دور علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -
في غزوات وسرايا النبي - صلى الله عليه وسلم -
« دراسة تاريخية توثيقية »
د. عبدالعزيز سليمان السلومي
الجامعة الإسلامية، قسم التاريخ
مقدمة
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن التاريخ الإسلامي فيه صفحات مشرقة، ومواقف عظيمة لصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومن هؤلاء الصحابة الكرام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كانت له مواقف عظيمة في تاريخ الإسلام منذ أسلم - رضي الله عنه - وقد دُوِّنَت هذه المواقف في كتب السير، والمغازي، والتاريخ، والحديث ونحوها،وكثير من الدراسات الحديثة عن الخلفاء الراشدين؛ ركّزت على مرويات خلافة علي - رضي الله عنه - ، والأحداث التي وقعت في عهده؛ وخاصة أحداث الفتن، وقد أردت بهذا البحث دراسة جانب من المواقف العظيمة لعلي في عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا الجانب هو الحوادث التاريخية المتعلقة بعلي - رضي الله عنه - ؛ الواردة في غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - وسراياه، وهي دراسة تحليلية .
ويتلخص منهجي في هذا البحث فيما يلي:
1-جمع الروايات المختلفة في الحادثة الواحدة من مصادر السيرة والحديث وغيرهما.
2-محاولة الجمع بين الروايات المختلفة في الحدث الواحد. وخاصة بين رواية المحدثين ورواية الإخباريين .
3-إذا لم يمكن الجمع بين الروايات المختلفة حاولت الترجيح بحسب الاستطاعة.
الحوادث غير القتالية لعلي - رضي الله عنه - في المغازي والسرايا
كلف النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بأن يحمل راية الجيش في أكثر من غزوة.
غزوة بدر الأولى:
ذكرابن سعد غزوة بدر الأولى، وقال في سياقه للغزوة: ( وحمل لواءه علي بن أبي طالب وكان لواءً أبيض..) (1) .
__________
(1) الطبقات الكبرى 2/9.(1/1)
وقال البيهقي في سياق الغزوة: (.. وكان حامل لوائه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ..)، وصرّح بأنه نقل ذلك عن الواقدي (1) ، وذكر نحو ذلك ابن سيد الناس (2) ، وابن القيم (3) وغيرهما.
غزوة بدر الكبرى:
ذكر ابن إسحاق في سياقه لأحداث غزوة بدر الكبرى؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع اللواء إلى مصعب بن عمير، ثم قال ما نصه: (... وكان أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - رايتان سوداوان إحداهما مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، يقال لها: العقاب والأخرى مع بعض الأنصار...) (4) .
ثم قال ابن هشام: (... وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ ) (5) .
وقد تابع ابن إسحاق فيما ذهب إليه عددٌ من أهل السير؛ منهم الطبري (6) ،وابن عبد البر (7) ، وابن حزم (8) ، وابن كثير (9) وغيرهم.
أمّا الواقدي فقد ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقد ثلاثة ألوية في بدر، لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ (10) .
ولم أقف على من تابع الواقدي فيما ذهب إليه إلا تلميذه ابن سعد (11) .
وقد ذكر ابن سيد الناس القولين (12) ، ولم يرجح بينهما، والذي يظهر أن جمهور أهل السير أخذوا بما ذكره ابن إسحاق فيما يتعلق بحمل علي - رضي الله عنه - لإحدى الرايتين والله أعلم.
__________
(1) دلائل النبوة 3/16، ولم أقف عليه في كتاب المغازي للواقدي 1/12.
(2) عيون الأثر 1/301.
(3) زاد المعاد 3/166.
(4) سيرة ابن هشام 1/612-613.
(5) سيرة ابن هشام 1/613.
(6) تاريخ 2/431.
(7) الدرر، ص102.
(8) جوامع السيرة، ص84.
(9) البداية 5/64-65.
(10) المغازي 1/85.
(11) الطبقات الكبرى 2/14.
(12) عيون الأثر 1/326.(1/2)
غزوة قرقرة الكُدر (1) :
ذكر ابن سعد في سياق هذه الغزوة ما نصه: (.. وكان الذي حمل لواءه - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب..) (2) ، وذكر نحو ذلك عدد من أهل السير، مثل الطبري (3) ،وابن سيد الناس (4) ،والصالحي (5) وغيرهم.
غزوة أحد:
ذكر الواقدي في بداية سياقه لأحداث غزوة أحد روايتين فيمن كلّفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بحمل لواء المهاجرين؛ الأولى تفيد أن حامله علي - رضي الله عنه - ، والثانية أنه مصعب بن عمير، وقد ساقها الواقدي بلفظ (ويقال) (6) .
وأما ابن إسحاق فذكر في بداية سياقه للغزوة ما نصه: (ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير أخي بني عبدالدار..) (7) ، ولا منافاة بين القولين فكلاهماحمل اللواء في غزوة أحد، فمصعب بن عمير حمله أولاً، ثم بعد مقتله حمله علي - رضي الله عنه - بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،بدليل ما ورد عند ابن إسحاق عند حديثه عن مقتل مصعب حيث قال: (.. فلما قتل مصعب بن عمير، أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللواء علي بن أبي طالب..) (8) ، وذكر خليفة بن خياط بسنده عن سعيد بن المسيب قال: (.. واللواء مع مصعب بن عمير أخي بن عبد الدار بن قصي، فقُتِل فأعطاه نبي الله علياً...) (9) .
وذكرنحو ذلك ابن عبدالبر (10) ، وابن حزم (11) ، وابن القيم (12) وغيرهم.
غزوة حمراء الأسد:
__________
(1) قرقرة الكُدر: وهي بناحية معدن بن سليم قريب الأرحضية، وراء سد معونة، وبين المعدن وبين المدينة ثمانية برد. طبقات ابن سعد 2،31، وانظر المعالم الأثيرة في السنة والسيرة محمد محمد حسن شراب، ص223-224.
(2) الطبقات الكبرى 2/31.
(3) تاريخ 2/482-483.
(4) عيون الأثر 1/391.
(5) سبيل الهدى والرشاد 4/255.
(6) المغازي 1/215.
(7) سيرة ابن هشام 2/66.
(8) سيرة ابن هشام 2/73.
(9) تاريخ خليفة، ص67.
(10) الدرر، ص149.
(11) جوامع السيرة، ص128.
(12) زاد المعاد 3/197.(1/3)
ذكر الواقدي عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بلوائه وهو معقود لم يحل من الأمس (1) ، فدفعه إلى علي وذكر رواية ثانية بلفظ ويقال: إنه دفعه إلى أبي بكر (2) .
وقد تابع ابن سعد شيخه فيما ذكر من الروايتين (3) ،وذكر نحو ذلك ابن سيد الناس (4) والصالحي (5) .
قلت: ولعل رواية دفعه إلى علي أقرب، بقرينة أن اللواء كان بيده في وقعة أحد، وغزوة حمراء الأسد هي امتداد لغزوة أحد، كما هو معلوم عند أهل السير والله أعلم.
غزوة بني قريظة:
ذكر ابن إسحاق في سياقه لغزوة بني قريظة ما يفيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمره جبريل عليه السلام بعد غزوة الخندق؛ بالخروج إلى بني قريظة لغدرهم، وخيانتهم، ونقضهم للعهد، أمر عليه الصلاة والسلام علياً أن يتقدم أمامه بالراية إلى بني قريظة، فسار علي بالراية حتى دنا من حصون القوم، فسمع مقالة قبيحة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرجع حتى لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالطريق، فقال: يا رسول الله لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخباث قال: ولِمَ؟ أظنك سمعت منهم لي أذى؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا.. (6) .
وتفيد رواية الواقدي أن علياً غرز الراية عند أصل الحصن، حتى لحق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآه علي أمر أبا قتادة أن يلزم اللواء، ورجع هو فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما سمع من يهود... (7) .
__________
(1) أي بعد وقعة أحد.
(2) المغازي 1/336.
(3) الطبقات 1/49.
(4) عيون الأثر2/6.
(5) سبل الهدى 4/440.
(6) سيرة ابن هشام 2/234.
