والذي أريد أن أتحدث عنه اليوم هو الرد على هؤلاء المستشرقين الذين اتخذوا من هذه القضية مدخلاً للطعن في نبي الله صلى الله عليه وسلم، كما و أنهم تناولوا زواجه صلى الله عليه وسلم بهذا العدد، فجعلوا منه مادة للنيل منه صلى الله عليه وسلم، و وصفوه بأشياء ينبو عنها القلم.
و لما كان هذا الأمر من الخطورة بمكان لتعلقه بأشرف خلق الله على الإطلاق - و كان كل من يطلق لسانه في هذا الصدد يقول: لسنا نبتدع شيئاً، فها هي كتب التفسير و كتب السير تحكي ذلك -، لذا سأقوم الآن بعرض تلك الروايات التي اعتمدوا عليها رواية رواية، متبعاً كل رواية منها ببيان ما وجّه لأسانيدها من نقد، ثم أتبع ذلك بنقدها جميعاً من جهة متونها، و موقف الأئمة المحققين من هذه الروايات.
يقو الله تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله، و تخفي في نفسك ما الله مبديه، و تخشى الناس والله أحق أن تخشاه، فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً}[الأحزاب/37]
إن السبب في طلاق زيد لزينب ومن ثم زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها؛ هو ما كان بين زيد و بين زينب من خلافات، و أنه لم يكن بينهما وئام يؤمل معه أن تبقى الحياة الزوجية بينهما، فطلقها بمحض اختياره و رغبته، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاه عن ذلك، و قد كان الله عز وجل قد أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زيداً سيطلق زينب، و أنه ستكون زوجة له، و أنه صلى الله عليه وسلم كان يخفي هذا و يخشى من مقولة الناس، أنه تزوج مطلقة من كان يدعى إليه، فعاتبه ربه على ذلك. انظر: جامع البيان للطبري(22/11) و تفسير القرآن العظيم لابن كثير(3/489)، و انظر البخاري( برقم 4787).
خلاصة ما جاء في كتب التفسير والتي استدل بها المستشرقون أن هناك سبباً آخر لطلاق زينب، هو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زينب فجأة و هي في ثياب المنزل فأعجبته، و وقع في قلبه حبها، فتكلم بكلام يفهم منه ذلك، إذ سمعه زيد فبادر إلى طلاقها تحقيقاً لرغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، و أن زيداً شاوره في طلاقها، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاه عن ذلك، لكن في قلبه ضد هذا، و أنه كان راغباً في طلاق زيد لها ليتزوجها، و فوق ذلك فقد أقر الله رسوله على ما فعل، بل عاتبه لِمَ يخفي هذا والله سيبديه.
و رغم شناعة ما جاء في هذه الروايات، و هذا الفهم للآية الكريمة التي تتحدث عن طلاق زيد لزينب و زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها، إلا أنه قد جاز على أئمة فضلاء، ففسروا به الآية الكريمة، وأثبتوا ذلك صراحة في كتبهم وتفاسيرهم.
ومن هؤلاء الأئمة: ابن جرير الطبري في كتابه جامع البيان(22/12)، عند تفسيره الآية ولم يذكر غيره.
و منهم: الرازي في تفسيره(13/184)، حيث ذكر نحواً من كلام ابن جرير.
ومنهم: ابن القيم في كتابه الجواب الكافي(ص 247)، حيث ذكره في معرض سوقه لحكايات في عشق السلف الكرام والأئمة الأعلام.
ومنهم: الزمخشري في تفسيره(3/262).
وأحسن ما يعتذر به عن هؤلاء الأئمة وأتباعهم ممن ذهب يفسر الآية بهذا، أنهم عدوا هذا منه صلى الله عليه وسلم من عوارض البشرية، كالغضب والنسيان، و لكنهم لم يستحضروا شناعة هذا التفسير للآية، و نسبة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، و لم يدققوا في الروايات التي وصلتهم من جهة أسانيدها و متونها كما فعل غيرهم، ونحن نسأل الله أن يثيبهم على اجتهادهم وأن يغفر لهم.
والآن إلى نقد الروايات..(8/33)
الرواية الأولى ذكرها ابن سعد في طبقاته(8/101) و من طريقه ساقها ابن جرير في تاريخه(3/161): قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن عامر الأسلمي، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، و كان زيد إنما يقال له: زيد بن محمد، فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول: "أين زيد؟ فجاء منزله يطلبه، فلم يجده، و تقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فُضُلاً أي وهي لابسة ثياب نومها -، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: ليس هو هاهنا يا رسول الله فادخل بأبي أنت وأمي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل، و إنما عجلت أن تلبس لما قيل لها: رسول الله صلى الله عليه وسلم على الباب فوثبت عجلى، فأعجبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولى و هو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه إلا: سبحان مصرّف القلوب، فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله، فقال زيد: ألا قلت له أن يدخل؟ قالت: قد عرضت ذلك عليه فأبى، قال: فسمعت شيئاً؟ قالت: سمعته يقول حين ولى تكلم بكلام لا أفهمه، و سمعته يقول: سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب، فجاء زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت؟ بأبي وأمي يا رسول الله، لعل زينب أعجبتك فأفارقها، فيقول رسول الله: "أمسك عليك زوجك"، فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم، فيأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره، فيقول رسول الله: "أمسك عليك زوجك"، فيقول: يا رسول الله أفارقها، فيقول رسول الله: "احبس عليك زوجك"، ففارقها زيد واعتزلها و حلت يعني انقضت عدتها قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة، إلى أن أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم غشية، فسري عنه و هو يبتسم و هو يقول: "من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله قد زوجنيها من السماء؟" وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك..} الآية، القصة كلها.
قالت عائشة: فأخذني ما قرب و ما بعد لما يبلغنا من جمالها، وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها، زوجها الله من السماء، و قلت: هي تفخر علينا بهذا، قالت عائشة: فخرجت سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتد فتحدثها بذلك، فأعطتها أوضاحاً حلي من الفضة عليها.
وإسناد هذه الرواية فيه علل ثلاث، واحدة منها تكفي لرد هذه الرواية:
العلة الأولى: أنها مرسلة، فمحمد بن يحيى بن حبان تابعي، يروي عن الصحابة، و يروي أيضاً عن التابعين، كعمر بن سليم و الأعرج، و غيرهما،(ت 121 هـ) و عمره( 74 سنة)، فهو لم يدرك القصة قطعاً و لم يذكر من حدثه بها. التهذيب(9/507-508).
العلة الثانية: عبد الله بن عامر الأسلمي، ضعيف بالاتفاق، بل قال فيه البخاري: ذاهب الحديث، و قال أبو حاتم: متروك. التهذيب(5/275)، و ميزان الاعتدال(2/448).
العلة الثالثة: محمد بن عمر، و هو الواقدي، إخباري كثير الرواية، لكنه متروك الحديث، ورماه جماعة من الأئمة بالكذب و وضع الحديث. ميزان الاعتدال(3/664).
الرواية الثانية: ذكرها ابن جرير في تفسيره(22/13) قال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد زوّج زيد بن حارثة زينب بنت جحش بنت عمته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يريده وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فانكشفت و هي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وقع ذلك كرهت الآخر، فجاء فقال: يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال: "مالك؟ أرابك منها شيء؟" قال: لا، والله ما رابني منها شيء يا رسول الله، ولا رأيت إلا خيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك زوجك واتق الله"، فذلك قول الله تعالى { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه }، تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها.
و هذه الرواية فيها علتان:
العلة الأولى: أنها معضلة، فابن زيد و هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ليس بصحابي ولا تابعي، فقد سقط من الإسناد راويان أو أكثر.(8/34)
العلة الثانية: أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هذا ضعيف باتفاق المحدثين، بل صرح بعضهم بأنه متروك الحديث، قال البخاري وأبو حاتم: ضعفه علي بن المديني جداً، وقال أبو حاتم: كان في الحديث واهياً، و جاء عن الشافعي أنه قال: قيل لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن سفينة نوح طافت بالبيت و صلت خلف المقام ركعتين؟ قال: نعم. و لهذا لما ذكر رجل لمالك حديثاً منقطعاً قال له: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه عن نوح. و أقوال الأئمة في تضعيفه كثيرة، و هو رجل صالح في نفسه لكنه شغل بالعبادة والتقشف عن حفظ الحديث فضعف جداً. التهذيب(6/178). و يروى عنه شيء كثير في التفسير، فما كان من رأيه في فهم القرآن، فهذا ينظر فيه، وأما ما يرويه مسنداً فغير مقبول، فكيف إذا أرسل الحديث؟!.
الرواية الثالثة: ذكرها أحمد في مسنده(3/149-150)، قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا ثابت عن أنس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزل زيد بن حارثة فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأته زينب، وكأنه دخله لا أدري من قول حماد أو في الحديث فجاء زيد يشكوها إليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك زوجك واتق الله، قال: فنزلت { واتق الله و تخفي في نفسك ما الله مبديه } إلى قوله { زوجناكها } يعني زينب.
مؤمل بن إسماعيل قواه بعض الأئمة، و وصفه أكثرهم بأنه كثير الخطأ يروي المناكير، قال يعقوب بن سفيان: حديثه لا يشبه حديث أصحابه، و قد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه، فإنه يروي المناكير عن ثقات شيوخه، و هذا أشد، فلوا كانت هذه المناكير عن الضعفاء لكنا نجعل له عذراً. و قال محمد بن نصر المروزي: المؤمل إذا انفرد بحديث وجب أن يتوقف و يتثبت فيه، لأنه كان سيء الحفظ كثير الغلط. التهذيب(10/381).
و حديثه هذا قد رواه جماعة من الثقات من أصحاب حماد فلم يذكروا أول الحديث، وإنما ذكروا مجيء زيد يشكوا زينب، و قول النبي صلى الله عليه وسلم له، و نزول الآية. البخاري(برقم 7420) والترمذي( برقم 3212) والنسائي( برقم 11407).
الرواية الرابعة: رواها ابن جرير في تفسيره(22/13)، قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد عن قتادة: { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه } و هو زيد أنعم الله عليه بالإسلام: { وأنعمت عليه } أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم: { أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه }، قال: وكان يخفي في نفسه ودّ أنه طلقها، قال الحسن: ما أنزلت عليه آية كانت أشد منها قوله { واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه }، و لو كان نبي الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتمها { وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه }، قال خشي نبي الله صلى الله عليه وسلم مقالة الناس.
و روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة هذه القصة مختصرة، قال: جاء زيد بن حارثة فقال: يا رسول الله إن زينب اشتد عليّ لسانها، وأنا أريد أن أطلقها، فقال له: "اتق الله وأمسك عليك زوجك"، قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها و يخشى مقالة الناس. فتح الباري(8/524).
وقتادة هو بن دعامة السدوسي أحد الأئمة الحفاظ، مشهور بالتفسير، فما فسره من فهمه للآيات فينظر فيه، وما ذكره رواية فإن العلماء أخذوا عليه كثرة التدليس، فاشترطوا لصحة حديثه أن يصرح بالسماع، و هذا إذا ذكر الإسناد، فإما ما يرسله ولا يذكر بعده في الإسناد أحداً كما في روايته لهذه القصة فهو ضعيف جداً، قال الشعبي: كان قتادة حاطب ليل، و قال أبو عمرو بن العلاء: كان قتادة وعمرو بن شعيب لا يغث عليهما شيء، يأخذان عن كل أحد. التهذيب(8/351-356). و كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاً، و يقول: هو بمنزلة الريح. جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي( ص 101).
على أن روايته لتفسير الآية ليس فيه تفصيل كما في الروايات الأخرى، و يمكن رد روايته إلى الروايات الصحيحة في تفسير الآية، فيكون معنى( أحب) و( ودّ) أي علم أن زيداً سيطلقها ولا بد بإلهام الله له ذلك، وتكون خشيته من مقالة الناس حينئذٍ أن يقولوا: تزوج حليلة ابنه.(8/35)
الرواية الخامسة: ذكرها القرطبي في تفسيره(14/190) قال مقاتل: زوّج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش من زيد فمكثت عنده حيناً، ثم إنه عليه السلام أتى زيداً يوماً يطلبه، فأبصر زينت قائمة، و كانت بيضاء جميلة جسيمة من أتمّ نساء قريش، فهويها وقال: "سبحان الله مقلب القلوب"، فسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن زيد فقال: يا رسول الله ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كبراً، تعظم عليّ و تؤذيني بلسانها، فقال عليه السلام: "أمسك عليك زوجك واتق الله"، و قيل: إن الله بعث ريحاً فرفعت الستر و زينب مُتَفَضَّله في منزلها، فرأى زينب فوقعت في نفسه، و وقع في نفس زينب أنه وقعت في نفس النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لما جاء يطلب زيداً، فجاء زيد فأخبرته بذلك، فوقع في نفس زيد أن يطلقها.
هذه الرواية لم يذكروا لها إسناداً إلى مقاتل، و لو صحت إلى مقاتل لم يفدها شيئاً، فإن مقاتلاً وهو مقاتل بن سليمان فيما يظهر قد كذبه جمع من الأئمة ووصفوه بوضع الحديث، و تكلوا في تفسيره. أنظر ترجمته في التهذيب(10/279-285).
الرواية السادسة: قال ابن إسحاق: مرض زيد بن حارثة فذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده و زينب ابنة جحش امرأته جالسة عن رأس زيد، فقامت زينب لبعض شأنها، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طأطأ رأسه، فقال: "سبحان مقلب القلوب والأبصار"، فقال زيد: أطلقها لك يا رسول الله، فقال: لا"، فأنزل الله عز وجل { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه...} إلى قوله {وكان أمر الله مفعولاً }. تعدد نساء الأنبياء و مكانة المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام اللواء أحمد عبد الوهاب( ص 68).
هذه الرواية لم يذكروا لها إسناداً، و لم أقف عليها في سيرة ابن هشام.
و بعد أن تبين ضعف هذه الروايات وسقوطها من جهة أسانيدها، فلننظر فيها من جهة متونها وما فيها من اضطراب ونكارة، من عدة وجوه:-
الوجه الأول: تناقض الروايات المذكورة، ففي بعضها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار زيد بن حارثة و هو غائب فاستقبلته زينب، و في بعضها أن زيداً كان مريضاً، فزاره رسول الله صلى الله عليه وسلم، و كان عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم جالساً هو و زيد و زينب، فكيف يكون زيد غائباً و مريضاً في فراشه في وقت واحد.؟!
الوجه الثاني: والروايات التي ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار زيداً اختلفت في كيفية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لزينب رضي الله عنها، فرواية تقول بأنه كان واقفاً بالباب فخرجت إليه، و رواية بأنه كان واقفاً بباب زيد فرفعت الريح ستر الشعر فرآها فأعجبته.
الوجه الثالث: تتفق الروايات على أن إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم بزينب ووقوع حبها في قلبه جاء متأخراً، أي بعد أن تزوجها زيد رضي الله عنه، و هذا شيء عجيب، فلقد ولدت زينب ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاوز الثانية عشرة من عمره، و شبت وترعرعت أمامه، فهي ابنة عمته، ألم يلحظ مفاتنها إلا متأخراً، و بعد أن صارت زوجة لدعيّه، و هو الذي زوجها له، والحجاب لم ينزل بعد، فقد نزل صبيحة عرسها، ألا يكون شاهدها، فلوا كان يهواها أو وقعت في قلبه لما منعه شيء من زواجها، فإشارة منه صلى الله عليه وسلم كافية لأن يقدموها له، بل قد ورد أنه وهبت نفسها له. أنظر كلام ابن العربي حول هذا الوجه في كتابه أحكام القرآن(3/1543).
الوجه الرابع: لو افترضنا جدلاً أن حبها وقع في قلبه صلى الله عليه وسلم متأخراً بعد رؤيته لها عند زيد بن حارثة، فبأي شيء يمكن تفسير ما صدر منه صلى الله عليه وسلم و فهم منه زيد و زينب أنها وقعت في قلبه، سواء كان ذلك تسبيحاً أو طأطأة للرأس، أو غير ذلك؟! كيف ذلك و هو الذي نهي عن أن يخبب الرجل امرأة غيره عليه؟ أفيعمل ما قد نهي أمته عنه؟! فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا) أبو داود( برقم 5170) بسند صحيح.
ولو افترضنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقصد إفهامها ذلك، وإنما صدر منه ذلك عفواً دون قصد، فكيف بما ذكروا أنه عقد عليه قلبه من محبته و رغبته أن يطلقها زيد ليتزوجها؟ ولو نسب ذلك إلى آحاد المسلمين لكان ينبغي تبرئته من ذلك.
وفوق ذلك كله كيف يعاتبه الله كما تقول هذه الروايات لأنه أخفي ذلك عن الناس و لم يعلن أنه يحب زوجة زيد، وأنه يود لو طلقها ليتزوجها؟ تَصَوّرٌ مثل هذا كاف في ظهور بطلان هذه الروايات.
الوجه الخامس: هذه الروايات التي فسروا بها الآية لو لم يرد غيرها لم يصح أن يفسر بها كتاب الله تعالى، لسقوطها إسناداً ومتناً، فكيف و قد وردت روايات أخرى في تفسير الآية تفسيراً منطقياً لا إشكال فيه ولا نكارة، فالذي يخفيه صلى الله عليه وسلم هو ما أعلمه ربه أنه ستصبح زوجة له، و الذي يخشاه هو مقولة الناس إنه تزوج حليلة من كان يدعى إليه.(8/36)
والغريب في الأمر أن بعض المفسرين ترك هذه الروايات الصحيحة و التي لا مطعن فيها، و ذكر تلك الروايات الشاذة الغريبة، و منهم من لم يذكرها لكنه ذهب يفسر الآيات على ضوئها.
و إذا اتضح الآن سقوط تلك الروايات سنداً و متناً فإنه لا يفوتني هنا أن أسجل مواقف بعض الأئمة المحققين من المفسرين وغيرهم الذي وقفوا أمام هذه الروايات موقفاً حازماً صلباً، فمنهم من ذكرها و فندها، و منهم من أضرب عنها صفحاً بعد الإشارة إلى ضعفها و نكارتها.
قال ابن العربي بعد أن ذكر ملخص هذه الروايات، و بين عصمة النبي صلى الله عليه وسلم: هذه الروايات كلها ساقطة الأسانيد. أحكام القرآن(3/1543).
قال القرطبي بعد أن ذكر التفسير الصحيح لما كان يخفيه صلى الله عليه وسلم، وما الذي كان يخشاه من الناس: وهذا القول أحسن ما قيل في تأويل هذه الآية، وهو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين، كالزهري والقاضي بكر بن العلاء القشيري والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم. فأما ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم هوى زينب امرأة زيد وربما أطلق بعض المُجّان لفظ عشق فهذا إنما صدر عن جاهل بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا، أو مستخف بحرمته. الجامع لأحكام القرآن(14/191).
وقال ابن كثير بعد أن ذكر الروايات الصحيحة: ذكر ابن أبي حاتم وابن جرير هاهنا آثاراً عن بعض السلف رضي الله عنهم أحببنا أن نضرب عنها صفحاً لعدم صحتها فلا نوردها، و قد روى الإمام أحمد هاهنا أيضاً حديثاً من رواية حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه فيه غرابة تركنا سياقه أيضاً. تفسير القرآن العظيم(3/491).
و قال ابن حجر بعد أن ذكر الروايات الصحيحة: و وردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري و نقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها. فتح الباري(8/524).
و هناك ثُلّة كبيرة من علماء الإسلام في العصر الحاضر تفطنوا لمثل هذه الأخبار، ورمقت أبصارهم ما تنطوي عليه من مداخل خطيرة لا تليق بمقام الأنبياء، فأنار الله بصائرهم لكشف النقاب عن هذه الآثار الدخيلة، فكان لهم الفضل في التنبيه وإيقاظ الفكر الإسلامي للتصدي لكل دسيسة يراد منها النيل من قداسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تشويه الحقائق التاريخية في تراث الإسلام.
يقول الشيخ محمد رشيد رضا: وللقصاص في هذه القصة كلام لا ينبغي أن يجعل في حيز القبول، و يجب صيانة النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الترهات التي نسبت إليه زوراً و بهتاناً. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم( ص 275).
و خلاصة الأمر..
كان زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش لهلال ذي القعدة من العام الخامس الهجري و هي بنت خمس وثلاثين. ابن سعد في الطبقات(8/114).
روى البخاري في صحيحه( برقم 7420): أن زيداً جاء يشكو زوجته، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اتق الله وأمسك عليك زوجك"، قالت عائشة: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً، لكتم هذه، فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: زوجكن أهاليكن، و زوجني الله من فوق سبع سماوات.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
---------------------------
(23) علة كثرة زواج النبي صلى الله عليه وسلم
* الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.......وبعد:
أخرج البخاري في كتاب النكاح:
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ:{هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ لَا. قَال:َ فَتَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً}.
قال في الشرح:(8/37)
قوله (فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء) قيد بهذه الأمة ليخرج مثل سليمان عليه السلام, فإنه كان أكثر نساء, وكذلك أبوه داود, ووقع عند الطبراني من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " تزوجوا فإن خيرنا كان أكثرنا نساء " قيل المعنى خير أمة محمد من كان أكثر نساء من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من الفضائل. والذي يظهر أن مراد ابن عباس بالخير النبي صلى الله عليه وسلم, وبالأمة أخصاء أصحابه; وكأنه أشار إلى أن ترك التزويج مرجوح, إذ لو كان راجحًا ما آثر النبي صلى الله عليه وسلم غيره, وكان النبي صلى الله عليه وسلم - مع كونه أخشى الناس لله وأعلمهم به - يكثر التزويج لمصلحة تبليغ الأحكام التي لا يطلع عليها الرجال, ولإظهار المعجزة البالغة في خرق العادة لكونه كان لا يجد ما يشبع به من القوت غالبا, وإن وجد كان يؤثر بأكثره, ويصوم كثيرًا ويواصل, ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة, ولا يطاق ذلك إلا مع قوة البدن, وقوة البدن تابعة لما يقوم به من استعمال المقويات من مأكول ومشروب, وهي عنده نادرة أو معدومة. ووقع في " الشفاء " أن العرب كانت تمدح بكثرة النكاح لدلالته على الرجولية, إلى أن قال: ولم تشغله كثرتهن عن عبادة ربه, بل زاده ذلك عبادة لتحصينهن وقيامه بحقوقهن واكتسابه لهن وهدايته إياهن وكأنه أراد بالتحصين قصر طرفهن عليه فلا يتطلعن إلى غيره, بخلاف العزبة فإن العفيفة تتطلع بالطبع البشري إلى التزويج, وذلك هو الوصف اللائق بهن.
* والذي تحصل من كلام أهل العلم في الحكمة في استكثاره من النساء عشرة أوجه تقدمت الإشارة إلى بعضها.
أحدها: أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة فينتفي عنه ما يظن به المشركون من أنه ساحر أو غير ذلك.
ثانيها: لتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته فيهم.
ثالثها: للزيادة في تألفهم لذلك.
رابعها: للزيادة في التكليف حيث كلف أن لا يشغله ما حبب إليه منهن عن المبالغة في التبليغ.
خامسها: لتكثر عشيرته من جهة نسائه فتزاد أعوانه على من يحاربه.
سادسها: نقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال, لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفي مثله.
سابعها: الاطلاع على محاسن أخلاقه الباطنة, فقد تزوج أم حبيبة وأبوها إذ ذاك يعاديه, وصفية بعد قتل أبيها وعمها وزوجها, فلو لم يكن أكمل الخلق في خلقه لنفرن منه, بل الذي وقع أنه كان أحب إليهن من جميع أهلهن.
ثامنها: ما تقدم مبسوطًا من خرق العادة له في كثرة الجماع مع التقلل من المأكول والمشروب وكثرة الصيام والوصال, وقد أمر من لم يقدر على مؤن النكاح بالصوم, وأشار إلى أن كثرته تكسر شهوته فانخرقت هذه العادة في حقه صلى الله عليه وسلم.
تاسعها وعاشرها: ما تقدم نقله عن صاحب " الشفاء " من تحصينهن والقيام بحقوقهن, والله أعلم.
جمعه ورتبه وكتبه الفقير
د/ السيد العربي بن كمال.
---------------------------
(24) شبهات وتهم ضد مقام النبوة
شبهات وتهم ضد مقام النبوة(1)
قال الله تبارك وتعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابًا مهينًا) [الأحزاب : 57].
ما من نبي ولا رسول أرسله الله عز وجل إلا واجه أعداء يكذبونه ويشككون الناس في صدق نبوته وهذه سنة من سنن الله عز وجل قال تعالى: (كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون) [الأنعام : 112].
ولم يكن نبينا صلى الله عليه وسلم بدعاً بين الرسل فقد واجه ما واجهه إخوته من الأنبياء من التكذيب والعناد والقتال والتشريد والسجن والطرد والاستهزاء ولكن ذلك لم يثنه عن دعوته ولم يفلَّ في عزيمته بل كان ثابتاً كالطود الأشم فصبر وهانت عليه نفسه في سبيل الله عز وجل حتى نصره الله عز وجل ورفع له ذكره إلى يوم القيامة.
وقد اتهم نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه كاذب وقيل شهواني وقالوا عنه ساحر وكاهن وشاعر ومجنون وأتهم بأنه عدواني ومتعصب وإرهابي وهذه التهم مجرد شبهات واهية تسقط عند أول وهلة من التعرف على شخصيته ودراسة سيرته وتتبع سنته صلى الله عليه وسلم.
وفيما يلي نستعرض كل شبهة أثيرت حول نبينا صلى الله عليه وسلم ونفندها بحجج منيرة كالشمس في رائعة النهار.
الشبهة الأولى: قولهم عنه: (كاذب):
الشبهة الثانية:قولهم عنه (ساحر، كاهن، مجنون):
الشبهة الثالثة: (قالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة وأصيلا):
الشبهة الرابعة: وهي من شبه المستشرقين الحديثة وصفهم له صلى الله عليه وسلم بأنه (شهواني):
الشبهة الخامسة: من أعظم الشبه والافتراء: وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (إرهابي دموي سفاك للدماء):
الشبهة الأولى: قولهم عنه: (كاذب):(8/38)
هذه أضعف فرية افتريت على نبينا صلى الله عليه وسلم وأضعف شبهة يمكن أن يتشبث بها أحد قديماً أو حديثاً، وذلك لما اشتهر عنه صلى الله عليه وسلم منذ طفولته من صدق الحديث وأمانة في الخلق حتى كانت من أوضح صفاته وأخلاقه التي تميز بها، حتى أنه كان يسمى في الجاهلية بالأمين لصدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم ومما يثبت ذلك ما جرى في قصة بناء قريش للكعبة قبل بعثته صلى الله عليه وسلم واختلافهم على وضع الحجر الأسود حتى كادوا يقتتلون بسبب إرادة كل قبيلة أن تفوز بشرف وضع الحجر الأسود في مكانه ولما اشتد الخلاف فيما بينهم وأصرت كل قبيلة على الفوز بهذا الشرف أراد أحد عقلائهم أن يضع حداً للخلاف فقال لهم حكموا بينكم أول داخل عليكم من باب الصفا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأوه مقبلاً قالوا: هذا محمد الأمين رضينا به حكماً. ففي هذه القصة وقد حدثت قبل البعثة أكبر دليل على اشتهاره بالصدق والأمانة فيما بينهم.
ومما يثبت اشتهاره بالصدق بين قريش وعدم شكهم في صدق حديثه حديث أبي سفيان مع هرقل وسؤال هرقل حينما سأل أبا سفيان: هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال: لا ثم رد هرقل في آخر الحديث بحكمة قل من يفطن لها إذ قال: وسألتك أتتهمونه بالكذب فقلت: لا فعلمت أنه لن يدع الكذب على الناس ثم يكذب على الله تعالى و الحديث في صحيح البخاري..
ومما يثبت نفي الكذب عنه ما ورد في حديث ركانة بن عبد يزيد في السنن بإسناد فيه كلام. وكان شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به فقال يوماً للنبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي بلغني عنك أمر ولست بكذاب فإن صرعتني علمت أنك صادق، لقد أثبت صدقه بنفي الكذب عنه مع شدة العداوة وكثرة استهزاءه بالنبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في السير. وقد روى الترمذي عن علي أن أبا جهل قال له: إنا لا نكذبك، ولكن نكذب بما جئت به فأنزل الله تعالى فيهم: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) [الأنعام : 33].
وقد اشتهر بين قريش صدقه صلى الله عليه وسلم حتى إن أبا طالب لما أخبره نبينا صلى الله عليه وسلم بخبر الصحيفة التي كتبتها قريش وأن الأرضة قد أكلتها ولم تترك فيها إلا كلمة واحدة هي (باسمك اللهم) قام أبو طالب يحاجّ قريش حتى فتحوا الكعبة وأخرجوا الصحيفة ووجدوها حقاً كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم فوبخهم أبو طالب بقوله شعراً في هذا:
وقد كان في أمر الصحيفة عبرة ***متى ما يخبر غائب القوم يُعجب
محا الله منها كفرهم وعقوقهم*** وما نقموا من ناطق الحق مُعرب
فأصبح ما قالوا من الأمر باطلاً*** ومن يختلق ما ليس بالحق يُكذب
وقد كانت علامات الصدق تلوح على محياه صلى الله عليه وسلم حتى قال عبد الله بن سلام الحبر اليهودي في قصة إسلامه أنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ونظر في وجهه قال: فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب).(رواه ابن ماجه وغيره).
ولو لم تكن فيه آيات مبينة**** كانت بديهته تأتيك بالخبر
000000000000
شبهات وتهم ضد مقام النبوة(2)
الشبهة الثانية:قولهم عنه (ساحر، كاهن، مجنون):
وهذه الصفات التي وصفه بها كفار قريش لما جاءهم بالحق ولم يستطيعوا له رد فجنحوا إلى هذه التهم والأوصاف حتى يصدوا الناس عنه إذ أنه لا يجلس إليه أحد فيعرض عليه الإسلام ويقرأ القرآن على مسامعه إلا أخذ بلب جليسه وأسر قلبه فأراد المعاندون بإثارة هذه الشبهة أن يصدوا الناس عن الجلوس إليه وسماعه خاصة في المواسم التي يجتمع فيها الناس من أنحاء الجزيرة العربية.
هذا عتبة بن ربيعة جاء مندوباً لقريش لمفاوضة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يترك دعوته فيقول له: يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم، ثم عرض عليه المال والملك وعرض عليه ما استطاعه من الإغراء حتى إذا فرغ عتبة من كلامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إليه فقال: أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم. قال: فاسمع مني. قال: أفعل. فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
بسم الله الرحمن الرحيم (حم* تنزيل من الرحمن الرحيم). [فصلت 1 : 2].
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ وقد ألقى عتبة يديه وراء ظهره معتمداً عليهما وهو يسمع منصتاً حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد، ثم قال: (قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك) سيرة ابن هشام.!!
وعاد عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله قد جاءكم أبا الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، أطيعوني واجعلوها لي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم.(8/39)
فهذا عتبة بن ربيعة وهو من صناديد قريش وسادتهم بعدما سمع القرآن وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ينفي أن يكون شاعراً أو كاهناً أو ساحراً.
وهذا النضر بن الحارث سيد آخر من سادة قريش وكبير من كبرائهم ممن كفر حسداً وحقداً يقوم في قريش ذات يوم ويقول: يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد، فقد كان فيكم محمد غلاماً حدثاً، أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثاً وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغه الشيب. وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر لا والله ما هو بساحر لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم كاهن، لا والله ما هو بكاهن قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم. وقلتم شاعر، لا والله ما هو بشاعر قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه. قلتم مجنون لا والله ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه. يا معشر قريش فانظروا في شأنكم فإنه والله قد نزل لكم أمر عظيم. فهذه شهادتين من أعدى أعداءه تثبت كذبهم وافتراءهم عليه سيرة ابن هشام..
الشبهة الثالثة: (قالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة وأصيلا):
اتهم المشركون نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه جمع أساطير الأولين من الرواة الذين كانوا يتناقلونها ثم كتبها فهو يلقيها عليهم ليدعي بذلك الوحي.
وقد بيّن القرآن الكريم الرد على مثل هذه الشبهة ومفاده أنه كان صلى الله عليه وسلم أمياً لا يقرأ ولا يكتب. وأنه لم يخرج من مكة ولم يسافر إلى البلاد التي تكثر فيها هذه القصص والأساطير التي ادعتها عليه قريش ثم إن ما جاءهم به محكم لا لبس فيه ولا اختلاف ولا عجمة ولا اعوجاج فيه على عكس ما كان يتناقل في عصرهم من أساطير يكذب بعضها بعضاً.
وتحداهم أن يأتوا بمثله فلما عجزوا تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة مثله فلما عجزوا تحداهم أن يأتوا بعشر آيات مثله، ولن يستطيعوا ولو اجتمع الجن كلهم والإنس على أن يأتوا بمثله، وما زال التحدي قائمًا ليفضح عجزهم وكذبهم وبهتانهم، وهذه الأمم وصلت في العصر الحديث إلى اقتحام الفضاء وتطويع الكائنات فهل يستطيعون ولو اجتمعوا أن يأتوا بآية مثله؟
(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا) [الإسراء : 88].
(أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) [يونس : 38].
(أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) [هود : 13].
وأنى لهم أن يأتوا بمثله وهو تنزيل من رب العالمين الحكيم العليم وهو القاهر فوق عباده وهو اللطيف الخبير.
الشبهة الرابعة: وهي من شبه المستشرقين الحديثة وصفهم له صلى الله عليه وسلم بأنه (شهواني):
حين تزوج إحدى عشرة امرأة بينما منع أتباعه من الزيادة على أربع نساء.
والجواب على هذه الشبهة:
أنه ينبغي أن يُعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً قط إلا عائشة – رضي الله عنها – كما أنه صلى الله عليه وسلم إبان شبابه وفتوته لم يتزوج سوى خديجة – رضي الله عنها – حين كان عمره خمساً وعشرين سنة وهي امرأة كبيرة فلو كان ذا شهوة لما اكتفى بها وهي المرأة الكبيرة في السن فلم يتزوج عليها حتى توفيت – رضي الله عنها.
وكان زواجه بعائشة – رضي الله عنها – إكراماً لصديقه وأحب الناس إليه وأوفاهم له وأكثرهم إخلاصاً له ولدعوته.
وكذلك كان زواجه بحفصة بنت عمر بن الخطاب إكراماً لأبيها ثاني رجل في الإسلام وثاني وزراءه وإذا لم يكرم عمر بن الخطاب فمن يكرم إذاً؟! وأما زواجه بأم حبيبة وأم سلمة وسودة وميمونة وأم المساكين وهن أرامل فكان إيواءً لهن لما فقدن أزواجهن ولما أصابهن من عذاب واضطهاد في ذات الله تعالى.
وزوّجه ربه تبارك وتعالى زينب بنت جحش وهو كاره لذلك خشية من قول الناس: «محمد تزوج امرأة ابنة زيد» الذي تبناه قبل الإسلام فأراد الله عز وجل أن يهدم قاعدة التبني التي كانت متأصلةً في المجتمع الجاهلي حيث كان للابن المتبنى عند العرب في الجاهلية جميع الحرمات والحقوق التي كانت للابن الحقيقي سواء بسواء، فكان أقوى معول لهدم هذه القاعدة أن أمر الله عز وجل نبيه أن ينكح زوجة زيد بعدما طلقها وقد كان ابناً له بالتبني في الجاهلية ليستقر عند العرب عدم جواز التبني.
وكان زواجه لصفية وجويرية مسحاً لدموعها وإذهاباً لحزنهما لموت زوجيهما في معركة قتال دارت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رجالهما.(8/40)
كما أن من فوائد زواجه صلى الله عليه وسلم ما كان شائعاً عند العرب من احترام للمصاهرة إذ كانوا يرون مناوأة ومحاربة الأصهار سبة وعاراً على أنفسهم. فلما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة المخزومية لم يقف خالد بن الوليد المخزومي من المسلمين موقفه الشديد الذي وقفه بأحد، وكذلك أبو سفيان قائد المشركين لم يواجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة،وكذلك لا نرى من قبيلتي بني المصطلق وبني النضير أي استفزاز وعداء بعد زواجه بجويرية وصفية.
ومن أعظم وأجل مقاصد نكاحه صلوات ربي وسلامه عليه أنه كان مأموراً بتزكية وتعليم الناس ولما كان من المبادئ التي قام عليها بناء المجتمع المسلم ألا يختلط الرجال بالنساء كانت الحاجة داعية إلى وجود نساء مختلفات الأعمار والمواهب (وهن أمهات المؤمنين) فيزكيهن النبي صلى الله عليه وسلم ويربيهن ويعلمنهن ليقمن من بعده بتربية نساء المسلمين فيكفين مؤنة التبليغ في النساء، وقد كان لأمهات المؤمنين فضلٌ كبير في نقل أحواله صلى الله عليه وسلم المنزلية للناس.
أفترى رجلاً يدع الزواج في شبابه من النساء ويقتصر على امرأة كبيرة في السن كخديجة أو كسودة حتى يصل الخمسين من عمره ثم فجأة يجد في نفسه شهوة عارمة فيتزوج بمثل هذا العدد الكبير من النساء؟!.
اللهم إن هذا لا يقوله إنسان عاقل بل لا يقوله إلا مكابر فاجر.
الشبهة الخامسة:من أعظم الشبه والافتراء: وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (إرهابي دموي سفاك للدماء):
وهذه التهمة إنما يذيعها المستشرقون في العصر الحديث تشكيكاً في دعوته وصدق نبوته صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الحلم والاحتمال والعفو عند المقدرة والصبر على المكاره الشيء الكثير جداً.
وكل حليم عرفت منه زلة وحفظت عنه هفوة ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يزدد مع كثرة الأذى إلا صبراً وعلى إسراف الجاهل إلا حلماً، قالت عائشة – رضي الله عنها: ما خُيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها أخرجه البخاري، وكان أبعد الناس غضباً وأسرعهم رضىً.
وقد كان من أعظم دلائل نبوته التي وردت في كتب أهل الكتاب. والتي آمن على مثلها من آمن منهم مثل عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وغيرهما أن حلمه يسبق غضبه.
وقد كان العفو والصفح أحب إليه من الانتقام كما في القصص التالية:
* تصدى له غورث بن الحارث ليفتك به صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مطرح تحت شجرة وحده
قائلاً (من القيلولة وهو نوم وسط النهار) دون حرس، وأصحابه قائلون كذلك. وذلك في غزاة، فلم ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وغورث قائم على رأسه، والسيف مصلتٌ في يديه وقال: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «الله». فسقط السيف من يد غورث، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «من يمنعك»؟ قال غورث: كن خير آخذ فتركه وعفا عنه. فعاد إلى قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس. (أخرجه الإمام أحمد وهو في البخاري مختصراً).
* لما دخل المسجد الحرام صبيحة الفتح ووجد رجالات قريش جالسين مطأطي الرؤوس ينتظرون حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاتح فيهم، فقال: «يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم»؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» (حسن إسناده ابن حجر في فتح الباري) فعفا عنهم بعدما ارتكبوا من الجرائم ضده وضد أصحابه ما لا يقادر قدره، ولا يحصى عده، ومع هذا فقد عفا عنهم ولم يعنف ولم يضرب. ولم يقتل فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
* سحره لبيد بن الأعصم اليهودي (القصة في صحيح البخاري)، فعفا عنه ولم يؤاخذه. بل لم يثبت أنه لامه أو عاتبه مجرد لوم أو عتاب. فضلاً عن المؤاخذة والعقاب.
* تآمر عليه المنافقون وهو في طريق عودته من تبوك إلى المدينة تآمروا عليه ليقتلوه وعلم بهم وقيل له فيهم فعفا عنهم، وقال: (لا يُتحدث أن محمداً يقتل أصحابه) (القصة في صحيح البخاري).
* لم يذكر في غزوة من الغزوات أنه اعتدى على أحد أو غزا قوماً مسالمين بل كانت غزواته وسراياه موجهة إلى من بدأه بالعداوة وحاول الكيد للإسلام والمسلمين، وكان يأمر أمراءه إذا أرسلهم أن لا يقتلوا امرأة ولا طفلاً ولا عجوزاً ولا راهباً معتزلاً في صومعته وكان ينهاهم عن التحريق بالنار وإفساد الزرع.(8/41)
وقد غيّر النبي صلى الله عليه وسلم أغراض الحروب وأهدافها التي كانت تضطرم نار الحرب لأجلها في الجاهلية، فبينما كانت الحرب عبارة عن النهب والسلب والقتل والإغارة والظلم والبغي والعدوان وأخذ الثأر والفوز بالوتر وكبت الضعيف وتخريب العمران وتدمير البنيان وهتك حرمات النساء والقسوة على الضعيف والولائد والصبيان وإهلاك الحرث والنسل والعبث والفساد في الأرض في الجاهلية، إذ صارت هذه الحرب في الإسلام جهاداً في تحقيق أهداف نبيلة وأغراض سامية وغايات محمودة يعتز بها المجتمع الإنساني في كل زمان ومكان وغدت الحرب جهاداً في تخليص الإنسان من نظام القهر والعدوان.
إن تحول المجتمع إلى نظام العدل والنصف بدلاً عن نظام يأكل فيه القوي الضعيف، حتى يصير المجتمع إلى نظام يصير فيه القوي ضعيفاً حتى يؤخذ الحق منه وصارت بذلك الحرب جهاداً لتخليص المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً. وصارت جهاداً في تطهير أرض الله من الغدر والخيانة والإثم والعدوان وغدت وسيلة لبسط الأمن والسلامة والرأفة والرحمة ومراعاة الحقوق والمروءة.
أومن قام بتبديل الحرب من شرٍّ محضٍ إلى خيرٍ محضٍ يكون إرهابياً أو سفاكٍ للدماء؟.
أفترى من يأمر بهذا العدل والإنصاف والرحمة والرأفة حتى مع العدو أثناء القتال يمكن أن يوصف بأنه إرهابي أو قاتل أو سفاك للدماء؟ سبحانك هذا بهتان عظيم!!
علماً بأن جميع البلاد التي فتحها بالسيف ظهر فيها الإسلام وانتشر وثبت أهلها على الإسلام، مما يؤكد أن انتشار الإسلام وثباته لصفاته الذاتية فيه وليس انتشاره عائداً إلى نشره بالقوة والسيف فقط كما أن أكثر بقاع الإسلام وبلاده مما فتح سلماً دون حرب أو قتال كما ثبت ذلك في دواوين السيرة وكتب التاريخ.
إن هذه الشبه والتهم التي يطلقها أعداء الإسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم لم تكن يوماً لتوهي من عضد الرسالة أو الرسول الذي بعث بها: (يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) [التوبة : 32].
بل ربما كانت هذه الشبه فأل خير لهذا الدين إذ أنه ومنذ ظهور فجر النبوة المحمدية كانت هذه الشبه والاتهامات سبباً وباعثاً قوياً في إقبال الناس على دعوته صلى الله عليه وسلم فكلما زادت التهم زاد تحري الناس وسؤالهم عن الرسول والرسالة فيقودهم ذلك إلى الانبهار بأضواء النبوة حتى يسلمهم ذلك إلى الدخول في دين الله أفواجاً والحمد لله أولاً وآخراً.
وقولنا لمن يروج هذه الشبه والتهم هو ما قاله حسان ابن ثابت في المنافحة عن النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه وهو أجمل ما قيل في الذب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستطع أحد أن يحلق إلى ما دون هذا فضلاً عن أن يساميه وأنّى لهم ذلك وهو المؤيد بروح القدس، يقول – رضي الله عنه:
هجوتَ محمداً فأجبتُ عنه **** وعند الله في ذاك الجزاءُ
هجوت مباركاً براً حنيفاً **** أمين الله شيمته الوفاءُ
أتهجوه ولستَ له بكفء؟**** فشركما لخير كما الفداءُ
فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم وقاءُ
وإذا كان هذا ما قاله مؤمن به، فإن ما ورد عن أعداءه من الثناء عليه كثيرٌ جداً – والحق ما شهدت به الأعداء – فهذا الدكتور مايكل هارت الذي ألف كتاب (المائة الأوائل) يضع في المقام الأول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويعلل ذلك بقوله: ((إن اختيار المؤلف لمحمد صلى الله عليه وسلم ليكون في رأس القائمة التي تضم الأشخاص الذين كان لهم أعظم تأثير عالمي في مختلف المجالات، إن هذا الاختيار ربما أدهش الكثير من القراء (يقصد بهم القراء من غير المسلمين الذين ألف لهم الكتاب، وإلا فإن المسلمين يعتقدون عقيدة جازمة بأن محمد صلى الله عليه وسلم هو خير الثقلين) إلى حد قد يثير بعض التساؤلات، ولكن في اعتقاد المؤلف أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي.
لقد أسس محمد صلى الله عليه وسلم ونشر أحد أعظم الأديان في العالم، وأصبح أحد الزعماء العالميين السياسيين العظام. ففي هذه الأيام وبعد مرور ثلاثة عشر قرناً تقريباً على وفاته، فإن تأثيره لا يزال قوياً وعارماً))*.
ــــــــــــــــــــــــــ
*كتاب (المائة الأوائل في المقدمة) للدكتور مايكل هارت
--------------------------
(25) الآثار النبوية
المجيب د. ناصر بن عبد الرحمن الجديع
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
السؤال
أثناء زيارتي لتركيا رأيت في متحف (طوب قابي سراي) في اسطنبول قاعة للأمانات المقدسة، تضم آثاراً نبوية؛ شعرات للرسول صلى الله عليه وسلم، ورسالته للمقوقس، وبردته، وأشياء أخرى، ولم ألاحظ ما يدل على ثبوت ذلك تاريخياً.
فما حقيقة هذه الآثار، و هل يصح أنها نبوية؟
الجواب(8/42)
ليس هنالك ما يدل على ثبوت صحة نسبة هذه الآثار ونحوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال صاحب كتاب (الآثار النبوية) المحقق أحمد تيمور باشا ص 78 بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقسطنطينية (اسطنبول): (لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة، غير أنا لم نر أحداً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي، فالله سبحانه أعلم بها، وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها من الشكوك) الخ.
ولا شك في مشروعية التبرك بآثار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته، ولكن الشأن في حقيقة وجود شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر.
وإن مما يضعف هذه الحقيقة ما جاء في صحيح البخاري(3/186) عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه أنه قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً ولا ديناراً، ولا عبداً ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضاً جعلها صدقة) فهذا يدل على قلّة ما خلَّفه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته من أدواته الخاصة .
وأيضاً فقد ثبت فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى الأيام والقرون؛ بسبب الضياع، أو الحروب، والفتن ونحو ذلك.
ومن الأمثلة على ذلك فقدان البردة في آخر الدولة العباسية، حيث أحرقها التتار عند غزوهم لبغداد سنة 656هـ ، وذهاب نعلين ينسبان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في فتنة تيمور لنك بدمشق سنة 803هـ .
ويلاحظ كثرة ادعاء وجود وامتلاك شعرات منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من البلدان الإسلامية في العصور المتأخرة، حتى قيل إن في القسطنطينية وحدها ثلاثاً وأربعين شعرة سنة 1327هـ ، ثم أهدي منها خمس وعشرون، وبقي ثماني عشرة.
ولذا قال مؤلف كتاب (الآثار النبوية) ص82 بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه رضي الله عنهم: (فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب رضي الله عنهم ، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها).
ومن خلال ما تقدم فإن ما يُدّعى الآن من وجود بعض الآثار النبوية في تركيا أو غيرها سواءً عند بعض الجهات، أو عند بعض الأشخاص موضع شك، يحتاج في إثبات صحة نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى برهان قاطع، يزيل الشك الوارد، ولكن أين ذلك؟ ولاسيما مع مرور أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان على وجود تلك الآثار النبوية، ومع إمكان الكذب في ادعاء نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للحصول على بعض الأغراض، كما وُضعت الأحاديث ونسبت إليه صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً.
وعلى أي حال فإن التبرك الأسمى والأعلى بالرسول -صلى الله عليه وسلم- هو اتباع ما أثر عنه من قول أو فعل، والإقتداء به، والسير على منهاجه ظاهراً وباطناً.
--------------------------
(26) الرد على شبهة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالدنيا والغنائم
الكاتب: الشبكة الإسلامية
من الشبه التي أثارها أعداء الإسلام، وروَّجوا لها بهدف تشويه شخصية محمدٍ صلى الله عليه وسلم، للوصول إلى الطعن في دعوته، وإبعاد الناس عنها، ما يدَّعونه من أنه كان صاحب مطامع دنيوية، لم يكن يظهرها في بداية دعوته في مكة، ولكنه بعد هجرته إلى المدينة بدأ يعمل على جمع الأموال والغنائم من خلال الحروب التي خاضها هو وأصحابه، ابتغاء تحصيل مكاسب مادية وفوائد معنوية.
وممن صرح بذلك "دافيد صمويل مرجليوت " المستشرق الإنجليزي اليهودي، حيث قال: "عاش محمد هذه السنين الست بعد هجرته إلى المدينة على التلصص والسلب والنهب.. وهذا يفسر لنا تلك الشهوة التي أثرت على نفس محمد، والتي دفعته إلى شن غارات متتابعة، كما سيطرت على نفس الإسكندر من قبل ونابليون من بعد ".
والحق، فإن الناظر في سيرته صلى الله عليه وسلم، والمتأمل في تاريخ دعوته، يعلم علم اليقين أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يسعى من وراء كل ما قام به إلى تحقيق أي مكسب دنيوي، يسعى إليه طلاب الدنيا واللاهثون وراءها، وهذا رد إجمالي على هذه الشبهة، أما الرد التفصيلي فبيانه فيما يلي:
1-أن ما ذُكر في هذه الشبهة لا يوجد عليه دليلٌ في واقع حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لو كان كما قيل لعاش عيش الملوك، في القصور والبيوت الفارهة، ولاتخذ من الخدم والحراس والحشم ما يكون على المستوى المتناسب مع تلك المطامع المزعومة، بينما الواقع يشهد بخلاف ذلك، إذ كان في شظف من العيش، مكتفياً بما يقيم أود الحياة، وكانت هذه حاله صلى الله عليه وسلم منذ أن رأى نور الحياة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى..، يشهد لهذا أنّ بيوته صلى الله عليه وسلم كانت عبارة عن غرف بسيطة لا تكاد تتسع له ولزوجاته.(8/43)
وكذلك الحال بالنسبة لطعامه وشرابه، فقد كان يمر عليه الشهر والشهران لا توقد نارٌ في بيته، ولم يكن له من الطعام إلا الأسودان - التمر والماء-، فعن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة: (ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نارٌ، فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان، التمر والماء) متفق عليه. وسيرته صلى الله عليه وسلم حافلة بما يدل على خلاف ما يزعمه الزاعمون.
2-ثم إن هذه الشبهة تتناقض مع الزهد الذي عُرف به النبي صلى الله عليه وسلم، وحث عليه أصحابه، فقد صح عنه أنه قال: (إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) متفق عليه، وقرن في التحذير بين فتنة الدنيا وفتنة النساء، فقال: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء) رواه مسلم.
3-ومما يدحض هذه الشبهة وينقضها من أساسها أن أهل مكة عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المال والملك والجاه من أجل أن يتخلى عن دعوته، فرفض ذلك كله، وفضل أن يبقى على شظف العيش مع الاستمرار في دعوته، ولو كان من الراغبين في الدنيا لما رفضها وقد أتته من غير عناء.
4-أنّ الوصايا التي كان يزود بها قواده تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن طالب مغنم ولا صاحب شهوة، بل كان هدفه الأوحد والوحيد إبلاغ دين الله للناس، وإزالة العوائق المعترضة سبيل الدعوة، فها هو يوصي معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أرسله إلى اليمن بقوله: (إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس ) رواه البخاري.
فهو صلى الله عليه وسلم لم يقاتل أحداً، قبل دعوته إلى الإسلام، الذي تصان به الدماء والحرمات.
5-ومما يُرد به على هذه الفرية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتحل من الدنيا ولم يكن له فيها إلا أقل القليل، ففي الصحيح عن عمرو بن الحارث قال : ( ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً، ولا ديناراً، ولا عبداً، ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة ) رواه البخاري، وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رف لي) متفق عليه.
6-وكما قيل: فإن الحق ما شهدت به الأعداء، فقد أجرى الله على ألسنة بعض عقلاء القوم عبارات تكذب هذه الشبهة، من ذلك ما قاله "كارليل" : "أيزعم الكاذبون أن الطمع وحب الدنيا هو الذي أقام محمداً وأثاره، حمق وأيم الله، وسخافة وهوس ".
ويقول: "لقد كان زاهداً متقشفاً في مسكنه، ومأكله، ومشربه، وملبسه، وسائر أموره وأحواله.. فحبذا محمد من رجل خشن اللباس، خشن الطعام، مجتهد في الله، قائم النهار، ساهر الليل، دائباً في نشر دين الله، غير طامع إلى ما يطمع إليه أصاغر الرجال، من رتبة، أو دولة، أو سلطان، غير متطلع إلى ذكر أو شهوة ".
7-وما زعمه المستشرق اليهودي "مرجليوت" من أن انتقام رسول صلى الله عليه وسلم من يهود المدينة كان لأسباب مصطنعة وغير كافية، فجوابه أن الواقع خلاف ذلك، إذ أبرم النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود معاهدة تقرهم على دينهم، وتؤمنهم في أنفسهم وأموالهم، بل تكفل لهم نصرة مظلومهم، وحمايتهم، ورعاية حقوقهم، ولم يكن في سياسته صلى الله عليه وسلم إبعادهم، ومصادرة أموالهم إلا بعد نقضهم العهود والمواثيق، ووقوعهم في الخيانة والمؤامرة.
وبعد: فلا حجة لمن يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صاحب مطامع دنيوية، يحرص عليها، ويسعى في تحصيلها، وإنما هي دعوة صالحة نافعة، تعود بالخير على متبعيها في الدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين
------------------------
(27) مشكلة الفكر الغربي مع نبي الإسلام صلى الله عليه و سلم
د. باسم خفاجي(8/44)
يمثل نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم مشكلة حقيقية ومتكررة في أدبيات الفكر الغربي. ويظهر من حين لآخر هجوم عنيف على شخص النبي عليه الصلاة والسلام. يعتبر البعض أن هذا الهجوم حالة شاذة من قبل أفراد بأعيانهم، ويحاول طرف آخر أن يلقي باللائمة على نظريات المؤامرة، ويدعو ثالث إلى أن نتغير نحن حتى لا يهاجم رموزنا الآخرون. يرى الكاتب – من خلال الأدلة التاريخية والفكرية - أن الموقف الغربي من النبي عليه الصلاة والسلام لم يتغير بالمجمل، وأنه كان دائماً يغلب عليه صبغة العداء والاستهزاء، وإن اختلفت صور التعبير عن هذا الموقف بين فئات المجتمع الغربي المختلفة. يهدف المقال كذلك إلى التعرف على الأسباب الفكرية لهذا الموقف الغربي، وكيف يمكن مقاومة هذا الموقف عملياً للدفاع عن رموز الأمة الإسلامية.
مقدمة
شهدت الفترة الماضية ارتفاع نبرة المواجهة مرة أخرى بين العالم الإسلامي من ناحية، وبين أوربا من ناحية أخرى في ما يتعلق بالهجوم على شخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ورغم أن هذا الهجوم تكرر كثيراً خلال الأعوام الماضية، وبصور متعددة، إلا إن العالم العربي والإسلامي لا يزال مصراً على التعامل مع كل حالة من تلك الحالات التي يهاجم فيها خير البشر، وكأنها حالة منعزلة وفردية، ويجب أن تعامل في هذا السياق. ويغيب عن الكثير من أبناء الأمة أن الموقف الفكري الغربي من النبي صلوات ربي وسلامه عليه كان دائماً موقفاً عدائياً، وإن اختلفت صور التعبير عن هذا العداء.
قصور في الفهم
يلقي البعض اللوم على الأمة الإسلامية لتخاذلها وضعفها من ناحية، أو لتكرار حوادث العنف التي تتبناها بعض فصائل الأمة تجاه الغرب. يرى البعض أن ما يسمى بالإرهاب الإسلامي هو سبب هجوم الغرب على الإسلام وعلى نبي الإسلام. ونسأل هؤلاء .. وهل كان الغرب يمدح النبي صلى الله عليه وسلم، أو حتى يسكت عن إيذاء شخصه الكريم وإهانته عندما كانت الأمة الإسلامية في حالة وفاق وسلام تام مع دول الغرب؟ إن الغرب لم يتوقف عن الهجوم على رسول الإسلام طوال القرون الماضية، وهو موقف عام لم يشذ عنه إلا القليل من المفكرين والمتدينين.
يرى البعض الآخر أن الهجوم على الإسلام أو على نبيه الكريم ليس إلا حالات فردية لمن يبتغون الشهرة، أو من يحملون أحقاداً على الإسلام. ويقوم هؤلاء بسرد بعض النقولات التاريخية أو المعاصرة لمفكرين غربيين يمدحون شخص النبي، ويعتبرون أو وجود هؤلاء يقدح في فكرة وجود عداء فكري عام في الغرب تجاه الإسلام أو شخص الرسول الكريم. والحقيقة أن الاستشهاد ببعض الأقوال – مع حذف السياق التاريخي لها – يمكن أن يكون مقنعاً بوجود إعجاب من بعض المفكرين الغربيين بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن ما يغيب عن هذه الرؤية، ويعيبها أيضاً .. أن الفكر الغربي يتحرك وفق مجموعة من المسلمات الأساسية التي تخالف بقوة الدعوة المحمدية في المبادئ والمسلمات، وبالتالي فإن الأصل في العلاقة الفكرية بين الغرب وبين الإسلام لم يكن يوماً ما التوافق وإنما كانت العلاقة دائماً من النواحي الفكرية تميل إلى المواجهة وعدم الاتفاق. ويجب هنا أن نفصل بين أمرين: الأول هو العلاقات بين الشعوب، والتي كانت في كثير من الأحيان تميل إلى السلام والوئام، وكذلك العلاقات السياسية التي تتبدل وتتغير وفق المصالح. أما الأمر الثاني فهو الرؤى الفكرية تجاه النبي، والتي لم تتغير كثيراً في الغرب منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحتى التاريخ المعاصر، وكانت في مجملها رؤى ومواقف معادية وصدامية. إن الأحكام الفكرية لابد وأن تنطلق من الرؤى المشتركة والمستمرة عبر فترات زمنية طويلة، ولا تقاس على ما شذ من الأقوال أو الأفكار. والغرب عبر تاريخه الطويل من المواجهة الفكرية والدينية مع العالم الإسلامي كان دائماً يميل إلى الطعن في شخص النبي، وهو ما لم يتغير عبر قرون طويلة من العلاقة مع الغرب، ولذلك أسباب سيأتي بيانها في هذا المقال.
هل الغرب كيان فكري واحد؟
إن من المهم قبل دراسة الموقف الفكري الغربي من النبي صلى الله عليه وسلم أن نبين أن الغرب ليس كياناً واحداً فيما يتعلق بالسياسات وطبائع الشعوب، ومواقف الدول من العالم العربي والإسلامي. كما أن الغرب ليس كياناً واحداً أيضاً فيما يتعلق باهتماماته الدينية ومدى اقترابه أو ابتعاده عن دعوة ورسالة نبي الله عيسى عليه السلام. فليس كل الغرب متديناً وليس كل الغرب علمانياً أيضاً، وهناك فوارق كبيرة بين المدارس والمذاهب الدينية المختلفة داخل المسيحية في الغرب.(8/45)
لكن رغم كل هذا التباين والاختلاف في السياسات والطبائع والتوجهات، إلا أن الغرب يكاد يكون كياناً واحداً عندما يتعلق الأمر بالجوانب الفكرية المتعلقة بعلاقاته مع الحضارات الأخرى والديانات التي تختلف عن ديانات الغرب. فرغم تعدد المدارس الفلسفية والفكرية في الغرب، إلا أن هناك قدر مشترك وواضح من المفاهيم الفكرية الأساسية عندما يتعلق الأمر بالرؤى المقابلة حول مستقبل البشرية وهدف الإنسان من الحياة على الأرض. لذلك فإن من الممكن أن يتم الحديث عن الغرب بوصفه كياناً واحداً عندما يتعلق الأمر بالحياة الفكرية الغربية في مقابل الحضارات الأخرى.
وسوف تتعامل هذه الدراسة مع الغرب ككيان فكري واحد من ناحية المنطلقات الأساسية للحضارة الغربية، والمبادئ التي قامت هذه الحضارة عليها، وعلاقة ذلك بموقف الغرب من النبي صلى الله عليه وسلم.
مشكلات الفكر الغربي مع نبي الإسلام
لكي ننجح في فهم علاقة الغرب فكرياً بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، فلابد أن نبتعد قليلاً عن المواقف، وندرس المبادئ. إن المواقف ليست إلا تعبيرات واقعية عن الأفكار الكامنة في الشخصية الغربية، والتي تكونت عبر قرون طويلة من التأثير الفكري الذي كون قناعات راسخة لا تتزعزع داخل الشخصية الغربية فيما يتعلق بعلاقتها بالخالق، وعلاقتها بالكون والطبيعة والآخرين من البشر. وهذه القناعات تتصادم بشدة مع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك نشأ العداء وليس من المتوقع أن يقل أو ينتهي في القريب. وهذه مجموعة من الأسباب الفكرية التي ساهمت في تكون علاقة العداء على المستوى الفكري.
مركزية الله أم مركزية الإنسان
إن المشكلة الرئيسة في علاقة الغرب فكرياً بالعالم الإسلامي، وعداء الغرب للنبي صلى الله عليه وسلم، هو مركزية الله تعالى في الكون لدى المسلمين، والتي تتجسد في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي دين الإسلام وفي واقع الأمة الإسلامية بصرف النظر عن درجة تدين والتزام أفراد هذه الأمة.
إن الغرب في المقابل ينطلق فكرياً – وبكل فئات مجتمعاته وكل مفكريه – من فكرة مركزية الإنسان في الكون، وأن الفرد هو مركز الاهتمام الرئيس، وأن تطلعات الفرد وحقوقه وحرياته تقدم على أي أمر آخر، وحتى أمور العبادة وعلاقة الفرد بالإله.
إن الغرب يرى أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قدم مفهوماً يمكن أن يهدم الفكر الغربي من أساسه .. وهو مركزية الله تعالى في حياة البشرية مقابل نظريات الغرب التي تقوم على مركزية الإنسان. لذلك اختار الغرب أن يجعل عداء الإسلام ضمن منظومة قيمه الرئيسة لأنه بذلك يتمكن من إبقاء الفرد مركزاً للكون في مواجهة دعوة محمداً صلى الله عليه وسلم التي حافظت على مكانة الخالق جل وعلا ومركزيتها في حياة البشر.
وحول ذلك تحدثت المؤلفة البريطانية كارين أرمسترونج – صاحبة كتاب "محمد" قائلة: "علينا أن نتذكر أن الاتجاه العدائي ضد الإسلام في الغرب هو جزء من منظومة القيم الغربية، التي بدأت في التشكل مع عصر النهضة والحملات الصليبية وهي بداية استعادة الغرب لذاته الخاصة مرة أخرى. فالقرن الحادي عشر كان بداية لأوروبا الجديدة وكانت الحملات الصليبية بمثابة أول رد فعل جماعي تقوم به أوروبا الجديدة."[1]
بين محمد والمسيح
تمحور الفكر الغربي حول شخصية المسيح عليه السلام. وتحولت شخصية المسيح بعد تحريف الدين المسيحي إلى تجسيد للفكر الغربي حول مركزية الفرد في الكون. فقد تحول الإله في نظر المتدينين إلى شخص .. إله في صورة فرد .. دفع دمه ثمناً مقدماً لجميع خطاياهم القادمة. وعندما سيطر الفكر النفعي على الشخصية الغربية، أصبح التعلق بشخص المسيح يمثل قمة النفعية لمن اختاروا التدين، فهو قد قام بدفع فاتورة خطاياهم حتى قبل أن يقعوا فيها، وأبقى لهم الحياة لكي يمارسوا فيها ما شاءوا من أفعال طالما أن محبة المسيح – كفرد وكإله – تسيطر على مشاعرهم. أما من تركوا الدين المسيحي بأكمله، وأصبحوا لادينيين أو ملحدين، فقد كان المسيح – بعد تحريف الدين – أيضاً مركزياً في مواقفهم الفكرية .. فهو فرد، وبالتالي لا يمكن أن يختلف عن غيره من البشر، وبالتالي فليس هناك إله – بزعمهم. كما أن المسيح بصورته التي قامت الكنيسة الغربية بتصويرها رحيم منعزل عن حياة الناس .. يقبل بكل معايير الحياة الإنسانية، ولا يدعو إلا إلى الحرية والمساواة .. وهي أهم قيم العلمانية ولا تصادم من تركوا الدين، وبالتالي فلا حاجة إلى مصادمة المسيح.(8/46)
أما العلاقة مع محمد فهي علاقة تصادمية مع كل من التيار الديني والعلماني في الغرب على المستوى الفكري. فمحمد – صلى الله عليه وسلم – حرص على أن يكون فرداً .. إنساناً بكل معاني الإنسانية، ورفض أن يكون إله في صورة إنسان، وبالتالي فهو يناقض فهم المتدينين من الغرب للإله الذي عرفوه، وبالتالي تكونت الكراهية والضيق من كل ما يمثله محمداًً صلى الله عليه وسلم .. فهو ليس على شاكلة المسيح .. في نظرهم. وهو يناقض أيضاً مشاعر ورغبات غير المتدينين، لأنه يطلب من البشر – كما أمره خالقه – بالكثير من العبادات والأعمال والالتزامات، ويقدم حرية المجتمع على حرية الفرد، ويضحي بالمساواة من أجل العدالة ومن أجل صلاح المجتمع. كل ذلك ساهم في تكوين صورة سلبية وقاسية عن نبي الإسلام.
إن المتدينين في الغرب – كما في الشرق أيضاً - يعشقون فكرة المعجزة لأنها خلاص من مواجهة واقع يطحن أحلامهم .. لذلك انتشر في التدين الغربي قصص المعجزات والخوارق وكرامات القديسين، وأصبح ذلك مكوناً رئيسيا من مكونات التدين المسيحي الغربي. أما محمداً صلى الله عليه وسلم فقد جسد إمكانية انتصار الإنسان دون حاجة إلى المعجزات .. لقد كانت حياة الرسول – في نظرهم – خالية من المعجزات، والحياة الغربية قاسية، والتدين فيها يسمح للفرد أن يحلم بالمعجزة للفرار من الواقع، ونبي الإسلام لا يعد بالمعجزات، وإنما بحياة مليئة بالجهد والجد والمعاناة من أجل آخرة يمكن فيها الاستمتاع بالجنة.
لقد نجح من حرفوا دين المسيح أن يقنعوا أنصار المسيح في الفكر الغربي، أن لهم أن يجمعوا بين كل متع الدنيا – فقد دفع ثمن ذلك المسيح – وأن يجمعوا معها أيضاً النجاة في الآخرة لأنهم أحبوا المسيح. وهكذا يتفرغ المتدين للحياة دون الحاجة الحقيقية للعمل فإن محبة المسيح كافية للجنة. أما محمداً فإن دينه ودعوته تطلب من الإنسان الكثير، ولا تعد بالمقابل إلا بأمل في رحمة الله. كيف إذن لمن يعتنق الفكر النفعي أن يحب محمداً؟
ويروي الكاتب العربي هشام جعيط في تحليله للشخصية الأوربية كيف أنها نظرت للعالم الإسلامي ولدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: "يسير تاريخ الإسلام لا وفق ديناميكيته الخاصة، بل كانعكاس شاحب ومعكوس لتاريخ الغرب. لنأخذ مثلا على ذلك: شخصية محمد. نلاحظ أنه ضمن كل تحليل لهذه الشخصية تنساب عملية مقارنة مع المسيح. إذا كان محمد غير صادق فذلك لأن المسيح كان صادقا؛ وإذا كان متعدد الزوجات وشهوانيا، فلأن المسيح كان عفيفا؛ وإذا كان محمد محاربا وسياسيا فذلك استنادا إلى يسوع مسالم، مغلوب ومعذب"[2].
تجذر فكرة النبوة الكاذبة
قامت الكنيسة الغربية تحديداً منذ بداية الإسلام بالطعن في صدق نبوة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يزال هذا الموقف هو السمت المشترك لمعظم المفكرين المتدينين الغربيين، رغم أن بعضهم قد تنازل ووصف النبي ببعض الصفات الإيجابية كقائد سياسي، أو مصلح إنساني، أو إنسان طموح، ولكن ليس كنبي يوحى إليه. وأخطأ كثير منا في فهم دلالة العبارات، والتي تطير بها وكالات الأنباء العربية والإسلامية، وكأنها تمثل تحولاً فكرياً في نظرة الغرب للنبي. فكم تغنينا بعبارة أن "العظماء مائة وأعظمهم محمد" وغيرها من العبارات التي يكثر تقديمها في هذا السياق.
كما تسببت هذه الرؤية في كذب نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في تكوين فكرة مسيحية استقرت في أذهان الكثير من المفكرين الدينيين في الغرب. هذه الرؤية تتصور أن هذه النبوة الكاذبة في ظنهم قد أوقفت تطور الإنسانية باتجاه المسيحية. يقول أحدهم: "لقد أمكن لمحمد أن يكون إمبراطورية سياسية ودينية على حساب موسى والمسيح".[3]
ويلحظ أحد المفكرين أن فكرة أن النبي لم يكن نبيا حقيقيا صادقا قد تجذرت دون أن يصدها أي ريب أو شك أو حتى محاولة للتفهم الحقيقي للرسالة الإسلامية عند مفكرين عديدين من القرون الوسطى، أمثال ريمون مارتن، وريطولدو، ومارك دي تولاد، وروجيه بيكون. وتحولت دعوة الإسلام في نظر هؤلاء إلى رسالة ناسوتية أملتها مشاريع المصالح السوداء الدنيوية والشخصية. أما القرآن فليس سوى مجموعة من الخرافات مستعارة من التوراة وبشكل مشوه في نظر هؤلاء.
ولذلك يبقى الإسلام في نظر الغالبية العظمى من مفكري الغرب ديناً زائفاً مهما بلغت نجاحاته، ومهما ادعى أنه أفضل من الدين المسيحي الذي تركه معظم الشعب الأوربي عملياً، ولكنه لا يزال يحرك معتقداته الفكرية في التعامل مع الآخرين بقوة.
هوس فكري(8/47)
إن كل تساؤل وانشغال كبير بالآخر إنما يعكس في طياته هوساً بهذا الآخر. وقد قدم الإسلام منذ ظهوره ذلك "الآخر" الذي عرفت أوربا نفسها وطموحاتها من خلال مقابلته والمصادمات معه. فرغم أن الإسلام في بداية انتشاره لم يول الغرب أي اهتمام – لتخلف الغرب حينها- إلا أن الإسلام وشخصية النبي محمد بوصفها تجسيداً للكمال الإنساني لدى أنصار الإسلام قد أصبحا محور الهجوم المستمر لمفكري الغرب لتأكيد فكرة أن الغرب أفضل من الشرق. حقاً أن أوربا قد تخلت عن الفكرة المسيحية، ولكنها لا تستطيع أن تتحرر مطلقاً من أثر الفكر المسيحي على شعوبها. وهذا الفكر المسيحي الغربي قد توحد عبر القرون الماضية حول فكرة معاداة الإسلام، وتقديم نموذج شخصية المسيح عليه السلام – بعد تحريفها- في مواجهة شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما يفسر الهوس الغربي بالهجوم على النبي.
أما بالنسبة للاتجاه غير المتدين – كما يذكر أحد المفكرين العرب- الذي يؤثر أكثر فأكثر في الحقيقة الاجتماعية الأوربية بمرور الزمن. فمنذ أن تحررت الفكرة العلمانية من الضغط المسيحي على التأمل العقلاني وعلى الممارسة السياسية، انفتحت نظرة جديدة للكون. هذه النظرة الجديدة مكنت من رؤية الإسلام بعمق، كجزء متمم وهام من الحياة الإنسانية، ولكنه أيضاً خصم سياسي وعسكري عنيد تمثل في ذلك الوقت في الإمبراطورية العثمانية.
لذلك استمر العداء رغم اختلاف القوى المحركة له، واستمر الهوس بالعالم الإسلامي. وظهرت الانتقائية الفكرية الغربية التي ترى أن الإمبريالية ليست إلا مهمة حضارية للارتقاء بشعوب الأرض، وأن مقاومتها من قبل المسلمين الذين يتمثلون شخصية نبيهم ليسوا إلا برابرة يجب القضاء عليهم من أجل استمرار المهمة الحضارية نحو هدفها في تنقية الجنس البشري من كل أنواع البرابرة، وعلى رأسهم أنصار محمداً.
مرآة داكنة لواقع الغرب
يرى البعض في الغرب في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم نموذجاً متكاملاً لنوع من الكمال الإنساني الذي لا يمكن للغرب بأفكاره ونظرياته وممارساته أن يصل لها. وعند هذا الفريق من الغربيين، يصبح القضاء على هذا النموذج هماً حقيقياً بذاته. فكأن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تمثل ذلك الضمير الذي يوخز الغرب في جنباته، وكأنه مرآة داكنة توضح لهم بالدليل الواقعي مدى التردي الذي وصل إليه حال الشخصية الغربية نتيجة لابتعادها عن النموذج المحمدي.
قد يعترض بعض المفكرين العرب بل والمسلمين على تصوير واقع الشخصية الغربية بهذا الشكل المأساوي، ولكن الحقيقة أن هناك فراغ روحي ضخم في الغرب بالعموم، ويظهر ذلك من ارتفاع معدلات الجريمة والإدمان والانتحار وانتشار الرذائل، بل وتصديرها إلى كل أنحاء العالم. وفي المقابل تظهر الشخصية المسلمة التي يمثلها النبي صلى الله عليه وسلم كمقابل حاد في مواجهته لتلك الشخصية الغربية. ومنها هنا نجد الهجوم الشديد والمتكرر على شخص النبي صلى الله عليه وسلم.
مشروع مواز للغرب
إن أحد مشكلات عداء الغرب التاريخي للنبي صلى الله عليه وسلم، هو أنه جاء بنظام سياسي وفكري متكامل ينازع الغرب في المسلمات الأساسية، وكذلك في طرق التنظيم والإدارة وسياسة المجتمعات، وأخيراً في نمط العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع، وبين المجتمعات المختلفة. إنه ببساطة نظام متكامل مواز للنظام الغربي، ولا يلتقي معه، وإنما يقدم بديلاً قوياً وخطيراً له.
وكما يذكر أحد المفكرين العرب فإن "الخوف من قوة الإسلام المحركة يأخذ في اللحظات التراجيدية شكل الدفاع والصراع والمشاجرة، أحد أكثر الأشكال الانفعالية في التاريخ. لقد أبرز مفهوم الإسلام السياسي كتهديد متواتر، ومفهوم الدين السياسي كبنية تاريخية في أصول الإسلام. يقول غولديهر: إن الإسلام قد جعل الدين دنيوياً لقد أراد أن يبني حكماً لهذا العالم بوسائل هذا العالم."[4]
لذلك هاجم المفكرون الغربيون بشدة المشروع الحضاري الإسلامي، واعتبروه خطراً كبيراً يهدد سيادة الفكر الغربي وانتصار الحضارة الغربية، ونهاية التاريخ. ولم يبدأ هذا الأمر مع أحداث سبتمبر، أو مع نشوء فكرة صدام الحضارات أو نظرية نهاية التاريخ، وإنما سبق ذلك بقرون عديدة، واستمر يغذي الشخصية الغربية بمبررات العداء للعالم الإسلامي ولشخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وأنظر إلى أحدهم عندما يقول منذ أكثر من قرنين من الزمان: "يجب القول إن من بين كل الذين تجرءوا على سن القوانين للشعوب، لم يكن واحد منهم أجهل من محمد. و بين كل الإبداعات الخرقاء للفكر الإنساني، لم يكن هناك أتعس من كتابه. وما يحدث في آسيا منذ ألف ومائتي سنة يمكن أن يكون البرهان، لأننا لو أردنا الانتقال من موضوع خاص إلى ملاحظات عامة، لكان من السهل البرهان أن الاضطرابات في الدول، وجهل الشعوب في هذه المنطقة من العالم إنما هو تأثير مباشر، إلى حد ما، للقرآن ولأخلاقه."[5]
إحياء فكرة المواجهة(8/48)
يرى الكثير من المفكرين الغربيين أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو من تسبب في إحياء روح المقاومة والمواجهة في حياة العرب والمسلمين، وأن الدين الإسلامي هو المحرك الرئيس لجميع أفكار المقاومة الموجودة في أفكار وتصرفات الشعوب الإسلامية. والمقاومة هنا – ليست فقط فكرة مقاومة العدوان – وإنما كل أشكال الانتصار على النفس وعلى الآخر.
يرى المفكرون الغربيون أن رسالة محمد، وأفكار محمد، ودعوة محمد تقديم الرصيد الفكري والنفسي والعقدي لجهد المسلم في الانتصار على نفسه وعدم التسليم لشهوات الحياة ومتع الدنيا التي يتفنن الغرب في محاولة تقديمها للأمة. كما أن المقاومة تمتد لتمنع الكثير من محاولات الهيمنة الفكرية والثقافية على الحياة الإسلامية والعربية من قبل الغرب.
والعجيب أن هذه القوة في الإسلام قد فسرها بعض مفكري القرون الوسطى أنها تدل على زيف الإسلام. يقول لنا دانيال: "إن استعمال القوة، كان تقريبا معتبرا بالإجماع كخاصية كبيرة وأساسية للدين الإسلامي، وبالتالي فهو دلالة بديهية على ضلال الإسلام."[6]
ورغم كل ذلك تظهر المقاومة في شكل تضحيات إنسانية ضخمة لا يقدمها شعب آخر أو أمة أخرى في سبيل الحفاظ على أرضها ومقدساتها، والرغبة في الدفاع عن أراضيها، وهو ما يصادم الفكر الغربي الذي يعلي من شأن الحياة الدنيا. إن الأعمال الاستشهادية وكل صور المقاومة الأخرى – حتى وإن لم تكن موفقة أو شرعية - تشكل إشكالاً فكرياً عميقاً يصادم الفكر الغربي بقوة، ويقدح في مسلماته الأساسية، ويلقي مفكرو الغرب باللائمة على محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك.
إن الفكر الغربي المعاصر غير قادر على تقديم أي تفسير مادي أو عقلاني للمقاومة الفلسطينية أو للعمليات الاستشهادية أو المسلحة في العراق، أو إصرار الشعوب العربية التي تظهر أنها ضعيفة ومتخلفة على رفض النموذج الغربي للحياة بإصرار يتزايد مع الوقت دون تفسير مقنع إلا بإلقاء اللوم والحقد على محمد – صلوات الله وسلامه عليه. إن النجاحات المتتالية لمشروع المقاومة تستنفر في الغالب موجات جديدة من الهجوم على شخص النبي، وهو ما يفهم على المستوى الفكري – ولا يقبل بأي حال من الأحوال أو يبرر.
الخلاصة
إن عداء الغرب للنبي محمداً هو عداء مفهوم من المنطلقات الفكرية، وإن كان غير مقبول على الإطلاق تحت أي مبرر أو تفسير. كان هدف هذه الدراسة هو توضيح أهم المعالم الفكرية لمشكلة الغرب مع نبي الإسلام. فرسول الله صلوات الله وسلامه عليه قد جسد صورة مخالفة تماماً للإنسان عن الصورة التي ارتبط بها المسيحيون عن المسيح كما يصورونه. أنه جسد إمكانية انتصار الإنسان دون الحاجة لمعجزات .. بينما الفكر المسيحي المعاصر في الغرب يرى أهمية المعجزة للهروب من مواجهة الكثير من مصاعب الحياة في الغرب.
إن محمداً قد أحيا فكرة القوة وعدم الخوف من المواجهة، وهي فكرة خطيرة في نظر أصحاب مشروعات الهيمنة والسيطرة على واقع الأمة الإسلامية وثرواتها ومستقبلها. أن محمداً قد حارب من أجل أن ينتصر الإنسان على ذاته .. لا أن يخضع لها، وهذا الأمر يحارب ويصادم تحويل كل شيء في الكون إلى سلعة، وتحويل كل فرد إلى مستهلك.
لقد قدم رسول الله نموذجاً متكاملاً لحياة موازية للغرب .. لا تلتقي معه اضطرارا .. ولا تتنازل له خوفاً. والأهم من كل ذلك أنه محبوب بشدة من المسلمين .. معروف لكل العالم .. نجح بكل المعايير الغربية .. ولكنه رفض كل مفاهيم الغرب .. هو نموذج يجب القضاء عليه .. ويبدو أن ذلك غير ممكن لأن إرادة الخالق أقوى من عبث المخلوقين.
00000000000000
[1] كاتبة بريطانية تدين الغرب وتتهمه بالتجني على الإسلام، القاهرة: جمال شاهين، الشرق الأوسط، الأربعاء 18 ذو الحجة 1426 هـ 18 يناير 2006 العدد 9913
[2] "أوروبا والإسلام"، "صدام الثقافة والحداثة"، هشام جعيط، دار الطليعة، 2001، ص40.
[3]
[4] "أوروبا والإسلام"، "صدام الثقافة والحداثة"، هشام جعيط، دار الطليعة، 2001، ص85.
[5] Voyage en Syrie et en Egypte Pendant les annees 1783 – 1785، Paris، 1787، PP. 301 – 310.
[6] Norman Daniel, Islam and the west, The making of an Image, Edinburgh, 1960, P.146
-----------------
(28) الإساءة إلى الإسلام في الغرب.. حرية تعبير أم وجدان صليبي
د. محمد مورو
لوحظ في السنوات الأخيرة ارتفاع نبرة الإساءة إلى الإسلام والهجوم على رموزه في الأوساط الثقافية والفكرية بل والسياسية في الغرب. وفي الحقيقة فإن الكيد للإسلام والإساءة له ليس أمراً جديداً على الغرب ، الجديد فقط هو ارتفاع تلك النبرة والأمر لا يرتبط هنا بحالة رد الفعل المزعومة بسبب أحداث 11 سبتمبر ولكنه يضرب في جذور تلافيف العقل الغربي قبل سبتمبر 2001 وبعده ، فالجندي الإيطالي الذي كان يذهب إلى ليبيا لاحتلالها كان ينشد لأمه:
أماه..
أتمي صلاتك..
لا تبك، بل أضحكي وتأملي،
أنا ذاهب إلى طرابلس،(8/49)
فرحاً مسروراً
سأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة
سأحارب الديانة الإسلامية
سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن. [1]
وكتبت جريدة فرنسية سنة 1926 تقول: "لقد استسلم عبد الكريم الخطابي من غير شروط، وخضع لحماية فرنسا، ذلك ما كنا نبغي، فالحادث مهم، فهو يضرب الإسلام في الصميم, وبوسعنا الآن أن نفتك بهذا الدين الفتك الذريع".[2]
والجنرال بيجو القائد العسكري الفرنسي في الجزائر حدد هدف الغزو " أن أيام الإسلام الأخيرة في الجزائر قد اقتربت " ، وكان يقتل الرجال والنساء ويأتي بالأطفال ويسلمهم إلى القسيس بريمو " الذي صاحب الغزو الفرنسي " قائلاً له " حاول يا أبت أن تجعلهم مسيحيين " ، ويلخص نفس الجنرال المسألة بكاملها قائلاً " إن العرب لن يكونوا لفرنسا إلا حينما يصبحون مسيحيين ".[3]
وقبل ذلك فإن المسألة برمتها يلخصها قول الأب أربان الثاني مفجر الحروب الصليبية في مجمع كلير مونت عام 1095 م "أيها الجنود المسيحيون . . . اذهبوا وخلصوا البلاد المقدسة من أيدي الأشرار ، اذهبوا واغسلوا أيديكم بدماء أولئك المسلمين الكفار". [4]
نحن إذن أمام وجدان صليبي وعداء وحقد على الإسلام قديم جديد وليست عملية الإساءة إلى الإسلام إلا الجزء الطافي من جبل الجليد بل إن عملية محاولة اجتثاث الإسلام ذاته هي محاولة لم تتوقف قط منذ مئات السنين وشهدت عمليات إبادة ، مذابح تبشير ، حرب ثقافية – غزوات... إلخ.
وأعتقد أن السبب الرئيسي لتلك المحاولات المستمرة لتشويه الإسلام والإساءة إلى رموزه بالإضافة إلى الحقد الصليبي المعروف هو نوع من الهزيمة الداخلية في العقل المسيحي الغربي فالخوف من انتشار نور الإسلام ، وبسبب صحة العقيدة الإسلامية بكل المقاييس العقلية والنفسية والعلمية والأدبية دفعت دهاقنة الغرب لمحاولة تشويه الإسلام ومن ثم حجب نوره عن أعين الأوروبيين .
والإساءة إلى الإسلام لا تتم في الغرب فقط ، بل يقوم بها أيضاً عملاء محليين يدفع لهم الغرب هذا الثمن من الأموال والجوائز والمنح العلمية والأدبية... إلخ، وهؤلاء ما هم إلا طابور خامس يردد أقول مستشرقي الغرب كالببغاء ، وهم بالطبع لا يحزون باحترام أهاليهم ، ولا احترام الغرب ذاته لأنهم مجرد عملاء .
0000000000000
بالنسبة لنا كمسلمين فإن الإساءة إلى الإسلام هي نوع من الكفر البواح ، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بحرية التعبير المزعومة ، وتقتضي بالطبع عقوبة يقررها العلماء المسلمون ولكن الغرب يزعم أن حرية التعبير هي الدافع وراء هذا السيل من الإساءات للإسلام ، وأنه من ثم لا يستطيع أن يصدر قرارات إدارية بمنع ذلك لأن ذلك يتعارض مع الحرية التعبير المزعومة ، وفي الحقيقة فإن ذلك كذب وخداع ، فحرية التعبير المزعومة تلك لم تمنع بلداً كفرنسا من مصادرة كتب أحمد ديدات في فرنسا ولم تمنع من محاكمة روجيه جارودي لمجرد أنه شكك في أرقام الضحايا اليهود في أفران هتلر .
وهي أمور تدخل في باب السب والقذف وليس حرية التعبير نفس الأمر ينطبق على تصريحات قساوسة النصارى في أمريكا أمثال بات روبرتسون وجراهام بل الذي وصف رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم بالهمجية والعدوان ، وتنطبق على حاخامات اليهود من أمثال " عوفاديا يوسف " الذي وصف المسلمين بالصراصير والحشرات التي ينبغي سحقها بالأقدام .
الإساءة للإسلام لم تتوقف عند هذا الحد ، ولكنها وصلت إلى تمزيق المصاحف وتلويثها بالنجاسات والسير عليها بالأقدام في معسكر جوانتانامو – واعترفت الإدارة الأمريكية بذلك ! ! . وكذلك نفس الشيء في سجن "مجدو" الإسرائيلي ، الأمر الذي دفع المعتقلين الفلسطينيين إلى الإضراب عن الطعام لوقف الإساءة إلى رموز الإسلام .
والحملة الصحفية في الدانمارك والتي تم فيها التطاول على الإسلام ورسول الإسلام تأتي في نفس الإطار فإذا أصبح المسلمون زعمت حكومات الغرب أن ذلك خارج إطار سلطاتها لأنه يدخل في باب حرية التعبير المزعومة ، والحقيقة أنه سب وقذف حتى بمعايير الغرب وقوانينه ذاتها .
والحديث الغربي عن الحرية والديمقراطية أصبح حديثاً مفضوحاً ، بعد ما حدث في جوانتانامو وأبو غريب وقلعة جانجي بأفغانستان وغيرها مما رصدته واعترفت به منظمات حقوقية دولية لا يمكن اتهامها بالانحياز إلى الإسلام مثلاً .
ولكن على أي حال سنجاري الغرب في أكاذيبه حول حرية التعبير ، ونقبل أن نأخذ بمعاييره مؤقتاً للحكم على سبيل الإساءات للإسلام في الغرب .
فالمدعو سلمان رشدي مثلاً الذي احتفى به الغرب ومنحه الحماية والجوائز والتقدير لم يقدم كتاباً مثلاً في مناقشة الأفكار الإسلامية بل قدم قذفاً صريحاً في حق أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم ، وأساء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وافترى على الجميع افتراءات منحطة وكلها أمور تخضع للعقوبة في أي قانون غربي ، فحرية التعبير غير السب والقذف والافتراء والكذب بالطبع .(8/50)
نفس الأمر ينطبق على المدعوة " تسليمة نسرين " وهي كاتبة بنغالية الأصل حذت حذو سلمان رشدي .
في الإطار نفسه سمعنا تصريحات من رئيس الوزراء الإيطالي " بيرلسكوني " الذي وصف الحضارة الإسلامية بالانحطاط والكاتبة الإيطالية " إيريا فلاشيا " التي وصفت الإسلام بكل الأوصاف المنحطة من أنه دين متخلف ووثني وعدواني بل ومقيد ! ! .
والحقيقة المريرة أن هناك أولاً ضعف عام لدى المسلمين وحكوماتهم وجماعاتهم وهيئاتهم الدينية والدبلوماسية على حد سواء تغري الآخرين بامتهان المقدسات الإسلامية والإساءة إلى الرموز الدينية ووصل الأمر إلى حد الدعوة لضرب الكعبة الشريفة وهدم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي دعوة تكررت كثيراً في الصحف الأمريكية .
والسؤال الآن . . . أين الحكومات العربة ، أين الأزهر أين المؤسسات الدينية . . . أين منظمات المجتمع الأهلي التي تقيم الدنيا وتقعدها إذا حدث اعتداء مزعوم على مسيحي أو يهودي ! ! .
أين المعتصم الذي سير الجيوش لمعاقبة الرومان لمجرد الاعتداء على سيدة واحدة مسلمة ، والتي هتفت في عمورية " وامعتصماه " فاستمع إليها الخليفة المعتصم في بغداد على بعد مئات الأميال ، واستجاب لندائها ولكن حكام العرب والمسلمين لم يعد فيهم معتصم ولا حول ولا قوة إلا بالله .
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:32].
---------------
الهوامش:
( 1 ) محمد جلال كشك . . القومية والغزو الأمريكي
( 2 ) 28 / 5 / 1926 - da depeche de constasntine
( 3 ) د / محمد مورو - الجزائر تعود لمحمد - المختار الإسلامي - 1992
( 4 ) د / سيد عبد الفتاح عاشور - الحروب الصليبية - مكتبة الأنجلو المصرية
-------------------
(29)
==================
الباب التاسع- المتطاولون وعاقبتهم
مقدمة هامة :
حديث عن المصطفى المختار لفضيلة الشيخ
عبدالرحمن السديس إمام المسجد الحرام أيّها المؤمنون، لسنا في نجوًى عن القول: إنّ أمّتَنا الإسلاميّة العتيدة إنما شدَّت ركابها شطرَ المجد والعلياء وتسنَّمت قِمَم السؤدَدِ والإباء وساقت الإنسانيّةَ إلى مرابِع الحضارة والمدنيّة والهناء وأفياءِ الأمن والرّخاء والعدل والإخاء ساعةَ استعصَمَت بالوحيَين الشريفين، واستمسَكت بالهديَين النيِّرين، وكانت مِلءَ سمعها وبصرها، ومُفعَم روحِها ومُستَولَى مشاعرها، سنّةُ نبيّها الغرّاء وسيرتُه وشمائِله الفيحاء.
بعض شمائل المصطفى
خُلُقٌ كما خطَر النّسيم فهزَّ أعطافَ النبات
وشمائلٌ علويّة أصفى من الماء الفرات
ويومَ أن شطَّ بها المزار عن ذلك الهديِ المتلألئ المِدرار فاءت الأمّةُ إلى يَبابِ التبعيّة والذيليّة والوهَن، وصارت والتنافُرَ والتناثرَ في قَرَنٍ، والْتأمَتْ مع الأسَى الممِضّ أمّةُ الاقتداء والوحيِ والاقتفاء على دعاوًى منَ الحبِّ مسطَّحةٍ زَيفاء، تكاد عند المحاقَقَة لا تبارِح الألسنة والشِّفاه، وذلك من مكامنِ دائها العُياء، فَدَاءُ الأمّة فيها، ولو أنها اعتصَمَت بالكتاب والسنّة ما استفحَل داؤها ولتحقَّق دواؤها.
إخوةَ الإيمان، ولئن ازدَانَت الغَبراء فَبُدِّلت وضَّاءةً خضراء منذ ما يربُو على أربعةَ عشر قرنًا من الزّمان ببعثة سيِّد الأنبياء وعطَّرت سيرته المونِقة الأقطارَ والأرجاء.
فالكَونُ أشرَقَ والفَضاءُ تعطَّرَا
والأُفْق ظلَّله السرور فهل تَرى
بما تضمَّنته من حقائق المهابةِ والجمال والخشية والجلال ومسدَّدِ الحِكمةِ في الأقوالِ والفِعال، فإنَّ تلكم السيرةَ المشرقة الجبين المتلألِئة المُحَيَّا لا تزال تُهيب بوُرَّادها مناشِدَةً: إليَّ إليَّ، وحيَّهَلاً عليَّ عليَّ، نهلاً وفهمًا، واقتِباسًا ورِيًّا.
معاشر المحبين، إنَّ الحديثَ عن الحبيب المصطَفى والرسول المجتبى والخاتم المقتَفَى صلواتُ الله عليه وآلِه وسلّم لهو حديثٌ عَذبُ المذاق، مُجرٍ لدموع المآق، بَلسَم لجفوة القلوب ولقَسوَتها تِرياق، كيف لا وهو رسول الملِك العلام وحامِل ألوية العدلِ والسّلام ومُخرج البشريّة بإذن ربِّها من دياجير الانحطاطِ والوثنية والظلام ووِهاد الأرجاس والآثام إلى أنوار التوحيدِ والإيمان والوئام؟! صلوات الله وسلامه عليه ما ذرَّ شارق، وحنَّ إلى إِلفِه المفارق، نبيُّ المعجِزات، وآخذُنا عن النار بالحُجُزات، أمَنّ النّاس على كلِّ مسلم ومسلمة، وأحقُّهم نَقلاً وعقلاً بالمحَبّة الوادِقة والطاعة الصادقة، صاحِبُ المقامِ المحمود واللِّواء المعقود والحَوض المورود.
تجود بالدّمع عيني حين أذكرُه
أمّا الفؤاد فلِلحوض العظيم ظَمِي
لا يتمّ دينُ المرءِ إلاّ بإجلاله والانقيادِ له وحبِّه، ومن صعَّر خدَّه هدم دينَه واتُّهِم في لُبِّه، يقول عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه الشيخان: "لا يؤمِن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من نفسه وولده ووالدِه والناس أجمعين"(1).
تِلكم هي المحبّةُ الصادقة التي أفضَت إلى أصلِ الطّاعة والتسليم الذي دلَّ عليه قول الحقّ تبارك وتعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {النساء:65} أحبَّه مولاه واجتبَاه، وميَّزه على سائر الخليقة واصطفاه.
فكم حَبَاه ربُّه وفضّله وخصّه سبحانه وخوَّله
أبى الله إلاَّ رَفعه وعُلُوَّه
وليس لما يُعلِيه ذو العرش واضعُ
بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام. أظهرُ الخليقَة بِشرًا وأُنسًا، وأطيبُهم نَفَسًا ونفْسًا، وأجملُهم وصفًا، وأظهرهم لُطفًا، لا يطوي عَن بَشَرٍ بِشْرَهُ، وحاشاه أن يشافِهَ أحدًا بما يكره، والبِشْرُ عنوان البشير، صلّى الله عليه ما همَى رُكام وما هَتن غَمام، كان ذا رأفةٍ عامّة وشفَقَة سابغة تامّة، أجملُ الناسِ ودًّا، وأحسنُهم وفاءً وعهدًا، تواضَعَ للناس وهمُ الأتباع، وخفض جناحه لهم وهو المتبوع المطَاع، كان شديدَ الخوف والعبادة، وافرَ الطاعة والقنوت والإفادة، له شجاعةٌ ونجدة وبسالة في الحقّ وشِدّة، يبذُل الرّغائب، ويعين على الصروفِ والنوائب، ما سئِل عن شيء فقال: لا، وما أشاحَ عن مُعتَفٍ ولا قَلَى. فيا للهِ، هل في طوقِ الأبيِنَاء من غَطارِفة البيان أن يتفرَّدوا بوصفِ نبيٍّ نُزِّه عن المثالب والنقائص وكُرِّم ببديع الشمائل والخصائص؟! كلا لعَمرو الحقِّ كلاّ.
مَلَكت سَجايَاه القلوبَ محبَّةً
إنَّ الرسول إلى القلوبِ حَبيبُ
نبيٌّ تقيّ، ورسول نقيٌّ، زكَّى الباري لسانه فقال: وما ينطق عن الهوى {النجم:3}، وزكَّى بصره فقال: ما زاغ البصر وما طغى {النجم:17}، وزكَّى صدره فقال: ألم نشرح لك صدرك {الشرح:1}، وزكى فؤاده فقال: ما كذب الفؤاد ما رأى {النجم:11}، وزكَّى جليسَه فقال: علمه شديد القوى {النجم:5}، وزكّاه كلَّه فجاءت الشهادة الكبرى التي شرُف بها الوجود وانزَوَت لها كلُّ الحدود، إذ يقول البَرّ الودود: وإنك لعلى خلق عظيم {القلم:4}.
خُلُق عظيمٌ اشتُقَّ من عظمة هذه الرسالةِ العالمية الإنسانية، خُلُق لا يؤوده بلاغ الرحمة والعدل والفضيلة والقوّة والعزة والرفق والحكمة، وشعار المحِبّ دائمًا يعلو:
خيالُك في ذهني وذِكراك في فمي
ومَثواك في قلبي فأين تغيب؟!
إخوةَ الإيمان، ولسيرةِ النبيِّ المختار هَديرُها ورِواؤها في سُويداءِ النفوس التي أحبَّته وأجلّته والأفئدةِ الموَلَّهَة العميدَةِ بخصالِه، وإبلالاً لذلك الصَّيهَج من الحبّ الطهور نُزجِي للعالَم ومضاتٍ ولُمَعًا من سيرتِه المنَشَّرَة بالرحمة والحنان، وهيهات أن يبلُغَ المرامَ بنان.
مشاهد من السيرة العطرة
فيومَ أن اشتدَّ أذى قومِه له، فانطلَقَ وهو مهمومٌ على وجهه عليه الصلاة والسلام، فلم يستفِق إلاّ وهو بقرنِ الثعالب، فناداه ملك الجبال وقال: يا محمّد، إن شِئتَ أن أطبقَ عليهم الأخشبين، فقال وهو الرؤوف الرحيم: "بل أرجو أن يخرِجَ الله من أصلابهم من يعبدُه وحدَه لا يشرك به شيئًا" {أخرجه الشيخان}(2).
فسبحان الله عبادَ الله، انظروا كيفَ قابلوه بالتَّهَجّم والنكران، فنحَلَهم العفوَ والغفران، وصدق الله: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين {الأنبياء:107}، وقال عليه الصلاة والسلام: "إنَّما أنا رحمةٌ مهداة" خرَّجه البخاري(3).
هو رحمةٌ للناس مهداة فيا
وَيلَ المعانِدِ إنّه لا يُرحَم
قوم تنكبوا طريقه #
وصرخةُ مَفؤودٍ متوجِّع ولَوعةُ مصدورٍ متفجِّع ممّن يقتِّلون الأنفس المعصومةَ البريئة، لا يتلذَّذون إلا بإراقةِ الدماء وتناثُر الأشلاء، في جهالاتٍ تتلوها حماقاتٌ، فيا لها من قِحَة جريئة وقلوب قاسيَة قبيحة، معاذَ الله ثم معاذَ الله أن يكونَ الفساد والدمار والإرهابُ والبوار من هديِ النبوّة وشمائلها في وردٍ أو صدر.
وفي فتحِ مكّةَ حين اشتدَّ الفزعُ الهالِع بمشركي قريش وظنّوا كلَّ الظنّ أنّ شأفتَهم مستأصلة وقف منهم الرسولُ الشاكر الرحيم المانّ الحليم وقال: "ما تظنّون أنِّي فاعل بكم؟" قالوا: خيرًا؛ أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، قال: "اللّهمّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، اذهَبوا فأنتم الطلقاء"(4).
الله أكبر، يا له من نبيٍّ ما أعظَمَه، ومِن رسولٍ ما أكرمه.
لَه الصلاة والسلام تترَى ما شرى
برقٌ على طيبَةَ أو أمِّ القرى
إنّه المثل الأعلى للإنسانيّة؛ انتَصَر فرحِم وعفا، وقدَر فصفَح وما جفا.
مَعالٍ جازَت الجَوْزا جَوازًا
وحُسْنٌ قد حَوَى الحُسْنى وجازَا
وغيرُ خافٍ يا أولي الألباب ممّا يسهِّدكم تفصيلُه ويؤلمكم قليله ما مُنِي به بعضُ العُلاَة حينَ استبدَّ العتاة، فأهدَروا إنسانيّةَ الإنسان، وحطَّموا في صلَفٍ وعنجهيّة كلَّ المواثيق والحقوق، فأينَ الحَضيض من السِّماك الأعزل؟! وشتّان شتّان بين الاهتداء المنير والادِّعاء المبير.
ونظيرُ ذلك مما ينتَظِم في أسلاك الصّفحِ والنّبل والشهامة من نبيِّ الرحمة والكرامة ما كان منه إزاءَ ثمامَة وهِندٍ والثلاثة، ويكفي من القلادَةِ ما أحاط بالعنق.
وصفوةُ القول: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة {الأحزاب:21}، أسوةٌ في جميع ضروب الحياة وتصاريف الأمور والمعاملاتِ، الله أعلم حيث يجعل رسالته {الأنعام:124}، وربك يخلق ما يشاء ويختار {القصص:68}.
إنَّها النفس التي عانَقَت السماء، وعاشَت على الثَّرى دانيةً من الناس، مِلؤُها الإحسان المدِيد والعقلُ السديد والرأي الرّشيد والقول اللطيف الوئيد، في أقصى آمالِ الحِرص والإخلاص والصّدق والأمانة.
فعن حبِّه حدِّث عن البحر إنّه
لبحرٌ ولكن بالمعاني انسيابُه.
معاشرَ المسلمين، ثلاثةٌ وعشرون عامًا بل دُرّةٌ مِن الدعوة والصبر والتعليم والجهاد تقِف شامخةً على قمَّة الزمنِ والحضارة والتأريخ، لا تجِد فيها ساعةً أو خطوَة توصَف بالضياع أو الإهدارِ.
أئمة الضلال والهجوم على سيد البشر
يا ربَّنا فاجمَعنا معًا بنبيِّنا
فِي جنّةٍ تثنِي عيونَ الْحُسَّد
في جنّةِ الفردوس فاكتبها لنا
يا ذا الجلالِ وذا العلا والسّؤدَد.
أمّةَ الإسلام، أحباب سيّدِ الأنام، ومع كلِّ هذا الجلاء في سيرةِ خير الورَى والبهاء لا يزالُ أحلاسُ النّفاق وشُذّاذ الآفاق ومَردَة الكُفرِ والاستشراق ومُسوخ العولمة والتغريب ينشرون أباطيلَهم وحقدَهم الأرعن عبرَ الحمَلات والشبكات حِيالَ الجناب المحمدّيّ الأطهر والهديِ المصطفويّ الأزهَر، فيا وَيحهم، يا ويحهم يَرمون من أرسلَه الله رحمةً للعالمين بالقَسوة والجفاء والإرهابِ والغِلظة والشناءَة، في رسومٍ ساخِرة ودِعايات سافِرة وحملات ماكِرة، فالله حسبنا وحسيبُهم.
وهَل أنكروا إلاّ فضائلَ جمّةً؟!
وهل يبصِر الخفّاش والنورُ ساطِع؟!
وما عُدَّتهم إلاّ الافتراء والزور، ينفثُها صدرُ كلِّ مأفونٍ موتور، تشكيكًا في النبوّةِ والرّسالة، فويلٌ لهم من وَصفِهم أشرفَ الورى بما اختَلقوا مِن عندهم والتّزَعُّمِ. وقد علِموا يقينًا قاطعًا أنّ النبيَّ الأمّيَّ الهاشميّ القرشيّ صلوات ربي وسلامُه عليه قد جاء للبشريّة بأسمى الحقائِق الكونية وأزكى الآداب الخلُقُية وأرقى النُّظُم الاجتماعيّة وأجلى الشرائع التعبديّة، ولكن وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا {النمل:14}. الله أكبر، إن شانئك هو الأبتر {الكوثر:3}، ولله درُّ حسّانَ رضي الله عنه:
هجوتَ مباركًا برًّا حنيفًا
أمينَ الله شِيمتُه الوفاءُ
فإنَّ أبي ووالدَه وعِرضي
لعِرضِ محمّدٍ منكم وقاء
أمّةَ الإسلام في كلّ مكان، وإذا كانَت المآسي تلفَح وجوهَنا في كلِّ شبرٍ وواد من كلِّ باغٍ وعادٍ فإنّه لِزامًا على الأمّة وقد رضِيَت بالركون إلى هذه الدنيا والإخلاد ورَثَّ حبلُ صِلَتِها بهذِه السّيرةِ الهادِية أو كاد وغدَت سيرةُ الحبيب بعد الجدّة والإشراق أشبهَ بالأخلاط أن تَنثَنِي إلى السيرة النبوية في شمولٍ وعُمق وجِدٍّ وصِدق، وأن تكونَ أشدَّ تعلُّقًا بنبيِّها وسيرتِه عليه الصلاة والسلام تأسِّيًا وفهمًا وسلوكًا واستبصارًا واعتبارًا؛ لتنتشلَ نفسَها من كلاكل العجزِ والتمزّق والفِتن والانحدار التي مُنِيت بها في هذهِ الآونةِ العصيبة، ولْتعلِنها مدوّيَة خفّاقةً وشَجًى في اللّهواتِ المغرِضة الأفّاكة أنّ السيرة النبويّةَ والمناقب المحمّديّة على صاحبها أزكَى سلامٍ وأفضل تحيّة هي مناط العِزّ والنصر وأجلَى لُغاتِ العصر التي تعرُج بالأمة إلى مداراتِ السّؤدَد والتمكين، وهي التي تقضِي على جدلٍ كلِّ عنيد وخداع كلِّ ماكر ونَزَق كلِّ دعِيّ، وهي الحجّة القاطعة لدحرِ المتقحِّمين على أصولِ الشريعة والأحكام مِن قليلِي البصيرة وسُفَهاء الأحلام.
سيرة النبي صلى الله عليه وسلم شمس ساطعة
والسيرةُ النبويّة يا رعاكم الله هي الشمسُ الساطعة التي تربَّى عليها الأجيالُ بمنهج الوسَطِ والاعتدال بعدَ أن تلقَّفَتهم جحافِل الغرائز والشهوات في رائِيَات وفضائيّات، وطوَّقتهم فيالِقُ الشّبهات في شبكاتٍ ومنتدَيَات، وغزَتهم كتائبُ الانهزاميّة والفرقة والشّتات، حتى جفَّت في قلوبهم ينابيعُ الحبِّ المورِقِ لنبيِّهم وشمائِلِه وصَحبهِ إلاّ مَن رحم الله. ومنهج المحبِّ الصادِق:
لي فيك حبٌّ ليس فيه تملُّق
أملاه دينٌ ليس فيه تكلُّف
يا أمّة الحبيب المصطفى ، ولن يتحقَّق الحبّ النبويّ المكين في أكملِ معانيه وأحكمِ مبانيه إلاّ إذا كانت لُحمتُه الاتِّباعَ والاقتداء، وسُداه الائتِساءَ والعمل والاهتداء.
إنِّي أرى حبَّ النبيِّ عبادةً
ينجو بها يومَ الحساب المسلم
لكن إذا سلَك المحبّ سبيلَه
متأسِّيًا ولِهديِه يترسَّم
واضَيعتاه لأمّةٍ ضيَّعت مبعَثَ آمالها ومُنتَهى آلامها. يا لَضَيعةِ السنّة السنيّة أن تكونَ من قبيل الغلوِّ والإطراءِ وإنشادِ القصائدِ الحوليّات وسَردِ القصَصِ والرّوايات والترانيم والمدائِحِ التي لا تغادِر الشّفاه في ليلةٍ مخصوصَةٍ أو شهرٍ معيَّن، من فئاتٍ رامت الإجلالَ فوقعت في الإخلالِ، فهم أقربُ ما يكونون إلى طلبِ العافيَة والبُعد عن ميدان الدّعوة والمصابَرة وتحمُّلِ التّبِعات، والحبُّ الصادِق:
حبٌّ مدَى الأيّام يُنشَر ذكرُه
ويُذاع في كلِّ البقاع وينقَلُ
إنَّ السيرةَ الفَيحَاء لهي أعذبُ الموارد وأجَلّ من أن تؤسِّنَها بِدَع الموالِد، ومن للسنّة أحَبّ نافَح عنها وذبَّ، فمن ادَّعى المحبّة أُلزِم صِدقَ الشهداء، فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون {النور:13}.
فإن كنتَ في دَعوى المحبّةِ صادقًا
ففِي شرعِنا برهان دعوَى المحبّةِ
وفِي شرعِنا أنّ الْمَحبّة طاعة
وسيرٌ على منهاج خيرِ البريَّة
فيا أيّها الجيل المحِبّ في كلّ مشرِق ومغرب، خِفّوا للتحلِّي بشمائل نبيِّكم وأخلاقِه، وتزيَّنوا بمناقبِه وآدابِه، وتمثَّلوا هديَه، وترسَّموا سنّتَه، وعَضّوا عليها بالنواجذ، تغنَموا وتنعَموا وتسودوا وتقودوا.
يا مسلمون لسنّة الهادي ارجِعوا واسترشِدوا بدروسها وتعلَّموا
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون {يوسف:21}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين {آل عمران:31، 32}.
أيها المسلمون: اعلَموا أنَّ من مقتضَى محبّة رسول الله محبّةَ آله الأطهار وصَحبه الأخيار المهاجرين منهم والأنصار، ووُدَّ أهل بيته الطيّبين الطاهرين وزَوجاته الطاهرات أمّهات المؤمنين وصحابَتِه الغرِّ الميامين، فلَيس في الأمّة كالصحابة في الفضلِ والمعروف والإصابة؛ أبرُّ الناس إيمانًا، وأهدَاهم قلوبًا، وأجفَاهم للهِ جنوبًا، انتَهَوا في محبَّتِهم لخير البريّة إلى تفديَتِه بالآباء والأمّهات، وإلى أعالي الدّرجات وسامي الغايات التي تمتنِع إلاّ على النفوسِ المشرقة باليقين.
ربَّيتَ جيلاً أبيًّا مؤمنًا يقِظًا
حَسَوا شريعتَك الغرّاء في نهَمِ
فمَنْ أبو بكر قبل الوحي مَنْ عُمرُ؟!
ومَنْ عَلِيٌّ ومَنْ عثمانُ ذو الرحم؟!
فمن أحبَّهم وأثنى عليهم برِئ من النّفاق وكان له من منازل الإيمان على قدرِ محبّتِه لهم والائتِساء بهم، يقول سبحانه: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة {الفتح:18}.
إذا الله أثنَى بالذي هو أهلُه عليهم
فما مقدار ما يمدح الورى؟!
وفي صحيحِ الخبَر عن سيِّد البشَر في بيان حقِّهم وعظيمِ قدرِهم: "لا يحبُّهم إلا مؤمِن، ولا يبغِضهم إلاّ منافق، ومن أحبَّهم أحبَّه الله، ومن أبغضَهم أبغضه الله"(5).
أولئك أَحبابِي وصَحبِي ومَعشَري
وقومي وإخواني وأعلامُ أمّتي
فمَن تطاول عليهم وافترى فقد ظلَم واجترى وجاء بأعظمِ الفِرى، فهم وايمُ الله لا يذكَرُون إلاّ بالجميل، ومَن ذكرهم بغير الجميل فهو على غير السّبيل.
وختامًا، فلتعلَموا يا رعاكم الله أنّ من أحبَّ شيئًا أجراه دومًا على لسانه ومكَّنه من سويداء جنانه.
يا ربِّ صلِّ على النبيِّ المصطفى
ما غرّدَت في الأيكِ ساجِعَة الرُّبى
صلّوا على من تدخلون بِهديِه
دارَ السلامة تبلغون الْمطلَبَا
يا أيّها الراجون خيرَ شفاعةٍ
من أحمدٍ صلّوا عليه وسلِّموا
صلَّى وسلّم ذو الجلال عليه
ما لبّى ملَبٍّ أو تَحلّل مُحْرِم
والحمد لله رب العالمين.
============
(( إن شانئك هو الأبتر ))
عبدالله البصري
أما بَعدُ ، فأُوصِيكُم ـ أيها الناسُ ـ ونفسي بتقوى اللهِ ـ جل وعلا ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجعَل لَّكُم نُورًا تَمشُونَ بِهِ وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "
أيها المسلمون ، ومِن فَضلِ اللهِ ـ جل وعلا ـ ورحمتِهِ بِعِبادِهِ ، أَنْ بَعَثَ إِلَيهِم رُسُلَهُ يخُرجِونهم مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ " رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ، وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا " وكان تمامُ هذِهِ النِّعمَةِ وكَمَالهَا ، وتَاجَهَا وَوِسَامَ فَخرِها ، خَاتمَ الأَنبِيَاءِ وَأَشرَفَ المُرسَلِينَ ، وَسَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، نَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا محمدًا ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ ، الذي امتنَّ اللهُ عَلَينَا بِبِعثَتِهِ ، وَأَنعَمَ عَلَينَا بِرِسَالَتِهِ ، قال ـ سبحانَه ـ : " لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِم يَتْلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ " وقال ـ تعالى ـ : " لَقَدْ جَاءكُم رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " وقال ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنبِيَاءِ مِن قَبلِي ، كَمَثَلِ رَجُلٍ بنى بَيتًا فَأَحسَنَهُ وَأَجمَلَهُ ، إِلا مَوضِعَ لَبِنَةٍ مِن زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطوفُونَ بِهِ وَيَعجَبُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ : هَلاَّ وَضَعْتَ هذِهِ اللَّبِنَةَ " قال : " فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنا خَاتمُ النَّبِيِّينَ " نَعَمْ ـ أيها المسلمون ـ لقد بَعَثَ اللهُ محمدًا ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ والناسُ في جاهليةٍ جَهلاءَ ، يَتِيهُونَ في الضَّلالِ وَالشَّقَاءِ ، يَعبُدُونَ الأَصنَامَ ويَستَقسِمُونَ بِالأَزلامِ ، قَدِ استَحَلُّوا المَيسِرَ وَالرِّبا ، وَعَاقَرُوا الخَمرَ وَالزِّنا ، يَئِدُونَ البَنَاتَ وَلا يُوَرِّثُونَ الزَّوجَاتِ ، فَفَتَحَ اللهُ بِبِعثَتِهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ أَعُينًا عُميًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلفًا ، وَهَدَى بِهِ مِنَ العَمَى وَبَصَّرَ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، فَأَشرَقَتِ الأَرضُ بِنُورِ رَبِّها وَصَلَحَت حَالُها ، وَعَرَفَ النَّبيَّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَاتَّبَعَهُ وَآمَنَ بِهِ ، مَن أَنَارَ اللهُ بَصِيرَتَهُ وَوَفَّقَهُ وَشَرَحَ صَدرَهُ ، بل حتى البَهَائِمُ وَالعَجمَاوَاتُ وَالجَمَادَاتُ ، أَقَرَّت بِخَيرِ البرِيَّةِ واعترفت بأزكى البَشَرِيَّةِ ، فَهَابَتْهُ وَوَقَّرَتْهُ وَتَأَدَّبَتْ لَه ، وَسَلَّمَتْ عَلَيهِ وَحَنَّتْ إِلَيهِ ، وَخَضَعَتْ لَه وَبَكَتْ بَينَ يَدَيهِ ، وَانقَادَت لَه وَأَطَاعَت أَمرَهُ ، فَعَن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : أَقبَلْنَا مَعَ رَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ حتى دَفَعْنَا إلى حائِطٍ في بني النَّجَّارِ ، فَإِذَا فِيهِ جملٌ لا يَدخُلُ الحائِطَ أَحَدٌ إِلا شَدَّ عَلَيهِ ، فَذَكَرُوا ذلك للنبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فَأَتَاهُ فَدَعَاهُ ، فَجَاءَ وَاضِعًا مِشفَرَهُ عَلَى الأَرضِ حتى بَرَكَ بَينَ يَدَيهِ ، فقال : هاتُوا خِطَامًا ، فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إلى صَاحبِهِ ، ثم التَفَتَ فقال : " ما بَينَ السَّمَاءِ إِلى الأَرضِ أَحَدٌ إِلا يَعلَمُ أَني رَسولُ اللهِ ، إِلا عاصِي الجِنِّ وَالإِنسِ " وعن عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : أَردَفَني رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ خَلفَهُ ذَاتَ يَومٍ ، فَأَسَرَّ إِليَّ حَدِيثًا لا أُحَدِّثُ بِهِ أَحدًا مِنَ النَّاسِ ، وَكانَ أَحَبُّ ما استَتَرَ بِهِ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَو حَائِشَ نخلٍ ، قال : فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنصَارِ ، فَإِذَا جملٌ ، فَلَمَّا رَأَى النبيَّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَينَاهُ ، فَأَتَاهُ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتْ ، فقال : " مَن رَبُّ هذا الجمَلِ ؟ لِمَن هذا الجملُ ؟ " فجاء فتىً مِنَ الأَنصَارِ ، فقال : لي يا رَسولَ اللهِ ، فقال : " أَفلا تَتَّقِي اللهَ في هذِهِ البَهِيمَةِ التي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا ، فَإِنَّهُ شَكَا إِليَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ " وعن عائشةَ ـ رضي اللهُ عنها ـ قالت : كان لآلِ رَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَحْشٌ ، فَإِذَا خَرَجَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ لَعِبَ وَاشتَدَّ وَأَقبَلَ وَأَدبَرَ ، فَإِذَا أَحَسَّ بِرَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ قَد دَخَلَ رَبَضَ ، فَلَم يَتَرَمْرَمْ مَا دَامَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ في البيتِ كَرَاهِيَةَ أَن يُؤْذِيَهُ . وعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : سِرْنا مَعَ رَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ حتى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفيَحَ . فَذَهَبَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ يَقضِي حَاجَتَهُ ، فَاتَّبَعْتُهُ بِأَدَاوَةٍ مِن مَاءٍ . فَنَظَرَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فَلَم يَرَ شَيئًا يَستَتِرُ بِهِ . فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الوَادِي . فَانطَلَقَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ إِلى إِحدَاهما ، فَأَخَذَ بِغُصنٍ مِن أَغصَانِها . فقال : " انقَادِي عَلَيَّ بِإِذنِ اللهِ " فَانقَادَت مَعَهُ كَالبَعِيرِ المَخشُوشِ الذي يُصَانِعُ قَائِدَهُ ، حتى أَتَى الشَّجَرَةَ الأُخرَى ، فَأَخَذَ بِغُصنٍ مِن أَغصَانِها ، فقال : " انقَادِي عَلَيَّ بِإِذنِ اللهِ " فَانقَادَت مَعَهُ كذلك . حتى إِذَا كان بِالمَنصَفِ ممَّا بَينَهُمَا ، لأَمَ بَينَهُمَا ( يَعني جمعَهُمَا ) فقال : " اِلتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذنِ اللهِ " فَالتَأَمَتَا . قال جابرٌ : فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ ( أَيْ أَعدُو وَأَسعَى سَعيًا شَدِيدًا ) مَخَافَةَ أَن يُحِسَّ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ بِقُربي فَيَبتَعِدَ ، فَجَلَستُ أُحَدِّثُ نَفسِي ، فَحَانَت مِنِّي لَفتَةٌ ، فَإِذَا أَنا بِرَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ مُقبِلا ، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افتَرَقَتَا ، فَقَامَت كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا عَلَى سَاقٍ " وعنه ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : كان النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ يَقُومُ إلى جِذْعٍ قَبلَ أَن يُجعَلَ لَهُ المِنبَرُ ، فَلَمَّا جُعِلَ المِنبَرُ حَنَّ الجِذعُ حتى سَمِعْنَا حَنِينَهُ ، فَمَسَحَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ يَدَهُ عَلَيهِ فَسَكَنَ . وعن جابرِ بنِ سَمُرَةَ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : قال رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " إِنِّي لأَعرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كان يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبلَ أَن أُبعَثَ ، إِنِّي لأَعرِفُهُ الآنَ " وعن عليِّ بنِ أبي طالبٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : كُنتُ مَعَ النبيِّ بمكةَ ، فَخَرَجْنَا في بَعضِ نَوَاحِيها ، فَمَا استَقبَلَهُ جَبَلٌ ولا شَجَرٌ إلا هو يَقُولُ : السَّلامُ عَلَيكَ يَا رَسولَ اللهِ . ولمَّا هَاجَرَ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ إلى المدينةِ ، وكانت مِن أَوبَأِ أَرضِ اللهِ ، فَصَحَّحَهَا اللهُ بِبَرَكَةِ حُلُولِهِ بها وَدُعائِهِ لأَهلِهَا ، حَيثُ دَعَا ـ عليه السلامُ ـ رَبَّهُ أَن يُذهِبَ حُمَّاهَا إِلى الجُحفَةِ ، فَاستَجَابَ اللهُ له ذلك .. وعن أنسٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : لمَّا كان اليَومُ الذي دَخَلَ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فِيهِ المَدِينَةَ ، أَضَاءَ مِنها كُلُّ شَيءٍ ، فَلَمَّا كان اليَومُ الذي مَاتَ فِيهِ ، أَظلَمَ منها كُلُّ شَيءٍ ... اللهُ أَكبرُ ـ أيها المسلمون ـ كُلُّ شَيءٍ يَعرِفُ رَسُولَ اللهِ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ وَيُحِبُّهُ ، كُلُّ شَيءٍ يُؤمِنُ بِنُبُوَّتِهِ وَيُقِرُّ بِرِسالتِهِ ، إِلا مَن أَرَادَ اللهُ ضَلالَتَهُم مِن أَشقِيَاءِ بَني الإِنسانِ ، فَلَم يَزَالُوا مُنذُ مَبعَثِهِ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ ضَائِقَةً بِهِ صُدُورُهُم ، غَاصَّةً بِهِ نُحُورُهُم ، يَكِيدُونَ لَهُ وَيَمكُرونَ بِهِ ، وَيُدَبِّرُونَ المُؤَامَرَاتِ ضِدَّهُ وَيُؤذُونَهُ ، سَخِرُوا مِنهُ وَاستَهزَؤُوا بما جاء به ، واتَّهَمُوهُ بِالجُنُونِ والكَهَانَةِ ، وَقَالُوا عَنه إِنَّهُ شَاعِرٌ وَسَاحِرٌ ، وَوَضَعُوا سَلا الجَزُورِ على ظَهرِهِ وهو سَاجِدٌ يُصَلِّي ، وَرَمَوهُ بِالحِجارَةِ حَتى أَدمَوا عَقِبَيهِ ، وَحَاصَرُوهُ في الشِّعبِ وَتَآمَرُوا لِقَتلِهِ ، بَل لم يَزَالُوا به حتى أَخرجُوهُ مِن أَحَبِّ البِقَاعِ إِلَيهِ وَأَبعَدُوهُ عنها ، وَمَنَعُوهُ مِن دُخُولِها لِعِبادَةِ رَبِّهِ وَزَيَارَةِ بَيتِهِ ، ثم جَيَّشُوا الجُيُوشَ لِحَربِهِ وَجَابَهُوهُ ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَّتَهُ وَشَجُّوا وجنَتَهُ وَأَدمَوا وَجهَهُ " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " وَتِلكَ سُنَّةُ اللهِ في إِخوانِهِ الذين خَلَوا مِن قَبلِهِ مِنَ الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ ، وَلَن تجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبدِيلا ، وَلَن تجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تحويلا ، قال - تعالى - : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعضُهُم إِلى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرُورًا ، وَلَو شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفتَرُونَ " وقال - تعالى - : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا " واليَومَ وفي ظِلِّ حَضَارَةِ الغَرْبِ النَّصرَانيِّ المُتَطَرِّفِ ، والذي تَتَغَنَّى بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّمَدُّنِ عَوَاصِمُهُ ، وَيَتَشَدَّقُ بِالمَعَاني الإِنسَانِيَّةِ مُثَقَّفُوهُ ، وَيَدَّعِي الحُرِّيَّةَ وَالتَّسَامُحَ كُبَرَاؤُهُ ، تَأَبى الحَقَائِقُ إِلا أَن تَتَكَشَّفَ يَومًا بَعدَ يَومٍ ، لِتُظهِرَ مَا تُكِنُّهُ صُدُورُ أولئك القَومِ مِن كُرهٍ وَبَغضَاءَ ، وَتُظهِرُ مَا يَنطَوُونَ عَلَيهِ مِن حِقدٍ وَشَحنَاءَ ، فَتَتَمَادَى وَسَائِلُ إِعلامِهِم وَيَتَنَاوَبُ مِنهُم أَشخَاصٌ مَوتُورُونَ ، على الاستِهزَاءِ بِرَسولِ اللهِ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ وَتَتَكَرَّرُ مِنهُم محاولاتُ الإِسَاءَةِ إِلَيهِ بِأَلفَاظٍ نَابِيَةٍ وَرُسُومٍ بَغِيضَةٍ كَاذِبَةٍ ، مُعلِنِينَ ذلك على المَلأِ في صُحُفِهِم وَوَسَائِلِ إِعلامِهِم ، ضَارِبِينَ بِعُرضِ الحَائِطِ مَشَاعِرَ أَكثَرَ مِن أَلفِ مِليونِ مُسلِمٍ هُم أَتبَاعُهُ وَأَحبَابُهُ ،، وَلَئِنْ سَاءَ المُسلِمِينَ وَقَطَّعَ قُلُوبَهُم ، وَأَغَاضَهُم وَقَرَّحَ أَكبَادَهُم ، ما نُشِرَ في تِلكَ الصُّحُفِ خِلالَ الأَشهُرِ الماضِيَةِ ، فَإِنَّ مِن عَقِيدَةِ أَهلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ ، أَنَّ اللهَ لم يَخْلُقْ شَرًّا مَحْضًا ، بل كما قال ـ سبحانَه ـ : " لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ ، وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " فقد تَضَمَّنَ ذلك الشَّرُّ خَيرًا ، وَأَظهَرَ ذلك السُّوءُ حُسنًا ، وَلَو لم يَكُنْ إِلا أَنِ انكَشَفَتِ الحقِيقَةُ عَن وَجهِ الحَضَارَةِ الغَربِيَّةِ ، وَظَهَرَ لِكُلِّ ذِي بَصَرٍ زَيفُ مَا تَتَشَدَّقُ بِهِ مِن حُبٍّ لِلسَّلامِ ، وَبَانَت عَدَاوَةُ النَّصَارَى وَكَذِبُهُم فِيمَا يَزعُمُونَ مِن صَدَاقَةٍ وَمَوَدَّةٍ لِلمُسلِمِينَ ، وَاتَّضَحَ أَنَّ مَن يَطلُبُ رِضَاهُم وَيَنشُدُ وُدَّهُم ، مُتَطَلِّبٌ في الماءِ جَذوَةَ نَارٍ .
وَصَدَقَ اللهُ إِذْ يَقُولُ : " وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ " " قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ " فَمَاذَا عَسَى المُغتَرُّونَ مِن قَومِنَا يَقُولُونَ ؟ مَاذَا عَسَى أُغَيْلِمَةُ الصَّحَافَةِ وَسُفَهَاءُ الإِعلامِ يَكتُبُونَ ؟ أَينَ الذين كانوا يُلمِّعُونَ الغَرْبَ تحتَ شِعَارِ ( الآخَرِ ) سَتْرًا لِلكَافِرِ ؟! ألا إِنَّ الحقِيقَةَ قَد تجلَّتْ وَانكَشَفَتْ ! فَلْيَصمُتْ مَن كانوا يُنَادُونَ بِاحتِرَامِ ( الآخَرِ ) ! وَلْيَلْقَمْ حَجَرًا مَن كَانوا يَوَدُّونَ لَو صَمَتَ دُعَاةُ الإِسلامِ ، مُنادِينَ بِـ ( حُرِّيَّةِ الفِكرِ ) بَل ( حُرِّيَّةِ الكُفْرِ ) ! إِذَا تَكَلَّمَ صَادِقٌ نَصَبُوا لَهُ العِدَاءَ ، وَإِنْ تَبَجَّحَ كَافِرٌ سَكَتُوا وَكَأَنَّ الأَمرَ لا يَعنِيهِم . هَاهُو الكَافِرُ الذي سمَّوهُ ( الآخَرَ ) في مُحاوَلَةٍ لِتَميِيعِ المُصطَلَحَاتِ الشَّرعِيَّةِ ، وَإِضعَافِ عقيدة البَرَاءِ في نُفُوسِ المُسلِمِينَ ، هَا هُوَ ذلكم ( الآخَرُ ) يَتَطَاوَلُ على دِينِ اللهِ وَيَستَهزِئُ بِرَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فماذا عَسَاهُم فَاعِلِينَ ؟ إِنَّ هذا ( الآخَرَ ) الذي تَوَدَّدَ لَهُ بَعضُ سُفَهَاءِ المُسلِمِينَ وَطَلَبُوا رِضَاهُ ، لم يَقبَلْهُم مِن قَبلُ ، وَلَن يَقبَلَهُم بَعدُ ، لَن يُحِبَّهُم وَلَن يُقَدِّرَهُم ، وَلَن يَذهَبَ ما في صَدرِهِ عَلَيهِم ، حتى يجتَمِعَ الماءُ والنَّارُ ، وَحتى يَلتَقِيَ الضَّبُّ وَالحُوتُ ، ولا يُقَالُ هذا رَجمًا بِالغَيبِ وَلا ادِّعَاءً كَاذِبًا ، بل هُوَ مَا أَخبرَ اللهُ بِهِ في مُحكَمِ كِتَابِهِ ، إِذْ قَالَ ـ سبحانَه ـ : " هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ ، وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ، وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ ، قُلْ مُوتُوا بِغَيظِكُمْ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ " إنها عَدَاوَةٌ مُتَأَصِّلَةٌ وَإِحَنٌ مُنعَقِدَةٌ ، لا يُذهِبُها زَمَانٌ ولا يُعالِجُها دَوَاءٌ ، وَلا تَهدَأُ مَهمَا قَدَّمَ المسلمون مِن تَنَازُلاتٍ عَن دِينِهِم أَو مَيَّعُوا أَحكَامَ عَقِيدَتِهِم . وَممَّا يُستَفَادُ مِن هَذِهِ الأَحدَاثِ ـ أيها المسلمون ـ تميُّزُ الطَّيِّبِ مِنَ الخَبِيثِ ، وَظُهُورُ الصَّادِقِ مِنَ الكَاذِبِ ، قال ـ سبحانَه ـ : " مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُم عَلَيهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ " ثم إِنَّ في الغَربِ مُنصِفِينَ ، فَقَد تُثِيرُهُم تِلكَ الحَملاتُ الشَّعوَاءُ وَتَحمِلُهُم على طَلَبِ الحَقَائِقِ ، فَيَهدِي اللهُ مِنهُم رِجالاً وَنِسَاءً فَيَحمِلُونَ الإِسلامَ في بِلادِهِم ، وَ" إِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ " وَمَا قِصَّةُ إِسلامِ حمزَةَ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ ـ رضي اللهُ عنه ـ عنَّا بِبَعِيدٍ ، فقد كان سَبَبُ إِسلامِهِ استِخفَافَ أبي جَهلٍ بِرَسُولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ إِذْ مَرَّ بِرَسولٍ اللهِ يَومًا عِندَ الصَّفَا ، فَآذَاهُ وَنَالَ مِنهُ ، وَرَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ سَاكِتٌ وَلا يُكَلِّمُهُ ، ثم ضَرَبَهُ أَبُو جَهلٍ بِحَجَرٍ في رَأسِهِ فَشَجَّهُ ، حتى نَزَفَ مِنهُ الدَّمُ ، ثم انصَرَفَ عنه إلى نادِي قُرَيشٍ عِندَ الكَعبَةِ ، فَجَلَسَ مَعَهُم ، وَكَانَت مَولاةٌ لِعَبدِاللهِ بنِ جدعانَ في مَسكَنٍ لها على الصَّفَا تَرَى ذلك ، وَأَقبَلَ حمزَةُ مِنَ القَنصِ مُتَوَشِّحًا قَوسَهُ ، فَأخَبرتْهُ المَولاةُ بما رَأَت مِن أَبي جَهلٍ ، فَغَضِبَ وَخَرَجَ يَسعَى ، لم يَقِفْ لأَحَدٍ حتى دَخَلَ المَسجِدَ وَفِيهِ أَبو جَهلٍ ، فَقَامَ على رَأسِهِ ، وقال له : يَا مُصفِرَ استِهِ ، تَشتُمُ ابنَ أَخِي وَأَنَا على دِينِهِ ؟ ثم ضَرَبَهُ بِالقَوسِ فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنكَرَةً ، فَثَارَ رِجَالٌ مِن بني مخزُومٍ ، وَثَارَ بَنُو هاشِمٍ ، فَقَالَ أَبو جَهلٍ : دَعُوا أَبَا عِمَارَةَ ، فَإِني سَبَبْتُ ابنَ أَخِيهِ سَبًّا قَبِيحًا . ثم شَرَحَ اللهُ صَدرَ حمزَةَ للإِسلامِ ، فَاستَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى ، واعتَزَّ بِهِ المسلمون أَيَّمَا اعتِزَازٍ ، وكان إِسلامُهُ نَصرًا عَظِيمًا للإِسلامِ ، وَكَانَت تِلكَ المَسَبَّةُ وذلك الاستخفافُ مِن أبي جَهلٍ ، سَبَبًا في النَّكبَةِ وَالخِزيِ وَالذُّلِّ لِلطُّغَاةِ المُعتَدِينَ . وَإِنَّا لَنَرَى أَنَّ هذا الاستِخفَافَ وَالاستِهزَاءَ مِن هؤلاءِ الطُّغَاةِ في صُحُفِهِم وَوَسَائِلِ إِعلامِهِم ، لَبِدَايَةُ نَصرٍ لِلإِسلامِ وَالمُسلِمِينَ ، وَإِنَّ بَشَائِرَ النَّصرِ لَتَلُوحُ في الأُفُقِ ... وإِنَّ مَا يُقالُ أَو يُثَارُ ضِدَّ الإِسلامِ أَو ضِدَّ نَبيِّهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ لَيَسُوءُ كُلَّ مُسلِمٍ وَيُحزِنُهُ ويُغضِبُهُ .. إِلا أَنَّ هذَا الشَّرَّ لا يَخلُو مِن خَيرٍ ، هُم يُريدُون أَمرًا ، وَالله يُرِيدُ أَمرًا " وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ ، وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " " أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ " لَقَد دَبَّرَ أَسلافُهُم مِن قَبلِهِم وَمَكرُوا ، وَأعمَلُوا أَفكَارَهُم وَخَطَّطُوا ، وَأَجَالُوا آرَاءَهُم وَتَآمَرُوا ، وَابتَغَوُا الفِتنَةَ وَقَلَّبُوا الأُمُورَ ، وَاستَهزَؤُوا وَخَاضُوا ، فَأَبْطَلَ اللهُ سَعيَهُم ، وَرَدَّ كَيدَهُم في نحُورِهِم ، وحَاقَ بهم مَكرُهُم ، وَنَصَرَ اللهُ نَبِيَّهُ وَأَظْهَرَ دِينَه ، قال ـ سبحانَه ـ : " وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون " وقال ـ تعالى ـ : " لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ " " وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ "
أما بعدُ ، فاتَّقُوا اللهَ ـ تعالى ـ وأطِيعُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنهيَهُ ولا تَعصُوهُ .
أيها المسلمون ، إِنَّهُ وَإِنِ استَهزَأَت صُحُفٌ غَربِيَّةٌ بِالحَبِيبِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَسَخِرَت مِنهُ ، فَإِنَّ ذلك لَحَسرَةٌ عَلَيهِم مَا بَعدَهَا حَسرَةٌ ، وَبُؤسٌ لهم مَا بَعدَهُ بُؤسٌ ، إِنَّهُ لَمُؤذِنٌ بِخَرَابِ دِيَارِهِم وَتَمَزُّقِ مُلكِهِم وَذَهَابِ دَولَتِهِم ، وَصَدَقَ اللهُ إِذْ يَقُولَ : " يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ، مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون " لَقَد بَعَثَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ رَسَائِلَ إلى كِسرَى مَلِكِ الفُرسِ وَإِلى قَيصَرَ مَلِكِ الرُّومِ ، وَكِلاهما لم يُسْلِمْ ولم يَتَّبِعِ الهُدَى ، لَكِنَّ قَيصَرَ أَكرَمَ كِتَابَ رَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَأكرَمَ رَسولَهُ ، فَثَبَتََ مُلكُهُ ، وَاستَمَرَّ في الأَجيَالِ اللاحِقَةِ ، وَأَمَّا كِسرَى فَمَزَّقَ كِتَابَ رَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ واستَهزَأَ بِهِ ، فَقَتَلَهُ اللهُ بَعدَ قَلِيلٍ ، وَمَزَّقَ مُلكَهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ ، ولم يَبقَ للأَكَاسِرَةِ مُلكٌ ولم تَقُمْ لهم قَائِمَةٌ . فَأَبشِرُوا ـ أيها المسلمون ـ وَتَفَاءَلُوا ، ولا تَيأَسُوا مِن نَصرِ اللهِ وَلا تَقنَطُوا ، فَإِنها قَضِيَّةُ وَقتٍ لا أَقَلَّ وَلا أَكثَرَ ، يَقُولُ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ ـ رحمه اللهُ ـ : إِنَّ اللهَ مُنتَقِمٌ لِرَسولِهِ ممَّن طَعَنَ عَلَيهِ وَسَبَّهُ ، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكَاذِبِ ، إِذَا لم يُمكِنِ النَّاسَ أَن يُقِيمُوا عَلَيهِ الحَدَّ ، وَنَظِيرُ هذا ما حَدَّثَنَاهُ أَعدَادٌ مِنَ المُسلِمِينَ العُدُولِ ، أَهلِ الفِقهِ وَالخِبرَةِ ، عَمَّا جَرَّبُوهُ مَرَّاتٍ متعددةٍ ، في حَصْرِ الحُصُونِ وَالمَدَائِنِ التي بِالسَّوَاحِلِ الشَّامِيَّةِ ، لمَّا حَصَرَ المسلمون فيها بَني الأَصفَرِ في زَمانِنا ، قالوا : كُنَّا نحنُ نَحْصُرُ الحِصْنَ أَوِ المدينةَ الشَّهرَ أَو أَكثَرَ مِنَ الشَّهرِ وَهُو ممتَنِعٌ عَلَينَا ، حتى نَكَادُ نَيأَسُ مِنهُ ، حتى إِذَا تَعَرَّضَ أَهلُهُ لِسَبِّ رَسولِ اللهِ وَالوَقِيعَةِ في عِرضِهِ ، تَعَجَّلْنَا فَتحَهُ وَتيَسَّرَ ، وَلم يَكَدْ يَتَأَخَّرُ إِلا يَومًا أَو يَومَينِ أَو نحوَ ذَلك ، ثم يُفتَحُ المَكانُ عُنوَةً ، ويَكُونُ فِيهِم مَلحَمَةٌ عَظِيمَةٌ ، قَالوا : حتى إِنْ كُنَّا لَنَتَبَاشَرُ بتَِعجِيلِ الفَتحِ إِذَا سَمِعنَاهُم يَقَعُونَ فيه ، مَعَ امتِلاءِ القُلُوبِ غَيظًا عَلَيهِم بما قَالوا فِيهِ .. انتهى كلامُهُ . وفي الصحيحِ عنِ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ قال : " يَقُولُ اللهُ ـ تعالى ـ : مَن عَادَى لي وَليًّا ، فَقَد آذنتُهُ بِالحَربِ " فَكيفَ بِمَن عَادَى سَيِّدَ الأَولِيَاءِ ؟ كَيفَ بِمَن استهزأَ سَيِّدَ الأَنبِيَاءَ ؟ الذي أَمَرَ اللهُ ـ تعالى ـ بِتَعظِيمِهِ وَتَوقِيرِهِ ، وَعَلَّقَ الفَلاحَ على نُصرتِهِ ، وَأخبرَ أَنَّ مَن لم يَنصُرْهُ فَلَيس مِنَ المُفلِحِينَ ، وَأَنَّ مَن آذَاهُ وَشَاقَّهُ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وَأَنَّهُ ـ سبحانَه ـ كافِيهِ وَنَاصِرُهُ وَعَاصِمُهُ ، فقال ـ تعالى ـ : " وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ " وقال ـ سبحانَه ـ : " فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " وقال - تعالى - : " وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " وقال ـ جل وعلا ـ : " إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا " وقال - تعالى - : " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا " وقال - تعالى - : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ " وقال ـ تعالى ـ : " فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ " وقال ـ تعالى ـ : " إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ " عنِ ابنِ مسعودٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : بَينَمَا النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ يُصلِّي عِندَ البَيتِ ، وأبو جهلٍ وأصحابٌ لَهُ جُلُوسٌ ، إذا قال بعضُهُم لِبَعضٍ : أَيُّكُم يجِيءُ بِسَلا جَزُورِ بني فُلانٍ ، فَيَضَعَهُ على ظَهرِ محمدٍ إِذَا سَجَدَ ؟ فَانبَعَثَ أَشقَى القومِ فجاء به ، فَنَظَرَ حتى سَجَدَ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَوَضَعَهُ على ظَهرِهِ بَينَ كَتِفَيهِ ، وَأَنَا أَنظُرُ لا أُغَيِّرُ شَيئًا ، لَو كَان لي مَنَعَةٌ ، قال : فَجَعَلُوا يَضحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعضُهُم على بَعضٍ ، وَرَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ ساجدٌ لا يَرفَعُ رَأسَهُ ، حتى جاءته فَاطِمَةُ ، فَطَرَحَت عَن ظَهرِهِ ، فَرَفَعَ رَأسَهُ ثم قال : اللهم عَلَيكَ بِقُريشٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَشَقَّ عَلَيهِم إِذْ دَعَا عَلَيهِم . قال : وكانوا يَرونَ أَنَّ الدَّعوَةَ في ذلك البَلَدِ مُستَجَابَةٌ . ثم سمَّى : اللهم عليك بأبي جهلٍ ، وعليك بِعُتبَةَ بنِ رَبِيعَةَ ، وَشَيبَةَ بنِ رَبِيعَةَ ، وَالوَلِيدِ بنِ عُتبَةَ ، وَأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ ، وَعُقبَةَ بنِ أَبي مُعَيطٍ . وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَم نحفَظْهُ ، قال : فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ ، لَقَد رَأَيتُ الذين عَدَّ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ صَرعَى في القَلِيبِ قَلِيبِ بَدرٍ . وعن أنسِ بنِ مالكٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال : كان رَجُلٌ نَصرَانيٌّ فَأَسلَمَ وَقَرَأَ البَقَرَةَ وآلَ عِمرَانَ ، وكان يَكتُبُ لِلنَّبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ فَعَادَ نَصرَانِيًّا ، وكان يَقُولُ : لا يَدرِي محمدٌ إلا ما كَتَبتُ له ، فَأَمَاتَهُ اللهُ فَدَفنُوهُ ، فَأَصبَحَ وَقَد لَفَظَتْهُ الأَرضُ ، فقالوا : هذا فِعلُ محمدٍ وأَصحابِهِ لمَّا هَرَبَ مِنهُم ، نَبَشُوا عن صاحبِنا فَأَلقَوهُ ، فَحَفَرُوا له فَأَعمَقُوا له في الأَرضِ ما استَطَاعُوا ، فَأَصبَحُوا وَقَد لَفَظَتْهُ الأَرضُ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلقَوه . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أيها المسلمون ـ وانصُرُوا رَسولَكُم وَذُبُّوا عَن عِرضِهِ بما تَستَطِيعُون ، هُبُّوا للانتِقَامِ لَهُ كُلٌّ بِحَسَبِ قُدرَتِهِ وَاستِطَاعَتِهِ ، اِقرَؤُوا سَيرَتَهُ ، وَانشُرُوها مِن خِلالِ الوَسَائِلِ المُتَاحَةِ ، بِالمَقَالَةِ وَالمَطوِيَّةِ ، وَالنَّشرَةِ وَالكِتَابِ ، وَالبَرَامِجِ المَرئِيَّةِ وَالمَسمُوعَةِ ، مِن خِلالِ المَدَارِسِ وَالمَسَاجِدِ ، في البُيُوتِ وَالمَحَافِلِ . قِفُوا على تَفَاصِيلِ سَيرتِهِ ، وَتَأَمَّلُوا دَقَائِقَ سُنَّتِهِ ، فَهُوَ أَعظَمُ رَجُلٍ في التاريخِ ، وَهُوَ مِنَّا وَنحنُ مِنهُ ، وَقَد فُزنَا بِهِ وَشَرُفنَا بِالنَّسبَةِ إِلَيهِ ، فَلا يَلِيقُ بِنَا أَن نجهَلَ تَاريخَهُ وَسِيرتَهُ وَسُنَّتَهُ ، ثم عَلَيكُم بِتَفعِيلِ سِلاحِ المُقَاطَعَةِ لِمُنتَجَاتِ هذِهِ الدُّوَلِ التي سُبَّ فِيهَا وَاستُهزِئَ بِهِ في صُحُفِها ، فَذَلِكَ مِن أَقَلِّ مَا يجِبُ نحوَهُ ـ عَلَيهِ الصلاةُ والسلامُ ـ وَارفَعُوا إِلى اللهِ أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ أَن يُعِزَّ دِينَهُ وَيُعلِيَ كَلِمَتَهُ ، وَأَن يُذِلَّ الكُفرَ وَيَمحَقَ الكَافِرِينَ ، وَأَجزِلُوا الدُّعَاءَ وَأَخلِصُوهُ ، لِوُلاةِ أَمرِنا ، حَيثُ سَحَبُوا سَفِيرَهُم مِن تِلكَ البِلادَ ، احتجاجًا منهم ـ وفقهم اللهُ ـ على استِهزَاءِ أَولئك بِرَسولِ اللهِ ، فَادعُوا لهم ولمن قَاطَعَ سِلَعَ أَولئك مِن تُجَّارِنَا ـ وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِم ـ وَادعَمُوا ذلك وَاحتَسِبُوا الأَجرَ مِن رَبَّكُم .
===================
إن شانئك هو الأبتر
المهندس محمد خالد الكيلاني
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
هذا البحث هو رد سريع من طرفي على من يريد الإساءة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وأسأل الله تعالى أن يمكنني من جعله موجزا وواضح الهدف إحتراما لوقت القارئ الكريم
وأسأل الله تعالى أن يمكنني من ترجمته للإنجليزية والفرنسية أيضا .
وهو مقسم لعدة أجزاء أنهيت منها الجزء الأول والبقية ستأتي إن شاء الله تعالى
فعلى الله نتوكل وبسم الله نبدأ.
الجزء الأول : { إن شانئك هو الأبتر}
يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إ{ ِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ } [ سورة الكوثر ]
إن ما حفزني لكتابة هذا البحث هو أنه بعد تعمد الاساءة للحبيب المصطفى من طرف الصحيفة الدنماركية تذكرت الآية الكريمة الواردة في سورة الكوثر ورأيت فيها قانونا سماويا يقول :
"من يشنأك يا محمد هو أبتر" وهو حكم مطلق وغير مقيد
سواء كان هذا خلال وقت تبليغ الحبيب المصطفى للرسالة في حياته الدنيوية أو خلال إستراحته إلى حين البعث.
وكلمة "شانئك" تعني مبغضك وكلمة "أبتر" تعني الذي لا نسل له وذلك حسب ما ورد في معظم كتب التفسير .
فالآية الكريمة لم تقل "من شنأك" في الماضي ولم تقل "من يشنأك" في الحاضر أي زمن حياة الحبيب المصطفى
بل أتت الآية الكريمة في صيغة التأكيد "إن شانئك" بمعنى في كل زمان ومكان.
كقوله تعالى "إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " " وقوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" "
وورد في أحد كتب التفسير
"كانت قريش إذا ولد للرجل ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا هذا الأبتر."
وبما أن الإساءة للحبيب المصطفى قد تورط فيها وأيدها ودافع عنها معظم الدنماركيين من رسامين وصحفيين وسياسيين ومواطنين فبإمكاننا الوصول إلى إستنتاج مفاده أن هذا القانون السماوي ينطبق عليهم جميعا.
فهل يا ترى نستطيع أن نورد حقائق ووقائع تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا القانون السماوي ينطبق على هذه الحالة ؟
بعدما بدأت في البحث عما يؤيد هذه الفرضية هالني ما وجدت.
ففي السنوات الماضية لاحظ علماء الاجتماع في الغرب تدني نسبة الانجاب وعزي هذا في البداية للتغيرات الاجتماعية والإقتصادية عقب الثورة الصناعية , إلا أن طائفة أخرى من الاطباء رأت أمرا آخر محيرا ألا وهو إستمرار تناقص تركيز الحيوانات المنوية بالسائل المنوي للرجال في الدول الغربية وخاصة في الدنمارك.
في العامين 1996 و 1998 أجريت أبحاث طبية على مجموعة من الشباب الدنماركي البالغ أعمارهم من 18 إلى 20 سنة وتبين أن تركيز الحيوانات المنوية لديهم هي أقل بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة وأقل بكثير من المتوسط العالمي.
وإليكم هذه الفقرة من كلام الدكتور أندرسون أنشرها نصرة وحبا للحبيب المصطفى
Andersen et al. examined young men from the general Danish population that participated in compulsory medical examination related to military service in two Danish cities (Copenhagen and Aalborg) in two periods during 1996 and 1998. 708 participants contributed semen samples.
"Surprisingly low sperm concentrations were found in this population of 18-20 year old men: the median sperm concentration of 41 million/ml was significantly lower than the values found in previous national and international studies."
فحص الدكتور أندرسون شبابا دنماركيين أجريت لهم فحوصات طبية إجبارية خلال إنخراطهم بالتجنيد الاجباري في مدينتين دينماركيتين هما ( كوبنهاجن وآلبورق) في فترتين خلال العامين 1996 و 1998.
فتقدم 708 مشاركا بعينات من السائل المنوي.
والمفاجئة أنه تبين وجود تركيز منخفض للحيوانات المنوية في الرجال البالغين من العمر 18 إلى 20 سنة, فمتوسط التركيز البالغ 41 مليون لكل مليمتر كان أقل بكثير من قيم السنوات السابقة على المستويين القومي والعالمي.
وأذكركم بأن بيانات هذه الدراسة هي من عام 1998
ومن المعروف أن هذا التناقص مستمر , أي أن الوضع الحالي بالتأكيد هو أسوأ بكثير مما كان عليه والأهم من هذا كله فإننا نستطيع أن نتوقع أن يستمر هذا التناقص إلى أن يصل بهم لدرجة العقم.
فسبحان من قال "إن شانئك هو الأبتر"
وأزيدكم من الشعر بيتا
فالدكتور أندرسون يقول أنه من المعروف أن تركيز الحيوانات المنوية يتناقص في فترات الامتناع عن ممارسة الجنس ولكنه عندما إستبعد من دراسته الحالات التي تنطبق عليها هذه الحيثية وجد أن عدد الذين لديهم نقص شديد في تركيز الحيوانات المنوية زاد عن 40%
"It is difficult to explain the low values of sperm count in young Danish men. A short period of abstinence may contribute to a low sperm count, but even when excluding those with a period of abstinence below 48 h, more than 40% of the men had a sperm concentration below 40 million/ml."
ويذكر الدكتور أندرسون أيضا أنه وجد علاقة بين هرمونات التكاثر وتركيز المني وحجم الخصي مما يثبت أن تناقص تركيز الحيوانات المنوية لدى هؤلاء الدنماركيين هو عائد لعوامل وراثية جوهرية وليس لعوامل امتناع مؤقت
"A significant correlation was also found between reproductive hormones, sperm count and testicular volume, indicating that low sperm counts were due to intrinsic biological factors rather than a short period of abstinence."
الله أكبر
الدكتور أندرسون يقول أن هذا راجع لـ
عوامل وراثية جوهرية
intrinsic biological factors
سبحانك ربي
الأعجب من هذا هو أن تركيز أو عدد هذه الحيوانات المنوية ليس هو وحده حد بلية هؤلاء القوم
بل يصل الأمر إلى نوعية أو صلاحية هذه الحيوانات المنوية للإنجاب
فلقد ذكر الدكتور أندرسون في دراسته أن رؤوس هذه الحيوانات بها تشوه لا يمكنها من إختراق البويضة.
وترد أيضا هذه الجملة في هذا المقال الطبي عن العقم في الدنمارك:
Andersen et al. note that Denmark has been shown to have high rates of male reproductive abnormalities, including cryptorchidism and testicular cancer.
بمعنى أن الدكتور أندرسون ورفاقه لاحظوا أن الدنمارك قد أظهرت معدلات عالية من العيوب أو التشوهات لدى رجالها بما في ذلك سرطان الخصي.
سبحان من قال "إن شانئك هو الأبتر"
وأورد موقع وزارة الخارجية الملكية الدنماركية على الانترنت حقائق دامغة عن النمو السكاني في الدنمارك
فيلخص هذا التاريخ ويظهره على فترات مختلفة بدء من عام 1735 وحتى نهاية القرن الماضي
ويورد هذه الفقرة عن السنوات الثلاثين الأخيرة من القرن العشرين :
The last 30 years of the 20th century show afar-reaching change in the demographical characteristics of the Danish population. The decline in fertility accelerated from 1967, and the lowest level so far was reached in 1983 when the average number of children born per woman was 1.4. As c. 2.1 births per woman are necessary to avoid a fall in the size of the population, fertility rates are thus below the level needed for reproduction.
تظهر بيانات السنوات الثلاثين الأخيرة من القرن العشرين تغيرا مهما (ذي أثر بعيد) في الخصائص الديموغرافية للتوزيع السكاني في الدنمارك.
فلقد ازداد (بعجلة) معدل التناقص في الخصوبة بدء من العام 1967 إلى أن وصل إلى أقل مستوى له في العام 1983 عندما بلغ 1.4 ولادة لكل إمرأة , ومن المعلوم أن مستوى 2.1 مطلوب لتفادي تناقص عدد السكان .
لذا فإن معدلات النمو هي أقل من المستوى المطلوب.
The number of legal abortions in relation to the birth rate is much higher in Denmark than in the rest of Western Europe, but it has nevertheless been declining since the beginning of the 1990s.
وزادت حالات الإجهاض مقارنة بحالات الولادة في الدنمارك عنها في دول أوروبا الغربية .
The far-reaching demographical changes that have occurred in Denmark over the last couple of hundred years have altered the age structure of the population. Thus the population was noticeably younger in 1901 than in 1997.
ويلخص الموقع الرسمي للوزارة الملكية الدنماركية للشئون الخارجية
The Royal Danish Ministry of Foreign Affairs
التوزيع العام للسكان على الأعمار فيوضح التغير الكبير في متوسط أعمار السكان حيث زادت الأعمار وتضاعف عدد النساء مقارنة بالرجال.
سبحان الله !
لاحظوا معي أن المقارنة عادة تتم مع الدول الغربية الأخرى وليس مع دول تكون فيها معدلات الخصوبة والنمو السكاني كبيرة.
سبحان الله !
والصلاة والسلام عليك يا رسول الله
أشهد شهادة عبد تدبر القرآن بعد أن ابتلاه الله في ماله وولده وأهله وبيته
أن هذا القرآن هو حق
نزل بالحق
من عند الحق جل جلاله
لكننا إتخذنا هذا القرآن مهجورا
فغفرانك ربنا على ما فرطنا
وأسأل الله تعالى أن يرفع كلمة هذا الدين وأن ينصر الإسلام والمسلمين
ومن راق له ما قرأ من هذا الموضوع فليوزعه ولينشره كما هو وله الاجر والثواب إن شاء الله تعالى
وأختم كلامي بالصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى وعلى آله وصحبه الكرام
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روابط بنفس الموضوع
http://humrep.oxfordjournals..org/cgi/content/abstract/20/4/942
http://www.ourstolenfuture.org/NewScience/reproduction/sperm/2000andersenetal.htm
http://news.bbc.co.uk/1/hi/sci/tech/736230.stm
==================
إنّا كفيناك المستهزئين
د.عادل باناعمة
تظاهرات
قال كليلةُ: واعلم يادِمنةُ أنَّ من قلةِ عقلِ المرءِ وسوءِ تدبيرِهِ أن يُطاولَ ما لا يقدرُ على مطاولتِهِ، وأن يُغالبَ ما لا يقدرُ على مغالبتِهِ، فيكون مثلُهُ في ذلك كمثلِ النملة الحمقاء! قال دمنةُ: وما مثلُ النملةِ الحمقاءِ؟ قال كليلةُ: زعموا أنَّ نملةً ساءَها أن تكونَ صغيرةَ الحجمِ، ضئيلةَ الجرمِ، تُفزعها وبني جنسها أقدامُ الدوابّ، وتشرّدها وأخواتِها خطواتُ فيلٍ كان بالجوارِ، فآلت على نفسها ألا تدع حيلةً ولا وسيلةً تصنعُ بها الهيبةَ لأمةِ النِّمالِ إلا فعلتْها..
ففكرت وقدرت، وقدّمت وأخرتْ، فهداها مريضُ تفكيرِها إلى أنّ العلةَ في اجتراء المخلوقاتِ عليهنّ أنهنّ يتفرقن ويتبعثرن إذا ما خطت فوقهن أقدام الفيل الثقيل! وظنت وبعض الظن إثم أنّها لو اجتمعت مع بنات جنسها فوقفن في وجه الفيل ثم شتمنه بأعلى أصواتهنّ، وصمدنَ إزاءه، لتضعضع الفيل وتزعزع، وكف قدمه وتكعكع.. ثم سلك سبيلاً غير سبيله، وترك لأمة النمالِ حريّتها الكاملةَ في التعبيرِ والتصرف!!
فمازالت تلك الحمقاءُ حتى تألفت حولها طائفةً من النمالِ ذهبن مذهبها، وسلمن لها القيادَ، فلما قدمَ الفيلُ اصطفتِ النمال كما تصطف الجيوشُ، فما تركن قالةَ سوءٍ، ولا عبارةَ شتمٍ، ولا بيتَ هجاءٍ إلا صرخنَ به ملء حناجرهنّ.. فما هو إلا أن أهوى عليهنّ الفيلُ بقدمِهِ فمحقهنّ من الحياةِ.. فلم يسمع شتمهنّ غيرُهنّ.. ولا درى بهجائهنّ سواهنّ.. ومضى الفيلُ لطريقِهِ لم يشعر بما كان!!
هذا مثلٌ استحضرتُهُ وأنا أتابعُ كما تتابعون تداعياتِ الفعلةِ الآثمةِ للصحيفة الدانماركية التي تولّتْ كبر الإساءةِ إلى نبينا وحبيبنا محمد {..
قلتُ: هو مثلٌ.. والمثلُ لا يعني المشابهةَ من كل وجهٍ، وإنما الشاهدُ فيه هلاكُ المرءِ حين يتعرّضُ لما لا قبل له بِهِ.
لقد قرأتُ كما قرأتُم أنّ صحيفةً فرنسيةً أعادتْ نشر الرسومِ الدانماركيّة زاعمةً أنّه يحق لها رسم صور كاريكاتورية لمحمّدٍ ويسوع المسيحِ وبوذا ويهودا، وأنّ ذلك يندرج تحت بند حرية التعبير في بلد علمانيّ، وقالت الصحيفة الفرنسيةُ: إنها "لن تعتذر عن إعادة نشرها هذه الرسوم لأننا أحرار في التحدث والتفكير والاعتقاد، وبما أن هؤلاء (تقصد المسلمين) يقدمون أنفسهم على أنهم أساتذة في الإيمان ويجعلون القضية مسألة مبدأ فإنّ علينا أن نكون حازمين".
ولقد عرفتُ كما عرفتم كذلك أنَّ صحيفة ألمانيةً باءتْ أيضاً بإثم نشرها زاعمةً أنّه لا حصانةَ لأحدٍ عن التهكم في الغرب، وأنّ صحيفةً سويسرية ناطقةً بالألمانية نشرتْ رسمين منها، وأن صحيفتين إسبانيتين قامتا كذلك بتكرار النشرِ، بالإضافة إلى صحيفةٍ مجرية، وثلاث صحف هولندية، وتلفاز ال"بي بي سي"!
ولقد اطلعت كما لعلكم اطلعتم على أن صحيفة إيطالية ساقطةً بذيئةً صورتِ النبيّ { وهو يأمر مجموعة انتحاريين بالتوقف عن التفجير لأن الجنّة نفد ما بها من مخزون الحور العين!!
ولا أدري إن كنتم قد عرفتم أنّ صحيفةً أردنية نشرت بعض هذه الرسومِ مشفوعةً بفلسفةٍ سمجةٍ باردةٍ لرئيس تحريرها يقول فيها: "يا مسلمي العالم تعقلوا!! أيهما يسيء للإسلام أكثر من الآخر؟ أجنبي يجتهد في رسم الرسول أم مسلم يتأبط حزاماً ناسفاً ينتحر في حفل عرس في عمان أو أي مكان آخر"!!! وكأننا إذ نشجبُ هذه الرسومات نرحّبُ بتلك التفجيرات!!!
حقيقةً بقدر ما شعرتُ بالغيظ والغضبِ... شعرتُ بغيرِ قليلٍ من الشفقةِ على هؤلاءِ!!
إنّهم مساكينُ لا يدرونَ من يحاربونَ ولا من يُطاولونَ!!
إنّهم مساكينُ لا يدرونَ بمن يهزؤونَ ولا بمن يسخرون!!
إنّهم مساكينُ لا يدرون أنّ إساءَتهم لا ترتدُّ إلا عليهم..
وأنّ ألفَ كنّاسٍ لو اجتمعوا في موضعٍ يثيرون الغبارَ بمكانسهم ليحجبوا ضياء الشمسِ لما سقطَ الغبار في النهاية إلا على رؤوسهم.
وأنهم كالنملةِ الحمقاءِ تظنّ أن صراخَها يوقفُ أقدام الفيل..
هم كمن يشتم الشمسَ والماءَ والهواءَ.. ليس لشتمه من معنى سوى خرفِهِ المطبق، وهذيانِهِ المحدق!
أو كمن يلعنُ الضياءَ والعافيةَ والربيعَ.. ليس للعنِهِ معنيً سوى أنّه خرجَ عن حدّ العقلِ إلى حدّ الجنونِ.
وسيبقى النهرُ عذباً وإن شتمه ألفُ لسانٍ بأنّه ملحٌ أجاجٌ..
وستبقى الشمسُ مشرقةً وإنْ زعمَ ألفُ دجالٍ أنها قطعةٌ من سوادٍ حالكٍ.
وسيظلُ المطرُ يبعثُ الحياةَ وإن ادّعى ألفُ دعيٍّ أنّه سمٌّ يتسلل إلى عروقِ النباتاتِ.
إنّ البحر الزاخرَ لا يضرُّهُ أن يلقيَ فيه الغلمان بحصياتِهِم..
وقد قال الأعشى فيما مضى لما تجرأ بعض الأراذلِ على هجاءِ قبيلته:
ألست منتهياً عن نحتِ أثلتِنا
ولست ضائرَها ما أطَّتِ الإبلُ
كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنَها
فلم يضرْها وأوهى قرْنَهُ الوَعِلُ
نعم..
ها هم هؤلاء الساخرونَ الشانئونَ ينطحون صخرةَ النبيّ { بكل ما أوتوا من قرونٍ إعلاميّةٍ.. ولكن النهاية التي نعرفُها سلفاً.. هي نهايةُ الأعشى: (فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ). لم يكونوا أول الشانئينَ.. ولسنا أوّل الذابين.. لهم سلفٌ في كفارِ قريشٍ ومن جاء بعدهم.. ولنا سلفٌ في حسانَ رضي الله عنه وأرضاهُ يوم انتفضَ في وجهِ هجاءِ أبي سفيانَ فقال أبياتَه الروائع:
ألا أبلغْ أبا سفيان عني
فأنت مجوّف نخبٌ هواءُ
هجوت محمداً فأجبتُ عنه
وعند الله في ذاك الجزاءُ
أتهجوهُ ولست له بكفءٍ
فشرّكما لخيركما الفداءُ
فمن يهجو رسول الله منكم
ويمدحه وينصره سواءُ
فإن أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم فداءُ
قلت: إنّ تلك القرون الإعلامية النطّاحةَ لا تضرّ إلا نفسها يقيناً.. وحربها تلك ليست مع بشرٍ.. بل مع ربّ البشر سبحانه وتعالى.
ذلك أنّ النبيَّ { محميٌّ بحمايةِ اللهِ، معصومٌ بعصمتِهِ، مكفولٌ برعايتِهِ، مردود عنه أذى من آذاه، وسخريةُ من سخر به، واستهزاء من استهزأ به، وها أنا ذا أضعُ بين أيديكم هذه الوثائق الربانية:
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (94) إنا كفيناك المستهزئين (95) (الحجر). يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين 67 (المائدة). فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم 137 (البقرة). أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد 36 (الزمر). إن شانئك هو الأبتر (3) (الكوثر). إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا 57 (الأحزاب). والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم 61 )التوبة).
هذه هي الوثائق الربانية التي تشهدُ بأنّ الله حافظٌ رسوله، ناصرٌ له، منتقمٌ له ممن ظلمه، آخذ له بحقه ممن سخر منه، كافٍ إياه ممن استهزأ به.
قال ابن تيمية رحمه الله: ومن سنة الله أن من لم يتمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه... وكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره (الصارم المسلول: 144).
وقال رحمه الله: وقد ذكرنا ما جرّبه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرّضوا لسب رسول الله {، وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة، وهذا باب واسعٌ لا يُحاطُ بِهِ. (نفسه)
وقال السعديُّ: ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله { وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة.
فتعالوا أيها الأحبةُ نستشهد التاريخَ كيف كفى الله رسوله المستهزئين به {، وكيف آذى من آذاهُ. تعالوا نعش في ظلالِ الآيةِ الكريمةِ إنا كفيناك المستهزئين 95 ..
وأول ما أذكرُهُ في هذا الاستقراء التاريخيّ ما ذكره أهل التفسيرِ في سبب نزولِ هذه الآية.. أعني قوله تعالى: إنا كفيناك المستهزئين 95 ..
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: المستهزئون هم الوليد بن المغيرة، والأسودُ بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب، والحارث بن غَيْطَل السّهميّ، والعاص بن وائل، فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم إليه رسول الله {، فأراه الوليد بن المغيرة، فأومأ جبريل إلى أكَحلِهِ وهو عرقٌ في اليدِ ، فقال {: ما صنعت شيئاً!، فقال جبريلُ: كَفَيْتُكَهُ، ثم أراه الحارث بن غيطل السهميّ، فأومأ إلى بطنه، فقال: ما صنعت شيئاً! قال: كفيتكه، ثم أراه العاص بن وائل السهمي، فأومأ إلى أخمَصِهِ أي: باطن رجله فقال: ما صنعت شيئاً! فقال: كفيتُكه.
فأما الوليد بن المغيرة فمرَّ برجلٍ من خزاعة وهو يريش نبلاً له فأصاب أكحَله فقطعها!
وأما الأسود بن المطلب فعمي، وذلك أنه نزل تحت شجرة فقال: يابنيّ ألا تدفعون؟ إني قد قتلت! فجعلوا يقولون: ما نرى شيئاً، فجعل يقول: يا بنيّ ألا تدفعون عني؟ هلكت بالشوك في عيني! فجعلوا يقولون: ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه.
وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها.
وأما الحارث بن غيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج روثُهُ من فيه فمات منه.
وأما العاص بن وائل فبينما هو يمشي إذ دخلت في رجله شِبْرِقة نبتةٌ ذات شوك حتى امتلأت منها فمات.. (دلائل النبوة للأصبهاني 1-63، وانظر: الدر المنثور 5-101).
فهؤلاء خمسةُ نفرٍ من أعيانِ قومهم استهزؤوا برسول الله { فكفاه الله إيّاهم بقدرتِهِ وعزّتِهِ سبحانَهُ.
وقد أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنسٍ قال: مرَّ النبيُّ { على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون: هذا الذي يزعم أنه نبيّ؟! ومعه جبريل، فغمز جبريل بأصبعه، فوقع مثلُ الظفر في أجسادهم، فصارت قروحاً نتنةً فلم يستطع أحد أن يدنوا منهم (الدر المنثور 5-100) .
وفي الصحيحين خبرٌ آخرُ عجيبٌ عن رجلٍ من بني النجار كان نصرانياً فأسلمَ، وكان يكتبُ الوحي للنبي {، ثم إنّه نكص على عقبيه فتنصّرَ، ولحق بأهل الكتابِ، فكان يهزأ بالنبيّ {، ويدّعي أنه أدخل في الوحي ما ليس منه، ويقولُ: والله ما يدري محمدٌ إلا ما كتبتُ له!!
فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ، فدفنوه، فأصبح وقد لفظتْه الأرضُ!! فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ الثالثةَ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذاً. (البخاري 3617)، و(مسلمٌ 2781) . فسبحان الذي كفى نبيّه من استهزأ به وسخر به!
===============
إنا كفيناك المستهزئين كيف انتقم الله من الذين سبوا الرسول صلى الله عليه وسلم عبر التاريخ؟ د.عادل باناعمة قصةُ كسرى وقيصر المشهورةِ مع النبي صلى الله عليه وسلم جديرة بالتأمل، فقد كتب إليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم، فامتنع كلاهما من الإسلام، لكن قيصر أكرم كتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأكرم رسوله، فثبّت الله ملكه، وكسرى مزّق كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتله الله بعد قليل، ومزّق ملكه كل ممزّق، ولم يبق للأكاسرة ملكٌ. (الصارم المسلول: 144)
وكان من أثر ذلك ما ذكره السهيليُ أنّه بلغه أنّ هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة، ثم كان عند سِبطه، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب، فلما رآه استعبر، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع. ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب، فأخرج منه مقلمة ذهب، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير، فقال: هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا.
وإليكم هذا الخبر العجيبَ!
كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام، فقال ابنه عتبة: والله لأنطلقنّ إلى محمد ولأوذينّه في ربه سبحانه وتعالى، فانطلق حتى أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد (هو يكفر) بالذي دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "اللهم سلط عليه كلباً من كلابك".
ثم انصرف عنه، فرجع إلى أبيه فقال: يا بني ما قلت له؟ فذكر له ما قاله، فقال: فما قال لك؟ قال: قال: "اللهم سلط عليه كلباً من كلابك". قال: يا بني، والله ما آمن عليك دعاءه!
فساروا حتى نزلوا بالشراةِ وهي أرضٌ كثيرةُ الأسدِ، فقال: أبو لهب إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي، وإنّ هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة وافرشوا لابني عليها ثم افرشوا حولها، ففعلنا، فجاء الأسد فشمَّ وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة، فإذا هو فوق المتاع فشمَّ وجهه ثم هزمه هزمة ففسخ رأسه!! فقال أبو لهب: قد عرفت أنه لا يتفلت عن دعوة محمد!! (تفسير ابن كثير) .
وذكر الكتانيّ في ذيل مولد العلماء (1-139) أنّه ظهر في زمن الحاكم رجلٌ سمّى نفسه هادي المستجيبين، وكانوا يدعون إلى عبادة الحاكمِ، وحُكيَ عنه أنّه سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصحفِ، فلما ورد مكةَ شكاهُ أهلها إلى أميرها، فدافع عنه، واعتذر بتوبتِهِ، فقالوا: مثل هذا لا توبة له! فأبى، فاجتمع الناس عند الكعبةِ وضجّوا إلى الله، فأرسل الله ريحاً سوداء حتى أظلمت الدنيا، ثم تجلت الظلمةُ وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة الترس الأبيض له نور كنور الشمسِ، فلم يزل كذلك ترى ليلاً ونهاراً، فلما رأى أميرُ مكةَ ذلك أمر ب"هادي المستجيبينَ" فضربَ عنقَهُ وصلبَهُ.
وذكر القاضي عياض في الشفا (2-218) قصةً عجيبةً لساخرٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم! وذلك أن فقهاءَ القيروانِ وأصحابَ سُحنُون أفتوا بقتلِ إبراهيم الفزاري، وكان شاعراً متفنناً في كثير من العلومِ، وكان يستهزئ باللهِ وأنبيائهِ ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأمر القاضي يحيى بن عمرَ بقتله وصلبه، فطُعن بالسكينِ وصُلب مُنكساً، وحكى بعضُ المؤرخين أنه لما رُفعت خشبته، وزالت عنها الأيدي استدارت وحوَّلته عن القبلةِ فكان آيةً للجميعِ، وكبر الناسُ، وجاءَ كلبٌ فولغ في دمهِ!!
وحكى الشيخ العلامةُ أحمد شاكر أنّ خطيباً فصيحاً مفوهاً أرادَ أن يثنيَ على أحد كبار المسؤولين لأنه احتفى بطه حسين فلم يجد إلا التعريضَ برسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال في خطبتِهِ: جاءه الأعمى فما عبس وما تولى!! قال الشيخ أحمدُ: ولكن الله لم يدعْ لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسمُ بالله لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين، وبعد أن كان عالياً منتفخاً، مستعزّاً بمَن لاذ بهم من العظماء والكبراء رأيته مهيناً ذليلاً، خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار!!
وذكروا أن رجلاً ذهب لنيل الشهادة العليا من جامعة غربيةٍ، وكانت رسالتُهُ متعلقةً بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان مشرفُهُ شانئاً حانقاً، فأبى أن يمنحه الدرجةَ حتى يضمّن رسالتَه انتقاصاً للمصطفى صلى الله عليه وسلم، فضعفت نفسه، وآثر الأولى على الآخرة. فلما حاز شهادته ورجع إلى دياره فوجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مفاجئ.
لا إله إلا الله..
صدق الله.. إنا كفيناك المستهزئين 95 .
وليُعلمْ أن كفايةَ الله لنبيه ممن استهزأ به أو آذاهُ ليستْ مقصورةً على إهلاكِ هذا المعتدي بقارعةٍ أو نازلةٍ.
بل صورُ هذه الكفايةِ والحمايةِ متنوعةٌ متعددةٌ..
فقد يكفيهِ الله عز وجلَّ بأن يسلطَ على هذا المستهزئِ المعتدي رجلاً من المؤمنين يثأرُ لنبيّهِ صلى الله عليه وسلم، كما حصل في قصةِ كعبِ بن الأشرفِ اليهوديّ الذي كان يهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم، واليهوديةِ التي كانت تشتمُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فخنقها رجلٌ حتى ماتت (أبو داود)، وأمّ الولدِ التي قتلها سيدها الأعمى لما شتمتِ النبيّ صلى الله عليه وسلم (أبو داود)، وأبي جهلٍ إذ قتله معاذٌ ومعوّذٌ لأنه كان يسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخُطْميةِ التي هجت النبي صلى الله عليه وسلم فانتدب لها رجلٌ من قومها (الصارم المسلول 95)، وأبي عَفَكٍ اليهوديّ الذي هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم فاقتصّه سالمُ ابن عميرٍ (الصارم المسلول 102)، وأنسِ بن زُنَيم الذي هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم فشجّه غلامٌ من خزاعة (الصارم المسلول 103)، وسلامِ ابن أبي الحُقَيق إذ ثأر للنبيّ صلى الله عليه وسلم منه عبد الله بن عتيكٍ وصحبه (الصارم المسلول 135).
ولعل أغربَ وأعجبَ وأطرفَ ما وقفتُ عليه في هذا البابِ ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلفه المشهور (الصارم المسلول على شاتم الرسول) (ص: 134)، قال رحمه الله: وقد ذكروا أن الجنّ الذين آمنوا به، كانت تقصد من سبّه من الجنّ الكفار فتقتله، فيقرها على ذلك، ويشكر لها ذلك!
ونقل عن أصحاب المغازي أن هاتفاً هتف على جبل أبي قبيسٍ بشعرٍ فيه تعريضٌ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، فما مرتْ ثلاثة أيامٍ حتى هتف هاتف على الجبل يقولُ:
نحن قتلنا في ثلاثٍ مِسعرا
إذ سفّه الحقّ وسنَّ المنكرا
قنّعتُهُ سيفاً حساماً مبترا
بشتمه نبيّنا المطهّرا
ومسعرٌ كما في الخبر اسمُ الجنيّ الذي هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ومن صور كلاءة الله لنبيه ممن تعرض له بالأذى أن يحولَ بين المعتدي وبين ما أرادَ بخوفٍ يقذفُهُ في قلبِهِ، أو ملكٍ يمنعُهُ مما أراد.. وقد رُوِيَ أن غورثَ بن الحرثِ قال لأقتلنَّ محمداً، فقال له أصحابه: كيف تقتله؟ قال: أقول له أعطني سيفك، فاذا أعطانيه قتلته به. فأتاه فقال: يامحمد أعطني سيفك أشمّه، فأعطاه إياه فرُعِدَت يدُهُ، فسقط السيفُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حال الله بينك وبين ما تريد" (الدر المنثور 3-119) .
ومثلُ ذلك ما ذكره ابن كثيرٍ في تفسيره (4-530) من أن أبا جهل قال لقومه: واللات والعزى لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن على رقبته ولأعفرنّ وجهه في الترابِ، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته، فما فجأهم منه إلا وهو ينكصُ على عقبيه ويتقي بيديه! فقيل: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نارٍ وهولاً وأجنحةً! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً".
وعن ابن عباس رضي الله عنه أنّ رجالاً من قريش اجتمعوا في الحجر، ثم تعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ونائلةَ وإِسافَ أن لو قد رأوا محمدا لقد قمنا إليه مقام رجل واحدٍ فقتلناه قبل أن نفارقه، فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: هؤلاء الملأ من قومك لقد تعاهدوا لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل واحدٌ إلا قد عرف نصيبه من دمك. فقال: "يا بنية اتيني بوضوء"، فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: هاهو ذا، وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم منهم إليه رجل، فأقبل النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، وأخذ قبضة من التراب ثم قال: "شاهت الوجوه"، ثم حصبهم بها فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصا حصاةٌ إلا قتل يوم بدر كافراً. (دلائل النبوة 1-65).
لا إله إلا الله..
صدق الله.. إنا كفيناك المستهزئين 95 .
ومن صورِ حمايةِ الله لنبيه، وكفايتِهِ إياه استهزاءَ المستهزئين أن يصرفَ الشتيمةَ والذّمّ والاستهزاءَ إلى غيره.. فإذا بالشاتمِ يريدُ أن يشتمَهُ فيشتمَ غيره من حيث لا يشعر!!
قال صلى الله عليه وسلم: "ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمّماً، ويلعنون مذمّماً، وأنا محمدٌ"! (البخاري)، قال ابن حجر (الفتح 6-558): كان الكفار من قريشٍ من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده فيقولون: مذمّم، وإذا ذكروه بسوء قالوا: فعل الله بمذمم. ومذمم ليس اسمه، ولا يعرف به، فكان الذي يقع منهم مصروفاً إلى غيره!
لا إله إلا الله..
وصدق الله.. إنا كفيناك المستهزئين 95 .
ومن صور هذه الحماية الربانيةِ أنْ يغيّر الله السنن الكونيةَ صيانةً لنبيّه صلى الله عليه وسلم ورعايةً له.
وشاهدُ ذلك قصةُ الشاةِ المسمومةِ، فإنّ زينب بنت الحارثِ جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم بشاةٍ مشويةٍ دست فيها سماً كثيراً، فلما لاك النبيّ صلى الله عليه وسلم منها مضغةً لم يسغها، وقال: "إن هذا العظمَ يخبرني أنّه مسمومٌ"! ثم دعا باليهودية فاعترفت.
فانظر كيف خرم الله السنن الكونية من جهتين:
أولاهما: أنّه لم يتأثّر صلى الله عليه وسلم بالسمّ الذي لاكه.
وثانيتهما: أن الله أنطقَ العظمَ فأخبره عليه الصلاة والسلام بما فيه.
ومن صور الكفاية الربانية لنبي الهدى صلى الله عليه وسلم ممن آذاه أن يقذف الله في قلب هذا المؤذي المعتدي الإسلام، فيؤوبَ ويتوبَ، حتى يكونَ الرسول صلى الله عليه وسلم أحبّ إليه من ماله وولده ووالده والناس أجمعين!!
ومن أعجبِ الأمثلةِ في ذلك قصة أبي سفيان بن الحارثِ أخي النبيّ صلى الله عليه وسلم من الرضاع، وكان يألف النبيّ صلى الله عليه وسلم أيام الصبا وكان له تِرْباً، فلما بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم عاداه أبوسفيان عداوةً لم يعادها أحداً قطّ، وهجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجا أصحابَهُ.. ثم شاء الله أن يكفيَ رسولَه صلى الله عليه وسلم لسان أبي سفيان وهجاءه، لا بإهلاكه وإنما بهدايتِهِ!! قال أبو سفيان عن نفسِهِ: ثم إن الله ألقى في قلبي الإسلام، فسرت وزوجي وولدي حتى نزلنا بالأبواء، فتنكرتُ وخرجتُ حتى صرت تلقاء وجه النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما ملأ عينيه مني أعرض عنّي بوجهه إلى الناحية الأخرى، فتحولت إلى ناحية وجهه الأخرى.
قالوا: فما زال أبو سفيانَ يتبعُهُ، لا ينزلُ منزلاً إلا وهو على بابه ومعه ابني جعفر وهو لا يكلمه، حتى قال أبو سفيان: والله ليأذنن لي رسول الله أو لآخذن بيد ابني هذا حتى نموت عطشاً أو جوعاً، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رقّ لهما فدخلا عليه. (انظر سيرة ابن هشام 4-41) . فسبحان من حوّل العداوة الماحقةَ إلى حبّ وتذلل، وملازمة للباب طلباً للرضا!!
لا إله إلا الله..
وصدق الله.. إنا كفيناك المستهزئين 95 .
---------------
أساليب محاربة الدعوة إلى الله
الحرب على الإسلام بدأت منذ بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، وهي حرب تتجدد كلما تجددت أسبابها، بمعنى أنه كلما نشطت الدعوة الإسلامية في مجتمع من المجتمعات، ولم تكن السيادة والقيادة للإسلام فيه؛ اشتعلت الحرب على الإسلام كدين، وعلى المسلمين كأتباع.
لقد عقد الدكتور "مهدي رزق الله" الأستاذ المشارك بكلية التربية جامعة الملك سعود، من خلال كتابه القيم "السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية دراسة تحليلية" مبحثاً خاصاً بعنوان: أساليب المشركين في محاربة الدعوة الإسلامية، أعرضه هنا لهدفين:
الهدف الأول: أن ما يلاقيه الدعاة وأنصار الإسلام ليس علامة فشل أو خيبة.
الهدف الثاني: اشتداد وطأة العنت والاضطهاد على الدعاة وأنصار الإسلام في جميع البلدان الآن، وبشكل نسبي، قد يهدأ هنا ويشتعل هناك، وقد يأخذ هنا شكل حرب معلنة، وقد يأخذ شكل التفاف ومحاصرة، وقد يأخذ هنالك أشكالاً لا تخفى على أحد.
الجميع في النهاية متفقون على محاربة الإسلام ومحاصرة الدعوة والتربص بأتباعها.
عرض الدكتور مهدي رزق الله في المبحث الثالث والعشرين خمسة عشر أسلوباً لمحاربة الدعوة الإسلامية الأولى في مكة، حيث بدأ النبي ص دعوته، أُجملها ثم أتناولها بشيء من التفصيل:
1 محاولة التأثير على عمه ص.
2 التهديد بمنازلة الرسول ص وعمه.
3 الاتهامات الباطلة لصد الناس عنه.
4 السخرية والاستهزاء والضحك والغمز واللمز والتعالي على المؤمنين.
5 التشويش.
6 طلبهم أن تكون للرسول ص معجزات أو مزايا ليست عند البشر العاديين.
7 المساومات.
8 سب القرآن ومنزله ومن جاء به.
9 الاتصال باليهود للإتيان منهم بأسئلة تعجيزية للرسول ص.
10 الترغيب.
11 الترهيب.
12 الاعتداء الجسدي.
13 ملاحقة المسلمين خارج مكة والتحريض عليهم.
14 المقاطعة العامة.
15 محاولة قتل النبي ص ثم شن الحرب عليه.
لعل القارئ بعد مطالعته لعناوين الأساليب قد بدأ يدرك أن الحرب الحديثة على الدعوة والدعاة والأتباع ما هي إلا حلقات متصلة بتلك الحلقة الأولى.
ومن العناوين إلى شيء من التفصيل:
الأسلوبان الأول والثاني: محاولة التأثير على النبي ص وعمه والتهديد بمنازلتهما:
أسلوب شائع خاصة في بلاد العرب، وقد نشط مستخدموه في الآونة الأخيرة لمحاصرة الصحوة الإسلامية، والحيلولة دون ممارسة الشباب المسلم للفاعليات الإسلامية من ارتياد المساجد، والمشاركة في النشاطات الاجتماعية والسياسية.
فتجد اتصال الجهات المعادية للإسلام بالأب أو العم والخال أو الجد وغيرهم من الأقارب للتأثير على الشباب الراغب في العمل الإسلامي لصرفه عن ذلك، وتهديد هؤلاء الأقارب والتلويح لهم بالويل والثبور وعظائم الأمور.
وقد حدثت اتصالات ومساومات وتهديدات لأبي طالب من قريش، ثم حدث أبو طالب ابن أخيه النبي ص، وبعد المحاورة قال أبو طالب له: "اذهب يابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً".
وحدث مرة أن أرسل أبو طالب إلى النبي ص ابنه "عقيل" فلما حضر قال له عمه: "إن بني عمك هؤلاء قد زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم، فحلق رسول الله ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: "فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم، على أن تستشعلوا منها شعلة"، فقال أبو طالب: والله ما كذَبنا ابن أخي فارجعوا. (رواه أبو يعلى، والطبراني في الأوسط والكبير، والذهبي والبيهقي والبخاري في التاريخ وابن إسحاق بإسناد حسن).
وعلينا أن نستفيد من هذا النوع من التحريش والتضييق بواسطة الأقارب، فنقدِّر مثل هذه الضغوط من الأقارب ولا نحتد عليهم، ولا نفاصلهم مفاصلة الكفار المحاربين، فنكسبهم إلى صفنا مؤيدين أو محايدين، وفي جميع الأحوال نتفاعل معهم، مقتدين برسول الله ص مع عمه أبي طالب.
وفي النهاية خسر المشركون باستخدام هذين الأسلوبين، وربحت الحكمة النبوية.
الأسلوب الثالث: الاتهامات الباطلة لصد الناس عنه:
يبحث الباطل عن اتهامات شديدة الوقع على نفوس الناس، لكنه أي الباطل يقع في شر أعماله حين ينسب للحق الأضداد التي لا تتفق معه! فمن الاتهامات التي روجها المشركون عن النبي ص :
أ الجنون: وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون (6) (الحجر).
إنها فكرة طائشة يبتكرها الباطل في نوبة هذيان الخوف من الحق القادم. وتنطلق التهمة في مجتمعات الناس، ولكن سرعان ما يفندونها، لأن صاحب الدعوة لا يهيم على وجهه كالمجانين، وليس متبذلاً في هيئته كالمجانين! وسرعان ما نفي المشركون عن النبي ص صفة الجنون، لذا يتحول الإعلام الجاهلي إلى تهمة أخرى!
ب السحر: وقال الكافرون هذا ساحر كذاب (4) (ص)، أو بأنه مسحور: وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا (8) (الفرقان:8).
ولكن الساحر له أفعال معروفة، وتنتشر في مجلسه التمائم والتعاويذ والأبخرة والأدخنة المتصاعدة من جمر النار، أما المسحور فتحدث له أحوال مرضية، رأوا أنها لا تحدث للنبي ص فتناقش المشركون في ذلك، ثم أملى عليهم الشيطان ما يقنعون به أنفسهم وغيرهم فتعللوا لسحره بأنه يفرق بين الأقارب بنوع من التمويه في الكلام، وفي إيراد المعاني.!
ج الكذب: وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون (الفرقان:4).إنها تهمة قصيرة العمر جداً، لأنهم هم الذين نعتوه بالصادق الأمين، ولا تزال أماناتهم عنده!
د التآمر مع قوى خارجية: وأعانه عليه قوم آخرون (الفرقان:4). إنها التهمة العصرية الرائجة في أسواق الشراذم ضد الإسلاميين، وليست جديدة، إنها بالية، وقد سقطت بنفسها قديماً وحديثاً.
