باب نسب رسول الله صلى الله عليه و سلم
هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - واسمه شيبة الحمد - ابن هاشم - واسمه عمرو - بن عبد مناف - واسمه المغيرة - ابن قصي - واسمه زيد - بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
ههنا انتهى النسب الصحيح الذي لا شك فيه
وعدنان بلا شك من نسب إسماعيل الذبيح رسول الله ابن إبراهيم خليل الله ورسوله صلى الله على سيدنا محمد وعليهما وعلى جميع رسله وأنبيائه
وفي عبد المطلب يجتمع معه عليه السلام : بنو على وجعفر وعقيل - بنى أبي طالب - وبنو العباس وبنو الحارث وبنو أبي لهب
وفي عبد مناف يجتمع معه : بنو أمية وسائر بنى عبد شمس وبنو المطلب وبنو نوفل
وفي قصي يجتمع معه : بنو عبد العزى وبنو عبد الدار الذين منهم حجبة الكعبة
وفي كلاب يجتمع معه : بنو زهرة وأمه منهم وهي آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة
وفي مرة يجتمع معه : بنو تميم بن مرة وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة
وفي كعب يجتمع معه : بنو عدى وبنو جمح وبنو سهم
وفي لؤي يجتمع معه : بنو عامر بن لؤي
وفي غالب يجتمع معه : بنو تميم الأدرم وفي فهر يجتمع معه : بنو الحارث وبنو محارب و فهر هذا : هو أبو قريش كلها من لم يكن من ولده فلا نسب له في قريش ومن كان من ولد فهر فهو قرشي
وفي كنانة يجتمع معه : كل من ينتمي إلى كنانة من بنى عبد مناة وملك وملكان و حدال وعمرو بن كنانة
وفي خزيمة يجتمع معه : بنو أسد والقارة وهم بنو الهون بن خزيمة
وفي مدركة يجتمع معه : بنو هذيل
وفي إلياس يجتمع معه : بنو تميم وأخوتهم وبنو ضبة ومزينة و الرباب و خزاعة وأسلم فأما الرباب فهم : تيم وعدى و ثور و عكل
وفي مضر يجتمع معه : قبائل قيس كلها : سليم ومازن و فزارة وعبس و أشجع و مرة و سائر بنى ذبيان وغطفان وعقيل و قشير و الحريش و جعدة والعجلان وكلاب والبكاء وهلال و سواءة وبنو جشم وبنو نصر و ثقيف وسعد وسائر هوازن ومحارب وعدوان وفهم و باهلة وغنى و الطفاوة وسائر قيس
وفي نزار يجتمع معه : قبائل ربيعة كبكر وتغلب وعنز - بنى وائل وعبد القيس وقبائلهما وعنزة والنمر بن قاسط
وفي معد يجتمع معه : إياد بلا شك
وفي عدنان يجتمع معه : بنو عك وغافق
وفي إبراهيم الخليل عليه الصلاة و السلام يجتمع معه : بنو إسرائيل ومن عرف نسبه من بنى عيصاد بن إسحاق أخى يعقوب وذلك لا يوجد اليوم
وأما قضاعة وقبائل قحطان وهم أهل اليمن فالله أعلم بتشعبهم إلا أنهم يجتمعون معه في نوح بلا شك وبالله تعالى التوفيق (1/4)
مولده ومبعثه وسنه ووفاته صلى الله عليه و سلم
ولد رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة وعاش يتيما إذ مات أبوه وهو عليه السلام لم يكمل له ثلاث سنين وماتت أمه وهو لم يستكمل سبع سنين
وكفله جده عبد المطلب ومات عبد المطلب ولرسول الله صلى الله عليه و سلم ثماني سنين
ثم كفله عمه أبو طالب وكان به رفيقا وقد خفف الله تعالى بذلك من عذابه فهو أخف أهل النار عذابا
وأتته عليه السلام النبوة من عند الله عز و جل وهو في غار حراء وهو عليه السلام ابن أربعين سنة فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة أسلم فيها رجال من أصحابه ونساء
ثم هاجر إلى المدينة إذ أكرم الله الأنصار رضوان الله عليهم بذلك فأقام بالمدينة عشر سنين
مات عليه السلام بها وقبره فيها في المسجد في بيته الذي كان بيت عائشة أم المؤمنين رضوان الله عليها وفيه دفن صلى الله عليه و سلم
ابتدأه وجعه في بيت عائشة واشتد أمره في بيت ميمونة أم المؤمنين رضوان الله عليها فمرض في بيت عائشة بإذن نسائه رضوان الله عليهن بذلك
وصلى الناس عليه أفذاذا وكفن في ثلاث أثواب بيض سحولية قطنية ليس فيها قميص ولا سراويل ولا عمامة ؛ ولحد له في قبره وهو الحفرة تحت جرف القبر
وتولى غسله علي والعباس عمه والفضل وقثم ابنا العباس وأسامة بن زيد مولاه وشقران مولاه أيضا رضى الله عنهم
ودخل في قبره علي بن أبي طالب رضوان الله عليه والفضل وقثم وشقران وقيل : أوس بن خولى الأنصاري
وقد قيل : إن المغيرة بن شعبة نزل في قبره بحيلة
وسجى ببرد حبرة ووضعت في قبره قطيفة كان يتغطاها
ومات وله ثلاث وستون سنة - ولد ليوم الإثنين لثمان بقين من ربيع الأول ونبئ يوم الإثنين لأيام خلت من ربيع الأول وهاجر يوم الإثنين لأيام خلت لربيع ومات صلى الله عليه و سلم يوم الإثنين لثمان خلون لربيع الأول ؛ وقد قيل غير ذلك
ولم يختلف في أنه عليه السلام مات يوم الإثنين ودفن ليلة الأربعاء وقيل : يوم الثلاثاء
وكانت علته أثنى عشر يوما وقيل : أربعة عشر يوما ابتدأ به صداع وتمادى به وكان ينفث في علته شيئا يشبه نفث آكل الزبيب
ومات بعد أن خيره الله عز و جل بين البقاء في الدنيا ولقاء ربه عز و جل فاختار عليه السلام لقاء ربه تعالى (1/6)
أعلام رسول الله صلى الله عليه و سلم
1 - منها القرآن الذي دعا العرب وغيرهم - مذ بعثه الله عز و جل قرنا قرنا إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة - إلى أن يأتوا بمثله إن شكوا في صدقه فأعجز الله تعالى عن جميع البلغاء ومنع الجن عن ذلك وغيرهم قال تعالى : { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين } وقال تعالى : { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين }
2 - وشق الله تعالى له القمر بمكة إذ سألته قريش آية فأنزل الله تعالى في ذلك : { اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر }
3 - وأطعم النفر الكثير في منزل جابر وفي منزل أبي طلحة يوم الخندق : مرة ثمانين رجلا من أربعة إمداد من شعير وعناق
ومرة أكثر من ذلك من أقراص من شعير حملها أنس بن مالك في يده
ومرة أطعم جميع الجيش وهم تسعمائة من تمر يسير أتت به ابنة بشير بن سعد في يدها فأكلوا منه حتى شبعوا وفضلت منه فضلة
4 - ونبع الماء من بين أصابعه فشرب منه العسكر كلهم وهم عطاش و توضأوا كلهم كل ذلك من قدح صغير ضاق عن أن يبسط فيه صلى الله عليه و سلم يده المكرمة
وأهراق من وضوئه في عين تبوك و لا ماء فيها ومرة أخرى في بئر الحديبية فجاشتا بالماء فشرب من عين تبوك أهل الجيش وهم ألوف حتى رووا كلهم وفاضت إلى يوم القيامة وشرب من بئر الحديبية ألف وأربعمائة حتى رووا كلهم ولم يكن فيها قبل ذلك ماء
5 - وأمر عليه السلام عمر بن الخطاب رضوان الله عليه أن يزود أربعمائة راكب من تمر كان في اجتماعه كربضة البعير فزودهم كلهم منه وبقى بجثته كما كان
6 - ورمى الجيش بقبضة من تراب فعميت عيونهم ونزل بذلك القرآن في قوله تعالى : { وما رميت ولكن الله رمى }
7 - وأبطل عز و جل الكهانة بمبعثه فانقطعت وكانت ظاهرة موجوده
8 - وحن إليه الجذع الذي كان يخطب إليه إذ عمل له المنبر حتى سمع منه جميع الحاضرين مثل صوت الإبل فضمه إليه فسكن وموضع الجذع معروف إلى اليوم موقف عليه
9 - ودعا اليهود إلى تمنى الموت وأخبرهم أنهم لا يتمنونه فحيل بينهم وبين النطق بذلك وهذا منصوص في القرآن
10 - وأخبر بالغيوب
وأنذر بأن عمار تقتله الفئة الباغية
وأن عثمان رضي الله عنه تصيبه بلوى وله الجنة
وأن الحسن بن علي رضوان الله عليهما سيد يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كل ذلك
وأخبر عن رجل قاتل في سبيل الله عز و جل بأنه من أهل النار فظهر ذلك بأن ذلك الرجل قتل نفسه
وهذه الأشياء لا تعرف البتة بشيء من وجوه تقدمة المعرفة لا بنجوم ولا بكتف ولا بخط ولا بزجر
11 - واتبعه سراقة بن مالك بن جعشم فساخت قدما فرسه في الأرض ثم أخرجهما وأتبعه دخان حتى استعاذه سراقة فدعا له فانطلقت الفرس
12 - وأنذر بأن ستوضع في ذراعيه سوار كسرى فكان كذلك
13 - وأخبر بقتل الأسود العنسى الكذاب ليلة قتله وهو بصنعاء اليمن وأخبر بمن قتله
14 - وأنذر بموت النجاشي وبينه البحر الملح ومسيرة أيام في البر وخرج هو وجميع أصحابه إلى البقيع فصلوا عليه فوجد قد مات ذلك اليوم إذ ورد الخبر بذلك
15 - وخرج من بيته على مائة من قريش ينتظرونه ليقتلوه بزعمهم فوضع التراب على رءوسهم ولم يروه
16 - وشكا إليه البعير بحضرة أصحابه وتذلل له
17 - وقال لنفر من أصحابه : أحدكم في النار ضرسه مثل أحد فماتوا كلهم على الإسلام وارتد منهم واحد : وهو الرحال الحنفي فقتل مرتدا مع مسيلمة الكذاب لعنهما الله تعالى
18 - وقال لآخرين منهم : آخركم موتا في النار فسقط آخرهم موتا في النار فاحترق فمات
19 - ودعا شجرتين فأتتاه فاجتمعتا ثم أمرهما فافترقتا
20 - وكان صلوات الله وسلامه عليه نحو الرابعة فإذا مشى مع الطوال طالهم
21 - ودعا النصارى إلى المباهلة بالتلاعن فامتنعوا وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك هلكوا كلهم فعلموا صحة قوله فامتنعوا
22 - وأتاه عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب وهما فارسا العرب وفاتكاهم عازمين على قتله فحال الله بينهما وبين ذلك وضرب بين أربد وينه صلى الله عليه و سلم مرة بعامر ومرة بسور ودعا عليهما فهلك عامر في وجهه من منصرفة عنه عليه السلام وأهلك أربد الصاعقة أحرقته لعنهما الله
23 - وأخبر أنه يقتل أبى بن خلف الجحمى فخدشه يوم أحد خدشا لطيفا فكانت منيته منها
24 - وأطعم السم فمات من أكله معه لحينه و عاش هو صلى الله عليه و سلم بعد ذلك بأربع سنين ؛ وكلمه ذراع الشاة المسمومة بأنهم مسموم
25 - وأخبر أصحابه يوم بدر بمصارع صناديد قريش ووقفهم على مصارعهم رجلا رجلا فلم يتعد واحد منهم ذلك الموضع
26 - وأنذر بأن طوائف من أمته يغزون في البحر وقال لأم حرام بنت ملحان : أنت منهم ؛ فكانت منهم ؛ وصح غزو طائفة من أمته في البحر
27 - وزويت له الأرض فأرى مشارقها ومغاربها وأنذر ببلوغ ملك أمته ما زوى له منها فكان ذلك ؛ وبلغ ملكهم من أول المشرق إلى بلاد السند والترك إلى آخر المغرب من سواحل البحر المحيط بالأندلس وبلاد البربر ولم يتسعوا في الجنوب والشمال كل الإتساع أعني مثل اتساعهم شرقا وغربا فكان كما أخبر سواء بسواء
28 - وأخبر فاطمة ابنته رضوان الله عليها أنها أول أهله لحاقا به فكان كذلك
29 - وأخبر نساءه رضوان الله عليهن بأن أطولهن يدا أسرعهن لحاقا به فكانت زينب بنت جحش الأسدية أطولهن يدا بالصدقة وأولهن موتا بعده
30 - ومسح ضرع شاة فدرت فكان ذلك سبب إسلام عبد الله بن مسعود ومرة أخرى في خيمتي أم معبد الخزاعية
31 - وندرت عين بعض أصحابه وهو قتادة فسقطت فردها فكانت أصح عينيه وأحسنهما
32 - وتفل في عيني علي رضوان الله عليه وهو أرمد يوم خيبر فصح من حينه ولم يرمد بعدها وبعثه بالراية وقد قال : لا ينصرف حتى يفتح الله عليه فكان كما قال لم ينصرف كرم الله وجهه إلا بالفتح
33 - وكانوا يسمعون تسبيح الطعام بين يديه
34 - وأصيبت رجل بعض أصحابه فمسحها فبرئت من حينها
35 - وقل زاد جيش كان فيه فدعا بجميع ما بقى من الزاد فاجتمع منه شيء يسير جدا فدعا عليه بالبركة ثم أمرهم فأخذوا فلم يبق وعاء في العسكر إلا مليء
36 - وحكى الحكم بن أبي العاص مشيته مستهزئا فقال له : كذلك فكن فلم يزل يرتعش إلى أن مات
37 - وخطب أمامة بنت الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان و كان أبوها أعرابيا جافيا سيد قومه فقال : إن بها بياضا وكانت العرب تكنى بهذا البرص فقال له صلوات الله وسلامه عليه : لتكن كذلك ؛ فبرصت من وقتها وانصرف أبوها فرأى ما حدث بها فتزوجها ابن عمها يزيد بن جمرة بن عوف ابن أبي حارثة فولدت له الشاعر شيب بن يزيد وهو المعروف بابن البرصاء
إلى غير ذلك من آياته ومعجزاته صلى الله عليه و سلم ؛ وإنما أتينا بالمشهور المنقول نقل التواتر وبالله التوفيق (1/8)
حجه صلى الله عليه و سلم وكم اعتمر في الإسلام
حج صلى الله عليه و سلم واعتمر قبل النبوة وبعدها قبل الهجرة حججا وعمرا لا يعرف عددا
ولم يحج بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع سنة عشر
واعتمر بعد أن هاجر إلى المدينة عمرتين مفردتين قصد لها وأتمهما :
إحداهما : عمرة القضية قصد لها من المدينة سنة سبع فأتمها في ذي القعدة ؛ والأخرى : عمرته من الجعرانة عام ثمان إثر وقعة حنين في ذي القعدة أيضا
واعتمر عمرة ثالثة قرنها مع حجته التي ذكرنا قصد لهما من المدينة أهل بهما في ذي القعدة وأتمهما في ذي الحجة
وكان خرج ليعتمر من المدينة فصده المشركون وقد بلغ الحديبية فحل عليه السلام بها ونحر الهدي ورجع هو وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين (1/14)
غزواته صلى الله عليه و سلم
غزا صلوات الله وسلامه عليه خمسا وعشرين غزوة وهي على ترتيبها :
أولها غزوة وادن وهي الأبواء ثم غزوة بواط وهي من ناحية رضوى ثم غزوة العشيرة من بطن ينبع ثم غزوة بدر الأولى يطلب كرز بن جابر ثم بدر الثانية وهي البطشة التي أعز الله بها الإسلام وأهلك رءوس الكفرة ثم غزوة بني سليم حتى بلغ قرقرة الكدر ثم غزوة السويق يطلب أبا سفيان بن حرب ثم غزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر ثم غزوة نجران ثم غزوة أحد ثم غزوة حمراء الأسد ثم غزوة ذات الرقاع من نخل ثم بدر الآخرة ثم دومة الجندل ثم غزوة الخندق وهي آخر غزوة غزاها أهل الكفر إليه ثم غزوة بني قريظة ثم غزوة بني لحيان من هذيل ثم غزوة ذي قرد ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة ثم غزوة الحديبية ثم غزوة خيبر ثم غزوة الفتح - فتح مكة - ثم غزوة حنين إلى هوازن ثم الطائف ثم تبوك
قاتل منها في تسع : وهي بدر المعظمة وهي بدر القتال وهي بدر البطشة وقاتل صلى الله عليه و سلم في أحد والخندق وقريظة والمصطلق وخيبر والفتح وحنين والطائف
وقيل : إنه عليه الصلاة و السلام قاتل في وادي القرى والغابة ولم يكن في سائرها أصلا وبالله التوفيق (1/15)
بعوثه صلى الله عليه و سلم
1 - بعث صلى الله عليه و سلم عبيدة بن الحارث بن المطلب أسفل ثنية المرة
2 - وبعث حمزة بن عبد المطلب إلى ساحل البحر من ناحية العيص
وكان هذان البعثان متقاربين جدا أو معا فلذلك اختلف في أيهما كان قبل وهما أول بعوثه وأول راية عقدها
3 - وبعث سعد بن أبي وقاص إلى الخرار
4 - وبعث عبد الله بن جحش إلى نخلة
5 - وبعث زيد بن حارثة مولاه إلى القردة
6 - وبعث محمد بن مسلمة الأنصاري إلى قتل كعب بن الأشرف
7 - وبعث مرثد بن أبي مرثد الغنوي إلى الرجيع
8 - وبعث المنذر بن عمرو الأنصاري إلى بئر معونة
9 - وبعث عبد الله بن عتيك إلى قتل سلام بن أبي الحقيق بخيبر
10 - وبعث أبا عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة من طريق العراق
11 - وبعث عمرو بن الخطاب إلى تربة من أرض بني عامر
12 - وبعث علي بن أبي طالب إلى اليمن
13 - وبعث غالب بن عبد الله الليثي إلى الكديد إلى بني الملوح من بني كنانة
14 - وبعث علي بن أبي طالب إلى بني عبد الله بن سعد من أهل فدك
15 - وبعث ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم
16 - وبعث عكاشة بن محص الأسدي إلى الغمرة
17 - وبعث أبا سلمة بن الأسد المخزومي إلى قطن ماء لبني أسد بناحية نجد
18 - وبعث محمد بن مسلمة الأنصاري من بني حارثة بن الأوس إلى القرطاء من هوازن
19 - وبعث بشير بن سعد الأنصاري من بني الحارث بن الخزرج إلى ناحية خيبر
20 - وبعث زيد بن الحارثة إلى الجموم من أرض بني سليم
21 - وبعث زيدا أيضا إلى جذام من أرض حسمى
22 - وبعث زيدا أيضا إلى الطرف من ناحية نخل من طريق العراق
23 - وبعث أبا بكر رضي الله عنه إلى فزارة
24 - وبعث أبا عامر الأشعري عم أبي موسى إلى أوطاس
25 - وبعث زيدا أيضا إلى فزارة فقتل أم قرفة وغيرها
26 - وبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر
27 - وبعث مرة أخرى عبد الله بن عتيك إلى خيبر لقتل أبي رافع بن أبي الحقيق
28 - وبعث عبد الله بن أنيس الجهني لقتل خالد بن سفيان الهذلي فقتله عبد الله بعثه عليه السلام لذلك وحده وجعل له عليه السلام آية عند لقائه أن تأخذ عبد الله رعدة فكان كما قال عليه السلام
29 - وبعث الأمراء : عليهم زيد بن حارثة فإن قتل فعليهم جعفر بن أبي طالب فإن قتل فعليهم عبد الله بن رواحة فقتلوا كلهم رضوان الله عليهم بمؤتة في أول الشام لقوا هنالك عساكر النصارى من الروم ومنتصرة العرب وأخذ الراية خالد بن الوليد فانحاز بالمسلمين
30 - وبعث كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح من أرض الشام
31 - وبعث عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري إلى بني العنبر من بني تميم
32 - وبعث غالب بن عبد الله الليثي إلى أرض بني مرة فأصابوا في الحرقات من جهينة
33 - وبعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من بني كنانة
34 - وبعث خالدا أيضا إلى اليمن
35 - وبعث عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل من أرض بني عذرة وأمده بجيش عليهم أبو عبيدة
36 - وبعث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي إلى بطن إضم
37 - وبعث ابن أبي حدرد أيضا إلى الغابة
38 - وبعث عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل
39 - وبعث أبا عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر
40 - وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى قتل أبي سفيان صخر بن حرب ابن أمية فلم يمكنه ذلك ولم يتهيأ له
41 - وبعث زيد بن حارثة إلى مدين
42 - وبعث سالم بن عمير إلى أبي عفك من بني عمرو بن عوف فقتله
43 - وبعث عمرو بن عدي الخطمي إلى عصماء بنت مروان من بني أمية ابن زيد فقتلها
44 - وبعث بعثا أسر فيه ثمامة بن أثال الحنفي
45 - وبعث علقمة بن مجزز المدلجي
46 - وبعث كرز بن جابر خلف الذين قتلوا الرعاء وسلموا عيونهم
47 - وبعث أسامة بن زيد إلى الشام وهو آخر بعوثه مات صلى الله عليه و سلم قبل أن ينفذه فأنفذه أبو بكر الصديق رضوان الله عليهم ورحمته وبركاته وبالله التوفيق (1/16)
صفته وأسماؤه صلى الله عليه و سلم
كان صلى الله عليه و سلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالأبيض الأمهق ولا الآدم ولا بالجعد القطط ولا السبط رجل الشعر أزهر اللون مشربا بحمرة في بياض ساطع كأن وجهه القمر حسنا ضخم الكراديس أوطف الأشفار أدعج العينين في بياضهما عروق حمر رقاق حسن الثغر واسع الفم حسن الأنف إذا مشى كأنه يتكفأ إذا التفت التفت بجميعه كثير النظر إلى الأرض ضخم اليدين لينهما قليل لحم العقبين كث اللحية واسعها أسود الشعر ليس لرجليه أخمص إذا قصره فإلى أنصاف أذنيه لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرين شيبة
وهو : محمد صلى الله عليه و سلم وأحمد والماحي : يمحو الله به الكفر والحاشر : يحشر الناس على عقبيه والعاقب : ليس بعده نبي والمقفي ونبي التوبة ونبي الملحمة وسماه الله تعالى : رءوفا رحيما
وكان على نغص كتفه الأيسر خاتم النبوة كأنه بيضة حمام لونه لون جسده عليه خيلان ومن فوقه شعرات (1/19)
أمراؤه صلى الله عليه و سلم
باذان الفارسي على اليمن كلها وهو باذان بن ساسان بن بلاش ابن الملك جاماسف بن الملك فيروز بن يزدجرد الملك بن بهرام جور الملك فلما مات باذان ولى رسول الله صلى الله عليه و سلم ابنه شهر بن باذان صنعاء وأعمالها فقط
وولى المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة كندة والصدف
وولى زياد بن لبيد البياضي الأنصارى حضرموت
وولى أبا موسى الأشعري زبيد وعدن ورمع والساحل
وولى معاذ بن جبل الجند
وولى عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس مكة وإقامة الموسم والحج بالمسلمين سنة ثمان وهو دون العشرين سنة
وولى أبا سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس نجران
وولى يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب على تيماء
وولى خالد بن سعيد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس على صنعاء بعد قتل شهر بن باذان وقتل شهر بن باذان رحمة الله عليه الأسود العنسي الكذاب لعنه الله
وولى أخاه عمرو بن سعيد على وادي القرى
وولى أخاهما الحكم بن سعيد على قرى عرينة وهي فدك وغيرها
وولى أخاهم أبان بن سعيد على مدينة الخط بالبحرين وهي التي تنسب إليها الرماح
وولى العلاء بن الحضرمي حليف بني سعيد بن العاص على القطيف بالبحرين
وولى عمرو بن العاص على عمان وأعمالها
وولى عثمان بن أبي العاص الثقفي على الطائف
وولى محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الزبيدي على الأخماس التي بحضرته صلى الله عليه و سلم قيل : وهو حليف بني جمح
وولى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على الأخماس باليمن والقضاء بها
وولى معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي حليف بني أمية بن عبد شمس على خاتمه صلى الله عليه و سلم
وولى عدي بن حاتم على صدقات بني أسد
وولى مالك بن نيرة اليربوعي على صدقات بني حنظلة بن زيد مناة ابن تميم
وولى قيس بن عاصم المنقري والزبرقان بن بدر على صدقات بني سعد ابن زيد مناة بن تميم
وولى عمر بن الخطاب على بعض من الصدقات أيضا وجماعة كثيرة على الصدقات أيضا لأنه كان على كل قبيلة وآل يقبض صدقاتها
وولى أبا بكر الصديق على موسم سنة تسع وخليفته على ولاية الأمور كلها أبو بكر الصديق رضي الله عنه (1/20)
فصل
كان عمرو بن عبسة السلمي صديق رسول الله صلى الله عليه و سلم في الجاهلية
وكان عياض بن حمار بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع ابن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم حرمي رسول الله صلى الله عليه و سلم في الجاهلية ويعني ذلك أن قريشا كانت من الحمس وكانت بنو مجاشع من الحلة وهما دينان من أديان العرب في الجاهلية فكان الحل لا يطوف بالبيت إلا عريانا إلا أن يعيره رجل من الحمس ثيابا يطوف بها ؛ فكان عياض يطوف في ثياب رسول الله صلى الله عليه و سلم وعياض هذا : ابن عم الأقرع ابن حابس بن عقال لحا
وكان الضحاك بن سفيان الكلابي سيافه صلى الله عليه و سلم وبالله التوفيق
كتابه صلى الله عليه و سلم
علي بن أبي طالب وعثمان وعمر وأبو بكر وخالد بن سعيد بن العاص وأبي بن كعب الأنصاري وحنظلة بن الربيع الأسيدي ويزيد ابن أبي سفيان وزيد بن ثابت الأنصاري من بني النجار ومعاوية بن أبي سفيان
وكان زيد بن ثابت من ألزم الناس لذلك ثم تلاه معاوية بعد الفتح فكانا ملازمين الكتابة بين يديه صلى الله عليه و سلم في الوحي وغير ذلك لاعمل لهما غير ذلك
فصل
كان قيس بن عبادة الساعدي من رسول الله صلى الله عليه و سلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير
ووقف المغيرة بن شعبة الثقفي على رأسه بالسيف يوم الحديبية
وكان بلال بن رباح على نفقاته
وكانت أم أيمن دايته
وكان أنس بن مالك خادمه
وكان ذؤيب بن حلحلة بن عمرو الخزاعي والد الفقيه قبيصة بن ذؤيب صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه و سلم التي أهدى والناظر عليها
وقد أذن عليه رباح الأسود مولاه وأبو موسى الأشعري
وكان ابن أم مكتوم الأعمى وهو من بني عامر بن لؤي واسمه عمرو ابن قيس بن زائدة بن الأصم واسمه جندب بن هزم بن رواحة بن حجر ابن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي : مؤذنه مع بلال
وحجمه أبو طيبة من الأنصار
وكان الشعراء الذين يذبون عن الإسلام بألسنتهم : كعب بن مالك الأسلمي وعبد الله بن رواحة من بني الحارث بن الخزرج وحسان بن ثابت من بني النجار كلهم من الخزرج من الأنصار
وخطيبه ثابت بن قيس بن الشماس
وفارسه أبو قتادة الأنصاري
وضيفه أبو أيوب خالد بن زيد من بني النجار
واتخذ صلى الله عليه و سلم خاتم ذهب ثم رماه وتبرأ منه واتخذ خاتم فضة فصه منه نقشه : محمد رسول الله ثلاثة أسطر : كان يحسبه في خنصره المقدس في يساره وربما في يمينه المقدسة يجعل فصه إلى باطن كفه ونهى أن ينقش أحد على نقشه كما نهى أن يتكنى أحد بكنيته فلا يحل شيء من ذلك فلم يزل الخاتم في يديه إلى أن مات ثم في يد أبي بكر ثم عمر ثم في يد عثمان فلما كان في السنة السادسة من خلافته سقط من يده في بئر أريس فنزحت البئر وأخرج منها أكوام من طين فلم يوجد الخاتم فإنا لله وإنا إليه راجعون فإنه كان أثرا مباركا فذهب (1/22)
رسله صلى الله عليه و سلم
بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل الفتح وبعد الحديبية رسله إلى الملوك :
1 - فبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم واسمه هرقل
2 - وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى أبرويز بن هرمز ملك الفرس
3 - وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة
4 - وبعث حاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس صاحب الإسكندرية ومصر
5 - وبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعياذ ابني الجلندي الأزديين ملكى عمان
6 - وبعث سليط بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي الملك على اليمامة وإلى ثمامة بن أثال الحنفيين
7 - وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين
8 - وبعث شجاع بن وهب الأسدي من أسد خزيمة إلى الحارث ابن أبي شمر الغساني وابن عمه جبلة بن الأيهم ملكى البلقاء من عمل دمشق
9 - وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد الملك الحميري أحد مقاولة اليمن
10 - وبعث معاذ بن جبل إلى جملة اليمن داعيا إلى الإسلام فأسلم جميع ملوكهم كذى الكلاع وذي ظليم وذي زرود وذي مران وغيرهم
وأسلم سائر الملوك الذين ذكرنا قبل أنهم أرسل إليهم عليه السلام وأسلم قومهم حاشا قيصر والمقوقس وهوذة وكسرى والحارث بن أبي شمر والنجاشي وهو غير الذي هاجر إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم مات ذلك رضوان الله عليه مسلما وأتى الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بموته فنعاه إلى المسلمين وخرج بهم إلى البقيع وصف أصحابه صفوفا وصلى عليه وكبر عليه أربعا وكان يكتم قومه إسلام خوفا منهم
وتأخر إسلام ثمامة بن أثال ثم أسلم مختارا بعد ذلك
وأما قيصر فهم بالإسلام فغلبه قومه فلم يسلم
وأما المقوقس فقارب وهادى رسول الله صلى الله عليه و سلم مأبورا وهو عبد مجبوب والبغلة الشهباء التي كانت تسمى الدلدل وجاريتين : إحداهما مارية أم ولد رسول الله صلى الله عليه و سلم والأخرى أختها سيرين وهبها رسول الله صلى الله عليه و سلم لحسان بن ثابت فولدت له ابنه عبد الرحمن فهو ابن خالة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأما البغلة فكان يركبها إلى أن مات ثم كانت عند علي بن أبي طالب إلى أن مات قيل : ثم صارت عند عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب وكان يجش لها الشعير لطول عمرها إلى أن نفقت أيام معاوية
وأما كسرى فكانت أقبح القوم ردا ومزق كتابه فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فمزق الله ملكه أولا ثم ملك الفرس حملة
وكان صلوات الله وسلامه عليه له رسل كثير إلى قبائل العرب (1/24)
نساؤه صلى الله عليه و سلم
أول أزواجه صلى الله عليه و سلم : خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب تزوجها عليه الصلاة و السلام وهو ابن خمس وعشرين سنة وماتت رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين ولم يتزوج غيرها حتى ماتت وكانت قبله عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له عبد الله ثم خلف عليها أبو هالة واسمه هند بن زرارة بن النباش ابن عدي بن حبيب بن صرد بن سلامة بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم فولدت له ابنين ذكرين وهما : هند والحارث وابنة اسمها زينب فأما هند بن هند فشهد أحدا وسكن البصرة وروى عنه الحسن بن علي ابن أبي طالب وأما الحارث فقتله أحد الكفار عند الركن اليماني
فلما ماتت خديجة تزوج عليه السلام سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وكانت قبله عند ابن عمها السكران بن عمرو بن عبد شمس فمات عنها
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم عائشة بنت أبى بكر الصديق واسمه عبد الله ابن أبي قحافة واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب لم يتزوج بكرا غيرها تزوجها بمكة وهي بنت ست سنين وبنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر في شوال وهي بنت تسع سنين وبقيت معه تسع سنين وخمسة أشهر وماتت سنة ثمان وخمسين
ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب بعد الهجرة بسنتين وأشهر وكانت قبله تحت خنيس بن حذافة السهمي فمات عنها وتوفيت سنة خمس وأربعين وصلى عليها مروان وهو أمير المدينة
ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله ابن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة وكانت قبله عند عبيدة بن الحارث بن الطلب بن عبد مناف قتل يوم بدر وتوفيت زينب في حياته بعد ضمه لها بشهرين وقال الزهري : بل كانت عند عبد الله بن جحش الأسدي المستشهد يوم أحد
وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية واسمه حذيفة ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي وكانت قبله عند أبي سلمة واسمه عبد الله بن عبد الأسد المخزومي فولدت له عمر وسلمة ودرة وزينب ؛ وهي آخر نسائه موتا ماتت سنة تسع وخمسين وكذلك ذكر أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي في تأريخه : أنها توفيت في سنة تسع وخمسين وقال ابن أبي خيثمة : قبل معاوية بسنة وقال عطاء : آخرهن موتا صفية وهذا وهم
وتزوج زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير ابن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة وكانت قبله صلى الله عليه و سلم عند زيد بن حارثة مولاه وهي أول نسائه موتا بعده ماتت في أول خلافة عمر وهي التي زوجها الله تعالى منه ولما فتحت البلاد وآتاها عمر ما فرض لها بكت وأعولت ودعت إلى الله عز و جل أن لا يريها عاما قابلا حتى تلقى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما فارقته من التقلل في الدنيا فماتت قبل تمام العام
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار واسمه حبيب بن الحارث بن عابد بن مالك بن جذيمة وهو المصطلق من خزاعة وكانت قبله عند رجل من بني عمها اسمه عبد الله بن جحش الأسدي وتوفيت سنة ست وخمسين في ربيع الأول وصلى عليها مروان قاله الواقدي
ثم تزوج أم حبيبة واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان صخر ابن حرب بن أمية بن عبد شمس فيما بعد الحديبية سيقت إليه من بلاد الحبشة وكانت هنالك مهاجرة مسلمة وكانت قبله تحت عبيد الله بن جحش الأسدي فارتد إلى النصرانية ثم مات إلى النار قيل : إن النجاشي أصدقها أربعمائة دينار ذهبا وماتت في خلافة أخيها معاوية سنة أربع وأربعين فيما قاله أبو حسان الزيادي وقال أيضا مثله الواقدي
وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب من بني النضير من ولد رسول الله صلى الله عليه و سلم هرون بن عمران أخي موسى به عمران عليهما السلام وهو عمران بن قاهاث بن لاوي بن رسول الله صلى الله عليه و سلم يعقوب بن رسول الله صلى الله عليه و سلم إسحق بن رسول الله صلى الله عليه و سلم إبراهيم رسول الله وخليله وكانت قبله تحت كنانة بن أبي الحقيق قال الواقدي رحمه الله تعالى : وفي سنة خمسين ماتت صفية بنت حيي وقاله أيضا أبو حسان الزيادي
ثم تزوج ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بحير بن هرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله ابن عباس وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم عند أبي رهم بن عبد العزى ابن أبي قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وقال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب : بل كانت تحت حويطب بن عبد العزى أخى أبي رهم
وهي آخر من تزوج صلى الله عليه و سلم تزوجها بمكة في عمرة القضاء بعد إحلاله وبنى بها بسرف وبها ماتت أيام معاوية وذلك سنة إحدى وخمسين قاله خليفة وقبرها هناك معروف
وبعث في الجونية ليتزوجها فدخل عليها ليخطبها فاستعاذت بالله منه فأعاذها ولم يتزوجها وردها إلى أهلها
ولم يصح عنه عليه السلام أنه طلق امرأة قط إلا حفصة بنت عمر ثم راجعها بأمر الله له بمراجعتها
وأراد صلى الله عليه و سلم طلاق سودة بنت زمعة إذ أسنت وتوقع أن لا يوفيها حقها ؛ فرغبت أن يمسكها ويجعل يومها لعائشة بنت أبي بكر فأمسكها
ولم يبقى من نسائه أمهات المؤمنين امرأة إلا تخيرته ؛ إذ أنزل الله تعالى آية التخيير ومن ذكر غير هذا فقد ذكر غير هذا الباطل المتيقن
وصح أن صدقاته لنسائه كان امرأة خمسمائة درهم هذا الثابت في ذلك إلا صفية فإنه أعتقها وجعل عتقها صداقها لا صداق لها غير ذلك البتة فصارت سنة بعده عليه السلام
وأولم على زينب بنت جحش بشاة واحدة فكفت الناس قال أنس ابن مالك : ولم نره أولم على امرأة من نسائه بأكثر من ذلك
وأولم على صفية وليمة ليس فيها شحم ولا لحم أنما كان السويق والتمر والسمن
وألم على بعض نسائه لم تسم لنا بمدين من شعير فكفى ذلك كل من حضر
وكان ينفق على نسائه كل سنه عشرين وسقا من شعير وثمانين وسقا من تمر هكذا رويناه من طريق في غاية الصحة وروينا من طريق فيها ضعف : أن هذا العدد لكل واحدة منهن في العام فالله أعلم فقد كان لكل واحدة منهن الإماء والعبيد والعتقاء في حياته صلى الله عليه و سلم ورضي عن جميعهن رضوانا يوجب لهن الجنة (1/26)
أولاده صلى الله عليه و سلم
كل أولاده من ذكر وأنثى فمن خديجة بنت خويلد حاشا إبراهيم فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس لم يولد من غيرها
فالذكور من ولده :
القاسم وبه كان يكنى هو أكبر ولده عاش أياما يسيرة ولد له قبل النبوة
وولدان آخران اختلف في اسم أحدهما إلا أنه لا يخرج الرواية في ذلك عن " عبد الله " و " الطاهر " و " الطيب "
وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه : أنه كان له ولد اسمه عبد العزى قبل النبوة وهذا بعيد والخبر مرسل ولا حجة في مرسل
وأما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبل موت أبيه صلى الله عليه و سلم بثلاثة أشهر يوم كسوف الشمس
وبناته :
زينب ؛ أكبر بناته تزوجها أبو العاصي اسمه القاسم بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف وكانت خديجة أم المؤمنين خالة أبي العاصي لم يكن لزينب زوج غير أبي العاصي وماتت عنده سنة ثمان من الهجرة قاله خليفة
ومات أبو العاصي في خلافة عمر فولدت زينب لأبي العاصي : عليا ومات مراهقا وأمامة تزوجها علي بن أبي طالب بعد فاطمة فلم تلد له ومات عنها فتزوجها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فماتت عنده ولم تلد له
وكان لرسول الله صلى الله عليه و سلم : رقية تزوجها عثمان بن عفان لم يكن لها زوج غيره فولدت له ابنا اسمه : عبد الله مات وله أربع سنين ثم ماتت رقية بعد يوم بدر بثلاث أيام
وكان له صلى الله عليه و سلم أيضا : فاطمة رضوان الله عليها وتزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فولدت له : الحسن فهو أكبر ولده - والحسين وزينب وأم كلثوم وابنا مات صغيرا اسمه المحسن تزوج زينب بنت علي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فولدت له علي بن عبد الله له عقب
وتزوج أم كلثوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فولدت له زيدا لا عقب له ولا لأمه وماتت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم بستة أشهر ولم يكن لها زوج غير علي
وكان لرسول الله صلى الله عليه و سلم أم كلثوم وهي أصغر بناته كانت مملكة بعتبة بن أبي لهب فلم يدخل بها فطلقها فتزوجها عثمان بن عفان فماتت عنده في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم سنة تسع من الهجرة قاله خليفة بن خياط ولم تلد له (1/30)