(7) المغازي 2/499.(1/4)
وما ذكره ابن إسحاق أمرٌ مجمع عليه بين أهل السير، فقد ذكره ابن عبدالبر (1) ، وابن حزم (2) ، وابن القيم (3) ، وابن كثير (4) ، وابن سيد الناس (5) ، وابن حجر (6) وغيرهم.
غزوة خيبر :
روى البخاري عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم خيبر: ((لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يده، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله))، قال: فبات الناس يدوكون (7) ليلتهم أيهم يعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،(كلهم يرجو أن يعطاها)، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال: فأرسلوا إليه فأُتيَ به فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه، ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية.. الحديث (8) ، وأخرج حديث سهل بن سعد مسلم (9) ، وأحمد (10) ،والنسائي (11) ، وغيرهم.
__________
(1) الدرر، ص178.
(2) جوامع السيرة ص153.
(3) زاد المعاد 3/133.
(4) البداية 6/67.
(5) عيون الأثر 2/50.
(6) فتح الباري 7/413.
(7) يدوكون : جاء في القاموس المحيط - (ج 3 / ص 27) داكَهُ دَوْكاً ومَداكاً سَحَقَهُ، و القَوْمُ وقَعوا في اخْتِلاطٍ، ومَرِضوا، وتَداوَكوا: تَضايَقوا في ذلك.
(8) صحيح البخاري مع الفتح باب غزوة خيبر 7/476.
(9) صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة 4/1872.
(10) المسند 5/333.
(11) السنن الكبرى 7/310-311.(1/5)
قلت: ولا يشكل على هذا ما ذكره ابن هشام في بداية سياقه لأحداث غزوة خيبر حيث قال: (واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي، ودفع الراية إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكانت بيضاء) (1) ، حيث يفيد ظاهر السياق أن الراية دفعت إلى علي من أول الأمر فيقال: إن كلا الأمرين وقعا لعلي حيث استلم الراية في أول الأمر، ثم لما عسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قريباً من حصون خيبر رُكِّزت الراية هناك، فتداولها علي وغيره، ثم استقرت في يد علي حتى فتحت خيبر، بدليل ما ذكره ابن إسحاق بسنده عن سلمة بن عمرو بن الأكوع قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر - رضي الله عنه - برايته -وكانت بيضاء فيما قال ابن هشام-إلى بعض الحصون، فقاتل فرجع ولم يك فتح وقد جهد، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقاتل ثم رجع ولم يك فتح وقد جهد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأعطين الراية غداً رجل يحب الله ورسوله الحديث (2) .
وذكر نحوه الحاكم مختصراً وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) (3) .
وذكره البيهقي (4) ، وابن كثير (5) . وبهذا يتضح أنه لا منافاة بين ما ذكره ابن هشام وما ورد في رواية المحدّثين والله أعلم.
غزوة فتح مكة :
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/328.
(2) سيرة ابن هشام 2/334.
(3) المستدرك 3/37.
(4) دلائل النبوة 4/209-211.
(5) البداية 6/263-264.(1/6)
ذكر ابن إسحاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كَدَاء (1) ، فلما توجه داخلاً قال: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة، فسمعها رجل من المهاجرين، قال ابن هشام: وهو عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : ((أدركه فخذ الراية منه فكن أنت الذي تدخل بها)) (2) .
وقد ورد في صحيح البخاري ما يفيد أن سعد بن عبادة كان معه راية الأنصار، فقال لأبي سفيان عند استعراض الجيش: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الكعبة، فلما مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة، قال: ما قال؟ قال: كذا وكذا فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة..)) (3) .
ورواية البخاري أصح مما ورد عند ابن إسحاق، ولكن لم يرد فيها مسألة نزع الراية من سعد وإعطائها علياً - رضي الله عنه - ، ولكن الحافظ ابن حجر ذكر نص ابن إسحاق وجملة من النصوص الأخرى تفيد ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن راية الأنصار نزعت من سعد، وأعطيت لعلي.
القول الثاني: أن الراية نزعت من سعد، وأعطيت لابنه قيس بن سعد.
القول الثالث: أن الراية نزعت من سعد، وأعطيت للزبير.
__________
(1) كَدَاء: -بالفتح والمد- المعروف اليوم بـ«ريع الحجون» يدخل طريقه بين مقبرتي المعلاة ويفيض من الجهة الأخرى إلى حي العتيبية وجرول. المعالم الأثيرة ص230.
(2) سيرة ابن هشام 2/406-407.
(3) الصحيح مع الفتح 8/6.(1/7)
قال الحافظ: (فهذه ثلاثة أقوال فيمن دفعت إليه الراية التي نزعت من سعد، والذي يظهر في الجمع بينها أن علياً أُرسل بنزعها، وأن يدخل بها، ثم خشي أن يتغير خاطر سعد فأمر بدفعها لابنه قيس، ثم إن سعداً خشي أن يقع من ابنه شيء ينكره النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذها منه فحينئذ أخذها الزبير) (1) .
قلت: وهذا جمع حسن من الحافظ ابن حجر رحمه الله بين النصوص المختلفة، والجمع مقدم على الترجيح كما هو معلوم.
ذكر ابن إسحاق خبراً طويلاً في أحداث غزوة العشيرة؛ يفيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد علياً - رضي الله عنه - نائماً، وقد أصابه التراب هو وعمار بن ياسر، فأقامهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لعلي: ((مالك يا أبا تراب))، ثم قال ابن إسحاق: وقد حدّثني بعض أهل العلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما سمَّى علياً أبا تراب، أنه إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلمها ولم يقل لها شيئاً تكرهه، إلا أنه يأخذ تراباً فيضعه على رأسه قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى عليه التراب، عرف أنه عاتب على فاطمة، فيقول: مالك يا أبا تراب؟.
قال ابن إسحاق: فالله أعلم أي ذلك كان (2) .
قلت: ورد في صحيح البخاري ما يفيد أن علياً دخل على فاطمة، ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول: اجلس يا أبا تراب مرتين (3) .
__________
(1) فتح الباري 8/8-9.
(2) سيرة ابن هشام 1/599-600.
(3) صحيح البخاري مع الفتح 7/70.(1/8)
فرواية البخاري تفيد أن التكنية وقعت في المدينة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث رواية ابن إسحاق التي ذكرها في غزوة العشيرة ثم قال: (.. وهذا إن ثبت حمل على أنه خاطبه بذلك في هذه الكائنة الأخرى) (1) .
قلت: ومسلك ابن حجر هنا في الجمع بين الروايتين؛ أولى من ترجيح إحداهما على الأخرى، كما ذهب إلى ذلك ابن القيم في الهدي (2) ، إذ لا مانع من تكرار مثل هذا الأمر والله أعلم.
ذكر ابن إسحاق في بداية سياقه لأحداث غزوة بدر الكبرى ما نصه: (.. فكانت إبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ سبعين بعيراً، فاعتقبوها، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً..) (3) وقد ذكر نحو ذلك جمهور أهل السير مثل الواقدي (4) ، والبيهقي (5) ، وابن عبدالبر (6) ، وابن حزم (7) ، وابن القيم (8) ، وغيرهم.
ويشهد لما ذهب إليه جمهور أهل السير؛ ما ورد عند أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: كنا يوم بدر ثلاثة على بعير، كان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث (9) .
قلت: ويلاحظ هنا في رواية الإمام أحمد أن الزميل الثالث للرسول وعلي هو أبو لبابة، وليس مرثداً كما في رواية جمهور أهل السير.
والجواب عن هذا ما ذكره ابن كثير حيث قال: (ولعل هذا قبل أن يردّ أبا لبابة من الروحاء، ثم كان زميله علياً ومرثداً بدل أبي لبابة والله أعلم) (10) .
__________
(1) فتح الباري 7/72.
(2) زاد المعاد 3/166-167.
(3) سيرة ابن هشام 1/613.
(4) المغازي 1/24.
(5) دلائل النبوة 3/306.
(6) الدرر، ص103.
(7) جوامع السيرة، ص85.
(8) زاد المعاد 2/171.