ه رواية الأساطير: وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى" عليه بكرة وأصيلا (5) (الفرقان:).
الأسطورة: الأكذوبة، وتطلق الأساطير على الخرافات والأحداث المفتعلة، والحكايات الغريبة، والفعل المبني للمجهول "تُملى" يشير إلى القوى الخارجية المزعومة في فهمهم، أو ضمن دعواهم!
و القول إن القرآن ليس من عند الله: كان في مكة حداد نصراني، وكان يردد على مسامع المشركين شيئاً من الإنجيل، فقفزت إلى أوهامهم فكرة الربط بين صاحب الرسالة والحداد النصراني! قال تعالى:
ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين 103 (النحل).
وفي عصرنا يحلو لأعداء الشريعة من بني جلدتنا أن يزعموا مثل هذا الزعم أو قريباً منه، فيقولون بالفصل بين القرآن والفقه المستنبط منه، أو الفصل بين القرآن والسنة، والتشكيك في السنة، ويهدفون من وراء ذلك إلى تدمير الإسلام والطعن في الدعاة.
لقد اقتحمت الأنظمة المعادية للإسلام حديثاً حقل الألغام القديم، فلم تخرج منه إلا بمثل ما خرج به المشركون القدماء، ولا يزال المسلسل جارياً!
الأسلوب الرابع: السخرية والاستهزاء والضحك والغمز واللمز والتعالي على المؤمنين: 1قالت امرأة من المشركين للنبي ص إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثاً. إنها تسخر منه، وتستهزئ به، فأنزل الله تعالى: والضحى" (1) والليل إذا سجى" (2) ما ودعك ربك وما قلى" (3) (الضحى). رواه البخاري، وقد وردت أسباب أخرى لنزول هذه الآيات.
وكان أبوجهل يقول مستهزئاً: اللهم إن كان هذا من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فأورد الله كلامه ثم أنزل: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون 33 وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام (الأنفال).
ولا يخفى على المتابعين للإعلام الحكومي المحارب للإسلام هنا أو هناك ما يطفح به من الغمز واللمز والسخرية والاستهزاء بالدعوة والدعاة. لقد استهزأ الشيوعيون بالإسلام والمسلمين أيما استهزاء، فسقطت امبراطوريتهم وتهشمت، ولم تعمر سوى سبعين عاماً! والعلمانية في الطريق، وصدق الرب العزيز: ولقد \ستهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون 10 .(الأنعام).
والحركة الإسلامية تمضي في طريقها، لا عليها من هؤلاء المستهزئين الذين خاطب الله نبيه بشأنهم بقوله: إنا كفيناك المستهزئين 95 (الحجر).
ولقد أوردت كتب السيرة جانباً من أخبار ونهايات هؤلاء المستهزئين، أسجل هنا بعضاً مما أورده الدكتور مهدي رزق الله للاعتبار:
الأسود بن عبد المطلب بن أسد: رمى جبريل عليه السلام في وجهه ورقة خضراء فعمي.
مر بالنبي ص الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه فاستسقى فمات.
ومر به الوليد بن المغيرة، فأشار إلى جرح بأسفل كعب رجله فقتله!
ومر به العاص بن وائل فخرج على حمار له يريد الطائف، فربض به حماره على نبات، فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته!
ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار ص إلى رأسه فتحرك القيح فيه فقتله!
وفي عصرنا شهد "الإخوان المسلمون" على حمزة البسيوني جلادهم وهو يقول: لو نزل ربكم لوضعته في زنزانة تعالى الله عما يقول الظالمون ثم شهد الناس كيف كان مصرع حمزة البسيوني في سيارته، حيث اخترقت أسياخ الحديد زجاج سيارته ومزقته.
وهذا منصر حضر اجتماعاً تنصيرياً في نيجيريا، وبعد أن استهزأ بالإسلام انصرف ليسقط من فوق أحد الجسور بسيارته ويموت شر ميتة.
وفي قاعدة عسكرية تركية قام أحد الضباط بتمزيق المصحف ورميه تحت أقدام راقصة، فحدث زلزال دمر القاعدة، وقد أوردت الصحف هذا النبأ.
وقال أحد الحكام عن أحد العلماء في سجنه إنه "مرمي في السجن مثل الكلب"، وبعد أيام قليلة لقي مصرعه مثلما يُصرع الكلب المسعور.
الأسلوب الخامس: التشويش
يقول الدكتور مهدي رزق الله:
"كان المشركون يتواصون بينهم بافتعال ضجة عالية، وصياح منكر عندما يُقرأ القرآن، حتى لا يُسمع فيُفهم فيترك أثراً في عقل نقي وقلب طيب".
وفي عصرنا يوجد نشاط اسمه فن إفساد الاجتماعات، والتشويش أهم عمل تمارسه مجموعة الإفساد. قال تعالى: وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون 26 (فصلت).
وفي التنظيمات السياسية الشيوعية وتفريعاتها، والعلمانية وتنظيراتها والقومية وشعاراتها تتعلم "الكوادر" الحزبية فنون التشويش على الغير، حتى لا يبقى في الساحة سوى تلك التنظيمات الفاسدة، ولكن دارت الأيام، وحاق بالمفسدين ما كانوا يعملون، وانقلب التشويش على المشوشين، وتهاووا كالذباب المتساقط.
=============
وقوله {إن شانئك } هجوم أدبي كاسح ، وتهديد رباني ماحق ساحق لأعداء محمد صلى الله عيه وسلم وخصومه ومبغضيه ، وهذا ذب عن شخصية الكريم ، ودفاع عن مقامه العظيم ، فإذا كان المدافع والحامي والناصر هو الله فيا لقرة عينه صلى الله عليه وسلم بهذا النصر والدفاع والولاية ، وشانئه صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا كافراً مارداً حقيراً خسيساً ، لأنه ما أبغضه إلا بعد ما أصابه الله بخذلان ، وكتب عليه الخسران ، وأراد له الهوان ، وإلا فإنسانٌ مثل الرسول صلى الله عليه وسلم يوجب النقل والعقل حبه ، إذ لو كان الطهر جسداً كان جسده صلى الله عليه وسلم ، ولو كان النبل والسمو صورة لكان صورته بأبي هو وأمي ، فهو منتهى الفضيلة ، وغاية الخصال الجميلة ، والمستحق للوسيلة ، وصاحب الدرجة العالية الرفيعة الجليلة ، فكان الواجب على من عنده ذرة رأي ، وبصيص من نور ، إذا كان يحترم عقله أن يحب هذا الإمام العظيم لما جمع الله فيه من الفضائل ، ولما حازه من مناقب ، ولكن واحسرتاه على تلك العقول العفنة ، والنفوس المندثرة بجلباب الخزي ، القابعة في سراديب البغي ، الراتعة في مراتع الرذيلة ، كيف عادته مع كماله البشري ، ومقامه السامي فكأنه المقصود بقول الشاعر:
أعادي على ما يوجب الحب للفتى وأهدأ والأفكار في تجول
وقول الآخر :
إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
وقوله :{هو الأبتر } أي مقطوع البركة والنفع والأثر ، فكل من عاداك لا خير فيه ولا منفعة من وراءه ، أما أنت فأنت المبارك أينما كنت ، اليمن معك ، السعادة موكبك ، الرضا راحتك ، البركة تحفك ، السكينة تغشاك ، الرحمة تتنزل عليك ، الهدى حيثما كنت ، النور يممت ، وأعداؤه صلى الله عليه وسلم قالوا أنه أبتر لا نسل له ولا ولد ، فجاء الجواب مرغماً لتلك الأنوف ، دافعاً لتلك الرؤوس ، محبطاً لتلك النفوس ، فكأنه يقول لهم : كيف يكون أبتر وقد أصلح الله على يديه الأمم ، وهدى بنوره الشعوب ، وأخرج برسالته الناس من الظلمات إلى النور ؟ كيف يكون أبتر والعالم أشرق على أنواره ، والكون استيقظ على دعوته ، والدنيا استبشرت بقدومه ؟ كيف يكون أبتر والمساجد تردد بالوحي الذي جاء به ، والحديث الذي تكلم به ، والمآذن تعلن مبادئه ، والمنابر تذيع تعاليمه ، والجامعات تدرس وثيقته الربانية ؟ كيف يكون أبتر والخلفاء الراشسدون نهلوا من علمه والشهداء اقتبسوا من شجاعته والعلماء شربوا من معين نبوته ، والأولياء استضاؤا بنور ولايته ؟ كيف يكون أبتر وقد طبق ميراثه المعمور ة ، وهزت دعوته الأرض ، ودخلت كلمته كل بيت ، فذكره مرفوع ، وفضله غير مدفوع ، ووزره موضوع . كيف يكون أبتر وكلما قرأ قارئ كتاب الله فلمحمد صلى الله عليه وسلم مثل أجره ، لأنه هو الذي دل على الخير ، وكلما صلى مصلي فله مثل أجر صلاته ، لأنه هو الذي علمنا الصلاة "صلوا كما رأيتموني أصلي " وكلما حج حاج فله صلى الله عليه وسلم مثل حجته لأنه عرفنا تلك المناسك " خذوا عني مناسككم " .
بل الأبتر الذي عاداه وحاربه وهجر سنته وأعرض عن هداه . فهذا الذي قطع الله من الأرض بركته ، وعطل نفعه وأطفأ نوره ، وطبع على قلبه وشتت شمله ، وهتك ستره ، فكلامه لغو من القول وزور من الحديث ، وعلمه رجس مردود عليه ، وأثره فاسد وسعيه في تباب .
وانظر لكل من ناصب هذا الرسول الأكرم العداء ، أو أعرض عن شرعه أو شيء مما بعث به كيف يصيبه من الخذلان والمقت والسخط والهوان بقدر إعراضه ومحاربته وعدائه . فالملحد مقلوب الإرادة مطموس البصيرة مخذول تائه منبوذ ، والمبتدع زائغ ضال منحرف ، والفاسق مظلم القلب في حجب المعصية ، وفي أقبية الانحراف .
ولك أن ترى سموه صلىالله عليه وسلم وعلو قدره ، ومن تبعه يوم ترى الناس وحملة حديثه وآثاره ، وهم في مجد خالد من الأثر الطيب ، والذكر الحسن ، والثناء العاطر من حسن المصير ، وجميل المنقلب ، وطيب الإقامة في مقعد صدق عند مليك مقتدر . ثم انظر للفلاسفة المعرضين عن السنة مع ما هم في من الشبه والقلق والحيرة والاضطراب والندم والأسف على تصرم العمر في الضياع وذهاب الزمن في اللغو وشتات القلب في أودية الأوهام .
فهذا الإمام المعصوم صلى الله عليه وسلم معه النجاة وسنته سفينة نوح من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ، وهوالذي يدور معه الحق حيثما دار وكلامه حجة على كل متكلم من البشر من بعده ، وليس لأحد من الناس حجة على كلامه ، وكلنا راد ومردود عليه إلا هو صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، زكى الله سمعه وبصره وقلبه ، ونفى عنه الضلال وحصنه من الغي ، وسلمه من الهوى ، وحماه الزيغ ، وصانه من الانحراف ، وعصمه من الفتنة ، فكل قلب لم يبصر نوره فهو قلب مغضوب عليه ، وكل قلب لم تشرق عليها شمسه فهي أرض مشؤومة ، فهوالمعصوم من الخطأ المبرأ من العيب ، السليم من الحيف ، النقي من الدنس ، المنزه عن موارد التهم على قوله توزن الأقوال ، وعلى فعله تقاس الأفعال ، وعلى حاله تعرض الأحوال .
وقد قصد الكفار بقولهم : أنه أبتر عليه الصلاة والسلام أنه لا ولد له فإذا مات انقطع عقبه الأبتر عند العرب هو من لا نسل له ولا عقب ، فرد الله عليهم وأخبر أن من عاداه هو الأبتر حقيقة .
وفي هذه السورة ثلاث آيات ؛ فالأولى عن الله عز وجل وعطاؤه لرسوله صلى الله عليه وسلم ، والثانية للرسول صلى الله عليه وسلم والواجب عليه في مقابلة هذا العطاء وهي الصلاة والنحر ، والثالثة لأعدائه صلى الله عليه وسلم وهو البتر والقطع من الخير والبركة والنفع . فالأولى عطية له ، والثانية واجب عليه ، والثالثة دفاع عنه . وفي السورة تكريم الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وإثبات الكوثر له كما صحت به الأحاديث أيضاً والدفاع عنه وجواز سب الكافر وشتمه وزجره ليرتدع .
=============
نحري دون نحرك يا رسول الله
إبراهيم بن صالح الدحيم
نشرت صحيفة ( جلاندز بوستن ) الدنمركية يوم الثلاثاء 26/8/1426هـ (12) رسماً كاريكاتيرياً ساخر .. بمن يا ترى ؟! هل كان ذلك بمسؤول كبير .. بجنرال .. برئيس دولة ... بل كان ذلك بأعظم رجل وطأت قدماه الثرى , بإمام النبيين وقائد الغر المحجلين صلى الله عليه وسلم . صور آثمةٌ وقحةٌ وقاحة الكفر وأهلة , أظهروا النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى هذه الرسومات عليه عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !! وكأنهم يريدون أن يقولوا إنه – مجرم حرب - ( ألا ساء ما يزرون )
ثم في هذه الأيام وفي يوم عيد الأضحى بالتحديد – إمعاناً في العداء - تأتي جريدة ( ما جزينت ) النرويجية لتنكأ الجراج وتشن الغارة من جديد , فتعيد نشر الرسوم ألوقحة التي نُشرت في المجلة الدنمركية قبل! ( أتواصوا به بل هم قوم طاغون )[ الذاريات53]
بالله ماذا يبقى في الحياة من لذة يوم ينال من مقام محمد صلى الله عليه وسلم ثم لا ينتصر له ولا يذاد عن حياضه . ماذا نقول تجاه هذا العداء السافر , والتهكم المكشوف .. هل نغمض أعيننا , ونصم آذاننا , ونطبق أفواهنا .. لا وربي .. لا يكون ذلك ما دام في القلب عرق ينبض . والذي كرم محمداً وأعلى مكانته لبطن الأرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالحق وندافع عن رسول الحق . ألا جفت أقلام وشُلت سواعد امتنعت عن تسطير أحرفٍ تذود بها عن حوضه صلى الله عليه وسلم وتدافع عن حرمته .
فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم فداء
ونحن إذ ندافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحمي بذلك ديننا وعقيدتنا , ونؤكد شيئاً من حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..
إن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيع برفعة الله له , لن ينال الشانئ منه شيئاً ( ورفعنا لك ذكرك )[ الشرح 4] قال مجاهد: لا أذكر إلا ذكرت معي , أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله . نعم لقد رفع الله ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم رغم أنوف الحاقدين والجاحدين , فهاهم المسلمون يصوتون باسمه على مآذنهم في كل مكان .
والله تعالى قد تولى الدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ), وأعلن عصمته له من الناس ( والله يعصمك من الناس ) وأخبر أنه سيكفيه المستهزئين ( إنا كفيناك المستهزئين ) سواء كانوا من قريش أو من غيرهم .
قال الشنقيطي رحمه الله: وذكر – الله – في مواضع أخرى أنه كفاه غيرهم كقوله في أهل الكتاب ( فسيكفيكهم الله ..) وقال ( أليس الله بكافٍ عبده ) . وقال ابن سعدي رحمه الله: " وقد فعل تعالى , فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة .أهـ أخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل وابن مردويه بسند حسن والضياء في المختارة , عن ابن عباس في قوله ( إنا كفيناك المستهزئين ) قال: المستهزئون , الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل , فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرني إياهم , فأراه كل واحد منهم , وجبريل يشير إلى كل واحد منهم في موضع من جسده ويقول : كَفَيْتُكَهُ , والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما صنعت شيئا ! . فأما الوليد , فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها . وأما الأسود بن المطلب , فنزل تحت سمرة فجعل يقول: يابنيّ , ألا تدفعون عني؟ قد هلكت وطُعنت بالشوك في عينيّ فجعلوا يقولون: ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه . وأما الأسود بن عبد يغوث , فخرج في رأسه قروح فمات منها . وأما الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه . وأما العاص فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتلته .( الدر المنثور 5/101)
لقد أعظمت قريش الفرية على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فرمته بالسحر تارة وبالكذب تارة وبالجنون أخرى , والله يتولى صرف ذلك كله عنه لفظاً ومعنىً , ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم , يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً , وأنا محمد " , وهكذا هذه الرسومات التي نشرت على هذه الصفحات السوداء , هي قطعاً لا تمثل شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هي صور أملاها عليهم خيالهم الفاسد واعتمدها الشيطان ورسمها لهم السامري ! . أما محمد صلى الله عليه وسلم فوجهه يشع بالضياء والنور والبسمة والسرور ,لم يستطع أصحابه رضي الله عنهم أن يملئوا أعينهم منه إجلالاً له - وقد عاصروه - فكيف بمن لم يجمعه به زمان ولم يربطه به خلق ولا إيمان ؟!
لقد جاء خبر الصدق من الملك الحق المبين ( إن شانئك هو الأبتر ) ليبقى كل شانئٍ للنبي صلى الله عليه وسلم وكل معارض لدينه هو الأبتر المقطوع المنبوذ . أين أبوجهل هل بقي ذكره أم التصق به وصف الجهل في حياته وبعد مماته ؟! وأين أبولهب لقد مات ومات ذكره فليس يعرف إلا بالهب ؟! و( سيصلى ناراً ذات لهب ) وأين ملوك الأكاسرة والقياصرة .. أين ماركس ولينين وهتلر وكمال أتاتورك ... لقد طمرتهم الأرض ونُسيت رسومهم , ولحقتهم اللعنات , وبائوا بثقل التبعات . لقد مزق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسخر من رسوله,فدعاء عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزق الله ملكه,فمزق وقتل على يد أقرب الناس إليه– ابنه – ! وروى البخاري في صحيحه من حديث أنس قال : " كان رجل نصراني , فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران , وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم , فعاد نصرانياً , فكان يقول : لا يدري محمد إلا ما كتبت له , فأماته الله , فدفنوه , فأصبح وقد لفظته الأرض , فقالوا : هذا فِعْل محمدٍ وأصحابه , نبشوا عن صاحبنا فألقوه , فحفروا في الأرض ما استطاعوا , فأصبح قد لفظته , فعلموا أنه ليس من الناس , فألقوه " . علَّق شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث فقال: فهذا الملعون الذي قد افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يدري إلا ما كتب له , قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً , وهذا أمر خارج عن العادة ’ يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله , وأنه كان كاذباً ..الخ ويقول أيضا رحمه الله : " وإنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه ، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد ، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول ، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك،ثم يفتح المكان عنوة ، ويكون فيهم ملحمة عظيمة ، قالوا : حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه ، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه . وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل الغرب – يعني المغرب - حالهم مع النصارى كذلك.أهـ ( الصارم المسلول ص 116-117)
وبالمقابل فقد علم بعض ملوك النصارى أن إكرام كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي فيه الملك ما شاء الله . ذكر السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له ، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ، ثم كان عند سِبطه ، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر ، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع .
ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير ، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا " أهـ .
إن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لا تكاد تحصى كثرةً فهو منّة الله على هذه الأمة ( لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم ..) امتدحه ربه ورفع منزلته فهو أول من تنشق عنه الأرض ,وأول من يدخل الجنة , وله المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون والآخرون , والحوض المورود .. إلى غير ذلك من الفضائل والخصائص التي اختص بها عن غيره , وهي مدونة في كتب الدلائل والشمائل والخصائص والفضائل , لقد شهد بفضل نبين صلى الله عليه وسلم القاصي والداني والصديق والعدو , وأنَّا لأحد أن يكتم فضائله صلى الله عليه وسلم وهي كالقمر في ضيائها , وكالشمس في إشراقها , ولعي أورد شيئاًً مما نطق به عقلاء القوم في مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته وسطرته أيديهم راغبين غير راهبين , مختارين غير مكرهين - ونحن إذ نورد شيئاً من كلامهم لا نورده حاجةً منا إليهم لتزكية المقام المحمدي فقد زكاه ربه وطهره ونقَّاه , وإنما نورد ذلك من باب ( وشهد شاهد من أهلها ) , ونورده – تنزلاً – مع مفتونٍ لا يقرأ إلا بالعجمية ولا يفهم إلا لغة أهلها؟! نخاطبه بلغته التي أعجب بها وهام في حبها - ..
يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النبيّ " : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".
ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" : إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
وأخيراً : ما هو دورنا ؟
إن على كل مؤمن يحب الله ورسول صلى الله عليه وسلم ويغار لدينه أن ينتصر لرسوله وأن يقدم كل ما في وسعه لرد هذه الهجمة الشرسة . على الدول الإسلامية أن تهب لنصرة نبيها وأن تستنكر ذلك أشد الاستنكار وأن ترفع عقيرتها بالاستنكار والتنديد والمطالبة الجادة وذلك في المؤتمرات والمحافل العامة رعاية لحق من أهم حقوقها. وعلى المؤسسات أن تقوم بدورها من خلال كتابة بينات تستنكر فيه هذا الفعل المشين وتطالب بمحاكمة هذه المجلات , رداً لاعتبار أكثر من مليار وأربعمئة مليون مسلم ! , ثم على المؤسسات والصحف والمجلات والمواقع الإسلامية أن تكتب رداً على هذه الافتراءات,وأن تسطر على صفحاتها- بقلم يسيل عطراً- شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وأن تبين الدور العظيم الذي قام به صلى الله عليه وسلم لإنقاذ البشرية وأنه أُرسل( رحمة للعالمين ) وهداية للناس أجمعين .
لقد أحزنني كثير يوم دخلت على عدد من المواقع الإسلامية وكنت أتصور أن أجد فيها تفاعلاً يناسب ضخامة الحدث وعظم الهجمة , فرأيت أقل مما كنت أرجوه , بل إن قلت أن عدداً من المواقع لم تعرض للخبر أصلا ؟! وهذا أمر يحزن ويزيد من جرأة المعتدين ...
ولعي أختم الحديث بذكر قصيدة للشيخ جمال الدين الصرصري والذي قال عنه ابن كثير : الصرصري المادح , الماهر , ذو المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , يشبه في عصره بحسان بن ثابت رضي الله عنه . يقول:
محمد المبعوث للناس رحمةً *** يشيِّد ما أوهى الضلال ويصلح
لئن سبَّحت صُمُّ الجبال مجيبةً *** لداود أو لان الحديد المصفح
فإن الصخور الصمَّ لانت بكفه *** وإن الحصا في كفه ليُسَبِّح
وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا *** فمن كفه قد أصبح الماء يَطفح
وإن كانت الريح الرُّخاءُ مطيعةً *** سليمان لا تألو تروح وتسرح
فإن الصبا كانت لنصر نبينا *** ورعبُ على شهر به الخصم يكلح
وإن أوتي الملكَ العظيم وسخِّرت *** له الجن تسعى في رضاه وتكدح
فإن مفاتيح الكنوز بأسرها *** أتته فرَدَّ الزاهد المترجِّح
وإن كان إبراهيم أُعطي خُلةً *** وموسى بتكليم على الطور يُمنح
فهذا حبيب بل خليل مكلَّم *** وخصِّص بالرؤيا وبالحق أشرح
وخصص بالحوض الرَّواء وباللِّوا *** ويشفع للعاصين والنار تَلْفح
وبالمقعد الأعلى المقرَّب ناله *** عطاءً لعينيه أَقرُّ وأفرح
وبالرتبة العليا الوسيلة دونها *** مراتب أرباب المواهب تَلمح
ولَهْوَ إلى الجنات أولُ داخلٍ *** له بابها قبل الخلائق يُفْتَح
هذا وأسأل الله أن يعلي دينه وينصر كتابه
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وأله وصحبه أجمعين .
eedd@gawab.com
===================
إنا كفيناك المستهزئين
لقد تكفل الله بحفظ نبيه {، وحماية جنابه من أذى المشركين ومكرالمنافقين، وعصمه من كل شر وسوء، وحفظَ شريعته، قال تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين ( 67 ) {المائدة: 67} وقال : أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد 36 {الزمر: 36}. ومن آذى رسول الله { فقد لعنه الله في الدنيا والآخرة، وتوعده بالعذاب المهين، قال تعالى: إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا 57 {الأحزاب: 57}. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومن سنة الله أن من لم يتمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله، فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ... وكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره). وقال: (وقد ذكرنا ما جرّبه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرّضوا لسب رسول الله {، وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة، وهذا باب واسعٌ لا يُحاطُ بِهِ) ( الصارم المسلول ص 144 ) .وعندما أمره بالصدع بالدعوة كفاه كل المستهزئين فقال فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين 94 إنا كفيناك المستهزئين 95 {الحجر: 94، 95}.
وقد مر المسلمون في هذه الأيام بابتلاء يتمثل في تلك الهجمة القبيحة من صحافة أعداء الدين، للنيل من خير سيد المرسلين، وقد بانت في هذه الحادثة ثلاث طوائف :
الأولى: أهل الحق والإتباع من المؤمنين، فقد وقفوا وقفة حق وإيمان ومحبة، ونصروا رسولهم {.
والثانية: المخَذِّلون من المنافقين، الذين أخذوا في إيجاد المعاذير لفعل الكافرين، بل وتهكموا من ردة فعل الغيورين، وأنه يجب الرضا بحرية الرأي كذا زعموا !؟
الثالثة : النصارى وما أظهروه من كراهية لهذا الدين، من تعمد السخرية والاستهزاء، غير عابئين بمشاعر المسلمين، وهذا غيض مما يخفونه، ولو تنقص أحد اليهود مثلاً لقامت ثائرتهم أجمعين واتهموه بمعادات السامية !! وهذا يدفع لضرورة تأصيل عقيدة الولاء والبراء ونشرها في صفوف المسلمين .
نسأل الله أن يجعلنا من أنصار الهادي الأمين، وممن ينال
شفاعته يوم الدين.
---------------
1. كيف انتقم الله من الذين سبوا الرسول صلى الله عليه وسلم عبر التاريخ؟!
بقلم: د. عادل باناعمة.
قصة كسرى وقيصر المشهورة مع النبي صلى الله عليه وسلم جديرة بالتأمل، فقد كتب إليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فامتنع كلاهما من الإسلام، لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأكرم رسوله، فثبت الله ملكه، وكسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتله الله بعد قليل، ومزق ملكه كل ممزق، ولم يبق للأكاسرة ملك. (الصارم المسلول: 144)
وكان من أثر ذلك ما ذكره السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيمًا له، وهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة، ثم كان عند سبطه، فحدثني بعض أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب، فلما رآه استعبر، وسال أن يمكنه من تقبيله فامتنع، ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب، فأخرج منه مقلمة ذهب، فأخرج منها كتابًا قد زالت أكثر حروفه، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير، فقال: هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا.
وإليكم هذا الخبر العجيب!
كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام، فقال ابنه عتبة: والله لأنطلقن إلى محمد ولأوذينّه في ربه سبحانه وتعالى، فانطلق حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد (هو يكفر) بالذي دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك".
ثم انصرف عنه، فرجع إلى أبيه فقال: يا بني ما قلت له؟ فذكر له ما قاله، فقال: فما قال لك؟ قال: قال: "اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك". قال: يا بني، والله ما آمن عليك دعاءه!
فساروا حتى نزلوا بالشراة وهي أرضٌ كثيرة الأسد، فقال: أبو لهب إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي، وإن هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة وافرشوا لابني عليها ثم افرشوا حولها، ففعلنا، فجاء الأسد فشمَّ وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة، فإذا هو فوق المتاع فشمَّ وجهه ثم هزمه هزمة ففسخ رأسه!! فقال أبو لهب: قد عرفت أنه لا يتفلت من دعوة محمد!! (تفسير ابن كثير).(8/51)
وذكر الكتانيّ في ذيل مولد العلماء (1/139) أنه ظهر في زمن الحاكم رجلٌ سمّى نفسه هادي المستجيبين، وكانوا يدعون إلى عبادة الحاكم، وحُكيَ عنه أنّه سبَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصفح، فلما ورد مكة شكاه أهلها إلى أميرها، فدافع عنه، واعتذر بتوبته، فقالوا: مثل هذا لا توبة له! فأبى، فاجتمع الناس عند الكعبة وضجوا إلى الله، فأرسل الله ريحًا سوداء حتى أظلمت الدنيا، ثم تجلت الظلمة وصار على الكعبة فوق استارها كهيئة الترس الأبيض له نور كنور الشمس، فلم يزل كذلك ترى ليلاً ونهارًا، فلما رأى أمير مكة ذلك أمر بـ"هادي المستجيبين" فضرب عنقه وصلبَه.
وذكر القاضي عياض في الشفا (2/218) قصة عجيبة لساخر بالنبي صلى الله عليه وسلم! وذلك أن فقهاء القيروان وأصحابَ سحنون أفتوا بقتل إبراهيم الفزاري وكان شاعرًا متفننًا في كثير من العلوم، وكان يستهزئ بالله وأنبيائه ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأمر القاضي حيى بن عمر بقتله وصلبه، فطُعن بالسكين وصُلب مُنكسًا، وحكى بعضُ المؤرخين أنه لما رُقعت خشبته، وزالت عنها الأيدي استدارت وحوَّلته عن القبلة فكان آيةً للجميع، وكبر الناسُ، وجاء كلبٌ فولغ في دمه!!
وحكى الشيخ العلامة أحمد شاكر أن خطيبًا فصيحًا مفوهًا أراد أن يثني على أحد كبار المسؤولين لأنه احتفى بطه حسين فلم يجد إلا التعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال في خطبته: جاءه الأعمى فما عبس وما تولى!!
قال الشيخ أحمدُ: ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي ـ بعد بضع سنين، وبعد أن كان عاليًا منتفخًا، مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء ـ رأيته مهينًا ذليلاً، خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار!!
وذكروا أن رجلاً ذهب لنيل الشهادة العليا من جامعة غربية، وكانت رسالتُهُ متعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكان مشرفه شانئًا حانقًا، فأبى أن يمنحه الدرجة حتى يضمن رسالته انتقاصًا للمصطفى صلى الله عليه وسلم، فضعفت نفسه، وآثر الأولى على الآخرة. فلما حاز شهادته ورجع إلى دياره فجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مفاجئ.
لا إله إلا الله.
صدق الله.. {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ}.
وليعلم أن كفاية الله لنبيه ممن استهزأ به أو آذاه ليست مقصورة على إهلاك هذا المعتدي بقارعة أو نازلة.
بل صور هذه الكفاية والحماية متنوعة متعددة..
فقد يكفيه الله عز وجل بأن يسلط على هذا المستهزئ المعتدي رجلاً من المؤمنين يثأر لنبيه صلى الله عليه وسلم، كما حصل في قصة كعب بن الأشرف اليهودي الذي كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، واليهودية التي كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم فخنقها رجل حتى ماتت (أبو داود) وأم الولد التي قتلها سيدها الأعمى لما شتمت النبي صلى الله عليه وسلم (أبو داود)، وأبي جهل إذ قتله معاذ ومعوذ لأنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخطْمية التي هجت النبي صلى الله عليه وسلم فانتدب لها رجل من قومها (الصارم المسلول 95)، وأبي عَفَك اليهودي الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم فاقتصه سالم ابن عمير (الصارم المسلول 102)، وأنس بن زُنَيم الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم فشجه غلام من خزاعه (الصارم المسلول 103)، وسلام ابن أبي الحقيق إذ ثأر للنبي صلى الله عليه وسلم منه عبد الله بن عتيك وصحبه (الصارم المسلول 135).
ولعل أغرب وأعجب وأطرف ما وقفت عليه في هذا الباب ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلفه المشهور (الصارم المسلول على شاتم الرسول) (ص: 134)، قال رحمه الله: وقد ذكروا أن الجن الذين آمنوا به، كانت تقصد من سبه من الجن الكفار فتقتله، فيقرها على ذلك، ويشكر لها ذلك!
ونقل عن أصحاب المغازي أن هاتفًا هتف على جبل أبي قبيس بشعر فيه تعريض بالنبي صلى الله عليه وسلم، فما مرت ثلاثة ايام حتى هتف هاتف على الجبل يقول:
نحن قتلنا في ثلاث مسعرا إذ سفه الحق وسن المنكرا
قنّعتُهُ سيفًا حسامًا مبترا بشتمه نبينا المطهرا
ومسعر ـ كما في الخبر ـ اسم الجني الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن صور كلاءة الله لنبيه ممن تعرض له بالأذى أن يحول بين المعتدي وبين ما أراد بخوف يقذفه في قلبه، أو ملك يمنعه مما أراد.. وقد روي أن غورث بن الحرث قال لأقتلن محمدًا، فقال له أصحابه، كيف تقتله؟ قال: أقول له أعطني سيفك، فإذا أعطانيه قتلته به. فأتاه فقال: يا محمد أعطني سيفك أشمّه، فأعطاه إياه فرعدت يده، فسقط السيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حال الله بينك وبين ما تريد" (الدر المنثور 3/119).(8/52)
ومثل ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسيره (4/530) من أن أبا جهل قال لقومه: واللات والعزى لئن رأيت محمدًا يصلي لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته، فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه! فقيل: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقًا من نار وهولاً وأجنحة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا".
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجالاً من قريش اجتمعوا في الحجر، ثم تعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ونائلة وإساف أن لو قد رأوا محمدًا لقد قمنا إليه مقام رجل واحد فقتلناه قبل أن نفارقه، فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: هؤلاء الملأ من قومك لقد تعاهدوا لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل واحد إلا قد عرف نصيبه من دمك. فقال: "يا بنية آتيني بوضوء"، فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: هاهو ذا، وخفضوا أبصارهمن وسقطت أذقانهم في صدورهم، فلم يرفعوا إليه بصرًا، ولم يقم منهم إليه رجل، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، وأخذ قبضة من التراب ثم قال: "شاهت الوجوه"، ثم حصبهم بها فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصا حصاةٌ إلى قتل يوم بدر كافرًا. (دلائل النبوة 1/65).
لا إله إلا الله..
صدق الله.. {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ}.
ومن صور حماية الله لنبيه، وكفايته إياه استهزاء المستهزئين أن يصرف الشتيمة والذم والاستهزاء إلى غيره.. فإذا بالشاتم يريد أن يشتمه فيشتم غيره من حيث لا يشعر!!
قال صلى الله عليه وسلم: "ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذممًا، ويلعنون مذممًا، وأنا محمدٌ"! (البخاري)، قال ابن حجر (الفتح 6/558): كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسم الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده فيقولون: مذمم، وإذا ذكروه بسوء قالوا: فعل الله بمذمم. ومذمم ليس اسمه، ولا يعرف به، فكان الذي يقع منهم مصروفًا إلى غيره!
لا إله إلا الله..
صدق الله.. {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ}.
ومن صور الحماية الربانية أن يغير الله السنن الكونية صيانة لنبيه صلى الله عليه وسلم ورعاية له.
وشاهد ذلك قصة الشاه المسمومة، فهذه زينب بنت الحارث جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم، بشاة مشوية دست فيها سمًا كثيرًا، فلما لاك النبي صلى الله عليه وسلم منها مضغة لم يسغها، وقال: "عن هذا العظم يخبرني أنه مسموم"! ثم دعا باليهودية فاعترفت.
فانظر كيف خرم الله السنن الكونية من جهتين:
أولاهما: أنه لم يتأثر صلى الله عليه وسلم بالسم الذي لاكه.
وثانيتهما: أن الله أنطقَ العظم فأخبره عليه الصلاة والسلام بما فيه.
ومن صور الكفاية الربانية لنبي الهدى صلى الله عليه وسلم ممن آذاه أن يقذف الله في قلب هذا المؤذي المعتدي الإسلام، فيؤوب ويتوب، حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من ماله وولده ووالده والناس أجمعين!!
ومن أعجب الأمثلة في ذلك قصة أبي سفيان بن الحارث أخي النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع، وكان يألف النبي صلى الله عليه وسلم أيام الصبا وكان له تربًا، فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم عاداه أبو سفيان عداوةً لم يعادها أحدًا قط، وهجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجا أصحابه.. ثم شاء الله أن يكفي رسوله صلى الله عليه وسلم لسان أبي سفيان وهجاءه، لا بإهلاكه وإنما بهدايته!! قال أبو سفيان عن نفسه: ثم إن الله ألقى في قلبي الإسلام، فسرت وزوجي وولدي حتى نزلنا بالأبواء، فتنكرت وخرجت حتى صرت تلقاء وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ملأ عينيه مني أعرض عنّي بوجهه إلى الناحية الأخرى، فتحولت إلى ناحية وجهه الأخرى.
قالوا: فما زال أبو سفيان يتبعُهُ، لا ينزلُ منزلاً إلا وهو على بابه ومع ابني جعفر وهو لا يكلمه، حتى قال أبو سفيان: والله ليأذنن لي رسول له أو لآخذن بيد ابني هذا حتى نموت عطشًا أو جوعًا، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما فدخلا عليه. (انظر سيرة ابن هشام 4/41). فسبحان من حوّل العداوة الماحقة إلى حب وتذلل، وملازمة للباب طلبًا للرضا!!
لا إله إلا الله..
صدق الله.. {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ
-------------
2. وللكافرين أمثالها(8/53)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك،ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه.
وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل الغرب – يعني المغرب-
حالهم مع النصارى كذلك، ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده
وتارة بأيدي عباده المؤمنين" انتهى.
الصارم المسلول ص 116-117
-------------
3. عاقبة القرطاء البكريين.. استهزءوا بكتاب رسول الله فأصابهم العته
بعث الرسول إلى القرطاء البكريين وهم حي في نجد يدعوهم للإسلام بكتاب، فاستهزءوا به وبكتابه، وأخذوا الكتاب الذي يدعوهم للتوحيد وغسلوه من حبر الكتابة ثم رقعوا به دلو لهم مخروم وضحكوا من الكتاب وسخروا من الرسول، فما الذي جرى لهذا الحي كله، كل من شرب من هذا الدلو المرقوع بخطاب النبي أخذته رعدة وعجلة واختلاط في كلامه واعوج لسانه وأصبحوا أهل سفه وخفة لا يحسنون الكلام ولا يفهموه من يسمعه واستمر ذلك حتى في نسلهم.
وإذا ما أتتهم من محمد آية محوها بماء البئر فهي عصير
وأعرضوا عن الحق بعد بيانه سفاهة منهم فكان الكلام عسير
-------------
4. عاقبة الصليبى الشهير أرناط أمير الكرك
يعتبر الأمير الصليبي "رينالد دي شاتيون" المشهور في المراجع العربية باسم "أرناط"، من أشد الصليبيين عداوة وغدراً وحقداً على الإسلام والمسلمين، قضى حياته كلها في محاربة المسلمين تديناً منه، ووقع في الأسر عدة مرات، ويفتدى نفسه ليخرج لمحاربة المسلمين مرة أخرى، وكان أميراً على حصن الكرك وكان دائم الإغارة على قوافل المسلمين، وذات مرة هاجم أرناط قافلة حجاج مسلمين فقتلهم وسرق متاعهم وأثناء اقترافه هذه الجريمة الشنيعة أخذ في سب النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول للمسلمين "أين محمدكم لينقذكم؟".
وقد فكر هذا الخنزير الأحمق في الهجوم على مكة والمدينة النبوية وأعد أسطولاً لذلك وقام بغارات مجرمة على قوافل الحجيج، فأقسم "صلاح الدين" على أن يقتل هذا الكلب بيده إذا ظفر بيده، وجاء يوم الوفاء يوم "حطين" العظيم سنة 583 هجرية، حيث وقع هذا الكلب في الأسر، وقال صلاح الدين بعزة المؤمن المدافع عن نبيه وأمته: أنا أنوب عن الأمة في الانتصار لرسولها ثم ضرب عنق أرناط بسيفه فأطارها وأطار معها أفئدة باقي الأسرى الصليبيين .
-------------
5.عاقبة أحمد القادياني (النجاسة تخرج من فمه عند موته)
هذا الدجال الكاذب المحتال الذي ادعى النبوة غلام أحمد ميرزا القادياني، العميل الإنجليزي الذي تم تجنيده لإفساد عقائد المسلمين، كان هذا الدجال يفضل نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول عن نفسه :
له خسف القمر المنير وإن لي غسا القمران المشرقان أتنكر
ويرفع نفسه فوق النبي صلى الله عليه وسلم ويقول إنه أكمل وأعظم من الرسول صلى الله عليه وسلم، فهلك هذا الدجال بالطاعون وجاءه أجله المقدور في بيت النجاسات وهو يقضي حاجته، وكانت النجاسة تخرج من فيه قبل موته وذلك في 26 مايو 1908 ميلادية .
والقائمة طويلة والمصير المحتوم ينتظر كل طاعن ومستهزئ وإن تخلفت الأمة عن نصرة نبيها فالكون كله لنبيه سينتصر،وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
--------------
6.عاقبة كسرى ملك الفرس (يمزق خطاب النبي فيتمزق ملكه)
وهو كبير الفرس المجوسي الذي كان يعتقد أنه إله البشر وسيدهم، يأتيه خطاب من الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوه للإسلام، مع عبد الله بن حذافة السهمي فبمجرد أن يسمع أن الرسول قد بدأ الخطاب باسمه قبل اسم كسرى، فيمزق الكتاب ويقول بكبر مجوسي بغيض عبد من عبادي يبدأ كتابه بنفسه قبلي، ويطرد السفير، فلما وصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: [مزق ملكه]، فيعدو على كسرى أقرب الناس إليه "شيرويه" ابنه الكبير فيقتله، ثم ما يلبث أن يُقتل هو، ثم يقُتل من قتله، وحتى تمزق ملك كسرى حتى أخذه المسلمون وفتحوا بلاده كلها في عهد الراشدين .
وكسرى إذ تقاسمه بنوه بأسياف كما اقتسم اللحام
تمخضت المنون له بيوم أتى ولكل حاملة تمام
--------------
7. عاقبة عبد الله بن قمئة (التيس ينتصر لرسول الله)(8/54)
وهو المشرك العنيد الذي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرحه في غزوة أحد وهو يقول "خذها منى وأنا ابن قمئة" فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم [أقمأك الله] أي قطعك الله، فلما عاد لأهله بعد الغزوة خرج إلى غنمه ليرعاها فوافاها على ذروة جبل شامخ فشد عليه تيس فنطحه نطحة أرداه بها من شاهق الجبل فسقط أسفله متقطعا. وسبحان الله مشرك حقير لا يليق بقتله إلا تيس الغنم!!
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَمِئَةَ ، رَمَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَجَرٍ يَوْمَ أُحُدٍ فَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ ، وَكَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ وَقَالَ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ قَمِئَةُ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ مِنْ وَجْهِهِ : " مَا لَكَ ؟ أَقْمَأَكَ اللَّهُ " . فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ تَيْسَ جَبَلٍ فَلَمْ يَزَلْ يَنْطِحُهُ حَتَّى قَطَّعَهُ قِطْعَةً قِطْعَةً *رواه الطبراني في الشاميين برقم ( 440و3360) وفي المعجم الكبير برقم (7477)
---------------
8. عاقبة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس (صاعقة السماء تحرق المتآمرين)
كان عامر بن الطفيل شيطان نجد الذي غدر بأصحاب بئر معونة ومعه شيطان مثله هو أربد بن قيس، قد اتفقا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم غدراً وغيلة، بحيث يشغل عامر بن الطفيل بالحديث ويأتي أربد بن قيس من خلفه ويطعنه بالخنجر، ولكن الله عز وجل حبس يد أربد وشلها، ونجا الله رسوله من غدر الكافرين، وفى طريق عودتهما أرسل الله على أربد بن قيس وجمله الذى يركبه صاعقة من السماء فأحرقته، أما عامر بن الطفيل فأصيب بغدة في عنقه فصار يخور مثل البعير المنحور حتى هلك.
----------------
9.عاقبة عقبة بن أبي معيط (وضع رجله على عنق النبي فقطعت عنقه)
هو أشقى المشركين قاطبة والذي تجرأ على فعلة لم يجرؤ عليها ولا حتى أبا جهل، حيث جاء والرسول ساجد خلف المقام بالكعبة فوضع رجله على عنق الرسول وغمزها فما رفعها حتى كادت تخرج عينا الرسول من مكانها، ثم جاء مرة أخرى بسلا شاة فألقاه على كتف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فجاءت فاطمة فطرحته عن كتف أبيها.
فتكون عاقبته أن يقع أسيراً في غزوة بدر ويؤخذ من بين الأسرى وتضرب عنقه ثم يلقى في قليب بدر العفن، وهكذا جزاء من سولت له نفسه وضع قدمه على العنق المبارك الشريف تقطع عنقه ويلقى في المزابل.
------------------
10. عاقبة المستهزئ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم (رجل يلد مثل المرأة)!!
روى ابن كثير في تاريخه وابن خلكان في تراجمه في أحداث سنة 665 هجرية، أن رجلاً من أهل بصرى اسمه "أبو سلامة" كان فيه مجون واستهتار واستهزاء بكل شيء، فذكر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال: "والله لا أستاك إلا في المخرج يعنى دبره، ثم أخذ سواكاً فوضعه في مخرجه ثم أخرجه، فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو ألم البطن ثم وضع ولداً على صفة الجرذان له أربع قوائم ورأسه كرأس السمكة وله أربعة أنياب بارزة وذنب طويل، ولما وضعه صاح هذا الحيوان ثلاث صيحات فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأس الحيوان فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه هذا المسخ يومين ومات في الثالث وهو يقول "هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي"
-----------------
11.عاقبة شاتم الرسول (القربان الصليبي)
أثناء الحملة الصليبية السادسة على دمياط سنة 615 هجرية، وبعد أن احتل الصليبيون دمياط وأقام الأمير الأيوبي محمد الكامل معسكره في المنصورة قبالة دمياط لمقاومة العدوان الصليبي، كان كل يوم يخرج كلب صليبي ويقف قبالة المعسكر الإسلامي ثم يبدأ في سب النبي صلى الله عليه وسلم بأقذع الشتائم والسباب، وظل يفعل ذلك كل يوم، وكان الأمير محمد يود أن يأسر هذا الصليبي الحاقد وقد حفر شكله في ذاكرته ومخيلته، ولما انتهت الحملة الصليبية بالفشل سنة 618 هجرية، عاد الصليبيون إلى بلادهم، ولكن هذا الكلب الصليبي الحاقد لم يرجع بل توجه إلى الشام لمحاربة المسلمين هناك وذلك من شدة عداوته للإسلام والمسلمين، وهناك يقع في الأسر ويعرفه الأمير محمد الكامل فيأخذه من بين الأسرى ويرسل به إلى المدينة النبوية، لينحر أمام الحجرة الشريفة يوم الجمعة وذلك سنة 625 هجرية، جزاءً له على سبه للرسول صلى الله عليه وسلم .
------------------
12. انتقص النبي تزلفًا لنصراني فأهلك الله أهله وأولاده!!
فهذا أحدهم ذهب لنيل شهادة الدكتوراه خارج بلده ، فلما أتم دراسته وكانت تتعلق بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، طلب منه أستاذه من النصارى أن يسجل في رسالته ما فيه انتقاص للنبي عليه الصلاة والسلام وتعريض له ، فتردد الرجل بين القبول والرفض ، فأختار دنياه على آخرته، وأجابه إلى ما أراد طمعاً في تلك الشهادة ، فما أن عاد إلى بلده حتى فوجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مروع ، ولعذاب الآخرة أشد وأنكى.
------------------(8/55)
13.عاقبة عتبة بن أبي لهب الأسود تنتصر لرسول الله
هو الكافر بن الكافر الذي تجرأ وتفل في وجه النبي صلى الله عليه وسلم وطلق ابنته وأذاه أشد الإيذاء وذلك قبل أن يخرج إلى الشام للتجارة، فدعا النبي فقال (اللهم سلط عليه كلباً من كلابك) فلما ذهب للشام خاف أبوه أبو لهب من دعوة النبي، فأنزل ولده في صومعة راهب وجعل فراشه الذي ينام عليه خلف المتاع ليكون بمثابة الستار له، وأين الفرار من المصير المحتوم لكل من أذى رسول الله، فناموا وجاء أسد بالليل يسعى فطاف على كل النائمين يشمهم ثم يعرض عنهم لأنه قد جاء لمهمة محددة، حتى وثب فوق المتاع وشم وجه اللعين فضربه ضربة قاتله ثم أخذه يجره من رأسه وذهب به بعيداً ليأكله ، وانظر كيف أخذه من وجهه لأنه تفل في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يأخذه من يديه أو رجليه إنما من وجهه الذي تجرأ به على النبي .
من يرجع العام إلى أهله فما أكيل السبع بالراجع
-------------------
14. إمام عرض بالنبي فأصبح حارس الأحذية!!
ذكر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله عن والده محمد شاكر ، وكيل الأزهر في مصر سابقاً ، أن خطيباً مفوها فصيحا كان يمدح أحد الأمراء في مصر عندما أكرم طاه حسين الذي كان يطعن في القرآن وفي العربية ، فلما جاء طاه حسين إلى ذلك الأمير قام هذا الخطيب المفوه يمدح ذلك الأمير قائلا له:
جاءه الأعمى فما عبس بوجه وما تولى
وهو يقصد من شعره هذا إساءة النبي عليه الصلاة والسلام ، لأن الله قال عن قصته عليه الصلاة والسلام مع أبن أم مكتوم " عبس وتولى أن جاءه الأعمى " فلما صلى الخطيب بالناس قام الشيخ محمد شاكر والد الشيخ أحمد شاكر رحمهما الله ، وقال للناس : أعيدوا صلاتكم فإن إمامكم قد كفر، لأنه تكلم بكلمة الكفر، قال الشيخ أحمد شاكر: ولم يدع الله لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى ، فأقسم بالله أنه رآه بعينه بعد بعض سنين ، بعد أن كان عالياً منتفخاً مستعزاً ، مهيناً ذليلاً خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة ، يتلقى نعال المصلين ليحفظها في ذلة وصغار.
-------------------
15. عاقبة المرتد المستهزئ بالرسول الأرض تلفظه من بطنها
أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما بألفاظ متقاربة عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا . فَأَلْقُوهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ . فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا ، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ
وهكذا الأرض تقول للرسول صلى الله عليه وسلم سمعاً وطاعة، فلا مكان في بطني لمن استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم .
-------------------
16.عاقبة المحاكي الساخر بأفعال الرسول
أخرج البيهقي بسنده في دلائل النبوة ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ فُلانٌ فُلانٌ يَجْلِسُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَإِذَا تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ اخْتَلَجَ وَجْهُهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : كُنْ كَذَلِكَ ، فَلَمْ يَزَلْ يُخْتَلِجُ حَتَّى مَاتَ ،
------------------
17. عاقبة المتكبر على النبي صلى الله عليه وسلم : (الشلل السريع)
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع قال: [أكل رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كل بيمينك قال لا أستطيع "قالها كبراً وترفعًا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا استطعت، فما رفعها إلى فيه]
--------------------
18. عاقبة أبى جهل : (الأطفال تنتصر لرسول الله)
أبو جهل هو فرعون هذه الأمة وأكثرها معاندة ومحاربة للرسول وأكثرهم طعناً وشتماً وسباً للرسول صلى الله عليه وسلم، قضى حياته كلها في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف كانت نهايته؟(8/56)
في غزوة بدر يروى لنا "عبد الرحمن بن عوف" كيف تم ذلك فيقول: [إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أظلع منهما، يقصد أقوى منهما، فغمزني أحدهما فقال يا عم أتعرف أبا جهل ؟ فقلت نعم وما حاجتك إليه ؟ قال : أخبرت أنه يسب رسول الله والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال لي أيضا مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس فقلت: ألا تريان ؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه وهما ابنا عفراء] وهكذا ينتصر الأطفال ممن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا يكون مصرع هذا الفرعون المتكبر على يد أطفال صغار .
*******************
الفهرس العام
الباب الثامن – شبهات وردود ... 1
(1) زواج الرسول صلى الله عليه وسلم ... 1
(2) حول عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف القرآن من العصمة ... 4
(3) دعوى: خلو الكتب السابقة من البشارة برسول الإسلام ... 7
(4) قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم زناة من أصحاب الجحيم! ... 28
(5) مات النبي صلى الله عليه وسلم بالسم ... 32
(6) تعدد زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم ... 33
(7) محاولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الانتحار ... 45
(8) ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عادية ... 47
(9) يحتاج محمد صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة عليه ... 49
(10) محمد صلى الله عليه وسلم أُمّي فكيف علّم القرآن؟! ... 51
(11) تعلّم محمد صلى الله عليه وسلم من غيره ... 52
(12) محمد صلى الله عليه وسلم يُعظّم الحجر الأسود ... 54
(13) كاد محمد صلى الله عليه وسلم أن يفتن ... 55
(14) قَاتَلَ محمد صلى الله عليه وسلم في الشهر الحرام ... 56
(15) محمد صلى الله عليه وسلم مذنب كما في القرآن ... 57
(16) محمد صلى الله عليه وسلم يحرّم ما أحل الله ... 59
(17) الشيطان يوحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم ... 60
(18) عصمة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ... 63
(19) عصمة الرسول – صلى الله عليه وسلم ... 65
(20) شبهةٌ تعري النبي صلى الله عليه وسلم أثناء بناءِ الكعبةِ ... 67
(21) الرد على شبهة أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل طعامًا ذبح على الصنم والنصب ... 70
(22)شبهة حول زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش والرد عليها ... 75
(23) علة كثرة زواج النبي صلى الله عليه وسلم ... 84
(24) شبهات وتهم ضد مقام النبوة ... 86
(25) الآثار النبوية ... 96
(26) الرد على شبهة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالدنيا والغنائم ... 97
(27) مشكلة الفكر الغربي مع نبي الإسلام صلى الله عليه و سلم ... 100
(28) الإساءة إلى الإسلام في الغرب.. حرية تعبير أم وجدان صليبي ... 111
د. محمد مورو ... 111
الباب التاسع- مواضيع المتطاولون وعاقبتهم ... 115
1. كيف انتقم الله من الذين سبوا الرسول صلى الله عليه وسلم عبر التاريخ؟! ... 115
بقلم: د. عادل باناعمة. ... 115
2. وللكافرين أمثالها ... 120
3. عاقبة القرطاء البكريين.. استهزءوا بكتاب رسول الله فأصابهم العته ... 121
4. عاقبة الصليبى الشهير أرناط أمير الكرك ... 121
5.عاقبة أحمد القادياني (النجاسة تخرج من فمه عند موته) ... 122
6.عاقبة كسرى ملك الفرس (يمزق خطاب النبي فيتمزق ملكه) ... 122
7. عاقبة عبد الله بن قمئة (التيس ينتصر لرسول الله) ... 123
8. عاقبة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس (صاعقة السماء تحرق المتآمرين) ... 123
9.عاقبة عقبة بن أبي معيط (وضع رجله على عنق النبي فقطعت عنقه) ... 123
10. عاقبة المستهزئ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم (رجل يلد مثل المرأة)!! ... 124
11.عاقبة شاتم الرسول (القربان الصليبي) ... 124
12. انتقص النبي تزلفًا لنصراني فأهلك الله أهله وأولاده!! ... 125
13.عاقبة عتبة بن أبي لهب الأسود تنتصر لرسول الله ... 125
14. إمام عرض بالنبي فأصبح حارس الأحذية!! ... 125
15. عاقبة المرتد المستهزئ بالرسول الأرض تلفظه من بطنها ... 126
16.عاقبة المحاكي الساخر بأفعال الرسول ... 126
17. عاقبة المتكبر على النبي صلى الله عليه وسلم : (الشلل السريع) ... 127
18. عاقبة أبى جهل : (الأطفال تنتصر لرسول الله) ... 127
الفهرس العام ... 128(8/57)
فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم وحقوقه (6))
الباب العاشر – ما قيل فيه من شعر صلى الله عليه وسلم
مقدمة
النبيُّ العظيم بين حِقْدِ أعْدائه وحبِّ أبنائه
د.عدنان علي رضا النحوي
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً ) [ الأحزاب : 57 ]
لقد اعتاد المجرمون في الأرض أن يحاربوا الحق والهدى بوسائل شتَّى . والهجوم على رسول الله وعلى الإسلام تاريخ طويل ابتدأ به كفار قريش ، وكان آخره ما حدث في الدنمارك حين نشرت إحدى صحفها صوراً مسيئة للرسول محمد ، وما تلا ذلك من أحداث كشفت حقيقة الحقد الدفين . ولكن مهما بذل المجرمون في هذا السبيل فإنه لا يُنقص من المنزلة العالية لمحمد عند الله وعند المؤمنين . وقد توعد الله المستهزئين ، وذلك بقوله سبحانه وتعالى :
( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ ) [ الحجر:95 ]
فقد كان نفر من قريش يستهزئون برسول الله فأهلكهم الله جميعاً ، وكذلك في الآية المذكورة أعلاه :
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً ) [ الأحزاب : 57 ]
وعيد شديد يُنْزِل الله به عليهم اللعنة في الدنيا والآخرة ويعدُّ لهم عذاباً مهيناً، وكذلك آيات أخرى في هذا الصدد .
وحَسْبُ الرسول المصطفى أنْ مدحه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وأعلى ذكره في الأرض والسماء أبد الدهر ، ثناءً لم ينله أحد من خلقه . وتدافع الشعراء والمؤمنون يمدحون رسول الله مديحاً امتدَّ من حياة الرسول الكريم إلى يومنا هذا ، وما اجتمع لأحد من خلق الله أن ينال هذا المديح الممتد ولا جزءاً منه ، مديحاً أفرغ فيه المؤمنون شديد إيمانهم وعظيم حبِّهم وروائع بيانهم ، لتظلَّ أنشودة الدهر ، ولآلئ البيان .
ولعلَّ أول من بدأ بمدح رسول الله من الشعراء الأعشى الكبير ميمون ابن قيس في قصيدته التي مطلعها :
ألم تَغْتمِضْ عيناك ليلة أرمدا وعادك ما عاد السليم المسهَّدا
وقصيدة كعب بن زهير رضي الله عنه حين تاب واعتذر وألقى بين يدي رسول الله قصيدته الرائعة :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ مُتيمّ إثرها لم يُفْدَ مكبول
وأنا أعدُّ هذه القصيدة من روائع الأدب العالمي . واندفع بعض الصحابة الشعراء رضي الله عنهم يمدحون رسول الله يدافعون عنه أمام هجوم قريش كعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين . ولكن حسان بن ثابت كان أطولهم باعاً وأشدهم إيذاءً لقريش وشعرائها . وإنا لنجد في وصف أم معبد التي مسح رسول الله ضرع شاة خلَّفها الجهد ، فدرَّت لبناً روي منه الرسول وأبو بكر رضي الله عنه والذين معه ، نجد في وصفها لرسول الله قطعة أدبيَّة عالية ، تقول فيها :
" رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق .... ، إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلَّم سماه وعلاه البهاء ...." هذا البيان الرائع دفعه التأثَّر الصادق العميق حين رأت وجه النبوَّة دون أن تعرفه .
وتوالى الشعراء على مرِّ العصور يدفعون لآلئ قرائحهم وغنيّ بيانهم في مديح سيّد الخلق ، حتى لا يكاد يخلو عصر من أحد منهم . وقد جمع الشيخ يوسف سعيد النبهاني المتوفى سنة 1350ه كلَّ ما قيل في مدح الرسول الكريم في " المجموعة النبهانية ، في المدائح النبوية " في أربع مجلدات تضمُّ أكثر من ألف وخمسمائة صفحة . وجاء الشعراء في العصر الحديث يبدعون في هذا المديح مثل محمود سامي البارودي في قصيدته : " كشف الغمة في مدح سيد الأمة" في أربعمائة وسبعة وأربعين بيتاً ، وأحمد محرم في ديوانه مجد الإسلام ، وشوقي في قصيدتيه البائية والهمزية . وشعراء كثيرون يضيق المجال عن ذكرهم في هذه الكلمة الموجزة .
ولم يقتصر مديح الرسول على المسلمين ، فإنَّ عدداً من الشعراء النصارى مدح الرسول المصطفى ، من مثل : إلياس قنصل ، والشاعر القروي رشيد سليم خوري ، ورشيد أيوب ، ورياض المعلوف ، وإلياس طعمة الذي أسلم وسمَّى نفسه الوليد . ولقد تشرَّفتُ بمديح سيد المرسلين بقصيدة بعنوان : " رسول الهدى " في سبعة وأربعين بيتاً أذكر هنا منها :
أَنْتَ مَعْنَى الوَفَاءِ : ذِكْرُكَ في الأَرْ
لا تَكادُ الشُّهُودُ تَملأ عَيْنَيْ
حَسْبُكَ المَدْحُ أَنْ تكون عَلَى خُلْ ... ... ضِ حميدٌ وفي السَّماءِ حَميدُ
ها فَيُغْضِي مِنَ الجَلاَل الشُّهُودُ
قٍ عَظيمٍ يُتْلَى بِهِ الكِتابُ المُجيدُ
فما بال بعض النصارى ، أو المنتسبين إلى رسالة عيسى عليه السلام ، بعد أن حرَّفوه وبدَّلوا وغيَّروا ، ما بالهم يحملون الأحقاد على الإسلام والمسلمين ، وعلى رسول الله . فلا تكاد تهدأ فتنة حتى تثور فتنة . وقد نبَّأنا الله في كتابه الحكيم أنه قد جعل لكل نبيّ عدوّاً من المجرمين ، من شياطين الإنس والجن :(9/1)
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) [ الأنعام : 112]
وقد بدأت العداوة لمحمد من قريش من لحظة ابتعاثه ، وبعد ذلك من اليهود ، ثمَّ امتدَّ الحقد مع الزمن حتى تولَّى كبر ذلك : المشركون والكافرون والمنافقون والظالمون من أهل الكتاب في إيذاء بعد إيذاء عبر التاريخ ، حتى الحروب الصليبية ، وحتى ظلمهم وعدوانهم على مسلمي الأندلس ، و كلما واتت فرصة لذلك !
وجاءت الحادثة الأخيرة بنشر الصحيفة الدنماركية الصور المهينة والمؤذية لرسول الله . واعتبرت الدولة أنَّ هذا من باب حريّة الرأي ، وكأنَّها اعتبرت الناس بلا عقول حتى يصدّقوا أنَّ هذا من باب حريّة الرأي . وإن كان الأمر كذلك فعلى دولة الدنمارك أن تراجع قوانينها ، وأن تتعلَّم من الإسلام ، ومن محمد ، حدود حريّة الرأي ، وأدب الرأي ، وحقوق الإنسان .
لم يكن الأمر مصادفة أو زلّة رسَّام ! فلقد أرسل المحرّر الثقافي في الجريدة دعواتٍ إلى أربعين رسَّاماً يدعوهم إلى رسم النبيّ ، فأجاب الدعوة اثنا عشر رساماً فقط . وكانت ملكة الدنمارك " مارغاريت " الثانية ، قد اعتبرت أنَّ الإسلام يمثّل تهديداً على المستويين المحلي والدولي ، وحثَّت حكومتها على عدم التسامح مع المسلمين والإسلام ! ودون مبالاة لما قد تثير هذه السياسة من غضب خارجي ! إنها لغة التهديد والإثارة بكل الاعتبارات اللغوية والسياسية والرسمية . ويرفض رئيس وزراء الدنمارك مقابلة السفراء المسلمين الرسميين في بلده . وتتولى أجهزة الدولة والصحافة صياغة المسوِّغات لهذا العمل ، فكانت الأعذار أقبح من الذنب . عدوان إثر عدوان . وكان أوقح ما في هذه الأساليب قول الصحيفة : " إننا لا نعتذر عن عمل هو جزء طبيعي من النشاط الإعلامي ...." . الصحيفة الدنماركية هي صحيفة " يولاند بوستن " ، والصحيفة النرويجية هي : " مغازينات " ! وكذلك امتدَّت الهجمة على الإسلام بإعادة إذاعة هذه الصور الكاذبة في صحف فرنسا وإسبانيا وألمانيا وسويسرا . وربما تمتدُّ الهجمة إلى أبعد من ذلك .
ولا ننسى ذلك المخرج الهولندي الذي أخرج فيلماً مسيئاً إلى الرسول الكريم وإلى الإسلام ، والذي أثار ضجّة كبيرة . ولا ننسى كذلك قضية المؤسسة التي أصدرت كتاباً أسمته " الفرقان " تزوّر فيه جملاً وكلمات تحريفاً لآيات الله في القرآن الكريم ، وطعناً في الإسلام والإيمان والتوحيد . يضاف إلى ذلك جهود الحركات التنصيرية في العالم الإسلامي ، وما تقوم به من محاولات لصرف المسلمين عن دينهم ، وتشويه صورة الإسلام ، وإثارة الفتن !
إنَّ هذا كلّه ليدلّ دلالة واضحة على أنَّ القوم يمضون على نهج وخطة وليس على عمل ارتجالي . ولا بدَّ للمسلمين أن يجابهوا ذلك بعمل منهجي مدروس يجمع جهود الأمة كلها .
القضيّة قديمة ، بدأت ، كما تذكر بعض الصحف ، قبل ثلاثة أشهر ، واشتدَّ التفاعل ضدّ هذه الإهانة الكبيرة منذ أسبوع أو أسبوعين . وإن كان قد بدأت محاولات هادئة لا تتناسب مع عظم الجريمة . إنها حقاً جريمة ، وجريمة كبيرة في ميزان الإسلام . أين المسلمون ؟! وأين المليار من المسلمين ؟!
أُمة الحقِّ ! ما دهاكِ فأصْبح
كلما رُمْتِ ملتقىً كُنتِ في السا ... ... تِ شظايا تطايرتْ في النجاد
حة أوهى من حفنة من رماد(1)
لقد هان المسلمون في الأرض ، وأصبحوا غثاءً كغثاء السيل ، كما جاء في حديث رسول الله يرويه ثوبان رضي الله عنه : ( يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة على قصعتها " . فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال: بل أنتم كثير . ولكنكم غثاء كغثاء السيل . ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن " فقال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟! قال : حبُّ الدنيا وكراهية الموت ) !(2)
وأول سبب أجده لهوان المسلمين هو تمزّقهم أقطاراً ومصالح وأهواءً ، وشيعاً وأحزاباً ، يخالفون بذلك ما أمرهم الله به ورسوله :
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ...........) [ آل عمران : 103 ]
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ آل عمران : 105 ]
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )[ الأنعام : 159 ]
وآيات كريمة أخرى تنذر المسلمين إن تفرّقوا إنذاراً شديداً . وحسبك هذا الإنذار في الآية السابقة : " وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " !(9/2)
وأهم سبب لهذا التمزّق والهوان ، هو عدم التزام الإسلام التزاماً أميناً ، وعدم التزام الكتاب والسنَّة التزاماً أميناً ، وبذلك عدم طاعة الله ورسوله :
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [ الأنفال : 46 ]
إنَّ الغرب ماضٍ في حربه ضدَّ الإسلام والمسلمين بصورة خفيّة ، وإنَّ عداءهم هذا امتدَّ حتى اليوم لم يتوقّف ، وإنَّ عمل الصحيفة الدنمركية لم يتوقف في الدنمارك ، فسرعان ما تبنته النرويج ، ثمَّ فرنسا ، ثمَّ أخذت عواطف بعض الناس في تلك الدول تتأجج ضدّ المسلمين . ولم يكن ذلك ليتمَّ لولا الدعاية السيئة التي أشاعتها أجهزة الإعلام ضدَّ المسلمين .
والأمر العجيب أن الدول الغربية كلها لا تنظر في جرائم إسرائيل في فلسطين ، ولا في انتهاكها لحقوق الإنسان ، ولا في عدم التزامها بقرارات هيئة الأمم المتحدة ، ولا في ما تملكه من أسلحة نووية ، أو أسلحة دمار شامل . كلُّ ما تفعله إسرائيل من جرائم يغضون الطرف عنه ، ويغضون الطرف عما ترتكب الدول الغربية نفسها من جرائم بحق الشعوب ، في تاريخ طويل مليء بالمجازر والتدمير .
إنها قصة التاريخ الممتدّ منذ أن بُعِثَ محمد ، بدأت عداوة المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يؤذيهم أو يعتدي عليهم . دعاهم إلى الله الذي لا إله إلا هو ، دعوة سلم وخير. فلم يُجْدِ السلم ولا الخير ، وإنما بادروا بالإيذاء والعدوان . وكذلك اليهود الذين عاملهم الرسول أطيب معاملة قابلوا ذلك بالغدر والحرب والفتن . ومنذ ذلك العهد حتى اليوم فإنَّ الحرب ضدّ الإسلام لم تتوقف ، ولن تتوقف . فإنها ابتلاء من الله سبحانه وتعالى , يمحص به عباده لتقوم عليهم الحجة يوم القيامة أو تقوم لهم .
وإنا إذ نُحَيِّي النفوس المؤمنة التي غضبت لرسول الله ، والنفوس المؤمنة التي تداعت إلى النصرة بوسائل متعددة ، فكلنا مع نصرة الله ورسوله.
لذلك فإنا ننصح بأن يراجع المسلمون أنفسهم لينظروا في واقعهم ، ويروا كم يُرضون الله بما هم عليه , وبما يفعلون . ومن أهم مسؤوليات المسلمين أن يبلِّغوا رسالة الله ودين الإسلام إلى الناس كافَّة . فهل بلَّغ أحد هذا الدين إلى رئيس وزراء الدنمارك أو غيره من رجال الدولة , أو رؤساء الدول الأخرى , حتى نعذر أنفسنا بين يدي الله يوم القيامة .
مع أهمية المقاطعة لبضائعهم والمظاهرات التي عمَّت العالم الإسلامي إلا أن هذا وحده لا يكفي .فلا بدِّ من معالجة أخطائنا وتقصيرنا بحقِّ هذا الدين العظيم ونبيِّه العظيم .
فإن أدرك المسلمون جوانب الخلل في واقعنا اليوم ، فليبادروا إلى إصلاح كل خلل يغضب الله ، وإلى صدق التوبة والإنابة ، عسى أن يكون الله معنا فيما نجابه من أحداث ، لن نقوى على مجابهتها دون نصر يتنزَّل من عند الله :
( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ....) [ النور : 31 ]
ومن خلال ذلك فلا بدَّ أن يقف المسلمون في العالم الإسلامي كله وقفة واحدة ، لردِّ هذا الاعتداء ، فهو اعتداء على كلِّ مسلم في الأرض ، ولإِشعار هؤلاء أنَّ المسلمين ما زالوا أقوياء يفدون دينهم بكل شيء .
وهنا نقف أمام خيارين : إمَّا أن نطيع الله ورسوله ، وننصر ديننا فننال رحمة الله وعونه ، وإما أن نتهاون في هذا الأمر ، فَيُنْزِل الله غضبه علينا . وإنها مسؤولية جميع مستويات الأمة المسلمة كلها ابتداءً من الفرد المسلم ، على خطة إيمانيَّة واعية ونهج مدروس شامل ، يعالج الواقع ويبني المستقبل بإذن الله .
--------------
الهوامش:
1 د . عدنان النحوي : ملحمة أرض الرسالات . ص : (134 ) .
2 أبو داود : 31/5/4297 الجامع الصغير وزيادته رقم : ( 8138 )
***************************
أترى ستنفع في القلوب عظات؟!
سليمان بن أحمد بن عبد العزيز الدويش
أترى ستنفعُ في القلوبِ عظاتُ؟ أم هل ستحسم أمرنا العبرات؟
أم سوف يرفعنا من الذل الذي عشنا به التنديد والآهات؟
الأرض منا قد علتها تخمة أعدادنا ضاقت بها الجنبات
يا ألف مليون وخمس مئينها ولهم بكل فجاجها أنَّات
يا ألف مليون غثاءٌ كلهم متشتتون مع الشتات سبات
موتى إذا عبث العدو بدينهم أحياء هم لكنهم أموات
وتراهمُ عند الحطام ضياغما وكأنها في فتكها الحيات
الذل فيهم ضاربٌ أطنابه وله بهم ياويحه صولات
والوهن شاه الوهن بئس ضجيعهم من بطشه يتعذر الإفلات
هم ألف مليون ولكن ليت لي من كل ألف واحد إن فاتوا
يا ألف مليون تسنّم ظهره الأوغاد والأنذال والعاهات
حتَّام ترضون الدناءة والردى؟ وإلام َ هذا الذل والإخبات؟
لا خير في عيش بغير كرامة لا خير في دنيا بها أقتات
شمخت فراخ البغي فوق رؤوسنا ولهم بوسط جباهنا بصمات
سخروا من القرآن أي مهانة خير لحرٍ دون ذاك ممات
بل صوّروا المختار أقبح صورة أوّاه مما ضمّت الصفحات(9/3)
جعلوه رمزا للتخلف والردى شتموه حتى بُحَّتِ الأصوات
وعلى بني الإسلام صَبُّوا حقدهم غَزَوُا البلاد وهددوا بالناتو
والمسلمون عن المكائد غُيبوا الدين يجمعهم وهم أشتات
وحِمَاهُمُ كلأٌ مباحٌ للعدا وكأن حق حماهمُ اللعنات
جالَ العدو به وصالَ ولم يجد إلا الهوى والتيه والقنوات
بالأمس أفغان الكرامة دُمّرت واليوم بغداد لنا وفرات
يا أمة الإسلام هل من عودة عجلى فما فوق الرفات رفات
هبوا فدين الله خير تجارة أما الحطام فما عليه فوات
=================
أَتَسْخَرُ مِنْ شَخْصِ النَّبِيِّ
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
أَتَهْزَأُ بِالْمُخْتَارِ يَا سَوَءَةَ الدَّهْرِ وَيَا قِمَّةَ التَّضْلِيْلِ وَالْخُبْثِ وَالْغَدْرِ
أَتَسْخَرُ مِنْ شَخْصِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ رَسُوْلٌ أَتَى بِالْحَقِّ وَالْخَيْرِ وَالْيُسْرِ
رَسُوْلٌ حَبَاهُ اللهُ نُوْرًا وَحِكْمَةً وَأَيَّدَهُ بِالنَّصْرِ فِيْ سَاعَةِ الْعُسْرِ
تَحَلَّى بِأَخْلاَقِ الْكِرَامِ وَإِنَّهُ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ مَنْبَعُ الْفَضْلِ وَالصَّبْرِ
مَحَا ظُلُمَةَ الطُّغْيَانِ وَالْجَهْلِ وَالْهَوَى بِعَدْلٍ وَإِحْسَانٍ وَبِالرِّفْقِ فِي الأَمْرِ
وَمَا الصَّفْحُ إِلاَّ شِرْعَةٌ وَسَجِيَّةٌ لَدَى الْمُصْطَفَى مِنْ دُوْنِ مَنٍّ وَلاَ كِبْرِ
كَرِيْمٌ حَلِيْمٌ مَا تَوَانَى عَنِ الْوَفَى وَلاَ ضَاقَ ذَرْعًا مِنْ عَنَاءٍ وَلاَ فَقْرِ
عَلَيْهِ صَلاَةُ اللهِ ثُمَّ سَلاَمُهُ وَأَخْزَاكَ رَبُّ الْعَرْشِ يَاخِنْزَبَ الْعَصْرِ
رَكِبْتَ عَلَى مَوْجٍ مِنَ الْخِزْيِ فَارْتَقِبْ دُوَيْهِيَةً سَوْدَاءَ غُوْلِيَّةَ الْقَعْرِ
حَيَاتُكَ فِيْ ذُلٍّ وَوَقْتُكَ جَمْرَةٌ وَفِكْرُكَ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الدَّاءِ وَالضُّرِّ
فَمَنْ رَامَ نَقْصَ الْمُصْطَفَى قَذَفَتْ بِهِ خُطُوْبُ الرَّزَايَا فِيْ سُجُوْنٍ مِنَ الذُّعْرِ
وَزَجَّتْ بِهِ الآَفَاتُ فِيْ كُلِّ مِحْنَةٍ وَصَارَ عَلَى دَرْبٍ مِنَ الذُّلِّ وَالْقَهْرِ
خَسِرْتَ وَلَمْ تَكْسَبْ سوى الضيم وَالرَّدَى خَسِئْتَ فَأَنْتَ الشَّيْنُ وَالْمَيْنُ لَوْ تَدْرِيْ
وَأَنْتَ سَقِيْمُ الْفِكْرِ وَالْقَلْبُ مَيِّتٌ وَأَنْتَ لَئِيْمُ الطَّبْعِ تَرْتَاحُ لِلْوِزْرِ
أَتَاكُمْ رَسُوْلُ اللهِ بِالنُّوْرِ وَالْهُدَى وَأَنْذَرَ مَنْ يَعْصِيْهِ بِالْوَيْلِ فِي الْحَشْرِ
وَعَلَّمَكُمْ دَرْبَ النَّجَاةِ مُبَيِّنًا لِمَا جَاءَ فِي التَّنْزِيْلِ سَطْرًا عَلَى سَطْرِ
ضَلَلْتُمْ وَحَرَّفْتُمْ كِتَابَ هِدَايَةٍ وَمِلْتُمْ وَأَسْرَعْتُمْ عِنَادًا إِلَى الشَّرِّ
وَآمَنَ مِنْكُمْ بِالنَّبِيِّ أُولُوا النُّهَى أَولُوا الْعَدْلِ وَالإِنْصَافِ وَالْفَهْمِ وَالْفِكْرِ
وَكَمْ شَهِدَتْ مِنْكُمْ رِجَالٌ بِنُبْلِهِ وَأَخْلاَقِهِ الْعَلْيَاءِ عَاطِرَةِ النَّشْرِ
فَهَلاَّ تَأَمَّلْتُمْ بِعَيْنٍ بَصِيْرَةٍ وَفِكْرٍ مُنِيْرٍ مُنْصِفٍ بَاسِمِ الثَّغْرِ
وَرَاجَعْتُمُ التَّارِيْخَ فِيْ نَعْتِ أَحْمَدٍ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ كَالشَّمْسِ وَالْبَدْرِ
مُضِيْئًا مُنِيْرًا هَادِيًا وَمُبَشِّرًا هَدَانَا بِفَضْلِ اللهِ لِلْخَيْرِ وَالأَجْرِ
وَأَنْقَذَنَا مِنْ ظُلْمَةِ الظُّلْمِ وَالْهَوَى بِدِيْنٍ قَوِيْمٍ مَنْبَعِ الصِّدْقِ وَالطُّهْرِ
أَلَمْ تَقْرَإِ الْقُرْآنَ مُعْجِزَةَ الْوَرَى أَلَمْ تَسْتَمِعْ يَوْمًا لآيٍ مِنَ الذِّكْرِ
أَلَمْ تَتَأَمَّلْ فِيْ ثَنَايَا سُطُوْرِهِ وَمَاحَمَلَتْهُ الآيُ مِنْ سَالِفِ الدَّهْرِ
فَفِيْهِ نِظَامٌ شَامِلٌ مُتَكَامِلٌ يَفِيْ بِاحْتِيَاجِ الْخَلْقِ يَكْفِيْ مَدَى الْعُمْرِ
وَفِيْهِ عُلُوْمُ الأَوَّلِيْنَ وَيَنْطَوِيْ عَلَى كُلِّ آتٍ فِيْ فَلاَةٍ وَفِيْ بَحْرِ
تَلاَهُ رَسُوْلُ اللهِ فِيْ كُلِّ مَجْمَعٍ وَكَانَ هُوَ الأُمِّيُّ فِيْ مَعْشَرِ الْكُفْرِ
فَمَاحَادَ عَنْ آيٍ وَلاَ كَانَ لاَحِنًا وَلَكِنَّهُ وَحْيٌ أَتَى النَّاسَ بِالْبِشْرِ
فَصَدَّقَهُ قَوْمٌ لِصِدْقِ حَدِيْثِهِ وَعَانَدَهُ قَوْمٌ فَمَاتُوا عَلَى الْخُسْرِ
وَيَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ أُمَّةَ أَحْمَدٍ قِفُوا وَقْفَةَ الآسَادِ فَالْكُفْرُ مُسْتَشْرِيْ
أَيَسْخَرُ أَهْلُ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَالْقَذَى بِسَيِّدِنَا الْمُخْتَارِ يَا أُمَّةَ الذِّكْرِ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أنَّ احْتِقَارَ نَبِيِّنَا هُوَ الطَّعْنُ فِي التَّشْرِيْعِ فِي الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ
وَأَيُّ حَيَاةٍ وَالشَّرِيْعَةُ تُرْتَمَى بِسَهْمٍ مِنَ التَّشْكِيْكِ وَالْهُزْءِ وَالسُّخْرِ
فَسُدُّوا عَلَى الأَعْدَاءِ بَابَ سَفَاهَةٍ وَبُشْرَاكُمُ يَا قَوْمُ بِالْفَوْزِ وَالنَّصْرِ
وَصَلُّوا عَلَى طَهَ الْمُشَفَّعِ فِي الْوَرَى وآلٍ وَأَصْحَابٍ شَفَى بَأْسُهُمْ صَدْرِيْ
=================
إشراق دمعة
د.عبد المعطي الدالاتي
يشرقُ دمعي فأواريهِ يخفقُ قلبي فأداريهِ(9/4)
تشهدُ عيني أنكَ فيها يشهدُ قلبي أنك فيهِ
سأكلمُ صحبي عن حبي سأكلم.. يا رحمةَ ربي
يشهدُ قلبي أنكَ قلبي أنكَ عمري و أمانيهِ
يا منْ قد أرسله اللهُ يا من لا أتبعُ إلا هو
وهداهُ قد شعّ سناهُ يَشغَلُ فكري بمعانيهِ
سُنتُكَ العصماءُ دليلي تهديني في كل سبيل ِ
جيلٌ يتعلمُ من جيل ِ ويُعلمُ سيرتكَ بنيهِ
====================
أطلقيني يا مدينة
د.عبد المعطي الدالاتي
أطلقيني يا مدينةُ من حدودي ثم زيدي في انطلاقي.. ثم زيدي
ذوِّبيني بالنجاوى زلزليني كلما زُلزلتُ حقّقتُ وجودي
إنّ روحي بالنجاوى حلّقتْ واستحمَّتْ ثم عادت من جديد
كدتُ والأعضاءُ مني سُجَّدٌ أملكُ الأكوانَ في رِقِّ السجودِ
أَجتلي الأفكارَ ، أَرتادُ السَّنا أرشفُ الأنوارَ من نبعِ الخلودِ
أَيُّ نورٍ في علاكِ قد سباني أيُّ طهرٍ.. أيُّ عطرٍ.. أيُّ جودِ؟!
طبتِ بالمختارِ في هجرتهِ طبتِ يا طيبةُ في يومِ السعودِ
حَبَّذا الأنصارُ من أهلٍ.. ويا حَبَّذا المختارُ من جارٍ جديدِ
حلّقي بي يا مدينةُ وارفعيني أطلقيني.. أَعتقيني من قيودي
===================
الدفاع عن داعية السلام "صلى الله عليه وسلم"
محمد عبد الله ولد محمد سالم ولد محمد ببَّاه:
تبوَّأتَ العُلوَّ من المقام وأسْبغْتَ السَّلامَ على الأنامِ
وألَّفْتَ القلوب بكل حُبٍّ وما قصَّرْت في صنع الكرامِ
زَرَعْت السِّلم في الثَّقلَيْن طُرًّا فعاشَا في أمانٍ واحترامِ
وحاربْتَ الغُلُوَّ وكنْتَ سَمْحًا تُرَبِّي بالمودَّةِ والوِئامِ
ولم تكُ قطُّ في الأفعال فظًّا ولا مُتغلِّظًا وقْت الكلامِ
بِحَسْبِكَ ما رَسَمت من المعالي ظَفرتَ وخابَ رَسَّام الظَّلامِ
طَغَى بِرُسُومه شُلَّتْ يَداهُ وشُلَّ الغربُ عَامًا بعْد عَامِ
حبيبي يا رسول الله إنَّا فِداكَ ودون عِرضِكَ كالسِّهامِ
فلن نرضى المذلَّةَ في حياةٍ ولن نرضى الدَّنِيَّةَ في مُقامِ
فكلُّ مُوَحِدٍ صَحَّتْ وتَمَّتْ عَقِيدَتُهُ فِدَاكَ على الدَّوامِ
ستبْقى رغْمَ أنْفِ الغرْبِ طُرًّا على الأعْداءِ والحُسَّادِ سَامي
جَزاك الله عنَّا كلَّ خيْرٍ فقد كنْتَ المُبَشِّرَ بالتَّمامِ
وأحْيَيْتَ الأنام وكنت حَقًّا بِحَمْدِ اللهِ داعِيَةَ ا لسَّلاَمِ
=====================
الردّ المبكي للمجرم الدانماركي
الشيخ / محمد بن علي آدم "حفظه الله"
"المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة"
1/1/1427هـ
لَقَدْ سَاءَنِي جُرْمٌ أَتَانِيَ خُبْرُهُ مِنَ الدَّوْلَةِ الْبَغْضَاءِ قَدْ حَاقَهَا الظُّلَمْ
لَقَدْ سَاءَنِي وَسَاءَ مَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُحِبًّا لِخَيْرِ الْخَلْقِ مَنْ سَادَ بِالْحِكَمْ
صَنِيعٌ أَتَى بِهِ شَيَاطِينُ دَوْلَةٍ تَعِيشُ عَلَى الْفَسَادِ وَالْكُفْرِ وَالأَضَمْ [1]
فَيَا لَيْتَهُمْ شُلَّتْ يَمِينٌ بِهَا افْتَرَوْا وَآذَانُهُمْ صُمَّتْ وَأَعْمَاهُمُ الْغُمَمْ
فِدَاءً لَهُ أَبِي وَأُمِّي وَمُهْجَتِي فَمَنْ مِثْلُهُ فِي النَّاسِ قَدْ حَاطَهُ الْكَرَمْ
فَيَا مَنْ كَفَى الْمُسْتَهْزِئِينَ حَبِيبَهُ لِتُنْزِلْ عَلَيْهِمُ عَذَابًا قَدِ اصْطَلَمْ
يَعُمُّهُمُ وَمَنْ غَدَا نَاصِرًا لَهُمْ وَيَضْحَكُ مَعْهُمُ إِذِ الْكُلُّ قَدْ ظَلَمْ
فَسُنَّتُكَ الَّتِي خَلَتْ قَبْلُ تَنْزِلُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَبْغِي وَيُؤْذِي أُولِي الْقِيَمْ
فَيَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ قُومُوا عَلَى الْعِدَا بِكُلِّ الَّذِي لَكُمْ لِسَانًا أَوِ الْقَلَمْ
فَقَدْ نَزَلَتْ فِيكُمْ مُصَائِبُ لَوْ أَتَتْ عَلَى الرَّاسِيَاتِ الشُّمِّ أَرْكَانُهَا انْهَدَمْ
فَإِنْ لَمْ تَرَوْا هَذِي مُصَابًا مُجَلَّلاً فَإِنَّكُمُ مَوْتَى وَإِنَّ الْهُدَى انْصَرَمْ
وَإِنْ تَسْكُتُوا بِالْعِلْمِ فَالْوَيْلُ قَادِمٌ وَقَدْ ضَلَّتِ الآمَالُ وَالشَّرُّ قَدْ نَجَمْ
وَلاَ شَكَّ أَنَّهَا مَضَى قَبْلُ مِثْلُهَا تَوَلَّى قِيَادَهَا أُولُو الْحِقِدِ وَالسَّقَمْ
تَعَدَّى أَبُو جَهْلٍ وحَمَّالَةٌ طَغَتْ وَمَنْ تَبَّتِ الْيَدَانِ مِنْهُ قَدِ اضْطَرَمْ [2]
فَذِي سُنَّةُ الإِلَهِ فِي الْخَلْقِ قَدْ جَرَتْ فَيَمْتَحِنُ الأَخْيَارَ بِالْفِرْقَةِ اللَّوَمْ [3]
لِيَرْفَعَ قَدْرَهُمْ وَيُعْلِيَ ذِكْرَهُمْ وَيَعْرِفَ فَضْلَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الأُمَمْ
فَلَوْلاَ اشْتِعَالُ النَّارِ فِي الْعُودِ لَمْ يَفُحْ لَهُ عَرْفُهُ الشَّذِي لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَشَمْ
وَلَيْسَ احْتِجَابُ الْعُمْيِ للشَّمْسِ ضَائِرًا فَرِفْعَةُ قَدْرِهَا لِذِي الْبَصَرِ ارْتَسَمْ
فَقَدْرُ رَسُولِ اللهِ فِي الْخَلْقِ ظَاهِرٌ فَمَا ضَرَّهُ قَوْمٌ أَضَلُّ مِنَ الْبَهَمْ [4]
لَقَدْ رَفَعَ الإِلَهُ قَدْرَ مُحَمَّدٍ فَقَرَّبَهُ زُلْفَى وَحَلاَّهُ بِالنِّعَمْ
وَيَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعًا لِفَصْلِ الْقَضَا بِهَا فَمَا أَعْظَمَ الْكَرَمْ
وَقَدْ شَرَحَ اللَّطِيفُ صَدْرًا وَأَوْدَعَهْ بَدَائِعَ حِكْمَةٍ فَيَا وَيْلَ مَنْ هَضَمْ [5](9/5)
وَشَقَّ لَهُ الْبَدْرَ الْمُنِيرَ مِنَ السَّمَا وَشَاهَدَهُ كُلٌّ بِلَيْلٍ قَدِ ادْلَهَمّْ
وَحَنَّ إِلَيْهِ الْجِذْعُ لَوْلاَ احْتِضَانُهُ لَمَا فَارَقَ الْبُكَا إِلَى سَاعَةِ النَّدَمْ
شَكَى الْعِيرُ ضُرَّهُ وَسَلَّمَهُ الصَّفَ [6] فَيَا وَيْلَ أَقْوَامٍ أَضَلُّ مِنَ النَّعَمْ
رَسُولُ الْهُدَى أَحْيَى الْقُلُوبَ بِذِكْرِهِ قُلُوبَ ذَوِي الأَلْبَابِ وَالنُّورِ وَالشِّيَمْ
هُوَ الرَّحْمَةُ الْمُهْدَاةُ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ كَمَا أَخْبَرَ اللهُ الْكَرِيمُ فَلْيُغْتَنَمْ
فَمِنْ تَبِعَ الرَّسُولَ كَانَ مُعَزَّزًا بِذِي الدَّارِ وَالأُخْرَى مُعَافًى مِنَ النِّقَمْ
وَمَنْ لَمْ يَرَ الْهُدَى لَدَيْهِ فَقَدْ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ الْوَبَالَ قَدْ نَالَهُ الْغُمَمْ
فَيَا رَبِّ أَحْيِنَا عَلَى حُبِّهِ إِلَى مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا وَنَحْنُ عَلَى النِّعَمْ
وَيَا رَبِّ أَهِّلْنَا لإِحْيَاءِ شَرْعِهِ وَنَنْشُرُهُ فِي الْعُرْبِ أَيْضًا وَفِي الْعَجَمْ
وَنَدْفَعُ عَنْ حَرِيمِهِ كُلَّ مُفْتَرٍ مَرِيدٍ مُعَانِدٍ وَبِالْفُحْشِ قَدْ جَرَمْ
صَلاَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ ثُمَّ سَلاَمُهُ عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ الْمُحَبَّبِ فِي الأُمَمْ
وَآلٍ لَهُ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ وَالْهُدَى وَأَصْحَابِهِ أُولِي الْمَعَارِفِ وَالْكَرَمْ
يَقُولُ مُحَمَّدٌ أَيَارَبِّيَ ارْحَمَا إِذَا الأَجَلُ انْقَضَى وَحَبْلِي قَدِ انْصَرَمْ
------------------------------------------------
[1] ـ محركة الحقد والحسد والغضب اهـ "ق".
[2] ـ أي التهب.
[3] ـ اللَّوَمُ محرّكةً: كثرة العذل، وهو هنا على حذف مضاف، أي ذوي اللوم، أو وُصفوا به مبالغة.
[4] ـ محرّكةَ، تُسكّن هاؤه أيضًا: أولاد الضأن والمعز والبقر، أفاده في "القاموس".
[5] ـ هَضَم من باب قتل: إذا كسر، ويقال: هضمه: إذا دفعه، وكسره، أفاده في "المصباح"، والمراد هنا انتهك حرمة النبيّ، ودنّس عرضه، وانتهكه.
[6] ـ جمع صَفَاة، وهو الحجر الصَّلْد.
================
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري
بقلم: أبي عبد الله سعد بن ثقل العجمي
فجر الجمعة
27/ذو الحجة/1426
27/ يناير /2006
ذوداً عن حياض المصطفى بأبي هو وأمي التي ولغت فيها كلاب الدانمارك
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ذَوّادةً عن سيدِ الأبرارِ
يا قائدَ الأحرار دونك أمةٌ فاقذفْ بجندك ساحةَ الكفارِ
واضربْ بنا لججَ المهالكِ غاضباً حتى نُركّع سطوةَ التيارِ
وتقحمنّ بنا الحتوفَ تغطرسا فهي الحياةُ بشِرعة الأحرارِ
الفرسُ والرومُ العلوجُ تدمروا منّا فكيف ب(إخوة الأبقارِ)
دَنِمَرْكُ قد خضتِ الهلاك حماقة والآن صرتِ بقبضة الجبّارِ
دَنِمَرْكُ يا بنتَ الصليب تجهّزي فليخطبنك قاصفُ الأعمارِ
دَنِمَرْكُ هل تستهزئين بأعظم الـ عظماء في بَلَهٍ وفي استهتارِ
أو ما علمتِ بأنه قاد الورى للمجد للعلياء للإعمارِ
أعلى بناء حضارةٍ قدسيةٍ والغربُ كان حبيسَ جرفٍ هارِ
شهدَ الفلاسفةُ العِظامُ بأنه ربُ النهى ومؤدلجُ الأفكارِ
وإذا أتى الأرضَ الخرابَ تزيّنت لقدومه بأطايبِ الأزهارِ
وجرى عليها من نَميرِ عطائه ماءُ الحياة زبرجداً ودراري
وإذا تبسّم فالصباحُ بثغرهِ سَحَرَ القلوب وليس بالسّحارِ
وإذا غزا فالرفقُ يغزو قبلهُ والرفقُ أعتى جحفلٍٍ جرارِ
الفاتحُ الدنيا بأبطال الوغى يرمي بهم قُضُب الكفاح عواري
الملبسُ الدنيا ثيابَ تحررٍ المُبْدِلُ الظلماءَ بالأنوارِ
الواهبُ الدنيا شموس هدايةٍ نبويةٍ لألاءة الأفكارِ
تفدي جنابَك ألفُ ألفُ دويلةٍ حكمت رباها سلطةُ الفجارِ
تفدي جنابك ألفُ ألفُ عمامةٍ مدسوسةٍ خوفاً من الأخطارِ
تفدي جنابك كلُ نفسٍ حرةٍ عافت حياة الشر والأشرارِ
تفدي جنابَك يا رسول الله يا خير البرية أمةُ المليارِ
===================
ألم تغتمض عيناك ليلةأرمدا
شعره في مدح الرسول عند مقدمه عليه
أعشى بني قيس بن ثعلبة
قال ابن هشام : حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي وغيره من مشايخ بكر بن وائل من أهل العلم أن أعشى بني قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الإسلام فقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا
وما ذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم صحبة مهددا
ولكن أرى الدهر الذي هو خائن إذا أصلحت كفاي عاد فأفسدا
كهولا وشبانا فقدت وثروة فلله هذا الدهر كيف ترددا
وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع وليدا وكهلا حين شبت وأمردا
وأبتذل العيس المراقيل تغتلي مسافة ما بين النجير فصرخدا
ألا أيهذا السائلي أين يممت فإن لها في أهل يثرب موعدا
فإن تسألي عني فيا رب سائل حفي عن الأعشى به حيث أصعدا
أجدت برجليها النجاء وراجعت يداها خنافا لينا غير أحردا
وفيها إذا ما هجرت عجرفية إذا خلت حرباء الظهيرة أصيدا
وآليت لا آوي لها من كلالة ولا من حفى حتى تلاقي محمدا(9/6)
متى ما تناخي عند باب ابن هاشم تراحي وتلقي من فواضله ندى
نبيا يرى ما لا ترون وذكره أغار لعمري في البلاد وأنجدا
له صدقات ما تغب ونائل وليس عطاء اليوم مانعه غدا
أجدك لم تسمع وصاة محمد نبي الإله حيث أوصى وأشهدا
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله فترصد للأمر الذي كان أرصدا
فإياك والميتات لا تقربنها ولا تأخذن سهما حديدا لتفصدا
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا
ولا تقربن حرة كان سرها عليك حراما فانكحن أو تأبدا
وذا الرحم القربى فلا تقطعنه لعاقبة ولا الأسير المقيدا
وسبح على حين العشيات والضحى ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا
ولا تسخرا من بائس ذي iضرارة ولا تحسبن المال للمرء مخلدا
================
المختار يا أمة المليار!
يوسف مسعود :
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْنَ رِجالُكِ أيْنَ النَّفيرُ وأيْنَ صَوْتُ الحادِي؟
فَالنَّذْلُ يَهْزَأُ بالنَّبِيِّ وما انْتَهَى رُغْمَ النَّكيرِ فَيا لَهُ مِنْ عَادِي!!
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ مَنْ أَغْرَى بِنَا أبناءَ قِرْدٍ حِفْنَةَ الأوْغادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْن أُسودُكِ الْغَضْبَى لِتَثْأَرَ لِلنَّبِيِّ الهادِي؟
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ شَبِيبَةٌ تَهْفُو لِحَمْزَةَ أَوْ خُطَى الْمِقْدَادِ؟
يَا أُمَّة المِلْيارِ أَيْنَ صَفِيَّةٌ أَيْنَ بَنُو الخَنْسَاءِ لِلأَحْفَادِ؟
لَوْ كَانَ فِينَا خَالِدٌ أَوْ طَارِقٌ لأَتَى السَّفيهُ يُريدُ لَثْمَ أَيَادِي
***************************يَا أُمَّةَ المِلْيَارِ تِلْكَ رُبُوعُنا لَبِسَتْ لِعَهْدِ الْعِزِّ ثَوْبَ حِدَادِ
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ عِبْرَةٍ مِنْ حَالِ أَنْدَلُسٍ وَمِنْ بَغْدَادِ؟
عَجَباً نَرى أهلَ الضلالِ تَحالَفوا وَالخُلْفُ مَزَّقَ سَهْلَنَا والوَادِي!
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ وَقْفَةٍ؟ فَالْكُفْرُ أَظْهَرَ كَامِنَ الأَحْقادِ
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ نَبِيُّنا فِي قَلْبِ حَاضِرِ قَوْمِنا وَالْبَادِي؟
حب النبي فريضة وبدونها ركن العقيدة ذاهب كرماد
عَجَباً نَقولُ نُحِبُّهُ وَنُجِلُّهُ وَالفِعْلُ يَرْمِي قَوْلَنا بِفَسادِ!
يا أُمَّةَ المِلْيارِ كَيْفَ مَحَبَّةٌ وَالقَلْبُ هامَ بِمَوْقِعٍ وَنَوَادِي؟
يا أَمَّةَ المِلْيارِ كَيْفَ مَحَبَّةٌ وَقَدِ اشْتَكَى المِحْرَابُ هَجْرَ عِبَادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ كَيْفَ مَحَبَّةٌ وَالْمَالُ يَشْكُو مِن رباً وَفَسَادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْنَ فَقِيرُنَا أَحَبَاهُ جَمْعُ المُوسِرِينَ بِزَادِ؟
أَيْنَ النِّسَاءُ حِجَابُهَا وَعَفَافُهَا؟ قَذَفَتْ بِها نَحْوَ الضَّيَاعِ عَوَادِي
يا أُمَّةَ المِلْيارِ يَبْكِي طِفْلُنَا أُمَّاً تَخَلَّتْ عَنْهُ بَيْنَ بَوادِي!
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ سُجُودُنَا بِالليْلِ بَيْنَ قَوَافِلِ العُبَّادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ صِيَامُنَا نَفْلاًً نُحَاكِي مَوْكِبَ الزُّهَّادِ؟
يا أُمَّةَ القُرْآنِ أَيْنَ كِتَابُكِ أَلْهَتْكِ عَنْهُ رَبَابَةٌ أَمْ شَادِي؟
يا أُمَّةَ المُخْتَارِ أَيْنَ عُلُومُهُ؟ هُجِرَتْ وَبَاءَتْ سُوقُهَا بِكَسَاد!
مَنْ كَانَ حِبّاً للرَّسُولِ فَكُلُّهُ بُغْضٌ لِخَصْمٍ للرسول يُعَادِي
مَن رامَ نَصْراً للرَّسُولِ فَمَا لَهُ غَيْرُ الرَّسُولِ وَهَدْيُهُ مِنْ حَادِي
ا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْنَ حِسَابُنَا للنَّفْسِ قَبْلَ رَحِيلِنَا وَمَعَادِ؟
كَثُرَ الكَلامُ فَأَيْنَ فِعْلٌ حَازِمٌ لِيَلُوذَ جَمْعٌ آبِقٌ بِرَشَادِ؟
طَالَ الشِّقَاقُ فَأَيْنَ صَفٌّ وَاحِدٌ لِيَفُلَّ حَدَّ عِصَابَةِ الإِلْحَادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ فالحَقُّ يَدْعُو وَالرَّسُولُ يُنَادِي؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ نَهْضَةٍ أَوْ صَحْوَةٍ مِنْ غَفْلَةٍ وَرُقَادِ؟
يا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ مِنْ هِمَّةٍ نَحْوَ الفَلاحِ وَعِزَّةٍ وَرِيَادِ؟
يا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ مِنْ عَوْدَةٍ لِهُدَى الرَّسُولِ بِقُوَّةٍ وَسَدَادِ؟؟ ... ...
====================
إلى الأنصار قد وصل الرسولُ
د.عبد المعطي الدالاتي
(ووصل المهاجرون إلى الأنصار، يحملون لهم الهِداية لا الهَدايا ..
فاستقبلوهم بالحب والإيثار..
ولولا الأنصار، لما عُرف معنى الإيثار..
ولولا الهجرة ، لكان محمدٌ من الأنصار..
وقبل الهجرة في الأرض، كان المعراج في السماء ..
وبهما يتعلم المسلم من المهاجر الأكرم صلى الله عليه وسلم ،
كيف يهاجر على كافة المحاور).
إلى الأنصار ترتحلُ الحُمولُ مهاجرةً ، وقائدُها الرسولُ
فيثربُ تنتشي السّعَفاتُ فيها ومكةُ تشتكي فيها الطلولُ
أيرحلُ بدرُها في الليل منها؟! سَلوا التاريخَ عن هادٍ يقولُ
لصاحبه:(أبا بكرٍ! تصبّرْ ولا تحزنْ، فثالثنا الجليلُ )
دليلُ الدرب في البيداء يسري مع المختارِ في دربٍ تطولُ(9/7)
دليلَ الدرب! تدري، لستَ تدري بهذا الدربِ أيّكما الدليلُ !
ألم تبصرْ ؟!.. له الآفاقُ ترنو وبين يديهِ تَرتعشُ السبيلُ !
خُطى القَصواء في الصحراء تحكي بُراقاً في سماواتٍ يجولُ
خُطى التاريخ قد وطأتْ خُطاها ليبدأ بعدها عهدٌ جميلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ: أيا بُشرى لقد وصل الرسولُ
همُ الأنصارُ .. إيثارٌ وحبٌ وأحمدُ في قلوبهمُ نزيلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ : ( وربِّك يا محمدُ لا نقيلُ.. )
همُ الأنصارُ .. إيمانٌ ونصرٌ وراياتٌ.. وتاريخٌ يطولُ
وحولَ محمدٍ حامتْ قلوبٌ و طافتْ حول ناقتهِ الخيولُ
وها إنّا و إنْ كنا غفلنا فإنّا بعد صحوتنا نقولُ:
هو الإسلامُ دينُ الله يبقى ويحمل صرحَه جيلٌ فجيلُ
وإنّا في العقيدة قد غُرسنا كما غُرستْ بطيبتنا النخيلُ
مع الهادي وصُحبتِه هوانا وشرحُ الحبِّ أمرٌ يستحيلُ
مهاجرةً وأنصاراً سنحيا رعيلُ الفتحِ يتبعُهُ الرعيلُ
=================
إمام المرسلين فداك روحي...
صالح بن علي العمري
ردّا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياما ببعض حقّه...
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحي وأرواحُ الأئمةِ والدُّعاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقاةِ
ويا علم الهدى يفديك عمري ومالي.. يا نبي المكرماتِ!!
ويا تاج التُّقى تفديك نفسي ونفسُ أولي الرئاسةِ والولاةِ
فداكَ الكون يا عَطِرَ السجايا فما للناس دونك من زكاةِ..
فأنتَ قداسة ٌ إمَّا استُحلّتْ فذاكَ الموتُ من قبل الممات!!
ولو جحد البريّةُ منك قولاً لكُبّوا في الجحيم مع العُصاةِ
وعرضُك عرضُنا ورؤاكَ فينا بمنزلة الشهادةِ والصلاةِ
رُفِعْتَ منازلاً.. وشُرحت صدرا ودينُكَ ظاهرٌ رغمَ العُداةِ
وذكرُكَ يا رسولَ اللهِ زادٌ تُضاءُ بهِ أسَاريرُ الحَيَاةِ
وغرسُك مُثمرٌ في كلِّ صِقعٍ وهديُكَ مُشرقٌ في كلِّ ذاتِ
ومَا لِجنان ِ عَدنٍ من طريقٍ بغيرِ هُداكَ يا علمَ الهُداةِ
وأعلى اللهُ شأنكَ في البَرَايا وتلكَ اليومَ أجلى المُعجزاتِ
وفي الإسراءِ والمعراج ِ معنى لقدركَ في عناقِ المكرماتِ
ولمْ تنطقْ عنْ الأهواءِ يوما وروحُ القدسِِ مِنكَ على صِلاتِ
بُعثتَ إلى المَلا بِرّاً ونُعمى ورُحمى.. يا نبيَ المَرْحَمَاتِ
رَفَعْتَ عن البريّةِ كلُّ إصرٍ وأنتَ لدائها آسي الأُساةِ
تمنّى الدهرُ قبلك طيفَ نورٍ فكان ضياكَ أغلى الأمنياتِ
يتيمٌ أنقذ َ الدّنيا.. فقيرٌ أفاضَ على البريّةِ بالهِبَاتِ
طريدٌ أمّنَ الدنيا.. فشادت على بُنيانِهِ أيدي البُنَاةِ..
رحيمٌ باليتيمة والأُسارى رفيقٌ بالجهولِ وبالجُنَاة ِ
كريمٌ كالسحابِ إذا أهلّت شجاعٌ هدَّ أركانَ البُغَاةِ
بليغٌ علّم الدنيا بوحي ٍ ولم يقرأ بلوح ٍ أو دواةِ
حكيمٌ.. جاءَ باليُسْرى.. شَفيقٌ فلانتْ منهُ أفئدة ُ القُساةِ
فمنكَ شريعتي.. وسكونُ نفسي ومنكَ هويتي.. وسمو ذاتي
ولي فيكَ اهتداءٌ .. واقتفاءٌ لأخلاقِِ العُلا والمَكْرماتِ
وفيك هدايتي.. وشفاءُ صدري بعلمكَ أو بحلمكَ والأناةِ
ومنك شفاعتي في يومِِ عَرْض ٍ ومن كفيّكَ إرواءُ الظُّماةِ
ومنك دعاءُ إمسائي وصحوي وإقبالي وغمضي والتفاتي
رسولَ اللهِ قد أسبلتُ دَمْعي ونزَّ القلبُ من لَجَجِ ِ البُغَاةِ
فهذي أمّةُ الإسلام ضجّتْ وقد تُجبى المُنى بالنائباتِ!!
هوانُ السيفِ من هُونِ المُباري ولِينُ الرمحِ من لِينِ القناةِ
وقد تَشفى الجسومُ على الرزايا ويعلو الدينُ من كيدِ الوشاةِ!!
وفي هزِّ اللواءِ رؤى اتحادٍ ولمُّ الشمل ِ من بعد الشتاتِ !!
وقد تصحو القلوبُ إذا اسْتُفزّتْ ولَفحُ التَّارِ يوقظ ُ من سُبَاتِ!!
ألا بُترتْ روافدُ كلِّ فضٍّ تمرّغَّ في وحول ِ السيئاتِ
ألا أبْلِغْ بَنِي عِلمان عنّي وقد عُدَّ العميلُ من الجُنَاةِ !!
أراكمْ ترقصونَ على أَسانا وتَسْتَحْلون مَيْلَ الغانياتِ!!
وإن مسَّ العدوَ مَسيسُ قَرح ٍ رفعتمْ بيننا صوتَ النُّعاةِ!!
وإنْ عَبستْ لكم "ليزا"* خَنَعْتمْ خُنوع َ المُوفضينَ إلى مَناةِ !!
وإن ما هَاجتْ الشُبُهاتُ خُضْتم ْ بألسنةٍ شِحاح ٍ فاجراتِ !!
"حوارُ الآخرِ " استشرى فذبّوا عن المعصومِ ألسنةَ الجُفاةِ !!
وصوت "الآخرِ " استعلى فردّوا عن الهادي سهامَ الإفتئاتِ ..
رميتمْ بالغلو دُعاة ديني فهل من حُجّةٍ نحو الغُلاة ؟!!
أكُرّارٌ على قومي كُماة وفي عينِ المصيبةِ كالبنات ِ؟!!
ومن يرجو بني علمان عوناً كراجي الروح ِ في الجسدِ الرُّفات!!
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربى وتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلى ضياءٌ .. واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزا وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا وفاءك والحقوقَ الواجباتِ...
=================
إن كانَ فيكم نخوةٌ ومروءةٌ
قرأت موضوعاً يدعو لنصرة المصطفى عليه وآله وصحبه أفضل الصلاة والسلام
أحسست ناراً تحرق قلبي فكانت هذه القصيدة
هبِّي عذاباً يا رياحُ وهدِّمي بالثَّأرِ دار َالفسقِ والفجَّار(9/8)
لا تتركي أثراً لأيِّ رذيلةٍ وتفنَّني بمواكبِ الإعصارِ
هدماً وقتلاً بالصواعق فانزلي وزلازلاً ومقامعًا من نارِ
ودعي البحارَ تشدُّ في هيجانِها لتدكَ كلَّ شواطئِ الأشرارِ
آن الأوانُ لسحقِهم هيَّا افزعي لرسولِ ربِّكِ كاملِ الأنوارِ
فمحمدٌ خيرُ الأنامِ على المدى متعرضٌّ للشَّتمِ من كفارِ
ينشقُّ قلبي صارخاً ومنادياً أهلَ الأمانةِ ثلَّةَ الأخيارِ
أن دافعوا عن حبِّنا وشفيعِنا وتكاتفوا في ثورةِ الأحرارِ
إن كانَ فيكم نخوةٌ ومروءةٌ لا تحجموا عن نُصرةِ المختارِ
==================
دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الدكتور ثامر القحطاني:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أيطيبُ ممْسىً أو يروقُ صَباحُ وجَنابُ أحمدَ للطَّغامِ مُتاحُ؟
كُتبَ الصيامُ عن المُزاح فما لنا بعد السباب تفكّهٌ ومُزاح
إنا إذا سِيمَ الرسولُ أذيةً تلفى لدينا أُهبةٌ وكفاحُ
وإلى المنيةِ مُسلمين نُفوسَنا نُلْفى وللجُرْدِ العِتَاقِ ضُبَاحُ
هذى جحافلُ خالد قد أقبَلتْ فيها لجُند الكافرين ذُباحُ
تَفدِى الرسولَ طِرافُنا وتِلادُنا وحَريمنا دون الرسول مُباحُ
ودماؤنا دون الرسول رخيصةٌ ففداؤه المُهَجاتُ والأرواحُ
قل للذي شتمَ الرسولَ محمداً ستَنالُ منكَ أسنةٌ ورماحُ
وتداسُ بالأَقدامِ دونَ هَوادةٍ وتُزالُ منكَ قَوَادمٌ وجَناحُ
أفَبَعْدَ شَتْمِ الكافرينَ محمَّداً يُرجى السَّلامُ ويُبْتَغى الإصلاحُ؟
هيهاتَ ليس سِوى الأَسِنَّةِ مَركَبٌ سَيْفٌ يُسَلُّ وغَارَةٌ مِلْحَاحُ
وطِرادُ يومِ كريهةٍ يُخزَى بهِ حِزْبُ الصَّليبِ فَمَقْتلٌ وجِراحُ
يا أيها البلدُ الحقيرُ تُراثُهُ ورجالُه الأقْزَامُ والأشباحُ
ونِساؤُهُ الرجْسُ الخبائثُ طينةً أعمارُهنَّ قَذارةٌ وسِفاحُ
أتَطاولَ الأوْغادُ فيكَ على الذي ملأ الوجودَ عَبِيرُه الفَوّاحُ؟
وأنارَ ضوءُ كتابِه وصراطِه كلَّ البرَى فيه الظَّلامُ مُزاحُ
مَنْ جاءَ بالدينِ الحَنيفِ مُخَلِّصاً فَلَنَا بِقَفْوِ سَبِيلهِ إِنْجاحُ
هذا الكتابُ المُسْتبِينُ ومِثلُهُ سُنَنٌ حِسانٌ تُحْتَذَى وصِحَاحُ
خيرُ البريَّةِ كُلِّها وإِمَامُها وسراجُها الوَهَّاجُ والمِصْباحُ
والرحمةُ المُهْداةُ والعَلَمُ الذي بمَقامه يوْمَ النُّشُورِ نُراحُ
يا بُؤْرَةً للخِزْيِ ساءَ قرارُها للكَوْنِ منها أَنَّةٌ وصِيَاحُ
أتقِرُّ شَتْمَ الهاشِمِيِّ دِيَانَةٌ؟!! لا سِفْرَ يَرْضاهُ ولا إِصْحاحُ
لا عقْلَ يقبله ُ ولا مَدَنِيّةٌ إلا لديكِ فَلَيْسَ فيهِ جُناحُ
والدانمرك بُلَيْدَةٌ ملعونة فيها لمجتمع الكلاب نباحُ
خُبْثٌ تأصلَ في النفوسِ جِبِلّةً قِدْماً وكُفْرٌ فوقَ ذاك بَواحُ
وخلائقٌ وصفَتْ حقارةَ معدِنٍ ما إنْ لهمْ عنها الزمانَ براحُ
ليس الجزاءُ فحسْبُ حَظْرَ بضائعٍ مِنهنَّ تُجْنَى فيكمُ الأَرْباحُ
بل سوف تَلْقَون النَّكالَ مُعَجّلاً وتسيلُ منكمْ بالدماء بِطاحُ
وتغَصُّ بالأشْلاءِ مِنْكمْ بُقْعةٌ لَخِنَتْ وساءَ غُدوُّها ورَواحُ
وتُبَدَّلُ الأفْراحُ فيكم مأْتَمًا يَغْشاهُ مِنْ ليلِ المُصابِ جَناحُ
خطب ٌٌ يُجلِّلُ جَمعكمْ ويُذيقكمْ خِزْياً يَظَلُّ على المَدى يَنْداحُ
أيَطيبُ نَومٌ أو يَلَذُّ لمسلمٍ عَيشٌ وعِرْضُ الهاشميِّ مُباحُ؟!
لعبتْ به بينَ الأنامِ أصابعٌ فلهنّ فيهِ مَسْرحٌ ومُراح
يا مسلمون كفاكمُ نوماً فقدْ صاح النذير وصَرَّحَ الإصباحُ
أوَما كَفاكُمْ أنَّهمْ قد دَنَّسُوا عَلنًا مَصاحفَ حَشْوهنَّ فَلاحُ!!
واليوم صالوا صَوْلةً هَمجيَّةً هُزْءًا بمَنْ هُوَ للهُدى مِفتاحُ
تاللهِ لن يصِلوا إليهِ بِكيدهمْ ما للكلابِ سوى النِّباحِ سلاحُ
يا خيرَ مَنْ وَطِئَ الحصى وأجَلَّ مَنْ بَرأَ الإلهُ ومنْ هداهُ صلاحُ
يا منْ تكِلُّ عن الوفاءِ بحقِّهِ دُرَرُ البديعِ وتعْجِزُ الأمْداحُ
يا قُرةَ العينينِ يا بَرْدَ الحَشا يا منْ تُزاحُ بوجههِ الأتراح
إنا كذلك لا نزالُ على الذي تَرضى وإنْ مكَرَ العُداةُ وصاحُوا
نحنُ الفداءُ وقلَّ ذلك عندنا المالُ والمُهَجَاتُ والأرواحُ
ستحطِّمُ الطاغوتَ خيلُك عاجلاً وتَهُبُّ للنَّصر ِالمبين رياح
=================
أيها المسلمون في كل قطر
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل:
أطبق الليل واختفت أضواء وتوالى على النفوس البلاء
ودموع همتْ كأمطار مُزْنٍ واقْشَعَرَّتْ بسيطة وسماء
وبحار بمائها وجبال راسيات جثى عليها الوباء
وسحاب تمر مر غضوب ليس ماء يزينها أو هواء
نعمٌ تصطلي برمضاءِ قَحْط هي عطشى وما هنالك ماء
وانظر الورد والزهور بروض مسها الضر واعتراها الحياء
شجر مذبل ودوح تهاوى وزروع من الونى حدباء
ها هي الشمس في السماء اكْفَهَرَّتْ وانحنى البدر والْتَوَتْ جوزاء
كل شبر على البسيطة يشكو من أناس كما يقال غثاء
دينها يعتدى عليه جهارًا ورسول يسبه الجهلاء
كيف نرضى مذلة وهوانًا كيف نرضى الخضوع أين الإباء(9/9)
أي نصر ونحن في بئر لهو أي عز وقد غزانا الرباء
أي نصر ومنتدانا المخازي أي نصر وثوبنا الكبرياء
أيها المسلمون في كل قطر أيها الأتقياء والأولياء
سددوا السهم فالعدو تمادى لا تذلوا فأنتم العلياء
ارشقوا بالنبال كل عتل حربه الصالحون والأنبياء
وحّدوا صفكم بجد وعزم وانصروا الله أيها الأوفياء
قاطعوا المنتجات صبوا عذابًا لا تلينوا وللرسول أساءوا
دانمركي ما رسمت لَرُزْءٌ وخطوب وغارة شَعْوَاءُ
دانمركي نلت ذلاً وخسفًا كل عرض لعرض طَهَ فداء
سيد المرسلين خير البرايا قائد الغر رحمة وهداء
صلِ ربي على الرسول وآل وصحاب ما غردت ورقاء
==================
في مرثيته الرسول
وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حدثنا ابن هشام ، عن أبي زيد الأنصاري
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
ولا تمتحي الآيات من دار حرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثار وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده وقبرا بها واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت عيون ومثلاها من الجفن تسعد
يذكرن آلاء الرسول وما أرى لها محصيا نفسي فنفسي تبلد
مفجعة قد شفها فقد أحمد فظلت لآلاء الرسول تعدد
وما بلغت من كل أمر عشيره ولكن لنفسي بعد ما قد توجد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها على طلل الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا عليه بناء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك رزية يوم مات فيه محمد
تقطع فيه منزل الوحي عنهم وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدا معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عفو عن الزلات يقبل عذرهم وإن يحسنوا فالله بالخير أجود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا هم في نعمة الله بينهم دليل به نهج الطريقة يقصد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثنى جناحه إلى كنف يحنو عليهم ويمهد
فبينا هم في ذلك النور إذ غدا إلى نورهم سهم من الموت مقصد
فأصبح محمودا إلى الله راجعا يبكيه حق المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها فقيد يبكيه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقده خلاء له فيه مقام ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت ديار وعرصات وربع ومولد
فبكى رسول الله يا عين عبرة ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التي على الناس منها سابغ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
أعف وأوفى ذمة بعد ذمة وأقرب منه نائلا لا ينكد
وأبذل منه للطريف وتالد إذا ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرم صيتا في البيوت إذا انتمى وأكرم جدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العلا دعائم عز شاهقات تشيد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا وعودا غذاه المزن فالعود أغيد
رباه وليدا فاستتم تمامه على أكرم الخيرات رب ممجد
تناهت وصاة المسلمين بكفه فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند
أقول ولا يلقى لقولي عائب من الناس إلا عازب العقل مبعد
وليس هواي نازعا عن ثنائه لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
=================
تحية ودفاع عن عرضه صلى الله عليه وسلم
محمد بن عائض القرني :
ما بالُ مكةَ قد ضجت نواحيها؟! ودمع طيبةَ يجري من مآقيها؟
ما للجزيرةِ قد مادت بساكنها؟! فاهتز شامخُها وارتج واديها!
ما للعروبةِ والإسلامِ روَّعَها خَطبٌ ألمَّ وظُلمٌ من أعاديها؟!
أيسخرون من الهادي الذي شرفت به البريةُ قاصيها ودانيها؟!
أيسخرون من الأنوارِ قد كشفت مجاهلَ الظلم فانزاحت غواشيها
أيسخرون من المجدِ الذي خضعت له الجبابرُ حتى ذل طاغيها
أيهزءون به؟! شُلت أكفُّهُمُ ودمر الله ما تجني، وجانيها
أعداءُ كلِّ نبي جاء يُنقذُهم من الضلالةِ لما أُركسوا فيها
محمدٌ خيرُ من سارت به قدم وأكرمُ الناس ماضيها وباقيها
أوْفَى الخليقةِ إيماناً وأكملُها ديناً، وأرجحُها في وزن باريها
من مثلُه في الورى بِراً ومرحمةً؟! ومن يشابهُه لطفاً وتوجيها؟!
جاءت رسالتُه للناس خاتمةً وجاء بالنعمة المسداةِ يهديها
أحيا الحنيفيةَ الغراءَ متبِعاً نهجَ الخليلِ ولم يخطئْ مراميها
وسار في كنفِ الرحمنِ يكلؤه إلى الحسانِ من الأخلاقِ يبنيها
هو البشيرُ لمن أصغى لدعوتِه هو النذير لمغرور يعاديها(9/10)
كسرى تَكَسَّرَ إذعاناً لهيبته قصورُ قيصرَ هُدت من أعاليها!
وأقبلت أممٌ شتى مبايعةً تمُد للعدلِ والإحسانِ أيديها
نالت بدعوته نُعمى ومكرُمةً وأسعد الله بعد البؤسِ ناديها
في الهندِ والصينِ والقوقازِ طائفةٌ تذود عن عرض خير الناس تنزيها
وفي (أُورُبَّةَ) أقوامٌ قلوبُهُمُ بدين أحمدَ قد نالت أمانيها
الصامدون بوجهِ الكُفرِ ما ضَعُفُوا يجابهون المنايا في تحديها
يفدون عرضَ رسولِ الله ما بخلوا وبالنفوس إذا نادى مناديها!
حتى إذا نشر الأنذالُ حقدَهُمُ وبارزوا اللهَ من عدوانهم تيها
تؤزُّهم زُمَرٌ ضاقت نفوسُهم لهم عيونٌ شُعاعُ الحق يُعشيها
بنو اليهودِ ومن ساءت سريرتُه فأبدل الصدقَ تزويراً وتمويها
أيسخرون من المعصومِ ويلهُم؟! ويطلبون له ذماً وتشويها؟!
من جاء بالملةِ البيضاءِ صافيةً نقيةً؛ وبنور الوحي يحييها
أقام بالعدلِ مجداً لا زوال له وأمَّةً كنفُ الرحمنِ يحميها
من بئرِ زمزمَ سُقياها ومطعمُها من تمر طيبةَ قد طابت مغانيها
أرواحُها بظلالِ البيتِ هائمةٌ من دونه تُرخِصُ الدنيا وما فيها!
فداءُ عرضِ رسولِ الله أنفسُنا وكلُّ نفس وما تحويه أيديها
وصلِّ يا ربِّ ما هبَّ النسيمُ على معلمِ الأممِ الحَيرَى وهاديها
تحيةً لرسولِ الله أبعثُها ويومَ هجرتِه الغراءِ أهديها
================
أُهدي إليكَ نشيداً رحتُ أخفيهِ
عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل:
تشطير قصيدة د. عبد المعطي الدالاتي
وقد تميزت قصيدة د. الدالاتي أن جعلت بين قوسين
( أُهدي إليكَ نشيداً رحتُ أخفيهِ ) فخالص الحب مَرُّ الطيف يؤذيه
ذاب الفؤاد كمزن الماء مستترا ( بين الدموعِ .. حلاواتُ الهوى فيهِ )
( أهدي إليك فؤاداً راح يسكنهُ ) محض من الود روح الصدق ترويه
تَضَوُّع المسك في الآفاق يغلبه ( عطرُ الحبيبِ فما أزكى معانيهِ )
( لو كنتُ أدري حديثَ الركب إذ رحلوا ) لطرت شوقا وحزن الأرض أطويه
سرت بهم نجب لو أدر حين سروا ( نحو الحجاز هوىً لو كنت أدريهِ )
( شَدّوا الرحالَ وفي أرواحهم طرَبٌ ) والشوق مشتعل والدمع يذكيه
والفكر صاغ قصيد السير حين غدا ( يحدو الجِمالَ فيطوي الدربَ حاديهِ )
( ساروا إليكَ وكان الشوقُ يحملهمْ ) والشوق إن حرَّ بالآمال نطفيه
وكم من الشوق خفت منه شعلته ( لكنّ شوقي أنا حارتْ أمانيهِ )
( ساروا إليكَ وراح القلبُ يسألهمْ ) طريقَ طيبة قد لا حت خوافيه
مرت ليال وقلبي حائر قلق ( لو يعلمُ القلبُ أن الدربَ يبغيهِ )
( أوْ يعلمُ الركبُ أن الروحَ تَسبقهمْ ) إلى نبي الهدى بالروح نفديه
يا حاديا إن سرت روحي على عجل ( نحو الحبيبِ فهل حقاً تلاقيهِ )
( روحي تطير وتهوي عند مسجدهِ ) أمانيا أن نصلي في أراضيه
أرى الفؤاد طروبا عند مسجده ( من أخبرَ الروحَ أن المصطفى فيهِ )
================
جئنا إليكَ رسولَ اللهِ نعتذرُ!!
ماجد بن عبد الله الغامدي.. الخبر
جئنا إليكَ رسولَ اللهِ نعتذرُ ممّا تجرّأ ذاكَ الفاجرُ الأشِرُ
فأنتَ مؤتمنُ الرحمنِ إذ خُتمت بكَ الرسالاتُ واستهدت بك البشرُ
جاهدْتَ في اللهِ إذ بلّغتَ دعوَتَهُ فالكفرُ مندحرٌ والشركُ منكسرُ
صلّيتَ بالرُسلِ في مسراكَ كنتَ بهم كما يزيّنُ ضوءَ الأنجمِ القمرُ
تركتَ فينا كتابَ اللهِ ننهجهُ وسُنّةً فُسّرَتْ في ضوئِها السُوَرُ
ففي جبينكَ "نورٌ يُشرقُ القمرُ" وفي حديثِكَ ذاكَ الهديُ ينهمرُ
وفي سجاياكَ يا خيرَ الورى مثَلٌ وفي حياتِكَ ذاكَ المقتدى الأثرُ
قد كنتَ قلباً لنشرِ الدينِ مجتهداً وكنتَ كفّاً لبذلِ الخيرِ تبتدرُ
إذا وهبتَ فلا مَنٌّ ولا قَتَرٌ وإن دُعيتَ فلا مَطْلٌ ولا ضجرُ
وكنتَ قرءاننا يمشي بخيرِ هدىً ماذا نقولُ وماذا فيكَ نختصرُ؟!
يا ناصرَ الدينِ.. يا وحيَ الإلهِ بهِ يرفرفُ القلبُ والأرواحُ والفِكَرُ
يا أشرفَ الخلقِ لن نرضى بما اقترفوا هذي القلوبُ تكادُ اليومَ تنفطرُ
وجداننا في جحيمِ الغيظِ مشتعلٌ قلوبُنا بلهيبِ الإفكِ تستعرُ
يا مَن أضاءَ بنورِ اللهِ سنّتَهُ للمقتدينَ فتلكَ الأنجمُ الزُهرُ
مناقبُ النصرِ في أرجاءِ دعوتِهِ الـ ـغرّاءِ فيها قلوبُ الشركِ تنبهرُ
ما بينَ مستترٍ عنها ومنكسرٍ تلكَ الفلولُ بعونِ اللهِ تندثرُ
هُداكَ زلزلَ كسرى في مدائنِهِ وخرَّ قيصرُ إذ لم تُغنِهِ النُذرُ
يا خاتمَ الرسلِ لم نجزعْ لِما كتبوا فالجهلُ يُغوي وهذا شأنُ مَن كفروا
غُلّتْ أياديهمُ إذ صدّقوا خَرِفاً شُلّتْ يداهُ.. وتبّاً للذي نشروا
يقينُنا أننا نفدي بما مَلَكت أيمانُنا إن توالت حولَكَ الزُمَرُ
بل تفتديكَ وايمُ اللهِ أفئدةٌ لِنُصرةِ الحقِ والقرءانِ تعتصرُ
أرواحُنا ودمانا فيك نبذلُها نذودُ عنْكَ.. بقولِ اللهِ نأتمرُ
لا نرتضي قولَهم.. كلاّ وما فَتئتْ ضراغمُ الحقِ لا جُبنٌ ولا خَوَرُ
فكم لَقينا ولم تضعفْ عزائمُنا وكم تغيّرَتِ الأفلاكُ والسِّيَرُ
لكنَّ إيمانَنا باقٍ وما ضَعُفَت مّنا العزائمُ إن ضجّوا وإن سخروا
فالنّورُ إيمانُنا.. والنارُ نِقمتُنا نارٌ تُبيدُ فلا تُبقي ولا تذرُ!!(9/11)
جئنا نلبّيك لا لن ننثني أبداً جئنا نفدّيك لا خوفٌ ولا حذرُ!
إيمانُنا أنَّ وعدَ اللهِ مدرِكُهم وأنَّ موعدَ ذاكَ المُفتري سَقَرُ
وأنّكَ المصطفى البشرى النذيرُ وقد ذُكرتَ إذ أُنزلَ الإنجيلُ والزُبرُ
أدّيتَ فينا أماناتٍ وقد شهدت لكَ القلوبُ وذاكَ السمعُ والبصرُ
عزاؤنا أنَّ عقبى الدارِ موعدُنا طوبى لمَن آمنوا.. بُشرى لِمَن صبروا
صلّى عليكَ إلهُ الكونِ ـ نسألهُ لكَ الوسيلةَ ـ والشيطانُ مندحرُ
=================
جلَّ من ربَّاك
محمد بن عبد الرحمن المقرن
ربَّاكَ ربُّكَ.. جلَّ من ربَّاكا ورعاكَ في كنفِ الهدى وحماكا
سبحانه أعطاك فيضَ فضائلٍ لم يُعْطها في العالمين سواكا
سوّاك في خلقٍ عظيمٍ وارتقى فيك الجمالُ.. فجلّ من سوَّاكا
سبحانه أعطاك خيرَ رسالةٍٍ للعالمين بها نشرْتَ هُداكا
وحباكَ في يوم الحساب شفاعةً محمودةً.. ما نالها إلاّكا
اللهُ أرسلكم إلينا رحمةً ما ضلَّ من تَبِعتْ خطاه خُطاكا
كنّا حيارى في الظلامِ فأشْرقتْ شمسُ الهدايةِ يومَ لاحَ سناكا
كنّا وربي غارقين بغيِّنا حتى ربطنا حَبْلَنا بعُراكا
لولاك كنا ساجدين لصخرةٍ أو كوكبٍ.. لا نعرفُ الإشراكا
لولاك لم نعبدْ إلهًا واحدًا حتى هدانا اللهُ يومَ هداكا
أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكا
والجذعُ يُسمعُ بالحنين أنينُه وبكاؤُه شوقًا إلى لُقياكا
ماذا يزيدُك مدحُنا وثناؤُنا واللهُ في القرآنِ قد زكّاكا؟!
ماذا يفيدُ الذّبُّ عنك وربُّنا سبحانه بعيونه يرعاكا؟!
"بدرٌ" تحدثنا عن الكفِّ التي دمتِ الطغاةُ فبوركت كفّاكا؟!
و"الغارُ" يخبرُنا عن العين التي حفظتك يوم غفت به عيناكا
لم أكتبِ الأشعارَ فيك مهابةً تغضي حروفي رأسَها لحلاكا
لكنها نارٌ على أعدائكم عادى إلهَ العرشِ مَن عاداكا
إني لأرخصُ دون عرضِك مهجتي روحٌ تروحُ ولا يُمسُّ حماكا
شُلّتْ يمينٌ صوَّرتك وجُمِّدتْ وسطَ العروقِ دماءُ من آذاكا
ويلٌ فويلٌ ثم ويلٌ للذي قد خاضَ في العِرضِ الشريفِ ولاكا
يا إخوةَ الأبقارِ هن سباتكم "مَن في القطيع سيصبح الأفّاكا؟!"
النارُ يا أهلَ السباقِ مصيرُكم وهناك جائزةُ السباقِ هناكا!!
تتدافعون لقعرها زمرًا ولن تجدوا هناك عن الجحيمِ فكاكا
هبوا بني الإسلام نكسر أنفهم ونكون وسطَ حلوقِهم أشواكا
لك يا رسولَ اللهِ نبضُ قصائدي لو كانَ قلبٌ للقصيد فداكا
هم لن يطولوا من مقامك شعرةً حتى تطولَ الذّرةُ الأفلاكا!!
والله لن يصلوا إليك ولا إلى ذراتِ رملٍ من ترابِ خُطاكا
هم كالخشاش على الثرى ومقامُكم مثلُ السماك.. فمن يطولُ سماكا؟!!
روحي وأبنائي وأهلي كلهم وجميع ما حوت الحياةُ فداكَ
=================
حوار بين سلعة دانمركية وأخرى أمريكية
لفضيلة الشيخ / حامد بن عبد الله العلي
قالتْ سلعةُ الدنمركِ وهي على الرفّ تبكيِ..
لأختِها الحسينةِ البهيهْ بضاعةٍ بالقربِ أمريكيهْ ..
أختاه أنّي سوفَ أُحْرق عمّا قليلٍ بعدما أُمزّقُ
ماذا جنيتُ قولي يا شقراءُ أجاءني لوحديَ الشقاءُ ؟!..
فقالت تلكُمُ الذكيّهْ برقة تهتزّ كالصبيّهْ..
أمَا علمتِ أنّكمْ رسمتمْ جنايةً عظيمةً جَنيمْ ..
ثم ألقت بشعرها كذا كذا بغُنْجها ضاحكةً قالت: وذا
تطاولٌ على نبيّ أمةٍ عظيمةٍ بفعلة لئيمةٍ!
وسوف يعلنون قعقعهْ! ويضربون شعبكم مقاطعهْ ..
قالت تلكمُ الشقيهْ فأنتِ يا عاهرةٌ دنيهْ ..
ما بالهُمُ تركوكِ لا عقابُ ينالكِ اليومَ ولا سبابُ؟!..
قالتْ ويحَكِ ويحَ أمُّكِ أمريكيّة أنا ما أَلمكِ؟!
نحن الذين مزّقُوا المصاحفَ وبالكلاب تلحسُ الصحائفَ ..
في "باغرام" نفعل ما نشاءُ وهاهنا في (غونتنامو) لا مراءُ
وقد شتمنا ربّهمْ ودينهمْ عرضهمْ تراثهمْ نبيّهمْ!
وفي العراق نقصف المساجدَ نذيقهم من بأسنا الشدائدَ.
ومن عقودٍ ندعم الصهاينهْ بنجدة دائمةٍ وبائنهْ
ليقتلوهم يهتكوا نساءهم وبالصَّغار يحكموا فضاءهم!
مساجدُ قد حُوِّلتْ مراقصا والمسجد الأقصى بدا مُنكَّصا
وكلّ يومٍ نشتم الرسولا ونُظهر التوراة والإنجيلا..
نحاربُ الشريعة المطهّرهْ سياسةً محكمةً مقررهْ
وننشر الفسادَ في الأخلاقِ ونحنُ واليهود في سباقِ
ويشترون منّا ما نحبُّ وعندنا أموالهمْ تُصبُّ !!
ورضخُوا للجزية الجليه.. منظمة التجارة الدوليه..
قالت تلك السلعة الدنمركيهْ ويحكِ فكيف أصيرُ أمريكيهْ
فهزّت الأُخرى خصرها: لن تعدوَ الدنمرك قدرَها
فغضبت الأولى عليها حاقدهْ: سلط الله عليك القاعدهْ
====================
شّهِدَتْ بِفَضْلِ مَقَامِكَ الأَكْوَانُ
الشيخ/ حامد بن عبد الله العلي
شّهِدَتْ بِفَضْلِ مَقَامِكَ الأَكْوَانُ وَتَرَنّمتْ فَرَحاً بِكَ الأَزْمَانُ
وَتَبَاشَرَتْ كُلّ السّمَاءِ وَكَبّرتْ وَالأرْضُ فِي عُرْسٍ كَذاً الأَرْكَانُ
وَتَزَلْزَلَ الطّغْيَانُ فٍي أَرْجَاءِهَا فَبْسَيْفِ دِينِكِ يٌهْزَمُ الطّغْيّانُ
وَتَثَقّفَ الإنْسَانُ أَعْلاَمَ الهُدَى لَوْلاَكَ ضَلّ بِجَهْلِهِ الإنْسَانُ(9/12)
كَمُلَتْ صِفَاتُكَ فٍي الأنَامِ فَكُلّهَا نُورٌ تُضِيءُ يَمُدّها الإِيْمَانُ
سَبْحَانَ مَنْ أَلْقَى إِلَيْكَ مَحَاسِناً منْ نُوُرِ نُورِكَ يَنْبُعُ السّبْحًانُ
وَعَلاَ بِذِكْرِكَ حَامِداً وَمُحَمّداً وَبِاسْمِ أَحْمَدَ تَشْهَدُ الرّهْبَانُ
جِبْريلُ يَشْهَدُ وَالملائِكَةُ العُلاَ وَالأَنْبِيَاءُ بِصِدْقِهْمْ قَدْ دَانوا
أَنْتَ الّذِيِ أُوُتِيتَ كُلّ فَضَيِلةٍ وَالمُعْجِزُاتِ عَظِيْمُها القُرْآنُ
أَنْتَ المُقَرّبُ وَالمُشَفّعُ للوَرَى يَوْمُ الشّفّاعّةِ أَحْمَدُ العُنْوَانُ
أَنْتَ الخَلِيلُ وَأنْتَ أَعْظَمُ نِعْمَةً وَالآيَةُ العُظْمَىَ كذَا الفُرْقَانُ
وَبِنورِ وِجْهِكَ تُمْطُِرُنَا السّمَا وَبِفْضْلِ جُودِكَ عَمّنا الإحْسَانُ
عَرْشُ الإلَهِ يَرَى مَقَامِكَ عَالِياً أَدْنَاكَ مِنْهُ بِفَضْلِهِ الرّحْمَنُ
مَا ضَرّ تّاجُ الكَوْنِ فِيِ عِلْيائه مَا ضَرّهُ أنْ يَنْبَحَ الشّيْطانُ
وَتَطاوِلِ (الدنمرك)فِيِ أَحْقَادِهِمْ سَتُذِيقُهُمْ حَر اللّظّىَ النّيِرانُ
سَيُصِيبُهُمْ مِنّا لّهِيبٌ حَارِق فَيَدُكّهمْ وَتَلَفُّهُمْ أَحْزَانُ
================
صلّى عليك الله
ميسون قصاص :
ريح الصّبا تزكي الصّبابة في الحشا عند الهبوب
وتحرّك الأشواق تطوي بالمنى بُعدَ الدّروب
فإذا الحياة بمرّها تحلو وتنساها الكروب
وتهون في الدّرب الصّعاب وينجلي ليل الخطوب
يا أحمدَ الهادي ويا نوراً أطلّ على القلوب
من كلِّ شيءٍ حُسنَهُ آتاك علام الغيوب
فالشّمسُ حُزْتَ ضياءها والغيمُ مدمعَه السّكوب
والطّيرُ أهدت شدوها والزّهرُ أهداك الطّيوب
أهدى الصّباح حياته وسكينةً أهدى الغروب
يا منذراً ومبشّراً من عند علام الغيوب
يا داعياً وسراجَ نورٍ قد أضاء لنا الدّروب
ذكراك تحيينا وحبّك غيثنا يروي القلوب
وحديثك الهادي رياض ليس فيها من لغوب
صلّى عليك الله يا من ذكره يمحو الذّنوب
=================
في مدح حبيبي رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
ابن جابر الأندلسي
قصيدة للشاعر أبو عبد الله شمس الدين محمد بن احمد بن غلي الهواري المالكي الأندلسي النحوي المعروف بابن جابر الأندلسي ، و قد كانت من أجمل ما كتب على الإطلاق في مدح حبيبي رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم و يكمن سحرها بوجود التورية بسور القرآن الكريم
في كل فاتحة للقول معتبرة حق الثناء على المبعوث بالبقرة
في آل عمران قدما شاع مبعثه رجالهم و النساء استوضحوا خبره
من مد للناس من نعماء مائدة عمت فليست على الأنعام مقتصرة
أعرف نعماه ما حل الرجاء بها إلا و أنفال ذاك الجود مبتدره
به توسل إذ نادى بتوبته في البحر يونس و الظلماء معتكره
هود و يوسف كم خوف به أمنا و لن يروع صوت الرعد من ذكره
مضمون دعوه إبراهيم كان و في بيت الإله و في الحجر التمس أثره
ذو أمه كدوي النحل ذكرهم في كل قطر فسبحان الذي فطره
بكهف رحماه قد لاذ الورى و به بشرى ابن مريم في الإنجيل مشتهرة
سمّاه طه و حض الأنبياء على حج المكان الذي من أجله عمره
قد افلح الناس بالنور الذي عمروا من نور فرقانه لما جلا غرره
أكابر الشعراء اللسن قد عجزوا كالنمل إذا سمعت آذانهم سوره
و حسبه قصص للعنكبوت أتى إذ حاك نسجا بباب الغار قد ستره
في الروم قد شاع قدما أمره و به لقمان وفق للدر الذي نثره
كم سجدة في طلى الأحزاب قد سجدت سيوفه فأراهم به عبره
سباهم فاطر السبع العلا كرما لمن بياسين بين الرسل قد شهره
في الحرب قد صفت الأملاك تنصره فصار جمع الأعادي هازما زمره
لغافر الذنب في تفصيله سور قد فصلت لمعان غير منحصره
شوراه أن تهجر الدنيا فزخرفها مثل الدخان فيعشي عين من نظره
عزت شريعته البيضاء حين أتى أحقاف بدر و جند الله قد نصره
فجاء بعد القتال الفتح متصلا و أصبحت حجرات الدين منتصرة
بقاف و الذاريات الله أقسم في أن الذي قاله حق كما ذكره
في الطور أبصر موسى نجم سؤدده و الأفق قد شق إجلالا له قمره
أسرى فنال من الرحمن واقعة في القرب ثبت فيه ربه بصره
أراه أشياء لا يقوى الحديد لها و في مجادله الكفار قد أزره
في الحشر يوم امتحان الخلق يقبل في صف من الرسل كل تابع أثره
كف يسبح لله الحصاة بها فاقبل إذا جاءك الحق الذي قدره
قد أبصرت عنه الدنيا تغابنها نالت طلاقا و لم يصرف لها نظره
تحريمه الحب للدنيا و رغبته عن زهرة الملك حقا عندما نظره
في نون قد حقت الأمداح فيه بما أثنى به الله إذ أبدى لنا سيره
بجاهه سال نوح في سفينته سفن النجاة و موج لبحر قد غمره
و قالت الجن: جاء الحق فاتبعوا مزملا تابعا للحق لن يذره
مدثرا شافعا يوم القيامة هل أتى نبي له هذا العلا زخره؟
في المرسلات من الكتب انجلى نبأ عن بعثه سائر الأخبار قد سطره
ألطافه النازعات اليم في زمن يوم به عبس العاصي لما ذعره
إذ كورت شمس ذات اليوم و انفطرت سماؤه و دعت ويل به الفجرة
و للسماء انشقاق و البروج خلت من طارق الشهب و الأفلاك مستترة(9/13)
فسبح اسم الذي في الخلق شفعه و هل أتاك حديث الحوض إذ نهره
كالفجر في البلد المحروس غرته و الشمس من نوره الوضاح مستنره
و الليل مثل الضحى إذ لاح فيه ألم نشرح لك القول في أخباره العطرة
و لو دعا التين و الزيتون لا ابتدرا إليه في الحين و اقرأ تستبن خبره
في ليله القدر كم قد حاز من شرف في الفجر لم يكن الإنسان قد قدره
كم زلزلت بالجياد العاديات له أرض بقارعه التخويف منتشرة
له تكاثر آيات قد اشتهرت في كل عصر فويل للذي كفره
ألم تر الشمس تصديقا له حبست على قريش و جاء الروح إذ أمره
أرأيت أن إله العرش كرمه بكوثر مرسل في حوضه نهره
و الكافرون إذا جاء الورى طردوا عن حوضه فلقد تبت يدا الكفرة
إخلاص أمداحه شغلي فكم فلق للصبح أسمعت فيه الناس مفتخرة
أزكى صلاتي على الهادي و عترته و صحبه و خصوصا منهم عشره
===================
في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
أحمد محمد سعد
أمطرينا يا سماء الله جمرًا واحرقي الإحساس منا.. قد تبلد
وارجمينا يا جبال الأرض صخرًا وارجمي منا لسانًا قد تجمد
كيف يهنينا الطعام وقد صرعنا واستبيح القدس والصرح الممرد
كيف ينعشنا النسيم وقد سمعنا مَن بأرض الكفر يسخر من محمد
أي ضيم فاق ضيم الناس طرًّا أي كفر صار يحمي أو يمجد؟!
ألف مليون بلا وزن ترانا ما ترى فينا صليلاً يتردد
يدفع الباغين عن عرض نبي نوره يهدي إلى الخير المسدد
جاء للدنيا فأشرق في رباها فاستقت منه الهدى دومًا لتسعد
أدب الشرك وأرداه طريدًا دون مأوى في البراري يتشرد
علم الناس السعادة كيف تهدى لفقير من لظى الفقر مهدد
وسرى في روحنا يروي قلوبًا من ظلام الكفر والإجرام جلمد
يوم مكة في رؤى التاريخ يوم رحمة الهادي الحبيب به تجدد
حين قال لمن بغى يومًا قريبًا "أنتم الطلقاء" في الأرض تردد
يا بلاد الله هل شاهدت يومًا في جبين الدهر إنسانًا كأحمد؟!
من تبارى فيه أهل الحب جمعًا عشقه للصب أمجادٌ وسؤدد
حين تنسى الروح أن الحب يروي نستقي من حبه حبًا يمدد
والليالي في محبته ضياء والضياء بحبه خُلد وسرمد
يا نبيًا شُلَّ كلُ الجسم مني إن سكتُّ على الإساءة يا محمد!
ما الذي يبقى لنا بعد رسولي ليس تنفعنا صلاة إن تهدد
يا رجال الحق بالإيمان قوموا واقطعوا الكفر الجبان بلا تردد
ذاك عرض المصطفى يُجتاح جهرًا ذاك عرض المجتبى الهادي محمد
إن صمت الناس خزيًا وانكسارًا منه كل الكون والأحياء تفسد
===================
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ
ريمٌ على القاعِ بين البانِ والعلَمِ أحَلّ سفْكَ دمي في الأشهر الحُرُمِ
رمى القضاءُ بعيْني جُؤذَار أسداً يا ساكن القاع، أدرك ساكن الأجم
لما رَنا حدّثتني النفسُ قائلةً يا وَيْحَ جنبِكَ ، بالسهم المُصيب رُمِي
جحدتها ، وكتمت السهمَ في كبدي جُرْحُ الأحبة عندي غيرُ ذي ألم
رزقتَ أسمح ما في الناس من خُلق إذا رُزقتَ التِمَاس العذْر في الشِّيِم
يا لائمي في هواه - والهوى قدرٌ - لو شفَّك الوجدُ لم تَعذِل ولم تلم
لقد أنلْتُك أُذناً غير واعيةٍ ورُبَّ منتصتٍ والقلبُ في صَمم
يا ناعس الطرفِ؛ لاذقْتَ الهوى أبداً أسهْرتَ مُضناك في حفظِ الهوى ، فنم
أفديك ألفاً ، ولو آلو الخيالَ فِدىً أغراك بالبخل مَن أغراه بالكرام
سرَى ، فصادف جُرحاً دامياً ، فأسا ورُبَّ فضل على العشاق للحُلُم
مَنْ الموائسُ باناً بالرُّبَى وقَناً اللاعبات بُروحي، السافحات دمِي؟
السافِراتُ كأمثال البُدور ضُحىً يغرنَ شمسَ الضُّحى بالحَليْ والعِصْم
القاتلات بأجفانٍ بها سَقَمٌ وللمنيةِ أسبابٌ من السّقم
العاثراتُ بألبابِ الرجال، وما أُقلِنَ من عثراتِ الدَّلِّ في الرَسم
المضرماتُ خُدوداً، أسفرت وجَلتْ عن فِتنة ، تُسلِمُ الأكبادَ للضرَم
الحاملاتُ لواء الحسنِ مختلفاً أشكالهُ، وهو فردٌ غير منقسِم
من كلِّ بيضاء أو سمراء زُيِّنتا للعينِ ، وللحُسنُ في الآرامِ كالعُصُم
يرعنَ للبصرِ السامي ، ومن عجبٍ إذا أشرَن أسرن الليثَ بالعَتم
وضعتُ خدِّي، وقسمتُ الفؤادَ رُبىً يَرتَعنَ في كُنُسٍ من وي أكم
يا بنت ذي اللَّبَدِ المحميِّ جانِبُه ألقاكِ في الغاب ، أم ألقاكِ في الأطُم؟
ما كنت أعلم حتى عنّ مسكنه أن المُنى والمنايا مضرِبُ الخِيم
مَنْ أنبتَ الغصن مِنْ صَمصامةٍ ذكرٍ؟ وأخرج الريمَ مِن ضِرغامة قرِم؟
بيني وبينك من سُمْرِ القنا حُجُب ومثلُها عِفَّةٌ عُذرِيةُ العِصَم
لم أغش مغناكِ إلا في غصونِ كرى مَغناك أبعدُ للمشتاقِ من إرَم
يا نفسُ ، دنياكِ تُخفي كلَّ مُبكيةٍ وإن بدا لكِ منها حُسنُ مُبتيمَ
فُضِّي بتقواكِ فاهاً كلما ضَحكتْ كما يفضُّ أذى الرقشاءِ بالثَّرَم
مخطوبةٌ ـ منذُ كان الناسُ - خاطبةٌ من أول الدهر لم ترمِل، ولم تَئم
يفنى الزمانُ ، ويبقى من إساءتها جرحٌ بآدم يبكي منه الأدم
لا تحفلي بجناها ، أو جنايتها الموتُ بالزَّهر مثلُ الموت بالفحَم
كم نائمٍ لا يراها ، وهي ساهرةٌ لولا الأمانيُّ والأحلامُ لم ينم(9/14)
طوراً تمدك في نُعمى وعافيةٍ وتارةً في قرار البؤس والوَصَم
كم ضلَّلتكَ ، ومَن تُحجَبْ بصيرتُه إن يلقَ صابا يرد ، أوعلقماً يَسُم
يا ويلتاهُ لنفسي ! راعها ودَها مُسودَّةُ الصحف في مبيضةِ اللّمَم
ركضتها في مريع المعصياتِ ، وما أخذت من حمية الطاعات للتُّخَم
هامت على أثرِ اللَّذاتِ تطلبهُها والنفس إن يدعُها داعي الصِّبا تَهم
صلاحث أمركِ للأخلاقِ مرجعُه فقوِّم النفسَ بالأخلاقِ تستقم
والنفسُ من خيرها في خير عافيةٍ والنفسُ من شرها في مرتعٍ وخِم
طغي إذا مُكِّنَتْ من لذَّةٍ وهوىً طغيَ الجيادِ إذا عَضَّت على الشُّكُم
إنْ جَلَّ ذَنبي عن الغُفران لي أملٌ في الله يجعلي في خير معتصم
أُلقي رجائي إذا عزَّ المُجيرُ على مُفرِّج الكرب في الدارينِ والغمَم
إذا خفضتُ جَناحَ الذُّلِّ أسأله عِزَّ الشفاعةِ ؛ لم أسأل سوى أمَم
وإن تقدّم ذو تقوى بصالحةٍ قدّمتُ بين يديه عَبْرَةَ الندَم
لزِمتُ بابَ أمير الأنبياءِ، ومَنْ يمسِكْ بمفتاح باب الله يغتنم
فكلُّ فضلٍ ، وإحسانٍ ، وعارفةٍ ما بين مستلم منه ومُلتزم
علقتُ من مدحهِ حبلاً أعزُّ به في يوم لا عزَّ بالأنسابِ واللُّحَم
يُزِري قَرِيضي زُهيراً حين أمدحُه ولا يقاسُ إلى جودي لدَى هَرِم
محمدٌ صفوةُ الباري ، ورحمته وبغيةُ الله من خلقٍ ومن نَسَم
وصاحبُ الحوض يومَ الرُّسلُ سائلةٌ متى الورودُ ؟ وجبريل الأمين ظَمي
سناؤه وسناهُ الشمسُ طالعةً فالجِرمُ في فلكٍ ، والضوء في عَلَم
نُمُوا إليه ، فزادوا في الورى شرَفاً ورُبَّ أصلٍ لفرع في الفخار نُمي
حَواه في سُبُحاتِ الطُّهرِ قبلهم نوران قاما مقام الصُّلبِ والرَّحِم
لما رآه بَحيرا قال: نعرفُه بما حفظنا من الأسماءِ والسِّيم
سائل حِراء، وروحَ القدس: هل عَلما مَصونَ سِرٍّ عن الإدراكِ مُنْكَتِم؟
كم جيئةٍ وذهاب شُرِّفتْ بهما بَصحاءُ مكة في الإصباح والغَسَم
ووحشةٍ لابن عبد الله بينهما أشهى من الأُنس بالأحباب والحشم
يُسامر الوحيَ فيها قبل مهبطه ومَن يبشِّرْ بسشِمَى الخير يَتَّسِم
لما دعا الصّحبُ يسيسقونَ من ظمإ فاضتْ يداه من التسنيم بالسَّنِم
وظلَّلته، فصارت تستظلُّ به غمامةٌ جذَبَتْها خيرةُ الديَم
محبةٌ لرسولِ اللهِ أُشرِبَها قعائدُ الدَّيْرِ ، والرُّهبانُ في القِمم
إنّ الشمائلَ إن رَقَّتْ يكاد بها يُغرى الجَمادُ ، ويغرى كلُّ ذي نَسمَ
ونودي: اقرأ تعالى الله قائلها لم تتصل قبل مَن قيلتْ له بفم
هناك أذَّنَ للرحمنِ ، فامتلأت أسماعُ مكَّةَ مِن قُدسيّةِ النَّغم
فلا تسلْ عن قريش كيف حيرتُها ؟ وكيف نُفْرُتها في السهل والعَلم؟
تساءلوا عن عظيمٍ قد ألمَّ بهم رمَى المشايخَ والولدانَ باللَّمم
يا جاهلين عللى الهادي ودعوته هل تجهلون مكان الصادِقِ العَلم؟
لقَّبتموهُ أمينَ القومِ في صغرٍ وما الأمينُ على قولٍ بمتهم
فاقَ البدورَ ، وفاق الأنبياء، فكمْ بالخلق والخَلق مِن حسنٍ ومن عِظم
جاء النبيون بالآيات ، فانصرمت وجئتنا بحكيمٍ غيرِ مُنصَرم
آياتُه كلّما طالَ المدَى جُدُدٌ يزينُهنّ جلالُ العِتق والقِدم
يكاد في لفظة منه مشرَّفةٍ يوصيك بالحق ، والتقوى وبالرحم
يا أفصحَ الناطقين الضادَ قاطبةً حديثُك الشّهدُ عند الذائقِ الفهِم
حلَّيتَ من عطلٍ جيدَ البيانِ به في كلِّ مُنتَثِر في حسن مُنتظِمِ
بكلِّ قولٍ كريمٍ أنت قائلُه تُحيي القلوبَ، وتحْيي ميِّتَ الهِمم
سَرَتْ بشائِرُ بالهادي ومولِده في الشرق والغرب مَسْرى النور في الظلم
تخطَّفتْ مُهَجَ الطاغين من عربٍ وطيَّرت أنفُسَ الباغين من عجم
ريعت لها شُرَفُ الإيوان، فانصدعت من صدمة الحق، لا من صدمة القُدم
أتيتَ والناسُ فَوضَى لا تمرُّ بهم إلا على صَنم ، قد هام في صنم
والأرض مملوءةٌ جوراً ، مُسَّخَرَةٌ لكلّ طاغيةٍ في الخلق مُحتكِم
مُسَيْطِرُ الفرسِ يبغي في رعيّتِه وقيصر الروم من كبرٍ أصمُّ عَمِ
يُعذِّبان عبادَ اللهِ في شُبهٍ ويذبحان كما ضحَّيتَ بالغَنَم
والخلقُ يَفْتِك أقواهم بأضعفِهم كاللَّيث بالبهم، أو كالحوتِ بالبَلَم
أسرَى بك اللهُ ليلاً ، إذ ملائكُه والرُّسْاُ في المسجد الأقصى على قدَم
لما خطرتَ به التفُّوا بسيّدِهم كالشُّهءبِ بالبدرِ ، أو كالجُند بالعَلم
صلي وراءك منهم كلُّ ذي خطرٍ ومن يفُز بحبيبِ الله يأْتمم
جُبتَ السمواتِ أو ما فوقهم بهم على منوّرةٍ دُرِّيَةِ اللُّجُم
ركوبة لك من عزٍّ ومن شرفٍ لا في الجيادِ ، ولا في الأيْنُق الرسُم
مَشيئةُ الخالق الباري ، وصنعتهُ وقدرةُ الله فوق الشك والتُّهَم
حتى بلغت سماءً لا يُطارُ لها على جناحٍ ، ولا يسعى على قَدم
وقيل: كلُّ نبيٍّ عند رتبتهِ ويا محمدُ ، هذا العرشُ فاستلم
خطَطت للدين والدنيا علومهما يا قارئ اللوح ، بل يا لامِسَ القَلمْ
أحطْتَ بينهما بالسرِّ ، وانكشفتْ لك الخزائنُ من عِلم، ومن حِكم
وضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدْتَ من مِنَنٍ بلا عدادٍ، وما طُوِّقتَ من نعم(9/15)
سلْ عصبةَ الشِّركِ حولَ الغارِ سائمةً لو لا مطاردةُ المختار لم تُسم
هل أبصروا الأثر الوضَّاء، أم سمِعوا همْسَ التسابيحِ والقرآن من أمَم؟
وهل تمثّل نسجُ العنكبوتِ لهم كالغاب ، والحائماتُ الزُّغب كالرخم؟
فأدبروا ، ووجوهُ الأرضِ تلعنُهم كباطلٍ من جلال الحق منهزِم
لولا يدُ اللهِ بالجارَيْنِ ما سلما وعينهُ حولَ ركن الدين؛ لم يقم
توارَيا بجناحِ الله، واستترا ومن يضُمُّ جناحُ الله لا يُضَم
المادحون وأربابُ الهوى تَبَعٌ لصاحبِ البُرْدةِ الفيحاءِ ذي القَدَم
مديحُه فيك حبٌّ خالصٌ وهوىً وصادقُ الحبِّ يُملي صادقَ الكلم
لله يشهدُ أني لا أُعارضُه من ذا يعارضُ صوبَ العارضِ العَرِم؟
وإنَّما أنا بعض الغابطين ، ومَن يغبطْ وليَّك لا يذمَمْ ، ولا يُلَم
هذا مقامٌ من الرحمنِ مُقتَبسٌ ترمي مهابتُه سحبان بالبَكمَ
البدرُ دونكَ في حسنٍ وفي شرفٍ والبحرُ دونك في خيرٍ وفي كرم
شُمُّ الجبالِ إذا طاولتَها انخفضت والأنجُمُ الزُّهرُ ما واسمتَها تسِم
والليثُ دونك بأساً عند وثبته إذا مشيت الى شاكي السلاح كَمِيْ
تهفو إليكَ - وإن أدميتَ حبَّتَها في الحرب - أفئدةُ الأبطالِ والبُهَم
محبةُ اللهِ ألقاها، وهيبته علىابن آمنةٍ في كلِّ مُصطَدَم
كأن وجهَك تحت النَّقع بدر دجىً يضيء ملتثماً أو غير ملتثم
بذرٌ تطلَّعَ في بدرٍ فغرته كغُرَّةِ النصر ، تجلوا داجيَ الظلمَ
ذكرْت باليتْم في القرآن تكرمةً وقيمةُ اللؤلؤالمكنونِ في اليُتم
اللهُ قسّم بين الناس رزقهُمُ وأنت خُيِّرْتَ في الأرزاق والقِسم
إن قلت في الأمر لا ، أو قلت فيه نعم فخيرةُ الله في لا منك أو نعم
أخوك عيسى دَعا ميتاً ، فقام له وأنت أحييتَ أجيالاً مِن الرمم
والجهْل موتٌ ، فإن أُوتيتَ مُعجِزةً فابعثْ من الجهل، أوو فابعث من الرَّجَم
قالوا : غزوت ، ورسلُ الله ما بعثوا لقتل نفس ، ولا جاءوا لسفكِ دم
جهلٌ ، وتضليلُ أحلام ، وسفسطةٌ فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلم
لما أتى لكَ عفواً كلُّ ذي حَسَبٍ تكفَّلَ السيفُ بالجهالِ والعَمَم
والشرُّ إن تلقهُ بالخيرِ ضقتَ به ذرعاً ، وإن تلقهُ بالشرِّ يَنحسِم
سلَ المسيحيّة الغراء: كم شربت بالصّاب من شَهوات الظالم الغَلِم
طريدةٌ الشركِ ، يؤذيها ، ويوسعها في كلِّ حينٍ قتالاً ساطعَ الحَدَم
لولا حُماةٌ لها هبُّوا لنصرَتها بالسيف ؛ ما انتفعت بالرفق والرُّحَم
لو لا مكانٌ لعيسى عند مُرسِلِه وحرمةٌ وجبتْ للروح في القدم
لسُمِّرَ البدَنُ الطُّهرُ الشريفُ على لوحين، لم يخشَ مؤذيه ، ولم يجم
جلَّ المسيحُ ، وذاق الصَّلب شانئهُ إن العقاب بقدرِ الذنب والجرُمُ
أخو النبي، وروح الله في نزل فوق السماءِ ودون العرشِ محترم
علذَمتهم كلذَ شيءٍ يجهلون به حتى القتالَ وما فيه من الذِّمِم
دعوتَهم لجهادٍ فيه سؤددُهُمْ والحربٌ أُسُّ نظامِ الكونِ والأُمم
لو لاه لم نر للدولاتِ في زمن ما طالَ من عمد، أو قرّ من دَعَم
تلك الشواهِدُ تترى كلَّ آونةٍ في الأعصر الغُرّ ، لا في الأعصُر الدُّهُم
بالأمس مالت عروشٌ، واعتلت سُرُرٌ لولا القذائفُ لم تثلم ، ولم تصم
أشياعُ عيسى أعدُّوا كلَّ قاصمةٍ ولم نعد سوى حالات منقصِم
مهما دعيتَ الى الهيجاءِ قمتَ لها ترمي بأُسدٍ ، ويرمي اللهُ بالرُّجُم
على لوائِكَ منهم كلُّ مُنتقِمٍ لله ، مستقتِلٍ في الله ، معتزم
مُسبِّحٍ للقاءِ اللهِ، مضطرمٍ شوقاً ، على سابخ كالبرقِ مضطرِم
لو صادفَ الدهر يبغي نقلةً، فرمى بعزمِهِ في رحالِ الدهرِ لم يَرِم
بيضٌ ، مفاليل من فعل الحروب بهم من أسيفِ اللهِ ، الهندية الخُذُم
كم في التراب إذا قتَّشت عن رجلٍ من ماتَ بالعهد ، أو م مات بالقسم
لو لا مواهبُ في بعضِ الأنام لما تفاوت الناسُ في الأقدار والقِيَم
شريعةٌ لك فجرت العقول بها عن زاخرٍ بصنوفِ العلم ملتطِم
يلوحُ حولَ سنا التوحيدِ جوهرُها كالحلي للسيف أو كالوشْي للعَلم
غرّاءُ ، حاملت عليها أنفسٌ ، ونُهىً ومن يَجدْ سَلسَلاً من حكمةٍ يَحُم
نورُ السبيل يساس العالمون بها تكفَّلتْ بشباب الدهرِ والهَرَم
يجري الزّمانُ وأحكامُ الزمانِ على حُكم لها ، نافذٍ في الخلق، مرتسِم
لما اعتلت دولةُ الإسلامِ واتسَعت مشتْ ممالِكَهُ في نورها التَّمم
وعاّمتْ أُمةً بالقفر نازلةً رعيَ القياصرِ بعد الشاءِ والنَّعَم
كم شَيَّد المصلِحُون العاملون بها في الشرق والغرب ملكاً باذخ العِظَم
سرعان ما فتحوا الدنيا لِملَّتِهم وأنهلوا الناسَ من سَلسالها الشَّبِم
ساروا عليها هُداةَ الناس، فهي بهم الى الفلاحِ طريقٌ واضحُ العَظَم
لا يهدِمُ الدَّهرُ رُكناً شاد عدلُهُمُ وحائط البغي إن تلمسْهُ ينهدِم
نالو السعادةَ في الدَّارين ، واجتمعوا على عميم من الرضوان مقتسم
دعْ عنك روما، وآثينا ، وما حَوَتا كلُّ اليواقيت في بغدادَ والتُّوَم
وخلِّ كِسرى ، وإيواناً يدِلُّ به هوى كل أثَرِ النيران والأيُم
واتركْ رعمسيسَ، إن الملكَ مَظهرهُ في نهضة العدل ، لا في نهضة الهرَم(9/16)
دارُ الشرائع روما كلّما ذُكِرَتْ دارُ السلام لها ألقتْ يد السَّلَم
ما ضارَعَتها بياناً عند مُلْتَأم ولا حَكَتها قضاءً عند مُختصَم
ولا احتوت في طرازٍ من قياصِرها على رشيدٍ ، ومأمونٍ ، ومُعتصِم
من الذين إذا سارت كتائبهم تصرّفوا بحدود الأرض والتخُم
ويجلسونَ الى علمٍ ومَعرفةٍ فلا يُدانَوْن في عقل ولا فَهَم
يطأطئ العلماءُ الهامَ إن نَسَبوا من هيبةِ العلْم ، لا من هيبة الحُكُم
ويمطرون ، فما بالأرضِ من مَحَلٍ ولا بمن بات فوق الأرضِ من عُدُم
خلائفُ الله جلُّوا عن موازنةٍ فلا تقيستّ أملاكَ الورى بهم
من في البرية كالفاروق مَعْدَلَةً ؟ وكان عبد العزيز الخاشعِ الحشم؟
وكالإمام إذا ما فَضَّ مزدحماً بمدمع في مآفي القوم مزدحم
الزاخر العذْب في علْم وفي أدبٍ والناصر النَّدْب في حرب وفي سلم؟
أو كابن عفّانَ والقرآنُ في يدِهِ يحنو عليه كما تحنو على الفُطُم
ويجمع الآي ترتيباً وينظمُها عقداً بجيد الليالي غير منفصِم؟
جُرحان في كبدِ الإسلام ما التأما جُرْحُ الشهيد، وجرحٌ بالكتاب دمي
وما بلاءُ أبي بكر بمتَّهم بعد الجلائل في الأفعال والخدم
بالحزم والعزم حاطَ الدين في محنٍ أضلَّت الحلم من كهلٍ ومحتلم
وحِدْن بالراشد الفاروق عن رشدٍ في الموت ، وهو يقينٌ غير منبَهم
يجادِلُ القومَ مُسْتَلاً مهنَّدَه في أعظم الرسْلِ قدراً ، كيف لم يدم؟
لا تعذلوه إذا طاف الذهولُ به مات الحبيبُ ، فضلَّ الصَّبُّ عن رَغَم
يا ربِّ صِلِّ وسلِّم ما أردتَ على نزيل عرشك خير الرسْل كلِّهم
مُحيي الليالي صلاةً ، لا يقطعها إلا بدمع من الإشفاق مُنسجم
مسبحاً لك جنح الليل ، محتملاَ ضُرّاً من السُّهد، أو ضُرّاً من الورَم
رضيَّة نفسُه ، لا تشتكي سأماً وما مع الحبِّ لإن أخلصت مِن سَأم
وصلِّ ربِّي على آلٍ لهُ نُخَبٍ جعلتَ فيهم لواء البيتِ والحرم
بيضُ الوجوه ، ووجهُ الدهر ذو حَلَكٍ شُمُّ الأُنوف، وأُنفُ الحادثات حمي
وأهد خيرَ صلاةٍ منك أربعةً في الصحب ، صُحبتُهم مرعيَّةُ الحُرَم
الراكبين إذا نادى النبيُّ بهم ما هال من جَلَلٍ، واشتد من عَمَم
الصابرين ونفسُ الأرض واجفةٌ الضاحكين الى الأخطار والقُحَم
يا ربِّ، هبتْ شعوبٌ من منيّتها واستيقظت أٌمَمٌ من رْقدة العدم
يعدٌ ، ونحسٌ ، ومُلكٌ أنت مالكه تديلُ مِنْ نِعَم فيه ، ومِنْ نِقم
رأى قضاؤك فينا رأْيَ حكمته أكرِمْ بوجهك من قاضٍ ومنتقم
فالطُفْ لأجلِ رسولِ العالمين بنا ولا تزدْ قومَه خسفاً ، ولا تُسم
يا ربِّ ، أحسنت بَدء المسلمين به فتمِّم الفضلَ ، وامنحء حُسنَ مُخْتَتَم
===============
وُلد الهدى، فالكائناتُ ضياءُ
وُلد الهدى، فالكائناتُ ضياءُ ...................وفمُ الزّمان تبسُّمٌ وثناءُ
الرُّوحُ والملأُ الملائكُ حَولَهُ ..................للدِّين والدنيا به بُشراءُ
والعرشُ يزهو والحظيرةُ تزدَهي .................والمنتهى والسِّدرَةُ العصماءُ
وحديقةُ الفرقان ضاحكةُ الربى .... ............بالترجمانِ شذيَّةٌ غنَّاءُ
والوحيُ يقطرُ سلسلاً من سلسلٍ .............واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ
نُظِمَتْ أسامي الرُّسلِ فهي صحيفة .............في اللوح واسمُ محمدٍ طغراءُ
اسم الجلالة في بديع حروفه ................ألفٌ هنالك ،واسم طه الباءُ
يا خير من جاءَ الوجودَ تحية ............من مُرسلينَ الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي ......... ...إلا الحنائف فيه والحنفاءُ
خيرُ الأبوةِ حازهم لكَ آدمٌ .............دونَ الأنامِ واحرزتْ حوَّاءُ
هم أدركوا عزَّ النبوَّةِ وانتهت ......... ....فيها إليكَ العزَّةُ القعساءُ
خُلقتْ لبيتك وهو مخلوقٌ لها ......... .....إن العظائِمَ كفؤها العظماءُ
بك بشَّر اللهُ السماء فزُيِّنت ............ .وتضوَّعت مسكاً بك الغبراءُ
وبدا مًحيَّاك الذي قسماتُه .......... ....حقّ وغرَّتُه هُدىً وحياءُ
وعليه من نورِ النبوَّةِ رونقٌ .......... ...ومن الخليل وهديِه سيماءُ
أثنى المسيحُ عليه خلف سمائه .............وتهلَّلت واهتزت العذراءُ
يومٌ يتيهُ على الزمان صباحُه ......... ....ومساؤه بمحمدٍ وضَّاءُ
الحقُّ عالي الركن فيه مظفَّر .......... ...في الملكِ لا يعلو عليه لواءُ
ذُعرت عروشُ الظالمين فزلزلت .............وعلتْ على تيجانهم أصداءُ
والنارُ خاوية الجوانب حولهُمْ .......... ..خَمَدَت ذوائبُها وغاض الماءُ
والآيُ تترى والخوارق جمةٌ ........ ....جبريلُ رواح بها غداءُ
نِعمَ اليتيمُ بدت مخايلُ فضله ....... .....واليُتمُ رزقٌ بعضُه وذكاءُ
في المهد يُستسقى الحيا برجائه ......... ...وبقصده تُستدفعُ البأساءُ
بسوى الأمانة في الصبا والصدقِ لم .........يعرفه أهلُ الصدقِ والأمناءُ
يا مَنْ له الأخلاقُ ما تهوى العلا ...... . ....منها وما يتعشَّقُ الكبراءُ
لو لم تُقم ديناً لقامت وحدَها ......... ..ديناً تُضيءُ بنوره الآناءُ(9/17)
زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ ....... ....يُغرى بهنَّ ويولعُ الكرماءُ
أما الجمالُ فأنت شمسُ سمائه ....... ....وملاحةُ الصديقِ منك أياءُ
والحسن من كرم الوجوه وخيره ..... ......ما أوتي القوادُ والزعماءُ
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى ...........وفعلت ما لا تفعل الأنواءُ
وإذا عفوت فقادراً ومقدّراً ........ ....لا يستهين بعفوك الجُهلاءُ
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ ........ .......هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
وإذا غضبت فإنما هي غضبةٌ ........ ...في الحقّ لا ضغنٌ ولا بغضاءُ
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ........ ....ورضى الكثير تحلمٌ ورياءُ
وإذا خطبت فللمنابر هزةٌ ...... ......تعرو النَّديَّ وللقلوب بكاءُ
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنّما ......... ....جاء الخصوم من السماء قضاءُ
وإذا حميتَ الماء لم يورد ولو ..... .......أنّ القياصر والملوك ظماءُ
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم ........ ......يدخل عليه المستجير عداءُ
وإذا ملكت النفس قُمْتَ ببرِّها ....... ...ولو أن ما ملكت يداك الشاءُ
وإذا بنيت فخير زوجٍ عشرةً ....... ...وإذا ابتنيت فدونك الآباءُ
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما ..........في بردك الأصحابُ والخلطاءُ
وأذا أخذت العهد أو أعطيته ....... ... فجميع عهدك ذمةٌ ووفاءُ
وإذا مشيت الى العدا فغضنفرٌ .... ......وإذا جريت فإنكَ النكباءُ
وتمدُّ حلمكَ للسفيهِ مُدارياً ....... ....حتى يضيق بعرضك السفهاءُ
في كل نفسٍِ من سطاك مهابةٌ ..... ......ولكل نفسٍ في نداك رجاءُ
والرأي لم ينضَ المهَّندُ دونه ....... ......كالسيف لم تضرب به الآراءُ
يأيها الأمِّي حسبكَ رتبةً ..... ....في العلم أن دانت بك العلماءُ
الذكرُ آية ربكَ الكبرى التي ...... ......فيها لباغي المعجزات غناءُ
صدرُ البيانِ له إذا التقت اللُّغى ..... ....وتقدّم البلغاءُ والفصحاءُ
نُسختْ به التوراةُ وهي وضيئةٌ .... ....وتخلف الإنجيلُ وهو ذكاءُ
لما تمشى في الحجاز حكيمهُ .... ....فضَّت عُكاظُ به وقام حِراءُ
أزرى بمنطق أهله وبيانهم ..... .....وحيٌ يقصرُ دونه البلغاءُ
حسدوا فقالواشاعرٌ أو ساحرٌ ... .....ومن الحسود يكون الاستهزاءُ
قد نال بالهادي الكريم وبالهدى ... ......ما لم تنل من سؤدد سيناء
أمسى كأنك من جلالك أمةٌ .... ..........وكأنه من أنسه بيداءُ
يوحي إليك الفوز في ظلماته .... .........متتابعاً تجلى به الظلماءُ
دينٌ يشيد آيةً في آية ........ .لبنائه السوراتُ والأضواءُ
الحق فيه هو الأساس وكيف لا ........ .....والله جلَّ جلاله البناءُ؟
أما حديثُكَ في العقول فمشرعٌ ....... .والعلم والحكمُ الغوالي الماءُ
هو صبغةُ الفرقان نفحة قدسه ...... ....والسين من سوراته والراءُ
جرتِ الفصاحةُ من ينابيع النُّهى .... .....من دوحه وتفجى الإنشاء
في بحره للسابحين به على ..... .....أدب الحياة وعلمها إرساءُ
أنت الدهورُ على سُلافته ولم .... ..تَفْنَ السلافُ ولا سلا الندماءُ
بك يا ابن عبد الله قامتْ سَمْحَةٌ .... .....بالحقِّ من مللِ الهدى غراءُ
بنيتْ على التوحيد وهي حقيقةٌ ... .......نادى بها سقراطُ والقدماءُ
وجد الزعافَ من السموم لأجلها . .......كالشهد ثم تتابعَ الشهداءُ
ومشى على وجه الزمان بنورها ...... ....كهانُ وادي النيل والعرفاءُ
إيزيسُ ذاتُ الملك حين توحَّدَتْ .. ......أخذت قوام أمورها الأشياءُ
لما دعوتَ الناسَ لبىَ عاقلٌ .... .....وأصمَّ منك الجاهلين نداءُ
أبوا الخروج إليك من أوهامهم .. ..والناسُ في أوهامهم سجناءُ
ومن العقول جداولٌ وجلامدٌ ... ......ومن النفوس حرائرٌ وإماءُ
داءُ الجماعة من ارسطاليس لم ... .......يوصف له حتى أتيتَ دواءُ
فرسمتَ بعدَك للعبادِ حكومةً .. ..........لا سوقةٌ فيها ولا أمراءُ
الله فوق الخلق فيها وحده ... .....والناسُ تحت لوائها أكفاءُ
والدِّينُ يسرٌ والخلافةُ بيعةٌ . ..والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ
الاشتراكيون أنتَ إمامهم .. ....لولا دعاوى القوم والغلواءُ
داويت متئداً وداووا طفرةً . ...وأخفُّ من بعض الدواءِ الداءُ
الحربُ في حقٍّ لديك شريعةٌ .. ....ومن السُّمومِ الناقعاتِ دواءُ
والبِرُّ عندك ذمةٌ وفريضةٌ .... .....لا منَّةٌ ممنونةٌ وجباءُ
جاءت فوحدت الزكاةٌ سبيله ... ..حتى التقى الكرماءُ والبخلاءُ
أنصفتَ أهلَ الفقر من أهل الغنى ... .......فالكلُّ في حقِّ الحياة سواءُ
فلو أنَّ إنساناً تخير ملةً ....... .....ما اختار إلا دينكَ الفقراءُ
يأيها المسرى به شرفاً الى ..... ...ما لا تنالُ الشمسُ والجوزاءُ
يتساءلون وأنتَ أطهرُ هيكل .... ......بالروح أو بالهيكل الإسراءُ ؟
بهما سموتُ مطهرين كلاهما .... .........نورٌ وريحانيَّة وبهاءُ
فضلٌ عليك لذي الجلال ومنةٌ ... ........والله يفعل ما يرى ويشاءُ
تغشى الغيوب من العوالم كلما ... .......طويتْ سماءُ قلدتْكَ سماءُ(9/18)
في كل منطقةٍ حواشي نورها .... ........نونٌ وأنت النقطةُ الزهراءُ
أنت الجمالُ بهاوأنت المجتلي ...... ....والكفُّ والمرآةُ والحسناءُ
الله هيأ من حظيرة قدسه .... .......نزلاً لذاتك لم يجزه علاءُ
العرشُ تحتكَ سُدَّةً وقوائماً .... ....ومناكبُ الروح الأمين وطاءُ
والرسلُ دون العرش لم يؤذن لهم ................حاشا لغيرك موعدٌ ولقاءُ
الخيلُ تأبى غير أحمد حامياً ........ .....وبها إذا ذكر اسمه خيلاءُ
شيخُ الفوارس يعلمون مكانه ...... ....إن هيجت آسادها الهيجاءُ
وإذا تصدى للظبي فمهندٌ ....... .....أو للرّماح فصعدةٌ سمراءُ
وإذا رمى عن قوسه فيمينه .... ......قدرٌ وما ترمي اليمينُ قضاءُ
من كل داعي الحق همَّةُ سيفه .. ......فلسيفه في الراسيات مضاءُ
ساقي الجريح ومطعمُ الأسرى ومن .............أمنت سنابكَ خيلهِ الأشلاءُ
إن الشجاعة في الرجال غلاظة ........... .....ما لم تزنها رأفةٌ وسخاءُ
والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا ..... .....فالمجد مما يدعون براءُ
والحربُ يبعثها القويُّ تجبُّراً ......... .......وينوءُ تحت بلائها الضعفاءُ
كم من غزاةٍ للرسول كريمةٍ ......... ......فيها رضىً للحقِّ أو إعلاءُ
كانت لجند الله فيها شدةٌ ............ ...في إثرها للعالمين رخاءُ
ضربوا الضلالة ضربةً ذهبت بها ........ ....فعلى الجهالة والضلال عفاءُ
دعموا على الحرب السلام وطالما ............حقنت دماءً في الزمان دماءُ
الحقُّ عرضُ الله كلُّ أبيةٍ ........ ....بين النفوس حمىً له ووقاءُ
هل كان حول محمدٍ من قومه .... .........إلا صبيٌّ واحد ونساءُ؟
فدعا فلبى في القبائل عصبةٌ .... ...........مستضعفون قلائلٌ أنضاءُ
ردوا ببأس العزم عنه من الأذى ...... ......ما لا تردُّ الصخرةُ الصمّاءُ
والحقُّ والإيمان إن صبَّا على ... ........برد ففيه كتيبةٌ خرساءُ
نسفوا بناء الشرك، فهو خرائبٌ ... ....واستأصلوا الأصنام فهي هباءُ
يمشون تغضي الأرضُ منهم هيبةً .... ......وبهم حيالَ نعيمها إغضاءُ
حتى إذا فتحت لهم أطرافها ..... ......لم يطغهم ترفٌ ولا نعماءُ
يا من له عزُّ الشفاعة وحدهُ .... .....وهو المنزهُ ما له شفعاءُ
عرش القيامة أنت تحت لوائه ... .......والحوضُ أنتَ حيالهُ السَّقاءُ
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم ..... .......والصالحات ذخائرٌ وجزاءُ
ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى . ........وانشقَّ من خلقٍ عليك رداءُ؟
لي في مديحك يا رسولُ عرائسٌ .. ......تيمنَ فيك وشاقهنَّ جلاءُ
هنَّ الحسانُ فإن قبلت تكرماً .... .......فمهورهنَّ شفاعةٌ حسناءُ
أنت الذي نظمَ البريَّةَ دينُهُ ...... .....ماذا يقول وينظم الشعراءُ؟
المصلحون أصابعٌ جمعت يداً .... ...هي أنت بل أنت اليدُ البيضاءُ
ما جئتُ بابكَ مادحاً بل داعياً ...... ......ومن المديح تضرُّعٌ ودعاءُ
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمةٍ .. .......في مثلها يلقى عليك رجاءُ
أدرى رسول الله أن نفوسهم .... .....ثقةٌ ولا جمع القلوب صفاءُ
رقدوا، وغرهم نعيمٌ باطلٌ ..... .....ونعيمُ قومٍ في القُيود بلاءُ
ظلمُوا شريعتك التي نلنا بها ... ......ما لم ينل في رومة الفقهاءُ
مشتِ الحضارة في سناهاواهتدى ... .....في الدِّين والدُّنيا بها السعداءُ
صلى عليك الله ما صحب الدُّجى .... ........حادٍ وحنَّت بالفلا وجناءُ
واستقبل الرضوان في غرفاتهم ...... .......بجنان عدنٍ آلك السُّمحاءُ
خيرُ الوسائل منْ يقع منهُم على ...... ....سبب إليك فحسبي الزهراءُ
=====================
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم
عمر أبو ريشة
أي نجوى مخضلة النعماء ... رددتها حناجر الصحراء
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى ... وضجت مشبوبة الأهواء
ومشت في حمى الضلال إلى ... الكعبة مشي الطريدة البلهاء
وارتمت خشعة على اللات ... والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
وبدت تنحر القرابين نحرا ... في هوى كل دمية صماء
وانثنت تضرب الرمال اختيالا ... بخطى جاهلية عمياء
عربدي يا قريش وانغمسي ما ... شئت في حمأة المنى النكراء
لن تزيلي ما خطه الله للأرض ... وما صاغه لها من هناء
شاء أن ينبت النبوة في القفر ... ويلقي بالوحي من سيناء
فسلي الربع ما لغربة عبد الله ... تطوى جراحها في العزاء
ما لأقيال هاشم يخلع البشر ... عليها مطارف الخيلاء
انظريها حول اليتيم فراشا ... هزجا حول دافق اللالاء
وأبو طالب على مذبح الأصنام ... يزجي له ضحايا الفداء
هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء ... زاحم مناكب الجوزاء
بسم الطفل للحياة وفي جنبيه ... سر الوديعة العصماء
هب من مهده ودب غريبَ ... الدار في ظل خيمة دكناء
تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو ... وفي ثغرها افترار رضاء
عرفت فيه طلعة اليمن والخير ... إذا أجدبت ربى البيداء
وتجلى لها الفراق فاغضت ... في ذهول وأجهشت بالبكاء
عاد للربع أين آمنةٌ ... والحب والشوق في مجال اللقاء
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت ... عليه ستائر الظلماء(9/19)
يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف ... بعده كل دمعة خرساء
أحمد شب يا قريش فتيهي ... في الغوايات واسرحي في الشقاء
وانفضي الكف من فتى ما تردى ... برداء الأجداد والآباء
أنت سميته الأمين وضمخت ... بذكراه ندوة الشعراء
فدعي عمه فما كان يغريه ... بما في يديك من إغراء
جاءه متعب الخطى شارد الآمال ... مابين خيبة ورجاء
قال هون عنك الأسى يابن عبد ... الله واحقن لنا كريم الدماء
لا تسفه دنيا قريش تبوئك ... من الملك ذروة العلياء
فبكى أحمد وما كان من يبكي ... ولكنها دموع الإباء
فلوى جيده وسار وئيدا ... ثابت العزم مثقل الأعباء
وأتى طوده الموشح بالنور ... وأغفى في ظل غار حراء
وبجفنية من جلال أمانيه ... طيوف علوية الإسراء
وإذا هاتف يصيح به اقرأ ... فيدوي الوجود بالأصداء
وإذا في خشوعه ذلك الأمي ... يتلو رسالة الإيحاء
وإذا الأرض والسماء شفاه ... تتغنى بسيد الأنبياء
جمعت شملها قريش وسلت ... للأذى كل صعدة سمراء
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد ... في جنح ليلة ليلاء
ودرى سرها الرهيب علي ... فاشتهى لو يكون كبش الفداء
قال : يا خاتم النبيين أمست ... مكة دار طغمة سفهاء
أنا باق هنا ولست أبالي ... ما ألاقي من كيدها في البقاء
سيروني على فراشك والسيف ... أمامي وكل دنيا ورائي
حسبي الله في دروب رضاه ... أن يرى فيّ أول الشهداء
فتلقاه أحمد باسم الثغر ... عليما بما انطوى في الخفاء
أمر الوحي ان يحث خطاه ... في الدجى للمدينة الزهراء
وسرى واقتفى سراه أبو بكر ... وغابا عن أعين الرقباء
وأقاما في الغار والملأ العلوي ... يرنو إليهما بالرعاء
وقفت دونه قريش حيارى ... وتنزهت جريحة الكبرياء
وانثنت والرياح تجار والرمل ... نثير في الأوجة الربداء
هللي يا ربا المدينة واهمي ... بسخي الأظلال والأنداء
واقذفيها الله أكبر حتى ... ينتشي كل كوكب و ضاء
واجمعي الأوفياء إن رسول الله آت لصحبة الأوفياء
وأطلّ النبي فيضا من الرحمة ... يروي الظماء تلو الظماء
=====================
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا
الأستاذ الشاعر : خير الدين وانلي رحمه الله
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا وأَشرفُ قدوةٍ للمُهتدينا
إِلهُ العرشِ أَعطاهُ مَقاماً وخلَّد ذكرَه في العاَلمينا
تُحكِّمه قريشٌ في نزاعٍ وقد سَمَّتْه مِنْ قبلُ الأَمينا
دعا الأَقوام َ لمْ يَحفِلْ بصَدٍّ ولم يَأْبَهْ بمنْ ظنّوا الظّنونا
تحمَّلَ منْ مناوِئه عذابا وسخريةً وتضييقاً مُهينا
وأَشفقَ مِنْ دعاءٍ حين سالتْ دماهُ بل دَعا للمعتدينا
ليهديَهم صراطا مُستقيما إلهٌ ناصرٌ للمرسَلينا
وعادَ لفتحِ أَفئدةٍ غلاظٍ فلانَتْ ( مكةٌ ) للفاتحينا
وأَيدهُ على فرسٍ و رومٍ إِلهٌ يكرهُ المُستضعَفينا
وسارتْ خيلُ أَحمدَ في الصحاري ووجَّهَ للمحيطاتِ السَّفينا
فلم يَمْض سوى زمنٍ يسيرٍ ليغزوَ جيشُه هِنداً وصينا
وتلهجَ باسمِه الدنيا نداءً يدوّي في المآذنِ أَجمعينا
ويذكرَه المصلّي في صلاةٍ وإبراهيمَ جدِّ المرسَلينا
ومنْ خطِيءَ الصلاةَ عليه يوْماً يكنْ في الحشرِ بينَ الخاسرينا
ومَنْ لًَمْ يتبِّعْه يحدْ شمالاً عنِ الشرعِ المكمَّل أَو يَمينا
فسنتُه هي الأَهدى صِراطاً ومنهجُه هو الأَسمى يَقينا
أَتانا بالكتابِ الحقِّ وحْياً عليهِ لمْ يكنْ يوماً ضَنينا
وعلّمنا الشرائعَ واضحاتٍ وكانَ لجهلِنا النورَ المبينا
فصرنْا مَشعلَ الدنيا علوماً نُنيرُ به دروبَ السالكينا
وأَصبحنا أساتذةً عظاماً ومصباحَ الهُدى دنيا ودينا
وتلكَ ثمارُ جهدٍ واصطبارٍ من المختارِ خيرِ الصّابرينا
فصلّى اللهُ ذو الإكرامِ ربي على خيرِ البريةِ أجمعينا
أَبي الزهراء ما حي كلِّ شرْكٍ ويَنبوعِ الهدى للظامئينا
وسلَّمَ ربُّنا أزكى سلامٍ على آلٍ وصحبٍ خالدينا
===================
يا إمام الرسل يا أحمدْ
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا إمامَ الرُّسْلِ يا أحمدْ يا لواءَ الخيرِ والرَّحمهْ
أنتَ في ظلمائِها الفَرْقَدْ نِعمةٌ ما فوقها نِعمهْ
يا زعيمَ الأمةِ الأوحدْ جئتَنا بالنورِ والحكمهْ
مَنْ يَسِرْ في دربها يَسْعَدْ إنها النبراسُ للأُمَّهْ
000000000000000
أنتَ للأخلاقِ تجسيدُ أنتَ مشكاةُ الهُدى فينا
أنتَ إرشادٌ وتَسديدُ أنتَ للعَلْيا تُنادينا
دينُك الإسلامَ تأكيدُ لرسالاتِ النبيِّينا
شرعُك القرآن تأبيدُ للمعالي نورُ ماضينا
000000000000000
جئتَنا في ظلمةِ الدهرِ فأنرتَ القلبَ والفِكْرا
قدْتَنا باللينِ واليسرِ فاقتلعَت الشرَّ والكفْرا
أنتَ رمزُ الحلمِ والصبرِ ناشرٌ بَين الوَرى بِشْرا
أَيُّ سرٍّ أنت لا أدري فَلْتُسامِحْني أبا الزَّهْرا
==================
إلا الرسول
غيرَ الحقيقةِ لا أقول*********** قد خابَ مَن شَتَمَ الرسول
شُتِمَ النَّبيُّ مُحمدٌ ************مِن كافرٍ وقِحٍ جَهول
تَباً لقومٍ سُذَّجٍ *************قد أحدثوا أمراً مَهول
خاضوا بِعِرضٍ طاهرٍ********** سُفهاءَ ليس لهم عُقول(9/20)
قد صَوَّروه بمنظرٍ*********** صوراً أراها بلا أُصُول
شُلَّت يمينُ الراسمينَ*********** المارِقِينَ همُ الذُّيول
قالوا لنا حُريةٌ **************والغربُ قد دقَّ الطُّبُول
رباه زَلزلهم*************** ولا تُبقي لهم أبداً فُلُول
يا ويحهم يا ويلهم*********** يومَ التَّفرقِ والذُّهُول
فهُمُ البُغاةُ الحاقدونَ************ من الحُثالةِ والسُّفُول
وتراهُمُ في غَيهم ***********أحفادَ قَيصَرَ والمغُول
هل تَعلمُونَ بأنهم ***********لا يملكونَ سِوى العُجول؟
لا تشتروا أجبانهم*********** واستبدلوها بِالبُقُول
وعصيرُهم وحليبُهم*********** هذا الطَّعامُ من الفُضُول
بل قَاطِعوا إِنتاجَهم*********** نَصراً وحُباً للرسول
إنَّا لَنَطْلُبُ نَصْرَه ***********دوماً بأوقاتِ النُّزول
فالله مُنتقمٌ له ***********والظُّلمُ أبداً لن يطول
فكفاه شرَّ الهازئين*********** العابثينَ ذَوي الغُلُول
ذاك النَّبيُّ المُصْطَفى *********المُتواضِعُ السَّهلُ الوَصُول
الطَّاهِرُ المُتطهِّرُ ***********عنه المَكَارِمُ لا تَزُول
كَرَماً يَجُودُ بِفَضلِه*********** كالسُّحْبِ مِغداقٌٌ هَطُول
يا مُسلمون لِتدفعُوا********** ولتحفظوا عِرضَ الرسول
وامضُوا لنُصْرَةِ دِينِكم ***********وشِعَارُكم إلاَّ الرسول
وأقولُ قَولةَ صادقٍ ******** ***واللهُ يَشْهَدُ ما أقُول
رُوحي فِداءُ مُحمدٍ ***** ******واللهَ أسألُه القَبول
شعر : محمد بن حسن النعمي
الاثنين 6 / 2 / 1427هـ
==================
البردة للبوصيري
هذه القصيدة وبعض القصائد الأخرى فيها غلو أحيانا بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يعول عليه
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بدم
مْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا همتا وما لقلبك إن قلت استفق يهم
أيحسب الصب أن الحب منكتم ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقمِ
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني والحب يعترض اللذات بالألمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ
عدتك حالي لا سري بمستتر عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعهُ إن المحب عن العذال في صممِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عذلي والشيب أبعد في نصح عن التهتمِ
في التحذير من هوى النفس
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظت من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره كتمت سراً بدا لي منه بالكتمِ
من لي برِّ جماحٍ من غوايتها كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجُم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النَّهم
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ على حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلة من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع فرب مخمصةٍ شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت من المحارم والزم حمية الندمِ
وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتَّهِم
ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقُم
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت به وما استقمت فما قولى لك استقمِ
ولا تزودت قبل الموت نافلةً ولم أصل سوى فرض ولم اصم
في مدح سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشدَّ من سغب أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشحاً مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهبٍ عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته إن الضرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ
محمد سيد الكونين والثقليـ ن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستسكون به مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تـ ــــــم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم(9/21)
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم
لو ناسبت قدره آياته عظماً أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهمِ
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ صغيرةً وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلمِ
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ وأنه خير خلق الله كلهمِ
وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبها يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبيّ زانه خلقٌ بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ والبحر في كرمٍ والدهر في همم
كانه وهو فردٌ من جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمهُ طوبى لمنتشقٍ منه وملتثمِ
في مولده عليه الصلاة والسلام
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
أبان موالده عن طيب عنصره يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهم قد أنذروا بحلول البؤْس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتها ورُد واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالنار ما بالماء من بلل حزناً وبالماء ما بالنار من ضرمِ
والجن تهتف والأنوار ساطعةٌ والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فإعلان البشائر لم تسمع وبارقة الإنذار لم تُشَم
من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُمْ بأن دينهم المعوجَّ لم يقمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ من الشياطين يقفو إثر منهزم
كأنهم هرباً أبطال أبرهةٍ أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمى
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهما نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقم
في معجزاته صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشى إليه على ساقٍ بلا قدم
كأنَّما سطرت سطراً لما كتبت فروعها من بديع الخطِّ في اللقم
مثل الغمامة أنَّى سار سائرة تقيه حر وطيسٍ للهجير حَم
أقسمت بالقمر المنشق إن له من قلبه نسبةً مبرورة القسمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرم وكل طرفٍ من الكفار عنه عم
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرما وهم يقولون ما بالغار من أرم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفةٍ من الدروع وعن عالٍ من الأطُم
ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به إلا ونلت جواراً منه لم يضم
ولا التمست غنى الدارين من يده إلا استلمت الندى من خير مستلم
لا تنكر الوحي من رؤياه إن له قلباً إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغٍ من نبوته فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسبٍ ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهم
كم أبرأت وصباً باللمس راحته وأطلقت أرباً من ربقة اللمم
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوته حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارضٍ جاد أو خلت البطاح بها سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العرمِ
في شرف القرآن ومدحه
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
دعني ووصفي آيات له ظهرت ظهور نار القرى ليلاً على علم
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظمٌ وليس ينقص قدراً غير منتظم
فما تطاول آمال المديح إلى ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيم
آيات حق من الرحمن محدثةٌ قديمةٌ صفة الموصوف بالقدم
لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنا عن المعادِ وعن عادٍ وعن إِرَم
دامت لدينا ففاقت كلَّ معجزةٍ من النبيين إذ جاءت ولم تدمِ
محكّماتٌ فما تبقين من شبهٍ لذى شقاقٍ وما تبغين من حكم
ما حوربت قط إلا عاد من حَرَبٍ أعدى الأعادي إليها ملقي السلمِ
ردَّتْ بلاغتها دعوى معارضها ردَّ الغيور يد الجاني عن الحرم
لها معانٍ كموج البحر في مددٍ وفوق جوهره في الحسن والقيمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبها ولا تسام على الإكثار بالسأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلت له لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن تتلها خيفةً من حر نار لظى أطفأت حر لظى من وردها الشم
كأنها الحوض تبيض الوجوه به من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
وكالصراط وكالميزان معدلةً فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
لا تعجبن لحسودٍ راح ينكرها تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماءِ من سقم
في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
يا خير من يمم العافون ساحته سعياً وفوق متون الأينق الرسم
ومن هو الآية الكبرى لمعتبرٍ ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنم
سريت من حرمٍ ليلاً إلى حرمٍ كما سرى البدر في داجٍ من الظلم(9/22)
وبت ترقى إلى أن نلت منزلةً من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
وقدمتك جميع الأنبياء بها والرسل تقديم مخدومٍ على خدم
وأنت تخترق السبع الطباق بهم في مركب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأواً لمستبقٍ من الدنوِّ ولا مرقى لمستنم
خفضت كل مقامٍ بالإضافة إذ نوديت بالرفع مثل المفردِ العلم
كيما تفوز بوصلٍ أي مستترٍ عن العيون وسرٍ أي مكتتم
فحزت كل فخارٍ غير مشتركٍ وجزت كل مقامٍ غير مزدحم
وجل مقدار ما وليت من رتبٍ وعز إدراك ما أوليت من نعمِ
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا من العناية ركناً غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
في جهاد النبي صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
راعت قلوب العدا أنباء بعثته كنبأة أجفلت غفلا من الغنمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتركٍ حتى حكوا بالقنا لحماً على وضم
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به أشلاءَ شالت مع العقبان والرخم
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُم
كأنما الدين ضيفٌ حل ساحتهم بكل قرمٍ إلى لحم العدا قرم
يجر بحر خميسٍ فوق سابحةٍ يرمى بموجٍ من الأبطال ملتطم
من كل منتدب لله محتسبٍ يسطو بمستأصلٍ للكفر مصطلمِ
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم من بعد غربتها موصولة الرحم
مكفولةً أبداً منهم بخير أبٍ وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ماذا رأى منهم في كل مصطدم
وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحداً فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخم
المصدري البيض حمراً بعد ما وردت من العدا كل مسودٍ من اللممِ
والكاتبين بسمر الخط ما تركت أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجمِ
شاكي السلاح لهم سيما تميزهم والورد يمتاز بالسيما عن السلم
تهدى إليك رياح النصر نشرهم فتحسب الزهر في الأكمام كل كم
كأنهم في ظهور الخيل نبت رباً من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُم
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقاً فما تفرق بين الْبَهْمِ وألْبُهُمِ
ومن تكن برسول الله نصرته إن تلقه الأسد فى آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصرٍ به ولا من عدوّ غير منفصم
أحل أمته في حرز ملته كالليث حل مع الأشبال في أجم
كم جدلت كلمات الله من جدلٍ فيه وكم خصم البرهان من خصم
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجزةً في الجاهلية والتأديب في اليتم
في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
خدمته بمديحٍ استقيل به ذنوب عمرٍ مضى في الشعر والخدم
إذ قلداني ما تخشي عواقبه كأنَّني بهما هديٌ من النعم
أطعت غي الصبا في الحالتين وما حصلت إلا على الآثام والندم
فياخسارة نفسٍ في تجارتها لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
ومن يبع آجلاً منه بعاجلهِ يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سلمِ
إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقض من النبي ولا حبلي بمنصرم
فإن لي ذمةً منه بتسميتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدى فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه أو يرجع الجار منه غير محترمِ
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه وجدته لخلاصي خير ملتزم
ولن يفوت الغنى منه يداً تربت إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت يدا زهيرٍ بما أثنى على هرمِ
في المناجاة وعرض الحاجات
يارب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلَّى باسم منتقم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
يا نفس لا تقنطي من زلةٍ عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم
لعل رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القسم
يارب واجعل رجائي غير منعكسٍ لديك واجعل حسابي غير منخرم
والطف بعبدك في الدارين إن له صبراً متى تدعه الأهوال ينهزم
وائذن لسحب صلاةٍ منك دائمةٍ على النبي بمنهلٍ ومنسجم
ما رنّحت عذبات البان ريح صبا وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمرٍ وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكرم
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهم أهل التقى والنقا والحلم والكرمِ
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهي لكل المسلمين بما يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم
بجاه من بيته في طيبةٍ حرمٌ واسمُهُ قسمٌ من أعظم القسم
وهذه بُردةُ المُختار قد خُتمت والحمد لله في بدء وفي ختم
أبياتها قد أتت ستين مع مائةٍ فرِّج بها كربنا يا واسع الكرم
=================
الصارم المسلول لشاتمي الرسول
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
رسول الله خير الخلق يلقى **** من الأعداء في الدنمرك نابا
وأمّته الجريحة في شتات **** تراه على صحيفتهم سِبابا
فلا تقوى على التأديب ثأرا **** سوى التنديد بالأقوال نابا
وما عبنا التجهّم من حديث **** ولكن حبّذا الأقوى اقتضابا(9/23)
تفطّرت السماء وخرّ صخرُ **** وأرعدت الغيوم صدىً غضابا
وهمّ الأخشبان بدكّ قومٍ **** أساؤوا للحبيب هوىً كِذابا
فلو فعلوا الذي فعلوه قِدْما **** وكان العهد في الماضي مُهابا
رأيتَ الأسْدَ في البيداء هبّتْ **** تردّ العزّ للهادي غلابا
هنالكَ سهمُ حمزةَ صار برقا **** وسيف ابن الوليد غدا لهابا
وثمّة رمح وحشيٍّ قنيص **** لمن شتم الرسول عَدًا وعابا
أيغدو الوهن فينا اليوم يسري **** وقد أغثى بنا الوادي حبابا
فنلقى العجْم في خترٍ و وَجْرٍ **** أهانوا الدين والنسل العرابا
وهمّوا بالرسول ولم ينالوا **** سوى الآثام تمحقهم يبابا
تُرى ماذا جنى المختار طه **** إزاء الناهشين له عقابا ؟!
