نيل السول من تاريخ الأمم وسيرة الرسول
- صلى الله عليه وسلم-
للشيخ : حافظ بن أحمد الحكمي
- رحمه الله -
(1342-1377 هـ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المهيمن الأحد ... [1] ... باري البرايا الواحد الفرد الصّمد
ذي العدل و الحكمة فيما أبدعه ... [2] ... كما هو الحكيم فيما شرعه
لا شيء قبله لأوّليته ... [3] ... كلا و لا انتها لآخريته
كما هو الظاهر فوق كل شيء ... [4] ... و باطن ما دونه يحول شيء
يفعل ما يشا و يختار و لا ... [5] ... يسأل جل الله عما فعلا
له جميع الخلق و الأمر فلا ... [6] ... منازعًا له تعالى و علا
أشهد أنه الإله الحق ... [7] ... و ما سواه باطل لا حق
و أن خير خلقه محمدا ... [8] ... رسوله إلى العباد بالهدى
عليه صلى الله ثم سلما ... [9] ... و الآل والصحب و تابع سما
و بعد فاعلم أن أعلى الرتب ... [10] ... مرتبة العلوم ميراث النبي
من نبإ فيما مضى أخبر به ... [11] ... أو ما سيأتي بعد فاحفظ و انتبه
أو كان في حكم عبادة و في ... [12] ... حكم الحلال و الحرام فاعرف
و كان في التاريخ ما به دُري ... [13] ... موارد الشرع مع المصادر
و أوضح الطريق في الوصول ... [14] ... لسابق ما جا عن الرسول
أعني به نص الكتاب المحكم ... [15] ... و سنة النبي بإسناد نمي
وما يكن من بعده قد صدرا ... [16] ... فالنقل في ذلك قد توافرا
و هاك نبذة بها إلى المهم ... [17] ... أشير فاستمعه واحفظ يا فهم
و الله أرجو المن بالإتمام ... [18] ... فإنه ذو الفضل و الإنعام
ذكر بدء الخلق
اعلم بأن الله لا سواه ... [19] ... رب و لا إله إلا الله
و كل ما سواه مربوب له ... [20] ... مفترض عليهم التأله
و كلهم خلق له مقدر ... [21] ... و لم يكن من قبل شيئًا يذكر
أجرى بما قدر في اللوح القلم ... [22] ... بعلمه السابق من قبل القدم
فكل شيء واقع كما عَلِم ... [23] ... موافقًا مطابقًا لما رسم
سبع سموات بنى طباقا ... [24] ... و الأرض سبعًا مثلها وفاقا
في ستة الأيام أبداها سوا ... [25] ... بقدرة ثم على العرش استوى
و كان عرشه على الماء كما ... [26] ... قد جاء في الوحيين نصًّا محكما
و أنشأ الأملاك من أنوار ... [27] ... و الجن قل من مارج من نار(1/1)
هذا و لما شاء خلق صفوته ... [28] ... آدم مظهرًا بديع حكمته
فقال معلنًا لهم تشريفه ... [29] ... إني بأرضي جاعل خليفه
صوره بيده من طين ... [30] ... و فيه ألقى الروح بعد حين
علمه الأسماء كلها لكي ... [31] ... يعلمهم حكمته في كل شي
و أمر الأملاك بالسجود له ... [32] ... فامتثلوا الأمر بلا مجادله
و استكبر الملعون إبليس الغوي ... [33] ... إمامُ كل عابد لما هوي
عارض أمر ربه بعقله ... [34] ... و ردّه مفتخرًا بأصله
و كان في ذلك طاعنًا على ... [35] ... ذي العدل و الحكمة فيما فعلا
فباء باللعنة ثم النار ... [36] ... بعد تمام مدة الإنظار
و قال مقسمًا على إغوائه ... [37] ... جميع من صار من أوليائه
و ما له والله من سلطان ... [38] ... على ولي كان للرحمن
وغر آدمًا بأكل الشجره ... [39] ... وظن أن قد نال منه وطره
فاعترف الصفي بالذّنب و تاب ... [40] ... و آب و استغفر قابل المتاب
فتاب ربه عليه و هدى ... [41] ... وخاب إبليس الذي قد حسدا
لكنه أهبطهم ليبتلي ... [42] ... و يعلم العاصي من الممتثل
و قد أتت قصته مقرره ... [43] ... بينة مبسوطة في البقره
والحجر والأعراف والإسرا و صاد ... [44] ... والكهف مع طه فأبدى وأعاد
محذّرًا عباده من فتنته ... [45] ... و عن توليه وعن ذريته
و هم لنا من أخبث الأعداء ... [46] ... و إنما يدعون للإغواء
و هكذا في الموقف الموعود ... [47] ... يذكر الظالم بالعهود
فانظره في يس نصًّا محكما ... [48] ... بعد (سلام) إذ يميز المجرما
ثم سرى و دبّ داء الحسد ... [49] ... بقتل قابيل أخاه أن هدي
من كان مقتولا عليه حملا ... [50] ... كفل بحيث القتل سَنَّ أولا
و شيث صح كونه نبيا ... [51] ... و لأبيه قد غدا وصيا
و بعده إدريس من قد رفعه ... [52] ... خالقه إلى السماء الرابعه
و بين ذاك أمم لا يعلم ... [53] ... تفصيلها إلا العلي الأعظم
و قد جرى الأمر على السداد ... [54] ... و الناس كلهم على الرشاد
حتى إذا ما اختلفوا و أشركوا ... [55] ... بالله جلّ الله عمّا ائتفكوا
أرسل رسله مبشرينا ... [56] ... و من عقابه محذرينا
فدعوا الناس إلى التوحيد ... [57] ... و أن يجلّ الله عن نديد
أولهم نوح الذي قد أرسلا ... [58] ... لكل من في الصالحين قد غلا(1/2)
وُدًّا سواعا و يغوث معهموا ... [59] ... يعوق نسرًا صالحون منهموا
فكذبوا فأهلكوا بالغرق ... [60] ... ثم نجا نوح مع المصدق
فانظر لبسط ذاك في الأعراف ... [61] ... يونس مع هود بيان كافي
والأنبيا والمؤمنين الشعرا ... [62] ... والعنكبوت فيه أيضًا ذكرا
و الصافات اقتربت و أُنزلت ... [63] ... في ذاك سورة به قد كملت
و استخلف الرحمن عادًا بعدهم ... [64] ... واستكبروا عما له أرشدهم
و كذبوا بالوعد و الإيعاد ... [65] ... و أنكروا قيامة الأجساد
و عبدوا هرًا صدًا صمودا ... [66] ... فأرسل الله إليهم هودا
فكذبوه فنجا و من معه ... [67] ... من مؤمن أجابه و اتبعه
و أخذوا أخذ عزيز مقتدر ... [68] ... بصرصر في يوم نحس مستمر
فانظره في هود و في الأعراف ... [69] ... كذا بقد أفلح و الأحقاف
والشعرا والذاريات فصلت ... [70] ... والفجر نجم تلو نون اقتربت
ثم ثمود بعد عاد استخلفوا ... [71] ... حتى بغوا وأنكروا ماعرفوا
فأرسل الله إليهم صالحا ... [72] ... فقام بالتوحيد فيهم صارخا
فاستكبروا وكذبوا رسولهم ... [73] ... فأرسل الناقة فتنة لهم
فعقروها و عتوا فدمدما ... [74] ... عليهموا بصيحة من السما
و قد نجا صالح مع من آمنا ... [75] ... من قومه برحمة من ربنا
فاقرأه في الأعراف مع هود وفي ... [76] ... نمل كذاك الشعرا به تفي
و غيرها من سور القرآن ... [77] ... مفصلا بأوضح التبيان
كذا خليل الله إبراهيم قد ... [78] ... بعثه الله و آتاه الرشد
و الناس إذ ذاك على أقسام ... [79] ... فبين عاكف على الأصنام
و عابد هياكل النجوم ... [80] ... دون الإله الصمد القيوم
و بين من لنفسه قد ادعا ... [81] ... بأنه رب و للناس دعا
فقام فيهم بإقام الحجه ... [82] ... عليهموا وأوضح المحجه
بأنه لا رب إلا الله ... [83] ... و لا إله أبدًا سواه
فكان ما قد قص في الأنباء ... [84] ... عنه كالانعام و الأنبياء
بل ذكره قد جاء في مواضع ... [85] ... فوق الثلاثين من الوحي فع
كان حنيفا دينه الإسلام ... [86] ... و هو لكل مسلم إمام
فضله خالقه تفضيلا ... [87] ... يكفي أن اتخذه خليلا
و كل مَنْ مِنْ بعده قد أُرسلا ... [88] ... فهو بلا مرية ممن نسلا(1/3)
لا لوط فهو ابن أخيه فاعرف ... [89] ... و الخلف في يونس بين السلف
و كان في حياة إبراهيم ما ... [90] ... عن قوم لوط قصه الله كما
في سورة الأعراف هود الشعرا ... [91] ... و النمل ثم العنكبوت ذكرا
و الذاريات مع سواها فاعلم ... [92] ... أعظم بها موعظة للفهم
وجاء في القرآن من بعدهموا ... [93] ... ذكر شعيب منذرًا من ظلموا
إذ عبدوا الأصنام و الأوثانا ... [94] ... و بخسوا المكيال و الميزانا
هم أهل مدين و كان الأيكةُ ... [95] ... اسمًا لطاغوتهم الذي أتُوا
و من يقل هم أمّتان غلطا ... [96] ... وجا حديث فيه رفعه خطا
و مدين من ولد الخليل ... [97] ... أخ لإسحاق واسماعيل
فكذبوا نبيهم و أنكروا ... [98] ... ما جاءهم به و عنه استكبروا
فأهلكوا برِجْز يوم الظُّلَّة ... [99] ... بصيحة من فوق مع زلزلة
فينبغي للخلف مِنْ بعدهموا ... [100] ... تَفَكُّرٌ مع اعتبارٍ بهموا
و خوفُ ما أصابهم إذا ارتُكِبْ ... [101] ... مثل الذي قد ركبوا فليُجتنَبْ
فإنما قص علينا الله ... [102] ... أنباءهم في الوحي كي نخشاه
و نعلم الأسباب للنجاة ... [103] ... و نتَّقِيْ مصارع الغواة
فادَّكِرُوا بذكر ذي الوقائع ... [104] ... و اعتبروا بِتِلْكُمُ المصارع
فسنَّة الإله لا تُبَدَّلُ ... [105] ... فأين شئتم بعد هذا فَانْزِلُوا
ذكر ذرية إبراهيم عليه السلام
الأشهر من بنيه إسماعيلُ ... [106] ... إسحاقُ كلٌّ منهما رسولُ
و كان إسماعيل والدَ العربْ ... [107] ... كما سيأتي عند ذِكرِنا النَّسَبْ
و هْوَ الذبيحُ دونما مجادلهْ ... [108] ... و من يقل إسحاقُ لا برهان لهْ
و هْوَ الذي أبوه قد أسكنهُ ... [109] ... في حرم الله الذي آمنهُ
وقد بنى الكعبة معْ أبيه عن ... [110] ... أمر الإله ذي الجلال و المِنَنْ
و قد رُويْ بناؤه من قبل ذا ... [111] ... و ذاك عن أهل الكتاب أُخِذَا
وكان من إسحاق الأنبياءُ في ... [112] ... أولاد إسرائيل لم يُختلفِ
فمنه يعقوبُ الذي بُشِّرَ بهْ ... [113] ... و منه يوسفُ الكريم فانتبهْ
إبنُ الكريم بن الكريم بن الكريم ... [114] ... الكل أنبياء بالنصّ العظيم
و قد أتت قصته مفصّله ... [115] ... في سورةٍ من المِئِينِ كامله(1/4)
ومنه أيوب الصبور المبتلى ... [116] ... من ولد العيصِ كما قد فُصّلا
و منه ذو الكفل و في نبوتهْ ... [117] ... قولان و الجل على نبوتهْ
ومنهموا موسى الكليمُ المصطفى ... [118] ... من سِبْطِ لاوَى وهو صِنْوُ يوسُفا
أرسله الله إلى فرعونا ... [119] ... و قومه الطغاة أجمعينا
من بعد أن في حِجرهِ قد رُبِّيْ ... [120] ... و ذاك من أعجبِ آي رَبِّيْ
