقِيق من شدَّة الْحَرِيق يَا أم ملدم إِن كنت آمَنت بِاللَّه الْعَظِيم فَلَا تصدعي الرَّأْس وَلَا تنتني الْفَم وَلَا تأكلي اللَّحْم وَلَا تشربي الدَّم وتحولي عني إِلَى من اتخذ مَعَ الله إِلَهًا آخر قَالَ فقالتها فَذَهَبت عَنْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن أَبَاهَا دخل عَلَيْهَا فَقَالَ سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دُعَاء لَو كَانَ على أحدكُم جبل دين ذَهَبا قَضَاهُ الله تَعَالَى عَنهُ اللَّهُمَّ فارج الْهم كاشف الْغم مُجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين رَحْمَن الدُّنْيَا والاخرة ورحيمهما أَنْت ترحمني برحمة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك قَالَ أَبُو بكر وَكَانَ على ذنابة من دين وَكنت للدّين كَارِهًا فَلم ألبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَنِي الله بفائدة فَقضى الله مَا كَانَ عَليّ من الدّين قَالَت عَائِشَة وَكَانَت لأسماء عَليّ دين فَكنت أستحي مِنْهَا كلما نظرت إِلَيْهَا فَكنت أَدْعُو بذلك فَمَا لَبِثت إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَنِي الله برزق من غير مِيرَاث وَلَا صَدَقَة فقضيتها
رقية الْجِنّ
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة الراحي أَن خَالِد بن الْوَلِيد قَالَ يَا رَسُول الله إِن كائدا من الْجِنّ يكيدني قَالَ قل أعوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن برولا فَاجِرًا من شَرّ مَا ذَرأ فِي الأَرْض وَمن شَرّ مَا يخرج مِنْهَا وَمن شَرّ مَا يعرج فِي السَّمَاء وَمَا ينزل مِنْهَا وَمن شَرّ كل طَارق إِلَّا طَارق يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن قَالَ فَفعلت فأذهبه الله عني
وَأخرج ابْن سعد عَن عمرَان بن حُصَيْن عَن أَبِيه أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف قَالَ مَا أَقُول قَالَ قل اللَّهُمَّ قني شَرّ نَفسِي واعزم لي على رشدي وَلم يكن أسلم ثمَّ أَنه أسلم فجَاء فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّك قلت لي قل كَذَا وَكَذَا وَقد اسلمت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن رجل من أسلم قَالَ لدغت رجلا عقرب فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (لَو قَالَ حِين أَمْسَى أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم تضره قَالَ فقالتها امْرَأَة من أَهلِي فلدغتها حَيَّة فَلم تضرها(2/297)
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد قَالَ نهش عبد الله بن سهل بحريرات الأفاعي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اذْهَبُوا بِهِ إِلَى عمَارَة بن حزم فليرقه قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّه يَمُوت قَالَ وَإِن تذْهبُوا بِهِ إِلَى عمَارَة بن حزم فرقاه فشفاه الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن سعد عَن سهل بن أبي حثْمَة قَالَ لدغ رجل منا بحرة الأفاعي فدعي لَهُ عَمْرو بن حزم يرقيه فَأبى حَتَّى جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستأذنه فَقَالَ لَهُ (أعرضها عَليّ) فعرضها عَلَيْهِ فَأذن لَهُ فِيهَا حرَّة الأفاعي مَوضِع قريب من الْأَبْوَاء
دُعَاء النّوم
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ أصَاب خَالِد بن الْوَلِيد أرق فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أعلمك كَلِمَات إِذا قلتهن نمت قل اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَمَا اظلت وَرب الْأَرْضين وَمَا أقلت وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضلت كن جاري من شَرّ خلقك جَمِيعًا أَن يفرط عَليّ أحد مِنْهُم أَو أَن يطغى عز جَارك وَلَا إِلَه غَيْرك
دُعَاء النجَاة من الظَّالِمين وتسيير الْحَوَائِج
وَأخرج ابْن سعد عَن أبان بن أبي عَيَّاش أَن أنس بن مَالك كلم الْحجَّاج فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج لَوْلَا خدمتك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيك كَانَ لي وَلَك شَأْن فَقَالَ أنس أيهات لما غلظت أرنبتي وَأنكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صوتي عَلمنِي كَلِمَات لم يضرني مَعَهُنَّ عتو جَبَّار وَلَا عنوته مَعَ تسيير الْحَوَائِج ولقاء الْمُؤمنِينَ بالمحبة فَقَالَ الْحجَّاج لَو علمتنيهن قَالَ لست لذَلِك بِأَهْل فَدس إِلَيْهِ الْحجَّاج إبنيه ومعهما مِائَتَا ألف دِرْهَم وَقَالَ لَهما ألطفا بالشيخ عَسى أَن تظفرا بالكلمات فَلم يظفرا بهَا فَلَمَّا كَانَ قبل أَن يهْلك بِثَلَاث قَالَ لي دُونك هَذِه الْكَلِمَات وَلَا تضعها إِلَّا فِي موضعهَا فَذكر أبان مَا أعطَاهُ الله تَعَالَى مِمَّا أعْطى أنسا مَعَ ذهَاب مَا أذهبه الله عني مِمَّا كنت أجد الله أكبر الله أكبر الله أكبر بِسم الله على نَفسِي وديني بِسم الله على أَهلِي وَمَالِي بِسم الله على كل شَيْء أَعْطَانِي بِسم الله خير الْأَسْمَاء بِسم الله رب الأَرْض وَرب السَّمَاء بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ إسمه دَاء بِسم الله افتتحت وعَلى الله توكلت الله الله رَبِّي لَا أشرك(2/298)
بِهِ أحدا أَسأَلك اللَّهُمَّ بخيرك من خيرك الَّذِي لَا يُعْطِيهِ غَيْرك عز جَارك وَجل ثناؤك وَلَا إِلَه إِلَّا أَنْت اجْعَلنِي فِي عياذك وجوارك من كل سوء وَمن الشَّيْطَان الرَّجِيم اللَّهُمَّ إِنِّي أستجيرك من جَمِيع كل شَيْء خلقت واحترس بك مِنْهُنَّ وأقدم بَين يَدي بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد وَمن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَمن تحتي يقْرَأ فِي هَذِه السِّت قل هُوَ الله أحد إِلَى آخر السُّورَة
دُعَاء دفع الْفقر
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن ابْن عمر أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِن الدُّنْيَا أَدْبَرت عني وتولت قَالَ لَهُ فَأَيْنَ أَنْت من صَلَاة الْمَلَائِكَة وتسبيح الْخَلَائق وَبِه يرْزقُونَ قل عِنْد طُلُوع الْفجْر سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم اسْتغْفر الله مائَة مرّة تَأْتِيك الدُّنْيَا صاغرة فولى الرجل فَمَكثَ ثمَّ عَاد فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد اقبلت عَليّ الدُّنْيَا فَمَا ادري أَيْن أضعها
بَاب الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه كَانَ مَعَ نَاس من اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَمروا بحي من أَحيَاء الْعَرَب فيهم لديغ فرقاه رجل مِنْهُم بِفَاتِحَة الْكتاب فبرأ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن خَارِجَة بن الصَّلْت التَّمِيمِي عَن عَمه أَنه مر بِقوم وَعِنْدهم مَجْنُون موثق فِي الْحَدِيد فَقَالَ لَهُ بَعضهم أعندك شَيْء تداوي بِهِ هَذَا فَإِن صَاحبك قد جَاءَ بِخَير فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِفَاتِحَة الْكتاب ثَلَاثَة أَيَّام كل يَوْم مرَّتَيْنِ فبرأ فَأعْطَاهُ مائَة شَاة فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ (كل فَمن أكل برقية بَاطِل فقد أكلت برقية حق)(2/299)
بَاب مَا يُتْلَى حِين يَأْخُذ الْإِنْسَان مضجعه
أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى قل ادعوا الله أَو ادعو الرَّحْمَن قَالَ هُوَ أَمَان من السرق وَأَن رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلَاهَا حِين أَخذ مضجعه فَدخل عَلَيْهِ سَارِق فَجمع مَا فِي الْبَيْت وَحمله وَالرجل لَيْسَ بنائم حَتَّى انْتهى بِهِ إِلَى الْبَاب فَوَجَدَهُ مسدودا فَوضع الكارة فَإِذا هُوَ مَفْتُوح فَفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَضَحِك صَاحب الدَّار ثمَّ قَالَ إِنِّي أحصنت بَيْتِي
ذكر أيات فِي منامات رؤيت فِي عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير مَا تقدم
أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ إِن رجَالًا من اصحاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يرَوْنَ الرُّؤْيَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيقصونها على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا شَاءَ الله وَأَنا غُلَام حَدِيث السن وبيتي الْمَسْجِد قبل أَن أنكح فَقلت فِي نَفسِي لَو كَانَ فِيك خير لرأيت مثل مَا يرى هَؤُلَاءِ فَلَمَّا اضطجعت لَيْلَة قلت اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم فِي خيرا فأرني رُؤْيا فَبَيْنَمَا أَنا كَذَلِك إِذْ جَاءَنِي ملكان فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا مقمعَة من حَدِيد يقبلان بِي إِلَى جَهَنَّم وَأَنا بَينهمَا أَدْعُو الله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَهَنَّم ثمَّ أَرَانِي لَقِيَنِي ملك فِي يَده مقمعَة من حَدِيد فَقَالَ لي لن تراع نعم الرجل أَنْت لَو تكْثر الصَّلَاة فَانْطَلقُوا بِي حَتَّى وقفُوا بِي على شَفير جَهَنَّم فَإِذا هِيَ مطوية كطي الْبِئْر لَهُ قُرُون كقرون الْبِئْر بَين كل قرنين ملك بِيَدِهِ مقمعَة من حَدِيد وَأرى فِيهَا رجَالًا معلقين بالسلاسل رؤوسهم أسفلهم عرفت فِيهَا رجَالًا من قُرَيْش فانصرفوا بِي عَن ذَات الْيَمين فقصصتها على حَفْصَة فقصتها حَفْصَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن عبد الله رجل صَالح
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن فِي يَدي سَرقَة من حَرِير لَا أهوي بهَا إِلَى مَكَان فِي الْجنَّة إِلَّا طارت إِلَيْهِ فقصصتها على حَفْصَة فقصتها حَفْصَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أَخَاك رجل صَالح(2/300)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي فِي رَوْضَة وسط الرَّوْضَة عَمُود فِي أَعلَى العمود عُرْوَة فَقيل لي آرقه قلت لَا أَسْتَطِيع فَأَتَانِي وصيف فَرفع ثِيَابِي فرقيت فاستمسكت بالعروة فانتبهت وَأَنا متمسك بهَا فقصصتها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تِلْكَ الرَّوْضَة رَوْضَة الْإِسْلَام وَذَلِكَ العمود عَمُود الْإِسْلَام وَتلك العروة العروة الوثقى لَا تزَال متمسكا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوت
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الله بن سَلام قَالَ رَأَيْت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيا رَأَيْت كَأَن رجلا أَتَانِي قَالَ انْطلق فسلك بِي فِي مَنْهَج عَظِيم فَبَيْنَمَا أَنا أَمْشِي إِذْ عرض لي طَرِيق عَن شمَالي فَأَرَدْت أَن أسلكها فَقَالَ أَنَّك لست من أَهلهَا ثمَّ عرضت لي طَرِيق عَن يَمِيني فسلكتها حَتَّى انتهينا إِلَى جبل زلق فَأخذ بيَدي فزجل بِي حَتَّى أخذت بالعروة فَقَالَ لي استمسك بالعروة فقصصتها على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَأَيْت خيرا أما الْمنْهَج الْعَظِيم فالحشر وَأما الطَّرِيق الَّتِي عرضت عَن شمالك فطريق أهل النَّار وَلست من أَهلهَا وَأما الطَّرِيق الَّتِي عرضت عَن يَمِينك فطريق أهل الْجنَّة وَأما الْجَبَل الزلق فمنزل الشُّهَدَاء وَأما العروة الَّتِي استمسكت بهَا فعروة الْإِسْلَام فَاسْتَمْسك بهَا حَتَّى تَمُوت
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن زميل الْجُهَنِيّ قَالَ رَأَيْت رُؤْيا فقصصتها على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت رَأَيْت جَمِيع النَّاس على طَرِيق رحب سهل لاحب وَالنَّاس على الجادة منطلقون فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ أشفى ذَلِك الطَّرِيق على مرج لم تَرَ عَيْنَايَ مثله يرف رفيفا ويقطر نداه فِيهِ من أَنْوَاع الكلاء فَكَأَنِّي بالرعلة الأولى حِين اشفوا على المرج كبروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلهم فِي الطَّرِيق فَلم يظلموه يَمِينا وَلَا شمالا فَكَأَنِّي أنظر إِلَيْهِم منطلقين ثمَّ جَاءَت الرعلت الثَّانِيَة وهم أَكثر مِنْهُم أضعافا فَلَمَّا أشفوا على المرج كبروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلهم فِي الطَّرِيق فَمَنعهُمْ المرتع وَمِنْهُم الاخذ الضغث ومضوا على ذَلِك ثمَّ قدم عظم النَّاس فَلَمَّا اشفوا على المرج كبروا وَقَالُوا هَذَا خبر الْمنزل(2/301)
فَكَأَنِّي أنظر إِلَيْهِم يميلون يَمِينا وَشمَالًا فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك لَزِمت الطَّرِيق حَتَّى آتِي أقْصَى المرج فَإِذا أَنا بك يَا رَسُول الله على مِنْبَر فِيهِ سبع دَرَجَات وَأَنت فِي أَعْلَاهَا دَرَجَة فَإِذا عَن يَمِينك رجل آدم شثن أقنى إِذا هُوَ تكلم يسمو فيفرع الرِّجَال طولا وَإِذا عَن يسارك رجل سمار ربعه أَحْمَر كثير خيلان الْوَجْه كَأَنَّمَا حمم شعره بِالْمَاءِ إِذا هُوَ تكلم أصغيتم لَهُ إِكْرَاما لَهُ وَإِذا أمامكم شيخ أشبه النَّاس بك خلقا ووجها كلهم يؤمونه يريدونه وَإِذا أَمَام ذَلِك نَاقَة عجفاء شَارف وَإِذا أَنْت يَا رَسُول الله كَأَنَّك تبعثها فانتقع لون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة ثمَّ سرى عَنهُ فَقَالَ أما رَأَيْت من الطَّرِيق السهل الرحب فَذَلِك مَا حملتم عَلَيْهِ من الْهدى فَأنْتم عَلَيْهِ وَأما المرج الَّذِي رَأَيْت فالدنيا وغضارة عيشها مضيت أَنا وأصحابي لم نتعلق بهَا وَلم تتَعَلَّق بِنَا ثمَّ جَاءَت الرَّعْلَة الثَّانِيَة بعد وهم أَكثر منا فَمنهمْ المرتع وَمِنْهُم الْآخِذ الضغث ونجو على ذَلِك ثمَّ جَاءَ عظم النَّاس فمالوا فِي المرج يَمِينا وَشمَالًا وَأما أَنْت فمضيت على طَرِيق صَالِحَة فَلَنْ تزَال عَلَيْهَا حَتَّى تَلقانِي وَأما الْمِنْبَر الَّذِي رَأَيْت سبع دَرَجَات وَأَنا فِي اعلاها دَرَجَة فالدنيا سَبْعَة الآف سنة وَأَنا فِي أَخّرهَا ألفا وَأما الرجل الَّذِي رَأَيْت عَن يَمِيني فَذَاك مُوسَى إِذا تكلم يَعْلُو الرِّجَال بِفضل كَلَام الله تَعَالَى إِيَّاه وَالَّذِي رَأَيْت عَن يساري فَذَاك عِيسَى نكرمه لإكرام الله تَعَالَى إِيَّاه وَأما الشَّيْخ فَذَاك أَبونَا إِبْرَاهِيم كلنا نؤمه ونقتدي بِهِ وَأما النَّاقة فَهِيَ السَّاعَة علينا تقوم لَا نَبِي بعدِي وَلَا أمة بعد أمتِي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن طَلْحَة بن عبيد الله أَن رجلَيْنِ من بلَى قدما على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ إسلامهما مَعًا وَكَانَ أَحدهمَا أَشد اجْتِهَادًا من الآخر فغزا الْمُجْتَهد فاستشهد ثمَّ مكث الآخر بعده سنة ثمَّ توفّي قَالَ طَلْحَة فَبَيْنَمَا أَنا عِنْد بَاب الْجنَّة يَعْنِي فِي النّوم إِذا أَنا بهما فَخرج خَارج من الْجنَّة فَأذن فَأذن للَّذي مَاتَ الآخر مِنْهُمَا ثمَّ رَجَعَ للَّذي اسْتشْهد ثمَّ رَجَعَ إِلَيّ فَقَالَ ارْجع فَأَنَّهُ لم يُؤذن لَك فَأصْبح طَلْحَة يحدث النَّاس فعجبوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلَيْسَ قد مكث بعده سنة فصلى كَذَا وَكَذَا من سَجْدَة وَأدْركَ رَمَضَان فصامه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أَقرَأ سُورَة ص فَلَمَّا أتيت على السَّجْدَة سجد كل شَيْء رَأَيْت الدواة واللوح والقلم فَغَدَوْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَأمر بِالسُّجُود فِيهَا(2/302)
وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله رَأَيْت البارحة إِنِّي أُصَلِّي خلف شَجَرَة فَقَرَأت ص فَلَمَّا أتيت على السَّجْدَة سجدت فسجدت الشَّجَرَة فسمعتها وَهِي تَقول اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي بهَا عنْدك ذكرا وَاجعَل لي بهَا عنْدك ذخْرا وَأعظم لي بهَا عنْدك أجرا قَالَ فَسمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ص فَلَمَّا اتى على السَّجْدَة سجد فَسَمعته يَقُول فِي سُجُوده مَا اخبره الرجل عَن قَول الشَّجَرَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ أمرنَا أَن نُسَبِّح فِي دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَنَحْمَد الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ونكبر ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَأتي الرجل من الْأَنْصَار فِي نَومه فَقيل لَهُ أَمركُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أتسبحوا فِي دبر كل صَلَاة كَذَا وَكَذَا قَالَ نعم قَالَ فاجعلوها خمْسا وَعشْرين وَاجْعَلُوا فِيهَا التهليل فَلَمَّا أصبح أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فافعلو
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عمر قَالَ أرى رجال من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام أَن لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر من رَمَضَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أرى رؤياكم قد تواطأت على أَنَّهَا فِي السَّبع الْأَوَاخِر فَمن كَانَ متحريها فليتحرها فِي السَّبع الْأَوَاخِر)
وَأخرج الدَّارمِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن أَخا لَهُم أرى فِي الْمَنَام أَن النَّاس يسلكون فِي صدع جبل وعر طَوِيل وعَلى رَأس الْجَبَل شجرتان خضراوان تهتفان هَل فِيكُم من يقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة هَل فِيكُم من يقْرَأ سُورَة آل عمرَان فَإِذا قَالَ الرجل نعم دنتا بأعذاقهما حَتَّى يتَعَلَّق بهما فيخطران بِهِ الْجَبَل
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ هَاجر الطُّفَيْل بن عَمْرو وَهَاجَر مَعَه رجل من قومه فَمَرض الرجل فَأخذ مشقصا فَقطع رواجبه فَمَاتَ فَرَآهُ الطُّفَيْل فِي الْمَنَام فَقَالَ مَا فعل بك قَالَ غفر لي بهجرتي فَقَالَ مَا شَأْن يَديك قَالَ قيل لي أَنا لَا نصلح مِنْك مَا أفسدت من نَفسك فَقَصَّهَا الطُّفَيْل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (اللَّهُمَّ وليديه فَاغْفِر)(2/303)
ذكر موازاة الْأَنْبِيَاء فِي فضائلهم بفضائل نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الْعلمَاء مَا أُوتِيَ نَبِي بمعجزة وَلَا فَضِيلَة إِلَّا ولنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظيرها أَو أعظم مِنْهَا
بَاب مَا أُوتِيَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام من المعجزات والخصائص وَمَا لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَظِيره
من ذَلِك أَن الله تَعَالَى خلقه بِيَدِهِ وأسجد لَهُ مَلَائكَته وَعلمه أَسمَاء كل شَيْء
قَالَ بعض الْعلمَاء ذهب قوم إِلَى أَن آدم نبىء فِي ذَلِك الْوَقْت وَأرْسل إِلَى الْمَلَائِكَة وَكَانَت معجزته هَذِه الأنباء يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا أنبأهم بِأَسْمَائِهِمْ} وَأَن الله كَلمه كَمَا أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي ذَر قَالَ قلت يَا رَسُول الله آدم نَبِي كَانَ نعم كَانَ نَبيا رَسُولا كَلمه الله قبلا وَقد أُوتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَظِير ذَلِك كُله أما الْكَلَام فَتقدم فِي الْإِسْرَاء
وَأما تَعْلِيم الله أَسمَاء كل شَيْء فَأخْرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أبي رَافع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مثلت لي أمتِي فِي المَاء والطين وَعلمت الْأَسْمَاء كلهَا كَمَا علم آدم الْأَسْمَاء كلهَا)(2/304)
وَأما السُّجُود فَقَالَ بعض الْعلمَاء فِي قَوْله تَعَالَى {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} الْآيَة هَذَا التشريف الَّذِي شرف بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتم وأعم فِي الْإِكْرَام من تشريف آدم عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ أَمر الْمَلَائِكَة بِالسُّجُود لَهُ من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن ذَاك وَقع وَانْقطع وتشريفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ مُسْتَمر أبدا وَالثَّانِي أَن ذَاك حصل من الْمَلَائِكَة لَا غير وتشريفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ حصل من الله وَالْمَلَائِكَة وَالْمُؤمنِينَ
بَاب فِيمَا أوتيه إِدْرِيس عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام
قَالَ تَعَالَى {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} وَقد رفع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قاب قوسين
بَاب فِيمَا أوتيه نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
قَالَ أَبُو نعيم آيَته الَّتِي أُوتِيَ إِجَابَة دَعوته وإغراق قومه بالطوفان وَكم لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دَعْوَة مجابة مِنْهَا دَعوته على الَّذين وضعُوا السلا على ظَهره وَقد دَعَا بالمطر عِنْد الْقَحْط فهطلت السَّمَاء بدعائه
قَالَ أَبُو نعيم وَزَاد نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نوح بِأَنَّهُ فِي مُدَّة عشْرين سنة آمن بِهِ أُلُوف كَثِيرَة وَدخل النَّاس فِي دينه أَفْوَاجًا ونوح أَقَامَ فِي قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما فَلم يُؤمن بِهِ إِلَّا دون الْمِائَة نفس
قلت وَمِمَّا أوتيه نوح عَلَيْهِ السَّلَام تسخير جَمِيع الْحَيَوَانَات لَهُ فِي السَّفِينَة وَقد سخرت أَنْوَاع الْحَيَوَانَات لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا تقدم فِي مَوْضِعه ونوح كَانَ السَّبَب فِي نزُول الْحمى إِلَى الأَرْض وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفى الْحمى من الْمَدِينَة إِلَى الْجحْفَة(2/305)
بَاب فِيمَا أوتيه هود عَلَيْهِ السَّلَام
قَالَ أَبُو نعيم أُوتِيَ الرّيح وَقد نصر بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا تقدم فِي غَزْوَة الخَنْدَق قلت وَفِي غَزْوَة بدر
بَاب فِيمَا أوتيه صَالح عَلَيْهِ السَّلَام
قَالَ أَبُو نعيم أُوتِيَ النَّاقة ونظيرها لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلَام الْجمل وطاعته لَهُ
بَاب فِيمَا أوتيه إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام
أُوتِيَ النجَاة من النَّار وَقد تقدم نَظِير ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب الْآيَة فِي النَّار وأوتي الْخلَّة وَقد أخرج ابْن ماجة وَأَبُو نعيم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا فمنزلي ومنزل إِبْرَاهِيم فِي الْجنَّة تجاهين وَالْعَبَّاس بَيْننَا مُؤمن بَين خليلين)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب بن مَالك سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل وَفَاته بِخمْس (إِن الله اتخذ صَاحبكُم خَلِيلًا)
وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَو كنت متخذا خَلِيلًا غير رَبِّي لأتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا وَلَكِن صَاحبكُم خَلِيل الله)
قَالَ أَبُو نعيم وَقد حجب إِبْرَاهِيم عَن نمْرُود بحجب ثَلَاث وَكَذَلِكَ حجب نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّن أَرَادَ قَتله كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالا فَهِيَ إِلَى الأذقان فهم مقمحون وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سدا وَمن خَلفهم سدا فأغشيناهم فهم لَا يبصرون} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا}(2/306)
قلت وَقد تقدّمت الْأَحَادِيث فِي ذَلِك فِي بَاب عصمته
قَالَ أَبُو نعيم وَقد نَاظر إِبْرَاهِيم نمْرُود فبهته بالبرهان وَالْحجّة كَمَا قَالَ تَعَالَى (فبهت الَّذِي كفر) وَكَذَلِكَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ أبي بن خلف يكذب بِالْبَعْثِ بِعظم بَال ففركه وَقَالَ الله {من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم} فَأنْزل الله تَعَالَى (قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة) وَهَذَا الْبُرْهَان الساطع
قَالَ أَبُو نعيم وَقد كسر إِبْرَاهِيم أصنام قومه غَضبا لله تَعَالَى وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشَارَ إِلَى أصنام قومه وَهِي ثَلَاث مائَة وَسِتُّونَ صنما فتساقطت وَتقدم حَدِيثهَا فِي بَاب فتح مَكَّة قلت وَمِمَّا أوتيه إِبْرَاهِيم كَلَام الأكبش
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن علْبَاء بن أَحْمَر أَن ذَا القرنين قدم مَكَّة فَوجدَ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل يبنيان الْبَيْت فَقَالَ مَا لَكمَا ولأرضي فَقَالَا نَحن عَبْدَانِ مأموران أمرنَا بِبِنَاء هَذِه الْكَعْبَة قَالَ فهاتا بِالْبَيِّنَةِ على مَا تدعيان فَقَامَ خَمْسَة أكبش فَقُلْنَ نَحن نشْهد أَن إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَبْدَانِ مأموران أمرا بِبِنَاء هَذِه الْكَعْبَة فَقَالَ قد رضيت وسلمت وَقد تكلم بِحَضْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدَّة من الْحَيَوَانَات
وَمن معجزاته مَا أخرجه ابْن سعد أَنا هِشَام بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما هرب إِبْرَاهِيم من كوثي وَخرج من النَّار وَلسَانه يَوْمئِذٍ سرياني فَلَمَّا قبر عبر الْفُرَات غير الله لِسَانه فَقيل عبراني حَيْثُ عبر الْفُرَات وَبعث نمْرُود فِي أَثَره وَقَالَ لَا تدعوا احدا يتَكَلَّم بالسُّرْيَانيَّة إِلَّا جئتموني بِهِ فَلَقوا إِبْرَاهِيم فَتكلم بالعبرانية فَتَرَكُوهُ وَلم يعرفوا لغته وَقد تقدم نَظِير ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرُّسُل الَّذين أرسلهم إِلَى الْمُلُوك فَأصْبح كل مِنْهُم يتَكَلَّم بلغَة الْقَوْم الَّذِي أرسل إِلَيْهِم(2/307)
وَمن معجزاته مَا أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عُبَيْدَة بن معن حَدثنِي أبي عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح قَالَ انْطلق إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يمتار فَلم يقدر على الطَّعَام فَمر بسهلة حَمْرَاء فَأخذ مِنْهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَقَالُوا مَا هَذَا قَالَ حِنْطَة حَمْرَاء ففتحوها فوجدوها حِنْطَة حَمْرَاء فَكَانَ إِذا زرع مِنْهَا شَيْء خرج سنبلة من أَصْلهَا إِلَى فروعها حبا متراكما وَقد تقدم نَظِير ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السقاء الَّذِي زوده لأَصْحَابه وملأه مَاء ففتحوه فَإِذا لبن وزبد
بَاب فِيمَا أُوتِيَ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام
أُوتِيَ الصَّبْر على الذّبْح وَقد تقدم فِي بَاب شقّ الصَّدْر أَن ذَلِك نَظِيره بل أبلغ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَقع حَقِيقَة وَالذّبْح لم يَقع
وأوتي الْفِدَاء من الذّبْح وَكَذَلِكَ عبد الله أَبُو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأوتي زَمْزَم وَكَذَلِكَ عبد الْمطلب جد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأوتي الْعَرَبيَّة أخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ألهم إِسْمَاعِيل هَذَا اللِّسَان الْعَرَبِيّ إلهاما)
وَأخرج أَبُو نعيم وَغَيره عَن عمر أَنه قَالَ يَا رَسُول الله مَالك أفصحنا وَلم تخرج من بَين أظهارنا قَالَ (كَانَت لُغَة إِسْمَاعِيل درست فجَاء بهَا جِبْرِيل فحفظنيها)
بَاب فِيمَا أُوتِيَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام
قَالَ الْجِرْجَانِيّ فِي أَمَالِيهِ الْمَشْهُورَة حَدثنَا أَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أبي حَدثنَا نوح بن حبيب البذشي حَدثنَا حَامِد بن مَحْمُود حَدثنَا أَبُو مسْهر الدِّمَشْقِي حَدثنَا ابْن عبد الْعَزِيز التنوخي حَدثنِي ربيعَة قَالَ لما أَتَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَقيل لَهُ إِن يُوسُف أكله الذِّئْب فَدَعَا الذِّئْب فَقَالَ أكلت قُرَّة عَيْني وَثَمَرَة فُؤَادِي قَالَ لَا لم أفعل قَالَ فَمن أَيْن جِئْت وَأَيْنَ تُرِيدُ(2/308)
قَالَ جِئْت من أَرض مصر وَأُرِيد أَرض جرجان قَالَ فَمَا يَعْنِيك لَهَا قَالَ سَمِعت الْأَنْبِيَاء قبلك يَقُولُونَ من زار حميما أَو قَرِيبا كتب الله لَهُ بِكُل خطْوَة ألف حَسَنَة وَحط عَنهُ ألف سَيِّئَة وَرفع لَهُ ألف دَرَجَة فَدَعَا بنيه فَقَالَ اكتبوا هَذَا الحَدِيث فَأبى أَن يُحَدِّثهُمْ فَقَالَ مَالك لَا تحدثهم قَالَ إِنَّهُم عصاة وَقد أُوتِيَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلَام الذِّئْب كَمَا تقدم
قَالَ أَبُو نعيم وَمِمَّا اعطيه يَعْقُوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه ابتلى بِفِرَاق وَلَده فَصَبر حَتَّى يكون حرضا من الْحزن وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجع بولده وَلم يكن لَهُ من الْبَنِينَ غَيره فَرضِي واستسلم ففاق صبره صَبر يَعْقُوب
بَاب مَا أُوتِيَ يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام
قَالَ أَبُو نعيم أعطي يُوسُف من الْحسن مَا فاق بِهِ الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ بل والخلق أَجْمَعِينَ وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُوتِيَ من الْجمال مَا لم يؤته أحد وَلم يُؤْت يُوسُف إِلَّا شطر الْحسن وأوتي نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمِيعه وَقد تقدم فِي أول الْكتاب قَالَ ويوسف أَبْتَلِي بِفِرَاقِهِ عَن أَبَوَيْهِ وغربته عَن وَطنه وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَارق الْأَهْل وَالْعشيرَة والأحبة والوطن مُهَاجرا إِلَى الله تَعَالَى
بَاب مَا أُوتِيَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
أُوتِيَ نبع المَاء من الْحجر وَقد وَقع ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا تقدم فِي أول الْبَعْث وَزَاد بنبعه من بَين ألأصابع الشَّرِيفَة
قَالَ أَبُو نعيم وَهُوَ أعجب فَإِن نبعه من الْحجر مُتَعَارَف مَعْهُود وَأما من بَين اللَّحْم وَالدَّم فَلم يعْهَد
وأوتي تظليل الْغَمَام وَقد تقدم ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عدَّة أَحَادِيث
وأوتي الْعَصَا قَالَ أَبُو نعيم ونظيرها لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنين الْجذع ونظيرها فِي قَلبهَا ثعبانا قصَّة الْفَحْل الَّذِي رَآهُ أَبُو جهل(2/309)
وَقلت وأوتي الْيَد ونظيرها النُّور الَّذِي جعله آيَة للطفيل فَصَارَ فِي وَجهه ثمَّ خَافَ أَن يكون مثله فتحول إِلَى سَوْطه كَمَا تقدم فِي بَاب إِسْلَام الطُّفَيْل
وأوتي انفلاق الْبَحْر وَقد تقدم نَظِيره فِي بَاب الْإِسْرَاء أَن الْبَحْر الَّذِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض انْفَلق لَهُ حَتَّى جاوزه وَجعل أَبُو نعيم نَظِير هَذَا مَا تقدم فِي بَاب إحْيَاء الْمَوْتَى فِي قصَّة الْعَلَاء ابْن الْحَضْرَمِيّ وَسَيَأْتِي فِي آخر الْكتاب وقائع مثلهَا
وأوتي الْمَنّ والسلوى قَالَ أَبُو نعيم وَنَظِيره إحلال الْغَنَائِم وإشباع الجم الْغَفِير من الطَّعَام الْيَسِير
ودعا مُوسَى على قومه بالطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم قَالَ أَبُو نعيم وَنَظِيره دعاؤه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قومه بِالسِّنِينَ
وَقَالَ مُوسَى لرَبه {وعجلت إِلَيْك رب لترضى} وَقَالَ الله تَعَالَى لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} {فلنولينك قبْلَة ترضاها} وَقَالَ تَعَالَى لمُوسَى (وألقيت عَلَيْك محبَّة مني) وَقَالَ فِي حق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله)
بَاب مَا أُوتِيَ يُوشَع عَلَيْهِ السَّلَام
أُوتِيَ حبس الشَّمْس حِين قَاتل الجبارين وَقد حبست لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا تقدم فِي الْإِسْرَاء وأعجب من ذَلِك رد الشَّمْس حِين فَاتَ عصر عَليّ رَضِي الله عَنهُ(2/310)
بَاب فِيمَا أوتيه دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
قَالَ أَبُو نعيم أُوتِيَ تَسْبِيح الْجبَال وَنَظِير ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَسْبِيح الْحَصَى وَالطَّعَام كَمَا تقدم فِي بَابه وأوتي تسخير الطير وَقد تقدم تسخير سَائِر الْحَيَوَانَات لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وأوتي الإنة الْحَدِيد وَقد لينت الحجارلنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصم الصخور واستتر من الْمُشْركين يَوْم أحد مَال بِرَأْسِهِ إِلَى الْجَبَل ليخفي شخصه عَنْهُم فلين الله لَهُ الْجَبَل حَتَّى أَدخل فِيهِ رَأسه وَذَلِكَ ظَاهر بَاقٍ يرَاهُ النَّاس وَكَذَلِكَ فِي بعض شعاب مَكَّة حجر أَصمّ إستروح إِلَيْهِ فِي صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلَاته فلَان لَهُ الْحجر حَتَّى أثر فِيهِ بذراعيه وساعديه وَذَلِكَ مَشْهُور وَهَذَا أعجب لِأَن الْحَدِيد تلينه النَّار وَلنْ تَرَ النَّار تلين الْحجر هَذَا كُله كَلَام أبي نعيم
وأوتي دَاوُد نسج العنكبوت على الْغَار وَوَقع ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا تقدم فِي الْهِجْرَة
بَاب فِيمَا أوتيه سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام
قَالَ ابو نعيم أُوتِيَ ملكا عَظِيما وَقد أعطي نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هُوَ أعظم من ذَلِك مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض
وأوتي سُلَيْمَان الرّيح تسير بِهِ غدوها شهر ورواحها شهر وَقد أعطي نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هُوَ أعظم من ذَلِك الْبراق سَار بِهِ مسيرَة خمسين ألف سنة فِي أقل من ثلث لَيْلَة فَدخل السَّمَوَات سَمَاء سَمَاء وأري عجائبها ووقف على الْجنَّة وَالنَّار
وسخرت لِسُلَيْمَان الْجِنّ وَكَانَت تعتاص عَلَيْهِ حَتَّى يصفدها ويعذبها وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَتْهُ وُفُود الْجِنّ طَائِعَة مُؤمنَة وسخر لَهُ الشَّيَاطِين والمردة مِنْهُم حَتَّى هم أَن يرْبط الشَّيْطَان الَّذِي اخذه بِسَارِيَة الْمَسْجِد وَقد تقدم ذَلِك فِي غير مَا قصَّة(2/311)
وَعلم سُلَيْمَان منطق الطير وَأعْطِي نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فهم كَلَام جَمِيع الْحَيَوَانَات وَزِيَادَة كَلَام الشّجر وَالْحجر والعصا وَقد تقدم كل ذَلِك
بَاب فِيمَا أُوتِيَ يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام
قَالَ أَبُو نعيم أُوتِيَ الحكم صَبيا وَكَانَ يبكي من غير ذَنْب وَكَانَ يواصل الصَّوْم وَأعْطِي نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من هَذَا فَأن يحي لم يكن فِي عصر الْأَوْثَان والأصنام والجاهلية وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي عصر أوثان وجاهلية وَمَعَ ذَلِك أُوتِيَ الْفَهم وَالْحكم صَبيا بَين عَبدة الْأَوْثَان وحزب الشَّيْطَان فَمَا رغب لَهُم فِي صنم قطّ وَلَا شهد مَعَهم عيدا وَلم يسمع مِنْهُ قطّ كذب وَلَا عرفت لَهُ صبوة وَكَانَ يواصل الْأُسْبُوع صوما وَيَقُول إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني وَكَانَ يبكي حَتَّى يسمع لصدره أزيز كأزيز الْمرجل
قَالَ فَإِن قيل كَانَ يحيى حصورا والحصور الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء قيل نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رَسُولا إِلَى الْخلق كَافَّة فَأمر بِالنِّكَاحِ ليقتدي بِهِ الْخلق جَمِيعًا فِيهِ لما جبلت عَلَيْهِ النُّفُوس من التوقان إِلَيْهِ
بَاب فِيمَا أُوتِيَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
قَالَ تَعَالَى {ورسولا إِلَى بني إِسْرَائِيل أَنِّي قد جِئتُكُمْ بِآيَة من ربكُم أَنِّي أخلق لكم من الطين كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ فَيكون طيرا بِإِذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الْمَوْتَى بِإِذن الله وأنبئكم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تدخرون فِي بُيُوتكُمْ} وَقد تقدم نَظِير ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب إحْيَاء الْمَوْتَى وَبَاب إِبْرَاء المرضى وَذَوي العاهات وَفِي غَزْوَة بدر وَأحد رد عين قَتَادَة وَفِي غَزْوَة خَيْبَر تفله فِي عَيْني عَليّ(2/312)
وَفِي أَبْوَاب أخباره بالمغيبات وَجعل أَبُو نعيم نَظِير خلق الطين طيرا جعل العسيب سَيْفا من حَدِيد كَمَا تقدم فِي غَزْوَة بدر
وَقَالَ تَعَالَى {إِذْ قَالَ الحواريون يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم هَل يَسْتَطِيع رَبك أَن ينزل علينا مائدة من السَّمَاء} الْآيَة وَقد تقدم نَظِير ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أُتِي بِطَعَام من السَّمَاء فِي عدَّة أَحَادِيث
وَقَالَ تَعَالَى {ويكلم النَّاس فِي المهد} وَقد تقدم ذَلِك لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب عقب وِلَادَته
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما ولد عِيسَى لم يبْقى فِي الأَرْض صنم إِلَّا خر لوجهه وَقد تقدم فِي بَاب ولادَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَظِير ذَلِك
وأوتي عِيسَى الرّفْع إِلَى السَّمَاء قَالَ أَبُو نعيم وَقد وَقع ذَلِك لجَماعَة من أمة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عَامر بن فهَيْرَة وخبيب والْعَلَاء ابْن الْحَضْرَمِيّ كَمَا تقدم فِي أَبْوَاب(2/313)
ذكر الخصائص الَّتِي فضل بهَا على جَمِيع الانبياء وَلم يُعْطهَا بنى قبله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي فِي شرف الْمُصْطَفى الْفَضَائِل الَّتِي فضل بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سَائِر الْأَنْبِيَاء سِتُّونَ خصْلَة انْتهى
قلت وَلم أَقف على من عدهَا وَقد تتبعت الْأَحَادِيث والْآثَار فَوجدت الْقدر الْمَذْكُور وَثَلَاثَة أَمْثَاله مَعَه وَقد رَأَيْتهَا أَرْبَعَة اقسام قسم اخْتصَّ بِهِ فِي ذَاته فِي الدُّنْيَا وَقسم اخْتصَّ بِهِ فِي ذَاته فِي الْآخِرَة وَقسم اخْتصَّ بِهِ فِي أمته فِي الدُّنْيَا وَقسم اخْتصَّ بِهِ فِي امته فِي الْآخِرَة وَهَا أَنا أوردهَا مفصلة فِي الْأَبْوَاب
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ أول النَّبِيين وَتقدم نبوته
فَكَانَ نَبيا وآدَم منجدل فِي طينته وَتقدم أَخذ الْمِيثَاق وَأَنه أول من قَالَ بلَى يَوْم السِّت بربكم وَخلق آدم وَجَمِيع الْمَخْلُوقَات لأَجله وَكتابه إسمه الشريف على الْعَرْش وَالسَّمَوَات والجنان وَسَائِر مَا فِي الملكوت وَذكر الْمَلَائِكَة لَهُ فِي كل سَاعَة وَذكر إسمه فِي الآذان فيعهد آدم وَفِي الملكوت الْأَعْلَى وَأخذ مِيثَاق على النَّبِيين وآدَم فَمن بعده أَن يؤمنو بِهِ وينصروه والتبشير بِهِ فِي الْكتب السَّابِقَة ونعته فِيهَا ونعت أَصْحَابه وخلفائه وَأمته وحجب إِبْلِيس من السَّمَوَات لمولده وشق صَدره فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَجعل خَاتم النُّبُوَّة بظهره بازاء قلبه حَيْثُ يدْخل الشَّيْطَان وَبِأَن لَهُ ألف إسم وباشتقاق إسمه من إسم الله تَعَالَى وَبِأَنَّهُ سمي من أَسمَاء الله تَعَالَى بِنَحْوِ(2/314)
سبعين إسما وبإظلال الْمَلَائِكَة لَهُ فِي سَفَره وَبِأَنَّهُ أرجح النَّاس عقلا وَبِأَنَّهُ أُوتِيَ كل الْحسن وَلم يُؤْت يُوسُف إِلَّا شطره وبغطه عِنْد ابْتِدَاء الْوَحْي وبرؤيته جِبْرِيل فِي صورته الَّتِي خلق عَلَيْهَا فِيمَا ذكره الْبَيْهَقِيّ وبانقطاع الكهانة لمبعثه وحراسة السَّمَاء فِي استراق السّمع وَالرَّمْي بِالشُّهُبِ فِيمَا ذكره ابْن سبع وإحياء أَبَوَيْهِ لَهُ حَتَّى آمنا بِهِ وَقبُول شَفَاعَته فِي الْكفَّار لتخفيف الْعَذَاب كَمَا فِي قصَّة أبي طَالب وقصة القبرين وبوعده بالعصمة من النَّاس وبالإسراء وَمَا تضمنه من اختراق السَّمَوَات السَّبع والعلو إِلَى قاب قوسين ووطئه مَكَانا مَا وَطئه نَبِي مُرْسل وَلَا ملك مقرب وإحياء الْأَنْبِيَاء لَهُ وَصلَاته إِمَامًا بهم وبالملائكة وإطلاعه على الْجنَّة وَالنَّار فِيمَا ذكره الْبَيْهَقِيّ ورؤيته من آيَات ربه الْكُبْرَى وَحفظه حَتَّى مَا زاغ الْبَصَر وَمَا طَغى ورؤيته الْبَارِي تَعَالَى مرَّتَيْنِ وقتال الْمَلَائِكَة مَعَه فَهَذِهِ نَحْو أَرْبَعِينَ خصيصة تقدّمت أحاديثها فِي الْأَبْوَاب السَّابِقَة
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن كِتَابه معجز زمحفوظ من التبديل والتحريف على ممر الدهور وجامع لكل شَيْء ومستغن عَن غَيره ومشتمل على مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ جَمِيع الْكتب وَزِيَادَة وميسر للْحِفْظ وَنزل منجما وَنزل على سَبْعَة أحرف وَمن سَبْعَة أَبْوَاب وَبِكُل لُغَة
قَالَ تَعَالَى {قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ على أَن يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يأْتونَ بِمثلِهِ وَلَو كَانَ بَعضهم لبَعض ظهيرا} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} وَقَالَ تَعَالَى {وَإنَّهُ لكتاب عَزِيز لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه} وَقَالَ تَعَالَى ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبيانا لكل شَيْء وَقَالَ تَعَالَى {إِن هَذَا الْقُرْآن يقص على بني إِسْرَائِيل أَكثر الَّذِي هم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مدكر} وَقَالَ(2/315)
تَعَالَى {وقرآنا فرقناه لتقرأه على النَّاس على مكث} وَقَالَ تَعَالَى وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة كَذَلِك لتثبت بِهِ فُؤَادك الآتين
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من الْأَنْبِيَاء نَبِي إِلَّا أعْطى مَا مثله آمن عَلَيْهِ الْبشر وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتهُ وَحيا أوحاه الله إِلَيّ فأرجو أَن أكون أَكْثَرهم تَابعا)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ} الْآيَة قَالَ حفظه الله تَعَالَى من الشَّيْطَان فَلَا يزِيد فِيهِ بَاطِلا وَلَا ينقص مِنْهُ حَقًا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يحيى بن أَكْثَم قَالَ دخل يَهُودِيّ على الْمَأْمُون فَتكلم فَأحْسن الْكَلَام فَدَعَاهُ الْمَأْمُون إِلَى الْإِسْلَام فَأبى فَلَمَّا كَانَ بعد سنة جَاءَنَا مُسلما فَتكلم على الْفِقْه فَأحْسن الْكَلَام فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون مَا كَانَ سَبَب إسلامك قَالَ انصرفت من حضرتك فَأَحْبَبْت أَن أمتحن هَذِه الْأَدْيَان فعمدت إِلَى التَّوْرَاة فَكتبت ثَلَاث نسخ فزدت فِيهَا ونقصت وأدخلتها ونقصت وأدخلتها الْكَنِيسَة فاشتريت مني وعمدت إِلَى الانجيل فَكتبت ثَلَاث نسخ فزدت فِيهَا ونقصت وأدخلتها الْبيعَة فاشتريت مني وعمدت إِلَى الْقُرْآن فَعمِلت ثَلَاث نسخ فزدت فِيهَا ونقصت وأدخلتها الوراقين فتصفحوها فَلَمَّا أَن وجدوا فِيهَا الزِّيَادَة والنقصات رموا بهَا فَلم يشتروها فَعلمت أَن هَذَا كتاب مَحْفُوظ فَكَانَ هَذَا سَبَب إسلامي
قَالَ يحيى ابْن أَكْثَم فححجت تِلْكَ السّنة فَلَقِيت سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَذكرت لَهُ الحَدِيث فَقَالَ لي مصداق هَذَا فِي كتاب الله تَعَالَى قلت فِي أَي مَوضِع قَالَ فِي قَول الله تَعَالَى فِي التَّوْرَاة والأنجيل {بِمَا استحفظوا من كتاب الله} فَجعل حفظَة إِلَيْهِم فَضَاعَ وَقَالَ {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} فحفظه الله تَعَالَى علينا فَلم يضع(2/316)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ أنزل الله مائَة وَأَرْبَعَة كتب أودع علومها أَرْبَعَة مِنْهَا التَّوْرَاة والانجيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان ثمَّ أودع عُلُوم التَّوْرَاة والانجيل وَالزَّبُور فِي الْفرْقَان
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود قَالَ من أَرَادَ الْعلم فَعَلَيهِ بِالْقُرْآنِ فَإِن فِيهِ خبر الْأَوَّلين والآخرين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أنزل الله فِي هَذَا الْقُرْآن كل علم وَبَين لنا فِيهِ كل شَيْء وَلَكِن علمنَا يقصر عَمَّا بَين لنا فِي الْقُرْآن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله لَو أغفل شَيْئا لأغفل الذّرة والخردلة والبعوضة)
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (كَانَ الْكتاب الأول ينزل من بَاب وَاحِد على حرف وَاحِد وَنزل الْقُرْآن من سَبْعَة أَبْوَاب على سَبْعَة أحرف زاجر وآمر وحلال وَحرَام ومحكم ومتشابه وأمثال)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَقْرَأَنِي جِبْرِيل على حرف فراجعته فَلم أزل أستزيده ويزيدني حَتَّى انْتهى إِلَى سَبْعَة أحرف)
واخرج مُسلم عَن أبي بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن رَبِّي أرسل إِلَيّ أَن أَقرَأ الْقُرْآن على حرف فَرددت إِلَيْهِ أَن هون على أمتِي فَأرْسل إِلَيّ أَن أَقرَأ على حرفين فَرددت إِلَيْهِ أَن هون على أمتِي فَأرْسل إِلَيّ أَن أقرأه على سبعت أحرف)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن أبي ميسرَة قَالَ نزل الْقُرْآن بِكُل لِسَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ مَا من اللُّغَة شَيْء إِلَّا مِنْهَا فِي الْقُرْآن شَيْء قيل وَمَا فِيهِ منالرومية قَالَ {فصرهن} يَقُول قطعهن قَالَ الإِمَام الرَّازِيّ فضل الْقُرْآن على سَائِر الْكتب الْمنزلَة بِثَلَاثِينَ خصْلَة لم تكن فِي غَيره(2/317)
بَاب معجزته مستمرة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
واختص بِأَن معجزته مستمرة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَهِي الْقُرْآن ومعجزات سَائِر الْأَنْبِيَاء انقرضت لوَقْتهَا عد هَذِه الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَبِأَنَّهُ أَكثر الْأَنْبِيَاء معجزات فقد قيل إِنَّهَا تبلغ ألف وَقيل ثَلَاثَة آلَاف ذكر ذَلِك الْبَيْهَقِيّ آلَاف ذكره ذَلِك الْبَيْهَقِيّ
وَقَالَ الْحَلِيمِيّ وفيهَا مَعَ كثرتها معنى آخر وَهُوَ أَنه لَيْسَ فِي شَيْء من معجزات غَيره مَا ينحو نَحْو إختراع الْأَجْسَام وأنما ذَلِك فِي معجزات نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
قلت وَمِمَّا يعد فِي خَصَائِصه أَنه جمع لَهُ كل مَا أوتيه الْأَنْبِيَاء فِي معجزات وفضائل وَلم يجمع ذَلِك لغيره بل اخْتصَّ كل بِنَوْع
وعد ابْن عبد السَّلَام من خَصَائِصه تَسْلِيم الْحجر وحنين الْجذع قَالَ وَلم يثبت لوَاحِد من الْأَنْبِيَاء مثل ذَلِك وعد أَيْضا نبع المَاء من بَين الْأَصَابِع وَقد عد هَذِه غَيره وعد غَيره أَيْضا إنشقاق الْقَمَر
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ خَاتم النَّبِيين وَآخرهمْ بعثا وَأَنه أدْركهُ الْأَنْبِيَاء لوَجَبَ عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وناسخ لجَمِيع الشَّرَائِع قبله وَبِأَن شَرعه مؤبد إِلَى أَتْبَاعه
قَالَ تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} وَقَالَ تَعَالَى {وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ من الْكتاب ومهيمنا عَلَيْهِ} وَقَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله} أورد ابْن سبع هَاتين الْآيَتَيْنِ إستدلالا على أَن شَرعه نَاسخ لكل شرع قبله(2/318)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعِي كتاب أصبته من بعض أهل الْكتب فَقَالَ (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن مُوسَى كَانَ حَيا الْيَوْم مَا وَسعه إِلَّا أَن يَتبعني)
بَاب من خَصَائِصه
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن فِي كِتَابه النَّاسِخ والمنسوخ قَالَ تَعَالَى {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} وَلَيْسَ فِي سَائِر الْكتب مثل ذَلِك وَلذَا كَانَ الْيَهُود يُنكرُونَ النّسخ والسر فِي ذَلِك أَن سَائِر الْكتب نزلت دفْعَة وَاحِدَة فَلَا يتَصَوَّر أَن يجْتَمع فِيهَا النَّاسِخ والمنسوخ لِأَن شَرط النَّاسِخ أَن يتَأَخَّر نُزُوله عَن الْمَنْسُوخ
بَاب أعطي كنز الْعَرْش
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أعطي من كنز الْعَرْش وَلم يُعْط مِنْهُ أحد سَيَأْتِي حَدِيثه بعد أَبْوَاب
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعُمُوم الدعْوَة للنَّاس كَافَّة وَبِأَنَّهُ أَكثر الْأَنْبِيَاء تَابعا وبإرسال إِلَى الْجِنّ بِالْإِجْمَاع وَإِلَى الْمَلَائِكَة فِي قَول وبإتيانه الْكتاب وَهُوَ أُمِّي لَا يقْرَأ وَلَا يكْتب
وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} وَقَالَ {تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده ليَكُون للْعَالمين نذيرا}
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ أحد من الْأَنْبِيَاء قبلي نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا(2/319)
وَطهُورًا فأيما رجل من أمتِي أَدْرَكته الصَّلَاة فَليصل وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَأعْطيت الشَّفَاعَة وَكَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه خَاصَّة وَبعثت إِلَى النَّاس عَامَّة)
وأحرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهَا أحد قبلي من الْأَنْبِيَاء جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَلم يكن أحد من الْأَنْبِيَاء يُصَلِّي حَتَّى يبلغ محرابه ونصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر يكون بَين يَدي إِلَى الْمُشْركين فيقذف الله الرعب فِي قُلُوبهم وَكَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى خَاصَّة قومه وَبعثت أَنا إِلَى الْجِنّ وَالْإِنْس وَكَانَت الْأَنْبِيَاء يعزلون الْخمس فتجيء النَّار فتأكله وَأمرت أَنا أَن أقسمه بَين فُقَرَاء أمتِي وَلم يبْق نَبِي إِلَّا أعطي سؤله وأخرت أَنا دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَعُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فَقَالَ (إِن جِبْرِيل أَتَانِي فَقَالَ أخرج فَحدث بِنِعْمَة الله الَّتِي أنعم بهَا عَلَيْك فبشرني بِعشر لم يؤتها نَبِي قبلي إِن الله بَعَثَنِي إِلَى النَّاس جَمِيعًا وَأَمرَنِي أَن أنذر الْجِنّ ولقاني كَلَامه وَأَنا أُمِّي قد أُوتِيَ دَاوُد الزبُور ومُوسَى الألواح وَعِيسَى الانجيل وغفرلي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَأَعْطَانِي الْكَوْثَر وأمدني بِالْمَلَائِكَةِ وأتاني النَّصْر وَجعل بَين يَدي الرعب وَجعل حَوْضِي أعظم الْحِيَاض وَرفع لي ذكري فِي التأذين ويبعثني يَوْم الْقِيَامَة مقَاما مَحْمُودًا وَالنَّاس مهطعين مقنعي رُؤْسهمْ ويبعثني فِي أول زمرة تخرج من النَّاس وَأدْخل الْجنَّة بشفاعتي سبعين ألفا من أمتِي لَا يحاسبون ويرفعني فِي أَعلَى غرفَة من جنَّات النَّعيم لَيْسَ فَوقِي إِلَّا الْمَلَائِكَة الَّذين يحملون الْعَرْش وأتاني السُّلْطَان وَطيب الْغَنِيمَة لي ولأمتي وَلم تكن لأحد قبلنَا
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله تَعَالَى فضل مُحَمَّدًا على أهل السَّمَاء وعَلى الْأَنْبِيَاء قَالُوا يَا ابْن عَبَّاس مَا فَضله على أهل السَّمَاء(2/320)
قَالَ إِن الله تَعَالَى قَالَ لأهل السَّمَاء {وَمن يقل مِنْهُم إِنِّي إِلَه من دونه فَذَلِك نجزيه جَهَنَّم} وَقَالَ لمُحَمد (إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) فقد كتب لَهُ بَرَاءَة قَالُوا فَمَا فَضله على الْأَنْبِيَاء قَالَ إِن الله تَعَالَى قَالَ {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} وَقَالَ لمُحَمد {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} فَأرْسلهُ إِلَى الْإِنْس وَالْجِنّ
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا رَسُول من أدْركْت حَيا وَمن يُولد بعدِي)