أخلاقه صلى الله عليه و سلم
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم على خلق عظيم كما وصفه ربه تعالى وكان صلوات الله عليه وسلامه أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس لم تمس قط يده امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم منه
وكان عليه الصلاة و السلام أسخى الناس لا يثبت عنده دينار ولا درهم فإن فضل ولم يجد من يعطيه ويجنه الليل لم يأو منزله حتى يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه لا يأخذ مما آتاه الله تعالى إلا قوت عامه فقط من أيسر ما يجد من الشعير والتمر ويضع سائر ذلك في سبيل الله تعالى لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه ثم يعود على قوت عامه فيؤثر منه حتى يحتاج قبل انقضاء العام
يخصف النعل ويرقع الثوب ويخدم في مهنة أهله ويقطع اللحم معهن
أشد الناس حياء لا يثبت بصره في وجه أحد يجيب دعوة العبد والحر
ويقبل الهدايا ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب ويكافئ عليها ويأكلها ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها
تستتبعه الأمة والمسكين فيتبعهما حيث دعواه
ولا يغضب لنفسه ويغضب لربه وينفذ الحق وإن عاد ذلك بالضرر عليه وعلى أصحابه
عرض عليه الإنتصار بالمشركين وهو في قلة وحاجة إلى إنسان واحد يزيده في عدد من معه فأبى وقال : إنا لا نستنصر بمشرك
ووجد أصحابه قتيلا من خيارهم وفضلاء أصحابه يهد البلاد العظيمة والعساكر الكثيرة فقد مثله منهم فلم يحف لهم من أجله على أعدائه من اليهود الذين وجده مقتولا بينهم بل و داه مائة ناقة من صدقات المسلمين وإن بأصحابه لحاجة إلى بعير واحد يتقوون به
وودي بني جذيمة وهم غير موثوق بإيمانهم إذ وجب بأمر الله تعالى ذلك
يعصب الحجر على بطنه من الجوع ومرة يأكل ما وجد لا يرد ما حضر ولا يتكلف ما لم يحضر ولا يتورع عن مطعم حلال إن وجد تمرا دون خبز أكله وإن وجد شواء أكله وإن وجد خبز بر أكله وإن وجد حلواء أو عسلا أكله وإن وجد لبنا دون خبز اكتفى به وإن وجد بطيخا أو رطبا أكله
لا يأكل متئكا ولا على خوان منديله باطن قدميه لم يشبع من خبز بر ثلاثا تباعا حتى لقى الله تعالى إيثارا على نفسه لا فقرا ولا نحلا
يجيب الوليمة ويعود المرضى ويشهد الجنائز
يمشي وحده بين يدي أعدائه بلا حارس
أشد الناس تواضعا وأسكتهم في غير كبر وأبلغهم في غير تطويل وأحسنهم بشرا
لا يهو له شيء من أمور الدنيا ويلبس ما وجد فمرة شملة ومرة برد حبرة يمانيا ومرة جبة صوف ما وجد من المباح لبس خاتم فضة فصه منه يلبسه في خنصره الأيمن وربما في الأيسر
يردف خلفه عبده أو غيره يركب ما أمكنه مرة فرسا ومرة بعيرا ومرة حمارا ومرة بغلة شهباء ومرة راجلا حافيا بلا رداء ولا عمامة ولا قلنسوة
يعود كذلك المرضى في أقصى المدينة يحب الطيب ويكره الريح الردية
يجالس الفقراء ويواكل المسلكين ويلزم أهل في أخلاقهم ويستألف أهل الشرف بالبر لهم
يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم لا يجفو على أحد يقبل معذرة المعتذر
يمزح ولا يقول إلا حقا يضحك في غير قهقهة ويرى اللعب المباح فلا ينكره ويسابق أهله على الأقدام ويرفع الأصوات عليه فيصبر
له لقاح وغنم يتقوت هو وأهله من ألبانها وله عبيد وإماء لا يتفضل عليهم في مأكل ولا ملبس
ولا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى أو فيما لا بد له من صلاح نفسه
يخرج إلى بساتين أصحابه ويقبل البر اليسير ويشرب النبيذ الحلو ولا يحقر مسكينا لفقره وزمانته ولا يهاب ملكا لملكه يدعوا هذا وهذا إلى الله تعالى مستويا
أطعم السم وسحر فلم يقتل من سمه ولا من سحره إذ لم ير عليهما قتلا ولو وجب ذلك عليهما لما تركهما
قد جمع الله له السيرة الفاضلة والسياسة التامة
وهو صلى الله عليه و سلم أمي لا يقرأ ولا يكتب ونشأ في بلاد الجهل والصحارى في بلد فقر وذى رعية غنم
ورباه الله تعالى محفوفا باللطف يتيما لا أب له ولا أم فعلمه الله جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة وأوحى إليه جل وعلا أخبار الأولين والآخرين وما فيه النجاة والفوز في الآخرة والغبطة والخلاص في الدنيا ولزوم الواجب وترك الفضول من كل شئ
وفقنا الله تعالى لطاعته عليه الصلاة و السلام في أمره والتأسي به في فعله إلا فيما يخص به آمين آمين (1/32)
جمل من التاريخ
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينفرد متقربا إلى الله عز و جل في غار معروف بغار حراء حبب إليه عليه صلوات الله وسلامه ذلك لم يأمره بذلك أحد من الناس ولا رأى من يفعل ذلك يتأسى به وإنما أراده الله تعالى لذلك فكان يبقى فيه عليه الصلاة و السلام الأيام والليالي ففيه أتاه الوحي
وأول ما أتاه جاءه الملك فقال له : اقرأ فقال : ما أنا بقارئ ؛ فغطه حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله فقال : اقرأ ؛ فقال : ما أنا بقارئ ؛ فغطه الثانية كذلك ثم أرسله فقال : اقرأ مرتين أو ثلاثا فقال له : ماذا أقرأ ؟ فقال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم } وهذا أول ما نزل من القرآن
فأتى بها النبي صلى الله عليه و سلم خديجة أم المؤمنين فكانت أول من آمن ثم آمن من الصبيان علي ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق ابن أبي قحافة واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر
وقيل : أول من آمن بعد خديجة أم المؤمنين : أبو بكر
ثم علي بن أبي طالب واسم أبيه عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وزيد بن حارثة و بلال
ثم أسلم عمرو بن عبسة السلمي وخالد بن سعيد بن العاصي بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف وسعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك ابن وهيب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب
ثم عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب
والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب
وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ابن كلاب
وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة
وخالد بن سعيد وعمرو بن عبسة وسعد بن أبي وقاص : من أولهم إسلاما وكان سائر من ذكرنا بدعاء أبي بكر الصديق لهم إلى الإسلام وقد قيل إن سعدا أيضا أسلم بدعاء أبى بكر غير خالد وعمرو فإنهما أسلما سابقين بدعائه عليه السلام
ثم أسلم أبو عبيدة واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب ابن ضبة بن الحارث بن فهر
وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة
وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي وإخوته قدامة وعبد الله والسائب
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي وكان أبوه زيد قد رفض الأوثان في الجاهلية ووحد الله عز و جل وأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة
وأسماء بنت أبي بكر الصديق
وفاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى أخت عمر بن الخطاب زوجة سعيد بن زيد
وعمير بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص
وعبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة حليف بني زهرة وكان يرعى غنما لعقبة بن أبي معيط وكان سبب إسلامه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حلب من غنمه شاة حائلا فدرت
ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن حمالة بن غالب ابن محلم بن عائذة بن يثيع بن مليح بن الهون بن خزيمة بن مدركة وهم القارة وسليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن ابن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر
وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة ابن مرة
وامرأته أسماء بنت مخربة التميمية
وخنيس بن حذافة بن قيس ين عدي بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي وهو زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم
وعامر بن ربيعة العنزي من عنز وائل حليف آل الخطاب
وعبد الله بن جحش بن رئاب بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة حليف بني أمية بن عبد شمس
وأخوه أبو أحمد بن جحش وكان أعمى
وجعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب وامرأته أسماء بنت عميس بن النعمان بن كعب بن مالك الخثعي
وحاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ابن عمرو بن هصيص بن كعب
وامرأته بنت المحلل بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأخوه حطاب بن الحارث
وامرأته فكيهة بنت يسار
ومعمر بن الحارث بن عمرو بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي
والسائب بن عثمان بن مظعون بن حبيب
والمطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب
وامرأته رملة بنت أبي عوف بن صبرة بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي
والنحام واسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد بن عبد مناف بن عوف بن عبيد ابن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي
وعامر بن فهير أزدي أمه فهيرة مولاة أبي بكر الصديق
وأمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن يثيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة امرأة خالد بن سعيد بن أبي العاصي
وحاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود أخو سليط بن عمرو المذكور قبل
وأبو حذيفة مهشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف
وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم حليف بني عدي بن كعب
وخالد و عاقل وعامر وإياس بنو البكير بن عبد ياليل بن ناشب ابن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة حلفاء لبني عدي ابن كعب
وعمار بن ياسر عنسى من مذحج مولى لبني مخزوم
وصهيب بن سنان من بني النمر بن قاسط حليف آل جدعان من بني تميم بن مرة
والأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف بن أبي جندب واسمه أسد ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم
ثم عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط وقيل : به أتم الله أربعين من الصحابة ولعل ذلك كان وعمرو بن عبسة لم يكن بمكة وعمير بن أبي وقاص كان صغيرا ولعل أيضا بينهم مثل هذا
وأول من أهراق دما في سبيل الله فسعد بن أبي وقاص وكان مع قوم من المسلمين يصلون فاطلع عليهم قوم من المشركين فقاتلوهم فضرب سعد رجلا منهم بلحى جمل فشجه
ثم أعلن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالدعاء إلى الله عز و جل وجاهرته قريش بالعداوة والأذى إلا أن أبا طالب عمه كان حدبا عليه مانعا له وهو باق على دين قومه
وكان المجاهرون لرسول الله صلى الله عليه و سلم بالأذى والعداوة أولهم وأشدهم من قومه : عمه أبو لهب واسمه عبد العزى بن عبد المطلب أحد المستهزئين
وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب
ومن بني عبد شمس بن عبد مناف : عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس
وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن ربيعة بن أمية بن عبد شمس أحد المستهزئين
وأبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس أحد المستهزئين
والحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أحد المستهزئين
ومعاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس
ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي
ومن بني عبد العزى بن قصي : الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى أحد المستهزئين
وابنه : ربيعة بن الأسود
وأبو البختري العاصي بن هشام بن أسد بن عبد العزى بن قصي ومن بني زهرة بن كلاب : ابن خاله وهو الأسد بن عبد يغوث ابن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب
ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة : أبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وأخوه : العاصي بن هشام
وعمهما : الوليد بن المغيرة والدخال بن الوليد
وابنه : أبو قيس بن الوليد
وابن عمه : قيس بن الفاكه بن المغيرة
وابن عمهم : زهير بن أبي أمية بن المغيرة أخو أم سلمة أم المؤمنين
والأسود بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وصيفى بن السائب من بني عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
ومن سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي : العاصي بن وائل بن هاشم ابن سعيد بن سهم بن هصيص والد عمرو
وابن عمه : الحارث بن عدي بن سعيد بن سهم بن هصيص
ومنبه ونبيه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم ابن هصيص
ومن بني جمح : أمية وأبي ابنا خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ابن هصيص بن كعب بن لؤي
وأنيس بن معير بن لوذان بن سعد بن جمح أخو أبي محذورة
والحارث بن الطلاطلة الخزاعي
وعدي بن الحمراء الثقفي
فاشتد هؤلاء ورؤساء سائر قبائل قريش على من أسلم منهم يعذبون من لا منعة عنده ويؤذون من لا يقدرون على عذابه والإسلام على هذا يفشو في الرجال والنساء
ولقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من العذاب أمرا عظيما ورزقهم الله تعالى على ذلك من الصبر أمرا عظيما لما ذخر الله عز و جل لهم في الآخرة من الكرامة فطعن الفاسق عدو الله أبو جهل سمية أم عمار بن ياسر بحربة في قلبها فقتلها رضوان الله عليها
وكان سادات بلال من بني جمح يأخذونه ويبطحونه على الرمضاء في حر مكة يلقون على بطنه الصخرة العظيمة ثم يأخذونه ويلبسونه في ذلك الحر الشديد درع حديد ويضعون في عنقه حبلا ويسلمونه إلى الصبيان يطوفون به وهو في كل ذلك صابر محتسب لا يبالي بما لقى في ذات الله تعالى رضوان الله عليه
وأسلم ياسر والد عمار وأسلم سلمة بن الوليد والوليد بن الوليد بن المغيرة وأبو حذيفة مهشم بن عتبة بن ربيعة وغيرهم
وأعتق أبو بكر بلال بن رباح وأمه حمامة مولدة وأعتق عامر بن فهيرة وأعتق أم عبيس وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية لبني عدي ابن كعب كان عمر بن الخطاب يعذبها على الإسلام وذلك قبل أن يسلم وقيل إن أبا قحافة قال : يا بني أراك تعتق رقابا ضعافا فلو أعتقت قوما جلدا يمنعونك ؛ فقال له أبو بكر : يا أبة إني أريد ما أريد قيل : ففيه أنزل الله تعالى : { وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى } إلى آخر السورة رضوان الله ورحمته وبركاته على الصديق
فلما كثر المسلمون واشتد العذاب والبلاء عليهم أذن الله تعالى لهم في الهجرة إلى أرض الحبشة وهي في غربى مكة وبين البلدين صحارى السودان والبحر الآخذ من اليمن إلى القلزم
فكان أول من خرج من المسلمين فارا بدينه إلى أرض الحبشة : عثمان بن عفان مع زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأبو حذيفة بن عتبة ربيعة بن عبد شمس مراغما لأبيه هاربا ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي مسلمة مراغمة لأبيها فارة بدينها إلى الله تعالى فولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة
ومن بني أسد بن عبد العزى : الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى
ومن بني عبد الدار بن قصي : مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار
ومن بني زهرة بن كلاب : عبد الرحمن بن عوف بن الحارث بن زهرة
ومن بني مخزوم : أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم ومعه امرأته أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أم المؤمنين
ومن بني جمح : عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح
ومن بني عدي بن كعب : عامر بن ربيعة حليف آل الخطاب ومعه امراته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم بن عبد الله بن عوف بن عبيد بن عويج ابن عدي بن كعب
ومن بني عامر بن لؤي : أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وامرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمر بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي
وقد قيل : إن أول من هاجر إلى أرض الحبشة أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك
ومن بني الحارث بن فهر : سهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب ابن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث
ثم خرج بعدهم جعفر بن أبي طالب ومعه امرأته أسماء بنت عميس فولدت هناك بنيه : محمدا وعبد الله وعونا
وعمر بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ومعه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرق بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج الكناني
وأخوه خالد بن سعيد ومعه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر ابن بياضة بن يثيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة فولدت له هنالك سعيدا وابنة حبة وهي أم خالد التي تزوجها الزبير بعد ذلك فولدت له خالد بن الزبير وعمرو بن الزبير
ومن حلفائهم من بني أسد بن خزيمة : عبد الله بن جحش بن رئاب ابن يعمر بن صبرة
وأخوه عبيد الله معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين فتنصر هنالك ومات مرتدا
وقيس بن عبد الله رجل منهم معه امرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب بن أمية
ومعيقيب بن أبي فاطمة عديد لبني العاص بن أمية وهو من دوس
وقد ذكر قوم فيمن هاجر إلى الحبشة أبا موسى الأشعري وأنه كان حليف عتبة بن ربيعة وليس كذلك لكنه خرج في عصابة من قومه مهاجرا من بلاده بأرض اليمن يريد المدينة فركب البحر فرمتهم السفينة إلى أرض الحبشة فأقام هنالك حتى أتى إلى المدينة مع جعفر بن أبي طالب
وكان أيضا ممن هاجر إلى أرض الحبشة : عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور أخي سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر حليف بني نوفل ابن عبد مناف وهو الذي بنى البصرة وأسسها أيام عمر
والأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد
ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن الأسد
وعمرو بن أمية بن الحارث بن أسد
وطليب بن عمير بن وهب بن أبي كثير بن عبد قصي وقد انقرض جميع بني عبد بن قصي
وسويبط بن سعد حريملة بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار
وجهم ويقال جهيم بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود بن جذيمة بن أقيش ابن عامر بن بياضة بن يثيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة وابناه : عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم
وأبو الروم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار
وعامر بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص
والمطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن صبيرة بن سعيد فولدت له هنالك عبد الله ابن المطلب
وعبد الله بن مسعود وأخوه عتبة بن مسعود
والمقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة مطرد بن عمرو ابن سعد بن دهير بن لؤي بن ثعلبة بن مالك بن الشريد بن أبي أهون بن فائش ابن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة وهو المقداد بن الأسود حليف بني زهرة
والحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ؛ معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبيلة بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة فولدت له هنالك : موسى وزينب وعائشة وفاطمة
وعمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة عم طلحة ابن عبيد الله
وشماس بن عثمان بن الشريد بن هرمي بن عامر بن مخزوم بن يقظة بن مرة ؛ واسم شماس هذا : عثمان وهو ابن أخت ربيعة
وهبار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وأخوه عبد الله بن سفيان
وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو من خزاعة وهو معتب بن حمراء حليف بني مخزوم
والسائب بن عثمان بن مظعون وعماه : قدامة وعبد الله ابنا مظعون
وحاطب وحطاب ابنا الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن خذافة ابن جمح ومع حاطب زوجته بنت المحلل بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وابناه منها : محمد والحارث ابنا حاطب ؛ ومع حطاب زوجته فكيهة بنت يسار
وسفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ومعه ابناه : جابر وجنادة ابنا سفيان وأمهما حسنة وأخوهما لأمهما شرحبيل ابن حسنة ؛ وهو شرحبيل بن عبد الله بن عمرو بن المطاع الكندي وقيل إنه من بني الغوث بن مر أخى تميم بن مر
وعتمان بن ربيعة بن أهبان بن وهب بن حذافة بن جمح
وخنيس بن حذافة بن قيس
وقيس وعبد الله ابنا حذافة
ورجل من بني تميم اسمه سعيد بن عمرو وكان أخا بشر بن الحارث ابن قيس لأمه
وهشام بن العاص بن وائل أخو عمرو بن العاص
وعمير بن رئاب بن حذيفة بن مهشم بن سعيد بن سهم
وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم
وإخوته : الحارث بن الحارث ومعمر بن الحارث وبشر بن الحارث
ومحمية بن جزء الزبيدي حليف لهم
ومعمر بن عبد الله بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد ابن عويج بن عدي بن كعب
وعدي بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان وابنه النعمان بن عدي
ومالك بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي ومعه امرأته عمرة بنت السعدي بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي
وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود
وسعد بن خولة من أهل اليمن حليف لبني عامر بن لؤي
وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود
وعماه : سليط بن عمرو والسكران بن عمرو
ومعه : امرأته أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد ود
وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر
وعياض بن غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر
وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد
وعثمان بن عبد غنم بن زهير بن أبي شداد
وسعد بن قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث ابن فهر
ثم إن قريشا بعثت إلى النجاشي عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص ليردا هؤلاء القوم إليهم فعصم الله تعالى النجاشي من ذلك وكان قد أسلم ولم يقدر على إظهار ذلك خوف الحبشة فمنعهم منهما وانصرفا خائبين
ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه و سلم فعز الإسلام به وبعمر وكان قد أسلم خباب بن الأرت
وجعل الإسلام يزيد ويفشو ؛ فلما رأت ذلك كفار قريش أجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب ابنى عبد مناف ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم ففعلوا ذلك وكتبوا فيه صحيفة وانحاز بنو هاشم وبنو المطلب كلهم : كافرهم ومؤمنهم فصاروا في شعب أبي طالب محصورين حاشا أبا لهب وولده فإنهم صاروا مع قريش على قومهم فبقوا كذلك ثلاث سنين إلى أن تألف قوم من قريش على نقضها فكان أحسنهم في ذلك أثرا هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي فإنه لقى زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي فعيره بإسلامه أخواله وكانت أم زهير عاتكة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم فأجابه زهير إلى نقض الصحيفة ثم مشى هشام إلى مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فذكره أرحام بني هاشم والمطلب ابني عبد مناف فأجابه مطعم إلى نقضها ثم مشى إلى أبي البختري بن هشام ابن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي فذكره أيضا بذلك فأجابه ثم مشى إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى فذكره بذلك فأجابه فقام فقام هؤلاء في نقض الصحيفة وأوحى إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لجماعتهم : إن الله تعالى قد أرسل على تلك الصحيفة وكانت معلقة في الكعبة فأكلت الأرضة كل ما فيها حاشا ما كان فيها من اسم الله تعالى فإنها لم تأكله فقاموا بأجمعهم راجين أن يجدوها بخلاف ما قال لهم فلما فتحوها وجدوها كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم سواء سواء فخزوا وقوي القوم المذكورون فنقضوا حكم تلك الصحيفة
وأراد أبو بكر أن يهاجر فلقيه بن الدغنة فرده
* * *
ثم اتصل بمن كان في أرض الحبشة من المهاجرين أن قريشا قد أسلمت وكان هذا الخبر كذبا فانصرف منهم قوم : منهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وامرأته سهلة بنت سهيل وعبد الله بن جحش وعتبة بن غزوان والزبير بن العوام ومصعب بن العمير وسويبط بن سعد بن حرملة وطليب بن عمير وعبد الرحمن بن عوف والمقداد بن عمرو وعبد الله بن مسعود وأبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم سلمة أم المؤمنين وشماس بن عثمان وسلمة بن هشام بن المغيرة وعمار بن ياسر وعثمان وقدامة وعبد الله بنو مظعون والسائب بن عثمان بن مظعون وخنيس بن حذافة السهمي وهشام بن العاصي بن وائل وعامر بن ربيعة وامرأته ليلى بنت أبي حثمة وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى من بني عامر بن لؤي وعبد الله بن سهيل بن عمرو والسكران بن عمرو وامرأته سودة بنت زمعة وسعد بن خولة وأبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد وسهيل بن وهب وهو سهيل بن بيضاء وعمرو بن أبي سرح
فوجدوا البلاء والأذى على المسلمين الذين بمكة فبقوا صابرين على الأذى إلى أن هاجروا إلى المدينة حاشا السكران بن عمرو فإنه مات بمكة قبل أن يهاجر فتزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم زوجته سودة بنت زمعة ؛ وحاشا سلمة بنت هشام فإنه حبسه عمه وأخوه حتى ذهبت بدر وأحد والخندق ؛ وحاشا عياش بن أبي ربيعة فإنه هاجر إلى المدينة فاتبعه أبو جهل الحارث ابن هشام وهما ابنا عمه وأخواه لأمه فذكراه سوء حال أمه فرقت نفسه فرجع فثقفوه إلى أن مضت بدر وأحد والخندق فهاجر حينئذ هو وسلمة بن هشام والوليد بن الوليد بن المغيرة وحاشا عبد الله ابن سهيل بن عمرو فإنه حبس إلى أن خرج مع الكفار يوم بدر فهرب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
ووافق بعد نقض الصحيفة أن ماتت خديجة وأبو طالب فأقدم عليه سفهاء قريش فخرج إلى الطائف يدعوا إلى الإسلام فلم يجيبوه فانصرف إلى مكة في جوار المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وجعل يدعو إلى الله عز و جل
وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي ودعا قومه ودعا له رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجعل الله آية فجعل الله تعالى في وجهه نورا فقال : يا رسول الله إني أخشى أن يقولوا هذه مثلة فدعا له رسول الله صلى الله عليه و سلم فصار ذلك النور في سوطه فهو المعروف بذي النور وأسلم بعض قومه وأقام الطفيل في بلاده إلى أن هاجر بعد الخندق فيما بين السبعين إلى الثمانين بيتا من قومه فوافوا رسول الله صلى الله عليه و سلم بخيبر
000000 - 11110 (1/36)
الإسراء
وأسرى برسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بمكة بجسده إلى بيت المقدس
المعراج الشريف
وعرج به جبريل صلوات الله تعالى وسلامه عليهما إلى السموات فمشى في السموات سماء سماء ولقي من لقي فيهن من
الأنبياء ولقي آدم في سماء الدنيا ورأى عنده نفوس أهل السعادة عن يمينه ونفوس أهل الشقاوة عن يساره ورأى عيسى ويحيى في السماء الثانية ورأى يوسف في الثالثة ورأى إدريس في الرابعة وهرون في الخامسة ورأى في السادسة موسى وقيل : إبراهيم ورأى في السابعة أحدهما ورأى الجنة وهي جنة المأوى وسدرة المنتهى في السماء السادسة
وفي تلك الليلة فرضت الصلوات الخمس
وجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو إلى الله تعالى فلا يجد من القبائل العرب مجيبا لما ذخر الله تعالى للأنصار من الكرامة إلى أن قدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فلم يبعد ولم يجب ثم انصرف إلى المدينة فقتل في بعض حروبهم (1/54)
قدوم الأنصار يطلبون الحلف من قريش ولقاء رسول الله صلى الله عليه و سلم ودعاؤهم إلى الإسلام
ثم قدم إلى مكة أبو الحيسر أنيس بن رافع في مائة من قومه من بني عبد الأشهل يطلبون الحلف من قريش فدعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فقال إياس بن معاذ منهم وكان شابا حدثا : ياقوم هذا والله خير مما جئنا له فضربه أبو الحيسر وانتهره فسكت ثم لم يتم لهم الحلف فانصرفوا إلى بلادهم بالمدينة ومات إياس بن معاذ فقيل إنه مات مسلما
ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر من الأنصار كلهم من الخزرج وهم : أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدسة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار واسم النجار : تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة
وعوف بن الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار وهو بن عفراء ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو ابن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج بن حارثة وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن سلمة وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة
فدعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فكان من صنع الله تعالى لهم أنهم كانوا جيران اليهود فكانوا يسمعونهم يذكرون أن الله تعالى يبعث نبيا قد أظل زمانه فقال بعضهم : هذا والله النبي الذي يتهددكم به اليهود فلا يسبقونا إليه
فآمنوا وأسلموا وقالوا : إنا قد تركنا قومنا وبينهم حروب فننصرف إليهم وندعوهم إلى ما دعوتنا إليه فعسى الله أن يجمع كلمتهم بك فإن اتبعوك فلا أحد أعز منك فانصرفوا إلى المدينة فدعوا إلى الإسلام حتى فشا فيهم ولم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى إذا كان العام القادم قدم من الأنصار اثنا عشر رجلا منهم خمسة من الستة الذين ذكرنا حاشا جابر بن عبد الله فلم يحضرها منهم وحضرها سبعة منهم (1/55)
العقبة الأولى
والسبعة : معاذ بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك ابن النجار وهو بن عفراء أخو عوف المذكور قبل
وذكوان بن عبد قيس بن خلدة - وقيل خالد - بن مخلد بن عامر بن زريق وذكوان هذا رحل إلى مكة فسكنها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو مهاجري أنصاري ؛ قتل يوم أحد
وعبادة بن الصامت بن قيس بن الأصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج بن حارثة
وأبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة من بني غصينة ثم من بلى حليف لهم
والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج بن حارثة
فهؤلاء من الخزرج
ومن الأوس بن حارثة رجلان وهما : أبو الهيثم مالك بن تيهان وهو من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس بن حارثة ؛ وعويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة
فبايع هؤلاء رسول الله صلى الله عليه و سلم عند العقبة على بيعة النساء ولم يكونوا أمروا بالقتال بعد فلما حان انصرافهم بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم معهم بن أم مكتوم ؛ ومصعب بن عمير يعلم من أسلم منهم القرآن والشرائع ويدعو من لم يسلم إلى الإسلام فنزل بالمدينة على أبي أمامة أسعد بن زرارة ؛ وكان مصعب بن عمير يؤمهم فجمع بهم أول جمعة بالإسلام في هزم حرة بني بياضة في نقيع يقال له : نقيع الخضمات وهم أربعون رجلا
فأسلم على يد مصعب بن عمير خلق كثيرا من الأنصار ؛ فأسلم في جملتهم : سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير وأسلم بإسلامهما جميع بني عبد الأشهل في يوم واحد الرجال والنساء ما نعلمه تأخر عن الإسلام أحد منهم حاشا الأصيرم وهو عمرو بن ثابت بن وقش فإنه تأخر إسلامه إلى أحد فأسلم فاستشهد ولم يسجد لله تعالى قط سجدة وأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه من أهل الجنة ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة كانوا كلهم مخلصين رضوان الله عليهم
ولم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها مسلمون رجالا ونساء حاشا بني أمية بن زيد وخطمة وواقف وهم بطون من الأوس وكانوا سكانا في عوالي المدينة فأسلم منهم قوم كان سيدهم أبو قيس صيفي بن الأسلت الشاعر فتأخر إسلامه وتأخر إسلام قومه إلى أن مضت بدر وأحد والخندق ثم أسلموا كلهم والحمد لله رب العالمين
ثم رجع مصعب بن عمير إلى مكة وخرج في الموسم جماعة كثيرة ممن أسلم من الأنصار يريدون لقاء رسول الله صلى الله عليه و سلم في جملة قوم كفار منهم بعد على دين قومهم ومن دين قومهم الحج على ما كانت العرب عليه حالتئذ فوفوا مكة وكان في جملتهم البراء بن معرور فرأى أن يستقبل الكعبة في الصلاة وكانت القبلة إلى بيت المقدس فصلى كذلك طول طريقه فلما قدم مكة ندم فاستفتى النبي صلى الله عليه و سلم فأنكر ذلك عليه فراجع الحق رحمه الله تعالى فواعدهم رسول الله صلى الله عليه و سلم العقبة من أواسط أيام التشريق فلما كانت تلك الليلة دعا كعب بن مالك ورجال من بني سلمة عبد الله بن عمرو بن حرام وكان سيدا فيهم إلى الإسلام ولم يكن أسلم بعد فأسلم تلك الليلة وبايع وكان ذلك سرا ممن حضر من كفار قومهم فخرجوا في ثلث الليل الأول متسللين من رحالهم إلى العقبة (1/56)
العقبة الثانية
فبايعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عندها على أن يمنعوه مما يمنعون منه نسائهم وأبنائهم وأزررهم وأن يرحل هو إليهم وأصحابه وحضر العقبة تلك الليلة العباس بن عبد المطلب متوثقا لرسول الله صلى الله عليه و سلم والعباس على دين قومه بعد لم يسلم ؛ وكان للبراء بن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في الإخلاص لله تعالى والتوثق لرسول الله صلى الله عليه و سلم وهو أول من بايع رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ ولحقه أبو الهيثم بن تيهان والعباس بن عبادة بن نضلة
وكان المبايعون لرسول الله صلى الله عليه و سلم تلك الليلة ثلاثة وسبعين وامرأتين واختار رسول الله صلى الله عليه و سلم اثني عشر نقيبا وهم : أسعد بن زرارة وقد ذكرناه قبل من الستة ومن الإثنى عشر
وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج بن حارثة
ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق وقد ذكرناه قبل في الستة و الإثنى عشر
والبراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم ابن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم ابن الخزرج
وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن سلمة بن سعد ؛ والد جابر
وسعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف ابن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة
والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة
وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصيرم بن فهر بن ثعلبة وقد ذكرنا نسبه قبل في الأثنى عشر
وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس ابن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج
فهؤلاء تسعة من الخزرج منهم واحد من بني عمرو بن الخزرج وهو أسعد بن زرارة وواحد من بني عوف بن الخزرج وهو عبادة بن الصامت ؛ واثنان من بني الحارث وهما عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع ؛ واثنان من بني كعب بن الخزرج وهما سعد بن عبادة والمنذر ابن عمرو ؛ وثلاثة من بني جشم بن الخزرج وهم عبد الله بن عمرو والبراء ابن معرور ورافع بن مالك
