بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الكتاب / فتوح مصر وأخبارها
المؤلف / أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله عبد الحكم بن أعين القرشي المصري
دار النشر / دار الفكر - بيروت - 1416هـ/ 1996م
عدد الأجزاء / 1
الطبعة : الأولى
تحقيق : محمد الحجيري(1/1)
فتوح مصر وأخبارها
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى قال أخبرنا الشيخ أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم بن علي المديني بقراءتي عليه قال أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال في كتابه سنة خمس وثلاثين وأربع مائة قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الفرج القماح قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن خلف بن قديد الأزدي قال حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال
الجزء الأول
حدثنا محمد بن إسماعيل الكعبي قال حدثني أبي عن حرملة بن يحيى بن عمران التجيبي عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمروبن العاص قال خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة واليمن والصدر الشام ومصر والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها واق وخلف واق أمه يقال لها واق واق وخلف ذلك من الامم ما لا يعلمه الا الله عز وجل والجناح الايسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند امه يقال لها باسك وخلف باسك أمه يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله عز وجل والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب
ذكر وصية رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بالقبط
حدثنا أشهب بن عبد العزيز وعبد الملك بن مسلمة قالا حدثنا
مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن الكعب بن مالك ان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورخما قال ابن شهاب وكان يقال أن أم إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام منهم
حدثنا عبدالله بن صالح ومحمد بن رمح قالا حدثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن ابن الكعب بن مالك عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله قال الليث قلت لابن شهاب ما رحمهم قال إن أم إسماعيل عليه السلام منهم(1/2)
حدثنا ابي عبدالله بن عبد الحكم وحامد بن يحيى قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري أظنه عن ابن الكعب بن مالك عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله
حدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبدالله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب
الزهري أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمي حدثه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله قال ابن إسحاق فقلت لمحمد بن مسلم ما الرحم الذي ذكره رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لهم فقال كانت هاجر أم إسماعيل منهم
حدثنا ابي عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا راشد بن سعد وحدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن حرملة بن عمران التجيبي عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما
حدثنا سعيد بن مسيرة عن إسحاق بن الفراط عن ابن لهيعة عن الأسود بن مالك الحميري عن بجير بن ذاخر المعافري عن عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إن الله عز وجل سيفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم صهرا وذمة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ويحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة أن أبا سالم الجيشاني أن سفيان بن هانئ أخبره أن بعض أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أخبره أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إنكم ستكونون أجنادا وإن خير أجنادكم أهل المغرب منكم فاتقوا الله في القبط لا تأكلوهم أكل الحضر
حدثنا أبي قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن زياد عن مسلم بن يسار أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال استوصوا بالقبط خيرا فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان على قتال عدوكم
(1/3)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن الليث وابن لهيعة قال أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن حريث عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أوصى عند وفاته أن يخرج اليهود من جزيرة العرب وقال الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن موسى بن أيوب الغافقي عن رجل من آل زيد أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مرض فأغمي عليه ثم
أفاق فقال استوصوا بالأدم الجعد خيرا ثم أغمي عليه الثانية ثم أفاق فقال مثل ذلك ثم أغمي عليه الثالثة فقال مثل ذلك فقال القوم لو سألنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من الأدم الجعد فأفاق فسألوه فقال قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار وهم أعوانكم على عدوكم وأعونكم على دينكم فقالوا كيف يكونون أعوانا على ديننا يا رسول الله فقال يكفونكم أعمال الدنيا وتتفرغون للعبادة فالراضي بما يؤتى إليهم كالفاعل بهم والكاره لما يؤتى إليهم من الظلم كالدافع عنهم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن أبي هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي وعمرو بن حريث وغيرهما أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إنكم ستقدمون على قوم جعد رؤوسهم فاستوصوا بهم خيرا فإنهم قوة لكم وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله عز وجل يعني قبط مصر
حدثنا أبو الأسود قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي هانئ أنه سمع الحبلي وعمرا بن حريث يحدثان عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله
حدثنا عبد الملك بن هشام قال أخبرنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة قال حدثني عمر مولى عفرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال الله الله في اهل الذمة أهل المدرة السوداء السحم الجعاد فإن لهم نسبا وصهرا
قال عمر مولى عفرة صهرهم أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} تسرر فيهم ونسبهم أن أم إسماعيل النبي عليه السلام منهم قال ابن وهب فأخبرني ابن لهيعة أن أم إسماعيل هاجر من أم العرب قرية كانت امام الفرما من مصر
(1/4)
حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرنا مروان القصاص قال صاهر إلى القبط من الأنبياء صلوات الله عليهم ثلاثة إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام تسرر هاجر ويوسف عليه السلام تزوج بنت صاحب عين شمس ورسول الله {صلى الله عليه وسلم} تسرر مارية
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال إن قرية هاجر ياق التي عند أم دنين ودفنت هاجر حين توفيت كما حدثنا ابن هشام عن زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق في الحجر قال ابن هشام تقول العرب هاجر وآجر فيبدلون الألف من الهاء كما قالوا هراق الماء وأراق الماء ونحوه
ذكر بعض فضائل مصر
حدثنا عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة وبكر بن عمرو الخولاني يرفعان الحديث إلى عبد الله بن عمرو بن العاص قال قبط مصر أكرم الأعاجم كلها واسمحهم يدا وأفضلهم عنصرا وأقربهم رحما بالعرب عامة وبقريش خاصة ومن أراد أن يذكر الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتثمر ثمارها
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن كعب الأحبار قال من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى مصر إذا أخرفت وقال غير أبي الأسود إلى أرض مصر إذا أزهر ت
وقال غير ابن لهيعة وكان منهم السحرة فآمنوا جميعا في ساعة واحدة ولا يعلم جماعة أسلمت في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط وهم السحرة الذين آمنوا بموسى
وكان السحرة كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة السبائي وبكر بن عمرو الخولاني ويزيد بن أبي حبيب
(1/5)
المالكي يزيد بعضهم على بعض في الحديث اثني عشر ساحرا رؤساء تحت يد كل ساحر منهم عشرون عريفا تحت يد كل عريف منهم ألف من السحرة فكان جميع السحرة مائتي ألف وأربعين ألفا ومائتين واثنين وخمسين إنسانا بالرؤساء والعرفاء فلما عاينوا ما عاينوا أيقنوا أن ذلك من السماء وأن السحر لا يقوم لأمر الله فخر الرؤساء الاثنا عشر عند ذلك سجدا فاتبعهم العرفاء واتبع العرفاء من بقي وقالوا ) آمنا برب العالمين رب موسى وهارون (
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن تبيعا قال كانوا من أصحاب موسى صلوات الله عليه ولم يفتتن منهم أحد مع من افتن من بني إسرائيل في عبادة العجل
حدثنا هانى ء بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ان تبيعا كان يقول ما آمن جماعة قط في ساعة واحدة مثل جماعة القبط
حدثنا أبو صالح قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب أنه بلغه أن كعب الأحبار كان يقول مثل قبط مصر كالغيضة كلما قطعت نبتت حتى يخرب الله عز وجل بهم وبصناعتهم جزائر الروم
(1/6)
وكانت مصر كما حدثنا عبدالله بن صالح وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن أبي رهم السماعي قناطر وجسور بتقدير وتدبير حتى أن الماء ليجري تحت منازلها وأفنيتها فيحبسونه ويرسلونه كيف شاؤوا فذلك قول الله تبارك وتعالى فيما حكي من قول فرعون ) أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون ( ولم يكن في الأرض يومئذ ملك أعظم من ملك مصر وكانت الجنات بحافتي النيل من أوله إلى آخره في الجانبين جميعا ما بين أسوان إلى رشيد وسبع خلج خليج الإسكندرية وخليج سخا وخليج دمياط وخليج منف وخليج الفيوم وخليج المنهى وخليج سردوس جنات متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء والزروع ما بين الجبلين من أول مصر إلى آخرها مما يبلغه الماء وكان جميع أرض مصر كلها تروى من ست عشرة ذراعا لما قدروا ودبروا من قناطرها وخلجها وجسورها فذلك قوله عز وجل ) كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ( قال والمقام الكريم المنابر كان بها ألف منبر
قال وأما خليج الفيوم والمنهى فحفرهما يوسف {صلى الله عليه وسلم} وسأذكر كيف كان ذلك في موضعه إن شاء الله وأما خليج سردوس فإن الذي حفره هامان
(1/7)
حدثنا عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح قالا حدثنا ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن فرعون استعمل هامان على حفر خليج سردوس فلما ابتدأ حفره أتاه أهل كل قرية يسألونه أن يجري الخليج تحت قريتهم ويعطونه مالا قال وكان يذهب به إلى هذه القرية من نحو المشرق ثم يرده إلى قرية من نحو دبر القبلة ثم يرده إلى قرية في الغرب ثم يرده إلى أهل قرية في القبلة ويأخذ من أهل كل قرية مالا حتى اجتمع له في ذلك مائة ألف دينار فأتى بذلك يحمله إلى فرعون فسأله فرعون عن ذلك فأخبره بما فعل في حفره فقال له فرعون ويحك إنه ينبغي للسيد أن يعطف على عباده ويفيض عليهم ولا يرغب فيما بأيديهم رد على أهل كل قرية ما أخذت منهم فرده كله على أهله
قال فلا يعلم بمصر خليج أكثر عطوفا منه لما فعل هامان في حفره وكان هامان كما حدثنا أسد عن خالد بن عبدالله عن محدث حدثه نبطيا وكانت بحيرة الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد كرما كلها لامرأة المقوقس فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة
عليهم فكثر الخمر عليها حتى ضاقت به ذرعا فقالت لا حاجة لي في الخمر اعطوني دنانير فقالوا ليس عندنا فأرسلت عليهم الماء فغرقتها فصارت بحيرة يصاد فيها الحيتان حتى استخرجها بنو العباس فسدوا جسورها وزرعوا فيها
ذكر نزول القبط بمصر وسكناهم بها
(1/8)
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس القتباني عن حنش بن عبدالله الصنعاني عن عبد الله بن عباس قال كان لنوح صلوات الله عليه أربعة من الولد سام بن نوح وحام بن نوح ويافث بن نوح ويحطون بن نوح وأن نوحا رغب إلى الله عز وجل وسأله أن يرزقه الإجابة في ولده وذريته حين تكاملوا بالنماء والبركة فوعده ذلك فنادى نوح ولده وهم نيام عند السحر فنادى ساما فأجابه يسعى وصاح سام في ولده فلم يجبه أحد منهم إلا ابنه أرفخشذ فانطلق به معه حتى أتياه فوضع نوح يمينه على سام وشماله على أرفخشذ ابن سام وسأل الله عز وجل أن يبارك في سام أفضل البركة وأن يجعل الملك والنبوة في ولد أرفخشذ ثم نادى حاما فتلفت يمينا وشمالا ولم يجبه ولم يقم إليه هو ولا أحد من ولده فدعا الله عز وجل نوح ان يجعل ولده أذلاء وأن يجعلهم عبيدا لولد سام
قال وكان مصر بن بيصر بن حام نائما إلى جنب جده حام فلما سمع دعاء نوح على جده وولده قام يسعى إلى نوح فقال يا جدي قد أجبتك إذ
لم يجبك أبي ولا أحد من ولده فاجعل لي دعوة من دعوتك ففرح نوح {صلى الله عليه وسلم} ووضع يده على رأسه وقال اللهم إنه قد أجاب دعوتي فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد التي نهرها أفضل أنهار الدنيا واجعل فيها أفضل البركات وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم وقوهم عليها
(1/9)
قال ثم دعا ابنه يافث فلم يجبه هو ولا أحد من ولده فدعا الله عز وجل عليهم أن يجعلهم شرار الخلق قال ثم دعا ابنه يحطون فأجابه فدعا الله عز وجل أن يجعل له البركة فلم يكن له ولد ولا نسل فعاش سام مباركا حتى مات وعاش ابنه أرفخشذ بن سام مباركا حتى مات وكان الملك الذي يحبه الله والنبوة والبركة في ولد أرفخشذ بن سام وكان أكبر ولد حام كنعان بن حام وهو الذي حبل به في الرجز في الفلك فدعا عليه نوح عليه السلام فخرج أسود وكان في ولده الجفاء والملك والجبروت وهو أبو السودان والحبش كلهم وابنه الثاني كوش بن حام وهو أبو السند والهند وابنه الثالث قوظ بن حام وهو أبو البربر وابنه الأصغر الرابع بيصر بن حام وهو أبو القبط كلهم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال ولد نوح النبي {صلى الله عليه وسلم} ثلاثة نفر سام وحام ويافث فولد كل واحد من الثلاثة ثلاثة فسام أبو العرب وفارس والروم ويافث أبو الصقالبة والترك وياجوج وماجوج وحام أبو السودان والبربر والقبط
ثم رجع إلى حديث عثمان قال فولد بيصر بن حام أربعة مصر بن بيصر وهو أكبرهم والذي دعا له نوح صلوات الله عليه بما دعا له وفارق بن بيصر وماح بن بيصر وياح بن بيصر قال غير عثمان فولد مصر أربعة قبط بن مصر وأشمون بن مصر وأتريب بن مصر وصا بن مصر
حدثنا عثمان بن صالح ويحيى بن خالد عن ابن لهيعة وعبد الله بن خالد يزيد أحدهما على صاحبه وقد كان عثمان ربما قال حدثني خالد بن نجيح عن ابن لهيعة وعبد الله بن خالد قالا فكان أول من سكن مصر بعد أن أغرق الله قوم نوح بيصر بن حام بن نوح فسكن منف وهي أول مدينة عمرت بعد الغرق هو وولده وهم ثلاثون نفسا قد بلغوا وتزوجوا فبذلك سميت مافة ومافة بلسان القبط ثلاثون
(1/10)
قال وكان بيصر بن حام قد كبر وضعف وكان مصر أكبر ولده وهو الذي ساق أباه وجميع إخوته إلى مصر فنزلوا بها فبمصر بن بيصر سميت مصر مصر فحاز له ولولده ما بين الشجرتين خلف العريش إلى أسوان طولا ومن برقة إلى أيلة عرضا قال ثم إن بيصر بن حام توفي فدفن في موضع أبي هرميس
قال غير عثمان فهي أول مقبرة قبر فيها بإرض مصر ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ثم إن بيصر بن حام توفي واستخلف ابنه مصر وحاز كل واحد من اخوة مصر قطعة من الأرض لنفسه سوى أرض مصر التي حاز لنفسه ولولده فلما كثر ولد مصر وأولاد أولادهم قطع مصر لكل واحد من ولده قطيعة يحوزها لنفسه ولولده وقسم لهم هذا النيل
قال فقطع لابنه قبط موضع قبط فسكنها وبه سميت قبط قبطا وما فوقها إلى أسوان وما دونها إلى أشمون في الشرق والغرب وقطع لأشمون من أشمون ما دونها إلى منف في الشرق والغرب فسكن أشمون أشمون فسميت به وقطع لأتريب ما بين منف إلى صا فسكن اتريب فسميت به وقطع لصا ما بين صا إلى البحر فسكن صا فسميت به فكانت مصر كلها على أربعة أجزاء جزءين بالصعيد وجزءين بأسفل الأرض
قال ثم توفي مصر بن بيصر فاستخلف ابنه قبط بن مصر ثم توفي أشمون بن مصر فاستخلف أخاه أتريب بن مصر ثم توفي قبط بن مصر فاستخلف أخاه أشمون بن مصر ثم توفي أتريب بن مصر فاستخلف أخاه صا بن مصر ثم توفي صا بن مصر فاستخلف ابنه تدارس بن صا ثم توفي تدارس بن صا فاستخلف ابنه ماليق بن تدارس ثم توفي ماليق بن
تدارس فاستخلف ابنه خربتا بن ماليق ثم توفي خربتا بن ماليق فاستخلف ابنه كلكى بن خربتا فملكهم نحوا من مائة سنة ثم توفي ولا ولد له فاستخلف أخاه ماليا بن خربتا ثم توفي ماليا بن خربتا فاستخلف ابنه لوطيس بن ماليا وهو الذي كان وهب هاجر لسارة امرأة إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام
ذكر دخول ابراهيم مصر
(1/11)
وكان سبب دخول إبراهيم مصر كما حدثنا أسد بن موسى وغيره أنه لما أمر بالخروج عن أرض قومه والهجرة إلى الشام خرج ومعه لوط وسارة حتى أتوا حران فنزلها فأصاب أهل حران جوع فارتحل بسارة يريد مصر فلما دخلها ذكر جمالها لملكها ووصف له أمرها
وكان حسن سارة كما حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا عبد الله بن خالد عن خالد بن عبدالله عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس قال كان حسن سارة حسن حواء
ثم رجع إلى حديث أسد وغيره وقال فأمر بها فأدخلت عليه وسأل إبراهيم {صلى الله عليه وسلم} قال له ما هذه المرأة منك قال أختي فهم الملك بها فأيبس الله يديه ورجليه فقال لإبراهيم هذا عملك فادع الله لي فوالله لا اسؤك فيها فدعا الله له فأطلق الله عز وجل يديه ورجليه وأعطاها غنما
وبقرا وقال ما ينبغي لهذه أن تخدم نفسها فوهب لها هاجر فكان أبو هريرة يقول فتلك أمكم يا بني ماء السماء يريد العرب
(1/12)
حدثونا عن عبدالله بن وهب عن جرير بن حازم عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إن إبراهيم قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام فلما دخل الأرض رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال لقد دخلت أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك فأرسل إليها فأتي بها وقام أبراهيم إلى الصلاة فلما أدخلت عليه لم يتمالك أن يبسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلا اضرك ففعلت فعاد فقبضت يده أشد من القبضة الأولى فقال لها مثل ذلك ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله أن لا أضرك ففعلت فاطلقت يده فدعا الذي جاء بها فقال أنك إنما اتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان فأخرجها من أرضي فأعطاها هاجر فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم {صلى الله عليه وسلم} انصرف فقال لها مهيم قالت خيرا كف الله يد الفاجر واخدم خادما قال أبو هريرة فتلك أمكم يا بني ماء السماء
قال ابن وهب وأخبرني ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نحوه قال فقام إليها فقامت فتوضأت تصلي ثم
قالت اللهم إني كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر فغط حتى ركض برجله
قال الأعراج قال أبو سلمة قال أبو هريرة قال قالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته
(1/13)
حدثنا أسد بن موسى عن إسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن سارة كانت بنت ملك من الملوك وكانت قد أوتيت حسنا فتزوجها إبراهيم عليه السلام فمر بها على ملك من الملوك فأعجبته فقال لإبراهيم ما هذه المرأة فقال له ما شاء الله أن يقول فلما خاف إبراهيم وخافت سارة أن يدنو منها دعوا الله عليه فأيبس الله يديه ورجليه فقال لإبراهيم قد علمت إن هذا عملك فادع الله لي فوالله لا اسؤك فيها فدعا له فأطلق الله يديه ورجليه ثم قال الملك إن هذه لامرأة لا ينبغي أن تخدم نفسها فوهب لها هاجر فخدمتها ما شاء الله ثم إنها غضبت عليها ذات يوم فحلفت لتغيرن منها ثلاثة أشياء فقال تخفضينها وتثقبين أذنيها ثم وهبتها لإبراهيم على أن لا يسوئها فيها فوقع عليها فعلقت فولدت إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام قال وكانت سارة كما حدثنا وثيمة بن موسى عن سلمة بن الفضل وعمرو بن الازهر أو أحدهما عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن عن أبي هريرة حين رأت أنها لا تلد أحبت أن تعرض هاجر على إبراهيم فكانت تمنعها الغيرة وكانت هاجر كما حدثنا وثيمة بن موسى عن سلمة بن الفضل وعمرو بن الأزهر أو
أحدهما أو كلاهما عن ابن إسحاق أول من جرت ذيلها لتخفي أثرها على سارة وكانت سارة قد حلفت لتقطعن منها عضوا فبلغ ذلك هاجر فلبست درعا لها وجرت ذيلها لتخفي أثرها وطلبتها سارة فلم تقدر عليها فقال إبراهيم هل لك أن تعفي عنها فقالت فكيف بما حلفت قال تخفضيها فيكون ذلك سنة للنساء فتبرين في يمينك ففعلت فمضت السنة بالخفض
ذكر ظفر العمالقة بمصر وأمر يوسف
(1/14)
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم توفي لوطيس بن ماليا فاستخلف ابنته حوريا ابنة لوطيس ولم يكن له ولد غيرها وهي أول امرأة ملكت قال ثم توفيت حوريا ابنة لوطيس فاستخلفت ابنة عمها زالفا ابنة ماموم بن ماليا فعمرت دهرا طويلا وكثروا ونموا وملؤا أرض مصر كلها وتشعبوا وملكوا النساء فطمعت فيهم العمالقة فغزاهم الوليد بن دومع فقاتلهم قتالا شديدا ثم رضوا أن يملكوه عليهم فملكهم نحوا من مائة سنة فطغى وتكبر وأظهر الفاحشة فسلط الله عليه سبعا فافترسه فأكل لحمه
والعماليق كما حدثنا عبد الملك بن هشام من ولد عملاق ويقال عمليق ابن لاوذ بن سام
حدثنا أبو الاسود وأسد بن موسى ويحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن
لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن ابن حجيرة قال استظل سبعون رجلا من قوم موسى في قحف رجل من العماليق
قال فملكهم من بعده ابنه الريان بن الوليد بن دومع وهو صاحب يوسف النبي عليه السلام فلما رأى الملك الرؤيا التي رآها وعبرها يوسف {صلى الله عليه وسلم} الرسل إليه الملك وأخرجه من السجن
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال فأتاه الرسول فقال ألق عنك ثياب السجن والبس ثيابا جددا وقم إلى الملك فدعا له أهل السجن وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة فلما أتاه رأى غلاما حدثا فقال أيعلم هذا رؤياي ولا يعلمها السحرة والكهنة وأقعده قدامه وقال له لا تخف قال عثمان وغيره في حديثهما فلما استنطقه وسأله عظم في عينيه وجل أمره في قلبه فدفع إليه خاتمه وولاه ما خلف بابه
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس قال وألبسه طوقا من ذهب وثياب حرير وأعطاه دابة مسرجة مزينة كدابة الملك وضرب بالطبل بمصر أن يوسف خليفة الملك حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني أبو سعد عن عكرمة أن فرعون قال ليوسف قد سلطتك على مصر غير أني أريد أن أجعل
كرسي أطول من كرسيك بأربع أصابع قال يوسف نعم
(1/15)
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال وأجلسه على السرير ودخل الملك بيته مع نسائه وفوض أمر مصر كلها إليه فبسبب عبارة رؤيا الملك ملك يوسف مصر قال أسد بن موسى قال حدثني الليث بن سعد قال حدثني بعض مشيخة لنا قال اشتد الجوع على أهل مصر فاشتروا الطعام بالذهب حتى لم يجدوا ذهبا فاشتروا بالفضة حتى لم يجدوا فضة فاشتروا بأغنامهم حتى لم يجدوا غنما فلم يزل يبيعهم الطعام حتى لم يبق لهم ذهب ولا فضة ولا شاة ولا بقرة في تلك السنتين فأتوه في الثالثة فقالوا له لم يبق لنا شيء إلا أنفسنا وأهلنا وأرضنا فاشترى يوسف أرضهم كلها لفرعون ثم أعطاهم يوسف طعاما يزرعونه على أن لفرعون الخمس
ذكر استنباط الفيوم
وفي ذلك الزمان استنبطت الفيوم وكان سبب ذلك كما حدثنا هشام بن إسحاق أن يوسف عليه السلام لما ملك مصر وعظمت منزلته من فرعون وجازت سنه مائة سنة قال وزراء الملك له أن يوسف قد ذهب علمه وتغير عقله ونفدت حكمته فعنفهم فرعون ورد عليهم مقالتهم وأساء اللفظ لهم فكفوا ثم عاودوه بذلك القول بعد سنين فقال
لهم هلموا ما شئتم من أي شيء أختبره به وكانت الفيوم يومئذ تدعى الجوبة وإنما كانت لمصالة ماء الصعيد وفضوله فاجتمع رأيهم على أن تكون هي المحنة التي يمتحون بها يوسف {صلى الله عليه وسلم} فقالوا لفرعون سل يوسف أن يصرف ماء الجوبة عنها ويخرجه منها فتزداد بلدا إلى بلدك وخراجا إلى خراجك فدعا يوسف {صلى الله عليه وسلم} فقال قد تعلم مكان ابنتي فلانة مني وقد رأيت إذا بلغت أن أطلب لها بلدا وأني لم أصب لها إلا الجوبة وذلك أنه بلد بعيد قريب لا يؤتي من وجه من الوجوه إلا من غابة وصحراء وكذلك هي ليست تؤتى من ناحية من النواحي من مصر إلا من مفازة وصحراء قال غير هشام فالغيوم وسط مصر كمثل مصر في وسط البلاد لأن مصر لا تؤتى من ناحية من النواحي إلا من صحراء أو مفازة
(1/16)
قال هشام في حديثة قال الملك وقد اقطعتها إياها فلا تتركن وجها ولا نظرا إلا بلغته فقال يوسف {صلى الله عليه وسلم} نعم أيها الملك متى أردت ذلك فابعث إلي فإني إن شاء الله فاعل قال إن أحبه إلي وأوفقه أعجله فأوحي إلى يوسف {صلى الله عليه وسلم} أن يحفر ثلاثة خلج خليجا من أعلى الصعيد من موضع كذا إلى موضع كذا وخليجا شرقيا من موضع كذا إلى موضع كذا وخليجا غربيا من موضع كذا إلى موضع كذا فوضع يوسف {صلى الله عليه وسلم} العمال فحفر خليج المنهى من أعلى أشمون إلى اللاهون وأمر البنائين أن يحفروا اللاهون وحفر خليج الفيوم وهو الخليج الشرقي وحفر خليجا بقرية يقال لها تيهمت من قرى الفيوم وهو الخليج الغربي فخرج
ماؤها من الخليج الشرقي فصب في النيل وخرج من الخليج الغربي فصب في صحراء تيهمت إلى الغرب فلم يبق في الجوبة ماء ثم أدخلها الفعلة فقطع ما كان فيها من القصب والطرفاء وأخرجه منها وكان ذلك ابتداء جري النيل وقد صارت الجوبة أرضا ريفية تربة وارتفع ماء النيل فدخل في رأس المنهى فجرى فيه حتى انتهى إلى اللاهون فقطعه إلى الفيوم فدخل خليجها فسقاها فصارت لجة من النيل وأخرج إليها الملك ووزارءه وكان هذا كله في سبعين يوما فلما نظر اليها الملك قال لوزرائه اولئك هذا عمل الف يوم فسميت الفيوم وأقامت تزرع كما تزرع غوائط مصر قال وقد سمعت في استخراج الفيوم وجها غير هذا
(1/17)
حدثنا يحيى بن خالد العدوي عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن يوسف النبي {صلى الله عليه وسلم} ملك مصر وهو ابن ثلاثين سنة فأقام يدبر أمرها أربعين سنة فقال أهل مصر قد كبر يوسف واختلف رأيه فعزلوه وقالوا اختر لنفسك من الموات أرضا نقطعكها لنفسك وتصلحها ونعلم رأيك فيها فإن رأينا من رأيك وحسن تدبيرك ما نعلم أنك في زيادة من عقلك رددناك إلى ملكك فاعترض البرية في نواحي مصر فاختار موضع الفيوم كلها فأعطيها فشق إليها الخليج المنهى من النيل حتى أدخله الفيوم كلها وفرغ من حفر ذلك كله في سنة وبلغنا أنه إنما عمل ذلك بالوحي وقوي على ذلك بكثرة الفعلة والأعوان فنظروا فإذا الذي أحياه يوسف من الفيوم لا يعلمون له بمصر كلها
مثلا ولا نظيرا فقالوا ما كان يوسف {صلى الله عليه وسلم} قط أفضل عقلا ولا رأيا ولا تدبيرا منه اليوم فردوا إليه الملك فأقام ستين سنة أخرى تمام مائة سنة حتى مات يوم مات وهو ابن ثلاثين ومائة سنة والله أعلم
(1/18)
ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق قال ثم بلغ يوسف {صلى الله عليه وسلم} قول وزراء الملك وأنه إنما كان ذلك منهم على المحنة منهم له فقال للملك إن من الحكمة والتدبير غير ما رأيت فقال له الملك وما ذاك قال أنزل الفيوم من كل كورة من كور مصر أهل بيت وآمر أهل كل بيت أن يبنوا لأنفسهم قرية وكانت قرى الفيوم على عدد كور مصر فإذا فرغوا من بناء قراهم صيرت لكل قرية من الماء بقدر ما أصير لها من الأرض لا يكون في ذلك زيادة عن أرضها ولا نقصان وأصير لكل قرية شربا في زمان لا ينالهم الماء إلا فيه وأصير مطأطئا للمرتفع ومرتفعا للمطأطيء بأوقات من الساعات في الليل والنهار وأصير لها قبضات ولا يقصر بأحد دون حقه ولا يزاد فوق قدره فقال فله فرعون هذا من ملكوت السماء قال نعم فبدا يوسف {صلى الله عليه وسلم} فأمر ببنيان القرى وحد لها حدودا وكانت أول قرية عمرت بالفيوم قرية يقال لها شنانة وهي القرية التي كانت تنزلها بنت فرعون ثم أمر بحفر الخليج وبنيان القناطر فلما فرغوا من ذلك استقبل وزن الارض ووزن الماء ومن يومئذ أحدثت الهندسة ولم يكن الناس يعرفونها قبل ذلك قال وكان أول من قاس النيل بمصر يوسف عليه السلام ووضع مقياسا بمنف ثم وضعت العجوز دلوكة ابنة زباء وهي
صاحبة حائط العجوز مقياسا بانصناء وهو صغير الذرع ومقياسا بإخميم ووضع عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان وهو صغير ووضع أسامة بن زيد التنوخي في خلافة الوليد مقياسا بالجزيرة وهو أكبرها
(1/19)
حدثنا يحيى بن بكير قال أدركت القياس يقيس في مقياس منف ويدخل بزيادته إلى الفسطاط دخول أهل يوسف مصر ووفاة يعقوب وفي زمان الريان بن الوليد دخل يعقوب عليه السلام وولده مصر كما حدثنا هشام بن إسحاق وهم ثلاثة وسبعون نفسا بين رجل وامرأة فأنزلهم يوسف عليه السلام ما بين عين شمس إلى الفرما وهي أرض ريفية تربة حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال دخل مصر يعقوب وولده وكانوا سبعين نفسا وخرجوا وهم ست مائة ألف
حدثنا اسد بن موسى قال حدثنا اسرائيل عن أبي إسحاق عن مسروق قال دخل أهل يوسف وهم ثلاثة وتسعون إنسانا وخرجوا وهم ست مائة ألف وأدخل يوسف كما حدثنا أسد عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أباه وخمسة من إخوته على الملك فسلموا عليه
(1/20)
وأمر أن يقطع لهم من الأرض وكان يعقوب لما دنا من مصر أرسل يهودا إلى يوسف فخرج إليه يوسف فلقيه فالتزمه وبكى ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق قال فلما دخل يعقوب على فرعون فكلمه وكان يعقوب {صلى الله عليه وسلم} شيخا كبيرا حليما حسن الوجه واللحية جهير الصوت فقال له فرعون كم أتى عليك أيها الشيخ قال عشرون ومائة سنة وكان بمين ساحر فرعون قد وصف صفة يعقوب ويوسف وموسى عليهم السلام في كتبه وأخبر أن خراب مصر وهلاك أهلها يكون على أيديهم ووضع البربايات وصفات من تخرب مصر على يديه فلما رأى يعقوب قام إلى مجلسه فكان أول ما سأله عنه أن قال له من تعبد أيها الشيخ قال له يعقوب أعبد الله إله كل شيء فقال له كيف تعبد ما لا ترى قال له يعقوب إنه أعظم وأجل من أن يراه أحد قال بمين فنحن نرى آلهتنا قال يعقوب عليه السلام إن آلهتكم من عمل أيدي بني آدم ممن يموت ويبلى وإن إلهي أعظم وأرفع وهو أقرب إلينا من حبل الوريد فنظر بمين إلى فرعون فقال هذا الذي يكون هلاك بلادنا على يديه قال فرعون افي أيامنا أو في أيام غيرنا قال ليس في أيامك ولا في أيام بنيك أيها الملك قال الملك هل تجد هذا فيما قضى به إلهكم قال نعم قال فكيف نقدر أن نقتل من يريد إلهه هلاك قومنا على يديه فلا تعبأ بهذا الكلام
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني أبو حفص الكلاعي عن تبيع عن كعب أن يعقوب عاش في أرض مصر ست عشرة سنة فلما حضرته الوفاة قال ليوسف لا تدفني بمصر وإذا مت فاحملوني فادفنوني في مغارة جبل حبرون
وحبرون كما حدثنا أسد بن موسى عن خالد عن الكلبي عن ابي صالح مسجد إبراهيم {صلى الله عليه وسلم} اليوم وبينه وبين بيت المقدس ثمانية عشر ميلا ثم رجع إلى حديث الكلاعي عن تبيع عن كعب قال فلما مات لطخوه بمر وصبر قال غير أسد وجعلوه في تابوت من ساج
(1/21)
قال أسد في حديثه فكانوا يفعلون ذلك به أربعين يوما حتى كلم يوسف فرعون وأعلمه أن أباه قد مات وأنه سأله أن يقبره في أرض كنعان فأذن له وخرج معه أشراف أهل مصر حتى دفن وانصرفوا
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عمن حدثه قال قبر يعقوب عليه السلام بمصر فأقام بها نحوا من ثلاث سنين ثم حمل إلى بيت المقدس أوصاهم بذلك عند موته والله أعلم
وفاة يوسف
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال ثم مات الريان بن الوليد
العملاقي وهو فرعون يوسف عليه السلام فملكهم من بعده ابنه دارم بن الريان قال غير عثمان وفي زمانه توفي يوسف {صلى الله عليه وسلم} فلما حضرته الوفاة قال إنكم ستخرجون من أرض مصر إلى أرض آبائكم
كما حدثنا اسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني ابو حفص الكلاعي عن تبيع عن كعب قال يوسف فاحملوا عظامي معكم فمات فجعلوه في تابوت ودفنوه حدثنا محمدبن اسعد قال حدثنا أبو الاحوص عن سماك بن حرب قال دفن يوسف {صلى الله عليه وسلم} في أحد جانبي النيل فأخصب الجانب الذي كان فيه وأجدب الجانب الآخر فحولوه إلى الجانب الآخر فأخصب الجانب الذي حولوه إليه وأجدب الجانب الآخر فلما رأوا ذلك جمعوا عظامه فجعلوها في صندوق من حديد وجعلوا فيه سلسلة وأقاموا عمودا على شاطئ النيل وجعلوا في اصله سكة من حديد وجعلوا السلسلة في السكة وألقوا الصندوق في وسط النيل فأخصب الجانبان جميعا
حدثنا العباس بن أبي طالب قال حدثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس عن الحسن ان يوسف عليه السلام القي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ومكث إلى أن لقي يعقوب عليه السلام وأهله ثمانين سنة ثم عاش بعد ذلك ثلاثة وعشرين سنة فمات وهو ابن مائة سنة وعشرين سنة
ويقال وتوفي وهو ابن ثلاثين ومائة سنة
ملوك مصر بعد زمان يوسف
(1/22)
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ثم إن دارما طغا بعد يوسف {صلى الله عليه وسلم} وتكبر وأظهر عبادة الأصنام فركب في النيل في سفينة فبعث الله عز وجل عليه ريحا عاصفا فأغرقته ومن كان معه فيما بين طرا إلى موضع حلوان فملكهم من بعده كامس بن معدان وكان جبارا عاتيا
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبدالله عن أبي حفص الكلاعي عن تبيع عن كعب قال لما مات يوسف النبي {صلى الله عليه وسلم} استعبد أهل مصر بني اسرائيل ثم رجع إلى حديث عثمان قال ثم هلك كامس بن معدان فملكهم بعده فرعون موسى
قال غير عثمان واسمه طلما قبطي من قبط مصر حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الليث بن سعد وابن لهيعة أو أحدهما يقول كان فرعون قبطيا من قبط مصر يقال له طلما
حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا عبد الله بن ابي فاطمة عن مشايخه قال أنه كان من فران بن بلى واسمه الوليد بن مصعب وكان قصيرا أبرشا يطاء في لحبته
حدثنا سعيد بن عفير عن هانى ء بن المنذر أنه كان من العماليق وكان يكنى بإبي مره
حدثنا يزيد بن أبي سلمة عن جرير عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال كان فرعون أثرم ويقال بل هو رجل من لخم والله اعلم
(1/23)
فمن زعم أنه من العماليق فقد ذكرنا السبب الذي به ملكت العماليق مصر ومن زعم أنه من فران بن بلي فإن سعيد بن عفير حدثنا قال حدثنا عبدالله بن أبي فاطمة عن مشايخه أن ملك مصر توفي فتنازع الملك جماعة من أبناء الملك ولم يكن الملك عهد ولما عظم الخطب بينهم تداعوا إلى الصلح فاصطلحوا عن أن يحكم بينهم أول من يطلع من الفج فج الجبل فأطلع فرعون بين عديلتي نطرون قد أقبل بهما ليبيعهما وهو رجل من فران بن بلي واسمه الوليد بن مصعب وكان قصيرا ابرص يطأطى ء في لحيته فاستوقفوه وقالوا أنا قد جعلناك حكما بيننا فيما تشاجرنا فيه من الملك وأتوه مواثيقهم على الرضى فلما استوثق منهم قال إني قد رأيت أن أملك نفسي عليكم فهو أذهب لضغائنكم وأجمع لأموركم والأمر من بعد إليكم فأمروه عليهم لنفاسة بعضهم بعضا واقعدوه في دار الملك بمنف فأرسل إلى صاحب أمر كل رجل منهم فوعده ومناه أن
يملكه على ملك صاحبه ووعدهم ليلة يقتل فيها كل رجل منهم صاحبه ففعلوا ودان له أولئك بالربوبية ولم يكن له تكبر الملوك والله أعلم فملكهم نحوا من خمسمائة سنة وكان من أمره وأمر موسى {صلى الله عليه وسلم} ما قص الله تبارك وتعالى من خبرهم في القران
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فأقام فرعون ملك مصر خمس مائة سنة حتى أغرقه الله عز وجل
(1/24)
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي قال سمعت أبا الأشرس يقول مكث فرعون أربع مائة سنة الشباب يغدو عليه ويروح حدثنا أبي قال حدثنا خلاد بن سليمان قال سمعت إبراهيم بن مقسم قال مكث فرعون أربع مائة سنة لم تصدع له رأس وكان يملك فيما يذكرما بين مصر إلى أفريقية وكان يقعد على كراسي فرعون كما حدثنا أسد عن خالد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مائتان عليهم الديباج وأساور الذهب وقد كان استعمل هامان على الناس فقال يا هامان ابني لي صرحا لعلي ابلغ الأسباب أسباب السموات يعنير أن من كل سماء إلى سماء سبب وشغل الله عز وجل فرعون بالآيات التي جابها موسى {صلى الله عليه وسلم} ولم يبن له هامان الصرح
حمل عظام يوسف الى الشام
(1/25)
قال وفي زمانه حملت عظام يوسف {صلى الله عليه وسلم} من مصر إلى الشأم وكان سبب حمله فيما حدثنا محمد بن اسعد الثعلبي عن أبي الأحوص عن سماك بن حرب أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أقبل وهو قافل من الشأم ومعه زيد بن حارثة فمر ببيت شعر فرد وقد أمسيا فدنيا من البيت فقال السلام عليكم فرد رب البيت فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ضيف قال أنزل فبات في قرى فلما اصبح وأراد الرحيل قال الشيخ اصيبوا من بقية قراكم فأصابوا ثم ارتحل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فلما ظهر أمر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وفتح الله عليه جاءالشيخ على راحلته حتى أناخ بباب المسجد ثم دخل فجعل يتصفح وجوه الرجال فقالوا له هذاك رسول الله فقال رسول الله ما حاجتك قال والله ما أدري إلا أنه نزل بي رجل فأكرمت قراه فقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وإنك لفلان قال نعم قال فكيف أم فلان قال بخير قال فكيف حالكم قال بخير وقد كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال له حين ارتحل من عنده إذا سمعت بنبي يقد ظهر بتهامه فأته فإنك تصيب منه خيرا فقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} تمن ما شئت فإنك لن تتمنى اليوم شيئا إلا أعطيتكه قال فأني أسألك ضأنا ثمانين قال فضحك رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم قال يا عبد الرحمن بن عوف قم فأوفه إياها ثم أقبل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} على أصحابه فقال ما كان أحوج هذا الشيخ إلى أن يكون مثل عجوز موسى قال قلنا يا رسول الله وما عجوز موسى {صلى الله عليه وسلم} قال بنت
(1/26)
يوسف {صلى الله عليه وسلم} عمرت حتى صارت عجوزا كبيرة ذاهبة البصر فلما أسرى موسى {صلى الله عليه وسلم} ببني إسرائيل غشيتهم ضبابة حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه وقيل لموسى لن تعبر إلا ومعك عظام يوسف قال ومن يدري أين موضعها قالوا بنته عجوز كبيرة ذاهبه البصر تركناها في الديار قال فرجع موسى فلما سمعت حسه قالت موسى قال موسى قالت ما ردك قال أمرت أن أحمل عظام يوسف قالت ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم قال دليني على عظام يوسف عليه السلام قالت لا أفعل إلا أن تعطيني ما سألتك قال فلك ما سألت قالت خذ بيدي فأخذ بيدها فانتهت به إلى عمود على شاطى ء النيل في أصله سكة من حديد موتدة فيها سلسلة فقالت إنا كنا دفناه من ذلك الجانب فأخصب ذلك الجانب وأجدب هذا الجانب فحولناه إلى هذا الجانب فأخصب هذا الجانب وأجدب ذلك الجانب الآخر فلما رأينا ذلك جمعنا عظامه فجعلناها في صندوق من حديد وألقيناها في وسط النيل فأخصب الجانبان جميعا قال فحمل موسى الصندوق على رقبته وأخذ بيدها فألحقها بالعسكر وقال لها سلي ما شئت قالت فإني أسألك أن أكون أنا وأنت في درجه واحدة في الجنة وترد علي شبابي وبصري حتى أكون شابة كما كنت قال فلك ذلك
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان يوسف عليه السلام قد عهد عند موته أن يخرجوا بعظامه معهم من مصر قال فتجهز القوم وخرجوا فتحيروا فقال لهم موسى إنما تحيركم هذا من أجل عظام يوسف عليه السلام فمن يدلني عليها فقالت عجوز يقال لها سارح ابنة آشار بن يعقوب أنارأيت عمي يعني يوسف عليه السلام حين دفن فما تجعل لي إن دللتك عليه قال حكمك قال فدلته عليها فأخذ عظام يوسف ثم قال احتكمي قالت أكون معك حيث كنت في الجنة
حدثنا عثمان بن صالح قال اخبرني ابن لهيعة عمن حدثه قال قبر يوسف {صلى الله عليه وسلم} بمصر فأقام بها نحوا من ثلاث مائة سنة ثم حمل إلى بيت المقدس
خروج بني إسرائيل من مصر
(1/27)
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم غرق الله عز وجل فرعون وجنوده في اليم حين أتبع بني اسرائيل وغرق معه من أشراف أهل مصر وأكابرهم ووجوههم أكثر من ألفي ألف
وكان سبب اتباع فرعون بني اسرائيل كما حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أن ) أسر بعبادي ( قال وكان
بنو إسرائيل استعاروا من قوم فرعون حليا وثيابا وقالوا إن لنا عيدا نخرج إليه فخرج بهم موسى ليلا وهم ست مائة ألف وثلاثة آلالف ونيف ليس فيهم ابن ستين ولا ابن عشرين فذلك قول فرعون ) إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون (
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا المسعودي عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال خرجوا من مصر وهم ست مائة ألف وسبعون ألفا فقال فرعون إن هؤلاء لشرذمة قليلون ثم رجع إلى حديث أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال وخرج فرعون ومعه خمس مائة ألف سوى المجنبتين والقلب
قال خالد حدثنا أبو سعيد عن عكرمة قال لم يخرج مع فرعون من زاد على الأربعين ولا من دون العشرين فذلك قول الله عز وجل ) فاستخف قومه فأطاعوه ( يعني استخف قومه في طلب موسى حدثنا أسد قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال خرج موسى {صلى الله عليه وسلم} ببني اسرائيل فلما اصبح فرعون أمر بشاة فأتي بها فأمر بها تذبح ثم قال لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندي خمس مائة ألف من القبط فاجتمعوا إليه فقال لهم فرعون إن هؤلاء لشرذمة قليلون وكان
(1/28)
أصحاب موسى {صلى الله عليه وسلم} ست مائة ألف وسبعين ألفا قال فسلك موسى وأصحاب طريقا يابسا في البحر فلما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل آخر أصحاب فرعون اصطدم عليهم البحر فما روي سواد أكثر من يومئذ وغرق فرعون فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما انتهى موسى إلى البحر أقبل يوشع بن نون على فرسه فمشى على الماء واقحم غيره خيولهم فرسبوا في الماء وخرج فرعون في طلبهم حين أصبح وبعد ما طلعت الشمس وذلك قوله عز وجل ) فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ( فدعا موسى {صلى الله عليه وسلم} ربه عز وجل فغشيتهم ضبابة حالت بينهم وبينه وقيل له ) اضرب بعصاك البحر ( ففعل ) فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ( يعني الجبل فانفلق فيه اثنا عشر طريقا فقالوا إنا نخاف أن نوحل فيه الخيل فدعا موسى ربه فهبت عليهم الصبا فجف فقالوا نخاف أن يغرق منا ولا نشعر فقال لعصاه فثقب
الماء فجعل بينهم كوا حتى يرى بعضهم بعضا ثم دخلوا حتى جاوزوا البحر وأقبل فرعون حتى انتهى إلى الموضع الذي عبر منه موسى {صلى الله عليه وسلم} وطرقه على حاله فقال ادلاءه إن موسى قد سحر البحر حتى صار كما ترى وهو قوله تبارك وتعالى ) واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ( يعني كما حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز وجل ) واترك البحر رهوا ( قال سمتا
حدثني حفص بن عمر العدني قال حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال طريقا حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي صخر عن محمد بن كعب القرظي قال طريقا مفتوحا حدثنا أبو سهل أحمد بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا اسرائيل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال مفتوحا
(1/29)
حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال سهلا دمثا وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الرهو السهل ثم رجع إلى حديث أسد عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس فجد هاهنا حتى تلحقهم وهو مسيرة ثلاثة أيام في البر وكان فرعون يومئذ على
حصان فأقبل جبريل {صلى الله عليه وسلم} على فرس انثى في ثلاثة وثلاثين من الملائكة فتفرقوا في الناس وتقدم جبريل {صلى الله عليه وسلم} فسار بين يدي فرعون وتبعه فرعون وصاحت الملائكة في الناس الحقوا الملك حتى إذا دخل آخرهم ولم يخرج أولهم التقى البحر عليهم فغرقوا فسمع بنو إسرائيل وجبة البحر حين التقوا فقالوا ما هذا فقال موسى غرق فرعون وأصحابه فرجعوا ينظرون فألقاهم البحر على الساحل
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا الحسن بن بلال عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لما غرق الله عز وجل آل فرعون قال فرعون ) آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ( قال جبريل يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حماء البحر فأدسه في في فرعون مخافة أن تدركه الرحمة
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا ابو علي عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن مجاهد قال كان جبريل بين الناس وبين بني اسرائيل وبين آل فرعون فجعل يقول لبني اسرائيل ليلحق آخركم بأولكم ويستقبل آل فرعون فيقول رويدكم ليلحقكم آخركم فقالت بنو اسرائيل
(1/30)
ما رأينا سائقا أحسن سياقا من هذا وقال آل فرعون ما رأينا وازعا أحسن زعة من هذا فلما انتهى موسى وبنو اسرائيل إلى البحر قال مؤمن آل فرعون يا نبي الله اين أمرت هذا البحر أمامك وقد غشينا آل فرعون فقال أمرت بالبحر فاقحم مؤمن آل فرعون فرسه فرده التيار فقال يا نبي الله أين أمرت فقال بالبحر فأقحم أيضا فرسه فرده التيار فجعل موسى {صلى الله عليه وسلم} لا يدري كيف يصنع وكان الله عز وجل قد اوحى إلى البحر أن أطع موسى وآية ذلك إذا ضربك بعصاه ثم رجع إلى حديث أسد عن خالد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال وخرج فرعون ومقدمته خمس مائة ألف سوى المجنبتين والقلب ويقال أن موسى عليه السلام قتل عوجا بمصر
قال خالد وحدثنا أبو سعيد عن عكرمة قال لم يخرج مع فرعون من زاد على أربعين سنة ومن دون العشرين وذاك قوله تبارك وتعالى ) فاستخف قومه فأطاعوه ( يعني استخف قومه في طلب موسى قال وحدثنا أسد عن اسرائيل عن أبي إسحق عن عمرو بن ميمون قال خرج موسى ببني اسرائيل فلما أصبح فرعون أمر بشاة فأتي بها فأمر بها تذبح ثم قال لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندي خمس مائة ألف فارس من القبط فاجتمعوا إليه فقال لهم فرعون ) إن هؤلاء لشرذمة قليلون ( وكان أصحاب موسى ست مائة ألف وسبعين ألفا قال فسلك موسى وأصحابه طريقا يابسا في البحر فلما خرج أصحاب موسى وتكامل آخر
أصحاب فرعون اضطرم عليهم البحر فما رئي سواد أكثر من يومئذ قال وغرق فرعون فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه
حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا أبو إسحاق قال زهير أراه عن نوف يعني البكائي قال كان طول سرير عوج الذي قتله موسى ثماني مائة ذراع وعرضه أربع مائة ذراع وكانت عصا موسى {صلى الله عليه وسلم} عشرة اذرع ووثبته حين وثب إليه عشرة أذرع وطول موسى كذا وكذا فضربه فأصاب كعبه فخر على نيل مصر فجسره للناس عاما يمرون على صلبه واضلاعه
الملكة دلوكة
(1/31)
ثم رجع إ لى حديث عثمان وغيره قال فبقيت مصر بعد غرقهم ليس فيها من أشراف أهلها أحد ولم يبق بها إلا العبيد والاجراء والنساء فأعظم أشراف من بمصر من النساء أن يولين منهم أحدا وأجمع رأيهن على أن يولين امرأة منهن يقال لها دلوكة إبنة زباء وكان لها عقل ومعرفة وتجارب وكانت في شرف منهن وموضع وهي يومئذ بنت مائة سنة وستين سنة فملكوها فخافت أن يتناولها ملوك الأرض فجمعت نساءالأشراف
فقالت لهن إن بلادنا لم يكن يطمع فيها أحد ولا يمد عينه إليها وقد هلك أكابرنا وأشرافنا وذهب السحرة الذين كنا نقوى بهم وقد رأيت أن أبني حصناأحدق به جميع بلادنا فأضع عليه المحارس من كل ناحية فإنا لا نأمن أن يطمع فينا الناس فبنت جدارا أحاطت به على جميع أرض مصر كلها المزارع والمدائن والقرى وجعلت دونه خليجا يجري فيه الماء وأقامت القناطر والترع وجعلت فيه محارس ومسالح على كل ثلاثة أميال محرس ومسلحة وفيما بين ذلك محارس صغار على كل ميل وجعلت في كل محرس رجالا وأجرت عليهم الأرزاق وأمرتهم أن يحرسوا بالأجراس فإذا أتاهم أحد يخافونه ضرب بعضهم إلى بعض بالأجراس فأتاهم الخبر من أي وجه كان في ساعة واحدة فنظروا في ذلك فمنعت بذلك مصر ممن أرادها
قال غير عثمان وفرغت من بنائها في ستة أشهر وهو الجدار الذي يقال له جدار العجوز بمصر وقد بقيت بالصعيد منه بقايا كثيرة
البرابي
حدثنا عثمان بن صالح في حديثه قال وكان ثم عجوز ساحرة يقال لها تدورة وكانت السحرة تعظمها وتقدمها في علمهم وسحرهم فبعث
(1/32)
إليها دلوكة إبنة زباء أنا قد احتجنا إلى سحرك وفزعنا إليك ولا نأمن أن تطمع فينا الملوك فاعملي لنا شيئا نغلب به من حولنا فقد كان فرعون يحتاج إليك فكيف وقد ذهب أكابرنا وبقي أقلنا فعملت بربا من حجارة في وسط مدينة منف وجعلت له أربعة أبواب كل باب منها إلى جهة القبلة والبحر والغرب والشرق وصورت فيه صور الخيل والبغال والحمير والسفن والرجال وقالت لهم قد عملت لكم عملا يهلك به كل من أرادكم من كل جهة تؤتون منها برا وبحرا وهذا ما يغنيكم عن الحصن ويقطع عنكم مؤنته فمن أتاكم من أي جهة فإنهم إن كانوا في البر على خيل أو بغال أو إبل أو في سفن أو رجالة تحركت هذه الصور من جهتهم التي يأتون منها فما فعلتم بالصور من شيء أصابهم ذلك في أنفسهم على ما تفعلون بهم فلما بلغ الملوك حولهم أن أمرهم قد صار إلى ولاية النساء طمعوا فيهم وتوجهوا إليهم فلما دنوا من عمل مصر تحركت تلك الصور التي في البربا فطفقوا لا يهيجون تلك الصور بشيء ولا يفعلون بها شيئا إلا أصاب ذلك الجيش الذي أقبل إليهم مثله إن كانت خيلا فما فعلوا بتلك الخيل المصورة في البربا من قطع رؤوسها أو سوقها أو فقء أعينها أو بقر بطونها أثر مثل ذلك بالخيل التي أرادتهم وإن كانت سفنا أو رجالة فكمثل ذلك وكانوا أعلم الناس بالسحر وأقواهم عليه وانتشر ذلك فتناذرهم الناس وكان نساء أهل مصر حين غرق من غرق منهم مع فرعون من أشرافهم ولم يبق إلا العبيد والأجراء لم يصبرن عن الرجال فطفقت المرأة تعتق عبدها وتتزوجه وتتزوج الأخرى أجيرها وشرطن على
الرجال أن لا يفعلوا شيئا إلا بإذنهن فأجابوهن إلى ذلك فكان أمر النساء على الرجال
قال عثمان فحدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب إن نساء القبط على ذلك إلى اليوم اتباعا لما مضى منهم لا يبيع أحدهم ولا يشتري إلا قال أستأمر امرأتي
ملوك مصر بعد العجوز دلوكة
(1/33)
فملكتهم دلوكة إبنة زباء عشرين سنة تدبر أمرهم بمصر حتى بلغ صبي من أبناء أكابرهم وأشرافهم يقال له دركوس بن بلطيوس فملكوه عليهم فلم تزل مصر ممتنعة بتدبير تلك العجوز نحوا من أربع مائة سنة
قال ثم مات دركوس بن بلطيوس فاستخلف ابنه بورس بن دركوس ثم توفي بورس بن دركون فاستخلف أخاه لقاس بن تدارس فلم يمكث إلا ثلاث سنين حتى مات ولم يترك ولدا فاستخلف أخاه مرينا بن مرينوس قال ثم توفي مرينا بن مرينوس فاستخلف استمارس بن مرينا فطغا وتكبر وسفك الدم وأظهر الفاحشة فأعظموا ذلك
واجمعوا على خلعه فخلعوه وقتلوه وبايعوا رجلا من أشرافهم يقال له بلوطس بن مناكيل فملكهم أربعين سنة ثم توفي بلوطس بن مناكيل واستخلف إبنه مالوس بن بلوطس ثم توفي مالوس بن بلوطس فاستخلف أخاه مناكيل بن بلوطس بن مناكيل فملكهم زمانا ثم توفي فاستخلف ابنه بولة بن مناكيل فملكهم مائة سنة وعشرين سنة وهو الأعرج الذي سبى ملك بيت المقدس وقدم به إلى مصر وكان بولة قد تمكن في البلاد وبلغ مبلغا لم يبلغه أحد ممن كان قبله بعد فرعون وطغا فقتله الله عز وجل صرعته دابته فدقت عنقه فمات
حدثنا أسد بن موسى عن عبدالله بن خالد عن خالد بن عبد الله قال حدثنا الكلاعي عن تبيع عن كعب قال لما مات سليمان بن داود {صلى الله عليه وسلم} ملك بعده مرحب عم سليمان فسار إليه ملك مصر فقاتله وأصاب أتراس الذهب التي عملها سليمان {صلى الله عليه وسلم} فذهب بها
أخبرني شيخ من أهل مصر من أهل العلم أن المخلوع الذي خلعه أهل مصر إنما هو بولة وذلك أنه دعا الوزراء ومن كانت الملوك قبله تجري عليهم الأرزاق والجوائز فكأنه استكثر ذلك فقال لهم إني أريد أن أسألكم عن أشياء فإن اخبرتموني بها زدت في أرزاقكم ورفعت من أقداركم وإن أنتم لم تخبروني بها ضربت أعناقكم فقالوا له سلنا عما شئت فقال لهم أخبروني ما يفعل الله تبارك وتعالى في كل يوم وكم عدد نجوم السماء
(1/34)
وكم مقدار ما تستحق الشمس في كل يوم على ابن آدم فاستأجلوه فأجلهم في ذلك شهرا وكانوا يخرجون في كل يوم إلى خارج مدينة منف فيقفون في ظل قرموس يتباحثون ما هم فيه ثم يرجعون وصاحب القرموس ينظر إليهم فأتاهم ذات يوم فسألهم عن أمرهم فأخبروه فقال لهم عندي علم ما تريدون إلا أن لي قرموسا لا أستطيع أن أعطله فليقعد رجل منكم مكاني يعمل فيه وأعطوني دابة كدوابكم وألبسوني ثيابا كثيابكم ففعلوا وكان في المدينة إبن لبعض ملوكهم قد ساءت حالته فأتاه صاحب القرموس فسأله القيام بملك أبيه وطلبه فقال ليس يخرج هذا يريد الملك من مدينة منف فقال أنا أخرجه لك وجمع له مالا ثم أقبل صاحب القرموس حتى دخل على بولة فأخبره أن عنده علم ما سأل عنه فقال له أخبرني كم عدد نجوم السماء فأخرج صاحب القرموس جرابا من الرمل كان معه فنثره بين يديه وقال له مثل عدد هذا قال وما يدريك قال مر من يعده قال فكم مقدار ما تستحق الشمس في كل يوم على ابن آدم قال قيراطا لأن العامل يعمل يومه إلى الليل فيأخذ ذلك في أجرته قال فما يفعل الله عز وجل كل يوم قال له أريك ذلك غدا فخرج معه حتى أوقفه على أحد وزرائه الذي أقعده صاحب القرموس مكانه فقال له يفعل الله عز وجل كل يوم أن يذل قوما ويعز قوما ويميت قوما ومن ذلك أن هذا وزير من وزرائك قاعد يعمل على قرموس وأنا صاحب قرموس على دابة من دواب الملوك وعلي من لباسهم او كما قال له إن فلان بن فلان أغلق عليك مدينة منف فرجع مبادرا فإذا مدينة منف قد أغلقت ووثبوا مع الغلام على بولة فخلعوه فوسوس فكان يقعد على باب مدينة منف يوسوس ويهذي فذلك
قول القبط إذا كلم أحدهم بما لا يريد قال سجناك من بولة يريد بذلك الملك لوسوسته والله أعلم
(1/35)
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم استخلف مرينوس بن بولة فملكهم زمانا ثم توفي واستخلف ابنه قرقورة بن مرينوس فملكهم ستين سنة ثم توفي واستخلف أخاه لقاس بن مرينوس وكان كلما انهدم من ذلك البربا الذي فيه الصور شيء لم يقدر أحد على إصلاحه إلا تلك العجوز وولدها وولد ولدها وكانوا أهل بيت لا يعرف ذلك غيرهم فانقطع أهل ذلك البيت وانهدم من البربا موضع في زمان لقاس بن مرينوس فلم يقدر أحد على إصلاحه ومعرفة علمه وبقي على حاله وانقطع ما كانوا يقهرون به الناس وبقوا كغيرهم إلا أن الجمع كثير والمال عندهم
دخول بخت نصر مصر
قال ثم توفي لقاس واستخلف ابنه قومس بن لقاس فملكهم دهرا فلما قدم بخت نصر بيت المقدس كما حدثنا وثيمة بن موسى وغيره وظهر على بني إسرائيل وسباهم وخرج بهم إلى أرض بابل أقام إرميا بأيلياء وهي خراب ينوح عليها ويبكي فاجتمع إلى إرميا بقايا من بني
(1/36)
إسرائيل كانوا متفرقين حين بلغهم مقامه بأيلياء فقال لهم إرميا أقيموا بنا في أرضنا لنستغفر الله ونتوب إليه لعله يتوب علينا فقالوا إنا نخاف أن يسمع بنا بخت نصر فيبعث إلينا ونحن شرذمة قليلون ولكنا نذهب إلى ملك مصر فنستجير به وندخل في ذمته فقال لهم إرميا ذمة الله عز وجل أوفي الذمم لكم ولا يسعكم أمان أحد من الأرض أن أخافكم فانطلق اولئك النفر من بني إسرائيل إلى قومس بن لقاس واعتصموا به لما يعلمون من منعته وشكوا إليه شأنهم فقال أنتم في ذمتي فأرسل إليه بخت نصر إن لي قبلك عبيدا أبقوا مني فابعث بهم إلي فكتب إليه قومس ما هم بعبيدك هم أهل النبوة والكتاب وأبناء الأحرار اعتديت عليهم وظلمتهم فحلف بخت نصر لئن لم يردهم ليغزون بلاده وألجا جميعا وأوحى الله إلى إرميا إني مظهر بخت نصر على هذا الملك الذي اتخذوه حرزا وإنهم لو أطاعوا أمرك ثم أطبقت عليهم السماء والأرض لجعلت لهم من بينهما مخرجا وإني أقسم بعزتي لأعلمنهم أنه ليس لهم محيص ولا ملجأ إلا طاعتي واتباع أمري فلما سمع بذلك إرميا رحمهم وبادر إليهم فقال إن لم تطيعوني أسركم بخت نصر وقتلكم وآية ذلك إني رأيت موضع سريره الذي يضعه بعد ما يظفر بمصر ويملكها ثم عمد فدفن أربعة أحجار في الموضع الذي يضع فيه بخت نصرسريره وقال يقع كل قائمة من سريره على حجر منها فلجوا في رأيهم فسار بخت نصر إلى قومس بن لقاس ملك مصر فقاتله سنة ثم ظفر بخت نصر فقتل قومس وسبى جميع أهل مصر وقتل من قتل فلما أراد قتل من أسر منهم وضع له سريره في الموضع الذي وصف إرميا ووقعت كل قائمة من سريره على حجر من تلك الحجارة التي دفن فلما أتي بالأسارى أتى معهم إرميا فقال له بخت نصر ألا أراك مع
(1/37)
أعدائي بعد أن أمنتك وأكرمتك فقال له إرميا إنما جئتهم محذرا واخبرتهم خبرك وقد وضعت لهم علامة تحت سريرك وأريتهم موضعه قال بخت نصر وما مصداق ذلك قال إرميا إرفع سريرك فإن تحت كل قائمة منه حجرا دفنته فلما رفع سريره وجد مصداق ذلك فقال لإرميا لو أعلم أن فيهم خيرا لوهبتهم لك فقتلهم وأخرب مدائن مصر وقراها وسبى جميع أهلها ولم يترك بها أحدا حتى بقيت مصر أربعين سنة خرابا ليس فيها ساكن يجري نيلها ويذهب لا ينتفع به فأقام إرميا بمصر واتخذ بها جنينة وزرعا يعيش به فأوحى إليه الله إن لك عن الزرع والمقام بمصر شغلا فكيف تسعك أرض وأنت تعلم سخطي على قومك فالحق بأيليا حتى يبلغ كتابي أجله فخرج منها إرميا حتى أتى بيت المقدس ثم إن بخت نصر رد أهل مصر إليها بعد اربعين سنة فعمروها فلم تزل مصر مقهورة من يومئذ
وحدثنا إبي عبدالله بن عبد الحكم وأبو الأسود قالا حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الرحمن بن غانم الأشعري أنه قدم من الشأم إلى عبدالله بن عمرو بن العاص فقال له عبد الله بن عمرو ما أقدمك إلى بلادنا قال أنت قال لماذا قال كنت تحدثنا أن مصر أسرع الأرضين خرابا ثم اراك قد اتخذت فيها الرباع وبنيت فيها القصور واطمأننت فيها فقال إن مصر قد أوفت خرابها حطمها بخت نصر فلم يدع فيها إلا السباع والضباع وقد مضى خرابها فهي اليوم أطيب الأرضين ترابا وأبعدها
خرابا ولن تزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة
(1/38)
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن أبي قبيل نحوه قال فزعم بعض مشايخ أهل مصر أن الذي كان يعمل به بمصر على عهد ملوكها أنهم كانوا يقرون القرى في أيدي أهلها كل قرية بكراء معلوم لا ينقض عليهم إلا في كل أربع سنين من اجل الظمأ وتنقل اليسار فإذا مضت أربع سنين نقض ذلك وعدل تعديلا جديدا فيرفق بمن استحق الرفق ويزاد على من استحق الزيادة ولا يحمل عليهم من ذلك ما يشق عليهم فإذا جبي الخراج وجمع كان للملك من ذلك الربع خالصا لنفسه يصنع به ما يريد والربع الثاني لجنده ومن يقوى به على حربه وجباية خراجه ودفع عدوه والربع الثالث في مصلحة الأرض وما يحتاج اليه من جسورها وحفر خلجها وبناء قناطرها والقوة للزارعين على زرعهم وعمارة ارضهم والربع الرابع يخرج منه ربع ما يصيب كل قرية من خراجها فيدفن ذلك فيها لنائبة او جائحة تنزل بأهل القرية فكانوا على ذلك وهذا الربع الذي يدفن في كل قرية من خراجها هي كنوز فرعون التي يتحدث الناس بها إنها ستظهر فيطلبها الذين يتبعون الكنوز
وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل قال خرج وردان من عند مسلمة بن مخلد وهو أمير على مصر
فمر على عبد الله بن عمرو مستعجلا فناداه أين تريد يا أبا عبيد قال أرسلني الأمير مسلمة أن آتي منفا فأحفر له عن كنز فرعون قال فارجع إليه واقرأه مني السلام وقل له إن كنز فرعون فيأخذ ليس لك ولا لأصحابك إنما هو للحبشة إنهم يأتون في سفنهم يريدون الفسطاط فيسيرون حتى ينزلوا منفا فيظهر لهم كنز فرعون فيأخذون منه ما يشاؤون فيقولون ما ينبغي غنيمة أفضل من هذه فيرجعون ويخرج المسلمون في آثارهم فيدركونهم فيقتتلون فتنهزم الحبش فيقتلهم المسلمون ويأسرونهم حتى أن الحبشي ليباع بالكساء
ظهور الروم وفارس على مصر
(1/39)
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ثم ظهرت الروم وفارس على سائر الملوك الذين في وسط الأرض فقاتلت الروم أهل مصر ثلاث سنين يحاصرونهم وصابروهم القتال في البر والبحر فلما رأى ذلك أهل مصر صالحوا الروم على أن يدفعوا إليهم شيئا مسمى في كل عام على أن يمنعوهم ويكونوا في ذمتهم ثم ظهرت فارس على الروم فلما غلبوهم على الشأم رغبوا في مصر وطمعوا فيها وامتنع أهل مصر وأعانتهم الروم وقامت دونهم وألحت عليهم فارس فلما خشوا ظهروهم عليهم صالحوا فارسا على أن يكون ما صالحوا به الروم بين فارس والروم
فرضيت الروم بذلك حين خافت ظهور فارس عليها فكان ذلك الصلح على أهل مصر وأقامت مصر بين الروم وفارس نصفين سبع سنين ثم استجاشت الروم وتظاهرت على فارس وألحت بالقتال والمدد حتى ظهروا عليهم وخربوا مصانعهم اجمع وديارهم التي بالشأم ومصر وكان ذلك في عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقبل وفاته وبعد ظهور الإسلام فصارت الشأم كلها وصلح أهل مصر كله خالصا للروم ليس لفارس في شيء من الشأم ومصر شيء
وحدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب قال كان المشركون يجادلون المسلمين بمكة فيقولون الروم أهل كتاب وقد غلبتهم المجوس وأنتم تزعمون إنك ستغلبون بالكتاب الذي معكم الذي أنزل على نبيكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله عز وجل ) الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم (
قال ابن شهاب وأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود انه قال لما أنزلت هاتان الآيتان ناحب ابو بكر رضي الله عنه بعض المشركين قبل أن يحرم القمار على شيء ان لم تغلب الروم فارس في سبع سنين فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لم فعلت فكل ما دون العشربضع وكان ظهور
(1/40)
فارس على الروم في سبع سنين ثم أظهر الله عز وجل الروم على فارس زمان الحديبية ففرح المسلمون بنصر أهل الكتاب قال غير عثمان بن صالح عن الليث بن سعد وكانت الفرس قد أسست بناء الحصن الذي يقال له باب اليون وهو الحصن الذي بفسطاط مصر اليوم فلما انكشفت جموع فارس عن الروم وأخرجتهم الروم من الشأم أتمت الروم بناء ذلك الحصن وأقامت به فلم تزل مصر في ملك الروم حتى فتحها الله تعالى على المسلمين
وحدثنا سعيد بن بليد عن ابن وهب قال حدثنا ابن لهيعة قال يقال فارس والروم قريش العجم
انكشاف فارس عن الروم
وكان سبب انكشاف فارس عن الروم كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الهقل بن زياد عن معاوية بن يحيى الصدفي قال حدثني الزهري قال حدثني عبيدالله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل الهرمزان عظيم الأهواز عن الذي كان سبب انكشاف فارس عنهم فقال له الهرمزان كان كسرى بعث شهريران وبعث معه جنود فارس قبل الشأم ومصر وخرب عامة حصون الروم فطال زمانه بالشأم ومصر وتلك الأرض فطفق كسرى يستبطئه ويكتب إليه إنك
(1/41)
لو أردت أن تفتح مدينة الروم فتحتها ولكنك قد رضيت بمكانك وأردت طول السلطان وكتب إلى عظيم من عظماء فارس مع شهريران يأمره أن يقتل شهريران ويتولى أمرالجنود فكتب إليه ذلك العظيم يذكر أن شهريران جاهد ناصح وأنه أبلى بالحرب منه فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنه فكتب إليه أيضا يراجعه ويقول إنه ليس لك عبد مثل شهريران وإنك لو تعلم ما يداري من مكايدة الروم عذرته فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنه وليتولى أمرالجنود فكتب إليه أيضا يراجعه فغضب كسرى وكتب إلى شهريران يعزم عليه ليقتلن ذلك العظيم فأرسل شهريران إلى ذلك العظيم من فارس فأقراه كتاب كسرى فقال له راجع في قال قد علمت أن كسرى لا يراجع وقد علمت حسن صحابتي إياك ولكن قد جاءني ما لا أستطيع تركه فقال له ذلك الرجل ولا آتي أهلي فأمر فيهم بأمري فيهم بأمري وأعهد إليهم عهدي قال بلى وذلك الذي أملك لك فانطلق حتى أتى أهله فأخذ صحائف كسرى الثلاث التي كتب إليه فجعلها في كمه ثم جاء حتى دخل على شهريران فدفع إليه الصحيفة الأولى فقرأها شهريران فقال له أنت خير مني ثم دفع إليه الصحيفة الثانية فقرأها فنزل عن مجلسه وقال له إجلس عليه فأبى أن يفعل فدفع إليه الصحفية الثالثة فقرأها فلم يفرغ شهريران من قراءتها حتى قال أقسم بالله لأسوءن كسرى وأجمع المكر بكسرى وكاتب هرقل فذكر له أن كسرى قد أفسد فارس وجهز بعوثا وابتليت بطول ملكه وسأله أن يلقاه بمكان نصف يحكمان الأمر
(1/42)
فيه ويتعاهدان فيه ثم يكشف عنه جنود فارس ويخلي بينه وبين المسير إلى كسرى فلما جاء هرقل كتاب شهريران دعا رهطا من عظماء الروم فقال لهم اجلسوا فأنا اليوم أحزم الناس أو أعجز الناس قد أتاني ما لا تحسبونه وسأعرضه عليكم فأشيروا علي فيه ثم قرأ عليهم كتاب شهريران فاختلفوا عليه في الرأي فقال بعضهم هذا مكر من قبل كسرى وقال بعضهم أراد هذا العبد أن يلقاك وخاف من كسرى فيستغيث ثم لا يبالي ما لقي قال هرقل إن هذا الرأي ليس حيث ذهبتم إليه إنه ما طابت نفس كسرى أن يشتم هذا الشتم الذي أجد في كتاب شهريران وما كان شهريران ليكتب إلي بهذا وهو ظاهر على عامة ملكي إلا من أمر حدث بينه وبين كسرى وإني والله لألقينه فكتب إليه هرقل قد بلغني كتابك وفهمت الذي ذكرت وإني لاقيك فموعدك بموضع كذا وكذا فاخرج معك بأربعة آلاف من أصحابك فإني خارج بمثلهم فإذا بلغت موضع كذا وكذا فضع ممن معك خمس مائة فإني سأضع بمكان كذا وكذا مثلهم ثم ضع بمكان كذا وكذا مثلهم حتى نلتقي أنا وأنت في خمس مائة وبعث هرقل الرسل من عنده إلى شهريران إن تم له يرسل إليه وإن أبى ذلك عجلوا إليه في كتاب فرأى رأيه ففعل ذلك وسار هرقل في أربعة آلاف التي خرج فيها لا يضع منهم أحدا حتى التقيا بالموضع ومع هرقل أربعة آلاف ومع شهريران خمس مائة فلما رآهم شهريران أرسل ألى هرقل أغدرت فأرسل إليه هرقل لم أغدر ولكني خفت الغدر من قبلك وأمر هرقل بقبة من ديباج فضربت له بين الصفين فنزل هرقل فدخلها ودخل بترجمان معه وأقبل شهريران حتى دخل عليه فانتحى بينهما الترجمان حتى أحكما أمرهما واستوثق أحدهما من صاحبه بالعهود والمواثيق حتى فرغا من أمرهما فخرج هرقل وأشار إلى شهريران بأن يقتل الترجمان لكي يخفي له السر فقتله
(1/43)
شهريران ثم انكشف شهريران فجيش الجيوش وسار هرقل إلى كسرى حتى أغار عليه ومن بقي معه فكان ذلك أول هلكة كسرى ووفى هرقل لشهريران بما أعطاه من ترك أرض فارس وانكشف حين أفسد أرض فارس على كسرى فقتلت فارس كسرى ولحق شهريران بفارس والجنود
بناء الاسكندرية
قال فوجه هرقل ملك الروم كما حدثني شيخ من أهل مصر المقوقس أميرا على مصر وجعل إليه حربها وجباية خراجها فنزل الإسكندرية وكان الذي بنى الإسكندرية وأسس بناءها ذو القرنين الرومي واسمه الإسكندر وبه سميت الإسكندرية وهو أول من عمل الوشي وكان أبوه أول القياصرة حدثنا عبد الملك بن هشام قال اسمه الإسكندر حدثنا وثيمة بن موسى عن سعيد بن بشير عن قتادة قال الإسكندر هو ذو القرنين
حدثنا عبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله عن محمد بن اسحاق
قال حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه انه رجل من اهل مصر اسمه مرزبا بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح {صلى الله عليه وسلم} وحدثني شيخ من أهل مصر قال كان ذو القرنين من أهل لوبية كورة من كور مصر الغربية
قال ابن لهيعة واهلها الروم ويقال بل هو رجل من حمير قال تبع كامل
قد كان ذو القرنين جدي مسلما
ملكا تدين له الملوك وتحسد
بلغ المغارب والمشارق يبتغي
أسباب علم من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها
في عين ذي خلب وثاط حرمد
ويروى قد كان ذو القرنين قبلي مسلما
حدثني عثمان بن صالح قال حدثني عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن سعد بن مسعود التجيبي عن شيخين من قومه قالا كنا بالإسكندرية فاستطلنا يومنا فقلنا لو انطلقنا إلى عقبة بن عامر نتحدث عنده فانطلقنا إليه فوجدناه جالسا في داره فأخبرناه أنا استطلنا
(1/44)
يومنا فقال وأنا مثل ذلك إنما خرجت حين استطلته ثم أقبل علينا فقال كنت عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اخدمه فإذا أنا برجال من أهل الكتاب معهم مصاحف أو كتب فقالوااستأذن لنا على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فانصرفت إليه فأخبرته بمكانهم فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ما لي ولهم يسألوني عما لا أدري إنما أنا عبد لا علم لي إلا ما علمني ربي ثم قال أبلغني وضوءا فتوضأ ثم قام إلى مسجد بيته فركع ركعتين فلم ينصرف حتى عرفت السرور في وجهه والبشر ثم انصرف فقال أدخلهم ومن وجدت بالباب من أصحابي فأدخله قال فأدخلتهم فلما دفعوا إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لهم إن شئتم أخبرتكم عما أردتم أن تسألوني قبل أن تتكلموا وأن أحببتم تكلمتم وأخبرتكم قالوا بل أخبرنا قبل أن نتكلم قال جئتم تسألوني عن ذي القرنين وسأخبركم كما تجدونه مكتوبا عندكم أن أول أمره أنه غلام من الروم أعطي ملكا فسار حتى أتى ساحل البحر من أرض مصر فابتنى عنده مدينة يقال لها الإسكندرية فلما فرغ من بنائه أتاه ملك فعرج به حتى استقله فرفعه فقال انظر ما تحتك فقال أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال انظر فقال اختلطت مدينتي مع المدائن فلا أعرفها ثم زاد فقال انظر فقال أرى مدينتي وحدها ولا أرى غيرها قال له الملك إنما تلك الأرض كلها والذي ترى محيطا بها هو البحر وإنما أراد ربك أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها وسوف تعلم الجاهل وتثبت العالم فسار حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلف عنهما كل شيء فبنى السد ثم أجاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج ثم قطعهم فوجد أمه قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب ووجد أمه من الغرانيق يقاتلون القوم القصار ثم مضى
فوجد أمه من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة ثم أفضى إلى البحر المدير بالأرض فقالوا نشهد أن أمره هكذا كما ذكرت وأنا نجده هكذا في كتابنا
(1/45)
وحدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني ثور بن يزيد الكلاعي عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب قال خالد وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول يا ذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا أما رضيتم ان تسموا بالأنبياء حتى تسميتم بالملائكة
حدثنا وثيمة بن موسى عمن أخبره عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال كان ذو القرنين ملكا وكان رجلا صالحا وإنما سمي ذي القرنين كما حدثنا وثيمة عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي حسين عن أبي الطفيل قال إن عليا رضي الله عنه سئل عن ذو القرنين فقال لم يكن ملكا ولا نبيا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه الله ونصح لله فنصحه الله بعثه الله عز وجل إلى قومه فضربوه على قرنه فمات فأحياه الله ثم بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه فمات فسمي ذو القرنين ويقال إنما سمي ذو القرنين لأنه جاوز قرن الشمس من المشرق والمغرب
ويقال إنما سمي ذو القرنين لانه كان له غديرتان في رأسه من شعر يطأ فيهما فيما ذكر إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن حازم بن حسين عن يونس بن عبيد عن الحسن
حدثنا عبد العزيز بن منصور اللخمي عن عاصم بن حكيم عن أبي سريع الطائي عن عبيد بن يعلى قال كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة حدثنا أحمد بن محمد عن عبد العزيز بن عمران عن سليمان بن أسيد عن ابن شهاب قال إنما سمي ذو القرنين لإنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها
(1/46)
قال وذكر بعض مشايخ أهل مصر عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عمن حدثه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال كان أول شأن الإسكندرية أن فرعون إتخذ بها مصانع ومجالس وكان أول من عمرها وبنى فيها فلم تزل على بنائه ومصانعه ثم تداولتها الملوك ملوك مصر بعده فبنت دلوكة ابنة زباء منارة الإسكندرية ومنارة بوقير بعد فرعون فلما ظهر سليمان بن داود عليهما السلام على الأرض اتخذ بها مجلسا