وَأخرج ابْن سعد عَن خَالِد بن معدان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا إِلَيّ فَإلَى الْعَرَب فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا إِلَيّ فَإلَى قُرَيْش فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا إِلَيّ فَإلَى بني هَاشم فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا فَإِلَيَّ وحدي)
وَأخرج مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا اكثر الْأَنْبِيَاء تَابعا)
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يَأْتِي معي من أمتِي يَوْم الْقِيَامَة مثل السَّيْل وَاللَّيْل فيحطم النَّاس حطمة فَتَقول الْمَلَائِكَة لما جَاءَ مَعَ مُحَمَّد أَكثر مِمَّا جَاءَ مَعَ سَائِر الْأُمَم والأنبياء)
وَأخرج مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا صدق نَبِي من الْأَنْبِيَاء مَا صدقت إِن من الْأَنْبِيَاء من لم يصدقهُ من أمته إِلَّا الرجل الْوَاحِد)
فصل
الْإِجْمَاع على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَبْعُوث إِلَى جَمِيع الْإِنْس وَالْجِنّ وَأما بعثته إِلَى الْمَلَائِكَة فَاخْتلف فِيهَا وَالَّذِي رَجحه السُّبْكِيّ أَنه مَبْعُوث إِلَيْهِم ويستدل لَهُ بِمَا أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ صُفُوف أهل الأَرْض على صُفُوف أهل السَّمَاء فَإِذا وَافق آمين فِي الأَرْض آمين فِي السَّمَاء غفر للْعَبد(2/321)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ بعث رَحْمَة للْعَالمين حَتَّى الْكفَّار بِتَأْخِير الْعَذَاب وَلم يعاجلوا بالعقوبة كَسَائِر الْأُمَم المكذبة
قَالَ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} الْآيَة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله بَعَثَنِي رَحْمَة للْعَالمين وَهدى لِلْمُتقين)
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَلا تَدْعُو على الْمُشْركين قَالَ (إِنَّمَا بعثت رَحْمَة وَلم أبْعث عذَابا)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين} قَالَ من آمن تمت لَهُ الرَّحْمَة على الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن لم يُؤمن عوفي مِمَّا كَانَ يُصِيب الْأُمَم فِي عَاجل الدُّنْيَا من الْعَذَاب من الْخَسْف وَالْمَسْخ وَالْقَذْف
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باقسام الله تَعَالَى بحياته
قَالَ تَعَالَى {لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا حلف الله بحياة أحد إِلَّا بحياة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ {لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} وحياتك يَا مُحَمَّد(2/322)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَام قرينه وَبِأَن أَزوَاجه عون لَهُ
أخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فضلت على الْأَنْبِيَاء بخصلتين كَانَ شيطاني كَافِرًا فَأَعَانَنِي الله عَلَيْهِ حَتَّى أسلم ونسيت الْخصْلَة الْأُخْرَى)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فضلت على آدم بخصلتين كَانَ شيطاني كَافِرًا فَأَعَانَنِي الله عَلَيْهِ حَتَّى أسلم وَكن أزواجي عونا لي وَكَانَ شَيْطَان آدم كَافِرًا وَزَوجته عونا على خطيئته)
وَأخرج مُسلم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَمَعَهُ قرينه من الْجِنّ وقرينه من الْمَلَائِكَة قَالُوا وَإِيَّاك يَا رَسُول الله قَالَ وإياي وَلَكِن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَير) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة مثله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد أَن آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام ذكر مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِن أفضل مَا فضل بِهِ عَليّ ابْني صَاحب الْبَعِير أَن زَوجته عون لَهُ على دينه وَكَانَت زَوْجَتي عونا لي على الخطيئته)
بَاب تَفْضِيل الله لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مخاطبته
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه أَن الله فصل مخاطبته من مُخَاطبَة الْأَنْبِيَاء قبله تَشْرِيفًا لَهُ وإجلالا وَذَلِكَ أَن الْأُمَم كَانُوا يَقُولُونَ لأنبيائهم رَاعنا سَمعك فَنهى الله تَعَالَى هَذِه الْأمة أَن يخاطبوا نَبِيّهم بِهَذِهِ المخاطبة فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَقولُوا رَاعنا وَقُولُوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عَذَاب أَلِيم}(2/323)
بَاب تشريفه بمخاطبة الله لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
قَالَ الْعلمَاء وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى لم يناده فِي الْقُرْآن بإسمه بل قَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي} {يَا أَيهَا الرَّسُول} {يَا أَيهَا المدثر} {يَا أَيهَا المزمل} بِخِلَاف سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فَأَنَّهُ خاطبهم بِأَسْمَائِهِمْ كَقَوْلِه تَعَالَى {يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} {يَا نوح اهبط} {يَا إِبْرَاهِيم أعرض عَن هَذَا} {يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك} يَا عِيسَى أذكر نعمتي عَلَيْك يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي بِالْأَرْضِ {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نبشرك} {يَا يحيى خُذ الْكتاب}
بَاب تَحْرِيم ندائه بإسمه
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه تَحْرِيم ندائه بإسمه على الْأمة بِخِلَاف سَائِر الْأَنْبِيَاء فَإِن أممهم كَانَت تخاطبهم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَة عَنْهُم {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} {إِذْ قَالَ الحواريون يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم} وَقَالَ تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة {تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا}(2/324)
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالُوا كَانُوا يَقُولُونَ يَا مُحَمَّد يَا أَبَا الْقَاسِم فَنَهَاهُمَا الله عَن ذَلِك إعظاما لنَبيه فَقَالُوا يَا نَبِي الله يَا رَسُول الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَلْقَمَة الْأسود فِي الْآيَة قَالَ لَا تَقولُوا يَا مُحَمَّد وَلَكِن قُولُوا يَا رَسُول الله يَا نَبِي الله وَأخرج أَبُو نعيم مثله عَن الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير
وَأخرج عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ أَمر الله تَعَالَى أَن يهاب نبيه وَأَن يعظم ويفخم ويسود
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمَيِّت يسْأَل عَنهُ فِي قَبره
أخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أما فتْنَة الْقَبْر فِي تفتنون وعني تسْأَلُون فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح اجْلِسْ فَيُقَال لَهُ مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله الحَدِيث قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ سُؤال المقبور خَاص بِهَذِهِ الْأمة وَكَذَا قَالَ ابْن عبد الْبر وَالْمَسْأَلَة مبسوطة فِي كتاب البرزخ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن عَوْرَته لم تَرَ قطّ وَلَو رَآهَا أحد طمست عَيناهُ
وَسَيَأْتِي حَدِيثه فِي أَبْوَاب الْوَفَاة
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باستئذان ملك الْمَوْت عَلَيْهِ
سَيَأْتِي حَدِيثه فِي أَبْوَاب الْوَفَاة وَقد أوردت فِي البرزخ أَحَادِيث دُخُول ملك الْمَوْت على إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَدَاوُد عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بِغَيْر إستئذان(2/325)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نِكَاح ازواجه من بعده
قَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله وَلَا أَن تنْكِحُوا أَزوَاجه من بعده أبدا إِن ذَلِكُم كَانَ عِنْد الله عَظِيما} وَلم يثبت ذَلِك لأحد من الْأَنْبِيَاء بل قصَّة سارة مَعَ الْجَبَّار وَقَول إِبْرَاهِيم لَهُ هَذِه أُخْتِي وَأَنه هم أَن يطلقهَا ليتزوجها الْجَبَّار قد يسْتَدلّ بِهِ أَن ذَلِك لم يكن لسَائِر الْأَنْبِيَاء
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة أَنه قَالَ لزوجته إِن سرك أَن تَكُونِي زَوْجَتي فِي الْجنَّة فَلَا تزوجي بعدِي فَإِن الْمَرْأَة لآخر أزواجها فِي الدُّنْيَا فَلذَلِك حرم على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينكحن بعده لِأَنَّهُنَّ أَزوَاجه فِي الْجنَّة
وَمِمَّا قيل فِي تَعْلِيل ذَلِك أَنَّهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَأَن فِي ذَلِك غَضَاضَة ينزه عَنْهَا منصبه الشريف وَأَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ فِي قَبره وَلِهَذَا حُكيَ الْمَاوَرْدِيّ وَجها أَنه لَا يجب عَلَيْهِنَّ عدَّة الْوَفَاة وفيمن فَارقهَا فِي الْحَيَاة كالمستعيذة وَالَّتِي رأى بكشحها بَيَاضًا أوجه
أَحدهَا يحرمن أَيْضا وَهُوَ الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَصَححهُ فِي الرَّوْضَة لعُمُوم الْآيَة وَلَيْسَ المُرَاد بِمن بعده بعدية الْمَوْت بل بعدية النِّكَاح وَقيل لَا
وَالثَّالِث وَصَححهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ والرافعي فِي الشَّرْح الصَّغِير تَحْرِيم الْمَدْخُول بهَا فَقَط لما روى أَن الْأَشْعَث بن قيس نكح المستعيذة فِي زمن عمر فهم برجمه فَأخْبر أَنَّهَا لم تكن مَدْخُولا بهَا فَكف
وَالْخلاف جَار أَيْضا فِيمَن اخْتَارَتْ الْفِرَاق لَكِن الْأَصَح فِيهَا عِنْد إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ الْحل وَقطع بِهِ جمَاعَة لتحصل فَائِدَة التَّخْيِير وَهُوَ التَّمَكُّن من زِينَة الدُّنْيَا(2/326)
وَفِي أمة فَارقهَا بعد وطيها أوجه ثَالِثهَا تحرم إِن فَارقهَا بِالْمَوْتِ كمارية وَلَا تحرم إِن بَاعهَا فِي الْحَيَاة
بَاب تولي الله لَهُ وَالرَّدّ على اعدائه
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه أَن من تقدمه من الْأَنْبِيَاء كَانُوا يدافعون عَن أنفسهم ويردون على أعدائهم كَقَوْل نوح {يَا قوم لَيْسَ بِي ضَلَالَة} وَقَول هود {يَا قوم لَيْسَ بِي سفاهة} وَأَشْبَاه ذَلِك وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تولى الله تبريته عَمَّا نسبه إِلَيْهِ اعداؤه ورد عَلَيْهِم بِنَفسِهِ فَقَالَ {مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون} وَقَالَ {مَا ضل صَاحبكُم وَمَا غوى وَمَا ينْطق عَن الْهوى} وَقَالَ {وَمَا علمناه الشّعْر} إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات
بَاب إِنَّك لمن الْمُرْسلين
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى أقسم على رسَالَته فَقَالَ {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم إِنَّك لمن الْمُرْسلين}
بَاب جمعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْقبْلَتَيْنِ والهجرتين
وَمن خَصَائِصه أَنه جمع بَين الْقبْلَتَيْنِ والهجرتين وَأَنه جمعت لَهُ الشَّرِيعَة والحقيقة وَلم يكن للأنبياء إِلَّا إِحْدَاهمَا بِدَلِيل قصَّة مُوسَى مَعَ الْخضر وَقَوله إِنِّي على علم من علم الله لَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلمه وَأَنت على علم من علم الله لَا يَنْبَغِي لي أَن أعلمهُ(2/327)
وَقد كنت قلت هَذَا الْكَلَام أَولا استنباطا من هَذَا الحَدِيث من غير أَن أَقف عَلَيْهِ فِي كَلَام أحد من الْعلمَاء ثمَّ رَأَيْت الْبَدْر بن الصاحب أَشَارَ إِلَيْهِ فِي تَذكرته وَوجدت من شواهده حَدِيث السَّارِق الَّذِي أَمر بقتْله وَالْمُصَلي الَّذِي أَمر بقتْله وَقد تقدم فِي بَاب المغيبات
زِيَادَة إِيضَاح لهَذَا الْبَاب
فقد أشكل فهمه على قوم وَلَو تأملوا لاتضح لَهُم المُرَاد بالشريعة وَالْحكم بِالظَّاهِرِ وبالحقيقة الحكم الْبَاطِن وَقد نَص الْعلمَاء على أَن غَالب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بعثوا ليحكموا بِالظَّاهِرِ دون مَا اطلعوا عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَبعث الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام ليحكم بِمَا اطلع عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَلَكِن الأنبيا لم يبعثوا بذلك أنكر مُوسَى عَلَيْهِ قَتله الْغُلَام وَقَالَ لَهُ {لقد جِئْت شَيْئا نكرا} لِأَن ذَلِك خلاف الشَّرْع فَأَجَابَهُ بِأَنَّهُ أَمر بذلك وَبعث فَقَالَ وَمَا فعلته عَن أَمْرِي وَهَذَا معنى قَوْله لَهُ إِنَّك على علم إِلَى أَخّرهُ
قَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِي شرح البُخَارِيّ المُرَاد بِالْعلمِ التَّنْفِيذ وَالْمعْنَى لَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلمه لتعمل بِهِ لن الْعَمَل بِهِ منَاف لمقْتَضى الشَّرْع وَلَا يَنْبَغِي أَن اعلمه فاعمل بِمُقْتَضَاهُ لِأَنَّهُ منَاف لمقْتَضى الْحَقِيقَة قَالَ فعلى هَذَا لَا يجوز للْوَلِيّ التَّابِع للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اطلع على حَقِيقَة أَن ينفذ ذَلِك بِمُقْتَضى الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا أَن ينفذ الحكم الظَّاهِر انْتهى
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي الأصابه قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره الجهور على أَن الْخضر نَبِي وَكَانَ علمه معرفَة بواطن أوحيت إِلَيْهِ وَعلم مُوسَى الجكم الظَّاهِر فَأَشَارَ إِلَى أَن المُرَاد فِي الحَدِيث بالعلمين الحكم بالباطن وَالْحكم بِالظَّاهِرِ لَا أَمر آخر(2/328)
وَقد قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ إِن الَّذِي بعث بِهِ الْخضر شَرِيعَة لَهُ فَالْكل شَرِيعَة
وَأما نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ أَمر أَولا أَن يحكم بِالظَّاهِرِ دون مَا اطلع عَلَيْهِ من الْبَاطِن والحقيقة كغالب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلِهَذَا قَالَ نَحن نحكم بِالظَّاهِرِ وَفِي لفظ إِنَّمَا اقضي بِالظَّاهِرِ وَالله يتَوَلَّى السرائر وَقَالَ غنما أَقْْضِي بِنَحْوِ مَا اسْمَع فَمن قَضيته لَهُ بِحَق آخر فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَة من النَّار وَقَالَ للْعَبَّاس أما ظاهرك فَكَانَ علينا وَأما سريرتك فَإلَى الله
وَكَانَ يقبل عذر المتخلفين عَن غَزْوَة تَبُوك ويكل سرائرهم إِلَى الله وَقَالَ فِي تِلْكَ الْمَرْأَة لَو كنت راجما أحدا من غير بَيِّنَة لرجمتها وَقَالَ أَيْضا لَوْلَا الْقُرْآن لَكَانَ لي وَلها شَأْن فَهَذَا كُله صَرِيح فِي أَنه يحكم بِظَاهِر الشَّرْع بِالْبَيِّنَةِ أَو الإعتراف دون مَا اطلعه الله عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها ثمَّ أَن الله تَعَالَى زَاده شرفا وَأذن لَهُ أَن يحكم بالباطن وَمَا اطلع عَلَيْهِ من حقائق المور فَجمع لَهُ بَين مَا كَانَ للأنبياء وَمَا كَانَ للخضر خُصُوصِيَّة خصّه الله بهَا وَلم يجمع الْأَمْرَانِ لغيره
وَقد قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره أجمع الْعلمَاء على بكرَة أَبِيهِم أَنه لَيْسَ لأحد أَن يقتل بِعِلْمِهِ إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشَاهد ذَلِك حَدِيث الْمُصَلِّي وَالسَّارِق الَّذين أَمر بِقَتْلِهِمَا فَإِنَّهُ اطلع على بَاطِن أَمرهمَا وَعلم مِنْهُمَا مَا يُوجب الْقَتْل وَلَو تفطن الَّذين لم يفهموا إِلَى إستشهادي بِهَذَيْنِ الْحَدِيثين فِي آخر الْبَاب لعرفوا ان المُرَاد الحكم بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِن فَقَط لَا شَيْء آخر لَا يَقُوله مُسلم وَلَا كَافِر وَلَا مجانين المارستان
وَقد ذكر بعض السّلف أَن الْخضر إِلَى الْآن ينفذ الْحَقِيقَة وَأَن الَّذين يموتون فَجْأَة هُوَ الَّذِي يقتلهُمْ فَإِن صَحَّ ذَلِك فَهُوَ فِي هَذِه الْأمة بطرِيق النِّيَابَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ صَار من أَتْبَاعه كَمَا أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما ينزل يحكم بشريعة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِيَابَة عَنهُ وَيصير من أَتْبَاعه وَأمته(2/329)
بَاب كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لله عز وَجل عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَمن خَصَائِصه أَن الله وكلم مُوسَى بِالطورِ وبالوادي الْمُقَدّس زكلم نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى وَجمع لَهُ بَين الْكَلَام والرؤية وَبَين الْمحبَّة والخلة
أخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ لي رَبِّي عز وَجل نحلت إِبْرَاهِيم خلتي وَكلمت مُوسَى تكليما وأعطيتك يَا مُحَمَّد خلتي ومحبتي وكلمتك كفاحا)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سلمَان قَالَ قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلم الله مُوسَى تكليما وَخلق عِيسَى من روح الْقُدس وَاتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَاصْطفى آدم فَمَا أَعْطَيْت من الْفضل فهبط جِبْرِيل فَقَالَ إِن رَبك يَقُول إِن كنت اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا فقد اتخذتك حبيبا وَإِن كنت كلمت مُوسَى فِي الأَرْض تكليما فقد كلمتك فِي السَّمَاء وَإِن كنت خلقت عِيسَى من روح الْقُدس فقد خلقت إسمك من قبل أَن أخلق الْخلق بألفي سنة وَلَقَد وطِئت فِي السَّمَاء موطأ لم يطأه أحد قبلك وَلَا يطأه أحد بعْدك وَإِن كنت اصطفيت آدم فقد ختمت بك النبياء وَمَا خلقت خلقا اكرم على مِنْك وَقد أَعطيتك الْحَوْض والشفاعة والناقة والقضيب والتاج والهرواة وَالْحج وَالْعمْرَة وَشهر رَمَضَان والشفاعة كلهَا لَك حَتَّى ظلّ عَرْشِي فِي الْقِيَامَة عَلَيْك مَمْدُود وتاج الْحَمد على رَأسك مَعْقُود وقرنت إسمك مَعَ إسمي فَلَا أذكر فِي مَوضِع حَتَّى تذكر معي وَلَقَد خلقت الدُّنْيَا وَأَهْلهَا لعرفهم كرامتك ومنزلتك عِنْدِي ولولاك مَا خلقت الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله أعْطى مُوسَى الْكَلَام وَأَعْطَانِي الرُّؤْيَة وفضلني بالْمقَام الْمَحْمُود والحوض المورود)(2/330)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لما أسرِي بِي قربني رَبِّي حَتَّى كَانَ بيني وَبَينه كقاب قوسين أَو أدنى وَقَالَ لي يَا مُحَمَّد هَل غمك أَن جعلتك آخر النَّبِيين قلت لَا قَالَ فَهَل غم أمتك إِن جعلتهم آخر الْأُمَم قلت لَا قَالَ أخبر أمتك إِنِّي جعلتهم آخر الْأُمَم لأفضح الْأُمَم عِنْدهم وَلَا أفضحهم عِنْد المم)
بَاب كَلمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله تَعَالَى بأنواع الْوَحْي
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله تَعَالَى كَلمه بأنواع الْوَحْي وَهِي ثَلَاثَة الرُّؤْيَا الصادقة وَالْكَلَام بِغَيْر وَاسِطَة والتكليم بِوَاسِطَة جِبْرِيل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالنصر بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر أَمَامه وَشهر خَلفه وأيتائه جَوَامِع الْكَلم ومفاتيح خَزَائِن الأَرْض وَعلم كل شَيْء إِلَّا الْخمس قيل وَالْخمس أَيْضا وَالروح وَبَين لَهُ فِي أَمر الدَّجَّال مَا لم يبين لنَبِيّ قبله وتسميته أَحْمد وهبوط إسْرَافيل عَلَيْهِ عد هَذِه الْأَخِيرَة ابْن سبع وَجمع لَهُ بَين النُّبُوَّة وَالسُّلْطَان
أخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض وَسميت أَحْمد وَجعل لي التُّرَاب طهُورا وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم)
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضلت على الْأَنْبِيَاء بست أَعْطَيْت جَوَامِع الْكَلم ونصرت بِالرُّعْبِ وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأرْسلت إِلَى الْخلق كَافَّة وَختم بِي النَّبِيُّونَ)
وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اعطيت خمْسا لم يُعْطهنَّ بني قبلي نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وَأحلت لي الْغَنَائِم وَذكر خَصْلَتَيْنِ ذهبتا عني) وَأخرجه أَبُو نعيم فذكرهما (أرْسلت إِلَى الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا)(2/331)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرُّعْبِ على عدوه مسيرَة شَهْرَيْن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فضلت على الْأَنْبِيَاء بِخمْس بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة وذخرت شَفَاعَتِي لأمتي ونصرت بِالرُّعْبِ شهرا أَمَامِي وشهرا خَلْفي وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا طهُورا وَأحلت لي الغنائملم تحل لأحد قبلى)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِن جِبْرِيل أَتَانِي فبشرني أَن الله أمدني بِالْمَلَائِكَةِ وأتاني النَّصْر وَجعل بَين يَدي الرعب وأتاني السُّلْطَان وَالْملك وَطيب لي ولأمتي الْغَنَائِم وَلم تكن لأحد قبلنَا)
وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي الْأَحْيَاء لأجل إجتماع النُّبُوَّة وَالْملك والسلطنة لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أفضل من سَائِر الْأَنْبِيَاء فَأَنَّهُ أكمل الله تَعَالَى بِهِ صَلَاح الدّين وَالدُّنْيَا وَلم يكن السَّيْف وَالْملك لغيره من الْأَنْبِيَاء)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَقل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا} قَالَ أخرجه الله تَعَالَى من مَكَّة مخرج صدق وَأدْخلهُ الْمَدِينَة مدْخل صدق قَالَ وَعلم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ بِهَذَا الْأَمر إِلَّا بسُلْطَان فَسَأَلَ سُلْطَانا نَصِيرًا لكتاب الله وحدوده وفرائضه ولإقامة كتاب الله فَإِن السُّلْطَان عزة من الله جعلهَا بَين أظهر عباده لَوْلَا ذَلِك لأغار بَعضهم على بعض أكل شديده ضعيفهم
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وبينما أَنا نَائِم إِذْ جىء بمفاتييح خَزَائِن الأَرْض فَوضعت بَين يَدي) قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فقد ذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنْتُم تنتثلونها(2/332)
قَالَ ابْن شهَاب بَلغنِي أَن جَوَامِع الْكَلم أَن الله تَعَالَى يجمع لَهُ الْأُمُور الْكَثِيرَة الَّتِي كَانَت تكْتب فِي الْوَحْي قبله فِي الْأَمر الْوَاحِد والأمرين أَو نَحْو ذَلِك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم وَجِبْرِيل على الصَّفَا فَقَالَ يَا جِبْرِيل مَا أَمْسَى لآل مُحَمَّد سفة من دَقِيق وَلَا كفة من سويق فَلم يكن كَلَامه بأسرع من أَن سمع هدة من السَّمَاء فَأَتَاهُ إسْرَافيل فَقَالَ إِن الله سمع مَا ذكرت فَبَعَثَنِي إِلَيْك بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض وامرني أَن أعرض عَلَيْك أَسِير مَعَك جبال تهَامَة زمردا وياقوتا وذهبا وَفِضة فعلت فَإِن شِئْت نَبيا ملكا وَإِن شِئْت نَبيا عبدا فَأَوْمأ إِلَيْهِ جِبْرِيل أَن تواضع فَقَالَ بل نَبيا عبدا ثَلَاثًا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لقد هَبَط عَليّ ملك من السَّمَاء مَا هَبَط على نَبِي قبلي وَلَا يهْبط على أحد بعدِي وَهُوَ إسْرَافيل فَقَالَ أَنا رَسُول رَبك إِلَيْك أَمرنِي أَن أخيرك إِن شِئْت نَبيا عبدا وَإِن شِئْت نَبيا ملكا فَنَظَرت إِلَى جِبْرِيل فأوما إِلَيّ أَن تواضع فَلَو أَنِّي قلت نَبيا ملكا لَسَارَتْ الْجبَال معي ذَهَبا
وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أتيت بمقاليد الدُّنْيَا على فرس أبلق جَاءَنِي بهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ قطيفة من سندس)
أخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (عرض عَليّ رَبِّي ليجعل لي بطحاء مَكَّة ذَهَبا فَقلت لَا يَا رب وَلَكِنِّي أشْبع يَوْمًا وأجوع يَوْمًا فَإِذا جعت تضرعت إِلَيْك وذكرتك وَإِذا شبعت حمدتك وشكرتك)
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت دخلت عَليّ امْرَأَة من الْأَنْصَار فرأت فرَاش رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عباءة مثنية فَانْطَلَقت فَبعثت إِلَيّ بفراش حشوه(2/333)
الصُّوف فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَة قلت يَا رَسُول الله فُلَانَة الْأَنْصَارِيَّة دخلت عَليّ فرأت فراشك فَذَهَبت فَبعثت إِلَيّ بِهَذَا فَقَالَ رديه فَلم أرده وأعجبني أَن يكون فِي بَيْتِي حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ رديه يَا عَائِشَة فوَاللَّه لَو شِئْت لأجرى الله معي جبال الذَّهَب وَالْفِضَّة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق إِسْحَاق بن بشر عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما عير الْمُشْركُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالفاقة فَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق حزن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك فَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول {وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا إِنَّهُم ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق} ثمَّ أَتَاهُ رضوَان خَازِن الْجنان وَمَعَهُ سفط من نور يتلألأ فَقَالَ هَذِه مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَضرب جِبْرِيل بيدَيْهِ الأَرْض أَن تواضع فَقَالَ يَا رضوَان لَا حَاجَة لي فِيهَا فَنُوديَ أَن أرفع بَصرك فَرفع فَإِذا السَّمَوَات فتحت أَبْوَابهَا إِلَى الْعَرْش وبدت جنَّة عدن فَرَأى منَازِل الْأَنْبِيَاء وغرفهم وَإِذا مَنَازِله فَوق منَازِل الْأَنْبِيَاء فَقَالَ رضيت
ويرون أَن هَذِه الْآيَة أنزلهَا رضوَان {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك} الْآيَة
قَالَ أبن عَسَاكِر هَذَا حَدِيث مُنكر إِسْحَاق كَذَّاب وجويبر ضَعِيف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت فواتح الْكَلم وجوامعه وخواتمه)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أُوتيت مَفَاتِيح كل شَيْء إِلَّا الْخمس) {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة(2/334)
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أُوتِيَ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَفَاتِيح كل شَيْء غير الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رسوا الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا بعث نَبِي إِلَّا حذر أمته الدَّجَّال وَأَنِّي قد بَين لي فِي أمره مَا لم يبين لأحد أَنه أَعور وَأَن ربكُم لَيْسَ بأعور)
فصل
ذهب بَعضهم إِلَى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُوتِيَ علم الْخمس أَيْضا وَعلم وَقت السَّاعَة وَالروح وَأَنه أَمر بكتم ذَلِك
بَاب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الأَرْض كَانَت تطوى لَهُ
قَالَ ابْن سبع من خَصَائِصه أَنه كَانَ يبيت جائعا وَيُصْبِح طاعما وَأَنه لم يكن أحد يغلبه بِالْقُوَّةِ وَأَنه كَانَ إِذا أَرَادَ الطّهُور وَلم يجد المَاء مد أَصَابِعه فتنفجر مِنْهَا المَاء حَتَّى يقْضِي طهوره وَأَن الله جمع لَهُ بَين الْمحبَّة والحله وَالْكَلَام وَكَلمه بِموضع لم يطأه ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَأَن الأَرْض كَانَت تطوى لَهُ(2/335)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشرح الصَّدْر وَوضع الْوزر وَرفع الذّكر وَهُوَ إقتران إسمه باسم الله تَعَالَى وبوعده بالمغفرة وَهُوَ يمشي حَيا صَحِيحا وَبِأَنَّهُ حبيب الرَّحْمَن وَسيد ولد آدم وأكرام الْخلق على الله فَهُوَ أفضل من سَائِر الْمُرْسلين وَالْمَلَائِكَة وَعرض أمته عَلَيْهِ بأسرهم حَتَّى رَآهُمْ وَعرض عَلَيْهِ مَا هُوَ كَائِن فِي أمته حَتَّى تقوم السَّاعَة وَخص بالبسملة والفاتحة وَآيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة والمفصل والسبع الطول
قَالَ تَعَالَى {ألم نشرح لَك صدرك ووضعنا عَنْك وزرك الَّذِي أنقض ظهرك ورفعنا لَك ذكرك} وَقَالَ تَعَالَى {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر}
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد جيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضلت على الْأَنْبِيَاء بست لم يُعْطهنَّ أحد كَانَ قبلي غفر لي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأعْطيت الْكَوْثَر ونصرت بِالرُّعْبِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَن صَاحبكُم لصَاحب لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة تَحْتَهُ آدم فَمن دونه)
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام من خَصَائِصه أَنه أخبرهُ الله بالمغفرة وَلم ينْقل أَنه أخبر أحدا من الْأَنْبِيَاء بِمثل ذَلِك بل الظَّاهِر أَنه لم يُخْبِرهُمْ بِدَلِيل قَوْلهم فِي الْموقف نَفسِي نَفسِي
وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره فِي آيَة الْفَتْح هَذَا من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا غَيره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلت رَبِّي مَسْأَلَة ووددت أَنِّي لم أكن سَأَلته إِيَّاهَا قلت يَا رب إِنَّه قد كَانَ قبلي(2/336)
رسل مِنْهُم من كَانَ يحيى الْمَوْتَى وَمِنْهُم من سخرت لَهُ الرّيح قَالَ ألم أجدك يَتِيما فآويتك ألم أجدك ضَالًّا فهديتك ألم أجدك عائلا فأغنيتك ألم أشرح لَك صدرك وَوضعت عَنْك وزرك ألم أرفع لَك ذكرك قلت بلَى يَا رب
وَأخرج ابْن سعد عَن مجمع بن جَارِيَة قَالَ لما كُنَّا بضجنان رَأَيْت النَّاس يركضون وَإِذ هم يَقُولُونَ أنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فركضت مَعَ النَّاس حَتَّى توافينا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ يقْرَأ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَلَمَّا نزل بهَا جِبْرِيل قَالَ يهنيك يَا رَسُول الله فَلَمَّا هَناه جِبْرِيل هَناه الْمُسلمُونَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَأَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ قَالَ لي جِبْرِيل قَالَ الله إِذا ذكرت ذكرت معي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ رفع الله ذكره فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَيْسَ خطيب وَلَا متشهد وَلَا صَاحب صَلَاة إِلَّا يُنَادي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لما فرغت مِمَّا أَمرنِي الله بِهِ من أَمر السَّمَوَات قلت يَا رب إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا وَقد أكرمته جعلت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى كليما وسخرت لداود الْجبَال ولسليمان الرّيح وَالشَّيَاطِين وأحييت لعيسى الْمَوْتَى فَمَا جعلت لي قَالَ أَو لَيْسَ قد أَعطيتك أفضل من ذَلِك لَهُ أَن لَا أذكر إِلَّا ذكرت معي وَجعلت صُدُور أمتك أناجيل يقرؤن الْقُرْآن ظَاهرا وَلم أعْطهَا أمة وأنزلت إِلَيْك كلمة من كنوز عَرْشِي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء السَّابِق أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أثنى على ربه عز وَجل فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَرْسلنِي رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس وَأنزل عَليّ الْفرْقَان فِيهِ تبيان(2/337)
كل شَيْء وَجعل أمتِي خير أمة أخرجتللناس وَجعل أمتِي أمة وسطا وَجعل أمتِي هم الْآخرُونَ وهم الْأَولونَ وَشرح لي صَدْرِي وَوضع عني وزري وَرفع لي ذكري وَجَعَلَنِي فاتحا وخاتما فَقَالَ إِبْرَاهِيم بِهَذَا فَضلكُمْ مُحَمَّد
وَفِيه فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى لَهُ سل فَقَالَ إِنَّك اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وأعطيته ملكا عَظِيما وَكلمت مُوسَى تكليما وَأعْطيت دَاوُد ملكا عَظِيما وألنت لَهُ الْحَدِيد وسخرت لَهُ الْجبَال وَأعْطيت سُلَيْمَان ملكا عَظِيما وسخرت لَهُ الْإِنْس وَالْجِنّ والشيطان والرياح وأعطيته ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَعلمت عِيسَى التَّوْرَاة والانجيل وَجَعَلته يبرىء الأكمه والأبرص وأعذته وَأمه من االشيطان الرَّجِيم فَلم يكن لَهُ عَلَيْهِمَا سَبِيل فَقَالَ لَهُ ربه تبَارك وَتَعَالَى قد اتخذتك خَلِيلًا وَهُوَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة حبيب الرَّحْمَن وأرسلتك إِلَى النَّاس كَافَّة وَجعلت أمتك هم الْآخرُونَ وهم الْأَولونَ وَجعلت أمتك لَا تجوز لَهُم خطْبَة حَتَّى يشْهدُوا أَنَّك عَبدِي ورسولي وجعلتك اول النَّبِيين خلقا وأخرهم بعثا وأعطيتك سبعا من المثاني وَلم أعْطهَا نَبيا قبلك واعطيتك خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم أعْطهَا نَبيا قبلك وجعلتك فاتحا خَاتمًا
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضلني رَبِّي بست قذف فِي قُلُوب عدوي الرعب من مسيرَة شهر وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأعْطيت فواتح الْكَلَام وجوامعه وَعرضت عَليّ أمتِي فَلم يخف عَليّ التَّابِع والمتبوع مِنْهُم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حُذَيْفَة بن أسيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عرضت عَليّ أمتِي البارحة لَدَى هَذِه الْحُجْرَة اولها وَآخِرهَا) فَقَالَ يَا رَسُول الله عرض عَلَيْك من خلق فَكيف من لم يخلق فَقَالَ صوروا لي فِي الطين حَتَّى أَنِّي لأعرف بالإنسان مِنْهُم من أحدكُم بِصَاحِبِهِ
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنزل عَليّ آيَة لم تنزل على نَبِي بعد سُلَيْمَان غَيْرِي (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)(2/338)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أغفل النَّاس آيَة من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا ان يكون سُلَيْمَان بن دَاوُد {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس كِلَاهُمَا فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ آيَة الْكُرْسِيّ أعطيها نَبِيكُم من كنز تَحت الْعَرْش وَلم يُعْطهَا أحد قبل نَبِيكُم
وَأخرج أَبُو عبيد عَن كَعْب قَالَ إِن مُحَمَّدًا أعطي أَربع آيَات لم يُعْطهنَّ مُوسَى {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} حَتَّى ختم سُورَة الْبَقَرَة فَتلك ثَلَاث آيَات وَآيَة الْكُرْسِيّ
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَعْطَيْت هَذِه الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْطهَا نَبِي قبلي) وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر مَرْفُوعا مثله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ ترددوا فِي الايتين من آخر سُورَة الْبَقَرَة {آمن الرَّسُول} إِلَى خاتمتها فَإِن الله اصْطفى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْحَاكِم عَن معقل بن يسَار قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة من تَحت الْعَرْش والمفصل نَافِلَة)
وَأخرج مُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ ملك فَقَالَ اُبْشُرْ بنورين اوتيتهما لم يؤتهما نَبِي قبلك فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وَاثِلَة بن السقع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطوَال وَمَكَان الزبُور المئين وَمَكَان الانجيل المثاني وفضلت بالمفصل)(2/339)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ هِيَ السَّبع الطوَال وَلم يُعْطهنَّ أحدا إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأعْطِي مُوسَى مِنْهُم إثنتين
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أُوتِيَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبعا من المثاني والطوال وأوتي مُوسَى سِتا فَلَمَّا ألْقى الألواح ذهبت إثنتان وَبَقِي أَربع
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى سبعا من المثاني قَالَ دخرت لنبيكم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم تدخر لنَبِيّ لسواه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى نجيا واتخذني حبيبا ثمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُوثِرَنَّ حَبِيبِي على خليلي ونجيي)
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وابو نعيم عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مُوسَى صفي الله وَأَنا حبيب ربه)
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فَإِذا سَحَابَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سلم على ملك قَالَ لم أزل أستاذن رَبِّي فِي لقائك حَتَّى إِذا كَانَ الأوان أذن لي أَنِّي أُبَشِّرك أَنه لَيْسَ اُحْدُ أكْرم على الله مِنْك)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكْرم الْخلق على الله يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِن أكْرم خَلِيقَة الله على الله يَوْم الْقِيَامَة(2/340)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِن أكْرم خَلِيقَة الله على الله أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب التَّفْرِقَة بَينه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْأَنْبِيَاء فِي الْخطاب
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه التفرقه بَينه وَبَين الْأَنْبِيَاء فِي الْخطاب فَإِن الله تَعَالَى قَالَ لداود {وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله} وَقَالَ لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} منزها لَهُ عَن ذَلِك بعد الإقسام عَلَيْهِ وَقَالَ عَن مُوسَى ففرت مِنْكُم لما خفتكم وَقَالَ عَن نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} الْآيَة فكنى عَن خُرُوجه وهجرته بِأَحْسَن الْعبارَات وَكَذَا نسب الْإِخْرَاج إِلَى عدوه فِي قَوْله {إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا} {من قريتك الَّتِي أخرجتك} وَلم يذكرهُ بالفرار الَّذِي فِيهِ نوع غَضَاضَة انْتهى
بَاب فرض الصَّدَقَة على من ناجاه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن خَصَائِصه أَن الله فرض على من ناجاه أَن يقدم بَين يَدي نَجوَاهُ صَدَقَة وَلم يعْهَد ذَلِك لأحد من الْأَنْبِيَاء قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة}
وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ إِن الْمُسلمين أَكْثرُوا الْمسَائِل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى شَقوا عَلَيْهِ فَأَرَادَ الله أَن يُخَفف عَن نبيه فَلَمَّا قَالَ ذَلِك ضن كثيرا من النَّاس وَكفوا عَن الْمَسْأَلَة فَأنْزل الله بعد هَذَا (أَأَشْفَقْتُم) الْآيَة فَوسعَ الله عَلَيْهِم وَلم يضيق(2/341)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ من ناجى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدق بِدِينَار وَكَانَ أول من صنع ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ نزلت الرُّخْصَة فَإِذا لم تَفعلُوا وَتَابَ الله عَلَيْكُم
بَاب فرض طَاعَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْعَالم)
قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى فرض طَاعَته على الْعَالم فرضا مُطلقًا لَا شَرط فِيهِ وَلَا إستثناء فَقَالَ {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَقَالَ {من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله} وَإِن الله تَعَالَى أوجب على النَّاس التأسي بِهِ قولا وفعلا مُطلقًا بِلَا إستثناء فَقَالَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَاسْتثنى فِي التأسي بخليله فَقَالَ لقد كَانَ لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم إِلَى أَن قَالَ {إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ} قَالَ وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى قرن إسمه باسمه فِي كِتَابه عِنْد ذكر طَاعَته ومعصيته وفرائضه وَأَحْكَامه ووعده ووعيده تَشْرِيفًا وتعظيما فَقَالَ تَعَالَى {وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} (وأطيعو الله وَرَسُوله إِن كُنْتُم مُؤمنين) {ويطيعون الله وَرَسُوله} إِنَّمَا الْمُؤمنِينَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله(2/342)
{بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} {وأذان من الله وَرَسُوله} اسْتجِيبُوا لله وللرسوله {وَمن يعْص الله وَرَسُول} {شاقوا الله وَرَسُوله} {وَمن يُشَاقق الله وَرَسُوله} وَمن يحادد الله وَرَسُوله {وَلم يتخذوا من دون الله وَلَا رَسُوله} {يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} {مَا حرم الله وَرَسُوله} {قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} {فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} {فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} {مَا آتَاهُم الله وَرَسُوله} {سيؤتينا الله من فَضله وَرَسُوله} {أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} {كذبُوا الله وَرَسُوله} {أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ}
بَاب وَصفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عضوا عضوا
قَالَ ابْن سبع وَمن خَصَائِصه إِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصفه فِي كِتَابه عضوا عضوا فَقَالَ تَعَالَى فِي وَجهه {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} وَقَالَ تَعَالَى فِي عَيْنَيْهِ {لَا تَمُدَّن عَيْنَيْك} وَفِي لِسَانه {فَإِنَّمَا يسرناه بلسانك} وَفِي يَده وعنقه {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك} وَفِي صَدره وظهره {ألم نشرح لَك صدرك ووضعنا عَنْك وزرك الَّذِي أنقض ظهرك} ) وَفِي قلبه {نزله على قَلْبك}(2/343)
وَفِي خلقه {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم}
بَاب تأييده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأَرْبعَة وزراء
وَمن خَصَائِصه مَا أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله أيدني بأَرْبعَة وزراء إثنين من أهل السَّمَاء جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإثنين من أهل الأَرْض أبي بكر وَعمر)
وَمَا أخرجه ابْن ماجة وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَشى مَشى أَصْحَابه أَمَامه وَتركُوا ظَهره للْمَلَائكَة
وَمَا أخرجه الْحَاكِم وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (كل نَبِي أعطي سَبْعَة رُفَقَاء وَأعْطيت أَرْبَعَة عشر) قيل لعَلي من هم قَالَ أَنا وَحَمْزَة وإبناي وجعفر وَعقيل وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان والمقداد وسلمان وعمار وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر
دُعَاء قَضَاء الْحَوَائِج وَدُعَاء زَوَال الشدائد
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي المؤتلف عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ مَا من نَبِي إِلَّا وَخلف فِي أهل بَيته دَعْوَة مستجابة وَقد خلف فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعوتين مجابتين أما وَاحِدَة فلشدائدنا وَأما الآخرى فلحوائجنا فَأَما الَّتِي لشدائدنا يَا دَائِما لم يزل يَا إلهي وَيَا إِلَه آبَائِي يَا حَيّ يَا قيوم وَأما الَّتِي لحوائجنا يَا من يَكْفِي من كل شَيْء وَلَا يكفى مِنْهُ شَيْء يَا الله يَا رب مُحَمَّد أقض عني الدّين(2/344)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم التكني بكنيته قيل والتسمي باسمه وَلم يثبت ذَلِك لأحد من الْأَنْبِيَاء
أخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تجمعُوا بَين إسمي وكنيتي أَنا أَبُو الْقَاسِم الله يُعْطي وَأَنا أقسم)
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ عَن عَمه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تجمعُوا بَين أسمي بكنيتي)
وَأخرج عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي البقيع فَنَادَى رجل يَا أَبَا الْقَاسِم فَالْتَفت إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (لم أعنك فَقَالَ (سموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي)
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ ولد لرجل من الْأَنْصَار غُلَام فَسَماهُ مُحَمَّدًا فَغضِبت الْأَنْصَار وَقَالُوا حَتَّى نستأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ (قد أَحْسَنت الْأَنْصَار ثمَّ قَالَ تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي فَإِنَّمَا أَنا قَاسم أقسم بَيْنكُم)
قَالَ الشَّافِعِي وَلَيْسَ لأحد أَن يكتني بِأبي الْقَاسِم سَوَاء كَانَ إسمه مُحَمَّدًا أم لَا
قَالَ الرَّافِعِيّ وَمِنْهُم من حمله على كَرَاهِيَة الْجمع بَين الإسم والكنية وَجوز الْإِفْرَاد وَذهب مَالك إِلَى جَوَاز التكني بعده وَإِن النَّهْي مُخْتَصّ بحياته لزوَال الْمَعْنى وَهُوَ الْإِيذَاء بالالتفات عِنْد ظن المنادى
وَفِي الخصائص للشَّيْخ سراج الدّين بن الملقن شدّ آخَرُونَ فمنعوا التَّسْمِيَة بإسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جملَة كَيفَ مَا تكنى حَكَاهُ الشَّيْخ زكي الدّين الْمُنْذِرِيّ(2/345)
قلت اخْرُج ابْن سعد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن عمر بن الْخطاب جمع كل غُلَام إسمه إسم نَبِي فأدخلهم الدَّار ليغير أسمائهم فجَاء آباؤهم فأقاموا الْبَيِّنَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمى عامتهم فخلى عَنْهُم قَالَ أَبُو بكر وَكَانَ ابي فيهم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفضل التسمي باسمه وَوُجُوب توقيره وتعظيمه واحترامه
أخرج الْبَزَّار وَابْن عدي وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (تسمون أَوْلَادكُم مُحَمَّدًا ثمَّ تلعنونهم)
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابي رَافع سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا سميتم مُحَمَّدًا فَلَا تضربوه وَلَا تحرموه)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من ولد لَهُ ثَلَاثَة فَلم يسم أحدهم مُحَمَّدًا فقد جهل) وَأخرج مثل من حَدِيث وَاثِلَة
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم من طَرِيق ابْن أبي فديك عَن جهم بن عُثْمَان عَن ابْن جشيب عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من تسمى بإسمي يَرْجُو بركتي غَدَتْ عَلَيْهِ الْبركَة وراحت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز أَن يقسم على الله بِهِ
أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والدعوات وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عُثْمَان بن حنيف أَن رجلا ضريرا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ادْع الله تَعَالَى لي أَن يعاقبني قَالَ إِن شِئْت أخرت ذَلِك وَهُوَ خير لَك وَإِن شِئْت دَعَوْت الله قَالَ فَادعه فَأمره أَن يتَوَضَّأ فَيحسن الْوضُوء وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا(2/346)
مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتي هَذِه فيقضيها لي اللَّهُمَّ شفعه فِي فَفعل الرجل فَقَامَ وَقد أبْصر
دُعَاء رد الْبَصَر للأعمي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف أَن رجلل كَانَ يخْتَلف إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان فِي حَاجَة وَكَانَ عُثْمَان لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا ينظر فِي حَاجته فلقي عُثْمَان بن حنيف فَشَكا إِلَيْهِ ذَلِك فَقَالَ لَهُ أئت الميضأة فَتَوَضَّأ ثمَّ ائْتِ الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فَيَقْضِي لي حَاجَتي وَاذْكُر حَاجَتك ثمَّ رح حَتَّى أروح فَانْطَلق الرجل وصنع ذَلِك ثمَّ أَتَى بَاب عُثْمَان بن عَفَّان فجَاء البواب فَأخذ بِيَدِهِ فَأدْخلهُ على عُثْمَان فأجلسه مَعَه على الطنفسة فَقَالَ أنظر مَا كَانَت لَك من حَاجَة ثمَّ أَن الرجل خرج من عِنْده فلقي عُثْمَان بن حنيف فَقَالَ لَهُ جَزَاك الله خيرا مَا كَانَ ينظر فِي حَاجَتي وَلَا يلْتَفت إِلَيّ حَتَّى كَلمته قَالَ مَا كَلمته وَلَكِنِّي رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء ضَرِير فَشَكا إِلَيْهِ ذهَاب بَصَره فَقَالَ لَهُ اَوْ تصبر قَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ لي قَائِد وَقد شقّ عَليّ فَقَالَ ائْتِ الميضأة فَتَوَضَّأ وصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قل اللَّهُمَّ إنس أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فيجلي لي عَن بَصرِي اللَّهُمَّ شفعه فِي وشفعني فِي نَفسِي
قَالَ عُثْمَان فو الله مَا تفرقنا حَتَّى دخل الرجل كَأَن لم يكن بِهِ ضَرَر
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام يَنْبَغِي ان يكون هَذَا مَقْصُورا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ سيد ولد آدم وَأَن لَا يقسم على الله تَعَالَى بِغَيْرِهِ من الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة والأولياء لأَنهم لَيْسُوا فِي دَرَجَته وَأَن دَرَجَته وَأَن يكون هَذَا مِمَّا خص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَنْبِيها على علو دَرَجَته ومرتبته انْتهى(2/347)
بَاب اخْتِصَاصه بِعَدَمِ جَوَاز الْخَطَأ عَلَيْهِ
قَالَ المارودي فِي تَفْسِيره قَالَ ابْن أبي هُرَيْرَة كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجوز عَلَيْهِ الْخَطَأ وَيجوز على غَيره من الْأَنْبِيَاء لِأَنَّهُ خَاتم النَّبِيين فَلَيْسَ بعده من يسْتَدرك خطأه بخلافهم فَلذَلِك عصمه الله تَعَالَى مِنْهُ قَالَ الامام الْحق أَنه لَا يخطىء اجْتِهَاده
بَاب اخْتِصَاصه بتفضيل بَنَاته وزوجاته على سَائِر نسَاء الْعَالمين وَأَن ثَوَاب زَوْجَاته وعقابهن مضاعف
قَالَ تعال {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء} وَقَالَ تَعَالَى {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن} الْآيَتَيْنِ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خير نسائها مَرْيَم وَخير نسائها فَاطِمَة)
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن عُرْوَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَرْيَم خير نسَاء عالمها وَفَاطِمَة خير نسَاء عالمها)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَا كَانَ من مَرْيَم بنت عمرَان)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (يَا فَاطِمَة إِن الله يغْضب لغضبك ويرضى لرضاك)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن فَاطِمَة حصنت فرجهَا فَحَرمهَا الله وذريتها على النَّار)(2/348)
قَالَ ابْن حجر وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على تَفْضِيل بَنَاته على أَزوَاجه مَا أخرجه أَبُو يعلى عَن ابْن عمر أَن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تزوج حَفْصَة خيرا من عُثْمَان خيرا وَتزَوج عُثْمَان من حَفْصَة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَرْبَعَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ أَزوَاج رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث
قَالَ الْعلمَاء الْأجر مرَّتَيْنِ فِي الْآخِرَة وَقيل أَحدهمَا فِي الدُّنْيَا والاخر فِي الْآخِرَة
وَاخْتلف فِي مضاعفة الْعَذَاب فَقيل عَذَاب فِي الدُّنْيَا وَعَذَاب فِي الْآخِرَة وغيرهن إِذا عُوقِبَ فِي الدُّنْيَا لم يُعَاقب فِي الْآخِرَة لِأَن الْحُدُود كَفَّارَات وَقَالَ مقَاتل حدان فِي الدُّنْيَا
قَالَ سعيد بن جُبَير وَكَذَا عَذَاب من فذقهن يُضَاعف فِي الدُّنْيَا فيجلد مائَة وَسِتِّينَ
