الخلاصةُ في حياة الخُلفاءِ الراشدينَ
رضي الله عنهم
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الطبعة الأولى
2009 م-1430 هـ
ماليزيا
((بهانج- دار المعمور ))
(( حقوق الطبع لكل مسلم ))(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين،وعلى آله وصحبه أجمعين،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم هم المنارة الوضاءة لكل أجيال المسلمين،وهم خير صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،قال تعالى:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (29) سورة الفتح .
ووَصْفُ الخلافة ووَصْفُ الرُّشْدْ ليس مُخْتَصَّاً بهؤلاء الأربعة فقط،فقد يكون بعدهم من يكون خليفةً،ويكون بعدهم من يكون راشداً.
لكنهم اتَّصَفُوا بِوَصْفٍ زائدٍ على الخلافة الراشدة في أنَّهُم على خلافةٍ راشدة على منهاج النبوة،فعَنْ سَفِينَةَ،مَوْلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:الْخِلافَةُ ثَلاثُونَ سَنَةً،ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا،قَالَ:أمْسَكَ ثِنْتَيْنِ أَبُو بَكْرٍ،وَعَشْرًا عُمَرُ،وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ عُثْمَانُ،وَسِتًّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (1)
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِيهِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ،فِي الْمَسْجِدِ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ،فَقَالَ لَهُ:يَا بَشِيرُ،أَتَحْفَظُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخُلَفَاءِ ؟ فَقَالَ:لاَ،فَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ:وَهُوَ قَاعِدٌ،أَنَا أَحْفَظُهَا،فَقَعَدَ إِلَيْهِمْ أَبُو ثَعْلَبَةَ،فَقَالَ حُذَيْفَةُ:إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ،ثُمَّ يَرْفَعُهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا شَاءَ،ثُمَّ تَكُونُ الْخِلاَفَةُ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ،ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا،ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَتَكُونُ مُلْكًا مَا شَاءَ اللَّهُ،ثُمَّ يَرْفَعُهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً،ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ،ثُمَّ سَكَتَ.." (2)
فهم الخلفاء الأربعة الذين شَهِد لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخلافة وبالرُّشْدْ.
ومن ثمَّ يبقى الخلفاء الراشدون وسيرتهم العطرة وأيامهم النضرة منارة وضاءة للأحيال من بعدهم،ويقاس عليهم أي خليفة أو حاكم من حكام المسلمين .
وقد كتب في حياتهم الكثير الطيب،ومن ذلك :
تاريخ المدينة لابن شبة،وطبقات ابن سعد،وفتوح البلدان للبلاذري،وتاريخ دمشق لابن عساكر رحمه الله،فقد أفرد كل واحد منهم بكتاب،وهو أوسع من كتب عن حياتهم،وتاريخ الطبري - بالرغم مما
__________
(1) -المعجم الكبير للطبراني - (1 / 7)(13) صحيح
(2) - مسند البزار ( المطبوع باسم البحر الزخار - (7 / 223)(2796) صحيح لغيره(1/1)
ورد فيه من روايات غير ثابتة عنهم - والبداية والنهاية لابن كثير،وتاريخ الإسلام للذهبي،ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية رحمه الله في الدفاع عنهم،ومن المعاصرين الخضري في تاريخ الإمم الإسلامية ،وعبد الوهاب النجار - بالرغم وقوعه في أخطاء فاحشة - ومحمد رضا،ومحمد عزة دروزة في كتابه النفيس تاريخ الجنس العربي،الجزء السادس ،والتاريخ الإسلامي للعلامة محمود شاكر رحمه الله،وما كتبه الدكتور علي الصلابي حفظه الله عن كل خليفة منهم بكتاب وهو من أدق وأهم ما كتب عن حياتهم وأعمالهم،وما كتبه الحميدي بكتابه التاريخ الإسلامي،والدكتور أكرم العمري حفظهم الله ...
هذا وقد كنت جمعت ما يتعلق بحياتهم ولاسيما من تاريخ دمشق لابن عساكر،وخرجت أحاديثه،وعلقت عليه, وما كتبه غيره،ولكن الكتاب بقي دون تبييض،فعن كل واحد منهم أكثر من مجلدين،ولكن الظروف حالت دون مراجعته،لعل الله تعالى يمكننا من إكماله ...
وقد أفردت الشبهات التي قيلت عن الخلفاء الراشدين بكتاب كبير موجود على النت في مكتبة صيد الفوائد ومشكاة وغيرهما،ولكني لم أتمكن من مراجعته ...
وهذا الكتاب قد جمعته سابقاً من مصادر شتى،ولاسيما موسوعة الخلفاء الراشدون،وهي قيمة جدا .
وقد قسمته للمباحث التالية :
المبحث الأول=أبو بكر الصديق رضي الله عنه
المبحث الثاني=عمر بن الخطاب رضي الله عنه
المبحث الثالث=عثمان بن عفان رضي الله عنه
أولا- الكلام عن الفتنة بالتفصيل
ثانيا- ترجمة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه
المبحث الرابع=علي بن أبي طالب رضي الله عنه
المبحث الخامس=النظم الإدارية والسياسية في عهد الخلفاء الراشدين ...
المبحث السادس=حياة الناس في عهد الخلفاء الراشدين
المبحث السابع=الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين
المبحث الثامن=معالم هامة من تاريخ الخلفاء الراشدين ... ...
1- توحيد مصدر التلقي
2- حماية جانب العقيدة
3- سيادة العدل والمساواة بمفهومها الإسلامي الصحيح
4 - سيادة مبدأ الشورى قاعدة للتعامل بين الحاكم والمحكوم
5- قيام الجهاد والعلاقات الدولية في عهدهم على مقتضى الشرعية
المبحث التاسع=فضل الخلفاء الراشدين(1/2)
وأرى أنه يكفي عامة الناس هذه الأمور عن حياة الخلفاء الراشدين،ومن أراد التوسع فعليه بكتب الصلابي ،وكتابي المهذب في فضائل الخلفاء الراشدين .
قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (10) سورة الحشر
أسال الله تعالى أن ينفع به كاتبه وقارئه وناشره والدال عليه في الدارين .
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 7 رمضان 1430 هـ الموافق ل 28/8/2009 م
- - - - - - - - - - - - -(1/3)
المبحث الأول
أبو بكر الصديق رضي الله عنه
من رحمة الله وتثبيته لأعظم عظماء البشرية: الأنبياء - وقد علم ما سيلاقونه من الشدائد والمصاعب - أنه جعل إلى جوارهم أصحابا مخلصين يناصرونهم ويؤيدون مسعاهم،وأعظم هؤلاء الأصحاب هو أولهم إيمانا،وأقدمهم اتباعا للرسول،وقد كان هذا الرجل فى دعوة خاتم الأنبياء هو أبو بكر الصديق الذى عرف محمدا - صلى الله عليه وسلم - فى مكة المكرمة قبل البعثة بصدقه وأمانته،وشاهد سمو أخلاقه عن قرب،فكان أسرع الناس إيمانا بدعوته،وأعمقهم يقينا بصدق نبوته،وتحمل فى سبيل ذلك الكثير من أذى المشركين فى مكة،واستمر دوره فى المدينة المنورة منذ صحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى رحلة الهجرة،التى تعد بالنسبة إلى أبي بكر واحدا من أعظم مواقف الرجال فى التاريخ.
وبوفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم تنته المواقف الخالدة فى حياة أبي بكر،بل بدأت صفحة جديدة منها،أثبت خلالها الصدّيق ارتباطه بالمبدأ أكثر من ارتباطه بشخص،ولو كان محمدا - صلى الله عليه وسلم -
وكان أول هذه المواقف ثباته وصبره على فراق حبيبه العظيم - صلى الله عليه وسلم - الذى ما أحبه أحد من الناس مثل حبه له،وما عايش أحد منهم مواقف الدعوة معه مثلما عايش أبو بكر،حتى كان ثباته عند وفاة النبى ثباتا للأمة كلها،وعَوْدا بها إلى رشدها.
ومن هذه المواقف أيضا: إصرار الصديق - بعد أن تولى الخلافة - على قتال المرتدين ومانعى الزكاة،وإنفاذه بعث أسامة بن زيد إلى الشام بالرغم من حاجة المدينة إلى كل جندى.
وقد حمل أبو بكر أمانة الخلافة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان خير خلف لأعظم سلف،صان الأمانة وحفظها،وعدل فى الرعية،وجهز الجيوش الفاتحة ووجهها إلى العراق والشام..
وبعد سنتين وبضعة أشهر مكثها فى الخلافة حضرت الوفاة شيخ قريش العظيم وخيرَ الأمة بعد رسولها،فلم يشغله مرض الموت عن مصلحة المسلمين فأوصى بالخلافة من بعده إلى الفاروق عمر،فكان أبو بكر من أصدق الناس فراسة ومعرفة بالرجال. ومات الصديق فى جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة للهجرة ليلحق بصاحبِه رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ويرافقه فى القبر كما صحبه ورافقه فى الدنيا.
(عبد الله بن عثمان بن عامر) هذا هو الاسم الحقيقى الذى عرف به أبو بكر قبل الإسلام وبعده،وهو رجل شريف فى قومه،يرتفع نسبه فى قريش حتى يلتقى مع الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فى (مُرَّة)،وينتمى إلى بطن من بطون قريش الشريفة،وهم بنو تَيْم،الذين امتازوا منذ الجاهلية بالمواساة والمشاركة فى الخير والمعاونة عليه،وكان أبو بكر نفسه يدفع الدَّيْنَ والدِّيَاتِ عن العاجزين من قومه.(1/4)
وقد اجتمع لأبي بكر من تجارته مال كثير،وحقق له الثراءُ والغنَى واستقامة الخلق بروز شخصيته وسط المجتمع الجاهلى فى مكة،وجاءه الثراء الذى سيسخره فيما بعد لخدمة دينه ونبيه جاءه من عمله فى بيع الأقمشة الحريرية وغيرها. ولم تمنع الصديق تجارته من أن يكون حسن الخلق،بل هو الذى زين تجارته بحسن الأخلاق.
وأقام الصديق بحكم صنعته - فى حى التجار الذى انتقل إليه محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد زواجه من السيدة خديجة بنت خويلد. ولتشابههما فى كثير من الصفات الخلقية نشأت بين الرجلين صداقة وُرفقة امتدت حتى جاء الإسلام فزادها عمقا ورسوخا،وجعلها أُخوّة صادقة فى الله تعالى .
وقد سلك أبو بكر الطريق السوية فى علاقة الرجل بالمرأة حتى قبل إسلامه،ولم تغلب الجاهلية عفته وطهارة صفحته،فتزوج امرأتين فى الجاهلية وأخريين فى الإسلام.
بالرغم من أن نفس أبي بكر الصديق كانت ممتلئة بالخير حتى فى الجاهلية،إلا أن صداقته للرسول العظيم قبل البعثة وبعدها نمّت هذا الخير فى نفسه؛ لأنه وجد فيه المعلم الذى يعمل بما يقول،والمثال الحسن للأخلاق الحميدة،بينما أهل مكة منشغلون إما بمصالحهم الشخصية أو بتحصيل ملذاتهم،ولذلك ساعدت هذه الصداقة والمعرفة القديمة وإن لم تكن عميقة جدا فى تبكير أبي بكر بالدخول فى الإسلام،ذلك لأنه اقترب من النبى - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة،وعلم طباعه جيدا،وشاهد أفعاله،وقنعت نفسه بها. ومع رجاحة عقل الصدّيق نشأت الصداقة بين محمد وأبي بكر قبل البعثة،لتقاربهما فى السن،فأبو بكر يصغر الرسول بعامين وستة أشهر،ولأصلهما الرفيع،فالرسول ينتمى إلى بنى هاشم،وأبو بكر ينتمى إلى تيم،وبنو هاشم وتيم من أشراف قريش،وإن كان السبق فى ذلك لبنى هاشم على قريش كلها .
وكذلك لاتفاقهما فى الصفات الحسنة،فكلاهما يُعرف بالاتزان،والميل إلى الهدوء،وعدم مشاركة أهل مكة فى لهوهم وعبثهم وشربهم للخمر وعبادتهم للأصنام.
ومن الصفات التى عرفت عن أبي بكر أيضا السماحة،وسرعة التأثر بحال الفقراء والبائسين،والإشفاق على الفقير. كما كان مألوفا فى قومه،محببا إليهم،لحرصه على قضاء حوائجهم،ومعرفته بأنسابهم،إذ هو أعلم قريش بأنساب العرب وأحسابهم.
ومع ما كان يُعرف به أبو بكر من تواضع وحسن خُلق،فإنه كان جادا لا يعرف المزاح،حادّا فى الوقوف بجانب الصواب الذى يظهر له،وسيبدو أثر هذا الخلق جليا فيما بعد فى مواقف عديدة لأبي بكر،كحروب الردة وإنفاذ بعث أسامة بن زيد،بالرغم من مخالفة الجميع له.فقد كان رصيد صداقته ومعرفته القديمة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كافيا لأن يبكر بالإيمان بالله ورسوله .
المرأة ضلعٌ من أضلاع الحياة التى لا قيام للحياة البشرية بدونها،وإن كانت الجاهلية قد احتقرتْها،وقللت من شأنها ـ فإنها لم تستطع الاستغناء عن المرأة،وحمّلتها العبء الباطن من(1/5)
مسئوليات الحياة.. ولا يمنع هذا من وجود رجال فى الجاهلية العربية احترموا بشرية المرأة وقدروا آدميتها،فلما أتى الإسلام كانوا أكثر استعدادا من غيرهم للاستجابة لدعوته،وأبو بكر أحد هؤلاء الرجال.
تزوج أبو بكر أربع مرات: الأولى فى صدر شبابه،حين تزوج قُتيلة بنت عبد العزى،وولدت له عبد الله وأسماء،ثم تزوج بعدها أم رومان ابنة عامر بن عويمر فأنجب منها عبد الرحمن وعائشة،أما زوجته الثالثة فتزوجها بعد إسلامه،وهى أسماء بنت عميس التى استشهد زوجها جعفر بن أبي طالب فى مؤتة. وقد أوصى أبو بكر وهو فى مرض الموت بأن تغسله أسماء هذه الزوجة البارة. وأما الرابعة من زوجات أبي بكر فهى حبيبة بنت خارجة بن زيد الأنصاري،وقد توفى الصديق وفى بطنها حمل له،فولدت بعد موته أمَّ كلثوم بنت أبي بكر.
"الصِّدِّيقِيَّةُ" مقامٌ عالٍ يلي مقام النبوة،يعلن فيه صاحبُه إيمانَه بالغيب كأنه يراه،ويعلن ثقته فى دينه وحكمة تشريعه،حتى يصبحَ الإسلامُ بالنسبة لحياته الماءَ والهواءَ.. لا يبالي هذا الصدّيق بالشدائد والأذى والضوائق،بل يبدو أمامها كالهازئ بها وبمن يدبرها ويكيد بها للدين.
لقد ظهرت كل هذه المعانى بجلاء ووضوح فى الثلاث عشرة سنة التى قضاها أبو بكر الصديق فى مكة قبل الهجرة،حتى أخذ لقبه ورتبته العالية (الصديق) من موقفه إزاء أحد أحداث هذه الفترة،وهو حادث الإسراء والمعراج..
وقبل ذلك وبعده،بقي أبو بكر فى مكة عمادا قويا من عُمُد الإسلام،يشارك الرسول فى دعوة الناس إلى الله،ويتحمل أذى قريش،ويجهد نفسه لدفع الأذى عن الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ويفتدى بماله الرقيقَ من المسلمين،ويقف فى وجه محاولات المشركين للتشكيك فى صدق النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - .
وبلغت أعمال أبي بكر فى مكة قمتها بالهجرة منها إلى المدينة فى صحبة رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ليكون على موعد للعودة إليها فى صفوف الفاتحين عام الثامن من الهجرة.
ـ يا أبا القاسم،فُقدتَ من مجالس قومك،واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها..؟
ـ إنى رسول الله أدعوك إلى الإسلام.
هكذا جاء المشهد سريعا،وإن ترك أثرا عميقا: ليس فى حياة أبي بكر وحده،ولكن فى حياة العديد من شباب مكة الذين سيكونون أول الداخلين فى الإسلام على يديه،بل فى حياة الدنيا كلها؛ إذ ستسجل هذه الكوكبة من الرجال أعظم المواقف فى خدمة الإسلام وافتدائه والدعوة إليه. راح أبو بكر يستمع إلى صوت صاحبه القديم محمد فى إنصات واهتمام،والكلمات تتحدر من بين شفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كحبات اللؤلؤ التى يضيء لها قلب الصدّيق،فتمتلئ نفسه بالرضا،وفؤاده بالطمأنينة.. ولم يلبث أبو بكر حين تعلم كيف يصير مسلما أن شهد بالوحدانية لله تعالى،وبالرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فقال فيه(1/6)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كبوة أى تحيّر وتردد،ونظر،إلا أبا بكر..".
ومن يومها راح أبو بكر يقتدى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى دعوة من تربطه به صلة ويحس أن فيه خيرا إلى الانضمام إلى الكتيبة المؤمنة بالله رب العالمين.
ـ يا أبا القاسم،فُقدتَ من مجالس قومك،واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها..؟
ـ إنى رسول الله أدعوك إلى الإسلام.
هكذا جاء المشهد سريعا،وإن ترك أثرا عميقا: ليس فى حياة أبي بكر وحده،ولكن فى حياة العديد من شباب مكة الذين سيكونون أول الداخلين فى الإسلام على يديه،بل فى حياة الدنيا كلها؛ إذ ستسجل هذه الكوكبة من الرجال أعظم المواقف فى خدمة الإسلام وافتدائه والدعوة إليه. راح أبو بكر يستمع إلى صوت صاحبه القديم محمد فى إنصات واهتمام،والكلمات تتحدر من بين شفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كحبات اللؤلؤ التى يضيء لها قلب الصدّيق،فتمتلئ نفسه بالرضا،وفؤاده بالطمأنينة.. ولم يلبث أبو بكر حين تعلم كيف يصير مسلما أن شهد بالوحدانية لله تعالى،وبالرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كبوة أى تحيّر وتردد،ونظر،إلا أبا بكر..".
ومن يومها راح أبو بكر يقتدى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى دعوة من تربطه به صلة ويحس أن فيه خيرا إلى الانضمام إلى الكتيبة المؤمنة بالله رب العالمين.
لقد أخلص أبو بكر فى إيمانه،فلم يكتف بأن يعْلم من الخير ما علم،وإنما قرر أن يجعله على الفور عملا ينفع به نفسه وينتفع به الناس،لذلك تحرك بالدعوة بين رجال قريش،برغم ما كان يعرفه من خطورة الأمر على نفسه وتجارته،إلا أن نور الهداية فى نفسه كان أكبر،لذلك أخذ ينتقى عقلاء قريش،ويعرض عليهم الإسلام،معتمدا على ما كان بينه وبينهم من صداقة ومودة،حتى أسلم على يديه: الزبير بن العوام،وعثمان بن عفان،وعبد الرحمن بن عوف،وطلحة بن عبيد الله،وأبو عبيدة بن الجراح،وهم من العشرة المبشرين بالجنة،الذين كانوا أكثر الناس خدمة للدين وتضحية فى سبيله.
ولم يكن أبو بكر فى دعوة هؤلاء إلا كمن ينتقى الذهب من كومة كبيرة من القش،فما أكثر الناس،ولكن من منهم على استعداد للإصغاء إلى صوت الحق والإيمان به.. بحث أبو بكر عن هؤلاء،فوجدهم الأقوم سلوكا،والأطيب نفوسا من الرجال،فغاص عليهم وسط المجتمع،وخاطب فيهم الفطرة والعقل،وانتشلهم بإذن الله من الشرك والكفر،فآمنوا بالله رب العالمين.
خافت قريش التعرض للأحرار من صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ كانت تخشى من غضب أهلهم،أما العبيد والمستضعفون فقد كان العذاب يُصَبُّ عليهم صبا؛ إذ لم يكن هناك من يحميهم أو يدفع عنهم الأذى .. هكذا فعلوا مع بلال بن رباح وخباب بن الأرت وزنيرة وأسرة عمار بن ياسر وغيرهم..(1/7)
فبلال مثلا - بدأوا فحبسوه فى مكان مغلق،وحرموه من الطعام والشراب،ظانين أنه قد يتراجع تحت الضغط عن دينه،ولكنهم وجدوه أكثر صلابة وتمسكا بالحق،فأخذه " أمية بن وهب " إلى الصحراء،وقد اشتدت حرارة الشمس وازداد لهيب الرمال،فألقاه،وجعل على صدره صخرة كبيرة،وهدده بالموت إن لم يتخل عن دينه،وبلال لا يقول سوى:" أحدٌ .. أحدٌ ".. ويمر به أبو بكر فيرى هذا المشهد القاسي،فيخاطب أمية:
-ألا تتقي الله فى هذا المسكين؟ إلى متى؟
فأجابه أُمَيّة بحسبة دنيوية خاطئة: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى!
فاشترى أبو بكر بلالا،وأعتقه فى سبيل الله..
وانعدم الحياء والخجل من نفوس المشركين،فأخذت أياديهم فى تعذيب الإماء ـ إناث العبيد ـ وكانت تقاليدهم فى الجاهلية تمنعهم من هذا،إلا أن الغيظ أعماهم،وقد بلغ التعذيب بإحداهن أن فقدت بصرها،فلما سمع أبو بكر بهذا ذهب فاشتراها وأعتقها لوجه الله.
لكن أبا قحافة والد الصدّيق لم يعجبه أن يشترى ابنه عبيدا ضعفاء لا يقدرون على خدمته،ثم يعودَ فيعتقهم،فنصحه بشراء عبيد أقوياء يصلحون لخدمته ويتقى بهم أذى المشركين.
وهنا يبين أبو بكر لأبيه ذلك المعنى العميق الذى غاب عنه: " يا أبت إنى إنما أريد ما أريد لله - عز وجل "!!
هذا أبو بكر يرى نفسه فردا من الناس،ويرى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أمة كاملة،بما يحمل من الرسالة،ويتلقى من الوحي،وبما جمعه الله فيه من محاسن الأخلاق،وجعله قدوة للناس فى عقائدهم وشعائرهم وأخلاقهم.. لهذا كله كان الصدّيق يضع نفسه موضع المدافع عن الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ولا يستكثر أن تذهب هذه النفس فداء للإسلام ورسوله.
لقد كان يتعجب من قسوة قلوب المشركين،وفوق ذلك يتعجب من تعرضهم للنبى الذى يحمل لهم الخير والهداية بالإيذاء،فمر يوما بالمسجد الحرام فوجد شيخا من شيوخ الكفر قد أمسك بملابس رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ حتى كاد يخنقه،فجذب أبو بكر الكافرَ من كتفه بقوة،وصرخ فى وجوه أهل الشرك مستنكرا ضلالتهم: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ)؟!
جاء العامُ العاشر من البعثة شديدًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أطلق عليه "عام الحزن"؛ إذ مات فيه نصيراه الكبيران: زوجته خديجة وعمه أبو طالب،وفقد بموتهما ركنين قويين كانا يردان عنه أذى السفهاء ويخففان عنه ثقل ما يجد من تعنت المشركين.. وفى هذا العام نفسه ذهب النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف بحثا عن قلوب تتقبل الإيمان،لكنهم كانوا أقسى عليه من قريش،إذ رفضوا الاستجابة لدعوته،وآذوه فى نفسه وجسده الشريف..(1/8)
أراد الله - تعالى - فى هذا الجو الصعب أن يخفف عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - فأسرى به من المسجد الحرام فى مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى فى فلسطين،ثم عرج به إلى السموات حتى سدرة المنتهى،وعاد إلى مكة فى ليلة واحدة.
ورحلة الإسراء - وهى المرحلة التى قطعها الرسول العظيم فوق سطح الأرض - كانت قريش تقطعها فى شهرين،شهر للذهاب وآخر للعودة،ولذلك وجدتها فرصة لتكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتشكيك فى نبوته،وارتد بعض ضعاف الإيمان من المسلمين،وأما أبو بكر فقد قدم لهم سببا مقنعا يصدق على أساسه كل ما يقوله الرسول،وهو أنه يصدقه فى الوحى الذى يأتيه من السماء فى لحظات قليلة. ثم ذهب بنفسه إلى الرسول العظيم،وسأله عن الخبر،فلما سمعه منه أعلن تصديقه له على رءوس الأشهاد.
"والله لئن كان قاله فقد صدق".. هذه هى علامة الصدّيق الذى يثق فى أن كل ما يقوله دينه حق،وكل ما ينطق به نبيه صدق،ولو كان أوسعَ دائرة من طاقة العقل.. أتاه المشركون وكأنهم وجدوا فرصة ليثبتوا لأبي بكر كذب صاحبه الذى يظن أنه نبي،وتأكدوا من قدرتهم هذه المرة على صرف أحد أكبر أنصار محمد عنه،خاصة أن ما يحكيه محمد قد صرف عنه بعض من آمن به..
أتى المشركون إلى أبي بكر لعلمهم بمنزلته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومكانته من الإسلام،الذى كان قد مضى عليه فى مكة حينئذ عشر سنوات،فقالوا لأبي بكر: "إن صاحبك يزعم أنه قد ذهب إلى بيت المقدس وعاد إلى مكة فى ليلة واحدة"!! وخاف أن يكونوا يكذبون عليه،فقالوا له: لقد قال ذلك وهو فى المسجد يخبر الناس.
وبيقين المؤمن وفطنته يجيبهم أبو بكر: والله لئن كان قاله فقد صدق!
وما من كلمة خيبت سعى المشركين إلى تشكيك أبي بكر فى صدق نبيه مثل هذه الكلمة،فقد أفقدتهم الأمل فى أن يحاولوا مرة أخرى المساس بإيمان هذا الرجل الشامخ،الذى زادهم يأسا فقال: "ما يعجبكم من ذلك؟! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر (أي: الوحي) يأتيه من السماء إلى الأرض فى ساعة ـ أى زمن قصير ـ من ليل أو نهار،فأصدِّقه،فهذا أبعد مما تعجبون منه..!!"
ويسرع أبو بكر إلى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ليسمع منه الخبر،ويتأكد من صدق كلام المشركين،فيجد النبى ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فى المسجد الحرام عند كعبة أبويه إبراهيم وإسماعيل يقص على الناس قصة الإسراء،ويروى لهم رحلة المساء التى قطع فيها الصحراء الطويلة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى،ورسول الله لا يبالى بتكذيب المشركين واستنكارهم،بل يسوق لهم الحجج القاطعة والأدلة الواضحة على صدقه. وبفطنته يسأل أبو بكر رسول الله أن يصف المسجد الأقصى الذى شاهده فى رحلته،ليكون ذلك أدل على صدقه أمام الناس. ويُرفَعُ المسجد أمام عينى النبى العظيم،فيصف بناءه وهيئته ومنظره،وكلما سمع أبو بكر شيئا قال للنبى الحبيب: صدقت،أشهد إنك لرسول الله"،فحلاَّه النبى - صلى الله عليه وسلم - بالوسام العظيم فقال: "وأنت يا أبا بكر الصديقُ".(1/9)
بَدَا إيذاءُ المسلمين مسلسلا مُمِلاًّ يتولى الكفار تنفيذه،فأذن رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لأتْباعه بالهجرة إلى الحبشة.. وأعد أبو بكر عدة السفر،ناويا الخروج والهجرة بدينه بعيدا عن أذى المشركين وتضييقهم.. ويبدأ الصدّيق خطواته المثقلة المتعبة جادا فى ترك الوطن الذى آذاه فيه قومه،لكن يلقاه فى طريق هجرته ابن الدغنة المشرك فيسأله عن وجهته،ويجيب أبو بكر فى صبر المؤمن: " أخرجنى قومى وآذوني.. "،وأبت مروءة ابن الدغنة أن يترك هذا الرجل صاحب الخلق السوى والمعروفِ والمعونة شريدا فى البلاد،ورجع به إلى مكة فى حمايته،وأعلن ذلك بين قريش،فرضيت واشترطت لنفسها أن يعبد أبو بكر ربه كيف يشاء،ولكن فى السر وبعيدا عن أعين الناس،حتى لا يتأثر به أحد..
وهل يرضى المؤمن أن يكتم إيمانه فى صدره،أو يحبسه فى بيته،ولا يريه للدنيا لكى تغترف منه،وتنال من هذا الخير الذى ذاق طعمه وعرف حلاوته ... ؟ اتخذ أبو بكر من منزل له فى بنى جُمَح مسجدا يصلى فيه،وانطلق صوته الجميل يرتل آى القرآن فى خشوع،ودموعه تسيل على خديه،وتبلل صوته بما يذيب الأحجار،ويزلزل النفوس من أعماقها العميقة.. وراح النساء والغلمان والعبيد من قريش يستمعون إلى هذا الصوت المغرد،فخشعوا لخشوعه،وبكوا لدموعه. وخاف السادة من قريش أثر ذلك،فأسرعوا يشكون أبا بكر إلى ابن الدغنة،فلما راجع أبا بكر،فضّل الصديق رد حمايته عليه،والبقاء فى حمى الله تعالى وقال: "أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله "،فعادت قريش إلى إيذائه،وعاد هو إلى الصبر .
بعد إحدى عشرةَ سنةً من بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن كفاحه فى مكة،وتحمله لأذى المشركين وصبره على عنادهم،وصبر أصحابه على ما يلاقونه - شاء الله تعالى أن يظهر دينه عندما قابل الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى موسم الحج وفدا من أهل يثرب الذين جاءوا إلى مكة للحج والتجارة،ودعاهم إلى الإسلام فأبدوا استجابة وتواعدوا على اللقاء معه فى العام القادم بعدما يكونون قد عرضوا الأمر على قومهم .
وفى العام الثانى عشر من البعثة،وفى موسم الحج أيضا تمت بيعة العقبة الثانية بين الرسول العظيم وثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين من الأنصار،واتفقوا أن يهاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته إلى يثرب،فيحيوا بين أهلها،ويكون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم .
وجمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحابته وقال لهم: " إن الله - عز وجل - قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها "،فخرج الصحابة الكرام جماعات وراء جماعات وأفرادا فى عقب أفراد مهاجرين إلى يثرب،بينما انتظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذن ربه،وكلما استأذنه أبو بكر ليهاجر قال له النبى - عليه السلام: "لا تعجل،لعل الله يجعل لك صاحبا".
وكانت الصحبة والهجرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث سخر أبو بكر نفسه وماله وأهله لإنجاح الرحلة وحماية الدين،فشهد مواقف الخلود فى الغار،وفى الطريق إلى يثرب "المدينة"،وكانت هذه أعظم صحبة فى التاريخ.(1/10)
لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأنس بأحد مثل أنسه بالله تعالى،فكان يُرى فى ليله قائما،وفى نهاره صائما،شاغلا لسانه وقلبه على كل حال بذكر مولاه،فذاك طعام قلبه وشرابه وهواؤه الذى يتنفسه.. وفى رحلة الهجرة الصعبة بقى القلب النبوى على أنسه بالله وثقته به،غير أنه اختار واختار الله له واحدا من أصحابه،يهاجر معه،ويعيش فى رفقته التجربة الخالدة نيابة عن أمته.. فهل يكون هذا الصاحب هو على بن أبي طالب بقرابته من رسول الله ونشأته بين يديه؟ أم حمزة عم رسول الله،وفارس قريش الشجاع؟ أم عمر بن الخطاب: ذلك الرجل القوى فى الجاهلية والإسلام؟
إن الرحلة رحلة الهجرة بما فيها من صعوبات هائلة ومخاطر جمة كثيرة فى حاجة إلى يقين فى الله وحب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من حاجتها إلى أى وصف أو شرط آخر،ومن يكون أقوى الناس فى هذا من أبي بكر الصدّيق بدرِ الصحابة ونجمهم الوضّاء؟!
ذهبت ليلة وليال،وأتى نهار ونهارات،والأصحاب يهاجرون،منهم من يخفى هجرته ومنهم من يعلنها،ومنهم من ينجح فى الخروج ومنهم من يحبسه قومه،وأبو بكر يتمنى لو أذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى الهجرة كبقية إخوانه،لكن النبى يستمهله: "لا تعجل،لعل الله يجعل لك صاحبا".
وذات ظهيرة،وفى ساعة تخلو فيها طرقات مكة وسككها من المارة،أتى النبى - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فى داره،وفطن الصديق إلى أن الذى أتى برسول الله فى هذه الساعة إنما هو أمر كبير،فأعد نفسه للإنصات وجهز قلبه وجوارحه للطاعة،وفى نفسه أمل لعل الله يحققه له الآن!! وفى حوار ملائكى بين القلوب بكى أبو بكر بين يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أخبره بإذن الله له بالهجرة،وبأنه سيكون رفيقه فيها،ألا فلتبكِ أبا بكر فرحا بتحقق الأمل،ولتقل والدموع تملأ عينيك: "الصحبة يا رسول الله" ؟!
حشدت قريش كل ما تملك لتمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهجرة ولتحول بينه وبين الخروج من مكة،مخافة أن يقوى سلطانه ويغلب على سلطانهم،فحشد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معية ربه،وثقته فى خالقه،ورتب لأمر الهجرة،واختار أبا بكر أعظمَ صاحب يرافقه فى رحلة المصاعب والمخاطر.. وحشد الصديق لأمر الهجرة كل ما يملك: إيمانه ونفسه وماله وعياله وخدمه،وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سيخدع المشركين بألا يتوجه إلى المدينة فى الشمال مباشرة،بل سيميل إلى جبل ثور ليبقى فى غار هناك حتى يخف طلب قريش له..
كان أبو بكر وابنه وابنته وخادمه أبطالا من نوع فريد،أحاطوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعوا أنفسهم فى مواطن الخطر افتداء للدين والرسول.. فأما عبد الله بن أبي بكر فقد تولى متابعة أخبار المشركين وتدبيراتهم فى منتديات مكة وبيوتها؛ لينقلها إلى رسول الله وصاحبه.
وأما أسماء بنت أبي بكر فهى امرأة وظفها الإسلام وأهملتها الجاهلية،فوقفت شامخة فى وجه أبي جهل حينما أتى يسألها عن أبيها وصاحبه بعد خروجهما مهاجرين،فأنكرت معرفتها بشيء،ولطمها على وجهها لطمة شديدة،إلا أنها هزمته بكبريائها فانسحب من أمامها تشتمه المروءة والرجولة.. وراحت(1/11)
أسماء تؤدى دورها فى الهجرة: تحمل الطعام إلى أبيها وصاحبه فى الغار،ولا يظن أحد أن هذه المرأة الصغيرة تكتب فى صفحات التاريخ سطورا،بل صفحات باسمها.
وأما عامر بن فهيرة خادم أبي بكر الأمينُ فقد ساق غنم سيده يتتبع بها آثار عبد الله وأسماء ليمحوها،وكم رعى ابن فهيرة أغنام سيده من قبل،غير أن الإيمان بالله جعل للرعى فى هذه الأيام مذاقا خاصا!!
واشترى الصدّيق من ماله ناقتين للرحلة،فأبى النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يهاجر على دابة لم يدفع ثمنها،فاشترى من أبي بكر إحداهما. كما استأجر الصديق عبد الله بن أريقط - وكان مشركا - كدليل على الطريق،وترك له الناقتين يرعاهما حتى تحين ساعة الهجرة.
حشدت قريش كل ما تملك لتمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهجرة ولتحول بينه وبين الخروج من مكة،مخافة أن يقوى سلطانه ويغلب على سلطانهم،فحشد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معية ربه،وثقته فى خالقه،ورتب لأمر الهجرة،واختار أبا بكر أعظمَ صاحب يرافقه فى رحلة المصاعب والمخاطر.. وحشد الصديق لأمر الهجرة كل ما يملك: إيمانه ونفسه وماله وعياله وخدمه،وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سيخدع المشركين بألا يتوجه إلى المدينة فى الشمال مباشرة،بل سيميل إلى جبل ثور ليبقى فى غار هناك حتى يخف طلب قريش له..
كان أبو بكر وابنه وابنته وخادمه أبطالا من نوع فريد،أحاطوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعوا أنفسهم فى مواطن الخطر افتداء للدين والرسول.. فأما عبد الله بن أبي بكر فقد تولى متابعة أخبار المشركين وتدبيراتهم فى منتديات مكة وبيوتها؛ لينقلها إلى رسول الله وصاحبه.
وأما أسماء بنت أبي بكر فهى امرأة وظفها الإسلام وأهملتها الجاهلية،فوقفت شامخة فى وجه أبي جهل حينما أتى يسألها عن أبيها وصاحبه بعد خروجهما مهاجرين،فأنكرت معرفتها بشيء،ولطمها على وجهها لطمة شديدة،إلا أنها هزمته بكبريائها فانسحب من أمامها تشتمه المروءة والرجولة.. وراحت أسماء تؤدى دورها فى الهجرة: تحمل الطعام إلى أبيها وصاحبه فى الغار،ولا يظن أحد أن هذه المرأة الصغيرة تكتب فى صفحات التاريخ سطورا،بل صفحات باسمها.
وأما عامر بن فهيرة خادم أبي بكر الأمينُ فقد ساق غنم سيده يتتبع بها آثار عبد الله وأسماء ليمحوها،وكم رعى ابن فهيرة أغنام سيده من قبل،غير أن الإيمان بالله جعل للرعى فى هذه الأيام مذاقا خاصا!!
واشترى الصدّيق من ماله ناقتين للرحلة،فأبى النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يهاجر على دابة لم يدفع ثمنها،فاشترى من أبي بكر إحداهما. كما استأجر الصديق عبد الله بن أريقط - وكان مشركا - كدليل على الطريق،وترك له الناقتين يرعاهما حتى تحين ساعة الهجرة.(1/12)
ما زال الفشل يلازم سَعْيَ المشركين لمنع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الهجرة،إذ حاولوا أن يقتلوه وهو يغادر بيته ففشلوا،فتتبعوه ليدركوه فى بيت أبي بكر فلم يدركوه،وأحكموا الكيد والمكر حتى وصلوا إلى الغار ليظفروا به،لكن مكر الله أكبر من مكرهم! ماذا يفعلون إذن بعد كل هذا؟! لقد أصبحت قريش بأسرها عاجزة عن اللحاق بهذا الرجل وصديقه القريب أبي بكر،فلترصد الجوائز كى يشاركها الناس مهمة المطاردة،مائة جمل كاملة لمن يأتى بمحمد ولو ميتا.. وهنا تصبح المهمة صعبة على الرسول وصاحبه،وأحس أبو بكر بالخطر على الرسول والرسالة،فراح يسير أمامه مرة مخافة أن يأتيه عدو من أمامه،وخلفه مرة خشية أن يأتيه من جهة ظهره،وعن يمينه،وعن شماله خوفا من أن يأتيه العدو من هنا أو من هنا،فالرسول أمة كاملة،وأبو بكر فرد من الناس..
وفى طريق الهجرة الصعب أيضا لقى أبا بكر رجلٌ يعرفه،فسأله الرجل عمن معه،إذ كان لا يعرف الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر على البديهة: "هاد يهديني"،ففهم السائل أنه دليل يدله على طريق سفر،وأراد أبو بكر أنه هاد ومرشد يرشده إلى الله - تعالى .
وَطِئَتْ أقدام المهاجرين أرض الوطن الجديد،فما شعروا منذ هذه اللحظة بأنهم غرباء؛ إذ أنزلهم الأنصار منزلة الإخوة،وأوسعوا لهم فى دُورهم،وجادوا عليهم بأموالهم،إلا أن المهاجرين أبوا أن يكونوا عالة على إخوانهم الكرماء الأسخياء،فاتخذوا لأنفسهم بيوتا،وانتشروا فى الأسواق يبتغون من رزق الله وفضله،لكنَّ شغلهم الشاغل كان فى الإسلام والدعوة إلى الله - تعالى .
لقد مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى المدينة عشر سنوات،قضاها فى جهاد وعمل متواصلين،وحوله أعظم كوكبة من البشر بعد الأنبياء،وعلى رأس هذه الكوكبة الصدّيق أبو بكر،الذى كان أقرب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى أعظم المواقف وأجلها،فشهد المشاهد وحضر الغزوات كلها،وكانت له مواقف خالدة فى بدر وأحد والحديبية وحنين وتبوك،وتعرض لهِزّة عميقة بعد غزوة بنى المصطلق حينما رمى المنافقون ابنته الطاهرة عائشة بالفاحشة،فصبر أبو بكر حتى برّأها الله من فوق سبع سموات.
لقد خُصّ أبو بكر من بين الشموس والأقمار الكثيرة التى أحاطت بخاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - بمقام الوزير الأول له،لا وزارة منصب وجاه دنيوي،بل وزارة القرب والحب والتقدير لهذا الإنسان المبارك الذى سخّر كل ما يملك من المال والقوة والولد لخدمة دينه.. وقد كان من دلائل تقدير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: مصاهرته له بالزواج من أم المؤمنين الطاهرة عائشة،واستشارته له فى مواقف كثيرة كأسرى المشركين فى بدر،ووضعه أميرا للحج فى العامِ التاسع من الهجرة،كما استخلفه النبى - صلى الله عليه وسلم - ليصلى بالناس عند مرضه - صلى الله عليه وسلم - وخصّه بالثناء حينما كان يودع أمته للقاء الله تعالى،وبعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - ملأ الحزن والكآبة كل نواحى المدينة،واهتز المسلمون من داخلهم،غير أن الله جعل من أبي بكر الجندى الذى رد الأمة إلى رشدها.(1/13)
ها هم أهل الدين الجديد ينبتون الخير فى دار هجرتهم كما تنبت النخلة،إلا أن نخلتهم الآن - وقبل يوم بدر - لم تزل ضعيفة ذليلة،أفيمنع الله العزة عنهم؟
خرج المسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فى رمضان من السنة الثانية من الهجرة،لا يريدون قتالا،بل الفوزَ بقافلة قريش التجارية العائدة من الشام؛ ليعوضوا بعض ما أخذه المشركون منهم بعد الهجرة،وما هى إلا أيام حتى وجد المسلمون أنفسهم فى وجه الحرب،واستشار النبى - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يمتحن عزيمتهم ويرى رأيهم،فكان أبو بكر ممن تكلم فوضع نفسه طوع أمر الله ورسوله،وفعل المهاجرون والأنصار مثل ذلك..
وراح الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتضرع إلى الله ويدعوه: يسأله النصر،حتى أشفق عليه أبو بكر،وطمأنه إلى أن الله سينجزه ما وعده.. وما هى إلا جولة - كان أبو بكر أحد أبطالها حتى انكشف ميدان المعركة عن سبعين قتيلا ومثلهم أسرى من المشركين..
وفى المدينة استشار النبى - صلى الله عليه وسلم - وزيريه أبا بكر وعمر فى أمر الأسرى،فرأى أبو بكر أخذ الفدية منهم ليستفيد منها المسلمون،بينما ذهب عمر إلى قتلهم ليُضعف شوكة المشركين.. وهنا يشبه النبى - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بإبراهيم وعيسى - عليهما السلام - فى رفقهما ولينهما،ويشبه عمر بنوح وموسى - عليهما السلام - فى شدتهما فى الحق..
ويأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأى أبي بكر فيفادى الأسرى،ولم يمضِ طويل وقت حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر إلى عمرَ يبكيان،وما ذاك إلا لأن الله - تعالى - أنزل قرآنا يلوم من رأى العفو عن الأسرى وطلب عرض الدنيا!
فى السنة الثالثة من الهجرة جمعت قريش قوتها،وأعدت عدتها،وزحفت نحو المدينة تريد غزوها،والثأر من محمد وصحبه بعد هزيمتها الشنعاء فى بدر،فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن استشار صحابته،فكان الموعد بين المسلمين والمشركين فى شوال عند جبل أحد،حيث وقفت فرقة من رماة المسلمين فوق الجبل،حتى يحموا ظهور إخوانهم المتفرغين لقتال المشركين بالسيف والرمح.
وبدأت المعركة،وكاد نصر بدر يتحقق مرة أخرى،لولا تعجل الرماة،وتركهم مواقعَهم فوق الجبل مخالفة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأدرك المشركون انفتاح الطريق أمامهم،وانكشاف ظهور المسلمين،فجاءوهم من خلفهم منتهزين الفرصة،وانقلب سير المعركة،وأصاب المشركون فى المسلمين إصابات شديدة،وفر كثير من المسلمين من وجه عدوهم،وثبت بعضهم حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر من بين هؤلاء الأبطال الثابتين الذين تحاملوا على أنفسهم بعد المعركة،وفيهم كثير من الجرحى،وخوّف بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشا حينما همت بالعودة إلى القتال لإتمام القضاء على المسلمين.(1/14)
ويومَ حنين فى السنة الثامنة من الهجرة بدأت المعركة مع هوازن باهتزاز شديد فى صفوف المسلمين الذين أعجبتهم كثرتهم،وظنوا أنها سبب كاف لتحقيق النصر،فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمعهم حوله،وكان أبو بكر من أوائل الثابتين معه الذين استعادوا المبادرة ووثقوا فى ربهم فأنزل عليهم السكينة،ونصرهم على عدوهم.
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ...).. ألف وأربعمائة من المؤمنين هكذا وصفهم ربهم،وحلاهم برضاه،وزينهم بخلود الذكر فى القرآن ... وكان أبو بكر منهم،بل فى مقدمتهم،إذ خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه فى موسم الحج من العام الهجرى السادس،واعدا إياهم بدخول المسجد الحرام الذى طال حرمانهم من رؤيته والطواف به.. وراحت نفوس المسلمين فى طريق السفر تستعيد ذكرياتها مع هذا البيت المبارك،وتداعب خيالها تلك السكينة العجيبة التى تحيط بأنحائه.
وفجأة يموت الأمل بين أيديهم،وتتلاشى الأحلام أمام أعينهم؛ إذ خرجت قريش كلها مكشِّرة عن أنيابها لتحول دون دخول المسلمين مكة،فأبدى لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يريد حربا بل حَجّا وعبادة لله رب العالمين،فبدأت المفاوضات بين المسلمين وقريش،وأرسل كل فريق رسله إلى الآخر،وكان عثمان بن عفان واحدا من رسل المسلمين إلى قريش،فحبسوه حين حاول الالتقاء بالمسلمين الممنوعين فى مكة من الهجرة،وشاع أنه قُتل ... هنا ترك رسول الله الرفق جانبا ومال إلى خيار الحرب،فقام أصحابه وفى مقدمتهم أبو بكر يبايعونه على ذلك تحت الشجرة،فرضى الله عنهم حينما استعدوا للتضحية بنية صادقة وعزيمة ماضية،لكن قريشا أطلقت عثمان،وخافت من عاقبة التعرض له بالأذى،فصمتت الحرب،ورجع صوت التفاوض عاليا،حتى صالح النبى - صلى الله عليه وسلم - قريشا،ومن شروط الصلح الذى شهده موقع الحديبية أن يرجع المسلمون إلى بيوتهم عامهم هذا على أن يأتوا للحج فى العام المقبل ...
وقد أصاب هذا الشرط المسلمين بالغم والحزن،غير أنه لم يهز شيئا من ثقة أبي بكر فى دينه ونبيه،بل راح الصدّيق يثبت الناس من حوله،ويعيد إليهم الثقة،فقد قال لعمر لما اهتز فى هذا اليوم: يا عمر،الزم غرزه أى التزم بأمره فإنى أشهد أنه رسول الله،فقال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله!
سأله أحد أصحابه يوما: يا رسول الله،أى الناس أحب إليك؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - :عائشة.
قال الصحابي: فمِن الرجال؟ قال: أبوها!
هكذا اجتمع الخير لهذه الأسرة الكريمة،فأحبُّ الرجال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل منها (أبو بكر)،وأحب امرأة إليه واحدة من بناتها (عائشة بنت أبي بكر).. وقلب رسول الله لا يحب إلا من يستحق هذه المحبة،ولا يستحق المحبة عنده إلا مؤمن ملأ اليقين ما بين جنبيه..(1/15)
لقد مكثت أم المؤمنين عائشة زوجةً فى ظلال النبوة الطاهرة ثمانى سنوات ونصف السنة أقرب ما تكون من أنفاس رسول الله وأعماله،ترتشف من حنوّه ورحمته،وتسمع منه الحكمة والكتاب،وينزل الوحى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو فى لحافها دون بقية زوجاته،وعاش لحظاته الأخيرة من الحياة فى بيتها،بل مات ورأسه الشريف فى حجرها،وكان ريقها الذى بللت به عود السواك آخر ما دخل فمه الطاهر - صلى الله عليه وسلم - .
لقد أتت امرأة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد موت خديجة تذكّره بالزواج،فالنبوة مهمة شاقة تحتاج عونا من زوجة وفية،ووصفت المرأة له عائشة،قالت له: بنت أحب خلق الله إليك.. ويكفيها هذا رتبةً ليرغب النبى فيها. ولما بلغ أبا بكر الخبر السار،وأن رسول الله يريد خطبة ابنته اختلطت فى نفسه مشاعر السرور بأحاسيس الدهشة؛ إذ كيف تصلح له وهى ابنة أخيه؟! فجاءه الجواب النبوى الساطع: أنت أخى فى الإسلام،وابنتك تحل لي.. فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة بسنة،لم يتزوج بكرا غيرها،وبنى بها فى المدينة فى شوال من سنة اثنتين بعد منصرفه من غزوة بدر.
كان لسان النفاق جريئا على إيذاء المؤمنين والنيل منهم،وقد رجع النبى - صلى الله عليه وسلم - من غزوة بنى المصطلق وتأخرت عائشة عن اللحاق به؛ إذ فقدت عِقدا لها،فرجعت فى حراسة رجل صالح شهد بدرا هو صفوان بن المعطل الذى أوصلها إلى المدينة فى أمان دون أن يبيح لعينه النظر إليها إلا نظرة المعرفة الأولى..
إلى هنا والقصة قصة شهامة رجل مؤمن،لكن المنافقين أبوا إلا أن يجعلوها جريمة فاحشة وزنا،ووقع بعض المسلمين فى حبائل المنافقين فخاضوا فى التهمة الكاذبة،فآذوا نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى يعرف طُهر أهله وبراءتها،لكنه لا يملك أن يبرئها بلا دليل واضح،فهو الحاكم والقاضي.. وجاء الخبر إلى أبي بكر وزوجه أم رومان وعرفته عائشة،فكان كالخناجر المسمومة حين تغرَس فى القلوب،حتى مرضت عائشة من التهمة الظالمة،ولازمت البكاء حتى آلم عينيها،وهى ابنة الرابعة عشرة،لا تجد ما تدفع به الكذب عن نفسها..
وأتاها النبى فى بيت أبويها يسألها عما يشيعه المنافقون ومن انخدع بهم،حتى يظل القانون مطبقا على كل أحد،ونظرت عائشة إلى أبويها فى حنان ليجيبا ويدافعا عنها،فهما اللذان ربياها على الطهر وأدّباها على العفة والنقاء،ولن تخيب رجاءهما يوما. فصمت أبو بكر حياء ولم يتكلم،وقلبه يتوجع مما افتراه المنافقون،وصمتت أم رومان فلم تتكلم.. ونطقت عائشة: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.. لقد فقدت كل نصير من البشر،ولم يبق لها سوى مولاها فهل يخيبها؟ سرعان ما بدأ الوحى ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وزوجته يترقبان لا يخفيان الخوف فى نفوسهما،وعائشة واثقة مطمئنة إلى عدل الله - تعالى،ثم مسح الرسول العرق عن وجهه،وقال بنفس راضية: أبشرى يا عائشة،قد أنزل الله - عز وجل - براءتك،فقالت أم المؤمنين الصغيرة: الحمد لله ...(1/16)
وممن خاضوا فى هذا الكذب،وتكلموا عن عائشة بالباطل رجل مسلم من أقارب أبي بكر يسمَّى مِسطح بن أُثاثة،كان أبو بكر يصله بالمال،ويعينه على حاجته ومطالبه،فلما قال ما قال أقسم أبو بكر ألا ينفق عليه شيئا،فنزل القرآن يذكر أبا بكر والمسلمين بخلق الصفح والمغفرة: ..ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. [النور: ]،فقال أبو بكر: والله إنى لأحب أن يغفر الله لي،ورجع إلى الإنفاق على مسطح.
ها هي شجرة الإسلام تكبر فى المدينة،وتزداد فروعها كل يوم شموخا فى السماء وجذورها ثباتا فى أعماق الأرض،حتى صار المسلمون يجهزون الجيوش لقتال الروم،بعد أن كانوا محبوسين فى مكة ومضيّقا عليهم،وبعد أن كانت الأحزاب تحاصرهم فى مدينتهم وتحرمهم من النوم الهادئ فى بيوتهم..
لقد مرت على الإسلام فى المدينة ثمانى سنوات وبضعة أشهر،ودولته فى حاجة إلى ردع الجار الرومانى القوى حتى لا يجرؤ على المساس بالمسلمين كما فعل من قبل،لكن تجهيز جيش للقتال أمر عسير إذا كان الحر شديدا،بينما الأشجار باسطة ظلها،قد أمالت على الناس ثمارها وقربتها.. وكان هذا هو حال المدينة فى شوال من العام الهجرى التاسع،حيث يعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش العُسرة،داعيا أصحابه إلى الإنفاق فى سبيل الله - تعالى - فما تأخرت نفس مؤمن،حتى تبرع أحدهم بتمرٍ ثمنُه دراهم،وخرج أبو بكر يقدّم على قَدْره،يحمل مالاً بين يديه،ثم يعطيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا به كلُّ ماله،فيسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :ماذا تركت لأهلك؟ فيقول الصدّيق: تركت لهم الله ورسوله..!
منذ زمن طويل وهواء التوحيد حول الكعبة تخنقه مناظر الأصنام التى وضعها المشركون فى ساحة البيت الحرام،وأهل مكة إنما يقوم سلطانهم ومقامهم بين الناس على خدمة هذا البيت ورعاية الحجيج،لكن أهل البلد الحرام أشرك كثير منهم بالله وحاربوا رسوله،فأخذ الله منهم مكة عام الفتح وأعطاها لخاتم أنبيائه ولأمته من بعده إلى يوم القيامة،فزال سلطان الكفر السياسى عن مكة،وحُطّمت الأصنام تحطيما.. لكن لم يزل البيت مَشاعا والحج مَشاعا،فيحج من يشاء كيف يشاء،والنبى فى حاجة إلى أن يقر هذه الفريضة الجليلة،ويعلّم الناس مناسكهم بعيدا عن عادات الشرك والمشركين،فاختار وزيره الأكبر أبا بكر ليؤدى مهمة إنهاء كل مظهر جاهلى وضعه المشركون فى أعمال الحج،ليحج بهم - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع على طهارة ونقاء..
وراح أبو بكر يلبس للحج ثيابه،"وخرج من المدينة يسوق الهَدْى أمامه،مولّيا وجهه شطر المسجد الحرام"،وخرج بعده على بن أبي طالب يركب العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحمل إلى الحجيج من النبى الخاتم رسالة تثبّت التوحيد وتزيل كل وثنية،فلما أدرك على أبا بكر فى الطريق سأله الصديق بأدب: أمير أم مأمور؟ فقال له ابن عم رسول الله: بل مأمور! فمضوا لا تنافس بينهم على دنيا،بل سباق فى طاعة الله ورسوله..
وصافحت عيون المسلمين يقودهم أبو بكر بيت الله الحرام وبلده الأمين،وراح على يبلّغ رسالة النبى إلى الناس وهم فى منى،فيقرأ عليهم صدر سورة التوبة التى "أجهزت على الوثنية فى بلاد(1/17)
العرب"،وينادى فيهم: "أنه لا يدخل الجنة كافر،ولا يحج بعد العام مشرك،ولا يطوف بالبيت عُريان.."
وراح القائد أبو بكر يساعد عليا فى مهمته،فينادى فى الناس بمثل ندائه،ونادى معهما صحابة آخرون كأبي هريرة،وكلَّ مرة يرتفع فيها الصوت يموت من الوثنية شيء،حتى قضى أبو بكر بالناس مناسكهم،وأصبح الحج فى منظره التوحيدى خصيما لكل ما له بالوثنية تعلق!
بدأت المهمة النبوية تكتمل،فاكتمل الدين،وتم البلاغ،وعز الإسلام،وملأ جزيرة العرب بنوره،وقد آن للفارس العظيم أن يستريح،ويخلّف دار المتاعب وراء ظهره.. وها هو المرض يزور الجسد الشريف الذى أتعبته الحياة،وضاقت على قلبه أنحاؤها،حتى أتى بلالٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعْلمه بدخول وقت الصلاة التى يحبها ويستريح قلبه بندائها،فلم يستطع أن يخرج ليصلى بالناس،وقال: "مروا أبا بكر فليصلّ بالناس"،وتسمع عائشة ذلك،فتخاف على أبيها ألا يُسمِع الناس؛ إذ إن الحزن سريع الأخذ بقلبه،فتحاول أن تثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رأيه،وتقترح عليه أن يصلى عمر بالناس،فيكرر: "مروا أبا بكر يصلى بالناس"،وتتوسط حفصة بنت عمر عند رسول الله ليصلى أحد غير أبي بكر بالناس،فغضب النبى - صلى الله عليه وسلم - وقال: "مروا أبا بكر فليصلّ بالناس"!
ويصلى أبو بكر بالناس،يركع بهم ويسجد،وقلبه متكئ على الخشوع،منصت إلى صوت الذكر،وروحه ترتع فى أودية الرحمة،والدمع يغلب عينيه.. ومرة يسمع النبى - صلى الله عليه وسلم - صوت رجل يصلى بالناس غير أبي بكر،فيغضب غضبا شديدا،وهو الذى لم يدع المرض جسده الشريف،ويقول: "يأبى الله ذلك والمسلمون".
فى ربيع الأول من العام الهجرى الحادى عشر،أصبح النبى - صلى الله عليه وسلم - وكأنه يودّع أمته؛ إذ اشتد به المرض،وزادت عليه الحُمّى،وخرج أثناء ذلك إلى الناس حين شعر ببعض القوة،وكأنه يصافح تلك الوجوه التى شاركته رحلة الجهاد فى سبيل الله تعالى ويترك لهم وصاياه،وكان مما قاله لهم: "إن عبدا من عباد الله خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله"،فأعجبت الناس الموعظةُ،وأحبوا أن يكونوا مثل هذا العبد الصالح،غير أنهم لا يدرون من هو،إلا أبا بكر الذى علا صوته بالبكاء،إذ أدرك أن النبى يقصد نفسه وأنه يودع أمته،وقال الصدّيق والدموع تملأ عينيه: "فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله!"..
ويضع النبى بلسما على قلب صاحبه الذى سبق الناس إلى الإيمان،وسبقهم إلى التضحية،وعاش مع النبى لحظات ومواقف لم يعشها غيره،فيقول له النبى - صلى الله عليه وسلم - :"إن أمنّ الناس على _ أى أكثرهم فضلا فى صحبته وماله أبو بكر"،ويأمر بأن تغلق كل أبواب البيوت المؤدية إلى المسجد إلا باب أبي بكر..
وفى يوم الوداع خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد وأراد أن يصلى خلف أبي بكر وهو إمام على الناس،لكن الناس نبهوا أبا بكر فتأخر،وجلس النبى - صلى الله عليه وسلم - على يسار أبي بكر ليكمل القراءة من(1/18)
حيث انتهى أبو بكر،فكان الصديق يأتم بخاتم الرسل،والناس يأتمون بالصدّيق.. وودع النبى الدنيا فى هذا اليوم،فما رأى الناس المدينة مُظلمة مثلما رأوها فى هذا اليوم،كما لم يروها مضيئة مثلما رأوها يوم قدم إليها مهاجرا.