لينقذ الله الذين استُضْعِفُوا ... [121] ... به ويقصم الذين أسرفوا
و جعل الله له وزيرا ... [122] ... أخاه هارون فكن خبيرا
فجاءهم بأوضح الآياتِ ... [123] ... و أقوم البرهان و العظاتِ
فلم يُجِبْ و يَرْعَوِي عن ظلمه ... [124] ... إلا قليل ضُعَفَا من قومه
و إن تُرِد قِصّته مُستكملَهْ ... [125] ... بيِّنةً مبسوطةً مفصّلهْ
فانظره في العَوانِ أعلى قصص ... [126] ... الأعرافِ طه النمل ثم القصصِ
والشعراء و غافرٍ وغيرِها ... [127] ... لم يأت بسط قصة كذكرها
و المقصدُ الآن انتهاءُ الأمرِ ... [128] ... بأنه إهلاكُ حزبِ الكفرِ
إذ أمر اللهُ النبيْ أنْ أسرِ ... [129] ... بالمؤمنين لجواز البحرِ
ثم نَجَوا إذ لهم البحر انفرقْ ... [130] ... و باء كل المجرمين بالغرقْ
و هكذا سنة رب العرش ... [131] ... في الكافرين بشديد البطش
هذا ولما أن نجى موسى بمنْ ... [132] ... آمن معْه بامتنان ذي المِننْ
و بعد ما رأوا من الآياتِ ... [133] ... وشاهدوا من أبلغ العظاتِ
قد سألوا سفاهةً وجهلا ... [134] ... منه إلهًا غيرَ ربِّي الأعْلى
و في ذهابه إلى الميعادِ ... [135] ... كلَّمه الله بلا تِردادِ
و كتب التوراة بالتبيانِ لهْ ... [136] ... موعظةً بيِّنةً مفصَّلهْ
و خالفوهُ سفهًا فعبدوا ... [137] ... ما السامريُّ صاغَهُ وندَّدُوا
معْ أنَّ فيهم بعده هارونا ... [138] ... عليهموا خليفة مأمونا
فاستَضعَفُوهُ وعَتَوا و كادوا ... [139] ... أن يقتلوه ساء ما قد كادوا
و حينما قد جاء بالكتابِ ... [140] ... عاتبهُمْ بأبلغِ العتابِ
و أحرق العجل الذي قد عبدوا ... [141] ... وعاينوا لعجزِه و شاهدوا
و معَ ذا حادُوا عن الإيمانِ ... [142] ... و سألوهُ رؤية الرحمنِ(1/5)
فصُعِقوا و بعد ذا أحياهم ... [143] ... رب السما من بعد ما أفناهم
و كان من توبتهم أن يَقْتُلا ... [144] ... بعضهموا بعضًا جزاء و ابتلا
و قد تولَّوا عن قبول ما أتى ... [145] ... موسى عن الله به و ثبتا
إلا برفع الطور فوقِهم إلى ... [146] ... أن شاهدوا وقوعه لا جدلا
و بعد ذاك امتَنَعُوا أن يدخُلوا ... [147] ... معه إلى القرية بل تخاذلُوا
فعُوقِبوا بالتِّيهِ أربعينَا ... [148] ... عامًا و ما كانوا بمُهتدينَا
ثم عليهم الغمام ظُلِّلا ... [149] ... و المنُّ والسّلوى عليهم أُنزِلا
و فَجّر اللهُ لهم من الحجرْ ... [150] ... من العيون مشربًا ثِنْتَيْ عشَرْ
و مع ذا تعنّتوا في الطلب ... [151] ... و سألوا خلاف ذا من النبي
و منه ما تعنّتوا عليه بِهْ ... [152] ... في قصّة القتيلِ فيهم فانتبهْ
من السؤال عن صفاتِ البقرهْ ... [153] ... كما أتى تفصيلُه في البقرهْ
و غير من اختلافِهم على ... [154] ... نبيّهم حال حياته و لا
تسألْ عن اختلافهم من بعده ... [155] ... فذاك لا إحاطةٌ بحده
إذْ أُمِرُوا عند دخول القريةِ ... [156] ... بسجدة ثم بقول حطَّةِ
فبدّلوا غير الذي قِيل لهم ... [157] ... فعُوقبوا بالرجز تنكيًلا لهم
و منه ما في قصة السَّبت أتَوْا ... [158] ... من احتيالٍ للحرام فأتَوْا
من ذلك الذّنب فعُوقبوا بما ... [159] ... قد قصّه الله جَزَا من ظَلما
ومنه تكذيبُهُمُوا للرّسلِ ... [160] ... من بعد موسى بافتراءِ الباطلِ
و قتلُهم لأنبياء الله معْ ... [161] ... تبديلهمْ نَصَّ الكتاب بالبدعْ
و غيرِ ذاكَ من أمورٍ قَصَّها ... [162] ... في وحيهِ اللهُ عليكَ نصَّها
فانظر إلى تلاعب الشيطانِ ... [163] ... بهمْ و عُذْ بالله ذي السلطانِ
و بعد موسى يوشع ثم اليسع ... [164] ... شمويل داوود سليمان اتبع
والخلف في عزير هل نبيا ... [165] ... أو كان عبدًا صالحًا وليا
و زكريا بعدهم و يحيى ... [166] ... قد حاز كلٌّ حكمة ووحيا
واستشهدا كلاهما إذ قتلا ... [167] ... ظلما و عدوانا عليهما ابتلا
وابن البتول كائن من غير أب ... [168] ... و ليس في قدرة ربي بعجب
كلمة الله و روح منه ... [169] ... عبد رسول للبلاغ عنه(1/6)
خلقه الله الذي قد أوجدا ... [170] ... لكل شيء خلقه ثم هدى
نوع هذا العالم الإنساني ... [171] ... أربعة الأنواع بامتنانِ
فآدم من غير والدين ... [172] ... و منه حواء بدون مين
وكان من مريم عيسى دون أب ... [173] ... وسائر الخلق فمن أم و أب
ليعلم الخلق شمول قدرته ... [174] ... وفعله ما شاء في خليقته
أرسله الله تعالى منذرا ... [175] ... مصدقا مَن قبله مبشرا
بأن بعده يجيء أحمدُ ... [176] ... فكذبوه جهرة و جحدوا
إلا الحواريين ثم كادوا ... [177] ... يهود إياه و قد أرادوا
أن يقتلوه مثل من تقدما ... [178] ... و الله شاء رفعه إلى السما
حيا و سوف دون شك ينزل ... [179] ... لقتل دجال و فينا يعدل
و قتل اليهود شبهه و قد ... [180] ... ظنوه إياه و لله المرد
واختلفوا في شأنه الكفار ... [181] ... وكلهم ظلمة فجار
فبهت اليهود أمه بما ... [182] ... برأها منه الإله في السما
ثم النصارى قد غلوا و ضاهوا ... [183] ... وأقبح الكفر به قد فاهوا
و افترقوا في كفرهم أحزابا ... [184] ... عليهم اللعنة لا حسابا
فبين قائل هو الله الصمد ... [185] ... و قائل بل هو لله ولد
و قائل ثلاثة و عدهم ... [186] ... عيسى وأمه ومن أوجدهم
قد كذبوا ليس لربي من ولد ... [187] ... و لم يكن له شريكًا من أحد
تنزه الله و جل و علا ... [188] ... عن إفكهم و هو العلي ذو العلا
ولم يكن من بعد عيسى من نبي ... [189] ... إلا محمدًا رسول العربي
مفخر هذا العالم الإنساني ... [190] ... و خاتم الرسل بلا نكران
من ولد الذبيح اسماعيلا ... [191] ... و شرعه لا يقبل التبديلا
مادامت الدنيا ولا ناسخ له ... [192] ... فلاتطع زخارف الدجاجله
ثم إلى نوعين يمتاز العرب ... [193] ... و بعضهم إلى ثلاثة ذهب
فعرب الحجاز من عدنان ... [194] ... ثم اليمانيون من قحطان
والخلف في قضاعة هل تتصل ... [195] ... بواحد من ذين أم هل تستقل
و كلهم من ولد الذبيح ... [196] ... على الأصح و هو في الصحيح
و قال آخرون بل عدنان ... [197] ... منه و كان قبله قحطان
و النظم لا يسمح بالتعداد ... [198] ... لنسب الآباء و الأجداد
فارجع إلى كتب بذا الفن تفي ... [199] ... لتعلم الراجح من مختلف(1/7)
ذكر أحوال الجاهلية وما كان عليه العرب في زمن الفترة
اعلم بأن الله قد أخبرنا ... [200] ... عن شأن إبليس و قد حذرنا
فتنته و أنه قد آلى ... [201] ... ليغوين من له قد والى
و كان من إغوائه أتباعه ... [202] ... تزيينه الشرك لمن أطاعه
فافترقت أحزابه الغاوونا ... [203] ... كلا أتى من حيث ما يهوونا
ففرقة قد عبدوا النيرانا ... [204] ... و آخرون عبدوا الثيرانا
و آخرون عبدوا الأملاكا ... [205] ... و آخرون عبدوا الأفلاكا
و آخرون عبدوا الأشجارا ... [206] ... و آخرون ألهوا الأحجارا
وآخرون عبدوا الإنسانا ... [207] ... بعضهموا بعضًا رأوا إحسانا
و آخرون الرب جهرًا جحدوا ... [208] ... و للوجود خالقين اعتقدوا
و قال قوم مثلهم و زادوا ... [209] ... لا بدء للخلق و لا معاد
و غير هذا من ضلال و ردى ... [210] ... و طرق بعيدة عن الهدى
و قد مضت أزمنة و العرب ... [211] ... على الحنيفية لم ينقلبوا
حتى إذا ما جاء عمرو بن لحي ... [212] ... وسوس إبليس له من كل غي
فأدخل الإشراك في تلبته ... [213] ... واستخرج الأصنام من كنانته
وهي التي في قوم نوح عبدت ... [214] ... وبعد إغراقهموا قد فقدت
ودّا سواعًا ويغوث نسرا ... [215] ... يعوق قد دعى إليها جهرا
فكل من أجابه لما دعا ... [216] ... إليها منها واحدًا قد دفعا
وشرع النذر لأجل النصب ... [217] ... كالحام و البحيرة السوائب
و عمت البلوى بها و كثرت ... [218] ... و بين أكثر العباد انتشرت
كنحو عزى و مناة و هبل ... [219] ... و كم سواها كان يدعى ويجل
ونصبوا من ذاك حول الكعبة ... [220] ... ستين من بعد ثلاثمائة
بل كل دار أهلها لهم صنم ... [221] ... يرجون خيره وكشف ما ألم
هذا و هم يدرون أن الله لا ... [222] ... ربًّا سواه خالقًا مفتعلا
وأنه البارئ والمصور ... [223] ... و كل ما يشا عليه قادر
و أن كل هذه الأصنام لا ... [224] ... تملك من خير ولا دفع بلا
بل زعموا وسائطًا و شفعا ... [225] ... تزلفهم من ربهم فشنّعا
عليهموا الله وسمى ذلك ... [226] ... شركًا صريحًا بالعزيز المالك
وكان من أكبر شبهة لهم ... [227] ... أن قد عليها وجدوا أولهم
فكان ذا جواب كل الأمم ... [228] ... عن ما له قد أنكرت رسلهم(1/8)
قالوا وجدنا هكذا آباءنا ... [229] ... و قد جعلنا بهموا اقتداءنا
وقد نفى شبهتم تعالى ... [230] ... بكون آبائهموا ضلالا
و كان من أمرهم التحاكم ... [231] ... إلى الطواغيت و أن يستقسموا
في أي أمر ناب بالأزلام ... [232] ... و يسألوا الكهان باستعلام
عن غائب و ما يقولوا صدقوا ... [233] ... يرون نصحا مابه قد نطقوا
و منه الاستنكار للميعاد ... [234] ... و جحدهم قيامة الأجساد
و منه الافتخار بالأحسابِ ... [235] ... والطّعن إن أمكن في الأنسابِ
و نخوة الجهال كالتعصب ... [236] ... للشعب لو بباطل مرتكب
و الوأد للبنات خوف العار ... [237] ... و للذكور خوف الافتقار
و منه رد الحق إن جاء معا ... [238] ... من يكرهونه و لو متبَعَا
و منه الافتخار بالمظالم ... [239] ... وبعضهم كان يعين الظالم
و منه الاستسقاء بالأنواء ... [240] ... و الحلف بالأولاد و الآباء
