أحد وما ضيعنا لك بابا، ومكث حتى كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك وقال الا تسلم أكسر العصا قال لا تفعل أخر ذلك آثرا ما ثم جاء العام المقبل ففعل مثل ذلك وضرب بالعصا على رأسه فكسرها وخرج من عنده ويقال إن ابنه قتله في تلك الليلة وأعلم الله بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم لحدثان كونه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك رسل باذان إليه وكان باذان عامل كسرى على اليمن فلما بلغه ظهور النبي صلى الله عليه وسلم ودعاءه إلى الله كتب إلى باذان أن ابعث إلى هذا الرجل الذى خالف دين قومه فمره فليرجع إلى دين قومه فان أبى فابعث إلى برأ ؟ ؟ ؟ - ويروى وإلا فليوا عدك يوما تقتتلون فيه.
فلما ورد كتابه إلى باذان بعث بكتابه مع رجلين من عنده فلما قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهما وأمرهما بالمقام فأقاما أياما ثم أرسل اليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال انطلقا إلى باذن فأعلماه أن ربى عزوجل قد قتل كسرى في هذه الليلة فانطلقا حتى قدما على باذان فأخبراه بذلك فقال إن يكن الامر كما قال فوالله إن الرجل لنبى وسيأتى الخبر بذلك إلى يوم كذا فأتاه الخبر بذلك فبعث باذان باسلامه وإسلام من معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقال إن الخبر أتاه بمقتل كسرى وهو مريض فاجتمعت إليه أساورته (1) فقالوا من تؤمر علينا فقال لهم ملك مقبل وملك مدبر فاتبعوا هذا الرجل وادخلوا في دينه واسلموا.
ومات باذان فبعث رؤوسهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدهم يعرفونه باسلامهم.
__________
(1) الاساورة للفرس جمع اسوار وهم الفرسان.
(*)(2/328)
[ ذكر إسلام النجاشي ]
كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه مع عمرو بن أمية الضمرى ذكر ابن اسحق أن عمرا قال له يا أصحمة إن على القول وعليك الاستماع إنك كأنك في الرقة علينا منا وكأنا في الثقة بك منك لانا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه ولم تخفك على شئ قط إلا أمناه وقد أخذنا الحجة عليك من فيك الاتجيل بيننا وبينك شاهد لايرد وقاض لا يجور وفى ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل وإلا فأنت في هذا النبي الامي كاليهود في عيسى بن مريم وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف وأجر ينتظر فقال النجاشي أشهد بالله انه للنبى الذى تنتظره أهل الكتاب وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل وأن العيان ليس بأشفى من الخبر.
وذكر الواقدي أن ذلك الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة سلم أنت فانى أحمد اليك الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقة من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده وإنى أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذى جاءني فانى رسول الله وإنى أدعوك وجنودك إلى الله عزوجل وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي والسلام على من اتبع الهدى.(2/329)
فكتب إليه النجاشي: بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة سلام عليك يا نبى الله من الله ورحمة الله وبركاته والله الذى لا إله إلا هو أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فو رب السماء والارض إن عيسى بن مريم لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما ذكرت.
وقد عرفنا ما بعثت به الينا وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا
مصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين.
الثفروق علاقة ما بين النواة والقمع.
وتوفى النجاشي سنة تسع بالحبشة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يموته يومه وخرج بالناس إلى المصلى فصلى عليه والناس خلفه صفوف وكبر عليه اربعا(2/330)
[ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ] مع حاطب بن أبى بلتعة بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله االى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بداعية الاسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.
وختم الكتاب فخرج به حاطب حتى قدم عليه الاسكندرية فانتهى إلى حاجبه فلم يلبثه أن أوصل إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال حاطب للمقوقس لما لقيه إنه قد كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الاعلى فأخذه الله نكال الآخرة والاولى فانتقم به ثم انتقم منه واعتبر بغيرك ولا يعتبر بك.
قال هات قال إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه وهو الاسلام الكافي به الله فقد ما سواه إن هذا النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى بن مريم إلا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل النوراة إلى الانجيل وكل نبى أدرك قوما فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدرك هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به فقال المقوقس إنى قد نظرت(2/331)
في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر ؟ ؟ ؟ هود فيه ولا ينهى إلا عن مرغوب عنه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة باخراج الخبى والاخبار بالنجوى وسأنظر.
وأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبدالله من المقوقس عظيم القبط سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا بقى وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت اليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة وأهديت لك بغلة لتركبها والسلام عليك.
ولم يزد على هذا.
ولم يسلم الجاريتان مارية وسيرين والبغلة دلدل بقيت إلى زمن معاوية وكانت شهباء.
وذكر الواقدي في هذا الخبر أن المقوقس وصف لحاطب أشياء من صفة النبي صلى الله عليه وسلم وقال القبط لا يطاوعونى في اتباعه ولا أحب أن تعلم بمحاورتى إياك وأنا أضمن بملكي أن أفارقه وسيظهر على البلاد وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده حتى تظهر على من هاهنا فارجع إلى صاحبك فقد أمرت له بهدايا وجاريتين أختين وبغلة من مراكبي وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا وغير ذلك وأمرت لك بمائة دينار وخمسة أثواب فارحل من عندي ولا تسمع منك القبط حرفا واحدا فرحلت من عنده وقد كان لى مكرما في الضيافة وقلة اللبث ببابه ما أقمت عنده إلا خمسة أيام.
وإن الوفود وفود العجم ببابه منذ شهر وأكثر.
قال حاطب فذكرت قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه.
قال الدارقطني اسمه جريج بن ميناء أثبته أبو عمر في الصحابة ثم أمر بأن يضرب عليه.
وقال يغلب على الظن أنه لم يسلم.
وكانت شبهته في إثباته إياه في الصحابة أولا رواية رواها ابن إسحق عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال: أخبرني المقوقس أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدحا من قوارير فكان يشرب فيه.(2/332)
[ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى العبدى ] مع العلاء بن الحضرمي بعد انصرافه من الحديبية ذكر الواقدي باسناد له عن عكرمة قال: وجدت هذا الكتاب في كتب ابن عباس بعد موته فنسخته فإذا فيه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا يدعوه فيه إلى الاسلام فكتب المنذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد يا رسول الله فانى قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الاسلام وأعجبه ودخل فيه ومنهم من كرهه وبأرضى مجوس ويهود فأحدث إلى في ذلك أمرك فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى سلام عليك فانى أحمد اليك الله الذى لا إله إلا هو وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد فانى أذكرك الله عزوجل فانه من ينصح فانما ينصح لنفسه فانه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ومن نصح لهم فقد نصح لى وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا وإنى قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية.
أسلم المنذر هذا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه ومات قبل ردة أهل البحرين.
وذكر ابن قانع أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو الربيع بن سالم ولا يصح ذلك.(2/333)
[ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ] ابني الجلندى الازديين ملكى عمان مع عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله إلى جيفر وعبد ابني الجلندى.
سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فانى أدعو كما بداعية الاسلام أسلما تسلما فانى رسول الله إلى الناس كافة لانذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين.
وإنكما إن أقررتما بالاسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقرا بالاسلام فان ملككما زائل عنكما وخيل تحل بساحتكما وتظهر نبوتى على ملككما.
وكتب أبى بن كعب وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب.
قال عمرو ثم خرجت حتى انتهيت إلى عمان فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين وأسهلهما خلقا فقلت إنى رسول رسول الله اليك وإلى أخيك فقال أخى المقدم على بالسن والملك وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك تم ؟ ؟ ؟ وما تدعو إليه قلت أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وتخلع ما عبد من دونه وتشهد أن محمدا عبده ورسوله قال يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك فان لنا فيه قدوة فقلت مات ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ووددت أنه كان أسلم وصدق به وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للاسلام قال فمتى تبعته قلت قريبا فسألني أين كان إسلامى فقلت عند النجاشي وأخبرته أن النجاشي قد أسلم قال فكيف صنع قومه بملكه قلت أقروه واتبعوه قال والاساقفة والرهبان اتبعوه قلت نعم قال انظر يا عمرو ما تقول(2/334)
إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من كذب قلت ما كذبت وما نستحله في ديننا.
ثم قال ما أرى هر قل علم باسلام النجاشي قلت بلى قال بأى شئ علمت ذلك قلت كان النجاشي يخرج له خرجا فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم قال لا والله ولو سألني درهما واحدا ما أعطيته فبلغ هرقل قوله فقال له يناق أخوه أتدع عبدك لا يخرج لك خرجا ويدين دينا محدثا قال هر قل رجل رغب في دين واختاره لنفسه ما أصنع به والله لو لا الضن بملكي لصنعت كما صنع.
قال انظر ما تقول يا عمرو قلت والله صدقتك.
قال عبد فأخبرني ما الذى يأمر به وينهى عنه
قلت يأمر بطاعة الله عزوجل وينهى عن معصيته ويأمر بالبر وصلة الرحم وينهى عن الظلم والعدوان وعن الزنا وشرب الخمر وعن عبادة الحجر والوثن والصليب فقال ما أحسن هذا الذى يدعو إليه لو كان أخى يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به ولكن أخى أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا قلت إنه إن أسلم ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم.
قال إن هذا الخلق حسن وما الصدقة فأخبرته بما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقات في الاموال حتى انتهيت إلى الابل فقال يا عمرو تؤخذ من سوائم مواشينا التى ترعى الشجر وترد المياه قلت نعم فقال والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا.
قال فمكثت ببابه أياما وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبرى.
ثم إنه دعاني يوما فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعى فقال دعوه فأرسلت فذهبت لاجلس فأبوا أن يدعوني أجلس فنظرت إليه فقال تكلم بحاجتك فدفعت إليه الكتاب مختوما ففض خاتمه فقرأه حتى انتهى إلى آخره نم دفعه إلى فقرأه مثل قراءته إلا أنى رأيت أخاه أرق منه.
ثم قال ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت فقلت تبعوه إما راغب في الدين وإما مقهور(2/335)
بالسيف قال ومن معه قلت الناس قد رغبوا في الاسلام واختاروه على غيره وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضلال فما أعلم أحدا بقى غيرك في هذه الحرجة وأنت إن تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل ويبيد خضراءك فأسلم تسلم ويستعملك على قومك ولا تدخل عليك الخيل والرجال.
قال دعني يومى هذا وارجع إلى غدا فرجعت إلى أخيه فقال يا عمرو إنى لارجو أن يسلم إن لم يضن بملكه حتى إذا كان الغد أتيت إليه فأبى أن يأذن لى فانصرفت إلى أخيه فأخبرته أنى لم أصل إليه فأوصلني إليه فقال إنى فكرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف
العرب إن ملكت رجلا ما في يدى وهو لا تبلغ خيله هاهنا، وإن بلغت خيله ألفت قتالا ليس كقتال من لاقى.
قلت وأنا خارج غدا فلما أيقن بمخرجي خلابه أخوه فقال ما نحن فيما قد ظهر عليه وكل من أرسل إليه قد أجابه فأصبح فأرسل إلى فأجاب إلى الاسلام هو وأخوه جمعيا وصدقا النبي صلى الله عليه وسلم وخليا بينى وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم.
وكانا لى عونا على من خالفني.(2/336)
[ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن على ] الحنفي صاحب اليمامة مع سليط بن عمرو العامري بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن على سلام على من اتبع الهدى واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر أسلم تسلم وأجعل لك ما تحت يديك.
فلما قدم عليه سليط بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم مخنوما أنزله وحباه وقرأ عليه الكتاب فرد ردا دون رد وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا شاعر قومي وخطيبهم والعرب تهاب مكاني فاجعل إلى بعض الامر أتبعك.
وأجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره.
وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتابه وقال لو سألني سبابة (1) من الارض ما فعلت باد وباد ما في يديه.
فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة قد مات فقال صلى الله عليه وسلم أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدى فقال قائل يا رسول الله من يقتله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وأصحابك فكان كذلك.
وفيما ذكر الواقدي أن أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال جاءني كتابه يدعوني إلى الاسلام فلم أجبه قال الا ركون لم لا تجيبه فقال ضننت بدينى وأنا ملك قومي ولئن تبعته لم أملك قال بلى والله لئن اتبعته ليملكنك
وإن الخيرة لك في اتباعه.
وإنه للنبى العربي الذى بشر به عيسى بن مريم وإنه لمكتوب عندنا في الانجيل محمد رسول الله.
وذكر باقى الخبر.
__________
(1) السبابة: البلحة.
(*)(2/337)
[ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرث بن أبى شمر الغساني ] مع شجاع بن وهب ذكر الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شجاعا إلى الحارث ابن أبى شمر وهو بغوطة دمشق فكتب إليه مرجعه من الحديبية بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى الحرث بن أبى شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن به وصدق وإنى أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملك.
فختم الكتاب وخرج به شجاع بن وهب قال فانتهيت إلى حاجبه فأجده يومئذ وهو مشغول بتهيئة الانزال والالطاف لقيصر وهو جائى من حمص إلى إيلياه حيث كشف الله عنه جنود فارس شكرا لله تعالى.
فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه إنى رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال حاجبه لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا.
وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مرى يسألنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ويقول إنى قرأت في الانجيل وأجد صفة هذا النبي صلى الله عليه وسلم بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض القرظ فأنا أؤمن به وأصدقه وأنا أخاف من الحارث بن أبى شمر أن يقتلنى قال شجاع فكان يعنى هذا الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث باليأس منه ويقول هو يخاف قيصر قال فخرج الحارث يوما وجلس فوضع التاج على رأسه فأذن لى عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ثم رمى به.
وقال من ينتزع منى ملكى أنا سائر(2/338)
إليه ولو كان باليمن جئته على بالناس فلم يزل جالسا يعرض حتى الليل.
وأمر بالخيل أن تنعل ثم قال اخبر صاحبك بما ترى وكتب إلى قيصر يخبره خبرى فصادف قيصر بايلياء وعنده دحية الكلبى وقد بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب إليه ألا تسر إليه واله عنه ووافنى بايلياء.
قال ورجع الكتاب وأنا مقيم فدعاني وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك قلت غدا فأمر لى بمائة مثقال ذهبا ووصلني مرى بنفقة وكسوة وقال اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منى السلام وأخبره أنى متبع دينه.
قال شجاع فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال باد ملكه وأقرأته من مرى السلام وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق.
وابن هشام يقول بأن المرسل إليه جبلة بن الايهم بدل الحارث بن أبى شمر.
وقد تقدم فيما ذكرناه عن ابن إسحق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرث بن عبد كلال ومن معه باليمن.(2/339)
[ سرية على بن ابى طالب إلى اليمن ] قال ابن سعد يقال مرتين احداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجره وعقد له لواء وعممه بيده وقال امض ولا تلتفت فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلونك.
فخرج في ثلاثمأة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد وهى بلاد مذحج ففرق أصحابه فأتوا بنهب غنائم وأطفال ونساء وشاء وغير ذلك وجعل على على الغنائم بريدة بن الحصيب الاسلمي فجمع إليه ما اصابوا ثم لقى جمعهم فدعاهم إلى الاسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمى ثم حمل عليهم على بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الاسلام فأسرعوا وأجابوا وتابعه
نفر من رؤسائهم على الاسلام وقالوا نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله وجمع على الغنائم فجرأها على خمسة اجزاء فكتب في سهم منها لله وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس وقسم على على اصحابه بقية الغنم ثم قفل فوافى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وقد قدمها للحج سنة عشر.
قال الرشاطى وفى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث على بن أبى طالب في سرية إلى اليمن وذلك في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة فأسلت همدان كلها في يوم واحد وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ كتابه خر لله ساجدا ثم جلس فقال السلام على همدان وتتابع أهل اليمن على الاسلام.
انتهى كلام الرشاطى ويشبه ان تكون هذه هي السرية الاولى وما في الاصل هو السرية.
الثانية والله اعلم.(2/340)
[ حجة الوداع ] قال الفقيه الحافظ أبو محمد على بن أحمد بن سعيد الفارسى (1) أعلم عليه السلام الناس انه حاج ثم أمر بالخروج معه فأصاب الناس بالمدينة جدري أو حصبة منعت من شاء الله تعالى ان تمنع من الحج معه فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عمرة في رمضان تعدل حجة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عام حجة الوداع التى لم يحج من المدينة منذ هاجر عليه السلام إليها غيرها فأخذ على طريق.
الشجرة وذلك يوم الخميس لست بقين من ذى القعدة سنة عشر نهارا بعد أن ترجل وادهن وبعد أن صلى الظهر بالمدينة وصلى العصر من ذلك اليوم بذى الحليفة ليلة الجمعة وطاف تلك الليلة على نسائه ثم اغتسل ثم صلى بها الصبح ثم طيبته عائشة ام المؤمنين رضى الله عنها بيدها بذريرة (2) وبطيب فيه مسك ثم أحرم ولم يغسل الطيب ثم لبد رأسه وقلد بدنته نعلين وأشعرها في جانبها الايمن وسلت (3) الدم عنبها وكانت هدى.
تطوع وكان عليه السلام ساق الهدى مع نفسه ثم ركب راحلته وأهل حين انبعثت به من عند المسجد مسجد ذى الحليفة بالقرآن بالعمرة والحج معا وذلك قبل الظهر بيسير وقال للناس بذى الحليفة من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن
__________
(1) هو ابن حزم.
(2) نوع من الطيب مجموع من أخلاط.
(3) أي مسح.
(*)(2/341)
أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل.
وكان معه عليه السلام من الناس جموع لا يحصيها إلا خالقهم ورازقهم عزوجل.
ثم لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وقد روى أنه عليه السلام زاد على ذلك فقال لبيك إله الخلق وأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وأمره أن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية.
وولدت اسماء بنت عميس الخثعمية زوج ابى بكر الصديق رضى الله عنه محمد بن أبى بكر فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتستثفر (1) بثوب وتحرم وتهل ثم نهض عليه السلام وصلى الظهر بالبيداء ثم تمادى واستهل هلال ذى الحجة ليلة الخميس ليلة اليوم الثامن من خروجه من المدينة فلما كان بسرف حاضت عائشة رضى الله عنها وكانت قد أهلت بعمرة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتنقض رأسها وتمتشط وتترك العمرة وتدعها وترفضها ولم تحل منها وتدخل على العمرة حجا وتعمل جميع أعمال الحج حاشى الطواف بالبيت ما لم تطهر.
وقال عليه السلام وهو بسرف للناس من لم يكن منكم معه هدى وأراد أن يجعلها عمرة فليفعل ومن كان معه هدى فلا.
فمنهم من جعلها عمرة كما أبيح له ومنهم من تمادى على نية الحج ولم يجعلها عمرة وهذا فيمن لاهدى معه وأما من معه الهدى فلم يجعلها عمرة
أصلا.
وأمر عليه السلام في بعض طريقه ذلك من كان معه هدى ان يهل بالقران بالحج والعمرة معا ثم نهض عليه السلام إلى أن نزل بذى طوى فبات بها ليلة الاحد لاربع خلون لذى الحجة فصلى الصبح بها ودخل مكة نهارا من أعلاها من كداء من الثنية العليا صبيحة يوم الاحد المذكور المؤرخ فاستلم الحجر الاسود وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة سبعا ورمل ثلاثا منها ومشى أربعا
__________
(1) أي تشد على فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا فتمنع سيل الدم.
(*)(2/342)
يستلم الحجر الاسود والركن اليماني في كل طوفة ولا يمس الركنين الآخرين اللذين في الحجر وقال بينهما (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ثم صلى عند مقام ابراهيم عليه السلام ركعتين يقرأ فيهما مع أم القرآن (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) جعل المقام بينه وبين الكعبة وقرأ عليه السلام إذا أتى المقام (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى) ثم رجع إلى الحجر الاسود فاستلمه ثم خرج إلى الصفا فقرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) أبدأ بما بدأ الله به فطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره يخب ثلاثا ويمشى أربعا إذا رقى الصفا استقبل القبلة ونظر إلى البيت ووحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده انجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده ثم يدعو ثم يفعل على المروة مثل ذلك.
فلما اكمل عليه السلام الطواف والسعى أمر كل من لا هدى معه بالاحلال قارنا كان أو مفردا وإن بحلوا الحل كله من وطئ النساء والطيب والمخيط وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية وهو يوم منى فيهلوا حينئذ بالحج ويحرموا عند نهوضهم إلى منى وأمر من معه الهدى بالبقاء على إحرامهم وقال لهم عليه السلام حينئذ إذ تردد بعضهم لو استقبلت من أمرى ما استد برت ما سقت الهدى حتى أشتريه ولجعلتها عمرة ولاحللت كما أحللتم ولكني سقت الهدى فلا أحل حتى انحر الهدى وكان
أبو بكر وعمر وطلحة والزبير وعلى ورجال من أهل الوفر (1) ساقوا الهدى فلم يحلوا وبقوا ؟ ؟ ؟ كما بقى هو عليه السلام محرما لانه كان ساق الهدى مع نفسه وكن أمهات المؤمنين لم يسقن هديا فأحللن وكن قارنات حجا وعمرة وكذلك فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء بنت أبى بكر الصديق أحلتا حاشى عائشة رضى الله عنها من أجل حيضها لم تحل كما ذكرنا وشكا على فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ حلت وصدقها
__________
(1) الوفر: المال الكثير.
(*)(2/343)
عليه السلام في انه امرها بذلك وحينئذ سأله سراقة بن مالك بن جعشم الكنانى فقال يا رسول الله متعتنا هذه لعامنا هذا أم للابد ولنا أم للابد فشبك عليه السلام اصابعه وقال بل لابد الابد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.
وأمر عليه السلام من جاء إلى الحج على غير الطريق التى اتى عليه السلام عليها ممن أهل باهلال كاهلاله بأن يبقوا على حالهم فمن ساق منهم الهدى لم يحل فكان على في أهل هذه الصفة ومن كان منهم لم يسق الهدى أن يحل فكان ابو موسى الاشعري من أهل هذه الصفة وأقام عليه السلام بمكة محرما من أجل هديه يوم الاحد المذكور والاثنين والثلاثاء والاربعاء وليلة الخميس ثم نهض صلى الله عليه وسلم بكرة يوم الخميس وهو يوم منى ويوم التروية مع الناس إلى منى وفى ذلك الوقت أحرم بالحج من الابطح كل من كان احل من أصحابه رضى الله عنهم فأحرموا في نهوضهم إلى منى في اليوم المذكور فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر من يوم الخميس المذكور والعصر والمغرب والعشاء الآخرة وبات بها ليلة الجمعة وصلى بها الصبح من يوم الجمعة ثم نهض عليه السلام بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة المذكور إلى عرفة بعد أن أمر عليه السلام بأن تضرب له قبة من شعر بنمرة فأتى عليه السلام عرفة ونزل في قبته التى ذكرنا حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فر حلت تم
أتى بطن الوادي فخطب على راحلته خطبة ذكر فيها عليه السلام تحريم الدماء والاموال والاعراض ووضع فيها أمور الجاهلية ودماءها واول ما وضع دم ابن ربيعة بن الحرث ابن عبدالمطلب كان مسترضعا في بنى سعد بن بكر فقتله هذيل.
وذكر النسابون أنه كان صغيرا يحبو امام البيوت وكان اسمه آدم فأصابه حجر عائر أو سهم غرب من يد رجل من بنى هذيل فمات.(2/344)
ثم ترجع إلى وصف عمله عليه السلام ووضع أيضا عليه السلام في خطبته بعرفة ربا الجاهلية واول ربا وضعه ربا عمه العباس رضى الله عنه وأوصى بالنساء خيرا وأباحهم ضربهن غير مبرح إن عصين بما لا يحل وقضى لهن بالرزق والكسوة بالمعروف على أزواجهن وأمر بالاعتصام بعده بكتاب الله عزوجل وأخبر أنه لا يضل من اعتصم به وأشهد الله عزوجل على الناس أنه قد بلغهم ما يلزمه فاعترف الناس بذلك وأمر عليه السلام أن يبلغ ذلك الشاهد الغائب وبعثت إليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية وهى ام عبدالله بن العباس لبنا في قدح فشر به عليه السلام أمام الناس وهو على بعيره فعلموا أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن صائما في يومه ذلك فلما أتم الخطبة المذكورة أمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا لكن صلاهما عليه السلام بالناس مجموعتين في وقت الظهر بأذان واحد لهما معا وباقامتين لكل صلاة منهما إقامة ثم ركب عليه السلام راحلته حتى أتى الموقف فاستقبل القبلة وجعل جبل المشاة بين يديه فلم يزل واقفا للدعاء وهنالك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم في جملة الحجيج فمات فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يكفن في ثوبيه ولا يمس بطيب ولا يحنط ولا يغطى رأسه ولا وجهه.