ما ودّعه بشيء أعظم من الرضا بقضاء الله،مع أنه أغلى عنده من نفسه وماله وولده والناس أجمعين.. كان أبو بكر بالسُّنح وهو مكان خارج المدينة حين صعدت روح الحبيب - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى،فأتى حتى اقترب من بيت ابنته عائشة وفيه جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يشعر أبو بكر بقدميه اللتين تحملانه،غير أنه أظهر الثبات والجلد حين رأى المسلمين قد اهتزوا،وفقد كثير منهم رشدهم،حتى قام عمر بن الخطاب يهدد بالقتل من يقول إن رسول الله قد مات.. ودخل أبو بكر بيت ابنته دون أن يكلّم أحدا،فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغطَّى،فرفع الغطاء عن وجهه،ونظر فى هذا الوجه الحبيب الذى كسته الطمأنينة وجمّله أثر القيام والصيام،ثم طبع قُبلة غالية عليه،وشمت أنفه رائحة الجسد الطاهر،فقال: "بأبي أنت وأمي،طبت حيا وميتا،أما الموتة التى كتبها الله عليك فقد ذقتها".
وهنا كاد القلب يتفطر،وكادت نفس أبي بكر تخرج من موضعها،فصديقه الحبيب قد غادر وسافر،تاركا إياه فى سجن الدنيا القاسي،لكنه تماسك وثبته الله - تعالى - ليعيد المسلمين إلى رشدهم،حيث وقف فيهم خطيبا،ووضّح لهم نقطة فى منهج دينهم كأنهم نسُوها،وهم الذين يعرفون هذا المنهج جيدا ويحفظون كتابه،وضح لهم أبو بكر أن محمدهم الغالى ليس هو الخالد،بل الخالد هو الدين الذى جاء به،والمنهج الذى علمه للدنيا،وأن إجلال الرسول لا يعنى الانتكاس بعده،وإنما يعنى حفظ أمانته وصيانة دينه،كما حفظ هو وصان ...
حين أسلم أبو بكر كان عمر ينتسب إلى الجاهلية،ويعيش فى ظل عقائدها المحرفة وعاداتها المنحرفة،لكن الفاروق ما لبث أن أدرك القافلة المؤمنة،وركب السفينة مع أهل الإسلام،متسلحا بحماس دافق وعاطفة قوية.. ومن يومها التصق اسم عمر وجسمه وحياته برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه أبي بكر،وصار الفاروق والصدّيق أقرب الناس من الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم - وقت السلم ووقت الحرب،فكان يستشيرهما قبل أن يستشير الناس،ويعدّهما وزيريه،ويقدمهما فى الفضل على غيرهما،وما تزوج ابنةَ أحد من أصحابه إلا عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر،ليقرب صاحبيه منه أكثر..
لقد أصبح عمر يُذكَر بذكر أبي بكر،وأبو بكر يذكر إذا ذُكر عمر،فهما "الشيخان"،وهما "العُمَران"،وهما أول العشرة المبشرين بالجنة،وأول خليفتين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع هذا فلكل منهما طبعه،فليس أحدهما كالآخر،بل أبو بكر ليّن رفيق،إذا آمن بفكرة لم يزعزعه عنها شيء،وعمر شديد مملوء بالحماس يخشاه شيطان الإنس وشيطان الجن.
ولقد تسابق الشيخان فى الخير،فكان أبو بكر أسبق،وإن تقارب الكتفان.(1/19)
وفى خلافة أبي بكر كان عمر هو وزيرَه الأول،يقف بجانبه،ويؤيد خطاه،ويقدم له النصيحة إذا وجد لها موضعا،فخلط عمر شدته بلين أبي بكر،وكان من ذلك خير كثير انتفع به الإسلام والمسلمون..
وعرف أبو بكر قدر عمر،وأهمية وجوده إلى جانبه،لذلك استأذن الصدّيق أسامة بن زيد حينما وجهه إلى الحرب فى الشام ليترك له عمر إلى جانبه،فكان نعم السندُ فى المهمات الصعبة التى قام بها أبو بكر فى خلافته.
ولم تكن الصحبة القوية بين الشيخين تنفى أنهما قد يختلفان فى الرأى أحيانا،لكن حبال المودة بقيت موصولة دائما،بل كان كل منهما يسرع فيعترف لأخيه بالفضل إذا أخطأ هو،فعمر رأى مهادنة مانعى الزكاة حتى تقوى شوكة المسلمين بينما رأى أبو بكر قتالهم ليبقى الدين محترما مهابا،وتوجس أبو بكر من فكرة عمر بجمع القرآن بعد حرب اليمامة حتى انشرح صدر أبي بكر برأى صاحبه،وكان عمر يرى عزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيوش المجاهدة لاستعجاله فى قتل خصومه فى الردة،بينما كان أبو بكر يرى أن خالدا سيفٌ سلّه الله على الكافرين فلا ينبغى أن تُخمَد ناره،وقال عمر بعد ذلك: "كان أبو بكر أعلم منى بالرجال" حين رأى خالدا يهز قواعد الشرك فى الشام! وردها أبو بكر له حين قال: "كان عمر أعلم منى بالرجال" حين نصح الفاروق خليفةَ رسول الله ألا يعطى قيادة الجيش لخالد بن سعيد بن العاص،لكن أبا بكر ولاه،فكان عمر أصوب رأيا فيه.
وعندما حضرت أبا بكر الوفاة لم يجد بين الناس لإمارة المؤمنين خيرا من عمر،فأوصى إليه بها،فكان من أعظم الناس فراسة وأعرفهم بمعادن الرجال.
وجوه كثيرة مملوءة بالخير،رباها الإسلام،واحتضنها قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - امتلأوا بالمواهب والقدرات الفذة،فيهم عمر بن الخطاب البطل القوي،وعلى بن أبي طالب الفارس الشجاع،وخالد بن الوليد القائد الهمام.. وغيرهم وغيرهم،كواكب أضاءت سماء البشرية،ولكنك لا تدرى من مِن كل هؤلاء يستحق أن يقود الأمة بعد رسولها - صلى الله عليه وسلم - بل قل من يستطيع أن يؤدى هذه المهمة الصعبة،فقد ارتد كثير من العرب،وصار أمر الإسلام فى خطر،وأصبح الدين الحنيف فى حاجة إلى رجل من طراز خاص،يردع المرتدين ويحفظ هيبة الحق وسلطانه؟
لقد أسرع الأنصار إلى سقيفة بنى ساعدة يعقدون مؤتمرا خطيرا هناك ليختاروا خليفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم؛ فالبلد بلدهم،والنصرة نصرتهم،كما أن النبى لم يوص لأحد من بعده،فما سمع عمر وأبو عبيدة بالخبر إلا وأسرعا إلى أبي بكر وهو بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعتذر إليهما بانشغاله بالجسد الطاهر الشريف،فألحّا عليه،حتى خرج معهما..
وسار الرجال الثلاثة فى طرق المدينة وسككها جنوبا إلى سقيفة بنى ساعدة ومنتداهم،يسرعون الخطا،ويتسابقون إلى موضع تجمع الأنصار،الذين كادوا يجتمعون على بيعة سعد بن عبادة،فما فاجأتهم إلا وجوه أبي بكر وعمر وأبي عبيدة قد كساها الحزن،وغطاها التعب،فمرت لحظات صمت(1/20)
اخترقها صوت السلام يلقيه المهاجرون الثلاثة على إخوانهم الأنصار.. والمسألة عند الفريقين ليست سلطان قبيلة معينة يثبتونه،ولكنها مبادئ دين تُقدم على كل هوى،وترتفع فوق كل رغبة..
فما ارتفع صوت أبي بكر يخطب فيهم إلا وسكتت الأصوات،وصمتت الأفواه،وكلهم آذان تسمع إلى شيخ قريش الجليل تتحدر الكلمات من فمه،تذكّر الأنصار بموقعهم من الدين وفضلهم عند نبى الإسلام،وتذكرهم أيضا بأن النبى قد جعل الخلافة فى قريش؛ لأن الناس لن تخضع ولن تستجيب إلا لهم؛ لقرابتهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهيبتهم القديمة بين العرب..
وما كان للنفس الطاهرة أن ترشح نفسها للتلوث بالدنيا،فرشح أبو بكر للناس أن يختاروا بين عمر وأبي عبيدة ليشغل أحدهما منصب خلافة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "هذا عمر وهذا أبو عبيدة،فأيهما شئتم فبايعوا"،فما انتهى الصديق من كلمته تلك حتى اندفع عمر وأبو عبيدة يعارضان هذه الفكرة بشدة،ويقسمان: "لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك،فإنك أفضل المهاجرين،وثانى اثنين إذ هما فى الغار،وخليفة رسول الله على الصلاة،والصلاة أفضل دين المسلمين"..
ولم يترك الناس لأبي بكر فرصة يفكر فيها ويختار،فأسرع إليه فارس الأنصار بشير بن سعد فبايعه،ثم تلاه عمر وأبو عبيدة،وتتابع بعدهما الناس على البيعة،حتى أتت القبائل القريبة من المدينة فبايعت. وفى اليوم التالى قام عمر فى الناس خطيبا،فزكّى اختيار أبي بكر،وذكر فضله،فبايع الناس البيعة العامة،وحمل أبو بكر اللقب الخالد الذى لم يحمله أحد فى التاريخ غيره: "خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وكانت له فى منصبه أعمال جليلة،عز بها الدين،ورُفعت رايته.
مكث أبو بكر فى الخلافة سنتين وبضعة أشهر،سجل فيها للإسلام أعظم الأعمال،واتخذ أعظم المواقف،مما حفظ الله - تعالى - به دينه،وصان به الإسلام من كل انتقاص.. وقد كان الخلفاء الراشدون جميعا وأولهم أبو بكر امتدادا لرسول الله فى الخير،وسنتُهم وطريقتهم من سنته - صلى الله عليه وسلم - وطريقته،والدين هو الأمانة الكبرى التى تركها لهم،ومهمتهم الأولى هى حراسته وحماية حدوده وحفظ هيبته ...
لكن الدين أصبح فى خطر كاسح حين انتشر خبر وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الجزيرة العربية؛ إذ ارتد كثير من العرب،وادعى بعض الطامعين منهم النبوة،وأبت قبائل عديدة أن تؤدى الزكاة فَرْضَ الله فى المال،واقتربت العرب أن تأكل من بقى على دينه من المسلمين،وأتى مانعو الزكاة يعرضون البقاء على الإسلام دون أن يدفعوا زكاة أموالهم.. ورأى بعض الصحابة أن الموقف عصيب،وأن مهادنة هؤلاء هى الحل،لكن أبا بكر أبى،وغضب غضبا شديدا،وقال: لا يُنتقَص الإسلام وأنا حي.. ومضى يقاتل مانعى الزكاة والمرتدين،فحاربهم بنفسه حينا،وسيّر إليهم الجيوش حينا،حتى زالت الردة من جزيرة العرب،وانقضى أمرها،وعادت للإسلام هيبته فى الجزيرة.(1/21)
وفى ضائقة الردة والشدة أصر أبو بكر على إرسال بعث أسامة بن زيد العسكرى إلى الشام - كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصى قبيل وفاته - برغم الموقف الخطير،وبرغم ردة القبائل..
ومن أعمال عهد أبي بكر الجليلة: أنه أول من جمع القرآن،وذلك حين أكلت الحرب الشرسة فى اليمامة كثيرا من أهل القرآن وحفاظه.
وبعد موت الردة،امتد صوت الحرب ليلامس أطراف فارس والروم،وبعد الملامسة أصبح الحال حربا شديدة واسعة يجهز لها الصدّيق عشرات الآلاف من أبناء الإسلام للغزو والفتح،فخالد بن الوليد ومعه المثنى بن حارثة يقاتلان الفرس،وأبو عبيدة وشُرَحبيل بن حَسْنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان يغزون الروم،وقد مات أبو بكر ورجاله يستعدون لخوضِ معركة اليرموك الشرسة فى بلاد الشام.
إن اليقين الذى سكن نفس أبي بكر لا يُخفى رأسه فى أى موقف يحتاجه،وها هو اليوم وقد تولى الخلافة،وسلمته الأمة أمانة القيادة،يشعر بحاجته إلى يقين أكثر مما كان يحتاج إليه أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيوم كان الرسول حيا كان أبو بكر يجد راحة قلبه ويقين نفسه فى القرب منه والنظر إلى وجهه - صلى الله عليه وسلم - أما وقد انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى وأصبحت المسئولية على أكتاف أبي بكر،فإن بحر اليقين ينبغى أن يتدفق كله..
لقد علا صوت الردة،وأصبح خطرها يهدد دار الرسول ومسجده وزوجاته،وجيش أسامة بن زيد واقف خارج المدينة ينتظر الإذن بالسير إلى الشام كما أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن إذا أراد أبو بكر حرب المرتدين ومانعى الزكاة فلابد من أن يُبقى جيش أسامة بجانبه،أما إذا كان لابد من خروج جيش أسامة فلا مفر أمامه من مهادنة مانعى الزكاة،فأبى البطل العبقرى أبو بكر إلا أن يختار أصعب الحلول: قتال مانعى الزكاة،وإنفاذ بعث أسامة!!
لقد بلغ اليقين بأبي بكر أن يثق تماما فى أن نصر الله - تعالى - يأتى مع طاعة أمره - سبحانه - وأمر رسوله،مهما بدا غير ذلك؛ لذا وقف بكل قوة فى وجه كبار الصحابة الذين أشاروا عليه بأن يُبقى جيش أسامة بجانبه،يحارب به المرتدين ومانعى الزكاة،وقال: "والذى نفس أبي بكر بيده،لو ظننت أن السباع تخطفنى لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يبق فى القرى غيرى لأنفذته"!
وأراد بعض الصحابة الكبار أن يغير أبو بكر قائدَ هذا الجيش،بأن يضع مكان أسامة رجلا أسن منه،فثار الصديق فى وجوههم ثورة البركان؛ وأبى أن يغير شيئا قضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !
وخرج الخليفة العظيم فى وداع جيشه،فما أرفع العظمة حينما تبلغ قمة التواضع دون تكلف أو تصنع،لقد خرج الخليفة فى وداع جيشه ماشيا على قدميه المثقلتين بأكثر من ستين عاما كاملة،فيقسم القائد أسامة وهو فوق فرسه أن ينزل هو ويركب الشيخ الوقور،ولكن أبا بكر أقسم ألا ينزل أسامة وألا يركب هو..(1/22)
ومضى مع أسامة يغبّر قدميه فى التراب فى سبيل الله - تعالى - ويلقى على مسامع القائد الشاب نصائح لم ينسها فى زحام الأزمات،بألا يقتلوا طفلا ولا امرأة ولا شيخا ولا راهبا تفرغ فى صومعته للعبادة،وألا يحرقوا شجرا ولا يذبحوا بقرة أو شاة إلا لأكل ومنفعة.. مبادئ لم ينسها المسلمون برغم كثرة الأعداء وشراستهم..
وآتت حرب أسامة نتيجة طيبة؛ إذ أمّنت حدود الدولة الإسلامية الفتية من جهة الروم وحلفائهم من القبائل العربية المرتزقة.
مات الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم مات والدين تام كامل،وله السلطان والغلبة على الجزيرة كلها،ولما أراد أهل الردة ومانعو الزكاة انتقاص الإسلام بل هدمه،شعر الصحابة - وعلى رأسهم الخليفة بالمسئولية الكاملة عن حراسة هذا الدين،وكان عنوانهم الذى نطق به أبو بكر هو: "والله لا يُنتقَص الإسلام وأنا حي"!
لم يكن التحدى هينا،ولم تكن المواجهة سهلة،بل كانت خطرا يهدد الإسلام والمسلمين بالمحو،فالقبائل إلا قليلا منها - قد ارتدت،والبلاد والأنحاء فى الجزيرة قد انتفضت ضد الإسلام،حتى صار المسلمون فى الجزيرة قلةً كما كانوا فى مكة قبل الهجرة،إلا أنهم اليوم وهم يواجهون الردة الطاغية ـ زَرْعُ محمدٍ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ كاملاً،وأبناءُ الدين الحنيف بعد تمام النُّضْجِ،فماذا سيصنعون؟!
راح أبو بكر يُقْسم بالله أن يواجه الردة حتى يقطع دابرها ويقتلع جذورها،وقلوب الصحابة تنشد معه نشيد الثبات فى وجه المحن،والخليفة ذو اليقين التام يقود كتائب المجاهدين ليحموا وجه الدين من شوائب الأنفس المريضة والقلوب العليلة..
فى بداية الأمر ظن مانعو الزكاة من عبس وذبيان ومن حالفهم - ظنوا بالمسلمين ضعفا حينما وجدوهم صامتين عن الحرب،وما علموا أن الأسد لا يخشى أبدا الخروج من عرينه،بل يكفيه أن يُسمع صوت زئيره من الداخل لتضطرب القلوب،ويخالطها الخوف والفزع..
عبأ أبو بكر كل قواته من المهاجرين والأنصار ومن ثبت معهم على الدين،وخرج بهم إلى المسجد،وأمرهم ألا يبرحوا مواضعهم فى انتظار هجوم مفاجئ من الأعداء الذين ظنوا بالمسلمين الضعف والجبن،ووضع الخليفة على مداخل المدينة حرسا من كبار الصحابة يرقبون الموقف..
وصدق توقع أبي بكر؛ إذ جاءت الأعراب تهز ذيولها لتقتحم مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما فوجئوا إلا بأبي بكر وحوله أسود المهاجرين والأنصار يردونهم على أعقابهم خاسرين،وتبعهم المسلمون إلى "ذى القَصة" قرب المدينة،حتى فضوا جمعهم،وأجلى أبو بكر عبسا وذبيان وبنى بكر ومن حالفهم وعاونهم على حرب المسلمين،وجعل بلادهم بالأبرق والرَّبَذة غنيمة للمسلمين..
وفى ذى القصة،وبعد أن رجع جيش أسامة ونال قسطا من الراحة،أخذ أبو بكر يعقد الألوية،ويجهز الجيوش ليخضِع بها الأنحاء المتمردة من الجزيرة: اليمامة واليمن والبحرين وعمان وغيرها،فكان الخليفة(1/23)
كالخيط الذى يجمع الأمة حوله كما تجتمع حبات العقد،ثم أرسل بهم فى أحد عشر لواء وزع الجند عليها،وجعل على كل لواء منها أميرا،ووجه كل واحد منها إلى ناحية،وأمر كل أمير أن يستنفر من يمر به من المسلمين أولي القوة،وجاءت النتيجة العامة فى حروب الردة انتصارا ساحقا للإسلام وأهله،وعودةً للجزيرة إلى حِضن الإسلام.
لا يمنع المسلمَ شيءٌ من تقديم النصح إلى أميره،واقتراح الخير عليه،بل إن الأمة لتحكم مع الأمير الذى فوضته لسياسة مصالحها الدينية والدنيوية،وذلك حين تساند أعماله فى الخير،وتمنحه النصح،وتقترح عليه أعمال الخير.. وقد أتى عمر بن الخطاب إلى أبي بكر ليقترح عليه جمع القرآن فى كتاب واحد؛ بسبب ما أصاب المسلمين من موت الكثيرين من حفظة كتاب الله - تعالى - فى معركة اليمامة الشرسة،فتردد أبو بكر فى قبول اقتراح عمر؛ إذ كيف يفعل شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! لكن هذا خير يوافق روح الدين،بل إن روح الدين الداعية إلى صيانة العلم وحفظه ونشره بين الناس صحيحا موثقا - لتفرض على الأمة أن تجمع القرآن وتحافظ عليه.
لذا راح عمر يلح على أبي بكر،ويوضح له أهمية جمع القرآن،حفظا له ومنعا من اختلاف الناس فيه،حتى انشرح صدر الخليفة،واستبانت له أهمية هذه المسألة،فكلف زيدَ بن ثابت الأنصارى المملوء بعلم القرآن وحيوية الشباب كلفه بهذه المهمة الجليلة الثقيلة،فقام بها يعاونه عمر بن الخطاب خير قيام،حيث ذهبا إلى الصحابة فى البيوت والمساجد والأسواق والمنتديات يأخذون عنهم القرآن الذى يحفظه آلاف منهم،ولا يكتب زيد آية إلا إذا تيقن من أنها كُتبت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بأن يشهد اثنان من الصحابة على ذلك،مع وجود عدد كبير منهم يحفظها شفاهيا.
لقد أتقن الصدّيق اختيار الرجل المناسب لمهمة جمع القرآن حين كلف بها زيد بن ثابت،ذلك الفتى الأنصارى الشاب الذى حضر العرضة الأخيرة للقرآن قبل وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - كما أنه كان لابد من إشراك الأنصار فى الشئون المهمة للدولة ليشعروا بأنهم جزء من قلب الكيان الإسلامى الكبير.
بعد أن فرغ أبو بكر - رضي الله عنه - من حروب الردة،واستقر الأمر له فى شبه الجزيرة العربية،ودان العرب جميعهم لحكم الإسلام،بدأت المواجهات مع الفرس والروم تفرض نفسها،فالظروف ملائمة لإسماع صوت الإسلام لهذه الشعوب المستعبَدة تحت حكم كسرى وقيصر،كما كان للفرس دور فى تقوية شوكة الردة،وتشجيع العرب القريبين منها على الردة،وكانت جبهة الروم مع المسلمين ساخنة قابلة للانفجار؛ إذ تحرش الروم بالإسلام كثيرا،وحرضوا الأعراب فى تخوم الشام على حربه ومعاداته..
لهذا كله أقام أبو بكر الحرب مع الفرس والروم على قدم وساق،فجاءه المثنى بن حارثة الشيبانى عقب انتهاء معارك الردة يهون عليه أمر الفرس،ويذكر له أنهم أقل قوة وبأسا مما يظن الناس،حتى تشجع أبو بكر وأرسل كتائبه المجاهدة يقودها خالد بن الوليد سيف الله المسلول،فغزا فى العراق غزوات(1/24)
كثيرة،رجع منها جميعا منتصرا،وقد شجعت هذه المعارك التى شهدها عهد أبي بكر على مواصلة المسلمين للمواجهات مع الفرس فيما بعد،حتى زالت دولة بنى ساسان.
وأما الرومان،فقد أعد لهم أبو بكر أربعة جيوش يقودها أبو عبيدة بن الجراح ومعه شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان،وكانت المعارك التى خاضوها امتدادا لبعث أسامة بن زيد وما سبقه من مواجهات مع الروم،وقد تأزم الموقف على هذه الجبهة فى خواتيم عهد أبي بكر،إذ فوجئ المسلمون بجحافل جرارة من الروم فى مواجهتهم،فأرسلوا إلى أبي بكر يسألونه الرأى والمدد،فأمرهم بالاجتماع،ووجه خالد بن الوليد بنصف قواته فى العراق إلى الشام،وبينما المعركة فى اليرموك حامية الوطيس فى السنة الهجرية الثالثة عشرة يقودها خالد بن الوليد - جاءه البريد يخبر بوفاة الصديق،وتولية عمر من بعده،إلا أن جيوش أبي بكر سحقت الروم،ومهدت للفتح الأكبر الذى جلا على أثره الروم عن الشام في عهد أمير المؤمنين عمر.
حين شعر أبو بكر بدنو الموت وقرب الأجل لم تفلت منه هذه اللحظة دون أن يصدر فيها واحدا من قراراته العظيمة،لا يقل خطورة عن إنفاذ بعث أسامة،وقتال المرتدين ومانعى الزكاة،وإرسال الجيوش لقتال فارس والروم،وجمع القرآن الكريم،وكان هذا القرار هو الوصية بالخلافة من بعده إلى عمر بن الخطاب.
إذ اشتد المرض بأبي بكر فخاف على الأمة الاختلاف،فاختار لها أن يتولى عمر بن الخطاب الخلافة من بعده. وبالرغم من أنه لم يكن أمرا فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه كان توفيقا من الله - تعالى - لصلاح الإسلام والمسلمين،إذ منع الوقوع فى الخلاف والنزاع. وقد استشار أبو بكر كبار الصحابة فى أمر هذا الاختيار،مثل عبد الرحمن بن عوف،وعثمان بن عفان،وغيرهما،وظهر من إجاباتهم أن الناس تخاف من شدة عمر،إلا أن أبا بكر كان يعلم أن شدته ما هى إلا قوة فى الحق،وذكر ذلك للناس فرضوا به،وكتب وصيته بذلك،ثم أسلم الروح إلى بارئها.
ها هى رحلة الحياة قد أوشكت أن تأتى بالختام،وقد جاوز الخليفة المبارك الثالثة والستين،وهو مشغول ليله ونهاره بأمر آخرته وشؤون أمته،تشغله أحوال جيوشه التى أرسلها تجاهد هنا وهناك،وأمور رعيته وفيهم الفقير والمريض وذو الحاجة..
صعد الصديق المنبر فى خلافته يوما،وأراد أن يروى للناس شيئا سمعه من النبى ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لكنه بكى حين تذكر رسول الله،ثم أخذ يروى الحديث للناس والدموع تملأ عينيه وتبلل كلماته.. لقد كانت الدنيا ثقيلة على قلب أبي بكر ورسول الله فيها،فكيف يطيقها وقد ودّعها النبى ـ - صلى الله عليه وسلم - ؟!
استمر أبو بكر يدبر شئون المسلمين على أحسن ما يكون،وفق ما يهديه الله إليه،ويمليه عليه دينه وإيمانه،حتى اغتسل فى يوم بارد فأصابته الحُمّى التى لا يطيقها الأقوياء،فكيف بشيخ كبير قد أوهنت(1/25)
الأيام عظامه،وأرهقت بدنه؟! وجاءوا يسألون أبا بكر: أنأتى لك بالطبيب؟ فقال: قد رآني،فعادوا يسألونه: ماذا قال لك؟ فأجابهم: قال إنى أفعل ما أشاء!!
وفى مرض الموت لازمت العظمة شخصية أبي بكر،فبدا جبلا بين الناس،حتى اتخذ فى هذه الظروف التى لا يهتم فيها الإنسان إلا بما يعانى من كُرَب الموت وشدائده اتخذ الكثير من القرارات والتوصيات الرائعة،فأوصى بالخلافة من بعده إلى عمر بن الخطاب بعد أن شاور فيه كبار الصحابة،وأوصى عمرَ بأن يدعم المثنى بن حارثة على جبهة فارس بالجنود والقوات،كما تنازل لبيت مال المسلمين عما قبضه من راتب طوال خلافته،وأوصى بأن تغسله زوجته أسماء بنت عميس،وأن يكفَّن فى ثيابه؛ لأن الحى أحوج إلى الجديد من الميت..
ويوم الإثنين الحادى والعشرين من جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة الهجرية،أذن الله - تعالى - بقبض روح عبده أبي بكر،فودع الدنيا راضيا مرضيا،وحمل ليُدفن إلى جانب حبيبه - صلى الله عليه وسلم - وليرافقه فى الممات كما رافقه فى الحياة.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِي اللَّه عَنْهمْ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ رَضِي اللَّه عَنْهمَا. رواه أحمد
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْد ِالْعَزِيزِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ فَقُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ أَبُوهَا قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَعَدَّ رِجَالا. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالا. رواه مسلم.(1/26)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ (رواه البخاري).
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُحْرِزٍ الْقَوَارِيرِيُّ عَنْ دَاوُدَ ابْنِ يَزِيدَ الأوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَيْنَاهُ مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِيهِ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ قَالَ أبو عيسى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي عَائِشَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ غَدَاةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَ رَأَيْتُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ كَأَنِّي أُعْطِيتُ الْمَقَالِيدَ وَالْمَوَازِينَ فَأَمَّا الْمَقَالِيدُ فَهَذِهِ الْمَفَاتِيحُ وَأَمَّا الْمَوَازِينُ فَهِيَ الَّتِي تَزِنُونَ بِهَا فَوُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ فَوُزِنْتُ بِهِمْ فَرَجَحْتُ ثُمَّ جِيءَ بِأَبِي بَكْرٍ فَوُزِنَ بِهِمْ فَوَزَنَ ثُمَّ جِيءَ بِعُمَرَ فَوُزِنَ فَوَزَنَ ثُمَّ جِيءَ بِعُثْمَانَ فَوُزِنَ بِهِمْ ثُمَّ رُفِعَتْ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا الْهُذَيْلُ بْنُ مَيْمُونٍ الْكُوفِيُّ الْجُعْفِيُّ كَانَ يَجْلِسُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ يَعْنِي مَدِينَةَ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ عَبْد اللَّهِ هَذَا شَيْخٌ قَدِيمٌ كُوفِيٌّ عَنْ مُطَّرِحِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيَّ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَ بِلَالٌ قَالَ فَمَضَيْتُ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَذَرَارِيُّ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَقَلَّ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالنِّسَاءِ قِيلَ لِي أَمَّا الْأَغْنِيَاءُ فَهُمْ هَاهُنَا بِالْبَابِ يُحَاسَبُونَ وَيُمَحَّصُونَ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَأَلْهَاهُنَّ الْأَحْمَرَانِ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ أَحَدِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ فَلَمَّا كُنْتُ عِنْدَ الْبَابِ أُتِيتُ بِكِفَّةٍ فَوُضِعْتُ فِيهَا وَوُضِعَتْ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ فَرَجَحْتُ بِهَا ثُمَّ أُتِيَ بِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَوُضِعَ فِي كِفَّةٍ وَجِيءَ بِجَمِيعِ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ فَوُضِعُوا فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَجِيءَ بِعُمَرَ فَوُضِعَ فِي كِفَّةٍ وَجِيءَ بِجَمِيعِ أُمَّتِي فَوُضِعُوا فَرَجَحَ عُمَرُ رضي الله عنه وَعُرِضَتْ أُمَّتِي رَجُلًا رَجُلًا فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ فَاسْتَبْطَأْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ الْإِيَاسِ فَقُلْتُ عَبْدُ الرُّحْمَنِ فَقَالَ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا خَلَصْتُ إِلَيْكَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي لَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ أَبَدًا إِلَّا بَعْدَ الْمُشِيبَاتِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ مِنْ كَثْرَةِ مَالِي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ وَوُزِنَ عُمَرُ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ وَوُزِنَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَحَ عُمَرُ ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ فَرَأَيْنَا الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ(1/27)
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ أَيُّكُمْ رَأَى رُؤْيَا فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَرَاهِيَةَ قَالَ فَاسْتَاءَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِي فَسَاءَهُ ذَلِكَ فَقَالَ خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ. رواه أبو داود.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ وَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ وَوُزِنَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَحَ عُمَرُ ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ فَرَأَيْنَا الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أبو عيسى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ إِلا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ لا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْعَبْدَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لا تَبْكِ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ لا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلا سُدَّ إِلا بَابُ أَبِي بَكْرٍ (رواه البخاري).
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الْآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ قَالَ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَدْبُرَنَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ هَدَى اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَانِيَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ اصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً. رواه البخاري.
حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا(1/28)
بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لَا فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سُئِلَ أَنَسُ ابْنُ مَالِكٍ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ شَابَ إلا يَسِيرًا وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَبَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ قَالَ وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي بَكْرٍ لَوْ أَقْرَرْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ لَأَتَيْنَاهُ مَكْرُمَةً لِأَبِي بَكْرٍ فَأَسْلَمَ وَلِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيِّرُوهُمَا وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مُجَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى لَيَرَوْنَ مَنْ فَوْقَهُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا (رواه أحمد).
حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ قَالَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي وَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ عَزَّ وَجَل صَاحِبَكُمْ خليلا. رواه البخاري.(1/29)
حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الليْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ عَائِشَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ فَقَالَ أَنْتَ أَخِي فِي دِينِ اللهِ وَكِتَابِهِ وَهِيَ لِي حَلَالٌ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ أَنَا أَوْلَى وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ. رواه مسلم.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُحْرِزٍ الْقَوَارِيرِيُّ عَنْ دَاوُدَ ابْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلا وَقَدْ كَافَيْنَاهُ مَا خَلا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِيهِ اللهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا لَهُ وَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ أبو عيسى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَأَبُو الْجَحَّافِ اسْمُهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ وَيُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَحَّافِ وَكَانَ مَرْضِيًّا وَتَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُكْنَى أَبَا إِدْرِيسَ وَهُوَ شِيعِيٌّ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ مَا أَظُنُّ رَجُلًا يَنْتَقِصُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يُحِبُّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنِ الْمُسَيِّبِ ابْنِ نَجَبَةَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ كُل نَبِيٍّ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ أَوْ نُقَبَاءَ وَأُعْطِيتُ أَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ قُلْنَا مَنْ هُمْ قَالَ أَنَا وَابْنَايَ وَجَعْفَرُ وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَبِلَالٌ وَسَلْمَانُ وَالْمِقْدَادُ وَحُذَيْفَةُ وَعَمَّارٌ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ أبو عيسى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا. رواه الترمذي.(1/30)
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ وَمَا حَدَّثَكُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَصَدِّقُوهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ هلال مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ وَقَدْ رَوَى سَالِمٌ الْمُرَادِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ عَنْ رِبْعِيِّ ابْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ هَذَا. رواه الترمذي.
أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلَيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَأَتَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ. رواه النسائي.
حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ يَعْنِي الْيَمَامِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْيَمَامِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِي اللَّه عَنْهمَا فَقَالَ يَا عَلِيُّ هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشَبَابِهَا بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي الْفَرَّاءَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يُؤَمَّرُ بَعْدَكَ قَالَ إِنْ تُؤَمِّرُوا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه تَجِدُوهُ أَمِينًا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عُمَرَ رضي الله عنه تَجِدُوهُ قَوِيًّا أَمِينًا لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عَلِيًّا رَضِي اللَّه عَنْهم وَلا أُرَاكُمْ فَاعِلِينَ تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا يَأْخُذُ بِكُمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيٌّ وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِرُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ ثُمَّ نَسْكُتُ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُس
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ وَلَوِ اتَّخَذْتُ خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلٍ. رواه الترمذي.(1/31)
حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لا يَنْبَغِي لِلصَّدِيقِ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَنْفَقَ زَوْجًا أَوْ قَالَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ أُرَاهُ قَالَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ هَلُمَّ إِلَيْهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا رَجُلٌ لا تُودَى عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ إِلا مَالُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ وَهَلْ نَفَعَنِي اللَّهُ إِلا بِكَ وَهَلْ نَفَعَنِي اللَّهُ إِلا بِكَ وَهَلْ نَفَعَنِي اللَّهُ إِلا بِكَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِي اللَّه عَنْهمْ أَجْمَعِينَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي مِنْ أَصْحَابِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ وَأَبُو الزَّعْرَاءِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَانِئٍ وَأَبُو الزَّعْرَاءِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ أَخِي أَبِي الْأَحْوَصِ صَاحِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. رواه ابن ماجة.
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَال سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَالَ فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ قُلْتُ مِثْلَهُ وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ قَالَ أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رواه الترمذي.(1/32)
حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي الْفَرَّاءَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يُؤَمَّرُ بَعْدَكَ قَالَ إِنْ تُؤَمِّرُوا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه تَجِدُوهُ أَمِينًا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عُمَرَ رضي الله عنه تَجِدُوهُ قَوِيًّا أَمِينًا لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عَلِيًّا رضي الله عنه وَلَا أُرَاكُمْ فَاعِلِينَ تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا يَأْخُذُ بِكُمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ فَأَعْبُدَ رَبِّي قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ فَإِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ وَأَنَا لَكَ جَارٌ فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَطَافَ فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَيَصِلُ الرَّحِمَ وَيَحْمِلُ الْكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَلْيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا فَأْتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الاسْتِعْلانَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ(1/33)
الْحَبَشَةِ وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِي اللَّه عَنْهمْ أَجْمَعِينَ. رواه البخاري.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّي فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ ( أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ). رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ) قَالَتْ لِعُرْوَةَ يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا قَالَ مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا قَالَ كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِي اللَّه عَنْه بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ(1/34)
حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ أَلا لا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. رواه البخاري.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُومُ فِي مَقَامِكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ فَقَالَتْ لَهُ فَقَالَ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ فَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً قَالَتْ فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ فَذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ قُمْ كَمَا أَنْتَ قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قَامَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ جَالِسًا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه. رواه النسائي.
أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعِرَّانَةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْعَرْجِ ثَوَّبَ بِالصُّبْحِ ثُمَّ اسْتَوَى لِيُكَبِّرَ فَسَمِعَ الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَوَقَفَ عَلَى التَّكْبِيرِ فَقَالَ هَذِهِ رَغْوَةُ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْجَدْعَاءِ لَقَدْ بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَجِّ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنُصَلِّيَ مَعَهُ فَإِذَا عَلِيٌّ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَمِيرٌ أَمْ رَسُولٌ قَالَ لَا بَلْ رَسُولٌ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِبَرَاءَةَ أَقْرَؤُهَا عَلَى النَّاسِ فِي مَوَاقِفِ الْحَجِّ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْه فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَأَفَضْنَا فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ إِفَاضَتِهِمْ وَعَنْ نَحْرِهِمْ وَعَنْ مَنَاسِكِهِمْ فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلُ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ وَكَيْفَ يَرْمُونَ فَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ بَرَاءَةٌ عَلَى النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا قَالَ أَبو عَبْد الرَّحْمَنِ ابْنُ خُثَيْمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا أَخْرَجْتُ هَذَا لِئَلا يُجْعَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَمَا كَتَبْنَاهُ إِلَّا عَنْ إِسْحَقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَمْ يَتْرُكْ حَدِيثَ ابْنِ خُثَيْمٍ وَلَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا أَنَّ عَلِيَّ ابْنَ الْمَدِينِيِّ قَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ خُلِقَ لِلْحَدِيثِ. رواه النسائي.
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -(1/35)
مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى فَوَجَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَكَانَكَ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ قِيلَ لِلْأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بَعْضَهُ وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا. رواه البخاري.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى صَاحِبُ الْبُصْرَى قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَذْكُرُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى لِلنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّفِّ. رواه النسائي.
أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلَيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَأَتَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ. رواه النسائي.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ وَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ أبو عيسى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَأَبُو الْجَحَّافِ اسْمُهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ وَيُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَحَّافِ وَكَانَ مَرْضِيًّا وَتَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُكْنَى أَبَا إِدْرِيسَ وَهُوَ شِيعِيٌّ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَانَ رُبَّمَا سَقَطَ الْخِطَامُ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ فَيَضْرِبُ بِذِرَاعِ نَاقَتِهِ فَيُنِيخُهَا فَيَأْخُذُهُ قَالَ فَقَالُوا لَهُ أَفَلَا أَمَرْتَنَا نُنَاوِلُكَهُ فَقَالَ إِنَّ حَبِيبِي رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا. رواه أحمد.
حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْآمُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا مَعَهُ إِلا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فَقَالَ مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا. رواه البخاري.(1/36)
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِمَا يَوْمٌ إِلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلا أَمْرٌ قَالَ إِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي بِالْخُرُوجِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا الْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَيَّ رَحْلِي فَقَالَ عَازِبٌ لَا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ قَالَ ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا أَوْ سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِيَ إِلَيْهِ فَإِذَا صَخْرَةٌ أَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ اضْطَجِعْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَاضْطَجَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ فَقُلْتُ هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَنَا قَالَ نَعَمْ فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ فَقَالَ هَكَذَا ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالْأُخْرَى فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قُلْتُ قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بَلَى فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّه!ِ فَقَالَ: (..لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا..). رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَفِي يَدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ(1/37)
آخَرُ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ أَوْ تَكُونُ فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قِرَاءَةً عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ هَذَا وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ. رواه مسلم.
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه خَرَجَ وَعُمَرُ رضي الله عنه يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ فَأَبَى فَقَالَ اجْلِسْ فَأَبَى فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ..) إِلَى (..الشَّاكِرِينَ) وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلا يَتْلُوهَا. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مُنْصَرَفَهُ مِنْ أُحُدٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ سَمْنًا وَعَسَلًا وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَرَأَيْتُ سَبَبًا وَاصِلًا إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَكَ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ فَعَلَا بِهِ(1/38)
ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ فَانْقَطَعَ بِهِ ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلَا بِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ دَعْنِي أَعْبُرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اعْبُرْهَا قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ وَأَمَّا مَا يَنْطُفُ مِنْهَا مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَهُوَ الْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ وَلِينُهُ وَأَمَّا مَا يَتَكَفَّفُ مِنْهُ النَّاسُ فَالْآخِذُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا وَقَلِيلًا وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ إِلَى السَّمَاءِ فَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَا بِكَ ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ قَالَ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُخْبِرَنِّي بِالَّذِي أَصَبْتُ مِنِ الَّذِي أَخْطَأْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَا تُقْسِمْ يَا أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ ظُلَّةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ تَنْطِفُ سَمْنًا وَعَسَلًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ. رواه ابنُ ماجة.
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حُجْرَتِي فَقَصَصْتُ رُؤْيَايَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ وَهُوَ خَيْرُهَا. رواه مالك.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَبُولُ دَمًا قَالَ تَأْتِي امْرَأَتَكَ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ. رواه الدارمي.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الْآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ قَالَ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَدْبُرَنَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ هَدَى اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَانِيَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ اصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ السَّمَّاكُ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ الْخُلَفَاءُ خَمْسَةٌ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِي اللَّه عَنْهم. رواه أو داود.
حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ سَلْعٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَمِلَ بِعَمَلِهِ وَسَارَ بِسِيرَتِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ(1/39)
ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى ذَلِكَ فَعَمِلَ بِعَمَلِهِمَا وَسَارَ بِسِيرَتِهِمَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا رَاضٍ بِهِ وَأَنَا رَاضٍ بِهِ وَأَنَا رَاضٍ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بلال عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلَهُ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) وَقَالَ: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) قَالَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ قَالَ وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ وَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ شَخَصَ بَصَرُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَقَصَّ الْحَدِيثَ قَالَتْ فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ اللَّهُ بِهَا لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَى وَعَرَّفَهُمُ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ..) إِلَى (..الشَّاكِرِينَ). رواه البخاري.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا(1/40)
بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. رواه البخاري.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمِصْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ أَبِي أَيُّوبَ الْخُزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ الْمَكِّيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَهْتَمِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ الْعَامَّةِ فَلَمْ يُفْجَأْ عُمَرُ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَتَكَلَّمُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ غَنِيًّا عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِنًا لِمَعْصِيَتِهِمْ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ فِي الْمَنَازِلِ وَالرَّأْيِ مُخْتَلِفُونَ فَالْعَرَبُ بِشَرِّ تِلْكَ الْمَنَازِلِ أَهْلُ الْحَجَرِ وَأَهْلُ الْوَبَرِ وَأَهْلُ الدَّبَرِ يُحْتَازُ دُونَهُمْ طَيِّبَاتُ الدُّنْيَا وَرَخَاءُ عَيْشِهَا لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ جَمَاعَةً وَلَا يَتْلُونَ لَهُ كِتَابًا مَيِّتُهُمْ فِي النَّارِ وَحَيُّهُمْ أَعْمَى نَجِسٌ مَعَ مَا لَا يُحْصَى مِنَ الْمَرْغُوبِ عَنْهُ وَالْمَزْهُودِ فِيهِ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَنْشُرَ عَلَيْهِمْ رَحْمَتَهُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ (..عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ أَنْ جَرَحُوهُ فِي جِسْمِهِ وَلَقَّبُوهُ فِي اسْمِهِ وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ نَاطِقٌ لَا يُقَدَّمُ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَلَا يُرْحَلُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَلَمَّا أُمِرَ بِالْعَزْمَةِ وَحُمِلَ عَلَى الْجِهَادِ انْبَسَطَ لِأَمْرِ اللَّهِ لَوْثُهُ فَأَفْلَجَ اللَّهُ حُجَّتَهُ وَأَجَازَ كَلِمَتَهُ وَأَظْهَرَ دَعْوَتَهُ وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَكَ سُنَّتَهُ وَأَخَذَ سَبِيلَهُ وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ أَوْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا الَّذِي كَانَ قَابِلًا انْتَزَعَ السُّيُوفَ مِنْ أَغْمَادِهَا وَأَوْقَدَ النِّيرَانَ فِي شُعُلِهَا ثُمَّ رَكِبَ بِأَهْلِ الْحَقِّ أَهْلَ الْبَاطِلِ فَلَمْ يَبْرَحْ يُقَطِّعُ أَوْصَالَهُمْ وَيَسْقِي الْأَرْضَ دِمَاءَهُمْ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ فِي الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ وَقَرَّرَهُمْ بِالَّذِي نَفَرُوا عَنْهُ وَقَدْ كَانَ أَصَابَ مِنْ مَالِ اللَّهِ بَكْرًا يَرْتَوِي عَلَيْهِ وَحَبَشِيَّةً أَرْضَعَتْ وَلَدًا لَهُ فَرَأَى ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ غُصَّةً فِي حَلْقِهِ فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا عَلَى مِنْهَاجِ صَاحِبِهِ ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَمَصَّرَ الْأَمْصَارَ وَخَلَطَ الشِّدَّةَ بِاللِّينِ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ وَشَمَّرَ عَنْ سَاقَيْهِ وَأَعَدَّ لِلْأُمُورِ أَقْرَانَهَا وَلِلْحَرْبِ آلَتَهَا فَلَمَّا أَصَابَهُ قَيْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَسْأَلُ النَّاسَ هَلْ يُثْبِتُونَ قَاتِلَهُ فَلَمَّا قِيلَ قَيْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ اسْتَهَلَّ يَحْمَدُ رَبَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ أَصَابَهُ ذُو حَقٍّ فِي الْفَيْءِ فَيَحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَحَلَّ دَمَهُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ حَقِّهِ وَقَدْ كَانَ أَصَابَ مِنْ مَالِ اللَّهِ بِضْعَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا فَكَسَرَ لَهَا رِبَاعَهُ وَكَرِهَ بِهَا كَفَالَةَ أَوْلَادِهِ فَأَدَّاهَا إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا عَلَى مِنْهَاجِ صَاحِبَيْهِ ثُمَّ إِنَّكَ يَا عُمَرُ بُنَيُّ الدُّنْيَا وَلَّدَتْكَ مُلُوكُهَا وَأَلْقَمَتْكَ ثَدْيَيْهَا وَنَبَتَّ فِيهَا تَلْتَمِسُهَا مَظَانَّهَا فَلَمَّا وُلِّيتَهَا أَلْقَيْتَهَا حَيْثُ أَلْقَاهَا اللَّهُ هَجَرْتَهَا وَجَفَوْتَهَا وَقَذِرْتَهَا إِلَّا مَا تَزَوَّدْتَ مِنْهَا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَلَا بِكَ حَوْبَتَنَا وَكَشَفَ بِكَ كُرْبَتَنَا فَامْضِ وَلَا تَلْتَفِتْ فَإِنَّهُ لَا يَعِزُّ عَلَى الْحَقِّ شَيْءٌ وَلَا يَذِلُّ عَلَى الْبَاطِلِ شَيْءٌ أَقُولُ قَوْلِي وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ فِي الشَّيْءِ قَالَ لِيَ ابْنُ الأَهْتَمِ امْضِ وَلا تَلْتَفِتْ. رواه الدارمي.(1/41)
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ..) إِلَى آخِرِهِمَا وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَاللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ وَقَالَ مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ مَعَ خُزَيْمَةَ أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ فَقَالَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَإِنِّي لَأَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَحْيَ فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ قَالَ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَهُمَا صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْعُسُبِ وَاللِّخَافِ يَعْنِي الْحِجَارَةَ وَصُدُورِ الرِّجَالِ فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ بَرَاءَةٌ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا(1/42)
فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا زَيْدُ بْنَ ثَابِتٍ إِنَّكَ غُلَامٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ قَالَ زَيْدٌ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ أَتَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي بِالَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا. مسند أحمد.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن سنان حدثنا همام عن ثابت عن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا همام عن ثابت عن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم فقلت يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا قال اسكت يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما.
حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا حبان حدثنا همام حدثنا ثابت حدثنا أنس قال حدثني أبو بكر رضي الله عنه قال كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار فرأيت آثار المشركين قلت يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا قال ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن يوسف حدثنا أحمد بن يزيد بن إبراهيم أبو الحسن الحراني حدثنا زهير بن معاوية حدثنا أبو إسحاق سمعت البراء بن عازب يقول جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا فقال لعازب ابعث ابنك يحمله معي قال فحملته معه وخرج أبي ينتقد ثمنه فقال له أبي يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال نعم أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس فنزلنا عنده وسويت للنبي - صلى الله عليه وسلم - مكانا بيدي ينام عليه وبسطت فيه فروة وقلت نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك فنام وخرجت أنفض ما حوله فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي أردنا فقلت له لمن أنت يا غلام فقال لرجل من أهل المدينة أو مكة قلت أفي غنمك لبن قال نعم قلت أفتحلب قال نعم فأخذ شاة فقلت انفض الضرع من التراب والشعر والقذى قال فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض فحلب في قعب كثبة من لبن ومعي إداوة حملتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - يرتوي منها يشرب ويتوضأ فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكرهت أن أوقظه فوافقته حين استيقظ فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله فقلت اشرب يا رسول الله قال فشرب حتى رضيت ثم قال(1/43)
ألم يأن للرحيل قلت بلى قال فارتحلنا بعدما مالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك فقلت أتينا يا رسول الله فقال ( لا تحزن إن الله معنا ) فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت به فرسه إلى بطنها أرى في جلد من الأرض شك زهير فقال إني أراكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فنجا فجعل لا يلقى أحدا إلا قال قد كفيتكم ما هنا فلا يلقى أحدا إلا رده قال ووفى لنا.
حدثنا عبدالله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب مر البراء فليحمل إلي رحلي فقال عازب لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم قال ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه فإذا صخرة أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه ثم قلت له اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فسألته فقلت له لمن أنت يا غلام قال لرجل من قريش سماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قلت فهل أنت حالب لنا قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد جعلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله فانطلقت به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوافقته قد استيقظ فقلت اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت ثم قلت قد آن الرحيل يا رسول الله قال بلى فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال ( لا تحزن إن الله معنا ).
روى البخاري ـ حدثنا بشر بن محمد أخبرنا عبدالله قال أخبرني معمر ويونس عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته قالت أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها فتيمم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى فقال بأبي أنت يا نبي الله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها قال أبو سلمة فأخبرني ابن عباس رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس فقال اجلس فأبى فقال اجلس فأبى فتشهد أبو بكر رضي الله عنه فمال إليه الناس وتركوا عمر فقال أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا - صلى الله عليه وسلم - فإن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله تعالى ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) إلى ( الشاكرين ) والله لكأن(1/44)
الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه فتلقاها منه الناس فما يسمع بشر إلا يتلوها.
حدثنا إسماعيل بن عبدالله حدثنا سليمان بن بلال عن هشام بن عروة قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات وأبو بكر بالسنح قال إسماعيل يعني بالعالية فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبله قال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمدا - صلى الله عليه وسلم - فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال ( إنك ميت وإنهم ميتون ) وقال ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) قال فنشج الناس يبكون قال واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال حباب بن المنذر لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح فقال عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله وقال عبدالله بن سالم عن الزبيدي قال عبدالرحمن بن القاسم أخبرني القاسم أن عائشة رضي الله عنها قالت شخص بصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا وقص الحديث قالت فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها لقد خوف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) إلى
( الشاكرين ).
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة أن عائشة أخبرته أن أبا بكر رضي الله عنه أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مغشى بثوب حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى ثم قال بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها قال الزهري وحدثني أبو سلمة عن عبدالله بن عباس أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب(1/45)
يكلم الناس فقال اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس إليه وتركوا عمر فقال أبو بكر أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا - صلى الله عليه وسلم - فإن محمدا قد مات ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) إلى قوله ( الشاكرين ) وقال والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها فأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس عليهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر فقال لهما أبو بكر سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال قال أبو بكر والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيه إلا صنعته قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت حدثنا إسماعيل بن أبان أخبرنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة.
روى البخاري ـ حدثنا أبو عاصم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن ابن أبي مليكة عن عقبة ابن الحارث قال صلى أبو بكر رضي الله عنه العصر ثم خرج يمشي فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه وقال بأبي شبيه بالنبي لا شبيه بعلي وعلي يضحك.
حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله قال أخبرني عمر بن سعيد بن أبي حسين عن ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال رأيت أبا بكر رضي الله عنه وحمل الحسن وهو يقول بأبي شبيه بالنبي ليس شبيه بعلي وعلي يضحك.
روى البخاري ـ أخبرني عبدالله بن عبدالوهاب حدثنا خالد حدثنا شعبة عن واقد قال سمعت أبي يحدث عن ابن عمر عن أبي بكر رضي الله عنه قال ارقبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته.
حدثني يحيى بن معين وصدقة قالا أخبرنا محمد بن جعفر عن شعبة عن واقد ابن محمد عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنها قال قال أبو بكر ارقبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته.
روى البخاري ـ حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال أخبرني البراء عن أبي بكر رضي الله عنها ح و حدثنا عبدالله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء عن أبي بكر رضي الله عنها قال انطلقت فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه فقلت لمن أنت قال لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن فقال نعم فقلت هل أنت حالب لي قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب كثبة من لبن وقد جعلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة على فمها(1/46)
خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن فاطمة عليها السلام بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر فقال عمر لا والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عسيتهم أن يفعلوا بي والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي فقال إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصيبا حتى فاضت عينا أبي بكر فلما تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ولم أترك أمرا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيها إلا صنعته فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد علي فعظم حق أبي بكر وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف.
روى البخاري ـ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي بكر رضي الله عنه قال لوفد بزاخة تتبعون أذناب الإبل حتى يُرِيَ اللهُ خليفةَ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين أمرا يعذرونكم به.
روى البخاري ـ حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبدالله بن عمرو عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - علّمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.(1/47)
حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا الليث قال حدثني يزيد عن أبي الخير عن عبدالله بن عمرو عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم وقال عمرو بن الحارث عن يزيد عن أبي الخير إنه سمع عبدالله بن عمرو قال أبو بكر رضي الله عنه للنبي - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن يزيد عن أبي الخير سمع عبدالله بن عمرو أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي من عندك مغفرة إنك أنت الغفور الرحيم.
روى البخاري ـ حدثني عبدالله بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن عائشة وابن عباس أن أبا بكر رضي الله عنه قبَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته.
روى البخاري ـ حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري حدثنا عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها قال عمر رضي الله عنه فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري ح وقال الليث حدثني عبدالرحمن ابن خالد عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قال أبو بكر رضي الله عنه والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها قال عمر رضي الله عنه فما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر رضي الله عنه بالقتال فعرفت أنه الحق.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة أن أبا هريرة قال لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.(1/48)
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق قال ابن بكير وعبدالله عن الليث عناقا وهو أصح.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن عبدالله قال حدثني أبي قال حدثني ثمامة أن أنسا رضي الله عنه حدثه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له التي أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة عليها السلام ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أفاء الله عليه فقال لها أبو بكر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر قالت وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس وأما خيبر وفدك فأمسكها عمر وقال هما صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر قال فهما على ذلك إلى اليوم قال أبو عبد الله اعتراك افتعلت من عروته فأصبته ومنه يعروه واعتراني.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني عروة بن الزبير عن عائشة أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - تطلب صدقة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني مال الله ليس لهم أن يزيدوا على المأكل وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كانت عليها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتشهد علي ثم قال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وذكر قرابتهم من رسول الله(1/49)
- صلى الله عليه وسلم - وحقهم فتكلم أبو بكر فقال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي.
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة عليها السلام والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال أبو بكر سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال والله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي.
روى البخاري ـ حدثنا أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن بيان أبي بشر عن قيس بن أبي حازم قال دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم فقال ما لها لا تكلم قالوا حجت مصمتة قال لها تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية فتكلمت فقالت من أنت قال امرؤ من المهاجرين قالت أي المهاجرين قال من قريش قالت من أي قريش أنت قال إنك لسئول أنا أبو بكر قالت ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية قال بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم قالت وما الأئمة قال أما كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم قالت بلى قال فهم أولئك على الناس.
روى البخاري ـ حدثنا أحمد ابن أبي رجاء حدثنا النضر عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة رضي الله عنها أن أباها كان لا يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين قال أبو بكر لا أرى يمينا أرى غيرها خيرا منها إلا قبلت رخصة الله وفعلت الذي هو خير.
حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبدالله أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يحنث في يمين قط حتى أنزل الله كفارة اليمين وقال لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني.
روى البخاري ـ حدثنا علي بن عبدالله حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان قال حدثني موسى ابن أبي عائشة عن عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس وعائشة أن أبا بكر رضي الله عنه قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ميت قال وقالت عائشة لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء فلما أفاق قال ألم أنهكم أن تلدوني قلنا كراهية المريض للدواء فقال لا يبقى في البيت أحد إلا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم.
روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال عبد الله أخبرنا و قال الآخران حدثنا حبان بن هلال حدثنا همام حدثنا ثابت حدثنا أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق حدثه قال نظرت إلى أقدام المشركين على رءوسنا ونحن في الغار فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.(1/50)
روى مسلم ـ حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا زهير حدثنا أبو إسحق قال سمعت البراء بن عازب يقولا جاء أبو بكر الصديق إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا فقال لعازب ابعث معي ابنك يحمله معي إلى منزلي فقال لي أبي احمله فحملته وخرج أبي معه ينتقد ثمنه فقال له أبي يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال نعم أسرينا ليلتنا كلها حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق فلا يمر فيه أحد حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد فنزلنا عندها فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا ينام فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في ظلها ثم بسطت عليه فروة ثم قلت نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك فنام وخرجت أنفض ما حوله فإذا أنا براعي غنم مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فلقيته فقلت لمن أنت يا غلام فقال لرجل من أهل المدينة قلت أفي غنمك لبن قال نعم قلت أفتحلب لي قال نعم فأخذ شاة فقلت له انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى قال فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض فحلب لي في قعب معه كثبة من لبن قال ومعي إداوة أرتوي فيها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليشرب منها ويتوضأ قال فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكرهت أن أوقظه من نومه فوافقته استيقظ فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله فقلت يا رسول الله اشرب من هذا اللبن قال فشرب حتى رضيت ثم قال ألم يأن للرحيل قلت بلى قال فارتحلنا بعدما زالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك قال ونحن في جلد من الأرض فقلت يا رسول الله أتينا فقال لا تحزن إن الله معنا فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت فرسه إلى بطنها أرى فقال إني قد علمت أنكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا الله فنجا فرجع لا يلقى أحدا إلا قال قد كفيتكم ما هاهنا فلا يلقى أحدا إلا رده قال ووفى لنا و حدثنيه زهير بن حرب حدثنا عثمان بن عمر ح و حدثناه إسحق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل كلاهما عن إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء قال اشترى أبو بكر من أبي رحلا بثلاثة عشر درهما وساق الحديث بمعنى حديث زهير عن أبي إسحق و قال في حديثه من رواية عثمان بن عمر فلما دنا دعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فساخ فرسه في الأرض إلى بطنه ووثب عنه وقال يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن يخلصني مما أنا فيه ولك علي لأعمين على من ورائي وهذه كنانتي فخذ سهما منها فإنك ستمر على إبلي وغلماني بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك قال لا حاجة لي في إبلك فقدمنا المدينة ليلا فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أنزل على بني النجار أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله.
حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي إسحق عن البراء قال قال أبو بكر الصديق لما خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة مررنا براع وقد عطش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فحلبت له كثبة من لبن فأتيته بها فشرب حتى رضيت.(1/51)
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت أبا إسحق الهمداني يقول سمعت البراء يقول لما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة فأتبعه سراقة بن مالك بن جعشم قال فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فساخت فرسه فقال ادع الله لي ولا أضرك قال فدعا الله قال فعطش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمروا براعي غنم قال أبو بكر الصديق فأخذت قدحا فحلبت فيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثبة من لبن فأتيته به فشرب حتى رضيت.
روى مسلم ـ حدثني محمد بن رافع أخبرنا حجين حدثنا ليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها علي وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب فقال عمر لأبي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عساهم أن يفعلوا بي إني والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي بن أبي طالب ثم قال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر فلما تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيها إلا صنعته فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد علي بن أبي طالب فعظم حق أبي بكر وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت فكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف حدثنا إسحق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال ابن رافع حدثنا و قال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وساق الحديث بمثل معنى حديث عقيل(1/52)
عن الزهري غير أنه قال ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر فضيلته وسابقته ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه فأقبل الناس إلى علي فقالوا أصبت وأحسنت فكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الأمر المعروف.
روى مسلم ـ وحدثنا ابن نمير حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي ح و حدثنا زهير بن حرب والحسن بن علي الحلواني قالا حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أفاء الله عليه فقال لها أبو بكر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة قال وعاشت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس فغلبه عليها علي وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال هما صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر قال فهما على ذلك إلى اليوم.
روى مسلم ـ وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن مالك بن أوس حدثه قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار قال فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من أدم فقال لي يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم قال قلت لو أمرت بهذا غيري قال خذه يا مال قال فجاء يرفا فقال هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد فقال عمر نعم فأذن لهم فدخلوا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي قال نعم فأذن لهما فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال القوم أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم فقال مالك بن أوس يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك فقال عمر اتئدا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا نعم ثم أقبل على العباس وعلي فقال أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركناه صدقة قالا نعم فقال عمر إن الله جل وعز كان خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره قال ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ) ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا قال فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقي أسوة المال ثم قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك قالوا نعم ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر أنا ولي رسول(1/53)
الله - صلى الله عليه وسلم - فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نورث ما تركناه صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذتماها بذلك قال أكذلك قالا نعم قال ثم جئتماني لأقضي بينكما ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي حدثنا إسحق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال ابن رافع حدثنا و قال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فقال إنه قد حضر أهل أبيات من قومك بنحو حديث مالك غير أن فيه فكان ينفق على أهله منه سنة وربما قال معمر يحبس قوت أهله منه سنة ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عز وجل.
روى مسلم ـ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح و حدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو عن أبي بكر أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا وقال قتيبة كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم و حدثنيه أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني رجل سماه وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول إن أبا بكر الصديق قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمني يا رسول الله دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي ثم ذكر بمثل حديث الليث غير أنه قال ظلما كثيرا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَوْسَطَ قَالَ خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَامِي هَذَا عَامَ الْأَوَّلِ وَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ أَوْ قَالَ الْعَافِيَةَ فَلَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ قَطُّ بَعْدَ الْيَقِينِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ أَوِ الْمُعَافَاةِ عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو عَامِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي هَذَا الْقَيْظِ عَامَ الْأَوَّلِ سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى. حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ ابْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه عَلَى(1/54)
هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ عَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اسْتَعْبَرَ أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَمْ تُؤْتَوْا شَيْئًا بَعْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ حِمْصَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ مَرَّةً قَالَ سَمِعْتُ أَوْسَطَ الْبَجَلِيَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُهُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَقَالَ مَرَّةً حِينَ اسْتُخْلِفَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَامَ الْأَوَّلِ مَقَامِي هَذَا وَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ وَإِذَا أَخَذْتُ مَضْجَعِي قَالَ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَوْ قَالَ اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ قَالَ قُلِ اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَهُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ. حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ وَلَا يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ) حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ الْآيَةِ(1/55)
أَلَا وَإِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ أَلَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ. 50 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَا وَضَعَهَا اللَّهُ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ يَتَّبِعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَفَاقَ مِنْ مَرْضَةٍ لَهُ فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَاعْتَذَرَ بِشَيْءٍ وَقَالَ مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَهُ مِنْ فَدَكَ وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالَّذِي(1/56)
نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فَإِنِّي لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْحَقِّ وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ عَبْد اللَّهِ وَسَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْتَ وَرِثْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْ أَهْلُهُ قَالَ فَقَالَ لَا بَلْ أَهْلُهُ قَالَتْ فَأَيْنَ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَتْ فَأَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمُ.
ـ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلام فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ قَالَ وَعَاشَتْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَالَ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ رَضِي اللَّهم عَنْهَا تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكَ وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَالَ لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الْأَمْرَ قَالَ فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمَ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا جَاءَتْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهمَا تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَا إِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنِّي لَا أُورَثُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو سَعِيدٍ يَعْنِي الْعَنْقَزِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ سَرْجًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى مَنْزِلِي فَقَالَ لَا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتَ مَعَهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ خَرَجْنَا فَأَدْلَجْنَا فَأَحْثَثْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ فَضَرَبْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى ظِلًّا نَأْوِي إِلَيْهِ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلِّهَا فَسَوَّيْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَرَشْتُ لَهُ فَرْوَةً وَقُلْتُ اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاضْطَجَعَ ثُمَّ خَرَجْتُ أَنْظُرُ هَلْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الطَّلَبِ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ فَقُلْتُ هَلْ فِي(1/57)
غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْهَا ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفَضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفَضَ كَفَّيْهِ مِنَ الْغُبَارِ وَمَعِي إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنَ اللَّبَنِ فَصَبَبْتُ يَعْنِي الْمَاءَ عَلَى الْقَدَحِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قُلْتُ هَلْ أَنَى الرَّحِيلُ قَالَ فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا فَقَالَ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا وَبَكَيْتُ قَالَ لِمَ تَبْكِي قَالَ قُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ وَوَثَبَ عَنْهَا وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنْجِيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا قَالَ وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُطْلِقَ فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ فَخَرَجُوا فِي الطَّرِيقِ وَعَلَى الْأَجَاجِيرِ فَاشْتَدَّ الْخَدَمُ وَالصِّبْيَانُ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُونَ اللَّهُ أَكْبَرُ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ مُحَمَّدٌ قَالَ وَتَنَازَعَ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأُكْرِمَهُمْ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا حَيْثُ أُمِرَ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَوَّلُ مَنْ كَانَ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا فَقُلْنَا مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هُوَ عَلَى أَثَرِي ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ قَالَ الْبَرَاءُ وَلَمْ يَقْدَمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى حَفِظْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ قَالَ إِسْرَائِيلُ وَكَانَ الْبَرَاءُ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الْغَارِ وَقَالَ مَرَّةً وَنَحْنُ فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ قَالَ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ الْمَكْفُوفُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا يَوْمُ الِاثْنَيْنِ قَالَ فَإِنْ مِتُّ مِنْ لَيْلَتِي فَلَا تَنْتَظِرُوا بِي الْغَدَ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي إِلَيَّ أَقْرَبُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو نَعَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُنَيْدَةَ الْبَرَاءُ بْنُ نَوْفَلٍ عَنْ وَالَانَ الْعَدَوِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الضُّحَى(1/58)
ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَلَسَ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى الْأُولَى وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ قَامَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي بَكْرٍ أَلَا تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَأْنُهُ صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ قَالَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ نَعَمْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَأَمْرِ الْآخِرَةِ فَجُمِعَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ فَفَظِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ حَتَّى انْطَلَقُوا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ فَقَالُوا يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ وَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمُ انْطَلِقُوا إِلَى أَبِيكُمْ بَعْدَ أَبِيكُمْ إِلَى نُوحٍ ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) قَالَ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللَّهُ وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ وَلَمْ يَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا فَيَقُولُ لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي انْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا فَيَقُولُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى فَيَقُولُ عِيسَى لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَشْفَعَ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَيَنْطَلِقُ فَيَأْتِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام رَبَّهُ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ قَالَ فَيَنْطَلِقُ بِهِ جِبْرِيلُ فَيَخِرُّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ قَالَ فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَرَّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ قَالَ فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجِدًا فَيَأْخُذُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بِضَبْعَيْهِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى بَشَرٍ قَطُّ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ خَلَقْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَكْثَرُ مِمَّا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ ثُمَّ يُقَالُ ادْعُوا الصِّدِّيقِينَ فَيَشْفَعُونَ ثُمَّ يُقَالُ ادْعُوا الْأَنْبِيَاءَ قَالَ فَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالنَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ثُمَّ يُقَالُ ادْعُوا الشُّهَدَاءَ فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ أَرَادُوا وَقَالَ فَإِذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذَلِكَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا قَالَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَالَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ تَلْقَوْنَ مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ قَالَ فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا فَيَقُولُ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ فَيَقُولُ لَا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمِحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنَ النَّارِ رَجُلًا فَيَقُولُ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ فَيَقُولُ لَا غَيْرَ أَنِّي قَدْ أَمَرْتُ وَلَدِي إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي بِالنَّارِ ثُمَّ اطْحَنُونِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ فَاذْهَبُوا بِي إِلَى الْبَحْرِ فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ فَوَاللَّهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيَّ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَبَدًا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ مَخَافَتِكَ قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرْ إِلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ فَإِنَّ(1/59)
لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ قَالَ فَيَقُولُ لِمَ تَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ قَالَ وَذَاكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنَ الضُّحَى.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسٍ أَوْ حُذَيْفَةَ بْنِ حُذَافَةَ شَكَّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ قَالَ سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَلَقِيَنِي فَقَالَ مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ ابْنَةَ عُمَرَ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا فَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَخَطَبَهَا إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ شَيْئًا حِينَ عَرَضْتَهَا عَلَيَّ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُهَا وَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوْ تَرَكَهَا لَنَكَحْتُهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَدْرُوا أَيْنَ يَقْبُرُونَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَنْ يُقْبَرَ نَبِيٌّ إِلَّا حَيْثُ يَمُوتُ فَأَخَّرُوا فِرَاشَهُ وَحَفَرُوا لَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَيَالٍ وَعَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام يَمْشِي إِلَى جَنْبِهِ فَمَرَّ بِحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَلْعَبُ مَعَ غِلْمَانٍ فَاحْتَمَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ وَا بِأَبِي شَبَهُ النَّبِيِّ لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيِّ قَالَ وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ذِي عَصْوَانَ الْعَنْسِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّخْمِيِّ عَنْ رَافِعٍ الطَّائِيِّ رَفِيقِ أَبِي بَكْرٍ فِي غَزْوَةِ السُّلَاسِلِ قَالَ وَسَأَلْتُهُ عَمَّا قِيلَ مِنْ بَيْعَتِهِمْ فَقَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُهُ عَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ وَمَا كَلَّمَهُمْ بِهِ وَمَا كَلَّمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْأَنْصَارَ وَمَا ذَكَّرَهُمْ بِهِ مِنْ إِمَامَتِي إِيَّاهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ فَبَايَعُونِي لِذَلِكَ وَقَبِلْتُهَا مِنْهُمْ وَتَخَوَّفْتُ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ تَكُونُ بَعْدَهَا رِدَّةٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا زَيْدُ بْنَ ثَابِتٍ أَنْتَ غُلَامٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ عِنْدَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ(1/60)
فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ لَا يُوعَى وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ لِعُمَرَ وَكَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ بِذَلِكَ صَدْرِي وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى عُمَرُ قَالَ زَيْدٌ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاجْمَعْهُ قَالَ زَيْدٌ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى وَعَفَّانُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا أَنَّهَا تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَقْضِي وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ذَاكَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهمَا بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَقَدَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَسَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ قَالَ إِسْرَائِيلُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ بِبَرَاءَةٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُدَّةٌ فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ وَاللَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ قَالَ فَسَارَ بِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ رَضِي اللَّهم تَعَالَى عَنْهم الْحَقْهُ فَرُدَّ عَلَيَّ أَبَا بَكْرٍ وَبَلِّغْهَا أَنْتَ قَالَ فَفَعَلَ قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرٍ بَكَى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدَثَ فِيَّ شَيْءٌ قَالَ مَا حَدَثَ فِيكَ إِلَّا خَيْرٌ وَلَكِنْ أُمِرْتُ أَنْ لَا يُبَلِّغَهُ إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَوَّارٍ الْقَاضِيَ يَقُولُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ أَغْلَظَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ فَانْتَهَرَهُ وَقَالَ مَا هِيَ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فِي عَمَلِهِ فَغَضِبَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَيْهِ جِدًّا فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَلَمَّا ذَكَرْتُ(1/61)
الْقَتْلَ صَرَفَ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَجْمَعَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّحْوِ فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا أَرْسَلَ إِلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَبَا بَرْزَةَ مَا قُلْتَ قَالَ وَنَسِيتُ الَّذِي قُلْتُ قُلْتُ ذَكِّرْنِيهِ قَالَ أَمَا تَذْكُرُ مَا قُلْتَ قَالَ قُلْتُ لَا وَاللَّهِ قَالَ أَرَأَيْتَ حِينَ رَأَيْتَنِي غَضِبْتُ عَلَى الرَّجُلِ فَقُلْتَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَمَا تَذْكُرُ ذَاكَ أَوَكُنْتَ فَاعِلًا ذَاكَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ وَاللَّهِ وَالْآنَ إِنْ أَمَرْتَنِي فَعَلْتُ قَالَ وَيْحَكَ أَوْ وَيْلَكَ إِنَّ تِلْكَ وَاللَّهِ مَا هِيَ لِأَحَدٍ بَعْدَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ خَاصَمَ الْعَبَّاسُ عَلِيًّا فِي أَشْيَاءَ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه شَيْءٌ تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُحَرِّكْهُ فَلَا أُحَرِّكُهُ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ فَقَالَ شَيْءٌ لَمْ يُحَرِّكْهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَسْتُ أُحَرِّكُهُ قَالَ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ رضي الله عنه اخْتَصَمَا إِلَيْهِ قَالَ فَأَسْكَتَ عُثْمَانُ وَنَكَسَ رَأْسَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَشِيتُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَضَرَبْتُ بِيَدِي بَيْنَ كَتِفَيِ الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ يَا أَبَتِ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا سَلَّمْتَهُ لِعَلِيٍّ قَالَ فَسَلَّمَهُ لَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُ وَإِذَا حَدَّثَنِي عَنْهُ غَيْرِي اسْتَحْلَفْتُهُ فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه حَدَّثَنِي وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ قَالَ مِسْعَرٌ وَيُصَلِّي وَقَالَ سُفْيَانُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا غَفَرَ لَهُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ ابْنَ رَبِيعَةَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَسْمَاءَ أَوِ ابْنِ أَسْمَاءَ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي مِنْهُ وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى لِذَلِكَ الذَّنْبِ إِلَّا غَفَرَ لَهُ وَقَرَأَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ) ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) الْآيَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ مِنْ آلِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ وَقَرَأَ إِحْدَى هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ).
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي قَالَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ و قَالَ يُونُسُ كَبِيرًا حَدَّثَنَاه حَسَنٌ الْأَشْيَبُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ(1/62)
قَالَ كَبِيرًا. حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي قَالَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخَذْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَتَبَ لَهُمْ إِنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطِهِ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ إِلَى سِتِّينَ فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَإِذَا تَبَايَنَ أَسْنَانُ الْإِبِلِ فِي فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ فَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا جَذَعَةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَالُ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.(1/63)
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ الرِّدَّةُ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه تُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَاللَّهِ لَا أُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَلَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ فَقَاتَلْنَا مَعَهُ فَرَأَيْنَا ذَلِكَ رَشَدًا.
يرى أبو بكر أن الأب إن كان بحاجة إلى شيء من مال ابنه فله أن يأخذ منه ما يسد به حاجته الضرورية،لا يتجاوز ذلك،فقد قال رجل لأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه:يا خليفة رسول الله،هذا ـ يقصد أباه ـ يريد أن يأخذ مالي كله ويجتاحه،فقال أبو بكر: "إنما لك من ماله ما يكفيك" فقال ـ الأب ـ:يا خليفة رسول الله أليس قال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - :"أنت ومالك لأبيك" فقال أبو بكر:إنما يعني بذلك النفقة،ارض بما رضي الله ـ عز وجل ـ به.
كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يرى جواز استئجار الأجير الخاص بطعامه وكسوته،رغم أن الطعام والكسوة غير معلومين،وكان هو ـ رضي الله عنه ـ يستأجر الأجراء بطعامهم وكسوتهم.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يعتبر الأذان من السنن التي لا يجوز تركها تركًا عامًا ؛ لأن تركه في بلدة أو قرية دليل كفرها،ولذلك كان ـ رضي الله عنه ـ يقول لقواده الذين وجههم لقتال المرتدين: بَيّتوهم،فأيما قرية سمعتم فيها الأذان فكفوا عنها،فإن الأذان شعار الإيمان.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا يرى توريث أحد من أحد إذا لم يعلم أيهما مات أولاً،وكان يرى أن يعطي الحمل نصيبه من الإرث،وإن ولد حيًّا بعد وفاة المورث،فعن عطاء قال: إن سعد بن عبادة قسم ماله بين بنيه وخرج إلى الشام ثم توفي وامرأته حبلى لم يعلم بحملها،فولدت غلامًا،فأرسل أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب في ذلك إلى قيس بن سعد بن عبادة،فقالا: إن سعدًا مات ولم يعلم ما هو كائن من حمل امرأته،وإنا نرى أن ترد على هذا الغلام نصيبه،فقال قيس بن سعد:أما أمر قسمة سعد وما أمضاه فلا أعود فيه،ولكن نصيبي له،قال ابن جريج لعطاء: أعلى كتاب الله قسم سعد؟ قال عطاء:لا نجدهم كانوا يقسمون إلا على كتاب الله.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن أبا بكر نحلها جداد عشرين وسقًا من ماله بالغابة،فلما حضرته الوفاة قال: "والله يا بنية ما من الناس من أحد أحب إلي غنى منك،ولا أعز علي فقرًا بعدي منك،وإني كنت نحلتك من مالي جداد عشرين وسقًا،فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان ذلك لك،وإنما هو اليوم مال الوارث،وإنما هما أخواك وأختاك،فاقتسموه على كتاب الله،فقالت: يا أبت،والله لو كان كذا وكذا لتركته،يا أبت إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ قال: ذو بطن بنت خارجة،أراها جارية.(1/64)
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أنه لابد للأمير من الحرص على جمع الزكاة من الناس،ويقاتل من امتنع عن ذلك،وقد قاتل مانعي الزكاة بالفعل كما قاتل المرتدين،وقال في ذلك قولته الشهيرة: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة،فإن الزكاة حق المال،والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لقاتلتهم على منعها".
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يجيز الوضوء في المسجد.
قال ابن سيرين: كان أبو بكر وعمر والخلفاء إذا أراد أحدهم أن يصلي توضأ،وإن كان في المسجد دعا بالطست فتوضأ فيه.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن تخليل الأصابع بالماء في الوضوء سنة،ويقول: "لتخللن أصابعكم بالماء أو ليخللنها الله بالنار".
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا يجيز أخذ الفدية من أسرى المشركين،ما دام المسلمون في موقف خوف وضعف،وكذلك عندما يرتكب المشرك جريمة قتل ضد المسلمين.
قال معمر بن عبد الكريم كتب إلى أبي بكر في أسير من المشركين وقد أعطي به كذا وكذا،فكتب أبو بكر:"أن لا تفادوا به واقتلوه" وقال ـ رضي الله عنه ـ مرة:"إن أخذتم أحدًا من المشركين فأعطيتم به مدينًا من دنانير فلا تفادوه".
وكتب ـ رضي الله عنه ـ إلى خالد بن الوليد وهو يقاتل المرتدين: " ... جد في أمرك ولا تلن،ولا تظفر بأحد من المشركين قتل من المسلمين إلا نكلت به،ومن أخذت ممن حاد الله وضادّه ممن يرى أن في ذلك صلاحًا فاقتله".
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن الأضحية سنة على القادر عليها وليست بواجبة،ولذلك كان ـ رضي الله عنه ـ لا يضحي أحيانًا حتى لا يظن من يراه أن الأضحية واجبة،فعن أبي سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لقد رأيت أبا بكر وعمر وما يضحيان كراهة أن يقتدى بهما.
الوقف عمل مشروع،وقد وقف أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ داره على ولده.
ويجوز للموقوف عليه الأخذ من هذه الثمرة الموقوفة،فقد سأل رجل الحسن: أتشرب من ماء هذه السقاية في المسجد فإنها صدقة ـ أي وقف ـ ؟ قال الحسن:قد شرب أبو بكر وعمر من سقاية أم سعد.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن المكرهة على الزنا ليس عليها حد،وفي مصنف عبد الرزاق أن رجلاً جاء إلى أبي بكر فذكر له أن ضيفًا له افتض أخته،استكرهها على نفسها فسأله،فاعترف بذلك،فضرب أبو بكر الحد ونفاه سنة إلى فدك،ولم يضربها ولم ينفها لأنه استكرهها،ثم زوجها إياه أبو بكر وأدخله عليها.(1/65)
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يحرِّمُ تعددَ الأمراء إمارةً عامةً،وَرَفَضَ قولَ الأنصار مِنّا أمير ومنكم أميرٌ،وخطب مرة فقال: "..إنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران،فإنه مهما يكن ذلك يختلف أمرهم وأحكامهم،وتتفرق جماعتهم،ويتنازعون فيما بينهم،هناك تترك السنة وتظهر البدعة،وتعظم الفتنة،وليس لأحد على ذلك صلاح".
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن الأمير يجب عليه أن يطبق شرع الله تعالى،ويقول: "من ولي من أمر أمة محمد شيئًا فلم يقم فيهم بكتاب الله فعليه لعنة الله" لأن الرعية ستبقى على الاستقامة ما استقام الخليفة،فإذا رتع رتعوا،وقالت له امرأة:ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية بعد النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: "بقاؤكم عليه ما استقامت به أئمتكم".
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى وجوب تنفيذ وصية الميت ما لم تتعارض مع الشرع،وفي سنن البيهقي أن فاطمة بنت رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قالت لأسماء بنت عميس:إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء،إنه يطرح على المرأة الثوب ـ عندما تموت ـ فيصفها،فذكرت أسماء لها أنها رأت في أرض الحبشة أنه يصنع للمرأة مثل هودج العروس فتغسل فيه،فقالت فاطمة:إذا أنا مت فاصنعي لي ذلك ولا تدخلي علي أحدًا.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا يجهر بالبسملة في الصلاة :
قال أنس بن مالك: صليت خلف رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فكانوا لا يجهرون بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"،وكان أبو بكر الصديق يفتتح الصلاة بـ "الحمد لله رب العالمين" لا يذكر "بسم الله الرحمن الرحيم" لا قبلَها ولا بعدَها.
إذا كان الأبَوَانِ على نكاحهما فحضانة الابن لهما معًا،أما إذا طُلقت الأم فإن حضانة طفلها لها وليست للأب حتى تتزوج.
قال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه: "هي أعطف وألطف وأرحم وأحنّ وأرأف،وهي أحق بولدها ما لم تتزوج".
فإذا تزوجت الأم انتقلت حضانة الطفل إلى أمها ـ أي إلى جدته لأمِّه دون أبيه ـ بذلك قضى أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ كما في الموطأ وفي سنن البيهقي:قضى أبو بكر على عمر لجدة عاصم بحضانته حتى يبلغ،وأم عاصم يومئذ متزوجةٌ.
وتستمر حضانة أمه أو جدته إلى أن يبلغ،وعندئذ يُخَيَّرُ بين أمه وأبيه،فإن اختار أمه جعل مع أمه،وإن اختار أباه جُعل مع أبيه،قال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لعمر حين قضى عليه بأن حضانة عاصم لأمِّه،وهي أحق بولدها ما لم تتزوجْ أو يَكْبُرْ فيختار لنفسه،وعليك نفقتُه حتى يبلغ".
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن الرؤيا حق،وكان هو ـ رضي الله عنه ـ يجيد تأويلها،ومما عبره ـ رضي الله عنه ـ من الرؤى أن عائشة قالت له:إني رأيت في النوم كأن قمرًا وقع(1/66)
في حجري،حتى ذكرت ثلاث مرات،فقال لها أبو بكر: صدقت رؤياك،يدفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثًا.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يجيز أن يلقي الرجلُ السلامَ على المرأة،ولا شك أن ذلك مشروط بأمن الفتنة،فعن زينب بن المهاجر قالت: خرجت حاجَّةً ومعي امرأةٌ،فضربْتُ عليَّ فسطاطًا،ونذرت ألا أتكلم،فجاء رجل فوقف على باب الخيمة فقال: السلام عليكم،فردت عليه صاحبتي،فقال: ما شأن صاحبتك لم تردَّ عَلَيَّ؟ قالت: إنها مصمتة،نذرت ألا تتكلم،فقال: تكلمي،فإن هذا من فعل الجاهلية،فقلت: مَنْ أنت،يرحمُكَ اللهُ؟ قال: امرؤ من المهاجرين،قلت: من أي المهاجرين؟ قال: من قريش،قلت: من أي قريش؟ قال: إنكِ لَسَؤُولٌ،أنا أبو بكر،قلت: يا خليفة رسول الله،إنّا حديثُو عهدٍ بالجاهلية،لا يأمن بعضنا بعضًا،وقد جاء الله من الأمر بما ترى،فحتى متى يدوم لنا هذا ؟ قال: ما صلحت أئمتكم،قلت: ومَن الأئمة؟ قال: أليس في قومكِ أشرافٌ يُطاعون؟ قلت: بَلَى،قال: أولئك.
مشروع عند أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ تعزية أهل الميت،فقد كان يفعل ذلك ويقول: "ليس مع العزاء مصيبة،وليس مع الجزع فائدة،الموت أهْوَنُ ما قبلَه وأشدُّ ما بعدَه،اذكروا فَقْدَ رسولِ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ تصغُرْ مصيبتُكم،وأعْظَمَ اللهُ أجرَكُم".
يجوز عند أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ تقبيل الميت،وقد يكون هذا خاصًّا بالميت الصالح وحده،فقد قبل أبو بكر رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ عند موته،ثم بكى وقال: بأبي وأمي يا رسول الله ما أطيب حياتك وما أطيب ميتتك.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن الوتر ركعة واحدة يصليها بعد النوافل وقبل أن ينام وعلى هذا فإنه يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يصلي ركعة.
ويقنت في الركعة الأخيرة من الوتر بعد أن يرفع رأسه من الركوع.
وكان يوتر أول الليل،وإذا قام يصلي صلى ركعتين ركعتين.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا يجيز أن يترك الناس مسافة بينهم وبين الصفوف فيصلوا بعيدًا عنها،فقد رأى قومًا يصلون في ربحة المسجد يوم الجمعة فقال: لا جمعة لهم،فقيل: لم؟ قال: لأنهم يقدرون على أن يدخلوا فلا يفعلون.
كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يبتدر صلاة الفريضة فور أذان المغرب،لا يصلي قبلَها شيئًا من النوافل فقد أُثِرَ عنه أنه لم يصلِّ قبلَ المغرب.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يتسامح في السحور عند مقاربة الفجر،وأُثِرَ عنه أنه أخر سحوره حتى قارب الفجر وقال: أجيفوا.(1/67)
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى من حق الأب أن يأمر ابنه بتطليق زوجته لسبب مشروع كإشغالها إياه عن الواجبات،فقد فعل أبو بكر ذلك حين كانت عاتكة بنت زيد تحت ابنه عبد الله فأمره بتطليقها حين غلبت ابنه على رأيه وشغلته.
العَزْلُ: هو منع مني الرجل من الوصول إلى رحم المرأة،وكان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يكره العزل لما فيه من إقلال النسل الذي جاء الإسلام محاربًا إياه،ومشجعًا على الإكثار من الأولاد. ولكنه كان يرى وجوب الغُسْلِ حتى في حالة العزل.
كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يعتبر العرب بعضهم لبعض أكفاء في النكاح،وقد زوج ـ رضي الله عنه ـ أخته أم فروة ـ وهي قرشية ـ الأشعث بن قيس ـ وهو كندي.
كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ينهى أن يتخذ المسجد مكانًا للتهلي واللغو من الكلام؛ لأن المسجد لم يُبْنَ إلا ليذكر فيه الله ـ تعالى ـ ويعبد،فقد خطب مرة فقال: إنه ستفتح لكم الشام،فتأتون أرضًا رفيقة فتشبعون فيها من الخبز والزيت،وستبنى لكم فيها مساجد،فإياكم أن يعلم الله منكم أنكم إنما تأتونها ـ أي المساجد ـ تلهيًا ـ إنما بنيت للذكر.
كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ إذا شيع جنازة مشى أمامها فقال علي بن أبي طالب: إنه يعلم أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها،ولكنه أراد أن يسهل على الناس.
وكان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن من السنة الإسراع بالجنازة،فقد روى عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: كنا في جنازة عثمان بن أبي العاص فكنا نمشي مشيًا خفيفًا،فلحقنا أبو بكر فرفع سوطه فقال: لقد رأيتنا مع النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ نرمل رملاً.
كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن الدم ينقض الوضوء،فقد قال في الرجل إذا رعف في الصلاة: ينفتل فيتوضأ ثم يرجع ويصلي ولا يعيد ما مضى.
وكان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا يرى الوضوء مما مسته النار،وكان يرى الحكم في ذلك منسوخًا،قال جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه: أكلت مع أبي بكر وعمر وعثمان خبزًا ولحمًا فصلوا ولم يتوضؤوا،وأكل مرة لحم كتف أو لحم ذراع ثم قام فصلى ولم يتوضأ.
- - - - - - - - - - - - - -(1/68)
المبحث الثاني
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عاش عمر في الجاهلية خمسة وثلاثين عامًا،وكان مولده ونشأته ونسبه في بني عدي،وهم بطن من بطون قريش وفروعها. ولم يكن لبني عدي شأن كبير في مكة،لا في تجارة،ولا في رئاسة،وخاصة بالقياس إلى بني هاشم وبني أمية.
وبذلك ندرك أن مكانة عمر في الجاهلية وهيبته كانت راجعة إلى قوته الشخصية،وليس إلى نسبه أو ماله،ولعل وصفه الذي تركه لنا المؤرخون يعطى صورة واضحة لقوته الجسمانية،التي ساعدت في خلق المهابة لعمر بين الناس في مكة..
وقد كان مما تميز به عمر في الجاهلية شجاعته،وشدته على المخالفين.
عاش عمر في الجاهلية خمسة وثلاثين عامًا،وكان مولده ونشأته ونسبه في بني عدي،وهم بطن من بطون قريش وفروعها. ولم يكن لبني عدي شأن كبير في مكة،لا في تجارة،ولا في رئاسة،وخاصة بالقياس إلى بني هاشم وبني أمية.
وبذلك ندرك أن مكانة عمر في الجاهلية وهيبته كانت راجعة إلى قوته الشخصية،وليس إلى نسبه أو ماله،ولعل وصفه الذي تركه لنا المؤرخون يعطى صورة واضحة لقوته الجسمانية،التي ساعدت في خلق المهابة لعمر بين الناس في مكة..
وقد كان مما تميز به عمر في الجاهلية شجاعته،وشدته على المخالفين.
منذ اللحظة الأولى لإسلام عمر بن الخطاب،وهو يحمل هم هذا الدين،فقد حرص على أن يعلن إسلامه للجميع،ليس إسلامه وحده،بل إسلام كل من أسلم قبله ومن أسلم بعده..
وبعد الإسلام لقبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفاروق،وقد استحق هذا اللقب عن جدارة؛ إذ فرق الله به بين الحق والباطل. وبرغم شدته وقوته إلا أنه آثر أن ينال حظه من إيذاء قريش،حتى أذن الله لعباده بالهجرة،وهاجر عمر فكانت هجرته نصرا،وجاهد في سبيل الله فى جميع الغزوات والمعارك فى حياة النبى - صلى الله عليه وسلم - .
تربى عمر فى مدرسة النبوة فنبغ فيها نبوغا استحق عليه ثناء النبى - صلى الله عليه وسلم - وثناء الصحابة عليه،واستحق أيضا أن يصبح الوزير الثانى لرسول الله،وقبل كل شيء أحب عمر رسول الله حبا ملك عليه حياته،ويظهر أثر هذا الحب فى موقف عمر عند وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
سمع عمر القرآن في بيت أخته فاطمة فشرح الله له صدره،وأسلم،وبدأت بإسلامه مرحلة جديدة فى الدعوة الإسلامية،وهى الانتقال من الاختفاء إلى الإعلان،ومن السرية إلى الجهرية،وكان دعاء الرسول(1/69)
- صلى الله عليه وسلم - سببا من أسباب إسلامه،بالإضافة إلى قوة الحق الذى أثر فى عمر فأذعن له،وأصبحت قصة إسلام عمر مما يروى عن تأثير القرآن فى القلوب وأسْرِه لها.
ومما ترتب على إسلام عمر الدهشة التي أصابت قريشا وزلزلت أركانها. وبرغم قوة عمر إلا فإنه آثر أن ينال حظه من إيذاء قريش له،مثله مثل بقية المستضعفين من المسلمين.
لقد كان إسلام عمر فتحا،فاستحق أن يلقبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفاروق،وكانت هجرته نصرًا حيث هزم المشركين بقوتهم وسلطانهم،وبعد الهجرة كان جهاده دعمًا للحق فى مواجهة الباطل.
أعلن عمر إسلامه فخرج المسلمون مهللين مكبرين يعلنون الخبر فى مكة كلها،وهكذا كان إسلام عمر فتحا للمسلمين وعزة لهم أمام طغيان المشركين وتعنتهم مع المسلمين وتعذيبهم للمستضعفين منهم.
كان المسلمون قبل إسلام عمر لا يستطيعون الجهر بالصلاة ولا الصلاةَ عند الكعبة،فلما أسلم عمر خرج مع المسلمين متقلدا سيفه،ومكنهم من الصلاة عند بيت الله الحرام،فلقبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفاروق.
وكان لإسلام عمر دوى عند المشركين الذين أصاب الغضب بعضهم وأصاب الفزع والخوف بعضهم الآخر؛ فهم يعلمون قوة عمر وشدته وتأثيرهما بعد إسلامه،كما أن إسلام واحد فى مكانة عمر بين قومه سيكون له أثر كبير فى دعوة بقية قبائل الجزيرة العربية إلى الإسلام.
سئلت أم المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها: من سمى عمر الفاروق؟
فقالت: النبى ـ - صلى الله عليه وسلم - .
وروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعد إسلام عمر:
"إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه،وهو الفاروق: فرق الله به بين الحق والباطل".
وأما اليوم الذى لقبه فيه رسول الله بهذا اللقب فقد كان يوما مشهودا،إذ خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون فى صفين،عمر فى أحدهما،وحمزة فى الآخر،حتى دخلوا البيت الحرام،فنظرت قريش إلى عمر وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط ...
حزن عمر حزنا شديدا وهو يرى إخوانه من المسلمين المستضعفين يعذبون ويؤذون،بينما هو فى أمان لا يجرؤ أحد على إيذائه،وكان يقول: "لا أحب إلا أن يصيبنى ما أصاب المسلمين"؛ لذا كان عمر يتعرض لزعماء قريش ورؤوس الكفر ويعلن أمامهم إسلامه،بل يذهب إلى بيوتهم ويطرق أبوابهم ليخبرهم بنبأ إسلامه،فذهب إلى أبى جهل فى بيته وأخبره بإسلامه،فدفع أبو جهل الباب فى وجهه،وانطلق عمر يجهر بإسلامه وسط الملأ من قريش،فتجمعوا حوله وضربوه،فوثب عمر على عتبة بن ربيعة،فبرك عليه وجعل يضربه،وأدخل أصبعه فى عينه،فجعل عتبة يصيح،الأمر الذى جعل الناس يبتعدون عنه ...(1/70)
أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة من مكة إلى المدينة،التى كانت تسمى حينئذ " يثرب "،فخرج المسلمون مستخفين من كفار قريش،يتسللون تحت جُنَح الظلام تارة،وفى الهجير تارة أخرى،إلا عمر.. فإنه لما أراد الهجرة تقلد سيفه،وتنكب قوسه،وأمسك فى يده أسهما،ومضى ناحية الكعبة وعندها ملأ من قريش،فطاف عمر بالبيت الحرام سبعا بطمأنينة وتمكن،ثم أتى مقام إبراهيم فصلى عنده مطمئنا،وتوجه إلى خارج مكة مارا بحلق المشركين واحدة واحدة وهو يقول لهم: "شاهت الوجوه ( أى قبحت ) من أراد أن تثكله أمه،ويؤتم ولده،ويرمل زوجته،فليلقنى وراء هذا الوادى".
ولم يتبعه أحد من مشركى قريش..
وهكذا كانت هجرة عمر نصرا للمسلمين ...
أحب عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ اللحظة الأولى لإسلامه،وأحبه رسول الله وقربه إليه،وقد لقبه بالفاروق الذى فرق الله به بين الحق والباطل،وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عنه: " أشد أمتى فى أمر الله عمر "،وفى حديث آخر: " قد كان فى الأمم محدَّثون - أي ملهمون - فإن يكن فى أمتى فعمر " ... وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادى عمر بقوله: " يا أخى " - فيروى ابن عمر قائلا: استأذن عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى العمرة،فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - :يا أخى أشركنا فى صالح دعائك ولا تنسنا ".
وقال عنه أيضا: " إن الله عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه ".
ويكفى عمر من ثناء النبى عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - :" لو كان بعدى نبى لكان عمر بن الخطاب ".
ووصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بأنه لا يحب الباطل،وذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان يفر من عمر ويخافه.
إنه أسعد خبر يمكن أن يسمعه بشر على الإطلاق،إنها البشرى بالفوز العظيم،الفوز بالجنة التى هى دليل رضا الله تعالى على العبد،ولقد بشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة من أصحابه بالجنة،فذات يوم دخل - صلى الله عليه وسلم - بستانا وكان معه الصحابى الجليل أبو موسى الأشعرى،فأمره النبى بأن يقف على باب البستان،وبعد قليل جاء رجل وطلب الإذن بالدخول،فقال رسول الله: ائذن له وبشره بالجنة.
وكان الرجل أبا بكر الصديق رضى الله عنه.
ثم جاء آخر وطلب الإذن بالدخول،فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبى موسى،ائذن له وبشره بالجنة،فكان عمر بن الخطاب - رضى الله عنه.
وبهذا أصبح عمر ثانى العشرة المبشرين من رسول الله بالجنة. وتتابعت بشريات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بالجنة،فيروى الإمام علي فيقول: "كنت عند النبى - صلى الله عليه وسلم - فأقبل أبو بكر وعمر - رضى الله عنهما - فقال: يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة وشبابها بعد النبيين والمرسلين.(1/71)
وزار رسول الله قصر عمر فى الجنة،وكان قصرا من ذهب،فقال - صلى الله عليه وسلم - :لمن هذا القصر؟ فقالوا: لشاب من قريش.
فقال: لمن هو ؟
فقالوا: عمر بن الخطاب.
كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزيران من أهل السماء هما جبريل وميكائيل،واتخذ وزيرين من أهل الأرض أولهما أبو بكر والثانى عمر كان يشاورهما فى كل أمر يهم به من أمور المسلمين؛ ولذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرَى دائما بينهما.. ويروى عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ذات يوم فدخل المسجد وأبو بكر وعمر أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله،وهو آخذ بأيديهما،وقال: "هكذا نبعث يوم القيامة"..
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأبى بكر وعمر: " لو اجتمعتما فى مشورة ما خالفتكما ".
ومن المواقف المشهورة،التى شاور فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - وزيريه استشارته لهما فى أسرى غزوة بدر. وقد شبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزيريه بالأنبياء والملائكة،فقال - صلى الله عليه وسلم - مثلك يا أبا بكر فى الملائكة مثل ميكائيل - عليه السلام - ينزل بالرحمة،ومثلك فى الأنبياء مثل إبراهيم،قال: فمن تبعنى فإنه مني ومن عصانى فإنك غفور رحيم،ومثلك يا عمر فى الملائكة مثل جبريل -عليه السلام- ينزل بالشدة والبأس والنقمة على أعداء الله،ومثلك فى الأنبياء مثل نوح - عليه السلام - قال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارا ... ...
أسر المسلمون من المشركين سبعين رجلا فى غزوة بدر الكبرى سنة اثنتين من الهجرة،وبعد أن هدأ غبار المعركة،ورجع المسلمون إلى المدينة فرحين بنصر الله المبين،استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزيريه أبا بكر وعمر فى أمر هؤلاء الأسرى،فأشار أبو بكر بأخذ الفدية منهم،فقال رسول الله لعمر: ما ترى يا ابن الخطاب ؟ فقال عمر: والله ما أرى ما يرى أبو بكر،ولكنى أرى أن تمكنى من فلان (وهو قريب لعمر) فأضرب عنقه،وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه،وتمكن حمزة من فلان فيضرب عنقه،حتى يعلم الله أنه ليست فى قلوبنا هوادة للمشركين،فمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرأى أبى بكر،وأخذ منهم الفدية.
يقول عمر: فلما كان من الغد غدوت على النبى - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو قاعد وأبو بكر يبكيان،فقلت: يا رسول الله،أخبرنى ما يبكيك أنت وصاحبك ؟ فتلا عليه رسول الله ما نزل من القرآن موافقا لرأيه،قال تعالى: ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض إلى قوله تعالى: لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم.
عرف عمر بنود صلح الحديبية بين المسلمين والمشركين،ورأى أن فيها إجحافا بالمسلمين وتنازلات لصالح المشركين،كما يوحى بذلك ظاهر الشروط،فسارع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يا رسول(1/72)
الله،ألسنا على الحق وهم على باطل؟ قال رسول الله: بلى،قال عمر: فلِمَ نعطى الدنية فى ديننا،ولمَّا يحكم الله بيننا وبينهم،فقال رسول الله: يا ابن الخطاب،إنى رسول الله،ولن يضيعنى الله أبدا،فانطلق عمر إلى الوزير الأول لرسول الله،فقال له: يا أبا بكر،ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: نعم،فقال عمر: فعلام نعطى الدنية فى ديننا؟ فقال أبو بكر: يا ابن الخطاب إنه رسول الله،ولن يضيعه الله أبدا.
ونزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآيات الأولى من سورة الفتح تبشره بفتح مكة،وتلا الآيات على عمر فقال: يا رسول الله أوفتح هو ؟ فقال: نعم.. فطابت نفس عمر ...
أصعب شيء على المحبين الفراق،وخاصة إذا أحب المرء إنسانا حبا يملك عليه حياته،وقد يبلغ الألم حدّا يعرض صاحبه لحالة من الذهول،أو عدم تصديق ما حدث،أو إيهام نفسه ومن حوله بأن الحبيب لم يفارقه.
وهذا ما حدث لعمر عند وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ خرج خطيبا فى المسجد يقول: "لا أسمعن أحدا يقول إن محمدا قد مات،ولكنه أرسل الله إليه كما أرسل لموسى بن عمران". ومن شدة الموقف على عمر هدد بأن رسول الله سيرجع،ويقطع أيدى رجال وأرجلهم لأنهم " يزعمون " أن رسول الله مات.
وفوجئ عمر بأبى بكر يدخل المسجد ويقول له: اجلس يا عمر،ثم قال قولته المشهورة: من كان يعبد محمدا،فإن محمدا قد مات،ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت،قال الله عز وجل: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى اللهُ الشَّاكِرِينَ).. تلا أبو بكر هذه الآية ليفيق عمر وليستيقظ من الذهول الذى أصابه من شدة الموقف،فأهوى إلى الأرض،وظل الناس يرددون هذه الآية الكريمة وكأنهم يسمعونها لأول مرة.
اشترك عمر فى جميع الغزوات والمشاهد فى حياة النبى - صلى الله عليه وسلم - فقد شهد مع رسول الله بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان وخيبر وفتح مكة وحنينا،وغيرها.. وكان عمر من أشد الناس على الكفار ...
وأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرسله إلى أهل مكة يوم الحديبية فقال عمر: يا رسول الله قد علمت قريش شدة عداوتى لها،وإن ظفروا بى قتلونى "،فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرسل بدلا منه عثمان بن عفان - رضى الله عنه.
وعقب انتهاء غزوة أحد وقف أبو سفيان يقول بأعلى صوته من فوق الجبل: إن الحرب سجال يوم بيوم بدر.. اعل هبل،فرد عليه عمر - رضى الله عنه: الله أعلى وأجل،لا سواء،قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار".(1/73)
تخبرنا كتب السنة أن عمر بن الخطاب روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من خمسمائة وتسعة وثلاثين حديثا،وروى عنه كبار الصحابة ومن أشهر الأحاديث المروية عن عمر حديث " النية "،وهو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إنما الأعمال بالنيات،وإنما لكل امرئ ما نوى،فمن كانت هجرته لله ورسوله،فلله ورسوله،ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ".
وهذا الحديث تبدأ به معظم كتب السنة؛ لأنه يوجه المسلم إلى الأساس الذى تبنى عليه الأعمال،وهو إخلاص النية لله تعالى..
مما يدل على قوة الحق عند عمر،وشدته على أهل الباطل،وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - شدة عمر على الشيطان،وهو رمز الباطل،بأن الشيطان يخاف من عمر،ويفر من طريقه.
يروى الصحابى الجليل سعد بن أبى وقاص حكاية تبين شدة عمر وهيبته فيقول: استأذن عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده نساء من قريش يكلمنه،عالية أصواتهن،فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب،فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل عمر ورسول الله يضحك،فقال عمر متعجبا: أضحك الله سنك يا رسول الله،قال: " عجبت من هؤلاء اللاتى كن عندى لما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب "،فقال عمر معلقا: فأنت كنت أحق أن يهبن،ثم قال للنسوة: أى عدوات أنفسهن،أتهبننى ولا تهبن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلن: نعم،عمر بن الخطاب أغلظ وأفظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: " والذى نفسى بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فَجَّا غير فجك".
بعد وفاة الصديق أصبح عمر خليفة المسلمين،لتُظهر الخلافة الكثير من جوانب العبقرية في شخصية عمر،فمنذ اليوم الأول لتوليته الخلافة حدد عمر فى خطابه أمام الناس منهجه فى الحكم.
وخلال العشر سنوات وبضعة أشهر التى ولى فيها عمر الخلافة،عرفت الإنسانية حاكما من طراز فريد. وتعددت فى الخلافة إنجازاته،وظهرت فيها وقبلها مناقبه وفضائله،من ورعه وزهده وعدله واهتمامه بالرعية،إلى عبقريته فى الإدارة وتطبيق نظم الحكم..
وحين نتعرف على أسرة عمر،وموقفه منها بعد توليه الخلافة،ندرك كيف أنه جعل الخلافة عبئا عليهم لا مغنما لهم ...
وفى ختام هذه السنوات العشر أصبح عمر فى رحاب الشهداء،ونال الشهادة التى كان يدعو الله أن ينالها..
فسلام على عمر فى الشهداء والصالحين،مبشرا بالجنة عند رب العالمين.
فى الساعات الأخيرة من حياة أبى بكر،جمع كبار الصحابة لاستشارتهم فى استخلاف عمر من بعده،وكانوا جميعا يعرفون قدر عمر فى الإسلام،فأيدوا هذا الاختيار وكانت البيعة. وفى الساعات الأولي لخلافة عمر خطب فى الناس،موضحا منهاجه فى الخلافة،التى أظهرت العديد من جوانب(1/74)
العبقرية عند عمر،ويبدو ذلك واضحا من خلال إنجازاته طوال السنوات العشر التى ولى فيها،كما أظهرت الخلافة كثيرا من مناقبه وفضائله التى تحدثت عنها كتب السنة والتاريخ والآثار وسطرتها بأحرف من نور ...
ولقد كان عمر فى الخلافة واضحا وحازما مع الجميع،وخاصة مع أسرته وأهله،وله فى ذلك عشرات المواقف المضيئة فى تاريخنا الإسلامى.
كان أخشى ما يخشاه أبو بكر على المسلمين من بعده الفرقة والاختلاف،لذلك أراد أن يحسم أمرا قد يكون سببا فى الفتنة،ألا وهو اختيار من يخلفه،وخاصة وقد مرض مرض الموت،واقترب من الرحيل. واستخار أبو بكر الله تعالى فى اختيار عمر للخلافة،ووقع هذا الاختيار من قلبه موضع رضى،ومع ذلك أراد أن يوثقه باستشارة خاصةِ المسلمين وأخيارهم،فدعا عبدَ الرحمن بن عوف وسأله عن رأيه فى عمر - فقال عبد الرحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه،ثم دعا أبو بكر عثمان بن عفان فقال عثمان عن عمر: اللهم عِلْمى به أن سريرته خير من علانيته،وأنْ ليس فينا مثله. وشاور أبو بكر سعيد بن زيد وأسيد بن حضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار،فأيد الجميع اختياره لعمر. غير أن بعض الصحابة خافوا من شدة عمر،فدخلوا على أبى بكر قائلين: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا؟ فقال أبو بكر أقول:" اللهم استخلفت عليهم خير أهلك "!
منذ اللحظة الأولى لمبايعة عمر بن الخطاب بالخلافة وهو يفكر فى هذه التركة المثقلة بالهموم،التى تركها له صاحباه رسول الله وخليفته الأول،خاصة وأن كثيرا من الصحابة يخشون شدته التى عرف بها واشتهر. وبعد تفكير غير طويل،حدد عمر منهاجه فى الحكم،وحرص على أن يُعْلم به الناس حتى يطمئنهم،فصعد المنبر،وخطب فى الناس،والمتأمل فى خطاب عمر،يلحظ فيه ملامح هذا المنهاج واضحةً.
قال: " بلغنى أن الناس هابوا شدتى،وخافوا غلظتى،وقالوا قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله بين أظهرنا،ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه،فكيف وقد صارت الأمور إليه،ومن قال ذلك فقد صدق..
واستأنف قائلا: "ثم وليت أموركم أيها الناس،فاعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت،ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدى على المسلمين،فأما أهل السلامة والدين والقصد،فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض..
"ولكم على أيها الناس خصال أذكرها لكم فخذونى بها: لكم على ألا أجتبى شيئا من خراجكم ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه،ولكم علىَّ إذا وقع فى يدي ألا يخرج منى إلا فى حقه،ولكم على أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى،وأسد ثغوركم،ولكم على ألا ألقيكم فى المهالك،ولا أجمِّركم فى ثغوركم،وإذا غيبتكم فى البعوث فأنا أبو العيال أي راعيهم".(1/75)
منذ اللحظة الأولى لمبايعة عمر بن الخطاب بالخلافة وهو يفكر فى هذه التركة المثقلة بالهموم،التى تركها له صاحباه رسول الله وخليفته الأول،خاصة وأن كثيرا من الصحابة يخشون شدته التى عرف بها واشتهر. وبعد تفكير غير طويل،حدد عمر منهاجه فى الحكم،وحرص على أن يُعْلم به الناس حتى يطمئنهم،فصعد المنبر،وخطب فى الناس،والمتأمل فى خطاب عمر،يلحظ فيه ملامح هذا المنهاج واضحةً.
قال: " بلغنى أن الناس هابوا شدتى،وخافوا غلظتى،وقالوا قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله بين أظهرنا،ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه،فكيف وقد صارت الأمور إليه،ومن قال ذلك فقد صدق..
واستأنف قائلا: "ثم وليت أموركم أيها الناس،فاعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت،ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدى على المسلمين،فأما أهل السلامة والدين والقصد،فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض..
"ولكم على أيها الناس خصال أذكرها لكم فخذونى بها: لكم على ألا أجتبى شيئا من خراجكم ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه،ولكم علىَّ إذا وقع فى يدي ألا يخرج منى إلا فى حقه،ولكم على أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى،وأسد ثغوركم،ولكم على ألا ألقيكم فى المهالك،ولا أجمِّركم فى ثغوركم،وإذا غيبتكم فى البعوث فأنا أبو العيال أي راعيهم".
يحسد الناس كثيرا أبناء الزعماء والقادة وأصحاب المناصب على ما هم فيه،فالسعادة - كما يتصورون - تكمن خلف هذا المنصب إلا أن من ينظر إلى حال أسرة عمر وهو "أمير المؤمنين" ورئيس أكبر دولة فى العالم آنذاك،لن يَغبطهم ولن يحسدهم،بل سيشفق عليهم مما وصل إليه حالهم بسبب المنصب الكبير،حتى صارت قرابة عمر والانتماء لأسرته عبئا يود الأقرباء لو استطاعوا منه الفرار. لقد حمل عمر ورعه وشدة تحمله للمسئولية وخوفه من الشبهات على أن يحمل أسرته من المسئوليات أضعاف ما يحمله نظراؤهم من الناس.
بل ويحرمهم مما هو مباح لهم،خوفا من الشبهة،يقول ولده عبد الله: كان عمر إذا أراد أن ينهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله،فقال: لا أعلمن أحدا وقع فى شيء مما نهيت عنه إلا أضعفت له العقوبة.
ودخل يوما دار عبد الله فوجده يأكل شرائح لحم،وهو مباح له مثل كل الناس،ومع ذلك يقول له عمر: " ألأنك ابن أمير المؤمنين تأكل لحما،والناس فى خصاصة،ألا خبزا وملحا؟ ألا خبزا وزيتا؟!"
كان عمر فى اهتمامه برعيته،وإدراكه وإحساسه بالمسئولية نحوهم نموذجا وقدوة يحتذى،وضرب فى ذلك أروع الأمثلة من خلال عشرات المواقف التى ترويها كتب التاريخ. وكان رضى الله عنه وهو يمشى ليلا فى شوارع المدينة بجوار بيوتها يطمئن على أحوال رعيته،وخاصة الضعفاء منهم - كان يخفى شخصيته على من لا يعرفه،حتى يتمكن من خدمته بنفسه دون حرج.(1/76)
ولم يعرف التاريخ حاكما من طراز فريد كعمر يحمل طعام رعيته فوق ظهره بنفسه،بل يصنعه لهم،وبعد ذلك يحاسب نفسه حسابا عسيرا على تقصيره معهم..!! رحم الله عمر لقد أتعب الخلفاء من بعده!
وذات ليلة خرج فى سواد الليل،فرآه طلحة بن عبيد الله فمشى خلفه ينظر ماذا يصنع،فذهب عمر فدخل بيتا ثم دخل بيتا آخر،فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت،فإذا بعجوز عمياء مقعدة،فقال لها: ما بال هذا الرجل يأتيك ؟ قالت: إنه يتعاهدنى منذ كذا وكذا،يأتينى بما يصلحنى،ويخرج عنى الأذى.
وضع عمر بن الخطاب أسسا واضحة فى اختيار ولاته وعماله والتعامل معهم،فكان يحرص على اختيار الصالحين الأكْفاء،ثم يوصى من يختاره بتقوى الله وإصلاح الرعية،ويكتب عليه كتابا يشهد عليه بعض كبار الصحابة. وكان من الشروط التى يحويها هذا الكتاب: ألا يأكل نقيا،ولا يلبس رقيقا - والمقصود هنا الثياب الفاخرة والطعام المتنوع - ولا يغلق بابه دون حاجات المسلمين،وألا يقبل الهدايا.
وكان عمر يطلق الحرية للعامل فى الشئون الموضعية،ويقيده فى المسائل العامة. ويعجبه من الوالى أنه إذا كان فى القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم،وإذا كان فيهم وهو أميرهم كان كأنه واحد منهم.
وكانت الرقابة الشديدة على العمال والولاة من أسس تعامل عمر معهم،خاصة ملاحظة ما يطرأ من تغيير على العامل فى ملبسه أو مسكنه أو مطعمه.
ومن أساليبه فى مراقبة العمال بعث العيون التى تراقب تعامل الولاة مع الناس فى أماكن عملهم،وأيضا سؤال الناس فى موسم الحج عن أحوال الولاة معهم،وكذلك استدعاء العامل أو الوالى إلى المدينة،ثم مراقبته فى الطريق،ليلاحظ هل تغيرت حالته بعد الولاية أم لا،وهل رجع إلى المدينة كما خرج منها أم لا. وفى علاقة عمر مع ولاته وشدته عليهم عشرات المواقف الرائعة التى روتها لنا كتب التاريخ والسير.
كان الصحابة يحبون عمر ويجلونه وينزلونه منزلة رفيعة،فهم يعرفون قدره ومكانته فى الإسلام،يروى سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: كنا نقول ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حى: أفضل أمة النبى - صلى الله عليه وسلم - بعده أبو بكر ثم عمر. وكان على بن أبى طالب يقول: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر،ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبى بكر؟ عمر.
وسئلت أم المؤمنين عائشة: أى أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر،فقيل: ثم من ؟ قالت: ثم عمر،فقيل ثم من ؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح.
وقال عبد الله بن مسعود: كان إسلام عمر فتحا،وكانت هجرته نصرا،وكانت إمارته رحمة،ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلى فى البيت حتى أسلم عمر،فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا.(1/77)
عاش عمر بفطرة نقية وقلب مؤمن،وحس صادق يتوقع الخير ويدعو إليه،كما كان قوى الملاحظة سريع البديهة حاضر الذهن،وقد بدت هذه الصفات جميعا فى موافقة القرآن لرأيه فى العديد من المواقف والأحداث حتى قال أحد أئمة التفسير الكبار: كان عمر يرى الرأى فينزل به القرآن.
وأخرج الشيخان ( البخارى ومسلم ) عن عمر قال: "وافقت ربى فى ثلاث،قلت: يا رسول الله،لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [سورة البقرة: ]،وقلت: يا رسول الله،يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهن يحتجبن،فنزلت آية الحجاب،واجتمع نساء النبى - صلى الله عليه وسلم - فى الغيرة،فقلت: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن،فنزلت كذلك".
ووافق القرآن رأى عمر فى أسرى غزوة بدر،وفى قصة الصلاة على عبد الله بن أبى بن سلول،ووافق القرآن رأيه فى تحريم الخمر،إذ دعا عمر قائلا: اللهم بيِّن لنا فى الخمر بيانا شافيا،فأنزل الله تحريمها.
ويروى عن عمر أيضا أنه قال: لما نزلت هذه الآية: (لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم) [سورة التين: ] قلت: فتبارك الله أحسن الخالقين،فنزلت الآية ( فتبارك الله أحسن الخالقين ).