و النوح والتعداد للمحاسن ... [241] ... من ميت لو كذبًا للفتن
وغير ذي مما لها الله ذكر ... [242] ... في الوحي تحذيرًا لأرباب البصر
و قد بقي من دين إبراهيما ... [243] ... و حسن خلْقٍ لم يكن ذميما
كالحج والطواف والتعظيم ... [244] ... للبيت و السعي بلا توهيم
والصدق في الغالب و الإكرام ... [245] ... لوافد و صلة الأرحام
كذا مواساة الضعيف فاعلم ... [246] ... والعتق مع تصدق لاتِهِم
ونصرة المظلوم والشجاعه ... [247] ... والصبر في اللقا و الاستطاعه
كذا إبا الضّيم و غير ذلك ... [248] ... و ذمّهم من لم يكن كذلك
مع كونهم قد غيروا الكيفيه ... [249] ... من بعضها وأصلها شرعيه
نحو وقوفهم بدون عرفه ... [250] ... بل ألفوا الوقوف بالمزدلفه
و كالتعري حالة الطواف ... [251] ... و غيره هذا مثال كافي
فبعث الله محمدًا إلى ... [252] ... جميعهم إنسًا و جنًّا مرسلا
ثم عليه أنزل القرآنا ... [253] ... لكل شيء كائنٍ تبيانا
فقام فيهم آمرًا و ناهيا ... [254] ... و للصراط المستقيم هاديا
وكل خير فبه قد أمرا ... [255] ... إياهموا وكل شرّ حذرا(1/9)
{كتاب سيرة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم}
ذكر نسبه الشريف المطهر
هو الرسول الهاشمي المصطفى ... [256] ... خير الأنام محتدًا وشرفا
أبوه عبد الله عبد المطلب ... [257] ... فهاشم عبد مناف ينتسب
ابن قصي بن كلاب و انسب ... [258] ... مرة كعب بن لؤي غالب
هو ابن فهر بن مالك إلى ... [259] ... نضر كنانة خزيمة علا
مدركة إلياس و هو بن مضر ... [260] ... ابن نزار بن معدٍّ اشتهر
هو ابن عدنان إلى الذبيح ... [261] ... ينسب قطعًا و هو في الصحيح
و أمه آمنة تنتسب ... [262] ... لوهب من عبدمناف نسبوا
لزهرة ابن كلاب اتصلا ... [263] ... بالنسب الذي ذكرنا أولا
وقد حمى الله أصول المصطفى ... [264] ... من السفاح الجاهلي حتى صفا
ذكر مولده صلى الله عليه و سلم
مولده كان بعام الفيل ... [265] ... و نقل الخلاف عن قليل
ثاني عشْر من ربيع الأول ... [266] ... في يوم الاثنين بلا تحوّل
مات أبوه في زمان حمله ... [267] ... على أصحّ ما أتى في نقله
وكم بدا في ليلة الميلاد ... [268] ... من آية في سائر البلاد
منها سطوع النور في الأقطار ... [269] ... إضاءة كذا خمود النار
وارتجّ إيوان لكسرى و سقط ... [270] ... منه الشرافات إلى الأرض تحط
ذكر حواضنه صلى الله عليه وسلم
له ثويبة من الحواضن ... [271] ... مولاة عمِّه و أم أيمن
وظئره بعد بدون ريب ... [272] ... حليمة بنت أبي ذؤيب
حتى أقام عندها حولين أو ... [273] ... أكثر من ذلك أقوال رووا
وشقَّ صدره هناك و غسل ... [274] ... ثمَّ ملي بحكمة نصًّا نقل
ثم لأمِّه أعيد آمنا ... [275] ... ينبته اللهُ نباتًا حسنا
وقبضت وهو ابن ستٍّ ونقَل ... [276] ... ابن ثمان الأموي و هو معل
ثم ربي في حجر جدِّه إلى ... [277] ... أن مات وهو ابن ثمان كملا
لمَّا قضى أوصى أبا طالب به ... [278] ... فلم يزل أحنى عليه من أبه
حتى إذا جاء بحيرا الرَّاهب ... [279] ... حار لما رأى من المواهب
إذ نزلوا مال إليه الظلُّ ... [280] ... كذا له غمامة تظلُّ
وقد رأى فيه من الصفات ... [281] ... ما جاء في الإنجيل والتوراة
وقد خشي عليه من حُسَّدِه ... [282] ... ولم يزل مناشدا بردِّه
وكان سنِّهُ اثنتا عشرة في ... [283] ... سفرته تلك بلا توقف
وكان حرب الأمة الفجار ... [284] ... وهو لدى العشرين في آثار
وجاء عنه أنه قد شهدا ... [285] ... حلف الفضول وبذاك شهدا(1/10)
تحالفت قريش سكان الحرم ... [286] ... أن ينصفوا المظلوم ممَّن قد ظلم
وثانيًا سفرته متّجرا ... [287] ... للشام مع خديجةٍ مستأجرا
وهو ابن عشرين وخمس عمره ... [288] ... ومعه كان الغلام ميسره
وقد رأى له من الآيات ما ... [289] ... يزيد عمّا قبله تقدَّما
وبعد أن قد آب إياها خطب ... [290] ... وهي من أوساط قريش في النسب
وهي التي قد بادرت تصديقهْ ... [291] ... عن ربهِ و كانت الصِّدِّيقَهْ
وهي التي منها جميع من ولدْ ... [292] ... ما غير إبراهيم فافهم ما وردْ
وقد بَنَتْ قريش البيت ولهْ ... [293] ... إذ ذا ثلاثون و خمس كاملهْ
واختلفوا في شأْنِ وضع الحجر ... [294] ... فحكّموهُ فيه نصُّ الأثر
بحيث في ردائه قد وضعهْ ... [295] ... وكلُّهم بطرف قد رفعهْ
وبينهم كان اسمه الأمينا ... [296] ... لخلق قد حازه مبينا
ذكر بدء الوحي إليه صلى الله عليه وسلم
قد بشرت به جميع الرُّسل ... [297] ... كذاك في كلِّ كتاب منزل
عناه بالدعوة إبراهيم ... [298] ... كذا به قد بشَّر الكليم
ثم به عيسى المسيح بشَّرا ... [299] ... بأنَّه من بعده بلا مرا
و في الكتابين صفاته أتى ... [300] ... تفصيلها بلا ارتياب ثبتا
و أخبر الأحبار والرهبان ... [301] ... عنه بما جاء به التبيان
هواتف الجن به قد نطقوا ... [302] ... و قد رمي بالشهب المسترق
كذا عليه سلم الأحجار ... [303] ... من قبل أن يبعث و الأشجار
وكان في غار حراء يعبد ... [304] ... مولاه مدة لها يزود
حتى أتاه الحق في غار حرا ... [305] ... وهو على ذاك وكان لا يرى
رؤيا لدى المنام إلا تاتي ... [306] ... كفلق الصبح على استثبات
ثم أتى جبريل بالتنزيل ... [307] ... إليه تبليغا عن الجليل
أول ما أنزل صدر القلم ... [308] ... إلى انتها آية مالم يعلم
فعاد راجفا فؤاده بها ... [309] ... إلى خديجة فإذ أنبأها
فصدقت بادئ بدء خبره ... [310] ... ولابن نوفل غدت مبشره
ثم دعا به فلما أن تلا ... [311] ... قال ابشرن هذا الذي قد أنزلا
على الكليم و الذي نجزم به ... [312] ... إيمانه بالوحي حقا فانتبه
وبعد ذا فالوحي عنه فترا ... [313] ... في سنتين أو ثلاث أثرا
وبعدها أرسل بالمدثر ... [314] ... للناس كلا جنهم و البشر(1/11)
فقام بالتبليغ للرسالة ... [315] ... بالحق منذرًا أولي الضلالة
مبشرًا لمن أطاعه بأن ... [316] ... يسعد في الدارين فضل ذي المنن
أول مؤمن من الرجال ... [317] ... به أبو بكر و من موالي
زيد ومن غلمانهم عليُّ ... [318] ... بلال من رقيقهم وليُّ
كذا خديجة من النساء ... [319] ... أول من حاز ذرى العلياء
و آمنوا بدعوة الصديق ... [320] ... لله قوم من أولي التوفيق
كسعد والزبير طلحة كذا ... [321] ... عثمان وابن عوف ثم بعد ذا
أبو عبيدة و غيرهم إلى ... [322] ... أن كان في الإسلام جمع دخلا
وكانت الدعوة سرًّا أولا ... [323] ... نحو ثلاث من سنين كملا
ذكر جهره صلى الله عليه و سلم بالدعوة إلى الله تعالى, وما ناله من الأذى من أجل ذلك و من آمن به
وبعدها بالصدع جهرًا أُمرا ... [324] ... فقام بين الأقربين منذرا
حتى إذا جاء الصفا و صعدا ... [325] ... أعلاه ناداهم بأبلغ الندا
فعم ثم خص بالتحذير ... [326] ... نذارة من نقمة القدير
ولم يكن أسوأ من أبي لهب ... [327] ... ردًّا على ابن أخيه المنتخب
وبالغ الكفار في أذيته ... [328] ... وفي إذاء مستجيب دعوته
ضربًا وحبسًا و إهانةً و قد ... [329] ... حماه ذو العرش المهيمن الصمد
هذا ولما ازداد ظلم الظلمه ... [330] ... آذن أن يهاجروا لأصحمه
هو النجاشي فسار منهموا ... [331] ... إليه من فوق الثمانين هم
وقد تمالأت قريش أجمعا ... [332] ... أن يقتلوا النبي فلما اجتمعا
شعبا بني هاشم و المطلب ... [333] ... مع عمه على حماية النبي
أجمع كلهم على قطعهموا ... [334] ... فمكثوا ثلاثًا في شعبهموا
فاشتد جدًّا بهم البلاء ... [335] ... و الجهد والغلاء و العناء
فقام رهط هم من الكرام ... [336] ... وأنكروا قطيعة الأرحام
ومزقوا صحيفة الظلم التي ... [337] ... قد أجمعوا فيها على القطيعة
وذاك عام العشر بعد بعثته ... [338] ... وفيه قد كان وفاة زوجته
كذا وفاة عمه الذي به ... [339] ... قد حاطه الرحمن من طلابه
وقد تلا النجم فلما سجدا ... [340] ... تابعه مسلمهم ومن عدا
وحينما قد شاع ذلك النبا ... [341] ... آب إليه بعض من قد غربا
و دخلوا مكة بالجوار ... [342] ... و بعضهم معذب في الباري(1/12)
ذكر الإسراء و المعراج, و عرضه صلى الله عليه و سلم نفسه على قبائل العرب ليؤاووه حتى يبلغ رسالة ربه عز و جل
وبعد ذا قد كان الإسراء كما ... [343] ... جاء الكتاب والعروج للسما
لمستوى و حيث شاء الله ... [344] ... كما هو الأدرى بمنتهاه
وكان ذا بالروح وبالجسم بلا ... [345] ... شك وكم نص به قد نقلا
و فرضت هنالك الصلاة ... [346] ... عليه وانجلت له الآيات
وفي صباح ذلك اليوم أتى ... [347] ... جبريل للخمس غدا موقّتا
و عندما أخبر بالإسراء ... [348] ... ناديهم زادوا بالافتراء
وبعد ذا كان انشقاق القمر ... [349] ... قد جاء في الآي و بالتواتر
هذا و قد نالت قريش منه ما ... [350] ... لم تك من قبل تنال سيما
من بعد موت عمه وقد ذهب ... [351] ... يدعو ثقيفًا للهدى فلم تجب
ولم يكن أقبح منهم ردّا ... [352] ... عليه في شأن الذي قد أدّى
وفي مآبه استماع الجن له ... [353] ... كما بالأحقاف و أخرى كامله
وعاد غير آمن للحرم ... [354] ... بل بالدخول في جوار المطعم
وذاك أعلى أسوة لمن دعا ... [355] ... إلى سبيله أيا من قد وعى
ولم يزل يعرض نفسه على ... [356] ... كل قبيلة و يدعوهم إلى
هداية الله فكل أنكرا ... [357] ... لِمَا للأنصار الإله ادخرا
ذكر وفد الأنصار الذين هم كتيبة الإيمان و أنصار الرحمن