وأخبر عليه السلام أنه يبعث يوم القيامة ملبيا وسأله قوم من أهل نجد هنالك عن الحج فأعلمهم عليه
السلام بوجوب الوقوف بعرفة ووقت الوقوف بها وأرسل إلى الناس أن يقفوا على مشاعرهم فلم يزل عليه السلام واقفا حتى غربت الشمس من يوم الجمعة المذكور(2/345)
ودهبت الصفرة أردف أسامة بن زيد خلفه ودفع عليه السلام وقد ضم زمام القصواء ناقته حتى أن رأسها ليصيب طرف رحله ثم مضى يسير العنق فإذا وجد فجوة نص - وكلاهما ضرب من السير والنص آ كد هما والفجوة الفسحة من الناس - كلما أتى ربوة من تلك الروابي أرخى للناقة زمامها قليلا حتى يصعدها وهو عليه السلام يأمر الناس بالسكينة في السير.
فلما كان في الطريق عند الشعب الايسر نزل عليه السلام فيه فبال وتوضأ وضوءا خفيفا وقال لاسامة المصلى أمامك.
أو كلاما هذا معناه ثم ركب حتى أتى المزد لفة ليلة السبت العاشر من ذى الحجة فتوضأ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون خطبة لكن بأذان واحد لهما معا وباقامتين لكل صلاة منهما إقامه ولم يصل بينهما شيئا ثم اضطجع عليه السلام بها حتى طلع الفجر فقام وصلى الفجر بالناس بمزدلفة يوم السبت المذكور وهو يوم النحر وهو يوم الاضحى وهو يوم العيد وهو يوم الحج الاكبر مغلسا أول انصداع الفجر.
وهناك سأله عروة بن مضرس الطائى وقد ذكر له عمله أله حج فقال له عليه السلام إن من أدرك الصلاة يعنى صلاة الصبح بمزدلفة في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج وإلا فلم يدركه واستأذنته سودة وأم حبيبة في أن يدفعا من مزدلفة ليلا فأذن لهما ولام سلمة في ذلك وهن أمهات المؤمنين رضى الله عنهن وأذن أيضا عليه السلام للنساء والضعفاء في ذلك بعد وقوف جمعهم بمزدلفة وذكر هم الله تعالى بها.
إلا أنه عليه السلام أذن للنساء في الرمى بليل ولم يأذن للرجال في ذلك لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم وكان ذلك اليوم يوم كونه عليه السلام عند أم سلمة فلما صلى عليه السلام الصبح كما ذكرنا بمزدلفة
أتى المشعر الحرام بها فاستقبل القبلة فدعا الله عزوجل وكبر وهلل ووحد ولم يزل واقفا بها حتى أسفر جدا وقبل أن تطلع الشمس فدفع عليه السلام حينئذ من(2/346)
مزدلفة وقد أردف الفضل بن عباس وانطلق أسامة على رجليه في سباق قريش وهنالك سألت الخثعمية النبي عليه السلام الحج عن أبيها الذى لا يطيق الحج فأمرها أن تحج عنه وجعل عليه السلام يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر إليها والى النساء وكان الفضل أبيض وسيما وسأله أيضا عليه السلام رجل عن مثل ما سألت الخثعمية فأمر عليه السلام بذلك ونهض عليه السلام يريد منى فلما أتى بطن محسر حرك ناقته قليلا وسلك عليه السلام الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى فأتى الجمرة التى عند الشجرة وهى جمرة العقبة فرماها عليه السلام من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له عبدالله ابن عباس من موقفه الذى رمى فيه مثل حصى الخذف وأمر بمثلها ونهى عن أكبر منها وعن الغلو في الدين فرماها عليه السلام وهو على راحلته بسبع حصيات كما ذكرنا يكبر مع كل حصاة منها وحينئذ قطع عليه السلام التلبية ولم يزل يلبى حتى رمى جمرة العقبة التى ذكرنا ورماها عليه السلام راكبا وبلال وأسامة أحدهما يمسك بخطام ناقته عليه السلام والآخر يظله بثوبه من الحر.
وخطب عليه السلام الناس في اليوم المذكور وهو يوم النحر بمنى خطبة كررها أيضا فيها تحريم الدماء والاموال والاعراض والابشار وأعلمهم عليه السلام فيها بتحريم يوم النحر وحرمة مكة على جميع البلاد وأمر بالسمع والطاعة لمن قام بكتاب الله عزوجل وأمر الناس بأخذ مناسكهم فلعله لا يحج بعد عامه ذلك وعلمهم مناسكهم وأنزل المهاجرين والانصار والناس منازلهم وأمر أن لا يرجعوا بعده كفارا ولا يرجعوا بعده ضلالا يضرب بعضهم رقاب بعض وأمر بالتبليغ عنه وأخبر بأن رب مبلغ
أوعى من سلمع ثم انصرف عليه السلام إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة ثم أمر عليها فنحر ما بقى منها مما كان على أتى به من اليمن مع ما كان عليه السلام(2/347)
أتى به من المدينة وكانت تمام المائة.
ثم حلق عليه السلام رأسه المقدس وقسم شعر فأعطى من نصفه الشعرة والشعرتين وأعطى نصفه الثاني كله ابا طلحة الانصاري وضحى عن نسائه بالبقر وأهدى عمن كان اعتمر منهن بقرة وضحى هو عليه السلام في ذلك اليوم بكبشين أملحين وحلق بعض الصحابة وقصر بعضهم فدعا عليه السلام للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة وأمر عليه السلام أن يؤخذ من البدن التى ذكرنا من كل بدنة بضعة فجعلت في قدر وطبخت فأكل هو عليه السلام وعلى من لحمها وشربا من مرقها وكان عليه السلام قد اشرك عليا فيها ثم أمر عليا بقسمة لحومها كلها وجلودها وجلاها وأن لا يعطى الجازر شيئا منها على جزارتها واعطى عليه السلام الاجرة على ذلك من عند نفسه واخبر الناس أن عرفة كلها موقف حاشى بطن عرنة وأن مزدلفة كلها موقف حاشى بطن محسر وأن منى كلها منحر وان فجاج مكة كلها منحر ثم تظيب عليه السلام قبل أن يطوف طواف الافاضة ولا حلالة قبل أن يحل في يوم النحر وهو يوم السبت المذكور طيبته عائشة رضى الله عنها أيضا بطيب فيه مسك ثم نهض عليه السلام راكبا إلى مكة في يوم السبت المذكور نفسه فطاف في يومه ذلك طواف الافاضة وهو طواف الصدر قبل الظهر وشرب من ماء زمزم بالدلو ومن نبيذ السقاية ثم رجع من يومه ذلك إلى منى فصلى الظهر.
هذا قول ابن عمر وقالت عائشة وجابر بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة وهذا هو الفصل الذى اشكل علينا الفصل فيه لصحة الطرق في ذلك ولا شك أن احد الخبرين وهم والثانى صحيح ولا ندرى أيهما هو.
وطافت أم سلمة في ذلك اليوم على بعيرها من وراء الناس وهى شاكية فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم
في ذلك فأذن لها وطافت أيضا عائشة ذلك اليوم وفيه طهرت وكانت رضى الله عنها حائضا أيضا يوم عرفة وطافت أيضا صفية في ذلك اليوم ثم حاضت بعد ذلك ليلة النفر(2/348)
ثم رجع عليه السلام إلى منى وسئل عليه السلام حينئذ عن ما تقدم بعضه على بعض من الرمى والحلق والنحر والافاضة فقال في كل ذلك لا حرج وكذلك قال أيضا في تقديم السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالكعبة وأخبر عليه السلام بأن الله تعالى انزل لكل داء دواء إلا الهرم وعظم اثم من اقترض عرض امرئ مسلم ظلما.
فأقام هنالك باقى يوم السبت وليلة الاحد ويوم الاحد وليلة الاثنين ويوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء وهذه أيام منى وهذه هي أيام التشريق يرمى الجمار الثلاث كل يوم من هذه الايام الثلاثة بعد الزوال بسبع حصيات كل يوم لكل جمرة يبدأ بالدنيا وهى التى تلى مسجد منى ويقف عندها للدعاء طويلا ثم التى تليها وهى الوسطى ويقف أيضا عندها للدعاء كذلك ثم جمرة العقبة ولا يقف عندها ويكبر عليه السلام مع كل حصاة.
وخطب الناس أيضا يوم الاحد ثانى يوم النحر وهو يوم الرؤوس.
وقد روى أيضا أنه عليه السلام خطبهم أيضا يوم الاثنين وهو يوم الاكارع.
وأوصى بذى الارحام خيرا وأخبر عليه السلام أنه لا تجنى نفس على أخرى واستأذنه العباس عمه في المبيت بمكة من أجل سقايته فأذن له عليه السلام وأذن للرعاء أيضا مثل ذلك ثم نهض عليه السلام بعد زوال الشمس من يوم الثلاثاء المؤرخ وهو آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذى الحجة وهو يوم النفر إلى المحصب وهو الابطح فضربت بها قبته ضربها أبو رافع مولاه وكان على ثقله عليه السلام.
وقد كان عليه السلام قال لاسامة إنه ينزل غدا بالمحصب خيف بنى كنانة وهو المكان الذى ضرب فيه ابو رافع قبته وفاقا من الله عزوجل دون ان يأمره عليه السلام بذلك.
وحاضت صفية أم المؤمنين ليلة النفر بعد
أن أفاضت فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسأل أفاضت يوم النحر فقيل له نعم فأمرها أن تنفر وحكم فيمن كانت حاله كحالها أيضا بذلك وصلى عليه السلام بالمحصب(2/349)
الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة من ليلة الاربعاء الرابع عشر من ذى الحجه وبات بها ليلة الاربعاء المذكورة ورقد رقدة.
ولما كان يوم النحر ويوم النفر رغبت إليه عائشة بعد أن طهرت أن يعمرها عمرة مفردة فأخبرها عليه السلام انها قد حلت من حجها وعمرتها وأن طوافها يكفيها ويجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعمر عمرة مفردة فقال لها ألم تسكونى طفت ليالى قدمت قالت لا فأمر عبدالرحمن بن أبى بكر أخاها أن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك وانتظرها عليه السلام بأعلى مكة حتى انصرفت من عمرتها تلك وقال لها هذه مكان عمرتك وأمر الناس أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالببت ورخص في ترك ذلك للحائض التى قد طافت طواف الافاضة قبل حيضها.
ثم أنه عليه السلام دخل مكة في الليل من ليلة الاربعماء المذكورة فطاف بالبيت طواف الوداع لم يرمل في شئ منه سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الاربعاء المذكور ثم خرج من كدى أسفل مكة من الثنية السفلى والتقى بعائشة رضى الله عنها وهو ناهض إلى الطواف المذكور وهى راجعة من تلك العمرة التى ذكرنا ثم رجع عليه السلام وأمر بالرحيل ومضى عليه السلام من فوره راجعا إلى المدينة وخرج من مكة من الثنية السفلى فكانت مدة اقامته عليه السلام بمكة منذ دخلها إلى أن خرج منها إلى منى إلى عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب إلى أن وجه راجعا عشرة أيام فلما أتى ذا الحليفة بات بها فلما رأى المدينة كبر ثلاث مرات وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده.
ثم
دخل عليه السلام المدينة نهارا من طريق المعرس والحمد لله وحده.(2/350)
[ واما عمره عليه السلام فأربع ] روينا من حديث قتادة قال قلت لانس كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعا عمرته التى صده عنها المشركون عن البيت من الحديبية في ذى القعدة وعمرته أيضا من العام المقبل حين صالحوه في ذى القعدة وعمرنه حين قسم غنائم حنين من الجعرانة في ذى القعدة وعمرته مع حجته.
وقد روى عن ابن عباس أن عمرة الجعرانة كانت لليلتين بقيتا من شوال.(2/351)
[ سراية اسامة بن زيد بن حارثة إلى ابني ] وهى أرض الشراة ناحية البلقاء قالوا لما كان يوم الاثنين لاربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من مهاجره أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم فلما كان من الغد دعا أسامة بن زيد فقال سر إلى موضع مقتل ابيك فاوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الاخبار فان ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الادلاء وقدم العيون والطلائع معك فلما كان يوم الاربعاء بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فحم وصدع فلما أصبح يوم الخميس عقد لاسامة لواء بيده ثم قال اغز بسم الله وفى سبيل الله فقاتل من كفر بالله فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الاسلمي وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الاولين والانصار إلا انتدب في تلك الغزوة منهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبى وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريس فتكلم قوم وقالوا
يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الاولين فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة فصعد المنبر وحمد الله وأنثى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فما قالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ولئن طعنتم في امارتي أسامة لقد طعنتم في امارتي اياه من قبله وايم الله ان كان لخليقا للامارة وان ابنه من بعده لخليق للامارة وإن كان لمن أحب الناس إلى وإنهما لمخيلان(2/352)
لكل خير - أي لمظنة لكل خير - فاستوصوا به خيرا فانه من خياركم ثم نزل فدخل بيته وذلك في يوم السبت لعشر خلون من شهر ربيع الاول سنة احدى عشرة وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخرجون إلى المعسكر بالجرف وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول انفذوا بعث أسامة.
فلما كان يوم الاحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبى صلى الله على هو سلم مغمور وهو اليوم الذى لدوه (1) فيه فطأطأ أسامة فقبله والنبى صلى الله عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على اسامة قال اسامة فعرفت أنه يدعو لى ورجع اسامة إلى معسكره ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا فقال له أغد على بركة الله فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمة أم أيمن قد جاءه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت فتوفى حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة ابن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرزه عنده فلما بويع لابي بكر أمر بريدة بن الحصيب ان يذهب باللواء إلى بيت أسامة
ليمضى لوجهه فمضى بهم إلى معسكرهم الاول فلما ارتدت العرب كلم أبو بكر في حبس أسامة فأبى وكلم أبو بكر أسامة في عمر أن يأذن له في التخلف ففعل فلما كان هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أبنى (2) عشرين ليلة
__________
(1) أي جعلوا الدواء في جانب فمه.
(2) بوزن حبلى.
(*)(2/353)
فشن عليهم الغارة وكان شعارهم " يا منصور أمت " فقتل من أشرف له وسبى من قدم عليه وحرق في طوائفها بالنار وحرق منازلهم وحرئهم ونخلهم فصارت أعاصير من الدخاخين وأجال الخيل في عرصاتهم وأقاموا يومهم ذلك من تعبئة ما أصابوا من الغنائم وكان أسامة على فرس أبية سبحة وقتل قاتل أبيه في الغارة وأسهم للفرس سهمين وللفارس سهما وأخذ لنفسه مثل ذلك فلما أمسى أمر الناس بالرحيل ثم أغذ (1) السير فوردوا وادى القرى في تسع ليال ثم بعث بشيرا إلى المدينة بسلامتهم ثم قصد بعد في السير فسار إلى المدينة ستا وما أصيب من المسلمين أحد.
وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا بسلامتهم، ودخل على فرس أبيه سبحة واللواء أمامه يحمله بريدة بن الحصيب حتى انتهى إلى باب المسجد فدخل فصلى ركعتين ثم انصرف إلى بيته وبلغ هرقل وهو بحمص ما صنع أسامة فبعث رابطة يكونون بالبلقاء فلم تزل هناك حتى قدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبى بكر وعمر رضى الله عنهما.
__________
(1) أي أسرع.
(*)(2/354)
[ ذكر الحوادث جملة بعد قدوم رسول الله ] صلى الله عليه وسلم المدينة في السنة الاولى: جعلت صلاة الحضر أربع ركعات وكانت ركعتين بعد
مقدمه عليه السلام بشهر وفيها صلى الجمعة حين ارتحل من قباء إلى المدينة صلاها في طريقه ببنى سالم وهى أول جمعة صلاها وأول خطبة خطبها في الاسلام وفيها بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ومساكنه ومسجد قباء وفيها بدء الاذان وفيها المؤاخاة بين المهاجرين والانصار بعد مقدمه بثمانية أشهر وفيها أسلم عبدالله بن سلام ومات أسعد بن زرارة وأعرس النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة وبعث حمزة بن عبدالمطلب في ثلاثين من المهاجرين يعترض عيرا لقريش في رمضان وبعث عبيدة بن الحارث في ستين رجلا من المهاجرين إلى بطن رابغ وبعث سعد بن أبى وقاص إلى الخرار في ذى القعدة في عشرين من المهاجرين يعترض لعير قريش وغزوة الابواء وغزوة ودان في صفر.
وفى السنة الثانية: غزوة بواط وطلب كرز بن جابر.
وغزوة ذى العشيرة وسرية عبدالله بن جحش إلى نخلة وغزوة بدر الكيرى ووفاة رقية ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وسرية عمير بن عدى وسرية سالم بن عمير وغزوة بنى قينقاع وغزوة السويق وغزوة كركرة الكدر وتحويل القبلة وفرض صوم(2/355)
شهر رمضان في شعبان على رأس سبعة عشر شهرا وفرض زكاة الفطر قبل العيد بيومين ووفاة عثمان بن مظعون بعد مشهده بدرا وفيها ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أحدهما عن أمته والآخر عن محمد وآله، ومولد عبدالله بن الزبير ومولد النعمان بن بشير وأعرس على بفاطمة.
وفى السنة الثالثة: السرية لكعب بن الاشرف وغزوة غطفان وغزوة بنى سليم وسرية زيد بن حارثة إلى القردة وغزوة أحد وغزوة حمراء الاسد وسرية أبى سلمة إلى قطن وسرية عبدالله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بعرنة وبئر معونة والرجيع وتزويجه عليه السلام حفصة بنت عمر وتزويجه زينب بنت خزيمة وتزويج عثمان
ابن عفان أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم ومولد الحسن بن على وتحريم الخمر وقيل في الرابعة.
وفى السنة الرابعة: تحريم الخمر وغزوة بنى النضير وبدر الموعد وذات الرقاع وصلاة الخوف ورجمه عليه السلام اليهودي واليهودية ومولد الحسين بن على ووفاة زينب بنت خزيمة وتزويجه عليه السلام أم سلمة وتزويجه أيضا زينب بنت جحش على الاصح ونزول الحجاب.
وفى السنة الخامسة: غزوة دومة الجندل وغزوة المريسيع وحديث الافك وقد تقدم الخلاف في ذلك.
وقول عبدالله بن أبى (لئن رجعنا إلى المدينة).
وغزوة الخندق وبنى قريظة وتزويجه عليه السلام ريحانة بنت يزيد النضرية وجويرية بنت الحرث وسرية عبدالله بن عتيك إلى أبى رافع وسرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء وفيها زلزلت المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيعتبكم فاعتبوه.
وفيها سابق بين الخيل.(2/356)
وفى السنة السادسة: غزوة بنى لحيان وغزوة الغابة وسرية عكاشة إلى الغمر ومحمد بن مسلمة إلى ذى القصة فأصيبوا وبعث أبى عبيدة إلى ذى القصة فهربوا.
وسرية زيد بن حارثة إلى بنى سليم وسريته إلى العيص وسريته إلى الطرف وسريته إلى حسمى وسريته إلى وادى القرى وسريته إلى أم قرفة وسرية ابن عوف إلى دومة الجندل وعلى إلى بنى سعد بن بكر وابن عتيك إلى أبى رافع على قول.
وقد تقدم في الخامسة.
وسرية عمرو بن أمية الضمرى وسلمة بن أسلم لقتل أبى سفيان بمكة وعمرة الحديبية وبيعة الرضوان وفيها قحط الناس فاستسقى لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقوا في رمضان.
وفى السنة السابعة: غزوة خيبر وسرية عمر إلى تربة وسرية أبى بكر إلى بنى كلاب أو فزارة وبشير بن سعد إلى بنى مرة وغالب الليثى إلى الميفعة وبشير بن
سعد إلى يمن وجبار وعمرة القضية وسرية ابن أبى العوجاء إلى بنى سليم وسرية غالب إلى بنى الملوح وسريته إلى فدك وتزويجه عليه السلام أم حبيبة بنت أبى سفيان وصفية بنت حيى وميمونة بنت الحارث وقدوم جعفر من الحبشة وأبى موسى ومن معه وإسلام أبى هريرة وعمران بن الحصين.
وبعثه عليه السلام الرسل على الملوك واتخاذ الخاتم لختم الكتب وتحريم الحمر الاهلية والنهى عن متعة النساء.
وفى السنة الثامنة: قدم خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وعمرو بن العاص فاسلموا.
وسرية شجاع بن وهب إلى بنى عامر وكعب بن عمرو إلى ذات أطلاح غزوة مؤتة.
سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل وسرية الخبط وسرية أبى قتادة إلى خضرة ثم إلى بطن إضم غزوة الفتح سرية خالد بن الوليد إلى العزى وعمرو بن العاص إلى سواع وسعد بن زيد الاشهلى إلى مناة في رمضان.
سرية خالد(2/357)
بن الوليد إلى بنى جزيمة.
غزوة حنين.
سرية الطفيل بن عمرو إلى ذى الكفين.
غزوة الطائف.
سرية عيينة بن حصن إلى بنى تميم.
سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بعث الوليد بن عقبة إلى بنى المصطلق.
اتخاذ المنبر والخطبة عليه وحنين الجذع وهو أول منبر عمل في الاسلام.
وفيها أقاد النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من هذيل برجل من بنى ليث ومولد ابراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم ووفاة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها وهبت سودة يومها لعائشة حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم طلاقها.
وفى السنة التاسعة: إيلاؤه عليه السلام من نسائه وسرية الضحاك إلى بنى كلاب وعلقمة إلى الحبشة وعلى إلى الفاس وعكاشة إلى الجناب وتبوك وهدم مسجد الضرار وقدوم الوفود ولعان عويمر العجلاني مع امرأته وموت عبدالله بن أبى وحج أبى بكر بالناس ونداء على بسورة براءة وموت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وموت النجاشي.
وفى السنة العاشرة: سرية خالد بن الوليد إلى بنى عبد المدان بنجران وعلى إلى اليمن وحجة الوداع ونزول (اليوم أكملت لكم دينكم) الآية ونزول (يأيها الذين آمنو ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) الآية.
وكانوا لا يفعلونه قبل ذلك وموت ابراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم.(2/358)
[ ذكر نبذة من معجزاته عليه السلام ] وإن كان أكثر ما نورده هنا قد سبق ايراده لكن مفرقا والغرض الآن ذكره مجموعا كما فعلنا في الباب الذى قبله.
فمن ذلك: القرآن وهو أعظمها، وشق الصدر وإخباره عن البيت المقدس وانشقاق القمر وأن الملامن قريش تعاقدوا على قتله فخرج عليهم فخفضوا أبصارهم وسقطت اذقانهم في صدورهم وأقبل حتى قام على رؤسهم فقبض قبضة من تراب وقال شاهت الوجوه وحصبهم فما أصاب رجلا منهم شئ من ذلك الحصى إلا قتل يوم بدر ورمى يوم حنين بقبضة من تراب في وجوه القوم فهزمهم الله تعالى ونسج العنكبوت عليه في الغاروما كان من أمر سراقة بن ملك بن جعشم إذ تبعه في خبر الهجرة فساخت قوائم فرسه في الارض الجلد ومسح على ضرع عناق (1) ولم ينز عليها الفحل فدرت وقصة شاة أم معبد ودعوته لعمر أن يعز الله به الاسلام ودعوته لعلى أن يذهب الله عنه الحر والبرد وتفل في عينيه وهو أرمد فعوفى من ساعته ولم يرمد بعد ذلك ورد عين قتادة ابن النعمان بعد أن سالت على خده فكانت أحسن عينيه ودعا لعبد الله بن عباس بالتأويل والفقه في الدين ودعا لجمل جابر فصار سابقا بعد أن كان مسبوقا ودعا لانس بطول العمر وكثرة المال والولد ودعا في تمر حائط جابر بالبركة فأوفى غرماءه وفضل ثلاثة عشر وسقا واستسقى عليه السلام فمطروا أسبوعا ثم استصحى لهم
__________
(1) الانثى من أولاد المعز.
