وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الجبابرة، والحمد لله الذي أنهى بالموت آمال القياصرة، فنقلهم بالموت من القصور إلى القبور، ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود، ومن ملاعبة النساء والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان، ومن التنعم في الطعام والشراب إلى التمرغ في الوحل والتراب.
اللهم إنا نبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الرجاء إلا لما في يديك الكريمتين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
هو الواحد الذي لا ضد له، وهو الصمد الذي لا منازع له، وهو الغني الذي لا حاجة له، وهو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو جبار السموات والأرض.. لا راد لحكمه.. ولا معقب لأمره.
هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه، وهو على كل شيء قدير.
هو الحي الذي لا يموت، صاحب الملك والملكوت، صاحب العزة والجبروت، الذي كتب الفناء على جميع خلقه، وهو الحي الباقي الذي لا يموت.
وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أدى الرسالة، وبلغ الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وعبد ربه حتى لبى داعيه، وجاهد في سبيله حتى أجاب مناديه، عاش طوال أيامه ولياليه يمشي على شوك الأسى ويخطو على جمر الكيد والعنت، يلتمس الطريق لهداية الضالين، وإرشاد الحائرين، حتى علم الجاهل، وقوم المعوج، أمن الخائف، وطمأن القلق، ونشر أضواء الحق والخير والإيمان والتوحيد، كما تنشر الشمس ضيائها في رابعة النهار. فاللهم أجزه عنا خير ما جزيت نبيًا عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصلى اللهم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:(1/1)
فقد خلق الله الأرض، واختار منها بلده الحرام ففضله على جميع بقاع الأرض.
وخلق الله السموات سبعًا، فاختار العليا منها ففضلها بالقرب من كرسيه ومن عرشه جل وعلا.
وخلق الله الجنان وفضل جنة الفردوس على سار الجنان فسقفها عرش الرحمن.
وخلق الله الملائكة واصطفى منهم جبريل وإسرافيل وميكائيل.
فجبريل صاحب الوحي الذي به حياة القلوب والأرواح.
وميكائيل صاحب القطر الذي به حياة الأرض ومن عليها من الأحياء.
وإسرافيل صاحب الصور الذي بنفخته يبعث الناس ليوم النشور.
وخلق الله البشر واصطفى منهم الأنبياء والرسل واصطفى من الرسل أولي العزم الخمسة واصطفى من أولي العزم خليله وحبيبه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ففضله على جميع الأنبياء والمرسلين.
وما أحلى أن يكون الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !
فهو إمام الأنبياء... وإمام الأتقياء... وإمام الأصفياء. وخاتم الأنبياء.. وسيد المرسلين.. وقائد الغر المحجلين. وصاحب الشفاعة العظمى يوم الدين.. وصاحب المقام المحمود.. وصاحب اللواء المعقود.. وصاحب الحوض المورود. شرح الله صدره، ورفع الله له ذكره، ووضع الله عنه وزره، وزكاه في كل شيء.
زكاه في عقله فقال: { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } .
زكاه في صدقه فقال: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } .
وزكاه في معلمه فقال: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } .
وزكاه في بصره فقال: { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى } .
وزكاه في فؤاده فقال: { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } .
وزكاه في صدره فقال: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } .
وزكاه في في ذكره فقال: { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } .
وزكاه كله فقال: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } .
فهو حبيب الله... وهو خليل الله... وهو أكرم خلق الله عز وجل.(1/2)
وما من نبي من الأنبياء إلا وقد أخذ الله عليه العهد والميثاق أن يؤمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن ينصره إذا بعث؛ كما قال الله جل وعلا في سورة آل عمران: { وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }
[آل عمران: 81].
* وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم. ونصرت بالرعب. (وفي رواية مسيرة شهر). وأحلت لي الغنائم. وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا. وأرسلت إلى الخلق كافة. وختم بي النبيون» [رواه البخاري ومسلم].
* وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية من زوياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون به، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» [رواه البخاري ومسلم].
* وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع». [رواه مسلم وأبو داود والترمذي].
ففي يوم يزداد همه وكربه، على جميع الناس، يوم تدنو الشمس من الرءوس فتغلي من حرارتها ثم يؤتى بجهنم كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود: «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها» [رواه البخاري ومسلم].(1/3)
فإذا رأت الخلائق زفرت، وزمجرت غضبًا لغضب الله عز وجل فإذا رآها الخلائق لا يقوى مخلوق في أرض المحشر أن يقف على قدميه من الحسرة والفزع والهول فيخر جاثيًا على ركبتيه.
{ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } [الجاثية: 28].
ويطول الموقف على جميع الناس، حتى الأنبياء، فيقول بعضهم لبعض ألا ترون ما أنتم فيه، ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم فقول بعض الناس لبعض ائتوا آدم - عليه السلام - .
* ففي الحديث الذ رواه البخاري ومسلم وأحمد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يومًا: «أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذاك؟
يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد.
فيقول بعض الناس لبعض ائتوا آدم فيقولون يا آدم: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟
فيقول آدم: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى نوح.
فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدًا شكورًا، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول نوح: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة دعوت بها على قومي. نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وذكر كذباته، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى.(1/4)
فيقولون: يا موسى أنت رسول الله اصطفاك الله برسالاته، وبتكليمه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول لهم موسى إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، قال: هكذا هو. كلمت الناس في المهد فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول لهم عيسى: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبًا، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - .
فيأتونني. فيقولون: يا محمد أنت رسول الله، خاتم الأنبياء، وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فأقوم فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبلي.
فيقال: يا محمد ارفع رأسك سل تعطه، اشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي، يا رب امتي أمتي، يا رب أمتي أمتي – وفي الروايات الأخرى – فأقول يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم فيقول سبحانه وتعالى شفعتك أنا آتيكم فأقض بينكم» [رواه البخاري ومسلم وغيرهم].
وصدق الله عز وجل إذ يقول: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } .
* وبالجملة فإن الله عز وجل قد كرم نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - تكريمًا في الدنيا والآخرة ما كرمه لأحد من العالمين.
فهل منعه هذا التكريم من الموت؟ كلا { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } [ق: 19].
قال - صلى الله عليه وسلم - : «إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب» (1) [السلسلة الصحيحة 1106].(1/5)
وإن إفادتنا من هذا الحديث لا تقف عندما يرشد إليه من ضرورة صبر الفرد عند المصيبة فحسب، بل إنه من مفاتيح الرقاق والعلوم والمعارف، ينير السبيل للمسلمين، ويبصرهم بأسباب الظلمات التي يحيونها، ويعرفهم على المصائب التي يعيشونها، ويبين لهم النجاة باتباع منهاج النبوة والرسالة.
ولكل عظيم إذا مات أثر عند من يعظمه، وموته - صلى الله عليه وسلم - لا ينحصر أثره على الصحابة - رضي الله عنهم - فحسب، بل وعلى الأمة جميعًا.
فأرى لزامًا علينا أن نتدبر مصيبتنا في وفاة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فهي من أعظم المصائب.
عن ابن عباس وسابط الجمحي - رضي الله عنهم - ؛ قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إذا أصيب أحدكم بمصيبة، فليذكر مصيبته بي؛ فإنها أعظم المصائب».
يتبين لنا من هذا الحديث: أن موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم المصائب التي حلت وستحل بأمة الإسلام، ويطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منا أن نذكر بمصائبنا موته وفراقه، وبذلك تهون المصائب والخطوب.
وما من عزيز أو حبيب أو قريب أو صديق فقدناه؛ إلا وذاق القلب من لوعة فراقه وحرقة وداعه، فهل شعرنا بشيء من هذا ونحن نستشعر فراق وموت النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟
ماذا لو فقد الرجل أسرته كلها، وقد احترق قلبه، وأدمي فؤاده، وأنبتت دموعه الأسى، ثم تزوج بعد فترة، وعقب سنوات مات أحد أبنائه، كيف يكون حزنه وألمه إذا قورن بالمصاب الأول؟ أليس الخطب أهون والمصيبة أقل؟
وهكذا ينبغي أن نعزي أنفسنا كلما أصابتنا المصائب؛ بذكر موت النبي - صلى الله عليه وسلم - .