وثلاثة من الأوس وهم : أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد ابن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس
وسعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب ابن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس بن حارثة وقد انقرض جميعهم آخر من بقي من بني السلم رجل مات أيام الرشيد فإنا لله وإنا إليه راجعون
وقد صح إنذار رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك أن الناس يزيدون والأنصار لا يزيدون
ورفاعة بن عبد المنذر بن زنير بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة
وقد عد قوم أبا الهيثم بن تيهان مكان رفاعة والله أعلم (1/58)
هذه تسمية من شهد العقبة من غير النقباء رضوان الله عليهم ورحمته
منهم من الأوس من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس بن حارثة :
سلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس :
ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة
وأبو بردة بن نيار واسمه هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة حليف لهم
ونهير بن الهيثم من بني نابي بن مجدعة بن حارثة ثم من آل البراق ابن قيس بن عامر بن نابي
ومن بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس :
عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن البراك واسم البرك :
امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو
ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان بن ضبيعة حليف لهم من بلى استشهد يوم اليمامة
وعويم بن ساعدة حليف لهم من بلى
فجميع من شهدها من الأوس أحد عشر رجلا
وشهدها من الخزرج ثم من بني النجار وهم تيم الله بن ثعلبة بن عمرو ابن الخزرج :
أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم ابن مالك بن النجار
ومعاذ ومعوذ وعوف وهم بنو عفراء وأبوهم الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار
وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار استشهد يوم اليمامة
ومن بني عمرو بن مبذول واسم مبذول عامر بن مالك بن النجار :
سهل بن عتيك بن النعمان بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن عامر وهو مبذول
ومن بني عمرو بن مالك بن النجار وهم من بني حديلة :
أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار
وأبو طلحة وهو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار
ومن بني مازن بن النجار :
قيس بن أبي صعصعة واسم أبي صعصعة : عمرو بن زيد بن عوف ابن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن وكان على الساقة
يوم بدر
وعمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن فجميعهم أحد عشر رجلا
وشهدها من بلحارث بن الخزرج :
خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج
وبشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج والد النعمان بن بشير
وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد بن الحارث بن الخزرج ابن جشم بن الحارث بن الخزرج وهو الذي أرى النداء
وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج
وعقبة بن عمرو بن ثعلبة بن يسيرة بن عسيرة بن جدارة بن عوف بن حارث بن الخزرج وهو أبو مسعود البدري وهو أصغر من شهد العقبة سنا وجابر بن عبد الله
ومن بني جشم بن الحارث ثم من بني بياضة بن عمار بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج :
زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية بن بياضة
وفروة بن عمرو بن ودفة بن عبيد بن عامر بن أمية بن بياضة
وخالد بن قيس بن مالك بن عجلان بن عامر بن بياضة
ومن بني زريق بن عامر أخى بياضة بن عامر :
ذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق بن عامر
ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم ابن الخزرج ثم من بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة :
بشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد
والطفيل بن مالك بن خنساء
ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة :
الشاعر كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد ابن غنم
وسليم بن عمرو بن حديدة بن عمرو بن سواد بن غنم
وقطبة بن عامر بن حديدة
وأخوه يزيد بن عامر
وأبو اليسر كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد بن غنم
وابن عمه لحا صيفي بن سواد بن عباد
وثعلبة بن غنمة بن عدي بن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم
وأخوه عمرو بن غنمة
وابن عمهما لحا عبس بن عامر بن عدي
وابن عمهم لحا خالد بن عمرو بن عدي
وعبد الله بن أنيس بن أسعد بن حرام بن حبيب بن مالك بن غنم بن كعب بن تيم بن نفاثة بن إياس بن يربوع بن البراك بن وبرة حليف لهم قضاعي
ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة :
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم وكان من أحدثهم سنا
وثابت بن الجذع واسم الجذع : ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام ابن كعب
وعمير بن الحارث بن لبدة بن ثعلبة بن الحارث بن حرام بن كعب
وخديج بن سلامة بن أوس بن عمرو بن الفرافر حليف لهم من بلى
ومن إخوة بني سلمة وهم بنو أدى بن سعد بن علي :
معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو ابن أدى
فجميع من شهدها من بني سلمة وحلفائهم ثلاثون رجلا وقد زاد بعضهم فيهم أوس بن عباد بن عدي بن كعب بن عمرو
ومن بني عوف بن الخزرج :
العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم ابن عوف وهو مهاجري أنصاري هاجر إلى مكة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فكان معه بها استشهد يوم أحد رضي الله عنه
وأبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة حليف لهم من غصينة من بلى
وعمرو بن الحارث بن لبدة بن عمرو بن ثعلبة وهؤلاء هم القوافل
ومن بني الحبلى واسمه سالم بن غنم بن عوف :
رفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم
وعقبة بن وهب بن كلدة بن الجعد بن الهلال بن الحارث بن عمرو بن عدي بن جشم بن عوف بن بهثة بن عبد الله بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر حليف لهم هاجر أيضا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى مكة ؛ فهم خمسة رجال
ومن بني كعب بن الخزرج النفيبان اللذان ذكرناهما قبل وهما سعد ابن عبادة والمنذر بن عمرو فقط
والمرأتان : نسيبة بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار وهي أم عمارة قتل مسيلمة ابنها حبيب بن زيد ابن عاصم بن كعب والأخرى أسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي بن عمرو ابن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة وهي أم منيع
* * * *
وكانت هذه البيعة سرا عن كفار قومهم فلما تمت هذه البيعة أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة فخرجوا أرسالا فقيل : أول من خرج أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي وقيل : إنه هاجر قبل بيعة العقبة بسنة وحال بنو المغيرة بينة وبين امرأته ابنة عمهم وهي أم سلمة أم المؤمنين فأمسكت بمكة نحو سنة ثم أذن لها في اللحاق بزوجها فانطلقت وشيعها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الدار وهو كافر إلى المدينة وكان أبو سلمة نازلا في قباء
ثم هاجر عامر بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب معه امرأته ليلى بنت حثمة بن غانم
ثم عبد الله وأبو أحمد ابنا جحش الأسديان وكان أبو أحمد مكفوفا وكانت تحته الفرعة بنت أبي سفيان بن حرب وكان شاعرا وأمه أميمة بنت عبد المطلب ؛ وهاجر جميع بني جحش بنسائهم فعدا أبو سفيان على دراهم فتملكها إذ بقيت يبابا لا أحد بها وهي دار أبان بن عثمان اليوم التي بالردم فنزل هؤلاء الأربعة : أبو سلمة وعامر وعبد الله وأبو أحمد على مبشر بن عبد المنذر بن زبير في بني عمرو بن عوف بقباء
وقدم أيضا عكاشة بن محصن وعقبة وشجاع ابنا وهب وأربد بن حميرة ومنقذ بن نباتة وسعيد بن رقيش وأخوه يزيد بن رقيش و محرز بن نضلة وقيس بن جابر وعمرو بن محصن ومالك بن عمرو وصفوان بن عمرو وربيعة بن أكثم والزبير بن عبيدة وتمام بن عبيدة وسخربة بن عبيدة ومحمد بن عبد الله بن جحش ؛ وهؤلاء كلهم من بني أسد ابن خزيمة حلفاء بني أمية بن عبد شمس ومن نسائهم : زينب بنت جحش أم المؤمنين وحمنة بنت جحش وجذامة بنت جندل وأم قيس بنت محصن وأم حبيبة بنت نباتة وأمامة بنت رقيش وأم حبيبة بنت جحش
ثم خرج عمر بن الخطاب وعياش بن أبي ربيعة في عشرين راكبا فقدموا المدينة فنزلوا في العوالي في بني أمية بن زيد وكان يصلي بهم سالم مولى أبي حذيفة ؛ وكان هشام بن العاصي قد أسلم وواعد عمر بأن يهاجر معه واتعدا عند التناضب من أضاة بني غفار فوق سرف فحبسه قومه من الهجرة
ثم إن أبا جهل والحارث بن هشام أتيا المدينة وكلما عياش بن أبي ربيعة وكان أخاهما لأمهما وابن عمتها وأخبراه أن أمه قد نذرت أن لا تغسل رأسها ولا تستظل حتى تراه فرقت نفسه فرجع معهما فكتفاه في الطريق وبلغاه مكة فحبساه بها مسجونا إلى أن تخلص بعد ذلك فهاجر إلى المدينة
وكان من جملة القادمين مع عمر بن الخطاب أخوه زيد بن الخطاب وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمرو وعبد الله ابنا سراقة بن المعتمر وكلهم من بني عدي بن كعب ؛ وواقد بن عبد الله التميمي وخولى ومالك بن أبي خولى من بني عجل بن لجيم حلفاء لبني عدي وخنيس بن حذافة السهمي وكان متزوجا بحفصة أم المؤمنين بنت عمر رضي الله عنه ونزلوا بقباء على رفاعة بن عبد المنذر بن زنبر في بني عمرو بن عوف
ثم قدم طلحة بن عبيد الله فنزل هو وصهيب بن سنان على خبيب ابن إساف في بني الحارث بن الخزرج بالسنح ويقال : بل نزل طلحة على أبي أمامة أسعد بن زرارة وأخذت قريش كل ما كان اكتسبه صهيب منهم وكان ذا مال وكان حليف بني جدعان
ونزل حمزة بن المطلب وحليفه أبو مرثد كناز بن حصين الغنوى وزيد بن حارثة الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم - على كلثوم بن الهدم أخى بني عمرو بن عوف بقباء ويقال : على سعد بن خيثمة ويقال : بل نزل حمزة على أسعد بن زرارة
ونزل عبيد والطفيل والحصين بنو الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف وابن عمهم مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف وسويبط ابن سعد بن حريملة أخو بني عبد الدار وطليب بن عمير أخو بني عبد قصي وخباب بن الأرت مولى عتبة بن غزوان - علي عبد الله بن سلمة أخى بني العجلان بقباء
ونزل عبد الرحمن بن عوف في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع في بني الحارث بن الخزرج
ونزل الزبير بن العوام وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى - علي المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بالعصبة دار جحجي
ونزل مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار - علي سعد ابن معاذ بن النعمان في بني عبد الأشهل
ونزل أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسالم مولى أبي حذيفة وعتبة ابن غزوان المازني من بني مازن بن منصور أخى سليم وهوازن ابني منصور علي عباد بن بشر بن وقش أخى بني عبد الأشهل في دارهم وسالم ليس مولى أبي حذيفة ولكنه مولى ثبيتة بنت يعار بن زايد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس سيبته وأعتقته فانقطع إلى أبي حذيفة فتبناه فنسب إليه وكانت ثبيتة هذه فيما ذكر امرأة أبي حذيفة
ونزل عثمان بن عفان على أوس بن ثابت أخى حسان بن ثابت في بني النجار
ويقال : أنزل العزاب من المهاجرين على سعد بن خثيمة وكان عزبا
ولم يبق بمكة أحد من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلي بن أبي طالب وأبو بكر أقاما بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم وإلا من حبس كرها
وأراغت قريش قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم ورصدوه على باب منزله طول ليلهم فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يضطجع على فراشه وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وطمس الله تعالى على أبصارهم فلم يروه ووضع على رءوسهم ترابا ونهض فلما أصبحوا خرج إليهم علي رضي الله عنه فعلموا أن النبي صلى الله عليه و سلم قد فاتهم
وتواعد رسول الله صلى الله عليه و سلم الهجرة مع أبي بكر الصديق فدفعا راحلتيهما إلى عبد الله بن أريقط الديلي رجل من بني بكر بن عبد مناة كافر حليف العاص بن وائل السهمي والد عمرو بن العاص ولكنهما وثقا بأمانته وكان دليلا بالطرق فاستأجراه ليدل بهما إلى المدينة ويتنكب عن الطريق العظمى وكانت أم أريقط سهمية
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من خوخة في ظهر دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه التي في بني جمح ليلا فنهضا نحو الغار الذي في الجبل الذي اسمه ثور بأسفل مكة فدخلا فيه وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع ما يقول الناس وأمر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه وأن يريحها عليهما ليلا ليأخذا منها حاجتهما وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام ويأتيهما عبد الله بن أبي بكر بالأخبار ثم يتلوهما عامر بالغنم فيعفى أثرهما فلما فقدته قريش أتبعته بقائف معروف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار فقال : هنا انقطع الأثر فنظروا فإذا بالعنكبوت وقد نسج على فم الغار من وقته فأيقنوا أنه لا أحد فيه فرجعوا وفتح الله تعالى في الوقت في جانب الغار بابا واسعا خرجا منه في صخرة صلد صماء لا تؤثر فيها المعاول فأمالها الله عز و جل وهي اليوم ظاهرة لا يشك من رآها أنها لو ردت لسدت المكان ولا يختلف أحد أن ذلك الباب لو كان هنالك حينئذ لرأته قريش جهارا وجعلوا في النبي صلى الله عليه و سلم مائة ناقة لمن رده عليهم فلما مضت لبقائهما في الغار ثلاثة أيام أتاهما عبد الله بن أريقط براحلتيهما وأتتهما أسماء بسفرتهما وشقت نطاقها وربطت به السفرة وعلقتها فركبا الراحلتين وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة ؛ فلذلك سميت أسماء ذات النطاقين وحمل أبو بكر مع نفسه جميع ماله وهو نحو ستة آلاف درهم
وخطروا على سراقة بن مالك بن جعثم فركب فرسه واتبعهم ليردهم بزعمه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا عليه فساخت يدا فرسه في الأرض ثم استقل فأتبع يديه دخان فعلم أنها آية فناداهم : قفوا على وأمنهم من نفسه فوقف له رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى لحقه ورغب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكتب له كتابا فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا بكر أن يكتب له
وسلك بهم الدليل أسفل مكة إلى الساحل أسفل من عسفان إلى أسفل أمج ثم اجتاز قديدا ثم سلك الخرار إلى ثنية المرة إلى لقف إلى مدلجة لقف إلى مدلجة مجاج إلى مرجح ذي الغضوين إلى بطن ذي كشد إلى جداجد إلى الأجرد إلى ذي سلم من بطن تعهن بقرب السقيا إلى العبابيد إلى القاحة إلى العرج فوقف بهم بعض ظهرهم فحمل رجل من أسلم يقال له : أوس بن حجر رسول الله صلى الله عليه و سلم على جمل يقال له بن الرداء وبعث معه غلاما له يقال له مسعود بن هنيدة ليرده إليه من المدينة ثم أخذ بهم من العرج إلى ثنية العائر عن يمين ركوبة إلى بطن رثم إلى قباء حين اشتد الضحاء يوم الإثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت لربيع الأول قرب استواء الشمس
وأول من رآه رجل يهودي من سطح أطمه فصاح بأعلى صوته : [ يا بني قيلة هذا جدكم ] - يريد : حظكم - وقد كانت الأنصار انتظروه حتى قلصت الظلال فدخلوا بيوتهم فخرجوا فتلقوه مع أبي بكر في ظل نخلة فذكر أنه عليه السلام نزل على كلثوم بن الهدم بقباء وقيل على سعد بن خيثمة وقيل : نزل أبو بكر بالسنح على خبيب بن إساف أخى بني الحارث بن الخزرج
وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة حتى أدى ودائع كانت عند رسول الله صلى عليه وسلم للناس ثم لحق بالمدينة فنزل مع النبي صلى الله عليه و سلم فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بقباء أياما وأسس مسجدها
ثم ركب ناهضا كما أمره الله تعالى فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء ؛ فرغب إليه العباس بن عبادة وعتبان بن مالك ورجال بني سالم أن يقيم عندهم فقال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة وكان عليه السلام على ناقته فمشى الأنصار حواليه حتى إذا وازت دار بني بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو ورجال من بني بياضة فدعوه إلى البقاء عندهم فقال دعوها : فإنها مأمورة فمشى إلى دار بني ساعدة فتلقاه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ورجال من بني ساعدة فدعوه إلى البقاء عندهم فقال : دعوها فإنها مأمورة ؛ فمشى حتى إذا وازت دار بني الحارث بن الخزرج تلقاه سعد بن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة فدعوه إلى البقاء عندهم فقال : دعوها فإنها مأمورة ؛ فمشى إلى بني عدي ابن النجار وهم أخوال عبد المطلب فتلقاه سليط بن قيس وأبو سليط أسيرة بن أبي خارجة ورجال من بني عدي بن النجار فدعوه إلى البقاء فقال : دعوها فإنها مأمورة فمشى فلما أتى دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده وهو يومئذ مربد لغلامين من بني مالك بن النجار وهما : سهل وسهيل وكانا في حجر معاذ بن عفراء وكان فيه أيضا خرب ونخل وقبور للمشركين فبركت الناقة فبقى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ظهرها لم ينزل فقامت ومشت غير بعيد ورسول الله صلى الله عليه و سلم لا يثنيها ثم التفتت خلفها فرجعت إلى مكانها الذي بركت فيه فبركت فيه ثانية واستقرت
وقد قيل إن جبار بن صخر من بني سلمة كان من صالح المؤمنين جعل ينخسها منافسة لبني النجار : أن ينزل رسول الله صلى الله عليه و سلم عنده فكان لأبي أيوب وعيد على ذلك فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الناقة فحمل أبو أيوب رحله فأدخله داره ونزل عليه السلام دار أبي أيوب
وسأل عن المربد فأخبر فأراد شراءه للمسجد فأبت بنو النجار من بيعه وبذلوه لله عز و جل دون ثمن وقد روينا أن النبي صلى الله عليه و سلم أبي أن يأخذه إلا بالثمن فالله أعلم
فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ببناء المسجد فبنى من اللبن وجعلت عضادتاه الحجارة وسواريه جذوع النخل وسقفه الجريد بعد أن أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقبور فنبشت وبالنخل فقطع وبالخراب فسويت وعمل رسول الله صلى الله عليه و سلم وعمل المسلمون فيه حسبة لله تعالى
ثم وادع اليهود فلم يبق إلا أشهرا يسيرا حتى مات أبو أمامة أسعد بن زرارة بالذبحة فلم يجعل عليه السلام نقيبا بعده
وآخى بين المهاجرين والأنصار : فآخى بين جعفر بن أبي طالب وهو غائب بالحبشة ومعاذ بن جبل ؛ وآخى بين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وخارجة بن زيد بن الحارث ؛ وآخى بين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك من بني سالم ؛ وآخى بين أبي عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ أخى بني عبد الأشهل ؛ وآخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع أخى بني الحارث بن الخزرج ؛ وآخى بين الزبير بن العوام وبين سلمة بن سلامة ابن وقش وقيل : بل كعب بن مالك الشاعر أخى بني سلمة وقيل : بل بين طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك وآخى بين عثمان بن عفان وأوس ابن ثابت أخى حسان بن ثابت ؛ وآخى بين سعيد بن زيد بن عمرو وبين أبي بن كعب ؛ وآخى بين مصعب بن عمير وبين أبي أيوب مضيفه ؛ وآخى بين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة وبين عباد بن بشر بن وقش أخى بني عبد الأشهل ؛ وآخى بين عمار بن ياسر وبين حذيفة بن اليمان العبسي حليف بني عبد الأشهل ويقال : بل ثابت بن قيس بن شماس ؛ وآخى بين أبي ذر الغفاري وبين المنذر بن عمرو المعنق ليموت وهو نقيب من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ؛ وآخى بين حاطب بن أبي بلعتة حليف بني أسد بن عبد العزى وبين عويم بن ساعدة أخى بني عمرو بن عوف ؛ وآخى بين سلمان الفارسي وبين أبي الدرداء عويمر بن ساعدة أخى بني عمرو بن عوف ؛ وآخى بين سلمان الفارسي وبين أبي الدرداء عويمر بن ثعلبة أخى بني الحارث بن الخزرج ؛ وآخى بين بلال وبين أبي رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي
فرض الزكاة
ثم فرضت الزكاة بالمدينة حينئذ
وأسلم عبد الله بن سلام وكفر جمهور اليهود وظاهرهم قوم من الأوس والخزرج منافقون يظهرون الإسلام مداراة لجمهور من الأنصار ويسرون ما يسخطون الله تعالى به من الكفر
فمن ذكر منهم من الأوس ثم من بني لوذان بن عمرو بن عوف : زوي بن الحارث
ومن بني حبيب بن عمرو بن عوف : الحارث بن سويد بن الصامت قتله رسول الله صلى الله عليه و سلم قودا ؛ وكان أخوه خلاد بن سويد من فضلاء المسلمين وكانت لأخيهما الخلاس بن سويد نزغة ثم لم ير منه إلا خير وصلاح وإسلام إلى أن مات ونبتل بن الحارث
ومن بني ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف : بجاد بن عثمان بن عامر وأبو حبيبة بن الأزعر وهو أحد أصحاب مسجد الضرار وعباد بن حنيف - وكان أخواه سهل وعثمان ابنا حنيف من خيار المسلمين
ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف : جارية بن عامر بن العطاف وقد ذكر ابناه زيد ومجمع ولم يصح عن مجمع إلا الخير والقرآن والإسلام لكنه استضر بأبيه وبأن قدمه - وهو حدث - وأصحابه ليؤمهم في مسجد الضرار
ومن بني أمية بن زيد بن مالك : وديعة بن ثابت وهو من أهل مسجد الضرار
ومن بني عبيد بن زيد بن مالك خالد بن حزام وبشر ورافع ابنا زيد ومن النبيت ثم من بني حارثة : مربع بن قيظى وأخوه أوس بن قيظى
ومن النبيت ثم من بني ظفر : حاطب بن أمية بن رافع وكان ابنه يزيد بن حاطب من الفضلاء ؛ وقزمان حليف لهم قاتل يوم أحد فأبلى فذكر لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : هو من أهل النار فعجب الناس من ذلك فلما اشتد به الألم قتل نفسه
ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة إلا أن الضحاك بن ثابت أحد بني كعب كان يتهم بذلك
ومن الخزرج ثم من بني النجار : رافع بن وديعة وزيد بن عمرو وعمرو بن قيس وقيس بن عمرو بن سهل
ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة : الجد بن قيس
ومن بني عوف بن الخزرج : عبد الله بن أبي سلول كهف المنافقين ورأس أهل النفاق وكان ابنه عبد الله بن عبد الله من صلحاء المسلمين ووديعة وسويد وداعس ومالك بن أبي قوقل
وكان قوم من اليهود قد تعوذوا بالإسلام وهم يبطنون الكفر منهم : سعد بن حنيف وزيد بن اللصيت ورافع بن حرملة ورفاعة بن زيد ابن التابوت وسلسلة بن برهام وكنانة بن صوريا (1/60)
غزوة الأبواء
فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة باقي ربيع الأول من مقدمة المدينة وهو أول التأريخ وربيع الآخر في العام كله
إلى صفر سنة اثنتين من الهجرة وهو آخر العام من مقدمه لم يتحرك
ثم خرج غازيا في صفر المؤرخ واستعمل على المدينة سعد بن عبادة حتى بلغ ودان فهي غزوة الأبواء فوداع فيها بني
ضمرة بن عبد مناة ابن كنانة وعقد ذلك معه سيد بني ضمرة : مخشي بن عمرو ؛ ورجع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى
المدينة ولم يلق حربا وهي أول غزاة غزاها بنفسه صلى الله عليه و سلم (1/76)
بعث حمزة بن عبد المطلب بن هاشم وبعث عبيد بن الحارث
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة من غزوة الأبواء أقام بالمدينة بقية صفر ربيع الأول وصدر ربيع الآخر ؛ ووجه في هذه الإقامة عبيد بن الحارث في ستين راكبا من المهاجرين أوثمانين ليس فيهم من الأنصار أحد فنهض حتى بلغ أحياء وهو ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة فلقى بها جمعا عظيما من قريش قيل : إنه كان عليهم عكرمة بن أبي جهل وقيل : بل كان عليهم مكرز بن حفص بن الأخيف فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص وكان في ذلك البعث رمى بسهم ؛ فهو أول سهم رمى به في سبيل الله تعالى وفر من الكفار يومئذ إلى المسلمين : المقداد ابن عمرو وعتبة بن غزوان وهو الذي بنى البصرة بعد ذلك وكان قديمي الإسلام إلا أنهما لم يجدا السبيل إلى اللحاق بالنبي صلى الله عليه و سلم
وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم أيضا حمزة عمه حينئذ في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد إلى سيف البحر من ناحية العيص فلقى أبا جهل في الثلاثمائة راكب من كفار قريش أهل مكة فحجز بينهم مجدى بن عمرو الجهني وكان موادعا للفريقين فلم يكن بينهم قتال
وكان بعث حمزة وبعث عبيدة متقاربين واختلف في أيهما أسبق قيل : إلا أنها أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه و سلم لأحد من المسلمين (1/76)
غزوة بواط
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ربيع الآخر المؤرخ وهو صدر العام الثاني من مقدمه صلى الله عليه و سلم بالمدينة واستعمل على المدينة السائب بن مظعون حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا ولا حربا (1/77)
غزوة العشيرة
فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بقية ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى ثم خرج غازيا واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي وأخذ على نقب بني دينار بن النجار وأخذ على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر فثم له مسجد وموضع أثافي طعامه معلوم هنالك وبها ماء يقال له : المشيرب ثم ترك الخلائق بيساره وسلك شعب عبد الله إلى اليسار حتى هبط يليل فنزل بمجتمع يليل والضبوعة ثم سلك فرش ملل حتى لقى الطريق بصخرات اليمام إلى العشيرة من بطن ينبع فأقام هنالك باقي جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة ووادع فيها بني مدلج ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربا
غزوة بدر الأولى
فلم يقم النبي صلى الله عليه و سلم بعد العشيرة إلا نحو عشر ليال حتى أغار كرز بن جابر الفهرى على سرح المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في طلبه حتى بلغ واديا يقال له : سفوان في ناحية بدر ففاته كرز فرجع صلى الله عليه و سلم إلى المدينة
بعث سعد بن أبي وقاص
وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث في خلال هذه الغزوة سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط من الهاجرين فبلغ الخرار ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربا وقيل : إنه إنما بعثه رسول الله صلى الله عليه و سلم في طلب كرز بن جابر (1/78)
بعث عبد الله بن جحش
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من بدر الأولى - كما ذكرنا - إلى المدينة فأقام بها بقية جمادى الآخرة ورجب وشعبان
وبعث في رجب المذكور عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي ومعه ثمانية رجال من المهاجرين وهم :
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة
وعكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي
وعتبة بن غزوان بن جابر المازني
وسعد بن أبي وقاص
وعامر بن ربيعة العنزي
وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة ابن مالك بن زيدة مناة بن تميم
وخالد بن البكير أخو بني سعد بن ليث
وسهيل بن بيضاء الفهري
وكتب رسول الله صلى الله عليه و سلم كتابا لعبد الله بن جحش وهو أمير القوم وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه ولا يكره أحدا من أصحابه ففعل ذلك عبد الله بن جحش فلما فتح الكتاب وجد فيه : [ إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا أو عيرا لقريش وتعلم لنا من أخبارهم ] فلما قرأ عبد الله بن جحش الكتاب قال : سمعا وطاعة ثم أخبر أصحابه بذلك وبأنه لا يستكرههم وأما هو فناهض ومن أحب الشهادة فلينهض ومن كره الموت فليرجع فمضوا كلهم معه فسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع - يقال له : بحران - أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لها كان يعتقبانه ونفذ عبد الله في سائرهم حتى ينزل بنخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة فيها عمرو بن الحضرمي واسم الحضرمي : عبد الله وعثمان ابن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل بن عبد الله المخزوميان والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة
فتشاور المسلمون وقالوا : نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام فإن قتلناهم انتهكنا الشهر الحرام وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرام ثم اتفقوا على ملاقتهم فرمى عبد الله بن واقد التميمي عمرو بن الحضرمي فقتله وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت نوفل بن عبد الله ثم قدموا بالعير والأسيرين قد أخرجوا الخمس من ذلك فعزلوه فذكر أنهما أول غنيمة خمست فأنكر النبي صلى الله عليه و سلم ما فعلوا في الشهر الحرام فسقط في أيدي القوم فأنزل الله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير } الآية إلى قوله : { حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } فقبض النبي صلى الله عليه و سلم الخمس وقسم الغنيمة وقبل الفداء في الأسيرين : ورجع سعد وعتبة سالمين إلى المدينة
وهذه أول غنيمة في الإسلام وأول أسيرين أسرا من المشركين وأول قتيل قتل منهم
وأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى استشهد يوم بئر معونة
وأما عثمان بن عبد الله فمات بمكة كافرا (1/79)
صرف القبلة
وصرفت القبلة عن بيت المقدس حينئذ على سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة وقد روى أن أول من صلى نحو الكعبة أبو سعيد بن المعلى الأنصاري سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر بتحويل القبلة فصلى ركعتين إلى الكعبة وقيل : بل صرفت على ثمانية عشر شهرا وقيل : على ستة عشر شهرا لم يقل أحد أكثر ولا أقل
غزوة بدر الثانية وهي أكرم المشاهد وهي بدر البطشة وهي بدر القتال
فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم - كما ذكرنا - إلى رمضان من السنة الثانية ثم اتصل به عليه صلوات الله تعالى وسلامه أن عيرا لقريش عظيمة فيها أموال كثيرة مقبلة من الشام إلى مكة فيها ثلاثون رجلا من قريش عميدهم أبو سفيان بن حرب أو قيل : أربعون رجلا ؛ من جملتهم : مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة وعمرو بن العاص ؛ فندب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى هذه العير وأمر من كان ظهره حاضرا بالخروج ولم يحتفل في الحشد لأنه إنما قصد العير ولم يقدر أنه يلقى حربا ولا قتالا فاتصل بأبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خارج إليهم فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى أهل مكة مستنفرا لهم إلى نصر عيرهم فنهض إلى مكة واستنفر فنفر أهل مكة وأوعبوا إلا اليسير وكان ممن تخلف أبو لهب ونفر سائر أشرافهم
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من المدينة لثمان خلون من رمضان واستعمل على المدينة عمرو بن أم مكتوم - من بني عامر بن لؤي - على الصلاة بالمسلمين ثم رد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير ودفع الراية : الواحدة إلى على بن أبي طالب كرم الله وجهه والثانية إلى رجل من الأنصار وقيل : كانتا سوداوين ؛ وكان مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ سبعون بعيرا يعتقبونها فقط وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد يعتقبون بعيرا ؛ وكان حمزة وزيد بن حارثة وأبو كبشة وأنسة - مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم - يعتقبون بعيرا ؛ وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا ؛ وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة من بني النجار وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ
فسلك صلى الله عليه و سلم على نقب المدينة إلى العقيق إلى ذي الحليفة إلى ذات الجيش إلى تربان وقيل : تربان إلى ملل إلى غميس الحمام من مريين إلى صخيرات اليمام إلى السيالة إلى فج الروحاء إلى شنوكة إلى عرق الظبية
ونزل عليه السلام سجسج وهو بئر بالروحاء ثم رحل فترك طريق مكة عن يساره وسلك ذات اليمين على النازية يريد بدرا فسلك وادي رحقان بين النازية ومضيق الصفراء ثم إلى مضيق الصفراء فلما قرب من الصفراء بعث بسبس بن عمرو الجهني حليف بني ساعدة وعدي ابن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار - إلى بدر يتجسسان أخبار أبي سفيان وعيره
ثم رحل فأخبر عن جبلي الصفراء وان اسميهما : مسلح ومخرئ وأن سكانهما بنو النار وبنو حراق بطنان من غفار فكره النبي صلى الله عليه و سلم هذه الأسماء فترك الجبلين وترك الصفراء على اليسار وأخذ ذات اليمين على وادي ذفران ؛ فلما خرج منه نزل
وأتاه الخبر بخروج نفير قريش لنصر العير فأخبر أصحابه رضوان الله عليهم واستشارهم فيما يعملون فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا فتمادى في الإستشارة وهو يريد ما يقول الأنصار فبادر سعد بن معاذ وسارع في فنون من القول الجميل وكان فيما قال : لو استعرضت هذا البحر بنا لخضناه معك فسر بنا يا رسول الله صلى الله عليه و سلم على بركة الله تعالى فسر رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك فقال : [ سيروا وأبشروا فإن الله عز و جل قد وعدني إحدى الطائفتين ]
ثم رحل من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر إلى الدبة ونزل الحنان وهو كثيب عظيم كالجبل على ذات اليمين ثم نزل قريبا من بدر وركب مع رجل من أصحابه مستخبرا ثم انصرف فلما أمسى بعث عليا والزبير وسعد بن أبي وقاص في نفر إلى بدر يلتمسون الخبر فأصابوا رواية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج السهمين وأبو يسار عريض غلام بني العاص بن سعيد الأمويين فأتوا بهما ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يصلي فسألوهما : لمن أنتما ؟ فقالا : نحن سقاة قريش
فكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا الخبر وكانوا يرجون أن يكونا من العبير لعظم الغنيمة في العير وقلة المئونة فيها ولأن الشوكة في نفر قريش شديدة فجعلوا يضربونهما فإذا آذاهما الضرب قالا : نحن من عير أبي سفيان فسلم رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال : أخبراني أين قريش ؟ قالا : هم وراء هذا الكثيب وأخبراه أنهم ينحرون يوما عشرا من الإبل ويوما تسعا فقال صلى الله عليه و سلم : [ القوم بين التسعمائة إلى الألف ]
وكان بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء اللذين بعثهما عليه السلام يتجسسان له الأخبار مضيا حتى نزلا بدرا فأناخا بقرب الماء ثم استقيا في شن لهما ومجدي بن عمرو بقربهما فسمع عدي وبسبس جاريتين من الحي وإحدهما تقول لصاحبتها : أعطيني ديني ؛ فقالت الأخرى : إنما تأتي العير غدا فأعمل لهم ثم أقضيك فصدقها مجدي بن عمرو ورجع عدي وبسبس بما سمعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم
ولما قرب أبو سفيان من بدر تقدم وحده حتى أتى ماء بدر فقال لمجدي : هل أحسست أحدا ؟ فقال : لا إلا باثنين أناخا إلى هذا التل واستقيا الماء ونهضا فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعير ففته فإذا فيه النوى فقال : هذه والله علائف يثرب فرجع سريعا وقد حذر فصرف العير عن طريقها فأخذ طريق الساحل فنجا وأوحى إلى قريش يخبرهم بأنه نجا والعير فارجعوا فأبى أبو جهل وقال : والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر ونقيم عليها ثلاثا فتهابنا العرب أبدا
ورجع الأخنس بن شريق الثقفي بجميع بني زهرة فلم يشهد بدرا أحد منهم وكان حليفهم ومطاعا فيهم فقال : إنما خرجتم تمنعون أموالكم وقد نجت
وكان قد نفر من جميع بطون قريش جماعة حاشا بني عدي بن كعب فلم ينفر منهم أحد فلم يحضر بدرا مع المشركين عدوى ولا زهرى أصلا وقد قيل إن ابنين لعبد الله الأصغر بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة ابن كلاب شهدا بدرا مع المشركين وقتلا يومئذ كافرين وهما عما مسلم والد الفقيه محمد بن مسلم الزهري
فسبق رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا إلى ماء بدر ومنع قريشا من السبق إليه مطر عظيم أرسله الله تعالى مما يليهم ولم يصب منه المسلمين إلا ما لبد لهم الأرض يعني دهس الوادي وأعانهم على السير فنزل عليه السلام على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة وأشار عليه الحباب بن المنذر بن عمرو بن الجموح بغير ذلك وقال يا رسول الله : أرأيت هذا المنزل أونزل أنزلك الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال عليه السلام : بل هو الرأي والحرب المكيدة فقال : يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملأه ونشرب ولا يشربون فاستحسن رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا الرأي وفعله ؛ وبنى لرسول الله صلى الله عليه و سلم عريش يكون فيه ومشى رسول الله على موضع الوقعة فعرض على أصحابه مصارع رءوس الكفر من قريش مصرعا مصرعا يقول : هذا مصرع فلان ومصرع فلان فما عدا واحد منهم مضجعه الذي حده رسول الله صلى الله عليه و سلم
فلما تراءت قريش فيما يليهم بعثوا عمير بن وهب الجمحي فحزر لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فقط فيهم فارسان : الزبير و المقداد بن الأسود ثم انصرف ورام حكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش ولا يكون حرب فأبى أبو جهل وساعده المشركون على ذلك
وبدأت الحرب : فخرج عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة بن ربيعة يطلبون البراز فخرج إليهم عبيدة بن الحارث وحمزة ابن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب فقتل الله عتبة وشيبة والوليد وسلم حمزة وعلي بن أبي طالب وضرب عتبة عبيدة فقطع رجله ومات بالصفراء - وكان قد برز إليهم عوف ومعوذ ابنا الحارث وهما ابنا عفراء وعبد الله بن رواحة الأنصاريون فأبوا إلا قومهم
وكانت وقعة بدر يوم الجمعة في اليوم السابع عشر من رمضان
وعدل عليه السلام الصفوف ورجع إلى العريش ومعه أبو بكر وحده
وكان أول قتيل قتل من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب أصابه سهم فقتله وسمع عمير بن الحمام رسول الله صلى الله عليه و سلم يحض على الجهاد فيرغب في الجنة وفي يده تمرات يأكلهن فقال : بخ بخ أما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ؟ ثم رمى بهن وقاتل حتى قتل رضي الله عنه وقد فعل
ثم منح الله المسلمين النصر فهزم المشركون وسعد بن معاذ وقوم من الأنصار وقوف على باب العريش يحرسون رسول الله صلى الله عليه و سلم وانقطع يومئذ سيف عكاشة بن محصن فأعطاه رسول الله صلى الله عليه و سلم جذلا من حطب فقال : دونك هذا فلما أخذه عكاشة وهزه عاد في يده سيفا طويلا شديدا أبيض فلم يزل عنده يقاتل به حتى قتل رضوان الله عليه في الردة أيام أبي بكر
ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بقتلى المشركين فسحبوا إلى القليب فرموا به وطم عليهم التراب وجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم على الثقل عبد الله بن كعب ابن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما نزل الصفراء قسم بها الغنائم كما أمر الله تعالى وضرب عنق النضر بن الحارث بن كلدة من بني عبد الدار ؛ ثم لما نزل عرق الظبية ضرب عنق عقبة بن أبي معيط بن عمرو بن أمية بن عبد شمس (1/81)
تسمية من شهد بدرا من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
من بني هاشم والمطلب ابني عبد مناف :
محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وعمه حمزة بن عبد المطلب
وابن عمه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب
ومن مواليه :
زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس ابن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد الله بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة
وأنسة وهو حبشي
وأبو كبشة وهو فارسي
ومن حلفاء بني هاشم :
أبو مرثد كناز بن حصين بن يربوع بن عمرو بن عمير بن يربوع بن خرشة بن سعد بن طريف بن جلان بن غنم بن غني بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان حليف حمزة
وابنه مرثد بن أبي مرثد
وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف
وأخواه : الطفيل والحصين ابنا الحارث
ومسطح واسمه : عوف بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف - اثنا عشر رجلا
ومن بني عبد شمس بن عبد مناف :
عثمان بن عفان تخلف على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانت مريضة فتوفيت وجاءت البشرى بالفتح حين دفنت فضرب له رسول الله صلى الله عليه و سلم بسهمه من الغنيمة وبأجره من المشهد فهو بدري
وأبو حذيفة واسمه : قيس وقيل : مهشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس
وسالم مولى أبي حذيفة وهو حينئذ يدعى : ابن أبي حذيفة
ومن مواليهم :
قيل : إن صبيحا مولى أبي العاص بن أمية تجهز للخروج فمرض فحمل على بعيره أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي ثم شهد صبيح بعد ذلك المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
ومن حلفائهم :
عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة
وعكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كبير
وأخوه : سنان بن محصن
وأخوه : أبو سنان بن محصن
وابنه : سنان بن أبي سنان
وشجاع بن وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كبير
وأخوه : عقبة بن وهب
ويزيد بن رقيش بن رئاب بن يعمر
ومحرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة بن كبير
وربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن بكير بن عامر بن غنم بن دودان ابن أسد بن خزيمة
ومن حلفاء بني كبير بن غنم :
ثقف ومالك ومدلج - وقيل : مدلاج - وهم من بني سليم
وأبو مخشي سويد بن مخشي الطائي ثمانية عشر رجلا
ومن بني نوفل بن عبد مناف بن قصي :
عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان حليف بني نوفل
وخباب مولى عتبة بن غزوان وهو غير خباب بن الأرت ؛ رجلان
ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي :
الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي
وحاطب بن أبي بلتعة اللخمي حليف لهم
وسعد الكلبي مولى حاطب ثلاثة رجال
ومن بني عبد الدار بن قصي بن كلاب :
مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
وسويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار
رجلان
ومن بني زهرة بن كلاب بن مرة :
عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة
وسعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف ابن زهرة
وأخو عمير بن أبي وقاص
ومن حلفائهم :
المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو ابن سعد بن دهير بن لؤي بن ثعلبة بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة
وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة
ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن ملحم بن غالب ابن عائذة بن يثيع بن الهون بن خزيمة بن مدركة من القارة
وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة بن غبشان بن سليم بن ملكان بن أفصي بن حارثة بن عمرو بن عامر بن خزاعة وهو غير ذي اليدين ذلك يسمى بالخرباق وهو من بني سليم بن منصور قيل إن اسم ذي الشمالين : عمير بن عبد عمرو وكان أعسر وكان ذو اليدين طويل اليدين
وخباب بن الأرت وهو تميمي وقيل خزاعي وله عقب بالكوفة
ثمانية رجال
ومن بني تيم بن مرة :
أبو بكر الصديق وهو عبد الله بن أبي قحافة رضي الله عنه واسمه : عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كلاب
وبلال بن رباح حبشي مولى أبى بكر
وعامر بن فهيرة أسود مولى أبى بكر من مولدي الأسد
وصهيب بن سنان من النمر بن قاسط حليف بني جدعان
وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة كان بالشام في تجارة فضرب له رسول الله صلى الله عليه و سلم بسهمه وأجره فهو بدري خمسة رجال
ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب :
أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وشماس واسمه : عثمان بن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمي بن عامر ابن مخزوم
والأرقم بن أبي الأرقم عبد مناف بن أبي جندب واسمه : أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وعمار بن ياسر العنسي مولى فهر
وعيهامة واسمه : معتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي حليف لهم
خمسة رجال
ومن بني عدي بن كعب :
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي
وأخوه : زيد بن الخطاب
وعمرو بن سراقة
وأخوه : عبد الله بن سراقة
وكان سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل غائبا بالشام فضرب له رسول الله صلى الله عليه و سلم بسهمه وأجره فهو بدري
ومهجع مولى عمر بن الخطاب
ومن حلفائهم :
واقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة التميمي
وخولى ومالك ابنا أبي خولى العجليان
وعامر بن ربيعة العنزي
وعامر وعاقل وخالد وإياس بنو البكير بن عبد ياليل بن ناشب ابن غيرة بن سعد بن ليث أربعة عشر رجلا
ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب :
عثمان وقدامة وعبد الله بنو مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح
والسائب بن عثمان بن مظعون
ومعمر بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح
خمسة رجال
ومن بني سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي :
خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم رجل واحد
ومن بني عامر بن لؤي بن غالب بن فهر :
أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل
وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود
وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي خرج مع المشركين
فلما التقى الجمعان فر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
ووهب بن سعد بن أبي سرح
وحاطب بن عمرو
وعمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو
وسعد بن خولة حليف لهم من اليمن سبعة رجال
ومن بني الحارث بن فهر :
أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر
وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب
وسهيل بن ربيعة بن هلال بن أهيب وهو بن بيضاء
وأخوه : صفوان بن وهب
وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة
وعياض بن زهير ستة رجال
فجميع البدرين من المهاجرين رضوان الله عليهم ستة وثمانون رجلا منهم ثلاثة لم يشهدوها ووجب لهم أجر من شهدها وسهم كمن شهدها وهم : عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد ؛ والباقون شهدوها بأنفسهم منهم من صليبة قريش واحد وأربعون رجلا : من بني هاشم ثلاثة ؛ ومن بني المطلب أربعة ؛ ومن بني عبد شمس واحد ؛ ومن بني عبد العزى واحد ؛ ومن بني عبد الدار اثنان ؛ ومن بني زهرة ثلاثة ؛ ومن بني تيم واحد ؛ ومن بني مخزوم ثلاثة ؛ ومن بني عدي أربعة ؛ ومن بني جمح خمسة ؛ ومن بني سهم واحد ؛ ومن بني عامر خمسة ؛ ومن بني الحارث ستة والخمسة والأربعون موالي وحلفاء منهم موالي أحد عشر وهم : زيد بن حارثة وأنسة وأبو كبشة وخباب وبلال وعامر بن فهيرة وسالم ومهجع وسعد الكلبي وصهيب وعمرو بن عوف مولى سهيل وباقيهم عجم ومنهم ثلاثة وثلاثون حليفا : منهم من أسد بن خزيمة واحد ؛ ومن بني كنانة أربعة ؛ ومن بني تميم اثنان اختلف في أحدهما فقيل إنه خزاعي ؛ ومن غني اثنان ؛ ومن سليم ثلاثة ؛ ومن مازن أخى سليم واحد ومن طيئ واحد ؛ ومن عجل اثنان ؛ ومن عنز واحد : ؛ ومن اليمن غير منسوب واحد
والبدريون من الأوس بن حارثة من الأنصار ثم من بني عمرو بن مالك ابن الأوس ثم من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس :
سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل
وأخوه : عمرو بن معاذ
والحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان
والحارث بن أنس بن رافع بن امرئ القيس
وسعد بن زيد بن مالك بن عبيد بن كعب بن عبد الأشهل
وسلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعورا بن عبد الأشهل
وابن عمه : عباد بن بشير بن وقش
وسلمة بن ثابت بن وقش
ورافع بن يزيد ين كرز بن سكن بن زعورا
ومن حلفائهم :
الحارث بن خزمة بن عدي بن أبي بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج بن حارثة خرج عن قومه وحالف بني زعورا
ومحمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس خرج عن قومه وحالف بني عمه : بني زعورا
وسلمة بن أسلم بن حريش بن عدي بن مجدعة بن حارثة خرج أيضا عن قومه وحالف بني عمه : بني زعورا
وأبو الهيثم بن التيهان
وعبيد بن التيهان
وعبد الله بن سهل وقيل : إنه صليبة من بني زعورا خمسة عشر رجلا
ومن بني ظفر واسمه كعب بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس :
قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر
وعبيد بن أوس بن مالك بن سواد وعبيد هذا هو مقرن سمي بذلك لأنه أسر أربعة من المشركين فقرنهم كلهم وساقهم وأحدهم عقيل بن أبي طالب
ونصر بن الحارث بن عبد بن عبيد بن ظفر
وعمه : معتب بن عبيد
ومن حلفائهم :
عبد الله بن طارق البلوي خمسة رجال
ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس :
مسعود بن سعد بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة
وأبو عبس بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة بن حارثة
ومن حلفائهم ثم من بلى :
أبو بردة بن نيار واسمه : هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب ابن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلي بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة ثلاثة نفر
ومن بني عوف بن مالك بن الأوس ثم من بني ضبيعة بن زيد بن مالك ابن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس : عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح واسم أبي الأقلح : قيس بن عصمة ابن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة
ومتعب بن قشير بن مليل بنة زيد بن العطاف بن ضبيعة وقج ذكر قوم معتب بن قشير في المنافقين وهذا باطل لأن حضوره بدرا يبطل هذا الظن بلا شك
وأبو مليل بن الأزعر بن زيد بن العطاف بن ضبيعة
وعمير بن معبد بن الأزعر بن زيد بن العطاف
وسهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث ابن بحزج وهو عمرو بن خنس - أو خنيس ويقال :
خنساء - بن عوف ابن عمرو بن عوف بن الأوس حليف لهم خمسة
ومن بني أمية بن زيد بن عوف :
أبو لبابة بشير ومبشر ورفاعة بنو عبد المنذر بن زيد بن زنبر بن أمية بن زيد
وسعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية بن زيد
وعويم بن ساعدة بن عائش بن قيس بن زيد بن أمية بن زيد
ورافع بن عنجدة وهي أمه
وعبيد بن أبي عبيد
وثعلبة بن حاطب
وزعموا أن أبا لبابة والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فرجعا إلى المدينة وأمر أبا لبابة عليها وضرب لهما بسهمهما وأجرهما وقد قال قوم : إن ثعلبة بن حاطب منع الزكاة فنزلت فيه : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } الآيات وهذا باطل لأن شهوده بدرا يبطل ذلك بلا شك ثمانية رجال
ومن بني عبيد بن زيد بن مالك بن عوف :
أنيس بن قتادة بن ربيعة بن خالد بن الحارث بن عبيد بن زيد
ومن حلفائهم من بلى :
معن بن عدي بن الجد بن العجلان
وثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان
وابن عمه لحا : زيد بن أسلم بن ثعلبة
وربعي بن رافع بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان
وخرج عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فرده وضرب له بسهمه وأجره ستة رجال
ومن بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف :
جبر بن عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن زيد بن معاوية
ومالك بن نميلة المزني حليف لهم
والنعمان بن عصر البلوي حليف لهم ثلاثة رجال
ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك :
عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك واسم البرك : امرؤ القيس ابن ثعلبة بن عمرو بن عوف
وعاصم بن قيس بن ثابت بن النعمان بن أمية بن البرك
وأبو ضياح بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة
وأخوه : أبو حبة بن ثابت
وسالم بن عمير بن ثابت بن النعمان بن أمية بن البرك
والحارث بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة
وخوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن البراك رده رسول الله صلى الله عليه و سلم وضرب له بسهمه وأجره سبعة رجال
ومن بني جحجبي بن كلفة بن عوف بن مالك :
المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبي ابن كلفة
ومن حلفائهم :
أبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة بن بيحان بن عامر بن الحارث بن مالك ابن عامر بن أنيف بن جشم بن عبد الله بن تيم بن إرش بن عامر بن عبيلة ابن قسميل بن فران بن بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة رجلان
ومن بني امرئ القيس بن مالك بن الأوس ثم من بني غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس :
سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم
ومنذر بن قدامة بن عرفجة بن كعب النحاط بن كعب بن حارثة وقيل : مالك بن قدامة
وعمه : الحارث بن عرفجة
وتميم مولى سعد بن خيثمة خمسة رجال
فجميع من شهد بدرا من الأوس بنفسه ومن ضرب له بسهمه ولأجره واحد وستون رجلا وكان الأوس أقل عددا من الخزرج وتأخرت منهم مع ذلك قبائل عن الإسلام ولكنهم كانوا أقوى وأنجد وكانوا يسكنون العوالي على بعد من المدينة فلذلك قل عدد من حضر منهم المشاهد
والبدريون من الخزرج بن حارثة من الأنصار ثم من بني الحارث ثم من بني امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث ابن الخزرج بن حارثة :
خارجة بن زيد بن أبي زهير وكانت ابنته تحت أبي بكر الصديق فولدت له أم كلثوم
وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس
وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس ابن مالك
وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس أربعة رجال
ومن بني زيد بن مالك أخى امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة المذكور :
بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك
وأخوه : سماك بن سعد رجلان
ومن بني عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج :
سبيع بن قيس بن عيشة وقيل : عبسة بن أمية بن مالك بن عامر ابن عدي
وأخوه : عباد بن قيس
وعبد الله بن عبس ثلاث رجال
ومن بني أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث ابن الخزرج :
يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر وهو الذي يقال له : بن فسحم واحد
ومن بني جشم وزيد ابني الحارث بن الخزرج ؛ وهما التوأمان :
خبيب بن إساف بن عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم
وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد
وأخوه : حريث بن زيد بن ثعلبة
وسفيان بن بشر بن عمرو بن الحارث بن كعب بن زيد أربعة رجال
ومن بني جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج :
تميم بن يعار بن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة
وعبد الله بن عمير
وزيد بن المرن بن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة وقيل : هو زيد ابن المزين
وعبد الله بن عرفطة بن عدي بن أمية بن جدارة أربعة رجال
ومن بني الأبجر وهم بنو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج :
عبد الله بن ربيع بن قيس بن عمرو بن عباد بن الأبجر وهو خدرة واحد
ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني عبيد بن مالك بن سالم بن غنم ابن عوف بن الخزرج يسمى سالم الحبلي لعظم بطنه :
عبد الله بن عبد الله بن أبي سلول وسلول امرأة وهي أم أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد
وأوس بن خولى بن عبد الله بن الحارث بن عبيد رجلان
ومن بني جزء بن عدي بن مالك بن سالم وبني ثعلبة بن مالك :
زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزء
وعقبة بن وهب بن كلدة حليف لهم من بني عبد الله بن غطفان
ورفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم
وعامر بن سلمة بن عامر حليف لهم من اليمن ويقال : عمرو بن سلمة وهو من بلى
وأبو خميصة معبد بن عباد بن قشير بن المقدم بن سالم بن غنم
وعامر بن البكير حليف لهم ويقال : هو عامر بن العليس ستة رجال
ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج ثم من بني العجلان بن زيد بن غنم بن سالم :
نوفل بن عبد الله بن نضلة بن مالك بن العجلان رجل
وقد صح أن عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان حضرها ؛ فهم حالتئذ رجلان
ومن بني أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف وقد قيل : إنه غنم عوف أخو سالم بن عوف بن الخزرج :
عبادة بن الصامت
وأخوه : أوس بن الصامت رجلان
ومن بني دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم :
النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد والنعمان هو قوقل
ومن بني قربوس بن غنم بن أمية بن لوذان بن سالم ويقال : قريوس ابن غنم :
ثابت بن هزال بن عمرو بن قربوس رجل واحد
ومن بني مرضخة وعمرو ابني غنم بن أمية بن لوذان :
مالك بن الدخشم بن مرضخة ويقال : مالك بن الدخشم بن مالك بن الدخشم بن مرضخة
والربيع بن إياس بن عمرو بن غنم بن أمية بن لوذان
وأخوه : ورقة بن إياس
وعمرو بن إياس حليف لهم من اليمن ويقال : إنه أخو الربيع وورقة
ومن حلفائهم :
المحذر بن ذياد بن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عمارة بن مالك بن غصينة ابن عمرو بن بتيرة بن مشنوء بن قسر بن تيم بن إرش بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن فران بن بلى بن عمرو بن قضاعة واسم المجذر : عبد الله
وعبادة بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة
ونحاب بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة وقيل : نحاث
وعبد الله بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم
وقد قيل أيضا : إن عتبة بن ربيعة بن خالد بن معاوية البهراني حليفهم شهد بدرا وقد قيل : إن عتبة هذا من بهز من بني سليم
ومن بني كعب بن الخزرج ثم من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ثم من بني ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة :
أبو دجانة : سماك بن خرشة وقيل : سماك بن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة
والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة رجلان
ومن بني عمرو بن الخزرج بن ساعدة :
أبو أسيد : مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن حازم بن عمرو ابن الخزرج بن ساعدة
ومالك بن مسعود بن البدن رجلان
ومن بني طريف بن الخزرج بن ساعدة :
عبد ربه بن حق بن أوس بن وقش بن ثعلبة بن طريف
ومن حلفائهم :
كعب بن حمار بن ثعلبة الجهني
وضمرة وزياد وبسبس بنو عمرو
وعبد الله بن عامر من بلى
ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد ابن ساردة بن تزيد بن جشم :
خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة
والحباب بن المنذر بن الجموح
وعمير بن الحمام بن الجموح
وتميم مولى خراش بن الصمة
وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام
ومعاذ بن عمرو بن الجموح
ومعوذ بن عمرو
وخلاد بن عمرو بن الجموح
وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام
وحبيب بن أسود مولى لهم
وثابت بن الجذع واسم الجذع : ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام
وعمير بن الحارث بن لبدة بن ثعلبة
وبشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي ابن غنم بن كعب بن سلمة
والطفيل بن مالك بن خنساء
والطفيل بن النعمان بن خنساء
وسنان بن صيفي بن صخر بن خنساء
وعبد الله بن الجد بن قيس بن صخر بن خنساء
وعتبة بن عبد الله بن صخر بن خنساء
وجبار بن أمية بن صخر بن خنساء
وخارجة بن حمير
وأخوه : عبد الله بن حمير حليفان لهم من أشجع من بني دهمان
وقد قيل : إن جبار بن صخر هو ابن أمية بن خناس
ويزيد بن المنذر بن سرح بن خناس
ومعقل بن المنذر بن سرح بن خناس
وعبد الله بن النعمان بن بلدمة
والضحاك بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عبيد بن عدي بن كعب
وسواد بن رزن بن زيد بن ثعلبة وقيل : سواد بن زريق بن زيد ابن ثعلبة
ومعبد بن قيس بن صخر بن حرام
وعبد الله بن قيس بن صخر بن حرام
وعبد الله بن عبد مناف بن النعمان بن سنان
وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان وليس هذا جابر بن عبد الله ابن عمرو بن حرام الذي طال عمره وكترت عنه الرواية ذلك لم يشهد بدرا ولا أحدا وأول مشاهده غزوة حمراء الأسد ثم ما بعدها متصلا إلى الخندق
وخليدة بن قيس بن النعمان
والنعمان بن يسار مولى لهم
وأبو المنذر : يزيد بن عامر بن حديدة
وقطبة بن عامر بن حديدة
وسليم بن عمرو بن حديدة
وعنترة مولاه وقيل : إن عنترة هذا من بني سليم بني بن منصور ثم من بني ذكوان
وعبس بن عامر بن عدي
وأبو اليسر : كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد بن غنم
وسهل بن قيس بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد
وعمرو بن طلق بن زيد بن أمية بن سنان بن كعب بن غنم خمسة وثلاثون رجلا
ومن بني أدي بن سعد أخى سلمة بن سعد :
معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عدي ابن أدي وقد قيل في نسبه : معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عباد بن ابن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد أخى سلمة بن سعد رجل واحد
ومن بني زريق بن عبد حارثة بن غضب بن جشم بن الخزرج :
قيس بن محصن بن خالد بن مخلد بن عامر بن زريق بن عبد حارثة
وأبو خالد : الحارث بن قيس بن خالد بن مخلد
وجبير بن إياس بن خالد بن مخلد
وأبو عبادة : سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد
وأخوه : عقبة بن عثمان
وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد
وعبادة بن قيس بن عامر بن خالد بن عامر بن زريق بن عبد حارثة
وأسعد بن يزيد بن الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر بن زريق بن عبد حارثة
والفاكه بن بشر بن الفاكه بن زيد بن خلدة
ومعاذ بن ماعص بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق
وأخوه : عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق
وعمها : مسعود بن سعد بن قيس
ورفاعة بن رافع بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق بن عبد حارثة وأخوه : خلاد بن رافع
وعبيد بن زيد بن عامر بن العجلان
وزياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية بن بياضة
وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة
ورجيلة بن ثعلبة بن خالد بن ثعلبة بن عامر بن بياضة
وعطية بن نويرة بن عامر بن عطية بن عامر بن بياضة
وخليفة بن عدي بن عمرو بن مالك بن عامر بن فهيرة بن بياضة
ورافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن ثعلبة بن زيد مناة بن حبيب بن حارثة أخى زريق بن حارثة
ومن بني عمرو بن الخزرج بن النجار وهو : تيم الله بن ثعلبة بن عمرو ابن الخزرج :
أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم ابن مالك بن النجار
وثابت بن خالد بن النعمان بن خنساء بن عسيرة بن عبد بن عوف بن غنم ابن مالك بن النجار
وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم ابن مالك بن النجار
وسراقة بن كعب بن عبد العزى بن غزية بن عمرو بن عبد بن عوف ابن غنم بن مالك بن النجار
وسهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بن ملاك بن النجار
وعدي بن أبي الزغباء حليف لهم من جهينة
ومسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك ابن النجار
وأبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك ابن النجار
ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد
ومن بني سواد بن مالك بن غنم :
عوف ومعوذ ومعاذ بنو الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار وهم بنو عفراء
والنعمان بن عمرو بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار
وعبد الله بن قيس بن خالد بن خلدة بن الحارث بن سواد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار
وعصمة حليف لهم من أشجع
ووديعة بن عمرو حليف لهم من جهينة
وثابت بن عمرو بن زيد بن عدي بن سواد بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار
وقد قيل : إن أبا الحمراء مولى الحارث بن رفاعة شهد بدرا
وثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول واسم مبذول : عامر بن مالك بن النجار
وسهل بن عتيك بن النعمان بن عمرو بن عتيك
والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك كسر به الروحاء فضرب له رسول الله صلى الله عليه و سلم بسهمه عشرون رجلا
ومن بني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار وهم بنو حديلة :
أبي بن كعب بن قيس بن عبيدة بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار
وأنس بن معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار رجلان
ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار وهم بنو مغالة وهي كنانية :
أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار
وأبو شيخ بن أبي بن ثابت بن المنذر بن حرام وقال بعضهم : هو أبو شيخ : أبي بن ثابت أخو حسان بن ثابت وأوس بن ثابت
وأبو طلحة : زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة ابن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار أربعة رجال
ومن بني عدي بن النجار :
حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار
وعمرو بن ثعلبة بن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار وهو أبو حكيم
وسليط بن قيس بن عمرو بن عتيك بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار
وأبو سليط : أسيرة بن عمرو وهو أبو خارجة بن قيس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار
وثابت بن خنساء بن عمرو بن مالك بن عدي بن عامر
وعامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار
ومحرز بن عامر بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار
وسواد بن غزية بن أهيب حليف لهم من بلى
وأبو زيد : قيس بن سكن بن قيس بن زعورا بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار
وأبو الأعور بن الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام
وسليم بن ملحان
وحرام بن ملحان وهو مالك بن خالد بن زيد بن حرام عشرة رجال
ومن بني مازن بن النجار :
قيس بن أبي صعصعة واسم أبي صعصعة : عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار
وعبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول
وعصمة حليف لهم من بني أسد بن خزيمة
وأبو داود : عمير بن عامر بن مالك بن خنساء بن مبذول
وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول
وقيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة بن مازن ابن النجار ستة رجال
ومن بني دينار بن النجار :
النعمان بن عبد عمرو بن مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار
والضحاك بن عبد عمرو أخوه
وسليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار ابن النجار
وجابر بن خالد بن مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار
وسعد بن سهيل بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار
ومن بني قيس بن مالك بن كعب بن حارثة بن دينار بن النجار :
كعب بن زيد بن قيس
وبجير بن أبي بجير حليف لهم من بني جذيمة بن رواحة من بني عبس
فجميع من شهد بدرا من الخزرج مائة رجل وسبعون رجلا
وجميع أهل بدر ثلاثمائة رجل وتسعة عشر رجلا منهم من غاب عنها وضرب له بسهمه وأجره ثمانية رجال والباقون شهدوها بأنفسهم وهم ثلاثمائة وأحد عشر رجلا ؛ رضوان الله عليهم أجمعين
وقد ذكر فيمن شهد بدرا :
عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج
وابن أخيه : عصمة بن الحصين بن وبرة
وهلال بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن ثعلبة بن مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج (1/87)
ذكر شهداء بدر رضوان الله عليهم أجمعين
عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف
وعمير بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص قتل يومئذ وله ستة عشر عاما
وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي حليف بني زهرة
وعاقل بن البكير الليثي حليف بني عدي بن كعب
ومهجع مولى عمر بن الخطاب
وصفوان بن بيضاء من بني الحارث بن فهر - فهؤلاء ستة من المهاجرين
ومن الأنصار ثم من الأوس :
سعد بن خيثمة بن عمرو بن عوف
ومبشر بن عبد المنذر بن زنبر - فهم أيضا رجلان
ومن بني الحارث بن الخزرج :
يزيد بن الحارث وهو بن فسحم بن الحارث بن الخزرج
ومن بني سلمة :
عمير بن الحمام
ومن بني حبيب بن عبد حارثة :
رافع بن المعلى
ومن بني النجار :
حارثة بن سراقة
وعوف ومعوذ ابنا عفراء فهم ستة من الخزرج فالجميع أربعة عشر رجلا (1/114)
ذكر من قتل من المشركين يوم بدر
وقتل من كفار قريش ومن تبعهم سبعون رجلا فمن مشاهيرهم :
حنظلة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية وكان من قتلته : زيد ابن حارثة
وعبيد بن سعيد بن العاص قتله الزبير
وأخوه : العاص بن سعيد قتله علي رضي الله عنه
وعقبة بن أبي معيط قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح صبرا وقيل : قتله علي رضي الله عنه
وعتبة بن ربيعة بن عبد شمس
وشيبة بن ربيعة
والوليد بن ربيعة
والحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف
وابن عمه : طعيمة بن عدي قتل صبرا
وزعمة بن الأسود بن المطلب بن أسد
وابنه : الحارث بن زمعة
وأخوه : عقيل بن الأسود
وابن عمه : أبو البحتري العاص بن هشام بن الحارث بن أسد