(*)(2/359)
؟ ؟ ؟ السحابة، ودعا على عتيبة بن أبى لهب فأكله الاسد بالزرقاء من الشام وشهدت له الشجر بالرسالة في خبر الاعرابي الذى دعاه إلى الاسلام فقال هل من شاهد على ما تقول فقال نعم هذه السمرة (1) ثم دعاها فأقبلت فاستشهدها فشهدت أنه كما قال ثلاثا ثم رجعت إلى منبتها وأمر شجرتين فاجتمعتا ثم افترقتا وأمر أنسا أن ينطلق إلى نخلات فيقول لهن أمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجتمعن فاجتمعن فلما قضى حاجته أمره أن يأمرهن بالعود إلى أما كنهن فعدن ونام فجاءت شجرة تشق الارض حتى قامت عليه فلما استيقظ ذكرت له فقال هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على فأذن لها وسلم عليه الحجر والشجر ليالى بعث: السلام عليك يا رسول الله وقال انى لا عرف حجرا كان بمكة يسلم على قبل أن أبعث إنى لاعرفه الآن وحن إليه الجذع وسبح الحصى في كفه وسبح الطعام بين أصابعه وأعلمته الشاة بسمها وشكا إليه البعير قلة العلف وكثرة العمل وسألته الضبية أن يخلصها من الحبل لترضع ولديها وتعود فخلصها فعادت وتلفظت بالشهادتين وأخبر عن مصارع المشركين يوم بدر فلم يعد واحد منهم مصرعه وأخبر أن طائفة من أمته يغزون في البحر وأن أم حرام بنت ملحان منهم فكان كذلك وقال لعثمان بن عفان تصيبه بلوى شديدة فأصابته وقتل وقال للانصار إنكم ستلقون بعدى أثرة فكانت زمن معاوية وقال في الحسن إلى ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فصالح معاوية وحقن دماء الفئتين من المسلمين وأخبر بقتل الاسود العنسى الكذاب وهو بصنعاء ليلة قتله وبمن قتله وقال لثابت بن قيس تعيش حميدا وتقتل شهيدا فقتل يوم اليمامة وارتد رجل ولحق بالمشركين فبلغه انه مات فقال ان الارض لا تقبله فكان كذلك
__________
(1) نوع من الشجر.
وفى نسخة " الشجرة ".
(*)(2/360)
وقال لرجل يأكل بشماله كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال له لا استطعت فلم يطلق أن يرفعها إلى فيه بعد.
ودخل مكة عام الفتح والاصنام حول الكعبة معلقة وبيده قضيب فجعل يشير به إليها ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهى تتساقط.
وقصة مازن بن الغضوبة وخبر سواد بن قارب وأمثالها كثير وشهد الصب بنبوته وأطعم ألفا من صاع شعير بالخندق فشبعوا والطعام أكثر مما كان وأطعمهم من تمر يسير أيضا بالخندق وجمع فضل الازواد على النطع فدعا لها بالبركة ثم قسمها في العسكر فقامت بهم وأتاه أبو هريرة بتمرات قد صفهن في يده وقال أدع لى فيهن بالبركة ففعل قال أبو هريرة فأخرجت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله وكنا تأكل منه ونطعم حتى انقطع في زمن عثمان ودعا أهل الصفة لقصعة ثريد قال أبو هريرة فجعلت أتطاول ليدعوني حتى قام القوم وليس في القصعة إلا اليسير في نواحيها فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقمة فوضعها على أصابعه وقال لى كل بسم الله فوالذي نفسي بيده مازلت آكل منها حتى شبعت ونبع الماء من بين أصابعه حتى شرب القوم وتوضؤا وهم ألف وأربعمائة وأتى بقدح فيه ماء فوضع أصابعه في القدح فلم تسع فوضع أربعة منها وقال هلموا فتوضؤا أجمعين وهم من السبعين إلى الثمانين وورد في غزوة تبوك على ماء لا يروى واحدا والقوم عطاش فشكوا إليه فأخذ سهما من كنانته وأمر بغرسه فيه ففار الماء وارتوى القوم وكانوا ثلاثين ألفا وشكا إليه قوم ملوحة في مائهم فجاء في نفر من أصحابه حتى وقف على بئرهم فتفل فيه فتفجر بالماء العذب المعين وأتته إمرأة بصبى لها أقرع فمسح على رأسه فاستوى شعره فذهب داؤه وانكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدرفأ عطاه جذلا من حطب فصار في يده سيفا ولم يزل بعد ذلك عنده وكذلك وقع لعبدالله(2/361)
ابن جحش يوم أحدو عزت كدية (1) بالخندق عن ان ياخذها المعول فضربها فصارت كثيبا أهيل (2) ومسح على رجل ابن عتيك في خبر أبى رافع وقد انكسرت فكأنه لم يشتكها قط.
ومعجزاته صلى الله عليه وسلم أكثر من أن يجمعها كتاب أو يحصرها ديوان.
__________
(1) أي صخرة.
(2) أي رملا سائلا.
(*)(2/362)
[ ذكر اولاده صلى الله عليه وسلم ] روينا عن ابن سعد قال أنا هشام بن محمد بن السائب الكلبى عن أبيه عن أبى صالح عن ابن عباس قال كان أول من ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة القاسم وبه كان يكنى ثم ولدت له زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ثم ولد له في الاسلام عبدالله فسمى الطيب الطاهر وأمهم جميعا خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصى فكان أول من مات من ولده القاسم.
ثم مات عبدالله بمكة فقال العاص بن وائل السهمى قد انقطع ولده فهو أبتر فأنزل الله (إن شانئك هو الابتر) وقيل بل الطيب والطاهر ابنان سواه وقيل كان له الطاهر والمطهر ولدا في بطن وقيل كان له الطيب والمطيب ولدا في بطن أيضا وقيل إنهم كلهم ماتوا قبل النبوة وقال الزبير بن بكار ولدله القاسم ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ثم عبدالله هكذا رأيته بخط شيخنا الحافظ أبى محمد الدمياطي رحمه الله قال وفيه نظر.
وأما أبو عمر فحكى عن الزبير غير ذلك قال ولد له القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبدالله وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر ولد بعد النبوة ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية هكذا الاول فالاول ثم مات القسم بمكة وهو أول ميت مات من ولده ثم عبدالله مات أيضا بمكة.
وقال ابن إسحق ولدت له خديجة زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى والطاهر(2/363)
والطيب فهلكوا في الجاهلية.
وأما بناتة فكلهن أدركن الاسلام وأسلمن وهاجرن معه.
قال أبو عمر وقال على بن عبد العزيز الجرجاني: أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب.
وقال ابن الكلبى زينب ثم القاسم ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ثم عبدالله وكان يقال له الطيب والطاهر.
قال وهذا هو الصحيح وغيره تخليط وكانت سلمى مولاة صفية بنت عبدالمطلب تقبل خديجة في أولادها وكانت تعق عن كل غلام بشاتين وعن الجارية بشاة.
وكان بين كل ولدين لها سنة وكانت تسترضع لهم وتعد ذلك قبل ولادها.
فأما زينب فتزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس بن عبد مناف أمه ؟ ؟ ؟ بنت خويلد فولدت له عليا أردفه النبي صلى الله عليه وسلم وراءه يوم الفتح.
ومات مراهقا وأمامة تزوجها على بعد خالتها فاطمة زوجها منه الزبير بن العوام، وكان أبوها أبو العاص أوصى بها إلى الزبير فلما قتل على رضى الله عنه وأمت أمامة منه قالت أم الهيثم النخعية أشاب ذؤابتى وأذل ركني * أمامة حين فارقت القرينا تطيف به لحاجتها إليه * فلما استيأست رفعت رنينا ثم تزوجها بعد على المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب فولدت له يحيى ابن المغيرة وهلكت عنده وقد قيل إنها لم تلد لعلى ولا للمغيرة.
ولدت زينب سنة ثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وماتت سنة ثمان من الهجرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها وكان زوجها أبو العاص محبا فيها وهو القائل في بعض أسفاره إلى الشام: ذكرت زينب لما وركت أرما * فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما(2/364)
بنت الامين جزاها الله صالحة * وكل بعل سيثنى بالذى علما
وأما رقية فتزوجها عثمان بن عفان فولدت له عبدالله مات بعدها وقد بلغ ست سنين.
وتوفيت رقية يوم قدوم زيد بن حارثة بشيرا بقتلى بدر وقيل كان مولدها سنة ثلاث وثلاثين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما أم كلثوم فتزوجها عثمان بعد موت رقية وماتت سنة تسع من الهجرة ولم تلد له.
وأما فاطمة فتزوجها على وبنى بها مرجعهم من بدر فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا مات صغيرا وأم كلثوم وزينب وماتت فاطمة بعد أبيها بثلاثة أشهر وقيل بستة وقيل بثمانية وكذلك اختلف في مولدها.
قال المدائني قبل النبوة بخمس سنين.
وقال ابن السراج سمعت عبيدالله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي يقول ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر وذكر الزبير أن عبدالله بن حسن بن حسن دخل على هشام بن عبدالملك وعنده الكلبى فقال هشام لعبدالله بن حسن يا أبا محمد كم بلغت فاطمة من السن فقال ثلاثين سنة فقال هشام للكلبى كم بلغت من السن فقال خمسا وثلاثين سنة فقال هشام لعبد الله ابن حسن اسمع الكلبى يقول ما تسمع وقد عنى بهذا الشأن فقال عبدالله ابن حسن يا أمير المؤمنين سلنى عن أمي وسل الكلبى عن أمه وكان على رضى الله عند قد خطب عليها ابنة أبى جهل فأنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوالله عند رجل واحد أبدا قال فترك على الخطبة.
روينا من طريق مسلم حدثنا أحمد بن حنبل فثنا يعقوب بن ابراهيم فثنا أبى عن الوليد بن كثير قال حدثنى محمد بن عمرو بن حلحلة الدولي أن ابن شهاب حدثه أن على بن الحسين حدثه أنهم حين قدموا المدينة لقيه المسور بن(2/365)
مخرمة فذكر حديثا وفيه أن على بن أبى طالب خطب بنت أبى جهل على فاطمة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ
محتلم وفيه قوله عليه السلام والله لا تجتمع بنت رسول الله " صلى الله عليه وسلم " وبنت عدوالله مكانا واحدا أبدا.
قلت كذا وقع في هذا الحديث قوله عن المسور وأنا يومئذ محتلم وهو وهم فان المسور ممن ولد في السنة الثانية من الهجرة بعد مولد ابن الزبير بأربعة أشهر فلم يدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلا نحو الثمانية أعوام ولا يعد من كانت هذه سنه محتملا.
وقد روى الاسماعيلي في صحيحه هذا الحديث من هذا الوجه عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار فثنا يحيى بن معين عن يعقوب فذكره بسنده وفيه عن المسور " وأنا يومئذ كالمحتلم " يعنى في ثبته وحفظه ما يسمعه فبينت هذه الرواية الصواب ودار الحمل فيه على من دون يعقوب بين أحمد ومسلم ووجدت الطبراني في معجمه الكبير قد رواه عن عبدالله بن أحمد عن أبيه كرواية مسلم فبرئ مسلم من عهدته أيضا كما برئ يعقوب ومن فوقه وقد رواه البخاري عن سعيد بن محمد الجرمى عن يعقوب كرواية مسلم عن أحمد فهو حديث اختلف فيه على يعقوب جوده يحيى بن معين.
ثم ولدت له صلى الله عليه وسلم مارية بنت شمعون القبطية ابراهيم وعق عنه بكبش يوم سابعه وحلق رأسه حلقه أبو هند فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الارض وسماه يومئذ فيما قال الزبير والصحيح أنه سماه ليلة مولده وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى زوجها أبى رافع فأخبرته أنها قد ولدت له غلاما فجاء أبو رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشره فوهب له عبدا وكان مولده في ذى الحجة سنة ثمان من الهجرة ومات في ربيع الاول سنة عشر وقد بلغ ستة عشر شهرا.
وقد قيل في سنه ووفاته غير ذلك مات في بنى مازن عند ظئره أم بردة خولة بنت المنذر(2/366)
ابن زيد بن لبيد وغسلته وحمل من بيتها على سرير صغير وصلى عليه وكبر أربعا ودفن بالبقيع ورش عليه الماء وقال الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون وقال ابن
له ظئرا (1) تتم رضاعه في الجنة وقال لو عاش لو ضعت الجزية عن كل قبطى.
وقال لو عاش ابراهيم مارق له خال (2).
__________
(1) الطثر المرضعة.
(2) في حاشية الاصل: بلغ مقابلة لله الحمد.
(*)(2/367)
[ ذكر اعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم ] أبو طالب عبد مناف والزبير وعبد الكعبة وأم حكيم وعاتكة وبرة وأروى وأميمة وأمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم وعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقيق هؤلاء وقد تقدم ذكره وحمزة والمقوم وجحل واسمه المغيرة وصفية وزاد بعضهم العوام وأمهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بنت عم آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس وضرار وأمهما نتلة وقيل نتيلة بنت جناب بن كلب من النمر بن قاسط والحارث وهو أكبر ولد عبدالمطلب وبه كان يكنى وشقيقة قثم وهلك قثم صغيرا وأمهما صفية بنت جندب بن حجير ابن زياب بن حبيب بن سواءة وأبو لهب عبدالعزى وأمه لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول من خزاعة والغيداق واسمه مصعب وقيل نوفل ولقب الغيداق لجوده وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك من خزاعة فأعمامه عليه السلام اثنا عشر ومن الناس من يعدهم عشرة فيسقط عبدالكعبة ويقول هو المقوم ويجعل الغيداق وحجلا واحدا ومن الناس من يعدهم تسعة فيسقط قثم.
وأما عماته فست لا خلاف في ذلك وكلهن بنات فاطمة المخزومية إلا صفية فهى من هالة الزهرية هذا هو المشهور عند أهل النسب.
وقد ذكر أن أروى لفاطمة المخزومية.
ولم يسلم من أعمامه عليه السلام إلا حمزة والعباس على الصحيح.
وقد(2/369)
حكى إسلام أبى طالب وقد سبق ذكره.
وأما العمات فاسلام صفية معروف محقق وفى أروى خلاف.
ذكرها العقيلى في الصحابة قال أبو عمر وأبى غيره من ذلك وذكر الواقدي في خبر أنها أسلمت وكذلك اختلف في إسلام عاتكة والمشهور عندهم أن عاتكة لم تسلم هي صاحبة الرؤيا يوم بدر.
فأما أبو طالب فولده طالب وعقيل وجعفر وعلى وكان كل من هؤلاء أكبر من الذى يلبه بعشر سنين وأختهم أم هانئ فاختة أسلموا ويقال هند قيل وحمانة بنت أبى طالب أخت ثانية لهم قسم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقا من خيبر وهى أم عبدالله بن أبى سفيان بن الحرث بن عبدالمطلب أسلموا كلهم إلا طالبا.
وأما الزبير فولده عبدالله شهد يوم حنين مع النبي صلى الله عليه وسلم وثبت معه وكان فارسا مشهورا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ابن عمى وحبى ومنهم من يروى أنه كان يقول ابن أمي وحبى قال أبو عمر لا أحفظ له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روت أختاه ضباعة وأم الحكم وكانت سنه يوم توفى النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من ثلاثين سنة وقتل شهيدا بأجنادين في خلافة أبى بكر سنة ثلاث عشرة بعد أن أبلى بها بلاء حسنا.
وضباعة وصفية وأم الحكم وأم الزبير بنات الزبير لهن صحبة ولا عقب لعبد الله بن الزبير هذا.
وأما حمزة فأسلم قد بما وعز به الاسلام وكفت قريش عن النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض ما كانوا ينالون منه خوفا من حمزة رضى الله عنه وعلما منهم أنه سيمنعه وكان عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخاه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة الاسلمية وكان أسن منه بيسير وأم كل منهما ابنة عم لام الآخر شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأحدا وبها مات شهيدا قتله وحشى بن حرب قيل كان يقاتل بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم بسيفين ويقول أنا أسد الله.
ذكره الحاكم وروى بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتانى جبريل فأخبرني أن(2/370)
حمزة مكتوب في أهل السموات أسد الله ورسوله.
وروى أن حمزة قتل جنبا فغسلته الملائكة وقال صحيح الاسناد.
وكان له من الولد يعلى وعمارة وقال مصعب ولد لحمزة خمسة رجال لصلبه وماتوا ولم يعقبوا وقال الزبير ولم يعقب أحد من بنى حمزة إلا يعلى وحده فانه ولد له خمسة رجال لصلبه وماتوا ولم يعقبوا.
ومن أولاد حمزة أمامة ويقال أمة الله.
وكان الواقدي يقول فيها عمارة قال أبو بكر الخطيب انفرد الواقدي بهذا القول وإنما عمارة ابنه له ابنته وقد تقدم ذكره.
وله أيضا ابنة تسمى أم الفضل وابنة تسمى فاطمة ومن الناس من يعدهما واحدة وفاطمة هذه إحدى الفواطم التى قال عليه السلام لعلى وقد بعث الله حلة تشقها خمرا بين الفواطم وهن فاطمة بنت أسد أم على وفاطمة بنت محمد زوجه عليه السلام وفاطمة ابنة حمزة هذه وفاطمة ابنة عتبة.
وأما العباس فيكنى أبا الفضل بابنه وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث وكان رئيسا في قريش وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية شهد العقبة مع رسول الله صلى الله على هو سلم ليشترط له على الانصار وشهد بدرا مع المشركين مكرها وفدى يومئذ نفسه، وعقيلا ونوفلا ابني أخويه أبى طالب والحارث وأسلم قبل فتح خيبر وكان يكتم إسلامه إلى يوم فتح مكة فأظهره وقيل أسلم قبل يوم بدر وكان يكتم ذلك وشهد يوم حنين وثبت.
وهو القائل: ألا هل أتى عرسي مكرى ومقدمي * بوادي حنين والاسنة تشرع وكيف رددت الخيل وهى مغيرة * بزوراء تعطى في اليدين وتمنع نصرنا رسول الله صفى الحرب سبعة * وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا وثامننا لاقى الحمام بسيفه * بما مسه في الله لا يتوجع وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: العباس أجود قريش كفا وأوصلها.
وروى أن(2/371)
العباس لم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز إجلالا له وكان النبي
صلى الله عليه وسلم يجله واستسقى به عمر عام الرمادة سنة سبع عشرة فسقوا ففى ذلك يقول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب: بعمى سقى الله الحجاز وأهله * عشية يستسقى بشيبته عمر توجه بالعباس في الجدب راغبا * فماكر حتى جاء بالديمة المطر وكان من دعاء العباس وهو يستسقى: اللهم أنت الراعى لا تهمل الضالة ولا تدع الكبير بدار مضيعة فقد ضرع الصغير ورق الكبير وارتفعت الشكوى فأنت تعلم السر وأخفى اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا فانه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون.
وفضائل العباس كثيرة ومناقبه مشهورة توفى سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه عثمان وقيل في وفاته غير ذلك.
وولد العباس سبعة لام الفضل لبابة بنت الحارث وسيأتى ذكر نسبها عند ذكر أختها ميمونة في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وهم الفضل وعبد الله وعبيدالله ومعبد وقثم وعبد الرحمن وأم حبيبة شقيقتهم وتمام وكثير لام ولد والحارث وأمه من هذيل وعون بن العباس قال أبو عمر لم أقف على اسم أمه قال وكل بنى العباس لهم رواية وللفضل وعبد الله وعبيدالله سماع ورواية.
وكان الفضل أكبر هم وتمام أصغرهم وقد روى تمام عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا على قلحا (1) استاكوا.
وكان الفضل جميلا وعبد الله عالما وعبيدالله سخيا جوادا وكان تمام من أشد الناس بطشا وكان العباس يحمل تماما ويقول:
__________
(1) القلح: صفرة تعلوا لا سنان ووسخ يركبها، وهو حث على استعمال السواك.
(*)(2/372)
تموا بتمام فصاروا عشره يا رب فاجعلهم كراما برره واجعل لهم ذكرا وأثم الثمره ويقال ما رؤيت قبور أشد تباعدا بعضها من بعض من قبور بنى العباس ابن عبدالمطلب.
استشهد الفضل بأجنادين ومات معبد و عبدالرحمن بافريقية
وعبد الله بالطائف وعبيدالله باليمن وقثم بسمرقند وكثير بالينبع وقد يقع في ذلك خلاف ليس هذا موضعه.
وأما الحارث وهو أكبر ولد عبدالمطلب وبه كان يكنى: قال الحافظ عبد الغنى المقدسي رحمه الله تعالى لم يدرك الاسلام وأسلم من أولاده أربعة نوفل وربيعة وأبو سفيان وعبد الله فكان نوفل أسن إخوته وأسن من أسلم من بنى هاشم ولم يذكر المغيرة فيهم وقد ذكره أبو عمر بن عبد البر في كتابه في الصحابة فيكون خامسا لهم غير أنه قال ومنهم من يجعل المغيرة اسم أبى سفيان والصحيح الاول يعنى أنه غيره.
وأما أبو لهب فأبوه كناه بذلك لحسن وجهه.
قال السهيلي كنى بأبى لهب مقدمة لما يصير إليه من اللهب وكان بعد نزول السورة فيه لا يشك مؤمن أنه من أهل النار بخلاف غيره من الكفار - يعنى الموجودين - فان الاطماع لم تنقطع من إسلامهم.
وامرأته أم جميل بنت حرب بن أمية اسمها العوراء فولد أبو لهب عتبة ومعتبا شهدا حنينا وثبتا فيه وأختهما درة لها صحبة وأخوهم عتيبة قتله الاسد بالزرقاء من أرض الشام بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم عليه وبعضهم يجعل عتبة المكبر عقير الاسد وعتيبة الصحابي والمشهور الاول.
وأما ضرار فانه مات أيام أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم وكان من فتيان قريش جمالا وسخاء.
وأما الغيداق فكان أكثر قريش(2/373)
مالا وكان جوادا.
وأما المقوم وجحل فولد لهما وانقطع العقب منهما.
وأما عبد الكعبة فلم يدرك الاسلام ولم يعقب.
وأما قثم فهلك صغيرا كما تقدم.
وأما أم حكيم وهى البيضاء فكانت عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف فولدت له عامرا وبنات منهن أروى أم عثمان بن عفان وهى توءمة عبدالله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف في ذلك.
وهى التى وضعت جفنة الطيب للمطيبين في حلقهم، وكانت تقول إنى لحصان (1) فما أكلم
وصناع (2) فما أعلم.
وأما عاتكة فكانت عند أبى أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ولدت له عبدالله له صحبة وزهيرا وقريبة مختلف في صحبتهما وهم إخوة أم سلمة لابيها وهى صاحبة الرؤيا بمكة يوم بدر وقد تقدمت.
وأما برة فكانت عند أبى رهم بن عبدالعزى بن أبى قيس بن عبدود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤى فولدت له أبا سبرة له صحبة شهد بدرا والمشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلف عليها عبد الاسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن مخزوم وقيل بل كانت عنده قبل أبى رهم فولدت لعبد الاسد أبا سلمة عبدالله زوج أم سلمة صحابي مشهور توفى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة زوجه.
وأما أميمة فكانت عند جحش بن رئاب ابن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة فولدت له عبدالله المجدع في الله بدعائه المقتول يوم أحد شهيدا رضى الله عنه وأبا أحمد الشاعر الاعمى وعبيدالله أسلما أيضا وهاجروا إلى أرض الحبشة ثم تنصر هنالك عبيدالله.
وزينب أم المؤمنين وحمنة وكانت عند مصعب بن عمير ثم خلف عليها
__________
(1) أي: عفيفة.
(2) يقال امرأة صناع إذا كان لها صنعة تعملها بيديها وتكسب بها.
(*)(2/374)
طلحة بن عبيدالله فولدت له محمدا وعمران وكانت تستحاض وكانت ممن خاض في حديث الافك وجلد فيه ان صح أتهم جلد واوتكنى حمنة هذه أم حبيبة عند قوم وعند الاكثرين أم حبيبة غيرها وكانت أم حبيبة تحت عبدالرحمن بن عوف وكانت تستحاض.