صار عمر بالإسلام قمة سامقة من قمم العطاء الإنسانى،عرف بشدته مع لين قلبه،وعرف بورعه وخوفه من الله،وحرصه على الصلاة التى هى عماد الدين،فكان يقوم الليل مصليا ومستغفرا وراجيا عفو ربه،وكأنه قد أتى عظائم الأمور،أو ارتكب كبائر الذنوب،وكان لعبادته وزهده فى الدنيا أثر كبير،أظهر الله بسببه كرامات على يديه،وذلك مشهور فى قصة سارية الجبل.
وأصبح عمر أميرا للمؤمنين،فكان ذكاؤه وفطنته فى إدارة شؤون الدولة الإسلامية،وخاصة فى مراقبة عماله،واهتمامه برعيته. وقضى عمر في الخلافة أكثر من عشر سنوات من العدل وتحمل المسئولية والحرص على صالح الإسلام و المسلمين.
كانت المؤاخاة ركنا أساسيا فى بناء الدولة الإسلامية،ومبدأ إسلاميا أصيلا فى بناء المجتمع،فالمهاجرون الذين تركوا أموالهم وأولادهم وأسرهم وبيوتهم،وهاجروا فى سبيل الله،لابد أن تصاغ العلاقة بينهم وبين إخوانهم الأنصار بشكل منظم،وبرغم وجود الأخوة العامة فى الدين بين كل المسلمين،حدد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكل واحد من صحابته أخا له من المهاجرين أو الأنصار.
وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى هذا الإطار بين وزيريه أبى بكر وعمر. وتروى كتب التاريخ أن رسول الله آخى بين عمر وبين آخرين من الصحابة،إلا أن أخوة أبي بكر وعمر هى التى ظهرت بشكل واضح فى حياة الشيخين حتى تلازما فى كل شيء ودفنا متجاورين بعد الموت.
جلس الشيخان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يحدثهم عن الصدقة ويأمرهم بها،وما إن انتهى رسول الله من حديثه حتى انطلق عمر تلقاء بيته،وهو يقول: اليوم أسبق أبا بكر،وأسرع المشى كأنه فى سباق حقيقى،ولما وصل البيت فكر فى أن يتصدق بجزء من ماله،ثم فكر فى الأمر: ومن يضمن لى أن يتصدق أبو بكر بأكثر من هذا الجزء؟ وقرر أن يتصدق بنصف ماله كله.(1/78)
وانطلق عمر إلى رسول الله وهو يظن أنه يسبق أبا بكر،وتقدم بصدقته،وسأله رسول الله: ما أبقيت لأهلك ؟ فقال عمر: مثله،وانتظر عمر مجيء أبى بكر،وفوجئ به يأتى بماله كله،وسأله رسول الله: يا أبا بكر،ما أبقيت لأهلك ؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله،فقال عمر: لا أسبقه فى شيء أبدا..
وهكذا تنافس الصاحبان فى الخير والعمل الصالح،وهو خير سباق وأفضل متنافس،وظل عمر ينافس أبا بكر حتى بعد توليه الخلافة،فكان عمر يرعى عجوزا عمياء،وذات يوم وجد من سبقه إليها بالرعاية والخدمة،فإذا هو أبو بكر خليفة المسلمين!!
كان أبو بكر وعمر وزيري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حياته،فكان يستشيرهما فى القضايا الكبرى والعامة من أمور المسلمين،وكان الوزيران يتنافسان ويتسابقان فى الخير،وبرغم هذا التنافس كان كل منهما يحب الآخر،فكان ثناء أبى بكر على عمر وثناء عمر على أبى بكر اعترافا من كل واحد منهما بالفضل لأخيه.
وحرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يربط بينهما بالمؤاخاة التى استمرت بعد وفاته،حيث أصبح عمر وزيرا لأبى بكر،يساعده فى إدارة شئون الدولة،وكان أبو بكر يستشير وزيره،وخاصة فى القضايا الكبرى التى فاجأته،مثل قتال مانعى الزكاة،وجمع القرآن. ولا ننسى أن بيعة عمر لأبى بكر كانت من عوامل حسم الخلاف فى اختيار من يخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
لقد كان يوم السقيفة من أيام التاريخ المعدودة،ففى هذا اليوم تحددت معالم جديدة للدولة الإسلامية الناشئة،وتم اختيار أول خليفة بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
رأى الأنصار أنهم يعيشون في بلادهم،وأنه إذا كان مقام النبوة يمنع من أن يترأس أحد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن غيره ليست له هذه الميزة،ولذلك سعى الأنصار إلى اختيار خليفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم،وكاد اختيارهم وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة يقع على سعد بن عبادة،حتى أدركهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة.
وقد كان لعمر دور كبير فى حسم الخلاف حول اختيار الخليفة الجديد،هل يكون من الأنصار أم من المهاجرين؟.. فقال عمر للأنصار: ألستم تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم أبا بكر للصلاة ؟
قالوا: بلى،قال: فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم من قدمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: لا أحد،ووثب عمر فأخذ بيد أبى بكر فبايعه،وقام أسيد بن حضير وبشير بن سعد يستبقان ليبايعا ووثب أهل السقيفة يبايعون أبا بكر.
فوجئ أبو بكر بوزيره ومستشاره الفاروق عمر يطرح عليه هذا الرأى،قال عمر: يا خليفة رسول الله،تألف الناس،وارفق بهم،فإنهم بمنزلة الوحش.
واستنكر أبو بكر هذا الرأى من عمر،إن عمر الذى عرف بالشدة والغلظة يأتى اليوم ليطلب الرفق،وبمن؟ بأناس ارتدوا عن الإسلام،ورفضوا ركنا من أركانه،وهو الزكاة،قالوا: نصلى ولا نزكى.(1/79)
وكان رد أبى بكر على عمر شيئا من الجدية والصرامة فرضته ما طبيعة الموقف،فقال أبو بكر: رجوت نصرك وجئتنى بخذلانك،جبارا فى الجاهلية خوارا فى الإسلام،بماذا عسيت أن أتألفهم ؟ بشعر مفتعل أو بسحر مفترى؟ هيهات هيهات مضى النبى - صلى الله عليه وسلم - وانقطع الوحى،والله لأجاهدنهم ما استمسك السيف فى يدى وإن منعونى عقالا كانوا يؤدونه.
لقد حمل عمرَ على هذا الرأى خوفه من الفتنة بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنه أدرك بعد ذلك أن الشدة والحزم فى مثل هذه المواقف يقطعان الطريق على الفتن وهذا ما فعله أبو بكر.
كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟
كان هذا رد أبى بكر عندما طرح عليه وزيره ومستشاره عمر بن الخطاب فكرة جمع القرآن فى كتاب،بعد أن كان قاصرا على الحفظ القلبى،والوجود مكتوبا ولكن متفرقا،وأيد عمر رأيه بما حدث من قتل عدد كبير من قراء القرآن وحفّاظه فى "اليمامة".
ولما رأى عمر تردد أبى بكر قال له: هو والله خير،حتى لا يضيع القرآن بموت القراء.. ولم يزل عمر يراجع أبا بكر،ويحسن له الأمر حتى استجاب خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر زيد بن ثابت بجمعه.
يقول زيد: فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال،حتى وجدت من سورة التوبة آخر آيتين مع خزيمة بن ثابت لم أجدهما مع غيره..وحُفظت الصفحات التى جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله،ثم انتقلت إلى عمر حتى توفاة الله،ثم انتقلت إلى حفصة بنت عمر أم المؤمنين.
أحب أبو بكر صاحبه ووزيره عمر بن الخطاب وكان يعرف قدره ومكانته فى دين الله؛ ولذلك لم يتردد فى أن يختاره للخلافة من بعده،وعندما سأله الناس: ماذا تقول لربك وقد استخلفت علينا عمر ؟ قال أبو بكر مثنيا على عمر: أقول استخلفت عليهم خير أهلك..
وزاد أبو بكر فى الثناء على عمر بعد أن جمع الناس وخطب فيهم،فكان مما قال: " وإن هذا الأمر (يعنى الخلافة) لا يتحمله إلا أفضلكم مقدرة،وأملككم لنفسه،أشدكم فى حالة الشدة،وأسلسكم فى حال اللين،وأعملكم برأى ذوى الرأى،لا يتشاغل بما لا يعنيه،ولا يحزن لما ينزل به،ولا يستحى من التعلم،ولا يتحير عن البديهة،قوى على أمور لا يخور لشيء منها حده بعدوان ولا تقصير،يرصد لما هو آت عتاده من الحذر والطاعة،وهو عمر بن الخطاب ... ".
"كنا نلزم باب عمر بن الخطاب نتعلم منه الورع "،هكذا عبر أحد الصحابة عن المدرسة العمرية فى الورع،لقد كان نسيجا وحده،ولو أردنا أن نتحدث عن ورع عمر لسردنا حياته كلها،فإن الورع يظهر فى كل موقف وقفه عمر،وفي كل فعل فعله،ولو قصرنا الحديث عن الورع على ورعه فى المال لسمعنا قول عمر: إنى أنزلت نفسى من مال الله منزلة والى اليتيم من ماله،إن أيسرت استعففت،وإن افتقرت أكلت بالمعروف،فإن أيسرت قضيت..(1/80)
وذات يوم اشتكى من وجع فوصف له العسل،وكان فى بيت المال عسل،فصعد المنبر وقال للناس: إن أذنتم لى فيها أخذتها،وإلا فهى على حرام.
وكان عمر يحرم نفسه وأهله من كثير من المباحات خوف الوقوع فى شبهة الحرام،وجعل ابنه عبد الله يرد ربح تجارته بالكامل إلى بيت المال،خوفا من أن يكون لقرابته منه أثر فى تجارته،بأن جعلت الناس يهتمون بها؛ لأنه ابن أمير المؤمنين.
ليس الزاهد من حُرم متاع الدنيا،أو لم يقدر على تحصيله لفقر أو مرض،ولكن الزاهد الحقيقى من جاءته الدنيا راغمة وقدر عليها،ثم زهد فيها لله. وهكذا كان عمر إذ ضرب مثالا من أروع الأمثلة فى إيثار الآخرة على الدنيا،وفى خوفه من إقبال الدنيا،فكان يحرم نفسه من متاعها برغم قدرته عليه،خوفا من أن يُذْهِب طيباته فى الحياة الدنيا. ولقد وضع منهجه وشرحه لحفص بن العاص عندما زار أمير المؤمنين،ورأى الطعام اليابس الذى يأكل منه عمر،فدعاه فاعتذر حفص،وصارح أمير المؤمنين بأنه سيأكل فى بيته طعاما لينا.
فقال عمر: " والذى نفسى بيده،لولا أن تنقص حسناتى لشاركتكم فى لين عيشكم،ولو شئت لكنت أطيبكم طعاما،وأرفهكم عيشا،ولنحن أعلم بطيب الطعام من كثير من آكليه،ولكننا ندعه ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت،وتضع كل ذات حمل حملها وإنى لأستبقى طيباتى؛ لأنى سمعت الله تعالى يقول عن أقوام أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها...
"لست بالخِبّ ولا الخِبُّ يَخدعني"..
تصور هذه العبارة التي قالها عمر طبيعة نبوغه وذكائه،وهو ذكاء فطرى،وفطنة سوية. وذكاء عمر نابع من مسئوليته. ومن معالم ذكائه وفطنته معرفته بطبائع الناس،وسرعة فهمه لحقائق الأمور،وكان أصحابه يشهدون بمقدار علمه وفقهه فيقول عبد الله بن مسعود: " كان عمر أعلمنا بكتاب الله،وأفقهنا فى دين الله ". وما نزل القرآن بموافقة رأيه إلا صورة من صور ذكائه الذى وهبه الله له. وذكاء عمر لا يأتى للأمور من بعض زواياها،إنما يكشفها جميعا ويستوعبها حتى آخر نماذجها واحتمالاتها.
ذات يوم قال لبعض أصحابه:" أحبُّكم إلينا قبل أن نراكم،أحسنكم سيرة،فإذا تكلمتم،فأبينكم منطقا،فإذا اختبرناكم فأحسنكم فعلا ".
ولقد استخدم عمر ذكاءه فى خدمة الحق الذى آمن به وعاش له،ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ".
كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراسة فى أصحابه،وقد تكون هذه الصفة مشتركة بين كل أصحابه،لكن عندما يطلقها على فرد بعينه،فإن هذا يعني تميزه في هذه الناحية،وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بأنه " رجل لا يحب الباطل "،وهذا يعنى أن بغض عمر لما يعتقد أنه باطل طابع أصيل فى شخصيته.(1/81)
يروى الأسود بن سَريع فيقول: " أتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فقلت: قد حمدت ربى بمحامد،ومِدَح وإياك،فقال:" إن ربك يحب الحمد،فجعلت أنشده،فاستأذن رجل طوال أصلع،فقال لى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسكت،فدخل فتكلم ساعة ثم خرج،ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا فقلت: يا رسول الله من هذا الذى أسكتنى له،فقال: " هذا عمر،هذا رجل لا يحب الباطل".
فى يوم الأربعاء السادس والعشرين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة،شهد مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة المنورة حدثا جللا،وهو ختام عشر سنوات من حكم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ففى هذا اليوم تقدم غلام مجوسى يدعى أبا لؤلؤة يحمل خنجرا مسموما له رأسان،كان عمر حينها يؤم المسلمين فى الصلاة،وقرأ سورة يوسف أو النحل فى الركعة الأولى،وبعد أن كبر للسجود طعنه القاتل بخنجره،وأخذ يطعن يمينا وشمالا،حتى طعن ثلاثة عشر رجلا،ثم قتل نفسه. وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف وقدمه للصلاة،وقال لابن عباس: انظر من قتلنى ؟ فلما عرف أنه مجوسى،قال: " الحمد لله الذى لم يجعل ميتتى بيد رجل يدعي الإسلام ".
وحملوه إلى بيته،فانطلق الناس خلفه،وهم فى وجل وخوف وقلق،وكان بعضهم يثنى عليه،فقال أحدهم: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله،وقدم فى الإسلام،ثم وليت فعدلت،ثم شهادة،فرد عليه عمر: وددت أن ذلك كفافا،لا عليَّ ولا لي.
ولقد كانت الشهادة شيئا محببا إلى نفسه،لكنه لا يزكي نفسه،ولا يحكم لها بالشهادة. وقبل أن يرحل الخليفة سجل وصيته الخاصة) ووصيته بالخليفة من بعده. وراح الناس يرثون شهيدهم العظيم الذي دفن إلى جوار صاحبيه رسول الله وأبي بكر.
فى يوم الأربعاء السادس والعشرين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة،شهد مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة المنورة حدثا جللا،وهو ختام عشر سنوات من حكم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ففى هذا اليوم تقدم غلام مجوسى يدعى أبا لؤلؤة يحمل خنجرا مسموما له رأسان،كان عمر حينها يؤم المسلمين فى الصلاة،وقرأ سورة يوسف أو النحل فى الركعة الأولى،وبعد أن كبر للسجود طعنه القاتل بخنجره،وأخذ يطعن يمينا وشمالا،حتى طعن ثلاثة عشر رجلا،ثم قتل نفسه. وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف وقدمه للصلاة،وقال لابن عباس: انظر من قتلنى ؟ فلما عرف أنه مجوسى،قال: " الحمد لله الذى لم يجعل ميتتى بيد رجل يدعي الإسلام ".
وحملوه إلى بيته،فانطلق الناس خلفه،وهم فى وجل وخوف وقلق،وكان بعضهم يثنى عليه،فقال أحدهم: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله،وقدم فى الإسلام،ثم وليت فعدلت،ثم شهادة،فرد عليه عمر: وددت أن ذلك كفافا،لا عليَّ ولا لي.(1/82)
ولقد كانت الشهادة شيئا محببا إلى نفسه،لكنه لا يزكي نفسه،ولا يحكم لها بالشهادة. وقبل أن يرحل الخليفة سجل وصيته الخاصة) ووصيته بالخليفة من بعده. وراح الناس يرثون شهيدهم العظيم الذي دفن إلى جوار صاحبيه رسول الله وأبي بكر.
أدرك عمر وهو يتعلم فى مدرسة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة هى قرة العين،وهى الصلة بين العبد وربه،فأحب الصلاة،فأصبحت شغله الشاغل،ملكت عليه قلبه وعقله،ووجد فيها راحة نفسه واطمئنانها ...
وكان عمر يحب الصلاة فى جوف الليل،ولا تشغله الخلافة بأثقالها وهمومها عن الصلاة فى جوف الليل،حتى وإن نام منه قليلا،وكان يقول: " إذا نمت الليل أضعت نفسى،وإذا نمت النهار ضيعت الرعية ".
ويشاء الله أن ينال عمر الشهادة وهو ساجد،فلما طعن أُغْمِىَ عليه،فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين،الصلاة قد صليت،فانتبه،وهو يقول: الصلاة .. لا حظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة"،وصلى وجرحه ينزف دما.
كان عمر فى الساعات الأخيرة من حياته،وحوله كبار الصحابة يطلبون أن يوصى بالخلافة لمن بعده،واعتذر عمر عن ذلك بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات دون أن يستخلف. وحتى يقطع الحيرة على الناس،قال عمر ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض،وسمى ستة من كبار الصحابة وهم: على،وعثمان،والزبير،وطلحة،وسعد بن أبى وقاص،وعبد الرحمن بن عوف،وجميعهم من العشرة المبشرين بالجنة،وطلب منهم أن يشهد مجلس شورتهم عبد الله بن عمر،على أن لا تكون الخلافة إليه..
وهكذا حصر عمر الخلافة في مجلس شورى من ستة من الصحابة،ليختاروا واحدا منهم..
أوصى عمر ابنه عبد الله بسداد دينه،ثم قال له: " اقتصدوا فى كفنى،فإنه إن كان لى عند الله خير أبدلنى ما هو خير منه،واقتصدوا فى حفرتى،فإنه إن كان لى عند الله خير أوسع لى فيها مد بصرى..".
وتروى كتب التاريخ أن عمر كتب وصية خاصة لمن يخلفه،وجعل هذا الكتاب عند عبد الله بن عمر،ليسلمه للخليفة الجديد،ومما جاء فى هذا الكتاب: " أوصى الخليفة من بعدى بتقوى الله،وأوصيه بالمهاجرين والأنصار الأولين،الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم،يبتغون فضلا من الله ورضوانا،وينصرون الله ورسوله،أن يعرف لهم حقهم،ويحفظ لهم كرامتهم،وأوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا أن يقبل من محسنهم،ويتجاوز عن مسيئهم،وأن يُشْرِكوا فى الأمر. وأوصيه بذمة الله وذمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يوفى بعهدهم،ولا يكلفوا فوق طاقتهم،وأن يقاتل مَن وراءهم".(1/83)
حرص عمر على أن يوصى ولده عبد الله بسداد ما عليه من دين،ثم طلب منه أن يستأذن أم المؤمنين عائشة فى أن يدفن مع صاحبيه: محمد - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فدخل عليها عبد الله بن عمر فوجدها جالسة تبكي،فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام،ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه،فقالت: كنت أريده لنفسى،ولأوثرنه اليوم على نفسى".
وفارق عمر الحياة الدنيا شهيدا مبشرا بالجنة،ودفن إلى جوار صاحبيه.. فسلام على عمر بن الخطاب فى الصالحين والصديقين والشهداء.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيٌّ أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ رضي الله عنهمْ أَجْمَعِينَ. رواه أبو داود.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهمَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى قَلْبِ عُمَرَ وَلِسَانِهِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا نَزَلَ بِالنَّاسِ أَمْرٌ قَطُّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَوْ قَالَ عُمَرُ إِلا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا قَالَ عُمَرُ. رواه أحمد.
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَجُلٍ مَا اسْمُكَ فَقَالَ جَمْرَةُ فَقَالَ ابْنُ مَنْ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ مِمَّنْ قَالَ مِنَ الْحُرَقَةِ قَالَ أَيْنَ مَسْكَنُكَ قَالَ بِحَرَّةِ النَّارِ قَالَ بِأَيِّهَا قَالَ بِذَاتِ لَظًى قَالَ عُمَرُ أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدِ احْتَرَقُوا قَالَ فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه. رواه مالك في الموطأ.
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لا يَمُوتُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حَتَّى يُسْتَخْلَفَ قُلْنَا مِنْ أَيْنَ تَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ ثَلَاثَةً مِنْ أَصْحَابِي وُزِنُوا فَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَوَزَنَ ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَوَزَنَ ثُمَّ وُزِنَ عُثْمَانُ فَنَقَصَ وَهُوَ صَالِحٌ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ يَا خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَا إِنَّكَ إِنْ قُلْتَ ذَاكَ فَلَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَا(1/84)
طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَجُلٍ خَيْرٍ مِنْ عُمَرَ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ. رواه البخاري
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نِعْمَ الرَّجُلُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ نِعْمَ الرَّجُلُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو ابْنِ الْجَمُوحِ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلٍ. رواه الترمذي
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهمَا قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ تَابَعَهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُهُ الْحَقُّ عُمَرُ وَأَوَّلُ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَأَوَّلُ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ. رواه ابن ماجة.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ ابْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنها لَوِ اجْتَمَعْتُمَا فِي مَشُورَةٍ مَا خَالَفْتُكُمَا.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمَّا وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ اكْتَنَفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ أَوْ قَالَ يُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ قَدْ زَحَمَنِي وَأَخَذَ بِمَنْكِبِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ ثُمَّ قَالَ مَا خَلَّفْتُ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أَكْثَرُ أَنْ أَسْمَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَكُنْتُ أَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ. رواه ابن ماجة.(1/85)
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيٍّ وَهُوَ ابْنُ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ نَحْوَهُ وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُدَلِّسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرُبَّمَا ذَكَرَهُ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وَرُبَّمَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ زَائِدَةَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ هِلَالٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَوَاهُ سَالِمٌ الْأَنْعُمِيُّ كُوفِيٌّ عَنْ رِبْعِيِّ ابْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنِ الْمُسَيِّبِ ابْنِ نَجَبَةَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ كُلَّ نَبِيٍّ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ أَوْ نُقَبَاءَ وَأُعْطِيتُ أَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ قُلْنَا مَنْ هُمْ قَالَ أَنَا وَابْنَايَ وَجَعْفَرُ وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَبِلَالٌ وَسَلْمَانُ وَالْمِقْدَادُ وَحُذَيْفَةُ وَعَمَّارٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ. رواه مسلم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يُرِيدُ أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ(1/86)
هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنَ الشَّقِّ الْآخَرِ قَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِشَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ فَقُلْتُ وَمَنْ هُوَ فَقَالُوا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رواه الترمذي
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحُرِّ بْنِ الصَّيَّاحِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الْأَخْنَسِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَذَكَرَ رَجُلٌ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام فَقَامَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ عَشْرَةٌ فِي الْجَنَّةِ النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَلَوْ شِئْتُ لَسَمَّيْتُ الْعَاشِرَ قَالَ فَقَالُوا مَنْ هُوَ فَسَكَتَ قَالَ فَقَالُوا مَنْ هُوَ فَقَالَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ابْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى النَّخَعِيُّ حَدَّثَنِي جَدِّي رِيَاحُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ فُلَانٍ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَجَاءَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَرَحَّبَ بِهِ وَحَيَّاهُ وَأَقْعَدَهُ عِنْدَ رِجْلِهِ عَلَى السَّرِيرِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ قَيْسُ بْنُ عَلْقَمَةَ فَاسْتَقْبَلَهُ فَسَبَّ وَسَبَّ فَقَالَ سَعِيدٌ مَنْ يَسُبُّ هَذَا الرَّجُلُ قَالَ يَسُبُّ عَلِيًّا قَالَ أَلَا أَرَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَبُّونَ عِنْدَكَ ثُمَّ لَا تُنْكِرُ وَلَا تُغَيِّرُ أَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَإِنِّي لَغَنِيٌّ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ فَيَسْأَلَنِي عَنْهُ غَدًا إِذَا لَقِيتُهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَسَاقَ مَعْنَاهُ ثُمَّ قَالَ لَمَشْهَدُ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْبَرُّ فِيهِ وَجْهُهُ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمُرَهُ وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ. رواه أبو داود.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ(1/87)
وَالْمُرْسَلِينَ لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. رواه الترمذي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا مِهْرَانُ حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو ابْنِ مَيْمُونٍ قَالَ ذَهَبَ عُمَرُ بِثُلُثَيِ الْعِلْمِ فَذَكَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ ذَهَبَ عُمَرُ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ. رواه الدارمي.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْعِلْمَ. رواه البخاري.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لَاتَّخَذْنَاهَا عِيدًا فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ قَالَ سُفْيَانُ وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لا (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ). رواه البخاري.
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهمَا قَالَ كَانَ عُمَرُ يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَتَسْأَلُهُ وَلَنَا بَنُونَ مِثْلُهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ (..إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ..) فَقُلْتُ إِنَّمَا هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ وَقَرَأَ السُّورَةَ إِلَى آخِرِهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ إلا أَنَّهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَتَسْأَلُهُ وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ كَانَ عُمَرُ يَحْلِفُ عَلَى أَيْمَانٍ ثَلَاثٍ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَالِ مِنْ أَحَدٍ وَمَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ وَاللَّهِ مَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ إِلا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ إِلَّا عَبْدًا مَمْلُوكًا وَلَكِنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَسْمِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَالرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالرَّجُلُ وَقَدَمُهُ فِي الْإِسْلامِ وَالرَّجُلُ وَغَنَاؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ وَ وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِيَ بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظُّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ يَرْعَى مَكَانَهُ. رواه أحمد.
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْكُلُ خُبْزًا بِسَمْنٍ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَتَّبِعُ بِاللُّقْمَةِ وَضَرَ الصَّحْفَةِ فَقَالَ عُمَرُ كَأَنَّكَ مُقْفِرٌ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَكَلْتُ سَمْنًا وَلَا لُكْتُ أَكْلًا بِهِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ عُمَرُ لَا آكُلُ السَّمْنَ حَتَّى يَحْيَا النَّاسُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَحْيَوْنَ. رواه مالك.(1/88)
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ وَقَدْ رَقَعَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِرِقَاعٍ ثَلَاثٍ لَبَّدَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ. رواه مالك.
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ شَرِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ فَسَأَلَ الَّذِي سَقَاهُ مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَاءٍ قَدْ سَمَّاهُ فَإِذَا نَعَمٌ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَهُمْ يَسْقُونَ فَحَلَبُوا لِي مِنْ أَلْبَانِهَا فَجَعَلْتُهُ فِي سِقَائِي فَهُوَ هَذَا فَأَدْخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَدَهُ فَاسْتَقَاءَه. رواه مالك.
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلاعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بِهَذَا. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ وَعَفَّانُ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَتَى عُمَرَ رضي الله عنه حِينَ طُعِنَ فَقَالَ احْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يُدْرِكَنِي النَّاسُ أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلَالَةِ قَضَاءً وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةً وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ عَتِيقٌ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ اسْتَخْلِفْ فَقَالَ أَيَّ ذَلِكَ أَفْعَلُ فَقَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي إِنْ أَدَعْ إِلَى النَّاسِ أَمْرَهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - م وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ لَهُ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ صَاحَبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَلْتَ صُحْبَتَهُ وَوُلِّيتَ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوِيتَ وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ فَقَالَ أَمَّا تَبْشِيرُكَ إِيَّايَ بِالْجَنَّةِ فَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي قَالَ عَفَّانُ فَلَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ الْخَبَرَ وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي أَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَلِكَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَفِي الْبَاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْطَبٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - . رواه الترمذي.
حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمَكِّيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهمَا قَالَ إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ(1/89)
وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي يَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. رواه البخاري
حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ فَقَالَ مَا كَانَ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَنْزِلَتُهُمَا السَّاعَةَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ وَهُوَ آخِذٌ بِأَيْدِيهِمَا وَقَالَ هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَسَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَطِيَّةَ يَعْنِي الْحَكَمَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ فِيهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ حُبْوَتِهِ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَيَتَبَسَّمُ إِلَيْهِمَا وَيَتَبَسَّمَانِ إِلَيْهِ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ وَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَأَبُو الْجَحَّافِ اسْمُهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ وَيُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَحَّافِ وَكَانَ مَرْضِيًّا وَتَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُكْنَى أَبَا إِدْرِيسَ وَهُوَ شِيعِيٌّ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ حَمِدْتُ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمَحَامِدَ وَمِدَحٍ وَإِيَّاكَ قَالَ هَاتِ مَا حَمِدْتَ بِهِ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَجَعَلْتُ أُنْشِدُهُ فَجَاءَ رَجُلٌ أَدْلَمُ فَاسْتَأْذَنَ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيِّنْ بَيِّنْ قَالَ فَتَكَلَّمَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ قَالَ فَجَعَلْتُ أُنْشِدُهُ قَالَ ثُمَّ جَاءَ فَاسْتَأْذَنَ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيِّنْ بَيِّنْ فَفَعَلَ ذَاكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الَّذِي اسْتَنْصَتَّنِي لَهُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هَذَا رَجُلٌ لا يُحِبُّ الْبَاطِلَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ فَقَالَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ(1/90)
وَإِنِّي لَأَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَحْيَ فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ قَالَ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَهُمَا صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْعُسُبِ وَاللِّخَافِ يَعْنِي الْحِجَارَةَ وَصُدُورِ الرِّجَالِ فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ بَرَاءَةٌ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ (..لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ..) قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى..) وَآيَةُ الْحِجَابِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ..) فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ أبو عَبْد اللَّهِ و حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا بِهَذَا. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهمَا أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ فَقَالَ آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ فَآذَنَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ أَلَيْسَ اللَّهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ قَالَ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ..) فَصَلَّى عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ (..وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِه..). رواه البخاري.
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ..) الآيَةَ قَالَ فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى..) فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ يُنَادِي أَلا لا يَقْرَبَنَّ الصَّلاةَ(1/91)
سَكْرَانُ فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (..فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قَالَ عُمَرُ انْتَهَيْنَا. رواه أبو داود
حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي نَهْشَلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَضَلَ النَّاسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْهم بِأَرْبَعٍ بِذِكْرِ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وَبِذِكْرِهِ الْحِجَابَ أَمَرَ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَقَالَتْ لَهُ زَيْنَبُ وَإِنَّكَ عَلَيْنَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ فِي بُيُوتِنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ..) وَبِدَعْوَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ اللَّهُمَّ أَيِّدِ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ وَبِرَأْيِهِ فِي أَبِي بَكْرٍ كَانَ أَوَّلَ النَّاسِ بَايَعَهُ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أَخْبَرَنَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْحِجَابِ وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ. رواه مسلم.
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمِ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ فَقَالَ عُمَرُ أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلا يُنَادِي بِالصَّلاةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا بِلالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاةِ.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ هَمَّ بِالْبُوقِ وَأَمَرَ بِالنَّاقُوسِ فَنُحِتَ فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فِي الْمَنَامِ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فَقُلْتُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ تَبِيعُ النَّاقُوسَ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ قُلْتُ أُنَادِي بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ وَمَا هُوَ قَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فَقَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فَاخْرُجْ مَعَ بِلَالٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ وَلْيُنَادِ بِلَالٌ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ قَالَ فَخَرَجْتُ مَعَ بِلَالٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهَا عَلَيْهِ وَهُوَ يُنَادِي بِهَا فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالصَّوْتِ فَخَرَجَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَكَمِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ فِي ذَلِكَ أَحْمَدُ اللَّهَ ذَا الْجَلَالِ وَذَا الْإِكْرَامِ حَمْدًا عَلَى الْأَذَانِ كَثِيرًا إِذْ أَتَانِي بِهِ الْبَشِيرُ مِنَ اللَّهِ فَأَكْرِمْ بِهِ لَدَيَّ بَشِيرًا فِي لَيَالٍ وَالَى بِهِنَّ ثَلَاثٍ كُلَّمَا جَاءَ زَادَنِي تَوْقِيرًا. رواه ابن ماجة(1/92)
حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ سَلْعٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَمِلَ بِعَمَلِهِ وَسَارَ بِسِيرَتِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى ذَلِكَ فَعَمِلَ بِعَمَلِهِمَا وَسَارَ بِسِيرَتِهِمَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهمَا قَالَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ السَّمَّاكُ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ الْخُلَفَاءُ خَمْسَةٌ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِي اللَّه عَنْهمْ. رواه أبو داود.
حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى ابْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ فِي صَعِيدٍ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي بَعْضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ بِيَدِهِ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا فِي النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ وَقَالَ هَمَّامٌ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى فَقَالَ يَا هُنَيُّ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَا إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَأْتِنِي بِبَنِيهِ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لَا أَبَا لَكَ فَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَايْمُ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ إِنَّهَا لَبِلَادُهُمْ فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا. رواه البخاري.(1/93)
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُالْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ثُمَّ قَالَ أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الدِّينَ. رواه البخاري.
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍالْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنِ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. رواه البخاري.
روىالبخاريـ حدثنا الحميدي عبدالله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
حدثنا عبدالله بن مسلمة قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
حدثنا محمد بن كثير عن سفيان حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الأعمال بالنية ولامرئ ما(1/94)
نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
حدثنا مسدد حدثنا حماد هو ابن زيد عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال سمعت عمر رضي الله عنه قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول الأعمال بالنية فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ومن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله.
حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم ابن الحارث عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - العمل بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبدالوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد يقول أخبرني محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن هاجر إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
روى البخاري ـ حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا جامع بن شداد عن صفوان بن محرز أنه حدثه عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعقلت ناقتي بالباب فأتاه ناس من بني تميم فقال اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا قد بشرتنا فأعطنا مرتين ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قد قبلنا يا رسول الله قالوا جئناك نسألك عن هذا الأمر قال كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض فنادى مناد ذهبت ناقتك يا ابن الحصين فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب فوالله لوددت أني كنت تركتها وروى عيسى عن رقبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول قام فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني أنس بن مالك أنه سمع عمر الغد حين بايع المسلمون أبا بكر واستوى على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشهد قبل أبي بكر(1/95)
فقال أما بعد فاختار الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي عنده على الذي عندكم وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا وإنما هدى الله به رسوله.
حدثنا عبدالله بن عبدالوهاب حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سفيان حدثنا واصل الأحدب عن أبي وائل قال جئت إلى شيبة ح و حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن واصل عن أبي وائل قال جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس هذا المجلس عمر رضي الله عنه فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته قلت إن صاحبيك لم يفعلا قال هما المرءان أقتدي بهما.
حدثنا عمرو بن عباس حدثنا عبدالرحمن حدثنا سفيان عن واصل عن أبي وائل قال جلست إلى شيبة في هذا المسجد قال جلس إلي عمر في مجلسك هذا فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين قلت ما أنت بفاعل قال لم قلت لم يفعله صاحباك قال هما المرءان يقتدى بهما.
روى البخاري ـ حدثنا إبراهيم أخبرنا هشام عن ابن جريج سمعت عبدالله بن أبي مليكة يحدث عن ابن عباس قال وسمعت أخاه أبا بكر بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير قال قال عمر رضي الله عنه يوما لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيم ترون هذه الآية نزلت ( أيود أحدكم أن تكون له جنة ) قالوا الله أعلم فغضب عمر فقال قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن عباس في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين قال عمر يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس ضربت مثلا لعمل قال عمر أي عمل قال ابن عباس لعمل قال عمر لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله.
روى البخاري ـ حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال قال سالم قال ابن عمر سمعت عمر يقول قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاكرا ولا آثرا قال مجاهد ( أو أثارة من علم ) يأثر علما تابعه عقيل والزبيدي وإسحاق الكلبي عن الزهري وقال ابن عيينة ومعمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر.
روى البخاري ـ حدثنا الحسن بن الصباح سمع جعفر بن عون حدثنا أبو العميس أخبرنا قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أن رجلا من اليهود قال له يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال أي آية قال:
( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم بعرفة يوم جمعة.
حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن أناسا من اليهود قالوا لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال عمر أية آية فقالوا ( اليوم أكملت(1/96)
لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فقال عمر إني لأعلم أي مكان أنزلت أنزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفة.
حدثني محمد بن بشار حدثنا عبدالرحمن حدثنا سفيان عن قيس عن طارق بن شهاب قالت اليهود لعمر إنكم تقرءون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا فقال عمر إني لأعلم حيث أنزلت وأين أنزلت وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت يوم عرفة وإنا والله بعرفة قال سفيان وأشك كان يوم الجمعة أم لا ( اليوم أكملت لكم دينكم).
حدثنا عبدالله بن الزبير الحميدي حدثنا سفيان عن مسعر وغيره عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال رجل من اليهود لعمر يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال عمر إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية نزلت يوم عرفة في يوم جمعة سمع سفيان من مسعر ومسعر قيسا وقيس طارقا.
روى البخاري ـ حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هشيم عن حميد عن أنس بن مالك قال قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وافقت ربي في ثلاث فقلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت ( واتَّخِذوا من مقام إبراهيم مصلى ) وآية الحجاب قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغيرة عليه فقلت لهن ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ) فنزلت هذه الآية قال أبو عبد الله و حدثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني حميد قال سمعت أنسا بهذا.
حدثنا مسدد عن يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس قال قال عمر وافقت الله في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى وقلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب قال وبلغني معاتبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض نسائه فدخلت عليهن قلت إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - خيرا منكن حتى أتيت إحدى نسائه قالت يا عمر أما في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فأنزل الله ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات ) الآية وقال ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني حميد سمعت أنسا عن عمر.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حميد عن أنس قال قال عمر رضي الله عنه قلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب.
روى البخاري ـ حدثنا عمرو بن علي حدثنا عبدالرحمن بن مهدي حدثنا سلام بن أبي مطيع عن أبي عمران الجوني عن جندب قال النبي - صلى الله عليه وسلم - اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه تابعه الحارث بن عبيد وسعيد بن زيد عن أبي عمران ولم يرفعه حماد بن سلمة وأبان وقال غندر عن(1/97)
شعبة عن أبي عمران سمعت جندبا قوله وقال ابن عون عن أبي عمران عن عبدالله بن الصامت عن عمر قوله وجندب أصح وأكثر.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبدالرحمن بن عبدالقاري أنه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأنيها وكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأتنيها فقال لي أرسله ثم قال له اقرأ فقرأ قال هكذا أنزلت ثم قال لي اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا منه ما تيسر.
حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبدالرحمن بن عبدالقاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت كذبت فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسله اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك أنزلت ثم قال اقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن حديث المسور بن مخرمة وعبدالرحمن بن عبدالقاري أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكدت أساوره في الصلاة فانتظرته حتى سلم فلببته فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت له كذبت فوالله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك فانطلقت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوده فقلت يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها وإنك أقرأتني سورة الفرقان فقال يا هشام اقرأها فقرأها القراءة التي سمعته فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا أنزلت ثم قال اقرأ يا عمر فقرأتها التي أقرأنيها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا أنزلت ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثني عروة أن المسور بن مخرمة وعبدالرحمن بن عبدالقاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم يقرأ(1/98)
سورة الفرقان في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يُقرِئْنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت كذبت أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال أرسله اقرأ يا هشام فقرأ القراءة التي سمعته فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك أنزلت ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقرأ يا عمر فقرأت التي أقرأني فقال كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه.
روى البخاري ـ حدثني عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه وقال عمر بن الخطاب ثكلتك أمك يا عمر نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين وخشيت أن ينزل في قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي قال فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن وجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه فقال لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ).
حدثنا عبدالله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر بن الخطاب ثكلت أم عمر نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه فقال لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ).
حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر ثكلتك أمك نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر فحركت بعيري حتى كنت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي قال فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن قال فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه فقال لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ إنا فتحنا لك فتحا مبينا.(1/99)
روى البخاري ـ حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى عن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس رضي الله عنه يحدث أنه قال مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له قال فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه فقلت يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه فقال تلك حفصة وعائشة قال فقلت والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك قال فلا تفعل ما ظننت أن عندي من علم فاسألني فإن كان لي علم خبرتك به قال ثم قال عمر والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم قال فبينا أنا في أمر أتأمره إذ قالت امرأتي لو صنعت كذا وكذا قال فقلت لها ما لك ولما ها هنا وفيم تكلفك في أمر أريده فقالت لي عجبا لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجع أنت وإن ابنتك لتراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة فقال لها يا بنية إنك لتراجعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان فقالت حفصة والله إنا لنراجعه فقلت تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - يا بنية لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها يريد عائشة قال ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها فقالت أم سلمة عجبا لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه فأخذتني والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد فخرجت من عندها وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر ونحن نتخوف ملكا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا فقد امتلأت صدورنا منه فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب فقال افتح افتح فقلت جاء الغساني فقال بل أشد من ذلك اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه فقلت رغم أنف حفصة وعائشة فأخذت ثوبي فأخرج حتى جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربة له يرقى عليها بعجلة وغلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود على رأس الدرجة فقلت له قل هذا عمر بن الخطاب فأذن لي قال عمر فقصصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وإن عند رجليه قرظا مصبوبا وعند رأسه أهب معلقة فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت فقال ما يبكيك فقلت يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله فقال أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة.
حدثنا علي حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد قال سمعت عبيد بن حنين قال سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول أردت أن أسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما أتممت كلامي حتى قال عائشة وحفصة.(1/100)
حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم عن حميد عن أنس قال قال عمر رضي الله عنه اجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغيرة عليه فقلت لهن ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ) فنزلت هذه الآية.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبيدالله بن عبدالله ابن أبي ثور عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله تعالى ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) حتى حج وحججت معه وعدل وعدلت معه بإداوة فتبرز ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ فقلت له يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله تعالى ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) قال واعجبا لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة ثم استقبل عمر الحديث يسوقه قال كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهم من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره وإذا نزل فعل مثل ذلك وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصخبت على امرأتي فراجعتني فأنكرت أن تراجعني قالت ولم تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل فأفزعني ذلك وقلت لها قد خاب من فعل ذلك منهن ثم جمعت علي ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة فقلت لها أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل قالت نعم فقلت قد خبت وخسرت أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتهلكي لا تستكثري النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه وسليني ما بدا لك ولا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة قال عمر وكنا قد تحدثنا أن غسان تنعل الخيل لغزونا فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال أثم هو ففزعت فخرجت إليه فقال قد حدث اليوم أمر عظيم قلت ما هو أجاء غسان قال لا بل أعظم من ذلك وأهول طلق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه وقال عبيد بن حنين سمع ابن عباس عن عمر فقال اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - أزواجه فقلت خابت حفصة وخسرت قد كنت أظن هذا يوشك أن يكون فجمعت علي ثيابي فصليت صلاة الفجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مشربة له فاعتزل فيها ودخلت على حفصة فإذا هي تبكي فقلت ما يبكيك ألم أكن حذرتك هذا أطلقكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت لا أدري ها هو ذا معتزل في المشربة فخرجت فجئت إلى المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد فجئت المشربة التي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت لغلام له أسود استأذن لعمر فدخل الغلام فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع فقال كلمت النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكرتك له فصمت فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت فقلت للغلام استأذن لعمر فدخل ثم رجع فقال قد ذكرتك له فصمت فرجعت فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم رجع إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فلما وليت منصرفا(1/101)
قال إذا الغلام يدعوني فقال قد أذن لك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئا على وسادة من أدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم يا رسول الله أطلقت نساءك فرفع إلي بصره فقال لا فقلت الله أكبر ثم قلت وأنا قائم أستأنس يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قلت يا رسول الله لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لها لا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسمة أخرى فجلست حين رأيته تبسم فرفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت في بيته شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة فقلت يا رسول الله ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم قد وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان متكئا فقال أوفي هذا أنت يا ابن الخطاب إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت يا رسول الله استغفر لي فاعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة تسعا وعشرين ليلة وكان قال ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة يا رسول الله إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أعدها عدا فقال الشهر تسع وعشرون ليلة فكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة قالت عائشة ثم أنزل الله تعالى آية التخير فبدأ بي أول امرأة من نسائه فاخترته ثم خير نساءه كلهن فقلن مثل ما قالت عائشة.
روى البخاري ـ حدثنا إبراهيم بن موسى قال أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة عن عثمان بن عبدالرحمن التيمي عن ربيعة بن عبدالله بن الهدير التيمي ـ قال أبو بكر وكان ربيعة من خيار الناس ـ عما حضر ربيعة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يسجد عمر رضي الله عنه وزاد نافع عن ابن عمر رضي الله عنه إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبدالرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إلي عبدالرحمن فقال لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت فغضب عمر ثم قال إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم قال(1/102)
عبدالرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها فقال عمر أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف فأنكر علي وقال ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا فقالوا هذا سعد بن عبادة فقلت ما له قالوا يوعك فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر فلما سكت(1/103)
أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعد بن عبادة قال عمر وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا فإما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا.
حدثنا موسى حدثنا عبدالواحد حدثنا معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله حدثني ابن عباس عن عمر رضي الله عنه لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فلقِيَنَا منهم رجلان صالحان شهدا بدرا فحدثت به عروة بن الزبير فقال هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي.
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر وذلك الغد من يوم توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم قال كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يدبرنا يريد بذلك أن يكون آخرهم فإن يك محمد - صلى الله عليه وسلم - قد مات فإن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به هدى الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - وإن أبا بكر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثاني اثنين فإنه أولى المسلمين بأموركم فقوموا فبايعوه وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر قال الزهري عن أنس بن مالك سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال حدثني عمر أن سالما حدثه عن عبدالله بن عمر قال ما سمعت عمر لشيء قط يقول إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن بينما عمر جالس إذ مر به رجل جميل فقال لقد أخطأ ظني أو إن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم علي الرجل فدعي له فقال له ذلك فقال ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم قال فإني أعزم عليك(1/104)
إلا ما أخبرتني قال كنت كاهنهم في الجاهلية قال فما أعجب ما جاءتك به جنيتك قال بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع فقالت ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها قال عمر صدق بينما أنا نائم عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول يا جليح أمر نجيح رجل فصيح يقول لا إله إلا الله فوثب القوم قلت لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا ثم نادى يا جليح أمر نجيح رجل فصيح يقول لا إله إلا الله فقمت فما نشبنا أن قيل هذا نبي.
روى البخاري ـ حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه قال وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدته أتيته بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا غبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهده أتاني بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري ح قال أبو عبد الله وقال ابن وهب أخبرنا يونس عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن أبي ثور عن عبدالله بن عباس عن عمر قال كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته فضرب بابي ضربا شديدا فقال أثم هو ففزعت فخرجت إليه فقال قد حدث أمر عظيم قال فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي فقلت طلقكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت لا أدري ثم دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت وأنا قائم أطلقت نساءك قال لا فقلت الله أكبر.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن أبي ثور عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال لم أزل حريصا على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله لهما ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) فحججت معه فعدل وعدلت معه بالإداوة فتبرز حتى جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله عز وجل لهما ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) فقال وا عجبي لك يا ابن عباس عائشة وحفصة ثم استقبل عمر الحديث يسوقه فقال إني كنت وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره وإذا نزل فعل مثله وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصحت على امرأتي فراجعتني فأنكرت أن تراجعني فقالت ولم تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل فأفزعني فقلت خابت من فعل منهن بعظيم ثم جمعت علي ثيابي فدخلت على حفصة فقلت أي حفصة(1/105)
أتغاضب إحداكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل فقالت نعم فقلت خابت وخسرت أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتهلكين لا تستكثري على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه واسأليني ما بدا لك ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة وكنا تحدثنا أن غسان تنعل النعال لغزونا فنزل صاحبي يوم نوبته فرجع عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال أنائم هو ففزعت فخرجت إليه وقال حدث أمر عظيم قلت ما هو أجاءت غسان قال لا بل أعظم منه وأطول طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه قال قد خابت حفصة وخسرت كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون فجمعت علي ثيابي فصليت صلاة الفجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل مشربة له فاعتزل فيها فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي قلت ما يبكيك أولم أكن حذرتك أطلقكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت لا أدري هو ذا في المشربة فخرجت فجئت المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد فجئت المشربة التي هو فيها فقلت لغلام له أسود استأذن لعمر فدخل فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم خرج فقال ذكرتك له فصمت فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت فذكر مثله فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت استأذن لعمر فذكر مثله فلما وليت منصرفا فإذا الغلام يدعوني قال أذن لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخلت عليه فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم طلقت نساءك فرفع بصره إلي فقال لا ثم قلت وأنا قائم أستأنس يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم فذكره فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قلت لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة فتبسم أخرى فجلست حين رأيته تبسم ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة فقلت ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله وكان متكئا فقال أوفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت يا رسول الله استغفر لي فاعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة وكان قد قال ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنا أصبحنا لتسع وعشرين ليلة أعدها عدا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الشهر تسع وعشرون وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين قالت عائشة فأنزلت آية التخيير فبدأ بي أول امرأة فقال إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك ثم قال إن الله قال ( يا أيها النبي قل لأزواجك ) إلى قوله ( عظيما ) قلت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة.(1/106)
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن ابن عباس رضي الله عنه قال لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلت أهابه فنزل يوما منزلا فدخل الأراك فلما خرج سألته فقال عائشة وحفصة ثم قال كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي فقلت لها وإنك لهناك قالت تقول هذا لي وابنتك تؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيت حفصة فقلت لها إني أحذرك أن تعصي الله ورسوله وتقدمت إليها في أذاه فأتيت أم سلمة فقلت لها فقالت أعجب منك يا عمر قد دخلت في أمورنا فلم يبق إلا أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه فرددت وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدته أتيته بما يكون وإذا غبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد أتاني بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استقام له فلم يبق إلا ملك غسان بالشأم كنا نخاف أن يأتينا فما شعرت إلا بالأنصاري وهو يقول إنه قد حدث أمر قلت له وما هو أجاء الغساني قال أعظم من ذاك طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه فجئت فإذا البكاء من حجرهن كلها وإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صعد في مشربة له وعلى باب المشربة وصيف فأتيته فقلت استأذن لي فأذن لي فدخلت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - على حصير قد أثر في جنبه وتحت رأسه مرفقة من أدم حشوها ليف وإذا أهب معلقة وقرظ فذكرت الذي قلت لحفصة وأم سلمة والذي ردت علي أم سلمة فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلبث تسعا وعشرين ليلة ثم نزل.
روى البخاري ـ حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد قال سمعت عبيد بن حنين يقول سمعت ابن عباس يقول كنت أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمكثت سنة فلم أجد له موضعا حتى خرجت معه حاجا فلما كنا بظهران ذهب عمر لحاجته فقال أدركني بالوضوء فأدركته بالإداوة فجعلت أسكب عليه الماء ورأيت موضعا فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا قال ابن عباس فما أتممت كلامي حتى قال عائشة وحفصة.
حدثنا علي حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد قال سمعت عبيد بن حنين قال سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول أردت أن أسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما أتممت كلامي حتى قال عائشة وحفصة.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال حدثني مالك وأخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أن ابن عباس أخبره عن عمر رضي الله عنه قال حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - إن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فقلت لأبي بكر انطلق بنا فجئناهم في سقيفة بني ساعدة.(1/107)
روى البخاري ـ حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبدالله بن عامر بن ربيعة وكان من أكبر بني عدي وكان أبوه شهد بدرا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين وكان شهد بدرا وهو خال عبدالله بن عمر وحفصة رضي الله عنه.
روى البخاري ـ حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مولى له يدعى هُنَيّا على الحمى فقال يا هني اضمم جناحك عن المسلمين واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مستجابة وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة وإياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى نخل وزرع وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتني ببنيه فيقول يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والوَرِق وايْمُ اللهِ إنهم ليرون أني قد ظلمتهم إنها لبلادهم فقاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك - صلى الله عليه وسلم - وقال ابن زريع عن روح بن القاسم عن زيد بن أسلم عن أبيه عن حفصة بنت عمر رضي الله عنه قالت سمعت عمر نحوه وقال هشام عن زيد عن أبيه عن حفصة سمعت عمر رضي الله عنه.
روى البخاري ـ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن عمرو بن ميمون قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة ابن اليمان وعثمان بن حنيف قال كيف فعلتما أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق قالا حملناها أمرا هي له مطيقة ما فيها كبير فضل قال انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق قال قالا لا فقال عمر لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب قال إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبدالله بن عباس غداة أصيب وكان إذا مر بين الصفين قال استووا حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وتناول عمر يد عبدالرحمن بن عوف فقدمه فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله فصلى بهم عبدالرحمن صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال يا ابن عباس انظر من قتلني فجال ساعة ثم جاء فقال غلام(1/108)
المغيرة قال الصنع قال نعم قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة وكان العباس أكثرهم رقيقا فقال إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا قال كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول لا بأس وقائل يقول أخاف عليه فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه فعلموا أنه ميت فدخلنا عليه وجاء الناس فجعلوا يثنون عليه وجاء رجل شاب فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقدم في الإسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم شهادة قال وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض قال ردوا علي الغلام قال يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك يا عبدالله بن عمر انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه قال إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم فأد عني هذا المال انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت كنت أريده لنفسي ولأوثرن به اليوم على نفسي فلما أقبل قيل هذا عبدالله بن عمر قد جاء قال ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال ما لديك قال الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت قال الحمد لله ما كان من شيء أهم إلي من ذلك فإذا أنا قضيت فاحملوني ثم سلم فقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا أوص يا أمير المؤمنين استخلف قال ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبدالرحمن وقال يشهدكم عبدالله بن عمر وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة وقال أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا ( الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ) أن يقبل من محسنهم وأن يعفى عن مسيئهم وأوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم ويرد على فقرائهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبدالله بن عمر قال يستأذن عمر بن الخطاب قالت أدخلوه فأدخل فوضع هنالك مع(1/109)
صاحبيه فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبدالرحمن اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير قد جعلت أمري إلى علي فقال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان وقال سعد قد جعلت أمري إلى عبدالرحمن بن عوف فقال عبدالرحمن أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فأسكت الشيخان فقال عبدالرحمن أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آل عن أفضلكم قالا نعم فأخذ بيد أحدهما فقال لك قرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقدم في الإسلام ما قد علمت فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك فلما أخذ الميثاق قال ارفع يدك يا عثمان فبايعه فبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه.
حدثنا قتيبة حدثنا جرير بن عبدالحميد حدثنا حصين بن عبدالرحمن عن عمرو بن ميمون الأودي قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا عبدالله بن عمر اذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه فقل يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام ثم سلها أن أدفن مع صاحبي قالت كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي فلما أقبل قال له ما لديك قال أذنت لك يا أمير المؤمنين قال ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع فإذا قبضت فاحملوني ثم سلموا ثم قل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين إني لا أعلم أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة فاسمعوا له وأطيعوا فسمى عثمان وعليا وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وولج عليه شاب من الأنصار فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله كان لك من القدم في الإسلام ما قد علمت ثم استخلفت فعدلت ثم الشهادة بعد هذا كله فقال ليتني يا ابن أخي وذلك كفافا لا عَلَيّ ولا لِي أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرا أن يعرف لهم حقهم وأن يحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا ( الذين تبوءوا الدار والإيمان ) أن يقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم.
حدثنا محمد بن يوسف أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنه قال قيل لعمر ألا تستخلف قال إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأثنوا عليه فقال راغب راهب وددت أني نجوت منها كفافا لا لي ولا علي لا أتحملها حيا ولا ميتا.
روى البخاري ـ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش عن حصين عن عمرو بن ميمون قال قال عمر رضي الله عنه أوصي الخليفة بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم وأوصي الخليفة بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبل أن يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم.(1/110)
روى البخاري ـ حدثنا أبو أحمد مرار بن حمويه حدثنا محمد بن يحيى أبو غسان الكناني أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال لما فدع أهل خيبر عبدالله ابن عمر قام عمر خطيبا فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عامل يهود خيبر على أموالهم وقال نقركم ما أقركم الله وإن عبدالله بن عمر خرج إلى ماله هناك فعدي عليه من الليل ففدعت يداه ورجلاه وليس لنا هناك عدو غيرهم هم عدونا وتهمتنا وقد رأيت إجلاءهم فلما أجمع عمر على ذلك أتاه أحد بني أبي الحقيق فقال يا أمير المؤمنين أتخرجنا وقد أقرنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعاملنا على الأموال وشرط ذلك لنا فقال عمر أظننت أني نسيت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة فقال كانت هذه هزيلة من أبي القاسم قال كذبت يا عدو الله فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالا وإبلا وعروضا من أقتاب وحبال وغير ذلك رواه حماد بن سلمة عن عبيدالله أحسبه عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اختصره.
روى البخاري ـ حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر رضي الله عنه أقرؤنا أُبَيّ وأقضانا عليّ وإنا لندع من قول أبي وذاك أن أبيا يقول لا أدع شيئا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله تعالى ( ما ننسخ من آية أو ننسها ).
حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا يحيى عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر أُبَيّ أقرؤنا وإنا لندع من لحن أبي وأبي يقول أخذته من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا أتركه لشيء قال الله تعالى ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ).
روى البخاري ـ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عيسى وابن إدريس عن أبي حيان عن الشعبي عن ابن عمر قال سمعت عمر رضي الله عنه على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن أبي حيان حدثنا عامر عن ابن عمر رضي الله عنه قام عمر على المنبر فقال أما بعد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل.
حدثنا أحمد ابن أبي رجاء حدثنا يحيى عن أبي حيان التيمي عن الشعبي عن ابن عمر رضي الله عنه قال خطب عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل والخمر ما خامر العقل وثلاث وددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهدا الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا قال قلت يا أبا عمرو فشيء يصنع بالسند من الأرز قال ذاك لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال على عهد عمر وقال حجاج عن حماد عن أبي حيان مكان العنب الزبيب.(1/111)
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عبدالله بن أبي السفر عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال الخمر يصنع من خمسة من الزبيب والتمر والحنطة والشعير والعسل.
روى البخاري ـ حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال سمعت الزهري يقول أخبرني عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لا تُطْروني كما أطْرت النصارى ابنَ مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب حدثنا مالك وأخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبيدالله بن عبدالله أن عبدالله بن عباس أخبره أن عبدالرحمن ابن عوف رجع إلى أهله وهو بمنى في آخر حجة حجها عمر فوجدني فقال عبدالرحمن فقلت يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإني أرى أن تمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة والسلامة وتخلص لأهل الفقه وأشراف الناس وذوي رأيهم قال عمر لأقومن في أول مقام أقومه بالمدينة.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبدالواحد حدثنا معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله قال حدثني ابن عباس رضي الله عنه قال كنت أقرئ عبدالرحمن ابن عوف فلما كان آخر حجة حجها عمر فقال عبدالرحمن بمنى لو شهدت أمير المؤمنين أتاه رجل قال إن فلانا يقول لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا فقال عمر لأقومن العشية فأحذر هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم قلت لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس يغلبون على مجلسك فأخاف أن لا ينزلوها على وجهها فيطير بها كل مطير فأمهل حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة فتخلص بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار فيحفظوا مقالتك وينزلوها على وجهها فقال والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة قال ابن عباس فقدمنا المدينة فقال إن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل آية الرجم.