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاطبنا فيقول: «يا أيها الناس! أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري؛ فإن أحدًا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي» [صحيح سنن ابن ماجه 1300].(1/6)
ولو تأملنا كلمة «فليتعن» لوجدنا فيها الدواء والعلاج؛ إنها حروف يستطب بها الفؤاد.
ماذا لو فقد الإنسان أبويه الحبيبين في حادث سيارة؟ ألا يظل أثر المصيبة في قلبه مدى الدهر؟
ماذا لو فقد أمه أو زوجته أو ابنه؟
كيف بنا نصاب بفقد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نحس؟
إن المصيبة ينبغي أن تعظم إذا سمعنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».
وكأن المعنى بعد هذا النص سيكون: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون موتي أعظم مصيبة من فقده ولده ووالده والناس أجمعين».
فأين هذا الإحساس؟ وأين – بربكم – هذا الشعور؟
هذا هو إحساس المؤمن الصادق.
إن فقد النبي - صلى الله عليه وسلم - من مصائب الدين، وإن أي إنسان فقدته ليهون أمام فقدان النبي - صلى الله عليه وسلم - .
اصبر لكل مصيبة وتجلد
واعلم بأن المرء غير مخلد
فإذا ذكرت مصيبة تسلو بها
فاذكر مصابك بالنبي محمد
هل فقدت أمك؟ وهل تذكرت عند موتها وأنت تنتحب أنها أخرجتك من ظلمات البطن إلى نور الدنيا، ورعتك، وربتك؟
لقد أخرجك الله بدعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى والتوحيد، وهذا – بإذن الله تعالى – إنقاذ لك من الخلود في النار، فهل بلبن أمك وحنانها وعطفها تنقذ من الخلود في النار؟
فوالله؛ لو كان لي ألف أم بحنان أمي وعطفها، ومُتْنَ في يوم واحد، ما ينبغي أن أحزن عليهن أكثر من الحزن على موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
هل فقدت ابنك؟
أم زاد من بكائك تذكرك عونه ومساعدته وعطفه وبره؟ ومهما بلغت هذه الأمور؛ فإنها لن تبلغ ما قدمه لنا - صلى الله عليه وسلم - من أمور، تدخلنا بعون الله تعالى جنة عرضها السماوات والأرض، ونخلد فيها وننعم.
نمتع بعون الأبناء وعطفهم سنوات تمضي، لكن التمتع في الجنة لا نهاية له ولا آخر.(1/7)
أفلا يستحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منا أن نحزن على موته أكثر من سواه، ونذكره أشد مما نذكر من فقدناه من الأبناء والأولاد والأحباب (1) .
ونتطرق إلى وقائع مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم مراحل مرضه وما كان يعانيه - صلى الله عليه وسلم - من شدة المرض ثم احتضاره - صلى الله عليه وسلم - ثم موته - صلى الله عليه وسلم - :
نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - قول الله عز وجل: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } [سورة النصرٍ].
قال جابر بن عبد الله: لما نزلت هذه السورة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: «نعيت إلي نفسي يا جبريل. فقال جبريل: والآخرة خير لك من الأولى».
وفي الحديث عن ابن عباس: لما نزلت هذه الآية قال - صلى الله عليه وسلم - : «نعيت إلي نفسي» [رواه البخاري].
وقال مجاهد والضحاك وغيرهم إنها أجل رسول الله.
وفي العام الحادي عشر للهجرة بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحس بالألم الشديد في رأسه فكان أول ما ابتدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج إلى بقيع الغرقد، فسلم على أهل البقيع واستغفر لهم.
تقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: فلما رجع رسول الله من البقيع وجدني وأنا أجد صداعًا في رأسي وأنا أقول وارأساه فقال: «بل أنا والله يا عائشة وارأساه». فقامت عائشة رضي الله عها ترقي النبي - صلى الله عليه وسلم - . [صحيح ابن ماجه 197].
قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده فلما اشستكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث وأمسح بيد النبي عنه» [رواه البخاري، ومسلم].
__________
(1) مصيبة موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأثرها في حياة الأمة 4-10.(1/8)
وفي روايه للإمام مالك: «وأمسح بيد النبي على جسده رجاء بركتها.
وفي رواية الإمام مسلم: «وأمسح بيد رسول الله لأنها كانت أعظم بركة من يدي».
* واشتد الوجع برسول الله وهو في بيت ميمونة رضي الله عنها فدعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيت عائشة فإذِنَّ له رضي الله عنهن.
واشتد الوجع والألم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قلق الصحابة قلقًا شديدًا وحزنوا حزنًا بليغًا فشعر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحزن وهذا القلق.
فأمرهم أن يصبوا عليه الماء.
كما ورد في الحديث من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: لما دخل رسول الله بيتي اشتد به وجعه قال: «هريقوا علي من سبع قرب لعلي أعهد إلى الناس». وفي رواية: «حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم».
تقول عائشة: فأجلسناه في مخضب لحفصة ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب حتى طفق يشير إلينا بيده أن قد فعلتن (وفي رواية ابن إسحاق) حتى طفق يقول: «حسبكم حسبكم».
ثم خرج إلى الناس عاصبًا رأسه حتى جلس على المنبر.
فكان أول ما ذكر بعد حمد الله والثناء عليه ذكر أصحاب أحد فاستغفر لهم ودعا لهم وأكثر الصلاة عليهم. ثم قال:
«أيها الناس إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها كما تنافسوا فيها فتهلككم كما أهلكتهم» [متفق عليه].
ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : «إن عبدًا من عباد الله خيره الله بين الدنيا والآخرة وبين ما عند الله فاختار ما عند الله» ففهمها أبو بكر - رضي الله عنه - وعرف أن العبد المخير هو رسول الله فبكى الصديق وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا.
فعجب الناس من بكاء أبي بكر - رضي الله عنه - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «على رسلك يا أبا بكر».(1/9)
ثم قال: «أيها الناس إن أمنَّ الناس عليَّ بصحبته وماله أبو بكر. وكلكم كان له عندنا يد كافأناه بها متخذًا إلا الصديق فإنا تركنا مكافآته لله عز وجل. لو كنت متخذًا من العباد خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة وصحبة وانظروا إلى هذه الأبواب النافذة إلى المسجد فسدوها إلا بيت أبي بكر».
ثم قال: «يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرًا فإن الناس يزيدون وإن الأنصار على هيئتها لا تزيد وإنهم كانوا عيبتي التي أويت إليها فأحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» [رواه البخاري ومسلم].
ثم نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل بيت عائشة وتقام به وجعه، وثقل عليه المرض، ولم يعد يقدر على الخروج للصلاة بالمسلمين، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي أبو بكر - رضي الله عنه - بالمسلمين.
ففي الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود أنه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد اشتدت به الحمى فقال:
إنك لتوعك وعكًا شديدًا يا رسول الله قال: «أجل يا عبد الله إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم قلت إن لك لأجرين قال: نعم والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض مما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها» [متفق عليه].
عن سالم بن عبيد - رضي الله عنه - ؛ قال: «أغمي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه، فأفاق، فقال: «حضرت الصلاة؟» فقالوا: نعم. فقال: «مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكر أن يصلي للناس» - أو قال: «بالناس-».
قال: «ثم أغمي عليه، فأفاق، فقال: «حضرت الصلاة؟» فقالوا: نعم. فقال: «مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس» فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، إذا قام المقام؛ بكى، فلا يستطيع، فلو أمرت غيره».