(9) المسند 1/411.
(10) البداية 5/66.(1/9)
قلت: ذكر أهل السير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لما وصل إلى الروحاء في طريقه إلى بدر، ردّ أبا لبابة واستعلمه على المدينة، ذكر ذلك ابن إسحاق وغيره (1) .
في غزوة بدر :
ذكر ابن إسحاق في سياقه لغزوة بدر الكبرى، ما يفيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لما اقترب من بدر بعث علياً والزبير وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له، فأصابوا راوية لقريش (2) .
وقد ذكر الواقدي هذه الطليعة الاستكشافية، وصرح باسم رجل رابع وهو بسبس بن عمرو (3) ، وقد ذكر خبر هذه الطليعة ابن سعد (4) ، وابن عبد البر (5) ،والبيهقي،وغيرهم.. وقد ورد أصل هذا الخبر عند مسلم من حديث أنس (6) ، وعند أحمد من حديث علي (7) .
في غزوة الفتح :
لما عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - على فتح مكة؛ وأخذ في الاستعداد للتحرك، وحرص على كتمان الأمر لكي لا يصل الخبر إلى أهل مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المسير إليهم، وأعطى الكتاب امرأة، وجعل لها جُعلاً على أن تبلغه قريشاً، فجعلته في رأسها، ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به، وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام -رضي الله عنهما- فقال: أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى قريش، يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم، فخرجا حتى أدركاها بالخليقة (8) ،
__________
(1) سيرة ابن هشام 1/611، الطبقات الكبرى 1/12.
(2) سيرة ابن هشام 1/616.
(3) المغازي 1/51.
(4) الطبقات 2/15.
(5) الدرر، ص103-104.
(6) صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير 3/1403.
(7) المسند 1/117.
(8) الخليقة: منزل على اثني عشر ميلاً عن المدينة بينها وبين ديار سُليم. المغانم المطابة للفيروز آبادي 2/782.
قال السمهودي: (قلت: وهي معروفة اليوم في درب المشيان وهي خليقة عبد الله..) وفاء الوفا 2/1203.
قلت: وأما قوله في رواية البخاري «حتى تأتوا روضة خاخ» فإن روضة خاخ قريبة من الخليقة كما ذكر السمهودي. انظر وفاء الوفا 2/1198. فلا تعارض في تحديد المكان الذي وُجدت فيه المرأة.(1/10)
خليقة بني أبي أحمد، فاستنزلاها فالتمسا في رحلها، فلم يجدا شيئاً، فقال لها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : إني أحلف بالله ماكذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا كذبنا، ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك، فلما رأت الجِدَّ منه قالت: أعرض فأعرض، فحلَّت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليه فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . الحديث (1) .
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/398.(1/11)
هذا ما تفيده رواية ابن إسحاق في سياقه لغزوة الفتح، وهو يفيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّف علياً والزبير بطلعة تتبعية خلف المرأة، والقبض عليها من أجل عدم تسرب الخبر إلى كفار مكة، وقد قام علي والزبير بهذه المهمة أتم قيام، وقد ذكر البخاري الخبر في باب غزوة الفتح وورد فيه: أن مع علي والزبير المقداد (1) ، وأيضاً ذكره البخاري في باب غزوة بدر وورد فيه: أن معهم أبا مرثد الغنوي (2) ، قال الحافظ ابن حجر في شرح حديث باب غزوة الفتح قوله: (بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد) كذا في رواية عبيد الله بن أبي رافع، وفي رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن علي كما تقدم في فضل من شهد بدراً (بعثني وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام)، فيحتمل أن يكون الثلاثة كانوا معه، فذكر أحد الراويَيْن عنه ما لم يذكره الآخر، ولم يذكر ابن إسحاق مع علي والزبير أحداً، وساق الخبر بالتثنية قال: (فخرجا حتى أدركاها فاستنزلاها..إلخ)، فالذي يظهر أنه كان مع كل منهما آخر تبعاً له (3) .. وقد ورد هذا الحديث عند مسلم (4) وأحمد (5) ، والترمذي (6) وغيرهم، وذكره من أهل السير :الطبري (7) ، وابن عبد البر (8) ، وابن حزم (9) ، وابن الأثير (10) ، وابن كثير (11) وغيرهم.
__________
(1) الصحيح مع الفتح 7/519.
(2) الصحيح مع الفتح 7/304.
(3) فتح الباري 7/530.
(4) صحيح مسلم، باب فضائل أهل بدر 4/1941.
(5) المسند 1/79-80.
(6) السنن، كتاب التفسير 5/409.
(7) تاريخ 3/48.
(8) الدرر، ص213.
(9) جوامع السيرة، ص178.
(10) الكامل 2/162.
(11) البداية 6/52.(1/12)
عندما عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - على المسير إلى غزوة تبوك خلَّف علياً على أهله وآل بيته، وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلَّفه إلا استثقالاً له، وتخففاً منه، فلما سمع علي - رضي الله عنه - مقالتهم أخذ سلاحه ولحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو نازل بالجرف فقال: يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلَّفتني أنك استثقلتني، وتخففت مني فقال: ((كذبوا ولكنني خلَّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي))، فرجع علي إلى المدينة (1) .
هذا الخبر يفيد أن علياً تخلف عن غزوة تبوك، بإشارة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وتنفيذاً لأمره، ليقوم على شؤون آل النبي - صلى الله عليه وسلم - وشؤون أهله، فله أجر من حضر الغزوة بنيته، وله أجر تنفيذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبقاء في المدينة، وقد ورد هذا الحدث عند البخاري (2) ، ومسلم (3) والنسائي (4) والترمذي (5) وغيرهم، وهذا من مناقبه العظيمة، ولذلك ذكره أهل الحديث في مناقب علي - رضي الله عنه - .
الحوادث غير القتالية التي وقعت لعلي - رضي الله عنه - أثناء المعارك أو بعدها
وقع لعلي - رضي الله عنه - أثناء خروجه مع النبي - صلى الله عليه وسلم - للغزو عدد من الأحداث التي لاتتعلق بالقتال ، وذلك كما يلي:
أحداث غزوة أحد :
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/520.
(2) الصحيح مع الفتح 7/71.
(3) صحيح مسلم، باب فضائل علي 4/1870.
(4) السنن الكبرى، فضائل علي 7/207.
(5) السنن كتاب المناقب 5/638.(1/13)
ذكر ابن هشام أن أبا عامر الفاسق قام قبل معركة أحد بحفر حُفَرٍٍٍ كيداً للمسلمين، فبينما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منشغلاً بأحداث المعركة، وقع عليه الصلاة والسلام بإحدى هذه الحفر؛ فأخذ علي بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائماً (1) ، وهذا يدل على ملازمة علي وطلحة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومراقبتهما له وحرصهما عليه، وانضمّ إليهما أبو بكر وعمر والزبير وغيرهم رضي الله عنهم، ونهضوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشعب (2) ، وذكر الواقدي خبر الحفر، وتفيد روايته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان واقفاً على بعضها ولا يشعر بها، مما يدل على أنها كانت مغطاة تغطية خفيفة، ولا يشعر بها إلا بعد السقوط فيها، وذكر أن طلحة حمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ورائه، وعلي أخذ بيده حتى استوى قائماً (3) ، وذكر نحو ذلك ابن حزم (4) ، وابن القيم (5) ،والصالحي (6) ،وغيرهم من أهل السير.
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/80.
(2) سيرة ابن هشام 2/83.
(3) المغازي 1/244.
(4) جوامع السير، ص129.
(5) زاد المعاد 3/197.
(6) سبل الهدى 4/295.(1/14)
أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جراحات عدة في غزوة أحد، حتى قال عليه الصلاة والسلام: ((اشتد غضب الله على قوم دمّوا وجه نبي الله)) (1) ، ولذلك لما سئل سهل بن سعد عن جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومن كان يسكب الماء وبما دُووِيَ قال: كانت فاطمة عليها السلام بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغسله، وعلي يسكب الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة؛ أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم، وقد كانت إصابات النبي - صلى الله عليه وسلم - شديدة فقد كسرت رباعيته وجرح وجهه وكسرت البيضة على رأسه (2) .