لما أراد الله للإنجاز ... [358] ... موعده الرسول بالإعزاز
بينا النبي يدعو الوفود إذ وجد ... [359] ... رهطًا من الخزرج أرباب الرشد
هم ستة أو فوقهم فوفقوا ... [360] ... لما دعاهم آمنوا فصدقوا
ثم دعوا قومهموا إذ آبوا ... [361] ... إلى الهدى الذي له استجابوا
فجاءه من قابل اثنا عشرا ... [362] ... فبايعوه صادقين لا افترا
وهم من الخزرج عشرة و من ... [363] ... أولاد أوس اثنان نقل من فطن
و طلبوا معلما فأرسلا ... [364] ... مصعب مقرئًا لهم ما أنزلا
حتى فشى الإسلام فيهم و دخل ... [365] ... في كل أهل دارهم بلا جدل
هذا ولما كان عامًا قابلا ... [366] ... جاء ثلاثة وسبعون ولا
و امرأتان اتّعدوا بالعقبة ... [367] ... لبيعة الهادي على ماطلبه
و النقباء منهم اثنا عشرا ... [368] ... كالنقبا من قوم موسى الأمرا(1/13)
فبايعوه ثم كان القيل ... [369] ... لا نستقيلها و لا نقيل
و بعد أن آبوا إليهم هاجرا ... [370] ... من كان مسلمًا من الشرك برا
ليعبدوا الله بدار الأمن في ... [371] ... يثرب واثقون بالوعد الوفي
ذكر هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مصداقا لما في الصحف الأولى أنه يهاجر إلى ذات نخل بين حرتين
وهاجر النبي بعد الإذن له ... [372] ... من قبل الله الذي قد أرسله
بعد ثلاث عشرة من بعثته ... [373] ... ربيع أول و أصل هجرته
مكر قريش به ليثبتوه ... [374] ... أو يقتلوه أو ليخرجوه
وأجمعوا لقتله فأرصدوا ... [375] ... رجالهم للفتك حين يرقد
فجاءه الروح الأمين مخبرا ... [376] ... عن مكر الأعداء له محذرا
فبات في مكانه علي ... [377] ... ثم عليهم خرج النبي
ونثر الترب على رؤوسهم ... [378] ... وخاب ما راموه في نفوسهم
ثم مضى النبي والصديق ... [379] ... للغار والكفار لم يفيقوا
فمكثوا فيه ثلاثا ريثما ... [380] ... تخفى على العدو أخبارهما
حتى إذا أدركهم سراقه ... [381] ... أتاه ما ليس به من طاقه
حيث به جواده قد عثرا ... [382] ... لو لم يفق ساخ لأطباق الثرى
لكنه الأمان منهما طلب ... [383] ... بشرط أن يرد عنهما الطلب
هذا وقد جازا بأم معبد ... [384] ... وشاهدت من معجزات أحمد
وقدما قباء لاثني عشرا ... [385] ... من ذلك الشهر كما قد أثرا
و قام فيهم بضع عشرة و قيل ... [386] ... أقل أو أكثر من ذا بقليل
وأسس المسجد إذ ذاك على ... [387] ... تقوى من الله كما قد أنزلا
و قدم المدينة الرسول في ... [388] ... دار أبي أيوب خالد الوفي
ولم يزل في داره حتى بنا ... [389] ... مسجده والحجرات ساكنا
وكان في ذلك للأنصار ... [390] ... في الدين والدنيا على الفخار
و فضلت بذلك المدينه ... [391] ... في الأرض لا عن مكة الأمينه
و أظهر اليهود للشقاق ... [392] ... بين مجاهر و ذي نفاق
حتى استفزوا من عليه قدروا ... [393] ... وجحدوا ما عندهم مسطر
من صفة النبي في التوراة ... [394] ... و أنه بدون شكٍّ آت
فشاهدوا الحق وعنه انصرفوا ... [395] ... و أنكروا بالبغي ما قد عرفوا
وهم قريظة كذا النظير ... [396] ... و قينقاع كلهم مبير(1/14)
فانتقم الله تعالى منهم ... [397] ... كما سيأتي ما نقص عنهم
بالسبي و الجلاء و الإذلال ... [398] ... و قتل آخرين في الأغلال
وبعد هجرة النبي ليثربا ... [399] ... عليهم الجهاد فرضًا كتبا
ليدخل العباد في الإسلام ... [400] ... طوعًا وكرهًا دونما ملام
حتى له انقادوا و فيه دخلوا ... [401] ... و نكسوا أعداءه و زُلزِلوا
و مبتدا التاريخ في الإسلام ... [402] ... من هجرة النبي وذا في عام
سبعة عشر أو ثمان عشر ... [403] ... في دولة الفاروق كان فادر
السنة الأولى من الهجرة
في صدرها كان بناء المسجد ... [404] ... واستقبلوا المقدس عندما ابتدي
كذا المؤاخاة بلا إنكار ... [405] ... بين المهاجرين و الأنصار
تسعون نصفهم من الأنصار ... [406] ... والنصف أهل هجرة المختار
و قد بنا الرسول بالصديقه ... [407] ... في شهر شوال فخذ تحقيقه
وكان عقده بها من قبل ذا ... [408] ... بسنتين بعد سودة خذا
كذاك زيد في صلاة الحضر ... [409] ... ثاني عشر من ربيع الآخر
كذاك مشروعية الأذان ... [410] ... عند المواقيت بلا نكران
وفيه بعث حمزة للعير ... [411] ... في رمضان دونما نكير
و هم ثلاثون مهاجرون ما ... [412] ... فيهم من الأنصار شخص علما
ثم عبيدة بشوال إلى ... [413] ... رابغ كان بعثه قد نقلا
ستون كلّهم مهاجري ... [414] ... ما فيهموا يذكر أنصاري
وبعث سعد كان في ذي القعدة ... [415] ... معترضًا لعير أهل مكة
ومعه عشرون راجلاً و هم ... [416] ... فيما روي مهاجرون كلّهم
و آخرون ذي السرايا ذكروا ... [417] ... ثاني عام ذا لديهم يؤثر
السنة الثانية من الهجرة
فيها وقوع غزوة الأبواء ... [418] ... حمزة فيها صاحب اللواء
فوادعته ضمرة بدون شر ... [419] ... وكان هذا الأمر في شهر صفر
وكان في شهر ربيع الأول ... [420] ... غزا بواط وهو موضع يلي
رضوى بنحو مائتين راكبا ... [421] ... معترضًا عير قريش طالبا
وكان مع سعد لواؤه و لم ... [422] ... يكن بها حرب ولم يلق ألم
و بعد ذا بمدة يسيره ... [423] ... أي في جمادي غزوة العشيره
مع حمزة لواؤه و وادعا ... [424] ... فيها بني مدلج ثم رجعا
و بليال بعدها أغارا ... [425] ... كرز على سرحهموا فسارا(1/15)
يطلبه الرسول حتى وصلا ... [426] ... بدرًا ففاته فكر مقبلا
وسميت غزوة بدر الأولى ... [427] ... لما سيأتي فافهم المنقولا
وبعدها بعث ابن جحش و معه ... [428] ... من المهاجرين ضعف الأربعه
وكان قتل عمرو بن الحضرمي ... [429] ... فيها و أخذ عيره في المغنم
وكان في أول يوم من رجب ... [430] ... فاستعظم النبي ذا و هو السبب
لآية الجواب عن سؤال ... [431] ... أئمة الكفر عن القتال
في الأشهر الحرم و كانت سببا ... [432] ... للبطشة الكبرى كما جاء النبا
و بعد ذا القبلة حولت إلى ... [433] ... كعبة إبراهيم حيث نزلا
بذلك الأمر من الله الصمد ... [434] ... يوم الثلاثاء نصف شعبان ورد
واعترضت في ذلك اليهود ... [435] ... سفاهة فليرغم الحسود
مع علمهم وليس منهم بعجب ... [436] ... هم الأذلون و أمة الغضب
كذاك فيه فرض الصيام ... [437] ... أي رمضان مابه إيهام
و قبله المفروض عاشوراء ... [438] ... فصار بعده لمن يشاء
وبعده فرض زكاة الفطر ... [439] ... شرعية الصلاة للعيد ادر
و الفرض للزكاة ذات النصب ... [440] ... قرينة الصلاة فافهم تصب
و بعدها غزوة بدر كانت ... [441] ... و هي التي الأعدا بها استكانت
أعني بذاك غزوة الفرقان ... [442] ... يوم اللزام والتقا الجمعان
والبطشة الكبرى التي بها انتقم ... [443] ... ربُّ السما والأرض من آل الصنم
وذاك أن المصطفى قد سمعا ... [444] ... قدوم عير لقريش فدعا
إليهموا وقد مضت ليالي ... [445] ... من رمضان ثم في الأموال
كان أبو سفيان لمّا أخبرا ... [446] ... أرسل ضمضمًا قريشًا مخبرا
لأيِّ أمر قد قضاه الله ... [447] ... جل و لا دفع لما قضاه
فالتقيا من غير ما ميعاد ... [448] ... إذ شاء قطع دابر الفساد
وكان من مع الرسول قد نفر ... [449] ... فوق الثلاثمائة بضع عشر
و المشركون فوق تسعمائة ... [450] ... و دون ألف صحَّ في الرواية
وقد أري الرسول حين ناما ... [451] ... في قلِّة أعداءه اللئاما
و قد رأى كل من الخصمين ... [452] ... قلَّة ضدِّه برأي العين
و حالة اللقا قريش عاينوا ... [453] ... صحب الرسول ضعفهم فوهنوا
وكان ذاك يوم سابع عشر ... [454] ... من رمضان فادره ممَّن أثر(1/16)
و حينما تقابل الصفان ... [455] ... واصطدما في المعرك الخصمان
رفع الرسول كفي الدعا ... [456] ... إلى المهيمن المجيب من دعا
فجاءه من السماء المدد ... [457] ... فلم يفد حزب اللّعين العدد
وانهزم الجمع وولَّوا الدبر ... [458] ... كما قضى الرحمن ذاك في الزبر
و نكص الشيطان للفرار ... [459] ... و قال ما أنا لكم بجار
فانكشف الغبار عن سبعينا ... [460] ... قد قتلوا و أسروا سبعينا
و قذفوا ببئر بدر كلهم ... [461] ... ووقف النبي مبكتًا لهم
أن قد وجدنا ما وُعدنا حقَّا ... [462] ... فهل وجدتم ما وعدتم حقَّا
وسمعوا القول و لو أجابوا ... [463] ... لكان قول نعم الجواب
وقد مضت سنَّة ذي العرش بذا ... [464] ... فكل باغ فجزاءه كذا
و من صحابة النبي استشهدا ... [465] ... عشرة مع أربعة لا أزْيَدا
وسورة الأنفال فيها أنزلت ... [466] ... وهي على تفصيل ذاك اشتملت
و بينت تفصيل قسم المغنم ... [467] ... والخمس تبيانًا مزيح الغمم
و عوتب الرسول في أخذ الفدا ... [468] ... ثم أحلَّه الرحيم أبدا
وكان في ذا أوضح الدَّلالة ... [469] ... قطعًا بصدق صاحب الرسالة
وكم من الوحي صريحًا وردا ... [470] ... في فضل من غزوة بدر شهدا
وبعدها قد نجم النفاق ... [471] ... في حسّد وانكَمَت الشقاق
وكان بعد ذاك غزوة إلى ... [472] ... بني سُلَيم ثم عاد قافلا
بعد مقامه ثلاثة على ... [473] ... ماء لهم فلم يجد مقاتلا
وبعد ذاك غزوة السَّويق في ... [474] ... ذي الحجَّة افهمه بلا توقُّف
و كان طالبًا أبا سفيان ثم ... [475] ... لم يدركوه إذ فرارًا فاتهم
السنة الثالثة من الهجرة
في صدرها غزوته لذي أمر ... [476] ... وعاد من بعد مقامه صفر
ثم غزا بعد لنحو الفرع ... [477] ... آخر أول الربيعين فع
وكان غزوة إلى اليهود ... [478] ... من قينقاع أمَّة الجحود