وبنى فيها مسجدا ثم إن ذا القرنين ملكها فهدم ما كان فيها من بناء الملوك والفراعنة وغيرهم إلا بناء سليمان بن داود عليهما السلام لم يهدمه ولم يغيره وأصلح ما كان رث منه واقر المنارة على حالها ثم بنى الإسكندرية من أولها بناء يشبه بعضه بعضا ثم تداولتها الملوك بعده من الروم وغيرهم ليس من ملك إلا يكون له بها بناء بعضه بالإسكندرية يعرف به وينسب إليه
ويقال أن الذي بنى منارة الإسكندرية قلوبطرة الملكة وهي التي ساقت خليجها حتى أدخلته الإسكندرية ولم يكن يبلغها الماء كان يعدل من قرية يقال لها كسا قبالة الكريون فحفرته حتى أدخلته الإسكندرية وهي التي بلطت قاعته قال ابن لهيعة وبلغني أنه وجد حجر بالإسكندرية مكتوب فيه أنا شداد بن عاد وأنا الذي نصب العماد وحيد الأحياد وسد بذراعه الواد بنيتهن إذ لا شيب ولا موت وإذ
الحجارة في اللين مثل الطين قال ابن لهيعة الأحياد كالمغار
ويقال إن الذي بنى الإسكندرية شداد بن عاد والله أعلم
حدثنا إدريس بن يحيى الخولاني قال حدثنا عبدالله بن عياش الشيباني عن أبيه عن تبيع قال خمسة مساجد بالإسكندرية مسجد موسى النبي {صلى الله عليه وسلم} عند المنارة أقربها إلى الكنيسة ومسجد سليمان عليه السلام ومسجد ذي القرنين أو الخضر عليهما السلام وهو الذي عند النجاة بالقيسارية ومسجد الخضر او ذي القرنين عند باب المدينة حين تخرج من الباب ولكل واحد منهما مسجد ولكن لا يدرى أين هو ومسجد عمرو بن العاص الكبير
(1/47)
حدثنا هانى ء بن المتوكل قال حدثنا عبد الرحمن بن شريح عن قيس بن الحجاج عن تبيع قال إن في الإسكندرية مساجد خمسة مقدسة منها
المسجد في القيسارية التي تباع فيها الموازين ومسجد النجاة ومسجد عمرو بن العاص وكانت الإسكندرية كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم ثلاث مدن بعضها إلى جنب بعض منه وهي موضع المنارة وما والاها والإسكندرية وهي موضع قصبة الإسكندرية اليوم ونقيطة وكان على كل واحدة منهن سور وسور من خلف ذلك على الثلاث مدن يحيط بهن جميعا
حدثنا هانى ء بن المتوكل قال حدثنا عبدالله بن طريف الهمداني قال كان على الإسكندرية سبعة حصون وسبعة خنادق حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني ابن السري عن ابيه قال كان أنف الإسكندرية ثلاثة أذرع
قال خالد وأبو حمزة أن ذا القرنين لما بنى الإسكندرية رخمها بالرخام الأبيض جدرها وأرضها وكان لباسهم فيها السواد والحمرة فمن قبل ذلك ليس الرهبان السواد من نصوع بياض الرخام ولم يكونوا يسرجون فيها بالليل من بياض الرخام وإذا كان القمر أدخل الرجل الذي يخيط بالليل في ضوء القمر مع بياض الرخام الخيط في رأس الإبرة
رأس الاسكندرية
رأس الاسكندرية فيما ذكر بعض المشايخ لقد بنيت الإسكندرية
في ثلاث مائة سنة وسكنت ثلاث مائة سنة وخربت ثلاث مائة سنة ولقد مكثت سبعين سنة ما يدخلها أحد إلا وعلى بصره خرقة سوداء من بياض جصها وبلاطها ولقد مكثت سبعين سنة ما يستسرج فيها
(1/48)
حدثنا ابن أبي مريم عن العطاف بن خالد قال وكانت الإسكندرية بيضاء تضيء بالليل والنهار وكانوا إذا غربت الشمس لم يخرج أحد منهم من بيته ومن خرج اختطف وكان منهم راع يرعى على شاطئ البحر فكان يخرج من البحر شيء فيأخذ من غنمه فكمن له الراعي في موضع حتى خرج فإذا جارية فتشبث بشعرها ومانعته عن نفسها فقوي عليها فذهب بها إلى منزله فأنست بهم فرأتهم لا يخرجون بعد غروب الشمس فسألتهم فقالوا من خرج منا اختطف فهيأت لهم الطلسمات فكانت اول من وضع الطلسمات بمصر في الإسكندرية
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن سعد المديني قال وجد حجر بالإسكندرية مكتوب فيه ثم ذكر مثل حديث ابن لهيعة سواء وزاد فيه وكنزت في البحر كنزا على اثني عشر ذراعا لن يخرجه احد حتى تخرجه أمة محمد {صلى الله عليه وسلم}
حدثنا محمد بن عبد الله البغدادي عن داود عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال كان الرخام قد سخر لهم حتى يكون من بكرة إلى نصف النهار بمنزلة العجين فإذا انتصف النهار اشتد قال وفي زمان شداد بن عاد بنيت الأهرام كما ذكر عن بعض المحدثين ولم أجد عند أحد من أهل المعرفة
من أهل مصر في الأهرام خبرا يثبت وفي ذلك يقول الشاعر كامل
حسرت عقول اولي النهى الاهرام
واستصغرت لعظيمها الاحلام
ملس منيفة البناء شواهق
قصرت لعال دونهن سهام
لم ادر حين كبا التفكر دونها
واستوهمت لعجيبها الاوهام
اقبور املاك الاعاجم هن ام
هذه طلاسم رمل ام اعلام
(1/49)
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن نوف نحوه ولم يذكر السرير فلما أغرق الله فرعون وجنوده كما حدثنا هانى ء بن المتوكل عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن تبيع استأذن جماعة من الذين كانوا آمنوا من سحرة موسى في الرجوع إلى أهلهم ومالهم بمصر فأذن لهم ودعا لهم فترهبوا في رؤوس الجبال فكانوا أول من ترهب وكان يقال لهم الشيعة وبقيت طائفة منهم مع موسى عليه السلام حتى توفاه الله عز وجل ثم انقطعت الرهبانية بعدهم حتى ابتدعها بعد ذلك أصحاب المسيح عليه السلام حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا معاوية ابن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى ) الم (
غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) قال غلبتهم فارس ثم غلبت الروم فارس في أدنى الأرض يقول في طرف الأرض الشأم
وقد اختلف في البضع فحدثنا الحارث بن مسكين قال حدثنا ابن القاسم عن مالك بن أنس قال البضع ما بين الثلاث إلى سبع
حدثنا أسد قال حدثنا عبد الله بن خالد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال البضع سبع سنين حدثنا أسد قال حدثنا ابراهيم بن سعد عن ابي الحويرث أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال البضع سنين ما بين خمس إلى سبع ويقال البضع ما لم يبلغ العدد ما بين الواحد إلى أربع ويقال إلى سبع وتسع وعشرة ويقال البضع ما بين العشرة إلى العشرين وكذلك كل عقد إلى المائة فإذا زاد على المائة انقطع البضع وصار نيفا
صورة سماع في الجزء الأول
من كتاب فتوح مصر
سمع الجزء كله على الشيخ الأجل أبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني بإجازته عن ابن منير بقرأة صاحبه الشيخ الأجل أبي الطاهر أحمد بن محمدالحافظ الزاهد السلفي الاصبهاني الفقيه أبو الحسين
(1/50)
ثروان بن علي القيسراني وأبو القاسم هبة الله بن عبد الصمد الكاملي وولده علي وأبو الطاهر عبد المنعم بن موهوب القاريء الواعظ وأبو الأسوار عمر بن المنخل الدربندي وياسر بن عبد العزيز النابلسي وعلي بن الحسين القيسراني وعبد العزيز بن يوسف الأردبيلي وخضر بن علي بن أبي اليسر الصوري وسيد الأهل بن علي بن سعود الأنصاري البوصيري وكاتب السماع ابراهيم بن حاتم الأسدي وذلك في ذي الحجة سنة ست عشرة وخمس مائة بفسطاط مصر وسمع مع الجماعة عبد الله بن الحسين الدمشقي الأنماطي
تم الجزء الأول من فتوح مصر يوم 3 سلخ ذي الحجة سنة 485 للهجرة
الجزء الثاني
حدثنا هشام بن اسحاق وغيره قال لما كانت سنة ست من مهاجرة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ورجع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من الحديبية بعث الى الملوك
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال حدثني عبد الرحمن بن عبد القارى ء أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قام ذات يوم على المنبر فحمد الله واثنى عليه وتشهد ثم قال أما بعد فإني أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك العجم فلا تختلفوا علي كما اختلف بنو اسرائيل على عيسى بن مريم وذلك أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عيسى أن ابعث إلى ملوك الأرض فبعث الحواريين فأما القريب مكانا فرضي وأما البعيد مكانا فكره وقال لا أحسن كلام من تبعثني إليه فقال عيسى اللهم أمرت الحواريين بالذي أمرتني فاختلفوا علي فأوحى الله إليه إني سأكفيك فأصبح كل انسان منهم يتكلم بلسان الذي وجه إليه فقال المهاجرون يا رسول الله والله لا نختلف عليك ابدا في شيء فمرنا وابعثنا فبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى
المقوقس صاحب الإسكندرية وشجاع بن وهب الأسدي إلى كسرى وبعث دحية بن خليفة إلى قيصر وبعث عمرو بن العاص إلى ابني الجلندى أميري عمان تم ذكر الحديث
(1/51)
ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق وغيره قال فمضى حاطب بكتاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فلما انتهى إلى الإسكندرية وجد المقوقس في مجلس مشرف على البحر فركب البحر فلما حاذى مجلسه أشار بكتاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بين أصبعيه فلما رآه أمر بالكتاب فقبض وأمر به فأوصل إليه فلما قرأ الكتاب قال ما منعه إن كان نبيا أن يدعو علي فيسلط علي فقال له حاطب ما منع عيسى بن مريم أن يدعو على من أبى عليه أن يفعل به ويفعل فوجم ساعة ثم استعادها فأعادها عليه حاطب فسكت فقال له حاطب إنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلى فانتقم الله به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا تعتبر بك وأن لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه وهو الإسلام الكافي الله به فقد ما سواه وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الانجيل ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به ثم قرأ الكتاب فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام فأسلم تسلم وأسلم يؤتيك الله اجرك مرتين ) يا أهل الكتاب تعالوا (
إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) فلما قرأه أخذه فجعله في حق من عاج وختم عليه
(1/52)
حدثنا عبد الله بن سعيد المذحجي عن ربيعة بن عثمان عن أبان بن صالح قال أرسل المقوقس إلى حاطب ليلة وليس عنده احد إلا ترجمان له فقال ألا تخبرني عن أمور أسألك عنها فإني اعلم ان صاحبك قد تخيرك حين بعثك قلت لا تسألني عن شيء إلا صدقتك قال إلى ما يدعو محمد قال إلى أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتخلع ما سواه ويأمر بالصلاة قال فكم تصلون قال خمس صلوات في اليوم والليلة وصيام شهر رمضان وحج البيت والوفاء بالعهد وينهى عن اكل الميتة والدم قال من اتباعه قلت الفتيان من قومه وغيرهم قال فهل يقتل قومه قلت نعم قال صفه لي قال فوصفته بصفة من صفاته لم آت عليها قال قد بقيت اشياء لم أرك ذكرتها في عينيه حمرة قل ما تفارقه وبين كتفيه خاتم النبوة ويركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزي بالثمرات والكسر لا يبالي من لاقى من عم ولا ابن عم قلت هذه صفته قال قد كنت اعلم أن نبيا قد بقي وقد كنت
أظن أن مخرجه الشأم وهناك كانت تخرج الانبياء من قبله فأراه قد خرج في العرب في أرض جهد وبؤس والقبط لا تطاوعني في اتباعه ولا أحب أن يعلم بمحاورتي إياك وسيظهر على البلاد وينزل اصحابه من بعده بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما ها هنا وأنا لا اذكر للقبط من هذا حرفا فارجع إلى صاحبك
ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق قال ثم دعا كاتبا يكتب بالعربية فكتب لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام
أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت وما تدعو إليه وقد علمت ان نبيا قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشأم وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوه وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام
(1/53)
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب بن عبد الرحمن بن عبد القارى ء قال لما مضى حاطب بكتاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قبل المقوقس الكتاب وأكرم حاطبا وأحسن نزله صم سرحه الى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسرجها وجاريتين إحداهما أم إبراهيم ووهب الأخرى لجهم بن قيس العبدري فهي أم زكرياء بن أبي جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر
ويقال بل وهبها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لحسان بن ثابت فهي أم عبد الرحمن بن حسان ويقال بل وهبها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لمحمد بن مسلمة الأنصاري ويقال بل لدحية بن خليفة الكلبي
حدثنا النضر بن سلمة الشامي عن حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد
الليثي عن المنذر بن عبيد عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أمه سيرين قالت حضرت موت إبراهيم فرأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كلما صحت أنا وأختي ما ينهانا فلما مات نهانا عن الصياح حدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة أن صفوان بن معطل ضرب حسان بن ثابت بالسيف قال ابن اسحاق فحدثني محمد بن إبراهيم التيمي أن ثابت بن فيس بن شماس وثب على صفوان بن المعطل حين ضرب حسان فجمع يده الى عنقه بحبل فلقيه عبد الله بن رواحة فقال ما هذا فقال ضرب حسان بالسيف والله ما أراه إلا قد قتله قال هل علم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بشيء مما صنعت قال لا قال لقد اجترأت اطلق الرجل فأطلقه ثم أتوا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فذكروا ذلك له فدعا حسان وصفوان بن المعطل فقال آذاني يا رسول الله وهجاني فحملني الغضب فضربته فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أحسن يا حسان في الذي قد أصابك قال هو لك فأعطاه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} عوضا منه بيرحاء وهو قصر بني حديلة اليوم كان مالا لأبي طلحة بن سهل تصدق به إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأعطاه رسول الله حسانا في ضربته وأعطاه سيرين أمة قبطية فولدت له عبد الرحمن بن حسان بن ثابت
(1/54)
حدثنا هانى ء بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثني يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس لما أتاه كتاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ضمه الى صدره وقال هذا زمان يخرج فيه النبي الذي نجد نعته وصفته في كتاب الله تعالى وانا لنجد صفته أنه لا يجمع بين أختين في ملك يمين ولا نكاح وأنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة وان جلساءه المساكين وإن خاتم النبوة بين كتفيه ثم دعا رجلا عاقلا ثم لم يدع بمصر أحسن ولا أجمل من مارية وأختها وهما من أهل حفن بفتح أوله وسكون ثانيه ثم بعده نون من كورة أنصنا فبعث بهما الى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأهدى له بغلة شهباء وحمارا أشهب وثيابا من قباطي مصر وعسلا من عسل بنها وبعث إليه بمال صدقة وأمر رسوله أن ينظر من جلساؤه وينظر الى ظهره هل يرى شامة كبيرة ذات شعر ففعل ذلك الرسول فلما قدم على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قدم إليه الأختين والدابتين والعسل والثياب واعلمه أن ذلك كله هدية فقبل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الهدية وكان لا يردها من أحد من الناس
قال فلما نظر الى مارية وأختها اعجبتاه وكره أن يجمع بينهما وكانت إحداهما تشبه الأخرى فقال اللهم اختر لنبيك فاختار الله له مارية وذلك أنه قال لهما قولا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فبدرت مارية فتشهدت وآمنت قبل أختها ومكثت اختها ساعة ثم تشهدت وآمنت فوهب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اختها لمحمد بن مسلمة الانصاري وقال
بعضهم بل وهبها لدحية بن خليفة الكلبي
(1/55)
حدثنا هاني بن المتوكل قال حدثنا عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة المهري أحسبه عن عبد الله بن عمرو قال دخل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} على أم إبراهيم أم ولده القبطية فوجد عندها نسيبا لها كان قدم معها من مصر وكان كثيرا ما يدخل عليها فوقع في نفسه شيء فرجع فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعرف ذلك في وجهه فسأله فأخبره فأخذ عمر السيف ثم دخل على مارية وقريبها عندها فأهوى إليه بالسيف فلما رأى ذلك كشف عن نفسه وكان مجبوبا ليس بين رجليه شيء فلما رآه عمر رجع إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأخبره فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن جبريل أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها وأن في بطنها غلاما مني وأنه اشبه الخلق بي وأمرني أن أسميه إبراهيم وكناني بأبي إبراهيم
حدثنا دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن الزهري عن أنس قال لما ولدت أم إبراهيم إبراهيم كأنه وقع في نفس النبي {صلى الله عليه وسلم} منه شيء حتى جاءه جبريل عليه السلام فقال السلام عليك يا أبا إبراهيم ويقال أن المقوقس بعث معها بخصي فكان يأوي إليها
حدثنا أبو الحارث احمد بن سعيد الفهري قال حدثنا مروان بن
(1/56)
يحيى الحاطبي قال حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن أدعج قال حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن جده حاطب بن أبي بلتعة قال بعثني رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئته بكتاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأنزلني في منزل وأقمت عنده ليالي ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته فقال إني سأكلمك بكلام وأحب أن تفهمه عني قلت هلم قال أخبرني عن صاحبك أليس هو بنبي قلت بلى هو رسول الله قال فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلده إلى غيرها قال فقلت له فعيسى بن مريم تشهد أنه رسول الله فما له حيث أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه أن لا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله إليه في سماء الدنيا فقال أنت حكيم جاء من عند حكيم هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد وأرسل معك مبذرقة يبذرقونك إلى مأمنك فأهدى لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثلاث جوار منهن أم إبراهيم وواحدة وهبها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لأبي جهم بن حذيفة العدوي وواحدة وهبها لحسان بن ثابت وأرسل إليه بثياب مع طرف من طرفهم فولدت مارية لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} إبراهيم فكان من أحب الناس إليه حتى مات فوجد به رسول الله {صلى الله عليه وسلم}
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا حفص بن سليمان عن كثير بن
شنظير عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} صلى على ابنه إبراهيم وكبر عليه أربعا
قال ورش الماء على قبره كما حدثنا ابن بكير قال حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا قريش بن حيان عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال دخلنا مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} على أبي سيف حين كان بالمدينة وكان ظئر إبراهيم ابن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأتاه بإبراهيم فشمه ثم دخلنا عليه وهو في الموت فذرف عيناه فقال له ابن عوف وأنت يا رسول الله قال إنها رحمة واتبعها بالاخرى تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما لا يرضي ربنا
(1/57)
حدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم قال حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن عبدالله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء ابنة يزيد أنها حدثته قالت لما توفي إبراهيم بكى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال أبو بكر وعمر أنت أحق من علم لله حقه قال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب ولولا أنه وعد صادق وموعد جامع وأن الآخر منا يتبع الأول لوجدنا عليك يا إبراهيم أشد مما وجدنا وإنا بك لمحزونون
حدثنا علي بن معبد قال حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال أخذ
رسول الله بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى النخل الذي فيه ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه فأخذه فوضعه في حجره ثم بكى فقال له عبد الرحمن بن عوف تبكي أو لم تكن نهيت عن البكاء قال لا ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان وصوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم ولولا أنه أمر حق ووعد صدق وأنها سبيل مأتية لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب
حدثنا النضر بن سلمة قال حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن الشامي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا أسامة بن زيد عن المنذر بن عبيد عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أمه سيرين أخت مارية القبطية قالت رأى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فرجة في القبر يعني قبر إبراهيم فأمر بها فسدت فقيل يا رسول الله فقال أما أنها لا تضر ولا تنفع ولكن تقر بها عين الحي وإن العبد إذا عمل عملا أحب الله أن يتقنه
حدثنا دحيم قال حدثنا مروان بن معاوية عن اسرائيل عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقام رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فعليكم بالدعاء حتى ينكشفا
(1/58)
قال ولما ولدت أم ابراهيم كما حدثنا القعنبي عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس قال لما ولدت مارية قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أعتقها ولدها وكان سن إبراهيم بن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يوم مات كما حدثنا علي بن معبد عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن رجل
قد سماه عن ابيه عن البراء بن عازب ستة عشر شهرا فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن له ظئرا في الجنة يتم رضاعه حدثنا يزيد بن أبي سلمة عن عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الحجاج بن أرطأة عن أبي بكر بن عمرو عن يزيد بن البراء عن أبيه قال لما توفي إبراهيم قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن له مرضعا في الجنة يتم بقية رضاعه ثم رجع إلى حديث يزيد بن أبي حبيب قال وكانت البغلة والحمار أحب دوابه إليه وسمى البغلة دلدل وسمى الحمار يعفور وأعجبه العسل فدعا في عسل بنها بالبركة وبقيت تلك الثياب حتى كفن في بعضها {صلى الله عليه وسلم}
حدثنا محمد بن عبد الجبار قال حدثنا موسى بن داود عن سلام عن عبد الملك بن عبد الرحمن عن الحسن العربي عن الأشعث بن طليق عن مرة بن المطلب أو الطيب عن عبد الله بن مسعود قال حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا القاسم بن عبد الله عن عبيد الله بن عمر عن الثقة عن ابن مسعود قال قلنا يا رسول الله فيما نكفنك قال في ثيابي هذه أو في ثياب مصر قال محمد بن عبد الجبار في حديثه أو في ثياب مصر أو في حلة قال أحدهما أو في يمنة قال ابن أبي مريم قال ابن لهيعة وكان اسم أخت مارية قيصرا ويقال بل كان اسمها سيرين
وحدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن الأعرج قال بعث المقوقس صاحب الإسكندرية بمارية وأختها حنة فأسكنها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في صدقته في بني قريظة
(1/59)
حدثنا هاني بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة أن الحسن بن علي كلم معاوية بن أبي سفيان في أن يضع الجزية عن جميع قرية أم إبراهيم لحرمتها ففعل ووضع الخراج عنهم فلم يكن على أحد منهم خراج وكان جميع أهل القرية من أهلها وأقربائها فانقطعوا إلا بيتا واحدا قد بقي منهم أناس
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لو بقي إبراهيم ما تركت قبطيا إلا وضعت عنه الجزية وكانت وفاة مارية في المحرم سنة خمس عشرة ودفنت بالبقيع وصلى عليها عمر بن الخطاب وكان الرسول بها من قبل المقوقس كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ابن جبر ثم أن أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رياح اللخمي بعث حاطبا إلى المقوقس بمصر فمر على ناحية من قرى الشرقية فهادنهم وأعطوه فلم يزالوا على ذلك حتى دخلها عمرو بن العاص فقاتلوه فانتقض ذلك العهد قال عبد الملك وهي أول هدنة كانت بمصر
قال ابن هشام اسم أبي بلتعة عمرو بن حاطب اللخمي وفي ذلك يقول حسان بن ثابت كما حدثنا وثيمة بن موسى من الخفيف
قل لرسل النبي صاح إلى الناس شجاع ودحية بن خليفه
ولعمرو وحاطب وسليط ولعمرو وذاك رأس الصحيفه
في ابيات ذكر فيها رسل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إلى الملوك
عمرو بن العاص ومصر
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال فلما كانت سنة ثماني عشرة وقدم عمر رضي الله عنه الجابية خلا به عمرو بن العاص فاستأذنه في المسير إلى مصر وكان عمرو قد دخل مصر في الجاهلية وعرف طرقها ورأى كثرة ما فيها
(1/60)
وكان سبب دخول عمرو إياها كما حدثنا يحيى بن خالد العدوي عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد أنه بلغه أن عمرا قدم إلى بيت المقدس لتجارة في نفر من قريش فإذا هم بشماس من شمامسة الروم من أهل الإسكندرية قدم للصلاة في بيت المقدس فخرج في بعض جبالها يسبح وكان عمرو يرعى إبله وإبل أصحابه وكانت رعية الإبل نوبا بينهم فبينما عمرو يرعى إبله إذ مر به ذلك الشماس وقد أصابه عطش شديد في يوم الحر فوقف على عمرو فاستسقاه فسقاه عمرو من قربة
(1/61)
له فشرب حتى روى ونام الشماس مكانه وكانت إلى جنب الشماس حيث نام حفرة فخرجت منها حية عظيمة فبصر بها عمرو فنزع لها بسهم فقتلها فلما استيقظ الشماس نظر إلى حية عظيمة قد أنجاه الله منها فقال لعمرو ما هذه فأخبره عمرو أنه رماها فقتلها فأقبل إلى عمرو فقبل رأسه وقال قد أحياني الله بك مرتين مرة من شدة العطش ومرة من هذه الحية فما أقدمك هذه البلاد قال قدمت مع أصحاب لي نطلب الفضل في تجارتنا فقال له الشماس وكم تراك ترجو أن تصيب في تجارتك قال رجائي أن أصيب ما اشتري به بعيرا فإني لا أملك إلا بعيرين فأملي أن أصيب بعيرا آخر فتكون لي ثلاثة أبعرة فقال له الشماس أرأيت دية أحدكم بينكم كم هي قال مائة من الإبل قال له الشماس لسنا أصحاب إبل إنما نحن أصحاب دنانير قال يكون ألف دينار فقال له الشماس إني رجل غريب في هذه البلاد وإنما قدمت أصلي في كنيسة بيت المقدس وأسبح في هذه الجبال شهرا جعلت ذلك نذرا على نفسي وقد قضيت ذلك وأنا أريد الرجوع إلى بلادي فهل لك أن تتبعني إلى بلادي ولك عهد الله وميثاقه أن أعطيك ديتين لأن الله عز وجل أحياني بك مرتين فقال له عمرو وأين بلادك قال مصر في مدينة يقال لها الإسكندرية فقال له عمرو لا أعرفها ولم ادخلها قط فقال له الشماس لو دخلتها لعلمت أنك لم تدخل قط مثلها فقال عمرو وتفي لي بما تقول و عليك بذلك العهد والميثاق فقال له الشماس نعم لك الله علي بالعهد والميثاق أن أفي لك وأن أردك إلى أصحابك فقال عمرو وكم
(1/62)
يكون مكثي في ذلك قال شهرا تنطلق معي ذاهبا عشرة أيام وتقيم عندنا عشرا وترجع في عشر ولك علي أن احفظك ذاهبا وأن أبعث معك من يحفظك راجعا فقال له عمرو أنظرني حتى أشاور أصحابي في ذلك فانطلق عمرو إلى أصحابه فأخبرهم بما عاهده عليه الشماس وقال لهم تقيموا علي حتى أرجع إليكم ولكم علي العهد أن أعطيكم شطر ذلك على أن يصحبني رجل منكم آنس به فقالوا نعم وبعثوا معه رجلا منهم فانطلق عمرو وصاحبه مع الشماس إلى مصر حتى انتهى إلى الإسكندرية فرأى عمرو من عمارتها وكثرة أهلها وما بها من الأموال والخير فأعجبه ذلك وقال ما رأيت مثل مصر قط وكثرة ما فيها من الأموال ونظر إلى الإسكندرية وعمارتها وجودة بنائها وكثرة أهلها وما بها من الأموال فازداد عجبا ووافق دخول عمرو الإسكندرية عيدا فيها عظيما يجتمع فيه ملوكهم وأشرافهم ولهم أكرة من ذهب مكللة يترامى بها ملوكهم وهم يتلقونها بأكمامهم وفيما اختبروا من تلك الأكرة على ما وضعها من مضى منهم انها من وقعت الأكرة في كمه واستقرت فيه لم يمت حتى يملكهم فلما قدم عمرو الإسكندرية أكرمه الشماس الإكرام كله وكساه ثوب ديباج ألبسه إياه وجلس عمرو والشماس مع الناس في ذلك المجلس حيث يترامون بالأكرة وهم يتلقونها بأكامهم فرمى بها رجل منهم فأقبلت تهوي حتى وقعت في كم عمرو فعجبوا من ذلك وقالوا ما
كذبتنا هذه الأكرة قط إلا هذه المرة أترى هذا الأعرابي يملكنا هذا ما لا يكون ابدا
(1/63)
وإن ذلك الشماس مشى في أهل الإسكندرية وأعلمهم أن عمرا أحياه مرتين وأنه قد ضمن له ألفي دينار وسألهم أن يجمعوا له ذلك فيما بينهم ففعلوا ذلك ودفعوها الى عمرو فانطلق عمرو وصاحبه وبعث معهما الشماس دليلا ورسولا وزودهما وأكرمهما حتى رجع وصاحبه إلى أصحابهما فبذلك عرف عمرو مدخل مصر ومخرجها ورأى منها ما علم أنها أفضل البلاد وأكثرها مالا فلما رجع عمرو إلى أصحابه دفع إليهم فيما بينهم ألف دينار وأمسك لنفسه ألفا قال عمرو وكان أول مال اعتقدته وتأثلته
فتح مصر
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن عبيدالله بن أبي جعفر وعياش بن عباس القتباني وغيرهما يزيد بعضهم على بعض قالوا فلما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية قام إليه عمرو فخلا به
وقال يا أمير المؤمنين إيذن لي أن أسير إلى مصر وحرضه عليها وقال إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم وهي أكثر الأرض أموالا وأعجزها عن القتال والحرب فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر بن الخطاب ويخبره بحالها ويهون عليه فتحها حتى ركن عمر لذلك فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عك ويقال بل ثلاثة آلاف وخمس مائة
(1/64)
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص دخل مصر بثلاثة آلاف وخمس مائة حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب مثله إلا أنه قال ثلثهم من غافق ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فقال له عمر سر وأنا مستخير الله في مسيرك وسيأتيك كتابي سريعا إن شاء الله تعالى فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالإنصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره فسار عمرو بن العاص من جوف الليل ولم يشعر به أحد من الناس واستخار عمر الله فكأنه تخوف على المسلمين في وجههم ذلك فكتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن ينصرف بمن معه من المسلمين فأدرك الكتاب عمرا وهو برفح فتخوف عمرو بن العاص إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسار كما هو حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش فسأل عنها فقيل إنها من أرض مصر فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين فقال عمرو لمن معه ألستم تعلمون أن هذه القرية من مصر
قالوا بلى قال فإن أمير المؤمنين عهد إلي وأمرني إن لحقني كتابه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع ولم يلحقني كتابه حتى دخلنا أرض مصر فسيروا وامضوا على بركة الله وعونه ويقال بل كان عمرو بفلسطين فتقدم بأصحابه إلى مصر بغير إذن فكتب فيه إلى عمر فكتب إليه عمر وهو دون العريش فحبس الكتاب فلم يقرأه حتى بلغ العريش فقرأه فإذا فيه من عمر بن الخطاب إلى العاص بن العاص أما بعد فإنك سرت إلى مصر ومن معك وبها جموع الروم وإنما معك نفر يسير ولعمري لو كان ثكل أمك ما سرت بهم فإن لم تكن بلغت مصر فارجع فقال عمرو الحمد لله أية أرض هذه قالوا من مصر فتقدم كما هو
(1/65)
حدثنا ذلك عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ويقال بل كان عمرو في جنده على قيسارية مع من كان بها من أجناد المسلمين وعمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ ذاك بالجابية فكتب سرا فاستأذن إلى مصر وأمر أصحابه فتنحوا كالقوم الذين يريدون أن يتنحوا من منزل الى منزل قريب ثم سار بهم ليلا فلما فقده أمراء الأجناد استنكروا الذي فعل ورأوا أن قد غرر فرفعوا ذلك الى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر إلى العاص بن العاص أما بعد فإنك قد غررت بمن معك فإن أدركك كتابي ولم تدخل مصر فارجع وإن أدركك وقد دخلت مصر فامض واعلم أني ممدك
فيما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ويحيى بن خالد عن الليث بن سعد قال ويقال أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص بعد ما فتح الشأم أن اندب الناس إلى المسير معك إلى مصر فمن خف معك فسر به وبعث به مع شريك بن عبدة فندبهم عمرو فأسرعوا إلى الخروج مع عمرو ثم إن عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل على عمر بن الخطاب فقال عمر كتبت إلى عمرو بن العاص يسير إلى مصر من الشأم فقال عثمان يا أمير المؤمنين إن عمرا لمجرؤ وفيه إقدام وحب للإمارة فأخشى أن يخرج من غير ثقة ولا جماعة فيعرض المسلمين للهلكة رجاء فرصة لا يدرى تكون أم لا فندم عمر بن الخطاب على كتابه إلى عمرو إشفاقا مما قال عثمان فكتب إليه إن أدركك كتابي قبل أن تدخل مصر فارجع إلى موضعك وإن كنت دخلت فامض لوجهك
عمرو بن العاص
وكانت صفة عمرو بن العاص كما حدثنا سعيد بن عفير عن الليث بن سعد قصيرا عظيم الهامة ناتيء الجبهة واسع الفم عظيم اللحية عريض ما بين المنكبين عظيم الكفين والقدمين
قال قال الليث يملأ هذا المسجد قال لما بلغ المقوقس قدوم عمرو بن العاص إلى مصر توجه إلى الفسطاط فكان يجهز على عمرو
(1/66)
الجيوش وكان على القصر رجل من الروم يقال له الأعيرج واليا عليه وكان تحت يدي المقوقس وأقبل عمرو حتى إذا كان بجبل الحلال نفرت معه راشدة وقبائل من لخم فتوجه عمرو حتى إذا كان بالعريش أدركه النحر
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال فضحى عمرو عن أصحابه يومئذ بكبش وكان رجل ممن كان خرج مع عمرو بن العاص حين خرج من الشأم إلى مصر كما حدثنا هانى ء بن التوكل عن أبي شريح عن عبد الكريم بن الحارث أصيب بجمل له فأتى إلى عمرو يستحمله فقال عمرو تحمل مع أصحابك حتى تبلغ أوائل العامر فلما بلغوا العريش جاءه فأمر له بجملين ثم قال له لن تزالوا بخير ما رحمتكم ائمتكم فإذا لم يرحموكم هلكتم وهلكوا
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال فقدم عمرو بن العاص فكان أول موضع قوتل فيه الفرما قاتلته الروم قتالا شديدا نحوا من شهر ثم فتح الله على يديه وكان عبد الله بن سعد كما حدثنا سعيد بن عفير على ميمنة عمرو بن العاص منذ توجه من قيسارية إلى أن فرغ من حربه وقال غير ابن عفير من مشايخ أهل مصر وكان بالإسكندرية
أسقف للقبط يقال له أبو ميامين فلما بلغه قدوم عمرو بن العاص إلى مصر كتب إلى القبط يعلمهم أنه لا تكون للروم دولة وأن ملكهم قد انقطع ويأمرهم بتلقي عمرو فيقال أن القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعوانا
قال عثمان في حديثه ثم توجه عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى نزل القواصر
(1/67)
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا عبد الرحمن بن شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يحدث عن أبي الحسين أنه سمع رجلا من لخم يحدث كريب بن أبرهة قال كنت أرعى غنما لأهلي بالقواصر فنزل عمرو ومن معه فدنوت إلى أقرب منازلهم فإذا بنفر من القبط فكنت قريبا منهم فقال بعضهم لبعض ألا تعجبون من هؤلاء القوم يقدمون على جموع الروم وإنما هم في قلة من الناس فأجابه رجل آخر منهم فقال إن هؤلاء القوم لا يتوجهون إلى أحد إلا ظهروا عليه حتى يقتلوا أخيرهم قال فقمت إليه فأخذت بتلابيبه فقلت أنت تقول هذا انطلق معي إلى عمرو بن العاص حتى يسمع الذي قلت فطلب إلي أصحابه وغيرهم حتى خلصوه فرددت الغنم إلى منزلي ثم جئت حتى دخلت في القوم
قال عثمان في حديثه فتقدم عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى
أتى بلبيس فقاتلوه بها نحوا من شهر حتى فتح الله عليه ثم مضى لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى أم دنين فقاتلوه بها قتالا شديدا وأبطأ عليه الفتح فكتب إلى عمر يستمده فأمده بأربعة آلاف تمام ثمانية آلاف فقاتلهم
ثم رجع إلى حديث ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح عن شراحيل بن يزيد عن أبي الحسين أنه سمع رجلا من لخم قال فجاء رجل الى عمرو بن العاص فقال اندب معي خيلا حتى آتي من ورائهم عند القتال فأخرج معه خمس مائة فارس فساروا من وراء الجبل حتى دخلوا مغار بني وائل قبل الصبح وكانت الروم قد خندقوا خندقا وجعلوا له أبوابا وبثوا في أفنيتها حسك الحديد فالتقى القوم حين أصبحوا وخرج اللخمي بمن معه من ورائهم فانهزموا حتى دخلوا الحصن
قال غير ابن وهب بعث خمس مائة عليهم خارجة بن حذافة قال فلما كان في وجه الصبح نهض القوم فصلوا الصبح ثم ركبوا خيلهم وغدا عمرو بن العاص على القتال فقاتلهم من وجههم وحملت الخيل التي كان وجه من ورائهم واقتحمت عليهم فانهزموا وكانوا قد خندقوا حول الحصن وجعلوا للخندق أبوابا
(1/68)
قال ابن وهب في حديثه عن عبدالرحمن بن شريح فسار عمرو بمن
معه حتى نزل على الحصن فحاصرهم حتى سألوه أن يسير منهم بضعة عشر أهل بيت ويفتحوا له الحصن ففعل ذلك ففرض عليهم عمرو لكل رجل من أصحابه دينارا وجبة وبرنسا وعمامة وخفين وسألوه أن يأذن لهم أن يهيؤا له ولأصحابه صنيعا ففعل فحدثني أبي عبد الله بن عبد الحكم أن عمرو بن العاص أمر أصحابه فتهيؤا ولبسوا البرود ثم اقبلوا
قال ابن وهب في حديثه فلما فرغوا من طعامهم سألهم عمرو كم أنفقتم قالوا عشرين ألف دينار قال عمرو لا حاجة لنا بصنيعكم بعد اليوم أدوا إلينا عشرين ألف دينار فجاءه النفر من القبط فاستأذنوه إلى قراهم وأهلهم فقال لهم عمرو كيف رأيتم أمرنا قالوا لم نر إلا حسنا فقال الرجل الذي قال في المرة الأولى ما قال لهم إنكم لن تزالوا تظهروا على من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلا فغضب عمرو وأمر به فطلب إليه أصحابه وأخبروه أنه لا يدري ما يقول حتى خلصوه فلما بلغ عمرا قتل عمر بن الخطاب أرسل في طلب ذلك القبطي فوجده قد هلك فعجب عمرو من قوله
قال غير ابن وهب قال عمرو بن العاص فلما طعن عمر بن لخطاب قلت هو ما قال القبطي فلما حدثت أنه إنما قتله أبو لؤلؤة رجل نصراني قلت لم يعن هذا إنما عني من قتله المسلمون فلما قتل عثمان عرفت أن ما قال الرجل حق
قال أبي في حديثه فلما فرغوا من صنيعهم أمر عمرو بن العاص بطعام فصنع لهم وأمرهم أن يحضروا لذلك فصنع لهم الثريد والعراق وأمر أصحابه بلباس الأكسية واشتمال الصماء والقعود على الركب فلما حضرت الروم وضعوا كراسي الديباج فجلسوا عليها وجلست العرب إلى
جوانبهم فجعل الرجل من العرب يلتقم اللقمة العظيمة من الثريد وينهش من ذلك اللحم فيتطاير على من إلى جنبه من الروم فبشعت الروم بذلك وقالوا أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل فقيل لهم أولئك أصحاب المشورة وهؤلاءأصحاب الحرب وقد سمعت في فتح القصر وجها غير هذا
(1/69)
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر وعياش بن عباس وغيرهما يزيد بعضهم على بعض أن عمرو بن العاص حصرهم بالقصر الذي يقال له باب اليون حينا وقاتلهم قتالا شديدا يصبحهم ويمسيهم فلما أبطأ عليه الفتح كتب إلى عمر بن الخطاب يستمده ويعلمه بذلك فأمده بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم رجل وكتب إليه عمر بن الخطاب إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم رجل مقام الألف الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وقال آخرون بل خارجة بن حذافة الرابع لا يعدون مسلمة وقال عمر بن الخطاب إعلم أن معك اثنا عشر ألفا ولا تغلب اثني عشر ألفا من قلة
قال عثمان قال ابن وهب فحدثني الليث بن سعد قال بلغني عن كسرى أنه كان له رجال إذا بعث أحدهم في جيش وضع من عدة الجيش الذي كان معه ألفا مكانه لإجزاء ذلك الرجل في الحرب وإذا احتاج إلى أحدهم وكان في جيش فحبسه لحاجته إليه زادهم ألف رجل قال الليث فأنزلت الذي صنع عمر بن الخطاب في بعثته بالزبير بن العوام والمقداد ومن
بعث معهما نحو ما كان يصنع كسرى حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان عمر بن الخطاب قد أشفق على عمرو فأرسل الزبير في أثره في اثني عشر ألفا فشهد معه الفتح
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب بعث الزبير بن العوام في اثني عشر ألفا
(1/70)
وقال غير عثمان فكانوا قد خندقوا حول حصنهم وجعلوا للخندق أبوابا وجعلوا سكك الحديد موتدة بأفنية الأبواب وكان عمرو قد قدم من الشأم في عدة قليلة فكان يفرق أصحابه ليرى العدو أنهم أكثر مما هم فلما انتهى إلى الخندق نادوه أن قد رأينا ما صنعت وإنما معك من أصحابك كذا وكذا فلم يخطئوا برجل واحد فأقام عمرو على ذلك أياما يغدوا في السحر فيصف أصحابه على أفواه الخندق عليهم السلاح فبينما هو على ذلك إذ جاءه خبر الزبير بن العوام قدم في اثني عشر ألفا فتلقاه عمرو ثم اقبلا يسيران ثم لم يلبث الزبير أن ركب ثم طاف بالخندق ثم فرق الرجال حول الخندق ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح عن ابن لهيعة قال فلما قدم المدد على عمرو بن العاص الح على القصر ووضع عليه المنجنيق وقال عمرو يومئذ من الرجز
يوم لهمدان ويوم للصدف
والمنجنيق في بلي تختلف
وعمرو يرقل ارقال الخزف
وكان عمرو إنما يقف تحت راية بلي فيما يزعمون وقد كان عمرو بن العاص كما اخبرني شيخ من اهل مصر قد دخل الى صاحب الحصن فتناظرا في شيء مما هم فيه فقال له عمرو اخرج استشير اصحابي وقد كان صاحب الحصن اوصى الذي على الباب اذا مر به عمرو ان يلقي عليه صخرة فيقتله فمر عمرو وهو يريد الخروج برجل من العرب فقال له قد دخلت فانظر كيف تخرج فرجع عمرو إلى صاحب الحصن فقال له اني اريد ان آتيك بنفر من اصحابي حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت فقال العلج في نفسه قتل جماعة أحب الي من قتل واحد فأرسل إلى الذي كان امره بما أمره به من قتل عمرو أن لا يتعرض له رجاء أن يأتيه بأصحابه فيقتلهم وخرج عمرو هذا أو معناه
(1/71)
حدثنا عيسى بن حماد قال لما حصر المسلمون الحصن كان عبادة بن الصامت في ناحية يصلي وفرسه عنده فرآه قوم من الروم فخرجوا إليه وعليهم حلية وبزة فلما دنوا منه سلم من صلاته ووثب على فرسه ثم حمل عليهم فلما رأوه غير مكذب عنهم ولوا راجعين واتبعهم فجعلوا يلقون مناطقهم ومتاعهم ليشغلوه بذلك عن طلبهم ولا يلتفت إليه حتى دخلوا الحصن ورمي عبادة من فوق الحصن بالحجارة فرجع ولم يتعرض لشيء مما كانوا طرحوا من متاعهم حتى رجع إلى موضعه الذي كان به فاستقبل الصلاة وخرج الروم إلى متاعهم يجمعونه
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا المفضل بن فضالة قال أخبرنا عياش بن عباس القتباني عن شييم بن بيتان عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت قال كان أحدنا في زمان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يأخذ نصل
أخيه على أن يعطيه النصف مما يغنم وله النصف حتى أن أحدنا ليصير له النصل والريش وللآخر القدح وأن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من استنجى برجيع دابته أو بعظم فإن محمدا منه بريء قال عياش بن عباس أخبرني شييم بن بيتان عن أبي سالم الجيشاني أنه سمع عبد الله بن عمرو وهو مرابط حصن باب اليون يحدث عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بهذ الحديث
قال عثمان في حديثه فلما أبطأ الفتح على عمرو بن العاص قال الزبير إني أهب نفسي لله أرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين فوضع سلما إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام ثم صعد وأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه جميعا قال غير عثمان فما شعروا إلا والزبير على رأس الحصن يكبر ومعه السيف وتحامل الناس على السلم حتى نهاهم عمرو خوفا من ان ينكسر
(1/72)
ثم رجع إلى الحديث عثمان وغيره قال فلما اقتحم الزبير وتبعه من تبعه وكبر وكبر من معه وأجابهم المسلمون من خارج فلم يشك أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جميعا فهربوا فعمد الزبير وأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه واقتحم المسلمون الحصن فلما خاف المقوقس على نفسه ومن معه فحينئذ سأل عمرو بن العاص الصلح ودعاه إليه على أن يفرض للعرب على القبط على كل رجل منهم دينارين فأجابه عمرو إلى ذلك
حدثنا سعيد بن عفير قال وصعد مع الزبير الحصن محمد بن مسلمة
ومالك بن أبي سلسلة السلامي ورجال من بني حرام وأن شراحيل بن حجية المرادي نصب سلما آخر من ناحية زقاق الزمامرة اليوم فصعد عليه فكان بين الزبير رحمه الله وبين شراحيل شيء على باب أو مدخل فكأن شراحيل نال من الزبير بعض ما كره فبلغ ذلك عمرا بن العاص فقال له استقد منه إن شئت فقال الزبير أمن نغفة من نغف اليمن استقيد يا بن النابغة
صفة الزبير
وكانت صفة الزبير بن العوام كما حدثنا هشام بن إسحاق فيما يزعمون أبيض حسن القامة ليس بالطويل قليل شعر اللحية أهلب كثير شعر الجسد
وكان مكثهم كما حدثنا عثمان بن صالح عن عبد الله بن وهب عن الليث بن سعد على باب القصر حتى فتحوه سبعة أشهر وقد سمعت في فتح القصر وجها آخر مخالفا للحديثين جميعا والله أعلم
حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرنا خالد بن نجيح عن يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا حدثنا خالد بن يزيد عن جماعة من التابعين يزيد بعضهم على بعض أن المسلمين لما حاصروا باب اليون وكان به جماعة
من الروم وأكابر القبط ورؤسائهم وعليهم المقوقس فقاتلوهم بها شهرا فلما رأى القوم الجد منهم على فتحه والحرص ورأوا من صبرهم على القتال ورغبتهم فيه خافوا أن يظهروا عليهم فتنحى المقوقس وجماعة من أكابر القبط وخرجوا من باب القصر القبلي ودونهم جماعة يقاتلون العرب فلحقوا بالجزيرة موضع الصناعة اليوم وأمروا بقطع الجسر وذلك في جرى النيل
(1/73)
وزعم بعض مشايخ أهل مصر أن الأعيرج كان تخلف في الحصن بعد المقوقس فلما خاف فتح الحصن ركب هو وأهل القوة والشرف وكانت سفنهم ملصقة بالحصن ثم لحقوا بالمقوقس بالجزيرة ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا فأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص
إنكم قوم قد ولجتم في بلادنا والححتم على قتالنا وطال مقامكم في أرضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح وقد أحاط بكم هذا النيل وإنما أنتم أسارى في أيدينا فابعثوا إلينا رجالا منكم نسمع من كلامهم فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم هذا القتال قبل أن يغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه ولعلكم أن
تندموا إن كان الأمر مخالفا لطلبتكم ورجائكم فابعثوا إلينا رجالا من أصحابكم نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شى ء فلما أتت عمرو بن العاص رسل المقوقس حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوقس فقال لأصحابه أترون أنهم يقتلون الرسل ويحبسونهم ويستحلون ذلك في دينهم وإنما أراد عمرو بذلك أن يروا حال المسلمين فرد عليهم عمرو مع رسله
إنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال ) حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ( فلما جاءت رسل المقوقس إليه قال كيف رأيتموهم قالوا رأينا قوما الموت أحب إلى أحدهم من الحياة والتواضع أحب إليهم من الرفعة ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد منهم ما يعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد فيهم من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها أحد منهم يغسلون أطرافهم بالماء ويتخشعون في صلاتهم فقال عند ذلك المقوقس
(1/74)
والذي يحلف به لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها ولا يقوى على قتال هؤلاء أحد ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل
لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الأرض وقووا على الخروج من موضعهم فرد إليهم المقوقس رسله وقال ابعثوا إلينا رسلا منكم نعاملهم ونتداعى نحن وهم إلى ما عسى أن يكون فيه صلاح لنا ولكم فبعث عمرو بن العاص عشرة نفر أحدهم عبادة بن الصامت حدثنا سعيد بن عفير قال أدرك الإسلام من العرب عشرة نفر طول كل رجل منهم عشرة أشبار عبادة بن الصامت احدهم
ثم رجع إلى حديث عثمان قال وأمره عمرو أن يكون متكلم القوم وأن لا يجيبهم إلى شيء دعوه إليه إلا إحدى هذه الثلاث خصال فإن أمير المؤمنين قد تقدم إلي في ذلك وأمرني أن لا أقبل شيئا سوى خصلة من هذه الثلاث خصال وكان عبادة بن الصامت أسود فلما ركبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة بن الصامت فهابه المقوقس لسواده فقال نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جميعا إن هذا الأسود أفضلنا رأيا وعلما وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورايه وقد أمره الأمير دوننا بما أمره به وأمرنا أن لا نخالف رأيه وقوله قال وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم قالوا كلا إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موضعا وأفضلنا سابقة وعقلا ورأيا وليس ينكر السواد فينا فقال المقوقس لعبادة تقدم يا أسود وكلمني برفق فإني أهاب سوادك وإن اشتد كلامك علي ازددت لذلك هيبة فتقدم إليه عبادة فقال
(1/75)
قد سمعت مقالتك وإن فيمن قد خلفت من أصحابي ألف رجل أسود كلهم أشد سوادا مني وأفظع منظرا ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم منك لي وأنا قد وليت وادبر شبابي وإني مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعا وكذلك أصحابي وذلك أنا إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله واتباع رضوانه وليس غزونا عدونا ممن حارب الله لرغبة في الدنيا ولا طلب للإستكثار منها إلا أن الله عز وجل قد أحل ذلك لنا وجعل ما غنمنا من ذلك حلالا وما يبالي أحدنا أكان له قنطار من ذهب أم كان لا يملك إلا درهما لإن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعته لليله ونهاره وشمله يلتحفها فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه في طاعة الله واقتصر على هذا الذي بيده ويبلغه ما كان في الدنيا لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء إنما النعيم والرخاء في الآخرة وبذلك امرنا ربنا وامرنا به نبينا {صلى الله عليه وسلم} وعهد إلينا أن لا تكون همة أحدنا من الدنيا إلا فيما يمسك جوعته ويستر عورته وتكون همته وشغله في رضاء ربه وجهاد عدوه
فلما سمع المقوقس ذلك منه قال لمن حوله هل سمعتم مثل كلام هذاالرجل قط لقد هبت منظره وإن قوله لاهيب عندي من منظره إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت فقال له أيها
(1/76)
الرجل الصالح قد سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم ما لا يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدة ممن لا يبالي أحدهم من لقي ولا من قاتل وإنا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم وقد أقمتم بين أظهرنا شهرا وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحالكم ونحن نرق عليكم لضعفكم وقتلكم وقلة ما بأيديكم ونحن تطيب انفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكل رجل منكم دينارين دينارين ولأميركم مائة دينار ولخليفتكم ألف دينار فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوة لكم به
فقال عبادة بن الصامت
يا هذا لاتغرن نفسك ولا أصحابك أما ما تخوفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم وأنا لا نقوى عليهم فلعمري ما هذا بالذي تخوفنا به ولا بالذي يكسرنا عما نحن فيه إن كان ما قلتم حقا فذلك والله أرغب ما نكون في قتالهم وأشد لحرصنا عليهم لأن ذلك أعذر لنا عند ربنا إذا قدمنا عليه أن قتلنا عن آخرنا كان أمكن لنا في رضوانه وجنته وما من شيء أقر لأعيننا ولا أحب إلينا من ذلك وإنا منكم حينئذ لعلى إحدى الحسنيين أما أن تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا إن ظفرنا بكم أوغنيمة الآخرة إن ظفرتم بنا وإنها لأحب الخصلتين إلينا بعد الاجتهاد منا وإن الله عز وجل
(1/77)
قال لنا في كتابه ) كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ( وما منا رجل إلا وهو يدعو ربه صباحا ومساء أن يرزقه الشهادة وأن لا يرده إلى بلده ولا إلى أرضه ولا إلى أهله وولده وليس لأحد منا هم فيما خلفه وقد استودع كل واحد منا ربه أهله وولده وإنما همنا ما أمامنا وأما قولك أنا في ضيق وشده من معاشنا وحالنا فنحن في أوسع السعة لو كانت الدنيا كلها لنا ما أردنا منها لأنفسنا أكثر مما نحن عليه فانظر الذي تريد فبينه لنا فليس بيننا وبينكم خصلة نقبلها منك ولا نجيبك إليها إلا خصلة من ثلاث خصال فاختر أيتها شئت ولا تطمع نفسك في الباطل بذلك أمرني الأمير وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من قبل إلينا أما أجبتم إلى الإسلام الذي هو الدين الذي لا يقبل الله غيره وهو دين أنبيائه ورسله وملائكته أمرنا الله تعالى أن نقاتل من خالفه ورغب عنه حتى يدخل فيه فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا وكان أخانا في دين الله فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك فقد سعدتم في الدنيا والآخرة ورجعنا عن قتالكم ولا نستحل أذاكم ولا التعرض لكم وإن أبيتم إلا الجزية فأدوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون نعاملكم علي شيء نرضى به نحن وأنتم في كل عام أبدا ما بقينا وبقيتم ونقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم ونقوم بذلك عنكم إذ كنتم في ذمتنا وكان لكم به عهد علينا وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا المحاكمة بالسيف حتى نموت من آخرنا أو نصيب ما نريد منكم هذا ديننا الذي ندين الله تعالى به ولايجوز لنا فيما بيننا وبينه غيره فانظروا لانفسكم فقال له المقوقس هذا ما لا يكون أبدا ما تريدون إلا أن
(1/78)
تتخذونا نكون لكم عبيدا ما كانت الدنيا فقال له عبادة بن الصامت هو ذاك فاختر ما شئت فقال له المقوقس أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هذه الثلاث خصال فرفع عبادة يديه وقال لا ورب هذه السماء ورب هذه الأرض ورب كل شيء ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختاروا لأنفسكم فالتفت المقوقس عند ذلك إلى أصحابه فقال قد فرغ القول فما ترون فقالوا أو يرضى أحد بهذا الذل أما ما أرادوا من دخولنا في دينهم فهذا ما لا يكون أبدا ولا نترك دين المسيح بن مريم وندخل في دين غيره لا نعرفه وأما ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيدا أبدا فالموت أيسر من ذلك لو رضوا منا أن نضعف لهم ما أعطيناهم مرارا كان أهون علينا فقال المقوقس لعبادة قد أبى القوم كما ترى فراجع صاحبك على أن نعطيكم في مرتكم هذه ما نمنيتم وتنصرفون فقام عبادة وأصحابه فقال المقوقس عند ذلك لمن حوله أطيعوني وأجيبوا القوم إلى خصلة من هذه الثلاث فوالله ما لكم بهم طاقة ولئن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منها كارهين فقالوا وأي خصلة نجيبهم إليها قال إذا أخبركم
أما دخولكم في غير دينكم فلا آمركم به وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تصبروا صبرهم ولا بد من الثالثه قالوا فنكون لهم عبيدا أبدا قال نعم تكونون عبيدا مسلطين في بلادكم آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم وتكونوا عبيد تباعوا وتمزقوا في البلاد مستعبدين أبدا أنتم وأهلكم وذراريكم قالوا فالموت
(1/79)
أهون علينا وأمروا بقطع الجسر من الفسطاط والجزيرة وبالقصر من جمع القبط والروم جمع كثير فألح المسلمون عند ذلك بالقتال على من في القصر حتى ظفروا بهم وأمكن الله منهم فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر وانحازت السفن كلها إلى الجزيرة وصار المسلمون قد أحدق بهم الماء من كل جهة لا يقدرون على أن يتقدموا نحو الصعيد ولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى والمقوقس يقول لأصحابه ألم أعلمكم هذا وأخافه عليكم ما تنتظرون فوالله لتجيبنهم إلى ما أرادوا طوعا أو لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منه كرها فأطيعوني من قبل أن تندموا فلما رأوا منهم ما رأوا وقال لهم المقوقس ما قال اذعنوا بالجزية رضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص
إني لم أزل حريصا على إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إلي بها فأبى ذلك علي من حضرني من الروم والقبط فلم يكن لي أن أفتات عليهم في أموالهم وقد عرفوا نصحي لهم وحبي صلاحهم ورجعوا إلى قولي فأعطني أمانا نجتمع أنا في نفر من أصحابي وأنت في نفر من أصحابك فإن استقام الأمر بيننا تم لنا ذلك جميعا وإن لم يتم رجعنا إلى ما كنا عليه فاستشار عمرو أصحابه في ذلك فقالوا لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتح الله علينا وتصير الأرض كلها لنا فيئا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه فقال عمرو قد علمتم ما عهد إلي أمير المؤمنين في عهده فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التي عهد إلي فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم مع ما قد حال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط دينارين دينارين عن كل
(1/80)
نفس شريفهم ووضيعهم ومن بلغ الحلم منهم ليس على الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا على النساء شيء وعلى أن للمسلمين عليهم النزل لجماعتهم حيث نزلوا ومن نزل عليه ضيف واحد من المسلمين أو أكثر من ذلك كانت لهم ضيافة ثلاثة أيام مفترض عليهم وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يتعرض لهم في شيء منها فشرط هذا كله على القبط خاصة وأحصوا عدد القبط يومئذ خاصة من بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الدينارين رفع ذلك عرفاؤهم بالايمان المؤكدة فكان جميع من أحصي يومئذ بمصر أعلاها وأسفلها من جميع القبط فيما أحصوا وكتبوا ورفعوا أكثر من ستة آلاف ألف نفس وكانت فريضتهم يومئذ اثني عشر ألف ألف دينار في كل سنة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال لما فتح عمرو بن العاص مصر صالح عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا شيخ ولا صبي فأحصوا بذلك على دينارين دينارين فبلغت عدتهم ثمانية الاف الف
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس صالح عمرا بن العاص على أن يفرض على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم
ثم رجع الى حديث يحيى بن ايوب وخالد بن حميد قالا وشرط
المقوقس للروم أن يخيروا فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازما له مفترضا عليه ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج وعلى أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه ما فعل فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعا على ما كانوا عليه وكتبوا به كتابا وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابا يعلمه على وجه الأمر كله فكتب إليه ملك الروم يقبح رأيه ويعجزه ويرد عليه ما فعل ويقول في كتابه
(1/81)
إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفا وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى فإن كان القبط كرهوا القتال واحبوا أداء الجزية إلى العرب واختاروهم علينا فإن عندك من بمصر من الروم وبالإسكندرية ومن معك أكثر من مائة ألف معهم السلاح والعدة والقوة والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم في حال القبط أذلاء إلا تقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم كأكلة فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابا إلى جماعة الروم فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم
والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا وإن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا وذلك أنهم قوم الموت أحب
(1/82)
إلى أحدهم من الحياة يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى أن لا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده ويرون أن لهم أجرا عظيما فيمن قتلوه قتلوا منا ويقولون انهم إن قتلوا دخلوا الجنة وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلا على قدر بلغة العيش من الطعام واللباس ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه ولا مما صالحت العرب عليه وإني لأعلم أنكم سترجعون غدا إلى رأيي وقولي وتتمنون ان لو كنتم أطعتموني وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه ويحكم أما يرضى أحدكم أن يكون آمنا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة ثم أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص فقال له إن الملك قد كره ما فعلت وعجزني وكتب إلي وإلى جماعة الروم أن لا نرضى بمصالحتكم وأمرهم بقتالكم حتى يظفروا بك او تظفر بهم ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه وإنما سلطاني على نفسي ومن أطاعني وقد تم صلح القبط فيما بينك وبينهم ولم يأت من قبلهم نقض وأنا متم لك على نفسي والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاقدتهم وأما الروم فإني منهم بريء وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال فقال له عمرو ما هن قال لا تنقض بالقبط وادخلني معهم والزمني ماألزمتهم وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاهدتك عليه فهم متمون لك على ما تحب وأما الثانية فإن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئا وعبيدا فإنهم أهل ذلك فإني نصحتهم فاستغشوني ونظرت لهم فاتهموني وأما الثالثة أطلب إليك إن أنا مت ان تأمرهم أن يدفنوني في كنيسة أبي يحنس
بالإسكندرية فأنعم له عمرو بن العاص بذلك وأجابه إلى ما طلب على أن يضمنوا له الجسرين جميعا ويقيموا له الإنزال والضيافة والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية ففعلوا
(1/83)
قال غيرعثمان وصارت لهم القبط أعوانا كما جاء في الحديث ويقال أن المقوقس إنما صالح عمرو بن العاص على الروم وهو يحاصر الإسكندرية
حدثنا يحيى بن خالد العدوي عن الليث بن سعد أن عمرو بن العاص لما بلغ الاسكندرية حاصر أهلها ثلاثة أشهر وألح عليهم وخافوه وسأله المقوقس الصلح عنهم كما صالحه على القبط على أن يستنظر رأي الملك
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن ابي حبيب أن المقوقس الرومي الذي كان ملك أهل مصر صالح عمرو بن العاص على أن يسير من أراد من الروم المسير ويقر من أراد الإقامة من الروم على أمر قد سماه فبلغ ذلك هرقل ملك الروم فتسخط أشد التسخط وانكره أشد الإنكار وبعث الجيوش فأغلقوا الأبواب الإسكندرية وآذنوا عمرو بن العاص بالحرب فخرج إليه المقوقس فقال أسألك ثلاثا قال ما هن قال لا تبذل للروم ما بذلت لي فإني قد نصحت لهم واستغشوا نصيحتي ولا تنقض بالقبط فإن النقض لم يأت من قبلهم وأن تأمر بي إذا مت فأدفن في كنيسة أبي يحنس فقال عمرو هذه أهونهن علينا
ثم رجع إلى حديث عثمان قال فخرج عمرو بن العاص بالمسلمين
حين أمكنهم الخروج وخرج معه جماعة من رؤساء القبط وقد أصلحوا لهم الطرق وأقاموا لهم الجسور والأسواق وصارت لهم القبط أعوانا على ما أرادوا من قتال الروم وسمعت بذلك الروم فاستعدت واستجاشت وقدمت عليهم مراكب كثيرة من أرض الروم فيها جمع عظيم من الروم بالعدة والسلاح فخرج إليهم عمرو بن العاص من الفسطاط متوجها إلى الإسكندرية فلم يلق منهم أحدا حتى بلغ ترنوط فلقي بها طائفة من الروم فقاتلوه قتالا خفيفا فهزمهم الله تعالى ومضى عمرو بمن معه حتى لقي جمع الروم بكوم شريك فاقتتلوا به ثلاثة أيام ثم فتح الله على المسلمين وولى الروم أكتافهم
(1/84)
ويقال بل أرسل عمرو بن العاص شريك بن سمي في اثارهم كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب فأدركهم عند الكوم الذي يقال له كوم شريك فقاتلهم شريك فهزمهم قال غير عبد الملك بن مسلمة فلقيهم شريك بكوم شريك وكان على مقدمة عمرو بن العاص وعمرو بترنوط فألجأوه إلى الكوم فاعتصم به وأحاطت الروم به فلما رأى ذلك شريك بن سمي أمر أبا ناعمة مالك بن ناعمة الصدفي وهو صاحب الفرس الأشقر الذي يقال له اشقر صدف وكان لا يجارى سرعة فانحط عليهم من الكوم وطلبته الروم فلم تدركه حتى أتى عمرا فأخبره فأقبل عمرو متوجها نحوه وسمعت به الروم فانصرفت وبالفرس الأشقر سميت خوخة الأشقر التي بمصر وذلك أن الفرس نفق فدفنه صاحبه هنالك فسمي المكان به ثم رجع إلى حديث يحيى بن ايوب وخالد بن
حميد قالا ثم التقوا بسلطيس فاقتتلوا بها قتالا شديدا ثم هزمهم الله ثم التقوا بالكريون فاقتتلوا بها بضعة عشر يوما وكان عبد الله بن عمرو على المقدمة وحامل اللواء يومئذ وردان مولى عمرو
حدثنا طلق بن الشيخ ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافري قال حدثنا أبو قبيل عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه لقي العدو بالكريون فكان على المقدمة وحامل اللواء وردان مولى عمرو فأصابت عبد الله بن عمرو جراحات كثيرة فقال يا وردان لو تقهقرت قليلا نصيب الروح فقال وردان الروح تريد الروح أمامك وليس خلفك فتقدم عبد الله فجاءه رسول أبيه يسأله عن جراحه فقال عبد الله أقول إذا جاشت النفس وحالت إصبري عن قليل تحمدي او تلامي فرجع الرسول إلى عمرو فأخبره بما قال فقال عمرو هو ابني حقا
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص صلى يومئذ صلاة الخوف
(1/85)
حدثنا أبي عبدالله بن عبد الحكم والنضر بن عبد الجبار قالا حدثنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة أن شيخا حدثهم أنه صلى صلاة الخوف بالإسكندرية مع عمرو بن العاص بكل طائفة ركعة وسجدتين ثم رجع إلى حديث
يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا ثم فتح الله المسلمين وقتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة وأتبعوهم حتى بلغوا الإسكندرية فتحصن بها الروم وكانت عليهم حصون متينة لا ترام حصن دون حصن فنزل المسلمون ما بين حلوة الى قصر فارس إلى ما وراء ذلك ومعهم رؤساء القبط يمدونهم بما احتاجوا اليه من الأطعمة والعلوفة
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن بكر بن عمرو الخولاني أن عبد العزيز بن مروان حين قدم الإسكندرية سأل عن فتحها فقيل له لم يبق ممن أدرك فتحها إلا شيخ كبير من الروم فأمرهم فأتوه به فسأله عما حضره من فتح الإسكندرية فقال كنت غلاما شابا وكان لي صاحب ابن لبطريق من بطارقة الروم فأتاني فقال لي ألا ت ذهب بنا حتى ننظر إلى هؤلاء العرب الذين يقاتلوننا فلبس ثياب ديباج وعصابة ذهب وسيفا محلا وركب برذونا سمينا كثير اللحم وركبت أنا برذونا خفيفا فخرجنا من الحصون كلها حتى برزنا على مشرف فرأينا قوما في خيام لهم عند كل خيمة فرس مربوط ورمح مركوز ورأينا قوما ضعفاء فعجبنا من ضعفهم فقلنا كيف بلغ هؤلاء القوم ما بلغوا فبينما نحن وقوف ننظر إليهم ونعجب إذ خرج رجل منهم من بعض تلك الخيام فنظر إلينا فلما رآنا حل فرسه فمعكه ثم مسحه ووثب على ظهره وهو عري وأخذ الرمح بيده واقبل نحونا فقلت لصاحبي هذا والله يريدنا فلما رايناه مقبلا الينا لا يريد غيرنا أدبرنا مولين نحو الحصن وأخذ في طلبنا فلحق صاحبي لأن برذونه كان ثقيلا كثير اللحم فطعنه برمحه فصرعه ثم خضخض الرمح في
(1/86)
في جوفه حتى قتله ثم أقبل في طلبي وبادرت وكان برذوني خفيف اللحم فنجوت منه حتى دخلت الحصن فلما دخلت الحصن امنت فصعدت على سور الحصن انظر اليه فإذا هو لما أيس مني رجع فلم يبال بصاحبي الذي قتله ولم يرغب في سلبه ولم ينزعه عنه وقد كان سلبه ثياب الديباج وعصابة من ذهب ولم يطلب دابته ولم يلتفت إلى شيء من ذلك وانصرف من طريق أخرى وأنا أنظر إليه وأسمعه يتكلم بكلام يرفع به صوته فظننت أنه إنما يقرأ بقرآن العرب فعرفت عند ذلك أنهم إنما قووا على ما قووا عليه وظهروا على البلاد لأنهم لا يطلبون الدنيا ولا يرغبون في شيء منها حتى بلغ خيمته فنزل عن فرسه فربطه وركز رمحه ودخل خيمته ولم يعلم بذلك أحدا من أصحابه فقال عبد العزيز صف لي ذلك الرجل وهيئته وحالته فقال نعم هو قليل دميم ليس بالتام من الرجال في قامته ولا في لحمه رقيق أدم كوسج فقال عبد العزيز عند ذلك إنه ليصف صفة رجل يمني
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا محمد بن يحيى الإسكندراني قال نزل عمرو بن العاص بحلوة فأقام بها شهرين ثم تحول إلى المقس فخرجت عليه الخيل من ناحية البحيرة مستترة بالحصن فواقعوه فقتل من المسلمين يومئذ بكنيسة الذهب اثنا عشر رجلا ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا ورسل ملك الروم تختلف إلى الإسكندرية في المراكب بمادة الروم وكان ملك الروم يقول لئن ظهرت العرب على الإسكندرية إن ذلك انقطاع ملك الروم وهلاكهم لأنه ليس للروم كنائس أعظم من كنائس الإسكندرية وإنما كان عيد عند الروم حين غلبت العرب على الشأم بالإسكندرية فقال الملك لئن غلبوا على
(1/87)
الإسكندرية لقد هلكت الروم وانقطع ملكها فأمر بجهازه ومصلحته لخروجه إلى الإسكندرية حتى يباشر قتالها بنفسه إعظاما لها وأمر أن لا يتخلف عنه أحد من الروم وقال ما بقي للروم بعد الإسكندرية حرمة فلما فرغ من جهازه صرعه الله فأماته وكفى الله المسلمين مؤنته وكان موته في سنة تسع عشرة فكسر الله بموته شوكة الروم فرجع جمع كثير ممن كان قد توجه إلى الإسكندرية
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال مات هرقل في سنة عشرين وفيها فتحت قيسارية الشام
ثم رجع إلى حديث يحيى بن ايوب وخالد بن حميد قالا واستأسدت العرب عند ذلك وألحت بالقتال على أهل الإسكندرية فقاتلوهم قتالا شديدا
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال خرج طرف من الروم من باب حصن الاسكندرية فحملوا على الناس فقتلوا رجلا من مهرة فاحتزوا رأسه وانطلقوا به فجعل المهريون يتغضبون ويقولون لا ندفنه ابدا إلا برأسه فقال عمرو بن العاص تتغضبون كأنكم تتغضبون على من يبالي بغضبكم احملوا على القوم إذا خرجوا فاقتلوا منهم رجلا ثم ارموا برأسه يرمونكم برأس صاحبكم فخرجت الروم إليهم فاقتتلوا فقتل من الروم رجل من بطارقتهم فاحتزوا رأسه ورموا به إلى الروم فرمت الروم برأس المهري صاحبهم إليهم فقال دونكم الآن فادفنوا صاحبكم وكان عمرو بن العاص كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد يقول ثلاث قبائل من مصر أما مهرة فقوم يقتلون ولا يقتلون وأما غافق فقوم يقتلون ولا يقتلون وأما بلي
فأكثرها رجلا صحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وافضلها فارسا
(1/88)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ضمام بن اسماعيل قال حدثنا عياش بن عباس قال لما حاصر المسلمون الاسكندرية قال لهم صاحب المقدمة لاتعجلوا حتى آمركم برأي فلما فتح الباب دخل رجلان فقتلا فبكى صاحب المقدمة فقيل له لا تبك وهما شهيدان قال ليت انهما شهيدان ولكن سمعت رسول {صلى الله عليه وسلم} يقول لا يدخل الجنة عاص وقد أمرت أن لا يدخلوا حتى يأتيهم رأيي فدخلوا بغير إذني
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا الليث بن سعد عن موسى بن علي ان رجلا قال لعمرو بن العاص لو جعلت المنجنيق ورميتهم به لهدم منه حائطهم فقال عمرو تستطيع ان تفني مقامك من الصف قال الليث وقيل لعمرو ان العدو قد غشوك ونحن نخاف على رايطة يريدون امرأته فقال اذا يجدون رياطا كثيرة
ثم رجع الى حديث عثمان بن صالح قال فحدثني خالد بن ابي نجيح قال اخبرني الثقة ان عمرو بن العاص قاتل الروم بالإسكندرية يوما من الأيام قتالا شديدا فلما استحر القتال بينهم بارز رجل من الروم مسلمة بن مخلد فصرعه وألقاه عن فرسه وأهوى اليه ليقتله حتى حماه رجل من أصحابه وكان مسلمة لا يقاوم لسبيله ولكنها مقادير ففرحت بذلك الروم وشق ذلك على المسلمين وغضب عمرو بن العاص لذلك وكان مسلمة كثير اللحم ثقيل البدن فقال عمرو بن العاص عند ذلك ما بال الرجل
(1/89)
المسته الذي يشبه النساء يتعرض مداخل الرجال ويتشبه بهم فغضب مسلمة من ذلك ولم يراجعه ثم اشتد القتال حتى اقتحموا حصن الإسكندرية فقاتلتهم العرب في الحصن ثم جاشت عليهم الروم حتى اخرجوهم جميعا من الحصن إلا اربعة نفر بقوا في الحصن واغلقوا عليهم باب الحصن احدهم عمرو بن العاص والآخر مسلمة بن مخلد ولم نحفظ الآخرين وحالوا بينهم وبين أصحابهم ولا يدري الروم من هم فما رأى ذلك عمرو بن العاص وأصحابه التجأوا الى ديماس من حماماتهم فدخلوا فيه فاحترزوا به فأمروا روميا ان يكلمهم بالعربية فقال لهم إنكم قد صرتم بأيدينا أسارى فاستأسروا ولا تقتلوا أنفسكم فامتنعوا عليهم ثم قال لهم إن في أيدي أصحابكم منا رجالا أسروهم ونحن نعطيكم العهود نفادي بكم أصحابنا ولا نقتلكم فأبوا عليهم فلما رأى الرومي ذلك منهم قال لهم هل لكم إلى خصلة وهي نصف فيما بيننا وبينكم أن تعطونا العهد ونعطيكم مثله على أن يبرز منكم رجل ومنا رجل فإن غلب صاحبنا صاحبكم استأسرتم لنا وأمكنتموا من أنفسكم وإن غلب صاحبكم صاحبنا خلينا سبيلكم الى أصحابكم فرضوا بذلك وتعاهدوا عليه وعمرو ومسلمة وصاحباهما في الحصن في الديماس فتداعوا الى البراز فبرز رجل من الروم قد وثقت الروم بنجدته وشدته وقالوا يبرز رجل منكم لصاحبنا فأراد عمرو أن يبرز فمنعه مسلمة وقال ما هذا تخطئ مرتين تشذ من أصحابك وأنت أمير وإنما قوامهم بك وقلوبهم معلقة نحوك لا يدرون ما أمرك ثم لا ترضى حتى تبارز وتتعرض للقتل فإن قتلت كان ذلك بلاء على أصحابك مكانك وأنا أكفيك إن شاء الله تعالى فقال عمرو دونك فربما فرجها الله بك فبرز مسلمة والرومي فتجاولا ساعة ثم أعانه الله عليه فقتله