ألم يكُ في البرية خير إنسٍ **** رحيم عادل يتلو الكتابا ؟
ويعفو في سماح عن أناسٍ **** له كانوا خصوما أو ذئابا !!
ويرفق بالأسارى ..لو سألتم **** هدى التاريخ تلقون الجوابا
هلمّوا للزمان سلوه حقّا **** عن الأخلاق والتزموا الصوابا
شمائله الزكية قد تسامتْ **** إلى العلياء تخترق السحابا
وناطحت النجوم هدىً وصارتْ **** ثرياتٍ جميلاتٍ شهابا
وأخرجنا من الظلمات طرّا **** إلى الأنوار حيث الأنس طابا
كفاكِ صحيفة الدنمرك هزءًا **** وحسبكِ ما فتحتِ اليوم بابا
سننفذ منه في ألمٍ وحنقٍ **** ببركان سنسكبه انسكابا
أراكِ الآن في ضحكٍ وزهْوٍ **** وقهقهة تنادين الشرابا
مهٍ " يولاندُ " ربّ البيت يصغي **** ويمهلُ ما اجترحتِ غداً حسابا
ستلقين الجزاء المرّ دهرا **** فتحترمي المآذن والقبابا
كذاك القول للنرويج مثلٌ **** " مغازيناتُ " لم ترع الجنابا
وأيمُ الله يأتي اليوم غُرّ **** يعّم الدين في الأرجا رحابا
=================
عاد محمد صلى الله عليه وسلم
أيسخر كف الليل بالنور هازئا = ويضحك في سخفٍ صليبٌ وغرقدُ
أيشتم مشكاة النبوة والهدى= وفي عرقنا نبض تلألأ يوقدُ
أ ترسم أيد حاقدات رسولنا = لها في ذيوع الشر و الكفر مقصدُ
تطاول عشاق الدنية فامتطوا = صحيفة خبث في السخافة تفندُ !!!
أباحوا حمى الإسلام بالإفك جهْرة = على المصطفى عيثا أساؤوا وأفسدوا
وما يرعوي الأوغاد إن صحتَ باكيا = على الفعلة النكرا تنزّه أحمدُ
وما تنتهي الأحقاد ذاكم دفينهم = تجلّى على مرآى العوالم يشهدُ
تصدّع كل الكون من خطب راسم = دَعِيٍّّ سفيهٍ للحصافة يفقد
تئنّ مجرا ت الفضاء تقطّعا = وتنتحب الذرّات والقلب أكمدُ
ويشتعل البركان من حرّ غضبةٍ = وينهمر الطوفان يرغي ويزبدُ
وتنتفض الحيتان في البحر ريثما = قصاصٌ يردّ العزّ يحيي وينجدُ
ألا ليت شعري كم تُعدّ جسومنا = فنعجز كا لموتور في الردع يزهدُ
أم الغفلة الصماّء طاب وسادها = على أعذب الأحلام نغفو ونرقدُ
لعمري هو الإسلام نعرف نهجه = ولكننا نأبى السلالم نصعدُ
وما الرفض رفض للعقيدة إنما = كسالى إلى الأهواء نسعى ونحفدُ
فمن ذا الذي يأبى السعادة غاية = وكل المنى فيها تهيم وتسعدُ
ولكن جنان الله صعب منالها = غلتْ سلعة تشرى كذا قال أحمدُ
هي الصحوة العصماء نور بوهجها = تسير على نهج الحبيب وترشدُ
إذا لم تكن منا ففي نسلنا الذي = سنشبعه من حب " طه" ونعهدُ
سنغرس هذا الحب في كل أسرة = منارة إسلام علينا تُشيّدُ
ويصبح مولود العيَايِل راضعا = معين الهدى قد صار بالدين يعضدُ
وينمو هزبرا بين كتْفيه لبدة = يرصّع يمناه الحسام المهنّدُ
ويحمل قلبا لا مثيل لعطفه = صفاء وودا لا يكيد ويحقدُ
وترجع أسراب الطيور بنغمها = مغردة أحلى التراتيل تنشدُ
وتنفتق الأكمام وردا معطّرا = يضوع أريجا في المساجد ينفدُ
فيا أيها الغرب الغرير تمردا = على أمة الإسلام تمضي تُهدِّدُ
كفاك الغرور قد دنوتَ بسفرةٍ = إلى الموت قد أغواك هذا التعنّدُ
إذا لم تتب هذا المصير مصيركم : =" ترابٌ يواري سوءة الغرب ملحدُ"
ويا أمتي هذا خلاصكِ فالزمي = سفينة نوح قادها الحِبّ أحمدُ
بشائركِ الكبرى تلوح من السما = على الشفق الورديّ :" عاد محمّدُ "
==================
أصمى العروبة َ والإسلامَ جُهّالُ
رام الإساءة للمختار أنذالُ في الغيّ مسبحهم يأتيه ضُلاّلُ
رمزا يهدّد بالإرهاب يَغتالُ ؟ حوبا عظيما من الأوزار قد نالوا
في عين شانئه المغرور: قتّالُ!! من نسل آدم تترى منه أجيالُ
الإسلام من كرمٍ، والعزّ ينهالُ والمال في الأمن مهما زاد إقلالُ
من " طه " منبعها فخرٌ وإجلالُ لا الطفل في عُمُرِ الأيّام يُغتالُ
والقاصرون كما النسوان أمثالُ أعمتْ بصيرته بالسفه يحتالُ
غيما ، يَدرّ حشاهُ الثرَّ هطّالُ وانظرْ مسيرته فالشهم رئبالُ
زهدٌ ، حياءٌ ، جوادٌ منه تصهالُ قد هابه في وغى الميدان أبطالُ
طلْقُ المُحيّا، على المنسيِّ سآالُ ذكر الحكيم وعذبُ الآي سلسالُ
والجذعُ حنّ بشوقٍ ساءه الحالُ والمِثْلُ من شجرٍ في ذاك أقوالُ
والإنسُ والجنّ والمشكوم بخّالُ إنّ المحبّة للمحبوب أشكالُ
مالم تترجمه بالصدق أفعالُ عزّ بنصرته ، في الساح بَذ ّالُ(9/24)
إنّا إلى دُرُج العلياء قُفّالُ ما عاد للنوم بعد الصحْوِإقبالُ
و هاجرالخيلَ في الأدواء عُقّالُ نحو الهداية والمختارمفضالُ
هبّوا جميعا إلى من جاء يختالُ فالدين ناصرنا والله فعّالُ
=================
عائدون يارسول الله
أيّ رمحٍ رموه جهْراً نهارا ؟ = يحمل الإفك في السنان شعارا
طعنوا المسلمين في صلب دين = عبثا بالرسول واستهتارا
نقرأ الحقد لاسواه ونرثي = ذلنا لا يزيد إلاّ انكسارا
يُشتم الشافع المشفع فينا = ثم نجثو على الصعيد حيارى
كيف تغدو الحياة بعد انبطاح = مرّغ الأنف في التراب شنارا ؟!
نصرة الدين فوق كلّ هواء = في رئات المليار يسري مِرارا
أخرس الوهن أمة الخير لما = نخر الصدّ عظمها فتوارى
كالحلازين رخوة صيّروها = جرّدوها لتلبس الأخطارا
أعرضتْ عن كتاب ربي فنالتْ = من جزاء الفِعال خزيا وعارا
كيف تقوى على القصاص بردع = وهي تخطو بمنسمين عِثارا ؟!
كيف ترضى رسولها في هوان = في رسوم حقيرة تتبارى
حول جاه وعالمية صيتٍ = وفلوس تضفي لها استكبارا ؟!
حسبنا الشتم بالكلام سبابا = في خطاب مزخرف أشعارا
حسبنا الشجب والتظاهر سلما = والصراخ المولول استنكارا
إنما يقظة الشعوب بحبّ = عارم للرسول يجلي الستارا
باقتداءٍ واهتداءٍ وسعْي = نحو خطو الدليل ليلا نهارا
عندها يلتقي المحيط فروحا = بالخليج السعيد رتقا جوارا
ويرى " الدانمركُ " كم كان أغبى = مابنى هدّموهُ…صار قفارا !
ويعود " النرويج" يبكي على ما = فات …هل نقبل الإعتذارا ؟
تتوالى هزائم الغرب تترى = ويحها لم تطق علينا اقتدارا
لم تعد أمة الحبيب كما كانت بذلّ فقد نفضنا الغبارا
أصبحتْ باتباع أحمد حصنا = من صياصي الهدى بنت أسوارا
خفقتْ راية الإله بتوحيدٍ ترفرف ينتشي الإنتصارا
كلنا للفداء نمضي أسودا = ـ لك يا أكرم الأنام ـ هُصارى
إننا عائدون لله بشرى = لفلسطين والعراق بشارا
هكذا نصنع الحياة شموسا = من فتيل الرسوم صرنا منارا
مكروا بالرسول والمكر سمّ = يقتل الماكرين هودا نصارى
آية المكر في الكتاب دليل = تصدقُ القول فافتحوا الأبصارا
يا هنانا بالحبيب لما يرانا = قد رفعنا لواءهُ أنصارا
وهنانا برفقة منه لمّا = نلتقي في الجنان صحبا جوارا
تمت بعون الله وتوفيقه يوم 20فبراير 2006م
شعر : عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
=====================
يحمل الإفك في السنان شعارا
يحمل الإفك في السنان شعارا عبثا بالرسول واستهتارا
ذلنا لا يزيد إلاّ انكسارا ثم نجثو على الصعيد حيارى
مرّغ الأنف في التراب شنارا ؟! في رئات المليار يسري مِرارا
نخر الصدّ عظمها فتوارى جرّدوها لتلبس الأخطارا
من جزاء الفِعال خزيا وعارا وهي تخطو بمنسمين عِثارا ؟!
في رسوم حقيرة تتبارى وفلوس تضفي لها استكبارا ؟!
في خطاب مزخرف أشعارا والصراخ المولول استنكارا
عارم للرسول يجلي الستارا نحو خطو الدليل ليلا نهارا
بالخليج السعيد رتقا جوارا مابنى هدّموهُ…صار قفارا !
فات …هل نقبل الإعتذارا ؟ ويحها لم تطق علينا اقتدارا
كانت بذلّ فقد نفضنا الغبارا من صياصي الهدى بنت أسوارا
ترفرفَ ينتشي الإنتصارا لك يا أكرم الأنام هُصارى
لفلسطين والعراق بشارا من فتيل الرسوم صرنا منارا
يقتل الماكرين هودا نصارى تصدقُ القول فافتحوا الأبصارا
قد رفعنا لواءه أنصارا نلتقي في الجنان صحبا جوارا
===============
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري
محمد أشرف الأعراب والعجم محمد خير من يمشي على قدم
محمد باسط المعروف جامعه محمد صاحب الإحسان والكرم
محمد تاج رسل الله قاطبة محمد صادق الأقوال والكلم
محمد ثابت الميثاق حافظه محمد طيب الأخلاق والشيم
محمد رُوِيَت بالنور طينتُهُ محمد لم يزل نوراً من القِدم
محمد حاكم بالعدل ذو شرفٍ محمد معدن الأنعام والحكم
محمد خير خلق الله من مضر محمد خير رسل الله كلهم
محمد دينه حق ندين به محمد مجملاً حقاً على علم
محمد ذكره روح لأنفسنا محمد شكره فرض على الأمم
محمد زينة الدنيا وبهجتها محمد كاشف الغمات والظلم
محمد سيد طابت مناقبهُ محمد صاغه الرحمن بالنعم
محمد صفوة الباري وخيرته محمد طاهر من سائر التهم
محمد ضاحك للضيف مكرمه محمد جاره والله لم يضم
محمد طابت الدنيا ببعثته محمد جاء بالآيات والحكم
محمد يوم بعث الناس شافعنا محمد نوره الهادي من الظلم
محمد قائم لله ذو همم محمد خاتم للرسل كلهم
===================
القصيدة المضرية في الصلاة على خير البرية
للإمام البوصيري
والأنبياء وجميع الرسل ما ذكروا ... يا رب صل على المختار من مضر
وصحبه من لطي الدين قد نشروا ... وصل رب على الهادي وشيعته
وهاجروا وله آووا وقد نصروا ... وجاهدوا معه في الله واجتهدوا
لله واعتصموا بالله فانتصروا ... وبينوا الفرض والمسنون واعتصبوا
يعطر الكون ريًّا نشرها العطرُ ... أزكى صلاة وأنماها وأشرفها
من طيبها أرج الرضوان ينتشر ... معبوقة بعبيق المسك زاكيةً(9/25)
نجمُ السما ونبات الأرض والمدر ... عدَّ الحصى والثرى والرمل يتعبها
يليه قطر جميع الماء والمطرُ ... وعدّ وزن مثاقيل الجبال كما
وكُلِّ حرفٍ غدا يُتلى ويستطر ... وعد ما حوت الأشجار من ورقٍ
يليهم الجنُّ والأملاكُ والبشرُ ... والوحش والطير والأسماك مع نعم
والشعروالصوفُ والأرياشُ والوبرُ ... والذر والنمل مع جمع الحبوب كذا
جرى به القلمُ المأمورُ والقدرُ ... وما أحاط به العلمُ المُحيط وما
على الخلائقِ مذ كانوا ومذ حُشروا ... وعدَّ نعمائك اللاتي مننت بها
به النبيون والأملاك وافتخروا ... وعدَّ مقدارهِ السامي الذي شرُفت
وما يكون إلى أن تُبعثَ الصورُ ... وعدَّ ما كان في الأكوانِ يا سندي
أهل السماوات والأرضين أو يذروا ... في كل طرفةَ عينٍ يطرفون بها
الفرش والعرش والكرسي وما حصروا ... ملء السماوات والأرضين مع جبل
ـــــدوماً صلاةً دواماً ليس تنحصر ... ما أعدم الله موجوداً وأوجد معـ
تُحيطُ بالحد لا تبقي ولا تذرُ ... تستغرق العد مع جمع الدهور كما
ولا لها أمدٌ يُقضى فيُعتبرُ ... لا غايةً وانتهاءً يا عظيمُ لها
مع ضعف أضعافه يامن له القدرُ ... وعدًّ أضعاف ما قد مر من عدد
أمرتنا أن نُصلِّي أنت مقتدرُ ... كما تُحبُّ وترضى سيدي وكما
ربي وضاعفهما والفضل منتشرُ ... مع السلام كما قد مر من عدد
أنفاسِ خلقك إن قلوا وإن كثروا ... وكل ذلك مضروبٌ بحقك في
والمسلمين جميعاً أينما حضرُوا ... يا رب واغفر لقاريها وسامعها
وكلنا سيدي للعفو مفتقر ... ووالدينا وأهلينا وجيرتنا
لكن عفوك لا يُبقي ولا يَذرُ ... وقد أتيت ذنوباً لا عداد لها
وقد أتى خاضعاً والقلبُ منكسرُ ... والهم عن كل ما أبغيه أشغلني
بجاه من في يديه سبح الحجرُ ... أرجوك يارب في الدارين ترحمنا
فإن جودك بحر ليس ينحصرُ ... يا رب أعظم لنا أجراً ومغفرةً
وفرج الكرب عنا أنت مقتدرُ ... واقضِ ديوناً لها الأخلاق ضائقةٌ
لُطفاً جميلاً به الأهوال تنحسرُ ... وكن لطيفاً بنا في كل نازلةً
جلالةً نزلت في مدحه السورُ ... بالمصطفى المجتبى خير الأنام ومن
شمس النهار وما قد شعشع القمرُ ... ثم الصلاةُ على المختار ما طلعت
من قامَ من بعدِهِ للدين ينتصرُ ... ثم الرضا عن أبي بكر خليفته
من قولُهُ الفصلُ في أحكامِهِ عُمَرُ ... وعن أبي حفصٍ الفاروقِ صاحِبِهِ
له المحاسنُ في الدارين والظَّفرُ ... وجُد لعثمان ذي النورين من كمُلت
أهلُ العباءِ كما قد جاءنا الخبرُ ... كذا عليٌّ مع ابنيه وأُمهما
عبيدةٍ وزُبيرٌ سادةٌ غُرَرُ ... سعدٌ سعيدُ بن عوفٍ طلحةٌ وأبُو
ونجلُهُ الحبرُ من زالت به الغيرُ ... وحمزةٌ وكذا العباسُ سيدُنا
ماجن ليلُ الدياجي أو بدا السحرُ ... والآلُ والصحبُ والأتباعُ قاطبةً
====================
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام
عائض القرني
أنصت لميمة من أمم مدادها من معاني نون و القلمِ
سالت قريحة صب في محبتكم فيضاً تدفق مثل الهاطل العممِ
كالسيل كالليل كالفجر اللحوج غدا يطوي الروابي ولا يلوي علي الأكمِ
أجش كالرعد في ليل السعود و لا يشابه الرعد في بطش و في غشمِ
كدمع عيني إذا ما عشت ذكركم أو خفقِ قلبٍ بنار الشوق مضطرمٍ
يزري بنابغة النعمان روانقها و مَنْ زهير ؟ و ماذا قال في هرمِ
دع سيف ذي يزنٍ صفحاً ومادحه و تبّعا وبني شداد في إرمِ
و لا تعرّج علي كسرى و دولته وكل أصيد أو ذي هالة و كمي
و انسخْ مدائح أرباب المديح كما كانت شريعته نسخا لدينهمِ
رصّعْ بها هامة التأريخ رائعة كالتاج في مفرق بالمجد مرتسمِ
فالهجر و الوصل و الدنيا وما حملتْ و حبُ مجنونِ ليلى ضلة لعمي
دع المغاني و أطلال الحبيب و لا تلمح بعينك برقاً لاح في أضمِ
و انسَ الخمائلَ و الأفنان مائلة وخيمةً و شويهان بذي سلمِ
هنا ضياء هنا ري هنا أملٌ هنا رواء هنا الرضوان فاستلمِ
لو زُينتْ لامرء القيس انزوى خجلاً ولو رآها لبيدُ الشعرِ لم يقمِ
ميمية لو فتي بوصير أبصرها لعوذوه برب الحل و الحرمِ
سل شعرَ شوقي أيروي مثل قافيتي أو أحمد بن حسين في بني حكمِ
ما زار سوقَ عكاظ مثلُ طلعتِها هامتْ قلوبٌ بها من روعة النغمِ
أُثني علي منْ ؟ أتدري من أبجله ؟ أما علمت بمن أهديته كلمي
في أشجع الناسِ قلباً غير منتقم و أصدق الخلق طراً غير متهمِ
أبهى من البدر في ليل التمام و قل أسخى من البحر بل أرسى من العلمِ
أصفى من الشمسِ في نطق و موعظةٍ أمضى من السيف في حكم و في حكمِ
أغرٌ تشرق من عينيه ملحمةٌ من الضياء لتجلو الظلم و الظلمِ
في همة عصفت كالدهر و اتقدتْ كم مزقت من أبي جهل و من صنمِ
أتي اليتيم أبو الأيتام في قَدَرٍ أنهى لأمته ما كان من يُتمِ
محرر العقل باني المجد باعثنا من رقدة في دثار الشرك و اللممِ
بنور هديك كحلنا محاجرنا لما كتبنا حروفنا صغتها بدمِ
من نحن قبلك إلا نقطةٌ غرقتْ في اليم بل دمعة خرساء في القدمِ
أكاد أقتلع الآهات من حُرقي إذا ذكرتكَ أو أرتاعُ من ندمي(9/26)
لما مدحتك خلتُ النجمَ يحملني و خاطري بالسنا كالجيش محتدمِ
شجعتُ قلبي أن يشدو بقافية فيك القريض كوجه الصبح مبتسمِ
صه شكسبير من التهريج أسعدنا عن كل إلياذة ما جاء في الحكمِ
الفرسُ و الرومُ و اليونان إن ذكروا فعند ذكراه أسمال على قزمِ
هم نمّقوا لوحة للرق هائمةً و أنت لوحك محفوظ من التهمِ
أهديتنا منبر الدنيا و غار حرا و ليلة القَدر و الإسراء للقممِ
و الحوضَ و الكوثرَ الرقراق جئت به أنت المزمل في ثوب الهدى فقمِ
الكونُ يسأل و الأفلاكُ ذاهلة و الجنُ و الإنسُ بين اللاء والنعمِ
و الدهر محتلف و الجو مبتهجٌ و البدر ينشق و الأيام في حلمِ
سربُ الشياطينِ لما جئتنا احترقتْ و نار فارس تخبو منك في ندمِ
و صفد الظُلْم و الأوثان قد سقطت و ماء ساوة لما جئت كالحممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزتهم بك التشرّفُ للتأريخ لا بهمِ
عقود نصرك في بدر و في أحد و عدلاً فيك لا في هيئة الأممِ
شادوا بعلمك حمراء و قرطبة لنهرك العذب هب الجيل و هو ظمي
و من عمامتك البيضاء قد لبست دمشق تاج سناها غير منثلمِ
رداء بغداد من برديك تنسجه أيدي رشيد و مأمون و معتصمِ
و سدرة المنتهى أولتك بهجتها علي بساط من التبجيل محترمِ
دارستَ جبريل آيات الكتاب فلم ينس المعلم أو يسهو و لم يهمِ
اقرأ و دفترك الأيام خط به وثيقة العهد يا من بر في القسمِ
قربت للعالم العلوي أنفسنا مسكتنا متن حبل غير منصرمِ
نُصرتَ بالرعب شهراً قبل موقعة كأن خصمك قبل الحرب في صممِ
إذا رأوا طفلاً في الجو أذهلهم ظنوك بين بنود الجيش و الحشمِ
بك استفقنا علي صبح يؤرقه بلال بالنغمة الحرّا على الأطمِ
إن كان أحببت بعد الله مثلك في بدو و حضر و من عرب و من عجمِ
فلا اشتفى ناظري من منظر حسن ولا تفوه بالقول السديد فمي
==================
ربيع الهدى
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
تجلى مولد "الهادي" علينا فضاء الكون وابتهج الزمان
وعاد البشر يملأ كل قلب كما غمر الهدى وعلى الأذان
ربيعك قد زهت فيه الأماني وطاب الشدو وانطلق اللسان
محبة"أحمد" كنز عظيم ففيها الفوز حقا والجنان
محبته تحقق كل خير ويحلو الود فيها والحنان
تزود من معين الحب تسمو فما لحوادث الدنيا أمان
لقد شرف (الربيع ) وكم تباهى "بأحمد"مثلما شرف الزمان!!
وأنت لنا على خلق عظيم ومنك الفضل والمنن الحسان
وأسوتنا "رسول الله"حقا ففيها عزنا وبها نزان
ولو أنا نهجنا نهج "طه" لكنا مثلما الأجداد كانوا
ولنا سادة الدنيا فلما هجرنا الدين حل بنا الهوان
فهلا عودة ترجى لماض يسود العدل فيها والأمان ؟
"محمد"سيد الكونين طرّ عم وجاء بمدحه السامي القران
================
رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم
بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي
عانقي المجد واخفقي يا بيدُ = كل يوم على رمالك عيدُ
راية بعد راية وزحوف = في ميادينها وفجر جديدُ
لا يزال التاريخ يدفعه النصـ = ـر ويبنيه مؤمن وشهيدُ
والنبوات آية الله يُجْلَى الحـ = ـقُّ في نورها ويُجْلَى الوجودُ
تصل الأرض والزمان فتمتـ = ـد مواثيق أمة وعهودُ
يا لَحَقٍّ جذورُهُ ضربت في الأ = رض وامتد ساقه والعودُ
إنه جوهر الحياة وفيض = عبقري وفاؤه والجودُ
إنه الوحي والرسالة للنا = س وهذا رسولها المشهودُ
سيد الناس بين نصر من اللَّـ = ـه وعز لواؤه معقودُ
إنه أحمد النبي فبشرى = بين آيات ربه ووعيدُ
فمن الله كل فضل عليه = آية الحق والهدى التوحيدُ
يا جلال الإسراء يحمله الشـ = ـوق وجبريل والبراق الشديدُ
والفضاء الممتد ينشر أنوا = راً فتنشق ظلمة وسدودُ
أيُّ نور يطوف بالكون تُجْلَى = من سناه أحناؤنا والكبودُ
إنه المصطفى أطلَّ فهبَّت = للقاه نبوة وجدودُ
وإذا السيد العظيم إمام = وجلال يحوطه وحشودُ
وإذا أنت يا فلسطين نور = يتلاَلاَ وجوهر وعقودُ
فاخشعي يا ربى فهذي دروب = لجنان ومحشر وخلودُ
ورباط لله تحرسه العيـ = ـن وقلب ووثبة وزنودُ
يا ظلال الأقصى! نداك غنيٌّ = بالرجا، صادق الوفاء، رغيدُ
كل شبر به مواقع وحي = وجهاد على الزمان جديدُ
إن داراً يحوطها الله تأبى = أن يُخانَ الوفا وتُطوى الوعودُ
إن أرضاً لله لا يتولى = عن حماها فتى أبرُّ جلودُ
من يخن عهده مع الله يرهقـ = ـه عذاب من ربه وصعودُ
يا رسول الهدى! سلام من اللَّـ = ـه ومن مؤمن له ترديدُ
وصلاة عليك تخشع فيها = أضلعٌ أسلمت وهذي الكبودُ
كل فتح بلغته هو آيا = ت من الله خيرها ممدودُ
غير أن القلوب أقسى على الفتـ = ـح وأغلى سبيلُها والجهودُ
فسبيل القلوب هدْيٌ من اللَّـ = ـه سبيل البلاد سيف حديدُ
فإذا ما التقى على الحق سيف = وبلاغ فذاك فتح مجيدُ
فبنيت الذي تقصِّر عنه = عبقريات أعصر وحشودُ
أمة لم تزل إلى الله تسعى = هي فتح منه ونصر فريدُ
يا رسول الهدى! سلام من اللَّـ = ـه ومنا الوفاء والتوحيدُ
وصلاة عليك نعبد فيها اللَّـ = ـه نرجو رضاءه ونعيدُ
رحمة أنت للعباد من اللَّـ = ـه وفضل مُهدًى وخير مديدُ(9/27)
فاذكري (أُمَّ مَعبدٍ) قصة الشـ = ـاة وقد جفَّ ضرعها والوريدُ
مسح الضرع في يديه رسول الـ = لَّه فاشتد درُّها والجودُ
روي الصحب وانثنوا وكأن الضَّـ = ـرع تدعو: لئن ظمئتم فعودوا
آية الله في يديه وذكر اللَّـ = ـه في قلبه خشوع وحيدُ
إن روى الصَّحْبَ كفُّهُ فهداه = يرتوي منه صاحب وبعيدُ
يرتوي الدهر من هداه فيدنو = مؤمن خاشع وينأى كنودُ
أيها المصطفى! تفرَّدتَ في الخلـ = ـق نبياً عُلاك أفق فريدُ
أنت معنى الوفاء: ذكرُك في الأر = ض حميد وفي السماء حميدُ
زانك الله، حسن وجهك إشرا = ق وإشراقه جلال ودودُ
لا تكاد الشهود تملأ عينيـ = ـها فيغضي من الجلال الشهودُ
ذروة البأس في فؤادك في الحر = ب إذا احمرَّ بأسُها ورعودُ
لو تنادوا مَن الفوارس في الدهـ = ـر لقالوا: ذا الفارس المعدودُ
أنت في الحرب يحتمي بك أبطا = ل ويأوي لظلك الصنديدُ
حسبك المدح أن تكون على خُلْـ = ـق عظيم يُتلى به الكتاب المجيدُ
كل آي من الكتاب وذكر = هو ذكر على الزمان جديدُ
يا رسول الهدى! حملت إلى النا = س سلاماً يرعاه دين وصيدُ
كم مسحتَ الدموع آسيتَ محزو = ناً فحنَّتْ إليك منهم كبودُ
ودفعت الأسى ورعشة خوف = فاطمأنت إلى الوفاء العهودُ
أنت أرجعت لابن آدم حقاً = كم أضاعته فتنة وجحودُ
وعتاة بغوا على الناس حتى = تاه في الدرب جائع وطريدُ
يا حقوق الإنسان! هذا هو الحـ = ـق سواه فباطل مردودُ
إنها منحة من الله، حق = لم تشرعه عصبة وعبيدُ
فاستقيموا لله نَبْنِ سلاماً = لم تخالطه فتنة ووعودُ
يا رسول الهدى! عدلتَ وساويـ = ـتَ فما جار سيد ومسودُ
جمع الله أمة الحق إخوا = ناً فهبَّت عزائم وجهودُ
غير أن الزمان حال فعادت = للشياطين دولة وجنودُ
أشعلوا الأرض فجروها براكيـ = ـن فمادت ذراً وماد عمودُ
صاح من هول مكرهم كل جبا = ر وجن اللهيب (والأخدودُ)
غير أن اليقين يبقى ويمضي = موكب الحق يجتلي ويرودُ
كيف أرقى إلى مديحك لكن = غلب الشوق والحنين الشديدُ
غلب الشوق رهبتي، وصراع = في فؤادي يغيب ثم يعودُ
كلما لجَّ في فؤادي شوق = دفع الشوق رهبتي فتزيدُ
وإذا بالخشوع يرفع أشوا = قي فتصفو وترتقي فتجودُ
إنما الله والرسول هما الحـ = ـب ولله وحده التوحيدُ
يا لدربٍ شققته (في سبيل الـ = لَّه) عهد على الزمان جديدُ
ماج فيه من الهداية نور = وسرايا تتابعت وحشودُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ألقيت هذه القصيدة في مؤتمر حول ( المدائح النبوية تاريخها وأساليبها ) . أورانج أباد في الهند خلال الفترة : ( 26 ـ 28 )/2/1409هـ الموافق (7ـ9)/أكتوبر 1988م ثم جعلت هذه القصيدة جزءاً من ملحمة الأقصى وديوان مهرجان القصيد . وقدّمت في هذا المؤتمر بحثاً حول ( الإِطار الصحيح والأسلوب الأمثل للمدائح النبوية ) .
(2) صَعُود : جَبَلُ في جهنم ، عقبة شاقة .
(3) ( أمُّ معبد ) صاحبة الخيمة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسألان لحماً وتمراً يشتريانه منها . فلم يصيبوا شيئاً . فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد عن الغنم ودعا وسمى الله تعالى ، فتفاجَت عليه وذرت وروي الجميع . فآمنت وبايعت على الإسلام
======================
سيدي يا رسول الله ...!!
صالح محمد جرار
ها أنا ذا أقف بين يدي ذكراك المجيدة ، والبيان ضعيف الجناح ، لا يستطيع التحليق عالياً ليبلغ علاك !!
فكيف للهباءة أن تصف الشمس ؟ وكيف للسفح أن يرنو إلى القمة الشماء ؟
وكيف للقطرة أن تتحدث عن المحيط العظيم ؟
بل كيف للإنسان الملطخ برذائل الدنيا أن يقف بين يدي ذكرى سيد الأنبياء والمرسلين ؟
ولكنك ، يا سيدي ، يا رسول الله ، حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وإنك لعلى خلق عظيم !
وهل نحن مثلنا بين يدي ذكراك الكريمة تائبين إلى الله ، مستغفرين ، نرجو شفاعتك يوم الدين، فننال بها – إن شاء الله – دار المتقين !!
وصلى الله عليك وسلم ، يا من بعثت رحمة للعالمين !!
في ذكرى المولد النبوي الشريف
لمن الضياء أطل من علياء ؟
لمن البشاشة فاض نبع بهائها
لمن البشائر في الوجود تراقصت
لمن البشائر أرّجت كل الدنا
ولد الحبيب محمد ببهائه
ولد الذي غرس الحياة فضائلاً
ولد الذي لولاه ما خفقت لنا
هيّا اشكروا الرّحمن فهو يعمّنا
هيا اشكروا رب الوجود فإنه
صلى عليك الله يا علم الهدى
صلى عليك الله يا خير الورى
صلى وسلم ما أقام بكونه
قد شاء ربك أن تكون رسوله
قد شاء ربك أن تكون مبشراً
فرعاك في الأزل المغيب ذرّةً
وحباك من خلق السّماء رفيعها
وشببت في البلد الحرام مطهّراً
ودعاك قومك بالأمين وإنهم
لكنهم –يا ويحهم – عبدوا الهوى
فلقد أتيتهم بشرع إلههم
أسْمَعْتَهُم آيات ربك فانتضوا
عرفوك كالشمس المنيرة فوقهم
وصبرت يا خير الأنام على الأذى
لو كنت فظاً جافياً لتفرّقوا
لكنك المختار من بين الورى
فلقد بذذتَ العالمين مروءةً
قد جاء في التنزيل ذكرك عالياً
علّمتَ صحبك أن، تكون حياتهم
ووضعتَ في أيمانهم علم الهدى(9/28)
فتركتَ فيهم هاديين على المدى
حملوا الأمانة مخلصين لربهم
بالحكمة المثلى وحسن فعالهم
دانت لهم دول تتيه ببأسها
وبدوحةِ الدين الحنيف تفيّأَتْ
ويدور دولاب الزمان فما نرى
أين الذين بهمّةٍ بلغوا بنا
أين الألى اعتصموا بحبل إلههم
أين الألى طاروا نسوراً في العلا
أين الذين فتوحهم شهدت لهم
أين الخليفة حين جاء مكبّراً
لتكون قدس المسلمين على المدى
بل أين أنت أيا صلاحُ لكي ترى
قد غاب عنه الصادقون فما ترى
وترى شعوباً ذُلّلَت أعناقُها
قد غاب جند الله عن ساح الفدا
قد غاب أحرارٌ مَضَوْا بشهامةٍ
فأولئك الأطهارُ فاحَ أريجهم
ماذا أقول أيا طبيب قلوبنا
ماذا أقول وقد تركنا شرعةً
فيها لما في الصدرِ طبٌّ ناجعٌ
ها قد أضعنا قدسَنا وبلادَنا
ها قد تحوّلنا غثاءً طافياً
لم يبق من شيم الكرام سجيةٌ
إنا لبسنا عارَنا بجدارةٍ
مالي أطلْتُ القوْلَ في وصف الدّجى
ما النجمُ إلا فتيةٌ نشؤوا على
عمروا المساجدَ مخلصين لربّهم
فلقد أضاؤوا ليلنا بشعاعهم
ما ضلّ سعيُ المسلمين إذا اهتدوا
إني أتيتكَ يا حبيب قلوبنا
إنا أتينا مطرقينَ رؤوسنا
وإلى رياضك جاء يسعى جمعنا
أنت الرحيم بنا وصدرك واسعٌ
غفرانك اللهم فارحم جمعَنا ... لمن البهاء بليلة غرّاءِ ؟!
وافترّ ثغر الكون عن لألاءِ ؟!
ما بين ذي الغبراء والخضراء ِ
فتضاءل المعطار في استحياءِ
ميلاد فجرٍ بعد طول رجاءِ!!
واختطّ درب رشادها بحراءِ!
هذي القلب بخشية ورجاءِ!
بالنعمة المهداةِ والأنداءِ !
رحم الوجود بسيد الرّحماءِ!
ما أشرقت شمسٌ من العلياءِ
ما أولج الأنْوار في الظّلماءِ
سنناً تقوم بقدرة البناء
للعالمين ورحمة الأحياءِ
للمؤمنين ومنذر السفهاءِ
حتى ولدت فكنت خير عطاءِ
حتى عرِفْتَ بأشرف الأسماءِ
من كل رجسٍ عمّ في الأرجاءِ
بهرتهم الأخلاق بهر ذُكاءِ
حتى عموا عن أوضح الأشياءِ
فتنكّروا للشّرعة السمحاءِ
سيفَ الجهالة يا لسوءِ جزاءِ
لكنهم صدّوا عن الأضواءِ
حتى هُدُوا للسّمحةِ البيضاءِ
عما دعوتَ إليه من نعماءِ
لتكون فيهم أرحم الرحماءِ
وحباك ربك صفوة الفضلاءِ
فلأنت مفطور على العلياءِ
لله خالصةً بلاأقذاءِ
كيما يرفرف في سما الأحياءِ
ذاك الكتاب وسنةَ المعطاءِ
وتجردوا للدعوةِ الغرّاءِ
وبحدّ سيف الحق في الهيجاءِ
وهوَت عروشُ الكفرِ والظلماءِ
تلك الشعوبُ بنعمةٍ وصفاءِ
للعزّة القعساءِ أيَّ لواءِ
كبد السماء وقبة الحوراءِ ؟
حتى غدوا كالطود في النكباءِ؟
بجناح إيمانٍ وصدقِ فداءِ؟!
بالرحمة المسداة للضعفاءِ؟!
من روضة الهادي إلى "إيلياءِ"
وتُذَكّرَ الحنفاءَ بالإسراءِ!
ما حلّ بالأقصى من الأرزاءِ؟!
إلا نفاقَ الطغمةِ الحمقاءِ!
بالبطش والتقتيل والإفناءِ !
وأتى عبيدُ المالِ والأهواءِ
وأتى العبيدُ بذلّةٍ وغباءِ!
واليومَ يخلُفُهُم كريهُ بذاءِ!
والله يعلمُ ما بِنا من داءِ؟!
هي شِرْعَةُ الرّحمنِ للأحياءِ
لاطبَّ يشفي غيرُ وحي سماءِ
من بعد هجر شريعةٍ سمْحاءِ
فوق السيولِ بغير ما اسماءِ
في مدّعي الإسلامِ والعرباءِ
حتى غدَوْنا سبّةَ الأحياءِ
ويلوحُ نجمٌ في حشى الظلماءِ؟!
حبّ الإلهِ ودينهِ المعطاءِ!
وتنزّلوا كتنزّلِ الأنداءِ!!
حتى ارتقبنا دولةَ الأضواءِ
بشعاع شمسِ المصطفى الوضّاءِ
بنجومِ شبّانٍ وضوءِ رجاءِ
مما عليه القومُ من غلواءِ
وإلى رياضكِ رحلةُ السّعَداءِ
فكن الشفيعَ لأمّةِ الغرباءِ
وكن النصيرَ لنا على الأعداءِ
\======================
صلاة الله وسلامه على الهادي
الإمام الشيخ صالح الجعفرى
على الهادى رسول الله صلاة الله سَلام الله
للمختار قد زُرْنَا لدار الخلد قد جٍئنا
وشاهدنا رسولَ الله وفى الرّوضات صَلّينا
وبحر الحبَّ أمْواجا رأيتُ الناسَ أفواجَا
لحُبٍ فى رسول الله ودمع الشوق ثجّاجَا
وعطر النّدَّ فواحُ وفى رؤياه أفراحُ
وسامَحَهُم رسولُ الله وأهل الحبَّ قد باحوا
وجاء الخيرُ والبرُّ ولاح النّور والسرُّ
برؤياهم رسولَ الله وأهل الله قد قرّوا
وقد زاروا رسولَ الله حبيب الله يلقاهم
لمن للمصطفى زاروا وغفرانُ و أسرارُ
من الهادى رسول الله عليهم تبدو أنوارٌ
وأقمارُ الهدى هلّت جيوش النفس قد ولّت
لمن زاروا رسولَ الله وسحبُ الخير قد عمّت
إلى الخلاَّق بارينا وشمس الدين تَهدينا
أتينا يا رسولَ الله رسولُ الله داعينا
بإقبال وإسعاد جمالُ المصطفى بادى
و شاهدنا رسولُ الله وعطرُ رَوَّحَ الوادى
بتوفيق بلا حجْب ونلنا غاية القرب
أبا القاسم رسولَ الله وزرنا سيدَ العُرْب
لدى المختار هاديها وهز الروحَ باريها
شهوداً فى رسول الله فنالت من أمانيها
وسلَّمنا على طه رياض الخلد نلناها
بإمدادٍ رسول الله وروح الحبَّ حَيّاها
على المختار ذى الذكر صلاةُ الله كالقطر
و آلٍ من رسول الله وصحبٍ سادةٍ غُرَّ
مديح المصطفى كرَّرْ متى ما الجعفرى حَرّرْ
بنورٍ من رسول الله ووجه الحبَّ قد نوّر
===================
صلى الإله وسلما
شعر الأستاذ / عبدالسلام المآخذي _ صنعاء(9/29)
والآل من ورثوا الكتاب المحكما ... صلى الإله على النبي وسلما
سعد المصلي بالنبي وأكرما ... صلوا عليه وسلموا وترحموا
و بآله في دينه مستعصما ... طوبى لمن أضحى بطه مغرما
و توسلاً صلى جوارك محرما ... طوبى لمن قصد المدينة زائراً
تعلو رياضك طيبها يروي الضما ... طه عشقنا قبةً نبويةً
إني لشوق لقائها أبكي دما ... طه عشقنا تربةً قدسيةً
يعلو النجوم البدر في كبد السما ... الأنبياءُ علوتهم فضلاً كما
ظهر البراق مشاهداً غيب السما ... هيهات أن يرقى سواك ويعتلي
طابت لنا الدنيا بذكرك دائما ... يارحمة الرحمن يا نور الهدى
لولاك ما صلى التقي وأحرما ... يا حجة الباري على كل الورى
===============
عذراً.. رسول الله!..
عبيد الشحادة
عبيد الشحادة
عَجولٌ لا سعادُ ولا طُلولُ
فَمنْ لي صوَبهُ نُجُب المطايا
أتيتُكَ مرسَلاً بهوانِ قومي
ولستُ بطالبٍ جاهاً ومالاً
أبوءُ بذنبِ تقصيرٍ عظيم
لأسكبَ من دموعي منتهاها
أتغسِلُ عارَ مَنْ هانوا وذَلوا؟
رسولَ اللهِ عذراً عن قصورٍ
قعدْنا دون نُصرتكَ انخذالاً
شُغلنا بالسفاسفِ من أمور
فصار السيِّدَ المحسودَ فينا
وذو الجاه المزركشُ بالتعالي
رسولَ الله معذرةً.. فقومي
وألقَوا بالرماح وكل قوسٍ
وما عادت مراكبُهم خيولاً
ولا الصّهواتُ تغريهم رُكوباً
ففرسانُ الخيولِ غدوا عظاماً
إذا رُكبَ الجوادُ بدا جياداً
تسيرُ مهابةً منهم وفيهم
نفوسٌ تعشق الإقدامَ حتى
بأطراف الأسنّة مبتغاها
أولئك من يحامي عن نبيٍ
ويصمدُ والمنايا مُحدقاتٌ
ويصدقُ إن يفديه بروحٍ
رجالٌ أُرضِعوا لبناً صريحاً
فكانوا كالأسودِ على حماها
وأما نحنُـ: إمَّا زِيرُ عشقٍ
رضيعُ البِيْدِ قَسورةٌ جَسورٌ
رسولَ الله عذراً قد كُنا رؤوساً؟
وكُنَا أمةً وسطاً كراماً
وكُنّا مضربُ الأمثالِ فينا
فيا خجلي إذا بكَ جِيءَ يوماً
ويا خجلي إذا ناديتَ يوماً
وقلتَ أريدُ أحبابي بقربي
فكيف نراكَ قُربَ الحوضِ ظَمأى؟!
بماذا ندَّعي زوراً ونذي؟
أكنّا أمةً نَخلاءَ؟ عوداً
أو أنّا أمةً فقراءُ؟ رزقاً
نَعُولُ عوائلاً وبها انشغلنا
أو إنَّ نساءَنا تخشى علينا
أم أنا أمةٌ كثُرتْ عداداً
تفرَّق أمرُها شيَعاً وأضحى
ففينا مُرجفٌ خافي النوايا
أيعجزُنا سفيهٌ ابنُ بغيٍ؟
فيهزأُ بالنبيِّ بنشر رسمٍ
بداعي أنه حرٌ وأنّا
وأنّا نركبُ الإرهابَ درباً
علوجٌ في زرائبها عجولٌ
أيعجزُنا ونحنُ حماةُ دينٍ
لقد كانتْ قريشُ عتاةَ شِركٍ
وكان الرومُ أقوى مَنْ عليها
بصدق عقيدةٍ وطلاقِ دنيا
يطوفون البلادَ ومستحيلٌ
رسولَ اللهِ معذرةً وعذراً ... تُشاغلني وقد أزِفَ الرحيلُ
تَغُذُّ السيرَ غايتُها الوصول
فرفقاً بالمُرَاسلِ يا رسول!
فأصغرُ همي العَرَضُ القليل
وطرفي منه منكسرٌ ذليل
وحتى لو جرتْ منها سيول
وكيف ينظّفُ العارَ الغسيل؟!
وأنّى يُقبَلُ العذرُ الخجول؟!
وما من علة إلا الخمول
وأشغلَ هَمَّنا الهمُّ البديل
كثيرُ المال رابيه.. الكَسول؟
كطاووسٍ له ذيلٌ طويل!
لديهم قد تكسّرَتِ النُّصول
وأُنزِلَ عن مُقلَّدِهِ الصقيل
يُشَنِّفُ أُذنَهم منها الصّهيلُ
سواءٌ عندهم ثَورٌ وفِيل!
بكتهم في مرابطها الخيول..
كأنَ ظِلالَ واحدها رعيل
فلا حَزَنٌ يُهاب ولا سهول
يُحاذر بأسَها الموتُ الذليل
ويُطربُها من النغمِ الصليل
ويثبتُ لا يحيد ولا يميل
فإما قاتلٌ هو أو قتيل
قؤولٌ صادقٌ.. بَرٌّ فَعول
فنِعمَ الأصلُ واللبنُ الأصيل
تصولُ عزيزةً وبها تجول
وإما مُتخَمٌ شَرِهٌ أكُول
ورُضَّعُنا من (النيدو) عُجول..
وإنّا الآنَ في الناس الذُيول
يميزُنا بوسْطِ الناس طُول
ومنَّا ينبعُ الخُلُقُ النبيل
وأنت شهيدُنا وبنا كفيل
إليه كلُّنا حتماً نؤول
وقربُك يومها شأنٌ جليل
وحوضُكَ يرتوي منه الغليل
وماذا عن مواقفنا نقول؟!
فخارَ بعزمنا الجسَدُ النحيل
وجانبَ قوتَنا الخيرُ الجزيل
فأورثنا المذلَّة مَنْ نعولُ
فبِئسَ غنيمةً تلك البُعول
وتعدادُ الرجالِ بها قليل
لكل في سياسته ميول
وفينا مِنْ أكابرنا عميل
وما كانتْ لتُعجزَنا النُّغُول
يؤيِّدُه من القوم القبول؟
تماهت في عواطِفنا العقول
ويجدرُ مسلكاً عنه العُدول
تخورُ.. وليس للبقر الصهيلُ
يقومُ به على الناس الدليل
وكانَ الشركُ في دمها يسيل
وأمكنَ في بلادهم الدُخول
وقومٍ ما استقرَّ بهم رحيل
يرونَ أمَامهم ما يستحيل
إذا لم يبقَ عندي ما أقول!!..
===============
فدى لرسول الله
شعر معتصم إبراهيم الحريري
تأجّج أيها الشعر التهابا
وأطلق للقوافي ما أرادت
وقف مثل الحزين وقوف آسٍ
لعلّك من سبات الذلّ تصحو
فما بعد الذي قد قيل قولٌ
وما بعد الرسول سوى المنايا
فقد جاز الأعادي كلّ حدٍّ
ألم يكفيهم التقتيل فينا
وتقسيم البلاد على هواهم
وكم من غصّةٍ منهم طوينا
فظنّونا بأنا إذ صمتنا
وأنّا أمة هُزمت وغابت
وما علموا بأنّ الأرض تُؤوي
لأجل محمّدٍ تغدوا جبالاً
فدىً لك يا رسول الله نفسي
فدىً لك أمّةٌ بك قد تعالت
ألست المصطفى خير البرايا
بنورك أشرق الإيمان فينا
فبدّد ظلمة الأهواء عنّا(9/30)
فصرنا في رياض الدين نزهو
لنغسل في جداوله الخطايا
نبيّ الله حبّك في الحنايا
تعانقهُ السّرائرُ وهي عطشى
نسيم الشوق يلثمها بعطرٍ
كأنّ شذاهُ في الأرواح خمرٌ
شذاً من ورد أحمد ليت شعري
على غصن النبوّةِ حيث تشدوا
ترقّ لها المشاعر باكياتٍ
وتنبعث القصائد حانياتٍ
فهذا أحمدٌ لا شيء يحوي
ولست بمادحٍ لكنّ قلبي
على قومٍ بصائرهم تعامت
وغرّتهم أمانيهم فقاموا
بلا عقلٍ ولا شرفٍ كريمٍ
سلوهم أيهم يدري أبيهِ
إذا أبصرتمُ قوماً لئاماً
فمهلاً يا بني’’الدنمرك’’ جُزتم
تراضعتم مع الأبقار حتّى
وقد كانت لكم فيها غناءٌ
دعوا’’اللورباك’’ تنفعكم فإنّا
خذوها واشبعوا لبنا وزبداً
وإن كان اليهود لكم صِحاباً
فإنّا أمةٌ لا خير فينا
ويوماً ما سنأتيكم غُزاةً
فإنّ الله مولانا وأنتم
وأنا أمة ’’الخبّاب’’ نبقى
نجود لأحمدٍ بالروح خوفاً ... ومن عينيك فاستبكي السحابا
من الآلام واسقيها عذابا
كسير النفس مكتئباً مصابا
وتُشرع من مآسيك الحرابا
وما بعد الذي قد صاب صابا
وأن نرِدَ المكاره والصعابا
ولم يدعوا إلى الإصلاح بابا
وما عاثوا بأمتنا انتهابا
فأمست من مكائدهم خرابا
عليها القلب صبراً واحتسابا
بأنا لا نطيق لهم جوابا
حضارتها وأَبعدت اغترابا
براكيناً تُرى حيناً هضابا
من النيران تنسكب انسكابا
وأهلي والعشيرة والصّحابا
على الدّنيا وأودعت الكتابا
وأكملهم جمالاً وانتسابا
ولم يترك ضباباً أو حجابا
وأطلق في دياجرنا الشّهابا
و حبّ الله في الأعماق ذابا
و نغترف السعادةَ والثوابا
كماء المُزن ينصبّ انصبابا
فيسقيها من الشّجن القِرابا
إذا ما شمّه قلبٌ أجابا
من الجنّات تشربه شرابا
على الأغصان قد أزكى وطابا
طيور الدّين ألحاناً عِذابا
وينساب الحنين لها انسياب ا
قوافيها وأدمعها سكابا
شمائله بياناً أو خطابا
تمرّد غاضباً ممّا أنابا
عن النّور الذي ملأ الرّحابا
يخُطّون الشتائم والسّبابا
ومن ذا يُبلغ الشّرف الكلابا
ومن يشري لأمّهم الثّيابا
بلا أصلٍ يُرجّى أويُهابا
مراعيكم وأبقاراً حِلابا
جُننتم لا عقول ولا صوابا
بألاّ تقصدوا البحر العُبابا
عزمنا أن نصيّرها ترابا
وفي الميزان فالتمسوا الحسابا
فبيعوهم ولا ترجوا ثوابا
إذا ما لم نزل منكم غِضابا
ونسقي من حليبكم الشّعابا
بُغاةٌ ذلّ من يبغي وخابا
على آثاره نضع الرّكابا
لإصبعه الحبيبة أن تُصابا
===============
وللذود عن عرض الرسول قصائدي
حيي يصون النفس عن كل فاسد
وأنت بحمد الله فوق المحامد
ونبعك فياض ثري الموارد
وأنت شفيع الخلق عند الشدائد
وصرت إلى العلياء فوق المعاقد
وبدر الليالي بين تلك الفراقد
به سارت الأمثال في كل آمد
بمدحك لن أرقى لنيل مقاصدي
أذود به شر العدو المعاند
على القوم في آدابهم والعوائد
فقد نسبوا لله فعل التوالد
ثلاثة أربابٍ وكلٌّ كواحد
تنزهت ربي عن شبيه منادد
وقد أركسوا في غيهم والمكائد
فهم فيه أحرار الخنا والتسافد
وكم أفسدوا في كلّ حيٍّ وجامد
فلم يطعموها غير فضل الموائد
ومن دمنا بترول تلك القواعد
ويا نفس عيشي بالأسى والتلاهد
وفي منهج القرآن كل الفوائد
وألقت لنا الدنيا زمام المقا لد
وهم أولى منا باقتراف المفاسد
ومن نكث الأيمان بعد التعاهد
ومن رجسهم ضجت عذارى المعابد
وأضغان قسٍّ يرتدي ثوب زاهد
سوى أنها جاءت بشر المقاصد
ملوك وأجناد بعرض الفدافد
وقد دمروا بالقدس كل المساجد
وكم نكلوا في عرضنا والولائد
ومصر دهتها داهيات الشدائد
ومن ثم لم الشمل بعد التباعد
وأعمل سيف الحق في كل جاحد
فكان بحق من سليل الأماجد
على عجل والقبر أكبر شاهد
سنحمي نبينا بالسيوف الحدائد
صلاح الذي قد كان خير مجاهد
بحطين والأيام خير شواهد
وحرر مسرانا بسمر السواعد
به سارت الأمثال في عفو قائد
حرام وإجرام ونكران حاسد
بأندلسٍ شدنا طوال العمائد
وقرطبةٌ أضحت هوى كل قاصد
كما يُطفئ الخيرات جرذالحواصد
فما حلّ فيها فوق وصف القصائدِ
وبيعٌ لحرّاتٍ بسوق المرابد
وقتل وتنكيل على كل صاعد
أنيسٌ وصحبٌ من كريمٍ وماجدِ
إلى اليوم والزّوراء أكبر شاهد
ونُسقى من الغصّات سمّ الأساود
ويقذفنا بالموبقات العدائد
وصرنا لأطماع العدا كالطرائد
فما أنت إلا من سلالة حاقد
بسوء وبهتان وخبث الجرائد
وتفديك منا ناعمات الخرائد
بمدح له بل فوق كل المساند
رجال الحمى صدق الوغى والتجالد
وزاد الذي فينا افتراء ملاحد
لهانوا بعين الحاقدين الأباعد
على القوم في إنتاجهم والمقاصد
وفيها الذي نخشاه من جلب فاسد
وفيها بحار النفط جارٍ وخامد
وأنهار ماءٍ رافدٌ إثر رافد
ونحن شهود الله يوم التوافد
بكل الذي نحتاجه من موارد
خطى نقتفيها في جميع المشاهد
من الأرض في أتلاعها والمراصد
ويشفع فينا المصطفى في الشدائد
ولكن بصدق الفعل من كل واحد
ترد لنا روحا من المجد خالد
********************
في ذكرى المولد(9/31)
هذه القصيدة من قصائد المناسبات الإسلامية ... نظمها الدكتور يوسف القرضاوي في ذكرى المولد النبوي الشريف عام 1370هـ ,1950 م في القاهرة .. وقد نشرت في مجلة الدعوة التي كانت تصدر في القاهرة ... وتبلغ أبيات القصيدة ستة وستين بيتا .
هو الرسول فكن في الشعر حسّانا وصغ من القلب في ذكراه ألحانا
ذكرى النبي الذي أحيا الهدى وكسا بالعلم والنور شعبا كان عريانا
أطل فجر هداه والدجى عمم بات الأنام وظلوا فيه عميانا
هذا يصور تمثالا ويعبده وذاك يعبد أحبارا وكهانا
الكون بحر عميق لا منار به لم يدر فيه بنو الإنسان شطئانا
ويل الصغير !وقد صار الورى سمكا يسطو الكبير عليه غير خشيانا !
فدولة الروم حوت فاغر فمه يطغى على تلكم الأسماك طغيانا
ودولة الفرس حوت مثله كشرت أنيابه للورى بغيا وعدوانا
وحشية عمت الدنيا أظافرها ! جهالة أصلت الأكوان نيران !
الليل طال ! ألا فجر يبدده؟ رباه أرسل لنا فلكا وربانا !
هناك لاح سنا المختار مؤتلقا يهدي إلى الله أعجاما وعربانا
يتلو كتاب هدى كان الإخاء له بدءا وكان له التوحيد عنوانا
لا كبر- فالناس إخوانا سواسية لا ذل , إلا لمن سواك إنسانا
يقود دعوته في اليم باخرة تقل من أمها شيبا وشبانا
السلم رايتها والله غايتها لم تبغ , إلا هدى منه ورضوانا
جرت بركبانها لا الريح , زلزلها ولا يد الموج مهما ثار بركانا
وكم أراد العدا إضلالها عبثا وحاولوا خرقها بالعنف أزمانا
واها ! أتخرق والرحمن صانعها ؟ والله حارسها من كل من خانا !
أم هل تضل سفين "بيت أبرتها" وحي من الله يهدي كل حيرانا ؟!
أم كيف لا تصل الشطئان باخرة ربانها خير خلق الله إنسانا ؟َ!
تلك الرواية والهفي ممثلة في العالم اليوم في بلدانه الآنا
إن يختلف الاسم فالموضوع متحد مهما تلونت الأشخاص ألوانا
فالناس قد اتخذوا الأهواء آلة إن كان قد تخذ الماضون أوثانا
الشعب يعبد قوادا تضلله كما يضلل ذو الإفلاس صبيانا
والحاكمون غدا الكرسي ربهم يقدمون له الأوطان قربان
إن ماتت الفرس فالروسيا تمثلها أما ستالين فهو اليوم كسرانا
وان تزل دولة الرومان فالتمسوا في الانجليز وفي الأمريك رومانا
وإن يمت قيصر فانظر لصورته في شخص آتلي ومولاه ترومانا
سياسة الكل إن يبقى الورى سمكا وأن يكونوا همو في البحر حيتانا
* * *
يا خير من ربت الأبطال بعثته ومن بنى بهمو للحق أركانا
خلفت جيلا من الأصحاب سيرتهم تضوع بين الورى روحا وريحانا
كانت فتوحهمو برا ومرحمة كانت سياستهم عدلا وإحسانا
لم يعرفوا الدين أورادا ومسبحة بل اشربوا الدين محرابا وميدانا
فقل لمن ظن أن الدين منفصل عن السياسة: خذ ياغر برهانا
هل كان أحمد يوما حلس صومعة ؟ أو كان أصحابه في الدير رهبانا؟
هل كان غير كتاب الله مرجعهم ؟ أو كان غير رسول الله سلطانا؟
لا بل مضى الدين دستورا لدولتهم وأصبح الدين للأشخاص ميزانا
يرضى النبي أبا بكر لدينهمو فيعلن الجمع: نرضاه لدنيانا
* * *
يا سيد الرسل طب نفسا بطائفة باعوا إلى الله أرواحا وأبدانا
قادوا السفين فما ضلوا ولا وقفوا وكيف ولا ! وقد اختاروك ربانا؟!
أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم والناس تزعم نصر الدين مجانا
أعطوا ضريبتهم صبرا على محن صاغت بلالا وعمارا وسلمانا
عاشوا على الحب أفواها وأفئدة باتوا على البؤس والنعماء إخوانا
الله يعرفهم أنصار دعوته والناس تعرفهم للخير أعوانا
والليل يعرفهم عباد هجعته والحرب تعرفهم في الروع فرسانا
دستورهم لا فرنسا قننته ولا روما , ولكن قد اختاروه قرآنا
زعيمهم خير خلق الله لا بشر إن يهد حينا يضل القصد أحيانا
"الله اكبر".. مازالت هتافهمو لا يسقطون ولا يحيون إنسان
* * *
نشكو إلى الله أحزابا مضللة كم أوسعونا إشاعات وبهتانا
ما زال فينا ألوف من أبي لهب يؤذون أهل الهدى بغيا ونكرانا
ما زال لابن سلول شيعة كثروا أضحى النفاق لهم وسما وعنوانا
يا رب إنا ظلمنا , فانتصر , وأنر طريقنا , واحبنا بالحق سلطانا
نشكوا إليك حكومات تكيد لنا كيدا, وتفتح للسكسون أحضانا
تبيح للهو حانات وأندية تؤوى ذوي العهر شرابا ومجانا
فما لدور الهدى تبقى مغلقة ؟ يمسي فتاها غريب الدار حيرانا
يا رب نصرك , فالطاغوت أشعلها حربا على الدين إلحادا وكفرانا
يا قوم قد أيد التاريخ حجتنا وحصحص الحق للمستبصر الآنا
إنا أقمنا على إخلاص دعوتنا وصدقها إلف برهان وبرهانا
لقد نفونا فقلنا : الماء أين جرى يحيي الموات ويروي كل ظمآنا
قالوا: إلى السجن, قلنا : شعبة فتحت ليجمعونا بها في الله إخوانا
قالوا: إلى الطور, قلنا: ذاك مؤتمر فيه نقرر ما يخشاه أعدانا!
فهو المصلى نزكى فيه أنفسنا وهو المصيف نقوي فيه أبدانا
معسكر صاغنا جندا لمعركة ومعهد زادنا للحق تبيانا
من حرموا الجمع منا فوق أربعة ضموا الألوف بغاب الطور أسدانا!
راموه منفى وتضييقا , فكان لنا بنعمة الحب والإيمان بستانا!
هذا هو الطور شاءوا أن نذوب به وشاء ربك أن نزداد إيمانا
******************
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا(9/32)
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا *** نُعَانِي تَحْتَ أَهْوَالٍ عِظَامِ
أَمَاتُوا أُمَّةً هَانَتْ وَنَادُوا *** بِأَنَّ سُبَاتَنَا لِلدِّينِ حَامِ
وَهُمْ أَعْدَاؤُنَا سِرّاً وَلَكِنْ *** هُنَاكَ تَفَاوُتٌ عِنْدَ الصِّدَامِ
فَبَعْضٌ فِي التُّرَابِ يَدُسُّ رَأْساً *** وَيَشْمَخُ بِاسْتِهِ مِثْلَ النَّعَامِ
وَآخَرُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ زَيْفاً *** يَسُوسُ النَّاسَ قَسْراً بِالحُسَامِ
يَرَوْنَ دِمَاءَنَا لِلسَّفْكِ حِلاًّ *** قُسَاةً يَلْهَثُونَ بِلاَ أُوَامِ
غَدَاةَ السِّلْمِ كُلُّهُمُ صُقُورٌ *** وَعِنْدَ الحَرْبِ أَشْبَهُ بِالحَمَامِ
يَدُوسُونَ النُّفُوسَ بِلاَ حَيَاءٍ *** وَقَدْ جُبِلُوا عَلَى سَحْلِ الأَنَامِ
غِثَاءُ السَّيْلِ صَارَ لَنَا شَبِيهاً *** نَهِيمُ بِلاَ هُدَىً مِثْلَ السَّوَامِ
رَسُولَ اللهِ لاَ تَأْبَهْ لِرَسْمٍ *** شَنِيعٍ صَاغَهُ بَعْضُ اللِئَامِ
تَصَدَّى نُورُ وَجْهِكَ دُونَ لأْيٍ *** مَعَ الإِيمَانِ جَهْراً لِلظَّلاَمِ
فَزَالَ الكُفْرُ عَنْ قَيْسٍ وَأَضْحَتْ *** بِكَ الرُّكْبَانُ تَرْفُلُ بِالسَّلاَمِ
وَهَا شَاهَدْتَ فِي الأَجْسَادِ نَزْفِي *** وَقَدْ كَرُّوا عَلَى المَوْتِ الزُّؤَامِ
شَبَابٌ لاَ يَخَافُونَ المَنَايَا *** تَداعُوا لِلَّظَى وَالأُفْقُ دَامِ
فِدَاكَ أَبِي وَرُوحِي دُونَ مَنٍّ *** أُقَدِّمُهَا إِلَى مَرْمَى السِّهَامِ
وَلَوْ قَدْ كَانَ لِي رَهْطٌ وَخَيْلٌ *** لأَسْمَعْتُ الأُلَى خَسِئُوا كَلاَمِي
وَلَكِنْ لاَ سِلاَحَ لَهُ نُفُوذٌ *** سِوَى قَلَمِي لإِيقَاظِ النِّيَامِ
فَلَيْتَ لَنَا بِجَوْفِ الغِمْدِِ سَيْفاً *** وَلَيْتَ لَنَا وَرَاءَ القَوْسِ رَامِ
جَمِيلُ الفِعْلِ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ *** نَزِيهٌ أَنْتَ عَنْ كُلِّ اتِّهَامِ
نِدَائِي يَا رَسُولَ اللهِ يَوْماً *** بِأَنْ أُشْفَى بِحَوْضِكَ مِنْ سَقَامِي
بِمَدْحِكَ أَرْتَجِي وَالوَيْلُ خَلْفِي *** وَقَدْ عَاثَ العِدَى حُسْنَ الخِتَامِ
===================
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ *** وَابكِي عَلَى الفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ
وَاستَفرِغِي الدَّمعَ لا تُبقِيهِ قَد عَظُمَت *** مُصِيبَةُ الكَونِ سُبَّ المُصطَفَى العَرَبي
سَبُّوا نَبيَّ الهُدَى وَاستَهزَؤُوا عَلَنًا *** بِالهَاشِمِيِّ المُفَدَّى طَاهِرِ النَّسَبِ
سَبُّوهُ وَاستَهزَؤُوا وَاستَمطَرُوا غَضَبًا *** فَليَرقُبُوا عَن قَرِيبٍ ثَورَةَ الغَضَبِ
يَا وَيحَهُم أَيُّ جُرمٍ قَد أَتوهُ أَمَا *** لِلحِقدِ حَدٌّ وَزُورِ القَولِ وَالكَذَبِ
يَا وَيحَهُم أَينَ مَا كَانُوا إِلَيهِ دَعَوا *** في مجلِسِ الأَمنِ مِن سِلمٍ وَمِن رَحَبِ
أَينَ الحِوَارَاتُ أَمْ أَينَ القَرَارَاتُ أَمْ *** أَينَ الوُعُودُ التي صِيغَت مِنَ الذَّهَبِ
أَمْ أَنها دُولَةٌ بَينَ اليَهُودِ وَمَنْ *** أَمسَى عَلَى دَربِهِم مِن عَابِدِي الصُّلُبِ
تَبًّا لها مِن حِوَارَاتٍ وَتَبًّا لَهُ *** سِلْمًا يُدَانُ بِهِ إِلا مَعَ العَرَبِ
بِالأَمسِ أَبدَوهُ تحقِيقًا لِمَصلَحَةٍ *** كَانَت تُدَارُ وَأَخفَوا غَيضَ مُرتَقِبِ
وَاليَومَ فَاهُوا بما تُخفِي صُدُورُهُمُ *** مِن إِحنَةٍ زَالَ عَنهَا مُظلِمُ الرِّيَبِ
الحِقدُ قَد بَانَ وَالبَغضَاءُ قَد ظَهَرَت *** وَالكُرهُ قَد شَبَّ في الطَّاغِينَ كَالجَرَبِ
يُمسِي بِبَلدَةِ أَوغَادٍ وَيُصبِحُ قَد *** أَلقَى بِأُخرَى رِحَالَ القَصدِ عَن كَثَبِ
أَغرَى بِهِ سَاسَةُ الأَبقَارِ إِخوَتَهُم *** فَاستَجمَعُوا النَّطحَ في هَرجٍ وفي صَخَبِ
لم يَرقُبُوا مَوثِقًا فِينَا وَمَا اكتَرَثُوا *** يَومَ استَخَفُّوا بِدِينٍ أَو بِعِرضِ نَبي
لَكِنْ لَنَا اللهُ مَولانَا نُؤَمِّلُهُ *** عِندَ الرَّخَاءِ وفي الشِّدَّاتِ وَالنُّوَبِ
رَبًّا يَغَارُ وَمَن يَطْلُبْهُ يُدرِكْهُ لا *** أَرضٌ تَقِيهِ وَلا قَصدٌ إِلى هَرَبِ
وَهْوَ الحَسِيبُ وَكَافِينَا وَنَاصِرُنَا *** في كُلِّ خَطبٍ فَلا نَخشَى مِنَ الغَلَبِ
اليَومَ نَبكِي بِدَمعٍ سَاجِمٍ وَغَدًا *** قَد يَضحَكُ الدَّهرُ مِن أُنسٍ وَمِن طَرَبِ
========================
أطبق الليل واختفت أضواء
أطبق الليل واختفت أضواء *** وتوالى على النفوس البلاء
ودموع همتْ كأمطار مُزْنٍ *** واقْشَعَرَّتْ بسيطة وسماء
وبحار بمائها وجبال *** راسيات جثى عليها الوباء
وسحاب تمر مر غضوب *** ليس ماء يزينها أو هواء
نعم تصطلي برمضاءِ قَحْط *** هي عطشى وما هنالك ماء
وانظر الورد والزهور بروض *** مسها الضر واعتراها الحياء
شجر مذبل ودوح تهاوى *** وزروع من الونى حدباء
ها هي الشمس في السماء اكْفَهَرَّتْ *** وانحنى البدر والْتَوَتْ جوزاء
كل شبر على البسيطة يشكو *** من أناس كما يقال غثاء
دينها يعتدى عليه جهارا *** ورسول يسبه الجهلاء(9/33)
كيف نرضى مذلة وهوانا *** كيف نرضى الخضوع أين الإباء
أي نصر ونحن في بئر لهو *** أي عز وقد غزانا الرباء
أي نصر ومنتدانا المخازي *** أي نصر وثوبنا الكبرياء
أيها المسلمون في كل قطر *** أيها الأتقياء والأولياء
سددوا السهم فالعدو تمادى *** لا تذلوا فأنتم العلياء
أرشقوا بالنبال كل عتل *** حربه الصالحون والأنبياء
وحدوا صفكم بجد وعزم *** وانصروا الله أيها الأوفياء
قاطعوا المنتجات صبوا عذابا *** لا تلينوا وللرسول أساؤا
دانمركي ما رسمت لَرُزْءٌ *** وخطوب وغارة شَعْوَاءُ
دانمركي نلت ذلا وخسفا *** كل عرض لعرض طه فداء
سيد المرسلين خير البرايا *** قائد الغر رحمة وهداء
صل ربي على الرسول وآل *** وصحاب ما غردت ورقاء
=====================
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ *** وَرَمْزَ السَّفَاهَةِ رَمْزَ النِّقَمْ
أَلَمْ تَهْجَعُوا مِنْ عَدَاءِ الرَّسُوْلِ *** وَسُوْءِ التَّعَامُلِ مُنْذُ الْقِدَمْ
أَمَا آنَ لِلظُّلْمِ أَنْ يَنْتَهِيْ *** أَمَا آنَ لِلشَّرِّ أَنْ يُخْتَرَمْ
سَخِرْتُمْ بِشَخْصِ النَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَأَضْرَمْتُمُ النَّارَ بَيْنَ الأُمَمْ
أَتَهْزَأُ يَا غُدْرُ بِالْمُصْطَفَى *** إِمَامُ النَّبِيِّيْنَ طَوْدٌ أَشَمْ
رَسُوْلُ عَلَى خُلُقٍ نَيِّرٍ *** وَدِيْنٍ قَوِيْمٍ وَرَمْزِ الْهِمَمْ
أَنَرْوِيْجُ أَسَّسْتِ مَوْقُوْتَةً *** بَنَيْتِ مِنَ الْجَهْلِ أَعْتَى لَغَمْ
وَكُنْتِ عَنِ الشَّرِّ فِيْ مَعْزِلٍ *** لَبِسْتِ مِنَ السُّخْرِ ثَوْبَ التُّهَمْ
وَالدَّانَمَرْكِيُّ شَيْنُ الْوَرَى *** تَعَدَّى الْحُدُوْدَ بِرَسْمِ الْقَلَمْ
أَسَاءَ إِلَى الْمُصْطَفَى مُعْلِنًا *** رِضَاهُ وَأَوْغَلَ فِيْنَا الأَلَمْ
وَسَدَّدَ سَهْمًا إِلَى أُمَّةٍ *** تَحَلَّتْ بِنُوْرِ الْهُدَى وَالْقِيَمْ
ومَوْجُ الْعُتَاةِ أَتَى مُعْلِنًا *** بِنَقْض الْعُهُوْدِ وَنَكْثِ الْقَسَمْ
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا الْوَنَى *** فَذُلُّ التَّوَانِيْ بِنَا قَدْ أَلَمّْ
شَبَابٌ تَرَبَّى عَلَى غَفْلَةٍ *** وَرَقْصٍ وَلَهْوٍ وَتَرْكِ الْقِيَمْ
تَرَبَّى عَلَى نَغْمَةِ الْفَاتِنَاتِ *** فَأَيْنَ الإِبَاءُ وَأَيْنَ الشِّيَمْ
أَيَسْخَرُ مِنْ شَرْعِنَا زُمْرَةٌ *** قَدِ اغْتَالَهَا سُوْءُ فِكْرٍ أَصَمَ
وَأَنْتُمْ عَلَى مَوْج بَحْرِ الْهَوَى *** فَأَيْنَ الْعُهُوْدُ وَأَيْنَ الذِّمَمْ
فَتُوْبُوا فَفِي الدِّيْنِ عِزٍّ لَكُمْ *** ونصرٌ وفخرٌ وفضلٌ وكم
************
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا أَرَى *** دَيَاجِيْرَ ظُلْمٍ وَلَيْلاً أَطَمّْ
أَرَى مَوْجَةَ الشَّرِّ قَدْ آذَنَتْ *** بِحَرْبٍ عَلَى دِيْنِنَا الْمُحْتَرَمْ
أَرَى مَوْجَةَ الظُّلْمِ قَدْ خَيَّمَتْ *** عَلَى حَافَةِ الدِّيْنِ دِيْنِ الْقِيَمْ
وَنَحْنُ عَلَى جُرُفِ الْهَاوِيَاتِ *** نُغَازِلُ بُرْكَانَ هَمٍّ وَغَمّْ
أَمَا آنَ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِيْ *** وَمَا آنَ لِلْبَدْرِ يَبْدُوْ أَتَمّْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ مَاحِي الظُّلَمْ
رَسُوْلِ الْهُدَى وَالنَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَتَاجِ التُّقَى وَالْوَفَى وَالْكَرَمْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** وَأَضْرَمَ نَارًا وَفِي النَّارِ سَمّْ
فَأَعْطُوْهُ مِنْ دَرْسِكُمْ حِصَّةً *** لِتَهْوِيْ بِهِ فِيْ عَمِيْقِ النَّدَمْ
وَحُطُّوا عَنِ النَّفْسِ أَوْزَارَهَا *** بِمَالٍ وَنَفْسٍ وَإِلاَّ فَلَمْ
======================
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري *** ذَوّادةً عن سيدِ الأبرارِ
يا قائدَ الأحرار دونك أمةٌ *** فاقذفْ بجندك ساحةَ الكفارِ
واضربْ بنا لججَ المهالكِ غاضباً *** حتى نُركّع سطوةَ التيارِ
وتقحمنّ بنا الحتوفَ تغطرساً *** فهي الحياةُ بشِرعة الأحرارِ
الفرسُ والرومُ العلوجُ تدمروا *** منّا فكيف بـ(إخوة الأبقارِ)
دَنِمَرْكُ قد خضتِ الهلاك حماقةً *** والآن صرتِ بقبضة الجبّارِ
دَنِمَرْكُ يا بنتَ الصليب تجهّزي *** فليخطبنّك قاصفُ الأعمارِ
دَنِمَرْكُ هل تستهزئين بأعظم الـ *** ــعظماء في بَلَهٍ وفي استهتارِ
أو ما علمتِ بأنه قاد الورى *** للمجد للعلياء للإعمارِ
أعلى بناء حضارةٍ قدسيةٍ *** والغربُ كان حبيسَ جُرفٍ هارِ
شهدَ الفلاسفةُ العِظامُ بأنه *** ربُ النهى ومؤدلجُ الأفكارِ
وإذا أتى الأرضَ الخرابَ تزينت *** لقدومه بأطايبِ الأزهارِ
وجرى عليها من نَميرِ عطائه *** ماءُ الحياة زبرجداً ودراري
وإذا تبسّم فالصباحُ بثغرهِ *** سَحَرَ القلوب وليس بالسّحارِ
وإذا غزا فالرفقُ يغزو قبلهُ *** والرفقُ أعتى جحفلٍٍ جرارِ
الفاتحُ الدنيا بأبطال الوغى *** يرمي بهم قُضُب الكفاح عواري
الملبسُ الدنيا ثيابَ تحررٍ *** المُبْدِلُ الظلماءَ بالأنوارِ(9/34)
الواهبُ الدنيا شموس هدايةٍ *** نبويةٍ لألاءة الأفكارِ
تفدي جنابَك ألفُ ألفُ دويلةٍ *** حكمت رباها سلطةُ الفجارِ
تفدي جنابك ألفُ ألفُ عمامةٍ *** مدسوسةٍ خوفاً من الأخطارِ
تفدي جنابك كلُ نفسٍ حرةٍ *** عافت حياة الشر والأشرارِ
تفدي جنابَك يا رسول الله *** يا خير البرية أمةُ المليارِ
====================
مديحك يا مختار
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
مديحك يا "مختار" حلو وشائق وذكرك مثل المسك في الكون عابق
فما أنت إلا الشمس عم ضياؤه وما أنت إلا للعوالم سابق
مدحتك يا "مختار"أرجو شفاعة وأنت لها في ساحة العرض سامق
فإنك للشمس التي بك نستضي وإنك للبدر المنير المعانق
وانك فخر للوجود ورحمة وإنك للبحر الذي هو دافق
تبسمت الآمال بعد عبوسها وجادت لنا الأيام والمجد شاهق
أعادت لنا ذكر "الحبيب"وطيبة وأيام أنس زينتها الحدائق
بنفسي تلك الذكريات حبيبة وإني لهاتيك المنازل عاشق
هفونا لمرآها البهيّ كما هفا لمحبوبه في حلكة الليل طارق
عواطف قد سجلتها ومشاعر حكت شعر (حسان) ومعناه شائق
إذا الشعر لم يسعفك إلا تكلفا فما هو إلا صنعة وتشادق
وأجمله ما كان ينساب رقة كمثل انسياب الماء, والماء رائق
وما كل من رام المعالي نالها ولا كل شعر في المدائح صادق
وكم قد رأينا من دعاة أكارم وقد حال في التبليغ منهم عوائق
ألا إنما الإسلام دين ودولة وليس كما يحجو الجهول المنافق
ولا يستبين النصح إلا موفق ولا ينكر الإصلاح إلا المنافق
فكونوا جميعا تحت(راية أحمد) فما النصر الا اتباع موافق
ولا بد للإسلام من عودة له وإنا لنرجو أن يسود التوافق
لكم في رسول الله أحسن أسوة عليه سلام الله ما لاح بارق
==================
حبّ الرّسولِ تذكّرٌ وتدبّر
بقلم محمد خير الدين اسبير
زالَ الضّلالُ بِهَدْيِ أحمَدَ مُذْ بدا وبِشَرعِهِ الباهي الرّفيعِ تَفَرَّدا
قَدْ أظْهَرَ الحقَّ الّذي هوَ نَهْجُهُ وبِدينِهِ نَشَرَ المَكارِمَ والهُدَى
لِمكارِمِ الأخلاقِ جاءَ مُتَمِّماً بَلْ أنْشأَ الأخلاقَ لَمّا قَدْ بَدا
مِنْ كُلِّ عِلْمٍ صَدْرُهُ كَنْزاً حَوَى مِنْ كُلِّ فَضْلٍ قَلْبُهُ قَدْ أورَدا
وجمالُهُ فاقَ البُدورَ إضاءَةً وكمالُهُ في الكَوْنِ أضْحَى مُفْرَدا
لَمْ يَلْتَفِتْ لِزَخارِفِ الدُّنيا ولمْ يَخْتَرْ جِبالاً "حينَ خُيِّرَ "عَسْجَدا
ما جاءَنا تالّلهِ إلاّ رَحمَةً فجباهُنا للّهِ شُكْراً ، سُجَّدا
بالسَّيْفِ والبُرْهانِ قامَ مُجاهِداً ولِظُلْمَةِ الإشْراكِ كانَ مُبَدِّدا
شَهِدَتْ لَهُ الدّنيا بِرِفعةِ قَدْرِهِ حتَّى الّذي بالكُفْرِ كانَ مُعانِدا
أفلا يَحِقُّ لِمُصْطَفَىً مِنْ رَبِّهِ أنْ تَصْطَفِيْهِ قلوبُنا ، فَنُمَجّدا
كَمْ مِنْ أُناسٍ قَدْ أقاموا حَفْلَةً لِكِبارِهِمْ ، ولَكَمْ أقاموا مَوْلِدا
فهوَ الأحَقُّ وقَدْ رأينا الكَوْنَ في آياتِ مَولِدِهِ مُضيئاً مُنْشِدا
حَفَلاتُ مَوْلِدِ حِبِّنا ذِكْرَى لنا نَسْتَذْكِرُ الأسْمَى الرَّسولَ الأحْمَدا
فَنُجَدِّدُ الذِّكْرَى بِذِكْرِ صِفاتِهِ وفِعالِهِ ، نَثْراً وِشعْراً أغْرَدا
ونُضيءُ أنوارَ المَحَبَّةِ والهَنا مِنْ غَيْرِ إسفافٍ يُشينُ المَقْصَدا
فالحُبُّ ليَسَ (تَشَنّجاتٍ) تَعْتَري أجسامَنا في مَحْفِلٍ قَدْ عَرْبَدا
بِدَعٌ لِبَعْضِ النّاسِ ، عَيْنُ جَهالَةٍ لَمْ يأتِها مَنْ قَدْ أحَبَّ مُحَمّدا
صِدْقُ المَحَبَّةِ باتّباعِ حبيبِنا بِفِعالِهِ نأتي بِها طولَ المَدَى
لاحُبَّ يَعلوْ فوْقَ حُبِّ إلهِنا هوَ مُوجِدٌ وأحَبَّ مَنْ قَدْ أوجَدا
إنّا نُحِبُّ لِمَنْ أحَبَّ، وإنّنا في حُبِّ أحْمَدَ قَدْ أطَعْنا المُوْجِدا
فهوَ الحبيبُ ، وحُبُّهُ في مُهجتي روحي ونَفْسي والفؤادُ لَهُ الفِدا
إنّي لأرجوْ الّلهَ مِنْكَ شَفاعَةً لي والأحِبَّةِ حينَ ألقاهُمْ غَدا
وأفِضْ علينا نَهْلَةً يومَ الظّما فالحَوْضُ وِرْدٌ كانَ فيهِ المَوْرِدا
فَعليْكَ خَيْرُ تحيّةٍ مِسْكِيّةٍ مامؤمِنٌ ناجَى الإلهَ مُوحِّدا
والآلِ والأصحابِ أقطابِ الهُدَى مابُلْبُلٌ في الرّوْضِ صاحَ مُغَرِّدا
=================
مولد الهادي
شعر : منير محمد خلف
البدرُ لولا سناهُ ما ألفناهُ
من خالص الحبِّ للمختار سيّدِنا
قلبي يبعثرني من فرط لهفته
وكيف نشقى وهل غير الحبيب هوىً
لولاهُ ما اكتحلتْ ألوانُ فرحتنا
يا حسرة الشعر لا تبدو محاسنه
اليومَ مولدُ فجري والهوى تعبٌ
إنّ الحياة غرامٌ في دمي.. ودمي
حبيبيَ المصطفى قلبي يحمِّلني
ماذا أقول لفرط النار في جسدي
قد يسلك القلبُ غيرَ الحبِّ منعطفاً
يا أيّها القمر الملتاع من سفرٍ
خذْ للحبيب غرامي إنني كلفٌ
خذْ كلّ ما فيَّ من حزنٍ ومن فرحٍ
يا خير مَنْ أثمرتْ في كفّه لغةٌ
آهٍ عليّ..على قلبي وما اقترفتْ
لا تعجبوا شعريَ المغسول من فرحٍ
إنْ كان حزني حراماً عند صبِّكمُ
لا تطفئوا ظمئي فالعشقُ ملتهبٌ
الكلُّ يسعى إليه عند رؤيته ... والليلةَ البدرُ يشدو ما حفظناهُ(9/35)
محمّدٍ أشرقتْ أحلى مزاياهُ
إلى لقاء حبيبٍ قد عشقناهُ
يسقي الفؤادَ ويحمي ما بنيناهُ
لولاه ما زفّتِ الأعيادُ لولاهُ
إنْ لم يكن عابقاً من طيبِ ذكراهُ
من شدّة الشوقِ يخشى ما تمنّاهُ
مثل البراكينِ لا تطفيه أمواهُ
آهات شوقٍ وحولي كلُّهُ آهُ
والحبُّ لولا ضرامٌ ما عرفناهُ
لكنْ هواهُ غرامٌ ما نسيناهُ
خذْني إليهِ فإنّي الدهر أهواهُ
في حبّهِ وخذ التسبيح أحلاهُ
وللحبيب صلاتي حين تلقاهُ
ما ازّيّنتْ حولنا الأفلاكُ لولاهُ
يداه من إثم ما كنّا زرعناهُ
هو السعادةُ لا مالٌ ولا جاهُ
فأعمق الوحي كان الحزنُ فحواهُ
أيُطفئُ الملحُ جرحاً قد رضعناهُ
والخيرُ الخيرُ فيما اختارهُ اللّهُ
---------------
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
شعر: أحمد القاضي
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَارِي الْكَوْنِ إِحْسَانَا ***** وَمُرْسِلِ الرُّسْلِ بِالْآيَاتِ تِبْيَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ******** أُضَمِّنُهَا رَوْحًا وَرَيْحَانَا
نُورٌ تَلَاشَتْ بِهِ الظُّلْمَاتُ وَانْدَثَرَتْ **** بِهِ الْمَآثِمُ وَالشِّرْكُ الَّذِي هَانَا
أَنْعِمْ بِهِ مِنْ رَسُولٍ قَدْ هَدَى أُمَمًا *****كَانُوا بِلَا قَائِدٍ صُمًّا وَعُمْيَانَا
زَكَّاهُ رَبِّي عَلَى مَنْ مَرَّ مِنْ رُسُلٍ *****فَفَاقَ كُلَّ الْوَرَى جِنًّا وَإِنْسَانَا
قُلْ لِلَّذِي يَفْتَرِي فِي الرُّسْلِ فِرْيَتَهُ**** تَبًّا لِمِثْلِكَ فَاخْسَأْ زِدْتَ كُفْرَانَا
فَمَا يَضُرُّ عُوَاءُ الْكَلْبِ فِي أَسَدٍ***** وَمَا يَضُرُّ وَضِيعٌ عَابَ سُلْطَانَا
سَبُّوا النَّبِيَّ فَمَاذَا يَرْقُبُونَ سِوَى**** أَنْ يُؤْخَذُوا بَغْتَةً مَثْنَى وَفُرْدَانَا
صَبَّ الْإِلَهُ عَلَيْكُمْ لَعْنَةً تَرَكَتْ****** حَلِيمَكُمْ بَعْدَ طِيبِ الْقَلْبِ حَيْرَانَا
يَا وَيْحَ دِنْمَارْكَ إِنْ أَوْدَى الْإِلَهُ ***بِهَا لَأَصْبَحُوا لِلرَّدَى وَالتِّيهِ عُنْوَانَا
أَوْ يَضْرِبُ اللَّهُ مَأْوَاهُمْ وَشَوْكَتَهُمْ* فَيُصْبِحُ الْمُكْتَسِي فِي الْقَوْمِ عُرْيَانَا
أَوْ يَحْطِمُ اللَّهُ مَرْعَاهُمْ وَمَأْكَلَهُمْ****** أَوْ يَأْخُذَنَّ مِنَ الْبُنْيَانِ أَرْكَانَا
كَلَّا بَلِ اللَّهُ لَوْ شَاءَتْ مَشِيئَتُهُ**** لَأَصْبَحَ الزَّرْعُ فِي النَّرْوِيجِ نِيرَانَا
نَصِيحَةٌ لِلْأُلَى جَرُّوا مُصِيبَتَهُمْ ****** أَنْ جَهِّزُوا لِانْتِقَامِ اللَّهِ أَكْفَانَا
أَوْلَى لَكُمْ مِنْ بَلَايَاكُمْ وَفِرْيَتِكُمْ**** أَنْ تُنْعِمُوا الرَّأْيَ إِفْصَاحًا وَتِبْيَانَا
أَنْ تَعْلَمُوا شِرْعَةَ الْهَادِي وَمَا شَمِلَتْ مِنَ الْكَرَائِمِ وَالْفَضْلَ الَّذِي زَانَ
فَتِلْكَ شِرْعَتُنَا فِي الْأُفْقِ رَاسِخَةً******* وَذَاكَ قُرْآنُنَا وَاللَّهُ مَوْلَانَا
فَسَيِّدِي أَيْ رَسُولَ اللَّهِ دِينُكَ**** فِي قُلُوبِنَا وَعَلَى الْجَبْهَاتِ تِيجَانَا
فِدَاكَ نَفْسِي - وَمَا نَفْسِي تُجَاهَك* بَلْ فِدَاكَ كُلُّ الْوَرَى رُوحًا وَأَبْدَانَا
صُنْتُ اللِّسَانَ عَنِ الْإِفْكِ الَّذِي صَنَعُوا *** أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَجْتَرَّ بُهْتَانَا
رَبِّي لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا طَيِّبًا أَبَدًا ***** فَاكْتُبْ لَنَا الْخَيْرَ أُولَانَا وَأُخْرَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ صَلَاةً مِنْكَ بَالِغَةً***** عَلَى الْحِبِيبِ بها نَرْجُوكَ رِضْوَانَا
===================
يا حبيبي هاكَ نحري
فجأةً شاعَ الخبرْ *** هزَّ قلبي مذْ خَطَرْ
قلتُ في نفسي عسى *** كِذْبُ إعلامٍ عبَرْ
فاستعدتُ الحسَّ منّي *** مُدركاًً فحوى الخبرْ
هزَّني صوتُ المذيعِ *** (آذوا) أحمدْ يا بشرْ
حسرةٌ بانتْ لعيني ***بعدها الدمعُ انهمرْ
قمتُ مذعوراً أنادي *** هلْ بهذا نُختبرْ؟
ياحبيبي هاكَ نحري *** دونكَ القلبُ انفطرْ
يا حبيبي يا شفيعي*** أنتَ قلبي و النظرْ
يا حبيبَ اللهَ صبراًً*** حانَ ميعادُ الظفَرْ
قدْ صحونا منْ رُقادٍ *** وانتبهنا للخطرْ
واجتمعنا بعدَ نأي ٍ *** بعدَ ما كنّا زُمَرْ
ياحماةَ الدينِ هيّا *** فانصروا خيرَ البشرْ
مزّقوا كلّ كفورٍ *** ناشراً ذاكَ الخبرْ
مزّقوهُ كيْ يكونَ *** عِبرةً فيمنْ عبرْ
قاطعوا كلَّ نِتاجٍ *** فيهِ أيدي منْ كفرْ
مزّقوا كلَّ الجرائدْ *** قطّعوا كلَّ الصورْ
واحرقواحتى الهواءَ *** وادفنوهمْ في الحُفرْ
وانصروا خيرَ البرايا *** منْ لهُ انشقَّ القمرْ
منْ لهُ الأفلاكُ دانتْ *** منْ لهُ الكونُ انحسرْ
هلْ جزاءُ التائبينَ *** غيرَ حورٍ و سُرَرْ
هلْ جزاءُ الصابرينَ *** غيرَ طلْحٍ و نَهَرْ
مُنتهى حُبُّ النبيّ *** سجدةٌ عندَ السحرْ
ياجنودَ اللهِ ارمي *** واقذفيهمْ بالشرَرْ
كُلُّنا جُندٌ لطهَ *** كُلُّنا أضحى عُمرْ
للشاعر الإسلامي عبد الناصر رسلان
================
من نبع هديك تستقي الأنوار
من نبع هديك تستقي الأنوار * وإلى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة * دينا يعزُّ بعزَّه الأخيار(9/36)
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعها ** وتسامقت فى روضها الأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيد* صدقتْ به وبدينه الأخبار
أصغت اليك الجن وانبهرت بما *** تتلو، وعَمَّ قلوبها استبشار
يا خير من وطيءَ الثرى وتشرفت *** بمسيره الكثبان والأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجهه ****** شمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفت * بك هجرة وتشرَّفَ الأنصار
أنْشَأْتَ مدرسة النبوة فاستقى ***** من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها وحديثها *** ولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلما ** شَرُفَتْ به وبعلمه الآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك ثُلَّةً **** بالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع أغلقوا *** فمها ، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهم *** وإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهم * وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا *** إلا وأفئدة العباد عَمَار
لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه * لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْ ******* أصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍ ***** وأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها **** آفاقَنا ، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فى *** كل الأمور ، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما ** شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من *** قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه *** إن لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها ** وهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر ** بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا يدٌ * وصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من به *** وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة** فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافر * ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍ ** يشكو اندحار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع، أمامها *** وهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها *** من قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا *** *****جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم يزل *** **متخبِّطاً فى موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى ****** ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهم * نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا *** فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى ** ** بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟ ******* يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم ***** حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلما **** يجري (صديدٌ) فى القلوب ،و(قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرى *** بك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ **** فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، وللدموع حكايةٌ* عن مثلها تتحدَّث الأمطار:
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا ** أسمى ، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ
لكنه ألم المحب يزيده ** شرفاً، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم ** ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيار
=====================
إمام المرسلين فداك روحي...
ردّا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياما ببعض حقّه...
صالح بن علي العمري- الظهران
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحي وأرواحُ الأئمةِ والدُّعاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقاةِ
ويا علم الهدى يفديك عمري ومالي.. يا نبي المكرماتِ!!
ويا تاج التُّقى تفديك نفسي ونفسُ أولي الرئاسةِ والولاةِ
فداكَ الكون يا عَطِرَ السجايا فما للناس دونك من زكاةِ..
فأنتَ قداسة ٌ إمَّا استُحلّتْ فذاكَ الموتُ من قبل الممات!!
ولو جحد البريّةُ منك قولاً لكُبّوا في الجحيم مع العُصاةِ
وعرضُك عرضُنا ورؤاكَ فينا بمنزلة الشهادةِ والصلاةِ
رُفِعْتَ منازلاً.. وشُرحت صدرا ودينُكَ ظاهرٌ رغمَ العُداةِ
وذكرُكَ يا رسولَ اللهِ زادٌ تُضاءُ بهِ أسَاريرُ الحَيَاةِ
وغرسُك مُثمرٌ في كلِّ صِقع ٍوهديُكَ مُشرقٌ في كلِّ ذاتِ
ومَا لِجنان ِ عَدنٍ من طريقٍ بغيرِ هُداكَ يا علمَ الهُداةِ
وأعلى اللهُ شأنكَ في البَرَايا وتلكَ اليومَ أجلى المُعجزاتِ
وفي الإسراءِ والمعراج ِ معنى لقدركَ في عناقِ المكرماتِ
ولمْ تنطقْ عنْ الأهواءِ يوما وروحُ القدسِِ مِنكَ على صِلاتِ
بُعثتَ إلى المَلا بِرّاً ونُعمى ورُحمى.. يا نبيَ المَرْحَمَاتِ
رَفَعْتَ عن البريّةِ كلُّ إصرٍ وأنتَ لدائها آسي الأُساةِ
تمنّى الدهرُ قبلك طيفَ نورٍ فكان ضياكَ أغلى الأمنياتِ
يتيمٌ أنقذ َ الدّنيا.. فقير ٌأفاضَ على البريّةِ بالهِبَاتِ(9/37)
طريدٌ أمّنَ الدنيا.. فشادت على بُنيانِهِ أيدي البُنَاةِ..
رحيمٌ باليتيمة والأُسارى رفيقٌ بالجهولِ وبالجُنَاة ِ
كريمٌ كالسحابِ إذا أهلّت شجاعٌ هدَّ أركانَ البُغَاةِ
بليغٌ علّم الدنيا بوحي ٍولم يقرأ بلوح ٍ أو دواةِ
حكيمٌ.. جاءَ باليُسْرى.. شَفيقٌ فلانتْ منهُ أفئدة ُ القُساةِ
فمنكَ شريعتي.. وسكونُ نفسي ومنكَ هويتي.. وسمو ذاتي
ولي فيكَ اهتداءٌ .. واقتفاءٌ لأخلاقِِ العُلا والمَكْرماتِ
وفيك هدايتي.. وشفاءُ صدري بعلمكَ أو بحلمكَ والأناةِ
ومنك شفاعتي في يومِِ عَرْض ٍومن كفيّكَ إرواءُ الظُّماةِ
ومنك دعاءُ إمسائي وصحوي وإقبالي وغمضي والتفاتي
رسولَ اللهِ قد أسبلتُ دَمْعي ونزَّ القلبُ من لَجَجِ ِ البُغَاةِ
فهذي أمّةُ الإسلام ضجّتْ وقد تُجبى المُنى بالنائباتِ!!
هوانُ السيفِ من هُونِ المُباري ولِينُ الرمحِ من لِينِ القناةِ
وقد تَشفى الجسومُ على الرزايا ويعلو الدينُ من كيدِ الوشاةِ!!
وفي هزِّ اللواءِ رؤى اتحادٍ ولمُّ الشمل ِ من بعد الشتاتِ !!
وقد تصحو القلوبُ إذا اسْتُفزّتْ ولَفحُ التَّارِ يوقظ ُ من سُبَاتِ!!
ألا بُترتْ روافدُ كلِّ فضٍّ تمرّغَّ في وحول ِ السيئاتِ
ألا أبْلِغْ بَنِي عِلمان عنّي وقد عُدَّ العميلُ من الجُنَاةِ !!
أراكمْ ترقصونَ على أَسانا وتَسْتَحْلون مَيْلَ الغانياتِ!!
وإن مسَّ العدوَ مَسيسُ قَرح ٍرفعتمْ بيننا صوتَ النُّعاةِ!!
وإنْ عَبستْ لكم "ليزا"* خَنَعْتمْ خُنوع َ المُوفضينَ إلى مَناةِ !!
وإن ما هَاجتْ الشُبُهاتُ خُضْتم ْبألسنةٍ شِحاح ٍ فاجراتِ !!
"حوارُ الآخرِ " استشرى فذبّواعن المعصومِ ألسنةَ الجُفاةِ !!
وصوت "الآخرِ " استعلى فردّوا عن الهادي سهامَ الإفتئاتِ ..
رميتمْ بالغلو دُعاة ديني...فهل من حُجّةٍ نحو الغُلاة ؟!!
أكُرّارٌ على قومي كُماةٌ...وفي عينِ المصيبةِ كالبنات ِ؟!!
ومن يرجو بني علمان عوناً كراجي الروح ِ في الجسدِ الرُّفات!!
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربىوتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلّى ضياءٌ .. واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزا وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا وفاءك والحقوقَ الواجباتِ...
====================
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم-
محمد بن عائض القرني
ما بالُ مكةَ قد ضجت نواحيها؟ ... ودمع طيبةَ يجري من مآقيها؟
ما للجزيرةِ قد مادت بساكنها؟ ... فاهتز شامخُها وارتج واديها!
ما للعروبةِ والإسلامِ روَّعَها ... خَطبٌ ألمَّ وظُلمٌ من أعاديها؟
أيسخرون من الهادي الذي شرفت ... به البريةُ قاصيها ودانيها؟!
أيسخرون من الأنوارِ قد كشفت ... مجاهلَ الظلم فانزاحت غواشيها
أيسخرون من المجدِ الذي خضعت ... له الجبابرُ حتى ذل طاغيها
أيهزؤون به؟ شُلت أكفُّهُمُ ... ودمر الله ما تجني، وجانيها
أعداءُ كلِّ نبي جاء يُنقذُهم ... من الضلالةِ لما أُركسوا فيها
محمدٌ خيرُ من سارت به قدم ... وأكرمُ الناس ماضيها وباقيها
أوْفَى الخليقةِ إيماناً وأكملُها ... ديناً، وأرجحُها في وزن باريها
من مثلُه في الورى بِراً ومرحمةً؟ ... ومن يشابهُه لطفاً وتوجيها؟
جاءت رسالتُه للناس خاتمةً ... وجاء بالنعمة المسداةِ يهديها
أحيا الحنيفيةَ الغراءَ متبِعاً ... نهجَ الخليلِ ولم يخطئْ مراميها
وسار في كنفِ الرحمنِ يكلؤه ... إلى الحسانِ من الأخلاقِ يبنيها
هو البشيرُ لمن أصغى لدعوتِه ... هو النذير لمغرور يعاديها
كسرى تَكَسَّرَ إذعاناً لهيبته، ... قصورُُ قيصرَ هُدت من أعاليها!
وأقبلت أممٌ شتى مبايعةً ... تمُد للعدلِ والإحسانِ أيديها
نالت بدعوته نُعمى ومكرُمةً ... وأسعد الله بعد البؤسِ ناديها
في الهندِ والصينِ والقوقازِ طائفةٌ ... تذود عن عرض خير الناس تنزيها
وفي (أُورُبَّةَ) أقوامٌ قلوبُهُمُ ... بدين أحمدَ قد نالت أمانيها
الصامدون بوجهِ الكُفرِ ما ضَعُفُوا ... يجابهون المنايا في تحديها
يفدون عرضَ رسولِ الله ما بخلوا ... وبالنفوس إذا نادى مناديها!
حتى إذا نشر الأنذالُ حقدَهُمُ ... وبارزوا اللهَ من عدوانهم تيها
تؤزُّهم زُمَرٌ ضاقت نفوسُهم ... لهم عيونٌ شُعاعُ الحق يُعشيها
بنو اليهودِ ومن ساءت سريرتُه ... فأبدل الصدقَ تزويراً وتمويها
أيسخرون من المعصومِ ويلهُم؟ ... ويطلبون له ذماً وتشويها؟
من جاء بالملةِ البيضاءِ صافيةً ... نقيةً؛ وبنور الوحي يحييها
أقام بالعدلِ مجداً لا زوال له ... وأمَّةً كنفُ الرحمنِ يحميها
من بئرِ زمزمَ سُقياها ومطعمُها ... من تمر طيبةَ قد طابت مغانيها
أرواحُها بظلالِ البيتِ هائمةٌ ... من دونه تُرخِصُ الدنيا وما فيها!
فداءُ عرضِ رسولِ الله أنفسُنا ... وكلُّ نفس وما تحويه أيديها
وصلِّ يا ربِّ ما هبَّ النسيمُ على ... معلمِ الأممِ الحَيرَى وهاديها
تحيةً لرسولِ الله أبعثُها ... ويومَ هجرتِه الغراءِ أهديها
================= ...
جلَّ من ربَّاك
محمد بن عبد الرحمن المقرن(9/38)
ربَّاكَ ربُّكَ.. جلَّ من ربَّاكا *** ورعاكَ في كنفِ الهدى وحماكا
سبحانه أعطاك فيضَ فضائلٍ *** لم يُعْطها في العالمين سواكا
سوّاك في خلقٍ عظيمٍ وارتقى *** فيك الجمالُ.. فجلّ من سوَّاكا
سبحانه أعطاك خيرَ رسالةٍٍ *** للعالمين بها نشرْتَ هُداكا
وحباكَ في يوم الحساب شفاعةً *** محمودةً.. ما نالها إلاّكا
اللهُ أرسلكم إلينا رحمةً *** ما ضلَّ من تَبِعتْ خطاه خُطاكا
كنّا حيارى في الظلامِ فأشْرقتْ *** شمسُ الهدايةِ يومَ لاحَ سناكا
كنّا وربي غارقين بغيِّنا *** حتى ربطنا حَبْلَنا بعُراكا
لولاك كنا ساجدين لصخرةٍ *** أو كوكبٍ.. لا نعرفُ الإشراكا
لولاك لم نعبدْ إلهًا واحدًا *** حتى هدانا اللهُ يومَ هداكا
أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ *** وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكا
والجذعُ يُسمعُ بالحنين أنينُه *** وبكاؤُه شوقًا إلى لُقياكا
ماذا يزيدُك مدحُنا وثناؤُنا *** واللهُ في القرآنِ قد زكّاكا؟!
ماذا يفيدُ الذّبُّ عنك وربُّنا *** سبحانه بعيونه يرعاكا؟!
"بدرٌ" تحدثنا عن الكفِّ التي *** دمتِ الطغاةُ فبوركت كفّاكا؟!
و"الغارُ" يخبرُنا عن العين التي *** حفظتك يوم غفت به عيناكا
لم أكتبِ الأشعارَ فيك مهابةً *** تغضي حروفي رأسَها لحلاكا
لكنها نارٌ على أعدائكم *** عادى إلهَ العرشِ مَن عاداكا
إني لأرخصُ دون عرضِك مهجتي *** روحٌ تروحُ ولا يُمسُّ حماكا
شُلّتْ يمينٌ صوَّرتك وجُمِّدتْ *** وسطَ العروقِ دماءُ من آذاكا
ويلٌ فويلٌ ثم ويلٌ للذي *** قد خاضَ في العِرضِ الشريفِ ولاكا
يا إخوةَ الأبقارِ هن سباتكم *** "مَن في القطيع سيصبح الأفّاكا؟!"
النارُ يا أهلَ السباقِ مصيرُكم *** وهناك جائزةُ السباقِ هناكا!!
تتدافعون لقعرها زمرًا ولن *** تجدوا هناك عن الجحيمِ فكاكا
هبوا بني الإسلام نكسر أنفهم *** ونكون وسطَ حلوقِهم أشواكا
لك يا رسولَ اللهِ نبضُ قصائدي *** لو كانَ قلبٌ للقصيد فداكا
هم لن يطولوا من مقامك شعرةً *** حتى تطولَ الذّرةُ الأفلاكا!!
والله لن يصلوا إليك ولا إلى *** ذراتِ رملٍ من ترابِ خُطاكا
هم كالخشاش على الثرى ومقامُكم *** مثلُ السماك.. فمن يطولُ سماكا؟!!
روحي وأبنائي وأهلي كلهم *** وجميع ما حوت الحياةُ فداكَ
==============
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم
أقولُ فيكَ ودَمعُ العَينِ يَنسَجِمُ *حاشَا لِوَجهِكَ ، لا يَأتي به القََلََم
حاشا لِوَجهٍ كَشَمسِ الأرضِ طالِعَةً *أن تَستَقيمَ بإشراقاتِهِ الرُّسُمُ
حَاشا لِشَخصِكَ أن تَغتابَه صُوَرٌ*حَاشا لِذِكرِكَ أن تَنتابَه التُّهَمُ
كيف استَطابَ يَراعٌ رَسمَ هَيئَتِهِيا* ذلكَ الحَدَثُ المَشنوءُ والجُرُمُ
لو كانَ يَعلَمُ من قد راحَ يَرسُمُهُ* لَقامَ في خَجَلٍ يَذوِي ويَنقَسِمُ
و قامَ عن كلِّ خَطٍّ منه مُعتَذِراً * والحُزنُ يَعصُرُهُ و السُّخطُ والنَّدَمُ
يُنَزَّهُ الجِسمُ عن وصفٍ وعن صُوَر*ٍتُنَزَّهُ الرأسُ و الاردانُ والقَدَمُ
لو كانَ يَعرِفُكَ الكُتّابُ لارتَكَسُوا *و قامَ مُعتَذِراً عنهم يَراعُهُمُ
لو يُنصِفونَكَ قالوا أنتَ سَيِّدَنا*أو يَفهَمونكَ عَزَّ الدِّينَ عِندَهُمُ
قد صَنَّفوكَ عَظيمَ الأرضِ واحِدَها*لكنَّهم جَهِلوا من بعدِ ما عَلِموا
يا وَيلَ ما كَسَبت أقلامُهُم هُزُواً*يا ويلَ ما اكتَسَبَت أيمَانُها العَجَمُ
كَيف استَساغُوا بِأن يَحووهُ في وَرَقٍ *يا قُبحَ ما فَعَلوا يا وَيلَ ما رَسَموا
كُلُّ الشَّمائِلِ قامَت تَحتَ صُورَتِهِ *العَزمُ والفَخرُ والإقدَامُ والهِمَمُ
ما أظلَمَ الغَربَ في إفكٍ يَخوضُ بِهِ *أيُّ البُغاةِ هُمُ .... أيُّ الجُناةِ هُمُ
يا ويحَكُم أبِخَيرِ الخَلقِ لَمزُكُمُ* أما وَجَدتُّم سوى المَعصومِ وَيلَكُمُ
تَخَبَّطَ الغَربُ من مَسِّ الجُنونِ بِهِ *و أوهَنَ الغَربَ في تَخربفِهِ الهَرَمُ
يا سَيِّدَ الناسِ قد غَالَت غوائِلُهُم *فَصَوَّروكَ بما لا تَقبلُ الشِّيَمُ
لكنّ مثلَكَ ما ضَرُّوا بِإظفَرِهِ* مهما رَمَتكَ بِهِ الغربانُ والبُوَمُ
ما ضَرَّهُ البَدرُ سارٍ في مَهَابَتِهِ *إن عارَضَتهُ بإطلالاتِهِ الدِّيَمُ
فالنّورُ أنتَ و أنت النُّورُ مَصدَرُهُزالَ الظَّلامُ بِهِ و الظُّلمُ و الظُّلَمُ
لولاكَ يا حِليَةَ الدُّنيا و زِينتَها*ما تَأمَنُ الذِّئبَ في تَسريحِها الغَنمُ
لولاكَ لم تََعرِف الدُّنيا مَكارِمَها *ماالجُودُ ماالنُّبلُ ماالإحسانُ ماالكَرَمُ
لولاكَ يا من بِهِ المَولى تَدَارَكَنا*لَكانَ يُعبَدُ نَجمُ اللّيلِ والصّنَمُ
فَدِينُكَ اليَومَ سارٍ في حَواضِرِنا*تَعاقَبا نَشرَهُ الإصباحُ والغَسَمُ
و كُلِّ أرضٍ بِها من نُورِهِ قَبَسٌ *وَحيٌ بِهِ تُحفَظُ الأعراضُ و الحُرَمُ
لَولاهُ ظَلَّت بِلادُ الغَربِ غَابِرةً *عَصرُ العَبيدِ بِها و الأعصُرُ الدُّهُمُ
إذا ادلَهَمَّت على الأعلامِ مُعضِلَةً* فإنَّ رأيَكَ فيها الفَصلُ و الحَكَمُ
ما الناسُ لولا رَسولُ اللهِ بينَهُمُ *ما الأرضُ لولاهُ ما الإنسانُ ما الأمَمُ(9/39)
ضَجَّت له الأرضُ والأخلاقُ ثائِرَةً* العُرفُ و النُّبلُ و الأعراقُ و القِيَمُ
تَفديهِ أفئِدَةٌ تَفنى لِنُصرَتِهِ *لا تَشتَفي أبَداً حَتى يُراقَ دَمُ
تَبتَزُّها غَدَراتُ الرّومِ سَيِّدَها *كالمَشرَفِيَّةِ إذ تَبتَزّها اللّجُُمُ
تَحِنُّ للبَشَرِ المَبعوثِ أمَّتُهُ *كَما تَحِنُّ إلى أُمَّاتِها الفُطُمُ
هذي المَسيراتُ في الدُّنيا تُذَكِّرُهُم* بِأنَّهُ حَرَمٌ ، وذِكرُهُ حَرَمُ
يا ابنَ الخِيارِ خِيارِ العُربِ من مُضَرٍ* ساداتِ يَعرُبَ كلٌ سَيِّدٌ عَلَمُ
لمّا أتيتَ وَقد غَنّى الرَّبيعُ رِضىً* و استَبشَرَ النَّخلُ والزُّراعُ والأكَمُ
صاحَت وُحوشُ البراري وانتَشَت فَرَحاً *النَسرُ والصَّقرُ والعُقبانُ والرَّخَمُ
الوَحيُ هَلَّ و هَلَّ الخَيرُ يَعقُبُهُ *النُّورُ والهَديُ والنَّعماءُ والنِّعَمُ
عَزَّت قُريشُ بهذا الأمرِ وافتَخَرَت *فَخرَ المُلوكِ فلا كِندَا ولا لَخَمُ
البَحرُ و البَرُّ في طَه سَعادَتُهُم *الجِنُّ و الإنسُ و الأحيَاءُ و الرِّمَمُ
إنّ الحَضارَةَ بالعَدنانِ مَبدؤُها* فَهوَ المُؤسِّسُ لا عادٌ ولا إرَمُ
و كلّ خَيرٍ من الإصلاحِ أصَّلَهُ *في كُلِّ أمرٍ فلا قَيسٌ ولا هَرِمُ
يا سَيِّدَ الناسِِ إني اليومَ أعلِنُها* حَرباً على الشِّركِ فيها الشِّعرُ يَنتَقِم
ما قيلَ فيكَ من المُدَّاحِ مُقتَضَبٌ *ما كان فيكَ يَفيهِ القَولُ و الكَلِمُ
في مثلِ طَه و هَل من مِثلِهِ أحَدٌ *يَحلو النَّشيدُ و يَحلو الشِّعرُ والنَّغَمُ
فكلّ نَظمٍ بِهِ مُستَعذَبٌ حَسَنٌ * فالمَدحُ فيهِ كما الياقوتُ يَنتَظِمُ
فقد أفاضَ أميرُ الشِّعرِ بُردَتَهُ *تَشيبُ منها نواصِي الشَّعرِ واللِّمَمُ
و ثَجَّ من مُعصِراتِ الجَوَى وَدَقاً* كأنّهُ دِيمَةٌ مِدرارَةٌ تَثِمُ
نَفيسَةٌ سَكَنت أصدَافَ لُؤلُؤةٍ *إن النّفائِسَ في أصدَافِها التُّوَمُ
في بَطنِها لُجَجٌ مِن تَحتِها لُجَجٌ *في سَطحِها قِمَمٌ مِن فَوقِها قِمَمُ
فما ذَكَرتُكَ يا طَهَ بِقافِيَةٍ *إلا و قَلبيَ و العَينانُِ تَختَصِمُ
فما يُفَرِّقُ غَيرَ الدَّمعِ بينَهُما *يَجري َ سَخِيناً عَلى الخَدَّينِ يَزدَحِمُ
و النَّفسُ بينَهُما مَقهورَةٌ كَمَداً* ما بينَ مُعتَرَكِ الأعضاءِ تَلتَطِمُ
يا سَيِّدَ النّاسِ قَََسْراً عن أنُوفِهِمُ *إن أخرَجَت أشَراً سَاداتِها الأمَمُ
إني أهَابُكَ في قَولي و قافِيَتي* فالشِّعرُ فيكَ مَنيعُ الجَنبِ مُعتَصِمُ
أقسَمتُ باللّهِ لا أنفَكُّ مُمتَدِحاً* لا يشفَعُ الفِعلُ إن لم يَشفَعِ القَسَمُ
حُبّاً إليكَ رَسولَ اللّهِ قَافِيَتِي* والحُبُّ يُنجِي وَبَعضُ الحُبِّ ما يَصِمُ
جَاهَدتُّ كِتمانَها في مُهجَتي زَمَناً *حَتَّى تأبَّت فليسَ اليومَ تَنكَتِمُ
وَ يَسأَمُ القَلبُ مِن أمرٍ يُسِرُّ بِهِ *يا وَيحَ مُضغَةِ صَدري طَبعُها السَّأمُ
كلُّ الحِبالِ و إن كانت مُغَلَّظَةً *ما كانَ فيها بِغَيرِ الحُبِّ يَنصَرِمُ
لَهُ صُنوفٌ بِأَسبَارِ الجَوَى عَدَدٌ *مِنها الشُّخوصُ و مِنهَا البَانُ والعَلَمُ
أقلُّ تَقدِمَتي شِعراً نَقَمتُ بِهِ *و الشِّعرُ يُسعِفُ إن لم تُسعِفِ النِّقَمُ
لا بَارَكَ اللهُ في شِعرٍ تَلوكُ بِهِ *و لم يَكُن بِصِراطِ الحَقِّ يَلتَزِمُ
القولِ بالهَديِ أو لا قُلتَهُ أبَداً *فكلُّ ما قيلَ في غَيرِ الهُدى لَمَمُ
كُلُّ الرِّجالاتِ من عُربٍ ومن عَجَمٍ *بِِبَابِ أحمَدَ حُجَّابٌ لَهُ خَدَمُ
يا أمّةَ الغَربِ صَرحُ الشِّركِ مُهتَرئٌ * و كُل صَرحٍ بِغَيرِ الدِّينِ مُنهَدِمُ
أما قَرأتُم من التَّوراةِ هَيئَتَهٌ* ألم يُبَشِّر بِهِ الإنجيلُ عِندَكُمُ
أما عَلِمتم بأنّ الله ناصِرُهُ* يَكفيهِ هُزوَ شِرارِ النّاسِ مثلَِكُمُ
لَم تَسمَعوهُ وَقَد شُقَّ الهِلالُ لَهُ *و كَيفَ يَسمَعُ من في سَمعِهِ صَمَمُ
إنّ انتِفاشَ حَضاراتِ العِدا عَرَضٌ *و الدّاءُ يَظهَرُ من أعراضِهِ الوًَرَمُ
فاربأ بِبَطنِكَ أن يَقتاتَ حاجَتَهُم *أقلُّ حَربِهُمُ في بَيتِكَ اللُّقَمُ
فَكَيفَ يُفلِحُ قومٌ سُبَّ سَيُّدُهُم *وَ لَم يَثورُوا على هذا وَ يَنتَقِموا
فالزَم تُراثَ رَسولِ اللّهِ سُنَّتَهُ *فالدِّينُ مُعتَصَمٌ و الحَقُّ مُلتَزَمُ
كُلُّ المَبادِئ والأَعرافِ سَائِبَةٌ *من غَيرِ أحمَدَ لا عَهدٌ ولا ذِمَمُ
إن قَامَ قامَ أرِيجُ المِسكِ يَلحَقُهُ* نَوَاشِرُ الطِّيبِ من جَنبَيهِ تُنتَسَمُ
أو قالَ أجمَعَ بالإحكامِ مَنطِقَهُ *فََصلُ الخِطابِ وفَصلُ القَولِ والحِكَمُ
بِه بَيانٌ حَلالُ السِّحرِ فِتنَتُهُ* يُستَنطََقُ الصَّخرُ من مَبناهُ و البُكُمُ
تَفَجَّرَ الماءُ من إبهَامِ إصبَعِهِ *كَأنَّهُ نَهَرٌ أو هَاطِلٌ عَرِمُ
أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ تَذكُرُهُ *و الجِذعُ حَنَّ لَهُ و الحِلُّ و الحَرَمُ
ما قامَ قاصِدُهُ فيما يُؤمِّلُهُ* إلا و تَسبِقُهُ في سُؤلِهِ نَعَمُ
وَ مَا تَحَدَّثَ نَحوَ النَّاسِ مُبتَدِراً *إلا وَ يَظهَرُ نُورُ اللَّوحِ و القَلَمُ(9/40)
يَهديكَ لِلحَقِّ من غيرِ الدُّعاءِ لَهُ *بِبَسمَةِ الوَجهِ حَولَ الثَّغرِ تَرتَسِمُ
قد أسلَمَ ابنَ جَريرٍ طُولُ نَظرَتِهِ* يُقَلِّبُ الطَّرفَ في خَدَّيهِ يَبتَسِمُ
سَالَ الغَمامُ بِهِ من بَعدِ ما قَحَطَت *سَعدُ بنُ بَكرٍ و دَرَّ الشََّاءُ و النَّعَمُ
عَمَّ الرَّضيعُ بَني سَعدٍ بِطَلَّتِهِ* و أقحَطَت مُضَرٌ وأقفَرَت جُشَمُ
قد أثخَنوهُ جِراحَ الحَربِ في أحُدٍ *و هيَ الّتي بِرَسولِ اللّهِ تَلتَئِمُ
يَشفي السَّقيمَ إذا ما جاءَ مُشتَكِياً* بِِريقِهِ فيَزولُ السُّمُّ و السَّقَمُ
كَساهُ سَمتٌ وَقاراً لا عُلُوَّ بِهِ *عَلاهُ حُسنٌ بِسيما الخَيرِ يتَّسِمُ
لَمّا رأَتهُ قُرَيشٌ صَاحَ صَائِحُها* وَتوشِكُ الحَربُ تَضري ثم تَضطَّرِمُ
هذا الأمينُ أمينُ القَومِ نَقبَلُهُ *هذا الصَّدوقُ و هذا الرُّكنُ يَستَلِمُ
بَنى بِهِ الحَجَرَ المُسوَدّ مَوضِعَهُ *بَنى بِهِ قَبلَهُ من بَينَهم رَحِمُ
فلا تَحُدُّ دروسُ العِلمِ سيرَتَهُ *و لا يُحيطُ بِهِ شَرحٌ و لا كَلِمُ
و كلّ ما ذََكَرَ التّاريخُ مُختَصَرٌ *ما خَطَّهُ قَلَمٌ أو قالَ عنهُ فَمُ
في عُقرِ دارِهِمُ نَرنو لِمَلحَمَةٍ *لو كانَ يَقصُدُ شَيخُ الحَربِ دارَهُمُ
حتّى نُعيدَ إلى سِبتِمبَرٍ حِقَباً* كانت رَحَاهَا لَهيبُ النَّارِ و الحِمَمُ
فاغزُ رَعاكَ إلهَ الكَونِ أرضَهُمُ *و ابدأ هَداكَ إلى رَدِّ العِدا بِهِمُ
ما بَالُ صَيدِكَ قد زادَت طَرائَدُهُ *يا ذلكَ اللّيثُ هل ضَاقَت بِك الأجَمُ
لِيَفهمَ الغَربُ أنَّ الحَقَّ مُعتَصِمٌ* و يَفهَمَ الموتَ إن لم يَفهَمِ الفَهِمُ
فَللسِّلاحِِ إلى أجسادِهِم وَلَعٌ *و لِلسُّيوفَ إلى أعناقِهِم قَرَمُ
وَاهاً على زَمَنٍ صُنَّاهُ مُحتَرَماً* فيهِ الكَنائِسُ و الأديانُ تُحتَرَمُ
دَكَّت خُيولُ بَني مَروانَ مَغرِبَهُم* و استَنهَضَتهُم إلى عَليائِها الهِمَمُ
الغَافِقِيُّ على أبوَابِهِم وَثِبٌ *و البَربَريُّ الَّذي سارَت بِهِ التُّخُمُ
لَنا مَعادٌ بِلادَ الغَربِ فَارتَقِبوا *لَم يُلهِنا عَنكُمُ بُعدٌ وَ لا قِدَمُ
ما قَصَّرَت عَنهُ خَيلُ المُسلِمينَ مَضَتتَدعُ *وإلَيهِ هُناكَ الأينُقُ الرُّسُمُ
سَارَت قَوافِلُهَا بالدَّينِ تَنشُرُهُ *ما أعجَزَ السَّيفَ لَم يَعجِز لَهُ الأدَمُ
إنا رَضَعنا قَتامَ الحَربِ أغلِمَةً *و البَعضُ يَبلُغُهُ في ساحِها الحُلُمُ
يَشِبُّ ناشِئُنا حتى يَشيبَ بِها* و الموتُ يَفطِمَنا عنها فننفَطِمُ
القابِضونَ على جَمرٍ عَقيدَتَهُم *مُستَمسِكون بِرُكنٍ لَيسَ يَنفَصِمُ
لا يُنصَرُ الحَقُّ إن لم يَحتَرِب زَمَناً* فالحَربُ تَفعَلُ ما لا يَفعلُ السَّلَمُ
أزكَى صَلاةً رَسولَ اللّهِ يَبعَثُها* قَولِي وَقَلبي بِها مُستَعذِبٌ شَبِمُ
مولايَ صلِّ وَسَلِّم دائماً أبَدَاً *على صَفِيِّكَ خَيرِ الخَلقِ كُلِّهِمُ
مولايَ صَلِّ وبارِك ما أرَدتَّ على * مُحَمَّدٍ من بِهِ الأخيارُ قدخُتِموا
===========
نفحات الهجرة
صالح بن علي العمري
شعّ الهدى، و البشرُ في بسماتهِ *** و اليُمن و الإيمان في قسماتهِ
و تفجرت فينا ينابيع الهدى *** و استيقظ التأريخ من غفواتهِ
" إقرأ و ربُّك" في حراء تحررت *** و الدهر غافٍ في عميق سباتهِ
جبريل حاملها و أحمد روحها *** إن الحديث موثّقُ برواتهِ
مُهج الملائك بالتلاوة تنتشي *** فتُقَبّل الكلماتِ فوق شفاتهِ
صلى عليك الله يا من ذكره *** قربى . . ونورُ الله من مشكاتهِ
يا من كساه الله حلّة سمته *** و كساهُ بالقرآن حُلّة ذاتهِ
لمّا أضاء الله مهجة قلبه *** هانت عليه الروحُ في مرضاتهِ
غسل الكرى عن أعين الدنيا كما *** يُجلى الدُّجى بالفجر في فلقاتهِ
و أنار بالآيات كلّ بصيرةٍ *** فكأن نور الشمس من قسماتهِ
و اقتاد للجنّات أسمى موكبٍ *** "إياك نعبدُ " تمتماتُ حداتهِ
إقرأ معاني الوحي في كلماته *** في نسكهِ و حياتهِ و مماته
لو نُظّمت كلّ النجوم مدائحا *** كانت قلائدهن بعض صفاته
يا من بنى للكون أكرم أمّةٍ *** من علمه . . من حلمه و أناته
صاروا ملوكا للأنام بعيد أن *** كانوا رعاءَ الشاءِ في فلواته
فسل العدالة و الفضيلة و الندى *** وسل المعنّى عن مُلمِّ شتاته
و سل المكارم و المحارم والحيا *** من غضّ عن درب الخنا نظراته؟!
من حطّم الأصنام في تكبيره *** من عانق التوحيد في سجداتهِ
من أطلق الإنسان من أغلاله *** من أخرج الموءود من دركاته؟!
من علّم الحيران درب نجاتهِ *** من أورد العطشان عذب فراتهِ؟!
من هدّ بنيان الجهالة و العمى *** وبنى الأمان على رميم رفاتهِ؟!
فإذا بأخلاق العقيدة تعتلي *** زور التراب و جنسه و لغاتهِ
وإذا لقاء الله يأسر في رضا *** وتشوّقٍ من كان عبد حصاته
ورأى جنان الخلد حقّا فازدرى *** دنياه . . و استعلى على لذّاتهِ
أرأيت إقدام الشهيد و قد سعى *** للحتف معتذراً إلى تمراته !!
حملوا الهدى للكون في جفن الفدا *** فتحرر الوجدان من شهواتهِ(9/41)
خيّالة المجد المؤثل و العلا *** فكأنما ولدوا على صهواتهِ
سمّارة المحراب في ليل ، وإن *** نادى الجهاد فهم عُتاة كماته
في الهجرة الغراء ذكرى معهدٍ *** نستلهمُ الأمجاد من خطراته
تاريخ أمتنا . . و منبع عزّنا *** و دروبنا تزهو بإشراقاته
فيه الحضارة والبشارة والتقى *** ومُقِيل هذا الكون من عثراته
فتألقي يا نفس في نفحاته *** واستشرفي الغايات من غاياته..
==================
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
للدكتور ناصر بن مسفر الزهراني
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي * وما دروا أن حبي صغته بدمي
استغفر الله ما ليلي بفاتنتي * ولا سعاد ولا الجيران في أضمِ
لكن قلبي بنار الشوق مضطرم * أف لقلب جمود غير مضطرم
منحت حبي خير الناس قاطبة * برغم من أنفه لا زال في الرغم
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه * وأقرأ بربك مبدأ سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها * على المنائر من عرب ومن عجم
أحيابك الله أرواحاقداندثرت*في تربة الوهم بين الكأس والصنم
نفضت عنها غبار الذل فاتقدت * وأبدعت وروت ما قلت للأمم
ربيت جيلا أبيا مؤمنا يقظا * حسو شريعتك الغراء في نهم
محابر وسجلات وأندية * وأحرف وقواف كن في صمم
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر * ومن على ومن عثمان ذو الرحم
من خالد من صلاح الدين قبلك * من مالك ومن النعمان في القمم
من البخاري ومن أهل الصحاح * ومن سفيان والشافعي الشهم ذو الحكم
من ابن حنبل فينا وابن تيمية *** بل الملايين أهل الفضل والشمم
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا*** أنت الإمام لأهل الفضل كلهم
ينام كسرى على الديباج ممتلئ *** كبرا وطوق بالقينات والخدم
لا هم يحمله لا دين يحكمه *** على كؤوس الخنا في ليل منسجم
أما العروبة أشلاء ممزقة *** من التسلط والأهواء والغشم
فجئت يا منقذ الإنسان من *** خطر كالبدر لما يجلي حالك الظلم
أقبلت بالحق يجتث الضلال *** فلا يلقى عدوك إلا علقم الندم
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة *** والهندواني في الأعناق واللمم
فكنت أثبتهم قلبا وأوضحهم *** دربا وأبعدهم عن ريبة التهم
بيت من الطين بالقرآن تعمره *** تبا لقصر منيف بات في نغم
طعامك التمر والخبز الشعير *** وما عيناك تعدو إلى اللذات والنعم
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته *** إن بات غيرك عبد الشحم والتخم
لما أتتك "قم الليل" استجبت لها *** العين تغفو وأما القلب لم ينم
تمسى تناجي الذي أولاك نعمته *** حتى تغلغلت الأورام في القدم
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى *** ودمع عينيك مثل الهاطل العمم
الليل تسهره بالوحي تعمره *** وشيبتك بهود آية "استقم"
تسير وفق مراد الله في ثقة *** ترعاك عين إله حافظ حكم
فوضت أمرك للديان مصطبرا *** بصدق نفس وعزم غير منثلم
ولىّ أبوك عن الدنيا ولم تره *** وأنت مرتهن لا زلت في الرحم
وماتت الأم لمّا أن أنست بها *** ولم تكن حين ولت بالغ الحلم
ومات جدك من بعد الولوع به *** فكنت من بعدهم في ذروة اليتم
فجاء عمك حصنا تستكن به *** فاختاره الموت والأعداء في الأجم
ترمي وتؤذى بأصناف العذاب *** فما رئيت في كوب جبار ومنتقم
حتى على كتفيك الطاهرين رموا *** سلا الجزور بكف المشرك القزم
أما خديجة من أعطتك بهجتها *** وألبستك ثياب العطف والكرم
عدت إلى جنة الباري ورحمته *** فأسلمتك لجرح غير ملتئم
والقلب أفعم من حب لعائشة *** ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي
وشج وجهك ثم الجيش في أحد *** يعود ما بين مقتول ومنهزم
لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به *** حياتك بات الأمر كالعدم
ورغم تلك الرزايا والخطوب وما *** رأيت من لوعة كبرى ومن ألم
ما كنت تحمل إلا قلب محتسب *** في عزم متقد في وجه مبتسم
بنيت بالصبر مجدا لا يماثله *** مجد وغيرك عن نهج الرشاد عمى
يا أمة غفلت عن نهجه ومضت *** تهيم من غير لا هدى ولا علم
تعيش في ظلمات التيه دمرها *** ضعف الأخوة والإيمان والهمم
يوم مشرقة يوم مغربة *** تسعى النيل دواء من ذوي سقم
لن تهتدي أمة في غير منهجه *** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
ملح أجاج سراب خادع خور *** ليست كمثل فرات سائغ طعم
إن اقفرت بلدة من نور سنته *** فطائر السعد لم يهوى ولم يحم
غني فؤادي وذابت أحرفي *** خجلا ممن تألق في تبجيله كلمي
يا ليتني كنت فرد من صاحبته *** أو خادم عنده من أصغر الخدم
تجود بالدمع عيني حين أذكره *** أما الفؤاد فللحوض العظيم ظمي
يا رب لا تحرمني من شفاعته *** في موقف مفزع بالهول متسم
ما أعذب الشعر في أجواء سيرته *** أكرم بمبتدأ منه ومختتم
أبدعت ميمية بالحب شاهدة *** أشدوا بها من جوار البيت والحرم
بقدر عمرك ما زادت وما نقصت *** والفضل فيها لرب الجود والكرم
تغنيك رائعتي عن كل رائعة *** مما سيأتي ومما قيل في القدم
لأنها من سليل البيت أنشدها *** لجده في بديع الصوت والنغم
إن كان غيري له من حبكم نسب *** فلي أنا نسب الإيمان والرحم
إن حل في القلب أعلى منك منزلة *** في الحب حاشا إلهي بارئ النسم(9/42)
فمزق الله شرياني وأوردتي *** ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدم
===================
لك في مهمة التجلي البهاء
أبو الهدى الصيادي أندلسي
1. ... لك في مهمة التجلي البهاء ... يانبيا نوابه الأنبياء
2. ... أنت روح القلوب طيا ونشرا ... بك لاذ الأموات والأحياء
3. ... لمعت شمسك المنيرة في الكون فضاءت بنورها الظلماء
4. ... وتدلت آيات هديك للناس ... فسارت بهديها الأتقياء
5. ... كان قبل البروز كوكبك اللماع ... يجلى وكل باد خفاء
6. ... أشرقت منه في زوايا خبايا الغيب ... تلك الفجاج والأنحاء
7. ... واستنارت عوالم الملاء الأعلى ... وضاء الدجنة السوداء
8. ... عنك قد شق في البطون رداء ... حشوة الخارقات ذاك الرداء
9. ... قمت في برجك المشعشع شمسا ... ظل ينحط عن علاها العلاء
10. ... بك طافت أرواحها انبياء الله ... غيبا فبايعوك وجاؤا
11. ... عنك نابوا وبشروا بك اصناف ... البرايا وصحت الأنباء
12. ... جئت ختما لهم فها أنت في النظم ... ختام وفي الكيان ابتداء
13. ... أنت سلطانهم وقد تعرض الجند ... ابتداء وتعقب الأمراء
14. ... ما طووا حكمة من السر إلا ... أنت معراجها وأنت البناء
15. ... شمل الكل من لوائك أمن ... وعليهم ما زال ذاك اللواء
16. ... وتباهى بك الخليل رعاك الله ... إبنا باهت به الآباء
17. ... يا لفرع كسا الأصول فخارا ... أبديا لا يعتريه انقضاء
18. ... نال منه أبوه آدم عزا ... وقبولا وأمه حواء
19. ... وتدلى من حضرة الأفق للأرض ... هبوطا مضمونة الارتقاء
20. ... والعلامات قبل أن جاء جاءت ... بشؤن لاحت لها أضواء
21. ... وتوالت عجائب الغيب يروي ... طورها عنه ما طواه الغطاء
22. ... راقبته القلوب في الكون والأبصار ... من نوره عليها غشاء
23. ... رب نور يغشى العيون بستر ... إنما غاية الظهور الخفاء
24. ... هذه يا أبا البتول معانيك ... التي انشق عن سناها السناء
25. ... حير القوم شأن قدسك في مهد ... التجلى فطاشت الآراء
26. ... راح عرافهم لتلك العلامات ... وتعلوه حيرة بحتاء
27. ... صولة من سرادق الغيب للناس ... تدلت برفعها الآلاء
28. ... هي آلاء ربنا والذي يقضيه ... ماض وفاعل ما يشاء
29. ... حققت ذلك الهواتف والأحبار م ... والكاهنون والعرفاء
30. ... وبمر الظهران راهبهم إذ قص ... هذا وللصباح ضياء
31. ... وانقضاض النجوم والنار إذ صاوت ... رمادا وحين غار الماء
32. ... رد أمن المجوس خوفا نذير ... الغيب إذ جاء عكس ما هم شاؤا
33. ... ورمى الغي والضلال شهاب ... اج منه للجاحدين انمحاء
34. ... ضاء والكائنات طمس فعم النور ... واستبصرت به الأشياء
35. ... وتبدت أشكالها بعد أن عنه م ... ببرج الأبراز قام انجلاء
36. ... ملأ الكون هيبة وجلالا ... شأن سلطانه وعم البهاء
37. ... نسجت عنه بالبشارات أمراط ... غبار تثيره الهيجاء
38. ... كتبت للهدى سطورا ببيض ... سال منها على الحواشي الدماء
39. ... جردت ثم أودعت في كنوز ... الغيبم قدما وأهلها الخلصاء
40. ... ورآى الموبذان هذا مناما ... راع كسرى كما قضاه القضاء
41. ... وسطيح لما أتاه ابن عمرو ... وبه من أسقامه إعياء
42. ... نص حكم التورية في الأمر والإنجيل م ... نصا ما شابه ايماء
43. ... ذاكرا صاحب الهراوة والحق ... مبين وما هناك مراء
44. ... ومياها فاضت وغاضت وفي الأمرين م ... للعارفين سين وراء
45. ... ليت شعري هل يجحد الشمس إلا ... مقلة عن شعاعها عمياء
46. ... كل شيء له انتهاء وطه ... فمعاليه ما لهن انتهاء
47. ... نقطة في معالم القدس دارت ... فاستديرت بنمطها العلياء
48. ... برزت في العلى بطالع قدس ... ملئت من أضوائه الخضراء
49. ... فالإشارات أعربت عنه معنى ... والبشارات ما لها استقصاء
50. ... ضجة في محاضر الملكوت انشق م ... عن شمسها الوضاح العماء
51. ... فبدت والاكوان ترقب منها ... سر غيب وما بذاك امتراء
52. ... نشأة الطي حين تبرز في النشر ... يرى ما بطيها النبهاء
53. ... يشهد القوم بالبصائر من كنه ... طواها ما يشهد البصراء
54. ... تلك آيات ربنا وله الحكم م ... وأحكامه لها الإمضاء
55. ... كيف لا تشهد العيون ضياء ... من حجاب تلوح فيه ذكاء
56. ... منه مس القلوب وارد خوف ... مد في الأرض ما طوته السماء
57. ... هيبة عمت الوجود فكل ... فوقه من جلالها سيماء
58. ... طرفت مقلة العيان بضوء ... دون نبراس لمعه الأضواء
59. ... دولة تعرب البراهين عنها ... بينات ما نابها إخفاء
60. ... راع كسرى سلطانها ولكسر ... سوف يأتيه قد تداعى البناء
61. ... أيها المستميح بردة عتم ... عن منار له الشموس حذاء
62. ... رحت تستكشف الشؤن من الكهان ... والأمر شمسه بلجاء
63. ... ما قرأت التورية أو ما تدبرت م ... نصوصا أشاعها شعياء
64. ... وفصول الزبور أو ما تلاه ... من نصوص الأنجيل يوحناء
65. ... قول متى ما فيه لو ولا ليت م ... وللحق طلعة وضاء(9/43)
66. ... أوشككت الشكوك منك بسهم الحق م ... أبصرت والحظوظ عطاء
67. ... نشر الله ذكر أحمد بالآيات م ... قدما فلم يصبه انطواء
68. ... وتدلى من برجه يتجلى ... م بتدل تحقيقه إعلاء
69. ... قلبته الأقدار في الظهر والبطن م ... بقوم هم قادة نجباء
70. ... أنبياء وأولياء وأخيار م ... وشوس وسادة شرفاء
71. ... لم يشنهم كالجاهلية في الحكم م ... سفاح أو خلة شنعاء
72. ... حرستهم عين العناية والعبد م ... إذا صين فالشؤن صفاء
73. ... كلهم سيد حسيب نسيب ... أريحي آباؤه كرماء
74. ... نور شمس الهدى تنقل فيهم ... فأضاءت منهم به الأجزاء
75. ... عمهم نوره لذا أخلصوا التوحيد م ... نهجا فكلهم حنفاء
76. ... بالعمودين أشرف الخلق أصلا ... أمهات النبي والآباء
77. ... خيرة الله هم من الخلق للمختار م ... أهل أعاظم كبراء
78. ... قد حباهم خلاقهم واصطفاهم ... وكذا المصطفى له الإصطفاء
79. ... وانتهى مظهر البروز بمجلى ... بنت وهب فضاءت الأرجاء
80. ... ولدته العذراء آمنة النور م ... أمينا وقومه أمناء
81. ... غبطتها العذراء مريم فيمن ... رزقته وقبلها حواء
82. ... وبوهب الكريم أنجب عبد الله م ... مولى أتباعه النجباء
83. ... يا لحظ مؤيد أعظمته ... للتجلي الخضراء والغبراء
84. ... شب في سدرة الفخار يتيما ... ويد القدس لليتيم وقاء
85. ... لاحظته الأقدار وهو صغير ... ولديه تصاغر الكبراء
86. ... زق بالعلم من سرادق غيب الله م ... وهبا فطاب منه النماء
87. ... يا له في محافل الفضل أمي م ... عظيم خدامه العلماء
88. ... أدب يبهر النسيم العراري م ... وبأس تجلى به البأساء
89. ... وجلال تهابه الشمس في قرص م ... سناها غشى علاه الحياء
90. ... وجمال يحيى به الميت إذ يبدو ... وتفنى وجدا له الأحياء
91. ... وكمال تنسقت فيه آيات م ... غيوب ما نالها الأنبياء
92. ... قام والدين مقعد في كمين ... طلسمي وللأعادي اعتداء
93. ... وطريق الأقوام محض ضلال ... وعناد وغلظة وجفاء
94. ... فنفى الشرك والضلال بهدي ... أحكمته المحجة البيضاء
95. ... وانجلى نوره فعم الوجودات م ... وطاب الشعوب والأحياء
96. ... لمع البرق منذرا وبشيرا ... منه فانهد ركنها الرقباء
97. ... قيل جاء النبي بالبعثة الزهراء م ... فاستبشرت به العرفاء
98. ... ملأ الأرض بالهدى وبحق ... كمل الدين تمت النعماء
99. ... وأضاءت بطحاء مكة لما ... قومت من سكانها العوجاء
100. ... وسرى سره ليثرب بالعز م ... فطابت وطاب فيها الثواء
101. ... وأفاض الهدى على ساكني الأقطار م ... والغي نابه إمحاء
102. ... وبدت معجزاته البيض تتلى ... وتباهت بنصها القراء
103. ... حينما انشق في العلا القمر الطالع م ... ليلا شقت قلوب هواء
104. ... وتهادى الركبان سيرا إلى الله م ... مذ امتد ستره الإسراء
105. ... نطق الجذع باسمه سبح الماء م ... بكفيه هلل الحصباء
106. ... وله الظبي قد تكلم والأشجار م ... سارت ولانت الصماء
107. ... وروى جيشه بحفنة ماء ... يا بماء العيون ذاك الماء
108. ... أشبع القوم من قليل طعام ... فانطوى فيه للجميع الشفاء
109. ... بعيوني تراب نعليه للروح ... حياة وللسقام دواء
110. ... قد طوى الله دولة الكون في طية م ... برديه وانجلى الإبداء
111. ... كان ذاك الكساء كنزاً لذرات م ... البرايا يا نعم ذاك الكساء
112. ... علة الخلق في رقائق حكم الطي م ... والنشر حيث كل هباء
113. ... مد بسط الإرشاد لله بالحكمة م ... حتى اهتدت به الحكماء
114. ... أثبت العدل حكمه الفصل إذ فيه م ... تساوى الضعاف والأقوياء
115. ... وأتى بالقرآن آية حق ... حين تتلى خرش لها الفصحاء
116. ... عقله سيد العقول وخدام م ... حواشي أعتابه العقلاء
117. ... ومعاليه والأيادي بعد ... وحساب فما لها استيفاء
118. ... نصرته بالرعب غارة قدس ... فأريعت بسرها الأعداء
119. ... أقلق الحاسدين منه شعاع ... ما طووه إلا اجتلاه انجلاء
120. ... يخفض الحاسد العلي خيالا ... ومن الله حظه الإعلاء
121. ... وإذا داركت يد الحفظ عبدا ... فدواء مضمونها الأدواء
122. ... أيد الله عبده الطهر طه ... فانتحت عن طريقه الأسواء
123. ... خدمته الأملاك دارت به الأفلاك م ... غشى الأحلاك منه ضياء
124. ... وقضى الحق أنه علة الخلق ... وطرز الورى لذا إيماء
125. ... هو لولاه ما هي الأرض أرض ... وذووها ولا السماء سماء
126. ... سبب شقت الوجودات عنه ... بانفتاق أرتاقها الطمساء
127. ... فتذكر حديث جابر يبدو ... لك مكنون سره الإبتداء
128. ... يا له من خطير سر ابتداء ... ما لعلياه والفخار انتهاء
129. ... كل أطوار عمره معجزات ... أحمد واتضاعه فاعتلاء
130. ... ذل لله طارحا ما سوى الله م ... فذلت لعزه العظماء
131. ... رحمة للوجود جاء ونورا ... وأمانا إذ تجزع الاصفياء
132. ... عزمه سلم القلوب إلى الله م ... ومن باب دينه الإرتقاء(9/44)
133. ... والذي حاد عن طريق هداه ... فضلال طريقه وعماء
134. ... يا بروحي أفديه من هاشمي ... شرفت من جنابه الأسماء
135. ... محكمات آياته بينات ... ما عليهن للبصير غطاء
136. ... ألفتها العقول لا منكرات ... عسرات ولا بها إيذاء
137. ... مجملات مفصلات رقاق ... كلهن اليتمية العصماء
138. ... رقرقت كأس حكمة بمعان ... سرهن الساري رحيق صفاء
139. ... ما أحيلا مذاقها فيه للنفس م ... فناء وللفؤاد بقاء
140. ... ونصوص أحكامها باهرات ... أعظمت شأن حقها البعداء
141. ... كم طوى الدهر من شؤون جسام ... ومعانيه ما لهن انطواء
142. ... أبد الله عزه وله الحكم م ... تعالى سلطانه والعلاء
143. ... هو فرد في الملك ذاتا وشأنا ... ما لعالي جنابه نظراء
144. ... أبرز الله مفردا نوره الفياض م ... والمرسلون طين وماء
145. ... هو إخوانه النبيون لكن ... من سناه قبل الكيان استضاؤه
146. ... وعليهم له شريف أياد ... ولهم من فيوضه استجداء
147. ... أصلهم آدم ولما دعا الله ... تعالى به استجيب الدعاء
148. ... وغدا حين يذهل الكل طرا ... ترتجيه الشفاعة الشفعاء
149. ... ليت شعري هل تبصر الركب عيناي م ... وللنوق للحجازه رغاء
150. ... وأراها لطيببة تتهادى ... ويرش القيعان مني البكاء
151. ... يثقل السير بالجمال جهارا ... ديمة من مدامعي وطفاء
152. ... فولوه ولوعة وهيام ... وغرام ومهجة حراء
153. ... وأنين وذهلة وحنين ... واصطلام ودمعة حمراء
154. ... وفؤاد يطير قبل نياق الركب ... والعين ما لها إغفاء
155. ... وفناء بحت لشمة أعتاب ... ثراها به الشفا والثراء
156. ... وانقطاع عن الوجود بوصل ... لحمى منه كالسماء الفناء
157. ... آه والوعتي وطول أنيني ... مثقل بالذنوب مني الخطاء
158. ... أتمنى وأين ما أتمناه ... ووزري مؤزري والشقاء
159. ... عل من نفحة الرسول لقيدي ... فك قفل به يتم الرجاء
160. ... وعساها عناية الطهر تجلو ... عن فؤادي ما بث فيه العناء
161. ... وأراني بعد الشقاء سعيدا ... بنبي عبيده السعداء
162. ... وأرى قبره المنير وللسر ... سرور يعد النوى وهناء
163. ... وعلى بابه أرى حر وجهي ... تجتليه من مسه غبراء
164. ... ودموعي تسيل وجدا وشوقا ... ولظهري من الخشوع انحناء
165. ... وقفول العشاق من كل فج ... مثل شأني لهم إليه التواء
166. ... هزهم وأرد الغرام فأرواح ... تناجيه دينها الإلتجاء
167. ... وعقول هامت به فهي إلا ... عن معاني جماله ذهلا
168. ... لم يفتني الإسعاف قط وأني ... لي إليه بالانتساب ارتقاء
169. ... رفعتني له عقود جدود ... عن سوى الله أقلعوا وتناؤا
170. ... رحم واصل بأكرم مولى ... دونه في البرية الرحماء
171. ... كوكب في مطالع القدس منه ... ملأ الكون رونق وضياء
172. ... وإمام للعالمين وهاد ... وولي إذ تنتحي الأولياء
173. ... وحسام قد أصلتته يد القدرة ... بالله باتر مضاء
174. ... وحبيب لله مقبول جاه ... عند مولاه كائن ما يشاء
175. ... يا رسول الرحمن دعوة مغلوب ... يناجيك ما له نصراء
176. ... غيرت حاله الذنوب فوجه ... ذو سواد ولمة بيضاء
177. ... فأعتقنه من ربقة الذنب يا من ... كم لسحاج جوده عتقاء
178. ... وتدارك بالغوث عبدا غريبا ... فبعلياك تلجأ الغرباء
179. ... مسني الضر فانتدب لي بعون ... عل تمحو ضرائي السراء
180. ... خذ بثاري يا أغير الخلق من أعدإ ... مجد لي بالتجري أساؤا
181. ... واحم فضلا قرابتي فلعمري ... أنت من يحتمي به الأقرباء
182. ... وإذا مت صل حبالي بقرب ... منك إني صحيفتي سوداء
183. ... لا تدعني رهن السؤال فإني ... عن جوابي قوالتي بكماء
184. ... أنت سيفي وناصري ومعيني ... وأماني إذ تبعد القرباء
185. ... أنا يا سيدي وأهلي ضعاف ... لك آل آذاهم الأدعياء
186. ... أعقوقي يضيع منك حقوقي ... وعطاياك دونها الأنواء
187. ... عجبا للألى لمدحك راموا ... بعض حد ظنا وبالعجز باؤا
188. ... ما لمداحك الكرام سوى نظم ... عقود يفتر عنها الثناء
189. ... وخضوع وذلة وارتباط ... بك تغنى بفيضه الفقراء
190. ... سيدي سيدي بكل حبيب ... لك منهم ساداتنا الأوصياء
191. ... بصحاب علمتهم كل خير ... قام منهم لصوننا الخلفاء
192. ... وزراء الهدى وفي الناس حينا ... ناب عن ذات نورك الوزراء
193. ... بجناب الصديق صاحبك المقبول ... من أحكمت به السمحاء
194. ... والذي بعد أن قضيت ارتضاه ... أمناء الصحابة الأصدقاء
195. ... والذي رد بالسيوف أولي الردة ... حطما مذ هاجت الهيجاء
196. ... برجال من كل ليث كسيف الله ... محو بسيفه الغرماء
197. ... رب فتك فحل أخاضته بالموت ... ضحوكا طمرة جرداء
198. ... مصلتا أبيضا قد احمر تتلوه ... لدى البطش صعدة سمراء
199. ... من أبي بكر اجتلته صباحا ... يد عزم تجلى به الغماء
200. ... أفضل السادة الصحابة والكل ... نجوم وسادة فضلا(9/45)
201. ... قلب صدق مضمونه الصدق في الله ... وأذن فيها له إصغاء
202. ... سيد العارفين بالله والصحب ... لعمري جميعهم عرفاء
203. ... حب طه خليله صاحب الغار ... الموالي إذ شحت الأسخياء
204. ... باذل الكل في هوى سيد الكل ... ويتلو صدق الغرام السخاء
205. ... شيم تنضح العبير ومنها ... لاح للعين جنة خضراء
206. ... وبجاه الفاروق ثاني الوزيرين ... الذين لذ حبه والولاء
207. ... فاتح الأرض ناصر الشرع والدين ... ومن طوره التقى والوفاء
208. ... والذي وافق الكتاب كتاب الله ... من نص قلبه الآراء
209. ... أي غوث للدين أي أمير ... بعض خدام بابه الأمراء
210. ... ما ذكرنا منه المناقب إلا ... أسكرتنا من دورها صهباء
211. ... شرف تخجل الكواكب إذ يبدو ... وتطوى بذيله الجوزاء
212. ... وبجاه الشهيد عثمان ذي النورين ... من زان مشهديه الحياء
213. ... صهر طه على ابنتيه وفي هذا ... اختصاص من ربه وانتقاء
214. ... ذو الأيادي مجهز الجيش في العسرة ... والعسر في الخطوب بلاء
215. ... قرشي زاكي الشمائل وضاح ... محيا مهذب معطاء
216. ... أكتسبته شهادة الدار في الله ... حياة وهكذا الشهداء
217. ... وبجاه الأمير حيدرة الكرار ... من حبه لروحي جلاء
218. ... الوصي السامي الذرى كافل الزهراء ... نعم الوصي والزهراء
219. ... أسد الله سيد الآل مخطوب ... المعالي وللعلي العلاء
220. ... أنبأتنا الأنباء عن قدره العالي ... ويكفي للموقن الأنباء
221. ... كم شهدنا لعزمه خارقات ... شاكل المعجزات منها المضاء
222. ... قال ذو الحقد مادح الصهر أطراه ... ونزر في مدحه الإطراء
223. ... قد رأينا العلياء تعلي رجالا ... وعلي تعلو به العلياء
224. ... حينما استعرض الصفوف ببدر كر من عضبه عليهم وباء
225. ... ودحا الباب يوم خيبر فالحصن ... تداعى وانهز منه البناء
226. ... باب علم الرسول ذخري أو السبطين ... عزمي إذ تثقل الأعباء
227. ... كم أناديه والنوائب ليل ... مدلهم فيعتريها انجلاء
228. ... حسدته أولو الضغائن حقدا ... وكثيرا ما تحسد الحسناء
229. ... وبجاه السبطين شبليه عيني ... عصبة فوقها أستدير العباء
230. ... سيدي سادة الائمة والكل ... لعمري أئمة نجباء
231. ... أمة من بني النبي استظلت ... بحماها الأبدال والنقباء
232. ... حسرتي هم طول المدى ولكم من حسرات ماتت بها كرماء
233. ... آه والوعتي عليهم إذا ما ... خطرت لي البقيع أو كربلاء
234. ... ذو احتراق إذ يذكر النجف الأشرف ... قلبي المضنى وسامراء
235. ... فرقتهم يد التجلي فطوس ... دارهم والبطاح والزوراء
236. ... شرفوا كل بقعة قدسوها ... ومع الله صبحهم والمساء
237. ... وبجاه الأمير خالد سيف الله ... من صح لي إليه انتماء
238. ... ألهزبر الفحل الذي أيد الدين ... ولانت بسيفه الأقسياء
239. ... والذي دوخ الألى من أولي الردة فاستسلموا له ثم فاؤا
240. ... والذي عز في فتوحاته الأقطار دين الهدى وطال اللواء
241. ... وبجاه الصحب الكرام جميعا ... نعم جيش النبي والرفقاء
242. ... قلبتهم يد الرسالة نورا ... بعد عتم وهذه الكيمياء
243. ... أسد الله والذي لأجل الله ... منهم طوعا أبيح الدماء
244. ... شيدوا الدين بالمواضي وهدوا ما بناه من الغوى القدماء
245. ... ومضوا إذ قضوا كراما بأصحاب ... النبيين ما لهم أكفاء
246. ... كم ببدر من حزبهم لاح بدر ... يتجلى سماؤه البيداء
247. ... كم حنين لصفهم بحنين ... ناب ظهر العدا به إحناء
248. ... وبحدب لهم مخضبة الأطراف ... بيض كم قومت حدباء
249. ... جاء منهم كالأنبياء رجال ... ما لوتها عن ربها الأشياء
250. ... وبجاه الأئمة الغر من عنهم ... أتتنا الشريعة الغراء
251. ... علماء الكتاب والسنة البيضاء ... أعيان ديننا الفقهاء
252. ... وبجاه المشايخ الزهر من هم ... عظماء الطريقة الأولياء
253. ... سادة هذبوا النفوس بدين الطهر ... طه فانجاب عنها الغطاء
254. ... زهدهم قد زوى الوجودات عنهم ... فلعمري حقا هم العقلاء
255. ... فزعت منهم القلوب إلى الله ... فذكر زمانهم ودعاء
256. ... وصلاة بصدق حال وصوم ... طرق الخوف كله والرجاء
257. ... وبجاه الغوث الكبير الرفاعي ... من تجلت له اليد البيضاء
258. ... سيد ناب عن نبي البرايا ... بشؤن حارت لها النظراء
259. ... علم الشرق كوكب الصدق فياض ... الأيادي والفلذة الخضراء
260. ... مدد يرفع الوضيع وسر ... قد أقيمت بحاله العرجاء
261. ... وخلال حميدة وفيوض ... هي والعارض الملح سواء
262. ... وبأولاده الهداة فهم قوم ... كرام أماجد صلحاء
263. ... بيت مجد إلى علي تعالت ... من ذويه الأبناء والآباء
264. ... شرف ينطح النجوم وصيت ... ملئت من معطاره الأرجاء
265. ... وبجاه انكسار كل محب ... خالص مسه من الحب داء
266. ... بمعان على القلوب أضاءت فاستنارت وزيح عنها الغشاء
267. ... بإشارات كل عبد نزيه ... جذبته للصانع الآلاء(9/46)
268. ... رضي الله كافلا ووليا ... فاطمأنت من سره الأحشاء
269. ... بدموع للعاشقين إذا ... مس فقد كالسحب منها الماء
270. ... بأنين للوالهين لديه ... زفرات تبكي لها الصماء
271. ... بعقول قد أدركت غاية السر ... ومنها لربها إسراء
272. ... بفهوم قد هزها الوجد حتى نطقت من صميمها الخرساء
273. ... بالخفي الجلي ذي الغارة المهدي من عمني به الإهتداء
274. ... مظهر الحق باهر السر من طاب لقلبي بهديه الإقتداء
275. ... وارث المرتضى ومجلى هداه ... من علاه ضمن الظهور الخفاء
276. ... برجال الديوان حيا وميتا ... ولعمري أمواتهم أحياء
277. ... خذ حنانا يا مصطفى بعناني ... فالأعادي لها بشأني اعتناء
278. ... رب إني مدحت عبدك طه ... وبطه يستشفع الفقراء
279. ... نق سري يا رب من كل سوء ... فبسري من زلتي اصداء
280. ... وتدارك عجزي بقدرتك العظمى فإني مطيتي هزلاء
281. ... سار أهل القلوب لله والذنب ... دهاني وهمتي عثراء
282. ... كلما قلت أجتلي النور طمت ... منهجي ظلمة الهوى الظلماء
283. ... تب علي انتصر إلي فإني ... غلبتني الأعداء والأهواء
284. ... وأغثني مما أهم فرأيي ... ضمن سيل الذنوب شيء غثاء
285. ... واجتذبني إلى طريق أمان ... فطريقي فجاجه وعثاء
286. ... أنا عبد قد أثقلتني المعاصي ... وأعنائي وملني النصحاء
287. ... ألغياث الغياث يا رب فالركب ... أمام والعزم مني وراء
288. ... ألغياث الغياث فرج كروبي ... وارض عني فمنك يرجى الرضاء
289. ... يا إلهي هذا الزمان تمادى ... وبدت منه هجمة واعتداء
290. ... كدر الصفو فيه أحقاد قوم ... أقلقتهم بغيها الشحناء
291. ... وقلوب لهم تربع فيها ... قسوة تغلب النهى وجفاء
292. ... ضيق الأرض يا غيور عليهم ... وامض فيهم من القضا ما تشاء
293. ... وأعذني من شر كل حسود ... وقرت في ضميره البغضاء
294. ... واحي قلبي برحمة منك إني ... ما لناري بغيرها إطفاء
295. ... وأفنني بالنبي حتى أراني ... لي فناء بحبه وبقاء
296. ... وأراني له رفيقا وجارا ... منه يجري فضلا علي العطاء
297. ... فهو روح الأرواح سرا وجهرا ... هب من نشره عليها شذاء
298. ... نسجت للألباب منه معان ... روضة في طرازها فيحاء
299. ... هو في الكون نقطة الباء يبدو ... حين يجلى ما افتر عنه الباء
300. ... كم أعاد الباري به من أفانين ... علوم لم يبدها الإبداء
301. ... جاء بالحق والقلوب بها موت ... فعاشت وهزها الإحياء
302. ... وبدا نوره فأصبح للحشر ... منيرا بضوءه يستضاء
303. ... يا إلهي يا واسع الجود يا من ... شأنه الوضع جل والإعلاء
304. ... يا عظيم النوال يا واهب الآمال ... يا من لبابه الإلتجاء
305. ... يا مجيب المضطر حين يناجيه ... ولليل عتمة فحماء
306. ... يا مغيثا بلجة البحر إن ما ... هتفت باسم قدسه الغرقاء
307. ... قد رجوناك فاسبل الستر والطف ... عل يروي ظما القلوب الرواء
308. ... وعلى المصطفى فصل وسلم ... ما استمال الغصن الرطيب هواء
309. ... وانطوى بالخفاء نشر ولاحت ... بارقات لها المعاني غطاء
310. ... وعلى آله الذين اصطفاهم ... ربهم للعلى فهم أصفياء
311. ... سادة الناس أكرم الخلق طرا شرفاء الخلائق الأذكياء
312. ... وعلى السادة الصحابة من هم ... سادتي حين تذكر الأسماء
313. ... ما حدا الركب في المهامه حاد ... هيمته الطلول والأرجاء
314. ... وسرى في عوالم الله سر ... وارتقت في المنابر الخطباء
315. ... واستهلت بشرى بحسن ختام وطوى شقة العناء الرضاء
====================
عيون الأفاعي
حسن إبراهيم الأفندي
كأنّ نجوماً أومضت في الغياهب عيون الأفاعي أو رؤوس العقارب
إذا كان قلب المرء في الأمر حائراً فأضيق من تسعين رحب السباسب
وتشغلني عني وعن كل راحتي مصائب تقفوا مثلها في المصائب
إذا ما أتتني أزمة مدلهمة تحيط بنفسي من جميع الجوانب
تطلبت هل من ناصر أو مساعد ألوذ به من خوف سوء العواقب
فلست أرى الا الذي فلق النوى هو الواحد المعطي كثير المواهب
ومعتصم المكروب في كل غمرة ومنتجع الغفران من كل هائب
مجيب دعا المضطر عند دعائه ومنقذه من معضلات النوائب
معيد الورى في زجرة بعد موتهم لفصل حقوق بينهم ومطالب
ففي ذلك اليوم العصيب ترى الورى سكارى ولا سكر بهم من مشارب
حفاة عراة خاشعين لربهم فيا ويح ذي ظلم رهين المطالب
فيأتوا لنوح والخليل وآدم وموسى وعيسى عند تلك المتاعب
لعلهمُ أن يشفعوا عند ربهم لتخليصهم من معضلات المصاعب
فما كان يغني عنهموا عند هذه نبي ولم يظفرهمُ بالمآرب
هناك رسول الله يأتي لربه ليشفع لتخليص الورى من متاعب
فيرجع مسرورا ً بنيل طلابه أصاب من الرحمن أعلى المراتب
سلالة إسماعيل والعرق نازع وأشرف بيت من لؤي بن غالب
بشارة عيسى والذي عنه عبروا بشدة بأس بالضحوك المحارب
ومن أخبروا عنه بأن ليس خلقه بفظ وفي الأسواق ليس بصاخب
ودعوة إبراهيم عند بنائه بمكة بيتا فيه نيل الرغائب(9/47)
جميل المحيا أبيض الوجه ربعة جليل كراديس أزج الحواجب
صبيح مليح أدعج العين أشكل فصيح له الاعجام ليس بشائب
وأحسن خلق الله خلقا وخلقة وأنفعهم للناس عند النوائب
وأجود خلق الله صدراً ونائلا ً وأبسطهم كفا على كل طالب
وأعظم حر للمعالي نهوضه إلى المجد سام للعظائم خاطب
ترى أشجع الفرسان لاذ بظهره إذا احمرّ بأس في بئيس المواجب
وآذه قوم من سفاهة عقلهم ولم يذهبوا من دينه بمذاهب
فما زال يدعو ربه لهداهم وإن كان قد قاسى أشد المتاعب
وما زال يعفو قادراً عن مسيئهم كما كان منه عند جبذة جاذب
وما زال طول العمر لله معرضاً عن البسط في الدنيا وعيش المزارب
بديع كمال في المعالي فلا امرء يكون له مثلا ولا بمقارب
أتانا مقيم الدين من بعد فترة وتحريف أديان وطول مشاغب
فيا ويل قوم يشركون بربهم وفيهم صنوف من وخيم المثالب
ودينهمُ ما يفترون برئيهم كتحريم حام واختراع السوائب
ويا ويل قوم حرفوا دين ربهم وأفتوا بمصنوع لحفظ المناصب
ويا ويل قوم من أطرى بوصف فسماه رب الخلق إطراء خائب
ويا ويل قوم قد أبار نفوسهم تكلف تزويق وحب الملاعب
ويا ويل قوم قد أخف عقولهم تجبر كسرى واصطلام الضرائب
فأدركهم في ذاك رحمة ربنا وقد أوجبوا منه أشد المعائب
فأرسل من عليا قريش نبيه ولم يك فيما قد بلوه بكاذب
ومن قبل هذا لم يخالط مداس أل يهود ولم يقرأ لهم خط كاتب
فأوضح منهاج الهدى لمن اهتدى ومنّ بتعليم على كل راغب
وأخبر عن بدء السماء لهم وعن مقام مخوف بين أيدي المحاسب
وعن حكم رب العرش فيما يعينهم وعن حكم تروى بحكم التجارب
وأبطل أصناف الخنى وأبادها وأصناف بغي للعقوبة جالب
وبشر من أعطى الرسول قياده بجنة تنعيم وحور كواعب
وأوعد من يأبى عبادة ربه عقوبة ميزان وعيشة قاطب
فأنجى به من شاء ربي نجاته ومن خاب فلتندبه شر النوادب
فأشهد أن الله أرسل عبده بحق ولا شيء هناك برائب
وقد كان نورالله فينا لمهتد وصمصام تدمير على كل ناكب
وأقوى دليل عند من تم عقله على أن شرب الشرع أصفى المشارب
تواطىء عقول في سلامة فكره على كل ما يأتي به من مطالب
سماحة شرع في رزانة شرعة وتحقيق حق في إشارة حاجب
مكارم أخلاق وإتمام نعمة نبوة تأليف وسلطان غالب
نصدق دين المصطفى بقلوبنا على بينات فهمها من غرائب
براهين حق أوضحت صدق قوله رواها ويروي كل شب وشائب
ومن ذاك كم أعطى الطعام لجائع وكم مرة أسقى الشراب لشارب
وكم من مريض قد شفي من دعائه وإن كان قد أشفى لوجبة واجب
ودرت له شاة لدى أم معبد حليبا ولا تسطاع حلبة حالب
وقد ساخ في أرض حصان سراقة وفيه حديث عن براء بن عازب
وقد فاح طيبا كف من مس كفه وماحلّ رأسا جنس شيب الذوائب
وألقى شقي القوم فرث جزورهم على ظهره والله ليس بعازب
فألقوا ببدر في قليب مخبث وعم جميع القوم شؤم المداعب
وأخبر أن أعطاه مولاه نصرة ورعبا الى شهر مسيرة سارب
فأوفاه وعد الرعب والنصر عاجلا وأعطى له فتح التبوك ومآرب
وأخبر عنه أن سيبلغ ملكه إلى ما رأى من مشرق ومغارب
فأسبل رب الأرض بعد نبيه فتوحا تواري مالها من مناكب
وكلمه الأحجار والعجم والحصى وتكليم هذا النوع ليس برائب
وحن له الجذع القديم تحزنا فإن فراق الحب أدهى المصائب
وأعجب تلك البدر ينشق عنده وما هو في إعجازه من عجائب
وشق له جبريل باطن صدره لغسل سواد بالسويداء لازب
وأسرى على متن البراق إلى السما فيا خير مركوب ويا خير راكب
وراعت بليغ الآي كل مجادل خصيم تمادى في مراء المطالب
براعة أسلوب وعجز معارض بلاغة أقوال وأخبار غائب
وسمّاه رب الخلق أسماء مدحة تبيّن ما أعطى له من مناقب
رؤوف رحيم أحمد ومحمد مقفى ومفضال يسمى بعاقب
إذا ما أثاروا فتنة جاهلية يقود ببحر زاخر من كتائب
يقوم لدفع البأس أسرع قومه بجيش من الأبطال غر السلاهب
أشداء يوم البأس من كل باسل ومن كل قرم بالأسنة لاعب
توارث إقداما ونبلا وجرأة نفوسهمُ من أمهات نجائب
جزى الله أصحاب النبي محمد جميعا كما كانوا له خير صاحب
وآل رسول الله لازال أمرهم قويما على إرغام أنف النواصب
ثلاث خصال من تعاجيب ربنا نجابة أعقاب لوالد طالب
خلافة عباس ودين نبينا تزايد في الأقطار من كل جانب
يؤيد دين الله في كل دورة عصائب تتلو مثلها من عصائب
فمنهم رجال يدفعون عدوهم بسمر القنا والمرهفات القواضب
ومنهم رجال يغلبون عدوهم بأقوى دليل مفحم للمغاضب
ومنهم رجال بينوا شرع ربنا وما كان فيه من حرام وواجب
ومنهم رجال يدرسون كتابه بتجويد ترتيل وحفظ مراتب
ومنهم رجال فسروه بعلمهم وهم علمونا ما به من غرائب
ومنهم رجال بالحديث تولعوا وما كان فيه من صحيح وذاهب
ومنهم رجال مخلصون لربهم بأنفسهم خصب البلاد الأجادب
ومنهم رجال يهتدى بعظاتهم قيام إلى دين من الله واصب
على الله رب الناس حسن جزاءهم بما لا يوافي عده ذهن حاسب
فمن شاء فليذكر جمال بثينة ومن شاء فليغزل بحب الربائب
سأذكر حبي للحبيب محمد إذا وصف العشاق حب الحبائب
ويبدو محياه لعيني في الكرى بنفسي أفدّيه إذاً والأقارب(9/48)
وتدركني في ذكره قشعريرة من الوجد لا يحويه علم الأجانب
وألفي لروحي عند ذلك هزة وأنسا وروحا فيه وثبة واثب
وإنك أعلى المرسلين مكانة وأنت لهم شمس وهم كالثواقب
وصل إلهي كلما ذرّ شارق على خاتم الرسل الكرام الأطايب
========================
كشف الغمة في مدح سيد الأمة
محمود سامي البارودي
1255-1322 هـ / 1839-1904 م
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري، أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).
نسبته إلى (إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.
ورحل إلى الآستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.
الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.
ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.
حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.
أما شعره فيصح اتخاذه فاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.
له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.