قال: «ثم أغمي عليه، فأفاق، فقال: «مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب -أو: صواحبات- يوسف».
قال: فأُمِرَ بلال فأذن، وأمر أبو بكر فصلى بالناس.(1/10)
ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد خفة، فقال: انظروا لي من أتكئ عليه، فجاءت بريرة ورجل آخر (1) ، فاتكأ عليهما، فلما رآه أبو بكر؛ ذهب لينكص، فأومأ إليه أن يثبت مكانه، حتى قضى أبو بكر صلاته.
وصاياه في اللحظات الأخيرة:
* «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا [متفق عليه].
* عن أنس قال: كانت عامة وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» حتى جعل يغرغر بها صدره وما يفيض بها لسانه.
تقول عائشة رضي الله عنها: «إن الله جمع بين ريقي وريقه عند الموت، دخل علي عبد الرحمن وبيده سواك، وأنا مسندة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صدري، فرأيته ينظر إلى السواك، وأنا أعرف أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك يا رسول الله، فأشار برأسه: أن نعم، فتناولته فأخذته، ومضغته. ثم لينته، ثم طيبته، ثم أعطيته
لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستاك به جيدًا، فلما انتهى أخذت السواك وأخذت أمتص من السواك ريق رسول الله فكان هذا هو آخر عهدي بريق النبي - صلى الله عليه وسلم - . فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة.
وكان - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: «لا إله إلا الله إن للموت لسكرات. اللهم أعني على سكرات الموت» [رواه البخاري].
__________
(1) في رواية الصحيحين، خرج بين العباس ورجل آخر وهو علي بن أبي طالب وقيل: العباس وولده الفضلى ويجمع بين الروايات بتعدد خروجه - صلى الله عليه وسلم - .(1/11)
* وأقبلت عليه ابنته فاطمة رضي الله عنها وكانت من أحب الناس إليه - صلى الله عليه وسلم - وكانت إذا دخلت عليه في حالة صحته قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه ولكنه اليوم لا يستطيع القيام تقول عنها عائشة رضي الله عنها: «ما رأيت أحدًا أشبه سمتًا وهديًا برسول الله بقيامها وقعودها من فاطمة وكانت إذا دخلت على النبي قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه».
فلما مرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعاها كما قالت عائشة رضي الله عنها: «دعا النبي فاطمة عليها السلام في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت فسألنا عن ذلك فقالت: سارني النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه، فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول أهله (لحوقًا به) يتبعه، فضحكت». [رواه البخاري 2/628].
ثم قال: «يا فاطمة إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل عام مرة واحدة ولقد عارضني القرآن في هذا العام مرتين وما أراه إلا أنه قد اقترب الأجل». فبكت رضي الله عنها فقال: «يا فاطمة إنك أشد نساء المسلمين مصابًا بي بعد موتي فلا تكوني أقل امرأة صبرًا فاصبري يا بنتي واحتسبي عند الله أجركي» فقامت فاطمة تبكي وتقول أحتسبك عند الله يا رسول الله.
* فلما كان يوم الإثنين الذي توفي فيه رسول الله خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح فرفع الستر وقام على باب عائشة فكاد المسلمون يفتنون في صلاتهم فرحًا برسول الله حين رأوه وهمَّ أبو بكر أن يتأخر فأشار إليهم أن اثبتوا على صلاتكم وتبسم - صلى الله عليه وسلم - لما رأى من هيئتم في صلاتهم ثم رجع وأرخى الستر [رواه البخاري].
وعاد وقد اقترب الأجل وبدأت اللحظات الأخيرة من عمره الشريف تتلاشى وتنتهي.