و ورد في سيرة ابن هشام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى إلى فم الشعب خرج علي بن أبي طالب حتى ملأ درقته (3) ماء من المهراس (4) ، فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشرب منه، فوجد له ريحاً فعافه، فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدم (5) ، و ذكر الواقدي (6) ، وابن سعد (7) ،وابن سيد الناس (8) وغيرهم؛ ما قام به علي من صب الماء على جراحات النبي - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) الصحيح مع الفتح 7/372.
(2) الصحيح مع الفتح 7/372.
(3) الدرقة: الجحفة، القاموس المحيط 3/238.
(4) المهراس: -بكسر الميم- حجر مستطيل ينقر ويدق فيه ويتوضأ منه. المصباح المنير، ص637.
(5) سيرة ابن هشام 2/85.
(6) المغازي 1/249-250.
(7) الطبقات 2/48.
(8) عيون الأثر 1/420.(1/15)
لما وضعت الحرب أوزارها في غزوة أحد، وتجهَّز المشركون للرجوع، بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً في آثار القوم، وقال له: انظر ماذا يصنعون وما يريدون، فإن كانوا قد جنّبوا الخيل وامتطوا الإبل، فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل، فإنهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لأسيرن إليهم فيها، ثم لأناجزنهم، قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنّبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة (1) .
هكذا ورد في رواية ابن إسحاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث علياً خلف القوم، وتبع ابن إسحاق عددٌ من أهل السير مثل: الطبري (2) ، وابن الأثير (3) ، وابن القيم (4) ، وابن كثير (5) وغيرهم.
وقد زاد الطبري بسنده ما يفيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر علياً أن يخفي الجواب في كلا الحالتين، قال علي: فلما رأيتهم قد توجهوا إلى مكة، أقبلت أصيح ما أستطيع أن أكتم الذي أمرني به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ،لما بي من الفرح إذ رأيتهم انصرفوا إلى مكة عن المدينة.
وأما الواقدي فذكر أن الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف القوم: هو سعد بن أبي وقاص (6) ، وذكر البيهقي مثل ذلك عن عروة بن الزبير (7) ، وأما ابن سيد الناس (8) ، والصالحي (9) ،فذكرا القولين ولم يرجحا بينهما.
قلت: يمكن الجمع بين القولين بأن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث علياً أولاً، ثم بعث سعد ثانياً، والله أعلم.
(10)
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/94.
(2) تاريخ 2/527.
(3) الكامل 2/111.
(4) زاد المعاد 3/241.
(5) البداية 5/421.
(6) المغازي 1/298.
(7) دلائل النبوة 3/282.
(8) عيون الأثر 1/425.
(9) سبل الهدى والرشاد 4/325.
(10) حسمى: -بالكسر ثم السكون آخره ألف-: من سلسلة جبال شرقي الأردن وتقع جنوبي جبال الشراة وتمتد حتى حدود الحجاز، المعالم الأثيرة، ص100.(1/16)
قام نفر من جذام بالاعتداء على دحية الكلبي رسول رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عند رجوعه من مقابلة قيصر، فقطعوا عليه الطريق وسلبوا متاعه، فلما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبره بذلك، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة في خمسمائة رجل وردّ معه دحية، فسار زيد حتى هجم على القوم، فأغاروا عليهم فقتلوا فيهم، وأغاروا على ماشيتهم ونعمهم ونسائهم، فرحل زيد بن رفاعة الجذامي في نفر من قومه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدفع إليه كتابه الذي كان كتب له ولقومه ليالي قدم عليه وأسلم، وقال: يا رسول الله لا تحرّم علينا حلالاً ولا تحل لنا حراماً قال: فكيف أصنع بالقتلى؟ قال أبو زيد (1) بن عمرو: أطلق لنا يا رسول الله من كان حياً ومن قُتل فهو تحت قدمي هاتين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدق أبو زيد، فبعث معهم علي بن أبي طالب إلى زيد بن حارثة يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم، وتوجه علي ولقي رافع بن مكيث الجهني بشير زيد بن حارثة على ناقة من إبل القوم فردها علي على القوم، ولقي علي زيد بن حارثة بالفحلتين (2) ، فأبلغه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردّ إلى الناس كل ما أخذ منهم (3) .
هذا ملخص ما ذكره الواقدي من دَوْر علي - رضي الله عنه - في هذه السرية، حيث قام بما أوصاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورد إلى القوم ما أُخذ منهم، وقد ذكر ذلك أيضاً عدد من أهل السير مثل ابن سعد (4) ، وابن الأثير (5) ، وابن سيد الناس (6) وغيرهم.
__________
(1) أبو زيد بن عمرو وهو أحد النفر الذين قدموا مع زيد بن رفاعة كما في رواية الواقدي، المغازي 2/555.
(2) الفحلتين: وهي بين المدينة وذي المروة. الطبقات الكبرى لابن سعد 2/88.
(3) المغازي للواقدي 2/555-560.
(4) الطبقات الكبرى 2/88.
(5) الكامل 2/141.
(6) عيون الأثر 2/103-104.(1/17)
لما نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الحديبية، أرسلت قريش رسلاً من قِبَلِها للتفاوض معه - صلى الله عليه وسلم - ، وكان آخرهم سهيل بن عمرو، فلما رآه الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقبلاً قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فلما انتهى سهيل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، تكلم فأطال في الكلام وتراجعا، ثم جرى بينهم الصلح، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب فقال: ((اكتب بسم الله الرحمن الرحيم)) قال: فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((اكتب باسمك اللهم)). فكتبها ثم قال: ((اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو))، قال: فقال سهيل: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله سهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن فيهنّ الناس، ويكفّ بعضهم عن بعض،على أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه..)) الخ الحديث (1) .
هذه رواية ابن إسحاق، وهي صريحة بأن كاتب الصلح هو علي بن أبي طالب، ثم ذكر ابن إسحاق أن علياً هو أحد الشهود على هذا الكتاب (2) .
وقد ورد في صحيح البخاري ما يؤيد ما ذكره ابن إسحاق، حيث روى البخاري عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية كتب علي بن أبي طالب بينهم كتاباً.. الحديث (3) ، وأخرجه مسلم أيضاً عن البراء (4) بن عازب.
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/316-317.
(2) سيرة ابن هشام 2/319.
(3) صحيح البخاري مع الفتح كتاب الصلح 5/303.
(4) صحيح مسلم، كتاب الجهاد 3/1409-1410.(1/18)
وبهذا يتبين صحة ما ذكره ابن إسحاق من أن كاتب الصلح هو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، وأما كونه أحد الشهود، فقد تابع بعض أهل السير ابن إسحاق فيما ذكر، مثل: الطبري (1) ، وابن كثير (2) وغيرهما. وأما الواقدي (3) ، وابن سعد (4) ، فلم يذكرا عليا ًفي الشهود، ولعل ما ذكره ابن إسحاق يعتبر زيادة مقبولة، خاصة وأن هناك قرينة قوية تدل على هذه الزيادة، وهي أن علياً - رضي الله عنه - هو الكاتب، والله أعلم.
أحداث غزوة الفتح:
لما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة؛ هرب عدد من كفار مكة، خوفاً من المسلمين، فمنهم من خرج خارج مكة، ومنهم من لجأ إلى دور مكة، ومن هؤلاء رجلان من بني مخزوم، قالت أم هانئ بنت أبي طالب: لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعلى مكة، فرَّ إليَّ رجلان من أحمائي من بني مخزوم، قالت: فدخل عليَّ علي بن أبي طالب أخي فقال: والله لأقتلنهما، فأغلقتُ عليهما باب بيتي، ثم جئتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما جاء بك؟ فأخبرتُه خبر الرجلين وخبر علي فقال: قد أَجَرْنا من أَجَرْتِ، وأمّنا من أمّنت، فلا يقتلهما.
هذا ما ذكره ابن إسحاق (5) ، ملخصاً عن موقف علي من هذين الرجلين، وإجارة أم هانئ لهما، وإنفاذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الإجارة.