كشف الغمة في مدح سيد الأمة
يا رَائِدَ البَرقِ يَمّمْ دارَةَ العَلَمِ ... وَاحْدُ الغَمامَ إِلى حَيٍّ بِذِي سَلَمِ
وَإِن مَرَرتَ عَلى الرَّوحَاءِ فَامْرِ لَها ... أَخلافَ سارِيَةٍ هَتّانَةِ الدِّيَمِ
مِنَ الغِزارِ اللَّواتي في حَوالِبِها ... رِيُّ النَّواهِلِ مِن زَرعٍ وَمِن نَعَمِ
إِذا استَهَلَّت بِأَرضٍ نَمْنَمَتْ يَدُهَا ... بُرْداً مِنَ النَّوْرِ يَكسُو عارِيَ الأَكَمِ
تَرى النَّباتَ بِها خُضْراً سَنابِلُهُ ... يَختَالُ في حُلَّةٍ مَوشِيَّةِ العَلَمِ
أَدعُو إِلى الدَّارِ بِالسُّقيا وَبِي ظَمَأٌ ... أَحَقُّ بِالرِّيِّ لَكِنّي أَخُو كَرَمِ
مَنازِلٌ لِهَواها بَينَ جانِحَتي ... وَدِيعَةٌ سِرُّها لَمْ يَتَّصِلْ بِفَمِي
إِذا تَنَسَّمتُ مِنها نَفحَةً لَعِبَت ... بِيَ الصَبابَةُ لِعبَ الريحِ بِالعَلَمِ
أَدِر عَلى السَّمعِ ذِكراها فَإِنَّ لَها ... في القَلبِ مَنزِلَةً مَرعِيَّةَ الذِمَمِ
عَهدٌ تَوَلّى وَأَبقى في الفُؤادِ لَهُ ... شَوقاً يَفُلُّ شَباةَ الرَأيِ وَالهِمَمِ
إِذا تَذَكَّرتُهُ لاحَت مَخائِلُهُ ... لِلعَينِ حَتّى كَأَنّي مِنهُ في حُلُمِ
فَما عَلى الدَّهرِ لَو رَقَّت شَمائِلُهُ ... فَعادَ بِالوَصل أَو أَلقَى يَدَ السَّلَمِ
تَكاءَدَتني خُطُوبٌ لَو رَمَيتُ بِها ... مَناكِبَ الأَرض لَم تَثبُتْ عَلى قَدَمِ
في بَلدَةٍ مِثلِ جَوفِ العَير لَستُ أَرى ... فيها سِوَى أُمَمٍ تَحنُو عَلَى صَنَمِ
لا أَستَقِرُّ بِها إِلاّ عَلى قَلَقٍ ... وَلا أَلَذُّ بِها إِلاّ عَلَى أَلَمِ
إِذا تَلَفَّتُّ حَولي لَم أَجد أَثَراً ... إِلا خَيالي وَلَم أَسمَع سِوى كَلِمي
فَمَن يَرُدُّ عَلى نَفسي لُبانَتَها ... أَو مَن يُجيرُ فُؤادِي مِن يَدِ السَّقَمِ
لَيتَ القَطا حِينَ سارَت غُدوَةً حَمَلَت ... عَنّي رَسائِلَ أَشواقي إِلى إِضَمِ
مَرَّت عَلَينا خِمَاصاً وَهيَ قارِبَةٌ ... مَرَّ العَواصِفِ لا تَلوي عَلى إِرَمِ
لا تُدركُ العَينُ مِنها حينَ تَلمَحُها ... إِلا مِثالاً كَلَمْعِ البَرقِ في الظُّلَمِ
كَأَنَّها أَحرُفٌ بَرقِيَّةٌ نَبَضَت ... بِالسِّلكِ فَانتَشَرَت فِي السَّهل وَالعَلَمِ
لا شَيءَ يَسبِقُها إِلاّ إِذا اِعتَقَلَت ... بَنانَتي في مَديحِ المُصطَفى قَلَمِي
مُحَمَّدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّذي خَضَعَت ... لَهُ البَرِيَّةُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ
سَميرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَةٍ وَنَدى ... سَماحَةٍ وَقِرى عافٍ وَرِيُّ ظَمِ
قَد أَبلَغَ الوَحيُ عَنهُ قَبلَ بِعثَتِهِ ... مَسامِعَ الرُسلِ قَولاً غَيرَ مُنكَتِمِ
فَذاكَ دَعوَةُ إِبراهيمَ خالِقَهُ ... وَسِرُّ ما قالَهُ عِيسى مِنَ القِدَمِ
أَكرِم بِهِ وَبِآباءٍ مُحَجَّلَةٍ ... جاءَت بِهِ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُمِ
قَد كانَ في مَلَكوتِ اللهِ مُدَّخراً ... لِدَعوَةٍ كانَ فيها صاحِبَ العَلَمِ
نُورٌ تَنَقَّلَ في الأَكوانِ ساطِعُهُ ... تَنَقُّلَ البَدرِ مِن صُلبٍ إِلى رَحِمِ
حَتّى اسْتَقَرَّ بِعَبدِ اللهِ فَاِنبَلَجَت ... أَنوارُ غُرَّتِهِ كَالبَدرِ في البُهُمِ
وَاختارَ آمِنَةَ العَذراءَ صاحِبَةً ... لِفَضلِها بَينَ أَهلِ الحِلِّ وَالحَرَمِ
كِلاهُما فِي العُلا كُفءٌ لِصاحِبِهِ ... وَالكُفءُ في المَجدِ لا يُستامُ بِالقِيَمِ(9/49)
فَأَصبَحَت عِندَهُ في بَيتِ مَكرُمَةٍ ... شِيدَت دَعائِمُهُ في مَنصِبٍ سِنمِ
وَحِينما حَمَلَت بِالمُصطَفى وَضَعَت ... يَدُ المَشيئَةِ عَنها كُلفَةَ الوَجَمِ
وَلاحَ مِن جِسمِها نُورٌ أَضاءَ لَها ... قُصُورَ بُصرى بِأَرضِ الشَّأمِ مِن أمَمِ
وَمُذ أَتى الوَضعُ وَهوَ الرَّفعُ مَنزِلَةً ... جاءَت بِرُوحٍ بِنُورِ اللهِ مُتَّسِمِ
ضاءَت بِهِ غُرَّةُ الإِثنَينِ وَابتَسَمَت ... عَن حُسنِهِ في رَبيعٍ رَوضَةُ الحَرَمِ
وَأَرضَعَتهُ وَلَم تَيأَس حَليمَةُ مِن ... قَولِ المَراضِعِ إِنَّ البُؤسَ في اليَتَمِ
فَفاضَ بِالدَّرِّ ثَدياها وَقَد غَنِيَت ... لَيالياً وَهيَ لَم تطعَم وَلَم تَنَمِ
وَاِنهَلَّ بَعدَ اِنقِطاعٍ رِسْلُ شارِفِها ... حَتّى غَدَت مِن رَفِيهِ العَيشِ في طُعَمِ
فَيَمَّمَت أَهلَها مَملُوءَةً فَرَحاً ... بِما أُتيحَ لَها مِن أَوفَرِ النِّعَمِ
وَقَلَّصَ الجَدبُ عَنها فَهيَ طاعِمَةٌ ... مِن خَيرِ ما رَفَدَتها ثَلَّةُ الغَنَمِ
وَكَيفَ تَمحَلُ أَرضٌ حَلَّ ساحَتَها ... مُحَمَّدٌ وَهوَ غَيثُ الجُودِ وَالكَرَمِ
فَلَم يَزَل عِندَها يَنمُو وَتَكلَؤُهُ ... رِعايَةُ اللهِ مِن سُوءٍ وَمِن وَصَمِ
حَتّى إِذا تَمَّ مِيقاتُ الرَّضاعِ لَهُ ... حَولَينِ أَصبَحَ ذا أَيدٍ عَلَى الفُطُمِ
وَجاءَ كَالغُصنِ مَجدُولاً تَرِفُّ عَلى ... جَبِينِهِ لَمحاتُ المَجدِ وَالفَهَمِ
قَد تَمَّ عَقلاً وَما تَمَّت رَضاعَتُهُ ... وَفاضَ حِلماً وَلَم يَبلُغ مَدى الحُلُمِ
فَبَينَما هُوَ يَرعى البَهْمَ طافَ بِهِ ... شَخصانِ مِن مَلَكوتِ اللهِ ذي العِظَمِ
فَأَضجَعاهُ وَشَقّا صَدرَهُ بِيَدٍ ... رَفِيقَةٍ لَم يَبِت مِنها عَلى أَلَمِ
وَبَعدَ ما قَضَيا مِن قَلبِهِ وَطَراً ... تَوَلَّيا غَسلَهُ بِالسَّلسَلِ الشَّبِمِ
ما عالَجا قَلبَهُ إِلا لِيَخلُصَ مِن ... شَوبِ الهَوى وَيَعِي قُدسِيَّةَ الحِكَمِ
فَيا لَها نِعمَةً للهِ خَصَّ بِها ... حَبيبَهُ وَهوَ طِفلٌ غَيرُ مُحتَلِمِ
وَقالَ عَنهُ بَحِيرا حِينَ أَبصَرَهُ ... بِأَرْضِ بُصرى مَقالاً غَيرَ مُتَّهَمِ
إِذ ظَلَّلَتهُ الغَمامُ الغُرُّ وَانهَصَرَت ... عَطفاً عَلَيهِ فُروعُ الضَّالِ وَالسَّلَمِ
بِأَنَّهُ خاتَمُ الرُّسلِ الكِرامِ وَمَن ... بِهِ تَزُولُ صُرُوفُ البُؤسِ وَالنِّقَمِ
هَذا وَكَم آيَةٍ سارَت لَهُ فَمَحَت ... بِنُورِها ظُلمَةَ الأَهوالِ وَالقُحَمِ
ما مَرَّ يَومٌ لَهُ إِلا وَقَلَّدَهُ ... صَنائِعاً لَم تَزَل فِي الدَّهرِ كَالعَلَمِ
حَتّى اسْتَتَمَّ وَلا نُقصانَ يَلحَقُهُ ... خَمساً وَعِشرِينَ سِنُّ البارِعِ الفَهِمِ
وَلَقَّبَتهُ قُرَيشٌ بِالأَمينِ عَلى ... صِدقِ الأَمانَةِ وَالإِيفاءِ بِالذِّمَمِ
وَدَّت خَديجَةُ أَن يَرعى تِجارَتَها ... وِدادَ مُنتَهِزٍ لِلخَيرِ مُغتَنِمِ
فَشَدَّ عَزمَتَها مِنهُ بِمُقتَدِرٍ ... ماضِي الجِنانِ إِذا ما هَمَّ لَم يخمِ
وَسارَ مُعتَزِماً لِلشَّأمِ يَصحَبُهُ ... في السَّيرِ مَيسُرَةُ المَرضِيُّ فِي الحَشَمِ
فَما أَناخَ بِها حَتّى قَضى وَطَراً ... مِن كُلِّ ما رَامَهُ في البَيعِ وَالسَّلَمِ
وَكَيفَ يَخسَرُ مَن لَولاهُ ما رَبِحَت ... تِجارَةُ الدِّينِ في سَهلٍ وَفِي عَلَمِ
فَقَصَّ مَيسُرَةُ المَأمونُ قِصَّتَهُ ... عَلَى خَديجَةَ سَرداً غَيرَ مُنعَجِمِ
وَما رَواهُ لَهُ كَهلٌ بِصَومَعَةٍ ... مِنَ الرَّهابينِ عَن أَسلافِهِ القُدُمِ
في دَوحَةٍ عاجَ خَيرُ المُرسَلينَ بِها ... مِن قَبل بعثَتِهِ لِلعُربِ وَالعَجَمِ
هَذا نَبِيٌّ وَلَم يَنزِل بِساحَتِها ... إِلا نَبيٌّ كَريمُ النَّفسِ وَالشِّيَمِ
وَسِيرَةَ المَلَكَينِ الحائِمَينِ عَلى ... جَبِينِهِ لِيُظِلاَّهُ مِنَ التّهَمِ
فَكانَ ما قَصَّهُ أَصلاً لِما وَصَلَت ... بِهِ إِلى الخَيرِ مِن قَصدٍ وَمُعتَزَمِ
أَحسِن بِها وصلَةً في اللَّهِ قَد أَخَذَت ... بِها عَلى الدَّهرِ عَقداً غَيرَ مُنفَصِمِ
فَأَصبَحا في صَفاءٍ غَير مُنقَطِعٍ ... عَلى الزَّمانِ وَوِدٍّ غَير مُنصَرِمِ
وَحِينَما أَجمَعَت أَمراً قُرَيشُ عَلى ... بِنايَةِ البَيتِ ذي الحُجّابِ وَالخَدَمِ
تَجَمَّعَت فِرَقُ الأَحلافِ وَاقتَسَمَت ... بِناءَهُ عَن تَراضٍ خَيرَ مُقتَسَمِ
حَتّى إِذا بَلَغَ البُنيانُ غايَتَهُ ... مِن مَوضِعِ الرُّكنِ بَعدَ الكَدِّ وَالجشَمِ
تَسابَقوا طَلَباً لِلأَجرِ وَاِختَصَمُوا ... فِيمَن يَشُدُّ بِناهُ كُلَّ مُختَصَمِ
وَأَقسَمَ القَومُ أَن لا صُلحَ يَعصِمُهُم ... مِن اقتِحامِ المَنايا أَيّما قَسَمِ
وَأَدخَلوا حينَ جَدَّ الأَمرُ أَيدِيَهُم ... لِلشَرِّ في جَفنَةٍ مَملُوءَةٍ بِدَمِ
فَقالَ ذُو رَأيِهِم لا تَعجَلُوا وَخُذُوا ... بِالحَزم فَهوَ الَّذي يَشفِي مِنَ الحَزَمِ
لِيَرضَ كُلُّ امرِئٍ مِنّا بِأَوَّلِ مَن ... يَأتي فَيَقسِطُ فِينا قِسطَ مُحتَكِمِ(9/50)
فَقالَ كُلٌّ رَضينا بِالأَمينِ عَلَى ... عِلمٍ فَأَكرِم بِهِ مِن عادِلٍ حَكَمِ
فَكانَ أَوَّلَ آتٍ بَعدَما اتَّفَقُوا ... مُحَمَّدٌ وَهوَ في الخَيراتِ ذُو قَدَمِ
فَأَعلَمُوهُ بِما قَد كانَ وَاِحتَكَمُوا ... إِلَيهِ في حَلِّ هَذا المُشكِلِ العَمَمِ
فَمَدَّ ثَوباً وَحَطَّ الرُّكنَ في وَسَطٍ ... مِنهُ وَقالَ اِرفَعُوهُ جانِبَ الرَّضَمِ
فَنالَ كُلُّ امرِئٍ حَظّاً بِما حَمَلَت ... يَداهُ مِنهُ وَلَم يَعتِب عَلى القِسَمِ
حَتّى إِذا اِقتَرَبوا تِلقاءَ مَوضِعِهِ ... مِن جانب البَيتِ ذي الأَركان وَالدّعمِ
مَدَّ الرَّسُولُ يَداً مِنهُ مُبارَكَةً ... بَنَتهُ في صَدَفٍ مِن باذِخٍ سَنِمِ
فَليَزدَدِ الرُّكنُ تِيهاً حَيثُ نالَ بِهِ ... فَخراً أَقامَ لَهُ الدُّنيا عَلَى قَدَمِ
لَو لَم تَكُن يَدُهُ مَسَّتهُ حِينَ بَنَى ... ما كانَ أَصبَحَ مَلثُوماً بِكُلِّ فَمِ
يا لَيتَنِي وَالأَمانِي رُبَّما صَدَقَت ... أَحْظَى بِمُعتَنَقٍ مِنهُ وَمُلتَزَمِ
يا حَبَّذا صِبغَةٌ مِن حُسنِهِ أَخَذَت ... مِنْهَا الشَّبِيبَةُ لَونَ العُذرِ وَاللَّمَمِ
كَالخالِ في وَجنَةٍ زِيدَت مَحاسِنُها ... بِنُقطَةٍ مِنهُ أَضعافاً مِنَ القِيَمِ
وَكَيفَ لا يَفخَرُ البَيتُ العَتيقُ بِهِ ... وَقَد بَنَتهُ يَدٌ فَيّاضَةُ النِّعَمِ
أَكرِم بِهِ وازِعاً لَولا هِدايَتُهُ ... لَم يَظهَرِ العَدلُ في أَرضٍ وَلَم يَقُمِ
هَذا الَّذي عَصَمَ اللَّهُ الأَنامَ بِهِ ... مِن كُلِّ هَولٍ مِنَ الأَهوالِ مُختَرِمِ
وَحِينَ أَدرَكَ سِنَّ الأَربَعينَ وَما ... مِن قَبلِهِ مَبلَغٌ لِلعِلمِ وَالحِكَمِ
حَباهُ ذُو العَرشِ بُرهاناً أَراهُ بِهِ ... آيات حِكمَتِهِ في عالَمِ الحُلُمِ
فَكانَ يَمضي لِيَرعى أُنسَ وَحشَتِهِ ... في شاسِعٍ ما بِهِ لِلخَلقِ مِن أَرَمِ
فَما يمُرُّ عَلى صَخرٍ وَلا شَجَرٍ ... إِلّا وَحَيّاهُ بِالتَّسليمِ مِن أَمَمِ
حَتّى إِذا حانَ أَمرُ الغَيبِ وَانحَسَرَت ... أَستارُهُ عَن ضَميرِ اللَوحِ وَالقَلَمِ
نادى بِدَعوَتِهِ جَهراً فَأَسمَعَها ... في كُلِّ ناحِيةٍ مَن كانَ ذا صَمَمِ
فَكانَ أَوَّلُ مَن في الدِّين تابَعَهُ ... خَدِيجَةٌ وَعَلِيٌّ ثابِتُ القَدَمِ
ثُمَّ استَجابَت رِجالٌ دُونَ أُسرَتِهِ ... وَفي الأَباعِدِ ما يُغني عَنِ الرَّحِمِ
وَمَن أَرادَ بِهِ الرَّحمنُ مَكرُمَةً ... هَداهُ لِلرُّشدِ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ
ثُمَّ استَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ مُعتَزِماً ... يَدعُو إلى رَبِّهِ في كُلِّ مُلتَأَمِ
وَالنّاسُ مِنهُم رَشيدٌ يَستَجِيبُ لَهُ ... طَوعاً وَمِنهُم غَوِيٌّ غَيرُ مُحتَشِمِ
حَتّى استَرابَت قُرَيشٌ وَاِستَبَدَّ بِها ... جَهلٌ تَرَدَّت بِهِ في مارِجٍ ضَرِمِ
وَعَذَّبوا أَهلَ دِينِ اللَّهِ وَاِنتَهَكوا ... مَحارِماً أَعقَبَتهُم لَهفَةَ النَّدَمِ
وَقامَ يَدعُو أَبو جَهلٍ عَشِيرَتَهُ ... إِلى الضَّلالِ وَلَم يَجنَح إِلى سَلَمِ
يُبدِي خِدَاعاً ويُخفِي ما تَضَمَّنَهُ ... ضَمِيرُهُ مِن غَراةِ الحِقد وَالسَّدَمِ
لا يَسلَمُ القَلبُ مِن غِلٍّ أَلَمَّ بِهِ ... يَنقى الأَدِيمُ وَيَبقى مَوضِعُ الحَلَمِ
وَالحِقدُ كَالنّارِ إِن أَخفَيتَهُ ظَهَرَت ... مِنهُ عَلائِمُ فَوقَ الوَجهِ كَالحُمَمِ
لا يُبصِرُ الحَقَّ مَن جَهلٌ أَحاطَ بِهِ ... وَكَيفَ يُبصِرُ نُورَ الحَقِّ وَهوَ عَمِ
كُلُّ امرِئٍ وَاجِدٌ ما قَدَّمَت يَدُهُ ... إِذا اِستَوى قائِماً مِن هُوَّةِ الأَدَمِ
وَالخَيرُ وَالشَّرُّ في الدُّنيا مُكافَأَةٌ ... وَالنَّفسُ مَسؤولَةٌ عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
فَلا يَنَم ظالِمٌ عَمّا جَنَت يَدُهُ ... عَلى العِبادِ فَعَينُ اللَّهِ لَم تَنَمِ
وَلَم يَزَل أَهلُ دِين اللَّهِ في نَصَبٍ ... مِمّا يُلاقُونَ مِن كَربٍ وَمِن زَأَمِ
حَتّى إِذا لَم يَعُد في الأَمر مَنزَعَةٌ ... وَأَصبَحَ الشَّرُّ جَهراً غَيرَ مُنكَتِمِ
سارُوا إِلى الهِجرَةِ الأُولى وَما قَصَدوا ... غَيرَ النَّجاشِيِّ مَلكاً صادِقَ الذِّمَمِ
فَأَصبَحُوا عِندَهُ في ظِلِّ مَملَكَةٍ ... حَصِينَةٍ وذِمامٍ غَيرِ مُنجَذِمِ
مَن أَنكَرَ الضَّيمَ لَم يَأنَس بِصُحبَتِهِ ... وَمَن أَحاطَت بِهِ الأَهوالُ لَم يُقِمِ
وَمُذ رَأى المُشرِكون الدّين قَد وضَحَت ... سَماؤُهُ وَاِنجَلَت عَن صِمَّةِ الصِّمَمِ
تَأَلَّبُوا رَغبَةً في الشَّرِّ وَائتَمَرُوا ... عَلى الصَّحيفَةِ مِن غَيظٍ وَمِن وَغَمِ
صَحِيفَةٌ وَسَمَت بِالغَدرِ أَوجُهَهُم ... وَالغَدرُ يَعلَقُ بِالأَعراضِ كَالدَّسَمِ
فَكَشَّفَ اللَّهُ مِنها غُمَّةً نَزَلَت ... بِالمُؤمِنينَ وَرَبِّي كاشِفُ الغُمَمِ
مَن أَضمَرَ السُّوءَ جازاهُ الإِلَهُ بِهِ ... وَمَن رَعى البَغْيَ لَم يَسْلَم مِنَ النِّقَمِ
كَفى الطُّفَيلَ بنَ عَمرٍو لُمعَةٌ ظَهَرَت ... فِي سَوطِهِ فَأَنارَت سُدْفَةَ القَتَمِ(9/51)
هَدى بِها اللَّهُ دَوساً مِن ضَلالَتِها ... فَتابَعَت أَمرَ داعِيها وَلَم تَهِمِ
وَفِي الإِراشِيِّ لِلأَقوامِ مُعتَبَرٌ ... إِذْ جاءَ مَكَّةَ فِي ذَودٍ مِنَ النَّعَمِ
فَباعَها مِن أَبي جَهلٍ فَماطَلَهُ ... بِحَقِّهِ وَتَمادى غَيرَ مُحتَشِمِ
فَجاءَ مُنتَصِراً يَشكُو ظُلامَتَهُ ... إِلى النَّبِيِّ ونِعمَ العَونُ في الإِزَمِ
فَقامَ مُبتَدِراً يَسعى لِنُصرَتِهِ ... وَنُصرَةُ الحَقِّ شَأنُ المَرءِ ذِي الهِمَمِ
فَدَقَّ بابَ أَبي جَهلٍ فَجاءَ لَهُ ... طَوعاً يَجُرُّ عِنانَ الخائِفِ الزَّرِمِ
فَحِينَ لاَقَى رَسُولَ اللَّهِ لاَحَ لَهُ ... فَحْلٌ يَحُدُّ إِلَيهِ النَّابَ مِن أَطَمِ
فَهالَهُ ما رَأى فَارتَدَّ مُنزَعِجاً ... وَعادَ بِالنَّقدِ بَعدَ المَطلِ عَن رَغَمِ
أَتِلكَ أَمْ حِينَ نادى سَرْحَةً فَأَتَت ... إِلَيهِ مَنشُورَةَ الأَغصانِ كَالجُمَمِ
حَنَّت عَلَيهِ حُنُوَّ الأُمِّ مِن شَفَقٍ ... وَرَفرَفَت فَوقَ ذاكَ الحُسنِ مِن رَخَمِ
جاءَتهُ طَوعاً وَعادَت حينَ قالَ لَها ... عُودِي وَلو خُلِّيَتْ لِلشَّوقِ لَم تَرِمِ
وَحَبَّذا لَيلَةُ الإِسراءِ حِينَ سَرى ... لَيلاً إِلى المَسجِدِ الأَقصى بِلا أَتَمِ
رَأَى بِهِ مِن كِرامِ الرُّسلِ طائِفَةً ... فَأَمَّهُم ثُمَّ صَلَّى خاشِعاً بِهِمِ
بَل حَبَّذا نَهضَةُ المِعراجِ حينَ سَما ... بِهِ إِلى مَشهَدٍ في العزِّ لَم يُرَمِ
سَما إِلى الفَلَك الأَعلى فَنالَ بِهِ ... قَدراً يَجِلُّ عَن التَّشبيهِ في العِظَمِ
وَسارَ في سُبُحاتِ النُّورِ مُرتَقِياً ... إِلى مَدارِجَ أَعيَت كُلَّ مُعتَزِمِ
وَفازَ بِالجَوهَرِ المَكنونِ مِن كَلِمٍ ... لَيسَت إِذا قُرِنَت بِالوَصفِ كَالكَلِمِ
سِرٌّ تَحارُ بِهِ الأَلبابُ قاصِرَةً ... وَنِعمَةٌ لَم تَكُن في الدَّهرِ كَالنِّعَمِ
هَيهاتَ يَبلُغُ فَهمٌ كُنهَ ما بَلَغَت ... قُرباهُ مِنهُ وَقَد ناجاهُ مِن أَمَمِ
فَيا لَها وصلَةً نالَ الحَبيبُ بِها ... ما لَم يَنَلهُ مِنَ التَّكريمِ ذُو نَسَمِ
فاقَت جَميعَ اللَّيالي فَهيَ زاهِرَةٌ ... بِحُسنِها كَزُهُورِ النّارِ في العَلَمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلى ... عِبادِهِ وَهَداهُم واضِحَ اللَّقَمِ
فَسارَعُوا نَحوَ دِينِ اللَّهِ وَانتَصَبُوا ... إِلى العِبادَةِ لا يَألُونَ مِن سَأَمِ
وَلَم يَزَل سَيِّدُ الكَونَينِ مُنتَصِباً ... لِدَعوَةِ الدِّين لَم يَفتر وَلَم يَجِمِ
يَستَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ ... وَيَنشُرُ الدِّينَ في سَهلٍ وَفي عَلَمِ
حَتّى اسْتَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاعْتَصَمُوا ... بِحَبلِهِ عَن تَراضٍ خَيرَ مُعتَصمِ
فَاستَكمَلَت بِهِمُ الدُنيا نَضارَتَها ... وَأَصبَحَ الدينُ في جَمعٍ بِهِم تَمَمِ
قَومٌ أَقَرُّوا عِمادَ الحَقِّ وَاصطَلَمُوا ... بِيَأسِهِم كُلَّ جَبَّارٍ وَمُصطَلِمِ
فَكَم بِهِم أَشرَقَت أَستارُ داجِيَةٍ ... وَكَم بِهِم خَمَدَت أَنفاسُ مُختَصِمِ
فَحينَ وافى قُرَيشاً ذِكرُ بَيعَتِهِم ... ثارُوا إِلى الشَّرِّ فِعلَ الجاهِلِ العَرِمِ
وَبادَهُوا أَهلَ دِينِ اللَهِ وَاهتَضَمُوا ... حُقُوقَهُم بِالتَّمادِي شَرَّ مُهتَضَمِ
فَكَم تَرى مِن أَسيرٍ لا حِراكَ بِهِ ... وَشارِدٍ سارَ مِن فَجٍّ إِلى أَكَمِ
فَهاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُم ... سيرُوا إِلى طَيْبَةَ المَرعِيَّةِ الحُرَمِ
وَظَلَّ في مَكَّةَ المُختارُ مُنتَظِراً ... إِذْناً مِنَ اللهِ في سَيرٍ وَمُعتَزَمِ
فَأَوجَسَت خيفَةً مِنهُ قُرَيشُ وَلَم ... تَقبَلْ نَصِيحاً وَلَم تَرجِعْ إِلى فَهَمِ
فَاستَجمَعَت عُصَباً في دارِ نَدوَتِها ... تَبغي بِهِ الشَّرَّ مِن حِقدٍ وَمِن أَضَمِ
وَلَو دَرَتْ أَنَّها فِيما تُحاوِلُهُ ... مَخذولَةٌ لَم تَسُمْ في مَرتَعٍ وَخِمِ
أَولى لَها ثُمَ أَولى أَن يَحيقَ بِها ... ما أَضمَرَتهُ مِنَ البَأساءِ وَالشَّجَمِ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ أُولي فِطَنٍ ... بَاعُوا النُّهَى بِالعَمَى وَالسَّمْعَ بِالصَّمَمِ
يَعْصُونَ خالِقَهُم جَهلاً بِقُدرَتِهِ ... وَيَعكُفُونَ عَلَى الطَّاغُوتِ وَالصَّنَمِ
فَأَجمَعُوا أَمرَهُم أَن يَبْغتُوهُ إِذا ... جَنَّ الظَّلامُ وَخَفَّت وَطْأَةُ القَدَمِ
وَأَقبَلُوا مَوهِناً في عُصبَةٍ غُدُرٍ ... مِنَ القَبائِلِ باعُوا النَّفسَ بِالزَّعَمِ
فَجاءَ جِبريلُ لِلهادِي فَأَنبأَهُ ... بِما أَسَرُّوهُ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
فَمُذ رَآهُم قِياماً حَولَ مَأمَنِهِ ... يَبغُونَ ساحَتَهُ بِالشَّرِّ وَالفَقَمِ
نادى عَلِيّاً فَأَوصاهُ وَقالَ لَهُ ... لا تَخشَ وَالبَس رِدائي آمِناً وَنَمِ
وَمَرَّ بِالقَومِ يَتْلُو وَهْوَ مُنصَرِفٌ ... يَس وَهيَ شِفاءُ النَّفسِ مِن وَصَمِ
فَلَم يَرَوهُ وَزاغَت عَنهُ أَعيُنُهُم ... وَهَل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَمِ(9/52)
وَجاءَهُ الوَحيُ إِيذاناً بِهِجرَتِهِ ... فَيَمَّمَ الغارَ بِالصِّدِّيقِ في الغَسَمِ
فَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَتّى تَبَوَّأَهُ ... مِنَ الحَمائِمِ زَوجٌ بارِعُ الرَّنَمِ
بَنى بِهِ عُشَّهُ وَاحْتَلَّهُ سَكَناً ... يَأوي إِلَيهِ غَداةَ الرِّيحِ وَالرَّهَمِ
إِلفانِ ما جَمَعَ المِقدارُ بَينَهُما ... إِلّا لِسِرٍّ بِصَدرِ الغَارِ مُكْتَتَمِ
كِلاهُما دَيدَبانٌ فَوقَ مَربأَةٍ ... يَرعَى المَسالِكَ مِن بُعدٍ وَلَم يَنَمِ
إِن حَنَّ هَذا غَراماً أَو دَعا طَرَباً ... بِاسمِ الهَديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
يَخالُها مَن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ ... في وَكرِها كُرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ
إِن رَفرَفَت سَكَنَت ظِلّاً وَإِن هَبَطَت ... رَوَت غَليلَ الصَّدى مِن حائِرٍ شَبِمِ
مَرقُومَةُ الجِيدِ مِن مِسكٍ وَغالِيَةٍ ... مَخضُوبَةُ الساقِ وَالكَفَّينِ بِالعَنَمِ
كَأَنَّما شَرَعَت في قانِئٍ سربٍ ... مِن أَدمُعِي فَغَدَت مُحمَرَّةَ القَدَمِ
وَسَجفَ العَنكَبُوتُ الغارَ مُحتَفِياً ... بِخَيمَةٍ حاكَها مِن أَبدَعِ الخِيَمِ
قَد شَدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَت وَرَسَت ... بِالأَرضِ لَكِنَّها قامَت بِلا دِعَمِ
كَأَنَّها سابِريٌّ حاكَهُ لَبِقٌ ... بِأَرضِ سابُورَ في بحبُوحَةِ العَجَمِ
وَارَت فَمَ الغارِ عَن عَينٍ تُلِمُّ بِهِ ... فَصارَ يَحكي خَفاءً وَجهَ مُلتَثِمِ
فَيا لَهُ مِن سِتارٍ دُونَهُ قَمَرٌ ... يَجلُو البَصائِرَ مِن ظُلمٍ وَمِن ظُلَمِ
فَظَلَّ فيهِ رَسولُ اللَّهِ مُعتَكِفاً ... كَالدُرِّ في البَحر أَو كَالشَّمْسِ في الغَسَمِ
حَتّى إِذا سَكَنَ الإِرْجَافِ وَاحْتَرقَت ... أَكْبَادُ قَومٍ بِنَارِ اليَأسِ وَالوَغَمِ
أَوحى الرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيلِ إِلى ... مَن عِندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِن حَشَمِ
وَسارَ بَعدَ ثَلاثٍ مِن مَباءَتِهِ ... يَؤُمُّ طَيْبَةَ مَأوى كُلِّ مُعتَصِمِ
فَحِينَ وَافى قُدَيداً حَلَّ مَوكِبُهُ ... بِأُمِّ مَعبَدَ ذاتِ الشَّاءِ وَالغَنَمِ
فَلَم تَجِد لِقِراهُ غَيرَ ضائِنَةٍ ... قَدِ اقشَعَرَّت مَراعِيها فَلَم تَسُمِ
فَما أَمَرَّ عَلَيها داعِياً يَدَهُ ... حَتّى اسْتَهَلَّت بِذِي شَخبَيْنِ كَالدِّيَمِ
ثُمَّ استَقَلَّ وَأَبقى في الزَّمانِ لَها ... ذِكراً يَسيرُ عَلَى الآفاق كَالنَّسَمِ
فَبَينَما هُوَ يَطوي البِيدَ أَدرَكَهُ ... رَكضاً سُراقَةُ مِثلَ القَشعَمِ الضَّرِمِ
حَتَّى إِذا ما دَنَا سَاخَ الجَوادُ بِهِ ... في بُرقَةٍ فَهَوَى لِلسَّاقِ وَالقَدَمِ
فَصَاحَ مُبتَهِلاً يَرجُو الأَمانَ وَلَو ... مَضَى عَلَى عَزْمِهِ لانْهَارَ في رَجَمِ
وَكَيفَ يَبلُغُ أَمراً دُونَهُ وَزَرٌ ... مِنَ العِنايةِ لَم يَبلُغهُ ذُو نَسَمِ
فَكَفَّ عَنهُ رَسولُ اللَّهِ وَهْوَ بِهِ ... أَدْرَى وَكَمْ نِقَمٍ تفتَرُّ عَن نِعَمِ
وَلَم يَزَل سائِراً حَتّى أَنافَ عَلى ... أَعلامِ طَيبَةَ ذاتِ المَنظَرِ العَمَمِ
أَعظِم بِمَقدَمِهِ فَخراً وَمَنقبَةً ... لِمَعشَرِ الأَوسِ وَالأَحياءِ مِن جُشَمِ
فَخرٌ يَدُومُ لَهُم فَضلٌ بِذِكرَتِهِ ... ما سارَت العِيسُ بِالزُّوّارِ لِلحَرَمِ
يَومٌ بِهِ أَرَّخَ الإِسلامُ غُرَّتَهُ ... وَأَدرَكَ الدِّينُ فيهِ ذِروَةَ النُّجُمِ
ثُمَّ ابتَنَى سَيِّدُ الكَونَينِ مَسْجِدَهُ ... بُنيانَ عِزٍّ فَأَضحى قائِمَ الدّعَمِ
وَاخْتَصَّ فيهِ بِلالاً بِالأَذانِ وَما ... يُلفى نَظيرٌ لَهُ في نَبرَةِ النَّغَمِ
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ اللهِ وَاجْتَمَعَت ... لَهُ القبَائِلُ مِن بُعْدٍ وَمِن زَمَمِ
قامَ النَّبِيُّ خَطيباً فيهِمُ فَأَرى ... نَهجَ الهُدى وَنَهى عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
وَعَمَّهم بِكِتابٍ حَضَّ فيهِ عَلى ... مَحاسِنِ الفَضلِ وَالآدابِ وَالشِّيمِ
فَأَصبَحُوا في إِخاءٍ غَيرِ مُنصَدِعٍ ... عَلى الزَّمانِ وَعِزٍّ غَيرِ مُنهَدِمِ
وَحِينَ آخى رَسُولُ اللَّهِ بَينَهُمُ ... آخى عَلِيّاً وَنِعمَ العَونُ في القُحَمِ
هُوَ الَّذي هَزَمَ اللَّهُ الطُغاةَ بِهِ ... في كُلِّ مُعتَرَكٍ بِالبِيضِ مُحتَدِمِ
فَاسْتَحْكَمَ الدِّينُ وَاشْتَدَّت دَعائِمُهُ ... حَتّى غَدا واضِحَ العِرنينِ ذا شَمَمِ
وَأَصبَحَ النَّاسُ إِخواناً وَعَمَّهُمُ ... فَضلٌ مِنَ اللهِ أَحياهُم مِنَ العَدَمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الجِهادَ عَلى ... رَسُولِهِ لِيَبُثَّ الدِّينَ في الأُمَمِ
فَكانَ أَوَّلُ غَزوٍ سارَ فيهِ إِلى ... وَدّانَ ثُمَّ أَتى مِن غَيرِ مُصطَدَمِ
ثُمَّ اسْتَمَرَّت سَرايا الدِّينِ سابِحَةً ... بِالخَيلِ جامِحَةً تَستَنُّ بِاللُّجُمِ
سَرِيَّةٌ كانَ يَرعاها عُبَيدَةُ في ... صَوبٍ وَحَمزَةُ في أُخرى إِلى التَّهَمِ
وَغَزوَةٌ سارَ فيها المُصطَفى قُدُماً ... إِلى بُواطٍ بِجَمعٍ ساطِعِ القَتَمِ
وَمِثلَها يَمَّمَت ذاتَ العُشيرَةِ في ... جَيشٍ لُهامٍ كَمَوجِ البَحرِ مُلتَطِمِ(9/53)
وَسارَ سَعدٌ إِلى الخَرّارِ يَقدُمُهُ ... سَعدٌ وَلَم يَلقَ في مَسراهُ مِن بَشَمِ
وَيَمَّمَت سَفَوان الخَيلُ سابِحَةً ... بِكُلِّ مُعتَزِمٍ لِلقَرنِ مُلتَزِمِ
وَتابَعَ السَّيرَ عَبدُ اللَّهِ مُتَّجِهاً ... تِلقاءَ نَخلَةَ مَصحُوباً بِكُلِّ كَمِي
وَحُوّلَت قِبلَةُ الإِسلامِ وَقتَئِذٍ ... عَن وِجهَةِ القُدسِ نَحوَ البَيتِ ذي العِظَمِ
وَيَمَّمَ المُصطَفى بَدراً فَلاحَ لَهُ ... بَدرٌ مِنَ النَّصرِ جَلَّى ظُلمَةَ الوَخَمِ
يَومٌ تَبَسَّمَ فيهِ الدِّينُ وَانهَمَلَت ... عَلَى الضَّلالِ عُيونُ الشِّركِ بِالسَّجَمِ
أَبلَى عَلِيٌّ بِهِ خَيرَ البَلاءِ بِما ... حَباهُ ذُو العَرشِ مِن بَأسٍ وَمِن هِمَمِ
وَجالَ حَمزَةُ بِالصَّمصامِ يَكسؤُهُم ... كَسأً يُفَرِّقُ مِنهُم كُلَّ مُزدَحَمِ
وَغادَرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ جَمعَهُمُ ... وَلَيسَ فيهِ كَمِيٌّ غَيرُ مَنهَزِمِ
تَقَسَّمَتهُم يَدُ الهَيجاءِ عادِلَةً ... فَالهامُ لِلبِيض وَالأَبدانُ لِلرَّخَمِ
كَأَنَّما البِيضُ بِالأَيدي صَوالِجَةٌ ... يَلعَبنَ في ساحَةِ الهَيجاءِ بِالقِمَمِ
لَم يَبقَ مِنهُم كَمِيٌّ غَيرُ مُنجَدِلٍ ... عَلى الرّغامِ وَعُضوٌ غَيرُ مُنحَطِمِ
فَما مَضَت ساعَةٌ وَالحَربُ مُسعَرَةٌ ... حَتّى غَدا جَمعُهُم نَهباً لِمُقتَسِمِ
قَد أَمطَرَتهُم سَماءُ الحَربِ صائِبَةً ... بِالمَشرَفِيَّةِ وَالمُرّانِ كَالرُّجُمِ
فَأَينَ ما كانَ مِن زَهوٍ وَمِن صَلَفٍ ... وَأَينَ ما كانَ مِن فَخرٍ وَمِن شَمَمِ
جاؤُوا وِللشَّرِّ وَسمٌ في مَعاطِسِهِم ... فَأُرغِمُوا وَالرَّدى في هَذِهِ السِّيَمِ
مَن عارَضَ الحَقَّ لَم تَسلَم مَقاتِلُهُ ... وَمَن تَعَرَّضَ لِلأَخطارِ لَم يَنَمِ
فَما اِنقَضى يَومُ بَدرٍ بِالَّتي عَظُمَت ... حَتّى مَضى غازِياً بِالخَيلِ في الشُّكُمِ
فَيَمَّمَ الكُدرَ بِالأَبطالِ مُنتَحِياً ... بَني سُلَيمٍ فَوَلَّت عَنهُ بِالرَّغَمِ
وَسارَ في غَزوَةٍ تُدعى السَّويقَ بِما ... أَلقاهُ أَعداؤُهُ مِن عُظمِ زادِهِمِ
ثُمَّ انتَحى بِوُجُوهِ الخَيل ذَا أَمرٍ ... فَفَرَّ ساكِنُهُ رُعباً إِلى الرَّقَمِ
وَأَمَّ فرعاً فَلَم يَثقَف بِهِ أَحَداً ... وَمَن يُقيمُ أَمامَ العارِضِ الهَزِمِ
وَلَفَّ بِالجَيشِ حَيَّي قَينُقاعَ بِما ... جَنَوا فَتَعساً لَهُم مِن مَعشَرٍ قَزَمِ
وَسارَ زَيدٌ بِجَمعٍ نَحوَ قَردَةَ مِن ... مِياهِ نَجدٍ فَلَم يَثقَف سِوى النَّعَمِ
ثُمَّ اِستَدارَت رَحا الهَيجاءِ في أُحُدٍ ... بِكُلِّ مُفتَرِسٍ لِلقِرنِ مُلتَهِمِ
يَومٌ تَبَيَّنَ فيهِ الجِدُّ وَاِتَّضَحَت ... جَلِيَّةُ الأَمرِ بَعدَ الجَهدِ وَالسَّأَمِ
قَد كانَ خُبراً وَتَمحيصاً وَمَغفِرَةً ... لِلمُؤمِنينَ وَهَل بُرءٌ بِلا سَقَمِ
مَضى عَلِيٌّ بِهِ قُدماً فَزَلزَلَهُم ... بِحَملَةٍ أَورَدَتهُم مَورِدَ الشَّجَمِ
وَأَظهَرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ بَأسَهم ... وَالبَأسُ في الفِعلِ غَيرُ البَأسِ فِي الكَلِمِ
خاضُوا المَنايا فَنالُوا عِيشَةً رَغَداً ... وَلَذَّةُ النَّفسِ لا تَأتِي بِلا أَلَمِ
مَن يَلزَمِ الصَّبرَ يَستَحسِن عَواقِبَهُ ... وَالماءُ يَحسُنُ وَقعاً عِندَ كُلِّ ظَمِ
لَو لَم يَكُن فِي اِحتِمالِ الصَّبرِ مَنقَبةٌ ... لَم يَظهَرِ الفَرقُ بَينَ اللُّؤمِ وَالكَرَمِ
فَكانَ يَوماً عَتِيدَ البَأسِ نالَ بِهِ ... كِلا الفَريقَينِ جَهداً وَارِيَ الحَدَمِ
أَودى بِهِ حَمزَةُ الصِّندِيدُ فِي نَفَرٍ ... نالوا الشَّهادَةَ تَحتَ العارِضِ الرَّزِمِ
أَحسِن بِها مَيتَةً أَحيَوا بِها شَرَفاً ... وَالمَوتُ في الحَربِ فَخرُ السّادَةِ القُدُمِ
لا عارَ بِالقَومِ مِن مَوتٍ وَمِن سَلَبٍ ... وَهَل رَأَيتَ حُساماً غَيرَ مُنثَلِمِ
فَكانَ يَوم جَزاءٍ بَعدَ مُختَبَرٍ ... لِمَن وَفا وَجَفا بِالعِزِّ وَالرَّغَمِ
قامَ النَّبِيُّ بِهِ في مَأزِقٍ حَرِج ... تَرعى المَناصِلُ فيهِ مَنبِتَ الجُمَمِ
فَلَم يَزَل صابِراً في الحَربِ يَفثَؤُها ... بِالبِيضِ حَتّى اِكتَسَت ثَوباً مِنَ العَنَمِ
وَرَدَّ عَينَ اِبنِ نُعمان قَتادَةَ إِذ ... سالَت فَعادَت كَما كانَت بِلا لَتمِ
وَقَد أَتى بَعدَ ذا يَومُ الرَّجِيعِ بِما ... فِيهِ مِنَ الغَدرِ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
وَثارَ نَقعُ المَنايا في مَعُونَةَ مِن ... بَني سُلَيمٍ بِأَهلِ الفَضلِ وَالحِكَمِ
ثُمَّ اشْرَأَبَّت لِخَفرِ العَهدِ مِن سَفَهٍ ... بَنُو النَّضيرِ فَأَجلاهُم عَنِ الأُطُمِ
وَسارَ مُنتَحِياً ذاتَ الرِّقاعِ فَلَم ... تَلقَ الكَتائِبُ فيها كَيدَ مُصطَدَمِ
وَحَلَّ مِن بَعدِها بَدراً لِوَعدِ أَبِي ... سُفيانَ لَكِنَّهُ وَلّى وَلَم يَحُمِ
وَأَمَّ دَومَةَ في جَمعٍ وَعادَ إِلى ... مَكانِهِ وَسَماءُ النَّقعِ لَم تَغِمِ
ثُمَّ اسْتَثارَت قُرَيشٌ وَهيَ ظالِمَةٌ ... أَحلافَها وَأَتَت في جَحفَلٍ لَهِمِ(9/54)
تَستَمرِئُ البَغيَ مِن جَهلٍ وَما عَلِمَت ... أَنَّ الجَهالَة مَدعاةٌ إِلى الثَّلَمِ
وَقامَ فيهم أَبُو سُفيانَ مِن حَنَقٍ ... يَدعُو إِلى الشَّرِّ مثلَ الفَحلِ ذِي القَطَمِ
فَخَندَقَ المُؤمِنُونَ الدّارَ وَاِنتَصَبُوا ... لِحَربِهِم كَضَواري الأُسدِ في الأَجَمِ
فَما استَطاعَت قُرَيشٌ نَيلَ ما طَلَبَت ... وَهَل تَنالُ الثُّرَيّا كَفُّ مُستَلِمِ
رامَت بِجَهلَتِها أَمراً وَلَو عَلِمَت ... ماذَا أُعِدَّ لَها في الغَيبِ لَم تَرُمِ
فَخَيَّبَ اللَّهُ مَسعاها وَغادَرَها ... نَهبَ الرَّدى وَالصَّدى وَالرِّيحِ وَالطَّسَمِ
فَقوَّضَت عُمُدَ التَّرحالِ وَاِنصَرَفَت ... لَيلاً إِلى حَيثُ لَم تَسرَح وَلَم تَسُمِ
وَكَيفَ تَحمَدُ عُقبى ماجَنَت يَدُها ... بَغياً وَقَد سَرَحَت في مَرتَعٍ وَخِمِ
قَد أَقبَلَت وَهيَ في فَخرٍ وَفي جَذَلٍ ... وَأَدبَرَت وَهيَ في خِزيٍ وَفي سَدَمِ
مَن يَركَبِ الغَيَّ لا يَحمَد عَواقِبَهُ ... وَمَن يُطِع قَلبُهُ أَمرَ الهَوى يَهِمِ
ثُمَّ اِنتَحى بِوُجُوهِ الخَيلِ ساهِمَةً ... بَني قُرَيظَةَ في رَجراجَةٍ حُطَمِ
خانُوا الرَّسُولَ فَجازاهُم بِما كَسَبُوا ... وَفِي الخِيانَةِ مَدعاةٌ إِلى النِّقَمِ
وَسارَ يَنحُو بَني لِحيانَ فَاِعتَصَمُوا ... خَوفَ الرَّدى بِالعَوالي كُلَّ مُعتَصَمِ
وَأَمَّ ذا قَرَدٍ في جَحفَلٍ لَجِبٍ ... يَستَنُّ في لاحِبٍ بادٍ وَفي نَسَمِ
وَزارَ بِالجَيشِ غَزواً أَرضَ مُصطَلِقٍ ... فَما اتَّقُوهُ بِغَيرِ البِيضِ في الخَدَمِ
وَفي الحُدَيبِيَةِ الصُّلحُ اِستَتَبَّ إِلى ... عَشرٍ وَلَم يَجرِ فيها مِن دَمٍ هَدَمِ
وَجاءَ خَيبَرَ في جَأواءَ كَالِحَةٍ ... بِالخَيلِ كَالسَّيلِ وَالأَسيافِ كَالضَّرَمِ
حَتّى إِذا اِمتَنَعَت شُمُّ الحُصونِ عَلى ... مَن رامَها بَعدَ إِيغالٍ وَمُقتَحَمِ
قالَ النَّبِيُّ سَأُعطِي رايَتِي رَجُلاً ... يُحِبُّنِي وَيُحِبُّ اللَّهَ ذا الكَرَمِ
ذا مِرَّةٍ يَفتَحُ اللَّهُ الحُصونَ عَلَى ... يَدَيهِ لَيسَ بِفَرّارٍ وَلا بَرِمِ
فَما بَدا الفَجرُ إِلّا وَالزَّعيمُ عَلى ... جَيشِ القِتالِ عَلِيٌّ رافِعُ العَلَمِ
وَكانَ ذا رَمَدٍ فَارْتَدَّ ذا بَصَرٍ ... بِنَفثَةٍ أَبرَأَت عَينَيهِ مِن وَرَمِ
فَسارَ مُعتَزِماً حَتّى أَنافَ عَلى ... حُصُونِ خَيبَرَ بِالمَسلُولَةِ الخُذُمِ
يَمضِي بِمُنصُلِهِ قُدماً فَيَلحَمُهُ ... مَجرى الوَريدِ مِنَ الأَعناقِ وَاللِّمَمِ
حَتّى إِذا طاحَ مِنهُ التُّرسُ تاحَ لَهُ ... بابٌ فَكانَ لَهُ تُرساً إِلى العَتَمِ
بابٌ أَبَت قَلبَهُ جَهداً ثَمانِيَةٌ ... مِنَ الصَّحابَةِ أَهلِ الجِدِّ وَالعَزَمِ
فَلَم يَزَل صائِلاً في الحَربِ مُقتَحِماً ... غَيابَةَ النَّقعِ مِثلَ الحَيدَرِ القَرِمِ
حَتّى تَبَلَّجَ فَجرُ النَّصرِ وَاِنتَشَرَت ... بِهِ البَشائِرُ بَينَ السَّهلِ وَالعَلَمِ
أَبشِر بِهِ يَومَ فَتحٍ قَد أَضاءَ بِهِ ... وَجهُ الزَّمانِ فَأَبدى بِشرَ مُبتَسِمِ
أَتى بِهِ جَعفَرُ الطَّيّارُ فَاِبتَهَجَت ... بِعَودِهِ أَنفُسُ الأَصحابِ وَالعُزَمِ
فَكانَ يَوماً حَوى عِيدَينِ في نَسَقٍ ... فَتحاً وَعَود كَرِيمٍ طاهِرِ الشِّيَمِ
وَعادَ بِالنَّصرِ مَولى الدِّينِ مُنصَرِفاً ... يَؤُمُّ طَيبَةَ فِي عِزٍّ وَفِي نِعَمِ
ثُمَّ اسْتَقامَ لِبَيتِ اللَّهِ مُعتَمِراً ... لِنَيلِ ما فاتَهُ بِالهَديِ لِلحَرَمِ
وَسارَ زَيدٌ أَميراً نَحوَ مُؤتَةَ في ... بَعثٍ فَلاقى بِها الأَعداءَ مِن كَثَمِ
فَعَبَّأَ المُسلِمُونَ الجُندَ وَاِقتَتَلُوا ... قِتالَ مُنتَصِرٍ لِلحَقِّ مُنتَقِمِ
فَطاحَ زَيدٌ وَأَودى جَعفَرٌ وَقَضى ... تَحتَ العَجاجَةِ عَبدُ اللَّهِ في قُدُمِ
لا عارَ بِالمَوتِ فَالشَّهمُ الجَرِيءُ يَرى ... أَنَّ الرَّدى في المَعالي خَيرُ مُغتَنَمِ
وَحِينَ خاسَت قُرَيشٌ بِالعُهُودِ وَلَم ... تُنصِف وَسارَت مِن الأَهواءِ في نَقَمِ
وَظاهَرَت مِن بَني بَكرٍ حَليفَتَها ... عَلى خُزاعَةَ أَهلِ الصِّدقِ فِي الذِّمَمِ
قامَ النَّبِيُّ لِنَصرِ الحَقِّ مُعتَزِماً ... بِجَحفَلٍ لِجُمُوعِ الشِّركِ مُختَرِمِ
تَبدُو بِهِ البِيضُ وَالقَسطالُ مُنتَشِرٌ ... كَالشُّهبِ في اللَّيلِ أَو كَالنّارِ فِي الفَحَمِ
لَمعُ السُّيُوفِ وَتَصهالُ الخُيولِ بِهِ ... كَالبَرقِ وَالرَّعدِ في مُغدَودِقٍ هَزِمِ
عَرمرَمٌ يَنسِفُ الأَرضَ الفَضاءَ إِذا ... سَرى بِها وَيَدُكُّ الهَضبَ مِن خِيَمِ
فِيهِ الكُماةُ الَّتي ذَلَّت لِعِزَّتِها ... مَعاطِسٌ لَم تُذَلَّل قَبلُ بِالخُطُمِ
مِن كُلِّ مُعتَزِمٍ بِالصَّبرِ مُحتَزِمٍ ... لِلقِرنِ مُلتَزِمٍ في البَأسِ مُهتَزِمِ
طالَت بِهِم هِمَمٌ نالُوا السِّماكَ بِها ... عَن قُدرَةٍ وَعُلُوُّ النَّفسِ بِالهِمَمِ
بِيضٌ أَساوِرَةٌ غُلبٌ قَساوِرَةٌ ... شُكسٌ لَدى الحَربِ مِطعامونَ في الأُزُمِ(9/55)
طابَت نُفُوسُهُمُ بِالمَوتِ إِذ عَلِمُوا ... أَنَّ الحَياةَ الَّتي يَبغُونَ في العَدَمِ
ساسُوا الجِيادَ فَظَلَّت في أَعِنَّتِها ... طَوعَ البَنانَةِ في كَرٍّ وَمُقتَحَمِ
تَكادُ تَفقَهُ لَحنَ القَولِ مِن أَدَبٍ ... وَتَسبِقُ الوَحيَ وَالإِيماءَ مِن فَهَمِ
كَأَنَّ أَذنابَها في الكَرِّ أَلوِيَةٌ ... عَلَى سَفِينٍ لِأَمرِ الرِّيحِ مُرتَسِمِ
مِن كُلِّ مُنجَرِدٍ يَهوي بِصاحِبِهِ ... بَينَ العَجاجِ هوِيَّ الأَجدَلِ اللَّحِمِ
وَالبِيضُ تَرجُفُ في الأَغمادِ مِن ظَمَأٍ ... وَالسُّمرُ تَرعدُ في الأَيمانِ مِن قَرَمِ
مِن كُلِّ مُطَّرِدٍ لَولا عَلائِقُهُ ... لَسابَقَ المَوتَ نَحوَ القِرنِ مِن ضَرَمِ
كَأَنَّهُ أَرقَمٌ في رَأسِهِ حُمَةٌ ... يَستَلُّ كَيدَ الأَعادي بِابنَةِ الرَّقَمِ
فَلَم يَزَل سائِراً حَتّى أَنافَ عَلى ... أَرباضِ مَكّةَ بِالفُرسانِ وَالبُهَمِ
وَلَفَّهم بِخَمِيسٍ لَو يَشُدُّ عَلى ... أَركانِ رَضوى لَأَضحى مائِلَ الدِّعَمِ
فَأَقبَلوا يَسأَلُونَ الصَّفحَ حِينَ رَأَوا ... أَنَّ اللَّجاجَةَ مَدعاةٌ إِلى النَّدَمِ
رِيعُوا فَذَلُّوا وَلَو طاشُوا لَوَقَّرَهُم ... ضَربٌ يُفَرِّقُ مِنهُم مَجمَعَ اللِّمَمِ
ذاقُوا الرَّدى جُرَعاً فَاِستَسلَمُوا جَزَعاً ... لِلصُّلحِ وَالحَربُ مَرقاةٌ إِلى السَّلَمِ
وَأَقبَلَ النَّصرُ يَتلُو وَهوَ مُبتَسِمٌ ... المَجدُ لِلسَّيفِ لَيسَ المَجدُ لِلقَلَمِ
يا حائِرَ اللُّبِّ هَذا الحَقُّ فَامضِ لَهُ ... تَسلَم وَهَذا سَبِيلُ الرُّشدِ فَاِستَقِمِ
لا يَصرَعَنَّكَ وَهمٌ بِتَّ تَرقُبُهُ ... إِنَّ التَّوَهُّمَ حَتفُ العاجِزِ الوَخِمِ
هَذا النَّبيُّ وَذاكَ الجَيشُ مُنتَشِرٌ ... مِلءَ الفَضا فَاِستَبق لِلخَيرِ تَغتَنِمِ
فَالزَم حِماهُ تَجِد ما شِئتَ مِن أَرَبٍ ... وَشِم نَداهُ إِذا ما البَرقُ لَم يُشَمِ
وَاحلُل رِحالَكَ وَانزِل نَحوَ سُدَّتِهِ ... فَإِنَّها عصمَةٌ مِن أَوثَقِ العِصمِ
أَحيا بِهِ اللَّهُ أَمواتَ القُلوبِ كَما ... أَحيا النَّباتَ بِفَيضِ الوابِلِ الرَّذِمِ
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ الصُلحِ وَاِنتَظَمَت ... بِهِ عُقودُ الأَماني أَيَّ مُنتَظَمِ
قامَ النَّبِيُّ بِشُكرِ اللَّهِ مُنتَصِباً ... وَالشُّكرُ فِي كُلِّ حالٍ كافِلُ النِّعَمِ
وَطافَ بِالبَيتِ سبعاً فَوقَ راحِلَةٍ ... قَوداءَ ناجِيَةٍ أَمضى مِنَ النَّسَمِ
فَما أَشارَ إِلى بُدٍّ بِمِحجَنِهِ ... إِلّا هوَى لِيَدٍ مَغلُولَةٍ وَفَمِ
وَفِي حُنَينٍ إِذ اِرتَدَّت هَوازِنُ عَن ... قَصدِ السَّبيلِ وَلَم تَرجِع إِلى الحَكَمِ
سَرى إِلَيها بِبَحرٍ مِن مُلَملَمَةٍ ... طامي السّراة بِمَوجِ البِيضِ مُلتَطِمِ
حَتّى اِستَذَلَّت وَعادَت بَعدَ نَخوَتِها ... تُلقي إِلى كُلِّ مَن تَلقاهُ بِالسَّلَمِ
وَيَمَّمَ الطّائِفَ الغَنّاءَ ثُمَّ مَضى ... عَنها إلى أَجَلٍ في الغَيبِ مُكتَتَمِ
وَحِينَ أَوفى عَلى وادِي تَبُوكَ سَعى ... إِلَيهِ ساكِنُها طَوعاً بِلا رَغَمِ
فَصالَحُوهُ وَأَدَّوا جِزيَةً وَرَضُوا ... بِحُكمِهِ وَتَبيعُ الرُشد لَم يَهِمِ
أَلفى بِها عَينَ ماءٍ لا تَبِضُّ فَمُذ ... دَعا لَها اِنفَجَرَت عَن سائِغٍ سَنِمِ
وَراوَدَ الغَيثَ فَاِنهَلَّت بَوادِرُهُ ... بَعدَ الجُمودِ بِمُنهَلٍّ وَمُنسَجِمِ
وَأَمَّ طَيبَةَ مَسْروراً بِعَودَتِهِ ... يَطوي المَنازِلَ بِالوَخّادَةِ الرُّسُمِ
ثُمَّ استَهَلَّت وُفُودُ الناسِ قاطِبَةً ... إِلى حِماهُ فَلاقَت وافِرَ الكَرَمِ
فَكانَ عامَ وُفودٍ كُلَّما اِنصَرَفَت ... عِصابَةٌ أَقبَلَت أُخرى عَلى قَدَمِ
وَأَرسَلَ الرُّسلَ تَترى لِلمُلوكِ بِما ... فِيهِ بَلاغٌ لِأَهلِ الذِّكرِ وَالفَهَمِ
وَأَمَّ غالِبُ أَكنافَ الكَديدِ إِلى ... بَني المُلَوَّحِ فَاِستَولى عَلى النَّعَمِ
وَحِينَ خانَت جُذامٌ فَلَّ شَوكَتَها ... زَيدٌ بِجَمعٍ لِرَهطِ الشِّركِ مُقتَثِمِ
وَسارَ مُنتَحِياً وادي القُرى فَمَحا ... بَني فَزارَةَ أَصلَ اللُّؤمِ وَالقَزَمِ
وَأَمَّ خَيبَرَ عَبدُ اللَّهِ في نَفَرٍ ... إِلى اليَسِير فَأَرداهُ بِلا أَتَمِ
وَيَمَّمَ اِبنُ أُنَيسٍ عُرضَ نَخلَةَ إِذ ... طَغا اِبنُ ثَورٍ فَاصماهُ وَلَم يَخِمِ
ثُمَّ استَقَلَّ اِبنُ حِصنٍ فَاحْتَوَت يَدُهُ ... عَلى بَني العَنبَرِ الطُّرّارِ وَالشُّجُمِ
وَسارَ عَمرو إِلى ذاتِ السَّلاسِلِ في ... جَمعٍ لُهامٍ لِجَيشِ الشِّركِ مُصطَلِمِ
وَغَزوَتانِ لِعَبدِ اللَّهِ واجِدَةٌ ... إِلى رِفاعَةَ وَالأُخرى إِلى إِضَمِ
وَسارَ جَمعُ اِبنِ عَوفٍ نَحوَ دَومَةَ كَي ... يَفُلَّ سَورَةَ أَهلِ الزُّورِ وَالتُّهَمِ
وَأَمَّ بِالخَيلِ سيفَ البَحرِ مُعتَزِماً ... أَبُو عُبَيدَةَ في صُيّابَةٍ حُشُمِ
وَسارَ عَمرو إِلى أُمِّ القُرى لِأَبي ... سُفيانَ لَكِن عَدَتهُ مُهلَةُ القِسَمِ(9/56)
وَأَمَّ مَديَنَ زَيدٌ فَاِستَوَت يَدُهُ ... عَلى العَدُوِّ وَساقَ السَّبيَ كَالغَنَمِ
وَقامَ سالِمُ بِالعَضبِ الجُرازِ إِلى ... أَبي عُفَيكٍ فَأَرداهُ وَلَم يَجِمِ
وَانقَضَّ لَيلاً عُمَيرٌ بِالحُسامِ عَلى ... عَصماءَ حَتّى سَقاها عَلقَمَ العَدَمِ
وَسارَ بَعثٌ فَلَم يُخطِئ ثُمامَةَ إِذ ... رَآهُ فَاحتازَهُ غُنماً وَلَم يُلَمِ
ذاكَ الهُمامُ الَّذي لَبّى بِمَكَّة إِذ ... أَتى بِها مُعلِناً في الأَشهُرِ الحُرُمِ
وَبَعثُ عَلقَمَةَ اِستَقرى العَدُوَّ ضُحىً ... فَلَم يَجِد في خِلالِ الحَيِّ مِن أَرمِ
وَرَدَّ كُرزٌ إِلى العَذراءِ مَن غَدَرُوا ... يَسارَ حَتّى لَقَوا بَرحاً مِنَ الشَّجَمِ
وَسارَ بَعثُ اِبنِ زَيدٍ لِلشَّآمِ فَلَم ... يَلبَث أَنِ انقَضَّ كَالبازي عَلى اليَمَمِ
فَهَذِهِ الغَزَواتُ الغُرُّ شامِلَةً ... جَمعَ البُعُوثِ كَدُرٍّ لاحَ في نُظُمِ
نَظَمتُها راجِياً نَيلَ الشَّفاعَةِ مِن ... خَيرِ البَرايا وَمَولى العُربِ وَالعَجَمِ
هُوَ النَّبِيُّ الَّذي لَولاهُ ما قُبِلَت ... رَجاةُ آدمَ لَمّا زَلَّ في القِدَمِ
حَسبِي بِطَلعَتِهِ الغَرّاءِ مَفخَرَةً ... لَمّا اِلتَقَيتُ بِهِ في عالَمِ الحُلُمِ
وَقَد حَباني عَصاهُ فَاِعتَصَمتُ بِها ... في كُلِّ هَولٍ فَلم أَفزَع وَلَم أَهِمِ
فَهيَ الَّتي كانَ يَحبُو مِثلَها كَرَماً ... لِمَن يَوَدُّ وَحَسبِي نسبَةً بِهِمِ
لَم أَخشَ مِن بَعدِها ما كُنتُ أَحذَرُهُ ... وَكَيفَ وَهيَ الَّتي تُنجي مِنَ الغُمَمِ
كَفى بِها نِعمَةً تَعلُو بِقيمَتِها ... نَفسِي وَإِن كُنتُ مَسلوباً مِنَ القِيَمِ
وَما أُبَرِّئُ نَفسي وَهيَ آمِرَةٌ ... بِالسُوءِ ما لَم تَعُقها خيفَةُ النَّدَمِ
فَيا نَدامَةَ نَفسي في المَعادِ إِذا ... تَعَوَّذَ المَرءُ خَوفَ النُطقِ بِالبَكمِ
لَكِنَّني وَاثِقٌ بِالعَفو مِن مَلِكٍ ... يَعفُو بِرَحمَتِهِ عَن كُلِّ مُجتَرِمِ
وَسَوفَ أَبلُغُ آمالي وَإِن عَظُمَت ... جَرائِمي يَومَ أَلقى صاحِبَ العَلَمِ
هُوَ الَّذي يَنعَشُ المَكرُوبَ إِذ عَلِقَت ... بِهِ الرَّزايا وَيُغني كُلَّ ذي عَدَمِ
هَيهاتَ يَخذُلُ مَولاهُ وَشاعِرَهُ ... في الحَشرِ وَهوَ كَريمُ النَّفسِ وَالشِّيَمِ
فَمَدحُهُ رَأسُ مالي يَومَ مُفتَقَرِي ... وَحُبُّهُ عِزُّ نَفسي عِندَ مُهتَضَمِي
وَهَبتُ نَفسِي لَهُ حُبّا وَتَكرِمَة ... فَهَل تَراني بَلَغتُ السُّؤلَ مِن سَلَمي
إِنِّي وَإِن مالَ بي دَهري وَبَرَّحَ بي ... ضَيمٌ أَشاطَ عَلى جَمرِ النَّوى أَدَمي
لثابِتُ العَهدِ لَم يَحلُل قُوى أَمَلِي ... يَأسٌ وَلَم تَخطُ بِي في سَلوَةٍ قَدَمي
لَم يَترُكِ الدَّهرُ لي ما أَستَعِينُ بِهِ ... عَلى التَّجَمُّلِ إِلّا ساعِدي وَفَمِي
هَذا يُحَبِّرُ مَدحي في الرَّسولِ وَذا ... يَتلُو عَلى الناسِ ما أُوحيهِ مِن كَلِمِي
يا سَيِّدَ الكَونِ عَفواً إِن أَثِمتُ فَلي ... بِحُبِّكُم صِلَةٌ تُغنِي عَنِ الرَّحِمِ
كَفى بِسَلمانَ لِي فَخراً إِذا انتَسَبَت ... نَفسي لَكُم مِثلَهُ في زُمرَةِ الحَشَمِ
وَحسنُ ظَنِّي بِكُم إِن مُتُّ يَكلَؤُني ... مِن هَولِ ما أَتَّقي فِي ظُلمَةِ الرَّجَمِ
تَاللَّهِ ما عاقَني عَن حَيِّكُم شَجَنٌ ... لَكِنَّنِي مُوثَقٌ في رِبقَةِ السَّلَمِ
فَهَل إِلى زَورَةٍ يَحيا الفُؤادُ بِها ... ذَرِيعَةٌ أَبتَغيها قَبلَ مُختَرَمِي
شَكَوتُ بَثِّي إِلى رَبِّي لِيُنصِفَني ... مِن كُلِّ باغٍ عَتِيدِ الجَورِ أَوهكمِ
وَكَيفَ أَرهَبُ حَيفا وَهوَ مُنتَقِمٌ ... يَهابُهُ كُلُّ جَبّارٍ وَمُنتَقِمِ
لا غَروَ إِن نِلتُ ما أَمَّلتُ مِنهُ فَقَد ... أَنزَلتُ مُعظَمَ آمالي بِذي كَرَمِ
يا مالِكَ المُلكِ هَب لِي مِنكَ مَغفِرَةً ... تَمحُو ذُنُوبي غَداةَ الخَوفِ وَالنَّدَمِ
وَامْنُن عَلَيَّ بِلُطفٍ مِنكَ يَعصِمُني ... زَيغَ النُّهى يَومَ أَخذِ المَوتِ بِالكَظَمِ
لَم أَدعُ غَيرَكَ فِيما نابَني فَقِني ... شَرَّ العَواقِبِ وَاِحفَظنِي مِنَ التُّهَمِ
حاشا لِراجيكَ أَن يَخشى العِثارَ وَما ... بَعدَ الرَّجاءِ سِوى التَّوفيقِ لِلسَّلَمِ
وَكَيفَ أَخشى ضَلالاً بَعدَما سَلَكَت ... نَفسِي بِنُورِ الهُدى في مَسلَكٍ قِيَمِ
وَلِي بِحُبِّ رَسُولِ اللَّهِ مَنزِلَةٌ ... أَرجُو بِها الصَّفحَ يَومَ الدِّينِ عَن جُرُمِي
لا أَدَّعي عِصمَةً لَكِن يَدِي عَلِقَت ... بِسَيِّدٍ مَن يَرِد مَرعاتَهُ يَسُمِ
خَدَمتُهُ بِمَديحي فَاعتَلَوتُ عَلى ... هامِ السِّماكِ وَصارَ السَّعدُ مِن خَدَمِي
وَكَيفَ أَرهَبُ ضَيماً بَعدَ خِدمَتِهِ ... وَخادِمُ السَّادَةِ الأَجوادِ لَم يُضَمِ
أَم كَيفَ يَخذُلُنِي مِن بَعدِ تَسمِيَتِي ... بِاسمٍ لَهُ في سَماءِ العَرشِ مُحتَرَمِ
أَبكانِيَ الدَّهرُ حَتّى إِذ لَجِئتُ بِهِ ... حَنا عَلَيَّ وَأَبدى ثَغرَ مُبتَسِمِ(9/57)
فَهوَ الَّذي يَمنَحُ العافِينَ ما سَأَلُوا ... فَضلاً وَيَشفَعُ يَومَ الدِّينِ في الأُمَمِ
نُورٌ لِمُقتَبِسٍ ذُخرٌ لِمُلتَمِسٍ ... حِرزٌ لِمُبتَئِسٍ كَهفٌ لِمُعتَصِمِ
بَثَّ الرَّدى وَالنَّدى شَطرَينِ فَانبَعَثا ... فِيمَن غَوى وَهَدى بِالبُؤسِ وَالنِّعَمِ
فَالكُفرُ مِن بَأسِهِ المَشهورِ في حَرَبٍ ... وَالدِّينُ مِن عَدلِهِ المَأثُورِ في حَرَمِ
هَذا ثَنائِي وَإِن قَصَّرتُ فيهِ فَلي ... عُذرٌ وَأَينَ السُّها مِن كَفِّ مُستَلِمِ
هَيهاتَ أَبلُغُ بِالأَشعارِ مدَحتَهُ ... وَإِن سَلَكتُ سَبيلَ القالَةِ القُدُمِ
ماذا عَسى أَن يَقُولَ المادِحُونَ وَقَد ... أَثنى عَلَيهِ بِفَضلٍ مُنزلُ الكَلِمِ
فَهاكَها يا رَسُولَ اللَّهِ زاهِرَةً ... تُهدِي إِلى النَّفسِ رَيّا الآسِ وَالبَرَمِ
وَسمتُها بِاسمِكَ العَالي فَأَلبَسنَها ... ثَوباً مِنَ الفَخرِ لا يَبلى عَلى القِدَمِ
غَرِيبَةٌ في إِسارِ البَينِ لَو أَنِسَت ... بِنَظرَةٍ مِنكَ لاستغنَت عَنِ النَّسَمِ
لَم أَلتَزِم نَظمَ حَبّاتِ البَديعِ بِها ... إِذ كانَ صَوغُ المَعانِي الغُرِّ مُلتَزمِي
وَإِنَّما هِيَ أَبياتٌ رَجَوتُ بِها ... نَيلَ المُنى يَومَ تَحيا بَذَّةُ الرِّمَمِ
نَثَرتُ فِيها فَرِيدَ المَدحِ فَاِنتَظَمَت ... أَحسِن بِمُنتَثِرٍ مِنها وَمُنتَظِمِ
صَدَّرتُها بِنَسِيبٍ شَفَّ باطِنُهُ ... عَن عِفَّةٍ لَم يَشِنها قَولُ مُتَّهِمِ
لَم أَتَّخِذهُ جُزافاً بَل سَلَكتُ بِهِ ... فِي القَولِ مَسلَكَ أَقوامٍ ذَوي قَدَمِ
تابَعتُ كَعباً وَحَسّاناً وَلِي بِهِما ... في القَولِ أُسوَةُ بَرٍّ غَيرِ مُتَّهَمِ
وَالشِّعرُ مَعرَضُ أَلبابٍ يُروجُ بِهِ ... ما نَمَّقَتهُ يَدُ الآدابِ وَالحِكَمِ
فَلا يَلُمنِي عَلى التَّشبِيبِ ذُو عَنَتٍ ... فَبُلبُلُ الرَّوضِ مَطبُوعٌ عَلَى النَّغَمِ
وَلَيسَ لِي رَوضَةٌ أَلهُو بِزَهرَتِها ... في مَعرَضِ القَولِ إِلّا رَوضَةُ الحَرَمِ
فَهيَ الَّتِي تَيَّمَت قَلبي وَهِمتُ بِهَا ... وَجْداً وَإِن كُنتُ عَفَّ النَّفسِ لَم أَهِمِ
مَعاهِدٌ نَقَشَت في وَجنَتيَّ لَها ... أَيدِي الهَوى أَسطُراً مِن عَبرَتِي بِدَمِ
يا حادِيَ العِيسِ إِن بَلَّغتَني أَمَلي ... مِن قَصدِهِ فَاقتَرِحْ مَا شِئتَ وَاِحتَكِمِ
سِر بِالمَطايا وَلا تَرفَق فَلَيسَ فَتىً ... أَولى بِهَذا السُّرَى مِنْ سَائِقٍ حُطَمِ
وَلا تَخَف ضَلَّةً وَاِنظُر فَسَوفَ تَرى ... نُوراً يُريكَ مَدَبَّ الذَّرِ فِي الأَكَمِ
وَكَيفَ يَخشى ضَلالاً مَن يَؤُمُّ حِمى ... مُحَمَّدٍ وَهوَ مِشكاةٌ عَلَى عَلَمِ
هَذِي مُنايَ وَحَسبي أَن أَفوزَ بِها ... بِنِعمَةِ اللَّهِ قَبلَ الشَّيبِ وَالهَرَمِ
وَمَن يَكُن راجِياً مَولاهُ نالَ بِهِ ... ما لَم يَنَلهُ بِفَضلِ الجِدِّ وَالهِمَمِ
فاسجُد لَهُ وَاِقترِب تَبلُغ بِطاعَتِهِ ... ما شِئتَ في الدَّهرِ مِن جاهٍ وَمِن عِظَمِ
هَوَ المَليكُ الَّذي ذَلَّت لِعِزَّتِهِ ... أَهلُ المَصانِعِ مِن عادٍ وَمِن إِرَمِ
يُحيي البَرايا إِذا حانَ المَعادُ كَما ... يُحيي النَّباتَ بِشُؤبُوبٍ مِنَ الدِّيَمِ
يا غافِرَ الذَّنبِ وَالأَلبابُ حائِرَةٌ ... في الحَشرِ وَالنارُ تَرمِي الجَوَّ بِالضَّرَمِ
حَاشَا لِفَضلِكَ وَهوَ الْمُسْتَعاذُ بِهِ ... أَن لا تَمُنَّ عَلى ذِي خَلَّةٍ عَدِمِ
إِنّي لَمُستَشفِعٌ بِالمُصطَفى وَكَفى ... بِهِ شَفِيعاً لَدَى الأَهْوَالِ وَالقُحَمِ
فَاقبَل رَجائِي فَما لي مَن أَلوذُ بِهِ ... سِواكَ في كُلِّ ما أَخشَاهُ مِن فَقَمِ
وَصَلِّ رَبِّ عَلى المُختارِ ما طَلَعَت ... شَمسُ النَّهارِ وَلاَحَتْ أَنجُمُ الظُّلَمِ
وَالآلِ وَالصَّحبِ وَالأَنصارِ مَن تَبِعُوا ... هُداهُ وَاعْتَرَفوا بِالعَهدِ وَالذِّمَمِ
وَامنُن عَلى عَبدِكَ العانِي بِمَغفِرَةٍ ... تَمحُو خَطاياهُ في بَدءٍ وَمُختَتَمِ
--------------------
عذراً رسول الهدى
الشاعر / عبد الله بن غالب الحميري
اليمن ـ 27/ 12/ 1426 هـ
كفر تنفس عنه الغرب لاكانا تكاد تنهدُّ منه الأرض أركانا
وقُبْح وجه أزاحوا عن صفافته زيف الستار فبان اليوم عريانا
شلت يداه بما خطت وما رسمت في حق أكرم خلق الله إنسانا
وقُبِّحَت أمة فاهت صحافتها بالنيل من شخصه المعصوم عدوانا
بني العقيدة لا كانت مواقفكم حتى تُفَجَّر نحو الغرب بركان
ولا استقر لنا عيش ولا اكتحلت بالنوم عين إذا ما جانب لانا
أيُزْدَرَى برسول الله بينكمُ جهراً ويمتهن القرآن إعلانا
ويشتم الله في وضْح النهار فلا تثور ثائرة منّا لمولانا
ورغم ذلك نستبقي مودتهم ونجتبي سلع الكفار أطنانا
هيا انهضوا أمة التوحيد وانتصروا لله واتحدوا في الدين إخوانا
وأسمعوا " دنمركًا" في وقاحتها ما يردع الكافر الموتور أزمانا
حتى تُدين كلاب الغرب فعلتها ويذعن الصاغر المأفون إذعانا
ألا نغار على عرض الرسول فهل نرجو الشفاعة يوم الحشر مجانا(9/58)
ومن أبى وادعى منا محبته فإنه مُدّعٍ زوراً وبهتانا
ماذا نؤمل من قومٍ عداوتهم معلومة قد بدت سرًّا وإعلانا
وما اتخاذهم الإسلام مسخرة إلا على ما حكاه الله برهانا
إن العلاقة لا تُبنى مجردة من الثوابت في شيء وإن هانا
فلا تسامح إن مُسّت عقيدتنا أو اقتضى الأمر إيماناً وكفرانا
عذراً رسول الهدى المختار إن وهنت منا العزائم شبّانا وشيبانا
فلم يعد يرهب الأعداء صولتنا وما أقاموا لنا وزناً ولا شانا
ولوا أطعناك ما هنَّا وما اجترءوا على مقامك أو كان الذي كانا
لكن عصيناك في جل الأمور فلم نفلح بشيء ولا حُلّت قضايانا
عذراً, فداك رسول الله أنفسنا وما ملكناه أرواحاً وأبدانا
عذراً, فداك خليلَ الله كل أبٍ وكل أم بما أسديت عرفانا
فدىً لك الأهل والأبناء قاطبة وسائر الناس عجماناً وعربانا
فداك كل كفور في الدّنا عميت عيناه عنك وقد أُرسلت تبيانا
فداك كل يهود والدنا معها وأمة ألّهت في الأرض صلبانا
فدى تراب نعال كنت تلبسها عند الأذى أمة الدنمرك قربانا
حاشاك حاشاك يا خير الورى رتباً مما رموك به ظلماً وعدوانا
وأنت أكرم من يمشي على قدم وأرجح الرسل عند الله ميزانا
وأطهر الخلق من عيب ومن دنس وإنّ شانئك المبتور لا كانا
===================
لأجله فقط ...
ريوف الشمري
الشمس تاهت وغيم الدمع حاجبها والطير ما عاد يطرِب لحنه أسماعي
فوقي سما ضاع كوكب من كواكبها و أطى على تراب مثل الجمر لذَّاعِ
أجرت عيوني من اللوعات ساكبها و أفشى ضميري لنجمٍ ساير أوجاعي
يا ليت روحي معي بالضحك أغالبها و ياليت قلبي على النسيان مطواعِ
أرض (الدنمارك) لا طابت ملاعبها كثر العنا و العذاب الساكن أضلاعي
يوم أطلقت ريشة الراسم عقاربها على الرسول الأمين الخاتم الداعي
من باب حرية الفكره و صاحبها لبْست عرايا الجرايم ثوب الإبداعِ
الله على مجرم الرسمة و كاتبها و الله على من سعى في نشره و باعِ
يكرم رسول الهدى عن كذب كاذبها النجم عالي و دود القاع بالقاعِ
يا خير من لا بكى الدنيا و ذاهبها وأعزّ من حاز بالفردوس مرباعِ
يا صاحب الحوض.. يروى دوم شاربها يا أول الخلق عند الله شفَّاعِ
يا أعظم الناس راجلها و راكبها يا من لحبه عنيد القلب خضَّاعِ
النفس ضاقت من الحسره مذاهبها ما بان ردٍ يبرّد قلب ملتاعِ
أحس أنا الشمس تصرخ في مغاربها (إلا محمد) و من للشمس سمَّاعِ
هو وين ملياااار أعاجمها و أعاربها و ين الزعامات من حكام و أتباعِ
نرسل تواقيع ... بالتوبه نطالبها نحسب عِدانا من التوقيع ترتاعِ!!!
وقِّع ... و عَبّ الورق و إملا جوانبها و ابصم بعد فوقها وبعشر الأصباعِ
الشمس ما ردّت كفوفك لواهبها و الذيب يغنم إذا ما بالحمى راعي
===================
مالي أراكَ كسيرَ الطّرفِ يا قمرُ؟
مالي أراكَ كسيرَ الطّرفِ يا قمرُ؟ وأدمعُ العينِ تهمي منكَ تنهمِرُ؟
ما لي أرى السحُبَ السوداءَ تجعلها كمن يريدُ بها سِتراً فتستَتِرُ؟
ما لي أراكَ حزينَ القلبِ منكسراً تكادُ من هولِ ما تشكوهُ تنشطِرُ؟
ما للطيورِ تجوبُ الأفْقَ غاضبةً؟ وكيف باتَ بلا أوراقِهِ الشجرُ؟
ما للجبالِ كأنّ اللهَ زلزلها ترى الصخورَ بها تهوي وتنحدِرُ؟
وما لشمسِ الضحى تاهتْ أشعّتُها فليس يسعدُ في أنوارِها الزّهَرُ؟
فصَدّ عني كأني لا أحادِثُهُ وظلّ من هول ما يُخفيهِ يعتصِرُ
وقال لي – وحروفُ الحزنِ باكيةٌ الوهنُ بادٍ بها والضعْفُ والخوَرُ
تملّكَ الضيمُ قلبي لا يفارقُهُ إني أكادُ من الأحزانِ أنتحِرُ
وفَلَّ صبْريَ أمرٌ لا عزاءَ لهُ فلا أكادُ لهولِ الأمرِ أصطبِرُ
الهمّ طوّحَ بي والغمّ أرّقَني فقلتُ:ماذا جرى؟ ما الخطبُ؟ ما الخَبَرُ؟
دهى العقيدةَ أمرٌ لو تدبّرَهُ قلبُ التّقيِّ لكادَ القلبُ ينفطِرُ
فقلتُ:حسبي إلهي ما الذي نطَقَتْ بهِ شِفاهُك؟ أفصِحْ أيها القمَرُ
فقالَ:عِرضُ الرسولِ البَرِّ دنّسَهُ علوجُ كفرٍ هُمُ الأرزاءُ والقَذَرُ
هُمُ العلوجُ فلا عِزٌّ ولا كرمٌ وكيفَ يكرُمُ من أسيادُهُمْ بَقَرُ؟
ترى الكِلابَ إذا شبّهْتَها بِهِمُ تثورُ تصرُخُ لا نرضى فذا جَوَرُ
"قومٌ لِئامٌ أقلَّ اللهُ عِدّتَهمْ كما تناثَرَ حولَ الفقحَةِ البَعَرُ"(1)
لَوَ انّهُمْ ذُكروا عندَ الحميرِ ترى الـ حميرَ تخجَلُ منهم ثمّ تستَتِرُ
سَبُّوا الرسولَ فيا قومي أليسَ بكمْ من يُلقِمُ الكفرَ أحجاراً ويبتَدِرُ؟
سَبُّوا الذي لو تناسَتْهُ القلوبُ قَسَتْ وحينَ تذكُرُهُ تزهو وتزدَهِرُ
لم يبقَ غيرُ علوجِ الكفرِ تنهش من عِرضِ الرسولِ بِهِ تهزا وتحتَقِرُ؟!!
لا باركَ الله في أعراضِنا أبداً إذا قُضِي بحبيبي دونَهَا الوَطَرُ
إنّ الرسولَ لنورٌ فازَ قابِسُهُ إنّا بشِرْعَتِهِ نسمو ونفتَخِرُ
إنّ الرسولَ سماءٌ لو لها جمعوا كلَّ الغبارِ لما ضَرُّوا وما كَدِروا
صلّى عليكَ إلهُ الكونِ خالِقُنا فداكَ روحي فداكَ السمعُ والبَصَرُ
فداكَ عِرضي وعِرضُ الناسِ كُلِّهِمُ فداكَ أهلي فداكَ الخلقُ والبَشَرُ
أسامة العتيك ( بريدة )
الأحد
22/12/1426 هـ(9/59)
(1) وجدتُ بيتَ حسانَ بنِ ثابتٍ -رضي الله عنه - هذا مناسباً لهذا الموضع - أجلّكمُ الله !
===============
محمد المبعوث للناس رحمةً
مدح الرسول
الشيخ جمال الدين الصرصري
يقول الشيخ جمال الدين الصرصري والذي قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية ج6ص299 : الصرصري المادح , الماهر , ذو المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , يشبه في عصره بحسان بن ثابت رضي الله عنه وقد قتله التتار حينما دخلوا بغداد سنة 656هـ. يقول:
محمد المبعوث للناس رحمةً يشيِّد ما أوهى الضلال ويصلح
لئن سبَّحت صُمُّ الجبال مجيبةً لداود أو لان الحديد المصفح
فإن الصخور الصمَّ لانت بكفه وإن الحصا في كفه ليُسَبِّح
وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا فمن كفه قد أصبح الماء يَطفح
وإن كانت الريح الرُّخاءُ مطيعةً سليمان لا تألو تروح وتسرح
فإن الصبا كانت لنصر نبينا ورعبُ على شهر به الخصم يكلح
وإن أوتي الملكَ العظيم وسخِّرت له الجن تسعى في رضاه وتكدح
فإن مفاتيح الكنوز بأسرها أتته فرَدَّ الزاهد المترجِّح
وإن كان إبراهيم أُعطي خُلةً وموسى بتكليم على الطور يُمنح
فهذا حبيب بل خليل مكلَّم وخصِّص بالرؤيا وبالحق أشرح
وخصص بالحوض الرَّواء وباللِّوا ويشفع للعاصين والنار تَلْفح
وبالمقعد الأعلى المقرَّب ناله عطاءً لعينيه أَقرُّ وأفرح
وبالرتبة العليا الوسيلة دونها مراتب أرباب المواهب تَلمح
ولَهْوَ إلى الجنات أولُ داخلٍ له بابها قبل الخلائق يُفْتَح
===============
هو المختارُ " صلى الله عليه وسلم "
د.عبدالرحمن العشماوي
هو المختارُ :" اللهم إني أحببتك وأحببت نبيك عليه الصلاة والسلام حباً صادقاً أرجو أن تغفر به الذنب ، وتُسعد به القلب ، اللهم تقبّلْها دفاعاً عن سيِّد الأبرار "
من نبع هديك تستقي الأنوار وإلى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة دينا يعزُّ بعزَّه الأخيار
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعها وتسامقت فى روضها الأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيدٍ صدقتْ به وبدينه الأخبار
أصغت اليك الجن وانبهرت بما تتلو، وعَمَّ قلوبها استبشار
يا خير من وطيءَ الثرى وتشرفت بمسيره الكثبان والأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجهه شمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفت بك هجرة وتشرَّفَ الأنصار
أنْشَأْتَ مدرسة النبوة فاستقى من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها وحديثها ولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلما شَرُفَتْ به وبعلمه الآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك ثُلَّةً بالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع أغلقوا فمها، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهم وإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهم وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا إلا وأفئدة العباد عَمَار
لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْ أصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍ وأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها آفاقَنا ، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فى كل الأمور ، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه إن لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها وهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا يدٌ وصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من به وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافر ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍ يشكو اندحار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع، أمامها وهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها من قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم يزل متخبِّطاً فى موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهم نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟ يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلما يجري (صديدٌ) فى القلوب ،و(قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرى بك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، وللدموع حكايةٌ عن مثلها تتحدَّث الأمطار:
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا أسمى ، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ(9/60)
لكنه ألم المحب يزيده شرفاً، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيارُ
=================
نِدَاءُ اسْتِغَاثَة
صلاح الدين الغزال :
لِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نُعَانِي تَحْتَ أَهْوَالٍ عِظَامِ
أَمَاتُوا أُمَّةً هَانَتْ وَنَادُوا بِأَنَّ سُبَاتَنَا لِلدِّينِ حَامِ
وَهُمْ أَعْدَاؤُنَا سِرّاً وَلَكِنْ هُنَاكَ تَفَاوُتٌ عِنْدَ الصِّدَامِ
فَبَعْضٌ فِي التُّرَابِ يَدُسُّ رَأْساً وَيَشْمَخُ بِاسْتِهِ مِثْلَ النَّعَامِ
وَآخَرُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ زَيْفاً يَسُوسُ النَّاسَ قَسْراً بِالحُسَامِ
يَرَوْنَ دِمَاءَنَا لِلسَّفْكِ حِلاًّ قُسَاةً يَلْهَثُونَ بِلاَ أُوَامِ
غَدَاةَ السِّلْمِ كُلُّهُمُ صُقُورٌ وَعِنْدَ الحَرْبِ أَشْبَهُ بِالحَمَامِ
يَدُوسُونَ النُّفُوسَ بِلاَ حَيَاءٍ وَقَدْ جُبِلُوا عَلَى سَحْلِ الأَنَامِ
غِثَاءُ السَّيْلِ صَارَ لَنَا شَبِيهاً نَهِيمُ بِلاَ هُدَىً مِثْلَ السَّوَامِ
رَسُولَ اللهِ لاَ تَأْبَهْ لِرَسْمٍ شَنِيعٍ صَاغَهُ بَعْضُ اللِئَامِ
تَصَدَّى نُورُ وَجْهِكَ دُونَ لأْيٍ مَعَ الإِيمَانِ جَهْراً لِلظَّلاَمِ
فَزَالَ الكُفْرُ عَنْ قَيْسٍ وَأَضْحَتْ بِكَ الرُّكْبَانُ تَرْفُلُ بِالسَّلاَمِ
وَهَا شَاهَدْتَ فِي الأَجْسَادِ نَزْفِي وَقَدْ كَرُّوا عَلَى المَوْتِ الزُّؤَامِ
شَبَابٌ لاَ يَخَافُونَ المَنَايَا تَداعُوا لِلَّظَى وَالأُفْقُ دَامِ
فِدَاكَ أَبِي وَرُوحِي دُونَ مَنٍّ أُقَدِّمُهَا إِلَى مَرْمَى السِّهَامِ
وَلَوْ قَدْ كَانَ لِي رَهْطٌ وَخَيْلٌ لأَسْمَعْتُ الأُلَى خَسِئُوا كَلاَمِي
وَلَكِنْ لاَ سِلاَحَ لَهُ نُفُوذٌ سِوَى قَلَمِي لإِيقَاظِ النِّيَامِ
فَلَيْتَ لَنَا بِجَوْفِ الغِمْدِِ سَيْفاً وَلَيْتَ لَنَا وَرَاءَ القَوْسِ رَامِ
جَمِيلُ الفِعْلِ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ نَزِيهٌ أَنْتَ عَنْ كُلِّ اتِّهَامِ
نِدَائِي يَا رَسُولَ اللهِ يَوْماً بِأَنْ أُشْفَى بِحَوْضِكَ مِنْ سَقَامِي
بِمَدْحِكَ أَرْتَجِي وَالوَيْلُ خَلْفِي وَقَدْ عَاثَ العِدَى حُسْنَ الخِتَامِ
==================
نَصْرُ المُخْتار ودَحْر الفُجَّار!
يوسف مسعود قطب حبيب :
نَبِحتْ شِرَارُ الخَلْقِ تَقْذِفُ بِالتُّهَمْ لِتَعِيبَ مَنْ أَرْسَى المَبادِئَ والقِيَمْ
أيْنَ النُّباحُ وإن تَكاثَرَ أَهْلُهُ مِنْ نَيْلِ بَدْرٍ قَدْ سَما فَوْقَ القممْ
أو نََيْلِ نَجْمٍٍ ساطِعٍ يَهْدِي الوَرَى سَعِدَتْ بِه وَبِنُورِهِ كُلُّ الأُممْ
جَادَ الكَريمُ بِهِ بِأَعْظَمِ نِعْمَةٍ فَتَحَ القُلوبَ بهِ وأَحْيا مِنْ عَدَمْ
قَدْ تَمَّمَ الأَخْلاقَ بَعْدَ ضَياعها وَشَفَى العَلِيلَ بهِ وأَبْرَأَ من سَقَمْ
بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ قامَتْ شِرْعَةٌ والفُحْشُ والبَغْيُ البَغيضُ قَد انْهَدَمْ
فَغَدا ظَلامُ الكَوْنِ صُبْحاً مُشْرِقا لَمّا اسْتَضاءَ بِنورِ أحْمَدَ وابْتَسَمْ
سَحّاءُ كَفُّ مُحَمَّدٍ بِعَطائِها كَالْغَيْثِ عِنْدَ عُمُومِهِ لا بَلْ أَعَمْ
مَن ذا يُطاوِلُ رَحْمَةً فِي قَلْبِهِ مَنْ ذا يُبارِي في السَّماحَةِ والكَرَمْ؟
فَلْتَسألِ الثِّقلينِ عَنْ أخلاقهِ بَلْ سائِلِ الطيرَ المُحَلِّقَ بِالقِمَمْ
مَنْ صاحَ بالأصحابِ رُدّوا فَرْخَهَ كَيْ يَسْعَدَ العُشُّ الحزينُ وَيَلْتَئِمْ
بَلْ سائِلِ الجَمَلَ الْبَهِيمَ إذِ اشْتَكَى لِمُحَمَّدٍ بِدمُوعِهِ مُرَّ الألَمْ
فَوَعَى الخِطابَ وقامَ يُعْلنُ غاضِبًا لا يَرْحَمُ الرحمنُ إلا مَن رَحِمْ
وَعَفا عَنِ الخَصْمِ اللَّدودِ وَسَيْفُهُ بِيَمِينِهِ, وَالخصْمُ قَدْ ألْقَى السَّلَمْ
هَلاّ رَأيتمْ مِثلَ عَفْوِِ محمدٍ عَنْ أهلِ مكةَ عَبرَ تاريخِ الأُمَمْ؟
**************
يا جاحِداً لِلْحَقِّ هل بدِيارِكُمْ لم يَبْقَ ذِكْرٌ لَلْعَدالةِ أو عَلَمْ؟!
هلاّ أقَمْتَ لِما افْتَريْتَ دَليلَهُ إنَّ الدَّليلَ لِكُلِّ قَوْلٍ يُلْتَزَمْ
هَلْ يَقْتُلُ المُخْتارُ شَيْخاً فانِيًا هَلْ يَقْبَلُ المُخْتارُ نَقْضاً لِلذِّمَمْ؟!
هَلْ مَثَّلَ المختارُ أو قَتَلَ النِّسا هَلْ أَهْلَكَ المُخْتارُ شَعباً وانتقَمْ؟!
فَهُوَ الطَّبِيبُ بِحَرْبِهِ وبِسَلْمِهِ يَجْتَثُّ أسْبابَ الشِّكَايَةِ والسّقَمْ
فِيُزيلُ أنظمةً تُجَرِّعُ شَعْبَها كَأْسَ المَذَلَّةِ والعِبادَةِ لِلصَّنَمْ
كَيْ ِيُشْرِقَ التّوْحِيدُ فِي أرْجائِها ولِيَشْكُرَ المَخْلوقُ مَنْ أسْدَى النِّعَمْ
هذا جهادُ نَبِيِّنَا وَمُرَادُهُ فاذْكُرْ مَقاصِدَ حَرْبِكُمْ كُلَّ الأُمَمْ
ولْتَسْألِ (الْبوسْنا) تُجِبْكَ نِساؤها الثْـ ـثَكْلَى وَقَبْرٌ جامِعٌ وبحارُ دَمْ
بَلْ سائلِ (الشّيشانَ) مَنْ أَوْرَى بِها ناراً أحَاطتْ بِالسِّهولِ وبالقِمَمْ؟!
والمسجدُ الأقصى يَئنُّ بِجُرْحِه بَيْنَ الجماجمِ سائلاً: أينَ القِيَمْ؟!
مَنْ أجَّجَ الحَرْبَيْنِ فتكا بِالوَرَى أمُحَمَّدٌ أمْ هُمْ أساطِينُ الْعَجَمْ؟!(9/61)
يوسف مسعود قطب حبيب
Yhabeeb@awq.gov.qa
=================
نظم الميمية في الذود عن خير البرية
تبا لرسام الضلال وبئسما خطت يداه بشأن ذا المعصموم
أنى لذي الطرف الحسير الأرمد إبصار شمس ضحوة ونجوم
لو كان للجرو السفيه مروءة تثنيه عن هزء ونشر رسوم
إن النبي لفيء نستظل به بشفاعة لمقصر وأثيم
من أنقذ الجنس اللطيف وأمة تئد الإناث وتحتفي بزنيم
من طهر البيت الحرام مبددا سحب الجهالة باترا لرجوم
البيت دنس بالتفسخ والمكا ء أي الصفير وبوءوا بعظيم
هل غير أحمد للرقاب مخلصا من ظلم أسياد وحر جحيم
يا خنفس الدنمارك بؤت بغضبة تشقيك أنت بفادح وهموم
الغرب قد أمضى عصور تخلف جن الضلال عليهمو بغيوم
فأزاح ذا الجهل المركب عنهمو قبسات وحي قد هدت لعلوم
طب ابن سينا لم يزل نبراسهم أس الدواء ومحتذى لفهوم
أسلافنا خاضوا الفنون فأبحروا فجناها غرب آنفا بكلوم
أنى لجرو نابح متورك نيلا لعلياء السماء نؤوم
نفسي وأهلي والخليقة كلها دون النبي وهجوه برسوم
=====================
في الذب عن عرضه صلى الله عليه وسلم
حسان بن ثابت:
هجوت محمدًا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدًا برًّا تقيًّا رسول الله شيمته الوفاء
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
ثكلت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كنفي كداء
يبارين الأعنة مصعدات على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات تلطمهن بالخمر النساء
فإن أعرضتمو عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لضراب يوم يعز الله فيه من يشاء
وقال الله: قد أرسلت عبدًا يقول الحق ليس به خفاء
وقال الله: قد يسرت جندًا هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد سباب أو قتال أو هجاء
فمن يهجو رسول الله منك ويمدحه وينصره سواء
وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفاء
=================
بأبي وأمي
رمضان عمر:
هذا المداد بمسك أحمد قد هما وازدان فيه مع النسيم مثالُ
أزهو به في رقة أشدو بها ليطيب في مدح الحبيب مقالُ
أقفو به كعب الأوائل ليتني كنت الذي آبت به الآمالُ
فتصيبني بعض الشفاعة حينها فأكون أسعد من حوته رمالُ
أفديك يا خير الخلائق كلها إن شط قوم أو بغى الدجالُ
بأبي وأمي كيف لا أفديك إذ بدأ القتال ودقت الأطبالُ
وتطاولت عصب الكلاب وأنفث من كل سم ناقع ريغالُ
قد زاد حد الحد حتى لم يعد يجدي مع الفعل الشنيع جدالُ
وتمرد الأزلام حتى أثخنوا طعنًا وكيدًا والحروب سجالُ
كذبوا ولو صدقوا لقالوا: إنه سحر الوجود فلن يعاب كمالُ!
خير البرية رغم أنف أنوفهم حاشا لمثلك أن يسيء مقالُ
فالقول دونك في المديح وإن علا ولشسع نعلك تسقط الأقوالُ
فليخسئوا، ولبئس ما جاءت به صفر الوجوه الخسة الأنذالُ
الراتعون مع الشياه كأنما شاهت وجوه الغرب فهي سمالُ
القاصرون عن الفضائل ما ارعووا واللؤم فيهم شيمة وخصالُ
شر البرية يا أشر خليقة خجلت لمثل فعالهن بغالُ
أحضارة الدجل السخيف أهكذا تؤتى المكارم؟! بئسما الأفعالُ
أخزى الذي سمك السماء بناءكم يا أيها السفهاء والأنذالُ
أحلام هرطقة، وخسة قاصر رَسَمَ الحقيرُ وشَبَّه المحتالُ
لا ليس في رسم الخسيس بلاغة إن البلاغة في الحبيب تقالُ
فهو الكريم إذا الكرام تعاظمت عند الزحام، وعزت الأحمالُ
وهو الفصيح إذا الفصاحة أينعت سالت بعذب حديثه الأقوالُ
فبذكره كان الغدو رياضنا ومع الغدو تمازجت آصالُ
وبمدحه مهج القلوب ترنمت وتراقصت طربًا له الأوصالُ
يا أيها المختار حسبك رتبة مهما تعملق لم يصلك خيالُ
فالكل خلفك واجمون كأنهم كبتوا تشد وجومهم أحبالُ
خيرت بين الخمر واللبن الذي فطرت عليه من الورى الأجيالُ
فاخترت فطرة أمة لمّا تزل خير القرون فتية تختالُ
وبنيت للإسلام صرحًا شامخًا طال السماء, فكيف ذاك يزالُ
أضحت به بغداد نجمة عصرها ضاءت إذا غرب الجنوب شمالُ
ومشى السحاب لكي يفارق أرضها فمشت توازي ظله الأجيالُ
وتتابع العلماء حتى أزبدت سوح البطاح فحملهن ثقالُ
ذاك ابن سينا والفرابيُّ الذي لو زِين زانت عُشْرُهُ الأثقالُ
ولدحية الكلبي إذ بسطت له شم القياصر كبرها الأمثالُ
لغسلت دون الكعب، لو سنحت لنا لقيا الأمين وفي اللقاء جمالُ
أقرئ نبيك يا دحية أنه حان الزمان وملكنا سيزالُ
سيزول ليل الظلم حتى تنضوي كل المكائد تختفي الأدغالُ
ويعم كل الكون عدل محمد ويذوب بغي ينتهي الأهوالُ
يا أمة المليار هل من عضبة نذكي النفوس كأنها المرجالُ
تجتث شأفة حاقد من أصله حتى يثوب مع الردى الدجالُ
فالصافنات من الجياد على الذرى قد أسرجت، وتقدّم الخيالُ
والعاديات الضبح تبرق في الدجا والموريات القدح والأجمالُ
يا سيدي ما إن رموك بسهمهم حتى تدافع للوغى الأبطالُ
وتعالت الرايات تعلن زحفها للنصر يعلو فوقهن هلالُ
من قبة الإسراء تغزل عزمها أتذود بالعزم الفتي نِصالُ
وتريق من دمها الزكي جداولاً نعم الدماء فداك حين تُسالُ
دقت به جند الحماس حصونهم فمشى النعي يقوده الإعوالُ(9/62)
والسمهري بها يغذ خطوطه فهوت عروشٌ حُطمت أغلالُ
وتقهقر الأسطول أسطول الخنا والبُش يصرخ أن هلمَّ تعالوا
وتناقص الشيطان لا يلوي إلى ما قد دعا وتقطعت أحبالُ
وتشرذموا فرقًا تجر خيولهم أذيال نكستهم، وآل مآلُ
لا تفرحوا.. أما فطنتم أنما سنجزّ رأسًا لن يطول نزالُ
ويباع في سوق النخاسة بشكم حتى تدوس جبينه الأطفالُ
يا أيها الغرب الكسيح رويدكم إن المعامع حملهن ثقالُ
ولنا خلقن ولن تسار لغيرنا تلك المكارم أيها الجهالُ
إنا قدحنا بالحماس نفوسنا فاستنفرت شررًا بنا الأوصالُ
وتضاعفت أحقادنا حتى إذا حمي الوطيس أتاكم الزلزالُ
سنهز عرش الكفر نكسر أنفه هذي الجموع يقودها الرئبالُ
هذي الجموع تدافعت نحو الردى تفدي الحبيب نفوسها والمالُ
سنغيّر التاريخ نصلح أمره حتى تعود لهديها الأجيالُ
وندق روما ثم نزوي بعدها كل المدائن لن يدوم ضلالُ
وعد النبي فكيف يخلف وعده كل الوعود مع النبي تُنالُ
هذه حقائق هدينا نسمو بها نحن الأشاوس نسوة ورجالُ
مهما بطشتم يا قساوسة الفنا فالحرب كرّ تارة وسجالُ
والحرب شم خيارنا إنا لها نحن الألى مهروا الوعى الأبطالُ
نحن الألى باعوا النفوس لربها فهو الذي قضيت به الآجالُ
فالموت إما أن يجيء فمرحبا يا موت حيّ ففي المنون منالُ
فهو الطريق إلى لقاء محمد ولقاء احمد بغية آمالُ
====================
إلى الحبيب الأعظم
د. زاهر الحسن :
هم يحسبونَ وقد سكتُّ غَضوبا صمتي وجرحي ، يا حبيبُ، ذنوبا
هم يزعمون بأنني لم أشتعلْ غضباً ، ولم أُشعِلْ فداكَ حروبا
هم يزعمون بأنني لم أرتحلْ شوقاً إليكَ ، ولم تكُ المحبوبا
هم يسلكون إلى رضاكَ دروبَهم وأنا أطير وما سلكتُ دروبا
واللهُ يعلم لو قسمتُ مشاعري بين القلوبِ لما بقينَ قلوبا
==================
ولقد سمعنا ما يسوءُ قلوبنا من دولةِ الأبقارِ والأجبانِ
ماجد بن محمد الجهني الظهران
عرضي فدا عرض الحبيب محمدٍ وفداه مهجةُ خافقي وجَناني
وفداه كلُّ صغيرنا وكبيرنا وفداه ما نظرت له العينانِ
وفداه ملكُ السابقين ومَنْ مضوا وفداه ماسمعت به الأذنانِ
وفداه كلُّ الحاضرين وملكهم وفداه روحُ المُغْرمِ الولهانِ
وفداه ملكُ القادمين ومن أتوا أرواحنا تفديه كلَّ أوانِ
خيرُ البريةِ والتُّقى محرابه تسمو محبَّتُهُ على الألحانِ
أزكى رسولٍ بالهدى قد جاءَنا وخليلُ ربي الواحدُ الرحمنِ
صلى عليه الربُّ في عليائه إذ زانه بالصدقِ والإيمانِ
واللهُ أعلا شانَهُ في آيِهِ وَلَدِينُهُ يعلو على الأديان
أخزى به ربي ضلالةَ مُشركٍ وأذلَّ أهلَ الغيِّ والصلبان
أعداؤه في نكسةٍ وبغلِّهم يصلونَ قَسْراً ضحضحَ النيرانِ
أعداؤه بُكْمٌ وصُمٌّ مارأوا أعداؤه هم أخبثُ العُميانِ
أهداهمُ إبليسُ من نزواتِهِ فتقَحَّموا في النارِ كالقُطْعانِ
تبتْ يدٌ لما أساءَت رسمها شُلَّت يمينُ المُجرمِ الفتَّانِ
اللهُ مُخزيهم ومُوبقُ سعيهم والله ذو بطشٍ وذو سلطانِ
يكفي الإلهُ نبيَنا من جُرمهم واللهُ منتقمٌ عظيمُ الشانِ
حُبُّ الحبيبِ محمدٍ أُهزوجةٌ يشدو بها قلبي مع الخفقانِ
واللهِ ماجاد النساءُ بمثله أكْرِم به من مُرسلٍ رباني
نورُ البريةِ عمَّنا بضيائِهِ فهو البشيرُ بصادقِ البرهانِ
من سبَّ هادينا وسبَّ إمامنا فلقد غدا دمه بلا أثمانِ
في حكم ملتنا وهدي كتابنا من سَبَّهُ في أسفلِ النيرانِ
مَنْ دنسوا حرماتنا قد أسرفوا عن بغيهم يتحدثُ الثقلانِ
قد دنسوا قُرآننا في أمسهم أواه يا أسفي ويا أحزاني
حتى المساجدُ مالها قدسيةٌ في عُرف أهل الظلمِ والعدوانِ
ولقد سمعنا مايسوءُ قلوبنا من دولةِ الأبقارِ والأجبانِ
من دولةِ الدَّنْمركِ ساء مقيلُها أخبارها جاءت مع الركبانِ
ولدولةِ النرويجِ في ناقوسهم سهمٌ من التهريجِ والهذيان
واللهِ قد هزُلت وبان هزالُها لما غدونا مطمعَ الفئرانِ
دولٌ كمثل الذرِّ في مقدارها دولٌ مدهدهةٌ على الجُعْلانِ
الشانئون لسيرةٍ قد عُطرت بالمسك والأزهارِ والريحانِ
أخزى الذي سمك السماءَ بناءَهم وأحالهم عِبَرَاً مدى الأزمانِ
الشانئون له تعاظم مكرهم كلٌّ له حِممٌ من الأضغانِ
كم منتدىً للكفر يُعلنُ جهرةً بقبيح قولٍ من بذيء لسانِ
كم في السجون من الزبانية التي هزأت بسيد أمةِ القرآنِ
كم في الصحافة من وضيع مفكرٍ جمع الضغينةَ في لبوسٍ ثانِ
متعالمٌ متحذلقٌ متفذلكٌ متدثرٌ بالزور والبهتانِ
أخزاهمُ ربي وفرَّقَ شملَهم وأقضَّ مضجعهم بكلِّ مكانِ
يا أمةَ الإسلام أين نفيركم؟ أعلو منائر سنةِ العدناني
أعلو منائر سنةٍ وتمسكوا بالهدي والتنزيل والفرقانِ
ذبُّوا عن المختار وارعوا حَقَّه لا يُلْهينكم زخرفُ الشيطانِ
أموالكم ضيعاتكم أولادكم ليست أعزَّ من النبيِّ الحاني
فالسُنَّةُ الغراء نِيلَ إمامُها فلتغضبوا لله يا إخواني
فبكم نظنُّ الخيرَ يا أحبابنا أحيوا مواقفَ عزةِ الشجعانِ
هذا قصيدي والقصيدُ مُقصرٌ قد قلتُ مافي الجُهدِ والإمكانِ
واللهِ قد شرُفَ القصيدُ وإنه شرفٌ لكلِّ قصيدةٍ وبيانِ(9/63)
شرفٌ بأن نجري له أقلامَنا شرفٌ لكلِّ فُلانةٍ وفُلانِ
تمت وأثنوا بالصلاةِ ومثلِها ما لاحَ غيمٌ أو بدا القمرانِ
====================
طه إمام المرسلين
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل:
يَا دَانَمَرْكُ النَّازِيَهْ يَا بِئْرَ فُحْشٍ عَاتِيَهْ
يَا رَأْسَ فِسْقٍ فِي الدُّنَا يَاذِي الْقُلُوْبِ الْقَاسِيَهْ
خَطَّتْ يَدَاكِ جَرِيْمَةً أَوْدَتْ بِهَا فِي الْهَاوِيَهْ
فَلِمَ السَّفَاهَةُ وَالْخَنَا مَاذَا اسْتَفَدْتِ وَمَا هِيَهْ
نَارُ الْمَذَلَّةِ فَاصْطَلِيْ يَا دَانَمَرْكُ الْوَاهِيَهْ
مِلْيَارُ قَلْبٍ أَضْمَرُوا أَنْ يَقْذِفُوْكِ بِدَاهِيَهْ
وَالْخَسْفُ آتٍ يَا زَنِيْمُ فَلَمْ تَذُوْقِيْ عَافِيَهْ
جَاءَتْ شَرِيْعَةُ أَحْمَدٍ مِنْ ذِي الْجَلاَلِ إِلَهِيَهْ
فِيْهَا الْهُدَى مُتَجَلِّيًا عَمَرَ الْقُلُوْبَ الْخَاوِيَهْ
وَمَحَى دَيَاجِيْرَ الْهَوَى فَبَدَتْ عُقُوْلٌ صَافِيَهْ
طَه إِمَامُ الْمُرْسَلِيْنَ فَيَا لِرُوْحٍ سَامِيَهْ
بَرٌّ رَحِيْمٌ سَيِّدٌ رُوْحِيْ فِدَاهُ وَمَالِيَهْ
صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مَا سَمِعَ الْمُصَلِّيْ الْوَافِيَهْ
وَالآلِ وَالصَّحْبِ الْكِرَامِ هُمُ النُّجُوْمُ الْعَالِيَهْ
==================
واستمطروا غضبًا
عبدالله البصري :
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ وَابكِي عَلَى الفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ
وَاستَفرِغِي الدَّمعَ لا تُبقِيهِ قَد عَظُمَت مُصِيبَةُ الكَونِ سُبَّ المُصطَفَى العَرَبي
سَبُّوا نَبيَّ الهُدَى وَاستَهزَؤُوا عَلَنًا بِالهَاشِمِيِّ المُفَدَّى طَاهِرِ النَّسَبِ
سَبُّوهُ وَاستَهزَؤُوا وَاستَمطَرُوا غَضَبًا فَليَرقُبُوا عَن قَرِيبٍ ثَورَةَ الغَضَبِ
يَا وَيحَهُم أَيُّ جُرمٍ قَد أَتوهُ أَمَا لِلحِقدِ حَدٌّ وَزُورِ القَولِ وَالكَذَبِ
يَا وَيحَهُم أَينَ مَا كَانُوا إِلَيهِ دَعَوا في مجلِسِ الأَمنِ مِن سِلمٍ وَمِن رَحَبِ
أَينَ الحِوَارَاتُ أَمْ أَينَ القَرَارَاتُ أَمْ أَينَ الوُعُودُ التي صِيغَت مِنَ الذَّهَبِ
أَمْ أَنها دُولَةٌ بَينَ اليَهُودِ وَمَنْ أَمسَى عَلَى دَربِهِم مِن عَابِدِي الصُّلُبِ
تَبًّا لها مِن حِوَارَاتٍ وَتَبًّا لَهُ سِلْمًا يُدَانُ بِهِ إِلا مَعَ العَرَبِ
بِالأَمسِ أَبدَوهُ تحقِيقًا لِمَصلَحَةٍ كَانَت تُدَارُ وَأَخفَوا غَيضَ مُرتَقِبِ
وَاليَومَ فَاهُوا بما تُخفِي صُدُورُهُمُ مِن إِحنَةٍ زَالَ عَنهَا مُظلِمُ الرِّيَبِ
الحِقدُ قَد بَانَ وَالبَغضَاءُ قَد ظَهَرَت وَالكُرهُ قَد شَبَّ في الطَّاغِينَ كَالجَرَبِ
يُمسِي بِبَلدَةِ أَوغَادٍ وَيُصبِحُ قَد أَلقَى بِأُخرَى رِحَالَ القَصدِ عَن كَثَبِ
أَغرَى بِهِ سَاسَةُ الأَبقَارِ إِخوَتَهُم فَاستَجمَعُوا النَّطحَ في هَرجٍ وفي صَخَبِ
لم يَرقُبُوا مَوثِقًا فِينَا وَمَا اكتَرَثُوا يَومَ استَخَفُّوا بِدِينٍ أَو بِعِرضِ نَبي
لَكِنْ لَنَا اللهُ مَولانَا نُؤَمِّلُهُ عِندَ الرَّخَاءِ وفي الشِّدَّاتِ وَالنُّوَبِ
وَهْوَ الحَسِيبُ وَكَافِينَا وَنَاصِرُنَا في كُلِّ خَطبٍ فَلا نَخشَى مِنَ الغَلَبِ
اليَومَ نَبكِي بِدَمعٍ سَاجِمٍ وَغَدًا قَد يَضحَكُ الدَّهرُ مِن أُنسٍ وَمِن طَرَبِ
================
يا أيَّها الدنماركُ .. إلا رسولَ اللهِ
مصطفى العاني :
إلا رسولَ اللهِ يا أقزامُ أوَ يُستباحُ محمّدٌ ويُضامُ ؟
أوَ يستهانُ بسيِّدٍ دانَتْ له كُلُّ الرقابِ وذلَّتِ الأصنامُ؟
يا أيُّها الجبناءُ إنَّ رسومَكم في حَقِّ أحمدَ كلُّها إجرامُ
لا، لن تَطالَ محمداً وجنودَه مادام مصدرَ عزِّنا الإسلامُ
إنّا جنودُ محمَّدٍ لو ساءَهُ سُوءٌ فنحنُ الواثبُ الضرغامُ
لو شاكَهُ شوكٌ فإنّا دونَه وفداؤُه الأرواحُ والأجسامُ
يا أيُّها (الدَّنِمَرْكُ) سوف نذيقُكُم طعمَ الهوانِ وساءَ ذا الإيلامُ
يا أيُّها الأنذالُ ليس يضيرُنا قولٌ ولا رسمٌ ولا أفلام
أنتم عبيدٌ للعجولِ وروثِها بل أنتمُ الأبقارُ والخُدّامُ
لسنا إلى أبقارِكم في حاجةٍ أو منتجاتٍ صاغهنّ لِئامُ
إنَّا وإنْ كَثُرَ العِدا لكنّنا سيفٌ لأحمدَ صارمٌ صَمصامُ
سنذودُ عنه يقودُنا قرآنُنا وتراثُه والحبُّ والإعظامُ
يا أيُّها (الدَّنِمَرْكُ) ليس يسوؤُنا هذا الثغاءُ لأنَّكُم أغنامُ
إنَّ النبيَّ بقلبِ كلِّ موحِّدٍ ومساسُه فَتْكٌ بكم وحِمامُ
إنَّ الحبيبَ ذرىً وليسَ يضيره تلكَ الرسومُ فكُلُّها أوهامُ
قد راعكُم دينٌ أطاحَ بصرحِكم وأخافكُم ذا المعولُ الهدّامُ
فلكلِّ من يؤذي النبيَّ وصحبَه ونساءَه، التقتيلُ والإضرامُ
سَنَشِنُّ حملتَنا نقاطعُكُم بها ولنا بذلكَ رِفعةٌ ووسامُ
لا لن نلينَ وَقَدْ بَدَتْ أحقادُكُم رُفِعَت بذاكَ الصُّحْفُ والأقلامُ
"إلا رسولَ الله" فهي شعارُنا ومحمّدٌ عِزٌّ لنا وإمامُ
=================
يا نبيّ الله عُذرًا.... !!!
صفاء رفعت:
يا نبيّ الله عُذرًا.. فلك الفضل وأكثر
يا نبيّ الله عُذرًا.. فبِك العلياء تفخر(9/64)
بِِتُّ في الحزن سُهادي.. وأنين القلب يزأر
0000000000
قد منحتَ للبرايا رحمةً بالهَدْيِ تُؤثَر
ولسانًا جامعًا للخير كاللؤلؤ يُنثَر
وأزاهيرَ من النور ورَيْحانًا مُعطّر
وطريقًا للخلاصِ إن وعاها الحُرُّ يظفر
وعهودًا من سلامٍ عاجلَ الخيرِ مُيسّر
وقلوبًا في رحاب الخيرِ تُؤطَر
بِودادٍ ورباطٍ ليس يُكسَر
000000000000
وتواضعت فكُنتَ.. أُسوةٌ تُحكَى و تُعْبَر
وتلقَّيْتَ قلوبًا صادية بالكفر تجهر
تُضمرُ الحقد وتعدوا في ابتغاء الظلم تسمر
فغدت في الحق نورًا في التماس الخير تسهر
وتحملّت خطوبًا يهوِي لها الصخر ويُقْهَر
وأبيْتَ أن تكون داعيًا بالشرِّ يُنصَر
***
فحباك الله ذكْرًا في الورى أندى وأعطر
صرت في العلْيَا سراجًا.. إن نور الله أنضر
000000000000
كيف يأتي اليوم عبدٌ جاهلٌ.. لا ليس يُذكر
يدّعي من فرط جهلٍ أن شمسَ الله تُخفَر
يبتغي بالبغيِ مُلكًا زائلاً كالجمر يُسعَر
إنْ أُقيم الوزن يوم الدين يخسر
كيف يزعم أنَّ نور الهدي وهمٌ.. أن عهد الله أصغر
يدّعي السوءَ بسُكر.. ومن نبي الله يسخر؟!
00000000000
يا رسول الله عذرًا.. فلك الفضل وأكثر
يا نبيّ الله عذرًا.. فبك العلياء تفخر
إن نقضنا اليوم عهدك.. فلنا الخزيُ وأحقر
في سبيل الله نمضي.. إن جُند اللهِ أصبر
في سبيل الله نسعى.. لا نحيدُ و لا نُؤخَّر
إن عهد الله أبقى.. وحدود الله أكبر
===================
على أبواب المدينة
شعر: يحيى بشير حاج يحيى
هَبَّتْ نسائمُ طيبةِ الأطيابِ
وتَضوَّعتْ، فإذا الشآم عبيرُها
دارُ الكرام إذا وصلتَ قباءها
يُنسيكَ لُقياها اغترابكَ والأسى
يَمَّمتُ وجهي نحوَ مسجدها الذي
ووقفتُ في روضِ النبيِّ مُسَلِّماً
ومؤمّلاً نيلَ الشفاعةِ في غدٍ
يا ربِّ قد بذلَ الألى أشعارَهم
وبذلتُها نصْراً لدينِ محمدٍ
فامننْ عليَّ بتوبةٍ أنجو بها
أيامُ عُمري آذنتْ بخريفها ... فلقيتُها بالبشر والتَّرحابِ
فمضيتُ مُشتاقاً أشدُّ ركابي
أصبحتَ في أهلٍ وفي أصحابِ
والشوقَ للأوطانِ والأحبابِ
تُشفى القلوبُ به من الأوصابِ
أهْفو إلى الصِّدِّيقِ والخَطّابِ
ومشاعري مَشبوبةٌ ورغابي
في اللهو والإفسادِ والإغضابِ
ووهبتُه عُمري وزهوَ شبابي
مِنْ سوءِ أعمالي بيومِ حسابي
فمتى يكونُ إلى رضاكَ إيابي؟!
=================
ما بين الهجرة والهجمة
سيد سليم سلمي
( مما قلته للأحباب في خطبة الجمعة ولا زلت أردده : نصر الله حبيبه ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ بعد ضيق في مكة وفي مكان ضَيِّقِ ( غار ثور) {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } 40التوبة
) وها نحن نعيش في غار فسيح ، يحاصرنا الضيق رغم السعة ، ويعمنا العسر رغم اليسر ، ويلفنا الظلام ؛ بسبب بعدنا عن النورين) كتاب الله وسنة نبيه ) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ) مما أغرى شرار الناس بنا ، وسلط علينا أخس البشر وأسوأ الناس ، فبعد أن فعلوا ما فعلوه بأمتنا هاهم يختبرون إحساسنا عن طريق السخرية بأعظم الرسل وسيد الكائنات ـ صلى الله عليه وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى جميع عباد الله الصالحين ـ وإذا كانت آية الغار قد بينت حال ما حدث من نصر في الضيق داخل الغار ، فإن هذه الآية ـ آية اتخاذ أهل البغضاء بطانة قد بينت وتبين ما يحدث لحكامنا ولنا الآن ـ أتمنى من الجميع حفظها وتمعنها ـ وهي قوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } ( 118 ـ آل عمران (
والله أكبر والنصر قادم ، وإذا جاء رد الحكام ضعيفا ، فقد جاء رد الشعوب قوياً والحمد لله { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}(8-9 الصف ) صدق الله العظيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) .
ما بين عامٍ قد مضى وينادي
ويهزني نحو المدينة ذاكراً
يا يوم هجرة أحمد زنت الدنا
قد ودع المختار مكة قاصداً
في الغار نصر الله رافق عبده
فانظر إلى جند العزيز تسابقت
أوحي الإله أن ادفعوا كيد العدا
العنكبوت تجيد نسج خيوطها
وحمائم باضت لتجعل بيضها
إنا رفيق الغار في كنف الذي
اثنان والله المهيمن ثالث
لما أتى المختار طيبة داعيا
خرج الجميع مصدق ومكذبٌ
هذا هو المختار يبني أمةً
يبني حضارتها على أسس الهدى
دين بنى صرح العدالة شامخاً
يا من بنيت على السماحة دولةً
ورحمت كل العالمين بمنهجٍ
وصنعت من دنيا الرجال أماجداً
رهبان ليل في عبادة ربهم
ما بالنا صرنا شتاتاً بعدما
الغرب يسخر من طبيب قلوبنا
يا سيد الهادين عذراً إننا(9/65)
لما تركنا نبعك الصافي إلى
يا أمة الإسلام هذا دينكم
وصموه بالإرهاب حاشا إنما
قد غلَّفوا باسم التحرر خبثهم
نقد اليهود جريمةٌ حتى وإن
يا قادة الإسلام طال سباتكم
واستقبلوا كيد العدو بوحدةٍ
إن العدو وإن بدا متبسماً
بدت العداوة في تفلِّت لفظهم
والله كاشف ما تكن صدورهم
إن رمتم إطفاء نور نبينا
الله ناصره ومظهِر دينه
ما ضر بدر التم في عليائه
لن تطفئوا شمس الضحى لن تخسفوا
مولاي صل على النبي وآله ... عام أتى مستنطقاً لفؤادي
ما شاده المختار من أمجاد
وغدوت أصل العيد للأعياد
أرض السلام وموطن الرُوَّاد
والوعد وعد الله خير عتاد
لتكون عوناً للحبيب الهادي
ولْتمنعوا الكفار نيل مراد
كحديد صلب في يد السراد
للماكرين يفوق كل عناد
أوحى فأغشى أعين الأرصاد
بمعيةٍ هي أعظم الأجناد
للسلم والتوحيد والإسعاد
كغرام موعودٍ على ميعاد
في طَيْبة تسعى إلى الأمجاد
لا فرق بين أكابرٍ وسواد
لا فرق بين أحبة وأعادي
فيها من الأخلاق خير الزاد
كم حرر الإنسان من أصفاد
أنعم بهم من سادةٍ رواد
ولدى الوغى في قوة الآساد
كان التوحد شيمة الأجداد
ويبث ما ينبي عن الأحقاد
صرنا بأعينهم كذر رماد
بئر العدو كأسوأ الوراد
نبع الهدى والنور والإرشاد
فيه الجهاد لرد كيد العادي
أين التحرر صانعي الأصفاد ؟
قد جاء بالتحقيق والإسناد
هبُّوا فليس الوقت وقت رقاد
مدعومةٍ بتآلفٍ ووداد
فالخبث والإجرام طي فؤاد
وقلوبهم محشوة بسواد
في سقطةٍ أو ما تخط أيادي
خبتم فرب العرش بالمرصاد
ومؤيدٌ بالعون والأجناد
نبح الكلاب وهجمة الأوغاد
بدر الدجى يا أسوأ الحساد
مشفوعةً بسلام دون نفاد
====================
يا حبيبَ الروح !
شعر :
د. كمال أحمد غنيم
kghonem@mail.iugaza.edu
عندما كنتُ صغيراً؛
لم أعانِ اليتمَ مثلكْ !
بل ضياعاً في لجوءٍ مسَّ شعبكْ.
كنت أمضي من رصاصات المنايا
نحو مسراك وقدسكْ.
بدأتْ هجرة روحي
منذ ميلادي... لنبضك.
عجنتني مع دموعي
بمزيجٍ من تراب قدسيٍّ مسَّ وجهك.
* * *
كنتَ حُلْمي حين أصحو،
وحنيني حين أغفو،
ويقيني حين أكبو،
وضياءً يحتويني عند ذكرك.
كنتَ نوراً... يهتدي دربي بعطرك!
* * *
سرتُ في إثرك وحدي في دروبٍ،
عرفتها خطواتُ الصدق بعدك.
يا حبيبَ الروحِ عفوَك !
قد تَلفَتُّ، فأدركت بأني لست وحدي...
سارت الدنيا بإثرِك.
***
لم تعدْ في الغارِ وحدَك !
لم تعد في شِعْبِ من قد حاصروا،
أو طاردوا،
أو صوّبوا سيفَ المنايا نحو صدرِك.
صارت الدنيا دار أرقمَ تصغي...
هزّها الشوق لهمسك !
لا تبالي بحكايات أُبَيٍّ وسلولٍ،
ورسومٍ نفثتها عنكبوتُ الحقد ضدّك...
* * *
عندما كنت صغيراً
علمتني وقفاتُ الحِلْمِ درسَك !
لا تبالي ببقايا شلْوِ حقدٍ،
قد رماه الجهل فوقك !
وتزيح الشوك من أطراف ثوبك.
كان بالإمكان أن يرتاح قلبك...
ويثور الأخشبانِ قبل أن يرتدّ طرفَك.
كان بالإمكانِ، لكنْ...
ليس بالإمكانِ أن يهتزّ صبرك.
باسمٌ والموتُ يضحك .
راحمٌ والحقد نارٌ قد أذابت حامليها،
وربوع الكون تسعى نحو مجدك.
* * *
يا حبيبَ الروحِ... عفوَك!
كانت الراحةُ ملكَكْ،
رغم ريحٍ من سَمومٍ بصقتها البومُ حولك.
يا حبيبي ظلّ بالإمكان أن يرتاحَ قلبك.
لن يمسّوك بسوءٍ...
وعبيرُ النورِ يسري في ربوعِ الكون حولك،
... زارعاً في الناسِ حبك
... باعثاً في الناس (بدرك)
... رافعا في الناسِ ذكرك
* * *
يا حبيبي...
صار بالإمكانِ أن يرتاحَ قلبك !
===============
مولد الهادي
... شعر : منير محمد خلف . سورية
mner-l@scs-net.org
البدرُ لولا سناهُ ما ألفناهُ
من خالص الحبِّ للمختار سيّدِنا
قلبي يبعثرني من فرط لهفته
وكيف نشقى وهل غير الحبيب هوىً
لولاهُ ما اكتحلتْ ألوانُ فرحتنا
يا حسرة الشعر لا تبدو محاسنه
اليومَ مولدُ فجري والهوى تعبٌ
إنّ الحياة غرامٌ في دمي.. ودمي
حبيبيَ المصطفى قلبي يحمِّلني
ماذا أقول لفرط النار في جسدي
قد يسلك القلبُ غيرَ الحبِّ منعطفاً
يا أيّها القمر الملتاع من سفرٍ
خذْ للحبيب غرامي إنني كلفٌ
خذْ كلّ ما فيَّ من حزنٍ ومن فرحٍ
يا خير مَنْ أثمرتْ في كفّه لغةٌ
آهٍ عليّ..على قلبي وما اقترفتْ
لا تعجبوا شعريَ المغسول من فرحٍ
إنْ كان حزني حراماً عند صبِّكمُ
لا تطفئوا ظمئي فالعشقُ ملتهبٌ
الكلُّ يسعى إليه عند رؤيته ... والليلةَ البدرُ يشدو ما حفظناهُ
محمّدٍ أشرقتْ أحلى مزاياهُ
إلى لقاء حبيبٍ قد عشقناهُ
يسقي الفؤادَ ويحمي ما بنيناهُ
لولاه ما زفّتِ الأعيادُ لولاهُ
إنْ لم يكن عابقاً من طيبِ ذكراهُ
من شدّة الشوقِ يخشى ما تمنّاهُ
مثل البراكينِ لا تطفيه أمواهُ
آهات شوقٍ وحولي كلُّهُ آهُ
والحبُّ لولا ضرامٌ ما عرفناهُ
لكنْ هواهُ غرامٌ ما نسيناهُ
خذْني إليهِ فإنّي الدهر أهواهُ
في حبّهِ وخذ التسبيح أحلاهُ
وللحبيب صلاتي حين تلقاهُ
ما ازّيّنتْ حولنا الأفلاكُ لولاهُ
يداه من إثم ما كنّا زرعناهُ
هو السعادةُ لا مالٌ ولا جاهُ
فأعمق الوحي كان الحزنُ فحواهُ
أيُطفئُ الملحُ جرحاً قد رضعناهُ(9/66)
والخيرُ الخيرُ فيما اختارهُ اللّهُ
=================
نور العين
فدوى محمد سالم جاموس
فِداؤكَ – سيّديْ –ولَديْ ونفْسيْ
وأميّ- سيّدي-وأبيْ ، وقَوميْ
أهابُ سَناكَ ! كيفَ سأجْتَليهِ
وإبداعيْ هَزيلٌ فيكَ حتّى
ولكنْ غرّنيْ طَمَع بأنيّ
وتَرتعش القوافيْ في ابتهاجٍ
ضياءَ الروحِ ،يا مصباحَ قلبيْ
وطابَ بكَ الكلامُ وكان مرّاً
أَنورَ نُبوّة رشَفتْ حروفيْ
فدِبيّ يا سَعادةُ في عُروقيْ
أبوالزهراءِ،نورُالعينِ،تَسريْ
وتَختلجُ الفَرائِصُ والحَنايا
حَبيبي، روحَ روحيْ قلبَ قلبيْ ... وما ملَكتْ يِديْ .. يا تاجَ رأسيْ
ويَوميْ سيّدي وغدي وأمسيْ
بِلفظٍ لا يَفيْ لِشُعاعِ شَمسِ!؟
لو استَخرجْتُه مِن كلّ جِنسِ
بِمدحكَ يَزدهيْ شِعريْ وحِسّيْ
وتَأنَسُ مُهجَتيْ بِكَ أيّ أُنسِ!
حَلا بكَ يا حَبيبُ مَذاقُ كأسيْ
ونَثَّ حَلاوةً في كلّ جَرْسِ
وباحَ بِسرّها قلَميْ لِطِرسي!؟
دَبيبَ النورِ ، بَعدَ ضنىً ويأسِ
مَحاسِنُه بشِعري دونَ لَمْسِ
بِضوءٍ وَمْضُهُ أصداءُ هَمْسِ
بِلمسَةِ راحَتَيكَ يَزولُ بُؤسيْ
=====================
ونحري يا رسول الله درع
شعر: يحيى بشير حاج يحيى
أيُشْتَمُ خيرُ مَنْ صَلّى وصَاما
وأوْرَقَ هَدْيهُ في كُلِّ أرضٍ
ولم تَعْرِفْ لَهُ الدُّنيا مَثِيلاً
ودَعْوَتُهُ تُظَلِّلُ كُلَّ حيٍّ
وَتَعْجَبُ بعدَ ذلكَ إنْ غَضِبْنا
وأنتم تَذْرِفونَ الدمعَ زُوراً
وآذَيْتُم رسولَ اللّهِ فِينا
فأيُّ مُقَدَّسٍ مِنْ بعْدِ هَذا
فَنَحْري_ يا رسول الله_ دِرْعُُ
أَمَرْتَ فكنتَ أفضلَ مَنْ دعانا
أَرَيْناهُم صُنوفَ العدلِ دِيناً
وأنْصَفْنا بَني الأديانِ طُرّاً
ورُبَّ كَنيسةٍ عاشَتْ زَمَاناً
وَعمَّتْ رَحمةُ الإسلامِ فيهم
وبالحُسْنى _ولم نُكْرِهْ شُعوباً_
فَلَسْنا نَرْتَضي الإكراهَ دِيناً
فَتَحْتُمْ للعداوةِ شرَّ بابٍ
وبالتَّهديد أخرَسْتُم شُعوباً
رسولُ الله أنْصفَكم بِعدلٍ
سيبقى خالدا ًفي كُلِّ نفسٍ ... ويُهْزَأ بالذي أرْسى السلاما
مُساواةً وعَدْلاً واعْتِصاما
وَمَا ا تخَذَتْ سِواهُ لها إِماما
وَقَدْ عَدَلَتْ فأَنْقَذَتِ الأَنَاما
لِرِفْعَةِ مَن بِدينِ اللهِ قاما
على صَنَمٍ لبُوذا كاليتامى
بِرَسْمٍ زائفٍ هَتَكَ الحَراما
تُقيم له البَرايا الاحتراما
تَقي، وتَرُدُّ مَنْ رامَ ا قْتِحاما
لإنصافٍ وعَدْلٍ لا يُسَامَى
ولم نَرْضَ المَظالِمَ والظَّلاما
وسامَحْنا وسالَمْنا كِراما
ولولا عَدْلنا صارَتْ حُطاما
ولم نَخْفِرْ لهم يوماً ذِماما
دَعَوْناهم لدِينٍ قدْ تَسامَى
لمخلوقٍ وإنْ فينا أَقاما
وزِدْتُمْ نارَ فِتْنَتِكُمْ ضِراما
وللإرهابِ أرْسَيْتُمْ نِظاما
ولم يُشهرْ بِوَجْهِكُمُ الحُساما
ولو ذاقَتْ لنُصْرَتِهِ الحِمَامَا
======================
رسول الله الهدى
د.عدنان علي رضا النحوي
عَانِقي المجْدَ وَاخْفقي يَا بيدُ
رَايةٌ بَعْدَ رَايَةٍ وَزُحوفٌ
لاَ يَزَالُ التّاريخُ يَدْفَعُهُ النَّصْـ
وَالنُّبُوَّاتُ آيَةُ الله يُجْلَى الحَـ
تَصِلُ الأَرْضَ والزَّمَانَ فَتَمتَـ
يَا لَحَقٍّ جُذُورُهُ ضَرَبَتْ في الأَ
إِنَّهُ جَوْهَرُ الحَيَاةِ وَفَيْضٌ
إِنّهُ الوَحْيُ والرِّسَالةُ لِلنَّا
سَيِّدُ النَّاس ! بَيْنَ نَصْرٍ من اللَّـ
إِنَّهُ أَحْمَدُ النّبيُّ ! فَبُشْرَى
فَمِنَ اللهِ كُلُّ فَضْلٍ عَلَيهِ
* * *
يَا جَلالَ الإِسْراء : يحْمله الشـ
والفَضَاءُ الممتَدُّ يَنْشُرُ أَنْوا
أَيُّ نُورٍ يَطُوفُ بالكَوْن تُجلى
إِنه المُصْطَفَى ! أَطلَّ فَهَبَّتْ
وإِذا السِّيدُ العَظِيمُ إِمَامٌ
وإِذا أَنْتِ يا فِلَسْطِينُ نُورٌ
فاخْشَعي يا رُبَى فهذِي دُرُوبٌ
وَربَاطُ للهِ تَحْرُسُهُ العَيْـ
* * *
يَا ظِلاَلَ الأَقْصَى ! نَدَاكِ غَنيُّ
كلُّ شِبْرٍ بِهِ مَوَاقِعُ وَحْيٍ
إِنَّ دَاراً يحَوطُها اللهُ تأْبى
إِن أَرضاً لله لاَ يَتَوَلّى
مَنْ يَخُنْ عَهْدَهُ مَعَ الله يُرْهِقْـ
* * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِنَ اللَّـ
وصَلاةٌ عَلَيْكَ ، تَخْشَعُ فِيها
كُلُّ فَتْح بَلغْتَهُ هَو آيا
غَيْرَ أَنَّ القُلوبَ أقسى على الفَتْـ
فَسَبيلُ القُلوبِ هَدْيٌ من اللـ
فإذا مَا التَقى على الحقِّ سَيْفٌ
فَبَنَيْتَ الَّذي تُقَصِّرُ عَنْهُ
أُمّةُ لمْ تَزَلْ إِلى الله تَسْعَى
* * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِن اللَّـ
وَصَلاةٌ عَلَيكَ نَعْبُد فِيها اللَّـ
رَحْمةٌ أَنْتَ لِلعِبَادِ مِنَ اللَّـ
فاذْكُرِي " أُمَّ مَعْبَدٍ " قِصَّة الشَّـ
مَسَحَ الضَّرْعَ في يَدَيْه رَسُولُ الـ
رَوي الصَّحْبُ وانْثَنَوا وكأَنّ الضَّـ
آيةُ الله ف_ـي يَدَيْهِ وَذِكْرُ الـ
إِن رَوَى الصَّحْبَ كَفُّهُ فَهُدَاه
يَرْتَوي الدَّهْرُ من هُدَاه فَيَدْنُو
* * *
أَيُّها المصطفى ! تَفَرَّدْتَ في الخَلْـ
أَنْتَ مَعْنَى الوَفَاءِ : ذِكْرُكَ في الأَرْ
زَانَكَ اللهُ ! حُسْنُ وَجْهكَ إِشْرَا
لا تَكادُ الشُّهُودُ تَملأ عَيْنَيْـ
ذِرْوَةُ البَأْسِ في فُؤادك في الحَرْ(9/67)
لَوْ تَنَادَوا مَن الفَوَارسُ في الدَّهْـ
أَنْتَ في الحَرْب يَحْتَمي بِكَ أَبْطا
حَسْبُكَ المَدْحُ أَنْ تكون عَلَى خُلْـ
كُلُّ آيٍ مِنَ الكِتابِ وَذِكْرٍ
* * *
يَا رسُولَ الهُدَى ! حَمَلْتَ إِلى النَّا
كم مَسحْتَ الدُّمُوعَ آسيتَ مَحْزَو
وَدَفَعْتَ الأَسَى وَرَعْشَة خَوفٍ
أَنْتَ أَرجَعْتَ لابنِ آدَمَ حَقّاً
وَعُتأةٌ بَغَوا عَلى النّاس حَتَّى
يا حُقُوقَ الإِنسان ! هذا هو الحَـ
إِنَّها مِنْحَةٌ مِن الله ! حَقٌّ
فاسْتَقيموا للهِ نَبْنِ سَلاماً
* * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! عَدَلْتَ وسَاوَيْـ
جَمَعَ اللَّهُ أُمَّةَ الحَقِّ إِخْوَا
غَيْرَ أَنَّ الزَّمَانَ حَالَ فَعَادتْ
أَشْعَلُوا الأَرْضَ فَجَّروهَا بَرَاكِيـ
صاحَ من هَوْل مَكْرِهم كُلُّ جَبّا
غَيرَ أَنَّ اليقينَ يَبقَى ويمضي
* * *
كَيْفَ أَرْقَى إِلى مَديحِكَ لكنْ
غَلَبَ الشوقُ رَهْبَتي ، وصِرَاعٌ
كُلَّما لَجَّ في فُؤادِيَ شَوْقٌ
وإذا بالخُشُوعِ يَرْفَعُ أَشْوَا
إِنما الله وَ الرَّسُولُ هُمَا الحُـ
يا لدَرْبٍ شَقَقَتَهُ " في سَبِيل الـ
مَاجَ فِيهِ مِنَ الهِدَاية نُورٌ ... كُلُّ يَوْمٍ عَلى رِمَالِكِ عِيدُ
في مَيَادِينها وَفجْرٌ جَديدُ
ــرُ ويَبنِيهِ مُؤمِنٌ وشَهيدُ
ـقُّ في نُورِها ويُجْلَى الوُجُودُ
ــدُّ مَواثِيقُ أُمَّةٍ وَعُهُودُ
رْض وامْتَدَّ سَاقُهُ والعُودُ
عَبْقَرِيٌّ وَفاؤُهُ وَالجُودُ
سِ و هذا رَسُولُها المَشْهودُ
ــهِ وَعِزًّ لِوَاؤُه مَعْقُودُ
بَيْنَ آياتِ رَبِّهِ وَوَعِيدُ
آيَةُ الحقِّ والهُدَى التّوحِيدُ
* * *
ـوْقُ وَجِبْريلُ والبُرَاقُ الشَّديدُ
راً فَتَنَشَقُّ ظُلْمَةٌ وسُدُودُ
مِنْ سَنَاه أَحْنَاؤُنَا و الكُبُودُ
لِلقَاهُ نُبُوَّةٌ وَجُدُودُ
وجَلاَلٌ يَحُوطهُ وحُشودُ
يَتَلاَلاَ وَجَوْهَرٌ وَعُقُودُ
لجِنانٍ وَمَحشَرٌ وخُلُودُ
ــنُ و قَلَبٌ ووثْبَةٌ وَزُنُودُ
* * *
بالرَّجَا ، صَادِقُ الوَفَاءِ ، رَغيدُ
وَجِهادٌ عَلَى الزّمَانِ جَديدُ
أَنْ يُخَانَ الوَفَا وتُطْوَى الوُعُودُ
عن حِمَاهَا فتىً أَبَرُّ جَلودُ
ـهُ عَذَابٌ مِنْ ربِّهِ وَصَعُود (2)
* * *
ـهِ ومِنْ مُؤمِنٍ لَهُ تَرْديدُ
أَضْلُعٌ أَسْلَمتْ وهذِي الكُبُودُ
تٌ مِن الله خَيْرُها مَمدودُ
ـحِ وَأغْلى سبيلُها والجهُودُ
ــه ، سَبيلُ البِلادِ سَيْفٌ حَدِيدُ
وَبَلاغٌ فَذَاك فَتحٌ مَ_ـجِيدُ
عَبْقَرِياتُ أَعْصُرٍ وَحُشودُ
هي فَتْحٌ مِنْهُ وَنَصْرٌ فَريدُ
* * *
ـهِ ومِنّا الوَفاءُ والتوحِيدُ
ـهَ نرجو رضاءَه ونُعيدُ
ــهِ وفَضْلٌ مُهْدًى وَخَيْرٌ مَدِيدُ
ـاةِ وَقَدْ جَفَّ ضَرْعُها والوَرِيدُ (3)
لَّه فاشَتدَّ دَرُّهَا والجُودُ
ـرعَ تَدْعو : لَئِن ظَمِئتُمْ فعودوا
ـله في قَلْبِهِ خُشُوعُ وَحِيدُ
يَرْتَوِي منه صَاحِبُ وَبَعيدُ
مؤمِنُ خَاشِعُ وَيَنْأَى كَنُودُ
* * *
ـقِ نَبِيّاً عُلاَكُ أُفْقُ فَرِيدُ
ضِ حميدٌ وفي السَّماءِ حَميدُ
قٌ وإِشْرَاقُهُ جَلاَلٌ وَدُودُ
ـها فَيُغْضِي مِنَ الجَلاَل الشُّهُودُ
ب إِذا احْمرَّ بأَسُهُا وَرُعُودُ
ــر لَقالُوا : ذا الفَارِسُ المَعْدُودُ
لٌ وَيأْوي لِظِلِّكَ الصِّنديدُ
ـقٍ عَظيمٍ يُتْلَى بِهِ الكِتابُ المُجيدُ
هُوَ ذِكْرٌ على الزَّمَانِ جَدِيدُ
* * *
سِ سَلاماً يَرْعاه دِينٌ وصِيدُ
ناً فَحَنَّتْ إِليك مِنْهُمْ كبُودُ
فاطمأَنْت إِلى الوَفاءِ العُهودُ
كَمْ أَضاعَتْهُ فِتنةُ وجُحُودُ
تَاهَ في الدرْب جَائعٌ وطَرِيدُ
ـقُّ ! سِواهُ فباطِلٌ مَرْدودُ
لمْ تُشَرِّعْهُ عُصْبَةٌ وَعَبيدُ
لمْ تخالِطْهُ فِتْنَةٌ ووعودُ
* * *
ـتَ فَمَا جَارَ سَيِّدٌ ومَسُودُ
ناً فَهبّتْ عَزائِمٌ وَجُهودُ
للشّياطِين دَولَةٌ وجُنودُ
ـنَ فَمَادَتْ ذُراً ومَادَ عَمُودُ
رٍ وَجُنَّ اللَّهيبُ " والأُخدودُ "
مَوكِبُ الحَقِّ يَجْتَلي وَيَرودُ
* * *
غَلَبَ الشَّوقُ والحَنينُ الشّديدُ
في فُؤادِي يَغيبُ ثُمَّ يَعُودُ
دَفَعَ الشَّوْقُ رَهْبَتي فَتَزيدُ
قي فَتَصْفُو وتَرْتَقي فَتَجُودُ
ــبُّ وَ لله وَحْدَه التَوحِيِدُ
ـلَّه " عَهْدٌ عَلَى الزَّمَانِ جديدُ
وسَرَايا تتابَعَتْ وحُشوُدُ
(1) ألقيت هذه القصيدة في مؤتمر حول ( المدائح النبوية تاريخها وأساليبها ) . أورانج أباد في الهند خلال الفترة : ( 26 ـ 28 )/2/1409هـ الموافق (7ـ9)/أكتوبر 1988م ثم جعلت هذه القصيدة جزءاً من ملحمة الأقصى وديوان مهرجان القصيد . وقدّمت في هذا المؤتمر بحثاً حول ( الإِطار الصحيح والأسلوب الأمثل للمدائح النبوية ) .
(2) صَعُود : جَبَلُ في جهنم ، عقبة شاقة .
(3) ( أمُّ معبد ) صاحبة الخيمة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسألان لحماً وتمراً يشتريانه منها . فلم يصيبوا شيئاً . فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد عن الغنم ودعا وسمى الله تعالى ، فتفاجَت عليه وذرت وروي الجميع . فآمنت وبايعت على الإسلام
==========
بلد الأبقار(9/68)
د.عثمان قدري مكانسي
othman47@hotmail.com
يا مسلمون : حبيبُ قلبِكُمُ النبي
يحيَوْن للكفر لا دينٌ ولا مُثُلٌ
تاهوا وضلّوا ، وكُرْهُ الحقّ دَيْدنُهم
لا يرقبون - كما قال الإلهُ- بنا
يبغون منا على الأيام غفلتنا
يسعَوْن فينا على الأزمان َمنقصةً
ونحن فيهمْ إذا ذلّوا على كرمٍ
في ديننا نحتفي بالرْسل قاطبةً
ولن ترى لنبيّ فضل سابقةٍ
وفي الأناجيل والتوراة مهزلةٌ
لم ينجُ من إفكهم إنْسٌ ولا مَلَكٌ
لو أنهم عقلوا ما في كتابهِمُ
فإن عيسى على الأشهاد بشّرهم
واليوم ويحهُمُ يرمون سيدَهم
أم كنت ترجو من الخِنّوْص مكرمةً
هم مثلُ ما عايشوا ثيرانُ مزرعةٍ
لن نقبل العذر منهم إنهم" نجس"
والمسلم الحق َمن يهوى " محمّدَه "
صلّوا عليه وصونوا الدهر ملتَهُ
يا رب هبْه العلا ثم الوسيلة في ... يؤذيه قوم على الإفساد قد ساروا
ولا مروءة َ، بل فُحشٌ ودينارٌ
وشتمُ دينِكمُ في شرعهم ثارٌ
إلاًّ وعهداً وفي عدوانهمْ جاروا
كي ينفثوا حقدَهم والغدرُ دوّارٌ
ومرجل الغيظ في الأحشاء أوّارٌ
أو يظهَروا فالدٍّما في الساح أنهار
وذكرُهمـ سامقٌ والقدر موّارٌ
في غير إسلامنا ، حبٌّ ومقدارٌ
إذ حُرّفتْ فرجالُ الله أشرارٌ !!
والرسْل واحسرتا في القوم فُجّارٌ!
من وصف طه لكانوا للهدى طاروا
بالمصطفى، دينُه شمسٌ وأنوارٌ
مَن جاءهم رحمةً – حاقت بهم نار
أو كان يرقى إلى الأفهام "iأبقارٌ"
يحدوهمُ مُرقُصٌ والقسّ خمّارٌ
ولو أتَوْنا وملءُ الأرض أعذارٌ
وينصرالدين . من للدين أنصارٌ؟
فالنصر غالٍ وأهل الدين أحرارٌ
جوار فضلك ، نعم الفضل والجار
======================
في نصرة الحبيب الأعظم
( صلى الله عليه وعلى آله وسلم )
محمد عبد الرحمن باجرش
أيطفئُ الشمسَ في عليائها قزمُ
ما بالُ أعمى على الأنوارِ نِقمَتُه
ما بالُ أعورَ في وحلٍ يخامره
ما بال ألعوبةَ الشيطان يملؤُها
يُثْني العزيز وهذا الغرّ ِينكرهُ
قد جاءوا جرماً تعاظمَ أن نردده
تنؤ من حمله ِأرضٌ وما حملت
ليت القريضَ له نارٌ تقاذَفَها
فدتهُ أرواحُنا لا شِيك في قدم ٍ
فهو الحبيبُ الذي في كل ما نَفَسٍ
فكان في عالم الأرواح يُبهجها
فهو الذي في مرايا الكون يملأها
فقلبه ثبَّت الدنيا إذ اضطربتْ
كم مِنَّةٍ منهُ بعد اللهِ تغمرنا
فديته أبداً قد حل أُحْجِية
وأرَّق الجهلَ والشيطانَ في سكنٍ
وأرهب الدنسَ المغشيِّ في قذرٍ
مخلَّد حبه لا عاش شانئُهُ
ينسى الورى بؤسَهم في قرب روضته
تزيد أعداد من لبوا لدعوته
تبثُّ أرواحُهم للروح لوعتها
رويدك.. العقل ينفي ما نعقت به
حمرَ الخنازيرِ سلهم عن معارفهم
تصدروا الناس فانقلبت سجيتهم
فكانـ في سيرهم عنتٌ يعذبُهم
فمدَّ خيرُ الورى كفاً لينقذهم
فليتهم سكتوا في قعرهم كمداً
لاثوا الحقيقة فانبلجت فوارسُها
الحلم ُيأتي على الجُهالِ مكرمةً
يروعكم أنكم في قبضةٍ غَضِبت ... أم يحجبُ النورَ في آفاقه سَخمُ
ضلَّ الطريقَ وفيه الحمق والسقمُ
يقول أين الذي تسمو به القممُ
جمرُ الضغينةِ بالأحقاد تضطرمُ
يردَّ في القول والقهار منتقم ُ
شلت قواهم لما قالوا وما رسموا
وفوقها السبعُ والأملاكُ والقلمُ
ريحُ العذابِ فترمي شؤمَها إرم ُ
ولا أساءَهُ من أفواههم نسم ُ
يزداد حباً له الأرواحُ تبتسم ُ
وبعدها عالم الأبدان يحتكم
نوراً تُلألؤُه الآياتُ والحِكم ُ
و حضنهُ رحمةٌ يخبو لها الألمُ
تزيدُ في عدِّها الآلاءُ والنعمُ
ظلّت ضلالاتُها في الدهر تحتدمُ
و أيأس الشرك َ أن يرقى له صنم ُ
مع الخفافيش يشقى, دهرُهُ الظلمُ
وطيَّب الكونَ ذكرٌ كلُّه كرمُ
ويستضيئ لهم من نوره الحرم ُ
وسابق العربَ فيه السودُ و العجمُ
وتحكي الشوقَ لما يعجز الكلمُ
لكنه الحبُ يَطْغَى سيلهُ العرمُ
هل يعرفوا غير ما قد تشتهي البَهَمُ
تمشي الرؤوسُ ويحكي الذيلُ والقدمُ
وكانت أسماعهم عن سُعدهم صمم ُ
فكان في ردهم اللؤم والندمُ
حتى يجئ إلى إخمادهم عدم ُ
تهب في نصرةٍ فيها لهم قسم ُ
لكنه جاء فيكم وابلٌ هَدِم
تجري لها سنةٌ ما شاء تنتقمُ
=================
بحب رسول الله
شاعر طيبة
محمد ضياء الدين الصابوني
عضو رابطة الآدب الإسلامي العالمية
بحبِ (رسولِ اللهِ) قلبي مُتيَّمُ
وحبُّ رسولِ اللهِ رأسُ سعادتي
ولا يكمُلُ الإيمانُ إلا بحبهِ
تقرَّبْ إلى مولاكَ في حُبِّ (أحمدِ)
وأيُّ امرئٍ يجفو أخاهُ فمجرمُ
حبيبي (رسولَ اللهِ) إنّا فِداؤُكم
مقامُ (رسولِ اللهِ) حيّاً وميتاً
وسَبُّ (رسولِ اللهِ) كُفرٌ بشرعِنا
ألا غضبةٌ مضريّةٌ (لنبينا)
ويا علماءَ العصرِ هذا نبيّكم
ويا أيها (الحكّامُ) أينَ دفاعُكمْ؟
فثوروا على من سبَّ شخصَ (محمدٍ)
حرامٌ علينا إنْ رضينا مَهانةً
ويا عُصبةَ الأوغادِ مالي أراكمُ
سخرتم بشخص (المصطفى) وهزئتمُ
فأنتم لئامٌ حاقدونَ ودأبكمْ
ألا لعنةُ القهّارِ دوماً عليكمُ
لئن كانَ (عيسى) أحيا ميتاً (بإذنِهِ)
رأوا سيدَ الساداتِ تعشقُهُ الدُنى
وقد رأوا التقصيرَ والضعفَ فيكمُ
فأينَ (صلاحُ الدينِ) يحمي رسولَهُ(9/69)
وإني لأرجو أن نقاطعَ دولةً ... وإني في حُبِّ الحبيبِ لَمغرمُ
أفوزُ بها عندَ الصراطِ وأسْلَمُ
وحُبُّكَ يا (مختارُ) للقلبِ بَلسمُ
ففي حبّهِ جنّاتُ عدنٍ وأنعمُ
فكيفَ بمنْ يؤذي النبيّ ويُجرِمُ؟
فإنّكَ شمسٌ والصحابةُ أنجُمُ
مقامٌ عظيمٌ، عظّموهُ وكرّموا
فيا علماءَ الدينِ ثوروا وحَطّموا
فكلُّ امرئٍ منكم لدى الحقِّ ضَيغَم
فمن يسكُتنْ عن شتمهِ فهو مجرمُ
فأنتم حماةُ الدينِ والأمرُ فيكمُ
فإنْ أنتمُ قصّرتمُ فجهنَّمُ
لسيدنا (الهادي) أيرضاهُ مسلِمُ؟
ركبتمْ مُتونَ الغدرِ والجهلُ مظلمُ؟
سينتقمُ الجبّارُ منكمْ ألا اعلموا
إثارةٌ شحناءٍ غدتْ تتضرّمُ
ولابدَّ يوماً أن تذِلوا وتندموا
فإنَّ حنينَ الجِذعِ للحبِ أعظم
فجُنّوا وراحوا يسخرونَ وقد عَموا
فساروا على نفسِ الطريقِ وأجرموا
يُذيقُهمُ كأسَ الردى وهو علقم؟
طغتْ وبَغتْ والمكرُ عشَّشَ فيهمُ
==================
إلا محمدا رسول الله
فيصل بن محمد الحجي
(إلا محمداً) استثناء ليس على إطلاقه..! بل هو استثناء مقيد بالمفهوم من واقع الحال، والمستثنى منه هو: الخسائر المادية والبشرية التي تعرّض لها المسلمون على يد الدول الاستعمارية وصنيعتهم إسرائيل.
أتعجبُ أنَّ الليثَ أرغى وأزبدا
وثارتْ جموعُ الصابرين على الأذى
غدا الحلمُ يُغري المعتدين، فأوغلوا
ومن ألفَ الإطراقَ للذلِّ علَّهُ
فقد عاشَ في الدنيا ذليلاً مخلداً
فمزّقْ لجامَ الحلمِ في غيرِ أهلهِ
يقولون لي: حرية فاقبلوا بها!
وما منحَ الإنسانُ حريةً سوى
فيا أمةَ الإسلامِ قولي لنائمٍ:
ألا انهضْ فإنَّ العارَ كفَّنَ غافلاً
لقد أسرفوا ظلماً.. فما عذرُ قومنا
ألم يبدؤوا استعمارنا دونَ رحمةٍ؟
ملأتم خيالَ الشعبِ ذكرى قبيحة
أسرتم، ضربتم، أو قتلتم وطالما
سرقتم، نهبتم، بل جحدتم حقوقنا
غرزتم قذى صهيون في عينِ أمتي
حصدتم جمالَ الروضِ بغياً، فلا ترى
وجئتم –بغاةَ العصر- بالإفك علّهُ
وألبستم العدوان ثوباً مزيفاً
وآخرُ عدوانٍ شتمتم محمدا
هنا ينهض الصمصام عصفاً مزلزلاً
هنا يُحضر الأحفادُ ذكرى جدودهم
فلا ينحني.. هيهاتَ! ليثٌ وينحني؟!
لديكم طعامٌ فاحفظوه.. فعندنا
فإنا –بني الصحراءِ- يُسكرنا الظما
ويحلو لنا الصبرُ المريرُ.. ومن دعا
فلا ترجموا باللومِ إلا سفيهكم
ومن يجحد الأفضال يحصدْ مرارة
ألا سائلِ التاريخ يا جاحدَ الندى
طلعنا على الدنيا شموسَ هجدايةٍ
نشرنا لواء العدلِ فانتعشت به
فكم سَعِدوا لمّا أحبوا محمدا
وقد نهلوا ماءَ الحضارةِ صافياً
عرضنا –بلا إكراهَ- دينَ محمدٍ
وغشّى على الدنيا سلامٌ وعفّةٌ
خسئتم –وربِّ البيتِ- هذا حبيبُنا
* * *
لئن صنعَ (الغربُ) الوسائلَ كلّها
فما عنده إلا: غروبٌ وظلمةٌ
وما (الغربُ) إلا الليلُ يبدو.. ويختفي! ... وأبرقَ زلزالُ الجهادِ وأرعدا؟
عقوداً.. وحلمُ المسلمينَ تَبدَّدا؟
بإيذائنا من أجل أن نتعودَا
يزولُ بعفوٍ من ظلومٍ مع المدى
ويحيا مع الأخرى ذليلاً مخلدا
فهم يفهمونَ الحلمَ عجزاً مؤكّدا
ألا بئسما حرية تشتم الهدى!
إذا قاربَ الخطوَ الرشيدَ وسدّدا
ألا امسح عن العينينِ نوماً وإثمدا
تجاهل وغداً قد تجبّر واعتدى
وقد أسرفوا بالصبر حتى تجمّدا؟
ألم يزعموا فضلاً لهم متجددا؟
وصيّرتم وجهَ الحضارةِ أسودا
تطاولَ علجٌ في حمانا وعربدا
إلى أن غدا الفقرُ الخدينَ المُنَكَّدا
فأضحى منارُ العين أجهرَ أرمدا
زهوراً وورداً بل عِضاها وغرقدا(1)
يزِّينُ للأغرار قبحاً مجسّدا
وسميتم الإجرامَ نهجاً مسدّدا
خسئتم.. يهونُ الكلّ إلا محمدا!
وتحلو لصنديدٍ معانقةُ الردى
ويصيحُ شبلُ اليومِ كالليثِ أصيدا
ولا ينثني! هيهاتَ أن يترددا!
إباءٌ يغذينا، ويغني عن العِدا
ويُتخمنا الجوعُ المعطّرُ بالفِدى
لنقتاتَ (حلواكم) فدعوتُهُ سُدى
ولا تقذفوا بالجهلِ إلا مؤيدا
ومن يشتم الأشرافَ يَخْنُسْ مهددا
إذا أنت لم تنصت سيصفعكَ الصدى
أضاءت لكل الناس درباً مُلبّدا
شعوبٌ ظماء للعدالةِ والهدى
وحُق لناجٍ أن يعزّ ويَسعدا
فلا ظلمَ.. لا استعمارَ أضنى وأفسدا
فلبّوا نداءَ الحقِّ شيخاً وأمردا
سلامٌ حقيقيٌ وليسَ (مقلّدا)!
بنا وبأهلينا يُصانُ ويُقتدى
* * *
ورامَ صُعوداً في الفضاءِ وأبعدا
وما يُرتجى الإنصافُ منهُ ولا الندى
ويُشرقُ إسلامي إلى آخر المدى!
(1) العِضاه: شجر له شوك، والغرقد: شجر اليهود كما جاء في الحديث الشريف، وله شوك أيضاً.
============
أبا الزهراء
د. حيدر الغدير
إلى مقام الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم الذي تطاول عليه البغاث من علوج الدانمرك والنرويج.
فداؤك قبل قافيتي الجَنانُ
وقبل الناس سيدهم تلظّى
مضوا للثأر يسبقهم هديرٌ
* * *
ستبقى النورَ ما بقي الزمانُ
وما طلعت على الآفاق شمسٌ
وأما شانئوك فهم بغاثٌ
ستطويهم ضلالتهم ليغدوا
إذا طلع الصباح فلن يراهم
وإن سأل الأنامُ الدهرَ عنهم
* * *
عِداك وأين هم؟! هلكوا وبادوا
أبو جهل، أبو لهب، سجاحٌ
قريظةُ، والنضيرُ، وقينقاعٌ
ومن جاءت إليك وراحتاها(9/70)
فطوَّقَ جيدَها مسدٌ فتبّتْ
وكسرى جاء يهديه كتابٌ
أراهم في الدنى أضغاثَ حلم
وإن الله –ج_ــلّ اللهُ- ب_ـاقٍ
ويبقي بعض ما صنعوا وقالوا
كما أبقى لنا فرعونَ موسى
* * *
وأرناطٌ(2) تسوَّره غرورٌ
سقاه الوهم والشيطان كأساً
رنا للمستحيل رنوَّ قردٍ
فعاد يسوقه وذويه رعبٌ
ويخطو ثم يكبو ثم يحبو
عفا الشهم الصلاح عن الأسارى
فقال لهم لكم مني سلامي
لكم مني أماني دون هذا
قتلتُ الناكث العهد احتساباً
* * *
ويا عيسى فديتك جئتُ أشكو
أذاة ذويك قد جهلوا وضلوا
نعظمك احتساباً لا كِذاباً
وحبك في الجوانح والمآقي
ويا عجباً به بشَّرتَ قِدْما
وأنت نبينا وهم الدعاوى
إذا طال الخصام بنا هتفنا
* * *
وأخزى الله أقواماً دعاهم
لقد صمتوا وإن الصمت لؤمٌ
عليهم من مخازيهم غواشٍ
فهم موتى وإن ذهبوا وراحوا
* * *
سلاماً أمةَ الهادي وشكراً
غضبتِ لأحمدٍ ونهضتِ عجلى
ولا عجبٌ فأنت لكل خطبٍ
ويقتحم الشجاع ذرى الرزايا
وبين المجد والعجز افتراقٌ
* * *
ويا قومي حذار من التواني
"وما نيل المطالب بالتمني"(7)
"وما استعصى على قوم منالٌ"(8)
ستبقى أمتي ظئرَ المعالي
وفي الأخطار تنهض وهي أقوى
فإن العسر يمنحها حياةً
تجدِّدها وتصقلها الرزايا
سلوا عنها الغواشي كابدتها
فها هي حين ننظرها بقايا
غدت للدود في الدُمن البوالي
* * *
"أبا الزهراء قد جاوزت قدري"(9)
لنصرك فانتضيتُ دمي وروحي
وقبلي معشر كُرموا وجلوا
وأمتكَ الولود وأفتديها
سلوا عنها الحفاظ ألم تكنه
بلى.. كانته أفعالاً وقولاً
* * *
أبا الزهراء.. إن النصر آتٍ
فِداك أبي وأمي والغوالي
ومن كانت حميتهم مَضاءً
شموس هدايةٍ وليوث غابٍ
هم الأصداءُ للجلى دعتهم
وفي الحرب الشريفة مسعروها
تساوى عندهم نصر وقتل
دعتهم للوفاء وهم بنوه
حموكَ –حماهم المولى- فعزّوا
أمانيهم منادمة المنايا
ويا مولايَ أنت الحق عقداً
وأنت مكارمٌ عزّت، ويعيا
لك الشرف الذي يعلو ويزكو
* * *
أبا الزهراء دونك كل قول
وإن حَسُنَ القصيد فأنت مُهدٍ
كتبتُ قصيدتي بدمي وروحي
وكان مدادها غضبي وحبي
وكنت بها معنّىً مستهاماً
عساي أنالها في الحشر ذخراً
* * *
أبا الزهراء أمتك استفاقت
تسير به إلى الدنيا المذاكي
تناقله الأماني والمنايا
* * *
غد الإسلام يا مولاي مجد
وخير النصر ما زانت حُلاهُ
ونصر الخيِّرين هدىً وعدلٌ
وبعض النصر في الدنيا شقاءٌ
ونصر المسلمين غداً فَعالٌ
وقبل السيف تحميه السجايا
وبالرعب انتصرتَ فكل شيء
وكان الرعب قبل الجيش جيشاً
* * *
ويا مولاي حمّلني سلاماً
وعهداً أن يُفدّوكَ احتساباً
وأسيافٌ مظفرةٌ وخيلٌ
إذا الباغون قد حشدوا الرزايا
فهم في اللوح سطرٌ أن يفوزوا
* * *
وأقدار الإله جرت وتجري
ومن يحسب لدورتها أفولاً
* * *
ويا مولاي أغلى ما نُرَجّي
ونلقى الأمنيات وأنت فيها
ونبصر ربّنا بدراً تماماً ... وقبل السيف روحي والبيانُ
عليه جلاله والصولجانُ
تناقله البوادي والرِّعانُ
* * *
وما زان الرياضَ الأقحوانُ
وما صدح المؤذنُ والأذانُ
وفرية أحمق، هانت وهانوا
نفاياتٍ يطاردها اللِّعانُ
فهمْ وهمٌ تبدد أو دخانُ
أجابـ: شراذمٌ كانوا فحانوا(1)
* * *
وبادَ ضجيجهم والهيلمانُ
مسيلمةٌ، حُييُّ الأفعوانُ
وكعبٌ وهو باغٍ ثعلبانُ
بها حطبٌ ومهجتها اضطغانُ
يداها والمآقي والجَنانُ
ومزّقه فمزقه الزمانُ
وما تدري به حتى الجفانُ
ليخزي كل من مكروا وخانوا
عظاتٍ ليس يخطئها العيانُ
يشير إليه في العظة البنانُ
* * *
غداة دعته أحقادٌ تُشانُ
فطاش به انتفاشٌ وافتتانُ
تسخّره العصا والبهلوانُ
فهم في لجّه العاتي دِفانُ(3)
وشلَّ القلب منه واللسانُ
وجندله فذلوا واستكانوا
وعفوي والحفاوة والعِوانُ(4)
فليس لناقضٍ عهداً أمانُ
وربي –وهو حسبي- المستعانُ
* * *
وأنت الطهر نضراً والحنانُ
وعاثوا بالنبوة واستهانوا
وأمك وهي طاهرة حَصانُ
وهم لأخيك من سفهٍ شِنانُ(5)
ذويك فأنكروا البشرى وخانوا
ومنهم قد برئتَ غداةَ مانوا(6)
غداً يدرون من منا المُدانُ
* * *
إلى الغضب الوفاءُ فما أبانوا
لدى الجُلَّى وآلهتهم قِيانُ
وملء قلوبهم ذامٌ ورانُ
وهم جيَفٌ عليها الطيلسانُ
* * *
لقد كنتِ الوفية لا تُشانُ
وهبّ مع الزمان لك المكانُ
كفايته وللسهم الكِنانُ
ويفرق في مخاوفه الجبانُ
وبين المجد والجد اقترانُ
* * *
فإن الوهن للهلكى عِنانُ
ولكنَّ الغِلابَ هو الضمانُ
إذا ركبوا المخاطر واستهانوا
وهمّتُها الشواهق والقِنانُ
وسِفرُ الحرب يشهد والزمانُ
وإن المعتدين لها امتحانُ
كأن بلاءَهُنّ لها مِرانُ
فردتها يجلّلها الهوانُ
من الأشلاء عاث بها الطِّعانُ
طعاماً واليبابُ هو الخُوانُ
* * *
غداة دعتنيَ الحرب العَوانُ
وطرتُ أقول: لا عاش الجبانُ
هم الخيل العِرابُ ولا حِرانُ
يسير بها إلى السبق الرهانُ
كما شاء العلى والعنفوانُ
وأمجاداً يطول بها الكيانُ
* * *
يقول بشيره آن الأوانُ
ومن نهدوا سراعاً أو أعانوا
فزانتهم وزانوها فكانوا
وخيلاً أقبلت ولها إرانُ(10)
وفي النادي الندى والمهرجانُ(9/71)
وفي السلم السماحة والحنانُ
وأهوال الشدائد والليانُ
سجاياهم غضبن فما توانوا
وكانوا السيفَ يظفر أو يُصانُ
وفعل الخير إن دينوا ودانوا
فرائده الهداية لا الجُمانُ
إذا استقصى مداهن الجنانُ
ويقصر دونه إنسٌ وجانُ
* * *
فلي عذري إذا عجز البيانُ
لآلئه وهنّ مُنىً حِسانُ
وكان القلب يملي لا اللسانُ
ودمعي، والوفاء ليَ امتحانُ
شغوفاً وهي عني الترجمانُ
يكون ليَ الشفيعَ فلا أدانُ
* * *
وجاءت وهي نصرٌ إضحيانُ
ولمع البيض والسُّمرُ اللِّدانُ
ويعدو فيه كالبرق الحصانُ
* * *
عليه مع الوسامة عنفوانُ
مآثره اللواتي لا تشانُ
وعهدٌ في مآقيهم يُصانُ
وبعضٌ رحمة فيها الأمانُ
تضوعُ شذاً وأخلاقٌ حِسانُ
وبعد النبل يحميه الضمانُ
بعين عِداكَ سيف أو سنانُ
لُهاماً(11) لا يُشقُّ له عنانُ
* * *
لك المليارُ أخلصه الجنانُ
وهم صدقٌ وأفئدةٌ هِجانُ(12)
لها في الخطب إقدامٌ وشانُ
فإن ذويك بالله استعانوا
وهم قدرٌ يسير به الزمانُ
* * *
فناجٍ أكرمته أو مهانُ
جَهولٌ عربدت فيه الدّنانُ
* * *
ونأملُ أن تنادينا الجنانُ
ذؤابتها وهنّ المهرجانُ
جهاراً لا يضام لنا عِيانُ
الهوامش:
1- هلكوا.
2- هو رينودي شاتيون، وتسميه الرواية العربية أرناط، كان من قادة الصليبيين الكبار وكان شجاعاً مقداماً، وفاتكاً غداراً، نكث بالعهود وسطا بقافلة الحجاج، وتوهم أنه سيصل إلى المدينة المنورة والقبر الشريف، وعمل على ذلك وقد أقسم صلاح الدين الأيوبي أن يقتله بنفسه، وفعل ذلك بعد انتصاره في معركة حطين.
3- مدفونون.
4- عون، 5 - كراهية، 6- كذبوا، 7 و8 و9- شوقي، 10- نشاط، 11- قوي، 12- خالصة.
=============
صلّى عليك الله
ميسون قصاص
ريح الصّبا تزكي الصّبابة في الحشا عند الهبوب
وتحرّك الأشواق تطوي بالمنى بُعدَ الدّروب
فإذا الحياة بمرّها تحلو وتنساها الكروب
وتهون في الدّرب الصّعاب وينجلي ليل الخطوب
يا أحمدَ الهادي ويا نوراً أطلّ على القلوب
من كلِّ شيءٍ حسنَهُ آتاك علّام الغيوب
فالشّمسُ حزت ضياءها والغيمُ مدمعَه السّكوب
والطّيرُ أهدت شدوها والزّهرُ أهداك الطّيوب
أهدى الصّباح حياته وسكينةً أهدى الغروب
يا منذراً ومبشّراً من عند علّام الغيوب
يا داعياً وسراجَ نورٍ قد أضاء لنا الدّروب
ذكراك تحيينا وحبّك غيثنا يروي القلوب
وحديثك الهادي رياض ليس فيها من لغوب
صلّى عليك الله
يا من ذكره يمحو الذّنوب
صلّى عليك . . صلّى عليك
=================
يا حبيب
إيمان رمزي بدران
bent_alquran@hotmail.com
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهدي هذه الكلمات إلى سيدي ومولاي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
وأرجو أن يكون مديحه في ميزان حسناتي يوم ألقى الله تعالى
يا من بوصفك للقلوب حبيبها
أتقاس بالبدر المنير إذا بدا؟
كيف السبيل إلى المديح لسيدي
يا صاحب الخلق العظيم ورتبة
ُومؤيد ٍ بالآي من رب الورى
حقا وصدقا ناطقا عن ربنا
من ذا يماري في الحبيب المصطفى
من ذا يشكك في مسيرة أحمد
تفديك نفسي يا حبيب ومهجتي
تفديك عين ضرها ما قد جرى
ولسوف تبقى يا محمد منهلا ... يا من بمدحك للعليل طبيبُ
أم هل بعطر فاح منه الطيبُ؟
خير الأنام، أ للمديح أصيب؟!
فوق الملاك وللإله قريب
وبرحمة هو للقلوب حبيبُ
ومبلغا بالوحي منه يجيبُ
من ذا يناور في الحبيب يريب ؟؟
من ذا يعادي الحق فيه يعيب؟
يفديك صدر بالدماء سكوب
فأحيل دمع قد بكاك لهيبُ!
ذي راحتيك يفوح منها الطيب
=======================
أترى ستنفعُ في القلوبِ عظاتُ؟
هذه الأبيات للشيخ الدويش جادت بها قريحته يقول فيها :
أترى ستنفعُ في القلوبِ عظاتُ؟ أم هل ستحسم أمرنا العبرات؟
أم سوف يرفعنا من الذل الذي عشنا به التنديد والآهات؟
الأرض منا قد علتها تخمة أعدادنا ضاقت بها الجنبات
يا ألف مليون وخمس مئينها ولهم بكل فجاجها أنَّات
يا ألف مليون غثاءٌ كلهم متشتتون مع الشتات سبات
موتى إذا عبث العدو بدينهم أحياء هم لكنهم أموات
وتراهمُ عند الحطام ضياغما وكأنها في فتكها الحيات
الذل فيهم ضاربٌ أطنابه وله بهم ياويحه صولات
والوهن شاه الوهن بئس ضجيعهم من بطشه يتعذر الإفلات
هم ألف مليون ولكن ليت لي من كل ألف واحد إن فاتوا
يا ألف مليون تسنّم ظهره الأوغاد والأنذال والعاهات
حتَّام ترضون الدناءة والردى؟ وإلام َ هذا الذل والإخبات؟
لا خير في عيش بغير كرامة لا خير في دنيا بها أقتات
هاهم فراخ البغي شاخوا فوقنا ولهم بوسط جباهنا بصمات
سخروا من القرآن أي مهانة خير لحرٍ دون ذاك ممات
بل صوّروا المختار أقبح صورة أوّاه مما ضمّت الصفحات
جعلوه رمزا للتخلف والردى شتموه حتى بحّت الأصوات
وعلى بني الإسلام صبوا حقدهم غزوا البلاد وهددوا بالناتو
شمخت فراخ البغي فوق رؤوسنا ولهم بوسط جباهنا بصمات
والمسلمون عن المكائد غُيبوا الدين يجمعهم وهم أشتات
وحماهم كلأ مباحا للعدى وكأن حق حماهم اللعنات
جال العدو به وصال ولم يجد إلا الهوى والتيه والقنوات(9/72)
بالأمس أفغان الكرامة دُمّرت واليوم بغداد لنا وفرات
هبوا فدين الله خير تجارة أما الحطام فما عليه فوات
ياأمة الإسلام هل من عودة عجلى ومافوق الرفات رفات
***************
أحبك يا رسول الله
د.صالح بن عبدالله الفريح
صفي الله يا علم الرشاد وخير المرسلين إلى العباد
رفيع القدر يا نجم الثريا شفيع الخلق في يوم التنادي
تعالى الله من أحذاك فضلا فكنت المصطفى يا خير هاد
احبك يا رسول الله حبا تغلغل في الجوانح والفؤاد
أحبك صادقا حتى كأني فريدٌ في المشاعر والوداد
وإني يا رسول الله روحي ووالدتي ومالي والتلاد
وإخواني ووالدنا وزوجي وأخوالي وآبائي الشداد
وكل ''أُخيّةٍ'' لي قد تمادي بقلبي حبها كل التمادي
وكل ''بُنيّةٍ'' لي قد سباني وإبنٍ حبهم دون اجتهاد
فداءٌ دون عرضك يا خليلي يموت الكل في نحر الأعادي
ويسلم عرضكم ويخيب غرٌ يريد مقامك العالي المُشاد
لقد أزرى بنا الأعداء حتى أذاقونا البلاء بكل واد
تشتت شملهم إلا علينا فأضحى قهرنا عين المراد
نصرتم ضدنا في القدس ''قرداً'' فجاهدنا بأنواع الجهاد
وأموالٌ لنا أُخِذت بقهرٍ وبالأموال أحياناً نهادي
أتيتم أرضنا حرباً وضرباً بأصناف الجحافل والعتاد
وخنتم كل ميثاق وعهد وصرتم للمظالم شر ناد
قتلتم نسوةً وفتىً وطفلاً وشيخاً بل رضيعاً في المهاد
وأقوام بسوقٍ أو بعرسٍ فكل الأمر ضغط بالزناد
سكتنا أو تغاضينا لأمرٍ وبعض الأمر يأتي باضطهاد
ولكن صفوة الأكوان : كلا وألف ثم ألف بازدياد
أتأتون الرسول النجم كيما يَمسُ مقامهُ نَجِسُ الأيادي
فلا والله لا نرضى ولكن يسل السيف في أرض الجلاد
تجرأتم ورب البيت أدرى وحكمة ربنا عين السداد
تمهل أيه الغربي وانظر فدون رسولنا خرط القتاد
أتسخر بالرسول وتزدريه فما تدري! وهل يدري المعادي؟!
أتهجوه وترجو العفو منا فلا عفو إلى يوم المعاد
تركت العالمين بغير ضر وجئت لخير مبعوث تعادي
لتؤذيه!!! فلا والله ... خبتم وهل ضر النجوم أذى القُراد؟!
وهل ضر الكواكب في عُلاها قبيح الصوت أو قُبح المنادي؟!
أيا إخوان ديني فلتهبوا وقوموا دون سيدنا نفادي
نحب المصطفى ونذب عنه بأرواح وأموال وزاد
فلا والله لا عفو ولكن ''مقاطعةٌ'' وصدٌ اقتصادي
أندفع مالنا لمن استهانوا بسيدنا بألسنة حداد؟!!
أيشتم سيدي وأقول هاكم؟!!! فلا والله حتى بالرماد
فلا قرت عيونٌ إن عفونا ولا سلمت عيونٌ من سهاد
سوى إن قام شعبهم ينادي : ألا قبحاً لأرباب الفساد
وقال مليكهم في الأمر قولاً يرد المجرمين إلى الحياد
وقال رئيسهم قولاً صريحاً وجاف السخف أو ذاك العناد
وجاء بيانهم بالصدق زاهٍ صريحاً صارماً يلغي التعادي
نسالم إن سلمنا من أذاهم ونردع ظالماً منهم وعادٍ
الاستاذ المساعد بكلية الدعوة وأصول الدين- جامعة أم القرى عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات
************************
المختار صلى الله عليه وسلم
شعر / صالح مصلح المالكي - جدة
لا شك فيك بانك المختار قد سبحت في كفك الاحجار
تسمو بأخلاق الرسالة عاليا تسمو على ما قاله الكفار
بقر المراعي قد تظل طريقها ويقودها بسياطه الجزار
لا ندفع الاشرار عن قطعانها نحو المزالق ساقها السمسار
دعها لتشرب من نتاج حليبها وينالها في العالمين صغار
دعها لتأكل جبنها في لهفة نزلت عليها ذلة وحصار
دعها تخور فانها مجنونة في الرب فعلا جنة الابقار
المسلمون استنكروا لفعالها ثأرت لعرض رسولنا الابرار
هذا عدو الله دس سمومه بانت لنا من مكرهم اسرار
انا سنبقى للحبيب أسوده ما جن ليل واستنار نهار
يا امة الإسلام هيا عبروا انا لعرض محمد لنغار
هبوا جميعا نحو نصرة أحمد ان السكوت على الاهانة عار
شدوا الوثاق وحاصروا اعداءكم ان العدو يهزه دينار
مهما تأسف قومهم عن سبه في المصطفى لا تقبل الاعذار
شلت يد رسمتك يا خير الورى زفرت له مما جناه النار
ان الجزيرة شعبها حكامها تفدى الرسول صغارها وكبار
حصن منيع لا يهز جداره جعلوا العدو أمامه يحتار
قد أحدث الدنمارك زوبعة الخنا وتوحدت في صدها الاقطار
***********************
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
د. صابر عبدالدايم
ماذا أقول وقد أتت ذكراك حطمت حبك أم وأدت هداكا؟
ماذا أضيء وليس حولي ومضة أسمو بهدي رجائها لعلاكا؟
أأردد النبض القديم وفي دمي بكر الرؤى نضجت بنار هواكا؟
لكن بركان الهوى في خاطري ما زال لا يدري متى يلقاكا؟
أين الطريق إليك في زمن تنا.. .. فس كل ما فيه لمحو خطاكا؟
لكنها في الأرض أصل ثابت وفروعها تتبوأ الأفلاكا
خطرت على السيف المشع محبة للعالمين وقوضت أعداكا
فإذا الحياة - كما أردت - حديقة وثمارها غرس سقته يداكا
وإذا العقول - كما بنيت - منارة وإذا النفوس - كما هويت- فداكا
تمضي القرون وأنت أنت محمد تهب الوجود المر فيض شذاكا
صنعوا من الصخر الأصم وجودهم فغدوا دمى لا تستطيع حراكا
ورفضت حتى أن نرى لك صورة فبقيت والقرآن سر بقاكا
ما الخلد أن تبقى أمام عيوننا لكنه أن لا نحب سواكا(9/73)
ومن المحبة أن تظل قلوبنا برضاك مثمرة وعطر نداكا
****
يا واهب الأكوان خير رسالة إنا نعيش على صدى نجواكا
السارقون النور من أرواحنا ظنوا التقدم مدفعاً فتاكا
هبوا جياعاً والعقيدة صيدهم هل ينصر الديان من عاداكا؟
قد تمهل الأقدار غراً حاقداً لكنها لا تنصر الإشراكا
إنا نسير على السيوف إليك في عصر يحرق من يروم هداكا
نار الخليل نخوض في أفيائها في كل يوم والنجاة لقاكا
(وأنا النبي لا كذب وأنا ابن عبدالمطلب) تتحديان عداكا
تتحديان المغمضين قلوبهم والرافضين سبيل من قواكا
تتكاثران مع الزمان فكلنا حرب على من يستبيح حماكا
هي صيحة لك في حنين حطمت جيش الغرور وخلدت دعواكا
كانت بسيف ابن الوليد مضاءة والنصر ظل محارب يهواكا
وعلى الأسنة كان نور لهيبها حمما تشل طريق من آذاكا
وتنقلت عبر القرون صواعقا سحقت حصون البغي وهي صداكا
***
يا أيها المسرى به للمسجد الأ... .. قصى أضاع خلافنا مسراكا!!
كنت الإمام لكل صاحب دعوة واليوم واقعنا يَضِلُّ رؤاكا!!
خارت عزائمنا وغاض يقيننا وتشبعت أيامنا بسواكا
حتى فقدنا طعم كل حقيقة أمن اليسير اليوم أن ننساكا
ولقد نُسينا والهوان سعى بنا للذكريات ولم نعش ذكراكا
حتى غدونا للذئاب فريسة والغاب شرعة كل من عاداكا
أنظل في قلب الجليد بلا هدى يحيي موات قلوبنا لتراكا؟
فالحلم يسخر من تبلد روحنا والأمنيات أسيرة لرضاكا؟
فمتى رضاؤك عن بقايا أمة لم تستطع ان تستعيد ثراكا؟
غابت وراء الشمس وهي حسيرة لم تستجب في بأسها لهداكا
***
أين الطريق إليك في زمن تنا.. ..فس كل ما فيه لمحو خطاكا؟
لكنها في الأرض أصل ثابت وفروعها تتبوأ الأفلاكا
*******************
أهواء الطغاة
صالح بن جمعان الغامدي
وشم على وجهِ الحقائقِ يلمعُ ومواجعٌ حرّى تروح وترجعُ
فالكونُ قبوٌ للحليم وقلبهُ في مرجلٍ مما يراهُ ويسمعُ
ماذا أحقاً يزدري بنبينا وهو الذي فوق المكارم يسطعُ
تباً لأهواء الطغاة وإِنّما أهواءهم قتمٌ يُزال ويُقشع
فالنَّجم في متن السماء لنوره ألقٌ يشعُ على الوجود وموقعُ
والبدرُ بالآفاق يسخر حينما يرنو إلى الظلمات وهي زوابعُ
فنبينا مهما خنازير الورى قالوا ومهما صوروه وشيعوا
لمنزهٌ لا يرتقي لمقامه أحدٌ ولو كره الطغاة ومانعوا
أخلاقه القرآن زكاه الذي خلق الورى فسما عليهم أجمع
وهو النبي المصطفى من هديه تحيا قلوب الغافلين وتشبعُ
أرسى صروح العدلِ تعلن أننا من أمة وسطا تطيع وتسمعُ
وبنى لأهل الأرض خير حضارةٍ من عدلها ترضى النفوس وتقنعُ
حتى النصارى واليهود بظلها عاشوا وهم في مأمنٍ أن يفزعوا
عاشوا بأرض المسلمين ولم يروا ظلما وكانوا في الرخا يتمتعوا
دخلوا بدين الله طوعاً عندما علموا بعدل المسلمين وبايعوا
فالفخر أنا أُمةٌ لا تنحني أبداً لغير إلهها أو تركعُ
لم تجعل الحانات أرقى وجهةٍ فيها المكارم تستباح وتصرع
ونساؤنا لا ينتشين بمرقصِ فيه الكؤوس على الموائد تترعُ
إن الحجاب لهن أعظم مكسبٍ والطهرُ يسري بينهن وينبع
من سيرة المختار بتن حرائراً في عفةٍ من فاجر يتطلعُ
أخلاقنا تسمو بهدي نبينا وبها نفاخرُ من يحيفَ ويخدع
والنقد أولى أن يكون لحالهم كفرٌ وعهرٌ بينهم يتوزعُ
حتى البهائم لا تجاريهم بما فعلوه في تلك البقاع وضيعوا
قومٌ يعدون الشذوذ حضارة وعلى الفساد تجمهروا وتجمعوا
لا غرو أن يأتي السفاه بحقدهم زبداً له أفواههم تتجرع
فحضارةٌ مثل الحظيرة إنها نحو الأفول نرى خطاها تسرع
مازادنا سب النبي ونهجه إلا اقتداءً وهو فينا الأرفع
أرواحنا تفدي النبي وكلنا تبع نذود عن الحبيبِ وندفع
مليارُ نفسٍ لا تنامُ بمهجعٍ أو تستلذ بمأكلٍ أو ترتعُ
حتى نرى نار الصليبِ رمائداً وهلالنا فوق الغياهبِ يسطعُ
********************
أيها المسلمون في كل قطر
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
أطبق الليل واختفت أضواء *** وتوالى على النفوس البلاء
ودموع همتْ كأمطار مُزْنٍ *** واقْشَعَرَّتْ بسيطة وسماء
وبحار بمائها وجبال *** راسيات جثى عليها الوباء
وسحاب تمر مر غضوب *** ليس ماء يزينها أو هواء
نعم تصطلي برمضاءِ قَحْط *** هي عطشى وما هنالك ماء
وانظر الورد والزهور بروض *** مسها الضر واعتراها الحياء
شجر مذبل ودوح تهاوى *** وزروع من الونى حدباء
ها هي الشمس في السماء اكْفَهَرَّتْ *** وانحنى البدر والْتَوَتْ جوزاء
كل شبر على البسيطة يشكو *** من أناس كما يقال غثاء
دينها يعتدى عليه جهارا *** ورسول يسبه الجهلاء
كيف نرضى مذلة وهوانا *** كيف نرضى الخضوع أين الإباء
أي نصر ونحن في بئر لهو *** أي عز وقد غزانا الرباء
أي نصر ومنتدانا المخازي *** أي نصر وثوبنا الكبرياء
أيها المسلمون في كل قطر *** أيها الأتقياء والأولياء
سددوا السهم فالعدو تمادى *** لا تذلوا فأنتم العلياء
أرشقوا بالنبال كل عتل *** حربه الصالحون والأنبياء
وحدوا صفكم بجد وعزم *** وانصروا الله أيها الأوفياء
قاطعوا المنتجات صبوا عذابا *** لا تلينوا وللرسول أساؤا(9/74)
دانمركي ما رسمت لَرُزْءٌ *** وخطوب وغارة شَعْوَاءُ
دانمركي نلت ذلا وخسفا *** كل عرض لعرض طه فداء
سيد المرسلين خير البرايا *** قائد الغر رحمة وهداء
صل ربي على الرسول وآل *** وصحاب ما غردت ورقاء
******************
بُشرى من الله
شعر: نواف أحمد عثمان حكمي
ما مِثلَ سِيرتِكَ الغَرّاءِ تُمتدَح ولا كوجِهكَ وَجْهٌ زانَه الوَضَح
يا سَيدي دُونَك الآمالُ مُشرَعةٌ أبوابُها ، وبعينيكَ المَدى فُسَح
ولَجْتَ عالَمَنا المَجهولَ فانفلقَتْ صُخورُهُ ، وجَرى مِنْ بينِها الفَرح
وصُغتَ مِنْ رحلةِ الإسراءِ مَلحمةً أعيتْ قُريشاً حَقيقتُها وما بَرِحوا ..