حديثها في صحيح مسلم وكان شيخنا الحافظ أبو محمد الدمياطي رحمه الله يقول هن زينب وحمنة وأم حبيب ويعد ما عدا ذلك وهما وقيده بخطه على صحيح مسلم في الفوائد التى كتبها على نسخته وقد علقت عنه هذه الفوائد.
وأما أروى فمختلف في إسلامها كما تقدم.
وحكاه أبو عمر عن الواقدي في خبر يسنده أن ابنها طليب بن عمير حملها على ذلك فوافقته وأسلمت وكانت بعد ذلك تعاضد النبي صلى الله عليه وسلم وتحض ابنها على نصرته.
وقد رواه الحاكم وزعم أنه على شرط البخاري.
وكانت تحت عمير بن وهب بن عبدالدار بن قصى فولدت له طليب بن عمير كان بدريا من فضلاء الصحابة وقتل بأجنادين شهيدا ولا عقب له ثم خلف عليها كلدة بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصى - وهو عند أبى عمر كلدة ابن عبد مناف والصحيح الاول - فولدت له فاطمة.
ورأيته في كتاب أبى عمر أروى وليس بشئ.
فولدت فاطمة هذه زينب بنت أرطاة بن عبد شر حبيل بن هاشم المذكور آنفا فولدت زينب كيسة بنت الحارث بن كريز بن ربيعة زوج مسيلمة ابن حبيب الكذاب.
ثم خلف على كيسة ابن عمها عبدالله بن عامر بن كريز ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعوذه وتفل في فيه فجعل يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام إنه لمسقى فكان له يعالج أرضا إلا ظهر له الماء وهو الذى عمل السقايات بعرفة وشق نهر البصرة، جمع له عثمان بين ولاية البصرة وفارس وهو ابن أربع وعشرين سنة وكان سخيا جوادا وفيه يقول زياد الاعجم: أخ لك لا تراه الدهر إلا * على العلات مبتسما جوادا(2/375)
أخ لك ما مودته بمذق (1) * إذا ما عاد فقر أخيه عادا سألناه الجزيل فما تلكى * وأعطى فوق منيتنا وزادا وأحسن ثم أحسن ثم عدنا * فأحسن ثم عدت له فعادا مرارا ما رجعت إليه إلا * تبسم ضاحكا وثنى الوسادا وأما صفية فأسلمت وهاجرت وكانت عند الحرث بن حرب أخى أبى سفيان بن حرب فولدت له صيفي بن الحارث ثم خلف عليها العوام بن خويل بن أسد بن
عبدالعزى بن قصى فولدت له الزبير والسائب صحابيين مشهورين وعبد الكعبة وأم حبيب تزوجها خالد بن جزام فولدت له أم حسين لا عقب لها.
توفيت صفية رضى الله عنها سنة عشرين ودفنت بالبقيع ولها ثلاث وسبعون سنة.
__________
(1) أي صافية غير مدخولة.
(*)(2/376)
[ ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل ] سوى ما تقدم جحل بتقديم الجيم على الحاء المهملة.
وهو السقاء الضخم قال ابن دريد واسمه مصعب وجحل لقب وغيره يقول اسمه المغيرة كما سبق والجحل نوع من اليعاسيب عن صاحب العين وقال أبو حنيفة كل شئ ضخم فهو جحل ذكره السهيلي وكان الدارقطني يقول هو حجل بتقديم الحاء ويفسر بالخلخال أو القيد.
وقثم قد ذكرنا أنه شقيق الحارث وكان ابن قدامة يقول الحارث لا شقيق له والذى رواه ابن سعد يسنده عن ابن الكلبى أن قثم شقيق العباس وضرار.
قال ابن سيدة قثم الشئ يقثمه قثما جمعه ويقال قثام أي أقثم مطرد عند سيبويه وموقوف عند أبى العباس وقثم له من العطاء قثما أكثر وقثم اسم رجل مشتق منه.
وقثام من أسماء الضبع وقثم الذكر من الضباع وكلاهما معدول عن فاعل وفاعلة وقد تكرر هذا الاسم لابن عبد المطلب ولا بن عباس.
وكان قثم بن العباس واليا لعلى على مكة أردفه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له واستشهد بسمرقند.
قال ابن عبد البر وقال الزبير في الشعر الذى أوله: هذا الذى تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم انه قاله بعض شعراء المدينة في قثم بن العباس، وزاد الزبير في الشعر بيتين أو ثلاثة منها قوله: كم صارخ بك مكروب وصارخة * يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم(2/377)
قال ولا يصح في قثم بن العباس وذلك شعر آخر على عروضه وقافيته.
وما قاله الزبير فغير صحيح ثم قال أبو عمر وفى قثم بن العباس هذا يقول داود بن أسلم: عتقت من حلى ومن رحلتي * ياناق إن بلغتني من فثم إنك إن أدنيت منه غدا * خالفني البؤس ومات العدم في كفه بحر وفى وجهه * بدر وفى العرنين (1) منه شمم أصم عن قيل الخنا سمعه * وما عن الخير به من صمم لم يدر ما " لا " وبلى قد درى * فعافها واعتاض منها " نعم " كذا قال أبو عمر وإنما الشعر في قثم بن العباس بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب كان واليا على اليمامة لابي جعفر المنصور وكان داود بن أسلم من شعراء الدولة العباسية فأين هو من ذلك الزمان.
وتقدم ذكر أبى سفيان بن الحرث وكان عليه السلام يقول أبو سفيان خير أهلى أو من خير أهلى وفيه كان يقول عليه السلام كل الصيد في جوف الفرا.
وقيل في أبى سفيان بن حرب وكان أبو سفيان بن الحارث أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وابن عمه وكان فارسا مشهورا وشاعرا مطبوعا أنشد له أبو عمر: لقد علمت قريش غير فخر * بأنا نحن أجودهم حصانا وأكثر هم دروعا سابغات * وأمضاهم إذا طعنوا سنانا وأدفعهم لدى الضراء عنهم * وأبينهم إذا نطقوا لسانا
__________
(1) أي الانف.
والشمم ارتفاع في قصبة الانف مع استواء أعلاه.
(*)(2/378)
قال أبو عمرو كان أحد الخمسة المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم وهم جعفر بن أبى طالب والحسن بن على وقثم بن العباس وأبو سفيان بن الحارث والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف.
ولم يزد على ذلك وإلى
السائب هذا ينسب الامام الشافعي قال المؤلف فقلت في ذلك شعرا: بخمسة شبه المختار من مضر * يا حسن ماخولوا من شبهه الحسن بجعفر وابن عم المصطفى قثم * وسائب وأبى سفيان والحسن قلت وممن كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم أيضا عبدالله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرا فقال هذا شبهنا.
وروى أنه عليه السلام قال إذا رآه يا بنى عبد شمس هذا أشبه بنا منه بكم.
وأبو لهب اسمه لبنى كذا هو عند الجماعة وفسره السهيلي بشئ يتميع من بعض الشجر عن أبى حنيفة قال ويقال لبعضه الميعة.
والذى ذكره أبو عمر في اسم أمه لبى على وزن فعلى من اللب على قياس قول ابن دريد في حبى من الحب وقال السهيلي بنت هاجر بكسر الجيم.
(1)
__________
(1) في حاشية الاصل: بلغ مقابلة لله الحمد.
(*)(2/379)
[ ذكر أزواجه وسراريه ] سلام الله عليه وعليهن روى عبدالملك بن محمد النيسابوري بسنده عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تزوجت شيئا من نسائى ولا زوجت شيئا من بناتى إلا بوحى جاءني به جبريل عن ربى عزوجل.
فأول من تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة وقد تقدم ذكرها.
ثم سودة بنت زمعة بن قيس ابن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بعد خديجة على الصحيح ومن الناس من يقول تزوج عائشة قبلها، وأصدق النبي صلى الله عليه وسلم سودة أربعمائة.
وأمها الشموس بنت قيس بن عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر ابن غنم بن عدى بن النجار بنت أخى سلمى بنت عمرو بن زيد أم عبدالمطلب
وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن عبدشمس بن عبدود أخى سهل وسهيل وسليط وحاطب ولكلهم صحبة، وهاجر بها السكران إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ثم رجع بها إلى مكة فمات عنها فلما حلت تزوجها عليه السلام في السنة العاشرة من النبوة وقيل في الثامنة وماتت بعده بالمدينة في آخر خلافة عمر بن الخطاب هذا هو المشهور في وفاتها وابن سعد يقول عن الواقدي توفيت سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية وكانت قد كبرت عنده فأراد طلاقها فوهبت يومها لعائشة فأمسكها وقيل بل طلقها وراجعها والصحيح الاول قال الدمياطي وقال أبو عمر أسلت عند(2/381)
النبي صلى الله عليه وسلم فهم بطلاقها فقالت لا تطلقني وأنت في حل من شأني فانما أريد أن أحشر في أزواجك وانى قد وهبت يومى لعائشة وانى لا أريد ما تريد النساء فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفى عنها.
ثم عائشة بنت أبى بكر الصديق أم عبدالله اكتنت بابن أختها عبدالله بن الزبير باذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بذلك وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر وقيل بنت عمير بن عامر من بنى دهمان بن الحارث.
كانت تسمى لجبير بن مطعم فسلها أبو بكر منهم وزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.
روى أبو معاوية عن الاعمش عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت سبع سنين وبنى بى وأنا بنت تسع وقبض عنى وأنا بنت ثمان عشرة.
رويناه من طريق النسائي عن أبى كريب وأحمد بن حرب عن أبى معاوية.
وتزوجها عليه السلام بمكة في شوال سنة عشر من النبوة.
فلما هاجر إلى المدينة بعث زيد بن حارثة وأبا رافع إلى مكة يأتيان بعياله سودة وأم كلثوم وفاطمة وأم أيمن وابنها أسامة وخرج معهم عبدالله بن أبى بكر بعيال أبى بكر أم رومان وعائشة وأسماء فقدموا المدينة فأنزلهم في بيت لحارثة بن النعمان ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يومئذ يبنى مسجده فلما فرغ من بنائه بنى بيتا لعائشة وبيتا لسودة وأعرس بعائشة في شوال على رأس ثمانية أشهر من مهاجره وقيل سبعة أشهر وقيل ثمانية عشر.
وكان مقامه في بيت أبى أيوب إلى أن تحول إلى مساكنه سبعة أشهر وقبض عنها وهى بنت ثمان عشرة ومكثت عنده تسع سنين وخمسة أشهر ولم يتزوج بكرا غيرها يقال انها أتت من النبي صلى الله عليه وسلم بسقط ولا يثبت وكانت فضائلها جمة ومناقبها كثيرة قال عليه السلام فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام(2/382)
وقيل له أي النساء (1) أحب اليك قال عائشة قيل فمن الرجال قال أبوها.
ونزلت براءتها في القرآن وقبض عليه السلام ورأسه في حجرها ودفن في بيتها وقال أبو الضحى عن مسروق ورأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الاكابر يسألونها عن الفرائض.
وقال عطاء بن أبى رباح كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة.
وقال هشام بن عروة عن أبيه ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة.
وقال الزهري لو جمع علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل.
وفيها يقول حسان يمدحها ويعتذر إليها: حصان رزان (2) ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل (3) عقيله (4) أصل من لؤى بن غالب * كرام المساعى مجدهم غير زائل مهذبة قد طيب الله خيمها * وطهرها من كل بغى وباطل فان كان ما قد قيل عنى قلته * فلا رفعت سوطي إلى أناملي وكيف وودى ما حييت ونصرتي * لآل رسول الله زين المحافل توفيت سنة ست وقيل سنة سبع وقيل سنة ثمان وخمسين وصلى عليها أبو هريرة ودفنت بالبقيع ليلا.
ونزل في قبرها القاسم بن محمد وابن عمه عبدالله بن
__________
(1) في نسخة " أي الناس " وهو غلط.
(2) أي: عفيفة رزينة.
(3) الغرث الجوع وهو إستعارة عن كفها عن الغيبة.
(4) أي: كريمة.
بكسر الخاء أي طبيعتها وسجيتها.
(*)(2/383)
عبدالرحمن وعبد الله بن أبى عتيق وعبد الله وعروة ابنا الزبير وقد قاربت سبعا وسنين سنة ومولدها سنة أربع من النبوة.
تم حفصة بنت عمر بن الخطاب وأمها قدامة بنت مظعون وهى شقيقة عبدالله ابن عمر وأسن منه.
مولدها قبل النبوة بخمس سنين كانت تحت خنيس بن حذافة السهمى فتوفى عنها من جراحات أصابته ببدر وقيل بأحد والاول أشهر.
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من مهاجره على القول الاول أو بعد أحد على الثاني.
وكان عمر قد عرضها على أبى بكر قبل أن يتزوجها عليه السلام فلم يرجع إليه أبو بكر كلمة فغضب من ذلك ثم عرضها على عثمان حين ماتت رقية فقال ما أريد أن أتزوج اليوم فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه عثمان وأخبره بعرض حفصة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تتزوج حفصة خيرا من عثمان ويتزوج عثمان خيرا من حفصة ثم تزوج عليه السلام حفصة وزوج ابنته أم كلثوم عثمان وطلق عليه السلام حفصة تطليقة ثم راجعها وذلك أن جبريل نزل عليه فقال له راجع حفصة فانها صوامة قوامة وانها زوجتك في الجنة ومن حديث عقبة بن عامر قال طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فبلغ ذلك عمر فحثا (1) على رأسه التراب وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم من الغد وقال إن الله يأمرك أن تراجع حفصة
رحمة لعمر ثم أراد أن يطلقها ثانية فقال له جبريل لا تطلقها فانها صوامة قوامة الحديث.
توفيت في شعبان سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة وحمل سريرها بعض الطريق ثم حمله أبو هريرة إلى قبرها
__________
(1) أي: رمى.
(*)(2/384)
ونزل في قبرها عبدالله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبدالله بن عمر وقد بلغت ثلاثا وستين سنة وقيل ماتت سنة إحدى وأربعين وأوصت إلى عبدالله أخيها بما أوصى إليها عمر وبصدقة تصدقت بها بمال وقفته بالغابة.
ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبدالله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان كانت تدعى أم المساكين لرأفتها بهم كانت عند الطفيل ابن الحارث فطلقها فتزوجها أخوه عبيدة فقتل يوم بدر شهيدا كما سبق فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة ومكثت عنده ثمانية أشهر وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر على رأس تسعة وثلاثين شهرا من الهجرة وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع وقد بلغت ثلاثين سنة أو نحوها.
ولم يمت من أزواجه في حياته إلا هي وخديجة وفى ريحانة خلاف وقال أبو عمر كانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند عبدالله بن جحش حكاه عن ابن شهاب قال وقتل عنها يوم أحد فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث ولم تلبث عنده إلا يسيرا شهرين أو ثلاثة.
وحكى عن على بن عبد العزيز الجرجاني انها كانت أخت ميمونة لامها قال ولم أر ذلك لغيره ولما خطبها عليه السلام جعلت أمرها إليه فتزوجها واشهدوا صداقها اثنتى عشرة أو قية ونشا (1) وأرادت أن تعتق جارية لها سوداء فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا
تفدين بها بنى أخيك أو أختك من رعاية الغنم.
ثم أم سلمة واسمها هند بنت أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم
__________
(1) بفتح النون وتشديد الشين وهو عشرون درهما.
(*)(2/385)
وكانت قبله عند أبى سلمة عبدالله بن عبد الاسد وهما أول من هاجر إلى أرض الحبشة ولدت له برة سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وسلمة وعمر ودرة شهد أبو سلمة بدرا وأحدا ورمى بها بسهم في عضده فمكث شهرا يداويه ثم برأ الجرح وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجره وبعث معه مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والانصار إلى قطن وهو جبل بناحية فيد فغاب تسعا وعشرين ليلة ثم رجع إلى المدينة فانتفض جرحه فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة أربع فاعتدت أم سلمة وحلت لعشر بقين من شوال سنة أربع فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من وشوال المذكور وأبو عمر يقول تزوجها في شوال سنة اثنتين وليس بشئ لانه قال في وفاة أبى سلمة انها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وهو لم يتزوجها إلا بعد انقضاء عدتها من أبى سلمة بالوفاة وقال لها إن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي وإن شئت ثلثت ودرت فقالت بل ثلث.
وخطبها عليه السلام فقالت انى سنة وذات أيتام وشديدة الغيرة فقال أنا أسن منك وعيالك عيال الله ورسوله وأدعو الله لك فيذهب عنك الغيرة فدعا لها فكان كذلك.
توفيت في خلافة يزيد بن معاوية سنة ستين على الصحيح.
وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس وقد قيل في اسم أم سلمة رملة وليس بشئ.
ثم زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم ابن دودان بن أسد بن خزيمة وكان اسمها يرة فسماها زينب.
أمها أميمة عمة رسول
الله صلى الله عليه وسلم كانت قبله عند زيد بن حارثة مولاه ثم طلقها فلما حلت زوجه الله إياها من السماء سنة أربع وقيل سنة ثلاث وقيل سنة خمس وهى يومئذ بنت خمس وثلاثين سنة وأولم عليها وأطعم المسلمين خبزا ولحما وفيها نزل الحجاب(2/386)
وهى التى قال الله في حقها (فلما قضى زيد منها وطرا زوجنا كها) ولما تزوجها تكلم في ذلك المنافقون وقالوا حرم محمد نساء الولد وقد تزوج إمرأة ابنه فأنزل الله عزوجل (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) الآية وقال (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) فدعى زيد بن حارثة وكان يدعى زيد بن محمد وكانت تفخر على نسائه عليه السلام تقول آباؤكن أنكحو كن وان الله تعالى أنكحني إياه من فوق سبع سموات وغضب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولها لصفية بنت حيى تلك اليهودية فهجرها لذلك ذا الحجة والمحرم وبعض صفر ثم أتاها وكانت كثيرة الصدقة والايثار وهى أول نسائه لحوقا به توفيت سنة عشرين أو إحدى وعشرين وكانت عائشة تقول هي التى تسامينى في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت إمرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة.
وقال عليه السلام لعمر بن الخطاب في حقها إنها لاواهة قال رجل أي رسول الله وما الاواه قال الخاشع المتضرع وان ابراهيم لحليم أواه منيب.
ثم جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة وهو المصطلق بن سعيد بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء سباها يوم المريسيع في غزوة بنى المصطلق.
وقد تقدم ذكرها وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس كاتبها على تسع أواقى فأدى عليه السلام عنها كتابتها وتزوجها وقال الشعبى كانت جويرية من ملك اليمين فأعتقها عليه السلام وتزوجها وقال الحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم على جويرية وتزوجها وقيل جاء
أبوها فافتداها ثم أنكحها رسول الله بعد ذلك.
وكان اسمها برة فحوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية.
وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم(2/387)
عند مسافع بن صفوان المصطلقى.
وكانت جميلة قالت عائشة كانت جويرية عليها ملاحة وحلاوة لا يكاد يراها أحد إلا وقعت بنفسه وعند ما تزوجها عليه السلام قال الناس صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم من سبايا بنى المصطلق قالت عائشة فلم نعلم إمرأة كانت أكثر بركة على قومها منها.
توفيت بالمدينة في شهر ربيع الاول سنة ست وخمسين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو أمير المدينة وقد بلغت سبعين سنة لانه تزوجها وهى بنت عشرين سنة.
وقيل توفيت سنة خمسين وهى بنت خمس وستين سنة ولابيها الحارث بن أبى ضرار صحبة وكان قد قدم في فداء ابنته جويرية بأباعر فاستحسن منها بعيرين فغيبهما بالعقيق في شعب ولم يعترف بهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم عنهما فقال والله لم يطلع على ذلك أحد أشهد أنك رسول الله وأسلم.
ذكره ابن إسحق والواقدى.
ثم ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة بن شمعون بن زيد من بنى النضير وبعضهم يقول من بنى قريظة وكانت متزوجة فيهم رجلا يقال له الحكم وكانت جميلة وسيمة وقعت في سبى بنى قريظة فكانت صفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخيرها بين الاسلام ودينها فاختارت الاسلام فأعتقها وتزوجها وأصدقها إثنتى عشرة أوقية ونشاوأعرس بها في المحرم سنة ست في بيت سلمى بنت قيس النجارية بعد أن حاضت حيضة وضرب عليها الحجاب فغارت عليه غيره شديدة فطلقها تطليقة فأكثرت البكاء فدخل عليها وهى على تلك الحال فراجعها.
ولم تزل عنده حتى ماتت مرجعه من حجة الوداع سنة عشر.
وقيل كانت موطوءة له بملك اليمين والاول أثبت عند الواقدي وأما أبو عمر فقال ريحانة سرية النبي صلى الله عليه وسلم.
لم
يزد على ذلك ووالدها شمعون يأتي ذكره في موالى النبي صلى الله عليه وسلم.(2/388)
؟ ؟ ؟ أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف الاموية.
أمها صفية بنت أبى العاص بن أمية عمة عثمان بن عفان هاجرت مع زوجها عبيدالله بن جحش إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فولدت له حبيبة وبها كانت تكنى وتنصر عبيدالله هناك وثبتت هي على الاسلام وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشي فزوجه إياها والذى عقد عليها خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار على خلاف محكى في الصداق والعاقد من كان وبعثها مع شر حبيل بن حسنة وجهزها من عنده كل ذلك في سنة سبع.
وقد قيل في اسمها هند وزوجها من النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان وكان الصداق مائتي دينار وقيل أربعة آلاف درهم وقد عقد عليها النجاشي وكان قد أسلم وقيل إنما تزوجها عليه السلام بالمدينة مرجعها من الحبشة والاول أثبت في ذلك كله وكان أبو سفيان في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له إن محمدا قد نكح ابنتك فقال هو الفحل لايقدع أنفه وكان أبو عبيدة يقول تزوجها عليه السلام سنة ست وليس بشئ وقد وقع في الصحيح (1) قول أبى سفيان يوم الفتح للنبى صلى الله عليه وسلم أسألك ثلاثا فذكر منهن أن تتزوج يا رسول الله أم حيبية يعنى ابنته فأجابه عليه السلام لما سأل.
وهذا مخالف لما اتفق عليه أرباب السير والعلم بالخبر وقد أجاب عنه الحافظ المنذرى جوابا يتساوك (2) هزلا فقال يكون أبو سفيان ظن أن بما حصل له من الاسلام تجددت له عليها ولاية فأراد تجديد العقد يوم ذلك لا غير.
توفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين وبعد موتها إستلحق معاوية زيادا
__________
(1) أي صحيح مسلم.
قال العزبن جماعة في سيرته: وقد عد هذا من أوهام مسلم.
(2) التساوك: السير الضعيف.
(*)(2/389)
وقال قبله والاول أشبه تحرجا من دخوله عليها وكان الذى جسره على إستلحاقه إياه الابيات التى لابي سفيان يخاطب بها عليا: أما والله لولا خوف واش * يرانى يا على من الاعادي لاظهر أمره (1) صخر بن حرب * وإن تكن (2) المقالة عن زياد فقد طالت مجاملتي ثقيفا * وتركي فيهم ثم الفؤاد (3) ثم صفية بنت حيى بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج ابن أبى حبيب بن النضير بن النحام بن ينحوم من بنى إسرائيل من سبط هارون ابن عمران عليه السلام كان أبوها سيد بنى النضير فقتل مع بنى قريظة.
وأمها برة بنت شموال أخت رفاعة بن شموال القرظى وكانت عند سلام بن مشكم.
ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق الشاعر النضرى فقتل عنها يوم خيبر ولم تلد لاحد منهما شيئا فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها.
وبعض العلماء يعد ذلك من خصائصه عليه السلام.
وكانت جميلة لم تبلغ سبع عشرة سنة.
روى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم إشترى صفية بنت حيى بسبعة أرؤس وخالفه عبد العزيز بن صهيب وغيره عن أنس فقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع سبى خيبر جاءه دحية الكلبى فقال أعطني جارية من السبى فقال إذهب فخذ جارية فأخذ صفية بنت حيى فقيل يا رسول الله إنها سيدة قريظة والنضير وإنها لا تصلح إلا لك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) في النسخة الظاهرية " شره ".