وَفِي الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض عَن بَعضهم أَن ذَلِك خَاص بِغَيْر عَائِشَة وَأَن قاذفها يقتل وَقيل يقتل من قذف وَاحِدَة من سائرهن
قَالَ صَاحب التَّلْخِيص قَالَ تَعَالَى {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} وَعمل غَيره إِنَّمَا يحبط بِالْمَوْتِ على الْكفْر قَالَ وَقَالَ تَعَالَى فِيهِ {لقد كدت تركن إِلَيْهِم} الْآيَة(2/349)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتفضيل أَصْحَابه على جَمِيع الْعَالمين سوى النَّبِيين
أخرج ابْن جرير فِي كتاب السّنة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله اخْتَار أَصْحَابِي على جَمِيع الْعَالمين سوى النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وَاخْتَارَ من أَصْحَابِي أَرْبَعَة أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليا فجعلهم خير أَصْحَابِي وَفِي أَصْحَابِي كلهم خير وَاخْتَارَ أمتِي على سَائِر الْأُمَم وأختار من امتي أَرْبَعَة قُرُون الْقرن الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث تترى والقرن الرَّابِع فَردا)
قَالَ الْجُمْهُور كل من الصَّحَابَة أفضل من كل من بعده وَإِن رقي فِي الْعلم وَالْعَمَل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتفضيل بلديه على سَائِر الْبِلَاد وَبِأَن الدَّجَّال والطاعون لَا يدخلهَا وبفضل مَسْجده على سَائِر الْمَسَاجِد وَبِأَن الْبقْعَة الَّتِي دفن فِيهَا أفضل من الْكَعْبَة وَالْعرش
أخرج احْمَد عَن عبد الله بن الزبير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة من غَيره من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام افضل من الصَّلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا بِمِائَة صَلَاة)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عدي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لمَكَّة (وَالله إِنَّك لخير أَرض الله وَأحب أَرض الله إِلَى الله)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ إِنَّك أخرجتني من أحب الْبِقَاع إِلَى فاسكني فِي أحب الْبِقَاع إِلَيْك)
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْمَدِينَة وَمَكَّة محفوفتان بِالْمَلَائِكَةِ على كل نقب مِنْهَا ملك لَا يدخلهَا الطَّاعُون وَلَا الدَّجَّال)(2/350)
قَالَ الْعلمَاء مَحل الْخلاف فِي التَّفْضِيل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فِي غير قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما هُوَ وَأفضل الْبِقَاع بِالْإِجْمَاع بل ة أفضل من الْكَعْبَة بل ذكر ابْن عقيل الْحَنْبَلِيّ أَنه أفضل من الْعَرْش
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَرِيعَته بإحلال الْغَنَائِم وَجعل الأَرْض كلهَا مَسْجِدا وَالتُّرَاب طهُورا وَهُوَ التَّيَمُّم بِالْوضُوءِ فِي أحد الْقَوْلَيْنِ
تقدّمت الثَّلَاثَة الأول فِي عدَّة من الْأَحَادِيث السَّابِقَة وَفِي آثَار تقدّمت فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضلت بِأَرْبَع جعلت أَنا وَأمتِي نصف فِي الصَّلَاة كَمَا تصف الْمَلَائِكَة وَجعل الصَّعِيد لي وضُوءًا وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَأحلت لي الْغَنَائِم)
قَالَ الْحَلِيمِيّ يسْتَدلّ لِأَن الْوضُوء من خَصَائِص هَذِه الْأمة بِحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ إِن أمتِي يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من آثَار الْوضُوء)
ورد بِأَن الَّذِي اخْتصّت بِهِ الْغرَّة والتحجيل لَا أصل الْوضُوء كَيفَ وَفِي الحَدِيث هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي
قَالَ ابْن حجر وَالْجَوَاب ان هَذَا حَدِيث ضَعِيف وعَلى تَقْدِير ثُبُوته يحْتَمل أَن يكون الْوضُوء من خَصَائِص الْأَنْبِيَاء دون أممهم إِلَّا هَذِه الْأمة
قلت هَذَا الإحتمال قد ورد مَا يُؤَيّدهُ فقد تقدم فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل فِي صفة أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوضئون أَطْرَافهم رَوَاهُ أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا والدارمي عَن كَعْب الْأَحْبَار وللبيهقي عَن وهب افترضت عَلَيْهِم أَن يَتَطَهَّرُوا فِي كلا صَلَاة كَمَا افترضت على الْأَنْبِيَاء
ثمَّ رَأَيْت الطَّبَرَانِيّ أخرج فِي الْأَوْسَط بِسَنَد فِيهِ ابْن لَهِيعَة عَن بُرَيْدَة قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوضُوء فَتَوَضَّأ وَاحِدَة وَاحِدَة فَقَالَ هَذَا الْوضُوء الَّذِي لَا يقبل الله الصَّلَاة إِلَّا بِهِ ثمَّ تَوَضَّأ إثنتين إثنتين فَقَالَ هَذَا وضوء الْأُمَم قبلكُمْ ثمَّ(2/351)
تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَقَالَ هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي وَفِي هَذَا تَصْرِيح بِكَوْن الْوضُوء للأمم السَّابِقَة ثمَّ فِيهِ خُصُوصِيَّة لنا عَنْهُم وَهُوَ التثليت كَمَا كَانَ للأنبياء
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَجْمُوع الصَّلَوَات الْخمس وَلم تجمع لأحد وَبِأَنَّهُ أول من صلى الْعشَاء وَلم يصلها نَبِي قبله
أخرج الطَّحَاوِيّ عَن عبيد الله بن مُحَمَّد بن عَائِشَة قَالَ إِن آدم لما تيب عَلَيْهِ عِنْد الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ فَصَارَت الصُّبْح وفدى إِسْحَاق عِنْد الظّهْر فصلى إِبْرَاهِيم أَرْبعا فَصَارَت الظّهْر وَبعث عُزَيْر فَقيل لَهُ كم لَبِثت قَالَ يَوْمًا فَرَأى الشَّمْس فَقَالَ أَو بعض يَوْم فصلى أَربع رَكْعَات فَصَارَت الْعَصْر وغفرلداود عِنْد الْمغرب فَقَامَ فصلى أَربع رَكْعَات فجهد فَجَلَسَ فِي الثَّالِثَة فَصَارَت الْمغرب ثَلَاثًا وَأول من صلى الْعشَاء الْآخِرَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
واخرج البُخَارِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ أعتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة بالعشاء حَتَّى ابهار اللَّيْل ثمَّ خرج فصلى فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ لمن حَضَره (ابشروا فَإِن من نعْمَة الله عَلَيْكُم أَنه لَيْسَ أحد من النَّاس يُصَلِّي هَذِه السَّاعَة غَيْركُمْ أَو قَالَ مَا صلى هَذِه السَّاعَة أحد غَيْركُمْ
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعشَاء ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينتظرون الصَّلَاة فَقَالَ (أما أَنه لَيْسَ من أهل هَذِه الْأَدْيَان أحد يذكر الله هَذِه السَّاعَة غَيْركُمْ)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ أخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعَتَمَة لَيْلَة حَتَّى ظن الظَّان أَن قد صلى ثمَّ خرج فَقَالَ (أعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاة فَإِنَّكُم فضلْتُمْ بهَا على سَائِر الْأُمَم وَلم تصلها أمة قبلكُمْ)(2/352)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجمعَةِ والتأمين واستقبال الْكَعْبَة والصف فِي الصَّلَاة كصف الْمَلَائِكَة وتحية السَّلَام
أخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة وَأبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أضلّ الله عَن الْجُمُعَة من كَانَ قبلنَا فَكَانَ للْيَهُود يَوْم السبت وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْم الْأَحَد وَكَذَلِكَ هم تبع لنا يَوْم الْقِيَامَة نَحن الاخرون من أهل الدُّنْيَا الْأَولونَ يَوْم الْقِيَامَة الْمقْضِي لَهُم قبل الْخَلَائق)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الرّبيع بن أنس قَالَ ذكر لنا عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سعوا من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل أَن يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام أرسل بِخمْس كَلِمَات وَأَنه من يعْمل بِهن حَتَّى يَمُوت فَإِنَّهُ لَا حِسَاب عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة أَن يعبدوا الله وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَالصِّيَام وَذكر الله وَأَن الله أعْطى مُحَمَّدًا هَؤُلَاءِ الْخمس وَزَاد مَعَه خمْسا أخر الْجُمُعَة والسمع وَالطَّاعَة وَالْهجْرَة وَالْجهَاد
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنهم لَا يحسدونا على شَيْء كَمَا حسدونا على الْجُمُعَة الَّتِي هدَانَا الله لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا وعَلى الْقبْلَة الَّتِي هدَانَا الله لنا وَضَلُّوا عَنْهَا وعَلى قَوْلنَا خلف الإِمَام آمين)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على السَّلَام والتامين)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الْيَهُود لم يحسدوا الْمُسلمين على أفضل من ثَلَاث رد السَّلَام وَإِقَامَة الصُّفُوف وَقَوْلهمْ خلف إمَامهمْ فِي الْمَكْتُوبَة آمين)
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت ثَلَاث خِصَال أَعْطَيْت صَلَاة فِي الصُّفُوف وَأعْطيت السَّلَام وَهِي تَحِيَّة(2/353)
أهل الْجنَّة وَأعْطيت آمين وَلم يُعْطهَا أحد مِمَّن كَانَ قبلكُمْ إِلَّا أَن يكون الله أَعْطَاهَا هَارُون فَإِن مُوسَى كَانَ يَدْعُو ويؤمن هَارُون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فضلت على النَّاس بِثَلَاث جعلت الأَرْض كلهَا لنا مَسْجِدا وَجعلت تربَتهَا لنا طهُورا وَجعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة وأتيت هَؤُلَاءِ الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْطه مِنْهُ أحد قبلي وَلَا يعْطى مِنْهُ أحد بعدِي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالآذان وَالْإِقَامَة
أخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي عُمَيْر بن أنس قَالَ أَخْبرنِي عمومة لي من الْأَنْصَار قالو اهتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ كَيفَ يجمع النَّاس لَهَا فَقيل لَهُ أنصب راية عِنْد حُضُور الصَّلَاة فَلم يُعجبهُ ذَلِك فَذكر لَهُ القنع فَلم يُعجبهُ ذَلِك وَقَالَ هُوَ من أَمر الْيَهُود وَذكر لَهُ الناقوس فَلم يُعجبهُ ذَلِك وَقَالَ هُوَ من امْر النَّصَارَى فَانْصَرف عبد الله بن زيد وَهُوَ مهتم فأري الآذان فِي مَنَامه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرُّكُوعِ فِي الصَّلَاة وبالجماعة فِيهَا
ذكر جمَاعَة من الْمُفَسّرين فِي قَوْله تَعَالَى {واركعوا مَعَ الراكعين} أَن مَشْرُوعِيَّة الرُّكُوع فِي الصَّلَاة خَاص بِهَذِهِ الْملَّة وَأَنه لَا رُكُوع فِي صَلَاة بني إِسْرَائِيل وَلذَا أَمرهم بِالرُّكُوعِ مَعَ أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/354)
قلت وَقد يسْتَدلّ لَهُ بِمَا أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ قَالَ أول صَلَاة ركعنا فِيهَا صَلَاة الْعَصْر فَقلت يَا رَسُول الله مَا هَذَا قَالَ (بِهَذَا أمرت)
وَوجه الإستدلال أَنه صلى قبل ذَلِك صَلَاة الظّهْر وَصلى قبل فرض الصَّلَوَات الْخمس قيام اللَّيْل وَغير ذَلِك فكون الصَّلَاة السَّابِقَة بِلَا رُكُوع قرينَة لخلو صَلَاة الْأُمَم السَّابِقَة مِنْهُ
وَذكر ابْن فرشته فِي شرح الْمجمع فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى صَلَاتنَا واستقبل قبلتنا فَهُوَ منا) أَرَادَ بقوله اللَّهُمَّ صَلَاتنَا الصَّلَاة بِالْجَمَاعَة لِأَن الصَّلَاة مُنْفَردا مَوْجُودَة فِيمَن قبلنَا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله رَبنَا وَلَك الْحَمد
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لم تحسدنا الْيَهُود بِشَيْء حسدنا بِثَلَاث التَّسْلِيم والتأمين واللهم رَبنَا لَك الْحَمد
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ
أخرج سعيد بن مَنْصُور عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا فِي نعالكم وَلَا تشبهوا باليهود)
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنتهما بِلَفْظ خالفوا الْيَهُود فَإِنَّهُم لَا يصلونَ فِي خفافهم لَا ونعالهم)(2/355)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْمِحْرَاب
وَقد كَانَ لمن قبلنَا قَالَ تَعَالَى {فنادته الْمَلَائِكَة وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب}
أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُوسَى الْجُهَنِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تزَال أمتِي بِخَير مَا لم يتخذوا فِي مَسَاجِدهمْ مذابح كمذابح النَّصَارَى)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن أبي الْجَعْد قَالَ كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ إِن من إشراط السَّاعَة أَن تتَّخذ المذابح فِي الْمَسَاجِد يَعْنِي الطاقات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ اتقو هَذِه المحاريب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي ذَر قَالَ إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تتَّخذ المذابح فِي الْمَسَاجِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ أَنه كره الصَّلَاة فِي الطاق
وَأخرج مثله عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَسَالم بن أبي الْجَعْد وَأبي خَالِد الْوَالِبِي
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَمْرو مَرْفُوعا اتَّقوا هَذِه المذابح يَعْنِي المحاريب
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحوقلة والإسترجاع عِنْد الْمُصِيبَة وافتتاح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ
تقدم حَدِيث الحوقلة فِي بَاب شرح الصَّدْر وَرفع الذّكر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت أمتِي شَيْئا لم يُعْطه أحد من الْأُمَم أَن يقولو عِنْد الْمُصِيبَة إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون)(2/356)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير فِي تفسيرهما عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لم يُعْط أحد الإسترجاع غير هَذِه الْأمة أَلا تَسْمَعُونَ إِلَى قَول يَعْقُوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَا أسفا على يُوسُف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف إِنَّا معمر عَن أبان قَالَ لم يُعْط التَّكْبِير أحد إِلَّا هَذِه الْأمة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي الْعَالِيَة أَنه سُئِلَ بِأَيّ شَيْء كَانَ الْأَنْبِيَاء يستفتحون الصَّلَاة قَالَ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيح والتهليل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَن أمته تغْفر لَهُم الذُّنُوب بالإستغفار وَبِأَن النَّدَم هم تَوْبَة ويأكلون صَدَقَاتهمْ فِي بطونهم ويثابون عَلَيْهَا ويعجل لَهُم الثَّوَاب فِي الدُّنْيَا مَعَ إدخاره فِي الْآخِرَة وَمَا دعوا الله اسْتُجِيبَ لَهُم
تقدّمت أَحَادِيث أَكثر هَذِه الْخِصَال فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن كَعْب قَالَ أَعْطَيْت هَذِه الْأمة ثَلَاث خِصَال لم يُعْطهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاء كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ بلغ وَلَا حرج وَأَنت شَهِيد على قَوْمك وادع أجبك وَقَالَ لهَذِهِ الْأمة {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} وَقَالَ {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} وَقَالَ {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم}
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} قَالَ نُودُوا يَا أمة مُحَمَّد استجبت لكم قبل أَن تَدعُونِي وأعطيتكم قبل أَن تَسْأَلُونِي(2/357)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله تَعَالَى {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} مَا كَانَ النداء وَمَا كَانَت الرَّحْمَة قَالَ كتاب الله كتبه الله قبل أَن يخلق خلقه بألفي عَام ثمَّ نَادَى يَا أمة مُحَمَّد سبقت رَحْمَتي غَضَبي أَعطيتكُم قبل ان تَسْأَلُونِي وغفرت لكم قبل أَن تستغفروني فَمن لَقِيَنِي مِنْكُم يشْهد مِنْكُم يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبدِي ورسولي أدخلته الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا النَّدَم وَالتَّوْبَة قَالَ بَعضهم كَون النَّدَم تَوْبَة من خَصَائِص هَذِه الْأمة
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بساعة الْإِجَابَة وبليلة الْقدر وبشهر رَمَضَان وبالخصال الْخمس المكفرة فِيهِ وبعيد الْأَضْحَى وبالنحر وَكَانَ لأهل الْكتاب الذّبْح وباللحد زكان لأهل الْكتاب الشق وبالسحور وبتعجيل الْفطر وبإباحة الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع لَيْلًا إِلَى الْفجْر وبيوم عَرَفَة فِيمَا ذكره القونوي فِي شرح التعرف وبجعل صَوْم عَرَفَة كَفَّارَة سنتَيْن
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب لَيْلَة الْقدر مُخْتَصَّة بِهَذِهِ الْأمة زَادهَا الله تَعَالَى شرفا لم تكن لمن كَانَ قبلنَا
قَالَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرى أَعمار النَّاس قبله اَوْ مَا شَاءَ الله من ذَلِك فَكَأَنَّهُ تقاصر أَعمار أمته أَن لَا يبلغُوا من الْعَمَل الَّذِي بلغه غَيرهم فِي طول الْعُمر فَأعْطَاهُ الله لَيْلَة الْقدر خبر من ألف شهر وَله شَوَاهِد بينتها فِي التَّفْسِير الْمسند
وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله وهب لأمتي لَيْلَة الْقدر وَلم يُعْطهَا من كَانَ قبلهم)(2/358)
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أَيَّامًا معدودات} قَالَ كتب عَلَيْكُم الصّيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وَكَانَ هَذَا صِيَام النَّاس قبل ذَلِك ثمَّ فرض الله شهر رَمَضَان
وَأخرج ابْن جرير عَن السدى فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} قَالَ الَّذين من قبلنَا هم النَّصَارَى كتب عَلَيْهِم رَمَضَان وَكتب عَلَيْهِم أَن لَا يَأْكُلُوا وَلَا يشْربُوا بعد النّوم وَلَا ينكحوا النِّسَاء شهر رَمَضَان فَاشْتَدَّ على النَّصَارَى صِيَام رَمَضَان فَاجْتمعُوا فَجعلُوا صياما فِي الْفَصْل بَين الشتَاء والصيف وَقَالُوا نزيد عشْرين يَوْمًا نكفر بهَا مَا صنعنَا فَلم يزل الْمُسلمُونَ يصنعون كَمَا تصنع النَّصَارَى حَتَّى كَانَ كَانَ من امْر أبي قيس بن صرمة وَعمر بن الْخطاب مَا كَانَ فأحل الله تَعَالَى لَهُم الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع إِلَى طُلُوع الْفجْر
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت أمتِي فِي رَمَضَان خمس خِصَال لم يُعْطهنَّ أمة كَانَت قبلهم خلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من رَائِحَة الْمسك وَتَسْتَغْفِر لَهُم الْمَلَائِكَة حَتَّى يفطروا وتصفد مرده الشَّيَاطِين فَلَا يصلونَ فِيهِ إِلَى مَا كَانُوا يصلونَ إِلَيْهِ ويزين الله جنته فِي كل يَوْم فَيَقُول يُوشك عبَادي الصالحون أَن يلْقوا عَنْهُم الْمُؤْنَة ويصيروا إِلَيْك وَيغْفر لَهُم فِي آخر لَيْلَة من رَمَضَان فَقَالُوا يَا رَسُول الله هِيَ لَيْلَة الْقدر قَالَ لَا وَلَكِن الْعَامِل إِنَّمَا يُوفي أجره عِنْد إنقضاء عمله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أمرت بعيد الْأَضْحَى جعله الله لهَذِهِ الْأمة)
وَأخرج مُسلم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فضل مَا بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب آكِلَة السحر)(2/359)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يزَال هَذَا الدّين ظَاهرا مَا عجل النَّاس الْفطر أَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى يؤخرون)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر فِي تفسيرهما عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا كَانَ لبني إِسْرَائِيل الذّبْح وَأَنْتُم لكم النَّحْر ثمَّ قَرَأَ {فذبحوها} {فصل لِرَبِّك وانحر}
وَأخرج الْأَرْبَعَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اللَّحْد لنا والشق لغيرنا)
وَأخرج أَحْمد عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اللَّحْد لنا والشق لأهل الْكتاب)
وَأخرج مُسلم عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن صَوْم يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ يكفر السّنة الْمَاضِيَة وَسُئِلَ عَن صَوْم يَوْم عَرَفَة قَالَ يكفر السّنة الْمَاضِيَة والباقية
قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن يَوْم عرفه سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَوْم عَاشُورَاء سنة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَجعل سنة نَبينَا تضَاعف على سنة مُوسَى فِي الْأجر
وَيقرب من ذَلِك مَا أخرجه الْحَاكِم عَن سُلَيْمَان قَالَ قلت يَا رَسُول الله قَرَأت فِي التَّوْرَاة بركَة الطَّعَام الْوضُوء قبله فَقَالَ بركَة الطَّعَام الْوضُوء قبله وَبعده وَقد روى الْحَاكِم فِي تَارِيخ نيسابور عَن عَائِشَة مَرْفُوعا الْوضُوء قبل الطَّعَام حَسَنَة وَبعده حَسَنَتَانِ(2/360)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة وبإباحة الْكَلَام فِي الصَّوْم على الْعَكْس مِمَّا كَانَ من قبلنَا
أخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَالنَّاس يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فِي حوائجهم كَمَا يتَكَلَّم أهل الْكتاب فِي الصَّلَاة فِي حوائجهم حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {وَقومُوا لله قَانِتِينَ}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ كل أهل دين يقومُونَ فِيهَا يَعْنِي يَتَكَلَّمُونَ فَقومُوا أَنْتُم لله مُطِيعِينَ
وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ كَانَ من قبلنَا من الْأُمَم صومهم الْإِمْسَاك عَن الْكَلَام مَعَ الطَّعَام وَالشرَاب فكانو فِي حرج فأرخص الله لهَذِهِ الْأمة بِحَذْف نصف زمانها وَهُوَ اللَّيْل وَحذف نصف صَومهَا وَهُوَ الْإِمْسَاك عَن الْكَلَام وَرخّص لَهَا فِيهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته خير الْأُمَم وَآخر الْأُمَم ففضحت الْأُمَم عِنْدهم وَلم يفضحوا وَأَنَّهُمْ ميسرون لحفظ كِتَابهمْ فِي صُدُورهمْ وَأَنَّهُمْ أشتق لَهُم إسمان من أَسمَاء الله تَعَالَى الْمُسلمُونَ والمؤمنون وسمى دينهم الْإِسْلَام وَلم يُوصف بِهَذَا الْوَصْف إِلَّا الْأَنْبِيَاء دون أممهم
قَالَ تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} وَقَالَ عز وَجل {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين من قبل وَفِي هَذَا}(2/361)
أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة بن حيدة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ إِنَّكُم تتمون سبعين أمة أَنْتُم خَيرهَا واكرمها على الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بن كَعْب قَالَ لم تكن أمة أَكثر استجابة فِي الْإِسْلَام من هَذِه الْأمة فَمن ثمَّ قَالَ تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس}
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مَكْحُول قَالَ كَانَ لعمر على رجل من الْيَهُود حق فَأَتَاهُ يَطْلُبهُ فَقَالَ عمر لَا وَالَّذِي اصْطفى مُحَمَّدًا على الْبشر لَا أُفَارِقك فَقَالَ الْيَهُودِيّ وَالله مَا اصْطفى الله مُحَمَّدًا على الْبشر فَلَطَمَهُ عمر فَأتى الْيَهُودِيّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ (أما أَنْت يَا عمر فأرضه من لطمته بل يَا يَهُودِيّ آدم صفي الله وَإِبْرَاهِيم خَلِيل الله ومُوسَى نجي الله وَعِيسَى روح الله وَأَنا حبيب الله بل يَا يَهُودِيّ تسمى الله باسمين سمي بهما أمتِي هُوَ السَّلَام وسمى بهَا أمتِي الْمُسلمين وَهُوَ الْمُؤمن وسمى بهَا أمتِي الْمُؤمنِينَ بل يَا يَهُودِيّ طلبتم يَوْمًا دخر لنا الْيَوْم وَلكم غَد وَبعد غَد لِلنَّصَارَى بل يَا يَهُودِيّ أَنْت الْأَولونَ وَنحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة بل أَن الْجنَّة مُحرمَة على النبياء حَتَّى أدخلها وَهِي مُحرمَة على الْأُمَم حَتَّى تدْخلهَا أمتِي وَتقدم الحَدِيث أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل وَحَدِيث كَونهم آخر الْأُمَم قَرِيبا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعذبة فِي الْعِمَامَة والإئتزار فِي الأوساط وَكِلَاهُمَا سيماء الْمَلَائِكَة
تقدم ذَلِك فِي أَحَادِيث وصف أمته فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والأنجيل وَلَفظه ويأتزرون على أوساطهم
وَأخرج الديلمي من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إئتزروا كَمَا رَأَيْت الْمَلَائِكَة تأتزر عِنْد رَبهَا إِلَى أَنْصَاف سوقها)(2/362)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بالعمائم وأرخوها خلف ظهوركم فَإِنَّهَا سيماء الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت عمم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَترك من عمَامَته مثل ورق الْعشْر ثمَّ قَالَ (رَأَيْت الْمَلَائِكَة معتمين)
وَذكر ابْن تَيْمِية أَن أصل العذبة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى ربه وَاضِعا يَده بَين كَتفيهِ أكْرم ذَلِك الْموضع بالعذبة لَكِن قَالَ الْعِرَاقِيّ لم نجد لذَلِك أصلا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته وضع عَنْهُم الأصر الَّذِي كَانَ على الْأُمَم قبلهم وَأحل لَهُم كثيرا مِمَّا شدد على من قبلهم وَلم يَجْعَل عَلَيْهِم فِي الدّين من حرج وَرفع عَنْهُم الْمُؤَاخَذَة بالْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَحَدِيث النَّفس وَأَن من هم مِنْهُم بسيئة لم تكْتب سَيِّئَة بل تكْتب حَسَنَة وَمن هم بحسنة كتبت حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت عشرا وَوضع عَنْهُم قتل النَّفس فِي التَّوْبَة وقرض مَوضِع النَّجَاسَة وَربع المَال فِي الزَّكَاة وَمَا دعوا بِهِ اسْتُجِيبَ لَهُم وَشرع لَهُم التَّخْيِير بَين الْقصاص وَالدية وَنِكَاح أَربع وَرخّص لَهُم فِي نِكَاح غير ملتهم وَفِي نِكَاح الْأمة وَفِي مُخَالطَة الْحَائِض سوى الوطىء وَفِي آتيان المراة على أَي شقّ شاؤا وَحرم عَلَيْهِم كشف الْعَوْرَة والتصوير وَشرب الْمُسكر
قَالَ تعال {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} وَقَالَ تَعَالَى {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} وَقَالَ عز وَجل {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصرا كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا} وَقَالَ تَعَالَى {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم} وَقَالَ تَعَالَى (وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان) الْآيَة(2/363)
أخرج ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن ابْن سِيرِين قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة لِابْنِ عَبَّاس إِن الله تَعَالَى يَقُول {مَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} إِمَّا علينا من حرج أَن نزني أَو نَسْرِق قَالَ بلَى وَلَكِن الإصر الَّذِي على بني إِسْرَائِيل وضع عَنْكُم
وَأخرج الْفِرْيَانِيُّ فِي تَفْسِيره عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ مَا بعث الله تَعَالَى من نَبِي وَلَا أرسل من رَسُول أنزل عَلَيْهِم الْكتاب إِلَّا أنزل الله عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} الْآيَة فَكَانَت الْأُمَم تَأتي على أنبيائها ورسلها وَيَقُولُونَ نؤاخذ بِمَا تحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا فيكفرون ويضلون فَلَمَّا نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَدَّ على الْمُسلمين مَا اشْتَدَّ على الْأُمَم قبلهم فَقَالُوا يَا رَسُول الله أنؤاخذ بِمَا تحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا قَالَ (نعم فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا واطلبوا إِلَى ربكُم فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {آمن الرَّسُول} الْآيَة فَوضع الله عَنْهُم حَدِيث النَّفس إِلَّا مَا عملت الْجَوَارِح {لَهَا مَا كسبت} من خير {وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت} من شَرّ
وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} دخل فِي قُلُوبهم مِنْهُ شَيْء لم يدْخل من شَيْء فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (قُولُوا سمعنَا وأطعنا وَسلمنَا) فَألْقى الله الْإِيمَان فِي قُلُوبهم فَأنْزل الله {آمن الرَّسُول} إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تَتَكَلَّم أَو تعْمل بِهِ)
وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله وضع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ)
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ)(2/364)
وَأخرج أَحْمد وابو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ سجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَلم يرفع حَتَّى ظننا أَن نَفسه قد قبضت فِيهَا فَلَمَّا رفع قَالَ (إِن رَبِّي استشارني فِي أمتِي مَاذَا يفعل بهم فَقلت مَا شِئْت يَا رب خلقك وعبادك فاستشارني الثَّانِيَة فَقلت لَهُ ذَلِك فاستشارني الثَّالِثَة فَقلت لَهُ ذَلِك فَقَالَ لي إِنِّي لن أخزيك فِي أمتك وبشرني أَن أول من يدْخل الْجنَّة معي من أمتِي سَبْعُونَ ألفا مَه كل ألف سَبْعُونَ ألفا لَيْسَ عَلَيْهِم حِسَاب ثمَّ أرسل إِلَيّ أدع تجب وسل تعط وَأَعْطَانِي ان غفرلي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَأَنا أَمْشِي حَيا صَحِيحا وَشرح لي صَدْرِي وَأَنه أَعْطَانِي أَن لَا تخزى أمتِي وَلَا تغلب وَأَنه أَعْطَانِي الْكَوْثَر نَهرا فِي الْجنَّة يسيل فِي حَوْضِي وَأَنه أَعْطَانِي الْقُوَّة والنصر والرعب يسْعَى بَين يَدي شهرا وَأَنه أَعْطَانِي إِنِّي أول الْأَنْبِيَاء دُخُولا الْجنَّة وَطيب لأمتي الْغَنِيمَة وَأحل لنا كثيرا مِمَّا شدد على من قبلنَا وَلم يَجْعَل علينا فِي الدّين من حرج فَلم أجد لي شكرا إِلَّا هَذِه السَّجْدَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود أَنه ذكر عِنْده بَنو إِسْرَائِيل وَمَا فَضلهمْ الله بِهِ فَقَالَ كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أذْنب أحدهم ذَنبا أصبح وَقد كتب كَفَّارَته على أُسْكُفَّة بَابه وَجعلت كَفَّارَة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله تَعَالَى فَيغْفر لكم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد أَعْطَانَا الله آيَة لهي أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا والذيم إِذا فعلو فَاحِشَة اللآية
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله لَو كَانَت كفارتنا ككفارات بني إِسْرَائِيل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا أَعْطَاكُم الله خير كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا أصَاب أحدهم الْخَطِيئَة وجدهَا مَكْتُوبَة على بَابه وكفارتها فَإِن كفرها كَانَ لَهُ خزي فِي الدُّنْيَا وَإِن لم يكفرهَا كَانَت لَهُ خزي فِي الْآخِرَة وَقد أَعْطَاكُم الله خَبرا من ذَلِك قَالَ {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه} والصلوات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَات لما بَينهُنَّ)(2/365)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قصَّة الَّذين عبدُوا الْعجل قَالَ قَالَ لمُوسَى مَا تَوْبَتنَا قَالَ يقتل بَعْضكُم بَعْضًا فَأخذُوا السكاكين فَجعل الرجل يقتل أَخَاهُ وأباه وَأمه لَا يُبَالِي من قتل
وَأخرج ابْن ماجة عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أَصَابَهُم الْبَوْل قرضوه بِالْمَقَارِيضِ فنهاهم رجل مِنْهُم فعذب فِي قَبره)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن بني إِسْرَائِيل كَانَ إِذا أصَاب أحدهم الْبَوْل قرضه بالمقراض)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عَائِشَة قَالَت دخلت على امْرَأَة من الْيَهُود الْآيَة فَقَالَت إِن عَذَاب الْقَبْر من الْبَوْل قلت كذبت قَالَت بلَى إِنَّه ليقرض مِنْهُ الْجلد وَالثَّوْب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقت)
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس أَن الْيَهُود كَانُوا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة فيهم لم يواكلوها وَلم يجامعوها فِي الْبيُوت فَسَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى ويسئلونك عَن الْمَحِيض فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اصنعوا كل شَيْء إِلَّا النِّكَاح) فَقَالَ الْيَهُود مَا يُرِيد هَذَا الرجل أَن يدع من أمرنَا شَيْئا إِلَّا خَالَفنَا فِيهِ
وَفِي كتب التَّفْسِير كَانَت النَّصَارَى يُجَامِعُونَ الْحيض وَلَا يبالون الْحيض وَكَانَت الْيَهُود يعتزلونهن فِي كل شَيْء فَأمر الله بِالْقَصْدِ بَين الْأَمريْنِ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ أهل الْكتاب لَا يأْتونَ النِّسَاء إِلَّا على حرف وَذَلِكَ أستر مَا تكون الْمَرْأَة وَكَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قد أخذُوا بذلك من فعلهم كَانُوا يرَوْنَ أَن لَهُم فضلا على غَيرهم من الْعلم فَأنْزل الله تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} مقبلات ومدبرات ومستلقيات(2/366)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مرّة الْهَمدَانِي قَالَ كَانَ الْيَهُود يكْرهُونَ الأبراك فَنزلت (نِسَاؤُكُمْ حرث لكم) الْآيَة فَرخص الله للْمُسلمين أَن يَأْتُوا النِّسَاء فِي الْفروج كَيفَ شَاءُوا أَنِّي شَاءُوا من بَين أَيْدِيهنَّ أَو من خلفهن
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعُثْمَان بن مَظْعُون إِنَّهَا لم تكْتب علينا الرهبانية وَإِن رَهْبَانِيَّة أمتِي الْجُلُوس فِي الْمَسَاجِد انتظارا للصلوات وَالْحج وَالْعمْرَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لكل نَبِي رَهْبَانِيَّة ورهبانية هَذِه الْأمة الْجِهَاد فِي سَبِيل الله)
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي أُمَامَة أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِي السياحة فَقَالَ (سياحة أمتِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله)
وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن عمَارَة بن غزيَّة أَن السياحة ذكرت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (أبدلنا الله بذلك الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَالتَّكْبِير على كل شرف)
وَأخرج ابْن جرير عَن عَن عَائِشَة قَالَت سياحة هَذِه الْأمة الصّيام
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل الْقصاص فِي الْقَتْلَى وَلم يكن فيهم الدِّيَة فَقَالَ الله تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء فالعفوان يقبل الدِّيَة فِي الْعمد ذَلِك تَخْفيف من رَبك وَرَحْمَة مِمَّا كتب على من كَانَ قبلكُمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ على بني إِسْرَائِيل اقتصاص لَيْسَ بَينهم دِيَة فِي نفس وَلَا جرح وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة وخفف الله تَعَالَى عَن أمة مُحَمَّد فَقبل مِنْهُم الدِّيَة فِي النَّفس وَفِي(2/367)
الْجراحَة وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة}
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ كَانَ على أهل التَّوْرَاة إِنَّمَا هُوَ الْقصاص أَو البفو لَيْسَ بَينهَا أرش وَكَانَ على أهل الانجيل إِنَّمَا هُوَ عَفْو أمروا بِهِ وَجعل الله لهَذِهِ الْأمة الْقَتْل وَالْعَفو وَالِديهِ إِن شاؤا أحلهَا لَهُم وَلم تكن لأمة قبلهم
وَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن لَيْث عَن مُجَاهِد قَالَ أَنه مِمَّا وسع الله بِهِ على هَذِه الْأمة نِكَاح النَّصْرَانِيَّة وَالْأمة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن الله تَعَالَى لما قرب مُوسَى نجيا قَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة خير أمة أخرجت للنَّاس يامرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِاللَّه فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التورراة أمة أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يقرؤنها وَكَانَ من قبلهم يقرأون كتبهمْ نظرا وَلَا يحفظونها فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة يُؤمنُونَ بِالْكتاب الأول والاخر يُقَاتلُون رُؤُوس الضَّلَالَة حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الْكذَّاب فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة يَأْكُلُون صَدَقَاتهمْ فِي بطونهم وَكَانَ من قبلهم إِذا أخرج صدقته بعث الله عَلَيْهَا نَارا فَأَكَلتهَا فَإِن لم تقبل لم تأكلها النَّار فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة إِذا هم أحدهم بسيئة لم تكْتب عَلَيْهِ فَإِن عَملهَا كتبت عَلَيْهِ سَيِّئَة وَاحِدَة وَإِذا هم أحدهم بحسنة وَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا مثالها إِلَى سَبْعمِائة ضعف فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم فاجعلهم أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ وَذكر وهب بن مُنَبّه فِي قصَّة دَاوُد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا أوحى الله إِلَيْهِ فِي الزبُور يَا دَاوُد إِنَّه سَيَأْتِي من بعْدك نَبِي إسمه أَحْمد وَمُحَمّد صَادِقا نَبيا لَا أغضب(2/368)
عَلَيْهِ أبدا وَلَا يعصيني أبدا وَقد غفرت لَهُ قبل أَن يعصيني مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأمته مَرْحُومَة أَعطيتهم من النَّوَافِل مثل مَا أَعْطَيْت الْأَنْبِيَاء وافترضت عَلَيْهِم الْفَرَائِض الَّتِي افترضت على الْأَنْبِيَاء وَالرسل حَتَّى يأتوني يَوْم الْقِيَامَة ونورهم مثل نور وَذَلِكَ إِنِّي افترضت عَلَيْهِم أَن يَتَطَهَّرُوا لي لكل صَلَاة كَمَا افترضت على الْأَنْبِيَاء قبلهم وامرتهم بِالْغسْلِ من الْجَنَابَة كَمَا امرت الرُّسُل قبلهم وامرتهم بِالْحَجِّ كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء قبلهم وامرتهم بِالْجِهَادِ كَمَا امرت الْأَنْبِيَاء قبلهم يَا دَاوُد إِنِّي فضلت مُحَمَّدًا وَأمته على الْأُمَم كلهم أَعطيتهم سِتّ خِصَال لم أعْطهَا غَيرهم من الْأُمَم لَا آخذهم بالْخَطَأ وَالنِّسْيَان وكل ذَنْب ركبوه على غير عمد إِذا استغفروني مِنْهُ غفرته وَمَا قدمُوا لآخرتهم من شَيْء طيبَة بِهِ أنفسهم عجلته لَهُم اضعافا مضاعفة وَلَهُم عِنْدِي أضعافا مضاعفة وَأفضل من ذَلِك وأعطيتهم على المصائب فِي البلايا إِذا صَبَرُوا وَقَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى إِلَى جنَّات النَّعيم وَإِن دَعونِي أَسْتَجِب لَهُم فَأَما أَن يروه عَاجلا وَأما أَن أصرف عَنْهُم سوء وَأما أدخره لَهُم فِي الاخرة وَتَقَدَّمت أَحَادِيث الْهم بِالسَّيِّئَةِ والحسنة فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته لَا تهْلك بجوع وَلَا بغرق وَلَا يُعَذبُونَ بِعَذَاب عذب بِهِ من قبلهم وَلَا يُسَلط عَلَيْهِم عَدو غَيرهم يستبيح بيضتهم وَلَا تَجْتَمِع على ضَلَالَة ونشأمن ذَلِك أَن إِجْمَاعهم حجَّة وبإن اخْتلَافهمْ رَحْمَة فَكَانَ اخْتِلَاف من قبلهم عذَابا
أخرج مُسلم عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله زوى لي الأَرْض فَرَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا وَأَن ملك أمتِي سيبلخ مَا لي زوى مِنْهَا وَأعْطيت الكنزين الْأَحْمَر والأبيض وَأَنِّي سَالَتْ رَبِّي لأمتي أَن لَا يهلكها بِسنة عَامَّة وَلَا يُسَلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم فَأَعْطَانِي)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَأَلت رَبِّي أَن لَا يهْلك أمتِي بالنسة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يهْلك أمتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلت أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَردَّتْ عَليّ)(2/369)
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن قيس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله أدْرك بِي الْأَجَل المرحوم واختارني أختيارا فَنحْن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة وإمي قَائِل قولا غير فَخر إِبْرَاهِيم خَلِيل الله ومُوسَى صفي الله وَأَنا حبيب الله وَمَعِي لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة وَأَن الله وَعَدَني فِي أمتِي وأجارهم من ثَلَاث لَا يعمهم بِسنة وَلَا يَسْتَأْصِلهُمْ عَدو وَلَا يجمعهُمْ على ضَلَالَة)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي بصرة الْغِفَارِيّ عَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سَأَلت الله أَن لَا يجمع هَذِه الْأمة على الضَّلَالَة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته وَسَأَلت أَن لَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ كَمَا اهلك الْأُمَم قبلهم فاعطانيها وَسَأَلته أَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَمَنَعَنِيهَا)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر من قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يجمع الله أمتِي على الضَّلَالَة أبدا)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا يجمع الله أمتِي على الضَّلَالَة أبدا)
وَأخرج الشَّيْخ نصر الْمَقْدِسِي فِي كتاب الْحجَّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اخْتِلَاف أمتِي رَحْمَة)
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن إِسْمَاعِيل بن أبي المجالد قَالَ قَالَ هَارُون الرشيد لمَالِك بن أنس يَا أَبَا عبد الله نكتب هَذِه الْكتب ونفرقها فِي آفَاق الْإِسْلَام لنحمل عَلَيْهَا الْأمة قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن اخْتِلَاف الْعلمَاء رَحْمَة عَن الله على هَذِه الْأمة كَانَ يتبع مَا صَحَّ عِنْده وكل على هدى وكل يُرِيد الله تَعَالَى(2/370)
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن يدْخل الْجنَّة
أخرج أَبُو يعلى عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الْأُمَم السالفة الْمِائَة أمة إِذا شهدُوا لعبد بِخَير وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأَن أمتِي الْخَمْسُونَ مِنْهُ أمة فَإِذا شهدُوا لعبد بِخَير وَجَبت لَهُ الْجنَّة)
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَيّمَا مُسلم يشْهد لَهُ أَرْبَعَة بِخَير أدخلهُ الله الْجنَّة فَقُلْنَا وَثَلَاثَة قَالَ وَثَلَاثَة فَقُلْنَا وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ ثمَّ لم نَسْأَلهُ عَن الْوَاحِد
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الطَّاعُون لأمته رَحْمَة وَشَهَادَة وَكَانَ عذَابا على من قبلهَا
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الطَّاعُون رِجْس أرسل على طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل وعَلى من كَانَ قبلكُمْ)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الطَّاعُون فَأَخْبرنِي أَنه عَذَاب يَبْعَثهُ الله على من يَشَاء وَأَن الله جعله رَحْمَة للْمُؤْمِنين لَيْسَ من أحد يَقع الطَّاعُون فيمكث فِي بَلَده صَابِرًا محتسبا يعلم أَنه لَا يصيبة إِلَّا مَا كتب الله لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مثل أجر شَهِيد
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن طَائِفَة من أمته لَا تزَال على الْحق وَأَن فيهم أقطابا وأوتادا ونوجباء وأبدالا وَبِأَن مِنْهُم من يُصَلِّي بِعِيسَى بن مَرْيَم وَبِأَن مِنْهُم من يجْرِي مجْرى الْمَلَائِكَة فِي الإستغناء عَن الطَّعَام بالتسبيح ويقاتلون الدَّجَّال
أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى يَأْتِي أَمر الله)
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لكل قرن من أمتِي سَابِقُونَ)(2/371)
وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن لله فِي الْخلق ثَلَاث مائَة قُلُوبهم على قلب آدم صفي الله وَللَّه فِي الْخلق أَرْبَعُونَ قُلُوبهم على قلب مُوسَى وَللَّه فِي الْخلق سَبْعَة قُلُوبهم على قلب إِبْرَاهِيم وَللَّه فِي الْخلق خَمْسَة قُلُوبهم على قلب جِبْرِيل وَللَّه فِي الْخلق ثَلَاثَة قُلُوبهم على قلب ميكائل وَللَّه فِي الْخلق وَاحِد قلبه على قلب إسْرَافيل بهم يحي وَيُمِيت ويمطر وينبت وَيدْفَع الْبلَاء)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لن تَخْلُو الآرض من أَرْبَعِينَ رجلا مثل خَلِيل الرَّحْمَن فيهم تسقون وبهم تنْصرُونَ مَا مَاتَ مِنْهُم أحد إِلَّا أبدل الله مَكَانَهُ آخر)
وَأخرج أَحْمد فِي مُسْنده عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْإِبْدَال فِي هَذِه الْأمة ثَلَاثُونَ مثل إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن كلما مَاتَ رجل أبدل الله مَكَانَهُ رجلا)
قَالَ أَبُو الزِّنَاد لما ذهبت النُّبُوَّة وَكَانُوا أوتاد الأَرْض أخلف الله مكانهم أَرْبَعِينَ رجلا من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُم الأبدال لَا يَمُوت الرجل حَتَّى ينشىء الله مَكَانَهُ آخر يخلفه وهم أوتاد الأَرْض وَقد بسطت الْكَلَام على ذَلِك فِي تأليف مُسْتَقل
وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تزَال أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم فَيَقُول أمامهم تقد فَيَقُول أَنْت أَحَق بَعْضكُم امراء على بعض أمرا كرم الله بِهِ هَذِه الْأمة والْحَدِيث أخرجه مُسلم بِنَحْوِهِ وَفِيه فَيَقُول أَمِيرهمْ تعال صل لنا فَيَقُول لَا إِن بَعْضكُم على بعض أُمَرَاء تكرمه الله هَذِه الْأمة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل ابْن مَرْيَم فِيكُم وإمامكم مِنْكُم)
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر جهدا يكون بَين يَدي الدَّجَّال فَقَالُوا أَي المَال خير يَوْمئِذٍ قَالَ غُلَام شَدِيد يسْقِي أَهله المَاء(2/372)
وَأما الطَّعَام فَلَيْسَ قَالُوا فَمَا طَعَام الْمُؤمنِينَ يَوْمئِذٍ قَالَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتهليل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أَسمَاء بنت يزِيد نَحوه وَفِيه يجزيهم مَا يَجْزِي أهل السَّمَاء من التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس
وَأخرج أَحْمد من حَدِيث أَسمَاء بنت عُمَيْس نَحوه وَفِيه أَن الله تَعَالَى يعْصم الْمُؤمنِينَ يَوْمئِذٍ بِمَا عصم بِهِ الْمَلَائِكَة من التَّسْبِيح
وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث ابْن عمر نَحوه وَتقدم حَدِيث وَصفهم بِقِتَال الدَّجَّال فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته نوديت فِي الْقُرْآن يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ونوديت سَائِر الْأُمَم فِي كتبهمْ يَا أَيهَا الْمَسَاكِين وَتسمع الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء آذانهم وتلبيتهم وهم الْحَمَّادُونَ الله على كل حَال وَيُكَبِّرُونَ الله على كل شرف ويسبحون عِنْد كل هبوط وَيَقُولُونَ عِنْد إِرَادَة الْأَمر أَفعلهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِذا غضبوا هللوا وَإِذا تنازعوا سبحوا ومصاحفهم فِي صُدُورهمْ وسابقهم سَابق ومقتصدهم نَاجٍ وظالمهم مغْفُور لَهُ وَلَيْسَ مِنْهُم أحد إِلَّا مرحوما وَيلبسُونَ ألوان ثِيَاب اهل الْجنَّة ويراعون الشَّمْس للصَّلَاة وهم أمة وسط عدُول بتزكية الله تَعَالَى وتحضرهم الْمَلَائِكَة إِذا قَاتلُوا وافترض عَلَيْهِم مَا افْترض على الْأَنْبِيَاء وَالرسل وَهُوَ الْوضُوء وَالْغسْل من الْجَنَابَة وَالْحج وَالْجهَاد وأعطوا من النَّوَافِل مَا أعطي الْأَنْبِيَاء
تقدم أَكثر ذَلِك فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل ضمن آثَار فِيهَا وَوَصفه وَوصف أمته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَيْثَمَة قَالَ مَا تقرأون فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فَأَنَّهُ فِي التَّوْرَاة يَا أَيهَا الْمَسَاكِين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا}(2/373)
قَالَ هم أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورثهم الله كل كتاب أنزلهُ فظالمهم مغْفُور لَهُ ومقتصدهم يُحَاسب حسابا يَسِيرا وسابقهم يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ إِذا انْزعْ بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ أَلا أَن سَابِقنَا سَابق وَمُقْتَصِدنَا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ وَأخرجه ابْن لال عَن عمر مَرْفُوعا
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من الْأُمَم
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين وَمن خَصَائِصه أَن أمته أقل عملا من الْأُمَم السَّابِقَة وَأكْثر أجرا
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من المور كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة التَّوْرَاة فعملوا بهَا حَتَّى إِذا انتصف النَّهَار عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثمَّ أُوتِيَ اهل الانجيل النجيل فعملوا إِلَى صَلَاة الْعَصْر ثمَّ عجزو فاعطوا قيراطا قيراطا ثمَّ أوتينا الْقُرْآن فعملنا إِلَى غرُوب الشَّمْس فأعطينا قيراطين قيراطين فَقَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ أَي رَبنَا أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا وَنحن كُنَّا أَكثر عملا قَالَ الله تَعَالَى هَل ظلمكم من أجركُم من شَيْء قَالُوا لَا قَالَ فَهُوَ فضلي أوتيه من أَشَاء
بَاب قَوْله ثَوَاب أمتِي أَكثر من سَائِر الْأُمَم
قَالَ الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ من كَانَ معجزته من الْأَنْبِيَاء أظهر يكون ثَوَاب قومه أقل
قَالَ ابْن السكن يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّصْدِيق لوضوحه وَظُهُور أَسبَابه وَقلة التَّعَب والفكر فِيهِ قَالَ إِلَّا هَذِه الْأمة فَإِن معجزات نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظهر وثوابنا أَكثر من سَائِر الْأُمَم(2/374)
بَاب مَا قَالَ تَعَالَى فِي أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى قَالَ فِي حق قوم مُوسَى {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} وَقَالَ فِي أمته {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ}
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته أُوتيت الْعلم الأول وَالْعلم الآخر وَفتح عَلَيْهَا خَزَائِن الْعلم وَأُوتِيت الْإِسْنَاد والأنساب والأعراب وتصنيف الْكتب وعلمائهم كأنبياء بني إِسْرَائِيل
تقدم حَدِيث إِنِّي أجد فِي الألواح أمة يُؤْتونَ الْعلم الأول وَالْعلم الآخر فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
وَأخرج أَبُو زرْعَة فِي تَارِيخه عَن شفي بن ماتع الأصبحي قَالَ يفتح على هَذِه الْأمة كل شَيْء حَتَّى يفتح عَلَيْهِم خَزَائِن الأَرْض الحَدِيث وَقَالَ ابْن حزم نقل الثِّقَة عَن الثِّقَة يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ الإتصال خص الله تَعَالَى بِهِ الْمُسلمين دون سَائِر الْملَل