تقول عائشة: «مات رسول الله بين سحري ونحري وأنا مسندته إلى صدري فرأيته رفع يده أو إصبعه ثم قال: «بل الرفيق الأعلى...، بل الرفيق الأعلى..، بل الرفيق الأعلى» فعلمت أنه لا يختارنا [رواه البخاري].(1/12)
وعن أنس قال: لما ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يتغشاه فقالت فاطمة عليها السلام: واكرب أبتاه، فقال لها: «ليس على أبيك كرب بعد اليوم» فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربًا دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، فلما دفن قالت فاطمة: يا أنس أطابت نفوسكم أن تحثوا على رسول الله التراب [رواه البخاري].
مات رسول الله.. مات المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - .. مات خير خلق الله.. مات إمام الأنبياء.. مات إمام الأصفياء.. مات إمام الأتقياء.
وقام عمر يصرخ ويقول: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مات وإن رسول الله والله ما مات ولكنه ذهب إلى لقاء ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات.
وعقر عليٌّ فقعد في الأرض لا يستطيع القيام.
وخرس لسان عثمان يذهب به ويأتي به من يده لا يتكلم.
وجاء الصديق وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على الجثمان الطاهر الشريف وهو مسجى في بيت عائشة فكشف الثوب عن وجهه وأقبل عليه يقبله، وبكى وهو يقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله.. وا نبياه وا صفياه وا خليلاه. أما الموتة التي قد كتبها الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدًا. ثم رد البرد على وجهه، وخرج إلى الناس. فقال: على رسلك يا عمر فأبى إلا أن يتكلم فأقبل الناس على أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ على الناس قول الله تعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ } [محمد: 44].(1/13)
فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية قد نزلت وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم. فلما سمعها عمر عقر ووقع على الأرض لا تحمله رجلاه وعلم أن رسول الله قد مات.
وجاءت فاطمة تبكي وتقول: يا أبتاه أجاب ربًا دعاه.. يا أبتاه إلى جبريل ننعاه..، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه.
ثم غسلوه في ثيابه، وكفنوه، ودفنوه في حجرة عائشة رضي الله عنها.
والله إن العين لتدمع.. وإن القلب ليحزن.. وإنا لفراق رسول الله لمحزونون.
بكاء أم أيمن وتهييجها أبا بكر وعمر
(رضي الله عنهعم جميعًا) على البكاء
وعن أنس - رضي الله عنه - ؛ قال: «قال أبو بكر - رضي الله عنه - بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر - رضي الله عنه - : انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيكِ؟ ما عند الله خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها.
[رواه مسلم].
ماذا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -
ذرفت العيون ووجلت القلوب، ولكن؛ ما العمل؟
العمل العمل بكتاب الله تعالى.
العمل العمل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
لقد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن سبب ضلال اليهود والنصارى هو عدم العمل بالتوراة والإنجيل، فعلينا بالعمل والمسارعة فيه.
وعلينا بمبدأ التمحيص وعدم تلقي غير الثابت من الأحاديث؛ لأن هذا الأمر دين، وهذا القول شرع، فلننظر عمن نأخذ ديننا.
وعلينا بالعلم ومجالسة العلماء.
ولنتدبر وصية عمر بن عبد العزيز (رحمه الله تعالى) وهو يكتبها إلى أبي بكر بن حزم:(1/14)
«انظر ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبه. وإني خفت – أي زوال – دروس العلم، وذهاب العلماء. ولا تقبل إلا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - . ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم؛ فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا».
فدروس العلم تجعلنا نصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال الشاعر:
أهل الحديث هم أهل الرسول وإن
لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
فلنصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته.
فلنصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صيامه.
فلنصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زكاته.
فلنصحبه - عليه السلام - في حجه.
فلنصحبه - عليه السلام - في سلوكه.
فلنصحبه - عليه السلام - في جهاده.
ولا نقبل إلا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد قرآن رب العالمين.
فحديثه الشفاء، وفيه النجاة.
فيه النجاة من التعصب لمذهب كذا وكذا.
فيه النجاة من التحزب لحزب كذا وكذا.
فيه تتحد القلوب وتأتلف ويصبح الصف واحدًا (1) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
__________
(1) مصيبة موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأثرها في حياة الأمة 33-36.(1/15)