لكنه أطلقهم لمّا اعترض ... [479] ... في أمرهم ابن سلول ذو المرض
لأنه له ادعاهم أوليا ... [480] ... أما عبادة فمنهم بريا
وأنزلت في ذاك آي واعظه ... [481] ... في رابع الطوال من أقوى عظه
وفي جمادي بعث النّبي إلى ... [482] ... عير قريش و عليها حصلا
وكان في البعث الأمير زيدا ... [483] ... فغنموها لم يلاقوا كيدا(1/17)
وكان فيها قتل ابن الأشرف ... [484] ... أذاقه الأنصار حدّ المشرف
وبعد ذاك أحد قد وقعا ... [485] ... للمسلمين الحسنيين اجتمعا
فأولاً للانتصار حازوا ... [486] ... و بشهادةٍ أخيرًا فازوا
سبعون منهم أكرموا و الله لا ... [487] ... يضيع أجر المحسنين عملا
ونيل فيه من رسول الله ما ... [488] ... يكفيك أسوة أيا من فهما
وآخرون بالجراحات ابتلوا ... [489] ... ليعظم الله جزا من عملوا
وكل ذا كان بإذن الله ... [490] ... لا غافلاً عنهم ولا بساه
ولو يشا عز وجل لانتصر ... [491] ... منهم ولم ينل ذوي الإيمان شر
لكنه أراد أن يمتحنا ... [492] ... ويعلم المرتاب ممن آمنا
ثم تكون بعد ذاك الدائرة ... [493] ... على الكفور اليوم أو في الآخرة
ولأولي الإيمان عقبى الدار ... [494] ... و الظفر الأعلى بالانتصار
واثنين أو فوق بقبر دفنوا ... [495] ... ضرورة إذ غير ذا لا يمكن
ولم يكن صلّى عليهم في الأصح ... [496] ... ودفنهم لم يغسلوا بالنصِّ صح
وقد دعى الرسول من قد شهدا ... [497] ... فانتدبوا إلى اللحوق بالعدا
فسار حتى جاء حمراء الأسد ... [498] ... وعاد مصحوبًا بنعمة الصمد
و جاء في تفصيل ذا آيات ... [499] ... من آل عمران مبينات
من قوله{و إذ غدوت من} إلى ... [500] ... {ما كان}أي تسعًا وخمسون ولا
وكان يوم النصف من شوال ... [501] ... ذا الأمر في السبت بلا جدال
السنة الرابعة من الهجرة
فيها سرية إلى بني أسد ... [502] ... هم مائة من بعد خمسين فقد
فيها أبو سلمة أميرا ... [503] ... فاستاق فيها مغنمًا كثيرا
وكان في محرّم ثم قضى ... [504] ... بجرحه في أحد إذ نقضا
ثم سرية الرجيع في صفر ... [505] ... بهم عدوّ من هذيل قد غدر
ثم سرية لعمرو الضمري ... [506] ... للفتك بابن حرب إن لم يخبر
و بعدها سرية القراء ... [507] ... في صفر أيضًا بلا مراء
فقتلوا بغدر ذكوان معا ... [508] ... رعل عصيّة عصاة أجمعا
وعدهم سبعون ثم قد ثبت ... [509] ... أن النبي بعد ذا شهرًا قنت
يدعو على قاتلهم ثم ترك ... [510] ... وذا بكلّ نازل افعل بدون شك
وكان إجلاء بني النضير ... [511] ... من بعد ذا بزمن يسير
لمّا أرادوا بالرسول مكرا ... [512] ... و الله بالذي أسرّوا أدرى(1/18)
أتاه جبريل سريعًا بالخبر ... [513] ... أن قم وصبِّح بالجيوش من غدر
حاصرهم ستًّا فأنزلوا على ... [514] ... حكمه فكان ذلك الحكم الجلا
وسورة الحشر بذاك أنزلت ... [515] ... كذا لحكم كلّ فيء فصّلت
وذاك في شهر ربيع الأول ... [516] ... وجاء في الخمور تحريم جلي
ثمّ إلى غطفان غزوة تلي ... [517] ... وسميت ذات الرقاع فاعقل
و كان فيها قصة الذي أراد ... [518] ... بالمصطفى فتكًا فخاب ما أراد
وقصة الحالف أن يهريق في ... [519] ... صحب النبي دمًا وفا بالحلف
حيث رمى حرس النبي بأسهم ... [520] ... وهو يصلي مع نزف بالدم
وجابر قد باع فيها جمله ... [521] ... من النبي وردّوا القيمة له
وذاك في أثنا جماد الأولى ... [522] ... وفيه إشكال فع المنقولا
على الذي رواه أهل السير ... [523] ... وقال آخرون بعد خيبر
منهم محمد هو البخاري ... [524] ... وهو إمام ناقلي الأخبار
وذا يرى أوجه مما قدّما ... [525] ... ولاح في الأول أن قد وهما
برهاننا فيها شهود الأشعري ... [526] ... و وفده بعد انقضاء خيبر
كذا أبو هريرة و كانا ... [527] ... إسلامه في خيبر استبانا
كذلك ابن عُمَر و أول ... [528] ... مشهده الخندق فيما نقلوا
كذا صلاة الخوف فيها ذكروا ... [529] ... وكان الأحزاب وليست تذكر
بل كان في عسفان شرعيتها ... [530] ... بدءً و لا تعلم قط قبلها
وكان فيها غزوة بدر الموعد ... [531] ... في شهر شعبان بلا تردد
لكن أبو سفيان عنها اختلفا ... [532] ... والجيش ردّ وبوعد ما وفى
فيها ثمان قام ثمّ انقلبا ... [533] ... بنعمة من ربه ليثربا
و زيد فيها أخذ الكتابا ... [534] ... عن اليهود ليعي الخطابا
السنة الخامسة من الهجرة
فيها غزا أثنا ربيع الأول ... [535] ... لنحو دومة أضف للجندل
ولم يكن فيها قتال و رجع ... [536] ... من بعد شهر غانمًا كذا وقع
وكان فيها غزوة الأحزاب ... [537] ... في شهر شوال بلا ارتياب
أسبابها اليهود أمة الغضب ... [538] ... إذ بعثوا إلى قريش من ذهب
يحثّهم على القتال للنبي ... [539] ... و غزوه مع حزبه بيثرب
ونقضوا العهد الذي قد عقدوا ... [540] ... مع الرسول فاعتدوا و اتعدوا
بزعمهم للدّين أن يستأصلوا ... [541] ... و الله لا يهمل لكن يمهل(1/19)
فبادر النبي بحفر الخندق ... [542] ... برأي سلمان الصدوق المتّقي
وكم بحفره من الآيات قد ... [543] ... أظهرها الله لأرباب الرشد
وجاءهم من فوقهم وأسفلا ... [544] ... عدوّهم و اشتدّ إذ ذاك البلا
وزاغت الأبصار واشتدّ القلق ... [545] ... وعظم الزلزال للأمر الأشق
ونجم النفاق و استبانا ... [546] ... وازداد كلّ مؤمن إيمانا
وقد أساء الشَّاك الظنونا ... [547] ... بالله و ازداد التقي يقينا
واقتحم الخندق عمرو إذ حضر ... [548] ... ميقات حتفه فساقه القدر
نازله عليٌّ دون الخندق ... [549] ... فكان ضربة بها مات الشّقي
وانقلبت خيوله منهزمه ... [550] ... والرمح ألقى حين فر عكرمه
وكان قدر مدة الحصار ... [551] ... عشرين ثم جاء نصر الباري
بأن تخاذل العدا و اختلفوا ... [552] ... وكان في ذا لنُعَيم شرف
وأرسل الله عليهم ريحا ... [553] ... كذا جنودًا لم ترى صريحا
وقد دعا النبي مستغيثا ... [554] ... ربَّ السما فعاجلاً أغيثا
فردّهم بالغيظ لم ينالوا ... [555] ... خيرًا وقد أعناهم الزلزال
هذا ولما انقلب الرسول ... [556] ... لأهله إذ جاءه جبريل
فقال هل وضعتم السلاح لا ... [557] ... والله إنا لم نضعه اذهب إلى
بني قريضة الألى قد نكثوا ... [558] ... أيمانهم غدرًا ولم يكترثوا
فأذن الرسول يا من أسلموا ... [559] ... أن لاتصلوا العصر إلا فيهموا
حاصرهم خمسًا تلي عشرينا ... [560] ... ونزلوا من بعد خاسئينا
لحكم سعد بن معاذ فيهموا ... [561] ... بالقتل والسبي و مال يغنم
وكان قد وافق ذا الحكم الجلي ... [562] ... حكم الإله فوق عرشه العلي
فضربت أعناق كل محتلم ... [563] ... منهم بحكم الله والمال قسم
وأنزلت من أول الأحزاب ... [564] ... آي اعتبار لأولي الألباب
من قوله{يا أيها الذينَ} ... [565] ... إلى{قدير} جاء مستبينا
ومات سعد بعد ذا شهيدا ... [566] ... كان النبي له بذا شهيدا
وكان قتل ابن أبي الحقيق ... [567] ... بعد قريظة على التحقيق
وقتله كان بأيدي الخزرج ... [568] ... ليلاً ولم يكن له من مخرج
وكان بعد ذاك قتل خالد ... [569] ... ابن نبيح الهذلي المارد
عبد الإله ابن أنيس قتله ... [570] ... ففاز بالوعد الذي لا خلف له(1/20)
ثم تزوج النبي بنت أبي ... [571] ... سفيان ثم بعدها بزينب
و قد تولى الله عقدها كما ... [572] ... يتلى,بذي القعدة لا توهما
وأنزلت فيها من الأحزاب ... [573] ... آي و منها آية الحجاب
السنة السادسة من الهجرة
فيها غزا إلى بني لحيانا ... [574] ... و مال إذ فروا إلى عسفانا
و هي التي صلى بها الخوف كما ... [575] ... ذكرت في البحث الذي تقدما
أولى جمادى بعد ستة أشهر ... [576] ... بعد بني قريظة فليحصر
و كان فيها غزوة لذي قرد ... [577] ... وقيل صدر عام سابع ورد
وهي التي عيينة أغارا ... [578] ... فيها على سرح النبي فسارا
في أثرهم سلمة بن الأكوع ... [579] ... إذ ليس منه فارس بأسرع
فاستنقذ السرح و فروا هربا ... [580] ... و منهموا بعض المتاع استلبا
من قبل أن تدركه الخيول ... [581] ... و بعد في الجمع أتى الرسول
و بعدها غزا بني المصطلق ... [582] ... في شهر شعبان لدى المحقق
و قُتل المقتول منهم وسبي ... [583] ... باقيهموا وقسموا في النصب
و منهموا زوج النبي جويريه ... [584] ... و سبب العتق لسبيهم هيه
و قال فيها ابن سلول بئسما ... [585] ... قال لأصحاب الرسول الكرما
و سورة المنافقين أنزلت ... [586] ... في شأنه فأوضحت وفصلت
وجاء فيها عصبة بالإفك ... [587] ... و أنزلت فيه بدون شك
خمس تلي عشرًا من الآيات ... [588] ... من سورة النور مفصلات
من قوله:{إن الذين جاؤوا} ... [589] ... إلى{كريم}ساء الإفتراء
و برئت من ذلك الصديقه ... [590] ... كما هي البراء في الحقيقه
و ضُرب الحد الذين أفصحوا ... [591] ... في شأنها بإفكهم و صرحوا
و الرافضي يكفر حتى الآن ... [592] ... بهذه الآي من القرآن
و خرج الرسول كي يعتمرا ... [593] ... في شهر ذي القعدة من غير مرا
و صده قريش بالعدوان ... [594] ... و كان فيها بيعة الرضوان
وكان من أسبابها فيما أثر ... [595] ... لما النبي أرسل عثمان ذكر
أن قريشًا قتلوه فندب ... [596] ... للبيعة النبي فكلّ انتدب
لها وهم من بعد ألف أربع ... [597] ... من المئين فالجميع بايعوا
و انعقد الصلح بوضع الحرب في ... [598] ... عشر سنين و هو فتح ما خفي
و أن يعود عامه و يعتمر ... [599] ... من قابل و أن يرد من يفر(1/21)
منهم إليه و الذي إليهموا ... [600] ... يفر لا رد له عليهموا