جاءتْ رسالتُك السَمْحاءُ مُعلِنةً في الكونِ مِيلادَ نُورٍ ليس يُكتسَح
يَحدو رَكائبَها الإيمانُ شَامِخةً والوَحيُ يحملُها لا الزيفُ والشطح
(اقرأ) صَدْعتَ بها فاغتمَّ جاحِدُها وظلَّ يَحَنقُ مِنها الفاجرُ الوَقِح
أقبلتَ في فَمِكَ الإقدامُ مُتّقِدٌ وفي حَناياكَ وَعْدٌ كُلُّهُ مِنَح
وبين جَنبيكَ إصْرارٌ ومَقدِرةٌ بها تحدّيتَ مَنْ مَالوا ومَنْ جَنحوا
غَسَلْتَ بالطُهرِ أوضارَ الحَياةِ، وقدْ تدنّستْ حِقبةً ، وانتابها الوَذَح
بُشرى مِن اللهِ سِيقتْ، باتَ فَيلَقُها يُضيءُ دُنيا بليلِ الجَهلِ تتشِح
بُشرى من اللهِ ما زالتْ تَنِزُّ سَناً وتنتشي ألَقاً ، لَمْ تُثنِها البُرَح
يا سَيدي يا بنَ عبدِ الله ، كمْ هتفتْ لَكَ البِطاحُ ، وأدنى قُوسَهُ قُزَح
أرضُ الجزيرةِ كان الظلمُ يحكُمُها وفَجأةً إذْ ببابِ العَدْلِ ينفَتِح
لولا وُجودُكَ بين الناس ما انتشرتْ جَحافلُ الحَقِّ ، تأوي كُلَّ مَنْ نَزحوا
ولا تَنفّسَ صُبْحٌ ظلَّ مَشرِقُهُ يُخزي الدُجى حيثُ باتَ الليلُ يُفتَضَح
يا سيّدي إنّ مَنْ خذلوكَ قد خَسِرتْ نفوسُهمْ ، بَيدَ مَنْ نصرُوك قدْ رَبحوا
أبي وأُمّي أيا ( طَهَ ) فداك فلا نامتْ عُيونٌ تُسيءُ إليكَ تجترِح
هُمْ يقدحون إمامَ الخلْقِ، خَيرَ فتىً فاللعنةُ اللعنةُ الكبرى لِمَنْ قَدَحوا
هُمْ يَنعَقونَ بأبواقٍ مُدنّسةٍ تموجُ حِقْداً ، يَفيضُ بحقدِها القَدَح
شُلّتْ يدٌ شَوّهتْ بالرَسْمِ صُورتَهُ وأُخرِستْ ألسُنٌ تَهذي وتقترِح
إنَّ الذين أتوا بالشرِّ شِرذِمةٌ مِن الطُغاةِ لعمرُ اللهِ قدْ كُبِحوا
إنّا ليحزنُنا أنّا نرى أُمَما ما حرّكوا ساكِناً أغواهُمُ المَرَح
ما ضَرَّ لو أنّهمْ مَدّوا أياديَهم لِيُنصفوا المصطفى ، ما ضَرَّ لو نصحوا
مُحمدٌ أنتَ في مَثواكَ مُنتصِرٌ كالنَخلِ يُرْمَى فيَهوي التَمْرُ والبَلَح
فَنمْ عليك صَلاةٌ كُلّما هَطلتْ سَحابةٌ ، أو حُداةٌ بالغ
**************************
حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم
بطيبة رسم للرسول ومعهد * * * منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
ولا تمتحى الآيات من دار حرمة * * * بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثار وباقي معالم * * * وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها * * * من الله نور يستضاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها * * * أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده * * * و قبرا بها واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت * * * عيون ومثلاها من الجفن تسعد
يذكرن آلاء الرسول وما أرى * * * لها محصيا نفسي فنفسي تبلد
مفجعة قد شفها فقد أحمد * * * فظلت لآلاء الرسول تعدد
وما بلغت من كل أمر عشيره * * * ولكن لنفسي بعد ما قد توجد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها * * * على طلل القبر الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت * * * بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا * * * عليه بناء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين * * * عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة * * * عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم * * * وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه * * * ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك * * * رزية يوم مات فيه محمد
تقطع فيه منزل الوحي عنهم * * * وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به * * * وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدا * * * معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عفوا عن الزلات يقبل عذرهم * * * وإن يحسنوا فالله بالخير أجود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله * * * فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا هم في نعمة الله بينهم * * * دليل به نهج الطريقة يقصد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى * * * حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثني جناحه * * * إلى كنف يحنو عليهم ويمهد
فبينا هم في ذلك النور إذ غدا * * * إلى نورهم سهم من الموت مقصد
فأصبح محمودا إلى الله راجعا * * * يبكيه حتى المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها * * * لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها * * * فقيد يبكينه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقده * * * خلاء له فيه مقام ومقعد(9/75)
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت * * * ديار وعرصات وربع ومولد
فبكى رسول الله يا عين عبرة * * * ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التي * * * على الناس منها سابغ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي * * * لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
وما فقد الماضون مثل محمد * * * و لا مثله حتى القيامة يفقد
أعف وأوفى ذمة بعد ذمة * * * و أقرب منه نائلا لا ينكد
وأبذل منه للطريف وتالد * * * إذ ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرم صيتا في البيوت إذا انتمى * * * وأكرم جدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العلا * * * دعائم عز شاهقات تشيد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا * * * وعودا غذاه المزن فالعود أغيد
رباه وليدا فاستتم تمامه * * * على أكرم الخيرات رب ممجد
تناهت وصاة المسلمين بكفه * * * فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند
أقول ولا يلقى لقولي عائب * * * من الناس إلا عازب العقل مبعد
وليس هواي نازعا عن ثنائه * * * لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره * * * وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما بال عينك لا تنام كأنما * كحلت ما فيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا * يا خير من وطئ الحصى لا تبعد
وجهي يقيك الترب لهفي ليتني * غيبت قبلك في بقيع الغرقد
بأبي وأمي من شهدت وفاته * في يوم الاثنين النبي المهتدي
فظللت بعد وفاته متبلدا * متلددا يا ليتني لم أولد
أأقيم بعدك بالمدينة بينهم * يا ليني صبحت سم الأسود
أو حل أمر الله فينا عاجلا * في روحة من يومنا أو من غد
فتقوم ساعتنا فنلقي طيبا * محضا ضرائبه كريم المحتد
يا بكر آمنة المبارك بكرها * ولدته محصنة بسعد الأسعد
نورا أضاء على البرية كلها * من يهد للنور المبارك يهتدي
يا رب فاجمعنا معا ونبينا * في جنة تثني عيون الحسد
في جنة الفردوس فاكتبها لنا * يا ذا الجلال وذا العلا والسؤدد
والله اسمع ما بقيت بهالك * إلا بكيت على النبي محمد
يا ويح أنصر النبي ورهطه * بعد المغيب في سواء الملحد
ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا * سودا وجوههم كلون الإثمد
ولقد ولدناه وفينا قبره * وفضول نعمته بنا لم نجحد
والله أكرمنا به وهدى به * أنصاره في كل ساعة مشهد
صلى الإله ومن يحف بعرشه * والطيبون على المبارك أحمد
وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
نب المساكين أن الخبر فارقهم * مع النبي تولي عنهم سحرا
من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي * ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطرا
أم من نعاتب لا نخشى جنادعه * إذ اللسان عتا في القول أو عثرا
كان الضياء وكان النور نتبعه * بعد الإله وكان السمع والبصرا
فليتنا يوم واروه بملحده * وغيبوه وألقوا فوقه المدرا
لم يترك الله منا بعده أحدا * ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا
ذلت رقاب بني النجار كلهم * وكان أمرا من أمر الله قد قدرا
واقتسم الفيء دون الناس كلهم * وبددوه جهارا بينهم هدرا
وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه سلم:
آليت ما في جميع الناس مجتهدا * مني إليه بر غير إفناد
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت * مثل الرسول نبي الأمة الهادي
ولا برا الله خلقا من بريته * أوفى بذمة جار أو بميعاد
من الذي كان فينا يستضاء به * مبارك الأمر ذا عدل وإرشاد
أمسى نساؤك عطلن البيوت فما * يضربن فوق قفا ستر بأوتاد
مثل الرواهب يلبسن المباذل قد * أيقن بالبؤس بعد النعمة البادي
يا أفضل الناس إني كنت في نهر * أصبحت منه كمثل المفرد الصادي
****************************
حقاً رسول الله نيل جنابه؟!
شعر: د. محمد يحيى غيلان
نباٌ سرى فاستصرخت لمقاله كل الانام مجرمين لفاله
بالكف غطى الشمس في تجهاله والجهل يردي المرء في أفعاله
لا تنتهي السوءات في أنجاله بل في أبيه وفي هوى أخواله
عبث السفيه - مع الجهالة - مرة ما كان يدري أو يخال بباله
ماذا يجر - إذا تجرأ رسمه - من فتنة في أهله أو واله
لما تعدى للحدود مجاهرا في ظل أسماء الزمان الواله
حرية تدعى بزور أناسها وترى السفاهة في أصول مقاله
****
زمن الجسارة لا يزال مصعدا في العالمين بشره وضلاله
حتى تجاوز في السفاهة هائما رب الانام وعاث في تطواله
وأتى إلى الرسل الكرام بهفوة خرقاء تصدر من هوى أو حاله
بل نال من خير البرية كلها وأتى إلى المختار في تجواله
فأقام رسما قد تعاظم لؤمه بنوي التهكم قد أساء لحاله
بل قد أساء إلى الانام جميعهم والارض صرعى من لئيم فعاله
ملأت مساءته الفضاء وجاوزت كل الوجود بسوئه وجماله
****
وقفت حلوم العالمين فلم تحر للبهت دفعا من خسيسة حاله
ماذا تقول وقد تجرأ جاهل حتى أتى السوءات في أفعاله
رسم النبي محمدا فاستصرخت كل الخلائق ما جرى في باله
حقا رسول الله نيل جانبه؟ يا للجناية في عظيم مجاله
يا للمساءة في طهاره شخصه يا للجهالة في الجهول بحاله!
يا للكرامة يا لأمة أحمد! أين الاعزة أين أهل مآله؟(9/76)
اين الذين اذا اصيب بشوكة قاموا يمينا أو حيال شماله؟
اين الذين إذا أهاب بجمعهم لبوه مثل الليث في أشباله؟
اين الذين إذا بدا أعداؤه فدوه بالآباء من أقياله؟
أين الكماة وأين كل مبجل يحمى الذمام بنفسه وبماله؟
ويقوم في وجه اللئام كرامة نصرا لخير الخلق في أعماله؟
***
إني أزف من المآثر قطرة كيما نراه البحر في أفضاله
لما أراد الله مولد أحمد كان الضياء هو الدليل لحاله
بل قد تهدم للأكاسر ركنهم وأدال دولات الكتاب وآله
ما كان كسرى أن يدوم وقيصر لما أتتنا شمسه بهلاله
شمس تبدت في السماء ونورت في العالمين وزيد في أفضاله
هو رحمة للعالمين جميعهم هو منذر ومبشر بمقاله
هو خير خلق الله في تبيانه أو سمته وجماله وفعاله
وبه أجاب الله دعوة صادقٍ لما اراد الخير في انجاله
قال الخليل إلهنا وأبعث لهم منهم رسولاً صادقا في حاله
كيما يعلم - من أراد هداية - منك الكتاب وحكمة بمقاله
موسى الكليم اشار في أسفاره ومبشر عيسى به في قاله
والفيل مال بأهلهم في وجهة لم يخطر البيت العتيق بخاله
كيف المنال من البناء وحوله سيقوم خير الخلق في أعماله
***
لما أهاب بأهل مكة قائلا دين الإله وهذا من أقواله
قرآنه من وحيه وكتابه فيه البيان لنهيه وحلاله
فيه الصراط المستقيم حقيقة والدين في طياته ومجاله
نادى الرسول وفي المقال هداية من يوم مبعثه ليوم مآله
إني رسول العالمين جميعهم أدعو الإله معظما لجلاله
قولوا معي التوحيد إني صادق كل سيأتي الله في أثقاله
لا والد يغني ولا مولده يغنيه شيئا من هدى اعماله
كونوا عبادا للإله جميعكم في بحره أو سهله وجباله
أبناء آدم لا فوارق بينكم كل لآدم في النشوء وحاله
لا ينبغي التفضيل في ألوانكم أو في اللغات ولا الغني بماله
إن التفاضل بالتقي ميزان من زان السماء بنجمه وهلاله
****
كم من مريد الذل في ارجائنا وإذا به خير اضاء لواله
وغدا بإذن الله مكر عصابة في المسلمين مذكرا بخلاله
أذكيت شعلة عزة في أمة سكرى بإبليس اللنيم وآله
فتجمعت في كلمة محمودة بل صوتت بالحق في أجياله
نحن الفداء ولا نقول سوى الذي يرضي الإله بكتبه ومقاله
****
يا سيد الثقلين عفوا هذه عذرا تقدم من قليل خياله
يا سيد الثقلين عذرا إنني أبنى القريض مدافعا بجماله
والله أرجو ان أكون مسددا ومتابعا للحق في أقواله
ونصرت في شعري الرسول محمدا خير الأنام بدينه وخلاله
يارب صل على النبي محمد مع صحبه والتابعين وآله
عد النجوم ورمل كل فسيحة في الأرض أو قطر السحاب وناله
**********************
دائماً أنتَ بقلبي
شعر: عبدالرحمن بن صالح العشماوي
دائماً أنتَ بقلبي يا نبيَّاً لك حُبِّي
أنتَ في الأَعماقِ تحيا قُدْوَةً ترْسُمُ دربي
يا أبا القاسمِ، إنِّي لم أَزَلْ أُشْهِدُ رَبِّي
دائماً أنتَ بقلبي
أيُّها الهادي البَشيرُ أنتَ نِبْراسٌ ونُورُ
أنتَ للدنيا ضياءٌ وَجْهُكَ الوجهُ المنيرُ
أنتَ للخير مثالٌ قَدْرُهُ فينا كبيرُ
دائماً أنتَ بقلبي
حبُّنا للهِ أَغْلَى وبه الإيمانُ أَحْلَى
نحن وَجَّهْنَا إليه شُكْرَنا روحاً وعَقْلا
فهو أَهداكَ إلينا رَحْمَةً منه وفَضْلا
دائماً أنتَ بقلبي
أنتَ للرحمةِ كَنْزُ أنتَ للأخلاقِ رَمْزُ
أنتَ علَّمْتَ البرايا أنَّ تقوى اللهِ عِزُّ
أنتَ أَسْمَى من عَدُوٍّ همُّه غَمْزٌ ولَمْزُ
دائماً أنتَ بقلبي
أنتَ خيرُ الأنبياءِ أنتَ عنوانُ الوفاءِ
أنتَ طرَّزْتَ المعالي بخيوطٍ من ضياءِ
أنتَ يا أَحمدُ نورٌ فاضَ من غارِ حراءِ
أنتَ نَهْرٌ سوف يَبْقَى جارياً دونَ غُثاءِ
دائماً أنتَ بقلبي
لَكَأنِّي بالتِّلالِ مِثْلَ حَبَّاتِ الرِّمالِ
مثْلَ أزهار الرَّوابي مِثْلَ هاماتِ الجبالِ
حينما تمشي عليها ترتدي ثوبَ الجلالِ
دائماً أنتَ بقلبي
سيِّدَ الخلقِ مُحمَّدْ خاتمَ الرُّسْلِ الممجَّدْ
عِشْتَ محموداً حميداً صَانَكَ اللهُ وسدَّدْ
عشْتَ كالغيثِ جَواداً وبقَاعُ الأرضَ تَشْهَدْ
دائماً أنتَ بقلبي
مُصْطَفَى اللهِ المُبجَّلْ أنتَ يا أفْضَلَ مُرْسَلْ
لم تدعْ للخير باباً في وجوهِ النَّاس يُقْفَلْ
فبكَ الرحمنُ أعْلى جانبَ الدِّينِ وأكملْ
دائماً أنتَ بقلبي
لم أزلْ أَسمعُ لَحْنَا قد سَمَا لفظاً ومعنَى
ملأَ القلبَ صفاءً وشفا الصَّدْرَ وأَغْنَى
كان لحناً كالشُّعاعِ طار في كلِّ البقاعِ
طلع البدْرُ علينا من ثنيَّاتِ الوداعِ
دائماً أنتَ بقلبي
كنتَ في الدنيا لطيفاً لم تكُنْ فيها عنيفاً
كنتَ للناسِ مُحِبَّاً وبهم برَّاً رؤُوفا
هكذا عشْتَ كريماً رافعَ الرَّأسِ شريفا
دائماً أنتَ بقلبي
جلَّ من أَعطاكَ قَلْبَا ظلَّ بالإيمانِ رَحْبَاَ
لم يكنْ يحمل إلاَّ ما سَمَا عَطْفَاً وحُبَّا
وَسِعَ النَّاسَ جميعاً عَجَماً منهم وعُرْبا
دائماً أنتَ بقلبي
نَهْرُكَ الكَوْثَرُ يجري بين أشجارٍ وزَهْرِ
شَرْبَةٌ تُداوي كلَّ مَا يَشكوه صَدْري
طِيْنُه مِسْكٌ وعَنْبَرْ والحَصَى دُرٌّ وجَوْهَرْ
كَوْثرٌ يُصْرَفُ عنه مَنْ تمادى وتكبَّرْ(9/77)
نسألُ اللهَ تعالى شَرْبَةً تُنْعِمُ بَالا
نرتوي منها ونغدو عندها أحسنَ حالا
دائماً أنتَ بقلبي
يا أبا القاسمِ، إنِّي بكَ قد زَيَّنْتُ فنِّي
وبإحساسي وحبِّي لك، قد أَحْسَنْتُ ظَنِّي
أنتَ في قلبي مقيمٌ لم تَغِبْ واللهِ عنِّي
دائماً أنتَ بقلبي
أنتَ أهديتَ العبادا من كتابِ اللهِ زادا
ومن السُّنَّةِ نَبْعَاً صافياً يُروي الفُؤادا
ومَلأْتَ الكون صدقاً وصلاحاً ورَشادا
دائماً أنتَ بقلبي
كيف تَروي كلماتي ما جرى من مُعجزاتِ
ما روى الرَّاوي علينا من أحاديثِ الثِّقاتِ
وعن الخندق لما كنتَ كالطود أشما
حين فَجَّرْتَ صخوراً نُورُها في الأُفْقِ عَمَّا
حينما أَعَطَيْتَ فيها عن فتوحاتِكَ عِلْمَا
دائماً أنتَ بقلبي
للحَصَى صوتٌ جميلُ فيه تَسبيحٌ جليلُ
بين كفَّيكَ تَجلَّى ناطقٌ منها أصيلُ
دائماً أنتَ بقلبي
أَطْلَقَ الجِذْعُ الحَنينا راجياً ألاَّ تَبينا
كيف لا يَحزَنُ جِذْعٌ سمع الوحيَ المبينا
دائماً أنتَ بقلبي
خابَ مَنْ آذى الرسولا وأتى أمراً مَهُولا
لم يكنْ مُؤذيه إلاَّ فاقدَ الحِسِّ جَهُولا
بأبي أَفدي وأُمِّي مَنْ هَدَى مِنَّا العقولا
دائماً أنتَ بقلبي
إنَّه الكُفْرُ وَبَالُ فيه للعقل خَبَالُ
فيه خُسْرانٌ مُبينٌ وضياعٌ وانحلالُ
كيف يُؤْذَى مَنْ هَدانا وإلى اللهِ دعانا
يا أبا القاسمِ، إنِّي فيك لا أرضى الهوانا
دائماً أنتَ بقلبي
سَيِّدَ الخَلْقِ اهتَدَيْنا حينما جئْتَ إلينا
جِئْتَ والدُّنيا ضَلالٌ دامسٌ يَسْطُو علينا
جئتَ نَهْراً من يقينٍ فوردنا واستقينا
جئتَ بالإسلام هَدْياً فاتَّبعْنا واقتدينا
في سماءِ المجدِ لمَّا جِئْتَ بالحقِّ ارتقينا
دائماً أنتَ بقلبي
رَفَعَ اللهُ المقاما حينما صِرْتَ إماما
حينما أَحْيَيْتَ فينا منهجاً يرعى الأَناما
عاجزٌ عن وصفِ حبي لك يا مَنْ يتسامى
غير أنِّي سوف أبقى رافعاً بالحبِّ هَامَا
أنتَ عَبْدُ اللهِ تبقى خَيْرَ مَنْ صلَّى وصاما
إنني أُهديك حُبَّاً وصلاةً وسلاما
دائماً أنتَ بقلبي..
دائماً أنتَ بقلبي
**************************
رسول الهدى عذراً!
رسول الهدى عذراً، فهذا هو الكفر جميع فعال منه، يا سيدي، نكر
لقد قلتها قبلا، وإنك صادق فلا بعده ذنب، ولا بعده وزر
شريعته حقد دفين مؤصل ومبدؤه التضليل، والإفك، والغدر
هو الكفر، يا مولاي، مكر مخبأ ولله رب الخلق من فوقه مكر
وهم أهله.. حتى وإن قيل هادنوا فما ذاك إلا الكر، في الحرب، والفر
تداعوا إلى الدين الحنيف بهجمة وهيهات منهم أن يحيق به ضر
إذا ما رأوا من منفذ فيه سالك رجوا انه الإذلال للدين والقهر
رموه، وظنوا أنه الصيد سانحاً وفيه تمنوا أن يبيعوا وأن يشروا
لأصلب عوداً أن يلين لغامز وأقوى جناباً أن يُرام له كسر
سيظهر هذا الدين رغم أنوفهم فوعد له التمكين في الأرض والنصر
وإن سرّنا فعل أتوا فيه واحد لقد ساءنا من فعلة لهم عشر
فتاريخهم خزي وعار مجلل وحاضرهم هذا هو السكر والعهر
رسول الهدى، ما أحدثوه جريمة أشد وأنكى أن يكون لها عذر
فمذ كنت فيهم طاولتك شرورهم إلى اليوم لم يقطع لفجارهم شر
فتبت أياديهم وما هي سطرت وحق لها من بعد فعلتها البتر
ولا تأس، يا مولاي، من سوء فعلهم ولا تبتئس منه.. فذاك هو الكفر
*********************
صورة المصطفى ''صلى الله عليه وسلم''
عبدالرحمن صالح العشماوي
سكت السيف عن حديث الجهاد فابرقي يا بوارق الإنشاد
واركضي يا خيول شعري، جواداً في دروب اليقين إثر جواد
ملّ من نفسه الحديث المسجّى بثياب الخضوع والإخلاد
فانطلق للجهاد يا صوت شعري ربّ شعرٍ يهدّ ركن الفسادي
يصبح الشعر صارماً وسناناً حين تغفو السيوف في الأغماد
أنا والشعر عند أصفى معينٍ كلّنا رائح إليه وغادي
نستقي منه، لا نبالي بقيظٍ يشتكي من جفافه كلّ صادي
هكذا تعلم القصائد أنّي لست ممّن يهيم في كلّ وادي
أنشد الشعر دعوةً للمعالي وحداءً في ركب خير العباد
ربما أيقظ النشيد غفاةً خيرهم همّةً عريض الوساد
قال ''كعب'': بانت سعاد، ولكن لم تبن، منذ عانقتني سعادي
أنا ما زلت يا حبيبة أحظى منك بالحب والرّضا والوداد
أسعّدتني منك ابتسامة حبٍّ لم تزل في تألّقٍ وامتداد
أنت عانقتني عناقاً جميلاً وتغلغلت في صميم فؤادي
أنت يا شرعة المهيمن ظلّي في دروب الأسى، ومائي وزادي
دوحة أنت، ظلّها يحتوينا وإلى جنيها تمدّ الأيادي
أنت في القلب، راحة ويقين وثبات لنا أمام القوادي
ساقك المصطفى إلينا ضياءً في دياجي الضلال والإشاد
فرأينا القرآن فجراً مضيئاً وسمعنا صوت الأذان ينادي
وارتوينا سعادةً وصفاءً وشعوراً يذيب صمّ الجماد
ساقك المصطفى شريعة حقٍ رفعتنا إلى ذرى الأمجاد
يا بنفسي فديت خير نبيّ وبروحي فديت أكرم هادي
وبشعري نافحت عنه ابتغاءً لمقام النّجاة يوم التّنادي
دون عرض النبيّ، عرضي ووجهي وحياتي وطارفي وتلادي
صورة المصطفى تضيء بهديٍ ويقينٍ وحكمةٍ وسداد
نوّر الله وجهه، فهو بدر يتجلّى لحاضرٍ ولبادي
صورة المصطفى أجلّ وأسمى من يد لوّثت بشرّ مداد(9/78)
أين أهل الفردوس من أهل كفرٍ وضلالٍ وغفلةٍ وعناد؟!
إنّه المصطفى الحبيب تسامى وهو حيّ عن سورة الأحقاد
هو -والله- في السماء مقيم في الرفيق الأعلى، رفيع العماد
في المقام المحمود عند إلهٍ صانه من تآمر الحسّاد
شاتم المصطفى سيشرب ناراً وسيصلى بجمرها الوقّاد
كلّما حاولَ القيامَ تَراخى وتَهاوى، فوجهُهُ في الرمادِ
خَسِرَ الكافرُ المعاندُ دُنيا قبل أُخرى، وذاقَ طعمَ الكسادِ
إنْ تمادى فسوفَ يشربُ كأسًا من صديدٍ جزاءَ هذا التمادي
***
يا دعاة الخذلان فينا، أفيقوا أوما تبصرون جور الأعادي
قد مددنا أكفّنا بزهورٍ لعدوٍّ يمدّ شوك القتاد
ورفعنا أكفّنا بالتحايا وأكفّ الأعداءِ فوقَ الزنادِ
في فلسطين والعراق دليل تمسح القدس فيه دمع ''الرّمادي''
تسقط الأمة العظيمة لمّا ترتمي في محاضنِ الأوغاد
***
ربّ هذا جهد المقلّ، وقلبي أنت أدرى به فحقّق مرادي
قال حسّان -ذات يومٍ- عَدِمنا خيلنا إن تأخّرت عن جلاد
وأنا قلتها: عدمنا قلوباً إن توارت عن حبّها للرشاد
وعدمنا أرواحنا إن توارت عن ميادين دعوةٍ وجهادِ
هكذا تبرز المكارم فينا حين تغلي مراجلُ الحساد
********************
عرضي فداك ..
عرضي فداك ونفسي أيها المَثَلُ * أيا نبيَّ الهدى يا أيها البطلُ
إذا عزائمُ مَن يهجوكَ قد قَصُرَتْ * فدونَهُ عنك عِرضي لَقْفَ ما يصِلُ
تجشموا الصعبَ يا تعساً لحظِهمُ *سبُّوا النبيَّ وهذا ليسَ يُحتَمَلُ
فليرقبوا سوء محصودٍ لما زرعوا *كذاك عاقبةُ الحمقى إذا خَطِلوا
تجاهلوا قدرَ خيرِ الخلق قاطبةً * واستكبروا وطغوا في الرأي بل سفلوا
لم يجهلوك وهاهم أعذروا سلفاً * ولم يكونوا بأعداءٍ لِما جَهِلوا
ولن يضيركَ إن سبّوا وإن شتموا *لكنَّهُ ضرَّنا .. فالفكر منشغِلُ
روحي فداك.. فما عذري إذا وهنت * آمالُ أمتِنا .. أو قلَّتِ الحِيَلُ؟
نفسي فداك وأبنائي وخالصتي * وأمتي دون ما قالوا وما فعلوا
سفاهةٌ من علوجٍ كالعجولِ غدوا * بين البهائم في عيشٍ فهم هَمَلُ
تبقى طبائعُهم تحكي مذاودَهم * على القذارة قد شبّوا وقد جُبِلوا
عاشوا لأبقارهم يرعونها زمنا * وأشرِبوا طبعَها حُبَّاً وقد ثملوا
فمن يعش بين قومٍ صار مثلَهِمُ * وهم كذاكَ وعن أحوالهم غفلوا
يا ربِّ سلِّط على أبقارهم مرضاً * من الجنونِ فما تنفكُّ تقتتِلُ
وتنطحُ الناسَ لا تبقي على أحدٍ *ويبسّ الضرعَ .. والثيرانُ تنخبلُ
واجعلهمُ عِبرةً للناسِ كلِّهمُ * كي يعرفوا قدر هادينا وينخذِ لوا
تلك (الدنيمرك)و(النرويج) في دعةٍ * للعيش لم يشكروا ربَّاً ويبتهلوا
بل أعلنوا كفرهم حرباً لبارئهم * فهل من الشكر ما قالوا وما نحَلوا ؟
يا ربِّ بدّل بأنهار الحليب لهم * أنهارَ قيحٍ وبؤسٍ ليس ينتَقِلُ
هبُّوا أيا أمتي .. أحيوا عزائمكم * حتى نرى النصرَ في الآفاق يكتملُ
هيا ارفعوا رأسكم أبدوا كرامَتنا * قد آنَ يا أمتي أن يبدأ العملُ
وأنذروا الناس أنُّا لم نمت أبداً * لكننا ربما نغفو وننشغِلُ
إذا تكالبتِ الأعداءُ واجتمعتْ *فما لنا لا نحاكي بعض ما عملوا ؟
فلا التشرذمُ يحيينا وينصفُنا *ولا التواكلُ ينجينا فنتكِلُ
لكنَّها صرخةُ الإنذارِ ترعِبُهم *وتبعثُ النبضَ فينا ثم نشتعِلُ
فنصرةُ المصطفى تحيي عزائمَنا * واللهُ ناصرُ من بالحقِّ يشتغِلُ
وصلِّ ربي على المختار ما نطقتْ *عُجْمٌ وعُربٌ وما جادت به المُُقَلُ
أحمد الطارش 29ـ12ـ1426هـ
******************
فدتك ملايين الأباة
زايد الشنقيطي
هلم حماة الدين فالجرح أوجع وافظع من كل الجروح واشنع
لقد بلغ السيل الزبى.. فحثالة لئام تنال الهاشمي فتقذع
وفاق الخيال الحقد لما تناولوا ببهتانهم خير الانام فأوجعوا
بلى.. جعلوا الهادي الامين دريثة الى صدرها ينثال ما يتنخع
ألا يا رسول الله خير منبا عليك صلاة الله لست تروع
فدتك ملايين الأباة يحثها يقين بأن الدين دينك امنع
وانك معصوم من الناس كلهم وانك عن كل العيوب مرفع
ألست نبي الله اكمل مرسل ألست الذي يوم اللقاء يشفع
ألست رفيق الروح جبريل حينما سرى بك والرسل الكرام تجمعوا
تؤمهم ثم ارتقيت إلى العلى الى جنة المأوى إلى حيث ترتع
الست الرؤوف البر من قال داعياً غداة الاذى جاز المدى تتضرع
إلهي اخرج من ظهورهم غدا من الخلق من يغدو لوجهك يخشع
ألست الذي حاز المحامد كلها وفيك يقول الرب ما هو أروع
على خلق بين الخلائق كلها عظيم؟ بلى والحق أبلج أنصع
وقال العليم العدل عنك ممجداً رؤوف.. وعلم الله احوط اوسع
فكل مديح بعد فيك ففوقه مقامك يا خير الخليقة ارفع
وان شنأ الغرب الكفور محمداً ففي كل وادٍ آتن تتزقع
ولكن كيل الفحش قد فاض حينما تجرأ اوغاد الظلام فشنعوا
فقمنا نذود البغي عن حوض ديننا بكل مباحٍ في المعارك ينفع
كما كان في بدء الرسالة معشر على عرش ايذاء النبي تربعوا
يغالون في كل الاذى فتجردت تجالدهم اسلافنا عنه تدفع
هو الكفر كفر في القديم وانه الى اليوم كفر لا ارى يتنوع
وان دفاع المؤمنين عن الهدى لفرض وما يوماً عن الفرض منزع(9/79)
عليك صلاة الله يا خير مرسلٍ صلاة بها في ما جنيت تشفع
********************
فلق الحق
حسن محمد الزهراني
تهلل وجه هذا الكون بشرا وزف الى القلوب البيض بُشرى
وسبّحتِ الملائكةُ ابتهاجاً وفاحت ''مكة'' الإسلام عِطرا
لقد وُلِدَ ''الحبيب'' فأي يوم كهذا اليوم في التاريخ قدرَا
وأشرق نوره في كل شبر من الدنيا كسا براً وبحرَا
وزُلْزِل عرشُ ''قيصر'' فرط خوفٍ وخرَّ مهابةً إيوانُ ''كِسرى''
وأطفأ بردُهُ نيرانَ قومٍ اضاعوا العمر حول النار هدرا
حبيبُ الله جاء لِسانُ صدقٍ لِنهرِ الخيرِ بين يديهِ مجرى
طفولتهُ البريئةُ سِفْرُ حزنٍ يجرُّ بها حِصان اليتمِ عُسرا
ولُقّبَ ''بالأمين'' وكان حقٌّا أميناً صادقَ الإحساسِ حُرَّا
إلى ''الغار'' المطهّر كان يأوي ويقضي الوقتَ تفكيراً وشُكرا
ولمّا جاءه ''جبريلُ'' يُهدي إليهِ من الإلهِ الحقِّ (اقرا)
تحمّل عِبئها ومضى بحزمٍ وإيمانٍ يُحيلُ الصّخرَ تِبرا
وأُسري بالحبيب على ''براقٍ'' فسبحان الذي بالحقّ أسرى
إمامُ الأنبياءِ وأيُ فخرٍ تمدُّ له حِبالُ المجدِ فخراً
وفي ''المعراج'' ما يشفي فؤاداً تقلبَ في جحيم الهمِّ دهرا
دنا من ربه الجبّار يُصغي إليه لِيملأ الأنفاسَ نَشْرا
وعاد فكذبوه وكم دليل رأوهُ فزادهم غيٌّا ومكرا
''وهاجر'' من أحبّ الأرض قرباً إليه وبالهدى الوضاح فرَّا
سلامٌ يا ''مدينة'' خيرِ وجهٍ أطلّ على الوجودِ يضيء بشرا
أتاك مهاجراً عن جورِ قومٍ عَتوَا عن هدي ربّ الناسِ كفرا
فدى قدميهِ روحي حين يمشي مع ''الصدّيق'' في الرّمضاءِ شهرا
ويحتمل المصاعبَ دونَ شكوى لِيرفعَ للإله الحقِ ذكرا
ويُخْرِجنا من الظلماتِ حتى نرى نورَ اليقين يفيضُ طُهرا
أقام هنا. وللأنصار فضلٌ وهم بالشكر والعرفان أحرى
فقد كانوا له أهلاً وأهدوا رِقاباً صاغت الأمجاد: سمرا
فأسس دولة الإسلام يزهو بها التاريخ طولَ الدهر كِبرا
وعمّ هداه في الأرجاء حتّى غدا طعمُ الخطايا منه مرّا
بنى في كل قلبٍ بات يرجو لقاء الله بالقرآنِ قصرا
وأجرى في قِفار اليأس فينا بتقوى الواحد الديان نهرا
وطهَّرنا بضوءِ الصدقِ خوفاً علينا أن نخالف فيه أمرا
وسنَ لنا سبيل الفوز حتى بلغنا غاية في المجد كبرى
وعادت '' روحه'' في يوم حزنٍ الى الرحمن والأكباد حرّى
عليه صلاةُ ربى ما أطلت علينا الشمسُ تُهدي الليلَ بدرا
هنا قبرُ الحبيب فليتَ صدري إليك موثقاً بالحب إصرا
وفاضت أدمعي الخرساء تهمي على خدي إذ أجهشتُ سِرَّا
وعاتبني (الرفاقُ) على بكائي وهم برهَافة الإحساس أدرى
صحوت إذا (اليراعةُ) في يميني أسطر فيك للأيام شعرا
سيرهق شاسع الأوراق بوحي ولو أضحت بحارُ الأرض حبرَّا
(وذو الخلق العظيم) أجلُّ شأناً سيُعجزُ وصفُهُ شِعراً ونثرا
أتيتك يا حبيب الله أشدو فعذراً ان كبا التعبير عذرا
******************
صلوا على الهادي وردوا على الفور
في مولده آية.. وفي بعثته نور بالصدق بين الناس والطيب للجار
والأمر بالمعروف عن كل محضور من عرق صافي سيد الناس الاحرار
اشرف بني آدم وفي غيره قصور بيت الكرم والدين ياكل محتار
ذرية إبراهيم من بيت معمور نذير كل الخلق في كل الأقطار
يا ويل من عادى النبي وانتخى العور هادي البشر للحق في سر واجهار
الناصح الى بين الحق والجور اختاره الله للرسالة في الغار
وانزل مع جبريل من رق منشور رسالة الإسلام وامحى به اسفار
إعلان بالقرآن وابليس مقهور رسول رب البيت تفديه الأعمار
شفيعنا من يتبعه صار مسرور صلى عليه الله وله زود مقدار
بين البشر بالصدق والجود مشهور من قبل يبعث سيرته مثل الأنهار
في مولده آية وفي بعثته نور مشهور من قبل الرساله بالآثار
يا بخت من صاحبه في جنة الحور لما حضر حلف الفضول ابهر الدار
والا الحجر يومه لهم يفتل الشور عظم خلقه الرب عن فكر فجار
يحميه رب البيت ذا نزل الطور دعا لدين الله وانذر من النار
انذر قريش أول وما خالف الدور أذاه قومه يوم جاهم بالإنذار
ما صدقوا صادق على الصدق مخبور ما راق لابو جهل واغتر باحجار
نادى هبل ما جاوبه ذاك مبتور وابو لهب ملعون للحق نكار
من حقد قلبه صار بالكفر دكتور في شعب عامر طوقوا حوله احصار
هاجر مع الصديق وانشد جبل ثور انشده من خفاه عن شوف الأنظار
يوم السيوف القانيه تلهب الزور حماه رب البيت من كل الاضرار
هاجر على يثرب وطالبه مثبور من عقبها في بدر والسيف بتار
دارت على الكفار والدين منصور وغزوة الخندق سلوا سيف الانصار
والعز بالأحزاب تاريخ ممهور من للشجاعة في ميادين الأخطار
غير النبي ما هاب من كل مغرور في خيبر التاريخ زاهي بالأخبار
وفي تبوك المعركة تبري الضور جاهد بسيفه واصطفى الله له اخيار
ساروا على نهجه وعدوانهم بور بنوا لنا تاريخ من طيب وازهار
ياعل كارههم على جمر تنور صحابة أحمد كنهم حوله اقمار
من نوره اهداهم وما بنوا اقصور ساروا على نهج الوفا حسب الأشوار
ذاك امرهم ما بينهم سعي مشكور اعوذ بالله من فتن تلهب اشرار(9/80)
حتى الرسول يحاربونه بمنشور قولوا لمن عادى محمد بالإصدار
عاديت رب البيت يا عقل منخور يا عذرة الخنزير ما سقت الأعذار
زبدتك ملعونة وملعون الانكور شل من ذنوبك وانحرق بين الأوزار
يا عابد الشيطان يا عش زنبور يا معتدي بالزور يا بعرة حمار
يا (...) عرضك بيننا صار مهدور من أنت يا معتوه يا (...) الفار
لقيط ما تسوى نفايات دبور والله لولا العيب لا شغل الحار
واكتب مجلد بالمسبات قنطور هذا جنون القاف عند ابن منشار
ينوض غيضه متجه ديرة الزور تفكون يا شعار سوقوا له اجمار
سيف الكلام امضى وللشعر جمهور الله يالدنمرك يكسيك بالعار
ويخذل النرويج ويهد بالفور يا قاف خلك للعداء مثل الإعصار
اهج العلوج ومثلك اليوم معذور خل امة المليار في شجب وانكار
مثل الغثاء والقلب يا ناس مقهور علا بني صهيون والغرب باقمار
لكن دين الله لا شك منصور يالله تذل اجيوشهم فوق الانبار
وتحرر القدس وترجع لنا الطور واحفظ بلدنا من هوى كيد الأشرار
يا ناصر المظلوم في بر وبحور هذا الهجاء مسموح عن سيد الأبرار
صلوا على الهادي وردوا على الفور
فلاح بن منشار
لك روحي تُنذر
شعر: علي إبراهيم حملي
مهداة إلى سيدي نبي البشرية (محمد صلى الله عليه وسلم) نصرة مما أُفتري عليه من الكفرة الناقمين.
لك يا بن عبدالله روحي تنذر يا خير خلق الله فيك المفخر
يا من وطأت بساط ربي عندما جبريل أوقف فالتقدم يحظر
أقدم (محمد) من إلهك أطلقت أنت الصفي الخاتم المتفكر
يا لسمو وعزة من عزة الرحمـ ـن في كل العصور تعزر
يا سيد الأكوان يا شذو الدنا يا صادق الأقوال خلقك أعطر
أنت الأمين وقبل بعث رسالة أنت المحكم فارتضاك المعشر
إني لأشهد بل ومن بك مؤمن إن الذي أوتيته لا يقهر
لله أديت الرسالة صابراً مستعذباً كل الصعاب تكبر
أظهرتها السمحاء حتى لألأت دنيا البرية فاستضاء الأكثر
(مليار) مسلم رددت أصواتهم أن لا إله سوى الإله واشهروا
ما ذاك الا باحتمالك للأذى عند البداية من كمثلك يصبر؟
أدموا لك العقبين جاءك نصره ملكان للإهلاك أمرك يصدر
قلت ارجعا ادعو لهم بهداية وعسى من الأصلاب يأتي الأخير
صلى عليك الله قلبك طاهر والصدر نظف ما لحقد يوغر
هي رحمة للعالمين منحتها ما مثلها غرست وطاب الجوهر
قلبي اسير هواك يا خير الورى يا نور عيني من احبك يظفر
حزت المناقب والكرامات انبرت لجنابك الأعلى ووجه يزهر
تبكي لك (الأخشاب) عند فراقها واللحم، ينطق إن سمّي يقطر
(والماء) ينبع إذ بسطت أصابعاً و(الثدي) يحلب من عشار يزخر
والمعجزات تواردت وأجلها قرآن ربك بالتحدي يجهر
للإنس للجن وان يتجمعوا لن يستطيعوا آية لو فكروا
إن الذي آتاك (سبعاً) قدست متكفل طول الحياة يسيطر
أميت كل المرسلين تقودهم يوم اللقاء وقد أهال المحشر
لو أن (موسى) قلت عاصر بعثة ما كان يوسعه سواه ويجدر
أسديت أصحاباً نجوماً شعشعت كل البسيطة للجبابرة انبروا
للغرب شلو فاستقر مقامهم للشرق حتى الصين لم يتقهقروا
هل أكبر الأعداء قدرك وانزووا في خسة شاهت وجوه تقتر
شلت أناملهم قذارات الدنا أينال منك المخمرون البوّر
التافهون الماجنون حياتهم تأبى البهائم ان بهم تتقدر
تبا لك (الدنمارك) يا ذات الخنا يا دولة الاسفاف وجهك أفجر
أو قد حسبت (محمداً) ألعوبة لتصوريه والجرائد تنشر
هذا ( ابن عبدالله) سيدنا ارتقى فوق الخلائق من براه يصور
جازفت أسخطت الإله وخلقه يأتيك سخط الله حتماً يصهر
ستدوسك الأقدام دوس حذائها لنجاسة الكلب البذيء تطهر
أتباع خير المرسلين حياتهم لنبيهم مرهونة تتفجر
يا اخوة الإسلام قال الهكم أنتم بها (الأعلون) لا من يكفر
ان مر هذا الاعتداء على النبي دون انتصار رادع لا يغفر
فغداً تكال المخزيات لديننا من كافريه والسكوت يبرر
قد قالها ملك البلاد (إمامنا) اثنان حاشا ان تسام ونصبر
دين أعز به الإله عباده وطن بهذا الدين لا يتغير
ولأمره بالسحب أعظم غضبة من مؤمن برسوله يتعطر
يا سيدي الهادي تجلك أنفس تأبى الخنوع عن الحياض تزمجر
وصلاة ربي والسلام على النبي خير البرية واللقاء الكوثر
هو الرحمة المهداة
جمال بن صالح الجارالله
مقامك من كل المقامات ارفع وسيفك من كل الصوارم أقطع
ووجهك نور والسجايا حميدة وقولك في كل الميادين أوقع
شمائلك المعروف والحلم والتقى وأخلاقك القرآن أصل وأفرع
محجتك البيضاء هدى ورحمة ومازاغ الاهالك...يتلعلع
لواؤك معقود على العزم والمضا وحوضك مورود فطوبى لمن دعوا
ويابؤس من ذيدوا عن الحوض يومها وقيل لهم بعداً فلا ثم موضع
0000
أتيت وهذى الأرض بغي وظلمة فاشرق نور اذا طلعت يشعشع
وماقمر إلاك شع ضياؤه و مازال في ليل الملمات يسطع
تلألأ في كل النواحي فأشرقت به كل أرض بالهدى تتلفع
ونادى مناد في السماء مدوياً محمد من كل الخليقة أروع
هو الرحمة المهداة للناس كلهم ومافاز الا من لأحمد يتبع
" هو البحر من أي النواحي اتيته فلجته المعروف " والفضل أوسع
ترفع عن كل الدنايا ولم يزل وأصحابه عن كل غى ترفعوا(9/81)
مقامك محمود تفردت سيداً ألست الذي يوم القيامة يشفع ؟
مقامك عال ياحبيبي وسيدي وتباً لمأفون أتانا يجعجع
000000000
وكافيك رب البيت من كل مفترٍ تنكب درب الخير للشر ينزع
وشانيك بالخسران باء صنيعه وليس له إلا جهنم مرتع
00000
تفديك كل المؤمنين نفوسهم وأرواحهم دون انتقاصك تنزع
ففي نصرة الهادى سمٌّو وعزة ولو أجلب الباغون والناس أجمع
هنيئاً لكم يامن نصرتم نبيكم فسيروا على درب النبي وقاطعوا
وتباً لكل الخائنين نبيهم قلوبهم من حقدها تتقطع
0000
ألا يا أخي الكفر حاذر فإنه محمدنا الهادي شفيع مشفع
فما نلت منه غير أن قلوبنا إذا أوذي المختار تغلى وتفزع
وأبشر بما يخزيك ياشر معتد على خير معصوم فقد حان مصرع
ومانال أسباب المعالي أرذال وهل يعتلى بين الخلائق ضفدع ؟
00000
أيا خاتم الرسل الكرام تحية نرددها عبر الزمان ونصدع
عليك صلاة الله ياخير مرسل وياليتنا مع صفوة الخلق نجمع
تهون علينا أنفس ونفائس ولسنا لحق المرسلين نضيع
شعر الدكتور جمال بن صالح الجارالله
12 محرم 1427
وعاد هدوئي بكل ضجر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد انقطاع طويل عن الكتابة لأسباب يعلمها الله وظروف خاصة
أتيت لأكتب هذه الأبيات رغم كل الظروف وضيق الوقت
في الذب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وكلي أمل أن تحوز على بعض رضائكم..
خجلت الكلمات من صمتها في هذا الموقف
فنطقت رغم كل شيء ..!
وعاد هدوئي بكل ضجر وعادت حروفي بقلبٍ حجر
لأكتب وصفٍ لبعض البقر ويخضع شعري لسيد البشر
محمد رسولُ لنا يا غجر ويشهد بذالك حتى الشجر
افديه روحي وكل العمر واهديه قلبي وحتى البصر
وتطغون في وصفه بالصور ولا تؤمنون بحكم القدر
فمن عاد منكم لكي يعتذر لأجل الحياة ومالٍ خسر
ومن كان بالمصطفى قد كفر فقد جاء بالفسق شيء نكر
فأين المصير وأين المقر ويومُ الأذانُ سيصلى سقر
يزمجر صمتي يثور القهر بما يفعل الجاهلون البقر
فعذراً حبيبي إليك العذر رسول الإله شفيع البشر
فهبو وذبو لهادي البشر وصلو عليه بطول الدهر
يا صاحب الدنمرك
د. ظافر بن علي القرني
تأتي إلى خير البريَّة كلِّها فتعيبه أوما تخيبُ وتخسرُ
هذا رسول الله خيرُ معلّمٍ ومؤدّبٍ فبأيٍّ أمرٍ تسخرُ
هذا الّذي دحر الرَّذيلة بعدما أضحت تزمجرُ في البلاد وتزأرُ
هذا الذي نشر الفضيلةَ بعدما طويت فما عادت لعينٍ تظهرُ
يا صاحب الدنمرك دونك هذه كتبُ الفضائل بالمعارف تزخر
فيها مقال المصطفى فاقرأ (م) تنوَّرْ أيُّها المتكبِّر المتعثِّر
أولستَ تعلمُ أنَّ أصل العلم (م) درسٌ من معينٍ يُستفاد ويؤثرُ
أوما يقول معلموك: على (م) القراءة يستقيم العالمُ المتحضِّرُ
اقرأ أو اقعد جاهلاً متحدِّثًا بالتّرهات ولا بشيءٍ تظفرُ
اقرأ وقل بعد القراءة ما تشا إنَّا نحكِّمُ كلَّ رشدٍ يثمرُ
أمَّا التَّخبّث في المقال فشيمة (م) الخبثاء في الأفعال مهما تسترُ
إنَّا بأفضل منهجٍ في الأرض (م) نحمد من حبانا الصالحات ونشكرُ
الله جلَّ جلاله الفرد المجيد (م) يذل ربُّك من يشاء وينصرُ
هو ربنا ذو الطول والجبروت (م) والمكر الشديد بمن يخون ويمكرُ
القاهر الصَّمد المهيمن والعزيز (م) الواحد المتفضل المتكبِّرُ
من حارب الملِكَ العظيمَ تعاظمت نكباته وإلى جهنَّم يحشرُ
يا سيد الثّقلين بارت أُمَّةٌ كانت بما أُمِرتْ تقوم وتأمرُ
حتَّى إذا حمي الوطيس تقاعست علنًا فباتت تُستباح وتُنحرُ
اليوم صحَّ العزم بعد الهزم (م) ماذا بعد نرقب في الحياة وننظرُ
ها نحن نكتب ما علمنا منك (م) قدر الجهد في كلِّ البقاع وننشرُ
ونُزيِّن الشَّبكات بالذّكر الحكيم (م) فتبصر الدُّنيا بها ما نسطرُ
نهدي عباد الله للرِّشد الذي عمر القلوب وغير ذلك يعمرُ
من مكّة البلد الحرامِ أتى الهدى ونما النَّدى فتيسَّر المتعسِّرُ
منها نؤم النَّاس بالحسنى إلى (م) الحسنى ونصدع بالفلاح ونجهرُ
ونقول والنَّرويج كالدّنمرك من يهجوك يا خير البريّة يُكسرُ
يارسول الله عذرا
محمد محمود أحمد
يارسول الله عذراً .. قالت الدنمارك كفراً
قد أساؤا حين زادوا .. في رصيد الكفر ُفجراً
حاكها الأوباش ليلاً .. واستحلوا القدح جهراً
حاولوا النيل ولكن .. قد جنوا ذلاً وخسراً
كيف للنملة ترجو .. أن تطال النجم قدراً
هل يعيب الطهر قذف ٌ .. ممن استرضع خمراً
دولة نصفها شاذ ٌ .. ولقيط ٌ جاء عهراً
آه ٍ لو عرفوك حقاً .. لاستهاموا فيك دهراً
سيرة المختار نورٌ .. كيف لو يدرون سطراً
لو دروا من أنت يوماً .. لاستزادوا منك غمراً
قطرة ٌمنك فيوض ٌ . تستحق العمر شكراً
يارسول الله نحري .. دون نحرك .. أنت أحرى
أنت في الأضلاع حي ٌ .. لم تمت والناس تترى
حبك الوردي يسري .. في حنايا النفس نهراً
أنت لم تحتج دفاعي . أنت فوق الناس ذكراً
سيد للمرسلينا .. رحمة جاءت وبشرى
قدوة للعالمينا .. لو خبت لم نجن خيراً
يارسول الله عذراً .. قومنا للصمت أسرى
ندد المغوار منهم .. وسواد الناس سكرى
أي شيءٍ قد دهاهم .. مالهم يحنون ظهراً(9/82)
لم يعد للصمت معنىً .. قد رأيت الصمت وزرا
ملت الأسياف غمداً .. ترتجي الآساد ثأراً
إن حيينا بهوان .. كان جوف الأرض خيراً
يؤلم الأحرار سب ٌ .. لرسول الله ظُهراً
ويزيد الجرح أنّا .. نسكب الآلام شعراً
فمتى نقذف ناراً .. تدحر الأوغاد دحراً
يا جموع الكفر مهلاً .. إن بعد العسر يسراً
*****************
إِلاَّ رَسُوْلَ اللهِ..
الشاعر عيسى جرابا
أَشْرَقْتَ مِنْ قَلْبَ الدُّجَى فَتَبَدَّدَا وَهَطَلْتَ فَانْتَعَشَ اليَبَابُ وَغَرَّدَا
وَسَرَيْتَ تَمْنَحُ كُلَّ بَارِقَةٍ فَماً يَفْتَرُّ بِالبُشْرَى وَيَرْسُمُ مَوْلِدَا
أَسْرَجْتَ خَيْلَ الحَقِّ فَانْطَلَقَتْ بِلا كَلَلٍ تَدُكُّ مِنَ الضَّلالِ مُشَيَّدَا
وَتَلَوْتَ آيَ الذِّكْرِ لَحْناً خَالِداً مُتَرَقْرِقاً مَا ضَلَّ فِيْهِ مَنِ اهْتَدَى
وَلَوَيْتَ أَعْنَاقَ الهَوَى فَتَصَاغَرَتْ ذُلاًّ وَمَا أَحْنَتْ لِغَيْرِكَ سَيِّدَا
وَتَفَتَّقَتْ هِمَمٌ رَوَيْتَ غِرَاسَهَا بِيَدَيْكَ جَاوَرَتِ النُّجُوْمَ تَفَرُّدَا
وَسَرَتْ قَوَافِلُ مِنْ ضِيَاءٍ أَلْهَبَتْ ظَهْرَ الطَّرِيْقِ تَأَلُّقاً وَتَوَقُّدَا
تَقْفُو خُطَاكَ وَتَسْتَنِيْرُ بِحِكْمَةٍ أَسْدَيْتَهَا هَدْياً فَصَارَ لَهَا حُدَا
وَسَمَتْ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ طِيْناً وَمَا أَسْمَاهُ يَعْصِفُ بِالهَوَى مُتَمَرِّدَا!
فَتَلأْلأَتْ رَغْمَ الدُّجَى كَكَوَاكِبٍ أَنَّى لَهَا تَخْبُو وَأَنْتَ لَهَا مَدَى؟!
يَا سَيِّدَ الثَّقَلَيْنِ مُهْجَةُ أَحْرُفِي ثَارَتْ فِدَىً فَرَأَتْكَ أَعْظَمَ مُفْتَدَى
وَافَتْكَ خَجْلَى كَيْفَ لا وَأَمَامَهَا خَيْرُ البَرِيَّةِ رَحْمَةً وَتَوَدُّدَا؟
رَكَضَتْ تَذُوْدُ وَلِلصَّفَاقَةِ أَلْسُنٌ نَفَثَتْ سُمُوْمَ الكُفْرِ حِقْداً أَسْوَدَا
بَاتَتْ تُشِيْرُ إِلَيْكَ أَطْمَعَهَا تَخَا ذُلُ أُمَّةٍ مِلْيَارُهَا يَهْذِي سُدَى
إِلاَّ رَسُوْلَ اللهِ مَا أَعْرَاضُنَا وَدِمَاؤُنَا أَلاَّ تَكُوْنَ لَهُ فِدَى؟!
بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ دُوْنَكَ مُهْجَتِي فِي صَدْرِ مَنْ سَلَقُوْكَ أَغْرِسُهَا مُدَى
تَاللهِ مَا عَرَفُوْكَ إِلاَّ رَوْضَةً غَنَّا تَطِيْبُ جَنَىً وَتَعْذُبُ مَوْرِدَا
لَكِنَّهُ كِبْرُ الطُّغَاةِ فَمَا بِهِ مِنْ مُبْصِرٍ إِلاَّ وَأَصْبَحَ أَرْمَدَا
يَا سَيِّدَ الثَّقَلَيْنِ كَمْ قَلْبٍ يَئِـ ـنُّ أَسَىً! وَكَمْ طَرْفٍ يَبِيْتُ iiمُسَهَّدَا!
وَالنَّاعِقُوْنَ فَمٌ مَرِيْضٌ مُتْرَعٌ زَيْفاً كَأَعْمَى بَاتَ يَرْجُو مُقْعَدَا
خَاضُوا كَمَا بِالإِفْكِ خَاضَتْ عُصْبَةٌ مِنْ قَبْلُ وَاتَّخَذَتْ هَوَاهَا مِقْوَدَا
فِإِذَا بِنُوْرِ الوَحْيِ يَكْشِفُ سَوْءَةَ الـ ـأَفَّاكِ لِلدُّنْيَا وَيَصْدُقُ مَوْعِدَا
مَا أَنْقَصُوْكَ فَأَنْتَ أَنْتَ أَجَلُّ خَلْـ ـقِ اللهِ مَنْزِلَةً وَأَكْمَلُ سُؤْدَدَا
يَكْفِيْكَ أَنَّ الحَقَّ مِنْ عَيْنَيْكَ فَا ضَ سَنَاً فَأَتْهَمَ فِي القُلُوْبِ وَأَنْجَدَا
وَانْسَابَ فَاهْتَزَّ الوُجُوْدُ وَأَزْهَرَتْ آمَالُهُ وَبِغَيْرِ حُبِّكَ مَا شَدَا
أَيُلامُ صَبٌّ أَنْ تَسَاقَتْ لَوْعَةً عَيْنَاهُ غَصَّ بِهَا فَأَمْسَى مُجْهَدَا؟!
يَا سَيِّدَ الثَّقَلَيْنِ حَسْبِي أَنَّنِي قَلْبٌ إِلَى لُقْيَاكَ ذَابَ تَوَجُّدَا
مَا لاحَ بَدْرُ التَّمِّ تَزْدَانُ السَّمَا ءُ بِنُوْرِهِ إِلاَّ ذَكَرْتُ مُحَمَّدَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ مَا ارْتَفَعَ الأَذَا نُ عَلَى القِبَابِ وَبِاليَقِيْنِ تَرَدَّدَا
مَا صَارَ هَذَا الكَوْنُ كَالخَبَرِ المُفِيْـ ـدِ وَتَمَّ إِلاَّ حِيْنَ كُنْتَ المُبْتَدَا
****************
إلى الحبيب الأعظم
د. زاهر الحسن :
هم يحسبونَ وقد سكتُّ غَضوبا صمتي وجرحي ، يا حبيبُ، iiذنوبا
هم يزعمون بأنني لم iiأشتعلْ غضباً ، ولم أُشعِلْ فداكَ حروبا
هم يزعمون بأنني لم iiأرتحلْ شوقاً إليكَ ، ولم تكُ المحبوبا
هم يسلكون إلى رضاكَ iiدروبَهم وأنا أطير وما سلكتُ iiدروبا
واللهُ يعلم لو قسمتُ مشاعري بين القلوبِ لما بقينَ iiقلوبا
****************
بأبي وأمي
رمضان عمر:
هذا المداد بمسك أحمد قد هما وازدان فيه مع النسيم مثالُ
أزهو به في رقة أشدو بها ليطيب في مدح الحبيب مقالُ
أقفو به كعب الأوائل ليتني كنت الذي آبت به الآمالُ
فتصيبني بعض الشفاعة حينها فأكون أسعد من حوته رمالُ
أفديك يا خير الخلائق كلها إن شط قوم أو بغى الدجالُ
بأبي وأمي كيف لا أفديك إذ بدأ القتال ودقت الأطبالُ
وتطاولت عصب الكلاب وأنفث من كل سم ناقع ريغالُ
قد زاد حد الحد حتى لم يعد يجدي مع الفعل الشنيع جدالُ
وتمرد الأزلام حتى أثخنوا طعنًا وكيدًا والحروب سجالُ
كذبوا ولو صدقوا لقالوا: إنه سحر الوجود فلن يعاب كمالُ!
خير البرية رغم أنف أنوفهم حاشا لمثلك أن يسيء مقالُ
فالقول دونك في المديح وإن علا ولشسع نعلك تسقط الأقوالُ
فليخسئوا، ولبئس ما جاءت به صفر الوجوه الخسة الأنذالُ(9/83)
الراتعون مع الشياه كأنما شاهت وجوه الغرب فهي سمالُ
القاصرون عن الفضائل ما ارعووا واللؤم فيهم شيمة وخصالُ
شر البرية يا أشر خليقة خجلت لمثل فعالهن بغالُ
أحضارة الدجل السخيف أهكذا تؤتى المكارم؟! بئسما الأفعالُ
أخزى الذي سمك السماء بناءكم يا أيها السفهاء والأنذالُ
أحلام هرطقة، وخسة قاصر رَسَمَ الحقيرُ وشَبَّه المحتالُ
لا ليس في رسم الخسيس بلاغة إن البلاغة في الحبيب تقالُ
فهو الكريم إذا الكرام تعاظمت عند الزحام، وعزت الأحمالُ
وهو الفصيح إذا الفصاحة iiأينعت سالت بعذب حديثه الأقوالُ
فبذكره كان الغدو رياضنا ومع الغدو تمازجت آصالُ
وبمدحه مهج القلوب ترنمت وتراقصت طربًا له الأوصالُ
يا أيها المختار حسبك رتبة مهما تعملق لم يصلك خيالُ
فالكل خلفك واجمون كأنهم كبتوا تشد وجومهم أحبالُ
خيرت بين الخمر واللبن الذي فطرت عليه من الورى الأجيالُ
فاخترت فطرة أمة لمّا تزل خير القرون فتية تختالُ
وبنيت للإسلام صرحًا شامخًا طال السماء, فكيف ذاك يزالُ
أضحت به بغداد نجمة عصرها ضاءت إذا غرب الجنوب شمالُ
ومشى السحاب لكي يفارق iiأرضها فمشت توازي ظله الأجيالُ
وتتابع العلماء حتى أزبدت سوح البطاح فحملهن ثقالُ
ذاك ابن سينا والفرابيُّ الذي لو زِين زانت عُشْرُهُ الأثقالُ
ولدحية الكلبي إذ بسطت له شم القياصر كبرها الأمثالُ
لغسلت دون الكعب، لو سنحت iiلنا لقيا الأمين وفي اللقاء جمالُ
أقرئ نبيك يا دحية أنه حان الزمان وملكنا سيزالُ
سيزول ليل الظلم حتى تنضوي كل المكائد تختفي الأدغالُ
ويعم كل الكون عدل محمد ويذوب بغي ينتهي الأهوالُ
يا أمة المليار هل من عضبة نذكي النفوس كأنها المرجالُ
تجتث شأفة حاقد من أصله حتى يثوب مع الردى الدجالُ
فالصافنات من الجياد على الذرى قد أسرجت، وتقدّم الخيالُ
والعاديات الضبح تبرق في iiالدجا والموريات القدح والأجمالُ
يا سيدي ما إن رموك بسهمهم حتى تدافع للوغى الأبطالُ
وتعالت الرايات تعلن زحفها للنصر يعلو فوقهن هلالُ
من قبة الإسراء تغزل عزمها أتذود بالعزم الفتي نِصالُ
وتريق من دمها الزكي جداولاً نعم الدماء فداك حين تُسالُ
دقت به جند الحماس حصونهم فمشى النعي يقوده الإعوالُ
والسمهري بها يغذ خطوطه فهوت عروشٌ حُطمت أغلالُ
وتقهقر الأسطول أسطول الخنا والبُش يصرخ أن هلمَّ تعالوا
وتناقص الشيطان لا يلوي إلى ما قد دعا وتقطعت أحبالُ
وتشرذموا فرقًا تجر خيولهم أذيال نكستهم، وآل مآلُ
لا تفرحوا.. أما فطنتم أنما سنجزّ رأسًا لن يطول نزالُ
ويباع في سوق النخاسة بشكم حتى تدوس جبينه الأطفالُ
يا أيها الغرب الكسيح رويدكم إن المعامع حملهن ثقالُ
ولنا خلقن ولن تسار لغيرنا تلك المكارم أيها الجهالُ
إنا قدحنا بالحماس نفوسنا فاستنفرت شررًا بنا الأوصالُ
وتضاعفت أحقادنا حتى إذا حمي الوطيس أتاكم الزلزالُ
سنهز عرش الكفر نكسر أنفه هذي الجموع يقودها الرئبالُ
هذي الجموع تدافعت نحو iiالردى تفدي الحبيب نفوسها والمالُ
سنغيّر التاريخ نصلح أمره حتى تعود لهديها الأجيالُ
وندق روما ثم نزوي بعدها كل المدائن لن يدوم ضلالُ
وعد النبي فكيف يخلف وعده كل الوعود مع النبي تُنالُ
هذه حقائق هدينا نسمو بها نحن الأشاوس نسوة ورجالُ
مهما بطشتم يا قساوسة الفنا فالحرب كرّ تارة وسجالُ
والحرب شم خيارنا إنا لها نحن الألى مهروا الوعى الأبطالُ
نحن الألى باعوا النفوس لربها فهو الذي قضيت به الآجالُ
فالموت إما أن يجيء فمرحبا يا موت حيّ ففي المنون منالُ
فهو الطريق إلى لقاء محمد ولقاء احمد بغية آمالُ
****************
حدّثْ صديقي عن جمال محمدٍ
د.عبد المعطي الدالاتي:
هاتِ الحديثَ مِزاجُه الأشواقُ وصِفِ الحبيبَ فكلُّنا توّاقُ
نهوى الحروفَ تعطّرتْ iiأردانُها بشذا الأحبةِ .. والهوى iiأذواقُ
فغدا يُحدّثُ عن جلال iiالمصطفى فتوضأتْ بدموعها الأحداقُ
يَحكي بشوقٍ عن جمال محمدٍ أحلى اللُّغى ما قالتِ الأشواقُ
عن قلبه ،عن حبه ،عن لطفهِ عن كل ما قد جادتِ الأخلاقُ
تحيا بذكر محمدٍ ترنيمةٌ في القلب تسري والهوى خفّاقُ
طوبى لمن عن نهجهِ لم iiيَغفلوا يوماً، وذاقوا في الهوى ما iiذاقوا
طوبى لمن في دربهِ قد iiأوْغلوا ناموا على أحلامهم وأفاقوا
ساروا إليه تحثهم آمالُهم وأنا الأسيرُ، فهل يُفكُّ iiوثاقُ؟!
طالتْ وطالتْ غربتي يا iiإخوتي وحبيبُ قلبي دونه الآفاقُ
طال الطريقُ فكيف أبدأ iiرحلتي وأنا الضعيفُ وما لديَّ بُراقُ ii؟!
لا تُطرقي يا نفسُ هيّا فاذهبي وتحسّسي.. لا ينفعُ الإطراقُ
يا نفسُ جِدّي إنْ يشأْ ربُّ الورى لا يلبثِ الأحبابُ أن يتلاقوا
****************
ذاك رسول الله محمد
محمد بن حسن أحمد النعمي
alnuami_ya@yahoo.com
هذا رسولُ الله محمدْ = معتصمٌ بالله مؤيَّدْ
كان أميناً كان رحيماً = أفضلُ خلقِ اللهِ محمدْ
جاء بشيراً جاء نذيراً = يدعو الناس لربٍ أوحدْ
بلَّغ دينَ اللهِ إلينا = وعلى ذلك إني أشهدْ
ودعا سراً ودعا جهراً = للحقِ الواضحِ قد أرشدْ(9/84)
حاربَ جيشَ الكفرِ بحزمٍ = ومحا كلَّ الظلمِ وبدَّدْ
من فقرٍ أبداً لا يخشى = بل يُعطي عطاءً لا ينفدْ
لم يشبع من خبزِ شعيرٍ = قد عاشَ كفافاً وتزهَّدْ
وهلالٌ من بعد هلالِ = في بيتهِ نارٌ لا تُوقدْ
رباه ارزقني طاعته = بالرحمةِ رباه تغمَّدْ
واحشرني في الجنةِ معه = أكرِمْني بشفاعةِ أحمدْ
ذاك رسولُ اللهِ إلينا = ذاك رسولُ اللهِ محمدْ
***************
َصْرُ المُخْتار ودَحْر الفُجَّار!
يوسف مسعود قطب حبيب :ن
نَبِحتْ شِرَارُ الخَلْقِ تَقْذِفُ بِالتُّهَمْ لِتَعِيبَ مَنْ أَرْسَى المَبادِئَ والقِيَمْ
أيْنَ النُّباحُ وإن تَكاثَرَ أَهْلُهُ مِنْ نَيْلِ بَدْرٍ قَدْ سَما فَوْقَ القممْ
أو نََيْلِ نَجْمٍٍ ساطِعٍ يَهْدِي الوَرَى سَعِدَتْ بِه وَبِنُورِهِ كُلُّ الأُممْ
جَادَ الكَريمُ بِهِ بِأَعْظَمِ نِعْمَةٍ فَتَحَ القُلوبَ بهِ وأَحْيا مِنْ عَدَمْ
قَدْ تَمَّمَ الأَخْلاقَ بَعْدَ ضَياعها وَشَفَى العَلِيلَ بهِ وأَبْرَأَ من سَقَمْ
بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ قامَتْ شِرْعَةٌ والفُحْشُ والبَغْيُ البَغيضُ قَد انْهَدَمْ
فَغَدا ظَلامُ الكَوْنِ صُبْحاً مُشْرِقا لَمّا اسْتَضاءَ بِنورِ أحْمَدَ وابْتَسَمْ
سَحّاءُ كَفُّ مُحَمَّدٍ بِعَطائِها كَالْغَيْثِ عِنْدَ عُمُومِهِ لا بَلْ أَعَمْ
مَن ذا يُطاوِلُ رَحْمَةً فِي قَلْبِهِ مَنْ ذا يُبارِي في السَّماحَةِ iiوالكَرَمْ؟
فَلْتَسألِ الثِّقلينِ عَنْ أخلاقهِ بَلْ سائِلِ الطيرَ المُحَلِّقَ بِالقِمَمْ
مَنْ صاحَ بالأصحابِ رُدّوا فَرْخَهَ كَيْ يَسْعَدَ العُشُّ الحزينُ وَيَلْتَئِمْ
بَلْ سائِلِ الجَمَلَ الْبَهِيمَ إذِ اشْتَكَى لِمُحَمَّدٍ بِدمُوعِهِ مُرَّ الألَمْ
فَوَعَى الخِطابَ وقامَ يُعْلنُ غاضِبًا لا يَرْحَمُ الرحمنُ إلا مَن رَحِمْ
وَعَفا عَنِ الخَصْمِ اللَّدودِ وَسَيْفُهُ بِيَمِينِهِ, وَالخصْمُ قَدْ ألْقَى السَّلَمْ
هَلاّ رَأيتمْ مِثلَ عَفْوِِ محمدٍ عَنْ أهلِ مكةَ عَبرَ تاريخِ الأُمَمْ؟
**************
يا جاحِداً لِلْحَقِّ هل بدِيارِكُمْ لم يَبْقَ ذِكْرٌ لَلْعَدالةِ أو عَلَمْ؟!
هلاّ أقَمْتَ لِما افْتَريْتَ دَليلَهُ إنَّ الدَّليلَ لِكُلِّ قَوْلٍ يُلْتَزَمْ
هَلْ يَقْتُلُ المُخْتارُ شَيْخاً فانِيًا هَلْ يَقْبَلُ المُخْتارُ نَقْضاً لِلذِّمَمْ؟!
هَلْ مَثَّلَ المختارُ أو قَتَلَ النِّسا هَلْ أَهْلَكَ المُخْتارُ شَعباً وانتقَمْ؟!
فَهُوَ الطَّبِيبُ بِحَرْبِهِ وبِسَلْمِهِ يَجْتَثُّ أسْبابَ الشِّكَايَةِ والسّقَمْ
فِيُزيلُ أنظمةً تُجَرِّعُ شَعْبَها كَأْسَ المَذَلَّةِ والعِبادَةِ لِلصَّنَمْ
كَيْ ِيُشْرِقَ التّوْحِيدُ فِي أرْجائِها ولِيَشْكُرَ المَخْلوقُ مَنْ أسْدَى النِّعَمْ
هذا جهادُ نَبِيِّنَا وَمُرَادُهُ فاذْكُرْ مَقاصِدَ حَرْبِكُمْ كُلَّ الأُمَمْ
ولْتَسْألِ (الْبوسْنا) تُجِبْكَ نِساؤها الثْـ ـثَكْلَى وَقَبْرٌ جامِعٌ وبحارُ دَمْ
بَلْ سائلِ (الشّيشانَ) مَنْ أَوْرَى iiبِها ناراً أحَاطتْ بِالسِّهولِ وبالقِمَمْ؟!
والمسجدُ الأقصى يَئنُّ بِجُرْحِه بَيْنَ الجماجمِ سائلاً: أينَ القِيَمْ؟!
مَنْ أجَّجَ الحَرْبَيْنِ فتكا بِالوَرَى أمُحَمَّدٌ أمْ هُمْ أساطِينُ الْعَجَمْ؟!
*****************
طال ابتهالُ المصطفى
د.عبد المعطي الدالاتي:
الأرض تضرع iiللسماءْ صحراؤها من غير iiماءْ
والجاهليةُ عربدتْ ظلماً ، وسفكاً للدماء!
عبدوا الحجارَ وأفسدوا ظلموا الصغارَ مع النساءْ
أخنى الظلامُ عليهمُ والجهلُ خيّمَ و الغباءْ
هل رحمةٌ وهدايةٌ تمحو ظلام الأشقياء ؟
هل من نبيٍ مرسلٍ ؟ طال انتظارُ الأنبياءْ
ومحمدٌ .. لهفي لهُ لهفي لنجوى الأنقياءْ
متوحدٌ في غاره يرنو إلى جهة السماءْ
يدعو و يسأل ربَّه بالحب يدعو والرجاءْ
طال ابتهالُ المصطفى أمّن يجيب له الدعاءْ ii؟
ما لِلحجاز تفجرّت فيها ينابيع العطاءْ!
هاقد أطلّتْ زمزمٌ والوحيُ يهبط في iiحراءْ
والمصطفى حاز iiالهدى والله يعطي من يشاءْ
******************
في زمن الردة والبهتان
فاروق جويدة كتب فاروق جويدة قصيدة معبرة أيما تعبير أيام الإساءة التي وجهها سلمان رشدي إلى الإسلام والمسلمين في كتابه "آيات شيطانية" فقال:
في زمن الردة والبهتان
اكتب ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح
ضع ألف صليب وصليب فوق القرآن
وارجم آيات الله ومزقها في كل لسان
لا تخش الله ولا تطلب صفح الرحمن
فزمان الردة نعرفه.. زمن العصيان بلا غفران
إن ضل القلب فلا تعجب أن يسكن فيه الشيطان
لا تخش خيول أبي بكر.. أجهضها جبن الفرسان
وبلال الصامت فوق المسجد.. أسكته سيف السجان
أتراه يؤذن بين الناس بلا استئذان؟!
أتراه يرتل باسم الله ولا يخشى بطش الكهان
فاكتب ما شئت ولا تخجل.. فالكل مهان
واكفر ما شئت ولا تسأل فالكل جبان
الأزهر يبكي أمجادًا ويعيد حكايا ما قد كان
والكعبة تصرخ في صمت بين القضبان
والشعب القابع في خوف ينتظر العفو من السلطان
والناس تهرول في الطرقات يطاردها عبث الفئران(9/85)
والباب العالي يحرسه بطش الطغيان
أيام الأنس وبهجتها والكأس الراقص والغلمان
والمال الضائع في الحانات يسيل على أيدي الندمان
فالباب العالي ماخور يسكنه السفلة والصبيان
يحميه السارق والمأجور ويحكمه سرب الغربان
جلاد يعبث بالأديان وآخر يمتهن الإنسان
والكل يصلي للطغيان.. أسالك بربك يا سلمان:
هل تجرؤ أن تكسر يومًا أحد الصلبان؟!
أن تسخر يومًا من عيسى أو تلقي مريم في النيران!!
ما بين صليب.. وصليب أحرقت جميع الأديان
فاكتب ما شئت ولا تخجل فالكل مهان
خبرني يومًا.. حين تفيق من الهذيان: هل هذا حق الفنان؟!
أن تشعل حقدك في الإنجيل وتغرس سمك في القرآن!!
أن ترجم موسى أو عيسى أو تسجن مريم في القضبان!!
أن يغدو المعبد والقداس وبيت الله مجالس لهو للرهبان؟!
أن يسكر عيسى في البارات ويرقص موسى للغلمان
هل هذا حق الفنان؟!
أن تحرق دينًَا في الحانات، لتبني مجدك بالبهتان؟!
أن تجعل ماء النهر سمومًا تسري في الأبدان؟!
لن يشرق ضوء من قلب لا يعرف طعم الإيمان
لن يبقى شيء من قلم يسفك حرمات الإنسان
فاكفر ما شئت ولا تخجل ميعادك آتٍ يا سلمان
دع باب المسجد يا زنديق.. وقم واسكر بين الأوثان
سيجيئك صوت أبي بكر ويصيح بخالد: قم واقطع رأس الشيطان
فمحمد باقٍ ما بقيت دنيا الرحمن
وسيعلو صوت الله.. ولو كرهوا في كل زمان.. ومكان
****************
كنا ولكن "كان" فعلٌ ناسخٌ
محب الفأل "سعد" 24/12/1426هـ
من مُبْلغٌ عنّا بأنّا أمةُ شَبَهُ الرجال ولا نطيق تكلّفا
نحن اللذين تداعت الأقوام حو ل قصاعهم تبغي الثريد لتغرفا
كنّا ولكن "كان" فعلٌ ناسخٌ صرنا وصار الأمر حقًا مؤسفًا
نحيا السبات ولو تبدت يقظة كالحلم.. نجتر المآثر من قفا
ورءوسنا من تحت مقصلة العدا تختار في دعةٍ هدوء الأحنفا
ونرى التمدن في الخنوع وكلما قالوا هتفنا ذاك قولاً منصفًا
ونبرر الزلات وهي جريئة مقصودة التوجيه ليست في الخفا
حتى تطاول منهم الأقزام في سفهٍ ونالوا قدسنا والمصحفا
وتجاوزوا من حقدهم في غيهم عرض الرسول تهكمًا وتعسفا
إعلامهم شنّ الضروس مؤيدٌ من حَبْرِهم ودعيّهم والأُسْقُفا
ولنا دويلات وأعلامٌ غزا كل الفضاء وكان طبلاً أجوفا
كالببغاء يقلد الأصوات في بلهٍ وسخفٍ لا يحس وإن هفا
يتسابقون العهر في قنواتنا وصفوا الفضيلة والعفاف تخلفا
وإذا لدغنا من دعيٍّ فاجرٍ وهنوا وما احتملوا الدفاع تزلفا
وإذا هفا أو مال أي مُبَلّغٍ ملئوا المنابر بالحديث تفلسفًا
ورموا الجميع بفرية مقصودة ٍ تصف التدين والحجاب تطرفًا
فإلام نرضى بالدنيةِ ننحني والله أكرمنا بمن قد شرّفا
دستورنا ونبينا ورسالةٌ للكون قاطبة وليس بها جفا
نحن الفدا لمحمدٍ إن رامه نجسٌ وإن زاد الهجوم وأسرفا
خير الأنام شهادة من ربه في محكم التنزيل صيغت أحرفًا
********************
هذا رسول الله
سليم السالم
كذبوا وقالوا ماتَ فينا أحمدُ
............................ كذبوا لعمر الله لا لن يهتدوا
هذا رسول الله شُلَّ لساننا
........................ إن نحن لم ننطقْ ولم تضربْ يدُ
هذا رسول الله ملء فؤادنا
.................... يا كون إنَّا دونه نستشهد
هذا رسول الله فينا هَدْيهُ
.......................... نوران ملء الكون أين المرشدُ
هذا رسول الله في أطفالنا
............................ ذكرٌ يجوب به النداءُ الخالدُ
هذا رسول الله تهتف طفلتي
........................... إن الأحبَّ من الوجود محمدُ
هذا رسول الله يا من يبتغي
............................. عزا فذا عز منيع سيدُ
هذا رسول الله يا مليارنا
................................... إنَّا لغير الله لا نُسْتَعْبَدُ
هذا رسول الله يا مليارنا
...................................... هُبُّوا بِجِدٍ تبّروا ما شيدوا
هذا رسول الله يا مليارنا
............................ مَنْ مثله أحيا القلوب فيُحْمَدُ
هذا رسول الله يا مليارنا
............................. قد شتتوكم آن أن تتوحدوا
هذا رسول الله يا مليارنا
.................................. ملَّت رقادكمُ يا قومُ وسائدُ
هذا رسول الله نحيا ذكره
................................... نورًا مزيدًا لا يُمَلُّ يُخَلَّدُ
هذا رسول الله نفدي ذكره
............................... بالمال بالأولاد ما بَقِيَّتْ يَدُ
هذا رسول الله في كل الدنى
............................. نجمٌ أضاء فيرتجيه الفرقدُ
هذا رسول الله رغم غبائهم
................................... ما نيل َ منه بل المُنالُ الأبعدُ
******************
يحتاج لمراجعة
الفهرس العام
الباب الثامن – ما قيل فيه من شعر صلى الله عليه وسلم ... 1
مقدمة حول أهمية الشعر ... 1
أترى ستنفع في القلوب عظات؟! ... 6
إشراق دمعة ... 8
أطلقيني يا مدينة ... 8
الدفاع عن داعية السلام "صلى الله عليه وسلم" ... 9
الردّ المبكي للمجرم الدانماركي ... 9
إلى الأنصار قد وصل الرسولُ ... 15(9/86)
إمام المرسلين فداك روحي... ... 16
إن كانَ فيكم نخوةٌ ومروءةٌ ... 18
دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... 19
تحية ودفاع عن عرضه صلى الله عليه وسلم ... 23
جئنا إليكَ رسولَ اللهِ نعتذرُ!! ... 25
جلَّ من ربَّاك ... 26
حوار بين سلعة دانمركية وأخرى أمريكية ... 27
صلّى عليك الله ... 28
في مدح حبيبي رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم ... 29
في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 31
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ... 32
وُلد الهدى، فالكائناتُ ضياءُ ... 49
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم ... 54
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا ... 56
يا إمام الرسل يا أحمدْ ... 57
إلا الرسول ... 57
البردة للبوصيري ... 58
الصارم المسلول لشاتمي الرسول ... 67
عاد محمد صلى الله عليه وسلم ... 68
أصمى العروبة َ والإسلامَ جُهّالُ ... 70
عائدون يارسول الله ... 71
يحمل الإفك في السنان شعارا ... 72
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري ... 72
القصيدة المضرية في الصلاة على خير البرية ... 74
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام ... 76
ربيع الهدى ... 78
رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم ... 78
سيدي يا رسول الله ...!! ... 82
صلاة الله وسلامه على الهادي ... 88
صلى الإله وسلما ... 89
عذراً.. رسول الله!.. ... 89
فدى لرسول الله ... 92
وللذود عن عرض الرسول قصائدي ... 94
في ذكرى المولد ... 96
تَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ
أطبق الليل واختفت أضواء
فجأةً شاعَ الخبرْ
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري
حبّ الرّسولِ تذكّرٌ وتدبّر
مولد الهادي ... 106
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 107
يا حبيبي هاكَ نحري ... 108
من نبع هديك تستقي الأنوار ... 110
إمام المرسلين فداك روحي...... ... 111
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم ... 113
جلَّ من ربَّاك ... 114
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم ... 116
نفحات الهجرة… ... 119
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ... 120
لك في مهمة التجلي البهاء ... 123
كأنّ نجوماً أومضت في الغياهب ... 133
عيون الأفاعي ... 133
هناك رسول الله : ... 134
3. وأحسن خلق الله : ... 134
4. ويل قوم : ... 135
5. منهاج الهدى : ... 135
6. فأشهد : ... 135
7. براهين : ... 136
8. فراق الحب : ... 136
9. جزى الله : ... 137
10. خاتم الرسل : ... 137
كشف الغمة في مدح سيد الأمة ... 137
عذراً رسول الهدى ... 153
لأجله فقط ... ... 155
مالي أراكَ كسيرَ الطّرفِ يا قمرُ؟ ... 155
محمد المبعوث للناس رحمةً ... 156
مدح الرسول ... 156
هو المختارُ " صلى الله عليه وسلم " ... 157
نِدَاءُ اسْتِغَاثَة ... 159
نَصْرُ المُخْتار ودَحْر الفُجَّار! ... 160
يا جاحِداً لِلْحَقِّ هل بدِيارِكُمْ ... 160
نظم الميمية في الذود عن خير البرية ... 161
في الذب عن عرضه صلى الله عليه وسلم ... 161
بأبي وأمي ... 162
إلى الحبيب الأعظم ... 164
ولقد سمعنا ما يسوءُ قلوبنا من دولةِ الأبقارِ والأجبانِ ... 164
طه إمام المرسلين ... 166
واستمطروا غضبًا ... 167
يا أيَّها الدنماركُ .. إلا رسولَ اللهِ ... 167
يا حبيبي هاكَ نحري ... 168
يا نبيّ الله عُذرًا.... !!! ... 169
على أبواب المدينة ... 170
ما بين الهجرة والهجمة ... 171
شغف الرُّوح بحبِّ محمد ... 173
يا حبيبَ الروح ! ... 174
مولد الهادي ... 176
بلد الأبقار ... 182
في نصرة الحبيب الأعظم ... 183
بحب رسول الله ... 184
إلا محمدا رسول الله ... 185
أبا الزهراء ... 187
صلّى عليك الله ... 191
يا حبيب ... 192
********************
أترى ستنفعُ في القلوبِ عظاتُ؟ 163
أحبك يا رسول الله 164
المختار صلى الله عليه وسلم 168
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 170
أيها المسلمون في كل قطر 171
بُشرى من الله 171
حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم 172
حقاً رسول الله نيل جنابه؟! 175
دائماً أنتَ بقلبي 177
رسول الهدى عذراً! 180
صورة المصطفى ''صلى الله عليه وسلم'' 180
عرضي فداك 182
فدتك ملايين الأباة 183
فلق الحق 183
صلوا على الهادي وردوا على الفور 185
لك روحي تُنذر 186
هو الرحمة المهداة 188
وعاد هدوئي بكل ضجر 189
يا صاحب الدنمرك 189
يارسول الله عذرا 190
إِلاَّ رَسُوْلَ اللهِ..209
إلى الحبيب الأعظم
بأبي وأمي 209
حدّثْ صديقي عن جمال محمدٍ 212
ذاك رسول الله محمد 212
َصْرُ المُخْتار ودَحْر الفُجَّار! 213
طال ابتهالُ المصطفى 214
في زمن الردة والبهتان 215
كنا ولكن "كان" فعلٌ ناسخٌ 216
هذا رسول الله 217(9/87)
فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم وحقوقه ((8))
الباب الحادي عشر – مقالات وخطب حول ردود فعل المسلمين
أتسخرون من الحبيب صلى الله عليه وسلم ؟!!
الكاتب: عزة عبد الرحيم سليمان
قالوا سُحر . . قالوا تزوج وأنجب ... وضُرب وأذي ...أهذا نبي ؟!!
وهل كان نبي على غير هذا ؟!
(كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (الذاريات : 52 )
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) (الرعد : 38 )
(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ) (الأنعام : 34 )
فهي شنشنة قديمة من يوم سار ركب الأنبياء بنور الله ، حين يعجز أهل الكفر عن نقض الرسالة يوجهون سهامهم لحاملي الرسالة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
والعجب العجاب الذي يأخذ بالألباب . أن أحدا ممن عاصروا النبي محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتكلم فيه بما يسوءه ... لم نسمع أن أحدا ممن عادوه كذَّبه ، أو أن أحدا رماه بالزنا والفحش ، أو أن أحدا قال عنه ما يقال اليوم .. أو شيئا منه .
مضى الجيل الذي عاصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يشهد له بأنه الصادق الأمين ، ووقف اليهود له بكل طريق كي يسجلوا عليه خطئا يقدح في نبوته وما استطاعوا . بل أقروا رغما عنهم .. أنطقتهم فعاله .
أقول : كانت إحدى الأدلة على إثبات نبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي الاستدلال بأخلاقه قبل البعثة النبوية وبأحواله بين الناس ، وتدبر قول الله تعالى وهو يخاطب المكذبين لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) (سبأ : 46 )
(وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ) (التكوير : 22 )
(مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) (النجم : 2 )
يقول أهل العلم : عبّر بلفظ صاحبكم ولم يستخدم أي لفظ آخر ليقول لهم أنه هذا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي صحبتموه وعرفتموه معرفة الصاحب بصاحبة . فلا جنون ، ولا ضلال ، بل صادق أمين كما سميتموه .
يصوروه أسود أشعث أغبر أحول . وما كان هكذا ـ صلى الله عليه وسلم ـ
رأته أعرابية عجوز في الصحراء وهو مطارد تتبعه قريش ومن معها يوم الهجرة فقالت في وصفه ، وهي لا تعرفه : أبهى الناس وأجملهم من بعيد , وأحسنهم من قريب غصن بين غصنين ، فهو أنضر الثلاثة منظرا ، وأحسنهم قدا ، له رفقاء يحفون به ، إن قال استمعوا لقوله ، وإن أمر تبادروا لأمره ، محفود محشود .
وصدق حسان :
أحسن منك لم تر قط عيني * * * وخير منك لم تلد النساء
خلقت مبرئا من كل عيب * * * كأنك قد خلقت كما تشاء
والسؤال : من أين أتى من يسخرون اليوم ويتهكمون على الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكلامهم هذا ؟
قوم لا يعرفون العربية ... ولا يحسنون قراءة القرآن .. وجل شهد له أعدائه قبل محبوه ... ومضى بخير سيرة عرفتها البشرية .
ثم يقولون كان نبيكم وكان . . .
من أين ؟؟
إنه الحسد ليس إلا .
هل جهلوا أوصاف نبينا . لا والله . فنبينا ولد في الشمس وعاش بين الناس ، وخبره موصول إلينا بأوثق الطرق وأوكدها . نعرف عنه كل شيء ... يعرف أحدنا عن محمد صلى الله عليه وسلم ما لا يعرفه عن أبيه .
فكيف تنكرون صفاته ؟.
تجاهُلا وَهْوَ عينُ الحاذِقِ الفَهِمِ *** لا تَعجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُهَا
ويُنكِرُ الفَمَ طعمَ الماءِ مِن سَقَمِ *** قد تُنكِرُ العينُ ضَوْءَ الشمسِ مِن رَمَدٍ
مابي من طاقة للكلام عن أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوالله كلما هممت بالكتابة عن خلق رأيت أن كلمات تشينه لا تزينه ، وأن كلماتي أقل من أن تعبر عن أوصاف الحبيب ، ولكن دونكم الكتب . فقط أردت أن أبين لكل من يقرأ أن من يتكلمون عن الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما يغرفون من وعاهم ، ولا سند لهم ممن عاصروا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونبينا كل الكمال ، وجملة الجمال صلى الله عليه وسلم .
======================
أخطر عقائد القرن
الكاتب: د. جمال الحسيني أبو فرحة
يؤمن كل من اليهود والمسيحيين والمسلمين بعقيدة المسيح المنتظر إلا أن مسيح اليهود في عقيدتهم لم يولد بعد، أما مسيح المسيحيين والمسلمين فهو المسيح عيسى عليه السلام.(10/1)
وهناك اختلافات كثيرة في صفات ذلك المنتظر الجسدية والنفسية والخلقية، وفي الدور الذي سيؤديه على الأرض، ليس بين أهل الأديان الثلاثة فقط ولكن بين أبناء كل دين كذلك، حتى ذهب بعض المسلمين والمسيحيين إلى القول بعدم نزوله عليه السلام ماديًا، وأولوا نزوله بغلبة روحه وروح تعاليمه في آخر الزمان من انتشار المحبة والتسامح والسلام – وإن كان في ذلك إيماءة إلى أن الإسلام لا يحتوي على تلك الروح وهو ما نأباه ونعجب من وقوع بعض علمائنا فيه- .
وعلى كل فليس في كل ما سبق خطورة كبرى ولكن الخطورة تتأتى من بعض الطوائف المسيحية المنتشرة في الغرب، والتي تدعمها إسرائيل وتروج لها بأشكال عديدة، حيث تؤمن بهذه العقيدة جاعلة للمسيح عليه السلام صفات لم تكن قط له من القسوة والغلظة ومحبة الدمار، زاعمة كذلك أنه عليه السلام إنما سينزل على اليهود فهم قومه، وسيحارب بهم العالم حربًا نووية من مكان في فلسطين يدعى "هرمجدّون" ( أي : جبل مجدّون ) يفنى فيها ثلثا البشر، ويعود العالم على إثرها إلى حالة بدائية كما كانت الحال بعد الطوفان واندثار مدنية ما قبل الطوفان.
وبعد المعركة يكبل الشيطان ويتوج المسيح ملكًا على العالم، ويبدأ الحكم الألفي للمسيح وفيه يعيش اليهود بعد اعترافهم بالمسيح في أورشليم حياة كاملة بلا ألم أو ضيق أو شر مدة ألف سنة هم وكل المسيحيين الذين آووهم أثناء شتاتهم الأخير وساعدوهم ووقفوا بجانب إقامة دولتهم في فلسطين لتكون محطة لابد منها لنزول المسيح عليه السلام.
وبناء على ذلك يؤمن هؤلاء بأن الله لا يريدهم أن يعملوا من أجل السلام وإنما يريد منهم الإعداد لهذه الحرب.
وبناء على ذلك أيضًا يؤمن هؤلاء بأن الوقوف في طريق قيام إسرائيل وتوسعها ولو حتى بنقضها هو وقوف في طريق إرادة الله التي قدرت جمع بني إسرائيل في فلسطين قبل نزول المسيح؛ وانطلاقًا من هذه العقيدة نجد على سبيل المثال:
- أن أمريكا تجعل نصيب إسرائيل من مساعداتها أكثر من نصيب بعض ولاياتها والتي هي في حجم إسرائيل.
- وأن فرنسا بلد الحرية والديمقراطية المزعومة يوافق برلمانها بأغلبية 58% على قانون "جيسو فابيوس" الذي يعطي لليهود حقوقًا فوق سائر البشر حتى الفرنسيين أنفسهم؛ حيث ينص على حرية الفكر والبحث والنقد في تاريخ كافة الأمم وفي كافة العقائد حتى وإن أنكر الباحث وجود الله تعالى . أما إن تعلق البحث بالنقد لأي من الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل – مهما كانت الأدلة – فيعاقب الباحث بالسجن والغرامة؛ ومن هنا جرت المحاكمة الشهيرة للمفكر الفرنسي "جارودي" لمخالفته لهذا القانون الذي وصفه وزير العدل آنذاك، والرئيس الفرنسي " جاك شيراك " – عمدة باريس وقتئذ – بأنه وصمة عار على جبين فرنسا؛ هذا قليل من كثير لا يتسع المقام إلا للتمثيل له.
ونحن نقول لهؤلاء:
إن المسيح عليه السلام لم يكن ولن يكون ذلك الفظ المدمر قط ؛ فهذا مسيح لا يعرفه الكتاب المقدس الذي تؤمنون به؛ إن المسيح الذي يعرفه الكتاب المقدس مسيح رحمة وسلام، إنه المسيح الذي يقول يوحنا على لسانه: "سلامًا أترك لكم سلامي أعطيكم" يوحنا 14: 27 .. والذي يقول متى على لسانه : "أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم........لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم" متى : 5: 44-48 .
ونقول لهم كذلك : إن اليهود قد رفضهم الله ولعنهم للأبد ولا يمكن أن ينزل المسيح على هؤلاء الملاعين؛ يقول الرب عن بني إسرائيل وفي كتابهم الذي يؤمنون به "هأنذا أنساكم نسيانًا وأرفضكم من أمام وجهي .....وأجعل عليكم عارًا أبديًا وخزيًا أبديًا لا ينسى" إرميا : 23: 39: 40 .. وهو ما يؤكده المسيح عليه السلام بقوله لبني إسرائيل: "إن ملكوت الله سينزع منكم ويعطى لأمة تثمر ثمره" متى : 21: 43 .
وأما قول أصحاب هذه العقيدة بأن الوقوف في طريق إقامة إسرائيل هو وقوف أمام إرادة الله فهو منطق مخادع؛ يخلط بين إرادته تعالى وأمره؛ والنبوءة بالشر لا تعني تحريم مقاومة وقوعه، ولا تدعو للاستسلام له وتشجيعه في أي عقل وفي أي دين؛ فعلمنا بأننا بشر والموت قدرنا، لا يعني تحريم مقاومتنا للموت بالتداوي وتجنب المخاطر وكافة السبل.
أضف إلى ذلك أن ما يقال عنه إنه "مقاومة للقدر" هو في الحقيقة جزء من القدر فكل ما يبرز إلى الوجود قد سبق به القدر، ولا يجوز أن نسمي جزءًا من القدر "قدرًا" وجزءًا "مقاومة القدر" فالقدر لا يقاوم " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" الأعراف : 34 . . وسيحاسب الإنسان على عمله خيرًا كان أو شرًا، ولن يقبل الله احتجاج محتج بالقدر.
د. جمال الحسيني أبو فرحة
أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة
gamalabufarha@yahoo.com
==================
أريد أن أقول ثورة الغضب الإسلامية
رضا محمد لاري(10/2)
واعلن الفاتيكان أن الحرية لا تعطي الحق في إهانة المعتقدات الدينية، وأكد الحاخام الأكبر في فرنسا جوزيف سيتروك انه يعارض مهاجمة الاديان، وتقف الجالية اليهودية في تركيا ضد التطاول على الانبياء.
تطاولت صحيفة بلاندس بوستن الدينماركية في شهر سبتمبر من العام الماضي 2005م، على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم باثني عشر رسماً كاريكاتورياً تحت مظلة مسابقة بين راسمي الكاريكاتور في كوبنهاجن. ليس غريباً أن تقام هذه المسابقة في بلد، ملكتها مارجريت الثانية «طرطورة» لأنها تملك ولا تحكم، واعلنت عن معادتها للإسلام بدون سبب، وعن كرهها للمسلمين بدون مبرر، وصرحت لصحيفة الديلي تلجراف اللندنية في شهر ابريل من العام الماضي 2005م، بقولها «إن الإسلام يتحدانا محلياً وعالمياً، وكنا في الماضي متسامحين وكسلانين في الرد على هذا التحدي لفترة زمنية طويلة وقد حان الوقت للوقوف بكل قوة ضد الإسلام بمعارضة أحكامه وان استلزم الأمر بمحاربته في داخل وطننا وفي كل مكان بالأرض لأنه عدو لدود لنا.
رفض رئيس الوزارة الدينماركي اندريه فوج راسموسن مقابلة سفراء الدول الإسلامية المعتمدين في بلده عن ظهور كارثة الكاريكاتور بحجة لا شأن للحكومة في ما تنشره الصحف، غير انه اضطر إلى مقابلتهم لمواجهة الخسارة الفادحة التي نزلت على الدينمارك ووصلت إلى 2 مليار يورو من بداية المقاطعة إلى الآن، ومن المتوقع أن تصل إلى 39 مليار يورو، لو استمرت المقاطعة الإسلامية لستة أشهر قادمة، وكلما زادت مدة المقاطعة تضاعفت الخسارة التي تنزل بالدينمارك، لأن سدس سكان الأرض 1500 مليون نسمة يقاطعونها، ولكن وزير الخارجية الدينماركي بير ستيج مولر أخبر سفراء الدول الإسلامية بأن رئيس الوزارة لن يعتذر عن ما بدر من الصحيفة لأن بلادهم تتمتع بالديمقراطية التي تعطي الصحف التمتع بحرية التعبير عن آرائهم بدون قيود أو حدود، وفي ظل هذه الديمقراطية يقوم التسامح بين الاديان والاحترام بين الحضارات نهجت النرويج المسلك الدينماركي وسارعت إلى إعادة نشر الاثني عشر كاريكاتورياً بإحدى صحفها الصادرة في أوسلو، وبرر هذا التعاطف بين مجموعة الدول الاسكندافية على احترام الحريات والالتزام بالديمقراطية، وهدفهم الحقيقي من ذلك تعدد الدول التي نشرت الكاريكاتورات وتتضح هذه المؤامرة من تتابع الدول غير الاسكندافية في نشرها حتى يتعذر على المسلمين مقاطعة منتجات دول العالم، ولكن المقاطعة الشعبية الإسلامية اخذت تتسع لتشمل منتجات كل الدول التي تتطاول على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قامت صحيفة لابدانيا الايطالية لسان حال حزب عصبة الشمال الايطالي بتقديم رسوم كاريكاتورية جديدة مسيئة إلى سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكتف حزب عصبة الشمال الايطالي المتطرف بما نشرته صحيفة لابدانيا وانما تظاهر اعضاء من الحزب بقيادة الوزير المتشدد روبيرتو كالديروني وعضو البرلمان الاوروبي ماثيو سالفيني، وتجمع المتظاهرون امام القنصلية العامة الدينماركية في ميلانو ليعلنوا تعاطفهم مع الدينمارك وزايدوا بالاعلان عن طبع كل الرسوم الكاريكاتورية على قمصان توزع مجاناً على الشباب تحدياً للمقاطعة الشعبية الإسلامية، لنثبت للمسلمين أننا احرار في حكم بلادنا بدون تدخل منهم، ودعا الوزير روبيرتو كالديروني الرسامين الكاريكاتوريون إلى الاتحاد ليمارسوا بحرية مطلقة انتقاد من يشاؤون بما في ذلك محمد «صلوات الله وسلامه عليه» رغم أنف كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لنفرض عليهم احترام الحرية والديمقراطية.
في فرنسا قامت صحيفة فرانس سوار «المسائية» باعادة رسم الكاريكاتوريات الساخرة، وقامت أيضاً صحيفة ليبراسيون الباريسية بفتح ملف أزمة مسابقة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادعت أن الحرية والتمسك بها تلزمنا بمناقشة هذه القضية لأن الصمت يخرجنا عن حريتنا ويفقدنا الاحترام للديمقراطية التي نؤمن بها، وقالت صحيفة ليبراسيون بأنها اكتفت باعادة نشر رسمين من الاثني عشر رسماً لتكون وثيقة لهذه المناقشة ودخلت في لعبة الحرية صحيفة اللوموند التي لا تنشر صوراً أو رسوماً كاريكاتورية على صفحاتها مما جعلها تتناول هذه القضية في افتتاحيتها يوم الجمعة الماضية 3 فبراير من عامنا الحالي 2006م قالت فيها من الممكن أن يصاب الإنسان المسلم بالصدمة من نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لهم ولعقيدتهم الدينية ولكننا لا نستطيع أن نقبل تحت مظلة الديمقراطية التي نؤمن بها والحرية التي نتمتع بممارستها الموافقة على اقامة «بوليس على الرأي» لأننا نرفض أن ندعس بأقدامنا حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وهي قيم ومبادئ فكرية لا يمكن التخلي عنها.(10/3)
يتضح من كل الاتجاهات المختلفة في التطاول على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم التركيز على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في تبرير الرسوم الكاريكاتورية والدفاع عنها، وهو في مجمله حديث افك لأن الحرية المطلقة تؤدي إلى الفوضى، ويتفق الفكر الغربي بأن الحرية تنتهي عند بداية انوف الآخرين والديمقراطية لا تقر العدوان على الغير وإلا تحولت إلى ديكتاتورية، وحقوق الإنسان تحترم كل حق له وفي مقدمة هذه الحقوق حرية العقيدة مما يجعل السخرية من أي عقيدة دينية اعتداء على حق الإنسان في عقيدته، وهو ما فعلته الدول التي شاركت الدينمارك في اثم التطاول على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخذ بمنطق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتحدث عنها الدول الغربية يجعلنا نطالب في ظل هذه الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بحق الحديث عن الهولوكوست الذي اباد اليهود في ألمانيا النازية وندعو إلى الغاء «البوليس على الرأي» الذي فرضه الفكر الغربي على ما جاء في كتاب أساطير اليهود للفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي، وما جاء في كتاب الهولوكوست للمؤرخ البريطاني الدكتور ديفيد ايفرينج، والسماح للكتابين بالتداول بين الناس وفتح صفحات الصحف الاوروبية والامريكية لمناقشة قضية اليهود في الهولوكوست تحت مظلة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
امتناع أمريكا عن الخوض في قضية مسابقة الرسوم الكاريكاتورية لتنفي عن نفسها الاساءة إلى الإسلام حتى تخفي دورها العدائي له مما يؤكد قيام مؤامرة أمريكية أوروبية ترمي إلى القضاء على الإسلام بعد أن وصفه المفكر الامريكي صمويل هينتيجتون بالعقيدة الدموية العدوانية واصدر كتابه «صدام الحضارات واعادة بناء النظام العالمي» في عام 1993م بعد انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991م، ليؤكد فيه سمو الحضارة الغربية التي تتطلب لفرض سيادتها دحر الفكر الإسلامي.
دعم هذا الرأي مفكر أمريكي آخر فرانسيس فوكوياما الذي يعمل في مركز ابحاث تابع للقوات الجوية الامريكية، بكتابه «نهاية التاريخ» الذي يذهب فيه إلى أن الرأسمالية تمثل قمة التطور الحضاري للإنسان بعد انتصارها في الحرب الباردة على الفكر الشيوعي، وألقى فرانسيس فوكوياما محاضرة في باريس قبل ايام معدودة هاجم فيها الإسلام لفقدانه التسامح والديمقراطية مما يجعله عدواً للفكر الإنساني المعاصر ويشكل تهديداً للحضارة الغربية وطالب بالاسراع إلى توجيه ضربة مبكرة للإسلام للحد من خسائر الغرب عند الصراع بين الحضارات، لأنه يرى في الفكر الإسلامي منافساً خطيراً للفكر الغربي.
لا يزال العالم يذكر كيف وصف الرئيس جورج بوش الحرب التي يخطط لها بعد احداث 11 سبتمبر من عام 2001م بالحرب الصليبية CRUSADE فلما اختنق بهذا الاعلان للحرب الصليبية ادعى انه يقصد الصليب CROSS ليدعو سيارات الاسعاف لانقاذ الجرحى تحت الانقاض فلم يصدقه احد من اعدائه وحلفائه.
دعوة توم تانكريدو العضو الجمهوري بالكونجرس في يوم 4 يوليو من عام 2005م إلى ضرب مكة المكرمة بالقنبلة النووية لمنع هجوم إرهابي على أمريكا ووصفه الامريكيون الذين اعتنقوا الإسلام «إبرهة» القرن الواحد والعشرين وقالوا أن اعصار وطوفان كاترينا في نيو اورلينز، وكذلك اعصار وطوفان ريتا في تكسس كولورادو هو عقاب الله على التفكير بضرب مكة المكرمة نووياً، وشبهوهما «بالطير الابابيل» التي صدت إبرهة وافعاله عن هدم الكعبة.
لا يعقل النظر إلى العداء السافر للإسلام الذي صعدته الدينمارك ووقفت معه اوروبا، وتبرأت منه امريكا «لغرض في نفس يعقوب» على انه مجرد تعبير عن الحرية والاخذ بالديمقراطية، وانما هو مؤامرة غربية تقودها أمريكا لبدء الصراع بين الحضارات، وهو عدوان مدبر ضد الإسلام لتنفرد الحضارة الغربية بفرض مبادئها على العالم، واعلن الفاتيكان أن الحرية لا تعطي الحق في إهانة المعتقدات الدينية، وأكد الحاخام الأكبر في فرنسا جوزيف سيتروك انه يعارض مهاجمة الاديان، وتقف الجالية اليهودية في تركيا ضد التطاول على الانبياء.(10/4)
ثورة الغضب الإسلامية الشعبية الساعية إلى مقاطعة المنتجات الدينماركية وكذلك مقاطعة منتجات الدول التي تؤازرها، نقف مع هذا التوجه الشعبي الإسلامي وندعمه في مسعاه، ولكننا نذكر بالمثل الشعبي «الدبره في الحصان جيبوا الحمار نكويه»، وهذا المثل يدعونا إلى مقاطعة المنتجات الامريكية بعد أن اتخذت واشنطون الإسلام عدواً لها، وسمت المسلمين إرهابيين، وجعلت المرأة تأم الرجال في الصلاة، واصدرت قرآناً جديداً سمته «فرقان الحق» وهو الباطل بعينه، وانتهكت كتاب الله القرآن الكريم وتطاولت على رسول الله في سجن ابوغريب بالعراق، وسجن جواتينامو في كوبا وفي غيرهما من سجون امريكية معروفة ومجهولة ونطالب بمقاطعة كل من يعادي الإسلام وفي مقدمتهم أمريكا، ونذكر بالتاريخ الذي تقول صفحاته بأن الهند نالت استقلالها وحريتها بمقاطعة منتجات المستعمر البريطاني.
===========
تأملات في الغضب الإسلامي
محمد بن علي المحمود
إن اللغة التي يعبر بها الكاتب أو المفكر عن موقفه من هذا الحدث، لابد أن تكون على درجة عالية من الانضباط بمعايير الكتابة العلمية التي لا تترك مجالاً لتوظيفها خارج سياق الكاتب. لابد أن تكون الاستثناءات واضحة، ومقرونة بالتفاصيل التي تحدد رؤية الكاتب الخاصة، دون ترك مساحات من المعنى فارغة، يستطيع أن يملأها من يشاء بما يشاء
لايزال الغضب الإسلامي عارماً؛ جراء محاولة بعض المتطرفين الإساءة إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم. وقد تمظهر هذا الغضب الإسلامي في صور شتى، منها ما يأخذ منحى التعبير المجرد عن عاطفة صادقة الإيمان، ومنها ما يتجاوز ذلك إلى مناح عملية واقعية؛ تحاول استثمار الحدث في مسارات إيجابية لصالح الإسلام والمسلمين، ومنها ما ليس إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؛ من تجار العمل السياسي والاقتصادي المحترف.
وبما أن هذا الغضب الإسلامي العام، إيجابي في عمومه - بصرف النظر عن التفاصيل -؛ فإن هذه الإيجابية لا تعني عدم التوقف عند هذا الغضب؛ توقف القارئ لما تحمل هذه الموجة الغاضبة من دلالات وإشكالات، بل إن هذا الإلحاح على التساؤل والمساءلة، يمكن اعتباره جزءاً من مكونات هذا الغضب، ومن ملامح الإيجابية فيه، إذ هو غضب عام، يُسائل بعضه بعضا، ويتهم الغاضب غضبه بالدرجة التي يتهم بها (الآخر) مصدر الغضب.
حينما نتجاوز أنفسنا - بكوننا غاضبين - إلى التأمل الناقد في تمظهرات هذه الموجة الغاضبة؛ فإننا نلاحظ ما يلي:
1- غياب الاستراتيجية الواضحة التي تحدد الأهداف العملية من وراء هذه الموجة الغاضبة. فمع أن الباعث هو الانتصار لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -من الإساءة المتعمدة، فإن الانتصار هو مبرر وحافز، لكنه ليس هدفاً تتجه إليه فعاليات الغضب الإسلامي. الهدف الاستراتيجي لابد أن يكون واضحاً في أذهاننا ونحن نمارس حقنا في الاحتجاج والحوار والمقاضاة. وما لم يكن الهدف محدداً وواضحاً؛ فإن ما نقوم به لا يعدو كونه - في محصلته النهائية - تعبيراً ساذجاً عن حالة عاطفية، حالة سوف تتوارى بعد أن تأخذ مداها السيكولوجي؛ أيا كانت درجتها من الصدق والتسامي.
إننا نشاهد ونسمع على امتداد العالم الإسلامي الغاضب، بيانات الغضب التي تتفاوت في أفقها الذي تتغياه. المقاطعة - كأحد مظاهر الغضب - لم يستطع القائمون بها أن يرسموا لها حدوداً في الواقع. البعض يريد مجرد اعتذار واضح من الصحيفة، والبعض الآخر يريد اعتذاراً رسمياً من الحكومة الدنماركية، وآخرون لا يرضون بغير معاقبة المجرمين المباشرين عن طريق القضاء. بل إن هناك من يعلن أن الذنب فوق المغفرة، وأن العقاب (المقاطعة) سيستمر دون توقف؛ مهما كانت درجة الاعتذار!
ما هو الحد الأدنى الذي نقبل به كمسلمين؟ هذا ما لا يستطيع الغضب الإسلامي تحديده بوضوح، خاصة وأن المواجهة قد اتخذت شكل المقاطعة الاقتصادية التي هي بطبيعتها ذات منحى عملي، يبحث عن نتيجة ملموسة. ولا قيمة لهذه المقاطعة فيما لو تخاذل عنها كثير من القائمين بها؛ جراء رضاهم بحد أدنى من حدود الاعتذار، لا ترضى به بقية الأطياف.
لاشك أن هذا جزء من إشكالياتنا العامة في التفكير، والتي تتسم في الغالب بغياب الهدف أو غموضه، وأننا - في الغالب - لا نعرف ماذا نريد، حتى في قضايانا الكبرى والمصيرية.
إن هذه الحيرة والاضطراب في مثل هذا الحدث تجعل الآخر المقابل لا يتعاطى مع احتجاجاتنا على نحو جدي، بل يجد نفسه لا يعرف كيف يرضينا؛ فيما لو أراد إرضاءنا!، وأن ما يقدمه من اعتراف واعتذار و.... الخ، لا قيمة له عند بعضنا الغاضب. وبهذه العشوائية، نصبح وكأننا نخوض معركة مضنية؛ لأجل المعركة ذاتها، وكأن المعركة هي الوسيلة والهدف!(10/5)
2- في سياق هذا الغضب الإسلامي ظهر نفسٌ جديد، نفس غير معهود في سياقات الخطاب الإسلامي المعاصر. هذا النفس الجديد الإنساني لم يكن غائباً تمام الغياب، ولكنه كان هامشياً - ومهمشاً -. لقد أصبح الخطاب الإسلامي يطرح - بإلحاح - على الآخر، مفردات التسامح واحترام الآخر، وأهمية مراعاة عقائد الآخرين. وهو في هذا يريد - من ناحية - الاحتجاج بها على الغربي المسيء، باعتباره من أبرز دعاتها على امتداد الحضارات البشرية، ومن ناحية أخرى، يريد أن يؤكد أن هذه المفردات محل احترام وإجلال في منظومته.
هذا المنحى الايجابي الذي هيمن على خطاب الاحتجاج والغضب الإسلامي أتى متأخراً، أي في غير أوانه. فمع ايجابية دخول هذه المفردات - بقوة - إلى الخطاب الإسلامي المعاصر، إلا أنها - للأسف - لم تظهر إلا عندما أصبحنا محتاجين إليها في تبرئة أنفسنا من الإرهاب، أو في إدانة الآخر بأنه ينتهكها في حقنا.
رائع أن نكون مشدودين إلى هكذا مفردات، مفردات متخمة بالإنساني. لكن، للأسف، نطرحها في الوقت الذي نطرح فيه - على يد الإرهابيين من أبنائنا - ذبح الأسرى من الوريد إلى الوريد على شاشات التلفاز، مقرونة بذكر الله والتكبير، وبخلفية من شهادة الإسلام بحيث تعطي هوية صارخة للمشهد الإجرامي. إننا نطرحها، في الوقت الذي تسير فيه المسيرات الغوغائية الهائجة إلى السفارات الأجنبية، فتشعل فيها النيران، وفي الوقت الذي تسير في الرعاع إلى الكنائس، فتدمرها على عبادها الأبرياء.
إننا نتكلم عن احترام الرسل جميعاً، وأننا نقدسهم دون تفريق، ونرفض أن يسيء إليهم أحد ولو بكلمة عابرة. هذه هي الروح العامة عند جميع المسلمين. لكن، هل ننكر، أو نستنكر، ما ورد في كتاب رائج عندنا، نوصي به أبناءنا، ككتاب (إغاثة اللهفان) مع أن مؤلفه - في معرض رده على النصارى، وتأكيده على بشرية المسيح - عليه السلام - يصف المسيح في قصيدة له، بأوصاف بلغت قمة البذاءة، كما في قوله (أقام هناك تسعاً من شهور.. البيتين. ج، ص350)، ولا استطيع كتابة البيتين هنا؛ لما فيهما من إسفاف وانحطاط، بل وانعدام في الذوق العام.
لا يمكن أن نكون صادقين - ونقنع الآخرين بصدقنا - في دعاوى احترام الآخر، ونحن نوصي أبناءنا بمثل هذه الكتب التي كتبت في عصور الصراع العقائدي، دون تنقية لها من هذا العفن الشائن. لن نكون مقنعين؛ إلا عندما نبدأ بغربلة تراثنا، وفحص مناهجنا، وجعل احترام الآخر سلوكاً عاماً لنا، وليس مجرد شعارات جوفاء، نجأر بها؛ للاستهلاك الإعلامي العابر.
من السهل أن نقول، ومن السهل أن نحتج بما نقول. ولكن من الصعب أن نقنع الآخرين بصدقنا فيما نقول؛ مادمنا نحتضن - وإلى هذه اللحظة - مراجع الكراهية والتفسيق والتبديع، ونؤسس عقائدياً - من خلالها - لكره الآخر من بني ديننا، فما بالك بالآخر من غيرنا، من غير المسلمين!
إننا نعلم أن كثيراً من التجمعات الإسلامية في الما وراء إسلامي - في أوروبا وأمريكا خاصة - قد تجاوزت هذه الشرنقات التصنيفية، وهي في سبيلها إلى التخلص من ما بقي من عقابيلها، وطرحها الفكري المتجاوز في الإسلاميات يشي بروح حضارية صاعدة. لكن، المعاقل التقليدية في البلاد الإسلامية، لازالت كما كانت قبل ألف سنة أو تزيد، تبحث المسائل نفسها، وتقترح الحلول ذاتها.
2- ظهر جلياً الاستخدام المسيس لهذا الغضب الإسلامي السامي. كثير من الأحزاب والتيارات، بل والدول، باتت تمسرحُ الحدث لمصالحها الخاصة، على حساب الفكرة العامة للغضب. لقد غدا الاحتجاج الغاضب يوجه - وفق شعارات خاصة - في هذا الحشد السياسي أو ذاك، والجماهير تساق إلى هذا التعبير أو ذاك، وهي تفعل؛ مادام أنها في انتظار ما تفعله من عقود ولا تجد.
تيارات المواجهة، أو التي اضطرتها الظروف الاقليمية إلى المواجهة، ليس من أولوياتها الانتصار لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولكنها وجدت ما تجعله وقود عداوتها للآخر؛ لتفرض على الاخر خيارات ليست بالضرورة هي خيارات الغاضبين السذج، بل ربما كانت - في مؤداها النهائي - على الضد من آمال وتطلعات تلك الجماهير.
يخيل إليك - أحياناً - أن بعض أطياف الإسلاموية مبتهجة بالحدث؛ لما تراه من تقاطع كثير من الأصوات الغاضبة مع شعاراتها. وإذا كنا لابد أن نغضب - مهما استخدم غضبنا لغير ما نأمل ونريد - فإننا لابد أن نكون حذرين غاية الحذر في لغة الإدانة التي نختارها؛ كيلا نسهم في الحشد والتجييش لفصائل ليست من خياراتنا الحضارية، بل تقف - من خلال مجمل مضامينها - على الضد من المنحى الإنساني الذي تجتمع عليه قوى التقدم والتحرر الإنساني.(10/6)
إن اللغة التي يعبر بها الكاتب أو المفكر عن موقفه من هذا الحدث، لابد أن تكون على درجة عالية من الانضباط بمعايير الكتابة العلمية التي لا تترك مجالاً لتوظيفها خارج سياق الكاتب. لابد أن تكون الاستثناءات واضحة، ومقرونة بالتفاصيل التي تحدد رؤية الكاتب الخاصة، دون ترك مساحات من المعنى فارغة، يستطيع أن يملأها من يشاء بما يشاء.
4- ظهر هذا الحدث الصاخب، وكأنه موقف (يجب!) على الجميع المشاركة فيه، وخاصة من قبل ذوي الإسهام في الشأن العام. بدا، وكأن هناك من يريد أن يمارس عملية (امتحان) لإيمان كل كاتب وكل إعلامي وكل اقتصادي. من أعلن مشاركته في حملة الغضب فقد برأت ساحته، ومن لم يشارك فهو في دائرة الاتهام في موقفه من نبي الإسلام. وهذا موقف في غاية الخطورة؛ لأن المشاركة لابد أن تكون ذات جدوى عملية، وإلا فلا ضرورة لها. وهناك من يرى أن ما لديه لا يستحق التقديم؛ فلا يتقدم في مثل هذه الحال بشيء، فهل يتم وضعه - في هذه الحال - في دائرة الاتهام؟!، ومن هو المخول بممارسة هذا الدور البابوي؟!
أحد الأعزاء، ممن يقف مني موقف الأعراف بين إحسان الظن بي وإساءته، قال لي بعد مقال الخميس الماضي: لقد كنت متوقفاً؛ أنتظر، وبقلق كبير عليك، هل ستشارك في هذا الموضوع أم لا؟، أما وقد كتبت؛ فقد أبعدت سوء الظن عنك، ونفيت عنك الشُّبَه!!!
ومع تقديري العميق لمثل هذه العواطف؛ إلا أنني أرفض أن أضع إيماني على محك الامتحان من قبل أي أحد. إنني لست بحاجة إلى شهادة من أي أحد لي بالايمان، أو بما يضاد ذلك من تهم. هذه مسألة شخصية، لا تخص أحداً سواي. وعندما أكتب، فإنما أتوسل العلمية - قدر الإمكان - ولا أنتظر فيما اكتبه تزكية ايمانية من أي كهنوت كان، أيا كانت عباءته التي يرتديها. وهذا ما يجب أن يكون عليه الجميع في سياق هذا الابتزاز.
لكن، المشكلة في هذا السياق، أن هناك من يقلقه - بل ما يفزعه غاية الفزع - مثل هذا الامتحان العقائدي، الذي يمارس محاكمته التفتيشية القروسطية، ويخضع طائعاً لمثل هذا الابتزاز؛ فيسارع لإثبات إيمانه في مثل هذه المناسبات، خاصة عندما يسمع التساؤل الابتزازي التقليدي عن سبب صمته.
قد يمتحن الإنسان في أي شيء، في أخلاقه، في علميته، في مهاراته.. الخ، وقد يحتاج إلى شهادات الآخرين له في كل هذا. لكن، في مسألة الإيمان لا يمكن أن يكون محل تقييم الآخرين؛ لأن المسألة الإيمانية لا يطلع عليها إلا عالم الغيب والشهادة - سبحانه -.
3 تعليقات
1
لشعوب الإسلامية اتحدت بسلاح المقاطعة!.. فهل تتحد الحكومات لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم؟
مشكور... ولكن... ألسنا نقرأ ونسمع.. عن اتحادات دول متقدمة كالاتحاد الأوربي.. والكمولث، و.. واتحاد التجارة العالمية... و... و... و. و.؟
وما نشأت تلك الاتحادات إلا بعد سنوات طويلة من التخطيط والدراسة، والجهود.
لكن الشعوب المسلمة اتحدت بسرعة البرق لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فهل تستثمر الحكومات هذا الاتحاد وتقوم بدورها تجاه الحبيب صلى الله عليه وسلم، وتجاه مسئولياتها ككل وهي - أي الحكومات المسلمة- تعرف حجم المسئولية والأمانة الملقاة على عاتقها؟ {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان} والحكومات المسلمة تعلم أيضا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم [كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته] فهل نرى تحركا حكوميا من قبل الحكومات المسلمة لنصرة الحبيب ؟؟؟ فما زلنا منتظرين.
نعم المملكة بادرت بسحب سفيرها من الدنمرك في بادرة عظيمة وتبعتها الكويت وإيران.. وسوريا... فهل يكفي هذا... منها؟
وما دور باقي الحكومات الإسلامية... إن هذه الإساءة امتحان حقيقي للولاء والبراء عند الشعوب والحكومات الإسلامية... فهل تتحد الدول الإسلامية، وتحول المحن إلى منح، والمصائب إلى انتصارات... فقد آن الأوان لذلك...
وجزاك الله كل خير على هذه الكلمات.. الرائعة التي أسأل الكريم الأكرم... أن يثقل بها ميزان حسناتك، لترى بكل كلمة حسنات كالجبال، آمين...
مقال اتمنى ان يفعل، وأن يُرى على أرض الواقع...
عبدالعزيز بن علي العسكر
06:59 صباحاً 2006/02/09
2
ودي
كعادتك دائما أستاذ محمد..
تثير كثيرا من الأسئلة اللذيذة والجميلة...
كثرة هي ملاحظاتي على هذا المقال، ولكن اكثر ما شدني هو نقطتك التي ذكرت بها عدم وضوع الرؤية والغائية من هذه المقاطعة.
انت تعلم سيدي أن كل هذه المشاعر هي نفثات مصدورين وتفاعل عشوائي وردة فعل غير محسوبة للغضب للرسول عليه السلام وذلك لانعدام مؤسسات المجتمع المدني والتظيمات الأجتماعية التي تؤطر الحماس الجماهيري وتصبه في خانة الأيجاب.
ولذلك تنعدم مقولة الأستراتجية الموحدة والواضحة التي تنادي بها -على الأقل هنا-لأنعدام ما ذكرت سابقا..
لذيك فهناك عشرون مليون استراتيجية وراي للتفاعل مع موضوع الأساءة لو سلمنا جدلا ان هناك عشرون مليون مقاطع للسلع الدنماركية!!..
شكرا لك
ابراهيم عسيري(10/7)
03:29 مساءً 2006/02/09
3
تأثير الأقلام محدود
ماحدث من غضب عارم لم يكن للاقلام اثر يذكر لان الحدث اكبر من التأثير اما الدور الذي لعبتة الأقلام حيال هذة القضية دور متفاوت ومتباين بعض الشىء فمن الاقلام من يرى التخفيف من الحده زاعماً اثر قلمة فى وقف الغضب وكأن الامر بسيطاً كما يعتقد ومنهم من يرى العكس ويطالب بالقصف الأعلامي المستمر على الذين يستهزؤن برسولنامحمد صلى الله علية وسلم من منطلق ان هذا الامر لايحتاج إلى حلول وسط فالمطلوب التوقف عن الأساة والأعتذار من أعلى المستويات اما الاستمرار بنشر الصور فلابد ان يواجه بالقصف الاعلامي المضاد ليكون وسيلة لأفشال مخططات الغرب الذين توقعو ان يستمرو بغيهم ويتم مقابل ذلك المطالبة بالتوقف عن ردود الافعال المضاده ليكون الاحتقان مابين العرب والمسلمين وحكوماتهم عند ذلك يتفرجون على المسرحية فيما بيننا والتهم التى ستحدث لو بقينا اسرى للأكاذيبهم فهل سنقول لبعضنا ان الهدوء مطلوب لنحترق نحن بأدواتهم هذا انتحار لانهم لو لديهم نويا حسنة لتوقفو ويبدو انهم اى (الغرب ) سيجدو مخرج قريبا بعد ان فشلت مخططاتهم لجعلنا نتناحر بالتهم فى التخلى عن نصرة نبينا نتيجة التحلى بالهدوء وضبط النفس التى تعني فى قواميس الغرب التقاتل فيما بيننا لان التوقيت افشل مخططاتهم عندما هب الاعلام فى نصرة نبينا محمد صلى اللع علية وسلم اما الطرح الجانبي لايخدم مثل تلك القضية بل يسىء لها ويدم من يريد نقل المعركه فى اوطاننا.
طارق بن محمد
03:23 صباحاً 2006/02/10
==================
أسباب ودوافع دينية وثقافية ونفسية وراء ما حدث من سب للنبي صلى الله عليه وسلم
كتب - مندوب «الرياض»:
تساءل الدكتور محمد بن عبدالله السحيم، جامعة الملك سعود باستغراب: لماذا يتطاول رئيس تحرير جريدة غربية على مقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ إن بينهما من الفاصل الزمني بعداً سحيقاً، وبينهما من الفاصل الجغرافي البعد الشاسع، انك حينما تقرأ هذه التجاوزات والانتهاكات تتسائل لماذا كل هذا؟! وإذا أراد المنصف أن يتتبع أسباب ذلك ودوافعه؛ وقف على شيء كثير من ذلك، ومنها:
- الخلفية الدينية: التي يؤصلها ويغذيها (الكتاب المقدس) التوراة والانجيل المحرفان ففيهما من التطاول على الله الشيء الكثير، ومعلوم أن النصارى يقدسون العهد القديم بالإضافة للعهد الجديد، ومن درس هذا الكتاب علم كثرة التجاوز والافتراء، ففيه أن الله سبحانه يندم، ويأسى وانه تصارع مع يعقوب وصرعه يعقوب، وفيه أنه ينام.. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وفيه أيضاً الكذب على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ووصفهم بأقبح الصفات من الكفر والشرك وعبادة الأوثان والزنى ببناتهم وبالآخريات ووصفوهم بشرب الخمر والسرقة والمخادعة، حتى إن المسيح لم يسلم من ذلك فوصف بعقوق والدته وبشرب الخمر.. وحاشا رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم من ذلك.
وأضاف د. السحيم: الخلفية الثقافية التي تربى عليها منذ نعومة أظفاره فكل من اطلع على كتب المستشرقين علم ما اشتملت عليه من افتراء على الله سبحانه وتعالى وعلى أنبيائه ورسله وكتبه، ووصفه لهذه الشرائع بالتخلف والرجعية إذ هي محط سخريتهم ولمزهم، وقد خصصوا لنبينا محمد ولرسالته وكتابه وسنته من ذلك الشيء الكثير إذ شككوا في أصل رسالته وفي طريقة حفظ القرآن وفي نقل السنة ومصدريتها، وهي شبه قديمة يقلبونها بين آونة وأخرى قال تعالى: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزوراً ? وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ? قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض}.
كما أن من تصفح كتاب الأستاذ إدريس الدريس المعنون ب (صورة العرب والمسلمين في المناهج الدراسية حول العالم) استحضر مدى ما يتلقونه في مدارسهم عنا وعن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعن ديننا وعن حضارتنا وأوطاننا.
- الخلفية التاريخية: إذ يحمل التاريخ في ثنايا صفحاته سجلاً حافلاً بالصراع بين الإسلام والنصرانية الغربية منذ معركة اليرموك إلى حروب العصر الحديث وهذا الصراع يحمل المتحامل على البذاءة والشطط والغلو في القول والفعل. وهم لم ينسوه ويدركون أبعاده النفسية ولذا أرسلوا قبل سنوات معدودات مجموعة من أبناء المحاربين الصليبيين إلى الشرق الأوسط بدء من تركيا لمقابلة بعض الأسر المسلمة وبعض المسئولين هناك للغرض نفسه، كما نشرت ذلك جريدة الشرق الأوسط.
- الأثر الاستشراقي: فقد أسهم المستشرقون في صياغة الصورة النمطية عن الشرق وتعبئة المتلقي الغربي بكل حقد وغلو على الشرق وأهله وأديانه وكتبه وحضارته وقد جلا معالي د. علي النملة في كتابه الرائع (محددات العلاقة بين الشرق والغرب) هذا الأثر مع غيره من المؤثرات في هذه العلاقة.(10/8)
- أما الأثر النفسي فيقول د. السحيم: فكيف يحتمل الغربي أن يرى دينه يترنح وأهله ينصرفون عنه وكنائسه تعرض في المزاد.. ثم يجد الإسلام لا تزيده الأيام إلا توهجاً ولا المحن إلا انتشاراً ولا التقنية إلا تقدماً ولا العلوم إلا توافقاً ولا تقادم الأعوام إلا حفظاً لمصادره وقبولا لتعاليمه.. ألا يدفعه ذلك للحسد والغيرة قال تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق}.
- البغي والطغيان وهما مطية كل مستكبر، وسبيل كل جبار فبعد ما تبين لهم الحق اعرضوا عنه ورغبوا فيما عداه، وحسدوا أهله، قال تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} فمن بغيهم ما يودون أن ينزل الله علينا خيراً قط. وأخبر سبحانه عن موقفنا منهم وموقفهم منا فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ? ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظم إن الله عليم بذات الصدور}.
ويضيف د. السحيم وبعد معرفة أسباب هذا التطاول قد يسأل متسائل هل يعرفون حقيقة هذا النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول هب أنهم لا يعرفونه، إلا تقتضي المنهجية العلمية أن يبحث فيما بين يديه من المصادر ومواقع الشبكة عن المعلومات الصحيحة عن هذه الشخصية العالمية التي لا تخفى سيرتها على مطلع قبل أن يكتب مقاله ويجري مسابقته.
ولكن الحقيقة البدهية تقول إن المعلومات المتوافرة لدى الباحثين منهم كثيرة جداً بل تحدوا بالكثيرين منهم إلى الانصاف وآخرين إلى الإسلام وفريق ثالث مستكبر إلى البغي والعناد، فقد كتب المستشرق جورج بوش - وهو جد للرئيس الحالي - كتابه (محمد نبي المسلمين ومؤسس أمبراطورية المسلمين) وهو في هذا الكتاب لا يفتر عن الكذب ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم ب (الدعي) ومع ذلك قال في كتابه: «إن هذا الرجل حقق هو وأصحابه خلال ثمانين سنة ما عجزت عن تحقيقه اوروبا خلال ثمانية قرون). ومن يطالع الكتب التي تعني بأخباره صلى الله عليه وسلم في العهد القديم والعهد الجديد (الكتاب المقدس) يجد فيها الشهادات العظيمة له صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى منوهاً بها وبما يعرفونه منها: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}.
وهذا الموقف المتعجرف من هذه الصحيفة ومن الحكومة الدنمركية يوقفنا على حقيقة ما رُمينا به كثيراً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من أننا ندعو للغلو ونرعاه وندافع عنه؟! فأقول رمتني بدائها وانسلت. إن الغلو في الإسلام مرفوض شرعاً، وممنوع حكماً ومحارب سياسياً وممقوت اجتماعياً وشعبياً، فلا تجد غالياً في بلاد الإسلام إلا وهو محل التشنيع والطرد والإبعاد، فلا تعترف به الشريعة، ولا تقره الدولة، ولا تدعو إليه المؤسسات الدينية، ولا يرضاه الناس. بينما الغلو في الغرب - كما في هذه الصورة - وفي غيرها كثير - ينطلق من مؤسسات رسمية وتدافع عنه الدولة وتمنحه الصفة القانونية، ولا تستحي أن تصفه بأنه حرية كفلها القانون، وتضحي من أجله بمصالحها الاقتصادية.
ويؤكد د. السحيم أن هذا الموقف المتعجرف من هذه الصحيفة ومن الحكومة الدنمركية يوقفنا أيضاً على النظر في دعوى حمّلت زورا التسبب في أحداث الحادي عشر من سبتمبر الا وهو مبدأ (الولاء والبراء)! فمن الذي حملته مبادئه على التطاول والافتراء والتنقص بل وإجراء المسابقات لبلوغ ذلك. إن هذا المبدأ قيمة فطرية لا يمكن أن تتخلى عنه أي أمة حتى الأنعام في فلواتها لا تتخلى عنه، ولكن ينبغي أن يكون هذا المبدأ يحفظ الأمة من الذوبان ويمنعها من الاعتداء، ويوجب عليها مسؤولية الدعوة.
وقبل الختام يحسن بنا أن نتذكر أن هذا دين الله وهذا رسوله صلى الله عليه وسلم والله ناصر دينه، وحافظ نبيه في حياته وبعد مماته، وقد قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} وقال سبحانه: {إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين ? كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} وإن من نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه الوقفة المباركة من هذه الدولة حفظها الله حكومة ورجال أعمال وشعب، وإن من نصر الله أيضاً أن تنشر الصحيفة التي نشرت الإساءة فزع الدنمركيين من هذه الوقفة المباركة وتحذرهم من مغبة ما صنعت؟! فيا للحمق ولكنه مكر الله وكيده، فلكأنما هي تقول بلسان حالها لهم: انظروا المآسي التي أوقعتكم بها؟؟ أو تدبروا أمركم للخروج منها.(10/9)
وأخيراً ينبغي ألا يمر هذا الحدث دون أن نخرج منه بدروس عملية تلهمنا كيف نتعامل مع أزماتنا تعاملا إيجابيا، ينتقل من حيز ردات الفعل المؤقتة إلى أعمال تتبناها المؤسسات الرسمية والإعلامية والاقتصادية والعملية.
وأخشى ما أخشاه أن تخرج علينا أقلام ما بين محتسبة أو مأجورة تقلل مما صنعوا وتدعو إلى إعادة النظر في جدوى هذه المقاطعة التي أرعبتهم وأفزعتهم وهي اللغة التي يفهمومنها، وتبرر هذه الأقلام موقفها بأن المتضرر من هذه المقاطعة تجار مسلمون يرعون أسراً مسلمة و وو.. فلا ينبغي أن تنطلي هذه على القارئ الفطن.
=====================
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت
الكاتب: د. جمال الحسيني أبوفرحة
يزعم كثيرون من غير المسلمين أن القرآن الكريم إنما هو من تأليف نبينا –عليه أفضل الصلاة والتسليم- ويستدلون على ذلك بما يزعمونه أدلة وبراهين، وما هي في الحقيقة سوى أوهام وأباطيل.
ومن أشهر براهينهم الكاذبة على دعواهم تلك الباطلة قولهم بأن القرآن الكريم إنما جاء مصورًا للبيئة العربية القديمة، محصورًا بمعطياتها، ولا يمكنه أن يتعامل مع غيرها من بيئات لم يطلع عليها نبي الإسلام –صلى الله عليه وسلم- وهو ما لا يمكن قبوله في كتاب سماوي يعلن ختمه كتب السماء وعموم خطابه لأهل كل زمان ومكان، ويمثلون لذلك بحديث القرآن عن عظمة خلق الإبل في معرض حديثه عن عظمة خلق الكون من: سماوات مرفوعة، وجبال منصوبة، وأرض مسطوحة، في قوله تعالى:{ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت } [ الغاشية : 17 : 20 ]، ويقولون: إنما اختار محمد –صلى الله عليه وسلم- (الإبل) على وجه الخصوص لأنها من مفردات البيئة الصحراوية التي عاش فيها.
وقولهم باطل: وذلك أن كلمة ( إبل ) تفسر في كتاب الله تعالى على وجهين:
الوجه الأول:( إبل ): جمع مؤنث لا واحد له من لفظه، مفرده:"جمل أو بعير"؛ وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله في قوله تعالى { ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين } [ الأنعام : 144 ] .
الوجه الثاني:( إبل ) بمعنى: "السحاب" ؛ كما في الآية التي استشهدوا بها.
وإن كان من الممكن تفسير ( الإبل ) أيضًا في تلك الآية بمعنى: " الجمل أو البعير" ولكل تفسير وجهة.
فالتفسير الذي رأى أصحابه أن ( الإبل ) هنا تعني: " السحاب " احتجوا بالسياق اللاحق لهذه اللفظة؛ يقول تعالى:{أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت }؛ فقالوا: إن الآيات هنا تحثنا على النظر فوقنا؛ فنرى عظمة الخلق في السحاب، ثم ما فوقه من سماء، ثم ننظر حولنا؛ لنرى عظمة الخلق في الجبال، ثم ننظر أسفل منا؛ لنرى عظمة الخلق في الأرض؛ وهكذا لا يكون الخطاب هنا مقصورًا على الأمم التي عرفت الإبل واعتمدت عليها في معيشتها؛ بل يكون لكل الأمم؛ فالسحاب تقر بعظمة خلقه كل الأمم.
وأما التفسير الثاني الذي رأى أصحابه أن المراد بـ ( الإبل ) هنا: "الجمل أو البعير" فاحتجوا أيضًا في فهمهم هذا بالسياق ولكنه في هذه المرة السياق السابق؛ يقول تعالى : { في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابيّ مبثوثة أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ... } الخ [الغاشية : 10 : 17 ]؛ فقالوا: إن الدعوة إلى النظر في خلق(الإبل) هنا إنما جاءت تفسيرًا لقوله تعالى: { وسرر مرفوعة }؛ فكأنها إجابة على سؤال: كيف نعتلي هذه السرر ؟ . . والإجابة هي: كما نعتلي الإبل؛ فهي تبرك حتى يتمكن راكبها من ركوبها ثم تعتلي به؛ كما أضاف أصحاب هذا التفسير أن اختيار "الجمل" موضوعًا للتأمل دون غيره من حيوان في هذه الآيات؛ فلأنه أعجب الحيوانات: يؤكل لحمه، ويشرب لبنه، ويبرك ويركب، وتحمل عليه الأحمال الثقيلة، ويسافر عليه المسافات البعيدة؛ وهي خصائص لعلها لا تجتمع لحيوان آخر.
ومن هنا يتبين لنا أنه حتى على هذا التفسير فإن اختيار كلمة (الإبل) بمعنى: الجمل، موضوعًا للتأمل له ما يبرره بعيدًا عن مزاعم هؤلاء (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم) .. غافر:56.
وبقليل من التأمل يتبين لنا كذلك ألا تعارض بين المعنيين، وليس هناك ما يمنع أن يكونا مرادين معًا؛ فكلاهما يشير إليه السياق إشارة قوية؛ وهو وجه من وجوه الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم ينأى به بعيدًا عن مظنة التأليف البشري (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا)..النساء 82.
د. جمال الحسيني أبوفرحة
أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة
gamalabufarha@yahoo.com
======================
ألا شاهت الوجوه وتبت الأيادي
الكاتب: د. علي بن حسن التواتي(10/10)
ألا شاهت وجوه من تهاونوا في حرمة جمعة المسلمين وأمتدت أياديهم الآثمة إلى دمائنا وأرزاقنا, ألا تبت أياديهم وتبّ أولئك الذين يتحركون بتناغم واضح مع تصريحات وأفعال يفوح منها عفن المؤامرة, فمن مساندة واضحة لصحافة صفراء مسيئة لأهم رمز من رموزنا الدينية والتاريخية إلى تفجيرات لاغتيال أفراح عائلات مسلمة بريئة في فنادق اردنية إلى تصريحات متكررة للاستغناء عن نفطنا لأنه يأتي من مناطق غير آمنة, إلى محاولة قدح شرارة حرب طائفية أهلية في العراق إلى حشد الجهود للتخطي على الشرعية اللبنانية والنفخ على جمر الحرب الأهلية الخامدة من بوابة خلع رئيس الدولة إلى تهريب إرهابيي القاعدة الأجانب من السجون اليمنية.
سلسلة متسارعة من الأحداث التي لا يمكن ان يقبل أي عقل ناقد بفصلها عن بعضها البعض فهي متصلة بخيط رفيع شفاف يمكن لكل ذي بصيرة ان يتبينه كما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
ولربما اجاد من دبّر للتفجير في كافة مراحل الاعداد من تدريب للإرهابيين وتفخيخ للعربات المستخدمة وتمكين من التسلل ولكنه أخطأ في أمرين مهمين أحدهما تكتيكي يتمثل في يقظة رجال الأمن البواسل الذين تمكنوا من احباط العملية بوقت قياسي أما الأمر الآخر فقد كان استراتيجيا تمثل في الخطأ الفادح في توقيت العملية, فالمملكة تعيش الآن أفضل أيامها تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي استهل عهده باعلان أكبر ميزانية في تاريخ البلاد آثر فيها التركيز على استكمال مشاريع البنية الأساسية وتطوير وصيانة القائم منها, وانحاز في مخصصاتها للفقراء وأصحاب الدخول الثابتة والمحدودة في اطار خطة متكاملة للاصلاح الاقتصادي والسياسي الذي بدأت بوادر نجاحه في الظهور بازدياد حجم السيولة في أيدي المواطنين وتمكنهم من الاستثمار وتنمية المدخرات والاكتتاب في شركات جديدة ستسهم في توسيع القاعدة الاقتصادية للبلاد وتستوعب الآلاف من الأيدي الوطنية العاملة.
أما من يحاول ان يشيع الفوضى ويخلط الأوراق في المنطقة لاشغالنا بأنفسنا واستكمال مخطط الهيمنة والتفرد لاطالة أمد بقائه في المنطقة فلا يمكن ان نصدق انه استغنى فعلا عن نفطنا, لقد تعلمنا من متابعة السياسات الخارجية للدول المهيمنة انها لا تنطلق في تعاملاتها مع هذه المنطقة من منطلقات انسانية وحضارية بل من منطلقات مصلحية نفعية بحتة لا مكان فيها للرحمة ولا للمساومة, ولتبين ما أرمي اليه لم لا نرى أي اهتمام بمذابح وسط افريقيا أو بمجاعة اثيوبيا او بفقر بنجلاديش?
وتبقى المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عقبة كأداء وبناء شامخا صلبا في وجه التيارات المتلاطمة التي تجتاح المنطقة ولذلك كان لا بد من تذكيرها بان الارهاب ورقة لم تحترق بعد وأنه يمكن أن يطل برأسه البشع من وقت لآخر في محاولة بائسة لاجبارها على الامتثال لما يملى عليها.ولكن ليعلم الجميع أننا في هذه البلاد نصطف بثبات تحت راية التوحيد خلف الزعيم العادل وسنتحمل معه كافة النتائج المترتبة على مواقفه المشرفة في مساندة الفلسطينيين والعراقيين وغيرهم من الأشقاء المحتاجين والمنكوبين ومد جسور الصداقة والمحبة باتجاه الشرق وكافة الشعوب الأخرى المحبة للسلام, وغيرها من المواقف المشرفة المستقلة التي يريد من ورائها الحفاظ على كرامتنا وعلى تماسكنا كشعب وكأمة اسلامية اثبتت للعالم من خلال ردود أفعالها الشعبية على الاساءات بحق نبيها ورمزها الأسمى ان جماهيرها لم تعد كماً مهملاً لا قيمة له بل أصبحت بايمانها العميق برسالتها الحضارية ودفاعها عنها عملاقاً فتياً يزيد قيادتها المخلصة قوة على قوتها ومنعة على منعتها.
وليعلم الجميع في أقاصي الدنيا وأدناها ان هذه البلاد لا يمكن ان تؤتى من جبهتها الداخلية ولا يمكن أن تهتز ثقتها بقيادتها من خلال تفجير هنا أو جريمة اغتيال هناك وان الطريق الأمثل لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية في التعامل معنا لا يمكن ان يمر بغير البوابة الأمامية فقط, تلك البوابة التي لا نسمح بالعبور عبرها الا لمن يحترم اختياراتنا ويراعي مصالحنا ويكن لنا المودة والكثير الكثير من الاحترام.
صحيفة عكاظ السعودية
======================
ألا شاهت وجوه الأعداء
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي(10/11)
الأنبياء في كل أمة من الأمم هم قادتها ورسلها وأمناء الوحي في مابين الأمة وبين الله تعالى ، يكفيهم شرفاً أن الله اختارهم للرسالة ، واصطفاهم لهذه الأمة ، وأمنهم على وحيه . فكان لهم شرف البلاغ ، وهداية الناس . أفضل الأنبياء على الإطلاق نبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي . قال عليه الصلاة والسلام مبيناً ذلك : إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً ، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية : فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له ويقولون : هلا وُضِعَت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين . وقال صلى الله عليه وسلم : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وخُتم بي النبيون . رفع الله تعالى ذكره وأعلى شأنه قال تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) قال قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ، ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . وكان من فضله وشرفه أن جعل الله تعالى محبته واجبة على هذه الأمة . روى عنه ذلك أنس رضي الله عنه فقال قال صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين . وتحدث عبد الله بن هشام فقال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر يارسول الله : لأنت أحب إلىّ من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي فقال صلى الله عليه وسلم : الآن ياعمر . ورحم الله ابن القيم حين قال : وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين ، ويدخل في عداد أتباعه وشيعته وحزبه ، والناس في هذا بين مستقل ، ومستكثر ، ومحروم ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم . اهـ
هذه بعض فضائل وخصائص ذلك النبي العظيم صلى الله عليه وسلم ، وفي سيرته جوانب من العظمة يستحيل أن تأتي عليها أسطر كهذه . ندوّن هذه الأسطر اليوم بعد إن صُوّرعليه الصلاة والسلام في الصحف الدنمركية والنرويجية بصور تستهزئ بمقامه ، وتسخر برسالته ، وتعيب مواقفه ، وتزري به أمام العالم كله . وهذا الحدث يصنعه الأعداء تشفياً من ذلك القدوة ، وطعناً في الرسالة ، واحتقاراً للمسلمين على وجه الأرض فيا لله كم هي المصيبة والعار والفضيحة أن يذبح عرض أكرم من مشى على وجه الأرض ! وتسفك قيم الدين بسفك قدواته ! وتعلن الحرب على ديننا من خلاف الوقوع في عرض رسولنا صلى الله عليه وسلم !.
أخي الحبيب : هذه الوقيعة التي دونتها الصحف جريمة عظيمة ، وقف القرآن منها موقفاً صارماً ، وسجل أهل العلم رحمهم الله تعالى في بيان أخطارها وآثارها بياناً واضحاً جلياً . لقد قرّر الله تعالى في كتابه الكريم اللعنة على من آذى النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً ) وقال تعالى : ( والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) ونقل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول بياناً في ذلك فقال : إن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله . هذا مذهب عامة أهل العلم ، قال ابن المنذر رحمه الله تعالى : أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل ... اهـ وقال الخطابي رحمه الله : لا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله . اهـ ، وقال محمد بن سحنون : أجمع العلماء على أن شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم المتنقّص له كافر ، والوعيد جار عليه بعذاب الله له وحكمه عند الأمة القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر . اهـ ، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو تنقّصه مسلماً كان أو كافراً فعليه القتل وأرى أن يقتل ولا يستتاب . اهـ ، وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : ... فعلم أن السب جناية زائدة على الكفر ... على وجه يقطع العاقل أن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم جناية لها موقع يزيد على عامة الجنايات بحيث يستحق صاحبها من العقوبة مالا يستحقه غيره وإن كان كافراً حربياً مبالغاً في محاربة المسلمين ، وأن وجوب الانتصار ممن كان هذا حاله كان مؤكداً في الدين ، والسعي في إهدار دمه من أفضل الأعمال وأوجبها وأحقها بالمسارعة إليه وابتغاء رضوان الله تعالى فيه ، وأبلغ الجهاد الذي كتبه الله على عباده وفرضه عليهم . اهـ(10/12)
أخي الحبيب : إن هذه الصور التي عرضها الأعداء لا يريدون منها سوى إذابة هذه الشخصية العظيمة في نفوس المسلمين ، والطعن في رسالتهم ، والقدح في قدوتهم ، وعلينا تجاه هذه الحملة المغرضة ، التي تعرّض فيها نبينا صلى الله عليه وسلم لأعظم القوادح أن نتخذ موقفاً حازماً نرد به على الأعداء ، نرضي به ربنا تعالى ، وننصر به نبينا عليه الصلاة والسلام . ومن أهم هذه المواقف ما يلي :
أولاً : تجديد قضية البراء من الكفار ، إن هذا ليس بغريب على الأعداء ، وقد أوضح الله تعالى موقفهم من الإسلام في كتابه الكريم فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) وقال تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ومثل ذلك لا يستغرب من الأعداء . وعلينا أن نجدد البراء منهم ، وأن نغرس ذلك منهجاً واضحاً في حياة أبنائنا . واستغلال الحدث لتعميق هذه المفاهيم في نفوس المسلمين من خلال عرض آيات القرآن الكريم ، ومواقف اليهود والنصارى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السيرة . وطرح نواقض الإسلام وشرحها خاصة ما يتعلّق بالكافرين وموقف الدين منهم.
ثانياً : مراجعة استقامتنا على وفق منهج هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ورسم معالم الاقتداء بسيرته وسنته صلى الله عليه وسلم من جديد . ما أحرانا أيها الحبيب اليوم من أن نبين عن شرفنا بهذه السيرة وذلك من خلال الاقتداء الفعلي بشخصية هذا الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم . على كل واحد منا أن يراجع تأسيه واقتدائه بهذا الرسول ليرى أين هو من معالم هذه السيرة ؟ وأين أثر القدوة في حياته . وحين يرانا الأعداء في أين مكان يشرقون بهدينا ، ويضيقون بتأسينا ، ويأسفون على أن جددوا بيننا وبين نبينا صلى الله عليه وسلم الولاء .
ثالثاً : فتّش حفظك الله تعالى عن آثار هذا الاعتداء الآثم في قلبك ؟ قلّب صفحات حياتك حين ولج أذنيك مثل هذا الخبر هل صدمت ؟ أو تأثرت ؟ هل قلق قلبك أن أوذي رسولك صلى الله عليه وسلم ؟ هل فاضت عيناك بالدموع حين علمت أنه نيل من عرضه وهو في قبره ؟ هل وجدت مس الألم يعصر بفؤادك ؟ إنني متأكد من كل ذلك وهو أقل حب تجده في قلبك ومشاعرك لنبيك صلى الله عليه وسلم . وإنني أدعوك ألا تقف عند هذا . أدعوك لأن تكون رقماً مؤثراً في الحدث بالكتابة
عن موقفك ، والتعبير عن رأيك بكل الوسائل الممكنة . استنكر الحدث بكل قوة ، وشارك في نصرة نبيك صلى الله عليه وسلم بما تستطيع . ويمكنك ذلك كله من خلال المشاركة بإرسال خطابات الشجب والاستنكار ، وإعلان موقفك بكل شجاعة . وتجد بين طيات الشبكة العنكبوتية مواقع تساعدك في ذلك كله ، كموقع الردادي ، وصيد الفوائد ، وغيرها من المواقع التي تجد فيها العناوين التي تسهم في إرسال صوتك واضحاً معبراً .
رابعاً : علينا أن نبدأ اليوم بتقليب كتب السيرة ، وإعادة ترتيبها من جديد ، ووضع آلية لقراءتها قراءة المتأسي بمواقفها ، الباحث عن القدوة من خلالها . ويمكن لنا أن نرتّب درساً يومياً أو أسبوعياً مع أبنائنا وأسرنا داخل البيوت للتعرّف على هذه السيرة ، وتعميق أثر القدوة في حياتهم جميعاً . ويمكن أن يوسّع الدور ليشمل المسجد ، والمدرسة ، والمنتديات ، والقنوات ، والإذاعات ، والصحف كل حسب طاقته وقدر جهده . ولعل من أهم الكتب التي يمكن أن تبين عن هذه الجوانب : كتاب الشمائل المحمدية للترمذي أو مختصره للألباني ، وكتاب الشفا في حقوق المصطفى للقاضي عياض أو تهذيبه لصلاح الشامي ، وكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لا بن القيم ، وكتاب السيرة النبوية لمهدي رزق الله أو فقه السيرة للغزالي . وغير ذلك من كتب السيرة المعروفة.
خامساً : إن مما ينبغي أن نتخذ موقفاً حازماً للرد على الأعداء وذلك بالمقاطعة الاقتصادية للبضائع الدنمركية والنرويجية ، واتخاذ موقفاً واضحاً تجاه صادرات هذه الدولة . وتقديم البرهان الواضح على تأثير رقم المسلمين في العالم كله . وليس هذا فحسب بل تربية أبنائنا على تعميق هذه الحرب ، والمشاركة في المقاطعة .
وأخيراً : لا تنس أيها الحبيب من الدعاء لقادة هذه البلاد المباركة الذين أبانوا عن موقفهم بكل شجاعة ، ورسموا منهجاً لدول العالم الإسلامي في السير على منهجهم ، فإنهم والله رأساً في الخير ، وأعلاماً فيه سدد الله خطوهم وبارك فيهم ، وأصلح لهم دينهم وديناهم . وعليك حفظك الله تعالى أن تمد الشكر إلى علماء هذه البلاد والذين شاركوا في الحدث بفاعلية ، وإلى قناة المجد الفضائية التي دعت لنصرة هذا النبي الكريم من أوسع الأبواب . وفتحت باباً للحدث شارك فيه العلماء ، وطلاب العلم ، وعامة المسلمين . سائلاً الله تعالى أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، ويرد كيد الأعداء ، ويجمع شمل المسلمين . إنه ولي ذلك والقادر عليه .
=====================(10/13)
أهكذا نقف من إهانات أعدائنا لرسولنا؟!
د.عبدالله قادري الأهدل
احتلوا بلداننا، دنسوا مقدساتنا، حاولوا تشكيكنا في قرآننا وألفوا قرآنا جديدا، ليقولوا لنا: أنتم تقولون: إن القرآن معجز لا يأتي أحد بمثله فهانحن أتينا بقرآن غيره وفيه سور وليست سورة واحدة، غمزوا نبينا ولمزوه بأوصاف سيئة كثيرة، حتى قال اليهود: محمد مات وخلف بنات، لم يبقوا شيئا مقدسا عندنا إلا نالوا منه.
فعلوا كل ذلك وغيره ووجدونا نصيح يوما أو يومين، ثم نهدأ ونسكت فعرفوا بأن إيماننا إنما هو مجرد عواطف لا يثير فينا غيرة تجعلنا ندافع عن ضرورات حياتنا بموقف جاد يجبرهم على الكف عن إهاناتنا وإذلالنا والسخرية بما يجب أن يكون أحب إلينا من أنفسنا.
بل وجدونا بعد الحماس العاطفي نعانقهم ونصافحهم ونظهر لهم ما يطمئنهم على محبتنا لهم والتقرب إليهم، ولا نكترث بإساءاتهم المتكررة.
ونحن نملك من الوسائل السلمية ما لو اتخذنا بعضا منها بصفة جادة مستمرة حتى نخضعهم بها لأرسلوا قادتهم إلينا يعتذرون لنا ويكفوا عن إساءاتهم لإلهنا ونبينا وقرآننا ورسولنا:
من ذلك الاحتجاجات المتواصلة في أجهزة إعلامنا، وسحب سفرائنا و مقاطعتنا الاقتصادية لما يصدرونه إلى بلداننا، وفي أي بلد نوجد فيه، ولكن لا يليق بنا أن نرفع شعارات لا حقيقة لها في الواقع، ولا أن نعمل بشعاراتنا يومين أو ثلاثة، ثم ننام قبل أن نسمع من الدول التي تمت الإساءات لنبينا صلى الله عليه وسلم فيها اعتذارا صريحا لا لف فيه ولا دوران.
وإن أقل ما نستطيع تهديدهم به هو المقاطعة لاقتصادهم ولكل ما نتبادله معه من مصالح تعود علينا أو عليهم.
وإنني أذكر أتباع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأمور:
الأمر الأول: أن الطعن فيه صلى الله عليه وسلم، هو طعن في ذات الله تعالى الذي اختاره واصطفاه، فبعثه إلى كافة الناس في جميع الأمكنة والأزمنة، إلى يوم قيام الساعة، ولا يقبل الله بعد بعثته صلى الله عليه وسلم دينا غير دين الإسلام.
وطعن كذلك في دين الإسلام الذي أكمله الله لنا قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وهو طعن في كتاب الله القرآن الكريم الذي لولا حفظ الله له ليكون مرجعنا في مسيرة حياة أجيالنا إلى أن تقوم الساعة، فإذا لم نقف الموقف الذي ندافع به عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، فقد فرطنا في كل ما سبق.
الأمر الثاني: أن ندرك ما لاقاه صلى الله عليه وسلم من العنت والمشقة في سلمه وحربه، لينقل لنا هذا الدين، ليسعدنا برضا الله عنا، وينقذنا من سخطه وعذابه.
الأمر الثالث: أن نذكر ما أوجبه الله له من النصر والتوقير والأدب معه صلى الله عليه وسلم، ولهذا قرن الله تعالى حق هذا النبي الكريم، بحقه في كتابه وفي شعائر عبادته، فقال تعالى:
((إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (9) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (10)) [الفتح] فقد ذكر بعض المفسرين أن ضميري الغائبين المفردين في قوله تعالى: (وتعزروه وتوقروه) فقد قرن الله بين الإيمان به الإيمان برسوله، خص رسوله على هذا التفسير بالتعزير – وهو النصر – والتوقير، ثم خص نفسه بالتسبيح.
واعتبر الله بيعة المسلمين لرسوله بيعة له تعالى في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ)
وأوجب الله تعالى الأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم في خفض الأصوات عنده كما يحصل من بعضهم عند بعض، وحرم رفعه وجعل ذلك محبطا أعمال من فعله، وأنكر على الأعراب مناداته من خارج حجراته، كما قال تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) الحجرات
قال القرطبي في تفسير هذه الآيات – بعد أن ذكر أمثلة في الحديث في سبب نزول الآية -:
"قال القاضي أبو بكر بن العربي: حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثال كلامه المسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه، وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به.(10/14)
وقد نبه الله سبحانه على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى: "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا" [الأعراف: 204]. وكلامه صلى الله عليه وسلم من الوحي، وله من الحكمة مثل ما للقرآن، إلا معاني مستثناة، بيانها في كتب الفقه.
ليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة، لأن ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون. وإنما الغرض صوت هو في نفسه والمسموع من جَرْسِه غير مناسب لما يهاب به العظماء ويوقر وقال تعالى في امتنانه عليه بإكرامه له: ((وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)) [الشرح (4)]
ولهذا شرع ذكره صلى الله عليه وسلم مع ربه في الأذان وفي التشهد، وفي الدعاء للموتى.
الأمر الرابع: نفى الرسول صلى الله عليه وسلم نفيا مؤكدا بالقسم بربه، الإيمان الشرعي الصادق عمن لم أحب عنده من أقرب المقربين إليه من أهله، كالوالد والولد، فضلا عن غير أقاربه من الناس.
روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فوالذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده) وفي رواية أنس: (والناس أجمعين). والحديث في صحيح مسلم.
بل ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك)
فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الآن يا عمر)
ففي هذا الحديث: وجوب أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إلى المؤمن من نفسه.
وهنا يجب على المسلمين أفرادا وجماعات وأحزابا، ودولا، أن يسألوا أنفسهم: هل معاملة من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستهان به وسخرمنه، في العلاقات السياسية والاجتماعية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية، ومع إصراره على موقفه ممن هو أحب إلى أنفسنا، هل هم مؤمنون إيمانا صادقا.
ونسأل من لا يقاطع اقتصاد الدول التي حصلت إهانة رسولنا صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به، أي الأمرين أحب إليك يا مسلم رسولك أم جوال؟ بل أيهما أحب إليك نبيك أم قطعة قماش تستريها؟
إن المسلم لا يليق به أن يتعامل مع من استهان برسوله صلى الله عليه وسلم في بيع أو شراء، وبخاصة إذا كانت السلع التي يحتاجها موجودة في السوق من دول أخرى، إن المسلم ولو كان غير ملتزم بدبنه كما ينبغي ولو كان يتعاطى شرب الخمر المحرم عليه، والذي يجب عليه الإقلاع عنه فورا، فإذا أصر على ارتكاب هذا المحرم، فلا يليق به أن يشتريه ممن أهان رسوله صلى الله عليه وسلم، أسواق غير تلك الدول مندوحة.
وإن من الأسئلة التي يجب أن نوجهها لمن يؤمنون بالرسول صلى الله عليه وسلم، سواء كان فردا أو جماعة أو دولة:
ما ذا ستفعل لو وجهت الإهانات إلى والدك أو ولدك أو علم بلادك أو دولتك ونظامها؟
وهل ولدك ووالدك وعلم بلادك ونظامها ونفسك أحب إليك من نبيك، فتنتصر لها ولا تنتصر لرسول الله حبيبه؟
نحن لا نطلب من كل تلك الفئات أن تقاتل الدول التي حصل فيها الاستهزاء برسولنا، ولا بخطف رعاياهم وقتلهم في بلداننا، وإنما نطلب فقط أن نغيظهم بما يؤثر فيهم وهو العلاقات بأنواعها، لا بالكلام فقط؟
إن كلامنا عندهم لا يساوي صفرا على اليسار، ما داموا يحصلون على مصالحهم المادية منا.
يا مسلمون! كل عدوان على ديننا واستهزاء بربنا أو قرآننا أو رسولنا صلى الله عليه وسلم، يمر بدون وقفة صادقة في الدفاع عن ذلك سيجرئ أعداءنا علينا، فاختاروا لأنفسكم إرضاء أعداء نبيكم، أو إرضاء ربكم، وأنتم إليه راجعون، فينبئكم بما عملتم.
=======================
أي حرية وأي ديمقراطية؟
أ.د. محمد خضر عريف
ان سياسة الكيل بميكالين اصبحت سمتاً شاملاً في الممارسات الغربية كافة، وقد انتقلت عدواها المميتة من اقاصي الارض في العالم الجديد إلى الجزء الغربي من العالم القديم، وما عاد الغربيون يستحيون من العمل بها في وضح النهار وعند كل مناسبة فهاهم يصرحون بأن ما اقدمت عليه الصحف الدنماركية والنرويجية وتبعتها فيه الصحف الفرنسية، انما هو ممارسة لحق مضمون في النظم الديمقراطية الغربية وهو حق حرية التعبير وحرية الرأي، وها هم يؤكدون ان الحكومات لا تستطيع الحجر على الصحافة والاعلام مهما كانت تجاوزاتها استناداً إلى مبدأ حرية الرأي، وعليه فقد تبجحت صحيفة (فرانس سوار) بعد إعادة نشر الرسوم المشينة، وقالت (انه يحق لها الاستهزاء بالله قبل ان يحق لها الاستهزاء بمحمد) والعياذ بالله و(الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون).
ومن هذا المنطلق فان الاتحاد الاوروبي أكد انه سيقف مع الدنمارك في حال اعلان مقاطعة رسمية من بعض الدول الإسلامية، وسيرفع الاتحاد القضية إلى منظمة التجارة العالمية لتتخذ ما هو مناسب لأن الاتحاد يعتبر اي اجراء رسمي متخذ ضد الدنمارك اعتداءً على الاتحاد الاوروبي برمته.(10/15)
ذلك موقف الاتحاد الاوروبي من القضية، اذ يحترم الاوروبيون رأي من كانوا خلف هذه الرسوم وان كانوا لا يمثلون الشعب الدنماركي كله او غالبيته فماذا كان موقف الاتحاد الاوروبي كله ومن قبله امريكا من رأي الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني الذي انتخب حركة حماس لتحكمه في انتخابات نزيهة وسلمية ونموذجية؟
لقد وقف الغرب كله وقفة واحدة - والكفر ملة واحدة - في وجه حرية الرأي هذه ليضعوا كافة العراقيل في وجه هذه الممارسة الديمقراطية الفريدة في العالم العربي في سعي حثيث لافشال مشروع حماس السياسي وجعل من المستحيل تشكيل حكومة فلسطينية بقيادة حماس، حتى لو كانت تمثل الكثرة الكاثرة من فئات الشعب الفلسطيني، وعليه فان الكونجرس الامريكي سارع إلى وضع مشروع قانون لتجميد المساعدات الامريكية للفلسطينيين وسيمضي القانون دون ادنى شك، ومن قبل ذلك سارع الاتحاد الاوروبي الى فرض املاءات عسيرة على حماس كي تحظى بمساعدات الدول الاوروبية اهمها الاعتراف باسرائيل وحقها في الوجود، فاين مبدأ حرية الرأي؟ الذي يتيح للاعلام الاوروبي التطاول على نبي مليار ونصف من البشر ويحجر على رأي شعب باكمله بعد ان قال كلمته في انتخاباته الحرة النزيهة وما اريد ان اضيفه أيضاً هو ان ما تناقلته وسائل الاعلام الاوروبية والامريكية من ان الانظمة الغربية لا تمنع الاستهزاء برسل كعيسى وموسى وسواهما، فكيف تستطيع ان تمنع الاستهزاء بمحمد (صلى الله عليه وسلم)؟ جزء من كذبة كبيرة يريد اليهود والنصارى لها ان تنطلي على عامة المسلمين فقد شهدت بنفسي مواقف كثيرة تصدى فيها الاوروبيون حكومات وشعوباً لأي مساس بعيسى عليه السلام خصوصاً في القنوات الاعلامية فقد كنت في امريكا حين ظهر فيلم:(غواية المسيح الأخيرة (The last temptation of christ
الذي يصور المسيح والعياذ بالله على انه فاسق فاجر مرتاد للمواخير ويلصق به اقذع الصفات وافظعها واذكر ان تسع دور فقط من دور السينما في امريكا سمحت بعرضه من بين الاف الدور المنتشرة في انحاء امريكا، ثم كان ان خرج المتظاهرون بالالاف امام تلك الدور التسع في صخب شديد حاملين لافتات كتب عليها، اوقفوا هذا التجديف او هذا الكفر:(stop that blasphomy) وواصلت وسائل الاعلام الضغط على دور السينما حتى توقف عرض الفلم بعد ايام قليلة.
وحصل الموقف نفسه بشكل اشد من قبل اليهود بعد عرض فلم :(موسى المقدس) (holy Moses) الذي يسخر من موسى عليه السلام ووقف اليهود كذلك في وجه عرض فيلم: (عذابات المسيح) الأخير الذي يتهمهم صراحة بتهمة الوقوف خلف صلبه (من وجهة نظر النصارى) ولو اتسع المقام لسقت عشرات المواقف المشابهة التي تبين بما لا يدع مجالاً للشك ان حرية التعبير في الغرب لا تصل إلى حد المساس بالانبياء والرسل والمعتقدات الدينية وان الدماء يمكن ان تسيل لديهم جراء ذلك كما انهم مارسوا ضغوطاً اكبر بكثير من التي يمارسها المسلمون اليوم لوقف تلك التجاوزات منها المقاطعة ان الديمقراطية كذبة كبيرة وحرية الرأي المزعومة كذبة اكبر منها، ولن يكون اليهود والنصارى بإذن الله اكثر غيرة منا نحن المسلمين على انبيائهم ومقدساتهم.
أيعقل أن تعظم شركة آرلا مؤتمر البحرين أكثر من بعض المسلمين1
الكاتب: الشيخ رائد حليحل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين وبعد:
لقد تنامي إلى مسامعي في الآونة الأخيرة انتقادات لتوصية المؤتمر العالمي لنصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والتي قضت بضرورة إيقاف المقاطعة عن منتجات شركة (آرلا) والملاحظ أن الناقدين على ضربين.
الأول:
علماء أفاضل وأجلاء، نحترمهم ونحترم رأيهم إلا أننا نرى أنهم لم يستجمعوا كل ملابسات القضية، ولم يعوا تفاصيل الواقع الغربي السائد مما جعل نظرهم قاصرا وبالتالي ما نراه هو خطأ اجتهادهم.
الثاني:
أناس وكأنهم يتصيدون بالماء العكر، لصالح حسابات خاصة فلا أملك لهؤلاء إلا الدعاء لهم بالرحمة والهداية وأذكّرهم قائلا (ما هكذا يا سعد تورد الإبل).
ولكن عموما فإنني أقدر وبشكل كبير المشاعر الجياشة والعواطف العارمة، والحب الكبير لشخص النبي المصطفى والحرص على توظيف كل الإمكانات وقد تصور البعض أنها محصورة بالمقاطعة فقط والاستفادة من كل ما من شأنه رد الاعتبار لمقام النبي المختار، إلا أنني أرى أن العاطفة وحدها، ليست الخيار الأفضل، بل لا بد من ضبطها بمعيار الشرع الذي حث على تحقيق مناط أي حكم، والنظر في الواقع، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره.(10/16)
ولمعرفة المرجحات لرأي المؤتمر العالمي ولجنة المتابعة المنبثقة عنه، لا بد من الرجوع إلى الوراء قليلا، ولا بد من الإجابة على أسئلة مهمة تسلط الضوء على خفايا الأمور: تحديد المسيء؟ من هو، ومن دعمه وأيده وسانده؟ من الذي برر الإساءة ودافع عنها؟ ومن الذي عارضها وبذل ما يمكنه لإضعاف أهلها؟ ما العمل المطلوب من شرائح المجتمع الدانمركي على اختلاف أطيافه؟
سنجد، وبشكل واضح أن الذي تولى كبر القضية هي جريدة (اليولاند بوسطن) التي نشرت الرسومات المسيئة في 30/09/2005 للميلاد، وهي جريدة مستقلة، حرة وإن كانت قريبة جدا في ميولها من التيار اليميني الحاكم ولا يتعب المتابع كثيرا ليرى مدى التناغم الكبير بينهما، ولكن لم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل تعاملت الحكومة مع القضية بشكل أشعر المراقبين بأنها متواطئة، متعاونة، موافقة، غير كارهة ولا عابئة ولا حتى ممتعضة من عمل الصحيفة؟ وبالتالي أصبح للجريدة شريكا ألا وهو الحكومة الحالية. وبقى الشعب على الحياد بحجة أن ثقافته لا توجب عليه التدخل في هذه القضية فظهر بمظهر اللا مبالي.
ومرت الأيام، بل الشهور وكأن شيئا لم يكن -وهذا للأسف على صعيد العالم الإسلامي- ولحكمة يعلمها الله مرت ثلاثة شهور ونصف، وبعدها هبت العاصفة التي لا يستطيع أحد -مهما كان دوره- أن يدعي فضل تأجيجها، إذ الفضل لله وحده، إظهارا لكرامة المصطفى ومقامه الكريم واللافت للانتباه أن عامة الناس هم الذي أخذوا قرار المقاطعة، مستبقين الفتاوى من العلماء، ولا شك أنه كان عملا مهيبا، أحيى في الأمة الأمل من جديد، فهي أمة قال عنها قائدها أن خيرها لا ينقطع، يكفي في تلك الهبة العارمة أنها دلت، بما لا يدع مجالا للشك، على أن الأمة محبة ومعظمة وموالية لنبيها وإمامها وأسوتها وقائدها، خاتم الأنبياء وإمام المرسلين عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم. ومرت الأيام ولا بد لنا أن نلقي نظرة فاحصة على واقعنا كمسلمين داخل الدانمرك وخارجها لنجد التالي، والذي لا يليق بنا تجاهله عند حكمنا.
على صعيد الدانمرك:
فإن شيئا ما لم يتغير على صعيد الحياة اليومية، بل أحيانا يظن الناظر في الواقع أن شيئا لم يكن، اللهم إلا إن كان يستمع للأخبار.
أما الجريدة فلم تعتذر ولم تقدم ما يشعر بندمها بل كانت مصرة على موقفها حتى الرمق الأخير، أما الحكومة فقد تحلت بالصبر حتى تمر الأزمة وهي ماضية في موقفها متذرعة بعدم إمكانية إدانتها لعمل الصحيفة لأن قانون الحريات يكفل لها ذلك، فكذبها الله وأدانت عمل شركة (آرلا) واصفة إياه بأنه ركوع للمسلمين.
أما الشعب الدانمركي فبقي على بروده المعتاد دون حراك، اللهم إلا مظاهرات بسيطة متواضعة لا ترتقي إلى مستوى الفعل وردات الفعل عليه وكذا بعض البيانات الصادرة من هنا أو هناك.
وما له علاقة بشركة (آرلا) فإنها كانت بين مطرقة المقاطعة في العالم الإسلامي وسندان مقاطعة سابقة داخل الدانمرك، أفضت إلى استبدال الكثير من الأسواق لمنتجاتها بمنتجات أخرى ولأسباب داخلية وجدت نفسها تدفع ثمن فعلة غيرها فحارت بين النظر إلى مصالحها والنظر إلى مصالح الوطن كما أوهم البعض من ضرورة ثباتها وعدم خذلانها لأنصار الحرية كما زعموا.
وعلينا أن لا ننسى أن شركة (آرلا) ليست شركة وطنية، بالمصطلح العربي، فليست هي الحكومة حتى تتحمل مسؤولية عمل الأخيرة وليست تابعة للجريدة أو داعمة لها، وقبل ذلك لا بد أن نعرف أن الحكومة لم تعد الشركة بتعويضات لأنها تراهن على عقود فيها بنود جزائية والتزامات تجارية، قد تخرج الدانمرك من أزمتها، ويتحمل بعد ذلك المسؤولية عن هذه الخسائر جهات أخرى ولا يستبعد أن يكون المسلمون هم الدافعون لتلك الضريبة.
إلى جانب أن الحكومة الدانمركية كانت تعول آمالا على دعم لها من الاتحاد الأوروبي، بل صرح المسؤولون فيها مرارا أن المقاطعة لم تضر بها وذلك لأن صادراتها للعالم الإسلامي لا تتجاوز العشرة في المائة.
وخلاصة القول:
أن المقاطعة آذت الدانمركيين ولكنها لم تضرهم وعليه فلا يصح العتاب الآن بأن يقال لماذا قاطعنا إذن؟ بل يقال يكفي المقاطعة أنها عبرت عن الحب الكبير لنبينا ولديننا وعلينا أن لا ننسى أن المقاطعة خيار شعبي وهو لا يملك غير ذلك والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، يكفيها أنها حركت مشاعر الأمة، ونبهت خصومها إلى ثبات الأمة واحترامها لمقدساتها. فالخلل لم يكن بالمقاطعة ولن يكون برفعها بل الخلل كله في جعل المقاطعة السبيل الأوحد وعدم رفده بما يشكل ضغطا على المعتدي ليرد الحق إلى أصحابه ولذلك فإني أناشد الإخوة في الله أن يكونوا موضوعيين هذه المرة وأن ينظروا للقضية من كل جوانبها ولئن ساءهم وقف المقاطعة بعد وقوعها فقد كان الأولى أن يسوءهم ما لم يقع أصلا وكان مؤثرا أكثر، فالتقصير كبير وعلى شتى المستويات.
أما على صعيد العالم الإسلامي:(10/17)
فإن التوصية برفع المقاطعة عن منتجات شركة (آرلا) بعد خطابها الواضح والصريح، كان قرارا عاقلا وحكيما بل ومنسجما مع قواعد الشريعة الغراء. وخطأ المعترضين أنهم رأوا القذاة في عيون الدعاة ولم يروا الجذع في عيون غيرهم، وإن المتابع لمجريات الأحداث في عالمنا الإسلامي يجد معوقات أمام المقاطعة كانت كفيلة بزوالها دون تحقيق شيء من المصالح والمكتسبات، فإنه مما أثخن في المقاطعة وأوهنها أمور:
1- ظهور بعض الأصوات التي قللت، للأسف، يومها من شأن المقاطعة، سواء من أفتى بحرمتها وبعضهم صرح ببدعيتها وغير ذلك مما عودنا البعض على سماعه عند كل معضلة ونازلة، أو من جهة من قلل من شأن المقاطعة وصورها وكأنها مسعرة حرب ونحن بأمس الحاجة للسلام فرفع شعار الحوار على أنه أوحد خيار، فساهمت تلك الدعوات بدفن الأمل الذي سرى في أوساط الأمة، ورغم هول المصاب وفداحة الموقف وما قابله من حرقة عظيمة وفورة في المشاعر وإقبال من الناس لنصرة الحبيب المصطفى، في تلك اللحظات الحاسمة جاءت تلك الدعوات، من بارزين في مجتمعنا، لتقوم بدور الفرامل، كابحة جماح ثورة عارمة، فكانت تلك الأصوات بل بعض الممارسات موهنة للعزائم مثبطة للهمم مطفئة لجذوة الغيرة، ألا فسامح الله من عمل ذلك وهو يظن أنه يحسن صنعا.
2- إن المتتبع لأحوال المسلمين اليوم ولا سيما عند المحن ليعجب كل العجب من حالنا، إلا من رحم الله، أمة سرعان ما تنتفض ثم تنطفئ، تبدأ أعمالها بشكل انفعالي عاطفي، تفرغ معه شحنتها كاملة ثم لا تلبث أن يدب إليها التراجع واليأس مع أننا كلنا يعلم أن النصر مع الصبر، وديننا علمنا أن أفضل الأعمال أدومها وأن الله لا يمل حتى يملوا. وأنا عندما أقول ذلك لا أفشي سرا، فإن الدانمركيين صرحوا به قبل مؤتمر البحرين بل في وقت الذروة والنشوة للمقاطعين وقالوا: سنصنع كسنبلة القمح ننحني للعاصفة حتى تمر وقد عودنا المسلمون أنهم سرعان ما تفتر عزائمهم. يا سبحان الله وكأني بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحاكي واقعنا (عجبت لجد الفاجر وعجز الثقه) فإلى الله المشتكى وهنا يحسن ينا التذكير أن المقاطعة لم تكن سوى ردة فعل عاطفية متأخرة وغير مدروسة ولا مخطط لها وهذا بحد ذاته لم يكن مبشرا، فالمخاوف كانت تشوب المقاطعة حتى قبل وجودها لعدم توفر المناخات المناسبة.
3- عمليا: لم تكن المقاطعة أمرا واقعيا مطبقا في أرجاء عالمنا الإسلامي، اللهم إلا في بعض البقاع المباركة وهي محدودة، عودتنا دائما التفاعل الإيجابي مع قضايا المسلمين، بينما بقية العالم فلم يكن يعنيه الأمر شيئا وقد تكشفت بعض الحقائق حول هذا الأمر أخيرا.
4- وهنا بيت القصيد أن المقاطعة لم تكن تستند إلى أرضية ثابتة، أعني أن ارتباط الجهات الرسمية بمعاهدات وعقود وعلاقات جعلتها مكبلة لا تقدر على أخذ موقف واضح معلن، وبالتالي فإن المقاطعة التي كنا نفخر في بدايتها أنها شعبية محضة لم يعد ذلك محل فخر واعتزاز فقد آن الأوان لتبنيها وتقنينها ودعمها لتكون فاعلة ومؤثرة فالله عز وجل يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وعليه فإن الحمل كان ثقيلا على الاقتصاديين وحدهم لأنه كان لزاما على الأمة بشتى أطيافها أن تقف موقفا واحدا وواضحا ليكون ذا أثر، أما حصر القضية بالتاجر والمستهلك فمعناه أننا حرمنا على أنفسنا طعاما لسبب، نحترمه، ولكن لم نطور من عملنا ليكون ضاغطا للإصلاح والتغيير، وبصراحة تامة فإن الغاية من المقاطعة لم تتحقق بل أصبح، ضمن هذه الظروف، تحقيقها ضربا من المحال أو الخيال، وعليه فرفع المقاطعة لا سيما عن المتبرئ ليس هو السبب في ضياع حقنا بل السبب هو هواننا على الناس فإلى الله المشتكى وعليه التكلان.
5- لو نظرنا لواقعنا نظرة متفحص وبإخبار الثقات من الغيورين المتابعين للواقع، تبين أن البضاعة الدانمركية عادت لكثير من أسواق المسلمين دون قرار ولا رأي ولا توصية بل حتى ولا فتوى، اللهم إلا إذا استثنينا بعض البلاد التي لم تفعّل فيها المقاطعة أصلا فبقيت بضائعهم على رفوفها. فاللوم إذن ليس على التوصية نفسها لأن العلماء أخذوا بها لما وجدوا أنفسهم أمام مفترق طرق إما أن يتجاهلوا بيان شركة (آرلا) أوانهم يتعاطون معه بما يلزم. وإما أن يلحظوا واقع المسلمين وضعفهم ويستفيدوا من تلك الفرصة ليكون عود البضائع بيدهم ويستفيدون منه ويوظفوه لصالح القضية أو أن تخرج أوراق اللعبة من أيديهم ويعود كل شيء إلى مكانه دون مراجعتهم ودون تحقيق أي من المكتسبات وبذلك يضعون أنفسهم موضعا يصدق فيه "ويقضى الأمر حين تغيب تيم....ولا يستشهدون وهم شهود"(10/18)
7- بعض المظاهر السلبية والأفعال غير المنضبطة التي واكبت المقاطعة، مما جعل الجميع -ما دام معترضا- في خانة يسعى للبراءة منها (الإرهاب) والذي أراه والله أعلم، بعد كل ما أوردت وغيره مما قد لا يحسن إيراده، وبما أنني معني بالأمر ومطلع عليه عن قرب فأنا ابن هذه المحنة وأرى أن قرار الدعاة إلى الله كان قرارا حكيما وعاقلا جدا ومع كل ذلك فإنه لا يسعنا إلا أن نحترم وجهة النظر الأخرى وأرجو من الله أن يكون لكلينا نصيب من شفاعة الرسول الكريم كما تكرم الله على فريقين من الحجاج ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى) جعلنا الله من المتقين الذابين عن سيد المرسلين.
أسباب وجيهة تستدعي رفع المقاطعة عن شركة (آرلا) لا عن سواها:
الأول: لا بد لنا أن نتنبه أن شركة (آرلا) شركة غذائية مساهمة فهي ليست تابعة للجريدة المسيئة ولا الحكومة المتواطئة وبالتالي فليست شركة (آرلا) مسيئة للمسلمين ولا داعمة لمن أساء إليهم، وعليه فتحميلها مسؤولية عمل غيرها ليس من العدل ولا من الإنصاف.
الثاني: شركة (آرلا) كغيرها من مواطني الدانمرك فإنه بعد أن استبانت الأمور وانجلت الحقائق فإنها لا تملك إلا الإدانة والبراءة من عمل الصحيفة وإعلان ذلك، ليقل الظهير ويضعف النصير للمسيء، وإن المتابع لما ذكرته الشركة في بيانها المنشور على صفحات الجرائد والصحف العالمية بل وعلى المحطات المرئية والمنصوص عليه في موقعها وباللغات الثلاث "العربية والانجليزية والدانمركية" من قرأه بتمعن يجده تصريحا واضحا لا لبس فيه، مما يجعل المسلمين إزاءه في حرج شرعي فرفض ما صرحوا بإدانته أمر يجانب الصواب، وقبوله ليس له معنى إلا رفع الضرر عنهم وإعانتهم على حل مشكلاتهم. والكلمة الأخيرة للإنسان فله الخيار الكامل، لأن توصية العلماء ليس فيها إلزام كما لم تكن المقاطعة أصلا على وجه الإلزام.
الثالث: أن تصريح شركة (آرلا) بأنها ستبذل ما بوسعها لمساعدة المسلمين في كل ما من شأنه أن يعيد لهم اعتبارهم ويحقق لهم احترام دينهم، يعتبر عملا إيجابيا لا يجوز التغافل عنه أبدا.
الرابع: أن توجيهها الخطاب إلى العلماء والدعاة المجتمعين في البحرين يجعل العلماء أمام التزام أدبي، إذ ليس من أدب الإسلام إذا ما استجارك أحد أن لا تجيره، كيف وقد ميز نفسه عن المسيئين، فبأي حق يلحق بهم مع براءته ويأخذ حكمهم مع إدانته، إلى جانب ما فيه من لغة الاحترام والتقدير للعلماء المجتمعين هناك.
الخامس: إن موقف الحكومة من كلام شركة (آرلا) بأنها ركعت للمسلمين، خير دليل على أن كلامها بل موقفها قد أدى ما نطمع إليه من تكثير المساندين لنا داخل المجتمع الدانمركي، ويقلل من أنصار المسيئين والمتعاونين معهم، فإن لم يكن في كلام (آرلا) إلا أنه أغاظ الحاقدين فكفى به شرفا لنا أن نجد نصيرا لنا من بينهم.
السادس: إن موقف العلماء العاقل والمتزن سيشجع أمثال (آرلا) لعمل مشابه، بل سيكون له أثره الدعوي الكبير إن لم يكن على المدى المنظور فلا شك أنه مستقبلا سيكون أمرا جيدا لصالح الإسلام ودعوته في تلك الديار، فالموقف كان رسالة متوازنة تماما ولسان حالنا يقول نحن لسنا غوغائيين كما تصورون حتى نعادي من سالمنا وكذلك لسنا بهذه الدرجة من الهوان حتى نسالم من يعادينا، فرسالتنا واضحة سلم على من سالمنا وحرب على من عادانا وبهذا يتضح للجميع لماذا قاطعنا ومن قاطعنا وما غايتنا من المقاطعة وما الحكمة منه، فهي ليست غاية في نفسها بل عملت لغاية وإن نبل الغاية لن ينسينا نبل الوسيلة أيضا. فالمقاطعة وسيلة لا غاية.
السابع: أن تجاهلنا لكلام (آرلا) سيسجل علينا لا لنا، ويظهرنا بمظهر غير المنصف ولا العادل بل ولا الإيجابي المتفهم لواقعه، وسيضعف موقفنا فنصبح في موقع المتأثر بالأحداث لا المؤثر فيها ويكفي ذلك مفسدة لأنه سيكون تجاهلا غير مبرر.
الثامن: أن الموقف الحكيم هذا كان له أثر إيجابي على واقع المسلمين في الدانمرك في وقت حاول الإعلام تصويرهم بأنهم مؤججوا نار فبدا للجميع أنهم عناصر إطفاء بل إنقاذ وإنهم يسالمون من سالمهم وهم متوازنون بين الحرص والغيرة والمحافظة بل والاستمرار بمطالبتهم بحقهم والذي من أعظمه احترام دينهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم، وفي نفس الوقت الذي يطالبون فيه بحقوقهم، يؤدون حقوق الآخرين، ولا يظلمون أحدا بجريرة غيره.