وقد ورد في صحيح البخاري (6) ، ما يشهد لصحة ما ذكره ابن إسحاق حيث ذكر حديث أم هانئ، وكذلك ورد عند مسلم (7) ، وقد ذكر ابن هشام أن الرجلين هما: الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة (8) ، وذكر ابن عبد البر أنهما أسلما، وكانا من خيار المسلمين (9) .
__________
(1) تاريخ 2/636.
(2) البداية 6/219.
(3) المغازي 2/612.
(4) الطبقات 2/97.
(5) سيرة ابن هشام 2/411.
(6) الصحيح مع الفتح 6/273.
(7) صحيح مسلم 1/498.
(8) سيرة ابن هشام 2/411.
(9) الدرر ص 220.(1/19)
لما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد الحرام، وقام خطيباً على باب الكعبة، وعفا عن كفار قريش، وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء، جلس عليه الصلاة والسلام في المسجد، فقام إليه علي بن أبي طالب، ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أين عثمان بن طلحة؟ فدُعِي له فقال: هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم برّ ووفاء (1) .
هذا ما ذكره ابن إسحاق وتابعه ابن كثير (2) ، وابن القيِّم (3) ، وابن سيِّد الناس (4) وغيرهم، وقد ذكر الحافظ ابن حجر عدّة نصوص (5) تشهد لما ذكره ابن إسحاق، أما الواقدي فذكر هذه الحادثة (6) ، ولكنه ذكر أن الذي طلب المفتاح من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ هو العباس؛وليس علي بن أبي طالب، ولم أقف على من تابع الواقدي في ذلك، ولعلّ الراجح ما ذهب إليه جمهور أهل السير، من أن علياً هو الذي طلب المفتاح طلباً للشرف والفضل، والله أعلم.
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/412.
(2) البداية 6/567-568.
(3) زاد المعاد 3/408.
(4) عيون الأثر 2/199.
(5) فتح الباري 8/18-19.
(6) المغازي 2/835.(1/20)
لما استقر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - المقام في مكة بعد فتحها، بعث عدداً من السرايا حول مكة تدعو إلى الله عزوجل، ولم يأمرهم بقتال، وكان ممن بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فوطئ بني جذيمة وأصاب منهم، وقتل منهم، وانفلت منهم رجل فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره الخبر فقال: ((اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد))، ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، فقال: ((يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم، فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك))، فخرج علي - رضي الله عنه - حتى جاءهم، ومعه مال قد بعث به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوَدَى لهم الدِّماء وماأصيب لهم من الأموال، حتى إنه ليدي لهم ميلغة الكلب، حتى لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه، وبقيت معه بقية من المال، فقال لهم علي - رضي الله عنه - حين فرغ منهم: هل بقي لكم بقية من دم أو مال لم يود لكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية من هذا؛ احتياطاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يعلم ولا تعلمون، ففعل ثم رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخبره الخبر فقال: أصبت وأحسنت... الحديث (1) .
وقد أجمع أهل السير (2) على ما ذكره ابن إسحاق من إرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً إلى بني جذيمة، فقام بإصلاح هذا الأمر بحكمة سديدة وسياسة رشيدة، وأصل هذه الحادثة ذكرها البخاري في صحيحه (3) .
الحوادث القتالية التي وقعت لعلي - رضي الله عنه - في الغزوات والسرايا
حوادث المبارزات
المبارزة يوم بدر :
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/430 بتصرف واختصار.
(2) انظر مثلا: المغازي للواقدي 3/882، وجوامع السيرة لابن حزم ص 185، والدرر لابن عبد البر ص 222.
(3) الصحيح مع الفتح 8/56-57.(1/21)
ذكر ابن إسحاق ما يفيد أنه خرج من المشركين يوم بدر للمبارزة ثلاثة وهم: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فخرج إليهم فتية من الأنصار فقالوا: من أنتم؟ فقالوا: رهط من الأنصار، قالوا: ما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناديهم: يا محمد أَخرِج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي...)) (1) .
وقد استطاع هؤلاء الفرسان الكرام الثلاثة أن يقتلوا خصومهم في مبارزة جرت بين الصفين، فكان ذلك بداية النصر في أول معركة جرت بين المسلمين وكفار قريش.
وقد أجمع أهل السير على ما ذكره ابن إسحاق؛ من مشاركة علي - رضي الله عنه - لصاحبيه في هذه الجولة من جولات هذه المعركة، فذكر ذلك الواقدي (2) ، وابن سعد (3) ، وابن عبد البر (4) ، وابن حزم (5) ، وابن سيد الناس (6) ، وابن كثير (7) ، وابن القيم (8) ، وغيرهم.
ومما يؤيد ما ذهب إليه أهل السير، ما ورد في صحيح البخاري عن علي - رضي الله عنه - قال: «أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة»، قال قيس (9) : وفيهم نزلت: ژ ں ں ? ? ? ژ (10) . قال: هم الذين بارزوا يوم بدر: علي وحمزة وعبيدة، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة (11) .
المبارزة في معركة أحد :
__________
(1) سيرة ابن هشام 1/625 باختصار.
(2) المغازي 1/68-69.
(3) الطبقات الكبرى 2/17.
(4) الدرر ص 105-106.
(5) جوامع السيرة ص 88.
(6) عيون الأثر 1/335-336.
(7) البداية 5/95-96.
(8) زاد المعاد 3/179.
(9) قيس بن عباد راوي الحديث عن علي.
(10) سورة الحج، آية (19) .
(11) صحيح البخاري مع الفتح 8/443-444.(1/22)
خرج طلحة بن أبي طلحة (1) ، وهو حامل لواء المشركين في غزوة أحد، ونادى من يبارز؟ فقال علي - رضي الله عنه - : هل لك في البراز؟ قال طلحة: نعم، فبرزا بين الصفين، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الراية عليه درعان ومغفر وبيضة، فالتقيا فبدره علي فضربه على رأسه، فمضى السيف ففلق هامته حتى انتهى إلى لحيته، فوقع طلحة وانصرف علي - رضي الله عنه - ، فقيل لعلي: ألا ذففت عليه؟ قال: إنه لما صرع استقبلني عورته فعطفني عليه الرحم، وقد علمتُ أن الله تبارك وتعالى سيقتله وهو كبش الكتيبة.
هذا ما ذكره الواقدي (2) في سياقه لروايات غزوة أحد، ثم ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُرَّ بقتل طلحة، وأظهر التكبير، وكبَّر المسلمون، ثم شدّ كتائب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المشركين (3) .
وقد ذكر ابن هشام (4) ، وابن سعد (5) ، وابن سيد الناس (6) وابن كثير (7) ، نحو ذلك.
وجميع الروايات تفيد أن علياً - رضي الله عنه - ، استطاع القضاء على أحد حملة لواء المشركين من خلال هذه المبارزة، ومن ثَمَّ تمّ الهجوم على صفوف الأعداء....
ثم ذكر الواقدي ما يفيد أن علياً - رضي الله عنه - رأى أميّة بن أبي حذيفة مقبلاً دارعاً مقنعاً بالحديد، وهو يقول: يوم بيوم بدر، فاعترضه رجل من المسلمين فقتله أميّة، قال علي: فصمدت له وضربته بسيفي على هامته فنبا سيفي، وكنت رجلاً قصيراً ويضربني بالسيف فأتقي بالدّرقة فلحج سيفه، فأضربه فأقطع رجليه، وأخذ يناوشني رجليه، وهو بارك على ركبتيه حتى نظرت إلى فتق تحت إبطيه فأخش بالسيف فيه حتى مات (8) .
__________
(1) في رواية ابن هشام ورد هكذا «أبو سعد بن أبي طلحة»، وذكر في ص 127 أن الذي قتله علي «طلحة بن أبي طلحة».
(2) المغازي /225-226.
(3) المغازي /226.
(4) سيرة ابن هشام 2/73-74.
(5) الطبقات 2/40.
(6) عيون الأثر 1/415.
(7) البداية 5/368.