(2) في نسخة " ولم يكن ".
(3) في هامش الاصل: بلغ مقابلة لله الحمد.
(*)(2/390)
خذ جارية من السبى غيرها.
وقال ابن شهاب كانت مما أفاء الله عليه فحجبها وأولم عليها بتمر وسويق وقسم لها ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على صفية وهى تبكى فقال لها ما يبكيك قالت بلغني أن عائشة وحفصة تنالان منى ويقولان نحن خير من صفية نحن بنات عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه قال أفلا قلت لهن كيف تكن خيرا منى وأبى هرون وعمى موسى وزوجي محمد صلى الله عليه وسلم وكانت صفية حليمة عاقلة فاضلة قال أبو عمر روينا أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقالت ان صفية تحب السبت وتصل اليهود فبعث إليها عمر فأسلها فقالت أما السبت فانى لم أحبه منذ أبدلني الله به يوم الجمعة وأما اليهود فان لى فيهم رحما فأنا أصلها ثم قالت للجارية ماخملك على ما صنعت قالت الشيطان قالت إذهبي فأنت حرة وكانت صفية قدرأت قبل ذلك أن قمرا وقع في حجرها فذكرت ذلك لابيها فضرب وجهها ضربة أثرت فيه وقال إنك لتمدين عنقك إلى أن تكوني عند ملك العرب فلم يزل الاثر بها حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فأخبرته الخبر.
وماتت صفية سنة خمسين في رمضان وقيل سنة اثنتين وخمسين.
ودفنت بالبقيع وورثت مائة ألف درهم بقيمة أرض وعرض وأوصت لا بن أختها بالثلث بوكان يهوديا.
ثم ميمونة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة وكان إسمها برة فسماها ميمونة زوجه إياها العباس عمه وكانت خالة ابن عباس وهى أخت لبابة الكبرى أم بنى العباس ولبابة الصغرى أم خالد بن الوليد وعصماء وعزة وأم حفيد هزيلة لاب وأم وأخواتهن لامهن أسماء وسلمى وسلامة بنات عميس.
وزاد بعضهم زينب بنت خزيمة وأمهن هند بنت عوف ابن زهير بن الحارث بن حماطة الحميرية وكانت ميمونة في الجاهلية عند مسعود ابن عمرو بن عمير الثقفى ففارقها وخلف عليها أبورهم بن عبدالعزى بن أبى قيس(2/391)
ابن عبدود بن نصربن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى فتوفى عنها فنزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة سبع وفيها اعتمر عمرة القضية في ذى القعدة وقد اختلف الرواية هل تزوجها عليه السلام وهو محرم أو وهو حلال فلما قدم مكة أقام بها عليه السلام ثلاثا فجاءه سهيل بن عمرو في نفر من أصحابه من أهل مكة فقال يا محمد أخرج عنا اليوم آخر شرطك فقال دعوني ابنتى بامرأتي وأصنع لكم طعاما فقال لا حاجة لنابك ولا بطعامك أخرج عنا فقال سعد يا عاض بظر أمه أرضك وأرض أمك دونه لا يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يشاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم فانهم زارونا لا نؤذيهم فخرج فبنى بها بسرف حيث تزوج بها وهنالك ماتت في حياة عائشة سنة إحدى وخمسين وقد بلغت ثمانين سنة وقد قيل في وفاتها غير ذلك وهى آخر من تزوج عليه السلام وقال ابن شهاب هي التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم.
وقال السهيلي لما جاءها الخاطب وكانت على بعير رمت بنفسها من على البعير وقالت البعير وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهؤلاء نساؤه المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة منهن ريحانة وقد ذكرنا الخلاف فيها ومات عليه السلام عن تسع منهن.
قال الحافظ أبو محمد الدمياطي وأما من لم يدخل بها ومن وهبت نفسها له ومن خطبها ولم يتفق تزويجها فثلاثون امرأة على اختلاف في بعضهن والله اعلم.
قال المؤلف ولنذكر من تيسر لنا ذكره منهن فمنهن أسماء بنت الصلت السلمية وأسماء بنت النعمان بن الجون بن شراحيل.
وقيل بنت النعمان بن الاسود بن حارثة ابن شراحيل من كندة.
وأسماء بنت كعب الجونية ذكرها ابن إسحق من رواية(2/392)
يونس بن بكير عنه ولا أراها والتى قبلها إلا واحدة.
وجمرة بنت الحارث الغطفانى خطبها عليه السلام لابيها فقال إن بها سوءا ولم يكن فرجع فوجدها قد برصت.
وأميمة بنت شراحيل لها ذكر في صحيح البخاري.
وحبيبة بنت سهل الانصارية التى اختلعت من ثابت بن قيس كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوجها ثم تركها فتزوجها ثابت قاله ابن الاثير.
وخولة بنت الهذيل بن هبيرة بن قبيصة ابن الحارث بن حبيب التغلبية ذكرها أبو عمر عن الجرجاني.
وخولة أو خويلة بنت حكيم السلمية كانت امرأة صالحة فاضلة تكنى أم شريك قيل هي التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم وقد يكونا اثنتين فالله أعلم.
وسنا بنت الصلت وهى عند أبى عمر بنت أسماء بنت الصلت وقيل أسماء أخ لها وقيل تزوجها ثم طلقها وقيل ماتت قبل أن تصل إليه وقيل لما علمت أنه تزوجها عليه السلام ماتت من الفرح.
وسودة القرشية كانت مصبية خطبها عليه السلام فاعتذرت ببنيها وكانوا خمسة أو ستة فقال لها خيرا.
وشراف بنت خليفة أخت دحية الكلبى تزوجها فهلكت قبل دخوله بها.
وصفية بنت بشامة بن نضلة أخت الاعور بن بشامة أصابها سباء فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن شئت أنا وإن شئت زوجك قالت زوجي فأرسلها إليه فلعنتها بنو تميم.
والعالية بنت ظبيان بن عمر ابن عوف بن عبد بن أبى بكر بن كلاب تزوجها عليه السلام وكانت عنده ما شاء الله ثم طلقها قاله أبو عمر وقال قل من ذكرها.
وعمرة بنت يزيد بن الجون الكلابية تزوجها فبلغه أن بها برصا فطلقها ولم يدخل بها وقيل هي التى تعوذت منه فقال لها لقد عذت فطلقها وأمر أسامة فمتعها بثلاثة أثواب.
وعمرة بنت معاوية الكندية ذكرها ابن الاثير.
وأم شريك العامرية قال ابن عبد البر إسمها غزية بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رفاعة بن حجر ويقال حجير بن عبد(2/393)
ابن معيص بن عامر بن لؤى يقال هي التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم وقد قيل ذلك في جماعة سواها.
أم شريك بنت جابر الغفارية ذكرها أحمد بن صالح في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
فاخته بنت أبى طالب بن عبدالمطلب خطيها عليه السلام لابيها عمه أبى طالب وخطبها هبيرة بن أبى وهب فزوجها أبو طالب من هبيرة.
فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابي تزوجها وخيرها حين نزلت آية التخيير فاختارت الدنيا ففارقها فكانت بعد ذلك تلفظ البعر وتقول أنا الشقية إخترت الدنيا.
حكاه أبو عمر ورده وقيل التى تقول أنا الشقية هي المستعيذة منه وقيل غير ذلك.
فاطمة بنت شريح قال ابن الامين ذكرها أبو عبيدة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قتيلة بنت قيس بن معدى كرب أخت الاشعث تزوجها قبل موته بيسير ولم تكن قدمت عليه ولارآها قيل وأوصى أن تخير فان شاءت ضرب عليها الحجاب وحرمت على المؤمنين وإن شاءت طلقت ونكحت من شاءت فاختارت النكاح فتزوجها بعد عكرمة بن أبى جهل.
وليلى بنت الخطيم أخت قيس الانصارية عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها ثم رجعت فقالت أقلنى فقال قد فعلت.
ملكية بنت داود ذكرها ابن حبيب.
مليكة بنت كعب الليثى تزوجها وقيل دخل بها وقيل لم يدخل بها.
هند بنت يزيد بن البرصاء من بنى أبى بكر بن كلاب.
ذكرها أبو عبيدة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقال أحمد ابن صالح هي عمرة بنت يزيد قال أبو عمر فيه نظر لان الاضطراب فيه كثير جدا.
وأما سراريه فكن أربعة مارية بنت شمعون القبطية أم ولده ابراهيم وكانت من جفنى من كورة أنصنا من صعيد مصر أهداها إليه المقوقس ومعها ؟ ؟ ؟ سيرين وألف مثقال وعشرون ثوبا من قباطى مصر والبغلة الشهباء دلدل وحمار أشهب(2/394)
يقال له يعفور أو عفير وخصى يسمى ما بور وقيل إنه ابن عمها ومن عسل بنها (1) فأعجب
النبي صلى الله عليه وسلم العسل ودعا في عسل بنها بالبركة فولدت له عليه السلام مارية ابراهيم.
وقد تقدم ذكره.
وريحانة بنت يزيد النضرية وقد سبق ذكرها.
وقال أبو عبيدة كان له أربع مارية وريحانة وأخرى جميلة أصلبها في السبى وجارية وهبتها له زينب بنت جحش.
وقال قتادة كان للنبى صلى الله عليه وسلم وليدتان مارية وريحانة وبعضهم يقول ربيحة القرظية.
[ ذكر خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ] أنس بن مالك الانصاري وهند وأسماء ابنا حارثة الاسلميان.
وربيعة بن كعب الاسلمي.
وكان عبدالله بن مسعود صاحب نعليه كان إذا قام ألبسه إياهما وإذا جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم.
وكان عقبة بن عامر الجهنى صاحب بغلته يقود به في الاسفار.
وأسلع بن شريك صاحب راحلته.
وبلال بن رباح المؤذن.
وسعد مولى أبى بكر الصديق.
وأبو الخمراء قيل اسمه هلال بن الحارث وقيل هلال بن ظفر حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمر ببيت على وفاطمة فيقول: (السلام عليكم أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وذو مخمر ابن أخى النجاشي ويقال ابن أخته ويقال ذو مخبر.
وبكير بن شداخ الليثى.
ويقال بكر وأبو ذر الغفاري ورزينة إمرأة حديثها عن النبي صلى الله عليه
__________
(1) قرية في مصر على النيل.
(*)(2/395)
وسلم في فضل يوم عاشوراء عند أهل البصرة.
وأربد كذا وجدته فيهم غير منسوب و ؟ ؟ ؟ ذكر ابراهيم بن سعد عن ابن إسحق فيمن هاجر إلى المدينة أربد بن حمير فلا أدرى أهوهو أم لا والاسود بن مالك الاسدي اليماني وأخوه الحدرجان بن مالك وجزء بن الحدرجان ذكرهم ابن مندة وثعلبة بن عبدالرحمن الانصاري له حديث حسن طويل من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال كان
فتى من الانصار يحف برسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثه أنه مر بباب رجل من الانصار فاطلع فيه فوجد إمرأة الانصاري تغتسل فكرر النظر، وذكر باقى الحديث بطوله في سبب توبته.
ذكره أبو محمد الرشاطى وقال أغفله أبوعمرولم ينبه عليه ابن فتحون وقد رأيت عن أبى حاتم البستى قال في ثعلبة هذا مات خوفا من الله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو إشارة إلى هذا الحديث.
وسالم خادمه عليه السلام وبعضهم يقول مولاه ومنهم من يقول أبو سلمى راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر بعضهم سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل هو سالم المذكور.
وسابق ذكره أبو عمر وقال وقد روى عنه حديث واحد من حديث الكوفيين اختلف فيه على شعبة ومسعر والصحيح فيه عنهما ما رواه هشيم وغيره عن أبى سفيان عن سابق بن ناجية عن أبى سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا يصح سابق في الصحابة والله أعلم.
والحديث الذى أشار إليه عن أبى سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يقول حين يمسى وحين يصبح ثلاث مرات رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة قال أبو عمر ومن قال في أبى سلام هذا أبو سلامة فقد أخطأ.
هو أبو سلام الهاشمي ذكره في الصحابة وفى خدم النبي صلى الله عليه وسلم خليفة بن خياط.
وصفية خدمت النبي(2/396)
صلى الله عليه وسلم روت عنها أمة الله بنت رزينة في الكسوف مرفوعا قاله ابن عبد البر.
ومهاجر مولى أم سلمة روى أبو عمر من حديثه قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس سنين لم يقل لشئ صنعته لم صنعته ولا لشئ تركته لم تركته.
ونعيم بن ربيعة بن كعب ذكر عن ابن مندة.
وأبو نعيم وأبو عبيدة قال أبو عمر قيل خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل مولاه لا أقف له على اسم.
ومن النساء
سوى ما تقدم: أمة الله بنت رزينة وقدم تقدم ذكر أمها.
وخولة جدة حفص بن سعيد ذكرها أو عمر وقال لها حديث في تفسير قوله تعالى (والضحى والليل إذا ؟ ؟ ؟ ما ودعك ربك وما قلى).
ليس إسناده مما يحتج به.
ومارية جدة المثنى ابن صالح لها حديث عند الكوفيين.
ومارية أم الرباب لها حديث عند البصريين ذكرهما أبو عمر وذكر حديثيهما، وقال في الثانية لا أدرى أهى التى قبلها أم لا.
[ ذكر موالى رسول الله ] صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبى وابنه أسامة بن زيد وأخوه لامه أيمن ابن عبيد بن أم أيمن، استشهد أيمن يوم حنين وكان على مطهرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأسلم ابن عبيد.
وأبو رافع واسمه أسلم وقيل ابراهيم وقيل هرمز وكان للعباس بن عبد المطلب وقيل كان لسعيد بن العاص أبى أحيحة.
وأبو رافع أيضا والد البهى بن أبى رافع وقيل كان اسمه رافعا كان لابي أحيحة سعيد بن العاص فمات فورثه بنوه فعتق بعضهم وبعضهم وهب نصيبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الاول عند ابن أبى خيثمة والبخاري ومصعب الزبيري(2/397)
ومنهم من يقول هما اثنان.
وأبو أثيلة رأيته بخط شيخنا الحافظ أبى محمد الدمياطي ولم يسمه ولم ألق له ذكرا أكثر من أن أبا عمر قال في الصحابة أبوأثلة قيل اسمه راشد حجازى له صحبة.
وكذلك قال أبو أحمد الحاكم وكناه أبا أثيلة مصغرا.
وأبو كبشة واسمه سليم شهد بدرا.
وأنسة يكنى أبا مشرح.
وثوبان ويكنى أبا عبدالله.
وشقران واسمه صالح، ورباح أسود كان يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، ويسار نوبى، وفضالة وأبو السمح قيل اسمه إياد ضل فلا يدرى أين مات، وأبو مويهبة، ورافع وكان لسعيد بن العاص.
وأفلح ومابور ومدعم أسود وهبه له
رفاعة بن زيد الجذامي، وكركرة كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم.
وزيد جد بلال بن يسار بن زيد.
وعبيد وطهمان وكيسان وذكوان ومروان وواقد وأبو واقد وسندر وهشام وحنين وسعيد وأبو عسيب واسمه أحمر وأبو لبابة وأبو لقيط وسفينة واسمه مهران بن فروخ مولى أم سلمة.
وأبو عبيد وسعد وضميرة بن أبى ضميرة جد الحسين بن عبدالله بن ضميرة.
وأبو هند وأبو بكرة نفيع وأخوه نافع وأبو كندير سعيد وسلمان الفارسى وسالم وسابق.
وقد تقدم في الخدم ذكر شئ من ذلك.
وعبيدالله بن أسلم ونبيه وهشام ووردان وأنجشة وكان حاديا وهو الذي قال له: رفقا بالقوارير.
وباذام ذكره النووي عن أبى موسى ونقل له حديثا.
وحاتم ذكره ابن الاثير عن أبى موسى.
وزيد بن بولا ودوس ورفيع وأبو ريحانة شمعون وتقدم ذكر ريحانة هذه.
وعبيد بن عبد الغفار وغيلان وقفيز غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره عبدالغنى بن سعيد والدارقطني في المؤتلف والمختلف من طريق أنس بن مالك.
وكريب ومحمد بن عبدالرحمن.
ومحمد غير منسوب ومكحول وذكر أنه عليه السلام وهبه أخته من الرضاعة الشيماء، ونبيل وهرمز وأبو البشير وأبو صفية وكان يسبح بالنوى.
ومن النساء أم أيمن الحبشية واسمها(2/398)
بركة، وسلمى أم رافع، ومارية وريحانة وربيحة.
وقد تقدم ذكرهن، وخضرة ورضوى وميمونة بنت سعد وميمونة بنت أبى عسيب، وأم ضميرة وأم عياش وأميمة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم روى عنها جبير بن نفير قاله أبو عمر وقيسر القبطية أهداها له المقوقس مع مارية وسيرين قيل انه عليه السلام وهبها لابي جهم بن حذيفة وقيل وهبها لجهم بن قيس العبدى وذكر ابن يونس أن زكرياء بن الجهم بن قيس لقيسر أخت مارية هذه وأما سيرين فوهبها لحسان بن ثابت فولده عبدالرحمن منها.
وقد ذكرنا في هذا الفصل ميمونة بنت سعد وميمونة بنت أبى
عسيب ذكرهما أبو عمر.
وذكر معهما ميمونة ثالثة وقال في كل منهن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينسب الثالثة غير انه فرق بينهن بروايتهن.
وذكر لكل واحدة حديثا غير الآخر.
[ ذكر اسمائه ] عليه الصلاة والسلام قد قدمنا في أول الكتاب حديث الترمذي إن لى أسماء انا محمد وانا أحمد وانا الماحى الذى يمحو الله بى الكفر وانا الحاشر الذى يحشر الناس على قدمى، وانا العاقب الذى ليس بعد نبى.
وقد ذكر في أسمائه الرسول والمرسل النبي الامي الشهيد المصدق النور المعلم البشير المبشر النذير المنذر المبين الامين العبد الداعي السراج المنير الامام الذكر المذكر الهادى المهاجر العامل المبارك الرحمة الآمر الناهي الطيب الكريم المحلل المحرم الواضع الرافع المجير خاتم النبيين ثانى اثنين منصور أذن خير مصطفى مأمون قاسم نقيب المزمل المدثر العلى الحكيم المؤمن الرؤوف الرحيم الصاحب الشفيع المشفع المتوكل نبى التوبة نبى الرحمة نبى الملحمة صلى الله عليه وسلم.(2/399)
[ ذكر كتابه ] عليه أفضل الصلاة والسلام أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعامر بن فهيرة وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص أبى أحيحة.
وذكر شيخنا الحافظ أبو محمد الدمياطي أيضا أخاهما سعيدا وعبد الله ابن الارقم الزهري وحنظلة بن الربيع الاسدي وأبى بن كعب وهو أول من كتب له من الانصار وثابت بن قيس بن شماس، وزيد بن ثابت وشرحبيل بن حسنة ومعاوية بن ابى سفيان والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن زيد وجهيم بن الصلت والزبير ابن العوام وخالد بن الوليد والعلاء بن الحضرمي وعمرو بن العاص وعبد الله بن
رواحة ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن عبدالله بن أبى ومعيقيب بن أبى فاطمة وعبد الله بن سعد بن أبى سرح العامري.
وهو أول من كتب له من قريش ثم ارتد فنزلت فيه (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) وذكر في كتابه عليه السلام أيضا طلحة ويزيد بن أبى سفيان والارقم بن أبى الارقم الزهري والعلاء بن عتبة وأبو أيوب الانصاري خالد بن زيد وبريدة بن الحصيب والحصين بن نمير وأبو سلمة المخزومى عبدالله بن عبد الاسد وحويطب بن عبدالعزى وأبو سفيان بن حرب وحاطب ابن عمرو.
وروينا من طريق أبى داود من حديث أبى الجوزاء عن ابن عباس قال السجل (1) كان كاتبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا من طريق النزال بن سبرة *
__________
(1) لا يعرف في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا في أصحابه من اسمه " السجل " ولا وجد إلا في هذا الخبر.
من التعريف والاعلام بما أبهم في القرآن من الاعلام للسهيلي.
(*)(2/401)
عن على قال كان ابن خطل يكتب قدام النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا نزل (غفور رحيم) كتب رحيم غفور وإذا نزل (سميع عليم) كتب عليم سميع.
وفيه فقال ابن خطل ما كنت أكتب إلا ما أريد ثم كفرولحق بمكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل ابن خطل فهو في الجنة فقتل يوم الفتح وهو متعلق بأستار الكعبة.
هذا وهم والنزال بن سبرة له صحبة وروايته عن على مخرجة في الكتب وإنما الحمل فيه على من هو دونه وهذه الواقعة معروفة عن ابن أبى سرح وهو ممن كان النبي عليه السلام أهدر دمه يوم الفتح كابن خطل فقتل ابن خطل، ودخل بابن أبى سرح على رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فراجع الاسلام بين يديه عليه السلام فقبله بعد تلوم وقد أوردنا ذلك قبل هذا في يوم الفتح.
ولم ينقم على ابن أبى سرح بعد ذلك شئ في إسلامه.
ومات ساجدا رحمه الله ورضى عنه.
وذكر ابن دحية فيهم رجلا من بنى النجار غير مسمى قال كان يكتب الوحى
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تنصر فلما مات لم تقبله الارض.
[ ذكر حراسه ومن كان يضرب الاعناق ] بين يديه ومؤذنيه حرسه يوم بدر حين نام في العريش سعد بن معاذ.
ويوم أحد محمد بن مسلمة ويوم الخندق الزبير بن العوام.
وحرسه ليلة بنى بصفية أبو أيوب الانصاري بخيبر أو ببعض طريقها فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني.
وحرسه بوادي القرى بلال وسعد بن أبى وقاص وذكوان بن عبد قيس.
وكان على حرسه عباد بن بشر فلما نزلت (والله يعصمك من الناس) ترك الحرس.
وكان الذين يضربون بين يديه الاعناق على بن أبى طالب والزبير والمقداد ومحمد ابن مسلمة وعاصم بن ثابت، ومؤذنوه بلال وعمرو بن أم مكتوم الاعمى وسعد القرظ ابن عائذ مولى عمار بن ياسر، وأبو محذورة سمرة بن معير وقيل أوس.(2/402)
[ العشرة من اصحابه والحواريون ] وأهل الصفة وليس من العشرة والحواريين إلا من تقدم نسبه فلينظر (1) في موضعه وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وسعد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح رضى الله عنهم.
وأنشدت بيتا جمعهم فيه ناظمه والذى تقدم توطئة له: لقد بشرت بعد النبي محمد * بجنة عدن زمرة سعداء سعيد وسعد والزبير وعامر * وطلحة والزهرى والخلفاء وأما الحواريو: والحوارى الخليل وقيل الناصر وقيل الصاحب المستخلص فكلهم من قريش وهم الخلفاء الاربعة حمزة وجعفر وأبو عبيدة وعثمان بن مظعون
وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وطلحة والزبير.
وأما أصحاب الصفة فقوم فقراء لا منزل لهم غير المسجد.
روينا عن ابن سعد قال أنا محمد بن عمر قال حدثنى محمد بن نعيم المجمر عن أبيه قال سمعت أبا هريرة يقول رأيت ثلاثين رجلا من أهل الصفة يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عليهم أردية.
عد منهم أبو هريرة وأبو ذر وواثلة بن الاسقع وقيس بن طخفة الغفاري.
وقد ذكر في عددهم أكثر من ذلك بكثير.
__________
(1) في نسخة " فينظر ".
(*)(2/403)
[ ذكر سلاحه عليه السلام ] سيف يقال له مأثور ورثه من أبيه وقدم به المدينة.
والعضبب أرسل إليه به سعد ابن عبادة عند توجهه إلى بدر.
وذو الفقار كان في وسطه مثل فقرات الظهر غنمه يوم بدر وكان للعاص بن منبه السهمى وكان ذو الفقار مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد في حروبه كلها، وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وعلاقته فضة وهى بكسر الفاء وقيد أيضا بفتحها.
والصمصامة سيف عمرو بن معدى كرب وكان مشهورا.