وبصراحة تامة، فإننا لا نخجل من موقفنا هذا لأن الله يعلم ويشهد أننا ضحينا وثبتنا في وقت قل فيه النصير وعز فيه الظهير، وكان وسيبقى شغلنا الشاغل إعزاز ديننا الذي دونه المهج ولا نخجل من استدلالنا بقول الحق (ألا تزر وازرة وزر أخرى) ولو استخدمت كثيرا في غير محلها، لكن المقام هنا واضح لا لبس فيه.(10/19)
ولرب معترض يقول: ما دام الأمر كذلك فلماذا قوطع هؤلاء أساسا، فأقول مضيفا لما تقدم أن هذا الموقف "أعني المقاطعة" كان لا بد منه في أول الأمر. أما بعد اتضاح السبيل ومعرفة المجرم المسيء والمتعاون معه من المحايد بل الرافض فعلينا أن لا نجعلهم سواء وهم من قال الله عنهم "ليسوا سواء".
التاسع: أن شركة (آرلا) نفسها ولو كانت منطلقاتها مادية إلا أنهم أيضا محل لدعوتنا فإذا ما أحسوا بعدلنا وإنصافنا الذي خاطبونا به فلا شك سيكون له أثر دعوي عليهم وعلى أمثالهم ولن يفوتني هنا أن بعض الشركات بدأت بالاتصال باللجنة العالمية لتسوية وضعه أسوة بآرلا.
وللاطمئنان أكثر فإن جريدة اليولاند بوسطن وبتاريخ 14-05-2006 ذكرت (مستهجنة) أن شركة آرلا مارست كثيرا من الضغوط على رئيس الوزراء ليدين الرسوم ويعتذر من العالم الإسلامي. وتتهمها بأنها بالغت في أرقام الخسائر الناتجة عن المقاطعة لتستعطف الناس وتحملهم على الخضوع لرغبات المسلمين فيقدموا لهم الاعتذار الذي يكفل لهم رفع المقاطعة.
وختاما: نحن مسلموا الدانمرك لم نقل هذا تحت أي ضغط إلا رعاية لمصلحة دعوية بحتة ولأننا نرى أن ديننا يأمرنا بذلك ولو كان الضغط هو الدافع لطالبنا برفع المقاطعة مطلقا كما كان يطلب منا -إن من الخصم أو حتى من الصديق- ولكنا نقولها بفخر واعتزاز، دون خوف ولا وجل: أعز شيء على قلوبنا "حبيبنا ونبينا" ونفتديه بكل شيء، ولو كنا نعلم سبيلا يفضي إلى احترامه وتوقيره، حتى عند الكافرين، لسلكناه مهما كان صعبا.
فإن عبرت المقاطعة عن الحب فرفعها عن آرلا يعبر عن الإتباع الكامل له، وهو معلمنا أن لا نظلم أحدا أيا كان، فالتوصية برفع المقاطعة عن (آرلا) لا عن سواها فقط لموقفها لا يجوز اعتباره تفريطا بحق من حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه تمام العدل إذ أن المؤتمر قرر الرفع على الجهة التي أدانت الرسومات وتبرأت منها وأظهرت الرغبة في التعاون مع المسلمين لإيجاد المخرج المناسب لهذه القضية، ونلاحظ أن المؤتمر لم يوص برفع المقاطعة عن الجميع مطلقاً حتى يتهم بأنه أوهن المقاطعة وأضعفها، كيف لا وهو الذي قدم دراسة تأصيلية فيها التدليل على شرعية المقاطعة وأنها أسلوب حضاري ينبغي تفعيله والاستفادة منه بضوابط لا بد من رعايتها.
فبدل أن نقضي الأوقات في جدل لا يقدم ولا يؤخر لم لا نقبل جميعا على ما يجب علينا أن نمضي به في سبيل نصرتنا لرسولنا فإن سبيل النصرة ما زال مشرعا أمامنا، يحتاج منا أن نلجه لا أن نقف على أعتابه متعاتبين.
فالإساءة هي هي لم تتغير فهلا ابتكرنا ما يمكننا من تغيير المنكر وإزالته فضلا عن إنكاره، اللهم وفق الجميع لما تحبه وترضاه وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين.
رئيس اللجنة الأوروبية لنصرة خير البرية
==================
أيّهما أولى بالمقاطعة ؟
تاريخ الإجابة 05/11/2000
موضوع الفتوى السياسة الشرعية
بلد الفتوى - السعودية
نص السؤال أيّهما أولى بالمقاطعة – منتج تنتجه بالكامل دولة أجنبية: فرنسا أو ألمانيا أو الصين أو تايلاند – أم منتج لبضاعة أمريكية معروفة لكنّه ينتج في دولة عربية أو إسلامية وتقوم هذه الشركة بتوظيف بعض المسلمين فيها كما تحصل الدولة على بعض المزايا لكن الجزء الأكبر من الأرباح يذهب للشركة الأمريكية في صورة أرباح على رأس المال أو للأبحاث والتطوير أو للمديرين الكبار أو ما يسمّى (إتاوة المبيعات)؟
نص الإجابة
اتفق جمهور الفقهاء على جواز التجارة مع الحربيين(1) – وهم غير المسلمين الذين لا توجد بينهم وبين المسلمين عهود. ومن باب أولى أنّ التجارة جائزة مع غير المسلمين الذين توجد بيننا وبينهم عهود، وهذا يشمل اليوم كلّ دول العالم المرتبطة بميثاق الأمم المتحدة والمواثيق المتفرّعة عنه. ولم يستثنِ الفقهاء من ذلك إلاّ أمرين: -
الأول: الاتجار بالمحظورات الشرعية كالخمور والخنازير وسائر المنكرات.
الثاني: تصدير السلاح أو الأدوات التي يصنع منها.
وبناءً على ذلك فإنّ الأصل الشرعي هو جواز المتاجرة مع جميع الدول الأجنبية كفرنسا وألمانيا والصين واليابان وتايلاند وغيرها ..
أمّا فتوى مقاطعة البضائع الأميركية التي أطلقها علماء وقادة الحركة الإسلامية فهي مبنية على أنّ الولايات المتحدة الأميركية تساعد إسرائيل بالمال والسلاح، وهي التي تمكّنها من الاستمرار في احتلال فلسطين وتشريد 4 ملايين من أهلها في بقاع الأرض، وإذلال واستغلال من بقي منهم هناك. وتدفع الولايات المتحدة سنوياً أربع مليارات دولار لإسرائيل كمساعدة رسمية. ومعنى ذلك أنّ الدولار الذي تربحه أميركا من التجارة مع المسلمين يذهب رصاصة في صدور الفلسطينيين. وهذا ليس فقط خذلاناً لإخواننا، بل هو مساعدة للعدو ضدّهم، والرسول صلّى الله عليه وسلّم ينهى عن ذلك بقوله: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ..)(10/20)
إنّ مقاطعة البضائع الأمريكية تحتاج إلى دراسة تفصيلية من أهل الاختصاص حتىّ تحقّق الغاية منها. وممّا لا شكّ فيه أنّ مقاطعة البضائع المصنوعة في أميركا كالسيارات والآلات وغيرها أهمّ بكثير من مقاطعة البضائع المصنوعة في بلادنا برخصة أميركية، لأنّ الأرباح المتحصّلة للاقتصاد الأميركي في النوع الأول أكبر منها في النوع الثاني.
ولا يقال أيّهما أولى بالمقاطعة؟ بضائع منتجة بالكامل في دولة غير مسلمة كفرنسا أو ألمانيا أو غيرها، أو بضائع منتجة في بلاد عربية أو إسلامية برخصة أميركية، لأنّ الأصل الإباحة لجميع أنواع البضائع الأجنبية، وفتوى مقاطعة البضائع الأميركية بُنيت على أمر عارض وهو المساعدة الهائلة من الولايات المتحدة لإسرائيل، فأيّ دولة تقدّم مثل هذه المساعدة، فإنّ الواجب الشرعي يقتضينا مقاطعة بضائعها. فالأولوية لا تكون بين حرام ومباح، وإنّما هي بين حرام أشدّ وحرام أخفّ. فيمكننا أن نقول مثلاً: إنّ شراء البضائع المصنوعة في الولايات المتحدة أشدّ حرمة من البضائع المصنوعة في بلاد أجنبية برخصة أميركية، وهذه أشدّ حرمة من نفس البضائع المصنوعة في بلاد إسلامية برخصة أميركية لأنّ استفادة الاقتصاد الأميركي من النوع الأول أكبر من استفادته من النوع الثاني، وهذه أكبر من النوع الثالث، وبالتالي فإنّ استفادة العدوّ الصهيوني من شرائنا البضائع الأميركية ناتجة عن مدى استفادة الاقتصاد الأميركي من هذه البضائع، وهذا أمر يحتاج إلى دراسة علمية من قبل أهل الاختصاص وليس هناك أيّ مبرّر للموازنة بين البضائع الأميركية – بكلّ أنواعها – إذ يحرم التعامل بها بناءً على هذه الفتوى، وبين البضائع الأخرى سواء كانت فرنسية أو ألمانية أو يابانية أو غيرها لأنّ التعامل بها يبقى على أصل الإباحة، إلاّ إذا تبيّن أنّ هذه الدول تقدّم أيضاً مساعدات للعدوّ الصهيوني، فينتقل أمر بضائعها من الإباحة إلى التحريم، وعند ذلك يُبحث في مدى شدّة هذا التحريم في ضوء مدى استفادة العدوّ من مساعدات هذه الدولة أو تلك.
كافة الفتاوى المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن اجتهادات وآراء أصحابها من السادة العلماء والمفتين، ولا تعبر بالضرورة عن آراء فقهية تتبناها
==================
إدانة الحكومة الدنمارك على خلفية الرسوم الكاريكاتيرية
الكاتب: --في تقرير رسمي :
كوبنهاغن- أدينت حكومة الدنمرك في تقرير رسمي بسبب إساءتها إلى الدول الإسلامية التي احتجت على نشر الرسوم الكاريكاتيرية عن النبي محمد، الصحيفة الدنمركية التي قامت بنشر تلك الرسوم لأول مرة ذكرت ذلك في موقعها على الإنترنت.
وكان رئيس الوزراء الدنمركي أندرز فوغ راسموسن قد رفض في أكتوبر 2005 مقابلة أحد عشر سفيراً من سفراء الدول الإسلامية طلبوا مقابلته بعد نشر الرسوم الكاريكاتيرية لأول مرة في صحيفة يلاندز بوستن الدنمركية اليومية.
وقد نقل الموقع عن دراسة تم إجراؤها بتكليف من الحكومة قولها "إن الطريقة التي اتبعتها الحكومة الدنمركية في إدارة أزمة الرسوم الكاريكاتيرية تسببت في مشكلة أكبر من مشكلة الرسوم الكاريكاتيرية نفسها، وقد كان من واجب رئيس الوزراء أن يتحاور مع سفراء الدول الإسلامية".
وكتب الباحثون الجامعيون الذين قاموا بإعداد الدراسة "أن الدنمرك من الناحية العملية، لم تكن ترغب في الحوار. فهي لم تتقبل وجهات نظر الطرف الآخر (أي الدول الإسلامية) ورأت في الانفتاح على الحوار مساومة على قيمها".
لقد اعتبر المسلمون تلك الرسوم الكاريكاتيرية مسيئة لدينهم.
وتم نشر تلك الرسوم على نطاق واسع في الصحف الأوربية، مما أدى إلى إثارة اضطرابات في كافة أنحاء العالم قتل فيها عدد من الناس.
وقد ركزت الدراسة على "المبادرة العربية" وهو مشروع طرحته الحكومة الدنمركية المحافظة في عام 2003 لتحسين الحوار مع الدول العربية.
وقد أصيب المشروع بالجمود بعد حادثة الرسوم الكاريكاتيرية التي أدت إلى توتر العلاقة بين الدنمرك والعالم الإسلامي، غير أن كوبنهاغن أعربت الآن عن رغبتها في إعادة تنشيط تلك المبادرة.
وفيما يلي ملخص للمبادرة :
وزارة الخارجية الدنمركية - مايو 2006
تحليل المبادرة العربية ومقترحات للمرحلة التالية
يشتمل ملخص هذا التقرير على أهم التجارب التي تمخضت عنها المرحلة التجريبية (2004-2005) من المبادرة العربية، ويقدم مقترحات للاستمرار في المبادرة. وقد تم إعداد هذا التقرير بواسطة وزارة الخارجية من خلال مادة تحليلية واسعة حول تطور الأوضاع في المنطقة العربية، ونشر استبيان بين المنظمات الدنمركية، وكذلك إجراء دراسة لمعرفة نظرة الشعب العربي تجاه الدنمرك بعد قضية الرسوم الكاريكاتيرية، بالإضافة إلى الاستماع للكثير من المصادر الدنمركية، وكذلك الممثلين الدنمركيين في المنطقة.(10/21)
لقد بدأت المبادرة العربية في عام 2003، وتشمل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من المغرب غرباً إلى إيران شرقاً، وهي جزء متكامل للسياسة الخارجية الدنمركية. وتشتمل المبادرة على مسارين: والهدف من تعدد المسارات هو لتقوية جهود المنتدى متعدد الأطراف، وخصوصاً جهود الاتحاد الأوربي فيما يتعلق بدعم عملية الإصلاح في المنطقة. بينما الهدف من المسار الثنائي هو لتقوية حوار الدنمرك مع الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك لدعم عمليات إصلاح محددة قامت بها بعض العناصر الفاعلة في المنطقة.
غالبية مشاريع هذه المبادرة لا تزال في المرحلة الابتدائية، ولا يزال الوقت مبكراً جداً للحكم على أثر المبادرة العربية على عملية الإصلاح في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد لوحظ في المنطقة أن هنالك رغبة كبيرة للمشاركة في المبادرة، وأن الدنمرك مدعوة لكي تتعاون في بعض عمليات الإصلاح، التي يُحتمل أن تسهم في إيجاد بعض الإصلاحات بعيدة المدى. والمبادئ الأساسية للمبادرة، في بناء برامج ثنائية للشراكة والحوار مع كل بلد على حدة بناء على طلبه، كانت حاسمة على نحو إيجابي لمصلحة المبادرة العربية في المنطقة. ولكن مع ظهور قضية الرسوم الكاريكاتيرية تعرضت صورة الدنمرك للتغيير، وهو ما أدى إلى تغيير الأسس اللازمة لتطوير المبادرة. ولا يزال هنالك اهتمام بين الحكومات والمنظمات والشعوب بأهمية الانخراط في حوار متكافئ وتعاون متبادل مع الدنمرك. فضلاً عن ذلك، تقدم التحليلات بعض وجهات النظر التي يجب أخذها في الاعتبار من أجل استمرار المبادرة. وهذه الأمور تتراكم في سلسلة من الأسئلة التي يجاب عليها بمقترح واحد أو عدة مقترحات، عن أهمية أي منها:
التركيز على المبادرة العربية دون المساس بالشركاء الرئيسيين الذين يملكون التأثير النهائي عند اختيار الجهود، ولا بأس من الأخذ بها:
• التركيز بشكل أساسي على:
1. الحرية في نيل الحقوق والتمتع بالحكم الجيد.
2. إنشاء نظام تعليمي ومجتمع متعلم.
3. تعزيز المساواة، وتشجيع مشاركة المرأة في حياة المجتمع.
• اختيار الحكومات الشريكة في المنطقة يتم على أساس تقييم نية الحكومة في تحقيق تقدم ضمن هذه الموضوعات الثلاث.
• الاتفاقيات الثنائية تعقد كأقصى حد مع 6 من 18 دولة في المنطقة يحتمل ان تشارك. فبالإضافة إلى برامج الشراكة القائمة مع كل من المغرب والأردن واليمن، المبادرة الأولى أخذت على عاتقها مهمة إقامة برامج شراكة مع كل من الجزائر ولبنان.
• ومن ذلك لم يتم تنفيذ أي نشاطات ثنائية مع إيران.
• التعاون مع مصر مستمر من خلال معهد الحوار الدنمركي المصري، وفي مشاريع فردية أخرى ضمن المواضيع الثلاثة المهمة.
• البرامج الإقليمية تلي المواضيع الثلاث، ولكنها أيضاً تتضمن مشاركة المجتمع المدني في المنطقة برمتها بما فيها العراق وإسرائيل (الأقلية العربية) والمناطق الفلسطينية الخاضعة للحكم الذاتي.
• المواضيع الثلاث تسير في المسار متعدد الأطراف، خصوصاً في الاتحاد الأوربي، ولكن أيضاً في المنتدى من أجل المستقبل (Forum for the Future) ومنظمة الأمن والتعاون في أوربا (OSCE)، وكذلك التعاون بين المسارين الثنائي والمتعدد الأطراف يبدو أكثر فاعلية.
• اشتمال المسار متعدد الأطراف على المزيد من العناصر ذات الطبيعة الأمنية والسياسية مع أهميتها الإستراتيجية تتم مراقبتها بحذر من أجل تقوية حرية الناس في التمتع بحقوقهم في المنطقة، بما في ذلك مشاركتهم في تعزيز هيكل الأمن الإقليمي وأن يتم ذلك من خلال الإصلاحات الديمقراطية في قطاع الأمان.
واعترافاً بتطورها الاجتماعي والمالي، من الضروري بالنسبة للدول العربية أن تعمل للتصدي للتحديات التي تواجهها، ومن المستحسن بالنسبة للحكومة أن تقوم بالمبادرات التالية إلى جانب المبادرة العربية:
• إعفاء المنظمات الدنمركية غير الحكومية من القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية الأخرى لكي تتقدم للمشاركة في مشاريع المبادرة العربية التي تُعنى بمعالجة الفقر في الدول الشريكة في المسار الثنائي.
• الاستمرار في برنامج التواصل بين الشركات في مصر.
لقد أثبتت قضية الرسوم الكاريكاتيرية أن هنالك حاجة ماسة إلى إجراء حوار عالمي. ولذلك يستحسن الآتي:
• التركيز على ضرورة حرص المبادرة العربية على إجراء حوار عالمي. ولكن لابد لمثل هذا الحوار أن يقوم أساساً على أجندة ثابتة ترعى المصالح المشتركة وتراعي مناطق التركيز الأساسية الثلاث.
ولكي نمنح المنظمات غير الحكومية والقواعد الشعبية هامشاً أوسع في المبادرة، يستحسن الآتي:
• يجب فرض مساهمات محدودة على طلبات المنظمات غير الحكومية في المناطق المعنية.(10/22)
مع إدراك أن الغرب والدنمرك ودوائر أخرى واسعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متهمة بازدواجية المعايير ولا ترقى إلى مستوى القيم التي يقوم عليها مجتمعنا، وهي حقوق الإنسان الأساسية، وتميل إلى انتهاج سياسة ذات نوايا خفية لا تتفاعل مع المشاكل الفعلية في المنطقة، يستحسن إتباع الآتي:
• المزيد من جهود الدبلوماسية الشعبية للتعبير عن الدوافع والقيم ومصداقية الدنمرك في الشرق الأوسط، ولتقديم مبادرة الشرق الأوسط على أنها جزء من السياسية الخارجية للدنمرك تجاه الشرق الأوسط، وهي تعطي الأولوية للجوانب الأمنية والاجتماعية والمالية- بنفس الدرجة العالية.
• البرامج الإقليمية تشتمل على مشاركة المنطقة برمتها، بما فيها العراق وإسرائيل (الأقلية العربية) ومناطق الحكم الذاتي الفلسطينية.
فيما يتعلق باستخدام المورد الذي يوجد لدى الدنمركيين والمهاجرين الذين تعود جذورهم إلى المنطقة، يستحسن الآتي:
• يجب القيام بعمل منظم لإشراك الدنمركيين وهؤلاء المهاجرين الذين تعود جذورهم إلى الشرق الأوسط كمصادر يعتمد عليها في تطبيق المشروع.
===================
إذا رمُتُ العُلا
الكاتب: أبو عمر
بسم الله الرحمن الرحيم
* إذا رمُتُ العُلا *
هاك القصيدَ له جحيمُ يُلهِبُ يُصلَي به ذاك الشقيًُ الأجربُ
من كلِّ أقلفَ قام يُبدي حقده شيطانُهُ يوحي إليه فيكتِبُ
ويلُ لمن خط الأذى يزهو بهِ عقبى الجريرةِ لا محالةَ تنشُبُ
دع كلَّ ممدوحٍ غدا في ساحته متملقُ يشري القريضَ ويخطبُ
إن القوافي إن رأت من ربها صدقاً من الأعماق جاءت تركبُ
ومتيمُ قد سربلته غوايةُ في حب من يهوى وراح يشّببُ
فإليك عنهم وارشُفَنََّ مديحَ من تحيا القلوب بهديه وتطبّبُ
إني إذا رمتُ العلا في صورةِ يممتُ طرفي للرسولِ أُقلِّبُ
ذو سؤددٍ وأرُومةٍ المقتدى ومؤسسُ عهد الهدى يُتَهيَّبُ
بك يتقي الأبطالُ يوم وقيعةٍ والرعبُ منك إلى العدوِّ يواكبُ
ويمينُهٌ دَرُّ الغمامةِ إلها أرواحَ من ردَّ الهدايةَ تسلُبُ
قد قام في بطحاءِ مكَّةَ هادياً وإلى الصراط المستقيم يُرغِّبُ
وطفقت تهدِمُ شركَهَم بعقيدةٍ صرمت عُرىَ للجاهلية تنسَبُ
فأغاض عبادَُّ الحجارة مارأوا وتوطؤوا أن يفتكوا وتكتبوا
ردَّ الإلهُ عن النبي مرادهم مكروا ومكر الله دوماً يغلبُ
هاجرت والصديقَ تنشدُ بقعةً غرساً لدينٍ أبغضوا وحاربوا
مدت يداها طيبةً لعناقكم وغدت مقاماً طيباً ومحببُ
ومضيت تدعو للرشادُ مُعَلِّماً هل أنتَ إلا للهداية تندُبُ
لم تألونْ في أن تبلِّغ شِرْعَةً حتى أتى وقتُ الرحيلِ الأطيبُ
ورجعتَ للمولى رضيَّاً راضياً قد كنتَ تصبو للقاءِ وترقُبُ
نفذَ القضاءُ فحلََّ في ساحَتنِا كلُّ النفوس إلى المليكِ ستذهَبُ
كتبها / أبو عمر
بليغ بن مطهر بن حمود العطاب
====================
إسرائيل وقضية الرسوم الكاريكاتورية
الكاتب: حلمي موسى
ما إن ظهرت إلى العلن قضية الرسوم الكاريكاتورية ضد الإسلام ومقدساته، حتى بدا السجال في إسرائيل مزدوج الاتجاه. فمن جهة، هناك في إسرائيل كما في الغرب والعالم بأسره، من يؤمن وينظّر لصراع الحضارات، وهناك من يخالف هذا المعتقد. ولكن إلى جانب كل أولئك الذين يناقشون الأمر من زاويته الأيديولوجية، ثمة في إسرائيل، ربما أكثر من أي مكان آخر، من ينظرون إليه من زاويته السياسية.
ويتصارع في إسرائيل على الصعيدين الأيديولوجي والسياسي، على وجه العموم، خطان. أحدهما يعتبر أن الصراع القائم الآن بين الغرب والعالم الإسلامي يفيد إسرائيل كثيراً لأنه يظهرها بمظهر من كان على حق دائما وأن الأوروبيين لم يفهموه. ويؤمن هؤلاء بنظرية "التراث المسيحي اليهودي المشترك" كنقيض للتراث الإسلامي. والآخر يرى أن تغذية الصراع الإسلامي المسيحي يضع اليهودية عموماً وإسرائيل خصوصاً في طريق الفيلة، الأمر الذي قد لا يجلب لها إلا الضرر.
وفي ثنايا سجال المدرستين ملامح خلاف سياسي داخلي يحاول الإفادة ولو بشكل تكتيكي ومؤقت من اللحظة الراهنة. فاليمين المتشدد في إسرائيل، الذي طور علاقات وثيقة مع اليمين المسيحي في أميركا وأوروبا، يحاول الإفادة من صراع الكاريكاتير في سجاله حول خطة الفصل. ويرى أن أوروبا أخطأت بالضغط على إسرائيل للتجاوب مع المطالب العربية وأن ما تواجهه أوروبا اليوم ليس سوى محصلة لهذا الضغط. ولذلك يحسن بالغرب العودة عن ضغوطه وتشجيع إسرائيل على حسم الصراع مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين بالطريقة التي تجيدها وهي استخدام القوة.
ويقفز كثيرون في إسرائيل في هذا السجال عن واحدة من قواعد الاستشراق التي حاولت طوال الوقت مطالبة المستعمرين الغربيين بالحذر فقط عند التعامل مع جانبي الدين والمرأة لدى الشرقيين. وكانت تلك القواعد تقول بأن الشرقي عموماً يستطيع تقبل كل ظلم اقتصادي أو اجتماعي أو معنوي إلا إذا لامس دينه وعرضه. ومع ذلك فإن السجال في إسرائيل قفز عن هذه القاعدة مثلما قفز عن قواعد أخرى.(10/23)
إذ دأب المتنورون اليهود، على العموم، على رؤية كل تمييز ضد الآخرين تمييزاً ضدهم. ولذلك وقفوا في الغالب ضد كل أشكال التمييز ضد الآخرين لأنهم كانوا يشعرون بأنهم من الطرف الضعيف. ولكن الحال تغير في العقود الأخيرة بعد "اكتشاف" الإرث الثقافي "المسيحي اليهودي" المشترك وغدا اليهود في أميركا على وجه الخصوص في موضع القوة.
ومهما يكن الحال فإن قسماً من "المستشرقين" الإسرائيليين الجدد صاروا يضعون أنفسهم في موضع التنظير على أوروبا في الميدان الأيديولوجي. وقد كتب مؤخرا في "يديعوت" غاي بخور أن قضية الرسوم الكاريكاتورية فندت الاعتقاد الشائع بأن الشرق الأوسط هو العنصر المبادر في "صراع الحضارات في كل ما يتعلق بالإسلام". ويرى أن الرأي القائل بأن سبب الصراع هو النزاع الإسرائيلي الفلسطيني قد "انقلب رأساً على عقب أمام أعيننا: تصادم الحضارات يندلع في أوروبا وأصداؤه الارتدادية تصل إلى الساحة الشرق أوسطية. وخط التماس المعروف لا يمر عبر إسرائيل فقط، وإنما في الأساس في غرب أوروبا. قلب الصراع ينتقل إلى باريس وكوبنهاغن".
ويؤمن بخور بأنه "لم يعد بالإمكان دفن الرأس في الرمل واتهام إسرائيل، كما حاول الأوروبيون في قمة ديربن عام 2001 آملين أن يقوم النمر الإسلامي بافتراس إسرائيل وليس هم". ويخلص إلى أن وجود إسرائيل بات يشكل للأوروبيين "ميزة" ديمغرافية.
ويرى يحيئاف نجار في "معاريف" أن الرسوم الكاريكاتورية ضد الإسلام لا يمكن مقارنتها بالرسوم الكاريكاتورية ضد السامية. "فالرسوم الكاريكاتورية التي أمامنا لا تهدف إلى بث البغض للإسلام، ولا يلحظ أنها رسمت صدوراً عن توجه معاد للإسلام. صحيح أنها تنقد الإسلام لكن هذا نقد مناسب وشجاع". ويخلص نجار إلى أن "جوهر القضية أمامنا هو كيف تتصرف حضارة متقدمة مع حضارة متدنية. تمتاز الحضارة المتدنية باستعمال القوة، وتمتاز الحضارة المتقدمة بضبط النفس. وها نحن أولا رأينا كيف استعملت الرسوم الكاريكاتورية تشخيصاتها استعمالا دقيقا، مثلا ذلك الرسم الذي رسم فيه محمد وعلى رأسه قنبلة. ما هو رد العالم الإسلامي؟ استعمال القوة، وإحراق السفارات، واختطاف الأوروبيين ومقاطعة المنتجات وأشباه ذلك. وبإزاء ثقافة القوة، لا يحل الانسحاب إلى موقف شبه مشايع. الرد المناسب هو كرد أجهزة تحرير الصحف في فرنسا وألمانيا وهو الحرب. وكرد الاتحاد الأوروبي، وهو التهديد باستعمال مقاطعة الدول التي أزالت منتجات الدنمارك عن الرفوف فيها".
وقد عبرت افتتاحية "هآرتس" عن موقف "محايد" بعض الشيء بإصرارها في الوقت نفسه على إدانة الرسوم الكاريكاتورية وإحراق السفارات. وقالت الصحيفة انه رغم ذلك لا يمكن عدم تفهم "مشاعر الإهانة التي لحقت بالمسلمين في أرجاء العالم بما في ذلك مسلمو المناطق وإسرائيل. التنظير الغربي للتعددية الثقافية كقيمة عليا لا يمكن أن يُحمل على محمل الجد إذا لم يشمل في إطاره المتدينين والعلمانيين وأبناء الطوائف والأقليات الدينية من مسلمين ومسيحيين على حد سواء. لا يمكن لأي مجتمع أن يقف مكتوف الأيدي أمام نشر صور مُهينة لقيم مقدسة عند مجموعة في داخله".
===================
إلا تنصروه فقد نصره الله
حمود بن محسن الدعجاني(10/24)
فإن من فضل الله تعالى على هذه الأمة أن جعلها خير الأمم كما قال تعالى: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}وجعل نبيها محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الأنبياء والمرسلين وخاتمهم، وجعل رسالته عامة للناس أجمعين عربهم وعجمهم إنسهم وجنهم، كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } وجعل الله تعالى الفلاح في الدنيا والآخرة في الإيمان به صلى الله عليه وسلم واتباعه ونصرته، كما قال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وتوعد الله المكذبين لرسوله - صلى الله عليه وسلم - الذين يؤذونه ويستهزئون به، قال تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ}وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} (57) سورة الأحزاب، وقال تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً في الصحيحين أنه قال: (إن الله تعالى قال: مَنْ عادى لله ولياً فقد آذنته بالحرب) وإذا كان هذا في أولياء الله المؤمنين فكيف بنبيه وصفوته من خلقه صاحب المقام المحمود والحوض المورود، لا شك أنه أولى بهذا الوعيد الشديد، وقد سمعنا وشاهدنا ما حصل مؤخراً من جرأة بعض الصحف في الدنمارك والنرويج على صاحب الجناب الرفيع والمقام العظيم سيد الأولين والآخرين وقائد الغر المحجلين نبينا وإمامنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فما أعظم ما يتجرأ عليه هؤلاء من الباطل وما أقبح ما وقعوا فيه من الاستهزاء والتنقص بخير البرية مما تحرمه وتجرمه كافة الشرائع السماوية وتنفر منه الفطر السوية وتأباه العقول السليمة!!!.
وهذا التعدي الشنيع والجرم الفظيع يدل على خبثهم ويظهر عداءهم السافر للإسلام والمسلمين وهذه الرسوم التي تخيلوها لا توجد إلا في عقولهم المريضة وليست بغريبة من صحف الخلاعة والمجنون وأبواق الكفر والإلحاد ومنابر الظلم والعدواء، أما نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فهو أخشى الناس لله وأتقاهم له وأنصحهم لعباده، وأكمل الناس ديناً وأحسنهم خُلقاً وخَلقاً وأوفرهم عقلاً وأرفعهم قدراً وأطيبهم نفساً وأعلاهم مقاماً وأعظمهم تواضعاً وأشجعهم قلباً وأعفهم لساناً وأفصحهم بياناً وأجودهم عطاءً وأبعدهم عن سفاف الأمور ورذائلها نشهد أنه بلَّغَ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ودلها على كل خير وحذرها من كل شر، فصلوات ربي وسلامه عليه والإسلام دين الله وهو - بحمد الله - ماضٍ رغم أنف الكفار والملحدين إلى يوم القيامة.وواجب المسلمين أن يتمسكوا بدينهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام ويذبوا عن دينهم وعرض نبيهم ويقدموا ذلك على المال والنفس والأهل والولد، فلا يكمل الإيمان إلا بذلك وعليهم أن يستقيموا على أمر الله ويجتنبوا ما حرم الله ويوالوا أولياءه ويتبرأوا من أعدائه.نسأل الله تعالى أن ينصر دينه ورسوله ويعلي كلمته وينصر أولياءه ويذل أعداءه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(*) داعية وإمام مسجد الصرامي بحي الشهداء بمدينة الرياض
إلا رسول الله
د.عبدالوهاب بن ناصر الطريري* 9/8/1423
15/10/2002
مع كل الجنايات التي تتوالى على المسلمين، والبغي والعدوان بألوان وصنوف شتى فما زال المسلمون يواصلون الاحتمال والصبر ولو على مضض، إلا رسول الله أن ينال فلا نغضب له، ويساء إليه فلا ننصره، ويتعدى عليه فلا ندافع عنه، فها هي تتوالى بذاءات وإهانات للمسلمين في جناب المصطفى – صلى الله عليه وسلم – تطلقها عصابة من قساوسة الكنيسة الإنجيلية في أمريكا ( جيري فاويل، بات روبرتسون ، فرانكلين جراهام، جيري فاينز) ومجملها وصفهم للنبي – صلى الله عليه وسلم- بأنه إرهابي ورجل عنف وحرب، وتزوج 12 زوجة، أما تفصيلها فبذاء وتفحش، وتسفل في العقل والخلق.
وهذه القيادات الكنسية ذات علاقة قوية بالرؤساء الأمريكيين الجمهوريين، ففرانكلين جراهام هو الذي تلى الأدعية في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي،وبات روبنسون هو الذي نال المنحة المالية من البيت الأبيض، كما أن الرئيس الأمريكي خاطب عبر الأقمار الصناعية مؤتمر الكنيسة المعمدانية الذي ألقى فيه القس جيري فاينر تهمه الفاحشة على النبي – صلى الله عليه وسلم-.(10/25)
-وهذه ليست أوّل مرة ينال فيها من مقام النبوة، أو يساء فيها إلى الجناب الكريم فقد صدر مثل ذلك من مستشرقين وصحفيين وفنانين وغيرهم كثيرين، ولكن جانب الفظاعة أن يصدر ذلك من قادة دينيين كبار، و بشكل شبه جماعي من هؤلاء القسس، وهي قيادات دينية ذات صلة بالقيادة السياسية الأمريكية ولهذا كله دلالاته التي لا يمكن تجاهلها.
- إن هؤلاء يتكلمون عن النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي علّم البشرية تعظيم أنبياء الله وتوقير رسله:( لا نفرق بين أحد من رسله) وأن الإيمان برسالة محمد – صلى الله عليه وسلم – لا يصح ولا يقبل إلا مع الإيمان برسالة عيسى – عليه السلام- ومن سبقه من المرسلين.
- وعندما كان اليهود يصفون المسيح بأقبح الأوصاف كان محمد – صلى الله عليه وسلم- يعلم البشرية: ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين)، ( ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل).
- وعندما كان اليهود يصفون المحصنة العذراء بأفحش الصفات كان محمد – صلى الله عليه وسلم- يعلّم البشرية: ( ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين).
- وإن هؤلاء الذين يشتغلون بالوقيعة في النبي العظيم بمثل أوصاف السفّاح والقاتل إنما يصفون بذلك نبي الرحمة الذي علم البشرية: ( أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ) والذي علم البشرية الرحمة والعدل حتى في حال الحرب والقتال، وكان ذلك في وقت البربرية والتوحش العالمي حيث لا هيئات ولا مواثيق ولا قوانين عالمية فجاء إلى هذا العالم بقوانين العدل في السلم والحرب: (لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً ).
- إن إلقاء هذه التهم من هؤلاء القسس دلالة على إفلاسهم؛ لأنهم لم يجدوا ما يثيرونه إلا اجترار تهم قديمة سبق المستشرقون من قبل إلى إثارتها، وقد تهافتت وأفلست وانتهت صلاحيتها ودحضتها الأجوبة الموضوعية التي كتبت عنها في حينها.
كما له دلالة أخرى وهو مقدار الجبن والتضليل الذي يتلبس به هؤلاء القسس، أما كيف ذلك؛ فإننا عندما نعلم أن قسّيساً يؤمن بالعهد القديم ومع ذلك يطعن في النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه تزوج اثنتي عشرة امرأة. ونحن نعلم أنه يعلم من العهد القديم الخبر عن سليمان – عليه السلام- أنه كان لديه سبعمئة زوجة وثلاثمئة محظية ( سفر الملوك الإصحاح الحادي عشر).
وفي (سفر صموئيل الإصحاح الخامس) أن داود – عليه السلام- اتخذ لنفسه زوجات ومحظيات ومثله عن يعقوب – عليه السلام -؛ فما بال تعدد الزوجات عند هؤلاء الرسل والمذكور في العهد القديم الذي تؤمن به الكنيسة الإنجيلية ؟ أم هو الجبن والخوف إلى حد الذعر من اليهود أن يُنَال أنبياؤهم وآباؤهم؟
ثم انظر إلى وصفهم النبي- صلى الله عليه وسلم- بالقتل وأنه سفاح؛ مع أن في العهد القديم الذي يؤمنون به أنّ داود – عليه السلام – خطب ابنة الملك شاؤول فطلب إليه مهراً مئة غلفة من غلف الفلسطينيين، فانطلق داود مع رجاله فقتل (مئتي) رجل من الفلسطينيين، وأتى بغلفهم وقدمها للملك، فزوجه شاؤول عندئذ من ابنته ميكال، وأدرك شاؤول يقيناً أن الرب مع داود ( سفر صموئيل الإصحاح الثامن عشر) وما جاء فيه أيضاً أن يوشع هاجم مدن عجلون وحبرون ودبير وقتل ملوكها وكل نفس فيها بحد السيف فلم يفلت منها ناج ( سفر يوشع 34).
وأن موسى قال للإسرائيليين: ( الآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة ضاجعت رجلاً، ولكن استحيوا لكم كل عذراء لم تضاجع رجلاً) ( سفر العدد 31).
ويتجاهل إلى حد العمى ما ورد في الإنجيل منسوباً إلى المسيح: ( لا تظنوا أني جئت لأرسي سلاماً على الأرض، ما جئت لأرسي سلاماً بل سيفاً، فإني جئت لأجعل الإنسان على خلاف مع أبيه، والبنت مع أمها، والكنة مع حماتها، وهكذا يصير أعداء الإنسان أهل بيته) إنجيل متى الإصحاح (34) .
ويتجاهل ما ورد في العهد القديم من كتابهم المقدس من الأمر بقتل الكفار وحرق ممتلكاتهم ورجمهم بالحجارة حتى الموت وكلها موجودة في العهد القديم في مواضع منها ( سفر الخروج الاصحاح 34، سفر التثنية الأصحاح 13، 17).
فأين الكلام عن القتل وسفك الدماء هناك؟ أم هو الذعر المخرس من معاداة السامية، والمقاييس الانتقائية الجبانة، والتعصب الأعمى المقيت؟
- أين الكلام عن القتل الذي مارسته الكنيسة ضد المسلمين واليهود في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش؟
-أين الكلام عن القتل وسفك دماء المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ في هيروشيما ونجازاكي وفيتنام وغيرها؟
-أين الكلام عن سفك الدماء الذي يمارسه اليهود ضد الأطفال والصبايا في فلسطين؟(10/26)
-إن هؤلاء يصنعون الإرهاب ويقذفون بالنار إلى صهاريج الوقود ، فالنيل من جناب النبوة استفزاز واستنفار لكل مسلم، ودونه أبداً مهج النفوس، وفداه الأمهات والآباء، وإن جمرة الغضب التي يوقدها هؤلاء في قلب كل مسلم لا يمكن التنبؤ بالحريق الذي ستشعله ولا كيف ولا أين . وسيدفع هؤلاء برعونتهم هذه البشرية إلى أتون سعير متواصل من الصراعات والثارات .
ولإن احتمل المسلمون ألواناً من البغي، وتقبلوا تبريرات متنوعة للعدوان فلن يوجد من يحتمل البغي على النبي – صلى الله عليه وسلم- ولن يمكن تبرير أي حماقة من هذا النوع .
-ألا يطرح هذا سؤالاً كبيراً عن هذه الحملة: هل هي محاولة لدفع المواجهة التي تخوضها أمريكا مع العالم الإسلامي باتجاه ديني، أم أنها كشف للوجه الحقيقي للحملة الأمريكية؟ وسيجيب كلٌ على هذا السؤال وفق ما لديه من معطيات .
-إن هؤلاء القسس يجرّون أمريكا إلى بؤرة خطرة لم تجربها من قبل، وسيكون عاقبة أمرها خسراً، إذ قد تستطيع تغيير الأنماط الاجتماعية والاقتصادية في بعض البلاد الإسلامية، أما مقام النبوة في نفوسهم فأخطر من أن يمس، وأبعد من أن ينال.
-إن اليهود قد استطاعوا أن يرهبوا أوروبا وأمريكا، وأن يكمموا الأفواه دون ما يسمونه معاداة السامية، وأصبحت هذه الوصمة رعباً لا يستطيع أحد تجاوزه، فإذا فكر وقدر تكالبت عليه أجهزة الإعلام بهجوم عنيف يقضي على كيانه وقيمته، فهل تعجز الملايين المملينة من أتباع محمد – صلى الله عليه وسلم- أن تدفع أو تدافع، فتحرك ساكناً وتحدث أثراً .
-وبعد فإن عظمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نفوسنا أعلى من قبّة الفلك، ولن ينال منها مثل هذا التواقح الجبان ( والذي يبصق على السماء عليه أن يمسح وجهه بعد ذلك )، ولكن الذي يعنينا هنا واجبنا نحن تجاه مقام النبوة، والانتصار لجناب الرسول – صلى الله عليه وسلم- والذبّ عن شريف مقامه.
- فهذا نداء إلى كل مؤمن بالله ورسله، إلى كل قلب يخفق حباً لنبيه – صلى الله عليه وسلم -، وإلى كل مهجة تتحرق شوقاً إليه ، إلى كل مسلم يعلم أنه لولا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لكنا حيارى في دياجير الظلمات، ولولا رسول الله لكنا فحماً في نار جهنم، إلى كل مسلم يقول من أعماق قلبه: فدى لرسول الله نفسي، وفدى لأنفاسه أبي وأمي، إلى كل مسلم تضج جوانحه تعظيماً وتوقيراً، وإجلالاً وتقديساً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذا نداء لنصرة النبي أمام هذا التواقح الفاحش والتسفل البذيء، ولن يعدم كل غيور أن يجد له مكاناً ومكانة، وأن يبذل فيه جهداً ولو قل، وكل كثير منّا فهو في حق النبي قليل. وذلك بإعلان الاستنكار لهذا التهجم والهجوم والاحتجاج القوي عليه، والرد بعزة ووثوق على شبههم المستهلكة، وأن يعلم هؤلاء ومن يلحد إليهم عظيم جنايتهم وتجنيهم على مشاعر المسلمين، وأن يُعلموا أن مكانة النبي – صلى الله عليه وسلم – في نفوس المسلمين أعظم مما يتصورون، والمساس بها أخطر مما يقدرون، كل ذلك مع ملاحظة حصر الخطأ فيمن صدر منه، فليس من العدل ولا من العقل توسيع دائرة الخطأ لتشمل غير من صدر منه، وإن كانوا يشتركون في قواسم أخرى. كما أن تعميم الخطأ يعيق عملية التصحيح والإيضاح، كما أنه ينبغي ألا يوقف الحملة المضادة ولايضعفها الاعتذارات الواهنة التي صدرت من أحدهم ويمكن أن تصدر من آخرين، فالخطيئة أكبر من أن يمحوها اعتذار باهت.
وسيترتب على هذه الحملة في نصرة النبي – صلى الله عليه وسلم – مصالح أخرى تابعة لذلك منها تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، ونشر الإسلام ، ومقاومة الحملة اليهودية على المسلمين، ومقاومة المد التنصيري وغير ذلك .
ويمكن أن تأخذ الحملة لنصرة النبي – صلى الله عليه وسلم – طرائق متنوعة منها:
01الاحتجاج على الصعيد الرسمي على اختلاف مستوياته، واستنكار هذا التهجم بقوة،وإننا نعجب أن الشجب والاستنكار الذي نحن أهله دائماً لم يستعمل هذه المرة، ونعجب أخرى أن يستنكر هذه الإساءة وزير خارجية بريطانيا، سابقاً بذلك آخرين كانوا أحق بها وأهلها.
02الاحتجاج على مستوى الهيئات الشرعية الرسمية كوزارات الأوقاف، ودور الفتيا، والجامعات الإسلامية.
03الاحتجاج على مستوى الهيئات والمنظمات الشعبية الإسلامية وهي كثيرة.
4. إعلان الاستنكار من الشخصيات العلمية والثقافية والفكرية والقيادات الشرعية، وإعلان هذا النكير من عتبات المنابر وأعلاها ذروة منبري الحرمين الشريفين.
05المواجهة على مستوى المراكز الإسلامية الموجودة في الغرب بالرد على هذه الحملة واستنكارها.
06المواجهة على المستوى الفردي، وذلك بإرسال الرسائل الإلكترونية المتضمنة الاحتجاج والرد والاستنكار إلى كل المنظمات والجامعات والأفراد المؤثرين في الغرب، ولو نفر المسلمون بإرسال ملايين الرسائل الرصينة القوية إلى المنظمات والأفراد فإن هذا سيكون له أثره اللافت قطعاً .(10/27)
07استئجار ساعات لبرامج في المحطات الإذاعية والتلفزيونية تدافع عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وتذب عن جنابه، ويستضاف فيها ذوو القدرة والرسوخ، والدراية بمخاطبة العقلية الغربية بإقناع، وهم بحمد الله كثر.
08كتابة المقالات القوية الرصينة لتنشر في المجلات والصحف -ولو كمادّة إعلانية- ونشرها على مواقع الإنترنت باللغات المتنوعة .
09 إنتاج شريط فيديو عن طريق إحدى وكالات الإنتاج الإعلامي يعرض بشكل مشوق وبطريقة فنية ملخصاً تاريخياً للسيرة، وعرضاً للشمائل والأخلاق النبوية، ومناقشة لأهم الشبه المثارة حول سيرة المصطفى – صلى الله عليه وسلم-، وذلك بإخراج إعلامي متقن ومقنع.
010 طباعة الكتب والمطويات التي تعرف بشخصية النبي – صلى الله عليه وسلم- ويراعى في صياغتها معالجة الإشكالات الموجودة في الفكر الغربي.
011 عقد اللقاءات، وإلقاء الكلمات في الجامعات والمنتديات والملتقيات العامة في أمريكا لمواجهة هذه الحملة .
012 إقامة مؤتمرات في أمريكا وأوروبا تعالج هذه القضية وتعرض للعالم نصاعة السيرة المشرفة وعظمة الرسول – صلى الله عليه وسلم-.
013 إصدار البيانات الاستنكارية من كل القطاعات المهنية والثقافية التي تستنكر وتحتج على هذه الإساءة والفحش في الإيذاء.
014 تبادل الأفكار المجدية في هذه القضية، وإضافة أفكار جديدة والتواصي بها، وسيجد كل محب لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – معظم لجنابه مجالاً لإظهار حبه وغيرته وتعظيمه ، فهذا يأتي بفكرة، وذاك يكتب مقالة وآخر يترجم، وآخر يرسل، وآخر يمول في نفير عام لنصرة النبي – صلى الله عليه وسلم – ولسان حالهم كل منهم يقول:
فإن أبي ووالده وعرضي ... ...
لعرض محمد منكم وقاء
اللهم اجعل حبك وحب رسولك أحب إلينا من أنفسنا وأبنائنا ومن الماء البارد على الظمأ، اللهم ارزقنا شفاعة نبيك محمد وأوردنا حوضه، وارزقنا مرافقته في الجنة، اللهم صلى وسلم وبارك أطيب وأزكى صلاة وسلام وبركة على رسولك وخليلك محمد وعلى آله وصحبه.
________________________________________
*المشرف على المكتب العلمي لموقع الإسلام اليوم www.islamtoday.net
=========================
(إلا محمد)
عبد الله عبد الرحمن سليمان العايد
إن الاعتداء على رسولنا الكريم وهو رمز من رموز الإسلام، بل هو الهادي البشير من لدن عليم حكيم هو اعتداء على الإسلام وبالتالي غضبتنا هذه هي غضبة على الإسلام ومحارمه. والاستهزاء خُلق من أخلاق أعداء الله، تخلّق به الكفار والمشركون، وتخلّق به المنافقون الذين احترقت أحشاؤهم على دين الله وأهله، لذلك كشف الله تعالى هذا الخُلُقَ النبيل لنبيه محمدژ وأصحابه الكرام الذين قضوا بالحق وبه يعدلون. ولقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله تبيّن موقف الأنبياء والرسل من الاستهزاء والاحتقار، بل صرحت هذه الآيات بكفر هؤلاء الهازلين المستهزئين.
والأمر ثابت من سيرة رسول الله ژ أنه أرحم الناس بالناس، وأقبل الناس عذراً للناس، ومع ذلك كلّه لم يقبل عذراً لمستهزئ، ولم يلتفت لحجة ساخر ضاحك، فحين سخر به وبأصحابه من سخر في مسيره لمعركة تبوك وجاء الهازلون يقولون: إنما كنا نخوض ونلعب: لم يقبل ژ لهم عذراً، بل أخذ يتلو عليهم الحكم الرباني الذي نزل من فوق سبع سماوات: {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (66) سورة التوبة.
ولكي ندرك خطورة وفداحة ما ارتكبوه: ننظر إلى ملابسات حالهم، فنجد أنهم قد خرجوا في الغزو مع رسول الله ژ وتركوا الأهل والأزواج والأولاد والأوطان، وكان خروجهم في فصل الصيف، وشدة حرارته المعروفة وتعرضوا للجوع الشديد والعطش الأليم، ومع هذا كلّه لم يشفع لهم حال من هذه الأحوال حين استهزؤوا برسول الله ژ ومَن معه من الصحابة رضوان الله عليهم.(10/28)
وفي هذه الأيام وخصوصاً أنها ليست أول مرة يستهزؤون على نبينا الكريم ولا آخر مرة قبلها في السويد وفي هولندا وفي النمسا والآن في الدنمارك أطلت علينا صحيفة غربية أو قناة تلفزيونية هنا أو هناك بتطاول سافر على رموزنا الدينية الإسلامية وغالباً ما يكون الهدف هو شخص الرسول المصطفي محمد ژ خاتم المرسلين، وآخر حلقة في هذه السلسلة ذلك التطاول على شخص الرسول الكريم محمد ژ من جانب صحيفة (يولاند بوستن) الدنماركية التي نشرت رسماً مزعوماً لشخص الرسول عليه الصلاة والسلام، مما أثار حفيظة المسلمين في كل مكان، والمشكلة تكمن في أنه لا يوجد أي ردة فعل بمعنى الكلمة ولكن كل الردود مواقف فردية صغيرة، ومهما كان هذا الاستهزاء من عدمه أو تضخيمه إلا أنه يذكرنا بموقف (قالت فيه الذبابة للنخلة يوماً استمسكي بنفسك إني ذاهبة عنك فقالت النخلة لم أشعر بك وأنت هابطة علي فكيف أشعر بك وأنت ذاهبة عني). ولا شك أن الحرب الشعواء التي تشنّ على رموز الإسلام لم تكن حديثة عهد، بل هي من قديم الزمن فقد قال تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليهودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِي وَلاَ نَصِيرٍ} (120) سورة البقرة. ما حدث من استهزاء بالرسول ژ جريمة بكل المقاييس يجب أن تجد صداها في العالم الإسلامي. منذ أسابيع تناقلت الصحف خبراً عن مسابقة أجرتها إحدى الصحف لفن الكاريكاتير، وتم اختيار الرسم الفائز للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، رسمه أحدهم باعتباره إرهابياً يمسك قنبلة يدوية، ومهما احتج أي مسؤول أو أي شخص ما إلا وجاء الرد من أن هناك متعللاً بحرية التعبير وهذا الرد فيه استهانة بالعقول، لأننا نعرف جميعاً أن هناك في أوروبا قوانين وأوضاع تعاقب من يخوض في الأديان أو الأعراق، أو يشكك في المحرقة، أو يتعرّض من قريب أو من بعيد للسامية التي تعني هناك اليهود فقط، لكن الأمر يبدو أنه مختلف بالنسبة للإسلام والمسلمين. وهذا يعني أن العالم الآن تبرز فيه ظاهرة جديدة، خطيرة على الإنسانية بكل أطرافها الظاهرة ومضمونها الخوض في العقائد والهجوم على الأديان مما يؤجّج وينذر بحروب ثقافية، دينية، سيسفر عنها أعمال عنف متمثّلة في الحروب والأعمال اليائسة.
وفي الختام لا أملك إلا أن أقرأ قوله تعالى: يقول الله تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (36) سورة القلم. وقوله سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أولئك فِي الأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأغلبنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِي عَزِيزٌ} (21) سورة المجادلة. لقد تأملت الآيات العظيمة التي وردت في كتاب الله تعالى والتي ذكر فيها سبحانه عقوبة المستهزئين وعقاب الله الأليم المحيط بهم، فوجدت أمراً عظيماً تتفطّر منه الأكباد، وتنخلع لهوله الأفئدة لا سيما خزي في الدنيا، وعذاب في الآخرة. سدَّد الله الخطى وبارك في الجهود، والله من وراء القصد
shabib22@hotmail.com
====================
إن شانئك هو الأبتر
عبدالرحمن بن عمر بن حسين
الحمد الله الذي أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا، وجعله للبشرية جمعاء سراجا وقمرا منيرا، وأنزل عليه القرآن الكريم أفضل كتبه، وجعله خاتم أنبيائه ورسله، وأسرى به إلى السماوات العلى، ورأى هناك آيات عظيمة لاتدركها الأفهام، وجمع له في بيت المقدس إخوانه الأنبياء فتقدم وكان هو الإمام، ورفع له ذكره في الأولين والآخرين، وأمر أن لا ترتفع أصوات المؤذنين بذكر اسم رب العالمين، إلا ومعها اسم الرسول الأمين، وبشرت به كتب الأنبياء والمرسلين، وآتاه الله المقام المحمود، والحوض المورود، فصلاة ربنا وسلامه على هذا النبي الكريم، الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء، لايزيغ عنها إلا الهالكون، ولاينأى عنها إلا الضالون.
لقد ضرب نبي الإسلام أروع الأمثلة في دعوته الناس إلى دين الإسلام، وتحلى بأخلاق رفيعة بهرت العقول، حتى قال عنه المولى في كتابه المبين: { وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم: 4). وأيده سبحانه بآيات باهرة، ودلائل معجزة، تدل على صدق ماجاء به، وأنه رسول رب العالمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، ومع ذلك أبي الجاهلون إلا عنادا، وارتضوا سبيل جهنم لهم مهادا، واتهموا النبي الطاهر، بأنه رجل ساحر، أو مجنون ساخر، أو بليغ شاعر، وأجابهم القوي الجبار في كتابه الخالد: {وما صاحبكم بمجنون} (التكوير: 22)، {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} (الذاريات: 52)، {وما هو بقول شاعر قليلا ماتؤمنون} (الحاقة: 41).(10/29)
لقد حسد اليهود الضالون، والنصاري الظالمون، محمدا صلى الله عليه وسلم على ما أنعم به عليه من اصطفائه بالرسالة الخاتمة، التي نسخ الله بها الأديان السابقة، فلايقبل دين عندالله إلا دين الإسلام {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} (آل عمران: 85). وقد كشف الله في كتابه عن خبث طويتهم وأنهم لايرضون عن محمد صلى الله عليه وسلم ولاعن أتباعه إلا إذا تركوا دين الإسلام واتبعوا ملة الباطل: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} (البقرة: 120)، ومن أجل ذلك كله كان أشد الناس عداوة لأهل الإسلام اليهود والنصارى {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} (المائدة: 82). إن ما حدث في «الدنمارك» و«النرويج» من تعرض لجناب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نموذج من حقد دفين تجاه سيد البشرية تفوه به حثالة من البشر، لايزيد صاحبه إلا ذلة وهوانا، وضلالا وخسرانا، يريدون الطعن به في دين الإسلام لإخماد نوره الذي دخل ديارهم، وأرهب - لجهلهم - قلوبهم {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} (التوبة: 32).
اللهم صل وسلم على الحبيب المصطفى، والنبى المجتبى، وآته الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (الأحزاب: 56).
اللهم ابتر شانئ محمد صلى الله عليه وسلم، واجعل ذاكره بسوء عبرة للمعتبرين، وآية في العالمين، واحفظ مقام المصطفى عليه السلام من ألسنة الماكرين، وعبث الحاسدين، واقطع دابرهم كالأولين، وأرنا فيهم عجائب قدرتك يارب العالمين
===================
إنا كفيناك المستهزئين ...
24/12/1426
أ.د/ ناصر بن سليمان العمر
الحمد لله وكفى، ثم الصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، ورسله الذين اجتبى، وبعد..
فإن من سنة الله فيمن يؤذي رسوله، صلى الله عليه وسلم، أنه إن لم يجاز في الدنيا بيد المسلمين، فإن الله سبحانه ينتقم منه ويكفيه إياه، والحوادث التي تشير إلى هذا في السيرة النبوية وبعد عهد النبوة كثيرة، وقد قال الله تعالى: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين) [الحجر:95].
والقصة في سبب نزول الآية وإهلاك الله لهؤلاء المستهزئين واحدا واحدا معروفة قد ذكرها أهل السير والتفسير وهم على ما قيل نفر من رؤس قريش: منهم الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسودان ابن المطلب وابن عبد يغوث، والحارث بن قيس.
وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، وكلاهما لم يسلم، لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأكرم رسوله، فثبت ملكه.
قال ابن تيمية في الصارم: "فيقال: إن الملك باق في ذريته إلى اليوم"، ولا يزال الملك يتوارث في بعض بلادهم.
وأما كسرى فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتله الله بعد قليل ومزق ملكه كل ممزق، فلم يبق للأكاسرة ملك، وهذا والله أعلم تحقيق لقوله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر) [الكوثر: 3]، فكل من شنأه وأبغضه وعاداه، فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره، وقد قيل: إنها نزلت في العاص بن وائل، أو في عقبة بن أبي معيط، أو في كعب بن الأشرف، وجميعهم أخذوا أخذ عزيز مقتدر.
ومن الكلام السائر، الذي صدقه التاريخ والواقع: "لحوم العلماء مسمومة"، فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة" فكيف بمن عادى الأنبياء؟
يا ناطح الجبل العالي ليثلمه أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
إن من عقيدة أهل السنة أن من آذى الصحابة ولاسيما من تواتر فضله فإسلامه على شفا جرف هار، يجب ردعه وتأديبه، فكيف بمن آذى نبياً من الأنبياء، فكيف بمن آذى محمداً صلى الله عليه وسلم؟ (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) [الأحزاب:57].
وإذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أهلكوا حين آذوا الأنبياء، وقابلوهم بقبيح القول أو العمل، وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذلة وباءوا بغضب من الله ولم يكن لهم نصير لقتلهم الأنبياء بغير حق، مضموماً إلى كفرهم كما ذكر الله ذلك في كتابه، فقال عز شأنه: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) [آل عمران:112]. فحري بمثل هذا المستهزء المستهتر أن يُتمثل له قول الأعشى:(10/30)
أَلَستَ مُنتَهِياً عَن نَحتِ أَثلَتِنا وَ لَستَ ضائِرَها ما أَطَّتِ الإِبِلُ
كَناطِحٍ صَخرَةً يَوماً لِيَفلِقَها فَلَم يَضِرها وَأَوهى قَرنَهُ الوَعِلُ
ولعل وقيعة بعض الغربيين في النبي الكريم مشعر بتهالك حضارتهم وقرب زوالها، فإنهم ما تجرأوا ولا عدلوا إلى الانتقاص وأنواع الشتم إلاّ بعد أن فقدوا المنطق، وأعوزتهم الحجة ...
لا تَقعُدَنَّ وَقَد أَكَّلتَها حَطَباً تَعُوذُ مِن شَرِّها يَوماً وَتَبتَهِلُ
إن مجرد إخراج النبي رفع للأمان وإيذان بحلول العذاب، ولهذا قال الله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الاسراء:76]، فإذا كان هذا جزاء الإخراج فكيف بالأذى والسخرية والاستهزاء؟ لعلك لا تجد أحدا آذى نبيا من الأنبياء ثم لم يتب إلا ولابد أن تصيبه قارعة، وقد قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان رجل نصراني فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانيا وكان يقول لا يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له فأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا فأصبحوا وقد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه، وهذا حديث صحيح ثابت عند البخاري وغيره. ...
ثم قال الإمام ابن تيمية معلقاً: "وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل أحد على أن هذه عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذباً، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد إذا كان عامة المرتدين لا يصيبهم مثل هذا، وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه، ومظهر لدينه وكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد. ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا قالوا كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله والوقيعة في عرضه تعجلنا فتحة وتيسر ولم يكد يتأخر إلاّ يوماً أو يومين أو نحو ذلك ثم يُفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة. قالوا حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه. وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات؛ أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع النصارى كذلك، ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده وتارة بأيدي عباده المؤمنين".
وقال في موضع آخر: وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة.
وقد قال أصدق القائلين سبحانه مبينا تكفله بكفاية شر هؤلاء: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 136-137]. فما أوسع البون بين أهل الإسلام الأتقياء الأنقياء الذين يؤمنون بجميع الرسل ويعظمونهم ويوقرونهم، وبين غيرهم الذين ناصبوا رسلهم العداء قديماً وحديثاً، وورثوه كابراً عن كابر.
ولاشك أن ساسة الدول الذين يغضون الطرف عن سفهائهم الواقعين في أعراض الأنبياء ليسوا عن الذم بمعزل، فإن الله سبحانه تأذن بإهلاك المدن والقرى الظالمة، ولعل من أظلم الظلم الاعتداء على الأنبياء وتنقصهم، فإن ذلك يخالف التشريعات السماوية، كما أنه مخالف للنظم والقوانيين الوضعية الكافرة الأرضية. والدول الغربية إذا لم تقم العدل لم تبق من مقومات بقائها كثير أعمدة.
ولعل وقيعة بعض الغربيين في النبي الكريم مشعر بتهالك حضارتهم وقرب زوالها، فإنهم ما تجرأوا ولا عدلوا إلى الانتقاص وأنواع الشتم إلاّ بعد أن فقدوا المنطق، وأعوزتهم الحجة، بل ظهرت عليهم حجة أهل الإسلام البالغة، وبراهين دينه الساطعة، فلم يجدوا ما يجاروها به غير الخروج إلى حد السب والشتم، تعبيراً عن حنقهم وما قام في نفوسهم تجاه المسلمين من المقت، وغفلوا أن هذا يعبر أيضاً عما قام في نفوسهم من عجز عن إظهار الحجة والبرهان، والرد بمنطق وعلم وإنصاف. فلما انهارت حضارتهم المعنوية أمام حضارة الإسلام عدلوا إلى السخرية والتنقص والشتم.(10/31)
وإنك لتعجب من دول يعتذر حكماؤها لسفهائها بحجة إتاحة الحريات، مع أن شأنهم مع من عادى السامية أو تنقصها يختلف! وحسبك أن تقرير الحريات الأمريكي الأخير أشاد بحادثة تحقيق وإدانة في الدنمارك لمعادات السامية، وببعض جهود الدولة في ذلك، ولامها في بعض التقصير –وفق رؤيتهم- وفي معرض ذلك عرض بالمسلمين، فضلاً عن تغافله عن حوادث السخرية بالإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم المتكررة هناك.
ومن هنا يتبين أن مسألة الديمقراطية وقضية الحريات وقوانين الأمم المتحدة التي تزعم احترامها وحمايتها وبالأخص الدينية منها، أمور ذات معاير مختلفة عند القوم، والمعتبر عندهم فيها ما وافق اعتقادهم ودينهم وثقافتهم.
وإذا تقرر هذا فليعلم أن من واجب المسلمين أن يذبوا عن عرض رسول الله بما أطاقوا قولاً وعملاً، وأن يسعوا في محاسبة الظالم وفي إنزال العقوبة التي يستحقها به، كما قال الله تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفتح:9]، وقال: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ)[التوبة:40]، ومن المفارقات الظاهرة التي وقع فيها بعض المسلمين، تقصيرهم في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنك ترى الموالد الحاشدة المكتظة بدعوى المحبة، فهل ياترى عبرت تلك الحشود التي ربما رمت غيرها بعدم محبته صلى الله عليه وسلم عن حبها بذبها عن رسولها صلى الله عليه وسلم؟ وهل أنصف النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أولئك الذين يحاولون تصوير مسألة تنقصه –مجاملة للغرب- على أنها مسألة لاتنبغي لأنها من قبيل الحديث في الأموات؟ هل هذا علاج صحيح للقضية؟ وهل هذا هو حجمها عند المسلمين؟ أرأيتم لو استهزأ بحاكم أو ملك أو رئيس، أوَ تبقي بعدها تلك الدولة المستهزؤ بحاكمها علاقة مع الدولة التي يُستهزؤ فيها تحت سمع وبصر الساسة باسم الحريات؟ أويقبل مسلم أن تقطع دولة إسلامية علاقتها مع دولة غربية لأسباب يسيرة وقضايا هامشية ثم لا تحرك ساكنا تجاه السخرية بنبي الأمة صلى الله عليه وسلم؟
لقد كان الذب عنه صلى الله عليه وسلم، ومجازاة المعتدي وردعه من هدي الصحابة والسلف الكرام، بالعمل والقول وربما بهما جميعاً، وكم جاد إنسان منهم بنفسه في سبيل ذلك، إلاّ أنه لايتوجب على المسلم أن يُعَرِّض نفسه للهلكة في سبيل ذلك، بل له في السكوت رخصة إذا لم تكن له بالإنكار طاقة، وفي خبر عمار –رضي الله عنه- في الإكراه ونزول قول الله تعالى: (إلاّ من أكره) الآية ما يشهد لهذا، وكذلك حديث جابر في قتل محمدُ بن مسلمة كعبَ بن الأشرف، فهو يشهد لهذا المعنى، وغيره مما هو معروف عند أهل العلم.
ومن كان هذا شأنه فلا يقتله الأسى وليعلم أن الله منتقم لنبيه، وأن المجرم إذا تداركته فلتة من فلتات الدهر في الدنيا فلم تمض فيه سنة الله في أمثاله، فإن وراءه:
يوم عبوس قمطرير شره في الخلق منتشر عظيم الشان
وحسبه من خزي الدنيا أن يهلك وألسنة المليار ومن ينسلون تلعنه إلى يوم الدين، فإن المسلمين قد ينسون أموراً كثيرة ويتجاهلون مثلها، ولكنهم لاينسون ولا يغفرون لمن أساء إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم وإن تعلق بأستار الكعبة، وخاصة بعد موته صلى الله عليه وسلم وتاريخهم على هذا شاهد.
هذا والله أسأل أن يعجل بالانتصار لنبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يعز الإسلام وأهله إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إهانة نبي الإسلام تجدد السؤال من يكره من؟
الكاتب: فهمي هويدي
إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: لماذا لا تعلن حكومات الدول الإسلامية استهجانها واستنكارها لموقف حكومة الدنمارك بشكل صريح وحازم، أسوة بموقف منظمة المؤتمر الإسلامي التي دعت إلى مقاطعة المؤتمر الدنماركي عن الشرق الأوسط، ذلك أن مثل ذلك الطعن الجارح إذا وجه إلى أي رئيس دولة في منطقتنا لقامت الدنيا ولم تقعد
صدمة الرسوم الدنماركية الفاحشة التي أهانت نبي الإسلام وسخرت منه وحطت من شأن كل ما يمثله، ينبغي ألا تمر من دون أن نتوقف عند وقائعها ونستخلص دروسها، لأنها تشكل نموذجاً للكيفية التي تتعامل بها بعض الحكومات والنخب في الغرب مع الإسلام، وللكيفية التي ترد بها الأطراف الإسلامية على الإهانات التي توجه إلى عقيدتهم ونبيهم.(10/32)
خلاصة الوقائع على النحو التالي: في الثلاثين من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي نشرت صحيفة «يولاندز بوسطن»، وهي من أوسع الصحف اليومية انتشاراً في الدنمارك، 12 رسماً كاريكاتورياً للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، أقل ما توصف بها أنها بذيئة ومنحطة إلى أبعد الحدود، ومع الرسوم نشرت الصحيفة تعليقاً لرئيس تحريرها عبر فيه عن دهشته واستنكاره إزاء القداسة التي يحيط بها المسلمون نبيهم، الأمر الذي اعتبره ضرباً من «الهراء الكامن وراء جنون العظمة»، ودعا الرجل في تعليقه إلى ممارسة الجرأة في كسر ذلك «التابو»، عن طريق فضح ما اسماه «التاريخ المظلم» لنبي الإسلام، وتقديمه إلى الرأي العام في صورته الحقيقية (التي عبرت عنها الرسوم المنشورة).
كان لنشر الصور الكاريكاتورية وقع الصاعقة على المسلمين الذين يعيشون في الدنمارك (180 ألف نسمة، يمثلون حوالي 3% من السكان البالغ عددهم 5.4 مليون شخص)، كما كان له نفس الصدى في أوساط ممثلي الدول الإسلامية في كوبنهاجن، فعقد 11 دبلوماسياً منهم اجتماعاً بحثوا فيه الأمر، وقرروا مطالبة الصحيفة بالاعتذار للمسلمين عن إهانة نبيهم، ولكن رئيس تحريرها رفض الاعتذار، فطلبوا مقابلة رئيس الوزراء الدنماركي لإبلاغه باحتجاجهم على نشر الصور، فرفض مقابلتهم بدوره، وأبلغهم من مكتبه بأن الأمر يتعلق بحرية التعبير التي لا تتدخل فيها الحكومة، وقيل لهم إن بوسعهم اللجوء إلى القضاء إذا أرادوا.
حين علم بالأمر الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور اكمل الدين احسان أوغلو، فإنه وجه خطابات إلى رئيس وزراء الدنمارك والمسؤولين في الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي دعاهم فيها إلى التدخل لوقف حملة الكراهية ضد المسلمين، واتخاذ موقف حازم إزاء الإهانات التي توجه ضد نبيهم، وكان محور الردود التي تلقاها ـ خصوصاً من رئيس الوزراء الدنماركي ـ أن قضية حرية التعبير تمثل ركناً أساسياً في الديمقراطية الدنماركية، الأمر الذي اعتبر رفضاً لاتخاذ موقف إزاء الحملة، في الوقت ذاته تحرك سفراء الدول الإسلامية في جنيف، وقدموا شكوى إلى مفوضية حقوق الإنسان في العاصمة السويسرية، اعتبروا فيها موقف الصحيفة الدنماركية محرضاً على العنصرية والكراهية للمسلمين، فقررت المفوضية تحري الأمر وإعداد تقارير عن الموضوع يفترض أن ينتهي إعدادها يوم 24 من الشهر الحالي.
أدرجت المسألة ضمن جدول أعمال القمة الإسلامية التي عقدت في مكة في السابع من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبناء على ذلك عبرت إحدى توصيات المؤتمر عن القلق إزاء الحملات الإعلامية المسيئة إلى الإسلام ونبي المسلمين، وأشارت إلى مسؤولية جميع الحكومات عن ضمان احترام الديانات المختلفة، وعدم جواز التذرع بحرية التعبير للإساءة إلى الأديان والمقدسات.
بعد ثلاثة أشهر من التجاهل والصمت، وفي أعقاب التفجيرات التي حدثت في لندن، علق على قضية الرسوم الكاريكاتورية المفوض العدلي بالاتحاد الأوروبي فرانكو فراتيني، قائلاً إن نشرها لم يكن تصرفاً حكيماً، باعتبار أنه من شأن ذلك أن يشيع الكراهية ويشجع على التطرف في أوروبا.
بينما الرسائل يتم تبادلها بين الأطراف المختلفة، انتقد 22 سفيراً دنماركياً، أغلبهم عملوا في البلاد العربية موقف حكومة بلادهم من المسألة، وقام وفد من مسلمي الدنمارك يمثلون 21 مركزاً إسلامياً ومنظمة بزيارة إلى القاهرة، التقوا خلالها شيخ الأزهر والأمين العام لجامعة الدول العربية، وانتقد وزراء خارجية الدول العربية سلبية الحكومة الدنماركية إزاء الإهانة التي لحقت بنبي الإسلام، ووجد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أنه لا مفر من اتخاذ موقف عملي يوصل رسالة الاحتجاج والغضب إلى حكومة الدنمارك، التي تعاملت مع الحدث بقدر لافت للنظر من عدم الاكتراث واللامبالاة، ولذلك قرر إعلان مقاطعة المنظمة لمشروع دنماركي، يتمثل في إقامة معرض كبير تحت عنوان «انطباعات عن الشرق الأوسط» تغطي حكومة كوبنهاجن جزءاً من تكاليفه، ويفترض أن تسهم الدول العربية (الخليجية) في تغطية بقية النفقات، وبعث الدكتور اكمل الدين أوغلو رسالة بهذا المعنى إلى الجهة المعنية في كوبنهاجن، أبلغها فيها بأن منظمة المؤتمر الإسلامي طلبت من كل الأعضاء مقاطعة المشروع، احتجاجاً على موقف بلادهم الرسمي من إهانة نبي الإسلام.
أخيراً، في أعقاب كل تلك التطورات، تطرق رئيس وزراء الدنمارك إلى الموضوع في بيان رأس السنة الميلادية، الذي بثه التلفزيون قال فيه إن حكومته تدين أي تعبير أو تصرف يسيء إلى مشاعر أية جماعة من الناس، استناداً إلى خلفياتهم الدينية أو العرقية، وبهذه الإشارة المخففة، تصور الرسميون في كوبنهاجن أنه تمت تسوية الأمر، في الوقت الذي بدا فيه لكل ذي حس سليم أن الجرح أكبر وأعمق بكثير من أن يداوى بكلمات عامة وخجولة من ذلك القبيل.(10/33)
من ناحية أخرى، كانت بعض المنظمات الإسلامية في الدنمارك قد رفعت قضية ضد الصحيفة التي تبنت الإساءة البذيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن المدعي العام رفض القضية معتبراً أن نشر الرسوم الكاريكاتورية تم في إطار حرية التعبير التي يحميها القانون، وفي حين اختص رئيس تحرير صحيفة «يولاندز بوسطن» بالقرار، فإن صدوره شجع صحيفة مسيحية محافظة أخرى في الترويج «مجازينت» على إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الاثني عشر، ومن ثم الترويج لحملة السخرية البذيئة من نبي المسلمين ودينهم.
ولا يزال الملف مفتوحاً، حيث قدم مسلمو الدنمارك طعناً في قرار المدعي العام، وثمة مشاورات حول الموضوع ما زالت جارية بين ممثلي الدول الإسلامية في جنيف ولدى منظمة اليونيسكو، وليس معروفاً بعد كيف سيكون موقف ممثلي تلك الدول من المسألة.
إن ما يثير دهشتنا واستياءنا ليس فقط أن يتطاول شخص أو منبر إعلامي على نبي الإسلام ومقدسات المسلمين، فالمتعصبون والموتورون والحاقدون والمغرضون، موجودون في كل مجتمع، وهم كثر في الغرب، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالشأن الإسلامي، ومن أسف أن أصوات هؤلاء طغت على أصوات العقلاء والمنصفين من مثقفي الغرب، لكن ما يثير الدهشة والاستياء أيضاً وبدرجة أكبر هو مسلك الحكومة والقضاء في الدنمارك، حيث يفترض أن تتنزه مواقفهما عن الهوى والغرض، وأن يكون تعبيرهما أكثر التزاماً بمعايير الإنصاف وبمقتضيات المصلحة العامة.
فليس صحيحاً أن السخرية والطعن في نبي الإسلام ورموز المسلمين يعد من قبيل ممارسة حرية التعبير، لأن الذي تعلمناه في دراسة القانون أنه لا توجد حرية مطلقة إلا فيما يخص حرية الاعتقاد والتفكير، أما التعبير فهو سلوك اجتماعي يرد عليه التنظيم في أي مجتمع متحضر، وعند فقهاء القانون في النظام الأنجليسكسوني وفي النظم اللاتينية، فضلاً عن الشريعة الإسلامية، فإن حرية التعبير يسبغ عليها القانون حمايته طالما ظلت تخدم أية قضية اجتماعية، ولا تشكل عدواناً على الآخرين، وللمحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة أحكام متواترة بهذا المعنى، والعبارة المتكررة في تلك الأحكام تنص على أن حماية حرية التعبير تظل مكفولة طالما تضمنت حداً أدنى من المردود الاجتماعي النافع، ونصها بالإنجليزية كما يلي:
A minimum of social redeaming value
إن كل القوانين تجرم سب الأشخاص والقذف في حقهم، حيث لا يمكن أن يعد ذلك نوعاً من حرية التعبير، لأن السب في هذه الحالة يعد عدواناً على شخص آخر، ومن ثم فأولى بالتجريم سب نبي الإسلام الذي يؤمن بنبوته ورسالته ربع سكان الكرة الأرضية، وحين حدثت في الأمر الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وهو خبير قانوني دولي، أيد ما ذكرت وأضاف أنه حتى إذا سلمنا بأنه لا توجد نصوص في التشريعات الدنماركية تعاقب على سلوك الصحيفة المشين، فإن هناك التزاماً أخلاقياً وسياسياً يفرض على المسؤولين في الدولة إدانة ذلك المسلك، انطلاقاً من الحرص على حماية المعتقدات الدينية ودفاعاً عن فكرة التعددية الثقافية.
إضافة الدكتور أبوالمجد بأن عدم اتخاذ موقف صريح وحازم من جانب حكومة الدنمارك إزاء الطعن في نبي الإسلام يفتح الباب لشرور كثيرة، من بينها فتح الأبواب واسعة لإشعال حروب ثقافية لا مصلحة لأحد فيها، الأمر الذي يهيئ المناخ لإحلال القطيعة بين الشعوب والثقافات محل التواصل، والصراع محل التعاون، وليس معقولاً أن يكون ذلك ما تسعى إليه حكومة الدنمارك.
إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: لماذا لا تعلن حكومات الدول الإسلامية استهجانها واستنكارها لموقف حكومة الدنمارك بشكل صريح وحازم، أسوة بموقف منظمة المؤتمر الإسلامي التي دعت إلى مقاطعة المؤتمر الدنماركي عن الشرق الأوسط، ذلك أن مثل ذلك الطعن الجارح إذا وجه إلى أي رئيس دولة في منطقتنا لقامت الدنيا ولم تقعد، ولسحب السفير وتهددت العلاقات الدبلوماسية فضلاً عن المصالح الاقتصادية للقطيعة، فهل نستكثر على نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام أن نغضب لشخصه ولكرامته بما هو دون ذلك بكثير؟ وألا يخشى إذا استمر الصمت الرسمي في العالمين العربي والإسلامي، أن يخرج علينا من يطرح العنف بديلاً عن المعالجة الدبلوماسية الرصينة، فيفتي مثلا بإهدار دماء محرر الصحيفة الدنماركية ورساميها، وتكون هذه شرارة فتنة جديدة لا يعلم إلا الله مداها؟
أخيراً فإن الواقعة تجدد سؤالاً آخر طالما طرحناه حينما كان يفتح باب الحديث عن عداء المسلمين المزعوم للغرب، هو: من حقاً يكره من؟
اعتراضٌ وإنكارٌ على الإساءة النرويجية نحو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
نشرت جريدة المدينة في ملحق الرسالة في 20/12/1426هـ
====================
اعتراضٌ وإنكارٌ على الإساءة النرويجية نحو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع(10/34)
الحمد لله العليِّ العزيز ، وصلَّى الله وسلَّم على من خاطبه ربُّ العالمين فقال : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) الأنبياء : 107
أما بعد :
فها هو الغَرْبُ النصراني المتطرِّف ، والذي تتغنَّى عواصمه بالتحضر والتمدن ، ويتشدق مثقفوه بالمعاني الإنسانية ، ها هو يكشف يوماً بعد يوم عن حقيقته ، من خلال أفعال بغيضة في حق كثيرٍ من الناس ، وخاصةً موقفهم من الإسلام والمسلمين .
ويتجلى ذلك باقترافهم أحطَّ الأعمال وأشنع الأفعال ، عسكرية كانت أو اقتصادية أو سياسية أو إعلامية ، حيث يشترك تطرفهم في بغي آلتهم العسكرية الباطشة بالأبرياء ، مع اقتصادهم المجوع للأطفال والنساء ، مع عجرفة سياساتهم وبغي تعاملاتهم .
وكانت أبغض أفعالهم ما تقترفه ثقافة وإعلام متطرفيهم ، المتمثلة في معاداة مُعَلِّم البشريَّة وهادي الإنسانية وخاتم رسل الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. وصدق الله جلَّ وعلا : ( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاٌّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ) ]التوبة : 8
. لقد تمادت وسائل إعلام غربية عديدة ، وتناوب منهم أشخاص موتورون على الاستهزاء برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام ، وتكررت منهم محاولات الإساءة إليه بألفاظ نابية ورسوم بغيضة كاذبة ، وكان ذلك منهم على ملأٍ واستعلان في المجتمعات الغربية النصرانية ، في أوروبا وأمريكا ، من خلال وسائل إعلام متعددة ، دون أن يُجابه ذلك بالاعتراض والنكير ، برغم فداحته .
وكان من أواخر ذلك:
1) ما صدر عن القساوسة (جيري فالويل) و (بات روبرتسون) و (فرانكلين جراهام) و (جيري فاينز) من إساءات مرفوضة وكلام ساقط نحو دين الإسلام ونحو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
2) ما صدر عن منظمة (رابطة الرهبان لنشر الإنجيل) التنصيرية المدعومة بأموال هائلة من الفاتيكان . حيث تعد من أهم مؤسسات الفاتيكان ومقرها روما ، وتضم نحو مليون فرد ، يعملون ليل نهار ، وفي كل مكان ، من أجل وقف انتشار الإسلام في العالم بكل قوة بزعمهم ، وعلى تشويه صورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونَعْتِه بأبشع الصفات ، من خلال مشروع أطلقوا عليه : (مليون ضد محمد) .
3) ما صدر عن الصحيفة الدنمركية ( جيلاندز بوستن /Jyllands-Posten, ) من السوء حين نشرت (12) رسماً ( كاريكاتيرياً ) أو ساخراً يوم الثلاثاء 26 شعبان 1426هـ / 30 سبتمبر 2005 تصور الرسول صلى الله عليه وسلم في أشكال مختلفة، وفي أحد الرسوم يظهر مرتدياً عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !!.
4) وهاهي المجلة النصرانية النرويجية (ماغازينت/ Magazinet ) تنضم لهذا الاتجاه الآثم ، وتعيد نشر تلك الصور الكاذبة الخاطئة تحت شعار حرية التعبير، في يوم عيد الأضحى 1426هـ الموافق 10 يناير 2006 .
وفي هذا يقول رئيس تحرير تلك المجلة ( فيبيورن سيلبك / Vebjrn Selbekk ) يقول : «لقد ضقت ذرعاً شأني شأن يلاندز بوسطن من تآكل حرية التعبير الذي يحدث خفية» ويقول : «لقد فعل العديدون بالفعل الكثير لكي لا يتم وأد هذه القضية، وبهذه الرسوم نود أن نقدم مساهمتنا الصغيرة».
هكذا يتتابع الأشرار في الاستهزاء بأطهر البشر ، وأزكى الخلق محمد عليه الصلاة والسلام ، وأحيل هنا على مقالي السابق في الرد على صحيفة ( جيلاندز بوستن/Jyllands-Posten, ) المنشور مختصراً بجريدة المدينة والحياة ، وكاملاً في موقع صيد الفوائد . ( http://saaid.net/Doat/shaya/1.htm )
وأؤكد على أن المسلمين والعالم أجمع مسئولون مسئولية تاريخية عن تفنيد تلك الأباطيل ، حتى تكون الأمور في نصابها الصحيح ، فهذه الأباطيل مؤذنة بالسوء على العالم أجمع ما لم يتم تفنيدها .
وإنني لأتوجه باللَّوم الكبير والاستهجان الشديد للمنظمات الدولية : وخاصة الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان وغيرها ، والتي لم تُبْدِ اعتراضاً واضحاً تجاه هذه المساوئ نحو نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما تصنع عادة في قضايا معاداة السامية أو إنكار ما يسمى هولوكوست ، ونحوهما من القضايا الهامشية !!.
فأي حق للإنسان ستدافع عنه تلك المنظمات إذا لم تدافع عن أطهر إنسان ؟!.
وأي مبدأ سيُحترم في حياة البشر إذا كان أصحاب المبادئ الكريمة الحقَّة ، وهم الأنبياء ، يُستهزأ بهم دون أي نكير؟! . بل يُستهزأ بأفضلهم وخاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام .
وأما رئيس تحرير مجلة ( ماغازينت / Magazinet ) ، فأقول له :
إنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم هو أطهر البشر وأزكاهم ولن يضيره مثل هذه التفاهات :(10/35)
Mohammed صلى الله عليه وسلم .is truly the purest of the mankind breed. Any ridiculing acts, no matter how many in volume and number they are, they would not change this fact that billions of people believe in. Allah, the Almighty reported this in the Glorious Quran
وأقول له ولمن هو على شاكلته : إن دعوى حرية التعبير لا تجيز الإساءة لأحد بلا حق .
The claim of "freedom-of-speech" does not entitle anyone to attack others and harms them.
e privacy, dignity and honor and principles of others.All worlds' constitutions and international organizations insist on and demand to respect all the Prophets and Messengers of Allah, the Almighty. Moreover, they confirm the necessity to respect the Divine Messages, respect others and do not attack th
وأقول له ولقومه : هذا الاستهزاء لا يخدم مصالح النرويج ولا مصالح أوروبا .
Ridiculing important figures does not serve the interests of Norway or even Europe.
وأقول له : إن الاستهزاء بالأنبياء مسلك الأشرار ، ولذلك توعدهم الله بالانتقام .
Ridiculing the Prophets is truly the way of evil-minded people.
Those who attempt to harm the Prophets are promised with Allah's revenge.
وأقول له : إن التاريخ لا ينصت للأدعياء ولا للموتورين ولا للأفَّاكين ، ممن يحاربون الأنبياء ودعاة الهدى ، فهؤلاء مصيرهم الخسارة الفادحة ، ولكن التاريخ ينصت لأصحاب العدل والنُّبْل ، الذين اعتبروا عملك هذا من أكبر الحماقات ، واقرأ بعض ما قال هؤلاء :
The British writer and critique, Bernard Show, in his book Mohammed, which was ordered to be burnt by the British authorities, says, 'This world is in a bad need for a man with the thinking style and ability of that of Mohammed. (1
ill find great accommodation in Europe.'This Prophet who always placed his religion in a respectable and honorable position. This religion is the strongest to digest all civilizations and be an eternal religion. I notice that many British citizens embraced Islam justify dir="rtl" fully. This religion w
The clergy men in the middle ages, as a result of discrimination and ignorance, had painted a dim picture for Mohammed.
They considered him an enemy for Christianity. However, after researching his personality, I discovered that he was a great man.
sperity for the entire humanity.I concluded that he was never an enemy for Christianity; rather he should be called the savior of the humanity. In fact, if he is given the leadership in our world today, he will resolve the entire world problems in a manner that secure peace and pro
nd cheater.'The English philosopher, Thomas Carlyle, the Nobel Prize winner says in his book, 'The Heroes', 'It is extremely shameful to anyone to believe that Islam is nothing but a bunch of lies. And, it is equally shameful to believe that Mohammed is a liar a (2
of people lived and died by were a mere lie and trick!?We must fight such shameful rumors. The mission that Mohammed achieved and fulfilled is still the lit candle for the past twelve centuries for approximately two-hundred-million people. How would one believe that the principles, which this huge number
Why then to say, write or publish harmful items that destroy and harm instead of construct and benefit ¼¸،Sh آا¸Y آ¸dG إ¸،U These were some excerpts of the some of the renowned international scholars of the world concerning Prophet Mohammed
وأقول لرئيس تحرير مجلة ( ماغازينت) : إنه من لمن الحسرة والبؤس أن يكون غاية علمكم بهذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم هو مجرد الاستهزاء ، وأدعوك وغيرك ممن استفزهم الشيطان لأن تشرفوا أنفسكم بالاطلاع على سيرته عليه الصلاة والسلام، لتطلعوا على كمال الإنسانية في شخصه صلى الله عليه وسلم.
is the bit they ridiculed him for. Allah, the Almighty told the truth saying in the Glorious Quran 36:30, 'Woe be to mankind! Never a messenger was sent to them except they ridiculed him.' ¼¸،Sh آا¸Y آ¸dG إ¸،U itself and its' editors and editor-in-chief, and also for the entire Norway government that the only information they have about Mohammed (Magazinet) It is rather extremely disappointing and depressing for the(10/36)
the net that easily testify to that and support this fact. The following sites are some examples: ves a favor by reading the best biography of a man on-the-face-of-earth ever. He is the perfect man, the perfect leader, the perfect teacher, the perfect human being, the perfect father and the perfect all-in-all man. There are thousands of sites onI call upon these ridiculing people, who ridiculed Allah's Messenger SAAW, and I call upon the non-Muslims to do-themselves-a-favor, to read the noble biography of the honorable Prophet and Messenger of Allah, the Almighty. They will be doing themsel
وبعد :
فنبرأ إلى الله من كل إساءة نحو نبينا محمد عليه الصلاة ، وإنه لواجب على الحكومات والمنظمات والجمعيات الإسلامية في العالم أجمع أن تنكر هذا الباطل العظيم .
وأن توضح للشعوب غير المسلمة حقيقة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأن تعرفهم بدينه ، ذلك أن الإعلام الغربي من خلال سيطرة الصهاينة وأعوانهم من النصارى المتطرفين قد بذلوا جهودهم الشريرة في تشويه دين الإسلام وتشويه حياة نبينا محمد صلى الله وسلم ودعوته .
وهذا هو البريد الإلكتروني لهذه المجلة النرويجية ( ماغازينت / ُّMagazine ) للإنكار والاعتراض على باطلهم والمطالبة بالاعتذار والكفِّ عن هذا الغيّ .
وهذا أيضاً البريد الإلكتروني لرئيس تحرير المجلة ( فيبيورن سيلبك / Vebjrn Selbekk ) :
vebjorn@magazinet.no
وختاماً : أذكر بقول الله تعالى : ( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )
»يوسف : 21«
. وقوله تعالى مخاطباً عباده المؤمنين بعد أن بين شدة عداوة المشركين : ( وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ )
» آل عمران : 120«
وإن من الصبر والتقوى أن نرد عليهم إفكهم كلما أعلنوه ، وأرجو أن يتحقق بهذا المقال شيء من ذلك.
اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد .
=========================
الأساقفة الشواذ يهاجمون رسول الإسلام!
محمد جمال عرفة 7/4/1423
18/06/200=2
من عجائب هذا الزمان أن يأتي قساوسة شواذ يمارسون الفجور مع الأطفال النصارى وفضيحتهم على رؤوسهم .. ثم يتكلمون في السياسة ، ويهاجمون نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام !؟ ومن عجب العجاب أن هؤلاء القساوسة المنحرفين جنسيًا والذين صوَّت مجلس الأساقفة الأميركيين لطرد 300 منهم من عملهم الكهنوتي، أصبحوا ناصين لإدارة الرئيس الأمريكي بوش !.
فخلال الاجتماع السنوي للكنيسة المعمدانية الأمريكية الجنوبية، والذي عقد مؤخرا في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية ، افترى أحد هؤلاء الشواذ -وهو القس جيري فاينز - الرئيس السابق للمؤتمر السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية على الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وأتهمه بأقذع التهم والشذوذ والتي لا تنطبق سوى على شواذ الكنيسة الذين تم طردهم هذا الأسبوع من الكهنوتية المسيحية اتقاءً للفتنة بعدما كشفت إحصاءات الفاتيكان أن إعراض الأوروبيين عن الكنيسة بسبب فضائح الكهنة يتزايد !.
وقال هذا القس – أخزاه الله- مفسرًا سر زواج رسول الإسلام عدة مرات بأنه : "شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان، تزوج من 12 زوجة أخراهم طفلة عمرها تسع سنوات" !.
وأضاف القس الشاذ (فاينز) أن "الله (الذي يؤمن به المسلمون) ليس الرب (الذي يؤمن به المسيحيون). فلن يقوم الرب بتحويلك إلى إرهابي يحاول تفجير الناس وأخذ أرواح آلاف مؤلفة من البشر" !.
ولأنه إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا ..فشيمة أهل البيت الرقص ، فقد أيد قادة الكنيسة المعمدانية الجنوبية تصريحات فاينز، وأعلنوا تأييدهم له فيما قال عن النبي العدناني !.
وقد أرسل نهاد عوض المدير العام لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية خطابا رسميا إلى الرئيس الأمريكي يطالبه فيه "بالتدخل المباشر لإدانة تصريحات القس جيري فاينز المعادية للإسلام" خلال المؤتمر السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية خاصة وأن الرئيس قد خاطب الحاضرين بالمؤتمر من خلال الأقمار الصناعية.
وقال عمر أحمد رئيس مجلس إدارة مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير): إن " التصريحات المتهورة والمعادية للإسلام الصادرة عن أفراد يعتبرون قادة في مجتمعاتهم الدينية سوف تضر بصورة أمريكا ومصالحها عالميا وسوف تؤدي إلى انقسام أمريكا خلال الأزمة الراهنة".
ولكن مرت الأيام ولم يصدر أي إدانة من جانب الرئيس (المتدين) بوش على أقوال كبير شواذ الكنيسة رغم حديث بوش المتكرر عن احترام الأديان !
تصويت سري !(10/37)
والغريب أن تصدر هذه التصريحات ضد الإسلام ونبيه في الوقت الذي تثار فيه ضجة كبيرة في أمريكا تحديدًا وبقية دول اوروبا حول شذوذ رجال الكنيسة الذي لم يمس فقط النساء والفتيات ، ولكنه امتد إلى الأطفال الأبرياء ، مما دعا بعض العقلاء في الغرب للقول إن التهجم على رسول الإسلام ما هو إلا وسيلة للتغطية على فضائح الكنيسة المدوية والتي أدت لطرد المئات من الكنيسة.
حيث تم هذا الأسبوع اعتماد ما سمي "النص النهائي "للميثاق من أجل حماية الأطفال والأحداث" بالتصويت السري من جانب مجلس القساوسة الأمريكان ب 239 صوتا مقابل 39 . وقال رئيس مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الأميركيين ، الأسقف بيلفيل ويلتون غريغوري "لقد اعتمدنا اليوم وثيقة مهمة في تاريخ مؤتمرنا الاسقفي". واضاف "اعتبارا من اليوم.. كل من يعرف عنه ( من القساوسة) أنه تعاطى الدعارة مع طفل يمنع من العمل في كنيسة الولايات المتحدة الكاثوليكية". ؟! .
وجاء هذا القرار للرد على الفضيحة التي طاولت الكهنة ، بعدما حاولوا في البداية التستر على هؤلاء الكهنة المنحرفين (!) ، إذ قامت اللجنة المختصة المكلفة بصياغة الميثاق الجمعة بتشديد مشروع البيان واعتمدت صيغة "عدم التسامح" مع أي كاهن تثبت إدانته بالاستغلال الجنسي ليطرد من الكنيسة ويعاد إلى الحياة العلمانية بعدما كان النص يدور حول " إمكانية أن يبقى في سلك الكهنوت أي كاهن مارس الاستغلال الجنسي في الماضي لكنه لم يذنب إلا مرة واحد !" .
أو أن يبقى "إذا تلقى علاجا مناسبا " ؟! .
وكانت صحيفة "دالاس مورنينغ نيوز" قد ذكرت أن ثلثي الأساقفة الأميركيين (111) في 178 ابرشية قاموا على مدى سنوات بالتغطية على تصرفات الكهنة الذين يستغلون الأطفال جنسيًا واكتفوا بنقلهم من ابرشية إلى أخرى أو إخضاعهم لعلاج نفسي.
ورغم هذا فقد اثار هذا التعديل أيضا غضب الضحايا الذين طالبوا بعقوبات تأديبية بحق أولئك الأساقفة. وقال بيتر ايسلي المسؤول عن شبكة الناجين من الاستغلال الجنسي الذي يقوم به الكهنة "انه "أمر فاضح أخلاقيًا بكل بساطة".
الثقة في الكنيسة تتراجع
وقد جاءت هذه النتائج في الوقت الذي كشف فيه استطلاع للرأي أجري في الولايات المتحدة عن تراجع ثقة الأمريكيين في الكنيسة حيث أشار الاستطلاع إلى أن نصف الأمريكيين –فقط- لديهم انطباعا إيجابيا عنها .
وقالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إن عدد القساوسة الذين سلمت أوراقهم إلى الشرطة قد ارتفع إلى 260 قسا منذ تكشف أبعاد الفضيحة التي يقوم بها القساوسة منذ أكثر من ستة أشهر .
ويشير المسح الذي أجرته الوكالة إلى أن 550 شخصا قد رفعوا قضايا ضد رجال دين مسيحيين في ولايتي ماسوشيستس ومين فقط بسبب سلوكياتهم الأخلاقية الفاضحة !.
وقد دفعت رائحة الفضيحة العطنة بابا الفاتيكان لعقد اجتماع مع الكرادلة الأمريكيين مؤخرا "لعلاج عدم الانسجام في السياسة الكنسية تجاه الفضيحة" !. وقد قوبل الاجتماع بانتقادات بسبب عدم صدور قرار صريح عنه يجيز عزل القساوسة الذين يثبت اعتداؤهم على الأطفال.
وكان بابا الفاتيكان قد عقد جلسة خاصة حول هذا الموضوع مع ممثلي قيادات الكنيسة الكاثوليكية بروما تابع فيها نتائج التحقيقات التي أفضت إلى كشف هذه الفضيحة وأعرب البابا عن "بالغ الحزن والأسى لهذا السلوك غير الأخلاقي من رجال دين دورهم مكافحة الرذيلة وتقوية القيم والسلوك السوي لأتباع الكنيسة".
ولا يقتصر الشذوذ والسقوط من جانب القساوسة على أمريكا فقط ، ولكنه يمتد إلى كل كنائس أوروبا التي اصبحت تعاني فراغا واعراض الجمهور عنها .
وكمثال ، فقد سعت الكنيسة الكاثوليكية في بلجيكا إلى تكثيف جهودها لمكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال من جانب القساوسة وموظفي الكنائس. وشكَّل أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في مؤتمر عقدوه في بروكسل العام قبل الماضي لجنة تحقيق داخلية مستقلة لهذا الغرض.. حسبما أعلنت وكالة الأنباء الكاثوليكية "كاث برس".
ونظرت اللجنة في شكاوى الضحايا المعنيين، ودرست إجراءات تأديبية بحق عناصر الكنيسة المتورطين في ممارسات لا أخلاقية بحق الأطفال. وجاء هذا الإجراء عقب الكشف عن حالات اعتداء جنسي عديدة تورَّط فيها قساوسة كاثوليك في بلجيكا خلال السنوات القليلة الماضية. وتقول الدوائر الكاثوليكية: إنّ الكثير من الضحايا لا يطالبون في العادة بإنزال عقوبات قانونية ضد رجال الكنيسة المتورطين في جرائم من هذا النوع، وإنما يأملون في الاكتفاء بإجراءات تأديبية داخلية. وتلقَّى هاتف خصصته الكنيسة في بلجيكا منذ عام 1997 لتلقِّي اتصالات الضحايا العشرات من البلاغات حتى الآن، وجاء ذلك الإجراء على أثر تزايد فضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال في الأروقة الكنسية !!
المسيحية تنحسر في أوروبا(10/38)
وقد صدرت إشارات تحذير من بعض الكنائس بتزايد إعراض الجمهور المسيحي الأوروبي عنها بسبب الفضائح والخواء الروحي ، وجاءت خطوات إبعاد الشواذ كمحاولة للتغلب على أحد عناصر إعراض الشباب والأطفال عن الكنيسة .
فقد أعلن الكاردينال "كورمك ميرفي أوكونور" رئيس الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز "أن المسيحية أوشكت على الانحسار في بريطانيا، وأن الدين لم يعد يؤثر في الحكومة، أو في حياة الناس" . وقال في يوليه 2001: "إن الموسيقى والمعتقدات المستحدثة والحركة البيئية والتنجيم والسحر واقتصاد السوق الحر حلت محل السيد المسيح عليه السلام"، ودعا إلى ما أسماه "فكر ثوري" يستهدف الوصول إلى جموع الشباب الكاثوليك وإلى المارقين والملحدين منهم.
كذلك قال تقرير لراديو لندن: "إن الفضائح المتعلقة بالجنس لعدد من القساوسة كانت أحد الأسباب التي دفعت الناس إلى الابتعاد عن الدين المسيحي الذي لم يعد بالنسبة للمسيحيين يجيب عن الكثير من الأسئلة التي يطرحها الشباب، وهو ما دفعهم إلى الاتجاه نحو الحركات الحديثة، كحركة المحافظة على البيئة والحركات الاجتماعية التي تنمي طاقاتهم". وأشار إلى أن استطلاعا للرأي قد أظهر مؤخرا أن الكثيرين ممن يترددون على الكنيسة يعتقدون بأنه لا تتاح لهم الفرصة للإجابة عن الأسئلة التي يطرحونها بشأن الدين، وقد أدى هذا كله إلى ثقافة بديلة عن الدين . وكان أسقف كانتربري قد ذكر أيضا أن الناس كانوا يلجؤون في الماضي إلى القسيس للتعبير عن مشاكلهم وقلقهم النفسي، أما الآن فيلجؤون إلى الأطباء، ويعتبرون أن الدواء ربما يكون سببا لإسعادهم، وأضاف: "ويلجأ بعضهم إلى الجنس والمخدرات والخمور اعتقادا منهم بأن فيها علاجا لراحتهم وإسعادهم بدلا من الدين المسيحي".
كذلك كشف استطلاع للرأي أنّ ثقة الشعب النمساوي في الكنيسة تعاني من التراجع الحاد. فبينما أبدى 48% من النمساويين ثقتهم بالكنيسة عام 1990، أصبحت هذه النسبة حاليًا 38% فقط. ورغم هذا التراجع في الثقة بالمؤسسة الكنسية فقد بين الاستطلاع أنّ الدوافع الدينية لدى النمساويين مالت إلى الازدياد بشكل ظاهر في السنوات العشر الأخيرة؛ بسبب حالة القلق والكآبة التي يعاني منها الناس في أوروبا عموما بسبب الخواء الروحي .
وكانت دراسة سويدية نشرت الأسبوع الماضي قد أكدت ارتفاع نسبة الانتحار في البلدان الاسكندنافية بشكل ملحوظ وأن أسباب تجرع زجاجة السم ما عادت تقتصر على العزلة والكآبة فقط لأن الخوف من " بهدلة " آخر العمر تدفع العديدين للانتحار بسبب الفردية وعدم الترابط الاجتماعي في المجتمع !.
لم يجد القساوسة إذًا – بعد انصراف الأمريكيين والأوروبيين عنهم – سوى مهاجمة الإسلام كي تعود لهم اضواء الشهرة (!) .
وهو نفس ما فعله من قبل حلف الأطلنطي عندما لم يجد له عدوا يواجهه بعد انهيار الشيوعية فاختار الإسلام عدوًا بديلاً خشية انفراط عقد الحلف كما انفرط عقد حلف وارسو الشيوعي !.
======================
الإساءة للرسول.. بداية نصر جديد لو تعلمون
28/12/1426
معمر الخليل
وعد الله _عز وجل_، بنصر أوليائه من المؤمنين في الأرض ولو بعد حين "وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: من الآية47)، وتكفّل بحفظ القرآن العظيم "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر:9)، وتعهّد بنصر رسوله الكريم _صلى الله عليه وسلم_ "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ" (الحجر:95)، و"فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"(البقرة: من الآية137).
ووعد الله _تبارك وتعالى_ (ووعده الحق) أن يخرج الحي من الميت، ومن الظلمات إلى النور، وأن يجعل بعد عسر يسراً، وبعد الضيق فرجاً "يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا"(الروم: من الآية19)، و"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" (الشرح:5)
وبين يدي المسلمين اليوم فرصة ذهبية، مهّدها الله بقدرته وعظيم صنعه وتقديره، لكافة المسلمين.. على اختلاف ألوانهم ولغاتهم.. ومهّد لغيرهم من الأمم الأخرى فضول الاستماع لما يقوله المسلمون.
فالإساءة التي قامت بها إحدى الصحف اليمينية المتطرفة في الدنمرك من رسومات كاريكاتوريا لا تليق بشخص الرسول الكريم _صلى الله عليه وسلم_، أثارت فتنة عظيمة في نفوس المسلمين، حتى ودّ البعض أن يوغل في الرد عليهم إلى حد القتل، وغيرها.
ولكن وقفة تأمل منّا قد تجعل من هذه الأزمة انفراجة طال انتظارها، وبركة ينشرها الله _تبارك وتعالى_ بين الناس.(10/39)
ويجب ألا تعمي الإساءة أعيننا عن اغتنام الفرصة، ويكفي أصحاب الرأي والهمة أن يتذكروا ما قاله _عليه الصلاة والسلام_ حينما هجاه بعض الكفار، ذاكرين اسم "مذمم" بدلاً عن "محمد" زيادة في الذم، فكان قوله _صلى الله عليه وسلم_ لصحابته الذين ساءتهم مقالة الكفار " لا تعجبون كيف يصرف الله عني أذى قريش وسبهم، هم يشتمون مذمماً وأنا محمد". رواه البخاري. فهم هنا رسموا رسومات لشخصيات وهمية في أذهانهم، وهي ليست -بلا شك- رسومات للنبي _عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم_.
دون أن ننتقص من حق الرد على هذه الإساءة، مثلما حدث حين هجا بعض الكفار رسولنا الكريم _صلى الله عليه وسلم_ فقال له حسان بن ثابت: "أتأذن لي يا رسول الله أن أهجوهم" فأذن له.
ولطالما كتب الله _تبارك وتعالى_، نصراً للدعوة ولدين الإسلام، خلال نائبات الدهر والأحداث الجسام، واستفاد الرسول _صلى الله عليه وسلم_، وصحابته، من ذلك، في نشر الدعوة، وتوصيل رسالة الدين إلى بقية الأمم، كمثل إسلام النجاشي (ملك الحبشة) في أضيق أوقات المسلمين من هجرتهم بعد طول إيذائهم. وحين كتب الله لرسالة نبيه الظهور والانتشار، بعد أن هاجر عليه الصلاة والسلام، من مكة المكرمة، مكرهاً، حين مكر كفارها لقتله. وضاقت به الأرض.. فكانت المدينة التي أنارها الرسول بوصوله أول موطئ لدولة الإسلام، التي انتشرت حتى وصلت أطراف الأرض.
ومنها دخول أعداد كبيرة من الناس في الإسلام بعد أن منعت قريش رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وصحابته من دخول مكة المكرمة للعمرة عام 6 للهجرة (عام الحديبية)، وضاقت الأرض على المسلمين، وقال عمر بن الخطاب للنبي: "ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل..." (الحديث) رواه البخاري. حيث استفاد _عليه الصلاة والسلام_ من الهدنة التي وقعها مع قريش بعد تلك الواقعة، في تعزيز الإسلام ونشره بين الناس في المدينة، فيما كانت تقدم عليه أفواج من المسلمين من مكة وغيرها.
وما يجب أن يدركه المسلمون اليوم هو أن هذه المحنة التي أنزلها الله علينا، بداية خير كثير، لو استفاد منها المسلمون بطرق عديدة. وأن شعاعاً عظيماً من الأمل والنصر قد أشرق من جنباتها المظلمة. فماذا ننتظر؟
يقول الله _تبارك وتعالى_: "حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ" (يوسف:110).
اليوم.. يهتم الكثير من الغرب بما يحدث من إساءة لنبي المسلمين، ويترقبون ما يصدر عن المسلمين من أقوال وأفعال لا تخرج (في رأيهم) عن الإساءة للصحيفة والحكومة الدنمركية، والإساءة للنصارى ودينهم، والتهديد بالقتل والوعيد بالثأر، بما فيها المحاكمات القضائية، فضلاً عن المنحى الرسمي الذي يتخذ طابع "التنديد والاستنكار!".
وقد استطاع الإعلام العربية والإسلامية (على اختلاف وسائله المتلفزة والمطبوعة والإذاعية والإلكترونية) أن يحدث ضجة إعلامية حقيقية، أثارت فضول الملايين من الأمم الأخرى لمعرفة "ماذا سيقول المسلمون رداً عن هذه الإساءة العظيمة".
وهذه بحد ذاتها نعمة أنعمها الله _تبارك وتعالى_ أن جعل الأمم الأخرى مستعدة لسماع ما نقوله.. فماذا يجب أن نقول؟
هنا يجب أن يغتنم المسلمون هذه النعمة العظيمة، وينتقلوا من حالة "الدفاع عن الرسول" بالطرق التقليدية، إلى "حالة الهجوم"، بالطرق غير التقليدية.
وأن يصبح توجههم إلى الغرب بهدف "الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنى".. وهناك درس عظيم في تاريخنا يمكن الرجوع إليه، والاستفادة منه في تحقيق هذه الغاية، فكما قال _صلى الله عليه وسلم_: "لأن يهدي الله بك أحد، خير لك من حمر النعم".
وهي قصة إسلام النجاشي على يد جعفر بن أبي طالب _رضي الله عنه_ عندما استطاع أن يوجد خطاباً دعوياً بالغ الرقي، يخاطب به ملكاً يدين بالنصرانية، أدخله في الإسلام ببركة الحدث والوقت والخطاب التي هيأها الله _تبارك وتعالى_.
الخطاب الذي ينتظره النصارى من المسلمين اليوم، خطاباً يحمل في طياته انتقاصاً من دينهم، وإساءة لأحبارهم ورهبانهم، وهجوماً على معتقداتهم وأفكارهم.. يحمل في طياته حقداً وتهديداً وتطرفاً..
فلم لا نجعل خطابنا لهم، سهماً نطلقه بعناية، لعلّ الله أن يمنّ علينا بنصر في الأرض، ونور من ظلام، وصدّ عن نبينا بدخول أمم أخرى في دين نبينا _صلى الله عليه وسلم_.
ولعل ذلك يتأتى -بإذن الله- بخطاب يتضمن ما تضمنه كلام جعفر بن أبي طالب، من عرض المشترك بين دين الإسلام، والمسيحية التي يؤمن بها غالبية أهل الغرب، وعرض الآيات من القرآن الكريم، وسنة نبيه المصطفى _صلى الله عليه وسلم_ التي تحث المسلمين وتأمرهم باحترام نبي الله عيسى _عليه السلام_ وأمه الصديقة _عليها السلام_، وغيرها.(10/40)
وأذكر أنني حضرت خطبة جمعة في مسجد، التقينا بعدها برجل أمريكي أسلم حديثاً، فحدّثنا عن إسلامه، وأنه كان في طائرة يجلس إلى جانبه رجل مسلم، دخلا في نقاش حول الأديان، فذهل عندما سمع من المسلم قوله: "عيسى عليه السلام"، و"مريم العذراء عليها السلام" فسأله، أو مؤمن أنت بما تقول، فقال له المسلم: "نعم.. قرآننا وديننا يأمرنا بذلك"، وعرض عليه ما يقوله القرآن ونبي الله في عيسى _عليه السلام_ وأمه الطاهرة، وأخبره أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال في حديثه الصحيح: " إن الله منزل عيسى _عليه السلام_ في آخر الزمان، يدعو الناس إلى عبادة الله الواحد، على ملة أبينا إبراهيم. وتحاشى ذكر أن المسيح سوف يدعوا إلى الإسلام "وقد كان إبراهيم حنيفاً مسلماً كما أخبرنا الله تبارك وتعالى"، تحاشياً من نفور رفيقه الأمريكي، وتدرّجاً معه في الدعوة إلى الإسلام. فبدأ الأمريكي في قبول الدين الإسلامي على أنه دين سماوي، وأزال الحاجز الذي بداخله ضد كل ما هو مسلم، فكانت هذه بداية طريق هدايته، فكان أن فتح الله قلبه للإسلام بعد أن اطلع على تعاليمه وأوامره وأخلاقياته وأخلاقيات الرسول _صلى الله عليه وسلم_.
الدعوة مفتوحة لجميع المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، بكل لغاتهم، بتوجيه رسائل دعوية، لا تتضمن إلا ما يقرّب النصارى من دين الإسلام، وما يكشف لهم من تقارب بين الدين الإسلامي والمسيحية التي يؤمنون بها، وما يحمل كل احترام لنبي الله عيسى _عليه السلام_، ومريم _عليها السلام_.
كأن تتضمن نصاً من هذا القبيل، موجّه إلى النصارى، يترجم إلى لغات عدة، وينشر في كل المنتديات الغربية، ويرسل إلى أكبر قدر من القوائم البريدية:
تحاول بعض الجهات المتطرفة إيجاد حالة من الخلاف بين المسلمين والنصارى، بتشويه صورة نبي الإسلام محمد _صلى الله عليه وسلم_ ويتحجج البعض منهم أن الدين المسيحي بأمرهم بذلك.. رغم أن ديننا الإسلامي يأمرنا باحترام نبي الله عيسى _عليه السلام_، وأمه مريم العذراء_عليها السلام_، حيث يقول قرآننا الكريم: "إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ"(النساء: من الآية171).
ويقول عن مريم العذراء: "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ" (آل عمران:42)
ويقول نبينا محمد _صلى الله عليه وسلم_: "ما كملت من النساء إلا أربع" وذكر أول واحدة منهن مريم العذراء.
وأعلمنا نبينا _صلى الله عليه وسلم_ أن الله _تبارك وتعالى_، سيرسل عيسى _عليه السلام_ آخر الزمان، فيقاتل الشر، ويدعو الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد، على ملة أبينا إبراهيم _عليه السلام_.
فندعوك يا من تدين بالطاعة لله _عز وجل_، وتقر بعبوديتك له، وولاءك للمسيح عيسى _عليه السلام_ بأن تساهم في التصدي لحملات التشويه التي تنال من نبي الإسلام محمد _صلى الله عليه وسلم_ راجياً أن يكون ذلك مما يؤلف بين قلوبنا، ويرضي الله _تبارك وتعالى_ عنا، حيث قال الله _تبارك وتعالى_ في كتابه: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ"(آل عمران: من الآية64) صدق الله العظيم.
=====================
الإسلام.. والغرب.. حرب مجددة؟!
هل بدأ تفجير التاريخ بين الغرب والإسلام لتعود حرب الهلال مع الصليب أو المسيحي مع المسلم؟ وهل من قاموا بتشويه صورة الرسول (صلى الله عليه وسلم) مارسوا حرية مدمرة اقتضت التصعيد وحرب الكلمات التي هي مقومات صدام قادم؟..
قالوا إنهم فعلوا ذلك مع المسيحية، واليهودية، والبوذية، دون أن تثير أي حساسيات كما حدثت مع المسلمين، لكن كيف نقبل بهذا التبرير وتشريع عالمي قاده الغرب بأن من يضع الصهيونية كحركة عنصرية يدخل في معادات السامية التي عقوبتها لا توازي أي جزاء آخر؟ ثم إذا كان شتم الأنبياء ترف باسم الحرية، فهل الصهيونية أشرف منهم، أو أن من يرفع، ولو تحدياً، اسم النازية وهتلر يصنف بعدو السلام والبشرية، والفصل العنصري؟.
وإذا كان تعريف الحرية فضفاضاً يتسع لأقلام الغرب بأن تمارس حقاً مرفوضاً، فكيف لا يكون للقداسات قانون يحميها من الاعتداء المعنوي أسوة بحماية اليهود مثلاً؟..(10/41)
الزوبعة كبيرة، وحدودها لا تقف عند شخص، أو صحيفة، أو عاصمة كبرى، إذا كان استثارة ما يزيد عن مليار ونصف مليار مسلم، هي مجرد حالة عابرة و ظّفت لتكون اختبار قوة بين طرفي نزاع تاريخي، وحروب مدمرة مسلمين ومسيحيين يمكن قبولها في هذا العصر، بتوليد عداوات لا ندري ما العائد المادي، والمعنوي من جلبها من الماضي، لتكون تصعيداً خطيراً؟ ثم إذا كنا مسلمين وغير مسلمين نواجه مداً إرهابياً يضع نفسه فوق القوانين والأعراف، والشرائع، فهل ما فعلته صحف الغرب يساهم بردع الإرهاب إذا كانوا يمارسون إرهاباً آخر باسم حرياتهم؟ أم أنهم أضافوا بفعلهم جبهة أخرى تلتقي مع تلك القوى؟..
مقولة أنه من السهل البدء في الحرب، لكن من الصعب اطفاؤها تنطبق على هذه القضية، والبادئ إعلام غربي لا يزال يحمل بذور التعالي على الشعوب والأديان، ويدعي حماية الحقوق التي لا ندري مقاييسها القانونية والأخلاقية. إذا كان الأنبياء مستهدفين بالشتيمة؟
لا أحد ينكر أن معظم الدول الإسلامية تمارس سياسات تجاه شعوبها يمكن أن توصف بالتعسف والاستبداد، لكن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يمارس أو يشرّع لهذه الأعمال أو يعطي إذناً بجعل الإرهاب جزءا من هوية الدين الإسلامي، ولعل ما يجري من فوضى حادة يعتبر اختراقاً لمحرم، فهل يعي من أعطى الأوامر بنشر تلك (الكاريكاتيرات) أن النار من مستصغر الشرر؟..
18 تعليق
1
لا فض فوك أستاذي الكريم، لو عرفوا محمداً صلى الله عليه وسلم لأسلموا ولأحبوه
أشكر لك هذا المقال القيم، وأسأل الله لك السداد والتوفيق، وأن يشفع فيك الحبيب صلى الله عليه وسلم.
أما قولهم (قالوا إنهم فعلوا ذلك مع المسيحية، واليهودية، والبوذية، دون أن تثير أي حساسيات كما حدثت مع المسلمين... )
فينبغي أن نقول لهم.. الفرق بيننا وبين النصارى والبوذيين كبير جداً... من ذلك أننا نحن المسلمين... من أركان إيماننا أن نؤمن بعيسى وبموسى ونحبهما كما نحب محمداً.. وندافع عن الأنبياء كلمهم كما ندافع عن محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا ليس عند غير المسلمين!!!
أليس نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة وجد اليهود يصوم يوم عاشوراء ,, فقال نحن أحق بموسى منكم! كما روى عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المَدينةَ فوجدَ اليهودَ صياماً، يومَ عاشوراء. فقالَ لهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:« مَا هَذَا اليوم الّذي تصومونهُ؟ »فقالوا: هذا يومٌ عظيم، أنجى اللهُ فِيهِ موسى وقومَهُ، وغرَّقَ فرعونَ وقومَهُ، فصامَهُ موسى شكراً، فنحنُ نصومُهُ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: [ فنحنُ أحقُّ وأولى بِمُوسى مِنكم ] رواه مسلم. فصامَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأمرَ بصيامِه.
بل لو كان النصارى مؤمنين بعيسى حقاً لأسلموا.. لأنه بشر بمحمد كما قال الله تعالى {ومبشرا برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد}
ولو كان اليهود مؤمنين بموسى حقاً لأسلموا... فنحن المسلمون.. على دينا النبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى... أسأل أن يوفق الجميع.
أخوكم/ أبو عاصم
abo-aseem@maktoob.com
عبدالعزيز بن علي العسكر
06:42 صباحاً 2006/02/04
2
نعم : الحرب وان كانت اعلاميه من الصعب اطفاؤها
مع ان الحق كان دائما معنا - كامة مسلمة قوية الايمان بدينها تتمحور حول رسالةمحمدصلى الله عليه واله وصحبه وسلم - في التصدي لما ينشر وله مساس بالعقيدة اوشخص الرسول الكريم ولكن في الاخير نفاجا باتساع االموضوع عالميا وقد ياتي منا من يؤنبنا على مساهمة ا لتصدي في الانتشار فنقبل مجرد الخروج او السكوت بلا اصابات جديده. لماذا ؟ لان العاطفه والعفويه تحكم تحركنا وليس خطط مدروسه وموثقه باتفاقات رسميه لارجوع عنهامع الدول الاسلاميه وليس بتقدير متوازن للعواقب يحصر التصدي في حدود مضمونة النتائج بحكم ضعف امكانياتنا الاعلاميه في العالم...حتى الان.
عبدالرحمن بن علي
06:46 صباحاً 2006/02/04
3
بسم الله الرحمن الرحيم
حذاري من التشتت(10/42)
الحمد لله وحده وبعد استمروا في المقاطعة وما يحدث الآن من قبل الصحافة الغربية هو محاولة لتشتيت الأمة والرضوخ للأمر الواقع ركزوا الآن على اول من بدأ بالشر (والبادي اظلم) وهي الدنمرك حتى تذعن لمطالبنا ومن اهم مطالبنا سن قوانين لديهم في دساتيرهم تحرم التهكم والسخرية على الأديان و الرسل اما فرنسا وغيرها فان اللعبه مكشوفة المطلوب من اخواننا المسلمين في فرنسا تسيير مظاهرات سلميه يوميه بحكم ان المظاهرات هناك لها فعلها و لعل هذه الهجمة الباغية تزيل الغشاوة من على عيون كثير من المسلمين حتى يقفوا بانفسهم على الحرية المزعومة وحقوق الأنسان المفصلة حسب أهوائهم لكنني اناشد كل المسلمون الحذر من العنف والإعتداء , لذا لابد من التعقل والرد بطريقة متزنه. فبإذن الله اذا استمرينا في المقاطعة ليذعن عباد البقر لمطالبنا ولو بعد حين. وحينها سيأتي الدور على بقية عصابة الشر وفي مقدمتها فرنسا.نريد جهة مخولة للتفاوض والرد معهم ولتكن رابطة العالم الإسلامي او منظمة المؤتمر الإسلامي وانا اعتبر ما يحدث فتح للإسلام والمسلمين ومجال خصب خصب جدا للدعوة للإسلام فمن مبدأ احترام جميع الرسل واجلالهم واولهم موسى وعيسى فليكن انطلاقنا من هذا المعتقد لدينا نحن المسلمون
alawifi@hotmail.com
العويفي
07:36 صباحاً 2006/02/04
4
ثمار الحرب على الارهاب
هذا ما زرعه بوش وبلير من الحرب على الارهاب(المسلمين) من كره وحقد وتعالي على الامة الاسلاميه وهذه هي باكورة الحصاد بداية بحرب كلاميه بين الشعوب ومن ثم حروب الله اعلم الى اي مدى تفضي اليه الكل يعلم ما هي الديموقراطيه والكل يعلم ما هي حدودها ولكن بأسمها عذرا بدءة الحرب واشتعلت والى الامام امة الاسلام.
محمود
07:38 صباحاً 2006/02/04
5
بالفعل الحرب بدأت والبترول سلاحنا السلمي الأول.
لله درك يا كاتب هذه السطور..
بالفعل فقد مارسوا الإرهاب بتلك الفعلة بدعوى حرية الرأي، ولكنهم لم يمارسوا ذات الحرية في موضوع المحرقة وهتلر.. حتراما للسامية..
أي شعارات زائفة تلك التي يتغنون بها، فلقد كشر الغرب عن وجهه القبيح، وآن للمسلمين أن ينهضوا وأن يفيقوا من سباتهم العميق، لقد بدأت الحرب ولن تنتهي إلا بانتهاء أحد الطرفين..
في رأيي أن أول سلاح سلمي يجب أن نلوح به حاليا هو البترول، وقطعه عنهم، ثم بعد ذلك بدأ الجهاد، الجهاد لإعلاء كلمة الله..
شكرا مرة أخرى لكاتب هذه السطور..
أحمد الأحمد
09:02 صباحاً 2006/02/04
6
حرية التعبير ام حرية التخريب
بارك الله فيكم على المقال الرائع ويكشف المكيالين الموجودين في اوروبا الغير منطقي ولنسأل ولنحلل هذه الظاهره المرضية ولو جزئيا من حيث الوقت المكان والاسباب والنتائج
-هناك صورة مشوهة عن العالم العربي والاسلامي نحن شاركنا في صنعها بتطبيق نظم شمولية لا تحترم الانسان وزادت من تخلفه وفقره وانتجت ارهابيين وميليشيات ارهابية ثم اننا مجتمعات مستهلكة وغير منتجة وندعي باننا مسلمين وايضا (زاد البلة طين) قتل الابرياء في كثير من البلدان الغربية وامريكا.
-اكثر الذين اساؤا للرسول(صلى الله عليه وسلم) وللاسلام من اليمين المتطرف في اوروبا لكي يزجوا المسلمين في الارهاب والعنف وبهذا يدعون ان الاسلام دين ارهاب
-ثم ان اليمين المتطرف في اوروبا يريدون ان يضعفوا الحكومات الغير اليمينية اقتصاديا ويحلوا محلها ويضعوا شروطا على العالم الاسلامي وعلى المهاجرين اذا استلموا.
-علينا ان نكون حكيمين ونستخدم القنوات القانونية لانها حملة مدروسة من قبل اعداء الانسانية والاسلام واعداء الدول الفقيرة وعلينا ان نعمل على نصرة الرسول(صلى الله عليه وسلم) في تطبيق شرعه باحترام الانسان وتطبيق لا اكراه في الدين والصدق في المعاملة والاتقان في العمل لنصبح امة منتجة محترمة.
د. هشام النشواتي
10:16 صباحاً 2006/02/04
7
ADL
There is an international organization called ADL (Anti Defamation Leage) protects the jewish culture. Muslim world may need to have a similar one !
Mohamed Kandil
10:41 صباحاً 2006/02/04
8
وهل بهذا الاسلوب ندافع
نعم ننكر وبشده الاستهزاء باي نبي من انبياء الله.ونصر علي ان من يستخدم عبارات او رسوم لهذا الغرض اما جاهلا او سخيف. نبينا عليه افضل الصلاة والسلام اشرف واطهر من ان يمسة متطاول او مجنون او مريض عقلي. المساس بشعور الامم ليس حريه راي اة اعلام.بل سخافة من اقزام تتطاول ويجب ان تبقي في حجمها الحقيقي لا ان نزيد من طولها وصيتها.(10/43)
لكنني استغرب ان يتم تجاهل مواقف الحكومات بل وتقزيمها من طرف بعض المنافقين الذي وجدوها فرصة لتصفية حساباتهم وبالذات مع الحكومة السعوديه. المشاهد لقناة العالم الايرانيه والمنار اللبنانيه.يجزم بان وراء الاكمة ماورائها. الموضوع ليس دفاع عن نبينا علية افضل الصلاة والسلام. الموضوع تم تحويره الي الدفاع عن الحكومة الايرانيه.واستخدام عواطف العامه للاستعداء علي حكوماتها. ولي وقفة مع الشيخ القرضاوي الذي يصرخ بالزعيق عن تخاذل الحكومات العربيه عن الدفاع عن سيد الخلق ؟ ماذا يريد القرضاوي وابواق ايران.هل يريدوننا ان نستخدم سلاح البترول لمنع اصدار قرار دولي ضد ايران ؟ هل اصبح ديننا سلعة رخيصه للاصطياد في الماء العكر.
وثمة سؤال لهوؤلاء المتطاولين علي المملكه وحكومتها. ماذا ستفعلون عندما تنشر صحف اخري سخافات ربما تكون اسواء مما نشر.وانتم تعلمون ان ملايين الصحف تصدر يوميا.
ماذا سنفعل عند ما نجعل انفسنا وسيلة سهله لطالبي الشهره والمغموريين.
وهل يجب تركيع العالم لارادة ايران.
ان ماشاهدته في قناتي ايران هو ليس دفاع عن النبي بل لم يقتصر علي مهاجمة الرئيس بوش وحكومة امريكا؟؟ واستعداء للغرب بكل وضوح.وانما دعوة مباشرة لاستعداء الشعوب علي حكوماتها.
التصرف الحضاري بمقاطعة المتجات الدنماركيه امر رائع. لكن اطلاق الرعاع لتصفية حساباتهم وكيل التهم للاسباب معروفه ومبطنه مسبقا امر لانقره.
المملكه ليست بحاجة شهادة براءة من ايران ولا من القرضاوي.
الشاوي
10:51 صباحاً 2006/02/04
9
من واجبنا ان ندافع عن نبينا وعن الاسلام...
عاطفيا فرحت كثيرا بالهبة الاسلامية الكبيرة التي بثتها وسائل الاعلام الدولية... ولكن بعد بعض التأمل، بدأ تفكيري يجول يمينا ويسارا، وتسائلت اينا كنا عندما نشرت كتب في امريكا تتهجم على خاتم الانبياء عليه الصلاة والسلام واين ردودنا على المسؤولين الامريكيين الذين وصفوا رسولنا الحبيب بالرهابي، واين ردودن عن القس الامريكي الذي قال ان الرسول عليه الصلاة والسلام ارهابي، اليست هذه بصور كاريكاتورية ايضا.
اين تعليقنا عن الاهانات التي تتم يوميا من طرف السملمين وغير المسلمين للاسلام الذي كانت رسالة حبيبنا محمد...
الا تعتقدون ان الذي وصلنا اليه هو نتيجة حتمية لتصرفاتنا وافعالنا،،، كيف سيتصرف الاخر عندما يعرف اننا غيرنا من مناهج تعليمنا لاننا اكتشفنا انها تدعوا للكراهية... كيف يتصرف معنا هذا الكافر عندما يعرف ان الدول الاسلامية وضعت تقنين لخطب الجمعة...
انا لاريد ان اقلل من حجم المشكلة والازمة، كما انني ادعوا الى التعامل مع الموضوع بكل مسؤولية وحزم...
الحبيب عليه الف سلام... لا يهاني ولا يجأ احد على اهانته ولكن ان كانت هناك إهانة صدلارت من هنا وهناك فهي بسببنا نحن، الذين اعطينا اعظم واكبر الصور في الانحطاط الاخلاقي والاجتماعي والسياسي... هم حكموا على تاريخنا انطلاقا من حاضرنا ورسموه على شكل كاريكاتيرات...
اعتقد من الضروري ان نصحح حالنا وواقعنا لكي نشرف انفسنا واسلافنا، وحينها لن يكون هناك مجال لاحد ان يشوه ماضينا.والله يعلم
رضا بدر الدين
11:49 صباحاً 2006/02/04
10
لجم الطابور الخامس يخرس الغرب
كما هي عادة الغرب يطبق مقولة اكذب اكذب إلى ان تصدق اكذوبتك ففشل عندما حاول التدخل بإلاعلام عندما حاول ان يسن قانون عبر مجلس الامن لايحدد مسار الأعلام وخصوصاً الذى يدعو للتطرف حسب زعمة والان يقومون بتلك الحملة على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تحت ذريعة الرأى الحر والسبب نحن وليس هم لاننا نقوم بدور الغرب عندما يقوم بعضاً من أبناء المسلمين بأعمال ارهابية واجرامية يضل اعلامنا يبحث عن الاسباب وكأن الجرائم والاعمال الارهابية لم تحدث بالتاريخ الحديث والقديم من جميع الملل لكن الاخر عندما يقوم بأعمال اجرامية تمحى من الذاكرة وهذا ما جعل الاخر يستهين بنا لاننا نسير معه بدون أعطاء تفسير واضح للأرهاب والحرب الجادة عليه بكل أشكالة ان كان ذا طابع رسمي او فردى اسلامي اومسحي لايهم المهم ان يكون الرفض لجميع الجرائم والعقاب يطال الجميع عند ذلك يصمت الغرب والطابور الخامس لاكثرهم الله.
طارق بن محمد
12:41 مساءً 2006/02/04
11
هؤلاء اما ملاحدة او ارهابيين صليبيين حاقدين!!!
اصحاب الكاريكاتور، ومن تعاطف معهم او لم يفهم مدى تأثير ذلك على شعور المسلمين، اما ان يكونوا ملاحدة لا تهمهم المشاعر الدينية قاطبة (اسلامية ونصرانية ويهودية)، واما ارهابيين فكريين من الصليبيين الحاقدين، ولا اقول النصارى لأن منهم من تقزز من هذا العمل وكأنه مسه مباشرة لعلمهم ان للحرية حدود لا يجب ان تتعداها، لكن من ليس له مبدأ او ان الحقد ملأ قلبه، فنتوقع منه الكثير!(10/44)
شخصيا لا استغرب ان يقوم حاقد بما قام به لأن الرئيس بوش نفسه، قدوة المحافظين الجدد راعي الحرية والديموقاطية (!!!)، نفّس عن ما يكنه صدره وما يخفيه عقله الباطن من ان الحرب على الارهاب التي اطلقها هي حرب صليبية!
نعم ان اول الحرب كلام، الله يكفينا شرها، ويحفظ علينا ديننا، ويحمي لنا اوطاننا، ويديم علينا امننا واماننا.
ابراهيم
ابراهيم اسماعيل
01:09 مساءً 2006/02/04
12
التركيز على الدنمارك فقط
نعم يا اخوان التركيز على الدنمارك فقط ولا نتشتت فتفشل مقاطعتنا الشعبيه وتتوسع الدائره ويضعف موقفنا فلا ناخذ بعدها لا حق ولا باطل الدنمارك فقط الدنمارك
ابو ياسر
04:23 مساءً 2006/02/04
13
لغرب والحريه\الحريه التى وصل اليها الغرب المتقدم بتداء من رفض سيطرت الكنيسه على كل شى الى التهجم على الا نبياء عليهم السلام
لقد وصل الغرب الى ا كبر من الوقاحه بدء با السماح بممارست الشذوذ الجنسى
وزواج المحارم والا حتجاج على الله تعالى الله عن ما يقولون علوا كبير ليس جديد
فمعظم هذا كله تجده فى كتب العهد القديم وكل ذالك نتج عن تعسف الكنيسه فى القرون الوسطى
وقد كانت الكنيسه هى القوه المسيطره على الحياهحتى انها ترفض العم والتعليم
وقد كان مصير كثير من العلماء القتل اوالحرق حسب تعاليم الكنيسه فى ذالك
العصر وبعد فصل الدين عن السياسه عن ضهور العلمانيه اصبح كل شى مباح
حتى الكنيسه والقساوسه الذين كانو يرفضون الزواج ومتع الحياه تغيروا فمنهم
من فضل الزواج ومن هم زاول الشذوذ وهذا نتيجت الكبت
وتسلط الكنيسه فى ذلك الوقت اما الان فان الحريه عندهم لاحدود لها
وما حث فى المانيا قبل عدت اسابيع عند ما قا بعض الا لمان برسم ملكة
بريطانيا والرئيس بش وبلير فى منظر مسى للخلاق على احد جدران برلين
وقدا راد مجموعه من المتطرفين ان يجروا المسلمين الى مواجهه مع العالم
الغربى وهم يعلمون ان المسلمون لن يرضوا بان ينال احد من سيد البشر
محمدصلى الله عليه وسلم وانه سوف يكون لهاذ الامر تداعيات خطيره
اولا تصفيت حسابات بين الشركات التى تسيطر على المال
وضرب مصالحها فى العالم الاسلامى ثانيا استدراج الجاليات الا سلاميه
للقيام با اعمال عنف لكى يتم ضربها ونبذها من المجتمعات الغربيه
وتوسعت شقة الخلاف بين المسلمين ووصمهم با الارهاب كا العاده
وقد كان هذا الامر مد وس بعنايه ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل
نحن نملك اموالنا ونقول لن نشترى بعد اليوم من اى بلد يريد ان ينال من
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتم احرار ونحن احرار ان نشتر ممن نريد
ونقاطع من نريد.
ابو مهند
alsauf@msn.com
ابو مهند
05:04 مساءً 2006/02/04
14
دعم التعريف بالاسلام خير من المقاطعة !؟
ليس اكبر من شيء يرفع الراس بين العالمين من حميا الامة المسلمة في هذا البلد المقدس لكل ما يمس الاسلام و المسلمين في العالم و لو كره المبطلون.
و لعلها الغضبة اليعربية الاسلامية من شعب نبيل يهوى التضحيات و يعشق التحديات.
لكننا لا نزر وازرة بازر اخرى و من تعاليمنا كل نفس بما كسبت رهينة و ان ليس للانسان الا ما سعى و لا يجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلوا اعدلو.. والله يحب المقسطين.
و لو كنا نفكر او يفكر لنا لعلمنا الفرق بين استثمار الاحداث للاضافة الى رصيد الامة بين اهل النرويج و الدنمارك و بين زيادة اعداد اعدائنا او جر غيرهم الى معاداتنا تعصبا و نصرة لقطعة قماش دسناها باقدامنا و لم تشفنا لنا غليلا و لا حققت لنا مكسبا.
و لماذا لا نعامل الناس بما عاملهم النبي نفسه عليه الصلاة و السلام حيث تقول عائشة رضي الله عنها انه لم يغضب لنفسه قط.
ايها الاحباب الغاضبين مهلا فليس بالغضب سادت رسالة محمد و انما بتلك التعاليم التي قالها النبي صلى الله عليه و سلم حين قال اوصاني ربي بتسع منها العدل في الغضب و الرضى و ان اعفو عن من ظلمني و ان احسن الى من اساء الي و ان اصل من قطعني.
والى ان نعي ان دعم الدعوة و التعريف بالاسلام في المجتمعات الغربية و الجاليات المسلمة هناك و منها النرويج و الدنمارك هو خير لنا من مقاطعتها سيعلم الفارق بين النضج و عدمه و سيعلم ان لنا عقولا تفكر و تعلم مكر اعداء الاسلام بجرهم الى معاداة الشعوب من اجل صحيفة مغرضة ماكرة و بالله التوفيق.
علي الجهني
05:34 مساءً 2006/02/04
15
نعم للمقاطعة ولننذر بالقرآن
سلاح المقاطعة حاد ونتائجه فعالة لكن أرجو أن لا نضع الغرب باكمله في كفة واحدة وأن ننذر بالقرآن كما أمر الحق جل وعلا (نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكّر بالقرآن من يخاف وعيد).
فهيم منذر
05:58 مساءً 2006/02/04
16
الحمد لله تعالي أن العالم بأجمعه اعترف بأن الدينمارك هي البادئة بالشر(10/45)
الحمد لله تعالي لم نغلط علي الدينمارك ولم نبادؤها بأي عداء ولا بغيره... الحمد لله أن العالم كله رأي بأم عينه بأن الدينمارك هي من اعتدت علينا أولا ونحن لم نخطأ مع الدينمارك بأي خطأ. دائما كان الغربيون والمتحررون من أبناء جنسنا يتهموننا زورا وبهتانا كمسلمين بأننا ضيقوا الأفق ولا نتقبل الآخر وليس عندنا مرونة في تقبل الآخرين و جامدون ولا نستطيع التعايش السلمي مع من يخالفنا في الدين و و و و و و و... الخ. ولكن وبحمد الله تعالي فقد شاهد العالم بأم عينه أننا كمسلمين لم نخطأ علي الدينمارك بشئ ولم نسؤها بأي شئ بأي شئ بأي شئ ومع ذلك هي التي اعتدت علينا واستمرت بغيها دون أن نفعل لها شئ وباصرار وحقد أسود ودفين... الحمد لله تعالي أنه سقط القناع الزائف التي كانت تلبسه الدينمارك وغيرها من الدول التي تزعم الحرية واحترام الآخر وقبلها كانت فرنسا التي لم تتحمل حرية اختيار بنات الإسلام للبس الحجاب وفرضت عليهن خلعه وإلا. وبالأمس يسأل أحد المذيعون إعلامية بريطانية كانت تتكلم عن الحرية إن كانت تستطيع أن تمارس هذه الحرية في التشكيك في المحرقة اليهودية فردت قائلة بما معناه:" صحيح نحن نلاحظ أن الحريات في بلدنا تمارس مع طرف دون الآخر " يعني أنها تستطيع أن تمارس الحرية بالتعرض الإسلام ولكنها لا تستطيع ممارسة الحرية في التعرض لليهود... فأي حرية هذه ؟
وأنا أوجه سؤالا لدعاة التحرر والحرية في بلدنا: ما رأيكم فيما قامت به الدينمارك من إساءة لنا دون أن نتعرض لها بأي سوء؟ هل هذه الحرية والتحضر التي تنادون بها وتفاخرون بها في هذه الدول الغربية؟ من منا لم يحترم الآخر ؟ نحن أم الدينمارك؟ من منا لم يكن مرنا في تقبل الآخر؟ نحن أم الدينمارك؟ من منّا تهجم عي الآخر؟ نحن أم الدينمارك؟ من منا ضاق بالآخر؟ نحن أم الدينمارك ؟ وخاصة أن الدينمارك تبعتها الدول الأوربية ( المتحضرة) كفرنسا والنرويج وأسبانيا في الهجوم والإستهزاء بنا... لم تكن الدينمارك حالة استثنائية وشاذة.
ولكننا نركز بالمقاطعة علي الدينمارك لكي لا نشتت جهودنا ولأنها أول من سن هذه السنة السيئة.
عبدالعزيز
08:01 مساءً 2006/02/04
17
انا اريد ان اعرف من هو المتورط في قنوات التلفزة بوجود فتيات عاريات مع العلم
السعودي مكتوب عليها لااله الا الله محمد رسول الله,يجب على العالم الاسلامي
ان يعرف هذه الجريمة لانها اكثر جرما من كاريكاتور الدانمارك
خليل بوقب
09:41 مساءً 2006/02/04
18
إلا حبيبنا محمد-صلى الله عليه وسلم-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...أمابعد:-
بصراحه تامة.
لقد كنت افكر في جميع النقاط الساخنه المذكورة هنا من قبل اخواني الاعزاء,
وكنت مشغولا في كيفية ان استطيع ذكرها مرتبه ومن يكون الأول ومن يكون التالي,,,
ولكن-ماشاءالله عليكم- جميع كلماتكم البراقه والهادفه والنابعه من قلب غيور في جسد كل مؤمن محب لدينه ولنبيه محمد-صلى الله عليه وسلم-,
لكل منكم موضوعه الهادف اللامع في سماء هذه القضية الحساسه, القضية الاكثر اهمية التي تحتاج الا قلوب نابضه بالايمان والمحبه والموده,والعقول الراكده المفركه بكيفية المدافعه بعقلانيه بحته وعدم التهجم العشوائي,
فلم استطع ان اضيف شيئا جديدا على ماذركتوه هنا,
ولكن اقول بعبارة واحده وبصرخة المسلم المؤمن المجاهد بقلمه المدافع عن دينه
وهي عبارة( إلا حبيبنا محمد-صلى الله عليه وسلم-), كل شئ في هذه الدنيا الزائله, كل شئ يهووون إلا ان يمسوا حبيبنا -صلى الله عليه وسلم- بكلمة واحده,
لو قلنا انها مجرد اقلام ولن تؤثر بديننا بشي, فسوف يستخف الغرب بنا,فيتركون الاقلام ويأتوا بشي اشد منه وهكذا تدريجيا حتى لايكون هناك دين اسمه الاسلام على وجه الكره الارضيه,صحيح مسلمون ولكن لو سكتنا عن هذه السخريه الناجمه عن عقول صغيره مصيرها جهنم باذن الله , فلن نسمى مسلمين بعدها ان لم ندافع عنه - صلى الله عليه وسلم - فعن من ندافع,
أحبائي لا اريد الاطاله ولا اريد ان اكون ثقيل الظل عليكم هذا ماستطعت ذكره,
فان اخطات فمن نفسي والشيطان, وان اصبت فمن الله.
لكم خالص حبي. اخوكم الصغير.
أحمد
10:53 مساءً 2006/02/04
=====================
الإسناد عند المحدثين الدلالة التاريخ المنهج
رضا أحمد صمدي
تمهيد:
لا يبدو لنا جليا بداية التاريخ الدلالي لكلمة الإسناد ومتى ابتدأ أول استعمال لهذا الاصطلاح؟ لكن إطلاق كلمة الإسناد -الذي هو مصدر أسند- على سلسلة رواة الخبر يشير إلى تطور اصطلاحي منهجي في نقل الكلمة من معنى لغوي حقيقي إلى معنى عرفي لم يكن شائعا ليصبح لغة يعرفها الصغير والكبير بل الجاهل والعالم.
ولن نهتم كثيرا بالبحث الدلالي لكلمة الإسناد بقدر ما سنعتني – إن شاء الله – بالبحث التاريخي لنشأة الإسناد وتطوره تنظيرا وتطبيقا.(10/46)
فنظرية الإسناد هي من أهم نظريات النقد عند المحدثين وسنطيل النفس في تنظير هذه القضية ولم شتات ما قيل فيها إن شاء الله تعالى.
ونبدأ بتأريخ الإسناد وتأصيله شرعا ثم نعرج بتأريخ نهاية تطبيق الإسناد كآلية لنقل ورواية الأحاديث.
البداية والنهاية
نشأة الإسناد
حول تاريخ نشأة الإسناد تبرز نظريتان شهيرتان في الأوساط العلمية، سأحاول عرضهما ثم مناقشتهما وترجيح ما تقتضيه الوثائق والنصوص المعتمدة.
النظرية الأولى: الاختلاق
مضمون هذه النظرية أن أكبر جزء من الأسانيد في كتب الحديث اعتباطي وأن الأسانيد بدأت بشكل بدائي ووصلت إلى كمالها في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري… وأن الأسانيد كانت تلصق بأدنى اعتناء. [1]
وتَزَعَّم هذه النظرية وروج لها فذاعت في أوساط المستشرقين بل في الوسط العلمي العربي بأسره المستشرقُ "شاخت" حيث زعم أنه درس أسانيد كتب السيرة والفقه وتوصل من خلال دراساته إلى نظرية سماها "القذف الخلفي" أو : Projecting Bac وأن هذه النظرية هي التي أدته إلى اكتشاف تاريخ اختلاق الإسناد.
وقد امتدح المشرقون نظرية "شاخت"، ووصفوها بأنها إسهام قيم جدا لدراسة التطورات في الأحاديث النبوية ، لأن هذا المنهج لا يعطينا فقط التاريخ الذي نسب فيه حديث ما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،بل يعطي المدلول الدقيق لتلك الأسانيد ،وهو أن الجزء السفلي من الأسانيد صحيح بينما الجزء العلوي الموصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم خيالي وزائف. [2]
ولم تكن دراسات "شاخت" هي الوحيدة في إطار جهود المستشرقين، فقد ابتدأت هذه الجهود في القرن الثامن عشر، حيث برز "الأمير كايتاني" توفي سنة 1926 و"ميور" توفي 1905 و"شبرنجرا" توفي1893، واهتم الثلاثة بتاريخ السنة، واعتقدوا نظرية الشك في صحة الأحاديث ،وسعوا للكشف عما أسموه المادة الأصلية للحديث.
ثم تولى كِبْرَ هذه النظرية مِنْ بعدهم اليهودي المجري "جولدزيهر" الذي استعان بمنهج النقد التاريخي الأوروبي في دراسة الحديث ، حيث توصل إلى فكرة تطور الأسانيد والمتون في الفكر الإسلامي، ويرى أن وضع الحديث بدأ في جيل الصحابة المبكر وإن كان يثبت وجود مادة أصلية كما ذهب كايتاني وشبرنجر وميور.
ولقد صارت دراسات "جولدزيهر" دستورا للمستشرقين من بعده، وقليل ما هم الذين انتقدوها، أما الأكثرية الساحقة فاكتفوا بتعميق آرائه بإضافة براهين جديدة، فكان منهم "فنسنك" الذي ركز على أحاديث العقيدة، و"جوزيف شاخت" الذي ركز على أحاديث الأحكام. [3]
وسنعرض لنموذج واحد من دراسات أولئك المستشرقين ونتناولها بالمناقشة لنعرف قيمتها العلمية، وسنركز على فكرة الاختلاق المتمثل في نظرية القذف الخلفي عند "شاخت" باعتبارها من أقوى الاتجاهات التي سادت أوساط المستشرقين بل وبعض الباحثين المسلمين في العصر الحاضر.
نظرية القذف الخلفي:
خلاصة نظرية القذف الخلفي عند "شاخت" أنه يفترض وجود راو واحد في سلسلة الإسناد هو محوره، وهو واضع الإسناد من الجزء العلوي والحديث أيضا، وأما من فوق هذا المحور فلا وجود له في الواقع ،وإنما هو من اختلاق هذا الراوي المحور، واستند إلى هذه الفرضية بناء على دراسة لإسناد واحد في كتاب "اختلاف الحديث للشافعي" نلاحظ أن ذلك الحديث ورد بالأسانيد الآتية
فقد لاحظ شاخت أن عمرو بن أبي عمرو هو الراوي المشترك في الأسانيد كافة وانه من الصعوبة بمكان أن يكون عمرو قد تردد بين مولاه وبين رجل مجهول (من بني سلمة) ليكون سنده المباشر. [4]
ولقد ناقش الأستاذ الأعظمي "نظرية شاخت" بأسلوب علمي راق وأثبت ما يلي:
أولا: أن "شاخت" جاء بمثال واحد فقط لإثبات نظريته مع ادعائه تعميم هذه الظاهرة في الأحاديث، وهو مخالف لمنهج الاستقراء العلمي.
ثانيا: أن هذا النموذج الذي بني عليه "شاخت" دراساته أو نظريته عليه مآخذ منها:
1- أن "شاخت" أخطأ في تشجير الإسناد، وكان حريا أن يجعل شيوخ عمرو اثنان لا ثلاثة وتكون شجرة الإسناد هكذا:
وإنما عمد شاخت إلى تكثير شيوخ عمرو لإحداث تأثير كاذب ليثبت نظرية القذف الخلفي.
2- أن "شاخت" لم يمعن النظر في نصوص الشافعي في كتاب: "اختلاف الحديث" أو لم يفهمها، فقد أراد الشافعي من سوق تلك الأسانيد والمقارنة بينها إثبات أن تلاميذ عمرو رووا الحديث عن شيخ واحد فقط وهو عمرو نفسه، ولكن الذي سمى شيخ عمرو أنه رجل من بني سلمة إنما هو طريق عبد العزيز، وأما إبراهيم وسليمان فطريقهما سمى شيخ عمرو أنه المطلب واعتبر الشافعي إبراهيم -وهو ابن أبي يحي- أقوى في الحفظ من عبد العزيز وتابعه على ذلك سليمان وأن الرواية عبد العزيز خطأ.
ومن هنا يتضح -كما يرى الأستاذ الأعظمي- أن هناك إسنادا واحدا وعن طريقه روى عمرو بن أبي عمرو هذا الحديث عن المطلب وعلى هذا ينبغي أن تكون شجرة الإسناد هكذا: [5](10/47)
يقول الأستاذ الأعظمي: لذلك.. فكل ما قاله شاخت وما بنى عليه من البيانات والادعاءات ذهب سدى.. ثم يقول: "وبعد.. فإن سلمنا ادعاء شاخت بأن عمرو بن أبي عمرو ادعى أنه روى هذا الحديث عن عدة أشخاص وهو الراوي الوحيد عن هؤلاء جميعا، فهذه حادثة فردية، ولا يبدو إطلاقا أن شاخت بذل وقتا كافيا في بحث أسانيد أكثر الأحاديث، الأمر اللازم لتكوين نظرية من هذا النوع فضلا عن دراسة لظاهرة أسانيد الأحاديث الفقهية كافة، وإلا فتكوين نظرية وإعطاؤها صبغة الوقوع الغالبي والاعتيادي بناء على هذه الدراسة الضئيلة الهزيلة ليس ذا قيمة في مجال البحث العلمي.." ثم يقول: "هذا النوع من الأسلوب اللاعلمي في البحث يثبت في الواقع جنوح شاخت إلى الهوى بدلا من البحث العلمي النزيه" [6].
والواقع أن المستشرقين كافة صدروا عن جهل محقق بنظام الإسناد وروحه واعتمدوا على دراسات خاطئة في المنهج العلمي والاستقراء مع ضميمة العجمة في اللغة مما أوقعهم في كثير من الاستنتاجات المتناقضة [7].
والواقع أن هناك أسبابا كثيرة تبطل نظرية الاختلاق وتثبت أن الأسانيد نشأت نشأة طبيعية في الوسط العلمي الإسلامي وباستلهام لفكرة الإسناد من روح النصوص الشرعية نفسها التي حثت على تبني هذه الطريقة في حفظ النقول وتبليغها.
ومن الأسباب التي تبطل نظرية الاختلاق:
1- كثرة الأسانيد. فطرق الأحاديث تبلغ مئات الألوف إن لم يكن أكثر، ولو اعتبرنا عملية حسابية في الإسناد مبنية على التضاعف العددي للرواة لمدة ثلاثة أجيال رووا حديثا واحدا لعلمنا ضخامة العدد. وهذه الكثرة قرينة قوية على استحالة الاختلاق إذ يبعد أن يكون الانتحال صفة مشتركة بين آلاف الرواة في كل جيل ثم لا يأتي ما يفيد هذا التواطؤ الواضح.
2- تشابه الكثير من المتون مع أن أسانيدها مختلفة ورواتها متباعدون إقليميا. فتجد الكثير من الأحاديث التي تشترك في لفظ واحد مع أن مخارجها عن صحابة مختلفين متفرقين في الأمصار والذين رووا عنهم أيضا من أماكن متفرقة بعيدة عن بعضها، والقول بالاختلاق يعني ضرورة عقد مؤتمر دائم يضم الرواة من الشام ومصر والعراق والحجاز وخراسان وغيرها، وهذا مع أنه لم ينقل حدوثه فهو مستحيل يعرفه كل من طالع التاريخ الإسلامي.
3- أخلاقيات الرواة التي اشتهرت وذاعت، ومآثرهم الذي لم يجحدها جاحد، تمنع من اتهامهم باختلاق الأحاديث، والمستشرقون يعلمون أن الرواية العربية تحفظ المثالب كما تحفظ المناقب، وإذا كانت فرية افتراءها أعرابي على حضري أو سرقة ارتكبها شاعر في قصيدة عن غير قصد، تنقل بين الرواة حتى تبلغ الآفاق، أفلا يكون اختلاق آلاف الأسانيد حدثا جديرا بنقله عن أولئك الرواة المختلقين.
4- روح ونظام الإسناد، وأخلاقية منهج الرواية والنقد عند المحدثين – والتي سيأتي بيانها – تحيل حدوث اختلاق مقصود ثم تداوله على أنه صحيح معتمد.
النظرية الثانية :تطور الإسناد
تعني هذه النظرية أن آلية الإسناد أو نظامه لم يأخذ الهيئة الكاملة ولم يعتمد بصورته التامة إلا عبر مراحل زمنية متعاقبة.
لكن ينبغي التنبيه إلى نقطة مهمة متعلقة بفكرة تطور الإسناد، وهو أن بعض المستشرقين قالوا بهذه النظرية، لكنهم اعتبروا تطور الإسناد بمعنى اختلاقه أيضا وانتحاله عبر بعض الرواة، وقد استخدموا كلمة التطور لإثبات نظرية الاختلاق التي تكلمنا عنها، [8] أما التطور الذي نعنيه هنا فالمراد به مرور الإسناد بمراحل زمنية تفاوت فيها اهتمام النقلة والرواة في الالتزام بالهيئة الكاملة للإسناد.
وتعتمد هذه النظرية على أثر لمحمد بن سيرين يقول فيه: " لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم". [9]
وواضح من الرواية أن محمد بن سيرين – وهو تابعي معروف توفي 110هـ – انه أرخ بداية الاهتمام بالإسناد عند وقوع الفتنة.
ونلفت الانتباه إلى أن هذا الأثر إنما أرخ لبداية الاهتمام بالإسناد، ولبداية الجرح والتعديل، حيث ورد في الإشارة إلى السؤال عن أحوال الرجال.
كما أن الأثر واضح في أن الإسناد كان موجودا قبل هذه المرحلة، وغاية ما حدث هو بداية الاهتمام به والسؤال والتفتيش عنه.وسنحاول التعرف على تاريخ الفتنة التي ابتدأ اهتمام الإسناد عندها عند الكلام عن نظرية الجرح والتعديل لكننا نشير إشارة بسيطة إلى استنتاجات بعض الباحثين ونرجئ مناقشتها إلى الموضع المذكور .
لقد ذهب الأستاذ أكرم العمري أن المراد بالفتنة المذكورة في أثر ابن سيرين هو زمن مقتل عثمان حيث ظهر الوضع وبرزت الانشقاقات عن الجماعة، ويفسر أثر محمد بن سيرين السابق بأثر آخرله استعمل فيه كلمة الفتنة، وهي قوله: « ثارت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف لم يخف منهم أربعون رجلا [10].(10/48)
ويعتمد الأستاذ محمد الأعظمي على نفس أثر ابن سيرين في الفتنة ويجزم بأن المراد بها فتنة علي بن أبي طالب ومعاوية [11].
لكن الأستاذ الأعظمي ينبه إلى ما أ شرنا إليه في بداية المبحث وهو أن كلام ابن سيرين يفهم منه "أن استعمال الأسانيد كان موجودا ومعروفا كل ما هنالك أن الناس ما كانوا يدققون فيستفسرون وكان الأمر متروكا للراوي نفسه إذا أراد أن يبين شيخه أولا " [12].
لكننا نرى أن في كلام لأستاذ الأعظم توسعا ، لأن معنى عدم التدقيق و الاستفسار وأن ذكر الشيخ كان متروكا للراوي .. معنى ذلك عدم وجود حقيقة الإسناد فيكون كلامه متناقضا حيث أنه أثبت في بداية العبارة وجود الأسانيد واستعمالها وشهرتها .
و الأولى أن يقال في تفسير أثر ابن سيرين إن الأسانيد كانت موجودة ومستعملة لأنها كانت منبعثة من روح الشريعة كما سنعرف ، لكن الالتزام بالهيئة الكاملة للإسناد والتفتيش عن الدجال وتلمس احتمالات الكذب لم يكن ملتزما في الصدر الأول لتعاملهم في مسألة نقل الشرع على البراءة ، إذ لم يتفش الكذب ، بل يكن يتصور أحد أن يكذب أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل على ذلك أثر أنس ابن مالك حيث يقول :"ليس كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه ولكن حدثنا أصحابنا ونحن قوم لا يكذب بعضهم بعضا " [13]. وقال البراء بن عازب : "ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحدثنا أصحابنا عنه ،كانت تشغلنا عنه رعية الإبل " [14] وفي رواية :"ولكن الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ فيحدث الشاهد الغائب" [15].
أصل الإسناد .التأصيل الشرعي
لقد وجدت نصوص كثيرة تثبت أن الإسناد لم يكن إلا تطبيقا طبيعيا لما دلت عليه تلك النصوص وأرشدت إليه .
فمبدأ إحالة القول إلى قائله عن طريق الرواة والنقلة – وهو روح الإسناد – موجود في أصل أدلة الشرع.
فالآيات تصرح بان جبريل كان هو الواسطة في الوحي بين الله تعالى وبين النبي صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى: ( نزل به الروح الأمين على قلبك..)
وقال تعالى : ( إن هو إلا وحي يوحى . علمه شديد القوى. ذو مرة …) وهو جبريل عليه السلام . وقال الله تعالى : ( وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم).
ولعلنا بهذا التخريج نفهم سر بدء البخاري أبواب صحيحه بباب بدء الوحي، حيث أورد فيه حديث هيآت الوحي التي كان يأتي بها جبريل عليه السلام. فالسر والله أعلم أن بيان السنة من الوحي [16] ،وأن الوحي يتلقى بالإسناد و النقل عن الثقة الأمين وهو في الحديث جبريل عليه السلام، فكأنه إشارة إلى تأصيل مبدأ الإسناد من إرشاد الشرع إلى اعتماده طريقة في نقل الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأولى بالمكلفين أن يعتبروه وسيلة في تداوله بينهم على نفس الجادة والطريقة.
وقد وردت أحاديث أخرى تفيد الإشارة إلى استعمال الإسناد في تبليغ الوحي ونقل النصوص. فعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأدّاها، فَرُبَّ حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " [17].
ويروى أيضا عن زيد بن ثابت [18] وجبير بن مطعم [19] .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن يسمع منكم" [20]، ويروى عن ثابت بن قيس أيضا [21].
ومما يدل على أن مبدأ الإسناد كان شائعا حديث ضمام بن ثعلبة، وهو أعرابي كان في البادية، جاءه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض عليه الإسلام، فجاء ضمام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: صدق..قال : وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا . قال: صدق…" [22] .
وفي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قعد على المنبر فقال: "أيها الناس : حدثني تميم الداري أن أناسا من قومه كانوا في البحر .."الخ حديث الجساسة المشهور [23].والشاهد في إسناده صلى الله عليه وسلم القصة إلى قائلها ، وذُكِر هذا الحديث مثالا لرواية الأكابر عن الأصاغر.ومن تطبيقات ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقن القرآن لأصحابه كما تلقاه من جبريل عليه السلام ، وكان يحفظ عنه الصحابة ويكتبون ، وعندما جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما اعتمد زيد بن ثابت في نقد مصادر الآيات القرآنية فكان يعتمد على ما وجد مكتوبا ومحفوظا معا ويشترط توافر اثنين يحفظان القراءة التي يراد إثباتها في المصحف الإمام [24] . فكان هذا التوجيه النبوي والتطبيق العملي من الصحابة من أسس نظرية الإسناد ، إذ استوحى المحدثون منه فكرة صحة النص بناء على توافر شرط النقل المتصل عن العدول الضابطين، وغدا بمثابة الأصل العام الذي استحضره منهج النقد عند المحدثين في كل طور من أطواره.(10/49)
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» [25] .فإن هذا الحديث المتواتر الذي رواه العشرات من الصحابة دليل على فشو الإسناد بينهم ، وهو النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو لم يكن إسناد القول إلى قائله أمرا شائعا وطريقا مسلوكة لما كان لهذا الحديث معنى. ولأجل هذا الحديث تزايد حرص الصحابة وتثبتهم في نسبة أي شئ إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن هؤلاء الذين ثبت عنهم الاحتياط في قبول الأخبار : أبو بكر الصديق [26] وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب [27] .
إن النصوص والآثار التي سقناها تثبت وجود الإسناد منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أخذ ينمو من حيث المادة والاهتمام به عبر الأجيال حتى أخذ مكانته اللائقة والمحورية كعلو وأساس في منهج نقد الآثار والنصوص على يد علماْ القرن الثاني الهجري.
نهاية تطبيق مبدأ الإسناد في الرواية
أما وقد انتهينا إلى أن نظرية الإسناد نشأت مع النصوص الشرعية ذاتها، وأن صورته لم تنشأ متأخرة أو تتطور بالاختلاف كما زعم الزاعمون، فنحتاج إلى أن نؤرخ لنهاية الإسناد كآلية مستخدمة في نقل وحفظ الروايات .
ويجب أن نؤكد على قضية بالغة الأهمية قبل التعرض للمسألة المذكورة، ألا وهي أن الإسناد كما علمنا من خصائص هذه الأمة المباركة [28] كما ذكر غير واحد من أهل العلم ، لذا فإن ديمومة وجود الإسناد أمر يجب ألا يكون محل تشكيك أو تهوين، فأسانيد المصنفات وكتب العلم الشرعي التي ضمنت فيه النصوص الشرعية مازالت متداولة حتى عصرنا الحالي ، وأهميتها تكمن في البعد التوثيقي للمصنفات، وبذلك تتميز هذه الأمة عن كل الأمم بأن كتبها تتوثق على مر العصور نسبتها فيؤمن الانتحال فيها ويستيقن من نسبتها لأصحابها [29]
لكننا في الوقت نفسه يجب أن نعترف أنه بعد انتهاء عصر الرواية لم يعد إسناد المتأخرين هذا هو مجال النقد ،فالنقد العلمي ينصب أساسا على الإسناد الوارد في المصنف الذي صحت نسبته لمؤلفه إلى صاحب الخبر أو النص ،ولهذا نحتاج إلى تأريخ زمان انتهاء عصر الرواية، وانصرام تطبيق نظرية الإسناد عمليا .
من المتفق عليه بين النقاد أن أسانيد المتأخرين في هذه العصور إلى المصنفات المشهورة مثل صحيح البخاري وسنن أبي داوود ومسند أحمد وصحيح ابن حبان لم تعد محل دراسة أو مجال نقد، لأن البحث فيها لا طائل إذ اشتهار تلك المصنفات وذيوعها وتعدد نسخها في العالم ضمين بعدم حصول انتحال لأي جزء منها أو زيادة أو نقص فيها.
ولو تعد أسانيد المتأخرين يراعى فيها ما يراعى في أسانيد المتقدمين من شروط الضبط والإتقان والتيقظ ونحو ذلك.
يقول ابن الصلاح: «إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شئ من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته، فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد ، لأنه ما من إسناد من ذلك إلا وتجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه جريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان، فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف، وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة زادها الله شرفا.آمين» [30](10/50)
ويبين ذلك في موضع آخر قائلا :" أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه، فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم ، وكان عليه ما تقدم ،ووجه ذلك ما قدمناه في أول كتابنا هذا من كون المقصود المحافظة على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد، والمحاذرة من انقطاع سلسلتها ، فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده ، وليُكْتَفَ في أهليه الشيخ بكونه مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بالفسق والسخف ،وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم ، وروايته من أصل موافق لأصل شيخه، وقد سبق إلى نحو ما ذكرنا الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى، فإنه ذكر فيما رويناه عنه توسُّعَ مَنْ توسَّعَ في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا تحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم، ووجه ذلك بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقعت بين الصحة والسقم قد دُونت وكُتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ، ولا يجوز أن يذهب شئ منها على جميعهم ، وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها، قال البيهقي: ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته، والحجة قائمة بحديثه برواية غيره ، والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا، وتبقى الكرامة التي خصت بها الأمة شرفا لنبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم" [31].
وقد ذهب الذهبي إلى انتهاء عصر الجرح بانتهاء المتقدمين، واعتبر الحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر هو رأس الثلاثمائة [32]. فما بعد عام 300 هـ يعتبر عند الذهبي من المتأخرين، ولا يدخل فيما يجب معرفته فيه من جرح وتعديل على الوجه المطلوب في المتقدمين، وما ذلك إلا لانتهاء عصر الرواية في تلك الفترة غالبا، وصار من يصنف إنما يعول على رواية كتب بإسناده إليها، وأمن تخليطه فيما يروِي لاعتماده على نص مدون مشهور معروف متداول .
ولكن هذا لا يعني أن المحدثين تخلوا عن نظرية الإسناد في تلك الفترة التي حدها الذهبي فاصلا بين المتقدمين والمتأخرين، بل باستقراء عصر ابن الصلاح نفسه- الذي نقلنا كلامه آنفا -وجدنا أنه ما زال هناك البعض ممن يعتبرون الإسناد في رواية الحديث، ومنهم الحافظ ضياء الدين المقدسي صاحب الأحاديث المختارة، [33] فإنه ألف كتابه في استدراك الأحاديث الصحيحة التي ليست في الصحيحين، ومعلوم أنه كان يعتبر إسناده في رواية تلك الأحاديث.
ويمكننا أن نعتبر الحافظ ضياء الدين المقدسي من آخر المصنفين للكتب على طريقة الإسناد، بمعنى أنه وضع مصنفه في الأحاديث كاملا على وفق نظرية الإسناد رواية وتطبيقا –نقدا- ويكون منتصف القرن السابع الهجري هو آخر عهد الإسناد.
وهذا لا يفيد نفي وجود الأحاديث أو الآثار المسندة في بطون المصنفات، فإنه وجدت الأحاديث المسندة في بطون كتب الرجال والفقه والتاريخ والأجزاء الحديثية الصغيرة، ولكن التصنيف لم يأت على هيئة الإسناد وعلى وفق نظريته في كامل الكتاب إلا كما في كتاب ضياء الدين المقدسي.
وقد تبين لي باستقراء الاتجاهات العلمية الحديثية أنه عندما ابتدأت نظرية الإسناد في الاندثار رواية ؛ أن المؤلفات في كتب الرجال قد ابتدأت في النشاط والنمو، وصارت جهود المحدثين مصروفة إلى تتبع رجال أسانيد المتقدمين، مما يوحي بأن الأوساط العلمية قد أدركت عقم التعويل على أسانيد المتأخرين ، وأن الأجدى الاقتصار على دراسة ما اشتهر من أسانيد المتقدمين وتسليط جهود الفحص والنقد والتفتيش إليها .
ولا يدل ذلك على بخس لقيمة نظرية الإسناد عند المتأخرين، بل إنهم حافظوا على الإسناد كتقليد علمي مصون لتوثيق المصادر والكتب لكنهم لم يعولوا عليه في نقد النص، فصار التعويل على أسانيد المتقدمين مما أتاح نشوء فترة علمية ازدهرت فيها علوم النقد، وتطور التأليف وتنوع على وجه لم يحدث في أي علم من العلوم الأخرى .
وقد عنى المحدثون بدراسة كل المصنفات التي اعتمدت الرواية بالإسناد وقاموا بتصنيفها على حسب جودة أسانيدها، فاعتمد جمهورهم الكتب الستة -صحيحي البخاري ومسلم وسنن النسائي –المجتبى- وأبي داود والترمذي وابن ماجة، مع مسند أحمد وموطأ مالك وسنن الداري وصحيح ابن خزينة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم - اعتبروا هذه المصنفات هي الأصول الأصيلة التي جمعت جل المادة الحديثية المروية بأسانيد معتبرة أو قابلة للاعتبار.
ثم قاموا بجمع ما ورد من تراث المتقدمين في نقد الرجال على هيئة معاجم تذكر فيها كل المعلومات المتعلقة بالرواة مثل الكمال في أسماء الرجال لابن ماكولا وثقات العجلي وتهذيب الكمال للمزي ومصنفات الذهبي وابن حجر وقَطْلُوبَغَا في التراجم والرجال مما يعد من مفاخر الحضارة الإسلامية.(10/51)
ومع ضميمة ذلك وجدت كتب الفهارس التي تعين على معرفة أطراف الحديث وزوائده مثل أطراف المزي والمطالب العالية لابن حجر ومجمع الزوائد للهيثمي.
وقد برع المحدثون بتصنيف كتب معينة في مجال النقد مثل كتب الأنساب والأسماء المشتبهة والمدلِّسين والمختلِطين والعلل والمصطلح ، بحيث يندر أن توجد كلمة في إسناد أو متن إلا وقد استوفوه بالبيان .
ثم ارتقت عناية المحدثين بابتكار كتب تخريج الأحاديث ، وهي التي تعنى ببيان مواضع ودرجات الأحاديث التي وردت في كتب الفقه والتفسير الشهيرة ، تيسيرا على الفقهاء والعلماء في العلوم الأخرى الذين لا باع لهم في علوم النقد. [34]
وبهذا نعلم أن الإسناد وان انتهى تطبيقا في مجال الرواية إلا أنه ظل المجال الذي يعتمد عليه المحدثون في عمليات النقد.
الخلاصة:
1- نشأة الإسناد نشأة طبيعية مع النصوص الشرعية نفسها إذا اقتضى الأمر حفظها ونقلها، فاستخدم الإسناد وسيلة لذلك.
2- بطلان نظرية اختلاق الإسناد التي قال بها المستشرقون، والتي بنوها على دراسة خاطئة لمادة الأسانيد في العصور المبكرة.
3- تفاوت الرواة - في بداية عهد الإسناد - في الاهتمام بهيئة الإسناد فكان الجمهور ملتزما بصورته ومادته ثم تطور الاهتمام بهيئة الإسناد حتى غدا تقليدا علميا صارما فيما بعد.
4- انتهى عصر تطبيق نظرية الإسناد في منتصف القرن السابع الهجري، بمعنى عدم الاعتماد على الإسناد في الرواية وتناقل النصوص، وصار المعول على المصنفات المشهورة التي جمعت تلك النصوص واعتمدت الأسانيد الواردة فيها كتكون مجالا للنقد.
5- نشطت المؤلفات المنية بنقد الأسانيد حتى غدت فترة نهاية تطبيق الإسناد رواية من أكثر عصور النقد الحديثي ازدهارًا.
الإسناد في منظومة المعرفة الإسلامية .التأصيل والتنظير:
إن كل هذه النصوص استدعت اهتمام المحدثين ونادت على قريحة نقادهم فصاغوا معانيها في عبارات تنظيرية وجمل تأصيلية توحي بتنبههم منذ وقت مبكر إلى خطر الإسناد فغدت عباراتهم بمثابة دستور لهذه النظرية وأساسا لبنائها الشامخ.
وسنورد هنا جملة من تلك العبارات التي نظر بها المحدثون النقاد لمبدأ الإسناد حضور هذه النظرية في فكرهم النقدي، وأن منهجهم قام على أسس نظرية عميقة كما أسلفنا في المقدمة.
يقول عبد الله بن المبارك:«الإسناد عندي من الدين، ولولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء ولكن إذا قيل له: من حدثك؟ بَقِيَ» [35].
قال تلميذ ابن المبارك الذي روى عنه هذه الرواية :" ذكر ابن المبارك هذا عند ذكر الزنادقة وما يضعون من الأحاديث".
وقال عبد الله بن المبارك أيضا :« بيننا وبين القوم – أي المبتدعة والكذبة- القوائم –يعني الإسناد-». [36]
وعن إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال :" قلت لعبد الله بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء:« إن البر من بعد أن تصلي لأبويك مع صلاتك، وتصوم لهما مع صومك»، فقال عبد الله : يا أبا إسحاق: عمن هذا ؟ قلت له : هذا من حديث شهاب بن خراش، قال : ثقة ، عمن؟ قلت : عن الحجاج بن دينار، قال ثقة ، عمن ؟ قلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال يا أبا إسحاق بين الحجاج بن دينار وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاوز ينقطع أعناق المطي، ولكن ليس في الصدقة خلاف" [37].
وعن علي بن حجر قال: سمعت ابن المبارك يقول : " إن الله حفظ الأسانيد على أمة محمد صلى الله عليه وسلم" [38].
شرح عبارة ابن المبارك :«الإسناد عندي من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ، ولكن إذا قيل له : من حدثك ؟ بقي»
تأتي أهمية هذه العبارة في أنها تنص على جلالة الإسناد، وترد أصوله إلى الدين نفسه، وذلك على ضوء ما ذكرنا من النصوص الشرعية التي تنوه بمبدأ الإسناد في نقل النصوص الشرعية.
واستعمال عبد الله بن المبارك لكلمة «الإسناد » دليل على حصول صورة الإسناد في ذهنه ووعيه لمدلولها.
وجعل الإسناد من الدين تنبيه إلى دستورية «الإسناد » - لو جاوز التعبير – ، فليس الإسناد عند ابن المبارك مجرد تقليد فني اعتمدته طائفة المحدثين من عنديات فنونهم أو بنيات أفكارهم وقرائحهم ، بل هو نفس هذا الدين أي ناشئ عنه ومعمول به لمقتضى النصوص التي نوهت به وأرشدت إليه وحضت عليه، أو المراد أن الالتزام في نقل النصوص بالإسناد دليل على ديانة الراوي وأنه ليس من أصحاب السمر والقصص والقيل والقال، وأنه باستعماله الإسناد قد انخرط في سلك من يعتمد عليهم من أهل الديانة في تبليغ نصوص الوحي المطهر.(10/52)
وقد قصد ابن المبارك بالإسناد مطلق الإسناد، سواء كان رجاله ثقات أو غيرهم ، فعبارته تحض على معرفة سند الرواية وحفظ هذا السند وتبليغه مع الرواية بعض النظر عن حال رجال السند، وذلك أن ابن المبارك يُنَظِّرُ مبدأً يسير عليه كل الرواة والنقلة ، وليس مجرد النقاد والخبيرين بمنهج الجرح والتعديل، مما يدل على ذلك قوله في نفس العبارة:«فإذا قيل له: من حدثك؟ بقي» [39]، أي أنه يجزئه أن يذكر من نقل عنه الرواية وحدثه ليخرج من العهدة جريا على المبدأ المعروف عند المحدثين أن « من أسند فقد أحال » .
وقد ظن الإمام أبو إسحاق الشاطبي أن قول ابن المبارك :" الإسناد من الدين " ليس معناه قول المحدث : حدثني فلان عن فلان مجردا ، بل يريدون ذلك لما تضمنه من معرفة الرجال الذين يحدث عنهم حتى لا يسند عن مجهول ولا مجروح ولا متهم إلا عمن تحصل الثقة بروايته، لأن روح المسألة أن يغلب على الظن من غير ريبة أن ذلك الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم [40] .
وليس ما ظنه الشاطبي بصحيح بل إن ابن المبارك قصد مجرد قول المحدث : حدثني فلان عن فلان، وأن في عناية الراوي بهذا السند ضمانة لمعرفة الصحيح والسقيم.
ومما يدل على ذلك أن الحافظ أبا حاتم الرازي كان في مجلس فقال : « لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار نبيهم وأنساب سلفهم إلا في هذه الأمة ، فقال له رجل: يا أبا حاتم، ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح ، فقال أبو حاتم : علماؤهم يعرفون الصحيح والسقيم فروايتهم ذلك-أي الحديث الواهي – للمعرفة، ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها » [41]
فأبو حاتم يعتبر حفظ الإسناد ولوكان واهيا سببا لتمكن النقاد بعد ذلك من تمييز الصحيح من السقيم ، وهذا هو لب نظرية الإسناد :لأنه يعتمد الإسناد آلية لنقل النصوص وقالبا يوضع فيه كل الرواة الذين نقلوا النص طبقة عن طبقة ، حتى إذا ما أراد ناقد دراسة هذا النص ومعرفة أصالته أو زيفه استطاع أن يجد المجال الذي يجري فيه نقده وبحثه.
ومما يدل على ذلك أيضا أن ابن المبارك نفسه سئل عن الأحاديث الموضوعة التي يرويها الوضاعون بالأسانيد ، فقال : "تعيش لها الجهابذة" [42].
فالنقاد هم الذين يتصدرون لتلك الأسانيد الضعيفة والموضوعة ويغربلونها ويعرفون من الذي وضعها أو من الذي أخطأ فيها ، وإذا لم ترو هذه الأسانيد ولم تنقل كما هي فكيف سينقد النقاد ، وما هي الوسيلة إذن لمعرفة الصحيح والسقيم ؟
وممن نظر لمبدأ الإسناد ونوه به أبو عمرو الأوزاعي حيث قال : « ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد » [43]
وقال شُعبة ابن الحجاج أبو بِسْطَام الواسطي البصري:"كل حديث ليس فيه حدثنا أو أخبرنا فهو خَلُّ وبَقْل " [44].
وكان ابن شهاب الزهري إذا حدث أتى بالإسناد ويقول : «لا يصلح أن يرقى السطح إلا بدرجه» [45].
وكان الأعمش – سليمان بن مِهْرَان – يحدث بالحديث ثم يقول :« بقي رأس المال : حدثني فلان قال : فلان عن فلان » [46].
وكان بَهْزُ ابن أسد يقول :" لا تأخذوا الحديث عمن لا يقول : ثنا " وكان بهز إذا ذكر له الإسناد الصحيح يقول : « هذه شهادات العدول المرضيين بعضهم على بعض » وإذا ذكر الإسناد فيه شئ -أي ضعف- قال : « هذا فيه عُهْدَة » ويقول : « لو أن لرجل على رجل عشرة دراهم ثم جحده لم يستطع أخذها إلا بشاهدين عدلين، فدين الله أحق أن يؤخذ فيه بالعدول » [47]
وعن عُتْبَة بن أبي حكيم أنه كان عند إسحق بن عبد الله بن أبي فروة - أحد الضعفاء المتروكين – وعنده الزهري، فجعل ابن أبي فروة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الزهري: قاتلك الله يا ابن أبي فروة ، ما أجرأك على الله ، لا تسند حديثك ، تحدثنا بأحاديث ليس لها خُطُمٌ ولا أَزمَّة». [48]
هذه النقول السابقة جملة مما ورد عن السلف المتقدمين في بيان أهمية الإسناد مما يدل على إدراكهم لدوره في مجال نقد الحديث.
وقد اقتبس النقاد من هذه النقول فحوى نظرية الإسناد عند المسلمين، وصاغوا فلسفتها منذ وقت مبكر .
قال الحاكم في معرفة علوم الحديث : « فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له وكثرة مواظبتهم على حفظه لَدَرَسَ منارُ الإسلام ، وتمكن أهل الإلحاد والبدع منه بوضع الأحاديث وقلب الأسانيد ، فإن الأخبار إذا تَعَرَّتْ عن وجود الإسناد فيها كانت بُتْرَاً » [49].
وهذه صياغة راقية -مبكرة - لفلسفة الإسناد ، فالحاكم يعتبر الإسناد قطعة من الخبر نفسه ، فإذا ذكر الخبر دون إسناده كان أبتر، والأبتر والأقطع لا قيمة له .(10/53)
« وقال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدَّغُوِلّي السَّرْخَسِي : سمعت محمد ابن الحاتم بن المُظَفَّر يقول : إن الله تعالى قد أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد ، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد ، وإنما هي صُحُفٌ في أيديهم ، وقد خلطوا بكتبهم أخبارَهم ، وليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل مما جاءهم به أنبياؤهم وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات ، وهذه الأمة الشريفة - زادها الله شرفا بنبيها - إنما تنص الحديث- أي ترويه وترفعه- عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم ، ثم يبحثون أشد البحث، حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأضبط فالأضبط ، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقصر مجالسة ، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها - أي طريقا- وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا ، فهذا من أفضل نعم الله على هذه الأمة، فنستوزع اللهَ شكر هذه النعمة وغيرها من نعمه، ونسأله التثبيت والتوفيق لما يقرب إليه ويُزْلِفُ لديه ، ويمسكنا بطاعته إنه ولي حميد [50].
وقال ابن حزم في الفِصَل الملل والنحل: "نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال ، ويخبر كل واحد منهم باسم الذي أخبره ونسبه ، وكلهم معروف الحال والعين والعدالة والزمان والمكان خص الله به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها ، وأبقاه عندهم غَضَّا جديدا على قديم الدهور، يدخل في طلبه إلى الآفاق البعيدة مَنْ لا يُحصِي عددَهم إلا خالقُهم ، ويواظب على تقييده من كان الناقل قريبا منه . قد تولى الله حفظه عليهم والحمد لله رب العالمين فلا تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في شئ من النقل إن وقعت لأحدهم ولا يمكن فاسقا أن يقحم كلمة موضوعة ولله تعالى الشكر. وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من اليهود ولكنهم لا يَقْرُبُون فيه من موسى عليه الصلاة والسلام قُربَنَا من محمد صلى الله عليه وسلم ، بل يقفون بحيث يكون ببينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرا في أزيد من ألف وخمسمائة عام ، وإنما يبلغون بالنقل إلى شمعون ونحوه ، وأما النصارى فلبس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق وحده فقط، على أن مخرجه من كذاب قد صح كذبه ، وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود والنصارى. وأما أقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب بني أصلا ولا إلى تابع له، ولا يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولص " [51].
ومما تجدر الإشارة إليه أن خصيصة الإسناد في الأمة الإسلامية استقرت في تراث أهل ألسنة على وجه الخصوص دون سائر الفرق من أهل البدع والأهواء.
وقد نبه إلى هذه الحقيقة شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في منهاج السنة : «الإسناد من خصائص هذه الأمة وهو من خصائص الإسلام ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة، والرافضة اقل عناية به إذ لا يصدّقون إلا ما يوافق أهواءهم ، وعلامة كذبه – أي عندهم – أنه يخالف هواهم ، ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم . وأهل البدع سلكوا طريقا أخرى ابتدعوها واعتمدوها ولا يذكرون الحديث بل ولا القرآن في أصولهم إلا للاعتضاد لا للاعتماد » [52].
ويعلق على هذا الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة قائلا: « هذا الاهتمام العظيم بالإسناد خاص بأهل السنة ولم يكن لدى الشيعة الأمامية اهتمام بالإسناد لأنهم يقولون: إن أحاديثنا كلها قطعية الصدور عن المعصوم وما كان كذلك فلا يحتاج إلى ملاحظة سنده. نقله عنهم أحد كبار علماء الشيعة عبد الله المامقاني المتوفى سنة 1351هـ في كتابه « تنقيح المقال في علم الرجال » (1/177) ثم نازع هو في قبول هذا القول بوجود الحاجة إلى ملاحظة أحوال الرجال . وجاء في كتاب « تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة» للدكتور عبد الله فياض في ص 140 قوله : ولما كان الإمام معصوما عند الإمامية ، فلا مجال للشك فيما يقول . وفي ص 158 قوله أيضا : إن الاعتقاد بعصمة الأئمة جعل الأحاديث التي تصدر عنهم صحيحة دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما هو الحال عند أهل السنة» [53].(10/54)
ويشرح خصيصة الإسناد لدى الأمة العلامة مصطفى صبري التوقادي – خاتمة شيوخ الإسلام في الدولة العثمانية – ضاربا المثال بصحيح الإمام البخاري رحمه الله يقول : « الطريقة المتبعة في الإسلام لتوثيق الأحاديث النبوية أفضل طريق وأعلاها لا تدانيها في دقتها وسموها أي طريقة علمية غريبة اتبعت في توثيق الروايات ، ففي صحيح البخاري مثلا ألفان وستمائة واثنان من الأحاديث المسندة سوى المكررة انتقاها البخاري من مائة ألف حديث صحيح يحفظها وفيه قريب من ألفي راو اختارهم من نيف وثلاثين ألفا من الرواة الثقات الذين يعرفهم وكتاب البخاري البالغ أربع مجلدات كبيرة يبقى بعد حذف أسانيده على حجم مجلد واحد متوسط الحجم فهل سمعتم وسمعت الدنيا أن كتاب تاريخ في هذا الحجم يروى مافية سماعا من ألفي رجل ثقة يعرفهم المؤلف وغيره من أهل العلم بأسمائهم وأوصافهم على أن تكون كل جملة معينة من الكتاب مؤلفة من سطر أو أكثر أو أقل تقريبا سمعها فلان وهو من فلان إلى أن تصل – الإسناد والسماع – بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقام لكل سطر من سطور الكتاب تقريبا شهود من الرواة يتحملون مسؤولية روايته» [54].
ويظهر مما سبق أن الإسناد قد استقر في وجدان المسلمين عامة وأهل العلم خاصة أنه خصيصة الأمة وروح الرواية وجوهر النقل الذي تحتاجه نصوص الشرع.
ومن ثم لم يتردد المحدثون في اعتباره واجبا دينيا بجب على المسلمين القيام به والمحافظة علية.
يقول ابن حجر العسقلاني في شرح النخبة: « ولكون الإسناد يعلم به الحديث الموضوع من غيره ، كانت معرفته من فروض الكفاية» [55].
ويؤكد ذلك الشيخ على القارئ فبقول: « أصل الإسناد خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة من السنن المؤكدة بل من فروض الكفاية» [56].
وفرض الكفاية كما هو معروف عند الأصوليين: ما يجب على مجموع الأمة فإذا قام به البعض -قياما كافيا - سقط عن الباقين [57] .
خصائص الإسناد:
يقول الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة: " وقد نشأ عن اهتمام المحدثين بالإسناد ووضوح أهميته في تلقي المنقول أن اشترط –الإسناد- في تلقي سائر العلوم الإسلامية كالتفسير والفقه والتاريخ والرجال والأنساب واللغة والنحو والأدب والشعر والحكايات ،حتى دخل في سياق الكلمة الواحدة من أخبار الحمقى والمغفلين وأخبار المضحكين ونوادر الطفيليين، كما دخل في سياق الكلمة الواحدة في التفسير…" [58].
إن نظرية الإسناد صارت مرتكزا علميا في معظم العلوم الشرعية جعلت الإمام الشافعي ينظر لهذا المرتكز في أبيات شعرية يقول فيها:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه: قال حدثنا وما سوى ذلك وسواس الشياطين
ولقد سرت تطبيقات نظرية الإسناد إلى كل العلوم الأخرى لأنها كانت السمة العلمية المعتبرة في ذلك الوقت، ويمكننا أن نجمل خصائص نظرية الإسناد فيما يلي:
أولا: أكسبت نظرية الإسناد في منهج النقد عند المحدثين وجاهة بين العلوم الشرعية كما علمنا، فتسارع أصحاب العلوم الأخرى إلى اقتباس تلك النظرية وتطبيقها في كل الفروع.
ثانيا: أعطت نظرية الإسناد للنقد العلمي شفافية لا يمكن أن تتوفر بدونها، فصار النقد العلمي سهلا ومباشرا وواضحا.
ثالثا: جمع الروايات بأسانيدها وطرقها المتعددة لم يكن ترفا علميا أو مفاخرة بالكثرة كما ظن البعض، بل كان مقصودا لدى جهابذة النقد لتحقيق منهج النقد على أسس عملية سلمية، وكانت مقولتهم الشهيرة التي تختصر المنهج في كلمتين وهما: " قَمِّشْ ثم فّتِّشْ" أي اجمع ثم افحص وانقد.
رابعا: لم تقف نظرية الإسناد عند مجرد الرواية، بل عمل المحدثون على تطوير منهج النقد حتى يكون أكثر تقعيدا وتأصيلا، وتسلم من احتمالات الخطأ أو تقل احتمالاته فيه.