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي التَّقْرِيب الْإِسْنَاد خصيصة لهَذِهِ الْأمة
وَقَالَ أَبُو عَليّ الجبائي خص الله هَذِه الْأمة بِثَلَاثَة أَشْيَاء لم يُعْطهَا من قبلهَا الْإِسْنَاد والأنساب والأعراب 3 وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ لم يكن قطّ فِي الْأُمَم من انْتهى إِلَى حد هَذِه الْأمة من التَّصَرُّف فِي التصنيف وَالتَّحْقِيق وَلَا جاراها فِي مداها من التفريغ والتدقيق(2/375)
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِيمَان هَذِه الْأمة
أخرج عبد الله بن أحمدفي زَوَائِد الزّهْد عَن مَالك بن دينارى قَالَ بلغنَا أَن إِيمَان هَذِه الْأمة لَا يحمل أَكثر من ثَلَاث يَعْنِي لَا يحمل عَلَيْهَا أَكثر من ثَلَاث حَتَّى يَأْتِيهَا الْفرج
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَأول من يفِيق من الصعقة وَبِأَنَّهُ يحْشر فِي سبعين ألف ملك ويحشر على الْبراق وَيُؤذن باسمه فِي الْموقف وَبِأَنَّهُ يكسى فِي الْموقف حلتين أعظم الْحلَل من الْجنَّة ومقامه عَن يَمِين الْعَرْش
أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَأول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَأول شَافِع وَأول مُشَفع)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن النَّاس يصعقون فَأَكُون أول من يفِيق)
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن كَعْب قَالَ مَا من فجر يطلع إِلَّا يهْبط سَبْعُونَ ألف ملك يضْربُونَ قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأجنحتهم وبحفون بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يمسوا فَإِذا أَمْسوا عرجوا وَهَبَطَ سَبْعُونَ ألف ملك كَذَلِك حَتَّى يصبحوا إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سبعين ألف ملك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يحْشر الْأَنْبِيَاء على الدَّوَابّ وأبعث على الْبراق وَيبْعَث بِلَال على نَاقَة من نُوق الْجنَّة فينادي بالآذان مَحْضا وبالشهادة حَقًا حَتَّى إِذا قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله شهد لَهُ الْمُؤْمِنُونَ من الْأَوَّلين والآخرين فَقبلت مِمَّن قبلت وَردت على من ردَّتْ)
وَأخرج ابْن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْأَعْمَال عَن كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تبْعَث نَاقَة ثَمُود لصالح فَيركبهَا من عِنْد قَبره حَتَّى توافي بِهِ(2/376)
الْمَحْشَر قَالَ معَاذ وَأَنت تركب العضباء يَا رَسُول الله قَالَ لَا تركبها ابْنَتي وَأَنا على الْبراق اختصصت بِهِ من دون الْأَنْبِيَاء يَوْمئِذٍ وَيبْعَث بِلَال على نَاقَة من نُوق الْجنَّة يُنَادي على ظهرهَا بالآذان فَإِذا سَمِعت الْأَنْبِيَاء وأممها أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالُوا وَنحن نشْهد على ذَلِك)
وَأخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أعْطى حلَّة من الْجنَّة ثمَّ أقوم عَن يَمِين الْعَرْش لَيْسَ لأحد من الْخَلَائق أَن يقوم ذَلِك الْمقَام غَيْرِي)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أول من يكسى إِبْرَاهِيم ثمَّ يقْعد مُسْتَقْبل الْعَرْش ثمَّ أُوتى بكسوتي فألبسها فأقوم عَن يَمِينه مقَاما لَا يقومه أحد غَيْرِي يغبطني فِيهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أول من يكسى إِبْرَاهِيم حلَّة من الْجنَّة ثمَّ يُؤْتى بِي فأكسى حلَّة من حلل الْجنَّة لَا يقوم لَهَا بشر)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم كرز قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (أَنا سيد الْمُؤمنِينَ إِذا بعثوا وسابقهم إِذا وردوا ومبشرهم إِذا أبلسوا وإمامهم إِذا سجدوا وأقربهم مَجْلِسا من الرب تَعَالَى إِذا اجْتَمعُوا فأقوم فأتكلم فيصدقني وأشفع فيشفعني وأسأل فيعطيني)
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول النَّاس خُرُوجًا إِذا بعثوا وَأَنا قائدهم إِذا وفدوا وَأَنا خطيبهم إِذا أَنْصتُوا وَأَنا شافعهم إِذا حبسوا وَأَنا مبشرهم إِذا أبلسوا لِوَاء الْكَرم بيَدي ومفاتيح الْجنَّة بيَدي ولواء الْحَمد بيَدي وَأَنا أكْرم ولد آدم على رَبِّي وَلَا فَخر يطوف عَليّ ألف خَادِم كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ الْمكنون)(2/377)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالْمقَام الْمَحْمُود وَبِأَن بِيَدِهِ لِوَاء الْحَمد وَبِأَن آدم فَمن دونه تَحت لوائه وَبِأَنَّهُ أَمَام النَّبِيين يَوْمئِذٍ وخطيبهم وقائهم وَبِأَنَّهُ أول شَافِع وَأول مُشَفع وَأول من ينظر إِلَى الله تَعَالَى وَأول من يُؤمر لَهُ بِالسُّجُود وَأول من يرفع رَأسه وَلَا يطْلب مِنْهُ شَهِيد على التَّبْلِيغ وَيطْلب من سَائِر الْأَنْبِيَاء وبالشفاعة الْعُظْمَى فِي فصل الْقَضَاء وبالشفاعة فِي إِدْخَال قوم الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وبالشفاعة فِيمَن اسْتحق النَّار من الْمُوَحِّدين أَن لَا يدخلهَا وبالشفاعة فِي رفع دَرَجَات نَاس فِي الْجنَّة وبالشفاعة فِيمَن خلد من الْكفَّار فِي النَّار أَن يُخَفف عَنْهُم الْعَذَاب وبالشفاعة فِي أَطْفَال الْمُشْركين ان لَا يعذبوا
قَالَ تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا}
أخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي قَالَ (أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَهل تَدْرُونَ مِم ذَلِك يجمع الله الْأَوَّلين والآخرين فِي صَعِيد وَاحِد يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ الْبَصَر وتدنو الشَّمْس فَيبلغ النَّاس من الْغم وَالْكرب مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يحتملة ن فَيَقُول بعض النَّاس بِبَعْض أَلا ترَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُم فِيهِ مَا قد بَلغَكُمْ أَلا تنْظرُون من يشفع لكم إِلَى ربكُم فَيَقُول بعض النَّاس لبَعض أبوكم آدم فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ يَا آدم أَنْت أَبُو الْبشر خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك فاشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول آدم إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَأَنه نهاني عَن الشَّجَرَة فعصيت نَفسِي نَفسِي نَفسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى نوح فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ يَا نوح أَنْت أول الرُّسُل إِلَى أهل الأَرْض وَسماك الله عبدا شكُورًا فاشفع لنا إِنِّي رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول نوح أَن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَأَنه كَانَت لي دَعْوَة دعوتها على قومِي نَفسِي نَفسِي نَفسِي إذهبوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى إِبْرَاهِيم فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيم أَنْت(2/378)
نَبِي الله وخليله من أهل الأَرْض أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله فَذكر كذباته نَفسِي نَفسِي نَفسِي إذهبوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى مُوسَى فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أَنْت رَسُول الله اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وبتكليمه على النَّاس اشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَإِنِّي قتلت نفسا لم أُؤمر بقتلها نَفسِي نَفسِي نَفسِي إذهبو إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا عِيسَى أَنْت رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَكلمت النَّاس فِي المهد فاشفع لنا رَبك أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ أَلا ترى مَا قد بلغنَا فَيَقُول لَهُم إِن رَبِّي غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَلم يذكر ذَنبا إذهبوا إِلَى غَيْرِي إذهبوا إِلَى مُحَمَّد فَيَأْتُونَ فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّد أَنْت رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تاخر فاشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى مَا قد بلغنَا أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ فاقوم فَآتي تَحت الْعَرْش فَاقِع سجدا لرَبي يفتح الله تَعَالَى عَليّ ويلهمني من محامده وَحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ مَا لم يَفْتَحهُ على اُحْدُ قبلي فَيُقَال يَا مُحَمَّد أرفع رَأسك سل تعطه اشفع تشفع فَيَقُول يَا رب أمتِي أمتِي يَا رب أمتِي أمتِي يَا رب أمتِي أمتِي فَيُقَال يَا مُحَمَّد ادخل من أمتك من لَا حِسَاب عَلَيْهِ من الْبَاب الْأَيْمن من أَبْوَاب الْجنَّة وهم شُرَكَاء النَّاس فِيمَا سواهُ من الْأَبْوَاب ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لما بَين مصراعين من مصاريع الْجنَّة لَكمَا بَين مَكَّة وهجر أَو كَمَا بَين مَكَّة وَبصرى)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يجمع الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة فيلهمون لذَلِك الْيَوْم فَيَقُولُونَ لَو اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبنَا حَتَّى يُرِيحنَا من مَكَاننَا هَذَا فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ لَهُ يَا آدم أَنْت أَبُو الْبشر خلقك الله بِيَدِهِ وأسجد لَك مَلَائكَته وعلمك أَسمَاء كل شَيْء فاشفع لنا إِلَى رَبك حَتَّى يُرِيحنَا من مَكَاننَا هَذَا فَيَقُول لَهُم آدم لست هُنَاكُم وَيذكر ذَنبه الَّذِي أصَاب فيستحي ربه من ذَلِك وَيَقُول وَلَكِن ائْتُوا نوحًا فَأَنَّهُ أول رَسُول بَعثه الله إِلَى أهل الأَرْض فَيَأْتُونَ نوحًا(2/379)
فَيَقُول لست هُنَاكُم وَيذكر خطيئه سُؤال ربه مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم فيستحي ربه من ذَلِك وَيَقُول وَلَكِن ائْتُوا إِبْرَاهِيم خَلِيل الرحمنن فيأتونه فَيَقُول لست هُنَاكُم وَلَكِن ائْتُوا مُوسَى عبدا كَلمه الله وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاة فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُول لست هُنَاكُم وَيذكر لَهُم النَّفس الَّتِي قتل بِغَيْر نفس فيستحي ربه من ذَلِك وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته وروحه فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُول لست هُنَاكُم وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّد عبدا غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فَيَأْتُوني فأقوم نَا أَمْشِي بَين سماطين من الْمُؤمنِينَ حَتَّى أَسْتَأْذن على رَبِّي فَإِذا رَأَيْت رَبِّي وَقعت لَهُ سَاجِدا فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني ثمَّ يُقَال ارْفَعْ مُحَمَّد رَأسك قل تسمع وَاشْفَعْ تشفع وسل تعطه فأرفع رَأْسِي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثمَّ أشفع فَيحد لي حدا فأدخلهم الْجنَّة ثمَّ أَعُود إِلَيْهِ الثَّانِيَة فَإِذا رَأَيْت رَبِّي وَقعت لَهُ سَاجِدا فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني ثمَّ يَقُول أرفع مُحَمَّد قل تسمع وسل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فأرفع رَأْسِي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثمَّ أشفع فَيحد لي حدا فأدخلهم الْجنَّة ثمَّ أَعُود الثَّالِثَة فَإِذا رَأَيْت رَبِّي وَقعت لَهُ سَاجِدا فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني ثمَّ يُقَال ارْفَعْ مُحَمَّد قل تسمع وسل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فارفع رَأْسِي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثمَّ أشفع فَيحد لي حدا فأدخلهم الْجنَّة ثمَّ أَعُود الرَّابِعَة فَأَقُول رب مَا بَقِي إِلَّا من حَبسه الْقُرْآن قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن شعيرَة ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن برة ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن ذرة)
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِنِّي لقائم انْتظر مَتى يعبر الصِّرَاط إِذْ جَاءَنِي عِيسَى فَقَالَ هَذِه الْأَنْبِيَاء قد جاءتك يَا مُحَمَّد يسْأَلُون وَيدعونَ الله أَن يفرق بَين جَمِيع الْأُمَم إِلَى حَيْثُ يَشَاء الله نعم مَا هم فِيهِ فالخلق ملجمون بالعرق فَأَما الْمُؤمن فَهُوَ عَلَيْهِ كالزكمة وَأما الْكَافِر فيغشاه الْمَوْت فَقَالَ انْتظر حَتَّى أرجع إِلَيْك فَذهب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ تَحت الْعَرْش فلقي مَا لم يلق ملك مصطفى وَلَا نَبِي مُرْسل فَأوحى الله إِلَى جِبْرِيل أَن إذهب إِلَى مُحَمَّد وَقل لَهُ(2/380)
ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فشفعت فِي أمتِي أَن أخرج من كل تِسْعَة وَتِسْعين إنْسَانا وَاحِدًا فَمَا زلت أتردد إِلَى رَبِّي فَلَا أقوم مِنْهُ مقَاما إِلَّا شفعت حَتَّى أَعْطَانِي الله من ذَلِك أَن قَالَ يَا مُحَمَّد أَدخل من أمتك من خلق الله تَعَالَى من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله يَوْمًا وَاحِدًا مخلصا وَمَات على ذَلِك
وَأخرج أَحْمد وابو يعلى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّه لم يكن نَبِي إِلَّا لَهُ دَعْوَة قد تَنَجزهَا فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي قد أختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي وَأَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر آدم فَمن دونه تَحت لِوَائِي وَلَا فَخر وَيطول يَوْم الْقِيَامَة على النَّاس فَيَقُول بَعضهم لبَعض انْطَلقُوا بِنَا إِلَى آدم أبي الْبشر فليشفع لنا إِلَى رَبنَا فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي قد أخرجت من الْجنَّة بخطيئتي وَأَنه لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا نوحًا رَأس النَّبِيين فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ اشفع لنا إِلَى رَبنَا فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي سَأَلت ابْني وَأَنه لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيم اشفع لنا إِلَى رَبنَا فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي كذبت فِي الْإِسْلَام ثَلَاث كذبات وَالله إِن أجادل بِهن إِلَّا عَن دين الله قَوْله إِنِّي سقيم وَقَوله بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا وَقَوله لإمرأته حِين أَتَى على الْملك اختي وَأَنه لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا مُوسَى الَّذِي اصطفاه الله برسالته وَكَلَامه فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أَنْت الَّذِي اصطفاك الله برسالته وَكَلَامه فاشفع لنا إِلَى رَبك فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي قتلت نفسا بغيرنفس وَإنَّهُ لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى روح الله وكلمته فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ اشفع لنا إِلَى رَبك فليقض بَيْننَا فَيَقُول إِنِّي لست هُنَاكُم إِنِّي اتَّخذت إِلَهًا من دون الله وَإنَّهُ لَا يهمني الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَلَكِن إِن كل مَتَاع فِي وعَاء مختوم عَلَيْهِ أَكَانَ يقدر على مَا فِي جَوْفه حَتَّى يفض الْخَاتم فَيَقُولُونَ لَا فَيَقُول إِن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتم النَّبِيين قد حضر الْيَوْم وَقد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْتُوني فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّد اشفع لنا إِلَى رَبك فليقض بَيْننَا فَأَقُول إِنَّا لَهَا حَتَّى يَأْذَن(2/381)
الله لمن يَشَاء ويرضى فَإِذا أَرَادَ الله أَن يصدع بَين خلقه نَادَى مُنَاد أَيْن أَحْمد وَأمته فَنحْن الأخرون الْأَولونَ نَحن آخر الْأُمَم وَأول من يُحَاسب فتفرج لنا الْأُمَم عَن طريقنا فنمضي غرا محجلين من أثر الطّهُور فَتَقول الْأُمَم كَادَت هَذِه الْأمة أَن تكون أَنْبيَاء كلهَا فنأتي بَاب الْجنَّة فآخذ بحلقه الْبَاب فأقرع الْبَاب فَيُقَال من أَنْت فَأَقُول أَنا مُحَمَّد فَآتي رَبِّي عز وَجل على كرسيه فَأخر لَهُ سَاجِدا فأحمده بِمَحَامِد لم يحمده بهَا أحد كَانَ قبلي وَلَيْسَ يحمده بهَا أحد بعدِي فَيُقَال يَا مُحَمَّد ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَقل يسمع وَاشْفَعْ تشفع فأرفع رَأْسِي فَأَقُول أَي رب أمتِي أمتِي فَيُقَال أخرج من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال كَذَا وَكَذَا دون الأول ثمَّ أَعُود فأسجد فَأَقُول مثل ذَلِك فَيُقَال ارْفَعْ رَأسك وَقل يسمع لَك وسل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فَأَقُول أَي رب أمتِي أمتِي فَيَقُول أخرج من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال كَذَا وَكَذَا دون ذَلِك)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (للأنبياء مَنَابِر من ذهب فَيَجْلِسُونَ عَلَيْهَا وَيبقى منبري لَا أَجْلِس عَلَيْهِ قَائِما بَين يَدي رَبِّي منتصبا مَخَافَة أَن يبْعَث بِي إِلَى الْجنَّة وَتبقى أمتِي بعدِي فَأَقُول يَا رب أمتِي أمتِي فَيَقُول الله يَا مُحَمَّد وَمَا تُرِيدُ أَن أصنع بأمتك فَأَقُول يَا رب عجل حسابهم فَمَا أَزَال أشفع حَتَّى اعطى صكاكا بِرِجَال قد بعث بهم إِلَى النَّار وَحَتَّى إِن مَالِكًا خَازِن النَّار يَقُول يَا مُحَمَّد مَا تركت لغضب رَبك فِي أمتك من بَقِيَّة)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ إِن النَّاس يصيرون يَوْم الْقِيَامَة جثاء كل أمة تتبع نبيها يَقُولُونَ يَا فلَان اشفع لنا يَا فلَان اشفع لنا حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك يَوْم يَبْعَثهُ مقَاما مَحْمُودًا
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن الشَّمْس لَتَدْنُو حَتَّى يبلغ الْعرق نصف الْأذن فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك اسْتَغَاثُوا بِآدَم فَيَقُول(2/382)
لست بِصَاحِب ذَلِك ثمَّ مُوسَى فيقولن كَذَلِك ثمَّ لمُحَمد فَيشفع حَتَّى يقْضِي الله تَعَالَى بَين الْخلق فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فَيَوْمئِذٍ يَبْعَثهُ الله مقَاما مَحْمُودًا يحمده أهل الْجمع كلهم)
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة قَالَ يجمع الله النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد وَلَا تَتَكَلَّم نفس فَيكون أول من يدعى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك وَالْمهْدِي من هديت وَعَبْدك بَين يَديك وَبِك وَإِلَيْك لَا منجأ مِنْك إِلَّا إِلَيْك تَبَارَكت وَتَعَالَيْت سُبْحَانَكَ رب الْبَيْت فَعِنْدَ ذَلِك يشفع فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن عَاصِم فِي السّنة عَن سلمَان قَالَ تُعْطى الشَّمْس يَوْم الْقِيَامَة حر عشْرين سِنِين ثمَّ تدني من جماجم النَّاس حَتَّى تكون قاب قوسين فيعرقون حَتَّى يرشح الْعرق فِي الأَرْض قامة ثمَّ يرْتَفع حَتَّى يُغَرْغر الرجل قَالَ سلمَان حَتَّى يَقُول الرجل غق غق فَإِذا رَأَوْا مَا هم فِيهِ قَالَ بَعضهم لبَعض أَلا ترَوْنَ مَا أَنْتُم فِيهِ ائْتُوا أَبَاكُم آدم فليشفع لكم إِلَى ربكُم فَيَأْتُونَ إِلَى أَدَم فَيَقُولُونَ إِلَى يَا آبانا أَنْت الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وأسكنك جنته قُم فاشفع لنا إِلَى رَبك فقد ترى مَا نَحن فِيهِ فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائْتُوا عبدا شاكرا فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ يَا نَبِي الله أَنْت الَّذِي جعلك الله عبدا شاكرا وَقد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول أئتو خَلِيل الرَّحْمَن إِبْرَاهِيم فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ يَا خَلِيل الرَّحْمَن قد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائتو مُوسَى عبدا اصطفاه الله تَعَالَى بِرِسَالَاتِهِ وبكلامه فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ قد تررى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائْتُوا كلمة الله وروحه عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا كلمة الله وروحه قد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول لست هُنَاكُم فَيَقُولُونَ إِلَى من تَأْمُرنَا فَيَقُول ائْتُوا عبدا فتح الله على يَدَيْهِ وَغفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تاخر ويجيىء فِي هَذَا الْيَوْم آمنا مُحَمَّدًا فَيَأْتُونَ(2/383)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُولُونَ يَا نَبِي الله أَنْت الَّذِي فتح الله بك وَغفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَجئْت فِي هَذَا الْيَوْم آمنا وَقد ترى مَا نَحن فِيهِ فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول أَنا صَاحبكُم فَيخرج يجوس النَّاس حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى بَاب الْجنَّة فَيَأْخُذ بِحَلقَة الْبَاب من ذهب فيقرع الْبَاب فَيُقَال من هَذَا فَيَقُول مُحَمَّد فَيفتح لَهُ فَيَجِيء حَتَّى يقوم بَين يَدي الله فيستأذن فِي السُّجُود فَيُؤذن لَهُ فَيسْجد فينادي يَا مُحَمَّد ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَاشْفَعْ تشفع وادع تجب فَيفتح الله عَلَيْهِ من الثَّنَاء والتحميد والتمجيد مَا لم يَفْتَحهُ لأحد من الْخَلَائق وينادي يَا مُحَمَّد أرفع رَأسك سل تُعْطى وَاشْفَعْ تشفع وادع تجب فيرفع رَأسه فَيَقُول أمتِي أمتِي مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَيشفع فِي كل من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان أَو مِثْقَال شعيرَة من إِيمَان أَو مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مردوية عَن عقبَة بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين وَقضي بَينهم وَفرغ من الْقَضَاء يَقُول الْمُؤْمِنُونَ قد قضى بَيْننَا رَبنَا وَفرغ من الْقَضَاء فَمن يشفع لنا إِلَى رَبنَا فَيَقُولُونَ آدم خلقه الله بِيَدِهِ وَكَلمه فيأتونه فَيَقُولُونَ قد قضى رَبنَا وَفرغ من الْقَضَاء قُم أَنْت فاشفع لنا إِلَى رَبنَا فَيَقُول ائْتُوا نوحًا فَيَأْتُونَ نوحًا فيدلهم على إِبْرَاهِيم فأتون إِبْرَاهِيم فيدلهم على مُوسَى فَيَأْتُونَ مُوسَى فيدلهم على عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُول ادلكم على الْعَرَبِيّ الْأُمِّي فَيَأْتُوني فَيَأْذَن الله لي أَن أقوم إِلَيْهِ فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قطّ حَتَّى آتِي رَبِّي فيشفعني وَيجْعَل لي نورا من شعر رَأْسِي إِلَى ظفر قدمي)
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة عَن أنس يرفعهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا زلت أشفع إِلَى رَبِّي ويشفعني حَتَّى اقول أَي رب شفعني فِيمَن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا لله فَيَقُول هَذِه لَيْسَ لَك وَلَا لأحد وَعِزَّتِي وَجَلَالِي ورحمتي لَا ادْع فِي النَّار أحدا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله(2/384)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله تَعَالَى قَالَ يَا مُحَمَّد إِنِّي لم أبْعث نَبيا وَلَا رَسُولا إِلَّا وَقد سَأَلَني مَسْأَلَة أَعْطيته إِيَّاهَا فسل يَا مُحَمَّد تعطه فَقلت مَسْأَلَتي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله وَمَا الشَّفَاعَة قَالَ أَقُول يَا رب شَفَاعَتِي الَّتِي أختبأت عنْدك فَيَقُول الرب نعم فَيخرج بَقِيَّة أمتِي من النَّار فيدخلهم الْجنَّة)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل وَأبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن رَبِّي خيرني بَين أَن يدْخل نصف أمتِي الْجنَّة أَو شَفَاعَة فاخترت لَهُم الشَّفَاعَة وَعلمت أَنَّهَا أوسع لَهُم وَهِي لمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (آتِي جَهَنَّم فَاضْرب بَابهَا فَيفتح لي فَأدْخلهَا فَأَحْمَد الله بِمَحَامِد مَا حَمده أحد كَانَ قبلي مثله وَلَا يحمده أحد بعدِي ثمَّ أخرج مِنْهَا من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصا)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن عَوْف بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (اعطينا أَرْبعا لم يُعْطهنَّ أحد قبلنَا وَسَأَلت رَبِّي الْخَامِسَة فَأَعْطَانِيهَا وَهِي مَا هِيَ كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه لَا يعدوها وَبعثت للنَّاس كَافَّة وأرهب منا عدونا مسيرَة شهر وَجعلت الأَرْض لنا طهُورا ومسجدا وَأحل لنا الْخمس وَلم تحل لأحد قبلنَا وَسَأَلته ان لَا يلقاه عبد من أمتِي يوحده إِلَّا أدخلهُ الْجنَّة)
وَأخرج أَحْمد وَابْن ابي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يعطهم نَبِي قبلي بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود ونصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لمن كَانَ قبلي وَأعْطيت الشَّفَاعَة وَأَنه لَيْسَ من نَبِي إِلَّا وَقد قدم الشَّفَاعَة وَإِنِّي اخرت شَفَاعَتِي جَعلتهَا لمن مَاتَ من امتي لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي) فَذكر مثل حَدِيث أبي مُوسَى إِلَّا أَنه قَالَ فِي الْخَامِسَة وَقيل لي سل تعطه فاختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة وَهِي(2/385)
نائلة مِنْهُم إِن شَاءَ الله من لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم حَبِيبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أريت مَا يلقِي أمتِي من بعدِي وَسَفك بَعضهم دِمَاء بعض وَكَانَ ذَلِك سَابِقًا من الله فَسَأَلته أَن يوليني شَفَاعَة فيهم يَوْم الْقِيَامَة فَفعل)
وَأخرج مُسلم عَن ابْن عمرَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول إِبْرَاهِيم {فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم} وَقَول عِيسَى {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ أمتِي أمتِي ثمَّ بَكَى فَقَالَ الله تَعَالَى يَا جِبْرِيل اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقل لَهُ إِنَّا سنرضيك فِي أمتك وَلَا نسوءك)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لأشفع لأمتي حَتَّى يناديني رَبِّي أرضيت يَا مُحَمَّد فَأَقُول أَي رب رضيت)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهَا نَبِي قبلي بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه ونصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر وأطعمت الْمغنم وَلم يطعمهُ أحد كَانَ قبلي وَجعلت لي الأَرْض طهُورا ومسجدا وَلَيْسَ من نَبِي إِلَّا وَقد أعطي دَعْوَة فتعجلها وَإِنِّي أخرت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي وَهِي بَالِغَة أَن شَاءَ الله تَعَالَى من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلت رَبِّي اللاهين من ذُرِّيَّة الْبشر أَن لَا يعذبهم فأعطانيهم)
قَالَ عبد الْبر هم الْأَطْفَال لِأَن أَعْمَالهم كاللهو واللعب من غير عقد وَلَا عزم
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بن كَعْب قَالَ(2/386)
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة كنت أَمَام النَّبِيين وخطيبهم وَصَاحب شفاعتهم غير فَخر)
وَأخرج مُسلم عَن أبي بن كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أرسل إِلَيّ رَبِّي أَن أَقرَأ الْقُرْآن على حرف فردون عَلَيْهِ يَا رب هون على امتي فَرد عَليّ الثَّانِيَة أَن أَقرَأ على حرفين قلت يَا رب هون على أمتِي فَرد عَليّ الثَّالِثَة أَن أَقرَأ على سَبْعَة أحرف وَلَك بِكُل ردة رَددتهَا مَسْأَلَة تسألنيها فَقلت اللَّهُمَّ إغفر لأمتي وأخرت الثَّالِثَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة يَوْم يرغب إِلَيّ فِيهِ الْخلق حَتَّى إِبْرَاهِيم)
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرِّوَايَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر مَا من أحد إِلَّا وَهُوَ تَحت لواءي يَوْم الْقِيَامَة ينْتَظر الْفرج وَأَن معي لِوَاء الْحَمد أَنا أَمْشِي وَيَمْشي النَّاس معي حَتَّى آتِي بَاب الْجنَّة فأستفتح فَيُقَال من هَذَا فَأَقُول مُحَمَّد فَيُقَال مرْحَبًا بِمُحَمد فَإِذا رَأَيْت رَبِّي خَرَرْت لَهُ سَاجِدا أنظر إِلَيْهِ)
وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ قَالَ الصَّحَابَة يَا رَسُول الله إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَعِيسَى كلمة الله وروحه ومُوسَى كَلمه تكليما فَمَاذَا أَعْطَيْت أَنْت قَالَ ولد آدم كلهم تَحت رايتي يَوْم الْقِيَامَة وَأَنا أول من تفتح لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنا قَائِد الْمُرْسلين وَلَا فَخر وَأَنا خَاتم النَّبِيين وَلَا فَخر وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع وَلَا فَخر)
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جلس نَاس من أَصْحَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينتظرونه فتذاكروا فَقَالَ بَعضهم عجبا إِن الله اتخذ من خلقه خَلِيلًا فإبراهيم خَلِيله وَقَالَ آخر مَاذَا بِأَعْجَب من أَنه كلم مُوسَى تكليما وَقَالَ آخر(2/387)
فعيسى كلمة الله وروحه وَقَالَ آخر فآدم اصطفاه الله فَخرج عَلَيْهِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ (قد سَمِعت كلامكم إِن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَهُوَ كَذَلِك ومُوسَى نجيه وهوكذلك وَعِيسَى روحه وكلمته وَهُوَ كَذَلِك وآدَم اصطفاه الله وَهُوَ كَذَلِك أَلا أَنا وَأَنا حبيب الله وَلَا فَخر وَأَنا حَامِل لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة تَحْتَهُ آدم فَمن دونه وَلَا فَخر وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من يُحَرك غلق الْجنَّة وَلَا فَخر فَيفتح الله لي فيدخلنيها وَمَعِي فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ وَلَا فَخر وَأَنا أكْرم الْأَوَّلين والآخرين على الله وَلَا فَخر)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أرْسلت إِلَى الْجِنّ وَالْإِنْس وَإِلَى كل أَحْمَر وأسود وَأحلت لي الْغَنَائِم دون الْأَنْبِيَاء وَجعلت لي الأَرْض كلهَا مَسْجِدا وَطهُورًا ونصرت بِالرُّعْبِ أَمَامِي شهرا وَأعْطيت خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة وَكَانَت من كنوز الْعَرْش وخصصت بهَا دون الْأَنْبِيَاء وَأعْطيت المثاني مَكَان التَّوْرَاة والمئين مَكَان الأنجيل والحواميم مَكَان الزبُور وفضلت بالمفصل وَأَنا سيد ولد آدم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من تَنْشَق الأَرْض عني وَعَن أمتِي وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة وَجَمِيع الْأَنْبِيَاء تَحْتَهُ وَلَا فَخر وإلي مَفَاتِيح الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَبِي تفتح الشَّفَاعَة وَلَا فَخر وَأَنا سَابق الْخلق إِلَى الْجنَّة وَلَا فَخر وَأَنا إمَامهمْ وَأمتِي بالأثر)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن كل سَبَب وَنسب مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة الا سَببه وَنسبه
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (كل سَبَب وَنسب مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا سبيى ونسبي) قيل معنى الحَدِيث أَن أمته ينسبون إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وامم سَائِر الْأَنْبِيَاء لَا ينسبون إِلَيْهِم وَقيل ينْتَفع يَوْمئِذٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَلَا ينْتَفع بِسَائِر الْأَنْسَاب وَيُؤَيّد هَذَا مَا أخرجه(2/388)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ أول من يُجِيز على الصِّرَاط وَأول من يقرع بَاب الْجنَّة وَأول من يدخلهَا وَبعده إبنته وَأَن لَهُ فِي كل شَعْرَة من رَأسه وَوَجهه نورا وَيُؤمر أهل الْجمع بغض أَبْصَارهم حَتَّى تمر إبنته على الصِّرَاط
تقدم حَدِيث النُّور فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل وَتقدم أَيْضا حَدِيث عقبَة فِيهِ فِي الْبَاب السَّابِق
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يضْرب جسر جَهَنَّم فَأَكُون أول من يُجِيز)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قيل يَا أهل الْجمع غضوا أبصاركم حَتَّى تمر فَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتمر وَعَلَيْهَا ربطتان خضراوان)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من وَرَاء الْحجب يَا أَيهَا النَّاس غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم فَإِن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجوز الصِّرَاط إِلَى الْجنَّة)
وَأخرج مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول من يقرع بَاب الْجنَّة)
وَأخرج مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (آتِي بَاب الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة فأستفتح فَيَقُول الخازن من أَنْت فَأَقُول مُحَمَّد فَيَقُول بك أمرت وَأَنا لَا أفتح لأحد قبلك)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول النَّاس من تَنْشَق الأَرْض عَن جمجمتي يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأعْطى لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر وَأَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَأَنا أول من يدْخل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر)(2/389)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن عمر بن الْخطاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْجنَّة حرمت على الْأَنْبِيَاء حَتَّى أدخلها وَحرمت على الْأُمَم حَتَّى تدْخلهَا أمتِي) وَأخرج من حَدِيث ابْن عَبَّاس نَحوه
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول من يدْخل الْجنَّة وَلَا فَخر وَأول من يدْخل عَليّ الْجنَّة فَاطِمَة وَمثلهَا فِي هَذِه الْأمة مثل مَرْيَم فِي بني إِسْرَائِيل)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكوثر والوسيلة وَبِأَن قَوَائِم منبره رواتب فِي الْجنَّة ومنبره على ترعة من ترع الْجنَّة وَمَا بَين قَبره ومنبره رَوْضَة من رياض الْجنَّة
قَالَ تَعَالَى {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر}
أخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أُوتيت خِصَالًا لَا أقولهن فخرا غفر لي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَجعل أمتِي خير الْأُمَم وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم ونصرت بِالرُّعْبِ وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأُوتِيت الْكَوْثَر آنيته عدد نُجُوم السَّمَاء)
وَأخرج مُسلم عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول ثمَّ صلوا عَليّ ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة لَا تنبغي لعبد من عباد الله وأرجوا أَن أكون أَنا هُوَ فَمن سَأَلَ لي الْوَسِيلَة حلت عَلَيْهِ الشَّفَاعَة)
وَأخرج عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله رفعني يَوْم الْقِيَامَة فِي أَعلَى غرفَة من جنَّات النَّعيم لَيْسَ فَوقِي إِلَّا حَملَة الْعَرْش)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَوَائِم منبري رواتب فِي الْجنَّة) وَأخرج الْحَاكِم مثله من حَدِيث أبي وَاقد اللَّيْثِيّ(2/390)
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (منبري هَذَا على ترعة من ترع الْجنَّة)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا بَين بَيْتِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته الْآخرُونَ فِي الدُّنْيَا الْأَولونَ يَوْم الْقِيَامَة يقْضِي الله لَهُم قبل الْخَلَائق وَيَكُونُونَ فِي الْموقف على كوم عَال ويأتون غرا محجلين من أثار الْوضُوء وَعجل عَذَابهَا فِي الدُّنْيَا وَفِي البرزخ لتوافي الْقِيَامَة ممحصة وَتدْخل قبورها بذنوبها وَتخرج مِنْهَا بِلَا ذنُوب تمحص عَنْهَا باستغفار الْمُؤمنِينَ وَيُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وتسعى ذُرِّيتهمْ ونورهم بَين أَيْديهم وَلَهُم سِيمَا فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود وَلَهُم نوران كالأنبياء وهم أثقل النَّاس ميزانا وَلها مَا سعت وَمَا سعي لَهَا بِخِلَاف سَائِر الْأُمَم
تقدم حَدِيث النُّور فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل
أخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة وَحُذَيْفَة قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نَحن الاخرون من أهل الدُّنْيَا والأولون يَوْم الْقِيَامَة المقضى لَهُم قبل الْخَلَائق)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يبْعَث الله الخليقة أمة أمة وَنَبِيًّا نَبيا حَتَّى يكون أَحْمد وَأمته آخر الْأُمَم مركزا ثمَّ يوضع جسر على جَهَنَّم ثمَّ يُنَادي مُنَاد أَيْن أَحْمد وَأمته فَيقوم فتتبعه أمته برهَا وفاجرها فَيَأْخُذُونَ الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فِيهَا من شمال وَيَمِين وينجو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والصالحون مَعَه الْمَلَائِكَة تبوأهم مَنَازِلهمْ فِي الْجنَّة على يَمِينك وعَلى يسارك حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى ربه فيلقي لَهُ كرْسِي عَن يَمِين الله ثمَّ يُنَادي مُنَاد أَيْن عِيسَى وَأمته الحَدِيث
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنا وَأمتِي يَوْم الْقِيَامَة على كوم مشرفين على الْخَلَائق مَا من النَّاس أحد إِلَّا ود أَنه منا(2/391)
وَمَا من نَبِي كذبه قومه إِلَّا وَنحن نشْهد أَنه بلغ رِسَالَة ربه)
وَأخرج عَن كَعْب بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أَنا وَأمتِي على تل فيكسوني رَبِّي حلَّة خضراء ثمَّ يُؤذن لي فَأَقُول مَا شَاءَ الله أَن أَقُول فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أمتِي يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من آثَار الوضو)
وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن حَوْضِي أبعد من أَيْلَة من عدن إِنِّي لأذود عَنهُ الرِّجَال كَمَا يذود الرجل الْإِبِل الغريبة عَن حَوْضه قيل يَا رَسُول الله وتعرفنا قَالَ نعم تردون على غرا محجلين من أثر الْوضُوء سيماكم لَيست لأحد غَيْركُمْ)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا أول من يُؤذن لَهُ بِالسُّجُود يَوْم الْقِيَامَة وَأَنا أول من يرفع رَأسه فَأنْظر إِلَى بَين يَدي فأعرف أمتِي من بَين الْأُمَم وَمن خَلْفي مثل ذَلِك وَعَن يَمِيني مثل ذَلِك وَعَن شمَالي مثل ذَلِك فَقَالَ رجل كَيفَ تعرف أمتك يَا رَسُول الله من بَين الْأُمَم فِيمَا بَين نوح إِلَى أمتك قَالَ هم غر محجلون من أثر الْوضُوء لَيْسَ أحد كَذَلِك غَيرهم وأعرفهم أَنهم يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفهم تسْعَى ذُرِّيتهمْ بَين أَيْديهم
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنِّي لأعرف أمتِي يَوْم الْقِيَامَة من بَين الْأُمَم قالو يَا رَسُول الله كَيفَ تعرف أمتك قَالَ أعرفهم يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفهم بِسِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود وأعرفهم بنورهم يسْعَى بَين أَيْديهم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أمتِي أمة مَرْحُومَة تدخل قبورها بذنوبها وَتخرج من قبورها لَا ذنُوب عَلَيْهَا تمحص عَنْهَا باستغفار الْمُؤمنِينَ لَهَا(2/392)
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا يُحَاسب أحد يَوْم الْقِيَامَة فَيغْفر لَهُ يرى الْمُسلم عمله فِي قَبره قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ يُحَاسب الْمُؤمن فِي الْقَبْر ليَكُون أَهْون عَلَيْهِ غَدا فِي الْموقف فيمحص فِي البرزخ ليخرج من الْقَبْر وَقد اقْتصّ مِنْهُ)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن عَذَاب هَذِه الْأمة جعل فِي دنياها)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عُقُوبَة هذهالأمة بِالسَّيْفِ)
وَأخرج ابْن ماجة الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن هَذِه الْأمة مَرْحُومَة عَذَابهَا بأيديها فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دفع إِلَى كل رجل من الْمُسلمين رجل من الْمُشْركين فَيُقَال هَذَا فداؤك من النَّار)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن لَيْث قَالَ قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام أمة مُحَمَّد أثقل النَّاس فِي الْمِيزَان ذلت ألسنتهم بِكَلِمَة ثقلت على من كَانَ قبلهم لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} قَالَ فِي صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى لأمتيهما وَأما هَذِه الْأمة فلهَا مَا سعت وَمَا سعي لَهَا(2/393)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أمته يدْخلُونَ الْجنَّة قبل كل أحد وَيغْفر لَهُم الْمُقْحمَات وهم أول من تَنْشَق الأَرْض عَنهُ من الْأُمَم
تقدم حَدِيث الأولى وَالثَّالِثَة قَرِيبا وَحَدِيث الثَّانِيَة عَن ابْن مَسْعُود فِي الْإِسْرَاء
بَاب يدْخل من أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَمن خَصَائِصه أَنه يدْخل الْجنَّة من أمته سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب وَلم يثبت ذَلِك لغيره من الْأَنْبِيَاء
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ (عرضت عَليّ الْأُمَم يمر عَليّ النَّبِي مَعَه الرجل وَالنَّبِيّ مَعَه الرّجلَانِ وَالنَّبِيّ لَيْسَ مَعَه أحد وَالنَّبِيّ مَعَه الرَّهْط فَرَأَيْت سوادا كثيرا فرجوت أَن تكون هَذِه أمتِي فَقيل لي هَذَا مُوسَى وَقَومه ثمَّ قيل أنظر فَرَأَيْت سوادا كثيرا قد سد الْأُفق قيل لي أنظر هَكَذَا وَهَكَذَا فَرَأَيْت سوادا فَقيل لي هَؤُلَاءِ أمتك وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (وَعَدَني رَبِّي أَن يدْخل الْجنَّة من أمتِي سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب مَعَ كل ألف سبعين ألفا وَثَلَاث حثيات من رَبِّي)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عمر بن حزم الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن رَبِّي وَعَدَني أَن يدْخل من أمتِي الْجنَّة سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَأَنِّي سَأَلت رَبِّي الْمَزِيد فَأَعْطَانِي مَعَ كل وَاحِد من السّبْعين ألأفا سبعين ألفا قلت يَا رب وتبلغ أمتِي هَذَا قَالَ أكمل لَك الْعدَد من الْأَعْرَاب) وَتقدم أَن ذَلِك من صفته فِي التَّوْرَاة فِي حَدِيث الغلتان بن عَاصِم فِي بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل(2/394)
بَاب نزُول أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منزلَة الْعُدُول
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى نزل أمته منزلَة الْعُدُول من الْحُكَّام فَيَشْهَدُونَ على النَّاس بِأَن رسلهم بلغتهم وَهَذِه الخصيصة لم تثبت لأحد من الْأَنْبِيَاء أنْتَهى وَقد قَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا}
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يدعى نوح يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال هَل بلغت فَيَقُول نعم فَتُدْعَى أمته فَيُقَال لَهُم هَل بَلغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا من نَذِير وَمَا أَتَانَا أحد فَيُقَال من يشْهد لَك فَيَقُول مُحَمَّد وَأمته فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ الْوسط الْعدْل فتدعون فتشهدون لَهُ بالبلاغ وَأشْهد عَلَيْكُم
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَجِيء النَّبِي يَوْم الْقِيَامَة وَمَعَهُ الرجل وَالنَّبِيّ وَمَعَهُ الرّجلَانِ وَأكْثر من ذَلِك فَيُقَال لَهُم هَل بَلغْتُمْ فَيَقُولُونَ نعم فيدعي قَومهمْ فَيُقَال لَهُم هَل بَلَّغُوكُمْ فَيَقُولُونَ لَا فَيُقَال لِلنَّبِيِّينَ من يشْهد لكم أَنكُمْ بَلغْتُمْ فَيَقُولُونَ أمة مُحَمَّد فَتُدْعَى أمة مُحَمَّد فَيَشْهَدُونَ أَنهم قد بلغُوا فَيُقَال لَهُم وَمَا علمكُم أَنهم قد بلغُوا فَيَقُولُونَ جَاءَنَا نَبينَا بِكِتَاب أخبرنَا أَنهم قد بلغُوا فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَال لَهُم صَدقْتُمْ فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ عُدُولًا {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا}
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حر جَهَنَّم كحر الْحمام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بكر الصّديق قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّمَا حر جَهَنَّم على أمتِي كحر الْحمام)(2/395)
ذكر الخصائص الَّتِي اخْتصَّ بهَا عَن أمته من وَاجِبَات ومحرمات ومباحات وكرامات مِمَّا لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر
وَهَذَا النَّوْع أفرده جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَتعرض لَهُ أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة فِي كتبهمْ الْفِقْهِيَّة فِي بَاب النِّكَاح وَلم يستوفوا وانا أستوفي هُنَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى ذَلِك إستيفاء لَا مزِيد عَلَيْهِ وَأعلم إِنِّي أذكر كل مَا قَالَ فِيهِ عَالم أَنه من خَصَائِصه سَوَاء كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابنَا أم لَا مصححا أم لَا فَإِن ذَلِك دأب المتتبعين المستوعبين وَإِن كَانَ الجهلة القاصرون إِذا رَأَوْا مثل ذَلِك بَادرُوا إِلَى الْإِنْكَار على مورده
قسم الْوَاجِبَات وَالْحكمَة فِي اخْتِصَاصه بهَا زِيَادَة الدَّرَجَات والزلفى
فَفِي الصَّحِيح عَن الله تَعَالَى لن يتَقرَّب إِلَيّ المتقربون بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِم وَفِي حَدِيث أَن ثَوَاب الْفَرْض يعدل سبعين مَنْدُوبًا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب صَلَاة اللَّيْل وَالْوتر وَالْفَجْر وَالضُّحَى والسواك والضحية
قَالَ تَعَالَى {وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك}(2/396)
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة فِي الْآيَة قَالَ كَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَافِلَة وَلكم فَضِيلَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاثَة هن عَليّ فَرَائض وَلكم سنة الْوتر والسواك وَقيام اللَّيْل)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاث هن عَليّ فَرَائض وَلكم تطوع النَّحْر وَالْوتر وركعتا الضُّحَى)
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاث هن عَليّ فَرَائض وَلكم تطوع النَّحْر وَالْوتر وركعتا الْفجْر)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا أمرت بركعتي الْفجْر وَالْوتر وَلَيْسَ عَلَيْكُم الضُّحَى)
وَأخرج أَحْمد وَعبيد فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا (أمرت بركعتي الضُّحَى وَلم تؤمروا بهَا وَأمرت بالأضحى وَلم تكْتب عَلَيْكُم)
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من وَجه ثَالِث عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا (ثَلَاث عَليّ فَرِيضَة وَهن لكم تطوع الْوتر وركعتا الْفجْر وركعتا الضُّحَى)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عبد الله بن حَنْظَلَة الغسيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤمر بِالْوضُوءِ لكل صَلَاة طَاهِرا كَانَ أَو غير طَاهِر فَلَمَّا شقّ ذَلِك عَلَيْهِ أَمر بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة وَوضع عَنهُ الْوضُوء إِلَّا من حدث
فَائِدَة ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْوتر على الرَّاحِلَة قَالَ بَعضهم وَلَو كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ لم يجز فعله على الرَّاحِلَة وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب كَانَ من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَوَاز فعل هَذَا الْوَاجِب الْخَاص بِهِ على الرَّاحِلَة(2/397)
فَائِدَة
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ أوتر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ عَلَيْك وَصلى الضُّحَى وبس عَلَيْك وَصلى قبل الظّهْر وبس عَلَيْك وضحى وَلَيْسَ عَلَيْك وَهَذَا قد يشْعر بِأَن الصَّلَاة الَّتِي كَانَ يُصليهَا عِنْد الزَّوَال من خَصَائِصه الْوَاجِبَة عَلَيْهِ
وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس بِسَنَد فِيهِ نوح ابْن أبي مَرْيَم وَهُوَ وَضاع من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الْوتر عَليّ فَرِيضَة وَهُوَ لكم تطوع والأضحى عَليّ فَرِيضَة وَهِي لكم تطوع وَالْغسْل يَوْم الْجُمُعَة عَليّ فَرِيضَة وَهُوَ لكم تطوع
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب الْمُشَاورَة
قَالَ تَعَالَى {وشاورهم فِي الْأَمر}
أخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أما أَن الله وَرَسُوله لَغَنِيَّانِ عَنْهَا وَلَكِن جعلهَا الله تَعَالَى رَحْمَة لأمتي)
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله أَمرنِي بمداراة النَّاس كَمَا أَمرنِي بِإِقَامَة الْفَرَائِض)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ مَا رَأَيْت من النَّاس أحدا أَكثر مشورة لأَصْحَابه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو كنت مستخلفا أحدا عَن غير مشورة لاستخلفت ابْن أم عبد)
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَعمر (لَو اجتمعتما فِي مشورة مَا خالفتكما)(2/398)
وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحباب بن الْمُنْذر قَالَ أَشرت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخصلتين فقبلهما مني خرجت مَعَه يَوْم بدر فَعَسْكَرَ خلف المَاء فَقلت يَا رَسُول الله أبوحي فعلت أم بِرَأْي قَالَ بِرَأْي يَا حباب قلت فَإِن الرَّأْي أَن تجْعَل المَاء خَلفك فَإِن لجأت لجأت إِلَيْهِ فَقبل ذَلِك مني
وَنزل جِبْرِيل فَقَالَ أَي الْأَمريْنِ أحب إِلَيْك أَن تكون فِي دنياك مَعَ أَصْحَابك أَو ترد إِلَى رَبك فِيمَا وَعدك من جنَّات النَّعيم فَاسْتَشَارَ النَّاس أَصْحَابه فَقَالُوا يَا رَسُول الله تكون مَعنا احب إِلَيْنَا وتخبرنا بعورات عدونا تَدْعُو لنيصرنا عَلَيْهِم وتخبرنا من خبر السَّمَاء فَقَالَ مَا لَك لَا تَتَكَلَّم يَا حباب قلت يَا رَسُول الله اختر حَيْثُ اخْتَار لَك رَبك فَقبل ذَلِك مني
وَأخرج ابْن سعد عَن يحيى بن سعيد ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَشَارَ يَوْم بدر فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ نَحن أهل الْحَرْب أرى أَن تغور المياء إِلَّا مَاء وَاحِدًا نلقاهم عَلَيْهِ قَالَ واستشارهم يَوْم قُرَيْظَة وَالنضير فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ أرى أَن تنزل بَين الْقُصُور فتقطع خبر هَؤُلَاءِ عَن خبر هَؤُلَاءِ وَخبر هَؤُلَاءِ عَن خبر هَؤُلَاءِ فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله
وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الحميد بن ابي عبس بن مُحَمَّد بن أبي عبس عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من لي بِابْن الْأَشْرَف فقد آذَى الله تَعَالَى وَرَسُوله فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة أَتُحِبُّ أَن أَقتلهُ فَصمت ثمَّ قَالَ ائْتِ سعد بن معَاذ فاستشره فَجِئْته فَذَكرته فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ امْضِ على بركَة الله)
قَالَ المارودي اخْتلف فِيمَا يشاور فِيهِ فَقَالَ قوم فِي الحروب ومكابدة الْعَدو خَاصَّة وَقَالَ آخَرُونَ فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالدّين وَقَالَ آخَرُونَ فِي أُمُور الدّين تَنْبِيها لَهُم على علل الْأَحْكَام وَطَرِيق الإجتهاد(2/399)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب مصابرة الْعَدو وَأَن كثر عَددهمْ وَوُجُوب تَغْيِير الْمُنكر وَلَا يسْقط للخوف بِخِلَاف غَيره من الامة فيهمَا
وَوجه الْأَمريْنِ أالله تَعَالَى وعده بِالْحِفْظِ والعصمة فَقَالَ {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَلم يَكُونُوا يصلونَ إِلَيْهِ بِسوء قلوا اَوْ كَثُرُوا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب قَضَاء دين من مَاتَ من الْمُسلمين مُعسرا
أخرج ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من ترك مَالا فلأهله وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فعلي وإلي)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يؤتيى بِالرجلِ المتوفي عَلَيْهِ الدّين فَيسْأَل هَل ترك لدينِهِ من قَضَاء فَإِن حدث أَنه ترك وَفَاء صلى عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ للْمُسلمين صلوا على صَاحبكُم فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْفتُوح قَامَ فَقَالَ أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَمن توفّي من الْمُؤمنِينَ فَترك دينا فعلي قَضَاؤُهُ وَمن ترك مَالا فلورثته
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب تَخْيِير نِسَائِهِ وإمساك مختارته وَتَحْرِيم طَلاقهَا
أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ دخل أَبُو بكر وَعمر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحَوله نساؤه وَهُوَ سَاكِت فَقَالَ عمر لأُكلمَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْحك فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله لَو رَأَيْت إبنة زيد إمرأة عمر سَأَلتنِي النَّفَقَة آنِفا فَوَجَأْت عُنُقهَا فَضَحِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ (هن حَولي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَة) فَقَامَ أَبُو بكر إِلَى(2/400)
عَائِشَة ليضربها وَقَامَ عمر الى حَفْصَة كِلَاهُمَا يَقُولَانِ تَسْأَلَانِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَيْسَ عِنْده وَأنزل الله تَعَالَى الْخِيَار فَبَدَأَ بعائشة فَقَالَ إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَأحب ان لَا تعجلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك قَالَت مَا هُوَ فَتلا عَلَيْهَا {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} الْآيَة قَالَت عَائِشَة أفيك استأمر أَبَوي بل اخْتَار الله وَرَسُوله)
واخرج ابْن سعد عَن أبي جَعْفَر قَالَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نسَاء بعد النَّبِي أغْلى مهورا منا فغار الله لنَبيه فَأمره ان يعتزلهن فاعتزلهن تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ أمره ان يُخَيِّرهُنَّ فخيرهن
واخرج ابْن سعد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ لما خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ بَدَأَ بعائشة فاخترنه جَمِيعًا غير العامريه اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت بعد تَقول أَنا الشقية وَكَانَت تلقط البعر وتبيعه وتستأذن على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتسألهن وَتقول أَنا الشقية
واخرج ابْن سعد عَن ابْن مناح قَالَ اخترنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمِيعًا غير العامرية اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت ذَاهِبَة الْعقل حَتَّى مَاتَت
واخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ لما خيرهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْترْنَ الله وَرَسُوله فَأنْزل الله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ من بعد هَؤُلَاءِ التسع اللَّاتِي اخترنك فقد حرم عَلَيْك تزوج غَيْرهنَّ
واخرج ابْن سعد عَن ابي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام وَعَن الْحسن وَعَن مُجَاهِد وَعَن أبي امامة بن سهل قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} حبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نِسَائِهِ فَلم يتَزَوَّج بعدهن(2/401)
واخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت لم يمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى احل لَهُ ان يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ إِلَّا ذَات محرم لقَوْله تَعَالَى {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} الآيه
واخرج ابْن سعد مثله عَن أم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء بن يسَار وَمُحَمّد بن عمر ابْن عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت لما نزل {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قلت آن الله يُسَارع لَك فِيمَا تُرِيدُ
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي نُكْتَة التَّخْيِير فَقَالَ الْغَزالِيّ لَان الْغيرَة توغر الصُّدُور وتنفر الْقلب وتوهن الِاعْتِقَاد
قَالَ الرَّافِعِيّ لما خَيره الله تَعَالَى بَين الْغنى والفقر فَاخْتَارَ الْفقر واثر لنَفسِهِ الصَّبْر عَلَيْهِ أمره بتخييرهن لِئَلَّا يكون مكْرها لَهُنَّ على الْفقر والضر قَالَ بَعضهم امتحنهن بالتخيير ليَكُون لرَسُوله خير النِّسَاء
قَالَ فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا لما خيرهن فاخترنه كافأهن الله على حسن صنيعهن بِالْجنَّةِ فَقَالَ (فان الله اعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما) بِأَن حرم على رَسُوله التَّزَوُّج عَلَيْهِنَّ والاستبدال بِهن فَقَالَ (لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا ان تبدل بِهن من أَزوَاج) ثمَّ نسخ ذَلِك لتَكون الْمِنَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بترك التَّزَوُّج عَلَيْهِنَّ بقوله (يَا أَيهَا النَّبِي انا أَحللنَا لَك أَزوَاجك) الْآيَة
واخرج احْمَد والتزمذي وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى حل لَهُ النِّسَاء إِسْنَاده صَحِيح وَاخْتلف هَل احل لَهُ جَمِيع النِّسَاء(2/402)
أَو الْمُهَاجِرَات فَقَط لظَاهِر الْآيَة على وَجْهَيْن حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ فعلى الثَّانِي يكون ذَلِك أَيْضا خصيصة انه يحرم عَلَيْهِ نِكَاح من لم تهَاجر وَيُؤَيِّدهُ مَا اخرجه التزمذي عَن أم هاني قَالَت لم أكن احل لَهُ لِأَنِّي لم اهاجر وَرجح الأول بِأَنَّهُ اوسع فِي النِّكَاح من أمته فَلم يجز ان ينقص عَنْهُم وَبِأَنَّهُ تزوج صَفِيَّة بعد وَلَيْسَت من الْمُهَاجِرَات
وَيُجَاب عَن الأول بِأَن ذَلِك لَا يُنَافِي كَونه أوسع تَشْرِيفًا لمنصبه بِدَلِيل انه لَا ينْكح الْكِتَابِيَّة وَهِي مُبَاحَة للامة
وَعَن الثَّانِي بِأَن الْمُرَجح أَن تَزْوِيج صَفِيَّة كَانَ قبل نزُول الْآيَة فانه تزَوجهَا فِي خَبِير سنة سبع وَالْآيَة نزلت سنة تسع
قَالَ أَصْحَابنَا وأبيح لَهُ التبدل بِهن لكنه لم يَفْعَله وَخَالف أَبُو حنيفَة فَقَالَ دَامَ التَّحْرِيم وَلم ينْسَخ
وَأحد الْوَجْهَيْنِ عندنَا وَهُوَ نَص الشَّافِعِي فِي الْأُم وَبِه قطع الْمَاوَرْدِيّ انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يحرم عَلَيْهِ طَلَاق من اختارته كَمَا كَانَ يحرم إِِمْسَاكهَا لَو رغبت عَنهُ وَحكى أَصْحَابنَا وَجْهَيْن فِيمَن اخْتَارَتْ الْفِرَاق أَحدهمَا تحرم عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا لاختيارها الدُّنْيَا على الْآخِرَة فَلم تكن من أَزوَاجه فِي الْآخِرَة وعَلى هَذَا فَذَلِك من خَصَائِصه لَان الْوَاحِد من الْأمة إِذا خير زَوجته فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وجعلناه طَلَاقا لم تحرم عَلَيْهِ على التَّأْبِيد
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَيْش عَيْش الاخرة
قيل من خَصَائِصه ان كَانَ يجب عَلَيْهِ إِذْ رأى مَا يُعجبهُ ان يَقُول لبيْك ان الْعَيْش عَيْش الاخرة حَكَاهُ الرَّافِعِيّ
وَمِنْهَا انه يجب عَلَيْهِ اداء فرض الصَّلَاة كَامِلَة لَا خلل فِيهَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره(2/403)
وَمِنْهَا انه كَانَ يُؤْخَذ عَن الدُّنْيَا حَالَة الْوَحْي وَلَا تسْقط عَن الصَّلَاة وَالصَّوْم وَسَائِر الْأَحْكَام ذكره ابْن الْقَاص فِي التخليص والقفال وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي زَوَائِد الرَّوْضَة وَجزم بِهِ ابْن سبع
وَمِنْهَا انه كَانَ يلْزمه اتمام كل تطوع شرع فِيهِ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا
وَمِنْهَا انه كَانَ مطالبا بِرُؤْيَة مُشَاهدَة الْحق مَعَ معاشرة النَّاس بِالنَّفسِ وَالْكَلَام
وَمِنْهَا انه كلف من الْعلم وَحده مَا كلفه النَّاس بأجمعهم
وَمِنْهَا انه يدْفع بِالَّتِي هِيَ أحسن
وَمِنْهَا انه كَانَ يغان على قلبه فيستغفر الله كل يَوْم سبعين مرّة ذكر هَذِه كلهَا ابْن الْقَاص من أَصْحَابنَا فِي تلخيصه وَابْن سبع
وَحكى الْجِرْجَانِيّ فِي الشافي وَجها ان الامامة فِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افضل من الْأَذَان بِخِلَاف غَيره لانه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقر على السَّهْو الْغَلَط بِخِلَاف غَيره
قلت وَهَذَا الْوَجْه يَنْبَغِي ان يقطع بِهِ وَيجْعَل مَحل الْخلاف فِي التَّفْضِيل بَين الاقامه وَالْأَذَان فِي غَيره
قسم الْمُحرمَات
وفائته التكرمة حَيْثُ تنزه عَن سفساف الْأُمُور وَحمل على مَكَارِم الْأَخْلَاق ولان اجْرِ ترك الْمحرم اكثر من الْمَكْرُوه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الزَّكَاة وَالصَّدَََقَة عَلَيْهِ وعَلى آله وعَلى موَالِيه وموالي آله
اخْرُج مُسلم عَن الْمطلب بن رَبِيعه ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان هَذِه الصَّدقَات(2/404)
إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس وانها لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد
واخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وعبد الله بن بسر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل الْهَدِيَّة وَلَا يقبل الصدقه
واخرج ابْن سعد عَن الْحسن ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان الله حرم على الصَّدَقَة وعَلى أهل بَيْتِي
واخرج احْمَد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُتِي بِطَعَام من غير اهله سَأَلَ عَنهُ فَإِن قيل هَدِيَّة اكل وان قيل صدقه لم يَأْكُل
واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأرقم الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا
واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأرقام الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا رَافع مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا ابا رَافع ان الصَّدَقَة حرَام على مُحَمَّد وعَلى ال مُحَمَّد
واخرجه احْمَد وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي رَافع وَفِيه فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لنا وان مولى الْقَوْم من انفسهم
واخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ قَالَ قلت للْعَبَّاس سل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان يستعملك على الصَّدَقَة فَسَأَلَهُ فَقَالَ ماكنت لاستعملك على غسالة الْأَيْدِي
واخرج ابْن ابْن سعد عَن عبد الْملك بن الْمُغيرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا بني عبد الْمطلب ان الصَّدَقَة أوساخ النَّاس فَلَا تَأْكُلُوهَا وَلَا تعملوا عَلَيْهَا
وَأخرج مُسلم وَابْن سعد عَن الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَارِث قَالَ جِئْت انا وَالْفضل بن الْعَبَّاس فَقُلْنَا يَا رَسُول الله جِئْنَا لتؤمرنا على هَذِه الصَّدقَات فَسكت وفع رَأسه الى سقف الْبَيْت حَتَّى أردنَا ان نكلمه فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَب من وَرَاء حجابها كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَن كَلَامه وَأَقْبل فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد وانما هِيَ اوساخ النَّاس
قَالَ الْعلمَاء لما كَانَت الصَّدَقَة أوساخ النَّاس نزه منصبه الشريف عَن ذَلِك وانجز الى بسبه آله وايضا فالصدقة تُعْطى على سَبِيل الترحم الْمَبْنِيّ على ذَلِك الْآخِذ فأبدلوا(2/405)
عَنْهَا بِالْغَنِيمَةِ الْمَأْخُوذَة بطرِيق الْعِزّ والشرف المنبئ عَن عز الْآخِذ وذل الْمَأْخُوذ مِنْهُ
وَقد اخْتلف عُلَمَاء السّلف هَل شَاركهُ فِي ذَلِك الْأَنْبِيَاء أم اخْتصَّ بِهِ دونهم فَقَالَ بِالْأولِ الْحسن والبصري وَبِالثَّانِي سُفْيَان بن عيينه
ثمَّ الزَّكَاة وَصدقَة التَّطَوُّع بِالنِّسْبَةِ اليه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوَاء وَأما آله فمذهبنا انه لَا يحرم عَلَيْهِم سوى الزَّكَاة وَأما صَدَقَة التَّطَوُّع فَتحل لَهُم فِي الْأَصَح وَفِي وَجه عندنَا وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة انها تحرم عَلَيْهِم أَيْضا وَفِي وَجه ثَالِث تحرم عَلَيْهِم الْخَاصَّة دون الْعَامَّة كالمساجد ومياه الْآبَار
وَحكى ابْن الصّلاح عَن أمالي ابي الْفرج السَّرخسِيّ ان فِي صرف الْكَفَّارَة وَالنّذر الى الْهَاشِمِي قَوْلَيْنِ وَفِي جَوَاز كَونهم عمالا على الزَّكَاة وَجْهَان اصحهما ايضا الْمَنْع والاحاديث السَّابِقَة صَرِيحَة فِيهِ
بَاب لايصح لآل مُحَمَّد اكل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل
اخْرُج احْمَد عَن عمرَان بن حُصَيْن الضَّبِّيّ ان لاجلا حَدثهُ قَالَ كَانَ شَيْخَانِ للحي قد انْطلق ابْن لَهما فلحق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا ائته فأطلبه مِنْهُ فَإِن أبي الا الْفِدَاء فافتده فَأَتَيْته فطلبته مِنْهُ فَقَالَ هُوَ ذَا فأت بِهِ اباه فَقلت الْفِدَاء يَا نَبِي الله فَقَالَ انه لايصلح لنا آل مُحَمَّد ان نَأْكُل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل هَذَا الحكم الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث لم أر أحدا من الْفُقَهَاء نبه عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم اكل مَا لَهُ ريح كريهه فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ
أخرج احْمَد وَالْحَاكِم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي ايوب وَكَانَ إِذا اكل طَعَاما بعث اليه بفضله فَينْظر الى مَوضِع يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَقَالَ يارسول الله لم أر أثر أصابعك قَالَ انه كَانَ فِيهِ ثوم قَالَ احرام هُوَ قَالَ لَا انك لست مثلي إِنَّه يأتيني الْملك(2/406)
واخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقدر فِيهِ خضراوات من بقول فَوجدَ لَهَا ريحًا فَسَأَلَ فَأخْبر بِمَا فِيهَا من الْبُقُول فَقَالَ قربوها الى بعض اصحابه فَلَمَّا رَآهُ كره اكلها قَالَ كل فَإِنِّي أُنَاجِي من لَا تناجي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الاكل مُتكئا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ
أخرج البُخَارِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما أَنا فَلَا آكل مُتكئا
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَمْرو قَالَ مارؤي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل مُتكئا قطّ
وَأخرج ابْن سعد وابو يعلى بِسَنَد حسن عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا يَا عَائِشَة لَو شِئْت لَسَارَتْ معي جبال الذَّهَب أَتَانِي ملك وَإِن حجزته لتساوي الْكَعْبَة فَقَالَ ان رَبك يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول لَك ان شِئْت نَبيا ملكا وَإِن شِئْت نَبيا عبدا فَأَشَارَ الى جِبْرِيل ضع نَفسك فَقلت نَبيا عبدا قَالَت فَكَانَ بعد ذَلِك لَا يَأْكُل مُتكئا وَيَقُول آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واجلس كَمَا يجلس العَبْد
وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بلغنَا انه اتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملك لم يَأْته قبلهَا وَمَعَهُ جِبْرِيل فَقَالَ الْملك وَجِبْرِيل صَامت ان رَبك يخيرك بَين ان تكون نَبيا ملكا وَبَين أَن تكون نَبيا عبدا فَنظر إِلَى جِبْرِيل كالمستأمر لَهُ فَأَشَارَ اليه ان تواضع فَقَالَ بل نَبيا عبدا فزعموا انه لم يَأْكُل مُنْذُ قَالَهَا مُتكئا حَتَّى فَارق الدُّنْيَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله أرسل إِلَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملكا من الملائكه مَعَه جِبْرِيل فَقَالَ إِن الله يخيرك بَين أَن تكون عبدا نَبيا وَبَين ان تكون ملكا نَبيا فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَأَشَارَ جِبْرِيل الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان تواضع فَقَالَ بل أكون عبدا نَبيا فَمَا اكل بعد تِلْكَ الْكَلِمَة طَعَاما مُتكئا حَتَّى لَقِي ربه(2/407)
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِأَعْلَى مكه يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّد أكل الْمُلُوك فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن انس ان جِبْرِيل جَاءَ الى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ الاتكاء من النِّعْمَة فَاسْتَوَى قَاعِدا فَمَا رؤى بعد ذَلِك مُتكئا وَقَالَ إِنَّمَا أَنا عبد آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واشرب كَمَا يشرب العَبْد
قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بالمتكئ هُنَا الْجَالِس الْمُعْتَمد على وطأ تَحْتَهُ وَأقرهُ الْبَيْهَقِيّ وَابْن دحيه وَالْقَاضِي عِيَاض وَنسبه للمحققين وَقَالَ بَعضهم المُرَاد بِهِ المائل على جنب
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْكِتَابَة وَالشعر
قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين يتبعُون الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك إِذا لارتاب المبطلون} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}
وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ أهل الْكتاب يَجدونَ فِي كتبهمْ ان مُحَمَّدًا لَا يخط بِيَمِينِهِ وَلَا يقْرَأ كتابا فَنزلت وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك الآيه
قَالَ الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا يتَّجه القَوْل بتحريمهما إِذا قُلْنَا انه كَانَ يحسنهما
وَتعقبه النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة فَقَالَ لَا يمْتَنع تحريمهما وَإِن لم يحسنهما وَتَكون المُرَاد تَحْرِيم التَّوَصُّل إِلَيْهِمَا وَالصَّوَاب أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يحسنهما
ذهب بَعضهم الى خِلَافه متمسكا بِحَدِيث الْقَضِيَّة انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله وَالْجَوَاب ان المُرَاد بكتب أَمر بالكتابه(2/408)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن عبد الله بن عتبَة عَن أَبِيه قَالَ مَا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَرَأَ وَكتب سَنَده ضَعِيف وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر
قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن الهيتمي وأظن ان مَعْنَاهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يمت حَتَّى قَرَأَ عبد الله بن عتبَة وَكتب يَعْنِي أَنه كَانَ يعقل فِي زَمَانه
وَوَقع فِي اطراف أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي حَدِيث الْقَضِيَّة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخذ الْكتاب وَلَيْسَ يحسن أَن يكْتب فَكتب مَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّدًا
وَذكر عمر بن شيبَة فِي كتاب الْكتاب لَهُ انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب بِيَدِهِ يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأَنه لم يكن يعلم الْكِتَابَة قبل ذَلِك وَأَن ذَلِك من معجزاته أَن علم الْكتاب من وقته وَقَالَ بِهَذَا القَوْل جمَاعَة من الْمُحدثين مِنْهُم أَبُو در الْهَرَوِيّ وَأَبُو الْفَتْح النَّيْسَابُورِي وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد اللَّخْمِيّ وَالْقَاضِي أَبُو جَعْفَر السمناني الأصولي
قَالَ أَبُو الْوَلِيد كَانَ من أوكد معجزاته أَنه يكْتب من غير تعلم
وَقَالَ بَعضهم كتب فِي ذَلِك الْيَوْم غير عَالم بِالْكِتَابَةِ وَلَا مُمَيّزا لحروفها لكنه أَخذ الْقَلَم بِيَدِهِ فَخط بِهِ مَا لم يميزه هُوَ فاذا هُوَ كتاب ظَاهر بَين على حسب المُرَاد
وَمِمَّا يدل على تَحْرِيم الشّعْر عَلَيْهِ مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا ابالي مَا أتيت إِن أَنا شربت ترياقا اَوْ تعلّقت تَمِيمَة أَو قلت الشّعْر من قبل نَفسِي
واخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يبنون الْمَسْجِد
(هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر ... هَذَا أبر رَبنَا وأطهر)
وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول إِنَّه لم يقل شَيْئا من الشّعْر إِلَّا قد قيل قبله الا هَذَا
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس بن مرداس أَرَأَيْت قَوْلك(2/409)
(أصبح نهي وَنهب العبيد ... بَين الاقرع وعيينه)
فَقَالَ أَبُو بكر بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا أَنْت بشاعر وَلَا راوية وَلَا يَنْبَغِي لَك إِنَّمَا قَالَ بَين عيينه والاقرع
قَالَ الْعلمَاء ماروي عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرجز كَقَوْلِه هَل أَنْت إِلَّا إِصْبَع دميت وَغَيره مَحْمُول على أَنه لم يَقْصِدهُ وَلَا يُسمى شعرًا إِلَّا ماكان مَقْصُودا وَكَذَا وَقع فِي الْقُرْآن آيَات موزونة لانها لم تقصد
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وكما يحرم عَلَيْهِ الْكتاب تحرم عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فِي الْكتاب لقَوْله تَعَالَى وَمَا كنت تتلومن قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك قَالَ وكما يحرم عَلَيْهِ قَول الشّعْر تحرم عَلَيْهِ رِوَايَته
قَالَ الْحَرْبِيّ وَلم يبلغنِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْشد بَيْتا تَاما على رويته بل أما الصَّدْر كَقَوْل لبيد
(أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل ... ) أَو الْعَجز كَقَوْل طرفَة
(ويأتيك بالاخبار من لم تزَود ... )
فَإِن انشد بيات كَامِلا غَيره كبيت الْعَبَّاس بن مرداس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَ مَا جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت شعر قطّ 0
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نزع لامته إِذا لبسهَا قبل ان يُقَاتل
أخرج أَحْمد وَابْن سعد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم أحد رَأَيْت كَأَنِّي فِي درع حَصِينَة وَرَأَيْت بقرًا منحرة فأولت أَن الدرْع الْمَدِينَة 0(2/410)
وَالْبَقر نقر فَإِن شِئْتُم اقمتم بِالْمَدِينَةِ فَإِن دخلُوا علينا قاتلناهم فِيهَا فَقَالُوا وَالله مَا دخلت علينا فِي الْجَاهِلِيَّة أفتدخل علينا فِي الاسلام قَالَ فشأنكم إِذن فَذَهَبُوا فَلبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لامته فَقَالُوا مَا صنعنَا رددنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأْيه فَجَاءُوا فَقَالُوا شَأْنك يَا رَسُول الله قَالَ الْآن إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْمَنّ ليستكثر
قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تمنن تستكثر}
أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ لاتعط عَطِيَّة تلتمس بهَا أفضل مِنْهَا
وَأجْمع الْمُفَسِّرُونَ على أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتيتم من رَبًّا} الْآيَة قَالَ هَذَا هُوَ الرِّبَا الْحَلَال يهدي الشَّيْء ليثاب أفضل مِنْهُ ذَلِك لاله وَلَا عَلَيْهِ وَنهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم مد الْعين الى مَا متع بِهِ النَّاس
قَالَ تَعَالَى {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم} الْآيَة وَهَذَا الحكم نَقله الرَّافِعِيّ عَن صَاحب الايضاح وَجزم النَّوَوِيّ فِي أصل الروضه وَابْن القَاضِي فِي التَّلْخِيص(2/411)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الصَّلَاة على من عَلَيْهِ دين
كَانَ ذَلِك أول الاسلام ثمَّ نسخ لما حصل التَّوَسُّع وَتقدم حَدِيثه فِي قسم الْوَاجِبَات
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم امساك كارهته
أخراج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن ابْنة الجون لما دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وردنا مِنْهَا قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لقد عذت بعظيم إلحقي بأهلك
قَالَ ابْن الملقن فِي خَصَائِصه وَفهم من ذَلِك أَنه يحرم عَلَيْهِ نِكَاح كل امْرَأَة كرهت صحبته قَالَ وَيشْهد لذَلِك إِيجَاب التَّخْيِير الْمُتَقَدّم
وَأخرج ابْن سعد عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب فَرد لم يعد فَخَطب امْرَأَة فَقَالَ استأمر أبي فَلَقِيت أَبَاهَا فَأذن لَهَا فَلَقِيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهُ فَقَالَ قد التحفنا لحافا غَيْرك
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْكِتَابِيَّة
أخرج ابو دَاوُد فِي ناسخه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ نسَاء أهل الْكتاب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى لَا تحل لَك النِّسَاء من بعد قَالَ يهوديات وَلَا نصرانياه لَا يَنْبَغِي أَن يكن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ قَالَ(2/412)
الْأَصْحَاب لَان ازواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وزوجات لَهُ فِي الآخر مَعَه فِي دَرَجَته فِي الْجنَّة ولانه أشرف من أَن يضع مَاءَهُ فِي رحم كَافِرَة ولانها تكره صحبته ولان الله تَعَالَى شَرط فِي اباحة النِّسَاء لَهُ الْهِجْرَة فَقَالَ {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} فَإِذا حرم عَلَيْهِ الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر فَغير الْمسلمَة أولى
قَالَ أَبُو اسحاق من اصحابنا وَلَو نكح كِتَابِيَّة لهديت إِلَى الاسلام كَرَامَة لَهُ وَذهب بعض أَصْحَابنَا إِلَى تَحْرِيم تسريه بالأمة الْكِتَابِيَّة أَيْضا لَكِن الْأَصَح فِيهَا الْحل
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَقد استمتع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأمته رَيْحَانَة قبل أَن تسلم وعَلى هَذَا فَهَل عَلَيْهِ تخييرها بَين أَن تسلم فيمسكها أَو تقيم على دينهَا فيفارقها فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا نعم لتَكون من زَوْجَاته فِي الْآخِرَة وَالثَّانِي لَا لانه لما عرض على ريحانه الاسلام فَأَبت لم يزلها عَن ملكه وَأقَام على الِاسْتِمْتَاع
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر
أخرج التزمذي وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اصناف النِّسَاء إِلَّا ماكان من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات قَالَ تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} فأحل لَهُ الفتيات الْمُؤْمِنَات وَامْرَأَة مؤمنه إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي وَحرم كل ذَات دين غير الأسلام وَقَالَ تَعَالَى (يَا ايها النَّبِي إِنَّا احللنا لَك أَزوَاجك) الى قَوْله تَعَالَى {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} وَحرم مَا سوى ذَلِك من اصناف النِّسَاء(2/413)
بَاب تَحْرِيمه نِكَاح الأمه الْمسلمَة
وَمن خَصَائِصه تَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة فِي الْأَصَح لِأَن جَوَازه مَشْرُوط بخوف الْعَنَت وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم وبفقدان طول الْحرَّة ونكاحه غير مفتقر إِلَى الْمهْر وَلِأَن من نكح أمة كَانَ وَلَده مِنْهَا رَقِيقا ومنصبه منزه عَن ذَلِك
وَقَالَ الرَّافِعِيّ لَكِن من جوز ذَلِك قَالَ خوف الْعَنَت إِنَّمَا يشْتَرط فِي حق الأمه وَكَذَا فقد الطول وعَلى هَذَا يجوز لَهُ الزِّيَادَة على أمة وَاحِدَة بِخِلَاف الْأمة وَلَو قدر نِكَاحه أمة فَأَتَت بِولد لم يكن رَقِيقا وَلَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد لسَيِّدهَا على الصَّحِيح لَان الرّقّ مُتَعَذر
قَالَ الامام وَلَو قدر نِكَاح غرور فِي حَقه عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يلْزمه قيمَة الْوَلَد
قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب وَفِي إِمْكَان تصور نِكَاح الْغرُور ووطئة فِيهِ نظر إِذا قُلْنَا أَن وطي الشُّبْهَة حرَام مَعَ كَونه لَا إِثْم فِيهِ فَيجوز أَن يصان جَانِبه الْعلي عَن ذَلِك وَيجوز أَن يُقَال بِجَوَازِهِ لَان الاثم مَفْقُود بِإِجْمَاع كالنسيان
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم خَائِنَة الْأَعْين
أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح أَمن النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة نفر مِنْهُم عبد الله بن أبي سرح فَاخْتَبَأَ عِنْد عُثْمَان بن عَفَّان فَلَمَّا دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَى الْبيعَة جَاءَ بِهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله بَايع عبد الله فَرفع رَأسه فَنظر إِلَيْهِ ثَلَاثًا كل ذَلِك يأبي فَبَايعهُ بعد ثَلَاث ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ أما فِيكُم رجل رشيد يقوم إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدي عَن بيعَته ليَقْتُلهُ قَالُوا مَا يُدْرِينَا يَا رَسُول الله مَا فِي نَفسك هلا أَوْمَأت بِعَيْنِك قَالَ انه لَا يَنْبَغِي أَن تكون لنَبِيّ خَائِنَة الْأَعْين(2/414)
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن الْمسيب مُرْسلا نَحوه وَآخره فَقَالَ الايماء خيانه لَيْسَ لنَبِيّ ان يومي
قَالَ الرَّافِعِيّ خَائِنَة الاعين هِيَ الايماء إِلَى مُبَاح من قبل أَو ضرب على خلاف مَا يظْهر ويشعر بِهِ الْحَال وَلَا يحرم ذَلِك على غَيره الا فِي مَحْظُور
وَاسْتدلَّ بِهِ صَاحب التَّلْخِيص على أَنه لم يكن لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَن يخدع فِي الْحَرْب وَخَالفهُ الْمُعظم
قَالَ الرَّافِعِيّ لِأَنَّهُ اشْتهر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفر أَو ري بِغَيْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث كَعْب بن مَالك وَالْفرق أَن الرَّمْز يزري بالرامز بِخِلَاف الايهام فِي الامور الْعِظَام
قلت وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر فِي مدخله الْمَدِينَة ايه النَّاس عني فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ ان يكذب فَكَانَ أَبُو بكر إِذا سُئِلَ مَا أَنْت قَالَ باغي فَإِذا قتل من الَّذِي مَعَك قَالَ هاد يهديني وَهَذَا يدل على أَن التورية فِي الْأُمُور الْخَاصَّة لَا تلِيق أَيْضا بالأنبياء فان الَّذِي قَالَه أَبُو بكر لم يكن كذبا وَإِنَّمَا هُوَ تورية وَمرَاده يهديني سَبِيل الْخَيْر وَلكنه سمي كذبا لما كَانَ بصورته وَبِهَذَا يَتَّضِح حَدِيث قَول ابراهيم علية الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الشَّفَاعَة إِنِّي كذبت ثَلَاث كذبات وَإِنَّمَا هن توريات فَالظَّاهِر أَن من خَصَائِص الانبياء الْمَنْع من ذَلِك فَلذَلِك عدهن على نَفسه
بَاب تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير
عد ابْن سبع من خَصَائِص تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير ويستدل لَهُ بِمَا اخرجه الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ اذا غزا قوما لم يكن يَغْزُو بِنَا حَتَّى يصبح وَينظر فان سمع أذانا كف عَنْهُم وان لم يسمع اذانا اغار عَلَيْهِم(2/415)
بَاب تَحْرِيمه قبُول الاستعانه الْمُشْركين
وَمن خَصَائِصه فِيمَا ذكر الْقُضَاعِي انه كَانَ يحرم عَلَيْهِ قبُول الِاسْتِعَانَة بالمشركين
أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن حبيب بن يسَاف قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجها فَأَتَيْته أَنا وَرجل من قومِي قُلْنَا انا نكره أَن يشْهد قَومنَا مشهدا لَا نشهده مَعَهم فَقَالَ اسلمتما قُلْنَا لَا قَالَ لَا فَإنَّا لَا نستعين بالمشركين على الْمُشْركين
بَاب إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يشْهد على جور
وعد الْقُضَاعِي من خَصَائِصه أَنه لَا يشْهد على جور
أخرج الشَّيْخَانِ عَن النُّعْمَان بن بشير وبيض لَهُ الْمُؤلف
قسم الْمُبَاحَات
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الصَّلَاة بعد الْعَصْر
قَالَ فِي الرَّوْضَة فَاتَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ بعد الظّهْر فقضاهما بعد الْعَصْر ثمَّ واظب عَلَيْهِمَا بعد الْعَصْر وَفِي اخْتِصَاصه بِهَذِهِ المداومة وَجْهَان أصَحهمَا الِاخْتِصَاص
أخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّيهمَا بعد الْعَصْر فَقَالَت كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر ثمَّ أَنه شغل عَنْهُمَا فصلاهما بعد الْعَصْر ثمَّ اثبتهما وَكَانَ اذا صلى صَلَاة أثبتها
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان بِسَنَد صَحِيح عَن أم سَلمَة قَالَت صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر ثمَّ دخل بَيْتِي فصلى رَكْعَتَيْنِ فَقلت يَا رَسُول الله صليت صَلَاة لم تكن تصليها قَالَ قدم خَالِد فشغلني عَن رَكْعَتَيْنِ كنت أركعهما بعد الظّهْر فصليتهما الْآن قلت يَا رَسُول الله افنقضيهما إِذا فاتتنا قَالَ لَا(2/416)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله كَانَ يُصَلِّي بعد الْعَصْر وَيُنْهِي عَنْهَا ويواصل وَيُنْهِي عَن الْوِصَال
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت رَكْعَتَانِ لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعهما سرا وَلَا عَلَانيَة رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح وركعتان بعد الْعَصْر
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحمْل الصَّغِير فِي الصَّلَاة فِيمَا ذكر بَعضهم
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى وَهُوَ حَامِل أُمَامَة بنت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاذا سجد وَضعهَا واذا قَامَ حملهَا
قَالَ بَعضهم هَذَا من خصائصة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَقله ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ
بَاب صلَاته على الْغَائِب
ذهب أَبُو حنيفَة إِلَى أَن الصَّلَاة على الْغَائِب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحمل على ذَلِك صلَاته على النَّجَاشِيّ وَقَالَ أَنه لَا يجوز لغيره
بَاب صلَاته بِالنَّاسِ جَالِسا
وَقَالَت طَائِفَة من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِالنَّاسِ جَالِسا كَمَا فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ وَنهى عَن ذَلِك
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن أحد بعدِي جَالِسا
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يروه غير جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ مَتْرُوك والْحَدِيث مُرْسل لَا تقوم بِهِ حجَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي قد علم الَّذِي احْتج بِهَذَا أَن لَيست فِيهِ حجَّة لِأَنَّهُ مُرْسل وَلِأَنَّهُ عَن رجل يرغب النَّاس عَن الرِّوَايَة عَنهُ(2/417)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الْوِصَال
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ والوصال قَالُوا فانك تواصل يَا رَسُول الله قَالَ اني لست مثلكُمْ إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني
أختلف فِي معنى هَذَا الحَدِيث فَقيل المُرَاد الْحَقِيقَة وَأَنه يَأْتِيهِ الطَّعَام وَالشرَاب من الْجنَّة وَأكل الْجنَّة لَا يفْطر وَقيل الْمجَاز وَالْمرَاد أَنه يَجْعَل فِيهِ قُوَّة الطاعم والشارب ثمَّ الْجُمْهُور على أَن الْوِصَال فِي حَقه من الْمُبَاحَات
وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ هُوَ قربَة فِي حَقه وَهَهُنَا لَطِيفَة نبه عَلَيْهَا صَاحب الْمطلب وَهُوَ أَن خصوصيته باباحة الْوِصَال على كل أمته لَا عَليّ أحد أفرادها لَان كثيرا من الصلحاء اشْتهر عَنْهُم الْوِصَال قَالَ وَالنَّهْي توجه بِحَسب الْمَجْمُوع انتهي
فَائِدَة
قَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه يسْتَدلّ بِهَذَا الحَدِيث على بطلَان مَا ورد أَنه كَانَ يضع الْحجر على بَطْنه من الْجُوع لِأَنَّهُ كَانَ يطعم ويسقي من ربه إِذا وَاصل فَكيف يتْرك جائعا مَعَ عدم الْوِصَال حَتَّى يحْتَاج إِلَى شدّ حجر على بَطْنه قَالَ وانما لفظ الحَدِيث الحجز بالزاي وَهُوَ طرف الازار فتصحف بالراء
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن لَهُ ان يَسْتَثْنِي فِي كَلَامه بعد زمَان مُنْفَصِلا
قَالَ تَعَالَى وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غداإذا إِلَّا أَن يَشَاء الله وَاذْكُر بك إِذا نسيت(2/418)
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ إِذا نسيت الِاسْتِثْنَاء فَاسْتَثْنِ إِذا ذكرت وَقَالَ هِيَ خَاصَّة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لأحد منا ان يَسْتَثْنِي الا فِي صلَة من يَمِينه
بَاب لَهُ الْجمع فِي الضَّمِير بَينه وَبَين ربه
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَغَيره ان لَهُ الْجمع فِي الضَّمِير بَينه وَبَين ربه سُبْحَانَهُ لقَوْله ان يكون الله وَرَسُوله احب اليه مِمَّا سواهُمَا وَقَوله وَمن يعصهما فانه لَا يضر إِلَّا نَفسه وَذَلِكَ مُمْتَنع على غَيره لقَوْله للخطيب حِين قَالَ من يطع الله وَرَسُوله فقد رشد وَمن يعصهما فقد غوي بئس الْخَطِيب أَنْت قل {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} قَالُوا إِنَّمَا امْتنع من غَيره دونه لِأَن غَيره إِذا جمع أوهم إِطْلَاقه التَّسْوِيَة بِخِلَافِهِ هُوَ فَإِن منصبه يتَطَرَّق إِلَيْهِ ايهام ذَلِك
بَاب لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة
قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين بن عَطاء الله شيخ الصُّوفِيَّة على طَرِيق الشاذلية فِي كِتَابه التَّنْوِير الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لَا تجب عَلَيْهِم الزَّكَاة لأَنهم لَا ملك لَهُم مَعَ الله إِنَّمَا كَانُوا يشْهدُونَ مَا فِي أنفسهم من ودائع الله لَهُم يبذلونه فِي أَوَان بذله ويمنعونه فِي غير مَحَله ولان الزَّكَاة إِنَّمَا هِيَ طهرة لما عساه ان يكون مِمَّن أوجبت عَلَيْهِ والأنبياء مبرأون من الدنس لعصمتهم(2/419)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأَرْبعَة أَخْمَاس الْفَيْء وَخمْس خمس الْفَيْء وَالْغنيمَة وباصطفاه مَا يختاره من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة من جَارِيَة وَغَيرهَا
قَالَ الله تَعَالَى {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} وَقَالَ تَعَالَى وَاعْلَمُوا إِنَّمَا غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن الله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ
أخرج احْمَد والشيخان عَن عمر قَالَ إِن الله كَانَ خص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْفَيْء بِشَيْء لم يُعْطه احدا غَيره فَقَالَ مَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير فَكَانَت هَذِه خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ ينْفق على أَهله نَفَقَة سنتهمْ ثمَّ يَأْخُذ مَا بَقِي فَيَجْعَلهُ مجعل مَال الله فَعمل بذلك حَيَاته ثمَّ توفّي فَقَالَ ابو بكر انا ولي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعمل فِيهِ بِمَا عمل فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لي من غنائمكم مثل هَذَا إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الحكم قَالَ لما سبيت بَنو قُرَيْظَة عرض السَّبي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت فِيهِ رَيْحَانَة بنت زيد بن عَمْرو فَأمر بهَا فعزلت وَكَانَ يكون لَهُ صفي من كل غنيمَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن يزِيد بن الشخير عَن رجل من الصحابه من أهل الْبَادِيَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب لَهُ فِي قِطْعَة أَدِيم من مُحَمَّد رَسُول الله الى بني زُهَيْر بن أَقيس انكم إِن شهدتم ان لَا إِلَه إِلَّا الله وان مُحَمَّد رَسُول الله وأقمتم الصَّلَاة واتيتم الزَّكَاة وأديتم الْخمس من الْمغنم وَسَهْم النَّبِي وَسَهْم الصفي انتم آمنون بِأَمَان الله وَرَسُوله(2/420)
قَالَ ابْن عبد الْبر سهم الصفي مَشْهُور فِي صَحِيح الْآثَار مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم وَلَا يخْتَلف اهل السّير فِي ان صَفِيَّة مِنْهُ وَأجْمع الْعلمَاء على انه خَاص بِهِ وَذكر الرَّافِعِيّ ان ذَا الفقار كَانَ من الصفي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحمى لنَفسِهِ وانه لَا ينْقض مَا حماه
أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن الصعب بن جثامة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا حمى إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ
قَالَ الاصحاب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان لَهُ ان يحمي الْموَات لنَفسِهِ وَلَا يجوز ذَلِك لسَائِر الْأَئِمَّة قطعا وَإِنَّمَا يجوز لَهُم الْحمى للْمُسلمين وَقيل لَا يجوز أَيْضا وعَلى الْجَوَاز يحوز نقضه لمن بعده وَمَا حماه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينْقض وَلَا يُغَيِّرهُ بِحَال وَكَانَ يحمي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقطع الْأَرَاضِي قبل فتحهَا لِأَن الله تَعَالَى ملكه إِيَّاهَا يفعل فِيهَا مَا يَشَاء وَقد اقْطَعْ تَمِيم الدَّارِيّ وَذريته قَرْيَة بِبَيْت الْمُقَدّس قبل فَتحه وَهِي فِي يَد ذُريَّته إِلَى الْيَوْم وَأَرَادَ بعض الْوُلَاة التشويش عَلَيْهِم فَأفْتى الْغَزالِيّ بِكُفْرِهِ قَالَ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقطع أَرض الْجنَّة فأرض الدُّنْيَا أولى
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الْقِتَال بِمَكَّة وَالْقَتْل بهَا ودخولها بِغَيْر احرام وَالْقَتْل بعد الامان
قَالَ تَعَالَى {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد}
أخرج الشَّيْخَانِ عَن انس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة عَام الْفَتْح وعَلى رَأسه المغفر فَلَمَّا نَزعه جَاءَهُ رجل فَقَالَ ان ابْن خطل مُتَعَلق باستار الْكَعْبَة فَقَالَ اقْتُلُوهُ(2/421)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي شيح الْعَدوي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم الْفَتْح ان مَكَّة حرمهَا الله وَلم يحرمها النَّاس فَلَا يحل لامريء يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الاخر ان يسفك بهَا دَمًا وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة فان اُحْدُ ترخص بِقِتَال رَسُول الله فَقولُوا ان الله أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لكم
وَأخرج مُسلم عَن جَابر بن عبد الله ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل يَوْم فتح مكه وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء بِغَيْر إِحْرَام
قَالَ ابْن الْقَاص وَكَانَ يجوز لَهُ الْقَتْل بعد الْأمان قَالَ الرَّافِعِيّ وَخَطأَهُ فِيهِ وَقَالُوا من تحرم عَلَيْهِ خَائِنَة الْأَعْين كَيفَ يجوز لَهُ قتل من أَمنه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقضَاءِ بِعِلْمِهِ ولنفسه وَولده وَقبُول شَهَادَة من يشْهد لَهُ ولولده وَالشَّهَادَة لنَفسِهِ ولولده وقبوله للهدية بِخِلَاف غَيره من الْحُكَّام
أورد الْبَيْهَقِيّ فِي الْقَضَاء بِالْعلمِ حَدِيث هِنْد زوج أبي سُفْيَان وَقَوله لَهَا خذي من مَاله بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي بنيك وَأورد فِي الحكم لنَفسِهِ وَقبُول شَهَادَة من يشْهد لَهُ حَدِيث شَهَادَة خُزَيْمَة الْآتِي قَالَ وَإِذا جَازَ ذَلِك جَازَ ان يحكم لوَلَده وَتقدم حَدِيث قبُول الْهَدِيَّة
بَاب لَا يخَاف عَلَيْهِ من الْغَضَب
وَمن خَصَائِصه انه كَانَ لَا يكره لَهُ الحكم وَالْفَتْوَى فِي حَال الْغَضَب لِأَنَّهُ لَا يخَاف عَلَيْهِ من الْغَضَب مَا يخَاف علينا
ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم عِنْد حَدِيث اللّقطَة فَإِنَّهُ افتى فِيهِ وَقد غضب حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه(2/422)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز القبله وَهُوَ صَائِم مَعَ قُوَّة شَهْوَته وَذَلِكَ حرَام على غَيره
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل وَهُوَ صَائِم وايكم يملك اربه كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يملك اربه
وَأخرج مُسلم وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَاشر وَهُوَ صَائِم وَكَانَ أملككم لإربه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم ويمص لسانها
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز اسْتِمْرَار الطّيب بعد الاحرام فِيمَا ذكره الْمَالِكِيَّة
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَ كَأَنِّي انْظُر الى وبيص الطّيب فِي مفارق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم
قَالَ الْمَالِكِيَّة اسْتِدَامَة الطّيب بعد الاحرام من خصائصة لِأَنَّهُ من دواعي النِّكَاح فنهي النَّاس عَنهُ وَكَانَ هُوَ أملك النَّاس لاربه فَفعله وَلِأَنَّهُ حبب إِلَيْهِ فَرخص لَهُ فِيهِ ولمباشرته الْمَلَائِكَة لأجل الْوَحْي
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز الْمكْث فِي الْمَسْجِد جنبا وَبعد انْتِقَاض وضوئِهِ بِالنَّوْمِ مُضْطَجعا وباللمس فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْأَصَح عِنْدِي
أخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لَا يحل لَاحَدَّ يجنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غير وَغَيْرك(2/423)
وَأخرج الْبَزَّار عَن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لَا يحل لأحد ان يجبنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غَيْرِي وَغَيْرك
وَأخرج ابو يعلي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لقد أعْطى عَليّ ثَلَاث خِصَال لِأَن تكون لي خصْلَة مِنْهَا أحب إِلَيّ من أَن أعْطى حمر النعم تَزْوِيجه فَاطِمَة وسكناه الْمَسْجِد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لي فِيهِ مَا يحل لَهُ والراية يَوْم خَيْبَر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل هَذَا الْمَسْجِد لجنب وَلَا حَائِض الا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن
وَأخرج الزبير بن بكار فِي اخبار الْمَدِينَة عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله امْر مُوسَى ان يَبْنِي مَسْجِدا طَاهِرا لَا يسكنهُ إِلَّا هُوَ وَهَارُون وَأَن الله أَمرنِي أَن ابْني مَسْجِدا طَاهِرا لَا يسكنهُ إِلَّا أَنا وَعلي وابنا عَليّ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي انه يحل لَك فِي الْمَسْجِد مَا يحل لي
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لجنب وَلَا لحائض الا لمُحَمد وأزواجه وَعلي وَفَاطِمَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جَنْبي إِلَّا لمُحَمد وَآل مُحَمَّد واخراج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ بِاللَّيْلِ وَصلى ثمَّ نَام حَتَّى سَمِعت غَطِيطه ثمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذّن فَقَامَ الى الصَّلَاة وَلم يتَوَضَّأ
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينَام وَهُوَ ساجد ثمَّ يقوم فيمضي فِي صلَاته
وَأخرج ابْن ماجة وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينَام مُسْتَلْقِيا حَتَّى ينْفخ ثمَّ يقوم فَيصَلي وَلَا يتَوَضَّأ وَعلة ذَلِك انه تنام عينه وَلَا ينَام قلبه(2/424)
وَأخرج ابْن ماجة عَن عَائِشَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل بعض نِسَائِهِ ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ وَفِي لفظ لَهُ عَنْهَا كَانَ يتَوَضَّأ ثمَّ يقبل وَيُصلي وَلَا يتَوَضَّأ قَالَ عبد الْحق لَا اعْلَم بِهَذَا الحَدِيث عِلّة توجب تَركه
وَأخرج النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة قَالَت ان كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي وَإِنِّي لمعترضة بَين يدية اعْتِرَاض الْجِنَازَة حَتَّى إِذا أَرَادَ ان يُوتر نبهني بِرجلِهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز لعن من شَاءَ بِغَيْر سَبَب قَالَه ابْن الْقَاص وامام الْحَرَمَيْنِ وَمَا فِيهِ من الْفَوَائِد
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي اتخذ عنْدك عهدا لَا تخلفنيه فَإِنَّمَا انا بشر فَأَي الْمُؤمنِينَ آذيته اَوْ سببته اَوْ لعنته أَو جلدته فاجعلها ذَلِك لَهُ زَكَاة وَصَلَاة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم القيامه
وَأخرج احْمَد بِسَنَد صَحِيح عَن انس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دفع إِلَى حَفْصَة رجلا وَقَالَ احْتَفِظِي بِهِ فغفلت عَنهُ وَمضى فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع الله يدك فَفَزِعت فَقَالَت إِنِّي سَأَلت رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى أَيّمَا إِنْسَان من أمتِي دَعَوْت الله عَلَيْهِ أَن يَجْعَلهَا لَهُ مغْفرَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُعَاوِيه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ من لعنت فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ دخل فِي الاسلام فَاجْعَلْ ذَلِك قربَة لَهُ إِلَيْك
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقهر من شَاءَ على طَعَامه وَشَرَابه وعَلى الْمَالِك الْبَذْل وان كَانَ مُحْتَاجا ويفدى بمهجته مهجة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الله تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم}
وَذكر جمَاعَة أَنه لَو قَصده ظَالِم وَجب على من حَضَره ان يبْذل نَفسه دونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا وَقَاه طلحه بِنَفسِهِ يَوْم أحد وَلَو رغب فِي نِكَاح امْرَأَة فَإِن كَانَت(2/425)