و من يشأ في أحد العقدين ... [601] ... يدخل لا بأس بأي ذين
فكان في عقد قريش دخلا ... [602] ... بكر و للنبي خزاعة تلا
و ختم الكتاب ثم نحرا ... [603] ... هديًا مع التحليق حيث أحصرا
و اشتد ذا على الذين أسلموا ... [604] ... و الله والرسول منهم أعلم
و سورة الفتح المبين كلها ... [605] ... قد نزلت في شأن ذاك فاتلها
و حرَّم الله على النيران ... [606] ... جميع أهل بيعة الرِّضوان
و منهم استثني صاحب الجمل ... [607] ... إذ لم يبايع معهم بل اعتزل
و نزلت آيات الإمتحان ... [608] ... في هجرة النساء بالتبيان
و لا يحلُّ ردُّهنَّ أبدا ... [609] ... لمشرك مع صدق إيمان بدا
فيها سرية أبي عبيدة ... [610] ... في أربعين قاصدا ذا القصة
و بعث زيد و هو ابن حارثه ... [611] ... ثلاث مرَّات النَّبي باعثه
أولها إلى بني سليم ... [612] ... فرجعوا بمغنم عظيم
و ثانيًا إلى بني ثعلبة ... [613] ... أولى جمادي كان دون مرية
و غنموا فيها و ثالثًا إلى ... [614] ... عير أبي العاص بذا الشهر انجلا
و قد أجاره النبيُّ لابنته ... [615] ... زينب ثمَّ رد مع تجارته
و ذاك قبل الصلح فاعلمنه ... [616] ... ممَّا مضى دون ذهول عنه
كذا سرية ابن عوف تعلم ... [617] ... لدومة الجندل ثم أسلموا
ثم حديث العرنيين الأولى ... [618] ... قد حاربوا الله ومن قد أرسلا
و كفروا من بعد ما قد أسلموا ... [619] ... و قتلوا الراعي و سيق النعم
فأدركوا فصلبوا و قتلوا ... [620] ... و قطعت أيديهم والأرجل
و الحجُّ فيها عند قوم فرضا ... [621] ... كما نحاه الشافعيُّ وارتضى
و أرسل الرسول في ذي الحجة ... [622] ... إلى الملوك في سبيل الدعوة
فحاطب منهم إلى المقوقس ... [623] ... و ابن حذافة لكسرى فارس
وهب لحارث هو الغسّاني ... [624] ... و دحية لقيصر النصراني
لهوذة سُلَيط أعني العامري ... [625] ... وللنجاشي عمرو وهو الضمري
السنة السابعة من الهجرة
في صدرها غزوته لذي قرد ... [626] ... عند البخاري و للأول رد
و بعدها غزوته لخيبرا ... [627] ... كما به فتحا قريبا فسِّرا
و ما تخلَّف عنه من إنسان ... [628] ... من المبايعين في الرِّضوان(1/22)
إلا ابن عبدالله جابرًا و قد ... [629] ... أعطي سهمه و في الأجر بعد
و فتحت حصونها و غنمت ... [630] ... أموالهم بالقهر ثم قسمت
على ثلاثين و ستة أسهم ... [631] ... و كل سهم مائة فليفهم
فقسم النصف لفارس على ... [632] ... ثلاثة والرَّاجل السهم انجلا
وذاك بعد الخمس ثم فصلا ... [633] ... فيها ابن اسحاق الذي قد أجملا
و أسهم النبي لبعض ما شهد ... [634] ... لكن بإذن الشاهدين فاعتمد
و النصف قد أعد للنوائب ... [635] ... كالوفد والعدة فافهم تصب
و عامل النبيُّ أهلها على ... [636] ... شطر و إن شا فعليهم الجلا
و حرِّمت فيها لحوم الحمر ... [637] ... أعني به الإنسية افهم وأْثر
و أطعم السم رسول الله في ... [638] ... شاة بإذن الله منه قد كفي
و كان بعدها قدوم جعفر ... [639] ... ومن معه منهم وفد الأشعري
و في رجوع بصفية بنا ... [640] ... و هي أمُّ كل من قد آمنا
و فيه أيضًا حصره وادي القرى ... [641] ... و فتحه وقسم مغنم جرى
و عامل اليهود فيه مثلما ... [642] ... عامل أهل خيبر و حينما
جاء النبا يهود تيما بذلوا ... [643] ... صلحًا بجزية كذا قد نقلوا
و فيه إشكال إذ الجزية في ... [644] ... تاسع عام شرعت فليعرف
و فدك ممَّا أفاء الله ... [645] ... على رسوله و مصطفاه
كذا بها سرية الصديق ... [646] ... إلى فزارة و للفاروق
سرية إلى هوازن كذا ... [647] ... سرية لابن رواحة خذا
إلى يسير بن رزام الغادر ... [648] ... و أخذوا أخذ العزيز القادر
بعث إلى جهينة و قتلا ... [649] ... فيها أسامة الذي قد هللا
كذا أبو حَدْرد نحو الغابه ... [650] ... فعاد غانما بلا كآبه
كذا سرية الذي قد أمرا ... [651] ... من معه دخول نار سجرا
قال النبي في ذاك ليس لأحد ... [652] ... طاعة في معصية الله الصمد
و كان فيها عمرة القضاء ... [653] ... كما مضى العقد بلا مراء
وفي رجوعه الرسول قد نكح ... [654] ... ميمونة وهو حلال في الأصح
و بعث النبي سرية إلى ... [655] ... بني سليم و بها رد على
ابن الربيع زينبًا بالعقد ... [656] ... الأول عند علماء النقد
السنة الثامنة من الهجرة
أسلم فيها عمرو بن العاص مع ... [657] ... خالد عثمان بن طلحة ووقع(1/23)
بعث شجاع بن وهب الأسدي ... [658] ... إلى هوازن ففا بالرشد
وبعث كعب بن عمير لبني ... [659] ... قضاعة واستشهدوا فاستبن
وكان في أولى جمادي منها ... [660] ... غزوة مؤتة فحققنها
و زيد مع جعفر فيها استشهدا ... [661] ... و ابن رواحة فنعم الشهدا
و أخبر الرسول باستشهادهم ... [662] ... من قبل أن يجيء مخبر بهم
و فتح الله لهم على يد ... [663] ... خالد سيف الله غير مغمد
و بعث عمرو ولد العاص إلى ... [664] ... ذات السلاسل هنا قد نقلا
و قد أمده الرسول آخرا ... [665] ... بعصبة المهاجرين أمرا
عليهموا أمين هذي الأمه ... [666] ... أبو عبيدة بنص السنه
و فيهم الصديق والفاروق ثم ... [667] ... إذ لحقوا عمرًا غدا أميرهم
و جنبًا صلى بهم عمرو لما ... [668] ... كان من البرد شديدًا مؤلما
و قد أقره الرسول حينما ... [669] ... أخبره بعذره فليفهما
ثم سرية لسيف البحر ... [670] ... عليهموا عبيدة في الأمر
و كان فيها قصة الحوت كما ... [671] ... جا في الصحيحين بإسناد سما
هذا و لما أن أراد الله ... [672] ... إنجاز وعده لمصطفاه
بفتح مكة كما قد أنزله ... [673] ... في سورة الفتح بلا مجادله
عدا بنو بكر على خزاعه ... [674] ... ونكثوا الميثاق تلك الساعه
وساعدوهم من قريش السفها ... [675] ... بغيًا وعدوًا ليس فيهم من نهى
فأخبر الرسول عن ذا الأمر ... [676] ... ثم غزاهموا جزاء الغدر
في عشرة الآلاف فيما أثرا ... [677] ... و قيل بل قد سار في اثني عشرا
مخرجه لليلتين خلتا ... [678] ... من رمضان هكذا قد ثبتا
و ثبت الفطر بأثناء السفر ... [679] ... من فعله ثم به الجيش أمر
و الله أخفى عن قريش الخبر ... [680] ... حتى أتاهم النبي على قدر
و دخل الرسول فيها ساجدا ... [681] ... شكرًا لذي العرش على فتح بدا
و ركز الراية بالحجون ... [682] ... فكان فتحًا قرة العيون
فتحًا به كسرت الأصنام ... [683] ... و الشرك ذل وعلا الإسلام
فتحًا به استبشر أجمع الأنام ... [684] ... و طهر الله به البيت الحرام
و خطب النبي ثم أطلقا ... [685] ... قريشًا إذ ذاك وسمّوا الطلقا
و دخلوا في السلم منقادينا ... [686] ... لكل حكمه ومذعنينا
وكل أمر جاهلي وضعه ... [687] ... ورد حكمه إلى ما شرعه(1/24)
و أخبر الأمة أن الحرما ... [688] ... حرمته عادت كما تقدما
و للنبي ما حل إلا ساعه ... [689] ... و هو حرام لقيام الساعه
و أرسل الرسول خالدًا إلى ... [690] ... جذيمة ليس لهم مقاتلا
بل داعيًا فلم يعوا الإسلاما ... [691] ... قالوا صبأنا فاستباح الهاما
ضربًا وأسرًا فانتهى الأمر إلى ... [692] ... محمد الرسول ثم أرسلا
لهم عليًّا فودي من قتلا ... [693] ... منهم ورد مالهم و أكملا
وقد تبرأ الرسول معلنا ... [694] ... من صنع خالد بهم وما جنى
و بعد ذا أرسله ليهدما ... [695] ... لصنم العزى فلما هدما
و عقرت شيطانه ثم غنم ... [696] ... ما كان من مال بيته علم
و مكث الرسول باقي الشهر ... [697] ... بمكة مع قصره و الفطر
و أمر المقيم بالإتمام ... [698] ... كذاك لا عذر من الصيام
و للفراش قد قضى بالولد ... [699] ... كما استبان في الحديث المسند
و حرمت شفاعة الحدود من ... [700] ... بعد بلوغها الإمام فاستبن
و بعدها غزا هوازنًا و في ... [701] ... ذاك حُنينًا يومه غير خفي
و كان فيها بعض من تؤلفا ... [702] ... فانجفلوا عن الرسول المصطفى
و قوله أنا النبي لا كذب ... [703] ... منتسبًا أنا ابن عبد المطلب
و معه أكابر الأخيار ... [704] ... من المهاجرين و الأنصار
ناداهم العباس حين أمره ... [705] ... يا آخذي البيعة تحت الشجره
فانحدروا كل يؤم الصوتا ... [706] ... وآثروا على الحياة الموتا
فعند ذلك الوطيس قد حمي ... [707] ... و اشتد في معركة المزدحم
ثم رمى الرسول بالحصباء ... [708] ... وجوههم أي أوجه الأعداء
فانهزموا إذ ذاك مدبرينا ... [709] ... و تركوا الأموال و الأهلينا
و أصبحت للمسلمين مغنما ... [710] ... و للخيول و الرجال أسهما
و بعدها الطائف شهرًا حوصرا ... [711] ... و لم يكن فتح لأمر قدرا
و هو قدومهم بثاني العام ... [712] ... جميعهم سعيًا إلى الإسلام
و في رجوعه الرسول أطلقا ... [713] ... سبي هوازن كما قد حققا
و قسم الأموال ثم آثرا ... [714] ... قومًا تألّفًا لهم بما يرى
لم ينل الأنصار شيئا منها ... [715] ... بحيث كانوا أغنياء عنها
فالناس يرجعون بالحطام ... [716] ... و هم بحوز سيد الأنام(1/25)
واعترض المنافقون و الجفاه ... [717] ... عليه في قسمته بما رآه
لكن على أذاهموا قد صبرا ... [718] ... و ما إليه نسبوا منه برا
و بعدها أهل بالعمرة من ... [719] ... جعرانة و سميت بها فدن
في شهر ذي القعدة من غير مرا ... [720] ... و لم يحلق النبي بل قصّرا
ثم انثنى منها إلى المدينةِ ... [721] ... فيما بقي من بعض شهر الحجةِ
السنة التاسعة من الهجرة
كان بها غزو تبوك في رجب ... [722] ... و قصده الروم فإذ ذاك انتدب