(1/90)
فكبر مسلمة وأصحابه ووفى لهم الروم بما عاهدوهم عليه ففتحوا لهم باب الحصن فخرجوا ولا يدري الروم أن أمير القوم فيهم حتى بلغهم بعد ذلك فأسفوا على ذلك وأكلوا أيديهم تغيضا على ما فاتهم فلما خرجوا استحيى عمرو مما كان قال لمسلمة حين غضب فقال عمرو عند ذلك استغفر لي ما كنت قلت لك فاستغفر له وقال عمرو والله ما أفحشت قط إلا ثلاث مرار مرتين في الجاهلية وهذه الثالثة وما منهن مرة إلا وقد ندمت وما استحييت من واحدة منهن أشد مما استحييت مما قلت لك والله إني لأرجو أن لا أعود إلى الرابعة ما بقيت
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال أقام عمرو بن العاص محاصر الإسكندرية أشهرا فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب قال ما أبطؤا بفتحها إلا لما أحدثوا
حدثنا يحيى بن خالد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال لما أبطأ على عمر بن الخطاب فتح مصر كتب إلى عمرو بن العاص
اما بعد فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر إنكم تقاتلونهم منذ سنتين وما ذلك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قوما إلا بصدق نياتهم وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر وأعلمتك أن الرجل منهم مقاوم ألف رجل على ما كنت أعرف إلا أن يكونوا غيرهم ما غير غيرهم فإذا أتاك كتابي هذا فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم ورغبهم في الصبر والنية وقدم أولئك الأربعة في
صدور الناس ومر الناس جميعا ان يكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد وليكن ذلك عند الزوال يوم الحمعة فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة ووقت الإجابة وليعج الناس إلى الله ويسألوه النصر على عدوهم فلما أتى عمرو الكتاب جمع الناس وقرأعليهم كتاب عمر ثم دعا أولئك النفر فقدمهم أمام الناس وأمر الناس ان يتطهروا ويصلوا ركعتين ثم يرغبوا إلى الله عز وجل ويسألوه النصر على عدوهم ففعلوا ففتح الله عليهم
(1/91)
ويقال ان عمرو بن العاص استشار مسلمة بن مخلد كما حدثنا عثمان بن صالح عن من حدثه فقال أشر علي في قتال هؤلاء فقال له مسلمة أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فتعقد له على الناس فيكون هو الذي يباشر القتال ويكفيكه قال عمرو ومن ذلك قال عبادة بن الصامت فدعا عمروعبادة فأتاه وهو راكب على فرسه فلما دنا منه أراد النزول فقال له عمرو عزمت عليك إن نزلت ناولني سنان رمحك فناوله إياه فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له وولاه قتال الروم فتقدم عبادة مكانه فصادف الروم وقاتلهم ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومهم ذلك
حدثنا ابي عبد الله بن عبد الحكم قال لما أبطأ على عمرو بن العاص فتح الإسكندرية استلقى على ظهره ثم جلس ثم قال إني فكرت في هذا الأمر فإذا هو لا يصلح آخره إلا من أصلح أوله يريد الأنصار فدعا عبادة بن الصامت فعقد له ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومه ذلك
ثم رجع الى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قال حاصروا
(1/92)
الإسكندرية تسعة أشهر بعد موت هرقل وخمسة قبل ذلك وفتحت يوم الجمعة لمستهل المحرم سنة عشرين حدثناأبو الأسود النضربن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن بشر بن سعيد عن جنادة بن أبي أمية قال دعاني عبادة بن الصامت يوم الإسكندرية وكان على قتالها فأغار العدو على طائفة من الناس ولم يأذن لهم بقتالهم فسمعني فبعثني أحجز بينهم فحجزت بينهم ثم رجعت اليه فقال أقتل أحد من الناس هناك قلت لا قال الحمد لله الذي لم يقتل بإذنه أحد منهم عاصيا حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن مالك بن انس ان مصر فتحت سنة عشرين قال فلما هزم الله تبارك وتعالى الروم وفتح الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث وهرب الروم في البر والبحر خلف عمرو بن العاص بالإسكندرية ألف رجل من أصحابه ومضى عمرو ومن معه في طلب من هرب من الروم في البر فرجع من كان هرب من الروم في البحر الى الإسكندرية فقتلوا من كان فيها من المسلمين إلا من هرب منهم وبلغ ذلك عمرو بن العاص فكر راجعا ففتحها وأقام بها وكتب إلى عمربن الخطاب ان الله قد فتح علينا الإسكندرية عنوة بغير عقد ولا عهد فكتب اليه عمربن الخطاب يقبح رأيه ويأمره أن لا يجاوزها
قال ابن لهيعة وهوفتح الإسكندرية الثاني
وكان سبب فتحها هذا كما حدثنا إبراهيم بن سعيد البلوي ان رجلا يقال له ابن بسامة كان بوابا فسأل عمرو بن العاص أن يؤمنه على نفسه وأرضه وأهل بيته ويفتح له الباب فأجابه عمرو إلى ذلك ففتح له ابن بسامة الباب فدخل عمرو وكان مدخله هذا من ناحية القنطرة التي يقال لها
قنطرة سليمان وكان مدخل عمرو بن العاص الأول من باب المدينة الذي من ناحية كنيسة الذهب وقد بقي لابن بسامة عقب بالإسكندرية إلى اليوم حدثنا هاني بن المتوكل قال حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافري قال قتل من المسلمين من حين كان من أمر الإسكندرية ما كان إلى أن فتحت عنوة اثنان وعشرون رجلا
(1/93)
وبعث عمرو بن العاص كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة معاوية بن حديج وافدا الى عمر بن الخطاب بشيرا له بالفتح فقال له معاوية ألا تكتب معي كتابا فقال له عمرو وما أصنع بالكتاب ألست رجلا عربيا تبلغ الرسالة وما رأيت وما حضرت فلما قدم على عمر أخبره بفتح الأسكندرية فخر عمر ساجدا وقال الحمد لله
حدثنا عبدالله بن يزيد المقري قال حدثنا موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول سمعت معاوية بن حديج يقول بعثني عمرو بن العاص الى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية فقدمت المدينة في الظهيرة فأنخت راحلتي بباب المسجد ثم دخلت المسجد فبينما انا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب فرأتني شاحبا علي ثياب السفر فأتتني فقالت من أنت فقلت أنا معاوية بن حديج رسول عمرو بن العاص فانصرفت عني ثم أقبلت تشتد أسمع حفيف إزارها على ساقها أو على ساقيها حتى دنت مني فقالت قم فأجب أمير المؤمنين يدعوك فتبعتها فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه ويشد إزاره بالأخرى فقال ما عندك فقلت خير يا أمير المؤمنين فتح الله الإسكندرية فنخرج معي الى المسجد فقال للمؤذن أذن في الناس الصلاة
جامعة فاجتمع الناس ثم قال لي قم فأخبر أصحابك فقمت فأخبرتهم ثم صلى ودخل منزله واستقبل القبلة فدعا بدعوات ثم جلس فقال يا جارية هل من طعام فأتت بخبز وزيت فقال كل فأكلت على حياء ثم قال كل فإن المسافر يحب الطعام فلو كنت آكلا لأكلت معك فأصبت على حياء ثم قال يا جارية هل من تمر فأتت بتمر في طبق فقال كل فأكلت على حياء ثم قال ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد فقلت إن أمير المؤمنين قائل قال بئس ما قلت أو بئس ما ظننت لئن نمت النهار لأضيعن الرعية ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية
(1/94)
ثم كتب عمرو بن العاص بعد ذلك كما حدثنا ابراهيم بن سعيد البلوي إلى عمر بن الخطاب أما بعد فإني فتحت مدينة لا أصف ما فيها غير أني أصبت فيها أربعة آلاف بنية بأربعة آلاف حمام وأربعين ألف يهودي عليهم الجزية وأربع مائة ملهى للملوك حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل أن عمرا بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثني عشر ألف بقال يبيعون البقل الأخضر حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا ابن مقلاص قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن داود قال أراه عن حيوة بن شريح أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثني عشر ألف بقال
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا محمد بن سعيد الهاشمي قال ترحل من الإسكندرية في الليلة التي دخلها عمرو بن العاص أو في الليلة التي
خافوا فيها دخول عمرو سبعون ألف يهودي
(1/95)
حدثنا هانئ بن المتوكل عن موسى بن ايوب وراشد بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن حسين بن شفي بن عبيد قال وكان بالإسكندرية فيما أحصي من الحمامات اثنا عشر ألف ديماس أصغر ديماس منها يسع ألف مجلس كل مجلس منها يسع جماعة نفر وكان عدة من بالإسكندرية من الروم مائتي ألف من الرجال فلحق بأرض الروم أهل القوة وركبوا السفن وكان بها مائة مركب من المراكب الكبار فحمل فيها ثلاثون ألفا مع ما قدروا عليه من المال والمتاع والأهل وبقي من بقى الأسارى ممن بلغ الخراج فأحصي يومئذ ست مائة ألف سوى النساء والصبيان فاختلف الناس على عمرو في قسمها وكان أكثر الناس يريدون قمسها فقال عمرو لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه كتابا يعلمه بفتحها وشأنها ويعلمه أن المسلمين طلبوا قسمها فكتب إليه عمر لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج فكانت مصر صلحا كلها بفريضة دينارين دينارين على كل رجل لا يزاد على احد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن صلح ولا ذمة وقد كانت قرى من قرى مصركما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قاتلت فسبوا منها قرية يقال بها بلهيب
وقرية يقال لها خيس وقرية يقال لها سلطيس فوقع سباياهم بالمدينة وغيرها فردهم عمر بن الخطاب إلى قراهم وصيرهم وجماعة القبط أهل ذمة
(1/96)
حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرا سبى أهل بلهيب وسلطيس وقرطسا وسخا فتفرقوا وبلغ أولهم المدينة حين نقضوا ثم كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بردهم فرد من وجد منهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب كتب في أهل سلطيس خاصة من كان منهم في أيديكم نخيروه بين الاسلام فإن أسلم فهو من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم وإن اختار دينه فخلوا بينه وبين قريته فكان البلهيبي خير يومئذ فاختار الاسلام
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح عن يحيى بن أيوب أن أهل سلطيس ومصيل وبلهيب ظاهر الروم على المسلمين في جمع كان لهم فلما ظهر عليهم المسلمون استحلوهم وقالوا هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية فكتب عمرو بن العاص بذلك الى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أن يجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين ويضربوا عليهم الخراج ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط قوة للمسلمين على عدوهم ولا يجعلون فيئا ولاعبيدا ففعلوا ذلك ويقال انما ردهم عمر بن الخطاب لعهد كان تقدم لهم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة وابن وهب عن
عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن حطان أنه كان لقريات من مصر منهم أم دنين وبلهيب عهد وأن عمر لما سمع بذلك كتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن يخيرهم فإن دخلوا في الإسلام فذاك وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم قال وكان من أبناء السلطيسيات عمران بن عبد الرحمن بن جعفر بن ربيعة وأم عياض بن عقبة وأبو عبيدة بن عقبة وأم عون بن خارجة القرشي ثم العدوي وأم عبد الرحمن بن معاوية بن حديج وموالي أشراف بعد ذلك وقعوا عند مروان بن الحكم منهم أبان وعمه أبو عياض وعبد الرحمن البلهيبي
فتح مصر بصلح
(1/97)
ثم رجع إلى حديث موسى بن أيوب وراشد بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن حسين بن شفي قال إن عمرا لما فتح الإسكندرية بقي من الأسارى بها من بلغ الخراج وأحصي يومئذ ست مائة ألف سوى النساء والصبيان فاختلف الناس على عمرو في قسمهم فكان أكثر المسلمين يريدون قسمها فقال عمرو لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها وأن المسلمين طلبوا قسمها فكتب إليه عمرو لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج
ففتحت مصر كلها صلحا بفريضة دينارين على كل رجل لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين إلا انه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن لهم صلحا ولا ذمة
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا الليث قال كان يزيد بن أبي حبيب يقول مصر كلها صلح إلا الإسكندرية فإنها فتحت عنوة
حدثنا عثمان بن صالح عن بكر بن مضر عن عبد الله بن أبي جعفر قال حدثني رجل ممن أدرك عمرابن العاص قال للقبط عهد عند فلان وعهد عند فلان وعهد عند فلان فسمى ثلاثة نفر
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن شيخ من كبراء الجند أن عهد أهل مصر كان عند كبرائهم
حدثنا هشام بن إسحاق العامري عن الليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر قال سألت شيخا من القدماء عن فتح مصرفقال هاجرنا إلى المدينة أيام عمر بن الخطاب وأنا محتلم فشهدت فتح مصر وقلت له إن ناسا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد فقال لا يبالي أن لا يصلي من قال أنه ليس لهم عهد فقلت فهل كان لهم كتاب فقال نعم كتب ثلاثة
(1/98)
كتاب عند طلما صاحب إجنا وكتاب عند قزمان صاحب رشيد وكتاب عند يحنس صاحب البرلس قلت كيف كان صلحهم قال دينارين على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين قلت أفتعلم ما كان من الشروط قال نعم ستة شروط لا يخرجون من ديارهم ولا تنتزع نساؤهم ولا كنوزهم ولا أراضيهم ولا يزاد عليهم
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أنه حدثه عن أبي جمعة مولى عقبة قال كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبي سفيان فسأله أرضا يسترفق فيها عند قرية عقبة فكتب له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع فقال له مولى له كان عنده أصلحك الله انظر أرضا صالحة فقال عقبة ليس لنا ذلك إن في عهدهم شروطا ستة لا يؤخذ من أنفسهم شيء ولا من نسائهم ولا من أولادهم ولا يزاد عليهم ويدفع عنهم موضع الخوف من عدوهم وأنا شاهد لهم بذلك
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن أبي شريح عبد الرحمن بن شريح عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي جمعة حبيب بن وهب قال كتب عقبة بن عامر إلى معاوية يسأله بقيعا في قرية يبني فيه منازل ومساكن فأمر له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع فقال له مواليه ومن كان
عنده انظر إلى أرض تعجبك فاختط فيها وابتن فقال له إنه ليس لنا ذلك لهم في عهدهم ستة شروط منها أن لا يؤخذ من أرضهم شيء ولا يزاد عليهم ولا يكلفوا غير طاقتهم ولا يؤخذ ذراريهم وأن يقاتل عنهم عدوهم من ورائهم
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن رجل من كبراء الجند قال كتب معاوية بن أبي سفيان إلى وردان أن زد على كل رجل منهم قيراطا فكتب وردان إلى معاوية كيف نزيد عليهم وفي عهدهم أن لا يزاد عليهم شيء فعزل معاوية وردان
(1/99)
ويقال إن معاوية إنما عزل وردان كما حدثنا سعيد بن عفير لأن عتبة بن أبي سفيان وفد إلى معاوية في نفر من أهل مصر وكان معاوية ولى عتبة الحرب وولى وردان الخراج وحريث بن زيد الديوان فسأل معاوية الوفد عن عتبة فقال عبادة بن ضمل المعافري حوت بحر يا أمير المؤمنين على بر ووعل فقال معاوية لعتبة اسمع ما يقول فيك رعيتك فقال صدقوا يا أمير المؤمنين حجبتني عن الخراج ولهم علي حقوق وأكره أن أجلس فأسأل فلا أفعل فأبخل فضم إليه معاوية الخراج
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن حطان قال إنه كان لقريات من مصر منهن أم دنين وبلهيب عهد وأن عمر بن الخطاب لما سمع بذلك كتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن يخيرهم فإن دخلوا في الإسلام فذلك وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح على جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا صبي ولا شيخ على دينارين دينارين فأحصوا لذلك فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف
(1/100)
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن وهب قال سمعت حيوة بن شريح قال سمعت الحسن بن ثوبان الهمداني يقول حدثني هشام بن أبي رقية اللخمي قال إن عمرابن العاص لما فتح مصر قال لقبط مصر من كتمني كنزا عنده فقدرت عليه قتلته وأن قبطيا من أهل الصعيد يقال له بطرس ذكر لعمرو أن عنده كنزا فأرسل إليه فسأله فأنكر وجحد فحبسه في السجن وعمرو يسأل عنه هل يسمعونه يسأل عن أحد فقالوا لا إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور فأرسل عمرو إلى بطرس فنزع خاتمه من يده ثم كتب إلى ذلك الراهب أن ابعث إلى بما عندك وختمه بخاتمه فجاءه رسوله بقلة شامية مختومة بالرصاص ففتحها عمرو فوجد فيها صحفية مكتوبا فيها مالكم تحت الفسقية الكبيرة فأرسل عمرو إلى الفسقية فحبس عنها الماء ثم قلع منها البلاط الذي تحتها فوجد فيها اثنين وخمسين إردبا ذهب مضروبة فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد
فذكرابن أبي رقية أن القبط أخرجوا كنوزهم شفقة أن يبغا على أحد منهم فيقتل كما قتل بطرس
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرا بن العاص استحل مال قبطي من قبط مصر لأنه استقر عنده أنه يظهر الروم على عورات المسلمين ويكتب إليهم بذلك فاستخرج منه بضعة وخمسين إردبا دنانير ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا ففتح الله أرض مصر كلها بصلح غير الإسكندرية وثلاث قريات ظاهرت الروم على المسلمين سلطيس ومصيل وبلهيب فإنه كان للروم جمع فظاهروا الروم فلما ظهر عليها المسلمون استحلوها وقالوا هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين وتضربون عليهم الخراج ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط كله قوة للمسلمين ولا يجعلون فيئا ولا عبيدا ففعلوا ذلك إلى اليوم
فتح مصر عنوة
(1/101)
وقال آخرون بل فتحت مصرعنوة بلا عهد ولا عقد حدثنا عبد الملك بن مسلمة وعثمان بن صالح قالا حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عمن سمع عبيد الله بن المغيرة بن أبي بردة يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول إنا لما فتحنا مصر بغير عهد ولا عقد
قام الزبير بن العوام فقال اقسمها يا عمرو بن العاص فقال عمرو والله لا أقسمها فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خيبر فقال عمرو والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه عمر أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة
قال ابن لهيعة وحدثني يحيى بن ميمون عن عبيدالله بن المغيرة عن سفيان بن وهب بهذا إلا أنه قال فقال عمرو لم أكن لأحدث فيهم شيئا حتى أكتب إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه بهذا قال عبد الملك في حديثه ان الزبير صولح على شيء أرضي به حدثنا عبد الملك بن مسلمة وعثمان بن صالح قالا حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة أن مصر فتحت عنوة حدثنا عبد الملك بن قال حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال سمعت اشياخنا يقولون إن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد
قال عبد الرحمن بن زياد بن أنعم منهم أبي يحدثنا عن أبيه وكان ممن شهد فتح مصر
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن وهب عن ابن أنعم قال سمعت أشياخنا يقولون فتحت مصر عنوة بغير عهد ولا عقد حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة أن مصر فتحت عنوة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي قنان أيوب بن أبي العالية عن أبيه وحدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن وهب عن داود بن عبد الله الحضرمي أن أبا قنان حدثه عن أبيه أنه سمع عمرا بن العاص يقول لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر علي عهد ولا عقد إلا لأهل أنطابلس فإن لهم عهدا نوفي لهم به
قال ابن لهيعة في حديثه أن عمرا قال إن شئت قتلت وإن شئت خمست وإن شئت بعت
(1/102)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفهري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمرا بن العاص فتح مصر بغير عهد ولا عقد وأن عمر بن الخطاب حبس درها وضرعها أن يخرج منها شيء نظرا للإسلام وأهله
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح عن يعقوب بن مجاهد عن زيد بن أسلم قال كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد قال عبد الرحمن بن شريح ولا أدري أعن زيد حدث أم شيء قاله فمن أسلم منهم فأمة ومن أقام منهم فذمة
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة قالا
حدثنا ابن لهيعة عن عبد الملك بن جنادة كاتب حيان بن شريح من أهل مصر من موالي قريش قال كتب حيان إلى عمربن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم فسأل عمر عراك بن مالك فقال عراك ما سمعت لهم بعهد ولا عقد وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد
فكتب عمر إلى حيان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم قال وسمعت يحيى بن عبد الله بن بكير يقول خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة فاحتاج إلى رجل يجذف به فتسخر رجلا من القبط فكلم في ذلك فقال إنما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن الصلت بن أبي عاصم أنه قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن شريح أن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح عن عبيد الله بن أبي جعفر أن كاتب حيان حدثه أنه احتاج إلى خشب لصناعة الجزيرة فكتب حيان إلى عمر يذكر ذلك وأنه وجد خشبا عند بعض أهل الذمة وأنه كره أن يأخذ منهم حتى يعلمه فكتب إليه عمر خذها منهم بقيمة عدل فإني لم أجد لأهل مصر عهدا أفي لهم به
حدثنا عبدالرحمن قال حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن
(1/103)
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كتب عمر بن عبدالعزيز إلى حيان بن سريج أن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا يحيى بن ايوب عن عبد الرحمن بن أبي لبابة أن عمر بن عبد العزيز قال لسالم بن عبد الله أنت تقول ليس لأهل مصر عهد قال نعم
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطاب في رهبان يترهبون بمصر فيموت أحدهم وليس له وارث فكتب إليه عمر أن من كان منهم له عقب فادفع ميراثه إلى عقبه ومن لم يكن له عقب فاجعل ماله في بيت مال المسلمين فإن ولاءه للمسلمين
حدثنا يحيى بن خالد عن راشد بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنه قال كان فتح مصر بعضها بعهد وذمة وبعضها عنوة فجعلها عمر بن الخطاب جميعا ذمة وحملهم على ذلك فمضى ذلك فيهم إلى اليوم والله أعلم
الجزء الثالث الخطط
قال حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغا منها هم أن يسكنها وقال مساكن قد كفيناها فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك فسأل عمر الرسول هل يحول بيني وبين
المسلمين ماء قال نعم يا أمير المؤمنين إذا جرى النيل فكتب عمرإلى عمرو إني لا أحب أن تنزل المسلمين منزلا يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف فتحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط(1/104)
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب وحدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن وهب عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص وهو نازل بمدائن كسرى وإلى عامله بالبصرة وإلى عمرو بن العاص وهو نازل بالإسكندرية أن لا تجعلوا بيني وبينكم ماء متى أردت أن اركب إليكم راحلتي حتى أقدم عليكم قدمت فتحول سعد بن أبي وقاص من مدائن كسرى إلى الكوفة وتحول صاحب البصرة من المكان الذي كان فيه فنزل البصرة وتحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط
الفسطاط
قال وإنما سميت الفسطاط كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وسعيد بن عفير أن عمرو بن العاص لما أراد التوجه إلى الإسكندرية لقتال من بها من الروم أمر بنزع فسطاطه فإذا فيه يمام قد فرخ فقال عمرو بن العاص لقد تحرم منا بمتحرم فأمر به فأقر كما هو وأوصى به صاحب القصر فلما قفل المسلمون من الإسكندرية فقالوا أين ننزل
قالوا الفسطاط لفسطاط عمرو الذي كان خلفه وكان مضروبا في موضع الدار التي تعرف اليوم بدار الحصى عند دار عمرو الصغيرة اليوم
بناء المسجد الجامع
وبنى عمرو بن العاص المسجد كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن الليث بن سعد وكان ما حوله حدئق وأعنابا فنصبوا الحبال حتى استقام لهم ووضعوا أيديهم فلم يزل عمرو قائما حتى وضعوا القبلة وإن عمرا وأصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الذين وضعوها واتخذ فيه منبرا كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن أبي تميم الجيشاني قال فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أما بعد فإنه بلغني أنك اتخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين أو ما بحسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك فعزمت عليك لما كسرته
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أن أبا مسلم الغافقي صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كان يؤذن لعمرو بن العاص فرأيته يبخر المسجد قال واختط الناس
دار البركة
(1/105)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة أخبرنا ابن وهب عن يحيى بن أزهر عن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري قال كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب إنا قد اختططنا لك دارا عند المسجد الجامع فكتب إليه عمر أنى لرجل بالحجاز تكون له دار بمصر وأمره أن يجعلها سوقا للمسلمين قال ابن لهيعة هي دار البركة فجعلت سوقا فكان يباع فيها الرقيق هكذا قال ابن لهيعة قال وأما الليث بن سعد فإن عبد الملك حدثنا عنه أن دار البركة خطة لعبد الله بن عمر بن الخطاب فسأله إياهاعبد العزيز بن مروان فوهبها له فلم يثبه منها شيئا
حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله قال شهد عبدالله بن عمر فتح مصر واختط فيها دار البركة بركة الرقيق قال فوهبتها لمعاوية رجاء أن يثيبني منها فلم يثبني منها حتى مات فهو في حل
الصحابة وفتح مصر
من قريش
وكان من حفظ من الذين شهدوا فتح مصر من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من قريش وغيرهم ومن لم يكن له برسول الله {صلى الله عليه وسلم} صحبة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة وغير عبد الملك قد ذكر بعض ذلك أيضا الزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص وهو كان أمير القوم
وعبد الله بن عمرو وخارجة بن حذافة العدوي وعبد الله بن عمربن الخطاب وقيس بن أبي العاص السهمي والمقداد بن الأسود وعبدالله بن سعد بن أبي سرح العامري ونافع بن عبد القيس الفهري ويقال بل هو عقبة بن نافع وأبو عبدالرحمن يزيد بن أنيس الفهري وأبو رافع مولى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وابن عبدة وعبد الرحمن وربيعة ابنا شرحبيل بن حسنة ووردان مولى عمرو بن العاص وكان حامل لواء عمرو بن العاص وقد اختلف في سعد بن أبي وقاص فقيل إنما دخلها بعد الفتح حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن الليث بن سعد أن سعد بن أبي وقاص قدم مصر
من الأنصار
(1/106)
وشهد الفتح من الأنصار عبادة بن الصامت وقد شهد بدرا وبيعة العقبة ومحمد بن مسلمة الأنصاري وقد شهد بدرا وهو الذي كان بعثه عمر بن الخطاب إلى مصر فقاسم عمرو بن العاص ماله وهو أحد من كان صعد الحصن مع الزبير بن العوام ومسلمة بن مخلد الأنصاري يقال له صحبة حدثونا عن وكيع حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال سمعت مسلمة بن مخلد يقول ولدت حين قدم النبي {صلى الله عليه وسلم} المدينة وتوفي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأنا ابن عشر وكان قد ولي البلد في أيام معاوية وصدرا من
خلافة يزيد وتوفي مسلمة بمصر سنة اثنتين وستين وأبو أيوب الأنصاري واسمه خالد بن زيد وقد شهد بدرا وتوفي بالقسطنطينية في سنة خمسين وأبو الدرداء واسمه عويمر قال ابن هشام عويمر بن عامر ويقال عويمر بن زيد
ومن أفناء القبائل
أبو بصرة الغفاري واسمه حميل بن بصرة وأبو ذر الغفاري واسمه جندب بن جنادة ويقال برير قال ابن هشام سمعت غير واحد من العلماء يقول أبو ذر جندب بن جنادة حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال وكان أبو ذر ممن شهد الفتح مع عمرو بن العاص وهبيب بن مغفل ولهم عنه حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أسلم أبا عمران أخبره عن هبيب بن مغفل أنه قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من جره خيلاء يعني إزاره وطئه في النار وإليه ينسب وادي هبيب الذي بالمغرب وعبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي وكان اسمه العاص فسماه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} عبدالله
عبد الله بن صالح ويحيى بن عبدالله بن بكير قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال توفي رجل ممن قدم على النبي {صلى الله عليه وسلم} فأسلم فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهو عند القبر
(1/107)
ما اسمك فقلت العاص وقال لابن عمرو ما اسمك فقال العاص وقال للعاص بن العاص ما اسمك فقال العاص فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} العاص أنتم عبد الله انزلوا قال فوارينا صاحبنا ثم خرجنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا وكعب بن ضنة العبسي ويقال كعب بن يسار بن ضنة وعقبة بن عامر الجهني يكنى أبا حماد وهو كان رسول عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص حين كتب إليه يأمره أن يرجع إن لم يكن دخل أرض مصر وأبو زمعة البلوي وبرح بن حسكل وكان ممن قدم على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من مهرة وشهد الفتح مع عمرو واختط
هكذا قال ابن عفير برح بن حسكل والمهريون يقولون برح بن عسكل وجنادة بن أبي أمية الأزدي وسفيان بن وهب الخولاني وله صحبة
حدثنا عمرو بن سواد حدثنا ابن وهب حدثني عبد الرحمن بن شريح قال سمعت سعيد بن أبي شمر السبائي يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول لا يأتي المائة وعلى ظهرها أحد باق قال فحدثت بها ابن حجيرة فقام فدخل على عبد العزيز بن مروان قال فحمل سفيان وهو شيخ كبير حتى أدخل على عبد العزيز بن مروان فسأله عن الحديث فحدثه فقال عبد العزيز فلعله يعني لا يبقى أحد ممن كان معه إلى رأس المائة فقال سفيان هكذا سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول ومعاوية بن حديج الكندي وهو كان رسول عمرو بن العاص إلى
(1/108)
عمرو بن الخطاب بفتح الإسكندرية وقد اختلف في معاوية بن حديج فقال قوم له صحبة واحتجوا في ذلك بحديث حدثناه أبي عبد الله بن عبدالحكم وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} صلى يوما فسلم ثم أنصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال قد بقيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد فصلى بالناس ركعه فأخبرت بذلك الناس فقالوا اتعرف الرجل قلت لا إلا أن أراه وقال آخرون ليست له صحبة واحتجوا بحديث حدثناه يوسف بن عدي عن عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال سمعت معاوية بن حديج يقول هاجرنا على عهد أبي بكر رحمه الله فبينا نحن عنده إذ طلع المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إنه قدم علينا برأس يناق البطريق ولم يكن لنا به حاجة إنما هذه سنة العجم ثم قال قم يا عقبة فقام رجل يقال له عقبة فقال إني لا أريدك إنما أريد عقبة بن عامر قم يا عقبة فقام رجل فصيح قارئ فافتتح سورة البقرة ثم ذكر قتالهم وما فتح الله لهم فلم أزل أحبه من يومئذ وعامر مولى جمل الذي يقال له عامر جمل شهد الفتح وهو مملوك وإنما قيل له عامر جل أنه كان مع عمرو بن العاص عند معاوية بن أبي سفيان فقال عامر لعمرو تكلم فإنني من ورائك فقال له معاوية ومن أنت قال أنا عامر مولى جمل فقال له معاوية بل أنت عامر جمل فقيل له عامر جمل لقول معاوية ذلك
منهم من أهل بدر ستة نفر
(1/109)
الزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت وأبو أيوب الأنصاري ومحمد بن مسلمة وقد كان عمار بن ياسر دخل مصر ولكن دخلها بعد الفتح في أيام عثمان حدثنا عبد الحميد بن الوليد حدثنا أبو عبد الرحمن عن مجالد عن الشعبي أن عمار بن ياسر دخل مصر في أيام عثمان بن عفان وجهه إليها في بعض أموره ولهم عنه حديث واحد حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبارحدثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة قال سمعت أبا اليقظان عمار بن ياسر يقول أبشروا فوالله لأنتم أشد حبا لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} ولم تروه من عامة من قد رآه
قال منهم من اختط بالبلد فذكرنا خطته ومنهم من لم يذكر له خطة فالله أعلم كيف كان الأمر في ذلك
قال فاختط عمرو بن العاص داره التي هي له اليوم عند باب المسجد بينهما الطريق وداره الأخرى اللاصقة إلى جنبها وفيها دفن عبدالله بن عمرو بن العاص فيما زعم بعض مشائخ البلد لحدث كان يومئذ في البلد
حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير قال توفي عبدالله بن عمرو بن العاص بأرضه بالسبع من فلسطين ويقال بل مات بمكة والله أعلم ويكنى أبا محمد وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين ولأهل مصر عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قريب من مائة حديث
والحمام الذي يقال له حمام الفأر وإنما قيل له حمام الفأر أن حمامات الروم كانت ديماسات كبار فلما بني هذا الحمام ورأوا صغره قالوا من يدخل هذا هذا حمام الفأر ودار عمرو التي هنالك ويقال بل اختط عمرو لنفسه في الموضع الذي فيه دار ابن أبي الرزام
(1/110)
واختط عبد الله ابنه هذه الدار الكبيرة التي عند المسجد الجامع وهو الذي بناها هذا البناء وبنى فيها قصرا على تربيع الكعبة الأولى واحتج من زعم أن هذه الدار الكبيرة التي عند المسجد هي خطة عمرو نفسه بحديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني أنه سمع عمرو بن العاص يقول أخبرني رجل من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إن الله قد زادكم صلوة فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر ألا إنه أبو بصرة الغفاري قال أبو تميم الجيشاني وكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ أبو ذر بيدي فانطلقنا إلى أبي بصرة فوجدناه عند الباب الذي إلى دار عمرو فقال أبو ذر يابا بصرة أنت سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن الله قد زادكم صلاة فصلوها فيما بين العشاء إلى الصبح الوتر الوتر قال نعم قال أنت سمعته قال نعم
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن هبيرة وحدثناه عمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة وقد حدثني طلق بن السمح عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني ببعضه
ولهم عن عمرو عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أحاديث عدة منها حديث موسى بن علي
عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر حدثناه أبي عن الليث عن موسى بن علي وحدثناه عبدالله بن صالح عن موسى بن علي نفسه ومنها حديث نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبدالله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص قال أقرأني رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في القرآن خمس عشرة سجدة منها في المفصل ثلاث وفي سورة الحج سجدتان حدثناه سعيد بن أبي مريم
من اختط حول المسجد الجامع مع عمرو
واختط حول عمرو والمسجد قريش والأنصار وأسلم وغفار وجهينة ومن كان في الراية ممن لم يكن لعشيرته في الفتح عدد مع عمرو
(1/111)
فاختط وردان مولى عمرو القصر الذي يعرف بقصر عمر بن مروان وإنما نسب إلى عمر بن مروان أن أنتناس صاحب الجند وخراج مسلمة سأل معاوية أن يجعل له منزلا قرب الديوان فكتب معاوية إلى مسلمة بن مخلد يأمره أن يشتري له منزل وردان ويخط لوردان حيث شاء ففعل فأخذ أنتناس المنزل وبعث مسلمة مع وردان السمط مولى مسلمة وأمره أن يقطعه غلوة نشابه فخرج معه حتى وقفا على موضع مناخ الإبل وكان ذلك فناء يتوسع فيه المسلمون فيما بينهم وبين البحر فقال
السمط لوردان لنعلمن اليوم فضل غلام فارس على الروم وكان السمط فارسيا ووردان روميا فمغط السمط في قوسه ونزع له بنشابه فاختطها وردان فلما مات أنتناس أقطعت عمر بن مروان ويكنى وردان بأبي عبيد ويقال أن قصر عمر بن مروان من خطة الأزد فابتاع ذلك عبد العزيز بن مروان فوهبه لأخيه عمربن مروان وذلك أن ذلك الزقاق من قصر عمر بن مروان إلى الأصطبل والإصطبل من خطة الأزد واختط قيس بن سعد بن عبادة في قبلة المسجد الجامع دار الفلفل وكانت فضاء فبناها لما ولي البلد ولاه إياه علي بن أبي طالب ثم عزله فكان الناس يقولون أنها له حتى ذكر له ذلك فقال وأي دار لي بمصر فذكروها له فقال إنما تلك بنيتها من مال المسلمين لا حق لي فيها ويقال أن قيس بن سعد أوصى حين حضرته الوفاة فقال إني كنت بنيت دارا بمصر وأنا واليها واستعنت فيها بمعونة المسلمين فهي للمسلمين ينزلها ولاتهم ولهم عن قيس عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديثان أحدهما أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال رب الدابة أحق بصدر دابته
(1/112)
حدثنا أبو الأسود حدثنا ابن لهيعة عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل عن عبدالرحمن بن أبي أمية عن قيس بن سعد ويقال بل كانت دار الفلفل ودار الزلابية التي إلى جنبها لنافع بن عبد القيس الفهري ويقال بل هو عقبة بن نافع فأخذها قيس بن سعد منه وعوضه منها دار الفهريين التي في زقاق القناديل ويقال بل كانت تلك الدار خطة عقبة بن نافع ويقال بل كانت دار الفلفل لسعد بن أبي وقاص فتصدق بها على المسلمين واقتصر
على داره التي بالموقف والله أعلم ويقال أن داره التي بالموقف التي تعرف بالفندق ليس هو خطة لسعد وإنما كان لمولى سعد فمات فورثها عنه آل سعد وإنما سميت دار الفلفل لأن أسامة بن زيد التنوخي إذ كان واليا على خراج مصر ابتاع من موسى بن وردان فلفلا بعشرين ألف ديناركان كتب فيه الوليد بن عبد الملك أراد أن يهديه إلى صاحب الروم فخزنه فيها فشكا ذلك موسى بن وردان إلى عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة فكتب أن يدفع إليه حدثنا طلق بن السمح حدثنا ضمام بن إسماعيل حدثني موسى بن وردان قال دخلت على عمر بن عبد العزيز فحدثته بأحاديث عمن أدركته من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فكنت عنده بمنزله أدخل إذا شئت وأخرج إذا شئت فكنت أحدثه عمن أدركت من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فسألته الكتاب إلى حيان بن سريج في عشرين ألف دينار أستوفيها من ثمن فلفل ليكتب إليه يدفعها إلي فقال لي ولمن العشرون الألف الدينار قلت هي لي قال ومن أين هي لك قلت له كنت تاجرا فضرب بمخصرته ثم قال التاجر فاجر والفاجر في النار ثم قال اكتبوا الى حيان بن سريج فلم أدخل عليه بعدها وأمر حاجبه ألا يدخلني عليه وصارت دار الزلابية للحكم بن أبي بكر ويقال بل دار الزلابية خطة عبدة بن عبدة
واختط مسلمة بن مخلد دار الرمل واختط مع مسلمة فيها أبو رافع
(1/113)
مولى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} واختط معهم عقبة بن عامر الجهني فلما ولي مسلمة بن مخلد سأله معاوية داره فأعطاه إياها وخط له في الفضاء داره ذات الحمام التي بسوق وردان ثم صارت إلى بني أبي بكر بن عبد العزيز فحازها بنوالعباس مع ما حيز من أموال بني مروان فامتدح ابن شافع صالح بن علي فأقطعه إياها وإنما صارت لبني أبي بكر بن عبدالعزيز أن مسلمة بن مخلد توفي ولم يترك ذكرا فورثته ابنته أم سهل ابنت مسلمة وإليها تنسب منية أم سهل مع زوجتيه وعصبته بني أبي دجانة فتزوج عبد العزيز مرأتي مسلمة بعد وفاته وقضى عنه عشرين ألف دينار كانت عليه وتزوج أبو بكر بن عبد العزيز ابنته أم سهل ابنت مسلمة
وكان الذي صار إليهم من ربع مسلمة بالميراث الذي ورثوا عن نسائهم فكانت دارمسلمة من رحا الكعك إلى حمام سوق وردان مما صار لعبد العزيز ولأبي بكر بن عبدالعزيز وكان لأبي بكر من منية أم سهل ما ورثه عن امرأته أم سهل وما كان في أيدي الناس غيرهم من ذلك مما كان لابن الأشتر الصدفي ولبني وردان ولحمادة ابنت محمد ولموسى بن علي فمن حقوق عصبة مسلمة مما باعه يحيى بن سعيد الأنصاري وكان العصبة قد وكلوه بذلك وبهذا السبب قدم يحيى بن سعيد مصر وكانت الدار المعروفة بدار المغازل بالحمراء مما باع يحيى بن سعيد أيضا فاشتراها
منه ابن وردان وابن مسكين
(1/114)
وكان مسلمة بن مخلد كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة أحسبه أيام عمرو على الطواحين واشترى معاوية أيضا دار عقبة بن عامر وخط له في الفضاء قبالة الطريق إلى دار محفوظ بن سليمان وكانت من الخط الأعظم إلى البحر ويقال بل مسلمة بن مخلد أقطعها عقبة فحبسها عقبة على ابنته أم كلثوم إبنت عقبة وقد يجوز أن يكون مسلمة إنما أقطعها لعقبة بأمر معاوية عوضا من الذي أخذ منه من داره وكانت دار أبي رافع قد صارت إلى مولاه السائب مولى أبي رافع فاشتراها منه معاوية وأقطع السائب في الفضاء عند حيز الوز ويقال بل اختط المقداد بن الأسود دارا كانت إلى جنب دار الرمل وكانت إلى جنبها دار لعقبة بن عامر هي خطته فابتاع عقبة دار المقداد بن الأسود فهدمها وهدم داره فبناهما جميعا دارا لرملة إبنت معاوية فكتب إليه معاوية لا حاجة لنا بها فاجعلها للمسلمين وبرملة سميت دار الرمل لأنهم كانوا يقولون دار رملة فحرفت العامة ذلك وقالوا دار الرمل ويقال إنما سميت دار الرمل لما ينقل إليها من الرمل لدار الضرب سمعت يحيى بن بكير فيما أحسب يقوله ولا أعلمني سمعت ذلك من غيره
يكنى المقداد أبا معبد حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد حدثنا حماد بن شعيب عن منصور عن هلال بن يساف قال استعمل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} المقداد على سرية فلما رجع قال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كيف رأيت الإمارة أبا معبد قال خرجت يا رسول الله وما أرى أن لي فضلا على أحد
(1/115)
من القوم فما رجعت إلا وكانهم عبيد لي قال كذلك الإمارة أبا معبد إلا من وقاه الله شرها قال والذي تعثك بالحق لا أعمل على عمل أبدا قال ويقال بل كتب معاوية حين استخلف إلى عقبة بن عامر يسأله أن يسلمها ليزيد لقربها من المسجد ويعطيه ما هو خير منها ففعل فأقطعه معاوية داره التي بسوق وردان وبناها له وبنى سفل دار الرمل ليزيد وأقطع معاوية أيضا يزيد قرية من قرى الفيوم فأعظم الناس ذلك وتكلموا فيه فلما بلغ ذلك معاوية كره قالة الناس فرد تلك القرية إلى الخراج كما كانت للمسلمين وجعل دار الرمل للمسلمين تنزلها ولاتهم ولم يكن بني منها إلا سفلها حتى بنى علوها القاسم بن عبيدالله بن الحبحاب
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبدالجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن فضالة بن عبيد قال كنا عند معاوية يوما وعنده معاوية بن حديج وكان معاوية كالجمل الطني يقدم رجلا ويؤخر أخرى يرمي بالكلمة فإن ذلت العرب أمضاها وإن أنكروها لم يمضها فقال ذات يوم ما أدري في أي كتاب الله تجدون هذا الرزق والعطاء فلو أنا حبسناه فضرب معاوية بن حديج بين كتفيه مرارا حتى ظننا أنه يجد ألم ذلك ثم قال كلا والذي نفسي بيده يا بن أبي سفيان أو لنأخذن بنصولها ثم لتقفن على أنادرها ثم لا يخلص منها إلي دينار ولا درهم فسكت معاوية ويكنى معاوية بن أبي سفيان بأبي عبد الرحمن ومعاوية بن حديج بأبي نعيم وكان الديوان كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة في زمان معاوية أربعين الفا وكان منهم أربعة آلاف في مائتين مائتين
(1/116)
حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن رزين بن عبدالله مثله وزاد فكان إنما يحمل إلى معاوية ستمائة ألف فضل أعطيات الجند حدثنا هانى ء حدثنا ضمام عن أبي قبيل قال كان معاوية بن أبي سفيان قد جعل على كل قبيلة من قبائل العرب رجلا فكان على المعافر رجل يقال له الحسن يصبح كل يوم فيدور على المجالس فيقول هل ولد الليلة فيكم مولود وهل نزل بكم نازل فيقال ولد لفلان غلام ولفلان جارية فيقول سموهم فيكتب ويقال نزل بها رجل من أهل اليمن بعياله فيسمونه وعياله فإذا فرغ من القبائل كلها أتى الديوان وكان الديوان كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة في زمان معاوية أربعين ألفا وكان منهم أربعة آلاف في مائتين مائتين قال ابن عفير في حديثه عن ابن لهيعة قال فأعطى مسلمة بن مخلدأهل الديوان أعطياتهم وأعطيات عيالاتهم وأرزاقهم ونوائبهم ونوائب البلاد من الجسور وأرزاق الكتبة وحملان القمح إلى الحجاز وبعث إلى معاوية بستمائة ألف دينار فضلا قال ابن عفير فنهضت الأبل فلقيهم برح بن حسكل فقال ما هذا ما بال مالنا يخرج من بلادنا ردوه فرد حتى وقف على المسجد فقال أخذتم عطاءكم وأرزاقكم وعطاء عيالاتكم ونوائبكم قالوا نعم فقال لا بارك الله لهم قال وخطة برح بن حسكل عند دار زنين في الزقاق الذي يعرف بخلف القماح
واختط قيس بن أبي العاص السهمي داره التي عند دار ابن رمانة
وكانت دار ابن رمانة بينها وبين المسجد ودخل بعضها في المسجد حين زاد في عرضه عبدالله بن طاهر وقد كان عمرو بن العاص ولاه القضاء حدثنا بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان قيس بن أبي العاص بمصر ولاه عمرو بن العاص القضاء
(1/117)
واختط إلى جانب قيس بن أبي العاص عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مما يلي زقاق البلاط دار ابن رمانة وما يليها فاشترى ذلك عبد العزيز بن مروان فوهب لابن رمانة حين قدم عليه ما بنى وكان ما بقي للأصبغ بن عبد العزيز وكانت دار عبد الله تلي المسجد وقبلي بابها اليوم مرحاض بيت المال وكان ابن رمانة مع عبد العزيز بن مروان في الكتاب وكان عبد العزيز قد وهب لابن رمانة خاتما كان له فلما صار عبد العزيز إلى ما صار إليه قدم إليه ابن رمانة من الحجاز على بعير ليس عليه إلا فروة له فقال للحاجب استأذن لي على الأمير فكأن الحاجب تثاقل عنه فقال له ابن رمانة استأذن لي اليوم أستأذن لك غدا فدخل الحاجب على عبد العزيز فأخبره بقوله فقال أدخله فلما دخل عليه ابن رمانة وكلمه أخرج الخاتم لعبد العزيز فعرفه فنزع عبد العزيز خاتم نفسه فدفعه إلى ابن رمانة وبنى له داره وغرس له نخلهم الذي لهم اليوم بناحية حلوان وعبدالعزيز أيضا الذي غرس لعمير بن مدرك نخله الذي بالجيزة الذي يعرف بجنان عمير
وكان سبب ذلك كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم أن عمير بن مدرك كان غرسه أصنافا من الفاكهة فلما أدرك سأل عبد العزيز أن يخرج إليه فخرج معه عبد العزيز إليه فلما رآه قال له عبد العزيز هبه لي فوهبه له فأرسل عبد العزيز إلى صاحب الجزيرة فقال له لئن أتت عليه
الجمعة وفيه شجرة قائمة لأقطعن يدك وكان بالجزيرة خمس مائة فاعل عدة لتحريق إن كان في البلاد أو هدم فأتى بهم صاحب الجزيرة فكانوا يقطعون الشجرة بحملها وعمير يرى حسرات فلما فرغ من ذلك أمر فنقل إليه الودي من حلوان وغرسه نخلا فلما أدرك خرج إليه عبد العزيز وخرج بعمير معه فقال له أين هذا من الذي كان فقال عمير وأين أبلغ أنا ما بلغ الأمير قال فهو لك وحبسه على ولدك فهو لهم إلى اليوم
(1/118)
واختط إلى جنب عبد الله بن الحارث ثوبان مولى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ويقال بل هو عجلان مولى قيس بن أبي العاص وهي الدار التي زادها في المسجد سلمة مولى صالح بن علي
واختط عبادة بن الصامت إلى جانب ابن رمانة وأنت تريد إلى سوق الحمام وهي الدار التي كان يسكنها جؤجؤ المؤذن ودار إلى جنبها فابتاع أحدهما عبد العزيز بن مروان فكانت له وصارت الأخرى لبني مسكين
واختط خارجة بن حذافه غربي المسجد بينه وبين دار ثوبان قبالة الميضأة القديمة إلى أصحاب الحناء إلى أصحاب السويق بينه وبين المسجد الطريق وكان الربيع بن خارجة يتيما في حجر عبدالعزيز فلما بلغ اشترى منه داره بعشرة آلاف دينار للأصبغ بن عبد العزيز فلما ولي عمر بن عبد العزيز ركب إليه وأخرج له كتاب حبس الدار فردها عليه بعد أن يدفع إليه الثمن فسأله أن يعطى كراءها فقال أما الكراء فلا الكراء بالضمان فردها عليه ولم يأمر له بالكراء
قال الليث بن سعد فرأيت الربيع فيها وانا إذ ذاك غلام ثم خاصم فيها الأصبغ إليه وابن شهاب قاضيه يومئذفقضا ابن شهاب لابن خارجه بالدار وقبضها أنه لا يجوز اشتراء الولي ممن يلي أمره ثم خاصم إلى يزيد بن عبد الملك بعد عمرفقضا له بالكراءفسلمها له بنو الاصبغ حتى مات يزيد ثم رفعوا إلى هشام بن عبد الملك فقضا ألا كراء عليهم فرد الكراء إلى بني الأصبغ
وخارجة بن حذافة كما حدثنا شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أول من بنى غرفة بمصر فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إلى عمرو بن العاص سلام أما بعد فإنه بلغني أن خارجة بن حذافة بنى غرفة ولقد أراد خارجة أن يطلع على عورات جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فاهدمها إن شاء الله والسلام
(1/119)
ولأهل مصرعن خارجة بن حذافة عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد ليس لهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} غيره وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبدالله بن راشد الزوفي عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة بن حذافة قال خرج علينا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم الوتر جعله لكم فيما بين
صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر حدثناه أبي وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد
ولهم عنه حكايات في نفسه وكان خارجة بن حذافة على شرط عمرو بن العاص أيام عمرو وأيام معاوية حتى قتله الخارجي وذلك أن عمرو بن العاص كان أصابه في بطنه شيء فتخلف في منزله وكان خارجة يعشي الناس فضربه الحروري وهو يظن أنه عمرو فلما علم أنه ليس عمرا قال أردت عمرا وأراد الله خارجة فكان عمرو يقول ما نفعني بطني قط إلا ذلك اليوم حدثنا معاوية بن صالح حدثنا يحيى بن معين عن وهب بن جرير عن أبيه قال ذهب حروري ليقتل عمرو بن العاص بمصر فلما قدمها إذا رجل جالس يغدي قد ولي شرطة عمرو فظن أنه عمرو فوثب عليه فقتله فلما أدخل على عمرو قال أما والله ما أردت غيرك قال لكن الله لم يردني فقتل الرجل وقد قيل أن خارجة إنما قتل بالشام والله أعلم
حدثنا عبدالله بن صالح حدثنا الهقل بن زياد عن معاوية بن يحيى الصدفي حدثني الزهري قال تعاقد ثلاثة نفر من أهل العراق عند الكعبة على قتل معاوية وعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة فأقبلوا بعد ما بويع معاوية على الخلافة حتى قدموا إيلياء فصلوا من السحر في المسجد ما قدر لهم ثم انصرفوا فسألوا بعض من حضر المسجد من أهل الشأم أي ساعة يوافون فيها خلوة أمير المؤمنين فإنا رهط من أهل العراق أصابنا غرم في أعطياتنا ونريد أن نكلمه وهو لنا فارغ فقال لم امهلوا حتى إذا ركب دابته فاعترضوا له فكلموه فإنه سيقف عليكم حتى تفرغوا من كلامه
(1/120)
فتعجلوا ذلك فلما خرج معاوية لصلاة الفجر كبرفلما سجد السجدة الأولى انبطح أحدهم على ظهر الحرسي الساجد بينهم وبينه حتى طعن معاوية في مأكمته يريد فخذه بخنجر فانصرف معاوية وقال للناس أتموا صلاتكم وأخذ الرجل فأوثق ودعي لمعاوية الطبيب فقال الطبيب أن هذا الخنجر إن لا يكن مسموما فإنه ليس عليه بأس فأعد الطبيب العقاقير التي تشرب إن كان مسموما ثم أمر بعض من يعرفها من تباعه أن يسقيه إن عقل لسانه حتى يلحس الخنجر ثم لحسه فلم يجده مسموما فكبر وكبر من عنده من الناس ثم خرج خارجة بن حذافة وهو أحد بني عدي بن كعب من عند معاوية إلى الناس فقال هذا أمر عظيم ليس بأمير المؤمنين بأس بحمد الله وأخذ يذكر الناس وشد عليه أحد الحرويين الباقيين يحسبه عمرو بن العاص فضربه بالسيف على الذؤابة فقتله فرماه الناس بالثياب وتعاونوا عليه حتى أخذوه وأوثقوه واستل الثالث السيف فشدعلى أهل المسجد وصبر له سعيد بن شهاب وعليه ممطر تحته السيف مشرج على قائمه فأهوى بيده فأدخلها االممطر على شرج السيف فلم يحلها حتى غشيه الحروري فنحاه لمنكبه فضربه ضربة خالطت سحره ثم استل سعيد السيف فاختلف هو والحروري ضربتين فضرب الحروري سعيدا ضربة العين أذهب عينه اليسرى وضربه سعيد فطرح يمينه بالسيف وعلاه بالسيف حتى قتله ونزف سعيد فاحتمل نزيفا فلم يلبث
(1/121)
أن توفي فقال وهو يخبر من يدخل عليه أما والله لو شئت لنجوت مع الناس ولكني تحرجت أن أوليه ظهري ومعي السيف ودخل رجل من كلب فقال هذا طعن معاوية قالوا نعم فامتلخ السيف فضرب عنقه فأخذ الكلبي فسجن وقيل له قد اتهمت بنفسك فقال إنما قتله غضبا لله فلما سئل عنه وجد بريئافأرسل ودفع قاتل خارجة إلى أوليائه من بني عدي بن كعب فقطعوا يديه ورجليه ثم حملوه حتى جاؤوا به العراق فعاش كذلك حينا ثم تزوج امرأة فولدت له غلاما فسمعوا أنه ولد له غلام فقالوا لقد عجزنا حين نترك قاتل خارجة يولد له الغلمان فكلموا معاوية فأذن لهم بقتله فقتلوه وقال الحروري الذي قتل خارجة أما والله ما أردت إلا عمرو بن العاص فقال عمرو حين بلغه ولكن الله أراد خارجة فلما قتل خارجة ولى عمرو بن العاص شرطه السائب بن هشام بن عمرو أحد بني مالك بن حسل وهشام بن عمرو هو الذي كان قام في نقض الصحفية التي كان كتبت قريش على بني هاشم ألا يناكحوهم ولا ينحكوا إليهم ولا يبتاعوا منهم شيئا حتى يسلموا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وفيه يقول حسان بن ثابت من الكامل
هل توفين بنو أمية ذمة
عهدا كما أوفى جوار هشام
من معشر لا يغدرون بجاهم
للحارث بن حبيب بن سخام
وإذا بنو حسل أجاروا ذمة
أوفوا وأدوا بجارهم بسلام
قال ابن هشام سخام وخالف ابن هشام غيره من أهل العلم بالشعر فقال إنما هي سحام
غرفة في عهد عمر بن الخطاب فأشرفت فشكت جيرانه إلى عمر بن الخطاب فكتب إلى عمرو بن العاص أن انصب سريرا في الناحية التي شكيت ثم أقم عليه رجلا لا جسيما ولا قصيرا فإن أشرفت فسدها فسئل يزيد من حدثك بهذا الحديث فقال مشائخ الجند
(1/122)
قال واختط عبد الرحمن بن عديس البلوي الدار البيضاء ويقال بل كانت الدار البيضاء صحنا بين يدي المسجد ودار عمرو بن العاص موقفا لخيل المسلمين على باب المسجد حتى قدم مروان بن الحكم مصر في سنة خمس وستين فابتناها لنفسه دارا وقال ما ينبغي للخليفة أن يكون ببلد لا يكون له بها دار فبنيت له في شهرين وابن عديس ممن بايع تحت الشجرة ولأهل مصر عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد ليس لهم عنه غيره عن النبي {صلى الله عليه وسلم} وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن رجلا حدثه عن عبد الرحمن بن عديس أنه قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول تخرج ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلهم الله في جبل لبنان والجليل أو الجليل وجبل لبنان
واختط عبد الله بن عديس البلوي أخو عبدالرحمن بن عديس عند القبة دار المعافري وكانت دار بني جمح بركة يجتمع فيها الماء فقال عمرو بن العاص خطوا لابن عمي إلى جانبي يريد وهب بن عمير الجمحي وهو ممن كان شهد الفتح فردمت وخطت له ويقال بل هو عمير بن وهب بن عمير ويقال بل هي قطيعة من معاوية وكان عمير قد قدم مصر في أيام معاوية بن أبي سفيان فكتب أن يبنى له دار وكان ما هنالك فضاء ليس لأحد فيه دار وكانت مغيضا للمياه وهذا مما يحتج به على أن ما حول المسجد كان فضاء لموقف خيل المسلمين كما فعل عمرو بن العاص حين قدم عليه من بني سهم من لم يكن شهد الفتح فبنى لهم دار السلسلة التي في غربي المسجد
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال كان وهب بن عمير امير أهل مصر في غزوة عمورية سنة ثلاث وعشرين وأمير أهل الشام وأبو الأعور السلمي
واختط ابن الحويرث السهمي إلى جانب دار بني جمح وقبلي دار زكرياء بن الجهم العبدري
واختطت ثقيف في ركن المسجد الشرقي إلى السراجين وكانت دار أبي عرابة خطة حبيب بن أوس الثقفي الذي كان نزل عليه يوسف بن الحكم بن أبي عقيل ومعه ابنه الحجاج بن يوسف مقدم مروان بن الحكم
(1/123)
مصر ثم لثقيف ما كان متصلا بدار أبي عرابة إلى الدرب الذي يخرجك إلى دار فرج
واختط زكرياء من الجهم العبدري داره التي في زقاق القناديل وهي دار عباس بن شرحبيل اليوم ذات الحنية
واختط عبدالرحمن وربيعة ابنا شرحبيل بن حسنة دور عباس بن شرحبيل الأخرى التي إلى جانبها ودار سلمة بن عبد الملك الطحاوي
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان ربيعة بن شرحبيل بن حسنة على المكس قال واختط أبو ذر الغفاري دار العمد ذات الحمام التي أخذ بركة بن منصور الكاتب بيرها بابها في زقاق القناديل وبابها الآخر مما يلي دار بركة ومن هنالك راجعا الى سوق بربر إلى قصر ابن جبر قبلك خطة غفار وكان ابن جبر قد وإلى غفار وابن جبر هذا كان رسول المقوقس إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بمارية وأختها وبما أهدى معهما وتزعم القبط أن رجلا منهم قد صحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يريدون ابن جبر وأبو ذر الذي كان عهد إليه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في مصر ما عهد
حدثنا أبي عبدالله بن عبد الحكم حدثنا رشدين بن سعد وحدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن حرملة بن عمران عن عبدالرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم أخوين يقتتلان في موضع لبنة فأخرج فمر
بعبد الرحمن وربيعة ابني شرحبيل بن حسنة وهما يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها قال ابن وهب سمعت الليث يقول لا أرى النبي {صلى الله عليه وسلم} قال له ذلك إلا للذي كان من أمر أهل مصر في عثمان
واختط إياس بن عبد الله القاريء غربي دار بني شرحبيل بن حسنة
واختط رويفع بن ثابت وعقبة بن كريم الأنصاريان مع ربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة
واختط رويفع بن ثابت الأنصاري أيضا الدار التي صارت لبني الصمة وتوفي رويفع بن ثابت ببرقة وكان قد وليها حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث قال ولي رويفع بن ثابت أنطابلس سنة ثلاث وأربعين
(1/124)
واختط أبو فاطمة الأزدي دار الدوسي والدار التي فيها أصحاب الحمائل اليوم وله عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد حدثني كثير الأعرج الصدفي قال سمعت أبا فاطمة وهو معنا بذي الصواري يقول قال لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يابا فاطمة أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة حدثناه أبو
الأسود نضر بن عبد الجبار وسعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة وقد رواه عنه غير أهل مصر
قال والدار التي كان يسكنها عمرو بن خالد كانت خطة لرجل من بني تميم وأصحاب السويق أيضا خطة لرجل من بني تميم ممن كان شهد الفتح ثم اشترى ذلك عمرو بن سهيل من بعده
واختط عبد الله بن سعد بن أبي سرح داره اللاصقة بقصر الروم يقال لها دار الحنية والدار التي يقال لها دار الموز وليس قصره هذا الكبير الذي يعرف بقصر الجن خطة وإنما بناه بعد ذلك في خلافة عثمان بن عفان أمر ببنائه حين خرج إلى المغرب لغزو أفريقية حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يذكر أن المقداد كان غزا مع عبدالله بن سعد أفريقية فلما رجعوا قال عبد الله للمقداد في داربناها كيف ترى بنيان هذه الدار فقال له المقداد إن كان من مال الله فقد أسرفت وإن كان من مالك فقد أفسدت فقال عبد الله بن سعد لولا أن يقول قائل أفسد مرتين لهدمتها وكان عبدالله يكنى بأبي يحيى ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد ليس لهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} غيره وهو حديث ابن لهيعة عن عياش بن عباس القتباني عن الهيثم بن شفي عن أبي الحصين عن عبدالله بن سعد بن أبي سرح قال بينا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وعشرة من أصحابه معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير
وغيرهم على جبل إذ تحرك بهم الجبل فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ولهم عنه حكايات في نفسه لم يرو عنه غير أهل مصر
(1/125)
واختط كعب بن ضنة ويقال كعب بن يسار بن ضنة العبسي الدار التي في طرف زقاق القناديل مما يلي سوق بربر تعرف بدارالنخلة وكعب هو ابن بنت خالد بن سنان العبسي أو ابن أخته قال عبد الرحمن أنا أشك
وخالد بن سنان الذي تزعم فيه قيس أنه كن تنبأ في الفترة فيما بين النبي وعيسى صلوات الله عليهما ولخالد بن سنان حديث فيه طول حدثنا المقرئ عبدالله بن يزيد حدثنا حيوة بن شريح حدثنا الضحاك بن شرحبيل الغافقي أن عمار بن سعد التجيبي أخبرهم أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل كعب بن ضنة عل ى القضاء فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فقال كعب لا والله لا ينجيه الله من الجاهلية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها بعد إذ نجاه الله منها فأبى أن يقبل القضاء فتركه عمرو قال ابن عفير وكان كعب بن ضنة حكما في الجاهلية
ولقيس أيضا الدار التي تعرف بدار الزبروهي اليوم لبني وردان وكان يقال لزقاق القناديل زقاق الأشراف لأن عمرا كان على طرفه مما يلي
المسجد الجامع وكعب بن ضنة على طرفه الآخر مما يلي سوق بربر وفيما بين ذلك دار عياض بن جريبة الكلبي وهبها له عبد العزيز بن مروان ودار ابن مذيلفة الكلبي ودار ابن فراس الكناني ودارنافع بن عبد القيس الفهري ويقال بل هو عقبة بن نافع ودار محمد بن عبدالرحمن الكناني ودار أبي ذر الغفاري ودور ربيعة وعبدالرحمن ابني شرحبيل بن حسنة وإياهم يتولى بكر بن مضر ودار زكرياء بن الجهم العبدري ودار إياس بن عبد الله القارئ ودار أبي حكيم مولى عتبة بن أبي سفيان بناها له معاوية بن أبي سفيان
واختط ابن عبدة داره التي في السراجين وفيها العقابين اليوم وصارت لبني مسكين
وكانت دار نصر لرجل من قريش فمات فاشتراها عبدالعزيز بن مروان فوهبها للأصبغ
(1/126)
ودار سهل التي فيها السراجين وحمام سهل كان ذلك لعبد الله بن عمرو بن العاص اشتراها فوهبها لابنته أم عبدالله ابنت عبدالله بن عمرو فتزوجها عبدالعزيز بن مروان فأولدها سهلا وسهيلا فورثاها من أمهما والقصر الذي يقال له قصر مارية كان خطة لابن رفاعة الفهمي
فوهبه لعبد العزيز بن مروان فبناه لأم ولد له رومية يقال لها مارية فنسب إليها ويقال أنه عوضه من ذلك موضعه بالحمراء ويقال بل ذلك خطتهم ثم هدمه عيسى بن يزيد الجلودي مدخله مصر مع عبدالله بن طاهر فبناه سجنا وهو السجن الذي عند محرس بنانة عند منزل عمرو بن سواد السرحي وبنانة كانت حاضنة لبعض بني مروان أو ظئرا لهم فنسب المحرس إليها ومارية أم محمد بن عبد العزيز ولم يعقب وقد كان عمرو بن العاص كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة قد دعا خالد بن ثابت الفهمي جد بني رفاعة ليجعله على المكس فاستعفاه فقال عمرو ما تكره منه قال إن كعبا قال لا تقرب المكس فإن صاحبه في النار
واختط جهم بن الصلت المطلبي مما يلي أصحاب الزيت الدار التي تقابل حمام بسر
واختط ابن ملجم بالراية في أصحاب الزيت الدار المبني وجهها بالحجارة
واختط إياس بن البكير وابنه تميم بن إياس الدار التي عند دار ابن أبرهة الدار التي فيها أصحاب الأوتاد النافذة إلى السوق وهو إياس بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة حلفاء بني عدي بن كعب
واختط مجاهد بن جبر مولى بنت غزوان داره التي في النحاسين التي صارت لصالح صاحب السوق واختط أبو شمر بن أبرهة إلى جنب دار شييم الليثي
(1/127)
واختط ابن وعلة إلى جنبه فأخذوا ومن معهم إلى سوق الحمام والدور التي كانت لبني مروان وأخبرني حميد بن هشام الحميري قال ليس لابن أبرهة خطة بفسطاط مصر وإنما خطتهم بالجيزة وإنما صارت المنازل التي لهم بالفسطاط وراثة ورثوها من الوعلية لأنهم كانوا صاهروا إلى ابن وعلة فصارت المنازل لهم بالميراث وكان بنو أبرهة أربعة كريب بن أبرهة أبو رشدين وأبو شمر بن أبرهة ومعدي كرب بن أبرهة ويكسوم بن أبرهة
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال هاجر كريب بن أبرهة وأخوه أبو شمر بن أبرهة في خلافة عمر بن الخطاب
حدثنا هارون بن عبد الله الزهري حدثنا محمد بن عمر أخبرني عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد العزيز بن مروان سأل كريب بن أبرهة بن الصباح عن خطبة عمر بن الخطاب بالجابية أشهدتها فقال شهدتها وأنا غلام علي إزار أسمعها ولا أعيها ولكن أدلك على من سمعها وهو رجل قال من قال سفيان بن وهب الخولاني فأرسل إليه فسأله فقال أشهدت عمر بالجابية قال نعم ثم ذكر الحديث
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ميمون بن يحيى عن مخرمة بن بكير عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج قال قدمت مصر في أيام عبد العزيز بن مروان فرأيت كريب بن أبرهة يخرج من عند عبد العزيز وأن تحت ركابه خمس مائة رجل من حمير
واختط كعب بن عدي العبادي في القيسارية فلما أراد عبدالعزيز بناءها اشتراها منهم وخط لهم دراهم التي في بني وائل
والحمام الذي يعرف اليوم بحمام أبي مرة كان خطة لرجل من تنوخ هو جد ابن علقمة أو أبوه فسأله إياه عبد العزيز بن مروان فوهبه له فبناه حماما لزبان بن عبد العزيز وزبان كان يعرف وفيه يقول الشاعر من البسيط
من كان في نفسه للبيض منزلة
فليأت أبيض في حمام زبان
لا روح فيه ولا شفر يقلبه
لكنة صنم في خلق إنسان
(1/128)
في أبيات له وكان فيه صنم من رخام على خلقة المرأة عجب من العجب حتى كسرت في السنة التي أمر يزيد بن عبد الملك فيها بكسر الأصنام وكان أمر بكسرها في سنة اثنتين ومائة وغرس له عبد العزيز نخله التي بالجيزة اليوم التي تعرف بجنان كعب عوضا من ذلك
واختط الزبير بن العوام داره التي بسوق وردان اليوم والخطة لبلي وفيها
السلم الذي كان الزبير نصبه وصعد عليه الحصن وفيها كان عبد الله بن الزبير ينزل إذا قدم مصر فيما ذكر بعض المشائخ وقد كان عبدالملك بن مروان اصطفاها فردها عليهم هشام بن عبد الملك ثم أخذها منهم يزيد بن الوليد فلم تزل في أيديهم حتى كانت ولاية أمير المؤمنين أبي جعفر فكلمه فيها هشام بن عروة وكانت لهشام ناحية من أبي جعفر فأمر بردها عليهم وقال ما مثل أبي عبدالله يريد الزبير يؤخذ له شيء حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن الزبير بن العوام اختط بالفسطاط
واختط أبو بصرة الغفاري عند دار الزبير بن العوام وأقر عمرو بن العاص القصر لم يقسمه وأوقفه ولأهل مصر عن أبي بصرة عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أحاديث منها حدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي بصرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إنا راكبون غدا إلى يهود فإذا سلموا عليكم فقولوا عليكم ومنها حديث الليث بن سعد عن خير بن نعيم عن عبد الله بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني عن أبي بصرة الغفاري أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} صلى يوما صلاة العصر بالمخمص واديا من أوديتهم ثم انصرف فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتوانوا عنها وتركوها فمن صلاها منكم كتب الله له أجرها ضعفين ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهدحدثناه عبد الله بن صالح وحدثناه
إدريس بن يحيى الخولاني عن ابن عياش القتباني عن ابن هبيرة
(1/129)
ومنها حديث الليث إيضا عن يزيد بن أبي حبيب عن كليب بن ذهل الحضرمي عن عبيد بن جبر أنه سافر مع أبي بصرة الغفاري في رمضان فلما دفعوا من الفسطاط دعا بطعام ونحن ننظر إلى الفسطاط فقلت له نأكل ولو نريد أن ننظر إلى الفسطاط نظرنا فقال أنرغب عن سنة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأصحابه فأفطرنا
ومنها حديث ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي الهيثم عن أبي بصرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد حدثناه سعيد بن عفير
قال واختطت أسلم مما يلي دار أبي ذر ومن خططها دار الصباح والزقاق الذي فيه دار ابن بلادة الشرق منه لأسلم ولهم أيضا من قصر ابن جبر إلى الحجامين الذين بسوق بربر وتزعم بعض مشائخ أهل مصر قال ولخزاعة داران الدار التي تنسب إلى ابن نيزك كانت لرجل منهم يقال له الحارث بن فلان أو فلان بن الحارث والدار التي إلى جانبها تليها القضاة
واختط الليثيون الذين كانوا مع عمرو بن العاص وهم آل عروة بن شييم عند أصحاب القراطيس واختط خلفهم بسر بن أبي أرطأة
ولبني معاذ من مدلج داران إحداهما في زقاق عبد الملك بن مسلمة كانت لأشهب الفقيه والأخرى في عقبة سوق بربر في الزقاق الذي فيه دار مصعب الزهري
ولعنزة من ربيعة دور مجتمعة نحو من عشر ومسجد في أصل العقبة التي عند دار ابن الصامت
واختط بلي خلف خارجة بن حذافة ثم مضوا بخطتهم من دار عمرو بن يزيد إلى دار سلمة ودار واضح حتى حازوا دار مجاهد بن جبر إلى درب الزجاج ثم مضوا حتى شرعوا في أصحاب الزيت ثم مضوا يشرعون في قبله سوق وردان حتى بلغوا مسجد القرون ثم داخل الزقاق إلى مسجد بني عوف من بلي وهوالمسجد الذي في الزقاق ودار ابن يبولة التي بسوق وردان من بلي جزاءإلى المعاصير وكانت بلي إنما
يقفون عن يمين راية عمرو بن العاص لأن أم العاص بن وائل بلوية
(1/130)
حدثنا عبدالملك بن هشام حدثنا زياد بن عبدالله عن محمد بن إسحاق أن أم العاص بن وائل امرأة من بلي وإنما كثرت بلي بمصر كما حدثنا العباس بن طالب عن عبدالواحد بن زياد عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال نادى رجل من بلي وهو حي من قضاعة بالشام يآل قضاعة فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إلى عامل الشام أن تسير ثلث قضاعة إلى مصر فنظروا فإذا بلي ثلث قضاعة فسيروا إلى مصر
قال ثم اختطت بنو بحرمما يلي بلي وهم قوم من الأزد في لخم ثم شرعوا الى البحر ثم اختطت بعدهم الحمراء وسأذكر حديثهم في موضعه إن شاء الله
ثم شرعت طائفة من سلامان إلى البحر ثم شرعت من بعدهم طائفة من فهم وكنانة فهم ثم الحمراءأيضا إلى القنطرة
وكان أول القبائل بلي أهل الراية مما يلي بلي بن عمرو والراية قريش ومن معها وإنما سميت الراية لراية عمرو بن العاص حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال الراية قريش كانت معهم راية عمرو بن العاص ويقال إنما سميت الراية أن قوما من أفناءالقبائل من العرب كانوا قد شهدوا مع عمرو بن العاص الفتح ولم يكن من قومهم عدد فيقفوا
مع قومهم تحت رايتهم وكرهوا أن يقفوا تحت راية غيرهم فقال لهم عمرو أنا أجعل راية لا أنسبها إلى أحد أكثر من الراية تقفون تحتها فرضوا بذلك فكان كل من لم يكن لقومه عدد وقف تحتها فقيل الراية من أجل ذلك والله أعلم
(1/131)
والحجر من الأزد فمسجد العثيم حتى تبلغ زقاق السمي ثم يرفا ثم زقاق شجاعة ثم ثراد ثم لقيتها هذيل وفهم ثم قطعت هذيل بينهم وبين سلامان حتى انتهت هذيل إلى سويقة عدوان وهي السويقة التي عند زقاق المكي فدار سبرة والزقاق الذي كان ينزله ابن الأغلب إلى هذه السويقة لهذيل والزقاق من كتاب اسماعيل إلى منزل بنانة لفهم ومسجد العيثم بناه الحكم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان فهو من الإصطبل وكان الاصطبل للأزد فاشتراه منهم الحكم فبناه وكان يجري على الذي يقرأ في المصحف الذي وضعوه في المسجد الذي يقال له مصحف أسماء من كراه في كل شهر ثلاثة دنانير فلما حيزت أموالهم وضمت إلى مال الله وحيز الإصطبل فيما حيز كتب بأمر المصحف إلى أمير المؤمنين أبي العباس فكتب أن أقروا مصحفهم في مسجدهم على حاله وأجروا على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير من مال الله في كل شهر
وكان سبب المصحف فيما حدثنا يحيى بن بكير وغيره يزيد بعضهم
(1/132)
على بعض أن الحجاج بن يوسف كتب مصاحف وبعث بها إلى الأمصار ووجه بمصحف منها إلى مصر فغضب عبد العزيز بن مروان من ذلك وقال يبعث إلى جند أنا به بمصحف فأمر فكتب له هذا المصحف الذي في المسجد الجامع اليوم فلما فرغ منه قال من وجد فيه حرف خطإ فله رأس أحمر وثلاثون دينارا فتداوله القراء فأتى رجل من أهل الحمراء فنظر فيه ثم جاء إلى عبد العزيز فقال قد وجدت في المصحف حرف خطإ قال مصحفي قال نعم فنظروا فإذا فيه ) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ( فإذا هي مكتوبة نجعة قد قدمت الجيم قبل العين فأمر بالمصحف فأصلح ما كان فيه ثم أمر له بثلاثين دينارا ورأس أحمر ثم توفي عبد العزيز فاشتراه في ميراثه أبو بكر بن عبد العزيز بألف دينار ثم توفي أبو بكر فبيع في ميراثه فاشترته أسماء ابنة أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان بسبع مائة دينار فأمكنت منه الناس وشهرته فنسب إليها ثم توفيت أسماء فاشتراه الحكم بن أبي بكر فجعله في المسجد وأجرى على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير في كل شهر من كراء الإصطبل والحكم بن أبي بكر الذي بنى المسجد المعروف اليوم بقبة سوق وردان