وأصاب من سلاح بنى قينقاع ثلاثة أسياف سيفا قلعيا بفتح اللام نسبة إلى مرج قلعة بالبادية والبتار والحتف، وكان له أيضا الرسوب والمخذم أصابهما مما كان على الفلس صنم طئ وهو بضم الفاء وسكون اللام.
والقضيب فتلك عشرة.
وكانت له درع يقال لها ذات الفضول لطولها أرسل إليه بها سعد بن عبادة حين سار إلى بدر.
وذات الوشاح.
وذات الحواشى.
ودرعان أصابهما من بنى قينقاع السغدية وفضتي يقال السغدية كانت درع داود لبسها لقتال جالوت.
والبتراء والخرتق فتلك سبع.
وكان له من القسى خمس: الروحاء والصفراء من نبع والبيضاء من شوحط
أصابهما من بنى قينقاع.
والزوراء والكتوم لا نخفاض صوتها إذا رمى عنها.(2/405)
وكانت له جعبة وهى الكنانة يجمع فيها نبله، ومنطقة من أديم مبشور ثلاث حلقها، وأبزيمها وطرفها فضة وثلاثة أتراس الزلوق وفتق، وأهدى له ترس فيه تمثال عقاب أو كبش فوضع يده عليه فأذهب الله ذلك التمثال، وخمسة أرماح ثلاثة من بنى قينقاع والمثوى والمثنى.
وكانت له حربة تسمى النبعة ذكرها السهيلي وحربة كبيرة إسمها البيضاء وحربة صغيرة دون الرمح شبه العكاز يقال لها العنزة، وكان له مغفران الموشح والمسبوغ أو ذو السبوغ وراية سوداء مربعة يقال لها العقاب وراية بيضاء يقال لها الزينة وربما جعل فيها الاسود.
وروى أبو داود في سننه من حديث سماك بن حرب عن رجل من قومه عن آخر منهم قال رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء.
وروى أبو الشيخ بن حيان من حديث ابن عباس قال كان مكتوبا بأعلى راياته لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وقال الحافظ أبو محمد الدمياطي قال يوسف ابن الجوزى روى أن لواءه أبيض مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكان ؟ ؟ ؟ يسمى الكن وكان له محجن قدر ذراع أو أكثر يمشى ويركب به ويعلقه بين يديه على بعيره وكان له مخصرة تسمى العرجون وقضيب يسمى الممشوق من شوحط (1) وقدح يسمى الريان وآخر مضبب يقدر أكثر من نصف المدفيه ثلاثة ضبات من فضة وحلقة كانت للسفر.
وثالث من زجاج وكان له ثور من حجارة يقال له المخضب يتوضأ فيه وكان له مخضب من شبه (2) يكون فيه الحناء وركوة تسمى الصادرة ومغسل من صفر (3) وربعة اسكندرانية من هدية المقوقس يجعل فيها مشطا من عاج ومكحلة ومقراظا
__________
(1) نوع من الشجر، وكذا النبع.
(2) أرفع النحاس.
(3) الصفر: النحاس.
(*)(2/406)
ومسواكا ومرآة.
وكانت له أربعة أزواج خفاف أصابها من خيبر ونعلان سبتيتان وخف ساذج أسود من هدية النجاشي وقصعة وسرير وقطيفة.
وقد اختلفت الروايات في صفة الخاتم فيحتمل أن تكون خواتم متعددة.
وقد كان له خاتم من فضة وخاتم من ذهب لبسه ثم طرحه، وخاتم حديد ملوى بفضة نقشه " محمد رسول الله ".
وكان يتبخر بالعود ويطرح معه الكافور.
وقال ابن فارس ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ثوبي حبرة وازارا عمانيا وثوبين صحاريين وقميصا صحاريا وآخر سحوليا وجبة يمانية وكساء أبيض وقلانس صغارا لاطئة ثلاثا أو أربعا.
وازارا طوله خمسة أشبار وخميصة وملحفة مورسة، وكان يلبس يوم الجمعة برده الاحمر ويعتم.
وكان له صلى الله عليه وسلم عمامة يعتم بها يقال لها السحاب وهبها لعلى وعمامة سوداء ويلبس يوم الجمعة ثوبا غير ثيابه المعتادة كل يوم ولا يخرج يوم الجمعة إلا معتما بعمامة يرسلها بين كتفيه ويديرها ويغرزها.
وكان له رداء مربع وكان له فراش من أدم حشوه ليف وكساء أحمر وكساء من شعر وكساء أسود ومنديل يمسح به وجهه.
وسئلت حفصة ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت مسح يثنيه ثنيتين فينام عليه فلما كان ليلة ثنيته بأربع ثنيات ليكون أوطأ فلما أصبح قال ما فرشتم لى قلنا هو فراشك ثنيناه أربعا قال ردوه لحاله الاول فانه منعتني وطأته صلاة الليل.
ذكره الترمذي في الشمائل.
وكان له قدح من عيدان يوضع تحت سريره يبول فيه من الليل، رواه أبو داود والنسائي.
وكان له سرير بنام عليه قوائمه من ساج بعث به إليه أسعد بن زرارة فكان الناس بعده يستحملون عليه موتاهم تبركا به.(2/407)
[ ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل ] سوى ما تقدم البتار والمخذم القاطع.
والحتف الموت.
والرسوب من رسب في الماء إذا غاص فيه لان ضربته تغوض في المضروب به.
ومرج القلعة قريب من حلوان على طريق همدان.
والسغد موضع تصنع به الدروع عن ابن القطاع.
والخرنق ولد الارنب.
والفسطاط البيت من الشعر.
والكن ما يستر من الحر والبرد.
والمغفر ما يلبسه الدارع على رأسه من زرد أو نحوه.
ورداء مربع طوله أربعة أذرع وإنما اختلف في عرضه فقيل ذراع وشبر وقيل ذراعان وشبر.
وقدح من عيدان مفتوح العين المهملة ساكن الياء آخر الحروف.
والعيدان النخلة السحوق قال الشاعر: إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت * عيدان نجد ولم يعبأن بالرتم بنات نعش ونعش لا كسوف لها * والشمس والبدر منها الدهر في الرقم (1)
__________
(1) في حاشية الاصل: بلغ مقابلة لله الحمد.
(*)(2/408)
[ ذكر خيله عليه أفضل الصلاة والسلام ] وما له من الدواب والنعم السكب وكان اسمه قبل أن يشتريه الضرس إشتراه بعشرة أواق أول ما غزا عليه أحدا ليس للمسلمين غيره.
وفرس أبى بردة بن نيار ويسمى ملاوح وكان أغر طلق اليمين محجلا كميتا وقيل كان أدهم روى ذلك عن ابن عباس، شبه بفيض الماء وانسكابه والضرس الصعب السئ الخلق، والملاوح الضامر الذى لا يسمن والعظيم الالواح وهو الملواح أيضا.
وكان له فرس يقال له المرتجز سمى بذلك لحسن صهيله كأنه ينشد رجزا وكان أبيض وهو الذى شهد له فيه خزيمة بن ثابت فجعل شهادته شهادة رجلين وقيل هو الطرف بكسر الطاء المهملة نعت المذكر خاصة وقيل هو
النجيب والطرف والنجيب الكريم من الخيل.
وكان له أيضا اللحيف ولزاز والظرب فأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبى البراء وأما لزاز فأهداه له المقوقس وأما الظرب فأهداه له فروة بن عمرو الجذامي.
اللحيف فعيل بمعنى فاعل كأنه يلحف الارض بذنبه وقيل فيه بضم اللام وفتح الحاء على التصغير.
ولزاز من قولهم لاززته أي لا صقته كأنه يلتصق بالمطلوب لسرعته وقيل لاجتماع خلقه والملزز المجتمع الخلق، والظرب واحد الظراب وهى الروابي الصغار سمى به لكبره وسمنه وقيل لقوته وصلابته، وفرس يقال له الورد أهداه له تميم الدارى فأعطاه عمر بن الخطاب فحمل عليه في سبيل الله ثم وجده يباع برخص فقال له تشتره، والورد لون بين الكميت والاشقر.(2/409)
وفرس يدعى سبحة من قولهم فرس سابح إذا كان حسن مد اليدين في الجرى وسبح الفرس جريه.
قال شيخنا الحافظ أبو محمد الدمياطي رحمه الله فهذه سبعة متفق عليها: وهى السكب والمرتجز واللحيف ولزاز والظرب والورد وسبحة.
وكان الذى يمتطى عليه ويركب السكب.
وقيل كانت له أفراس أخر غيرها: وهى الابلق حمل عليه بعض أصحابه وذو العقال وذو اللمة والمرتجل والمرواح والسرحان واليعسوب واليعبوب والبحر وهو كميت والادهم والشحاء والسجل وملاوح والطرف والنجيب.
هذه خمسة عشر مختلف فيها.
وذكر السهيلي في خيله عليه السلام الضريس وذكر ابن عساكر فيها مندوبا وذو العقال بضم العين وبعضهم يشدد قافه وبعضهم يخففها وهو ظلع (1) في قوائم الدواب.
واللمة بين الوفرة والجمة فإذا وصل شعر الرأس إلى شحمة الاذن فهى وفرة فإذا زادت حتى ألمت بالمنكبين فهى لمة فإذا زادت فهى جمة.
والارتجال خلط الفرس العنق بالهملجة وهما ضربان من السير.
والمرواح من الريح لسرعته.
والسرحان الذئب وهذيل تسمى الاسد سرحانا.
واليعسوب طائر وهو أيضا أمير النحل.
والسيد يعسوب قومه واليعسوب غرة تستطيل في وجه الفرس.
واليعبوب
الفرس الجواد وجدول يعبوب شديد الجرى والشحاء من قولهم فرس بعيد الشحوة أي بعيد الخطوة.
ومندوب من ندبه فانتدب أي دعاه فأجاب.
وأما البغال والحمر فكانت له بغلة شهباء يقال لها دلدل أهداها له المقوقس مع حمار يقال له عفير.
وبغلة يقال لها فضة أهداها له فروة بن عمرو الجذامي مع حمار يقال له يعفور فوهب البغلة لابي بكر الصديق رضى الله عنه.
وبغلة أهداها له ابن العلماء صاحب أيلة.
وبعث صاحب دومة الجندل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببغلة وجبة من سندس.
وقيل أهدى له كسرى بغلة ولا يثبت.
__________
(1) أي: عرج.
(*)(2/410)
وعن ابن عباس أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فكان يركبها.
فهذه ست.
وأما النعم فكانت له ناقة التى هاجر عليها تسمى القصواء والجدعاء والعضباء وكانت شهباء.
وعن قدامة بن عبدالله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يرمى على ناقة صهباء والصهباء الشقراء.
وعن نبيط بن شريط قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته على جمل أحمر.
وبعث عليه السلام خراش ابن أمية يوم الحديبية إلى قريش على جمل يقال له الثعلب.
وكان في هديه عام الحديبية جمل كان لابي جهل في رأسه برة من فضة غنمه يوم بدر ليغيظ به المشركين وكان مهريا (1) وكانت له عشرون لقحة (2) بالغابة وهى التى أغار عليها عيينة بن حصن الفزارى وقد سبق خبرها ولقحة غزيرة تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان أهداها له الضحاك بن سفيان.
وكانت له خمس عشرة لقحة بذى الجدر (3) يرعاها يسار أغار عليها العرنيون.
وقد تقدم الخبر عن ذلك.
وكانت له بذى الجدر أيضا سبع لقائح.
وكانت له لقحة تسمى الحفدة السريعة ومهرية بعث إليه بها سعد بن عبادة من نعم
ابن عقيل.
وكانت له لقحة تسمى مروة.
وكان له صلى الله عليه وسلم من الغنم مائة شاة لا يريد أن تزيد على ذلك كلما ولد الراعى بهمة ذبح مكانها شاة وكانت له شاة تسمى غوثة وقيل غيثة وشاة تسمى قمر وعنز تسمى اليمن وكانت له سبعة أعنز منائح ترعاهن أم أيمن.
وأما البقر فلم ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك منها شيئا.
__________
(1) نسبة لقبيلة كما تقدم.
(2) اللقحة بالفتح والكسر الناقة ذات اللبن.
(3) ذو الجذر على ستة أميال من المدينة من ناحية قباء.
قاله الصغانى.
(*)(2/411)
[ ذكر صفته ] صلى الله عليه وسلم قد تقدم في حديث أم معبد شئ من ذلك.
وقرئ على أبى (1) عبدالله محمد ابن عبدالمؤمن بن أبى الفتح الصوري وأنا أسمع بدمشق أخبركم الشيخان أبو اليمن زيد ابن الحسن بن زيد بن الحسن الكندى قراءة عليه وأنت تسمع وأبو أحمد عبد الوهاب ابن على بن سكينة إجازة قالا أنا أبو عبد الله الحسين بن على بن أحمد سماعا عليه زاد ابن سكينة والحافظ أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندى سماعا قالا أنا أبو الحسين بن النقور قال ابن سكينة.
وأخبرتنا فاطمة بنت أبى حكيم الخبرى قالت أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة قالا أنا أبو القاسم عيسى بن على ابن عيسى بن الجراح الوزير.
قال أخبرنا أبو القاسم عبدالله بن محمد البغوي فثنا عمر بن زرارة فثنا الفياض بن محمد عن عبدالله بن منصور عن سعد بن طريق عن الاصبغ عن نباتة عن على قال كان الحسين بن على يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث سمع بعضها منه وسأله أن يحلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم قال كان فخما مفخما يتلالا وجهه كالقمر ليلة البدر أقصر من المشذب وأطول من
المربوع عظيم الهامة رجل الشعر إن انفرقت عقيقته فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون واسع الجبين أزج الحاجبين سوابغ في غير
__________
(1) " أبى " ساقطة من الاصل، والتصحيح من النسخة الظاهرية.
(*)(2/413)
قرن أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم سهل الخدين أشنب مفلج الاسنان دقيق المسربة كان عنقه جيد دمية في صفاء الفضة معتدل الخلق بادنا متماسكا سواء البطن والصدر عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس أنور المتجرد موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجرى كالخط عارى الثديين والبطن وما سوى ذلك أشعر الذراعين والمناكب وأعالى الصدر طويل الزندين سائر الاصابع شئن الكفين والقدمين سبط العظام خمصان الاخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء صلى الله عليه وسلم.
وقد روينا حديث الحسن بن على فثنا خالي هند ابن أبى هالة عن صفة النبي صلى الله عليه كما سبق وفيه أزج الحاجبين سوابغ من غير قرن بينهما عرق يدره الغصب.
وفيه كث اللحية أدعج سهل الخدين ضليع الفم وفيه إذا زال زال تقلعا ويخطو تكفؤا ويمشى هونا ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب وإذا التفت التفت جميعا خافض الطرف نظره إلى الارض أطول من نظره إلى السماء جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه ويبدأ من لقيه بالسلام.
قلت صف لى منطقه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان دائم الفكرة ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة طويل السكوت يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم فضلا لا فضول فيه ولا تقصير دمثا ليس بالجافى ولا بالمهين يعظم النعمة وان دقت ولا يذم شيئا لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشى حتى ينتصر له لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث
أتصل بها فضرب بايهامه اليمنى راحته اليسرى وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم ويفترعن مثل حب الغمام.
قال الحسن فكتمتها الحسين بن على زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأل أباه عن مدخل رسول(2/414)
الله صلى الله عليه وسلم ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئا قال الحسين سألت أبى عليه السلام عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك فكان إذا أوى إلى مجلسه جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله تعالى وجزءا لاهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزآه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئا فكان من سيرته في جزء الامة إيثار أهل ذى الفضل باذنه قسمته على قدر فضلهم في الدين منهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والامة في مسألته عنهم واخبارهم بالذى ينبغى لهم ويقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجة فانه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون روادا ولا يتفرقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة يعنى فقهاء.
قلت فأخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد بشره وخلقه ويتفقد أصحابة ويسأل الناس عما في الناس ويحسن الحسن ويصوبه ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الامر غير مختلف ولا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه إلى غيره الذين يلونه من الناس خيارهم وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.
فسألته عن مجلسه عما كان يصنع فيه فقال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ولا يوطن الاماكن وينهى عن إيطانها وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهى به المجلس ويأمر بذلك ويعطى كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من(2/415)
جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه من ساله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول.
؟ ؟ ؟ وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء متفاضلين فيه بالتقوى مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة لا ترفع فيه الاصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته يتعاطفون بالتقوى متواضعين يوفرون فيه الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون ذا الحاجة ويرحمون الغريب.
فسألته عن سيرته صلى الله عليه وسلم في جلسائه فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهى ولا يؤيس منه قد ترك نفسه من ثلاث الرياء والاكثار ومالا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤسهم الطير وإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديث حديث أولهم.
يضحك مما يضحكون منه ويعجب مما يعجبون ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق ويقول إذ رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوه ولا تطلبوا الثناء إلا من مكا فئ ولا يقطع على أحد حديثه حتى يتجوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام.
قلت كيف كان سكوته قال كان سكوته على أربع على الحلم والحذر والتقدير والتفكر فأما تقديره ففى تسوية النظر والاستماع من الناس وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى وجمع له الحلم صلى الله عليه وسلم في الصبر فكان لا يغضبه شئ يستفزه وجمع له في الحذر أربع أخذه بالحسن ليقتدى به وتركه القبيح
لينتهى عنه واجتهاد الرأى بما أصلح أمته والقيام لهم بما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة.
قال القاضى أبو الفضل عياض بن موسى اليحصى رحمه الله بعد إيراده حديث هند بن أبى هالة هذا.(2/416)
[ فصل ] في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله قوله المشذب أي البائن الطول في نحافة وهو مثل قوله في الحديث الآخر ليس بالطويل الممغط.
والشعر الرجل الذى كأنه مشط فتكسر قليلا ليس بسبط ولا جعد.
والعقيقة شعر الرأس أراد إن انفرقت من ذات نفسها فرقها وإلا تركها معقوصة ويروى عقيصته.
وأزهر اللون نيره وقيل أزهر حسن ومنه زهرة الحياة الدنيا أي زينتها وهذا كما قال في الحديث الآخر ليس بالابيض الامهق ولا بالادم.
والامهق هو الناصع البياض والادم الاسمر اللون ومثله في الحديث الآخر أبيض مشرب أي فيه حمرة.
والحاجب الازج المقوس الطويل الوافر الشعر.
والاقنى السائل الانف المرتفع وسطه والاشم الطويل قصبة الانف.
والقرن اتصال شعر الحاجبين وضده البلج ووقع في حديث أم معبد (1) وصفه بالقرن والادعج الشديد سواد الحدقة وفى الحديث الآخر أشكل العين وأسجر العين وهو الذى في بياضه حمرة.
والضليع الواسع.
والشنب رونق الاسنان وماؤها وقيل رقتها وتحزين فيها كما يوجد في أسنان الشباب والفلج فرق بين الثنايا.
ودقيق المسربة خيط الشعر الذى بين الصدر والسرة.
بادن دو لحم مماسك معتدل الخلق يمسك بعضه بعضا مثل قوله في الحديث الآخر لم يكن بالمطهم ولا بالمكا ثم أي ليس بمسترخى اللحم والمكلثم القصير الذقن.
وسواء
__________
(1) قصتها مشهورة وقد تقدمت.
وفى نسخة " أبى سعيد ".
(*)(2/417)
البطن والصدر أي مستويهما.
ومشيح الصدر إن صحت هذه اللفظة فيكون من الاقبال وهو أحد معاني أشاح أي أنه كان بادى الصدر ولم يكن في صدره قعس وهو تطامن فيه وبه يتضح قوله قبل سواء البطن والصدر أي ليس بمتقاعس الصدر ولا مفاض البطن ولعل اللفظ مسيح بالسين المهملة وفتح الميم بمعنى عريض كما وقع في الرواية الاخرى.
وحكاه ابن دريد.
والكراديس رءوس العظام وهو مثل قوله في الحديث الآخر جليل المشاش والكتد والمشاش رءوس المناكب والكند مجتمع الكتفين.
وشثن الكفين والقدمين لحيمهما والزندان عظما الذراعين وسائل الاطراف أي طويل الاصابع.
وذكر ابن الانباري أنه روى ساين بالنون وهما بمعنى تبدل اللام من النون إن صحت الرواية بها.
وأما الرواية الاخرى وسائر الاطراف فاشرة إلى فخامة جوارحه كما وقعت مفصلة في الحديث.
ورحب الراحة أي واسعها وقيل كنى به عن سعة العطاء والجود.
خمصان الاخمصين أي متجافي أخمص القدم.
وهو الموضع الذى لا تناله الارض من وسط القدم.
ومسيح القدمين أي أملسهما لهذا قال ينبو عنهما الماء وفى حديث أبى هريرة خلاف هذا قال فيه إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ليس له أخمص وهذا يوافق معنى قوله مسيح القدمين وبه قالوا سمى المسيح ابن مريم أي لم يكن له أخمص.
وقال السهيلي في المسيح بن مريم فعيل بمعنى فاعل لانه كان يؤتى بذوى العاهات فيمسح على مواضعها فتزول والمسيح الدجال بمعنى مفعول أي ممسوح العين كما جاء في الحديث.
رجع إلى الاول وقيل مسيح لا لحم عليهما وهذا أيضا يخالف قوله شثن القدمين.
والتقلع رفع الرجل بقوة والتكفؤ الميل إلى سنن المشى وقصده والهون الرفق والوقار.
والذريع الواسع الخطو أي أن مشيه كان يرفع فيه رجليه بسرعة ويمد خطوه خلاف مشية المختال ويقصد سمته وكل ذلك برفق وتثبت دون عجلة كما قال كأنما ينحط من صبب.
وقوله يفتتح الكلام(2/418)
ويختمه بأشداقه أي لسعة فمه والعرب تتمادح بهذا وتذم بصغر الفم.
وأشاح مال وانقبض.
وحب الغمام البرد.
وقوله فيرد ذلك بالخاصة على العامة أي جعل من جزء نفسه ما يوصل الخاصة إليه فتوصل عنه للعامة وقيل يجعل منه للخاصة ثم يبذلها في جزء آخر للعامة ويدخلون روادا أي محتاجين إليه.
ولا ينصرفون إلا عن ذواق وقيل عن علم يتعلمونه ويشبه أن يكون على ظاهره أن في الغالب والاكثر.
والعتاد العدة والشئ الحاضر المعد ز والمؤازرة المعاونة.
وقوله لا يوطن المواطن أي لا يتخذ لمصلاه موضعا معلوما وقد ورد نهيه عن هذا مفسرا في غير هذا الحديث.
وصابره أي حبس نفسه على ما يريد صاحبه.
ولا تؤبن فيه الحرم أي لا يذكرن بسوء ولا تنثى فلتاته أي لا يتحدث بها أي لم يكن فيه فلتة.
ويرفدون يعينون، والسخاب الكثير الصياح.
وقوله ولا يقبل الثناء إلا من مكا فئ قيل مقتصد في ثنائه ومدحه وقيل إلا من مسلم وقيل إلا من مكا فئ على يد سبقت من النبي صلى الله عليه وسلم.
ويستفزه يستخفه وفى حديث آخر في وصفه منهوس العقب أي قليل لحمها وأهدب الاشفار أي طويل شعرها.(2/419)
[ ذكر خاتم النبوة ] عن جابر بن سمرة قال رأيت للنبى صلى الله عليه وسلم عند كتفيه مثل بيضة الحمامة تشبه جسده وفى لفظ سلعة مثل بيضة الحمامة.
وقد روى عن أبى رمثة أنه شعر مجتمع عند كتفيه.
وروى عنه أيضا أنه مثل بيض الحمامة وأنه قال يا رسول الله ألا أدا ويك منها فقال يداويها الذى وضعها.
وروى عنه أيضا قال مثل التفاحة وعن سلمان الفارسى أنه قال كان مثل بيضة الحمامة بين كتفيه وقيل على نغض كتفه الايسر وقيل كانت بضعة لحم كلون بدنه وقيل كانت كزر الحجلة وقيل كانت ثلاث شعرات مجتمعات وقيل كانت شامة خضراء محتفرة في اللحم وقال عبد
الله بن سرجس رأيت خاتم النبوة جمعا عليه خيلان كأنها الثآليل عند ناغض وروى عند غضروف كتفه اليسرى وفى رواية سود رواه مسلم وقيل مثل البندقة وقيل كأثر المحجم وقيل كركبة العنز أسنده أبو عمر عن عباد بن عمرو وقيل نور عن ابن عائذ في مغازيه بسنده إلى شداد بن أوس فذكر حديث الرضاع وشق الصدر.