روى البخاري ـ حدثنا ابن أبي مريم حدثنا أبو غسان قال حدثني زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سَبْيٌ،فإذا امرأة من السَّبْيِ قد تَحَلَّبَ ثديُها تسقي،إذْ وجدت صبيًا في السَّبْيِ أخذتْه فألصقتْه ببطنها وأرضعتْه،فقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - :أترون هذه طارحةً ولدَها في النار؟ قلنا: لا،وهي تقدر على أن لا تطرحه،فقال: لَلَّهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله حدثنا سليمان عن يحيى عن عبيد بن حنين سمع ابن عباس عن عمر رضي الله عنه دخل على حفصة فقال يا بنية لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها يريد عائشة فقصصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبسم.
روى البخاري ـ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن ابن جريج قال أخبرني عبيدالله بن عمر عن نافع عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة(1/112)
وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمس مائة فقيل له هو من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف فقال إنما هاجر به أبواه يقول ليس هو كمن هاجر بنفسه.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم سمع محمد بن فضيل عن إسماعيل عن قيس كان عطاء البدريين خمسة آلاف خمسة آلاف وقال عمر لأفضلنهم على من بعدهم.
حدثنا إسماعيل بن عبدالله قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق فلحقت عمر امرأة شابة فقالت يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا والله ما ينضجون كراعا ولا لهم زرع ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضبع وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا ثم ناولها بخطامه ثم قال اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير فقال رجل يا أمير المؤمنين أكثرتَ لها قال عمر ثكلتك أمك والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه.
روى البخاري ـ حدثنا إسماعيل بن عبد الله عن أخيه عن سليمان بن بلال عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن عبدالله بن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام،فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أوف نذرك فاعتكف ليلة.
حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبدالله أخبرنا عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال أوف بنذرك.
روى البخاري ـ حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال كنا عند عمر فقال نهينا عن التكلف.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى عن عبيد بن حنين سمع ابن عباس عن عمر رضي الله عنه قال جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربة له وغلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود على رأس الدرجة فقلت قل هذا عمر بن الخطاب فأذن لي.
روى البخاري ـ حدثني محمد بن سلام أخبرنا وكيع عن ابن عيينة قال قال لي معمر قال لي الثوري هل سمعت في الرجل يجمع لأهله قوت سنتهم أو بعض السنة قال معمر فلم يحضرني ثم ذكرت حديثا حدثناه ابن شهاب الزهري عن مالك بن أوس عن عمر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم.
روى البخاري ـ حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا عبدالعزيز أخبرنا ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام قال ابن شهاب وأخبرني عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب غرب ثم لم تزل تلك السُّنة.(1/113)
روى البخاري ـ حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا قتادة قال سمعت أبا عثمان النهدي أتانا كتاب عمر ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحرير إلا هكذا وأشار بإصبعيه اللتين تليان الإبهام قال فيما علمنا أنه يعني الأعلام.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عاصم عن أبي عثمان قال كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير إلا هكذا وصف لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إصبعيه ورفع زهير الوسطى والسبابة.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن التيمي عن أبي عثمان قال كنا مع عتبة فكتب إليه عمر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يلبس الحرير في الدنيا إلا لم يلبس في الآخرة منه حدثنا الحسن بن عمر حدثنا معتمر حدثنا أبي حدثنا أبو عثمان وأشار أبو عثمان بإصبعيه المسبحة والوسطى.
حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن أبي ذبيان خليفة بن كعب قال سمعت ابن الزبير يقول سمعت عمر يقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وقال أبو معمر حدثنا عبدالوارث عن يزيد قالت معاذة أخبرتني أم عمرو بنت عبدالله سمعت عبدالله بن الزبير سمع عمر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه.
حدثني محمد بن بشار حدثنا عثمان بن عمر حدثنا علي بن المبارك عن يحيى ابن أبي كثير عن عمران بن حطان قال سألت عائشة عن الحرير فقالت ائت ابن عباس فسله قال فسألته فقال سل ابن عمر قال فسألت ابن عمر فقال أخبرني أبو حفص يعني عمر بن الخطاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة فقلت صدق وما كذب أبو حفص على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال عبدالله بن رجاء حدثنا حرب عن يحيى حدثني عمران وقص الحديث.
روى البخاري ـ حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيدالله عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال عمر لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف قال سفيان كذا حفظت ألا وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده.
روى البخاري ـ حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار قال أخبرني طاوس أنه سمع ابن عباس رضي الله عنه يقول بلغ عمر بن الخطاب أن فلانا باع خمرا فقال قاتل الله فلانا ألم يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن يوسف حدثنا الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني مالك بن أوس النصري وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرا من ذلك فدخلت على مالك فسألته فقال انطلقت حتى أدخل على عمر أتاه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبدالرحمن والزبير وسعد يستأذنون قال نعم فدخلوا فسلموا وجلسوا فقال هل لك في علي وعباس فأذن لهما قال العباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين الظالم استبا فقال الرهط عثمان وأصحابه يا أمير المؤمنين(1/114)
اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه قال الرهط قد قال ذلك فأقبل عمر على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قالا نعم قال عمر فإني محدثكم عن هذا الأمر إن الله كان خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المال بشيء لم يعطه أحدا غيره فإن الله يقول ( ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم ) الآية فكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم وقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك فقالوا نعم ثم قال لعلي وعباس أنشدكما الله هل تعلمان ذلك قالا نعم ثم توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتما حينئذ وأقبل على علي وعباس تزعمان أن أبا بكر فيها كذا والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ثم جئتماني وكلمتكما على كلمة واحدة وأمركما جميع جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها فقلت إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما عمل فيها أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها وإلا فلا تكلماني فيها فقلتما ادفعها إلينا بذلك فدفعتها إليكما بذلك أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك قال الرهط نعم فأقبل على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك قالا نعم قال أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فأنا أكفيكماها.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لا تشترِ ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه.
حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه منه وظننت أنه بائعه برخص فسألت عن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه.
روى البخاري ـ حدثنا علي حدثنا سفيان كان عمرو بن دينار يحدثه عن الزهري عن مالك بن أوس أنه قال من عنده صرف فقال طلحة أنا حتى يجيء خازننا من الغابة قال سفيان هو الذي(1/115)
حفظناه من الزهري ليس فيه زيادة فقال أخبرني مالك بن أوس ابن الحدثان سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء.
حدثنا أبو الوليد حدثنا الليث عن ابن شهاب عن مالك بن أوس سمع عمر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال البر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس أخبره أنه التمس صرفا بمائة دينار فدعاني طلحة بن عبيدالله فتراوضنا حتى اصطرف مني فأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال حتى يأتي خازني من الغابة وعمر يسمع ذلك فقال والله لا تفارقه حتى تأخذ منه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء.
روى البخاري ـ حدثنا صدقة أخبرنا عبدالرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال عمر رضي الله عنه لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر.
حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني زيد عن أبيه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها.
حدثني محمد بن المثنى حدثنا ابن مهدي عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال لولا آخر المسلمين ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر.
حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله أخبرنا يونس عن ابن شهاب قال ثعلبة بن أبي مالك إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم مروطا بين نساء من نساء المدينة فبقي مرط جيد فقال له بعض من عنده يا أمير المؤمنين أعط هذا ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي عندك يريدون أم كلثوم بنت علي فقال عمر أم سليط أحق وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عمر فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد قال أبو عبد الله تزفر تخيط.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب وقال ثعلبة بن أبي مالك إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم مروطا بين نساء من نساء أهل المدينة فبقي منها مرط جيد فقال له بعض من عنده يا أمير المؤمنين أعط هذا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي عندك يريدون أم كلثوم بنت علي فقال عمر أم سليط أحق به وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عمر فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد.
حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس ابن الحدثان عن عمر رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه(1/116)
بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة وكان ينفق على أهله نفقة سنته ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله.
حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان غير مرة عن عمرو عن الزهري عن مالك ابن أوس بن الحدثان عن عمر رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ينفق على أهله منها نفقة سنته ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله.
روى البخاري ـ أخبرنا عبدالله بن يوسف حدثنا الليث حدثني ابن شهاب عن سالم بن عبدالله عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ومن ابتاع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع وعن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر في العبد.
روى البخاري ـ حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني حميد بن عبدالرحمن بن عوف أن عبدالله بن عتبة قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة.
روى البخاري ـ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن عمرو بن ميمون عن عمر رضي الله عنه قال وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم.
حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة حدثنا أبو جمرة قال سمعت جويرية بن قدامة التميمي قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلنا أوصنا يا أمير المؤمنين قال أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم.
روى البخاري ـ حدثنا إسحاق بن محمد الفروي حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك ابن أوس بن الحدثان وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكرا من حديثه ذلك فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس فسألته عن ذلك الحديث فقال مالك بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال أجب أمير المؤمنين فانطلقت معه حتى أدخل على عمر فإذا هو جالس على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش متكئ على وسادة من أدم فسلمت عليه ثم جلست فقال يا مال إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات وقد أمرت فيهم برضخ فاقبضه فاقسمه بينهم فقلت يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري قال اقبضه أيها المرء فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبدالرحمن ابن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون قال نعم فأذن لهم فدخلوا(1/117)
فسلموا وجلسوا ثم جلس يرفا يسيرا ثم قال هل لك في علي وعباس قال نعم فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من مال بني النضير فقال الرهط عثمان وأصحابه يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر قال عمر تيدكم أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه قال الرهط قد قال ذلك فأقبل عمر على علي وعباس فقال أنشدكما الله أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال ذلك قالا قد قال ذلك قال عمر فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله قد خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره ثم قرأ (وما أفاء الله على رسوله منهم) إلى قوله ( قدير ) فكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم قد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك قالوا نعم ثم قال لعلي وعباس أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك قال عمر ثم توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما عمل فيها أبو بكر والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق ثم جئتماني تكلماني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك وجاءني هذا يريد عليا يريد نصيب امرأته من أبيها فقلت لكما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما عمل فيها أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها فقلتما ادفعها إلينا فبذلك دفعتها إليكما فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك قال الرهط نعم ثم أقبل على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك قالا نعم قال فتلتمسان مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النصري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعاه إذ جاءه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبدالرحمن والزبير وسعد يستأذنون فقال نعم فأدخلهم فلبث قليلا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي يستأذنان قال نعم فلما دخلا قال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من بني النضير فاستب علي وعباس فقال الرهط يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال عمر اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه قالوا قد قال ذلك فأقبل عمر على عباس وعلي(1/118)
فقال أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال ذلك قالا نعم قال فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله سبحانه كان خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره فقال جل ذكره ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) إلى قوله ( قدير ) فكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم لقد أعطاكموها وقسمها فيكم حتى بقي هذا المال منها فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياته ثم توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر فأنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم حينئذ فأقبل على علي وعباس وقال تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان والله يعلم إنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر والله يعلم أني فيه صادق بار راشد تابع للحق ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فجئتني يعني عباسا فقلت لكما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وما عملت فيه منذ وليت وإلا فلا تكلماني فقلتما ادفعه إلينا بذلك فدفعته إليكما أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنه فادفعا إلي فأنا أكفيكماه قال فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة رضي الله عنه زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول أرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فكنت أنا أردهن فقلت لهن ألا تتقين الله ألم تعلمن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه إنما يأكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا المال فانتهى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما أخبرتهن قال فكانت هذه الصدقة بيد علي منعها علي عباسا فغلبه عليها ثم كان بيد حسن بن علي ثم بيد حسين بن علي ثم بيد علي بن حسين وحسن بن حسن كلاهما كانا يتداولانها ثم بيد زيد بن حسن وهي صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقا.
حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرا من حديثه فانطلقت حتى دخلت على مالك بن أوس فسألته فقال مالك انطلقت حتى أدخل على عمر إذ أتاه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبدالرحمن والزبير وسعد يستأذنون قال نعم فأذن لهم قال فدخلوا وسلموا فجلسوا ثم لبث يرفا قليلا فقال لعمر هل لك في علي وعباس قال نعم فأذن لهما فلما دخلا سلما وجلسا فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا فقال الرهط عثمان وأصحابه يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال عمر اتئدوا أنشدكم بالله الذي به تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله(1/119)
- صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه قال الرهط قد قال ذلك فأقبل عمر على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قالا قد قال ذلك قال عمر فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله كان قد خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المال بشيء لم يعطه أحدا غيره قال الله ( ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ) إلى قوله ( قدير ) فكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك قالوا نعم قال لعلي وعباس أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك قالا نعم ثم توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتما حينئذ وأقبل على علي وعباس تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك وأتى هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها فقلت إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما عمل به فيها أبو بكر وبما عملت به فيها منذ وليتها وإلا فلا تكلماني فيها فقلتما ادفعها إلينا بذلك فدفعتها إليكما بذلك أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك فقال الرهط نعم قال فأقبل على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك قالا نعم قال أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فادفعاها فأنا أكفيكماها.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال
روى البخاري ـ حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان قال سمعت عمرا قال كنت جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس فحدثهما بجالة سنة سبعين عام حج مصعب بن الزبير بأهل البصرة عند درج زمزم قال كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبدالرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر.
روى البخاري ـ حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول قاتل الله فلانا ألم يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها تابعه جابر وأبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
روى البخاري ـ حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا محمد بن عبدالله الأنصاري قال حدثني أبي عبدالله بن المثنى عن ثمامة بن عبدالله بن أنس عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه(1/120)
كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسْقِنا قال فيُسقون.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث قال حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب أن رجلا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبدالله وكان يلقب حمارا وكان يضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب فأتي به يوما فأمر به فجلد فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تلعنوه فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله.
روى البخاري ـ حدثنا أصبغ بن الفرج المصري عن ابن وهب قال حدثني عمرو بن الحارث حدثني أبو النضر عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن عبدالله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال نعم إذا حدثك شيئا سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تسأل عنه غيره وقال موسى بن عقبة أخبرني أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدا حدثه فقال عمر لعبدالله نحوه.
روى البخاري ـ حدثنا علي بن عبدالله قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا الجعيد بن عبدالرحمن قال حدثني يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال كنت قائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال اذهب فأتني بهذين فجئته بهما قال من أنتما أو من أين أنتما قالا من أهل الطائف قال لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
روى البخاري ـ حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا هشام عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس قال شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس وبعد العصر حتى تغرب حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة سمعت أبا العالية عن ابن عباس قال حدثني ناس بهذا.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن محمد بن أسماء قال أخبرنا جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن سالم بن عبدالله بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فناداه عمر أية ساعة هذه قال إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت فقال والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل.
حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شيبان عن يحيى هو ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عمر رضي الله عنه بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم تحتبسون عن الصلاة فقال الرجل ما هو إلا أن سمعت النداء توضأت فقال ألم تسمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل.(1/121)
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لما مات عبدالله ابن أبي ابن سلول دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) إلى قوله ( وهم فاسقون ) قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ والله ورسوله أعلم.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل و قال غيره حدثني الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لما مات عبدالله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا كذا وكذا قال أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) إلى قوله ( وهم فاسقون ) قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ورسوله أعلم.
روى البخاري ـ حدثنا عبدان حدثنا عبدالله أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عبدالله بن عبيدالله ابن أبي مليكة قال توفيت ابنة لعثمان رضي الله عنه بمكة وجئنا لنشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنه وإني لجالس بينهما أو قال جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي فقال عبدالله بن عمر رضي الله عنه لعمرو بن عثمان ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فقال ابن عباس رضي الله عنه قد كان عمر رضي الله عنه يقول بعض ذلك ثم حدث قال صدرت مع عمر رضي الله عنه من مكة حتى إذا كنا بالبيداء إذا هو بركب تحت ظل سمرة فقال اذهب فانظر من هؤلاء الركب قال فنظرت فإذا صهيب فأخبرته فقال ادعه لي فرجعت إلى صهيب فقلت ارتحل فالحق أمير المؤمنين فلما أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول وا أخاه وا صاحباه فقال عمر رضي الله عنه يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه قال ابن عباس رضي الله عنه فلما مات عمر رضي الله عنه ذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنه فقالت رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه وقالت حسبكم القرآن ((1/122)
ولا تزر وازرة وزر أخرى ) قال ابن عباس رضي الله عنه عند ذلك والله ( هو أضحك وأبكى ) قال ابن أبي مليكة والله ما قال ابن عمر رضي الله عنه شيئا.
حدثنا إسماعيل بن خليل حدثنا علي بن مسهر حدثنا أبو إسحاق وهو الشيباني عن أبي بردة عن أبيه قال لما أصيب عمر رضي الله عنه جعل صهيب يقول وا أخاه فقال عمر أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن الميت ليعذب ببكاء الحي.
روى البخاري ـ حدثنا عفان بن مسلم هو الصفار حدثنا داود بن أبي الفرات عن عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود قال قدمت المدينة وقد وقع بها مرض فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمرت بهم جنازة فأثني على صاحبها خيرا فقال عمر رضي الله عنه وجبت ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرا فقال عمر رضي الله عنه وجبت ثم مر بالثالثة فأثني على صاحبها شرا فقال وجبت فقال أبو الأسود فقلت وما وجبت يا أمير المؤمنين قال قلت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة فقلنا وثلاثة قال وثلاثة فقلنا واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا داود بن أبي الفرات حدثنا عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود قال أتيت المدينة وقد وقع بها مرض وهم يموتون موتا ذريعا فجلست إلى عمر رضي الله عنه فمرت جنازة فأثني خيرا فقال عمر وجبت ثم مر بأخرى فأثني خيرا فقال وجبت ثم مر بالثالثة فأثني شرا فقال وجبت فقلت وما وجبت يا أمير المؤمنين قال قلت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة قلنا وثلاثة قال وثلاثة قلت واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد.
روى البخاري ـ عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبدالرحمن بن عبدالقاري أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.
روى البخاري ـ حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري حدثنا عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها قال عمر رضي الله عنه فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق.(1/123)
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة أن أبا هريرة قال لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق قال ابن بكير وعبدالله عن الليث عناقا وهو أصح.
روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن الزهري عن سالم أن عبدالله ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت عمر يقول كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني فقال خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني السائب بن يزيد ابن أخت نمر أن حويطب بن عبدالعزى أخبره أن عبدالله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر في خلافته فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا فإذا أعطيت العمالة كرهتها فقلت بلى فقال عمر فما تريد إلى ذلك قلت إن لي أفراسا وأعبدا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين قال عمر لا تفعل فإني كنت أردت الذي أردت فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت أعطه أفقر إليه مني فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وإلا فلا تتبعه نفسك وعن الزهري قال حدثني سالم ابن عبدالله أن عبدالله بن عمر قال سمعت عمر بن الخطاب يقول كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت أعطه من هو أفقر إليه مني فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالا فلا تُتْبعه نفسك.(1/124)
روى البخاري ـ حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا هشام بن عروة قال سمعت أبي يقول سمعت عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم.
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هذان يومان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم قال أبو عبد الله قال ابن عيينة من قال مولى ابن أزهر فقد أصاب ومن قال مولى عبدالرحمن بن عوف فقد أصاب.
حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبدالله قال أخبرني يونس عن الزهري قال حدثني أبو عبيد مولى ابن أزهر أنه شهد العيد يوم الأضحى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال يا أيها الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاكم عن صيام هذين العيدين أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم وأما الآخر فيوم تأكلون من نسككم قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فكان ذلك يوم الجمعة فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له قال أبو عبيد ثم شهدته مع علي بن أبي طالب فصلى قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث وعن معمر عن الزهري عن أبي عبيد نحوه.
روى البخاري ـ حدثنا الحميدي أخبرنا سفيان قال سمعت مالكا يسأل زيد بن أسلم قال سمعت أبي يقول قال عمر رضي الله عنه حملت على فرس في سبيل الله فرأيته يباع فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك.
حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال سمعت مالك بن أنس سأل زيد بن أسلم فقال زيد سمعت أبي يقول قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حملت على فرس في سبيل الله فرأيته يباع فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - آشتريه فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك.
حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول حملت على فرس في سبيل الله فابتاعه أو فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه وظننت أنه بائعه برخص فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لا تشتره وإن بدرهم فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه.
روى البخاري ـ حدثنا الحميدي حدثنا الوليد وبشر بن بكر التنيسي قالا حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى قال حدثني عكرمة أنه سمع ابن عباس رضي الله عنه يقول إنه سمع عمر رضي الله عنه يقول سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق يقول أتاني الليلة آت من ربي فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة.(1/125)
حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي قال حدثني يحيى عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الليلة أتاني آت من ربي وهو بالعقيق أن صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة.
حدثنا سعيد بن الربيع حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير حدثني عكرمة قال حدثني ابن عباس أن عمر رضي الله عنه حدثه قال حدثني النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أتاني الليلة آت من ربي وهو بالعقيق أن صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة وحجة وقال هارون بن إسماعيل حدثنا علي عمرة في حجة.
روى البخاري ـ قال لي أحمد بن محمد هو الأزرقي حدثنا إبراهيم عن أبيه عن جده أذن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك.
حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال أخبرني زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال للركن أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - استلمك ما استلمتك فاستلمه ثم قال فما لنا وللرمل إنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله ثم قال شيء صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه.
حدثنا أحمد بن سنان حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا ورقاء أخبرنا زيد بن أسلم عن أبيه قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الحجر وقال لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك ما قبّلتك.
روى البخاري ـ حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق سمعت عمرو بن ميمون يقول شهدت عمر رضي الله عنه صلى بجمع الصبح ثم وقف فقال إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس.
حدثني عمرو بن عباس حدثنا عبدالرحمن حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال قال عمر رضي الله عنه إن المشركين كانوا لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس على ثبير فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفاض قبل أن تطلع الشمس.
روى مسلم ـ حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد ابن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر أخبرنا الليث ح و حدثنا أبو الربيع العتكي حدثنا حماد ابن زيد ح و حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي ح و حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان ح و حدثنا محمد بن(1/126)
عبد الله بن نمير حدثنا حفص يعني ابن غياث ويزيد بن هارون ح و حدثنا محمد بن العلاء الهمداني حدثنا ابن المبارك ح و حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان كلهم عن يحيى بن سعيد بإسناد مالك ومعنى حديثه وفي حديث سفيان سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
روى مسلم ـ حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب ومحمد بن المثنى واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن وهو ابن مهدي حدثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن اليهود قالوا لعمر إنكم تقرءون آية لو أنزلت فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال عمر إني لأعلم حيث أنزلت وأي يوم أنزلت وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث أنزلت أنزلت بعرفة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفة قال سفيان أشك كان يوم جمعة أم لا يعني ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي بكر قال حدثنا عبد الله ابن إدريس عن أبيه عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قالت اليهود لعمر لو علينا معشر يهود نزلت هذه الآية ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) نعلم اليوم الذي أنزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال فقال عمر فقد علمت اليوم الذي أنزلت فيه والساعة وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت نزلت ليلة جمع ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات.
حدثني عبد بن حميد أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا أبو عميس عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا نزلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال وأي آية قال ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فقال عمر إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه والمكان الذي نزلت فيه نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات في يوم جمعة.
روى مسلم ـ حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح حدثنا ابن وهب عن يونس ح و حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم ابن عبد الله عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها ذاكرا ولا آثرا و حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد ح وحدثنا إسحق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر كلاهما عن الزهري بهذا الإسناد مثله غير أن في حديث عقيل ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها ولا تكلمت بها ولم يقل ذاكرا ولا آثرا و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر وهو يحلف بأبيه بمثل رواية يونس ومعمر.
روى مسلم ـ حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة(1/127)
الفرقان على غير ما أقرؤها وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسله اقرأ فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا أنزلت ثم قال لي اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري أخبراه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقولا سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وساق الحديث بمثله وزاد فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم حدثنا إسحق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري كرواية يونس بإسناده.
روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن شهاب عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال من استعملت على أهل الوادي فقال ابن أبزى قال ومن ابن أبزى قال مولى من موالينا قال فاستخلفت عليهم مولى قال إنه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض قال عمر أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين و حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبو بكر بن إسحق قالا أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني عامر بن واثلة الليثي أن نافع بن عبد الحارث الخزاعي لقي عمر بن الخطاب بعسفان بمثل حديث إبراهيم بن سعد عن الزهري.
روى مسلم ـ حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا وكيع عن كهمس عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر ح و حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري وهذا حديثه حدثنا أبي حدثنا كهمس عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر قال كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي فقلت أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف قال فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم قال حدثني أبي عمر بن الخطاب قال بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج(1/128)
البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فأخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال فأخبرني عن الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل قال فأخبرني عن أمارتها قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي يا عمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم حدثني محمد بن عبيد الغبري وأبو كامل الجحدري وأحمد بن عبدة قالوا حدثنا حماد بن زيد عن مطر الوراق عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال لما تكلم معبد بما تكلم به في شأن القدر أنكرنا ذلك قال فحججت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حجة وساقوا الحديث بمعنى حديث كهمس وإسناده وفيه بعض زيادة ونقصان أحرف و حدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا عثمان بن غياث حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن قالا لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا القدر وما يقولون فيه فاقتص الحديث كنحو حديثهم عن عمر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه شيء من زيادة وقد نقص منه شيئا و حدثني حجاج بن الشاعر حدثنا يونس بن محمد حدثنا المعتمر عن أبيه عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديثهم.
روى مسلم ـ حدثنا هارون بن معروف حدثنا عبد الله بن وهب ح و حدثني أبو الطاهر وحرملة قالا أخبرنا ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله أخبراه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل.
رَوَى مسلم ـ حدثني إسحق بن عمر بن سليط الهذلي حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال قال أنس كنت مع عمر ح وحدثنا شيبان بن فروخ واللفظ له حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك قال كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال وكنت رجلا حديد البصر فرأيته وليس أحد يزعم أنه رآه غيري قال فجعلت أقول لعمر أما تراه فجعل لا يراه قال يقول عمر سأراه وأنا مستلق على فراشي ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله قال فقال عمر فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحدود التي حد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إليهم فقال يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا فإني قد وجدت ما وعدني الله حقا قال عمر يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئا.(1/129)
روى مسلم ـ حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن المبارك عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر ح وحدثنا زهير بن حرب واللفظ له حدثنا عمر بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة ابن عمار حدثني أبو زميل هو سماك الحنفي حدثني عبد الله بن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) فأمده الله بالملائكة قال أبو زميل فحدثني ابن عباس قال بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين قال أبو زميل قال ابن عباس فلما أسروا الأسارى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر ما ترون في هؤلاء الأسارى فقال أبو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ترى يا ابن الخطاب قلت لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان نسيبا لعمر فأضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله عز وجل ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) إلى قوله ( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ) فأحل الله الغنيمة لهم.
روى مسلم ـ حدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني سليمان يعني ابن بلال أخبرني يحيى أخبرني عبيد بن حنين أنه سمع عبد الله بن عباس يحدث قال مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجع فكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه فقلت يا أمير(1/130)
المؤمنين من اللتان تظاهرتا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه فقال تلك حفصة وعائشة قال فقلت له والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك قال فلا تفعل ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه فإن كنت أعلمه أخبرتك قال وقال عمر والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم قال فبينما أنا في أمر أأتمره إذ قالت لي امرأتي لو صنعت كذا وكذا فقلت لها وما لك أنت ولما هاهنا وما تكلفك في أمر أريده فقالت لي عجبا لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجع أنت وإن ابنتك لتراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان قال عمر فآخذ ردائي ثم أخرج مكاني حتى أدخل على حفصة فقلت لها يا بنية إنك لتراجعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان فقالت حفصة والله إنا لنراجعه فقلت تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله يا بنية لا يغرنك هذه التي قد أعجبها حسنها وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها ثم خرجت حتى أدخل على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها فقالت لي أم سلمة عجبا لك يا ابن الخطاب قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه قال فأخذتني أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد فخرجت من عندها وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر ونحن حينئذ نتخوف ملكا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا فقد امتلأت صدورنا منه فأتى صاحبي الأنصاري يدق الباب وقال افتح افتح فقلت جاء الغساني فقال أشد من ذلك اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه فقلت رغم أنف حفصة وعائشة ثم آخذ ثوبي فأخرج حتى جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربة له يرتقى إليها بعجلة وغلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود على رأس الدرجة فقلت هذا عمر فأذن لي قال عمر فقصصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وإن عند رجليه قرظا مضبورا وعند رأسه أهبا معلقة فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكيت فقال ما يبكيك فقلت يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة و حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرني يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن ابن عباس قال أقبلت مع عمر حتى إذا كنا بمر الظهران وساق الحديث بطوله كنحو حديث سليمان بن بلال غير أنه قال قلت شأن المرأتين قال حفصة وأم سلمة وزاد فيه وأتيت الحجر فإذا في كل بيت بكاء وزاد أيضا وكان آلى منهن شهرا فلما كان تسعا وعشرين نزل إليهن.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لأبي بكر قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد سمع عبيد بن حنين وهو مولى العباس قال سمعت ابن عباس يقولا كنت أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلبثت سنة ما أجد له موضعا حتى صحبته إلى مكة فلما كان بمر الظهران ذهب يقضي حاجته فقال أدركني بإداوة من ماء فأتيته بها فلما قضى حاجته(1/131)
ورجع ذهبت أصب عليه وذكرت فقلت له يا أمير المؤمنين من المرأتان فما قضيت كلامي حتى قال عائشة وحفصة.
حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن أبي عمر وتقاربا في لفظ الحديث قال ابن أبي عمر حدثنا و قال إسحق أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس قال لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله تعالى ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) حتى حج عمر وحججت معه فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله عز وجل لهما ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) قال عمر واعجبا لك يا ابن عباس قال الزهري كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه قال هي حفصة وعائشة ثم أخذ يسوق الحديث قال كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم قال وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي فتغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت أتراجعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت نعم فقلت أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل قالت نعم قلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك يريد عائشة قال وكان لي جار من الأنصار فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه فقال حدث أمر عظيم قلت ماذا أجاءت غسان قال لا بل أعظم من ذلك وأطول طلق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه فقلت قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت أطلقكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت لا أدري ها هو ذا معتزل في هذه المشربة فأتيت غلاما له أسود فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فانطلقت حتى انتهيت إلى المنبر فجلست فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست قليلا ثم غلبني ما أجد ثم أتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال ادخل فقد أذن لك فدخلت فسلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو متكئ على رمل حصير قد أثر في جنبه فقلت أطلقت يا رسول الله نساءك فرفع رأسه إلي وقال لا فقلت الله أكبر لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فتغضبت على امرأتي يوما فإذا هي تراجعني(1/132)
فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله قد دخلت على حفصة فقلت لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك فتبسم أخرى فقلت أستأنس يا رسول الله قال نعم فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبا ثلاثة فقلت ادع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا ثم قال أفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت استغفر لي يا رسول الله وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل.
روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل حدثني عبد الله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال لما اعتزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه قال دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب فقال عمر فقلت لأعلمن ذلك اليوم قال فدخلت على عائشة فقلت يا بنت أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت ما لي وما لك يا ابن الخطاب عليك بعيبتك قال فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك ولولا أنا لطلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكت أشد البكاء فقلت لها أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت هو في خزانته في المشربة فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدا على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينحدر فناديت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا ثم قلت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا ثم رفعت صوتي فقلت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني أظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن أني جئت من أجل حفصة والله لئن أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنقها لأضربن عنقها ورفعت صوتي فأومأ إلي أن ارقه فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه فنظرت ببصري في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها قرظا في ناحية الغرفة وإذا أفيق معلق قال فابتدرت عيناي قال ما يبكيك يا ابن الخطاب قلت يا نبي الله وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفوته وهذه خزانتك فقال يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا قلت بلى قال ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب فقلت يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت(1/133)
طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول ونزلت هذه الآية آية التخيير ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ) ( وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله أطلقتهن قال لا قلت يا رسول الله إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن قال نعم إن شئت فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر فضحك وكان من أحسن الناس ثغرا ثم نزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلت فنزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده فقلت يا رسول الله إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين قال إن الشهر يكون تسعا وعشرين فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ونزلت هذه الآية ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله عز وجل آية التخيير.
روى مسلم ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم الحنظلي قال إسحق أخبرنا وقال الآخران حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن سلمان بن ربيعة قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسما فقلت والله يا رسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم قال إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلست بباخل.
روى مسلم ـ حدثني الحسن بن علي الحلواني ومحمد بن سهل التميمي واللفظ لحسن حدثنا ابن أبي مريم حدثنا أبو غسان حدثني زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه قال قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسَبْي فإذا امرأة من السَّبْي تبتغي،إذْ وجدت صبيا في السَّبْيِ،أخذتْه فألصقتْه ببطنها وأرضعتْه فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :أترون هذه المرأةَ طارحةً ولدَها في النار؟ قلنا: لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه،فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :لَلَّهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها.
روى مسلم ـ حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان قال كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان يا عتبة بن فرقد إنه ليس من كدك ولا من كد أبيك ولا من كد أمك فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك وإياكم والتنعم وزي أهل الشرك ولبوس الحرير فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبوس الحرير قال إلا هكذا ورفع لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما قال زهير قال عاصم هذا في الكتاب قال ورفع زهير إصبعيه حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير بن عبد الحميد ح و حدثنا ابن نمير حدثنا حفص بن غياث كلاهما عن عاصم بهذا الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحرير بمثله.(1/134)
روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب حدثنا الضحاك بن مخلد عن ابن جريج ح و حدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما وحدثني زهير بن حرب حدثنا روح بن عبادة أخبرنا سفيان الثوري ح و حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل وهو ابن عبيد الله كلاهما عن أبي الزبير بهذا الإسناد مثله.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا هشام حدثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة فذكر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر أبا بكر قال إني رأيت كأن ديكا نقرني ثلاث نقرات وإني لا أراه إلا حضور أجلي وإن أقواما يأمرونني أن أستخلف وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته ولا الذي بعث به نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض وإني قد علمت أن أقواما يطعنون في هذا الأمر أنا ضربتهم بيدي هذه على الإسلام فإن فعلوا ذلك فأولئك أعداء الله الكفرة الضلال ثم إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة ما راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري فقال يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء وإني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن ثم قال اللهم إني أشهدك على أمراء الأمصار وإني إنما بعثتهم عليهم ليعدلوا عليهم وليعلموا الناس دينهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ويقسموا فيهم فيئهم ويرفعوا إلي ما أشكل عليهم من أمرهم ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين هذا البصل والثوم لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع فمن أكلهما فليمتهما طبخا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسمعيل ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة قال ح و حدثنا زهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم كلاهما عن شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة جميعا عن قتادة في هذا الإسناد مثله.
روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا سليمان بن المغيرة حدثني سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أسير بن جابر أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس فقال عمر هل هاهنا أحد من القرنيين فجاء ذلك الرجل فقال عمر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدينار أو الدرهم فمن لقيه منكم فليستغفر لكم حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد وهو ابن سلمة عن سعيد الجريري بهذا الإسناد عن عمر بن(1/135)
الخطاب قال إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم.
حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار قال إسحق أخبرنا وقال الآخران حدثنا واللفظ لابن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أسير بن جابر قال كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس فقال أنت أويس بن عامر قال نعم قال من مراد ثم من قرن قال نعم قال فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم قال نعم قال لك والدة قال نعم قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل فاستغفر لي فاستغفر له فقال له عمر أين تريد قال الكوفة قال ألا أكتب لك إلى عاملها قال أكون في غبراء الناس أحب إلي قال فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس قال تركته رث البيت قليل المتاع قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل فأتى أويسا فقال استغفر لي قال أنت أحدث عهدا بسفر صالح فاستغفر لي قال استغفر لي قال أنت أحدث عهدا بسفر صالح فاستغفر لي قال لقيت عمر قال نعم فاستغفر له ففطن له الناس فانطلق على وجهه قال أسير وكسوته بردة فكان كلما رآه إنسان قال من أين لأويس هذه البردة.
روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا سليمان بن المغيرة حدثني سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أسير بن جابر أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس فقال عمر هل هاهنا أحد من القرنيين فجاء ذلك الرجل فقال عمر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدينار أو الدرهم فمن لقيه منكم فليستغفر لكم حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد وهو ابن سلمة عن سعيد الجريري بهذا الإسناد عن عمر بن الخطاب قال إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم.
حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار قال إسحق أخبرنا وقال الآخران حدثنا واللفظ لابن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أسير بن جابر قال كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس فقال أنت أويس بن عامر قال نعم قال من مراد ثم من قرن قال نعم قال فكان بك برص(1/136)
فبرأت منه إلا موضع درهم قال نعم قال لك والدة قال نعم قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل فاستغفر لي فاستغفر له فقال له عمر أين تريد قال الكوفة قال ألا أكتب لك إلى عاملها قال أكون في غبراء الناس أحب إلي قال فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس قال تركته رث البيت قليل المتاع قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل فأتى أويسا فقال استغفر لي قال أنت أحدث عهدا بسفر صالح فاستغفر لي قال استغفر لي قال أنت أحدث عهدا بسفر صالح فاستغفر لي قال لقيت عمر قال نعم فاستغفر له ففطن له الناس فانطلق على وجهه قال أسير وكسوته بردة فكان كلما رآه إنسان قال من أين لأويس هذه البردة.
روى مسلم ـ حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن محمد بن أعين حدثنا معقل عن أبي الزبير عن جابر أخبرني عمر بن الخطاب أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ارجع فأحسن وضوءك فرجع ثم صلى.
روى مسلم ـ حدثني إسحق بن منصور أخبرنا أبو جعفر محمد بن جهضم الثقفي حدثنا إسمعيل بن جعفر عن عمارة بن غزية عن خبيب بن عبد الرحمن بن إساف عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم قال إسحق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن ابن أبي عمار عن عبد الله بن بابيه عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب ( ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) فقد أمن الناس فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا يحيى عن ابن جريج قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن بابيه عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب بمثل حديث ابن إدريس.(1/137)
حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن بشار جميعا عن ابن مهدي قال زهير حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن حبيب بن عبيد عن جبير بن نفير قال خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميلا فصلى ركعتين فقلت له فقال رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين فقلت له فقال إنما أفعل كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل وحدثنيه محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة بهذا الإسناد وقال عن ابن السمط ولم يسم شرحبيل وقال إنه أتى أرضا يقال لها دومين من حمص على رأس ثمانية عشر ميلا.
روى مسلم ـ حدثني محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن ربيعة يعني ابن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن عقبة بن عامر ح وحدثني أبو عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر قال كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي فروحتها بعشي فأدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما يحدث الناس فأدركت من قوله ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة قال فقلت ما أجود هذه فإذا قائل بين يدي يقول التي قبلها أجود فنظرت فإذا عمر قال إني قد رأيتك جئت آنفا قال ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء و حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن جبير بن نفير بن مالك الحضرمي عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فذكر مثله غير أنه قال من توضأ فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
روى مسلم ـ حدثنا داود بن رشيد وإسمعيل بن سالم جميعا عن هشيم قال داود حدثنا هشيم أخبرنا منصور عن قتادة قال أخبرنا أبو العالية عن ابن عباس قال سمعت غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم عمر بن الخطاب وكان أحبهم إلي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة ح وحدثني أبو غسان المسمعي حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد ح و حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا معاذ بن هشام حدثني أبي كلهم عن قتادة بهذا الإسناد غير أن في حديث سعيد وهشام بعد الصبح حتى تشرق الشمس.
روى مسلم ـ حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثني سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب بينا هو يخطب الناس يوم الجمعة دخل رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فناداه عمر أية ساعة هذه فقال إني شغلت اليوم فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء فلم أزد على أن توضأت قال عمر والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل.(1/138)
حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن حدثني أبو هريرة قال بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان فعرض به عمر فقال ما بال رجال يتأخرون بعد النداء فقال عثمان يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت فقال عمر والوضوء أيضا ألم تسمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير جميعا عن ابن بشر قال أبو بكر حدثنا محمد بن بشر العبدي عن عبيد الله بن عمر قال حدثنا نافع عن عبد الله أن حفصة بكت على عمر فقال مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه.
حدثني علي بن حجر السعدي حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عمر قال لما طعن عمر أغمي عليه فصيح عليه فلما أفاق قال أما علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الميت ليعذب ببكاء الحي.
حدثني علي بن حجر حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي بردة عن أبيه قال لما أصيب عمر جعل صهيب يقول وا أخاه فقال له عمر يا صهيب أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الميت ليعذب ببكاء الحي. حدثني علي بن حجر أخبرنا شعيب بن صفوان أبو يحيى عن عبد الملك بن عمير عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى قال لما أصيب عمر أقبل صهيب من منزله حتى دخل على عمر فقام بحياله يبكي فقال عمر علام تبكي أعلي تبكي قال إي والله لعليك أبكي يا أمير المؤمنين قال والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من يبكى عليه يعذب قال فذكرت ذلك لموسى بن طلحة فقال كانت عائشة تقول إنما كان أولئك اليهود.
حدثنا داود بن رشيد حدثنا إسمعيل ابن علية حدثنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة قال كنت جالسا إلى جنب ابن عمر ونحن ننتظر جنازة أم أبان بنت عثمان وعنده عمرو بن عثمان فجاء ابن عباس يقوده قائد فأراه أخبره بمكان ابن عمر فجاء حتى جلس إلى جنبي فكنت بينهما فإذا صوت من الدار فقال ابن عمر كأنه يعرض على عمرو أن يقوم فينهاهم سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن الميت ليعذب ببكاء أهله قال فأرسلها عبد الله مرسلة فقال ابن عباس كنا مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حتى إذا كنا بالبيداء إذا هو برجل نازل في ظل شجرة فقال لي اذهب فاعلم لي من ذاك الرجل فذهبت فإذا هو صهيب فرجعت إليه فقلت إنك أمرتني أن أعلم لك من ذاك وإنه صهيب قال مره فليلحق بنا فقلت إن معه أهله قال وإن كان معه أهله وربما قال أيوب مره فليلحق بنا فلما قدمنا لم يلبث أمير المؤمنين أن أصيب فجاء صهيب يقول وا أخاه وا صاحباه فقال عمر ألم تعلم أو لم تسمع قال أيوب أو قال أو لم تعلم أو لم تسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله قال فأما عبد الله فأرسلها مرسلة وأما عمر فقال ببعض فقمت فدخلت على عائشة فحدثتها بما قال ابن عمر(1/139)
فقالت لا والله ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط إن الميت يعذب ببكاء أحد ولكنه قال إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا وإن الله لهو ( أضحك وأبكى ) ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) قال أيوب قال ابن أبي مليكة حدثني القاسم بن محمد قال لما بلغ عائشة قول عمر وابن عمر قالت إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ.
حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد قال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني عبد الله بن أبي مليكة قال توفيت ابنة لعثمان بن عفان بمكة قال فجئنا لنشهدها قال فحضرها ابن عمر وابن عباس قال وإني لجالس بينهما قال جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان وهو مواجهه ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فقال ابن عباس قد كان عمر يقول بعض ذلك ثم حدث فقال صدرت مع عمر من مكة حتى إذا كنا بالبيداء إذا هو بركب تحت ظل شجرة فقال اذهب فانظر من هؤلاء الركب فنظرت فإذا هو صهيب قال فأخبرته فقال ادعه لي قال فرجعت إلى صهيب فقلت ارتحل فالحق أمير المؤمنين فلما أن أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول وا أخاه وا صاحباه فقال عمر يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه فقال ابن عباس فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت يرحم الله عمر لا والله ما حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله يعذب المؤمن ببكاء أحد ولكن قال إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه قال وقالت عائشة حسبكم القرآن ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) قال وقال ابن عباس عند ذلك والله ( أضحك وأبكى ) قال ابن أبي مليكة فوالله ما قال ابن عمر من شيء و حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا سفيان قال عمرو عن ابن أبي مليكة كنا في جنازة أم أبان بنت عثمان وساق الحديث ولم ينص رفع الحديث عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما نصه أيوب وابن جريج وحديثهما أتم من حديث عمرو.
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاء فصلى ثم انصرف فخطب الناس فقال إن هذين يومان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم.
روى مسلم ـ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو كريب وابن نمير واتفقوا في اللفظ قال يحيى أخبرنا أبو معاوية و قال ابن نمير حدثنا أبي و قال أبو كريب حدثنا أبو أسامة جميعا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم لم يذكر ابن نمير "فقد..".
روى مسلم ـ حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا سليم بن أخضر عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها فقال يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به قال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها(1/140)
قال فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب قال فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه قال فحدثت بهذا الحديث محمدا فلما بلغت هذا المكان غير متمول فيه قال محمد غير متأثل مالا قال ابن عون وأنبأني من قرأ هذا الكتاب أن فيه غير متأثل مالا و حدثناه أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا ابن أبي زائدة ح و حدثنا إسحق أخبرنا أزهر السمان ح و حدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي كلهم عن ابن عون بهذا الإسناد مثله غير أن حديث ابن أبي زائدة وأزهر انتهى عند قوله أو يطعم صديقا غير متمول فيه ولم يذكر ما بعده وحديث ابن أبي عدي فيه ما ذكر سليم قوله فحدثت بهذا الحديث محمدا إلى آخره و حدثنا إسحق بن إبراهيم حدثنا أبو داود الحفري عمر بن سعد عن سفيان عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال أصبت أرضا من أرض خيبر فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت أصبت أرضا لم أصب مالا أحب إلي ولا أنفس عندي منها وساق الحديث بمثل حديثهم ولم يذكر فحدثت محمدا وما بعده.
روى مسلم ـ حدثنا هارون بن معروف حدثنا عبد الله بن وهب ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقولا قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت أعطه أفقر إليه مني فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذه وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك.
حدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي عمر بن الخطاب رضي الله عنه العطاء فيقول له عمر أعطه يا رسول الله أفقر إليه مني فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك قال سالم فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه و حدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب قال عمرو وحدثني ابن شهاب بمثل ذلك عن السائب بن يزيد عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن بكير عن بسر بن سعيد عن ابن الساعدي المالكي أنه قال استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة فقلت إنما عملت لله وأجري على الله فقال خذ ما أعطيت فإني عملت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعملني فقلت مثل قولك فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق و حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن(1/141)
بسر بن سعيد عن ابن السعدي أنه قال استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة بمثل حديث الليث.
روى مسلم ـ حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال حملت على فرس عتيق في سبيل الله فأضاعه صاحبه فظننت أنه بائعه برخص فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال لا تبتعه ولا تعد في صدقتك فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه و حدثنيه زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن مالك بن أنس بهذا الإسناد وزاد لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم.
حدثني أمية بن بسطام حدثنا يزيد يعني ابن زريع حدثنا روح وهو ابن القاسم عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أنه حمل على فرس في سبيل الله فوجده عند صاحبه وقد أضاعه وكان قليل المال فأراد أن يشتريه فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال لا تشتره وإن أعطيته بدرهم فإن مثل العائد في صدقته كمثل الكلب يعود في قيئه وحدثناه ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن زيد ابن أسلم بهذا الإسناد غير أن حديث مالك وروح أتم وأكثر.
روى مسلم ـ حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم واللفظ لابن أبي شيبة قال إسحق أخبرنا و قال الآخرون حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس عن عمر قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة فكان ينفق على أهله نفقة سنة وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد.
روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني سماك الحنفي أبو زميل قال حدثني عبد الله بن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا فلان شهيد فلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون قال فخرجت فناديت ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن عمارة بن عمير عن إبراهيم بن أبي موسى عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل رويدك ببعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد حتى لقيه بعد فسأله فقال عمر قد علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رءوسهم.(1/142)
روى مسلم ـ حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس وعمرو ح و حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن ابن شهاب عن سالم أن أباه حدثه قال قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال أم والله لقد علمت أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك زاد هارون في روايته قال عمرو وحدثني بمثلها زيد بن أسلم عن أبيه أسلم.
حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن عمر قبل الحجر وقال إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر ولكني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك.
حدثنا خلف بن هشام والمقدمي وأبو كامل وقتيبة بن سعيد كلهم عن حماد قال خلف حدثنا حماد بن زيد عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال رأيت الأصلع يعني عمر بن الخطاب يقبل الحجر ويقول والله إني لأقبلك وإني أعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك ما قبلتك وفي رواية المقدمي وأبي كامل رأيت الأصيلع.
حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير جميعا عن أبي معاوية قال يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة قال رأيت عمر يقبل الحجر ويقول إني لأقبلك وأعلم أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك لم أقبلك.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن وكيع قال أبو بكر حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال رأيت عمر قبل الحجر والتزمه وقال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بك حفيا وحدثنيه محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن عن سفيان بهذا الإسناد قال ولكني رأيت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - بك حفيا ولم يقل والتزمه.
روى مسلم ـ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه قال أقبلت أقول من يصطرف الدراهم فقال طلحة بن عبيد الله وهو عند عمر بن الخطاب أرنا ذهبك ثم ائتنا إذا جاء خادمنا نعطك وَرِقك فقال عمر بن الخطاب كلا والله لتعطينه ورقه أو لتردن إليه ذهبه فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الورِق بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحق عن ابن عيينة عن الزهري بهذا الإسناد.
روى مسلم ـ حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن مالك بن أوس حدثه قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار قال فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من أدم فقال لي يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم قال قلت لو أمرت بهذا غيري قال خذه يا مال قال فجاء يرفا فقال هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد فقال عمر نعم فأذن لهم فدخلوا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي قال نعم فأذن لهما فقال عباس يا أمير(1/143)
المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال القوم أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم فقال مالك بن أوس يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك فقال عمر اتئدا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا نعم ثم أقبل على العباس وعلي فقال أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركناه صدقة قالا نعم فقال عمر إن الله جل وعز كان خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره قال ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ) ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا قال فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقي أسوة المال ثم قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك قالوا نعم ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نورث ما تركناه صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذتماها بذلك قال أكذلك قالا نعم قال ثم جئتماني لأقضي بينكما ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي حدثنا إسحق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال ابن رافع حدثنا و قال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فقال إنه قد حضر أهل أبيات من قومك بنحو حديث مالك غير أن فيه فكان ينفق على أهله منه سنة وربما قال معمر يحبس قوت أهله منه سنة ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عز وجل.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن المثنى واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا هشام حدثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان ابن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة فذكر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر أبا بكر ثم قال إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة ما راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري وقال يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء وإني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسمعيل ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة ح وحدثنا زهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم وابن رافع عن شبابة بن سوار عن شعبة كلاهما عن قتادة بهذا الإسناد نحوه.(1/144)
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن المثنى وزهير بن حرب واللفظ لزهير قالوا حدثنا يحيى وهو ابن سعيد القطان عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال فأوف بنذرك وحدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء وإسحق بن إبراهيم جميعا عن حفص بن غياث ح وحدثنا محمد بن عمرو بن جبلة بن أبي رواد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة كلهم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر وقال حفص من بينهم عن عمر بهذا الحديث أما أبو أسامة والثقفي ففي حديثهما اعتكاف ليلة وأما في حديث شعبة فقال جعل عليه يوما يعتكفه وليس في حديث حفص ذكر يوم ولا ليلة.
وروى مسلم ـ حدثني أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب حدثنا جرير بن حازم أن أيوب حدثه أن نافعا حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف فقال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما في المسجد الحرام فكيف ترى قال اذهب فاعتكف يوما قال وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعطاه جارية من الخمس فلما أعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا الناس سمع عمر بن الخطاب أصواتهم يقولون أعتقنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ما هذا فقالوا أعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا الناس فقال عمر يا عبد الله اذهب إلى تلك الجارية فخل سبيلها وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال لما قفل النبي من حنين سأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نذر كان نذره في الجاهلية اعتكاف يوم ثم ذكر بمعنى حديث جرير بن حازم وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع قال ذكر عند ابن عمر عمرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة فقال لم يعتمر منها قال وكان عمر نذر اعتكاف ليلة في الجاهلية ثم ذكر نحو حديث جرير بن حازم ومعمر عن أيوب و حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا حماد عن أيوب ح وحدثنا يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحق كلاهما عن نافع عن ابن عمر بهذا الحديث في النذر وفي حديثهما جميعا اعتكاف يوم.
روى مسلم ـ حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع عبد الله بن عباس يقول قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قد بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف و(1/145)
حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر قالوا حدثنا سفيان عن الزهري بهذا الإسناد.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن أبي حيان عن الشعبي عن ابن عمر قال خطب عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد ألا وإن الخمر نزل تحريمها يوم نزل وهي من خمسة أشياء من الحنطة والشعير والتمر والزبيب والعسل والخمر ما خامر العقل وثلاثة أشياء وددت أيها الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عهد إلينا فيها الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا.
حدثنا أبو كريب أخبرنا ابن إدريس حدثنا أبو حيان عن الشعبي عن ابن عمر قال سمعت عمر بن الخطاب على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول أما بعد أيها الناس فإنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل وثلاث أيها الناس وددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسمعيل ابن علية ح و حدثنا إسحق ابن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس كلاهما عن أبي حيان بهذا الإسناد بمثل حديثهما غير أن ابن علية في حديثه العنب كما قال ابن إدريس وفي حديث عيسى الزبيب كما قال ابن مسهر.
روى مسلم ـ حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل عن أبي الزبير قال سألت جابرا عن الضب فقال لا تطعموه وقذره وقال قال عمر بن الخطاب إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرمه إن الله عز وجل ينفع به غير واحد فإنما طعام عامة الرعاء منه ولو كان عندي طعمته.
حدثني محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رجل يا رسول الله إنا بأرض مضبة فما تأمرنا أو فما تفتينا قال ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مسخت فلم يأمر ولم ينه قال أبو سعيد فلما كان بعد ذلك قال عمر إن الله عز وجل لينفع به غير واحد وإنه لطعام عامة هذه الرعاء ولو كان عندي لطعمته إنما عافه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
روى مسلم ـ حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ثم جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها حلل فأعطى عمر منها حلة فقال عمر يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخا له مشركا بمكة وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي ح و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا يحيى بن سعيد كلهم عن عبيد الله ح وحدثني سويد بن سعيد حدثنا حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة كلاهما عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث مالك.(1/146)
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا خالد بن عبد الله عن عبد الملك عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر وكان خال ولد عطاء قال أرسلتني أسماء إلى عبد الله ابن عمر فقالت بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة العلم في الثوب وميثرة الأرجوان وصوم رجب كله فقال لي عبد الله أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد وأما ما ذكرت من العلم في الثوب فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إنما يلبس الحرير من لا خلاق له فخفت أن يكون العلم منه وأما ميثرة الأرجوان فهذه ميثرة عبد الله فإذا هي أرجوان فرجعت إلى أسماء فخبرتها فقالت هذه جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجت إلي جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج فقالت هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبيد بن سعيد عن شعبة عن خليفة بن كعب أبي ذبيان قال سمعت عبد الله بن الزبير يخطب يقول ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
حدثنا ابن أبي شيبة وهو عثمان وإسحق بن إبراهيم الحنظلي كلاهما عن جرير واللفظ لإسحق أخبرنا جرير عن سليمان التيمي عن أبي عثمان قال كنا مع عتبة بن فرقد فجاءنا كتاب عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا يلبس الحرير إلا من ليس له منه شيء في الآخرة إلا هكذا وقال أبو عثمان بإصبعيه اللتين تليان الإبهام فرئيتهما أزرار الطيالسة حين رأيت الطيالسة حدثنا محمد ابن عبد الأعلى حدثنا المعتمر عن أبيه حدثنا أبو عثمان قال كنا مع عتبة بن فرقد بمثل حديث جرير.
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أبا عثمان النهدي قال جاءنا كتاب عمر ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أو بالشام أما بعد فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحرير إلا هكذا إصبعين قال أبو عثمان فما عتمنا أنه يعني الأعلام و حدثنا أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى قالا حدثنا معاذ وهو ابن هشام حدثني أبي عن قتادة بهذا الإسناد مثله ولم يذكر قول أبي عثمان.
حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري وأبو غسان المسمعي وزهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى وابن بشار قال إسحق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عامر الشعبي عن سويد بن غفلة أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال نهى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع و حدثنا محمد بن عبد الله الرزي أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة بهذا الإسناد مثله.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَا لِي أَرَاكَ قَدْ شَعِثْتَ وَاغْبَرَرْتَ مُنْذُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَعَلَّكَ سَاءَكَ يَا طَلْحَةُ إِمَارَةُ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنِّي لَأَجْدَرُكُمْ أَنْ لَا أَفْعَلَ ذَلِكَ(1/147)
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا أَحَدٌ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمَوْتِ إِلَّا وَجَدَ رُوحَهُ لَهَا رَوْحًا حِينَ تَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ وَكَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمْ أَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهَا وَلَمْ يُخْبِرْنِي بِهَا فَذَلِكَ الَّذِي دَخَلَنِي قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه فَأَنَا أَعْلَمُهَا قَالَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَمَا هِيَ قَالَ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا لِعَمِّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ طَلْحَةُ صَدَقْتَ.