قال ثم عدوان حتى تنتهي إلى السوق ثم لقيتهم سلامان فدار ابن أبي الكنود شارعة في سويقة عدوان وزقاق المكي خطة دارس ونفر من يرفا ثم مضت سلامان حتى شرعوا في البحر ثم إلى جنان حوي ثم اعترضتهم كنانة من فهم فلهم من زقاق ابن رفاعة حتى يشرعوا في
البحر ثم تلقى سلامان من تلقاء جنان حوي بنو يشكر من لخم فجنان حوي وسفح الجبل الغربي ليشكر بن جزيلة من لخم وثم خطة علي بن رباح اللخمي بالحمراء عند جنان حوي على يسارك وأنت ذاهب تريد القنطرة
خطة مهرة
(1/133)
قال واختطت مهرة أول ما دخلت بدار الخيل وما والاها على سفح الجبل الذي يقال له جبل يشكر مما يلي الخندق إلى شرقي العسكر إلى جنان بني مسكين اليوم وكان مسجد مهرة هنالك قبة سوداء حتى أدخله طريف الخادم في دور الخيل حين بناها وكان جنان بني مسكين اليوم خطة لرجل من مهرة يقال له الجراح فمات ولم يترك عقبا فقدم شريح بن ميمون المهري فورثه وتزوج امرأته وعقد له على البحر فلم يكن يعلم مددي نال من الشرف في زمانه ما نال إلا أن توبة بن نمر الحضرمي كان مدديا فولي القضاء حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث قال قدمت سفن أفريقية سنة ثمان وتسعين عليهم ابن أبي بردة فغزوا هم وأهل مصر عليهم شريح بن ميمون فشتوهم والسفن الأولى
عمر بن هبيرة وأبو عبيدة على أهل المدينة بالبنطس وكانت منازل مهرة قبلي الراية مما يلي منازل ابن سعد بن أبي سرح حوزا حازوه وكانوا إذا أتوا الجمعة ربطوا خيولهم ثم نقلهم عمرو بن العاص بعد ذلك وضمهم إليه وعطلوا منازلهم هنالك فذهبت مهرة بخطتها حتى لقيت غافقا في السوق ولقوا الصدف ولقوا غنثا مما يلي الغرب
(1/134)
واختطت لخم فاختطت قبلي ثقيف مما يلي السراجين فالدار التي صارت لعياش بن عقبة لهم ودار الزلابية ومضوا بخطتهم إلى عقبة مهرة إلى زقاق أبي حكيم ومعم نفر من جذام ثم انحدروا في زقاق وردان مولى ابن أبي سرح وثم خطة أبي رقية اللخمي ومنزله هنالك قائم بحاله لم يغير يقابل المسجد الذي عند دور بني وردان ثم انحدروا إلى مسجد عبدالله فما كان عن يمينك وأنت تريد المسجد الجامع في الطريق إلى دور الوردانيين من مسجد عبدالله فهو للخم وما كان عن يسارك فلغافق ثم جازت لخم بخطتها إلى دور مطر التي بسوق بربر فإن الأزد تلقاهم بدور أبي مريم وباقي خطتها فإن ذلك لحجر وحاء ومسجد حاء المسجد الذي عند دار إسحاق بن متوكل ذو المنارة والمسجد الذي على الطريق وأنت تريد إلى محرس إبي حبيب مجلس كان لهم يجلسون فيه فإذا أقيمت الصلاة خرجوا من خوخات لهم ثلاث شوارع إلى الطريق فإذا صلوا
(1/135)
رجعوا إلى مجلسهم ثم يلقون خثيما ومازنا من الأزد مما يلي دار ابن فليج ثم يلقون تنوخا مما يلي دار البراء بن عثمان بن حنيف ثم يلقون غنثا من الأزد مما يلي دار ابن برمك التي كانت الوكلاء تنزلها فذلك الزقاق والرحبة وما شرع في مسجد عبدالله من دار ابن الهيثم الأيلي وما بينهما فلغنث من الأزد إلى منزل أشهب وإذا سلكت زقاق اشهب فما كان عن يمينك وأنت تريد الموقف فهو لغافق وما كان عن يسارك فهو للأزد حتى تنتهي إلى الموقف والموقف كان لابنة مسلمة بن مخلد فتصدقت به على المسلمين دار أبي قدامة أيضا مما كانت تصدقت به ودار إبراهيم بن صالح وهي دار بني عبد الجبار من غافق ثم مضت الأزد حتى أخذت ما شرع في السويقة قبالة دار سعيد بن عفير وزقاق الرواسين حتى تنتهي إلى دار حوي ودار عبد الرحمن بن هاشم ثم تلقى مما يلي السويقة العتقاء وهم قليل ومسجد العتقاء هنالك مشهور وللعتقاء من دار زياد الحاجب حتى تهبط إلى بيطار بلال إلى السوق وكان زبيد بن الحارث الحجري حجر حمير كان عداده في العتقاء وكان عريفهم وكان سعيد بن الهجم يقول لعبد الرحمن بن القاسم أنت منا فيضيق لذلك يعني أن زبيد بن الحارث من حجر وأنه مولى لهم وكان عبد الرحمن بن القاسم يتولى العتقاء فإذا جئت من السويقة وأنت تريد المسجد الجامع فما كان عن يمينك فللأزد وما كان عن يسارك مما يلي
(1/136)
محرس أبي حبيب فلهم ثم تلقاهم شجاعة بسقيفة الغزل وتلقاهم فهم عند كتاب إسماعيل وتلقاهم بنو شبابة الأزد عند دار حوي فما كان على الخط الأعظم إذا انتهيت إلى درب دار حوي وتركته وأممت العسكر فهو لفهم حتى تبلغ العسكر وتلك خطة بني شبابة من فهم ولبني شبابة أيضا المسجد الذي له المنارة التي تخرجك إلى سقيفة تركي ولهم أيضا المسجد الذي في رحبة السوسي وإذا هبطت من درب حوي البحري وقعت في هذيل فما كان عن يمينك وأنت تريد الخندق فلهذيل وما كان عن يسارك فلدهنة من الأزد حتى تلقى يشكر من لخم في جبل يشكر
ثم اختطت غافق بين مهرة ولخم ثم مضوا بخطتهم حتى برزوا إلى الصحراء مما يلي الموقف ولقوا من وجه مهب الشمال لخما وغنثا ولقوا مما يلي القبلة الصدف ومهرة واختطت فاتسعت خطتها لكثرتهم وكانت غافق كما حدثنا عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ثلث الناس مدخل عمرو بن العاص مصر ولغافق من درب السراجين إلى دور بني وردان فما كان يمينك فلغافق حتى تنتهي إلى مسجد فهم الجمرات ثم جرى إلى الصفا إلى مسجدي حذران وحذران بطن من غافق إلى مسجدأحدب والي مسجد الزمام وفي موضع مسجد الزمام دفن محمد بن أبي بكر الصديق فيما يزعمون
(1/137)
ثم ارجع إلى حمام سهل فما كان عن يسارك وأنت تريد مهرة فلغافق وثم زقاق حمد من غافق الذي قبالة حمام سهل الذي للنساء وفيه مسجدأبي موسى الغافقي ليس في الزقاق مسجد غيره ولأبي موسى صحبة برسول الله {صلى الله عليه وسلم} واسم أبي موسى عبدالله بن مالك ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديثان حدثنا محمد بن يحيى الصدفي حدثنا ابن وهب حدثنا عمرو بن الحارث أن يحيى بن ميمون الحضرمي حدثه عن وداعة الحمدي حدثه أنه سمع أبا موسى الغافقي يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ( من افترى علي كذبا فليتبوأ بيتا أو مقعدا من النار ) حدثنا أسد بن موسى وسعيد بن عفير قالا حدثنا ابن لهيعة عن عبدالله بن سليمان عن ثعلبة أبي الكنود عن عبد الله بن مالك أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل ثم جرى إلى زقاق الموزة فإذا جاوزت زقاق الموزة إلى مسجد سيبان وهو المسجد ذو القبة الذي عند دار خالد بن عبد السلام الصدفي وسيبان من مهرة فما كان عن يسارك وأنت تريد إلى سقيفة جواد فلغافق وما كان عن يمينك فللصدف إلى مسجد أحدب إلى ما فوق ذلك إلى الدرب الذي يخرجك إلى الصحراء غير أن دار ابن سابور وهي الدار التي صارت لإسماعيل بن أسباط خطة رجل من حمير وللربانيين أيضا من غافق من دار مطر ما كان عن يمينك وأنت تريد إلى مسجد عبد الله
(1/138)
وعبد الله الذي ينسب إليه المسجد هو عبدالله بن عبد الملك بن مروان وكان عبد الملك ولاه مصر بعد موت عبدالعزيز بن مروان وكانت ولايته في جمادي سنة ست وثمانين ومائتين كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد وكان حدثا وكان أهل مصر يسمونه مكيسا وهو أول من نقل الدواوين إلى العربية وإنما كانت بالعجمية وهو أول من نهى الناس عن لباس البرانس ثم إلى دار ابن هجالة الغافقي فإذا بلغت دار ابن هجالة فلغافق ما كان عن يمينك وعن شمالك وفي دار ابن هجالة الغافقي كان تغيب محمد بن أبي بكر حين دخل عمرو بن العاص مصر عام المسناة وكانت المسناة كما حدثنا يحيى بن بكيرعن الليث بن سعد في صفر سنة ثمان وثلاثين وكانت للغافقي أخت ضعيفة فلما أقبل معاوية بن حديج ومن معه في طلب قتلة عثمان قالت أخت الغافقي من تطلبون محمد بن أبي بكر أنا أدلكم عليه ولا تقتلوا أخي فدلتهم عليه فلما أخذ قال احفظوا في أبا بكر فقال معاوية بن حديج قتلت سبعين من قومي بعثمان وأتركك وأنت قاتله فقتله وهي الدار الملاصقة بمسجد الزنج تعمل على بابها النعال السندية وفي داخلها الأرحاء ولغافق من مسجد بادي إلى دار إبراهيم بن صالح إلى مسجد إبراهيم القراط وتلك دهنة غافق ولغافق من الخطة أكثر مما ذكرنا غير أن هذه جملها
واختطت الصدف قبلي مهرة فمضوا بخطتهم حتى برزوا بطرف منها
فلقوا حضرموت دون الصحراء ولقوا مما يلي القبلة بني سعد من تجيب ولقوا آل أيدعان بن سعد ولقوا بطرف منها سلهما من مراد ثم لقوا حضرموت حالوا بينهم وبين الصحراء وكانت راية الأجذوم مدخل عمرو مع حيان أو حبان بن يوسف فلما استقرت الصدف عرف عليهم عمران بن ربيعة فأقام عريفا سنين ثم عرف ابنه ولم يزل بالبلد منهم قوم لهم شرف وسخاء كان منهم ابن سليك الصدفي
(1/139)
واختطت حضرموت وبطن من يحصب فيهم في موضعهم اليوم في زمان عثمان بن عفان إلا عبد الله بن المتهلل ودخل مع عمرو بن العاص الفسطاط من حضرموت عبد الله بن كليب من الأشباء خطته في آل أيدعان عند دار ابن الرواغ ومالك بن عمرو بن الأجدع من الحرث وداره دار هبيرة بن أبيض والملامس بن جذيمة بن سري وخطته عند الصفا عند دار الفرج بن جعفر ونمر بن زرعة بن غر بن شاجي البسي والأعين بن نمر بن ملك بن سريع وأبو العالية مولى لهم وهو جد أبي قنان وكانوا مع أخوالهم في تجيب ثم قدمت مادتهم في أيام عثمان فاختطوا شرقي سلهم والصدف حتى أصحروا فتحول إليهم من أراد التحول ممن كان منهم
بتجيب واختط بمكانهم عبد الله بن كليب من الأشباء خطته في بني أيدعان عند دار ابن الرواغ وكان أخوه قيس بن كليب في حجاب عمرو بن العاص أيام معاوية وهو فتى شاب جميل فرآه معاوية مع عمرو فقال من هذا الفتى فقال عمرو أحد حجابي فقال معاوية ما يعان من حجبه مثل هذا ثم حجب بعد ذلك عبد العزيز بن مروان وفي قيس بن كليب البلوي يقول أبو المصعب البلوي في قصيدته التي هجا فيها أشراف أهل مصر من الوافر
وظلت أنادي اللكعاء قيسا
لتدخلني وقد حضر الغداء
وليس بماجد الجدات قيس
ولكن حضرميات قماء
وأعرض نفحه اليربوع عني
يزيد بعد مارفع اللواء
أشار بكفه اليمنى وكانت
شمالا لا يجوز له عطاء
أكلم عائدا ويصد عني
ويمنعه السلام الكبرياء
وجرف قد تهدم جانباه
كريب ذاكم البرم العياء
وأما القحزمي فذاك بغل
أضر به مع الدبر الخصاء
وهذاك القصير من تجيب
ولو يسطيع ما نفض الخلاء
وتروى أضر به مع الدبر الخصاء قال وكان معاوية إذا قدم عليه أحد من أهل مصر سأله تروي قصيد أبي المصعب وهذه الأبيات في قصيدة له يريد بيزيد بن شرحبيل بن حسنة وقيس قيس بن كليب
(1/140)
الحاجب وعائذ بن ثعلبة البلوي وقتل عائذ بالبرلس في سنة ثلاث وخمسين مع وردان مولى عمرو بن العاص وأبي رقية اللخمي وسأذكر حديثهم في موضعه إن شاء الله
والقحزمي عمرو بن قحزم وكريب كريب بن أبرهة والقصير من تجيب زياد بن حناطة التجيبي ثم الحلاوي وهو صاحب قصر ابن حناطة الذي بتجيب ولم يزل الملامس بن جذيمة عريف حضرموت يدعون له الأشباء والحرث حتى كان زمان معاوية بن أبي سفيان فإنه وقع بين مسلمة بن مخلد وبين الملامس كلام فاستأذن الملامس معاوية في النقلة إلى فلسطين بحضرموت فأذن له وكتب له بذلك إلى مسلمة فكره مسلمة ذلك فقال له رجل من حضرموت يقال له فلان بن مسلم أنا أمشي بينهم فأكره إليهم الخروج ففعل فلما تنجز الملامس ذلك من مسلمة قال له إن رضي قومك ثم جمعهم فذكر لهم ما قال الملامس فقال رجل منهم ما نفارق بلادنا فقال له من أنت قال أنا ابن أمية قال فمن قومك قال بنو عوف ثم تتابعوا على مثل قوله فكتبهم وعرفهم
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن عتبة بن أبي حكيم عن ابن شهاب أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال حضرموت خير من بني الحرث حدثنا أبو الأسود حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى مسلمة بن مخلد وهو على مصر لا تولى عملك إلا أزدي أو حضرمي فإنهم أهل الأمانة حدثنا أبو الأسود
النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد عن تبيع قال لا يدرك أحد من حضرموت الدجال
(1/141)
قال ثم اختطت تجيب فأخذت بنو عامر شرقي الحصن قبلي منزل عبدالله بن سعد بن أبي سرح ثم مضوا بخطتهم حتى لقوا مهرة والصدف من مهب الشمال ولقوا سلهما عما يلي الشرق ولقوا وعلان من مراد وطرفا من خولان من مهب الجنوب ثم لقوا بني عطيف وقبائل من مراد وحالت سلهم بينهم وبين الصحراء فخطة كنانة بن بشر بن سلمان الأيدعي دار هبيرة وثم مسجده ثم صارت بعد ذلك لعثمان بن يونس أبي السمح جد ابن دهقان لأمه وكان لكنانة سيف يقال له المقلد صار إلى سعيد بن عبيد فكان سعيد يقول إنما لتجيب سيفان عريض بني حديج والمقلد فقد صار المقلد إلي
قال واختطت خولان الشرق قبلي الحصن ومهب الجنوب ثم مضوا بخطتهم حتى لقوا بني وائل والفارسيين في السهل ولقوا تجيب ورعينا في الجبل ولقوا بني غطيف وبني وعلان من مراد في الشرق وتجيب من مهب الشمال فجاوزهم غطيف فتحول بينهم وبين خطتهم وكان رائم بن ثعلبة الخولاني من الحياوية يقال أنه رجل من كنانة معروف
النسب فيهم وفيه يقول ابن جذل الطعان من الطويل
من مبلغ خولان عني رسالة
يربضها إبنا فراس بن مالك
بأن أخانا رائم الخير فيكم
مقيم بلا ذنب بأزل المهالك
إلى مالك ينمى إذا عد أصله
كنانة أهل المكرمات الموالك
فأجابه رجل من خولان فقال من الطويل
من مبلغ عني فراسا رسالة
فنحن لخولان بن عمرو بن مالك
إلى سبأ الأملاك أصلي ومنبتي
يحدثني جدي به غير هالك
قال واختطت مذحج بين خولان وتجيب واختطت وعلان مما يلي القصر ثم مضوا ينازلون خولان وتجيب هم وبنو غطيف
ثم مضت مراد بخطتها حتى لقوا قبائل نافع ورعين وفيهم بنو عبس بن زوف ثم مضوا بخطتهم حتى لقوا بني موهب من المعافر ولقوا السلف وسبأ وحالوا بينهم وبين الصحراء وقد غلط بعض الناس في بني عبس بن زوف والزقاق المنسوب إلى بني عبس فقال هم عبس قيس وليس كما قال
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن عتبة بن
(1/142)
أبي حكيم أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال أكثر القبائل في الجنة مذحج
واختطت القبائل المنسوبة إلى سبإ منهم ابن ذي هجران ومعهم السلف شرقي جنب مما يلي مراد ثم مضوا بخطتهم بين المعافر وحضرموت حتى أصحروا
واختطت حمير قبلي خولان وشرقيها وشرقي بديعة من مذحج فكانت يحصب قبلي المعافر حتى قطعوا الجبل
واختطت يافع ورعين شرقي خولان ثم لقوا قبائل الكلاع ثم مضوا بين قبائل سبإ والمعافر وبين اصطبل قرة بن شريك حتى أصحروا
واختطت المعافر وفيهم الأشعريون والسكاسك شرقي الكلاع فوليهم من بعد ذلك الأكنوع وهم من الأشعريين وبنو موهب ثم السكاسك ثم المعافر وهم مختلطون ثم مضوا بخطتهم حتى أصحروا ينازلون حمير وطائفة من خولان وحمير والمعافر على الجبل موفون على قبائل مضر وليس في هذا الجبل إلا هذه القبائل غير أن جهينة قد كانت نزلت بجرف ينة وكانت المعافر قد نزلت إلى جنب عمرو بن العاص فآذاهم البعوض وكان جري النيل فشكوا ذلك إلى عمرو وسألوه أن ينقلهم فقال لا أجد قوما أحمل لي من أصحابي فنقل قريشا إلى موضعهم ونقل المعافر إلى موضعها التي هي به اليوم وقال عمرو لأصحابه اغتنموا
فكأني أنظر إلى المسجد وما حوله قد صار فيه الناس ورغبوا فيه وإلى موضعهم قد خرب فكان كما قال
(1/143)
حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل عن شفي بن ماتع قال كان الناس إذا كان فزع خرجوا براياتهم وكان لكل قوم موقف فكان موقف المعافر تحت الكوم يريد بالإسكندرية وقصر فهد الذي بالمعافر ومسجد لسبإ خطه هو فهد بن كثير بن فهد وكان ولي برقة أيام أسامة بن زيد الأولى وكان قد ولي جزيرة الصناعة وهو القصر الذي عند مسجد الزينة وفي الأشعريين والسكاسك جاء الحديث حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك حدثنا الركن بن عبدالله بن سعد بن مكحول عن معاذ أن النبي {صلى الله عليه وسلم} يوم بعثه إلى اليمن حمله على ناقة وقال يا معاذ انطلق حتى تأتي الجند فحيث بركت بك هذه الناقة فأذن وصل وابن فيه مسجدا فانطلق معاذ حتى إذا انتهى إلى الجند دارت به ناقته وأبت أن تبرك فقال هل من جند غير هذا قالوا نعم جند رخامة فلما أتاه دارت وبركت فنزل معاذ فنادى بالصلاة ثم قام فصلى فخرج إليه ابن يخامر السكسكي فقال من أنت قال أنا رسول رسول رب العالمين فقال ما تريد قال أريد أن أقاتل من خالف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فلما أن قص عليه معاذ ما أوصاه به رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال له
ابن يخامر مرحبا بمن جئت من عنده ومرحبا بك أبسط يديك فبايعه ووثب إليه ثلة من الأشعريين ووثب إليه الأملوك أملوك ردمان فقال ابن يخامر إن العرصة التي بنيت فيها المسجد لي فقال معاذ خذ ثمنها فقال لا بل هي لله والرسول فقاتل معاذ من خالف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بالثلة من الأشعريين والأملوك أملوك ردمان حتى أجابوه فكتب إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إني قاتلت حتى أجابني أهل اليمن بثلة من الأشعريين والسكاسك والأملوك أملوك ردمان فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اللهم اغفر للسكاسك والأملوك أملوك ردمان وثلة من الأشعريين حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه بلغه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ألا أخبركم بخير قبائل قالوا بلى قال الأملوك أملوك ردمان وفرق من الأشعريين وفرق من خولان والسكاسك والسكون
(1/144)
قال واختطت بنو وائل في مهب الشمال ثم مضوا بخطتهم شارعين على النيل حتى لقيت راشدة من لخم مما يلي الإصطبل وبين طائفة منهم وبين يحصب وهم في الجبل الفارسيون وهم قليل
ثم انحطت طائفة من لخم خلف بني وائل وشرعوها في النيل ثم مضوا ينازعون يحصب وهم في جبل حتى برزوا إلى أرض الحرث والزرع وكان بين القبائل فضاء من القبيل إلى القبيل فلما مدت الأمداد في زمان عثمان بن عفان وما بعد ذلك وكثر الناس وسع كل قوم لبني أبيهم حتى كثر النبيان والتأم
خطط الجيزة
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة يزيد أحدهما على صاحبه قال فاستحبت همدان ومن والاها الجيزة فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يعلمه بما صنع الله للمسلين وما فتح عليهم وما فعلوا في خططهم وما استحبت همدان ومن والاها من النزول بالجيزة فكتب إليه عمر يحمد الله على ما كان من ذلك ويقول له
كيف رضيت ان تفرق عنك أصحابك لم يكن ينبغي لك أن ترضى لأحد من أصحابك أن يكون بينهم وبينك بحر لا تدري ما يفجأهم فلعلك لا تقدر على غياثهم حتى ينزل بهم ما تكره فاجمعهم إليك فإن أبوا عليك وأعجبهم موضعهم فابن عليهم من فيء المسلمين حصنا فعرض عمرو ذلك عليهم فأبوا وأعجبهم موضعهم بالجيزة ومن والهم على ذلك من رهطهم يافع وغيرها وأحبوا ما هنالك فبنى لهم عمرو بن العاص الحصن الذي بالجيزة في سنة إحدى وعشرين وفرغ من بنائه في سنة اثنتين وعشرين قال غير ابن لهيعة من مشايخ أهل مصرأن عمرو بن العاص لما سأل أهل الجيزة أن ينضموا إلى الفسطاط قالوا متقدما قدمناه في سبيل الله ما كنا لنرحل منه إلى غيره فنزلت يافع
الجيزة فيها مبرح بن شهاب وهمدان وذو أصبح فيهم أبو شمر بن أبرهة وطائفة من الحجر منهم علقمة بن جنادة أحد بني مالك بن الحجر وكانت منهم طائفة قد اختطوا بالفسطاط أسفل من عقبة تنوخ قد بينت ذلك في صدر كتابي
(1/145)
قال وقد كان دخل مع عمرو بن العاص قوم من العجم يقال لهم الحمراء والفارسيون فأما الحمراء فقوم من الروم فيهم بنو ينة وبنو الأزرق وبنو روبيل والفارسيون قوم من الفرس وفيهم زعموا قوم من الفرس الذين كانوا بصنعاء وكان حامل لوائهم ابن ينة واليه تنسب سقيفة ابن ينة التي بفسطاط مصر بالحمراء فقالت الروم والفارسيون إنهم العرب وإنا لا نأمنهم ونخاف الغدر من قبلهم قالوا فما الرأي قالوا ننزل نحن في طرف وأنتم في طرف فإن يكن منهم غدر كانوا بيننا فقال بعضهم فإن يكن منهم غدرا كانوا بين لحيي الأسد وكنا قد أخذنا بالوثقى فنزلت الروم الحمراء التي بالقنطرة ونزلت الفرس بناحية بني وائل فمسجد الفارسيين هنالك مشهور معروف
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن شيخ من موالي فهم عن علي بن رباح قال قدم عمرو بن العاص بالحمراء والفارسيين من الشام قال ابن لهيعة سماهم الحمراء لأنهم من العجم
ذكر أخائذ الإسكندرية
قال وأما الإسكندرية فلم يكن بها خطط غير أن أبا الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن الزبير بن العوام اختط بالإسكندرية وإنما كانت أخائذ من أخذ منزلا نزل فيه هو وبنو أبيه وأن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية أقبل هو وعبادة بن الصامت حتى علوا الكوم الذي فيه مسجد عمرو بن العاص فقال معاوية بن حديج ننزل فنزل عمرو بن العاص القصر الذي صار لعبد الله بن سعد بن أبي سرح ويقال أن عمرا وهبه له لما ولي البلد ونزل أبو ذر الغفاري منزلا كان غربي المصلى الذي عند مسجد عمرو مما يلي البحر وقد انهدم ونزل معاوية بن حديج موضع داره التي فوق هذا التل وضرب عبادة بن الصامت بناء فلم يزل فيه حتى خرج من الإسكندرية ويقال إن أبا الدرداء كان معه والله أعلم
(1/146)
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة في حديثهما قال فلما استقامت لهم البلاد قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الاسكندرية ربع الناس وربع في السواحل والنصف مقيمون معه وكان يصير بالاسكندرية خاصة الربع في الصيف بقدر ستة أشهر ويعقب بعدهم شاتية ستة أشهر وكان لكل عريف قصر ينزل فيه
بمن معه من أصحابه واتخذوا فيه أخائذ
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن المسلمين لما سكنوها في رباطهم ثم قفلوا ثم غزوا ابتدروا فكان الرجل يأتي المنزل الذي كان فيه صاحبه قبل ذلك فيبتدره فيسكنه فلما غزوا قال عمرو إني أخاف أن تخربوا المنازل إذا كنتم تتعاورونها فلما كان عند الكريون قال لهم سيروا على بركة الله فمن ركزمنكم رمحه في دار فهي له ولبني أبيه فكان الرجل يدخل الدار فيركز رمحه في منزل منها ثم يأتي الآخر فيركز رمحه في بعض بيوت الدار فكانت الدار تكون لقبيلتين ثلاث وكانوا يسكنونها حتى إذا قفلوا سكنها الروم وعليهم مرمتها فكان يزيد بن أبي حبيب يقول لا يحل من كرائها شيء ولا بيعها ولا يورث منها شيء إنما كانت لهم يسكنونها في رباطهم
الزيادة في المسجد الجامع
ثم إن مسلمة بن مخلد الأنصاري زاد في المسجد الجامع بعد بنيان عمرو له ومسلمة الذي كان أخذ أهل مصر ببنيان المنار للمساجد كان أخذه إياهم بذلك في سنة ثلاث وخمسين فبنيت المنار وكتب عليها اسمه
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال أخذ مسلمة بن مخلد الناس ببناء منار المساجد ووضع ذلك عن خولان لأنه كان صاهر إليهم وأسقط ذلك عنهم ثم هدم عبد العزيز بن مروان المسجد في سنة سبع وسبعين وبناه
(1/147)
ثم كتب الوليد بن عبد الملك في خلافته إلى قرة بن شريك العبسي وهو يومئذ واليه على أهل مصر وكانت ولاية قرة بن شريك مصر في سنة تسعين قدمها يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول وعزل عبدالله بن عبد الملك وفي ذلك يقول الشاعر من الرمل
عجبا ما عجبت حين أتانا
أن قد امرت قرة بن شريك
وعزلت الفتى المبارك عنا
ثم فيلت فيه رأي أبيك
فهدمه كله وبناه هذا البناء وزوقه وذهب رؤوس العمد التي في مجالس قيس وليس في المسجد عمود مذهب الرأس إلا في مجالس قيس وحول المنبر حين هدم المسجد إلى قيسارية العسل فكان الناس يصلون فيها صلوات ويجمعون فيها الجمع حتى فرغ من بنيانه والقبلة في القيسارية إلى اليوم وكانت القبة التي في وسط الجزيرة بين الجسرين في المسجد الجامع ثم زاد موسى بن عيسى الهاشمي بعد ذلك في مؤخره في سنة خمس وسبعين ومائة ثم زاد عبد الله بن طاهر في عرضه بكتاب المأمون بالإذن له في ذلك في سنة ثلاث عشرة ومائتين وأدخل فيه دار الرمل كلها إلا ما بقي منها من دار الضرب ودخلت فيه دار ابن رمانة وغيرها من بعض الخطط التي ذكرناها
فكان عمال الوليد بن عبد الملك كما حدثنا سعيد بن عفير كتبوا إليه أن بيوت الأموال قد ضاقت من مال الخمس فكتب إليهم أن ابنوا المساجد فأول مسجد بني بفسطاط مصر المسجد الذي في أصل حصن الروم عند باب الريحان قبالة الموضع الذي يعرف بالقالوس يعرف بمسجد القلعة
حدثنا حميد بن هشام الحميري قال كل مسجد بفسطاط مصر فيه عمد رخام فليس بخطي
وأول كنيسة بنيت بفسطاط مصر كما حدثنا عبدالملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن بعض شيوخ أهل مصر الكنيسة التي خلف القنطرة أيام مسلمة بن مخلد فأنكر ذلك الجند على مسلمة وقالوا له أتقر لهم أن يبنوا الكنائس حتى كاد أن يقع بينهم وبينه شر فاحتج عليهم مسلمة يومئذ فقال إنها ليست في قيروانكم وإنما هي خارجة في أرضهم فسكتوا عند ذلك فهذه خطط أهل مصر
ذكر القطائع
(1/148)
قال وقد كان المسلمون حين اختطوا قد تركوا بينهم وبين البحر والحصن فضاء لتعريق دوابهم وتأديبها فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولي معاوية بن أبي سفيان فاشترى خطة مسلمة بن مخلد منه وأقطعه داره
التي بسوق وردان ثم اشترى خطة عقبة بن عامر وأقطعه داره التي في الفضاء عند أصحاب التبن وهي اليوم في يدي فرج ثم اشترى دار أبي رافع التي صارت للسائب مولاه وأقطع السائب الدار التي عند حيز الوز ثم ابتنى عبدالعزيز دار الأضياف كانت لأضياف عبدالعزيز وأقطع معاوية أيضا سارية مولى عمر بن الخطاب في الزقاق الذي يعرف بحيز الوز فباعه ولده مقطعا وأقطع عبدالعزيز خالد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام دار مخرمة التي في الفضاء وكانت له دار موسى بن عيسى النوشري التي بالموقف قال وكان خالد وعمر ابنا عبدالرحمن بن الحارث بن هشام مع عبدالله بن الزبير وكان أبو بكر بن عبدالرحمن أخا لعبد الملك بن مروان وتربا له فلما ظهر عبدالملك بن مروان قال لا سبيل إلى ما يكره عمر وخالدمع أبي بكر ولكن لله علي أن لا يسكنان الحجاز فكتب إلى الحجاج أن خيرهما في أي الأمصار ساآ فليلحقا بها فلحق خالد بعبد العزيز بن مروان فأقطعه دار مخرمة في الفضاء وكانت له دار موسى بن عيسى التي بالموقف وأما عمرفلحق ببشر بن مروان بالعراق فله بواسط آثار كثيرة وأقطع عمارة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط الدور التي تلي أصحاب التبن قبليا وكان أبو معيط يسمى أبانا حدثني بذلك محمد بن إدريس الرازي وله يقول ضرار بن الخطاب من الخفيف
عين فابكي لعقبة بن أبان
فرع فهر وفارس الفرسان وله يقول بعض الشعراء
( من سره شحم ولحم راكد فليأت جفنة عقبة بن أبان
(1/149)
قال وكان عبد الأعلى بن أبي عمرة وهو مولى لبني شيبان على أخت موسى بن نصير وكانت له من عبدالعزيز منزلة فخط له داره ذات الحمام الذي يقال له حمام التبن فلما قدم عبدالأعلى بن أبي عمرة من عند أليون صاحب الروم قال لعبد العزيز قد أبليت المسلمين في تأجيههم إياي نصحا وبلاء حسنا فمر لي بأربع سواري من خرب الاسكندرية فأمر له بها فهي على حوض حمامه الأعظم وكان عبدالعزيز يرسله بالبز إلى ابن عمر
حدثنا أبو الأسود حدثنا ابن لهيعة عن عبيدالله بن المغيرة عن عبد الأعلى بن أبي عمرة أن عبدالعزيز بن مروان أرسل معه بألف دينار إلى ابن عمر فقبلها قال وأقطع عبدالملك بن مروان عمر بن علي الفهري ثم أحد بني محارب داره ذات الحمام التي اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط وذلك أن عبدالملك بن مروان لما قتل عمرو بن سعيد كان عمر بن علي ممن أبلى معه وكان في أصحابه فدخل عليه في خاصته وعمرو بن سعيد مقتول فاستشارهم في قتله فكلهم هاب قتله ولم يره فقال عمر بن علي اقتله قتله الله فلا يزال في خلاف ما
(1/150)
عاش قال عبد الملك ها هوذا قال فألق رأسه إلى الناس وأنهبهم بيت المال يفترقون عنك ففعل فافترق الناس وأرسله عبد الملك إلى منزل عمرو يفتشه فوجد فيه كتبا فيها أسماء من بايعه فأحرقها وبلغ ذلك عبد الملك فقال له ما حملك على ما فعلت قال لو قرأتها لما صح لك قلب شأمي ولا استقامت طاعته إذا علم أنك قد علمت بخلافه إياك فصوب رأيه وحمده وأقطعه داره ذات الحمام التي اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط قال عبد الملك بن مسلمة هي قطيعة من عبد العزيز للفهري ولم يسمه باسمه إلا أن ابن عفير سماه وقال عبد الملك بن مسلمة أقطعها عبد العزيز الفهري مولى ابن رمانة حين قدم عليه وبناها له يزيد بن رمانة وهي الدار التي تعرف اليوم بدار السلسلة وآل أبي عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهري ينكرون ذلك وهم بذلك أعلم ويقولون أنها خطة لأبي عبد الرحمن الفهري اختطها عام فتح مصر ولم يكن بنى منها شيئا غير سورها ثم خرج إلى الشام فاستشهد بها ثم قدم ابناه العلاء وعلي وكان العلاء أسنهما وقد كان رأى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقدما إلى مصر فجعلا ذلك البناء مثل المربد العظيم ولم يجعلا فيها إلا منزلا واحدا وأسكنا فيه مولى لهما يقال له يحنس ثم خرج العلاء إلى المدينة فقتل عام الحرة وخلف الحارث بن العلاء وخرج علي إلى الشام فتوفي بها وخلف عمر بن علي فصار بمنزلة عند عبد الملك فبعث إلى ابن رمانة وأرسل إليه بمال وسأله أن يبني له دار جده بأحكم ما يقدر عليه ويجعل له فيها حماما ويجعل له خوخة في داره إذا أراد أن يدخله دخله
(1/151)
وقال إن ذلك ذكر لك ولشيخك فحرك ذلك ابن رمانة فبناها وجعل سورها أكثر من ذراعين بذراع البناء وجعلها تدور بعمد رخام وجعل قاعدتها مستديرة ولم يجعل فوقها بناء ثم قدم عمر بن علي مصر وقد فرغ منها ابن رمانة فقال له عمر لقد اتقنت غير أنك لم تجعل لها مسجدا فبنى المسجد الذي يعرف اليوم بمسجد القرون بناه مثل الدكان الكبير ونحاه عن الدار وجعل بينه وبين الدار فرجة وكان يجلس فيه ثم بناه بعده أبو عون عبد الملك بن يزيد ثم زاد فيه المطلب بن عبد الله الخزاعي ثم احترق فبناه السري بن الحكم هذا البناء ثم مات عمر بن علي فورث الحارث بن العلاء وهو ابن أخيه كلما ترك وحبس الدار على الأقعد فالأقعد بالحارث بن العلاء من الرجال دون النساء أبدا ما تناسلوا وتقديم كل طبقة على من هو أسفل منها فإذا انقرض الرجال فهي على النساء كل من رجعت بنسبها إليه من الصلب فإذا انقرض النساء فهي وحمامها وكومها المعروف بأبي قشاش يقسم ذلك أثلاثا فثلث في سبيل الله وثلث في الفقراء والمساكين وثلث على مواليه وموالي ولده وأولادهم أبدا ما تناسلوا بعد مرمتها ورزق قيم إن كان لها فإذا انقرض الموالي قلم يبق منهم أحد فعلى الفقراء والمساكين بفسطاط مصر ومدينة الرسول {صلى الله عليه وسلم} على ما يرى من وليها من عمارتها
واسم أبي عبد الرحمن يزيد بن أنيس بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر وعمرو بن حبيب هو آكل
السقب وأمه السوداء ابنة زهرة بن كلاب وهو الذي يقول فيه الشاعر من الطويل
بنو آكل السقب الذين كأنهم
نجوم بآفاق السماء تنور
وكان عند دار السلسلة فلا أدري أهي هذه الدار أم غيرها حوض من رخام وكان يملأ في الأعياد طلاء وتجعل عليه الآنية ويشرب الناس فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولي عمر بن عبد العزيز فقطعه وبالفسطاط غير دار بقال لها دار السلسلة سوى دار الفهري منها دار السهمي التي في الحذائين والدار التي كان فيها أصبغ الفقيه في زقاق القناديل
(1/152)
قال وبنى عبد العزيز بن مروان القيساريات قيسارية العسل وقيسارية الحبال وقيسارية الكباش وهي في خطة قوم من بلي يقال لهم الوحاوحة والقيسارية التي يباع فيها البز وهي التي تعرف بقيسارية عبد العزيز وأدخل فيها من خطط الراية وكان فيها منزل كعب بن عدي العبادي فعوضه منها داره التي في بني وائل قال وبنى هشام بن عبد الملك قيساريته التي تعرف بقيسارية هشام يباع فيها البز الفسطاطي في الفضاء بين القصر وبين البحر وبقيت بعد ذلك من الفضاء بقية بين بني وائل والبحر فأقطعها بنو العباس الناس
قال وأقطع عمرو بن العاص حين ولي وردان مولاه الأرض التي خلف القنطرة التي غربيها أبو حميد إلى كنيسة الروم التي هناك وما كان عن يمينك من رأس الجسر القديم إلى حمام
الكبش وهو الحمام الذي يعرف اليوم بحمام السوق والآخر إلى ساحل مريس فكل ذلك كان للوليد بن عبد الملك وكان للوليد أيضا ما كان على يسارك من الجزيرة وأنت خارج إلى الجيزة والحوانيت اللاصقة بجزيرة الصناعة
(1/153)
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أقطع ابن سندر منية الأصبغ فحاز لنفسه منها ألف فدان كما حدثنا يحيى بن خالد عن الليث بن سعد ولم يبلغنا أن عمر بن الخطاب أقطع أحدا من الناس شيئا من أرض مصر إلا ابن سندر فإنه أقطعه أرض منية الأصبغ فلم تزل له حتى مات فاشتراها الأصبغ بن عبد العزيز من ورثته فليس بمصر قطيعة أقدم منها ولا أفضل وكان سبب إقطاع عمر ما أقطعه من ذلك كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه كان لزنباع الجذامي غلام يقال له سندر فوجده يقبل جارية له فجبه وجدع أذنيه وأنفه فأتى سندر إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأرسل إلى زنباع فقال لا تحملوهم ما لا تطيقون وأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون فإن رضيتم فأمسكوا وإن كرهتموهم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله ومن مثل به أو أحرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله فأعتق سندر فقال أوص بي يا رسول الله قال أوصي بك كل مسلم قلما توفي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أتى سندر إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال
آحفظ في وصية رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فعاله أبو بكر حتى توفى ثم أتى عمر فقال له احفظ في وصية النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال نعم إن رضيت أن تقيم عندي أجريت عليك ما كان يجري عليك أبو بكر وإلا فانظر أي المواضع أكتب لك فقال سندر مصر فإنها أرض ريف فكتب له إلى عمرو بن العاص احفظ فيه وصية رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فلما قدم على عمرو قطع له أرضا واسعة ودارا فجعل سندر يعيش فيها فلما مات قبضت في مال الله
قال عمرو بن شعيب ثم أقطعها عبد العزيز بن مروان الأصبغ بعد فهي من خير أموالهم وروى ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن عبد الله بن سندر عن أبيه أنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامي فعتب عليه فخصاه وجدعه فأتى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأخبره فأغلظ لزنباع القول واعتقه منه فقال أوص بي يا رسول الله قال أوصي بك كل مسلم قال يزيد وكان سندر كافرا
(1/154)
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن غلاما لزنباع الجذامي اتهمه فأمر بإخصائه وجدع أنفه وأذنيه فأتى إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأعتقه وقال أيما مملوك مثل به فهو حر وهو مولى الله ورسوله فكان بالمدينة عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يرفق به فلما اشتد
مرض رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال له ابن سندر يا رسول الله إنا كما ترى فمن لنا بعدك فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أوصي بك كل مؤمن
فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه فأقر عليه نفقته حتى مات فلما ولي عمر بن الخطاب أتاه ابن سندر فقال احفظ في وصية رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال له انظر أي أجناد المسلمين شئت فالحق به امر لك بما يصلحك فقال ابن سندر ألحق بمصر فكتب له إلى عمرو بن العاص يأمره أن يأمر له بأرض تسعه فلم يزل فيما يسعه بمصر ويقال سندر وابن سندر والله أعلم بالصواب
ولأهل مصر عنه حديثان مرفوعان هذا أحدهما والآخر حدثنا يحيى بن بكير وعبد الملك بن مسلمة قالا حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ابن سندر قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وتجيب أجابت الله ورسوله قال ابن بكير في حديثه فقلت يآبا الأسود أنت سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يذكر تجيب قال نعم قلت وأحدث الناس عنك بذلك قال نعم
خروج عمر إلى الريف
حدثنا عبد الله بن صالح عن عبدالرحمن بن شريح عن أبي قبيل قال كان الناس يجتمعون بالفسطاط إذا قفلوا فإذا حضر مرافق الريف خطب عمرو بن العاص الناس فقال قد حضر مرافق ريفكم فانصرفوا فإذا حمض اللبن واشتد العود وكثر الذباب فحي على فسطاطكم ولا أعلمن ما جاء أحدكم قد أسمن نفسه وأهزل جواده
حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان عمرو يقول للناس إذا قفلوا من غزوهم إنه قد حضر الربيع فن أحب منكم أن يخرج بفرسه يربعه فليفعل ولا أعلمن ما جاء رجل قد أسمن نفسه وأهزل فرسه فإذا حمض اللبن وكثر الذباب ولوى العود فارجعوا إلى قيروانكم
(1/155)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عمرو بن العاص كان يقول للناس إذا قفلوا اخرجوا إلى أريافكم فإذا غنى الذباب
وحمض اللبن ولوى العود فحي على فسطاطكم
خطبة عمرو بن العاص
حدثنا سعيد بن ميسرة عن إسحاق بن الفرات عن ابن لهيعة عن الأسود بن ملك الحميري عن بحير بن ذاخر المعافري قال رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة تهجيرا وذلك آخر الشتاء أظنه بعد حميم النصارى بأيام يسيرة فأطلنا الركوع إذ أقبل رجال بأيديهم السياط يزجرون الناس فذعرت فقلت يا أبت من هؤلاء قال يا بني هؤلاء الشرط فأقام المؤذنون للصلاة فقام عمرو بن العاص على المنبر فرأيت رجلا ربعة قصد القامة وافر الهامة أدعج أبلج عليه ثياب موشية كأن به العقيان تأتلق عليه حلة وعمامة وجبة فحمد الله وأثنى عليه حمدا موجزا وصلى على النبي {صلى الله عليه وسلم} ووعظ الناس وأمرهم ونهاهم فسمعته يحض على الزكاة وصلة الأرحام ويأمر بالاقتصاد وينهى عن الفضول وكثرة العيال وقال في ذلك
يا معشر الناس إياي وخلالا أربعا فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى المذلة بعد العزة إياي وكثرة العيال وإخفاض الحال وتضييع المال والقيل بعد القال في غير درك ولا نوال ثم إنه لا بد من فراغ يؤول إليه المرء في توديع جسمه والتدبير لشأنه وتخليته بين نفسه وبين شهواتها ومن صار إلى ذلك فليأخذ
بالقصد والنصيب الأقل ولا يضيع المرء في فراغه نصيب العلم من نفسه فيحور من الخير عاطلا وعن حلال الله وحرامه غافلا
(1/156)
يا معشر الناس إنه قد تدلت الجوزاء وذكت الشعرى وأقلعت السماء وارتفع الوباء وقل الندى وطاب المرعى ووضعت الحوامل ودرجت السخائل وعلى الراعي بحسن رعيته حسن النظر فحي لكم على بركة الله إلى ريفكم فنالوا من خيره ولبنه وخرافه وصيده وأربعوا خيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها فإنها جنتكم من عدوكم وبها مغانمكم وأثقالكم واستوصوا بمن جاورتموه من القبط خيرا وإياي والمشمومات والمعسولات فإنهن يفسدن الدين ويقصرن الهممم حدثني عمر أمير المؤمنين انه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن الله سيفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم صهرا وذمة فعفوا أيديكم وفروجكم وغضوا أبصاركم ولا أعلمن ما أتى رجل قد أسمن جسمه وأهزل فرسه واعملوا أني معترض الخيل كاعتراض الرجال فمن أهزل فرسه من غير علة حططته من فريضته قدر ذلك واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حوالكم وتشوق قلوبهم إليكم وإلى
داركم معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية
وحدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض فقال له أبو بكر ولم يا رسول الله قال لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة
فاحمدوا الله معشر الناس على ما أولاكم فتمتعوا في ريفكم ما طاب لكم فإذا يبس العود وسخن العمود وكثر الذباب وحمض اللبن وصوح البقل وانقطع الورد من الشجر فحي على فسطاطكم على بركة الله ولا يقدمن أحد منكم ذو عيال على عياله إلا ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعته أو عسرته أقول قولي هذا وأستحفظ الله عليكم
قال فحفظت ذلك عنه فقال والدي بعد انصرافنا إلى المنزل لما حكيت له خطبته إنه يا بني يحدو الناس إذا انصرفوا إليه على الرباط كما حداهم على الريف والدعة
ذكر مرتبع الجند
قال وكان إذا جاء وقت الربيع واللبن كتب لكل قوم بربيعهم ولبنهم
(1/157)
إلى حيث أحبوا وكانت القرى التي يأخذ فيها عظمهم منوف ودسبندس وأهناس وطحا وكان أهل الراية متفرقين فكان آل عمرو بن العاص وآل عبد الله بن سعد يأخذون في منف ووسيم
وكانت هذيل تأخذ في بنا وبوصير وكانت عدوان تأخذ في بوصيروقرى عك التي يأخذ فيها عظمهم بوصير ومنوف ودسبندس وأتريب وكانت بلي تأخذ في منف وطرابية وكانت فهم تأخذ في أتريب وعين شمس ومنوف وكانت مهرة تأخذ في تتا وتمي وكانت الصدف تأخذ في الفيوم وكانت تجيب تأخذ في تمي وبسطة ووسيم وكانت لخم تأخذ في الفيوم وطرابية وقربيط وكانت جذام تأخذ في
طرابية وقربيط وكانت حضرموت تأخذ في ببا وعين شمس وأتريب وكانت مراد تأخذ في منف والفيوم ومعهم عبس بن زوف وكانت حمير تأخذ في بوصير وقرى أهناس وكانت خولان تأخذ في قرى أهناس والبهنسى والقيس وآل وعلة يأخذون في سفط من بوصير وآل أبرهة يأخذون في منف وغفار وأسلم يأخذون مع وائل من جذام وسعد في بسطة وقربيط وطرابية وآل يسار بن ضنة في أتريب وكانت المعافر تأخذ في أتريب وسخا ومنوف وكانت طائفة من تجيب ومراد يأخذون باليدقون
وكان بعض هذه القبائل ربما جاوز بعضا في الربيع ولا يوقع من معرفة ذلك على أحد إلاأن عظم القبائل كانوا يأخذون حيث وصفنا
وكان يكتب لهم بالربيع فيربعون وباللبن ما أقاموا وكان لغفار وليث أيضا مرتبع بأتريب
قال وأقامت مدلج بخربتا فاتخذوها منزلا وكان معهم نفر من حمير من ذبحان وغيرهم حالفوهم فيها فهي منازلهم ورجعت خشين وطائفة من لخم وجذام فنزلوا أكناف صان وإبليل وطرابية ولم يحفظوا ولم تكن قيس بالحوف الشرقي قديما وإنما الذي أنزلهم به ابن الحبحاب وذلك أنه وفد إلى هشام بن عبد الملك فأمر له بفريضة خمسة آلاف رجل أو ثلاثة آلاف رجل شك عبد الرحمن فجعل ابن الحبحاب الفريضة في قيس وقدم بهم فأنزلهم بمصر الحوف الشرقي
ذكر خيل مصر
(1/158)
قال فلما نزل الناس واطمأنت بهم منازلهم كانوا يخرجون فيؤدبون خيلهم في المضمار حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن معاوية بن حديج أنه مر على رجل بالمضمار معه فرس ممسك برسنه على كثيب فأرسل غلامه لينظر من الرجل فإذا هو بأبي ذر فأقبل ابن حديج إليه فقال له يابا ذر إني أرى هذا الفرس قد عناك وما أرى عنده
شيئا فقال أبو ذر هذا فرس قد استجيب له قال ابن حديج وما دعوة بهيمة من البهائم فقال أبو ذر إنه ليس من فرس إلا أنه يدعو الله كل سحرية اللهم أنت خولتني عبدا من عبيدك وجعلت رزقي بيده اللهم اجعلني أحب إليه من ولده وأهله وماله
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن معاوية بن حديج حدثه أنه مر على أبي ذر وهو قائم عند فرس له فسأله ما تعالج من فرسك فقال إني أظن هذا الفرس قد استجيبت دعوته ثم ذكر مثل حديث ابن وهب
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج قال مر بنا عبد الرحمن بن معاوية بن حديج ونحن جلوس مع حنش بن عبد الله نحو صفا مهرة فغفل عن السلام فناداه حنش يا بن معاوية تمر ولا تسلم والله لقد رأيتني أشفع لك عند أبيك أن يجعل لسرجك ركابا تضع فيه رجلك
قال وكان ولد معاوية بن حديج ليست لسروجهم ركب إنما يثبون على الخيل وثبا
قال وكانت أصول خيل مصر من خيل سمى ابن عفير بعضها منها أشقر صدف وكان لأبي ناعمة مالك بن ناعمة الصدفي وبه سميت خوخة الأشقر التي بفسطاط مصر وكان السبب في ذلك أن الأشقر نفق
فكره صاحبه أن يطرحه في الأكوام كما تطرح جيف الدواب فحفر له ودفنه هنالك فنسب الموضع إليه
(1/159)
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال لما افتتح المسلمون القصر كان رجل من الروم يقبل من ناحية القصير على برذون له أشهب والمسلمون في صلاة الصبح فيقتل ويطعن فتطلبه خيل المسلمين فلا تقدر عليه وكان صاحب الأشقر غائبا فلما قدم أخبر بذلك فكمن له في موضع وأقبل العلج ففعل كما كان يفعل فطلبه صاحب الأشقر فأدركه قال فاشتغلت بقتل العلج وشد الأشقر على الهجين فقتله
ومنها ذو الريش فرس العوام بن حبيب اليحصبي والخطار فرس لبيد بن عقبة السومي والذعلوق فرس حمير بن وائل السومي وعجلى فرس كانت لعك ولها يقول الشاعر من الهزج
سبق الأقوام عجلى
سبقتهم وهي حبلى
حدثنا عبد الواحد بن إسحاق حدثنا مروان بن معاوية عن أبي حيان التيمي عن أبي زرعة عن أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} سمى الأنثى من الخيل فرسا قال وعجلى التي قال عبد الرحمن بن معاوية بن حديج لنمر بن أيفع العكي ما فعلت عجلى على وجه الاستهزاء به فقال أما إن لها في أمك سهمين قال وكان للخم أيضا فرس يقال له أبلق لخم وكان الجون لعقبة بن كليب الحضرمي
وكان عبد العزيز بن مروان قد طلب الخطار من لبيد بن عقبة فامتنع عليه فأغزاه إفريقية فمات بها فلما كان موسى بن نصير أهدى إلى
عبد العزيز بن مروان خيلا فيها الخطار قال وقد طالت معرفته وذنبه فلما صارت إليهم الخيل لم يجدوا من يعرف الخطار فقالوا ابنة لبيد فبعث به عبد العزيز إليها فقالت لمن أتاها إني امرأة فآخرجوا عني حتى أنظر إليه ففعلوا فخرجت فنظرت إليه فعرفته فقالت والله لا يركبك أحد بعد أبي سويا ثم قطعت أذني الفرس وهلبت ذنبه ثم قالت هو هذا خذوه لا بارك الله لكم فيه فصار لعبد العزيز بن مروان فاتخذه للفحلة فكان منه الذائد ثم كان من الذائد الفرقد فهو أبو الخيل الفرقدية ولم يعرق الفرقد في شيء من خيل مصر إلا جاء سابقا
(1/160)
وكان أهل مصر لما بلغ مروان بن الحكم القاصرة وجهوا إليه عقبة بن شريح بن كليب المعافري ومطير بن يزيد التجيبي طليعة لهم ومطير يومئذ على الخطار فرس لبيد بن عقبة السومي فدخلا في عسكر مروان وجولا فيه ثم إن شيخا من أهل العسكر نذر بهما واستنكر هيئتهما فقال والله إني لأنكر سحنة هذين الفرسين وما أرى على صاحبيهما شحوب السفر فكرا راجعين إلى الفسطاط فمرا بناقة صرصرانية في ناحية العسكر لبشر بن مروان فطرداها فلما لحقتهما الخيل قال مطير لعقبة اطرد الناقة وأنا أكفيك وكر مطير فقاتلهم حتى ولوا عنه ثم لحق صاحبه ثم لحقته الخيل أيضا ففعل مثل ذلك حتى وصلا إلى الفسطاط فسألوهما عن الخبر فقالا حتى تنحروا الناقة وتأكلوا لحمها وهي أول غنيمة فنحرت الناقة وأكل لحمها ثم أخبراهم الخبر وأنهم أقوى من الرجل
ثم كتب عمر بن الخطاب كما حدثنا شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير وعبد الملك بن مسلمة عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب إلى عمرو بن العاص انظر من قبلك ممن بايع تحت الشجرة فأتم لهم العطاء مائتين وأتمها لنفسك لإمرتك وأتمها لخارجة بن حذافة لشجاعته ولعثمان بن أبي العاص لضيافته
ذكر مقاسمة عمر بن الخطاب العمال
قال ثم بعث عمر بن الخطاب محمدبن مسلمة كما حدثنا معاوية بن صالح عن محمد بن سماعة الرملي قال حدثني عبد الله بن عبد العزيز شيخ ثقة إلى عمرو بن العاص وكتب إليه
أما بعد فإنكم معشر العمال قعدتم على عيون الأموال فجبيتم الحرام وأكلتم الحرام وأورثتم الحرام وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة الأنصاري ليقاسمك مالك فأحضره مالك والسلام
(1/161)
فلما قدم محمد بن مسلمة مصر أهدى له عمرو بن العاص هدية فردها عليه فغضب عمرو وقال يا محمد لم رددت إلى هديتي وقد أهديت إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مقدمي من غزوة ذات السلاسل فقبل فقال له محمد إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كان يقبل بالوحي ما شاء ويمتنع مما شاء ولو كانت هدية الأخ إلى أخيه قبلتها ولكنها هدية إمام شر خلفها فقال عمرو قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا فلقد رأيت العاص بن وائل يلبس الديباج المزرر بالذهب وإن الخطاب بن نفيل ليحمل الحطب على حمار
بمكة فقال له محمد بن مسلمة أبوك وأبوه في النار وعمر خير منك ولولا اليوم الذي أصبحت تذم لألفيت معتقلا عنزا يسرك غزرها ويسوءك بكؤها فقال عمرو هي فلتة المغضب وهي عندك بأمانة ثم أحضره ماله فقاسمه إياه ثم رجع
قال وكان سبب مقاسمة عمر بن الخطاب العمال كما حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن خالد بن الصعق قال شعرا كتب به إلى عمر بن الخطاب من الطويل
أبلغ أمير المؤمنين رسالة
فأنت ولي الله في المال والأمر
وأنت أمين الله فينا ومن يكن
أمينا لرب العرش يسلم له صدري
فلا تدعن أهل الرساتيق والجزي
يسيغون مال الله في الأدم الوفر
فأرسل إلى النعمان فاعلم حسابه
وأرسل إلى جزء وأرسل إلى بشر
ولا تنسين النافعين كليهما
وصهر بني غزوان عندك ذا وفر
ولا تدعوني للشهادة إنني
أغيب ولكني أرى عجب الدهر
من الخيل كالغزلان والبيض كالدمى
وما ليس ينسى من قرام ومن ستر
ومن ريطة مطوية في صيانها
ومن طي أستار معصفرة حمر
إذا التاجر الهندي جاء بفارة
من المسك راحت في مفارقهم تجري
نبيع إذا باعوا ونغزوا إذا غزوا
فأنى لهم مال ولسنا بذي وفر
فقاسمهم نفسي فداؤك إنهم
سيرضون إن قاسمتهم منك بالشطر
فقاسمهم عمر نصف أموالهم
والنعمان هو النعمان بن بشير وكان على حمص وصهر بني غزوان
(1/162)
أبو هريرة كان على البحرين قال ويقال أن قائل هذه الأبيات كما حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين عن وهب بن جرير عن أبيه عن الزبير بن الخريت أبو المختار النميري قال من الطويل
أبلغ أمير المؤمنين رسالة
فأنت أمين الله في البر والبحر
فأرسل إلى النعمان فاعلم حسابه
وأرسل إلى جزء وأرسل إلى بشر
ولا تدعن النافعين كليهما
وذاك الذي في السوق مولى بني بدر
وما عاصم منها بصفر عيابه
ولا ابن غلاب من سراة بني نصر
نبيع إذا باعوا ونغزوا إذا غزوا
فأنى لهم مال ولسنا بذي وفر
ترى الجرد كالخزان والبيض كالدمى
وما لا يعد من قرام ومن ستر
ومن ريطة مطوية في صوانها
ومن طي أستار محدرجة حمر
إذا التاجر الهندي جار بفارة
من المسك راحت في مفارقهم تجري
فدونك مال الله لا تتركنه
سيرضون إن قاسمتهم منك بالشطر
ولا تدعوني للشهادة إنني
أغيب ولكني أرى عجب الدهر
قال عمر فإنا قد أعفيناه من الشهادة ونأخذ منهم نصف أموالهم فأخذ النصف وكان عمر قد استعمل هؤلاء الرهط
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن أبيه أن جده أوصى أن يدفع إلى عمر بن الخطاب نصف ماله وكان عمر استعمله على بعض أعماله حدثنا أسد بن موسى حدثنا سليمان بن أبي
(1/163)
سليمان عن محمد بن سيرين قال قال أبو هريرة لما قدمت من البحرين قال لي عمر يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله قال قلت لست بعدو الله ولا عدو الإسلام ولكني عدو من عاداهما ولم أخن مال الله ولكنها أثمان خيل لي تناتجت وسهام اجتمعت قال يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله قال قلت لست بعدوا الله ولا عدو الإسلام ولكني عدو من عااهما ولم أخن مال الله ولكنها إثمان خيل لي تناجت وسهام اجتمعت قال ذلك ثلاث مرات يقول ذلك عمر ويرد عليه أبو هريرة هذا القول قال فغرمني اثني عشرألفا فقمت في صلاة الغداة فقلت اللهم اغفر لأمير المؤمنين فأرادني على العمل بعد فقلت لا قال أوليس يوسف خيرا منك وقد سأل العمل قلت إن يوسف نبي إبن نبي وأنا ابن أميمة وأناأخاف ثلاثا واثنتين قال ألا تقول خمسا قلت لا قال مه قلت أخاف أن أقول بغير حلم وأقضي بغير علم وأن يضرب ظهري ويشتم عرضي ويؤخذ مالي
ذكر النيل
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال نيل مصر سيد
الأنهار سخر الله له كل نهر بين المشرق والمغرب فإذا أراد الله أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده فأمدته الأنهار بمائها وفجر الله له الأرض عيونا فإذا انتهت جريته إلى ما أراد الله أوحى الله إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن معاوية بن أبي سفيان سأل كعب الأحبار هل تجد لهذا النيل في كتاب الله خبرا قال إي والذي فلق البحر لموسى إني لأجده في كتاب الله إن الله يوحي إليه في كل عام مرتين يوحي إليه عند جريه إن الله يأمرك أن تجري فيجري ما كتب الله له ثم يوحي إليه بعد ذلك يا نيل غر حميدا
(1/164)
حدثنا عبدالله بن يوسف حدثنا عبد الله بن عمر عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنة حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن كعب الأحبار أنه كان يقول أربعة أنهار من الجنة وضعها الله في الدينا فالنيل نهر العسل في الجنة والفرات نهر الخمر في الجنة وسيحان نهر الماء في الجنة وجيحان نهر اللبن في الجنة
حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة
قالا حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي جنادة الكناني أنه سمع كعبا يقول النيل في الآخرة عسل أغزر ما يكون من الأنهار التي سماها الله ودجلة في الآخرة لبن أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله والفرات خمر أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله وجيحان ماء أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله
قال فلما فتح عمرو بن العاص مصر كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن من حدثه أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم فقالوا له أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال لهم وما ذاك قالوا إنه إذا كان لثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فيجري فقال لهم عمرو إن هذا لا يكون في
الإسلام وإن الأسلام يهدم ما قبله فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه عمر قد أصبت إن الإسلام يهدم ما كان قبله وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها في داخل النيل إذا أتاك كتابي
(1/165)
فلما قدم الكتاب على عمرو فتح البطاقة فإذا فيها من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر وأن كان الله الواحد القهار الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك فعرفهم عمرو بكتاب أمير المؤمنين وبالبطاقة ثم ألقاها فألقى عمرو البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه ستة عشر ذراعا في ليلة وقطع الله تلك السنة السوء عن أهل مصر
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن موسى {صلى الله عليه وسلم} دعا على آل فرعون فحبس الله عنهم النيل حتى أرادوا الجلاء حتى طلبوا إلى موسى أن يدعو الله فدعا الله رجاء أن يؤمنوا
فأصبحوا وقد أجراه الله في تلك الليلة ستة عشر ذراعا فاستجاب الله بتطوله لعمر بن الخطاب كما استجاب لنبيه موسى {صلى الله عليه وسلم}
ذكر الجزية
قال وكان عمرو يبعث إلى عمر بن الخطاب بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه وكانت فريضة مصر كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب لحفر خلجها وإقامة جسورها وبناء قناطرها وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفا من الفعلة معهم الطور والمساحي والأداة يعتقبون ذلك لا يدعون ذلك العمل شتاء ولا صيفا
ثم كتب عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن القاسم بن عبدالله عن عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر أن يختم في رقاب أهل الذمة بالرصاص ويظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضا ولا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي ولا يضربوا على النساء ولا على الولدان ولا يدعوهم
يتشبهون بالمسلمين في لبوسهم
(1/166)
حدثنا شعيب بن الليث حدثنا أبي عن محمد بن عبد الرحمن بن عنج أن نافعا حدثهم وحدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب حدثني عبدالله بن عمر وعمرو بن محمد أن نافعا حدثهم عن أسلم مولى عمر أنه حدثه أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد ألا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي وجزيتهم أربعون درهما على أهل الورق منهم وأربعة دنانير على أهل الذهب وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مديان من حنطة وثلاثة أقساط من زيت في كل شهر لكل إنسان كان من أهل الشام والجزيرة وودك وعسل لا أدري كم هو
ومن كان من أهل مصر فإردب كل شهر لكل إنسان لا أدري كم من الودك والعسل وعليهم من البز والكسوة التي يكسوها أمير المؤمنين الناس ويضيفون من نزل بهم من أهل الإسلام ثلاث ليال وعلى أهل العراق خمسة عشر صاعا لكل إنسان ولا أدري كم لهم من الودك وكان لا يضرب الجزية على النساء والصبيان وكان يختم في أعناق رجال أهل الجزية قال وكانت ويبة عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك عن
الليث بن سعد في ولاية عمرو بن العاص ستة أمداد
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر قال جعلت على أهل السواد ضيافة يوم وليلة فمن حبسه مطر فلينفق من ماله
(1/167)
قال وكان عمرو بن العاص لما استوسق له الأمر أقر قبطها على جباية الروم وكانت جبايتهم بالتعديل إذا عمرت القرية وكثر أهلها زيد عليهم وإن قل أهلها وخربت نقصوا فيجتمع عرفاء كل قرية وماروتها ورؤساء أهلها فيتناظرون في العمارة والخراب حتى إذا أقروا من القسم بالزيادة انصرفوا بتلك القسمة إلى الكور ثم اجتمعوا هم ورؤساء القرى فوزعوا ذلك على احتمال القرى وسعة المزارع ثم ترجع كل قرية بقسمهم فيجمعون قسمهم وخراج كل قرية وما فيها من الأرض العامرة فيبذرون فيخرجون من الأرض فدادين لكنائسهم وحماماتهم ومعدياتهم من جملة الأرض ثم يخرج منها عدد الضيافة للمسلمين ونزول السلطان فإذا فرغوا نظروا إلى ما في كل قرية من الصناع والأجراء فقسموا عليهم بقدر احتمالهم فإن كانت فيها جالية قسموا عليها بقدر احتمالها وقل ما كانت
تكون إلا الرجل المنتاب أو المتزوج ثم ينظرون ما بقي من الخراج فيقسمونه بينهم على عدد الأرض ثم يقسمون ذلك بين من يريد الزرع منهم على قدر طاقتهم فإن عجز أحد وشكا ضعفا عن زرع أرضه وزعوا ما عجز عنه على ذوي الاحتمال وإن كان منهم من يريد الزيادة أعطي ما عجز عنه أهل الضعف فإن تشاحوا قسموا ذلك على عدتهم وكانت قسمتهم على قراريط الدينارأربعة وعشرين قيراطا يقسمون الأرض على ذلك
وكذلك روي عن النبي {صلى الله عليه وسلم} إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا وجعل عليهم لكل فدان نصف إردب قمح وويبتين من شعير إلا القرط فلم يكن عليه ضريبة والويبة يومئذ ستة أمداد
وكان عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب يأخذ ممن صالحه من المعاهدين ما سمى على نفسه لا يضع من ذلك شيئا ولا يزيد عليه ومن نزل منهم على الجزية ولم يسم شيئا يؤديه نظر عمر في أمره فإذا احتاجوا خفف عنهم وإن استغنوا زاد عليهم بقدر استغنائهم
قال وروى حيوة بن شريح حدثني الحسن بن ثوبان أن هشام بن أبي
(1/168)
رقية اللخمي حدثه أن صاحب إخنا قدم على عمرو بن العاص فقال له أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فيصبر لها فقال عمرو وهو يشير إلى ركن كنيسة لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم وإن خفف عنا خففنا عنكم ومن ذهب إلى هذا الحديث ذهب إلى أن مصر فتحت عنوة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال قال عمر بن عبد العزيز أيما ذمي أسلم فإن إسلامه يحرز له نفسه وماله وما كان من أرض فإنها من فيء الله على المسلمين حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عمر بن عبد العزيز قال أيما قوم صالحوا على جزية يعطونها فمن أسلم منهم كان أرضه وداره لبقيتهم قال الليث وكتب إلي يحيى بن سعيد أن ما باع القبط في جزيتهم وما يؤخذون به من الحق الذي عليهم من عبد أو وليدة أو بعير أو بقرة أو دابة فإن ذلك جائز عليهم جائز لمن ابتاعه منهم غير مردود إليهم إن أيسروا وما أكروا من أرضهم فجائز كراؤه إلا أن يكون يضر بالجزية التي عليهم فلعل الأرض أن ترد عليهم إن أضرت بجزيتهم وإن كان فضلا بعد الجزية فإنا نرى كراءها جائزا لمن تكاراها منهم
قال يحيى ونحن نقول الجزية جزيتان فجزية على رؤوس الرجال وجزية جملة تكون على أهل القرية يؤخذ بها أهل القرية فمن هلك من أهل القرية التي عليهم جزية مسماة على القرية ليست على رؤوس الرجال
فإنا نرى أن من هلك من أهل القرية ممن لا ولد له ولا وارث أن أرضه ترجع إلى قريته في جملة ما عليهم من الجزية ومن هلك ممن جزيته على رؤوس الرجال ولم يدع وراثا فإن أرضه للمسلمين
(1/169)
قال الليث وقال عمر بن عبد العزيز الجزية على الرؤوس وليست على الأرضين يريد أهل الذمة حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن عبد الملك بن جنادة أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى حيان بن شريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم قال وحديث عبد الملك هذا يدل على أن عمر بن عبد العزيز كان يرى أن أرض مصر فتحت عنوة وأن الجزية إنما هي على القرى فمن مات من أهل القرى كانت تلك الجزية ثابتة عليهم وأن موت من مات منهم لا يضع عنهم من الجزية شيئا قال ويحتمل أن تكون مصر فتحت بصلح فذلك الصلح ثابت على من بقي منهم وأن موت من مات منهم لا يضع عنهم مما صالحوا عليه شيئا والله أعلم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن محمد بن عمرو عن ابن جريج أن رجلا أسلم على عهد عمر بن الخطاب فقال ضعوا الجزية عن أرضي فقال عمر لا إن أرضك فتحت عنوة
قال عبد الملك وقال مالك بن أنس ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز لهم وما فتح عنوة فإن ذلك لا يشتري منهم أحد ولا يجوز لهم بيع شيء مما تحت أيديهم من الأرض لأن أهل الصلح من أسلم منهم
كان أحق بأرضه وماله وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم أحرز إسلامة نفسه وأرضه للمسلمين لأن لأهل العنوة غلبوا على بلادهم وصارت فيئا للمسلمين ولأن أهل الصلح إنما هم قوم امتنعوا ومنعوا بلادهم حتى صالحوا عليها وليس عليهم إلا ما صالحوا عليه ولا أرى أن يزاد عليهم ولا يؤخذ منهم إلا ما فرض عمر بن الخطاب لأن عمر خطب الناس فقال قد فرضت لكم الفرائض وسنت لكم السنن وتركتم على الواضحة قال وأما جزية الأرض فلا علم لي ولا أدري كيف صنع فيها عمر غير أن قد أقر الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها فلو نزل هذا بأحد كنت أرى أن يسأل أهل البلاد أهل المعرفة منهم والأمانة كيف كان الأمر في ذلك فإن وجد من ذلك علما يشفي وإلا اجتهد في ذلك هو ومن حضره من المسلمين
(1/170)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عمر بن عبد العزيز وضع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة من أهل مصر وألحق في الديوان صلح من أسلم منهم في عشائر من أسلموا على يديه قال وقال غير عبد الملك وكانت تؤخذ قبل ذلك ممن أسلم وأول من أخذ الجزية ممن أسلم من أهل الذمة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن رزين بن عبدالله المرادي الحجاج بن يوسف ثم كتب عبد الملك بن مروان إلى عبد العزيز بن مروان أن يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة فكلمه ابن حجيرة في ذلك فقال أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أول
من سن ذلك بمصر فوالله إن أهل الذمة ليتحملون جزية من ترهب منهم فكيف تضعها على من أسلم منهم فتركهم عند ذلك
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن عبد العزيز كتب إلى حيان بن سريج أن تضع الجزية عن من أسلم من أهل الذمة فإن الله تبارك وتعالى قال ) فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ( قال ) قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال كان لعبدالله بن سعد موالي نصارى فأعتقهم فكان عليهم الخراج قال الليث أدركنا بعضهم وإنهم ليؤدون الخراج
حدثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد قال لما ولي ابن رفاعة مصر خرج ليحصي عدة أهلها وينظر في تعديل الخراج عليهم فأقام في ذلك ستة أشهر بالصعيد حتى بلغ أسوان ومعه جماعة من الأعوان والكتاب يكفونه ذلك بجد وتشمير وثلاثة أشهر بأسفل الأرض فأحصوا من القرى أكثر من عشرة آلاف قرية
فلم يحص فيها في أصغر قرية منها أقل من خمسمائة جمجمة من الرجال الذين يفرض عليهم الجزية
ذكر المقطم
(1/171)
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد قال سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار فعجب عمرو من ذلك وقال أكتب في ذلك إلى أمير المؤمنين فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي لا تزدرع ولا يستنبط بها ماء ولا ينتفع بها فسأله فقال إنا لنجد صفتها في الكتب أن فيها غراس الجنة فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر إنا لا نعلم غراس الجنة إلا المؤمنين فاقبر فيها من مات قبلك من المسلمين ولا تبعه بشيء فكان أول من دفن فيها رجل من المعافر يقال له عامر فقيل عمرت فقال المقوقس لعمرو كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن وهب عن عمارة بن عيسى قال ما ذا لك ولا على هذا عاهدتنا فقطع لهم الحد الذي بين المقبرة وبينهم
حدثنا هانئ بن المتوكل عن ابن لهيعة أن المقوقس قال لعمرو إنا لنجد في كتابنا أن ما بين هذا الجبل وحيث نزلتم ينبت فيه شجر الجنة فكتب بقوله إلى عمر بن الخطاب فقال فاجعلها مقبرة للمسلمين وقال غير عمارة بن عيسى فقبر فيها من عرف من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عمن حدثه خمسة نفر عمرو بن العاص السهمي وعبد الله بن حذافة السهمي وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وأبو بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني وقال غير عثمان ومسلمة بن مخلد الأنصاري
قال ابن لهيعة والمقطم ما بين القصير إلى مقطع الحجارة وما بعد ذلك فمن اليحموم وقد اختلف في القصير أخبرنا عثما بن صالح عن ابن لهيعة قال ليس بقصير موسى النبي {صلى الله عليه وسلم} ولكنه موسى الساحر
(1/172)
حدثنا سعيد بن عفير وعبد الله بن عباد قالا حدثنا المفضل بن فضالة عن أبيه قال دخلنا على كعب الأحبار فقال لنا ممن أنتم قلنا من أهل مصر فقال ما تقولون في القصير قال قلنا قصير موسى فقال ليس بقصير موسى ولكنه قصير عزيز مصر كان إذا جرى النيل يترفع فيه وعلى ذلك إنه لمقدس من الجبل إلى البحر قال ويقال بل كان موقدا يوقد فيه لفرعون إذا هو ركب من منف إلى عين شمس وكان على المقطم موقد آخر فإذا رأوا النار علموا بركوبه فأعدوا له ما يريد وكذلك إذا ركب منصرفا من عين شمس والله أعلم
حدثنا هانئ بن المتوكل عن ابن لهيعة ورشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن حسين بن شفي الأصبحي عن أبيه شفي بن عبيد أنه لما قدم مصر وأهل مصر قد اتخذوا مصلى بحذاء ساقية أبي عون التي عند العسكر فقال ما لهم وضعوا مصلاهم في الجبل الملعون وتركوا الجبل المقدس قال الحسن بن ثوبان فقدموا مصلاهم إلى موضعه الذي هو به اليوم حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل أن رجلا سأل كعبا عن جبل مصر فقال إنه لمقدس ما بين القصير إلى اليحموم
ذكر اسنبطاء عمر بن الخطاب عمرو بن العاص في الخراج
قال فلما استبطأ عمر بن الخطاب الخراج من قبل عمرو بن العاص كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد كتب إليه بسم الله الرحمن الرجيم من عبد الله بن عمر أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني فكرت في أمرك والذي أنت عليه فإذا أرضك أرض واسعة عريضة رفيعة قد أعطى الله أهلها عددا وجلدا وقوة في بر وبحر وإنها قد عالجتها الفراعنة وعملوا فيها عملا محكما مع شدة عتوهم وكفرهم فعجبت من ذلك وأعجب مما عجبت إنها لا تؤدي نصف ما كانت تؤديه
(1/173)
من الخراج قبل ذلك على غير قحوط ولا جدوب ولقد أكثرت في مكاتبتك في الذي على أرضك من الخراج وظننت أن ذلك سيأتينا على غير نزر ورجوت أن تفيق فترفع إلي ذلك فإذا أنت تأتيني بمعاريض تغتالها ولا توافق الذي في نفسي ولست قابلا منك دون الذي كانت تؤخذ به من الخراج قبل ذلك ولست أدري مع ذلك ما الذي أنفرك من كتابي وقبضك فلئن كنت مجزئا كافئا صحيحيا إن البراءة لنافعة وإن كنت مضيعا نطفا إن الأمر لعلى غير ما تحدث به نفسك وقد تركت أن أبتلي ذلك منك في العام الماضي رجاء أن تفيق فترفع إلي ذلك وقد علمت أنه لم يمنعك من ذلك إلا عمالك عمال السوء وما توالس عليه وتلفف اتخذوك كهفا وعندي بإذن الله دواء فيه شفاء عما أسألك عنه فلا تجزع أبا عبد الله أن يؤخذ منك الحق وتعطاه فإن النهز يخرج الدر والحق أبلج ودعني وما عنه تلجلج فإنه قد برح الخفاء والسلام
قال فكتب إليه عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله أمير المؤمنين من عمرو بن العاص سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي
(1/174)
لا إله إلا هو أما بعد فقد بلغني كتاب أمير المؤمنين في الذي استبطأني فيه من الخراج والذي ذكر فيها من عمل الفراعنة قبلي وإعجابه من خراجها على أيديهم ونقض ذلك منها منذ كان الإسلام ولعمري للخراج يومئذ أوفر وأكثر والأرض أعمر لأنهم كانوا على كفرهم وعتوهم أرغب في عمارة أرضهم منا منذ كان الإسلام وذكرت أن النهز يخرج الدر فحلبتها حلبا قطع ذلك درها وأكثرت في كتابك وأنبت وعرضت وثربت وعلمت أن ذلك عن شيء تخفيه على غير خبر فجئت لعمري بالمفظعات المقذعات ولقد كان لك فيه من الصواب من القول رصين صارم بليغ صادق وقد عملنا لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} ولمن بعده فكنا بحمد الله مؤدين لأماناتنا حافظين لما عظم الله من حق أئمتنا نرى غير ذلك قبيحا والعمل به سيئا فيعرف ذلك لنا ويصدق فيه قيلنا معاذ الله من تلك الطعم ومن شر الشيم والاجتراء على كل مأثم فاقبض عملك فإن الله قد نزهني عن تلك الطعم الدنية والرغبة فيها بعد كتابك الذي لم تستبق فيه عرضا ولم تكرم فيه أخا والله يا بن الخطاب لأنا حين يراد ذلك مني أشد لنفسي غضبا ولها إنزاها وإكراما وما عملت من عمل أرى علي فيه متعلقا ولكني حفظت ما لم تحفظ ولو كنت من يهود يثرب ما زدت يغفر الله لك ولنا وسكت عن أشياء كنت بها عالما وكان اللسان بها مني ذلولا ولكن الله عظم من حقك ما لا يجهل والسلام
فكتب إليه عمر بن الخطاب كما وجدت في كتاب أعطانيه يحيى بن عبد الله بن بكير عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي مرزوق التجيبي عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص
(1/175)
من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد عجبت من كثرة كتبي إليك في إبطائك بالخراج وكتابك إلي ببنيات الطرق وقد علمت إني لست أرضى منك إلا بالحق البين ولم أقدمك إلى مصرأجعلها لك طعمة ولا لقومك ولكني وجهتك لما رجوت من توفيرك الخراج وحسن سياستك فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل الخراج فإنما هو فيء المسلمين وعندي من قد تعلم قوم محصورون والسلام
فكتب إليه عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم لعمر بن الخطاب من عمرو بن العاص سلام عليكم فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين يستبطئني في الخراج ويزعم أني أعند عن الحق وأنكب عن الطريق وإني والله ما أرغب عن صالح ما تعلم ولكن أهل الأرض استنظروني إلى أن تدرك غلتهم فنظرت للمسلمين فكان الرفق بهم خيرا من أن يخرق بهم فيصيروا إلى بيع ما لا غنى بهم عنه والسلام
حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد أن عمرا جباها اثني عشرألف ألف قال غير الليث وجباها المقوقس قبله بسنة عشرين ألف ألف فعند ذلك كتب إليه عمر بما كتب به
قال الليث وجباها عبد الله بن سعد حين استعمله عليها عثمان أربعة عشر ألف ألف فقال عثمان لعمرو بعدما عزله عن مصر يابا عبد الله درت اللقحة بأكثر من درها الأول قال عمرو أضررتم بولدها وقال غير الليث فقال له عمرو ذلك إن لم يمت الفصيل
حدثنا هشام بن إسحاق العامري قال كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن يسأل المقوقس عن مصر من أين تأتي عمارتها وخرابها فسأله عمرو فقال له المقوقس تأتي عمارتها وخرابها من وجوه خمسة أن يستخرج خراجها في إبان واحد عند فراغ أهلها من زروعهم ويرفع خراجها في إبان واحد عند فراغ أهلها من عصر كرومهم وتحفر في كل سنة خلجها وتسد ترعها وجسورها ولا يقبل محل أهلها يريد البغي فإذا فعل هذا فيها عمرت وإن عمل فيها بخلافها خربت
(1/176)
قال وفي كتاب ابن بكير الذي أعطاني عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه قال لما استبطأ عمر بن الخطاب عمرو بن العاص في الخراج كتب إليه أن ابعث إلي رجلا من أهل مصر فبعث إليه رجلا قديما من القبط فاستخبره عمر عن مصر وخراجها قبل الإسلام فقال يا أمير المؤمنين كان لا يؤحذ منها شيء إلا بعد عمارتها وعاملك لا ينظر إلى العمارة وإنما يأخذ ما ظهر له كأنه لا يريدها إلا لعام واحد فعرف عمر ما قال وقبل من عمرو ما كان يعتذر به
ذكر نهي الجند عن الزرع
قال ثم إن عمر بن الخطاب فيما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن وهب عن حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن عبدالله بن هبيرة أمر مناديه أن يخرج إلى أمراء الأجناد يتقدمون إلى الرعية أن عطاءهم قائم وأن رزق عيالهم سائل فلا يزرعون ولا يزارعون