(8) المغازي 1/279 بتصرف واختصار يسير.(1/23)
وهذه الرواية تفيد أن علياً - رضي الله عنه - بارز أكثر من واحد في غزوة أحد.
في غزوة الأحزاب :
ذكر ابن إسحاق في سياقه لروايات غزوة الأحزاب، ما يفيد أن عدداً من فرسان المشركين تيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق، فضربواخيلهم فاقتحمت منه، ومن هؤلاء الفرسان عكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي وهب، وعمرو بن عبد ودّ وغيرهم، وجالت بهم الخيل في السَّبخة بين الخندق وسلع، فقام علي - رضي الله عنه - في نفر من المسلمين، وأخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموا منها خيلهم، فأقبل الفرسان نحوهم وقال عمرو بن عبد ودّ: من يبارز؟ فبرز له علي، فقال له: يا عمرو إنك كنت قد عاهدت الله ألاّ يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلّتين إلاّ أخذتها منه، قال له: أجل، قال له علي: فإني أدعوك إلى الله ورسوله، قال: لا حاجة لي بذلك، قال: فإني أدعوك إلى النزال، فقال له: لِمَ يا ابن أخي؟ فو الله ما أحب أن أقتلك، قال له علي: لكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو عند ذلك، فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على علي فتنازلا، فقتله علي - رضي الله عنه - ، وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة (1) .
وقد ذكر الواقدي (2) هذه الحادثة بسياق أطْوَل مما ذكره ابن إسحاق، وأجمع أهل السير (3) على ذكر هذه الحادثة لعلي - رضي الله عنه - ، وقضائه على فارس من فرسان المشركين في غزوة الخندق.
في غزوة خيبر :
لما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية علياً في خيبر، تقدَّم بها فخرج مرحب اليهودي فقال:
قد علمَتْ خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فنزل إليه علي وهو يقول:
أنا الذي سمَّتني أمي حيدرة ... كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السَّندره
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/224-225.
(2) المغازي 2/470.
(3) انظر مثلا: الطبقات لابن سعد 2/68، البداية لابن كثير 6/40-41.(1/24)
فضرب علي رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يده، هذا ما تفيده رواية الإمام مسلم (1) ، والبيهقي (2) ، وغيرهما، وأما ابن إسحاق (3) فذكر في روايته أن الذي بارز مرحباً هو محمد بن مسلمة، وقد أخرج رواية ابن إسحاق الإمام أحمد (4) ، والحاكم (5) وغيرهما.
وقد روى الواقدي ما يفيد أن علياً - رضي الله عنه - هوالذي خرج إلى مرحب فقتله، ثم روى ما يفيد أن محمد بن مسلمة هو الذي خرج إلى مرحب، وبعد المبارزة قطع محمد رجلي مرحب، ومرّ به عليٌّ فضرب عنقه (6) ، فإن ثبت ما ذكره الواقدي هنا فإنه يدل على أن كلا الصحابيين اشتركا في قتله، وإلا فما ورد في الصحيح مقدَّم على غيره.
وذكر الواقدي أن ياسر اليهودي خرج إلى المبارزة بعد مقتل مرحب، فخرج إليه عليٌ، فقال له الزبير: أقسمت عليك إلا خليت بيني وبينه، ففعل عليٌ فقتله الزبير (7) ، ثم بارز عامر اليهودي يخطر بسيفه وعليه درعان مقنع بالحديد يصرخ من يبارز؟ فأحجم الناس عنه فبرز إليه عليٌ - رضي الله عنه - فضربه ضربات كل ذلك لا يصنع شيئاً، حتى ضرب ساقيه فبرك، ثم ذفف عليه فأخذ سلاحه (8) .
وقد ذكر الواقدي بعد خبر مقتل علي لمرحب، أن علياً - رضي الله عنه - لقي رجلاً على باب الحصن، فضرب علياً فاتقاه بالترس، فتناول عليٌ باباً كان عند الحصن فترس به عن نفسه، فلم يزل في يده حتى فتح الله عليه الحصن (9) .
وقد ذكر ابن إسحاق (10) هذه الرواية ونقلها عنه البيهقي (11) ، وابن حجر (12) ، وهي تدل على شجاعته وقوته - رضي الله عنه - ، وهو أمر مشتهر معلوم بين الخاص والعام.
__________
(1) صحيح مسلم كتاب الجهاد 3/1441.
(2) دلائل النبوة 4/208-209.
(3) سيرة ابن هشام 2/333-334.
(4) المسند 3/385.
(5) المستدرك 3/436-437.
(6) المغازي 2/654-656.
(7) المغازي 2/657.
(8) المغازي 2/657.
(9) المغازي 2/655.
(10) سيرة ابن هشام 2/335.
(11) دلائل النبوة 4/212.
(12) فتح الباري 7/478.(1/25)
قتل علي - رضي الله عنه - عدداً من المشركين في غزواته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومن هؤلاء المشركين من قتلهم علي وحده، ومنهم من شارك في قتله، وهذا بيان بأسمائهم ومكان قتلهم:
المشركون الذين قتلهم علي - رضي الله عنه - أو أَسَرهم في غزوة بدر الكبرى :
1-الوليد بن عتبة بن ربيعة، ذكر ابن إسحاق والواقدي أن الذي قتله علي - رضي الله عنه - (1) .
2-العاص بن سعيد بن العاص، ذكر ابن إسحاق والواقدي أن قاتله علي - رضي الله عنه - (2) .
3-عامر بن عبد الله حليف لبني عبد شمس، قتله علي - رضي الله عنه - في رواية ابن إسحاق والواقدي (3) ، وذكر الواقدي رواية أخرى تفيد أن الذي قتله سعد بن معاذ - رضي الله عنه - .
4-طعيمة بن عدي بن نوفل، ذكر ابن إسحاق روايتين فيمن قتله، الأولى: أنه علي - رضي الله عنه - ، الثانية: أنه حمزة - رضي الله عنه - (4) ، وقد جزم الواقدي بالرواية الثانية (5) .
5-نوفل بن خويلد بن أسد، قتله علي - رضي الله عنه - فيما ذكر ابن إسحاق والواقدي (6) .
6-عمير بن عثمان بن عمرو التميمي، ذكر ابن هشام روايتين في قاتله، الأولى: أنه علي - رضي الله عنه - ، والثانية: أنه عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - (7) ، وجزم الواقدي أن الذي قتله علي - رضي الله عنه - (8) .
7 – حرملة بن عمرو، ذكر ابن هشام روايتين في قاتله، الأولى: أنه خارجة بن زيد، والثانية: أنه علي (9) ، وجزم الواقدي بأنه علي (10) .
__________
(1) سيرة ابن هشام 1/709، المغازي 1/148.
(2) سيرة ابن هشام 1/708، المغازي 1/148.
(3) سيرة ابن هشام 1/709، المغازي 1/148.
(4) سيرة ابن هشام 1/709.
(5) المغازي 1/148.
(6) سيرة ابن هشام 1/709، المغازي 1/149.
(7) سيرة ابن هشام 1/710.
(8) المغازي 1/149.
(9) سيرة ابن هشام 1/711.
(10) المغازي 1/150.(1/26)
8 – مسعود بن أبي أمية، قتله علي - رضي الله عنه - كما ذكر الواقدي وابن هشام (1) .
9 – أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، قتله علي - رضي الله عنه - في رواية ابن إسحاق، بينما روى ابن هشام ما يفيد أن قاتله عمار بن ياسر (2) .
10 – حاجب بن السائب بن عويمر، قتله علي كما في رواية ابن إسحاق، والواقدي (3) .
11 – عبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة، قتله علي في رواية ابن هشام وجزم بذلك الواقدي (4) .
12 – العاص بن منبه بن الحجاج قتله علي في رواية ابن هشام، وجزم بذلك الواقدي (5) .
13 – أبو العاص بن قيس بن عدي، ذكر ابن هشام ثلاث روايات فيمن قتله، الأولى: أنه علي، والثانية: النعمان بن مالك القوقلي، الثالثة: أبو دجانة (6) ، قال الواقدي: حدثني أبو معشر عن أصحابه قالوا: قتله علي - رضي الله عنه - (7) .