خلية وَجب عَلَيْهَا الاجابة وَحرم إِلَى غَيره خطبتها وَإِن كَانَت ذَات زوج وَجب على زَوجهَا طالقها لينكحها لِلْآيَةِ السابقه وَلقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ}
كَذَا اسْتدلَّ بهَا الْمَاوَرْدِيّ وَاسْتدلَّ الْغَزالِيّ لوُجُوب التَّطْلِيق بِقصَّة زيد قَالَ وَلَعَلَّ السِّرّ فِيهِ من جَانب الزَّوْج امتحان ايمانه بتكليفه النُّزُول عَن أَهله فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يُؤمن احدكم حَتَّى أكون اجب إِلَيْهِ من اهله وَولده وَالنَّاس اجمعين وَمن جَانِبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابتلاؤه بالبلية البشرية وَمنعه من خَائِنَة الْأَعْين وَمن الاضمار الَّذِي يُخَالف الأظهار
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنِكَاح اكثر من أَربع نسْوَة وَهُوَ إِجْمَاع
أخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} قَالَ يَعْنِي يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ هَذَا فَرِيضَة وَكَانَ من كَانَ من الْأَنْبِيَاء هَذَا سنتهمْ قد كَانَ لسلمان بن دَاوُد ألف أمْرَأَة وَكَانَ لداود مائَة امراء
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى قَوْله تَعَالَى {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} فأحل لَهُ مَعَ أَزوَاجه وَكن ذَوَات عدد من لَيْسَ لَهُ بِزَوْج يَوْم احل لَهُ من بَنَات عَمه وَبَنَات عماته وَبَنَات خَاله وَبَنَات خالاته
قَالَ الْعلمَاء لما كَانَ الْحر لفضله على العَبْد يستبيح من النسْوَة اكثر مِمَّا يستبيحه العَبْد وَجب ان يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفضله على جَمِيع الأمه يستبيح من النِّسَاء أَكثر مَا تستبيحه الأمه(2/426)
وَحكى الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره انه أحل لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع وَتسْعُونَ إمرأة وَذكر فِي ذَلِك فَوَائِد
مِنْهَا نقل محاسنه الْبَاطِنَة فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكمل الظَّاهِر وَالْبَاطِن
وَمِنْهَا نقل الشَّرِيعَة الَّتِي لم يطلع عَلَيْهَا الرِّجَال
وَمِنْهَا تشريف الْقَبَائِل بمصاهرته
وَمِنْهَا شرح صَدره بكثرتهن عَمَّا يقاسيه من اعدائه
وَمِنْهَا زِيَادَة التَّكْلِيف فِي الْقيام بِهن مَعَ تحمل اعباء الرسَالَة فَيكون ذَلِك أعظم لمشاقه وَأكْثر لاجره
وَمِنْهَا ان النِّكَاح فِي حَقه عبَادَة قَالُوا وَقد تزوج أم حَبِيبَة وأبوها فِي ذَلِك الْوَقْت عدوه وَصفِيَّة وَقد قتل اباه وعمها وَزوجهَا فَلَو لم يطلعن من بَاطِن احواله على ان اكمل الْخلق لكَانَتْ الطباع البشرية تفتضي ميلهن إِلَى آبائهن وقرابتهن وَكَانَ فِي كَثْرَة النِّسَاء عِنْده بَيَان لمعجزاته وكماله بَاطِنا كَمَا عرفه الرِّجَال مِنْهُ ظَاهرا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز النِّكَاح بِغَيْر ولي وشهود
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد قَالَ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشهود وَمهر إِلَّا مَا كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأورد الْبَيْهَقِيّ أَيْضا مَا اخرجه مُسلم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بني بصفية قَالَ النَّاس لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجهَا ام اتخذها ام ولد فَقَالُوا ان حجبها فَهِيَ امْرَأَته وَإِن لم يحجبها فَهِيَ أم ولد فَلَمَّا أَرَادَ ان يركب حجبها فعرفوا أَنه قد تزَوجهَا وَوجه الدّلَالَة مِنْهُ ظَاهِرَة كَمَا ترى(2/427)
قَالَ الْعلمَاء إِنَّمَا اعْتبر الْوَلِيّ فِي نِكَاح الْأمة للمحافظة على الْكَفَاءَة وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوق الأكفاة وَإِنَّمَا اعْتبر الشُّهُود لَا من الْجُحُود وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجْحَد وَلَو جحدت هِيَ لم يرجع إِلَى قَوْلهَا على خلاف قَوْله بل قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي شرح الْمُهَذّب تكون كَافِرَة بتكذيبه وَكَانَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَزْوِيج الأمرأة من نَفسه وتولي الطَّرفَيْنِ بِغَيْر إِذْنهَا وَإِذن وَليهَا لقَوْله تَعَالَى (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم)
بَاب الْمَرْأَة تحل لَهُ بِغَيْر عقد
وَمن خَصَائِصه أَن الْمَرْأَة كَانَت تحل لَهُ بتحليل الله تَعَالَى فَيدْخل عَلَيْهَا بِغَيْر عقد
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَإِذا جَازَ بذلك جَازَ أَن يعْقد على الْمَرْأَة بِغَيْر استئمارها
قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا}
وَأخرج البُخَارِيّ عَن انس قَالَ كَانَت زَيْنَب تفتخر على أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقول زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فَوق سبع سموات
وَأخرج مُسلم عَن انس قَالَ لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد اذْهَبْ فاذكرها عَليّ فَذهب فاخبرها فَقَالَ مَا أَنا بِصَانِعَةٍ شَيْئا حَتَّى أوَامِر رَبِّي فَقَامَتْ الى مَسْجِدهَا وَنزل الْقرَان وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن على بن الْحُسَيْن فِي قَوْله تَعَالَى {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه}
قَالَ كَانَ الله أعلمهُ أَن زَيْنَب سَتَكُون من ازواجه قبل أَن يَتَزَوَّجهَا فَلَمَّا أَتَاهُ زيد يشكوها إِلَيْهِ قَالَ اتَّقِ الله وامسك عَلَيْهِ زَوجك فَقَالَ لَهُ قد أَخْبَرتك اني مزوجكها وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبدية(2/428)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة عَن زَيْنَب أَنَّهَا قَالَت إِنِّي وَالله مَا أَنا كَأحد من نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُنَّ زوجن بالمهور وزوجهن الْأَوْلِيَاء وزوجني الله رَسُوله وَانْزِلْ فِي الْكتاب يَقْرَؤُهُ الْمُسلمُونَ لَا يُبدل وَلَا يُغير
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت يرحم الله زَيْنَب بنت جحش لقد نَالَتْ فِي هَذِه الدُّنْيَا الشّرف الَّذِي لَا يبلغهُ شرف إِن الله زَوجهَا نبيه فِي الدُّنْيَا ونطق بِهِ الْقرَان وان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه وَنحن حوله أَسْرَعكُنَّ بِي لُحُوقا اطولكن باعا فبشرها بِسُرْعَة لحوقها بِهِ وَهِي زَوجته فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت زَيْنَب تَقول للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأدل عَلَيْك بِثَلَاث مَا من نِسَائِك امْرَأَة تدل بِهن إِن جدي وَجدك وَاحِد واني انكحنيك الله من السَّمَاء وان السفير جِبْرِيل
بَاب النِّكَاح يحل لَهُ بِلَا مهر
وَمن خَصَائِصه أَن لَهُ النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة وَبلا مهر ابْتِدَاء وانتهاء قَالَ تَعَالَى (وَامْرَأَة مومنة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي ان اراد النَّبِي ان يستنكحها خَالِصَة من دون الْمُؤمنِينَ) اخْرُج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة أَن مَيْمُونَة بنت الْحَارِث وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَن أم شريك وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقبلهَا فَلم تتَزَوَّج حَتَّى مَاتَت واخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله تَعَالَى تربى من نشَاء مِنْهُنَّ قَالَ كن نسَاء وهبْنَ انفسهن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل ببعضهن وأرجا بَعْضًا فَلم ينكحن بعده مِنْهُنَّ أم شريك(2/429)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن الْمسيب قَالَ لَا تحل الهبه لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهل يَكْفِي لفظ الاتهاب من جِهَته أَيْضا كَمَا يَكْفِي من الْمَرْأَة أَو يشْتَرط مِنْهُ لفظ النِّكَاح وَجْهَان اصححهما الثَّانِي لظَاهِر قَوْله (ان يستنكحها) فَاعْتبر فِي جَانِبه النِّكَاح
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باباحة عدم الْقسم لازواجه فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمُخْتَار وَصَححهُ الْغَزالِيّ
قَالَ تَعَالَى {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك}
أخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موسع عَلَيْهِ فِي قسم أَزوَاجه يقسم بَينهُنَّ كَيفَ شَاءَ وَذَلِكَ قَول الله تَعَالَى وَذَلِكَ أدنى أَن تقر أعينهن إِذا علمنَا أَن ذَلِك من الله تَعَالَى
قَالَ بَعضهم فِي وجوب الْقسم عَلَيْهِ شغل عَن لَوَازِم الرسَالَة وَقد صَحَّ أَنه كَانَ يطوف على نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة وَذَلِكَ يُنَافِي وجوب الْقسم
وَقد ذكر ابْن الْقشيرِي فِي تَفْسِيره أَنه كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ بِالْآيَةِ المذكوره فِي وجوب نَفَقَة أَزوَاجه عَلَيْهِ وَجْهَان صحّح النَّوَوِيّ الْوُجُوب وعَلى هَذَا لَا يتَقَدَّر بِخِلَاف نَفَقَة غَيره
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز النِّكَاح وَهُوَ محرم
أاخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكح مَيْمُونَة وَهُوَ محرم(2/430)
وَفِي وَجه حَكَاهُ الرَّافِعِيّ انه كَانَ يجوز لَهُ نِكَاح الْمُعْتَدَّة من غَيره وَالْجمع بَين الْمَرْأَة وَأُخْتهَا وعمتها وخالتها وإبنتها والاصح فِي الْجَمِيع الْمَنْع وَيشْهد لَهُ حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي بنت أم سَلمَة وَقَوله لأم حَبِيبه وَقد عرضت عَلَيْهِ أُخْتهَا أَن ذَلِك لَا يحل لي فَلَا تعرضن على بناتكن وَلَا أخواتكن وَقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج عَائِشَة بنت سِتّ سِنِين أَو سبع فَذهب ابْن شبرمه فِيمَا حَكَاهُ ابْن حزم الى أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وانه لَا يجوز للْأَب إنكاح ابْنَته حَتَّى تبلغ أوردهُ ابْن الملقن فِي الخصائص وَقَالَ هَذَا غَرِيب لَا نعلمهُ عَن غَيره وَقد قَالَ الْجُمْهُور ان ذَلِك لكل اُحْدُ وَأَنه لَيْسَ من الخصائص بل نقل ابْن الْمُنْذر الاجماع عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعِتْق امته وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا
أخرج الشَّيْخَانِ عَن انس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعتنق صَفِيَّة وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتِقْ صَفِيَّة وَتَزَوجهَا فَسئلَ مَا أصدقهَا قَالَ نَفسهَا
قَالَ ابْن حبَان فعل ذَلِك عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلم يقم دَلِيل على أَنه خَاص بِهِ دون امته فَيُبَاح لَهُم ذَلِك لعدم جود تَخْصِيصه فِيهِ
قلت وَقَول ابْن حبَان هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَهُوَ مَذْهَب احْمَد واسحاق
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باباحة النّظر الى الأجنبيات وَالْخلْوَة بِهن
أخرج البُخَارِيّ عَن خَالِد بن ذكْوَان قَالَ قَالَت الرّبيع بنت معوذ بن عفراء جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عَليّ حِين بني على فَجَلَسَ على فِرَاشِي كمجلسك مني(2/431)
قَالَ الْكرْمَانِي فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ // مَحْمُول // على أَن ذَلِك كَانَ قبل نزُول آيَة الْحجاب أَو جَازَ النّظر للْحَاجة أَو للأمن من الْفِتْنَة
وَقَالَ ابْن حجر الَّذِي وضح لنا بالأدلة القوية أَن من خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَوَاز الْخلْوَة بالاجنبية وَالنَّظَر اليها وَهُوَ الْجَواب الصَّحِيح عَن قصَّة أم حرَام بنت ملْحَان فِي دُخُوله عَلَيْهَا ونومه عِنْدهَا وتقليتها رَأسه وَلم يكن بَينهمَا محرمية وَلَا زوجية
وَفِي الخصائص لِابْنِ الملقن وَقد ذكر حَدِيث أم حرَام من احاط علما بِالنّسَبِ علم أَنه لَا محرمية بَينهَا وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد بَين ذَلِك الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي وَقَالَ هَذَا خَاص بِأم حرَام وَأُخْتهَا ام سليم
قَالَ ابْن الملقن وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم فَيُقَال كَانَ من خَصَائِصه الْخلْوَة بالأجنبية وَقد إدعاه بعض شُيُوخنَا انْتهى
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ يُزَوّج من شَاءَ من النِّسَاء بِمن شَاءَ من الرِّجَال إجبارا بِغَيْر رضاهن ورضى آبائهن
قَالَ تَعَالَى وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مومنة اذا قضى الله وَرَسُوله امرا ان تكون لَهُم الْخيرَة من امرهم الْآيَة وَأورد الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي الْبَاب قَوْله تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم}
وَمَا أخرجه البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُؤمن إِلَّا وَأَنا أولى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَمَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن سهل بن سعد أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِي بِالنسَاء من حَاجَة فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله زوجنيها فَقَالَ زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقرَان(2/432)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب زَيْنَب بنت جحش على فتاه زيد بن حارثه فَقَالَت لست بناكحته فَبَيْنَمَا هما يتحدثان أنزل الله على رَسُوله هَذِه الاية {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة} الْآيَة قَالَت قد رضيته لي يَا رَسُول الله قَالَ نعم قَالَت إِذا لَا أعصى رَسُول الله
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَن عبد الله ذَا البجادين خطب إمرأة فَلم تتزوجه فَسَأَلَهَا أَبُو بكر وَعمر فَأَبت فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عبد الله ألم يبلغنِي انك تذكر فُلَانُهُ قَالَ بلَى قَالَ فَانِي قد زوجتكها فأدخلت عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه من انكاح الصَّغِيرَة
وَله على ذَلِك تَزْوِيج الصَّغِيرَة من غير بَنَاته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن عمَارَة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب كَانَت بِمَكَّة فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة الْقَضِيَّة خرج بهَا عَليّ وَقَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا فَقَالَ إِنَّهَا ابْنة أخي من الرضَاعَة فَزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَلمَة بن أبي سَلمَة
قَالَ الْبَيْهَقِيّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب النِّكَاح من انكاح الصَّغِيرَة وَغير ذَلِك مَا لَيْسَ لغيره وَلذَلِك تولى تَزْوِيجهَا دون عَمها الْعَبَّاس
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه كَانَ لَهُ فِي بَاب النِّكَاح مَا لم يكن لغيره
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سَلمَة بن أبي سَلمَة ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أم سَلمَة قَالَت لَيْسَ أحد من أوليائي شَاهد قَالَ مري ابْنك أَن يزوجك فَزَوجهَا إبنها وَهُوَ يَوْمئِذٍ صَغِير لم يبلغ
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَكَانَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب النِّكَاح مَا لم يكن لغيره(2/433)
بَاب عدم انحصار طَلَاقه فِي الثَّلَاث
وَمن خَصَائِصه عدم انحصار طَلَاقه فِي الثَّلَاث فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ كَمَا لَا ينْحَصر عدد زَوْجَاته وعَلى الْحصْر لَو طلق وَاحِدَة ثَلَاثًا فَهَل تحل لَهُ من غير أَن تنْكح غَيره فِيهِ وَجْهَان
احدهما نعم لما خص بِهِ من تَحْرِيم نِسَائِهِ على غَيره
وَالثَّانِي لَا تحل لَهُ أبدا
بَاب وَمن خَصَائِصه انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم أمته مَارِيَة فَلم تحرم عَلَيْهِ وَلم تلْزمهُ كَفَّارَة فِيمَا قَالَه مقَاتل لانه مغْفُور لَهُ وَغَيره من الْأمة إِذا حرم أمته لَزِمته الْكَفَّارَة
بَاب اخْتِصَاصه فِي انه ضحى عَن أمته
وَمن خَصَائِصه انه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى عَن أمته وَلَيْسَ لأحد ان يُضحي عَن الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه
أخرج الْحَاكِم عَن ابي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذبح كَبْشًا اقرن بالمصلى ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَذَا عني وَعَن من لم يضح من أمتِي
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى بكبشين فذبح أَحدهمَا فَقَالَ اللَّهُمَّ عَن مُحَمَّد وَأمته من شهد لَك بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن {لكل أمة جعلنَا منسكا هم ناسكوه} قَالَ ذبح هم ذابحوه(2/434)
حَدثنِي أَبُو رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ اذا ضحى اشْترِي بكبشين املحين اقرنين فاذا خطب وَصلى ذبح احدهما ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ هَذَا عَن أمتِي جَمِيعًا من شهد لَك بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ ثمَّ اتي بِالْآخرِ فذبحه وَقَالَ اللَّهُمَّ هَذَا عَن مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد ثمَّ يطْعمهَا الْمَسَاكِين وَيَأْكُل هُوَ واهله مِنْهُمَا فَمَكثْنَا سِنِين قد كفانا الله الْغرم والمئونة لَيْسَ اُحْدُ من بني هَاشم يُضحي
بَاب اكله من لحم الْفُجَاءَة مَعَ نَهْيه عَنهُ
قَالَ ابْن الْقَاص وَمن خَصَائِصه أَنه اكل من طَعَام الْفُجَاءَة مَعَ نَهْيه عَنهُ وانكر ذَلِك الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ انه مُبَاح للْأمة وَالنَّهْي لم يثبت
بَاب لَهُ أَن يقتل من سبه أَو هجاه
عد ابْن سبع من خَصَائِصه أَن لَهُ قتل من سبه أَو هجاه وَذَلِكَ رَاجع إِلَى الْقَضَاء لنَفسِهِ(2/435)
قسم الكرامات
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ لَا يُورث وَأَن مَاله بعد مَوته قَائِم على نَفَقَته
أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة إِنَّمَا يَأْكُل آل مُحَمَّد فِي هَذَا المَال) وَإِنِّي وَالله لَا أغير شَيْئا من صَدَقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حَالهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأعملن فِيهَا مَا عمل بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تقتسم ورثتي دِينَارا وَلَا درهما مَا تركت بعد نَفَقَة نسَائِي ومئونة عَامِلِي فَإِنَّهُ صَدَقَة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي (أما ترضي أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نبوة وَلَا وراثة)
فَائِدَة
حكى القَاضِي عِيَاض عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ هَذِه الخصيصة مُخْتَصَّة بنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخِلَاف سَائِر الْأَنْبِيَاء فَإِنَّهُم يورثون لقَوْله تَعَالَى {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} وَقَوله زَكَرِيَّا رب هَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب وعَلى هَذَا فتضم هَذِه إِلَى الخصائص الَّتِي امتاز بهَا عَن الْأَنْبِيَاء وَلَكِن الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ جَمِيع الْعلمَاء أَن ذَلِك لجَمِيع الْأَنْبِيَاء لما أخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيث الزبير مَرْفُوعا (إِن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث)(2/436)
وَالْجَوَاب عَن الْآيَتَيْنِ أَن المُرَاد فيهمَا إِرْث النُّبُوَّة وَالْعلم
وَقد روى ابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن الْعلمَاء هم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء لِأَن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما إِنَّمَا ورثوا الْعلم فَمن أَخذه أَخذ بحظ وافر)
وَقد ذكر فِي الْحِكْمَة فِي كَون الْأَنْبِيَاء لَا يورثون أوجه
مِنْهَا أَن لَا يتَمَنَّى قريبهم مَوْتهمْ فَيهْلك بذلك
وَمِنْهَا أَن لَا يظنّ بهم الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَجَمعهَا لوارثهم
وَمِنْهَا أَنهم أَحيَاء والحي لَا يُورث وَلِهَذَا ذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَن مَاله بَاقٍ على ملكه ينْفق مِنْهُ على أَهله كَمَا كَانَ عَلَيْهِ وَالسَّلَام يُنْفِقهُ فِي حَيَاته لِأَنَّهُ حَيّ
وَلذَلِك كَانَ الصّديق ينْفق مِنْهُ على أَهله وخدمه ويصرفه فِيمَا كَانَ يصرفهُ فِي حَيَاته
وَرجح النَّوَوِيّ وَغَيره أَنه زَالَ ملكه عَنهُ وَأَنه صَدَقَة على جَمِيع الْمُسلمين لَا تخْتَص بِهِ الْوَرَثَة وَأخذ بَعضهم من هَذَا خصيصة أُخْرَى وَهُوَ أَنه أُبِيح لَهُ التَّصَدُّق بِجَمِيعِ مَاله بعد مَوته بِخِلَاف أمته فأنهم مقصورون على الثُّلُث
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَزوَاجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ
وَذَلِكَ فِي تَحْرِيم نِكَاحهنَّ وَوُجُوب إحترامهن وطاعتهن وَلَا فِي النّظر وَنَحْوه
قَالَ تَعَالَى
{النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} وقرىء وَهُوَ أَب لَهُم(2/437)
قَالَ الْبَغَوِيّ وَهن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ من الرِّجَال دون النِّسَاء لِأَن فَائِدَة الأمومة فِي حق الرِّجَال وَهِي النِّكَاح مفقودة فِي حق النِّسَاء
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت لَهَا يَا أمه قَالَت أَنا أم رجالكم وَلست أم نِسَائِكُم
وَأخرج ابْن سعد عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت أَنا أم الرِّجَال مِنْكُم وَالنِّسَاء وَبِه قَالَ طَائِفَة لِأَن فَائِدَة الإحترام والتعظيم مَوْجُودَة فِي النِّسَاء أَيْضا
قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا فِي الْحُرْمَة والتعظيم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم رُؤْيَة أشخاص أَزوَاجه فِي الأزر وسؤالهن مشافهة
قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب}
قَالَ فِي الرَّوْضَة تبعا للرافعي وَالْبَغوِيّ لَا يحل لأحد أَن يسألهن إِلَّا من وَرَاء حجاب ألاية وَأما غَيْرهنَّ فَيجوز أَن يسألهن مشافهة
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض والوري فِي شرح مُسلم خصصن بِفَرْض الْحجاب عَلَيْهِنَّ بِلَا خلاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يجوز لَهُنَّ كشف ذَلِك لشهادة وَلَا غَيرهَا وَلَا إِظْهَار شخوصهن وَإِن كن مستترات إِلَّا لضَرُورَة خروجهن للبراز وَقَالَ وَكن إِذا قعدن للنَّاس جلس من وَرَاء حجاب وَإِذا خرجن حجبن وسترن أشخاصهن وَلما توفيت زَيْنَب جعلُوا لَهَا قبَّة فَوق نعشها لستر شذمها
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة خرجت سَوْدَة بَعْدَمَا ضرب الْحجاب لحاجتها وَكَانَت امْرَأَة جسيمة لَا تخفي على من يعرفهَا فرآها عمر فَقَالَ يَا سَوْدَة أما وَالله لَا تخفين علينا فانظري كَيفَ تخرجين قَالَت فَانْكَفَأت رَاجِعَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه ليتعشى وَفِي يَده عرق فَقلت يَا رَسُول الله خرجت لبَعض حَاجَتي فَقَالَ لي(2/438)
عمر كَذَا وَكَذَا فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ وَأَن الْعرق فِي يَده مَا وَضعه فَقَالَ (إِنَّه قد أذن لَكِن أَن تخرجن لحاجتكن)
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ أَرْسلنِي عمر وَعُثْمَان بِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّنة الَّتِي توفّي فِيهَا عمر يحجبهن فَكَانَ عُثْمَان يسير أمامهن فَلَا يتْرك أحدا يدنو مِنْهُنَّ وَلَا يراهن إِلَّا من مد الْبَصَر وَعبد الرَّحْمَن خلفهن يفعل مثل ذَلِك وَهن فِي الهوادج وَكَانَا ينزلان بِهن فِي الشعاب وَلَا يتركان أحدا يمر عَلَيْهِنَّ
وَأخرج ابْن سعد عَن أم معبد بنت خَالِد بن خليف قَالَت رَأَيْت عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي خلَافَة عمر حجا بنساء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْت على هوادجهن الطيالسة الْخضر وَهن حجرَة من النِّسَاء يسير أمامهن عُثْمَان على رَاحِلَته يَصِيح إِذا دنا مِنْهُنَّ أحد إِلَيْك إِلَيْك وَابْن عَوْف من ورائهن يفعل مثل ذَلِك
وَأخرج ابْن سعد عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ قد رَأَيْت عُثْمَان وَهُوَ أَمَام أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلقِي النَّاس مُقْبِلين فِي وَجهه فينحيهم حَتَّى يَكُونُوا مد الْبَصَر حَتَّى يمضين
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب جُلُوس أَزوَاجه من بعده فِي بُيُوتهنَّ وَتَحْرِيم خروجهن وَلَو لحج أَو عمْرَة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ
قَالَ الله تَعَالَى {وَقرن فِي بيوتكن}
أخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنسائه فِي حجَّة الْوَدَاع (هَذِه الْحجَّة ثمَّ ظُهُور الْحصْر) قَالَ وَكن يحجبن كُلهنَّ إِلَّا سَوْدَة وَزَيْنَب قَالَتَا لَا تحركنا وَالله دَابَّة بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/439)
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن سِيرِين قَالَ قَالَت سَوْدَة حججْت واعتمرت فَأَنا أقعد فِي بَيْتِي كَمَا أَمرنِي الله وَكَانَت قد أخذت بقول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام قَالَ (هَذِه الْحجَّة ثمَّ ظُهُور الْحصْر) فَلم تحج حَتَّى توفيت
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأزواجه (أيتكن أتقت الله وَلم تأت بِفَاحِشَة مبينَة ولزمت ظهر حصيرها فَهِيَ زَوْجَتي فِي الْآخِرَة)
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أبي جَعْفَر أَن عمر ابْن الْخطاب منع أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج وَالْعمْرَة
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت منعنَا عمر الْحَج وَالْعمْرَة حَتَّى إِذا كَانَ آخر عَام أذن لنا فحججنا مَعَه فَلَمَّا ولي عُثْمَان استأذناه فَقَالَ أفعلن مَا رأيتن فحج بِنَا إِلَّا امْرَأتَيْنِ منا زَيْنَب وَسَوْدَة لم تخرج من بَيتهَا بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكُنَّا نستتر
وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة كَانَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي معنى المعتدات وللمعتدة السُّكْنَى فَجعل لَهُنَّ سُكْنى الْبيُوت مَا عشن وَلَا يملكن رقابها
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطَهَارَة دَمه وبوله وغائطه
أخرج الغطريف فِي جزئه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن سلمَان الْفَارِسِي أَنه دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا عبد الله بن الزبير مَعَه طست يشرب مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا شَأْنك قَالَ أَحْبَبْت أَن يكون من دم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جوفي قَالَ ويل لَك من النَّاس وويل للنَّاس مِنْك لَا تمسك النَّار إِلَّا قسم الْيَمين)
وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَام لبَعض قُرَيْش فَلَمَّا فرغ من حجامته أَخذ الدَّم فَذهب بِهِ فشربه ثمَّ أقبل فَنظر فِي وَجهه فَقَالَ وَيحك مَا صنعت بِالدَّمِ قَالَ يَا رَسُول الله نفست على دمك أَن أهريقه فِي الأَرْض فَهُوَ فِي بَطْني فَقَالَ (إذهب فقد أحرزت نَفسك من النَّار)(2/440)
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم فَدفع دَمه إِلَى إبني فشربه فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَأخْبرهُ فَقَالَ مَا صنعت قَالَ كرهت أَن أصب دمك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تمسك النَّار وَمسح على رَأسه وَقَالَ ويل للنَّاس مِنْك وويل لَك من النَّاس)
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن أبي خَيْثَمَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وَالطَّبَرَانِيّ عَن سفينة قَالَ احْتجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي غيب الدَّم فَذَهَبت فَشَربته ثمَّ جِئْت فَقَالَ مَا صنعت قلت غيبته قَالَ شربته قلت نعم فَتَبَسَّمَ
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن بِسَنَد حسن عَن عبد الله ابْن الزبير قَالَ احْتجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَانِي الدَّم فَقَالَ اذْهَبْ فغيبه فَذَهَبت فَشَربته ثمَّ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي مَا صنعت قلت غيبته قَالَ لَعَلَّك شربته قلت شربته
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ شج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فَتَلقاهُ أبي فملج الدَّم عَن وَجهه بفمه وازدرده فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سره أَن ينظر إِلَى من خالط دمي دَمه فَلْينْظر إِلَى مَالك بن سِنَان
وَأخرجه ابْن السكن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِلَفْظ فَقَالَ خالط دَمه بدمي وَلَا تمسه النَّار
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم أَيمن قَالَت قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل إِلَى فخارة فَبَال فِيهَا فَقُمْت من اللَّيْل وَأَنا عَطْشَانَة فَشَرِبت مَا فِيهَا فَلَمَّا أصبح أخْبرته فَضَحِك وَقَالَ أما أَنَّك لَا يتجعن بَطْنك أبدا وَلَفظ أبي يعلى إِنَّك لن تَشْتَكِي بَطْنك بعد يَوْمك هَذَا أبدا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن حكيمة بنت أُمَيْمَة عَن أمهَا قَالَت كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدح من عيدَان يَبُول فِيهِ ويضعه تَحت سَرِيره فَقَامَ فَطَلَبه فَلم يجده فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالَ أَيْن الْقدح قَالُوا شربته برة خَادِم أم سَلمَة الَّتِي قدمت مَعهَا من أَرض الْحَبَشَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد احتظرت من النَّار بحظار(2/441)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سلمى امْرَأَة أبي رَافع قَالَت اغْتسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَرِبت مَاء غسله فَأَخْبَرته فَقَالَ اذهبي فقد حرم الله بدنك على النَّار
قَالَ أَصْحَابنَا وشعره طَاهِر بِالْإِجْمَاع وَلَا يجْرِي فِيهِ الْخلاف فِي شعر سَائِر النَّاس
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما حلق شعره يَوْم النَّحْر أَن يقسم بَين النَّاس فَأخذ أَبُو طَلْحَة مِنْهُ طَائِفَة قَالَ ابْن سِيرِين لِأَن يكون عِنْدِي مِنْهُ شَعْرَة وَاحِدَة أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن تطوعه فِي الصَّلَاة قَاعِدا كتطوعه قَائِما
أخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر قَالَ حدثت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة فَأَتَيْته فَوَجَدته يُصَلِّي جَالِسا فَقلت يَا رَسُول الله حدثت أَنَّك قلت صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة وَأَنت تصلي قَاعِدا قَالَ أجل وَلَكِنِّي لست كَأحد مِنْكُم)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن عمله لَهُ نَافِلَة)
أخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت عَن صِيَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت أتعملون كعمله فَإِنَّهُ قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر كَانَ عمله لَهُ نَافِلَة
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} قَالَ إِنَّمَا كَانَت النَّافِلَة خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} قَالَ لم تكن النَّافِلَة لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة من أجل أَنه قد غفر مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر(2/442)
فَمَا عمل من عمل سوى الْمَكْتُوب فَهُوَ نَافِلَة من أجل أَنه لَا يعْمل ذَلِك فِي كَفَّارَة الذُّنُوب وَالنَّاس يعْملُونَ مَا سوى الْمَكْتُوب فِي كَفَّارَة ذنوبهم فَلَيْسَ للنَّاس نوافل إِنَّمَا هِيَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} أَي زِيَادَة على ثَوَاب الْفَرَائِض بِخِلَاف تهجد غَيره فَإِنَّهُ جَابر للنقصان المتطرق إِلَى الْفَرَائِض وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَعْصُوم عَن تطرق الْخلَل إِلَى مفروضاته
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمُصَلِّي يخاطبه بقوله سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَلَا يُخَاطب سَائِر النَّاس وَأَنه يجب عَلَيْهِ إجَابَته إِذا دَعَاهُ وَلَا تبطل صلَاته
أخرج البُخَارِيّ عَن أبي سعيد بن المعلي الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي فصلى ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ مَا مَنعك أَن تُجِيبنِي إِذا دعوتك قَالَ إِنِّي كنت أُصَلِّي فَقَالَ ألم يقل الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} الْآيَة ثمَّ قَالَ أَلا أعلمك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن قَالَ فَكَأَنَّهُ نَسِيَهَا أَو نسي قلت يَا رَسُول الله الَّذِي قلت لي قَالَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن من تكلم فِي عَهده وَهُوَ يخْطب بطلت جمعته وَبِأَنَّهُ لَا يجوز لأحد الْخُرُوج من مَجْلِسه إِلَّا بِإِذْنِهِ
قَالَ الله تَعَالَى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوا) الْآيَة(2/443)
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ كَانَ لَا يصلح للرجل أَن يخرج من الْمَسْجِد إِلَّا بِإِذن من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْجُمُعَة بَعْدَمَا يَأْخُذ فِي الْخطْبَة وَكَانَ إِذا أَرَادَ أحدهم الْخُرُوج أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْذَن لَهُ من غير أَن يتَكَلَّم الرجل لِأَن الرجل مِنْهُم كَانَ إِذا تكلم كَانَ إِذا تكلم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب بطلت جمعته
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْكَذِب عَلَيْهِ لَيْسَ كالكذب على غَيره وَبِأَن من كذب عَلَيْهِ لم تقبل لَهُ رِوَايَة بعد ذَلِك وَإِن تَابَ وَبِأَنَّهُ يكفر بذلك فِيمَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الجميني
أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن كذبا عَليّ لَيْسَ ككذب على أحد فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)
قَالَ النَّوَوِيّ وَغَيره الْكَذِب عَلَيْهِ من الْكَبَائِر وَلَا يكفر فَاعله على الصَّحِيح وَقَوله الْجُمْهُور وَقَالَ الْجُوَيْنِيّ هُوَ كفر فَإِن تَابَ مِنْهُ فَذهب جمَاعَة مِنْهُم الإِمَام أَحْمد والصيرفي وخلائق إِلَى أَنه لَا تقبل لَهُ رِوَايَة أبدا وَإِن حسنت حَاله بِخِلَاف التائب من الْكَذِب على غَيره وَمن سَائِر أَنْوَاع الْفسق وَهَذَا مِمَّا خَالف فِيهِ الْكَذِب على غَيره وَهَذَا القَوْل هُوَ الْمُعْتَمد فِي فن الحَدِيث كَمَا بَينته فِي شرح التَّقْرِيب وَشرح ألفية الحَدِيث وَإِن رجح النَّوَوِيّ خِلَافه
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم التَّقْدِيم بَين يَدَيْهِ وَرفع الصَّوْت فَوق صَوته والجهر لَهُ بالْقَوْل وندائه من وَرَاء الحجرات والصياح بِهِ من بعيد
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله وَاتَّقوا الله إِن الله سميع عليم} {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل كجهر بَعْضكُم لبَعض أَن تحبط أَعمالكُم وَأَنْتُم لَا تشعرون} {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم}(2/444)
{إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} {وَلَو أَنهم صَبَرُوا حَتَّى تخرج إِلَيْهِم لَكَانَ خيرا لَهُم وَالله غَفُور رَحِيم}
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} يُرِيد يَصِيح من بعيد يَا أَبَا الْقَاسِم وَلَكِن كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الحجرات {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله} الْآيَة قَالَ جمَاعَة وَيكرهُ رفع الصَّوْت عِنْد قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن حرمته مَيتا كحرمته حَيا
وَرُوِيَ ابْن حميد قَالَ نَاظر أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور مَالِكًا فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ بَين يَدي الْخَلِيفَة فِي ذَلِك الْيَوْم خَمْسمِائَة سيف فَقَالَ لَهُ مَالك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا ترفع صَوْتك فِي هَذَا الْمَسْجِد فَإِن الله تَعَالَى أدب قوما فَقَالَ {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم} الْآيَة ومدح قوما فَقَالَ {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم} الْآيَة وذم قوما فَقَالَ {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} الْآيَة وَإِن حُرْمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيتا كحرمته حَيا فاستكان لَهُ الْخَلِيفَة
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن من استهان بِهِ كفر وَمن سبه أَو هجاه قتل
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بَرزَة أَن رجلا سبّ أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقلت أَلا أضْرب عُنُقه يَا خَليفَة رَسُول الله فَقَالَ لَيست هَذِه لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لَا يقتل أحد بسب أحد إِلَّا بسب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/445)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن أعمى بكانت لَهُ أم ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكْثر الوقيعة فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتشتمه فَقَتلهَا الْأَعْمَى فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أشهد أَن دَمهَا هدر)
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَن يَهُودِيَّة كَانَت تَشْتُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَقَع فِيهِ فخنقها رجل حَتَّى مَاتَت فَأبْطل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَمهَا
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب محبته ومحبة أهل بَيته وَأَصْحَابه
قَالَ الله تَعَالَى {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم} إِلَى قَوْله {أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا}
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَالِده وَولده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ) وَعبارَة ابْن الملقن فِي الخصائص أَنه يجب على أمته أَن يحبوه أَعلَى دَرَجَات الْمحبَّة
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ كُنَّا نلقي النَّفر من قُرَيْش وهم يتحدثون فيقطعون حَدِيثهمْ فَذَكرنَا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (مَا بَال أَقوام يتحدثون فَإِذا رَأَوْا الرجل من أهل بَيْتِي قطعُوا حَدِيثهمْ وَالله لَا يدْخل قلب رجل الْإِيمَان حَتَّى يُحِبهُمْ الله ولقرابتهم مني)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (آيَة الْإِيمَان حب الْأَنْصَار وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار)
وَأخرج ابْن ماجة عَن الْبَراء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من أحب الْأَنْصَار أحبه الله وَمن أبْغض الْأَنْصَار أبغضه الله)(2/446)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَوْلَاد بَنَاته ينسبون إِلَيْهِ وَأَوْلَاد بَنَات غَيره لَا ينسبون إِلَيْهِ فِي الْكَفَاءَة وَلَا فِي غَيرهَا
أخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لكل بني أم عصبَة إِلَّا إبني فَاطِمَة وَأَنا وليهما وعصبتهما)
وَأخرج أَبُو يعلى مثله من حَدِيث فَاطِمَة
وَأورد الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَاب حَدِيث قَوْله فِي الْحسن (إِن إبني هَذَا سيد) وَقَوله لعَلي حِين ولد الْحسن مَا سميت إبني وَكَذَا حِين ولد الْحُسَيْن
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن بَنَاته لَا يتَزَوَّج عَلَيْهِنَّ
أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمسور بن مخرمَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر (إِن بني هِشَام بن الْمُغيرَة اسْتَأْذنُوا فِي أَن ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب فَلَا آذن ثمَّ لَا آذن ثمَّ لَا آذن إِلَّا أَن يُرِيد ابْن أبي طَالب أَن يُطلق ابْنَتي وينكح ابنتهم فَإِنَّمَا هِيَ بضعَة مني يريبني مَا أرابها وَيُؤْذِينِي مَا آذاها) قَالَ ابْن حجر لَا يبعد أَن يكون من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منع التَّزْوِيج على بَنَاته
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ أَرَادَ عَليّ بن أبي طَالب أَن يخْطب بنت أبي جهل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّه لَيْسَ لأحد أَن يتَزَوَّج إبنة عَدو الله على إبنة رَسُول الله)
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي حَنْظَلَة أَن عليا خطب ابْنة أبي جهل فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِنَّمَا فَاطِمَة بضعَة مني فَمن آذاها فقد آذَانِي) // مُرْسل قوي //
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبيد الله بن أبي رَافع عَن الْمسور أَنه بعث إِلَيْهِ حسن بن حسن يخْطب إبنته فَقَالَ وَالله مَا من نسب وَلَا سَبَب وَلَا صهر أحب إِلَيّ مِنْكُم وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فَاطِمَة بضعَة مني يقبضني مَا يقبضهَا ويبسطني مَا يبسطها)(2/447)
وعندك ابْنَتهَا وَلَو زَوجتك لقبضها ذَلِك فَانْطَلق عاذرا لَهُ
بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَنْقَطِع الْأَسْبَاب والأنساب يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ من سَببه وَنسبه
أخرح ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْحَارِث عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يدْخل النَّار من تزوج إِلَيّ أَو تزوجت إِلَيْهِ)
أخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن أبي أوفى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلت رَبِّي أَن لَا أزوج أحدا من أمتِي وَلَا أَتزوّج إِلَى أحد من أمتِي كَانَ معي فِي الْجنَّة فَأَعْطَانِي) وَأخرج الْحَارِث مثله من حَدِيث ابْن عَمْرو
وَأخرج ابْن رَاهْوَيْةِ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب أَنه خطب إِلَى عَليّ أم كُلْثُوم فَتَزَوجهَا فَأتى عمر الْمُهَاجِرين فَقَالَ أَلا تهنئوني بِأم كُلْثُوم إبنة فَاطِمَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل سَبَب وَنسب يَنْقَطِع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ من سببي ونسبي فَأَحْبَبْت أَن يكون بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَب وَنسب
وَأخرج أَبُو يعلى عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تَنْقَطِع الْأَسْبَاب والأنساب والأصهار إِلَّا صهري)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم النقش بنقش خَاتمه
أخرج ابْن سعد عَن أنس قَالَ اصْطنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا وَنقش عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله وَقَالَ إِنَّا قد اصطنعنا خَاتمًا ونقشنا فِيهِ نقشا فَلَا ينقش عَلَيْهِ أحد
وَأخرج ابْن سعد عَن طَاوُوس قَالَ اتخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا وَنقش فِيهِ مُحَمَّد رَسُول الله وَقَالَ (لَا ينقش أحد على نقش خَاتمِي)(2/448)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين وَلَا تنقشوا فِي خواتيمكم عَرَبيا) قَالَ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه يَعْنِي عَرَبيا مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا تكْتبُوا مثل خَاتم النَّبِي مُحَمَّد رَسُول الله)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاة الْخَوْف
فِي مَذْهَب طَائِفَة مِنْهُم أَبُو يُوسُف صَاحب أبي حنيفَة لقَوْله تَعَالَى {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} الْآيَة فقيد بِكَوْنِهِ فيهم
وَالْحكمَة فِيهِ من حَيْثُ الْمَعْنى أَن الصَّلَاة مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضِيلَة لَا يعادلها شَيْء فَاحْتمل لأَجلهَا تَغْيِير نظم الصَّلَاة حَتَّى لَا يحصل الإنفراد عَنهُ وَغَيره من الْأَئِمَّة لَيْسَ فِي مقَامه فالإستبدال بِهِ فِي الْجَمَاعَة سهل
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعصمة من كل ذَنْب كَبِيرا أَو صَغِيرا عمدا أَو سَهوا
قَالَ الله تَعَالَى {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} قَالَ السُّبْكِيّ فِي تَفْسِيره أَجمعت الْأمة على عصمَة الْأَنْبِيَاء فِيمَا يتَعَلَّق بالتبليغ وَفِي غير ذَلِك من الْكَبَائِر وَمن الصَّغَائِر الرذيلة الَّتِي تحط مرتبتهم وَمن المداومة على الصَّغَائِر هَذِه الْأَرْبَعَة مجمع عَلَيْهَا
وَاخْتلف فِي الصَّغَائِر الَّتِي لَا تحط من مرتبتهم فَذَهَبت الْمُعْتَزلَة وَكثير من غَيرهم إِلَى جَوَازهَا وَالْمُخْتَار الْمَنْع لأَنا مأمورون بالأقتداء بهم فِي كل مَا يصدر مِنْهُم من قَول أَو فعل فَكيف يَقع مِنْهُم مَا لَا يَنْبَغِي وَيُؤمر بالإقتداء فِيهِ
قَالَ وَالَّذِي جوز ذَلِك لم يجوزها بِنَصّ وَلَا دَلِيل إِنَّمَا أَخذ ذَلِك من هَذِه الْآيَة يَعْنِي الْآيَة السَّابِقَة قَالَ وَلَقَد تأملتها مَعَ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا فَوَجَدتهَا لَا تحْتَمل إِلَّا وَجها(2/449)
وَاحِدًا وَهُوَ تشريف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير أَن يكون هُنَاكَ ذَنْب وَلكنه أُرِيد أَن يستوعب فِي الْآيَة جَمِيع أَنْوَاع النعم من الله على عباده الأخروية وَجَمِيع النعم الأخروية شَيْئَانِ سلبية وَهِي غفران الذُّنُوب وثبوتية وَهِي لَا تتناهى أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله تَعَالَى {وَيتم نعْمَته عَلَيْك} وَجَمِيع النعم الدُّنْيَوِيَّة شَيْئَانِ دينية أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله {ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا} ودنيوية وَهِي قَوْله تَعَالَى {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا} فانتظم بذلك تَعْظِيم قدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإتمام أَنْوَاع نعم الله إِلَيْهِ المتفرقه فِي غَيره وَلِهَذَا جعل ذَلِك غَايَة لِلْفَتْحِ الْمُبين الَّذِي عظمه وفخمه بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ بنُون العظمة وَجعله خَاصّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله لَك
قَالَ وَقد سبق إِلَى نَحْو هَذَا إِبْنِ عَطِيَّة فَقَالَ وَإِنَّمَا الْمَعْنى التشريف بِهَذَا الحكم وَلم تكن ذنُوب الْبَتَّةَ ثمَّ قَالَ وعَلى تَقْدِير الْجَوَاز لَا شكّ وَلَا ارتياب أَنه لم يَقع مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَيف يتخيل خلاف ذَلِك {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} فاما الْفِعْل فاجماع الصَّحَابَة على اتِّبَاعه والتأسي بِهِ فِي كل مَا يَفْعَله من قَلِيل أَو كثير وصغير أَو كَبِير لم يكن عِنْدهم فِي ذَلِك توقف وَلَا بحث حَتَّى أَعماله فِي السِّرّ وَالْخلْوَة يحرصون على الْعلم بهَا وعَلى اتباعها علم بهم أَو لم يعلم وَمن تَأمل أَحْوَال الصَّحَابَة مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استحي من الله أَن يخْطر بِبَالِهِ خلاف ذَلِك انْتهى
واخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن ابيه عَن جده قَالَ قلت يَا رَسُول الله أتأذن لي فَاكْتُبْ مَا اسْمَع مِنْك قَالَ نعم قلت فِي الرِّضَا وَالْغَضَب قَالَ نعم فانه لَا يَنْبَغِي أَن أَقُول عِنْد الرِّضَا وَالْغَضَب إِلَّا حَقًا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا اقول إِلَّا حَقًا فَقَالَ بعض اصحابه فَإنَّك تداعبنا فَقَالَ لَا أَقُول إِلَّا حَقًا)(2/450)
بَاب إِنَّه منزه عَن فعل الْمَكْرُوه
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه منزه عَن فعل الْمَكْرُوه قَالَ ابْن السُّبْكِيّ فِي (جمع الْجَوَامِع) وَفعله غير محرم للعصمة وَغير مَكْرُوه للنزاهة وَمَا فعله مِمَّا هُوَ مَكْرُوه فِي حَقنا فَإِنَّمَا فعله لبَيَان الْجَوَاز فَهُوَ فِي حَقه وَاجِب للتبليغ أَو فَضِيلَة ويثاب عَلَيْهِ ثَوَاب وَاجِب أَو فَاضل
بَاب من اخْتِصَاصه انه لَا يجوز عَلَيْهِ الْجُنُون
وَمن خَصَائِصه وَسَائِر الانبياء أَنه لَا يجوز عَلَيْهِم الْجُنُون بِخِلَاف الْإِغْمَاء لِأَن الْجُنُون نقص وَالْإِغْمَاء مرض
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد لَا يجوز عَلَيْهِم أَيْضا الْإِغْمَاء الطَّوِيل الزَّمن وَجزم بِهِ البُلْقِينِيّ فِي (حَوَاشِي الرَّوْضَة)
وَنبهَ السُّبْكِيّ على ان الْإِغْمَاء الَّذِي يحصل لَهُم لَيْسَ كالاغماء الَّذِي يحصل لآحاد النَّاس وانما هُوَ غَلَبَة الأوجاع للحواس الظَّاهِرَة فَقَط دون الْقلب قَالَ لِأَنَّهُ قد ورد أَنه إِنَّمَا تنام أَعينهم دون قُلُوبهم فاذا حفظت قُلُوبهم وعصمت من النّوم الَّذِي هُوَ أخف من الاغماء فَمن الاغماء بطرِيق الأولى انْتهى وَهُوَ نَفِيس جدا
وَالْأَشْهر امْتنَاع الِاحْتِلَام عَلَيْهِم كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي (الرَّوْضَة) وَتقدم دَلِيله فِي أول الْكتاب
قَالَ السُّبْكِيّ فَلَا يجوز عَلَيْهِم الْعَمى أَيْضا لِأَنَّهُ نقص وَلم يعم نَبِي قطّ وَمَا ذكر عَن شُعَيْب أَنه كَانَ ضريرا فَلم يثبت وَأما يَعْقُوب فَحصل لَهُ غشاوة وزالت
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن رُؤْيَاهُ وَحي وكل مَا رَآهُ فَهُوَ حق
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ (مَا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَومه اَوْ(2/451)
يقظته فَهُوَ حق)
واخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكبا} قَالَ رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي
بَاب وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان رُؤْيَته فِي الْمَنَام حق
اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي فان الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي)
قَالَ القَاضِي أَبُو بكر مَعْنَاهُ أَن رُؤْيَاهُ صَحِيحَة لَيست بأضغاث
وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ رَآهُ حَقِيقَة وَقَالَ بَعضهم خص صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن رُؤْيَته فِي الْمَنَام صَحِيحَة وَمنع الشَّيْطَان أَن يتَصَوَّر فِي خلقته لِئَلَّا يكذب على لِسَانه فِي النّوم كَمَا مَنعه أَن يتَصَوَّر فِي صورته فِي الْيَقَظَة إِكْرَاما لَهُ
وَفِي (شرح مُسلم) للنووي لَو رأى شخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرهُ بِفعل مَا هُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ أَو ينهاه عَن منهى عَنهُ أَو يرشده إِلَى فعل مصلحَة مصلحَة فَلَا خلاف فِي أَنه يسْتَحبّ لَهُ الْعَمَل بِمَا امْرَهْ بِهِ