قال ابن وهب فأخبرني شريك بن عبدالرحمن المرادي قال بلغنا أن شريك بن سمي الغطيفي أتى إلى عمرو بن العاص فقال إنكم لا تعطونا ما يحسبنا أفتأذن لي بالزرع فقال له عمرو ما أقدر على ذلك فزرع شريك من غير إذن عمرو فلما بلغ ذلك عمرا كتب إلى
عمر بن الخطاب يخبره أن شريك بن سمي الغطيفي حرث بأرض مصر فكتب إليه عمر أن ابعث إلي به فلما انتهى كتاب عمر إلى عمرو أقرأه شريكا فقال شريك لعمرو قتلتني يا عمرو فقال عمرو ما أنا قتلتك أنت صنعت هذا بنفسك قال له إذ كان هذا من رأيك فأذن لي بالخروج إليه من غير كتاب ولك عهد الله أن أجعل يدي في يده فأذن له بالخروج فلما وقف على عمر قال تؤمنني يا أمير المؤمنين قال ومن أي الأجناد أنت قال من جند مصر قال فلعلك شريك بن سمي الغطيفي قال نعم يا أمير المؤمنين قال لأجعلنك نكالا لمن خلفك قال أو تقبل مني ما قبل الله من العباد قال وتفعل قال نعم فكتب إلى عمرو بن العاص إن شريك بن سمي جاءني تائبا فقبلت منه
ذكر حفر خليج أمير المؤمنين
(1/177)
حدثنا عبدالله بن صالح أو غيره عن الليث بن سعد أن الناس بالمدينة أصابهم جهد شديد في خلافة عمر بن الخطاب في سنة الرمادة
فكتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص سلام أما بعد فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معي فيا غوثاه ثم يا غوثاه يردد قوله فكتب إليه عمرو بن العاص
لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص أما بعد فيا لبيك ثم يا لبيك قد بعثت إليك بعير أولها عندك وآخرها عندي والسلام عليك ورحمة الله
فبعث إليه بعير عظيمة فكان أولها بالمدينة وآخرها بمصر يتبع بعضها بعضا فلما قدمت على عمر وسع بها على الناس ودفع إلى أهل كل بيت بالمدينة وما حولها بعيرا بما عليه من الطعام وبعث عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص يقسمونها على الناس فدفعوا إلى كل بيت بعيرا بما عليه من الطعام أن يأكلوا الطعام وينحروا البعير فيأكلوا لحمه ويأتدموا شحمه ويحتذوا جلده وينتفعوا بالوعاء الذي كان فيه الطعام لما أرادوا من لحاف أو غيره فوسع الله بذلك على الناس فلما رأى ذلك عمر حمد الله وكتب إلى عمرو بن العاص يقدم عليه هو
وجماعة من أهل مصر معه فقدموا عليه فقال عمر يا عمرو إن الله قد فتح على المسلمين مصر وهي كثيرة الخير والطعام وقد ألقي في روعي لما أحببت من الرفق بأهل الحرمين والتوسعة عليهم حين فتح الله عليهم مصر وجعلها قوة لهم ولجميع المسلمين أن أحفر خليجا من نيلها حتى يسيل في البحر فهو أسهل لما نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكة فإن حمله على الظهر يبعد ولا نبلغ منه ما نريد فانطلق أنت وأصحابك فتشاوروا في ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم
(1/178)
فانطلق عمرو فأخبر بذلك من كان معه من أهل مصر فثقل ذلك عليهم وقالوا نتخوف أن يدخل في هذا ضرر على مصر فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له أن هذا أمر لا يعتدل ولا يكون ولا نجد إليه سبيلا فرجع عمرو بذلك إلى عمر فضحك عمر حين رآه وقال والذي نفسي بيده لكأني أنظر إليك يا عمرو وإلى أصحابك حين أخبرتهم بما أمرنا به من حفر الخليج فثقل ذلك عليهم وقالوا يدخل في هذا الضرر على أهل مصر فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له أن هذا الأمر لا يعتدل ولا يكون ولا نجد إليه سبيلا فعجب عمرو من قول عمر وقال صدقت والله يا أمير المؤمنين لقد كان الأمر على ما ذكرت فقال له عمر انطلق يا عمرو بعزيمة مني حتى تجد في ذلك ولا يأتي عليك الحول حتى تفرغ منه إن شاء الله
فانصرف عمرو وجمع لذلك من الفعلة ما بلغ منه ما أراد ثم احتفر الخليج الذي في حاشية الفسطاط الذي يقال له خليج أمير المؤمنين فساقه من النيل إلى القلزم فلم يأت الحول حتى جرت فيه السفن فحمل فيه ما أراد من الطعام إلى المدينة ومكة فنفع الله بذلك أهل الحرمين وسمي خليج أمير المؤمنين ثم لم يزل يحمل فيه الطعام حتى حمل فيه بعد عمر بن عبد العزيز ثم ضيعته الولاة بعد ذلك فترك وغلب عليه الرمل فانقطع فصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية طحا القلزم
قال ويقال أن عمر بن الخطاب قال لعمرو بن العاص وقدم عليه كما حدثنا أخي عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن قال حسبته عن عروة يا عمرو إن العرب قد تشاءمت بي وكادت أن تهلك على رجلي وقد عرفت الذي أصابها وليس جند من الأجناد أرجى عندي أن يغيث الله بهم أهل الحجاز من جندك فإن استطعت أن تحتال لهم حيلة حتى يغيثهم الله فقال عمرو ما شئت يا أمير المؤمنين قد عرفت أنه كانت تأتينا سفن فيها
(1/179)
تجار من أهل مصر قبل الإسلام فلما فتحنا مصر انقطع ذلك الخليج واستد وتركته التجار فإن شئت أن نحفره فننشيء فيه سفنا يحمل فيه الطعام إلى الحجاز فعلته فقال له عمر نعم فافعل
فلما خرج عمرو من عند عمر بن الخطاب ذكر ذلك لرؤساء أهل أرضه من قبط مصر فقالوا له ماذا جئت به أصلح الله الأمير تنطلق فتخرج طعام أرضك وخصبها إلى الحجاز وتخرب هذه فإن استطعت فاستثقل ذلك فلما ودع عمر بن الخطاب قال له يا عمرو أنظر إلى ذلك الخليج فلا تنسين حفره فقال له يا أمير المؤمنين إنه قد انسد وتدخل فيه نفقات عظام فقال له عمر أما والذي نفسي بيده إني لأظنك حين خرجت من عندي حدثت بذلك أهل أرضك فعظموه عليك وكرهوا ذلك أعزم عليك إلا ما حفرته وجعلت فيه سفنا فقال عمرو يا أمير المؤمنين إنه متى ما يجد أهل الحجاز طعام مصر وخصبها مع صحة الحجاز لا يخفوا إلى الجهاد قال فإني سأجعل من ذلك أمرا لا يحمل في هذا البحر إلا رزق أهل المدينة وأهل مكة فحفره عمرو وعالجه وجعل فيه السفن
قال ويقال أن عمر بن الخطاب كما ذكر عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه كتب إلى عمرو بن العاص
إلى العاص بن العاص فإنك لعمري لا تبالي إذا سمنت أنت ومن معك أن أعجف أنا ومن قبلي فيا غوثاه ثم يا غوثاه فكتب إليه
عمرو بن العاص أما بعد فيا لبيك ثم يا لبيك أتتك عير أولها عندك وآخرها عندي مع أني أرجو أن أجد السبيل إلى أن أحمل إليك في البحر
ثم إن عمرا ندم على كتابه في الحمل إلى المدينة في البحر وقال إن أمكنت عمر من هذا خرب مصر ونقلها إلى المدينة فكتب إليه إني نظرت في أمر البحر فإذا هو عسر لا يلتأم ولا يستطاع فكتب إليه عمر
(1/180)
إلى العاص بن العاص فقد بلغني كتابك تعتل في الذي كنت كتبت إلي به من أمر البحر وإيم الله لتفعلن أو لأقلعنك بأذنك أو لأبعثن من يفعل ذلك فعرف عمرو أنه الجد من عمر بن الخطاب ففعل فبعث إليه عمر أن لا تدع بمصر شيئا من طعامها وكسوتها وبصلها وعدسها وخلها إلا بعثت إلينا منه
قال ويقال أنما دل عمرو بن العاص على الخليج رجل من قبط مصر حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن رجلا أتى إلى عمرو بن العاص من قبط مصر فقال أرأيت إن دللتك على مكان تجري فيه السفن حتى تنتهي إلى مكة والمدينة أتضع عني الجزية وعن أهل بيتي قال نعم فكتب إلى عمر فكتب إليه أن افعل فلما قدمت السفن الجار خرج عمر حاجا أو معتمرا فقال
للناس سيروا بنا ننظر إلى السفن التي سيرها الله إلينا من أرض فرعون حتى أتتنا فقال رجل من بني ضمرة فأفردني السير معه في سبعة نفر فآوانا الليل إلى خيمة أعراب فإذا ببرمة تغطى على النار فقال عمر هل من طعام فقالوا لا إلا لحم ظبي أصبناه بالأمس فقربوه فأكل منه وهو محرم
حدثنا أسد بن موسى حدثنا وكيع بن الجراح عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عمرو بن سعد الجاري أن عمر أتى الجار ثم دعا بمناديل ثم قال اغتسلوا من ماء البحر فإنه مبارك
(1/181)
قال غير أسد فلما قدمت السفن الجار وفيها الطعام صك عمر للناس بذلك الطعام صكوكا فتبايع التجار الصكوك بينهم قبل أن يقبضوها قال فحدثني أبي عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال لقي عمر بن الخطاب العلاء بن الأسود فقال كم ربح حكيم بن حزام فقال ابتاع من صكوك الجار بمائة ألف درهم وربح عليها مائة ألف فلقيه عمر بن الخطاب فقال يا حكيم كم ربحت فأخبره بمثل خبر العلاء فقال عمر فبعته قبل أن تقبضه قال نعم قال عمر فإن هذا بيع لا يصلح فاردده فقال حكيم ما علمت أن هذا لا يصلح وما أقدر على رده فقال عمر ما بد فقال حكيم والله ما أقدر على ذلك وقد تفرق وذهب ولكن رأس مالي وربحي صدقة
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا مالك بن أنس عن نافع ان حكيم بن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر للناس فباع حكيم الطعام قبل
أن يستوفيه فسمع بذلك عمر فرده عليه قال لا تبع طعاما ابتعته حتى تستوفيه قال مالك وبلغني أن صكوكا خرجت للناس في زمان مروان بن الحكم من طعام الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إلى مروان فقالا له أتحل بيع الربا يا مروان فقال أعوذ بالله وما ذاك قالا هذه الصكوك يتبايعها الناس ثم يبيعونها قبل أن يستوفوها فبعث مروان الحرس يتبعونها ينتزعونها من أيدي الناس ويردونها إلى أهلها
وحدثنا أسد بن موسى حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي فراس أن عمر بن الخطاب خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
(1/182)
إيها الناس إنه قد أتى علي زمان وأنا أحسب أن من قرأ القرآن إنما يريد به الله وما عنده وقد خيل إلي بآخرة أنه قد قرأه أقوام يريدون به الدنيا ويردون به الناس ألا فأريدوا الله بأعمالكم وأريدوه بقراءتكم ألا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحي وإذ رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بين أظهرنا وإذ ينبئنا الله من أخباركم فقد انقطع الوحي وذهب النبي {صلى الله عليه وسلم} فإنما نعرفكم بما نقول لكم الآن من رأينا منه خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه ومن رأينا منه شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه سرائركم فيما بينكم وبين ربكم ألا إني إنما أبعث عمالي ليعلموكم دينكم ويعلموكم سننكم ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم ولا يأخذوا أموالكم إلا فمن أتى إليه شيء من ذلك فليرفعه إلي فوالذي نفس عمر بيده لأقصنه
منه فقام عمرو بن العاص فقال أرأيت يا أمير المؤمنين إن عتب عامل من عمالك على بعض رعيته فأدب رجلا من رعيته إنك لمقصه منه قال نعم والذي نفس عمر بيده لأقصنه منه ألا أقصه وقد رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقص من نفسه إلا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ولا تحمروا بهم فتفتنوهم ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم
فأتى رجل من أهل مصر كما حدثنا عن أبي عبدة عن ثابت البناني وحميد عن أنس إلى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال عذت معاذا قال سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربني بالسوط ويقول أنا ابن الأكرمين فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ويقدم بابنه معه فقدم فقال عمر أين المصري خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر اضرب ابن الأليمين قال أنس فضرب فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ثم قال عمر للمصري ضع على ضلعة عمرو فقال يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد اشتفيت منه فقال عمر لعمرو مذكم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا قال يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني
قدوم ضبيع العراقي مصر
(1/183)
حدثني عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر أن ضبيعا العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتى قدم مصر فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه قال أين الرجل قال في الرحل فقال عمر ابصر أن يكون ذهب فتصيبك مني العقوبة الموجعة فأتاه به فقال له عمر عم تسأل فحدثه فأرسل عمر إلى رطائب الجريد فضربه بها حتى ترك ظهره دبره ثم تركه حتى برأ ثم عاد له ثم تركه حتى برأ ثم عاد به ليعود له فقال صبيغ يا أمير المؤمنين إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برأت فإذن له إلى أرضه وكتب له إلى أبي موسى الأشعري إلا يجالسه أحد من المسلمين فاشتد ذلك على الرجل فكتب أبو موسى إلى عمر إنه قد حسنت هيئته فكتب عمر أن ائذن للناس في مجالسته
حدثنا أسد بن موسى حدثنا محمد بن خازم عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عن رجل أسلم ثم كفر ثم أسلم ثم كفر حتى
فعل ذلك مرارا أيقبل منه الإسلام فكتب إليه عمر أن اقبل منه اعرض عليه الإسلام فإن قبل فاتركه وإلا فاضرب عنقه حدثنا أسد بن موسى حدثنا محمد بن خازم عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عن عبد وجد جرة من ذهب مدفونة فكتب إليه عمر أن ارضخ له منها بشيء فإنه أحرى أن يؤدوا ما وجدوا
ذكر فتح الفيوم
(1/184)
حدثنا سعيد بن عفير وغيره قالوا فلما تم الفتح للمسلمين بعث عمرو جرائد الخيل إلى القرى التي حولها فأقامت الفيوم سنة لم يعلم المسلمون بمكانها حتى أتاهم رجل فذكرها لهم فأرسل عمرو معه ربيعة بن حبيش بن عرفطة الصدفي فلما سلكوا في المجابة لم يروا شيئا فهموا بالانصراف فقالوا لا تعجلوا سيروا فإن كان كذب فما أقدركم على ما أردتم فلم يسيروا إلا قليلا حتى طلع لهم سواد الفيوم فهجموا عليها فلم يكن عندهم قتال وألقوا بأيديهم قال
ويقال بل خرج مالك بن ناعمة الصدفي وهو صاحب الأشقر على فرسه ينفض المجابة ولا علم له ما خلفها من الفيوم فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو فأخبره ذلك
قال ويقال بل بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد فسار حتى أتى القيس فنزل بها وبه سميت القيس فراث على عمرو خبره فقال ربيعة بن حبيش كفيت فركب فرسه فأجاز عليه البحر وكانت أنثى فأتاه بالخبر ويقال أنه أجاز من ناحية الشرقية حتى انتهى إلى الفيوم وكان يقال لفرسه الأعمى والله أعلم
قال وبعث عمرو بن العاص نافع بن عبد القيس الفهري وكان نافع أخا العاص بن وائل لأمه فدخلت خيولهم أرض النوبة صوائف كصوائف الروم فلم يزل الأمر على ذلك حتى عزل عمرو بن العاص عن مصر وأمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح فصالحهم وسأذكر ذلك في موضعه إن شاء الله
ذكر فتح برقة
قال وكان البربر بفلسطين وكان ملكهم جالوت فلما قتله داود عليه
السلام خرج البربر متوجهين الى المغرب حتى انتهوا الى لوبية ومراقية وهما كورتان من كور مصر الغربية مما يشرب من السماء ولا ينالهما النيل فتفرقوا هنالك فتقدمت زناتة ومغيلة الى المغرب وسكنوا الجبال وتقدمت لواتة فسكنت ارض انطابلس وهي برقة وتفرقت في هذا المغرب وانتشروا فيه حتى بلغواالسوس ونزلت هوارة مدينة لبدة ونزلت نفوسة الى مدينة سبرت وجلا من كان بها من الروم من اجل ذلك واقام الافارق وكانوا خدما للروم على صلح يؤدونه الى من غلب على بلادهم
(1/185)
فسار عمرو بن العاص في الخيل حتى قدم برقة فصالح أهلها على ثلاثة عشرألف دينار يؤدونها إليه جزية على أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال كتب عمرو بن العاص على لواتة من البربر في شرطه عليهم أن عليكم أن تبيعوا أبناءكم وبناتكم فيما عليكم من الجزية
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة أن أنطابلس فتحت بعهد من عمرو بن العاص حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عبدالله الحضرمي أن ابن دياس حين ولي أنطابلس أتاه بكتاب عهدهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عبد الله الحضرمي عن أبي قنان أيوب بن أبي العالية الحضرمي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص على المنبر يقول لأهل أنطابلس عهد يوفى لهم به
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابي خراج إنما كانوا يبعثون بالجزية إذا جاء وقتها ووجه عمرو بن العاص عقبة بن نافع حتى بلغ زويلة وصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين
ذكر فتح أطرابلس
قال ثم سار عمرو بن العاص حتى نزل أطرابلس في سنة اثنتين وعشرين حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال غزا عمرو بن العاص طرابلس في سنة وثلاث وعشرين ثم رجع إلى حديث عثمان فنزل على القبة التي على الشرف من شرقيها فحاصرها شهرا لا يقدر منهم على شيء فخرج رجل من بني مدلج ذات يوم من عسكر عمرو متصيدا في سبعة نفر فمضوا غربي المدينة حتى أمعنوا عن العسكر ثم رجعوا فأصابهم الحر فأخذوا على ضفة البحر وكان البحر لاصقا بسور المدينة ولم يكن فيما بين المدينة والبحر سور وكانت سفن الروم شارعة في مرساها إلى بيوتهم فنظر المدلجي وأصحابه فإذا البحر قد غاض من ناحية المدينة ووجدوا مسلكا إليها من الموضع الذي غاض منه البحر فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة وكبروا فلم يكن للروم مفزع إلا
(1/186)
سفنهم وأبصر عمرو وأصحابه السلة في جوف المدينة فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم فلم تفلت الروم إلا بما خف لهم من مراكبهم وغنم عمرو ما كان في المدينة
وكان من بسبرت متحصنين واسمها نبارة وسبرت السوق القديم وإنما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة إحدى وثلاثين فلما بلغهم محاصرة عمرو مدينة أطرابلس وأنه لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا فلما ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس جرد خيلا كثيفة من ليلته وأمرهم بسرعة السير فصبحت خيله مدينة سبرت وقد غفلوا وقد فتحوا أبوابهم لتسرح ما شيتهم فدخلوها فلم ينج منهم أحد واحتوى جند عمرو على ما فيها ورجعوا إلى عمرو
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول غزونا مع عمرو بن العاص غزوة أطرابلس فجمعنا المجلس ومعنا فيه هبيب بن مغفل فذكرنا قضاء دين رمضان فقال هبيب مغفل لا يفرق وقال عمرو بن العاص لا بأس أن يفرق إذا أحصيت العدد
ذكر استئذان عمرو بن العاص عمر بن الخطاب في غزوة أفريقية
وأراد عمرو أن يوجه إلى المغرب فكتب إلى عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني
إن الله قد فتح علينا أطرابلس وليس بينها وبين أفريقية إلا تسعة أيام فإن رأى أمير المؤمنين أن يغزوها ويفتحها الله على يديه فعل فكتب إليه عمر لا إنها ليست بأفريقية ولكنها المفرقة غادرة مغدور بها لا يغزوها أحد ما بقيت
(1/187)
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن مرة بن ليشرح المعافري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول أفريقية المفرقة ثلاث مرات لا أوجه إليها أحدا ما مقلت عيني الماء حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن مسعود بن الأسود صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وكان بايع تحت الشجرة أنه استأذن عمر بن الخطاب في غزو أفريقية فقال عمر لا إن أفريقية غادرة مغدور بها
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فأتى عمرو بن العاص كتاب المقوقس يذكر له فيه أن الروم يريدون نكث العهد ونقض ما كان بينهم وبينه وكان عمرو قد عاهد المقوقس على أن لا يكتمه أمرا يحدث فانصرف عمرو راجعا مبادرا لما أتاه وقد كان عمرو يبعث الجريدة من الخيل فيصيبون الغنائم ثم يرجعون
ذكر عزل عمرو عن مصر
قال فتوفي عمر رحمة الله عليه ومصرعلى أميرين عمرو بن العاص بأسفل الأرض وعبدالله بن سعد بن أبي سرح على الصعيد قال وكانت وفاة عمر كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد مصدر الحاج سنة ثلاث وعشرين حدثنا سعيد بن عفير قال إنما كان عمر بن الخطاب ولى عبد الله بن سعد من الصعيد الفيوم فلما استخلف عثمان بن عفان كما حدثنا عبد الله بن صالح أو غيره عن الليث طمع عمرو بن العاص لما رأى من لين عثمان أن يعزل له عبد الله بن سعد عن الصعيد فوفد إليه وكلمه في ذلك فقال له عثمان ولاه عمر بن الخطاب الصعيد وليس بينه وبينه حرمة ولا خاصة وقد علمت أنه أخي من الرضاعة فكيف أعزله عما ولاه غيري وقال له فيما حدثنا سعيد بن عفير إنك لفي غفلة عما كانت تصنع بي أمه إن كانت لتخبأ لي العرق من اللحم في ردنها حتى آتي قال ثم رجع إلى حديث الليث بن سعد قال فغضب عمرو وقال لست راجعا إلا على ذلك فكتب عثمان بن عفان إلى عبد الله بن سعد يؤمره على
(1/188)
مصر كلها فجاءه الكتاب بالفيوم قال ابن عفير بقرية منها تدعى دموشة قال الليث في حديثه فجعل لأهل أطواب جعلا على أن يصبحوا به الفسطاط في مركبه وكان الذي جعل لهم كما يزعم آل عبد الله بن سعد خمسة دنانير قال الليث فقدموا به الفسطاط قبل الصبح فأرسل إلى المؤذن فأقام الصلاة حين طلع الفجر وعبد الله بن عمرو ينتظر المؤذن يدعوه إلى الصلاة لأنه خليفة أبيه فاستنكر الإقامة فقيل له صلى عبد الله بن سعد بالناس وآل عبد الله يزعمون أن عبد الله بن سعد أقبل من غربي المسجد بين يديه شمعة وأقبل عبد الله بن عمرو من نحو داره بين يديه شمعة فالتقت الشمعتان عند القبلة قال الليث في حديثه فأقبل عبد الله بن عمرو حتى وقف على عبد الله بن سعد فقال هذا بغيك ودسك فقال عبد الله بن سعد ما فعلت وقد كنت أنت وأبوك تحسداني على الصعيد فتعال حتى أوليك الصعيد وأولي أباك أسفل الأرض ولا أحسدكما عليه فلبث عبد الله بن سعد عليها أميرا محمودا وغزا فيها ثلاث غزوات كلهن لها شأن وذكر أفريقية والأوساد ويوم ذي الصواري وسأذكر ذلك في موضعه أن شاء الله قال وكان عزل عمرو بن
العاص عن مصر كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد وتولية عبدالله بن سعد في سنة خمس وعشرين
ذكر انتقاض الاسكندرية
قال وقد كانت الاسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب انتقضت وجاءت الروم عليهم منويل الخصي في المراكب حتى أرسوا لاسكندرية فأجابهم من بها من الروم ولم يكن المقوقس تحرك ولا نكث
(1/189)
وقد كان عثمان بن عفان عزل عمرو بن العاص وولى عبد الله بن سعد فلما نزلت الروم الاسكندرية سأل أهل مصر عثمان أن يقر عمرا حتى يفرغ من قتال الروم فإن له معرفة بالحرب وهيبة في قلب العدو ففعل وكان على الاسكندرية سورها فحلف عمرو بن العاص لئن أظهره الله عليهم ليهدمن سورها حتى تكون مثل بيت الزانية تؤتى من كل مكان فخرج إليهم عمرو في البر والبحر قال غير الليث وضوى إلى المقوقس من أطاعه من القبط فأما الروم فلم يطعه منهم أحد فقال خارجة بن حذافة لعمرو ناهضهم القتال قبل أن يكثر مددهم ولا آمن أن تنتقض مصر كلها فقال عمرو لا ولكن أدعهم حتى يسيروا إلي
فإنهم يصيبون من مروا به فيخزي الله بعضهم ببعض
(1/190)
فخرجوا من الاسكندرية ومعهم من نقض من أهل القرى فجعلوا ينزلون القرية فيشربون خمورها ويأكلون أطعمتها وينتهبون ما مروا به فلم يعرض لهم عمرو حتى بلغوا نقيوس فلقوهم في البر والبحر فبدأت الروم والقبط فرموا بالنشاب في الماء رميا شديداحتى أصابت النشاب يومئذ فرس عمرو في لبته وهو في البر فعقر فنزل عنه عمرو ثم خرجوا من البحر فاجتمعوا هم والذين في البر فنضحوا المسلمين بالنشاب فاستأخر المسلمون عنهم شيئا يسيرا وحملوا على المسلمين حملة ولى المسلمون منها وانهزم شريك بن سمي في خيله وكانت الروم قد جعلت صفوفا خلف صفوف وبرز يومئذ بطريق ممن جاء من أرض الروم على فرس له عليه سلاح مذهب فدعا إلى البراز فبرز إليه رجل من زبيد يقال له حومل يكنى أبا مذحج فاقتتلا طويلا برمحين يتطاردان ثم ألقى البطريق الرمح وأخذ السيف وألقى حومل رمحه وأخذ سيفه وكان يعرف بالنجدة وجعل عمرو يصيح أبا مذحج فيجيبه لبيك والناس على شاطيءالنيل في البر على تعبئتهم وصفوفهم فتجاولا ساعة بالسيفين ثم حمل عليه البطريق فاحتمله وكان نحيفا ويخترط حومل خنجرا كان في منطقته أوفي ذراعه فضرب به نحر العلج أوتر قوته فأثبته ووقع عليه فأخذ سلبه ثم مات حومل بعد ذلك بأيام رحمة الله عليه فرئي عمرو يحمل سريره بين عمودي نعشه حتى
دفنه بالمقطم ثم شد المسلمون عليهم فكانت هزيمتهم فطلبهم المسلمون حتى الحقوهم بالأسكندرية ففتح الله عليهم وقتل منويل الخصي
حدثنا الهيثم بن زياد أن عمرو بن العاص قتلهم حتى أمعن في مدينتهم فكلم في ذلك فأمر برفع السيف عنهم وبني في ذلك الموضع الذي رفع فيه السيف مسجدا وهو المسجد الذي بالإسكندرية الذي يقال له مسجد الرحمة وإنما سمي مسجد الرحمة لرفع عمرو السيف هنالك وهدم سورها كله
(1/191)
وجمع عمرو ما أصاب منهم فجاءه أهل تلك القرى ممن لم يكن نقض فقالوا قد كنا على صلحنا وقد مر علينا هؤلاء اللصوص فأخذوا متاعنا ودوابنا وهو قائم في يديك فرد عليهم عمرو ما كان لهم من متاع عرفوه وأقاموا عليه البينة وقال بعضهم لعمرو ما حل لك ما صنعت بنا كان لنا أن تقاتل عنا لأنا في ذمتك ولم ننقض فأما من نقض فأبعده الله فندم عمرو وقال ياليتني كنت لقيتهم حين خرجوا من الاسكندرية
وكان سبب نقض الاسكندرية هذا كما حدثنا عن حيوة بن شريح عن الحسن بن ثوبان عن هشام بن أبي رقية أن صاحب إخنا قدم على عمرو بن العاص فقال أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فيصبر لها فقال عمرو وهو يشير إلى ركن كنيسة لو أعطيتني من الركن إلى السقف ما أخبرتك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم وإن خفف عنا
خففنا عنكم فغضب صاحب إخنا فخرج إلى الروم فقدم بهم فهزمهم الله وأسر النبطي فأتي به عمرو فقال له الناس اقتله فقال لا بل انطلق فجئنا بجيش آخر
حدثنا سعيد بن سابق قال كان اسمه طلما وإن عمرا لما أتي به سوره وتوجه وكساه برنس أرجوان وقال له إيتنا بمثل هؤلاء فرضي بأداء الجزية فقيل لطلما لو أتيت ملك الروم فقال لو اتيته لقتلني وقال قتلت أصحابي
ذكر خراب خربة وردان
قال وكان عمرو حين توجه إلى الاسكندرية خرب القرية التي تعرف اليوم بخربة وردان قال عبد الرحمن واختلف علينا في السبب الذي خربت له فحدثنا سعيد بن عفير أن عمرا لما توجه الى نقيوس لقتال الروم عدل وردان لقضاء حاجته عند الصبح قريبا من خربة وردان فاختطفه أهل الخربة فغيبوه ففقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره فوجدوه في بعض دورهم فأمر بإخرابها وإخراجهم منها
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال كان أهل الخربة رهبانا كلهم فغدروا بقوم من ساقة عمرو فقتلوهم بعد أن بلغ عمرو الكريون فأقام
(1/192)
عمرو ووجه إليهم وردان فقتلهم وخربها فهي خراب إلى اليوم حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال كان أهل الخربة أهل توثب وخبث فأرسل عمرو بن العاص إلى أرضهم فأخذ له منها جراب فيه تراب من ترابها ثم دعاهم فكلمهم فلم يجيبوه إلى شيء فأمر بإخراجهم ثم أمر بالتراب ففرش تحت مصلاه ثم قعد عليه ثم دعاهم فكلمهم فأجابوه إلى ما أحب ثم أمر بالتراب فرفع ثم دعاهم فلم يجيبوه إلى شيء حتى فعل ذلك مرارا فلما رأى عمرو ذلك قال هذه بلدة لا تصلح إلا ن توطأ فأمر بإخرابها والله أعلم
ذكر بعض ما قيل في فتح الاسكندرية الثاني
ثم رجع إلى حديث ابن ليهعة عن يزيد بن أبي حبيب قال فلما هزم الله الروم أراد عثمان عمرا أن يكون على الحرب وعبد الله بن سعد على الخراج فقال عمرو أنا إذا كماسك البقرة بقرنيها وآخر يحلبها فأبى عمرو
حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا حرملة بن عمران عن تميم بن فرع المهري قال شهدت فتح الإسكندرية في المرة الثانية فلم يسهم لي حتى كاد أن يقع بين قومي وبين قريش منازعة فقال بعض القوم أرسلوا إلى أبي بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني فإنهما من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فسلوهما عن هذا فأرسلوا إليهما فسألوهما فقالا انظروا فإن كان أنبت فأسهموا له فنظروا إلي بعض القوم فوجدوني قد أنبت فأسهموا لي
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن موسى بن علي
عن أبيه عن عمرو بن العاص أنه فتح الإسكندرية الفتحة الأخيرة عنوة قسرا في خلافة عثمان بن عفان بعد موت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال كان فتح الإسكندرية الأول سنة إحدى وعشرين وفتحها الآخر سنة خمس وعشرين بينهما أربع سنين
(1/193)
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال كان فتح الإسكندرية الأول سنة اثنتين وعشرين وكان فتحها الآخر سنة خمس وعشرين قال غير ابن لهيعة وأقام عمرو بن العاص بعد فتح الإسكندرية شهرا ثم عزله عثمان وولى عبد الله بن سعد
قال غير ابن لهيعة في حديثه عن يزيد بن أبي حبيب وأقامت الخيس من البيما يقاتلون الناس سبع سنين بعدما فتحت مصر مما يفتحون عليهم من تلك المياه والغياض
ذكر قدوم عمرو على عمر بن الخطاب
حدثنا عثمان بن صالح عن الليث بن سعد قال عاش عمر بن الخطاب بعد فتح مصر ثلاث سنين قدم عليه عمرو فيها قدمتين قال ابن عفير استخلف في إحداهما زكرياء بن الجهم العبدري على الجند ومجاهد بن جبر مولى بني نوفل بن عبد مناف على الخراج وهو جد معاذ بن موسى النفاط أبي إسحاق بن معاذ الشاعر فسأله عمر من استخلفت فذكر له مجاهد بن جبر فقال له عمر مولى ابنت غزوان قال نعم إنه
كاتب فقال عمر إن القلم ليرفع بصاحبه وبنت غزوان هذه أخت عتبة بن غزوان وقد شهد عتبة بدرا
حدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبدالله عن محمد بن إسحاق قال عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان حليف بني نوفل بن عبد مناف قال وخطة مجاهد بن جبر دار صالح صاحب السوق
(1/194)
قال ثم رجع إلى حديث ابن عفير قال واستخلف في القدمة الثانية عبد الله بن عمروفحدثنا عبدالملك بن مسلمة وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص دخل على عمر بن الخطاب وهو على مائدته جاثيا على ركبتيه وأصحابه كلهم على تلك الحال وليس في الجفنة فضل لأحد يجلس فسلم عمرو على عمر فرد عليه السلام قال عمرو بن العاص قال نعم فأدخل عمر يده في الثريد فملأها ثريدا ثم ناولها عمرو بن العاص فقال خذ هذا فجلس عمرو وجعل الثريد في يده اليسرى ويأكل باليمنى ووفد أهل مصر ينظرون إليه فلما خرجوا قال الوفد لعمرو أي شيء صنعت فقال عمرو إنه والله لقد علم أني بما قدمت به من مصر لغني عن الثريد الذي ناولني ولكنه أراد أن يختبرني فلو لم أقبلها للقيت منه شرا
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبدالجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي
قبيل قال دخل عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب وقد صبغ رأسه ولحيته بسواد فقال عمر من أنت قال أنا عمرو بن العاص قال عمر عهدي بك شيخا وأنت اليوم شاب عزمت عليك إلا ما خرجت فغسلت هذا
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال قدم عمرو بن العاص من مصر مرة على عمر فوافاه على المنبر يوم الجمعة فقال هذا عمرو بن العاص قد أتاكم ما ينبغي لعمرو أن يمشي على الأرض إلا أميرا حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر أن عمر رضي الله عنه قال ما ينبغي لعمرو أن يمشي على الأرض إلا أميرا
قال الليث وقال عمرو بن العاص ما كنت بشيء أتجر مني بالحرب
ذكر وفاة عمرو بن العاص
قال ثم توفي عمرو بن العاص في سنة ثلاث وأربعين حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال توفي عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعين وفيها أمر عتبة بن أبي سفيان على أهل مصر وفيها غزا شريك بن سمي لبدة المغرب
(1/195)
قال وحدثنا أسد بن موسى وعبدالله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة دمعت عيناه فقال عبد الله بن عمرو يا أبا عبد الله أجزع من الموت يحملك على هذا قال لا ولكن مما بعد الموت فذكر له عبد الله مواطنه التي كانت مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والفتوح التي كانت بالشام فلما فرغ عبد الله من ذلك قال قد كنت على أطباق ثلاثة لو مت على بعضهن علمت ما يقول الناس بعث الله محمدا {صلى الله عليه وسلم} فكنت أكره الناس لما جاء به أتمنى لو أني قتلته فلو مت على ذلك لقال الناس مات عمرو مشركا عدوا لله ولرسوله من أهل النار ثم قذف الله الإسلام في قلبي فأتيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فبسط إلي يده ليبايعني فقبضت يدي ثم قلت أبايعك على أن يغفر لي ماتقدم من ذنبي وأنا أظن حينئذ أني لا أحدث في الإسلام ذنبا فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يا عمرو إن الإسلام يجب ما قبله من خطيئة وإن الهجرة تجب ما بينها وبين الإسلام فلو مت على هذا الطبق لقال الناس أسلم عمرو وجاهد مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نرجو لعمرو عند الله خيرا كثيرا ثم أصبت إمارات وكانت فتن فأنا مشفق من هذا الطبق فإذا أخرجتموني فأسرعوا بي ولا تتبعني مادحة ولا نار وشدوا علي إزاري فإني مخاصم وسنوا علي التراب سنا فإن يميني ليست بأحق بالتراب من يساري ولا تدخلن القبر خشبة ولا طوبة ثم إذا قبرتموني فامكثوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها أستأنس بكم
حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن
سويد بن قيس عن قيس بن سمي نحوه قال وقال عمرو فوالله إني إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله حياء منه
وصية عمرو بن العاص عند موته
(1/196)
حدثنا أسد بن موسى حدثنا عبد الرحمن بن محمد عن محمد بن طلحة عن إسماعيل أن عمرو بن العاص لما حضره الموت قال ادعوا لي عبد الله فقال يا بني إذا أنا مت فاغسلني وترا واجعل في آخر ماء تغسلني به شيئا من كافور فإذا فرغت فأسرع بي فإذا أدخلتني قبري فسن علي التراب سنا واعلم أنك تتركني وحيدا خائفا اللهم لا أعتذر ولكني أستغفر اللهم إنك أمرت بأمور فتركنا ونهيت فركبنا فلا بريء فأعتذر ولا عزيز فأنتصر ولكن لا إله إلا أنت لا إله إلا أنت ثلاث مرات ثم قبض
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة ذرفت عيناه فبكى فقال له عبد الله يا أبة ما كنت أخشى أن ينزل بك أمر من أمر الله إلا صبرت عليه قال له يا بني إنه نزل بإبيك خلال ثلاث أما أولاهن
فانقطاع عمله وأما الثالثة فهول المطلع وأما الثانية ففراق الأحبة وهي أيسرهن اللهم أمرت فتوانيت ونيهت فعصبت اللهم ومن شيمك العفو والتجاوز
حدثنا وهب الله بن راشد أخبرنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن حميد بن عبدالرحمن عن عبد الله بن عمرو أن عمرو بن العاص حين حضرته الوفاة قال أي بني إذا مت فكفني في ثلاثة أثواب ثم أزرني في احدهن ثم شقوا لي الأرض شقا وسنوا علي التراب سنا فإني مخاصم ثم قال اللهم إنك أمرت بأمور ونهيت عن أمور فتركنا كثيرا مما أمرت به ووقعنا في كثير مما نهيت عنه اللهم لا إله إلا أنت فلم يزل يرددها حتى فاظ
(1/197)
حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد حدثنا حرملة بن عمران التجيبي حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي فراس مولى عمرو بن العاص أن عمرا لما حضرته الوفاة قال لابنه عبد الله إذا مت فاغسلني وكفني وشد علي إزاري فإني مخاصم فإذا أنت حملتني فأسرع بي المشي فإذا أنت وضعتني في المصلى وذلك في يوم عيد فانظر إلى أفواه الطرق فإذا لم يبق أحد واجتمع الناس فابدأ فصل علي ثم صل العيد فإذا وضعتني في لحدي فأهيلوا علي التراب فإن شقي الأيمن ليس بأحق بالتراب من شقي الأيسر فإذا سويتم علي فاجلسوا عند قبري قدر نحر
جزور وتقطيعها أستأنس بكم فلما تقدم عبد الله بن عمرو ليصلي على أبيه كما حدثنا عبد الغفار بن داؤد وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن ربيعة بن لقيط قال والله ما أحب أن لي بأبي أبا رجل من العرب وما أحب أن الله يعلم أن عيني دمعت عليه جزعا وأن لي حمر النعم ثم كبر
حدثنا سعيد بن عفير قال ودفن بالمقطم من ناحية الفج وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز فأحب أن يدعو له من مر به وفي ذلك يقول عبد الله بن الزبير من الطويل
الم تر ان الدهر أخنت ريوبه
على عمرو السهمي تجبى له مصر
فأضحى نبيذا بالعراء وضللت
مكائده عنه وأمواله الدثر
( ولم يغن عنه جمعه واحتياله
ولا كيده حتى أتيح له الدهر
ذكر فتح أفريقية
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فلما عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر وأمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يبعث المسلمين في جرائد الخيل كما كانوا يفعلون في أيام عمرو فيصيبون من أطراف
(1/198)
أفريقية ويغنمون فكتب في ذلك عبد الله بن سعد إلى عثمان وأخبره بقربهم من حرز المسلمين ويستأذنه في غزوها فندب عثمان الناس لغزوها بعد المشورة منه في ذلك فلما اجتمع الناس أمر عليهم عثمان الحارث بن الحكم إلى أن يقدموا على عبد الله بن سعد مصر فيكون إليه الأمر فخرج عبد الله بن سعد إليها وكان مستقر سلطان أفريقية يومئذ بمدينة يقال لها قرطاجنة وكان عليها ملك يقال له جرجير كان هرقل قد استخلفه فخلع هرقل وضرب الدنانير على وجهه وكان سلطانه ما بين أطرابلس إلى طنجة
حدثنا عبد المك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال كان هرقل استخلف جرجير فخلعه قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فلقيه جرجير فقاتله فقتله الله وكان الذي ولي قتله فيما يزعمون عبدالله بن الزبير وهرب جيش جرجير فبث عبد الله بن سعد السرايا وفرقها فأصابوا غنائم كثيرة فلما رأى ذلك رؤساء أهل أفريقية طلبوا إلى عبد الله بن سعد أن يأخذ منهم مالا على أن يخرج من بلادهم فقبل منهم ذلك ورجع إلى مصر ولم يول عليهم أحدا ولم يتخذ بها قيروانا فكانت غنائم المسلمين يومئذ كما حدثنا عبدالملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن أبي أويس قال أبو الأسود مولى لنا قال غزونا مع عبد الله بن سعد أفريقية فقسم بيننا الغنائم بعد إخرج الخمس فبلغ
سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار للفرس ألفا دينار ولفارسه آلف دينار وللراجل آلف دينار فقسم لرجل من الجيش توفي بذات الحمام فدفع إلى أهله بعد موته ألف دينار
(1/199)
حدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن عبد الرحمن بن أبيه هلال عن أبي الأسود أن أبا أوس مولى لهم قديما حدثه أن رجلا خرج في غزوة أفريقية فمات بذات الحمام فقسم له فكان سهمه يومئذ ألف دينار حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد عن غير واحد أن عبد الله بن سعد غزا أفريقية وقتل جرجير فأصاب الفارس يومئذ ثلاثة آلاف دينار والراجل ألف دينار قال غير الليث من مشايخ أهل مصر في كل دينار دينار وربع
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فكان جيش عبد الله بن سعد ذلك عشرين ألفا حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة قال كانت مهرة في غزوة عبد الله بن سعد وحدهم ستمائة رجل وغنث من الأزد سبعمائة رجل وميدعان سبعمائة وميدعان من الأزد وكان على مقاسمها كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أزهر بن يزيد الغطيفي شريك بن سمي فباع ابن زرارة المديني تبرا بذهب بعضه أفضل من بعض ثم لقيه المقداد بن الأسود فذكر ذلك له فقال المقداد إن هذا لا يصلح فقال له ابن زرارة فضلها لك هبة قال شريك ما أحب أن لي ما تحوز وإني أرجع به
وكانت إبنة جرجير كما حدثنا إبي عبد الله بن عبد الحكم
وسعيد بن عفير قد صارت لرجل من الأنصار في سهمه فأقبل بها منصرفا قد حملها على بعير له فجعل يرتجز
يابنة جرجير تمشي عقبتك
إن عليك بالحجاز ربتك
لتحملن من قباء قربتك
قالت ما يقول هذا الكلب فأخبرت بذلك فألقت نفسها عن البعير الذي كانت عليه فدقت عنقها فماتت
(1/200)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة أن عبد الله بن سعد هو الذي افتتح أفريقية ونقل هو الذي افترع أفريقية أنه كان يوضع بين يديه الكوم من الورق فيقال للأفارقة من أين لكم هذا قال فجعل إنسان منهم يدور كالذي يلتمس الشيء حتى وجد زيتونة فجاء بها إليه فقال من هذا نصيب الورق قال وكيف قال إن الروم ليس عندهم زيتون فكانوا يأتونا فيشترون منا الزيت فنأخذ هذا الورق منهم وإنما سموا الأفارقة فيما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة وغيره أنهم من ولد فارق بن بيصر وكان فارق قد حاز لنفسه من الأرض ما بين برقة إلى أفريقية فبالأفارقة سميت أفريقية
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن أبي حبيب عن قيس بن أبي يزيد عن الجلاس بن عامر عن عبد الله بن أبي ربيعة قال صلى عبدالله بن سعد للناس بأفريقية
المغرب فلما صلى ركعتين سمع جلبة في المسجد فراعهم ذلك وظنوا أنهم العدو فقطع الصلاة فلما لم ير شيئا خطب الناس ثم قال إن هذه الصلاة احتضرت ثم أمر مؤذنه فأقام الصلاة ثم أعادها
قال وبعث عبد الله بن سعد كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة بالفتح عقبة بن نافع ويقال عبد الله بن الزبير وذلك أصح وسار زعموا عبد الله بن الزبير على راحلته إلى المدينة من أفريقية عشرين ليلة
(1/201)
حدثنا سعيد بن عفير حدثني المنذر بن عبدالله الحزامي عن هشام بن عروة أن عبدالله بن سعد بعث عبد الله بن الزبير بفتح أفريقية فدخل على عثمان فجعل يخبره بلقائهم العدو وما كان في تلك الغزوة فأعجب عثمان فقال له هل تستطيع أن تخبر الناس بمثل هذا قال نعم فأخذ بيده حتى انتهى به إلى المنبر ثم قال له اقصص عليهم ما أخبرتني فتلكأ عبد الله بدئا فأخذ الزبير قبضة حصباء وهم أن يحصبه بها ثم تكلم كلاما أعجبهم فكان الزبير يقول إذا أراد أحدكم أن يتزوج المرأة فلينظر إلى أبيها وأخيها فلن يلبث أن يرى ربيطة منها ببابه لما كان يرى من شبه عبد الله بن الزبير بأبي بكر
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال بعث عبدالله بن سعد عبد الله بن الزبير وكان في الجيش بالفتح فقدم على عثمان بن عفان فبدأ به قبل أن يأتي أباه الزبير بن العوام فخرج عثمان
إلى المسجد ومعه ابن الزبير فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر الذي أبلى الله المسلمين على يدي عبد الله بن سعد ثم قال قم يا عبد الله بن الزبير فحدث الناس بالذي شهدت قال الزبير فوجدت في نفسي على عثمان وقلت يقيم غلاما من الغلمان لا يبلغ الذي يحق عليه والذي يجمل به فقام فتكلم فأبلغ وأصاب فما فرغ حتى ملأهم عجبا ثم نزل عثمان وقام عبد الله بن الزبير إلى أبيه فأخذ أبوه بيده وقال إذا أردت أن تتزوج امرأة فانظر إلى أبيها وأخيها قبل أن تتزوجها كأنه يشبهه ببلاغة أبي بكر الصديق جده قال وحدثنيه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وقد قيل أن عبد الله بن سعد قد كان وجه مروان بن الحكم إلى عثمان من أفريقية فلا أدري أفي الفتح أم بعده والله أعلم
(1/202)
حدثنا عبدالله بن معشر الأيلي أن مروان بن الحكم أقبل من أفريقية أرسله عبد الله بن سعد ووجه معه رجلا من العرب من لخم أو جذام شك عبد الرحمن قال فسرنا حتى إذا كنا ببعض الطريق قرب الليل فقال لي صاحبي هل لك إلى صديق لي ها هنا قلت ما شئت قال فعدل بي عن الطريق حتى أتى إلى دير وإذا سلسلة معلقة فأخذ السلسلة فحركها وكان أعلم مني فأشرف علينا رجل فلما رآنا فتح الباب فدخلنا فلم يتكلم حتى طرح لي فراشا ولصاحبي فراشا ثم أقبل على صاحبي يكلمه بلسانه فراطنه حتى سؤت ظنا ثم أقبل علي فقال أي شيء قرابتك من خليفتهم قلت ابن عمه قال هل أحد أقرب إليه منك قلت لا إلا أن يكون ولده قال صاحب الأرض االمقدسة أنت قلت لا قال فإن استطعت أن تكون هو فافعل ثم قال أريد
أن أخبرك بشيء وأخاف أن تضعف عنه قال قلت ألي تقول هذا وأنا أنا ثم أقبل على صاحبي فراطنه ثم أقبل علي فسايلني عن مثل ذلك وأجبته بمثل جوابي فقال إن صاحبك مقتول وإنا نجد أنه يلي هذا الأمر من بعده صاحب الأرض المقدسة فإن استطعت أن تكون ذلك فافعل فأصابتني لذلك وجمة فقال لي قد قلت لك إني أخاف ضعفك عنه فقلت وما لي لا يصيبني أو كما قال وقد نعيت إلي سيد المسلمين وأمير المؤمنين قال ثم قدمت المدينة فأقمت شهرا لا أذكر لعثمان من ذلك شيئا ثم دخلت عليه وهو في منزل له على سرير وفي يده مروحة فحدثته بذلك فلما انتهيت إلى ذكر القتل بكيت وأمسكت فقال لي عثمان تحدث لا تحدثت فحدثته فأخذ بطرف المروحة يعضها أحسبه قال عبد الرحمن واستلقى على ظهره وأخذ بطرف عقبه يعركه حتى ندمت على إخباري إياه ثم قال لي صدق وسأخبرك عن ذلك
(1/203)
لما غزا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} تبوك أعطى أصحابه سهما سهما وإعطاني سهمين فظننت أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إنما أعطاني ذلك لما كان من نفقتي في تبوك فأتيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقلت إنك أعطيتني سهمين وأعطيت أصحابي سهما سهما فظننت أن ذلك لما كان من نفقتي فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لا ولكن أحببت أن يرى الناس مكانك مني أو منزلتك مني فأدبرت فلحقني عبد الرحمن بن عوف فقال ماذا قلت لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} مازال يتبعك بصره فظننت أن قولي قد خالف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأمهلت حتى إذا
خرج إلى الصلاة أتيته فقلت يا رسول الله إن عبد الرحمن بن عوف أخبرني بكذا وكذا وأنا أتوب إلى الله أو كما قال فقال لا ولكنك مقتول أو قاتل فكن المقتول والله أعلم
قال وكان فتح إفريقية كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد سنة سبع وعشرين وفي تلك السنة كما حدثنا عبدالملك بن مسلمة عن مالك بن أنس توفيت حفصة زوج النبي {صلى الله عليه وسلم}
ذكر النوبة
قال ثم غزا عبد الله بن سعد الأساود وهم النوبة كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير سنة إحدى وثلاثين وحدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح عامل عثمان على مصر في سنة إحدى وثلاثين فقاتلته النوبة قال ابن لهيعة وحدثني الحارث بن يزيد قال اقتتلوا قتالا شديدا وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج وأبي شمر بن أبرهة وحيويل بن ناشرة فيومئذ سموا رماة الحدق فهادنهم عبد الله بن سعد إذ لم يطقهم وقال الشاعر
لم تر عيني مثل يوم دمقلة
والخيل تعدو بالدروع مثقله
قال ابن أبي حبيب في حديثه وإن عبدالله صالحهم على هدنة بينهم على أنهم لا يغزونهم ولا يغزوا النوبة المسلمين وأن النوبة يؤدون كل سنة إلى المسلمين كذا كذا رأسا من السبي وأن المسلمين يؤدون إليهم من
(1/204)
القمح كذا وكذا ومن العدس كذا وكذا في كل سنة قال ابن أبي حبيب وليس بينهم وبين أهل مصر عهد ولا ميثاق إنما هي هدنة أمان بعضنا من بعض قال ابن لهيعة ولا بأس أن يشترى رقيقهم منهم ومن غيرهم وكان ابو حبيب أبو يزيد بن أبي حبيب واسمه سويد منهم
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول أبي من سبي دمقلة مولى لرجل من بني عامر من أهل المدينة يقال له شريك بن طفيل قال وكان الذي صولح عليه النوبة كما ذكر بعض مشايخ أهل مصر على ثلاثمائة رأس وستين رأسا في كل سنة ويقال بل على أربعمائة رأس في كل سنة منها لفيء المسلمين ثلاثمائة رأس وستون رأسا ولوالي البلد أربعون رأسا قال فزعم بعض المشايخ أن منها سبعة عشر مرضعا ثم انصرف عبد الله بن سعد عنهم
عهد النوبة
ويقال فيما ذكر بعض مشايخ المتقدمين أنه نظر في بعض الدواوين بالفسطاط وقرأه قبل أن ينخرق فإذا هو يحفظ منه إنا عاهدناكم وعاقدناكم أن توفونا في كل سنة ثلاثمائة رأس وستين رأسا وتدخلون بلادنا مجتازين غير مقيمين وكذلك ندخل بلادكم على أنكم إن قتلتم من المسلمين قتيلا فقد برئت منكم الهدنة وعلى إن آويتم للمسلمين عبدا فقد برئت منكم الهدنة وعليكم رد أباق المسلمين ومن لجأ إليكم من أهل الذمة
قال وزعم غيره من المشايخ أنه لا سنة للنوبة على المسلمين وإنهم أول عام بعثوا بالبقط أهدوا لعمرو بن العاص أربعين رأسا فكره أن يقبل منهم فرد ذلك على عظيم من عظماء القبط يقال له نستقوس وهو القيم لهم فيها فباع ذلك واشترى لهم جهازا فاحتجوا بذلك أن عمرا بعث إليهم القمح والخيل وذلك أنهم زجروا عن القمح والخيل فكشفوا ذلك في الزمان الأول فأصيبوا هذه قصتهم
(1/205)
ثم رجع الحديث فتجمع له في انصرافه على شاطئ النيل البجة فسأل عنهم فأخبر بمكانهم فهان عليه أمرهم فنفذ وتركهم ولم يكن لهم عقد ولا صلح وأول من صالحهم عبيد الله بن الحبحاب يزعم بعض المشايخ أنه قرأ كتاب ابن الحبحاب فإذا فيه ثلاثمائة بكر في كل عام حتى ينزلوا الريف مجتازين تجارا غير مقيمين على أن لا يقتلوا مسلما ولا ذميا فإن قتلوه فلا عهد لهم ولا يؤوا عبيد المسلمين وأن يردوا أباقهم إذا وقعوا وقد عهدت هذا في أيامهم يؤخذون به ولكل شاة أخذها بجاوي فعليه أربعة دنانير وللبقرة عشرة وكان وكيلهم مقيما بالريف رهينة بيد المسلمين
ذكر ذي الصواري
قال ثم غزا عبدالله بن سعد بن أبي سرح كما حدثنا يحيى بن
عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد ذا الصواري في سنة أربع وثلاثين وكان من حديث هذه الغزوة كما حدثنا عبدالله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن عبدالله بن سعد لما نزل ذا الصواري أنزل نصف الناس مع بسر بن أبي أرطأة سرية في البر فلما مضوا أتى آت إلى عبد الله بن سعد فقال ما كنت فاعلا حين ينزل بك هرقل في ألف مركب فافعلة الساعة قال غير الليث إنما هو ابن هرقل لأن هرقل مات في سنة تسع عشرة والمسلمون محاصرون الاسكندرية
ثم رجع إلى حديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب قال وإنما مراكب المسلمين يومئذ مائتا مركب ونيف فقال عبد الله بن سعد بين ظهراني الناس فقال قد بلغني أن هرقل قد أقبل إليكم في ألف مركب فأشيروا علي فما كلمه رجل من المسلمين فجلس قليلا لترجع إليهم أفئدتهم ثم قام الثانية فكلمهم فما كلمه أحد فجلس ثم قام الثالثة فقال إنه لم يبق شيء فأشيروا علي فقام رجل من أهل المدينة كان متطوعا مع عبد الله بن سعد فقال
أيها الأمير إن الله جل ثناؤه يقول ) كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ( فقال عبد الله اركبوا بسم الله فركبوا وإنما في كل مركب نصف شحنته قد خرج النصف الآخر إلى البر مع
(1/206)
بسر فلقوهم فاقتتلوا بالنبل والنشاب وتأخر هرقل لئلا تصيبه الهزيمة وجعلت القوارب تختلف إليه بالأخبار فقال ما فعلوا قالوا قد اقتتلوا بالنبل والنشاب فقال غلبت الروم ثم أتوه فقال ما فعلوا قالوا قد نفذ النبل والنشاب فهم يرتمون بالحجارة قال غلبت الروم ثم أتوه فقال ما فعلوا قالوا قد نفذت الحجارة وربطوا المراكب بعضها ببعض يقتتلون بالسيوف قال غلبت الروم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال وكانت السفن إذ ذاك تقرن بالسلاسل عند القتال فقال فقرن مركب عبد الله يومئذ وهو الأمير بمركب من مراكب العدو فكاد مركب العدو يجتر مركب عبدالله إليهم فقام علقمة بن يزيد الغطيفي وكان مع عبدالله بن سعد في المركب فضرب السلسلة بسيفه فقطعها فسأل عبد الله امرأته بعد ذلك بسيسة ابنة حمزة بن ليشرح وكانت مع عبد الله يومئذ وكان الناس يغزون بنسائهم في المراكب من رأيت أشد قتالا قالت علقمة صاحب السلسلة وكان عبد الله قد خطب بسيسة إلى أبيها فقال له إن علقمة قد خطبها وله علي فيها وأي وإن يتركها أفعل فكلم عبد الله علقمة فتركها فتزوجها عبد الله بن سعد ثم هلك عنها عبدالله فتزوجها بعده علقمة بن يزيد ثم هلك عنها علقمة فتزوجها
بعده كريب بن أبرهة وماتت تحته في السنة التي قتل فيها مروان الأكدر بن حمام قال غير ابن لهيعة قتل مروان الأكدر بن حمام في اليوم الذي ماتت فيه بسيسة فجاء الخبر إلى كريب بذلك فقال حتى أفرغ من دفن هذه الجنازة فلم ينصرف حتى قتل فلام الناس يومئذ كريب بن أبرهة وللأكدر بن حمام وقتله حديث أطول من هذا
(1/207)
قال غير ابن لهيعة مشت الروم الى قسطنطين بن هرقل في سنة خمس وثلاثين فقالوا تترك الاسكندرية في أيدي العرب وهي مدينتنا الكبرى فقال ما أصنع بكم ما تقدرون أن تمالكوا ساعة إذا لقيتم العرب قالوا فاخرج على أنا نموت فتابيعوا على ذلك فخرج في ألف مركب يريد الاسكندرية فسار أيام غالبة من الريح فبعث الله عليهم ريحا فغرقتهم إلا قسطنطين نجا بمركبه فألقته الريح بسقلية فسألوه عن أمره فأخبرهم فقالوا شمت النصرانية وأفنيت رجالها لو دخل العرب علينا لم نجد من يردهم فقال خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا فصنعوا له الحمام ودخلوا عليه فقال ويلكم تذهب رجالكم وتقتلون ملككم قالوا كأنه غرق معهم ثم قتلوه وخلوا من كان معه في المركب
ذكر رابطة الإسكندرية
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وعبدالله بن هبيرة يزيد أحدهما على صاحبه قال لما استقامت البلاد
وفتح الله على المسلمين الاسكندرية قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الاسكندرية ربع الناس خاصة الربع يقيمون ستة أشهر ثم يعقبهم شاتية ستة أشهر ربع في السواحل والنصف الثاني مقيمون معه
قال غيرهما وكان عمر بن الخطاب يبعث في كل سنة غازية من أهل المدينة ترابط بالإسكندرية وكاتب الولاة لا تغفلها وتكثف رابطتها ولا تأمن الروم عليها وكتب عثمان إلى عبدالله بن سعد قد علمت كيف كان هم أمير المؤمنين بالاسكندرية وقد نقضت الروم مرتين فألزم الاسكندرية رابطتها ثم أجر عليهم أرزاقهم وأعقب بينهم في كل ستة أشهر
حدثنا طلق بن السمح حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافري حدثنا أبو قبيل أن عتبة بن أبي سفيان عقد لعلقمة بن يزيد الغطيفي على الاسكندرية وبعث معه اثني عشر ألفا فكتب علقمة إلى معاوية يشكو عتبة حين غرر به وبمن معه فكتب إليه معاوية إني قد أمددتك بعشرة آلاف من أهل الشام وبخمسة آلاف من أهل المدينة فكان فيها سبعة وعشرين ألفا
(1/208)
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة أن علقمة بن يزيد كان على الاسكندرية ومعه أثنا عشر ألفا فكتب إلى معاوية إنك خلفتني بالاسكندرية وليس معي إلا اثنا عشر ألفا ما يكاد بعضنا يرى بعضا من القلة فكتب إليه معاوية إني قد أمددتك بعبد الله بن مطيع في أربعة آلاف
من أهل المدينة وأمرت معن بن يزيد السلمي أن يكون بالرملة في أربعة آلاف ممسكين بأعنة خيولهم متى يبلغهم عنك فزع يعبروا إليك
قال ابن لهيعة وكان عمرو بن العاص يقول ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة
الجزء الخامس
ذكر من كان يخرج على غزو المغرب بعد عمرو بن العاص وفتوحه
معاوية بن حديج
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبدالحكم قال ثم خرج إلى المغرب بعد عبد الله بن سعد معاوية بن حديج التجيبي سنة أربع وثلاثين وكان معه في جيشه عامئذ عبد الملك بن مروان فافتتح قصورا وغنم غنائم عظيمة واتخذ قيروانا عند القرن فلم يزل فيه حتى خرج إلى مصر وكان معه في غزاته هذه جماعة من المهاجرين والأنصار
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة وحدثنا يوسف بن
عدي حدثنا عبد الله بن المبارك نحوه عن ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار قال غزونا أفريقية مع ابن حديج ومعنا من المهاجرين والأنصار بشر كثير فنفلنا ابن حديج النصف بعد الخمس فلم أر أحد أنكر ذلك إلا جبلة بن عمرو الأنصاري وحدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن المبارك عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران قال وسألت سليمان بن يسار عن النفل في الغزو فقال لم أر أحدا صنعه غير ابن حديج نفلنا بأفريقية النصف بعد الخمس ومعنا من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من المهاجرين الأولين ناس كثير فأبى جبلة بن عمرو الأنصاري أن يأخذ منه شيئا
(1/209)
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فانتهى إلى قونية وهي موضع مدينة قيروان أفريقية ثم مضى إلى جبل يقال له القرن يعسكر إلى جانبه وبعث عبد الملك بن مروان إلى مدينة يقال لها جلولاء في ألف رجل فحاصرها أياما فلم يصنع شيئا فانصرف راجعا فلم يسر إلا يسيرا حتى رأى في ساقة الناس غبارا شديدا فظن أن العدو قد طلبهم فكر جماعة من الناس لذلك وبقي من بقي على مصافهم وتسرع سرعان الناس فإذا مدينة جلولاء قد وقع حائطها فدخلها المسلمون وغنموا ما فيها وانصرف عبد الملك إلى معاوية بن حديج فاختلف الناس في الغنيمة فكتب في ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان فكتب إن العسكر ردء للسرية فقسم ذلك بينهم فأصاب كل رجل منهم لنفسه مائتي دينار وضرب
للفرس بسهمين ولصاحبه بسهم قال عبد الملك فأخذت لفرسي ولنفسي ستمائة دينار واشتريت بها جارية
قال ويقال بل غزاها معاوية بن حديج بنفسه فحاصرهم فلم يقدر عليهم فانصرف أئسا منها وقد جرح عامة أصحابه وقتل منهم ففتحها الله بعد انصرافه بغير خيل ولا رجال فرجع إليها ومن معه وفيها السبي لم يردهم أحد فغنموا وانصرف منها راجعا إلى مصر
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال غزا معاوية بن حديج أفريقية ثلاث غزوات أما الأولى فسنة أربع وثلاثين قبل قتل عثمان وأعطى عثمان مروان الخمس في تلك الغزوة وهي غزوة لا يعرفها كثير من الناس والثانية سنة أربعين والثالثة سنة خمسين
عقبة بن نافع
قال ثم خرج إلى المغرب بعد معاوية بن حديج عقبة بن نافع الفهري سنة ستة وأربعين ومعه بسر بن أبي أرطأة وشريك بن سمي المرادي فأقبل حتى نزل بمغمداش من سرت وكان توجه بسر إليها
(1/210)
كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد سنة ست وعشرين من سرت فأدركه الشتاء وكان مضعفا وبلغه أن أهل ودان قد نقضوا عهدهم ومنعوا ما كان بسر بن أبي أرطأة فرض عليهم وكان عمرو بن العاص قد بعث إليها بسرا قبل ذلك وهو محاصر لأهل أطرابلس فافتتحها فخلف عقبة بن نافع جيشه هنالك واستخلف عليهم عمر بن علي القرشي وزهير بن قيس البلوي ثم سار بنفسه وبمن خف معه أربع مائة فارس وأربع مائة بعير وثماني مائة قربة حتى قدم ودان فافتتحها وأخذ ملكهم فجدع أذنه فقال لم فعلت هذا بي وقد عاهدتني فقال عقبة فعلت هذا بك أدبا لك إذا مسست أذنك ذكرته فلم تحارب العرب واستخرج منهم ما كان بسر فرضه عليهم ثلاثمائة رأس وستين رأسا
ثم سألهم عقبة هل من ورائكم أحد فقيل له جرمة وهي مدينة فزان العظمى فسار إليها ثماني ليال من ودان فلما دنا منها أرسل فدعاهم إلى الإسلام فأجابوا فنزل منها على ستة أميال وخرج ملكهم يريد عقبة وأرسل عقبة خيلا فحالت بين ملكهم وبين موكبه فأمشوه راجلا حتى أتى عقبة وقد لغب وكان ناعما فجعل يبصق الدم فقال له لم فعلت هذا بي وقد أتيتك طائعا فقال عقبة أدبا لك إذا ذكرته لم تحارب العرب وفرض عليه ثلاثمائة عبد وستين عبدا ووجه عقبة الرحل من
يومه ذلك إلى المشرق
ثم مضى على جهته من فوره ذلك إلى قصور فزان فافتتحها قصرا قصرا حتى انتهى إلى أقصاها فسألهم هل من ورائكم أحد قالوا نعم أهل خاوار وهو قصرعظيم على رأس المفازة في وعورة على ظهر جبل وهو قصبة كوار فسار إليهم خمس عشرة ليلة فلما انتهى إليه تحصنوا فحاصرهم شهرا فلم يستطع لهم شيئا فمضى أمامه على قصور كوار فافتتحها حتى انتهى إلى أقصاها وفيه ملكها فأخذه فقطع إصبعه فقال لم فعلت هذا بي قال أدبا لك إذا أنت نظرت إلى أصبعك لم نحارب العرب وفرض عليه ثلاثمائة عبد وستين عبدا
(1/211)
فسألهم هل من ورائكم أحد فقال الدليل ليس عندي بذلك معرفة ولا دلالة فانصرف عقبة راجعا فمر بقصر خاوار فلم يعرض له ولم ينزل بهم وسار ثلاثة أيام فأمنوا وفتحوا مدينتهم وأقام عقبة بمكان اسمه اليوم ماء فرس لم يكن به ماء فأصابهم عطش شديد أشفى منه عقبة وأصحابه على الموت فصلى عقبة ركعتين ودعا الله وجعل فرس عقبة يبحث بيديه في الأرض حتى كشف عن صفاة فانفجر منها الماء فجعل الفرس يمص ذلك الماء فأبصره عقبة فنادى في الناس أن احتفروا
فحفروا سبعين حسيا فشربوا واستقوا فسمي لذلك ماء فرس ثم رجع عقبة إلى خاوار من غير طريقه التي كان أقبل منها فلم يشعروا به حتى طرقهم ليلا فوجدهم مطمئنين قد تمهدوا في أسرابهم فاستباح ما في المدينة من ذرياتهم وأموالهم وقتل مقاتلتهم
ثم انصرف راجعا فسار حتى نزل بموضع زويلة اليوم ثم ارتحل حتى قدم على عسكره بعد خمسة أشهر وقد جمت خيولهم وظهرهم فسار متوجها إلى المغرب وجانب الطريق الأعظم وأخذ إلى أرض مزاتة فافتتح كل قصر بها ثم مضى إلى صفر فافتتح قلاعها وقصورها ثم بعث خيلا إلى غدامس فافتتحت غدامس فلما انصرفت إليه خيله سار إلى قفصة فافتتحها وافتتح قصطيلية
ثم انصرف إلى القيروان فلم يعجب بالقيروان الذي كان معاوية بن حديج بناه قبله فركب والناس معه حتى أتى موضع القيروان اليوم وكان واديا كثير الشجر كثير القطف تأوي إليه الوحوش والسباع والهوام ثم نادى بأعلى صوته يأهل الوادي ارتحلوا رحمكم الله فإنا نازلون نادى بذلك ثلاثة إيام فلم يبق من السباع شيء ولا الوحوش والهوام إلا خرج وأمر الناس بالتنقية والخطط ونقل الناس من الموضع الذي كان معاوية بن
حديج نزله إلى مكان القيروان اليوم وركز رمحه وقال هذا قيروانكم
(1/212)
حدثنا عبدالملك بن مسلمة الأنصاري حدثنا الليث بن سعد أن عقبة بن نافع غزا أفريقية فأتى وادي القيروان فبات عليه هو وأصحابه حتى إذا أصبح وقف على رأس الوادي فقال يا أهل الوادي اظعنوا فإنا نازلون قال ذلك ثلاث مرات فجعلت الحيات تنساب والعقارب وغيرها مما لا يعرف من الدواب تخرج ذاهبة وهم قيام ينظرون إليها من حين أصبحوا حتى أوجعتهم الشمس وحتى لم يروا منها شيئا فنزلوا الوادي عند ذلك قال الليث فحدثني زياد بن العجلان أن أهل أفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة ولو التمست حية أو عقرب بألف دينار ما وجدت
أبو المهاجر
قال ثم عزل عقبة بن نافع في سنة إحدى وخمسين عزله مسلمة بن مخلد الأنصاري وهو يومئذ والي البلد من قبل معاوية بن أبي سفيان ومسلمة بن مخلد أول من جمعت له مصر والمغرب وكانت ولاية مسلمة بن مخلد كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد سنة سبع وأربعين وولى أبا المهاجر دينارا مولى الأنصار وأوصاه حين ولاه أن يعزل عقبة أحسن العزل فخالفه أبو المهاجر فأساء عزله وسجنه وأوقره حديدا حتى أتاه الكتاب من الخليفه بتخلية سبيله وإشخاصه إليه فخرج عقبة حتى أتى قصر الماء فصلى ثم دعا وقال اللهم لا تمتني حتى تمكني من إبي
المهاجر دينار بن أم دينار وكان مجاب الدعوة فبلغ ذلك أبا المهاجر فلم يزل خائفا منذ بلغته دعوته فلما قدم عقبة مصر ركب إليه مسلمة بن مخلد فأقسم له بالله لقد خالفه ما صنع أبو المهاجر ولقد أوصيته بك خاصة وقد كان قيل لمسلمة لو أقررت عقبة فإن له جزالة لا فقال مسلمة إن أبا المهاجر صبر علينا في غير ولاية ولا كبير نيل فنحن نحب أن نكافيه
(1/213)
فلما قدم أبو المهاجر أفريقية كره أن ينزل في الموضع الذي اختطه عقبة بن نافع ومضى حتى خلفه بميلين فابتنى نزل وكان الناس قبل أبي المهاجر كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة وأحمد بن عمرو عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب يغزون أفريقية ثم يقفلون منها إلى الفسطاط وأول من أقام بها حين غزاها أبو المهاجر مولى الأنصار أقام بها الشتاء والصيف واتخذها منزلا وكان مسلمة بن مخلد الذي عقد له على الجيش الذين خرجوا معه إليها فلم يزالوا بها حتى قتل ابن الزبير فخرجوا منها
ثم قدم عقبة على معاوية بن أبي سفيان فقال له فتحت البلاد وبنيت المنازل ومسجد الجماعة ودانت لي المغرب ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلي فاعتذر إليه معاوية وقال قد عرفت مكان مسلمة بن مخلد من
الإمام المظلوم وتقديمه إياه وقيامه بدمه وبذل مهجته وقد رددتك على عملك ويقال أن معاوية ليس هو الذي رد عقبة بن نافع ولكنه قدم على يزيد بن معاوية بعد موت أبيه فرده واليا على أفريقية وذلك أصح لأن معاوية توفي سنة ستين حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال توفي معاوية بن أبي سفيان سنة ستين
مقتل عقبة بن نافع
(1/214)
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فخرج عقبة بن نافع سريعا بحنقه على أبي المهاجر حتى قدم أفريقية فأوثق أبا المهاجر في وثاق شديد وأساء عزله وغزا به معه إلى السوس وهو في حديد وأهل السوس بطن من البربر يقال لهم أنبية فجول في بلادهم لا يعرض له أحد ولا يقاتله فانصرف إلى أفريقية فلما دنا من ثغرها أمر أصحابه فافترقوا عنه وأذن لهم حتى بقي في قلة فأخذ على مكان يقال له تهوذة فعرض له كسيلة بن لمزم في جمع كثير من الروم والبربر وقد كان بلغه افتراق الناس عن عقبة فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل عقبة ومن كان معه وقتل أبو المهاجر وهو موثق في الحديد ثم سار كسيلة ومن معه حتى نزلوا الموضع الذي كان عقبة اختطه فأقام به وقهر من قرب منه باب قابس وما يليه وجعل يبعث أصحابه في كل وجه
ويقال بل خرج عقبة بن نافع إلى السوس واستخلف على القيروان عمر بن القرشي وزهير بن قيس البلوي وكانت أفريقية يومئذ تدعى مزاق فتقدم عقبة إلى السوس وخالفه رجل من العجم في ثلاثين ألفا إلى عمر بن علي وزهير بن قيس وهما في ستة آلاف فهزمه الله وخرج ابن الكاهنة البربري على أثر عقبة كلما رحل عقبة من منهل دفنه ابن الكاهنة فلم يزل كذلك حتى انتهى عقبة إلى السوس ولا يشعر بما صنع البربري فلما انتهى عقبة إلى البحر أقحم فرسه فيه حتى بلغ نحره ثم قال اللهم إني أشهدك أن لا مجاز ولو وجدت مجازا لجزت وانصرف راجعا والمياه قد عورت وتعاونت عليه البربر فلم يزل يقاتل وأبو المهاجر معه في الحديد فلما استحر الأمر أمر عقبة بفتح الحديد عنه فأبى أبو المهاجر وقال ألقى الله في حديدي فقتل عقبة وأبو المهاجر ومن معهما
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عقبة بن نافع قدم من عند يزيد بن معاوية في جيش على غزو المغرب فمر على عبدالله بن عمرو وهو بمصر فقال له عبدالله يا عقبة لعلك من الجيش الذين يدخلون برحالهم فمضى بجيشه حتى قاتل البربر وهم كفار فقتلوا جميعا
(1/215)
حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن بحير بن ذاخر المعافري قال كنت عند عبدالله بن عمرو بن العاص حين دخل عليه عقبة بن نافع بن عبدالقيس الفهري فقال ما أقدمك يا عقبة فإني أعلمك تحب الإمارة قال فإن أمير المؤمنين يزيد عقد لي على جيش إلى أفريقية فقال له عبدالله بن عمرو إياك أن تكون لعنة أرامل أهل مصر
فإني لم أزل اسمع أنه سيخرج رجل من قريش في هذا الوجه فيهلك فيه فقدم أفريقية فتبع آثار أبي المهاجر وضيق عليه وحدده ثم خرج إلى قتال البربر وهم خمسة آلاف رجل من أهل مصر وخرج بأبي المهاجر معه في الحديد فقتل وقتل أصحابه وقتل أبو المهاجر معهم وكان مقتل عقبة بن نافع وأصحابه كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة ثلاث وستين
قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم زحف ابن الكاهنة إلى القيروان يريد عمر بن علي وزهير بن قيس فقاتلاه قتالا شديدا فهزم ابن الكاهنة وقتل أصحابه وخرج عمر بن علي وزهير بن قيس إلى مصر بالجيش لاجتماع ملأ البربر وأقام ضعفاء أصحابهما ومن كان خرج معهما من موالي أفريقية بأطرابلس ويقال أن عبدالعزيز بن مروان لما ولي مصر كتب إلى زهير بن قيس وزهير يومئذ ببرقة يأمره بغزو أفريقية فخرج في جمع كثير فلما دنا من قونية وبها عسكر كسيلة بن لمزم عبأ زهير لقتاله وخرج إليه فاقتتلا فقتل كسيلة ومن معه ثم انصرف زهير قافلا إلى برقة ويقال بل حسان بن النعمان الذي كان وجه زهير بن قيس والله أعلم وكان مقتل كسيلة كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة أربع وستين
حسان بن النعمان
(1/216)
ثم قدم حسان بن النعمان واليا على المغرب أمره عليها عبدالملك بن مروان في سنة ثلاث وسبعين فمضى في جيش كبير حتى نزل أطرابلس واجتمع إليه بها من كان خرج من أفريقية وأطرابلس فوجه على مقدمته محمد بن أبي بكير وهلال بن مروان اللواتي وزهير بن قيس ففتح البلاد وأصاب غنائم كثيرة وخرج إلى مدينة قرطاجنة وفيها الروم فلم يصب فيها إلا قليلا من ضعفائهم فانصرف وغزا الكاهنة وهي إذ ذاك ملكة البربر وقد غلبت على جل أفريقية فلقيها على نهر يسمى اليوم نهر البلاء فاقتتلوا قتالا شديدا فهزمته وقتلت من أصحابه وأسرت منهم ثمانين وجلا وأفلت حسان ونفذ من مكانه إلا أنطابلس فنزل قصورا من حيز برقة فسميت قصور حسان واستخلف على أفريقية أبا صالح وكانت أنطابلس ولوبية ومراقية إلى حد أجدابية من عمل حسان
فأحسنت الكاهنة إسار من أسرته من أصحابه وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بني عبس يقال له خالد بن يزيد فتبنته وأقام معها فبعث حسان إلى خالد رجال فأتاه فقال له إن حسان يقول لك ما يمنعك من الكتاب إلينا بخبر الكاهنة فكتب خالد بن يزيد إلى حسان كتابا جعله في خبزة ملة ثم
دفعها إلى الرسول ليخفي فيها الكتاب وليظن من رأى الخبزة أنها زاد الرجل فخرجت الكاهنة وهي تقول يا بني هلاككم فيما تأكله الناس فكررت ذلك ومضى الرسول حتى قدم على حسان بالكتاب فيه علم ما يحتاج إليه
(1/217)
ثم كتب إليه أيضا كتاب آخر وجعله في قربوس حفره ووضع الكتاب فيه وأطبق عليه حتى استوى وخفي مكانه فخرجت الكاهنة أيضا وهي تقو يا بني هلاككم في شيء من نبات الأرض ميت فكررت ذلك ومضى حتى قدم على حسان فندب أصحابه ثم غزاها فلما توجه إليها خرجت ناشرة شعرها فقالت يا بني انظروا ماذا ترون في السماء قالوا نرى شيئا من سحاب أحمر قالت لا وإلهي ولكنها رهج خيل العرب ثم قالت لخالد بن يزيد إني إنما كنت تبنيتك لمثل هذا اليوم أنا مقتولة فأوصيك بأخويك هذين خيرا فقال خالد إني أخاف إن كان ما تقولين حقا ألا يستبقيا قالت بلى ويكون أحدهما عند العرب أعظم شأنا منه اليوم فانطلق فخذ لهما أمانا فانطلق خالد فلقي حسان فأخبره خبرها وأخذ لابينها أمانا
وكان مع حسان جماعة من البربر من البتر فولى عليهم حسان الأكبر من ابني الكاهنة وقربه ومضى حسان ومن معه فلقي الكاهنة في أصل جبل فقتلت وعامة من معها فسميت بئر الكاهنة وكان مقتل الكاهنة
قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم انصرف حسان فنزل موضع قيروان أفريقية اليوم وبنى مسجد جماعتها ودون الدواوين ووضع الخراج على عجم أفريقية وعلى من أقام معهم على النصرانية من البربر وعاملتهم من البرانس إلا قليلا من البتر وأقام حسان بموضعه حتى استقامت له البلاد ثم توجه إلى عبدالملك بغنائمه في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين
قال وحدثنا ابن بكير حدثنا الليث بن سعد قال قفل حسان بن النعمان من أفريقية سنة ثمان وسبعين فلما مر حسان ببرقة أمر على خراجها إبراهيم بن النصراني ثم مضى فمر بعبد العزيز بن مروان وهو بمصر ثم نفذ إلى عبدالملك فسر عبدالملك بما أورد عليه حسان من فتوحه وغنائمه ويقال بل أخذ منه عبدالعزيز كلما كان معه من السبي وكان قد قدم معه من وصائف البربر بشيء لم ير مثله جمالا فكان نصيب الشاعر يقول حضرت السبي الذي كان عبد العزيز أخذه من حسان مائتي جارية منها ما يقام بألف دينار
مقتل زهير بن قيس
(1/218)
قال وأغارت الروم بعد حسان على أنطابلس فهرب إبراهيم بن النصراني وخلى أهل أنطابلس وأهل ذمتها في أيدي الروم فرأسوها أربعين ليلة حتى أسرعوا فيها الفساد وبلغ ذلك عبدالعزيز بن مروان فأرسل إلى زهير بن قيس وكان خرج مع حسان فلما بلغ مصر أقام بها فأمره
عبد العزيز بالنهوض إلى الروم ولم يجتمع لزهير من أصحابه إلا سبعون رجلا وكان عارض من الصدف يقال له جندل بن صخر وكان فظا غليظا فقال زهير لعبد العزيز بن مروان أما إذ قد أمرتني بالخروج فلا تبعثن معي جندلا عارضا فيحبس علي الناس لشدته وفظاظته وكان عبدالعزيز عاتبا على زهير بن قيس لأنه كان قاتله حين وجهه أبوه مروان بن الحكم من ناحية أيلة من قبل أن يدخل مصر فقال له ما علمتك يا زهير إلا جلفا جافيا فقال له زهير ما كنت أرى يابن ليلى أن رجلا جمع ما أنزل الله على محمد {صلى الله عليه وسلم} من قبل أن يجتمع أبواك جلف جاف ماهو بالجلف ولا الجاف أنا منطلق فلا ردني الله إليك فخرج حتى إذا كان بدرنة من طبرقة من أرض أنطابلس لقي الروم وهو في سبعين رجلا فتوقف لتلحق به الناس فقال له فتى شاب كان معه جبنت يا زهير فقال ما جبنت يا بن أخي ولكن قتلتني وقتلت نفسك فلقيهم فاستشهد زهير وأصحابه جميعا فقبورهم هنالك معروفة إلى اليوم وكان مقتل ذهير وأصحابه كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث في سنة ست وسبعين
قال وكان بأملس من برية أنطابلس رجل من مذحج يقال له عطية بن يربوع خرج بابن له هاربا من الوبأ وكان في تلك البرية جماعة من
المسلمين فاستغاثهم وركب فيمن حوله من الناس فاجتمع إليه سبعمائة رجل فزحف بهم إلى الروم فقاتلهم فهزمهم واعتصموا بسفنهم وهرب من بقي منهم وبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان فبعث إليها غلاما يقال له تليد ووجه معه ناسا من أشراف أهل مصر فضبطها
(1/219)
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال أمر على أنطابلس حين قتل زهير طارق فثقل على الناس إمامة تليد بهم لأنه عبد فبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان فأرسل إلى تليد بعتقه وأقام بأنطابلس
موسى بن نصير
وقدم حسان بن النعمان من قبل عبدالملك متوجها إلى المغرب فلما قدم مصر قال لعبد العزيز اكتب إلى عبدك بالإعراض عن أنطابلس فقال له عبدالعزيز ما كنت لأفعل بعد إذ ضيعتها فاستولت عليها الروم فقال حسان إذا أرجع إلى أمير المؤمنين فقال عبدالعزيز ارجع فانصرف حسان راجعا إلى عبدالملك وخلف ثقله بمصر فقدم على عبدالملك وهو مريض ووجه عبدالعزيز موسى بن نصير إلى المغرب فأخبر حسان عبدالملك بذلك فخر عبدالملك ساجدا وقال الحمد لله الذي أمكنني من موسى لشدة أسفه عليه وكان عاملا لعبد الملك على العراق مع بشر بن