14 – أوس بن معير بن لوذان بن سعد، ذكر ابن هشام في قاتله روايتين الأولى: أنه علي، الثانية: الحصين بن الحارث بن عبد المطلب وعثمان بن مظعون اشتركا في قتله (8) ، وذكر الواقدي روايتين في قاتله الأولى: قتله عثمان بن مظعون وعلي، والثانية: عثمان بن مظعون (9) .
15 – معاوية بن عامر، ذكر ابن هشام روايتين في قاتله، الأولى: أنه علي، الثانية: عكاشة بن محصن (10) .
16 – زيد بن مليص، مولى عمير بن هشام بن عبد مناف، قتله علي كما جزم بذلك الواقدي (11) .
__________
(1) المغازي 1/11، سيرة ابن هشام 1/711.
(2) سيرة ابن هشام 1/711.
(3) سيرة ابن هشام 1/712، المغازي 1/150، ورد اسمه هكذا (حاجز) ولعله تصحيف.
(4) سيرة ابن هشام 1/711، المغازي 1/150.
(5) سيرة ابن هشام 1/713، المغازي 1/152.
(6) سيرة ابن هشام 1/713.
(7) المغازي 1/152.
(8) سيرة ابن هشام 1/713.
(9) المغازي 1/151.
(10) سيرة ابن هشام 1/713.
(11) المغازي 1/149.(1/27)
17 – يزيد بن تميم التميمي، ذكر الواقدي روايتين في قاتله الأولى: أنه عمار بن ياسر، الثانية: أنه علي (1) .
18 – أبو قيس بن الوليد، قتله علي كما جزم بذلك الواقدي (2) .
19 – منبه بن الحجاج، ذكر الواقدي في قاتله ثلاث روايات الأولى: قتله أبو اليسر، الثانية: أنه علي، الثالثة: أنه أبو أسيد الساعدي (3) .
20 – نبيه بن الحجاج، قتله علي كما ذكر الواقدي (4) .
21 – عمرو بن سفيان، أسره علي كما جزم بذلك الواقدي (5) .
22 – النضر بن الحارث، قتله علي صبراً بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق رجوعه من بدر كما ذكر ذلك ابن إسحاق والواقدي (6) .
23 – عقبة بن أبي معيط، ذكر ابن إسحاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عاصم بن ثابت بقتل عقبة صبراً في طريق رجوعه من بدر، قال ابن هشام: ويقال إن قاتله علي بن أبي طالب، فيما ذكر لي ابن شهاب الزهري، وغيره من أهل العلم (7) .
المشركون الذين قتلهم علي - رضي الله عنه - في غزوة أحد :
1 – طلحة بن أبي طلحة، قتله علي كما ذكر ابن إسحاق والواقدي (8) .
2 – أبو سعيد بن أبي طلحة، ذكر ابن إسحاق أن الذي قتله سعد بن أبي وقاص، قال ابن هشام: ويقال قتله علي بن أبي طالب (9) .
3 – أرطأة بن عبد شرحبيل، قتله علي كما جزم بذلك الواقدي (10) .
4 – صؤاب غلام حبشي لبني عبد الدار، ذكر ابن هشام ثلاث روايات في قاتله الأولى: أنه علي، الثانية: سعد بن أبي وقاص، الثالثة: أبو دجانة (11) .
__________
(1) المغازي 1/150.
(2) المغازي 1/150.
(3) المغازي 1/151.
(4) المغازي 1/151-152.
(5) المغازي 1/139.
(6) سيرة ابن هشام 1/644، المغازي 1/149.
(7) سيرة ابن هشام 1/644.
(8) سيرة ابن هشام 1/127، المغازي 1/307.
(9) سيرة ابن هشام 2/127.
(10) المغازي 1/307.
(11) سيرة ابن هشام 2/128.(1/28)
5 – أبو الحكم بن الأخنس بن شريق، قتله علي كما ذكر ذلك ابن إسحاق والواقدي (1) .
6 – عبد الله بن حميد بن زهير، قتله علي كما جزم بذلك ابن إسحاق (2) .
7 – أبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة قتله علي كما ذكر ابن إسحاق والواقدي (3) .
المشركون الذين قتلهم علي - رضي الله عنه - في غزوة الأحزاب وما بعدها :
1 – عمرو بن عبد ودّ، قتله علي في غزوة الأحزاب كما ذكر ابن إسحاق والواقدي (4) .
2 – نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي، قتل في غزوة الأحزاب، ذكر الواقدي روايتين في قاتله الأولى: أنه الزبير بن العوام، الثانية: أنه علي (5) .
3 – قتْلُه لعدد من أسرى بني قريظة، قال الواقدي في سياقه لغزوة بني قريظة: وكان الذين يلُون قتلهم علي والزبير... (6) .
4، 5 – قال ابن إسحاق في سياقه لغزوة بني المصطلق: وقتل علي بن أبي طالب منهم رجلين، مالكاً وابنه... (7) .
6 – مرحب اليهودي، قتله علي في غزوة خيبر كما ورد في صحيح مسلم (8) .
7 – الحارث أخو مرحب، قتله علي في غزوة خيبر، كما جزم بذلك الواقدي (9) .
8– عامر اليهودي، قتله علي في خيبر، كما جزم بذلك الواقدي (10) .
9– قتْلُه لعدد من يهود خيبر كما تفيد رواية ابن إسحاق (11) .
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/128، المغازي 1/308.
(2) سيرة ابن هشام 2/128.
(3) سيرة ابن هشام 2/128، المغازي 1/308، ورد عنده هكذا: أمية بن أبي حذيفة.
(4) سيرة ابن هشام 2/128، المغازي 2/496.
(5) المغازي 2/496.
(6) المغازي 2/513.
(7) سيرة ابن هشام 2/294.
(8) صحيح مسلم، كتاب الجهاد 3/1441.
(9) المغازي 2/654.
(10) المغازي 2/657.
(11) سيرة ابن هشام 2/335، وقد ذكر الواقدي أنه قُتل في غزوة خيبر من اليهود (ثلاثة وتسعون رجلاً). المغازي 2/700.(1/29)
10– الحويرث بن منقذ، قتله علي في غزوة فتح مكة، كما ذكر ذلك ابن إسحاق، وكان الحويرث أحد النفر الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة (1) .
11– رجل من هوازن حامل رايتهم، اشترك علي ورجل من الأنصار في قتْله، في غزوة حنين كما ذكر ابن إسحاق (2) .
ومما سبق يتبين شجاعة علي - رضي الله عنه - ، حيث قتل عدداً من المشركين نصرة لدين الله عز وجل.
سرية علي - رضي الله عنه - إلى بني سعد بن بكر بفدك :
بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً إلى بني سعد بفدك، في شعبان سنة ست من الهجرة النبوية؛ وسببها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن لبني سعد جمعاً يريدون أن يمدوا يهود خيبر، فبعث إليهم علياً في مائة رجل، فسار الليل وكمن النهار، حتى انتهى إلى الهمج، وهو ماء بين خيبر وفدك، وبين فدك والمدينة ست ليال، فوجدوا عيناً للقوم، فسألوه عن القوم فقال: أخبركم على أنكم تؤمنّوني، فأمنّوه فدلهم، فأغاروا عليهم فأخذوا خمسمائة بعير وألفي شاة، وهربت بنو سعد بالظعن ورأسهم وبر بن عليم، فعزل علي صفيّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوحاً تُدعى الحفدة، ثم عزل الخمس، وقسم سائر الغنائم على أصحابه، وقدم المدينة ولم يلق كيداً.
هذا ما تفيده رواية الواقدي (3) ، وذكر نحو ذلك ابن سعد (4) ، والبيهقي (5) ، وابن كثير (6) وغيرهم من أهل السير.
سرية علي - رضي الله عنه - إلى الفُلْس صنم طيء ليهدمه :
__________
(1) سيرة ابن هشام 2/409، 411.
(2) سيرة ابن هشام 2/445.
(3) المغازي 2/562.
(4) الطبقات 2/89.
(5) دلائل النبوة 4/84-85.