وَفِي (فَتَاوَى الحناطي) لَو رأى إِنْسَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه على الصّفة المنقولة عَنهُ فَسَأَلَهُ عَن حكم فأفتاه بِخِلَاف مذْهبه وَلَيْسَ مُخَالفا للنَّص وَلَا إِجْمَاع فَفِيهِ وَجْهَان احدهما يَأْخُذ بقوله تَعَالَى لانه مقدم على الْقيَاس وَالثَّانِي لَا لِأَن الْقيَاس دَلِيل والأحلام لَا تعويل عَلَيْهَا فَلَا يتْرك من اجلها الدَّلِيل(2/452)
وَفِي (كتاب الجدل) للأستاذ أبي اسحاق الاسفرائني لَو رأى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَأمره بِأَمْر هَل يجب عَلَيْهِ امتثاله إِذا اسْتَيْقَظَ وَجْهَان وَجه الْمَنْع عدم ضبط الرَّأْي لَا الشَّك فِي الرُّؤْيَة فان الْخَبَر لَا يقبل إِلَّا من ضَابِط مُكَلّف والنائم بِخِلَافِهِ
وَفِي فتاوي القَاضِي حُسَيْن مثله فِيمَا لَو رُؤِيَ لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من شعْبَان وَأخْبر أَن غَدا من رَمَضَان هَل يجب الصَّوْم وَفِي (روضه الاحكام) للْقَاضِي شُرَيْح لَو رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لفُلَان على فلَان كَذَا فَهَل للسامع أَن يشْهد بذلك وَجْهَان
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بفضيلة الصَّلَاة عَلَيْهِ
قَالَ الله تَعَالَى {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا}
اخْرُج مُسلم عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا)
واخرج احْمَد عَن ابْن عَمْرو قَالَ (من صلى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ وَمَلَائِكَته بهَا سبعين صَلَاة فَلْيقل العَبْد من ذَلِك أَو ليكْثر)
واخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي طَلْحَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي ملك فَقَالَ إِن رَبك يَقُول أما يرضيك أَن لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا وَلَا يسلم عَلَيْك إِلَّا سلمت عَلَيْهِ عشرا)
واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن جِبْرِيل أَتَانِي فَقَالَ من صلى عَلَيْهِ صَلَاة صلى الله عَلَيْك عشرا وَرَفعه عشر دَرَجَات)(2/453)
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من صلى عَليّ صَلَاة كتب الله لَهُ بهَا عشر حَسَنَات)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو قَالَ من صلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن سعد بن عُمَيْر عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ صَلَاة صَادِقا من نَفسه صلى الله عَلَيْهِ عشر صلوَات وَرَفعه عشر دَرَجَات وَكتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات)
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن عَامر بن ربيعَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (من صلى عَليّ لم تزل الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْهِ مَا صلى فَلْيقل عبد من ذَلِك أَو ليكْثر)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة)
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْبَخِيل من ذكرت عِنْده فَلم يُصَلِّي عَليّ)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من نسي الصَّلَاة عَليّ خطىء طَرِيق الْجنَّة)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة إِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي كَعْب قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أَكثر الصَّلَاة عَلَيْك فكم أجعَل من صَلَاتي قَالَ (مَا شِئْت قلت الرّبع قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت فالنصف قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت فالثلثين قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت أجعَل لَك صَلَاتي كلهَا قَالَ إِذا تَكْفِي همك وَيغْفر لَك ذَنْبك)(2/454)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل فِي فضل الصَّلَاة عَن يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة التَّيْمِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ مَا من عبد يُصَلِّي عَلَيْك صَلَاة إِلَّا صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إجعل نصف دعائي لَك قَالَ إِن شِئْت قَالَ أَلا أجعَل ثُلثي دعائي لَك قَالَ إِن شِئْت قَالَ أَلا أجعَل دعائي لَك كُله قَالَ إِذا يَكْفِيك الله هم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ رغم أنف إمرىء ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كفى بِهِ شحا أَن يذكرنِي قوم فَلَا يصلونَ عَليّ)
وَأخرج أَيْضا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ) من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ فقد خطىء طَرِيق الْجنَّة)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا عَليّ فَإِن صَلَاتكُمْ عَليّ زَكَاة لكم)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا عَليّ فَإِن صَلَاتكُمْ عَليّ كَفَّارَة لكم)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن خَالِد بن طهْمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ صَلَاة وَاحِدَة قضيت لَهُ مائَة حَاجَة)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا من قوم يَقْعُدُونَ ثمَّ ويقومون وَلَا يصلونَ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة حسرة وَإِن دخلُوا الْجنَّة لما يرَوْنَ من الثَّوَاب)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن أنجاكم يَوْم الْقِيَامَة من أهوالها ومواطنها أَكْثَرَكُم عَليّ فِي دَار الدُّنْيَا صَلَاة إِنَّه قد كَانَ فِي الله وَمَلَائِكَته كِفَايَة وَلَكِن خص الْمُؤمنِينَ بذلك ليثيبهم عَلَيْهِ)(2/455)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي بكر الصّديق قَالَ الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من عتق الرّقاب وَحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من مهج الْأَنْفس أَو قَالَ من ضرب السَّيْف فِي سَبِيل الله
وَأخرج الْبَزَّار والأصبهاني عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تجعلوني كقدح الرَّاكِب فَإِن يمْلَأ قدحه ويضعه فَإِن احْتَاجَ إِلَى الشّرْب شرب أَو إِلَى الْوضُوء تَوَضَّأ وَإِلَّا اهراقه وَلَكِن إجعلوني فِي أول الدُّعَاء وأوسطه وَآخره)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من دُعَاء إِلَّا بَينه وَبَين السَّمَاء حجاب حَتَّى يصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آل مُحَمَّد فَإِذا فعل ذَلِك إنخرق الْحجاب وَدخل الدُّعَاء وَإِن لم يفعل ذَلِك رَجَعَ الدُّعَاء)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ الدُّعَاء مَوْقُوف بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَا يصعد مِنْهُ شَيْء حَتَّى تصلي على نبيك
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ مَا من دَعْوَة لَا يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبلهَا إِلَّا كَانَت معلقَة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن ابي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من صلى عَليّ حِين يصبح عشرا وَحين يُمْسِي عشرا أَدْرَكته شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَكْثرُوا الصَّلَاة عَليّ فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَيْلَة الْجُمُعَة فَمن فعل ذَلِك كنت لَهُ شَهِيدا أَو شافعا يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة فِي حَدِيث الرُّؤْيَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (رَأَيْت رجلا من أمتِي يرعد على الصِّرَاط كَمَا ترْعد السعفة فَجَاءَتْهُ صلَاته عَليّ فسكنت رعدته)(2/456)
وَأخرج الديلمي عَن أنس مَرْفُوعا من أَكثر الصَّلَاة عَليّ كَانَ فِي ظلّ الْعَرْش
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة فِي ى كل يَوْم جُمُعَة فَإِن صَلَاة أمتِي تعرض عَليّ فِي كل يَوْم جُمُعَة فَمن كَانَ أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة كَانَ أقربهم مني منزلَة)
وَأخرج أَبُو عبد الله النميري فِي فضل الصَّلَاة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِن لآدَم من الله موقفا فِي فسح الْعَرْش عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران كَأَنَّهُ نَخْلَة سحوق ينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى الْجنَّة وَينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى النَّار فَبَيْنَمَا آدم على ذَلِك إِذْ نظر إِلَى رجل من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فينادي آدم يَا أَحْمد يَا أَحْمد فَيَقُول لبيْك يَا أَبَا الْبشر فَيَقُول هَذَا رجل من أمتك ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فأشد المئزر وأهرع فِي إِثْر الْمَلَائِكَة وَأَقُول يَا رسل رَبِّي قفوا فَيَقُولُونَ نَحن الْغِلَاظ الشداد الَّذين لَا نعصى الله مَا أمرنَا ونفعل مَا نؤمر فَإِذا يئس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض لحيته بِيَدِهِ الْيُسْرَى واستقبل الْعَرْش بِوَجْهِهِ فَيَقُول رب قد وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني فِي أمتِي فَيَأْتِي النداء من عِنْد الْعَرْش أطِيعُوا مُحَمَّدًا وردوا هَذَا العَبْد إِلَى الْمقَام فَأخْرج من حجزتي بطاقة بَيْضَاء كالأنملة فألقيها فِي كفة الْمِيزَان الْيُمْنَى وَأَنا أَقُول بِسم الله فترجح الْحَسَنَات على السَّيِّئَات فينادي سعد وَسعد جده وثقلت مَوَازِينه إنطلقوا بِهِ إِلَى الْجنَّة فَأَقُول يَا رسل رَبِّي قفوا حَتَّى أسأَل هَذَا العَبْد الْكَرِيم على ربه فَيَقُول بِأبي أَنْت وَأمي مَا أحسن وَجهك وَأحسن خلقك من أَنْت فقد أقلتني عثرتي ورحمت عبرتي فَيَقُول أَنا نبيك مُحَمَّد وَهَذِه صَلَاتك الَّتِي كنت تصلي عَليّ وافتك أحْوج مَا تكون إِلَيْهَا(2/457)
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا إِذا فرغ أحدكُم من طهوره فليشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ ليصل عَليّ فَإِذا قَالَ فلك فتحت لَهُ أَبْوَاب الرَّحْمَة
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ فِي كتاب لم تزل الْمَلَائِكَة تستغفر لَهُ مَا دَامَ إسمي فِي ذَلِك الْكتاب) وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِلَفْظ لم تزل الصَّلَاة جَارِيَة لَهُ
وَأخرج أَيْضا عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ أوحى الله عز وَجل إِلَى مُوسَى يَا مُوسَى أَتُحِبُّ أَن لَا ينالك من عَطش يَوْم الْقِيَامَة قَالَ نعم قَالَ فَأكْثر الصَّلَاة على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي الْحسن الْمَيْمُونِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا عَليّ الْحسن بن عُيَيْنَة فِي الْمَنَام بعد مَوته وَكَانَ على أَصَابِع يَدَيْهِ شَيْئا مَكْتُوبًا بلون الذَّهَب فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ يَا بني هَذَا لكتبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب يجل منصبه عَن الدُّعَاء لله بِالرَّحْمَةِ
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يجل منصبه عَن الدُّعَاء لَهُ بِالرَّحْمَةِ
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يجوز لأحد إِذا ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَقُول رَحمَه الله لِأَنَّهُ قَالَ من صلى عَليّ وَلم يقل من ترحم عَليّ وَلَا من دَعَا لي وَإِن كَانَ معنى الصَّلَاة الرَّحْمَة وَلكنه خص بِهَذَا اللَّفْظ تَعْظِيمًا لَهُ فَلَا يعدل عَنهُ إِلَى غَيره وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} انْتهى
قَالَ ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ وَهُوَ بحث حسن(2/458)
وَقد ذكر نَحْو ذَلِك القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ من الْمَالِكِيَّة والصيدلاني من الشَّافِعِيَّة فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ شَارِح الأرشاد يجوز ذَلِك مُضَافا للصَّلَاة وَلَا يجوز مُفردا
وَفِي الذَّخِيرَة من كتب الْحَنَفِيَّة عَن مُحَمَّد يكره ذَلِك لإيهامه النَّقْص لِأَن الرَّحْمَة غَالِبا إِنَّمَا تكون لفعل مَا يلام عَلَيْهِ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن لَهُ أَن يُصَلِّي بِلَفْظ الصَّلَاة على من شَاءَ بِمَا وَلَيْسَ لأحد غَيره أَن يُصَلِّي إِلَّا على نَبِي أَو ملك
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَاهُ قوم بِصَدَقَاتِهِمْ قَالَ أللهم صل عَلَيْهِم فَأَتَاهُ أبي بصدقتة فَقَالَ اللَّهُمَّ صل على آل أبي أوفى
وَأخرج ابْن سعد وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ جَاءَنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنادته امْرَأَتي يَا رَسُول الله صل عَليّ وعَلى زَوجي فَقَالَ صلى الله عَلَيْك وعَلى زَوجك
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَا تصلح الصَّلَاة على أحد إِلَّا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن يدعى للْمُسلمين وَالْمُسلمَات بالإستغفار
قَالَ أَصْحَابنَا تكره الصَّلَاة على غير الْأَنْبِيَاء إبتداء وَقيل تحرم
قَالَ الْجُوَيْنِيّ وَالسَّلَام فِي معنى الصَّلَاة فَإِن الله قرن بَينهمَا فَلَا يفرد بِهِ غَائِب غير الْأَنْبِيَاء وَلَا بَأْس بِهِ على سَبِيل المخاطبة للأحياء والأموات من الْمُؤمنِينَ
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ يخص من شَاءَ بمل شَاءَ من الْأَحْكَام
أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق عمَارَة بن خُزَيْمَة الْأنْصَارِيّ عَن عَمه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إبتاع فرسا من رجل من الْأَعْرَاب فاستتبعه ليقضيه ثمن فرسه فأسرع(2/459)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَشْي وَأَبْطَأ الْأَعرَابِي فَطَفِقَ رجال يعترضون الْأَعرَابِي يساومونه بالفرس وَلَا يَشْعُرُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ابتاعه حَتَّى زَاد بَعضهم الْأَعرَابِي فِي السّوم على ثمن الْفرس الَّذِي ابتاعه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا زَاده نَادَى الْأَعرَابِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن كنت مبتاعا هَذَا الْفرس فابتعه أَو لأبيعنه فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سمع نِدَاء الْأَعرَابِي حَتَّى أَتَاهُ الْأَعرَابِي فَقَالَ لَهُ أولست قد ابتعته مِنْك قَالَ الْأَعرَابِي لَا وَالله مَا بِعْتُك قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلَى قد ابتعته مِنْك فَطَفِقَ النَّاس يلوذون برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالأعرابي وهما يتراجعان وطفق الْأَعرَابِي يَقُول هَلُمَّ شَهِيدا يشْهد إِنِّي بَايَعْتُك فَمن جَاءَ من الْمُسلمين قَالَ للأعرابي وَيلك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يَقُول إِلَّا حَقًا حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَة فاستمع مَا يُرَاجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُرَاجع الْأَعرَابِي وطفق الْأَعرَابِي يَقُول هَلُمَّ شَهِيدا يشْهد إِنِّي بَايَعْتُك قَالَ خُزَيْمَة أَنا أشهد أَنَّك قد بايعته فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خُزَيْمَة قَالَ بِمَ تشهد قَالَ بتصديقك يَا رَسُول الله فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَة خُزَيْمَة بِشَهَادَة رجلَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن النُّعْمَان بن بشيرأن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى من أَعْرَابِي فرسا فجحده الْأَعرَابِي فجَاء خُزَيْمَة بن ثَابت فَقَالَ يَا أَعْرَابِي أَنا أشهد عَلَيْك أَنَّك بِعته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا خُزَيْمَة إِنَّا لم نشهدك كَيفَ تشهد قَالَ أَنا أصدقك على خبر السَّمَاء أَلا أصدقك على ذَا الْأَعرَابِي فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ فَلم يكن فِي الْإِسْلَام رجل تجوز شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ غير خُزَيْمَة بن ثَابت
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن خُزَيْمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شهد لَهُ خُزَيْمَة أَو شهد عَلَيْهِ فحسبه
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّحْر فَقَالَ (من صلى صَلَاتنَا ونسك نسكنا فقد أصَاب النّسك وَمن نسك قبل الصَّلَاة فَتلك شَاة لحم فَقَامَ أَبُو بردة بن نيار فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد نسكت قبل أَن أخرج إِلَى(2/460)
الصَّلَاة وَعرفت أَن الْيَوْم يَوْم أكل وَشرب فتعجلت وأكلت وأطعمت أَهلِي وجيراني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ شَاة لحم قَالَ فَإِن عِنْدِي عنَاق جَذَعَة هِيَ خير من شاتي لحم فَهَل تجزىء عني قَالَ نعم وَلنْ تجزىء عَن أحد بعْدك
وَأخرج مُسلم عَن أم عَطِيَّة قَالَت لما نزلت هَذِه الْآيَة {يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} إِلَى {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَت كَانَ من النِّيَاحَة فَقلت يَا رَسُول الله إِلَّا آل فلَان فَإِنَّهُم كَانُوا أسعدوني فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَا بُد لي من أَن أسعدهم فَقَالَ إِلَّا آل فلَان
قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على الترخيص لأم عَطِيَّة فِي آل فلَان خَاصَّة وللشارع أَن يخص من الْعُمُوم مَا شَاءَ
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن سهلة امْرَأَة أبي حُذَيْفَة أَنَّهَا ذكرت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سالما مولى أبي حُذَيْفَة ودخوله عَلَيْهَا فَأمرهَا أَن ترْضِعه فأرضعته وَهُوَ رجل كَبِير بَعْدَمَا شهد بَدْرًا
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أم سَلمَة قَالَت أَبى سَائِر الْأزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يدْخل عَلَيْهِنَّ أحد بِهَذَا الرَّضَاع وقلن إِنَّمَا هَذَا رخصَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسالم خَاصَّة وَفِي لفظ لسهلة بن سُهَيْل خَاصَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن ربيعَة قَالَ كَانَت رخصَة لسالم
وَأخرج ابْن سعد عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت لما أُصِيب جَعْفَر بن أبي طَالب قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسلبي ثَلَاثًا ثمَّ اصنعي مَا شِئْت
وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ أَن الْعَبَّاس سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْجِيل صدقته قبل أَن تحل فَرخص لَهُ فِي ذَلِك(2/461)
وَأخرج ابْن سعد عَن الحكم بن عُيَيْنَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعجل من الْعَبَّاس صَدَقَة سنتَيْن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي النُّعْمَان الْأَسدي قَالَ زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إمرأة على سُورَة من الْقُرْآن وَقَالَ لَا يكون لأحد من بعْدك مهر // مُرْسل // وَفِيه من لَا يعرف
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن مَكْحُول قَالَ لَيْسَ هَذَا لأحد بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن عوَانَة عَن اللَّيْث بن سعد نَحوه
وَأخرج ابْن سعد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ كَانَت أم أَيمن إِذا دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت سَلام لَا عَلَيْكُم فَرخص لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَقول السَّلَام وَمن وَجه آخر أَنَّهَا كَانَت عسراء اللِّسَان
وَأخرج ابْن سعد عَن مُنْذر الثَّوْريّ قَالَ وَقع بَين عَليّ وَطَلْحَة كَلَام فَقَالَ لَهُ طَلْحَة لَا كجرأتك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سميت باسمه وكنيت بكنيته وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجمعهما أحد من أمته بعده فَدَعَا عَليّ بِنَفر من قُرَيْش فَقَالُوا نشْهد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَنه سيولد لَك بعدِي غُلَام فقد نحلته اسْمِي وكنيتي وَلَا تحل لأحد من أمتِي بعده
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق مُنْذر الثَّوْريّ قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الحنيفة قَالَ كَانَت رخصَة لعَلي قَالَ يَا رَسُول الله إِن ولد لي ولد بعْدك اسميه بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك قَالَ نعم(2/462)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ كَانَ يؤاخي بَين من شَاءَ وَيثبت بَينهم التَّوَارُث وَلَيْسَ ذَلِك لغيره
أخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن زيد فِي قَوْله تعاى {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ الَّذين عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأتوهم نصِيبهم إِذا لم يَأْتِ رحم يحول بَينهم قَالَ وَهُوَ لَا يكون الْيَوْم إِنَّمَا كَانَ نفر آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهم وَانْقطع ذَلِك وَلَا يكون هَذَا لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يؤاخي بَين أحد
بَاب
قَالَ أَصْحَابنَا من صلى فِي الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فمحراب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَقه كالكعبة لَا يجوز الْعُدُول عَنهُ بالإجتهاد بِحَال وَكَذَا سَائِر الْبِقَاع الَّتِي صلى فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجوز الإجتهاد فِي ذَلِك التَّيَامُن والتياسر بِخِلَاف سَائِر الْبِلَاد فَإِنَّهُ يجوز فِيهَا الِاجْتِهَاد فِي التَّيَامُن والتياسر وعَلى أصح الْأَوْجه
بَاب مَا شرف بِهِ أَوْلَاده وأزواجه وَآل بَيته وَأَصْحَابه وقبيلته من أَجله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ}(2/463)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ام سَلمَة قَالَت فِي بَيْتِي نزلت {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} فَأرْسل إِلَى عَليّ فَاطِمَة وابنيهما فَقَالَ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي
وَأخرج الْحَاكِم عَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا قَالَ نزل ملك من السَّمَاء فَاسْتَأْذن الله تَعَالَى أَن يسلم عَليّ فبشرني أَن فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من وَرَاء الْحجب يَا أهل الْجمع غضوا أبصاركم حَتَّى تمر فَاطِمَة فتمر وَعَلَيْهَا ربطتان خضروان
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لفاطمة إِن الله يغْضب لغضبك ويرضى لرضاك)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَرْيَم بنت عمرَان)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مَرضه لفاطمة (أَلا ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْعَالمين وسيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ وسيدة نسَاء هَذِه الْأمة)
وَأخرج ابْن سعد عَن الْبَراء قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ابْنه إِبْرَاهِيم وَقَالَ (إِن لَهُ ظِئْرًا يتم رضاعه فِي الْجنَّة وَهُوَ صديق)
وَأخرج ابْن سعد عَن الْبَراء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة يستتم بَقِيَّة رضاعه وَقَالَ أَنه صديق شَهِيد)
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عياس قَالَ لما مَاتَ إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى عَلَيْهِ وَقَالَ إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة وَلَو عَاشَ لَكَانَ صديقا نَبيا ولأعتقت أَخْوَاله القبط وَمَا اسْترق قبْطِي(2/464)
وَأخرج ابْن سعد عَن أنس قَالَ لَو عَاشَ إِبْرَاهِيم لَكَانَ صديقا نَبيا
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة إِلَّا ابْني خَاله) وَأخرج الْحَاكِم مثله عَن ابْن مَسْعُود
وَأخرج الْحَاكِم عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ إِن الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة)
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ أصطرع الْحسن وَالْحُسَيْن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هِيَ حسن فَقَالَت لَهُ فَاطِمَة يَا رَسُول الله تعين الْحسن كَأَنَّهُ أحب إِلَيْك من الْحُسَيْن قَالَ إِن جِبْرِيل يعين الْحُسَيْن وَإِنِّي أحب أَن أعين الْحسن) مُرْسل
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ على الْحسن وَالْحُسَيْن تعويذان فيهمَا زغب من زغب جنَاح جِبْرِيل)
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أفضل نسَاء أهل الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَمَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (حَسبك من نسَاء الْعَالمين أَربع مَرْيَم وآسية إمرأة فِرْعَوْن وَخَدِيجَة وَفَاطِمَة)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يَا بني عبد الْمطلب إِنِّي سَأَلت الله أَن يثبت قائلكم وَيهْدِي ضالكم وَأَن يعلم جاهلكم وَأَن يجعلكم جوداء نجداء رحماء فَلَو أَن رجلا صفن بَين الرُّكْن وَالْمقَام فصلى وَصَامَ ثمَّ لَقِي الله مبغضا لأهل بَيت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل النَّار(2/465)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يبغضنا أهل الْبَيْت أحد إِلَّا أدخلهُ الله النَّار)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم عَن أبي ذَر سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِلَّا إِن مثل أهل بَيْتِي فِيكُم مثل سفينة نوح من ركبهَا نجا وَمن تخلف عَنْهَا غرق)
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن أَرقم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِنِّي تَارِك فِيكُم الثقلَيْن كتاب الله وَأهل بَيْتِي)
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (النُّجُوم أَمَان لأهل الأَرْض من الْغَرق وَأهل بَيْتِي أَمَان لأمتي من الأختلاف فَإِذا خالفها قَبيلَة اخْتلفُوا فصاروا حزب إِبْلِيس) وَأخرجه أَبُو يعلى وَابْن أبي شيبَة من حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع
وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَعَدَني رَبِّي فِي أهل بَيت من أقرّ مِنْهُم بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ أَن لَا يعذبهم)
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (سيد الشُّهَدَاء حَمْزَة)
وَأخرج الْحَاكِم عَن عُرْوَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سيد فتيَان الْجنَّة أَبُو سُفْيَان ابْن الْحَارِث هُوَ ابْن عبد الْمطلب ابْن عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يقوم الرجل لِأَخِيهِ من مَجْلِسه إِلَّا بني هَاشم لَا يقومُونَ لأحد)
وأخرح ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يقومن من مَجْلِسه إِلَّا لِلْحسنِ أَو للحسين أَو ذريتهما)
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تسبوا أَصْحَابِي فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن احدكم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك فضل أحدهم وَلَا نصيفه)(2/466)
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو أَن لرجل مثل أحد ذَهَبا فأنفقه فِي سَبِيل الله وَفِي الأرامل وَالْمَسَاكِين والأيتام ليدرك فضل رجل من أَصْحَابِي سَاعَة من النَّهَار مَا أدْركهُ أبدا)
وَأخرج ابْن أبي عمر فِي مُسْنده عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مثل أَصْحَابِي فِي أمتِي مثل النُّجُوم يَهْتَدِي بهَا إِذا غَابَتْ تحيروا)
وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مثل أَصْحَابِي مثل النُّجُوم يَهْتَدِي بهَا فَأَيهمْ أَخَذْتُم بقوله أهتديتم)
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَزَّار عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مثل أَصْحَابِي مثل الْملح فِي الطَّعَام لَا يصلح الطَّعَام إِلَّا بِهِ)
وَأخرج ابْن منيع وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يكون لِأَصْحَابِي بعدِي زلَّة يغفرها الله بهم بسابقتهم معي يعْمل بهَا قوم من بعدِي يكبهم الله فِي النَّار على مناخرهم)
وَأخرج ابْن منيع عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (دعوا أصهاري وأصحابي فَإِنَّهُ من حفظني فيهم كَانَ مَعَه من الله حَافظ وَمن لم يحفظني فيهم تخلى الله مِنْهُ وَمن تخلى الله مِنْهُ يُوشك أَن يَأْخُذهُ)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من نَبِي إِلَّا لَهُ نَظِير فِي أمتِي فَأَبُو بكر نَظِير إِبْرَاهِيم وَعمر نَظِير مُوسَى وَعُثْمَان نَظِير هَارُون وَعلي نظيري وَمن سره أَن ينظر إِلَى عِيسَى ابْن مَرْيَم فَلْينْظر إِلَى أبي ذَر)
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من مَاتَ من أَصْحَابِي ببلدة فَهُوَ قائدهم وإمامهم ونورهم يَوْم الْقِيَامَة)
وَأخرج أَيْضا عَن عَليّ مَرْفُوعا لَا يَمُوت أحد من أَصْحَابِي بِبَلَد إِلَّا كَانَ لَهُم نورا وَبَعثه الله يَوْم الْقِيَامَة سيد أهل ذَلِك الْبَلَد)(2/467)
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَنه كَانَ يكبر على أهل بدر سِتا وعَلى أَصْحَاب مُحَمَّد خمْسا وعَلى سَائِر النَّاس أَرْبعا
أخرج الْحسن بن سُفْيَان من طَرِيق أبي الزَّاهِرِيَّة عَن الجليس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَعْطَيْت قُرَيْش مَا لم يُعْط النَّاس)
بَاب
وَمن خَصَائِصه أَن أَصْحَابه كلهم عدُول بِإِجْمَاع من يعْتد بِهِ فَلَا يبْحَث عَن عَدَالَة أحد مِنْهُم كَمَا يبْحَث عَن عَدَالَة الروَاة وَاسْتدلَّ لذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خير النَّاس قَرْني)
وَمن خَصَائِصه أَن الصُّحْبَة تثبت لمن اجْتمع بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَحْظَة بِخِلَاف التَّابِعِيّ مَعَ الصَّحَابِيّ فَلَا يثبت لَهُ اسْم التَّابِعِيّ إِلَّا بطول الإجتماع مَعَ الصَّحَابَة على الْأَصَح عِنْد أهل الْأُصُول وَالْفرق عَظِيم منصب النُّبُوَّة ونورها فبمجرد مَا يَقع بَصَره على الإعرابي الجلف ينْطق بالحكمة
وَمن خَصَائِصه أَن حَملَة حَدِيثه لَا تزَال وُجُوههم نَضرة
قَالَ بَعضهم لَيْسَ أحد من أهل الحَدِيث إِلَّا وَفِي وَجهه نَضرة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نضر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فوعاها فأداها إِلَى من لم يسْمعهَا) وَأَنَّهُمْ إختصوا بالتلقيب بالحفاظ وامراء الْمُؤمنِينَ
قَالَ الْخَطِيب الْحَافِظ لقب إختص بِهِ أهل الحَدِيث من بَين سَائِر الْعلمَاء
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ إرحم خلفائي قيل يَا رَسُول الله من خلفاؤك قَالَ الَّذين يأْتونَ من بعدِي يروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها النَّاس)(2/468)
ذكر مَا وَقع عِنْد وَفَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من المعجزات والخصائص
بَاب الْآيَة فِي نعيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (تَزْعُمُونَ أَنِّي من آخركم وَفَاة أَلا وَأَنِّي من أولكم وَفَاة وتتبعوني أفنادا يهْلك بَعْضكُم بَعْضًا)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف من كل شهر رَمَضَان عشرَة أَيَّام فَلَمَّا كَانَ الْعَام الَّذِي توفّي فِيهِ اعْتكف عشْرين يَوْمًا وَكَانَ جِبْرِيل يعرض عَلَيْهِ الْقرَان كل رَمَضَان فَلَمَّا كَانَ الْعَام الَّذِي توفّي فِيهِ عرض عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة عَن فَاطِمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسر إِلَيْهَا فَقَالَ أَن جِبْرِيل كَانَ يعارضني بِالْقُرْآنِ كل عَام مرّة وَأَنه عارضني بِهِ الْعَام مرَّتَيْنِ وَلَا أرى أَجلي إِلَّا قد حضر
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة فِي وَجَعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فسارها بِشَيْء فَبَكَتْ ثمَّ دَعَاهَا فسارها فَضَحكت فسألتها عَن ذَلِك فَقَالَت أَخْبرنِي أَنه يقبض فِي وَجَعه فَبَكَيْت ثمَّ أَخْبرنِي أَنِّي أول أَهله أتبعه فَضَحكت(2/469)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا فَاطِمَة فِي مَرضه فناجاها سَاعَة فَبَكَتْ ثمَّ ناجاها سَاعَة فَضَحكت فسألتها فَقَالَت أَخْبرنِي فِي الْمرة الأولى أَن جِبْرِيل كَانَ يُعَارضهُ بِالْقُرْآنِ فِي كل عَام مرّة وَأَنه عارضني بِالْقُرْآنِ الْعَام مرَّتَيْنِ وَأَخْبرنِي أَنه لم يكن نَبِي كَانَ بعده نَبِي إِلَّا عَاشَ بعده نصف عمر الَّذِي كَانَ قبله وَقَالَ لي يَا بنية إِنَّه لَيْسَ أحد من نسَاء الْمُسلمين أعظم رزية مِنْك فَلَا تَكُونِي من أدنى إمرأة صبرا وناجاني فِي الْمرة الآخيرة فَأَخْبرنِي أَنِّي أول أَهله لُحُوقا بِهِ وَقَالَ إِنَّك سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَا كَانَ من مَرْيَم بنت عمرَان فَضَحكت لذَلِك
وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة فَقَالَ إِنَّه قد نعيت إِلَيّ نَفسِي فَبَكَتْ فَقَالَ اصْبِرِي فَإنَّك أول أَهلِي لُحُوقا بِي فَضَحكت
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فَقَالَ هُوَ أجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر وَالله مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تَقول
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس يَوْمًا فَقَالَ (إِن عبدا خَيره الله بَين الدُّنْيَا وَبَين مَا عِنْد الله فَاخْتَارَ مَا عِنْد الله) فَبكى أَبُو بكر فعجبنا لبكائه أَن يخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل يُخَيّر فَكَانَ الْمُخَير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَبُو بكر أعلمنَا بِهِ فَقَالَ لَا تبك يَا أَبَا بكر إِن من أأمن النَّاس عَليّ فِي صحبته وَمَاله أَبُو بكر وَلَو كنت متخذا خَلِيلًا لأتخذته وَلَكِن أخوة الْإِسْلَام لَا يبْقى فِي الْمَسْجِد بَاب إِلَّا سد إِلَّا بَاب أبي بكر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي يعلى أَن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَقَالَ (أَن رجلا خَيره ربه بَين أَن يعِيش فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ أَن يعِيش فِيهَا وَبَين لِقَاء الله تَعَالَى فَاخْتَارَ لِقَاء ربه فَبكى أَبُو بكر وَقَالَ بل نفديك بِأَمْوَالِنَا وآنبائنا(2/470)
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَائِشَة بنت سعد عَن أم درة عَن أم سَلمَة قَالَت خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عاصبا رَأسه فَصَعدَ الْمِنْبَر فَقَالَ (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لقائم على الْحَوْض السَّاعَة ثمَّ قَالَ إِن عبدا من عباد الله خير بَين الدُّنْيَا وَبَين مَا عِنْد الله فَاخْتَارَ مَا عِنْد الله فَبكى أَبُو بكر وَقَالَ بل نفديك بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتنَا وأنفسنا وَأَمْوَالنَا) وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ صَدره إِلَى قَوْله السَّاعَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد والدارمي وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابي مويهبة مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أنبهني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل فَقَالَ يَا أَبَا مويهبة إِنِّي قد أمرت أَن أسْتَغْفر الله لأهل هَذَا البقيع فَخرجت مَعَه حَتَّى أتيت البقيع فَرفع يَدَيْهِ واستغفر لَهُم ثمَّ قَالَ لِيهن لكم مَا أَصْبَحْتُم فِيهِ مِمَّا أصبح النَّاس فِيهِ أَقبلت الْفِتَن كَقطع اللَّيْل المظلم يتبع آخرهَا أَولهَا الْآخِرَة شَرّ من الأولى يَا أَبَا مويهبة إِنِّي قد أَعْطَيْت مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا والخلد فِيهَا ثمَّ الْجنَّة فخيرت بَين ذَلِك وَبَين لِقَاء رَبِّي فاخترت لِقَاء رَبِّي ثمَّ انْصَرف فَلَمَّا أصبح ابْتَدَأَ وَجَعه الَّذِي قَبضه الله فِيهِ
وَأخرج ابْن سعد نَحوه من حَدِيث أبي رَافع مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت الخزائن وخيرت بَين أَن أبقى حَتَّى أرى مَا يفتح على أمتِي وَبَين التَّعْجِيل فاخترت التَّعْجِيل)
وَأخرج ابْن سعد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أتيت فِيمَا يرى النَّائِم بمفاتيح الدُّنْيَا ثمَّ ذهب بنبيكم إِلَى خير مَذْهَب وتركتم فِي الدُّنْيَا تَأْكُلُونَ الخبيص أحمره وأصفره وأبيضه)
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْمًا فصلى على أهل أحد صلَاته على الْمَيِّت ثمَّ انْصَرف إِلَى الْمِنْبَر فَقَالَ (إِنِّي فَرَطكُمْ وَأَنا شَهِيد(2/471)
عَلَيْكُم وَإِنِّي وَالله أنظر إِلَى حَوْضِي الْآن وَإِنِّي قد أَعْطَيْت مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض وَإِنِّي وَالله مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا بعدِي وَلَكِن أَخَاف عَلَيْكُم أَن تتنافسوا)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن رَاهَوَيْه عَن يحيى بن جعدة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يَا فَاطِمَة إِنَّه لم يبْعَث نَبِي إِلَّا عمر الَّذِي بعده نصف عمره وَأَن عِيسَى عمر أَرْبَعِينَ) قَالَ ابْن حجر فِي المطالب الْعَالِيَة مَعْنَاهُ عمر فِي النُّبُوَّة
وَأخرج ابْن سعد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يعِيش كل نَبِي نصف عمر الَّذِي قبله وَأَن عِيسَى مكث فِي قومه أَرْبَعِينَ عَاما)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن زيد بن أَرقم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا بعث الله نَبيا إِلَّا عَاشَ نصف مَا عَاشَ النَّبِي الَّذِي كَانَ قبله)
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مر بحجرتي ألْقى إِلَيّ الْكَلِمَة تقر بهَا عَيْني فَمر يَوْمًا وَلم يتَكَلَّم فعصبت رَأْسِي ونمت على فِرَاشِي فَمر فَقَالَ مَالك يَا عَائِشَة قلت أشتكي رَأْسِي قَالَ بل أَنا وارأساه أَنا الَّذِي أشتكي رَأْسِي وَذَلِكَ حِين أخبرهُ جِبْرِيل أَنه مَقْبُوض
وَأخرج الْبَزَّار عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن الأَرْض تنْزع إِلَى السَّمَاء بأشطان شَدَّاد فقصصت ذَلِك على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ذَاك وَفَاة ابْن أَخِيك
بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَوْم وَفَاته ومكانه
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِبلَال (أَلا لَا تغادر صِيَام الأثنين فَإِنِّي ولدت يَوْم الأثنين وأوحي إِلَيّ يَوْم الأثنين وَهَاجَرت يَوْم الأثنين وأموت يَوْم الأثنين)(2/472)
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ولد نَبِيكُم يَوْم الأثنين ونبيء يَوْم الأثنين وَخرج مُهَاجرا من مَكَّة يَوْم الأثنين وَدخل الْمَدِينَة يَوْم الأثنين وَفتح مَكَّة يَوْم الأثنين وَتُوفِّي يَوْم الأثنين
وَأخرج أَبُو نعيم عَن معقل بن يسَار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْمَدِينَة مُهَاجِرِي ومضجعي من الأَرْض)
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْمَدِينَة مُهَاجِرِي وَبهَا وفاتي وَمِنْهَا محشري) وَأخرج أَيْضا من مُرْسل عَطاء ابْن يسَار مثله
بَاب إِعْطَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ النُّبُوَّة فَضِيلَة الشَّهَادَة
أخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ لم أزل أجد ألم الطَّعَام الَّذِي أكلت بِخَيْبَر فَهَذَا أَوَان أنقطع أَبْهَري من ذَلِك السم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أم بشر قَالَت دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت بِأبي أَنْت مَا تتهم بِنَفْسِك فَأَنِّي لَا اتهمَ بِابْني إِلَّا الطَّعَام الَّذِي أكله مَعَك بِخَيْبَر فَقَالَ وَأَنا لَا أتهم غَيرهَا هَذَا أَوَان انْقِطَاع أَبْهَري
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت دخلت أم بشر بن الْبَراء على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَهُوَ مَحْمُوم فمسته فَقَالَت مَا وجدت مثل وعك عَلَيْك على أحد فَقَالَ كَمَا يُضَاعف لنا الْأجر كَذَلِك يُضَاعف علينا الْبلَاء مَا يَقُول النَّاس قلت يَزْعمُونَ أَن بك ذَات الْجنب قَالَ مَا كَانَ الله ليسلطها عَليّ إِنَّمَا هِيَ همزَة من الشَّيْطَان وَلكنه من الْأكلَة الَّتِي أكلت أَنا وأبنك يَوْم خَيْبَر مَا زَالَ(2/473)
يُصِيبنِي مِنْهَا عداء حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَان انْقِطَاع أَبْهَري فَمَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهِيدا
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لِأَن أَحْلف تسعا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل قَتِيلا أحب إِلَيّ من أَن أَحْلف وَاحِدَة أَنه لم يقتل وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى أتخذه نَبيا وأتخذه شَهِيدا
وَأخرج ابْن سعد عَن أم سَلمَة أَنهم قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا نَخَاف عَلَيْك ذَات الْجنب قَالَ مَا كَانَ الله ليسلطها عَليّ وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس مثله
وَأخرج أبن إِسْحَاق وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَنه قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا نتخوف أَن يكون بك ذَات الْجنب قَالَ إِنَّهَا من الشَّيْطَان وَمَا كَانَ الله ليسلطها عَليّ
بَاب مَا وَقع فِي مَرضه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الْفضل بن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (شدوا رَأْسِي لعَلي أخرج إِلَى الْمَسْجِد فشددت رَأسه بعصابة ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد يهادي بَين رجلَيْنِ حَتَّى قعد على الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ أما بعد أَيهَا النَّاس إِنَّه قد دنا مِنْكُم خفوقي من بَين أظْهركُم أَلا فَمن كنت جلدت لَهُ ظهرا فليستقد وَمن كنت أخذت لَهُ مَالا فَهَذَا مَالِي فليأخذ مِنْهُ وَمن كنت شتمت لَهُ عرضا فَهَذَا عرضي فليستقد وَلَا يَقُولَن قَائِل أَخَاف الشحناء من قبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهَا لَيست من شأني وَلَا من خلقي ثمَّ قَالَ أَلا من أحس من نَفسه شَيْئا فَليقمْ ادْع الله لَهُ فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لمنافق وَإِنِّي لبخيل وَإِنِّي لجبان وَإِنِّي لنؤوم وَإِنِّي لكذوب فَقَالَ اللَّهُمَّ ارزقه إِيمَانًا وصدقا واذهب عَنهُ النّوم وشح نَفسه وشجع جنبه قَالَ الْفضل فَلَقَد رَأَيْته بعد ذَلِك فِي الْغَزْو وَمَا مَعنا رجل أسخى مِنْهُ نفسا وَلَا أَشد بَأْسا وَلَا أقل نوما وَقَامَت امْرَأَة فأومأت بأصبعها إِلَى لسانها فَقَالَ انطلقي إِلَى بَيت عَائِشَة حَتَّى آتِيك ثمَّ أَتَاهَا فَوضع قَضِيبًا على رَأسهَا ثمَّ دَعَا لَهَا قَالَت عَائِشَة فَإِنِّي كنت لأعرف دَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا إِن كَانَت(2/474)
لتقول لي يَا عَائِشَة أحسني صَلَاتك وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت مَا رَأَيْت أحدا كَانَ أَشد عَلَيْهِ الوجع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت مَا رَأَيْت أحدا كَانَ اشد عَلَيْهِ الوجع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يوعك فمسسته فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّك لتوعك وعكا شَدِيدا افقال أجل إِنِّي أوعك كَمَا يوعك رجلَانِ مِنْكُم قلت إِن لَك الأجرين قَالَ نعم
وَأخرج ابْن سعد عَن ابي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ جِئْنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا عَلَيْهِ صالب من الْحمى مَا تكَاد تقر يَد أَحَدنَا عَلَيْهِ من شدَّة الْحمى فَجعلنَا نُسَبِّح فَقَالَ لَيْسَ أحد أَشد بلَاء من الْأَنْبِيَاء كَمَا يشْتَد علينا الْبلَاء كَذَلِك يُضَاعف لنا الْأجر إِن كَانَ النَّبِي من أَنْبيَاء الله يُسَلط عَلَيْهِ الْقمل حَتَّى يقْتله وَإِن كَانَ النَّبِي من أَنْبيَاء الله ليعري مَا يجد شَيْئا يواري عَوْرَته إِلَّا العباءة يدرعها
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمر بن الْخطاب قَالَ دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ موعوك فَوضعت يَدي فَوق ثَوْبه فَوجدت حرهَا من فَوق الثَّوْب فَقلت يَا نَبِي الله مَا رَأَيْت أحدا تَأْخُذهُ الْحمى أَشد من أَخذهَا إياك قَالَ (كَذَلِك يُضَاعف لنا الْأجر إِن أَشد النَّاس بلَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ الصالحون)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي مُوسَى قَالَ مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ مَرضه فَقَالَ (مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ قَالَت عَائِشَة إِنَّه رجل رَقِيق إِذا قَامَ مقامك لم يسْتَطع أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَعَادَت فَقَالَ مري أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِب يُوسُف فَأَتَاهُ الرَّسُول فصلى بِالنَّاسِ فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت لقد راجعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك وَمَا حَملَنِي على كَثْرَة مُرَاجعَته إِلَّا أَنه لم يَقع فِي قلبِي أَن يحب النَّاس بعده رجلا قَامَ مقَامه(2/475)
أبدا وَلَا كنت أرى أَنه يقوم أحد مقَامه إِلَّا تشاءم النَّاس بِهِ فَأَرَدْت أَن يعدل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي بكر
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مَرِيض لأبي بكر (صل بِالنَّاسِ) فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خفَّة فَخرج أَبُو بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَلم يشْعر حَتَّى وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده بَين كَتفيهِ فنكص أَبُو بكر وَجلسَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَمِينه فصلى أَبُو بكر وَصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ لم يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يؤمه رجل من أمته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ خلف أبي بكر قَاعِدا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ آخر صَلَاة صلاهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ الْقَوْم فِي ثوب وَاحِد ملتحفا بِهِ خلف أبي بكر قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذِه الصَّلَاة صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي توفّي فِيهِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس انه كَانَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ فَقَالَ مَالك يَا شَدَّاد فَقَالَ ضَاقَتْ بِي الدُّنْيَا فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْك إِلَّا أَن الشَّام ستفتح وَبَيت الْمُقَدّس سيفتح وَتَكون أَنْت وولدك من بعْدك أمد فيهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن سعد عَن عمر بن عَليّ قَالَ أول مَا بَدَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شكواه يَوْم الْأَرْبَعَاء فَكَانَ شكواه إِلَى أَن قبض ثَلَاثَة عشر يَوْمًا
بَاب مَا وَقع عِنْد إحتضاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْآيَات والخصائص
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ صَحِيح أَنه لم يقبض نَبِي حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة ثمَّ يُخَيّر قَالَت فَلَمَّا نزل برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأسه على فَخذي غشي عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق فأشخص بَصَره إِلَى سقف الْبَيْت وَقَالَ اللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى فَعرفت أَنه الحَدِيث الَّذِي حَدثنَا وَهُوَ صَحِيح(2/476)
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَنْهَا قَالَت كُنَّا نتحدث إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَمُوت حَتَّى يُخَيّر بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَمَّا كَانَ مرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي مَاتَ فِيهِ عرضت لَهُ بحة فَسَمعته يَقُول {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} فظننا أَنه خير
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت أُغمي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي حجري فَجعلت أَمسَح وَجهه وأدعو لَهُ بالشفاء فَقَالَ لَا بل أسأَل الله الرفيق الْأَعْلَى الأسعد مَعَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَأَبُو نعيم بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (مَا من نَبِي إِلَّا تقبض نَفسه ثمَّ يرى الثَّوَاب ثمَّ ترد إِلَيْهِ فيخبره فَكنت قد حفظت ذَلِك مِنْهُ فَإِنِّي لمسندته إِلَى صَدْرِي فَنَظَرت إِلَيْهِ حَتَّى مَالَتْ عُنُقه فَقلت قد قضى وَعرفت الَّذِي قَالَ فَنَظَرت إِلَيْهِ حَتَّى ارْتَفع وَنظر قلت إِذا وَالله لَا يختارنا فَقَالَ مَعَ الرفيق الْأَعْلَى فِي الْجنَّة
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِلَفْظ قبض بَين سحرِي وَنَحْرِي ضننت أَنه سيرد الله عَلَيْهِ روحه قَالَت وَكَذَلِكَ يفعل بالأنبياء فَتحَرك فَقلت إِن خيرت الْيَوْم فَلَنْ تختارنا
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْوَاقِدِيّ حَدثنِي الحكم بن الْقَاسِم عَن أبي الْحُوَيْرِث قَالَ ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يشتك شكوى إِلَّا سَأَلَ الله الْعَافِيَة حَتَّى كَانَ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَأَنَّهُ لم يكن يَدْعُو بالشفاء وَيَقُول (يَا نَفسِي مَالك تلوذين كل ملاذ) قَالَ وَأَتَاهُ جِبْرِيل فِي مَرضه وَقَالَ إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَيَقُول إِن شِئْت شفيتك وكفيتك وَإِن شِئْت توفيتك وغفرت لَك قَالَ ذَلِك إِلَى رَبِّي يصنع بِي مَا شَاءَ
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ عَن أَبِيه قَالَ لما كَانَ قبل وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث هَبَط إِلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله أَرْسلنِي(2/477)