مروان فعتب عليه عبدالملك وأراد قتله فافتداه منه عبدالعزيز بمال لما رأى من عقل موسى بن نصير ولبه وكان عنده بمصر ثم لم يلبث حسان بن النعمان إلا يسيرا حتى توفي وقدم موسى بن نصير المغرب في سنة ثمان وسبعين
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث قال أمر موسى بن نصير على أفريقية سنة تسع وسبعين فعزل أبا صالح وافتتح عامة المغرب وواتر فتوحه كتب بها إلى عبدالعزيز بن مروان وبعث بغنائمه وأنهاها عبد العزيز إلى عبدالملك فسكن ذلك من عبدالملك بعض ما كان يجد على موسى
حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن موسى بن نصير حين غزا بعث ابنه مروان عل جيش فأصاب من السبي مائة ألف وبعث ابن أخيه في جيش أخر فأصاب مائة ألف فقيل لليث بن سعد من هم فقال البربر فلما أتى كتابه بذلك قال الناس ابن نصير والله أحمق من أين له عشرون ألفا يبعث بها إلى أمير المؤمنين في الخمس فبلغ ذلك موسى بن نصير فقال ليبعثوا من يقبض لهم عشرين ألفا
(1/220)
ثم توفي عبدالملك بن مروان وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة ست وثمانين واستخلف الوليد بن عبدالملك فتواترت فتوح المغرب على
الوليد من قبل موسى بن النصير فعظمت منزلة موسى عنده واشتد عجبه به
ذكر فتح الأندلس
قال ووجه موسى بن نصير ابنه مروان بن موسى إلى طنجة مرابطا على ساحلها فجهد هو وأصحابه فانصرف وخلف على جيشه طارق بن عمرو وكانوا ألفا وسبعمائة ويقال بل كان مع طارق اثني عشر ألفا من البربر إلا ستة عشر رجلا من العرب وليس ذلك بالصحيح ويقال أن موسى بن نصير خرج من أفريقية غازيا إلى طنجة وهو أول من نزل طنجة من الولاة وبها من البربر بطون من البتر والبرانس ممن لم يكن دخل في الطاعة فلما دنا من طنجة بث السرايا فانتهت خيله إلى السوس الأدنى
فوطئهم وسباهم وأدوا إليه الطاعة وولى عليهم واليا أحسن فيهم السيرة ووجه بسر بن أبي أرطأة إلى قلعة من مدينة القيروان على ثلاثة أيام فافتتحها وسبى الذرية وغنم الأموال قال فسميت قلعة بسر فهي لا تعرف إلا به إلى اليوم ثم إن موسى عزل الذي كان استعمله على طنجة وولى طارق بن زياد ثم انصرف إلى القيروان وكان طارق قد خرج معه بجارية له يقال لها أم حكيم فأقام طارق هنالك مرابطا زمانا وذلك في سنة ثنتين وتسعين
(1/221)
وكان المجاز الذي بينه وبين أهل الأندلس عليه رجل من العجم يقال له يليان صاحب سبتة وكان على مدينة على المجاز إلى الأندلس يقال لها الخضراء والخضراء مما يلي طنجة وكان يليان يؤدي الطاعة إلى لذريق صاحب الأندلس وكان لذريق يسكن طليطلة فراسل طارق يليان ولاطفه حتى تهاديا وكان يليان قد بعث بابنة له إلى لذريق صاحب الأندلس ليؤدبها ويعلمها فأحبلها فبلغ ذلك يليان فقال لا أرى له عقوبة ولا مكافأة إلا أن أدخل عليه العرب فبعث إلى طارق إني مدخلك الأندلس وطارق يومئذ بتلمسين وموسى بن نصير بالقيروان فقال طارق فإني لا أطمأن إليك حتى تبعث إلي برهينة فبعث إليه بابنتيه ولم يكن له ولد غيرهما فأقرهما طارق بتلمسين واستوثق منهما ثم خرج طارق إلى يليان وهو بسبته على المجاز ففرح به حين قدم عليه وقال له أنا مدخلك الأندلس وكان فيما بين المجازين جبل يقال له اليوم جبل طارق فيما بين
سبتة والأندلس فلما أمسى جاء يليان بالمراكب فحمله فيها إلى ذلك المجاز فأكمن فيه نهاره فلما أمسى رد المراكب إلى من بقي من أصحابه فحملوا إليه حتى لم يبق منهم أحد ولا يشعر بهم أهل الأندلس ولا يظنون إلا أن المراكب تختلف بمثل ما كانت تختلف به من منافعهم وكان طارق في آخر فوج ركب فجاز إلى أصحابه وتخلف يليان ومن كان معه من التجار بالخضراء ليكون أطيب لأنفس أصحابه وأهل بلده
(1/222)
وبلغ خبر طارق ومن معه أهل الأندلس ومكانهم الذي هم به وتوجه طارق فسلك بأصحابه على قنطرة من الجبل إلى قرية يقال لها قرطاجنة وزحف يريد قرطبة فمر بجزيرة في البحر فخلف بها جارية له يقال لها أم حكيم ومعها نفر من جنده فتلك الجزيرة من يومئذ تسمى جزيرة أم حكيم وقد كان المسلمون حين نزلوا الجزيرة وجدوا بها كرامين ولم يكن بها غيرهم فأخذوهم ثم عمدوا إلى رجل من الكرامين فذبحوه ثم عضوه وطبخوه ومن بقي من أصحابه ينظرون وقد كانوا طبخوا لحما في قدور أخر فلما أدركت طرحوا ما كان طبخوه من لحم ذلك الرجل ولا يعلم بطرحهم له وأكلوا اللحم الذي كانوا طبخوه ومن بقي من الكرامين ينظرون إليهم فلم يشكوا أنهم أكلوا لحم صاحبهم ثم أرسلوا من بقي منهم فأخبروا أهل الأندلس أنهم يأكلون لحم الناس وأخبروهم بما صنع بالكرام
قال وكان بالأندلس كما حدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم وهشام بن إسحاق بيت عليه أقفال لا يلي ملك منهم إلا زاد عليه قفلا من عنده حتى كان الملك الذي دخل عليه المسلمون فإنهم أرادوه على أن يجعل عليه قفلا كما كانت تصنع الملوك قبله فأبى وقال ما كنت لأضع عليه شيئا حتى أعرف ما فيه فأمر بفتحه فإذا فيه صور العرب وفيه كتاب إذا فتح هذا الباب دخل هؤلاء القوم هذا البلد
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فلما جاز طارق تلقته جنود قرطبة واجترؤوا عليه للذي رأوا من قلة أصحابه فاقتتلوا فاشتد قتالهم ثم انهزموا فلم يزل يقتلهم حتى بلغوا مدينة قرطبة وبلغ ذلك لذريق فزحف إليهم من طليطلة فالتقوا بموضع يقال له شذونة على واد يقال له اليوم وادي أم حكيم فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل الله عز وجل لذريق ومن معه وكان معتب الرومي غلام الوليد بن عبد الملك على خيل طارق فزحف معتب الرومي يريد قرطبة ومضى طارق إلى طليطلة فدخلها وسأل عن المائدة ولم يكن له هم غيرها وهي مائدة سليمان بن داود التي يزعم أهل الكتاب
(1/223)
قال وحدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد قال لما فتح لموسى بن نصير الأندلس فأخذ منها مائدة سليمان بن داود {صلى الله عليه وسلم} والتاج فقيل لطارق أن المائدة بقلعة يقال لها فراس مسيرة يومين من طليطلة وعلى القلعة ابن أخت للذريق فبعث إليه طارق بأمانه وأمان أهل بيته فنزل إليه
فأمنه ووفى له فقال له طارق ادفع إلي المائدة فدفعها إليه وفيها من الذهب والجوهر ما لم ير مثله فقلع طارق رجلا من أرجلها بما فيها من الجوهر والذهب وجعل لها رجلا سواها فقومت المائدة بمائتي ألف دينار لما فيها م الجوهر وأخذ طارق ما كان عنده من الجوهر والسلاح والذهب والفضة والأنية وأصاب سوى ذلك من الأموال ما لم ير مثله فحوى ذلك كله ثم انصرف إلى قرطبة وأقام بها وكتب إلى موسى بن نصير يعلمه بفتح الاندلس وما أصاب من الغنائم فكتب موسى إلى الوليد بن عبدالملك يعلمه بذلك ونحله نفسه وكتب موسى إلى طارق ألا يجاوز قرطبة حتى يقدم عليه وشتمه شتما قبيحا
ثم خرج موسى بن نصير إلى الأندلس في رجب سنة ثلاث وتسعين بوجوه العرب والموالي وعرفاء البربر حتى دخل الأندلس وخرج مغيظا على طارق وخرج معه حبيب بن أبي عبيدة الفهري واستخلف على القيروان ابنه عبدالله بن موسى وكان أسن ولده فأجاز من الخضراء ثم مضى إلى قرطبة فتلقاه طارق فترضاه وقال له إنما أنا مولاك وهذا الفتح لك فجمع موسى من الأموال ما لا يقدر على صفته ودفع طارق كلما كان غنم إليه
قال يقال بل توجه لذريق إلى طارق وهو في الجبل فلما انتهى إليه لذريق خرج إليه طارق ولذريق على سرير ملكه والسرير بين بغلين يحملانه وعليه تاجه وقفازاه وجميع ما كانت الملوك قبله تلبسه من الحلية فخرج إليه طارق وأصحابه رجالة كلهم ليس فيهم راكب فاقتتلوا من حين بزغت الشمس إلى أن غربت وظنوا أنه الفناء فقتل الله لذريق
(1/224)
ومن معه وفتح للمسلمين ولم يكن بالمغرب مقتلة قط أكثر منها فلم يرفع المسلمون السيف عنهم ثلاثة أيام ثم ارتحل الناس إلى قرطبة قال ويقال أن موسى هو الذي وجه طارقا بعد مدخله الأندلس إلى طليطلة وهي النصف فيما بين قرطبة وأربونة وأربونة أقصى ثغر الأندلس وكان كتاب عمر بن العزيز ينتهي إلى أربونة ثم غلب عليها أهل الشرك فهي في أيديهم اليوم وأن طارقا إنما أصاب المائدة فيها والله أعلم
وكان لذريق يملك ألفي ميل من الساحل إلى ما وراء ذلك وأصاب الناس غنائم كثيرة من الذهب والفضة حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال إن كانت الطنفسة لتوجد منسوجة بقضبان الذهب تنظم السلسلة من الذهب باللؤلؤ والياقوت والزبرجد وكان البربر ربما وجدوها فلا يستطيعون حملها حتى يأتوا بالفأس فيضرب وسطها فيأخذ أحدهما نصفها والآخر نصفها لأنفسهم وتسير معهم جماعة والناس مشتغلون بغير ذلك
حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال لما فتحت الأندلس جاء إنسان إلى موسى بن نصير فقال ابعثوا معي أدلكم على كنز فبعث معه فقال لهم الرجل انزعوا ها هنا فنزعوا قال فسال عليهم من الزبرجد والياقوت شيء لم يروا مثله قط فلما رأوا تهيبوه وقالوا لا يصدقنا موسى بن نصير فأرسلوا إليه حتى جاء ونظر إليه حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد ان موسى بن نصير حين فتح الأندلس
كتب إلى عبدالملك أنها ليست بالفتوح ولكنه الحشر
(1/225)
حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال لما افتتحت الأندلس أصاب الناس فيها غنائم فغلوا فيها غلولا كثيرا حملوه في المراكب وركبوا فيها فلما وسطوا البحر سمعوا مناديا يقول اللهم غرق بهم فدعوا الله وتقلدوا المصاحف قال فما نشبوا أن أصابتهم ريح عاصفة وضربت المراكب بعضها بعضا حتى تكسرت وغرق بهم وأهل مصر ينكرون ذلك ويقولون إن أهل الأندلس ليس هم الذين غرقوا وإنما هم أهل سردانية وذلك أن أهل سردانية كما حدثنا سعيد بن عفير قال لما توجه إليهم المسلمون عمدوا إلى ميناء لهم في البحر فسدوه وأخرجوا منه الماء ثم قذفوا فيه آنيتهم من الذهب والفضة ثم ردوا عليه الماء بحاله وعمدوا إلى كنيسة لهم فجعلوا لها سقفا من دون سقفها وجعلوا ما كان لهم من مال بين السقفين فنزل رجل من المسلمين يغتسل في ذلك الموضع الذي سكروه ثم أعادوا عليه الماء فوقعت رجله على شيء فأخرجه فإذا صحفة من فضة ثم غاص أيضا فأخرج شيئا آخر فلما علم المسلمون بذلك حبسوا عنه الماء وأخذوا جميع تلك الآنية ودخل رجل من المسلمين ومعه قوس بندق إلى تلك الكنيسة التي رفعوا بين سقفيها مالهم فنظر إلى حمام فرماه ببندقه فأخطأه وأصاب شبحة خشب فكسرها وانهال عليهم المال فغل المسلمون يومئذ غلولا كثيرا فإن كان الرجل ليأخذ الهر فيذبحها ويرمي بما في جوفها ثم يحشوه مما غل ثم يخيط عليه ويرمي بها إلى الطريق ليتوهم من رآها أنها ميتة
فإذا خرج أخذها وإن كان الرجل ينزع نصل سيفه فيطرحه ويملأ الجفن غلولا ويضع قائم السيف على الجفن فلما ركبوا السفن وتوجهوا سمعوا مناديا ينادي اللهم غرق بهم فتقلدوا المصاحف فغرقوا جميعا إلا أبو عبدالرحمن الحبلي وحنش بن عبد الله السبأي فإنهما لم يكونا نديا من الغلول بشيء
(1/226)
حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال سمعت أبا الأسود قال سمعت عمرو بن أوس يقول بعثني موسى بن نصير أفتش أصحاب عطاء بن رافع مولى هذيل حين انكسرت مراكبهم فكنت ربما وجدت الإنسان قد خبأ الدنانير في خرقة في شيء بين خصيتيه قال فمر بي إنسان متكئا على قصبة فذهبت أفتشه فنازعني فغضبت فأخذت القصبة فضربته بها فانكسرت وانتثرت الدنانير منها فأخذت أجمعها حدثنا عبدالملك حدثنا الليث بن سعد قال بلغني أن رجلا في غزوة عطاء بن رافع أو غيره بالمغرب غل فتحمل بها حتى جعلها في زفت فكان يصيح عند الموت من الزفت من الزفت
قال وأخذ موسى بن نصير طارق بن عمرو فشده وثاقا وحبسه وهم بقتله وكان معتب الرومي غلاما للوليد بن عبد الملك فبعث إليه طارق إنك إن رفعت أمري إلى الوليد وأن فتح الأندلس كان على يدي وأن موسى حبسني وأنه يريد قتلي أعطيتك مائة عبد وعاهده على
ذلك فلما أراد معتب الانصراف ودع موسى بن نصير وقال له لا تعجل على طارق ولك أعداء وقد بلغ أمير المؤمنين أخره وأخاف عليك وجده فانصرف معتب وموسى بالأندلس فلما قدم معتب على الوليد أخبره بالذي كان من فتح الأندلس على يدي طارق وبحبس موسى إياه والذي أراد به من القتل فكتب الوليد إلى موسى يقسم له بالله لئن ضربته لأضربنك ولئن قتلته لأقتلن ولدك به ووجه الكتاب مع معتب الرومي فقدم به على موسى الأندلس فلما قرأه أطلق طارقا وخلى سبيله ووفى طارق لمعتب بالمائة العبد الذي كان جعل له
عبدالعزيز بن موسى بن نصير
(1/227)
خرج موسى بن نصير من الأندلس بغنائمه وبالجوهر والمائدة واستخلف على الأندلس ابنه عبدالعزيز بن موسى وكانت إقامة موسى بالأندلس سنة ثلاث وتسعين وأربع وتسعين وأشهرا من سنة خمس وتسعين فلما قدم موسى أفريقية كتب إليه الوليد بن عبدالملك بالخروج إليه فخرج واستخلف على أفريقية ابنه عبدالله بن موسى وسار موسى بتلك الغنائم والهدايا حتى قدم مصر ومرض الوليد بن عبدالملك فكان يكتب إلى موسى يستعجله ويكتب إليه سليمان بالمكث والمقام ليموت الوليد ويصير ما مع موسى إليه
وخرج موسى حتى إذا كان بطبرية أتته وفات الوليد فقدم على سليمان بتلك الهدايا فسر سليمان بذلك ويقال إن موسى بن نصير حين قدم
من الأندلس لم ينزل القيروان خلفها ونزل قصر الماء وضحى هنالك ثم شخص وشخص معه طارق حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير عن الليث بن سعد قال قفل موسى بن نصير وافدا إلى أمير المؤمنين في سنة ست وتسعين ودخل الفسطاط يوم الخميس لست ليال بقين من شهر ربيع الأول
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فبينا سليمان يقلب تلك الهدايا إذ انبعث رجل من أصحاب موسى بن نصير يقال له عيسى بن عبدالله الطويل من أهل المدينة وكان على الغنائم فقال يا أمير المؤمنين إن الله قد أغناك بالحلال عن الحرام وإني صاحب هذه المقاسم وإن موسى لم يخرج خمسا من جميع ما أتاك به فغضب سليمان وقام عن سريره فدخل منزله ثم خرج إلى الناس فقال نعم قد أغناني الله بالحلال عن الحرام وأمر بإدخال ذلك بيت المال وقد كان سليمان قد أمر موسى بن نصير برفع حوائجه وحوائج من معه ثم الانصراف إلى المغرب
(1/228)
قال ويقال بل قدم موسى بن نصير على الوليد بن عبدالملك والوليد مريض فأهدى إليه موسى المائدة فقال طارق أنا أصبتها فكذبه موسى فقال للوليد فادع بالمائده فانظر هل ذهب منها شيء فدعا بها الوليد فنظر إليها فإذا برجل من أرجلها لا تشبه الرجل الأخرى فقال له طارق سله يأمير المؤمنين فإن أخبرك بما تستدل به على صدقه فهو صادق فسأله الوليد عن الرجل فقال هكذا أصبتها فأخرج طارق الرجل التي كان أخذ منها حين أصابها فقال يستدل أمير المؤمنين بها على صدق ما قلت له
وأني أصبتها فصدقه الوليد وقبل قوله وأعظم جائزته
(1/229)
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال كان عبدالعزيز بن موسى بعد خروج أبيه قد تزوج امرأة نصرانية بنت ملك من أهل الأندلس يقال أنها ابنة لذريق ملك الأندلس الذي قتله طارق فجاءته من الدنيا بشيء كثير لا يوصف فلما دخلت عليه قالت ما لي لا أرى أهل مملكتك يعظمونك ولا يسجدون لك كما كان أهل مملكة أبي يعظمونه ويسجدون له فلم يدر ما يقول لها فأمر بباب فنقب له في ناحية قصره وجعله قصيرا وكان يأذن للناس فيدخل الداخل إليه من الباب حين يدخل منكسا رأسه لقصر الباب وهي في موضع تنظر إلى الناس منه فلما رأت ذلك قالت لعبدالعزيز الآن قوي ملكك وبلغ الناس أنه إنما نقب ذلك الباب لهذا وزعم بعض الناس أنها نصرته فصار به حبيب بن أبي عبيدة الفهري وزياد بن النابغة التميمي وأصحاب لهم من قبائل العرب واجتمعوا على قتل عبدالعزيز للذي بلغهم من أمره وأتوا إلى مؤذنه فقالوا له أذن بليل لكي نخرج إلى الصلاة فأذن المؤذن ثم ردد التثويب فخرج عبدالعزيز فقال لمؤذنه لقد عجلت وأذنت بليل ثم توجه إلى المسجد وقد اجتمع له أولئك النفر وغيرهم ممن حضر الصلاة فتقدم عبدالعزيز وافتتح يقرأ ) إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة ( فوضع حبيب السيف على رأس عبدالعزيز فانصرف هاربا حتى دخل داره فدخل جنانا له واختبأ فيه تحت شجرة وهرب حبيب بن أبي عبيدة وأصحابه واتبعه
(1/230)
زياد بن النابغة فدخل على أثره فوجده تحت الشجرة فقال له عبدالعزيز يا بن النابغة نجني ولك ما سألت فقال له لا تذوق الحياة بعدها فأجهز عليه واحتز رأسه وبلغ ذلك حبيبا وأصحابه فرجعوا ثم خرجوا برأس عبدالعزيز إلى سليمان بن عبدالملك وأمروا على الأندلس أيوب ابن أخت موسى بن نصير ومروا على القيروان وعليها عبد الله بن موسى بن نصير فلم يعرض لهم وساروا حتى قدموا على سليمان برأس عبدالعزيز بن موسى فوضعوه بين يديه وحضر موسى بن نصير فقال له سليمان أتعرف هذا قال نعم أعلمه صواما قواما فعليه لعنة الله إن كان الذي قتله خيرا منه وكان قتل عبدالعزيز بن موسى كما حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير عن الليث بن سعد في سنة سبع وتسعين
قال وكان سليمان عاتبا على موسى بن نصير فدفعه إلى حبيب بن أبي عبيدة وأصحابه ليخرجوا به إلى أفريقية فاستغاث بأيوب بن سليمان فأجاره وشفع له إلى أبيه ويقال إن سليمان أخذ موسى بن نصير فغرم له مائة ألف دينار وألزمه ذلك وأخذ ما كان له فاستجار بيزيد بن المهلب فأستوهبه من سليمان فوهبه له وماله ورد ذلك عليه ولم يلزمه شيئا
ومكث أهل الاندلس بعد ذلك سنين لا يجمعهم وال وعزم سليمان على الحج فأخرج موسى بن نصير على نصب حجره فخرج حتى إذا كان
بالمر توفي وكانت وفاته في سنة سبع وتسعين فيما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد
محمد بن يزيد القرشي
ثم ولي أفريقية محمد بن يزيد القرشي ولاه سليمان ين عبدالملك بمشورة رجاء بن حيوة وصرف عبدالله بن موسى سنة ست وتسعين حدثنا يحيى بن بكيرعن الليث قال أمر محمد بن يزيد على أفريقية سنة سبع وتسعين فلم يزل محمد بن يزيد واليا حتى توفي سليمان بن عبدالملك وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكيرعن الليث بن سعد يوم الجمعة لعشر ليال بقين من صفر سنة تسع وتسعين
إسماعيل بن عبيدالله
(1/231)
فعزل وولي مكانه إسماعليل بن عبيد الله في المحرم سنة مائة على حربها وخراجها وصدقاتها وكان حسن السيرة ولم يبق في ولايته يومئذ من البربر أحد إلا أسلم فلم يزل واليا عليها حتى توفي عمر بن عبدالعزيز وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم
الجمعة لعشر ليال من رجب سنة إحدى ومائة فعزل وولي مكانه يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج
يزيد بن أبي مسلم الثقفي
ولاه يزيد بن عبدالملك في سنة إحدى ومائة وعبدالله بن موسى بن نصير يومئذ بالمشرق فقدم مع يزيد بي أبي مسلم إلى أفريقية حتى إذا كان قريبا منها تلقاه الناس فلما دخل القيروان عزم يزيد بن أبي مسلم على عبدالله بن موسى بن نصير أن ينصرف إلى منزله فمضى عبدالله إلى داره وأمر يزيدالناس باتباعه حتى ظنوا أنه شريك معه فلما أدبر عبدالله ألحقه يزيد رسولا بأن أعد من مالك عطاء الجند خمس سنين ثم إن يزيد بن أبي مسلم أخذ موالي موسى بن نصير من البربر فوشم أيديهم وجعلهم أخماسا وأحصى أموالهم وأولادهم ثم جعلهم حرسه وبطانته وأخذ محمد بن يزيد القرشي فعذبه وجلده جلدا وجيعا فاستسقاه فسقاه رماد
وكان محمد بن يزيد قد ولي عذاب يزيد بن أبي مسلم بالمشرق في زمان الحجاج فقال له يزيد إذا أصبحت عذبتك حتى تموت أو أموت قبلك وكان قد بنى له في السجن بيتا ضيقا فجعله فيه وكساه جبة صوف غليظة وطبع عليها بخاتم من رصاص فلما تعشى يزيد بن أبي مسلم أتي في آخر طعامه بعنب فتناول منه عنقودا وأهوى إليه رجل
من حرسه يقال له حريز بالسيف فضربه حتى قتله واحتز رأسه ورمى به في المسجد عتمة فأقبل غلام لمحمد بن يزيد فدخل عليه السجن فقال له أبشر فإن يزيد قد قتل فقال له محمد قد كذبت وظن أنه دس إليه ثم اتبعه آخر من غلمانه ثم آخر حتى توافوا سبعة فلما تيقن محمد بموت يزيد أعتق العبيد
(1/232)
قال ويقال بل كان حرس يزيد بن أبي مسلم حين قدم البربر ليس فيهم إلا بتري وكانوا هم حرس الولاة قبله البتر خاصة ليس فيهم من البرانس أحد فخطب يزيد بن أبي مسلم الناس فقال إني إن أصبحت صالحا وشمت حرسي في أيديهم كما تصنع الروم فأشم في يد الرجل اليمنى اسمه وفي اليسرى حرسي فيعرفوا بذلك من غيرهم فأنفوا من ذلك ودب بعضهم إلى بعض في قتله وخرج من ليلته إلى المسجد لصلاة المغرب فقتلوه في مصلاه وكان قتله كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة ثنتين ومائة
فلما قتل يزيد بن أبي مسلم اجتمع الناس فنظروا في رجل يقوم بأمرهم إلى أن يأتي رأي يزيد بن عبدالملك فتراضوا بالمغيرة بن أبي بردة القرشي ثم أحد بني عبد الدار فقال له عبد الله ابنه أيها الشيخ إن
هذا الرجل قتل بحضرتك فإن قمت بهذا الأمر بعده لم آمن عليك إن يلزمك أميرالمؤمنين قتله فقبل ذلك الشيخ فاجتمع رأي أهل أفريقية على محمد بن أوس الأنصاري وكان بتونس على غزو بحرها فأرسلوا إليه فولوه أمرهم وكتب إلى يزيد يخبره بما كان فبعث في ذلك خالد بن أبي عمران وهو من أهل تونس فقدم على يزيد فقبل منهم وعفا عما كان من زلتهم قال خالد بن أبي عمران ودعاني يزيد خاليا فقال أي رجل محمد بن أوس فقلت رجل من أهل الدين والفضل معروف بالفقه قال فما كان بها قرشي قلت بلى المغيرة بن أبي بردة قال قد عرفته فما له لم يقم قلت أبى ذلك وأحب العزلة فسكت
بشر بن صفوان الكلبي
(1/233)
واتهم الناس عبدالله بن موسى بن نصير أن يكون هو الذي عمل في قتل يزيد بن أبي مسلم فولى يزيد بن عبدالملك بشر بن صفوان الكلبي أفريقية وذلك في سنة ثنتين ومائة وكان عامله على مصر فخرج إلى أفريقية واستخلف على مصر أخاه حنظلة فلما دخل أفريقية بلغه أن عبدالله بن موسى هو الذي دس لقتل يزيد بن أبي مسلم وشهد على ذلك خالد بن أبي حبيب القرشي وغيره فكتب بشر إلى يزيد بن عبدالملك فكتب يزيد إلى بشر بن صفوان يأمره بقتل عبدالله بن موسى بن نصير وهم بشر بتأخيره أياما فقال خالد بن أبي حبيب ومحمد بن أبي بكير لبشر بن
صفوان عجل بقتله من قبل أن تأتيه عافيته من أمير المؤمنين وكانت أم عبدالله ابنة موسى بن نصير تحت الربيع صاحب خاتم يزيد فكلم يزيد فأمر بعافيته وجعلت أخته للرسول ثلاثة آلاف دينار إن هو أدركه وأمر بشر بقتل عبدالله بن موسى فقتل وقدم الرسول بعافيته بعد أن قتله في ذلك اليوم وبعث برأسه مع سليمان بن وعلة التميمي إلى يزيد فنصبه
ثم وفد بن صفوان إلى يزيد بهدايا كان أعدها له حتى إذا كان ببعض الطريق لقيته وفاة يزيد وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ليلة الجمعة لأربع ليال بقين من شعبان سنة خمس ومائة وقدم بشر بتلك الهدايا على هشام بن عبدالملك فرده على أفريقية فقدمها وتتبع أموال موسى بن نصير وعذب عماله وولى على الأندلس عنبسة بن سحيم الكلبي وعزل عنها الحر بن عبدالرحمن القيسي وقد كان بشر غزا البحر من أفريقية فأصابهم الهول فهلك لذاك من جيشه خلق كثير ثم توفي بشر بن صفوان من مرض يقال له الدبيلة في شوال سنة تسع ومائة
عبيدة بن عبدالرحمن السلمي
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال نزع بشر بن صفوان
(1/234)
عن أفريقية في سنة خمس ومائة ورد إليها في سنة ست ومائة ومات في سنة تسع ومائة واستخلف بشر بن صفوان حين توفي على أفريقية نغاش بن قرط الكلبي فعزله هشام وولى عبيدة بن عبدالرحمن القيسي على أفريقية في صفر سنة عشر ومائة
حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير عن الليث قال وولي عبيدة بن عبد الرحمن أفريقية في المحرم سنة عشر ومائة فلما قدم عبيدة أفريقية وجه المستنير بن الحبحاب الحرشي غازيا إلى صقلية فأصابتهم ريح فغرقتهم ووقع المركب الذي كان فيه المستنير إلى ساحل أطرابلس فكتب عبيدة بن عبدالرحمن إلى عامله على أطرابلس يزيد بن مسلم الكندي يأمره أن يشده وثاقا ويبعث معه ثقة فبعث به في وثاق فلما قدم على عبيدة جلده جلدا وجيعا وطاف به القيروان على أتان ثم جعل يضربه في كل جمعة مرة حتى أبلغ إليه وذلك أن المستنير أقام بأرض الروم حتى نزل عليه الشتاء واشتدت أمواج البحر وعواصفه فلم يزل محبوسا عنده
عبدالرحمن الغافقي
وكان عبيدة قد ولى عبدالرحمن بن عبدالله العكي على الأندلس
وكان رجلا صالحا فغزا عبدالرحمن إفرنجة وهم أقاصي عدو الأندلس فغنم غنائم كثيرة وظفر بهم وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصصة بالدر والياقوت والزبرجد فأمر بها فكسرت ثم أخرج الخمس وقسم سائر ذلك في المسلمين الذين كانوا معه فبلغ ذلك عبيدة فغضب غضبا شديدا فكتب إليه كتابا يتواعده فيه فكتب إليه عبدالرحمن إن السماوات والأرض لو كانتا رتقا لجعل الرحمن للمتقين منهما مخرجا ثم خرج إليهم غازيا فأستشهد وعامة أصحابه وكان قتله فيما حدثنا يحيى عن الليث في سنة خمس عشرة ومائة
عبدالملك بن قطن الفهري
فولى عبيدة على الأندلس بعده عبدالملك بن قطن ثم خرج عبيدة إلى هشام بن عبدالملك وخرج معه بهدايا وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائة حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال كان قدوم عبيدة بن عبدالرحمن من أفريقية سنة خمس عشرة ومائة وفيها أمر ابن
(1/235)
قطن على الأندلس وكان فيما خرج به من العبيد والإماء ومن الجواري المتخيرة سبع مائة جارية وغير ذلك من الخصيان والخيل والدواب والذهب والفضة والأنية
واستخلف على أفريقية حين خرج عقبة بن قدامة التجيبي فقدم على هشام بهداياه واستعفاه فأعفاه وكتب إلى عبيد الله بن الحبحاب وهو عامله على مصر يأمره بالمصير إلى أفريقية وولاه إياها وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة ست عشرة ومائة فقدم عبيدالله بن الحبحاب أفريقية فأخرج المستنير من السجن وولاه تونس واستعمل ابنه إسماعيل بن عبيدالله على السوس واستخلف ابنه القاسم بن عبيد الله على مصر واستعمل على الأندلس عقبة بن الحجاج وعزل عبدالملك بن قطن ويقال بل كان الوالي على الأندلس يومئذ عنبسة بن سحيم الكلبي فعزله ابن الحبحاب وولى عقبة بن الحجاج فهلك عقبة بن الحجاج بالأندلس فرد عبيدالله عليها عبدالملك بن قطن
وغزى عبيدالله حبيب بن أبي عبيدة الفهري السوس وأرض السودان فظفر بهم ظفرا لم ير مثله وأصاب ما شاء من ذهب وكان فيما أصاب جارية أو جاريتان من جنس تسميه البربر إجان ليس لكل واحدة منهن إلا ثدي واحد ثم غزاه أيضا البحر ثم انصرف
(1/236)
وانتقضت البربر على عبيدالله بن الحبحاب بطنجة فقتلوا عامله عمر بن عبد الله المرادي وكان الذي تولى ذلك ميسرة الفقير البربري ثم المدغري وهو الذي قام بأمر البربر وادعى الخلافة وتسمى بها وبويع عليها ثم استعمل ميسرة على طنجة عبد الأعلى بن جريج الأفريقي وكان أصله روميا وهو مولى لابن نصير ثم سار إلى السوس وعليها إسماعيل بن عبيد الله فقتله وذلك إول فتنة البربر بأرض أفريقية فوجه عبيدالله بن الحبحاب خالد بن أبي حبيب الفهري إلى البربر بطنجة ومعه وجوه أهل أفريقية من قريش والأنصار وغيرهم فقتل خالد وأصحابه لم ينج منهم أحد فسميت تلك الغزوة غزوة الأشراف ويقال أن خالدا لقي ميسرة دون طنجة فقتل ومن معه ثم انصرف ميسرة إلى طنجة فأنكرت عليه البربر سيرته وتغيره عما كانوا بايعوه عليه فقتلوه وولوا أمرهم عبدالملك بن قطن المحاربي
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال كان بين ميسرة الفقير وإهل أفريقية من البربر وقتل إسماعيل بن عبيد الله وخالد بن أبي حبيب في سنة ثلاث وعشرين ومائة فوجه إليهم ابن الحبحاب حبيب بن أبي عبيدة فلما بلغ تلمسين أخذ موسى بن أبي خالد مولى لمعاوية بن حديج وكان على تلمسين وقد اجتمع إليه من تمسك بالطاعة فاتهمه حبيب أن يكون له هوى أوقد دس للفتنة فقطع يده ورجله وكان مقيما بتلمسين في جيشه وقفل عبيدالله بن الحبحاب إلى
هشام بن عبد الملك وذلك في جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين ومائة
كلثوم بن عياض القشيري
(1/237)
ثم وجه هشام على أفريقية كلثوم بن عياض القيسي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومائة وقدم بلج بن بشر أمامه فلما قدم كلثوم أفريقية أمر أهل أفريقية بالجهاز والخروج معه إلى البربر وقطع على أهل أطرابلس بعثا فخرج في عدد كثير واستخلف على القيروان عبدالرحمن بن عقبة الغفاري وعلى الحرب مسلمة بن سوادة القرشي فثار عليه بعد خروج كلثوم يريد بربر طنجة عكاشة بن أيوب الفزاري من ناحية قابس وهو صفري وأرسل أخا له فقدم سبرت فجمع بها زناتة وحصر أهل سوق سبرت في مسجدهم وعليهم حبيب بن ميمون وبلغ الخبر صفوان بن أبي مالك وهو أمير على أطرابلس فخرج بهم فوقع على أخي الفزاري وهو محاصر أهل سبرت فقاتلهم فانهزم الفزاري وقتل أصحابه من زناتة وغيرهم وهرب إلى أخيه بقابس وخرج مسلمة بن سوادة في أهل القيروان إلى عكاشة بن أيوب بقابس فقاتلهم فانهزم مسلمة وقتل عامة من خرج معه ولحق بالقيروان وتحصن عامة من كان مع مسلمة من أهل
القيروان وعليهم سعيد بن بجرة الغساني
(1/238)
ويقال أن كلثوم بن عياض حين قدم من عند هشام خلف القيروان ولم ينزل به ولم يدخله ونزل سبية وهي من مدينة القيروان على يوم فأفطر فيها وكتب إلى حبيب بن أبي عبيدة ألا يفارق عسكره حتى يقدم عليه ثم شخص كلثوم غازيا حتى قدم على حبيب ثم رحلا جميعا بمن معهما إلى طنجة وكان كلثوم حين خرج إلى البربر قد قدم بلج بن بشر القيسي على مقدمته في الخيل فلما قدم على حبيب رفضه وأهان منزلته ثم قدم كلثوم فتلقاه حبيب فتهاون به أيضا ثم خطب كلثوم الناس على ديدبان له فطعن في حبيب وشتمه وأهل بيته وكان عبدالرحمن بن حبيب مع أبيه حبيب ثم نفذ كلثوم وحبيب فلما انتهى إلى مطلوبه من أرض طنجة تلقته البربر بجموعهم وعليهم خالد بن حميد الزناتي ثم الهتوري عراة متجردين ليس عليهم إلا السراويلات وكانوا صفرية وجاؤوا جردين فأشار حبيب بن أبي عبيدة على كلثوم أن يقاتلهم الرجالة بالرجالة والخيل بالخيل فقال له كلثوم ما أغنانا عن رأيك يابن أم حبيب فوجه بلج بن بشر على الخيل ليدوسهم بها وكانت الخيل أوثق في نفس كلثوم من الرجالة وإن بلجا أسرى ليلة حتى واقعهم عند الصبح واستقبلوه عراة متجردين فحملت عليهم الخيل فصاحوا وولوا ورموا بالأوضاف فانهزم بلج جريحا وتساقطت الخيول على كلثوم وقد تأهب وعبى أصحابه فأرسل إلى حبيب بن أبي عبيدة فقال إن أمير المؤمنين أمرني أن أوليك القتال وأعقد لك على الناس فقال حبيب قد فات الأمر وزحفت رجالة البربر
على أثر الخيل حتى خالطوا كلثوما واصحابه فأقسم حبيب على ابنه عبدالرحمن إلا ينزل راجلا وأن يلزم بلجا فيكون معه أسفا على بلج فإني مقتول وهلك كلثوم وحبيب ومن معهما وانهزم الناس إلى أفريقية وكان قتل كلثوم في سنة ثلاث وعشرين ومائة
(1/239)
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال قتل كلثوم في سنة أربع وعشرين ومائة قتلهم ميسرة وانهزم بلج بن بشر وثعلبة الجذامي وبقية من أهل الشأم إلى الأندلس فاتبعهم أبو يوسف الهواري وكان طاغية من طواغي البربر فأدركهم فقاتلهم فقتل أبو يوسف وانهزم أصحابه ومضى بلج وثعلبة إلى الأندلس
وكان كلثوم قد كتب إلى أهل الاندلس وعليها عبدالملك بن قطن الفهري يأمرهم بإمداده والخروج إليه فوافاهم بلج وقد وقعوا إلى مجاز الخضراء وتقدم عبدالرحمن بن حبيب أمام بلج إلى الأندلس فقدمها وأمر عبدالملك بن قطن ألا يسمع لبلج ولا يطيعه ثم قدم بلج فأقام بالجزيرة وكتب إلى عبدالملك بن قطن يعلمه أنه خليفة كلثوم وشهد له بذلك ثعلبة الجذامي وأصحابه وكان الرسول فيما بينهما قاضي الأندلس فسلم عبدالملك بن قطن الولاية لبلج على كره من عبدالرحمن بن حبيب فخرج عبدالرحمن من قرطبة كارها لولاية بلج ثم إن بلجا لما قدم قرطبة حبس عبدالملك بن قطن في السجن وثار عبدالرحمن بن حبيب ومعه أمية بن عبدالملك بن قطن فجمعا لقتال بلج فأخرج بلج عبدالملك بن قطن من السجن وقال له قم في المسجد فأخبر الناس أن كلثوما كتب إليك اني
خليفته فقام عبدالملك فقال أيها الناس إني والي كلثوم وإني محبوس بغير حق فضرب بلج عنقه ثم قدم عبدالرحمن بن حبيب بجموع فخرج إليه بلج ومن معه من أهل الشام وكان بينهم نهر فلما كان الليل عبر عبدالرحمن إلى قرطبة وخليفة بلج بها القاضي وقد كان القاضي اتهم بدم عبدالملك بن قطن فأخذه عبدالرحمن بن حبيب فسمل عينيه وقطع يديه ورجليه وضرب عنقه وصلبه على شجرة وجعل على جثته رأس خنزير وبلج لا يشعر ثم خرج من قرطبة فقاتله بلج فانهزم عبدالرحمن بن حبيب ثم جمع جمعا آخر فقتل بلج ومن معه ويقال أن بلجأ لم يقتل إنما مات موتا حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال مات بلج في سنة خمس وعشرين ومائة بعد قتله ابن قطن بشهر
حنظلة بن صفوان الكلبي
(1/240)
ثم افترق أهل الأندلس على أربعة أمراء حتى أرسل إليهم حنظلة بن صفوان الكلبي بأبي الخطار الكلبي فجمعهم وسأذكر ذلك في موضعه إن شاء الله
وقد كان كلثوم بن عياض كتب إلى عامله على أطرابلس صفوان بن أبي مالك يستمده فخرج إليه بأهل أطرابلس حتى قدم قابس فانتهى إليه خبر كلثوم ومن معه فانصراف وقد كان خرج إليه سعيد بن بجرة ومن تحصن معه من أصحاب مسلمة بن سوادة الجذامي وتنحى الفزاري إلى نهر يقال
له الجمة على اثني عشر ميلا من قابس فلما رجع صفوان بن أبي مالك تحصن سعيد بن بجرة وأصحابه بقابس وخرج عبدالرحمن بن عقبة الغفاري في أهل القيروان إلى الفزاري فلقيه فيما بين قابس وبين القيروان فانهزم الفزاري وقتل عامة أصحابه
الحسام بن ضرار الكلبي أبو الخطار
ثم وجه هشام بن عبدالملك حنظلة بن صفوان في صفر سنة أربع وعشرين ومائة وكان عامله على مصر فلما قدم أفريقية كتب إليه أهل الأندلس وأهل الشام وغيرهم يسألونه أن يبعث إليهم واليا فبعث أبا الخطار فلما قدمها أدوا إليه الطاعة فوليها ودانت له وفرق جمع بلج بن بشر وعبدالرحمن بن حبيب وأخرج ثعلبة بن سلامة في سفينة إلى أفريقية ثم أخرج بعده عبدالرحمن بن حبيب وأخرج مع ثعلبة أهل الشام فكانوا بالقيروان مع حنظلة ثم إن حنظلة بن صفوان أخرج عبدالرحمن بن عقبة الغفاري إلى عكاشة بن أيوب الفزاري وقد جمع جمعا بعد انهزامه من قابس فلقيه بمن معه فانهزم الفزاري وقتل عامة أصحابه ثم جمع أيضا فلقيه عبدالرحمن بن عقبة فهزمه ثم جمع جمعا آخر وقدم عبدالواحد بن يزيد الهواري ثم المدهمي وكان صفريا مجامعا للفزاري على قتال حنظلة بن صفوان فخرج إليهما عبد الرحمن بن عقبة في أهل أفريقية فقتل عبدالرحمن بن عقبة وأصحابه وكان مقتل عبدالرحمن بن عقبة كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث في سنة أربع
(1/241)
وعشرين ومائة ثم مضى عبدالواحد بن يزيد فأخذ تونس واستولى عليها وسلم عليه بالخلافة ثم تقدم إلى القيروان وانتبذ الفزاري بعسكره ناحية وكلاهما يريد القيروان يتبادران إليها إيهما يسبق صاحبه فيغنم فلما رأى حنظلة ما غشيهم من جموع البربر مع الفزاري وعبدالواحد احتفر على القيروان خندقا وزحف إليهم عبدالواحد وكتب إلى حنظلة يأمره أن يخلي له القيروان ومن فيه فأسقط في أيديهم وظنوا أنهم سيسبوا حتى إن كان حنظلة ليبعث الرسول منهم ليأتيه بالخبر فما يخرج إلى مسيرة ثلاثة أميال إلا بخمسين دينارا فلما غشيه عبدالواحد وكان من القيروان على شبيه بمرحلة بمكان يقال له الأصنام ونزل الفزاري من القيروان على ستة أميال وكان مع عبدالواحد أبوقرة العقلي وكان على مقدمته فكتب حنظلة إلى الفزاري كتابا يرثيه فيه ويمنيه رجاء أن لا يجتمعا عليه فلا يقوى عليهما وخاف اجتماعهما وكان عكاشة أقرب إلى حنظلة فصبح عبدالواحد الأصنام بجموعه وزحف حنظلة إلى الفزاري لقربه منه وخرج معه بأهل القيروان فخرج قوم آئسون من الحياة للذي كانوا يتخوفونه من سبي الذراري وذهاب النساء والأموال وجعل عليهم محمد بن عمرو بن عقبة فلقيهم بالأصنام فهزم الله عبدالواحد وجمعه وقتل ومن معه قتلا ما يدري ما هو وهرب من هرب منهم فلما فتح لحنظلة عاجل عكاشة الفزاري من ليلته فقاتله بالقرن ولم يكن بلغ عكاشة هزيمة عبدالواحد فهزمه الله
ومن معه من أصحابه وهرب عكاشه حتى انتهى إلى بعض نواحي أفريقية فأخذه قوم من البربر أسيرا حتى أتوا به إلى حنظلة فقتله وكان عبدالواحد ومن معه صفرية يستحلون سبي النساء وكان قتل عكاشة وعبدالواحد كما حدثنا يحبى بن بكير عن الليث سنة خمس وعشرين
(1/242)
ومائة وقد كان حنظلة عندما كان من حلول عبدالواحد بالأصنام وعكاشة بالقرن وقربا من القيروان كتب إلى معاوية بن صفوان عامله على أطرابلس يأمره بالخروج إليه بأهل أطرابلس فخرج حتى انتهى إلى قابس فبلغه ما كان من هزيمة عبدالواحد وعكاشة فكتب إليه حنظلة في بربر خرجوا بنفزاوة وسبوا أهل ذمتها فامض إليهم فسار إليهم بمن معه فقاتلهم فقتل معاوية بن صفوان وقتل الصفرية واستنقذ ما كانوا أصابوا من أهل الذمة فبعث حنظلة إلى جيش معاوية ذلك زيد بن عمرو الكلبي فانصرف بهم إلى طرابلس وكان عبدالرحمن بن حبيب بتونس وكان ثعلبة بن سلامة الجذامي مع حنظلة فلما بلغ من بإفريقية من أهل الشام قتل الوليد بن يزيد خرج عامة قوادهم وخرج ثعلبة بن سلامة إلى المشرق وكان قتل الوليد كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم الخميس لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة
عبدالرحمن بن حبيب الفهري
فخرج عبدالرحمن بن حبيب بتونس وجمع لقتال حنظلة بن صفوان وإخراجه من أفريقية فلما بلغ ذلك حنظلة أرسل وجوه أفريقية إلى
(1/243)
عبد الرحمن يدعوه إلى الدعة والكف عن الفتنة فساروا فلما كانوا ببعض الطريق بلغتهم ولاية مروان بن محمد فأرادوا الانصراف وبلغ عبدالرحمن أن حنظلة قد أرسل إليه رسلا وكانوا خمسين رجلا وأنهم يريدون الانصراف فأرسل إليهم خيلا فأصرفتهم إليه ووجد عبدالرحمن عليهم لخروجهم إليه وكانوا قد كاتبوه قبل ذلك سرا من حنظلة فلما بلغتهم ولاية مروان نزعوا عن ذلك فبعث بهم إلى تونس في الحديد وكتب عبدالرحمن إلى حنظلة أن يخلي له القيروان وأن يخرج منها وأجله ثلاثة أيام وكتب إلى صاحب بيت المال ألا يعطيه دينارا ولا درهما إلا ما حل له من أرزاقه فلما قرأ حنظلة الكتاب هم بقتاله ثم حجزه عنه الورع وكان ورعا فخرج بمن خف معه من أصحابه من أهل الشأم وذلك في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين ومائة ودخل عبدالرحمن بن حبيب القيروان في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة
(1/244)
ثم بعث عبدالرحمن أخاه ابن حبيب عاملا على أطرابلس فأحذ عبدالله بن مسعود التجيبي وكان إباضيا ورئيسا فيهم فضرب عنقه واجتمعت الإباضية بأطرابلس فعزل عبدالرحمن أخاه وولى حميد بن عبدالله العكي وكان على الإباضية حين اجتمعت عبدالجبار بن قيس المرادي ومعه الحارث بن تليد الحضرمي فحاصروا حميد بن عبدالله في بعض قرى أطرابلس ووقع الوبأ في أصحابه فخرج بعهد وأمان فلما خرجوا أخذ عبدالجبار بن قيس نصير بن راشد مولى الأنصار فقتله وكان من أصحاب حميد وكانوا يطلبونه بدم عبدالله بن مسعود التجيبي المقتول واستولى عبدالجبار على زناتة وأرضها فكتب عبدالرحمن بن حبيب إلى يزيد بن صفوان المعافري بولاية أطرابلس ووجه مجاهد بن مسلم الهواري يستألف الناس ويقطع عن عبدالجبار هوارة وغيرهم فأقام مجاهد في هوارة أشهرا ثم طردوه فلحق بيزيد بن صفوان بأطرابلس فوجه عبدالرحمن بن حبيب محمد بن مفروق في خيل وكتب إلى يزيد بن صفوان بالخروج معه فخرجوا فلقيهم عبدالجبار بن قيس والحارث بن تليد بمكان من أرض هوارة فقتل يزيد بن صفوان ومحمد بن مفروق وانهزم مجاهد بن مسلم إلى أرض هوارة فقفل عبدالرحمن بن حبيب واجتمع إليه جمع كثير فزحف بهم إلى عبدالجبار والحارث بن تليد فلقيهم بأرض زناتة فانهزم عمرو بن عثمان وأصحابه وستولى عبدالجبار والحارث على أطرابلس كلها
(1/245)
ثم خرج عمرو بن عثمان إلى دغوغا ومعه مجاهد بن مسلم واتبعه الحارث بن تليد فوجه عمرو من دغوغا إلى أرض الصحراء فأدركه الحارث فتقدم عمرو إلى سرت فأدركته خيل الحارث فقتلوا نفرا من أصحابه ونجا عمرو على فرسه جريحا واحتوى الحارث على عسكره واستفحل أمر عبدالجبار والحارث ثم اختلف أمرهما وتفاقم ما بينهما فاقتتلا فقتل عبدالجبار والحارث جميعا فولى البربر على أنفسهم إسماعيل بن زياد النفوسي فعظم شأنه وكثر بيعه فخرج إليه عبدالرحمن بن حبيب حتى إذا كان بقابس قدم ابن عمه شعيب بن عثمان في خيل فلقي إسماعيل فقتل إسماعيل وأصحابه وأسر من البربر أسارى كثيرة وكان عبدالرحمن مقيما في عسكره ولم يشهد الوقعة فنهض حين فتح له إلى سوق أطرابلس ومعه الأسارى وكتب إلى عمرو بن عثمان فقدم عليه من أرض سرت وقدم
الأسارى فضرب أعناقهم وصلبهم واستعمل على أطرابلس عمرو بن سويد المرادي وأمره أن ينفل
آخر الجزء الخامس من فتوح مصر وهو خمسة أسباع الكتاب
الجزء السادس القضاة ذكر قضاة مصر
ذكرقضاة مصر
ذكر كراهية العمل على القضاء
حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي حدثنا عبدالله بن جعفر الزهري عن عثمان بن محمدالأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين
حدثنا يعقوب بن محمد حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله حدثنا أبي عبد الله بن عبدالحكم وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد عن ابن العجلان عن الغضبان بن يزيد البجلي أن رجلا من أمرائهم ولى رجلا منهم القضاء فاستعفى فأبى عليه فلبث شيئا ثم تخلص إليه فقام بين يديه فقال هذا مقام العائذ من النار
(1/246)
فقال الأمير ويحك وهل أملك من النار شيئا قال إني سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول الحكام ثلاثة فرجل حكم فخسر فأهلك أموال الناس وأهلك نفسه وحكم علم فأهلك أموال الناس وأهلك نفسه ففي النار وحكم علم فعدل فأحرز أموال الناس وأحرز نفسه ففي الجنة
حدثنا محمد بن عبد الجبار حدثنا الحماني حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هشام عن ابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة رجل علم علما فقضى بما علم فهو في الجنة ورجل جهل فقضى بالجهل ففي النار ورجل قضى بغير ما يعلم ففي النار
حدثنا أسد بن موسى حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة قال سمعت أبا العالية يذكر عن علي وقد أدركه قال القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل اجتهد فأصاب الحق فهو في الجنة ورجل جار معتمدا فهو في النار ورجل اجتهد رأيه فأخطأ فهو في النار فقل لأبي العالية ما ذنب هذا وقد اجتهد قال إذا كان لا يعلم فلم يقعد قاضيا يقضي
قال عبدالرحمن بن عبدالله ولم يسمع قتادة من أبي العالية إلا
ثلاثة أحاديث هذا أحدها قال وروى حيوة بن شريح عن مولى حسان بن النعمان عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني أنه سمعه يقول إن أبا هريرة كان يقول من دعي إلى القضاء فقبل وهو يحسن فقضى بغير الحق فهو في النار ومن دعي إلى القضاء وهو لا يحسن فقضى بغير الحق فهو في النار ومن دعي إلى القضاء وهو يحسن فقبل فقضى بالحق فنفسه نجى قال حيوة وحديث عن عبدالقدوس بن حبيب عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال القضاة ثلاثة قاض قضى برشوة فهلك وقاض اجتهد فأخطأ فود لو أن أمه لم تلده وقاض اجتهد فأصاب فأفلت ولم يكد يفلت
(1/247)
حدثنا عبدالله بن صالح ويحيى بن عبدالله بن بكير قالا حدثنا الليث بن سعد عن ابن الهاد وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبدالجبار حدثنا نافع بن يزيد عن ابن الهاد وحدثنا نعيم بن حماد حدثنا الدراوردي عن ابن الهاد عن محمد بن أبراهيم بن الحارث التيمي عن بشر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إذا حكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة
حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد
عن سلمة بن أكسوم عن ابن حجيرة أنه سأل القاسم بن البرحي كيف سمعت عبدالله بن عمر يخبر قال سمعته يقول أن خصمين اختصما إلى عمر فقضى بينهما فسخط المقضي عليه فأتى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأخبره فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا قضى القاضي فاجتهد فأصاب كان له عشرة أجور وإن اجتهد وأخطأ كان له أجر أو أجران
حدثنا محمد بن عبدالجبار حدثنا شبابة بن سوار حدثنا الفرج بن فضالة عن ربيعة بن يزيد عن عقبة بن عامر الجهني أن خصمين اختصما إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال اقض بينهما قلت يا رسول الله أنت أحق بالقضاء قال وإن كان قلت فعلى ماذا قال على إذا اجتهدت فأصبت فلك عشرة أجور وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد
حدثنا محمد بن عبدالجبار حدثنا محمد بن كثير حدثنا إسرائيل حدثنا عبدالأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس بن مالك وكان الحجاج أراد أن يجعل إليه قضاء البصرة فقال أنس إني سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكا يسدده
(1/248)
حدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب اختصم إليه مسلم ويهودي فرأى أن الحق لليهودي فقضى له فقال اليهودي والله لقد قضيت بالحق فضربه عمر بالدرة ثم قال وما يدريك فقال
اليهودي إنا نجد أنه ليس قاض يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن يساره ملك يسددانه ويوفقانهه للحق ما دام مع الحق فإذا ترك الحق عرجا وتركاه
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم قال كان القضاة في بني إسرائيل إذا كان لا تأخذه في الله لومة لائم لم يسلط على جسده البلى ولا دابة تأكل ثيابه قد يبست عليه لا تبلى وكان عابد منهم على ذلك وكانوا في ذلك الزمان يجعل بعضهم على بعض في البيوت وبعضهم في الصناديق فأتاه أخ له فقال العابد ادعوا به أصلي عليه فأتي به فإذا بدابة قد خرقت الكفن حتى خرجت من أذنه فأحزنه ذلك فلما نام لقيه روح صاحبه فقال يا أخي رأيت حزنك على الدابة التي خرجت من أذني ولم يكن بحمد الله لشيء نكرهه جلس إلي رجلان أحدهما لي فيه هوى والآخر لا هوى لي فيه فكان إصغائي إلى ذي الهوى ولم يكن إصغائي إلى الآخر وعلى ذلك بنعمة الله لقد حملتهما على مجلود الحق في القضاء
ذكر قضاة مصر
قيس بن أبي العاص السهمي
قال عبدالرحمن بن عبدالله وكان أول قاض استقضي بمصر
الإسلام كما ذكر سعيد بن عفير قيس بن أبي العاص بن قيس بن عدي السهمي فمات سنة أربع وعشرين فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن يستقضي كعب بن يسار بن ضنة العبسي
قال ابن أبي مريم وهو ابن بنت خالد بن سنان العبسي الذي تزعم عبس فيه أنه تنبأ في الفترة بين رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وبين عيسى بن مريم صلوات الله عليهما ولخالد بن سنان حديث فيه طول فأبى كعب أن يقبل القضاء وقال قضيت في الجاهلية ولا أعود إليه في الإسلام
(1/249)
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان قيس بن أبي العاص بمصر ولاه عمرو بن العاص القضاء وقد قيل إن أول من استقضي بمصر كعب بن ضنة بكتاب عمر بن الخطاب ولم يقبل والله أعلم
حدثنا المقرئ عبدالله بن يزيد حدثنا حيوة بن شريح أخبرنا الضحاك بن شرحبيل الغافقي أن عمار بن سعد التجيبي أخبرهم أن عمر بن
الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل كعب بن ضنة على القضاء فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فقال كعب والله لا ينجيه الله من أمر الجاهلية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها أبدا إذ أنجاه الله منها فأبى أن يقبل القضاء فتركه عمرو قال ابن عفير وكان حكما في الجاهلية وخطة كعب بن ضنة بمصر بسوق بربر في الدار التي تعرف بدار النخلة
عثمان بن قيس
فلما امتنع كعب أن يقبل القضاء ولى عمرو بن العاص عثمان بن قيس بن أبي العاص القضاء قال وقد كان عمر بن الخطاب قد كتب إلى عمرو بن العاص أن يفرض له في الشرف حدثنا شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير وعبدالملك بن مسلمة قالوا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن افرض لكل من قبلك ممن بايع تحت الشجرة في مائتين من العطاء وابلغ ذلك لنفسك بإمارتك وافرض لخارجة بن حذافة في الشرف لشجاعته وافرض لعثمان بن قيس بن أبي العاص في الشرف لضيافته
قال ودعا عمرو خالد بن ثابت الفهمي ليجعله على المكس فاستعفاه
(1/250)
منه فكان شرحبيل بن حسنة على المكس وكان مسلمة بن مخلد على الطواحين قال عبد الرحمن طواحين البلقس حدثنا ابن عفير حدثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة أن عمرا دعا خالد بن ثابت الفهمي جد ابن رفاعة ليجعله على المكس فاستعفاه منه فقال له عمرو ما تكره منه قال ان كعبا قال لا تقرب المكس فان صاحبه في النار حدثنا علي بن معبد حدثنا عبيد الله بن عمرو الجزري عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن ابي حبيب عن عبد الرحمن التجيبي عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لا يدخل صاحب مكس الجنة قال عبد الرحمن بن عبد الله ليس هو عبد الرحمن التجيبي إنما هو عبد الرحمن بن شماسة المهري ولكن هكذا حدثناه علي بن معبد
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن مخيس بن ظبيان عن رجل من جذام عن مالك بن عتاهية قال سمعت رسول {صلى الله عليه وسلم} يقول إذا لقيم عشارا فاقتلوه حدثنا ابن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان شرحبيل بن حسنة على المكس وكان مسلمة بن مخلد على الطواحين
سليم بن عثر
قال ثم ولي سليم بن عتر التجيبي القضاء في إيام معاوية بن أبي سفيان وقد أدرك عمر بن الخطاب وحضر خطبته بالجابية وجعل إليه القصص والقضاء جميعا حدثنا عبدالله بن يزيدالمقرئ حدثنا حيوة بن شريح حدثنا الحجاج بن شداد الصنعاني أن أبا صالح سعيد بن عبدالرحمن الغفاري أخبره أن سليم بن عتر التجيبي كان يقص على الناس وهو قائم فقال له صلة بن الحارث الغفاري وهو من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والله ما تركنا عهد نبينا ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا
قال وكان سليم بن عتر كما حدثنا سعيد بن عفير أحد العباد المجتهدين وكان يقوم في ليله فيبتدئ القرآن حتى يختمه ثم يأتي أهله فيقضي منهم حاجته ثم يقوم فيغتسل ثم يقرأ فيختم القرآن ثم يأتي أهله فيقضي منهم حاجته ربما فعل ذلك في الليلة مرات فلما مات قالت امرأته رحمك الله فوالله لقد كنت ترضي ربك وتسر أهلك
(1/251)
حدثنا سعيد ابن أبي مريم ومحمد بن عبدالسلام عن ضمام بن
إسماعيل عن سليم بن عتر قال خرجت من الأسكندرية أحسبه قال حين قدمت من البحر فدخلت في غار فتعبدت فيه سبعا ولولا أني خشيت أن أضعف لأتممتها عشرا أخبرنا أبو الأسود النضر بن عبدالجبار حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال قال لي سليم بن عتر إذا لقيت أبا هريرة فأقرئه مني السلام وأخبره أني قد دعوت له ولأمه فلقيته فأخبرته فقال وأنا قد دعوت له ولأمه
حدثنا عبدالله بن صالح حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال خرجنا حجاجا من مصر فقال لي سليم بن عتر اقرأ على أبي هريرة السلام وأخبره أني قد استغفرت له ولامه الغداة قال فلقيته فقلت ذلك له فقال أبو هريرة وأنا قد استغفرت له ولامه الغداة ثم قال أبو هريرة كيف تركت أم خنور قال فذكرت له من خصبها ورفاغتها فقال أما إنها أول الأرضين خرابا ثم على أثرها أرمينية فقلت أسمعت ذلك من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال أو من كعب الكتابين
حدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم حدثنا بكر بن مضر عن عبيد الله بن زحر عن الهيثم بن خالد عن ابن عمه سليم بن عتر قال لقينا كريب بن أبراهة راكبا ووراءه غلام له يمشي فقلنا يابا رشدين ألا حملت الغلام قال وكيف أحمل علجا مثل هذا أو كما قال قال أفلا اتخذت وصيفا صغيرا تحمله وراءك قال ما فعلت قال أفلا أمرت الغلام يتقدم أمامك حتى تلحقه قال ما فعلت قال فإني سمعت أبا الدرداء يقول ما يزال
العبد يزداد من الله تبعدا كلما مشى خلفه
ذكر ثالث قاض كان بمصر
عابس بن سعيد المرادي
قال ثم ولي مسلمة بن مخلد البلد وجمعت له مصر والمغرب وهو أول وال جمع له ذلك فولى السائب بن هشام بن عمرو أحد بني مالك بن حسل شرطه وفي هشام بن عمرو يقول حسان بن ثابت من الكامل
هل توفين بنو أمية ذمة
حقا كما أوفى جوار هشام
من معشر لا يغدرون بجارهم
للحارث بن حبيب بن سخام
وإذا بنو حسل أجاروا ذمة
أوفوا وأدوا جارهم بسلام
(1/252)
قال وكان هشام بن عمرو أحد النفر الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كانت قريش كتبت قال وقد كان عمرو بن العاص أيضا ولى السائب بن هشام بعد خارجة بن حذافة وكان أيضا على شرطة عبدالله بن سعد بن أبي سرح وكان اسم أبي سرح كما حدثنا محمد بن إدريس الرازي عويفا ثم عزل مسلمة بن مخلد السائب وولى عابس بن سعيد المرادي
الشرط ثم جمع له القضاء مع الشرط وهو صاحب كوم عابس الذي بفسطاط مصر وفيه يقول الشاعر من الطويل
أحن إلى الإسكندرية إن لي
بها إخوة في الدين أهل تنافس
أبو الحارث الماضي وأشهب منهم
إماما هدى في سنة ومقايس
قد أحدثت للروم فيها كنيسة
لطاغية للعين حق الجواسس
فيا ليتها قد ضيرت بمشورة
خوى صفصفا كالقاع من كوم عابس
يريد بأبي الحارث الليث بن سعد وأشهب أشهب بن عبدالعزيز القيسي من أصحاب مالك بن أنس فلم يزل عابس بن سعيد على القضاءحتى دخل مروان بن الحكم مصر وكان مدخله كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة خمس وستين فقال أين قاضيكم فدعي له عابس بن سعيد وكان أميا لا يكتب فقال له مروان بن الحكم أجمعت كتاب الله قال لا قال فأحكمت الفرائض قال لا قال فتكتب بيدك قال لا قال فبم تقضي قال أقضي بما علمت وأسل عما جهلت فقال أنت القاضي
قال وكان سبب عزل مسلمة بن مخلد السائب بن هشام وتوليته
(1/253)
عابس بن سعيد أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى مسلمة بن مخلد ومسلمة يومئذ والي البلد يأمره بالبيعة ليزيد فأتى مسلمة الكتاب وهو بالاسكندرية فكتب إلى السائب بن هشام وهو على شرطه يومئذ بذلك فبايع الناس إلا عبدالله بن عمرو بن العاص فأعاد عليه مسلمة الكتاب فلم يفعل فقال مسلمة من لعبد الله بن عمرو فقال عابس بن سعيد أنا فقدم الفسطاط فبعث إلى عبدالله بن عمرو فلم يأته فدعا بالنار والحطب ليحرق عليه قصره فأتى فبايع ولم يزل عابس على القضاء والشرط إلى أن توفي في أيام عبدالعزيز بن مروان سنة ثمان وستين ويقال إنما كتب مسلمة بن مخلد إلى السائب بن هشام في أخذ بيعة عبدالله بن عمرو ليزيد بعد موت معاوية بن أبي سفيان
قال ابن بكير فأخبرني عبدالله بن لهيعة عن أبي قبيل قال لما توفي معاوية واستخلف يزيد كره عبدالله بن عمرو أن يبايع ليزيد ومسملة بالاسكندرية فبعث إليه مسلمة كريب بن أبرهة وعابس بن سعيد فدخلا عليه ومعهما سليم بن عتر وهو يومئذ قاض وقاص فوعظوا عبدالله بن عمرو في بيعة يزيد فقال عبدالله والله لأنا أعلم بأمر يزيد منكم وإني لأول الناس أخبر به معاوية أنه يستخلف ولكن أردت أن يلي هو بيعتي وقال لكريب أتدري ما مثلك إنما مثلك مثل قصر عظيم في صحراء غشيه ناس قد أصابهم الحر فدخلوا يستظلون فيه فإذا هو ملآن من مجالس الناس وإن صوتك في العرب كريب بن أبرهة وليس عندك شيء وأما أنت يا عابس بن سعيد فبعت آخرتك بدنياك وأما أنت يا سليم بن عتر فكنت
قاصا فكان معك ملكان يعينانك ويذكر انك ثم صرت قاضيا فمعك شيطانان بزيغانك عن الحق ويفتنانك
ذكر رابع قاض كان بمصر
بشير بن النضر المزني
ثم ولى عبدالعزيز بن مروان بشير بن النضر المزني القضاء حدثني أخي محمد بن عبدالله حدثنا وهب الله بن راشد عن حيوة بن شريح عن جعفر بن ربيعة أن بشير بن النضر كان قاضيا قبل ابن حجيرة في زمان عبد العزيز بن مروان
عبدالرحمن بن حجيرة الخولاني
(1/254)
قال ثم ولي عبدالرحمن بن حجيرة الخولاني وهو ابن حجيرة الأكبر وقد لقي أبا هريرة وأبا سعيد الخدري وروى عنه الناس وجمع له القضاء والقصص وبيت المال وروى عبدالرحمن بن أبي السمح عن أبي الليث العلاء بن عاصم القاص أن ابن حجيرة الأكبر كان مع عبدالعزيز بن مروان على القضاء والقصص وبيت المال فكان يأخذ رزقه في القضاء مائتي
دينار وفي القصص مائتي دينار وفي بيت المال مائتي دينار وعطاؤه مائتا دينار وجائزته مائتا دينار فكان يأخذ في السنة ألف دينار فلم يكن يحول عليه الحول وعنده ما تجب فيه الزكاة فلم يزل على القضاء حتى مات في سنة ثلاث وثمانين ويقال بل ولي سنة ثلاث وثمانين ومات في سنة خمس وثمانين
وروى ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة أن رجلا سأل ابن عباس عن مسألة فقال تسألني وفيكم ابن حجيرة وروى الليث بن سعد عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان أن سعيد بن المسيب قال له اقرأ على ابن حجيرة السلام وأمره فلينه أهل بلده عن الربا فإنه ذكر لي أنه بها كثير وقد سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه على المنبر يقول كنت اشتري التمر من سوق بني قينقاع ثم أجلبه إلى المدينة ثم أفرغه لهم وأخبرهم بما فيه من المكيلة فيعطوني ما رضيت به من الربح ويأخذونه بخبري ولا يكيلونه فبلغ ذلك رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال يا عثمان إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل
مالك بن شراحيل الخولاني
ثم ولي القضاء مالك بن شراحيل الخولاني في سنة ثلاث وثمانين
وهو صاحب مسجد مالك الذي بفسطاط مصر وكان الحجاج يرسل إليه في كل سنة بحلة وثلاثة آلاف درهم فلم يزل على القضاء حتى مات
يونس بن عطية الحضرمي
فولي القضاء من بعده يونس بن عطية الحضرمي وجمع له الشرط والقضاء فلم يزل قاضيا حتى مات سنة ست وثمانين
أوس بن عبدالله بن عطية
قال وزعم بعض مشايخ أهل البلد أن أوسا ابن أخي يونس بن عطية ولي القضاء بعد عمه يونس بن عطية
عبدالرحمن بن معاوية بن حديج الكندي
(1/255)
ثم ولي عبدالرحمن بن معاوية بن حديج الكندي وجمع له القضاء والشرط فلم يزل على ذلك حتى توفي عبدالعزيز بن مروان
قال وكان الطاعون قد وقع بالفسطاط كما حدثنا سعيد بن عيسى بن تليد وغيره يذكر بعضهم ما لا يذكر صاحبه فخرج عبدالعزيز بن مروان من الفسطاط فنزل بحلوان داخلا في الصحراء في موضع منها يقال له أبو
قرقور وهو رأس العين التي احتفرها عبدالعزيز بن مروان وساقها إلى نخله التي غرسها بحلوان فكان ابن حديج يرسل إلى عبدالعزيز في كل يوم بخبر ما يحدث في البلد من موت وغيره فأرسل إليه ذات يوم رسولا فأتاه فقال له عبدالعزيز ما اسمك فقال أبو طالب فثقل ذلك على عبدالعزيز وغاظه فقال له عبدالعزيز أسألك عن إسمك فتقول أبو طالب ما اسمك فقال مدرك فتفاءل عبد العزيز بذلك ومرض في مخرجه ذلك ومات هنالك فحمل في البحر يراد به الفسطاط فاشتدت عليه الريح فلم يبلغ به الفسطاط حتى تغير فأنزل في بعض خصوص ساحل مريس فغسل فيه وأخرجت من هنالك جنازته وخرج معه بالمجامر فيها العود لما كان من تغير ريحه وأوصى عبدالعزيز أن يمر بجنازته إذا مات على منزل جناب وكان له صديقا وكان جناب قد توفي قبل عبدالعزيز فمر بجنازة عبدالعزيز على بابه وقد خرج عيال جناب فلبسوا السواد ووقفن على الباب صائحات ثم اتبعنه إلى المقبرة وجناب صاحب قصري جناب اللذان بفسطاط مصر ينسب أحدهما اليوم إلى ابن يريم وكان نصيب الشاعر قدم على عبدالعزيز بن مروان في مرضه فاستأذن عليه فقيل له هو مغمور فقال استأذنوا لي فإن أذن فذلك وكان لنصيب من عبدالعزيز ناحية فأذن له فلما رأى شدة مرضه أنشأ يقول من الكامل
ونزور سيدنا وسيد غيرنا
ليت التشكي كان بالعواد
لو كان تقبل فدية لفديته
بالمصطفى من طارفي وتلادي
(1/256)
فلما سمع عبدالعزيز صوته فتح عينيه وأمر له بألف دينار واستبشر بذلك آل عبدالعزيز وفرحوا به ثم مات وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ليلة الاثنين لاثنتي عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين وفي ذلك يقول الفرزدق من البسيط
يا أيها المتمني أن يكون فتى
مثل ابن ليلى فقد خلى لك السبلا
أذكر ثلاث خصال قد عرفن له
هل سب من أحد أو سب أو بخلا
لو يضرب الناس أقصاهم وأولهم
في شقة الأرض حتى يحرثوا الإبلا
يبغون أفضل أهل الأرض لم يجدوا
مثل الذي غيبوا في لحده رجلا
فلما توفي عبدالعزيز بن مروان أمر عبدالملك بن مروان على أهل مصر عمر بن مروان على أهل مصر عمر فأقام شهرا إلا ليلة ثم صرف وولي عبدالله بن عبدالملك وهو صاحب مسجد عبدالله الذي بفسطاط مصر وإليه ينسب ولما قدم عبدالرحمن بن عبدالله العمري مصر قاضيا وهمه بعض أهل البلد أن المسجد لعبد الله بن عمر بن الخطاب فعمره وأحسن عمارته وهو مسجد عبدالله بن عبدالملك لا شك فيه
عمران بن عبدالرحمن بن شرحبيل بن حسنة
فأراد عبدالله بن عبدالملك عزل ابن حديج فاستحيى من عزله عن غير شيء ولم يجد عليه مقالا ولا متعلقا فولاه مرابطة الاسكندرية وولى عمران بن عبدالرحمن بن شرحبيل بن حسنة القضاء والشرط فلم يزل على ذلك إلى سنة تسع وثمانين فغضب عليه عبدالله بن عبدالملك في شيء لم يسم لي فحبسه في بيت وأمر أن يقطع له ثوب من قراطيس ويكتب فيه عيوبه ومعائبه ثم يلبسه ويوقف للناس حتى يرجع من مخرجه
ذكرعاشر قاض كان بمصر
عبدالأعلى بن خالد بن ثابت الفهمي
(1/257)
وولى عبدالأعلى بن خالد بن ثابت الفهمي مكانه وخرج عبدالله بن عبدالملك إلى وسيم وكانت لرجل من القبط فسأل عبدالله أن يأتيه إلى منزله ويجعل له مائة ألف دينار فخرج إليه عبدالله بن علدالملك قال ابن عفير إنما كان مخرج عبدالله إلى أبي النمرس مع رجل من الكتاب يقال له ابن حنظلة وكانت داره الدار التي يسكنها اليوم أبو صالح الحراني فأتى عبدالله العزل وولاية قرة بن شريك العبسي وهو هنالك
قال ابن عفير فلما بلغه ذلك قام ليلبس سراويله فلبسه منكوسا قال وقدم قرة بن شريك على ثلاثة من البريد فدخل المسجد فركع في المحراب ثم تربع فجلس وقعد أحد الرجلين إلى جنبه وقام الآخر على رأسه فأتى إلى عبدالأعلى بن خالد رجل من شرطة المسجد فقال له قدم رجل على ثلاثة من البريد حتى نزل بباب المسجد ثم دخل المحراب فركع ثم تربع فجلس فأتاه ابن رفاعة فسلم عليه بغير الإمرة فقال له قرة على شيء من العمل أنت قال نعم على الشرط قال اذهب فاختم على الديوان قال إن كنت على الخراج فإن هذا ليس إليك قال اذهب كما تؤمر فقال ابن رفاعة السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله فقال له قرة ممن أنت قال من فهم فقال قرة من الطويل
لن تجد الفهمي إلا محافظا
على الخلق الأعلى وبالحق عالما
سأثني على فهم ثناء يسرها
يوافى به أهل القرى والمواسما
هكذا قال ابن عفير ويقال بل جاء رجل من الشرط حين قدم قرة إلى ابن رفاعة فقال له قد دخل رجل على ثلاثة من البريد ثم دخل المحراب فركع وبعث رجلا يختم الديوان وآخر يختم بيت المال فأتاه ابن رفاعة فسلم عليه بغير الإمرة فقال له قرة على شيء من العمل أنت
قال نعم على الشرط قال فآلزم ما كنت عليه فأعاد ابن رفاعة السلام عليه بالإمرة وأقره على ما كان عليه
(1/258)
قال ابن بكير وقد كان قرة أمر أن لا يعرض لعبدالله بن عبدالملك في شيء خرج به معه وأن يمنع من شيء إن كان تركه فحمل عبدالله بن عبدالملك كلما كان له وبرز إلى دار الخيل ولم يعرض له قرة بن شريك وكان عبد الله قد استعمل قبة تركية في الجزيرة فنسيها فوجه في أخذها فمنعه قرة من ذلك ثم سار عبدالله بن عبدالملك بكل ما كان معه فلما كان بالأردن بعث الوليد فحاز ذلك كله
عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة الخولاني
ثم ولي عبدالله بن عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني وهو ابن حجيرة الأصغر ثم عزل في سنة ثلاث وتسعين وزعم بعض مشايخ أهل البلد أن ابن حجيرة لما ولي القصص بلغ ذلك أباه وهو ببيت المقدس فقال الحمدلله ذكر ابني وذكر ولما بلغه أنه ولي القضاء قال إنا لله أحسبه قال هلك ابني وأهلك قال عبدالرحمن لست أدري أي ابن حجيرة أراد الأكبر أم الأصغر
عياض بن عبيدالله الأزدي السلامي
ثم ولي عياض بن عبيدالله الأزدي ثم السلامي أتته ولاية القضاء
وهو عامل لأسامة بن زيد التنوخي على الهري فلم يزل على القضاء حتى صرف عنه في سنة ثمان وتسعين ورد ابن حجيرة على القضاء ثم صرف عنه ورد عياض بن عبيد الله فلم يزل قاضيا حتى صرف سنة مائة
عبدالله بن خذامر
وولي عبدالله بن خذامر ثم صرف عن القضاء سنة ثنتين ومائة
يحيى بن ميمون الحضرمي
ثم ولي يحيى بن ميمون الحضرمي وقد روى عنه عمرو بن الحارث وابن لهيعة فلم يزل قاضيا حتى صرف سنة أربع عشرة ومائة ولم يكن بالمحمود في ولايته حدثنا يحيى بن بكير قال سمعت المفضل بن فضالة يقول كان بئس القاضي
يزيد بن عبدالله بن خذامر
ثم ولي يزيد بن عبدالله بن خذامر ثم صرف
الخيار بن خالد المدلجي
ثم ولي الخيار بن خالد المدلجي فأقام قاضيا شبيها بسنة ثم مات وكانت وفاته في سنة خمس عشرة ومائة وكان محمودا جميل المذهب
توبة بن نمر الحضرمي
(1/259)
ثم ولي توبة بن نمر الحضرمي حدثنا سعيد بن عفير حدثنا المفضل بن فضالة قال لما ولي توبة بن نمر القضاء دعا امرأته فقال لها كيف علمت صحبتي لك قالت جزاك الله من عشير خيرا قال قد علمت ما بلينا به من أمر الناس فأنت الطلاق فصاحت فقال لها إن كلمتي في خصم أو ذكرتني به قال فإن كانت لترى دواته قد احتاجت إلى الماء فلا تأمر بها أن تمد خوفا من أن يدخل عليه في يمينه شيء فولي توبة بن نمر ما شاء الله ثم استعفى فقيل له فأشر علينا برجل نوليه فقال كاتبي خير بن نعيم
خير بن نعيم الحضرمي
فولي خير بن نعيم الحضرمي فلم يزل قاضيا حتى صرف في سنة ثمان وعشرين ومائة
عبد الرحمن بن سالم الجيشاني
وولي عبدالرحمن بن سالم بن أبي سالم الجيشاني فلم يزل على القضاء إلى دخول المسودة فصرف عن القضاءواستعمل على الخراج ورد خير بن نعيم فلم يزل قاضيا حتى صرف في سنة خمس وثلاثين ومائة وكان سبب صرفه كما حدثنا يحيى بن بكير أن رجلا من الجند قذف رجلا فخاصمه إليه وثبت عليه شاهدا واحدا فأمر بحبس الجندي إلى أن يثبت الرجل شاهدا آخر فأرسل أبو عون عبدالملك بن يزيد فأخرج الجندي من الحبس فاعتزل خير وجلس في بيته وترك الحكم فأرسل إليه أبو عون فقال لا حتى يرد الجندي إلى مكانه فلم يرد وتم على عزمه فقالوا له فأشر علينا برجل نوليه فقال كاتبي غوث بن سليمان
غوث بن سليمان الحضرمي
فولي غوث بن سليمان الحضرمي فلم يزل قاضيا حتى خرج مع
صالح بن علي إلى الصائفة سنة أربع وأربعين ومائة
أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الثاتي
(1/260)
ثم ولي أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الثاتي بطن من حمير وكان سبب ولايته أن أبا عون شاور في رجل يوليه القضاء ويقال بل هو صالح بن علي فأشير عليه بثلاثة نفر حيوة بن شريح وأبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الحميري وعبدالله بن عياش القتباني وكان أبو خزيمة يومئذ بالاسكندرية فأشخص ثم أتى بهم إليه فكان أول من نوظر حيوة بن شريح فامتنع فدعي له بالسيف والنطع فلما رأى ذلك حيوة أخرج مفتاحا كان معه فقال هذا مفتاح بيتي ولقد اشتقت إلى لقاء ربي فلما رأوا عزمه تركوه فقال لهم حيوة لا تظهروا ما كان من إبائي لأصحابي فيفعلوا مثل ما فعلت فنجا حيوة
قال وسمعت أبي عبدالله بن عبدالحكم يقول قال عبدالله بن المبارك ما ذكر لي أحد بفضل فرأيته إلا رأيته دون ما ذكر لي عنه إلا حيوة بن شريح وابن عون قال ثم دعي بأبي خزيمة فعرض عليه القضاءفامتنع فدعي له بالسيف والنطع فضعف قلب الشيخ ولم يحتمل ذلك فأجاب إلى القبول فاستقضي وأجري عليه في كل شهر عشرة دنانير وكان
لا يأخذ ليوم الجمعة رزقا ويقول إنما أنا أجير المسلمين فإذا لم أعمل لهم لم آخذ متاعهم فكان يقال لحيوة بن شريح ولي أبو خزيمة القضاء فيقول حيوة أبو خزيمة خير مني اختبر فصح
قال وكان أبو خزيمة يعمل الأرسان ويبيعها قبل أن يلي القضاء فمر به رجل من أهل الاسكندرية وهو في مجلس الحكم فقال لأختبرن أبا خزيمة فوقف عليه فقال له يأبا خزيمة احتجت إلى رسن لفرسي فقام أبو خزيمة إلى منزله فأخرج رسنا فباعه منه ثم جلس
(1/261)
قال وسمعت أبي عبدالله بن عبدالحكم يقول كان أبو خرشة المرادي صديقا لأبي خزيمة فمر به ذات يوم فسلم عليه فلم ير منه ما كان يعرف وكان أبو خرشة قد خوصم إليه في جدار فاشتد ذلك على أبي خرشة فشكا ذلك إلى بعض قرابته فقال له إن اليوم يوم الخميس أو قال يوم الاثنين وهو صائم فإذا صلى المغرب ودخل منزله فاستأذن عليه ففعل أبو خرشة قال فدخلت عليه وبين يديه ثريد عدس فسلم عليه فرد عليه كما كان يعرف وقال له ما جاء بك فأخبره أبو خرشة فقال ما كان ذلك إلا أن خصمك كان حاضرا خفت أن يرى سلامي عليك فيكسره ذلك عن بعض حجته فقال أبو خرشة فإني أشهدك أن الجدار له
قال وحدثني بعض مشايخ البلد أن يزيد بن حاتم وهو يومئذ والي البلد جاء إلى أبي خزيمة في منزله فخرج إليه أبو خزيمة إلى باب داره وألقيت ليزيد بن حاتم صفة سرجه فجلس عليها حتى قضى حاجته ثم انصرف فكلم أبو حزيمة في ذلك فقال لم يكن في منزلي شيء يجلس عليه فخرجت إليه
حدثنا أحمد بن عمرو بن سرح أبو الطاهر قال رفع بعض بني مسكين إلى أبي خزيمة في شيء من أمر حبسهم وقد كان بعض القضاة نظر فيه فكأن أبا خزيمة لم ير إنفاذ ذلك فكتب إليه إذا نحن لم ننتفع بقول القضاة قبلك عندك كذلك لا ننتفع بقولك عند القضاة بعدك فأنفذ ذلك
قال وخرج يوما من المجلس فلم يواف دابته فعرض عليه رجل من أهل البلد أحسبه ابن أبي الجويرية أن يركب دابته فأبى وعرض عليه رجل آخر دابته فركبها فكلمه الرجل في ذلك فقال ما منعني من ركوبها إلا أني رأيت في اللجام صدغين من
فضة قال وولي عبدالله بن عياش القصص وقد كان عقبة بن مسلم على
القصص فنحي عنه فقال عقبة بن مسلم كما حدثنا يحيى بن بكير ما لي أعزل والله ما أنا بصاحب خراج ولا حرب إنما أنا قاص أصلي بالناس فإن كنت أطول فأحبوا أن أقصر قصرت وإن كنت أقصر فأحبوا أن أطول طولت
عبدالله بن بلال الحضرمي
(1/262)
قال ثم استعفى أبو خزيمة فأعفي وجعل مكانه عبدالله بن بلال الحضرمي ويقال إنما هو غوث الذي كان استخلفه حين شخص غوث إلى أمير المؤمنين أبي جعفر وذلك في سنة أربع وأربعين ومائة وكان يجلس للناس في المسجد الأبيض ثم قدم غوث فأقره خليفة له يحكم بين الناس حتى مات عبدالله بن بلال فلما مات ركب غوث إلى منزله فضم الديوان والودائع التي كانت قبله وغير ذلك فزعموا أن ابنة عبدالله بن بلال صاحت يومئذ واذلاه
حدثنا يحيى بن بكير قال لم يزل أبو خزيمة على القضاء حتى قدم غوث من الصائفة فعزل أبو خزيمة ورد غوث على القضاء ويقال أن غوث بن سليمان حين شخص إلى العراق جعل على القضاء أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد فلم يزل على القضاء حتى توفي سنة أربع وخمسين ومائة
عبدالله ابن لهيعة
وكان ابن حديج يومئذ بالعراق قال فدخلت على أمير المؤمنين أبي
جعفر فقال لي يا ابن حديج لقد توفي ببلدك رجل أصيبت به العامة قال قلت يأمير المؤمنين ذاك إذا أبو خزيمة فقال نعم فمن ترى أن نولي القضاء بعده قلت أبو معدان اليحصبي يا أمير المؤمنين قال ذاك رجل أصم ولا يصلح للقاضي أن يكون أصم قال قلت فابن لهيعة يا أمير المؤمنين قال ابن لهيعة على ضعف فيه فأمر بتوليته وأجرى عليه في كل شهر ثلاثين دينار وهو أول قضاة مصر أجري عليه ذلك وأول قاض بها استقضاه خليفة وإنما كان ولاة البلد هم الذين يولون القضاة فلم يزل قاضيا حتى صرف في سنة أربع وستين ومائة
ذكر رابع وعشرين قاض كان بمصر وهو أول غريب قضى عليهم من أهل الكوفة
إسماعيل بن اليسع الكوفي
وولي إسماعيل بن اليسع الكوفي وعزل في سنة سبع وستين ومائة
(1/263)
وكان محمودا عند أهل البلد إلا أنه كان يذهب إلى قول أبي حنيفة ولم يكن أهل البلد يومئذ يعرفونه حدثنا أبي عبدالله قال كتب فيه الليث بن سعد إلى أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين إنك وليتنا رجلا يكيد سنة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بين أظهرنا مع أنا ما علمنا في الدينار والدرهم إلا خيرا فكتب بعزله
ورد غوث بن سليمان على القضاء فلم يزل حتى توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين ومائة حدثنا حماد بن مسور أبو رجاء قال قدمت امرأة من الريف وغوث قاض في محفة فوافت غوث بن سليمان عند السراجين رائحا إلى المسجد فشكت إليه أمرها وأخبرته بحاجتها فنزل عن دابته في حوانيت السراجين ولم يبلغ المسجد وكتب لها بحاجتها وركب إلى المسجد فانصرفت المرأة وهي تقول أصابت والله أمك حين سمتك غوثا أنت غوث عند اسمك
المفضل بن فضالة بن عبيد القتباني
قال فلما مات غوث ولي على القضاء المفضل بن فضالة بن عبيد القتباني ثم عزل في سنة تسع وستين ومائة وهو أول القضاة بمصر طول
الكتب وكان أحد فضلاء الناس وخيارهم
قال أخبرني بعض مشايخ البلد أن رجلا لقيه بعد أن عزل فقال حسيبك الله قضيت علي بالباطل وفعلت وفعلت فقال له المفضل لكن الذي قضينا له يطيب الثناء
ذكر سادس وعشرين قاض كان بمصر من غير أهلها من أهل المدينة
عبدالملك بن محمد بن أبي بكر بن حزم الأنصاري
قال ثم ولي أبو الطاهر الأعرج عبدالملك بن محمد بن أبي بكر بن حزم الأنصاري وكان محمودا في ولايته وأخبرنا أبي عبدالله بن عبدالحكم قال كتب إليه صاحب البريد يومئذ إنك تبطئ بالجلوس للناس فكتب إليه أبو الطاهر إن كان أمير المؤمنين أمرك بشيء وإلا فإن في أكفك وبراذعك ودبر دوابك ما يشغلك عن أمر العامة
المفضل بن فضالة ولاية ثانية