روى أحمد ـ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَا لَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَذَكَرْنَا الْقَدَرَ وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ فَقَالَ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ فَقُولُوا إِنَّ ابْنَ عُمَرَ مِنْكُمْ بَرِيءٌ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بُرَآءُ ثَلَاثَ مِرَارٍ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُمْ بَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ أَوْ قُعُودٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ رَجُلٌ يَمْشِي حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الشَّعْرِ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مَا نَعْرِفُ هَذَا وَمَا هَذَا بِصَاحِبِ سَفَرٍ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ آتِيكَ قَالَ نَعَمْ فَجَاءَ فَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ وَيَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ فَقَالَ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ قَالَ فَمَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَدَرِ كُلِّهِ قَالَ فَمَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ فَمَا أَشْرَاطُهَا قَالَ إِذَا الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ الْعَالَةُ رِعَاءُ الشَّاءِ تَطَاوَلُوا فِي الْبُنْيَانِ وَوَلَدَتِ الْإِمَاءُ رَبَّاتِهِنَّ قَالَ ثُمَّ قَالَ عَلَيَّ الرَّجُلَ فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَمَكَثَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ عَنْ كَذَا وَكَذَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ قَالَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا نَعْمَلُ أَفِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا أَوْ مَضَى أَوْ فِي شَيْءٍ يُسْتَأْنَفُ الْآنَ قَالَ فِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا أَوْ مَضَى فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا نَعْمَلُ قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ قَالَ يَحْيَى قَالَ هُوَ هَكَذَا يَعْنِي كَمَا قَرَأْتَ عَلَيَّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام صَدَقْتَ قَالَ فَتَعَجَّبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ عَنْ شَهْرٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَنْ مَاتَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قِيلَ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شِئْتَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -(1/148)
يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا وَلَا تَكَلَّمْتُ بِهَا ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا.
ـ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا سِمَاكٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَكْبٍ فَقَالَ رَجُلٌ لَا وَأَبِي فَقَالَ رَجُلٌ لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ حَدَّثَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ عَبْدِيٌّ حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ إِنِّي لَجَالِسٌ تَحْتَ مِنْبَرِ عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ قَالَ أَبمو عَبْد الرَّحْمَنِ عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد و حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ ) الْآيَةَ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَرَّةً سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .(1/149)
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ قَالَ وَكِيعٌ فِتْنَةُ الصَّدْرِ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَذَكَرَ وَكِيعٌ الْفِتْنَةَ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهِ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ تَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى عَدُوِّ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ الْقَائِلِ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا يُعَدِّدُ أَيَّامَهُ قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَبَسَّمُ حَتَّى إِذَا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ وَقَدْ قِيلَ ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ قَالَ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَمَشَى مَعَهُ فَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى فُرِغَ مِنْهُ قَالَ فَعَجَبٌ لِي وَجَرَاءَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ ( وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَهُ عَلَى مُنَافِقٍ وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
ـ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَكَ يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ وَاجْتَمَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاؤُهُ فِي الْغَيْرَةِ فَقُلْتُ لَهُنَّ ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ ) قَالَ فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ.
ـ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلَاثٍ أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ الْمَقَامَ مُصَلًّى قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) وَقُلْتُ لَوْ حَجَبْتَ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْءٌ فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ أَقُولُ لَهُنَّ لَتَكُفُّنَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ لَيُبْدِلَنَّهُ اللَّهُ بِكُنَّ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ يَا عُمَرُ أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ فَكَفَفْتُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ ) الْآيَةَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ ح و حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْمَعْنَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله(1/150)
عنه مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي قَالَ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى قَالَ وَمَا ابْنُ أَبْزَى فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى فَقَالَ إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ قَاضٍ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً فِي كِتَابِكُمْ لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ وَأَيُّ آيَةٍ هِيَ قَالَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) قَالَ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَاللَّهِ إِنَّنِي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالسَّاعَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ أَمْلَى عَلَيَّ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَمَكَثْنَا سَاعَةً فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا وَارْضَ عَنَّا وَأَرْضِنَا ثُمَّ قَالَ لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آيَاتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) حَتَّى خَتَمَ الْعَشْرَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ قَالَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ قَالَ فَقُلْتُ لِنَفْسِي ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْكَ قَالَ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَتَقَدَّمْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ قَالَ فَإِذَا أَنَا بِمُنَادٍ يُنَادِي يَا عُمَرُ أَيْنَ عُمَرُ قَالَ فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَتْ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ سُورَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ).
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ عَبْد اللَّهِ وَقَدْ بَلَغَ بِهِ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ وِرْدِهِ أَوْ قَالَ مِنْ جُزْئِهِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى الظُّهْرِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ لَيْلَتِهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فَقَرَأَ فِيهَا حُرُوفًا لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَنِيهَا قَالَ فَأَرَدْتُ أَنْ أُسَاوِرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا فَرَغَ قُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ كَذَبْتَ وَاللَّهِ مَا هَكَذَا أَقْرَأَكَ رَسُولُ(1/151)
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ أَقُودُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ وَإِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ فِيهَا حُرُوفًا لَمْ تَكُنْ أَقْرَأْتَنِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اقْرَأْ يَا هِشَامُ فَقَرَأَ كَمَا كَانَ قَرَأَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأْتُ فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى الْحَجَرِ فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ ثُمَّ قَبَّلَهُ.
ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَكَبَّ عَلَى الرُّكْنِ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَوْ لَمْ أَرَ حَبِيبِي - صلى الله عليه وسلم - قَبَّلَكَ وَاسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ وَلَا قَبَّلْتُكَ وَ ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ).
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ زَعَمَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ.
ـ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَسَنٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى سَفَطٍ أُتِيَ بِهِ مِنْ قَلْعَةٍ مِنَ الْعِرَاقِ فَكَانَ فِيهِ خَاتَمٌ فَأَخَذَهُ بَعْضُ بَنِيهِ فَأَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَانْتَزَعَهُ عُمَرُ مِنْهُ ثُمَّ بَكَى عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ لِمَ تَبْكِي وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَكَ وَأَظْهَرَكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَأَقَرَّ عَيْنَكَ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَا تُفْتَحُ الدُّنْيَا عَلَى أَحَدٍ إِلَّا أَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَا أُشْفِقُ مِنْ ذَلِكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْكِنْدِيِّ أَنَّهُ رَكِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَسْأَلُهُ عَنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ قَالَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه مَا أَقْدَمَكَ قَالَ لِأَسْأَلَكَ عَنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ قَالَ وَمَا هُنَّ قَالَ رُبَّمَا كُنْتُ أَنَا وَالْمَرْأَةُ فِي بِنَاءٍ ضَيِّقٍ فَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ فَإِنْ صَلَّيْتُ أَنَا وَهِيَ كَانَتْ بِحِذَائِي وَإِنْ صَلَّتْ خَلْفِي خَرَجَتْ مِنَ الْبِنَاءِ فَقَالَ عُمَرُ تَسْتُرُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بِثَوْبٍ ثُمَّ تُصَلِّي بِحِذَائِكَ إِنْ شِئْتَ وَعَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ نَهَانِي عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَعَنِ الْقَصَصِ فَإِنَّهُمْ أَرَادُونِي عَلَى الْقَصَصِ فَقَالَ مَا(1/152)
شِئْتَ كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَمْنَعَهُ قَالَ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَنْتَهِيَ إِلَى قَوْلِكَ قَالَ أَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَقُصَّ فَتَرْتَفِعَ عَلَيْهِمْ فِي نَفْسِكَ ثُمَّ تَقُصَّ فَتَرْتَفِعَ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْكَ أَنَّكَ فَوْقَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الثُّرَيَّا فَيَضَعَكَ اللَّهُ تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ خَطَبَ عُمَرُ رضي الله عنه النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَخَّصَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحَصِّنُوا فُرُوجَ هَذِهِ النِّسَاءِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ والْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ إِلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ نَتَعَاهَدُهَا فَلَمَّا قَدِمْنَاهَا تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا قَالَ فَعُدِيَ عَلَيَّ تَحْتَ اللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي فَفُدِعَتْ يَدَايَ مِنْ مِرْفَقِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اسْتُصْرِخَ عَلَيَّ صَاحِبَايَ فَأَتَيَانِي فَسَأَلَانِي عَمَّنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ فَأَصْلَحَا مِنْ يَدَيَّ ثُمَّ قَدِمُوا بِي عَلَى عُمَرَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ يَهُودَ ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه فَفَدَعُوا يَدَيْهِ كَمَا بَلَغَكُمْ مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى الْأَنْصَارِ قَبْلَهُ لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُمْ لَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ فَأَخْرَجَهُمْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رُؤْيَا لَا أُرَاهَا إِلَّا لِحُضُورِ أَجَلِي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ قَالَ وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ دِيكٌ أَحْمَرُ فَقَصَصْتُهَا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا فَقَالَتْ يَقْتُلُكَ رَجُلٌ مِنَ الْعَجَمِ قَالَ وَإِنَّ النَّاسَ يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَخِلَافَتَهُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنْ يَعْجَلْ بِي أَمْرٌ فَإِنَّ الشُّورَى فِي هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ فَمَنْ بَايَعْتُمْ مِنْهُمْ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ أُنَاسًا سَيَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَنَا قَاتَلْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكُفَّارُ الضُّلَّالُ وَايْمُ اللَّهِ مَا أَتْرُكُ فِيمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي فَاسْتَخْلَفَنِي شَيْئًا أَهَمَّ إِلَيَّ مِنَ الْكَلَالَةِ وَايْمُ اللَّهِ مَا أَغْلَظَ لِي نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَيْءٍ مُنْذُ صَحِبْتُهُ أَشَدَّ مَا أَغْلَظَ لِي فِي شَأْنِ الْكَلَالَةِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ فَسَأَقْضِي فِيهَا بِقَضَاءٍ يَعْلَمُهُ مَنْ يَقْرَأُ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ وَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ إِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ وَيُبَيِّنُوا لَهُمْ سُنَّةَ نَبِيِّهِمْ - صلى الله عليه وسلم - وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا عُمِّيَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الثُّومُ وَالْبَصَلُ وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَرَى نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجِدُ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ(1/153)
فَيَأْمُرُ بِهِ فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ فَيُخْرَجُ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ الْبَقِيعَ فَمَنْ أَكَلَهُمَا لَا بُدَّ فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا قَالَ فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأُصِيبَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِىِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي خِلَافَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا قَالَ فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا وَأَنَا بِخَيْرٍ وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه فَلَا تَفْعَلْ فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي قَالَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ.
ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ حَدَّثَنَا هَارُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَيَسِيرَنَّ الرَّاكِبُ فِي جَنَبَاتِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ لَيَقُولُ لَقَدْ كَانَ فِي هَذَا حَاضِرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَثِيرٌ قَالَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَلَمْ يَجُزْ بِهِ حَسَنٌ الْأَشْيَبُ جَابِرًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةً فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ مِنْهُمْ أَهْلُ الصُّفَّةِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّكُمْ تُخَيِّرُونِي بَيْنَ أَنْ تَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ وَبَيْنَ أَنْ تُبَخِّلُونِي وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةً فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ مِنْهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي بَيْنَ أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْفُرَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَوَافَيْتُهَا وَقَدْ وَقَعَ فِيهَا مَرَضٌ فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ(1/154)
عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَجَبَتْ فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ مَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ فَقُلْنَا وَثَلَاثَةٌ قَالَ فَقَالَ وَثَلَاثَةٌ قَالَ قُلْنَا وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ قَالَ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَسَنٌ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ سَيَخْرُجُ أَهْلُ مَكَّةَ ثُمَّ لَا يَعْبُرُ بِهَا أَوْ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا قَلِيلٌ ثُمَّ تَمْتَلِئُ وَتُبْنَى ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا فَلَا يَعُودُونَ فِيهَا أَبَدًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْتَوِي مَا يَجِدُ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ مِنَ الدَّقَلِ.
الدقل: هو التمر الرديء اليابس.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ أَنْبَأَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَنَيِّفٌ وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ أَنْجِزْ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا قَالَ فَمَا زَالَ يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَرَدَّاهُ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ثُمَّ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) فَلَمَّا كَانَ يَوْمُئِذٍ وَالْتَقَوْا فَهَزَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُشْرِكِينَ فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا وَعُمَرَ رضي الله عنهمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةُ وَالْإِخْوَانُ فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمُ الْفِدْيَةَ فَيَكُونُ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ قُوَّةً لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ فَيَكُونُونَ لَنَا عَضُدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قَالَ قُلْتُ وَاللَّهِ مَا أَرَى مَا رَأَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ فُلَانٍ قَرِيبًا لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا رضي الله عنه مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ فُلَانٍ أَخِيهِ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَتْ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ هَؤُلَاءِ صَنَادِيدُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ فَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَإِذَا هُمَا يَبْكِيَانِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبَكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنَ الْفِدَاءِ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ(1/155)
وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ) إِلَى قَوْلِهِ ( لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ ) مِنَ الْفِدَاءِ ثُمَّ أُحِلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا ) الْآيَةَ بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَنَا سَأَلْتُهُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَتَرَاءَيْنَا الْهِلَالَ وَكُنْتُ حَدِيدَ الْبَصَرِ فَرَأَيْتُهُ فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ أَمَا تَرَاهُ قَالَ سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى فِرَاشِي ثُمَّ أَخَذَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرِينَا مَصَارِعَهُمْ بِالْأَمْسِ يَقُولُ هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ فَجَعَلُوا يُصْرَعُونَ عَلَيْهَا قَالَ قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَئُوا تِيكَ كَانُوا يُصْرَعُونَ عَلَيْهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَطُرِحُوا فِي بِئْرٍ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ يَا فُلَانُ يَا فُلَانُ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللَّهُ حَقًّا فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللَّهُ حَقًّا قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكَلِّمُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا قَالَ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُوا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهمَا قَالَ لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) حَتَّى حَجَّ عُمَرُ رضي الله عنه وَحَجَجْتُ مَعَهُ فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ عُمَرُ رضي الله عنه وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ فَتَبَرَّزَ ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ كَرِهَ وَاللَّهِ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكْتُمْهُ عَنْهُ قَالَ هِيَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ قَالَ ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ قَالَ كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ قَالَ وَكَانَ مَنْزِلِي فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَوَالِي قَالَ فَتَغَضَّبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ قَالَ فَانْطَلَقْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ نَعَمْ قُلْتُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ قَالَتْ نَعَمْ قُلْتُ قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَ أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ لَا تُرَاجِعِي رَسُولَ اللَّهِ وَلَا تَسْأَلِيهِ شَيْئًا وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ وَلَا يَغُرَّنَّكِ إِنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْكِ يُرِيدُ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَ وَكَانَ لِي جَارٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ(1/156)
قَالَ وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمًا ثُمَّ أَتَانِي عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ثُمَّ نَادَانِي فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ قُلْتُ وَمَاذَا أَجَاءَتْ غَسَّانُ قَالَ لَا بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ طَلَّقَ الرَّسُولُ نِسَاءَهُ فَقُلْتُ قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي ثُمَّ نَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقُلْتُ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لَا أَدْرِي هُوَ هَذَا مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ فَأَتَيْتُ غُلَامًا لَهُ أَسْوَدَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ الْغُلَامُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمِنْبَرَ فَإِذَا عِنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ فَجَلَسْتُ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ الْغُلَامُ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيَّ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَخَرَجْتُ فَجَلَسْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي فَقَالَ ادْخُلْ فَقَدْ أَذِنَ لَكَ فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى رَمْلِ حَصِيرٍ ح و حَدَّثَنَاه يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِ صَالِحٍ قَالَ رُمَالِ حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْتُ أَطَلَّقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَقَالَ لَا فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَوْ رَأَيْتَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ فَتَغَضَّبْتُ عَلَى امْرَأَتِي يَوْمًا فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ فَقُلْتُ قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَا يَغُرُّكِ إِنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْكِ فَتَبَسَّمَ أُخْرَى فَقُلْتُ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَجَلَسْتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فِي الْبَيْتِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ إِلَّا أَهَبَةً ثَلَاثَةً فَقُلْتُ ادْعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ فَقَدْ وُسِّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاسْتَوَى جَالِسًا ثُمَّ قَالَ أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقُلْتُ اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَجَعَ إِلَى رَحْلِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أُقْرِئُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَنْتَظِرُهُ وَذَلِكَ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ رضي الله عنه بَايَعْتُ فُلَانًا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه إِنِّي قَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ وَإِنَّهُمِ الَّذِينَ(1/157)
يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ إِذَا قُمْتَ فِي النَّاسِ فَأَخْشَى أَنْ تَقُولَ مَقَالَةً يَطِيرُ بِهَا أُولَئِكَ فَلَا يَعُوهَا وَلَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا وَلَكِنْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ وَتَخْلُصَ بِعُلَمَاءِ النَّاسِ وَأَشْرَافِهِمْ فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا فَيَعُونَ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا مَوَاضِعَهَا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَئِنْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ سَالِمًا صَالِحًا لَأُكَلِّمَنَّ بِهَا النَّاسَ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ صَكَّةَ الْأَعْمَى فَقُلْتُ لِمَالِكٍ وَمَا صَكَّةُ الْأَعْمَى قَالَ إِنَّهُ لَا يُبَالِي أَيَّ سَاعَةٍ خَرَجَ لَا يَعْرِفُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَنَحْوَ هَذَا فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ عِنْدَ رُكْنِ الْمِنْبَرِ الْأَيْمَنِ قَدْ سَبَقَنِي فَجَلَسْتُ حِذَاءَهُ تَحُكُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ طَلَعَ عُمَرُ رضي الله عنه فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قُلْتُ لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَالَةً مَا قَالَهَا عَلَيْهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ قَالَ فَأَنْكَرَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ذَلِكَ فَقَالَ مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فَجَلَسَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنِّي قَائِلٌ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي فَمَنْ وَعَاهَا وَعَقَلَهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ لَمْ يَعِهَا فَلَا أُحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ لَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ قَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوِ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ أَلَا وَإِنَّا قَدْ كُنَّا نَقْرَأُ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ أَلَا وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ رضي الله عنه بَايَعْتُ فُلَانًا فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَتْ فَلْتَةً أَلَا وَإِنَّهَا كَانَتْ كَذَلِكَ أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَى شَرَّهَا وَلَيْسَ فِيكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَلَا وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمَا تَخَلَّفُوا فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَخَلَّفَتْ عَنَّا الْأَنْصَارُ بِأَجْمَعِهَا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ حَتَّى لَقِيَنَا رَجُلَانِ صَالِحَانِ فَذَكَرَا لَنَا الَّذِي صَنَعَ الْقَوْمُ فَقَالَا أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْتُ نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَا لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ وَاقْضُوا أَمْرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى جِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ رَجُلٌ مُزَمَّلٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقُلْتُ مَا لَهُ قَالُوا وَجِعٌ فَلَمَّا جَلَسْنَا قَامَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنَّا وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا وَيَحْضُنُونَا مِنَ الْأَمْرِ فَلَمَّا(1/158)
سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَقَدْ كُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ وَهُوَ كَانَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى رِسْلِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ وَكَانَ أَعْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَهَا فِي بَدِيهَتِهِ وَأَفْضَلَ حَتَّى سَكَتَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَلَمْ تَعْرِفِ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَيَّهُمَا شِئْتُمْ وَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا وَكَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ إِلَى إِثْمٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَّا أَنْ تَغَيَّرَ نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ مَا مَعْنَى أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ قَالَ كَأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا دَاهِيَتُهَا قَالَ وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَّى خَشِيتُ الِاخْتِلَافَ فَقُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَهُ الْأَنْصَارُ وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ قَتَلْتُمْ سَعْدًا فَقُلْتُ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه أَمَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا أَمْرًا هُوَ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً فَإِمَّا أَنْ نُتَابِعَهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونَ فِيهِ فَسَادٌ فَمَنْ بَايَعَ أَمِيرًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا بَيْعَةَ لَهُ وَلَا بَيْعَةَ لِلَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا قَالَ مَالِكٌ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَقِيَاهُمَا عُوَيْمِرُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ الَّذِي قَالَ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَأَتَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو الْيَمَانِ قَالَا أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ قَالَ أَبُو الْيَمَانِ لَأَقْتُلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -(1/159)
لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا.
ـ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لَئِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.
روى أحمد - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ قَالَ حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ الْعَامَ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عُمَرُ رضي الله عنه قَالَ فَخَطَبَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ شُعْبَةُ الشَّاكُّ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ طُعِنَ فَأُذِنَ لِلنَّاسِ عَلَيْهِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَهْلُ الشَّامِ ثُمَّ أُذِنَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فَدَخَلْتُ فِيمَنْ دَخَلَ قَالَ فَكَانَ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ أَثْنَوْا عَلَيْهِ وَبَكَوْا قَالَ فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ وَقَدْ عَصَبَ بَطْنَهُ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَالدَّمُ يَسِيلُ قَالَ فَقُلْنَا أَوْصِنَا قَالَ وَمَا سَأَلَهُ الْوَصِيَّةَ أَحَدٌ غَيْرُنَا فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ فَقُلْنَا أَوْصِنَا فَقَالَ أُوصِيكُمْ بِالْمُهَاجِرِينَ فَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ وَأُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ فَإِنَّهُمْ شَعْبُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَجِئَ إِلَيْهِ وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ فَإِنَّهُمْ أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ وَأُوصِيكُمْ بِأَهْلِ ذِمَّتِكُمْ فَإِنَّهُمْ عَهْدُ نَبِيِّكُمْ وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ قُومُوا عَنِّي قَالَ فَمَا زَادَنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْأَعْرَابِ وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ فَإِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ. حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ قَالَ حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ الْعَامَ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عُمَرُ رضي الله عنه قَالَ فَخَطَبَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ شُعْبَةُ الشَّاكُّ قَالَ فَمَا لَبِثَ إِلَّا جُمُعَةً حَتَّى طُعِنَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَأُوصِيكُمْ بِأَهْلِ ذِمَّتِكُمْ فَإِنَّهُمْ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْأَعْرَابِ وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ فَإِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهمَا فَقَالَ اعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَقُلْ فِي الْكَلَالَةِ شَيْئًا وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِي أَحَدًا وَأَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَأْتَمَنَكَ النَّاسُ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَأْتَمَنَهُ النَّاسُ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه قَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَصْحَابِي حِرْصًا سَيِّئًا وَإِنِّي جَاعِلٌ هَذَا الْأَمْرَ إِلَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ(1/160)
عَنْهُمْ رَاضٍ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَوْ أَدْرَكَنِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ ثُمَّ جَعَلْتُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَيْهِ لَوَثِقْتُ بِهِ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَا سَأَلْتُهُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه وَقَالَ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا قَدْ نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا لِحُضُورِ أَجَلِي وَإِنَّ أَقْوَامًا يَأْمُرُونِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ دِينَهُ وَلَا خِلَافَتَهُ وَالَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ وَإِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قَوْمًا سَيَطْعُنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَعَلُوا فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ وَإِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ إِلَيَّ مِنَ الْكَلَالَةِ وَمَا أَغْلَظَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَيْءٍ مُنْذُ صَاحَبْتُهُ مَا أَغْلَظَ لِي فِي الْكَلَالَةِ وَمَا رَاجَعْتُهُ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فَإِنْ أَعِشْ أَقْضِي فِيهَا قَضِيَّةً يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ - صلى الله عليه وسلم - وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ وَيَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخِذَ بِيَدِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ وَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قِيلَ لَهُ أَلَا تَسْتَخْلِفُ فَقَالَ إِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْه.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ وَعَفَّانُ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَتَى عُمَرَ رضي الله عنه حِينَ طُعِنَ فَقَالَ احْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يُدْرِكَنِي النَّاسُ أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلَالَةِ قَضَاءً وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةً وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ عَتِيقٌ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ اسْتَخْلِفْ فَقَالَ أَيَّ ذَلِكَ أَفْعَلُ فَقَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي إِنْ أَدَعْ إِلَى النَّاسِ أَمْرَهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - م وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ لَهُ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ صَاحَبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَلْتَ صُحْبَتَهُ وَوُلِّيتَ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوِيتَ وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ فَقَالَ أَمَّا تَبْشِيرُكَ إِيَّايَ بِالْجَنَّةِ فَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي قَالَ عَفَّانُ فَلَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ الْخَبَرَ وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي أَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَلِكَ.(1/161)
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَا وَأَبِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَهْ إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ أَنْبَأَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ طَاحِيَةَ مُهَاجِرًا يُقَالُ لَهُ بَيْرَحُ بْنُ أَسَدٍ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَيَّامٍ فَرَآهُ عُمَرُ رضي الله عنه فَعَلِمَ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ عُمَانَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ الَّتِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ يَنْضَحُ بِنَاحِيَتِهَا الْبَحْرُ بِهَا حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ لَوْ أَتَاهُمْ رَسُولِي مَا رَمَوْهُ بِسَهْمٍ وَلَا حَجَرٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ بِعَرَفَةَ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مَرْوَانَ أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ جِئْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكُوفَةِ وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلًا يُمْلِيَ الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ فَغَضِبَ وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ فَقَالَ وَمَنْ هُوَ وَيْحَكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَمَا زَالَ يُطْفَأُ وَيُسَرَّى عَنْهُ الْغَضَبُ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه اللَّيْلَةَ كَذَاكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ قَالَ ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ يَدْعُو فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَهُ سَلْ تُعْطَهْ سَلْ تُعْطَهْ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه قُلْتُ وَاللَّهِ لَأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ فَلَأُبَشِّرَنَّهُ قَالَ فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُبَشِّرَهُ فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ وَلَا وَاللَّهِ مَا سَبَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا وَسَبَقَنِي إِلَيْهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فِي مِثْلِ مَقَامِي هَذَا فَقَالَ أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَحْلِفُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عَلَيْهَا وَيَشْهَدُ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنَالَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ وَلَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ تَسُرُّهُ حَسَنَتُهُ وَتَسُوءُهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْفُرَاتِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيْلِيِّ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرٌ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَجَبَتْ(1/162)
ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرٌ فَقَالَ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرٌّ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَجَبَتْ فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ قُلْنَا أَوْ ثَلَاثَةٌ قَالَ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَقُلْنَا أَوِ اثْنَانِ قَالَ أَوِ اثْنَانِ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه اللَّيْلَةَ كَذَاكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا مَعَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْ تَوَاضَعَ لِي هَكَذَا وَجَعَلَ يَزِيدُ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى الْأَرْضِ وَأَدْنَاهَا إِلَى الْأَرْضِ رَفَعْتُهُ هَكَذَا وَجَعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى السَّمَاءِ وَرَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي أُنَاسٍ مِنْ قَوْمِي فَجَعَلَ يَفْرِضُ لِلرَّجُلِ مِنْ طَيِّئٍ فِي أَلْفَيْنِ وَيُعْرِضُ عَنِّي قَالَ فَاسْتَقْبَلْتُهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ حِيَالِ وَجْهِهِ فَأَعْرَضَ عَنِّي قَالَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَعْرِفُنِي قَالَ فَضَحِكَ حَتَّى اسْتَلْقَى لِقَفَاهُ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُكَ آمَنْتَ إِذْ كَفَرُوا وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا وَإِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ صَدَقَةُ طَيِّئٍ جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَخَذَ يَعْتَذِرُ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا فَرَضْتُ لِقَوْمٍ أَجْحَفَتْ بِهِمُ الْفَاقَةُ وَهُمْ سَادَةُ عَشَائِرِهِمْ لِمَا يَنُوبُهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ.
روى أحمد - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ سَمِعْتُ عِيَاضًا الْأَشْعَرِيَّ قَالَ شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ وَعَلَيْنَا خَمْسَةُ أُمَرَاءَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَابْنُ حَسَنَةَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعِيَاضٌ وَلَيْسَ عِيَاضٌ هَذَا بِالَّذِي حَدَّثَ سِمَاكًا قَالَ وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ وَاسْتَمْدَدْنَاهُ فَكَتَبَ إِلَيْنَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي وَإِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْضَرُ جُنْدًا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْتَنْصِرُوهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَقَاتِلُوهُمْ وَلَا تُرَاجِعُونِي قَالَ فَقَاتَلْنَاهُمْ فَهَزَمْنَاهُمْ وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ قَالَ وَأَصَبْنَا أَمْوَالًا فَتَشَاوَرُوا فَأَشَارَ عَلَيْنَا عِيَاضٌ أَنْ نُعْطِيَ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةً قَالَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَنْ يُرَاهِنِّي فَقَالَ شَابٌّ أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ قَالَ فَسَبَقَهُ فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ وَهُوَ خَلْفَهُ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيٍّ.
(العقيصة: هي الشعر المضفور،تنقزان: أي تقفزان).
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ صُبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا تَغْلِبِيًّا فَأَسْلَمَ فَسَأَلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقِيلَ لَهُ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَرَادَ أَنْ يُجَاهِدَ فَقِيلَ لَهُ(1/163)
أَحَجَجْتَ قَالَ لَا فَقِيلَ لَهُ حُجَّ وَاعْتَمِرْ ثُمَّ جَاهِدْ فَأَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا فَوَافَقَ زَيْدَ بْنَ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ فَقَالَا هُوَ أَضَلُّ مِنْ نَاقَتِهِ أَوْ مَا هُوَ بِأَهْدَى مِنْ جَمَلِهِ فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمَا فَقَالَ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ أَمَلَّهُ عَلَيَّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ ابْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه ثُمَّ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ وَلَا أُرَى ذَلِكَ إِلَّا لِحُضُورِ أَجَلِي وَإِنَّ نَاسًا يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ خِلَافَتَهُ وَدِينَهُ وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالْخِلَافَةُ شُورَى فِي هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ فَأَيُّهُمْ بَايَعْتُمْ لَهُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا سَيَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَإِنِّي قَاتَلْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَعَلُوا فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا هُوَ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَمْرِ الْكَلَالَةِ وَلَقَدْ سَأَلْتُ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهَا فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ قَطُّ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا حَتَّى طَعَنَ بِيَدِهِ أَوْ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي أَوْ جَنْبِي وَقَالَ يَا عُمَرُ تَكْفِيكَ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا قَضِيَّةً لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا أَحَدٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَوْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ فَإِنِّي بَعَثْتُهُمْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ دِينَهُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ وَيَقْسِمُونَ فِيهِمْ فَيْئَهُمْ وَيُعَدِّلُونَ عَلَيْهِمْ وَمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ يَرْفَعُونَهُ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الثُّومُ وَالْبَصَلُ لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ حَتَّى يُخْرَجَ بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ فَمَنْ كَانَ آكِلَهُمَا لَا بُدَّ فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا قَالَ فَخَطَبَ بِهَا عُمَرُ رضي الله عنه يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأُصِيبَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
روى أحمد - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا لَيْثٌ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ أَنَّهُ قَالَ اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ أَمَرَ لِي بِعِمَالَةٍ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ وَأَجْرِي عَلَى اللَّهِ قَالَ خُذْ مَا أُعْطِيتَ فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَمَّلَنِي فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ مَقَامِي فِيكُمْ فَقَالَ اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْرًا ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْتَدِئُ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بَحْبَحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ(1/164)
الْجَمَاعَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ لَا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي سَبَإٍ عُتْبَةَ بْنِ تَمِيمٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْيَزَنِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُغِيثٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ طُفْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَلَمَّا كُنْتُ عِنْدَ الرُّكْنِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِيَسْتَلِمَ فَقَالَ أَمَا طُفْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ بَلَى قَالَ فَهَلْ رَأَيْتَهُ يَسْتَلِمُهُ قُلْتُ لَا قَالَ فَانْفُذْ عَنْكَ فَإِنَّ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةً حَسَنَةً.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ عَوْفٍ الْعَنَزِيُّ بَصْرِيٌّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْغَضْبَانُ بْنُ حَنْظَلَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَنْظَلَةَ بْنَ نُعَيْمٍ وَفَدَ إِلَى عُمَرَ فَكَانَ عُمَرُ إِذَا مَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ مِنَ الْوَفْدِ سَأَلَهُ مِمَّنْ هُوَ حَتَّى مَرَّ بِهِ أَبِي فَسَأَلَهُ مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ مِنْ عَنَزَةَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ حَيٌّ مِنْ هَاهُنَا مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه وَبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلٍ وَهُوَ يُجْلِسُ النَّاسَ يَقُولُ اسْمَعُوا لِقَوْلِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه يُقَالُ لَهُ شَدِيدٌ بِصَحِيفَةٍ فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ فَقَالَ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لِمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَوَاللَّهِ مَا أَلَوْتُكُمْ قَالَ قَيْسٌ فَرَأَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا أَقْبَلَ أَهْلُ الْيَمَنِ جَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يَسْتَقْرِي الرِّفَاقَ فَيَقُولُ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ قَرَنٍ حَتَّى أَتَى عَلَى قَرَنٍ فَقَالَ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا قَرَنٌ فَوَقَعَ زِمَامُ عُمَرَ رضي الله عنه أَوْ زِمَامُ أُوَيْسٍ فَنَاوَلَهُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَعَرَفَهُ فَقَالَ عُمَرُ مَا اسْمُكَ قَالَ أَنَا أُوَيْسٌ فَقَالَ هَلْ لَكَ وَالِدَةٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ كَانَ بِكَ مِنَ الْبَيَاضِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ فَدَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَأَذْهَبَهُ عَنِّي إِلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ مِنْ سُرَّتِي لِأَذْكُرَ بِهِ رَبِّي قَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه اسْتَغْفِرْ لِي قَالَ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ثُمَّ دَخَلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ فَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ وَقَعَ قَالَ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ قَالَ وَكُنَّا نَجْتَمِعُ فِي حَلْقَةٍ فَنَذْكُرُ اللَّهَ وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَنَا فَكَانَ إِذَا ذَكَرَ هُوَ وَقَعَ حَدِيثُهُ مِنْ قُلُوبِنَا مَوْقِعًا لَا يَقَعُ حَدِيثُ غَيْرِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.(1/165)
روى أحمد - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي هُشَيْمٌ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ هِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِي الْمُتْعَةَ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ يُعَرِّسُوا بِهِنَّ تَحْتَ الْأَرَاكِ ثُمَّ يَرُوحُوا بِهِنَّ حُجَّاجًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْعَزْلِ عَنِ الْحُرَّةِ إِلا بِإِذْنِهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ أَلَا لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ أَلَا لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْتَلَى بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ وَقَالَ مَرَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ حَتَّى تَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَحَتَّى يَقُولَ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ قَالَ وَكُنْتُ غُلَامًا عَرَبِيًّا مُوَلَّدًا لَمْ أَدْرِ مَا عَلَقُ الْقِرْبَةِ قَالَ وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ وَمَاتَ قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا وَمَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا يَلْتَمِسُ التِّجَارَةَ لَا تَقُولُوا ذَاكُمْ وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ أَوْ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ حَدِّثْنِي عَنْ طَلَاقِكَ امْرَأَتَكَ قَالَ طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا فِي طُهْرِهَا قَالَ قُلْتُ لَهُ هَلِ اعْتَدَدْتَ بِالَّتِي طَلَّقْتَهَا وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ فَمَا لِي لَا أَعْتَدُّ بِهَا وَإِنْ كُنْتُ قَدْ عَجَزْتُ وَاسْتَحْمَقْتُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرٌو جَاءَ بَنُو مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ يُخَاصِمُونَهُ فِي وَلَاءِ أُخْتِهِمْ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَا أَحْرَزَ الْوَلَدُ أَوِ الْوَالِدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ فَقَضَى لَنَا بِهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ رضي الله عنهمْ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا خَالٌ فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَكَتَبَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ رَضِي اللَّه عَنْه إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ(1/166)
وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ فَكَانُوا يَخْتَلِفُونَ إِلَى الْأَغْرَاضِ فَجَاءَ سَهْمٌ غَرْبٌ إِلَى غُلَامٍ فَقَتَلَهُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَصْلٌ وَكَانَ فِي حَجْرِ خَالٍ لَهُ فَكَتَبَ فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه إِلَى مَنْ أَدْفَعُ عَقْلَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه مَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيْءٍ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَلَالَةِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِهِ أَعَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّا لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا يُقَادُ وَالِدٌ مِنْ وَلَدٍ،وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرِثُ الْمَالَ مَنْ يَرِثُ الْوَلَاءَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةً الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ وَمِيثَرَةَ الْأُرْجُوَانِ وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صَوْمِ رَجَبٍ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الْأَبَدَ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ كَمَا حَدَّثَنِي عَنْهُ نَافِعٌ مَوْلَاهُ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَلْيَأْتَزِرْ بِهِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ ذَلِكَ وَيَقُولُ لَا تَلْتَحِفُوا بِالثَّوْبِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ كَمَا تَفْعَلُ الْيَهُودُ قَالَ نَافِعٌ وَلَوْ قُلْتُ لَكُمْ إِنَّهُ أَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَرَجَوْتُ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ رَافِعٍ الطَّاطَرِيُّ بَصْرِيٌّ حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَنْ فَرُّوخَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَرَأَى طَعَامًا مَنْثُورًا فَقَالَ مَا هَذَا الطَّعَامُ فَقَالُوا طَعَامٌ جُلِبَ إِلَيْنَا قَالَ بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ وَفِيمَنْ جَلَبَهُ قِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ قَدِ احْتُكِرَ قَالَ وَمَنِ احْتَكَرَهُ قَالُوا فَرُّوخُ مَوْلَى عُثْمَانَ وَفُلَانٌ مَوْلَى عُمَرَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَدَعَاهُمَا فَقَالَ مَا حَمَلَكُمَا عَلَى احْتِكَارِ طَعَامِ الْمُسْلِمِينَ قَالَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَشْتَرِي بِأَمْوَالِنَا وَنَبِيعُ فَقَالَ عُمَرُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْإِفْلَاسِ أَوْ بِجُذَامٍ فَقَالَ فَرُّوخُ عِنْدَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُعَاهِدُ اللَّهَ وَأُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أَعُودَ(1/167)
فِي طَعَامٍ أَبَدًا وَأَمَّا مَوْلَى عُمَرَ فَقَالَ إِنَّمَا نَشْتَرِي بِأَمْوَالِنَا وَنَبِيعُ قَالَ أَبُو يَحْيَى فَلَقَدْ رَأَيْتُ مَوْلَى عُمَرَ مَجْذُومًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَسَنٌ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لا يُقَادُ لِوَلَدٍ مِنْ وَالِدِهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقَالَ هُشَيْمٌ مَرَّةً خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَذَكَرَ الرَّجْمَ فَقَالَ لَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ فَإِنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَائِلُونَ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ لَكَتَبْتُهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُصْحَفِ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقَالَ هُشَيْمٌ مَرَّةً وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِ أَلَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّالِ وَبِالشَّفَاعَةِ وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَبِقَوْمٍ يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امْتَحَشُوا.
امتحشوا: أي احترقوا.
ـ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَطَبَ النَّاسَ فَسَمِعَهُ يَقُولُ أَلَا وَإِنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ مَا بَالُ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْجَلْدُ وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَائِلُونَ أَوْ يَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمُونَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ لَأَثْبَتُّهَا كَمَا نُزِّلَتْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ صَرَفْتُ عِنْدَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَرِقًا بِذَهَبٍ فَقَالَ أَنْظِرْنِي حَتَّى يَأْتِيَنَا خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ قَالَ فَسَمِعَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ مِنْهُ صَرْفَهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذُكِرَ لِعُمَرَ أَنَّ سَمُرَةَ وَقَالَ مَرَّةً بَلَغَ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ سَمُرَةَ بَاعَ خَمْرًا قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ سَمُرَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا.(1/168)
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قُلْتُ ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) وَقَدْ أَمَّنَ اللَّهُ النَّاسَ فَقَالَ لِي عُمَرُ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ فَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ وَقَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَرِّمَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ فَلْيُحَرِّمِ النَّبِيذَ قَالَ وَسَأَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْجَرِّ قَالَ وَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه فَحَدَّثَ عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَخِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَالْبُسْرِ وَالتَّمْرِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَة ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَة ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْه أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَيْلَةً فَقَالَ لَهُ فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ كَانَ عُمَرُ يَحْلِفُ عَلَى أَيْمَانٍ ثَلَاثٍ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَالِ مِنْ أَحَدٍ وَمَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ وَاللَّهِ مَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ إِلَّا عَبْدًا مَمْلُوكًا وَلَكِنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَسْمِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -(1/169)
فَالرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالرَّجُلُ وَقَدَمُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالرَّجُلُ وَغَنَاؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ وَ وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِيَ بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظُّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ يَرْعَى مَكَانَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ رضي الله عنه فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ إِنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ اتَّزِرُوا وَارْتَدُوا وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَأَلْقُوا الرُّكُبَ وَانْزُوا نَزْوًا وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعَدِّيَّةِ وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ لَا تَلْبَسُوا مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِصْبَعَيْهِ.
روى أحمد - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْجَرِّ فَحَدَّثَنَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْجَرِّ وَعَنِ الدُّبَّاءِ وَعَنِ الْمُزَفَّتِ.
(الْمُزَفَّتِ: إناء يطلى بالزفت أو القار).
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ فَرَجَعَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى.
ـ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلًا تَوَضَّأَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ فَرَجَعَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَسَنٌ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ يَصْنَعُ أَحَدُنَا إِذَا هُوَ أَجْنَبَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ لِيَنَمْ.
ـ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَرْقُدُ الرَّجُلُ إِذَا أَجْنَبَ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ.(1/170)
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ يَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَتَوَضَّأْتُ فَقَالَ أَيْضًا أَوَلَمْ تَسْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ.
ـ قَالَ أَبمو عَبْد الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ:مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَالْوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ بِالْعِرَاقِ حِينَ يَتَوَضَّأُ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِي سَلْ أَبَاكَ عَمَّا أَنْكَرْتَ عَلَيَّ مِنْ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِذَا حَدَّثَكَ سَعْدٌ بِشَيْءٍ فَلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
ـ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا حَدَّثَكَ سَعْدٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ رَأَى ابْنُ عُمَرَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ هَذَا فَقَالَ سَعْدٌ نَعَمْ فَاجْتَمَعَا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ سَعْدٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفْتِ ابْنَ أَخِي فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - نَمْسَحُ عَلَى خِفَافِنَا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه نَعَمْ وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ قَالَ نَافِعٌ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا وَمَا يُوَقِّتُ لِذَلِكَ وَقْتًا فَحَدَّثْتُ بِهِ مَعْمَرًا فَقَالَ حَدَّثَنِيهِ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ خُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ حَبِيبِ ابْنِ عُبَيْدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ السِّمْطِ أَنَّهُ أَتَى أَرْضًا يُقَالُ لَهَا دَوْمِينُ مِنْ حِمْصَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ(1/171)
عَشَرَ مِيلًا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ أَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَلَّامٌ يَعْنِي أَبَا الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَيَّارِ بْنِ الْمَعْرُورِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَنَحْنُ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَإِذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدِ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ وَرَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ صَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ ( وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ) قَالَ كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - ( وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ) أَيْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ ( وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ) عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمُ الْقُرْآنَ حَتَّى يَأْخُذُوهُ عَنْكَ ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ).
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا أَبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فِيهِمْ عُمَرُ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ لِي عُمَرُ رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا رَبَاحٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ إِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِالْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثَلُ الَّذِي يَعُودُ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الَّذِي يَعُودُ فِي قَيْئِهِ.(1/172)
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ وَجَدَ فَرَسًا كَانَ حَمَلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَهَاهُ وَقَالَ لَا تَعُودَنَّ فِي صَدَقَتِكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالُوا إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا أَمْوَالًا وَخَيْلا وَرَقِيقًا نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَنَا فِيهَا زَكَاةٌ وَطَهُورٌ قَالَ مَا فَعَلَهُ صَاحِبَايَ قَبْلِي فَأَفْعَلَهُ وَاسْتَشَارَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَفِيهِمْ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه فَقَالَ عَلِيٌّ هُوَ حَسَنٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ جِزْيَةً رَاتِبَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا مِنْ بَعْدِكَ.
ـ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَأَتَاهُ أَشْرَافُ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا أَصَبْنَا مِنْ أَمْوَالِنَا رَقِيقًا وَدَوَابَّ فَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا صَدَقَةً تُطَهِّرُنَا بِهَا وَتَكُونُ لَنَا زَكَاةً فَقَالَ هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَفْعَلْهُ اللَّذَانِ كَانَا مِنْ قَبْلِي وَلَكِنِ انْتَظِرُوا حَتَّى أَسْأَلَ الْمُسْلِمِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا لَيْثٌ حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّه عَنْه أَنَّهُ قَالَ هَشَشْتُ يَوْمًا فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ فَقُلْتُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفِيمَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَقَالَ مَرَّةً جَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا وَذَهَبَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ يَعْنِي الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ.
ـ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرْتَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا لَيْثٌ حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ هَشَشْتُ يَوْمًا فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ قُلْتُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفِيمَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدٍ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَمَّا يَوْمُ الْفِطْرِ فَفِطْرُكُمْ مِنْ صَوْمِكُمْ وَأَمَّا يَوْمُ الْأَضْحَى فَكُلُوا مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا(1/173)
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَعِيدُكُمْ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ قَالَ قَالَ أَبِي فَحَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ وَمَا أَعْجَبَكَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا دَعَا الْأَشْيَاخَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - دَعَانِي مَعَهُمْ فَقَالَ لَا تَتَكَلَّمْ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا قَالَ فَدَعَانَا ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وِتْرًا فَفِي أَيِّ الْوِتْرِ تَرَوْنَهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ الصُّبَيَّ بْنَ مَعْبَدٍ كَانَ نَصْرَانِيًّا تَغْلِبِيًّا أَعْرَابِيًّا فَأَسْلَمَ فَسَأَلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقِيلَ لَهُ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَرَادَ أَنْ يُجَاهِدَ فَقِيلَ لَهُ حَجَجْتَ فَقَالَ لَا فَقِيلَ حُجَّ وَاعْتَمِرْ ثُمَّ جَاهِدْ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْحَوَابِطِ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا فَرَآهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَا لَهُوَ أَضَلُّ مِنْ جَمَلِهِ أَوْ مَا هُوَ بِأَهْدَى مِنْ نَاقَتِهِ فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمَا فَقَالَ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ الْحَكَمُ فَقُلْتُ لأَبِي وَائِلٍ حَدَّثَكَ الصُّبَيُّ فَقَالَ نَعَمْ.
ـ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنِي سَيَّارٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ نَصْرَانِيًّا يُقَالُ لَهُ الصُّبَيُّ ابْنُ مَعْبَدٍ أَسْلَمَ فَأَرَادَ الْجِهَادَ فَقِيلَ لَهُ ابْدَأْ بِالْحَجِّ فَأَتَى الْأَشْعَرِيَّ فَأَمَرَهُ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا فَفَعَلَ فَبَيْنَمَا هُوَ يُلَبِّي إِذْ مَرَّ يَزِيدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَهَذَا أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِهِ فَسَمِعَهَا الصُّبَيُّ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَدِمَ أَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ قَالَ وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ وُفِّقْتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ وَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ لَمْ أُقَبِّلْكَ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَبَّلَ الْحَجَرَ ثُمَّ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ بِمَ أَهْلَلْتَ قُلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلْ سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ قُلْتُ لَا قَالَ طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَّطَتْنِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ بِذَلِكَ بِإِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ(1/174)
رضي الله عنه وَإِمَارَةِ عُمَرَ رضي الله عنه فَإِنِّي لَقَائِمٌ فِي الْمَوْسِمِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ فَقُلْتُ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فَبِهِ فَأْتَمُّوا فَلَمَّا قَدِمَ قُلْتُ مَا هَذَا الَّذِي قَدْ أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ قَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ قَالَ صَلَّى بِنَا عُمَرُ بِجَمْعٍ الصُّبْحَ ثُمَّ وَقَفَ وَقَالَ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَالَفَهُمْ ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ كَانَ الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ أَبِي عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ عُبَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ السِّمْطِ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عُمَرَ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ لا يجيز الاستئجار على العبادات التي يقوم بها المسلم لنفسه كالصلوات والأذكار،وقراءة القرآن،ونحو ذلك ؛ لأن منفعتها تعود إليه،،فقد روى ابن حزم في المحلى أن عمار بن ياسر أعطى قومًا قرءوا القرآن في رمضان،فبلغ ذلك عمر فكرهه؛ وقال سعد بن أبي وقاص: من قرأ القرآن ألحقته على ألفين،فقال عمر: أو يعطي على كتاب الله،ثمنًا؟
أما عن تعليم القرآن الكريم،فقد أجاز ـ رضي الله عنه ـ ذلك،فعن الوضين بن عطاء قال: ثلاثةٌ معلمون كانوا بالمدينة يعلمون الصبيان،وكان عمر يرزق كل واحد منهم خمسة عشر درهمًا كل شهر.
الاختلاس هو خطف الشيء جهارًا بحضرة صاحبه في غفلة منه والهرب به.
وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ لا يقطع يد المختلس،فعن الشعبي أن رجلاً اختلس طوقًا،فأخذوه وهو في حجرته إلى عمار بن ياسر ـ وهو على الكوفة ـ فكتب إلى عمر بن الخطاب،فكتب إليه عمر: إن ذاك عادي الظهيرة،فأنهكه عقوبة،ثم خل عنه ولا تقطعه،وإنما كتب ذلك عمر ـ رضي الله عنه ـ لقول رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - :(ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قَطْعٌ).
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرفض رفضًا باتًّا ادخار شيء من أموال الفَيْءِ لوقت الحاجة إليه؛ حتى لا يمنع خيره من المسلمين،فقد قال عمر ـ رضي الله عنه ـ لعبد الله بن الأرقم: اقسم بيت مال المسلمين في كل شهر مرة،اقسم بيت مال المسلمين في كل جمعة مرة،ثم قال: اقسم بيت مال المسلمين(1/175)
في كل يوم مرة،ثم قال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين،لو أبقيت في بيت المال بقية تعدها لنائبة أو صوت،فقال عمر للرجل الذي قال ذلك له:جرى الشيطان على لسانك،لقنني الله حجتها ووقاني شرها،أُعدّ لها ما أَعدّ لها رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ طاعة الله ورسوله.
وإذا كان عمر يرفض ادخار النقود كاحتياطي لما يحدث من أزمات فإنه كان لا يتردد في ادخار المواد الأخرى التي يرى أن ادخارها ضروريًّا كالكراع والسلاح والخيل للجهاد.
يرى عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه يجب أن يتولى الأذان فضلاء الناس وأشرافهم،فقد روى ابن أبي شيبة أن عمر ـ رضي الله عنه ـ سأل: مَنْ مؤذنوكم؟ قالوا: عبيدنا وموالينا،فقال:ذلك لنقص بكم كثير.
وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ يتمنى أن يكون مؤذنًا،لما للأذان من فضل،ولكن ذلك لا يستقيم مع مهمة الخلافة التي ألقيت على عاتقه،فكان يقول: لو أطقت الأذان مع الخلافة لأذّنت،وإذا هو حمل نفسه أكثر مما تحتمل ـ فقام بمهمة الأذان ـ فإن الخلفاء من بعده سيقتدون به،متذرعين بعمل عمر،وسيكون هذا على حساب مصالح الأمة،وقد أفصح هو ـ رحمه الله ـ عن ذلك فقال: لولا أني أخاف أن يكون سنة ما تركت الأذان.
هو حق جريان الماء في أرض شخص لسقي أرض شخص آخر،فقد حدث أن ساق الضحاك بن خليفة خليجًا له من العريض،فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة،فأبى محمد،فقال له الضحاك،لم تمنعني؟ وهو لك منفعة،تشرب به أولاً وآخرًا،ولا يضرك،فأبى محمد،فكلم فيه الضحاك عمر،فدعا عمر محمد بن مسلمة فأمره أن يخلي سبيله،فقال محمد:لا،فقال عمر:لم تمنع أخاك ما ينفعه؟ وهو لك نافع،تسقى به أولاً وآخرًا وهو لا يضرك؟ فقال محمد:لا والله،فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك،فأمره عمر أن يمر به،ففعل الضحاك.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى في الذي طلق زوجته طلاقًا رجعيًّا في مرض الموت ثم مات من مرضه ذلك في عدتها ورثته،ولم يرثها إن ماتت،فقال:
إذا طلّقها مريضًا ورثته ما كانت في العدة ولا يرثها.
وأما في الطلاق البائن بينونة كبرى فقد قال شريح: أتاني عروة البارقي من عند عمر في الرجل يطلق امرأته ثلاثًا في مرضه أنا ترثه ما دامت في العدة ولا يرثها وطلق غيلان بن سلمة الثقفي نساءه وهو صحيح لرؤيا رآها أنه يموت بعد أيام،وقسم ماله بين بنيه،فأرسل عمر،فقدم عليه،فقال له: إني أظهر أن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذف في قلبك أنك تموت،فحملك مبادرة ذلك على ما صنعت،وإني والله لأظنك لا تلبث بعد أن تقوم عن حضري هذا حتى تموت،وأيم الله لئن مت قبل أن تراجع نساءك وترجع مالك لأورثن نساءك من مالك،ثم لأرجمن قبرك حتى أجعل عليه مثل ما على(1/176)
قبر أبي رغال،فراجع نساءه ـ ولم يكن بت طلاقهن ـ وارتجع ماله الذي قسم بين بنيه،ثم ما لبث أن مات.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى إذا وقع المسلم أسيرًا في يد العدو فعلى أمير المؤمنين أن يستنقذه من أيدي العدو حفاظًا على دينه،وعلى كرامة المسلمين،قال عمر:
لأن أستنقذ رجلاً من المسلمين من أيدي الكفار أحب إلى من جزيرة العرب.
فإن افتداه بالمال كان فداؤه من بيت مال المسلمين،لأنه كان يدافع عنهم،قال عمر: كل أسير كان في أيدي المشركين من المسلمين ففكاكه من بيت مال المسلمين.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يجيز الرجوع بالإقرار بالحد ما لم يتم تنفيذ الحد،وكان يطرد المقر بحد لعله يذهب فلا يعود،فيعتبر ذلك رجوعًا عن إقراره،قال عمر:"اطردوا المعترفين" فإذا رجع عن إقراره لم يقم عليه الحد .
وقد أتي عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بسارق فسأله: أسرقت؟ فقال: لا فتركه ولم يقطعه؛ وأتي بسارق قد اعترف فقال عمر: إني لا أرى يد الرجل بيد سارق،فقال: والله ما أنا بسارق،فأرسله عمر ولم يقطعه.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن الطلاق ثلاثًا في مرة واحدة بدعة،لأن الله تعالى جعل الطلاق على ثلاث مرات.
فكان عمر إذا ظفر برجل طلق امرأته ثلاثًا أوجع رأسه بالدرة،وسئل أنس بن مالك عن الرجل يطلق البكر ثلاثًا قبل أن يدخل بها؟ قال: كان عمر بن الخطاب يفرق بينهما ويوجعه ضربًا.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يمنع البناء في الأمكنة التي يضيق فيها البناء على الناس،كالطرقات والأسواق ونحوها،فقد رأى دكانًا في السوق قد أحدث فكسره؛ وأتى على أبي سفيان وهو يبني بناء أضر بالطريق،فقال له: يا أبا سفيان،انزع بناءك هذا فإنه قد أضر بالطريق،فقال أبو سفيان،نعم،ولا كرامة يا أمير المؤمنين.
بل وكان يمنع وضع أدوات البناء من حجارة وغيرها في الطريق لأنها تضيق على الناس،فقد خرج مرة ومعه أبو سفيان فمر بلبن في الطريق،فأمر أبا سفيان أن ينحيه،فجعل ينحيه.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يكره أن يكون شخص ببلد وله دار لا يسكنها أحد في بلد آخر،ويقول: فليدعها للمسلمين ينتفعون بها وهو بذلك يساهم في حل أزمة السكن عندما تكون هناك أزمة فيه.
كان عمر يضرب النساء والخدم رغبة في الإحسان إليهم بإصلاحهم.
وكان عمر يوصي بأن لا يسأل أحد الرجل فيم ضرب زوجته،لئلا يحرجه بالجواب،فقد يكون ضربها لأمر لا ينبغي لأحد أن يطلع عليه،وبذلك تبقى أسرار الأسرة داخلها،فعن الأشعث بن قيس قال:(1/177)
ضفت عمر،فقال لي: يا أشعث،احفظ عني ثلاثًا حفظتهن عن رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته،ولا تنامن إلا على وتر،ونسيت الثالثة.
التخنث محرمٌ،ملعونٌ فاعلُه على لسان رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - .
وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ يلاحق المخنثين ويَنفيهم،فقد روى البخاري أن عمر أخرج فلانًا،وروى البيهقي في سننه أن عمر أخرج مخنثًا،قال ابن حجر في فتح الباري: وقفت في كتاب المغربين لأبي الحسن المدائني من طريق الوليد بن سعيد قال: سمع عمر قومًا يقولون أبو ذؤيب أحسن أهل المدينة،فدعا به فقال: أنتَ لَعَمْرِي،فاخْرُجْ عن المدينة.
وهو كتمان العيب،وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ قد اشترى ثوبًا فرأى فيه خيطًا أحمر فرده،وأوجب الضمان على المدلس،وإن لم يُمْكن الرد قال عمر: أي امرأة تزوجت وبها جنون أو جذام أو برص فدخل بها ثم اطلع على ذلك فلها مهرها بمسيسه إياها وعلى الوالي الصداق بما دلس،كما غرّه،وفي رواية:ويرجع على مَنْ غرّه.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ لا يعتبر تزيين المرء سلعته تدليسًا،والمراد بالتزيين هنا: الزيادة فيها زيادة غير متولدة من الأصل كالتحلية ونحوها،قال عمر: إذا أراد أحد منكم أن يحسّن الجارية فليزينها وليطوف بها يتعرض بها رزق الله.
ويعتبر من التزيين وصف السلعة للمشتري وصفًا مشوقًا،أو عرضها عرضًا جذابًا،وهذا مشروع لا شيء فيه إن لم يدخله الكذب قال عمر: لا بأس أن يزين البائع السلعة بما فيها.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يعاقب عليه عقوبة شديدة:
ففي مغني ابن قدامة أن معن بن زائدة عمل خاتمًا على نقش خاتم بيت المال ثم جاء به صاحب بيت المال فأخذ منه مالاً،فبلغ ذلك عمر بن الخطاب،فضربه مائة وحبسه،فكلم فيه،فضربه مائة أخرى،فكلم فيه من بعد،فضربه مائة ونفاه.
لم يعاقب عمرُ ـ رضي الله عنه ـ جميعَ شاهدي الزور بعقوبة واحدة،بل كان يعاقب كل واحد منهم بالعقوبة التي يغلب على ظنه أنه يرتدع بها.
فقد أُتي مرة بشاهد زور،فوقفه للناس يومًا إلى الليل،يقول: هذا فلان يشهد بزور فاعرفوه،ثم حبسه؛ وأُتي مرة بشاهد زور فأمر به أن يسخم وجهه،وتلقى في عقنه عمامته،ويطاف به في القبائل ويقال: هذا شاهد زور فلا تقبلوا له شهادة؛ ومرة ضرب شاهد الزور أحدَ عشرَ سَوْطًا،ومرة ضرب شاهد الزور أربعين سوطًا،وسخم وجهه،وطاف به المدينة.