ونوفل بن خويلد بن أسد قيل : قتله ابن أخيه الزبير وقيل : علي
والنضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار ضربت عنقه صبرا بالصفراء
وعمير بن عثمان عم طلحة بن عبيد الله
وأبو جهل بن هشام اشترك في قتله : معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء ؛ ووجده عبد الله بن مسعود وبه رمق فحز رأسه
وأخوه : العاص بن هشام
وابن عمهما : مسعود بن أبي أمية بن المغيرة أخو أم سلمة أم المؤمنين
وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة أخو خالد بن الوليد
وابن عمه : أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة
والسائب بن أبي السائب بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وقد اختلف فيه فقيل : إنه لم يقتل يومئذ بل أسلم بعد ذلك
ومنبه بن الحجاج
وابنه : العاص بن منبه بن الحجاج
وأخوه : نبيه
وأمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح
وابنه : علي بن أمية
وأسر مالك بن عبيد الله بن عثمان أخو طلحة بن عبيد الله فمات أسيرا
وحذيفة وهشام ابنا أبي حذيفة بن المغيرة
وذكر أنه قتل وأسر من بني مخزوم وحلفائهم من المشركين يوم بدر أربعة وعشرون رجلا
ومن بني عبد شمس وحلفائهم اثنا عشر رجلا
ومن مشاهيرهم ممن أسر يوم بدر من بني هاشم :
العباس بن عبد المطلب
وعقيل بن أبي طالب أخو علي
ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب
ومن بني المطلب بن عبد مناف :
السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف والنعمان ابن عمرو بن علقمة بن المطلب
ومن بني عبد شمس :
عمرو بن أبي سفيان بن حرب
والحارث بن أبي وجزة بن أبي عمرو بن أمية
وأبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس صهر رسول الله صلى الله عليه و سلم زوج ابنته زينب
وخالد بن أسيد بن أبي العيص
وأربعة حلفاء لهم
ومن بني نوفل بن عبد مناف :
عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف
وعثمان بن عبد شمس بن جابر ابن عم عتبة بن غزوان لحا
ومن بني عبد الدار :
أبو عزيز بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار أخو مصعب ابن عمير
ومن بني أسد بن عبد العزى :
السائب بن أبي حبيش بن المطلب بن أسد
والحارث بن عائذ بن عثمان بن أسد
ومن بني مخزوم :
خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وصيفي بن أبي رفاعة بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وابن أخيه : عبد الله بن أبي المنذر بن أبي رفاعة
والمطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم
وخالد بن الأعلم الخزاعي ويقال : عقيلي حليف لهم وهو القائل :
( ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما )
وهو أول من فر يوم بدر فأدرك وأسر
وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة
والوليد بن الوليد أخو خالد بن الوليد
وعثمان بن عبد الله بن المغيرة
وأبو عطاء : عبد الله بن أبي السائب بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
ومن بني سهم :
أبو وداعة بن صبيرة بن سعيد بن سهم وهو أول أسير فدى
ومن بني جمح :
عبد الله بن أبي خلف
وأخوه : عمرو بن أبي
وأبو عزة : عمرو بن عبد الله بن عمير بن أهيب بن حذافة بن جمح
ومن بني عامر :
سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي
وعبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود
ومن بني أسد بن عبد العزى :
عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي (1/115)
غزوة بني سليم
ولم يتم للنبي صلى الله عليه و سلم بعد منصرفه من بدر إلا سبعة أيام ثم خرج بنفسه يريد بني سليم واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وقيل : ابن أم مكتوم فبلغ ماء يقال له : الكدر فأقام عليه ثلاثة أيام ثم انصرف ولم يلق حربا (1/120)
غزوة السويق
ثم إن أبا سفيان لما انصرف فل بدر آلى أن يغزو رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج في مائتي راكب حتى أتى العريض في طرف المدينة فحرق أصوارا من النخل وقتل رجلا من الأنصار وحليفا له وجدهما في حرث لهما ثم كر راجعا فنفر رسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون واستعمل على المدينة أبا لبابة ابن عبد المنذر وبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم قرقرة الكدر وفاته أبو سفيان والمشركون وقد طرح الكفار سويقا كثيرا من أزوادهم يتخففون بذلك فأخذها المسلمون فسميت غزوة السويق ؛ وكان ذلك في السنة الثانية من ذي الحجة بعد بدر بشهرين وكسر (1/120)
غزوة ذي أمر
فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بقية ذي الحجة ثم غزا نجدا يريد غطفان واستعمل على المدينة عثمان بن عفان وأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بنجد صفرا كله ثم انصرف ولم يلق حربا (1/121)
غزوة بحران
فأقام عليه السلام بالمدينة ربيعا الأول ثم غزا يريد قريشا واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم فبلغ بحران معدنا بالحجاز ولم يلق حربا فأقام هنالك ربيعا الآخر وجمادى الأولى من السنة الثالثة ثم انصرف إلى المدينة (1/121)
غزوة قينقاع
ونقض بنو قينقاع من اليهود عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ فحاصرها رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى نزلوا على حكمه فشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول وألح في الرغبة حتى حقن له رسول الله صلى الله عليه و سلم دماءهم
واستعمل على المدينة في حصاره لهم أبا لبابة بشير بن عبد المنذر وحاصرهم خمس عشرة ليلة وهم قوم عبد الله بن سلام - مخفف - وكانوا في طرف المدينة وكانوا سبعمائة مقاتل فيهم ثلاثمائة مدرع مدرعون بدروع الحديد ولم يكن لهم زرع ولا نخل وإنما كانوا تجارا وصاغة يعملون بأموالهم (1/121)
البعث إلى كعب بن الأشرف
وكان كعب بن الأشرف من طيء أمه من بني النضير وكان عدوا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه و سلم فحض رسول الله صلى الله عليه و سلم على قتله فانتدب لذلك محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة بن وقش أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش والحارث بن أوس بن معاذ وهما من بني عبد الأشهل وأبو عبس بن جبر أخو بني حارثة
فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقولوا غير ما يعتقدون على سبيل جواز ذلك في الحرب فقدموا إليه سلكان بن سلامة فقصد له وأظهر له موافقته على الإنحراف عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وشكا إليه ضيق حالهم وكلمه في أن يبيعه وأصحابه طعاما فيرهنوه سلاحهم فأجابهم إلى ذلك فرجع سلكان إلى أصحابه فخرجوا وشيعهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بقيع الغرقد في ليلة مقمرة
فأتوا كعبا فخرج إليهم من حصنه فتماشوا فوضعوا عليه سيوفهم ووضع محمد بن مسلمة مغولا كان معه في ثنته فقتله وصاح الفاسق صيحة شديدة انذعر بها أهل الحصون حواليه فأوقدوا النيران ؛ وجرح الحارث بن أوس في رجله ببعض سيوف أصحابه أو في رأسه فنزفه الدم فتأخر ونجا أصحابه فسلكوا على بني أمية بن زيد إلى بني قريظة إلى بعاث إلى حرة العرض فانتظروا صاحبهم هنالك فوافاهم فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم في آخر الليل وهو يصلي أخبروه وتفل على جرح الحارث ابن أوس فبرأ وأطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم المسلمين على قتل اليهود وحينئذ أسلم حويصة بن مسعود وقد كان أسلم قبله محيصة بن مسعود وهما من بني حارثة (1/122)
غزوة أحد
فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة بعد قدومه من بحران جمادى الآخرة ورجبا وشعبان ورمضان فغزته كفار قريش في شوال سنة ثلاث وقد استمدوا بحلفائهم والأحابيش من بني كنانة وغيرهم وخرجوا بنسائهم لئلا يفروا فأتوا فنزلوا بموضع يقال له : عينين وهو بقرب أحد على جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مقابل المدينة
فرأى رسول الله صلى الله عليه رؤيا : أن في سيفه ثلمة وأن بقرا تذبح وأنه أدخل يده في درع حصينة ؛ فتأولها : أن نفرا من أصحابه يقتلون وأن رجلا من أهل بيته يصاب وأول الدرع المدينة
فأشار رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا يخرجوا إليهم وأن يتحصنوا بالمدينة فإن قدموا منها قاتلهم على أفواه الأزقة ووافق رسول الله صلى الله عليه و سلم على هذا الرأي عبد الله بن أبي بن سلول وألح قوم من فضلاء المسلمين ممن أكرمه الله تعالى بالشهادة في ذلك اليوم - على رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخروج إلى قتالهم حتى دخل النبي صلى الله عليه و سلم فلبس لأمته وخرج وذلك يوم الجمعة فصلى على رجل من بني النجار مات يقال له : مالك بن عمرو وقيل : بل اسمه محرز بن عامر ؛ فندم الذين ألحوا عليه وقالوا : يا رسول الله إن شئت فاقعد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف من أصحابه واستعمل على المدينة بن أم مكتوم للصلاة بمن بقي بالمدينة من المسلمين
فلما صار رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشوط بين المدينة وأحد انصرف عبد الله ابن أبي بن سلول بثلث الناس مغاضبا إذ خولف رأيه فاتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر يذكرهم الله عز و جل والرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأبوا عليه ورجع عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
وقد ذكر له قوم من الأنصار أن يستعينوا بحلفائهم من يهود فأبى من ذلك ومن أن يستعين بمشرك
فسلك عليه السلام مع المسلمين حرة بني حارثة وقال : من يخرج بنا على القوم من كثب ؟ فقال أبو خيثمة أحد بني حارثة : أنا يا رسول الله فسلك به بين أموال بني حارثة حتى سلك في مال لمربع بن قيظى وكان منافقا ضرير البصر فقام الفاسق يحثو التراب في وجوه المسلمين ويقول : إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي وزاد في القول فابتدره القوم ليقتلوه فقال : لا تقتلوه فهذا العمى أعمى القلب أعمى البصر وضربه سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل بقوسه فشجه في رأسه
ونفذ رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره إلى أحد ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم ؛ وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع بالصمغة من قناة للمسلمين ؛ وتعبأ رسول الله صلى الله عليه و سلم في القتال وهو في سبعمائة ؛ وقيل : إن المشركين كانوا في ثلاثة آلاف فيهم مائتا فرس وقيل : كان في المشركين يومئذ خمسون فارسا وكان رماة المسلمين خمسين رجلا فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف من الأوس وهو أخو خوات بن جبير وعبد الله يومئذ معلم بثياب بيض
فرتبهم رسول الله صلى الله عليه و سلم خلف الجيوش فأمره أن ينضح المشركين بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم
وظاهر رسول الله صلى الله عليه و سلم بين درعين ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير أخى بني عبد الدار
وأجاز عليه السلام يومئذ سمرة بن جندب الفزاري ورافع بن خديج من بني حارثة ولهما خمسة عشر عاما ؛ كان رافع راميا
ورد أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وعمرو بن حزم وهما من بني مالك بن النجار والبراء بن عازب وأسيد بن ظهير وهما من بني حارثة وعرابة بن أوس وزيد بن أرقم وأبا سعيد الخدري ؛ ثم أجازهم عام الخندق بعد ذلك بسنة وكان لعبد الله بن عمر يوم أحد أربعة عشر عاما وكان سائر من رد معه في هذه السن أيضا
فجعلت قريش على ميمنتهم في الخيل خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم في الخيل عكرمة بن أبي جهل
ودفع رسول الله صلى الله عليه و سلم سيفه بحقه إلى أبي دجانة سماك بن خرشة أخى بني ساعدة وكان شجاعا بطلا يختال عند الحرب
وكان أبو عامر عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان أحد بني ضبيعة وهو والد حنظلة غسيل الملائكة وكان أبوه - كما ذكرنا - في الجاهلية قد ترهب وتنسك فلما جاء الإسلام غلب الشقاء ففر مباعدا لرسول الله صلى الله عليه و سلم في جماعة من فتيان الأوس فلحق بمكة وشهد يوم أحد مع المشركين وكان سيدا في الأوس فوعد قريشا بانحراف قومه إليه وكان هو أول من لقي المسلمين يوم أحد في عبدان أهل مكة والأحابيش ؛ فلما نادى قومه وعرفهم بنفسه قالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق قال : لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتل المسلمين قتالا شديدا
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه يوم أحد : أمت أمت وأبلى يومئذ أبو دجانة وطلحة وحمزة وعلي وأبلى أنس بن النضر بلاء شديدا عجز عن مثله كثير ممن سواه ؛ وكذلك جماعة من الأنصار أصيبوا يومئذ مقبلين غير مدبرين وقاتل الناس فاستمرت الهزيمة على قريش
فلما رأى ذلك الرماة قالوا : قد هزم الله أعداء الله قالوا : فما لقعودنا ها هنا معنى فذكر لهم أميرهم عبد الله بن جبير أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم لهم بأن لا يزولوا فقالوا قد انهزموا ؛ ولم يلتفتوا إلى قوله فقاموا ثم كر المشركون فأكرم الله تعالى من أكرم من المسلمين بالشهادة ووصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى قتل رضوان الله عليه ؛ وجرح رسول الله صلى الله عليه و سلم في وجهه المكرم وكسرت رباعيته اليمنى والسفلى بحجر وهشمت البيضة في رأسه المقدس فأعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم الراية لعلي بن أبيطالب بعد مقتل مصعب وصار رسول الله صلى الله عليه و سلم تحت راية الأنصار وكان الذي نال مما ذكرنا من نحو النبي صلى الله عليه و سلم عمرو بن قميئة الليثي وعتبة بن أبي وقاص
وشد حنظلة الغسيل بن أبي عامر على أبي سفيان فلما تمكن منه جمل شداد بن السود الليثي وهو ابن شعوب على حنظلة فقتله ؛ وكان حنظلة قتل جنبا كما قام من امرأته فغسلته الملائكة فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم
وكان قد قتل أصحاب اللواء من المشركين حتى سقط فرفعته عمرة بنت علقمة الحارثية للمشركين فاجتمعوا إليه
وقد قيل : إن عبد الله بن شهاب الزهري عم الفقيه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري هو الذي شج رسول الله صلى الله عليه و سلم في جبهته وألبت الحجارة على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى سقط في حفرة قد كان حفرها أبو عامر الأوسي مكيدة للمسلمين فخر النبي صلى الله عليه و سلم على جنبه فأخذه علي بيده واحتضنه طلحة حتى قام رسول الله صلى الله عليه و سلم ومص مالك بن سنان - والد أبي سعيد الخدري - الدم من جرح رسول الله صلى الله عليه و سلم ونشب حلقتان من حلق المغفر في وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح بثنيتيه وعض عليهما حتى ندرت ثنيتا أبي عبيدة وكان الهتم يزينه
ولحق المشركون رسول الله صلى الله عليه و سلم فكر دونه نفر من المسلمين رضوان الله عليهم كانوا سبعة وقيل أكثر حتى قتلوا كلهم وكان آخرهم عمارة بن يزيد بن السكن
ثم قاتل طلحة بعد ذلك كقتال الجماعة حتى أجهض المشركين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية قتالا شديدا وضربت عمرو بن قميئة بالسيف ضربات فوقعت درعان كانتا عليه وضربها عمرو بالسيف فجرحها جرحا عظيما على عاتقها وترس أبو دجانة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بظهره والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك وحينئذ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لسعد بن أبي وقاص : ارم فداك أبي و أمي
فأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان الظفري فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وعينه على وجنته فردها رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده فكانت أصح عينيه وأحسنهما
وانتهى أنس بن النضر - عم أنس بن مالك - إلى جماعة من الصحابة قد ألقوا بأيديهم فقال لهم : ما يجلسكم ؟ قالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لهم : ما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم استقبل الناس ولقي سعد بن معاذ فقال : يا سعد إني والله لأجد ريح الجنة من قبل أحد فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه وجد به سبعون ضربة
وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف نحو عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج منها
وأول من ميز رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ بعد الحملة كعب بن مالك الشاعر من بني سلمة فنادى بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأشار رسول الله صلى الله عليه و سلم أن اصمت فلما عرفه المسلمون لاثوا به ونهضوا معه نحو الشعب فيهم : أبو بكر وعمر وعلي وطلحة والزبير والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم
فلما أسند رسول الله صلى الله عليه و سلم في الشعب أدركه أبى خلف الجمحي فتناول رسول الله صلى الله عليه و سلم الحربة من الحارث بن الصمة ثم طعنه بها في عنقه فكر أبي منهزما فقال له المشركون : والله مابك من بأس فقال : والله لو بصق علي لقتلني وكان قد أوعد رسول الله صلى الله عليه و سلم القتل بمكة فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنا أقتلك فمات عدو الله بسرف مرجعه إلى مكة
وملأ على درقته من المهراس فأتى به النبي صلى الله عليه و سلم فوجد له رائحة فعافه وغسل به وجهه ونهض إلى صخرة من الجبل ليعلوها وكان قد بدن وظاهر بين درعين فجلس طلحة بن عبيد الله وصعد رسول الله صلى الله عليه و سلم على ظهره ثم استقل به طلحة حتى استوى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وحانت الصلاة فصلى صلى الله عليه و سلم قاعدا والمسلمون وراءه قعودا
وانهزم قوم من المسلمين فبلغ بعضهم إلى الجلعب دون الأعوص منهم : عثمان بن عفان وعثمان بن عبيد الأنصاري غفر الله عز و جل ذلك لهم ونزل القرآن بالعفو عنهم بقوله بالعفو عنهم بقوله تعالى : { إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم } إلى آخر الآية وكان الحسيل بن جابر وهو اليمان والد حذيفة وثابت بن وقش شيخين كبيرين فاضلين قد جعلا في الآطام مع النساء والصبيان والهرمى ؛ فقال أحدهما لصاحبه : ما بقي من أعمارنا إلا ظمء حمار فلو أخذنا سيوفنا فلحقنا برسول اله صلى الله عليه و سلم لعل الله تعالى يرزقنا الشهادة ففعلا ذلك ودخلا في المسلمين ؛ فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون وأما الحسيل فظنه المسلمون من المشركين فقتلوه خطأ وقيل : إن متولي قتله كان عتبة بن مسعود أخا عبد الله بن مسعود فتصدق حذيفة بديته على المسلمين
وكان مخيريق أحد بني ثعلبة بن الفطيون من اليهود فدعا اليهود مخيريق إلى نصر رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال لهم : والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم حق واجب فقالوا له : إن اليوم السبت فقال : لا سبت لكم فأخذ سلاحه ولحق رسول الله صلى الله عليه و سلم فقاتل معه حتى قتل وأوصى أن يكون ماله لرسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع فيه ما يشاء فقال : إن بعض صدقات رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة من مال مخيريق
وكان الحارث بن سويد بن الصامت منافقا فخرج يوم أحد مع المسلمين فلما التقى المسلمون عدا على المحذر بن ذياد البلوي وعلى قيس بن زيد أحد بني ضبيعة فقتلهما وفر إلى الكفار وكان المجذر في الجاهلية قتل سويدا - والد الحارث المذكور - في بعض حروب الأوس والخزرج ولحق الحارث بن سويد بمكة فأقام هنالك ثم إنه حينه الله تبارك وتعالى فانصرف إلى قومه فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم الخبر من السماء فنهض عليه السلام إلى قباء في وقت لم يكن يأتيهم فيه فخرج إليه الأنصار أهل قباء في جملتهم الحارث بن سويد عليه ثوب مورس فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عويم بن ساعدة بأن يضرب عنق الحارث بن سويد فقال الحارث : فيم يا رسول الله ؟ فقال : في قتلك المحذر بن ذياد يوم أحد غيلة فما راجعه الحارث بكلمة وضرب عويم عنقه فانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يجلس
وقد روى أنه قال : يا رسول الله والله ما قتلته شكا في ديني ولكني لما رأيته لم أملك نفسي إذ ذكرت أنه قاتل أبي ثم مد عنقه وقتل
وكان عمرو بن ثابت بن وقش من بني عبد الأشهل يعرف بالأصيرم - يأبى الإسلام فلما كان يوم أحد قذف الله تعالى في قلبه الإسلام للذي أراد به من السعادة فأسلم وأخذ سيفه ولحق بالنبي صلى الله عليه و سلم فقاتل فأثبت بالجراح ولم يعلم أحد بأمره فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل في القتلى يلتمسون قتلاهم فوجدوه وبه رمق يسير فقال بعضهم لبعض : والله إن هذا الأصيرم فأجابه : لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر ثم سألوه : يا عمرو ما الذي أتى بك ؟ أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام ؟ فقال : بل رغبة في الإسلام آمنت بالله ورسوله ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أصابني ما ترون فمات من وقته ؛ فذكروه لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : هو من أهل الجنة قيل : وكان أبو هريرة إذا بلغه أمره يقول : ولم يصل لله قط
وكان في بني ظفر رجل أتى لا يدري ممن هو يقال له قزمان فأبلى يوم أحد بلاء شديدا وقتل سبعة من وجوه المشركين وأثبت جراحا فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بأمره فقال : هو من أهل النار فقيل لقزمان : أبشر بالجنة فقال : بماذا أبشر ؟ والله ماقاتلت إلا عن أحساب قومي ثم لما اشتد عليه الألم أخرج سهما من كنانته فقطع به بعض عروقه فجرى دمه حتى مات
ومثل بقتلى المسلمين
وأخذ الناس ينقلون قتلاهم بعد انصراف قريش فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن يدفنوا في مضاجعهم وأن لا يغسلوا ويدفنوا بدمائهم وثيابهم (1/123)
ذكر من استشهد من المسلمين يوم أحد
حمزة عم رسول الله صلى الله عليه و سلم قتله وحشي غلام بني نوفل بن عبد مناف وأعتق لذلك رماه بحربة فوقعت في ثنته ثم إن وحشيا أسلم وقتل بتلك الحربة نفسها مسيلمة الكذاب يوم اليمامة
وعبد الله بن جحش حليف بني أمية وقيل : إنه دفن مع حمزة في قبر واحد لأن النبي صلى الله عليه و سلم أمرهم أن يحفروا ويعمقوا ويدفنوا الرجلين والثلاثة في قبر واحد ويقدموا أكثرهم قرآنا
وذكر سعد بن أبي وقاص قال : قعدت أنا وعبد الله بن جحش صبيحة يوم أحد نتمنى فقلت : اللهم لقني من المشركين رجلا عظيما كفره شديدا حرده فيقاتلني فأقتله قيل : فآخذ سلبه فقال عبد الله بن جحش : اللهم لقني من المشركين رجلا عظيما كفره شديدا كفره شديدا حرده فأقتله فيقتلني قيل : ويسلبني ثم يجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك فقلت : يا عبد الله بن جحش فيم جدعت ؟ قلت : فيك يا ربي قال سعد : فوالله لقد رأيته آخر ذلك النهار وقد قتل وإن أنفه وأذنه لفي خيط واحد بيد رجل من المشركين ؛ وكان سعد يقول : كان عبد الله بن جحش خيرا مني
ومصعب بن عمير قتله ابن قميئة الليثي
وعثمان بن عثمان وهو شماس بن عثمان المخزومي
ومن الأنصار ثم من الأوس ثم من بني عبد الأشهل :
عمرو بن معاذ بن النعمان أخو سعد بن معاذ
والحارث بن أنس بن رافع
وعمارة بن زياد بن السكن
وسلمة وعمرو ابنا ثابت بن وقش
وأبوهما : ثابت بن وقش
وأخوه : رفاعة بن وقش
وصيفي بن قيظي
وحباب بن قيظي
وعباد بن سهل
والحارث بن أوس بن معاذ ابن أخي سعد بن معاذ
واليمان وهو الحسيل بن جابر والد حذيفة حليف لهم
ومن أهل راتج من بني عبد الأشهل أيضا :
إياس بن أوس بن عتيك بن عمرو بن الأعلم بن زعورا بن جشم
وعبيد بن التيهان
وحبيب بن زيد بن تيم
ومن بني ظفر :
يزيد أو زيد بن حاطب بن أمية بن رافع
ومن بني عمرو بن عوف ثم من بني ضبيعة بن زيد :
أبو سفيان بن الحارث بن قيس بن زيد
وحنظلة الغسيل بن أبي عامر بن صيفي بن النعمان بن مالك
ومن بني عبيدة بن زيد :
أنيس بن قتادة
ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف :
أبو حبة بن عمرو بن ثابت أخو سعد بن خيثعة لأمه
وعبد الله بن جبير بن النعمان أمير الرماة
ومن بني السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس :
خيثمة والد سعد بن خيثمة
ومن حلفائهم من بني العجلان :
عبد الله بن سلمة
ومن بني معاوية بن مالك :
سبيع بن حاطب بن الحارث بن قيس بن هيشة
ومن بني خطمة :
عمير بن عدي ولم يكن في بني خطمة يومئذ مسلم غيره
ومن بني النجار ثم من بني سواد :
عمرو بن قيس
وابنه : قيس بن عمرو بن قيس بن زيد بن سواد
وثابت بن عمرو بن زيد
وعامر بن مخلد
ومن بني مبذول بن مالك بن النجار :
أبو هبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مالك بن مبذول
وعمرو بن مطرف
ومن بني عدي بن النجار :
أنس بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار
وقيس بن مخلد من بني مازن بن النجار
وكيسان عبد لهم
ومن بني الحارث بن الخزرج :
خارجة بن زيد بن أبي زهير
وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير - دفنا في قبر واحد
وأوس بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب وهو أخو زيد بن أرقم
ومن بني الأبجر وهم بنو خدرة :
مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري
وسعيد بن سويد بن قيس بن عامر بن عباد بن الأبجر
وعتبة بن ربيع بن رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر
ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج :
ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج ابن ساعدة
وثقف بن فروة بن البدن
ومن بني طريف رهط سعد بن عبادة :
عبد الله بن عمرو بن وهب بن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف
وضمرة حليف من جهينة
ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني سالم ثم من بني مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم :
نوفل بن عبد الله
والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان
والنعمان بن مالك بن ثعلبة بن فهر بن غنم بن سالم
والمحذر بن ذياد البلوي حليف لهم
وعبادة بن الحسحاس - دفن هؤلاء الثلاثة : النعمان والمحذر وعبادة - في قبر واحد
ومن بني سلمة :
عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله اصطبح الخمر في صبيحة ذلك اليوم ثم قتل من آخر شهيدا وذلك قبل أن تحرم الخمر
وعمر بن الجموح بن زيد بن حرام - دفنا في قبر واحد وكانا صديقين جدا
وابنه خلاد بن عمرو بن الجموح
وأبو أيمن مولى عمرو بن الجموح
ومن بني سواد بن غنم :
سليم بن عمرو بن حديدة
ومولاه : عنترة
وسهيل بن قيس بن أبي كعب
ومن بني زريق بن عامر :
ذكوان بن عبد قيس
وعبيد بن المعلى بن لوذان - فجميعهم خمسة وستون رجلا
وقد ذكر أيضا في شهداء أحد من الأوس :
مالك بن نميلة حليف بني معاوية بن مالك
ومن بني خطمة واسم خطمة : عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس :
الحارث بن عدي بن خرشة بن أمية بن عامر بن خطمة
ومن الخزرج ثم من بني سواد بن مالك :
مالك بن إياس
ومن بني عمرو بن مالك بن النجار :
إياس بن عدي
ومن بني سالم بن عوف :
عمرو بن إياس
فتموا سبعين رضوان الله عليهم ؛ ولم يصل رسول الله صلى الله عليه و سلم على قتلى أحد حين دفنهم (1/132)
ذكر من قتل من كفار قريش يومئذ اثنا وعشرون رجلا
فيهم من بني عبد الدار :
طلحة وأبو سعيد وعثمان بنو أبي طلحة - واسم أبي طلحة : عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار
ومسافع وجلاس والحارث وكلاب بنو طلحة بن أبي طلحة المذكور
وأرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
وابن عمه : أبو يزيد بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
وابن عمهما : القاسط بن شريح بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
وصؤاب مولى أبي طلحة
ومن بني أسد بن عبد العزى :
عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد قتله على
ومن بني زهرة بن كلاب :
أبو الحكم بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف لهم قتله على
وسباع بن عبد العزى الخزاعي حليف لهم
ومن بني مخزوم :
هشام بن أبي أمية بن المغيرة أخو أم سلمة أم المؤمنين
والوليد بن العاص بن هشام بن المغيرة
وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة
وخالد بن الأعلم حليف لهم
ومن بني جمح :
أبو عزة الشاعر وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم أسره يوم بدر ثم من عليه وأطلقه بغير فداء وأخذ عليه ألا يعين عليه فنقض العهد فأسر يوم أحد فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فضرب عنقه صبرا وقال له : والله لا تسمح عارضيك بمكة وتقول : خدعت محمدا مرتين
وأبي بن خلف - رجلان
ومن بني عامر بن لؤي :
عبيدة بن جابر
وشيبة بن مالك بن المضرب - رجلان (1/138)
غزوة حمراء الأسد
وكانت وقعة أحد يوم السبت النصف من شوال من السنة الثالثة من الهجرة فلما كان من الغد يوم الأحد لست عشرة ليلة خلت لشوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه و سلم في الطلب للعدو وعهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا يخرج معه أحد إلا من حضر المعركة يوم أحد فاستأذنه جابر بن عبد الله أن يفسح له في الخروج معه ففسح له في ذلك
فخرج المسلمون على ما بهم من الجهد والجراح وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم مرهبا للعدو ومتجلدا فبلغ حمراء الأسد وهي على ثمانية أميال من المدينة فأقام بها الإثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة
ومر برسول الله صلى الله عليه و سلم معبد بن أبي معبد الخزاعي ثم طواه ولقى أبا سفيان وكفار قريش بالروحاء فأخبرهم بخروج رسول الله صلى الله عليه و سلم في طلبهم ففت ذلك في أعضاد قريش وقد كانوا أرادوا الرجوع إلى المدينة فكسرهم خروجه عليه السلام فتمادوا إلى مكة فظفر رسول الله صلى الله عليه و سلم في خروجه بمعاوية بن المغيرة بن العاص بن أمية فأمر بضرب عنقه صبرا وهو والد عائشة أم عبد الملك بن مروان (1/140)
بعث الرجيع
وقدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم في نصف صفر في آخر تمام السنة الثالثة من الهجرة - نفر من عضل والقارة وهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة أخى بني أسد بن خزيمة فذكروا له صلى الله عليه و سلم أن فيهم إسلاما ورغبوا أن يبعث نفرا من المسلمين يفقهونهم في الدين فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم معهم ستة رجال من أصحابه : مرثد بن أبي مرثد الغنوي وخالد بن البكير الليثي وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أحد بني عمرو بن الأوس وخبيب ابن عدي أحد بني جحجي بن كلفة بن عمرو بن عوف وزيد بن الدثنة أحد بني بياضة بن عامر وعبد الله بن طارق حليف بني ظفر
وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم مرثد بن أبي مرثد ونهضوا مع القوم حتى إذا صاروا بالرجيع ماء لهذيل بناحية الحجاز بالهدأة غدروا بهم واستصرخوا عليهم هذيلا فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف وقد غشوهم فأخذ المسلمون سيوفهم ليقاتلوهم فأمنوهم وخبروهم أنهم لا أرب لهم في قتلهم وإنما يريدون أن يصيبوا بهم فداء من أهل مكة
فأما مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فأبوا وقالوا : والله لا قبلنا لمشرك عهدا أبدا فقاتلوهم حتى قتلوا ؛ وكان عاصم يكنى أبا سليمان وكان قد قتل يوم أحد فتيين من بني عبد الدار ابنين لسلافة ابنة سعد وكانت قد نذرت حين أصاب ابنها أن تشرب الخمر في قحفه فرأت بنو هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد فأرسل الله تعالى الدبر فحمته فقالت هذيل : إذا جاء الليل ذهب الدبر فأرسل الله تعالى سيلا لم يدر سببه فحمله قبل أن يقطعوا رأسه فلم يصلوا إليه وكان قد نذر أن لا يمس مشركا أبدا فأبر الله تعالى قسمه بعد موته رضوان الله عليه
وأما زيد الدثنة وخبيب بن عدي وعبد الله بن طارق فأعطوا بأيديهم فأسروا وخرجوا بهم إلى مكة فلما صاروا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القرآن ثم أخذ سيفه واستأخر عنه القوم ورموه بالحجارة حتى مات رضوان الله عليه فقبره بمر الظهران
وحملوا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فباعوهما بمكة فصلب خبيب بالتنعيم رضوان الله عليهم ؛ وهو القائل إذ قرب ليصلب :
( ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي شق كان في الله مضجعي )
( وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع )
وهو أول من سن الركعتين عند القتل
وابتاع زيد بن الدثنة صفوان بن أمية فقتله بأبيه رضوان الله على زيد وقال أبو سفيان لخبيب أو لزيد : يسرك أن محمدا مكانك يضرب عنقه وأنك في أهلك ؟ فقال : والله ما يسرني أني في أهل وأن محمدا في مكانه الذي هو فيه يصيبه شوكة تؤذيه (1/140)
بعث بئر معونة
وأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة والمحرم ثم بعث أصحاب بئر معونة في صفر في آخر تمام السنة الثالثة من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد
وكان سبب ذلك أن أبا براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة وهو ملاعب الأسنة وفد على رسول الله صلى الله عليه و سلم فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال : يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك لرجوت أن يستجيبوا لك فقال صلى الله عليه و سلم : إني أخشى عليهم أهل نجد فقال أبو براء : أنا جارهم
فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة وهو الذي يلقب : المعنق ليموت في أربعين رجلا من المسلمين وقد قيل في سبعين من خيار المسلمين منهم : الحارث بن الصمة وحرام بن ملحان - أخو أم سليم وهو خال أنس بن مالك - وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق وغيرهم ؛ فنهضوا فنزلوا بئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ثم بعثوا منها حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عدو الله ورسوله صلى الله عليه و سلم عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في كتابه ثم عدا عليه فقتله ثم استنهض إلى قتال الباقين بني عامر فأبوا أن يجيبوه لأن أبا براء أجارهم فاستغاث عليهم بني سليم فنهضت معه عصية ورعل وذكوان وهم قبائل من بني سليم فأحاطوا بهم فقاتلوا فقتلوا كلهم رضوان الله عليهم إلا كعب بن زيد أخا بني النجار فإنه ترك في القتلى وفيه رمق فارتث من القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق رضوان الله عليه
وكان عمرو بن أمية في سرح المسلمين ومعه المنذر بن محمد بن عقبة ابن أحيحة بن الجلاح فنظر إلى الطير تحوم على العسكر فنهضا إلى ناحية أصحابها فإذا الطير تحوم على القتلى والخيل التي أصابتهم لم تنزل بعد ؛ فقال المنذر بن محمد لعمرو بن أمية : فما ترى ؟ فقال : أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه و سلم فنخبره الخبر فقال الأنصاري : ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو فقاتل حتى قتل وأخذ عمرو بن أمية أسيرا فلما أخبرهم أنه من مضر جز ناصيته عامر بن الطفيل وأطلقه عن رقبة كانت على أمه وذلك لعشرين بقين من صفر مع الرجيع في شهر واحد