خامسا: صاحب الإسناد في كل أجياله – طبقاته- عملية توثيقية بالغة الإتقان في الرواية -تحملا وأداء- والكتابة -تصحيحا وتدقيقا- وفي الرواة - جرحا وتعديلا- وفي معرفة الروايات -نقدا وتعليلا- فصارت نظرية الإسناد بناء متكاملا، وعلى أساسه بنيت كل العلوم الشرعية الأخرى.
سادسا: لقد أتاحت نظرية الإسناد للنقاد أن يتناولوا النصوص والآثار بالبحث في صحتها عن طريق الملاحظات الدقيقة بحيث تبعد أحكامه عن نطاق الخرص والرجم بالغيب ، وتكون مبنية على أعلى شروط من الدقة والموضوعية والأمانة، ولم يكن ثمة بديل آخر لهذه الأمة عن طريق الإسناد في حفظ النصوص، وإلا كان شأنها شل شأن الأمم السابقة التي انفلتت منها أسانيد كتبها فتفرقت نصوصها أيادي سبأ.
سابعا: لقد كان الإسناد هو المحور الذي تطور حوله جهود المحدثين في تعلية منهج النقد، فكل محاولة في تهذيب هذا المنهج وتلافي قصوره أو ابتكار ما يزيده تقه وشفافية إنما كان يعتمد على مبدأ وجود الإسناد ولولاه كانت تلك الجهود التي بذلت في التصنيف في الجرح والعلل جهودا غير ذات موضوع، لأنها فقدت المحور الذي تعتمد عليه ومنه تنبثق.(10/55)
إن كل هذه الخصائص غفل عنها أصحاب منهج النقد الأوروبي وهم يدرسون نظرية الإسناد عند المحدثين، فلقد أشار" شبر نجر" إلى تعاسة نظام الإسناد وأن اعتبار الحديث شيئا كاملا سندا ومتنا قد سبب ضررا كثيرا وفوضى عظيمة1.
وأما "ميور" معاصر "شبر نجر" فينتقد طريقة اعتماد الأسانيد في تصحيح الحديث لاحتمال الدس في سلسلة الرواة [59].
ولا يخفي "مرغليوث" تبرمه وإعجابه معا من نظرية الإسناد وحين يقول: "ولكنه بالرغم من أن نظرية الإسناد سببت متاعب لا نهاية لها أحيانا بسبب الأبحاث التي ينبغي القيام بها لتوثيق كل راو، وإلفهم وضع لأحاديث وتقليدها أحيانا في سهولة ، لا يمكن الشك في قيمتها في قيمتها في ضمان الصحة، والمسلمون على حق في فخرهم بعلم الحديث". [60]
تدوين الأسانيد وحفظها
في بدايات القرن العشرين اشتهرت في الأوساط العلمية دراسات «جولدزيهر» و «شاخت» وأضرابهما من المستشرقين، وقد تركزت أهمية دراساتهم حول مصادر التلقي عند المسلمين، وبخاصة حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ووجدت هذه الشهرة أصداءها جنبات الأكاديميات العلمية في أرجاء العالم الإسلامي، وأعجب بها الكثير من الكتاب والمفكرين المسلمين، وكان من أكثر القضايا التي أحدثت ضجيجا قضية تدوين السنة.
فقد اشتهرت دراسات المستشرقين الألمان بخاصة بعمق وتحليل أضفى على أبحاثهم الوجاهة لدى العلماء والمفكرين، وتجدر الإشارة إلى دراسات «وشبرنجر» و«جولدزيهر» و «شاخت» .
وقد صدرت معظم هذه الدراسات عن قناعة من أصحابها بأن « التدوين للسنة لم يبدأ إلا في القرن الثاني الهجري» وأن هذه الفترة التي عول فيها المحدثون على الرواية الشفهية كانت فترة حافلة بعمليات وضع واختلاق الحديث بدوافع سياسية وكلامية ومذهبية [61].
وممن تأثر بهذا الاتجاه الفكري وتبنى طرحه في صورة الأدب والتاريخ والبحث العلمي كُتَّابٌ في العالم الإسلامي نذكر منهم أحمد أمين وأبا رية وغيرهما [62].
ولضراوة الهجمات التي مارسها المستشرقون ومن اقتنع برأيهم من المسلمين صارت قضية تأخر تدوين السنة من القضايا المسلمة لدى الباحثين، ومع كثرة ترداد قضية اختلاق ووضع السنة صارت الجمهرة من المثقفين المسلمين على قناعة بان أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كلها موضوعة، أو محل شك كبير على أقل تقدير. ولكن مع مضي النصف الأول من القرن العشرين صدرت مجموعة من الدراسات ذات القيمة العلمية العالية ، قام بها باحثون مسلمون وكانت معظمها في أكاديميات غربية، وخلصت تلك الدراسات- التي اعتمدت على وثائق محققه ومدروسة بعناية- إلى أن السنة قد دونت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم شأنها شأن القرآن ، وأن الأجيال المتعاقبة من لدن الصحابة حتى عصر التدوين المتوسع كانت تقوم بكتابة الأحاديث على نطاق متأصل ، لكنه لم يأخذه مداه وبعده المتوسع كتقليد علمي إلا في عصر التدوين الذي يبتدئ في نفايات القرن الأول الهجري.
ومن الدراسات القيمة في هذا الصدد والتي تجدر الإشارة إلى قيمتها العلمية ودراسات كل من:
1- الأستاذ محمد الأعظمي صاحب: « دراسات في الحديث النبوي » والذي كان أطروحة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كامبردج . وقد اعتمد الأستاذ الأعظمي في دراساته على مخطوط قديم يعود إلى منتصف القرن الأول الهجري وهي "نسخة سُهيل بن أبي صالح "إضافة إلى استقصاء واسع لكل المصادر الحديثية بغية الوصول إلى إشارات تاريخية عن مدونات حديثية مبكرة، قد توصل إلى مئات النصوص الواضحة الصريحة التي تثبت وجود تدوين للسنة منذ عهد مبكر. وقد تناول الأستاذ الأعظمي دراسات المستشرقين وبالأخص « جوزيف شاخت» وحاول معرفة سبب النتائج الخاطئة التي وصلوا إليها فأشار إلى أن من أهم الأسباب عدم الاعتماد على منهج علمي واستقراء كاف ،مع وجود نصيب كبير من الهوى والحقد [63].
2- ا ... لأستاذ محمد عجاج الخطيب صاحب « السنة قبل التدوين »، وقد كانت نتائج بحثه شبيهة بنتائج أبحاث الأستاذ الأعظمي.
3- الأستاذ امتياز أحمد الذي أجرى دراسات معمقة لنيل درجة الدكتوراه في جامعة أدنبره ببريطانيا عن أطروحته: « دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث».
4- الأستاذ محمد حميد الله صاحب « مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة. دار النفائس .ط 1405هـ .
5- الأستاذ فؤاد سزكين . الباحث الشهير، والذي أجرى دراسات بلغت الغاية في الدقة والاستقصاء وتوصل إلى نتائج أبعد مدى من السابقين حيث استنتج من دراسات أسانيد البخاري وبعض المصنفات الأخرى أن جملة المرويات الشفوية التي تداولها المحدثون في مصنفاتهم عبر سلاسل الإسناد تشير في الواقع إلى مصادر تحريرية حتى ولو ظهر في بادئ الأمر أنها تدل على الرواية الشفوية.
وقد أودع دراساته هذه في بحث خاص عن صحيح البخاري طبع بالألمانية، وفي ثنايا موسوعته الكبرى عن «تاريخ التراث العربي».(10/56)
لقد تكفلت هذه الدراسات بدفع الفرية الكبرى التي ظلت تحتل مكانة مرموقة في الأوساط العلمية في أوروبا وفي العالم الإسلامي وهي أن « السنة لم تدون إلا في عصر متأخر مما أدى إلى سهولة سريان حركة الاختلاق إلى مادتها» لكن هذه الدراسات كلها اتفقت على مبدأ التدوين على حساب التهوين من مبدأ الرواية الشفوية التي كانت تعتمد على الحفظ ، أعني حفظ الصدر الذي يعتمد على الذاكرة [64].
والملاحظ أن نظرية أولئك الباحثين كانت أشبه برد نعل عكسي ومضاد لافتراآت المستشرقين ، فقد أقام المستشرقون أبحاثهم على أساس أن المحدثين كانوا يعتمدون على الرواية الشفوية التي مبناها على الحفظ والذاكرة [65] وذلك لأجل إثبات وقوع الاختلاف والتحريف فكانت أبحاث العظمي وسيزكين وغيرهما تصب في اتجاه إثبات العكس بغية درء تهمة الاختلاف والتحريف.
وقد حاول الأستاذ سيزكين رد الفهم الخاطئ للمستشرقين في هذا الباب إلى عدم إدراكهم لمعاني الاصطلاحات الحديثية مثل « حدثنا » و «أخبرنا » و « عن» إذ يرى – سيزكين – أن هذه الألفاظ لا تدل بالضرورة على روايات شفوية، بل إن بعضها قد يستخدم في الإجازة والنقل عن مرويات تحريرية [66].
والواقع أن أحكام المستشرقين التي دارت حول قضية الحفظ والذاكرة ناشئة بالدرجة الأولى عن الآراء المسبقة التي تشبع بها المستشرقون أو عن التراث الحضاري الغربي الذي بفكر به المستشرقون وبه يبحثون ويدرسون … ثم يحكون.
والى هذه النقطة المهمة يشير مستشرق اشتهر بدراساته التاريخية عن التراث الإسلامي وهو فرانز روزنتال إذ يقول : "إن نقطة البداية التي ننطلق منها لفحص تاريخ علم التاريخ أمة أو فترة هي آراؤها الخاصة عن وظيفة التاريخ وواجب المؤرخ، وهذه الآراء هي نتائج زماننا أي لقرنين ونصف القرن الأخيرة من « التاريخية » وهذه الآراء من خصائص المدنية الغربية الحديثة، وعلم التاريخ في أي مجتمع لا يكون جزءا من المدنية الغربية الحديثة، بل يخضع لعوامل محيطية مختلفة وتكيفه قيم فكرية تختلف موازينها اختلافا كبيرا، ويجدر بنا أن نتذكر هذه الحقيقة طوال بحثنا في علم التاريخ الإسلامي» [67].
والعجيب أن روزنتال نفسه أول المخالفين أو المتغافلين عن خصوصيته المعرفة الإسلامية فطفق يهون من شأن قضية الحفظ والذاكرة في كتابه : مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي : « إن العلماء المحدثين – أي المعاصرين – الذين يعيشون في عالم لم تعد فيه أهمية للعلم المحفوظ في الذاكرة يبالغون في الاهتمام بما يسمعونه من أخبار عن قوة الذاكرة التي كان يتميز بها العلماء المسلمون ، بأنهم -كذا - يشعرون أن هذه الظاهرة تتوفر لهم احسن الظروف لدراسة أهمية الرواية الشفوية في نقل الأخبار الدينية والدبية .. نعم إن حفظ القرآن غيبا إلى جانب عدد كبير من الأحاديث والشعار والقصص حقيقة حرية بالاعتبار، ولكن بعد أن وفرت الطباعة طبع المحفوظات على نطاق واسع فإنه إرهاق الذاكرة أصبح من وجهة نظر العالم أمرا لا طائل تحته» [68].
إن هذا الكلام صادر عن قناعة واضحة بآلية معينة في تناول العلوم لم تدرك بعد عمق قضية الحفظ والذاكرة وحقيقتها في منظومة المعرفة الإسلامية.
ليس هذا وجهة نظر فردية بل اتجاه علمي أوروبي غير مقتنع بمنهج المسلمين في حفظ المعلومات عن طريق الذاكرة يقول لانجلوا في « المدخل إلى الدراسات التاريخية»: « هناك طريقة أوغل في الوحشية لن نذكرها إلا من باب الإضراب وتتلخص في تسجيل الوثائق في الذاكرة دون تقيد شئ كتابة ، وهناك من استخدموها ، فبعض المؤرخين الذين وهبوا ذاكرة ممتازة وكسولا (كذا) قد لذ لهم هذا الوهم، وكانت النتيجة أن معظم اقتباساتهم وإشاراتهم إلى المراجع غير حقيقة فالذاكرة جهاز تسجيل بالغ اللطافة لكنه قليل الدقة، ولهذا فان مثل هذه المخاطرة ليس لها أي مبرر» [69].
ويعتبر مرغليوث طريقة الذاكرة- عند المسلمين – سببا لعرقلة جهود هؤلاء الذين حاولوا أن يضمنوا الصحة عن هذا الطريق. [70]
وأشار الأستاذ حسين نصار إلى أن الروايات الكثيرة التي كانت تعتمد غالبا على الذاكرة سببت بعض وجوه من النقص والفوضى، فان النسيان اعترى بعض هؤلاء المؤرخين فجعل بعض رواياتهم تضطرب. [71]
لكن الأستاذ شاكر مصطفى يعترف بوجوب هذه الحلقة – الذاكرة- في دائرة التدوين ألا أنه يجزم بأن« حفظ العلم لم يكن له إلا أضأل الأثر ولا كان له في نقله إلا الدور القصير المحدود» [72] ، لقد كان اتجاها أشبه بالقوانين الخفية يندر أن نجد من يخالفها من الباحثين.(10/57)
وقد تبنى الأستاذ سيزكين [73] هذه القناعة وبني عليها كل ما وجده من نصوص تشير إلى قوة الحفظ الخارقة عند المحدثين داعيا « إلى استخراج الدلالة الصحيحة للأخبار الكثيرة التي تروي أن هذا المحدث أو ذاك، قد حفظ مائتي ألف حديث ونحن نفسر اليوم مثل هذا معجبين بقوة ذاكرة الإنسان في تلك العصور أو معتبرين هذا نوعا من المبالغة أو مطرحين هذا جانبا وكأنه من قصص الكرامات ورغم أن المبالغة في هذا الرقم بديهية في معظم الأحوال إلا أننا نعرف من البحث الدقيق لكتب الحديث أن الروايات المختلفة تدخل أيضا في هذا الحساب وهذه الروايات لا تختلف إلا اختلافا يسيرا يتناول الإسناد وكانت تعد كل رواية قائمة برأسها وبهذا بلغ عدد النصوص بضعة آلاف» ثم يورد الإسناد سيزكين بعضا من الروايات التي تفيد خطأ الرواة الذين اعتمدوا على حفظهم موحيا أن « سائر المحدثين كانوا يلاحظون بسهولة اختلاف الأحاديث المروية من الذاكرة والأخرى المروية عن نص مدون» [74] .
ويشعر المرء أحيانا أن مثل أولئك الباحثين – على نفاسة دراساتهم – يعتقدون أن الحفظ والذاكرة عند المحدثين أسطورة أو خرافة ، أو سبة يجب أن يوجد السبيل لإزالتها ومحو آثارها.
ولا شك أن أبحاث أولئك الباحثين المسلمين كانت ذات قيمة عالية ونتائج حاسمة في أبحاث التدوين المبكر لأسانيد والأحاديث لكنها أغفلت جانبا لا يمكن إنكاره وهو أن الحفظ والذاكرة أو رواية الصدر شكلت أهم الآليات التي اعتمد عليها المحدثون في نقل وحفظ الأسانيد والنصوص وأن التدوين هو الذي كان شأنا ثانويا وذلك في عصر الرواية على الأقل.
وليست الروايات التي تذكر حفظ الأئمة لمئات الآلاف من الأحاديث مجرد كرامات أو قصص أسطورية أو أرقام مبالغ فيها.
وما تأوله الإسناد سزكين من أن تكرار الروايات والأسانيد المتشابهة يختزل العدد إلى بضعة الآلاف لا يدفع وجه العبقرية في أن المحدثين استطاعوا أن يحفظوا هذا العدد من الروايات والأسانيد المتشابهة ذوات الفروق البسيطة بحيث لا يختلط إسناد في إسناد ولا نص في نص مع دقة التشابه ،ولقد كان هذا الحفظ هو عماد النقاد في معرفة الرواية الراجحة عبر الموازنة بين الأسانيد والروايات لمعرفة وجه الخطأ وانتقاء الصواب من ركام الروايات التي يتخلل فيها الخطأ البسيط فيستطيع النقاد تصفية ذلك.
ونستطيع أن نستثني ا الأستاذ محمد عجاج الخطيب والأستاذ صبحي صالح من أولئك الباحثين الذين لم يغفلوا عن دور الذاكرة وحفظ الصدر حيث نبها إلى أن المحدثين « اجتهدوا وسعهم لحفظ الحديث بأسانيد ه في مصنفات ومسانيد تكفل لأهل العلم معرفة القوى الضعيف» [75] .
والدليل على أن الحفظ ورواية الصدر أو الاعتماد على الذاكرة استمر هو التقليد المتبع في رواية الأحاديث الأمور الآتية:
... ... أولا : أن العصور المتأخرة هي التي عولت على المدونات والمصنفات يقول ابن الصلاح [76]:« فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بادراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد لأنه ما من إسناد من ذلك إلا وتجد رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان» .
... ... ثانيا : أن المحدثين قد نصوا في علم المصطلح على أن الرواية الصحيحة المقبولة هي « التي يرويها العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه بدون شذوذ ولا علة» وفسروا الضبط بأنه نوعان :« ضبط صدر وضبط كتاب»، ثم فسروا ضبط الصدر بأنه « الحفظ في الذاكرة بأن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، وضبط الكتاب "بصيانته لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه". [77]
وواضح أن ضبط الصدر يعتمد على الحفظ والذاكرة ومع ذلك فكان الراوي الذي يعتمد على حفظ الكتاب إذا روى من حفظ صدره ضعف ، ونجد في كتب الرجال مصطلحات من قبيل: "صحيح الكتاب" أو "ثقة إذا حدث من كتابه".
وتصحيح الرواية من الكتاب هو الذي استقر عليه عرف المحدثين بعد أن كانت المدرسة الحديثية التقليدية ترفض ذلك وتأباه.
فقد قال أشهب لمالك : الرجل يخرج كتابه وهو ثقة، فيقول: هذا سماعي إلا أنه لا يحفظ؟ قال: " لا يسمع منه" . قال يونس بن عبد الأعلى الراوي عن أشهب : " لأنه إن أدخل عليه لا يعرف". وفي رواية أخرى لمالك قال: " لا يؤخذ منه أخاف أن زاد في كتبه ". [78]
وعن أحمد ابن حنبل قال: لا ينبغي للرجل إذا لم يعرف الحديث - أي يحفظه- أن يحدث. ثم قال : صار الحديث يحدث به من لا يعرفه ثم استرجع. هذا مع أن أحمد ابن حنبل كان لا يحدث إلا من كتابه كما قال علي ابن المديني.
وقال هيثم : من لم يحفظ الحديث فليس هو من أصحاب الحديث ، يجيء أحدهم بكتاب كأنه سجل مكاتب. [79](10/58)
ويعلق الخطيب البغدادي على ذلك قائلا:" ونرى العلة التي لأجلها منعوا صحة السماع من الضرير والبصير الأمي هي جواز الإدخال عليهما ما ليس من سماعهما وهي العلة التي ذكرها مالك فيمن له كتب وسماعه صحيح فيها غير أنه لا يحفظ ما تضمنت، فمن احتاط في حفظ كتابه ولم يقرأ إلا منه وسلم من أن يدخل عليه غير سماعه جازت روايته"… ثم ذكر روايات السلف في ذلك. [80]
والدليل على أن الأصل في قبول رواية الراوي هو حفظه: أن المحدثين لم يقبلوا رواية سيء الحفظ إلا بما رواه من أصل كتابه.
فمن ذلك أن يزيد بن زُريع سئل عن هَمّام فقال: كتابه صالح وحفظه لا يسوى شيئا. وقال ابن عمار: شَرِيك -يعني القاضي- كتبه صحاح، فمن سمع من كتبه فهو صحيح، قال: ولم يسمع من شريك من كتابه إلا إسحاق الأزرق. وقال يحي بن سعيد: إذا حدثكم المعتمر بن سليمان بشيء فاعرضوه فإنه سيء الحفظ. [81]
ثالثا: لو اعتبرنا أن الرواية في العصور المبكرة كانت تعتمد على المصادر المدونة في الغالب كما يقول سيزكين وغيره فإن كل ما دونه علماء الحديث من جرح وتعديل وعلل يكون غير ذي موضوع، لأن الرواية عن الكتب تكون مضمونة عن الأخطاء في الغالب ، ولا يعقل أن تحدث تحريفات أو زيادات في الروايات التي تداولها المحدثون عن الكتب في طول سلسلة الإسناد.
رابعا: إن نظرية الإسناد قامت أساسا على مبدأ الحفظ في الذاكرة، إذ لو كان السلف يعتمدون على المدونات والكتب لتداولها دون تحديث أو مشافهة، لكن النشاط العلمي عندهم كان مبنيا كله على المشافهة، وهذا بعرفه من له أدنى إلمام بتاريخ العلوم الإسلام. ولذلك اشتهر عندهم ذم من يعتمد على الصحف في العلوم، ولهم في ذلك مقولات شهيرة.
يقول الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه " الحث على حفظ العلم ": « فإن الله عز وجل خص أمتنا بحفظ القرآن والعلم ، وقد كان من قبلنا يقرءون كتبهم من الصحف ولا يقدرون على الحفظ، فلما جاء "عزير" فقرأ التوراة من حفظه قالوا :هذا ابن الله ! فكيف نقوم بشكر من خولنا أن ابن سبع سنين منا يقرأ القرآن عن ظهر قلب، ثم ليس في الأمم ممن ينقل عن نبيه أقواله وأفعاله على وجه تحصل به الثقة إلا نحن، فإنه يروي الحديث منا خالفٌ عن سالف، وينظرون ثقة الراوي إلى أن يصل الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأمم يروون ما يذكرونه عن صحيفة لا يدرى من كتبها ولا يعرف من نقلها ، وهذه المنحة العظيمة -أي الرواية- نفتقر إلى حفظها، وحفظها بدوام الدراسة ليبقى المحفوظ…» [82].
خامسا:تشير روايات كثيرة [83] إلى أن كتب المحدثين كانت تبلغ قدرا كبيرا جدا يجعل من المستحيل تصور أن المحدثين كانوا يصطحبونها معهم في كل مجالس تحديثهم، فالمتوجه أن نفترض أن مجالس الحديث كانت تعقد بالاعتماد على الحفظ والذاكرة في الغالب والتحديث من الكاتب كان هو الطارئ.
سادسا: إن دراسة كثير من مصطلحات المحدثين تنبئ بحقيقة مكانة حفظ الصدر عندهم، فمن ذلك اصطلاحهم على تسمية الرواية التي رويت على الوجه الصحيح بالموافقة لروايات الثقات بأنها الرواية"المحفوظة" ، ومن ذلك أيضا استعمالهم اصطلاحات من قبيل :" ضعيف،له أوهام، بغلط" كل ذلك منصرف إلى الحفظ ليس غير، ويمكن للعين الملاحظة أن تدرك المساحة الكبيرة التي تحتلها تلك الاصطلاحات في علم الرجال والعلل وهما عماد علم النقد عند المحدثين.
وقد أبعد الأستاذ سيزكين النجعة حين اعتبر تزكية الأئمة لراو وتلقيبه بـ" صاحب حفظ" أن ذلك مجرد تكريم له [84]، بل إن ذلك له علاقة وطيدة بمنهج نقد الروايات والجرح والتعديل كما يعلم كل خبير بهذا الفن.
سابعا: قال الإمام الترمذي في كتابه :" العلل الصغير ": " وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع…" [85].
كل هذه الأمور تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن حفظ الصدر والذاكرة عند منهج المحدثين في النقد كانت تشكل بعدا عميقا في نظرية الإسناد بحيث يصعب الفصل بين هذه العناصر : ( الحفظ، الإسناد،النقد).
الخلاصة.
1- احتل الإسناد مكانته العالية وتم التنظير العلمي له منذ وقت مبكر على يد المحدثين، وأشهر من نظر له من المتقدمين عبد الله بن المبارك.
2- تميز الإسناد بخصائص ذاتية أهلته أن يكون السمة العلمية التي يتميز بها أصحاب العلوم، كما أنه صار الأساس الذي بني عليه منهج النقد عند المحدثين
3- لقد تم تدرين الأحاديث وأسانيده منذ عصر مبكر، لكن حفظ الذاكرة كان عنصرا مهما في صيانة تلك الأسانيد إلى جانب المدونات، وقد قام منهج النقد عند المحدثين على اعتبار هذا الجانب في ضبط الراوي الذي يستخدم الإسناد في نقل النصوص حتى غدا معيارا لقبول أو رفض روايات النقلة.
________________________________________
[1] - دراسات في الحديث النبوي محمد الأعظمي (2/422).(10/59)
[2] - السابق (2/416) ولقد ركز "جوزيف شاخت "(بريطانيا يهودي) في دراسته على أحاديث الأحكام وأعلن عن نظريته في اختلاق الأسانيد في كتابه: أصول الشريعة المحمدية: The Origin of Mohammedan Jurispro dunce وكتابه الآخر مقدمه في الفقه الإسلامي: Introduction to Islamic Law انظر موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية. أكرم العمري ص73
[3] - أنظر: موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية. أكرم العمري. ص35-38 ودراسات في تاريخ السنة المشرفة له أيضا ص49 ودراسات في الحديث النبوي محمد الأعظمي (2/420)
[4] - دراسات في الحديث النبوي, محمد الأعظمي (2/496-497) والرسم البياني (شجرة الإسناد) المنقولة هنا هو النموذج الذي تصوره شاخت.
[5] - الواقع أن رواية عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة خطأ، والإسناد الخطأ يطرحه نقاد الحديث ما دام وجد الإسناد الذي روي على الجادة، ولا يصحح الخطأ على وفق الرواية الصحيحة ليعتبر قرينا لها، انظر: الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات. طارق عوض الله. ص50.
[6] - دراسات في الحديث النبوي. محمد الأعظمي (2/416-420).
[7] - انظر موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية. أكرم العمري ص52. وفي قضية العوائق التي أدت إلى وقوع المستشرقين في كثير من الأخطاء العلمية أنظر: السنة قبل التدوين. محمد عجاج الخطيب ص382 وموقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية لأكرم العمري ص76. وتاريخ الثلاث الغربي فؤاد سزكين(1/225).
[8] - وهذا هو الذي عناه الأستاذ الأعظمي في نتائج دراساته عن نظرية القذف الخلفي لشاخت حيث استنتج أنه "لم يكن هناك تطور وتحسين في الأسانيد" أنظر: دراسات في الحديث النبوي (2/437)
[9] - رواه مسلم في مقدمة الصحيح (1/15) الترمذي في العلل الصغير ص81 بشرح ابن رجب والخطيب البغدادي في الكفاية ص122.
[10] - رواه عبد الرزاق في المصنف (11/357) و قال الأستاذ العمري : بسند صحيح وانظر : ( بحوث في تاريخ السنة المشرفة لأكرم العمري ص 44)
[11] - دراسات في الحديث النبوي (2/395)
- [12] السابق (2/397)
[13] - رواه الخطيب في الكفاية ص 386
[14] - رواه أحمد في المسند (4/283) و الحاكم في المستدرك (1/95) والخطيب في الكفاية ص 385
[15] - رواها الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 235
[16] - فتح الباري شرح صحيح البخاري. ابن حجر العسقلاني.(1/8)
[17] - رواه الشافعي في كتاب« الرسالة» ص401 وأحمد بن حنبل في المسند (1/437) والترمذي في السنن(3/372) وابن ماجة (1/52) وابن حبان في صحيحه (1/226-227) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/40) وقد أورده السيوطي في الأزهار المتناثرة و الكتاني في نظم المتناثرة وكذلك الزبيدي في لقط اللآلئ . وانظر : لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة . محمد مرتضى الزبيدي ص161.ط بيروت 1985 م.
[18] - رواه أحمد (5/183) وأبو داود ( حديث رقم 3660) والترمذي (3/372) وابن ماجة (1/52) وابن حبان (1/225) والحاكم في المستدرك (1/ 88) وابن عبد البر (1/39).
[19] - رواه أحمد (4/80) والحاكم في المستدرك (1/86-87) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 39) .
[20] - رواه أحمد (4/340) والرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 206.
[21] - رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 206 وضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة (10/196)
[22] - رواه البخاري(1/ 2425 )
[23] - صحيح مسلم (2/2265) حديث رقم 2942. فؤاد عبد الباقي.
[24] - انظر : مقدمة تفسير القرطبي (2/49-59).
[25] - رواه البخاري في مواطن منها (1/52) ومسلم(1/10) وابن حبان في صحيحه (1/214) والحاكم في المستدرك (1/149) والترمذي في السنن(5/35) وضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة(3/22287). وقد حكم الكثير من الحفاظ عليه بأنه حديث متواتر، انظر: لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة محمد مرتضى الزبيدي. تحقيق محمد عطا.ص2261 ط دار الكتب العلمية .بيروت 1985.
[26] - قال الحاكم في المدخل ص 46 عن أبي بكر الصديق :« هو أول من وقى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم » وقال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ (1/2) : « وهو أول من احتاط في قبول الأخبار».
[27] - قال ابن حبان في المجروحين (ص38) : «إن عمر وعليا أول من فتشا عن الدجال في الرواية وبحثا عن النقل في الأخبار ثم تبعهم ناس على ذلك».
[28] - ذكر ذلك لبن الصلاح في المقدمة ص12، ونص على خصيصيتها الزرقاني في شرح المواهب اللدنية (5/398—444774)
[29] - يراجع الباب الرابع من فهارس علماء المغرب ص 421-494. د عبد الله المرابط الترغي . وتشتهر عند المحدثين مقولة أن » الأسانيد أنساب الكتب » وانظر : التأصيل . بكر أبو زيد .ص 75.
[30] - علوم الحديث لابن الصلاح ص12
[31] - علوم الحديث لابن الصلاح ص 132
[32] - ميزان الاعتدال. الحافظ الذهبي .(1/115)(10/60)
[33] - هو الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي واسم كتابه "الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما "مرتب على حروف المعجم ولم يكمله توفي عام 643هج وهي السنة التي توفي فيها ابن الصلاح.
[34] - وقد استوفى مصنفات المحدثين في خدمة السنة والأسانيد العلامة الكتاني في كتابة الرسالة المستطرفة . ويوجد استقصاء مبدع لكتب السنة ومصنفات المحدثين عند حاجي خليفة في كشف الظنون، وقد عني صديق حسن خان ببيان مناهج كتب السنة الشهيرة في كتابه الحطة في ذكر الصحاح الستة، و استوفى تاريخ التأليف عند المحدثين الأستاذ فؤاد سزكين في الجزء الأول من تاريخ التراث العربي ولبروكلمان مادة واسعة عن مصنفات المحدثين لكنها منثورة في أجزاء الكتاب.
[35] - رواه مسلم في مقدمة صحيحه ( 1/87) والترمذي في العلل الصغير ص 87 وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/17) ولبن حبان في كتاب الضعفاء (1/17) والرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 209 والحاكم في معرفة علوم الحديث ص 6 والخطيب النغدادي في الكفاية ص393 وشرف أصحاف الحديث ص 40 والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/147) وابن عبد البر في مقدمة التمهيد (1/56) وأوردها ابن الصلاح في علوم الحديث ص215 ، وابن تيمية في منهاج السنة النبوية ( 4/96) وابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص 268، والذهبي في تذكرة الحفاظ (4/1054) والتاج السبكي في طبقات الشافعية (5/187) والسخاوي في فتح المغيث ص 335 والزرقاني في شرح المواهب اللدنية(5/187).
[36] - رواه مسلم في مقدمة صحيحه (ص12).
[37] - شرح عن الترمذي لابن رجب ص 88
[38]- السابق وقد ذكرنا النقول التي وقفنا عليها لبن المبارك وجمعناها قبل غيرها لأهميتها في تنظير مبدأ الإسناد ولأن عباراته أعمق من غيرها . وخاصة قوله :«الإسناد من الدين ..».
[39] - أي بقي ساكتا مفحما مبهوتا منقطعا. قال الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة: « وهذا أسلوب معروف الاستعمال في محاورات أهل القرن الثاني والثالث والرابع ثم غاب وغمض معناه. انظر : الإسناد من الدين . عبد الفتاح أبو غدة ص53)
[40] - الاعتصام للشاطبي (1/225).
[41] - المواهب اللدنية للزرقاني (5/454) والأجوبة الفاضلة لعبد الحي اللكنوي ص 24
[42] - رواه الخطيب البغدادي في الكفاية ص 37 وأبو وليد الباجي في التعديل والتجريح (1/291) وذكر السيوطي في تدريب الراوي (1/282) وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (3/53): «جهبذ بكسر الجيم والباء الموحدة وبالذال المعجمة هو الفائق في تمييز جيد الدراهم من رديئها والجمع جهابذة وهي عجمية وقد تطلق على البارع في العلم استعارة» .
[43] - رواه ابن عبد البر في مقدمة التمهيد (1/57)
[44] - رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 97 والخطيب البغدادي في الكفاية ص283
[45] - شرح علل الترمذي لابن رجب ص 88
[46] - رواه ابن حبان في المجروحين ص 27
[47] - شرح علل الترمذي لابن رجب ص 88-89
[48] - رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث ص6 والخطم والأزمة جمع خِطام وزِمام : يا يقاد به البعير .
[49] - السابق نفس الصفحة.
[50] - شرح المواهب اللدنية للزرقاني (5/454)
[51] - الفصل في الملل والنحل . ابن حزم الأندلسي (2/81-82)
[52] - منهاج السنة النبوية . أحمد بن تيمية . (7/37) تحقيق محمد رشا وسالم
[53] - الإسناد من الدين . عبد الفتاح أبو غدة ص30
[54] - موقف العقل والعلم والعالم من رب العلمين وعباده . مصطفى صبري.(4/87)
[55] - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح . علي القاري (1/2…-08)
[56] - شرح شرح النخبة على القارئ ص.194
[57] - انظر : اللمع في أصول الفقه لأبي اسحق الشيرازي ص23 وإعلام الموقعين لابن قيم الجوزية (1/353) والموافقات لأبي إسحاق الشاطبي (1/76) والإبهاج في شرح منهاج البيضاوي في أصول الفقه للسبكي (1/100)
[58] - لمحات من التاريخ السنة وعلوم الحديث. عبد الفتاح أبو غدة ص76 وقد أغفل الأستاذ أبو غدة ذكر اهتمام القراء بقضية الإسناد باعتبارها شرطا أساسا من شروط إثبات قرآنية النص أو القراءة وأن هذا الشرط بكل تفاصيله لا يخرج عما قرره منهج النقد عند المحدثين.
1 - موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية، أكرم العمري 40.
[59] - السابق ص 40-41(10/61)
[60] - دراسات عن المؤرخين العرب .مرغليوث بترجمة حسين نصار ص30 ويقول فرانز روزنتال: "لماذا نبدي سخطنا على كاتب يجمع أسانيد تبعث على الضجر، أسانيد لا حصرها لها تتعلق بسيرة رجل أو براوية من رواة الحديث الذين عاشوا في دمشق أو مروا بها لماما، نحن (يشير إلى الباحثين الغربيين) إذا قرأنا في مثيل هذا في كتاب من كتب الغرب قلنا صوابا: إنه عمل عملي وإن صاحبه قام بخدمات علمية جليلة ؟! " (مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي. فرانز روزنتال. ص19) وعبارات هؤلاء المستشرفين تنبئ عن تقصير في دراسة نظرية الإسناد لدى المحدثين، ولا يمكن لأحد أن يدرك فائدة آلاف الأسانيد المروية في كتب الحديث ما لم يتفهم روح نظرية الإسناد ويقف على تاريخه من لدن نشوئه.
[61] - موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية. أكرم العمري ص 36
[62] - الأنوار الكاشفة عبد الرحمن المعلمي. ص8 و ص 72
[63] - دراسات في الحديث النبوي . محمد العظمي . 2/485 فما بعدها و(2/416).
[64] - انظر مثلا تاريخ التراث العربي. فؤاد سزكين . (1/240-243) وفيه يقول : « وعلى كل حال فقد كانت العادة المألوفة في الرواية أن تذكر عبارة «إملاء من حفظه» إذا كانت الرواية تعتمد على الذاكرة وحدها، هذا أمر استثنائي » . وأيضا دراسات في الحديث النبوي. محمد الأعظمي (2/327)
[65] - يمكننا استثناء قرار روزنتال الذي قال في كتابه « مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي » ترجمة أنيس فريحة ص 26: « كان المؤرخون المسلمون كما كان علماء الدين أيضا يعتمدون على الوثائق المدونة ولم يكن للمعارف التي تعتمد الذاكرة شأن في تأليفهم » وسيأتي مناقشة مضمون الجملة الخيرة لروزنتال.
[66] - تاريخ التراث العربي فؤاد سيزكين (1/243-244)
[67] - علم التاريخ عند المسلمين . فرانز روزنتال ترجمة صالح احمد العلي ص 16 وفي كتابه « مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي» يقرر أن آراء الغربيين عن الحضارة الإسلامية كثيرا ما يشوهها شعورهم بالتفوق والعلو شعورا لا يرتكز على منطق وأن من المزالق التي وقع فيها الباحثون الغربيون أنهم يضعون مقاييس صارمة يحكمون بموجبها على ما أنتجه الفكر الاسلامي .انظر ص 18-19 من الكتاب المذكور.
[68] - مناهج العلماء المسلمين في بحث العلمي . فرانز روزنتال ترجمة أنيس فريحة ص 22
[69] - مدخل إلى دراسات التاريخية . لانجلوا و سينوبوس. ترجمة عبد الرحمن بدوي ص 78
[70] - دراسات عن المؤرخين العرب . مرغليوث . ترجمة حين نصار ص32
[71] - نشأة التدوين التاريخي عند العرب . حسين نصار .ص.70 والواقع لأن معظم أفكار هذا الكاتب كانت مجرد صدى لكتاب مرغليوث الذي ترجمته هو نفسه .
[72] - التاريخ العربي والمؤرخون. شاكر مصطفى (1/77)
[73]- الأستاذ فؤاد سيزكين باحث تركي مخضرم هاجر من بلده تركيا لأسباب سياسية-كما يذكر ذلك في مقدمة كتابه « تاريخ التراث العربي» وتتلمذ علىكثير من المستشرقين في ألمانيا حيث حط رحاله، وابتدأ من هناك رحلاته العالمية في البحث عن المخطوطات الإسلامية لتاريخ « التراث العربي » وثقافته- مع ما فيها من ولاء صادق للمسلمين وللتراث الإسلامي – إلا أنها تأثرت بشوب من التراث الحضاري الأوروبي يغتفر له في خضم محاسنه.
[74] - تاريخ التراث العربي. فؤاد سيزكين.(1/22240-243)
[75] - راجع السنة قبل التدوين محمد عجاج الخطيب ص 380. وعلوم الحديث ومصطلحه صبحي صلح ص 23-30.
[76] - علوم الحديث لابن الصلاح ص 23.
[77] - نزهة النظر شرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني ص86-83
[78] - الكفاية في علم الرواية. الخطيب البغدادي ص227.
[79] - أيضا.
[80] - السابق ص229 وانظر علوم الحديث لابن الصلاح ص144
[81] - أنظر الكفاية في علم الرواية. الخطيب البغدادي ص223.
[82] - الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ. أبو الفرج ابن الجوزي .ص 11
[83] - انظر: منهج النقد عند المحدثين محمد الأعظمي ص72
[84] - تاريخ التراث العربي. فؤاد سيزكين (1/242)
[85] - علل الترمذي ص 147 بشرح ابن رجب.
====================
منهج المحدثين في توثيق الإسناد ونقده.
لقد قامت نظرية الإسناد على أساس إتاحة أكبر قدر من عنصر الملاحظة لنقد الخبر والرواية، بحيث ينأى النقد عن مجرد الافتراضات والظنون والأوهام ، ولعل هذا ما يميز منهج المحدثين في النقد عن منهج الغربيين في النقد التاريخي.
فإن منهج النقد التاريخي عند الأوروبيين في أساسه منهج استردادي كما قال اندريه لالاند [1]، ومعنى ذلك أنه لا نصيب له من الملاحظة والتجربة، وهذا ما يعترف به لانجلوا و سينوبوس ، فهما يقولان: " والخاصة المميزة للوقائع التاريخية هي أنها لاتدرك مباشرة، بل وفقا لآثارها ، ولهذا فإن المعرفة التاريخية هي بطبيعتها معرفة غير مباشرة، ولهذا السبب ينبغي أن يختلف منهج علم التاريخ اختلافا أساسيا عن منهج العلوم المباشرة.. وعلم التاريخ مهما قيل فيه ليس علم ملاحظة" [2].(10/62)
فالمؤرخون الأوروبيون قطعوا الأمل في حصول أي نوع من أنواع الملاحظة المباشرة للواقعة التاريخية، والمحدثون قد أدركوا هذه الاستحالة في الواقع العملي لكنهم حاولوا أن يوفروا مجالا لتحقق نوع من أنواع الملاحظة المباشرة حتى يخرج هذا العلم عن حيز الخرص والأوهام.
يقول الأستاذ عثمان موافي:" فمنهج الملاحظة غير المباشرة الذي هو أساس كل بحث تاريخي في عصرنا الحاضر من الصعوبة بمكان أن نصل منه إلى اليقين، بينما المعرفة الإسلامية التي أساسها منهج الملاحظة المباشرة في درجة أقرب إلى العلم واليقين لأنها كما أشرنا ترتد أصلا إلى رؤية حسية مباشرة للظاهرة موضوع البحث والدرس، وهي ليست يقينية تماما وإنما في درجة أقرب إلى اليقين".
وقد أشار الأستاذ موافي إلى أن المنهج الإسلامي في رواية الخبر اعتمد التجربة وذلك بالموازنة بين الروايات ومعارضة المكتوب على السماع [3].
لقد كان الإسناد هو المعمل أو المختبر الذي تجري فيه الملاحظة المباشرة ، ليس للواقعة التاريخية ولكن لمن شاهدوا الواقعة التاريخية .
يقول مرغليوث : " والمنهج الثاني لضمان الصحة - في تسجيل الأحداث - هو الإسناد ، وهو سلسلة الرواة الذين يمكن تتبع آثار الرواية عن طريقهم إلى شاهد العيان الأصلي" [4].
إن الملاحظة شبه المباشرة التي تولد اليقين نظر لها المحدثون في مناهج نقدهم ، واعتبروا أن الخبر الذي ورد بإسناد صحيح في ميزان نقدهم "يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار" [5].
وجعلوا من الأخبار التي تفيد العلم النظري بالقرائن ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحها مما لم يبلغ حد التواتر ، ومنها المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريبا ، كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل مثلا ويشاركه فيه غيره عن الشافعي ويشاركه فيه غيره عن مالك بن أنس، فإنه يفيد العلم عند سامعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته، وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام الكثير من غيرهم [6].
واعتبر المحدثون أن الإسناد الذي ينقده العالم المتبحر في الحديث العارف بأحوال الرواة المطلع على العلل يفيد العلم بصدق الخبر ويسوغ القطع بوقوعه [7].
لقد عرف منهج النقد التاريخي الأوروبي فكرة الإسناد، لكنه لم يتخيل أصلا إمكانية نقد الخبر عن طريق الإسناد في الواقع العملي .
يقول لانجلوا وسينوبوس :" هذا البحث عن المشاهد الأصلي ليس غير معقول من الناحية المنطقية فمجاميع الروايات العربية القديمة تعطي أسانيد الرواية، لكننا في الواقع العملي نفتقر دائما إلى معلومات عن السند تصعد بنا إلى المشاهد الأصلي فتظل المشاهد مجهولة الصاحب". [8]
ولا نغالي إذا قلنا إن المنهج الأوروبي تخبط أيضا في آلية الرواية ونقلها عبر الرواة، ففي موضع من كتابهما يعتبر لانجوا وسينوبوس الأحداث التاريخية شديدة التعقيد وأنه من غير المحتمل مطلقا أن يرويها مشاهدان مستقلان بنفس الطريقة" [9]. لكن سينوبوس في رسالة له في النقد التاريخي يبدو أكثر نفهما حين يقول: " فالأقوال إذا اتفقت ، فإن اتفاقها ليس من الممكن عمليا أن يقع إلا لأنها تتفق مع الحقيقة الواقعية" [10].
إن هذا التخبط يعكس حجم المعوقات التي تخيلها المؤرخون الأوربيون حائلة بين المؤرخ وبين الملاحظة المباشرة ، ولقد فطن المحدثون لكل تلك المعوقات وذللوها وهيئوا للنقد مجالا علميا دقيقا وشفافا إلى أبعد الحدود.
إذا تبين لنا تفرد منهج النقد عند المحدثين بخصيصة الإسناد الذي جعلهم أقدر على الفحص والملاحظة المباشرة للرواية من غيرهم، نبين هنا مادة الإسناد وما يتكون منه ، ونبين الجهود التوثيقية [11] المصاحبة للرواية منذ صدورها عن صاحبها حتى تدوينها في الكتاب، ثم الجهود التوثيقية الأخرى التي ضمنت المحافظة على الرواية المدونة من الانتحال أو التحريف أو التصحيف.
ومن العرض الذي سنقدمه سندرك أن نظرية الإسناد قامت على توفير أكبر قدر ممكن من الدقة في التوثيق الرواية من بداية السند على قسمين :
o القسم الأول : توثيق الرواية منذ حدوثها إلى تدوينها.
o القسم الثاني: توثيق الرواية منذ تدوينها إلى نشرها وتداولها عن طريق الأوساط العلمية.
وينبغي أن يتنبه إلى أن الإسناد كان حاضرا في الحالتين بصفته القالب العلمي الذي تمارس مت خلاله أي عملية توثيقية .
القسم الأول: توثيق رواية الواقعة التاريخية منذ حدوثها إلى تدوينها
إن عبقرية نظرية الإسناد تكمن في أنها أتاحت للناقد أن يتوغل في الزمان المجرد، ويتدخل بآلته في النقد كأنه طبيب يفحص حالة كل راو لتلك، ويلاحظ بنفسه قدرة كل راو على نقل تلك الرواية "على وجهها".
يمكننا تقسيم الإسناد منذ حدوث الرواية إلى تدوينها على ثلاثة أقسام: طرفان ووسط.
الطرف الأول: هو بداية السند، أي المشاهد للواقعة وليس بالضرورة أن يكون صحابيا، فإن أي واقعة مروية بالسند يكون المشاهد لها والراوي لتفاصيلها هو طرف السند الأول.(10/63)
الطرف الثاني: وهو المصنف الذي دون الواقعة، ويرويها في كتابه بإسناده إلى الطرف الأول.
الوسط: وهي سلسلة الإسناد بين ذينك الطرفين من الرواة الذين شاركوا في نقل الرواية عن بعضهم حتى وصلت عن طريقهم في الطرف الأول إلى الطرف الثاني.
لقد اشترط المحدثون شروطا كثيرا لضمان توثيق هذه المراحل، جزء منها متعلق بنظرية الجرح والتعديل وهي الصفات التي يجب توافرها في مادة الإسناد أي الرواة والنقلة لضمان عدم حدوث الخطأ منهم، ولكن حتى يتمكن الناقد من القيام بهذه العملية التوثيقية فإنه يحتاج إلى أن يصل إليه الإسناد بمادته الأصلية دون تحريف، ومن ثم يتاح له إعمال النظر في أحوال الرواة بمقتضى نظرية الجرح والتعديل التي ستأتي بعد هذا الباب.
لكن التوثيق الخاص بمادة الإسناد يصطحب الرواية منذ حدوثها إلى تدوينها.
وسنعرض على النحو الآتي:
أولا: توثيق المشاهد للواقعة (الطرف الأول من الإسناد).
استقرت كلمة المحدثين على ضرورة أن يكون المشاهد للواقعة في حالة تسمح له بروايتها دون أي عوائق تؤثر في صحة المشاهدة.
وعبروا عن ذلك بضرورة وجود صفة التمييز أي فهم الخطاب ورد الجواب.
قال ابن الصلاح بعد أن ذكر خلاف المحدثين في سن التحمل: « والذي ينبغي في ذلك أن يعتبر في كل صغير حاله على الخصوص، فإن وجدناه مرتفعا عن حالة من لا يعقل فهما للخطاب وردا للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه وإن كان دون خمس سنين، وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن خمسين». [12]
والتمييز الذي اشترطه المحدثون في مشاهد الواقعة يتناسب طردا مع نوع الحادثة التي شاهدها، فلا يجدي مجرد التمييز في وصف حرب أو معركة أو واقعة معقدة التفاصيل.
لذلك أحال المحدثون روايات عبد الله بن عباس للوقائع المكية إلى روايات صحابة أخذ عنهم ابن عباس لأنه لم يكن في سن تتيح له أن يروي ويصف بعض الوقائع المعقدة وهو إذ ذاك بمكة صغير. [13]
وهذا الشرط الذي وضعه المحدثون أدق من الأسئلة غير المنطقية التي يضعها لانجلوا وسينوبوس في عملية النقد الباطني السلبي، لأن شرط المحدثين عام، ثم تراعى خصوصيات كل واقعة بما يناسبها، أما أسئلة أصحاب النقد التاريخي فإنها قد تكون عقيمة أو معقدة في بعض الظروف. [14]
أما عمليات فحص حالة الراوي المشاهد للواقعة فسيأتي تناولها في نظرية الجرح والتعديل، لكننا نشير ههنا إلى أن الخطأ المحتمل في مشاهدة الواقعة وارد على كل الرواة بما فيهم الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا أمر منفصل عن قضية عدالة الصحابة.
ثانيا: توثيق نقل الرواية عبر طبقات السند.
تعتبر هذه المرحلة من أكثر المراحل صعوبة وتعقيدا، لأنها تتناول كل طبقات السند حتى يتم تدوين الرواية، والمطلوب تحصيل أعلى قدر ممكن من الدقة والأمانة في نقل الرواية عبر طبقات السند.
ويلاحظ أن التوثيق ينصب على الإسناد بالدرجة الأولى، أما الرواية نفسها أو الواقعة أو المتن (كما يسميه المحدثون) فهي تابعة للسند، لذلك كان الحرص على توصيل الإسناد بكامل الفنيات التي مارسها الرواة في التوثيق لتصل للناقد دون تحريف.
وفي سبيل ذلك حرر المحدثون كيفيات نقل الرواية وبينوا الصفة المعتبرة منها وغير المعتبرة.
وحاصل كيفيات الرواية تعود إلى طريقتين:
الطريقة الأولى: الأخذ المباشر بين الرواة، بمعنى سماع الرواية على وجه التحقيق بالمشافهة بينهم وتتفرع إلى طريقتين أيضا:
الأولى: سماع التلميذ لفظ شيخه، سواء كان إملاء من الشيخ أو بدون إملاء. [15] وسواء كان من كتاب الشيخ أو من حفظه. وهذه الطريقة هي أرفع الأقسام وأعلاها عند المحدثين.
واصطلحوا لهذه الطريقة ألفاظا خاصة تدل عليها مثل: سمعت وسمعنا وحدثني وحدثنا واخبرني واخبرنا [16] وأنبأني وأنبأنا. [17]
وهم تفريق بين ما يسمع في وقت التعليم والرواية المعتبرة وبين ما يسمع في وقت المذاكرة أي المباحثة، واستحبوا التمييز باصطلاح معين. [18]
الثانية: القراءة على الشيخ ويسميها أكثر المحدثين "عرضا" سواء قرأ التلميذ بنفسه على الشيخ أو قرأ غيره وهو يسمع من كتاب أو من حفظ سواء حفظ الشيخ أم لم يحفظ، غير أنهم اشترطوا إذا لم يكن الشيخ حافظا أن تكون القراءة عليه من كتاب ويكون الكتاب بيد موثوق به، إلا لم تعتبر الرواية. [19](10/64)
وللمحدثين تدقيقات في هذا الباب تدل على كمال الإتقان، فمن ذلك أنه إذ كثر التلاميذ واحتج الشيخ إلى مستمل ليسمع من بعد فإن التلميذ لا يجوز له أن يروي الكلام عن شيخه إذا سمعه من المستملي، وألزمه النقاد أن يبين ما هو من سماعه من الشيخ وما هو من سماعه من المستملي. [20] والعجيب أن هذا التيقظ والإتقان كان موجودا منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، ففي صحيح البخاري [21] عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « يكون اثنا عشر أميرا» فقال كلمة لم أسمعها، فسألت أبي، فقال: « كلهم من قريش» فقد بين جابر ما كان سماعه وما كان من سماع غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الطريقة الثانية: الأخذ بغير طريق المشافهة. مثل الإجازة بالرواية على أنواعها [22]، والمناولة [23]، والكتابة [24]، والإعلام [25]، والوصية [26]، والوجادة [27].
ولقد تناول المحدثون قضية التحمل والداء، والدقة في تبليغ صيغهما لأجل نقل الإسناد بحاله إلى التاقد حتى يتهيأ له أكبر قدر من الملاحظة المباشرة، مع أن الفارق بينهما ضعيف، ومن قبله منعوا منعا جازما استبدال "حدثنا" بـ "عن"، لأن ذلك يؤثر فيما لو كان الراوي مدلسا. [28]
ولقد كانت هذه السلسلة من الاحتياطات الدقيقة جزءا من عمليات التوثيق المتعاقبة، والتي تحتف بالرواية منذ حدوثها حتى تدوينها وتداولها.
وهذا كله تمهيد لعملية النقد التي سيجريها الناقد من خلال آليات أخرى أكثر تعقيدا وسنتعرض لها في محلها من نظريتي: الجرح والتعديل، والعلل.
فإذا دونت الرواية في كتاب واستقر نقل تلك الرواية عن طريق الكتاب، فإن المحدثين جعلوا للنقل والرواية حينئذ آلية توثيقية أخرى، هي القسم الثاني من عمليات التوثيق التي تستمر في سلسلة الإسناد حتى منتهاه.
القسم الثاني : توثيق الرواية منذ تدوينها إلى نشرها وتداولها عن طريق الأوساط العلمية.
تمر هذه العملية بمرحلتين :
المرحلة الأولى: ضبط مادة الكتاب (الوثيق) عن طريق إتقان كتابة محتوياتها ومقابلتها على النسخ الصحيحة المعتمدة.
المرحلة الثانية: المحافظة على تداول الكتاب رسميا عن طريق سماعه كله أو بعضه أو التنصيص عليه في الإجازات [29].
المرحلة الأولى: ضبط مادة الكتاب
إن الفنيات التي ابتكرها المحدثون لكتابة المحدثون لكتابة المصنفات ونسخها نعطيهم سبقا تاريخيا يقينيا في ابتكار قواعد الكتابة والإملاء [30] .
ولم يكن هذا الأمر مجرد هواية، بل تقليدا عميا منصوصا عليه- بتفاصيله- في مؤلفات القوم [31].
يقول ابن الصلاح:"ثم إن على كتبة الحديث وطلبته صرف الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الغير من مروياتهم على الوجه الذي رووه شكلا ونقطا يؤمن معهما الالتباس، وكثيرا ما يتهاون بذلك الواثق بذهنه وتيقظه، وذلك وخيم العاقبة، فإن الإنسان معرض للنسيان، وأول ناس أول الناس، وإعجام المكتوب يمنع من استعجامه، وشكله يمنع من إشكاله" [32].
ويفيد هنا أن نذكر بعض تلك التفصيلات الفنية التي نص عليها المحدثون ليتبين لنا مستوى التوثيق في هذه المرحلة [33].
يقول ابن الصلاح [34]: وهذا بيان أمور مفيدة في ضبط الكتاب:
أحدهما: ينبغي أن يكون اعتناؤه من بين ما يلتبس بضبط الملتبس من أسماء الناس أكثر، فإنها لا تستدرك بالمعنى ولا يستدل عليها بما قبل وبعد.
الثاني: يستحب في الألفاظ المشكلة أن يكرر ضبطها، بأن يضبطها في متن الكتاب ثم قبالة ذلك في الحاشية مفردة مضبوطة، فإن ذلك أبلغ في إنابتها وأبعد من التباسها.
الثالث: يكره الخط الدقيق من غير عذر يقتضيه، والعذر في ذلك مثل أن لا يجد في الورق سعة أو يكون رحالا يحتاج إلى تدقيق الخط ليخف عليه محمل كتابه ونحو هذا.
الرابع: يختار له في خطه التحقيق( التأني في الكتابة) دون المشق( السرعة في الكتابة).
الخامس: كما تضبط الحروف المعجمة بالنقط كذلك ينبغي أن تضبط المهملات غير المعجمة بعلامة الإهمال لتدل على عدم إعجامها.
السادس : ينبغي أن يصطلح مع نفسه كتابه بما لا يفهمه غيره فبوقع غيره في حيرة، كفعل من يجمع في كتابه بين روايات مختلفة ويرمز إلى رواية كل راو بحرف واحد من اسمه أو حرفين وما أشبه ذلك.
السابع: ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة تفصل بينهما وتميز.
الثامن: يكره له في مثل "عبد الله بن فلان بن فلان" أن يكتب "عبد" في آخر سطر والباقي في أول السطر، وكذلك في سائر الأسماء المشتملة على التعبيد لله تعالى .
التاسع: المختار في كيفية تخريج الساقط في الحواشي – ويسمى اللحق بفتح الحاء – أن يخط من موضع سقوطه من السطر خطا صاعدا إلى فوق ثم يعطفه بين السطرين عطفه يسيرة إلى جهة الحاشية التي يكتب فيها اللحق، ويبدأ في الحاشية بكتابة اللحق مقابل للخط المنعطف وليكن ذلك في حاشية ذات اليمين، وإن كانت تلي وسط الورقة إن اتسعت له فليكتبه صاعدا إلى أعلى الورقة لا نازلا به إلى أسفل .(10/65)
العاشر: من شأن الحذاق المتقنين العناية بالتصحيح والتضبيب أو التمريض .
أما التصحيح فهو كتابة " صح " على الكلام أو عنده، ولا يفعل ذلك إلا فيما صح رواية ومعنى غير انه عرضة للشك أو الخلاف فيكتب عليه " صح " ليعرف انه لم يغفل عته ، وأنه قد ضبط وصح على ذلك الوجه.
وأما التضبيب ويسمى أيضا التمريض فيجعل على ما صح وروده كذلك من جهة النقل غير انه فاسد لفظا أو معنى أو ضعيف أو ناقص، مثل أن يكون غير جائز من حيث العربية أو يكون شاذا عند أهلها يأباه أكثرهم أو مصحفا، أو ينقص من جملة الكلام كلمة أو أكثر وما أشبه ذلك، فيمد – على ما هذا سبيله – خط أوله مثل الصاد ولا يلزق بالكلمة المعلم عليها كيلا يظن ضربا، وكأنه صاد التصحيح بمدتها دون حائها كتبت ليفرق بين ما صح مطلقا من جهة الرواية وغيرها وبين ما صح من جهة الرواية دون غيرها فلم يكمل عليه التصحيح، وكتب حرف ناقص على حرف ناقص إشعارا بنقصه ومرضه مع صحة نقله وروايته وتنبيها بذلك لمن ينظر في كتابه على انه قد وقف عليه ونقله على ما هو عليه، ولعل غيره قد يخرج له وجها صحيحا أو يظهر له، بعد ذلك في صحته ما لم يظهر له الآن، ولو غير ذلك وأصلحه على ما عنده لكان متعرضا لما وقع فيه غير واحد من المتجاسرين الذين غيروا وظهر الصواب فيما أنكروه والفساد فيما أصلحوه [35].
الحادي عشر: إذا وقع في الكتاب ما ليس منه فإنه بنفي عنه بالضرب أو الحك أو المحو، أو غير ذلك، والضرب خير من الحك والمحو، وقد اعتبر المحدثون الحك تهمة.
الثاني عشر: ليكن فيما تختلف فيه الروايات قائما بضبط ما تختلف فيه في كتابه جيد التمييز بينها كيلا تختلط وتشتبه فيفسد عليه أمرها.
وسبيله أن يجعل أولا متن كتابه على رواية خاصة ثم ما كانت من زيادة لرواية أخرى ألحقها، أو من نقص اعلم عليه، أو من خلاف كتبه إما في الحاشية و إما غيرها معينا في كل ذلك من رواه ذاكرا اسمه بتمامه، فإن رمز إليه بحرف أو أكثر فعليه أن يبين المراد بذلك في أول كتابه أو في آخره كيلا يطول عهده به فينسى أو يقع كتابه إلى غيره فيقع من رموزه في حيرة وعمى" [36] .
العرض والمقابلة:
ثم تأتى خطوة مهمة في هذه المرحلة من ضبط الكتاب وهي خطوة عرضه على اصل صحيح ونسخة معتمدة . يقول ابن الصلاح [37]:
على الطالب مقابلة كتابه بأصل سماعه وكتاب شيخه الذي يرويه عنه وإن كان إجازة، روينا عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أنه قال لابنه هشام: كتبت ؟ قال: نعم، قال: عرضت كتابك؟ قال : لا، قال: لم تكتب.
ثم إن أفضل المعرضة أن يعارض الطالب بنفسه كتابه بكتاب الشيخ مع الشيخ في حال تحديثه إياه من كتابه لما يجمع ذلك من وجوه الاحتياط والإتقان من الجانبين… والصحيح انه لا يشترط أن يقابله بنفسه بل يكفيه مقابله نسخته بأصل الراوي وإن لم يكن ذلك حالة القراءة وإن كانت المقابلة على يدي غيره إذا كان ثقة موثوقا بضبطه، وجائز أن تكون مقابلته بفرع قد قوبل المقابلة المشروطة بأصل شيخه : أصل السماع، وكذلك إذا قابل بأصل أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ لأن الغرض المطلوب أن يكون كتاب الطالب مطابقا لأصل سماعه وكتاب شيخه، فسواء حصل له ذلك بواسطة أو بغير واسطة.
ولا يقلد غيره ولا يكون بينه وبين كتاب الشيخ واسطة وليقابل نسخته بالأصل بنفسه حرفا حرفا حتى يكون على ثقة ويقين من مطابقتها له، لكن هذا من طريقة أهل التشديد التي لم تستخدم في العصور المتأخرة [38].
أما إذا لم يعارض كتابه بالأصل أصلا فلا يجوز رواية الكتاب إلا بثلاثة شروط:
• الشرط الأول: أن تكون نسخته نقلت من الأصل .
• الشرط الثاني: أن يكون ناقل النسخة من الأصل غير سقيم النقل بل صحيح النقل قليل السقط [39].
• الشرط الثالث :ثم إذا نسخ الكتاب فلا ينقل سماعه إلى شئ من النسخ أو يثبته فيها عند السماع ابتداء إلا بعد المقابلة المرضية بالمسموع كيلا يغتر أحد بتلك النسخة غير المقابلة إلا أن يبين مع النقل وعنده كون النسخة غير مقابلة. وبعد هذه العملية التوثيقية تأتي مرحلة أكثر دقة ومشقة وهي سماع الكتاب على الشيخ إما بالقراء عليه أو السماع من لفظه أو من لفظ من يقرأ عليه [40].
السماع
لقد جرت سنة المحدثين السلف أن يتلقوا الحديث عن شيوخهم سماعا بالإسناد المتصل من شيوخهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لما ألفت الكتب – طبعا – أسانيد من طريق شيوخه أيضا تصله بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيتم لهم اتصال السند بالنبي صلى الله عليه وسلم عن هذا المنوال.
وهذه السنة أو الطريقة في تلقي الحديث الشريف وكتبه بالسند لا تكاد تتخلف عن كتاب من كتب السنة المطهرة، صغر ذلك الكتاب فجاء في صفحات معدودة أو كبر فجاء في مجلدات ضخام تبلغ العشرة أو العشرين أو تنقص قليلا أو تزيد قليلا.(10/66)
فالأجزاء الحديثية – وهي ما يبلغ الواحد منها تقديرا نحو عشرين صفحة أو أكثر أو أقل – والكتب الحديثية – وهي ما يبلغ الواحد منها المجلد أو المجلدات الكثيرة – كلها تتجلى بإسناد سماعها من مؤلفها أو ممن روى عن مؤلفها من قرب أو بعد، فتكون تامة الصلة بين مؤلفها وراويها أو رواتها عنه، بشكل مطمئن إلى صحة نسبتها ونقلها وتلقيها وضبطها. [41]
ومن المهم أن ننقل هنا نموذجا من تلك السماعات التي تبين مستوى ما وصل إليه جهود المحدثين في توثيق النصوص وحفظها من الانتحال والتحريف.
سماع سنن البيهقي.
سنن البيهقي.. هذا الكتاب العظيم، والديوان الحديثي الفقهي الاستدلالي الحافل الضخم الكبير النادر المثال، يأتي في حوالي عشرة مجلدات ضخام، هذا الكتاب الضخم الفخم حظي بعناية الحافظ ابن الصلاح وقراءته وسماعه منه من أوله إلى آخره في 757 مجلس، وسمع المجلد الثامن منه عدد كبير: 93 محدثا في 90 مجلسا في مدينة دمشق في دار الحديث الأشرفية، التي بناها الملك الأشرف رحمه الله تعالى، وكان الحافظ ابن الصلاح أول من درس الحديث فيها.
وقد حفظت سماعات سنن البيهقي على الحافظ ابن الصلاح بل وطبعت [42]، ويمكننا أن نلاحظ فيها ما يلي:
1. الضبط لعدد مجالس السماع.
2. تعيينها بخط الشيخ ابن الصلاح المقروءة عليه كالشهادة منه بذلك.
3. ذكر السامعين منه بألقابهم وكناهم وأسمائهم وأنسابهم تعريفا بهم.
4. ضبط أحوال السامعين: من سمع المجالس كلها بغير فوات، ومن سمعها بفوات، ومن سمعها مع نوم في بعضها أو إغفاء أحيانا، ومن سمعها وهو يتحدث خلال السماع، ومن سمعها وهو ينسخ خلال ذلك، ومن سمع وقد جمع كل ذلك وتعيين حال كل واحد منهم.
5. تاريخ الفراغ من إسماع الشيخ ابن الصلاح هذا المجلد.
6. تعيين المكان الذي أسمع فيه هذا الكتاب.
7. تعيين اسم كاتب السماع ومثبت السماع وذكره أن محضر السماع المكتوب هو بخطه. [43]
مؤلفات خاصة بكيفية السماع:
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المحدثين أولوا قضية الرواية بالسماع أهمية قصوى واعتبروها من أهم وسائل توثيق الروايات لأنها سبيل حفظ النقل – الذي الإسناد آلته – من التحريف والتصحيف والانتحال.
لذلك ألف فيه العلماء على مدى القرون، واهتموا ببيان كل ما له علاقة بحفظ السماع والرواية من شائبة الخطأ. ومن أهم من أفرد هذه المسألة بالتصنيف:
1. القاضي الحسن بن عبد الرحمان الرامهرمزي (ت 360هـ) حيث ألف كتابه: "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" ويعتبر من أقدم ما ألف في مصطلح الحديث.
2. الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي (ت 463هـ) حيث ألف كتابه: "الكفاية في علم الرواية" وكتابا آخر سماه "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع".
3. القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت 544هـ) حيث ألف كتابه: "الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع".
والملاحظ على المصنفات المذكورة الاهتمام بفنيات الرواية أكثر من الاهتمام بالنقد العلمي الحديثي، إن كانت مادة الكفاية للخطيب البغدادي أخذت من جانب الدراية (النقد) بنصيب لا بأس به، إلا أن اسم الكتاب مبني باتجاه التأليف فيه.
وقد صنف العلماء بمصنفات الخطيب في علوم الحديث، قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: "ولا شبهة عند كل لبيب أن المتأخرين من أصحاب الحديث عيال على أبي بكر الخطيب.
ونورد ههنا بعض الاصطلاحات الفنية التي ابتكرها المحدثون لدرء خطر الانتحال والتزييف [44].
الرواية على الوجه:
والمقصود بذلك تحمل الرواية وأداؤها كاملة دون انتخاب أو اختبار .
وهو مأخوذ من قوله تعالى: " أن يأتوا بالشهادة على وجهها" [45] أي كاملة دون انتقاص. وهو اصطلاح استخدمه المحدثون للدلالة على إتقان الراوي إذا كان دقيقا في حفظ ورواية مروياته [46].
قال الخطيب البغدادي في كتابه: " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" [47]: " باب: القول في انتقاء الحديث وانتخابه لمن عجز عن كتبه على الوجه واستيعابه.. ثم أورد بعض الآثار عن المحدثين وعلق قائلا: إذا كان المحدث مكثرا وفي الرواية متعسرا [48] فينبغي للطالب ان ينتقي حديثه وينتخبه، فيكتب عنه ما لا يجده عند غيره ويتجنب المعاد من رواياته، وهذا حكم الواردين من الغرباء الذين لايمكنهم طول الإقامة والثواء، وأما من لم يتميز للطالب معاد حديثه من غيره وما يشارك في روايته فلأولى أن يكتب حديثه على الاستيعاب ( أي على الوجه كما بوب) دون الانتقاء والانتخاب".
وفي كتاب المجروحين لابن حبان عن يحيى بن معين حين سئل عن سماعه لكتب حماد بن سلمة فقال:" سمعتها على الوجه من سبعة عشر نفسا" [49].
الطباق [50]
وهي الشهادة الخطية التي يثبتها الشيخ – الذي سمع عليه الكتاب- أو من ينوب مكانه في إثبات السماع ثم يوقع الشيخ على ذلك [51].(10/67)
وتثبت هذه الشهادة في أول النسخة المسموعة على الشيخ [52]، ويبين فيها أسماء من حضر السماع ومن غاب ومقدار الفوات في حق من حضر أو غاب، ويذكر مكان السماع وعدد مجالسه وتاريخ كل كما مثلنا في سماع سنن البيهقي على ابن الصلاح.
ويحفظ هذا الطباق مع النسخة المسموعة في خزانة المدرسة التي سمع فيها الكتاب، ولم يكن ذلك تقليدا رسميا في كل مدرسة لكنه انتشر في القرون المتأخرة فيما أظن، وقد كان ينشط بعض المجتهدين من طلبة العلم في كتب الطباق في نسخته مبنيا سماع من حظر ومن غاب، وكان هذا الطباق بمثابة الشهادات الدراسية الرسمية، بحيث يجب على من حاز الطباق أن يبذل النسخة المسموعة المضبوطة لمن حضر السماع وورد اسمه في الطباق.
وبلغت أهمية الطباق أن من كان يمنع هذا الإثبات يلجأ إلى القضاء لينتزع له حقه في نسخ الكتاب المسموع. [53]
فمن ذلك أن رجلا قدم رجلا إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي، فادعى عليه أن له سماعا في الحديث في كتابه وأنه قد أبى أن يعيره، فسأل إسماعيل المدعى عليه، فصدقه وقال: له في كتابي سماع ولست أعيره، فأطرق إسماعيل مليا، ثم رفع رأسه إلى المدعى عليه، فقال له: عافاك الله، إن كان سماعه في كتابك بخطك فيلزمك أن تعيره، وإن كان سماعه في كتابك بخطك فيلزمك أن تعيره، وإن كان سماعه في كتابك بخط غيرك فأنت أعلم. قال: سماعه في كتابي. بخطي ولكنه يبطئ برده علي، فقال: أخوك في الدين، أحب أن تعيره، وأقبل على الرجل فقال: إذا أعارك شيئا فلا تبطئ به. [54]
قال الأستاذ أبوغدة: ويتجلى للقارئ من هذه الوقائع والأقضية قيمة ( السماع) العلمية ، فغن السماع شهادة صادقة تمثل الكلمة العلمية المنقولة توثيقا وتحقيقا وقهما وضبطا وتحملا و أداء وإذا كانت الأسانيد انساب الكتب فالسماعات هي البينات الناطقة وشهادات العدول الثقات لها، فلذا كان الحرص عليها شديدا، وتدخل القضاء في الحكم فيها كما علمت [55].
كيفية كتابة الطباق
في مقدمة ابن الصلاح:" ذكر الخطيب الحافظ أنه ينبغي للطالب أن يكتب بعد البسملة اسم الشيخ الذي سمع الكتاب منه وكنيته ونسبه ثم يسوق ما سمعه منه على لفظه، قال: وإذا كتب الكتاب المسموع فينبغي أن يكتب فوق سطر التسمية أسماء من سمع معه وتاريخ وقت السماع، وإن أحب كتب ذلك في حاشية أول ورقة من الكتاب فكلا قد فعله شيوخنا [56] . ثم يعقب ابن الصلاح قائل: كتبة التسميع جنب ذكره أحوط له وأحرى بأن لا يخفى على من يحتاج إليه، ولا بأس بكتبته آخر الكتاب وفي ظهره وحيث لا يخفى موضعه، وينبغي أن يكون التسميع بخط [57] شخص موثوق به غير مجهول الخط ولا ضير حينئذ في ألا يكتب الشيخ المسمع خطه بالتصحيح. وهكذا لا بأس على صاحب الكتاب إذا كان موثوقا به أن يقتصر على إثبات سماعه بخط نفسه، فطال ما فعل الثقات ذلك [58] .
قال السيوطي:وينبغي لكتاب الطباق أن يكتب إجازة الشيخ عقب كتابة السماع، وذلك لاحتمال وقوع شئ من الانشغال من المستمعين أو العجلة أو الهيمنة فينجبر بذلك( أي ينجبر النقص في السماع بالإجازة فيسوغ أن يروي الكتاب بعدئذ) [59] .
قال ابن الصلاح :" ثم إن على كاتب التسميع التحري والاحتياط وبيان السامع والمسموع منه بلفظ غير محتمل، ومجانبة التساهل فيمن يثبت اسمه، والحذر من إسقاط اسم واحد منهم لغرض فاسد. فإن كان مثبت السماع غير حاضر في جميعه لكن أثبته معتمدا على إخبار من يثق بخبره من حاضريه فلا بأس بذلك إن شاء الله" [60].
أي يجوز لكتاب الطباق أن يعتمد على إخبار الثقات بحضور البعض ليثبت أسماءهم في الطباق.
منهج المحدثين في نقد الإسناد:
قد آل بنا البحث إلى ضرورة معرفة منهج المحدثين في نقد الإسناد وما هي قواعدهم وأصولهم في هذا المضمار؟
وسبق أن عرفنا في ضوء عرض نظرية الإسناد عند المحدثين أن النقد قد وجدله مجال يمكن أن يمارس فيه على أساس يشبه الملاحظة والتجربة، وقد احتف بذلك جملة من القواعد العملية في الجرح والتعديل والعلل (يأتي الكلام عليها)… كل ذلك صاغه المحدثون في سياق منظومة واضحة للنقد العلمي.
لكننا نجتزئ هنا ما له علاقة مباشرة بالإسناد الفرد، وذلك أن منهج النقد عند المحدثين يتدرج من البسيط إلى المركب على نسق تصاعدي.
ثم نعرج بعد ذلك على منهجهم في دراسة الأسانيد المتعددة أو المركبة لنصل إلى فهم تلك المنظومة من النقد العلمي للإسناد عند المحدثين.
وقد نص المحدثون على شروط السند الصحيح الذي يعتبر من المقبول في حيز الاحتجاج.
فاشترطوا له شروطا تتعلق بسلامة ظاهر السند من القوادح الواضحة، وهي:
1. أن يكون السند متصلا بين رواته.
2. أن يرويه العدول الذين لا قدح في ديانتهم والضابطون الذين لا قدح في حفظهم.
وشرطان لبلوغه درجة الصحة التامة ومرتبة صلاحية الاحتجاج به، وهو من أدق شروطهم في هذا الباب. وهو: أن يكون سالما من الشذوذ والعلة. [61](10/68)
وعلى ضوء هذه الشروط انبنى نقد المحدثين للأسانيد، حيث اعتبروا الصفات التي تقدح في ظاهر الإسناد إما أن ترجع إلى اتصال السند أو إلى اختلال في عدالة الرواة وضبطهم.
وسنتحدث إن شاء الله عن منهجهم في معرفة عدالة الرواة وضبطهم عند الكلام عن نظرية الجرح والتعديل.
أما الآن فنبسط الكلام في الصفات التي تقدح في شرط سلامة ظاهر الإسناد، وهو سقط الرواة. [62]
والسقط الذي يطرأ على السند أخذ صورا متعددة يمكن حصرها في صورتين:
الأولى: السقط الواضح ويشتمل الصور الآتية:
1. الإسناد المنقطع.
2. الإسناد المعضل.
3. الإسناد المرسل.
4. الإسناد المعلق.
الثانية السقط الخلفي ويشتمل:
• الإرسال الخفي.
• المدلس.
وتأتي قوادح أخرى في السند لكنها لا تعرف في السند الواحد بمفرده بل عن طريق الموازنة بين الأسانيد، ومن صور تلك القوادح:
1. الشذوذ والنكارة والعلة، وسيأتي الكلام فيها عند مباحث نظرية العلم.
2. الزيادة في الأسانيد والاضطراب والإدراج والقلب. وسيأتي الكلام فيها عند الكلام عن منهج المحدثين في نقد ودراسة الأسانيد المتعددة.
أما القوادح الظاهرة [63] المتعلقة بالسقط في الإسناد المفرد فهي ما يلي:
1. الانقطاع: وهو سقط راو واحد في السند بحيث يظهر أن أحد الرواة لا يعاصر من فوقه بحال.
2. الإعضال: وهو سقط راويين في السند على التوالي.
3. الإرسال: وهو سقوط الصحابي بين التابعي والنبي صلى الله عليه وسلم.
4. التعليق: وهو سقوط راو أو أكثر من بداية السند خاصة.
كيفية معرفة السقط الظاهر في الإسناد
استعان المحدثون منذ وقت مبكر بمعرفة تواريخ المواليد والوفيات لكل راو، فما من راو إلا وقد ذكروا ذلك في ترجمته – إلا القليل النادر جدا – فاستخدموا هذا التاريخ في كشف الاتصال بين الرواة.
يقول السيوطي: " هو فن به يعرف اتصال الحديث وانقطاعه، وقد ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في التاريخ فظهر أنهم زعموا الرواية عنهم بعد وفاتهم بسنين.. سأل الحاكم محمد ابن حاتم الكسي عن مولده لما حدث عن عبد ابن حميد، فقال: سنة ستين ومائتين، فقال: هذا سمع من عبد بعد موته بثلاث عشرة سنة."
قال حفص بن غياث القاضي: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين يعني سنه وسن من كتب عنه.
وقال سفيان الثوري: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ. وقال: حسان بن يزيد: لم نستعن على الكذابين بمثل التاريخ، نقول للشيخ: سنة كم ولدت؟ فإذا أقر بمولده عرفنا صدقه من كذبه. [64]
تتبع الأسانيد لمعرفة الأخطاء
وعن طريقة التتبع للطرق والمعرفة التامة بالأسانيد وعللها استطاع النقاد من المحدثين معرفة القوادح الأخرى مثل:
1- الإرسال الخفي: وهو الانقطاع ما بين الراويين مع ثبوت المعاصرة كل منهما للآخر لعدم السماع مع ثبوت اللقاء، أو لعدم سماع ذلك الخبر بعينه مع سماع غيره.
وطريق معرفة ذلك:
أ- إما بنص الأئمة عليه.
ب- بإخبار الراوي عن نفسه.
ج- لمجيئه من وجه آخر بزيادة شخص في السند. [65]
وقد يأتي إسناد على العكس من الإسناد الذي فيه إرسال خفي وهو أن يأتي بزيادة في طبقة من طبقات السند، فقد تكون هذه الزيادة وهما من أحد الرواة فيبين النقاد ذلك. [66]
وقد يشتبه الأمر على من لا اضطلاع له بين الإرسال الخفي الذي هو نقص في الإسناد وبين المزيد في الأسانيد لأنه ربما كان الحكم للزائد وربما كان للناقص والزائد وهم، ولا يدرك ذلك إلا النقاد. [67]
2- التدليس: هو أن يروي الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه، قال أبو الحسن القطان: والفرق بينه وبين الإرسال الخفي أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه.
ويستخدم الراوي المداس لفظا لا يقتضي التصريح بالسماع نحو: "عن" أو" أن فلانا قال".
والذي استقر عليه منهج المحدثين في النقد أن المدلس إذا كان ثقة فما رواه بلفظ محتمل لم يبين فيه السماع فحكمه حكم المرسل، وما بينه كسمعت وحدثنا وأخبرنا وشبهها فمقبول محتج به [68] ولا بد في هذا الباب أيضا من تتبع الأسانيد والطرق لأنه قد يصرح المدلس الثقة بالسماع في طريق ولا يصرح به في آخر فالاكتفاء بالطريق الواحد في الحكم على المدلس لا يكفي. [69]
3-الاضطراب: وهو الذي يروي على أوجه مختلفة من راو واحد مرتين أو أكثر أو من راويين أو رواة مع التساوي حيث لا مرجح.
فإن رجحت إحدى الروايات بحفظ راويها أو كثرة صحبته أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالحكم للرواية الراجحة ولا يكون الحديث مضطربا. [70]
وسبيل معرفة ذلك أيضا هو جمع الطرق والموازنة بينها.
4-الإدراج: وهو أن يذكر الراوي كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا بالحديث من غير فصل فيتوهم أنه من تتمة الحديث.
ويدرك ذلك بوروده منفصلا في رواية أخرى أو بالتنصيص على ذلك من الرواية أو بعض الأئمة المضطلعين أو باستحالة كونه صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. وقد يكون الإدراج في السند أيضا.(10/69)
5-والإدراج كله حرام، قال السمعاني: "من تعمد الإدراج فهو ساقط العدالة وممن يحرف الكلمة عن مواضعه وهو ملحق بالكذابين" [71].
6-القلب:وهو أن يكون الحديث مشهورا براو فيجعل مكانه أخرا في طبقته وقد يقع القلب في المتن أيضا بتبديل جملة مكان أخرى.
وقد يقع القلب قصدا ويسميه المحدثون سرقة الحديث، وقد يقع غلطا، وعلى الاحتمالين فهو خطأ بقدح في الحديث، وقد أفرغ المحدثون جهدهم في تتبع ذلك عن طريق التفتيش في الأسانيد و الطرق . [72]
وبقي من القوادح:الشذوذ و العلة و النكارة و سنفردها بالحديث إن شاء الله في نظرية العلة.
ونشير هنا إلى أن تتبع الأسانيد والطرق ليس مقصودا لذاته،ولاكن بقصد الموازنة بينها والمقابلة بين أفرادها لتلمس وجه الخطأ فيها وسنتعرض لتفصيل ذلك عند الفصل الخاص بمرتكزات المركز إن شاء الله تعالى.
الحديث المرسل و موقف المحدثين منه [73]
لقد كان الحديث المرسل من أكثر الإشكاليات تعقيدا في نظرية الإسناد، ولم أقف حتى الآن على دراسة تفسير وجود المرسل أو جنوح البعض للاحتجاج به مع استقرار نظرية الإسناد في وسط المحدثين.
وسنحاول من خلال هذا المبحث أن نتعقب نشأة الحديث المرسل وقضية الاحتجاج به لنحاول معالجة هذه الإشكالية في ضوء منهج النقد عند المحدثين.
لقد علمنا أن الإسناد نشأ مع انتشار النصوص الشرعية في عهد النبوة ووجدت النصوص التي تحصن على تبني مفهوم نظرية الإسناد.
لكن اعتماد التنصيص على رجال السند أمر لم يستقر في العهد المبكر لنشوء نظرية الإسناد، فكان الإسناد موجودا على الحقيقة ولكن في مقام الرواية كان يحدث بعض التساهل في ذكر السند.
وأساس ذلك أن الرعيل الأول لم يعرف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل احتاط من ذلك اشد الحيطة وخاف منه أشد الخوف حتى إنهم أقلوا من الرواية حذرا من الوقوع في الخطأ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الله بن الزبير لأبيه ( الزبير بن العوام ): إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان ، قال : أما وإني لم أفارقه، ولكني سمعته يقول : "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار" [74].
وقال ابن أبي ليلى : كنا إذا أتينا زيد بن أرقم، فنقول : حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: " إنا قد كبرنا ونسينا، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد". [75]
وقال شُرَحْبيل بن السمط لكعب :" يا كعب ابن مرة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر". [76] وكان عمران ابن الحصين يتجنب التحدث كثيرا لئلا يقع في الخطأ [77].
وكان بعضهم يثق في رواية بعض، وعولوا على رواية من كان يحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان لا يحضر انشغالا بجهاد أو معاش أو نحو ذلك.
قال البَراء بن عازب:" ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ، فيحدث الشاهد الغائب" [78].
وهذه الثقة في عدم وجود من يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلتهم يحدثون عن الوسائط ثم يرفعون الحديث دون ذكر هذه الوسائط لأنه تحصيل الحاصل.قال انس ابن مالك :" ليس كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه ولكن حدثنا أصحابنا، ونحن قوم لا يكذب بعضهم بعضا" [79]
وليس معنى هذا أن كل ما حدثوه كان عن وسائط فهذا مستحيل يمنعه استقراء بسيط لصيغ التحمل التي استخدموها مثل قولهم سمعت رسول الله ، رأيت رسول الله، سألت رسول الله، ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولكن هذا لا يمنع أن للصحابة مراسيل اسقطوا فيها الوسائط، ولم تكن تلك الوسائط إلا صحابة أيضا – لأنه يبعد أن يروي صحابي فيها حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – ولذلك أجمع نقاد الحديث على قبول مراسيل الصحابة لاحتجاج بها، ومنع الاحتجاج بمراسيل الصحابة قول مرذول قالت به شرذمة لا تنتمي إلى المحدثين فلا يعتد بمخالفتهم في استقراء منهج المحدثين [80].
فلما جاء عصر التابعين جروا على هذا المنهج في الوثوق بصحابة رسول الله صلى الله عليه ، وكان ذلك بصورة قليلة ومن بعض التابعين- كبارهم على الخصوص- وليس جميعهم.
فلما وقعت الفتن في أواخر عهد الصحابة وبداية انقراض وجودهم وابتدأ ظهور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف التابعون جميعا وقف حازمة من قضية الإرسال وإسقاط الواسطة وابتدأ التنصيص على رجال السند جميعا كأنه واجب يقتضيه تبليغ الحديث نفسه [81] .(10/70)
ولكن عجزوا عن تداول ما حدثوا به من قبل على صفة الإرسال فمنهم من صار ينص على الصحابي الذي كان يسقطه ومنهم من كان يشك هل سمعه من صحابي أو غيره صحابي فيسكت عما أرسله قديما [82] فبقيت روايته المرسلة متداولة على إرسالها، ومن أسند شاعت روايته المرسلة المسندة، ومن التابعين من كان يثق في من يروي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا وإن لم يكن صحابيا فلما حدثت الفتن ارتابوا فيما رووه عن المجاهيل فلم يعودوا لرواية ما سمعوه عنهم لكن كانت مراسيلهم تلك قد انتشرت أيضا [83].
وعلى هذا يمكننا تقسيم أنواع المراسيل من حيث رجوع أصحابها عن روايتها على صورة الإرسال إلى ثلاثة أقسام :
الأول : مراسيل من كان لا يرسل إلا عن صحابي ، فكان يرسل تارة ويسند تارة ، فلما حدثت الفتن وظهر الكذب امتنع عن الإرسال ولم يحدث إلا بالمسند، وعلى هذا تحمل مراسيل سعيد ابن المسيب ، فإنه لم يكن يحتاج إلى الرواية عن التابعين وقد لقي العشرة المبشرين بالجنة فضلا عن المئات من الصحابة [84]، ولذلك عندما تتبع المحدثون مراسيله وجدوها مسندة.
الثاني: مراسيل من كان يشك أو كان يحدث أحيانا من غير الصحابة فلما امتنع عن الإرسال لم يسند إلا ما تيقن أنه عن صحابي، ومن بعده روى عنه على هيئة الإرسال دون أن يوجد له طريق مسند، وعلى ذلك تحمل مراسيل مثل الحسن البصري، فإن منها مراسيل لم توجد لها طرف مسندة البتة [85].
الثالث: مراسيل من كان يحدث عن بعض المجاهيل [86] فلما احتاط امتنع عن تكرار التحديث عنهم لكن رويت عنه تلك الروايات وانتشرت على هيئة الإرسال وعلى ذلك تحمل مراسيل مثل الزهري والأعمش.
ويوجد احتمال رابع يشمل كل تلك الحالات،وهي أن المراسيل كانت أحاديث تروى في مقام المذاكرة السريعة أو الموعظة المختصرة فكانت السرعة والاختصار في الموعظة تتطلب اختصار السند فينتشر عندئذ على هيئة الإرسال.
لعل هذا التفسير لتاريخ الإرسال وأسبابه يبين علة وجود المرسل مع استقرار نظرية الإسناد.
ولا يمكننا أن نذهب إلى أن نظرية الإسناد لم تكن واضحة المعالم بعد، أو أن التابعين تهاونوا في تطبيقها، لأن كل من أن أرسل من التابعين فإرساله هو النادر وإسناده هو الأكثر، فكيف نفسر الكثير بالقليل والنادر؟ إن الأوفق أن نحكم بالكثير على القليل لان النادر لا حكم له.
بل إن النظر السديد والتأمل العميق يؤدي إلى القول بان في وجود المرسل دليلا على استقرار نظرية الإسناد لا على اضطرابها وعدم وضوحها.
فاجتماعهم على تحبيذ الإسناد وعلى جعل المرسل هو الطارئ دليل على أنهم مزية الإسناد وفضيلته وما كان لأحد أن ينزع إلى المفضول مع قدرته على بلوغ الفاضل إلا عن ضرورة ملجئة أو علة وجيهة أو عذر من الأعذار يستوجب رفع المذمة ودرء النقيصة.
وهناك مسالك وجيهة لتفسير وجود المرسل لا يصح أن نضرب عن ذكرها صفحا، فإنها وإن كانت قاعدة عن تبرير جواز الإرسال صناعة إلا أنها ناهضة لتسويغ إعذار من أرسل تساهلا.
فمن ذلك ما روى الترمذي في العلل الصغير عن الأعمش قال: قلت لإبراهيم النخعي: أسند لي عن عبد الله ن مسعود، فقال: إبراهيم : إذا حدثتك عن الرجل عن عبد الله فهو الذي سميت، و إذا قلت: قال عبد الله فهو عن غير واحد [87] .فهذا منهج خاص واصطلاح مستقل للنخعي في الإرسال، أنه لا يرسل إلا حين يستفيض الرواة في النقل عمن يروى دلالة على بلوغ المنتهى في الثقة بالمنقول فيرويه عنه على هيئة المرسل اطمئنانا إلى صحة واستغناء بشهرته عن إسناده.
وعلى هذا المسلك درج آخرون منهم الحسن البصري، قال الخطيب ابن ناصح: كان الحسن إذا حدثه رجل واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث ذكره، فإذا حدثه أربعة بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ألقاهم وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [88].
وروى ابن عبد البر عن الحسن البصري قال: ما حدثني به رجلان قلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [89] . ومع ذلك كله فإن منهج النقد عند المحدثين لم يقف بوقف المتفرج تجاه هذه الإشكالية بل إنه تعامل معها بصرامة تتناسب وسمة التثبت التي اتصف بها هذا المنهج فلنستعرض كلام أصحاب المنهج في ذلك.
حكم الاحتجاج بالمرسل:
قال أبو داود في رسالته لأهل مكة:" أما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي حتى جاء الشافعي فتكلم فيه وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره.." [90]
وقال ابن رجب الحنبلي في شرح العلل:" وقد ذكر ابن جرير وغيره أن إطلاق القول بأن المرسل ليس بحجة من غير تفصيل بدعة حدثت بعد المائتين " [91]. ويفهم من كلام ابن جرير أن قبول المرسل بالقيود كان قولا مشهورا قبل المائتين،ثم نشأ قول برد المرسل مطلقا.
وما تحصل لي في هذه المسألة أن المرسل لم بتكلم فيه أحد بقبول أورد قبل الشافعي، وإنما كانوا يروون المرسل وهم يعملون انقطاع السند ولكنهم يحتجون بمضمونه فقط كما قال ابن رجب في شرح علل الترمذي.(10/71)
ثم جاء الشافعي ورد المرسل مستثنيا مراسيل سعيد وبعض المراسيل التي تتوافر فيها شروط أخرى [92].
لكن جل النقاد من مدرسة أهل الحديث رفض أي استثناء واعتبر الإسناد المرسل ناقصا غير مقبول حتى يرد كاملا موصولا من طريق أخرى، وما روى عن أحمد في قبوله بعض مراسيل التابعين أو الاحتجاج ببعض المراسيل التي توافرت فيها بعض الشروط فليس من باب صناعة الحديث أو النقد الحديثي، ولكن قاله تفقها لأنه كان يواجه مدرسة الرأي، فنظر بأن الأخذ والاحتجاج بصحاح المراسيل أولى من العمل بالرأي، وهذا معنى احتجاج الفقهاء بمضمون المرسل وليس اعتقادا منهم بصحة نسبة الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع انقطاع السند.
وصفوة القول إن هناك فرقا بين الاحتجاج بالمرسل وبين صحة الحديث المرسل ، فالإسناد إذا صح إلى التابعي الذي لا يروي إلى عن صحابة أو توافر شروط أخرى تفيد الثقة بمراسيله يكون بذلك صالحا للاحتجاج ولكن لا يطلق ولكن لا يطلق القول بصحة الحديث من هذا الطريق المرسل، فالمرسل صورة ناقصة للإسناد ولم تختلف كلمتهم على ضعف الحديث المرسل، أي ضعف نسبته( كلاما ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما اعتماده ( احتجاجا) بديلا عن الرأي فهذا عمل غالب المحدثين والفقهاء [93] .
وبهذا التخريج يلتئم منهج النقد عند المحدثين ويتناسق ، ولا تبدو قضية المرسل فيه نشازا او شذوذا ينال من اتساق قواعده وأحكامه.
الخلاصة
1- قام منهج النقد عند المحدثين على أساس تحقيق اكبر قدر من الملاحظ المباشرة، وذلك عبر وجود الإسناد الذي هيأ للناقد تواصلا مع الرواية التاريخية لم يتوافر لمنهج النقد التاريخي عند الأوروبيين.
2- موت عملية نقد الروايات وصيانتها من الانتحال بمرحلتين أتاحت توثيق الأسانيد بأكبر قدر ممكن من الاحتياط والتثبت والتدقيق حتى تصل ( الأسانيد ) إلى الناقد على وجه يتيح له الرواية من خلالها.
وهاتان المرحلتان هما :
1. توثيق الرواية منذ حدوثها إلى تدوينها
2. توثيق الرواية منذ تدوينها إلى نشرها وتداولها عن طريق الأوساط العلمية .
3- تظهر عبقرية منهج المحدثين من خلال الدقة المتناهية في الإرسال التي ابتكروها في تحمل وأداء الأسانيد وتصحيحها.
4- تبنى منهج النقد عند المحدثين مبدأ البحث عن وجود سقط في الإسناد أو انقطاع بين الرواة، واعتبروا هذا القادح الظاهر سببا في اطراح الرواية لعدم وجود الاتصال في المسند وابتكروا لذلك طرقا فريدة في الكشف عن الانقطاع بين الرواة .
5- وجدت أسباب تاريخية أدت إلى وجود صورة الحديث المرسل، وقد عالج المحدثون إشكالية المرسل لأنها تحتل خصوصية في سياق نظرية الإسناد، فاعتبروا هيئة الحديث المرسل مرفوعة من حيث صورة الإسناد المنقطع، لكنهم احتجوا بمضمون المرسل بشروط معينة.
________________________________________
[1] - مناهج البحث عند مفكري الإسلام . علي سامي النشار. ص375
وينبغي الإشارة إلى خطأ الدكتور النشار في تصنيف علم مصطلح الحديث تحت المنهج الاستردادي باعتباره صنو المنهج البحثي التاريخي الحديث كما عرفه لانجلوا و سينوبوس، فمن عرضه يستبين أنه لم تحصل له صورة واضحة عن منهج المحدثين في النقد ا، إذ لم يزد على أن قال: " وقد توصل المسلمون إلى كل ما توصل أليه علماء مناهج البحث التاريخي…" وأثبت مجرد السبق ، لكن منهج المحدثين تفرد بنظريات ومجالات لم بتطرق إليها المنهج الأوروبي أصلا كما أنه يخالفه في البيئة التي نشأ فيها ويفارقه ببعد ديني وعمق أخلاقي فريد.
[2] - المدخل إلى الدراسات التاريخية لانجلوا سينوبوس.ص 43
[3] - السابق ص90
[4] - دراسات عن المؤرخين العرب. مرغليوث. ترجمة حسين نصار .ص.30. وانظر التاريخ عند المسلمين . محمد عبد الغني حسن صفحات 11،53،،63،67. والواقع أن الحقيقة العلمية في يقينها بالنسبة للمشاهد والملاحظ ولغيره لا تختلف عن الرواية التاريخية، فقوانين الجاذبية مثلا يقينية في حق الممارس لها العارف بها، وإخباره عن يقينها للجاهل بها مثل إخبار المشاهد للواقعة التاريخية من لم يشاهدها. فارتدت المعرفة لدى كليهما بالنسبة لغير الملاحظ والمشاهد بنفسه إلى مجرد الإخبار، فلا بد من معايير النقد الأخلاقية التي انفرد بها منهج المحدثين.
[5] - نزهة النظر شرح نخبة الفكر لبن حجر ص 73
[6] - السابق ص 74-77(10/72)
[7] - السابق ص 77. ونسجل في المقابل، أن المنهج الأوروبي في النقد التاريخي لما كان استردادا فإنه انبنى على التركيب والتخييل، يقول سينوبوس في رسالة له في النقد التاريخي:" والمسلك الذي تفرضه طبيعة مادة المعرفة في التاريخ هو البدء من الوثيقة وهي الأثر المادي الوحيد عن الماضي ، ثم الارتفاع في سلسلة العمليات النفسية : الكتابة، اللغة، والمعنى المجازي والمعنى الحقيقي وتمثيل الشيء في نفس المؤلف حتى نصل إلى الواقعة التي= =عرفها " النقد التاريخي ترجمة عبد الرحمن بدوي ص (ج) ويراجع ما أشار إليه الأستاذ حسن الشافعي والأستاذ محمد الجليند من تأثر التفكير التاريخي الغربي بالرومانسية . المنطق و مناهج البحث . للأستاذين المذكورين ص 171 فما بعدهما.
[8] - المدخل إلى الدراسات التاريخية. لانجلوا وسينوبوس .ص.139
[9] - السابق ص 71
[10] - رسالة سينوبوس في النقد بعثها لأحد أصدقائه وترجمها وطبعها عبد الرحمن بدوي ضمن مجموع النقد التاريخي ص (و).
[11] - المقصود بالتوثيق في عرضنا لمنهج المحدثين : عملية التثبت واكتساب الثقة في الرواية ، وليس المراد المعنى اللغوي الظاهر أو الاصطلاحي في الجرح والتعديل وهو جعل أو اعتبار الراوي ثقة.وآثرنا استخدام هذا الاصطلاح الخاص للإيحاء بالمعنى العلمي المعاصر للتوثيق وهو فن معالجة المعلومات غير العددية ويقوم علي أساس سلسلة من العمليات في التجميع والتحليل والبحث والبث لأن ثمة أوجها من الشبه بين التوثيق عند المحدثين وهذا المعنى العلمي المعاصر. انظر ( أصول التوثيق. جاك شومييه. ترجمة أنطوان عبده ص 19. ط لبنان غير مؤرخة.
[12] - علوم الحديث لابن الصلاح ص139 بحاشية العراقي. واعتمده النووي في التقريب (2/6) وصححه القسطلاني في كتاب المنهج وقرره السيوطي. انظر تدريب الراوي شرح تقريب النواوي للسيوطي (2/6-7).
[13] - "إخبار الصحابي عن شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحوه مما يعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو تأخر إسلامه فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح الذي قطع به الجمهور". أنظر تدريب الراوي للسيوطي (1/207).
[14] - لقد بنى أصحاب النقد التاريخي الأوروبي منهجهم على مبدأ الشك والارتياب المسبق والمطلق في كل رواية تاريخية محاولين بذلك تطبيق الشك المنهجي عند ديكارت لإضفاء صبغة العلم على التاريخ، وقد يكون الشك المنهجي مناسبا لخطوات البحث العلمي القائم على الملاحظة والتجربة لدراسة الفروض والاحتمالات، على ضوء المعطيات الموجودة، لكن منهج النقد التاريخي الأوروبي كان مفلسا من أية فرصة للملاحظة، ومن أية معطيات موجودة، فغدا يطبق شكه على تيك الفروض والاحتمالات دون أي نسق علمي واضح، وإنما هو الذوق الذي يبنى عليه التركيب التاريخي في الجملة. أنظر مدخل إلى الدراسات التاريخية لانجلوا سينوبوس ص122 وأسس الفلسفة د. توفيق الطويل ص299 فما بعدها. وسيأتي مزيد تناول لهذه القضية أثناء عرض منهج المحدثين في التوثيق.
[15] - لقد كان التقليد العلمي عند المحدثين استخدام الطريقتين (التحديث بإملاء وبغير إملاء) وإن كان الأكثر في عصور الرواية الأولى والمبكرة التحديث بدون إملاء، ثم ظهر الإملاء كتقليد خاص عندما كثر التدوين وكثر النقلة والمحدثون. أنظر دراسات في الحديث النبوي الشريف. محمد الأعظمي (2/350-359) وأدب الإملاء والاستملاء للسمعاني ص13.
[16] - أكثر ما يستعمل في هذه الطريقة: حدثنا ثم أخبرنا وكان هذا قبل أن يشبع تخصيص أخبرنا بالقراءة على الشيخ (كما سيأتي). أنظر علوم الحديث لابن الصلاح ص141.
[17] - وهو قليل في الاستعمال. انظر علوم الحديث لابن الصلاح ص141
[18] - استحبوا إذا كان السماع حال المذاكرة أن يقول: قال لنا أو ذكر لنا، لأنه لائق بسماع المذاكرة وبه أشبه. أنظر علوم الحديث لابن الصلاح ص142 وتدريب الراوي للسيوطي (2/11).
[19] - أنظر تدريب الراوي للسيوطي (2/19)
[20] - السابق (2/25)
[21] - صحيح البخاري (6/2640) تحقيق مصطفى البغا.
[22] - أي الإذن بالرواية ولها أنواع كثيرة. أنظر تدريب الراوي (2/29-43)
[23] - المناولة أن يدفع الشيخ لتلميذه مروياته سواء أذن له بالرواية منها أو لم يأذن، ولها صور. أنظر تدريب الراوي (2/44-55)
[24] - هي أن يكتب الشيخ مروياته لحاضر أو غائب بخطه أو بأمره ولها أضرب. انظر تدريب الراوي (2/55-58)
[25] - إعلام الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه، مقتصرا على ذلك. أنظر تدريب الراوي (2/58-59)
[26] - أن يوصي الشيخ عند موته أو سفره بكتاب يرويه. أنظر تدريب الراوي (2/59-60)(10/73)
[27] - بكسر الواو مصدر لوجد مولد غير مسموع من العرب، وهي أن يقف على أحاديث بخط راويها الواجد، فله أن يقول وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتابه بخطه.. حدثنا فلان ويسوق الإسناد والمتن. أنظر تدريب الراوي (2/60-63). وكل هذه الطرق خلاف الأصل في الرواية عند المحدثين، لأنها لا مشافهة فيها، لذلك حصل فيها خلاف بين العلماء والنقاد ولم يستقر إجماع على شيء منها بخلاف المشافهة، والملاحظ أن غالب هذه الطرق استخدمها المحدثون في الصدر الأول من عصور الرواية بقلة شديدة، ثم إنهم يبينون ما كان من جنس هذه الطريقة أو تلك، ثم توسع المتأخرون في تلك الطرق لاستقرار التدوين وشهرة المصنفات، وإنما توسعوا في الرواية بها إبقاء لخصيصة الإسناد في الأمة.
[28] - تدريب الراوي للسيوطي (2/22).
[29]- إن كثيرا من العمليات التوثيقية التي ذكرناها ساقطة تماما من مجرد التفكير فيها- فضلا عن تطبيقها – لدى المنهج النقدي عند الأوروبيين، فكما أسلفنا أن نقدهم يبدأ منذ وجد أن الوثيقة أما قبل ذلك فهم على العكس من تراث المسلمين، يواجهون قدرا عظيما من الانتحال والتزييف والكذب يصل لدرجة تثير الشفقة، حتى إننا لا نتعجب حين نراهم- لتلك الأسباب- يمرون في مراحل النقد بعمليات فحص شديدة الوعورة والتعقيد، مع ابتناء منهجهم – كما في الوثيقة. يقول لانجلوا:" إن انتحال الكتب اليوم نادر، يحرمه القانون ويلطخ صاحبه بالعار أما قديما فقد كان عادة جارية مقبولة، لايعاقب صاحبها". مدخل إلى الدراسات التاريخية.لانجلوا سينوبوس.ص70. ونحن لن نندهش كثيرا من هذه الأخلاقيات المتدنية، فإن الشعوب التي لم تستطع أن تحافظ على نسخثين متشابهتين من كتابهم المقدس(الإنجيل) جديرون بأن يتقنوا الانتحال والكذب والتزييف لما هو أقل قدسية.
[30]- على خلاف المشتهر بين الأوساط العلمية أن الأوربيين هم السابقون في ذلك، شأن الكثير من السبوق العلمية التي يثبت التاريخ حوزتها للمسلمين.
[31] - في كل كتب المصطلح الحديث بلا استثناء يفردون فصلا، وبعضهم يسميه علما أو نوعا من علوم الحديث وهو: كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. وينبغي أن ننوه أن الخط العربي على وجه العموم بلغ الغاية في الإتقان من حيث المنهج العلمي وتقعيد ضوابط كتابته وفق نظريات حسابية وهندسية.
[32] - علوم الحديث لابن الصلاح ص 171.
[33]- اختصرنا مادة هذا المبحث وانتقيناها من الفصل الذي أفرده ابن الصلاح في مقدمته، وقد قام الأستاذ أحمد شاكر –المحدث المعروف- بطبع هذا الفصل مستقلا ليعرض فيها منهج المسلمين في ضبط الكتاب مقترحا أن تكون فنيات المحدثين في تقييد الكتاب منهجا علميا يلتزم به مصححوا الكتب ومحققوها في عالم اليوم.انظر: تصحيح الكتب وصنع الفهارس المعجمة وكيفية ضبط الكتاب: أحمد شاكر.ط مكتبة السنة بمصر 1410هج
[34] - علوم الحديث لابن الصلاح من ص 172 إلى ص183 بتصرف.
[35] - وللمحدثين تفصيل أوسع في التصحيفات والتحريفات ضمنوه نوع " معرفة المصحف" من علوم الحديث، ولهم فيها تصنيفات خاصة مثل مصنف الدارقطني وأبو احمد العسكري(انظر: تدريب الراوي 2/193) وهو شبيه بكشاف التحريفات الذي ابتكره ووضعه أصحاب المنهج الأوروبي في النقد التاريخي لإعانة العلماء المحصلين – محققي المخطوطات – على كشف الخطاء ومعرفة الاحتمالات الصائبة فيما غمض. ( انظر: المدخل إلى الدراسات التاريخية.لانجلوا و سينوبوس. ص. 58)
[36] - الجدير بالذكر أن مثل هذه الفنيات الدقيقة وجد كثير من تفاصيلها منذ القرن الرابع الهجري عند الرامهرمزي في كتابه" المحدث الفاصل" والخطيب البغدادي في كتابيه "الكفاية" و "الجامع"، لكن فرانز روزنتال ( من المستشرقين المعنيين بالتراث الإسلامي ) اختار كتاب الشيخ عبد الباسط العلموي المتوفى سنة 981هج واسمه " المعيد في أدب المفيد والمستفيد " ليكون مثالا لدراسة مركزة ومنظمة حول طريقة التأليف والتصنيف ومعالجة فنيات الكتابة والخط وكان حريا به أن ينوه على ان هذا الفن قد وجد في الحضارة الإسلامية منذ عصر مبكر ( انظر مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي فرانز روزنتال .ت:أنيس فريحة ص).
[37] - السابق.
[38] - قضية كلام ابن الصلاح أن ذلك كان شائعا في العصور المتقدمة، أي عصور الرواية بالمشافهة . انظر علوم الحديث لابن الصلاح ص177
[39] - علوم الحديث لابن الصلاح ص 177
[40] - السابق ص 185
[41] - صفحة مشرقة من تاريخ سماع الحديث عند المحدثين. عبد الفتاح أبو غدة. ص99. وقد اشتهر عند المحدثين قولهم:" الأسانيد أنساب الكتب" أنظر: التأصيل بكر أبو زيد ص75.
[42] - طبع مع السنن ألحقت السماعات بها (طبعة الهند في مدينة حيدر آباد الدكن)، ثم أفرده الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة بطبعة مستقلة مصدرة بدراسة وسماها: صفحة مشرقة من تاريخ سماع الحديث عند المحدثين. ط حلب بسورية سنة 1412هـ.
[43] - هو كاتب الطباق وسيأتي بيان معناه.(10/74)
[44] - نقتصر على اصطلاحين ذوي صلة بمسألة التوثيق هما: الرواية على الوجه والطباق. ولأنني لم أجد تعريفا شافيا في كتب المحدثين فبحث عن لدلالتها من خلال تضاعيف التراجم وكتب الرجال وبعض كتب المصطلح.
[45] - المائدة 108
[46] - أخطأ الأستاذ فؤاد سيزكين حين ظن أن مصطلح : الرواية على الوجه يدل على السماع والقراءة على الشيخ فقط( تاريخ التراث العربي 1/240) واستشهد بقول ابن سعد في الطبقات (7/328) عن عبد الله بن عبيد الرحمن أنه روى كتب الثوري على وجهها، وبما في تاريخ بغداد (4/163) عن أحمد بن أبي خيثمة أنه كان يشترط على من يسمع ويروي عنه تاريخه أن يسمعه ويرويه على الوجه، وقد تعقبه الأستاذ اكرم العمري في كتاب: ( دراسات تاريخية ص 239) بأن من المحتمل والجائز أن يكون المرد بمصطلح الرواية على الوجه أنه الرواية الكاملة وقال:" إنه احتمال بدا له" وطلب ممن له دراية بالمعنى أن يوضحه. وما احتمله وجوزه هو الصحيح لما ذكرنا أعلاه، وما أورده الأستاذ فؤاد سيزكين عن طبقات لبن سعد وتاريخ بغداد ظاهر فيما وجهناه.والله أعلم.
[47] - الجامع لخلاق الراوي وآداب السامع. الخطيب البغدادي(2/155).
[48] - أي متمنعا غير سهل في بذل الرواية، وقد كان بعض المحدثين على هذه الصفة ضنا بعلمهم عمن لا يستحقه.
[49] - الضعفاء والمجروحين لابن حبان البستى(1/32) ..
[50] - الطباق جمع طبقة. هكذا استعمله بعض الباحثين ( انظر القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية1/21-22 نقل اعن أبي غدة) ولعله موجود في بعض التراجم، والأوجه عندي تخريجه على المصدرية لا على الجمع، من طابق طباقا ومطابقة) ويمكن توجيه ( طباق جمع طبقة) على طبقات السامعين للكتب ومراتبهم وفيه تكلف. والله أعلم .
[51] - توهم المؤرخ الشيخ محمد أحمد دهمان الدمشقي في مقدمة " القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية" (1/21) أن الإجازة المثبتة في آخر النسخة المسموعة هي نفس الطباق، وليس بصحيح، فالطباق هو قيد السماء وتفصيلات السماع من عدد مجالس ومكان وزمان ونحو ذلك، أما الإجازة فهي الإذن بالرواية لمن ثبت سماعه على نحو ما هو مثبت في الطباق، ولم تكن هذه الإجازة مع الطباق في القديم بل حدثت في نحو القرن السادس الهجري وأول من كتب الإجازة مع الطباق –فيما ذكر الحافظ العراقي- هو أبو طاهر إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي. قال ابن عتاب الأندلسي: لاغنى في السماع عن الإجازة لنه قد يغلط القارئ ويغفل الشيخ أو السامعون فينجبر ذلك بالإجازة. قال الحافظ العراقي: ولقد حصل به نفع كبير، فقد انقطع بسبب ترك ذلك وإهماله اتصال بعض الكتب في بعض البلاد بسبب كون بعضهم كان له فوت ولم يذكر في طبقة السماع إجازة الشيخ لهم، فاتفق أن كان بعض المفوتين آخر من بقي ممن سمع بعض ذلك الكتاب فتعذر قراء الكتاب عليه كأبي الحسن بن الصواف الشاطبي راوى غالب النسائي عن ابن باقا . انظر تدريب الراوي(2/25).
[52] - وقد تكتب في آخر النسخة وسيأتي كيفية كتابة الطباق.
[53] - أنظر المحدث الفاصل للرامهرمزي ص 589، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي ( 1/241) والإلماع فى معرفة أصول الرواية وآداب السماع ص 223 ومقدمة ابن الصلاح ص 184.
[54] - الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع. الخطيب البغدادي (1/241).
[55] - صفحة مشرقة من تاريخ سماع الحديث عند المحدثين. عبد الفتاح أبو غدة. ص.149
[56] - علوم الحديث. ابن الصلاح ص 183
[57]- استحبوا أن يكتب الطباق بخط قوي أمانا من الحك( أي التزوير). ورد في ترجمة سنجر ابن عبد الله التركي في معجم المحدثين للذهبي(1/106):"عني بالرواية وصار له أنسة بالفن وكتب الطباق بخط قوي".(10/75)
[58] - أي المشهورون بالرواية والأخذ عن الشيوخ. وكلام ابن الصلاح يوحي بوجود مأخذ فيما لو كتب الطباق بخط نفسه، وهو صحيح، لأن فيه تهمة، حيث اتهم بعض الرواة بتزوير الطباق.ففي ترجمة أحمد بن سعيد العسكري أبو الحارث في ميزان الاعتدال (1/237) قال الذهبي: متأخر حدث عن الترسي،يزور الطباق. وفي ترجمة راو آخر في سير أعلام النبلاء(22/109) نقل الذهبي عن ابن النجار قوله في ذلك الراوي، قال: سماعاته بخطوط المعروفين صحيحة فأما ما كان بخطه فلا يعتمد عليه كان يلحق اسمه في الطباق لكن تعقبه ابن حجر في لسان الميزان(4/6) بأنه يجوز أنه كان يوجد اسمه فيه أما فقدان الأصول فلا ذنب للشيوخ فيه.وقد كانوا يستدلون على كذب السماعات بما في الطباق. ففي وفيات السلامي (1/296) قال عن أحد الرواة:" قد أخبروه بسماع جميع الكتاب ( صحيح البخاري) من قطب العارفين محمد بن أبي البركات، قال السلامي: فأخذت البخاري جميعه وقرأت الطباق فوجدت المجلد الأول ليس عليه طبقة بالكلية بل على الخمسة، وجميع الطباق بخط العلامة فخر الدين التوزري، فأما المجلد الرابع والخامس فسمعهما واسمه على كل مجلد، وأما المجلد الثاني والثالث فيحتمل أنه سمعهما ويحتمل لا، وسماعه للمجلد الثالث أظهر من سماعه للثاني وسبب ذلك أنه مكتوب في المجلد الرابع والخامس اللذين سمعهما محققا على هذه الصفة وهي ( وعيسى ومحمد ولدا الحجي) وأما المجلد الثالث فمكتوب: (وعيسى ومحمد...) وباقي السطر لما رَثَّ لُصِقَ عليه ورقة فليس ببعيد أن يكون بعد قوله"(ومحمد ولدا الحجي …)فعلى هذا والله أعلم يكون المذكور قد سمع جميع البخاري إلا هذا الفوت المعين وإلا جميع المجلد السادس وأوله كتاب الدعوات وآخره آخر الكتاب"
[59] - انظر تدريب الراوي للسيوطي(2/25)
[60] - علوم الحديث لابن الصلاح ص 184.
[61] - نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر ص82. وسيأتي في نظرية العلة التفريق بين الشاذ والمعلل، لكن نشير هنا إلى أن الشاذ عند المحدثين يتوقفون فيه لأن الشاذ هو الذي خالف فيه الثقة من هو أوثق منه، ومنهم من لا يحتج به، والفقهاء والأصوليون لا يعتبرون شروط الشذوذ. أنظر نكت ابن حجر على ابن الصلاح ص63-64.
[62] - الأمور التي تقدح في الخبر إما أن تعود إلى نظام اتصال السند وهو سقط الرواة، أو إلى ضعف في الرواة ذواتهم وهو ما يتعلق بجرحهم وتعديلهم أو إلى خطأ خارج عن المعتاد من نظام الإسناد والجرح والتعديل وهو العلة. ونحن قد قسمنا الكلام عن منهج المحدثين في نقد الأسانيد على هذه الأقسام التي تمثل كبرى نظريات النقد عندهم.
[63] - ومما اختلف فيه المحدثون النقاد حول شرط اتصال السند قضية لقاء الرواة ومعاصرتهم، حيث شرط جمهور المتقدمين وكثير من المحققين ثبوت اللقاء ولو مرة بين الراوي وشيخه ليثبت اتصال السند وإلا فإنه يتوقف فيه أو يحكم بانقطاعه، واشهر من ذهب إلى ذلك علي بن المديني والبخاري، وذهب جمهور المتأخرين وعليه العمل عند جماهير المحدثين والمحققين أن ثبوت المعاصرة بين الراويين كاف في ثبوت اتصال السند وإن عنعن الراوي ما لم يكن مدلسا فإنه لا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث، واشهر من ذهب إلى هذا الإمام مسلم في مقدمة صحيحه وشنع فيه على المخالف. أنظر: شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي ص268
[64] - انظر تدريب الراوي (2/349-350).
[65] - تدريب الراوي (1/205-206).
[66] - السابق (1/203).
[67] - السابق (1/206).
[68] - تدريب الراوي (1/ 223-231) ولهم في ذلك تفصيلات كثيرة تتعلق بأنواع التدليس ترجع كلها في النهاية إلى ما ذكرنا.
[69] - انظر: التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل. عبد الرحمن المعلمي ( 1/ 82).
[70] - تدريب الراوي (1/262-267).
[71] - السابق (1/628-274)
[72] - تدريب الراوي(1/291-295)
[73] - المرسل لغة من قوله: أرسلت كذا إذا أطلقته و لم تمنعه، فكأن المرسل أطلق الإسناد ولم يقيده براو معروف ويحتمل أن يكون من قولهم: جاء القوم أرسالا أي قطعا متفرقين،ويجوز أن يكون المرسل من قولهم:ناقة مرسال أي سريعة السير وفي الاصطلاح له ثلاثة معاني :الأول :هو ما رفعه التابعي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو إقرار سواء كان التابعي صغيرا أو كبيرا. الثاني: وهو ما رفعه التابعي الكبير إلي رسول الله صلي الله عليه و سلم.نحو سعيد بن المسيب. الثالث: هو ما سقط راو من إسناده واكثر في أي موضع كان، فعلى هذا فهو و المنقطع سواء. وإلى المعني الأول ذهب جمهور المحدثين، و هو الذي سيدور عليه هذا المبحث.انظر معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ص25 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص 47. وأهم المؤلفات في المرسل: 1- المراسيل لابن أبي حاتم. 2- المراسيل لأبي داود. 3- جامع التحصيل لأحكام المراسيل للحافظ العلائي.
[74] - رواه البخاري (1/52)
[75] - رواه ابن ماجة في المقدمة حديث رقم 3(10/76)
[76] - رواه ابن ماجة ( 2/843)
[77] - رواه أحمد بن حنبل في المسند(3/433)
[78] - رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 235
[79]- رواه الخطيب في الخطيب في الكفاية ص 382
[80] - تدريب الراوي. السيوطي(1/207)
[81] - وغلى هذا يشير قول محمد بن سيرين وهو من التابعين: " كانوا لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة…" ومضى تخريجه.
[82]- وعليه يحمل قول يحيى بن سعيد القطان:" لوكان فيه إسناد لصاح به" أي انه لشكه تورع عن ذكر الإسناد فاهمله ولم يعد لروايته. وهذا الحمل أولى من حمله على أنه رواه عن غير ثقة وأنه أسقطه تعمية( كما قال ابن رجب الحنبلي ) لأن هذا يعد من تدليس التوبة ولم يقل أحد من أهل العلم أن من أرسل فهو مدلس ، والتدليس يضعف به الراوي ( خاصة التسوية) ولم يعرف عن أحمد ممن أرسل من التابعين أنه ضعف لذلك . ( انظر : شرح ابن رجب لعلل الترمذي ص 226).
[83] - وعلى هذا يحمل قول محمد بن سيرين :" كان أربعة يصدقون من حدثهم : أبو العالية والحسن وحميد بن هلال ورجل آخر سماه " (شرح ابن رجب لعلل الترمذي ص 229).
[84] - وروى البخاري في التاريخ الكبير عن عبيد الصيد قال : قال الرجل للحسن إنك لتحدثنا : قال النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كنت تسند لنا ؟ قال : والله ما كذبناكم ولا كذبنا، لقد غزوت إلى خراسان غزوة معنا فيها ثلاثمائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحسن فكيف بسعيد ؟قال ابن رجب : " وهذا يدل على أن مراسيل الحسن أو أكثرها عن الصحابة" ( شرح علل ص 221) .
[85] - قال أبو زرعة الرازي " كل شئ يقول الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث" .شرح العلل ص226
[86] - قال الشافعي: إرسال الزهري عنده ليس بشئ وذلك إنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم وقال مهنا لحمد : لم كرهت مرسلات الأعمش ؟ قال : كان الأعمش لا يبالي عمن حدث .شرح العلل ص 226 و 239.
- [87] العلل الصغير للترمذي ص 223بشرح ابن رجب
[88] - شرح ابن رجب لعلل الترمذي ص 227
[89] - التمهيد لابن عبد البر (1/57)
[90] - رسالة أبي داود لأهل مكة ص 24
[91] - شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي ص 233
[92] - السابق ص 234-239
[93] - قال ابن رجب الحنبلي :" واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ وكلام الفقهاء في هذا الباب، فإن الحفاظ يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلا، وهو ليس بصحيح على طريقتهم لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعين الذي دل عليه الحديث ( المضمون) فإذا عضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلا قوي الظن بصحة ما دل عليه فاحتج به مع ما احتف به من القرائن وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة كالشافعي وأحمد وغيرهما مع أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ " شرح علل الترمذي ص 232
========================
الانتصار لرسول الله محمد أزكى البشرية
الكاتب: خالد بن عبدالرحمن الشايع
ماذا تنقم حكومة الدنمرك وصحافتها على محمد خاتم رسل الله عليه الصلاة والسلام ؟
دفاع عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من استهزاء صحيفة دنمركية
ما موقف المسلمين حكومات ورجال أعمال وشعوباً نحو هذه الإساءة ؟
الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على من لا نبيَّ بعده ، نبينا محمد ، وعلى إخوانه من النبيين ، وآل كلٍّ ، وسائر التابعين إلى يوم الدين ، أما بعد :
فهذا بيانٌ مِدَادُهُ دُمُ قلبي ، ورقعته مُهْجَةُ نفسي ، أحرره دفاعاً عن أحبِّ حبيب ، وأرقُمه ذوداً عن أزكى مخلوق وأطهر بشر : محمد بن عبدالله ، رسول رب العالمين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، فياربِّ تقبَّل مني إنك أنت السميع العليم .
لقد اطلعت على ما تناقلته بعض وكالات الأنباء من اقتراف الصحيفة الدنمركية ( جيلاندز بوستن / Jyllands-Posten, ) لخطأ شنيع وانحرافٍ فظيع بنشرها ( 12 ) رسماً ( كاريكاتيرياً ) أو ساخراً يوم الثلاثاء 26 شعبان 1426هـ / 30 سبتمبر 2005 تصور الرسول (صلى الله عليه وسلم) في أشكال مختلفة، وفي أحد الرسوم يظهر مرتدياً عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !!.
وإمعاناً في غيها طلبت الجريدة من الرسَّامين التقدم بمثل تلك الرسوم لنشرها على صفحاتها .
ولما بلغني الخبر كدَّرني كثيراً وأصابني بهمٍّ كبير ، وأحزنني حزناً عظيماً ، وقد عمدتُ بنفسي للنظر في موقع الصحيفة المذكورة على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) ، حتى وقفت على موقع الجريدة (Jyllands-Posten, ) في صفحاتها الصادرة بتاريخ (29. September 2005 ) فكان الخبر ليس كالمعاينة ، حيث هالني ما رأيته ، واقشعر جسمي ، وبلغ بي ذلك كل مبلغ في النكير والاستهجان والامتعاض .
وهكذا كان الشأن عند عامة أهل الإسلام ممن بلغهم الخبر ، حيث كان هذا العمل محل انتقاد واستهجان لديهم ، ولدى غيرهم من العقلاء في أرجاء الأرض .(10/77)
وقد عمد إخواننا المسلمون في الدنمرك ، ومعهم غيرهم من المواطنين الدنمركيين ، وكذلك غيرهم من المقيمين في الدنمرك إلى إنكار هذه السخرية التي نالت أشرف إنسان في التاريخ ، فكُتبت المقالات ووُجهت الرسائل إلى الحكومة الدنمركية وإلى الصحيفة المعنية ، مطالبين بالاعتذار عن هذا العمل والكَفِّ عن مثله مستقبلاً ، وقد تظاهر في شهر أكتوبر الماضي أكثر من ( 5000 ) مسلم وغيرهم من المتعاطفين معهم في العاصمة كوبنهاجن ضد الصحيفة وطالبوها بالاعتذار.
غير أن السلطات الدنمركية ومسئولي الصحيفة رفضوا ذلك بمبررات حرية الإعلام والتعبير ، وأنه لا شيء يستثنى من شموليته وحريته .
ولا زال مسئولو صحيفة ( جيلاندز بوستن/Jyllands-Posten, ) والحزب الحاكم الذي تنتمي إليه يرفضون الاعتذار ، وينوون الاستمرار في منهجهم المتهجم على الرسول الكريم الذي قال الله له : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) [الأنبياء : 107] .
متجاهلين بذلك المواثيق والأعراف الدولية ، غير مبالين بالاعتراضات المقدمة إليهم ، فرأيت أن من الواجب عليَّ ، وعلى غيري ممن حمَّلهم الله أمانة البيان والبلاغ البيان في ذلك ، خاصةً وأنني أشرف بالانتساب للمملكة العربية السعودية التي فيها قبلة المسلمين ، وبها مسجد رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام الشريف ، وذلك عملاً بقوله سبحانه : ( وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ) [آل عمران : 187] .
وإذا تأملنا في خلفيات هذه التهجمات فلنا أن نقف الوقفات التالية :
أولاً : محمد أزكى البشرية :
أذكِّر الشعب الدنمركي وغيره من الشعوب النصرانية وغيرهم من أمم الأرض أن هذه السخريات ما هي إلا محض افتراء وكذب ، فمحمدٌ رسول الله هو أطهر البشرية جمعاء وأزكاها ، ولن تضيره هذه السخرية مهما عظمت أو تكاثرت ، كما أخبرنا بذلك ربُّنا في القرآن العظيم .
ونحن نعتقد أن الله سبحانه سيحمي سمعة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ويصرف عنه أذى الناس وشتمهم بكل طريق ، حتى في اللفظ ، ففي " الصحيحين" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا ترونَ كيف يَصْرِفُ الله عنِّي شَتْمَ قريشٍ ولعنَهم ، يشتمون مُذَمَّمَاً ، ويلعنون مُذَمَّمَاً ، وأنا مُحَمَّدٌ ! " .
فنَزَّه الله اسمَه ونَعْتَه عن الأذى ، وصرف ذلك إلى من هو مُذَمَّم ، وإن كان المؤذِي إنما قصد عينه".
قال الإمام العالم الحافظ ابن حجر رحمه الله : قوله : " يشتمون مُذَمَّمَاً " : كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح ، فيعدلون إلى ضده ، فيقولون : مُذَمَّم ، وإذا ذكروه بسوء قالوا : فَعَلَ الله بمذمم .
ومُذَمَّم ليس هو اسمه عليه الصلاة والسلام ، ولا يُعرف به ، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفاً إلى غيره .
أقول : وهكذا تلك الرسوم التي دعت الجريدة الرسامين لرسمها ونشرتها على صفحاتها ، إنها قطعاً لا تمثل رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم ، لا في رسمها ، ولا في رمزها :
لا في رسمها : أي ملامح الوجه ، فوجه محمد هو الضياء والطهر والقداسة والبهاء ، وجهه أعظم استنارةً وضياءً من القمر المسفر ليلة البدر ، وجه محمد يفيض سماحةً وبشراً وسروراً ، وجه محمد له طلعةٌ آسرة ، تأخذ بلب كل من رآه إجلالاً وإعجاباً وتقديراً .
ولا في رمزها : فمحمد صلى الله عليه وسلم ما كان عابساً ولا مكشراً ، وما ضرب أحداً في حياته ، لا امرأة ولا غيرها ، تقول عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنها : ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ، ما لم يكن إثماً ، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ، إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها " رواه البخاري ومسلم .
وإنه لمن الحسرة والبؤس على الصحيفة الدنمركية وعلى حكومة الدنمرك أن يكون مجرد علمهم عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما استهزؤوا به ، مما أوحت به إليهم الأنفس الشريرة ، وصدق الله : (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ) [يس : 30] .
وأدعو هؤلاء المستهزئين برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام ، وأدعو غير المسلمين لأن يشرفوا أنفسهم بالاطلاع على سيرته عليه الصلاة والسلام ، ليطلعوا على كمال الإنسانية في شخصه عليه الصلاة والسلام ، وهناك آلاف المراجع والمواقع الإلكترونية في هذا المجال ، ومنها على سبيل المثال :
islamweb.net/ver2/archive/index2.php?vPart=57&startno=1&thelang=E
islamonline.net/English/In_Depth/mohamed/1424/biography/article01.shtml(10/78)
وقد شرفني الله بالتأليف في هذا المجال ، ومن ذلك : كتابي " نفح العبير من شمائل البشير النذير ، صلى الله عليه وسلم " وكتابي : " مواقف من بيت النبوة " .
وقد شهد لمحمد عليه الصلاة والسلام عقلاءُ البشر ومثقفوهم ، حتى من أهل الملل الأخرى ، شهدوا له بالنُّبل والطهر والفضائل الجمَّة ، وسأورد طرفاً من تلك الشهادات في آخر هذا البيان .
ثانياً : السخرية بالأنبياء لن تزيد العالم إلا شقاءً :
لا يخفى أن العالم اليوم يشهد اضطرابات عديدة ، أريقت فيها الدماء وأزهقت الأرواح ، بغياً وعدواناً ، بما يجعلنا أحوج ما نكون لنشر أسباب السلم والعدل ، وخاصةً احترام الشرائع السماوية واحترام الأنبياء والمرسلين ، فهذا المسلك يتحقق به حفظ ضرورات البشر في أرواحهم وأعراضهم وأموالهم ، وغير ذلك من حقوقهم ومقومات عيشهم الكريم .
وإن مثل هذه الأطروحات العدائية والاستفزازية لن تزيد العالم إلا شقاءً وبؤساً ، ذلك أننا جميعاً بحاجة لمصادر الرحمة والهدى ، والتي يسَّرها رب العالمين على يدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان المستهزئون به عليه الصلاة والسلام ، المشوهون لحقيقة حياته ورسالته ممن يصد الناس عن الخير ويمنع من استقرار العالم وطمأنينته ، وهذا الصنف من الناس توعده الله في كتابه وندد بسوء فعالهم : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ) [إبراهيم : 3] .
وإنَّه لمن المؤسف لحال البشرية اليوم ، مع ما وصلت إليه من التقدم في مجالات عديدة من علوم الدنيا ، بما تتضمنه من الاكتشافات المبهرة ، ثم يأتي في هذا الخضم من العواصم التي تدَّعي التحضر أصواتٌ مبحوحة وكتابات ساقطة تتردى معها تلك المجتمعات بسبب إسقاطات أخلاقية نحو المقدسات .
ثالثاً : دعوى حرية التعبير لا تجيز الإساءة لأحد :
إن ادعاء صحيفة (Jyllands-Posten ) حرية التعبير في نشرها لتلك الرسوم الساخرة من محمد رسول الله، ادعاءٌ غير مسلَّم ولا مقنع ، لأن جميع دساتير العالم ومنظماته تؤكد على احترام الرسل ، وعلى احترام الشرائع السماوية ، واحترام الآخرين وعدم الطعن فيهم بلا بينة .
وقد جاء في ميثاق شرف المجلس العالمي للفيدرالية الدولية للصحفيين ما نصه :
( على الصحفي التنبه للمخاطر التي قد تنجم عن التمييز والتفرقة اللذين قد يدعو إليهما الإعلام، وسيبذل كل ما بوسعه لتجنب القيام بتسهيل مثل هذه الدعوات التي قد تكون مبنية على أساس عنصري أو الجنس أو اللغة أو الدين أو المعتقدات السياسية وغيرها من المعتقدات أو الجنسية أو الأصل الاجتماعي.
ـ سيقوم الصحفي باعتبار ما سيأتي على ذكره على أنه تجاوز مهني خطير : الانتحال،التفسير بنية السوء، الافتراء، الطعن، القذف، الاتهام على غير أساس، قبول الرشوة سواء من أجل النشر أو لإخفاء المعلومات.
ـ على الصحافيين الجديرين بصفتهم هذه أن يؤمنوا أن من واجبهم المراعاة الأمينة للمبادئ التي تم ذكرها. ومن خلال الإطار العام للقانون في كل دولة ) .
ولذلك حين نطالب الصحيفة والحكومة الدنماركية بالاعتذار وبمنع تلك الإساءات لاحقاً فإننا نعتمد أيضاً على ميثاق صحفي شريف ، جاء فيه : ( سيقوم الصحافي ببذل أقصى طاقته لتصحيح وتعديل معلومات نشرت ووجد بأنها غير دقيقة على نحو مسيء ) .
ولا شك أن ما نشرته صحيفة (Jyllands-Posten ) الدنماركية مسيءٌ لأكثر من مائتي ألف من مواطني الدنمارك ، ومسيء لأكثر من مليار وثلاثمائة مليون شخص ، ومعهم غيرهم من المنصفين من أصحاب الملل الأخرى ، كلهم يعظمون رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام ، وسيبقى ذلك العمل مسيئاً لكل المسلمين ما بقيت هذه الحياة على وجه الأرض ، وستبقى الدنمارك ـ إذا لم تعالج هذه الإساءة ـ مصدر قرف واشمئزاز من عقليات تقطن فيها ، وتعادي الرسل والشرائع السماوية وتسخر بها .
رابعاً : هذا الاستهزاء لا يخدم مصالح الدنمارك ولا مصالح أوروبا :
إن العقلاء في البلاد الغربية النصرانية ينبغي أن يدركوا كم في تلك الكلمات والاستفزاز من الأخطار الكبيرة على رعاياهم ومصالحهم في أقطار الأرض ، بل وفي بلدانهم ، وأنها قد تؤدي لمزيد التوتر ، بما يتعين معه الكف عن هذا الغيِّ والبهتان .
فقد تأخذ الحميةُ بعض المتحمسين للثأر ممن وقع في رسول رب العالمين ، ومئات الملايين يفرحون أن يموتوا دفاعاً عن نبيهم وعن مكانته الشريفة أن تمتهن . ولكن من ضمن هؤلاء من لا يَقْدِر أن يصفِّي حسابه مع من استهزأ وقال الإفك والبهتان لبُعده عنه ؛ فيعمد إلى من يراهم يدينون بالنصرانية حوله فينتقم منهم ومن ممتلكاتهم لقربه منهم ، مع أن هذا العمل الأخير لا يجوز ، وقد حرمه ومنع منه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقال : " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة " رواه البخاري .(10/79)
والمراد بالمعاهد : من له عهد مع المسلمين ، سواء كان بعقد جزية أو هُدنة من سلطان ، أو أمانٍ من مسلم ، ويدخل في ذلك ما له صلةٌ بالأعراف الديبلوماسية التي التزمت بها الدول وتعارفت عليها .
وأعمال التحريض والاستفزاز تلك ستؤدي إلى سفك الدماء وإزهاق الأرواح ومزيد الاضطراب والتوتر .
ونذكر في هذا المقام بالقرار الذي تبنته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ، ( بتاريخ 3/3/1426 هـ - الموافق12/4/2005 م ) الداعي إلى محاربة تشويه الأديان ، لاسيما الإسلام ، الذي زادت وتيرة تشويهه في الأعوام الأخيرة .
خامساًً : أين الحكماء من النصارى ؟
أذكِّر الشعب الدنمركي ، وغيره من الشعوب النصرانية ، وغيرهم من أمم الأرض ، أذكرهم جميعاً بالمواقف السابقة لأسلافهم من النصارى ، وكيف كان تعاملهم مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد كان موقفهم حضارياً حكيماً متعقلاً ، بعيداً عن التشنجات النفسية أو الانحرافات الأخلاقية ، فكانت عاقبة أمرهم إلى خير ، في الدنيا ، أو في الدنيا والآخرة .
فقد بعث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رسائل إلى كِسرى ملك الفرس وإلى قيصر ملك الروم ، وكلاهما لم يُسْلِم ، لكنَّ قَيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله ، فثَبَتَ ملكُه ، واستمر في الأجيال اللاحقة ، وأما كِسرى فمزَّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسول الله ، فقتله الله بعد قليل ، ومزَّق مُلكَه كلَّ مُمَزَّق ، ولم يبق للأكاسرة ملكٌ .
وقد ذكر المؤرخون كيف كانت ملوك النصارى يعظِّمون ذلك الكتاب الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي هذا يقول الإمام العالم الحافظ ابن حجر : ذكر السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له ، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ، ثم كان عند سِبطه ، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر ، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع .
ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير ، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا " انتهى .
ثم أَمَا للشعب الدنمركي النصراني وغيرهم من النصارى أسوةٌ بالملك النصراني النجاشي ملك الحبشة ، فإنه لما قرأ عليه الصحابي جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ صدراً من سورة مريم بكى النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم ، حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا ـ واللهِ ـ والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة . رواه الإمام أحمد في "المسند".
ولقد نقل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحاه الله إليه في القرآن الكريم من ثناء الله جل وعلا على أولئك النصارى الذي صدقوا في دينهم وفي أمانتهم ، وهو قول الله في القرآن الكريم : ( وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) [ سورة المائدة : 83].
ونذكر الشعب الدنمركي وقادة الرأي والمثقفين فيه والقائمين على صحيفة ( جيلاندز بوستن ) نذكرهم بما قاله أحد علمائنا ، وهو الإمام أحمد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قال : " وما زال في النصارى من الملوك والقسيسين والرهبان والعامة من له مزية على غيره في المعرفة والدين ، فيعرف بعض الحق ، وينقاد لكثير منه ، ويعرف من قَدْرِ الإسلام وأهله ما يجهله غيره ، فيعاملهم معاملة تكون نافعةً له في الدنيا والآخرة " .
سادساً: الاستهزاء بالأنبياء مسلك الأشرار :
إن تلك الإساءة التي نشرتها صحيفة ( جيلاندز بوستن ) لم تخرج عن طريقة أصحاب المناهج الشريرة ، الذين الذي حاربوا الأنبياء والمصلحين ، وهذا ما أخبرنا الله به عنهم في القرآن الكريم : فقال تعالى : ( فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ) [آل عمران : 184] .
وقال سبحانه عن اليهود : ( كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ) [المائدة : 70] .(10/80)
وقال الله عزَّ وجلَّ : ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ . وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ) [الأنعام : 33 و 34].
سابعاً : المؤذون للأنبياء توعدهم الله بالانتقام :
لقد كانت صحيفة (Jyllands-Posten , ) ومحرروها في عافية من دنياهم وانهماك في شهواتهم قبل أن يتعمدوا الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنهم بما نشروه وكتبته أيديهم قد أدخلوا أنفسهم ومن تواطأ معهم في الوعيد الإلهي المسطر في القرآن الكريم : (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) [الكوثر : 3] أي : إنَّ مبغضك يا محمد ، ومبغض ما جئتَ به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين ( هُوَ الأَبْتَرُ ) : الأقل الأذل المنقطع كل ذِكرٍ له .
فهذه الآية تعم جميع من اتصف بهذه الصفة من معاداة النبي صلى الله عليه وسلم أو سعى لإلصاق التهم الباطلة به ، ممن كان في زمانه ، ومن جاء بعده إلى يوم القيامة .
وفي هذا يقول أحد علمائنا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه ، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد ، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول ، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك،ثم يفتح المكان عنوة ، ويكون فيهم ملحمة عظيمة ، قالوا : حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه ، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه " انتهى.
والأيام بيننا وبين أولئك المبطلين المستهزئين ، لننظر من تكون له العاقبة ، ومن الذي يضل سعيه ، ويكذب كلامه ، وتظهر للعالمين أباطيله وافتراءاته ، فقد قالها أمثالهم ، فلمن كانت العاقبة ؟ وأين آثارهم وأين مثواهم ؟ قال الله جل شأنه في القرآن الكريم : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [التوبة : 61] ، وقال الله سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ) [الأحزاب : 57] .
وقال الإمام العالم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :
" ومن سُنة الله أن من لم يُمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإنَّ الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ، كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكتاب المفترى ، وكما قال الله سبحانه : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) [الحجر : 94 و 95].
والقصة في إهلاك الله المستهزئين واحداً واحداً معروفة ، قد ذكرها أهلُ السِّيَر والتفسير.
وهذا والله أعلم تحقيق قوله تعالى : (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) [الكوثر : 3] ؛ فكُلُّ من شَنَأَهُ أو أبغضه وعاداه فإنَّ الله تعالى يقطع دابره ، ويمحق عينه وأثره .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال : " يقول الله تعالى : من عادى لي ولياً ، فقد بارزني بالمحاربة " فكيف بمن عادى الأنبياء ؟ ومن حَارَبَ الله تعالى حُرِبَ .
وإذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أُهلكوا حين آذوا الأنبياء وقابلوهم بقبيح القول ، أو العمل .
وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذِّلة وباؤوا بغضِبٍ من الله ، ولم يكن لهم نصير ؛ لقتلهم الأنبياء بغير حق ، مضموماً إلى كفرهم ، كما ذكر الله ذلك في كتابه .
ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يَتُبْ إلا ولا بد أن يصيبه الله بقارعة .
ثامناً : هذه أقوال المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام :
إن المنصفين من المشاهير المعاصرين عندما اطلعوا على سيرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يملكوا إلا الاعتراف له بالفضل والنبل والسيادة ، وهذا طرفٌ من أقوال بعضهم :(10/81)
1/ يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة "ينج إنديا" : " أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".
2/ يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النبيّ " : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة.
فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".
3/ يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه " الشرق وعاداته " : إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء.
4/ يقول المستشرق الألماني ( برتلي سانت هيلر ) في كتابه "الشرقيون وعقائدهم" : كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبيُّ بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد ، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية ، وهما : العدالة والرحمة.
5/ ويقول الانجليزي ( برناردشو ) في كتابه "محمد" ، والذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال ، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).
إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمَّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.
6/ ويقول ( سنرستن الآسوجي ) أستاذ اللغات السامية ، في كتابه "تاريخ حياة محمد" : إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.
7/ ويقول المستشرق الأمريكي ( سنكس ) في كتابه "ديانة العرب" : ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.
8/ ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" : إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.
9/ ويقول الأديب العالمي (ليف تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية : يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.(10/82)
10/ ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي: إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.
11/ ويقول الفيلسوف الإنجليزي ( توماس كارليل) الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر .
وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟!.
12/ جوتة الأديب الألماني : " "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد".
تلك بعض أقوال مشاهير العالم ، في محمد نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام ، فلماذا المزايدات التي تضر ولا تنفع ، وتهدم ولا تبني .
وختام هذا البيان موجه لإخواني المسلمين في أقطار الأرض :
أولاً : اعلموا أن سمعة الإسلام وسمعة النبي صلى الله عليه وسلم مسئولية كل واحدٍ منكم ، ذكوراً وإناثاً ، فينبغي على كل أحد أن يكون سفير خير ومنبر هدى في بيان حقيقة دين الإسلام ، وحقيقة دعوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام .
ثانياً : أتوجه للتجار ورجال الأعمال أن يكون لهم موقفهم الحازم غيرة على نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، فينبغي أن يوقفوا كل التعاملات التجارية مع الدنمارك ، حتى يتم الاعتذار وبشكل علني ورسمي من ذلك العمل الذي أقدمت عليه صحيفة (Jyllands-Posten, ) ، وليتذكروا أن المال زائل ، لكن المآثر باقية مشكورة في الدنيا والآخرة ، وأعظمها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتصار له ، ولهم أسوة في الصحابي الجليل عبدالله بن عبدالله بن أبي سلول ، في موقفه الحازم من أبيه ، عندما آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكيف أنه أجبر أباه على الاعتذار من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلا منعه من دخول المدينة ، في الحادثة التي سجلها القرآن الكريم : ( يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) [المنافقون : 8] .
وثبت في الصحيحين أنَّ المنافق عبدالله بن أُبيِّ بن سلول تكلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام سيء ، حيث قال : " والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " الحديث ، وفيه في رواية الترمذي أنَّ ابنه الصحابي عبد الله بن عبد الله قال لأبيه : " والله لا تنفلت حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز ، ولم يأذن لأبيه بدخول المدينة حتى اعتذر ورجع عنه قوله، وقال : إنه الذليل ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو العزيز .
فهل يستجيب رجال الأعمال المسلمين لهذا الواجب في الغيرة على نبيهم عليه الصلاة والسلام ، وهل يكفُّون عن التعمل التجاري مع الدنمارك حتى يتم تقديم الاعتذار الرسمي ، واشتراط عدم تكرار هذه الجريمة .
ثالثاً : أدعو إخواني المسلمين في كل مكان إلى إرسال استنكارهم والمطالبة بالاعتذار إلى الجريدة على عناوينها التالية:
ـ مملكة الدنمرك ، صحيفة (Jyllands - Posten ) .
ـ الهاتف والفاكس : ( +45 87 38 38 38 ) و ( +45 33 30 30 30 ) .
ـ البريد الإلكتروني : ( jp@jp.dk ) .
رابعاً : يجدر التواصل من قبل الشعوب الإسلامية مع وزارة الخارجية الدنمركية لإشعارها بالامتعاض والاستنكار لمساس الصحيفة المذكورة بمقدساتنا . وبيان أن ذلك لن يخدم تطور العلاقات القائمة على الاحترام فيما بين الشعوب الإسلامية والشعب الدنمركي .
وهذا هو العنوان البريدي والإلكتروني للخارجية الدنمركية على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت):
Ministry of Foreign Affairs of Denmark (www.um.dk)
2, Asiatisk Plads
DK-1448 Copenhagen K
Tel. +45 33 92 00 00
Fax +45 32 54 05 33
E-mail um@um.dk
خامساً : لما كان المسئولون بالدنمارك غير مبالين بدعوات السلام والبيان التي وجهت إليهم ، وبالنظر للإصرار على الحرية المزعومة في الاستهزاء والإساءة برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام ، أو بأي من إخوانه النبيين ، عليهم الصلاة والسلام ، فأرى أنه من غير اللائق أن يتوجه الناس لاقتناء أي سلعة منشأها الدنمرك ، وهم يجدون بديلاً آخر ، حتى يكفوا عن هذه السخرية ويعتذروا منها علناً ، ويتعهدوا بعدم تكرارها .
وبعد :(10/83)
فيارب هذا جهدي القليل ، في الدفاع والانتصار لخاتم رسلك محمد عليه الصلاة والسلام ، لا تؤاخذني بما فيه من خلل أو تقصير . وبارك فيه بفضلك ومَنِّك ليكون نافعاً للناس ، وليكون مقرباً لي لمرضاتك ، وسبباً في صحبة نبيك يوم القيامة .
ويارب لا تعاقبنا بتقصيرنا في حق خليلك ورسولك محمد ، ووفقنا للإيمان به والعمل بما دلَّنا عليه ، وإلى الذود عنه وعن شريعته.
اللهم وصلِّ وسلِّم عبدك ورسولك محمد ما تعاقب الليل والنهار ، وصلِّ اللهم عليه وسلِّم كلما ذكره الذاكرون الأبرار ، بمنك وكرمك ، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين .
حرر بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية حرسها الله
في 5 ذو القعدة 1426هـ
=================
الانتصار للنبيِّ المختار صلى الله عليه وسلم
عبد المنعم مصطفى حليمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد تناهى إلى مسامعنا تطاول بعض الجرائد المحلية الرسمية الدنمركية على سيد الخلق، وخاتم الأنبياء والمرسلين - صلوات ربي وسلامه عليه - من خلال رسمه في صور كاريكاتيرية ساخرة .. ورغم ما يمثل هذا الحدث الدنيئ المتخلف من اعتداء سافر على الإسلام والمسلمين .. تأبى الجريدة " Jyllands Posten " أن تقدم أي اعتذار عن سوء صنيعها هذا .. كما وتأبى الحكومة الدنمركية أن توجه أي خطاب تأنيب واستنكار للجريدة .. أو حتى اعتذار للمسلمين!
نبينا صلوات ربي وسلامه عليه لا يحتاج مني ولا من غيري إلى أن ندافع عنه ـ وكأن الطعن بحقه محتمل! ـ أو أن نُظهر محامد خصاله وأخلاقه .. فهو أكبر وأعظم من ذلك .. يكفيه فخراً وعظمة أن الله تعالى من فوق سبع سماوات يصفه بقوله: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [ القلم:4]. وقوله تعالى : { إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } [ الحج:67]. وقوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء:107 ] . فأي تزكية تعلو أو توازي هذه التزكية .. وما قيمة ثناء وتزكية المخلوق تجاه ثناء وتزكية الخالق سبحانه وتعالى ؟!
لكن ماذا يعني هذا الحدث الجلل .. وكيف يفهمه ويفسره المسلمون ؟!
هذا الحدث الجلل يعني أموراً عدة :
منها: أن هذا الطعن بشخص النبي صلى الله عليه وسسلم هو طعن بجميع أنبياء الله تعالى ورسله: إبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام، وغيرهم من الأنبياء والرسل؛ لأنهم كلهم يصدقون بعضهم بعضاً، ويُلزمون أتباعهم بالإيمان والتصديق بجميع الأنبياء والرسل من جاء قبلهم ومن يأتي بعدهم؛ وبالتالي فإن تكذيب أي نبي من أنبياء الله تعالى أو الطعن به، هو تكذيب لجميع الأنبياء والرسل، وطعن بهم، قال تعالى: { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [ البقرة:136 ] . وقال تعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [ البقرة:285] .
والطعن والاستهزاء بالأنبياء والرسل هو استهزاء وطعن بالله عز وجل الذي زكى أنبياءه ورسله، وأثنى عليهم خيراً، لذلك عُد النفر الذين استهزؤوا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم في مسيرهم نحو تبوك، هو استهزاء بالله وآياته، ورسوله، كما قال تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } [ التوبة:65-66 ] .
ومنها: أن هذا الاعتداء على شخص النبي صلى الله عليه وسلم هو اعتداء على جميع المسلمين في الأرض، وعلى مشاعرهم، وعقيدتهم .. وهو أشد عليهم من الاعتداء المباشر على أنفسهم وأموالهم .. والصليبيون يُدركون هذا المعنى؛ وهو المراد من وراء طعنهم وتشهيرهم - المتكرر بين الفينة والأخرى - بشخص النبي صلى الله عليه وسلم .
ومنها: أن اللجوء لمثل هذا الطعن، والاستهزاء .. هو علامة من علامات الإفلاس الفكري والحضاري، والثقافي لدى النصارى الصليبيين .. وحضارتهم .. فيُعوضون عن هذا النقص والإفلاس بمثل هذا الطعن، والسب، والاستهزاء !
ومنها : أن الشعار المرفوع حول حوار الأديان والحضارات هو شعار كاذب؛ له ما له من الغايات والمقاصد المريبة الخبيثة .. لا وجود له على الحقيقة والتحقيق !(10/84)
فالغرب النصراني الصليبي بتواطؤه على مثل هذا الطعن والاستهزاء بشخص النبي صلى الله عليه وسلم .. يفقد المصداقية، والرغبة الصادقة في الحوار والتفاهم مع المسلمين، ومع حضارة الإسلام .. إذ كيف ينهضون للحوار والجلوس مع المسلمين وهم يطعنون ويستهزئون بنبي الإسلام، وبأقدس ما عند المسلمين ؟!
فالتواطؤ على مثل هذا الطعن والاستهزاء لا شك أنه يوسع من ساحة عدم التفاهم والتعايش السلمي والآمن بين الشعوب والحضارات !
ومنها: أن مثل هذا الطعن والاستهزاء .. والتواطؤ عليه من قبل الجهات الرسمية .. يدل على ازدواجية المعايير والقوانين المعمول بها في بلاد الغرب النصراني؛ فهم إذ يسنون القوانين التي تُحارب إثارة الكراهية والعنصرية بين الشعوب كما يزعمون، تراهم هم أول من ينقض ويُخالف هذه القوانين، وبخاصة عندما تكون إثارة هذه الكراهية موجهة ضد الإسلام والمسلمين .. وتسير في الاتجاه الذي يرغبونه ويهوونه!
عندما تكون إثارة الكراهية والعداوة موجهة ضد الإسلام والمسلمين .. فهذه حرية مصونة الجانب لا يجوز المساس بها أو الاقتراب منها .. وعندما تُثار الكراهية في الاتجاه الذي لا يرضونه ولا يلامس هواهم .. فحينئذٍ تُصبح إجراماً مخالفة للقانون، يؤخذ صاحبها بالنواصي والأقدام !
ومنها: أن مثل هذا الطعن والاستهزاء .. والتواطؤ عليه .. يُعد تعبيراً صادقاً عما يُضمره القوم من حقد، وكراهية، وعداوة وبغضاء للإسلام والمسلمين .. وإن تظاهروا بخلاف ذلك .. وأنهم من دعاة الإنسانية .. والحرية .. وعدم التعصب للأديان !
صدق الله العظيم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } [ آل عمران : 118 ] .
هكذا يفهم المسلمون هذا الحدث الجلَل .. وهكذا يفسرونه .. وفي الختام أود أن أذكر إخواني المسلمين بحقيقة ساطعة ماثلة للعيان طالما ذكرتهم بها، وهي: أنكم رعية بلا راعٍ .. ووالله لو كان لكم دولة وسلطان يحترم نفسه، ودينه، وأمته .. لما تجرأ القوم على التطاول على نبيكم؛ نبي الإسلام والرحمة - صلوت ربي وسلامه عليه - وعلى أقدس مقدساتكم .. ولكن لما وجدوكم رعية متفرقين بلا راعٍ يرعاكم، ويذود عنكم وعن دينكم .. طمعوا بكم .. وتكالبوا عليكم .. وعلى دينكم .. وأمتكم .. كما تتكالب الأكلة على قصعتهم !
ما هو موقف حكامنا من هذا الحدث الجلل .. وما موقف إعلامهم المشغول بتوافه زائفة ؟!
لا شيء؛ وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء .. وكأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس نبيهم .. والإسلام ليس دينهم !
لو تعرض أحدهم - من قِبل أي دولة - لنوع استهزاء أو طعن وتجريح .. لاستدعى سفيره، وهمَّ بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، والتجارية مع تلك الدولة .. ولتحركت جميع وسائل الإعلام للذود عن الطاغوت .. أما أن يتعرض شخص النبي صلى الله عليه وسلم - الذي لولاه، ولولا أن منَّ الله به علينا لما كنا نساوي شيئاً - للطعن والاستهزاء .. والتحقير .. فهذا لا يستدعي شيئاً من هذا المقاطعة أو المحاربة .. أو القلق .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
أما أنتم أيها المسلمون افعلوا كل شيء، وأي شيء متاح ومشروع .. من أجل نبيكم .. والذود عن حرمات وعِرض نبيكم .. تقبل الله منكم، وغفر الله لنا ولكم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
عبد المنعم مصطفى حليمة
22/12/1426 هـ / 22/1/2006م.
التدين رد عملي على الإساءة
الكاتب: محمود كمال
بدأت أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في الغرب، وكانت الأكثر تأثيرا على مسلمي الغرب، وكان رد فعلهم مشرفا ومفخرة للإسلام. هذا ما أكده لنا فضيلة الشيخ سالم الشيخي، خطيب ومستشار المركز الإسلامي بمانشستر، ورئيس الهيئة القضائية ببرمنجهام، وأستاذ الفقه المقارن بكلية لندن المفتوحة، والأمين العام للجنة الفتوى ببريطانيا، وعضو المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث؛ في الحوار التالي:
* كانت لأزمة الرسوم المسيئة آثار عظيمة على جميع شعوب العالم، فما أثرها على مسلمي بريطانيا تحديدا؟ وكيف تفاعلوا معها إيمانيا؟.(10/85)
- كانت الرسوم المسيئة محنة في طياتها منحة، حيث ذكرت المسلمين بواجبهم تجاه نبيهم صلى الله عليه وسلم، وتجلى ذلك بوضوح في المجتمع الإسلامي ببريطانيا؛ حيث ظهر على الساحة عدد من المشاريع الإيمانية في المراكز والمساجد كلها؛ تدعو إلى الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، وتربية الأبناء على الهدي المحمدي. ولقد تفاعل مسلمو بريطانيا مع هذه الأزمة بشكل منظم، وتوهج التعلق الروحي بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ وأظهروا التفاعل الاجتماعي والاعتراضات على تلك الرسوم، كما اعتصموا أكثر من مرة، ويقومون الآن بنشاط ضخم للتعريف بالنبي من خلال الندوات والمعارض، بالإضافة إلى إرسال المكاتبات والخطابات للحكومة الدانماركية للاعتراض على هذه الرسوم.
* وكيف ترى تصرفات المسلمين عامة تجاه هذه الأزمة؟ وهل كانت على مستوى الأخلاق الإسلامية؟.
- أفرزت الأزمة عدة جوانب إيجابية؛ فهي تكاد تكون القضية الأولى منذ سنوات طويلة التي يتفق فيها أهل الإسلام جميعا على قول واحد. غير أن ردود الفعل السلبية -كحرق السفارات وتحطيم السيارات- لا تمت للخلق الإسلامي بصلة، ومن فعلوا ذلك قلة لا يمثلون التيار الإسلامي؛ إذ كانت الغلبة عقلانية وملتزمة، وطالب المسلمون بقانون عالمي يردع العدوان على مكانته صلى الله عليه وسلم.
* هناك من يرى أن ضعف إيمان المسلمين في الغرب سبب في التطاول على النبي، فما تعليقك على ذلك باعتبارك ممن يعيش بالغرب؟.
- أبدا.. لا توجد علاقة بين هذا وذاك؛ فالذين أثاروا الأزمة مجموعة من المتطرفين العنصريين الذين يريدون سحب أهل الإسلام في الغرب إلى المواجهة المسلحة مع الحكومات القائمة. كما أن الواقع الإسلامي في الغرب يبشر بالخير؛ فالأسرة المسلمة متماسكة، ومنحنى الإسلام في زيادة؛ في مقابل مشاكل أسرية واجتماعية تفكك العلاقات في الغرب. وأعتقد أن من قاموا بالتخطيط للأزمة رأوا الخير للوجود الإسلامي في أوربا، وعجزوا عن مواجهته، فلجئوا إلى جر بعض المسلمين إلى تصرفات لا تحمد عقباها؛ حتى تسن قوانين ضد الوجود الإسلامي في الغرب، ويصطدم المجتمع الإسلامي المصغر مع المجتمع الأوربي المكبر.
جراح دينية
* يشير البعض إلى أن أزمة الرسوم فتحت جراحا دينية في قلوب المسلمين من تصرفات الغرب؛ إذ نشرت إحدى الكنائس البريطانية الرسوم في نشرتها.. ثم اعتذرت عنها، فما رأيك في ذلك؟.
- لم تولد الأزمة أي جراح دينية؛ لأن الذين دعموا الرسوم لم ينطلقوا من أبعاد دينية أو تاريخية، كما أن الكنيسة الإنجليكية في بريطانيا والفاتيكان -وهما أكبر مرجعيتين مسيحيتين في الغرب- كان لهما مواقف إيجابية، إذ أدانتا ما حدث، وأكدتا على عدم جواز الإساءة للأنبياء. ومن ثم؛ فإنه يجب التذكير دائما أن البعد في قضية الرسوم هو بعد عنصري، وليس دينيا، حيث قام بها مجموعة من العنصريين الذين لا يرفضون ثقافة الإسلام، وإنما يتحيزون ضد كل ما هو مغاير ومخالف لجنسهم.
* ظهرت نغمة جديدة في الغرب تقول إن أزمة الرسوم تخص مسلمي الدانمارك وحدهم لأنها نتيجة علاقاتهم مع الحكومة الدانماركية، فكيف نرد هذه الدعوى؟.
- لو كانت المسألة خاصة بمسلمي الدانمارك لصار الوضع مختلفا، ولكن القضية عقدية، والعقيدة ليس لها أرض، ونقول لمن يدعي ذلك: "لو حدث عدوان على قيمة أو مبدأ نصراني في أي بقعة من العالم، فإن النصراني سيعتبره قضية عقدية يدافع عنها"، ومن ثم فإن الإساءة للرسول لا تعني اعتداء على مسلمي الدانمارك، وإنما على كل مسلم يؤمن برسالته صلى الله عليه وسلم.
* هناك من يرى أن ثورة المسلمين لنبيهم لا تنبع من إيمان حقيقي، وإنما مجرد دفاع عن رمز ديني؟.
- هذا تصور خاطئ؛ فالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفصل عن الإيمان به وبمحبته، كما أن الإيمان بالنبي لا يمكن أن ينفصل عن عمل يؤيد هذا الإيمان، فلا يوجد فصل بين الإيمان به صلى الله عليه وسلم، وبين نصرته، ورد الاعتداء على مقامه الكريم يعد منطلقا من الإيمان به.
* إذن ما الرد الذي تراه كفيلا بشفاء غليل قلوب المسلمين تجاه الإساءة لنبيهم؟.
- اعتقد أن الرد الذي يهدئ ثورة القلوب المسلمة لنبيها هو إصدار قانون على مستوى الدول الأوربية يحمي المقدسات الدينية، ويمنع الاعتداء عليها بأي صورة من الصور.
* وكيف يمكن أن ينصر المسلمون نبينا صلى الله عليه وسلم؟.
- تكون نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بنصرة دعوته قبل كل شيء، وهناك أدوار يمكن أن يقوم بها المسلمون في هذا الصدد، أهمها إعادة الحيوية من جديد للدعوة إلى الله، والتعريف بالنبي، وبرسالته. فلقد تعرض الرسول طيلة وجوده في مكة للأذى والتشويه؛ ولكن كان المرتكز الأساسي له هو الإبقاء على محور الدعوة الإسلامية، والتعريف برسالة الله عز وجل.
مشروع إيماني متكامل
* وكيف نقوي إيمانيات مسلمي الغرب؛ ليكونوا مفخرة الإسلام أمام الآخر؟.(10/86)
- ما ينقص إيمانيات المسلمين في المجتمع الغربي هو المشروع الإيماني المتكامل، وفي الحقيقة فقد قمت منذ 3 سنوات بطرح مشروع إيماني في ثماني دول أوربية سميته المشروع الإيماني للأسرة المسلمة في ديار الغرب، وهو ينطلق من تفعيل شُعب الإيمان المتمثلة في قوله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ فأفضلها: قول لا إله إلا الله وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق والحياة شعبة من الإيمان". ولو استطعنا تفعيل هذه الشُعب في ديار الغرب حمينا الإيمان في القلوب، ولقد قمت في سبيل تحقيق ذلك بتقسيم هذه الشُعب إلى 10 فصائل، ثم قسمتها إلى مجموعة من مجالات العمل، وذلك من خلال مشروع الأسرة المسلمة، حيث لاقى هذا المشروع تفاعلا كبيرا وأثرا في كل الأسر التي تعرفت عليه، وأخذت دورات فيه.
* بناء على ما ذكرته هل تعتقد أن أسس تقوية الأخلاق داخل المجتمع الأوربي قائمة بالدرجة الأولى على الأسرة فقط؟.
- هناك 3 عوامل يمكن من خلالها تقوية الأخلاق للمسلمين في ديار الغرب؛ أولها: الأسرة باعتبارها حلقة مهمة في بناء الأخلاق، وثانيها: مجتمع المسلمين المصغر، وما فيه من مؤسسات إسلامية كالمسجد والأندية الشبابية، والمراكز الإسلامية.
أما العامل الثالث فهو الصحبة، ولقد طرحنا مشروعا لإحياء الصحبة الصالحة في الغرب، ونستهدف منه تربية الشباب والفتيات على القيم التربوية والأخلاق الإسلامية، وقمنا بتطبيق هذا المشروع في مركزنا الإسلامي بمانشستر.
ونعد فتيات مربيات من أعمار 14 إلى 19 عاما؛ بحيث تتربى البنت لمدة عامين وتدرس هذا المشروع، وتستوعب كل أطرافه الإيمانية، ثم تتولى بعد ذلك تربية بنات من سن 9 إلى 12 سنة لزرع القيم الإسلامية في نفوسهن من خلال مصاحبتهن، وأصبح لدينا الآن 76 بنتا من المربيات.
الانحلال الخلقي
* تظهر في المجتمعات الغربية صور من الانحلال الخلقي، ومنها العلاقات المثلية، فما مدى أثر هذه الصور على أخلاقيات مسلمي أوربا؟.
- هناك حالة من النفور والاشمئزاز بين أبنائنا في الغرب تجاه الإباحية، رغم وقوع بعض حالات الانحراف منهم.
* وكيف يمكن أن نحقق تواصلا إيمانيا بين الأقليات الإسلامية والعالم الإسلامي؟.
- عندنا مشاريع لإحداث هذا التواصل، فنحن نعطي الفرصة لشبابنا في الغرب أن ينظموا مخيمات داخل الدول الإسلامية؛ لتكون بمثابة فرصة لتغذية الإيمان في نفوسهم، والتواصل مع المجتمعات الإسلامية. وكان آخر هذه الجهود مؤتمر كشفي بالسعودية؛ ضم عددا من مسلمي أوربا وأمريكا وكندا. ونأمل أن تحتضن الدول الإسلامية أبناءنا في الغرب؛ من خلال برنامج إيماني لمدة شهر أو شهرين يعينهم على التواصل والتربية الإيمانية والدينية، وزيارة الأماكن التي تذكرهم بتراثهم الإسلامي.
وقمنا في بريطانيا برحلة إلى مراكز التراث الإسلامي مثل الشام والأندلس والمغرب، ونظمنا عددا كبيرا من الرحلات يخرج فيها شباب الجامعة لزيارة هذه الأماكن لمدة أسبوع، ومعهم شخص يشرح لهم ارتباط هذه المراكز بتاريخ المسلمين؛ وهو ما يكون رافدا أساسيا لتقوية الإيمان في نفوس أبنائنا وبناتنا في ديار الغرب.
إسلام أون لاين
التصدي للغارة على الحبيب صلى الله عليه وسلم
د. تنيضب الفايدي
إن مشاعر الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوب المؤمنين ثابتة، ويبقى الحب متقداً، حيث إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القلب، ويصدقه العمل وفق سنته صلى الله عليه وسلم مما يبقي الشوق وجذوته في مشاعر المسلم وأحاسيسه طوال حياته، لأن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكمن في كل قلب مؤمن به صلى الله عليه وسلم، بل إن حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم قوت القلوب، وغذاء الأرواح المؤمنة، وحبه صلى الله عليه وسلم شرط الإيمان، فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين». وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، ومن هذه الثلاثة من كان الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما».
وفيما يلي بعض الخطوات الإجرائية لمقابلة الغارة الشرسة والحرب الطاغية الظالمة على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومقابلة نار الفتنة التي كلما خبت زادها المتربصون بالإسلام اشتعالاً:
أولاً: تعميق محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين ولا سيما الطلاب والطالبات وذلك عن طريق:
- الأسرة: يتناول أفراد الأسرة جانباً من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بين فترة وأخرى سواء من حيث كمال صفته، ونسبه، ودعوته، ورحمته وجوده، وكمال صبره، وعدله، وتواضعه، وكمال آدابه، ودراسة غزواته ونتائجها وجهاده في سبيل الله لتبليغ الرسالة، وقيادته وشجاعته.. وعلاقته مع الدول المعاصرة لبعثته صلى الله عليه وسلم، وفضل الصلاة والسلام عليه وتطبيق ذلك.(10/87)
- المؤسسات التربوية من مدارس ومعاهد وكليات: تقوم كل مؤسسة تربوية بتقديم قبس من سيرته وتقديم الجوائز العلمية للبحوث التي تتناول هذه السيرة بأسلوب مميز وعصري، وتوظيف النشاط باختلاف أنواعه سواء النشاط المستقل أو النشاط المصاحب للمادة وذلك للاهتمام بصاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام واختيار بعض كلمات حب المصطفى صلى الله عليه وسلم ضمن كل إشعار يصل إلى يد الطالبة أو الطالب، سواء كان ذلك حديثاً أو حكمة أو أي عبارة تدل على ذلك الحب.
- توظيف وسائل الإعلام باختلاف أنواعها (المسموعة والمرئية والمقروءة) حيث تركز في برامجها على جوانب من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والحب والتقدير الذي يحمله أصحابه بين جوانحهم ونماذج من الحب، ويكون ذلك بلغات مختلفة ولا سيما الانجليزية والألمانية، والفرنسية، والاسبانية وخاصة أن معدي البرامج ومقدميها ومخرجيها يمثلون الصفوة المثقفة وهم غيورون على ديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: لنا في رسولنا الكريم القدوة الحسنة عند مقابلة هذه الفتنة فقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنواع الأذى فلم يزده ذلك إلا صبراً وتحملاً، كما لم يزده جهل الآخرين عليه صلى الله عليه وسلم إلا حلماً وعفواً حيث لم يُعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تجاوز على أحد ولو بكلمة أو زلة ولم تحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أي هفوة ذلك لأنه كما قال صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي» لذا فقد تأدب بأدب ربه حيث وصل من قطعه وعفا عمن ظلمه أو تجاوز عليه، وأعطى من حرمه، ويعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى لكل خُلُق فاضل ليتمثل به أصحابه ولمن تبعهم من المسلمين الصادقين في الأولين والآخرين، وهو القدوة في الحلم والصبر حيث تعددت صور حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم، لذا يحتاج الأمر إلى نشر نماذج من الصور المشرقة مع ترجمتها لمواقف رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أساء إليه:
- حيث عفا عن من حاول قتله فقد روى البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة وعلق بها سيفه، ونمنا نومة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا وإذا عنده أعرابي فقال: إن هذا اخترط عليّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده مصلتاً فقال من يمنعك مني، فقلت الله ثلاثاً، ولم يعاقبه وجلس، علماً بأن هذا الرجل لم يسلم حيث قال له الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحادثة: أتشهد أن لا إلا إلله إلا الله، قال: لا، ولكن أعاهدك ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلوك.
- كما عفا عن اليهودية التي أرادت قتله صلى الله عليه وسلم بالسم حيث روى الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها فجيء بها فقبل ألا تقتلها فقال: لا.
ثالثاً: إن المعاملة بالمثل ورد الكلمة بأكبر منها أو بتصرف غير منظم وليس له مرجعية مسؤولة يؤدي ذلك إلى نشر ثقافة الكره والحقد والغلظة، وترديد الوعد والوعيد في وسائل الإعلام لا يمثل الأسلوب الأمثل ولا سيما عند دراسة السيرة المباركة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلوب التعامل المميز مع الآخرين ولا بد من التحرك ضمن إطار مخطط له وإظهار أمثلة من تعامله مع أهل الكتاب والمشركين وعفوه عنهم (مترجمة بلغاتهم)، وقد خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم} ويتم ذلك بالسلوك والتصرف الذي يقدم النموذج والقدوة الحسنة.
ولوجود قاعدة «درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة «وقاعدة» عدم سب المشركين خوفاً من أن يسبوا الله سبحانه وتعالى وذلك تطبيقاً لقوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدْواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون}. لذا فإن إشاعة هذا الهجوم وتوصيف (الكاريكاتير) في وسائل الإعلام بما في ذلك وسائل الإعلام العربية والإسلامية باختلاف أنواعها تزيد من جراحات المسلمين، لذا وجب عدم تكرار الوصف، ويكتفى بعبارات عامة واتباع أساليب أخرى مثل المقاطعة الاقتصادية التي أتت ثمارها حالياً ولله الحمد. أما إشاعة الهجوم وترديد الكلمات والوصف لما يقولون للرد عليه فإن ذلك يزيد الأمر سوءاً كما هو حاصل الآن حيث إن جميع الرسائل الإعلامية ولا سيما الصحف الأوروبية وغيرها أشاعت بين جماهيرها ما عمدت إليه الصحيفة الدنماركية ونحن - المسلمين - نؤمن إيماناً كاملاً بأن الله سبحانه وتعالى قد كفى رسوله صلى الله عليه وسلم المستهزئين. قال تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين}.(10/88)
رابعاً: نظراً لأن الإسلام يواجه عداء أهل الديانات المحرفة وإجماعهم واجتماعهم على ذلك، وبين فترة وأخرى تشن ضده غارات مختلفة، فأحياناً يهان كتاب الله «القرآن الكريم» وأحياناً رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الحقد على الإسلام يتجدد من كنيسة أو كنيس حيث يعمل منسوبوها إلى إيقاد جذوة (الحروب الصليبية) ورؤساء بعض الدول أعادوها (جذعة) لأن كرههم للإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم التصق بأفئدتهم وأعادوا صياغة العالم بأكمله وفق خططهم فقط ضمن إطار موحد لا تخرج عنه أي دولة في الكرة الأرضية ويسمى هذا الإطار «العلاقات الدولية» وما تفرع عن ذلك من العولمة ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الدول الأوروبية التي تستعدي بها الدنمارك حالياً ضد العالم الإسلامي وقد نجحت في ذلك.
لذا يجب مقابلة ذلك بأسلوب متزن وحكيم مرة بعد أخرى مع (الترجمة بعدة لغات) موقف الإسلام من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام بما هم أهله من التوقير والاحترام والإيمان بهم عليهم السلام، حيث إن ذلك من أركان الإيمان كما هو معروف، وتناول القرآن الكريم مواقفهم مع أممهم في سبيل نشر العقيدة وتوحيد الله سبحانه وتعالى، لذا فإن إظهار الإيمان بهم وحب المسلمين لهم وذلك في وسائل الإعلام المختلفة وفي المواقع الإلكترونية والبرامج الموجهة وإظهار دور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في تعظيمه لأولئك المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولا سيما سيدنا عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم - رسول الله للنصارى - وسيدنا موسى عليه السلام وسيدنا يوسف عليه السلام وهما من رسل الله إلى بني إسرائيل وغيرهم من الرسل فقد كان يعظمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحمل لهم الثناء والتقدير وكمثال لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيدنا يوسف عليه السلام: «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم».
===================
التميز الإداري في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
(1/2)
إسلام عبد الله
الإدارة ..هي فن قيادة الآخرين، فالإنسان يتشكل من مجموعة من العواطف والمشاعر، لذا فهو بحاجة إلى مرونة كاملة في التعامل معه، لذا فالواجب على الإدارة أن تكون مرنة، وعلى المدير الناجح أن يلاحظ ذلك جيداً ..
ولنا في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة في كل نواحي الحياة على وجه الخصوص في قيادة الآخرين على الأسس السليمة التي رسخها الإسلام، وفي الرفق والتعاون حيث يقول الله -عز وجل- في كتابه الكريم: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
ولقد رسخ الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أسس ومبادئ الإدارة وفن قيادة الآخرين من خلال مواقفه مع أصحابه، فكل موقف كان يرسخ مبدأً جديداً في كيفية إنجاز الأعمال بنجاح وتميز دون إهدار حقوق الغير، ودون التقليل من المهام الموكولة للآخرين، بل يصبح تقسيم العمل والتعاون والاستماع للآخرين من الصفات التي ينبغي أن نتحلى بها في تعاملنا نحن في أعمالنا .
وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- أكبر الأثر في توجيه صحابته وتحفيزهم على العمل بكفاءة ،وبذلك فنجده صلى الله عليه وسلم قد وضع هذه الأسس قبل أن نكتب فيها بأربعة عشر قرناً فمن أولى هذه المبادئ :
مهارة تحفيز وتشجيع فريق العمل
يصف الواقدي تحركات الرسول - صلى الله عليه وسلم- بجيشه نحو حُنين حيث ينقل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه : "ألا فارس يحرسنا الليلة ؟" إذ أقبل أنيس بن أبي مرثد الغنوي على فرسه فقال : أنا ذا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم : "انطلق حتى تقف على جبل كذا وكذا فلا تنزلن إلا مصلياً أو قاضي حاجة ، ولا تغرن من خلفك".
قال : فبتنا حتى أضاء الفجر وحضرنا الصلاة فخرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: " أأحسستم فارسكم الليلة ؟".
قلنا لا والله، فأقيمت الصلاة فصلى بنا ، فلما سلّم رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر خلال الشجر، فقال : "أبشروا جاء فارسكم " وعندئذ جاء (أي الفارس) وقال :
يا رسول الله إني وقفت على الجبل كما أمرتني فلم أنزل عن فرسي إلا مصلياً أو قاضي حاجة حتى أصبحت ، فلم أحس أحداً قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "انطلق فانزل عن فرسك وأقبل علينا، فقال : ما عليه أن يعمل بعد هذا عملاً".
كان من منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأداء أنه كان دائما ما يعمد إلى التخيير وبث روح المنافسة بين فريق عمله .. "ألا فارس يحرسنا الليلة ؟".
كما أنه استقبل حديث "أنيس " وهو يتحدث عن دوره وإجادته في تنفيذه بنفس طيبة " قال : يا رسول الله إني وقفت على الجبل كما أمرتني فلم أنزل عن فرسي إلا مصليًا أو قاضي حاجة حتى أصبحت فلم أحس أحداً ".(10/89)
فلم يتهمه النبي -صلى الله عليه وسلم - وهو يعرض موقفه بنقص في إخلاصه لا سيما وأنه يدلي بهذا الحديث أمام جمع من صحابته -رضوان الله عليهم - ، ثم يبادر النبي بتشجيعه وتحفيزه : "ما عليه أن يعمل بعد هذا عملا" .
وفي هذا الثناء والتشجيع والإشادة بالموقف .. ما يدعو كل مشرف أو مدير إلى استنفاذ طاقة فريقه وتفانيهم في العمل ، كما أن الرسول أتقن فن التحفيز والتشجيع من خلال الأوصاف المتميزة على صحابته، فأبو بكر الصديق وعمر الفاروق – رضي الله عنهما- كما ذكر محمد أحمد عبد الجواد في كتابه "أسرار التميز الإداري والمهاري في حياة الرسول".
مهارة بناء العلاقات مع الآخرين .. والتعامل مع الناس
إذا كانت الإدارة الناجحة في حقيقتها .. هي فن إدارة الآخرين لتحقيق هدف معين؛ فإن مناط نجاحها هو التعامل الأمثل مع هؤلاء البشر الذين يراد بهم تحقيق هذا الهدف ..
ومن ثم تصبح من المسلمات لكل من يتولى مهمة الإدارة أو يتصدى لقيادة الآخرين أن يجيد هذا الفن، حيث إنه سيواجه أصنافاً من البشر تختلف عن بعضها في الأمزجة والميول والمشارب والاتجاهات، وإذا تأملنا هذه الصفة في سيد الأنبياء -صلى الله عليه وسلم- وجدناها جلية واضحة ..
يقول الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ :
".. فدخل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- على خديجة ـ رضي الله عنها ـ فقال زملوني .. زملوني " فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : "لقد خشيت على نفسي "، فقالت خديجة : كلا والله لا يخزيك الله أبداً .. "إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق .. " .
لننظر في هذه الصفات ولنتأمل فيما قالته السيدة خديجة -رضي الله عنها- عن رسول الله ، ولكي ندرك أكثر هذه المهارة ونتعامل بها؛ فإن هنا بعض المنطلقات التي ينبغي الإيمان بها حتى تكون حركتنا في هذا المجال راشدة ومهدفة :
* في بناء العلاقات لابد من معاملة كل فرد على أنه مهم - وهو بالفعل كذلك- فلا يوجد إنسان بلا قيمة، وأنت لا تعرف من ستحتاج إليه غداً، كما أن العالم صغير حقيقة لا مجازاً، وستدهش عندما تكتشف أن كثيرين ممن تعرفهم سيتقلدون مناصب مهمة لم تكن تتوقعها .
* في مجال التعامل مع الآخرين ينبغي أن ننتبه إلى أن أنهم ليسوا نمطاً واحداً، وفي نفس الوقت مطلوب منا أن نتعامل معهم جميعاً، ومن ثم كان علينا أن نعرف الجهد في تنمية مهارات التعامل معهم بأنماطهم المختلفة، وليس الحكم عليهم وتقييمهم؛ لأننا لن نعدم أن نجد بعض نقاط التميز حتى في الشخصيات التي نختلف معها .
وفي حديث السيدة خديجة جعلت من صفات الرسول شخصية مجمعة؛
فهو يحمل الكلّ، ويكسب المعدوم، وفي هاتين الصفتين إشارة إلى ما ينبغي أن يتمتع به من يدير الآخرين تجاههم من عاطفة جياشة تجعله يسعى إلى خدمتهم والسهر على راحتهم والمسارعة في بذل الخير لهم، وهو صلى الله عليه وسلم يقري الضيف؛ لذا لابد للمدير الناجح أن يكون دائما كريمًا وجواداً يحسن استقبال ضيفه .
مهارة التفويض الفعال .. وتوزيع المسؤوليات
إن الأكتاف القوية لا تنمو إلا بالتدريب، والمساعدون الأكفاء لا يولدون من فراغ، والمؤسسات القوية هي التي تحسن إدارة عملية تفويض المسؤوليات والاختصاصات، ولا تعتمد على مستوى إداري واحد تحسن إعداده فحسب؛ وإنما تبني كل منطلقاتها وحركتها على إدارة عملية التفويض، حتى لا يمر في أية مرحلة من مراحله بمنعطفات أو مشكلات تنبع من عدم وجود المستوى المؤهل لتناول القيادة من سابقه ، كما أن نجاح المدير أو المشرف يكمن في إدراكه لهذا الأمر في مؤسسته أو إدارته .
ولقد أدرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- أهمية هذا الأمر، ومن ثم : أوجد النبي لكل طاقة ما يناسبها من عمل، ووزع المسؤوليات، وفرض المهام ومنح أجزاء متساوية من المسؤولية والسلطة لأصحابه رضي الله عنهم؛ ففي عهده صلى الله عليه وسلم تولى على بن أبي طالب وعثمان بن عفان كتابة الوحي ، كما كان يقوم بذلك أيضاً أثناء غيابهما "أُبي بن كعب ، وزيد بن ثابت وكان الزبير بن العوام وجهيم بن الصلت يقومان بكتابة أموال الصدقات ، وكان حذيفة بن اليمان يعد تقديرات الدخل من النخيل، وكان المغيرة بن شعبة والحسن بن نمر يكتبان الميزانيات والمعاملات بين الناس .
وفي هذا إشارة إلى أصحاب المسؤوليات في تفويض المهام، وأن يعهد ببعض مهامه إلى أحد معاونيه، ويعطيه سلطة اتخاذ القرارات اللازمة للنهوض بهذه المهمة على وجه مُرضٍ.
ومما لاشك فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أدى هذه الأدوار؛ فإنه سيكون أسرع وأفضل ، ولكن على المدى القصير، وسيتحمل أكثر من طاقته، ويغرق في كثير من التفاصيل الروتينية وتصبح المسؤولية عبئاً ثقيلاً .
ومن ثم أدرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن قدرته على تحقيق النتائج ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأداء أصحابه .(10/90)
وقد ظهر تفويض السلطة في عهد الخلفاء الراشدين حينما كان سيدنا عمر بن الخطاب يطلق الحرية لعماله في الشؤون الوظيفية، ويقيدهم في المسائل العامة، أي يفوضهم بعضاً من السلطات ويراقب عملهم في حدود ذلك التفويض، وكان يختبر موظفيه بين الحين والآخر ليتأكد من كفاءاتهم وقدرتهم .
ويبدو ذلك جليًا في موقفه مع (كعب بن سور) حينما كان جالسًا عند عمر فجاءته امرأة تشكو زوجها فقال " لكعب : اقض بينهما فلما قضي قضاءه قال لكعب : "اذهب قاضيًا على البصرة" .
وهنا لا ينبغي للمشرف أن ينظر إلى التفويض على أنه تهرب من المسؤولية؛ لأنه المسؤول في النهاية عن نتائج إدارته، ومن ثم فهو يفوض طريقة العمل ولا يفوض المسؤولية .
كما أن التفويض ليس تخلصاً من المهام غير الممتعة، بأن يعهد بها المدير إلى أحد مرؤوسيه؛ إنما ينبغي أن ننظر إلى التفويض على أنه إيجاد البدائل القادرة على القيام بالصورة المثلى في المستقبل مستصحبة في أدائها الفعال ما سبق لها من تجربة ناضجة في أدائه .
التميز الإداري في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم(2/2)
إسلام عبد الله 5/8/1424
01/10/2003
نحن نعقد الاجتماعات لكي يعبر كل فرد فيها عن وجهة نظره في القضايا المطروحة ، وحتى يتاح للمجتمعين هذا الأمر لابد من التركيز على الجوانب الإنسانية في الاجتماعات، وعدم الوقوف عند الجوانب الشكلية في الاجتماع ، ومن ثم كان جواز المرور لأي مدير فعال في إدارة اجتماعاته هو أن يدع كل فرد يعبر عما يؤرقه، وأن يجمع الآخرين حوله، ولا ينحاز لأحد داخل الاجتماع؛ بل يسعى جاهداً في أن يجعل مجموعته صفًا واحداً .
والمتأمل في مواقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في إدارته لاجتماعاته يلمح هذا الأمر جلياً؛ فقد كان الرسول في اجتماعاته ومجالسه "لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها (أي اختصاص كل واحد بمجلس معين في المسجد أو غيره ) وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ويعطي كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ، من جالسه أو قاومه (وقف معه قائمًا) في حاجة صابَره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرد إلا بها أو بميسور من القول ".
أما عن سيرته في جلسائه : فقد " كان الرسول دائم البِشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ (سيئ الخلق)، ولا غليظ، ولا سخاب (صياح)، ولا فحاش ولا عياب، ولا مزّاح .. يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه ولا يخيب فيه ..".
فقد ترك نفسه من ثلاث : المراء (الجدل) ، والإكثار ، وما لا يعنيه .
وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه .
إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير فإذا تكلم سكتوا، وإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده ( أي لا يتكلمون سوياً ) ، ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ .
مهارة المتابعة وتقويم الأداء
إن وجود هدف مخطط له في أية مؤسسة أو في أي عمل من أعمال الفريق لا يعني أن الهدف قد تحقق .
ومن ثم كان على المدير أو المشرف أن يقوم بمجموعة من الأساليب والإجراءات لكي يتأكد من أن ما تم إنجازه مطابق لما يجب أن يكون، ومحققا له ، ولك أن تتخيل ماذا يحدث لو تركنا كل شئ يجري دون أن نتأكد من أن ما يتحقق أو ما تحقق مطابق للأهداف .
فالمدير الناجح أو المشرف الناجح مثل قائد السفينة، لا يمكن ولا يصح أن يترك عملية الرقابة حتى يكتشف أنه ضاع أو تاه؛ بل يجب عليه أن يتأكد أن سفينته في طريقها للهدف المحدد لها بالكفاءة المحددة مقدماً .
وقد تواترت المواقف النبوية التي تشير إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد أولى المتابعة أهمية خاصة ، وصحح من خلالها كثيراً من الأخطاء التي وقع فيها الصحابة -رضوان الله عليهم-، وتعددت مناهج هذه المتابعة؛ فتارة نجدها قبل العمل، وتارة أثناء العمل، وتارة أخرى بعد انتهاء العمل .
في قصة "كعب بن مالك" وتخلفه عن غزوة تبوك قدوة ومثل؛ فقد جاء كعب بن مالك فلما سلم عليه تبسم تبسم المغضب، ثم قال له : تعال قال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه؛ فقال لي " ما خلّفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟" فقلت: بلى، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت إني سأخرج من سخطه بعذر ، ولقد أعطيت جدلاً ، ولكني والله لقد علمت إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به ليوشكن الله أن يسخطك عليّ ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليّ فيه إني لأرجو فيه عفو الله عني، والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك" فقمت .(10/91)
كان من نهج النبي- صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع صحابته المتابعة وتقويم الأداء، فهو يسأل " كعب بن مالك " عن سبب تخلفه في الغزوة "ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟" فما كان رسول -الله صلى الله عليه وسلم- يترك كل فرد يتصرف من تلقاء نفسه، وإنما كان يتابع ويُسائل وإن كانت هناك فكان يحاسب .
ومن ثم كان على المدير أن يتابع وأن يقوّم أداء فريقه؛ لأنه إذا تُركت الأمور بغير متابعة فسوف تختلط الأمور ، ويضيع جهد العاملين ..، غير أن هذه المتابعة لا ينبغي أن تكون في كل دقائق أمورهم؛ فإن ذلك يبعث على النفور، ويشعرهم بأنهم في حصار مستمر، ومن ثم يضطرون لإخفاء الحقائق أو التورية، فيها ويفقده ذلك ثقته بنفسه .