(6) البداية 6/242.(1/30)
بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً سنة تسع من الهجرة إلى الفُلْس، صنم لطيء ليهدمه، ومعه مائة وخمسون رجلاً على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض، فشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر، فهدَّموا الفلس وخرَّبوه وملأوا أيديهم من السبي والنَّعم والشَّاء، وفي السبي أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام، فوُجِد في خزانة الفلس ثلاثة أسياف: رسوب، والمخذم، وسيف يقال له اليماني، وثلاثة أدرع، واستعمل على السبي أبا قتادة، واستعمل على الماشية عبد الله بن عتيك السُّلمي، فلما نزلوا ركك (1) اقتسموا الغنائم، وعزل علي للنبي - صلى الله عليه وسلم - صفياً رسوباً والمخذوم، ثم صار له بعد السيف الآخر، وعزل آل حاتم فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة.
هذا ما تفيده رواية الواقدي (2) ، وابن سعد (3) ،وابن سيد الناس (4) وغيرهم.
سرية علي - رضي الله عنه - إلى اليمن :
__________
(1) ركك: هي محلة من من محال سلمى أحد جبلي طيء. معجم البلدان لياقوت 3/65.
(2) المغازي 3/984.
(3) الطبقات 2/164.
(4) عيون الأثر 2/241.(1/31)
بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنة عشر من الهجرة النبوية في شهر رمضان علياً إلى اليمن، وعقد له لواء وعمَّمه بيده، وقال: امضِ ولا تلتفت، فإذا نزَلْت بساحتهم؛ فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك، فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد، وهي بلاد مذحج، ففرّق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم، ونساء وأطفال، ونَعَمٍ وشاءٍ وغير ذلك، وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي، فجمع إليه ما أصابوا، ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا ورموا بالنبل والحجارة، فصف أصحابه، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السُّلمي، ثم حمل عليهم علي وأصحابه فقتل منهم عشرين رجلاً، فتفرقوا وانهزموا، فكفَّ عن طلبهم ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام وقالوا: نحن على من ورائنامن قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منهاحق الله، وجمع عليّ الغنائم فجزَّأها على خمسة أجزاء، فكتب في سهم منها لله، وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس، وقسم علي على أصحابه بقية المغنم، ثم قفل، فوافى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة قد قدمها للحج سنة عشر من الهجرة.
هذا ما تفيده رواية الواقدي (1) ، وابن سعد (2) ، وابن سيد الناس (3) وغيرهم من أهل السير.
ويتبين مما سبق في مبحث السرايا :
1-أن علياً - رضي الله عنه - استطاع أن يهاجم بني سعد في مكانهم، قبل أن يتحركوا إلى يهود خيبر، ومن ثم أبطل كيدهم، وقطع دابرهم .
2-أن علياً استطاع أن يهدم شعاراً من شعائر الوثنية في الجزيرة العربية، وهو صنم طيء «الفلس».
3-إسلام عدد من أهل اليمن على يد علي - رضي الله عنه - ، بعد مقاومة فاشلة من بعض زعماء اليمن، وكانت خيل علي أوّل خيل دخلت تلك البلاد، كما هو صريح رواية الواقدي.
الخاتمة
__________
(1) المغازي 3/1079.
(2) الطبقات 2/169.
(3) عيون الأثر 2/340.(1/32)
يتبين مما سبق عظم الأعمال، التي قام بها علي - رضي الله عنه - في غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك ما يلي:
1-أنه حمل راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من غزوة، ومن المعلوم أن حامل الراية لابد أن يكون في مقدمة الجيش لشجاعته، وقوته، وفروسيته.
2-أنه بارز في أكثر من غزوة، وكان له جولة النصر على خصومه وأعدائه.
3-أنه قتل عدداً كثيراً من الأعداء في أشهر غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
4-ملازمته للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الغزوات، وحرصه على سلامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أيدي العدو.
5-قيامه بالأعمال التي كلفه بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير قيام، وأكمله، وأتمه إلى آخر المواقف التي سبقت الإشارة إليه في البحث.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
من أهم مصادر البحث
محرم - البداية والنهاية: إسماعيل بن كثير، تحقيق: عبد الله التركي، دار هجر مصر، ط الأولى: 1418هـ.
صفر - تاريخ خليفة بن خياط: تحقيق: د. أكرم العمري، دار طيبة الرياض،ط 2، 1405هـ.
ربيع أول - تاريخ الطبري: محمد بن جرير، تحقيق: محمد أبو الفضل، دار سويدان بيروت.
ربيع ثان - جوامع السيرة: ابن حزم، تعليق: نايف العباس، دار ابن كثير دمشق، ط2،1406هـ.
جمادى أول - الدرر في اختصار المغازي والسير: يوسف بن عبد البر، تحقيق: د. شوقي ضيف، دار المعارف القاهرة، ط الثانية.
جمادى ثان - دلائل النبوة: أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية بيروت.
رجب - الروض الأنف: عبد الرحمن بن عبد الله السهلي، تحقيق: طه عبد الرؤوف، دار المعرفة بيروت، ط 1398هـ.
شعبان - زاد المعاد: لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيِّم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة.
رمضان - سبل الهدى والرشاد: محمد بن يوسف الصالحي، تحقيق: إبراهيم الترزي وإبراهيم العزبادي، القاهرة، ط سنة 1399هـ.(1/33)
محرم شوال - سنن الترمذي تحقيق: أحمد شاكر، مكتبة الحلبي مصر، ط الثانية.
محرم محرم - سنن أبي داود تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي بيروت، 1398هـ.
محرم صفر - سنن ابن ماجه تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي بيروت.
محرم ربيع أول - سنن النسائي، المكتبة العلمية بيروت.
محرم ربيع ثان - السنن الكبرى: أحمد بن شعيب النسائي، إعداد: حسن شلبي، مؤسسة الرسالة بيروت، ط الأولى 1421هـ.
محرم جمادى أول - سيرة ابن هشام تحقيق: مصطفى السقا وزملاؤه، مكتبة الحلبي مصر، ط 2.
محرم جمادى ثان - السيرة النبوية الصحيحة: د. أكرم ضياء العمري، مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة، ط الخامسة 1413هـ.
محرم رجب - صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل، المكتب الإسلامي استانبول تركيا.
محرم شعبان - صحيح مسلم بن الحجاج تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر بيروت، ط الثانية 1398هـ.
محرم رمضان - عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير: محمد بن عبد الله بن يحيى ابن سيد الناس، مكتبة القدسي القاهرة 1406هـ.
صفر شوال - الطبقات الكبرى: محمد بن سعد، دار صادر بيروت.
صفر محرم - فتح الباري: أحمد بن علي بن حجر، دار المعرفة بيروت.
صفر صفر - الفتح الرباني: أحمد بن عبد الرحمن البنا، دار الشهاب القاهرة.
صفر ربيع أول - الفصول في اختصار سيرة الرسول: إسماعيل بن كثير، تحقيق: محمد العيد الخطراوي ومحي الدين مستو، دار القلم دمشق، ط الأولى 1399هـ.
صفر ربيع ثان - فقه السيرة: منير محمد غضبان، من مطبوعات جامعة أم القرى،ط 1، 1410هـ.
صفر جمادى أول - الكامل في التاريخ: علي بن أبي الكرم المعروف بابن الأثير، دار الفكر بيروت، ط 1398هـ.
صفر جمادى ثان - المستدرك للحاكم، مكتبة المعارف بالرياض.
صفر رجب - مسند أحمد، دار صادر بيروت.
صفر شعبان - المعالم الأثيرة في السنة والسيرة: محمد حسن شراب، دار القلم دمشق، 1398هـ.(1/34)
صفر رمضان - معجم البلدان: ياقوت الحموي، دار صادر بيروت ط 1404هـ.
ربيع أول شوال - المغازي: محمد بن عمر الواقدي، تحقيق: مار سدن، عالم الكتب، ط 3، 1404هـ.
31. وفاء الوفاء للسمهودي تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث بيروت، ط الرابعة 1404هـ.
-(1/35)