إِلَيْك إِكْرَاما لَك وتفضيلا وخاصة لَك يَسْأَلك عَمَّا هُوَ أعلم بِهِ مِنْك يَقُول كَيفَ تجدك قَالَ أجدني يَا جِبْرِيل مغموما وأجدني يَا جِبْرِيل مكروبا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي هَبَط إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ لَهُ أجدني يَا جِبْرِيل مغموما وأجدني يَا جِبْرِيل مكروبا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث هَبَط إِلَيْهِ جِبْرِيل وَمَعَهُ ملك الْمَوْت ومعهما ملك يسكن الْهَوَاء لم يصعد إِلَى السَّمَاء قطّ وَلم يهْبط إِلَى الأَرْض قطّ يُقَال لَهُ إِسْمَاعِيل على سبعين ألف ملك كل ملك مِنْهُم على سبعين ألف ملك فسبقهم جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله أَرْسلنِي إِلَيْك إِكْرَاما لَك وتفضيلا لَك وخاصة يَسْأَلك عَمَّا هُوَ أعلم بِهِ مِنْك يَقُول كَيفَ تجدك قَالَ أجدني يَا جِبْرِيل مغموما وأجدني يَا جِبْرِيل مكروبا ثمَّ اسْتَأْذن ملك الْمَوْت على الْبَاب فَقَالَ جِبْرِيل هَذَا ملك الْمَوْت يسْتَأْذن عَلَيْك وَلم يسْتَأْذن على آدَمِيّ قبلك وَلَا يسْتَأْذن على آدَمِيّ بعْدك قَالَ إئذن لَهُ فَدخل فَوقف بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الله أَرْسلنِي وَأَمرَنِي أَن أطيعك فِيمَا أَمرتنِي إِن أَمرتنِي أَن اقبض نَفسك قبضتها وَإِن أَمرتنِي أَن أتركها تركتهَا قَالَ وَتفعل ذَلِك يَا ملك الْمَوْت قَالَ نعم بذلك أمرت فَقَالَ جِبْرِيل إِن الله قد اشتاق إِلَى لقائك قَالَ يَا ملك الْمَوْت إمض لما أمرت بِهِ فَقَالَ جِبْرِيل السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله هَذَا آخر موطئي الأَرْض فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُم آتٍ يسمعُونَ حسه وَلَا يرَوْنَ شخصه فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته إِن فِي الله خلفا من كل هَالك وعزاء من كل مُصِيبَة ودركا من كل فَائت فبالله فثقوا وإياه فأرجو فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب
قَالَ الْبَيْهَقِيّ قَوْله إِن الله قد اشتاق إِلَى لقائك مَعْنَاهُ قد أَرَادَ لقاءك بِأَن يردك من دنياك إِلَى معادك زِيَادَة فِي قربتك وكرامتك هَذَا إِسْنَاد معضل وَقد أخرجه ابْن سعد وَالشَّافِعِيّ فِي سنَنه وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَليّ بن الْحُسَيْن وَهُوَ // مُرْسل // أَيْضا وَأخرجه الْعَدنِي فِي مُسْنده حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن أَبِيه عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أَبِيه عَن(2/478)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا شكوا فِي موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَعضهم قد مَاتَ وَقَالَ بَعضهم لم يمت فَوضعت أَسمَاء بنت عُمَيْس عَليّ بن أبي طَالب بِهِ مَوْصُولا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه وراسه فِي حجر عَليّ فَاسْتَأْذن فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ لَهُ عَليّ ارْجع فَإنَّا مشاغيل عَنْك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَدْرِي من هَذَا يَا أَبَا حسن هَذَا ملك الْمَوْت أَدخل راشدا فَلَمَّا دخل قَالَ إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام فبلغني أَن ملك الْمَوْت لم يسلم على أهل بَيت قبله وَلَا يسلم بعده
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت لما حضرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَفَاة جعل يمد يَده وَيَقُول يَا جِبْرِيل أَيْن أَنْت وَهُوَ يقبضهَا ويبسطها فَلَقَد سَمِعت مَا لم تسمع أذن من جِبْرِيل وَهُوَ يَقُول لبيْك لبيْك
وَأخرج ابْن سعد عَن جَابر بن عبد الله أَن كَعْب الْأَحْبَار قدم زمن عمر فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كَانَ آخر مَا تكلم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سل عليا فَسَأَلَهُ فَقَالَ الصَّلَاة الصَّلَاة فَقَالَ كَعْب كَذَلِك آخر عهد الْأَنْبِيَاء
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ كَانَ آخر وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين حَضَره الْمَوْت الصَّلَاة الصَّلَاة وَمَا ملكت إيمَانكُمْ وَمَا زَالَ يُغَرْغر بهَا فِي صَدره وَمَا يفِيض بهَا لِسَانه
بَاب مَا وَقع عِنْد خُرُوج روحه الشَّرِيفَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة قَالَت قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين سحرِي وَنَحْرِي فَلَمَّا خرجت نَفسه لم أجد ريحًا قطّ أطيب مِنْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة أَن أَبَا بكر قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَوته وَقَالَ مَا أطيبك حَيا وَمَا أطيبك مَيتا وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب مثله(2/479)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت وضعت يَدي على صدر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم مَاتَ فَمر بِي جمع آكل واتوضأ مَا يذهب ريح الْمسك من يَدي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا شكوا فِي موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَعضهم قد مَاتَ وَقَالَ بَعضهم لم يمت فَوضعت أَسمَاء بنت عُمَيْس يَدهَا بَين كَتِفي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت قد توفّي قد رفع الْخَاتم من بَين كَتفيهِ فَكَانَ هَذَا هُوَ الَّذِي عرف بِهِ مَوته وَأخرجه ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ حَدثنِي الْقَاسِم ابْن إِسْحَاق عَن أمه عَن أَبِيه الْقَاسِم بن محمدى بن أبي بكر عَن أم مُعَاوِيَة أَنه لما شكّ فَذكره
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَليّ قَالَ لما قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صعد ملك الْمَوْت باكيا إِلَى السَّمَاء وَالَّذِي بَعثه بِالْحَقِّ لقد سَمِعت صَوتا من السَّمَاء يُنَادي وامحمداه
بَاب الْآيَة فِي إِخْبَار أهل الْكتاب بوفاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج البُخَارِيّ عَن جرير قَالَ كنت بِالْيمن فَلَقِيت رجلَيْنِ من أهل الْيمن ذَا كلاع وَذَا عَمْرو فَجعلت أحدثهم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا إِن كَانَ مَا تَقول حَقًا فقد مضى صَاحبك على أَجله مُنْذُ ثَلَاث فَأَقْبَلت وأقبلا مني حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَعْض الطَّرِيق رفع لنا ركب من قبل الْمَدِينَة فسألناهم فَقَالُوا قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن جرير قَالَ لَقِيَنِي حبر بِالْيمن فَقَالَ إِن كَانَ صَاحبكُم نَبيا فقد مَاتَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب بن عدي قَالَ أَقبلت فِي وَفد من أهل الْحيرَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعرض علينا الْإِسْلَام فأسلمنا ثمَّ انصرفنا إِلَى الْحيرَة فَلم نَلْبَث أَن جاءتنا وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَارْتَد أَصْحَابِي وَقَالُوا لَو كَانَ نَبيا لم يمت فَقلت قد مَاتَ الْأَنْبِيَاء قبله وَثَبت على على إسلامي ثمَّ خرجت أُرِيد الْمَدِينَة فمررت براهب فَأَخْبَرته فَأخْرج سفرا فصفح فِيهِ فَإِذا بِصفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا رَأَيْته وَإِذا بِمَوْتِهِ فِي الْحِين الَّذِي مَاتَ فِيهِ فاشتدت بصيرتي فِي إيماني وقدمت على أبي بكر فأعلمته(2/480)
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا كَانَ عَمْرو بن الْعَاصِ عَاملا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عمان فَجَاءَهُ يَهُودِيّ فَقَالَ أَرَأَيْت إِن سَأَلتك عَن شَيْء أيخشى عَليّ مِنْك قَالَ لَا قَالَ الْيَهُودِيّ أنْشدك بِاللَّه من أرسلك إِلَيْنَا فَقَالَ اللَّهُمَّ رَسُول الله فَقَالَ الْيَهُودِيّ الله إِنَّك لتعلم أَنه رَسُول الله قَالَ لَهُ عَمْرو اللَّهُمَّ نعم فَقَالَ لَهُ اليهوديلئن كَانَ مَا تَقول حَقًا لقد مَاتَ الْيَوْم ثمَّ بلغ عمر وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحَارِث بن عبد الله الْجُهَنِيّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن وَلَو أَظن أَنه يَمُوت لم أفارقه فَأَتَانِي الحبر فَقَالَ إِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ فَقلت لَهُ مَتى قَالَ الْيَوْم فَلَو أَن عِنْدِي سِلَاحا لقاتلته فَلم أمكث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى أَتَى كتاب من أبي بكر بذلك فدعوت الحبر فَقلت من أَيْن تعلم ذَلِك فَقَالَ أَنه نَبِي نجده فِي الْكتاب إِنَّه يَمُوت يَوْم كَذَا وَكَذَا قلت وَكَيف نَكُون بعده فَقَالَ تستدير رحالكُمْ إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ سنة مَا زَاد يَوْمًا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ خرجت أُرِيد الْإِسْلَام فَلَقِيت ذَا قربات الْحِمْيَرِي فَقَالَ لي أَيْن تقصد فَأَخْبَرته فَقَالَ لي لَئِن كَانَ نَبيا إِنَّه الْآن لتَحْت التُّرَاب فَخرجت فَإِذا أَنا بِرَاكِب فَقَالَ مَاتَ مُحَمَّد
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي ذُؤَيْب الْهُذلِيّ قَالَ بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليل فأوجس أهل الْحَيّ خيفة وَبت بليلة طَوِيلَة حَتَّى إِذا كَانَ قرب السحر نمت فَهَتَفَ هَاتِف وَهُوَ يَقُول
(خطب أجل أَنَاخَ بِالْإِسْلَامِ ... بَين النخيل ومعقد الْآطَام)
(قبض النَّبِي مُحَمَّد فعيوننا ... تذري الدُّمُوع عَلَيْهِ بالتسجام)
فَوَثَبت من نومي فَزعًا فَنَظَرت إِلَى السَّمَاء فَلم أر إِلَّا سعد الذَّابِح فَعلمت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض أوهو ميت فَقدمت الْمَدِينَة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إِذا أهلوا بِالْإِحْرَامِ فَقلت مَه فَقيل قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/481)
بَاب مَا وَقع فِي غسله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْآيَات
أخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وصححاه وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة قَالَت لما أَرَادوا غسل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا وَالله مَا نَدْرِي أنجرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ثِيَابه كَمَا نجرد مَوتَانا أم نغسله وَعَلِيهِ ثِيَابه فَلَمَّا اخْتلفُوا ألْقى الله تَعَالَى عَلَيْهِم النّوم حَتَّى مَا مِنْهُم رجل إِلَّا وذقنه فِي صَدره ثمَّ كَلمهمْ مُكَلم من نَاحيَة الْبَيْت لَا يَدْرُونَ من هُوَ أَن اغسلوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ ثِيَابه
وَأخرج ابْن ماجة وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ لما أخذُوا فِي بِغسْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناداهم مُنَاد من الدَّاخِل لَا تنزعوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَمِيصه
وَأخرج ابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتلف الَّذين يغسلونه فَسَمِعُوا قَائِلا يَقُول لَا يَدْرُونَ من هُوَ أغسلوا نَبِيكُم وَعَلِيهِ قَمِيصه وَأخرج ابْن سعد مثله من مُرْسل الشّعبِيّ وغيلان ابْن جرير وَالْحكم بن عتيبة وَمَنْصُور وَغَيرهم
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ غسل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يَقُول وَهُوَ يغسلهُ بِأبي وَأمي طبت حَيا وَمَيتًا
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن سعد من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن عَليّ قَالَ غسلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَهَبت أنظر مَا يكون من الْمَيِّت فَلم أر شَيْئا وَكَانَ طيبا حَيا وَمَيتًا
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ غسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم ير مِنْهُ شَيْئا مِمَّا يرَاهُ من الْمَيِّت فَقَالَ بِأبي أَنْت وَأمي مَا أطيبك حَيا وَمَيتًا
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يزِيد بن بِلَال عَن عَليّ قَالَ أوصى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا يغسلهُ أحد غَيْرِي فَإِنَّهُ لَا يرى أحد عورتي إِلَّا طمست عَيناهُ قَالَ عَليّ فَمَا تناولت عضوا إِلَّا كَانَ يقلبه معي ثَلَاثُونَ رجلا حَتَّى فرغت من غسله(2/482)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي معشر عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ قَالَ عَليّ مَا كُنَّا نُرِيد أَن نرفع عضوا لنغسله إِلَّا رفع لنا حَتَّى انتهينا إِلَى عَوْرَته فَسمِعت من جَانب الْبَيْت صَوتا لَا تكشفوا عَن عَورَة نَبِيكُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن علْبَاء بن أَحْمَر قَالَ كَانَ عَليّ وَالْفضل يغسلان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنُوديَ عَليّ ارْفَعْ طرفك إِلَى السَّمَاء
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الله بن الْحَارِث أَن عليا غسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يَقُول بِأبي أَنْت طبت حَيا وطبت مَيتا قَالَ وسطعت ريح طيبَة فَلم يَجدوا مثلهَا قطّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس مثله
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الْوَاحِد بن أبي عون قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي إغسلني إِذا مت فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا غسلت مَيتا قطّ قَالَ إِنَّك ستهيأ أَو تيَسّر قَالَ عَليّ فغسلته فَمَا آخذ عضوا إِلَّا تَبِعنِي وَالْفضل آخذ بحضنه يَقُول أعجل يَا عَليّ إنقطع ظَهْري
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إفرادا بِغَيْر إِمَام بِغَيْر دُعَاء الْجِنَازَة الْمَعْرُوف وَمَا وَقع فِيهَا من الْآيَات
أخرج ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدخل الرِّجَال فصلوا عَلَيْهِ بِغَيْر إِمَام إرْسَالًا حَتَّى فرغوا ثمَّ أَدخل النِّسَاء فصلين عَلَيْهِ ثمَّ أَدخل الصّبيان فصلوا عَلَيْهِ ثمَّ أَدخل العبيد فصلوا عَلَيْهِ إرْسَالًا لم يؤمهم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ لما أدرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَكْفَانه وضع على سَرِيره ثمَّ وضع على شَفير حفرته ثمَّ كَانَ النَّاس يدْخلُونَ عَلَيْهِ رفقا رفقا لَا يؤمهم أحد(2/483)
وَأخرج ابْن سعد وَابْن منيع وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما ثقل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَا من يغسلك يَا رَسُول الله قَالَ رجال من أهل بَيْتِي الْأَدْنَى فالأدنى مَعَ مَلَائِكَة كَثِيرَة يرونكم من حَيْثُ لَا ترونهم قُلْنَا من يُصَلِّي عَلَيْك قَالَ إِذا غسلتموني وحنطتموني وكفنتموني فضعوني على سَرِيرِي هَذَا على شَفير قَبْرِي ثمَّ اخْرُجُوا عني سَاعَة فَإِن أول من يُصَلِّي عَليّ جِبْرِيل ثمَّ مِيكَائِيل ثمَّ إسْرَافيل ثمَّ ملك الْمَوْت مَعَ جنود من الْمَلَائِكَة ثمَّ ليصل عَليّ أهل بَيْتِي ثمَّ ادخُلُوا عَليّ أَفْوَاجًا وفرادي قُلْنَا فَمن يدْخلك قبرك قَالَ أَهلِي مَعَ مَلَائِكَة كثيرين يرونكم من حَيْثُ لَا ترونهم قَالَ الْبَيْهَقِيّ تفرد بِهِ سَلام طَوِيل عَن عبد الْملك بن عبد الرَّحْمَن وَتعقبه ابْن حجر فِي المطالب الْعَالِيَة بِأَن ابْن منيع أخرجه من طَرِيق مسلمة بن صَالح عَن عبد الْملك بِهِ فَهَذِهِ مُتَابعَة لسلام الطَّوِيل وَأخرجه الْبَزَّار من وَجه آخر عَن ابْن مَسْعُود
وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما وضع على سَرِيره قَالَ عَليّ لَا يقوم عَلَيْهِ أحد هُوَ أمامكم حَيا وَمَيتًا فَكَانَ يدْخل النَّاس رسلًا رسلًا فيصلون عَلَيْهِ صفا صفا لَيْسَ لَهُم إِمَام يكبرُونَ وَيَقُولُونَ السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته اللَّهُمَّ إِنَّا نشْهد أَن قد بلغ مَا أنزل إِلَيْهِ ونصح لأمته وجاهد فِي سَبِيل الله حَتَّى أعز الله دينه ونصح لأمته وجاهد فِي سَبِيل الله وتمت كَلمته اللَّهُمَّ فاجعلنا مِمَّن يتبع مَا أنزل إِلَيْهِ وثبتنا بعده واجمع بَيْننَا وَبَينه فَيَقُول النَّاس آمين آمين حَتَّى صلى عَلَيْهِ الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء ثمَّ الصّبيان وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي مثله
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي حَازِم الْمدنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَبضه الله دخل الْمُهَاجِرُونَ فوجا فوجا يصلونَ عَلَيْهِ وَيخرجُونَ ثمَّ دخلت الْأَنْصَار على مثل ذَلِك ثمَّ اهل الْمَدِينَة حَتَّى إِذا فرغ الرِّجَال دخلت النِّسَاء فَكَانَ مِنْهُنَّ صَوت وجزع كبعض مَا يكون مِنْهُنَّ فسمعن هدة فِي الْبَيْت ففرقن فسكتن فَإِذا قَائِل يَقُول فِي الله عزاء من كل هَالك وَعوض من كل مُصِيبَة وَخلف من كل مَا فَاتَ وَالْمَجْبُور من جبره الثَّوَاب والمصاب من لم يجْبرهُ الثَّوَاب(2/484)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَأْخِير دَفنه أَيَّامًا وبدفنه فِي بَيته حَيْثُ قبض وبفرش قَبره وَمَا وَقع فِي دَفنه من الْآيَات
أخرج أَبُو نعيم عَن عَليّ قَالَ توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن لَيْلَة الْجُمُعَة
وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ فَجَلَسَ بَقِيَّة يَوْمه وَلَيْلَته وَمن الْغَد حَتَّى دفن من اللَّيْل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَوْضُوعا على سَرِيره من حِين زاغت الشَّمْس فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ إِلَى أَن غَابَتْ الشَّمْس يَوْم الثُّلَاثَاء يُصَلِّي النَّاس عَلَيْهِ وسريره على شَفير قَبره
وَأخرج ابْن سعد عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ فَمَكثَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء حَتَّى دفن يَوْم الْأَرْبَعَاء
وَأخرج مثله عَن عُثْمَان بن مُحَمَّد الْأَخْنَس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ مثله عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه
وَأخرج عَن إِبْرَاهِيم بن سعد أَنه سَأَلَ كم ترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الأَرْض قَالَ ثَلَاثًا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَكْحُول قَالَ لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكث ثَلَاثَة أَيَّام لَا يدْفن يدْخل عَلَيْهِ النَّاس ارسالا ارسالا يصلونَ عَلَيْهِ لَا يصفونَ وَلَا يُصَلِّي بَين أَيْديهم مصل
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اخْتلف الْمُسلمُونَ فِي دفن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قَائِل ادفنوه فِي مَسْجده وَقَالَ قَائِل بِالبَقِيعِ فَقَالَ أَبُو بكر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا مَاتَ نَبِي إِلَّا دفن حَيْثُ يقبض فَرفع الْفراش الَّذِي توفّي عَلَيْهِ حفر لَهُ تَحْتَهُ لَهُ طرق عدَّة مَوْصُولَة ومرسلة
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي مليكَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا توفّي الله نَبيا قطّ إِلَّا دفن حَيْثُ تقبض روحه)(2/485)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سَالم بن عبيد وَكَانَ من أَصْحَاب الصّفة قَالَ دخل أَبُو بكر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين مَاتَ ثمَّ خرج فَقيل لَهُ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم فَعَلمُوا أَنه كَمَا قَالَ قيل وَكَيف نصلي عَلَيْهِ قَالَ تجيئون عصبا عصبا فتصلون فَعَلمُوا أَنه كَمَا قَالَ قَالُوا هَل يدْفن قَالَ نعم قَالُوا أَيْن قَالَ حَيْثُ قبض الله روحه فَإِنَّهُ لم يقبض روحه إِلَّا فِي مَكَان طيب فَعَلمُوا أَنه كَمَا قَالَ
وَأخرج أَبُو يعلى عَن عَائِشَة قَالَت اخْتلفُوا فِي دَفنه فَقَالَ عَليّ إِن أحب الْبِقَاع إِلَى الله مَكَان قبض فِيهِ نبيه
وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما أَرَادوا أَن يحفروا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجلَانِ أَبُو عُبَيْدَة يضرح وَأَبُو طَلْحَة يلْحد فَدَعَا الْعَبَّاس رجلَيْنِ فَأرْسل أَحدهمَا إِلَى أبي عُبَيْدَة وَالْآخر إِلَى أبي طَلْحَة قَالَ اللَّهُمَّ عَن أبي طَلْحَة خر لِرَسُولِك فَوجدَ أَبُو طَلْحَة فجَاء فألحد لَهُ
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ اخْتلفُوا فِي الشق واللحد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا اللَّهُمَّ خر لنبيك ابْعَثُوا إِلَى أبي عُبَيْدَة وَإِلَى أبي طَلْحَة فَأَيّهمَا جَاءَ قبل الآخر فليعمل عمله فجَاء أَبُو طَلْحَة فَقَالَ وَالله إِنِّي لأرجو أَن يكون الله تَعَالَى قد خار لنَبيه أَنه كَانَ يرى اللَّحْد فيعجبه
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت رَأَيْت كَأَن ثَلَاثَة أقمار سَقَطت فِي حُجْرَتي فَسَأَلت أَبَا بكر فَقَالَ يدْفن فِي بَيْتك ثَلَاثَة خير أهل الأَرْض فَلَمَّا قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدفن قَالَ يَا عَائِشَة هَذَا خير أقمارك
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جعل فِي قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطيفة حَمْرَاء قَالَ وَكِيع هَذَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة والْحَدِيث أخرجه مُسلم بِدُونِ قَول وَكِيع
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (افرشوا لي قطيفتي فِي لحدي فَإِن الأَرْض لم تسلط على أجساد الْأَنْبِيَاء)(2/486)
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن سعيد قَالَ مَا عدا أَن وارينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التُّرَاب فأنكرنا قُلُوبنَا
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ لما كَانَ الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظلم من الْمَدِينَة كل شَيْء وَمَا نفضنا عَنهُ الْأَيْدِي من دَفنه حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبنَا
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ شهِدت الْيَوْم الَّذِي توفّي فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أر يَوْمًا كَانَ أقبح مِنْهُ
بَاب الْآيَة فِي التَّعْزِيَة بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عزتهم الْمَلَائِكَة يسمعُونَ الْحس وَلَا يرَوْنَ الشَّخْص فَقَالَت السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته إِن فِي الله عزاء عَن كل مُصِيبَة وخلفا من كل فَائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فَإِنَّمَا المحروم من حرم الثَّوَاب وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ لما قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدق بِهِ أَصْحَابه فبكوا حوله واجتمعوا فَدخل رجل أصهب اللِّحْيَة جسيم صبيح فتخطى رقابهم وَبكى ثمَّ الْتفت إِلَيْهِم فَقَالَ إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة وعوضا من كل فَائت وخلفا من كل هَالك فَإلَى الله فأنيبوا وَإِلَيْهِ فارغبوا فَإِنَّمَا الْمُصَاب من لم يجْبر بالثواب وَانْصَرف فَقَالَ بَعضهم لبَعض تعرفُون الرجل فَقَالَ أَبُو بكر هَذَا الْخضر أَخُو نَبينَا جَاءَ يعزينا عَلَيْهِ
وَأخرج أبن أبي حَاتِم وابو نعيم عَن عَليّ قَالَ لما قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت التَّعْزِيَة جَاءَ آتٍ يسمعة ن حسه وَلَا يرَوْنَ شخصه فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فِي الله تَعَالَى عزاء من كل مُصِيبَة وَخلف من كل هَالك(2/487)
ودرك من كل مَا فَاتَ فبالله فثقوا وإياه فارجوا فَأن المحروم من حرم الثَّوَاب فَقَالَ عَليّ تَدْرُونَ من هَذَا هَذَا الْخضر
وَأخرج سيف بن عمر فِي كتاب الرِّدَّة عَن ابْن عمر قَالَ لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عج أهل الْبَيْت عجيجا سَمعه أهل الْمصلى فَلَمَّا سكن مَا بهم سمعُوا تَسْلِيم رجل على الْبَاب صيت يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْبَيْت {كل نفس ذائقة الْمَوْت} وَإِنَّمَا توفون أجوركم يَوْم الْقِيَامَة أَلا وَأَن فِي الله خلفا من كل أحد وَنَجَاة من كل مَخَافَة وَالله فارجوا وَبِه فثقوا فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب فَاسْتَمعُوا لَهُ وَقَطعُوا الْبكاء ثمَّ اطلعوا فَلم يرَوا أحدا فعادوا لبكائهم فناداهم مُنَاد آخر يَا أهل الْبَيْت اذْكروا الله واحمدوه على كل حَال تَكُونُوا من المخلصين إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة وعوضا من كل هلكة فبالله فثقوا وَبِه فاكتفوا فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب فَقَالَ أَبُو بكر هَذَا الْخضر وإلياس حضرا وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن سهل بن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سيعزي النَّاس بَعضهم بَعْضًا من بعدِي التَّعْزِيَة بِي) فَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ مَا هَذَا فَلَمَّا قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقى النَّاس بَعضهم بَعْضًا يعزي بَعضهم بَعْضًا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الصَّلَاة على قَبره
أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي مَرضه الَّذِي لم يقم مِنْهُ (لعن الله الْيَهُود وَالنَّصَارَى اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد) قَالَت وَلَوْلَا ذَلِك لأبرز قَبره غير أَنه يخْشَى أَن يتَّخذ مَسْجِدا(2/488)
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَدَمِ بلَاء جسده
أخرج ابْن ماجة وَأَبُو نعيم عَن أَوْس بن أَوْس الثَّقَفِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة فاكثروا عَليّ الصَّلَاة فِيهِ فَإِن صَلَاتكُمْ تعرض عَليّ قَالُوا يَا رَسُول الله وَكَيف تعرض عَلَيْك صَلَاتنَا وَأَنت قد أرمت يَعْنِي بليت فَقَالَ إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء)
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من كَلمه روح الْقُدس لم يُؤذن للْأَرْض أَن تَأْكُل من لَحْمه)
وَأخرج الزبير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ إِن لُحُوم الْأَنْبِيَاء لَا تبليها الأَرْض وَلَا تأكلها السبَاع
بَاب حَيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَبره وَصلَاته فِيهِ وتوكيل ملك بقبره يبلغهُ السَّلَام عَلَيْهِ ورده على من سلم عَلَيْهِ
أخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ عِنْد قَبْرِي سمعته وَمن صلى عَليّ نَائِيا بلغته)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه والأصبهاني عَن عمار سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن لله تَعَالَى ملكا أعطَاهُ أسماع الْخَلَائق قَائِم على قَبْرِي فَمَا من أحد يُصَلِّي عَليّ صَلَاة إِلَّا أبلغنيها
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَالْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن لله مَلَائِكَة سياحين فِي الأَرْض يبلغوني عَن أمتِي السَّلَام) وَأخرج ابْن عدي من حَدِيث ابْن عَبَّاس مثله(2/489)
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل فِي فضل الصَّلَاة عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا عَليّ وسلموا حَيْثُمَا كُنْتُم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم)
وَأخرج أَيْضا عَن أَيُّوب قَالَ بَلغنِي أَن ملكا مُوكل بِكُل من صلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يبلغهُ النبيي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ فِي يَوْم جُمُعَة وَلَيْلَة جُمُعَة مائَة مرّة من الصَّلَاة قضى الله لَهُ مائَة حَاجَة سبعين من حوائج الْآخِرَة وَثَلَاثِينَ من حوائج الدُّنْيَا ووكل الله بذلك ملكا يدْخلهُ على قَبْرِي كَمَا تدخل عَلَيْكُم الْهَدَايَا إِن علمي بعد موتِي كعلمي فِي الْحَيَاة)
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لينزلن عِيسَى ابْن مَرْيَم ثمَّ لَئِن قَامَ على قَبْرِي فَقَالَ يَا مُحَمَّد لأجيبنه)
وَأخرج ابْن رَاهْوَيْةِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَيْسَ أحد من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي أَو يسلم عَليّ إِلَّا بلغه يُصَلِّي عَلَيْك فلَان وَيسلم عَلَيْك فلَان
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا من أحد يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي حَتَّى أرد عَلَيْهِ السَّلَام)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ لقد رَأَيْتنِي ليَالِي الْحرَّة وَمَا فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيْرِي وَمَا يَأْتِي وَقت الصَّلَاة إِلَّا سَمِعت الآذان من الْقَبْر
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ لم أزل أسمع الآذان وَالْإِقَامَة فِي قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام الْحرَّة حَتَّى عَاد النَّاس
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْأَنْبِيَاء أَحيَاء فِي قُبُورهم يصلونَ)(2/490)
بَاب
أخرج الْحَارِث فِي مُسْنده وَابْن سعد وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (حَياتِي خير لكم وموتي خير لكم تعرض عَليّ أَعمالكُم فَمَا كَانَ من حسن حمدت الله عَلَيْهِ وَمَا كَانَ من سيء استغفرت الله لكم) وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح من حَدِيث ابْن مَسْعُود مثله
بَاب
أخرج ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن شبْل بن الْعَلَاء عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لفاطمة قولي إِذا مت إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَأن لكل إِنْسَان بهَا من كل مُصِيبَة معوضة قَالَت ومنك يَا رَسُول الله قَالَ ومني
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء ابْن أبي رَبَاح قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا أُصِيب أحدكُم بمصيبة فليذكر مصيبته بِي فَأَنَّهَا أعظم المصائب)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت كشف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّتْر فَنظر إِلَى النَّاس يصلونَ خلف أبي بكر فسر بذلك وَقَالَ الْحَمد لله إِنَّه لم يمت نَبِي حَتَّى يؤمه رجل من أمته ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ أَيهَا النَّاس من أُصِيب مِنْكُم بمصيبة من بعدِي فليعتز بمصيبته بِي عَن مصيبته الَّتِي تصيبه فَإِنَّهُ لن يصاب أحد مِنْكُم من أمتِي من بعدِي بِمثل مُصِيبَة بِي ط
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا ذكرت وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا لَهَا من مُصِيبَة مَا أصبْنَا بعْدهَا من مُصِيبَة إِلَّا هَانَتْ إِذْ ذكرنَا مُصِيبَتنَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن عَائِشَة قَالَت لما مرض أبي أوصى أَن يُؤْتى بِهِ إِلَى قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويستأذن لَهُ وَيُقَال هَذَا أَبُو بكر يدْفن عنْدك يَا رَسُول الله(2/491)
فَإِن أذن لَكِن فادفنوني وَإِن لم يُؤذن لكم فاذهبوا بِي إِلَى البقيع فَآتي بِهِ إِلَى الْبَاب فَقيل هَذَا أَبُو بكر قد اشْتهى أَن يدْفن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أوصانا فَإِن آذن لنا دَخَلنَا وَإِن لم يُؤذن لنا انصرفنا فنودينا أَن أدخلُوا وكرامة وَسَمعنَا كلَاما وَلم نر أحدا قَالَ الْخَطِيب غَرِيب جدا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ لما حضرت أَبَا بكر الْوَفَاة أقعدني عِنْد رَأسه وَقَالَ لي يَا عَليّ إِذا أَنا مت فغسلني بالكف الَّذِي غسلت بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحنطوني واذهبوا بِي إِلَى الْبَيْت الَّذِي فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَأْذنُوا فَإِن رَأَيْتُمْ الْبَاب قد فتح فادخلوا بِي وَإِلَّا فردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين حَتَّى يحكم الله بَين عباده قَالَ فَغسل وكفن وَكنت أول من بَادر إِلَى الْبَاب فَقلت يَا رَسُول الله هَذَا أَبُو بكر يسْتَأْذن فَرَأَيْت الْبَاب قد فتح فَسمِعت قَائِلا يَقُول ادخُلُوا الحبيب إِلَى حَبِيبه فَإِن الحبيب إِلَى الحبيب مشتاق
وَقَالَ ابْن عَسَاكِر هَذَا حَدِيث مُنكر وَفِي إِسْنَاده أَبُو الطَّاهِر مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَطاء الْمَقْدِسِي كَذَّاب عَن عبد الْجَلِيل المري وَهُوَ مَجْهُول
ذكر آيَات وَقعت على إِثْر وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزوات أَصْحَابه وَنَحْوهَا
أخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرجت مَعَ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ فَرَأَيْت مِنْهُ خِصَالًا لَا أَدْرِي أيتهن اعْجَبْ أنتهينا إِلَى شاطىء الْبَحْر فَقَالَ سموا الله تَعَالَى واقتحموا فسمينا واقتحمنا فعبرنا فَمَا بل المَاء إِلَّا أسافل خفاف إبلنا فَلَمَّا قَفَلْنَا صرنا مَعَه بفلاة من الأَرْض وَلَيْسَ مَعنا مَاء فشكونا إِلَيْهِ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا فَإِذا سَحَابَة مثل الترس ثمَّ أرخت عز إِلَيْهَا فسقينا وَاسْتَقَيْنَا وَمَات فدفناه فِي الرمل فَلَمَّا سرنا غير بعيد قُلْنَا يَجِيء سبع فيأكله فرجعنا فَلم نره وَأخرجه ابْن سعد بِلَفْظ رَأَيْته قطع الْبَحْر على فرسه وبلفظ فَدَعَا الله فنبع لَهُم مَاء من تَحت(2/492)
رَملَة فارتوا وَارْتَحَلُوا ونسى مِنْهُم رجل بعض مَتَاعه فَرجع فَأَخذه وَلم يجد المَاء وبلفظ مَاتَ وَنحن على غير مَاء فابدي الله لنا سَحَابَة فمطرنا فغسلناه ودفناه فرجعنا فَلم نجد مَوضِع قَبره
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن الدقيل قَالَ لما نزل سعد نهر شير طلب السفن ليعبر بِالنَّاسِ فَلم يقدر على شَيْء وجدهم قد ضمُّوا السفن فأقاموا أَيَّامًا من صفر وفجئهم المدفر أَي رُؤْيا أَن خُيُول الْمُسلمين اقتحمتها فعبرت وَقد أَقبلت دجلة من الْمَدّ بِأَمْر عَظِيم فعزم لتأويل رُؤْيَاهُ على العبور فَجمع النَّاس وَقَالَ إِنِّي قد عزمت على قطع هَذَا الْبَحْر إِلَيْهِم فَأَجَابُوهُ فَأذن للنَّاس فِي الإقتحام وَقَالَ قُولُوا نستعين بِاللَّه ونتوكل عَلَيْهِ حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم ثمَّ اقتحموا دجلة وركبوا اللجة وَأَنَّهَا لترمي بالزبد وَأَنَّهَا لمسودة وَأَن النَّاس ليتحدثون فِي عومهم وَقد اقترنوا كَمَا كَانُوا يتحدثون فِي مَسِيرهمْ على الأَرْض فَعجب أهل فَارس بِأَمْر لم يكن فِي حسابهم فأجهضوهم واعجلوهم عَن جُمْهُور أَمْوَالهم ودخلها الْمُسلمُونَ فِي صفر سنة عشر واستولوا على كل مَا بَقِي فِي بيُوت كسْرَى وَمَا جمع شيرين وَمن بعده
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ فِي قيام سعد فِي النَّاس ودعائهم إِلَى العبور قَالَ طبقنا دجلة خيلا ودوابا حَتَّى مَا يرى المَاء من الشطين أحد فَخرجت بِنَا خَيْلنَا إِلَيْهِم تقطر أعرافها لَهَا صَهِيل فَلَمَّا رأى الْقَوْم ذَلِك انْطَلقُوا لَا يلوون على شَيْء قَالَ وَمَا ذهب إِلَيْهِم فِي المَاء شَيْء إِلَّا قدح كَانَت علاقته رثَّة فَانْقَطَعت فَذهب بِهِ المَاء وَإِذا بِهِ قد ضَربته الرِّيَاح والأمواج حَتَّى وَقع إِلَى الشاطىء فَأَخذه صَاحبه
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي بكر بن حَفْص بن عمر قَالَ كَانَ الَّذِي يُسَايِر سعد فِي المَاء سلمَان الْفَارِسِي فعامت بهم الْخَيل وَسعد يَقُول حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل وَالله لينصرن الله وليه وليظهرن دينه وليهزمن عدوه إِن لم يكن فِي الْجَيْش بغي أَو ذنُوب تغلب الْحَسَنَات فَقَالَ لَهُ سلمَان إِن الْإِسْلَام جدير ذللت وَالله لَهُم الْبحار(2/493)
كَمَا ذلل لَهُم الْبر فطبقوا المَاء حَتَّى مَا يرى المَاء من الشاطىء وَلَهُم فِيهِ أَكثر حَدِيثا مِنْهُم من الْبر فَخَرجُوا لم يفقدوا شَيْئا وَلم يغرق مِنْهُم أحدا
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُمَيْر الصائدي قَالَ اقتحم النَّاس فِي دجلة اقترنوا فَكَانَ سلمَان قرين سعد إِلَى جَانِبه يسايره فِي المَاء وَقَالَ سعد ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم وَالْمَاء يطمو بهم وَمَا يزَال فرسي يَسْتَوِي قَائِما إِذا أعيي تنشر لَهُ تلعة فيستريح عَلَيْهَا كَأَنَّهُ على الأَرْض فَلم يكن بِالْمَدَائِنِ أعجب من ذَلِك وَلذَلِك يدعى يَوْم الجراثيم لَا يعي أحد إِلَّا نشرت لَهُ جرثومة يستريح عَلَيْهَا
وَأخرج أَبُو نعيم عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ خضنا دجلة وَهِي تطفح فَلَمَّا كُنَّا فِي أَكْثَرهَا مَاء لم يزَال الْفَارِس وَاقِفًا مَا يبلغ المَاء حزامه
وَأخرج أَبُو نعيم عَن حبيب بن صهْبَان قَالَ لما عبر الْمُسلمُونَ يَوْم الْمَدَائِن دجلة قَالَ أهل فَارس هَؤُلَاءِ جن وَلَيْسوا بالإنس
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد أَن أَبَا مُسلم الْخَولَانِيّ جَاءَ إِلَى الدجلة وَهِي ترمي بالخشب من مدها فَمشى على المَاء
وَلَفظ أَحْمد فَوقف عَلَيْهَا ثمَّ حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر تسيير بني إِسْرَائِيل فِي الْبَحْر ثمَّ نهر دَابَّته فَانْطَلَقت تخوض بِهِ وَاتبعهُ النَّاس حَتَّى قطعهَا والتفت إِلَى أَصْحَابه وَقَالَ هَل تَفْقِدُونَ من مَتَاعكُمْ شَيْئا حَتَّى نَدْعُو الله تَعَالَى فَيردهُ
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي السّفر قَالَ نزل خَالِد بن الْوَلِيد الْحيرَة فَقَالُوا لَهُ احذر السم لَا تسقيكه الْأَعَاجِم فَقَالَ ائْتُونِي بِهِ فَأَخذه بِيَدِهِ ثمَّ افتحمه وَقَالَ بِسم الله فَلم يضرّهُ شَيْئا وَأخرجه أَبُو نعيم من أوجه أُخْرَى وَقَالَ فَأتي بسن سَاعَة
وَأخرج أَيْضا عَن الْكَلْبِيّ قَالَ لما أقبل خَالِد بن الْوَلِيد فِي خلَافَة أبي بكر يُرِيد الْحيرَة بعثوا إِلَيْهِ عبد الْمَسِيح وَمَعَهُ سم سَاعَة فَقَالَ لَهُ خَالِد هاته فَأَخذه فِي رَاحَته ثمَّ قَالَ بِسم الله وَبِاللَّهِ رب الأَرْض وَالسَّمَاء بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه(2/494)
دَاء ثمَّ أكل مِنْهُ فَانْصَرف عبد الْمَسِيح إِلَى قومه فَقَالَ يَا قوم أكل سم سَاعَة فَلم يضرّهُ صالحوهم فَهَذَا أَمر مَصْنُوع لَهُم
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا بِسَنَد صَحِيح عَن خَيْثَمَة قَالَ أَتَى خَالِد بن الْوَلِيد رجل مَعَه زق خمر فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَل عسلا فَصَارَ عسلا وَفِي رِوَايَة لَهُ من هَذَا الْوَجْه مر رجل بِخَالِد وَمَعَهُ زق خمر فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ خل قَالَ جعله الله خلا فنظروا فَإِذا هُوَ خل وَقد كَانَ خمرًا
وَأخرج ابْن سعد عَن محَارب بن دثار قَالَ قيل لخَالِد بن الْوَلِيد إِن فِي عسكرك من يشرب الْخمر فجال فِي الْعَسْكَر فلقي مَعَ رجل زق خمر فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ خل فَقَالَ خَالِد اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ خلا ففتحه الرجل فَإِذا هُوَ خل فَقَالَ هَذِه دَعْوَة خَالِد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر قَالَ بعث عمر سعد بن أبي وَقاص على الْعرَاق فَسَار فِيهَا حَتَّى إِذا كَانَ بحلوان أَدْرَكته صَلَاة الْعَصْر فَأمر مؤذنه نَضْلَة فَنَادَى بالآذان فَقَالَ الله أكبر الله أكبر فَأَجَابَهُ مُجيب من الْجَبَل كَبرت يَا نَضْلَة كَبِيرا فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ كلمة الْإِخْلَاص قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ بعث النَّبِي قَالَ حَيّ على الصَّلَاة قَالَ كلمة مَقْبُولَة قَالَ حَيّ على الْفَلاح قَالَ الْبَقَاء لأمة أَحْمد قَالَ الله أكبر الله أكبر قَالَ كَبرت كَبِيرا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ كلمة حق حرمت على النَّار فَقَالَ لَهُ نَضْلَة يَا هَذَا قد سَمِعت كلامك فأرنا وَجهك فانفلق الْجَبَل فَخرج رجل أَبيض الرَّأْس واللحية هامته مثل الرحا فَقَالَ لَهُ نَضْلَة يَا هَذَا من أَنْت قَالَ أَنا ذُؤَيْب وَصِيّ العَبْد الصَّالح عِيسَى ابْن مَرْيَم دَعَا لي بطول الْبَقَاء وأسكنني هَذَا الْجَبَل إِلَى نُزُوله من السَّمَاء مَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَا قبض فَبكى طَويلا ثمَّ قَالَ من قَامَ فِيكُم بعده قُلْنَا أَبُو بكر قَالَ مَا فعل قُلْنَا قبض قَالَ فَمن قَامَ فِيكُم بعد قُلْنَا عمر قَالَ قولو لَهُ يَا عمر سدد وقارب فَإِن الْأَمر قد تقَارب فَكتب سعد بذلك إِلَى عمر فَكتب إِلَيْهِ عمر(2/495)
صدقت فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي ذَلِك الْجَبَل وصّى عِيسَى ابْن مَرْيَم هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق اخرى بينتها فِي النكت على الموضوعات
وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْحَارِث بن عبد الله الْأَزْدِيّ قَالَ لما نزل أبوعبيدة بن الْجراح اليرموك بعث إِلَيْهِ صَاحب جَيش الرّوم رجلا من كبارهم يُقَال لَهُ جرجير فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّي رَسُول ماهان إِلَيْك وَهُوَ عَامل ملك الرّوم على الشَّام وَهُوَ يَقُول لَك أرسل إِلَيّ رجلا عَاقِلا نَسْأَلهُ عَمَّا تُرِيدُونَ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لخَالِد اذْهَبْ إِلَيْهِ وَكَانَ عِنْد غرُوب الشَّمْس فَقَالَ إِذا أَصبَحت غَدَوْت إِلَيْهِ وَحَضَرت الصَّلَاة فَقَامَ الْمُسلمُونَ يصلونَ فَجعل الرُّومِي ينظر إِلَى الْمُسلمين وهم يصلونَ وَيدعونَ فَلم يرجع إِلَى صَاحبه ثمَّ قَالَ لأبي عبيده مَتى دَخَلْتُم فِي هَذَا الدّين وَمَتى دعوتم إِلَيْهِ قَالَ مُنْذُ بضع وَعشْرين سنة فمنا من أسلم حِين أَتَاهُ الرَّسُول وَمنا من أسلم بعد ذَلِك فَقَالَ لَهُ هَل كَانَ رَسُولكُم أخْبركُم أَنه ياتي من بعده رَسُولا قَالَ لَا وَلَكِن أخبر أَنه لَا نَبِي بعده وَأخْبر أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم قد بشر بِهِ قومه قَالَ الرُّومِي وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين فَإِن عِيسَى قد بشرنا بِرَاكِب الْجمل وَمَا أَظُنهُ إِلَّا صَاحبكُم فَأَخْبرنِي هَل قَالَ صَاحبكُم فِي عِيسَى شَيْئا وَمَا قَوْلكُم أَنْتُم فِيهِ قَالَ قَول الله تَعَالَى {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب} الْآيَة وَقَول الله تَعَالَى {يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ} الْآيَة ففسر لَهُ الترجمان هَذَا بالرومية فَقَالَ أشهد أَن هَذَا صفة عِيسَى نَفسه وَأشْهد أَن نَبِيكُم صَادِق وَأَنه الَّذِي بشرنا بِهِ عِيسَى ثمَّ أسلم
وَأخرج أَبُو يعلى عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ خرج جَيش الْمُسلمين أَنا أَمِيرهمْ حَتَّى نزلنَا الأسكندرية فَقَالَ عَظِيم من عظمائهم أخرجُوا إِلَيّ رجلا ُأكَلِّمهُ فَخرجت إِلَيْهِ فَقلت نَحن الْعَرَب وَنحن أهل بَيت الله كُنَّا أضيق النَّاس أَرضًا وأشده عَيْشًا نَأْكُل كل الْميتَة وَالدَّم ويغير بَعْضنَا على بعض حَتَّى خرج فِينَا رجل لَيْسَ بأكثرنا(2/496)
مَالا قَالَ أَنا رَسُول الله إِلَيْكُم يَأْمُرنَا بأَشْيَاء لَا نَعْرِف وينهانا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ وَكَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا فشنينا عَلَيْهِ وكذبناه ورددنا عَلَيْهِ مقَالَته حَتَّى خرج إِلَيْهِ قوم من غَيرنَا فَقَالُوا نَحن نصدقك ونؤمن بك ونتبعك ونقاتل من قَاتلك فَخرج إِلَيْهِم وَخَرجْنَا إِلَيْهِ فقاتلنا فَظهر علينا غلبنا فَقَالَ ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صدق قد جاءتنا رسلنَا بِمثل الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولكُم فَكُنَّا عَلَيْهِ حَتَّى ظهر فِينَا فتيَان فَجعلُوا يعْملُونَ بأهوائهم ويتركون أَمر الْأَنْبِيَاء فَإِن أَنْتُم أَخَذْتُم بِأَمْر نَبِيكُم لم يُقَاتِلكُمْ أحد إِلَّا غلبتموه وَلم يساوركم أحد إِلَّا ظهرتم عَلَيْهِ فَإِذا فَعلْتُمْ مثل الَّذِي عمِلُوا بأهوائهم لم تَكُونُوا أَكثر عددا منا وَلَا أَشد قُوَّة منا
وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا قحطوا استسقى بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نتوسل إِلَيْك بنبينا فتسقينا وَإِنَّا نتوسل إِلَيْك الْيَوْم بعم نَبينَا فاسقنا فيسقون
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي عمر قَالَ استسقى عمر عَام الرماد بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَذَا عَم نبيك نتوجه إِلَيْك بِهِ فاسقنا فَمَا برحوا حَتَّى سقاهم الله فَقَالَ عمر أَيهَا النَّاس إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرى للْعَبَّاس مَا يرى الْوَلَد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عَمه الْعَبَّاس واتخذوه وَسِيلَة إِلَى الله فِيمَا نزل بكم
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ جَاءَ قيم أنس بن مَالك فِي أرضه فَقَالَ عطشت أَرْضك فصلى ثمَّ دَعَا فثارت سَحَابَة فَجَاءَت وغشيت أرضه ومطرت حَتَّى مَلَأت صهريجه وَذَاكَ فِي الصَّيف فَأرْسل بعض أَهله فَقَالَ أنظروا أَيْن بلغت فَإِذا هِيَ لم تعد أرضه وَأخرجه ابْن سعد أَيْضا من طَرِيق ثُمَامَة بن عبد الله
وَأخرج ابْن سعد عَن نَافِع مولى ابْن عمر وَزيد بن أسلم أَن عمر بن الْخطاب قَالَ على المنبره يَا سَارِيَة بن زنيم الْجَبَل ظلم من استرعى الذِّئْب الْغنم ثمَّ خطب حَتَّى فرغ فَلم يدر النَّاس أَي شَيْء يَقُول حَتَّى قدم سَارِيَة الْمَدِينَة على عمر فَقَالَ يَا أَمِير(2/497)
الْمُؤمنِينَ كُنَّا محاصري الْعَدو وَنحن فِي خفض من الأَرْض وهم فِي حصن عَال فَسمِعت صائحا يَوْم الْجُمُعَة لساعة كَذَا وَكَذَا لتِلْك السَّاعَة الَّتِي تكلم فِيهَا عمر يُنَادي يَا سَارِيَة بن زنيم الْجَبَل فعلوت بِأَصْحَابِي الْجَبَل فَمَا كَانَت إِلَّا سَاعَة حَتَّى فتح الله تَعَالَى علينا فَقيل لعمر مَا ذَلِك الْكَلَام قَالَ وَالله مَا ألقيت لَهُ بَالا شَيْء أَتَى على لساني
وَأخرج البارودي وَابْن السكن عَن ابْن عمر قَالَ قَامَ جَهْجَاه الْغِفَارِيّ إِلَى عُثْمَان وَهُوَ على الْمِنْبَر فَأخذ عَصَاهُ فَكَسرهَا فَمَا حَال على جَهْجَاه الْحول حَتَّى أرسل الله فِي يَده الآكلة فَمَاتَ مِنْهَا
وَأخرج ابْن السكن من طَرِيق فليج بن سليم عَن عمته عَن أَبِيهَا وعمها أَنَّهُمَا حضرا عُثْمَان فَقَامَ إِلَيْهِ جَهْجَاه الْغِفَارِيّ حَتَّى أَخذ الْقَضِيب من يَده فوضعها على ركبته فَكَسرهَا فصاح بِهِ النَّاس فَرمى الله الْغِفَارِيّ فِي ركبته فَلم يحل عَلَيْهِ الْحول حَتَّى مَاتَ
وَأخرج ابْن سعد عَن نَافِع قَالَ بَيْنَمَا عُثْمَان يخْطب إِذْ قَامَ إِلَيْهِ جَهْجَاه الْغِفَارِيّ فَأخذ الْعَصَا من يَده فَكَسرهَا على ركبته فَوَقَعت فِيهَا الآكلة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حبيب بن مسلمة انه أَمر على الْجَيْش فَلَمَّا أُتِي الْعَدو قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يجْتَمع قوم فيدعو بَعضهم ويؤمن بَعضهم إِلَّا أجابهم الله تَعَالَى ثمَّ أَنه حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أحقن دماءنا وَاجعَل أجورنا أجور الشُّهَدَاء فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ نزل أَمِير الْعَدو فَدخل على حبيب سرداقة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن حبيب أَنه ناهض يَوْمًا حصنا فَقَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَقَالَهَا الْمُسلمُونَ فانصدع الْحصن(2/498)
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس أَن أَبَا طَلْحَة خرج فِي غَزْوَة فَركب فِي الْبَحْر فَمَاتَ فَلم يجدو لَهُ جَزِيرَة يدفنونه فِيهَا إِلَّا بعد سَبْعَة أَيَّام فَلم يتَغَيَّر فدفنوها فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق اللَّيْث عَن ابْن عجلَان ان سعد بن أبي وَقاص تزوج امْرَأَة من بني عذرة فَأَتَاهَا يَوْمًا فَإِذا حَيَّة على الْفراش فَقَالَت ترى هَذَا فَأَنَّهُ كَانَ يَتبعني إِذْ كنت فِي أَهلِي فَقَالَ لَهُ سعد إِلَّا تسمع امْرَأَتي تَزَوَّجتهَا بِمَالي وأحلها الله تَعَالَى لي وَلم يحل لَك مِنْهَا شَيْء فَاذْهَبْ فَإنَّك أَن عدت قتلتك فانساب حَتَّى خرج من بَاب الْبَيْت فَلم يعد إِلَيْهَا بعد ذَلِك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَائِشَة بنت أنس بن مَالك عَن أمهَا الربييع بنت معوذ ابْن العفراء قَالَت بَيْنَمَا أَنا قائلة قد ألقيت عَليّ ملحفة لي إِذا فاجأني أسود يعالجني عَن نَفسِي قَالَت فَبَيْنَمَا هُوَ يعالجني أَقبلت صحيفَة من ورق صفراء تهوي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض حَتَّى وَقعت عِنْده فقرأها فَإِذا فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من رب لكين إِلَى لكين أما بعد فدع أمتِي بنت عَبدِي الصَّالح فَإِنِّي لم أجعَل لَك عَلَيْهَا سَبِيلا فَانْتَهرنِي بقرصة وَقَالَ أولى لَك فَمَا زَالَت القرصة فِيهَا حَتَّى لقِيت الله
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن أنس بن مَالك قَالَ كَانَت ابْنة العفراء مستلقية على فراشها فَمَا شَعرت إِلَّا بزنجي قد وثب على صدرها وَوضع يَده فِي حلقها فَإِذا صحيفَة صفراء تهوي من السَّمَاء حَتَّى وَقعت على صَدْرِي فَأَخذهَا الزنْجِي فقرأها فَإِذا فِيهَا من رب لكين إِلَى لكين اجْتنب ابْنة العَبْد الصَّالح فَأَنَّهُ لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا فَقَامَ وَأرْسل يَده من حلقي وَضرب بِيَدِهِ على ركبتي فاسودت حَتَّى صَارَت مثل رَأس الشَّاة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن يحيى بن سعيد قَالَ لما حضرت عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن الْوَفَاة اجْتمع عِنْدهَا نَاس من التَّابِعين مثل عُرْوَة وَالقَاسِم إِذْ سمعُوا(2/499)
نقيضا من السّقف فَإِذا ثعبان أسود قد سقط كَأَنَّهُ جذع عَظِيم فَأقبل يهوي نَحْوهَا إِذْ سقط رق أَبيض فِيهِ مَكْتُوب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من رب كَعْب إِلَى كَعْب لَيْسَ لَك على بَنَات الصَّالِحين سَبِيل فَلَمَّا نظر إِلَى الْكتاب سما حَتَّى خرج من حَيْثُ نزل
وَأخرج أَبُو نعيم عَن طلق قَالَ كنت عِنْد ابْن عَبَّاس وَهُوَ جَالس عِنْد زَمْزَم إِذْ أَقبلت حَيَّة فطافت حول الْكَعْبَة أسبوعا ثمَّ أَتَت الْمقَام فصلت رَكْعَتَيْنِ فَأرْسل إِلَيْهَا ابْن عَبَّاس أَن الله تَعَالَى قد قضى نسكك وَأَن لنا أعبد مَا نأمنهم عَلَيْك فتكومت ثمَّ ظعنت فِي السَّمَاء
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ بَيْنَمَا عبد الله بن عَمْرو فِي الْمَسْجِد الْحَرَام إِذْ بصر حَيَّة رقطاء جَاءَت حَتَّى طافت بِالْبَيْتِ سبعا ثمَّ أَتَت الْمقَام كَأَنَّهَا تصلي فجَاء عبد الله بن عَمْرو حَتَّى قَامَ عَلَيْهَا فَقَالَ يَا هَذِه لَعَلَّك أَن تَكُونِي قد قضيت نسكا وَأَنِّي لَا آمن عَلَيْك سُفَهَاء بِلَادنَا فتطوقت ثمَّ ذهبت فِي السَّمَاء
بَاب آيَة مستمرة من عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْآن
أخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا قبل حج إمرىء إِلَّا رفع حصاه)
وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حَصى الْجمار فَقَالَ مَا تقبل مِنْهُ رفع وَلَوْلَا ذَلِك لرأيتها مثل الْجبَال
وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن حَصى الْجمار يَرْمِي وَهُوَ كَمَا ترى فَقَالَ انه مَا تقبل من الْجمار رفع وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ مثل ثبير(2/500)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ وكل الله بِهِ ملك مَا تقبل مِنْهُ رفع وَمَا لم يتَقَبَّل ترك
وَقَالَ أَبُو نعيم هَذِه آيَة بَيِّنَة تشهد بِصِحَّة نبوة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِيجَاب شَرِيعَته لحج الْبَيْت انْتهى الْكتاب بِحَمْد الله(2/501)