هذا بالإضافة إلى رد شهادته،باعتبار شهادة الزور فسقًا،والفسق ترد به الشهادة،ولذلك كتب إلى عماله في كور الشام في شاهد الزور: يجلد أربعين سوطًا ويسخم وجهه ويحلق رأسه ويطاف به ويطال حبسه.(1/178)
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يكره أن يقلد المسلم الكفار في زيه أو كلامه أو شيء من مظاهره،لأن ذلك مشعر بالإعجاب بهم من جهة،وبنقص المسلمين من جهة أخرى،وهو اعتراف ضمني بقبول سيادتهم على المسلمين،فقد رأى رجلًا قد حلق قفاه،ولبس حريرًا،فقال: من تشبه بقوم فهو منهم،وقال مرة: لا تعلموا رطانة الأعاجم،ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم؛ وقال لعتبة بن فرقد: يا عتبة بن فرقد،إياكم والتنعم،وزي أهل الشرك،ولبوس الحرير.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن التيمم يجب أن يكون بالتراب،ولذلك لم يجز التيمم بالثلج،فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن عمر صلى على مسح من ثلج أصابه،وأرادوا أن يتيمموا فلم يجدوا ترابًا،فقال: لينفض أحدكم ثوبه أو ضفة سرجه فليتيمم وقال: لا يتيمم بالثلج،فمن لم يجد فضفة سرجه أو معرفة دابته.
والحج واجب على الفور عند عمر ـ رضي الله عنه ـ نأخذ ذلك من قوله: " من مات وهو موسر ولم يحج فليمت على أي حال شاء،يهوديًّا أو نصرانيًّا،" ولا يجب الحج إلا على المستطيع،والاستطاعة عند عمر: القدرة على الزاد والراحلة،وتزيد المرأة على ذلك وجود المحرم أو الرفقة المأمونة.
وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ لا يرى بأسًا للحجاج أن يتعاطوا التجارة،فقد قال في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ..) قال: في مواسم الحج،وعن أبي صالح مولى عمر قال:قلت لعمر: يا أمير المؤمنين،كنتم تتجرون في الحج؟ قال: "وهل كانت معايشهم إلا في الحج".
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يأمر بإظهار البنات الصغيرات اللاتي لم يبلغن أمام الأقارب من الرجال ليتم التعرف عليهن،عسى أن يرغب أحدهم بهن في المستقبل ويقول: أبرزوا الجواري التي لم تبلغ لعل بني عمها أن يرغبوا فيها.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى وجوب حجاب المرأة المسلمة من المرأة الكافرة،فقد كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح ـ رضي الله عنه: أما بعد،فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات ومعهن نساء أهل الكتاب،فامنع ذلك وحل دونه،وفي رواية:فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر عورتها إلا أهل ملتها،وكره أن تقبل النصرانية المسلمة.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ ينهى أن يدخل على النساء أحد من الرجال إلا ذو رحم محرم،فقد قال: لا يدخل على امرأة مغيبة ـ غاب عنها زوجها ـ إلا ذو محرم،ألا وإن قيل: حموها؟ إلا وإن حماها الموت؛ وقال مرة:لا يدخل رجل على مغيبة،فقام رجل فقال: إن لي أخًا،أو ابن عم،خرج غازيًا وأوصاني بأهله،فأدخل عليهم؟ فضربه عمر بالدرة ثم قال: إذن كذا،إذن دونك،وقم على الباب لا تدخل،فقل: ألكم حاجة؟ أتريدون شيئًا؟.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ ينهى عن مجالسة النساء الأجنبيات والتحدث إليهن،ويعاقب على ذلك،فقد مر رجلٌ على رجلٍ مع نسوة قد أَلْقَيْنَ له وسادة،فهن يحدثْنَه،وهو يخضع لهن بالقول،فضربه(1/179)
بعصا كانت معه حتى شجه،فذهب به إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين،مرّ عليَّ هذا وأنا مع نسوة لي أحدثُهن،فضربني بعصا حتى شجني،فقال عمر: لم ضربته؟ قال: يا أمير المؤمنين،مررت عليه فإذا هو مع نسوة لا أعرفهن،يحدثْنَه،وهو يَخْضَعُ لهنّ،فلم أملك نفسي،فقال عمر: أمّا أنتَ أيها الضاربُ فيرحمُك اللهُ،وأما أنت أيها المضروب فأصابك عين من عيون الله.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يَنْهَى عن تشييع النساء الجنائزَ؛ لأن المجتمع مجتمع من رجال،فكره للنساء أن يكنَّ فيه،وقد قال: لا تشيعْنِي امرأةٌ.
كان لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ سيف سبائكه من ذهب. وكان سيف عمر ـ رضي الله عنه ـ مُحَلّى بالفضة،وإنما أحل ذلك لما فيه من كيد العدو.
ولا يجوز تحلية ما يلبس من الثياب والأشياء بالذهب لورود النهي عن ذلك،فعن الحارث بن ميناء قال: كان عمر لا يزال يدعوني فآتي بالقباء من أقبية الشرك،فقال: انزع هذا الذهب منها.
أقل مدة الحمل ستة أشهر،فقد رفعت إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ امرأة ولدت لستة أشهر،فأراد عمر أن يرجمها فجاءت أختها إلى علي فقالت: إن عمر همّ برجم أختي،فأنشدك الله إن كنت تعلم لها عذرًا لما أخبرتني به،فقال علي: إن لها عذرًا،فكبرت تكبيرة سمعها عمر من عنده،فانطلقت إلى عمر فقالت: إن عليًّا زعم أن لأختي عذرًا،فأرسل عمر إلى علي: ما عذرها؟ فقال: إن الله يقول: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ..) وقال:(..وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا..) فالحمل ستة أشهر والفصال أربعة وعشرون شهرًا،فخلى عمر سبيلها.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى أن أكثر مدة الحمل أربع سنوات،لأنه قضى في امرأة المفقود أنها تتربص أربع سنين،ثم تعتد عدة الوفاة،قال ابن قدامة حاكيًا مذهب عمر في ذلك: المفقود تتربص زوجته أربع سنين أكثر مدة الحمل،ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا وتحل للأزواج.
كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يأمر بقتل الخنزير أينما وجد،في البراري،أو في حيازة مسلم،أو في ملك ذمي،ولما كان الخنزير مالًا عند أهل الذمة فإن الدولة تضمن لأهل الذمة قيمته،فقد كتب عمر إلى العمال يأمرهم بقتل الخنازير،ونقص أثمانها لأهل الذمة من جزيتهم.
- - - - - - - - - - - - - -(1/180)
المبحث الثالث
عثمان بن عفان رضي الله عنه
أولا الكلام عن الفتنة :
1- كيف بدأت الفتنة
إن التجارب الصعبة في حياة كل أمة ينبغي أن تبقى حيةً في سجلات ذاكرتها؛ لأنها ـ في الغالب ـ تحمل كمّا من الاعتبار والدروس أكبرَ مما تحمله التجارب واللحظات التاريخية الناجحة،فالتجارب الصعبة غالبا نتاجٌ لركام من السلبيات في الجسد الذي عانى منها،وربما كانت هذه السلبيات راجعةً إلى افتقاد جسد الأمة للحصانة ضد التآمر ومحاولات الهدم،أو راجعةً إلى التخالف في توجُّهات البِنَى التي يتكون منها المجتمع،بحيث يتحول التعاضُدُ والتعاون بينها لتحقيق هدف معين إلى تنافس وتَخَالُفٍ،فتصبح محصلة جهود المجتمع معه صفرا أو شيئا أقل من الصفر.
والفتنة التي وقعت أواخر عهد الخلفاء الراشدين - وتسمى أحيانا بالفتنة الكبرى - واحدةٌ من التجارب الصعبة الأليمة التي عاشتها الأمة الإسلامية. ومع أثر هذه الفتنة السيئ على مسيرة المسلمين التاريخية،وظهورها كحادث غريب وسط الكثير من الإنجازات الإسلامية المجيدة التي أنتجها عصر الراشدين ـ مع هذا كله لا ينبغي نسيانُها،أو غضُّ الطرف عنها،أو تأويل ما جرى فيها على اعتبار أن تاريخ المسلمين تاريخٌ معصوم. بل يجب أن نحاول تصوير أحداثها بدقة،لنكون أكثر إدراكا لذاتنا،بَعِيدِينَ عن التمجيد الكاذب،ولنحرص على سد الثغور الذاتية ومعالجة العيوب الداخلية،أكثر من حرصنا على سب المتآمرين ولعن الحظوظ العاثرة!
إن دراسة ما خلَّفه عصر الراشدين من نجاح باهر في طرق الحكم والإدارة،وسياسة الفتح والانتشار،وتطوير المجتمع والدولة حتى بدا نموذجًا عظيمًا هذه الدراسة لا تقل أهمية عن دراسة نماذج الاختلاف السياسي،والتقاتل الداخلي الذي حدث في الفتنة الكبرى؛ لاستجلاء الفائدة واستهداف العبرة،لا لإحياء المعارك التاريخية والوقوف عندها وسفح العبرات وإراقة الحسرات على أطلالها.
لقد كره الإسلام الفتن أشد الكراهية،فأمر القرآن باتقائها،وحذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شرورها؛ لأنها تصيب قدرة العقلاء أنفسهم بالشلل تجاه ما يرون ويسمعون،فيعجزون وهم أصحاب العقل والحِلم عن تمييز الحق من الباطل والصواب من الخطأ،وهذا موت محقق للمجتمع كله لو لم تتداركه عناية الله!(1/181)
وقد شملت الفتنة جزءا من خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وجميع خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى تنازل الحسن بن علي لمعاوية عن الخلافة في عام الجماعة،فاستقرت الأمور،وهدأت الفتنة،وإن تركت جراحا عميقة،وآثارا ونتائج سيئة.
ولم يكن هذا الحادث الضخم - أي الفتنة - منزوعا من سياق تاريخي غريب عنه تماما،بل كانت له جذوره ومقدماته وأسبابه وبواعثه فيما سبقه من أحداث،كما تهيأ له المناخ المناسب في الطبيعة القاسية لكثير من العرب البدو الذين دخلوا في الإسلام مع الداخلين،دون أن تُتاح الفرصة الكافية لتأديبهم بأدب الإسلام وخُلقه.
إن التجارب الصعبة في حياة كل أمة ينبغي أن تبقى حيةً في سجلات ذاكرتها؛ لأنها ـ في الغالب ـ تحمل كمّا من الاعتبار والدروس أكبرَ مما تحمله التجارب واللحظات التاريخية الناجحة،فالتجارب الصعبة غالبا نتاجٌ لركام من السلبيات في الجسد الذي عانى منها،وربما كانت هذه السلبيات راجعةً إلى افتقاد جسد الأمة للحصانة ضد التآمر ومحاولات الهدم،أو راجعةً إلى التخالف في توجُّهات البِنَى التي يتكون منها المجتمع،بحيث يتحول التعاضُدُ والتعاون بينها لتحقيق هدف معين إلى تنافس وتَخَالُفٍ،فتصبح محصلة جهود المجتمع معه صفرا أو شيئا أقل من الصفر.
والفتنة التي وقعت أواخر عهد الخلفاء الراشدين - وتسمى أحيانا بالفتنة الكبرى - واحدةٌ من التجارب الصعبة الأليمة التي عاشتها الأمة الإسلامية. ومع أثر هذه الفتنة السيئ على مسيرة المسلمين التاريخية،وظهورها كحادث غريب وسط الكثير من الإنجازات الإسلامية المجيدة التي أنتجها عصر الراشدين ـ مع هذا كله لا ينبغي نسيانُها،أو غضُّ الطرف عنها،أو تأويل ما جرى فيها على اعتبار أن تاريخ المسلمين تاريخٌ معصوم. بل يجب أن نحاول تصوير أحداثها بدقة،لنكون أكثر إدراكا لذاتنا،بَعِيدِينَ عن التمجيد الكاذب،ولنحرص على سد الثغور الذاتية ومعالجة العيوب الداخلية،أكثر من حرصنا على سب المتآمرين ولعن الحظوظ العاثرة!
إن دراسة ما خلَّفه عصر الراشدين من نجاح باهر في طرق الحكم والإدارة،وسياسة الفتح والانتشار،وتطوير المجتمع والدولة حتى بدا نموذجًا عظيمًا هذه الدراسة لا تقل أهمية عن دراسة نماذج الاختلاف السياسي،والتقاتل الداخلي الذي حدث في الفتنة الكبرى؛ لاستجلاء الفائدة واستهداف العبرة،لا لإحياء المعارك التاريخية والوقوف عندها وسفح العبرات وإراقة الحسرات على أطلالها.
لقد كره الإسلام الفتن أشد الكراهية،فأمر القرآن باتقائها،وحذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شرورها؛ لأنها تصيب قدرة العقلاء أنفسهم بالشلل تجاه ما يرون ويسمعون،فيعجزون وهم أصحاب العقل والحِلم عن تمييز الحق من الباطل والصواب من الخطأ،وهذا موت محقق للمجتمع كله لو لم تتداركه عناية الله!(1/182)
وقد شملت الفتنة جزءا من خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وجميع خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى تنازل الحسن بن علي لمعاوية عن الخلافة في عام الجماعة،فاستقرت الأمور،وهدأت الفتنة،وإن تركت جراحا عميقة،وآثارا ونتائج سيئة.
ولم يكن هذا الحادث الضخم - أي الفتنة - منزوعا من سياق تاريخي غريب عنه تماما،بل كانت له جذوره ومقدماته وأسبابه وبواعثه فيما سبقه من أحداث،كما تهيأ له المناخ المناسب في الطبيعة القاسية لكثير من العرب البدو الذين دخلوا في الإسلام مع الداخلين،دون أن تُتاح الفرصة الكافية لتأديبهم بأدب الإسلام وخُلقه.
******************
2- أسباب الفتنة الحقيقية
لم تكن أسباب الفتنة وبواعثها ـ كما ظهرت في شكلها البسيط ـ ترجع إلى غضب جماعة من الرعية من تصرفات الخليفة أو عماله على الولايات،بل تعُودُ إلى تغيرات اجتماعية عميقة ظلت تعمل في صمت وقوة لا يلحظها كثير من الناس،حتى ظهرت على ذلك الشكل العنيف المتفجر في النصف الثاني من خلافة عثمان،وبلغت قمةَ فورانها في الثورة التي أدت إلى استشهاده،ولم تنته بقتله،بل ظلت تأثيراتها وظلالها تنسحب على الحياة الإسلامية في الفترة التي تلت ذلك.
لقد كانت نفس تلك الأسباب وراء تململ عمر بن الخطاب من رعيته وتململهم منه في أواخر حياته،وكانت وراء قتل عثمان،كما كانت وراء بعض تصرفات علي بن أبي طالب لما استُخلف،ووراء فشلِ سياسته في العراق،ووراء امتناع معاوية عن بيعته،والصراع بينهما.
إن التغيير الهائل الذي أحدثه الإسلام في خريطة العالم المحيط به: في عقائده ونظمه ونفسيته لم يكن ليمر دون أن يعكس آثاره بصورة أو بأخرى على الإسلام نفسه،ممثَّلا في دولته وفي مجتمعه،وممثلا بصفة خاصة في القادة والرواد الذين حملوا أكثر مِنْ سواهم أعباءَ هذا الانقلاب الضخم.
ولقد كان اغتيال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أول ظواهر هذا الانعكاس الخطير،وكان نذيرا واضحا بأن ردود الفعل لتلك الفتوحات الواسعة التى طوَّرت من طبيعة الدولة الإسلامية،قد بدأت تنفّذ قانونها وسلطانها،خاصة مع عدم حدوث تغير في أسلوب الحكم يواكب هذا التطور.
(( المقصود به أنهم لم يكونوا يحتاطون من الناس ومن المسلمين الجدد لأن بعضهم قد دخل في الإسلام على دغل وخوف وهو يريد الكيد له من الداخل فلم يكن لهم حرص ولا غير ذلك كبقية الأمراء في العالم ))وجاء الفتح بمشكلاته: من ثراء طارئ،ودنيا حافلة بالإغراء،واختلاط هائل بين أجناس وأمم وتقاليد طوّرت في المجتمع الإسلامي،وخلقت بمرور الوقت مناخا متوترا،خاصة من جانب هؤلاء الذين كان(1/183)
حظهم من تزكية الإسلام للنفس ضئيلا وما حصلوا عليه من التربية الإيمانية ناقصا،في جوّ نما فيه دور القبائل العربية،ورفعت العصبية القبلية رأسها،حتى بدت رواسب الجاهلية طافية فوق سطح المجتمع.
كلُّ هذا أسهم في إضافة نقاط سوداء إلى الثوب الإسلامي الأبيض،خاصة مع موت الكثير من الصحابة الكبار،وانتشار العديد منهم بعيدًا عن عاصمة الخلافة.
وقد ساعد هذا الاختلال في صورة المجتمع المسلم لهذا العهد على تشجيع الدسائس وإنجاح المؤامرات،كهذه التي كان وراءها تلك الشخصية الغامضة عبد الله بن سبأ.
لقد عاش الإسلام أول عهده في مكة مطارَدا،فكان لا يُقبل عليه حينئذ إلا من تعلقت نفوسهم بالحق ولم تبال أن ينالها الأذى من ذلك،ولم تطمع أن تنال مغنما دنيويا من وراء إيمانها بالله ورسوله.. وفي المدينة كافح المسلمون وسط غابة من الشرك وأهله،حتى لم يكن أحد يتبع هذا الدين المطارَد المحاصَر رغبة في غنيمة أو بحثا عن رياسة..
أَمَا وقد انتصر المسلمون،ففتحوا مكة،وأرغموا أنف اليهود،وأخضعوا القبائل العربية النافرة بالجزيرة فقد أصبح في الانضمام إليهم مغنم.. بل صار هذا المغنم شيئا رائعا وضخما حين سَحَقَ الصحابةُ ومن ثبت معهم جموع المرتدين،ثم امتد بهم الأمر ليواجهوا الفرس والروم ويغنموا منهم ما لا يُحصى من الغنائم.
إن هناك فرقا عميقا بين نفس دخلت في دين الله ـ تعالى ـ لأنه الحق الذي يرضاه الله،وترى فيه ذاتها سابحة في عالم من النقاء،ومسبِّحة مع مَنْ يسبح من الخلق،فلا تستطيع أن تعيش إلا بالحق وله هناك فرق بين هذه النفس وبين نفس دخلت الدين في زحام الداخلين،وأخرى جذبتها الأضواء الباهرة والربح الدنيوي الذي صار المسلمون يجنونه في جولاتهم وملاحمهم.
إن النفس التي دخلت الدين من أجل النفع تميل مع النفع حيث مال،وتسير معه حيث سار،والتي دخلت في زحام الداخلين لا تتقن اختيار ما ينفعها عند ربها،فتنجرف مع كل تيار،وتميل مع كل فتنة.
وقد تدفقت خيرات الدنيا على المسلمين مع موجات الفتوح القوية،فاتسع الثراء اتساعا هائلا،وصارت الثروة كأنها تهاجر من وطن إلى وطن،وتسافر من يد إلى يد. والثراء الضخم المفاجئ لا تنجو من أثره السالب إلا نفوس أفراد قلائل،هم خاصة المؤمنين المتميزة،وكانوا - على أية حال - قلة في المجتمع،وبقيت الكثرة الكاثرة عرضة للتغير والتعلق بالدنيا،بل التصارع عليها.
*********************
3- طبيعة المجتمع في عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه
ومع حرص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على الفصل بين الجيوش المسلمة الفاتحة وبين أهل البلاد المفتوحة،فقد ازداد اختلاط المسلمين بالأعاجم مع مرور الوقت،ولكلِّ فريق عاداتُه وأعرافه،وكان لابد من تبادل التأثير والتأثر،فالبدوي الذي قضى حياته بين الخيام والأغنام غير الرومي والفارسي(1/184)
اللذَيْن عاشا في المدن العامرة ووسط الأرض الخضراء والحدائق الغنّاء،والعربي الذي عوّدته الحياة الصبر والحسم غيرُ الأعجمي الذي علّمته حياته العبث واللين.
لقد كان الزمن كفيلا بأن يخلط الأمم بعضها ببعض خلطا عجيبا،في هذه المنطقة من العالم التي شغلتها دولة الإسلام أيام الراشدين،وكان لهذا أثره الكبير في إحداث تفاعلات اجتماعية في الأعماق والأغوار البعيدة للمجتمع،كانت الثورة على سلطة المدينة أيام عثمان إحدى تجلياتها.
في زمن الخلافة الراشدة،وبعد أن ظهر تأثير الفتوحات الاقتصادي والاجتماعي،حدث تطور تاريخي هائل؛ إذ اتسع سلطان المدينة - اتسع من حدود هذه المدينة المحصورة حتى شمل جزيرة العرب كلها وممالك العراق والشام ومصر وإفريقية وأرمينية وبلاد فارس وبعض جزر البحر الأبيض المتوسط؛ فتحولت الحكومة الإسلامية من دولةِ مدينةٍ،أي دولة حدودُها محصورة بمدينة A City state إلى دولة عالمية A World state...
وما دامت طبيعة الدولة قد تحولت،وبدأ التغير في عناصر المجتمع،فقد كان من الواجب أن يتغير أسلوب الحكم،وتتطور أداته،حتى تصبح ملائمة لحاجات الظرف الجديد،ولكن الأسلوب الذي كانت تحكم به الدولة المدينةَ - مع عظمته لو كان عالم البشر مثاليا - ظل هو الأسلوب الذي يراد أن تسير به الدولة العالمية،فحصل صدام كان لابد أن يقع،وظهرت العقبات،وأطلت المشكلات برءوسها،وتوالت الأزمات التي جعلت الأيام الأخيرة من خلافة عثمان - رضي الله عنه - مكدرة أي تكدير!
كان عمر - رضي الله عنه - يمنع أعلام المهاجرين من قريش من الخروج من المدينة،وضيق عليهم في ذلك،حتى في الغزو،ويقول: "إني أخاف أن تروا الدنيا وأن يراكم أبناؤها". فلما ولي عثمان لانَ لهم،فانتزع الحقوق انتزاعا،ولم يعطل حقا،فأحبوه على لينه،ولم يشتد في معاملتهم كما كان يشتد عمر. ولم تمض سنة من إمارة عثمان حتى سمح لهم بالانسياح في الأرض،والانطلاق حيث شاءوا إرضاء لهم،وتوسلا بمقامهم بين العامة إلى تسكين الأمور واتقاء الفوضى.
فلما رأوا الأمصار،ورأوا الدنيا،ورآهم الناس،واتخذ رجال منهم أموالا في الأمصار،وكثرت أملاكهم،وبنوا المساكن والبيوت لأنفسهم في الأمصار - انقطع إليهم الناس،وثبتوا على ذلك سنوات،حتى أصبح كل قوم يحبون أن يلي صاحبهم الخلافة،وصاروا يتقربون إليهم،وطمع كل قوم في ذلك،حتى ينالوا بمن يؤيدونه مكانة ودرجة،فكان ذلك أول ضعف دخل على المسلمين،وأول فتنة كانت في العامة،فاستعجلوا موت عثمان،واستطالوا حياته..
************************
3- طبيعة المجتمع في عهد أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه(1/185)
وهكذا تغير المجتمع في عهد عثمان،أما هو - رضي الله عنه - فلم يتغير،ولم يبتعد عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن سنة الشيخين أبي بكر وعمر،وإنما أطمع الناس فيه لينُه وحبه لأقربائه وكرمه في العطاء.
لقد فقد أمير المؤمنين عثمان رصيدا بشريا ثمينا،كان سندا للخلفاء من قبله،وذلك حين ازداد انتشار كبار الصحابة في الأمصار،وفي نفس الوقت كثر الموالي والأرقّاء في المدينة،مما شجع أصحاب الأهواء والضلال على الاحتجاج والاعتراض على أمير المؤمنين،وهو ما تطور إلى الأحداث الأليمة التي استُشهد فيها أمير المؤمنين عثمان.
جاءت الفتوحات أيام الراشدين فحملت العرب والمسلمين إلى الأمصار يجاهدون في سبيل الله،فمنهم من أقام في الثغور،ومنهم من استقر في البلاد التي مُصِّرت ليكون قريبا من ساحات القتال،وهناك يَبتني دارا،ويتخذ أسرة لنفسه،وليس هؤلاء كلهم من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين اهتدوا بهديه،وساروا على نهجه،وإنما كثير منهم من الأعراب - من تميم وكندة وقضاعة وكلب وباهلة وعبد القيس وبكر بن وائل - وكانت لهم في الفتوحات يد،فكانوا يشعرون بأن لهم منزلة لا تقل عن منزلة السابقين الأولين الذين جاهدوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونصروا الدين في مواقفه الصعبة.
وفي الحقيقة،لم يكن الخير والتقوى في هذا المجتمع وقفا على الصحابة رضي الله عنهم - كما لم يكن الصحابة أنفسهم على درجة واحدة من الإيمان والتقوى،وإن كانوا جميعا عدولا أنقياء أمناء على الدين.. وجاءت آفة هذا المجتمع من أجلاف البدو الذين لم ينتفعوا من تهذيب الإسلام وتأديبه للنفس البشرية بالقدر الكافي،فعلمتهم حياة البادية والبيئة الخانقة كراهيةَ الحياة المستقرة،وقلةَ اتقاء الفتن؛ إذ لا يدركون خطرها الماحق،أو لا يهتمون بذلك أصلاً.
نظّم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب العطاء المالي للمسلمين على أساس تفضيل السابقين إلى الإسلام،وأصحاب المواقف العظيمة في الجهاد المبكر في سبيل الله،ومن كانوا قريبين إلى نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقلبه،كالعباس بن عبد المطلب وأمهات المؤمنين. وقد دل ذلك على مبلغ عناية عمر بهؤلاء النفر الذين يزيد الناس وينقصون هم،فهم الأسوة في المجتمع،وموضع الاقتداء لدى هذه الجماهير الحاشدة التى تُقبل على الإسلام. وعلى هذا المقياس سيأتي يوم قريب أو بعيد لا يصبح فيه وجود لهذه الصفوة في المجتمع،وبالتالي يتساوى الناس في العطاء.
ولم يكن تفضيل السابقين إلى الإسلام على غيرهم عند عمر تقليلا من حق القوى الاجتماعية والسياسية الجديدة المتمثلة في رجال القبائل ذوي الوفرة العددية والنجدة،الذين أطاحت أسيافهم بعروش كسرى وقيصر،لكن السابقين إلى نصرة دين الله ـ تعالى ـ أقبلوا على الإسلام مبكرا،وحملوا دعوته وقت أن كفرت به الدنيا من حولهم،وضحوا في سبيله،وحاربتهم الدنيا،فصبروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما تصبر الجبال،حتى نصره الله،ثم بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - وانتشار الردة(1/186)
والتنبؤ،قاتلوا وصبروا مثل صبرهم الأولِ،حتى منّ الله عليهم بنصره،ولولاهم بعد فضل الله تعالى - ما كان فتح ولا غزو،وهم قادة الجيوش الفاتحة،ولولاهم بعد كرم الله تعالى - ما كان فيء ولا غنيمة.
وبرغم ذلك،فقد أدى توزيع العطاء على أساس السابقة في الإسلام والقرابة من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى إثارة ضغائن القبائل،التي نظرت إلى قريش على أنها استأثرت بالحكم والثروة معا،خاصة أنه لا ينكَر فضل هذه القبائل في الجهاد والغزو وتوفير الغنائم والفيء في حروب فارس والروم.
وقد كان أمير المؤمنين الملهَم عمر يشعر بذلك،فكان يرى إمكانية التسوية بين الناس في العطاء بأن يزيد في عطاء الأقل ليلحق بالأكثر،وعبر عن ذلك بقوله: "والله لئن بقيت إلى العام المقبل لأُلحقن آخر الناس بأولهم،ولأجعلنهم رجلا واحدا ".
ولكن عمر لم يعش لينفذ خطته تلك،وورث عثمان تلك الأوضاع التى تفجرت في منتصف خلافته على نحو شديد القسوة.
إن تغيرا كبيرا طرأ على حياة الناس بعد السنوات الأولى من عصر أمير المؤمنين عثمان؛ فالفتوح توقفت تقريبا؛ لأنها كانت قد وصلت إلى حد يجب أن تقف عنده قبل أن تُستأنف،فلما توقفت ظهر تأثير طبقة جديدة من الناس على مسرح الحوادث،هي طبقة الأعراب الذين ارتدُّوا من قبل عند وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وقد كان أبو بكر بعيدَ النظر جدا حين رفض أن يرسل هؤلاء للمشاركة في الفتوح بعد أن رجعوا إلى الإسلام. وكان عمر بعيد النظر أيضا حين تشدد في منع إرسالهم ولم يتساهل إلا في أحيان،وكان لا يؤَمِّرُهم. أما عثمان التقي الحَيِيُّ فقد اضطر إلى إرسال القبائل البدوية إلى الفتوح،ومعظمها من أهل الردة،وأحسن الظن بهم،فقد توسعت رقعة الفتح حتى لم يكن ممكنا أن يعتمد الفتح على الصحابة وحدهم مع القبائل التى حَسُنَ إسلامها وتمسكت بالدين.
******************************
4- بداية الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه وأسبابها الخفية
ووجد عثمان الحاجة ماسَّة لإشراك القبائل البدوية في تثبيت الفتوح التي أتمها السابقون الصادقون،فهرولوا إليها وهمهم الغنيمة والمال والرقيق. ولئن كان في تاريخ الفتوح عيب أو ملمَزٌ فإنه يأتي من هؤلاء،ولا يأتي من السابقين الأولين الذين ذهبوا إلى الفتوح نصرةً للدين وتأييدا له،لا سعيا وراء غنيمة،أولئك الذين قتل منهم في المواقع والحروب عدد كبير من سادتهم وفضلائهم،ولم يكن هناك بعد غنائم يطمعون فيها؛ بل عدو هائل القوة يُخْشَى فتكه وقوته.
وبدأ دور قبائل الأعراب ينمو،وتشعر بقوتها وقيمتها في المجتمع،وأصبحت كل قبيلة ترى أن دورها لا يقل عن دور قريش في الفتوح،وأخذوا يبحثون لأنفسهم عن دور على مسرح الأحداث،وفي صنع القرار،فظهرت العصبية القبلية من جديد،وأخذت نقمتهم على قريش ومكانتها تزداد يوما بعد يوم.(1/187)
لقد حرك تفضيل أهل السابقة من المهاجرين والأنصار في العطاء كما فعل عمر،واختصاص قريش بالإمارة كما في عهد عثمان حرك ذلك كوامنَ الحقد والحسد في قلوب ضعاف الإيمان،وجعل القبائل تَغَصُّ من قريش ومكانتها،وتشكو من نفوذها،فالقبائل بنزعتها البدوية التى تكره الحكم المركزي لم ترض يوما عن سيادة قريش،ندرك ذلك في فلتات الألسن وخفايا الأنفس،فها هو رجل من عبد القيس يقول للزبير بن العوام في البصرة: "يا معاشر المهاجرين،أنتم أول من أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان لكم بذلك فضل،ثم دخل الناس في الإسلام كما دخلتم،فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بايعتم رجلا منكم،والله ما استأمرتمونا في شيء من ذلك،فرضينا واتبعناكم،فجعل الله - عز وجل - في إمارته بركة،ثم مات رضي الله عنه - واستخلف عليكم رجلا منكم،فلم تشاورونا في ذلك فرضينا وسلّمنا،فلما توفي الأمير جعل الأمر إلى ستة نفر،فاخترتم عثمان،وبايعتموه من غير مشورة منا..
يعني الدخولُ في الإسلام أن يلقيَ الداخلُ على عتبة بابه كلَّ ميراث الجاهلية الجائر،ولا يأخذَ من تجربته السابقة إلا ما يتناسق مع الدين ويتناسب مع الفطرة،وقد حدث هذا مع الصحابة تماما،وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقاوم روح الجاهلية بقوة وشدة،ويرسّخ في نفوس أتباعه كراهية هذه الروح ومقاومتها.
ومع كل هذا فقد دخل في الإسلام أقوام لم يتخلصوا من الميراث الجاهلي،فانبنت تصرفاتهم في الإسلام كما في الجاهلية - على العصبية العمياء والسعي وراء الفتنة وإثارة الخلافات.. فهذا يتعصب لقومه وذاك لموطنه،وذلك يمتدح بلاء قومه وأهله في الفتوح ويلوم الآخرين لأنهم لم يحققوا مثل إنجازهم،وكأنهم صنعوا النصر وحدهم!
إن الذي يسير في الحياة بهذه الروح قد يعمى عن كثير من الحق،وقد لا يكون سيره في طريقٍ ما إلا اندفاعا وراء تعصبه،ولن يتأخر عن التضحية بأمن الأمة كلها وسلامتها إذا وجد سبيلا لمناصرة من يتعصّب له. وقد كان هذا هو شأن من تعصبوا للزبير وطلحة في حياة عثمان رضي الله عنهم فحلت عصبية القبائل وأهل الأمصار لهؤلاء النفر من الصحابة محل عصبيتهم لأقوامهم؛ إذ رجوا أن يجدوا نفعا من وراء ذلك.
وفي الجهة الأخرى كانت القوى القديمة في البلاد المفتوحة قد تحطمت أمام جيوش الإسلام،ومع أنهم ظلوا مندهشين مما لحقهم من الهزيمة،إذ أشبه ما جرى لهم حلما سريعا في ليلة صائفة!! مع ذلك فإن المستفيدين من سلطة الروم والفرس الزائلة كانوا يتمنون لو سنحت لهم فرصة للثأر،لذلك استغلوا وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقاموا بمحاولات حربية لاسترداد بعض ما سُلب منهم،لكنهم فشلوا تماما،وكان متوقَّعا إزاء ذلك أن يتحولوا إلى المؤامرات والدسائس،التي كان لها دور واضح في بعض الأحداث التي تلت عصر الراشدين.(1/188)
أفضل مناخ تعمل فيه الدسائس والمؤامرات هو وجود الشقاق والخلاف في الجبهة الداخلية للمجتمع،ووجود طوائف في الأمة تفتقد الحس نحو اتقاء الفتن،وتندفع وراء الفعل دون تقدير للعاقبة..
وقد قيل إن نُذُر الخلاف التي بدأت تظهر على سطح المجتمع الإسلامي في أيام عثمان بن عفان قد دفعت بيهودي يمني من أهل صنعاء،اسمه عبد الله بن سبأ وكنيته ابن السوداء،إلى أن يدعي الإسلام،ويهاجر من موطنه إلى المدينة بقصد الكيد للمسلمين وضرب بعضهم ببعض.
قال الرواة: إن ابن سبأ أخذ يتنقل بين الأمصار يبث سمومه،ويستغل الخلاف الموجود في صفوف المجتمع،وقاد محاولات للتشويه والطعن في الخليفة وولاته. وقيل: إنه كسب أثناء ذلك بعض الأنصار،كما أثار البعض ضد أمير المؤمنين عثمان وولاته.
وهناك شك كبير في قدرة شخص واحد على تدبير كل هذه المكائد،وطبيعة الأمور تقطع بوجود أياد عديدة شاركت في صنع الدسائس والمؤامرات،ولعل ابن سبأ على رأسها0
كان نظام حكم الراشدين فريدا في عصره،بل نموذجا رائعا للعلاقة الصحيحة بين السلطة والأمة،فهو حكم يقوم على الشورى والمساواة والعدل،في حين كان الحكم الشائع في ذلك العصر حكم استبداد وسيطرة لفئة على فئة.. حتى شَكْلُ الاقتصاد في حكم الراشدين كان فريدا ومتميزا،ونموذجا طيبا منضبطا لدورة المال في الدولة،فهو اقتصاد مبنيٌّ على توزيع مال الأمة على أفرادها جميعا،سواء منهم المقاتل في جبهات القتال،والمقيم الذي لا يستطيع القتال لسبب من الأسباب. ولم يكن ذلك الاقتصاد مألوفا آنذاك..
إنه حكم الراشدين في زهده وتواضعه وورعه،وفي تحمله الأمانةَ وحرصه على مصالح الرعية،فليس بين يدي الخليفة جيش أو شرطة أو جهازُ أمنٍ خاص للدفاع عنه،ولا يسخّر إمكانات الدولة لحماية عرشه. والخليفة لا يأخذ بالظن،ولا يقتل بالشبهة،ولا يتتبع عورات الناس،ولا يكشف سترهم،فهو يحسن الظن بهم،ويعاملهم على حسب ما يظهرونه،ويكِل إلى الله بواطنَهم وما يكتمونه.
مبادئ سامية،وقيم رفيعة،وانتصارات رائعة،واتساع عظيم وسريع للدولة لم يكن العالم في ذلك الوقت يتخيله،فإذا به واقعا يُعاش،والخليفة التَّقِي في المدينة ما زال يسيّر دفة السفينة،دون أن تتجبر نفسه بما حققه الله على يد جنوده من انتصارات،ودون أن يجعل هذه الإنجازات مجدا شخصيا يدوس به رقاب العباد...
************************
5- اغتيال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه
بينما الناس في ظل دولة الإسلام يعيشون هذا الجو المشرق بالصفاء،المليء بالعدالة والإنصاف،إذ فاجأهم حادث أليم،هو مقتل أمير المؤمنين عمر بيد أعجمي،فكان ذلك الحادث صدمة عنيفة روّعت(1/189)
المسلمين،وغيرت من شعور كثير منهم تجاه الأعاجم: مَنْ أسلم منهم ومَنْ لم يسلم،بعدما ظهرت أصابع الأعاجم ملطخة بدماء عمر..
لقد اشتكى أبو لؤلؤة إلى أمير المؤمنين عمر أن سيده المغيرة بن شعبة يكلفه أكثر مما يستطيع،فرأى عمر أن دفع درهمين في اليوم ليس شيئا كثيرا على رجل يجيد ثلاث صنائع كأبي لؤلؤة،فبيَّت العبد شرا،وأعد خنجرا له نصلان،ضرب به أمير المؤمنين وهو بين يدي ربه في الصلاة،فذهب شهيدا.
وبقي الحادث ليس أكثر من حقد وغل في قلب هذا العبد،إلا أنه كشف عن أخطار يمكن أن تأتي من جهة بعض الموالي الذين عاشوا في قلب دولة الإسلام بعد أن فتح المسلمون بلادهم ،لذا أسرع عبيد الله بن عمر في فورة الحزن على أبيه الراحل وقتل الهرمزان وجُفينة النصراني وابنةً لأبي لؤلؤة..
لقد كان مصرع الخليفة العادل مفاجأة محزنة للمسلمين،وسارة لغيرهم ممن وقفوا يقاومون الفاتحين،وفور سماع الفرس والروم خبر مقتل عمر ظنوا أن وفاته هي فرصتهم لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الفتوحات،لكنهم فشلوا في ذلك تماما.
لقد غلب الشابُّ الأمويُّ عثمان بن عفان عصبيةَ بني أمية مبكرا،وأسرع بالاستجابة لصوت الحق الذي نادى به الرسول الهاشمي محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - فما ترك عثمان الحقَّ لأن الذي يدعوه إليه رجل من بني هاشم،الذين ينافسون عائلته على الشرف والرئاسة في مكة.
وظل عثمان طوال حياته في كتيبة الحق،ينشر معهم الخير،ويشيع الفضيلة،ويقاوم الوثنية والعصبية الجاهلية. وكم كان قريبا من النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - وموضع ثقته طوال حياته،مجاهدا معه،وملاصقا له. وبعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقي عثمان قريبا من صاحبيه أبي بكر وعمر مساعدا ومستشارا أمينا.
وبعد وفاتهما جاء الدور على عثمان ليتولى بنفسه إمارة المؤمنين،متحملا هذه المسئولية الصعبة بعد أن اتسعت الدولة الإسلامية،وانفردت في العالم كأقوى قوة بشرية في هذا العصر.
لقد تولى الخليفة الراشد الثالث الأمرَ،وحَمَلَ الأمانة،وأعطى عزمه الرشيد لمسئولياته الجسام،ومنهجُه في ذلك الرفق واللين،والعمل على راحة الرعية،وإيثار الآخرة الباقية على الدنيا الفانية.
وكان حياء عثمان الشهير مصحوبا بميل واضح نحو الرفق،وكراهية التشديد على الناس،وإن كان هذا مفيدا للنفوس السوية المستقيمة،فإن النفوس النكدة التي لم تُهذَّب رغباتها وتطلعاتها بالدين،ولم تؤدَّب سلوكياتها على ضوء الشريعة هذه النفوس تعده ضعفا وقلة خبرة..
***********************
6 – مؤامرة قتل الخليفة الراشدي عثمان رضي الله عنه
لقد مرت الأعوام الستة الأولى من خلافة عثمان على خير وجه،حتى حقق المسلمون فيها الكثير من الإنجازات الرائعة،مثل: تثبيت الفتوحات في البلاد التي انتفضت عقب وفاة الفاروق عمر،وفتح بلاد جديدة،وبناء الأسطول الإسلامي..(1/190)
أما ما بقى بعد ذلك من سنوات الخلافة الراشدة،فقد تحولت الريح الباردة الهادئة فيها من اعتراضات عادية إلى تمرد على الخليفة وولاته إلى عاصفة أخذت تتجمع شيئا فشيئا،وينادى بعضها بعضا حتى تحولت إلى إعصار كُتب على عثمان الخليفة الشيخ أن يواجهه وحده،في محنة هبطت بها شراسة المتآمرين إلى السفح،وارتفع بها تسامح الخليفة الشهيد وحكمته إلى القمة..!!
لقد غلب الشابُّ الأمويُّ عثمان بن عفان عصبيةَ بني أمية مبكرا،وأسرع بالاستجابة لصوت الحق الذي نادى به الرسول الهاشمي محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - فما ترك عثمان الحقَّ لأن الذي يدعوه إليه رجل من بني هاشم،الذين ينافسون عائلته على الشرف والرئاسة في مكة.
وظل عثمان طوال حياته في كتيبة الحق،ينشر معهم الخير،ويشيع الفضيلة،ويقاوم الوثنية والعصبية الجاهلية. وكم كان قريبا من النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - وموضع ثقته طوال حياته،مجاهدا معه،وملاصقا له. وبعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقي عثمان قريبا من صاحبيه أبي بكر وعمر مساعدا ومستشارا أمينا.
وبعد وفاتهما جاء الدور على عثمان ليتولى بنفسه إمارة المؤمنين،متحملا هذه المسئولية الصعبة بعد أن اتسعت الدولة الإسلامية،وانفردت في العالم كأقوى قوة بشرية في هذا العصر.
لقد تولى الخليفة الراشد الثالث الأمرَ،وحَمَلَ الأمانة،وأعطى عزمه الرشيد لمسئولياته الجسام،ومنهجُه في ذلك الرفق واللين،والعمل على راحة الرعية،وإيثار الآخرة الباقية على الدنيا الفانية.
وكان حياء عثمان الشهير مصحوبا بميل واضح نحو الرفق،وكراهية التشديد على الناس،وإن كان هذا مفيدا للنفوس السوية المستقيمة،فإن النفوس النكدة التي لم تُهذَّب رغباتها وتطلعاتها بالدين،ولم تؤدَّب سلوكياتها على ضوء الشريعة هذه النفوس تعده ضعفا وقلة خبرة..
لقد مرت الأعوام الستة الأولى من خلافة عثمان على خير وجه،حتى حقق المسلمون فيها الكثير من الإنجازات الرائعة،مثل: تثبيت الفتوحات في البلاد التي انتفضت عقب وفاة الفاروق عمر،وفتح بلاد جديدة،وبناء الأسطول الإسلامي..
أما ما بقى بعد ذلك من سنوات الخلافة الراشدة،فقد تحولت الريح الباردة الهادئة فيها من اعتراضات عادية إلى تمرد على الخليفة وولاته إلى عاصفة أخذت تتجمع شيئا فشيئا،وينادى بعضها بعضا حتى تحولت إلى إعصار كُتب على عثمان الخليفة الشيخ أن يواجهه وحده،في محنة هبطت بها شراسة المتآمرين إلى السفح،وارتفع بها تسامح الخليفة الشهيد وحكمته إلى القمة..!!
إنما بلغت دولة الإسلام في خلافة أبى بكر وعمر الذروة في العزة،وكانت مضرب الأمثال في الفلاح الإنساني وسعادة المجتمع؛ لأن أبا بكر وعمر كانا يكتشفان بنور الله ـ عز وجل ـ خبايا السجايا في أهلها،وعناصر الرجولة في الرجال،فيوليانهم القيادة،ويبوئانهم مقاعد السيادة،ويأتمنانهم على أمة محمد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وهما يعلمان أنهما مسئولان عن ذلك بين يدى الله ـ عز وجل.(1/191)
وقد سار على هذا النهج الخليفة عثمان ـ رضي الله عنه ـ فلم يولّ من أقاربه إلا من ولاه الخليفتان من قبله،أو ثبتت كفايته وتفوقه،فحققوا إنجازات ضخمة،ورفعوا راية الإسلام بما فتحوه من بلاد جديدة،وما قاموا به من نشر الأمن والعدل وتعاليم الإسلام في هذه البلاد المفتوحة،فعم الرخاء في جميع بلاد الإسلام،ونَعِمَ الناس بالخيرات والثراء الذي لم يشهدوه من قبل.
ولما جاء علي بن أبي طالب إلى الخلافة ولَّى هو أيضا من يثق فيه من أقاربه،ممن يراهم أهلا لتسيير الأمور فيما ولاهم عليه من البلاد.
وقد كانت ولاية الكوفة وولاية البصرة وولاية مصر صاحبة النصيب البارز في الاعتراض على أمير المؤمنين،أما ولاية الشام فكانت سياسة معاوية بن أبي سفيان فيها من الحكمة بمكان،حتى لم يرتفع منها صوت يعترض على عثمان ـ رضي الله عنه.
وتعدى الاعتراض أمراء الولايات ليشمل آخرين ممن ولاهم عثمان مسئوليات أخرى في الدولة الإسلامية،كمروان بن الحكم الذي ولاه عثمان الديوان.
كان عمر بن الخطاب يعرف بنظرته الملهَمة حب عثمان لأقاربه،كما عرف ذلك في علي،وكان يخشى إن تولى أحدهما خلافة المسلمين أن يصل به بره بأهله إلى تفضيلهم على من سواهم وتقريبهم عمن عداهم،وحملهم على رقاب الناس،فحذرهما ذلك عند وفاته وفي وصيته لهما.
غير أن عثمان بعد مضي فترة من خلافته،وعليا ـ رضي الله عنه ـ منذ بداية استخلافه ـ ولّيا أقاربهما،فولّى علي في خلافته ابن عمه قثم بن العباس على مكة،وعبيد الله بن العباس على اليمن،وعبد الله بن عباس أخاهما على البصرة،وولَّى ربيبه وابن زوجته محمد بن أبي بكر على مصر،وولَّى صهره وابن أخته جعدة بن هبيرة على خراسان،كما كان على عسكره ابنه محمد ابن الحنفية،وكان علي نفسه بالكوفة،وقد ناب عنه في الحج سنة ست وثلاثين عبد الله بن عباس،وسنة سبع وثلاثين قثم بن عباس،وسنة ثمان وثلاثين عبيد الله بن عباس،وهؤلاء أكثر ممن استعملهم عثمان وهو يلي بلاد الإسلام كلها،مع أن عليا لما رفض معاوية وأهلُ الشام بيعته لم يكن يَحْكم سوى العراق والمشرق والحجاز،ولم يدم له حكم مصر ولا استقام له حكم الحجاز.
كانت الكوفة من أعظم الأمصار شأنا في عصر الراشدين،اختطها سعد بن أبي وقاص لمائة ألف مقاتل،وكانت هذه المدينة أكثر الأمصار اعتراضا وشكاية في ولاتهم،فكانت أول مصر نزغ الشيطان بينهم في الإسلام. فقد أتعبت هذه المدينة من قبل عمر بن الخطاب،فولى عليها ستة ولاة في فترة قصيرة ـ على الرغم من دقة عمر في اختياره وشدته في متابعة عماله ـ وكان أول وال عليها لعثمان: سعد بن أبي وقاص،لوصية عمر بذلك،فظل عليها سنة وأشهرا،ثم وقع بينه وبين عبد الله بن مسعود عامل الخراج خلاف،فعزل عثمانُ سعدًا،وولى مكانه الوليد بن عقبة سنة ست وعشرين،فظل أميرا عليها خمس سنين وليس على داره باب،وأدخل على أهل الكوفة خيرا كثيرا،فكان أحب الناس(1/192)
إليهم وأرفقهم بهم،حتى دبر له بعض المنحرفين منهم مؤامرة شهدوا فيها شهادة زور بأنه شرب الخمر،فأمر عثمان بجلده وعزله وولَّى مكانه سعيد بن العاص سنة ثلاثين. وحاول سعيد أن يقوم بعدة إصلاحات اجتماعية،نتج عنها انتشار الإشاعات على عثمان وولاته،ثم أحدثوا بعد ذلك أعمال شغب وتمرد انتهت بمنعهم سعيدا من دخول الكوفة،وعزلوه وولوا أبا موسى الأشعري مكانه،ثم خرج منهم بعد ذلك جماعة من المنحرفين على عثمان،فكان التغيير في الولاة استجابة سريعة لرغبات الناس وظروف إقليمهم،ولم يستعمل عثمان حقه في التغيير للولاة مُبادِئًا.
من السمات الواضحة في حكم الراشدين حرصهم على مصلحة الأمة حتى آخر أنفاسهم في الحياة،ولا يشغلهم عن ذلك ثقل الموت وشدته،فأبو بكر يوصي في لحظاته الأخيرة بدعم الجيوش المجاهدة على جبهة العراق،وعمر يوصي وهو يودع الدنيا باختيار خليفة من بين من بقي من كبار أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وبأن يتولى سعد بن أبي وقاص أمر الكوفة؛ لأنه حين عزله من قبل لم يعزله عن عجز أو خيانة،وذكر هذا في وصيته ليدفع عنه أي تهمة.
فاستجاب عثمان لوصية عمر،وسارع في تنفيذها،فكان أول عامل استعمله وبعث به إلى الكوفة،وعزل المغيرة بن شعبة،وجعل مع سعدٍ عبد الله بن مسعود على الخراج. وقد حدث خلاف بين سعد وابن مسعود حول دَيْنٍ لبيت المال كان على سعد،فلما رُفع إلى عثمان عزل سعدا وولى على الكوفة الوليدَ بن عقبة.
عزل عثمان سعدَ بن أبي وقاص عن الكوفة،لا شكًّا في أمانته أو كفايته،ولكنه استكثر أن يتنازع اثنان من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في بلد كالكوفة هما أميراه،وأهل البلد يفتحون إلى الجدال والخصام كل باب،ولا يهمهم أن تثور الفتن والنزاعات.
وأمّر عثمانُ الوليدَ بن عقبة مكان سعد،فقدم الوليد الكوفة سنة ست وعشرين من الهجرة،فأحسن معاملة أهلها،حتى أحبه الناس،وكانت سيرته فيهم أحسنَ سيرةٍ طيلة سنوات إمارته عليهم،ولم يتخذ لداره بابا حتى خرج من الكوفة،فما كان يحول بينه وبين الناس أحد،وكان يدخل عليه من شاء في ليل أو نهار.
ولأن بعض النفوس لا تهدأ إلا إذا اضطربت الأمور من حولها،فقد قام بعض الأشرار بالانتقام من الوليد لأنه أقام الحد على أبنائهم،وذلك بتدبير مؤامرة لعزله،فشهدوا عليه زورا بشرب الخمر،ونجحت مؤامرتهم،فعُزل الأمير الصالح عن الكوفة بعد جلده،وتولى مكانه سعيد بن العاص.
سعيد بن العاص اسم جديد يظهر في سماء الكوفة بعد أن عُزل الوليد بن عقبة.. اسم جديد يتولى إمارة المدينة المشاكِسة التي دعا عليها عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص والوليد ابن عقبة بسبب ظلمهم وافترائهم على أمرائهم..(1/193)
ولما قدم سعيد الكوفة صعد المنبر فخطب فيهم،وزجرهم وتوعدهم،ثم نزل وسأل عن البلدة وأحوالها،ووضْع الناس بها،حتى عرف حالهم واضطراب أمرهم،فكتب إلى أمير المؤمنين في ذلك،فرد عليه بعدة تعليمات لإصلاح الوضع بها،فشرع سعيد في تنفيذ الإصلاحات،وبدأ بوجوه الناس وسادتهم من أهل القادسية والبلاء في فتوح هذه البلاد،وأرسل إليهم،فلما اجتمعوا عنده قال لهم: " أنتم وجوه الناس،والوجه ينبئ عن الجسد،فأبلغونا حاجة ذي الحاجة".
وأدخل معهم من يُحتاج إليه،ثم جمع القراء والعلماء واختصهم لنفسه،وجعلهم من أهل مجلسه وسمره. وسار سعيد بن العاص على هذه السياسة الرشيدة في الإدارة،وبث الجيوش والسرايا لاستكمال الفتوحات في طبرستان والباب حتى بلغ أذربيجان..
وسارت الأمور على ما يرام حتى سنة ثلاث وثلاثين الهجرية،حيث قام بعض المنحرفين بالكوفة بأعمال شغب انتهت بتسييرهم إلى الشام. وأصبحت الكوفة وكأنها حطب يابس اشتعلت فيه النيران،فانتشرت الشائعات بالقدح والذم في ولاة عثمان،بل وفي عثمان نفسه؛ لأنه هو الذي اختارهم وولاهم.
ولم يكن يدور في خلد سعيد أن يكون هذا هو نتاج محاولاته الإصلاحية،فكتب إلى أمير المؤمنين يخبره،ويستشيره في الأمر،فجمع عثمان أهل المدينة وعرض عليهم الأمر.
كانت ولاية البصرة إحدى الأمصار الإسلامية ذات الشأن في عصر الراشدين،واستقر مقام المسلمين بمنازلها في المحرم من سنة سبع عشرة للهجرة،ولم يكن حال أهل البصرة أفضل كثيرا من أهل الكوفة مع عمال عمر،فقد شكا بعضُ أهلِها عاملَهم المغيرةَ بنَ شعبةَ إلى الخليفة،واتهموه بالزنا،فعزله عمر وولى مكانه أبا موسى الأشعري سنة سبع عشرة للهجرة،فظل واليا عليها عدة سنوات،ثم صرفه عمر إلى الكوفة حين عزل عمار بن ياسر عنها،وطلب أهل الكوفة من أمير المؤمنين عمر أن يوليه عليهم،وولى مكانه على البصرة عمر بن سراقة المخزومي،ثم رد عمر أبا موسى إليها،فظل أبو موسى على البصرة وعلى صلاتها إلى أن مات عمر.
ولما ولي عثمان أقره عليها،فظل أبو موسى الأشعري واليا عليها سنوات،ثم عاد أهل البصرة فاتهموا أبا موسى وشكوه إلى عثمان،وقالوا: قد أكل أرضنا،وأحيا أمر الجاهلية فينا،فعزله عثمان سنة تسع وعشرين للهجرة.
واستعمل عثمان على البصرة عبد الله بن عامر بن كُرَيز،وهو ابن خمس وعشرين سنة،فكان فيهم حسن السيرة،مجاهدا ميمون النقيبة،ولم يزل واليا عليها حتى قتل عثمان،وقد حقق أعظم الإنجازات،فوصلت الفتوحات على يديه إلى أقصى المشارق،وانتهت بتقويض ملك الإمبراطورية المجوسية ومقتل يَزْدَجِرْد الثالث آخر ملوكهم.(1/194)
ها هي روح شابة تنال ثقة أمير المؤمنين عثمان،فيدفع بها إلى الصفوف الأولى من تحمّل المسؤولية،فيتولى عبد الله بن عامر أمر المواجهة مع فارس وأمر إدارة شؤون البصرة ذات الموضع الاجتماعي المعقّد. وكم كانت كفاية عبد الله وقدراته تنمّ عن موهبة فذّة في الإدارة والجندية،وإنجازاته البارزة تثبت ذلك،فقد فتح خراسان كلها،وأطراف فارس وسِجِسْتان وكَرمان حتى بلغ غَزْنة،وفي عهده قُتل يَزْدَجِرْد آخر ملوك الفرس،الذي كان يفر هاربا في البلاد أمام جيوش عبد الله بن عامر حتى قتل.
ثم رجع ابن عامر بعد أن فتح هذه البلاد العظيمة،فقيل له: ما فتح الله على أحد مثل ما فتح عليك: فارس وكرمان وسجستان وخراسان،فقال: " لا جرم،لأجعلن شكري لله على ذلك أن أخرج معتمرا من موقفي هذا فأحرم بعمرة من نيسابور"،ووفى بنذره،وفرق أموالا كثيرة في أهل المدينة.
ومن منجزات عبد الله بن عامر أيضا أنه أتم حفر نهر الأبلة،ذلك المشروع الضخم الذي ابتدأ في ولاية سلفه أبي موسى الأشعري،وحفر غيره من الأنهار التي زودت مدينة البصرة بالماء اللازم لها،واتصلت تجارتُها بالأقاليم المجاورة فدفع ذلك نموها وازدهارها.
وأسهم عبد الله بن عامر في تطوير البصرة بسياسته التي هدفت إلى تشجيع العمران بالمدينة، بمنح الإقطاعات للأشخاص ليتنامى الإنتاج،واتخاذ الأسواق وتأسيسها بالمدينة،فقام بشراء عددٍ من الدور وبنى في موضعها سوقا،لاسيما أن سوق المربد لم تعد قادرة على سد الحاجات الجديدة للمدينة.
تعد مصر أحد مواطن القوة الإسلامية ومصادر ثراء المسلمين منذ توجه إليها عمرو بن العاص من قيسارية بفلسطين لفتحها في أواخر سنة ثماني عشرة للهجرة،واكتمل فتحها سنة إحدى وعشرين،واستمر عمرو واليا عليها حتى وفاة عمر.
ولما ولي عثمان الخلافة أقر عَمرا على مصر في صدر إمارته،يدير أمورها،ويسوس شؤونها،وكان عمرو يُحكم قبضته عليها،مما دفع بعض الأشرار والمنحرفين إلى أن يشكوه إلى عثمان،ولم يكن عثمان يعزل أحدا إلا عن شكاية أو استعفاء من غير شكاية؛ فنقل منه خراجَ مصر،وولى عليه عبد الله بن سعد بن أبي السرح لمؤهلاته الشخصية.
ولم يكتف هؤلاء الأشرار بذلك حتى سعوا بين عمرو وعبد الله بن سعد،وأوقعوا الخلاف بينهما،فبلغ ذلك عثمانَ فعزل عَمْرًا وجعل مصر كلها لابن أبي السرح،وقدم عمرو المدينةَ مُغضَبًا.
وبذلك نجحت مكيدتهم في عزل عمرو عن مصر،فخلا لهم الجو وعاثوا فيها فسادا،وبثوا أفكارهم الهدامة بين الناس،وظهرت أولُ بوادر الفتنة في تحريض محمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر الناسَ على ذم عثمان وواليه ابن أبي السرح،أثناء الخروج إلى معركة ذات الصواري،وأكثرا من الكلام فيهما،فقد حرضا الناس حتى أفسدا أهل تلك الغزوة،فزجرهما عبد الله بن سعد بن أبي السرح وتوعدهما،ولولا خشيته من غضب أمير المؤمنين لعاقبهما عقابا شديدا.(1/195)
وقد شجع ذلك من في حلوقهم غصة على عثمان،حتى علت الأصوات المنخفضة،وخرجت الفتن المختبئة،وخرج الناس على الخليفة،وذهبت جماعة منهم إلى المدينة،وكان ما كان من حصارهم له،ثم قُتل شهيدا ـ رضي الله عنه وأرضاه.