معه ثلاثون من الآلاف ... [723] ... مقاتلون كلّ ذي خلاف
وابن سلول عنه قد تخلفا ... [724] ... في حزبه وبعض من قد خلفا
عذرهم الحاجة إذ لم يجدوا ... [725] ... نفقة وآخرون وجدوا
لكن لبطئ نية تأخروا ... [726] ... مثل الثلاثة الذين ذكروا
و آخرون أغنيا فاختاروا ... [727] ... تخلفا ما لهم اعتذار
و رغب النبي ذوي اليسار ... [728] ... في أن يجهزوا ذوي الإقتار
و قد أتى أن ابن عفان على ... [729] ... ثلاثمائة بعير حملا
كلا مع الأحلاس و الأقتاب ... [730] ... و كل لازم بلا ارتياب
و لعلي الرسول استخلفا ... [731] ... في أهله من أجل ذا تخلفا
أنزله النبي ذو التكريم ... [732] ... منزل هارون من الكليم
لا في النبوة التي قد ختما ... [733] ... بناؤها بأحمد و تمما
فلا نبيّ بعده و مدعي ... [734] ... ذا كافر مع مؤمن به فع
و أهل أيلة الرسول صالحا ... [735] ... و أهل جرباء و أهل أذرحا
و لأكيدر النبي قد أرسلا ... [736] ... خالد ثم صلحه قد نقلا
أقام عشرين و بعدها قفل ... [737] ... لدار هجرة وبأسًا لم ينل
و كان في طريقه قد راموا ... [738] ... فتكًا به الأخابث اللئام
من المنافقين لكن قد كفي ... [739] ... منهم بإذن الله ذي الوعد الوفي
و افتضحوا قضية لا تستر ... [740] ... و لعذاب في الجحيم أكبر
و مسجد الضرار أيضًا هدما ... [741] ... لأمره بذاك حين قدما
وتاب ذو العرش على من صدقا ... [742] ... من المخلفين لا من نافقا
و للثلاثة الذين خُلّفوا ... [743] ... طول حديث في الصحيح يُعرف
و بعدها في رمضان قدموا ... [744] ... وفد ثقيف للنبي فأسلموا
و بعث الرسول معهم من هدم ... [745] ... طاغوتهم وبيت ماله قسم(1/26)
وأمر النبي على الحج أبا ... [746] ... بكر وبعده عليّ صحبا
مبلّغًا عن الرّسول أوّلا ... [747] ... سورة توبة ليتلوها على
مجامع الناس لدى المواسم ... [748] ... ولا يحج بعد غير مسلم
ولا يحلّ أن يطوف أبدا ... [749] ... بالبيت عريان كذاك أسندا
وكثر الوفود في ذا العام ... [750] ... لرغبة الدخول في الإسلام
فلنسرد الآن الذي تيسّرا ... [751] ... مبين سابق وما تأخرا
و فد تميم ثم فيهم نزلت ... [752] ... في الحجرات آيتان إذ علت
أصواتهم على النبيّ بالندا ... [753] ... و وفد عبدالقيس لكن قد بدا
أن قدومهم على الأصح ... [754] ... على النبيّ كان قبل الفتح
ثم بنو حنيفة و فيهموا ... [755] ... كذابهم وأمروا أن يهدموا
بيعتهم مع اتخاذ المسجد ... [756] ... مكانها للصلوات فاقتد
و وفد نجران وفيهم نزلا ... [757] ... من ابتداء آل عمران إلى
رأس ثلاث وثمانين و قد ... [758] ... صالحهم نبينا كما ورد
وفد بني عامر فيهم عامر ... [759] ... أصابه الطاعون و هو غادر
و معه أربد في المشاققه ... [760] ... فأرسل الله عليه الصاعقه
فأهلكا جزاء ما قد أجرما ... [761] ... و أسلم الباقون من قومهما
و أنزلت في ذلك الآيات ... [762] ... من سورة الرعد مبينات
ثم ضمام ذو الفلاح وافدا ... [763] ... عن قومه سعد بن بكر فغدا
أبرك وافد بحيث أسلموا ... [764] ... من يومهم كلا وما تلعثموا
و وفد طيء مع زيد الخيل ... [765] ... و أسلموا لله دون ميل
قدوم نجل حاتم وهو عدي ... [766] ... بعد فراره إلى الحق هدي
و وفد دوس و هو فيما ثبتا ... [767] ... بخيبر حيث الطفيل قد أتى
إلى النبي بمكة و أسلما ... [768] ... ثم دعا دوسًا إلى أن تسلما
كذا قدوم الأشعريين الغرر ... [769] ... و هم أُهيل الهجرتين بالأثر
إذ هاجروا إلى النجاشي أولا ... [770] ... ثم ليثرب بخيبر تلا
وابن مسيك فروة المرادي ... [771] ... أي وافدًا عن قومه مراد
و وفد عمرو بن معد يكربا ... [772] ... خلفًا لنا في كونه قد صحبا
كذا قدوم صرد في الأزد ... [773] ... و وفد الأشعث بن قيس الكندي
رسل ملوك حمير بأنهم ... [774] ... قد أسلموا بلا امتراء كلهم
وذاك حين قدم الرسول من ... [775] ... تبوك والكاتب عنهم ذو يزن(1/27)
و كتب النبي لهم كتابا ... [776] ... و بيّن الأحكام و النصابا
و هو كتاب عمرو بن حزم ... [777] ... و ذاك أصل عند أهل العلم
و جاء مسلمًا جرير البجلي ... [778] ... كذاك مقدم ابن حجر وائل
وفد أبي رزين العُقَيلي ... [779] ... و هو راوي النّبا الطويل
و هو حديث واضح التبيين ... [780] ... فيه كثير من أصول الدين
زياد بن الحارث الصدائي ... [781] ... و فدًا أتى عن قومه صداء
و الحارث البكري إذ يشكو الملا ... [782] ... و ابن أبي عقيل جاء في الملا
قدوم طارق بن عبد الله ... [783] ... مع قومه فأسلموا لله
قدوم فروة الجذامي مسلما ... [784] ... و قتلته الروم لما أسلما
كذا تميم بن أوس الداري ... [785] ... إذ جاء مسلمًا بلا إنكار
وفد فزارة و وفد أسد ... [786] ... ومنهموا وابصة بن معبد
وفد بني عبس قُبيل الفتح ... [787] ... بل إنهم لا شك قبل الصلح
وفد بني مرة واستسقى النبي ... [788] ... لهم لكونهم في أرض جدب
وفد بني ثعلبة في سنة ... [789] ... ثمان و الرسول بالجعرانة
وفد بني محارب في عشر ... [790] ... في حجة الوداع دون نكر
وفد بني كلاب ثم سلّموا ... [791] ... على النبي تحية و أسلموا
وفد بني رؤاس من كلاب ... [792] ... ثم بني البكا بلا ارتياب
وفد بني عقيل بن كعب ... [793] ... كذا بنو قشير بن كعب
وفد كنانة و وفد أشجع ... [794] ... بأهله هم عقب الفتح فع
وفد بني سُليم قبل الفتح ثم ... [795] ... قد شهدوه و حنينًا كلهم
وفد بني هلال بن عامر ... [796] ... وفد بني بكر وتغلب دري
وفد تجيب من أهيل اليمن ... [797] ... و وفد خولان بعشر فافطن
و وفد جعفي ووفد الأزد ... [798] ... و كان فيهم من خصال الرشد
وفد بني سعد هذيم وفد ... [799] ... بهرًا و وفد عذرة و بعد
وفد بلي و فيهم السائل عن ... [800] ... ملتقطٍ ما حكمه و ما يسن
و وفد غسان بعام العاشر ... [801] ... و كتموا إيمانهم في الأثر
و وفد غامد بعشر قدموا ... [802] ... والنخع آخر الوفود يعلم
في حادي العشرة في المحرم ... [803] ... و أسلموا من قبل ذاك فاعلم
السنة العاشرة من الهجرة
فيها النبيّ أرسل خالدا إلى ... [804] ... نجران ثم أسلموا وأقبلا(1/28)
خالد مع وفدهموا فآبوا ... [805] ... في صدر ذي القعدة لا ارتياب
و بعث النبي عليًّا لليمن ... [806] ... من قبل حجة الوداع فاعلمن
و أدرك الحج مع النبي ثم ... [807] ... عاد لصحبه ليستقبلهم
كذا أبو موسى بن قيس الأشعري ... [808] ... معه معاذ عاملين فأثر
لليمن الميمون ثم أمرا ... [809] ... بأن ييسّرا ولا يعسّرا
و أن يبشّرا ولا ينفّرا ... [810] ... و يتطاوعا على ما أمرا
« صفة حجة الوداع »
تقدم القول بأن الحج في ... [811] ... ست أتى الأمر به وقيل في
تسع وقيل بل بعام عاشر ... [812] ... وقيل قبل هجرة وذا عري
عن حُجة وقصدنا الآن البيان ... [813] ... عن وصف حجة النبيّ كالعيان
فبعد أن قد بلَّغ الرسول ما ... [814] ... يفرض في الشرع بيانًا محكما
ولم يكن بقي من الدعائم ... [815] ... يحتاج تبيانًا سوى الحج افهم
سار النبيّ له بجمع لم يرى ... [816] ... في مثله من قبل فيما أثرا
في عام عاشر لخمس بقيت ... [817] ... من شهر ذي القعدة بالسبت ثبت
والظهر في يثرب صلى أربعا ... [818] ... والعصر ركعتين بعد دفعا
لوادي العقيق ذي الحليفة ... [819] ... وفيه صلى الخمس دون مرية
ومنه قد أهل من مسجده ... [820] ... كذاك مع ركوبه من بعده
ثمَّ إذا استوى على البيداء ... [821] ... أهل ثالثًا بلا مراء
من أجل ذاك اختلفوا أين أهل ... [822] ... كل لما شاهده منه نقل
واختلف النقل لما أهل به ... [823] ... على روايات ثلاث فانتبه
فجاء أنه أهل مفردا ... [824] ... وكونه تمتعًا قد أسندا
وجاء فيه قارنًا وهو الأصح ... [825] ... نحو ثلاثين حديثًا فيه صح
والطيب للإحرام كان استعملا ... [826] ... وطاف في نسائه و اغتسلا
ورأسه لبّده بالعسل ... [827] ... وأشعر الهدي وتقليد يلي
وكان يُعلي الصوت بالتلبية ... [828] ... ويأمر الصحب بدون مرية
وبات في قدومه بذي طوى ... [829] ... وفيه صلى الصبح مسلم روى
وبعد ذاك مكة قد دخلا ... [830] ... وكان من قبل الدخول اغتسلا
وبالطهور في قدومه بدا ... [831] ... وطاف بالبيت وبالركن ابتدا
سبعة أشواط ثلاثًا رملا ... [832] ... وما بقي فيه مشى ما رملا
مضطبعًا كان ببرد أخضر ... [833] ... مستلمًا في كلها للحجر(1/29)
وبين ركنيه اليمانيين ... [834] ... يمشي جميعها بدون مين
لأنه كليهما يستلم ... [835] ... ومشيه لذا روي فليفهم
وقد نهى القويّ في استلام ... [836] ... أن يؤذي الضعيف بازدحام
فليستلمه خاليًا وإن يرى ... [837] ... زحمة استقبله وكبرا
وبعد أن تممه تتميما ... [838] ... جاء إلى مقام إبراهيما
وفيه صلى ركعتين وقرا ... [839] ... سورتي التوحيد من غير مرا
وعاد بعد لاستلام الحجر ... [840] ... ثم أتى الصفا كما في الأثر
ثم تلا الآية وابتدا به ... [841] ... ثم عليه قد رقى فانتبه
مهللا مكبرا ثم دعا ... [842] ... ثلاث مرات وبعد ذا سعى
منه إلى المروة ثم فعلا ... [843] ... كفعله على الصفا مكملا
سبعة أشواط جميعًا رملا ... [844] ... بطن المسيل ومشى فيما خلا
وكان في ذا السعي والطواف ... [845] ... يمشي ولا التفات للخلاف
هذا ولما أن أتمّ السعيا ... [846] ... آذن من لم يك ساق الهديا