وفيه وأقبل الثالث يعنى الملك وفى يديه خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه ووجد ؟ ؟ ؟ زمانا وقيل ولد وهو به.
وذكر الواقدي عن شيوخه قالوا لما شكوا في موت النبي صلى الله عليه وسلم وضعت اسماء بنت عميس يدها بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنه قد توفى وقد رفع الخاتم من بين كتفيه.
فهذا الذى عرف به موته عليه السلام.(2/420)
[ ذكر جمل من اخلاقه ] عليه أفضل الصلاة والسلام قال الله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) قالت عائشة رضى الله عنها كان خلقه القرآن يعنى التأدب بآدابه والتخلق بمحاسنه والالتزام لاوامره وزواجره وقد قال صلى الله عليه وسلم بعثت لاتمم مكارم الاخلاق.
وقال أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان عليه السلام أرجح الناس حلما.
وروى أنه لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت عليهم فقال انى لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون.
وكان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس عفوا لا ينتقم لنفسه.
ولما تصدى له غورث بن الحارث ليقتله والسيف بيده وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من يمنعك منى قال له " الله " فسقط السيف من يده فقال له عليه السلام وقد أخذ السيف " من يمنعك منى " فقال كن خير آخذ.
فتركه وعفا عنه فجاء إلى قومه فقال جئتكم من عند خير الناس.
وعفا عليه السلام عن اليهودية التى سمته في الشاة
بعد اعترافها على الصحيح، ولم يؤاخذ لبيد بن الاعصم إذ سحره ولا عبدالله بن أبى وأشباهه من المنافقين بعظيم ما نقل عنهم قولا وفعلا.
وكان صلى الله عليه وسلم اسخى الناس كفا ما سئل شيئا فقال لا.
وأعطى صفوان بن أمية غنما ملات واديا بين جبلين فقال أرى محمدا يعطى عطاء من لا يخشى الفقر.
ورد على هوازن سباياهم وكانت ستة آلاف وأعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله.
وحملت إليه تسعون الف(2/421)
درهم فوضعت على حصير ؟ ؟ ؟ قال إليها يقسمها فمارد سائلا حتى فرغ منها.
وذكر عن معوذ بن عفراء قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقناع من رطب يعنى طبقا واجر زغب يريد قثاء فأعطاني ملء كفه حليا وذهبا.
وروينا عن الشافعي فثنا الحسين ابن عبدالله القطان بالرقة فثنا عمر بن حفص فثنا أبو عبد الصمد العمى فثنا أبو عمران الجونى عن عبدالله بن الصامت عن أبى ذر قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طبخت فأكثر المرق واقسم في أهلك وجير انك.
رواه مسلم عن أبى كامل واسحق بن ابراهيم عن عبد العزيز بن عبد الصمد عن أبى عمران به.
وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس سئل البراء أفررتم يوم حنين قال لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر.
وفيه فما رئى يومئذ أحد كان أشد منه.
وقال ابن عمر ما رأيت أشجع ولا أنجد ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا قد سبقهم إلى الصوت واستبرأ الخبر على فرس لابي طلحة عرى والسيف في عنقه وهو يقول لن تراعو.
وقال عمران بن حصين ما لقى النبي.
صلى الله عليه وسلم كتيبة إلا كان أول من يضرب.
وقال على بن أبى طالب كنا إذا حمى أو اشتد اليأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم
فما يكون أحذ أقرب إلى العدو منه ولقد رأيتنى يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا وقيل كان الشجاع هو الذى يقرب منه صلى الله عليه وسلم بقربه من العدو وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياء واكثرهم عن العورات إغضاء قال الله تعالى (ان ذلكم كان يؤذى النبي فيستحيى منكم والله لا يستحيى من الحق).
وعن أبى سعيد(2/422)
الخدرى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ؟ ؟ حياء من العدراء في خدرها وكان ادا كره شيئا عرفناه في وجهه - الحديث.
وعن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل ما بال فلان يقول كذا ولكن يقول ما بال أقوام يصنعون أو يقولون كذا.
ينهى عنه ولا يسمى فاعله.
وعن أنس في حديث أنه عليه السلام كان لا يواجه أحدا بما يكره.
وعن عائشة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا سخابا بالاسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة.
ولكن يعفو ويصفح.
وعنها ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط.
وروى عنه أنه كان من حيائه لا يثبت بصره في وجه أحد وأنه كان يكنى عن ما اضطره الكلام إليه مما يكره.
وكان صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، هذا من كلام على في صفته.
وعن قيس بن سعد قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارا وطأ عليه بقطيفة (1) فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال سعد يا قيس اصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قيس فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اركب فأبيت فقال إما أن تركب وإما أن تنصرف فانصرفت، وفى رواية اركب أمامى فصاحب الدابة احق بمقدمها.
وعن عائشة في حديث عنه صلى الله عليه وسلم انه ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته الا قال لبيك.
وقال جرير ما حجبى رسول الله
صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رأني الا تبسم.
وكان صلى الله عليه وسلم يمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجره ويجيب دعوة الحر والعبد والامة والمسكين ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر، قال أنس ما التقم أحد اذن النبي صلى الله عليه وسلم فينحى رأسه حتى يكون الرجل
__________
(1) هي كساء له خمل.
(*)(2/423)
هو الذى ينحى رأسه، وما أخذه بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخذ.
ولم ير مقدما ركبتيه بين يدى جليس له، وكان يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة، لم يرقط مادا رجليه بين أصحابه حتى يضيق بهما على أحد يكرم من يدخل عليه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التى تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى ويكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم، ولا يقطع على أحد حديثه وروى أنه كان لا يجلس إليه أحد وهو يصلى إلا خفف صلاته وسأله عن حاجته فإذا فرغ عاد إلى صلاته، وكان أكثر الناس تبسما وأطيبهم نفسا ما لم ينزل عليه قرآن أو يعظ أو يخطب، قال عبدالله بن الحارث ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما شفقته صلى الله عليه وسلم على خلق الله ورأفته بهم ورحمته لهم فقد قال الله تعالى فيه (عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) وقال (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) قال بعضهم من فضله عليه السلام أن الله أعطاه إسمين من أسمائه فقال (بالمؤمنين رءوف رحيم) ومن ذلك تخفيفه وتسهيله عليهم وكراهته أشياء مخافة أن تفرض عليهم كقوله لولا أن أشق على أمتى لامرتهم بالسواك مع كل وضوء، وخبر صلاة الليل ونهيهم عن الوصال وكراهية دخول الكعبة ليلا يعنت أمته ورغبته لربه أن يجعل سبه ولعنه لهم رحمة وانه كان
يسمع بكاء الصبى فيتجوز في صلاته، ولما كذبه قومه أتاه جبريل عليه السلام فقال إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد أمر ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداه ملك الجبال وسلم عليه وقال مرنى بما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الاخشبين (1) قال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم
__________
(1) الاخشيان: الجبلان المطيفان بمكة وهما أبو قبيس والاحمر.
(*)(2/424)
من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا.
وروى ابن المنكدر أن جبريل عليه السلام قال للنبى صلى الله عليه وسلم إن الله أمر السماء والارض والجبال أن تطيعك فقال أوخر عن أمتى لعل الله أن يتوب عليهم، قالت عائشة ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وقال اين مسعود كان رسول الله صلى الله وسلم يتخولنا (1) بالموعظة مخافة السآمة علينا.
وروى أنه عليه السلام قال لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئا فانى أحب أن أخرج اليكم وأنا سليم الصدر، وكان صلى الله عليه وسلم أوصل الناس لرحم وأقومهم بالوفاء وحسن العهد.
وروينا من طريق أبى داود فثنا محمد بن سنان فثنا ابراهيم بن طهمان عن بديل عن عبد الكريم عن عبدالله بن شقيق عن أبيه عن عبدالله بن أبى الحمساء قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه ؟ ؟ ؟ نسيت ثم ذكرت بعد ثلاث فجئته فإذا هو في مكانه، فقال يافتى لقد شققت على أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك.
وعن أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بهدية قال إذهبوا بها إلى بيت فلانة فانها كانت صديقة لخديجة انها كانت تحب خديجة، ودخلت عليه إمرأة فهش لها وأحسن السؤال عنها فلما خرجت قال إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الايمان، وقال عليه السلام إن آل أبى فلان ليسوا لى بأولياء غير أن لى رحما سأبلها ببلالها (2)
وعن أبى قتادة وفد وفد للنجاشي فقام النبي صلى الله عليه وسلم يخدمهم، فقال له أصحابه نكفيك فقال انهم كانوا لاصحابنا مكرمين وإنى أحب أن أكافئهم.
ولما جئ بأخته من الضاعة الشيماء في سبى هوازن بسط لها رداءه وخيرها بين المقام عنده والتوجه
__________
(1) أي يتعاهدنا.
(2) أي: أصلهم في الدنيا ولا أغنى عنهم من الله شيئا.(2/425)
إلى ؟ ؟ ؟ فاختارت قومها فمتعها، وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا على علو منصبه فمن ذلك أن الله خيره بين أن يكون نبيا ملكأ أو نبيا عبدا فاختار أن يكون نبيا عبدا فقال له إسرافيل عند ذلك فان الله قد أعطاك بما تواضعت إنك سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنه الارض وأول شافع، وخرج على قوم من أصحابه فقاموا له فقال لا تقوموا كما تقوم الاعاجم يعظم بعضها بعضا، وقال إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد، وكان يركب الحمار ويردف خلفه ويعود المساكين ويجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد ويجلس بين أصحابه مختلطا بهم حيث ما انتهى به المجلس جلس، وقال لامرأة أتته في حاجة إجلسى يا أم فلان في أي طرق المدينة شئت أجلس إليك حتى أقضى حاجتك فجلست وجلس، وكان يدعى إلى خبز الشعير والاهالة السنخة (1) فيجيب، وحج على رحل رث عليه قطيفة ما تساوى أربعة دراهم، وأهدى في حجه ذلك مائة بدنة، وكان يبدأ من لقيه بالسلام.
وروينا عن أبى بكر الشافعي فثنا أبو جعفر محمد بن حماد بن ماهان فثنا محمد بن عبدالرحمن بن بكر فثنا محمد بن سواء عن سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبيان فسلم عليهم، وكان في بيته في مهنة أهله يفلى ثوبه ويحلب شاته ويخصف نعله ويخدم نفسه ويعلف ناضحه ويقم (2) البيت ويعقل (3) البعير ويأكل مع الخادم ويعجن معها
ويحمل بضاعته من السوق.
وعن أنس إن كانت الامة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضى حاجتها، وكان صلى الله عليه
__________
(1) الاهالة كل ما يؤ تدم به، وقيل هو ما أذيب من الالية والشحم وقبل الدسم الجامد.
والسنخة المتغيرة الريح.
(2) أي يكنس.
(3) أي يربط.
(*)(2/426)
وسلم يسمى الامين قبل النبوة لما عرفوا من أمانته وعدله.
وعن الربيع بن خثيم كان يتحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قبل الاسلام، وقال النضر بن الحارث لقريش قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر لا والله ما هو بساحر.
وفى الحديث عنه ما لمست يده يد إمرأة قط لا يملك رقها وقال ويحك فمن يعدل إن لم أعدل.
وعن الحسن ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ أحدا بقرف (1) أحد ولا يصدق أحدا على أحد، وكان أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والرائحة الحسنة ويستعملها كثيرا ويحض عليها، ومن مروءته صلى الله عليه وسلم نهيه عن النفخ في الطعام والشراب والامر بالاكل مما يلى والامر بالسواك وانقاء البراجم والرواجب (2) واستعمال خصال الفطرة.
وأما زهده في الدنيا وعبادته وخوفه ربه عزوجل فقد توفى ودرعه مرهونة عند يهودى في نفقة عياله، وكان يدعو اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا.
وعن عائشة قالت ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبر برحتى مضى لسبيله، وفى رواية من حبر شعير يومين متواليين، وقالت عائشة ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا
ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا، قالت ولقد مات وما في بيتى شئ يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لى، وقال لى إنى عرض على أن يجعل لى بطحاء مكة ذهبا فقلت لا يا رب بل أجوع يوما وأشبع يوما فأما اليوم الذى أجوع فيه فأتضرع اليك وأدعوك وأما اليوم الذى أشبع فيه فأحمدك وأثنى عليك، وقال ابن عباس
__________
(1) القرف: التهمة.
(2) البراجم هي العقد التى في ظهور الاصابع، يجتمع فيها الوسخ، والرواجب هي ما بين عقد الاصابع من داخل.
(*)(2/427)
كان صلى الله عليه وسلم يبيت هو وأهله الليالى المتتابعة طاويا لا يجدون عشاء.
وكان يقول لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وفى حديث المغيرة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت قدماه، وقالت عائشة كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة (1) وأيكم يطيق ما كان يطيق، وقالت كل يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يضوم.
وقال عوف بن مالك كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك ثم توضأ ثم قام يصلى فقمت معه فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ولا بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ثم ركع فمكث بقدر قيامه يقول سبحان ذى الجبروت والملكوت والعظمة، ثم سجد وقال مثل ذلك ثم قرأ آل عمران، ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك، وعن عائشة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن ليلة، وقال صلى الله عليه وسلم انى لاستغفر الله في اليوم مائة مرة.
(2)
__________
(1) الديمة: المطر الدائم في سكون، شبهت عمله في دوامه بديمة المطر.
(2) في حاشية الاصل: بلغ مقابلة لله الحمد.
(*)(2/428)
[ ذكر مصيبة الاولين والآخرين من المسلمين ]
؟ ؟ ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما قفل صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع أقام بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرا وضرب على الناس بعثا أميره أسامة بن زيد.
وقد تقدم ذكره وهو آخر بعوثه فبينا الناس على ذلك ابتدئ صلوات الله عليه وسلامه بشكواه الذى قبضه الله ؟ ؟ ؟ إلى ما أراد من رحمته وكرامته في ليال بقين من صفر أو في أول شهر ربيع الاول فكان أول ما ابتدئ به صلى الله عليه وسلم أنه خرج إلى بقيع الغرقد مقبرتهم من جوف الليل فاستغفر لهم.
ثم رجع إلى أهله فلما أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك.
قالت عائشة رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وارأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وارأساه.
قالت ثم قال وما ضرك لومت قبلى فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك.
قلت والله لكأنى بك لو قد فعلت ذلك لرجعت إلى بيتى فأعرست فيه ببعض نسائك فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استعز (1) به وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيتى فأذن له.
قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن عباس ورجل آخر عاصبا رأسه تخط قدماه الارض حتى دخل بيتى.
قال ابن عباس الرجل الآخر على بن ابى طالب، ثم غمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أي اشتد وجعه.
(*)(2/429)
واشتد به وجعه فقال أهريقوا على من سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم فأقعدناه في مخضب (1) لحفصة بنت عمرو، ثم صببنا عليه الماء حتى طفق يقول حسبكم حسبكم.
وعن الزهري قال حدثنى أيوب بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر، ثم كان
أول ما تكلم به انه صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم فأكثر الصلاة عليهم ثم قال ان عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله ففهمها أبو بكر وعرف أن نفسه يريد.
فقال نفديك بأنفسنا وأبنائنا.
فقال على رسلك يا أبا بكر ثم قال أنظروا هذه الابواب اللافظة في المسجد فسدوها إلا باب أبى بكر فانى لا أعلم أحدا كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه، وأراد عمر فتح كوة لينظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها فمنعه من ذلك، وقال عليه السلام للعباس ما فتحت عن امرى ولا سددت عن امرى واستبطأ الناس في بعث اسامة فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر - وقد كان الناس قالوا في إمرة أسامة أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والانصار - فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أيها الناس أنفذوا بعث اسامة فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله وانه لخليق للامارة وإن كان أبوه لخليقا بها.
؟ ؟ ؟ نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانكمش (2) الناس في جهازهم واستعز برسول الله وجعه فخرج اسامة وخرج جيشه معه حتى نزلوا الجرف من المدينة على فرسخ فضرب به عسكره وتتام إليه الناس وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام أسامة والناس لينظروا ما الله قاض في رسول عليه السلام.
ومن حديث عبدالله بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بالانصار يوم صلى واستغفر لاصحاب أحد وذكر من امرهم ما ذكر فقال
__________
(1) المخضب إجانة تغسل فيها الثياب.
(2) أي أسرع.
(*)(2/430)
يا معشر المهاجرين استوصوا بالانصار خيرا فان الناس يزيدون وان الانصار على على هيئتها لا تزيد فانهم كانوا عيبتي التى أويت إليها فأحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه السلام
يوعك (1) وعكا شديدا دخل عليه أبو سعيد الخدرى وعليه قطيفة فوضع يده عليه فوجد حرارتها فوق القطيفة فقال ما أشد حماك فقال إنا كذلك يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الاجر.
وعن علقمة قال دخل عبدالله بن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه ثم قال يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا.
قال أجل انى أو عك كما يوعك رجلان منكم.
قال قلت يا رسول الله ذلك بأن لك أجرين الحديث.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلى بالناس فصلى بهم فيما روينا سبع عشرة صلاة وصلى النبي صلى الله عليه وسلم مؤتما به ركعة ثانية من صلاة الصبح.
ثم قضى الركعة الباقية وقال لم يقبض نبى حتى يؤمه رجل من قومه.
وقال عليه السلام في مرضه ذلك مر الناس فليصلوا يقول ذلك لعبد الله ابن زمعة بن الاسود فذهب ابن زمعة فقدم عمر لنيبة أبى بكر فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته أخرج رأسه حتى أطلعة للناس من حجرته ثم قال لا لا لا ليصل لهم ابن أبى قحافة.
وعن أبى سعيد الخدرى في هذا الخبر قال فانفضت الصفوف وانصرف عمر فما برحنا حتى طلع ابن أبى قحافة وكان بالسنح (2) فتقدم فصلى بالناس وتبسم عليه السلام لما رأى من هيئة المسلمين في صلاتهم سرورا بذلك.
وقال ائتونى أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فتنازعوا فلم يكتب.
وقالت عائشة آخر ما عهد الينا أن لا يترك بجزيرة العرب دينان.
وقالت أم سلمة عامة وصيته عند الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم.
وقالت عائشة سمعته يقول
__________
(1) أي يتألم.
(2) منازل بنى الحارث بن الخزرج في المدينة.
(*)(2/431)
قبل ذلك ما من نبى يموت حتى يخبر قالت فسمعته وهو يقول اللهم الرفيق الاعلى فعلمت انه ذاهب.
وفى خبر عنها فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
وقالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ويقول اللهم أعنى على سكرات الموت.
وذكر ابن سعد في وفاته عليه السلام خبرا فيه انه لما بقى من أجله ثلاث نزل عليه جبريل فقال يا أحمد إن الله أرسلني اليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصئ لك يسألك عما هو أعلم به منك يقول لك كيف تجدك وفيه إن ذلك ثلاث المرة بعد المرة وفى الثالثة صحبه ملك الموت فاستأذن عليه فأذن له ثم استأذنه في قبض نفسه أو تركها وان الله أمره بطاعته في ذلك.
فقال جبريل يا أحمد ان الله قد إشتاق اليك قال فاقبض يا ملك الموت كما أمرت به.
قال جبريل السلام عليك يا رسول الله هذا آخر موطئ الارض.
فتوفى صلى الله عليه وسلم وجاءت التعرية يسمعون الصوت ولا يرون الشخص السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة إن في الله عزاء عن كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبا الله فثقوا وإياه فارجوا فان المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقد ذكر أن هذا المعزى هو الخضر عليه السلام.
واختلف أهل العلم في اليوم الذى توفى فيه بعد اتفاقهم على انه يوم الاثنين في شهر ربيع الاول: فذكر الواقدي وجمهور الناس أنه الثاني عشر.
قال الربيع بن سالم وهذا لا يصح وقد جرى فيه على العلماء من الغلط ما علينا بيانه.
وقد تقدمه السهيلي إلى بيانه لان حجة الوداع كانت وقفتها يوم الجمعة.
فلا يستقيم أن يكون يوم الاثنين ثانى عشر ربيع الاول سواء أتمت الاشهر كلها أو نقصت كلها أوتم بعضها ونقص بعضها.
قال الطبراني يوم الاثنين لليلتين مضتا من شهر ربيع الاول.
قال أبو بكر الخوارزمي أول يوم منه وكلاهما ممكن.(2/432)
ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجته (1) الملائكة دهش الناس وطاشت عقولهم
واختلفت أحوالهم في ذلك فأما عمر فكان ممن خبل فجعل يقول انه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران حين غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم.
وأما عثمان فأخرس حتى جعل يذهب به ويجاء وهو لا يتكلم.
وأقعد على وأضنى عبدالله بن أنيس من الضنى وهو المرض.
وبلغ أبا بكر الخبر وكان بالسنح فجاء وعيناه تهملان فقبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكى.
وقال بأبى أنت وأمى طبت حيا وميتا.
وتكلم كلاما بليغا سكن به نفوس المسلمين وثبت جأشهم.
وكان أثبت القوم رضى الله عنه وغسله عليه السلام على والعباس وابناه الفضل وقثم ومولياه اسامة وشقران.
وحضرهم أوس بن خولى الانصاري.
وكفن في ثلاثة اثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة.
وصلى عليه المسلمون أفذا ذا لم يؤمهم أحد وفرش تحته قطيفة حمراء كان يتغطى بها.
ودخل قبره العباس وعلى والفضل وقثم وشقران وأطبق عليه تسع لبنات.
ودفن في الموضع الذى توفاه الله فيه حول فراشه.
وكانوا قد اختلفوا في غسله فقالوا والله ما ندرى أنجرد رسول الله من ثيابه كما تجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه.
فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم وكلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: إغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون عليه الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم: فأسنده على إلى صدره والعباس والفضل وقنم يقلبونه معهم وأسامة وشقران يصبان الماء وعلى يغسله بيده.
واختلفوا في موضع دفنه هل يكون في مسجده أو مع أصحابه: فقال أبو بكر ادفنوه في الموصع الذى قبض فيه فان الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيب فعلموا ان قد صدق.
وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وأبو طلحة
__________
(1) أي غطته.
(*)(2/433)
زيد بن سهل يلحد كاهل المدينة فاختفلوا كيف يصنع بالنبي صلى الله عليه وسلم فوجه العباس رجلين أحدهما لابي عبيدة بن الجراح والآخر لابي طلحة.
وقال اللهم خر لنبيك فحضر أبو طلحة فلحد له.
ولما فرغ من جهازه يوم الثلاثاء وكانت وفاته يوم الاثنين حين زاغت الشمس قال على لقد سمعنا همهمة ولم نر شخصا سمعنا هاتفا يقول: أدخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم.
ثم دفن من وسط الليل ليلة الاربعاء وكانت مدة شكواه ثلاث عشرة ليلة.
ولما دفن عليه السلام قالت فاطمة ابنته عليها السلام: اغبر آفاق السماء وكورت * شمس النهار وأظلم العصران فالارض من بعد النبي كئيبة * أسفا عليه كثيرة الرجفان فليبكه شرق البلاد وغربها * ولتكبه مضر وكل يمان وليبكه الطود المعظم جوه * والبيت ذو الاستار والاركان يا خاتم الرسل المبارك ضوءه * صلى عليك منزل الفرقان ويروى أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الا حجم: قد كنت لى جبلا ألوذ بظله * فتركتني أمشى بأجرد ضاح قد كنت ذات حمية ما عشت لى * أمشى البراز وكنت أنت جناحى فاليوم أخضع للذليل وأتقى * منه وأدفع ظالمي بالراح وإذا دعت قمرية شجنا لها * ليلا على فنن دعوت صباح ومما ينسب لعلى أو فاطمة رضى الله عنهما.
ماذا على من شم تربة أحمد * ألا يشم مدى الزمان غواليا صبت على مصائب لو أنها * صبت على الايام عدن لياليا(2/434)
وقال أنس بن مالك لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى المدينة أضاء منها كل شئ.
فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم منها كل شئ.
وما نفضنا
الايدى من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا.