ثم استعفى فأعفي في سنة أربع وسبعين ومائة قالوا فأشر علينا برجل فأشار عليهم بالمفضل بن فضالة فولي المفضل بن فضالة ثم شخص أبو الطاهر إلى العراق فولي عليها فقال أنا ظننت أني أعفى عن العمل
(1/264)
ولولا ذلك ما استعفيت عن مصر كانت زاوية صالحة فلم يزل المفضل على القضاء إلى صفر سنة سبع وسبعين ومائة
محمد بن مسروق الكندي
وولي محمد بن مسروق بن معدان الكندي من أهل الكوفة ولم يكن بالمحمود في ولايته وكان فيه عتو وتجبر فلم يزل على القضاء إلى سنة أربع وثمانين ومائة فخرج إلى العراق
إسحق بن الفرات التجيبي
واستخلف إسحاق بن الفرات أبو نعيم التجيبي فحميري فلم يزل على القضاء إلى صفر سنة خمس وثمانين ومائة فعزل
عبدالرحمن بن عبدالله بن المجبر
وولي عبدالرحمن بن عبدالله بن المجبر بن عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب على القضاء حتى عزل في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين ومائة وقد كان قوم تظلموا منه ورفعوا فيه إلى أمير المؤمنين هارون فقال انظروا في الديوان كم لي من وال من آل عمر بن الخطاب
فنظروا فلم يجدوا غيره فقال والله لا أعزله أبدا
هاشم بن أبي بكر البكري
ثم ولي بعده هاشم بن أبي بكر البكري من ولد أبي بكر الصديق فآذى أصحاب العمري وبلغ مكروههم وكان يذهب مذهب أصحاب أبي حنيفة فلم يزل على القضاء حتى توفي في المحرم في أول يوم منه سنة ست وتسعين ومائة
إبراهيم بن البكاء
ثم ولي إبراهيم بن البكاء ولاه جابر بن الأشعث وجابر يومئذ والي البلد فلم يزل على ذلك حتى وثب بجابر بن الأشعث فنحي وولي مكانه عباد بن محمد فعزل ابن البكاء
لهيعة بن عيسى الحضرمي
وولى لهيعة بن عيسى الحضرمي فلم يزل قاضيا حتى قدم المطلب بن عبدالله بن مالك في أول سنة ثمان وتسعين فعزل لهيعة
الفضل بن غانم
وولي الفضل بن غانم وكان المطلب قدم به معه من العراق فأقام سنة أو نحوها ثم غضب عليه المطلب فعزله
لهيعة بن عيسى ولاية ثانية
وولي لهيعة بن عيسى فلم يزل قاضيا حتى توفي في ذي القعدة أول يوم منه سنة أربع ومائتين
إبراهيم ين إسحاق القاري
(1/265)
فولي السري بن الحكم بعد مشاورة أهل البلد إبراهيم بن إسحاق القارى حليف بني زهرة وجمع له القضاء والقصص وكان رجل صدق ثم استعفى لشيء أنكره فأعفي
إبراهيم بن الجراح
وولي مكانه إبراهيم بن الجراح وكان يذهب إلى قول أصحاب أبي حنيفة ولم يكن بالمذموم أول ولايته حتى قدم عليه ابنه من العراق فتغيرت حاله وفسدت أحكامه فلم يزل قاضيا إلى سنة إحدى عشرة ومائتين فدخل عبدالله بن طاهر البلد فعزله
عيسى بن المنكدر
وولى عيسى بن المنكدر بن محمد بن المنكدر وخرج إبراهيم بن الجراح إلى العراق ومات هنالك وأجرى عبدالله بن طاهر على عيسى بن
المنكدر أربعة آلاف درهم في الشهر وهو أول قاض أجري عليه ذلك وأجازه بألف دينار فلما قدم المعتصم مصر في سنة أربع عشرة ومائتين كلمه فيه ابن أبي داود فأمره فوقف عن الحكم ثم أشخص بعد ذلك إلى العراق فمات هناك
هارون بن عبدالله الزهري
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولى المأمون هارون بن عبدالله الزهري القضاء فقدم البلد لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة سبع عشرة ومائتين وكان محمودا عفيفا محببا في أهل البلد فلم يزل قاضيا إلى شهر ربيع الأول من سنة ست وعشرين ومائتين فكتب إليه أن يمسك عن الحكم وقد كان ثقل مكانه على ابن أبي داود
ابن أبي الليث
وقدم أبو الوزير واليا على خراج مصر وقدم معه بكتاب ولاية ابن أبي الليث على القضاء فلم يزل قاضيا إلى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس وثلاثين ومائتين فعزل وحبس
الحارث بن مسكين
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولي الحارث بن مسكين في جمادى الأولى
سنة سبع وثلاثين ومائتين جاءته ولاية القضاء وهو بالاسكندرية فلم يزل قاضيا حتى صرف يوم الجمعة لسبع ليال بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين
دحيم بن اليتيم الدمشقي
وولي دحيم بن اليتيم عبدالرحمن بن إبراهيم بن اليتيم الدمشقي جاءته ولايته بالرملة فتوفي قبل أن يصل إلى مصر وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائتين
(1/266)
بكار بن قتيبة الثقفي
وولي بعده بكار بن قتيبة أبو بكرة الثقفي من أهل البصرة وهو من ولد أبي بكرة صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ودخل البلد يوم الجمعة لثمان ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين ومائتين فأقام قاضيا وأحمد بن طولون يصله في كل سنة بألف دينار ثم إن ابن طولون بلغه أن الموفق خرج عن طاعة أخيه المعتمد وكان المعتمد ولي عهد أخيه فأراد ابن طولون خلع الموفق من ولاية العهد فوافقه فقهاء مصر وخالف القاضي بكار فحبسه أحمد بن طولون وذلك في سنة سبع وخمسين ومائتين
محمد بن شاذان الجوهري
ورتب في الحكم عوضا عنه وهو كالخليفة عنه محمد بن شاذان الجوهري ومات بكار في ذي الحجة سنة خمس وسبعين ومائتين
محمد بن عبدة
قال أبو القاسم ابن قديد وأقامت مصر بعد بكار بلا قاض حتى ولى خمارويه بن أحمد محمد بن عبدة القضاء سنة سبع وسبعين ومائتين فلم يزل قاضيا إلى سنة ثلاث وثمانين ومائتين في جمادى الآخرة فألزم منزله
أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولي أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي فأقام ثماني سنين وعزل في صفر سنة اثنين وتسعين وثلاث مائة
أبو مالك بن أبي الحسن الصغير
وإعيد ابن عبدة ثم صرف في رجب من السنة وولي أبو مالك بن أبي الحسن الصغير
علي بن الحسين بن حربويه
ثم ولي بعده أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب المعروف بابن حربويه في شعبان سنة ثلاث وتسعين ثم عزل في سنة إحدى وثلاثمائة قال ابن يونس في تاريخ مصر كان أبو عبيد بن حربويه شيئا عجبا ما رأينا قبله ولا بعده مثله وكان آخر قاض يركب إليه أمراء مصر وكان لا يقوم للأمير إذا أتاه ثم أرسل موقعه الإمام أبا بكر بن الحداد إلى بغداد سنة إحدى وثلاثمائة في طلب إعفائه عن القضاء فأعفي انتهى
الجزء السابع ذكر الأحاديث
نذكر منها غريب الأحاديث دون المشهور منها(1/267)
قال هذه تسمية من روى عنه أهل مصر من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ممن دخلها فعرف أهل مصر بالرواية عنهم ومن شركهم في الرواية عنهم من أهل البلدان وما تفردوا به دون غيرهم ومن عرف دخوله مصر منهم برواية غيرهم عنه وتركت قوما يذكر بعض الناس أن لهم صحبة وأنهم قد دخلوا مصر لم أر أحدا من أهل العلم من مشايخهم يثبت ذلك لهم وتركت كثيرا من حديث بعض من ذكرت منهم كراهية للإكثار واقتصرت على بعضه
عمرو بن العاص بن وائل السهمي
وهو أول أمير أمر على أهل مصر في الإسلام ولهم عنه أكثر من عشرين حديثا نذكر منها غريب الأحاديث دون المشهور منها 1 منها أن عمرو بن العاص قال أقرأني رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في القرآن خمس عشرة سجدة منها في المفصل ثلاث وفي سورة الحج سجدتان حدثناه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبدالله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص 2 ومنها أن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالفناء وما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب
حدثناه عبدالملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عبدالله بن سليمان أن
(1/268)
محمدبن راشد المرادي حدثه أن عمرو بن العاص طلع يوما المنبر فلم يسلم فقال رجل إن أبا عبد الله لمغضب فقال أما والله إنكم لتعلمون أني من أقل أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} رواية عنه وأنه لم يمنعني من الحديث عنه إلا أني كنت رجلا غزاء وإني سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول ما من قوم يظهر ثم ذكر الحديث 3 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبدالرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال بعثني رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في سرية وأمرني عليها وفيهم عمر بن الخطاب فأصابتني جنابة في ليلة بادرة شديدة البرد فتيممت وصليت بهم فلما قدمنا على رسول {صلى الله عليه وسلم} شكاني عمر إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حتى كان من كلامه أن قال صلى بنا وهو جنب فبعث إلي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فسألني فقلت يا رسول الله أجنبت في ليلة بادرة لم يمر علي مثلها قط فخيرت نفسي بين أن أغتسل فأموت أو أصلي بهم وأنا جنب فتيممت وصليت بهم فقال
رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لو كنت مكانك فعلت مثل الذي فعلت هكذا حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم عن ابن لهيعة
وحدثناه محمد بن عبدالجبار المخزومي حدثنا زيد بن الحباب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبدالرحمن بن جبير عن أبي فراس يزيد بن رباح مولى عمرو عن عمرو 4 ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو عن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال فضل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر حدثناه عبدالله بن صالح حدثنا موسى بن علي عن أبيه وحدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم قال حدثنا الليث بن سعد عن موسى بن علي 5 ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن عمرو بن العاص أنه
(1/269)
قال بعث إلي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك فأخذت علي ثيابي وسلاحي ثم أقبلت إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فوجدته يتوضأ فصوب في النظر ثم طأطأه ثم قال لي يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش يغنمك الله ويسلمك وأرغب لك رغبة من المال صالحة فقلت والله يا رسول الله ما أسلمت للمال ولكن أسلمت رغبة في الإسلام وأن أكون معك فقال يا عمرو نعم المال الصالح للرجل الصالح حدثناه عبدالله بن صالح 6 ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص يقول ما أبعد هديكم من هدي نبيكم عليه السلام أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا وأنتم أرغب الناس فيها حدثناه عبدالله بن صالح عن موسى بن علي 7 حدثنا عبدالله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن رباح أخبره أنه سمع عمرو بن العاص على المنبر يقول والله ما رأيت قوما أرغب فيما كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يزهد فيه منكم أصبحتم ترغبون في الدنيا وكان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يزهد فيها وما مر برسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثلث من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له فقال رجل من أصحاب
(1/270)
رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قد رأينا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يتسلف حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح أنه سمع عمرو بن العاص 8 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن مولى لعمرو بن العاص حدثه أن عمرو بن العاص قال إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لعمل شعيرة اليوم خير من مثقال قيراط بعداليوم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 9 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن شماسة أخبره أن عمرا حين حضرته الوفاة دمعت عيناه فقال له عبدالله يأبا عبدالله أجزع من الموت يحملك على هذا قال لا ولكن ما بعد الموت فذكر له عبدالله مواطنه مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والفتوح التي كانت بالشام فلما فرغ عبدالله من ذلك قال لقد كنت على أطباق ثلاثة لو مت على بعضها علمت ما يقول الناس بعث الله محمدا فكنت أكره الناس لما جاء به أتمنى لو أني قتلته حتى بلغ كراهيتي لدين الله أني ركبت البحر إلى صاحب الحبشة أطلب دم أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فلو مت على ذلك قال الناس مات عمرو مشركا عدوا لله ولرسوله من أهل النار ثم قذف الله الإسلام في قلبي فأتيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فبسط إلي يده
(1/271)
ليبايعني فقبضت يدي ثم قلت أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدم من ذنبي وأنا أظن حينئذ أني لا آتي ذنبا في الإسلام فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يا عمرو إن الإسلام يجب ما قبله وإن الهجرة تجب ما بينها وبين الإسلام فلو مت على هذا الطبق قال الناس أسلم عمرو وهاجر مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نرجو لعمرو عندالله خيرا كثيرا ثم كانت إمارات وفتن وأنا مشفق من هذا الطبق فإذا أخرجتموني فأسرعوا بي ولا تتبعني نائحة ولا نار وشدوا علي إزاري فإني مخاصم وسنوا علي التراب سنا فإن يميني ليست بإحق بالتراب من يساري ولا تدخلن القبر خشبة ولا طوبة ثم إذا قبرتموني فامكثوا عندي قدر نحر جزور وتفصيلها أستأنس بكم حدثناه أبو صالح عبدالله بن صالح وأسد بن موسى عن الليث بن سعد حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة قال ثم ذكر الحديث 10 قال وحدثنا عمرو بن سواد حدثنا ابن وهب أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة عن عبدالله بن عمرو عن عمرو وزاد فيها فقال له عمرو تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله 11 حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي
(1/272)
حبيب أخبرني سويد بن قيس عن قيس بن سمي أن عمرا قال قلت يا رسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ماكان قبلها قال عمرو فوالله إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله حياء منه ثم ذكر الحديث 12 ومنها حديث محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي أن حبيبا حدثه أن عمرو بن العاص حدثه قال لما انصرفنا من الخندق جمعت نفرا من قريش بيني وبينهم خاصة فقلت لهم تعلموا والله إني أرى أمر محمد يعلو ما خالفه من الأمور علوا منكرا فهل لكم في رأي قد رأيته قالوا وما هو قال نلحق بالنجاشي فنكون عنده حتى ينقضي ما بيننا وبين محمد فإن ظفرت قريش رجعنا إليهم وإن ظفر محمد أقمنا عنده فلأن أكون تحت يدي النجاشي أحب إلي من أن أكون تحت يدي محمد قالوا أصبت قال قلت اجمعوا له أدما فإنه أحب ما يهدى إليه من بلادنا قال ففعلنا ثم خرجنا فبينا نحن قد دنونا منه إذ نظرت إلى عمرو بن أمية قد بعثه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إلى النجاشي قال فقلت هذا والله عمرو بن أمية قد بعثه محمد ولو قد قدمت بهداياي إلى النجاشي ثم سألته إياه فأعطانيه فقتلته فرأت قريش اني قد أجزأت حين يقتل رسول محمد قال فلما دخل عليه عمرو بن أمية
(1/273)
وفرغ من حاجته دخلت عليه فحييته بما كنا نحييه فقال النجاشي مرحبا ما أهديت إلي يا صديقي قال قلت أيها الملك قد أهديت لك هدايا قال ثم قدمت إليه هداياي فقبلها وبهجت بما قال لي قال فقلت له أيها الملك إني قد رأيت ببابك رسول محمد وهو لنا عدو أعطنيه أضرب عنقه فإنه رسول رجل هو لنا عدو قال فمد يده ثم غضب وضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره قال فوددت لو أني انشقت لي الأرض فدخلت فيها فرقا منه ثم قال تسألني رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى أعطيكه لتقتله قال قلت أيها الملك فإن ذاك لكذلك أنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى قال نعم والذي نفس النجاشي بيده ويحك يا عمرو فأطعني واتبعه والذي نفسي بيده ليظهرن هو ومن اتبعه على من سواهم وعلى من خالفهم كما ظهر موسى على فرعون وجنوده قال قلت أفتبايعني له على الإسلام قال نعم قال فبسط يده فبايعني له فخرجت على أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه معهم قال فانطلقت تهوي بي راحلتي حتى لقيت خالد بن الوليد قال قلت أين يأبا سليمان قال أريد والله أن أذهب فأسلم فقد والله استقام الشأن واستبان الميسم قال فقلت وأنا والله قال فانطلقنا حتى جئنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فدخلنا عليه المسجد فتقدم خالد فبايعه ثم تقدمت فبايعت فقلت يا رسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولم أذكر ما تأخر قال فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بايع يا عمرو فإن الإسلام يجب ما كان قبله وان الهجرة تجب ما كان قبلها حدثناه أسد بن موسى حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق وحدثنا عبدالملك بن
هشام عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق
وتوفي عمرو بن العاص يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين وصلى عليه عبد الله بن عمرو ودفن بالمقطم من ناحية الفج يكنى أبا عبد الله وكان طريق الناس يومئذ الى الحجاز فأحب أن يدعو له من مر به أخبرنا بذلك ابن عفير
(1/274)
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة قال قبر في مقبرة المقطم ممن عرف من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خمسة نفر عمرو بن العاص السهمي وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وعبد الله بن حذافة السهمي وأبو بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني
وشرك أهل مصر في الرواية عنه من أهل المدينة قبيصة بن ذؤيب قال عبد الرحمن ولد عام الفتح وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب واسمه يزيد وعروة بن الزبير وقد اختلف في سعيد بن المسيب فقالوا سمع منه وقالوا بل إنما سمع من ابنه عبد الله بن عمرو وعبد الله بن شرحبيل بن حسنة ومن اهل الكوفة قيس بن أبي حازم ومن أهل البصرة أبو عثمان النهدي وغيرهم
عبد الله بن عمرو بن العاص
وعبد الله بن عمرو بن العاص ولهم عنه شبيه بمائة حديث منها 13 حديث رجاء بن أبي عطاء المعافري عن واهب بن عبد الله
المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من أطعم أخاه من الخبز حتى يشبعه وسقاه من الماء حتى يرويه بعده الله من النار سبعة خنادق ما بين كل خندقين مسيرة خمس مائة عام حدثناه إدريس بن يحيى وعبد الملك بن مسلمة 14 ومنها حديث ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن عمرو أنه رأى في المنام كأنه في إحدى أصابعه عسل وفي الأخرى سمن فكأنه يلعقهما فأصبح فذكر ذلك لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال إن عشت قرأت الكتابين التوراة والفرقان فكان يقرؤهما حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وأسد بن موسى 15 ومنها حديث الليث عن عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} سيصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق فتنشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر ثم يقول الله له أتنكر من هذا شيئا أظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر فيهاب فيقول لا يا
(1/275)
رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنتين وانه لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبدالله ورسوله فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فينجو من النار حدثناه عبدالملك بن مسلمة 16 وحدثنا أبي حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن عامر بن يحيى عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو قال يؤتى بالعبد يوم القيامة ومعه تسعة وتسعون سجلا في الذنوب والخطايا فيؤمر به إلى النار فإذا ذهب به نادى مناد لا تعجلوا فإنه قد بقي له فيؤتى ببطاقة صغيرة فإذا فيها لا إله إلا الله 17 ومنها حديث ابن لهيعة عن شراحيل بن يزيد قال كان بيني وبين حنش بن عبدالله كلام فقال لولا شيء سمعته من ابن عمرو لعلمت سمعته يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول ثلاثة إذا أنا فعلتهن فما أبالي ما ركبت إذا قرضت شعرا أو علقت تميمة أو شربت ترياقا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ورواه حيوة بن شريح أيضا عن شراحيل بن يزيد 18 ومنها حديث عبدالله بن عياش عن أبيه عن أبي عبدالرحمن
(1/276)
الحبلي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار حدثناه إدريس بن يحيى 19 ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبدالله بن يزيد عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ليؤيدن الله الإسلام برجال ما هم من أهله حدثناه المقرى ء 20 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي زرعة عن ابن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن والذكر أو الركن شك عبدالرحمن بن عبدالله بن عبد الحكم حدثناه عبدالملك بن مسلمة 21 ومنها حديث عبدالرحمن بن زياد بن أنعم عن عبدالرحمن بن رافع التنوخي عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة حدثناه معاذ بن الحكم 22 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحسن بن ثوبان الهوزني عن
هشام بن أبي رقية اللخمي عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لا طائر ولا عدوى ولا هامة ولا جد والعين حق حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 23 ومنها حديث نافع بن يزيد وابن لهيعة عن أبي هانيء الخولاني أنه سمع أبا عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض وعرشه على الماء بخمسين ألف سنة حدثناه أبو صدقة محمد بن عبدالأعلى عن نافع بن يزيد وأبو الأسود عن ابن لهيعة حديث أحدهما نحو حديث صاحبه حدثنا عبدالله بن صالح عن الليث بن سعد عن أبي هانى ء الخولاني بإسناده نحو حديثيهما 24 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي هانى ء أنه سمع أبا عبدالرحمن الحبلي يقول إنه سمع عبدالله بن عمرو يقول انه سمع رسول الله يقول ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار 25 ومنها حديث عبدالرحمن بن زياد بن أنعم عن عبدالله بن
(1/277)
4 يعقوب عن عبدالله بن يزيد عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لله أضن بدم المؤمن من أحدكم بكريمة ماله حتى يقبضه على فراشه حدثناه المقرى ء 26 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس أخبره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار 27 ومنها حديث يحيى بن أيوب عن أبي قبيل أنه حدثه أنه كان عند عبدالله نب عمرو بن العاص فتذاكرنا فتح القطسنطينية ورومية أيهما تفتح قبل فدعا عبدالله بصندوق له طخم قلنا وما الطخم قال الحلق فقال كنا عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نكتب ما يقول لا أو نعم فقلنا أي المدينتين تفتح قبل يا رسول الله قال مدينة هرقل يريد القسطنطينية حدثناه سعيد بن عفير وقد خالف ابن لهيعة يحيى بن أيوب في هذا الحديث والله أعلم بالصواب حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عمير بن ملك أنه كان عند ابن عمرو فذكروا فتح القسطنطينية ورومية أيهما تفتح أول فاختلفوا في ذلك
فدعا عبدالله بن عمرو بصندوق فيه قراطيس فقال تفتحون القسطنطينية ثم تغزون بعثا إلى رومية فيفتح الله عليكم وإلا فأنا عندالله من الكذابين 28 ومنه حديث قباث بن رزين عن شيخ من المعافر يذكر منه فضل وصلاح أن رجلا يقال له عباد ممن يلزم عبدالله بن عمرو وكان من الصلحاء كان يقرأ القرآن فيقرن بين السور في الركعة الواحدة فبلغ ذلك عبدالله بن عمرو فأتاه عباد يوما فقال له عبدالله بن عمرو يا خائن أمانته ثلاث مرات فاشتد ذلك على عباد فقال له غفر الله لك أي أمانة بلغك أني خنتها قال ألم أخبر أنك تجمع بين السور في الركعة الواحدة قال إني لأفعل ذلك قال وكيف بك يوم تأخذك كل سورة بركعتها وسجدتيها أما إني لم أقل لك إلا كما قال لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حدثناه عبدالله بن صالح 29 ومنها حديث ابن لهيعة عن حيي بن عبدالله عن أبي
(1/278)
عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو قال خرج رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يوم الخندق وهم يحفرون حول المدينة فتناول رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الفأس فضرب به ضربة فقال هذه الضربة يفتح الله بها كنوز الروم ثم ضرب الثانية فقال هذه يفتح الله بها كنوز فارس ثم ضرب الثالثة فقال هذه الضربة يأتي الله بأهل اليمن أعوانا وأنصارا حدثناه عبدالملك بن مسلمة 30 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من صمت نجا حدثنا المقرى ء وأبو الأسود 31 ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي هبيرة الكحلاني مولى لعبدالله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خرج إليهم ذات يوم في المسجد فقال إن ربي حرم علي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين حدثناه طلق بن السمح اللخمي 32 ومنها حديث ابن لهيعة عن حيي بن عبدالله المعافري عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو قال خرج رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يوم
(1/279)
بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر من المقاتلة كما خرج طالوت فدعا لهم حين خرج اللهم إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم اللهم إنهم جياع فأشبعهم ففتح الله لهم يوم بدر وأقبلوا وما منهم رجل إلا وهو آخذ برأس جمل أو جملين واكتسوا وشبعوا حدثناه عبدالملك بن مسلمة 33 ومنها حديث عبدالله بن عياش القتباني عن عبدالله بن عياض عن أبي رزين الغافقي قال سمعت عبدالله بن عمرو يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن الذي يمر بين يدي أخيه وهو يصلي متعمدا يتمنى يوم القيامة لو أنه شجرة يابسة حدثناه إدريس بن يحيى 34 ومنها حديث عبدالله بن عياش عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبدالله بن عمرو أن رجلا أتى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال يا رسول الله أقرئني فقال إقرأ ثلاثا من ذات الراء فقال يا رسول كبرت سني وضعف عظمي وثقل لساني فقال إقرأ من ذات حم فقال مثل ذلك فقال إقرأ ثلاثا من ذات سبح فقال مثل ذلك فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إقرأ فأقرأه إذا زلزلت فلما فرغ قال يا رسول الله علمني شيئا أعمل
(1/280)
به فقال صلاة الخمس وحج البيت وصيام رمضان وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلما أدبر الرجل قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} علي بالرجل فلما أتي به قال إني قد أمرت بالأضحى عيدا جعله الله لهذه الأمة قال أفرأيت إن لم أجد إلا شاة أهلي فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قص شاربك وقلم أظفارك واحلق عانتك فتلك تمام ضحيتك عند الله حدثناه إدريس بن يحيى وحدثنا المقرى ء حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني عياش بن عباس عن عيسى بن هلال عن عبدالله بن عمرو عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نحوه 35 ومنها حديث المفضل بن فضالة ونافع بن يزيد عن ربيعة بن سيف عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال قبرنا مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فلما رجعنا وحاذى بابه إذا هو بامرأة مقبلة لا نظنه عرفها فقال يا فاطمة من أين جئت قالت جئت من عند أهل هذا الميت رحمت إليهم ميتهم وعزيتهم قال فلعلك بلغت معهم الكدى قالت معاذ الله أن أبلغ معهم الكدى وقد سمعتك تذكر فيهم ما تذكر فقال لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جدك أبو أبيك قال نافع في حديثه حتى يراها جد أبيك والكدى المقابر حدثناه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد قال وحدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار وعبدالله بن صالح عن
المفضل بن فضالة
وشركهم في الرواية عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبدالرحمن ومن أهل مكة عمرو بن أوس الثقفي ويوسف بن ماهك وابن أبي مليكة ومن أهل الكوفة مسروق بن الأجدع وخثيمة بن عبدالرحمن وعامر الشعبي
وخارجة بن حذافة العدوي
(1/281)
ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد ليس لهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} غيره 36 وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبدالله بن راشد الزوفي عن عبدالله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة بن حذافة قال خرج علينا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم الوتر جعله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وشعيب بن الليث وعبدالله بن صالح وحدثناه أبي أيضا عن بكر بن مضر عن خالد بن يزيد عن أبي الضحاك عبدالله بن أبي مرة عن خارجة بن حذافة
ولهم عنه حكايات في نفسه منها ابن لهيعة عن بكر بن سوادة
والحارث بن يزيد عن عبدالرحمن بن جبير أنه رأى خارجة بن حذافة صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يمسح على الخفين حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار ولم يرو عنه أحد غير أهل مصر
وبسر بن أبي أرطأة وربما قالوا بسر بن أرطأة العامري
ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد ليس لهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} غيره 37 وهو حديث ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن جنادة بن أبي أمية عن بسر بن أبي أرطأة أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول لا تقطع الأيدي في الغزو قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وأسد بن موسى
ولهم عنه حكايات في نفسه منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان بسر إذا ركب البحر قال أنت بحر وأنا بسر علي وعليك الطاعة لله سيروا على بركة الله
وروى عنه من أهل الشأم يونس بن ميسرة ولم يرو عنه غير أهل مصر وأهل الشأم ويكنى أبا عبدالرحمن وتوفي بالشأم أيام معاوية
والمستورد بن شداد الفهري
(1/282)
ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من الحديث ستة أحاديث أو ما أشبهها 38 منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري قال سمعت أبا عبدالرحمن عبدالله بن يزيد الحبلي يقول سمعت المستورد بن شداد يقول رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه وهو يتوضأ بالجحفة حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وسعيد بن عفير وأبو الأسود يزيد أحدهم الحرف ونحوه 39 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبدالرحمن بن جبير عن المستورد بن شداد قال بينا أنا في مجلس فيه عمرو بن العاص إذ قلت سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن أشد الناس عليكم بنو أختكم بسمة بنت إسماعيل الروم إنما هلاكهم مع الساعة فقال عمرو ألم أنهك عن هذا حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار وعبدالملك بن مسلمة
40 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن حديج بن أبي عمرو قال سمعت المستورد بن شداد يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول لكل أمة أجل وإن لأمتي مائة سنة فإذا مرعلى أمتي مائة سنة أتاها ما وعدها حدثناه عبدالملك بن مسلمة 41 ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن هانى ء بن معاوية الصدفي عن المستورد بن شداد قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من مات وهو مشرك فلا تسل عنه ومن مات وقد قتل مؤمنا متعمدا فلا تسل عنه ومن مات وهو عاص فلا تسل عنه قال بكر وحدثني أبو عبدالرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بهذا إلا أنه يرجى له 42 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبدالرحمن بن جبير عن المستورد بن شداد قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من ولي لنا عملا ولم يكن له خادم فليكتسب خادما ومن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا ومن لم يكن له دابة فليكتسب دابة فمن أصاب سوى ذلك فإنه غال أو سارق حدثناه عبدالملك بن مسلمة
وشركهم في الرواية عنه من أهل الكوفة قيس بن أبي حازم ويقال أبو إسحاق الهمداني لم يرو عنه غير أهل مصر وأهل الكوفة
وعبدالله بن سعد بن أبي سرح العامري
(1/283)
وكان والي البلد في خلافة عثمان عفان مجموعا له 43 ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة قال حدثنا عياش بن عباس القتباني عن الهيثم بن شف عن عبدالله بن سعد بن أبي سرح قال بينما رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وعشرة من أصحابه معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وغيرهم على جبل إذ تحرك بهم الجبل فقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار
ليس لهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث غيره 44 وحديث آخر مرسل بشك وهو حديث ضمام بن إسماعيل عن عياش بن عباس القتباني قال لما حصروا الإسكندرية قال لهم صاحب المقدمة لا تعجلوا حتى آمركم برأيي فلما فتح الباب دخل رجلان فقتلا فبكى صاحب المقدمة قال ضمام أظنه عبدالله بن سعد فقيل له لم بكيت وهما شهيدان قال ليت أنهما شهيدان ولكن سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول لا يدخل الجنة عاص وقد أمرت أن لا يدخلوا فدخلوا بغير إذن حدثناه عبدالملك بن مسلمة
(1/284)
ولهم عنه حكايات في نفسه منها حديث ابن لهيعة عن ابن أبي جعفر عن أبي سعيد الغافقي أنه سمع عبدالله بن سعد بن أبي سرح وهو على المنبر يقول لا تسقوا دوابكم الخمر فإنها رجس من عمل الشيطان حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم 45 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال حدثني العلوي عن عبدالله بن ربيعة قال غزونا مع عبدالله بن سعد إفريقية فصلى لهم صلاة فبينا هم في صلاتهم إذ فزع الناس فانصرفوا فقال لهم عبدالله بن سعد إن هذه الصلاة قد احتضرت فأعيدوا صلاتكم فأعاد بهم الصلاة وأعادوا حدثناه عبدالملك بن مسلمة حدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن أبي حبيب عن قيس بن أبي يزيد عن الجلاس بن عامر عن عبدالله بن ربيعة قال صلى عبدالله بن سعد للناس بإفريقية المغرب فلما صلى ركعتين سمع جلبة في المسجد فأرعبهم ذلك وظنوا أنهم العدو فقطع الصلاة فلما لم ير شيئا خطب الناس وقال إن هذه الصلاة قد احتضرت وأمر مؤذنة فأقام الصلاة ثم أعادها
لم يرو عنه غير أهل مصر وتوفي بعسقلان في أيام معاوية بن أبي سفيان قبل اجتماع الناس عليه يكنى أبا يحيى ويقال توفي عبدالله بن سعد سنة ست وثلاثين وكان والي البلد بمصر بعد عمرو بن العاص
وممن دخلها من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ممن شركوا الناس في الرواية عنه وأغربوا به عليهم في الحديث
الزبير بن العوام
(1/285)
ولهم عنه حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن من سمع عبيد الله بن المغيرة يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول لما افتتحنا مصر بغير عهد قام الزبير فقال أقسمها يا عمرو فقال عمرو لا أقسمها حتى أوامر أمير المؤمنين فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خيبر فقال عمرو والله لا أقسمها حتى أوامر أمير المؤمنين فكتب إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة حدثناه يوسف بن عدي عن عبدالله بن المبارك قال وحدثناه عبدالملك بن مسلمة قال ابن لهيعة وحدثني يحيى بن ميمون عن عبيد الله بن المغيرة عن سفيان بن وهب نحوه
وتوفي بوادي السباع سنة ست وثلاثين قتله ابن جرموز ويكنى أبا عبدالله
وعبدالله بن عمر بن الخطاب
ولهم عنه شبيه بثمانية أحاديث كلها أغربوا بها 46 منها حديث أبي شريح عبدالرحمن بن شريح عن شراحيل بن
(1/286)
بكيل عن عبدالله بن عمر قال كنت مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حين نزل تحريم الخمر فأمر بآنية الخمر فجمعها في موضع واحد ثم إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} غدا وهو آخذ بيدي اليسرى بيده اليمنى فأقبل عمر بن الخطاب فحولني عن يساره وأخذ رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بيدي اليمنى بيده اليسرى وأخذ عمر بن الخطاب بيده اليمنى يده اليسرى فسرنا ورسول الله {صلى الله عليه وسلم} فيما بيننا فأقبل أبو بكر فسرح رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يدي وحول عمر عن يساره وأخذ بيد أبي بكر بيده اليمنى يده اليسرى فسرنا حتى أتينا الآنية التي جمعت وفيها الخمر والزقاق فقال ائتوني بشفرة أو مدية فحسر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} عن ذراعيه وأخذ الشفرة فقال عمر وأبو بكر يا رسول الله نحن نكفيك فقال شقوها على ما فيها من غضب الله الخمر حرام لعن شاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وعاصرها ومعتصرها والقيم عليها وآكل ثمنها حدثناه طلق بن السمح قال حدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم وأبو الأسود النضر بن الجباروعبد الملك بن مسلمة قالوا حدثنا ابن لهيعة عن أبي طعمة قال سمعت ابن عمر يذكر عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نحوه قال عبدالملك بن مسلمة قال ابن لهيعة وكان أبو طعمة أول من أقرأ أهل مصر 47 حدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم وعبدالله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد قال أبي وحدثني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد أنه
(1/287)
سمع ثابت بن يزيد الخولاني يذكر أنه كان له عم يبيع الخمر ويتجر فيها فحججت فأتيت عبدالله بن عباس فذكرت ذلك له فقال يا أمة محمد لو كان كتاب بعد كتابكم أو نبي بعد نبيكم لأنزل عليكم كما أنزل على من كان قبلكم ولكن أخر عنكم إلى يوم القيامة وليس بأخف عليكم هي حرام وثمنها حرام ثم أتيت ابن عمر فذكرت له مثل ذلك فقال سوف أخبرك عن الخمر نزل على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} تحريم الخمر وأنا عنده فقال من كان عنده منها شيء فليؤذني به كلما جاءه أحد يخبره أن عنده منها شيء قال الوادي حتى إذا اجتمعت هنالك قام إليها فأتى أبو بكر وعمر فمشى بينهما حتى إذا وقف عليها قال أتعرفون هذه قالوا نعم هذه الخمر قال إن الله لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها قال الليث ثم دعا بالسكين فقال باعدوها ففعلوا ثم أخذها النبي {صلى الله عليه وسلم} يخرق الزقاق فقال الناس إن في هذه الزقاق لمنفعة قال أجل ولكن إنما أفعل ذلك لما فيها من سخط الله فقال عمر أنا أكفيك يا رسول الله فقال لا 48 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن قيصر مولى تجيب عن ابن عمر أنه كان عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأتاه شيخ فقال أقبل وأنا صائم قال نعم ثم جاءه شاب من قبل أن يقوم من مجلسه فسأله فقال لا فنظر بعضنا إلى بعض فقال قد علمت لم نظر بعضكم إلى بعض إن الشيخ يملك نفسه حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وخالف
أسد بن موسى في هذا الحديث فقال عبدالله بن عمرو والله أعلم قال عبدالرحمن بن عبدالحكم وكأني رأيت المصريين يقولون هو ابن عمر وقيصر مولى تجيب هو قيصر بن أبي بحرية 49 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي طعمة قال كنت مع ابن عمر إذ جاءه رجل فسأله عن الصيام في السفر فقال لا تصم قال إني أقوى على ذلك قال ابن عمر سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفات حدثناه النضر بن عبدالجبار وعبدالملك بن مسلمة
(1/288)
وكان ابن عمر شهد الفتح مع عمرو بن العاص وتوفي في سنة ثلاث وسبعين يكنى أبا عبدالرحمن
والمقداد بن الأسود
شهيد بدرا ولهم عنه ثلاثة أحايث عن نفسه وليس لهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} شيء 50 أحدها ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمعه يذكر أن المقداد بن الأسود كان غزا مع عبدالله بن سعد أفريقية فلما رجعوا قال عبدالله بن للمقداد في دار بناها كيف ترى بنيان هذه الدار فقال له المقداد إن كان من مال الله فقد أفسدت وإن كان من مالك فقد أسرفت فقال
عبدالله لولا أن يقول قائل أفسدت مرتين لهدمتها حدثناه عبدالملك بن مسلمة 51 والآخر ابن لهيعة عن عياش بن عباس القتباني عن أبي المعارك الوداني أن رجلا من غافق كان له على رجل من مهرة مائة دينا في زمان عثمان بن عفان فغنموا غنيمة حسنة فقال الرجل أعجل لك تسعين دينارا وتمحو عني المائة وكانت مستأخرة فرضي بذلك الغافقي فمر بهما المقداد بن الأسود فأخذا بلجام دابته ليشهداه فلما قصا عليه القصة قال كلاكما قد أذن بحرب من الله ورسوله حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار 52 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال حدثني أزهر بن يزيد الغطيفي قال كان على مقاسم الناس يوم جرجير شريك بن سمي فباع تبرا بذهب بعضه أفضل من بعض ثم لقيا المقداد بن الأسود فذكرا ذلك له فقال المقداد إن هذا لا يصلح يكنى أبا معبد وتوفي سنة ثلاث وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان
ومعاوية بن أبي سفيان
(1/289)
ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديثان أحدهما 53 حديث ابن لهيعة عن كعب بن علقمة قال أخبرنا حسان بن كريب الحميري قال سمعت ابن ذي الكلاع سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اتركوا الترك ما تركوكم حدثناه يحيى بن بكير 54 والآخر حديث الليث بن سعد وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يقول سألت أم حبيبة زوج النبي {صلى الله عليه وسلم} هل كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه وقال أحدهما يضاجعها فيه فقالت نعم إذا لم يكن فيه أذى حدثناه أبي وشعيب بن الليث وعبدالله بن صالح عن الليث بن سعد قال وحدثناه أبي وعبدالملك بن مسلمة عن ابن لهيعة وحدثناه أبي وإسحاق بن بكر بن مضر عن بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان مثله
وكان دخول معاوية بن أبي سفيان مصر في سنة سبع وثلاثين حتى بلغ سلمنت من كورة عين شمس يكنى أبا عبدالرحمن وتوفي بدمشق سنة ستين ومما يبين أن معاوية قد دخل مصر أن عبدالله بن يوسف حدثنا قال حدثنا محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم عن مدرك بن عبدالله الأزدي أو أبي مدرك قال غزونا مع معاوية مصر فنزلنا منزلا فقال عبدالله بن عمرو لمعاوية أتأذن لي أن أقوم في الناس فأذن له فقام على قوسه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول رأيت في منامي أن عمود الكتاب حمل من تحت رأس فأتبعته بصري فإذا هو كالعمود من النور يعمد به إلى الشأم ألا أن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشأم ثلاث مرات
وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق 55 ولهم عنه حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبي ثور عن عبدالرحمن بن أبي بكر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لا تحل الصدقة لغني
(1/290)
وعمار بن ياسر 56 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن أبي عشانة الموهبي من المعافر قال سمعت عمار بن ياسر يقول أبشروا فوالله لأنتم أشد حبا لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} ولم تروه من عامة من رآه حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار
وتوفي سنة سبع وثلاثين يكنى أبا اليقطان وكان دخوله مصر أيام عثمان بن عفان كما حدثنا عبدالحميد بن الوليد أبو زيد كبد وقد روى بعض الناس سمعت عمار بن ياسر بذي الصواري
وأبو أيوب الأنصاري شهد بدرا واسمه خالد بن زيد 57 ولهم عنه تسعة أحاديث أغربوا بها إلأ حديثا واحدا رواه الناس معهم وهو حديث البصل منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال أخبرني أبو عمران أسلم أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول قال لنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ونحن بالمدينة وأخبر بعير لأبي سفيان مقبلة فقال هل لكم أن نخرج فنتلقى هذه العير لعل الله يغنمناها قلنا نعم فخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا ما ترون في القوم فإنهم قد أخبروا بخروجكم قلنا لا والله يا رسول الله ما لنا طاقة بقتال العدو ولكنا أردنا العير ثم قال ما ترون في قتال العدو قلنا لا طاقة لنا بقتالهم فقال
(1/291)
المقداد بن عمرو إنا لانقول كما قال قوم موسى ) فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ( قال أبو أيوب فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا كما قال المقداد أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله على رسول {صلى الله عليه وسلم} ) كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون ( إلى قوله وهم ينظرون ثم أنزل الله ) أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ( إلى قوله كل بنان وقال ) وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ( والشوكة الشر وغير الشوكة العير فلما وعدنا الله إحدى الطائفتين إما العير وإما القوم طابت أنفسنا ثم إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بعث رجلا لينظر فأقبل الرجل فقال رأيت سوادا ولا أدري فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} هم هم فأمرنا أن نتعاد ففعلنا فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فأخبرنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بعدتنا فسر بذلك وحمدالله وقال عدة أصحاب طالوت ثم إنا اجتمعنا مع القوم فاصطففنا فبدرت منا بادرة فقال ابن رواحة يا رسول الله إني أريد أن أشير عليك ورسول الله أفضل مما يشار عليه إن الله أجل من أن يشك في وعده فقال يا بن رواحة لا تشكن في وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد وأخذ رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم فانهزموا فأنزل الله عز وجل ) وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ( فقتلنا
(1/292)
وأسرنا فقال عمر بن الخطاب لا يكون أسرى فإنما نحن داعون فقلنا معشر الأنصار إنما حمل عمر حسد لنا فنام رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم استيقظ فقال ادع لي عمر فدعي فقال له إن الله قد أنزل ) ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ( الآية حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم عن ابن لهيعة 58 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول بادروا بصلاة المغرب طلوع النجم حدثناه عبدالملك بن مسلمة حدثنا عبدالله بن يزيد المقرى ء حدثنا حيوة بن شريح أخبرنا يزيد بن أبي حبيب قال حدثني أبو عمران التجيبي أن عقبة بن عامر صلى صلاة المغرب فأخرها ونحن بالقسطنطينية ومعنا أبو أيوب الأنصاري فقال له أبو أيوب يا عقبة أتؤخر صلاة المغرب هذا التأخير وأنت من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فيراك من لم يصحبه فيظن أنه وقتها قال أبو عمران فقلت لأبي أيوب فمتى وقتها فقال كنا نصليها حين تجب الشمس نبادر بها طلوع النجوم 59 ة منها حديث الليث وحيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب قال حدثني أسلم أبو عمران قال كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن
(1/293)
عامر صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وعلى أهل الشأم فضالة بن عبيد فخرج من أهل المدينة صف عظيم من الروم وصففنا لهم صفا عظيما من المسلمين فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا وصاح الناس سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري فقال أيها الناس إنكم لتأولون هذه الآية على هذا التأويل وإنما أنزلت هذه الأية فينا معشر الأنصار إنه لما أعز الله دينه وكثر ناصريه قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سرا من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله عز وجل في كتابه يرد علينا ما هممنا به ) وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ( فكانت التهلكة أن نقيم في الأموال ونصلحها فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب غازيا في سبيل الله حتى قبضه الله حدثناه عبدالله بن صالح عن الليث بن سعد وعبدالله بن يزيد المقرى ء حدثناه عن حيوة بن شريح 60 ومنها حديث عبدالرحمن بن زياد بن أنعم عن أبيه أنه قال جمعنا وأبا أيوب الأنصاري مرسى في البحر فلما حضر غداؤنا أرسلنا إلى أبي أيوب وأهل مركبه فأتانا أبو أيوب فقال دعوتموني وأنا صائم فكان علي من الحق أن أجيبكم إني سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن للمسلم
(1/294)
على أخيه المسلم ست خصال واجبة فمن ترك خصلة منها فقد ترك حقا واجبا لأخيه عليه إذا دعاه أن يجيبه وإذا لقيه أن يسلم عليه وإذا عطس أن يشمته وإذا مرض أن يعوده وإذا مات أن يتبع جنازته وإذا استنصح له أن ينصحه قال حدثناه المقرى ء 61 ومنها حديث ابن لهيعة عن حيي بن عبدالله المعافري عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وعثمان بن صالح 62 ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي عبدالرحمن أن أبا أيوب أتى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بقصعة فيها بصل فقال كلوا وأبا أن يأكله وقال إني لست كمثلكم وزعم أبو عبدالرحمن أن أبا أيوب لم يكن يأكل البصل نيا ولا طبيخا وتوفي بالقسطنطينية سنة إحدى وخمسين غازيا مع يزيد من معاوية
وعبادة بن الصامت
قد شهد بدرا والعقبة ولهم عنه احاديث أغربوا بها
(1/295)
63 منها حديث ابن لهيعة ونافع بن يزيد عن سيار ابن عبدالرحمن عن يزيد بن قودر عن سلمة بن شريح عن عبادة بن الصامت قال أوصانا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بسبع خلال قال لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم أو حرقتم أو قتلتم ولا تتركوا الصلاة المكتوبة متعمدين فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة ولا تركبوا المعصية فإنها من سخط الله ولا تشربوا الخمر فإنها رأس الخطايا كلها ولا تفروا من القتل والموت وإن كنتم فيه ولا تعصين والديك وإن أمراك أن تخرج من الدنيا كلها فاخرج ولا تضع عصاك عن أهلك وأنصفهم من نفسك حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة وسعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد 64 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال حدثني علي بن رباح أنه سمع جنادة بن أبي أمية يقول سمعت عبادة بن الصامت يقول إن رجلا أتى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال يا رسول الله إي العمل أفضل قال إيمان بالله وتصديق وجهاد في سبيله قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال السماحة والصبر قال أريد أهون من ذلك قال لا تتهم الله في شيء قضى لك به حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ويحيى بن بكير
(1/296)
65 ومنها حديث ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ما من نفس تموت لها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم إلا الشهيد فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم 66 ولهم عن عبادة حديث قد شركهم الناس فيه وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن الصنابحي عن عباة بن الصامت أنه قال إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقال بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل النفس التي حرم الله ولا ننتهب ولا نقضي بالجنة إن فعلنا أو غشينا من ذلك شيئا كان قضاء ذلك إلى الله حدثناه عبدالله بن صالح قال حدثنا عبدالملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبدالله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبدالله اليزني عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت قال كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا فبايعنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} على بيعة النساء وذلك قبل أن تفرض الحرب على أن لا نشرك بالله شيئا ولا
(1/297)
نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر قال عبد الرحمن ورواه ابن شهاب الزهري عن عائذ الله بن عبدالله أبي إدريس الخولاني عن عبادة بن الصامت حدثناه عبدالله بن صالح عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد وعبد الملك بن هشام عن زياد بن عبدالله عن محمد بن إسحاق 67 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن علي بن رباح حدثه قال من سمع عبادة بن الصامت يقول كنا في المسجد نتقرأ معنا أبو بكر ونحن أميون يقرأ بعضنا على بعض فخرج عبدالله بن أبي بن سلول تتبعه نمرقة وزربية وضعتا له فاتكا فقال يابا بكر ألا تقول لمحمد يأتينا بآية كما أرسل الأولون جاء صالح بالناقة وجاء موسى بالألواح وجاء داود بالزبور وجاء عيسى بالمائدة وعبدالله بن أبي رجل فصيح صبيح فبكى أبو بكر فخرج رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال أبو بكر قوموا بنا نستغيث بنبي الله من هذا المنافق فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إنه لا يقام لي إنما يقام لله إن جبريل أتاني فقال اخرج حدث بنعمة الله التي أنعم عليك وبفضيلته التي فضلك بها فبشرني بعشر لم يؤتها نبي قبلي إن الله بعثني إلى الناس جميعا وأمرني أن أنذر الجن وإن الله لقاني كلامه وأنا أمي قد أوتي داود الزبور وموسى الألواح وعيسى الإنجيل وأنه غفر لي ذنبي ما تقدم منه وما تأخر وان الله أعطاني الكوثر وأن الله أمدني بالملائكة
وآتاني النصر وجعل بين يدي الرعب وجعل حوضي أعظم الحياض ورفع ذكري في التأذين ويبعثني يوم القيامة مقاما محمودا والناس مهطعين مقنعي رؤوسهم ويبعثني يوم القيامة في أول زمرة فأدخل الجنة في سبعين ألفا من أمتي لا يحاسبون ورفعني يوم القيامة في أقصى غرفة في جنات النعيم ليس فوقي إلا الملائكة الذين يحملون العرش وآتاني السلطان والملك وطيب لي الغنيمة ولأمتي ولم تكن لأحد قبلنا
(1/298)
وتوفي بالرملة سنة أربع وثلاثين يكنى أبا الوليد
وقيس بن سعد بن عبادة 68 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أحاديث منها ابن لهيعة وحيوة بن شريح عن عبدالعزيز بن عبد الملك بن مليل عن عبدالرحمن بن أبي أمية عن قيس بن سعد أنه قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول صاحب الدابة أولى بصدرها حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وقد شركهم في رواية هذا الحديث أهل الكوفة حدثناه أبو زرعة عن حيوة مثله سواء 69 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد بن عبدة عن قيس بن سعد أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خرج إليهم ذات يوم
وهم في المسجد فقال إن ربي حرم علي الخمر والميسر والكوبة والقنين وكل مسكر حرام حدثناه أبي عبدالله بن عبد الحكم وربما أدخل فيما بين عمرو بن الوليد وبين قيس أنه بلغه حدثنا سعيد بن عفير حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن بكر بن سوادة عن قيس بن سعد أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إن الله حرم الخمر والكوبة والقنين وإياكم والغبيراء فإنها ثلث خمر العالم 70 ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة أنه سمع شيخا يحدث أبا تميم الجيشاني أن سمع قيس بن سعد على المنبر يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من كذب علي كذبة متعمدا فليتبوأ بيتا من النار ألا ومن شرب الخمر أتى عطشانا يوم القيامة وكل مسكر حرام وسمعت عبدالله بن عمرو يقول مثل ذلك ولم يختلفا إلا في بيت أو مضجع حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وطلق بن السمح
وكان قيس بن سعد قد ولي مصر ولاه عليها علي بن أبي طالب في سنة سبع وثلاثين وعزله في سنة ثمان وثلاثين
وجابر بن عبدالله الأنصاري 71 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أحاديث منها حديث بكر بن سوادة وجعفر بن ربيعة عن أبي حمزة الخولاني أنه سمع جابر بن عبدالله
(1/299)
يقول بعث رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بعثا وأنا فيهم وأمر عليهم قيس بن سعد بن عبادة فجهدوا فنحر لهم قيس تسع ركائب ومروا بالبحر فوجدوه قد ألقى دابة حوتا عظيما فمكثوا عليه ثلاثة أيام يأكلون منه ويقددون ويغترفون شحمه في قربهم فلما قدموا على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ذكروا له شأن قيس فقال إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت وذكروا الحوت فقال لو نعلم أنا نبلغه ولم يرح لأحببت أن لو كان عندنا منه حدثناه شعيب بن يحيى عن يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة يزيد أحدهما الحرف ونحوه 72 ومنها حديث بكر بن مضر والليث بن سعد عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي عن جابر بن عبدالله عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال من صام رمضان وأتبعة ستا من شوال فكأنما صام الدهر أو فذلك صيام الدهر حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وعبدالغفار بن داود عن بكر بن مضر قال وحدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة وعثمان بن صالح عن الليث بن سعد 73 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر عن جابر بن عبدالله صاحب النبي انه سمعه يقول الفار من الطاعون كالفار من الزحف حدثناه عثمان بن صالح
(1/300)
74 ومما يبين قدوم جابر بن عبدالله مصر ما حدثنا عبدالله بن يوسف حدثنا سعيد بن عبدالعزيز التنوخي قال قدم جابر بن عبدالله على مسلمة بن مخلد وهو أمير على مصر فقال له أرسل إلى عقبة بن عامر الجهني حتى أسأله عن حديث سمعه من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأرسل إليه فقال إني سمعت ويقال الذي قدم من المدينة على عقبة بن عامر إنما هو السائب بن خلاد الأنصاري فيما ذكر يحيى بن حسان عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال إن السائب بن خلاد الأنصاري قدم على عقبة بن عامر الجهني فقال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يذكر في الستر شيئا فقال عقبة سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من ستر مسلما ستره الله قال أنت سمعته من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال نعم قال فراح ولم يقدم من المدينة إلا لذلك والله أعلم 74 م قال وحدثنا عبدالله بن صالح حدثنا يحيى بن أيوب عن عياش بن عباس عن واهب بن عبدالله المعافري قال قدم رجل من أصحاب رسول
الله {صلى الله عليه وسلم} من الأنصار على مسلمة بن مخلد فألفاه نائما فقال أيقظوه فقالوا بل تنزل حتى يستيقظ قال لست فاعلا فأيقظوا مسلمة فخرج فقال انزل قال لا حتى ترسل إلى عقبة قال فأرسل إليه فأتاه فقال هل سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من وجد مسلما على عورة فستره فكأنما موءودة من قبرها فقال عقبة أنا أبو حماد قد سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول ذلك ولم يسم يحيى بن أيوب الرجل والله أعلم
(1/301)
وسهل بن سعد الساعدي 75 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أحاديث كلها أغربوا بها منها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن سهل بن سعد أن رجلا كان اسمه أسود فسماه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أبيض حدثناه سعيد بن تليد عن أبي وهب عن ابن لهيعة 76 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر قال سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لا تسبوا تبعا فانه قد أسلم حدثناه أبو الأسود وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة 77 ومنها حديث ابن لهيعة عن جميل الحذاء عن سهل بن سعد قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول اللهم لا يدركني زمان ولا أدركه لا يتبع فيه العليم ولا يستحيا فيه من الحليم قلوبهم قلوب الأعاجم ألسنتهم ألسنة العرب حدثناه عثمان بن صالح
78 ومنها حديث بكر بن مضر عن عياش بن عقبة أن يحيى بن ميمون حدثه قال كنت في المسجد فمر بي سهل بن سعد الأنصاري فسلم ثم وقف فقال أحدثك بشيء سمعته من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم التفت إلى إنسان كان بجنبي فقلت له ليس بيني وبين رسول الله {صلى الله عليه وسلم} غير هذا فقال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من كان في المسجد ينتظر الصلاة فهو في صلاة حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم 78 م وحدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال سمعت سهل بن سعد يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في المسجد ينتظر الصلاة
ومسلمة بن مخلد الأنصاري 79 ولهم عنه حديث واحد ليس لهم عنه غيره وهو حديث موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول وهو على المنبر توفي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأنا ابن عشر سنين لم يرو عنه غير أهل مصر وأهل البصرة لهم عنه حديث واحد وهو حديث أبي هلال الراسبي 79 م حدثنا جبلة بن عطية عن مسلمة بن مخلد أنه رأى معاوية يأكل
فقال لعمرو بن العاص إن ابن عمك لمخضد ثم قال أما إني أقول هذا وقد سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد وقه العذاب وربما أدخل بعض المحدثين بين جبلة بن عطية وبين مسلمة رجلا
(1/302)
وقد ولي مسلمة مصر وهو أول من جمعت له مصر والمغرب وتوفي سنة اثنتين وستين يكنى أبا سعيد
وفضالة بن عبيد الأنصاري 80 ولهم عنه شبيه بعشرين حديثا منها حديث ابن وهب عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني عن فضالة بن عبيد أنه سمع عمر بن الخطاب يقول أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول الشهداء أربعة رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذاك الذي يرفع إليه الناس يوم القيامة أعينهم هكذا ورفع رأسه حتى وقعت قلنسيته فما أدري أقلنسية عمر أم قلنسية رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ورجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو كأنما يضرب جلده بشوك الطلح من الجبن أتاه سهم غرب فقتله
فهو في الدرجة الثانية ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الثالثة ورجل مؤمن أسرف على نفسه فلقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الرابعة حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم 81 ومنها حديث ابن لهيعة قال حدثني أبو هانى ء الخولاني عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير حدثناه أسد بن موسى 82 ومنها حديث الليث بن سعد عن أبي هانى ء الخولاني عن عمرو بن مالك الجنبي عن فضالة بن عبيد قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في حجة الوداع ألا أخبركم بالمؤمن من آمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب حدثناه أبو صالح 83 ومنها حديث الليث بن سعد قال حدثني أبو شجاع سعيد بن
(1/303)
يزيد الحميري عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد قال اشتريت يوم خيبر قلادة فيها خرز وذهب باثني عشر دينارا ففصلتها فإذا الذهب أكثر من اثني عشر دينارا فذكرت ذلك لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال لا تباع حتى تفصل حدثناه أسد بن موسى وعبدالله بن صالح 83 م قال حدثنا المقرى ء قال حدثنا حيوة بن شريح قال أخبرني أبو هانى ء حميد بن هانى ء عن علي بن رباح عن فضالة بن عبيد قال أتي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بقلادة فيها ذهب وخرز تباع وهي من المغانم فأمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال الذهب بالذهب وزنا بوزن 84 ومنها حديث حيوة بن شريح قال حدثني أبو هانى ء الخولاني أن عمرو بن مالك حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع حدثناه أسد بن موسى عن عبدالله بن المبارك 85 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي هانى ء الخولاني عن عمرو بن
مالك الجنبي عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول أنا الزعيم لمن آمن بي وأسلم ببيت في ربض الجنة وأنا الزعيم لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط الجنة وأنا الزعيم لمن آمن بي وأسلم وهاجر وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة وبيت في وسط الجنة وبيت في أعلى الجنة ولم يدع للخير مطلبا ولا من الشر مهربا يموت حيث شاء أن يموت حدثناه أسد بن موسى 86 ومنها حديث حيوة بن شريح أخبرني أبو هانى ء الخولاني أن عمرو بن مالك الجنبي أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يحدث عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة حدثناه المقرى ء عن حيوة بن شريح وأسد بن موسى عن ابن المبارك عن حيوة 87 ومنها حديث حيوة عن أبي هانى ء أن عمرو بن مالك أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول المجاهد
(1/304)
من جاهد نفسه حدثناه أسد بن موسى عن عبدالله بن المبارك 88 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال أخبرني أبو مرزوق التجيبي عن حنش بن عبدالله عن فضالة بن عبيد قال دعا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بشراب فقال له بعضنا ألم تكن صائما يا رسول الله قال بلى ولكني قئت حدثناه أسدبن موسى وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار وعثمان بن صالح 89 ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي علي الهمداني أنه قال رأيت فضالة بن عبيد أمر بقبور المسلمين بأرض الروم فسويت بالأرض قال ابن لهيعة في حديثه وقال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول سووا قبوركم بالأرض حدثناه المقرى ء عن سعيد بن أبي أيوب قال وحدثناه أسد بن موسى عن ابن لهيعة 90 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي هانى ء عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ثلاثة لا تسأل عنهم رجل
فارق الجماعة أو عصى إمامه فمات عاصيا فلا تسئل عنه وأمة أو عبد أبق من سيده فمات فلا تسأل عنه وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنها وثلاثة لا تسأل عنهم رجل ينازع الله رداءه قال ورداؤه الكبرياء وإزاره العزة ورجل في شك من الله
روى عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيب ومن أهل الشأم ابن محيريز وليس لغيرهم من أهل البلدان عنه شيء وتوفي سنة ثلاث وخمسين يكنى بأبي محمد وكان معاوية استقضاه
(1/305)
ورويفع بن ثابت الأنصاري 91 ولهم عنه أحاديث أقل من العشرة منها حديث نافع بن يزيد قال حدثني ربيعة بن سليم مولى عبدالرحمن بن حسان التجيبي أنه سمع حنش الصنعاني يحدث أنه سمع رويفع بن ثابت في غزوة إياس قبل المغرب يقول أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال في غزوة خيبر إنه بلغني أنكم تتبايعون المثقال بالنصف أو الثلثين وأنه لا يصلح إلا المثقال بالمثقال والوزن بالوزن وقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من المغانم حتى إذا أنقضها ردها في المغانم ولا ثوبا يلبسه حتى إذا أخلق رده في المغانم وقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره حدثناه سعيد بن أبي مريم
92 ومنها حديث عبدالله بن عياش القتباني عن أبيه عن شييم بن بيتان عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من ردته الطيرة عن شيء فقد قارف الشرك حدثناه إدريس بن يحيى الخولاني 93 ومنها حديث ابن عياش عن أبيه عن شييم بن بيتان عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت قال كنت في مجلس فيه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال وكنت من أحدثهم سنا فنظر إلي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال رويفع لعله سيطول بك العمر فأخبر الناس أنه من استنجى بروث دابة أو بعظم أو تعلق وترا يريد تميمة أو عقد لحيته في الصلاة فقد برئت منه ذمة محمد حدثناه إدريس بن يحيى 94 ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفاء بن شريح الحضرمي عن رويفع بن ثابت عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال من صلى على محمد وقال اللهم أعطه المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي حدثناه سعيد بن أبي مريم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار وأسد بن موسى وقال بعضهم وأنزله المقعد المقرب 95 ومنها حديث المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس
(1/306)
القتباني عن شييم بن بيتان أنه سمع شيبان بن أمية القتباني عن رويفع بن ثابت قال كان أحدنا في زمان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يأخذ نضو أخيه على أن يعطيه النصف مما يغنم حتى أن أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح وقال رويفع قال لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يا رويفع لعل الحياة ستطول بك بعدي فأخبر الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو بعظم فإن محمدا منه بريء 95 م وأخبرني عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم الجيشاني عن عبدالله بن عمرو أنه سمعه يذكر هذا الحديث وهو مرابط حصن باب اليون حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار قال عبدالرحمن كان أبو الأسود يقولها بالميم ويقول إنما سمي كذا لأنهم كانوا يقولون من يقاتل اليوم
وأبو هريرة 96 ولهم عنه شبيه بعشرين حديثا منها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن ثابت بن الحارث أخبره أنه سمع أبا هريرة يخبر عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية أتاكم أهل اليمن أرق
أفئدة وألين قلوبا والكفر قبل المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 97 ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن عبدالعزيز بن مروان عن أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع حدثناه المقرى ء وعبدالله بن صالح 98 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن لهيعة بن عقبة عن أبي الورد عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إياكم والخيل المنفلة فإنها أن تلق تفرر وإن تغنم تغلل حدثناه أحمد بن عمرو بن السرح عن أبي وهب 99 ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج أبي السمح عن ابن حجيرة عن أبي هريرة عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال ) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( قال هم الذين ) يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ( حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ويحيى بن عبدالله بن بكير
(1/307)
100 ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال والذي نفسي بيده إنه ليختصم كل شيء يوم القيامة حتى أن الشاتين لتختصمان فيما انتطحتا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار 101 ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج عن عبدالرحمن بن حجيرة قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثل الذي يتعلم ولا يعلم ولا يتحدث كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار 102 ومنها حديث ابن لهيعة عن سلامان بن عامر الشعباني قال حدثني أبو عثمان الأصبحي عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قالوا وما ذاك يا رسول الله قال يتقارب الزمان ويظهر النفاق وتقبض الرحمة وترفع الأمانة ويتهم الأمين ويؤمن المتهم أناخ بكم الشرف الجون قال يقول أبو هريرة وما سمعتها من أحد أول من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قالوا يا رسول الله وما الشرف
الجون قال الفتن قطع كقطع الليل المظلم حدثناه النضر بن عبد الجبار وطلق بن السمح 103 ومنها حديث الليث بن سعد عن دراج أبي السمح عن ابن حجيرة عن أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إذا صلى أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب وليضم فخذيه حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وعبدالله بن صالح قال عبدالرحمن لم يرو الليث عن دراج إلا هذا الحديث قال وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبدالجبار حدثنا ابن لهيعة عن سويد الحاسب أنه رأى أبا هريرة يصلي على مسجد مصر قال وحدثنا حبيب بن مرزوق كاتب مالك قال حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد قال كان اسم أبي هريرة عبد شمس ويقال عبد نهم والله أعلم وتوفي بالمدينة سنة تسع وخمسين ويقال ثمان وخمسين
وأبو بصرة الغفاري واسمه حميل بن بصرة 104 ولهم عنه خمسة أحاديث منها حديث الليث بن سعد عن
(1/308)