بالحلق والتقصير وليحلوا ... [847] ... وما بالإحرام حرام حل
فقيل هل هذا لنا أو للأبد ... [848] ... أجابهم نبينا بل للأبد
وكان ذاك رابع الأيام ... [849] ... من شهر ذي الحجة لا إيهام
وقد أقام أربعا لم يطف ... [850] ... بالبيت غير ذا الطواف فاعرف
والقصد ذكر فعله لا المنع من ... [851] ... طواف من شاء متى شاء فدن
ويوم ثامن إلى منى دفع ... [852] ... بعد الزوال في الخميس ذا وقع
مع كل محرم ومن قد كان حل ... [853] ... أمره إذ ذاك بالحج أهل
والظهر ثم العصر والمغرب به ... [854] ... صلى كذا العشا وفجر فانتبه
ودفعه بعد طلوع الشمس في ... [855] ... تاسع ذي الحجة غير منتف
وقال في نمرة إلى الزوالْ ... [856] ... ثم أتى الوادي راكبا فقالْ
خطبته هناك ثم أذنا ... [857] ... بلال وابتدا بأخرى فهنا
كان انتهاؤها مع انتهاء ... [858] ... من الأذان دونما مراء
ثم أقام لصلاة الظهر ... [859] ... ثم أقام بعدها للعصر
ثم أتى من بعد ذاك الموقفا ... [860] ... واستقبل القبلة من غير خفا
وكان عند الصخرات جاعلا ... [861] ... بين يديه في الوقوف الجبلا
وراكبًا كان وكان مفطرا ... [862] ... لشربه الحِلاب فيما أثرا
وأنزلت عليه إذ ذلكمو ... [863] ... {اليوم أكملت لكم دينكمُ}(1/30)
ولم يزل وقوفه مع الدعا ... [864] ... حتى إذا كان الغروب دفعا
من عرفات مردفا أسامه ... [865] ... وشانقًا مركبه زمامه
ويأمر الناس بأن لا يسرعوا ... [866] ... وقال ليس البر في أن توضعوا
حتى إذا ما جاء جمعًا نزلا ... [867] ... وأسبغ الوضوء نصًّا نقلا
وبالأذان عند ذاك أمرا ... [868] ... ثم أقيم مغرب بلا مرا
ووضعوا رحالهم ثم أقام ... [869] ... أي للعشاء ثانيًا بلا ملام
ولم يكن بينهما قد سبّحا ... [870] ... وجاء نص في البخاري أفصحا
فيه بتأذين لكل منهما ... [871] ... وذكر التسبيح ما بينهما
لكنه على ابن مسعود وقف ... [872] ... والراجح المرفوع فاجزم لاتقف
وقدم النبي بعض الثقل ... [873] ... ليقفوا ويدفعوا بالليل
ولم يكن لغير ثقل رخصا ... [874] ... في ذلكم لكن بهم قد خصصا
هذا وقد صلى النبي الفجر مع ... [875] ... بزوغه مبادرًا حين طلع
وركب القصوى وجاء المشعرا ... [876] ... مازال واقفًا إلى أن أسفرا
وكان في موقفه مستقبلا ... [877] ... محمدلاً مكبرًا مهللا
وحينما أسفر جدًّا دفعا ... [878] ... قبل طلوع الشمس ثم أسرعا
حين أتى محسرًا وكان قد ... [879] ... أردف معه الفضل فافهم ماورد
ولحصى الرمي هناك قدّرا ... [880] ... مثل حصى الخذف لهم مفسّرا
وسلك النبي الطريق الوسطى ... [881] ... للجمرة الكبرى كما قد خطّا
ثم رمى بالحصيات السبع مع ... [882] ... كل حصاة منه تكبير وقع
من باطن الوادي يمينه منى ... [883] ... والبيت عن يساره تيقنا
وبعد أن رمى لبدنه نحر ... [884] ... ستين بعدها ثلاثًا وأمر
بنحر باقيها عليًّا وله ... [885] ... أشرك في الهدي وقد وكله
على اللحوم والجلال منها ... [886] ... تقسيمها كلا وليس منها
شيئًا لجزار وقد أعطاه ... [887] ... من عنده الأجرة أخرجاه
وكان قدر ذلك الهدي مائه ... [888] ... من إبل قد صح فاعلم نبأه
ومن جميعها ببضعة أمر ... [889] ... تطبخ كي يأكل منها في أثر
فأكلا منها وبعد نحره ... [890] ... حلق رأسه فنصف شعره
فرقه في الصحب مسلم روى ... [891] ... ذا وأبو طلحة نصفه حوى
وبعد ذاك لبس الثيابا ... [892] ... مستعملاً للطيب لا ارتيابا
ثم أفاض بعد ذا للكعبةِ ... [893] ... وطاف راكبا بدون مريةِ(1/31)
ثم بماء زمزم تضلّعا ... [894] ... وفيه بين المروتين ما سعى
وهكذا من كان معه قارنا ... [895] ... أو مفردًا وكان بالهدي اعتنى
أما أولوا الفسخ ومن تمتعا ... [896] ... فإنه مع ذا الطواف قد سعى
ذا صح عن عائشة في مسلم ... [897] ... وفي البخاري ولديه فاعلم
عن ابن عباس حديث آخر ... [898] ... لما روت عائشة مفسر
والظهر صلاها بمكة على ... [899] ... رواية وفي منى الأخرى انجلا
كلاهما نص الصحيح قد تلا ... [900] ... من أجل ذاكان اختلاف من خلا
بين مرجح لإحدى تين ... [901] ... وقائل صلاة مرتين
وخطب النبي يوم النحر ... [902] ... وودع الأمَّة نصًّا فادر
وقال موقف جميع عرفه ... [903] ... كذاك جمع لا يخص موقفه
كذا منى صارت جميعًا منحرا ... [904] ... لا بمكان نحره منحصرا
وترك ترتيب لمن لم يشعر ... [905] ... لم يأت فيه حرج فاعتبر
كحالق والهدي لما ينحر ... [906] ... والنحر قبل الرمي بالجهل اعذر
هذا وقد بات النبي في منى ... [907] ... ليالي التشريق نصًّا بيّنا
يرمي الثلاث الجمرات كلها ... [908] ... في كل يوم للزوال فادرها
وعند أولاها ووسطاها وقف ... [909] ... يدعو طويلاً ولدى الأخرى انصرف
وأوسط الأيام من منى خطب ... [910] ... مذكرًا مودِّعًا بلا ريب
وقد روي بأن فيه نزلت ... [911] ... سورة نصر بالوفاة آذنت
واستأذن العباس أن يبيت في ... [912] ... مكة للسقي الذي به حفي
كذاك للرعاة قد رخص أن ... [913] ... يرموا ليومين بيوم فاعلمن
من بعد رميهم ليوم النحر ... [914] ... وبعد ذا يرمون يوم النفر
ولم يكن في نفره تعجلا ... [915] ... بل نفره ثالث يوم نقلا
والعصر قد صلاها بالمحصب ... [916] ... كذا العشاءين افهمنه تصب
وبات فيها ثم لما كان من ... [917] ... آخر ليلة أفاض فاستبن
للبيت فيه الصبح صلى وتلا ... [918] ... سورة {والطور} افهمن ما نقلا
وطوفت بالبيت أم سلمه ... [919] ... راكبة ورا الصفوف فاعلمه
وطاف بعد وأتى الملتزما ... [920] ... ثم دعا الله بما قد قسما
وكان مخرج النبي من كُدا ... [921] ... أسفل مكة بضم قد بدا
وخطب الناس بماء قد دعي ... [922] ... غدير خم عظة لهم فع
وبكتاب الله أوصى فاعتصم ... [923] ... وأهل بيته كذا أوصى بهم(1/32)
وقال من مولاه كنت فعلي ... [924] ... مولى له فلا تكن بمعزل
وهذه الخطبة عنه اشتهرت ... [925] ... عن صحبه من طرق قد كثرت
ولم يكن فيها لشيعي غوي ... [926] ... من حجة قط على ما قد هوي
السنة الحادية عشرة من الهجرة
قد استهلت فادر بعدما استقر ... [927] ... بطيبة رحال سيد البشر
في صدرها بعث أسامة إلى ... [928] ... أرض فلسطين ولكن نزلا
أثناء ذاك بالرسول مانزل ... [929] ... فكان عند ذلك الخطب الجلل
أثنا ليال قد بقين من صفر ... [930] ... وقيل في صدر ربيع الأغر
وزار بالليل بقيع الغرقد ... [931] ... مستغفرًا لهم وفي الصبح ابتدي
به ومع ذا كان في زوجاته ... [932] ... يدور بالقسم على عاداته
وعندما اشتد به استأذنهن ... [933] ... في أنه يكون عند خيرهن
عائشة هي ابنة الصديق ... [934] ... وقد أذن فادر بالتحقيق
وكان في أيام شكواه يؤم ... [935] ... أصحابه بأمره صديقهم
حتى إذا ما كان خفة وجد ... [936] ... في الظهر عن يسار صديق قعد
ثم بهم صلى إمامًا في الأصح ... [937] ... عنه أبو بكر مبلغًا وضح
وذاك في يوم الخميس ثم لم ... [938] ... يخرج إليهم للذي به ألم
حتى إذا كان صلاة الصبح من ... [939] ... نهار الاثنين بنص لم يهن
بدا لهم بوجهه وقد أمر ... [940] ... لهم بإتمام الصلاة و استتر
وكان في تلك الضحى الوفاة ... [941] ... ومن وصية النبي الصلاة
ومُلك الايمان و ألا يُتخذ ... [942] ... قبر الرسول مسجدا كما اتخذ
من قبلنا اليهود والنصارى ... [943] ... قبور أنبيائهم جهارا
ولا يقر في جزيرة العرب ... [944] ... دين سوى الإسلام فاحفظه تثب
وارتاب بعض الصحب في وفاته ... [945] ... وظل طامعًا بقا حياته
حتى أتى الصديق بالثبات ... [946] ... وصادق العزم و الاستثبات
فقام في الناس خطيبًا لهمو ... [947] ... وكل مشكل أزاح عنهمو
وبايع الناس على الكتاب ... [948] ... وسنة النبي بلا ارتياب
و شرعوا بعد بتجهيز النبي ... [949] ... و أسند الأمر إلى الأقارب
وهم علي مع عمه العباس ... [950] ... والفضل مع قثم بلا التباس
كذا أسامة بن زيد الأمير ... [951] ... وصالح مولى نبينا النذير
ومعهم أوس من الأنصار ... [952] ... وكان بدريًّا بلا إنكار(1/33)
ولم يجردوه بل في ثوبهِ ... [953] ... قد غسلوه يدلكونه بهِ
بالماء و السدر و جففوه ... [954] ... و بعد في الأكفان أدرجوه
كفن في ثلاثة أثواب ... [955] ... من كرسف بيض بلا ارتياب
بلا قميص لا و لا عمامه ... [956] ... على الأصح فالزم ائتمامه
وبعدها صلوا بلا إيهام ... [957] ... عليه أفرادًا بلا إمام
وفي مكان موته قد دفنا ... [958] ... ليلاً كذا اللّحد له تعينا
وفرشوا قطيفة حمراء له ... [959] ... ونصبوا اللبن بلا مجادله
وغاسلوه قبره قد نزلوا ... [960] ... لا قثم أسامة لم ينزلوا
وكان دفنه بلا مراء ... [961] ... فيما روي ليلة الأربعاء
وعمره ثلاث مع ستينا ... [962] ... إذ عاش قبل الوحي أربعينا
ثمَّ ثلاث بعدها يوحى إليه ... [963] ... من قبل أن يفرض تبليغ عليه
وقام بالتبليغ عشرين سنه ... [964] ... حتى أتمَّ دينه وأحسنه
ولم يورِّث درهمًا كلا ولا ... [965] ... دينارًا احفظ وافهمن ما نقلا
بل ورَّث الوحيين نورًا وضيا ... [966] ... كذاك علم الدِّين إرث الأنبيا
صلَّى عليهم ربُّنا و سلَّما ... [967] ... والآل والصحب وتابعٍ سما
وتمَّ بالإجمال نظم السيره ... [968] ... على اختصار قاصدًا تيسيره
وبعده يتلو بإذن الله ... [969] ... نظم شمائل النَّبي الأوَّاه
و الله أرجو العون والتوفيقا ... [970] ... ودفعه المانع و التعويقا(1/34)