وقد روى عنه عليه السلام انه قال لتعز المسلمين في مصائبه المصيبة بى.
وفى حديث عنه أنا فرط لامتي لن يصابوا بمثلى، وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب يرثيه: أرقت فبات ليلى لا يزول * وليل أخى المصيبة فيه طول وأسعدنى البكاء وذاك فيما * أصيب المسلمون به قليل لقد عظمت مصيبتنا وجلت * عشية قيل قد قبض الرسول وأضحت أرضنا مما عراها * تكاد بنا جوانبها تميل فقدنا الوحى والتنزيل فينا * يروح به ويغدو جبرئيل وذاك أحق ما سالت عليه * نفوس الناس أو كربت تسيل نبى كان يجلو الشك عنا * بما يوحى إليه وما يقول ويهدينا ولا نخشى ضلالا * علينا والرسول لنا دليل أفاطم ان جزعت فذاك عذر * وان لم تجزعي ذاك السبيل فقبر أبيك سيد كل قبر * وفيه سيد الناس الرسول ولو فتحنا باب الاكثار وسمحنا بايراد ما يستحسن في هذا الباب من الاشعار لخرجنا جنحنا إليه من الايجاز والاختصار فالاشعار في هذا كثيرة ولانواع الاسى والاسف مثيرة فياله من خطب جل عن الخطوب ومصائب علم دمع العين كيف يصوب ورزء غربت له النيرات ولا تعلل بشروقها بعد الغروب.
وحادث هجم هجوم الليل فلا نجاء منه لهارب ولا فرار منه لمطلوب ولا صباح له فيجلو غياهبه المملة ودياجيه المدلهمة، ولكل ليل إذا دجى صباح يؤوب.
ومن سر أهل(2/435)
الارض ثم بكى أسى بكى بعيون سرها وقلوب فان الله وإنا إليه راجعون من نار حنيت عليها الاضالع لا تخبو ولا تخمد ومصيبة تستك منها المسامع لا يبلى على
مر الجديدين حزنها المجدد: وهل عدلت يوما رزيئة هالك * رزيئة يوم مات فيه محمد وما فقد الماضون مثل محمد * ولا مثله حتى القيامة يفقد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
* * * قد انتهى بنا الغرض فيما أوردناه إلى ما أردناه، ولم نسلك بعون الله فيه غير الاقتصاد الذى قصدناه فمن عثر فيه على وهم أو تحريف أو خطأ أو تصحيف فليصلح ما عثر عليه من ذلك وليسلك سبيل العلماء في قبول العذر هنالك.
ومع مر بخبر لم أذكره أو ذكرت بعضه فلعه بحسب موضعه من التبويب أو نسقه في الترتيب أو الاختصار الذى اقتضاه التهذيب أو لنكارة في متنه تنقم على واضعه أو لانى ما مررت به في مواضعه.
ومن برئ من الاحاطة أيها الناظر اليك فليس لك أن تلزمه بكل ما يرد عليك.
* * *(2/436)
[ ذكر الاسانيد التى وقعت لى من المصنفين ] الذين أخرجت من كتبهم في هذا المجموع ما اخرجته وما كان فيه من (صحيح البخاري) فأخبرنا به الشيخ أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم بن على بن نصر الحرانى بقراءة والدى رحمة الله عليه وأنا أسمع قال أنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن البيع الحافظ قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد سنة ستمائة وغيره إجازة.
قالوا أنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى قال أنا أبو الحسن الداودى قال أنا أبو محمد بن حموية قال أنا أبو عبد الله الفربرى عنه.
وما كان فيه من (صحيح مسلم) فأخبرنا به أبو محمد عبد العزيز بن الحافظ
أبى الفتوح نصر بن أبى الفرج بن على الحصرى قراءة وأنا أسمع لجميعه قال أنا أبو الحسين المؤيد بن محمد بن على الطوسى إجازة قال أنا أبو عبد الله محمد بن الفضل ابن أحمد الصاعدي الفراوى قال أنا أبو الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسى قال أنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن عيسى بن عمروية الجلودى قال أنا أبو سفيان قال أنا مسلم.
وقد سمعت قطعة منه على أبى بكر محمد بن الحافظ أبى الطاهر اسماعيل ابن عبدالله بن الانماطى بسماعه من أبى القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبى الفضل الانصاري بن الحرستانى.
وباجازته من المؤيد بن محمد قال الاول أنبأنا وقال الثاني أخبرنا أبو عبد الله الفراوى بسنده.
وما كان فيه من (سنن أبى داود) فأخبرنا به أبو الفضل عبدالرحيم بن يوسف ابن يحيى بن العلم الموصلي قراءة عليه وأنا أسمع لجميعه خلا من قوله باب المستبان(2/437)
إلى باب الارجوحة فاجازة قال أنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزذ قراءة عليه في الخامسة.
وهو سمع الكتاب كاملا من أبى البدر ابراهيم بن محمد بن منصور الكرخي بعضه.
ومن أبى الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الدومى كما هو مثبت عندي على الاصل.
قال أنا أبو بكر الخطيب الحافظ قال أنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي عن أبى على اللؤلؤي عنه.
وما كان فيه من كتاب (الجامع لابي عيسى الترمذي) فأخبرنا بجميعه أبو عبدالله محمد بن ابراهيم بن ترجم المازنى قراءة عليه وأنا أسمع لبعضه وبقراءتي عليه لبعضه قال أنا أبو الحسن على بن أبى الكرم نصر بن البنا قراءة عليه وأنا أسمع لبعضه قال أنا أبو الفتح عبدالملك بن أبى القاسم الكروخى قال أنا بجميعه القاضى أبو عامر محمود بن القاسم الازدي وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجى.
وأخبرنا من أول الكتاب إلى مناقب عبدالله بن عباس أبو نصر
عبد العزيز بن محمد الترياقى.
ومن مناقب ابن عباس إلى آخر كتاب العلل أبو المظفر عبيدالله بن على بن يس قال أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحى قال أنا أبو العباس أحمد بن محمد المحبوبى فثنا الترمذي.
وما كان فيه من (سنن أبى عبدالرحمن النسائي) فأخبرنا به غير واحد من شيوخنا سماعا.
قال أنا عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا البغدادي.
قال أنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي قال أنا أبو محمد عبدالرحمن بن حمد بن الحسن الدونى قال أنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن الكسار قال أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحق بن السنى عنه.
وما كان فيه من (سنن ابن ماجه) فقد قرأت الكتاب كاملا على أبى على يعقوب بن أحمد بن فضائل الحلبي.
قلت له أخبرك الامام موفق الدين أبو محمد(2/438)
عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قراءة عليه وأنت تسمع بحلب فأقر به قال أنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي قال أنا أبو منصور محمد بن الحسين المقوم إجازة إن لم يكن سماعا ثم ظهر سماعه قال أنا أبو طلحة القاسم بن أبى المنذر الخطيب قال أنا أبو الحسن على بن ابراهيم القطان عنه.
وما كان فيه عن ابن إسحق فمن كتاب (السيرة النبوية) من رواية أبى محمد عبدالملك بن هشام النحوي وتهذيبه عن زياد بن عبدالله البكائى عنه.
وقد قرأتها على أبى المعالى أحمد بن إسحق الابرقوهى إلا يسيرا فسمعته بقراءة غيرى عليه قال أنا أبو محمد عبدالقوى بن عبدالله بن الجباب قراءة عليه وانا أسمع وإجازة لما خالف المسموع ان خالف.
ومن أصل ابن الجباب كانت القراءة قال انا أبو محمد عبدالله بن رفاعة بن غدير السعدى قال انا القاضى ابو الحسن الخلعي قال انا ابن النحاس قال انا ابن الورد عن ابن البرقى عن ابن هشام ولى في
هذا الكتاب أسانيد أخر.
وما كان فيه من (كتاب المغازى عن موسى بن عقبة) فقد سمعت من شيخنا الامام عز الدين أحمد بن ابراهيم بن الفرج الفاروثى أكثر هذا الكتاب، وأجاز لى سائره بسماعه من أبى محمد اسماعيل بن على بن ؟ ؟ ؟ الجوهرى بسماعه من أبى بكر احمد بن المقرب الكرخي قال انا ابو طاهر احمد بن الحسن بن أحمد بن الباقلانى عن أبى طالب حمزة بن الحسين بن أحمد بن سعيد بن القاسم بن شعيب بن الكوفى عن أبى الحسن على بن محمد الشونيزى عن أحمد بن زنجوية المخرمى عن ابراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عنه.
وما كان فيه من (كتاب المغازى عن أبى عبدالله محمد بن عائذ القرشى الكاتب) فقد قرأت على أبى القاسم الخضر بن أبى الحسين بن الخضر بن عبدان(2/439)
الازدي الدمشقي بها بعض هذا الكتاب، وأجازني سائره وناولني جميعه قال انا أبو محمد الحسن بن على بن الحسين بن الحسن بن محمد بن البن الاسدي قراءة عليه وانا أسمع بجامع دمشق قال انا جدى قال أنا أبو القاسم بن أبى العلاء قال انا أبو محمد بن أبى نصر قال انا أبو القاسم على بن يعقوب بن ابراهيم بن أبى العقب قال انا أبو عبد الملك أحمد بن ابراهيم القرشى.
وما كان فيه عن محمد بن سعد فمن (كتاب الطبقات الكبير) له.
وقد قرأت معظم هذا الكتاب على الشيخ الامام بهاء الدين أبى محمد عبد المحسن بن الصاحب محيى الدين محمد بن احمد بن هبة الله بن أبى جرادة العقيلى وأجاز لى جميع ما يرويه وكان سمعه كاملا من الحافظ أبى الحجاج يوسف بن خليل بن عبدالله الدمشقي وذهب يسير من أصل سماعه فلم يقدر عليه حين قراءتى عليه قال ابن خليل انا أبو محمد عبدالله بن دهبل بن على بن منصور بن ابراهيم بن كارة سماعا عليه ببغداد
قال انا القاضى أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبداله الانصاري عن أبى محمد الحسن بن على الجوهرى قال انا أبو عمر محمد بن العباس بن ركرياء بن حيوية قال قرئ على أبى الحسن أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشاب وانا أسمع في شعبان سنة ثمان عشرة وثلاثمائة قال انا أبو محمد الحارث بن محمد ابن أبى أسامة التميمي قال انا ابن سعد.
هذا الاسناد من أول الكتاب إلى آخر ما فيه من خبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذى أخرج منه في هذا المجموع ما أخرج وقد يتغير إسناده في باقى الكتاب ولا حاجة بنا إلى بيانه غير أنى رأيت بعض من كتبه عن ابن دهبل أسنده عن القاضى ابى بكر سماعا لجميع ما ذكر عن الجوهرى إجازة من اول الكتاب إلى قوله ذكر مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة من حين نبئ إلى الهجرة.
وعن أبى إسحق البرمكى أيضا إجازة قالا انا ابن(2/440)
حيوية والذى وقع لى في إسناد ابن خليل بالعنعنة لم يتبين فيه السماع من الاجازة.
وقد أخبرنا به إجازة الشيخ المسند أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم بن على ابن نضر بن منصور الحرانى قال انا أبو محمد عبدالله بن على بن كارة قراءة عليه وانا أسمع بسنده لبعضه وإجازة لسائره بسنده المذكور أيضا.
وما كان فيه عن أبى القاسم سليمان بن أحمد (الطبراني) فأخبرني أبو عبد الله محمد بن عبدالمؤمن بن أبى الفتح الصوري بقراءتي عليه وبقراءة الحافظ أبى الحجاج المزى أخبركم الشيخان أبو الفخر أسعد بن سعيد بن روح الصالحانى وأم حبيبة عائشة بنت معمر بن الفاخر إجازة من أصبهان قالا أخبرتنا أم ابراهيم فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية وعائشة حاضرة قالت أم ابراهيم انا أبو بكر بن ريذة قال انا الطبراني وما كان فيه عن (أبى يعلى الموصلي) فأخبرنا به أيضا ابن عبدالمؤمن بقراءتي عليه قال انا أبو مسلم المؤيد بن عبدالرحيم بن أحمد بن محمد بن الاخوة وعائشة
بنت معمر بن الفاخر إجازة قالا انا أبو الفرج سعيد بن أبى الرجاء الصيرفى قال انا أبو نصر ابراهيم بن محمد بن على الكسائي قال انا أبو بكر محمد بن ابراهيم المقرئ عنه.
وما كان فيه عن (أبى بشر الدولابى) فهو مما قرأته بدمشق على الشيخ الامام أبى العباس أحمد بن ابراهيم الفاروثى أخبركم الامير أبو محمد الحسن بن على بن الحسن السيدى قال انا الحافظ ابو الفضل محمد بن ناصر سماعا قال انا ابو طاهر محمد بن احمد بن أبى الصقر الانباري قال انا ابو البركات احمد بن عبد الواحد بن الفضل ابن نظيف الفراء قال انا ابو محمد الحسن بن رشيق عنه.
وما كان فيه عن ابى بكر الشافعي فمن (الفوائد المعروفة بالغيلانيات) من رواية ابن طالب محمد بن محمد بن ابراهيم بن غيلان البزار عنه وقد سمعتها عنه بقراءة(2/441)
والدى رحمه الله على ابى الفضل عبدالرحيم بن يوسف بن يحيى بن العلم ثم قرأتها على أبى الهيجاء غازى بن ابى الفضل بن عبد الوهاب الدمشقي قالا اخبرنا أبو ابو حفص عمر بن محمد بن طبرزذ قال انا ابو القاسم هبة الله بن محمد بن محمد بن الحصين عن ابن غيلان.
وما كان فيه عن (أبى عروبة الحسين بن ابى معشر الحرانى) فمما سمعته على الشيخ ابى عبدالله بن عبدالمؤمن بن ابى الفتح بظاهر دمشق عن زاهر بن ابى طاهر ومحمود بن احمد الثقفين وهشام بن عبدالرحيم الاصبهانيين إجازة بسماعهم من ابى نصر محمد بن حميد الكبريتى قال انا ابو مسلم محمد بن على بن مهزبرد النحوي قال انا ابو بكر المقرئ عنه.
وما كان فيه عن (ابى الحسين بن جميع الغساني) فمن معجمه وقد قرأته على الشيخ ابى حفص عمر بن عبد المنعم بن عذير القواس بعربيل بظاهر دمشق بغوطتها أخبركم القاضى ابو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستانى حضورا في الرابعة سنة
تسع وستمائة قال انا جمال الاسلام ابو الحسن على بن المسلم بن محمد السلمى قال انه الحسين بن احمد بن طالب الخطيب عنه.
وما كان فيه عن ابى عمر فمن (كتاب الدرر في إختصار المغازى والسير) له وهو مما روينه عن والدى رحمه الله عن شيخه ابى الحسين محمد بن احمد بن السراج عن خاله ابى بكر بن خير عن ابى الحجاج الشنتمرى عن ابى على الغساني عنه.
وما كان فيه عن أبى محمد عبدالله بن على (الرشاطى) فمن كتابه في (الانساب) وأخبرنا به والدى عن أبى الحسين بن السراج إجازة قال انا أبو محمد عبدالله بن محمد بن على بن عبدالله بن عبيدالله الحجرى إجازة إن لم يكن سماعا عليه قال أخبرنا الرشاطى قراءة عليه.(2/442)
وما كان فيه عن القاضى أبى الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى فمن كتابه المسمى (بالشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم) وقد سمعته كاملا بقراءة والدى رحمه الله بمصر على القاضى الامام على الدين أبى الحسن محمد ابن الشيخ الامام جمال الدين أبى على الحسين بن عتيق بن رشيق بمصر في سنة سبع وسبعين وستمائة قال أنا الامام أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكنانى سماعا عليه سنة تسع وستمائة قال أنا الامام أبو عبد الله محمد بن عبدالله بن محمد ابن عيسى التميمي إجازة قال انا القاضى عياض سماعا.
وما كان فيه عن الاستاذ أبى القاسم (السهيلي) فمن روايتي عن والدى رحمه الله قال انا الشيخ الرواية الزاهد أبو الحسين محمد بن أحمد بن السراج إجازة إن لم يكن سماعا.
وقد سمع عليه الكثير بقراءة والده قال قرئ كتاب (الروض الانف) والمشرع الروى على أبى القاسم عبدالرحمن بن أبى الحسن الخثعمي السهيلي مصنفه من أوله إلى آخره مرتين وأنا أشمع.
ومن كتابه هذا أثبت ما أثبت عنه هنا.
وربما أثبت فوائد في الفصول المتعلقة بشرح الاخبار السابقة لها وما اشتملت عليه من الغريب من فوائد ألفيتها بخط جدى أبى بكر محمد بن أحمد علقها عن شيخه الاستاذ أبى على عمر بن محمد الازدي بن الشلوبين عند قراءة السيرة الهشامية عليه وأثبتها في طرر كتابه رحم الله جميعهم ونفعنا بما يسر لنا من ذلك بمنه وكرمه آمين.
هذا آخر كتاب السيرة النبوية والحمد لله رب العالمين لا شريك له وصلواته وسلامه على خير خلقه وصفوته وخاتم رسله محمد وآله وصحبه وسلم تمت بتاريخ ضحوة الخميس 7 شعبان المنير عام 1079 عرفنا الله خيره ووقانا ضيره آمين(2/443)
وجد في آخر الاصل: بلغ مقابلة وتصحيحا بقدر الطاقة والامكان في النسخة المنسوخ منها وهى نسخة جيدة مكتوبة عليها: بلغ مقابلة على أصلين صحيحين بحمد الله تعالى وحسن عونه وتوفيقه على يد محصله لنفسه ليفوز ببركته وبركة مؤلفه يوم الاربعاء الثالث عشر من المحرم الفاتح عام ثمانين وألف أرانا الله خيره ووقانا ضيره أحمد بن أحمد قل ابن المختار بن يوسف بن دنبسل الفلاني كتبه له الاخ الفاضل ولده نسبا أحمد ابن محمد طاعوين محمد بن أبى بكر بن على بن دنبسل والد يوسف المذكور جزاه الله تعالى أفضل الجزاء وختم لناوله بالحسنى بعد طول العمر في نعمة وسرور ورزقنا وإياه ذرية طيبة وغفر لنا ولو الدينا ولجميع المسلمين آمين يا رب العالمين انه سميع مجيب صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
وقد نظم هذا الكتاب القاضى فتح الدين النابلسي في أرجوزة سماها الفتح القريب في سيرة الحبيب) وهى في ثلاث مجلدات قال في خطبتها نظمت منها في خمسين نهارا تسعة آلاف بيت استوفت هذه الجملة متون عيون الاثر.
ثم كمل تطريرا لله الحمد وله الشكر وعنده المزيد والمنة بتاريخ نهار الاثنين 17 من المحرم أول شهور العام المكمل 1080 أرانا الله خيره وكفانا شره آمين.(2/445)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد قرأت هذا الكتاب من أوله إلى آخره على مؤد بنا شيخ الاسلام خطيب الخطباء فصيح البلغاء جمال الانام حسنة الايام أبى محمد عبدالله بن العلاء شيخ الاسلام الحظى النجم أبى عبدالله محمد بن جماعة الكنانى أدام الله تعالى رفعته وفسح مدته وأجزت به عن الشيخ الامام شمس الدين محمد بن بدر الدين حسن بن على القرشى الفرسيسى سماعا عليه لجميع الكتاب قال أنا الامام العالم الحافظ محمد بن سيد الناس اليعمرى المصنف سماعا عليه لجميعه.
* * * الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد قرأ على هذه السيرة الشريفة من تأليف الامام الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليعمرى رحمه الله من أولها إلى آخرها باجازتى لها ولغيرها من الامامين العالمين العلامتين الحافظ سراج الدين أبى حفص عمر بن الامام أبى الحسن الوادياشى الشهير بابن الملقن والفقيه شهاب الدين أبى العباس أحمد بن حمدان الازرعى الشافعيان قالا أنا بها إجازة المؤلف ابن سيد الناس المشار إليه الشيخ الفاضل الصالح الخير المحصل عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن الشيخ برهان الدين أبى إسحق ابراهيم بن أبى رحمة المغربي نفع الله به ؟ ؟ ؟.
وصح ذلك وثبت في مجالس كثيرة آخرها يوم الخميس عاشر شهر ربيع الآخر من سنة خمس بل ست وثلاثين وثمانمائة وقد أجزت له ما يجوز لى روايته وأجزت له رواية ما ألفته.
قاله ابراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي الحلبي وكتب وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم تسليما.
" انتهى ما في آخر الاصل "(2/446)
وقوبلت على النسخة الموجودة في دار الكتب الظاهرية بدمشق وقد كتب عليها: هذا ما وقفه الوزير والمشير المفخم جناب الحاج أسعد باشا والى الشام وأمير الحاج على مدرسة والده المغفور له الحاج اسماعيل باشا طاب ثراه واشرط الواقف المذكور أنه لا يخرج من مكانه.
ومما كتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
وبعد فلما كان في سنة سبع وثمانين بعد الالف أخبرنا سيدنا ومولانا العالم العلامة ولى الدين الشيخ منصور الطوخى عن شيخه شيخ الاسلام العالم العلامة الشيخ محمد البابلي قال أخبرنا العلامة الشيخ ابراهيم اللقانى قال أخبرنا العلامة الشيخ السنهوري قال أخبرنا الشيخ نجم الدين الغيطى قال أخبرنا شيخ الاسلام زكريا الانصاري قال أخبرنا الحافظ ابن حجر العسقلاني قال أخبرنا الشمس الفرسيسى قال أخبرنا الامام أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمرى رضى الله عنه.
رويناه عنه بهذا السند ورحمهم الله تعالى أجمعين ونفعنا ببركاتهم.
وكاتب الاحرف الفقير أبو بكر بن أبى الفتح الدلجى قرأه على المذكور في ا لدرس.(2/447)
وجاء في خاتمة أقدم نسخة صححنا عليها من نسخ الخزانة التيمورية ودار الكتب المصرية ما يأتي: آخر كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
وكان الفراغ من كتابتها يوم الجمعة ضحى عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة على يد الفقير إلى عفو الله تعالى وغفرانه حسين بن شبل بن ابراهيم بن على بن حسن الشافعي عفا الله تعالى عنه بمنه وكرمه وغفر له ولوالديه.
وفى آخرها كتابة بخط البرهان الحلبي الشهير بسبط ابن العجمي تاريخها سنة
وبعد فلما كان في سنة سبع وثمانين بعد الالف أخبرنا سيدنا ومولانا العالم العلامة ولى الدين الشيخ منصور الطوخى عن شيخه شيخ الاسلام العالم العلامة الشيخ محمد البابلي قال أخبرنا العلامة الشيخ ابراهيم اللقانى قال أخبرنا العلامة الشيخ السنهوري قال أخبرنا الشيخ نجم الدين الغيطى قال أخبرنا شيخ الاسلام زكريا الانصاري قال أخبرنا الحافظ ابن حجر العسقلاني قال أخبرنا الشمس الفرسيسى قال أخبرنا الامام أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمرى رضى الله عنه.
رويناه عنه بهذا السند ورحمهم الله تعالى أجمعين ونفعنا ببركاتهم.
وكاتب الاحرف الفقير أبو بكر بن أبى الفتح الدلجى قرأه على المذكور في ا لدرس.(2/448)
وجاء في خاتمة أقدم نسخة صححنا عليها من نسخ الخزانة التيمورية ودار الكتب المصرية ما يأتي: آخر كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
وكان الفراغ من كتابتها يوم الجمعة ضحى عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة على يد الفقير إلى عفو الله تعالى وغفرانه حسين بن شبل بن ابراهيم بن على بن حسن الشافعي عفا الله تعالى عنه بمنه وكرمه وغفر له ولوالديه.
وفى آخرها كتابة بخط البرهان الحلبي الشهير بسبط ابن العجمي تاريخها سنة 825 تفيد قراءة كاتبها حسين بن شبل المذكور لها عليه قراءة صحيحة وأنه جازه بها وبسائر ما تجوز له روايته.
والحواشي التى علقتها مقتبسة من (الاقتباس لحل مشكل سيرة ابن سيد الناس للجمال بن عبد الهادي) ولم يغتنى عن المراجعة والاستدراك عليه في كثير من المواطن.
* * * تم طبع الكتاب والحمد لله(2/448)