فلا ينبغي للمشرف أن يجعل فريقه يصل إلى هذه الحال حرصاً على سلامة قلوبهم وصدق حديثهم وتحرر أفئدتهم ووجدانهم ، وقد عزل النبي "العلاء بن الحضرمي" عمله في البحرين؛ لأن وفد عبد القيس شكاه وولى إبان بن سعيد، وقال له : "استوص بعبد القيس خيراً ، وأكرم سراتهم ".
وكان صلى الله عليه وسلم يستوفي الحساب على العمال، ويحاسبهم على المستخرج والمصروف ، وقد استعمل صلى الله عليه وسلم مرة رجلاً على الصدقات، فلما رجع حاسبه .
وعن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله استعمل رجلاً من الأزد على صدقات بني سليم، فلما جاء بالمال حاسبه فقال الرجل هذا لكم وهذا هدية أُهدي إليّ؛ فقال النبي: "فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً ! " ثم قام صلى الله عليه وسلم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله فيقول : هذا لكم وهذا أهدي إلي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته ؟ والذي نفس محمد بيده لا نستعمل رجلاً على العمل بما ولانا الله فيغفل منه شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه ".
فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحاسب عماله، ويناقشهم من أين لهم ما يملكون؟ ومن أي طريق وصل إليهم؟
كما سار على هذا النهج عمر ـ رضي الله عنه ـ، أخرج البيقهي وابن عساكر عن طاووس أن عمر -رضي الله عنه- قال : أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمر بالعدل أقضيت ما عليّ ؟ قالوا : نعم ! قال لا حتى أنظر في عمله أعمِل بما أمرته أم لا؟ ..فهذه كانت بعض من تعاليم المدرسة النبوية في فن قيادة الآخرين..
=======================
التنديد والاستنكار لا يُغنيان عن التبصير والحوار
الكاتب: محمد سعيد رمضان البوطي
إنكار المنكر والتنديد به واجب ديني أمر به الله ضمن شروط، وهو من أولى ثمرات البغض في الله. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «أوثق عرى الإيمان بالله الحب في الله والبغض في الله». وملاقاة صاحب المنكر لدعوته إلى الإقلاع عنه، والسعي إلى إقناعه بذلك عن طريق الحوار، واجب ديني آخر لا معنى للاستنكار والتنديد من دونه، وحسبك دليلاً قاطعاً على ذلك قوله تعالى: «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن».
ومن المعلوم أن أصواتاً كثيرة من مسؤولين وغيرهم، ارتفعت في الدنمارك بعد ازمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدعو علماء المسلمين والدعاة إلى هذا الواجب الذي أناطه الله بأعناقهم، وإلى التلاقي لبحث هذا الموضوع، وفتح باب الحوار حول حقيقة الإسلام وما ينبغي أن يعرفوه من سيرة رسول الله. وسئلت من قبل بعض من وجهت إليهم هذه الدعوة عن رأيي في الاستجابة لها، فقلت: إذا دعينا إلى التباحث والحوار حول الإسلام أو ما يتعلق به، فلا خيار لنا في الأمر، والاستجابة للدعوة واجبة، والخطاب القرآني في ذلك قاطع. غير أني علمت من بعد أن في الإسلاميين (وأنا لا أحب التعامل مع هذا المصطلح، لكنني أستعمله الآن على سبيل المشاكلة) مَن حذّر من الاستجابة لهذه الدعوة، وأصرّ على أن الحوار مرفوض وغير وارد وبذل جهداً كبيراً للصدّ عن هذا السبيل!
وبصرف النظر عما تم بعد ذلك من توجه ثلّة من الناشطين في أعمال الدعوة الإسلامية إلى الدنمارك، ومن اللقاءات الحوارية التي تمت، والآثار المحمودة التي نجمت عن ذلك، فإني أود أن أسأل أولئك الذين ضاقوا ذرعاً بالحوار وحذروا إخوانهم منه، وذهبوا في استنكار سعيهم إلى ذلك قريباً من استنكارهم للذين تطاولوا على رسول الله: أهو استنكار منكم لمشروعية الحوار مع الآخرين، أم هو قناعة منكم بأن الذين توجهوا للقيام بهذا الواجب غير مؤهلين له، وبأن سياسة الدعوة إلى الله ومحاورة الآخرين عن طريق الدعوة وقف على منظمة أو جمعية، أنتم دون غبركم سدنتها، وإليها دون غيرها كلمة الفصل في قرار الاستجابة وعدمها؟(10/92)
نفترض أولاً أن الموقف هو إنكار مشروعية الحوار مع الآخرين عموماً، أو مع الذين تورّطوا في التطاول على رسول الله خصوصاً. ولا بد أن نبدي في هذه الحال دهشتنا من تجاهل ما هو معلوم بالبداهة من أوامر القرآن وما هو معلوم لكل مسلم مثقف من سيرة رسول الله. اذ كيف يتأتى طيّ الدعوة إلى الحوار أمام قول الله تعالى: «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»؟ وفي القرآن مشاهد كثيرة للحوار العقلاني مع الآخرين، لا يجهلها من هو على صلة مّا بالقرآن. بل كيف يتأتى الإعراض عنه والتهوين من شأنه وقد علمنا أن رسول الله ضحى بسبعة من عيون أصحابه يوم الرجيع في سبيل الحوار مع المشركين، ثم ضحى في العام ذاته بسبعين من أخلص أصحابه على طريق الحوار مع المشركين في نجد، لم ينج منهم إلا واحد أبقاه الله ليعود إلى رسول الله بخبر ما جرى لإخوانه؟
وقد دل عمله عليه الصلاة والسلام على أنه لم يكن يشترط لمشروعية الحوار أن يكون ناجحاً أو يغلب عليه النجاح، بل كان ينطلق إليه استجابة لأمر الله، بصرف النظر عن النتائج. إنّ نجاح الحوار مع الآخرين، في يقينه، أن يتم على النهج الذي أمر الله به، سواء هدي الآخرون إلى الحق بسببه أم أصرّوا على باطلهم وتمسكهم به. إنه الإبلاغ الذي لا بديل عنه، وهو الواجب المراد لذاته، بصرف النظر عن النتائج. ثم إن الإعراض عن الدعوة التي توجه إلى المسلمين للتلاقي من أجل الحوار، لا بدّ أن يحمل في طياته الدلالة على أن كلاً من الاستنكار والتنديد مطلوب لذاته، وليس وسيلة لحل مشكلة أو أداة للإقلاع عن منكر. ومعاذ الله أن يحتضن الإسلام مثل هذه الدلالة.
وصفوة القول أن محاورة الآخرين هو العمود الفقري لسائر أعمال الدعوة إلى الله، وحسبك من قدسية أعمال الدعوة إليه عز وجل قوله في محكم تبيانه: «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين». فمن وقف في وجه الحوار أو فنّده أو استخف به، فليعلم أنه إنما اتخذ هذا الموقف من واجب الدعوة إلى الله عز وجل.
على أن تلاقي علماء المسلمين ودعاتهم مع الآخرين أياً كانوا على مائدة المباحثة والحوار، له آثار ونتائج أخرى ذات أهمية بالغة. اذ يزيل كثيراً من اللبس الذي يرسخه ويضخمه تجافي الأطراف عن اللقاء، ويكشف عن كثير من النقاط الغامضة والأمور المجهولة التي تسبب الوحشة وتفتح أمام العدو المشترك مجالاً رحباً للإيقاع بين الأطراف. وعلى سبيل المثال، فإن الالتباس القائم بين حرية التعبير عن الرأي والمعتقد، وحرية إيذاء الآخرين بالهمز واللمز وتمزيق الكرامة، في ذهن كثير من الناس في الغرب، إنما يزيله التلاقي والحوار. وعلى سبيل المثال أيضاً من المفيد جداً أن يستبين لكل من الجالية الإسلامية في أوروبا والقائمين بالحكم وإدارة الأمور السياسية فيها، ما يلعبه طرف ثالث من دور خفي وخطير للإيقاع بين تلك الجالية والممْسِكين بأزمّة الحكم هناك. وقد كان هذا الدورُ إلى الأمس القريب خفياً، وكان أبطاله يتوارون عن أعين الرقباء في الظل. لكن كُلاً من الدور وأصحابه باتا اليوم جليين ومكشوفين، ويتلخصان في ما أقدمت عليه الصهيونية العالمية من سلسلة محاولات، إثر النتيجة التي انتهى إليها الاستفتاء في المجتمعات الغربية كلها قبل خمس سنوات، والذي كانت نتيجته أن إسرائيل هي الدولة الإرهابية الأولى في العالم، وهي أيقنت أن ما جاء بهذه النتيجة غير المتوقعة إنما هو نشاط الجاليات الإسلامية المتزايد في أوروبا عددياً وتغلغلاً حضارياً.
وسرعان ما وقعت إسرائيل على العلاج الذي يدرأ هذا الخطر الكبير عنها. إنه علاج واحد لا ثاني له، هو العمل بكل الوسائل الممكنة على الإيقاع بين دوائر الحكومات الأوروبية والجاليات الإسلامية فيها. كانت الوسيلة الأولى إلى ذلك إثارة مسألة الحجاب الإسلامي وتحريك أصحاب القرار للعمل على منعه، ثم أعقبتها الوسيلة الثانية اليوم، وهي استثارة غيظ المسلمين عن طريق دفع بعضهم إلى التطاول على شخص رسول الله عن طريق الرسوم. والكشف عن هذه الحقيقة لا سبيل له إلا الحوار، مشفوعاً بعرض الوثائق والدلائل. وسيتضح حينئذ أن الطرفين، الأوربيين والمسلمين، إنما يراد لهما أن يكونا ضحيتين لهذا المكر. ومعرفة الخفايا في مثل هذه الحال هي السبيل إلى حلّ المشكلة وإنهاء التوتر.(10/93)
هذا هو الافتراض الأول في السبب الذي دعا أولئك الناس إلى أن ينكروا على إخوة صالحين لهم استجابتهم للدعوة التي تلقوها من كثير من المسؤولين الدنماركيين للتلاقي على مائدة الحوار. أما الافتراض الثاني فهو قناعة أولئك أن الذين هَبُّوا للاستجابة، وتوجهوا، من دون أي استئذان منهم إلى مائدة المناقشة والحوار، غير مؤهلين لذلك، وأن القيام بمثل هذا العمل ينبغي أن يكون وقفاً على جماعة أو منظمة بخصوصها، ومن ثم فإن تجاوزها شق لعصا الجماعة وعقوق لمقتضى الانتماء. ونقول تعقيباً على هذا الافتراض: لو كانت الخلافة الإسلامية بأيامها المزدهرة ممتدة إلى يومنا هذا، إذن لقلنا: إن خليفة المسلمين وإمامهم هو المرجع الأول في معالجة هذه المشكلة واتخاذ القرار المناسب لحلّها، وإن على سائر العاملين في الحقل الإسلامي من علماء الإسلام والداعين إليه، أن يهتدوا بهديه وأن يلتزموا تعاليمه، ولقلنا إن أي شرود عن تعاليم الخليفة شقٌ لعصا المسلمين حقاً وفتح لثغرات الخلاف في بنيان الوحدة الإسلامية.
لكن عصور الخلافة الإسلامية طويت -كما هو معلوم – عن حياتنا اليوم، وعادت الدولة الإسلامية دويلات شتى، وأصبح علماء المسلمين والدعاة إلى الإسلام جماعات متنوعة. ولا يتأتى في هذه الحال أن تزعم جماعة منها أن لها سلطة القيادة والتوجيه على الجماعات الأخرى. ومهما تمكنت من جمع شتات العلماء وضفرهم في جماعة واحدة، فإن عليّ أن أعلم كما قال الإمام مالك للمنصور: ان من وراء جماعتي هذه علماء أفذاذاً كثيرين منتشرين في أصقاع الدنيا كلها، لا سلطان لي على شيء من أفكارهم واجتهاداتهم، وليس لي من سبيل إليهم إلا الأُخوة في سبيل الله والتعاون على مرضاة الله، بل عليّ أن أعلم أيضاً أن ليس لي من سلطان على الناس الذين انضووا في جماعتي. إن لهم أن يكونوا أعضاء في جماعتي اليوم، وأن يتحولوا عنها غداً، وإن لهم أن يتّفقوا اليوم معي في اجتهاد رأيته، وأن يخالفوني إلى اجتهاد آخر يرونه غداً.
فإن أنا أبيت إلا اتباع الناس كلهم للجماعة التي اصطفيتها، وأصررت على أن أتهم المخالفين لي بشق عصا المسلمين، لا سيما في أمر لم يشرد المخالفون فيه عن أمر الله ورسوله، بل انقادوا فيه لأمر كل منهما، فذلك دليل ناطق بأني اتخذ من عصبيتي الفردية أو الجماعية حاكماً على شرعة الله وهديه. ولا أعلم في الدنياكلها ابتلاءً يطوف بالفئة الداعية إلى الله، شرّاً من الابتلاء بمشاعر العصبية للذات أو الجماعة، إنها إن هيمنت على صاحبها أحالت شرعة الله وأحكامه إلى مطية ذلول تدار على خدمتها، أي خدمة العصبية وتغذيتها بغذاء الاستكبار والاعتداد بالذات.
أخيراً، وبصرف النظر عن هذين الاحتمالين والتعليق عليهما، فإن الحوار الذي دعت إليه فئات من المسؤولين وغيرهم في الدنمارك تم كما هو معلوم، وحقق كثيراً من ثماره. وإنه لَعبادة مأجورة حتى ولو لم يحقق شيئاً من ثماره، فكيف وقد حقق الكثير منها. ولَتمنيت أن لم تَحُلْ موانع دون اشتراكي مع الذين تقربوا إلى الله بهذا الجهاد الفكري المبرور. ولقد عشت حياتي الغابرة كلها وأنا أقدس الحوار وأدعو إليه واستجيب له، ورأيت بعيني آثاره الحميدة، ودوره في تبديد غاشية الوحشة مع الآخرين، ومدً نسيج الأنس في مكانها معهم.
لقد استنكرت الكفر الذي تنطوي عليه المادية الجدلية، ولكني ترجمت استنكاري لها بدرسها وهضمها والتأمل في قوانينها ومقولاتها، ثم أقبلت إلى قادتها ومنظّريها أناقشهم فيها، على ضوء موازين العلم وحده، فكان من وراء ذلك الخير العظيم والتلاقي على الحق. واستنكرت الكفر الذي تنطوي عليه الفلسفة الوجودية، وجربت حظي في التطاول على الآخذين بها والمنتسبين إليها، وفي تسخيفهم والاستهانة بأفكارهم، فلم أعد من تلك التجربة إلا وقد حُمِّلت أضعاف ما اتهمتُهم به من السخافة في الفكر والضياع في الانتماء. عندئذ أقبلت إلى الوجودية أعكف على درسها، وأحمّل نفسي وعقلي أثقال سخافتها، ثم عدت إلى الذين أوسعوني اتهاماً بالجهل والتخلف والفكر المشيخي الضيق، أحاورهم فيها وأجادلهم في مقولاتها، فكان أن تحول التقاذف بيننا بتهم السخافة والكفر والجهل، إلى التواصل والتآنس من خلال جسور الحوار العقلاني، ثم تفتحت خلال الحوار فرص الحديث عن الإسلام وحقيقته ومصدره، وتجلى للجميع في أكثر من لقاءٍ مصداق قول الله تعالى: «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق».
شرط واحد ينبغي أن يلاحظه ويلتزم به المسلم الداعي إلى الله عند محاورته للآخرين، هو أن يقف منهم موقف الندّ من الندّ، ولا يجوز أن يتعالى عليهم أو أن يقف منهم موقف المرشد من مريده أو موقف الناصح من المتنكب عن الجادة. وحصيلة القول أن واجب التنديد والاستنكار لا يغني عن واجب التبصير والحوار. وإذا كان الإخلاص لله هو السائق والحادي، فلسوف ينبثق من تلاقي هذين الواجبين خير كبير يعم سائر الأطراف.
صحيفة الحياة اللندنية(10/94)
=======================
الجرائم الغربية
الكاتب: د. رقية بنت محمد المحارب
تابعنا الخبر المصاحب لمقاطع الفيديو والصور التي بثت لتظهر الجريمة البريطانية التي ارتكبها بعض العلوج البريطانيين في حق صبية ضربوهم بوحشية، بعد أن استاقوهم إلى ملاذ ظنوه آمناً من العيون، فإذا به يظهر الفضيحة على رؤوس الأشهاد ليراه العالم كله، فما قول السادة غير المحترمين الذين زكموا أنوفنا وهم يطبلون ببقاء العلوج في ديارنا، ويغسلون عقولنا بمقالاتهم الصفراء والخضراء مدافعين عن الثقافة الأمريكية الأوروبية التي تحمل لنا التقنية، وتقدم لنا الرقي والتطور والديمقراطية على طبق من ذهب...
إلى كل من شاهد أحداث ضرب الصبية حتى الموت بكل ما تعنيه كلمة البشاعة من معنى أقول أليس هذا إرهاب، أليس موت السجناء في سجن أبو غريب تحت التعذيب إرهاب، أليس احتجاز السجناء دون محاكمة أو موتهم في غوانتانامو إرهاب..
أم أن الإرهاب عندنا محصور فيمن عافت نفسه زبدة الدنمرك وجبنتها، وهو يتخيل رسوماً مشينة لخير البرية الذي نتقرب إلى الله بحبه وتعزيره وتوقيره، وهو لنا دين ..
أم أن الإرهاب جمع الكلمة ليكون لنا صوت فقط!.. صوت يقول للعالم المتعدي على مشاعرنا لا أسمح أن تهين رسولي!.
إني لأعجب كل العجب وأنا أقرأ مقالات لكتبه يمارسون تضليلاً فكرياً وقحاً، ويخونون أمانتهم حينما يصبون جهودهم في مصالح عدو أمتهم التي أرضعتهم وعلمتهم واحتضنتهم، فهل تملي عليهم المصلحة الشخصية هذا الفعل لقاء ما يتقاضونه من أموال مغرية.. وهل تستحق أموال الدنيا أن أطأ عنقاً حملتني، وأقطع يداً أطعمتني، وأفقأ عيناً رعتني وسهرت لأجلي..
يقول الحق سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ).
نزلت هذه الآية في حاطب بن بلتعه حين بعث من يخبر قريشاً بنية النبي صلى الله عليه وسلم غزوهم ليستعدوا له، ويريد بذلك أن يتخذ عليهم يداً ومعروفاً يحفظون له بها ماله ولده.. وقد عد ذلك الصحابة خيانة طلبوا بها إهدار دمه وحكموا عليه بالنفاق.. لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر له وعفا عنه بشهوده بدر، وأخبر عن رضا الله تعالى عن أهل بدر ولعله اطلع عليهم وقال افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم.. وقد ذم الله تعالى من يعرّض مصالح الأمة المسلمة للخطر، وإن أعظم مصلحة للمسلمين هي مصلحة ظهور عزتهم، وغلبة دينهم وحفظ عقيدتهم..
ومضة..
ساءني جداً خرق بعض المشائخ إجماع الأمة على مقاطعة البضائع الدنمركية مع حبي لهم وتقديري لتاريخهم، إلا أن موقفهم هذا لم يكن مدروساً!! ولم يتحققوا فيه، مع أن من المهم لمن كان من أهل المنابر أن يتريث قبل أن يصرح برأي حتى يرى أبعاد رأيه، لاسيما إذا كانت القضايا عامة تهم الأمة جمعاء..
لا أعتقد أبداً أنه ساءكم أن تروا قوة أمتكم، ولا أزعجكم قلق الغرب من ردة الفعل الإسلامية التي جعلتهم يتحسسون أنفسهم، ويبادرون إلى التخلي عن الدنمرك بعد أن حاولوا الوقوف معها وتبديد الحصار المضروب عليها.. كما ظهر ذلك من المفوضية الأوروبية بانتقادها تصرف الدنمرك..
موقف الدنمرك الذي لا أحد يحسدها عليه صنعه الاطباق الإسلامي على المقاطعة، والموج الكاسح لجميع شرائح المجتمع ومؤسساته الذي شكل طوفاناً أرعب الغرب، يعيد لنا الثقة بأننا مازلنا نملك قوة تحفظ لنا بعض عزتنا المفقودة، وتعيد جزءً من هيبتنا في نفوس الآخرين، وكم تحقق لنا هذه السياسة الشعبية من مصالح لحكوماتنا وأمتنا وشعوبنا لو تعلمون..
وتأملوا قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم}
وتأملوا قوله تعالى {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}
وهل أقوى من الاجتماع على الكلمة، وهل أضر وأدعى للفشل من التفرق وشق الصف{وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}والله من وراء القصد
=======================
الحرية الحقة
د. نجاح بنت أحمد الظهار
يدندن الغرب بكل ما أوتي من فصاحة، بأنه زعيم دعاة حرية الإنسان والحارس الامين لحرية الرأي والتعبير، ودليل ذلك انه ماجاء للعراق، وأقام تلك الموائد الحافلة بجثث النساء والاطفال والشيوخ الا ليكفل لهم الحرية وهم في اكفان الموتى.
ومن منافحته عن حرية الرأي والتعبير، انه لا يرى بأسا في ايذاء مشاعر الشعوب، واستثارة حنقها وغضبها بالتعدي على مقدساتها، والنيل من اديانها فلو رجعنا إلى وثائق هؤلاء، المشرعين الوضعيين الغربيين في مجال حرية الرأي بعد تجاربهم الطويلة فاننا سنجدهم ينقسمون قسمين:(10/95)
قسم يرى حرية القول دون قيد الا فيما يمس النظام العام، وهؤلاء لا يعيرون الاخلاق أي اهتمام. وتطبيق رأيهم يؤدي دائما إلى التباغض والتنابذ والتحزب ثم القلاقل والثورات وعدم الاستقرار.
وقسم يرى تقييد حرية الرأي في كل ما يخالف رأي الحاكمين ونظرتهم للحياة، وتطبيق رأي هؤلاء يؤدي إلى كبت الآراء الحرة، وابعاد العناصر الصالحة عن الحكم، ويؤدي في النهاية إلى الاستبداد، ثم القلاقل والثورات.
اما الدين الإسلامي دين الوسطية، فانه يجمع بين الحرية والتقييد، فلا يسلم بالحرية على اطلاقها، ولا بالتقييد على اطلاقه.
فالقاعدة الاساسية هي حرية القول، واهم القيود على هذه الحرية:
1- ان لا يكون في القول عدوان، وان يكون طيبا بعيدا عن الفحش والقبح وبذاءة اللسان، يقول المولى عز وجل: '' وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد'' الحج 24.
2- الدعوة إلى الرأي بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، لقوله تعالى: '' ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن'' النحل: 125
3- ان يكون الكلام مطابقا للحقيقة صادقا مثبتا. بعيدا عن الظن، فان الأصل في حرية القول هو الصدق في الأقوال؟ لان الكذب قبيح مذموم، فقد حث الإسلام على توخي الصدق لقوله تعالى: '' يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين'' التوبة 119
4- ان لا يسمح بالمساس بالقواعد الخلقية، ولا يسمح بتحسين الأقوال أو الأفعال القبيحة كالنفاق وتعاطي الرشوة، والتعامل بالربا، وفعل المنكرات.
5- عدم السماح بتشكيك الناس بمعتقداتهم، ونشر الالحاد في المجتمع، والعمل على تفريق الأمة والشعوب، كي تصبح شيعا يقاتل بعضها بعضا.
6- عدم الاجتراء على الاديان السماوية، والاضرار بالاسلام واهله عامة إذ تجب العقوبة حدا وتعزيرا في هذه الحالة على المفسد المسيء لاستخدام الحرية.
7- تحري الحق والعدل، وترك المحاباة والمجاملة التي تعلي الباطل وتزهق الحق هذه الحرية الحقة المقننة بكل دقة لها ثمراتها على الفرد والمجتمع إذ هي تنشر الثقة بين افراد الأمة، وتؤدي إلى نمو الاخاء والحب والاحترام بين الافراد والشعوب، كما تؤدي إلى قوة بناء الأمة وتماسكها وتضامنها فلا يطمع فيها عدوها وتجعل من أمة الإسلام هي الأمة الداعية إلى الخير والسلام في العالم أجمع.
8- وان من نتاج هذه الحرية ان الإسلام كفل حرية الاديان التي انطوت تحت لواء حكمه وخاصة الاديان السماوية، فالاسلام قد قرر هذه الحرية دون ان يخوض تجارب سلبية دامية كتجربة محاكم التفتيش في العصور الاوروبية الوسطى.
9- كذلك الاسبان عندما غلبوا المسلمين على الاندلس، خيروهم بين ترك الاندلس أو الدخول في دين النصرانية او القتل، فقضوا بهذه الحرية الجائرة على ملايين المسلمين ومنعوا ان يذكر اسم الله في دولة كاملة عاش المسلمون فيها ثمانية قرون.
اما حرية الإسلام فانها تعلن انه '' لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي '' البقرة: 256
وفي هذا ما يدحض تلك الافتراءات القائلة بان الدين الإسلامي انتشر بحد السيف، وآخرها تلك الرسومات البشعة الكاذبة التي نشرتها الصحف الدنماركية ومن تبعها فاظهرت سيد الخلق واشرفهم واكرمهم صلى الله عليه وسلم وهو يعتم بعمامة مليئة بالقذائف اشارة إلى الإرهاب.
كيف يكون ذلك وهو المبلغ لقول المولى عز وجل: '' فان اعرضوا فما ارسلناك عليهم حفيظا ان عليك الا البلاغ'' الشورى: 48 فهذه الآية الكريمة تلزم الناس ان يحترموا حق الغير في اعتقاد ما يشاء، وفي تركه يعمل طبقا لشريعته، فليس لأحد ان يكره آخر على اعتناق عقيدة ما اوترك أخرى. وان كان عليه اقناعه بالحسنى فان قبل عن قناعة كان له ذلك، والا فانه يكفي صاحب العقيدة المضادة انه ادى واجبه فبين الخطأ وارشد إلى الحق بالحسنى.
والإسلام دين الحرية الحقة هو الذي امن غير المسلمين على شعائرهم الدينية وتركهم يمارسونها بشكل لم يعرف له مثيل في أي دين أو نظام آخر، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يدعو إلى تركهم وما يدينون واليهود والنصارى يترددون على كنائسهم وبيعهم في ظل الدولة الإسلامية ولم يعرف ان حاكما مسلما هدم كنيسة أو اقفل بيعة أو حولها إلى مسجد، ومن سماحة الإسلام ان المسلم إذا كانت تحته كتابية فلا يمنعها من ممارسة شعائر دينها.
ولنقارن بين هذه الحرية الحقة التي دعا اليها الإسلام على يد اشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وبين الحرية المعاصرة التي لبست وجوها واقنعة كثيرة مبهرجة لخداع الناس، ولنستعين بذاكرة التاريخ، ونرى ما فعلته الشيوعية وامثالها بالمسلمين في كل انحاء المعمورة ، فالبستهم لباس الجوع والخوف ومنعتهم من ممارسة شعائرهم الدينية، وهدمت المساجد ومنعت الأذان ، واجبرتهم على تغيير هويتهم الاسلامية، حتى الأسماء الشخصية والحروف العربية لم تسلم من ذلك الجبروت.
=====================
الحرية المطلقة .. كيف نفهمها
الكاتب: بشرى ماروق(10/96)
إن لكل شعب الحق المطلق في ممارسة حريته داخل بلده ،لكن ما نحب أن نلفت الانتباه إليه، هو أن هناك حرية بالمعنى الراقي للحرية، وهي الحرية التي لها خطوط حمراء لا تتجاوزها. وهناك حرية سلبية وهي الحرية المطلقة. وهذه الأخيرة لا يقبل بها الكل نظرا لمساوئها الكثيرة، ومن يقبل بها ويقرها فلا بد من أن يكتوي بنار سلبياتها، لكن ليس له الحق في أن يكوي بها غيره من الشعوب، إلا أن أن يقبلوا، ونحن كمسلمين لا نقبل بأن نكتوي بهذه النار وهذا حقنا. لأننا لانؤمن بوجود حرية مطلقة في أي مجال من المجالات. ونقول للشعوب التي تؤمن بالحرية المطلقة إذا كنتم تؤمنون بها حقا، فلماذا تسنون فوانين وتبنون محاكم وسجون وتكونون محامين وقضاة ... أليس هدا اعتداء على الحرية.
ولتقريب الصورة نضرب مثلا ، لنفرض أننا في بلد يؤمن بالحرية المطلقة فإذا بشخص يسب جاره وقد يتهجم عليه بغير سبب حتى إذا سئل عن سبب الاعتداء أجاب: هذا ليس اعتداء وإنما هي حرية وأنا في بلد الحرية وقد آن لجاري أن يعرف ما معنى حرية، وهذا شخص آخر يسوق سيارته بسرعة قياسية دون أن يتوقف عند الضوء الأحمر وقد يتسبب في حادثة حتى إذا سئل عن ذلك أجاب و بكل بساطة : أنا حر وأنا في بلد يؤمن بالحرية. فهذه هي الحرية المطلقة التي نعتبرها اعتداء على الآخر و هي حرية قد تدخل الأفراد والجماعات في دوامة من الصراعات... الخ.
قد تقول هذه الشعوب إننا لا نؤمن بهذا النوع من الحريات، لذلك سننا قوانين زاجرة هي بمثابة خطوط حمراء...حتى نضمن أمن الافراد والجماعات وبنينا السجون والمحاكم... لكننا في المقابل نؤمن بالحرية المطلقة في التعبير والمتمثلة أساسا في حرية الصحافة. لنقول لهم إنكم لا تؤمنون بحرية الاعتداء بالفعل وتؤمنون بحرية الاعتداء بالقلم رغم أن الامر سواء والضرر واحد. فإذا كنتم تعتبرون الاعتداء ولو بالقلم حرية فإننا نعتبر رد الاعتداء حرية أيضا.
لنضرب لكم مثلا موسعا لنبرز سوء استغلال الحرية المطلقة في التعبير لنفرض أن هناك من يرغب في تأليف كتاب في التاريخ، هذه حرية لكن لو علمنا أن في هذا الكتاب تم تزوير حقائق تاريخية.فهذه هي الحرية المطلقة التي لا نقرها بل نعتبرها تزويرا للحقيقة.وهذا شخص آخر وضع نظرية أو يؤمن بنظرية معينة فألف كتابا ليثبت صحتها وعرض فيه نتائج بحث علمي وصور لتجارب علمية كدليل على صحتها فهذه حرية لكن إذا علمنا بأن تلك الصور مزورة و بأن نتائج البحث محرفة وأن
القارئ يجهل هذا التحريف فهذه هي الحرية المطلقة التي نرفضها لأننا نعتبرها تحريفا للحقائق العلمية و تأخيرا لتطور العلوم .
وهذا آخر يريد أن يترجم معاني القرآن الكريم لتفهمه فئة معينة هذه حرية لكن لوعلمنا بأن تلك الترجمة لا علاقة لها بالنسخة الاصلية، فهذه هي الحرية المطلقة التي نعتبرها تحريفا لكلام الله عز وجل. وهناك أيضا من يرغب في عرض حياة شخص بالصور أو بالكلمات، هذه حرية لكن عندما نعلم أنه عرضها بشكل محرف وبطريقة مقززة للتأثير على الرأي الآخر وجعله ينفر من هذه الشخصية، وعندما نعلم أكثر بأن هذا الشخص هو رسول الله عليه الصلاة والسلام فهذه هي الحرية المطلقة التي ثرنا لها نحن كمسلمين، وسعينا في اتخاذ الكثير من الاجراءات للرد عنها لأننا نعتبرها تضليلا ولأننا نعتبر هذا النوع من الحريات إذا لم يحد بحدود من شأنه أن يدخل الشعوب في صراعات لانهاية لها.
قد يقول أحدهم إن الاساءة استهدفت شخصا واحدا وليس كل المسلمين واننا لانفهم سر غضب كل المسلمين.لنقول لهم إنكم لم تعتدوا على أي شخص بل اعتديتم على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإن باعتدائكم هذا كأنكم تقولون إن الملايين الملايين الملايين... من المسلمين الذين اتبعوه منذ البعثة إلى اليوم وإلى أن تقوم الساعة، ناقصي عقل وأنهم يؤمنون بخزعبلات، ويتبعون رجلا كله عيوب مع العلم أن فيهم علماء سجل ويسجل وسيسجل التاريخ أسماءهم قد تركوا آثارهم في تطور العلوم.
وكأنكم تقولون إن السنة النبوية ما هي إلا أساطير مع العلم أنها أخبرتنا عن حقيقة الوجود من قبل الخلق و إلى أن تقوم الساعة و وصفت لنا مشاهد عن الحياة البرزخية، وحياة ما بعد البعث ووصفت لنا تفاصيل الزمان الذي نعيشهه الآن فرأينا الكثير من تلك التفاصيل تتجسد على أرض الواقع مما زاد من إيماننا.
وكأنكم تقولون أن السيرة النبوية الشريفة كما وصفتم تحمل في طياتها الكثير من العيوب مع العلم أننا لو عرضناها كاملة وبصورتها الحقيقية على أي عاقل فإنه لا يملك سوى أن يقر بأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو أعظم شخصية عرفها التاريخ وكأنكم تقولون أن القرآن الكريم معجزة رسول الله ص ليس كلام الله مع العلم أن الملايين الملايين...من غير المسلمين أقروا بأنه كلام الله.(10/97)
ولحد الآن لازال العلماء يكتشفون حقائق علمية ويعتبرونها آخر المكتشفات في ظل التطور العلمي ليجدوا أنها قد ذكرت في كتابنا منذ ما يقارب 15 قرنا...وكأنكم تقولون وتقولون...
قد يقول أحدهم إننا لم نقصد الاساءة إنه مجرد تعبير حر ويجب أن تفهموا حريتنا. لنقول لهم هل حاولتم في المقابل فهم عقيدتنا... قد يقول البعض إن هذا خطأ تتحمله صحيفة أو صحفي فلماذا تعتذر الحكومة.فنجيب بأن الصحيفة أخطأت تحت شعار الحرية المطلقة للصحافة .هذه الحرية التي يقرها الشعب ككل والشعب الذي يؤمن بهذه الحرية هو الذي قد جعل من الديمقراطية شعارا له. والديمقراطية تعني حكم الشعب للشعب. والحكومة هي من اختيار الشعب كممثل له وناطق بلسانه.فعندما نطالب الحكومة بلاعتذار فإننا ضمنيا نطالب الشعب بلإعتذار عن إقراره لحرية دون وضعه لإطار معقول لها يحمي من خلاله حضارات باقي الشعوب ومقدساتهم من التحريف والتزوير والعرض المشوه البعيدعن الحقيقة. لكن ما ينفع الإعتذار مع التكرار.
إن رسول الله عليه الصلاة والسلام قد بلغ من جمال وكمال الخلقة قدار لا يقل عن كمال خلقه.ومع ذلك فإنه لم يخلف لنا صورة له ولا تمثالا ليس من قلة نحاتين ساعتها ولكن لحكم كثيرة نذكرمنها أنه لم يكن قائدا عسكريا همه اجتياح العالم لإبراز قوته.ولا ملكا يطمع في توسيع رقعة حكمه وبسط سيطرته على الارض.أو شخصية مصابة بجنون العظمة همها الخلود في الارض بأي شكل من الاشكال.أو...بل كان رسولا لله عزوجل همه تبليغ رسالته لكل الناس.و لأنه لو أجاز أن تؤخذ له صورة فقد يأتي زمن على عدد من المسلمين يبلغ بهم الامر من شدة حبهم له أن يسجدوا له من دون الله أو أن يجعلوه وساطة بينهم وبين ربهم.أو قد يبلغ بهم الامر أن يعبدوه من دون الله.وكما نعلم أن البشر كلهم من آدم ولا يجوز لبشر أن يعبد بشرا مثله و لو كان رسولا. ولا أن يسجد له ولا حتى أن يجعله وسيطا بينه وبين ربه.وقد حرص رسول الله على تجنيب المسلمين الوقوع في ذلك...
والمسلمون كاتباع لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يقبلون برسم صور له و لو لوصفه فما بالك للإساءة إليه. وأقول لمن تولوا مهمة رسمه. لو علمتم حقيقة الرجل الذي وصفتموه لتمنيتم لو لم تخلق لكم أصابع من الاصل.. ولو كان رسول الله عليه الصلاة والسلام حيا اليوم وبلغته إساءتكم لما دافع عن نفسه. ولما أمر بحرق ولا قتل ولكن لبعث لكم برسول يدعوكم إلى الاسلام ليبلغكم حقيقة هذا الدين التي تظهر صوركم مدى جهلكم المطلق بعظمته.
إن رد فعل المسلمين ليس نابعا عن كراهية لشعب من الشعوب، ولكنه إشارة منهم الى أنه ليس هناك حرية مطلقة في أي مجال من المجالات. وأن الحرية الحقيقية للصحافة هي عرض الحقيقة كل الحقيقة كماهي لا تشويهها أو تحريفها بغرض التأثير على الآخر بأي شكل من الاشكال. وهذا من شأنه أن يجرد مهنة الصحافة من أخلاقياتها ويدخل القارئ في حالة شك دائم في مدى صحة المادة الاعلامية...مما يضطره إلى البحث عن الحقيقة من مصادرها. وهنا نتساءل ماذا سيكون دور الصحافة بعد ذلك. وما ندعوا إليه اليوم كمسلمين أنه من أراد التعرف على حقيقة الاسلام فعليه أخذه من المصادر الموثوق بها. ونقول للإعلام العالمي كفى تشويها لهذا الدين.فمهما شوهتم فإنكم لاتزيدونه إلا علوا لان الله وعد بنصره...
وأخيرا أريد أن أقول لغير المسلمين، إن من حق أي إنسان أن يعرف الحقائق الكبرى من غير تحريف ولا تزوير. كسبب وجوده في هذه الحياة هل كان دلك مجرد صدفة و أن حياته تنتهي بموته؟ أم أن له خالقا أوجده لأداء رسالة و أنه سيحاسبه عليها بعد موته ؟ من أراد الجواب على هذه الاسئلة وغيرها فإنه سيجد عند العلماء المسلمين أجوبة تخاطب العقل قبل القلب لأن الاسلام دين عقل ودين، علم ودين عمل...
الحرية حين تكون سلوكاً إرهابياً
ونشرت جريدة الرياض في كلمتها في 29/12/1426هـ:كلمة الرياض
======================
الحرية حين تكون سلوكاً إرهابياً
من المستحيل أن يتعرض أي من أنبياء الديانات التوحيدية لنقد أو سب من قبل المسلمين بجميع طوائفهم وتنوعاتهم الجنسية والقومية، لأن الروادع تأتي من القرآن الكريم نفسه الذي يجسد معنى احترام المقدسات والأنبياء، لكننا نرى أنه باسم الحرية التي يضعها الغربُ المقدسَ الأهم يباح انتهاك حقوق الإنسان والشعوب، ونحن لا نجد تفسيراً موضوعياً أن تقدم صحافة الدنمارك على تشويه صورة نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم)، إلا أنه نوع من الإرهاب المضاد وكسب الشهرة باسم دساتير وقوانين الحرية، والتي لا ندري إذا كان الاعتداء على حرية معتقد يبيح هذا السلوك الهمجي بكل ما يعنيه من معنى..(10/98)
السؤال هل تجرؤ صحافة أخرى تملك نفس الحقوق والتشريعات أن تقدم على إنكار المحرقة، أو التطهير اليهودي؟، وهل لو جرى هذا الفعل في الدنمارك أن لا تسارع الحكومة ومنظماتها إلى ان تستنكر وتحاكم، وربما تفصل المتسببين بهذه الأفكار، لأن الطرف الإسرائيلي لديه وسائل الضغط التي لا تقاومها مشاريع الحرية؟..
العالم الإسلامي مستنفر بكل جبهاته وهيئاته أمام السخرية من نبيهم العظيم، لكن إذا أخذنا بالادعاء بجوهر الحرية، فهل من المنطقي إباحة زواج ذكر من آخر، وأنثى من أخرى لتحقيق هذه العدالة باسم حرية الغرائز، والتي تنفر منها مملكة الحيوان؟..
إذا آمنا أن ذلك مخالفة لجوهر قيم الإنسان وطبيعته البشرية، فإن استسهال هذا الأمر يدفع بأطراف دنماركية أو أوروبية لأن تعتدي على معتقدات الشعوب الأخرى التي لا تتطابق معها، بالمقابل ألا يكون ذلك تنمية لتفجير أحقاد شعوب تدفع للتطرف أو الدفاع عن حق منتهك؟..
الدنماركيون وضعوا أنفسهم أمام بؤر النار المشتعلة، وقد تكون مقاطعة بضائعهم مقدمات صغيرة، لفعل أكبر طالما خلقت مبادرة تحدي مشاعرهم من دولة ليست في حصانة من غضب ما يزيد على مليار مسلم لم يبادروا بالاعتداء، بل كانت طبقات المثقفين ترى في الدول الاسكندنافية بؤر التوازن في احترام الشعوب ومقدساتهم، لكن أن تتجه الصورة بشكل مغاير، فإن الحرية بقدر ما هي حق للإنسان، فهي ليست سلطة على رقاب الآخرين تنتهك باسمها الحريات، ولعل الحكومة الدنماركية التي تشعر أنها أمام مفترق طرق بين الالتزام بقوانينها، وصدمة انفجار العالم الإسلامي ضدها، ليس أمامها إلا أن تفاضل بين مصلحة وطن وسلوك أفراد، لأن تداعيات المشكلة ليست دبلوماسية تحل بواسطة الحوارات واللقاءات طالما الغضب انتشر بين القوى الإسلامية بمختلف مستوياتها، وهو مرشح لأن يتسع ويفجر هذه القوى بمختلف ردود الأفعال..
تعليق
1
الغرب المسيحي عبيدا للاحقاد الصهيونية
الحرية الغربية الغت كل الضوابط والمحرمات الدينية والاخلاقية فاصبحوا لا يحتشمون من شيء ولا يتورعون عن قول شيء حتى ولو كان ذلك القول يمس الذات الالاهية التي يعبدون؛ الا الاها واحدا لديهم وهم اليهود؛ فلا يجرؤون حتى على مناقشة الحقائق الثابتة في كتبهم ؛
فمع ان اليهود يحتقرون المسيحين وينعتون السيدة مريم العذراء والنبي عيسى عليهم السلام باقبح الاوصافف بعكس المسلمين الذين يخرجون من الاسلام لو انكروا او اساؤ الى احد من انبياء الله ؛الا ان يهوديا واحدا في بلد غربي يحسب له الف حساب اكثر من مليار مسلم؛
ولكن ليس ذلك هو السبب الرئيسي لوقاحة الحكومة الدنمركية وتخاذلها في ردع تلك الصحيفة ولكن قائد الحملة الصليبية على الاسلام والمسلمين يطلب من العالم المسيحي المشاركة في هذه الحرب عسكريا ونفسيا
فالعالم المسيحي سلم القيادة الصليبية الى امريكا ذات المال والقوة والعناد التي تشن حربا مفتوحة على الاسلام بقيادة المحافظين الجدد الذين يعتبرون اليهود اولاد انبيا مقدسين وجورج بوش صاحب خلفية دينية تعود الى جده الذي الف اكثر الكتب قبحا في وصف الاسلام ورسول الاسلام صلى الله عليه وسلم
والا ماالذي يجعل الدنمارك وبلجيكا وغيرها من البلدان الاوربية والتي كان يسودها الهدؤ فليس بها جماعات اسلامية ولم يصبها اذا من المسلمين تقفز فجاة بهذه الحدة ضد الاسلام ونبي الاسلام وتبرر موقفها بعذر قبيح مثل حريتهم
يحي الحربي
06:05 صباحاً 2006/01/29
2
الاقتصاد هو الحل
ما ان يحدث خلاف مع الدول الغربية إلا وتتصدر العقوبات الاقتصادية اولى الحلول من وقف التبادل الاقتصادي او وقف المعونات للدول الممنوحة.
وعلى الرغم من هذة الممارسات الدائمة نجد من يحاول ان يقول ان التلويح بالاقتصاد لايجب القيام به خشيه على مشاعر الاخر الذى قد يتبادر إلى ذهنه ان المال لدى الدول العربية يستغل للعقوبات لحل القضايا وعلينا التنبه لذلك وعلى رغم ان من بيننا من مثقفين يحاولو ان يفكرو بغير مايقوم به الغرب حين يختلف مع اى دوله من الدول تجد اولى التهديدات الاقتصاد بطبيعة الحال ولدينا التسفيه لمن يقوم بذلك.
طارق بن محمد
07:52 صباحاً 2006/01/29
3
وهكذا نكران الجميل !
بعث الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وهادياً للبشر أجمعين، ومعيداً الأمور إلى أنصبتها، جاء بالعدل، وحكم بالعدل، وأمر بالعدل، وبيّن كيف يكون العدل.
كان عليه الصلاة والسلام عادلاً مع نفسه، عادلاً مع أتباعه، عادلاً من أعدائه، عادل مع القريب والبعيد، عادلاً مع كل شيء حتى الحيوانات والجمادات.(10/99)
جاء فأنصف عيسى عليه السلام مما رماه به أعداؤه اليهود، حين اتهموا أمه العذراء بالزنا، وأنه ولد زنا، وأنصفه من غلو من غلا فيه وجعله الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، فقال للغلاة: ((إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم))، وأنصفه ممن أنكر نبوته من اليهود، وجعل الإيمان بعيسى قرين الإيمان به، والكفر بعيسى قرين الكفر به، ولا يصح إيمان عبد إلا إذا آمن بعسى عليه السلام، وأثبت معجزاته، وبيّن أنه أدى رسالة ربه، وأنه من ذوي العزم من الرسل عليهم السلام.
فبماذا كافأه النصارى، هل اعترفوا بفضله، هل راعوا انصافه، هل أقروا بنصرته لعيسى عليه السلام؟ للأسف الشديد، الواقع يقول: لقد أنكروا معروفه، وجحدوا فضله، وكذبوا بشارة عيسى عليه السلام به، وما هذه الرسوم الساخرة إلا دليل على تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، ودليل على نكرانهم للجميل، ودليل أنهم لم يصدقوا عيسى عليه السلام في بشارته بسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
أحسنت يا جريدة الرياض بهذا الطرح، فسيري معبرة عن مشاعر المسلمين، وكوني مجس نبضهم، ولسان حالهم، ودليلاً لشخصيتهم. والله الموفق.
أحمد بن عبد العزيز السليمان
07:59 صباحاً 2006/01/29
4
وهذا نفهم من الحريه التي يزعمون بها,, هي حريتهم فقط بما يحلو لهم,,
وذلك عندما اجتمع العرب المسلمون للتعبير عن رأيهم طردو واتهمتم الدنمارك بالخائنين,, ,,
ولكن هذا لا يضر الامة الاسلاميه بل يقويها ويلم اطرافها ووحدها بقيادة حكومتنا الرشيده,, حيث نلقن من يغالط على الاسلام درسا ونحن لسنى بحاجه الى احد كل الدول الاسلاميه تكمل بعضها اقتصاديه وسياسيا ولسنى بحاجه الى تلك الدول التي هي بأمس الحاجه الينا,,,
ولله العزه ولنبيه ثم حكومتنا الرشيده وسياستها السمحه المتوازنه,,
للمراسله,,
ibrahim.qahtani@gmail.com
إبراهيم الأشاعرة
08:43 صباحاً 2006/01/29
5
هكذا يكون متابعة الحدث يا جريدة الرياض.
شعارات الغرب زائفة، ونظريات لا يمكن أن تطبقها.. شعارات يحاولون من خلالها الوصول إلى مبتغاهم، وما أن يتحقق هذا المبتغى حتى يرمى بهذا الشعار في سلة النفايات، ثم يتم البحث عن شعار آخر لمبتغى وهدف آخر..
محمد صلى الله عليه وسلم لا يضره شيء من ذلك، إنما الضرر الأكبر متوجه إلى تدمير الحياة البشرية السلمية..
شكرا جريدة الرياض، واتمنى من زاوية (كلمة الرياض) مثل تلكم المقالات المتابعة للحدث أولا بأول حيث أن الإساءة من صحف الدانمارك حدثت منذ ثلاثة أشهر.. وقد غضبت الشعوب رغم التغييب الإعلامي لذلك.. مما يدل على أنه يجب تغيير موازين ومفاهيم الإعلام لدينا..
شكرا..
أحمد الأحمد
09:29 صباحاً 2006/01/29
6
شكرا لكم
هكذا يكون الرد
مقال تشكرون عليه والى المزيد
ابو زيد
10:37 صباحاً 2006/01/29
7
اللعنه عليهم
دار النشر في الدنمارك انتهت من طبع كتاب جديد عن حياه الرسول الكريم مرفوق بالصور الاكثر اساءه للنبي الكريم ومن بين الصور للسيده عائشه وهيه جالسه بحجر الرسول وسوف يكون الكتاب بالاسواق بعد ايام اللهم بلغت اخوكم من الدنمارك
احمد عبد اللطيف جبر
10:39 صباحاً 2006/01/29
8
أيها المسلمون: إنْ تخاذلنا عن نصرة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن الله ناصر نبيه، معلٍ ذكره، رافعٌ شأنه، معذب الذين يؤذنه في الدنيا والآخرة.
قال الله سبحانه: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا }
يقول الله جل الله: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
وأنتم أيها المسلمون.. أتعجزون عن مقاطعة منتجاتهم، غيرة لنبيكم صلى الله عليه وسلم؟! حتى يعلم أولئك الأوغاد أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنصاراً؛ لا يرضون أن يدنّس جنابه، أو أن يمسّ بسوء عرضه، ودون ذلك حزُّ الرؤوس..
اللهم عليك بالنصارى الحاقدين، واليهود المفسدين..
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اكفناهم بما تشاء يا سميع الدعاء
collo_555@yahoo.fr
عبد العزيز belgique
11:02 صباحاً 2006/01/29
9
أيها العرب إن لم نقف لنصرة نبيينا وديننا فعلي الدنيا السلام
اولا اتمني من كل الحكام العرب مقاطعة الدنمرك سياسيا واقتصاديا وسحب السفراء فورا ولكي تكون عضة لكل من تسول له نفسه المساس بعقيدتنا ونبينا صلي الله علية وسلم واحذوا ان لم نفعل لماتت عزيمتنا و دمرت هيبة المسلمين في كل العالم وسوف يتكرر هذا الفعل المهين. أناشد كل مسلم غيور ان يفعل ما يرضي ربة و يقابل به رسوله يوم الحساب.
للمراسلة
elahmadi@yahoo.com
أمير عبد الماجد بشير الاحمدي
12:01 مساءً 2006/01/29
10
شكرا لك
جزاك الله الف خير على هذا المقال وهكذا تكون الكتابة في الدفاع عن سيد البرية
علي الزهراني
12:28 مساءً 2006/01/29
11
صح لسانك
صح لسانك وأبقاك الله
بندر المنصور
12:47 مساءً 2006/01/29
12(10/100)
الكيل بمكيالين ليست حرية راي والاعتداء على شخصية عظيمة عند الانسانية يعتبر ارهاب وسلوك همجي بكل ما يعنيه من معنى..
"الكيل بمكيالين" في مجتمع متحضر غير منطقي ذلك انه "عندما يتعلق الامر بمعاداة السامية تنقلب الدنيا رأسا على عقب، ولكن عندما يطعن اكثر من مليار مسلم في رموزهم ودينهم، لا احد يتكلم او يتحرك". ان مايكل هاردت يقول عن محمد (صلى الله عليه وسلم ) (الشخصية الأولى من مائة شخصية غيرت وجه التاريخ، والمسيح لم يكمل مهمته فخطفته الأحداث ) فكيف بهذه الشخصية المحترمة والمقدسة من قبل مليار انسان على الاقل يعتدى عليها بدون منطق فقط لمارب ومنها زج المسلمين في العنف؟ الاسلام دين سلام ومحبة ودين احترام للانسان الذي يحترم نفسه.
د. هشام النشواتي
12:57 مساءً 2006/01/29
13
بداية إنهيار الغرب وحضارتهم الزائفه
إ بشروا هذه بداية إنهيار الغرب وحضارتهم الزائفه وعلوا الاسلام وأهله
أبو محمد الفهد
01:23 مساءً 2006/01/29
14
هذا ما انتظرناه كثيرا يا صحيفتنا الغراء.
أحسنت صنعاً يا صحيفة الرياض. بطرح مثل هذا الموضوع. وإن كان متأخراً... لكن. شيء ((ولو متأخر)) ولا نبقى بلا شيء!!!
فبفضل الله جاء التحركي السعودي بدأ من مقام خادم الحرمين بسب السفير السعودي.. وعلى مستوى مجلس الشورى ومجلس الوزراء، وبيان سماحة المفتي العام... وعلى مستوى الشعب.
ولم يبقى إلا دور الإعلام. فهاهو الآن... ينضم... فالحمد لله على اكتمال العقد...
أسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين، ويرد كيد الكائدين في نحورهم، ويحمي حوزة الدين، ويوفق ويسدد ولاة أمورنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالعزيز بن علي العسكر
01:34 مساءً 2006/01/29
15
هل تمثال بوذا اهم من نبي الاسلام!
الجميع يتذكر حال قادة العالم العربي والاسلامي، السياسيين والدينيين، وحال القادة الدوليين و الصحافة العالمية المقروءة مها والمسموعة والمشاهدة، عندما هبوا جميعا لمنع حكومة الطالبان الافغانية من دك تمثال بوذا، وهو مجرد تمثال، لأن تدمير التمثال يمثل اهانة لشخص بوذا الذي يعتقد به البعض، ولا يمثل هذا العمل حرية حكومة (حتى وان اختلفنا معهم في فعلهم) تريد ان تزيل "صنما" يعبد من دون الله من ارضها، بينما لم نسمع مثل هذا الضجيج عندما تهين حفنة من الحاقدين كرامة نبي السلام والحب والاخاء، وكرامة اكثر من مليار وثلاثمائة مليون مسلم يكنون الحب والولاء ليس لهذا النبي فحسب بل لكافة انبياء الله رسله كمعتقد لا كحرية فردية!
فهل يا ترى تمثال بوذا اهم من نبي الاسلام؟!
انا لله وانا اليه راجعون.
ابراهيم
ابراهيم اسماعيل
02:05 مساءً 2006/01/29
16
فلنهب جميعا لنصرة الرسول الكريم
ان اقل مايمكن عمله مقابل هذه الهجمة الشرسة المجنونة على شخص رسولنا الكريم عليه افضل السلام واتم التسليم ان نقوم جميعنا مسلمين في شتى بقاع الارض لنصرة خير البشر وان لم تقم الحكومات بعمل ما، على غرار مافعلته الحكومة السعودية مشكورة،فيجب علينا افراد وجماعات مقاطعة جميع المنتجات الدانماركية والنرويجيية وتسجيل الاحتجاجات لدى وزارة الخارجية الدانماركية على البريد الالكتروني um@um.dk
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرد كيد الخائنين وان يشغلهم في انفسهم وان ينصر دينه دين الحق وصلى الله وسلم وبارك على اشرف الانبياء والمرسلين
ابو احمد
02:22 مساءً 2006/01/29
17
المقاطعة نعم المقاطعه
يقول قائل وما الجدوى من المقاطعه الاقتصاديه لو لم تكن المقاطعه ذات جدوى لما تصدرت الصحف ونشرات الاخبار لدى الدنمارك ونرى امريكا تهدد ايران بالمقاطعه الاقتصاديه والسياسيه وهي ذات جدوى فالاستمرار مطلوب استمروا في المقاطعه المنظمه ومعرفة منتجات الدنمارك والنرويج في الطريق
ابو ياسر
02:52 مساءً 2006/01/29
=======================
الحوارُ الحضاريّ بعد أزمة الرسوم
الكاتب: د.مسفر بن علي القحطاني
بعد مرور أكثر من ستة أشهر على أزمة الرسوم المسيئة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعدما انجلى الغبار عن هذه المحنة التي مسّت أعز مقدساتنا الإسلامية، وبعدما شهدت ساحتنا الفكرية والشعبية ردود فعل غاضبة على ما حدث من اعتداء .. أعتقد أنه آن الأوان لدراسة هذه الحالة التي أيقظت الأمة، وأحيت ضميرها المغيّب، وأشعلت جذوة الغيرة في الأنفس بعد صدمات الذلة والانكسار. ولابد عند تأمل هذه الظاهرة أن نفكر بعيداً عن العواطف والانفعالات التي شهدتها مجتمعاتنا الإسلامية إبّان الأزمة.. وأحب أن أساهم في رصد هذه الحالة من خلال تأملات خاصة، هي رجع الصدى لأفكار منثورة على صفحة هذا المقال:(10/101)
أولاً: عمق المشاركة الشعبية لنصرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من كافة الفئات ومختلف الشرائح؛ إذ ضربت أروع الأمثلة في الحب والتضحية, مصداق ذلك ما شاهدناه من تحرك وعمل فاق في حجمه وأثره الدور المرتجى من النخب المثقفة في مجتمعاتنا الإسلامية؛ وهي التي تمتلك ناصية الخروج على الفضائيات أو صفحات الجرائد والمجلات. وأظن أن تلك النخب مرت باختبار حقيقي كشف عن حجمها أو أثرها في أزمات الأمة وقضايا المجتمع الساخنة. فلا ننكر أن هناك من تماشى مع ردود الفعل الغاضبة، ونصّب نفسه إماماً للمسلمين أو قاضياً لمعاقبة المعتدين، وقد وُظِّفت تلك التصرفات عكس ما هدفت إليه نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم-, وهناك من كتم رأيه في حمّى الغضب الجماهيري مع قناعته بأن تلك التصرفات الغاضبة مِن قتل وإحراق وظلم في المقاطعة لغير المعنيين تصرفات خاطئة وغير مسؤولة، لكن خوفه من غضب الجمهور و معاكسة إرادة الحشود جعله يكتم النصح الحقيقي والنظرة المعتدلة والفقه اللازم في مثل هذه الظروف, كما برز أصحاب التثاقل والتوهين لمشاعر المسلمين والمتغيظين من هبّة الغيورين؛ وصدق الله العظيم في وصفه لحالة أولئك :(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)[التوبة: من الآية47].
إن النخب المثقفة وأصحاب الرأي في الأمة لا يجوز لهم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وترك الشعوب تمور من الغضب اللاواعي؛ مما أفقدنا كثيراً من مكتسبات تلك الأزمة، وتوظيفها في مصالح الأمة.
ثانياً: هذا التأزّم حرّك المجتمع العالمي إلى فريق النصرة والغضب دفاعاً عن مقدسات ومعتقدات أكثر من مليار مسلم, وإلى فريق المدافعة عن حرية الرأي وحق التعبير من غير شرط أو قيد. وأثار لدى الكثير من المراقبين والمحللين إمكانية العودة لنظرية الصدام الحضاري التي بشّر بها في الغرب هنغتون وفوكوياما. وتأجّجت مشاعر المسلمين في تحميل الغرب والشرق عداوتهم الأبدية للإسلام، وكانت معطيات الصراع الديني والحضاري متوفرة في ثنايا تلك الأزمة من خلال بعض التصريحات الغربية ومحاولة إعادة نشر الرسوم المسيئة. وأظن أن صيحات بعض الخطباء والمنادين بحرب الغرب قد طغت عن تفكيك الحالة الغربية وموقفها من احترام المقدسات الإسلامية. بل أغفلت أن هناك في أوروبا وحدها أكثر من خمسين مليون مسلم أكثرهم مواطنون في تلك الدول. ونسيت الهدف الأساس من وراء تأجيج هذه النزعة الصدامية, ولا أدري: هل كان المراد منها شن الحرب على أوروبا كما شنتها القاعدة على أمريكا التي مازلنا نتحمل تبعات تلك التشنجات المتطرفة؟! ثم أتساءل: هل الغرب كله يحمل هذا العداء السافر حتى نحمّل مئات الملايين من الشعوب، ومئات المؤسسات المعتدلة تبعات ما قامت به بعض الصحف أو القنوات الإعلامية المعادية أو سفاهة بعض المسؤولين و المثقفين الغربيّين؟! وهل من العدل أن نحاكم أمة كاملة بتصرفات سفهائها، ونحن نطالبهم بنظرة العدل والإنصاف، في حين لا ننظر إليهم بها كذلك؟! ثم هل نقدر فعلاً أننا نمارس عداوة أو قطيعة كاملة مع تلك الدول في عصر لا يمكن أن نتعايش إلا بالتبادل التجاري والتقني والتحالف السياسي والعسكري، وغيرها من المشتركات الحاجية بين الشعوب في ظل انفتاح الأسواق وتهاوي الحدود بين المجتمعات؟! ثم لماذا نحسن في إلقاء اللوم على المتآمرين ضدنا، وننسى أننا صنعنا صورتنا المشوّهة في أذهانهم من خلال تصرفات بعض أبنائنا هناك أو زوّارنا إليهم؟! هذه الأسئلة وغيرها لا يمكن أن نسارع في الإجابة عنها من خلال موقف عارض، أو واقع نجهل تفاصيله، أو غفلة عن إدراك المنطلقات الدافعة لهذه التصرفات والمآلات المترتبة عليها؟! والهروب من الإجابة عنها قد يكلفنا جهداً يضيع أو يحملنا عبء تكرار الأخطاء.
ثالثاً: تحتاج الأمة في الفتن أن ترجع لأهل العلم الراسخ والنظر الثاقب، وتحذر من خطيب مصقع، وواعظ جاهل يشوّه الحقائق، ويغطي العقل بلهب العواطف، وقد جاء في الأثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قوله: "شرّ الناس في الفتنة كل راكب موضع، وكل خطيب مصقع"! ويقول الحسن البصري -رحمه الله-: "الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل".
ولا شك أن أهل العلم والفكر إذا اجتمعوا على أمر رشدٍ أنه أدعى إلى الصواب وأقرب إلى النجاة. وأزمة الرسوم المسيئة كانت تحتاج إلى مثل هذا الدور الذي يصنع الفعل الحضاري، ولا يخضع للانفعال الوقتي أو المعادي، ويُستثمر الحدث لصالح المسلمين، ولا يُوظّف ضدّهم. ولا يمكن أن نجد فعلاً حضارياً إلا وقد تأسس على فكرة جوهرية تنطبع على عقول الأفراد تدخلهم نحو مدارج النهضة والتقدم. وهذا الطريق الطويل الشاقّ هو الدور الذي فعله الأنبياء والرسل، وهو الدور الذي ينبغي أن يكمله ورثتهم، والسائرون على دروب نهضتهم.
(الإسلام اليوم)(10/102)
( الحَج بقايا الوثنية ، والدعاء تَسول )
الكاتب: عبدلله بن منور الجميلي
في الوقت الذي تتفاعل فيه المقاطعة الاقتصادية في البلاد الإسلامية لكل ما هو دنمركي ؛ جراء الرسوم الكاريكاتيرية الكرتونية hلمسيئة لنبي الهدى محمد عليه الصلاة والسلام التي نشرتها بعض الصحف هناك ؛ نجد أن من المسلمين أنفسهم من يسيء إلى الدين في مؤلفاته أو مقالاته ، ويسخر من ثوابته وأركانه ؛ بحجة الفلسفة أو أنه من تيار اليسار الإسلامي ؛ ومع ذلك تُشرّع له أبواب التكريم ، وتستقبله القُبلات والأحضان الدافئة من الجهات الرسمية ؛ وأنا هنا أتحدث عن أحد ضيوف شَرف المملكة في حج هذا العام ؛ الذي قدّمت له وزارة الثقافة والإعلام الدعوة الشرفية ليحج على حسابها تحت وَهَج وبريق ألقابه فهو يتأبط شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون العريقة ، وهو أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة وبالتالي هو ( حسن حنفي ) العالم والمفكر والفيلسوف الكبير كما يصف نفسه ؛ هذا الرجل عندما رجع من حجه كتب مقالة في العدد (654 ) من صحيفة أخبار الأدب التي تصدر عن دار أخبار اليوم للطباعة والنشر في القاهرة ؛ وذلك يوم الأحد 22/1/2006م .
في تلك المقالة التي عنوانها (خواطر حاج بين تهنئة بالسفر و تهنئة بالعودة ) مارس الكاتب وهو يجتر ذكريات رحلته ألوناً من السخرية والاستهزاء بالدين تحت غطاء من العِبارات والنظريات الفلسفية ؛ بألفاظٍ مباشرة أو جمل إيحائية ذات مدلول بعيد ؛ المقال بدأ هذا المسلسل التهكمي بالتعرض للدعاء وأنه حِيلةُ و أسلوب العاجزين ؛ فما أن علم أقرباؤه وأصدقاؤه بأمر حجه حتى أمطروه بوابل من الدعوات يحملها معه ، يقول : ( وتجمعت في ليلةٍ حاجات المجتمع المصري وإحباطاته ، وعَجْزه عن تحقيق ما يريد فلم يبق له إلا الدعاء في الحرم المكي أو المسجد النبوي كملجئٍ أخير، بالرغم من وصف إقبال الدعاء بأنه سؤال وشحاذة ، ومن يريد شيئا عليه أن يحققه بنفسه وجهده ) ، وفي المطار يسخر من لباس الإحرام وأنه تأصيل للمظهرية ؛ فاللباس العادي بزعمه أقرب للتواضع وإخفاء النوايا يقول لا فُضّ فوه : ( كانت الحيرة يوم السفر بأي ملابس يسافر الحاج، باللباس العادي ثم يغيره بعد الوصول إلي ملابس الإحرام، وهو أقرب إلي التواضع وإخفاء النوايا وأقرب إلي التقوى أم لبس الإحرام منذ مغادرة المنزل ؟ وفضل " الأستاذ " - لاحظوا النرجسية وتعظيم الذات التي سَتُعَرى لاحقاً - الخيار الأول وغادر بالملابس العادية ، ووجد الناس في المطار وقد فضلوا الخيار الثاني زي الإحرام ... وتذكر العَالِم – أيضاً يُبَجل ذاته - قول المسيح: إذا أردت أن تصلي فلا تصل أمام الناس حتى لا تأخذ جزاءك منهم بل ادخل إلي غرفة وأغلق الباب وصل لله حتى لا يراك إلا أبوك الذي في السماوات . والشعائر تظاهر أمام الناس ؛ وأكثر الشعائر مظهرية مناسك الحج ) .
وفي وصف الكعبة المشرفة والطواف حولها يواصل الكاتب الكبير إدعاءاته وسخرياته فيقول ما نصه : ( والكعبة بناء أسود مغطى بقطيفة سوداء مذهبة عالية البنيان، عريضة الحائطين ، يلف الناس حولها؛ توحي للناظر بالوثنية القديمة في العصر الجاهلي ... ربطاً للجديد بالقديم، وللمسلمين بالحنفاء، وللرسول بإبراهيم ، من بقايا الوثنية القديمة بعد تهذيبها ) . وفي إصرار منه على وصف شعائر الحج أو بعضها على الأقل بالوثنية يقول عند حديثه عن الجمرات : ( وإلي مني تتحرك الملايين لرمي الجمرات من علي الجسور أو الأنفاق ...، ومكانها من فوق الجسر إلي أسفله أو في النفق أمام الحائط المبني كالتمثال في الجاهلية ) .
المقال في أغلب جُمَله ملطخ بدماء الإساءة للدين وشعائر الحَج ولعلي أختم بنقل هذا النص : ( وفي النهاية يتم التحلل من الإحرام ، وكان حَرَاماً قبلها الحلق أو التطيب أو الاستحمام بصابون ذي رائحة طيبة أو حتى عند البعض دعك الأسنان بمعجون به رائحة النعناع أو الفواكه حتى لا ينعم الحاج بطيب الحياة وهو مُحْرِم ، وكأن النظافة ليست من الإيمان، وكأن الإسلام ليس دين النظافة، وكأن النظافة ليست أساس الطهارة ، وفي الحلق، يفضل البعض حلق شعر الرأس كلية فيصبح الحاج أصلعاً ... والأنوار ساطعة فوق الرؤوس بدل أن تخرج منها ) .
أعزائي ربما هذه المغالطات والتجاوزات لجهلها وتفاهتها لا تحتاج إلى ردّ ، وإن كان مِن ردود فإني أتركه لأهل الاختصاص .(10/103)
ولكن هناك نقطة أخرى ؛ فمَن يتطاول على الدين من باب أولى أن يقابل الإحسان بالإساءة ، والجميل بالتهكم والنكران ؛ وهذا ما فعله ذلك الفيلسوف في عدة مواضع من مقالته منها قوله : ( وتم الوصول إلي فندق السلام " هوليداي إن " لفظ عربي يوحي بدلالات سياسية معاصرة ، ولفظ وافد يوحي بصناعة أمريكية ) . وفي معرض وصفه للقاء خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – يمارس لغة التهكم والتطاول فيقول : ( وكان خطاب الملك تقليدياً دينياً خالصاً يخلو من موضوعات الساعة التي تشغل بال المثقفين والإعلاميين والعلماء ) . وفي مكان آخر يقول مظهراً الحقد الدفين على هذه البلاد وأهلها ؛ رغم أنها كَرّمته وشرفته بالحج المجاني ذي الخمس نجوم : ( وكما بدأ الحج بتهنئة الأقارب والأصدقاء انتهي أيضا بالتهنئة بسلامة الوصول خاصة بعد أنباء شهداء الحجيج الذين سقطوا فوق جسر الجمرات بالمئات بالتدافع طبقا للرواية الرسمية ، وبدفع رجال الأمن الحجيج لإفساح الجسر لمرور شخصية كبيرة مسئولة ، والناس طبقات وأصحاب البلاد لهم الأولوية في الحج علي عامة المسلمين ) .
أعزائي أعتذر عن كثرة النقولات ، ولكن أستأذنكم بنقل نصٍ أخير يكشف زيف الألقاب والشهادات التي يحتمي بها هؤلاء ويخفون خلفها جهلاً مركباً بمبادئَ وتشريعاتٍ من الدين لا تخفى على العامة البسطاء ( وفي طريق العودة، بالرغم من أن الوفد كان بدعوة رسمية من وزارة الثقافة والإعلام، وهي التي حددت موعد السفر وموعد العودة إلا أن سلطات المطار رفضت مغادرة الوفد لأن مناسك الحج لم تنته بعد . فكيف نغادر فجر اليوم الثالث وينقصنا رمي الجمرات الوسطى في اليوم الثاني الأربعاء، والصغرى في اليوم الثالث الخميس ، والمفروض أن نعود من المناسك يوم الجمعة ويبدأ الفوج الأول للمغادرة يوم السبت ؛ فلابد من إذْن من وزارة الحج بأن أداء المناسك قد اكتمل ؛ فالدين أساس الدولة . وبعد أن وافقت السلطة الدينية علي الخروج وافقت السلطة الأمنية ) .
وفي الختام عدة أسئلة أرجو أن نسمع إجابتها قريباً من وزارة الثقافة والإعلام ؛ فإذا كان العالم الإسلامي يقف صفاً واحداً تجاه من يسيء للإسلام من غير المسلمين ، فكيف تكرم الوزارة هذا وأمثاله ممن لهم سوابق في سجل التهكم بالدين الإسلامي وثوابته ومؤلفاتهم وكتاباتهم خير شاهد ويمكن الرجوع في ذلك لمقالاته في جريدة الاتحاد الإماراتية ؟
ثم ما الغرض والفائدة من دعوة هذا وأمثاله ، وكذا زمرة الفنانين والراقصات للحج أو العمرة ؟ هل نحتاج لألسنتهم المسمومة ، وإمكانياتهم البارزة ؟ وإذا كان ولابد من هذه الدعوات المجانية أليس الفقراء بها أولى ؟
aaljamili@yahoo.com
============================
الدعاة ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم
الكاتب: شيماء سيد
- د. الفرماوي: المطلوب إحياء سنته والاقتداء به
- د. البري: علينا الالتزام بتعاليمه وسيرته
لكل إنسان قدوةٌ يقتدي بها ويتخذها مثلاً أعلى له، وغالبًا ما يتخذ الشبابُ آباءَهم أو أمهاتِهم قدوةً لهم.. أما المسلمون فلهم في رسول الله القدوة والأسوة الحسنة، فالنبي- صلى الله عليه وسلم- كان قدوةً في كل مجالات الحياة.
فإذا كنت فقيرًا تستطيع أن تقتدي به، عندما كان يسأل أزواجه الطعام فإذا لم يجد يصمت.
وإذا كنت غنيًّا تستطيع أن تقتدي به وهو يوزع الغنائم بين أصحابه.
وإذا كنت زوجًا تستطيع أن تقتدي به وهو يعامل زوجاته وكيف كان يعدل بينهن.
وإذا كنت أبًا تستطيع أن تقتدي به وهو يعامل ابنته فاطمة، وكيف كان يقبِّلها كلما دخلت عليه.
وإذا كنت جدًّا تستطيع أن تقتدي به وهو يقصر في الصلاة عند سماع بكاء حفيديه الحسن والحسين.
وإذا كنت سياسيًّا تستطيع أن تقتدي به وهو يأخذ برأي أصحابه، فمثلاً وافق على فكرة سيدنا سلمان الفارسي لحفر الخندق، الأمر الذي كان سببًا في انتصار المسلمين وسُميت بغزوة الخندق نسبةً لفكرة سيدنا سلمان، وما من موقفٍ في حياتنا إلا سنجد له موقفًا مشابهًا تعرَّض له، فقد مات له أولاده وزوجاته لنتعلم منه الصبر ويكون قدوةً لنا في الشدائد.. لذلك يستطيع كل إنسان- وليس المسلمون فقط- أن يتخذوا سيدنا محمدًا- صلى الله عليه وسلم- قدوةً لهم؛ لأنه وباختصار شديد تميَّز في كل مجالات الحياة كسياسي وكاقتصادي وكحاكم وكمحكوم، فإنه وبحق أعظم شخصية في التاريخ.
حاولنا في هذا التحقيق طرح تساؤل حول نصرة النبي- صلى الله عليه وسلم- وماذا فعل الدعاة خاصةً؟!
الاقتداء به(10/104)
يرى الدكتور عبد الحي الفرماوي- الأستاذ بجامعة الأزهر- أنه من الواجب على كل فرد أن يقوم بدور لنصرة النبي- صلى الله عليه وسلم- من خلال وسائل متعددة، كإحياء سنته، والاقتداء به، وتطبيق أثره، وتعليم الإسلام للأفراد، وعندما ينشأون بهذا الشكل يكونون أفرادًا صالحين وأُسرًا صالحة، وللدولة دور مهم أيضًا في نصرة النبي- صلى الله عليه وسلم- بأن تُعلن غضبها من خلال مؤتمر قمة طارئ لا يكون على مستوى الوزراء فقط لأن العمل إنما يكون على مستوى قادة الدول وزعمائها، أما الشعوب فقد قامت بدور كافٍ من خلال المظاهرات السلمية التي تمَّ عملها ونشر غضبهم من خلال الوسائل المتداولة على الإيميل.
ويطالب الدكتور الفرماوي بالمقاطعة الاقتصادية المستديمة ليست للدنمارك، فحسب، بل كل من يؤيدها ويساندها، وسوف تكون تلك نقطة بداية للاقتصاد الإسلامي والاعتماد على نفسها.
أما على المستوى الثقافي فيشير الدكتور الفرماوي إلى ضرورة عرض الإسلام على الدول الأوروبية بشكلٍ جدي وسهل بلغة البلد المدعو فيها واستكتاب المسلمين داخل هذه البلد لنشر الصورة المشرقة للدين الإسلامي.
كما لا بد من تربية أبنائنا قولاً وعملاً منذ الصغر على منهج ودين الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- من خلال تكثيف الجرعة للطلاب في مناهج مادة التربية الدينية وجعلها مادةً أساسيةً مضافةً للمجموع وعليها درجات كبيرة، والتغيير في صورة الإعلام المرئي والمسموع وتحويله إلى إعلام إسلامي لا غربي وعند توافر هذه الأشياء يكون سهلاً على البيوت تربية أبنائها تربيةً إسلاميةً سليمةً قادرين على أن يواجهوا أو يقفوا أمام كل مَن يتصدى للدين الإسلامي.
هذا دور المسلمين كأفراد ولكن كشعوب الأمر يختلف فلا بد من أن تقف الأمة يدًا واحدةً، ولذلك كان أول أساس من أساسيات الإسلام عدم التشرذم "التقسيم" والتمزق.. ويقول: لا بد من لفت النظر إلى قول مالك بن أنس: "إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها".
ويشير الدكتور الفرماوي إلى هذا المعني قائلاً: كان عمر بن الخطاب يحكم مشارق الأرض ومغاربها، وقال فيه أحد خصومه عندما رأه نائمًا في ظل شجرة: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر"، ويناشد جميع المسلمين توحيد المشاعر والعواطف.
ويتلخص دور الحكومة في المقاطعة لكل بضاعةٍ من أعداء الإسلام وحكم من لا يقاطع أنه خائن وجدير به أن يبتليه الله بما يؤذيه، وهذا لضعف الإيمان وواجب على الدولة الاكتفاء الذاتي.
إحياء سنته
ويناشد الدكتور محمد عبد المنعم البري- أستاذ الثقافة الإسلامية والدراسات العليا بكلية الدعوة بجامعة الأزهر- الجميع إحياء سنة الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- والالتزام بعهده ومحاولة ربط القلب والفؤاد بحبه، من منطلق الحديث الشريف: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله ووالده والناس أجمعين".
واجب على الجميع
ويضيف الدكتور رجب أبو مليح- دكتوراه في الشريعة الإسلامية- أن نصرة النبي- صلى الله عليه وسلم- واجبة على كل مسلمٍ رجلاً كان أو امرأة، شيخًا كان أو شابًا، فردًا كان أو مؤسسةً أوحكومةً، كل على قدر إمكاناته وقدراته، فهي نوع من الجهاد يجب على كلِّ مسلمٍ بقدره يجدنا حيث أمرنا ويفتقدنا حيث نهانا...
وعلى مستوى الشعوب والمجتمعات تجب نصرة النبي- صلى الله عليه وسلم-، وتتحقق بالإضافةِ لما سبق بإخراج نموذج عملي للمجتمع الذي أسسه النبي- صلى الله عليه وسلم- أو محاولة محاكاة هذا النموذج الفريد، أن تشيع بيننا روح التعاون والألفة والمحبة، أن نصير معًا كما شبهنا النبي- صلى الله عليه وسلم- كالبنيان يشد بعضه بعضًا...، وأن نصير معًا كالجسد الواحد "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
ويضيف الدكتور أبو مليح أن دور الحكومات الإسلامية على مستويين في الداخل وهو زرع هذه القيم والمبادئ والأخلاق النبوية في المجتمع وحمايته من الضياع ثم يأتي دورها في الخارج بالتعريف بالرسول- صلى الله عليه وسلم- والتركيز على القيم الحضارية التي جاء بها النبي- صلى الله عليه وسلم- في مجتمع كان يفتقر إلى هذه القيم، ليعلم كل الناس كيف كان يتعامل الرسول- صلى الله عليه وسلم- مع مَن يخالفونه في الرأي أو المعتقد، أما على مستوى الأفراد فيشير إلى نصرة النبي- صلى الله عليه وسلم- بالتأسي بتطبيق قوله- صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ...".
وكذلك تكون النصرة بالتخلق بأخلاقه الكريمة فنتحلى بهذه الأخلاق الفاضلة، ونتخلى عن كلِّ الأخلاق الرذيلة التي نهى عنها النبي- صلى الله عليه وسلم-، فقد كان النبي رغم ذلك يسمح لأهل هذه المعتقدات بممارستها وهو يعلم أنها غير صحيحة.(10/105)
ويضيف: إن هناك أشكالاً لنصرة النبي من خلال الأفراد والشعوب والحكومات اقتصاديًّا بالمقاطعة وهذه أضعف الإيمان، وتمتد لبذل المال بسخاء من أجل التعريف بالرسول- صلى الله عليه وسلم- وقيم الإسلام بشتى لغات العالم، وبكافة الوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة، ويمكننا نصرته ثقافيًّا بالتمسك بثقافتنا والاختيار من ثقافة الآخرين فنأخذ منها وندع وفْق ما يتناسب مع منظومة القيم والأخلاق التي أتى بها الإسلام، ونبذ ما لا يتناسب مع ثوابتنا وقيمنا وأخلاقنا، وعلى المسلمين في الداخل والخارج أن يكون صورةً مشرفةً للإسلام ونبي الإسلام عليهم أن يكونوا صورة مشرقة يهتدي الناس بنورها ويحبوا النبي من أجلها ويتعرفوا عليه من خلال نموذجٍ عمليٍّ يرونه أمامهم ولو عرفوه لأحبوه، والإنسان عدو ما يجهل.
التربية
أما تربية الأولاد على حب الحبيب- صلى الله عليه وسلم- فواجب أن يشترك فيه الأفراد والشعوب والمجتمعات والحكومات، هو واجب الأسرة في البيت بزرع هذا الحب ورعايته في قلوب الأبناء، وواجب المجتمع بأن يعلي من أخلاقه- صلى الله عليه وسلم- ويساعد على شيوعها في المجتمع وواجب الحكومة من خلال وسائل التربية في مراحل التعليم المختلفة ووسائل الإعلام نشر سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- وتعريف الأبناء به بطريقة مشوقة محببة إلى نفوسهم، ففي غزوة بدر وجدنا مثالاً واضحًا يرويه لنا عبد الرحمن بن عوف عندما وجد شابينِ صغيرين هما إلى سن الطفولة أقرب منه إلى سن الشباب يسأله كل منهما أن يدله على أبي جهل ذلك الرجل الذي كان يؤذي النبي في مكة فلما دلهما عليه غمسا سيفيهما في جسده ثم عادا قريرا العين وقد انتصروا للرسول- صلى الله عليه وسلم-، وهذا لم يأتِ من فراغ لكنه أتي من خلال زرع محبة النبي- صلى الله عليه وسلم- في قلوب الأطفال فشبوا عليها واختلطت محبته بقلوبهم ودمائهم.
يقول الشيخ أكرم كساب- باحث شرعي-: إن هذه الصور البذيئة، جاءت بردود أفعال غاضبة أسفرت عن إيمان مخدر لدى الشعوب، وحب دفين لدى الأفراد، يحتاج فقط إلى من يوقظ هذا الإيمان المخدر، ويُفعل هذا الحب الدفين.
ويطالب الأمة الإسلامية بأن تقف يدًا واحدةً أمام التيار الذي يريد أن يسيء إلى الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وإلى المسلمين أجمعين فكل فرد له دور يمتد ليطول الحكومات مع الشعوب.
ويلخص أكرم كساب دور الأفراد في التعرف الحقيقي على سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- والعمل على أن يكون الفرد نموذجًا يُجسد الإسلام مع التعريف بسيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وسنته والدعوة إليها والمشاركة الفعالة فيما يدور حوله من ندوات ومحاضرات ومسيرات تؤكد هذه المعاني مع التجاوب الفعال مع المقاطعة التي دُعي إليها تجاه الدول المسيئة.
ويضيف: أما المؤسسات والتجمعات فيتلخص دورها في استغلال هذا الحدث استغلالاً جيدًا والاستفادة منه من خلال إقامة الندوات والمحاضرات التي تشرح عظمة الرسول مع إقامة المسابقات التي تربط الأفراد بالرسول- صلى الله عليه وسلم- والإنفاق عليها بسخاء إضافةً إلى تبني النابغين النابهين في مجال السنة عمومًا والسيرة النبوية خصوصًا ونشر المقالات والنشرات والمجلات التي تعرف بالرسول- صلى الله عليه وسلم- ومكارم أخلاقه مع ترجمة العديد من المقالات والنشرات والمجلات التي تُعرف بالرسول وتفعيل الجانب الفني في هذا المجال ولكن بالضوابط الشرعية، ومن ذالك: أعمال كرتونية للأطفال تشرح بعض مواقف العظمة في شخصية الرسول.
ويضيف: أما على مستوى العلماء فضروري إبراز شخصية الرسول- صلى الله عليه وسلم- وبيان محاسنها التي لا تعد، وإظهار محاسن الدين الإسلامي الذي دعا إليه النبي- صلى الله عليه وسلم- والرد على الشبهات والأباطيل التي تُثار بين الفينة والأخرى حول الرسول- صلى الله عليه وسلم- مع استخدام لغة العصر وما جد فيه من تكنولوجيا حديثة في نشر الخطاب الإسلامي مع توحيد الجهود حتى لا نكرر العمل، وكأننا نحرث في البحر.
ويطالب بدور أكبر للحكومات من خلال التفاعل مع الشعوب حتى لا تداس (الحكومات) بالأقدام، أو تركل بالأرجل، وطالب بسحب السفراء من الدول المسيئة ومخاطبة هؤلاء السفراء وإخبارهم بجرم ما فعلوا مع العمل على استصدار قوانين تجرم الإساءة إلى الإسلام خصوصًا وكل الأديان عمومًا.
==========================
الدعوة للفصل بين الكنيسة والدولة أكذوبة تفندها الوقائع
إبراهيم عباس(10/106)
يرى العديد من المراقبين أن تصريحات بعض الساسة الأوروبيين التي وصلت إلى حد دعوة أحد الوزراء في الحكومة الإيطالية إلى استخدام القوة العسكرية ضد المسلمين بسبب ردود الفعل الإسلامية الغاضبة على إثر نشر صحيفة دنماركية لصور مسيئة للإسلام بأنها لا تخرج فقط عن الإطار الدبلوماسي المفترض لها وحسب ، وإنما تتناقض مع مطالب الغرب للمسلمين بتوخي خطاب الاعتدال والوسطية والتسامح في الوقت الذي لا يتقيدون فيه بقواعد هذا الخطاب . وكان يعتقد أن توجه أوروبا في العصر الحديث نحو الديمقراطية واعتناقها لمبادئ المساواة والحرية وحقوق الإنسان ستحد من النزعة العنصرية التي شكلت السمة البارزة في هذا الخطاب بدءًا من العصور الوسطى من خلال الحروب الصليبية وبعد ذلك على يد المستشرقين الحاقدين على الإسلام والمسلمين أمثال مرجليوث وجولدتسهر ويوسف شاخت وماسينيون وجب وصولاً بتلك القائمة الطويلة إلى برنارد لويس الذي يعتبر أحد المنظرين الرئيسيين للمحافظين الجدد والذي يقف جنبًا إلى جنب مع كارل روف في تخطيط سياساتهم التي لا تخفي عداءها للإسلام والمسلمين .
وما يدعو إلى التعجب أن بعض ساسة أوروبا الذين يبدون دهشتهم من ردود الفعل الإسلامية الغاضبة على الرسومات الكرتونية المسيئة لنبي هذه الأمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام والتي تبارت عشرات الصحف الأوروبية في إعادة نشرها إمعانا في استفزاز المسلمين أن الغرب نفسه الذي يتبجح بحرية التعبير يحذو الحذو نفسه عندما يتعلق الأمر بالدين أو الإساءة للكنيسة رغم تظاهره بالتمسك بمبدأ الفصل بين الدين والدولة . ويمكن أن نضرب بعض الأمثلة على ذلك ردود الفعل الغاضبة التي أعقبت تصوير مادونا لأغنية (كمن يصلي) في الثمانينيات التي سخرت فيها من الكنيسة مثيرة ردود فعل عنيفة في أوساط الكنيسة والرأي العام المسيحي في أوروبا وأمريكا على حد سواء . وأيضًا ما ذكره كمبرلي بلاكر في كتابه ''أصول التطرف - اليمين المسيحي المتطرف في أمريكا'' حول سطوة اليمين المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة على الإعلام ضاربًا مثالاً لذلك ''الرابطة الكاثوليكية للحقوق الدينية والمدنية'' التي يصنفها بأنها هيئة دينية تكرس جهودها لخدمة القانون الكنسي 1369 الذي ينص على معاقبة كل من يجدف أو يستثير الكراهية أو الازدراء ضد الدين أو الكنيسة'' . ويذكر بهذا الصدد أن صحيفة ''بالم بيتش بوست'' سبق وأن استهدفت من قبل هذه الرابطة على إثر نشرها كاريكاتير لدون رايت يتضمن رسمًا لامرأة تصلي وتتمتم بألفاظ تنتقد فيها الكنيسة. وقد بدأت الرابطة على الفور بمعركة مع الصحيفة مطالبة ليس فقط بالاعتذار ، وإنما أيضًا بفصل رايت عن عمله .
ويعتقد البعض أن الاستغراب حول ردود الفعل الإسلامية الغاضبة لا ينبغي أن تصدر عن بعض ساسة الغرب الذي يتشدق بحرية الرأي والتسامح مع الآخر وغير ذلك من المفردات التي لا يكفون فيها عن مطالبتهم المسلمين الأخذ بها ، وإنما من بعض المواقف التي تصدر عنه وتتناقض مع هذا المبدأ ، وحيث يتعرض للملاحقة القانونية والاعتقال كل من ينكر الهولوكوست أو يشكك في أرقامه التي تعتبر الرقم 6 مليون يهودي رقم مقدس لا ينبغي لأحد التجرؤ على المساس به. وأبسط الأمثلة على ذلك روجيه جارودي وفريسون .
وقد حكم بالسجن لمدة ستة أشهر على صاحب إذاعة ''راديو الإسلام'' التي تبث من السويد بسبب برنامج نقلته إذاعته حول الهولوكوست بالرغم من أن التشكيك جاء من قبل ضيوف البرنامج (الغربيين) الذين تحدثوا عن خرافة هذا الموضوع . ولعل أكثر النكات مدعاة للسخرية اتهام الأستاذ بجامعة نيويورك الحكومية د. نورمان فنكلشتاين (صاحب كتاب صناعة الهولوكوست) باللاسامية بالرغم من إنه يهودي.
استعداء أوروبا للمسلمين على هذا النحو يقلب الطاولة على أكذوبة حرية الرأي التي تزعمها ، ويؤكد على أن الكراهية والتعصب ورفض الآخر واستفزاز مشاعره لغة جديدة في قاموس الحوار العربي الأوروبي ليس من شأنها أن تؤدي إلى تعثر هذا الحوار وحسب ، وإنما أيضًا إلى انقسام جديد في أوروبا ، ليس على أساس أوروبا الجديدة وأوروبا العجوز الذي نشب على إثر الغزو الأمريكي للعراق ، وإنما على أساس أوروبا المتسامحة مع الإسلام وأوروبا المتحاملة عليه بعد موجة نشر الرسومات المسيئة للإسلام التي اجتاحتها.
===================
الدفاع عن حبيب الله
الدفاع عن سيّد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واجب على كل مسلم ومسلمة ، وما صدر من سفه من خلال الرسوم الكاريكاتورية التى أساءت للرسول محمد عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم فى الدنمارك والتى على إثرها سحبت المملكة العربية السعودية سفيرها من هناك وكذلك فعلت بعض الدول ، راجيا ان تفعل نفس الشىء بقية الدول العربية والإسلامية وهذا أضعف الإيمان ،لأن ما صدر من سفه بالإساءة الى سيدنا محمد إساءة لمشاعر اكثر من مليار مسلم يعيشون فى المعمورة من اقصاها الى اقصاها.(10/107)
وكم اثلجت صدورنا الغضبة العارمة التى تفجرت فى الشارع العربى والإسلامى وخطب صلاة الجمعة الماضية وتحرك منظمة مؤتمر العالم الإسلامى بدعوة وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية لمناقشة هذا التطاول على سيد الخلق ، كل هذا اثبت ان امة محمد بخير .
ان المكانة التى يتربع فيها شفيعنا فى قلوبنا ناهيك عن مكانته التى وصفه فيها الله عز وجل بالخلق العظيم وأنه ارسل عليه الصلاة والسلام رحمة للعالمين ، لكل هذه الأسباب وغيرها يجب الا نتهاون فى الرد على هذه الإساءة بالمقاطعة الإقتصادية على مستوى العالم العربى و الإسلامى، لأننا بهذا ندافع عن رمز الدين الإسلامى وهادى البشرية شفيعنا وحبيبنا سيد الخلق عليه الصلاة والسلام ، لأن الحديث عن الأنبياء والرسل يتطلب بل ويفرض قدرا كاملا من التأدب عند الحديث عنهم لكى لايكون هناك سبب فى بث روح الكراهية وتأجيج صراع الحضارات وعنصرية الأديان .
وهنا أود ان اذكّر بأن مكانة ودور النبى محمد عليه الصلاة والسلام لم يكتشفها المسلمون فقط ، بل اكتشفها ايضا ذوو الحجا من مفكرى الغرب من غير المسلمين مثل :
- اديب روسيا '' تولستوى '' الذى كان من اشد المعجبين بسيدنا محمد وبشخصيته ومنجزه ، لدرجة انه كان يردد دائما '' ...ان رجلا مثل النبى محمد جدير بالاحترام والتبجيل'' .
- شاعر المانيا '' جوته '' ... مجّد الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم فى شعره وقال : (تحت وطأة قدميه تنبت فى الوادى زهور ، وتحيا من انفاسه زهور).
- مايكل هارت الأمريكى الجنسية اعتبر النبى محمد صلى الله عليه وسلم الشخصية الأكثر تأثيرا فى تاريخ البشرية .
- برنارد شو.. وقف مشدوها امام شخصية الرسول ليقول :
- '' لو حكم هذا العالم رجل كمحمد لقدم له الحلول لمشكلاته، بل لفتح كل مستغلق فى وقت وجيز ''
لابد ان نتحرك وبسرعة لأن هذا أمر يجب الا نتهاون فيه وكفانا تهاوناً وهواناً اوصلنا الى مانحن فيه .
ان الشجب والاستنكار الذى جبلنا عليه ليس وقته الآن لأن التطاول الذى حدث من الصحيفة الدنماركية وغيرها من الصحف على نبينا الكريم بدون اى سبب وبدون اى مقدمات اسفر عن وجه ونوايا قبيحة لا تنسجم مع ظننا أنهم أمة متحضرة بل جعلتنا نتيقن انهم بفعلتهم النكراء وخصوصا ان ملكتهم ورئيس وزرائهم اعتبروا ان ماحدث يندرج تحت حرية التعبير الشخصية ،كل هذا اكد لنا انهم تراجعوا الى الوراء آلاف السنين ايام كانت الحروب الداخلية والفساد ينهش بحضارتهم الحديثة ، ثم اى حرية شخصية وأى ديموقراطية التى تسعى لحظر بعض القنوات الإسلامية والعربية بالدنمارك وذلك لمعاداتها للسامية كما يدّعون ! ثم هل يجرأون فى ظل ديموقراطيتهم وحريتهم الشخصية نشر اى شيىء له علاقة بالمحرقة النازية الـ .. '' holocaust" ؟
ولنتذكر معاً مصير من تطاول وأستهزأ برسول الله وما أصابهم من خزى ونكال وذلة ومهانة وعقوبة ، اين صناديد قريش عندما اشعلوا نار الفتنة ؟ إنهم فى مزبلة التاريخ وفى الدرك الأسفل من النار ، يقول الله فى محكم تنزيله : (تبت يدا ابى لهب وتب * ماأغنى عنه ماله وماكسب * سيصلى نارا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * فى جيدها حبل من مسد).
ان من أعتقدوا انهم سخروا بسيد البشر واستهزأوا بالدين العظيم ظانين انهم يرسون دعائم الديموقراطية ،فإن الله قادر على بتر السنتهم وقادر على خزيهم فى الدنيا والآخرة .
المطلوب الان من حكومات العالم وهيئاته ومؤسساته وعلمائه ان ينتصروا لسيد الخلق و لردع المفترى وكفه عن ضلاله وبغيه وان يطالبوا بحق المسلمين حتى لاتتكرر هذه المسالك القذرة .
قبل الختام :
لابد ان اشيد بالتفاعل الذى كان منتظرا من معظم شركات الدول العربية والإسلامية لمقاطعتها الفورية لكافة المنتجات الدنماركية ، ولعلّ القادم اكثر .
فداك نفسى وأبنائى وأمى وأبى يا حبيب الله وصلى الله عليك صلاة يقبل بها دعائى ويحقق بها رجائى بنصر مؤزر لأمتك من الله سبحانه وتعالى انه سميع مجيب .
سامى عباس خميّس - جدة
sami@khumaiyes.com
الدنمارك والهجوم على الرسول
العربية نت:
الجمعة 23 ديسمبر 2005م، 22 ذو القعدة 1426 هـ
======================
الدنمارك والهجوم على الرسول
محمد الباهلي(10/108)
كثيرة هي الدراسات والكتابات والأصوات التي تحدثت طويلاً عن العداء الغربي للإسلام والمسلمين، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكثيرة هي الندوات واللقاءات والمؤتمرات والحوارات التي عقدت طوال السنوات الماضية لمعالجة إشكالية هذا العداء بين الغرب والإسلام وإشكالية الربط بينه وبين الإرهاب، حتى أصبح ''حوار الحضارات'' مادة أساسية في كل لقاء بين العرب والمسلمين والغرب• ورغم كل هذه الجهود، فإن نزعة الكراهية في جسد الجسم السياسي الغربي لم تتوقف، حيث إن هناك نوعاً من الإصرار في الغرب، وبالأخص في أوروبا وأميركا، على تصعيد حالة الكراهية والعداء للإسلام والمسلمين والعرب بكل الوسائل، وتحويل هذا الموضوع إلى حالة من المرض والقلق والخوف والهستيريا في المخ الغربي ضد الإسلام والمسلمين والعرب• وكلما حاول العرب والمسلمون معالجة هذه الإشكالية بصورة حضارية عالية المستوى، وذلك من خلال التعاون البناء ودعم الحوار بين الطرفين بهدف توضيح الصورة وإزالة الشكوك، يصر المخ الغربي والآلة الإعلامية الغربية والنخب الفكرية هناك، على الاستمرار في إشعال الفتنة بين الطرفين بصورة بغيضة والإصرار على تحويل موضوع الكراهية والحقد ضد الإسلام إلى ''صناعة مسمومة''، صناعة كريهة تدر عليهم مليارات الدولارات، وذلك من خلال المنتجات الإعلامية التي يتم تعليبها في صورة ''أفلام ومسلسلات وبرامج إذاعية ورسوم كاريكاتيرية ولوحات فنية'' ومنتجات ثقافية في صورة ''مقالات وكتب ودراسات وقصص وروايات ونصوص مدرسية ومناهج تعليمية وكتابات ساقطة''، كلها تعمل على تشويه صورة العرب والمسلمين في عيون الرأي العام الغربي، وكلها تعمل على تعمية بصيرة الغرب وتجهيله عن الإطلاع بوضوح على الإسلام وحضارة العرب والمسلمين، وكلها تصر جاهدة على استمرار تفريخ صورة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وتصر على قذف منتجاتها الإعلامية والثقافية في سوق الغرب على هيئة قنابل حارقة تنفجر بصورة هستيرية في المخ الغربي لترسخ في داخله صورة هذا العداء•
المشكلة الآن هي أن هذه ''الصناعة الكريهة'' قد تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمراء، ووصلت إلى درجة أن تسخر من عقيدة مليار وثلاثمائة مليون مسلم، حيث وصل الأمر إلى الإساءة والسخرية من القرآن الكريم ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يتعرض الرسول الكريم منذ 30 سبتمبر الماضي إلى هجوم حاد وسخرية مسيئة في الصحافة الدانماركية، حيث بدأت الأزمة كما يصورها المسلمون هناك عندما أراد مؤلف كتب أطفال دانماركي أن يضع على غلاف كتابه صورة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ورفض رسام الكاريكاتير المكلف بإعداد الغلاف رسم هذه الصورة، فقرر المؤلف إقامة مسابقة لرسم الرسول، حيث تقدم لها 12 رسام كاريكاتير أرسلوا 12 صورة مسيئة لرسولنا الكريم• ثم تواصل نشر هذه الصور المسيئة في صحيفة ''بيو لاندز بوستن'' اليمينية المتطرفة والتابعة للحزب الحاكم، وانتقل الأمر إلى شبكة الإنترنت• ورغم أن المسلمين هناك والبالغ عددهم 200 ألف مسلم حاولوا الاحتجاج على القرار وذلك عن طريق رفع مذكرة إلى الحكومة الدانماركية، إلا أن الجواب كان هو الرفض وإصرار الحكومة على دعم حملة الهجوم تحت مسمى ''حرية التعبير''•
إن المطلوب الآن هو أن نقوم بحملة واسعة لمواجهة هذا الهجوم الذي يتعرض له رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، أن نعمل بقوة على دعم إخواننا المسلمين في الدانمارك وأن نقف معهم في مواجهة هذا الهجوم، وأن تحول الدول الإسلامية ومنظمة العالم الإسلامي والجامعة العربية والأزهر الشريف ومؤسساتنا الدينية والثقافية، لغة الاستنكار إلى خطوات عملية ملموسة ضد هذا التجاوز الخطير الذي أصبح يمارس بكل وقاحة في دول الغرب، خاصة بعد أن فشلت كل المحاولات والحوارات الحضارية البناءة معهم• لابد أن تقدم دولة الدانمارك اعتذارها لمليار وثلاثمائة مليون مسلم•
* نقلا عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية
تعليقات حول الموضوع
---------------------------
الفران دستوري وسنة النبي حبيبي سيفي
ابو عمر |23/12/2005 م، 17:51 (السعودية)، 14:51 (جرينيتش)
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي نبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام وعلي اصحابه الارار الميامين اما بعد نحن في غزو من الدول الغربيه عموم وقد هاجموانا في مصطلح الارهاب وماهو الارهاب الارهاب ليس موجود في ديننا الحنيف والاسلام برياء منه وقال الرسوال صلي الله الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه وويده وبارك الله فيكم وفي موقعكم وجعلكم الله اصحاب راي جاد وحوار جاد ولانرضاء احد يسب النبي الحبيب المصطفي وسيرو الي الحق ونحن معكم والسلام خير الختام
---------------------------
نرفض الاساءه الى دين
ماجد |23/12/2005 م، 18:30 (السعودية)، 15:30 (جرينيتش)(10/109)
اى انسان متحضر يرفض الاساءه الى معتقدات الاخرين فلابد ان يحترم كل انسان الاخر المختلف ولايسى الى عقيدته التى يعتز بها ولكنى ليس مع الكاتب فى اتهامه للغرب بالبدء فى العداء الى المسلمين .فهم لايستطيعون ان يجدوا تفسيرا واضحا للعمليات الانتحاريه الموجوده فى العالم كله والغريب انه لاتوجد ادانه واضحه من شيوخ المسلمين فى احداث 11 سبتمبر ومدريد ولندن وشرم الشيخ والاردن وغيرها فعلها مسلمين وفى الاحداث التى وقعت فى الخارج صفق وهلل المسلمين لها.فانا كمصرى كنت ارى الشماته فى اعين اخوتى المسلمين فى الامريكان فى احداث 11 سبتمبر .
---------------------------
كفانا سلبيه!!!!
الأمين |23/12/2005 م، 18:42 (السعودية)، 15:42 (جرينيتش)
ان رئيس الوزراء الدنماركي اندروز فوغ اسموسن رفض لقاء عدد من بعثات الدول الإسلامية الديبلوماسية في كوبنهاغن لسماع وجهة نظرها إزاء الرسومات، واقتصر رده على هذه البعثات بأن الدنمارك دولة ديمقراطية تحترم مبدأ الحرية و الرسومات تدخل ضمن هذا النطاق وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء.....وأقول لهذا المنافق وغيره ماذا يحصل لو حاول احدهم كتابه مقال معاد للساميه او مقال يشجع فيه العمليات الاستشهاديه في اسرائيل !!؟؟ وأقول لكم بحسره يا ليت الإساءة للرسول تقتصر على هذه الرسومات فقط ولكنها امتدت لتشمل إساءات اشد ...مثل ما نشرته صحيفة هيوستن برس الأمريكية الأسبوعية في ولاية تكساس إعلان عن دار عرض أمريكية تعرض فيلما إباحيا بعنوان`الحياة الجنسية للنبي محمد`.!!!ورغم الاحتجاجات التي تلقتها دار السينما من مسلمي ولاية تكساس إلا أنها رفضت إيقاف عرض الفيلم واستعانت بالشرطة لصد المتظاهرين....يجب التخلي عن المواقف السلبية المتمثلة في السكوت والتخاذل فكلما سكتنا كلما زادت الإساءة و هذه الإساءة ليست لأشخاصنا فقط و لكن لديننا ونبينا الحبيب الذي وصفه ربه فقال(وانك لعلى خٌلق عظيم)....
---------------------------
حزين لحال الاسلام
اسلام |23/12/2005 م، 19:9 (السعودية)، 16:9 (جرينيتش)
والله ان جل ما اريد معرفته مدى التأثير الذي سيحدثه قيام ذلك الكاتب بعمل قصه عن اساطير وخرافات المحارق اليهوديه فى دوله شقيقه لدولتهم بل ملاصقه لها او عن المجازر اليهوديه لاخواننا الفلسطنيين او عن الكثير من موازينهم المقلوبه وهل كان التصريح الحكومى لتلك الدوله بنفس العبارات ؟؟؟ لاو الله لانهم يعرفون مدى قسوة الرد اليهودى الصهيونى فى الدفاع عن اكاذيبهم اما نحن فنتكاسل حتى فى الدفاع عن حقوقنا وديننا وشرائعنا , اين منظمات الدول الاسلاميه الحكوميه والشعبيه ؟؟؟؟ ان ما يخفف من وطأة الخبر فى نفسى هو قيام هؤلاء المتشدقين بحب المسيح والتسامح الانسانى هم انفسهم من رسموا السيدة مريم عليها رضوان الله فى صورة العاهرات وصوروا السيد المسيح فى صورة القواد وغير ذلك , ان مثل هؤلاء مثل زبد البحر فأن من لا يحترم مبادئه ومعتقداته هانت عليه معتقدات الاخرين
---------------------------
هيا يا عرب
المنقذ |23/12/2005 م، 19:13 (السعودية)، 16:13 (جرينيتش)
ارجو من العربيه النشر.....بسم الله الرحمن الرحيم....ارجو من الرؤساء جمعينا الاتصال في الحكومه الدنيماركيه لتعرف تلك الدوله ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو نبينا وقره اعيننا وان من يتحدث عنه بسوء يتحدث عن الاسلام كله وعن كل مسلم غيور على اسلامه وعلى دينه . وارجو من الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفبن التوجه والاتصال شخصيا بالرئيس الدينيماركي لحل هذه المشكله الماسه بالاسلام وعدم تكرارها وخاصه ان السعوديه تعتبر من كبرى الدول العربيه الاسلاميه.
---------------------------
اساءة لمن؟
khaled |23/12/2005 م، 19:27 (السعودية)، 16:27 (جرينيتش)
لمن لقد ندسو القرأن الكريم والأن تصل مواصيلهم الى الرسول (ص)الى أين تظنون نفسكم ستصلون الى لا شيىء و مصيرهم أكد جهنم وبأس المير
---------------------------
وبالحق انزلنه وبالحق نزل
على العتر |23/12/2005 م، 20:22 (السعودية)، 17:22 (جرينيتش)
كان يجب على المسلمين اثناء انعقاد مؤتمر القمة الاسلامى الذى انعقد بمكة المكرمة ان يوجة تحذير للدنمارك وغيرها ممن يتطاولون على دين اللة ورسولة الكريم انة ما يحدث ليس حرية تعبير وانما هو (قلة ادب) والحادممن ليس لهم دين ولا ملة وانة اذا لم يرتدعوا والعودة الى الصواب واحترام الاديان فقطع العلاقات بكافة اشكالها هو الجزاء لمثل هؤلاء
---------------------------
بدون تعليق
علاء حسن |23/12/2005 م، 20:55 (السعودية)، 17:55 (جرينيتش)(10/110)
يكفينا شرف أن رسولنا عليه الصلاة والسلام كان امي علمه شديد القوى وجاء بمعجزة خالدة إلى يومنا هذا فليأت المكذبون والمضللون بكتاب مثله ويأتي بأطفال العالم جميعا ويطلب منهم ان يحفظوا الكتاب الذي ألفوه لن يستطيعوا ولا يوجد كتاب في العالم في مثل حجم القرآن الكريم بأي ديانه كانت يستطيع أن يحفظه طفل في السادسة أو رجل مسن أو امرأة أو شاب . نعم رسولنا الكريم جاء بمعجزة جعلت الحاقدين وأصحاب الشهوات الخبيئة يعيبون عليه لأنه جاء بالطهارة والنقاء وصلى الله على محمد وسلم تسليما كثيرا
---------------------------
ياحبيبي يارسول الله
مسلم |23/12/2005 م، 21:20 (السعودية)، 18:20 (جرينيتش)
أرجو من جميع المسلمين اشخاصا ومؤسسات ودول ان يوقفوا تعاملهم مع هذه الدولةالكافرة فوالله مااقوانا باتحاد كلمتنا والله أكبر
---------------------------
حسبي الله ونعم الوكيل !
أحمد |23/12/2005 م، 21:31 (السعودية)، 18:31 (جرينيتش)
إحنا الوصلنا نفسنا لكداا مهو لو وحدنا كلمه الإسلام وبطلنا نخااف ونقول رأينا بصرااحه يا ألف خساره علي الي رااح وياريت هنعرف نرجعه أحنا بقيناا مسخه لدرجه ان المسحيين الي فبلدنا لما بيهزرو مع بعض بيقولو لبعضهم بسخريه ( يا عم روح انت شايفني مسلم ) حسبي الله ونعم الوكيل في الخنازير !
---------------------------
where are you eslam
lover of eslam for ever |23/12/2005 م، 21:39 (السعودية)، 18:39 (جرينيتش)
if there is any moslem in this word then why you are waiting tell know every body hates us and we are waiting from where you are isn t you moslens dont wait or we will cry for our life in the future
---------------------------
المدينة المنورة
عادل صنفيري |23/12/2005 م، 21:41 (السعودية)، 18:41 (جرينيتش)
ارجوا مناقشة الموضوع على قناتنا المميزة العربية في اسرع وقت وشن حملة اعلامية مضادة - انا لله وانا اليه راجعون
---------------------------
اين اهل الغيره
احمدالشمري |23/12/2005 م، 22:50 (السعودية)، 19:50 (جرينيتش)
المسلم طبعه الغيره وما من غيره اشد من الغيره عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ونحن كمسلمين لانملك بعد الله الا اوامر ولاه الامور فنتقدم لولاه امو المسلمين عامه بالتدخل في هذا الموضوع باسرع وقت ونناشد خادم الحرمين الشريفين خاصه بالتدخل السرع ونقول له انت الخير والبركه وانت امامنا وولي امرنا فانصرنا بعد الله
---------------------------
ما هي الا ايام
رشيد |23/12/2005 م، 23:5 (السعودية)، 20:5 (جرينيتش)
الى كل الدنماركيين حكومة وشعبا ام ان ترجعوا عن هذه المهزلة والا فالمنتقم ينتقم لدينه ولستم وحدكم في هذه المهزلة بل كل حاكم مسلم يمنعنا وان غدا لناظره لقريب
---------------------------
الأسباب ... والنتائج
أحمد عبدالرحمن |23/12/2005 م، 23:13 (السعودية)، 20:13 (جرينيتش)
بدلاً من الوعيد والتهديد والسب والندب والتباكى على تطاول الآخرين على مقدساتكم .. هل تسائل أحد منكم عن الأسباب ؟؟؟
---------------------------
يا حبيبي يا رسول الله
نزهة |23/12/2005 م، 23:39 (السعودية)، 20:39 (جرينيتش)
و اخيرا وصلت بهم الوقاحه الى شخص رسول الله اين الغيرة ...اين العزة ..اين هو حب رسول الله الغريزي في نفوس المسلمين ما يسعنا الل قول لا حول ولا قوة الا بالله................
---------------------------
لماذا هذا التصرف الاحمق
رافت الظاهر |23/12/2005 م، 23:46 (السعودية)، 20:46 (جرينيتش)
كفى عصبية و تعصب ايها الغربيون اسالوا انفسكم من دمر اوروبا قبل ستون عاما في الحرب العالمية 2 فاحرى بكم ان ترسموه في كركتارتكم
---------------------------
الدنمارك والهجوم على الرسول
بو عبدالله - البحرين - مدينة حمد |25/12/2005 م، 20:53 (السعودية)، 17:53 (جرينيتش)
بي أبي و أمي يارسول الله مدام نستو القران و الصلاة و تربية الآبناء و الصلاة الفجر 00000 الله يرحمكم يا مسلمين
---------------------------
لن ننسى ما فعلت يادنمارك
ابو عواد |30/12/2005 م، 20:47 (السعودية)، 17:47 (جرينيتش)
لاحل الا المقاطعة يجب ان تنظم حملة واسعة لمقاطعة هؤلاء الشرذمة
---------------------------
أنت ربنا ومولانا يالله
ابو حصة |01/01/2006 م، 14:35 (السعودية)، 11:35 (جرينيتش)
ياعزيز ياقوي ياكبير قهار اللهم أرينا فيهم مالم تراهو العيون اللهم ياسامع الصوت ارينا فيهم عجائب قدرتك .... ها نحن ندعوك فستجب لنا كما امرتنا
---------------------------
لابد من مقاطعة بضائعهم
مسلمة |08/01/2006 م، 22:0 (السعودية)، 19:0 (جرينيتش)
لابد أن يتخذ المسلمون وقفة فالإقتصاد أكثر مايؤثر على مثل هذه الدول نقاطع البضائع الدنمركية حسبنا الله عليهم
---------------------------
لا للعصيان(10/111)
محمد عارف |11/01/2006 م، 16:30 (السعودية)، 13:30 (جرينيتش)
هؤلاء العصاة يريدون ان يشوهوا صورة الاسلام والرسول صلى الله عليه وسلم لكن ذلك بعيد عن هؤلاء الكفره وحسابهم عند الله عسير و أليم يوم القيامة والسلام عليكم
---------------------------
هذه هى سنته
spider500 |18/01/2006 م، 12:22 (السعودية)، 9:22 (جرينيتش)
الهم أغفر لهؤلاء القوم فانهم لا يعلمون أنظروا الى معلمنا و قدوتنا حين أشتد به إيذاء قومه ماذا فعل؟ دعا الله لقومه بالهدايه والمغفره و لو شاء لدعا الله فأهلكهم جميعا أن كنا لا نملك القدره على المغفره فإننا نملك القدره على الصبر هذه هى سنته صلى الله و سلم وبارك عليك يا خير خلق الله
---------------------------
لقد بلغ الحقد عندهم ما بلغ
غيور |20/01/2006 م، 13:7 (السعودية)، 10:7 (جرينيتش)
اللهم لم شمل المسلمين
---------------------------
الجانب المشرق
ناصر |20/01/2006 م، 14:15 (السعودية)، 11:15 (جرينيتش)
سبحان الله ..... الدنماركيون سوف يقراؤن عن الرسول الكريم فتكون سببا لدخوله الدين العظيم........ (( رب ضاره نافعة))
---------------------------
ابشروا بالفتح
فايز - مصر |21/01/2006 م، 11:23 (السعودية)، 8:23 (جرينيتش)
ابشروا يا أمة المليار بالفتح القريب بعد سب الحبيب هذه سنة الله فى أعداء حبيبة بعد ان يقعوا فى عرضة الشريف يأتى النصر عليهم مع ملء قلوبنا غيظا مما قالوا وكتبوا وصدق الحبيب لما قال عن رب العزة ((من عاد لى وليا فقد آذنته بالحرب)) والله ولى المؤمنين و محمد صلى الله عليه وسلم أول المؤمنين
---------------------------
لاسكوت على مثل هذا
راشدالدوسري |21/01/2006 م، 13:26 (السعودية)، 10:26 (جرينيتش)
بسمالله الرحمن الرحيم كل مافعل هؤلاءالمجرمون تجاه رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم لايسكت عنه بل من كان لديه رد تجاههم فعليه بالمبادره والقيام بما يقدر عليه واسال الله ان يجزل لكل من شارك بما يقدر عليه تجاههم الاجر العظيم
---------------------------
النصر قادم
مسلمة |22/01/2006 م، 2:36 (السعودية)، 23:36 (جرينيتش)
إن الغد لناظره قريب
---------------------------
مؤسف
ناصر |22/01/2006 م، 7:34 (السعودية)، 4:34 (جرينيتش)
تأجيج للارهاب وآمل من الله ان يطولهم بمشئة عموما لن يضر حبيبنا صلى الله عليه وسلم ماكتبه ورسمه الكلاب
---------------------------
المسلم العاقل
مسلم غيور |22/01/2006 م، 8:36 (السعودية)، 5:36 (جرينيتش)
لقد ادى الني صلى الله علية وسلم رسالتة فقد احسن تربيتنا وعلمنا العلم الفاضل فنحن كمسلمون يجب علينا ان ننظر الى هديه وان نأخذ عنة اسلوب التعامل فلم يكن الرسول صلوات الله علية يرد على الاساءة بالاساءة بل كان لطيف التعامل حسن الخلق فلو نظرنا الى كيف كان يتعامل مع جارة اليهودي الذي كان يرمي القذرات امام منزلة فلما توقف هذا اليهودي فلم يأنبة بل زارة عندما توقف عن رميها فاكتشف ان سبب توقفة هو مرضة فما كان من اليهودي الا ان يدخل في دين الاسلام لما وجدة من كرم وحسن تعالم الرسول صلى الله علية وسلم بي ابي هو وامي وهذة والذي كان خلقة القرآن. فحري بنا ايها المسلمون ان نصدق في تعاملنا وان نتأدب بأداب الاسلام فو والله وان نتبع كتاب الله وسنة رسولة فهذة كفيلة برفع راية الاسلام والمسلمين، فالاسلام دين عمل وليسى دين ردود افعال فاين نحن مما يمارسة البعض منا من قلة صلاة واكل محرم وطرب ولهو وفسوق وما نشاهدة على قنوات ... `الاسلامية` فو الله يجب علينا ان نخجل اولا مما نعمل ونشاهد ولو اصلحنا مما بنا لكنا امة مسلمة حقة. نسأل الله لنا وللجميع حسن العمل والتقوى وان يرد كيد الكأدين في نحورهم انة ولي ذلك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
---------------------------
لا حول ولا قوة الا بالله
لا حول ولا قوة الا بالله |22/01/2006 م، 10:10 (السعودية)، 7:10 (جرينيتش)
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
---------------------------
اليهود هم اليهود ....
أختكم ورد |22/01/2006 م، 10:13 (السعودية)، 7:13 (جرينيتش)(10/112)
لانستعين بالمحاكم الدولية ولا غيرها لأني مؤمنة أنه كما يقال ( حاميها حراميها ) إنما أوجه حديثي للمسلمين أنفسهم للحكام الذين يرسمون تلك الابتسامات العريضة والرضى كل الرضى عن أحفاد القردة والخنازير وأوقن أنه لاحياة لمن تنادي!! لذا أبث نفثي وحديثي للشباب المقلد والمحب للغرب العاشق الراضي ،،الشباب الذي سلم نفسه لخزعبلات الموضة تراه يسير وأنت تظن ان الذي أمامك شِبه امرأة ولو هفته نسمة وقع على أرض التميع ظاناً نفسه أنه قد اعتلى علو الجبال ولاأحدمثله سوى أمثاله .... تراه يسير وهو يلبس بنطالاً يكاد أن يصل لركبتيه ومن نظر إليه من ذوي البصيرة يشعر بتقزز المنظر وغثيان الصورة .. لمَ ؟؟ يقول لك هذه الموضه !! أي موضة ودينك مستهان به .؟ أي موضة ورسولك يُسب ؟ تخيل نفسك وأنت تسير متميعاً مطبقاً برتوكلاتهم ومخططاتهم وكأنك تقول اعملوا ماشئتم فأنا عنكم راضٍ .. القضية ليست في هؤلاء الأنجاس !!! إنما فينا نحن .. فرسول الله صلى الله عليه وسلم أوذي وهو في حياته .. أوذي وهو يصلي وهو ساجد ويرمى على ظهره الطاهر القاذورات فهل ينجو من هذا الأذى وهو ميت (فداه أبي وأمي ) له رب يحميه وله الفئة المؤمنة التي تدافع عنه (من آذى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) فموعدهم قريب .. ولكن القضية فينا نحن كما أسلف قلمي وهو ماموقفنا ؟ لذا وبعد هذا كله لابد من وقفة صادقة مع أنفسنا .. أولا : ومن أجل الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لابد أن نُري الله من أنفسنا خيراً وهو أقل شئ نقدمه لديننا أن نقاطع منتاجاتهم وبشدة وندعو لمقاطعتهم . ثانياً : نشر المقالات الممثاله لهذه في كل مكان خاصة المنتديات لتبصير الأمة خاصة الشباب فمهما وصل شبابنا من متابعة لنعيقهم لابد من وجود البذرة الطيبة في قلوبهم .. ثالثاً : المشاركة في الرد لمثل هذه المواقف ومقاومتها ومواجهتها والثقة والثبات في تحقيق الأهداف التي تعبر عن كره أهل الكفر ومحاربتهم رابعا: وقفة صادقة مع أنفسنا وأن الدين ينادينا وينادي صدق فطرتنا ولنسأل أنفسنا دائماً ( ماذا قدمتُ لهذا الدين ) سترى الجواب مخجلاً أمام نفسك أخيراً ومضة ساخنة لي أنا ولكل من أحب من المسلمين ( وإن تتولوا يستبدل الله قوماً غيركم ثم لايكونوا أمثالكم ) تحياتي ورد
---------------------------
هذا ما جنت عليه يداكم
أمجد زياد العباسي |22/01/2006 م، 10:21 (السعودية)، 7:21 (جرينيتش)
دائما نعود لنقول ان المشكلة ليست فيمن تطاول على نبي العالمين عليه الصلاة والسلام ولكن المشكلة في من يدعون انهم ينتمون الى دين هذا النبي مسلسل الاحقاد متواصل ولن ينفك يوماً .... ما نريد بحثه هنا .. هو ما ذا علينا ان نفعل لنسكت هذه الاصوات ( العلنية على الاقل ) على المدى البعيد ؟ ولربما أقل ما يقال هو المحاولة قدر المستطاع مقاطعة بضائع هذه الدول .. الكثير منا سيقول ان شراءه ببضعة دراهم او ريالات او جنيهات من منتجات هذه الدولة لن يؤثر في الامر طالما انه يظن انه هو وحده فقط من يقاطع .. بينما هناك الآلاف ولربما الملايين ممن يشاركونه المقاطعه .. فعلينا ان لا ننتظر مقاطعة الآخرين لنبدأ نحن بالمقاطعه ... وريال مع ريال وجنيه مع جنيه ودولار مع دولار بامكانهم عمل الكثير لصد هذه الهجمات ... إبدأ بنفسك ولا تنتظر الآخرين .
---------------------------
يال العجب العجاب!!!!!!!!!
احمد صلاح حيدر |22/01/2006 م، 10:22 (السعودية)، 7:22 (جرينيتش)
ماذا ساكتب؟ وماذا افعل؟ فكرت كثيرا ولكن ما الحل؟ انعيب زماننا؟ نعيب زمانن والعيب فينا وما لزمانن عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير حق ولو نطق الزمان لنا هجانا الم وحسرة في قلبي الى هذا الحد من الضعف الذي وصل المسلمون اليه فرسول الله يصبح مهانا ولا نتحرك يال هذا العار ان اي انتقاص من شخصية الرسول هي انتقاص للاسلام فمعجزته صلى الله عليه وسلم هي كتاب المسلمين وسيرته هي تاريخ للمسلمين واخلاقه هي الانموذج الذي يقتدي به المسلمون فالمسلمون لم يرتضو ان يشتم احد الرسول وكانو في اشد فترات الضعف وقلة العدد فها هو حمزة يضرب احد سادات قريش بقوس السهام ويقول له اتسب محمدا وانا على دينه؟ فما بالنا اليوم فنحن في العدد كثيرون وفي العدة مجهزون فنحن منبع نفط العالم وارضنا سلة لغذاء العالم وبعد كل هذا نسب في ديننا؟ فيال العجب العجاب
---------------------------
سؤال فقط
نسائم الجنان |22/01/2006 م، 23:44 (السعودية)، 20:44 (جرينيتش)(10/113)
لكل ابي محب ماذا تفعل لو ان شخص سب امك او شتم اباك او انتقص من عرقك اوقبيلتك ؟؟؟؟؟ ثم اقول كيف ومن سب وشتم اغلا من الاب والام بل والنفس كيف ومن سب هو حبيبنا وهادينا من االعيون مقره وسويداء القلب محله من شج راسه الشريف وكسرت رباعيته وقتل اصحابه وشرد اتباعه ورميت زوجته الطاهره كل هذا وهو صابر محتسب يعلم ان اصحابه واحبائه نحن سوف ننتصر له ((((((((سيد وحبيبي اشهد الله اني اتبراء اليك مما فعل هؤلا واشهدك يارب ان روحي فداء وعرضي لعرضه فداء ومالي وولدي له فداء فجعلها لي وجاء يوم القيامه مما قصرت فيه فاني لا استطيع يارب غيره)))))))))) والى الشرذمه الصليبيهاقول ما قال حسان: هجوت محمد ولست له بندا فشركم لخيركم الفداء اللهم عليك بهم فانهم لايعجزونك عليك بهم فانهم لايعجزونك عليك بهم يا رب فانهم لا يعجزونك
=========================
فسيكفيكهم الله
مساعد علي آل الطوير الشهري |22/01/2006 م، 23:49 (السعودية)، 20:49 (جرينيتش)
ماذا تنتظرون من اعداء الدين ولكن ابشركم ان الله مهلكهم وقد قال الله تعالى (( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون)) تفسير الطبري ج17:ص29 فلقد استهزئ برسل من رسلنا الذين أرسلناهم من قبلك إلى أممهم فوجب ونزل بالذين استهزءوا بهم وسخروا منهم من أممهم ما كانوا به يستهزءون يقول جل ثناؤه حل بهم الذي كانوا به يستهزءون من البلاء والعذاب الذي كانت رسلهم تخوفهم نزوله بهم يستهزءون يقول جل ثناؤه فلن يعدو هؤلاء المستهزءون بك من هؤلاء الكفرة أن يكونوا كأسلافهم من الأمم المكذبة رسلها فينزل بهم من عذاب الله وسخطه باستهزائهم بك نظير الذي نزل بهم. وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ((إنا كفيناك المستهزئين ))تفسير السعدي ج1/ص435 إنا كفيناك المستهزئين بك وبما جئت به وهذا وعد من الله لرسوله أن لا يضره المستهزئون وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة وقد فعل تعالى فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتله ثم ذكر وصفهم وأنهم كما يؤذونك يا رسول الله فإنهم أيضا يؤذون الله الذين يجعلون مع الله إلها آخر وهو ربهم وخالقهم ومنه برهم فسوف يعلمون غب أفعالهم إذا وردوا القيامة ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون لك من التكذيب والاستهزاء فنحن قادرون على استئصالهم بالعذاب والتعجيل لهم بما يستحقونه ولكن الله يمهلهم ولا يهملهم .
-------------------
المقاطعه
دكتور على التركى |22/01/2006 م، 23:55 (السعودية)، 20:55 (جرينيتش)
على كل مسلم ان يستنصر لحبيبة محمد رسول الله فقاطعوا كل منتجات الدنمارك وهية الاتى زبدة لوبارك وحليب نيدو وجبن انكور واى جبن دنماركى قاطعوهم ولاتكونوا كالخراف لو ان دنماركى تجرا ورسم بوذا لقام السيخ وحرقوا كل ماهوة دنماركى وهم يعلمون ذلك جيدا
---------------------------
http://www.gooh.net/oiii-1/111.htm
http://www.gooh.net/oiii-1/111.htm |23/01/2006 م، 0:46 (السعودية)، 21:46 (جرينيتش)
انصرو حبيبكم عبر هذا الرابط
---------------------------
محمد رسول الله
مواطن |23/01/2006 م، 1:39 (السعودية)، 22:39 (جرينيتش)
ايها المسلمون اني ادعوكم الى الجهاد في سبيل الله ومحمد عليه الصلاة والسلام وان كان محمد لايستدعي منك التحرك فلا تنسوا ان محمد علية الصلاة والسلام قدم كل رخيص وغال في سبيل الله اولا وسبيل الأسلام ثانيا وفي سبيل المسلمين ثالثا ورسول الله ينظر لما ما ستفعلون انصروا الله ورسوله اللهم اني بلغت اللهم اني بلغت اللهم اني بلغت والسلام على رسول الله وهو رسول الله رغم انوف الكفار المعتدين.
---------------------------
بيكفي سكوت بيكفي
`mahmod |23/01/2006 م، 1:50 (السعودية)، 22:50 (جرينيتش)
لوا ان العرب متحدين بالشرع والدين المتين وسنة الرسول الامين لما حدث واتا رعااع الغرب ليقولوا كلمة بل واقول حسبي الله ونعم الوكيل عليكم يا حكام العرب على سكوتكم وعلى واحترامكم للغرب الزائف والزائل بعون الله ومذا نقول يا اخوتي بالله اذا رائينى مئات الجرائم الشارونية والاسرائيلة والامريكيه في غونتاناموا وسجون اسرائيل ايضا من اهانة المصحف الشريف وماذا رئينا من حاكم عربي واحد ان كان صوتنا هنا سيبقا هنا فل نسكت جميعا والا فالنقوم قومة رجل واحد ولنكبر ولنرفع اسم الله ورسوليه الكريم اما بعد كل الاحترام والتقدير للغيورين على دينهم واقول اشعلوا من هم قريبين منكم بالدين وما يحدث فنا متاكد هناك اناس لا يعلمون شيئا بالموضوع وكتير من المواضيع اعملوا على بناء اسلام حنيف بالقلوب يقوم بعدها على ارض باذن الله
==========================
إنا كفيناك المستهزئين
أبو عاصم الأزدي |23/01/2006 م، 1:59 (السعودية)، 22:59 (جرينيتش)(10/114)
يقول أحد علمائنا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ` إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه ، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد ، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول ، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك،ثم يفتح المكان عنوة ، ويكون فيهم ملحمة عظيمة ، قالوا : حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه ، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه ` وقال الإمام العالم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ` ومن سُنة الله أن من لم يُمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإنَّ الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ، كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكتاب المفترى ، وكما قال الله سبحانه : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي: إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته. جوتة الأديب الألماني : ` `إننا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد`. تلك بعض أقوال مشاهير العالم ، في محمد نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام ، فلماذا المزايدات التي تضر ولا تنفع ، وتهدم ولا تبني .
---------------------------
مسابقة رسم
فتاة مسلمة |23/01/2006 م، 18:23 (السعودية)، 15:23 (جرينيتش)
نعلن لمن يرغب دخول مسابقة لرسم ملكة الدنمارك الرسم الذي يليق بها ..................... رداً على مسابقة رسم رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم
---------------------------
ويمكرون والله خير الماكرين
مصطفى |23/01/2006 م، 21:7 (السعودية)، 18:7 (جرينيتش)
والله لعذابهما أت لا محال انشاء الله أشد العذاب يا رب .
---------------------------
حسبي الله ونعم الوكيل
ام الشهداء |23/01/2006 م، 21:33 (السعودية)، 18:33 (جرينيتش)
بسم الله الرحمن الرحيم حسبي الله ونعم الوكيل في كل من شارك في هذه الاساءة واقول رب خذهم اخذ عزيز مقتدر وقول كما سمعت على الجزيرة يا حكام العرب والعالم لو ان احدا اساء الى حضراتكم فماذا سيكون الرد ولكن الله ينصر الاسلام والمسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم
---------------------------
نحن لانقبا ذالك على حبيبنا رسول الله
محب الرسول صلى الله عليه وسلم |24/01/2006 م، 13:50 (السعودية)، 10:50 (جرينيتش)
اللهم من سخر برسولك صلى الله عليه وسلم واعتدى على حرمته فأعم بصره وشل يده واجعله عبرة للمعتبرين . أبشروا بالنصر والتأيد ياأهل الأسلام فإن الله سيدافع عن نبيه صلى الله عليه وسلموسيعلي راية هذا الدين ولو كره المشركون. قال تعالى : (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) وقال تعالى :(إن الله يدافع عن الذين آمنوا....) وأخيرا أقول اللهم أجب دعاأنا وأقر عيوننا بنصرت دينك العالمين
---------------------------
إلى كل من طلب شفاعة الرسول الكريم
مسلم محب للرسول الكريم |24/01/2006 م، 13:53 (السعودية)، 10:53 (جرينيتش)(10/115)
يا أمة الإسلام، يا أمة القرآن، يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إلى متى الهوان والذل، هل بعد هذا شيء، يحاربون الإسلام، ويدنسون القرآن، ويسبون رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، هل بعد ذلك شيء، استحلفكم بالله، لو أحداً سب أختك هل تسكت؟ أجبني هل تسكت؟ لماذا لا ترد؟ ان الجواب واضح؟ إذا كنت لا تسكت، فلماذا تسكت على سب أشرف الخلق والمرسلين؟ هل أختك أعز عليك من الرسول؟؟ هل ترجو شفاعة الرسول وأنت تسكت على سبه، ماذا ستقول له يوم تلقاه عند الحوض؟ عندما يسألك هل سكتّ على سبي، ماذا ستقول له؟ الصحابة الكرام كانوا يفدونه بدمائهم وأنفسهم ومالهم وأهلهم، ونحن نبخل عليه بأن نثأر لسبه، لو أنه موجود أمامك وسبه أحد هل ستسكت، طبعاً لا، فلماذا وهو غائب في جنات النعيم نسكت على سبه، هل الثأر له من أجل وجوده وحضوره، أم من أجل محبته ورجاء شفاعته يوم الشفاعة، خاب من كانت أمه وأخته وأبوه وعرضه أعز عليه من الرسول الكريم. يا أمة الإسلام، اطلبوا الشفاعة ممن يحبكم، أحبوه وأثبتوا له محبتكم له بالذود عنه والدفاع عن عرضه، أرى النصارى وغير المسلمين غيورين على سبه، فلماذا لا نكون أغير عليه منهم. ابذلوا كل ما في وسعكم لتنالوا الشفاعة والفوز، لا تستهينوا بالأمر، فالصحابة كانوا يفدونه بكل ما اوتوا من جهد طلباً للجنة، أليست هذه طريق للجنة؟ لو أن أبا بكر أو عمر كانوا الآن، ماذا كانوا سيفعلون؟ والذي نفسي بيده لكانوا أعدوا جيوشاً للدفاع عن سيد الخلق، قاطعوا كل المنتجات الدنماركية، لا تستهينوا بالأمر، فهذا أضعف الإيمان، وكل يحاسب على قدر نيته وعمله. اللهم شلّ يد من رسم صورة الرسول الكريم، واجعله عبرة لكل الخلق. اللهم لا تمته حتى يكون تنفسه عذاباً له وطعامه عذاباً له وشرابه عذاباً له، وانتقم لرسولك الكريم، فإنك على كل شيء قدير.
---------------------------
بأبي أنت وأمي يا رسول الله
محمد الزهراني |24/01/2006 م، 14:16 (السعودية)، 11:16 (جرينيتش)
إن الرسول لنور يستضاء به 888888مهند من سيوف الله مسلول بأبي أنت وأمي يا رسول الله اللهم اهلك من سب نبك محمد صلى الله عليه وسلم وأرنا فيه عجائب قدرك عاجلا غير ىجل يارب العالمين.
---------------------------
العزة للاسلام
ياسين |24/01/2006 م، 15:13 (السعودية)، 12:13 (جرينيتش)
السلام على من اتبع الهدى و الهداية لمن أرادها
---------------------------
لعنة الله عليهم
من مكة |24/01/2006 م، 15:33 (السعودية)، 12:33 (جرينيتش)
إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا قول من رب العالمين على مدار القرون 0 فالله كفيل بهذا ولعنة الله وسخطه وغضيه سينزل بهم إن شاء الله وكما وعد على من قبلهم من الأمم فهذا خيرته من خلقه والمقرب إليه من أنبيائه وشفيع عباده عنده 0 حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل وأفوض أمري إلى الله 0
---------------------------
" ألا لعنة الله على الكافرين "
نصرالدين من الجزائر إحدى أراضي الله |24/01/2006 م، 15:47 (السعودية)، 12:47 (جرينيتش)
قبحكم الله وشوه صوركم، رسولنا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، هدانا لطريق الحق المبين ، ووعدنا بجنة ونعيم و موعدكم أنتم كل أشكال العذاب في نار الحميم ، يا سي محمد هذا أضعف أيماننا جزاك الله خير الجزاء ، ندعو الله السداد لحكامنا وأن يرفع عنهم غشاوة الخمول وغظ الطرف عن أعداء الإسلام ... أما صورة نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام فهي أحسن صورة نرسمها في أعماقنا ، ويكفينا فخرا واعتزازا به وبما أتى به لا إله إلا الله محمد رسول الله
---------------------------
القمص زكريا
ام طلال |25/01/2006 م، 12:52 (السعودية)، 9:52 (جرينيتش)
على فكره ليس الاوربين فقط اللذين يسبون الرسول فهناك القمص زكريا في قناة الحياه كل يوم يتلذذ في سب الرسول ويطلب من كبار رجال الدين ان يواجهوه في حقيقة دينهم ولكن لال يوجد من يوقفه عند حده والله انه يقول كلام اقبح واشنع من ما يقوله الدنماركيون في عظمة الرسول الحبيب
---------------------------
ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين
مسلم والحمد لله |25/01/2006 م، 13:13 (السعودية)، 10:13 (جرينيتش)
الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أشرف الخلق والمرسلين، من تجرأ على الاستهزاء به فهو حقير، جبان وضعيف، لأنه لو كان الرسول حياً لما تجرأ على ما فعل، إذا لم يكن جباناً فليرسم صورة ملكة الدنمارك أو صورة أحد رؤساء الدول الأوروبية، لن يجرؤ على ذلك، إذاً النتيجة أنه جبان حقير. وأقول له: لو فررت من العقاب في الدنيا، فلن تفرّ من عذاب الآخرة، (ولَعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون). اللهم عليك الكافرين فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين، يا رب إنك تسمع الدعاء اللهم استجب.
---------------------------
ولسوف تعلمون
ناصر الحبيب |25/01/2006 م، 13:56 (السعودية)، 10:56 (جرينيتش)(10/116)
يا شباب حان وقت الجد لازم نردعهم ونقاطعهم فقد تعدوا على رمز المسلمين على قائد الغر المحجلين
---------------------------
نحرنا دون نحرك يارسول الله
ophelia |25/01/2006 م، 14:40 (السعودية)، 11:40 (جرينيتش)
تفيض اعيننا من الدمع عندما لانرى سوى قناة المجد هي القناة الفضائية الوحيدة التي تتصدى لهذه الحملة المنحطة والحقيرة أما بقية القنوات والسعودية خاصة مثل روتانا ،والmbcالتي يحز علينا ان لا تعرض برنامجا يذود عن نبي الامة الذي قال فية المولى (وانك لعلى خلق عظيم) أم صار همكم عرض اخر الفيديو الكليبات للفنانات العاريات اين الغيرة على الدين وهل اصبحت حرية التعبير للغرب حلال وعلينا حرام بل عليكم الى متى وانتم في سبات اين النتصرون لك يارسول ام انهم رحلوا برحيلك اين عمر وابوبكر وعثمان وعلي اما يوجد فين أمثالهم
---------------------------
لا والله يارسول الله لن نسكت
عاشقة الرسول |25/01/2006 م، 15:5 (السعودية)، 12:5 (جرينيتش)
يكفينا ذل وهوان أين غيرتنا على رسولنا ؟لقد سبوا احب الخلق إلينا نبينا وحبيبنا وقرة اعيننا بابي هو وامي ... لكن وااااااالله لن نسكت سنقاطع منتجاتهم ونهز اقتصادهم فنحن امة المليار سنرفع اكفنا في ثلث الليل الخير وندعوا عليهم ليكونوا عظه لغيرهم وعلى حكوماتنا الرشيده في كل الدول الاسلاميه ان تسحب سفيرها في الدنمارك وان تقطع العلاقات
---------------------------
نصرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم
عبدالله الغامدي |25/01/2006 م، 15:51 (السعودية)، 12:51 (جرينيتش)
قال الله تعالى(كتب الله لأغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز) لذلك نقول حسبنا الله ونعم الوكيل وانا لله وانا اليه راجعون أسأل المولى عزوجل ان يرين فيهم يوما اسودا عاجلا غير آجل وان يبتليهم بالامراض والزلازل والكوارث انه على ذلك قدير وبالاجابة جدير ياحي ياقيوم اجب دعائنا آمين يارب العالمين
---------------------------
لاحول ولا قوة الابالله
حسن الغامدي |26/01/2006 م، 11:3 (السعودية)، 8:3 (جرينيتش)
ان مثل هؤلاء القوم يوصفون بعدم العقل والجهل وعدم احترام الديانات الاخرى التى منزله من الله ولاحول ولاقوة الا بالله
---------------------------
فداك روحي يارسول الله
الغربة |26/01/2006 م، 12:4 (السعودية)، 9:4 (جرينيتش)
بأبي أنت وأمي يارسول الله..................والله نفديك بأرواحناوأولادنا
---------------------------
أمة محمد بخير
ابو الياس |26/01/2006 م، 22:17 (السعودية)، 19:17 (جرينيتش)
الذي يقرأ هذه التعلبقات يقول ما زالت امة محمد صلى الله عليه وسلم بخير بوركتم والامة بخير ما دامت الغيرة فيها فان سلبت فأقرا عليها السلام
---------------------------
مانرد على هؤولاء العجول الدنمركية
ابو احمد |26/01/2006 م، 23:8 (السعودية)، 20:8 (جرينيتش)
يجب مقاطعة مثل هؤلاء العجول حتى يعلموا ان وراء الرسول رجال يحبونه ويقدمونه على انفسهم واولادهم
---------------------------
أين صحوة الامة
سالم الدوسري |26/01/2006 م، 23:17 (السعودية)، 20:17 (جرينيتش)
لن أتكلم عن أولئك الكفرة الملحدين فليس بعد الكفر ذنب ولكني أقول للمسلمين ماذا قدمتم للاسلام هل مجرد التسمي به أم ماذا ياللعار كيف يستهزأ بنبيكم وأنتم تتفرجون وكأن اللجم قد اللجمت لكم ءأصبحتم مطايا أم أذنابا كيف يستهزأ بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ولم يتكلم أحد أقصد بهم روساء الدول العربيه والاسلامية يجب أن يكون هناك ردا صارخا رادعا وأن يحاكم من فعل ذلك سواء أشخاص أو مؤسسات أو حتى حكومات فكفى بهذا حدا لصحوة المسلمين من سبات عميق تذكروا ماذا فعل رسولكم الكريم ليبين الهدى للناس ويرسم الطريق المستقيم فكان يقابل بالاساءة ولكنه صبر على ذلك حتى أوصل الاسلام والمسلمين الى أفضل مكانة وهيبة ثم خلف بعده الخلفاء الراشدين من بعده وساروا على دربه واقتفوا أثره ثم توالت عصور المسلمين وهم في قوة وهيبة وعزة وكبرياء وعظمة ثم بعد ذلك أصبحت القوة والهيبة تتضاءل شيئا فشيئا الى أن وصلت الامة الاسلامية الى ماوصلت اليه الان من ذل وصغار حتى وصل الامر الى أن يتطاول أخوان القردة والخنازير أن يستهزؤن بنبينا الكريم فأقول لكم يا أيها المسلين أجمعوا كلمتكم وكونوا على قلب رجل واحد وقفوا أمام عدوكم وكونوا لهم بالمرصاد ..........يارب أن رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم كان لاينتقم لنفسه الا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله تعالى اللهم فانتقم له من أولئك الذين أستهزوأ به وأنتقم للمسلمين منهم فهم قد تتطاولوا على الاسلام والمسلمين وبالشرائع السمواية وبالاديان التي ليست محلا لحرية الرأي كما يزعمون قاتلهم الله أنى يؤفكون .....أرجوا أذا كان هناك خطأ في ماكتبت مراسلتي وتوجيهي على أيميليsogl_123@hotmail.com
---------------------------(10/117)
المقاطعة وسحب السفير السعودي بدأت تتفاعل في الدانمارك
مسلم من الدانمارك |26/01/2006 م، 23:50 (السعودية)، 20:50 (جرينيتش)
بدأت إعادة الحسابات والخوف من المقاطعة وعد المليارات التي تحصل عليها الدانمارك من التصدير إلى السعودية وغيرها من الدول العربية بدأت على شاشات التلفاز والمجلات فقد كان الخبر الأول في التلفاز الدانمركي اليوم عن إستدعاء السفير السعودي للتشاور وخبر دعوات علماء المسلمين للمقاطعة والخوف من الخسائر المادية والمعنوية بسبب الرسوم وقالت شركة أرلا الدنماركية أن تعاملها مع المملكة يقدر سنوياً ب 3 مليار وأن هذه خسائر وقد تمتد المقاطعة للدول المجاورة بسبب دعوات العلماء
---------------------------
أعوذ بالله من فعلتهم الشنيعة
بنت الإسلام |26/01/2006 م، 23:54 (السعودية)، 20:54 (جرينيتش)
حسبي الله ونعم الوكيل .اللهم إني أعوذ بك مما فعل أحفاد القردة والخنازير . ( فلنكن يدا بيد ضد منتجاتهم الدنماركية ) حتى نثبت لهم قوة الإسلام و أهله للدفاع عن أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
---------------------------
ليس بعد الكفر ذنب
سعيد احمد |27/01/2006 م، 0:7 (السعودية)، 21:7 (جرينيتش)
اعزائي الكرام القائمين على هذا الموقع لكم مني اجل تحية واحترام لن اتكلم عن اولئك المنكرين المتنكرين لله تعلى فهم وصفهم الله بقتلة الانبيا فهم يقتلون انبياء الله المرسلين اليهم فكيف بحبيبنا النبي الامي العربي عليه افضل الصلاة والاسلام ولاكن اريد من الامه الاسلاميه بان لا تتكتفي بمقاطعة الدنمرك بل تقتل هذا العين الذي تجراء على الحبيب وان تحرق مقر تلك الصحيفه وان الله على نصرناء لقدير اذا غيرنا ما بانفسنا واتجهنا الى الله عز وجل بالاخلاص في العباده ووحدنا صفوفنا وكنا امة واحده
---------------------------
السعودية
فتحي الولدي |27/01/2006 م، 0:12 (السعودية)، 21:12 (جرينيتش)
إن هذه الإساءة والحملة البغيضة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لهو تعبير ورساااالة واضحة للعرب والمسلمين بكره الغرب واليهود كافة لهم وينسبون الارهاب للمسلمين متناسين اكبر الارهابين (شارون) لعنه الله وامثاله بوش وبلير. فلابد من قادة العرب ان يسحبو كل سفراءهم لدى هذه الدولة المعلونة باذن الله ومقاطعة جميع صادراتها لنا من منتوجات غذائية او صناعية فلابد من الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم لانه هو الشفيع لنا يوم القيامة وهذا اختبار لنا فمن لم يدافع عن الرسول اليوم فلا يدافع عنه ويشفع له يوم القيامة.
---------------------------
لعنة الله على الاعداء
محمد العواجي |27/01/2006 م، 0:13 (السعودية)، 21:13 (جرينيتش)
حبيبي يا رسول الله بأبي وأمي انت يانور البشرية أما هولاء الحاقدين لعنهم الله وأبطل أفعالهم فيجب على كل منا كامسلمين الوقوف ضد هولاء الجبناء ومقاطعة منتجاتهم وانا من هذه اللحظة لن استخدم اي منتج لهم مدى عمري لانه ذنب ٌ لايغتفر مهما قدموا من أعتذارت كاذبه تخفي حقد قلوبهم كما يجب على الحكومة الوقوف موقف الحسم من هذا الموضوع الذي اساء لحبيبنا ورسولنا وكذلك الدعاء على هولاء الكفار الفجرة لااقام لهم راية وجعلهم لمن خلفهم آيه أمين يارب العالمين
---------------------------
الضربة القاضية لهم
عبدالله |27/01/2006 م، 0:16 (السعودية)، 21:16 (جرينيتش)
ان المقاطعة لمنتجاتهم سوف تكون بمثابة الضربة القاضية لهم ومن يتساهل في ذالك فغيرته على النبي الحبيب معدومه
---------------------------
لا تدعوها تمر مرور الكرام
محمد السواجي ، الرياض |27/01/2006 م، 0:22 (السعودية)، 21:22 (جرينيتش)
لو جعلناها تمر مرور الكرام فلا نلوم انفسنا اذا استمر الدينماركييون او غيرهم بالاستهزاء في المستقبل واتمنى ان تحذو الدول الاسلامية خطى المملكة العربية السعودية في استدعاء سفراءها من الداينمرك حتى نثبت لهم كبر حجم الموضوع وانه يتعدى حدود حرية التعبير والرأي بكثير . وفي نظري ان السخرية لم تمس سيد الخلق فقط وانما مست كل مسلم على وجهه الارض فالرسول عليه الصلاة والسلام قد قبضت روحه لكن الاسلام باقي والعمامة السوداء التي كان يعتمرها الرسول الكريم في الكاريكاتير الحقير انما ترمز للدين الاسلامي وليس لذات الرسول عليه الصلاة والسلام .
---------------------------
رؤوساء المسلمين
رؤوساء المسلمين |27/01/2006 م، 0:45 (السعودية)، 21:45 (جرينيتش)
اين ردود روؤساء المسلمين اين النخوه والغيره علي الاسلام انا من رأي ان اول اجراء يتم اتخاذه من البدايه ان تغلق كل السفارات الدنماركيه في الدول المسلمه وتقطع كل العلاقات مع هذه الدول الكافره لكي تكون عبره لغيرها وشكرا
---------------------------
لابد من ان نقاطع هذي الدولة
هل من منادي؟ |27/01/2006 م، 1:21 (السعودية)، 22:21 (جرينيتش)(10/118)
نحن مسلمون وابنااء مسلمون وسيدنا وحبيبناا هو رسول الله صلى الله علية وسلم فيجب على كل مسلم صادق يحب الرسول صلى الله علية وسلم ان يقاطع هذي الدوله الكاافرة التي قام بهاا اخس البشر واحقر الناس بان يرسم رسول الله صلى الله علية وسلم اين وقفت المسلمون الان لابد مناا جميعااا ان نقف وقفت رجل واحد وجسم واحد ضد هذي الدولة الكافرة وهي ان نقاطع جميع منتجاتهاا التي نستوردهاا من عندهم فنحن مسلمون في هذي الوقفه الجاادة واريد من احد الاخوان هنااا ان يبحث عن الاشركاات التي تستورد من هذي الدوله الكاافرة الكي نعرف هذي المنتجااات و نسال الله العظيم الكريم القادر على كل شي ان ياخذهم اخذ عزيز مقدتر امين امين
---------------------------
اه اه ياالقهر
ابو رغد |27/01/2006 م، 1:22 (السعودية)، 22:22 (جرينيتش)
لعنة الله عليهم وصلة الموصيل ان الكفار يستهزون بالرسول صلى الله عليه وسلم ونحن كمسلمون نشتري منتجاتهم ونرفع اقتصادهم والله ان المفروض ندافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم بكل مانملك من قوة ونحارب كل من يستهز بالرسول صلى الله عليه وسلم . اللهم عليك بالدنمارك والنرويج اللهم ارناعجاب قدرتك فيهم ودمرهم يارب العالمين اللهم انصر المسلمين في كل مكان .
---------------------------
الباركود
عبدالمنعم |27/01/2006 م، 1:39 (السعودية)، 22:39 (جرينيتش)
هل تعلم أخي المسلم بأن الباركود للمنتجات الدنمركية لاي منتج لهم يبدأ ب رقم 57 نتمني العزيمة والإصرارفي مقاطعة المنتجات الدنمركية.
---------------------------
بالكيل الذى به تكيلون يكال لكم ويزداد
بيجول |24/12/2005 م، 4:22 (السعودية)، 1:22 (جرينيتش)
المسلمون الان يعانون من الازدراء؟؟؟!!!!! لعلهم يعرفون ماهى مرارته وكم استهزأوا ويستهزئون بالمسيحية واليهودية وليس عندهم حجة للازدراء الا انه محرف انه محرف فاليهود والنصارى كنبهم محرفه وهم فقط السليم كفى وافيقوا واشربوا من نفس الكأس
---------------------------
المسألة مسألة مادة
مسلم في الدنمارك |24/12/2005 م، 4:39 (السعودية)، 1:39 (جرينيتش)
اذا اردنا ان نرد فلا مقاطعة, ولا هجوم مسلح, ولا غيره,,, العين بالعين والسن بالسن,,, ولكنا لسنا بحقارتهم, مبلغ صغير لرسام يرسم كاريكاتيرات عن الذي رسم كاريكاتير عن نبينا محمد (ص), و يتم دفع المبالغ المحتمة لنشره في اكبر الجرائد وهكذا يكون حتى يعرفون ان ما يفعلون ممكن يدور عليهم
---------------------------
ياحبيبي يارسول الله
عربية |24/12/2005 م، 6:28 (السعودية)، 3:28 (جرينيتش)
بسم الله الرحمن الرحيم...أما بعد...فمن قد قام بهذا الفعل العظيم علية غضب من الله والناس اجمعين...وأما بالنسبة لنا كأفراد مسلمين فالله يشهد باننا غير راضين عما حدث ويحدث لنا سواء بالتطاول على عقيدتنا...أو على القرأن الكريم...او على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولانملك بكل أسف الا الدعاء على هؤلاء الفجرة الكفرة..اللهم عليك بهم...اللهم عليك بهم..أنزل عليهم سخطك...وأحل عليهم غضبك...اللهم أهلكهم...اللهم أهلكهم ومن والاهم... ماذا عساهم يقولون في محمد صلى الله عليه وسلم...ماذا سيقولون في من قال ( أدبني ربي فأحسن تأديبي)...ماذا عساهم يقولون في من قال عنه رب العزة والجلال (انك لعلى خلق عظيم) ماذا يقولون في رجل قبل أن تلده أمه رأت نورا يخرج منها يمتد من الأرض الى السماء...ماسيقولون في رجل أمي أصطفاه ربه ليكون أخر الأنبياء وخاتم الرسل...ماعساهم يقولون في من قال( من رأني في المنام فقد رأني فان الشيطان لايتمثل بي)...ماعساهم يقولون في رجل كان عرقه مسك تطيب به النساء أبنائها في الأعياد...ماذا سيقولون عن رجل كسرت رباعيته في معركة أحد فزادته جمالا على جماله...وشج صدغه صلى الله عليه وسلم فزاده ذلك بهاء وجلال...ماذا سيقولون عن رجل أنشق له القمر ولازال الأثر ظاهرا عليه الى اليوم...ماعساهم يقولون في رجل نزل عليه القرأن.....وكفى.. فوالله لو أن هؤلاء الكفرة الفجرة قد قرأو عن، صفاته صلى الله عليه وسلم لأهتزت الأرض تحت أقدامهم.... ماذا عسى ان يقولون في حبيب الله...في أجمل خلق الله...وأكمل خلق الله... اللهم صلي وسلم وبارك على نبيك وحبيبك محمد وعلى أله وصحبه أجمعين. أخيرا أقول لبيجول كان حري بك أن تسمي نفسك بغول...قبحك الله كيف تجرؤ على السخرية من رسول الله وكتاب الله الذي لم ولن يحرف ويكفينا أيها الغبي قوله تعالى (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون).. فوالله أيها البيجول البغول لولا أحترامي لرأي وأدب بعض الأخوة المسيحيين هنا لكنت كلت عليك من السباب والشتائم مايجعلك تدفن رأسك الغارغ تحت التراب
---------------------------
مقاطعة المنتجات الدانمركيه
hany |04/01/2006 م، 16:53 (السعودية)، 13:53 (جرينيتش)(10/119)
كل مارجوه من كل من يقرا هذه الرساله ان يقاطع كل المنتجات الدانمركيه من البان مجففه نيدو,انكور وغيرها أو زبده لورباك أو جبن او غيرها. وارجو من كل تاجر ان يوقف استيراد هذه البضائع. ارجوكم يا جماعه فالامر جدا خطير فلقد تجاوزت هذه الدوله كل الحدود ، ولا تنسوا انكم سوف تلقون رسول الله يوم القيامة على نهر الكوثر فماذا ستقولون له وقد علمتم ماعلمتم ؟ ارجوكم ياشباب لاتجعلوا الامر يمر عليكم مرور الكرام وتخيلوا لو ان احدهم سب امك اواختك فماذا سيكون رد فعلك؟ وهل اهلك وذويك احب اليك من رسول الله ؟ ارسل هذه الرساله الى كل من تعرف ... او ارسلها على هيئة رسائل قصيرة ...بلغ اصحابك جيرانك اطبع ورق ووزعه ا افعل كل ماهو ممكن ومتاح فكر ولن تعجزك الوسيله ولتكن قدوتك فى هذ الامر اصحاب رسول الله اللذين دافعوا عنه باموالهم ودمائهم وانفسهم واجعل شعار ك قول وقدوتك ابا طلحه حين قال وهو يدافع عن رسول الله يوم بدر `نحرى دون نحرك يارسول الله` وصدق حسان ابن ثابت حين قال: فان ابي ووالدتى وعرضى لعرض محمد منكم فداء
---------------------------
واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما صدق الله العظيم
ثائر الشحاتيت |07/01/2006 م، 15:7 (السعودية)، 12:7 (جرينيتش)
هل حدث يوما واستهزأت احد الصحف المسلمه بأحد الانبياء؟ الجواب كلا . لان ديننا هو الدين الكامل الشامل لا نفرق بين احد من رسله صدق الله العظيم اين الاحترام للاديان اين ما يدعونه التقدم
---------------------------
بلاد التوحيد (السعودية)
طاهر |12/01/2006 م، 0:48 (السعودية)، 21:48 (جرينيتش)
انا كشعوب مسلمة لن نسكت على هذا التصرف ونطالب القادة من ملوك ورؤساء الدول الاسلامية للتدخل ومطالبة هذاالدولة الكافرة بمحاكمت كل من كانت له يدفي هذا الموضوع واني أبرأ الى ممافعل هؤلاء الكفرة لعت الله عليهم
---------------------------
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ... اصحوا يا أصحاب محمد
حسبي الله وحده |17/01/2006 م، 2:26 (السعودية)، 23:26 (جرينيتش)
اللهم عليك بأعداء الملة والدين ، اللهم العنهم لعنا شديدا
---------------------------
فداك العالمين يارسول الله
solid |17/01/2006 م، 22:54 (السعودية)، 19:54 (جرينيتش)
يا أهل الأسلام ياأهل الغيرة ماذا بقي لكم بعد رسول الله 0 لاعذر لاحد ان يتخلف عن نصرته والذب عنه فوسائل الاتصال متوفره وسهام الليل لاتخطئ والمقاطعه مهمه ونشر الاستياء العام في كافة وسائل الاعلام0000 اللهم انا نعتذر اليك مما صنع المبطلون بحرمة نبيك الكريم ونستغفرك من تقصيرنا نحوه
---------------------------
فجر أجيالنا قادم
لينة محمد نور زينو |19/01/2006 م، 21:3 (السعودية)، 18:3 (جرينيتش)
إلى كل من غرّه ضعفنا الآن ,هذا وعد من شباب الإسلام و من كل مسلم يعلم عدل دينه و صلاحه لكل الدنيا و أن الله ما أرسله إلا لأنه دين الرحمة للدنيا هذا وعد منا باسمي وباسم كل مسلم شعر بذلك : لكل عدو لله و الله سنعود أبطالا كما كنا حماة للأرضو الدنيا ز سوف يسلمنا الله عز و جل مفاتيح الدنياكما و عد إذ قال جل جلاله { فإذا حاء وعد الآخرة ليسوؤا و جوهكم و ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة و ليتبروا ما علو تتبيرا } ... هذا وعد الله لنا و هذا وعدنا للأمة آتون يا أمة الإسلام ... ابن من أبناء الإسلام
---------------------------
دعاء
أبو عبد الرحمن إبراهيم جابر |20/01/2006 م، 19:26 (السعودية)، 16:26 (جرينيتش)
اللهم انصر الاسلام والمسلمين واخذل الكفرة والمشركين والمنافقين والمنافقين والمنافقين 0
---------------------------
المقاطعة
ابو سلطان |20/01/2006 م، 22:24 (السعودية)، 19:24 (جرينيتش)
المقاطعة هي الحل الأمثل لمثل هؤلاء السفلة
---------------------------
أظهرو عزتكم وإباءكم يا مسلمين ..
عبدالله |20/01/2006 م، 22:36 (السعودية)، 19:36 (جرينيتش)(10/120)
لابد لكل مسلم ألا يجعل هذا الموضوع أن يمر مرورا عاديا بل لابد من إظهار عزته وإبائه ورفضه كل ما ينقص من قدر نبينا صلى الله عليه وسلم وأن يدافع عنه بكل ما يستطيع من جهد ، فمن ما يمكن القيام به لإبراز موقف المسلمين نحو هذا العمل الكفري ما يلي : 1- للخطباء : أن يركزوا على هذا الموضوع ويحذروا العامة من القنوات التي تدعو إلى مثل هذه الأمور . 2- للقنوات : لابد أن يعمل برنامج للرد على هؤلاء المجرمين من خلال علماء فضلاء و تكثيفها هذه الأيام . 3- للآباء والمربين : جهدهم لازم في التوجيه والتحذير من هذه الترهات وهذه السخافات . 4- للكتاب : فهم أصحاب الرسائل الواعية التي تسطر فتوعي وترشد وتحذر . 5- لكل مسلم : توعية الأهل والأقارب والجيران وزرع فيهم روح المدافعة عن الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ونشر الرسائل القصيرة التي تدعو إلى مقاطعة المنتجات الدنماركية . لابد من تحذير هؤلاء المجرمين من إعادة هذا الفعل عبر موقع الجريدة الدنماركية صاحبة المسابقة الخبيثة .
---------------------------
الدنمارك تريد لفت النظر عن ما اشتهرت به
النور |21/01/2006 م، 19:45 (السعودية)، 16:45 (جرينيتش)
ان امثال هده الأفعال هي التي تعجل خطى حامل القنبلة وتجعل المكظوم يفز وترسخ في دهن الصغير ان لاحوار بين الأمم فضلا عن الأديان ان الأمم التي لاتحترم عقائد ومبادئ الأمم الأخرى لن ولم يكون لها شأن تسمو وتفخر به(الأبقار الدنماركية) مادام هدا ديدن حكومتها والتي استمدت هده الصحف منها شرعية عملها والدليل على دلك سكوت الحكومة وحق لنا كرد فعل بسيط عدم احترامها والوقوف منها موقف العدو حتى تعتدر
---------------------------
نواجه بكل قوه
عبدالعزيز _taif |21/01/2006 م، 19:47 (السعودية)، 16:47 (جرينيتش)
اناشد كل افراد المجتمع من كاتب وصحفي ومدرس وشاعر وشيخ وعالم واب وام وامير وحاكم وكل من يمثل الاسلام والمسلمين ان نواجه وبكل قوه كل من اساء الى الرسول صلى الله عليه وسلم كلا بتخصصه و مكانه وان نرسل لهم ردودنا بقوه الاسلام وبحبنا لرسول الله وان نكون يد واحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد
---------------------------
عدل الاسلام
احمد الشمراني |21/01/2006 م، 19:55 (السعودية)، 16:55 (جرينيتش)
الاسلام دين لا تهزه مثل ما يفعلة بعض الدبش من هؤلاء الفارغين الذين شغلهم الشاغل هو الارتقاء على اكتاف اي شيء عظيم ولكن هم يحسبون انهم الان ارتقوا الى النجومية ولا يعلمون انهم انحدروا الى اسفل السافلين بحقارتهم وعدم احترامهم للاديان الاخرى فديننا عظيم ويامرنا بعدم سب اي دين كان بل باحترامه وتقديره واي دين نعرفه يستحيل بتاتا ان يكون في طيات اخلاقه انتقاص وعدم احترام الاديان الاخرى والا فسوف يكون دين بلا اخلاق ونحن لا ننتقص اي دين ينتمون اليه وانما ننتقص نفس الاشخاص ومعقولياتهم التافهة وتغذيتهم المسمومة ضد ديننا الاسلامي السمح والعادل والذي دعا اليه نبينا محمد عليه السلام الذي ينتقصونه ويرسمونه بالرسومات التافهة التي تدل على وضاعتهم وشكرا
---------------------------
حسبنا الله ونعم الوكيل
ابن الاسلام |21/01/2006 م، 20:54 (السعودية)، 17:54 (جرينيتش)
اخوتي في الله ان مصابنا في اهانت الرسول عظيم فكيف يهان حبيبنا ورسول ربنا ونحن لفعلهم جامدون فيا راجي الشفاعه كن ناصرا لرسول ربنا محمدا الامين وحسبنا الله ونعم الوكيل
---------------------------
سيكون الرد عنيفا
قادم |21/01/2006 م، 20:55 (السعودية)، 17:55 (جرينيتش)
الا ان للحبيب عليه الصلاة و السلام مكانة لو وزنت بالكون لرجحت كفته عليه الصلاة والسلام
---------------------------
حسبنا الله ونعم الوكيل
أبو أويس |21/01/2006 م، 21:36 (السعودية)، 18:36 (جرينيتش)
( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون )
---------------------------
الجواب ما تروه لا ما تسمعوه
مازن |21/01/2006 م، 22:8 (السعودية)، 19:8 (جرينيتش)
1/ محبة الرسول زادت في قلوبنا أكثر ووووو 2/ سنعلم أبنائنا سيرة الرسول المصطفى حتى يكونوا سيوفا في أعناق هؤلاء الكفرة 3/ هذه بداية النهاية لهؤلاء الكفرة
---------------------------
سيكون الرد عنيفا
قادم |22/01/2006 م، 15:59 (السعودية)، 12:59 (جرينيتش)
أقل شيء نفعله مقاطعة المنتجات الدنمركية .. اجعلها اخى اخيتى توقيع لك
---------------------------
بابى انت وامى يا رسول الله
خالد عقده |22/01/2006 م، 16:57 (السعودية)، 13:57 (جرينيتش)(10/121)
ما حدث فى الدنمارك ما هو الا افصاح عن عقيده كفريه ضغينه وكل هذا عند كل كافر ولكن الجديد انهم افصحوا عن ذلك فى العلن لانهم لم يجدوا احد من المليار والثلاثمائه يددافع عن اى حاجه من المقدسات الاسلاميه القدس محتله ولا حد يدافع والحكام يحكومن بغير شرع الله اذن الحل هو الحكام يحكموا بشرع الله وان تعود الخلافه الاسلاميه اى ان خليفه واحد يحكم الدول الاسلاميه كلها نعبد رب واحد ونؤمن برسول واحد ونقرأ من كتاب واحد ونصلى الى قبله واحده اذن لماذا لا يكون لنا خليفه واحد عمله واحده جيش واحد حدود واحده الحل هو العوده الى شرع الله وسنه رسول الله الارض ارض الله والشرع شرع الله ونحن عباد الله ولن تعود لنا نحن عباد الله العزه الا اذا حكمنا انفسنا بشرع الله قال الله تعالى(ان الله لا يغير قوما ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) صدق الله العظيم
---------------------------
عليكم لعنة الله
أحمد حسن |22/01/2006 م، 18:50 (السعودية)، 15:50 (جرينيتش)
عليكم لعنة وغضب الله لقد جاتم باعز خلق الله انه الرسول الكريم وما اسال الله الا ان يخسف بهم الارض وهم لا يشعرون
---------------------------
لن يكتفوا بذلك ؟
عمر عبد الله |22/01/2006 م، 19:30 (السعودية)، 16:30 (جرينيتش)
( ولن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى تتبع ملتهم ) . . . نعم لن بكنفوا بذلك من نار تتأجج في صدورهم . . وهذا مصداق لما جاء في القران الكريم ، حياة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و التسليم كانت كلها جهاد لأعلاء كلمة الله و صبر على أكثر من ذلك لولا إن لمحمد حيزا كبيرا في تفكيرهم لما لجئوا لذلك ندعوا لهم بالهدايه و لكل ضال سبيل الرشاد ، هكذا علمنا حبيب الله محمد ( إدعوا الى سبيل ربك بالحكمة و الموعضة الحسنة )
---------------------------
اين الاعلام
ابو ربى |23/01/2006 م، 10:52 (السعودية)، 7:52 (جرينيتش)
حسبي الله ونعم الوكيل, يجب ان اتكون هناك ردة الفعل قوية متناسبة مع مكانة سيد الخلق عند المسلمين بحيث تكون على جميع المستويات الشعبية والمؤسسات والحكومات. وأرى ان المؤسسات الاعلامية الاسلامية لم تقدم شيئا ذكر.
---------------------------
الله ما اذل الشرك والمشركين
اليمني |23/01/2006 م، 12:8 (السعودية)، 9:8 (جرينيتش)
ليس من الغريب او من المستغرب ان نرى ونسمع بمثل هذه الاشياء فنحن قوم اضعف من الضعيف ولا حول ولا قوة الا بالله فلمشركين من قبل ذالك الغصبو ارضنا وسرقو ثرواتنا وغتصبو اعرضنا وليس من المفاجا ان نرى انهم يسؤون علي الرسول صلى الله علية وسلم
---------------------------
يا ويحهم نصبوا منارا من غضب
شمري غيور على رسوله لى الله عليه وسلم |23/01/2006 م، 13:27 (السعودية)، 10:27 (جرينيتش)
يقول الشيخ / عائض القرني حفظه الله تعالى : ( فيما معناه ) لو أن دولة من دول الكفر أحرق علمها لقامت قيامتها ... ونحن المسلمون يجب أن نقوم ولا نقعد إلا بعد أخذ الثأئر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب على العالم الرد وعلى الشاعر أن يهجوهم بشعره وعلى التاجر وعلى الصغير والكبير ،،، يجب نعم يجب علينا جميعاً أن نرد عليهم ويعلموا أن محمد صلى الله عليه وسلم خلفا رجالاً ، رجلاً أكفاء يحمون عرضه صلى الله عليه وسلم بكل ما يملكون وبالغالي والنفيس . واخيراً : اللهم من اعتدى على نبينا صلى الله عليه وسلم بالسب أو أقل من ذلك اللهم فاهده إلى الدخول في هذا الدين العضيم وإلا فأخرص لسانه وأعمي بصره وشل أطرافه واجعله عبرة للمعتبرين آمين آمين آمين .
---------------------------
قاطعو المنتجات الدنماركية
عبدالله الحربي |23/01/2006 م، 14:8 (السعودية)، 11:8 (جرينيتش)
يجب على كل مسلم غيور على دينه مقاطعة المنتجات الدنماركية ومن اهمها زبدة لورباك عشان البقر يبطلو يدللو انفسهم
---------------------------
00رب ضارة نافعه...ولكن
احمدالقرني |23/01/2006 م، 14:11 (السعودية)، 11:11 (جرينيتش)
ان هذا الموضوع قد المنا كثيراًولكن رب ضارة نافعه ولكن لابد ان يتخذالمسلمون ردة فعل واستباق فعل فى هذا الموضوع لنشرالدين فى هذا البلد المنحرف فكريا ويفتقد القدوة التى سيراها في حبيبنا وسيدنا محمد عليه افضل الصلاه والسلام حتى نراهم يدخلون انشاء الله فى الاسلام افواجا باذن المولى عزوجل ونقاطع منتجاتهم وارجوا توضيحها للعامه ويتم مقاطعتها فى اسرع وقت ممكن ليعلمو ا ان المسلمين لايعتدون ولكن لايهنوا وهم الاعلون
---------------------------
كيف نرد
قادم |23/01/2006 م، 14:16 (السعودية)، 11:16 (جرينيتش)
نحتاج الى مقاطعة هده المنتوجاة الدنماركية يا اخواني تجدونها داخل هدا الموقع www.khayma.com
---------------------------
أدعو إخواني المسلمين في كل مكان إلى إرسال استنكارهم
ياسر |23/01/2006 م، 14:24 (السعودية)، 11:24 (جرينيتش)(10/122)
أدعو إخواني المسلمين في كل مكان إلى إرسال استنكارهم والمطالبة بالاعتذار إلى الجريدة على عناوينها التالية: مملكة الدنمرك ، صحيفة (Jyllands - Posten ) . الهاتف والفاكس : (004587383838) و (004533303030) البريد الإلكتروني : ( jp@jp.dk ) . رابعاً : يجدر التواصل من قبل الشعوب الإسلامية مع وزارة الخارجية الدنمركية لإشعارها بالامتعاض والاستنكار لمساس الصحيفة المذكورة بمقدساتنا . وبيان أن ذلك لن يخدم تطور العلاقات القائمة على الاحترام فيما بين الشعوب الإسلامية والشعب الدنمركي . وهذا هو العنوان البريدي والإلكتروني للخارجية الدنمركية على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت): Ministry of Foreign Affairs of Denmark www.um.dk 2, Asiatisk Plads DK-1448 Copenhagen K Tel. +45 33 92 00 00 Fax +45 32 54 05 33 E-mail um@um.dk
---------------------------
نحن أتباع النبي (صلى الله علية وسلم )
خالد الحارثي |24/01/2006 م، 21:28 (السعودية)، 18:28 (جرينيتش)
السلام عليكم ورحمة الله....وبعد لقد تهجمت هذه الصحف الرذيله الى اشرف البشر وخاتم النبيين وحبيبنامحمد صلى الله علية وسلم وأساءت إليه فهل من صحوة اخواني المسلمين الى متى تكون قلوبنا غلف وأذاننا صماء وايدينا مكتوفه واقلامنا جف الحبر منها لو تم السكوت على هذا الامر فلن نستحق ان نكون من حمله هذا الدين ولا نكون من اتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاقل الايمان ان نحارب هذه الدوله في اقتصادها فنقاطع كل المنتجات الدنماركيه وكل المنتجات التي تسئ الى الاسلام مما يجعل هذا الامر قوة لنا لمحاربه هذه الدوله الساقطه التي تتلفظ على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن لم يكن في قلبه غيرة وتصدي ومقاتله عن هذا الدين والتوحيد فلي منا نحن امه شرفها الله بالتوحيد له وشرفها بأن انزل علينا افضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم وشرفنا بالقران الكريم فكل هذا الشرف ينبغي منكم يامه محمد صلى الله عليه وسلم بالدفاع عنه وعن آل بيته الشريف . اللهم اني بلغت اللهم فشهد...اللهم اني بلغت اللهم فشهد...اللهم اني بلغت اللهم فشهد ولااله الا الله وان محمد رسول الله عليه افضل السلام والتسليم. والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته
---------------------------
لايضر السحاب نبح الكلاب
الخنسااء |24/01/2006 م، 21:43 (السعودية)، 18:43 (جرينيتش)
بأبي أنت وأمي ياارسول الله........ فعلوا قريش ماافعلوا في زماانهم مع حبيبنا محمد وانظروا مااحل بهم رساالتي هذه مو جهه لكل من عبث بعرض رسولنا الكريم......... انكم مهما فعلتم وقلتم ايها الكلاااب لن تظروا رسولنا بشيئ بل انتم تضرون انفسكم اولا واخيرا ورسولناله رب يحميه ويذود عن عررضه فسااعروا بالتوبه قبل فوات الاوان وقبل ان يحل بكم ماحل باسلافكم من المشركين اما نحن فواجبنا معرووف وهو الانكاار بشده انا اريد ان اسأل لو ان احدكم قد سب ابااه او امه او قبيلته الااا تثوور ثائرته فكيف يسب حبيبنا بابي هو وامي ونفق سااكتين لااابد من مقااطعة منتجااتهم وعدم التعاامل معهم حتى يكفوا عن فعلهم وايضا تشن عليهم حملااات في كل مكاان وخااصة الانترنت وهذا اضعف الايمان
---------------------------
الا لعنة الله على القوم الكافرين
أبو زيد |24/01/2006 م، 22:27 (السعودية)، 19:27 (جرينيتش)
اللهم عليك بهم اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر أخواني اكثر من الصلاتي والسلام على رسول الله ولا تنسو الدعاء عليهم الكفرة حطب جهنم
---------------------------
احنا السبب
ام طلال |24/01/2006 م، 23:2 (السعودية)، 20:2 (جرينيتش)
المشكله يا جماعه فينا وليس في الدنمارك الارهبين تسسببوا في سب الرسول بما فعلوه من قتل وتنكيل في اجانب ليس لهم دخل في السياسه ما نقول الا لا حول ولا قوة الا بالله اللهم انصرنا على الكفرة الفجره من اعداء الاسلام
---------------------------
هذا ما ارادة الارهابيون.................تشوية صورتنا امام الغرب
غيداء |24/01/2006 م، 23:28 (السعودية)، 20:28 (جرينيتش)
حسبنا الله ونعم الوكيل ...الله ينتقم منهم الخنازير.... والواجب على كل مسلم ان يضرب ضربة موجعة لمن يتعدى على حبيبنا ورسول الامة وشفيعنا محمد صلى الله علية وسلم واذا لم نوقفهم عند حدهم سوف يقوم غيرهم بالتعدي على الاسلام ولن يهابونا لنكن كلنا ضد من يكن الكراهية للرسول علية صلوات الله وارجوا من الذين يضعون المنتجات الدنماركية التأكد منها قبل نشرها..............
---------------------------
حب الرسول
حمد سعود العجمى |25/01/2006 م، 0:6 (السعودية)، 21:6 (جرينيتش)(10/123)
قال الله تعالى (اتك لعلى خلق عظيم ) صدق الله العظيم والله ثم والله ان الشخص الذى لاينكر ما يحصل من هولاء الكفار سواء حكومات او اشخاص والله سوف يحاسبه الله يوم القيامه فيجب عمل مظاهرات لسفارات هولاء الكفار فى بلادنا حتى يكون الرسول صلى الله عليه احب الينا من انفسنا ومصالحنا ........ولنقل بصوت واحد ((((نحورنا واهلينا دون نحرك يارسول الله))))
---------------------------
لوكان بيدى
حنان ناجى |25/01/2006 م، 1:1 (السعودية)، 22:1 (جرينيتش)
اليك يافضل الخلق محمد رسول الله الى من تعب لاجل العالم كله الى الرحمه والخير لو كان بيدى ان اقف فى وجه من اساء اليك لوقفت وانا مرفوعه الراس بك ويشهد علىما اقول رب كل شى وشهيده الله عزوجل ولكنى اقول لمن اساء اليك وعزه الحى القيوم لو عرفتموه لندمتواعلىما فعلتو وان الله خير من ياخذ بحق حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم من اتباع خير الخلق وعلى سنته الى اخر يوم فى حياتها حنان
---------------------------
قوة إيمان
محمد أبوطالب |25/01/2006 م، 1:14 (السعودية)، 22:14 (جرينيتش)
والله يا اخواني المسلمين انه اختبار لإيماننا وولاءنا لحبيبنا علي الصلاة والسلام . من أبكته غيرته لحبيبنا ؟ من تسلّح بقلمه للذود عنه ؟ من ابتهل في الدعاء ؟ من قاطع سلعهم ؟ من أهمه الأمر عن الملذات والمسليات ؟ اسأل نفسك أخي الحبيب
---------------------------
جعل الله كيدهم في نحرهم
عوض الطاهر المهدي |25/01/2006 م، 1:45 (السعودية)، 22:45 (جرينيتش)
نشهد ونري عند مطلع شمس يوم جديد هجوم علي العقيدة والديانة الاسلامية السمحاء ، ذلك لان المؤمن مصاب وكل هذا يقوي من عزيمتنا لقهر هولاء اليهود وجعل الله كيدهم في نحرهم واذاقهم الوان العذاب في الدنيا والاخرة
---------------------------
حبيبنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام
مشتاقه لرؤية الله ورسوله |25/01/2006 م، 2:37 (السعودية)، 23:37 (جرينيتش)
إذا بقينا هكذا في غفلة سوف نرى ما يريدون هؤلاء الكفرة الحاقدون على ديننا ...............لبد لنا ان نقاطع منتجاتهم ويجب على التجااااار المقاطعة ولماذا لم يقف العالم المسلم اجمع على هؤلاء ؟؟؟؟؟؟؟ لكن اين حكماء المسلمين وعلمائهم عن اعداء محمد عليه افضل الصلاة والسلام ؟؟؟؟؟؟؟ لبد ان نكون يدا واحدة في الدفاع عن حبيبنا (محمد صلى الله عليه وسلم ) لكن مانقول وما نفعل هو الدعاء عليهم اللهم أشل ايديهم واجعل الارض تتزلزل من تحت ارجلهم اللهم ارزقهم المرض في جلودهم ودمر هم واجعل كيدهم في نحورهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك ياحي ياقوم يا ذا الجلا والإكرام اللهم
---------------------------
حسبنا الله
بو عبد الرحمن |25/01/2006 م، 2:48 (السعودية)، 23:48 (جرينيتش)
حسبنا الله ونعم الوكيل وندعو الله سبحانه وتعالى ان يسلط عليهم من بني جلدتهم
---------------------------
أين انتم شيوخ هذه الامة وقادتها أين انت يامليكنا ميما يقال ...
الساعدي -مدافع عن رسول الله |25/01/2006 م، 2:57 (السعودية)، 23:57 (جرينيتش)
نسمع ونرى ولكن من يسمعنا ويرانا نسمع مايقال في حبيبنا رسول الله ونرى مارسم عنه ولكن من الذى يسمعنا ويرانا نحن نكتم في أنفسنا من الغيض والكره والعداء لمن تجراء على حبيبنا ولكن أين انتم ياشيوخ هذه الأمه وقادتها أليس لكم الكلمه المسموعه لايقاف هذا العداء اين انت يامليكنا لتدافع عن رسولنا نحن نشد بك سواعدنا ونستند اليك بعد الله فأرننا مافعلك بهم وماصنيعك بمن يجرو بحبيبك واخيرا ومابوسعي الا ان اقول حسبي الله و نعم الوكيل اللهم ارنا بهم عجائب قدرتك .
---------------------------
محمد صلى الله عليه وسلم
فتاة مسلمة |25/01/2006 م، 20:35 (السعودية)، 17:35 (جرينيتش)
الرسول الكريم محمد بن عبدالله أكرم وأفضل من كل الحاقدين ولانقول إلا المثل العربي الشهير ( لايضر السحاب نبح الكلاب )
---------------------------
الله المستعان احترق قلبي لسبك يا رسول الله
ولد الرس |25/01/2006 م، 20:51 (السعودية)، 17:51 (جرينيتش)
حسبنا الله ونعم الوكيل هذه اول كلمة اتكلم بها .... اللهم مكنا ممن سب رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ياخواني ياشباب واقصد اللذين داخل السعودية ارسلو بجوالتكم على اصدقائكم واقربائكم بطلب مقاطعت المنتجات الدنماركية وحتسبو الاجر بدل ان ترسل غرامية تذكر ان هذه الرساله هي للمدافعه عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه مجربه لدينا بالقصيم فقد اتتني رساله بهذه الطريقة وارسلت لجميع الارقام الخاصه التي بجوالي واطلب من اخواني المقيمين ان يفعلو نفس هذه الطريقه لاهلهم في البلدان العربية والاسلامية حتى نصل الى ضرب الاقتصاد الدنماركي وباذن الله سوف ننجح ..... اعذروني ان لم اكن اجيد التعبير عن مافي داخلي لان الامر اكثر من ذلك .... ولا اول مرة اكتب على الانتر نت .
---------------------------(10/124)
حسبنا الله ونعم الوكيل
Night Dews |25/01/2006 م، 21:46 (السعودية)، 18:46 (جرينيتش)
اللهم يا احد ياصمد, يا حي يا قيوم, ارنا فيهم عجائب قدرتك, وسلط عليهم عقابك. حسبنا الله ونعم الوكيل, حسبنا الله ونعم الوكيل, حسبنا الله ونعم الوكيل
---------------------------
الخلافة هي الحل
محمد الحربي |25/01/2006 م، 23:23 (السعودية)، 20:23 (جرينيتش)
لا خير في حلم إذا لم تكن له.... بوادر تحمي صفوه أن يكدر ما دمنا ممزقين مشتتين تنابلة نعيش عالة على شعوب الأرض فلن يأبه بنا أحد , نأكل مالا نزرع و نلبس ما لا ننسج , نستخدم حواسيب ليست من إبتكارنا و نتراسل بجوالات ليست إختراعنا , عجزنا عن ترجمة العلوم الى لغتنا بل عجزنا عن تدريسها لأبنائنا . نتواصى بمقاطعة الدنمرك , الم نتواصى من قبل بمقاطعة أمريكا فماذا كانت النتيجة؟ هل نحن حقا غاضبون ؟ و الآ متى يستمر هذا الغضب ؟ هل نسيتم سلمان رشدي و آيات الشيطان ؟ أم نسيتم هدم المسجد البابري في الهند؟ أم تتغافلون أن الفلبين و سحقها للمسلمين في مندناو ؟ أم لا تعرفون إقليم فطاني في تايلند ؟ و هل في بالكم تركستان الشرقية تحت نير الشيوعية الصينية؟ و ماذا عن الشيشان ؟ و اسرائيل و تهويدها للقدس الشريف؟ و هل نسيتم المتجات الإطالية التي كتبت لفظ الجلالة على الأحذية؟ و هل الفلم الهولندي ( الإذعان ) أصبح نسيا منسيا ؟ و محاربة الحجاب في فرنسا هل غاب عن الذاكرة؟ بل و احسرتاه هل غفلتم عن تركيا عاصمة الخلافة الإسلامية أربعة قرون و ما آل اليه حالها؟ أنا إتجهت الى الإسلام في بلد..... تلقاه كالطير مقصوص جناحاه إن مشاكلنا لا بد لها من حلول جذرية , منها الإعتصام بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم , و نشر التعليم و توطين التقنية و الاعتماد على النفس و نشر اللغة العربية و التي هي لسان الوحدة الإسلامية, و الدعوة لإحياء الخلافة الاسلامية لقطع الطريق على من يدعون لمزيد من التفتت و التشرذم بحجة دعم الأقليات الكردية و الامازيغية , وهم لا إرب لهم سوى إجاد مسلمين لا يقدرون فهم القرآن و من ثم ي}ل حالهم الى ما آلت اليه دولة بني عثمان. أما عرض نبينا الكريم فمصون ومن حثى التراب على الشمس إرتد التراب الى وجهه و ظلت الشمس ناصعة نقية
---------------------------
يجب علي كل الدول الاسلامية قطع العلاقات الدبلوماسية مع كل دولة تسي للاسلام ورسولنا صلى الله عليه وسلم صراحة
خضر احمد عبدالمجيد |26/01/2006 م، 15:12 (السعودية)، 12:12 (جرينيتش)
ان الدنيا تقوم ولاتقعد عندما يتحدث شخص عن اسرائيا ويتهم بمعاداة السامية ويا ويله اذا نفى محرقة اليهود كما حدث للرئيس الايراني متي يكون لنا نحن المسلمين الاعتداد بديننا وهو الدين الحق ومتي تتون لنا العزة ونحن نصمت ونسكت على اساءة رسولنا وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم 0 اولا ينبغي ان نبدا باضعف الايمان وهو الاتي 1- مقاطعة اقتصادية لمنتجان الدنمارك بالاسواق وهناك بدائل غيرها 2- تكوين لجان اسلامية بتصنيف الدول المعادية للاسلام على قرار المعادية للسامية حسب ما تعمل به امريكا 3 - طرد سفراء الدنمارك من الدول الاسلامية 4- رفع دعوى قضائية من الدلل الاسلامية عبر الامم المتحدة ضد الصحف التي تكتب وتسئ للاسلام بالغرب 5 - مقاطعة التكنولجيا الغربية والاتجاه شرقا لدول كلهند والصين ودول شرق اسيا وهي تحترم عقائد المسلمين وبها مانحتاج اليه من تكنلوجيا ونتمنى ان تجمع كل الدول على ذلك كاجماع دول الغرب على قضياها وانسياق المسلمين خلفها
---------------------------
حسبنا الله
ايناس |26/01/2006 م، 15:34 (السعودية)، 12:34 (جرينيتش)
حسبنا الله
---------------------------
كيف تجرؤ على ذلك
سعد اليامي |26/01/2006 م، 15:38 (السعودية)، 12:38 (جرينيتش)
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد ان هؤلا الشرذمة الدنماركية لو فعلو ما فعلوا لن يضر ذلك في سمعة رسول الله اي شي ولا يجب علينا السكوت على ذلك وهم لم يفعلوا ذلك الا بعد رؤيتهم لتهوننا في ديننا ولاكنهم سوف يرون غير ذلك انشاء الله هم الذين بدأو فلو حصل لديهم اي اعتداآت او تفجير قالو هؤلا المسلمون وهم من يبحثون عنها لاكن انشاء الله يرون شيا غير الذي توقعوه . وفي الختام نوصيكم بالدعاء عليهم في كل صلاة ومقاطعتهم ومنتجاتهم من اجبان والبان ولحوم وغيرها وحسبنا الله ونعم الوكيل والسلام عليكمن ورحمة الله وبركاته .
---------------------------
بْأْقتصادهم نداويهم
عيسي العنزي(الكويت) |26/01/2006 م، 15:45 (السعودية)، 12:45 (جرينيتش)
أن كانت الصحيفة حكومية فسوف أبدأ منى اليوم في مقاطعة أي شي دانمركي . وان كانت خاصة فنرجوا من الحكومة الدانمركية اتخاذ اقصي العقوبات بحق الصحيفة ومدير تحريرها والكاتب والرسام .
---------------------------
نصره الحبيب صلى الله عليه وسلم(10/125)