خالد بن يزيد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي بصرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إنا راكبون غدا إن شاء الله إلى يهود فإذا سلموا عليكم فقولوا عليكم حدثناه عبدالله بن صالح حدثنا علي بن معبد حدثنا عبيد الله بن عمرو الجزري عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبدالله اليزني عن أبي بصرة عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله 105 ومنها حديث الليث بن سعد عن خير بن نعيم عن ابن هبيرة عن أبي تميم عن أبي بصرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} صلى بهم يوما صلاة العصر بالمخمص واد من أوديتهم ثم انصرف فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتوانوا عنها وتركوها فمن صلاها منكم ضعف الله له أجرها ضعفين ولا صلاة بعدها حتى تطلع الشاهد حدثناه عبدالله بن صالح عن الليث قال وحدثنا أبي عبدالله بن عبدالحكم عن ابن لهيعة وإدريس بن يحيى عن عبدالله بن عياش القتباني عن ابن هبيرة عن أبي تميم عن أبي بصرة عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نحوه
106 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن كليب بن ذهل الحضرمي عن عبيد بن جبير أنه سافر مع أبي بصرة الغفاري في رمضان فلما دفعوا من الفسطاط دعا بطعام ونحن ننظر إلى الفسطاط فدعا بالسفرة فقلت نأكل ولو نشاء أن ننظر إلى الفسطاط نظرنا فقال أنرغب عن سنة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأصحابه فأفطرنا حدثناه عبدالله بن صالح وحدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة 107 ومنها حديث ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي الهيثم أنه سأل أبا بصرة عن إسلام غفار فقال أصابتنا سنة وقلة من المطر فتحدثنا أن نذهب إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فنصيب معه من الطعام ونرجع إلى جبلنا فانطلقنا إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ونحن لا نريد الإسلام فقال من القوم قلنا رهط من بني غفار قال أمسلمون أم وصابى فقلنا بل وصابى فمكثنا يومنا ذلك فلما كان المبيت قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لأصحابه ليأخذ
(1/309)
كل رجل منكم بيد رجل منهم فوفق الله لي أن أخذ رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بيدي فانطلق بي إلى بيته وله ثمان أعنز يحتلبهن فدعا كل عنز منها باسمها فدعا موهبة بعنز منها فأتت بها فحلبتها فسقاني فكأني لم أشرب شيئا ثم دعا بالأخرى فلم يزل حتى سقاني حلاب سبع أعنز فما تركت الثامنة إلا حفاظا فغضبت موهبة غضبا لا يرى مثله وأبغضتني بغضا لا يرى مثله غير أن لم تبد ذلك لي عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} دعاها فقال يا موهبة بيتي هذا الرجل في بيت ولا توثقي عليه الباب فإنه قد أصاب من العيش فذهبت بي الجارية فأدخلتني البيت وأغلقت علي الباب غضبا فتحركت علي بطني في ليلتي تلك كلها حتى أصبحت وقد ملأت ثيابي فدعا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بالغسل فغسلني وأزرني بشملة من عنده فلما أصبحت غدا بي إلى المسجد فوجدت حلقة أصحابي قد أسلموا فأسلمت فلما كان المبيت أمر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أصحابه أن يأخذ كل رجل بيد صاحبه فيبيته فأخذ رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بيدي فانطلقت إلى بيته فدعا موهبة فقال ائتني بفلانة فحلبها فلم أشرب نصف حلابها فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يأبا بصرة إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد قال حدثناه سعيد بن عفير 108 ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة أن أبا تميم الجيشاني
أخبره أنه سمع عمرو بن العاص يقول أخبرني رجل من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه سمع النبي {صلى الله عليه وسلم} يقول إن الله قد زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر ألا إنه أبو بصرة الغفاري قال أبو تميم فكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ أبو ذر بيدي فانطلقنا إلى أبي بصرة فوجدناه عندالباب الذي إلى دار عمرو بن العاص فقال أبو ذر يأبا بصرة أنت سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن الله قد زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى الصبح الوتر الوتر قال نعم قال أنت سمعته قال نعم قال أنت سمعته قال نعم حدثناه يحيى بن عبدالله بن بكير عن ابن لهيعة وعمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة لم يرو عنه غير أهل مصر
(1/310)
وأبو ذر الغفاري 109 ولهم عنه أحاديث منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا سالم الجيشاني أتى إلى أبي أمية في منزله فقال إني سمعت أبا ذر يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فيخبره أنه يحبه وقد جئتك في منزلك حدثناه أبو الأسود
110 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري أنه سمع يزيد بن نعيم التجيبي يقول سمعت أبا ذر الغفاري وهو قاعد عند المنبر في مسجد الفسطاط يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من تقرب إلى الله شبرا تقرب الله إليه ذراعا ومن تقرب إلى الله ذراعا تقرب الله إليه باعا والله أعلى أعلى وأجل ثلاث مرات حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار 111 ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج عن أبي الميثاء عن أبي ذرقال قال لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ستة أيام اعقل ما أقول لك ثم لما كان اليوم السابع قال أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك وإذا أسأت فأحسن ولا تسأل أحدا شيئا ولو سقط سوطك ولا تؤو أمانة ولا تولين يتيما ولا تقضين بين اثنين حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ويحيى بن عبدالله بن بكيروعثمان بن صالح ولم يذكر أبو الأسود أبا الميثى 112 ومنها حديث رشدين بن سعد وابن وهب عن حرملة بن عمران التجيبي عن ابن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله
(1/311)
{صلى الله عليه وسلم} إنكم ستفتحون أرضا يذكرفيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم أخوين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها فمر بعبدالرحمن وربيعة ابني شرحبيل بن حسنة وهما يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم عن رشدين بن سعد وعبدالملك بن مسلمة عن ابن وهب عن ابن لهيعة 113 ومنها حديث ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة أن أبا سالم الجيشاني حدثه عن أبي ذر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال له كيف ترى جعيلا قال قلت مسكينا كشكلة من الناس قال فكيف ترى فلانا قال قلت سيدا من سادات الناس قال فجعيل خير من ملءالأرض أو ألف أو نحو ذلك من فلان قال قلت يا رسول الله ففلان هكذا وأنت تصنع به ما تصنع قال إنه رأس قومه فأنا أتألفهم به قال حدثناه سعيد بن عيسى بن تليد 114 ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني أن أبا ذر حدثه قال كنت مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حتى دخل بيته فجعل يقول غير الدجال أتخوف على أمتي غير الدجال أتخوف على أمتي فلما خشيت أن يدخل بيته ولم يبينها قال قلت ما هذا الذي غير الدجال أخافك على أمتك يا رسول الله قال الأئمة المضلين أو الضالين حدثناه طلق بن السمح ويحيى بن عبدالله بن بكير وهانى ء بن المتوكل
(1/312)
115 ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن عبيدالله بن أبي جعفر عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر أنه قال إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم حدثناه المقرى ء عن سعيد بن أبي أيوب 116 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي قبيل قال سمعت مالك بن عبدالله البردادي يحدث عن أبي ذر أنه قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول ما أحب أن لي هذا الجبل ذهبا أنفقه ويتقبل مني أذر خلفي منه تسع أواق أنشدك الله يا عثمان أسمعته من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثلاث مرات قال نعم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 117 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي ذر أنه قال قلت يا رسول الله ألا تستعلمني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يأبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار حدثناه ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال سمعت ابن
حجيرة الأكبر يقول حدثني من سمع أبا ذر
وتوفي بالربذة سنة ثنتين وثلاثين وصلى عليه ابن مسعود منصرفه من المدينة إلى الكوفة وكان اسمه جندب بن جنادة ويقال برير فيما حدثنا عبدالملك بن هشام
(1/313)
وهبيب بن مغفل الغفاري هو صاحب وادي هبيب 118 ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أسلم أبا عمران حدثه قال بعثني مسلمة بن مخلد إلى صاحب الحبشة قال فلما قدمت وعنده ناس ينتظرون الاذن فيهم هبيب بن مغفل الغفاري صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ومحمد بن علبة القرشي فأذن لمحمد بن علبة فقام يجر إزاره فنظر إليه هبيب فقال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من جر إزاره خيلاء وطئه في النار حدثناه عبدالملك بن مسلمة ورواه ابن وهب عن قرة بن عبدالرحمن عن ابن أبي حبيب أن أبا عمران أخبره عن هبيب بن مغفل أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله ليس لهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث غيره 119 ولهم عنه حكايات في نفسه منها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول غزونا مع عمرو بن العاص غزوة أطرابلس فجمعنا المجلس ومعنا هبيب بن مغفل فذكرنا قضاء
دين رمضان فقال هبيب لا يفرق قضاء دين رمضان فقال عمرو بن العاص لا بأس أن يفرق قضاء دين رمضان إذا أحصيت العدة إنما هي عدة حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 120 ومنها حديث ابن لهيعة عن أسامة بن أساف الغفاري قال حدثني أبو صالح الغفاري قال خرجت مع هبيب بن مغفل الغفاري صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهو يريد أهله وقد خبر بابن له مريض فحانت الظهر فسار كما هو فقلت الصلاة أصلحك الله فسار كما هو حتى حانت العصر فنزل فجمع بين الظهر والعصر لم يرو عنه أحد غير أهل مصر
وعقبة بن عامر الجهني 121 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} شبيه بمائة حديث منها حديث حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال الخبث سبعون جزءا للبربر تسعة وستون جزءا وللجن والإنس جزء واحد حدثناه أبو زرعة وهب الله بن راشد 122 ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب قال حدثني يزيد بن أبي
(1/314)
حبيب قال سمعت أبا الخير مرثد بن عبدالله اليزني يقول رأيت أبا تميم الجيشاني عبدالله بن مالك يركع ركعتين حين يسمع أذان المغرب فأتيت عقبة بن عامر الجهني فقلت ألا أعجبك من أبي تميم يركع ركعتين قبل صلاة المغرب وأنا أريد أن أغمصه بذلك فقال عقبة إن كنا لنفعله على عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قلت فما يمنعك الآن قال الشغل حدثناه المقرى ء عن سعيد بن أبي أيوب 123 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أعطاه غنما يقسمها على أصحابه ضحايا فبقي عتود فذكره لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال ضح به أنت حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وحدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وأسد بن موسى 124 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أنه قال قلنا يا رسول الله إنك تبعثنا فنزل بقوم لا يقرونا فما ترى في ذلك فقال لنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف
الذي ينبغي لهم قال حدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح وأسد بن موسى ولم يذكر أسد أنك تبعثنا 125 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال أهدي إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ثم قال لا ينبغي هذا للمتقين حدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح وأسد بن موسى ولم يذكر أسد كالكاره له 126 ومنها حديث ابن لهيعة عن كعب بن علقمة عن عبدالرحمن بن شماسة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال كفارة النذر كفارة اليمين قال حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار 127 ومنها حديث ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن
(1/315)
عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال نعم أهل البيت أبو عبدالله وأم عبدالله وعبد الله حدثناه المقرى ء 128 ومنها حديث حيوة وابن لهيعة عن بكر بن عمرو المعافري عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب حدثناه المقرى ء عن حيوة وعبدالغفار بن داود الحراني عن ابن لهيعة 129 ومنها حديث ابن لهيعة عن مشرح قال سمعت عقبة يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق قال حدثناه المقرى ء وسعيد بن عفير وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار 130 حديث ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه يجري له أجر عمله حتى يبعث حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم والمقرى ء وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار قال أبو الأسود يجرى عليه عمله حتى يبعث ويؤمن من فتان القبر
131 ومنها حديث ابن لهيعة قال سمعت مشرح بن عاهان يقول سمعت عقبة بن عامر يقول سألت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقلت يا رسول الله فضلت سورة الحج على القرآن لأن فيها سجدتين فقال رسول الله نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأ بها حدثناه أبي وأبو الأسود وأسد بن موسى قال وأبو الأسود في حديثه قلت يا رسول الله في سورة الحج سجدتان 132 ومنها حديث ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان وحيوة عن خالد بن عبيد عن مشرح أنه سمع عقبة بن عامر يقول أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من علق تميمة فلا أتم الله له ومن علق ودعة فلا أودع الله له حدثناه أبو الأسود عن ابن لهيعة والمقرى ء وأبو زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة قال المقرى ء من تعلق تميمة
(1/316)
133 ومنها حديث حرملة بن عمران قال سمعت أبا عشانة يقول سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار قال حدثناه المقرى ء وعبدالله بن صالح 134 ومنها حديث يحيى بن أيوب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حدثه عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من توضأ فجمع عليه ثيابه ثم خرج إلى المسجد كتب له كاتباه بكل خطوة عشر حسنات ولم يزل في صلاة ما دام ينتظر الصلاة ويكتب من المصلين من حين يخرج
من بيته حتى يرجع إليه حدثناه سعيد بن أبي مريم 135 ومنها حديث ابن لهيعة عن معروف بن سويد الجذامي عن أبي عشانة أنه سمع عقبة بن عامر يقول كنت عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ذات يوم فقال من كان هاهنا من معد فليقم قال فقمت فقال اقعد قالها ثلاثا كل ذلك أقوم فيقول اقعد قلت فممن نحن يا رسول الله قال أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير حدثناه عبدالملك بن مسلمة وحدثناه سعيد بن عيسى بن تليد عن ابن وهب عن معروف وحدثناه عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة وليس يقول أحد عن مشرح عن عقبة غير عثمان 136 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة أنه سمعه يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا في جهنم 137 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي عشانة أنه سمع عقبة يخبر أن
(1/317)
رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا حدثناه عبدالملك بن مسلمة 138 ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب قال حدثني يزيد بن عبدالعزيز وأبو مرحوم عن يزيد بن محمد القرشي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال أمرني رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة حدثناه المقرى ء عن سعيد بن أبي أيوب وحدثناه عبدالله بن صالح عن الليث بن سعد عن حنين بن أبي حكيم عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر 139 ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول سمعت عقبة بن عامر يقول ثلاث ساعات كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب
حدثناه المقرى ء عبدالله بن صالح 140 ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال يوم النحر ويوم عرفة وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام هي أيام أكل وشرب حدثناه عبدالله بن صالح 141 ومنها حديث قباث بن رزين عن علي بن رباح قال سمعت عقبة بن عامر قال كنا في المسجد نتعلم القرآن فدخل علينا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فسلم علينا فرددنا عليه السلام فقال تعلموا القرآن واقتنوه وحسبت أنه قال وتغنوا به والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل قال حدثناه المقرى ء
(1/318)
142 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لرجل يقال له ذو البجادين أنه أواه وذلك أنه يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء ويرفع صوته قال حدثناه أسد بن موسى قال عبدالرحمن لم يرو هذا الحديث إلا أسد بن موسى 143 ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن ربيعة بن قيس الجنبي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى صلاة غير ساه ولا لاه كفر عنه ما كان قبلها من سيئة قال عبدالرحمن لا أحفظ من حدثناه عن ابن لهيعة 144 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة
انه سمع عقبة بن عامر يقول صلينا يوما مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأطال بنا القيام وكان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا صلى خفف ورسول الله {صلى الله عليه وسلم} في قيامه ذلك لا يسمع منه غير أنه قال رب وأنا فيهم ثم رأيناه أهوى بيده ليتناول شيئا ثم إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ركع ثم أسرع بعد ذلك فلما أن سلم جلس وجلسنا حوله فقال إني قد علمت أنه قد رابكم طول قيامي قلنا أجل يا رسول الله وسمعناك تقول يا رب وأنا فيهم فقال والذي نفسي بيده ما مما وعدتم به في الآخرة إلا وقد عرض علي في مقامي هذا حتى لقد عرضت علي النار فلما أن أقبل إلي منها شيء حتى حاذى بمنكبي فخفت أن يغشاكم فقلت أي رب وأنا فيهم فصرفها الله عنكم فأدبرت قطعا كأنها الزرابي فأشرفت فيها إشرافة فإذا فيها عمران بن حرثان أو جربان شك عبدالرحمن أخي بني غفار متكئا في جهنم على قوسه وإذا فيها صاحبة القط التي ربطته فلم تطعمه ولم تسرحه فيبتغي ما يأكل فمات على ذلك حدثناه أبو الأسود النضر بن الجبار 145 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة انه سمع عقبة بن عامر يقول إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال المؤمن أخو المؤمن ولا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه حتى يذر ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر قال حدثناه عبدالله بن صالح
(1/319)
146 ومنها حديث ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله عن عبدالرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال الميت من ذات الجنب شهيد حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وعبدالملك بن مسلمة 147 ومنها حديث ابن لهيعة عن رزيق الثقفي أنه سمعه يقول سمعت ابن شماسة يحدث عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفات حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار 148 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يعقوب عن ابن شماسة المهري أنه قال لعقبة بن عامر إنك تختلف بين هذين الغرضين وأنت شيخ كبير يشق عليك ذلك قال عقبة لولا كلام سمعته من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لم أتعنه قال الحارث فقلت لابن شماسة وما ذاك قال إنه قال من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى قال الحارث حسبت أنه قال هكذا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وعبدالملك بن مسلمة وفي حديث عبدالملك أن فقيما اللخمي قال لعقبة إنك تختلف بين هذين
(1/320)
149 ومنها حديث حيوة بن شريح ونافع بن يزيد عن بكر بن عمرو قال سمعت شعيب بن زرعة يقول أنه سمع عقبة بن عامر يقول أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول لأصحابه لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها قالوا يا رسول الله وما نخيف به أنفسنا قال الدين حدثناه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد والمقرى ء عن حيوة بن شريح 150 ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد عن عبدالرحمن بن جبير أنه سمع عقبة بن عامر يقول أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نهى عن الكي وشرب الحميم وكان إذا اكتحل اكتحل وترا وإذا استجمر استجمر وترا حدثناه أسد بن موسى وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد 151 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي قبيل قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول هلاك أمتي في الكتاب واللبن قالوا يا رسول الله وما الكتاب واللبن قال يتعلمون الكتاب فيتأولونه على غير ما أنزله الله ويحبون اللبن فيدعون الجماعات والجمع قال أبو قبيل ولم أسمع من عقبة بن عامر غير هذا حدثناه المقرى ء وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار
152 ومنها حديث ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبدالرحمن التجيبي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول لا يدخل الجنة صاحب مكس حدثناه علي بن معبد عن عبيد الله بن عمرو الجزري 153 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن هشام بن أبي رقية أخبره أنه سمع مسلمة بن مخلد يقول ما يحمل الرجل المسلم على لبس الحرير وله في العصب والكتان ما يغنيه وهذا بين أظهركم من يخبركم عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قم يا عقبة فقام عقبة بن عامر فقال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول من كذب علي كذبة متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وسمعته يقول من لبس الحرير في الدنيا حرمه الله في الآخرة قال حدثناه عبدالملك بن مسلمة
(1/321)
154 ومنها حديث ابن لهيعة عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إذا رأيت الله يعطي العباد ما يسألون على معاصيهم إياه فإنما ذلك استدراج منه لهم ثم تلى ) فلما نسوا ما ذكروا به ( إلى آخر الآية حدثناه عبدالله بن عباد العبدي 155 ومنها حديث الليث بن سعد عن ابن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن عقبة بن عامر قال اتبعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهو راكب فوضعت يدي على قدمه فقلت أقرئني من سورة هود أو سورة يوسف فقال لن تقرأ أبلغ عند الله من ) قل أعوذ برب الفلق ( حدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح وأسد بن موسى 156 ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي سعيد القتباني عن أبي تميم الجيشاني عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت أن تحج ماشية بغير خمار فبلغ ذلك النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال لتحج راكبة مختمرة ولتصم
حدثناه سعيد بن أبي مريم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار قال أبو الأسود عن بكر أنه سمع عن عقبة ولم يقل مختمرة 157 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عمن سمع عقبة بن عامر يقول بعثني رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ساعيا فاستأذنته نأكل من الصدقة فأذن لنا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 158 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن شماسة حدثه أن عقبة بن عامر قام في صلاة وعليه جلوس فقال الناس سبحان الله سبحان الله فعرف الذي يريدون فلما أتم صلاته سجد سجدتين وهو جالس وقال إني قد سمعت قولكم وهذه السنة حدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح وحدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة عن عقبة نحوه
قال وشركهم في الرواية عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيب ومعاذ بن عبدالله بن حبيب ومن أهل الكوفة قيس بن أبي حازم ومن أهل
البصرة الحسن بن أبي الحسن وليس ذلك بالصحيح وكان مفتي البلد وتوفي بمصر في خلافة معاوية يكنى أبا حماد
(1/322)
وأبو عبدالرحمن الجهني 159 ولهم عنه حديثان أحدهما ابن لهيعة عن أبي الخير عن أبي عبدالرحمن الجهني أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} باع رجلا في دين يقال له سرق قال عبدالرحمن هكذا وجدته في كتابي فذاكرت به بعض أصحابنا فقال أنما هو 160 ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن أبي عبدالرحمن القيني وكان من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال قدم رجل قد قرأ سورة البقرة بنز فباعة من سرق فتجاراه فتغيب عنه ثم ظفر به فأتي به النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بع سرقا فانطلق فساوم به رجل من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثلاثة أيام ثم بداله فأعتقه والله أعلم
161 والآخر حديث ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي عبدالرحمن الجهني أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} رأى راكبين فقال كنديان أو مذحجيان حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج فقال أحدهما يا رسول الله أرأيت من رآك وآمن بك وصدقك ماذا له قال طوبى فمسح على يده ثم انصرف وفعل الآخر مثل ذلك
لم يرو عنه غير أهل مصر 161 م وقد روى ابن إسحاق بهذا الإسناد عن أبي عبدالرحمن أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إنا راكبون غدا إلى يهود قال عبدالرحمن وذلك خطأ إنما هو أبو بصرة وقد خالف ابن إسحاق في ذلك الليث وابن ليهعة وهما بذلك أعلم
ومعاذ بن أنس الجهني 162 ولهم عنه شبيه بأربعين حديثا منها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد الحمراوي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه معاذ أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من قرأ ) قل هو الله أحد ( عشر مرات
(1/323)
حتى يختمها بنى الله له بيتا في الجنة فقال عمر بن الخطاب إذا نستكثر يا رسول الله قال الله أكثر وأطيب قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 163 ومنها حديث نافع بن يزيد قال حدثني أبو مرحوم عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه أن رجلا جاء إلى مجلس فيه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال السلام عليكم فرد عليه السلام وقال عشر حسنات ثم أتى آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون ثم أتى آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون ثم آتى آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته فقال أربعون وقال هكذا تكون الفضائل قال حدثناه سعيد بن أبي مريم 164 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عن من ظلمك قال حدثناه أبو الأسود 165 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب وزبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه وكان من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم}
أنه قال اركبوا هذه الدواب سالمة وايتدعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي قال الليث وحدثني سهل بن معاذ نفسه عن أبيه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بهذا الحديث قال حدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح 166 ومنها حديث يحيى بن أيوب وابن لهيعة ورشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من حرس ليلة في سبيل الله متطوعا من وراء عورة المسلمين لم يأخذه سلطان لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم فإن الله تبارك وتعالى قال ) وإن منكم إلا واردها ( حدثناه محمد بن المتوكل عن رشدين بن سعد وأبو الأسود عن ابن لهيعة وأبي عبدالله بن عبدالحكم عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب 167 ومنها حديث يحيى بن أيوب عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من ثبت في مصلاه حين ينصرف من الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفرت له خطاياه وإن
(1/324)
كانت مثل زبد البحر حدثناه سعيد بن عفير 168 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من كان صائما وعاد مريضا وشهد جنازة غفر له إلا أن يحدث من بعد حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 169 ومنها حديث ابن لهيعة ورشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال الضاحك في الصلاة والملتفت والمفقع أصابعه بمنزلة واحدة قال حدثناه سعيد بن أبي مريم عن رشدين بن سعد وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة 170 ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عبدالرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ ورشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب حدثناه محمد بن يحيى عن المقرى ء وحجاج بن رشدين عن أبيه
171 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن معاذ بن جبل سأل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} عن أفضل الإيمان فقال أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله قال وماذا يا رسول الله قال أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تقول خيرا أو تصمت حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 172 ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عبدالرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي طعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه ومن لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه حدثناه محمد بن يحيى عن المقرى ء 173 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن
(1/325)
أنس عن أبيه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال إن لله عبادا لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم قالوا من أولئك يا رسول الله قال المتبرى ء من والديه رغبة عنهما والمتبرى ء من ولده ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم قال حدثناه أبو الأسود 174 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لا يزال هذه الأمة على شريعة من الحق ما لم تظهر فيهم ثلاث ما لم يقبض العلم منهم ويكثر فيهم ولد الحنث ويظهر فيهم الصقارون قالوا وما الصقارون يا رسول الله قال نشؤ يكونون في آخر الزمان تحيتهم بينهم التلاعن حدثنا أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 175 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ
عن أبيه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره في حلل الإيمان حدثناه أبو الأسود بن النضر بن عبدالجبار 176 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه أمر أصحابه بالغزو وان رجلا تخلف وقال لأهله أتخلف حتى أصلي مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الظهر ثم أسلم عليه وأودعه فيدعو لي بدعوة يكون لي سابقة يوم القيامة فلما صلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أقبل الرجل مسلما عليه فقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أتدري بكم سبقك أصحابك قال نعم سبقوني بغدوتهم اليوم فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والذي نفسي بيده لقد سبقوك بأبعد مما بين المشرق والمغرب في الفضيلة 177 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ
(1/326)
عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من بنى بنيانا في غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرسا في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 178 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن رجلا سأله فقال أي المجاهدين أعظم أجرا يا رسول الله قال أكثرهم لله ذكرا قال فأي الصائمين أعظم قال أكثرهم لله ذكرا ثم ذكرالصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك يقول رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أكثرهم لله ذكرا فقال أبو بكر لعمر بن الخطاب يأبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أجل حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 179 ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من تخطأ رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم قال حدثناه عبدالملك بن مسلمة
وعبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي 180 ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قريب من عشرين حديثا منها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال توفي رجل ممن قدم على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} غريب فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهو عندالقبر ما اسمك فقلت العاص وقال لابن عمرو ما اسمك فقال العاص وقال للعاص بن العاص ما اسمك قال العاص فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} العاص أنتم عبدالله انزلوا قال فوارينا صاحبنا ثم خرجنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا قال حدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح ويحيى بن عبدالله بن بكير 181 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمع عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول أنا أول من سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم}
(1/327)
يقول لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة وأنا أول من حدث الناس بذلك حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وشعيب بن الليث وعبدالله بن صالح وقدأدخل ابن لهيعة في هذا الحديث بين ابن أبي حبيب وبين عبدالله بن الحارث جبلة بن نافع وحدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن سليمان بن زياد أنه سمع عبدالله بن الحارث وحدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سهل بن ثعلبة عن عبدالله بن الحارث بن جزء وحدثناه يحيى بن عبدالله بن بكير عن عرابي بن معاوية عن سليمان بن زياد عن عبدالله بن الحارث 182 ومنها حديث الليث بن سعد وعبدالله بن لهيعة ونافع بن يزيد عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم قال سمعت عبدالله بن الحارث بن جزء يقول إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار حدثناه سعيد بن أبي مريم عن الليث ونافع بن يزيد ويحيى بن عبدالله بن بكير عن الليث وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار عن ابن لهيعة ولم يذكر ابن أبي مريم وبطون الأقدام 183 ومنها حديث ابن لهيعة عن سليمان بن زياد عن عبدالله بن
الحارث قال أكلنا مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في المسجد شواء ثم أقيمت الصلاة فمسحنا إيدينا بالحصباء ثم قمنا فصلى ولم يتوضأ حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم ووهب الله بن راشد وأبو الأسود وعثمان بن صالح وقال بعضهم أكلنا مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} طعاما قد مسته النار 183 م ورواه ابن وهب عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن عبدالله بن الحارث بن جزء نحوه 184 حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا عبدالملك بن أبي كريمة المغربي عن عبيد بن ثمامة المرادي قال قدم علينا عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مصر فسمعته يحدث في مسجد مصر فقيل له ما أعملك إلى مصر وليس فيك مضرب بسيف ولا مطعن برمح ولا مرمى بسهم قال جئت أكون في
(1/328)
صفوف المسلمين لعل سهم غرب يأتيني فيقتلني قيل له ما تقول فيما مست النار قال وما مست النار قيل له اللحم المطبوخ أو المنضوج قال لقد رأيتني سابع سبعة أو سادس ستة مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في دار رجل فمر بلال فناداه بالصلاة فخرج فمررنا برجل وبرمته على النار فقال له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أطابت برمتك قال نعم بأبي أنت وأمي فتناول منها بضعة فلم يزل يعلكها حتى أحرم بالصلاة وأنا أنظر إليه قال ابن قديد حدثناه أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح عن عبدالملك بن أبي كريمة بإسناده مثله 185 ومنها حديث ابن لهيعة عن عبدالعزيز بن عبدالملك بن مليل عن أبيه عن عبدالله بن الحارث بن جزء أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} رجم يهوديا ويهودية حدثناه أبو زرعة عن حيوة وهو يسوق الحديث بطوله 186 ومنها حديث نافع بن يزيد وابن لهيعة عن عبيدالله بن المغيرة عن ابن جزء قال ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حدثناه طلق بن السمح عن نافع بن يزيد وأبو الأسود عن ابن لهيعة
187 ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج بن السمح أنه سمع عبدالله بن الحارث بن جزء يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن في النار لحيات أمثال أعناق البخت تلسع إحداهن اللسعة فيجد حموتها أربعين سنة قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 188 ومنها حديث ابن لهيعة عن سليمان بن زياد عن عبدالله بن الحارث بن جزء أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لوددت أن بيني وبين أهل نجران حجابا من شدة ما كانوا يجادلونه {صلى الله عليه وسلم} قال حدثناه عبدالملك بن مسلمة وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار 189 ومنها حديث ابن لهيعة عن سليمان بن زياد عن عبدالله بن
(1/329)
الحارث أنه مر وصاحب له بناس وفتية من قريش قد حللوا أرزهم فهم عراة يتجالدون بها قال الزبيدي فلما مررنا بهم قالوا إن هؤلاء قسيسون فدعوهم ثم إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خرج عليهم فلما أبصروه تبددوا فرجع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مغضبا وكنت أنا وراء الحجرة يقول سبحان الله لا من الله استحيوا ولا من رسوله استتروا وأم أيمن عنده تقول له استغفر له يا رسول الله فقال غفر الله له قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 190 ومنها حديث ابن لهيعة عن عبيدالله بن المغيرة عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن عبدالله بن الحارث بن جزء قال نهى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن يستنجي أحد بعظم أو رمة حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال عبد الرحمن وقد زعم بعض المشايخ أن أبا سلمة هذا الذي روى هذا الحديث ليس هو أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف إنما هو أبو سلمة عبدالله بن رافع والله أعلم
وكان عبدالله بن الحارث قد عمي وتوفي بمصر بعد عبد العزيز بن مروان سنة ست وثمانين لم يرو عنه غير أهل مصر وروى عنه من أهل المدينة أبو سلمة بن عبدالرحمن وكان له أخ من أمه يقال له السفاح قد روي عنه
191 قال حدثنا طلق بن السمح حدثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة
عن السفاح أخي الزبيدي لأمه عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن الله أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قالوا ومن أولئك يا رسول الله قال الذين لا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون
(1/330)
وعلقمة بن رمثة البلوي 192 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد ليس لهم عنه غيره وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس البلوي عن علقمة بن رمثة البلوي قال بعث رسول الله {صلى الله عليه وسلم} عمرو بن العاص إلى البحرين ثم خرج رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في سرية وخرجنا معه فنعس رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم استيقظ فقال رحم الله عمرا فتذاكرنا كل إنسان اسمه عمرو ثم نعس ثانية فاستيقظ فقال رحم الله عمرا ثم نعس ثالثة فاستيقظ فقال رحم الله عمرا فقلنا من عمرو يا رسول الله قال عمرو بن العاص قالوا وما باله قال ذكرت أني كنت إذا ندبت الناس للصدقة جاء من الصدقة فأجزل فأقول له من أين لك هذا يا عمرو فيقول هو من عند الله وصدق عمرو إن لعمرو عند الله خيرا كثيرا قال حدثناه عبدالله بن صالح ويحيى بن بكير وأسد بن موسى
وأبو الرمداء البلوي 193 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث وهو ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبدالله بن هبيرة عن أبي سليمان مولى لأم سلمة زوج النبي {صلى الله عليه وسلم} حدثه أن أبا الرمداء حدثه أن رجلا منهم شرب فأتوا به رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فضربه ثم شرب الثانية فضربه ثم شرب الثالثة فأتوا به إليه فما أدري أفي الثالثة أو الرابعة أمر به فحمل على العجل أو قال على الفحل حدثناه محمد بن يحيى الصدفي ولم يرو عنه غير أهل مصر
وابن سندر 194 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديثان وهما ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبدالله اليزنى عن ابن سندر
(1/331)
قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وتجيب أجابت الله ورسوله فقلت له يا أبا الأسود أنت سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يذكر تجيب قال نعم قلت وأحدث الناس عنك بذلك قال نعم حدثناه عبدالملك بن مسلمة ويحيى بن بكير ولم يذكر ابن مسلمة قلت يا أبا الأسود إلى آخر الحديث 195 ويقال ابن سندر فيما ذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن عبدالله بن سندر عن أبيه أنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامي فعتب عليه فخصاه وجدعه فأتى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأخبره فأغلظ لزنباع القول وأعتقه منه قال أوص بي يا رسول الله قال أوصي بك كل مسلم قال يزيد وكان سندرا كافرا والله أعلم يرو عنه غير أهل مصر
وديلم الجيشاني 196 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ديلم الجيشاني أنه قال أتيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقلت يا رسول الله إنا بأرض باردة شديدة البرد ونصنع بها شرابا من القمح أفيحل يا نبي الله فقال أليس يسكر قال بلى قال
فإنه حرام ثم راجعه الثانية فقال مثلها ثم إني أعدت عليه فقلت أرأيت إن أبوا أن يدعوها يا نبي الله وقد غلبت عليهم قال من غلبت عليه فاقتلوه حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار وهانى ء بن المتوكل ليس لهم عنه غيره ولم يرو عنه غير أهل مصر
(1/332)
وأبو ثورالفهمي 197 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي ثور الفهمي قال كنا عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يوما فأتي بثوب من ثياب المغافر فقال أبو سفيان لعن الله هذا الثوب ولعن من عمله فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وعثمان بن صالح ليس لهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} غيره لم يرو عنه غير أهل مصر 198 ولهم عنه حكاية عن نفسه قال حدثنا عبدالله بن صالح حدثنا عبدالرحمن بن شريح وعبدالملك بن نصير حدثنا عمران بن عطية عن أبي شريح أنه سمع يزيد بن عمرو المعافري يحدث عن أبي ثور الفهمي أنه قال من غل إبلا طوق حملها كما طوق أخفافها لم يرو عنه غير أهل مصر
وعتبة بن الندر 199 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عتبة بن الندر وكان من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال قيل يا رسول الله أي الأجلين قضى موسى عليه السلام قال أوفاهما وأبرهما قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن موسى عليه السلام لما أراد فراق شعيب عليه السلام أمر امرأته أن تسأل أباها من غنمه ما يتعيشون به فأعطاها ما تنتج من قالب لون فلما وردت الحوض وقف موسى عليه السلام بإزاء الحوض فلم تصدر منها شاة إلا ضرب جنبها بعصاه فوضعت قالب ألوان كلهن ووضعت اثنتين وثلاثة ليس فيهم
فشوش ولا ضبوب ولا ثعول ولا كمشة تفوت الكف قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن افتتحتم الشام وجدتم بقايا منها وهي السامرية حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ويحيى بن عبدالله بن بكير ولم يذكر أبو الأسود تفوت الكف لم يرو عنه غير أهل مصر وشركهم في الرواية عنه من أهل الشام خالد بن معدان
(1/333)
وعبدالرحمن بن عديس البلوي 200 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن رجلا حدثه عن عبد الرحمن بن عديس أنه قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول تخرج أناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلهم الله في جبل لبنان والجليل أوالجليل وجبل لبنان حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ورواه ابن أبي مريم
عن ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن أبي الحصين الحجري عن ابن عديس لم يرو عنه غير أهل مصر وتوفي بالشام سنة ست وثلاثين
وأبو زمعة البلوي 201 ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن عبيدالله بن المغيرة عن أبي فراس سمع أبا زمعة يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قتل رجل تسعة وتسعين فأتى راهبا فقال إني قتلت تسعة وتسعين فهل لي من توبة ثم ذكر الحديث فيما ذكر عثمان بن صالح
ولهم عنه حكاية سوى هذا وهو حديث ابن لهيعة عن عبدالعزيز بن عبدالملك بن مليل أن أبا زمعة البلوي وكان من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال حين حضرته الوفاة بأفريقية أمرهم إذا دفنوه أن يسووا قبره بالأرض حدثناه أبو الأسود لم يرو عنه غير أهل مصر
وأبو موسى الغافقي مالك بن عبادة ويقال مالك بن عبدالله 202 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديثان أحدهما ابن ولهيعة عن عبدالله بن سليمان عن ثعلبة أبي الكنود عن مالك بن عبدالله الغافقي قال أكل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يوما طعاما ثم قال استر علي حتى أغتسل
(1/334)
فقلت أكنت جنبا يا رسول الله قال نعم فأخبرت بذلك عمر بن الخطاب فجرني إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال إن هذا يزعم أنك أكلت وأنت جنب فقال نعم إذا توضأت أكلت وشربت ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل قال حدثناه سعيد بن عفير وأسد بن موسى وعثمان بن صالح يزيد بعضهم على بعض الحرف ونحوه 203 والآخر حديث ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن ميمون الحضرمي أنه حدثه عن وداعة الحمدي أنه حدثه أنه كان بجنب مالك بن عبادة أبي موسى الغافقي وعقبة بن عامر يقص قال النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال مالك إن صاحبكم هذا عاقل أو هالك إن النبي {صلى الله عليه وسلم} عهد إلينا في حجة الوداع فقال عليكم بالقرآن فإنكم سترجعون إلى قوم يشتهون الحديث عني فمن عقل شيئا فليحدث به ومن افترى علي فليتبوأ بيتا أو مقعدا من جهنم لا أدري أيتهما قال حدثناه محمد بن يحيى الصدفي وكان خادما للنبي {صلى الله عليه وسلم} لم يرو عنه غير أهل مصر وليس لأهل مصر عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} غير هذين الحديثين ولهم عنه شيء من رأيه في الفتن
وجنادة بن أبي أمية الأزدي 204 ولهم عنه أحاديث منها عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن جنادة بن أبي أمية أن رجلا من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال بعضهم إن الهجرة قد انقطعت فاختلفوا في ذلك فانطلقنا إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقلنا يا نبي الله إن ناسا يقولون أن الهجرة قد انقطعت فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد هكذا ذكر عن ابن وهب وحدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أن جنادة بن أبي أمية حدثه أن رجلا حدثه أن رجالا من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم ذكر الحديث حدثناه أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن جنادة بن أبي أمية حدثه أنه سمع رجلا من الأنصار يحدثه قال تذاكرنا الهجرة فقال بعضنا انقطعت وقال بعضنا لم تنقطع فأرسلنا رجلا منا إلى النبي {صلى الله عليه وسلم} ثم ذكر الحديث 205 ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير
(1/335)
أخبره أن حذيفة البارقي حدثه أن جنادة بن أبي أمية أخبره أنهم دخلوا على النبي {صلى الله عليه وسلم} ثمانية نفر فقرب إليهم طعاما في يوم جمعة فقال كلوا فقالوا إنا صيام فقال أصمتم أمس قالوا لا قال أفصائمون أنتم غدا قالوا لا قال فأفطروا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار 206 ومنها حديث خنيس بن عامر المعافري عن أبي قبيل عن جنادة بن أبي أمية قال دخل قوم على معاذ بن جبل في مرضه فقالوا له حدثنا حديثا سمعته من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لم تنسه ولم يشبه عليك فقال إجلسوني فأخذ بعض القوم بيده وقعد بعض القوم وراءه فقال لأحدثنكم حديثا سمعته من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لم أنسه ولم يشبه علي قال
رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال وأنا أحذركم أمر الدجال إنه أعور وإن الله ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه الكتاب وغير الكتاب معه جنة ونار فنارة جنة وجنته نار قال حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم
وسفيان بن وهب الخولاني 207 ولهم عنه أحاديث منها حديث ابن وهب عن عبدالرحمن بن شريح قال سمعت سعيد بن أبي شمر السبائي يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول لا تأتي المائة وعلى ظهرها أحد باق فحدثت بها ابن حجير فقام فدخل على عبدالعزيز بن مروان قال فحمل سفيان وهو شيخ كبير فسأله عبدالعزيز عن الحديث فحدثه فقال عبدالعزيز فلعله يعني لا يبقى أحد ممن كان معه إلى رأس المائة فقال سفيان هكذا سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال حدثناه عمرو بن سواد 208 ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي عشانة أن سفيان بن وهب
الخولاني حدثه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال روحة أو غدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وإن المؤمن على المؤمن عرضه وماله ونفسه حرام كما حرم الله هذا اليوم حدثناه أبو الأسود وربما أدخل فيه بعض الناس أن رجلا حدثه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ولم يرو عنه غير أهل مصر
(1/336)
ومعاوية بن حديج التجيبي 209 ولهم عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أحاديث منها الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس أخبره عن معاوية بن حديج أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} صلى يوما فسلم ثم انصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال بقيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى للناس ركعة فأخبرت بذلك الناس فقالوا أتعرف الرجل فقلت لا إلا أن أراه فمر بي فقلت هو هذا فقالوا طلحة بن عبيد الله حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وشعيب بن الليث وعبدالله بن صالح 210 ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن
سويد بن قيس عن معاوية بن حديج أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إن كان شفاء ففي شربة من عسل أو شرطة محجم أو كية بنار تصيب ألما وما أحب أن أكتوي حدثناه المقرى ء 211 ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عرفطة بن عمرو الحضرمي عن معاوية بن حديج عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال روحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ويكنى أبا نعيم لم يرو عنه غير أهل مصر
وأبو جمعة حبيب بن سباع 212 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد المازني عن عبدالله بن عوف عن أبي جمعة حبيب بن سباع وقد أدرك رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال صلى
رسول الله {صلى الله عليه وسلم} عام الأحزاب المغرب فلما فرغ منها قال هل علم أحد منكم أني صليت العصر قالوا لا والله يا رسول الله ما صليتها فأمر المؤذن فأذن فصلى العصر ثم صلى المغرب بعدالعصر حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبدالجبار لم يرو عنه غير أهل مصر وروى عنه من أهل الشام صالح بن جبير
(1/337)
وأبو فاطمة الأزدي 213 ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن كثير الأعرج الصدفي قال سمعت أبا فاطمة بذي الصواري يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يأبا فاطمة أكثر من السجودفإنه ليس من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وسعيد بن أبي مريم 214 وحدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا عبدالله بن لهيعة عن
يزيد بن عمرو المعافري قال سمعت أبا عبدالرحمن الحبلي يخبر أنه سمع أبا فاطمة الأزدي يقول سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مثله إلا أنه قال رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة 215 ومنها حديث حيوة بن شريح قال أخبرني بكر بن عمرو أن الحارث بن يزيد الحضرمي أخبره أن ربيعة الجرشي أخبره أنه سمع أبا فاطمة صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إن صلاة النهار أفضل من صلاة الليل قال ربيعة فندمت أن لا أكون سألت أبا فاطمة لما كان ذلك حدثناه المقرى ء
ومالك بن عتاهية التجيبي 216 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن
يزيد بن أبي حبيب عن مخيس بن ظبيان أنه سمع عبد الرحمن بن حسان يقول أخبرني رجل من جذام أنه سمع مالك بن عتاهية أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول إذا لقيتم عشارا فاقتلوه حدثناه عبدالملك بن مسلمة لم يرو عنه غير أهل مصر
وعمرو بن الحمق الخزاعي 217 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو عبدالرحمن بن شريح قال سمعت عميرة بن عبدالله المعافري يقول حدثني أبي قال سمعت ابن الحمق يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يكون فتنة يكون أسلم الناس فيها أو قال خير الناس فيها الجند الغربي قال ابن الحمق فلذلك قدمت عليكم مصر حدثناه عبدالله بن صالح عن أبي شريح وعبد الملك بن نصير عن عمران بن عطية الجذامي عن أبي شريح
وأبو الأعور السلمي 218 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عمرو البكالي عن أبي الأعور أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إنما أخاف على أمتي
(1/338)
من ثلاثة أشياء شح مطاع وهوى متبع وإمام ضال حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وطلق بن السمح واسم أبي الأعور عمرو بن سفيان
وكثير لم ينسب بأكثر من هذا 219 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن وهب عن حيوة بن شريح حدثني عقبة بن مسلم قال حدثني كثير وكان من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ويل للأعقاب من النار هكذا حديث ابن وهب وإنما المشهور عقبة بن مسلم عن عبدالله بن الحارث والله أعلم
وأبي بن عمارة 220 ولهم عنه حديث واحد وهو يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن
عن أبي بن عمارة وكان صلى القبلتين مع النبي {صلى الله عليه وسلم} قال قلت يا رسول الله أمسح على الخفين قال نعم قلت يوم قال ويومان قلت ويومان قال وثلاثة قلت وثلاثة يا رسول الله قال نعم وما بدا لك حدثناه سعيد بن عفير قال وحدثنا عمرو بن سواد عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبدالرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة ولم يذكر ابن عفير عبادة بن نسي
ومالك بن هبيرة 221 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن المبارك قال حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبدالله اليزني عن مالك بن هبيرة أنه كان إذا شهد جنازة فتقال أهلها جزأهم ثلاثة صفوف ثم يقول قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ما من مسلم يصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب قال حدثناه مهدي بن جعفر عن ابن المبارك وحدثنا محمد بن عبدالجبار أخبرنا محمد بن عيسى قال حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبدالله عن مالك بن هبيرة وكانت له صحبة مثله
(1/339)
ومهاجر مولى أم سلمة وكان ينزل الصعيد 222 ولهم عنه حديث واحد وهو أبو إسحاق الخفاف عن عمران بن عبدالله عن بكير مولى عمرة عن مهاجر مولى أم سلمة قال خدمت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} سبع سنين فلم يقل لي في شيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله لو فعلته حدثناه يحيى بن عبدالله بن بكير لم يرو عنه غير أهل مصر
وابن حوالة الأزدي 223 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث وهو الليث بن سعد وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن ابن حوالة الأزدي عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من نجا من ثلاث فقد نجا من نجا من ثلاث فقد نجا من نجا من ثلاث فقد نجا قالوا ماذا يا رسول الله قال موتي ومن قتل خليفة مصطبر بالحق يعطيه وخروج الدجال حدثناه أبي عبدالله بن عبدالحكم وشعيب بن الليث وعبدالله بن صالح عن الليث وأبو الأسود عن ابن لهيعة يزيد بعضهم على بعض
وحبان بن بح الصدائي 224 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم الحضرمي عن حبان بن بح الصدائي قال إن قومي كفروا فأخبرت أن النبي {صلى الله عليه وسلم} جهز إليهم جيشا فأتيته فقلت إن قومي على الإسلام قال أكذلك قلت نعم قال فاتبعته ليلتي حتى الصباح فأذنت بالصلاة لما أصبحت وأعطاني ماء فتوضأت منه فجعل النبي {صلى الله عليه وسلم} أصابعه في الإناء فانفجر عيونا فقال من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ فتوضأت وصليت فأمرني عليهم وأعطاني صدقاتهم فقام رجل إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال إن فلانا ظلمني فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لا خير في الإمارة لمسلم ثم جاء رجل يسأل صدقة فقال له النبي {صلى الله عليه وسلم} إن الصدقة صداع وحريق في البطن أو داء فأعطيته صحيفتي صحيفة إمرتي وصدقتي فقال ما شأنك فقلت أقبلها وقد سمعت ما سمعت قال هو ما سمعت حدثناه سعيد بن أبي مريم
وزياد بن الحارث الصدائي 225 ولهم عنه عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حديث واحد وهو حديث
(1/340)
عبدالرحمن بن زياد بن أنعم قال حدثنا زياد بن نعيم قال سمعت زياد بن الحارث الصدائي قال أتيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فبايعته على الإسلام فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومي فقلت يا رسول الله اردد الجيش وأنا لك بإسلام قومي وطاعتهم فقال اذهب فردهم فقلت يا رسول الله إن راحلتي قد كلت ولكن ابعث إليهم رجلا قال فبعث إليهم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} رجلا وكتب معه إليهم فردهم قال الصدائي فقدم وفدهم بإسلامهم فقال لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك قلت بل الله هداهم للإسلام فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أفلا أؤمرك عليهم قلت بلى فكتب لي كتابا بذلك فقلت يا رسول الله مر لي بشى ء من صدقاتهم فكتب لي كتابا آخر بذلك وكان ذلك في بعض أسفاره فنزل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} منزلا فأتى أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم يقولون أخذنا بشيء كان بيننا وبينه في الجاهلية فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أوفعل قالوا نعم فالتفت إلى أصحابه وأنا فيهم فقال لا خير في الإمارة لرجل مؤمن قال الصدائي فدخل قوله في نفسي قال ثم أتاه آخر فقال يا رسول الله أعطني فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من سأل الناس عن ظهر غني فهو
(1/341)
صداع في الرأس وداء في البطن فقال السائل فأعطني من الصدقة فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن الله لم يرض فيه بحكم نبي ولا غيره حتى حكم هو فيها فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أو أعطيناك حقك قال الصدائي فدخل ذلك في نفسي لأني سألته من الصدقات وأنا غني ثم إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اعتشى من أول الليل فلزمته وكنت قويا وكان وأصحابه ينقطعون عنه ويستأخرون حتى لم يبق معه أحد غيري فلما كان أوان صلاة الصبح أمرني فأذنت وجعلت أقول أقيم يا رسول الله فينظر إلى ناحية المشرق يقول لا حتى إذا طلع الفجر نزل إلي وقد تلاحق أصحابه فقال هل من ماء يا أخا صداء فقلت لا إلا شيء قليل لا يكفيك فقال اجعله في إناء ثم ائتني به ففعلت فوضع كفه في الإناء فرأيت بين كل اصبعين من أصابعه عينا تفور فقال لولا أني أستحيي من ربي يا أخا صداء لسقينا واستقينا ناد في الناس من له حاجة بالماء فناديت فيهم فأخذ من أرد منهم ثم جاء بلال فأراد أن يقيم فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم قال الصدائي فأقمت فلما قضى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} صلاته اتيته بالكتابين فقلت يا رسول الله أعفني من هذين فقال وما بدا لك فقلت إني سمعتك تقول لا خير في الإمارة لرجل مؤمن وأنا أؤمن بالله ورسوله وسمعتك تقول للسائل من سأل عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس وداء في البطن وقد سألتك وأنا غني فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} هو ذاك إن شئت فاقبل وإن شئت فدع فقال لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فدلني على رجل أؤمره عليهم فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه فأمره علينا ثم
(1/342)
قلنا يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها فاجتمعنا عليها وإذا كان الصيف قل ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا وقد أسلمنا وكل من حولنا لنا عدو فادع الله لنا في بئرنا أن يسعنا ماؤها فنجتمع عليها ولا نتفرق قال فدعا بسبع حصيات فعركهن في يده ودعا فيهن ثم قال اذهبوا بهذه الحيصات فإذا أتيتم البئر فألقوها واحدة واحدة واذكروا اسم الله قال الصدائي ففعلنا فما استطعنا بعد ذلك أن ننظر في قعرها يعني البئر حدثناه المقرى ء
وممن دخلها من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فرووا عنه حكاية عن رأيه ولم يرو عنه غيرهم
أبو عميرة المزني 226 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن رجل من مزينة يقال له أبو عميرة وكان من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنهم كانوا إذا كانوا في الغزو فاصطفوا هم والعدو لم يقاتلهم حتى يسألهم هل لأحد منهم أمان فإن كان لأحد منهم أمان تركه وإلا قاتل حدثناه أبو الأسود النضر بن عبدالجبار وقد أدخل بعض الناس فيما بين بكر بن سوداة وأبي عميرة شيبان
وأبو وحوح البلوي 227 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يعقوب
عن أبي شعيب مولى أبي وحوح قال دخل علينا أبو وحوح صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقد غسلنا ميتا ونحن نغتسل فلف ريطته مخراقا فجعل يضربنا به ويقول ويحكم ليس نحن بأنجاس أحياء وأمواتا لقد خشيت أن تكون سنة حدثناه أبو الأسود وحدثناه عمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة
وأبو مسلم الغافقي 228 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أن أبا مسلم صاحب النبي {صلى الله عليه وسلم} كان يؤذن لعمرو بن العاص قال فرأيته يبخر المسجد قال فقطعها عمر بن عبد العزيز حدثناه عبدالملك بن مسلمة
(1/343)
وصلة بن الحارث الغفاري 229 ولهم عنه حديث واحد وهو حيوة بن شريح قال أخبرني الحجاج بن شداد الصنعاني أن أبا صالح سعيد بن عبدالرحمن الغفاري أخبره أن سليم بن عتر كان يقص على الناس وهو قائم فقال له صلة بن الحارث الغفاري وهو من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والله ما تركنا عهد نبينا {صلى الله عليه وسلم} ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا حدثناه المقرى ء عن حيوة بن شريح
وشرحبيل بن حسنة 230 ولهم عنه حديث وهو ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة عن علي بن رباح عن شرحبيل بن حسنة أنه قرأ في الجمعة
) إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ( حدثناه عمرو بن سواد
ومسعود بن الأسود البلوي 231 ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن مسعود بن الأسود صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وكان ممن بايع تحت الشجرة انه استأذن عمر بن الخطاب في غزو أفريقية فقال عمر أفريقية غادرة مغدور بها حدثناه أسد بن موسى عن ابن لهيعة
وأبو مليكة البلوي 232 ولهم عنه غير حديث منها ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال قال أبو مليكة وكان من أصحاب النبي {صلى الله عليه وسلم} لأبي راشد الذي كان أميرا أو واليا بفلسطين كيف بك يأبا راشد إذا وليتك ولاة إن عصيتهم دخلت النار وإن أطعتهم دخلت النار حدثناه أبو الأسو النضر بن عبدالجبار
233 ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن رويفع أنه حدث أن أبا مليكة مرعلى رجل وهو يبكي فقال له ما يبكيك فقال ما لي لا أبكي وقد أفرطت صلاة العصر فلم أصلها حتى غابت الشمس فقال أبو مليكة أولم تصلها حين ذكرت قال بلى قال إنك قد أتممت صلاتك ولو أنك لم تذكر أنك سهوت كان التسبيح يرفع لكم فما سها الرجل في المكتوبة من ركوع أو سجود أو سهو عنها فإنه يجعل له من تسبيحه تمام ما نقص من صلاته حدثناه شعيب بن الليث وعبدالله بن صالح
(1/344)
وكعب بن ضنة العبسي 234 ولهم عنه حديث واحد وهو حديث حيوة بن شريح أخبرنا الضحاك بن شرحبيل الغافقي أن عمار بن سعد التجيبي أخبرهم أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل ابن ضنة على القضاء فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فقال كعب لا والله لا تنجيه الله من الجاهلية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها بعدإذ أنجاه الله منها وأبا أن يقبل القضاء فتركه عمرو قال حدثناه المقرى ء وحدثنا سعيد بن عفير قال وكان كعب بن ضنة حكما في الجاهلية
وبرح بن حسكل المهري 235 ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة قال كان الديوان في زمان معاوية أربعين ألفا وكان منهم أربعة آلاف في مائتين مائتين فأعطى مسلمة بن مخلد أهل الديوان أعطياتهم وأعطيات عيالاتهم وأرزاقهم ونوائبهم ونوائب البلاد من الجسور وأرزاق الكتبة وحملان القمح إلى الحجاز ثم بعث إلى معاوية بستمائة ألف فضل قال حدثناه ابن عفير قال ابن عفير فلما نهضت الإبل لقيهم برح بن حسكل فقال ما هذا ما بال مالنا يخرج من بلادنا ردوه فردوه حتى وقف على المسجد فقال أخذتم أعطياتكم وأرزاقكم وعطاء عيالاتكم ونوائبكم قالوا نعم قال لا بارك الله لهم
قال ابن عفير وكان برح ممن وفد إلى النبي من مهرة من اليمن وشهد فتح مصر مع عمرو بن العاص واختط بها هكذا قال ابن عفير برح بن حسكل وإنما هو برح بن عسكل
وخرشة بن الحارث ويقال بن الحر 236 ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن
خرشة بن الحارث أنه قال لا تحضروا رجلا يقتل صبرا فتنزل عليكم السخطة قال عبدالرحمن حدثناه ولم أكتبه
وحيي بن حرام الليثي 237 ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني عن حيي أنه كان يصلي في منزله الظهر مع الزوال ثم يروح فيصلي في المسجد
ومالك بن زاهر 238 ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن سعيد بن أبي شمر السبائي أنه رأى مالك بن زاهر ينقي باطن قدميه
(1/345)
وذو قرنات 239 ولهم عنه حكاية في الفتن من رواية يزيد بن قودر روى ذلك عنه عبدالله بن وهب
وحاطب بن أبي بلتعة 240 وكان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وجهه إلى المقوقس بالاسكندرية ثم وجهه أبو بكر الصديق إليه أيضا بعد وفاة النبي {صلى الله عليه وسلم} ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي غطيف عن حاطب بن أبي بلتعة أن عمر بن الخطاب قال يقاتلكم أهل الأندلس بوسيم حتى يبلغ الدم ثنن الخيل ثم ينهزموا
وممن دخلها من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فعرف دخولهم إياها برواية غيرهم
أبو سعاد 241 قال حدثنا عبدالله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن إسماعيل بن أمية عن عمرو بن سعيد عن معاذ بن عبدالله بن حبيب الجهني عن أبي سعاد صاحب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال أقبلت من مصر وكنت ذا عقبة من مشي فنزلت أمشي فلما تبلج الصبح إذا أنا بأثر بغلة تجر رسنها وإذا بذهب منثور على أثرها قال فجعلت أجمعها حتى جمعت سبعين دينارا ثم أتيت بها عمر بن الخطاب فقال عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها قال فعرفتها سنة ثم أنفقتها على امرأتي
وجبلة بن عمرو الأنصاري 242 حدثنا عبدالملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة وحدثنا يوسف بن عدي حدثني عبدالله بن المبارك عن ابن لهيعة عن بكير بن عبدالله بن الأشج عن سليمان بن يسار قال غزونا أفريقية مع ابن حديج ومعنا من
المهاجرين والأنصار بشر كثير فنفلنا ابن حديج النصف بعد الخمس فلم أر أحدا أنكر ذلك إلا جبلة بن عمرو الأنصاري 243 قال حدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن المبارك عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران قال سألت سليمان بن يسار عن النفل في الغزو فقال لم أر أحدا صنعه غير أبن حديج نفلنا بأفريقية النصف بعد الخمس ومعنا من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من المهاجرين الأولين ناس كثير فأبا جبلة بن عمرو الأنصاري أن يأخذ منه شيئا
(1/346)
وسرق 244 قال حدثنا محمد بن عبد الجبار قال حدثنا عبدالصمد بن عبدالوارث حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار حدثنا زيد بن أسلم قال رأيت رجلا بالاسكندرية يسمى سرقا فقلت ما هذا الاسم قال
سمانيه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قدمت المدينة فأخبرتهم أن لي مالا فبايعوني فاستهلكت أموالهم فأتوا بي إلى النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال أنت سرق وباعني بأربعة أبعرة فقال غرمائي للمشتري ما تريد أن تصنع به قال أعتقه فقالوا ما نحن بأزهد في الأجر منك فأعتقوني
وممن دخلها من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ليست لهم فيما بلغنا عنه حكاية
سعد بن أبي وقاص
حدثنا عبدالملك بن مسلمة عن الليث بن سعد أن سعد بن أبي وقاص قدم مصر وأبو رافع مولى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وعبد الله بن الزبير وأبو عبدالرحمن الفهري يزيد بن أنيس وابنه العلاء بن أبي عبدالرحمن الفهري ويزعمون أنه قد رأى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وكان قدومه مصر بعد موت أبيه أبي عبد الرحمن وهو وأخوه علي اللذان أسسا دار السلسلة فجعلاه حظيرا ولم يجعلا فيها إلا منزلا واحدا ثم أتم بنيانها بعد ذلك
ومحمد بن مسلمة الأنصاري
قال حدثنا سعيد بن عفير أنه كان ممن صعد الحصن مع الزبير بن العوام
وعبدالرحمن بن غنم الأشعري
وقد اختلف فيه فقيل له صحبة وقيل لا صحبة له غير أن يحيى بن بكير قال قال الليث وعبدالله بن لهيعة أن له صحبة 245 حدثنا سعيد بن تليد حدثنا ابن وهب أخبرني إبراهيم بن نشيط عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن عبدالرحمن بن غنم أو أبي مالك أو أبي عامر وكلهم ثقة أنهم بينما هم عند رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقد نزلت هذه الآية ) يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ( ثم ذكر الحديث والله أعلم
وممن دخلها من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لغزو المغرب وغيره فيما ذكرمحمد بن عمر الواقدي وغيره حمزة بن عمرو الأسلمي وسلمة بن الأكوع والمسور بن مخرمة والمطلب بن أبي وداعة السهمي وسلكان بن مالك وبلال بن الحارث وربيعة بن عباد الديلي والمسيب بن حزن وأبو ضبيس البلوي
(1/347)
246 ومما يصدق ما قال محمد بن عمر الواقدي ما حدثنا يوسف بن عدي حدثنا عبدالله بن المبارك عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن سليمان بن يسار أنهم غزوا أفريقية ومعهم بشر كثير من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من المهاجرين الأولين(1/348)