فرجع عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة أقبل رجلان من بني كلاب وقيل من بني سليم حتى نزل مع عمرو بن أمية في ظل كان فيه وكان معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يعلم به عمرو فسألها : من أنتما ؟ فانتسبا له فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما وهو يرى أنه أصاب ثأرا من قتله أصحابه
فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبره بذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم لقد قتلت قتيلين لأدينهما
وهذا سبب غزوة بني النضير (1/142)
غزوة بني النضير
ونهض رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفسه إلى بني النضير مستعينا بهم في دية ذينك القتلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية فلما كلمهم قالوا : نعم فقعد رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أبي بكر وعمر وعلي ونفر من أصحابه إلى جدار من جدرهم
فاجتمع بنو النضير وقالوا : من رجل يصعد على ظهر البيت فيلقى على محمد صخرة فيقتله فيريحنا منه ؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش ابن كعب ؛ فأوحى الله تعالى بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام ولم يشعر بذلك أحدا من أصحابه ممن معه فلما استلبثه أصحابه رضي الله عنهم قاموا فرجعوا إلى المدينة وأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرهم بما أوحى الله تعالى إليه مما أرادته اليهود وأمر أصحابه بالتهيؤ لحربهم واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ونهض إلى بني النضير في أول السنة الرابعة من الهجرة فحاصرهم ست ليال وحينئذ نزل تحريم الخمر
فتحصنوا منه في الحصون فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقطع النخل وإحراقها ودس عبد الله بن أبي سلول ومن معه من المنافقين إلى بني النضير : إنا معكم وإن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم فاغتروا بذلك فلما جاءت الحقيقة خذلولهم وأسلموهم فسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح فاحتملوا بذلك إلى خيبر ومنهم من صار إلى الشام وكان ممن سار معهم إلى خيبر أكابرهم : حيى بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ؛ فدانت لهم خيبر فقسم رسول الله صلى الله عليه و سلم أموال بني النضير بين المهاجرين الأولين خاصة إلا أنه أعطى منها أبا دجابة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف وكانا فقيرين
ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان : يامين بن عمير بن كعب بن عمرو ابن جحاش وأبو سعد بن وهد - أسلما فأحرزا أموالهما وذكر أن يامين بن عمير جعل جعلا لمن قتل ابن عمه عمرو بن جحاش لما هم به في رسول الله صلى الله عليه و سلم
وفي قصة بني النضير نزلت سورة الحشر (1/144)
غزوة ذات الرقاع
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد بني النضير بالمدينة شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى في صدر السنة الرابعة بعد الهجرة ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة بن سعد بن غطفان واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري أو عثمان بن عفان ونهض حتى نزل نخلا
وإنما سميت هذه الغزوة ذات الرقاع لأن أقدامهم رضي الله عنهم نقبت وكانوا يلفون عليها الخرق فلذلك سميت ذات الرقاع
فلفى صلى الله عليه و سلم بنخل جمعا من غطفان فتوافقوا إلا أنه لم يكن حرب وصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ صلاة الخوف
وفي انصرافهم من تلك الغزوة آبطأ جمل جابر فنخسه عليه السلام فانطلق متقدما للركاب وابتاعه منه عليه السلام ثم رده عليه ووهبه الثمن وزيادة قيراط فلم يزل عند جابر متبركا به حتى أخذه أهل الشام في جملة ما انتهبوه بالمدينة يوم الحرة
وفي هذه الغزوة أيضا أتى رجل من بني محارب بن خصفة اسمه غورث ابن الحارث فأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وهزه وقال : يا محمد من يمنعك مني ؟ قال : الله فرد غورث السيف مكانه فنزل في ذلك : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم }
وفي هذه الغزوة رمى رجل من المشركين رجلا من الأنصار كان ربيئة لرسول الله صلى الله عليه و سلم فجرحه وهو يقرأ سورة من القرآن فتمادى في القراءة ولم يقطعها لما أصابه (1/145)
غزوة بدر الثالثة
وكان أبو سفيان يوم أحد نادى : موعدنا وإياكم بدر في عامنا المستقبل فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بعض أصحابه أن يجيبة بنعم ؛ فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم : منصرفه من ذات الرقاع بالمدينة بقية جمادى الأولى وجمادى الآخرة ورجبا ثم خرج في شعبان من السنة الرابعة للميعاد المذكور فاستعمل على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول نزل في بدر فأقام هنالك ثمان ليال وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية الظهران وقيل : بلغ عسفان ثم بدا لهم في الرجوع واعتذر بأن العام عام جدب (1/146)
عزوة دومة الجندل
وانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة فأقام بها إلى أن انسلخ ذو الحجة من السنة الرابعة من الهجرة ثم غزا عليه السلام إلى دومة الجندل في شهر ربيع الأول ابتداء العام الخامس من الهجرة واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة
وانصرف عليه السلام من طريقه قبل أن يبلغ دومة الجندل ولم يلق حربا (1/147)
غزوة الخندق
ثم كانت غزوة الخندق في شوال من السنة الخامسة من الهجرة هكذا قال أصحاب المغازي ؛ والثابت أنها في الرابعة بلا شك لحديث ابن عمر : [ عرضت على رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ] فصح أنه لم يكن بينهما إلا سنة واحدة فقط وأنها قبل دومة الجندل بلا شك
وسببها : أن نفرا من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق وكنانة ابن الربيع بن أبي الحقيق وسلام بن مشكم - النضريون وهوذة بن قيس وأبو عمار - الوائليان وهم حزبوا الأحزاب : خرجوا فأتوا مكة داعين إلى حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم وواعدين من أنفسهم بعون من انتدب إلى ذلك فأجابهم أهل مكة إلى ذلك ؛ ثم خرج اليهود المذكورون إلى غطفان فدعوهم إلى مثل ذلك فأجابوهم
فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري على بني فزارة والحارث ابن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة ومسعر بن رخيلة بن نويرة ابن طريف بن سمحة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعة من أشجع فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بحفر الخندق على المدينة فعمل فيه صلى الله عليه و سلم بيده فتم الخندق ؛ وكانت فيه معجزات منها : أن كدية صخر عرضت في الخندق كلت المعاول عنها فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فدعا ونضح عليها ماء فانهالت كالكثيب وأطعم النفر العظيم من تمر يسير إلى غير ذلك
وأقبلت الأحزاب حتى نزلت بمجتمع السيول من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من كنانة وغيرهم ونزلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثلاثة آلاف من المسلمين وقد قيل : في تسعمائة فقط وهو الصحيح الذي لا شك فيه والأول وهم ؛ حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع فنزلوا هنالك والخندق بينهم واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في الآطام
وكان كعب بن أسد رئيس بني قريظة موادعا لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاه حيي بن أخطب فلم يزل به وكعب يأبى عليه حتى أثر فيه ونقض كعب عهده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ومال مع حيي
وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم - إذ بلغه الأمر - سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وهما سيدا الأوس والخزرج وخوات بن جبير أخا بني عمرو بن عوف وعبد الله بن رواحة أخا بني الحارث بن الخزرج ليعرفوا الأمر فلما بلغوا بني قريظة وجدوهم مكاشفين بالغدر ونالوا من رسول الله صلى الله عليه و سلم فشاتمهم سعد بن معاذ وانصرفوا
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أمرهم إن وجدوا غدر بني قريظة حقا أن يعرضوا له الخبر ولا يصرحوا فأتوا فقالوا : عضل والقارة تذكيرا بغدر القارة بأصحاب الرجيع فعظم الأمر وأحيط بالمسلمين من كل جهة ؛ واستأذن بعض بني حارثة فقالوا : يا رسول الله إن بيوتنا عورة وخارجة عن المدينة فأذن لنا نرجع إلى ديارنا وهم أيضا بالفشل بنو سلمة ثم ثبت الله كلتا الطائفتين ورحم القبيلتين ؛ وبقى المشركون محاصرين المسلمين نحو شهر ولم يكن بينهم حرب إلى أن أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عيينة بن حصن بن حذيفة والحارث بن عوف بن أبي حارثة رئيسي عطفان فأعطاها ثلث ثمار المدينة وجرت المراوضة في ذلك ولم يتم الأمر فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم لسعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقالا : يا رسول الله أشئ أمرك الله به فلا بد لنا منه ؟ أم شئ تحبه فنصنعه أم شئ تصنعه لنا ؟ قال : بل شئ أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا أني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان وهم لا يطيقون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا فحين أكرمنا الله تعالى بالإسلام وهدانا له وأعز بك وبه - نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف
فصوب رسول الله صلى الله عليه و سلم رأيه وتمادوا على حالهم
ثم إن فوارس من قريش منهم : عمرو بن عبد ود أخو بني عامر بن لؤي وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار ابن الخطاب أخو بني محارب بن فهر خرجوا على خيلهم فلما وقفوا على الخندق قالوا : هذه مكيدة والله ما كانت تعرفها العرب وقد قيل : إن سلمان أشار به ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق فاقتحموه وجاوزوه وجالت بهم خيلهم في السبخة بين الخندق وسلع ودعوا إلى إلى البراز فبازر علي بن أبي طالب عمرا فقتله وخرج الباقون من حيث دخلوا فعادوا إلى قومهم وكان شعار المسلمين يوم الخندق : " حم لا ينصرون "
وكانت عائشة أم المؤمنين مع أم سعد بن معاذ في حصن بني حارثة وكان من أحصن حصن بالمدينة وكانت صفية عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم في فارع أطعم حسان بن ثابت وكان حسان بن ثابت فيه مع النساء والصبيان
ورمى في بعض تلك الأيام سعد بن معاذ بسهم قطع منه الأكحل ورماه حبان بن قيس بن العرقة وقد قيل : بل رماه أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم وقيل : إن سعدا دعا - إذ أصيب رضوان الله عليه - فقال : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلى أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه أخرجوه اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة
ولما اشتدت الحال وصعب الأمر أتى نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف ابن ثعلبة بن قنفذ بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة
فخرج نعيم فأتى بني قريظة وكان ينادمهم في الجاهلية فقال : يا بني قريظة وقد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيننا وبينكم قالوا : صدقت فقال : إن قريشا وغطفان ليسوا مثلكم البلد بلدكم ولا تقدرون عن التحول عنه وقريش وغطفان ليسوا كذلك ولا مثلكم إن رأوا ما يسرهم وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ؛ ولا طاقة لكم بمحمد إن تركتم معه فلا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم رهنا فقالوا : لقد أشرت بالرأي
ثم نهض إلى قريش فقال لأبي سفيان : قد عرفتم صداقتي لكم وبلغني أمر لزمني أن أعرفكموه فاكتموا عني قالوا : وما هو ؟ قال : اعلموا أن اليهود قد ندموا على ما فسخوا من عهد محمد وقد أرسلوا إليه أن يأخذوا منكم رهنا يدفعونه إلى محمد ويرجعون معه عليكم فشكرته قريش على ذلك
ثم نهض حتى أتى غطفان فقال لهم مثل ما قال لقريش فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة أربع أرسل أبو سفيان وغطفان إلى بني قريظة : إنا لسنا بدار مقام فاغدوا للقتال فأرسل اليهود إليهم : إن اليوم يوم سبت ومع ذلك لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا فردوا إليهم الرسول : والله لا نعطيكم فاخرجوا معنا فقال بنو قريظة : صدق والله نعيم فلما رجع الرسل إليهم بذلك قالوا : صدقنا والله نعيم فأبوا من القتال معهم وأرسل الله تعالى عليهم ريحا عظيمة كفأت قدورهم وآنيتهم
وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم إليهم حذيفة بن اليمان عينا فأتاه بخبر رحيلهم ورحلت قريش وغطفان
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد ذهب الأحزاب رجع عن الخندق إلى المدينة ووضع المسلمون سلاحهم فأتاه جبريل عن الله تعالى بالنهوض إلى بني قريظة وذلك بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم ورأى قوم من المسلمين يومئذ جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلي على بلغة عليها قطيفة ديباج ثم مر عليهم دحية بعد ذلك
فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة ونهض المسلمون فوافاهم وقت العصر في الطريق فقال بعض المسلمين : نصلي ولم نؤمر بتأخيرها عن وقتها وقال آخرون : لا نصليها إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نصليها فذكر أن بعضهم لم يصلوا العصر إلا ليلا ؛ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يعنف من الطائفتين أحدا
أما التعنيف فإنما يقع على العاصي المتعمد المعصية وهو يعلم أنها معصية وأما من تأول قصدا للخير - وإن لم يصادف الحق - غير معنف وعلم الله تعالى أننا لو كنا هناك ما صلينا العصر في ذلك اليوم إلا في بني قريظة ولو بعد أيام ؛ ولا فرق بين نقله صلى الله عليه و سلم صلاة في ذلك اليوم إلى موضع بني قريظة وبين نقله صلاة المغرب ليلة المزدلفة وصلاة العصر من يوم عرفة إلى وقت الظهر والطاعة في ذلك واجبة
رجع الخبر : فأعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم الراية على بن أبي طالب رضي الله عنه واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ونازل رسول الله صلى الله عليه و سلم حصونهم فأسمعوا المسلمين سب رسول الله صلى الله عليه و سلم فلقي على رسول الله صلى الله عليه و سلم فعرض له بألا يدنو منهم من أجل ما سمع فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا فلما رأوا النبي صلى الله عليه و سلم أمسكوا عما كانوا يقولون فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم على بئر من آبارهم يقال لها " بئر أنا " وقيل " بئر أني " وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم خمسا وعشرين ليلة وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد ثلاث خصال وهي : إما الإسلام ؛ وإما قتل ذراريهم ونسائهم ثم القتال حتى يموتوا ؛ وإما تبيت النبي صلى الله عليه و سلم ليلة السبت - ظنا من أن المسلمين قد أمنوا منهم وأبو كل ذلك وأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يبعث إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر - أخا بني عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس - فأرسله صلى الله عليه و سلم إليهم فلما أتاهم اجتمع إليه رجالهم والنساء والصبيان فقالوا له : يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد ؟ قال : نعم وأشار إليهم أنه الذبح ثم ندم أبو لبابة من وقته وعلم أنه قد أذنب فانطلق على وجهه ولم يرجع إلى النبي صلى الله عليه و سلم فكتف نفسه إلى عمود من أعمدة المسجد وقال : لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله عز و جل علي وعاهد الله تعالى ألا يدخل أرض بني قريظة أبدا ولا يكون بأرض خان الله ورسوله فيها وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : لو أتاني لاستغفرت له فأما إذ فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه فنزلت التوبة على رسول الله صلى الله عليه و سلم في أمر لبابة فتولى رسول الله صلى الله عليه و سلم إطلاقه بيده وقيل : إنه رضوان الله تعالى عليه أقام مرتبطا بالجذع ست ليال لا يحل إلا للصلاة
ونزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ إذ حكم فيهم بحكم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأسلم ليلة نزولهم ثعلبة وأسيد ابنا سعية وأسد بن عبيد وهم نفر من هدل من بني عم قريظة والنضير
وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدي القرظي وكان قد أبى من الدخول معهم في نقض عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنجا ولم يعلم أين وقع
فلما نزلت بنو قريظة على حكمه صلى الله عليه و سلم قالت الأوس : يا رسول الله قد فعلت في بني قنيقاع ما قد علمت وهم حلفاء إخواننا الخزرج وهؤلاء موالينا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ قالوا : بلى قال : فذاك إلى سعد بن معاذ وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة في المسجد تسكنها رفيدة الأسلمية - وكانت امرأة صالحة تقوم على المرضى وتداوي الجرحى - ليعوده النبي صلى الله عليه و سلم من قريب فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى سعد ليؤتى به فيحكم في بني قريظة فأتى به على حمار وقد طئ له بوسادة أدم وأحاط به قومه وهم يقولون : يا أبا عمرو أحسن مواليك فقال لهم سعد : قد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم فرجع بعض من معه إلى ديار بني عبد الأشهل فنعى إليهم رجال بني قريظة فلما أظل سعد على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال المسلمين : قوموا إلى سيدكم فقام المسلمون فقالوا : يا أبا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم فقال : عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم لما حكمت ؟ قالوا : نعم قال : وعلى من هاهنا - في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إجلالا له - فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نعم قال سعد : إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى موضع سوق المدينة اليوم فخندق بها خنادق ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فضربت أعناقهم في تلك الخنادق وقتل يومئذ حيي بن أخطب والد أم المؤمنين صفية وكعب بن أسد وكانوا من الستمائة إلى السبعمائة وقتل من نسائهم امرأة واحدة وهي بنانة امرأة الحكم القرظي التي طرحت الرحى على خلاد بن سويد بن الصامت فقتلته وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقتل كل من أنبت وترك من لم ينبت
ووهب رسول الله صلى الله عليه و سلم لثابت بن قيس بن الشماس ولد الزبير بن باطا فاستحياهم منهم عبد الرحمن بن الزبير أسلم وله صحبة
ووهب أيضا صلى الله عليه و سلم رفاعة بن شمويل القرظي لأم المنذر سلمى بنت قيس من بني النجار وكانت قد صلت القبلتين فأسلم رفاعة وله صحبة وكان ممن لم ينبت
واستحيا عطية القرظي وله صحبة
وقسم رسول الله صلى الله عليه و سلم أموال بني قريظة فأسهم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما وكان الخيل يومئذ في المسلمين ستة وثلاثين فرسا
ووقع للنبي صلى الله عليه و سلم من سبيهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدى نساء بني عمرو بن قريظة فلم تزل في ملكة حتى مات صلى الله عليه و سلم
فكان فتح بني قريظة في آخر ذي القعدة متصلا بأول ذي الحجة في السنة الرابعة من الهجرة
فلما أمر بني قريظة أجيبت دعوة الرجل الصالح : سعد بن معاذ رضوان الله عليه فانفجر عرقة فمات وهو الذي اهتز عرش الرحمن لموته يعني سرور حملة العرش بروحه رضي الله عنه (1/147)
ذكر من استشهد يوم الخندق ويوم بني قريظة
ذكرناهما معا لأنهما متصلان لم يكن بينهما فصل
أصيب يوم الخندق : سعد بن معاذ من بني عبد الأشهل
وأنس بن أوس بن عتيك بن عمرو
وعبد الله بن سهل - كلاهما منة بني عبد الأشهل
ومن بني سلمة بن الخزرج :
الطفيل بن النعمان
وثعلبة بن عتمة
ومن بني دينار بن النجار بن الخزرج :
كعب بن زيد أصابه سهم غرب فقتله
وأصيب من المشركين يوم الخندق :
من بني الدار :
منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار أصابه سهم مات منه بمكة
وقيل : بل هو عثمان بن منبه بن السباق
ومن بني مخزوم بن يقظة :
نوفل بن عبد الله بن المغيرة اقتحم الخندق فقتل فيه
ومن بني عامر بن لؤي :
عمرو بن عبد ود
وابنه : حسل بن عمرو من بني عامر بن لؤي
واستشهد يوم بني قريظة من المسلمين :
خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو من بني الحارث بن الخزرج طرحت عليه امرأة من بني قريظة رحى فقتلته
ومات في الحصار : أبو سنان بن محصن بن حرثان الأسدي أخو عكاشة ابن محصن فدفنه النبي صلى الله عليه و سلم في مقبرة بني قريظة التي يتدافن فيها المسلمون السكان بها إلى اليوم ولم يصب غير هذين
ولم يغز كفار قريش المسلمين بعد الخندق والحمد لله رب العالمين (1/156)
بعث عبد الله بن أبي عتيك إلى قتل سلام ابن أبي الحقيق وهو أبو رافع
ولما فتح الله تعالى في الكافر كعب بن الأشرف على يدي رجال من الأوس رغبت الخزرج في مثل ذلك تزيدا في الأجر والغناء في الإسلام ؛ فتذكروا أن سلام بن أبي الحقيق من العداوة لرسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمين على مثل حال كعب بن الأشرف فاستأدنوا رسول الله صلى الله عليه و سلم في قتله فأذن لهم
فخرج إليه خمسة نفر من الخزرج كلهم من بني سلمة : وهم : عبد الله ابن عتيك وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة الحارث بن ربعى ومسعود بن سنان وخزاعى بن الأسود حليف لهم من المسلمين
وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن عتيك ونهاهم عن قتل النساء والصبيان فنهضوا حتى أتوا خيبر ليلا وكان سلام ساكنا في دار مع جماعة وهو في علية منها فتسوروا الدار ولم يدعوا بابا من أبوابها إلا استوثقوا منه من خارج ثم أتوو العلية التي هو فيها فاستأذنوا عليه فقالت امرأته : من أنتم ؟ فقالوا : أناس من العرب فقالت : هذاكم صاحبكم فأدخلوا فلما دخلوا أغلقوا الباب على أنفسهم فأيقنت بالشر وصاحت فهموا بقتلها ثم ذكروا نهي النبي صلى الله عليه و سلم عن قتل النساء فأمسكوا عنها ثم تعاوروه بأسيافهم وهو راقد على فراشه أبيض في سواد الليل كأنه قبطية ووضع عبد الله بن عتيك سيفه في بطنه حتى أنفذه وعدو الله يقول : قطني قطني ثم نزلوا وكان عبد الله بن عتيك سيئ البصر فوقع فوثئت رجله وثئا شديدا فحمله أصحابه حتى أتوا منهرا من مناهرهم فدخلوا فيه واستتروا وخرج أهل الآطام وأوقدوا النيران في كل وجه فلما يئسوا رجعوا فقال المسلمون : كيف لنا وأن نعلم أن عدو الله قد مات ؟ فرجع أحدهم ودخل بين الناس ثم رجع إلى أصحابه فذكر لهم أنه وقف مع الجماعة وأنه سمع امرأته تقول : والله لقد سمعت صوت ابن عتيك ثم أكذبت نفسي وقلت : أني ابن عتيك بهذه البلاد ! ثم إنها نظرت في وجهه فقالت : فاظ وإله يهود قال : فسررت وانصرف إلى أصحابه فأخبرهم بهلاكه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبروه وتداعوا في قتله فقال صلى الله عليه و سلم : هاتوا سيوفكم فأروه إياها فقال عن سيف عبد الله بن أنيس : هذا قتله أرى فيه أثر الطعام (1/157)
غزوة بني لحيان
وأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد فتح بني قريظة بقية ذي الحجة والمحرم وصفرا وربيعا الأول وربيعا الآخر وجمادى الأولى ثم خرج - وهو الشهر السادس من فتح بني قريظة في الشهر الثالث من السنة السادسة من الهجرة كذا قالوا والصحيح : أنها السنة الخامسة - قاصدا إلى بني لحيان مطالبا بثأر عاصم بن ثابت وخبيب بن عدي وأصحابهما المقتولين بالرجيع وذلك إثر رجوعه من دومة الجندل فسلك صلى الله عليه و سلم على غراب جبل بناحية المدينة على طريق الشام - إلى مخيض ثم إلى البتراء ثم أخذ ذات اليسار فخرج على يين ثم على صخيرات اليمام ثم أخذ المحجة من طريق مكة فأغذ السير حتى نزل غران وهو واد بين أمج وعسفان وهي منازل بني لحيان إلى أرض يقال لها : ساية فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم - إذ فاته غرتهم - في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان وبعث عليه السلام رجلين من أصحابه فارسين حتى بلغا كراع الغميم ثم كرا ورجع عليه السلام قافلا إلى المدينة (1/159)
غزوة ذي قرد
وفي غزوة بني لحيان قالت الأنصار : إن المدينة خالية منا وقد بعدنا عنها ولا نأمن عدونا يخالفنا إليها فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن على كل نقب من أنقابها ملكا يحميها بأمر الله عز و جل ثم قفل حينئذ فما هو إلا أن نزل المسلمون المدينة وبقوا ليالي وأغار عليهم عيينة بن حصن في بني عبد الله بن غطفان فاكتسوا لقاحا لرسول الله صلى الله عليه و سلم وفيها رجل من بني غفار وامرأة فقتلوا الغفاري وحملوا المرأة واللقاح
وكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي وكان ناهضا إلى الغابة فلما علا ثنية الوداع نظر إلى خيل الكفار فصاح فأنذر المسلمين ثم نهض في آثارهم فأبلى بلاء عظيما ورماهم بالنبل حتى استنقذ ما كان بأيديهم
فلما وقعت الصيحة بالمدينة فكان أول من أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم من الفرسان المقداد بن الأسود ثم عباد بن بشر بن وقش من بني عبد الأشهل وسعد بن زيد من بني عبد الأشهل وأسيد بن ظهير أخو بني حارثة وعكاشة بن محصن الأسدي ومحرز بن نضلة الأسدي الأخرم وأبو قتادة الحارث بن ربعى أخو بني سلمة وأبو عياش بن زيد بن الصامت أخو بني زريق
فلما اجتمعوا أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عليهم سعد بن زيد وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص أو عائذ بن ماعص أو عائذ بن ماعص وكأن أحكم للفروسية من أبي عياش وأول من لحق بهم : فمحرز ابن نضلة الأخرم فقتل رضي الله عنه وكان على فرس لمحمود بن مسلمة من بني عبد الأشهل أخذه إذ كان صاحبه غائبا فلما قتل رجع الفرس إلى آريه في بني عبد الأشهل وقيل : قتله عبد الرحمن بن عيينة بن حصن فركب فرسه ثم قتل سلمة عبد الرحمن واسترجع الفرس
وكان اسم فرس المقداد : سبحة وقيل : بعزجة وفرس معاذ بن وقش : لماع ؛ وفرس عكاشة بن محصن : ذو اللمة ؛ وفرس سعد بن زيد : لاحق ؛ وفرس أبي قتادة : جروة ؛ وفرس أسيد بن ظهير : مسنون ؛ وفرس أبي عياش ؛ جلوه والفرس الذي ركب الأخرم : الجناح
وولى المشركين منهزمين وبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ماء يقال له ذو القرد ونحر ناقة من لقاحة المسترجعة وأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة ويوما ثم رجع إلى المدينة
وأقبلت امرأة الغفاري على ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما أتت المدينة ندرت أن تنحرها فأخبرها رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه لا نذر في معصية ولا لأحد فيما لا يملك وأخذ عليه السلام ناقته (1/159)
غزوة بني المصطلق
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة بعض جمادى الآخر ورجبا وباقي العام ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان من السنة السادسة من الهجرة واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري وقيل : بل نميله بن عبد الله الليثي وأغار رسول الله صلى الله عليه و سلم على بني المصطلق وهم غارون على ماء يقال له : المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل فقيل من قتل منهم وسبي النساء والذرية ومن ذلك السبي كانت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس فكاتبها فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعتقها وتزوجها
وأصيب في هذه الغزوة هشام بن صبابة الليثي من بني ليث بن بكر ابن عبد مناة بن كنانة أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت خطأ وهو يظنه من العدو
وفي رجوع رسول الله صلى الله عليه و سلم من هذه الغزوة قال عبد الله بن أبي سلول : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " وذلك لشر وقع لبني جهجاه بن مسعود الغفاري أجير عمر بن الخطاب وبين سنان بن وبر الجهني حليف بني عوف بن الخزرج فنادى الغفاري : يا للمهاجرين ونادى الجهني : يا للأنصار وبلغ زيد بن أرقم رسول الله صلى الله عليه و سلم مقالة عبد الله ابن أبي فنزل في ذلك من عبد الله تعالى سورة المنافقين
وتبرأ عبد الله بن عبد الله بن أبي من أبيه وأتى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : يا رسول الله أنت والله الأعز وهو الأذل والله إن شئت لتخرجنه يا رسول الله ووقف لأبيه قرب المدينة فقال : والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه و سلم في الدخول فتدخل حينئذ
وقال أيضا عبد الله بن عبد الله لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبي وإني أخشى إن أمرت بذلك غيري لا تدعني نفسي أرى قاتل أبي يمشي على الأرض فأقتله به فأدخل النار إذا قتلت مسلما بكافر وقد علمت الأنصار أني من أبرها بأبيه ولكن يا رسول الله إذا أردت قتله فمرني بذلك فأنا والله أحمل إليك رأسه
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم خيرا وأخبره أنه لا يسيء إلى أبيه
وقد من مكة مقيس بن صبابة مظهرا الإسلام وطالبا دية أخيه هشام بن صبابة فأمر له رسول الله صلى الله عليه و سلم بها فأخذها ثم عدا على قاتل أخيه فقتله وفر إلى مكة كافرا وهو الذي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقتله يوم فتح مكة في جملة من أمر بقتله
وكان شعار المسلمين يوم بني المصطلق : أمت أمت
ولما علم المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تزوج جويرية أعتقوا كل ما كان في أيديهم من بني المصطلق كرامة لمصاهرة رسول الله صلى الله عليه و سلم فلقد أطلق بسببها مائة أهل البيت من قومها
ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم بأزيد من عامين : الوليد بن عقبة بن أبي معيط مصدقا فخرجوا ليتلقوه ففزع فرجع وأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهم هموا بقتله فتكلم الناس في غزوهم ثم أتى وافدهم منكرا لرجوع مصدقهم قبل أن يلقاهم معرفين أنهم إنما خرجوا متلقين له مكرمين لوروده فنزلت في ذلك : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }
وفي مرجع الناس من غزوة بني المصطلق قال أهل الإفك ما قالوا وأنزل الله تعالى في ذلك براءة عائشة أم المؤمنين رضوان الله عليها ما أنزل
وقد روينا من طرق صحاح : أن سعد بن معاذ كانت له شيء من ذلك مراجعة مع سعد بن عبادة وهذا عندنا وهم لأن سعد بن معاذ مات إثر فتح قريظة بلا شك وفتح بني قريظة في آخر ذي القعدة من السنة الرابعة من الهجرة وغزوة بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة بعد سنة وثمانية أشهر من موت سعد وكانت المقاولة بين الرجلين المذكورين بعد الجوع من غزوة بني المصطلق بأزيد من خمسين ليلة
وذكر ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله وغيره : أن المقاول لسعد بن عبادة إنما كان أسيد بن الحضير
وهذا هو الصحيح والوهم لم يعر منه أحد من بني آدم إلا من عصم الله تعالى (1/161)
غزوة الحديبية
فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة بعد منصرفه من غزوة بني المصطلق رمضان وشوالا وخرج في السنة السادسة في ذي القعدة معتمرا واستنفر الأعراب الذين حول المدينة فأبطأ عنه أكثرهم وخرج بمن معه من المهاجرين و الأنصار ومن اتبعه من العرب وساق الهدي وأحرم بالعمرة من ذي الحليفة ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب وخرج في ألف رجل ونيف المكثر يقول : ألف وخمسمائة لا تزيد أصلا ؛ والمقلل : ألف وثلاثمائة ؛ والمتوسط يقول : ألف وأربعمائة
وقد قال بعضهم : كانوا سبعمائة وهذا وهم شديد البتة والصحيح بلا شك بين الألف والثلاثمائة إلى ألف وخمسمائة
فلما بلغ قريشا ذلك خرج حمها عازمين على صد رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البيت أو قتاله دون ذلك وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى كراع الغميم فورد الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بعسفان فسلك طريقا خرج منه ظهورهم كان دليلهم فيه رجل من أسلم وذلك ذات اليمين بين ظهري الحمض في طريق أخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة فلما بلغ ذلك قريشا التي مع خالد كرت إلى قريش فلما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمكان الذي ذكرنا بالحديبية بركت ناقته فقال الناس : خلأت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما خلأت وماهو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لاتدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها ثم نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم هنالك فقيل له : يا رسول الله ليس بالوادي ماء فأخرج سهما من كنانته فغرزه في جوفه فجاش بالرواء حتى كفى جميع أهل الجيش وقيل : إن الذي نزل بالسهم في القليب ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر بن دارم ابن عمرو بن واثلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصي بن أبي حارثة وهو سائق بدن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقيل : بل نزل به البراء بن عازب
ثم جرت السفراء بين رسول الله صلى الله عليه و سلم وبين كفار قريش وطال الخطب إلى أن أتاه صلى الله عليه و سلم سهيل بن عمرو فقاضاه على أن ينصرف عامه ذلك فإذا كان من قابل أتى معتمرا ودخل مكة وأصحابه بلا سلاح حاشا السيوف في القرب فقط فيقيم بها ثلاثا ولا مزيد على أن يكون بينهم صلح متصل عشرة أعوام يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضا وعلى أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلما - من رجل أو امرأة - رد إلى الكفار ومن جاء من المسلمين إلى الكفار مرتدا لم يرد إلى المسلمين فعظم ذلك على المسلمين حتى كان لبعضهم فيه كلام وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم أعلم بما علمه ربه تعالى وقد علم عليه السلام أن الله تعالى سيجعل للمسلمين فرجا مضمونا من عند الله تعالى وأنذر المسلمين بذلك وعلم عليه السلام أن هذا الصلح قد جعله الله تعالى سببا لظهور الإسلام وأنس الناس بعد نفارهم وكره سهيل بن عمرو وأن يكتب صدر الصحيفة " محمد رسول الله " صلى الله عليه و سلم فمحا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الصحيفة بيده وأمر الكاتب أن يكتب " محمد بن عبد الله "
وأتى أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده فرده رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أبيه بعد أن أجاره مكرز بن حفص فعظم ذلك على المسلمين فأخبرهم عليه السلام أن الله سيجعل له فرجا
وكان قد أتى قوم من عند قريش قيل : ما بين الأربعين إلى الثلاثين فأرادوا الإيقاع بالمسلمين فأخذوا أخذا فأطلقهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فهم العتقاء الذين ينتمون إليهم العتقيون
وكان عليه السلام قبل تمام هذا الصلح قد بعث عثمان بن عفان إلى مكة رسولا وشاع أن المشركين قتلوه فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المبايعة على الموت وأن لا يفروا عن القتال وهي بيعة الرضوان التي كانت تحت الشجرة التي أثنى الله تعالى على أهلها وأخبر عليه السلام أنهم لا يدخلون النار
وضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم بيساره على يمينه وقال : هذه عن عثمان فلما تم الصلح المذكور أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ينحروا ويحلوا ففعلوا بعد إباء كان منهم وتوقف أغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم وفقهم الله تعالى ففعلوا وقيل : إن الذي حلق رأس رسول الله صلى الله عليه و سلم خراش بن أمية ابن الفضل الخزاعي
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة فأتاه أبو بصير عتبة بن أسيد ابن جارية هاربا وكان ممن حبس بمكة وهو ثقفي حليف لبني زهرة فبعث إليه الأزهر بن عبد عوف عم عبد الرحمن بن عوف و الأخنس بن شريق الثقفي رجلا من بني عامر بن لؤي ومولى لهم فأتيا النبي صلى الله عليه و سلم فأسلمه إليهما فاحتملاه فلما صار بذي الحليفة نزلوا فقال أبو بصير لأحد الرجلين : أرني هذا السيف فلما صار بيده ضرب به العامري فقتله وفر المولى فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره بما وقع وأظل أبو بصير فقال : يا رسول الله وفت ذمتك وأدى الله عنك أسلمتني بيد القوم وقد امتنعت بديني أن أفتتن أو يعبث بي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ويل امه مسعر حرب لو كان له رجال فأعلم أبو بصير أنه سيرده فخرج حتى أتى سيف البحر موضعا يقال له : العيص من ناحية ذي المروة على طريق قريش إلى الشام فقطع على رفاقهم فاستضاف إليه كل من فر عن قريش ممن أراد الإسلام فآذوا قريشا وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن يضمهم إلى المدينة
وأنزل الله تعالى بفسح الشرط المذكور في رد النساء ومنع تعالى من ردهن ثم نسخت براءة كل ذلك والحمد لله رب العالمين
وهاجرة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط فأتى أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة فيها فمنع الله تعالى من رد النساء وحرم الله تعالى حينئذ على المؤمنين الإمساك بعصم الكوافر فانفسخ نكاحهن من المسلمين ثم رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة (1/164)
غزوة خيبر
فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة مرجعه من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم ثم خرج في بقية من المحرم غازيا إلى خيبر وذلك قرب آخر السنة السادسة من الهجرة
واستخلف رسول الله صلى الله عليه و سلم نميلة بن عبد الله الليثي ودفع الراية إلى علي بن أبي طالب وقيل : إنها كانت بيضاء وسلك على عصر فبنى له بها مسجد ثم على الصهباء ثم نزل بواد يقال له : الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم - وكانت غطفان قد أرادت إمداد يهود خيبر - فلما خرجوا أسمعهم الله تعالى من ورائهم حسا راعهم فانصرفوا وبدا لهم فأقاموا في أماكنهم وجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يفتتح الآطام والحصون والأموال مالا مالا
فأول حصونهم افتتح حصن اسمه : ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة ألقيت عليه رحى فقتلته ؛ ثم القموص حصن بني أبي الحقيق وأصاب رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم سبايا منهن : صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وبنتي عم لها فوهب عليه السلام صفية لدحية ثم ابتاعها منه بتسعة أرؤس وجعلها عند أم سليم حتى اعتدت وأسلمت ثم أعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم وتزوجها وجعل عتقها صداقها لا صداق لها غيره فصارت سنة مستحبة لكل من أراد أن يفعل ذلك إلى يوم القيامة
وفي غزوة خيبر حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم لحوم الحمر الأهلية وأخبر أنها رجس وأمر بالقدور فألقيت وهي تفور بلحومها وأمر بغسل القدور بعد وأحل حينئذ لحوم الخيل وأطعمهم إياها
ثم فتح حصن الصعب بن معاذ ولم يكن بخيبر حصن أكثر طعاما منه ولا أوفر ودكا منه وآخر ما افتتح عليه السلام من حصونهم : الوطيح والسلالم حاصرهما بضع عشرة ليلة وكان شعار المسلمين يوم خيبر : أمت أمت
ووقف إلى بعض حصونهم أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما فلم يفتحاه فدفع رسول الله صلى الله عليه و سلم الراية إلى علي رضوان الله عليه ففتحه وكان أرمد فتفل في عينيه فبرئ
وكان فتح خيبر : الأرض كلها وبعض الحصون عنوة - وهي الأكثر - وبعضها صلحا على الجلاء فقسمها رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد أن عزل الخمس وأقر اليهود على أن يعتملوها بأموالهم وأنفسهم ولهم النصف من كل ما يخرج منها من زرع أو ثمر ويقرهم على ذلك ما بدا له فبقوا على ذلك حتى مات رسول الله صلى الله عليه و سلم ومدة خلافة أبي بكر وجمهور خلافة عمر ؛ فلما كان في آخر خلافته بلغه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر في مرضه الذي مات فيه أن لا يبقى في جزيرة العرب دينان فأمر بإجلائهم عن خيبر وغيرها من بلاد العرب وأخذ المسلمون ضياعهم من مقاسم خيبر فتصرفوا فيها
وكان متولى قسمتها بين أصحابها جبار بن صخر من بني سلمة وزيد بن ثابت من بني النجار
وفي فتح خيبر أهدت يهودية تسمى زينب بنت الحارث امرأة سلام ابن مشكم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم شاة مصلية قد جعلت فيها السم وكان أحب اللحم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الذراع فتناول رسول الله صلى الله عليه و سلم فلاك منها مضغة وكان معه عليه السلام بشر بن البراء بن معروف من بني سلمة فأكل منه وازدرد لقمة فقال عليه السلام : إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ولفظ لقمة ثم دعا باليهودية فاعترفت ومات بشر من أكلته تلك رضوان الله عليه ولم يقتل عليه السلام اليهودية
وكان المسلمون يوم خيبر ألفا وأربعمائة رجل ومائتي فارس ووقع سهم زبير بن العوام بالخوع من النطاة ؛ ووقع أيضا بالنطاة سهم بني بياضة وبني الحارث بن الخزرج ؛ ووقع سهم عاصم بن عدي أخى عجلان مع سهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وسهم عبد الرحمن بن عوف وسهام بني ساعدة وبني النجاة وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله وغفار وأسلم وعمر بن الخطاب وبني سلمة وبني حارثة وجهينة وثقيف من العرب - : في الشق
وكان عبيد بن أوس من بني حارثة بن عوف عرف يومئذ بعبيد السهام لكثرة ما اشترى من سهام الناس يومئذ اشترى عمر مائة سهم بخيبر فهي صدقته الباقية إلى اليوم وإلى يوم القيامة (1/167)
ذكر من استشهد يوم خيبر
ربيعة بن أكثم بن صخرة بن عمرو بن لكيز بن عامر بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة
وثقف بن عمرو بن سميط بن ثعلبة بن عبد الله بن غنم بن دودان
ورفاعة بن مسروح - وهؤلاء كلهم من بني أمية بن عبد شمس
ومسعود بن ربيعة من القارة حليف بني زهرة
وعبد الله بن الهبيب - وقيل : ابن الهبيب - بن أهيب بن سحيم بن غيرة من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة حليف بني أسد بن عبد العزى وابن أختهم
وبشر بن البراء بن معرور من بني سلمة مات من السم الذي أكله مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
وفضيل بن النعمان من بني سلمة أيضا
ومسعود بن سعد بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق
ومحمود بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث ابن الأوس حليف لبني عبد الأشهل
وأبو ضياح ثابت بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف من أهل قباء
ومبشر بن عبد المنذر بن دينار بن أمية بن مالك بن عوف بن عمرو ابن عوف
والحارث بن حاطب
وأوس بن قتادة
وعروة بن مرة بن سراقة
وأوس بن القائد
وأنيف بن حبيب
وثابت بن أثلة
وطلحة
والأسود الراعي واسمه : أسلم - كل هؤلاء من بني عمرو بن عوف ومن بني غفار :
عمارة بن عقبة بن حارثة بن غفار بن مليل بن ضميرة أصابه سهم
ومن أسلم :
عامر بن الأكوع
وإثر فتح خيبر قدم من الحبشة :
جعفر بن أبي طالب وامرأته : أسماء بنت عميس وابناهما : عبد الله ابن جعفر ومحمد بن جعفر
وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس مع امرأته : أمينة بنت خلف
وابناهما : سعيد وأمه
وعمرو بن سعيد بن العاص وكانت امرأته فاطمة بنت صفوان الكنانية قد ماتت بأرض الحبشة
ومعيقيب بن أبي فاطمة وهو الذي وليى بيت المالى لعمر وهو حليف آل عتبة بن ربيعة
والأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى
وجهم بن قيس بن عبد شرحبيل وابناه : عمرو بن جهم وخزيمة بنت جهم وهو من بني عبد الدار وكانت امرأته : أم حرملة بنت عبد الأسود قد هلكت بأرض الحبشة
والحارث بن خالد بن صخر من بني تيم بن مرة وكانت امرأته : ريطة بنت الحارث بن جبيلة هلكت بأرض الحبشة
وعثمان بن ربيعة بن أهبان الجمحي
ومحمية بن جزء الزبيدي حليف لبني سهم ولا رسول الله صلى الله عليه و سلم الخمس
ومعمر بن عبد الله بن نضلة من بني عدي بن كعب
وأبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس من بني عامر بن لؤي
ومالك بن ربيعة بن قيس بن عبد شمس من بني عامر بن لؤي ومعه امراته : عمرة بنت السعدي بن وقدان بن عبد شمس العامرة
وكان أتى سائر مهاجرة الحبشة قبل ذلك بسنتين وكان هؤلاء المذكورون آخر من بقي بها (1/170)
فتح فدك
ولما اتصل بأهل فدك ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم بأهل خيبر بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليؤمنهم ويتركوا الأموال فأجابهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى ذلك فكانت مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فلم تقسم لذلك ووضعها عليه السلام حيث أمره ربه تعالى (1/173)
فتح وادي القرى
وانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم عن خيبر إلى وادي القرى فأصيب بها غلام اسمه : مدعم أصابه سهم غرب فقتله فقال الناس : هنيئا له الجنة فقال عليه السلام : كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم تشتعل عليه الآن نارا ؛ أو كما قال عليه السلام فافتتحها عنوة وقسمها (1/173)
عمرة القضاء
فلما رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من خيبر أقام بها شهري ربيع وشهري جمادى ورجبا وشعبان ورمضان وشوالا فبعث في خلال ذلك السرايا ثم خرج في ذي القعدة في السنة السابعة من الهجرة قاصدا للعمرة على ماعاهد عليه قريشا حين الحديبية وخرج أكابر قريش عن مكة عداوة الله تعالى ولرسوله صلى الله عليه و سلم
فأتم عليه السلام عمرته وتزوج هنالك بعد إحلاله ميمونة بنت الحارث خالة ابن عباس وخالد بن الوليد ؛ فلما تمت الثلاث أوجبت عليه قريش أن يخرج عن مكة ولم يمهلوه حتى يبني بأم المؤمنين فخرج فبنى بها بسرف وهنالك ماتت أيام معاوية وبها دفنت وقبرها هنالك إلى اليوم المشهور (1/174)
غزوة مؤتة
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم من عمرة القضاء أقام بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرا وربيعا ثم بعث في جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة بعث الأمراء إلى الشام
وقد كان أسلم قبل ذلك وبعد الحديبية وبعد خيبر : عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة وهم من كبار قريش
فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم على الجيش زيد بن حارثة فإن أصابه قدر فعلى الناس جعفر بن أبي طالب فإن أصابه قدر فعلى الناس عبد الله بن رواحة وشيعهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وودعهم ثم انصرف ونهضوا فلما بلغوا معان من أرض الشام أتاهم الخبر : أن هرقل ملك الروم قد نزل أرض بني مآب وهي أرض بني مآب المذكورين في كتب بني إسرائيل وأنهم كانوا يغاورونهم في أيام دولتهم وأنهم من بني لوط عليه السلام وهي أرض البلقاء - : في مائة ألف من الروم ومائة ألف أخرى من نصارى أهل الشام من لخم وجذام وقبائل قضاعة : من بهراء وبلى وبلقين وعليهم رجل من بني إراشة من بلى يقال له : مالك بن راقلة فأقام المسلمون في معان ليلتين وقالوا : نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم نخبره بعدد عدونا فيأمرنا بأمره أو يمدنا فقال عبد الله بن رواحة : يا قوم إن الذي تكرهون للتي خرجتم تطلبون - يعني الشهادة - وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة وما نقاتلهم إلا بهذا الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فهي إحدى الحسنيين : إما ظهور وإما شهادة فوافقه الجيش على هذا الرأي ونهضوا حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقوا الجموع التي ذكرناها مع هرقل إلى جنب قرية يقال لها : مشارف وصار المسلمون في قرية يقال لها : مؤتة فجعل المسلمون على ميمنتهم قطبة بن قتادة العذري وعلى الميسرة عباية بن مالك الأنصاري وقيل : عبادة واقتتلوا فقيل الأمير الأول : زيد بن حارثة ملا قيا بصدره الرماح والراية في يده ؛ فأخذها جعفر بن أبى طالب ونزل عن فرس شقراء وقيل : إنه عقرها فقاتل حتى قطعت يمينه فأخذ الراية بيسراه فقطعت فاحتضنها فقتل كذلك وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فأخذ عبد الله بن رواحة الراية وتردد عن النزول بعض التردد ثم صمم فقاتل حتى قتل فأخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان وقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم فقالوا : أنت ؛ قال : لا فأخذها خالد بن الوليد وانحاز بالمسلمين فأنذر النبي صلى الله عليه و سلم بقتل الأمراء المذكورين قبل ورود الخبر في يوم قتلهم بعينه (1/174)
تسمية من استشهد يوم مؤتة
زيد بن حارثة الأمير الأول
وجعفر بن أبي طالب الأمير الثاني بعده
وعبد الله بن رواحة الأمير الثالث
ومسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة من بني عدي بن كعب
وهب بن سعد بن أبي سرح من بني حسل ثم من بني عامر بن لؤي
وعباد بن قيس وهو عبد الله بن رواحة من بني الحارث بن الخزرج
والحارث بن النعمان بن إساف بن نضلة بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار
وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول من بني مازن ابن النجار
وأبو كليب وقيل : أبو كلاب
وأخوه : جابر - ابنا عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول
وعمرو وعامر ابنا سعد بن الحارث بن عباد بن سعد بن عامر بن ثعلبة ابن مالك بن أفصي من بني النجار
هؤلاء من ذكر منهم
وقيل : إن عدد المسلمين يوم مؤتة ثلاثة آلاف (1/176)
غزوة فتح مكة
فأقام عليه السلام بعد مؤتة جمادى ورجبا ثم حدث الأمر الذي أوجب نقض عهد قريش المعقود يوم الحديبية وهو : أن خزاعة كانت في عقد رسول الله صلى الله عليه و سلم : مؤمنها وكافرها وكانت كفار بني بكر بن عبد مناة ابن كنانة في عقد قريش فعدت بنو بكر بن عبد مناة على قوم من خزاعة على ماء لهم يقال له : الوتير بأسفل مكة وكان سبب ذلك : أن رجلا يقال له : مالك بن عباد الحضرمي حليف لآل الأسود بن رزن خرج تاجرا فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله وذلك قبل الإسلام بمدة فعدت بنو بكر بن عبد مناة رهط الأسود بن رزن على رجل من بني خزاعة فقتلوه بمالك بن عباد
فعدت خزاعة على سلمى وكلثوم و ذؤيب بني الأسود بن رزن فقتلوهم وهؤلاء الإخوة أشراف بني كنانة كانوا يودون في الجاهلية ديتين ويودي سائر قومهم دية دية وكل هذه المقاتل قبل الإسلام ؛ فلما جاء الإسلام حجز ما بين من ذكرنا واشتغل الناس به فلما كانت الهدنة المنعقدة يوم الحديبية أمن الناس بعضهم بعضا فاغتنم بنو الديل من بني بكر بن عبد مناة تلك الفرصة وغفلة خزاعة وأرادوا إدراك ثأر بني الأسود بن رزن فخرج نوفل بن معاوية الديلي بمن أطاعه من بني بكر بن عبد مناة وليس كلهم تابعه جاء حتى بيت خزاعة وهم على الوتير فاقتتلوا ورفدت قريش بني بكر بالسلاح وأعانهم قوم من قريش بأنفسهم مستخفين وانهزمت خزاعة إلى الحرم فقال قوم نوفل بن معاوية : يا نوفل الحرم اتق الله إلهك فقال الكافر : لا إله له اليوم والله يا بني كنانة إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تدركون فيه ثأركم ؟ فقتلوا رجلا من خزاعة يقال له : منبه وانحجزت في دور مكة فدخلوا دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولى لهم اسمه رافع وكان هذا نقضا للعهد الواقع يوم الحديبية
فخرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب وبديل بن ورقاء وقوم من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم مستغيثين مما أصابهم به بنو بكر بن عبد مناة وقريش فأجابهم وأنذرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن أبا سفيان سيأتي ليشد العقد ويزيد في المدة وأنه سيرجع بغير حاجة وندمت قريش على ما فعلت فخرج أبو سفيان إلى المدينة ليشد العقد ويزيد في المدة فلقي بديل بن ورقاء بعسفان فكتمه بديل مسيره إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأخبره أنه إنما سار في خزاعة على الساحل ؛ فنهض أبو سفيان حتى أتى المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة أم المؤمنين فذهب ليقعد على فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم فطوته دونه فقال لها في ذلك فقالت : هو من أثر رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنت رجل مشرك نجس فلم أحب أن تجلس عليه فقال : لقد أصابك بعدي شر يا بنية
ثم أتى النبي صلى الله عليه و سلم في المسجد فكلمه فلم يجبه بكلمة ثم ذهب أبو سفيان إلى أبي بكر الصديق فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما أتى له فأبى أبو بكر من ذلك فلقي عمر فكلمه في ذلك فقال عمر : أنا أفعل ذلك ؟ والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به فدخل على علي بيته فوجد عنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم والحسن وهو صبي فكلمه فيما أتى له فقال له علي : والله مانستطيع أن نكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم في أمر قد عزم عليه فالتفت إلى فاطمة فقال : يا بنت محمد هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس ؟ فقالت : ما بلغ بني ذلك وما يجير أحد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال على : يا أبا سفيان أنت سيد بني كنانة فقم فأجر بين الناس ثم ألحق بأرضك فقال : أترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟ قال : ما أظن ذلك ولكن لا أجد لك سواه فقام أبو سفيان في المسجد فقال أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ثم ركب فانطلق راجعا إلى مكة حتى قدمها وأخبر قريشا بما فعل وبما لقي فقالوا له : ماجئت بشيء ومازاد علي بن أبي طالب على أن لعب بك
ثم أعلم رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه سائر إلى مكة فأمرهم بالتجهز لذلك ودعا الله تعالى أن يأخذ عن قريش بالأخبار فكتب حاطب بن أبي بلعتة إلى قريش كتابا يخبرهم فيه بقصد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتى الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من عند الله تعالى فدعا علي بن أبي طالب والزبير والمقداد وهم فرسان فقال لهم : انطلقوا إلى روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب لقريش فانطلقوا فلما أتوا المكان الذي وصف لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وجدوا المرأة فأناخوا بها ففتشوا رحلها كله فلم يجدوا شيئا فقالوا : والله ما كذب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال علي : والله لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فحلت قرون رأسها فأخرجت الكتاب منها ؛ فأتوا به النبي صلى الله عليه و سلم فلما قرئ عليه قال : ماهذا يا حاطب ؟ فقال حاطب : يا رسول الله والله ما شككت في الإسلام ولكني ملصق في قريش فأردت أن أتخذ عندهم يدا يحفظونني بها في شأفتي بمكة وولدي وأهلي فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وما يدريك يا عمر لعل الله تعالى قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في عشرة آلاف واستحلف على المدينة أبارهم كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري وذلك لعشر خلون من رمضان فصام حتى بلغ الكديد بين عسفان وأمج فأفطر بعد صلاة العصر وشرب على راحلته علانية ليراه الناس وأمر بالفطر فبلغه صلى الله عليه و سلم أن قوما تمادوا على الصيام فقال : أولئك العصاة فكان هذا نسخا لما تقدم من إباحة الصيام في السفر ولم يسافر صلى الله عليه و سلم بعدها في رمضان أصلا فهذا الحكم في السفر ناسخ لما قبله ولم يأت بعد شيء ينسخه ولا حكم يرفعه
فلما نزل مر الظهران ومعه من بني سليم ألف رجل ومن مزينة ألف رجل وثلاثة رجال وقيل : من بني سليم سبعمائة ومن غفار أربعمائة ومن أسلم أربعمائة وطائف من قيس وأسد وتميم وغيرهم ومن سائر القبائل أيضا جموع
وقد أخفى الله تعالى عن قريش الخبر لدعوة رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أنهم وجسون خائفون وقد خرج أبو سفيان وبديل بن ورقاء وحكيم بن حزام يتجسسون الأخبار
وقد كان العباس بن عبد المطلب هاجر في تلك الأيام فلقي رسول الله صلى الله عليه و سلم بذي الحليفة فبعث ثقله إلى المدينة وانصرف مع رسول الله صلى الله عليه و سلم غازيا فالعباس من المهاجرين من قبل الفتح وقيل : بل لقيه بالجحفة
وذكر أيضا أن أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة أخا أم سلمة أم المؤمنين لقياه بنيق العقاب مهاجرين فاستأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يأذن لهما فكلمته أم سلمة فأذن لهما فأسلما
فلما نزلوا بمر الظهران أسفت نفس العباس على ذهاب قريش إن فجئهم الجيش قبل أن يأخذوا لأنفسهم فيستأمنوا فركب بغلة النبي صلى الله عليه و سلم ونهض فلما أتى الأدراك وهو يطمع أن يرى حطابا أو صاحب لبن يأتي مكة فينذرهم ؛ فبينما هو يمشي كذلك إذ سمع صوت أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتساءلان وقد رأيا نيران عسكر النبي صلى الله عليه و سلم وبديل يقول لأبي سفيان : هذه والله نيران خزاعة فيقول له أبو سفيان : خزاعة أقل وأذل من أن تكون لها هذه النيران فلما سمع العباس كلامه ناداه : يا أبا حنظلة فميز أبو سفيان صوته فقال : أبو الفضل ؟ قال : نعم فقال له أبو سفيان : ما الشأن ؟ فداك أبي وأمي فقال له العباس : ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم في الناس واصباح قريش ! فقال له أبو سفيان : وما الحيلة ؟ فقال له العباس : والله إن ظفر بك ليقتلنك فارتدف خلفي وانهض معي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأردفه العباس فأتى به العسكر فلما مر على نار عمر نظر عمر إلى أبي سفيان فميزه فقال : أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ثم خرج يشتد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وسابقه العباس فسبقه العباس على البغلة وكان عمر بطيئا في الجري فدخل العباس ودخل عمر على أثره فقال : يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بلا عقد فأذن لي أضرب عنقه فقال العباس : يا رسول الله قد أجرته فراده عمر الكلام فقال العباس : مهلا يا عمر فلو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنه من بني عبد مناف فقال عمر : مهلا فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلى من إسلام الخطاب لو أسلم وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من إسلام الخطاب فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يحمله إلى رحله ويأتيه به صباحا ففعل العباس ذلك فلما أتى به النبي صلى الله عليه و سلم قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألم يأن لك ؟ ألم تعلم أنه لا إله إلا الله ؟ فقال أبو سفيان : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك والله لقد ظننت أنه لو كان معه إله غيره لقد أغنى ثم قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك ألم تعلم أنى رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقال : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! أما هذه والله فإن في نفسي منها شيئا حتى الآن فقال له العباس : ويحك أسلم قبل أن تضرب عنقك فأسلم فقال العباس : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئا فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن
وهذا القول من رسول الله صلى الله عليه و سلم لكل من كان لا يقاتل من أهل مكة بنص جلي لا إشكال فيه فمكة مؤمنة بلا شك ومن ثم لم تؤخذ عنوة بوجه من الوجوه ولو أمن مسلم من أي المسلمين قرية من دار الحرب على أن يغلقوا أبوابهم ولا يقاتلوا على ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم بأهل مكة لكان أمانا صحيحا وللزم ذلك كل مسلم ولحرمت دماؤهم وأموالهم وديارهم وللزمهم الإسلام أو الجلاء إلا أن يكونوا كتابيين فيباح لهم القرار على الجزية والصغار فكيف أمان رسول الله صلى الله عليه و سلم ! فمن قال : إن مكة صلح على هذا المعنى فقد صدق ؛ ومن قال : إنها صلح على أنهم دافعوا وامتنعوا حتى صالحوا فقد أخطأ ؛ وأما من قال : عنوة فقد أخطأ على كل حال
والصحيح اليقين : أنها مؤمنة على دمائهم وذراريهم وأموالهم ونسائهم إلا من قاتل أو استثنى فقط
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم العباس أن يوقف أبا سفيان بخطم الجبل أو الوادي ليرى جيوش الله تعالى ففعل ذلك العباس وعرض عليه القبائل قبيلة إلى أن جاء موكب رسول الله صلى الله عليه و سلم في المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم خاصة كلهم في الدروع والبيض فقال أبو سفيان : من هؤلاء ؟ قال : هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم في المهاجرين والأنصار فقال : والله ما لأحد بهؤلاء من قبل والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما فقال العباس : إنه النبوة يا أبا سفيان قال : فهذا إذن فقال العباس : يا أبا سفيان النجاء إلى قومك فأسرع أبو سفيان فلما أتى مكة عرفهم بما أحاط بهم وأخبرهم بتأمين رسول الله صلى الله عليه و سلم كل من دخل داره أو المسجد أو دار أبي سفيان
وتأبش قوم ليقاتلوا فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد رتب الجيش
وكان قد جعل الراية بيد سعد بن عبادة ثم بلغه أنه قال : اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يدفع الراية إلى الزبير بن العوام وقيل : إلى علي بن أبي طالب وقيل : إلى قيس بن سعد ابن عبادة وكان الزبير على الميسرة وخالد بن الوليد على الميمنة وفيها أسلم وغفار ومزينة وجهينة وكان أبو عبيدة بن الجراح على مقدمة موكب النبي صلى الله عليه و سلم وسرب رسول الله صلى الله عليه و سلم الجيوش من ذي طوى وأمر الزبير بالدخول من ذي كداء في أعلى مكة وأمر خالدا بالدخول من الليط أسفل مكة وأمرهم بقتال من قاتلهم
وكان عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو قد جمعوا جميعا بالخندمة ليقاتلوا فناوشهم أصحاب خالد القتال وأصيب من المسلمين رجلان وهما : كرز بن جابر من بني محارب بن فقر وخنيس ابن خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعي حليف بني منقذ شدا عن جيش خالد فقتلا وأصيب أيضا من المسلمين سلمة بن الميلاء الجهني وقتل من المشركين نحو ثلاثة عشر رجلا ثم انهزموا
وكان شعار المسلمين يوم الفتح وحنين والطائف : فشعار الأوس : يا بني عبد الله وشعار الخزرج : يا بني عبد الله ؛ وشعار المهاجرين : يا بني عبد الرحمن
وأمن النبي صلى الله عليه و سلم الناس كما ذكرنا حاشا عبد العزى بن خطل وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وعكرمة بن أبي جهل والحويرث بن نفيذ بن وهب بن عبد قصي ومقيس بن صبابة وقينتي بن خطل وهما : فرتنا وصاحبتها وسارة مولاة لبني عبد المطلب
فأما ابن خطل - وهو من بني تيم الأدرم بن غالب كان قد أسلم وبعثه صلى الله عليه و سلم مصدقا وبعث معه رجلا من المسلمين فعدا عليه وقتله ولحق بالمشركين - فوجد يوم الفتح وقد تعلق بأستار الكعبة فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي
وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه و سلم ثم لحق بمكة فاختفى وأتى به عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أخاه من الرضاعة فاستأمن له رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ فسكت عليه السلام ساعة ثم أمنه وبايعه فلما خرج قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه : هلا قام إليه بعضكم فضرب عنقه ؟ فقال رجل من الأنصار : هلا أومأت إلينا ؟ فقال : ما كان لنبي أن يكون له خائنة الأعين فعاش حتى استعمله عمر ثم ولاه عثمان مصر وهو الذي غزا إفريقية ولم يظهر منه بعد إسلامه إلا خير وصلاح ودين
وأما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن فاتبعته امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فردته فأسلم وحسن إسلامه
واما الحويرث بن نقيذ وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة فقتله علي بن أبي طالب يوم الفتح
وأما مقيس بن صبابة فكان قد أتى النبي صلى الله عليه و سلم مسلما ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله لقتله أخاه خطأ فقتله يوم الفتح نميلة بن عبد الله الليثي هو ابن عمه
وأما قينتا ابن خطل فقلت إحداهما واستؤمن للأخرى فأمنها رسول الله صلى الله عليه و سلم فعاشت إلى أن ماتت بعد ذلك بمدة وكانتا تغنيان بهجو رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأما سارة فاستؤمن لها أيضا فأمنها رسول الله صلى الله عليه و سلم فعاشت إلى أن أطأها رجل فرسا بالأبطح فماتت
واستتر رجلان من بني مخزوم عند أم هانئ بنت أبي طالب فأمنتهما فأمضى رسول الله صلى الله عليه و سلم أمانها لهما وكان علي رضوان الله عليه قد أراد قتلها وقيل : إنهما الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية أخو أم سلمة فأسلما وكانا من خيار المسلمين
وطاف رسول الله صلى الله عليه و سلم بالكعبة ودعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة بعد إن مانعت أم عثمان دونه ثم أسلمته فدخل صلى الله عليه و سلم الكعبة ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة ولا أحد معهم وأغلقوا الأبواب وتموا حينا وصلى صلى الله عليه و سلم في داخلها ثم خرج وخرجوا ورد المفتاح إلى عثمان بن طلحة وأبقى له حجابة البيت فهي في ولده إلى اليوم في ولد شيبة بن عثمان بن طلحة
وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بكسر الصور التي داخل الكعبة وخارجها وتكسير الأصنام التي حول الكعبة وبمكة وأذن له بلال على ظهر الكعبة
وخطب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثاني يوم الفتح فأخبر أنه قد وضع مآثر الجاهلية حاشا سدانة البيت وسقاية الحاج
وأخبر أن مكة لم يحل القتال فيها لأحد قبله ولا لأحد بعده وأنها لم تحل لأحد غيره ولم تحل له إلا ساعة من نهار ثم عادت كحرمتها بالأمس لا يسفك فيها دم
ومر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالأصنام وهي مشددة بالرصاص فأشار إليها بقضيب كان في يده وهو يقول : جاء الحق وزهق الباطل فما أشار لصنم منها إلا خر لوجهه
وتوقعت الأنصار أن يبقى رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة فأخبرهم أن المحيا محياهم والممات مماتهم
ومر بفضالة بن عمير بن الملوح الليثي وهو عازم على الفتك برسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : ماذا كنت تحدث به نفسك ؟ قال : لا شيء كنت أذكر الله فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : استغفر الله ووضع يده على صدره فكان فضالة يقول : والذي بعثه بالحق ما رفع يده عن صدري حتى ما أجد على ظهر الأرض أحب إلي منه
وهرب صفوان بن أمية إلى اليمن فاتبعه عمير بن وهب الجمحي بتأمين رسول الله صلى الله عليه و سلم إياه فرجع فأكرمه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنظره أربعة أشهر
وكان بن الزبعري السهمي الشاعر قد هرب إلى نجران ثم رجع فأسلم
وهرب هبيرة بن أبي وهب المخزومي زوج أم هانئ بنت أبي طالب إلى اليمن فمات كافرا هناك
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم السرايا حول مكة يدعوا إلى الإسلام ويأمرهم بقتال من قاتل وفي جملتهم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر ابن عبد مناة بن كنانة فقتل منهم وأخذ فأنكر النبي صلى الله عليه و سلم ذلك وبعث عليا بمال إليهم فودى لهم قتلاهم ورد إليهم ما أخذ منهم
ثم بعث خالد بن الوليد إلى العزى وكان بيتا بنخلة تعظمه قريش وكنانة وجميع مضر وكان سدنته بنو شيبان من سليم حلفاء بني هاشم فهدمه
وكان فتح مكة لعشر بقين من رمضان سنة ثمان (1/177)
غزوة يوم حنين
فلما بلغ فتح مكة هوازن جمعهم مالك بن عوف النصري واجتمع إليه ثقيف وقومه بنو نصر بن معاوية وبنو جشم وبنو سعد بن بكر ويسير بن بني هلال بن عامر ولم يشهدها من قيس عيلان غير هؤلاء وغاب عن ذلك عقيل وبشر ابنا كعب بن ربيعة بن عامر وبنو كلاب ابن ربيعة بن عامر وسائر إخوتهم فلم يحضرها من كعب وكلاب أحد يذكر وساق بنو جشم مع أنفسهم شيخهم وكبيرهم وسيدهم فيما خلا : دريد بن الصمة وهو شيخ كبير لا ينتفع به لكن يتيمن بمحضره ورأيه وهو في هودج لضعف جسمه وكان في ثقيف سيدان لهم في الأحلاف : قارب بن الأسود بن مسعود بن متعب وفي بني مالك : ذو الخمار سبيع ابن الحارث بن مالك وأخوه : أحمر بن الحارث والرياسة في الجميع إلى مالك النصري فحشد من ذكرنا وساق مع الكفار أموالهم وماشيتهم ونسائهم وأولادهم ليحموا بذلك في القتال فنزلوا بأوطاس
فقال لهم دريد : مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء ؟ فقالوا : ساق مالك مع الناس أموالهم وعيالهم فقال : أين مالك ؟ فقيل له : هو ذا فسأله دريد : لم فعلت ذلك ؟ فقال مالك : ليكون مع الناس أهلهم وأموالهم فيقاتلوا عنهم فقال له دريد : راعى ضأن والله وهل يرد المنهزم شيء ؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسلاحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك
ثم قال : ما فعل كعب وكلاب ؟ قالوا : لم يشهدها منهم أحد قال : غاب الجد والحد لو كان يوم علاء ورفعة لم يغب عنه كعب وكلاب ولوددت أنكم فعلتم كما فعلت كعب وكلاب فمن شهدها من بني عامر ؟ قالوا : عمرو بن عامر وعوف بن عامر قال : ذانك الجذعان : عمرو ابن عامر وعوف بن عامر لا ينفعان ولا يضران ! يا مالك ! إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ارفعهم إلى ممتنع ديارهم وعلياء قومهم ثم الق الصباة على متون الخيل فإن كانت لك لحق بك من وراءك وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك فأبى مالك ذلك وخالفت هوازن دريدا واتبعوا مالك بن عوف فقال دريد : هذا يوم لم أشهده ولم يغب عني :
( يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع )
وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم عشاء عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي فأتى بعد أن عرف مذاهبهم وأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم مقصدهم واستعار رسول الله صلى الله عليه و سلم من صفوان بن أمية بن خلف دروعا قيل : ما درع وقيل : أربعمائة درع
وخرج في اثنى عشر ألف مسلم منهم عشرة آلاف صحبوه من المدينة وألفان من مسلمة الفتح
واستعمل رسول الله صلى الله عليه و سلم على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس ومضى عليه السلام وفي جملة من اتبعه : عباس بن مرداس في بني سليم والضحاك بن سفيان الكلابي وجموع من بني عبس وذبيان
وفي مخرجه هذا رأي جهال الأعراب شجرة خضراء وكان لهم في الجاهلية شجرة معروفة في مكان معروف تسمى : ذات أنواط يخرج إليه الكفار يوما معروفا في العام يعظمونها فتصايح جهال الأعراب : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال : قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى : { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال : إنكم قوم تجهلون } إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم
ثم نهض فلما أتى وادي حنين وهو واد حدور من أودية تهامة وهوازن قد كمنت في جنبتي الوادي وذلك في عماية الصبح فحملوا على المسلمين حملة رجل واحد فولى المنهزمون لا يلوي أحد على أحد فناداهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يرجعوا وثبت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم : أبو بكر : وعمر وعلي والعباس وأبو سفيان بن الحارث وابنه جعفر والفضل ابن العباس وقثم بن العباس وجماعة من غيرهم ؛ والنبي صلى الله عليه و سلم على بغلته البيضاء واسمها : دلدل والعباس آخذ بحكمتها فأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن ينادي : يا معشر الأنصار يامعشرالأنصار يامعشر أصحاب الشجرة كان العباس جهير الصوت جدا وروينا أنه أمره أن ينادي : يا معشر المهاجرين بعد ذلك
فلما نادى العباس بمن ذكرنا وسمعوا الصوت ذهبوا ليرجعوا وكان الرجل منهم لا يستطيع أن يثني بعيره لكثرة المنهزمين ن فيأخذ درعه فيلبسها ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره ويكر راجلا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى إذا اجتمع حواليه منهم نحو المائة استقبلوا هوازن واشتدت الحرب بينهم وقذف الله تعالى في قلوب هوازن - حين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الرعب ولم يملكوا أنفسهم ورماهم بقبضة حصى بيده فما منهم أحد إلا أصابته ن وفي ذلك يقول جل ثناؤه : { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى }
وقد ذكر عن بعض هوازن ممن أسلم بعد ذاك أنه قال : لقينا المسلمين فنا لبثنا أن هزمناهم واتبعناهم ن حتى أتينا إلى رجل راكب بغلة شهباء فلما رآنا زبرنا وانتهرنا فما ملكنا أنفسنا أن رجعنا على أعقابنا وما تراجع سائر من كان مع النبي صلى الله عليه و سلم إلا وأسرى هوازن بين يديه وثبتت أم سليم في جملة من ثبت في أول الأمر محترمة ممسكة خطام جمل لأبي طلحة وفي يدها خنجر
وانهزمت هوازن وملك الأموال والعيال واستحر القتل في بني مالك من ثقيف فقتل منهم خاصة يومئذ سبعون رجلا في جملتهم رئيساهم : ذو الخمار وأخوه عثمان ابنا عبد الله بن ربيعة بن الحارث ولم يقتل من الأحلاف إلا رجلان لأن سيدهم قارب بن الأسود لما رأى أول الهزيمة أسند رايته إلى شجرة وفر بقومه وهرب مالك بن عوف النصري مع جماعة منهم فدخل الطائف مع ثقيف وانحازت طوائف من هوازن إلى أوطاس وتوجه بنو غيرة من الأحلاف من ثقيف إلى نخلة فاتبعت طائفة ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال بن عوف بن امرئ القيس من بني سليم : دريد بن الصمة فقتله وقيل : إن قاتل دريد هو عبد الله بن قنيع بن أهبان ابن ثعلبة بن ربيعة
وفي هذه الغزوة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد انقضائها : [ من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ]
وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى من اجتمع من هوازن بأوطاس أبا عامر الأشعري واسمه عبيد وهو عم أبي موسى الأشعري فقتل أبو عامر بسهم رماه سلمة بن دريد وأخذ أبو موسى الراية وشد على قاتل عمه فقتله واستحر القتل في بني نصر بن معاوية وقيل : رمى أبا عامر أخوان وهما : العلاء وأوفى ابنا الحارث أصاب أحدهما قلبه والآخر ركبته ثم قتلهما أبو موسى وقيل : بل قتل تسعة إخوة من المشركين يدعو كل واحد منهم إلى الإسلام ثم يحمل عليه فيقتله ثم حمل عليه عاشرهم فقتل عاشرهم أبا عامر ثم أسلم ذلك العاشر بعد ذلك
واستشهد يوم حنين من المسلمين : أيمن بن عبيد وهو ابن أم أيمن أخو أسامة بن زيد لأمه
ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن اسد بن عبد العزى جمح به فرسه ويقال له " الجناح " فقتل
وسراقة بن الحارث بن عدي بن العجلان من الأنصار
وأبو عامر الأشعري
وكانت وقعة هوازن وهو يوم حنين في أول شوال من السنة الثامنة من الهجرة
وأما رد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى هوازن نسائهم وأبنائهم وإعطاؤه صلى الله عليه و سلم من أعطى من أموالهم من سادات قريش وأهل نجد وغيرهم من رؤساء العرب - : فهو مذكور بعد غزوة الطائف
وكان منصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم من حنين إلى الطائف ولم يعرج صلى الله عليه و سلم على مكة (1/187)
غزوة الطائف
قال أبو محمد علي بن أبي أحمد رحمه الله تعالى : لم يشهد عروة بن مسعود ولا غيلان بن سلمة الثقفيان يوم حنين ولا حصار الطائف كانا بجرش يتعلمان صنعة المجانيق والدبابات
فسلك رسول الله صلى الله عليه و سلم في طريقه من الجعرانة إلى الطائف على نخلة اليمانية ثم على قرن ثم على المليح ثم على بحرة الرغاء من لية فابتنى بها مسجدا فصلى فيه
وذكر أن رجلا من بني هذيل ببحرة الرغاء حين نزلها طالب بدم فأقاده صلى الله عليه و سلم
وكان بالمكان المذكور حصن لمالك بن عوف النصري فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بهدمه فهدم ثم سلك الطريق من بحرة الرغاء فسأل عن اسمها فقيل له : الضيقة فقال : بل هي اليسرى ثم نزل تحت سدرة يقال لها : الصادرة بقرب مال رجل من ثقيف فتمنع الرجل منه في أطمه فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بهدم ماله فهدم وأخرب ثم نزل بقرب الطائف فتحصنت منه ثقيف وحاربهم المسلمون فأصيب من المسلمين رجال بالنبل فزال عن ذلك المنزل إلى موضع المسجد المشهور اليوم وكان واديا يقال له : العقيق فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة ويقال : بل بضع عشرة ليلة وهو الصحيح بلا شك وكان معه امرأتان من نسائه إحداهما أم سلمة
فموضع المسجد اليوم بين منزلها في موضع مصلاه صلى الله عليه و سلم وتولى بنيان ذلك المسجد عمرو بن أمية بن وهب بن مالك الثقفي
ورماهم صلى الله عليه و سلم بالمنجنيق ثم دخل نفر من المسلمين تحت دبابة ودنوا من سور الطائف فصب عليهم أهل الطائف سكك الحديد المحماة ورموا بالنبل فأصابوا منهم قوما
وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقطع أعناب أهل الطائف واسترحمه بن مسعود في ماله وكان بعيدا عن الطائف فكف عن قطعه
ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم رحل عن الطائف وحينئذ نزل أبو بكرة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو مسلم وعبيد من أهل الطائف قيل : إن الأزرق والد نافع بن الأزرق صاحب الأزارقة منهم
واستشهد على الطائف :
سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية
وعرفطة بن جناب حليف لبني أمية من الأزد
وعبد الله بن أبي بكر الصديق أصابه سهم فاستمر منه مريضا حتى مات منه بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم في خلافة أبيه
وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي أخو أم سلمة أم المؤمنين
وعبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي بن كعب
والسائب بن الحارث بن قيس بن عدي
وأخوه : عبد الله بن الحارث السهميان
وجليحة بن عبد الله من بني سعد بن ليث
وثابت بن الجذع من بني سلمة من الأنصار
والحارث بن سهل بن أبي صعصعة من بني مازن بن النجار
والمنذر بن عبد الله من بني ساعدة
ومن الأوس :
رقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان بن معاوية
وكان بجير بن زهير بن أبي سلمى الشاعر ابن الشاعر حسن الإسلام ممن شهد حنينا والطائف
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم من الطائف إلى الجعرانة وأتاه هناك وفد هوازن مسلمين راغبين فخيرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بين عيالهم وأبنائهم وبين أموالهم فاختاروا عيالهم وأبنائهم فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكلموا المسلمين في ذلك ففعلوا فقال صلى الله عليه و سلم : ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وقال المهاجرون والأنصار : أما ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه و سلم وامتنع لأقرع بن حابس وعيينة بن حصن عن أن يرد عليهم ما وقع لها من الفيء وساعدهما قومهما وامتنع العباس بن مرداس السلمي فطمع أن يساعده قومه بنو سليم فأبوا وقالوا : بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه و سلم فرد عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم نساءهم وأبناءهم وعوض من لم تطب نفسه بترك نصيبه أعواضا رضوا بها
وكان عدد سبي هوازن ستة آلاف إنسان منهم الشيماء أخت النبي صلى الله عليه و سلم من الرضاعة وهي بنت الحارث بن عبد العزى من بني سعد بن بكر بن هوازن فأكرمها رسول الله صلى الله عليه و سلم وأعطاها وأحسن إليها ورجعت إلى بلادها مختارة لذلك
وقسم رسول الله صلى الله عليه و سلم الأموال بين المسلمين ثم أعطى من نصيبه من الخمس المؤلفة قلوبهم ؛ وهم : أبو سفيان
بن حرب بن أمية وابنه معاوية وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى والحارث بن الحارث بن كلدة أخو بني عبد الدار وقد قال بعضهم : الحارث بن الحارث هذا من مهاجرة الحبشة فإن صح ذلك فقد أعاذه الله من أن يكون من المؤلفة قلوبهم الذين أعطوا في هذه السبيل وهو أخو النضر بن الحارث الذي ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم عنقه صبرا يوم بدر - والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى بن أبي قيس والعلاء بن جارية الثقفي حليف بني زهرة وصفوان بن أمية الجمحي وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر والأقرع بن حابس التميمي ؛ أعطى كل واحد من هؤلاء مائة بعير وأعطى عباس بن مرداس السلمي أقل من ذلك فقال شعرا يخاطب به رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتم له المائة ومالك بن عوف النصري وقد كان فر عن الطائف ولحق بالنبي صلى الله عليه و سلم فهؤلاء أصحاب المئين
وأعطى صلى الله عليه و سلم يومئذ عدي بن قيس بن حذافة السهمي خمسين من الإبل وسعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل ؛ ولمخرمة بن نوفل الزهري وعمرو بن وهب الجمحي وهشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب أخى بني عامر بن لؤي - بأقل من مائة لكل واحد منهم
وممن أعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم عددا دون ذلك : طليق بني سفيان بن أمية ابن عبد شمس وخالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس وشيبة ابن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى - وكان يذكر نفسه عن أنه أراد الفتك برسول الله صلى الله عليه و سلم يوم حنين فتغشاه أمر لا يقدر على وصفه قال : فعلمت أنه ممنوع من عند الله - وأبو السنابل بن بعكك بن حارثة بن عميلة بن السباق بن عبد الدار وعكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وزهير بن أبي أمية بن المغيرة أخو أم سلمة أم المؤمنين وخالد هشام ابن المغيرة المخزومي وهشام بن الوليد أخو خالد بن الوليد وسفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم والسائب بن أبي السائب ابن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة أخو بني عدي بن كعب وأبو جهم بن حذيفة بن غانم العدوي وأحيحة بن أمية الجمحي ونوفل بن معاوية بن عروة بن صخر بن رزن بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل من بني بكر بن عبد مناة بن كنانة وعلقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة وخالد بن هوذة بن خالد - الملقب بالحلس - بن ربيعة بن عمرو فارس الضحياء بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وأخوه : حرملة بن هوذة
فكان لشباب الأنصار في ذلك كلام لم يرض به أشياخهم ولا خيارهم فذكرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بنعمة الله تعالى عليهم بالإسلام وبه عليه الصلاة و السلام وأنه إنما أعطى قوما حديثي عهد بالإسلام وبمصيبة يتألفهم على الإسلام فرضوا رضوان الله عليهم
وذكر لرسول الله صلى الله عليه و سلم جعيل بن سراقة الضمري وأنه لم يعطه شيئا فأخبر أنه خير من طلاع الأرض مثل عيينة تألف عيينة ووكل جعيل بن سراقة إلى إسلامه
وكان هذا القسم بالجعرانة ؛ ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه و سلم من الجعرانة إلى مكة ثم رجع إلى المدينة فدخلها لست بقين لذي القعدة
وكانت قصة الطائف في ذي القعدة من السنة الثامنة من الهجرة
وكانت مدة غيبة رسول الله صلى الله عليه و سلم - مذ خرج من المدينة إلى مكة فافتتحها وأوقع بهوازن وحارب الطائف إلى أن رجع إلى المدينة - : شهرين وستة عشر يوما
واستعمل صلى الله عليه و سلم مالك بن عوف بن سعيد بن يربوع النصري وهو الذي كان رئيس الكفار يوم حنين على من أسلم من قومه ومن سلمة وفهم وثمالة وأمره صلى الله عليه و سلم بمغاورة ثقيف ففعل وضيق عليهم وحسن إسلامه وإسلام من معه وإسلام جميع المؤلفة قلوبهم حاشا عيينة بن حصن فلم يزل مغموزا
وكان المؤلفة قلوبهم - مع حسن إسلامهم - متفاضلين في الإسلام منهم الفاضل المجتهد : كالحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وحكيم بن حزام ؛ وفيهم خيار دون هؤلاء : كصفوان بن أمية وعمرو بن وهب ومطيع بن الأسود ومعاوية بن أبي سفيان ؛ وسائرهم لا نظن بهم إلا الخير
وكان ممن أسلم يوم الفتح وبعده من الأشراف نظراء من ذكرنا ووثق رسول الله صلى الله عليه و سلم بصحة إيمانهم وقوة نياتهم في الإسلام لله تعالى فلم يدخلهم مدخل من أعطاه - : عكرمة بن أبي جهل وعتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية وجبير بن مطعم
واستعمل رسول الله صلى الله عليه و سلم على مكة عتاب بن أسيد ؛ وهو شاب ابن نيف وعشرين سنة وكان في غاية الورع والزهد فأقام الحج بالمسلمين تلك السنة وهو أول أمير أقام الحج في الإسلام وحج المشركون على مشاعرهم
وأتى كعب بن زهير بن أبي سلمى تائبا مادحا لرسول الله صلى الله عليه و سلم وكان قبل ذلك يهجو رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبل صلى الله عليه و سلم إسلامه ومدحه وأثابه (1/129)
غزوة تبوك
هذه آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفسه وكان رجوع النبي صلى الله عليه و سلم من عمرته بعد حصار الطائف - كما ذكرنا - في آخر ذي القعدة من سنة ثمان
فأقام بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرا وربيعا الأول وربيعا الآخر وجمادى الأولى وجمادى الآخرة فلما كان في رجب من سنة تسع من الهجرة أذن رسول الله صلى الله عليه و سلم بغزو الروم وذلك في حر شديد حين طاب أول الثمر وفي عام جدب
وكان صلى الله عليه و سلم لا يكاد يغزو إلى وجه إلا ورى بغيره إلا غزوة تبوك فإنه صلى الله عليه و سلم بينها للناس لمشقة الحال فيها وبعد الشقة وقوة العدو المقصود فتأخر الجد بن قيس أخو بني سلمة وكان متهما فاستأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم في البقاء وهو غني قوي فأذن له وأعرض عنه ففيه نزلت : { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا }
وكان نفر من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي عند جاسوم يثبطون الناس عن الغزو فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم طلحة بن عبيد الله في نفر وأمرهم أن يحرقوا عليهم البيت ففعل ذلك طلحة ؛ فاقتحم الضحاك بن خليفة وكان في البيت فوقع فانكسرت رجله وفر أيضا ابن أبيرق وكان معهم
وأنفق ناس كثير من المسلمين واحتسبوا فأنفق عثمان رضي الله عنه نفقة عظيمة روى أنه حمل في هذه الغزوة على تسعمائة بعير ومائة فرس وجهز ركابها حتى لم يفقدوا عقالا ولا شكالا وروي أيضا أنه أنفق فيها ألف دينار
وهذه الغزوة أتى فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم البكاءون وهم سبعة : سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف وعلبة بن زيد أخو بني حارثة وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار وعمرو بن الحمام أخو بني سلمة وعبد الله بن المغفل المزني وقيل : هو عبد الله بن عمرو المزني وهرمي بن عبد الله أخو بني واقف وعرباض بن سارية الفزاري
فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يجدوا عنده ما يحملهم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون فذكر أن ابن يامين بن عمرو بن كعب النضري حمل أبا ليلى وعبد الله بن مغفل على ناضح له يعتقبانه وزودهما تمرا
واعتذر المخلفون من الأعراب فعذرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ونهض عليه صلوات الله وسلامه واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة وقيل : بل سباع بن عرفطة وقيل : بل علي بن أبي طالب
وضرب عبد الله بن أبي سلول عسكره بناحية غازية مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان عسكره فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين ؛ وهذا باطل لأنه لم يتخلف معه إلا ما بين السبعين إلى الثمانين فقط وإنما وقع هذا يوم في أحد وفيه أيضا نظر ؛ وقد قيل : إنه لم يكن يومئذ من معه أقل العسكرين والصحيح : أنه كان في دون ما معه صلى الله عليه و سلم يوم أحد وأما من كان مع عبد الله بن أبي في غزوة تبوك ممن تخلف معه بعد مسيره عليه السلام فأهل النفاق وأصحاب الريب في العدة المذكورة
وخطر رسول الله صلى الله عليه و سلم على الحجر بلاد ثمود فأمرهم ألا يتوضأ أحد من مائهم ولا يعجنوا منه وما عجنوا منه فليعلفوه الإبل وأمرهم أن يستعملوا في كل من ماء بئر للناقة وأمر ألا يدخلوا عليهم بيوتهم إلا أن يدخلوها باكين
ونهاهم صلى الله عليه و سلم أن يخرج أحد منهم منفردا دون صاحبه فخرج رجلان من بني ساعدة متفرقين أحدهما للغائط فخنق على مذهبه فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فدعا له فشفي والآخر خرج في طلب بعير له فرمته الريح في أحد جبلي طيء فردته طيء بعد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
وعطش الناس في هذه الغزوة فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم ربه فأرسل سبحانه سحابة فأمطرت
وأضل عليه السلام ناقته فقال بعض المنافقين : محمد يدعي أنه يعلم خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته ؟ فأتى الوحي بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بموضع ناقته فأخبر أصحابه بذلك وابتدروا المكان الذي وصف فوجدوها هنالك قيل : إن قائل هذا القول زيد بن اللصيت القينقاعي وكان منافقا وقيل : إنه تاب بعد ذلك وقيل : لم يتب
وفي هذه الغزوة ذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال - وقد رأى أبا ذر يتبع أثر الجيش قاصدا اللحاق به صلى الله عليه و سلم : [ يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده ] وكان كذلك كما قال صلى الله عليه و سلم
وفضح الله تعالى بالوحي قوما من المنافقين فتوا في أعضاد المسلمين بالتخذيل لهم فتاب منهم مخشن بن حمير ودعا إلى الله تعالى أن يكفر عنه بشهادة يخفي بها مكانه فقتل يوم اليمامة ولم يوجد له أثر
وصالح رسول الله صلى الله عليه و سلم يحنة بن رؤبة صاحب أيلة على الجزية
وبعث صلى الله عليه و سلم خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة وأخبره أنه بجده يصيد البقر فاتفق أن قرب خالد من حصن أكيدر في الليل وقد أرسل الله تعالى بقر الوحش فباتت تحك القصر بقرونها فنشط أكيدر ليصيدها فخرج في الليل فأخذه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فعفا عنه ورده وصالحه على الجزية
وأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بتبوك عشرين ليلة ولم يتجاوزها
وكان في طريقه ماء قليل فنهى أن يسبق أحد إلى الماء فسبق رجلان فاستنفذا ماءه فسبهما صلى الله عليه و سلم ثم
وضع يده فيه وتوضأ بماء يبض منه ثم صبه فيه ودعا بالبركة فجاشت بماء عظيم غزير كفى الجيش كله وأخبر رسول الله صلى الله عليم وسلم أن ذلك الموضع يصير جنانا فكان كذلك
وفي منصرفه صلى الله عليه و سلم أمر بهدم مسجد الضرار وأمر مالك بن الدخشم أخا بني سالم ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي أخا بني العجلان - : بهدم المسجد وحرقه فدخل مالك بن الدخشم منزله فأخرج منه شعلة نار فأحرقا المسجد وهدماه
وكان الذين بنوه : خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف من داره أخرج مسجد الضرار
ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد
وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد
وعباد بن حنيف من بني عمرو بن عوف
وجارية بن عامر وابناه : مجمع بن جارية وزيد بن جارية
ونبتل بن الحارث من بني ضبيعة
وبخرج من بني ضبيعة
وبجاد بن عثمان من بني ضبيعة
ووديعة بن ثابت من بني أمية بن زيد
وقد ذكر بعضهم فيه : ثعلبة بن حاطب وهذا خطأ لأن ثعلبة بدري
ولرسول الله صلى الله عليه و سلم مساجد بين تبوك والمدينة مسماة : مسجد تبوك ومسجد بثينة مدران ومسجد بذات الزراب ومسجد بالأخضر ومسجد بذات الخطمي ومسجد بألاء ومسجد بطرف البتراء من ذنب كواكب ومسجد بشق تارا ومسجد بذي الجيفة ومسجد بصدر حوضى ومسجد بالحجر ومسجد بالصعيد ومسجد بوادي القرى ومسجد بالرقعة في شقة بني عذرة ومسجد بذي المروة ومسجد بالفيفاء ومسجد بذي خشب
وفي هذه الغزاة تخلف كعب بن مالك من بني سلمة ومرارة بن الربيع من بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية الواقفي وكانوا صالحين فهنى النبي صلى الله عليه و سلم عن كلامهم مدة خمسين يوما ثم نزلت توبتهم
وكان المتخلفون لسوء نياتهم من أهل المدينة نيفا وثمانين رجلا
وكان رجوع رسول الله صلى الله عليه و سلم من تبوك في رمضان سنة تسع (1/198)
إسلام ثقيف
ولما كان في رمضان سنة تسع المؤرخ منصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم من تبوك أتاه وفد ثقيف وقد كان عروة بن مسعود الثقفي لحق برسول الله صلى الله عليه و سلم منصرفة من حنين والطائف قبل أن يدخل عليه السلام المدينة فأسلم وكان سيد ثقيف فاستأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم في الرجوع إلى قومه ودعائهم إلى الإسلام فخشي عليه منهم وحذره فأبى ووثق بمكانه منهم فانصرف ودعاهم إلى الإسلام فرموه بالنبل فمات فأوصى عند موته أن يدفن خارج الطائف مع الشهداء الذين أصيبوا إذ حاصرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فدفن هنالك رضوان الله عليه
ثم إن ثقيفا رأوا أنهم لا طاقة لهم بما هم فيه من مغاورة جميع العرب وكان رئيسهم عمرو بن أمية أخا بني علاج وعبد ياليل بن عمرو بن عمير وهو من الأحلاف من بني غيرة وهم فخذ من ثقيف فاتفقوا على أن يبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد ياليل بن عمرو ورجلين من الأحلاف وهما : الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب وشرحبيل بن غيلان وثلاثة من بني مالك وهم : عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهمان أخو بني يسار ونمير بن خرشة بن ربيعة أخو بني الحارث وأوس بن عوف ؛ وقد قيل : إنه قاتل عروة بن مسعود ؛ فخرجوا حتى قدموا المدينة
فأول من رآهم بقناة : ابن عمهم المغيرة بن شعبة وكان يرعى في نوبته ركاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ فترك عندهم الركاب ونهض مسرعا ليبشر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقدومهم فلقي أبو بكر فاستخبره عن شأنه فأخبره المغيرة بقدوم وفد قومه للإسلام فأقسم عليه أبو بكر أن يؤثره بتبشيره رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك فكان أبو بكر هو الذي بشر رسول الله صلى الله عليه و سلم بهذا الأمر
فرجع المغيرة ورجع معهم وأخبرهم كيف يحيون رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يفعلوا وحيوه بتحية أهل الجاهلية فضرب لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قبة في ناحية المسجد
وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يختلف بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو الذي كتب لهم الكتاب وكان الطعام يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يأكلونه حتى يأكل منه خالد
وسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يترك لهم الطاغية مدة ما لا يهدمها ؛ فأبى عليهم ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم وسألوا أيضا أن يعفو من الصلاة فأبى عليهم صلى الله عليه و سلم من ذلك وسألوه ألا يهدموا أوثانهم بأيديهم فأجابهم إلى ذلك
وأمر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان أحدثهم سنا لأنه عليه السلام رأه أحرصهم على تعلم القرآن وشرائع الإسلام فأسلموا وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عثمان بن أبي العاص بتعليمهم شرائع الإسلام ومما أمره به : أن يصلي بهم وأن يقتدي بأضعفهم أى لا يطول عليهم إلا يأخذوا على أذانه أجرا
ثم انصرف إلى بلادهم وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدم الطاغية وهي اللات فأقام أبو سفيان بماله بذي الهرم وقال للمغيرة : ادخل أنت على قومك فدخل المغيرة وشرع في هدم الطاغية وأقام قومه دونه : بنو معتب خشية أن يرمى ؛ وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين اللات وينحن عليها وهدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها وقضى رسول الله صلى الله عليه و سلم من مال الطاغية دين عروة بن مسعود ؛ ورغب إليه قارب بن الأسود بن مسعود أن يقضي دينه الذي تحمل به عن أبيه ففعل ذلك وقد كان أبو مليح بن عروة بن مسعود وقارب بن الأسود قد أسلما قبل إسلام ثقيف (1/203)
حجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسورة " البراءة "
يقرؤها على الناس في الموسم
وحج بالناس عام تسع في ذي الحجة أبو بكر الصديق أميرا على الناس في الحج وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بسورة براءة يقرؤها على الناس في الموسم نابذا إلى كل ذي عهد عهده ومبطلا كل عقد سلف على ما نص في السورة من الأحكام وبالله تعالى التوفيق (1/206)
فصل
ثم تواترت وفود العرب مذعنة بالإسلام إلا من خذله الله تعالى : كعامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب وأربد بن قيس بن جزء ابن خالد بن جعفر بن كلاب فإنهما وفدا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأبيا الإسلام فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عليهما ؛ فهلك عامر بالغدة وهلك أربد بالصاعقة
ووفد من بني تميم على رسول الله صلى الله عليه و سلم : عطارد بن حاجب بن زرارة والأقرع بن حابس والزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم المنقري ومالك بن وقش بن عاصم والحتات وهو الذي آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ونعيم بن يزيد وقيس بن الحارث وقد كان الأقرع بن حابس أسلم قبل ذلك
وقدم من بني سعد بن بكر : ضمام بن ثعلبة
وقد الجارود العبدي والأشج العصري وغيرهما من وفود عبد القيس وكانوا قد قدموا قبل فتح مكة فأسلموا حينئذ
وقدم وفد بني حنيفة فيهم مسيلمة فلما رجعوا تنبأ لعنه الله تعالى وارتد معه من العرب من خذله الله تعالى من قومه وثبت ثمامة بن أثال رضوان الله عليه على الإسلام
ووفد زيد الخيل الطائي وافد طئ
وقدم فروة بن مسيك المرادى وافد قومه فولاه رسول الله صلى الله عليه و سلم على مذحج كلها بجميع قبائلها
ووفد عمرو بن معد يكرب فأسلم
وقدم صرد بن عبد الله الأزدي وافد الأزد
وبعث صلى الله عليه و سلم معاذ بن جبل إلى اليمن
وأسلم فروة بن عمرو الجذامي وهادى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذه صاحب ما يليه من بلاد الروم فصلبه
وبعث صلى الله عليه و سلم خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب بنجران فأسلموا (1/206)
حجة الوداع
ثم حج عليه السلام حجة الوداع خرج لها من المدينة بعد أن صلى الظهر يوم الخميس لست بقين لذي القعدة وبات بذي الحليفة وأهل منها قارنا بين الحج والعمرة وكان معه الهدي : مائة من الإبل بعضها حملها صلى الله عليه و سلم مع نفسه وبعضها وهو نحو الثلث أتى بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن
ودخل عليه الصلاة و السلام مكة من أعلاها يوم الأحد لأربع خلون لذي الحجة سنة عشر وأمر في طريقة من شاء أن يهل بحج فليفعل ومن شاء أن يهل بعمرة فليفعل ومن شاء أن يقرن بينهما فليفعل فلما قرب من مكة أمر من كان معه هدي أن يقرن بين عمرة وحجة وأمر كل من لا هدي معه أن بفسخ حجة بعمرة ولا بد وسئل عن تمتعهم تلك ألعامهم ذلك أم للأبد ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : بل لأبد أبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عائشة رضي الله عنها - إذ حاضت وكانت قد أهلت بعمرة - أن تضيف إليها حجة وتعمل كل ما يعمل الحاج حاشا الطواف بالبيت
وطاف صلى الله عليه و سلم لعمرته وحجه طوافا واحدا
وتطيب لإحرامه حين أحرم ولإحلاله قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك بقي ظاهرا في رأسه المقدس أكثر من ثلاثة أيام بعد إحرامه
وأمر بمحرم مات بعرفة أن يكفن في ثوبيه ولا يمس بطيب ولا يخمر وجهه ولا رأسه
وأمر الناس ألا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت إلا الحائض التي طافت قبل حيضها بالبيت طواف الإفاضة
ثم رجع إلى المدينة من أسفل مكة قبل طلوع الشمس يوم الأربعاء الرابع عشر لذي الحجة (1/207)
وفاته صلى الله عليه و سلم
ثم لما أسلم الناس علم صلى الله عليه و سلم أنه راحل إلى ربه تعالى فخرج صلى الله عليه و سلم فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت بعد نحو عشرة أعوام
ثم لما أصاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وجعه الذي مات فيه كان في بيت ميمونة أم المؤمنين ثم استأذن صلى الله عليه و سلم نساءه أن يمرض في بيت عائشة أم المؤمنين فأذن له في ذلك
وعرض عليه عند إغمائه أن يلدوه فنهاهم عن ذلك فتمادوا على أمرهم ولدوه واللد : شيء كانت تصنعه العرب وهو دواء في شقى الفم فلما أفاق أمر بالإقتصاص منهم كلهم فلدوا كلهم حاشا عمه العباس فإنه لم يحضر ذلك الفعل إذ لدوه ولدت سودة أم المؤمنين وهي صائمة
فلما كان يوم الخميس - قبل موته صلى الله عليه و سلم بأربع ليال - اجتمع عنده جمع من الصحابة فقال عليه السلام : ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كلمة أراد بها الخير فكانت سببا لإمتناعه من ذلك الكتاب فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد غلب عليه الوجع وعندنا كتاب الله وحسبنا كتاب الله وساعده قوم حتى قالوا : أهجر رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ وقال آخرون : أجيبوا بالكتف والدواة يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه و سلم كتابا لا تضلون بعده فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمرهم بالخروج من عنده فالرزية كل الرزية ما حال بينه وبين ذلك الكتاب إلا أنه لا شك لو كان من واجبات الدين ولوازم الشريعة لم يثنه عنه كلام عمر ولا غيره
وكان في تلك المرضة قال لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك فأكتب كتابا وأعهد عهدا لئلا يتمنى متمن أو يقول قائل ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر فلم يكن والله أعلم الكتاب الذي أراد صلى الله عليه و سلم أن يكتبه فلا يضل بعده إلا في استخلاف أبي بكر وقد ظهرت مغبة ذلك وكاد الناس يهلكون في الإختلاف فيمن يلي أمر المسلمين بعد وفي الذي يلي من بعد من قام بعده وإلى زمن علي والأمر كذلك فيمن بعد علي وبالجملة فالكتاب كان رافعا لهذا النزاع ولو لم يكن فيه إلا الإستراحة من سفك الدماء في أمر عثمان ومن بعده ؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى فلقد هلكت في هذا طائف وتمادى ضلالهم إلى اليوم
وصلى عليه السلام وراء أبي بكر في الصف صلاة تامة وصلى أبو بكر بالناس تلك الأيام بعهد رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك إليه
وخرج صلى الله عليه و سلم في بعض تلك الأيام وهو متوكئ على علي والعباس وأبو بكر قد أخذ في الصلاة بالناس فقعد عن يسار أبي بكر وأبو بكر في موضع الإمام وصار أبو بكر واقفا عن يمينه في موضع المأموم يسمع تكبير رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى النبي صلى الله عليه و سلم بالناس يؤمهم قاعدا وهم خلفه فصار ذلك مؤيدا لما سبق من صلاته صلى الله عليه و سلم بالناس جالسا
وكان في هذا إجازة وقوف المذكر في مثل هذه الصلاة عن يمين الإمام
وهذه آخر صلاة صلاها صلى الله عليه و سلم بالناس
ثم إن الله تعالى توفى نبيه صلى الله عليه و سلم يوم الإثنين حين اشتد الضحى في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول عند تمام عشر سنين من الهجرة
وآخر ما رأوه رجال من أصحابه ففي صلاتهم الصبح من يوم الإثنين المؤرخ
وانقطع الوحي بموته صلى الله عليه و سلم واستقر الدين
وصلى الناس عليه أرسالا لم يؤمهم أحد ودفن في بيت عائشة أم المؤمنين نصف ليلة الأربعاء بعد موته بيوم ونصف يوم ونصف ليلة
وغسله العباس والفضل وقثم ابناه وعلي بن أبي طالب وأسامه بن زيد وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأوس بن خولى أحد بني عوف ابن الخزرج من الأنصار بدري فكان أسامة وشقران يصبان الماء
وكفن في ثلاث أثواب قطن سحولية بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ولا سراويل ولا درع أدرج فيها عليه السلام فقط
وحفر له أبو طلحة الأنصاري ولحد له في جانب القبر وجبل أسامة اللبن ودلاه في قبره علي بن أبي طالب والفضل وقثم ابنا العباس وشقران وأوس بن خولى
وبسطت تحته قطيفة له كان يفرشها في حياته وقد قيل : إن عبد الرحمن ابن الأسود الزهري أدخله معهم في قبره
وكانت مدة مرضه عليه السلام اثني عشر يوما ابتدأه الصداع يوم الخميس وقيل : بل أربعة عشر يوما وقالت عائشة أم المؤمنين : كان ينفث رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرضه الذي مات فيه يشبه نفث آكل الزبيب
وخير عليه السلام عند موته فاختار لقاء ربه تعالى قالت عائشة : سمعته يقول ببحة شديدة : [ بل الرفيق الأعلى ] ومات صلى الله عليه و سلم مستندا إلى صدرها
نسأل الله تعالى مستشفعين به صلى الله عليه و سلم إلى الله تعالى جل ثناؤه أن يجمع بيننا وبينه وأن يحجبنا ببركة متابعته عن النار وأن يصلي عليه وأن يغفر لأمته أجمعين وأن يجعلنا من أمته آمين
تم الكتاب بحمد الله (1/209)