الشام منذ أيامِها الأولى في ظلال الإسلام وهي أعظم ولايات دولة الراشدين شأنًا،ففيها موطنٌ كبير للقوة الإسلامية،وامتدادٌ هام لدولة الإسلام إلى الشمال يمثل ظهرا للفتوح في جهات أخرى عديدة.
وقد تولى عثمان - رضي الله عنه - الخلافةَ ومعاوية أميرٌ على الشام،فأقره عليها لِمَا علم فيه من كفاية ونباهة،ولاستعمال أبي بكر وعمر له من قَبْلُ،ولِمَا منحه الله من صفات أهَّلتْه للقيادة والحكم والإدارة،فاستطاع بحسن سياسته أن يدير الشام إدارة حكيمة،حيث أحكم سيطرته عليها،فسهلت له قيادتها،وجعل منها أقوى ولاية إسلامية حينئذ،فنَعِمَتْ معه رعيته بالخير والبركة،وبرزت إنجازاته في هذه الولاية بوضوح.
********************
7- شخصية معاوية رضي الله عنه
ولم يكن معاوية ـ رضي الله عنه ـ يدع شيئا يزعزع استقرار بلاده،أو يهدد أمن ولايته إلا قضى عليه في مهده ودون مساعدة من الخليفة،إلا ما كان من أمر الخلاف مع أبي ذر ومنهجه،حيث استعان بأمير المؤمنين عثمانَ لما أعيتْه الحيَل،فأعانه. وعموما كانت رعيتُه أكثرَ الأمصارِ طواعيةً لأميرها،فلم تظهرْ فيها الفتنة،ولم يجد مثيرو الفتنة لهم فيها مكانا،بل إن معاوية عرض على أمير المؤمنين عثمان أن يخرج معه إلى الشام عندما حدثت الفتنةُ،أو أن يرسل لحمايته بالمدينة بعضَ أجناد الشام،ولكن أمير المؤمنين رفض ذلك كلَّه. ولما جاءهم نبأ حصاره خرج جيش منهم لنصرته،ولكن جاءهم خبر مقتله قبل أن يصلوا إلى المدينة.
"الناس معادن كمعادن الفضة والذهب..." (رواه مسلم وأحمد).
كان معاوية بن أبي سفيان رجلاً معدنُه الذهبُ في الإدارة والإمارة،ولعله ورث ذلك عن قومه من بني أمية الذين كانوا من زعماء مكة في الجاهلية...
لقد كانت شخصية معاوية الأموي في ظل الإسلام جديرة بأن تحقق إنجازات بارزة إذا أتيحت له الفرصة،وقد انفتح الباب أمامه واسعا حين ولاه عمرُ بعضَ الشام إلى أن أصبح واليا على الشام كله،وكذلك حين وثق فيه عثمان فأقره في موضعه،وسمح له بتنفيذ بعض المشاريع التي كان يعارضها عمر،خوفا على المسلمين.
لقد كان جند الشام تحت قيادة معاوية في طليعة جيوش الجهاد والفتوح الظافرة الداعية إلى الله بأخلاقها وسيرتها وحكمة قادتها وصدق إسلامهم،فانتصروا على عدوهم في البر والبحر،كما كان(1/196)
تأسيس الأسطول الإسلامي والفتوح البحرية الأولى من عمل معاوية الذي ألح على الخليفة الرفيق عثمان كي يقوم بها،حتى سمح له أمير المؤمنين بذلك،ففتح قبرص،وغزا مضيقَ القسطنطينية.
وقد حفظ معاوية وجندُه الشامَ - بفضل الله - وحمى سواحلَها من غارات الروم ومحاولاتهم لاستردادها،بل كان له في كل سنة غزوة في بلاد الروم في زمن الصيف تسمى الصائفة.
************************
8- محاولة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه رأب الصدع
في فترة حكم الراشدين كانت الخلافة في المدينة مفزع الأمراء دائما إذا اعترضتهم مشكلة أو نابتهم نائبة،فكتب سعيد بن العاص إلى أمير المؤمنين عثمانَ يخبره باعتراضات أهل الكوفة وشغبهم بعد تنفيذ الوصايا التي أمر بها.
فلما جاء الكتاب إلى المدينة أمر عثمان مناديه أن ينادي في الناس: الصلاة جامعة،ليستشيرهم في هذا الأمر الغريب،فاجتمع إليه أهل المدينة،وأخذ يعرض عليهم الأمر من كتاب سعيد إليه يصف الوضع بالكوفة،ومقالة السوء التي شاعت ضده وضد ولاته.
كل هذا والناس تعجب مما تسمع،حتى فرغ عثمان من حديثه،فقالوا له: "أصبتَ يا أمير المؤمنين،فلا تسعفهم في ذلك،ولا تطمعهم فيما ليسوا له بأهل،فإنه إذا نهض في الأمور من ليس لها بأهل لم يحتملها وأفسدها".
فلما سمع منهم ذلك وموافقتهم له أوصاهم قائلا: " يا أهل المدينة استعدوا واستمسكوا،فقد دبت إليكم الفتن ". ونزل من فوق منبر الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ مهموما،ثم أوى إلى منزله،وأخذ يفكر في كيفية علاج ذلك الخلل الاجتماعي،وبالفعل حاول العلاج،وكانت لهذه المحاولة نتائجها ـ وإن كان ذلك في إطار ضيق.
حاول عثمان علاج الخلل الاجتماعي الذي جرى في الكوفة،وعمل على محاصرته ليمنع استفحاله وامتداد أثره إلى مواضع أخرى من بلاد المسلمين،وذلك في إطار سياسته العامة القائمة على تقديم أهل السابقة والدين،فأراد أن يزيد عددهم في الكوفة،ويعزز أوضاعهم بها،ويوازن الاتجاه القَبَلِيَّ بها،فاقترح لذلك أن ينتقل من شاء من الصحابة إلى العراق،وأن يتخذوا بها معايش ثابتة؛ وذلك بأن يشتروا لهم أراضي هناك؛ إما بأموالهم السائلة أو باستبدال أرض من أهل العراق بما يمتلكون في الحجاز،فسُرَّ بذلك الصحابة،وفتح الله عليهم به أمرا لم يكن في حسابهم،ووجدوا فيه فرجا لهم،وسمح لهم بالانتشار في مناطق العالم الإسلامي.
وكان ذلك نقلة كبيرة عن سياسة الفاروق عمر الذي حجزهم بجواره لحاجته إليهم،ولتخوفه من تشعب الأمر بانقسام الناس حولهم إن جاوروهم بالأمصار،وخشي من فتنتهم بهم ... ومعنى ذلك أن(1/197)
بواعث الفتنة التي ظهرت بالعراق خاصة الكوفة،كانت تعود إلى أسباب اجتماعية وسياسية،وليس مجرد النقمة على ولاة عثمان لأنه ولى أقاربه كما يظن الكثيرون.
في فترة حكم الراشدين كانت الخلافة في المدينة مفزع الأمراء دائما إذا اعترضتهم مشكلة أو نابتهم نائبة،فكتب سعيد بن العاص إلى أمير المؤمنين عثمانَ يخبره باعتراضات أهل الكوفة وشغبهم بعد تنفيذ الوصايا التي أمر بها.
فلما جاء الكتاب إلى المدينة أمر عثمان مناديه أن ينادي في الناس: الصلاة جامعة،ليستشيرهم في هذا الأمر الغريب،فاجتمع إليه أهل المدينة،وأخذ يعرض عليهم الأمر من كتاب سعيد إليه يصف الوضع بالكوفة،ومقالة السوء التي شاعت ضده وضد ولاته.
كل هذا والناس تعجب مما تسمع،حتى فرغ عثمان من حديثه،فقالوا له: "أصبتَ يا أمير المؤمنين،فلا تسعفهم في ذلك،ولا تطمعهم فيما ليسوا له بأهل،فإنه إذا نهض في الأمور من ليس لها بأهل لم يحتملها وأفسدها".
فلما سمع منهم ذلك وموافقتهم له أوصاهم قائلا: " يا أهل المدينة استعدوا واستمسكوا،فقد دبت إليكم الفتن ". ونزل من فوق منبر الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ مهموما،ثم أوى إلى منزله،وأخذ يفكر في كيفية علاج ذلك الخلل الاجتماعي،وبالفعل حاول العلاج،وكانت لهذه المحاولة نتائجها ـ وإن كان ذلك في إطار ضيق.
حاول عثمان علاج الخلل الاجتماعي الذي جرى في الكوفة،وعمل على محاصرته ليمنع استفحاله وامتداد أثره إلى مواضع أخرى من بلاد المسلمين،وذلك في إطار سياسته العامة القائمة على تقديم أهل السابقة والدين،فأراد أن يزيد عددهم في الكوفة،ويعزز أوضاعهم بها،ويوازن الاتجاه القَبَلِيَّ بها،فاقترح لذلك أن ينتقل من شاء من الصحابة إلى العراق،وأن يتخذوا بها معايش ثابتة؛ وذلك بأن يشتروا لهم أراضي هناك؛ إما بأموالهم السائلة أو باستبدال أرض من أهل العراق بما يمتلكون في الحجاز،فسُرَّ بذلك الصحابة،وفتح الله عليهم به أمرا لم يكن في حسابهم،ووجدوا فيه فرجا لهم،وسمح لهم بالانتشار في مناطق العالم الإسلامي.
وكان ذلك نقلة كبيرة عن سياسة الفاروق عمر الذي حجزهم بجواره لحاجته إليهم،ولتخوفه من تشعب الأمر بانقسام الناس حولهم إن جاوروهم بالأمصار،وخشي من فتنتهم بهم ... ومعنى ذلك أن بواعث الفتنة التي ظهرت بالعراق خاصة الكوفة،كانت تعود إلى أسباب اجتماعية وسياسية،وليس مجرد النقمة على ولاة عثمان لأنه ولى أقاربه كما يظن الكثيرون.
لا ريب أن الاجتهاد السياسي لعثمان كان يتوخى تهدئة الأوضاع في الكوفة،والإقلال من خطر الخلل الاجتماعي بها،لكن نجاحه في ذلك بدا محدودا،إذ وجد الذين لا سابقة لهم والطارئون على الكوفة والأعرابُ أنه ليست لهم مكانة أدبية ولا مادية في المجتمع،وإنما ذلك لأهل السابقة والفضل،فأخذوا(1/198)
يعيبون التفضيل،ويجعلونه فجوة،وهم يخفون ذلك ولا يكادون يظهرونه؛ لأنه لا حجة لهم،ولو أعلنوه لثار الناس عليهم؛ فكان إذا لحق بالكوفة لاحِقٌ من أعرابيٍّ أو عبدٍ محرَّرٍ،أعجبه كلامهم،وانضم إليهم،حتى قويت شوكتهم،وظلوا على احتجاجهم على عثمان وولاته،يثيرون من حولهم الإشاعات،وكانوا في زيادة يوما بعد يوم،والناس في نقصان حتى غلب الشر،وحدث التمرد بالكوفة.
************************
9- اعتراضات مردودة :
وزاد من انتشار التمرد أن عثمان لما اقترح على الصحابة أن يشتروا أرض العراق بما لهم من أرض وأسهم بالمدينة وغيرها من أرض الجزيرة العربية،محاولة منه لزيادة عدد الصحابة بالعراق ليوازن الاتجاه القَبَلِيَّ بها،حدث ما لم يكن متوقعا،فقد التف رجال القبائل حول هؤلاء الصحابة،وجعلوا منهم مراكز قوى يتطلعون بها إلى مركز الخلافة ...
أضف إلى ذلك أن نظام العطاء الذي سنه عمر كان سببا في زيادة تذمر القبائل في العراق؛ إذ إنه رتب الناس في العطاء بحسب قرابتهم من رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وسابقتهم في الدين،وهؤلاء جميعا من قريش؛ مما أدى إلى تفضيل قريش في العطاء،فكان أن نقمت القبائلُ على قريش استئثارَها بالفيء وكثرةَ الأموالِ بأيديها.
كان إنشاء الأسطول البحري الإسلامي الأولِ واحدا من إنجازات عهد عثمان بن عفان الكبيرة،وها هو الأسطول يخرج في أولى مهامه الحربية،يشترك فيه جنود المسلمين من مصر والشام،للاشتباك مع الأسطول الروماني الذي دانت له السيطرة في البحر المتوسط أو بحر الروم زمنا طويلا..
واحتفل البحر بالأسطول الإسلامي بمنظره المهيب في معركة ذات الصواري،غير أن نفوسا تلوثت بالدنيا وبالحقد على المسلمين أبت إلا أن يشتمل العُرس على مقدمات لحزن طويل،فمحمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر شاركا في معركة ذات الصواري سنة إحدى وثلاثين مع جيش عبد الله بن سعد بن أبي السرح،الذي خرج من مصر،فأخذا يبثان في الناس أكاذيب وأفكارا ضالة،تزعم أن عثمان غيّر وبدل وخالف أبا بكر وعمر،وأن دم عثمان حلال.
واتهماه بأنه استعمل عبدَ اللهِ بنَ سعدٍ الذي كان رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أباح دمه،ونزل القرآنُ بكفره،وبأنه نزع أصحابَ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ واستعمل سعيدَ بنَ العاص وعبدَ الله بنَ عامر.
وأخذا يتكلمان بذلك وغيره في أهل تلك الغزوة،وبلغ عبدَ الله بن سعد ما يحدثان به الناس،فاستدعاهما وقال لهما: لا تركبا معنا،ومنعهما من الركوب مع جيشه،فركبا في مركب ليس فيه أحد من المسلمين،ولما كان وقتُ لقاء العدو،كانا أقل المسلمين قتالا وأقلهم حماسا،فقيل لهما في ذلك،فقالا: كيف نقاتل مع رجل لا ينبغي لنا أن نحكّمه.. وعثمان فعل وفعل،حتى أفسدا أهلَ تلك الغزوة.(1/199)
لن تستطيع أن تحصل على الحقيقة كاملة حول شخصٍ ما إذا كان أعداؤه هم الذين يكتبون تاريخَه،خاصة إذا كانت لهذه الشخصية مشاركات في أحداث متشابكة،اختصم فيها الناس،وتوزعوا فرقا،كالذي جرى في الفتنة...
ولعل هذا ينطبق بصورة واضحة على مروان بن الحكم،ذلك الشاب الأموي الذي نال ثناء العديد من رجال عصره،كما نال ثقة أمير المؤمنين عثمان،فولاه رئاسة الديوان،واتخذه كاتبا لرسائله الخاصة...
وقد كانت تولية عثمان لمروان وأشباهه من بني أمية ـ كعبد الله بن سعد بن أبي السرح الذي ولاه مصر،وعبد الله بن عامر الذي ولاه البصرة،ومعاوية بن أبي سفيان الذي استبقاه أميرا على الشام ـ كان هذا مثارا للاعتراض على الخليفة،مما استغله الثائرون على عثمان،بل ضخّموه.
وليس مروان بعيدا عن أن يوصف بالسوء فحسب،بل كان به - فوق ذلك - العديد من الفضائل والمواهب القيادية،ولم تكن تولية عثمانَ له مجاملة على حساب المسلمين..
لقد كان مروان نائبا بالمدينة،فإذا وقعت معضلة جَمَعَ مَنْ عنده من الصحابة فاستشارهم فيها،وعَمِلَ بما أجمعوا عليه.
ومروان هو الذي جمع الصِّيعانَ (مفردها صاع،وهو كيل معروف)،فأخذ بأعدلها فنُسب إليه الصاع،فقيل: صاع مروان،وهى ليست بصاع مروان،إنما هى صاع رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - .
إن من لوازم الرئاسة،ومن شروط الشرف والمنزلة بين الناس أن يَرْخُصَ المال عند الإنسان،فيمنَحه بسخاء يدٍ،ويعطيَه بكرم نفسٍ. فإذا زُيِّن ذلك بالتقوى والإيمان صار للكرم وللسخاء معنى عند الله تعالى وعند الناس.
وقد كان الإمام التقي العادل عثمان بن عفان من هؤلاء السادة الكرماء،الذين رخُص المال عندهم،فبذله في سبيل الله،ووصل به أهلَه وإخوانَه..
إلا أن ذلك لم يعجب الطائفة المعترضة على الخليفة،الثائرةَ عليه تستعجل وفاته،فاتهموا عثمانَ بسوء التصرف في مال المسلمين،والإنفاقِ من بيت المال على ذويه وأقاربه.
لقد كان عثمان ليِّنا مع أهله،رفيقا بأقاربه،كما كان ليِّنا مع الناس جميعا،بل إن ذوي رحِمِهِ وأقاربَه أولى برِفْقِهِ ولينه. وما أكثر ما كان عثمان ينفق لتجهيز الجيوش،والإعداد للغزو في وقت لم تكن للإسلام فيه شوكة،فلما قامت للإسلام دولة،وكانت الفتوحات،وجاءت الغنائم والفيء،أصبحت الدولة في أوج قوتها وثرائها،وكان أن أنفق عثمان على أقربائه،وأعطاهم من ماله هو يتقرب إليهم ويصلهم.
وكان مما فعله معهم أنه قسم ماله وأرضه في بني أمية،وجعل ولده كبعض من يعطيه منهم،فبدأ ببني أبي العاص،فأعطى آلَ الحكمِ رجالَهم عشرةَ آلافٍ عشرةَ آلافٍ،فأخذوا مائةَ ألفٍ،وأعطى بني عثمان مثلَ ذلك،وقسَّم في بني العاص وفي بني العيص وفي بني حرب.(1/200)
وزعم المعترضون أن الخليفة يمنحهم من مال المسلمين،وصاروا يعترضون على تصرفاته المالية،فإذا زوّج ابنه من ابنة الحارث بن الحكم،وزوّج ابنته من ابن مروان بن الحكم،وجهَّزهما من خالص ماله الذي كان واسعًا ووفيرا في الجاهلية والإسلام - قالوا: إنه جهزهما من بيت مال المسلمين!!
وإذا اقترض رجل بضعةَ آلافٍ من بيت المال ـ وكان من حق المسلمين أن يقترضوا من بيت مالهم ـ قالوا: إن الخليفة منحه إياها بغير حق!
وإذا توسع في المراعى التي كانت الدولة في عهد "عمر" تحميها لإبلِ الصدقةِ ولتنمية الثروة الحيوانية،قالوا: إنه حَمَى الحِمَى لكي يسمِّن إبلَه وماشيتَه..!!
ولقد حدث أن وَلَّى الخليفة الحارثَ بنَ الحكم أمانةَ سوقِ المدينةِ،واستغل الحارث وظيفته،فراح يشترى النوى ويحتكره،ولم يكد الخليفة يعلم بهذا حتى استدعاه إليه وسفَّهه،ثم عزله من فوره،فهذه أيضا نسجوا منها اتهاماتٍ..!!
وكانت الأرض البُور التي لا تجد مَنْ يزرعها ويستثمرها تملأ البلاد،لاسيما في ريف العراق،فراح الخليفة يُقطِع القطائع نفرًا من أثرياء الصحابة الذين يمكِّنُهم ثراؤهم من الإنفاق عليها واستثمارها،فنسجوا من ذلك اتهاما..!!
وكان أمينُ بيتِ المالِ عبد الله بن أرقم قد تقدمت به السنُّ،كما وقع خلاف هادئ بينه وبين الخليفة،فرأى الخليفة أن يولي مكانه زيدَ بنَ ثابتٍ،فأطلق المرجفون المتمردون قولتَهم بأن الخليفة عزل ابن أرقم لأنه عارض إسرافَه،مع أنه ولَّى مكانه زيدَ بنَ ثابتٍ الذي ائتمنه أبو بكر وعمرُ على جمع القرآن...
ومن قبلهما ائتمنه رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على كتابة الوحي.
كانت الأُخُوَّةُ في الله هي الجامع الأول الذي وحّد هؤلاء الصحابة من أقوام مختلفين وقبائل شتى،فصنعوا نسيجَ المجتمع الإسلامي الأولِ،الذي رافق رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في رحلة الدعوة إلى الله ـ تعالى ـ والجهاد في سبيله..
ومع عظمة النفوس البشرية لهؤلاء الرجال،وسُمُوِّ أغراضِها وأهدافها،لم يكن منتظَرًا منهم أن يكونوا معصومين من الخطأ عصمةَ نبيِّهم ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لذا لا نعجب أن تقع بينهم بعض الخلافات الطفيفة،لكنهم كانوا دائما يعتصمون بمعاني الأخوَّة في دين الله ـ تعالى ـ ما لم تتدخل يَدٌ شيطانيةٌ تزوِّر الحقائقَ وتضخِّم الأحداثَ.
لقد أشاع المعترضون أن الخليفة عثمانَ وقف موقفا اتسم بالشدة تجاه بعض الصحابة الأجلاء: فنفى أبا ذر الغفاري،وضرب عبدَ الله بنَ مسعود ومنع عنه عطاءه،وضرب عمارَ بنَ ياسر.
إن الزهد في الحياة،والأخذ منها بما يسد الضروريات أو يكاد ـ منهج في الحياة ترتضيه بعض النفوس،وتجد لديها إمكانية كبيرة للصبر عليه.. وهذا شيء لا عيب فيه،غير أن قليلين هم الذين(1/201)
يقدرون على هذا. كما أن الزهد بهذه الصورة ليس هو المنهج الوحيد الذي يمكن أن يعيش المسلم به في ظلال الإسلام الحنيف،فيمكن أن يكون الزاهد ذا ثوبٍ حسنٍ ومنزلٍ رحْبٍ متسعٍ،يأكل من الطيبات التي أحلها الله،ولا يحرّمها على نفسه ولا على الناس ـ كل هذا دون أن تكون الدنيا غايتَه،ودون أن يسرف على نفسه،أو يستطيل على عباد الله بنعمة الله.
وقد كان الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري ممن مالوا إلى الزهد بصورته الشديدة،فأخذ نفسَه بالعزائم الشديدة،وحرمها الكثيرَ من متعها،واكتفى من الدنيا بما يبلغه المسير إلى نهايتها.
ولم يكتف أبو ذر باختيار سبيل الزهد الذي اختاره،فأضاف إلى ذلك انتقاداتٍ شديدةً أخذ يوجهها إلى هؤلاء الذين توسعوا في متع الدنيا،فكان يقوم في الناس في الشام ويقول: " يا معشر الأغنياء واسُوا الفقراءَ.. بشِّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاوٍ من نار تُكْوَى بها جباهُهم وجنوبُهم وظهورُهم ". وكان ينتقد عُمَّالَ عثمانَ لذلك،وينكر عليهم توسُّعَهم في المراكب والملابس.
وانتشر كلام أبي ذر هذا حتى شكا الأغنياءُ ما يَلْقَوْنَ من الناس بسببه إلى معاوية،وكادت أن تقع الفتنة،لولا أن معاوية تدارك الأمر وكتب إلى أمير المؤمنين عثمان في ذلك، فأمره بأن يُرسل أبا ذر إليه مكرما،ومعه دليل في طريقه،ويزوده بالزاد،ويَرفق به.
فلما بلغ أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ المدينةَ،لقي الخليفة،فتحادثا برفق ومودة،واختار أبو ذر ـ بعد أن أحس أن تيار الفتوح قد غير الناس كثيرا ـ أن يعيش وحده في منطقة الرَّبَذة خارج المدينة،فزوَّده أميرُ المؤمنين عثمانُ بما يلزمه.
وعاش هناك منفردا حتى أدركه الأجل المحتوم،فمات وحده كما أخبره الرسول المعصوم ـ - صلى الله عليه وسلم - .
وقد حاول الثائرون على عثمان ـ رضي الله عنه ـ استغلالَ هذا الموقف،زاعمين أن الخليفة نفى أبا ذر بسبب اعتراضه عليه وعلى ولاته،وهو أمر لم يفعلْه الخليفة الصالح على الإطلاق.
إن الأخوَّة والصحبة لا تمنعان من إقامة الحق والحرص عليه،فإذا كان عثمان بن عفان وعمار بن ياسر رفيقَيْن اصطحبا في خدمة الإسلام،فإن الخليفة لن يسمح لنفسه أن تُجامِل عمارا إذا كان الحق في غير صفه..
وها هو ذا عمار بن ياسر يتشاتم هو ورجل من المسلمين في لحظة غضب،فيعاقبهما الخليفة؛ إذ حوى كلامُهما قذفا وخوضا غاضبا في الأعراض أو ما يشبهه.
ومرة أخرى يرسل عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين ليأتيهما المسجدَ يراجعانه في بعض أعماله،لكن عثمان كان في انشغال عنهما،فانصرف سعد،وألح عمارٌ على مقابلته،ولم يتيسر للخليفة لقاؤه،فبعث إلى عمار مع رسول له يطلب تأجيل اللقاء به،لكن عمّارا لم ينصرف،فتناوله رسول الخليفة وآذاه بغير أمر عثمان..(1/202)
ولعل نفس عمار أول الأمر كانت غاضبة من الخليفة،لكنه مع مرور الوقت تيقن أن عثمان حسن النية،جاد في حفظ حدود الدين،حتى لقد أشفق عمار على عثمان حين حاصره الثائرون،وقال: "يا سبحان الله!! أتمنعون الماء عمن اشترى بئر رومة،ووهبها المسلمين؟!".
وذهب المعترضون على الخليفة يصنعون من هذا الموقف تهمة كبيرة للخليفة المؤمن عثمان!
"بايعنا خيرَنا ولَمْ نأل" ـ أي لم نقصر ـ هذا هو رأي ابن مسعود في عثمان،فما تولى الخلافة إلا وهو خير الموجودين وأجدرهم بها،كما يرى أكثر الصحابة.. وقد تولى عبد الله بن مسعود خراج الكوفة أيام عثمان حين كان سعد بن أبي وقاص أميرا عليها،فاختلف سعد وابن مسعود على قرض اقترضه سعد من بيت المال،فعزل عثمانُ سعدا وأبقى ابن مسعود.
إلى ذلك الوقت لم يكن بين ابن مسعود وخليفته إلا الصفو وكل خير،فلما عزم عثمان على تعميم مصحف واحد في العالم الإسلامي يُجْمِعُ أصحاب رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على أنه هو المصحف الكامل الموافق لآخر عَرْضة عُرض فيها كتاب الله ـ عز وجل ـ على النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قبل وفاته،ودّ ابنُ مسعود أنْ لو كُلِّف هو بذلك،وأحب أن يبقى مصحفه الذي كان يكتبه لنفسه فيما مضى،فجاء عمل أمير المؤمنين على خلاف ما كان يودُّه ابنُ مسعود في الحالين،فاختير زيدُ بن ثابت ليرأس بعضَ الصحابة في نسخ المصحف الذي جُمع أيام أبي بكر،وزيدٌ أولى بهذا الأمر؛ فقد اختاره أبو بكر من قبل لما هو أكبر من هذا العمل،وهو جمعُ القرآن في مصحفٍ واحدٍ.
وقد كان عثمان يعلم ـ كما يعلم سائر الصحابة ـ مكانةَ ابنِ مسعود وعلمَه وصدقَ إيمانه،وكان الخليفة على حق حين ألغى المصاحف الأخرى كلها،ومنها مصحف ابنِ مسعود،فذلك أبقى لوحدة الأمة،وراد للاختلاف في كتاب الله تعالى،وكان جمهور الصحابة في كل ذلك مع عثمان.
ومع أن هذا خلاف وارد بين البشر،بل خلاف مشروع بين العقول،إلا أن مَنْ لا يفهمون ذلك ممن قاموا يعترضون على الخليفة أشاعوا أن عثمان ضرب ابنَ مسعود ومنع عنه عطاءه.
الاجتهاد باب من الأبواب التي يقوى بها تفاعل الدين مع الحياة والناس،إذ إن الزمان مع تغيره والحياة مع تطورها يقذفان الناس بقضايا جديدة وأمور لم تسبق لهم من قبل،فيتعامل عقل العالم مع روح الدين والقرآن والسنة ونصوصهما في محاولة الوصول إلى الحق.
وقد كان الخلفاء الراشدون جميعا يملكون أهلية الفتوى والقدرة على الاجتهاد،وكانت لأبي بكر وعمر اجتهاداتهما الكثيرة.
غير أن الثوار الذين قاموا في وجه الخليفة عثمان سلبوه هذا الحق،واتخذوا بعض فتاواه سلاحا يُشْهِرونه للثورة عليه والتشهير به،بل شككوا في فضله وسابقته في الجهاد والإيمانِ بالله ورسوله.
لقد راحوا يتصيدون للخليفة الراشد ما حسبوه - بسوء تدبيرهم وخيبة فألهم - طعنًا سينال من ورع الخليفة وحسن طاعته لله ولرسوله،أو من قدره في نفوس المؤمنين والصالحين.(1/203)
قالوا: إن الخليفة وحد المصاحف كلها في مصحف واحد،وجمع المصاحف الأخرى وأحرق أوراقها.
وقالوا: إن الخليفة تَرَكَ قصرَ الصلاة بمنى أثناء حجه،بينما كان الرسول وصاحباه يقْصرون الصلاة.
وقالوا: إن الخليفة لم يُقم حدَّ القتل على عبيدِ الله بنِ عمر.
وقالوا: إن الخليفة ردَّ الحَكَمَ بنَ أبي العاص،وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نفاه.
وقالوا: إن الخليفة علا على درجة رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على المنبر،وقد انحطَّ عنها أبو بكر وعمر.
على أن الخليفة ـ رضي الله عنه ـ أمام المعارضة الأخرى النزيهة التي واجه بها أصحابُه بعضَ قراراته،لم يقف موقفَ المستعلِي على الرأي،ولا المستكبر عن الحق،بل وقف على ملأ من المسلمين في يوم الجمعة،يعترف بما عساه يكون وقع فيه من أخطاء،ويرفع ضراعته إلى الله مستغفرا وتائبا،باكيا ومبكيا جميعَ الذين كانوا هناك يستمعون إليه وينصتون..!!
وأمام موقفه العظيم هذا،تبددت الموجة الأولى من الهجوم على المدينة،ذلك الهجوم الذي كان المتمردون قد انطلقوا به من مصر،حيث كان يقيم العديد من القبائل اليمنية التي شاركت في الردة من قبل،وبقِيتْ على همجيتها الجاهلية،ولم يكن للنظام والاستقرار الاجتماعي في تفكيرها موضع.
لقد كان سجلا من الأعمال الرائعة هذا الذي كتب فيه صحابة محمد - صلى الله عليه وسلم - خُطا مسيرتهم.. وجاء مَن بعدهم يُجِل ويحترم هذه المنزلة والمكانة الخاصة للصحب الكرام،خاصة السابقين منهم إلى نصرة الدين والعمل به وله. وكان الخليفةُ الراشدُ عثمانُ من هؤلاء السابقين،بل من خاصَّتِهم،فحضر أعظم المشاهد،ووقف في نصرة الدين ومؤازرة الرسول أجلَّ المواقف..
لكن عندما اشتعلت أصوات الاعتراض على الخليفة،لم يترك الثائرون بابا للعيب فيه إلا لمزوه منه،وعابوا عليه من خلاله،حتى حاولوا أن يَقلِبوا الحقائقَ،فاجتهدوا في التقليل من قيمة سَبْق عثمان إلى طاعة الله ورسوله ونصرة الدين،فقالوا: لم يحضر بدرا،وانهزم يوم أحد،وغاب عن بيعة الرضوان..
وقد زرعوا هذه الافتراءاتِ في نفوس الناس؛ حتى إن رجلا من أهل مصر جاء ليؤدي فريضة الحج،ورأى مجلسا لقريش،فسأل عن شيخهم،فأخبروه بأنه ابن عمر،وأخذ يسأله عن هذه الأمور التي صدَّقها هذا الرجل المسكين.
فأخذ ابن عمر يبين له،ويزيل مِنْ رأسه هذه الشبهات بقوله: " أما فراره يوم أحد فأَشهدُ أن الله عفا عنه،وغفر له،وأما تغيُّبه عن بدر فإنه كان تحته بنتُ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وكانت مريضة فقال له رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - :إن لك أجرَ رجلٍ ممن شهد بدرا وسهمَه.. وأما تغيبه عن بيعة الرضوان،فلو كان أحد أعزَّ ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه،فبعث رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ عثمان ..".
إن العناية التي بذلها عظيما الإسلام أبو بكر وعمر،وأتمَّها أخوهما وصِنْوُهما ذو النورين عثمان مِنْ جمعِ القرآن وتثبيتِه وتوحيدِ رسمِه،كان لهم بها أعظم المنة على المسلمين،وبها حقق الله وعده بحفظ كتابه كما قال سبحانه: ( إنا نحن نزلنا الذِّكْرَ وإنا له لحافظون) [ الحجر: 9].(1/204)
وقد تولى الخلافةَ بعد هؤلاء الشيوخ الثلاثة أمير المؤمنين عليّ فأمضى عملهم،وأقر مصحف عثمان برسمه وتلاوته،وفي جميع أمصار ولايته،وبذلك انعقد إجماعُ المسلمين في الصدر الأول على أن ما قام به أبو بكر وعمر وعثمان هو من أعظم حسناتهم.
وقد حاول بعض الناس أن يلوموا عثمان ـ رضي الله عنه ـ على أمره بإحراق المصاحف الأخرى،فقال لهم علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه: " لو لم يصنعه عثمانُ لصنعتُه أنا!".
ومما لا ريب فيه أن البغاة على عثمان أنفسَهم،وهم الذين أثاروا حوله هذه الفرية،كانوا في خلافة علي يقرأون مصاحف عثمان التي أجمع عليها الصحابة وعليٌّ منهم.
إن من الفقه بالإسلام أن تُفهَم روحُه جيدا عند النظر في نصوصه،وقد كان الخليفة الفقيه عثمان ابن عفان يراعي ذلك،فقد قصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة في منى عام حجة الوداع،واستمر العمل على ذلك،حتى قصر عثمان نفسُه في خلافته عدة مرات..
وفي السنة السادسة من خلافته سمع أمير المؤمنين عثمان أن الناس افتتنوا بالقَصْرِ،وقصروا الصلاةَ في منازلهم دون أن يكون مرخصا لهم القصرُ،فرأى أن السُّنة ربما أدت إلى إسقاط الفريضة،فصلى بمنى وأتمَّ صلاتَه..
ومع أن بعض الصحابة أنكروا عليه تركَ القصرِ برفقٍ وأدبٍ،وأتمُّوا الصلاة مثله،خوفا على الأمة من اختلاف الكلمة إلا أن المتآمرين والثائرين أخذوا يروِّجون بين الناس أن عثمان ابتدع في الدين،وترك ما كان يفعله الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وصاحباه.
في السنة الثالثة والعشرين للهجرة أصاب خنجرُ أبي لؤلؤة النصرانيِّ المجوسيِّ الأصلِ أميرَ المؤمنين العادلَ عمرَ بن الخطاب في مقتل،فأصيب المسلمون من ذلك بحالة من الذهول؛ إذ رأوا أميرَهم الصالحَ الذي فتح الله الدنيا على يديه يُقتَل بهذه الصورة الحاقدة،وطاش عقلُ عبيدِ اللهِ بنِ عمرَ حين رأى الدم ينزف من جسد والده،فأمسك نفسه حتى نَفَذَ أمرُ الله في أبيه،ثم ثارت ثائرتُه فحمل سيفه،وراح يقتل كلَّ مَنْ ظن أنه متواطئ مع أبي لؤلؤة في جريمته،فقتل الهرمزانَ،وجُفينة النصراني،وابنة أبي لؤلؤة المجوسي،وهدد وتوعد بأنه سيقتل كلَّ من شارك في هذه الجريمة،مما سبب حالة فوضى بالمدينة..
عندها قام إليه سعد بن أبي وقاص،ونزع السيف من يده،وحبسه في داره،حتى ينظر الخليفة الجديد في شأنه،إذ ليس لأحد حقٌّ في إقامة الحدود ومعاقبة المشتركين في الجريمة إلا الإمام ونائبه.
فلما وَلِي عثمان ـ رضي الله عنه ـ استشار الصحابةَ في هذه القضية الشائكة،فاختلفت آراؤهم فيها،لكن لم يعطل حَدَّ الله،ودفع عبيدَ اللهِ إلى ابن الهرمزان ليقتله بأبيه،فمكَّنه منه على مَسْمَعٍ ومرأى من جموع الصحابة،وكفلوا له حرية اتخاذ القرار،وضمنوا له تنفيذه،لكن ابنَ الهرمزانِ ـ صاحبَ الحقِّ(1/205)
ـ عفا عن عبيد الله،وسَعِدَ الجميعُ بذلك.. عندئذ قام عثمان ـ تدفعه سجيَّتُه في الكرم ـ بدفع الدية من ماله الخاص،فرضي الجميع. ومع هذا أشاع مثيرو الفتنة أن الخليفة عطّل حد الله!!
عجيب أمر هؤلاء المنحرفين!! إنهم يبحثون عن أي شيء يفعله الخليفة لينسجوا حوله الأكاذيب،فعندما زاد درجات المنبر وعلا فوقه حتى يسمعه ويراه الحاضرون،قالوا: علا على درجة رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لكي يسمع عامةُ الناس ذلك وغيرَه فيكرهوه لمخالفته للرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - .
لقد كان مسجدُ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ضيقَ المساحة في عصر النبوة وخلافة أبي بكر،وكان من مناقب عثمان في زمن النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أنه اشترى من ماله مساحة من الأرض وسع بها المسجد النبوي عندما ضاق بالمصلين،ثم وسعه أميرُ المؤمنين عمر فأدخل فيه دار العباس بن عبد المطلب. ثم ازداد بعد ذلك عدد سكان المدينة وقاصديها فوسَّعه أميرُ المؤمنين عثمانُ مرة أخرى،وجعل طولَه ستين ومائةَ ذراعٍ وعرضَه خمسين ومائةَ ذراعِ،وجدد بناءه...
فاتساعُ المسجد،وازديادُ المصلين فيه،وبُعد أمكنة بعضِهم عن منبر الخطابة،يجوز أن يكون من ضرورات ارتفاع الخطيب ليراهم ويروه ويسمعوه. فإن صح أنْ علا عثمانُ على درجة النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ليسمعه ويراه الحاضرون.. فهل في هذا ما يُحِلُّ انتهاكَ حرمته ودمه؟!
عجيب أمر هؤلاء المنحرفين!! إنهم يبحثون عن أي شيء يفعله الخليفة لينسجوا حوله الأكاذيب،فعندما زاد درجات المنبر وعلا فوقه حتى يسمعه ويراه الحاضرون،قالوا: علا على درجة رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لكي يسمع عامةُ الناس ذلك وغيرَه فيكرهوه لمخالفته للرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - .
لقد كان مسجدُ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ضيقَ المساحة في عصر النبوة وخلافة أبي بكر،وكان من مناقب عثمان في زمن النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أنه اشترى من ماله مساحة من الأرض وسع بها المسجد النبوي عندما ضاق بالمصلين،ثم وسعه أميرُ المؤمنين عمر فأدخل فيه دار العباس بن عبد المطلب. ثم ازداد بعد ذلك عدد سكان المدينة وقاصديها فوسَّعه أميرُ المؤمنين عثمانُ مرة أخرى،وجعل طولَه ستين ومائةَ ذراعٍ وعرضَه خمسين ومائةَ ذراعِ،وجدد بناءه...
فاتساعُ المسجد،وازديادُ المصلين فيه،وبُعد أمكنة بعضِهم عن منبر الخطابة،يجوز أن يكون من ضرورات ارتفاع الخطيب ليراهم ويروه ويسمعوه. فإن صح أنْ علا عثمانُ على درجة النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ليسمعه ويراه الحاضرون.. فهل في هذا ما يُحِلُّ انتهاكَ حرمته ودمه؟!
كان لابد للتغيرات الاجتماعية العميقة التي طرأت على بنية المجتمع،وظلت تعمل في صمت وقوة لا يلحظها كثير من الناس ـ كان لابد لها أن تظهر وتعلن عن نفسها وعن آثارها السلبية في المجتمع،وكان لابد لأسباب الفتنة وبواعثها التي كانت تعمل تحت السطح أن تطفو وتقفز على السطح،وقد حان الوقت للمتآمرين أن يحصدوا ما زرعوه؛ فظهرت بوادره في تمردٍ بالكوفة،وتمردٍ بالبصرة،وتمردٍ بمصرَ.(1/206)
ونشط المتآمرون،فأوسعوا الأرضَ إذاعةً لإشاعات مغرضة،حتى بلغ صداها المدينةَ عاصمةَ الخلافة،فأوفَدَ الخليفةُ عثمان وفدًا يتقصَّى الحقائق،يذهب إلى الأمصار ويحقق في الأمر،ويرفع إليه بيانا عن حقيقة الوضع بها. ورجع الوفد ورفع بيانه إلى أمير المؤمنين كاشفا له زيفَ هذه الإشاعات وكذبَها وسلامةَ موقفِ ولاتِه وبراءةَ ساحتِهم.
ولم يكتف أمير المؤمنين بما قاله ونقله وفد التحقيق،بل أرسل إلى ولاته بالأمصار يدعوهم للتشاور معه وتدارس الموقف،وقد انتهى الاجتماع بتوصية عثمانَ أمراءَه بالرفق بالرعية،وإعطاءِ كلِّ ذي حق حقَّه. فكان ـ رضي الله عنه ـ يؤثر العافية والمسالمة في مواجهة زعماء الفتنة،على الرغم من علمه بما يدبرونه،فكان كثيرا ما يقول: " والله إن رَحَى الفتنةِ لدائرةٌ؛ فطوبَى لعثمان إن مات ولم يحركْها..."،فكانت هذه سياسته في مواجهة الفتنة؛ مما جعل بعض الناس يتهمونه تارةً بالضعف،وتارةً بأنه لم يكن حازما مع الثوار..
ولم يرتدعْ مثيرو الفتنة،وتمادوا في غيهم حتى نجحت فتنتُهم في بعض الأمصار،فخلعوا واليَ الكوفة،ونجح الثائرون في مصر في خلع واليهم والاستيلاءِ عليها،وجهَّزوا لزحفهم الأول على المدينة الذي تبدد أمام موقف الخليفة العظيم وحكمته.
كان لابد للتغيرات الاجتماعية العميقة التي طرأت على بنية المجتمع،وظلت تعمل في صمت وقوة لا يلحظها كثير من الناس ـ كان لابد لها أن تظهر وتعلن عن نفسها وعن آثارها السلبية في المجتمع،وكان لابد لأسباب الفتنة وبواعثها التي كانت تعمل تحت السطح أن تطفو وتقفز على السطح،وقد حان الوقت للمتآمرين أن يحصدوا ما زرعوه؛ فظهرت بوادره في تمردٍ بالكوفة،وتمردٍ بالبصرة،وتمردٍ بمصرَ.
ونشط المتآمرون،فأوسعوا الأرضَ إذاعةً لإشاعات مغرضة،حتى بلغ صداها المدينةَ عاصمةَ الخلافة،فأوفَدَ الخليفةُ عثمان وفدًا يتقصَّى الحقائق،يذهب إلى الأمصار ويحقق في الأمر،ويرفع إليه بيانا عن حقيقة الوضع بها. ورجع الوفد ورفع بيانه إلى أمير المؤمنين كاشفا له زيفَ هذه الإشاعات وكذبَها وسلامةَ موقفِ ولاتِه وبراءةَ ساحتِهم.
ولم يكتف أمير المؤمنين بما قاله ونقله وفد التحقيق،بل أرسل إلى ولاته بالأمصار يدعوهم للتشاور معه وتدارس الموقف،وقد انتهى الاجتماع بتوصية عثمانَ أمراءَه بالرفق بالرعية،وإعطاءِ كلِّ ذي حق حقَّه. فكان ـ رضي الله عنه ـ يؤثر العافية والمسالمة في مواجهة زعماء الفتنة،على الرغم من علمه بما يدبرونه،فكان كثيرا ما يقول: " والله إن رَحَى الفتنةِ لدائرةٌ؛ فطوبَى لعثمان إن مات ولم يحركْها..."،فكانت هذه سياسته في مواجهة الفتنة؛ مما جعل بعض الناس يتهمونه تارةً بالضعف،وتارةً بأنه لم يكن حازما مع الثوار..(1/207)
ولم يرتدعْ مثيرو الفتنة،وتمادوا في غيهم حتى نجحت فتنتُهم في بعض الأمصار،فخلعوا واليَ الكوفة،ونجح الثائرون في مصر في خلع واليهم والاستيلاءِ عليها،وجهَّزوا لزحفهم الأول على المدينة الذي تبدد أمام موقف الخليفة العظيم وحكمته.
بدأت نُذُرُ السخط على عثمان تتجمع في العراق،وظهرت بذور الشر أول ما ظهرت في الكوفة،تلك المدينة التي أعْيَتْ من قبلُ عمرَ بنَ الخطاب،وكَثُرت اعتراضات أهلها على ولاتهم في عصره...
وغلب الشرُّ بهذه المدينةِ محاولات عثمانَ لعلاج الخللِ الاجتماعيِّ بها بتفضيل أهل السابقة والفضل وتقديمهم على من سواهم واختصاصهم بمجلسه،فكَثُر الكلام عن الوالي سعيد بن العاص والخليفةِ على ألسنة العوامِّ،أولئك البدو الذين دانوا بالإسلام حديثا،ولم يتأدبوا بمنهجه.
وظهرت بوادر الفتنة في دار الإمارة بمجلس أميرِهم سعيد بن العاص،عندما أثار بعضُهم فتنةً لأسباب واهيةٍ،مما كاد يهدد بالاقتتال بين مختلف القبائل،فأقسم سعيد ـ الذي نجح في تهدئة الأمور ـ ألا يجالسه هؤلاء السفهاءُ مرةً أخرى؛ فلما انقطع رجاؤهم من مجلس سعيد قعدوا في بيوتهم يذيعون الاتهاماتِ له ولعثمانَ،حتى لامه أهل الكوفة في أمرهم وتركِه إياهم،فاعتذر إليهم بأن الخليفة أَمَرَه ألا يحرك ساكنا في هذه الفتنة،فكتب أشراف أهل الكوفة إلى الخليفة يطلبون إخراجَ هؤلاء النفر من قادة الشغب عن الكوفة،فسيَّرهم عثمان إلى الشام وبها معاوية بن أبي سفيان. واختُلف في أمرهم بعد ذلك،فقيل: إنهم أظهروا صلاحا بعد مدة من استصلاح معاوية لهم،وقيل: بل تمادوا في غيهم وأحقادهم على قريش وما آلت إليه من عزٍّ وسؤْددٍ وغنى وثروة مما لم تنلْه قبائلُهم؛ فأعيا أمرُهم معاوية فأخرجهم من دمشق،وأوكل بهم عامله على حِمْصَ عبدَ الرحمنِ بنَ خالدٍ بنِ الوليدِ،فعنَّفهم حتى استقاموا،وأعلنوا توبتهم،وآثروا الإقامة بجواره،وكان ذلك سنة ثلاث وثلاثين للهجرة.
ظل عبد الله بن عامر واليا على البصرة كخير أمير في ولايته،يرفق بهم،ويسهر على راحتهم،ويذلل لهم الصعاب،إلى أن شكا المسلمون وأهل الذمة على السواء من حُكَيْم بن جبلة وكان لصًا خطيرًا أفسد في الأرض حتى وصلت شكواهم إلى أمير المؤمنين،فأمر عبدَ الله بن عامر بحبسه،ومن كان مثلَه فلا يخرجنَّ من البصرة حتى يُؤْنَسَ منه رشدٌ وتوبة،فحبسه فكان لا يستطيع أن يخرج منها.
وبعد مضي ثلاث سنين من إمارة ابن عامر،وفي أثناء تنقل ابن سبأ بين الأمصار قدم البصرة،ونزل على هذا اللص عند قبيلته عبد القيس،واجتمع إلى ابن سبأ نفر فأخذ يبث فيهم سمومَه،ويطرح لهم أفكاره ولم يصرحْ،فقبلوا منه واستعظموه،وتبع مذهبَه قومٌ منهم لهم قلوبٌ لا يفقهون بها،وكثيرٌ ممن طاشت عقولهم ...
وبلغ ابنَ عامر أن في عبد القيس رجلا نازلا على اللص المفسد حُكَيْم بن جبلة،فأرسل إليه وسأله: ما أنت؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب،رغب في الإسلام،ورغب في جوارك. فقال: ما يبلغني(1/208)
ذلك،اخرج عني،فخرج حتى أتى الكوفةَ،فأُخرِج منها فاستقر بمصر،وجعل يكاتبهم ويكاتبونه في البصرة والكوفة،ويتردد الرجال بينهم في كل بلد طُرِد منها ولا يستطيع دخولها.
كثير من الناس ينتظرون أن يحصدوا ثمار قرابتهم أو معرفتهم بالسلاطين والأمراء في صور مختلفة،أولها أن يضعوهم في المناصب العالية،ولو لم تكن عندهم القدرات والمواهب اللازمة لذلك،فإذا لم تتحقق آمالُهم انقلبوا أعداء شرسين لأصحاب السلطة،ليس مناصرةً للحق،ولكن حقدا وحزنا على آمالهم التي تبخرت!!
وقد كان هذا هو موقف محمد بن أبي حذيفة من أمير المؤمنين عثمان بن عفان،فقد مات والدُه أبو حذيفة بن عتبة شهيدا في العام الحادي عشر من الهجرة يوم اليمامة،فحَنَا عليه عثمانُ وكفله يتيما،ورباه في كَنَفِه،وحفظ فيه ذكرى أبيه الشهيد،فلما شب محمد أطمعَه رفقُ عثمان الذي كان قد تولى الخلافة،فسأله أن يوليه بعض المناصب،لكن الخليفة الراشد لم يره أهلا لذلك،فكان أنْ أعلن محمدُ بن أبي حذيفة الحرب على عثمان،وأخذ يؤلِّب الناس في مصر ضده.
وكذا فعل محمد بن أبي بكر،ذلك الرجل الذي كان أبوه أكبرَ مَنْ خَدَمَ الإسلامَ مع رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وسكَّن فتنة الردة،وحفظ الله به الدين في أول تجربة صعبة للمسلمين بعد وفاة رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - .
ذهب محمد ومحمد إلى مصر ليؤلِّبا القبائلَ العربية هناك على عثمان،ولم يمنعْهما من ذلك ما كان فيه أهلُ مصر من جهاد الروم في موقعة ذات الصواري سنة إحدى وثلاثين من الهجرة،فأخذا يحرِّضان الناسَ حتى أفسدا أهلَ تلك الغزوة،وعابا عثمان أشد العيب،فأرسل عبدُ الله بنُ سعد إليهما ينهاهما أشدَّ النهي،وكتب إلى عثمان بخبرهما: " إن محمدا قد أفسدَ عليَّ البلاد هو ومحمد بن أبي بكر "،فرد عليه عثمان: " أما ابن أبي بكر فإنه يوهب لأبيه وعائشة،وأما ابن أبي حذيفة فإنه ابني وابن أخي وربيبي وهو فرخ قريش". فكتب إليه ابن سعد: "إن هذا الفرخ قد استوى ريشُه ولم يبق إلا أن يطير"!
وتواصل في مصر مع ذلك دور بعض المشبوهين من أهل الكتاب ممن انْدسُّوا في صفوف المسلمين،وربما كان على رأسهم هذا الشخصُ الغامضُ ابنُ سبأ،ونجح هؤلاء في التأثير على القبائل اليمنية التي جاءت في الجيش الفاتح لمصر. وراسل هؤلاء المشبوهون أتباعَهم ومَنْ انْخدع بهم في الكوفة والبصرة.
وفي سنة خمس وثلاثين من الهجرة كانت الشائعات حول الخليفة وولاتِه قد تردَّدت في نواحي الدولة الإسلامية،حتى وصلت إلى المدينة نفسِها،وكان المثيرون للفتنة طائفتين هما:(1/209)
رجال من قبائل البدو المخدوعةِ الذين لا يقدِّرون عواقبَ الأمور،ويودُّون جَنْيَ المكاسب بإثارة الشر ضد قريش وسلطتها،ومعهم أفراد من قريش شبابٌ لا حلم لهم ولا عقل،نَقِمُوا على الخليفة عدمَ إعطائه إياهم المناصبَ الرفيعة.
والطائفة الثانية: هي مجموعة المنْدَسِّين من أهل الكتاب في الصف المسلم بقصد الشر والسوء..
والتقت أهداف الطائفتين في منتصف الطريق،وسلكوا لتحقيق أغراضهم كلَّ سبيل،حتى وضعوا كتبَ الاعتراض ضد الخليفة على ألسنة أمهات المؤمنين.
ها هو الخليفة عثمان يبذل ما في وسعه وطاقته من أجل أن يستوعب الفتنةَ،ويُخْمِدَ نارَها،قبل أن تشتعل فتحرق كل شيء،فأرسل إلى الأمصار ببعض رجالِ مُجتمعِهِ ذوي الثقة والاحترام بين الناس للتحقيق فيما يثيره أهل الأمصار ضد ولاتهم،فقد بلغتْ أنباءُ تمردِ الكوفة والبصرة ومصر أهلَ المدينةِ،فراحوا يسألون عثمان عن ذلك،فقال: "ما جاءني عن ولاتي إلا السلامة،وأنتم شركائي وشهود المؤمنين،فأشيروا عليَّ "،فأشاروا عليه أن يبعث رسلا من عنده للتحقق من هذه الشكاوى والمظالم المزعومة..
وبالفعل اختار الخليفةُ من أفراد هذه المهمة محمدَ بنَ مسلمةَ ـ الذي كان أمير المؤمنين عمرُ يأتمنه على محاسبة ولاته والتفتيش على الأقاليم وتقصّي أحوال الناس في كل بلد ـ وكانت وجهته الكوفة.
واختار عبدَ الله بن عمر ـ البقيةَ الصالحة من آل الخطاب،والإمامَ الفقيه الورع،الذي عرضت الإمارة عليه أكثر من مرة،ورفضها في كل مرة ـ وكانت وجهته الشام.
واختار عمارَ بن ياسر ـ المجاهدَ العظيم المبرور،بطل الأيام العصيبة في فجر الإسلام ـ ووجهته مصر.
واختار أسامةَ بنَ زيد ـ الحِبَّ ابنَ الحِبِّ،الذي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتهيأ للقاء ربه وهو يقول: " أَنْفِذُوا بَعْثَ أسامةَ " ـ وكانت وجهته البصرة.
اختار هؤلاء على رأس جماعة عَهِدَ إليهم بالسفر إلى الأقاليم والتحقق من مسلك كل والٍ وأميرٍ.
ووصل أولئك السفراء المبعوثون من الخليفة إلى الأمصار،وأخذوا يحققون في المظالم المزعومة والإشاعات بكل نزاهة وحياد،فرجعوا جميعا من مهماتهم عدا عمار بن ياسر الذي طال مُكثُه في مصر،وزعم الرواة أن أتباع ابنِ سبأ استطاعوا أن يستميلوه إليهم!!
وقدّم كل وفد تقاريره وما شهده،وما سمعه،فما كان هناك خطأ واحد يستوجب عزلَ أميرٍ!! وقالوا للخليفة: "ما أنكرنا شيئا،ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامُّهم".
تعامل عثمان مع رعيته وعماله على الأمصار تعاملَ الأبِ الرحيم مع بنيه المحببين إلى قلبه،فأراد أن يجمع الأمةَ كلَّها حوله،بل أن يضعها في حِضنه الدافئ،لذلك لما اعترضت الأمصار على ولاتها دعا(1/210)
الخليفةُ ولاتَه إلى اجتماعٍ لتدارُس الأمر والتشاور فيه بعد انقضاء موسم الحج سنة أربع وثلاثين من الهجرة،وحضر عمرو بن العاص للمشاورة والاستفادة من رأيه..
فاستشار الخليفة ولاته،فأشار عليه سعيدُ بن العاص بالشدة على الثائرين الذين يتأكد من تآمرهم،وأشار عليه عبد الله بن سعد بن أبي سرح بأن يأخذ من الناس الذي عليهم إن أعطاهم الذي لهم. وقال معاوية: إن الرأي عنده حسنُ الأدب معهم. بينما قال عمرو بن العاص: أرى أنك قد لِنْتَ لهم؛ وتراخَيْتَ عنهم،وزِدْتَهم على ما كان يصنع عمر،فأرى أن تلزم طريق صاحبيك (أبي بكر وعمر)،فتشتد في موضع الشدة،وتلين في موضع اللين،إن الشدة تنبغي لمَنْ لا يألو الناسَ شرا،واللين لمن يَخْلُفُ الناسَ بالنصح،وقد فرشتَهما جميعا اللينَ".
وانتهى الاجتماعُ بوصيةِ عثمان أمراءَه بالرفق بالرعية،حتى تسكن الأمور،وتعود الأحوال إلى طبيعتها،لكنه كان يشعر بالزحف الحثيث لفتنة قاسية تمنى لو مرّت بسلام،ولو كان هو نفسُه ضحيةً لذلك.
ثم نهض،ونهض الأمراء إلى بلادهم بعد أن أقرهم على أعمالهم،وصَحِبَه معاوية وعبدُ الله بن سعد في عودته إلى المدينة،لكن الكوفة ومصر ثارتا ضد والييهما،ودعا معاوية الخليفة ليخرج معه إلى الشام حيث القوة والمنعة،لكنه رفض ذلك.
تعامل عثمان مع رعيته وعماله على الأمصار تعاملَ الأبِ الرحيم مع بنيه المحببين إلى قلبه،فأراد أن يجمع الأمةَ كلَّها حوله،بل أن يضعها في حِضنه الدافئ،لذلك لما اعترضت الأمصار على ولاتها دعا الخليفةُ ولاتَه إلى اجتماعٍ لتدارُس الأمر والتشاور فيه بعد انقضاء موسم الحج سنة أربع وثلاثين من الهجرة،وحضر عمرو بن العاص للمشاورة والاستفادة من رأيه..
فاستشار الخليفة ولاته،فأشار عليه سعيدُ بن العاص بالشدة على الثائرين الذين يتأكد من تآمرهم،وأشار عليه عبد الله بن سعد بن أبي سرح بأن يأخذ من الناس الذي عليهم إن أعطاهم الذي لهم. وقال معاوية: إن الرأي عنده حسنُ الأدب معهم. بينما قال عمرو بن العاص: أرى أنك قد لِنْتَ لهم؛ وتراخَيْتَ عنهم،وزِدْتَهم على ما كان يصنع عمر،فأرى أن تلزم طريق صاحبيك (أبي بكر وعمر)،فتشتد في موضع الشدة،وتلين في موضع اللين،إن الشدة تنبغي لمَنْ لا يألو الناسَ شرا،واللين لمن يَخْلُفُ الناسَ بالنصح،وقد فرشتَهما جميعا اللينَ".
وانتهى الاجتماعُ بوصيةِ عثمان أمراءَه بالرفق بالرعية،حتى تسكن الأمور،وتعود الأحوال إلى طبيعتها،لكنه كان يشعر بالزحف الحثيث لفتنة قاسية تمنى لو مرّت بسلام،ولو كان هو نفسُه ضحيةً لذلك.(1/211)
ثم نهض،ونهض الأمراء إلى بلادهم بعد أن أقرهم على أعمالهم،وصَحِبَه معاوية وعبدُ الله بن سعد في عودته إلى المدينة،لكن الكوفة ومصر ثارتا ضد والييهما،ودعا معاوية الخليفة ليخرج معه إلى الشام حيث القوة والمنعة،لكنه رفض ذلك.
لما فرغ أمير المؤمنين من اجتماعه مع وُلاته للتشاور في موسم الحج،صحبه معاوية في الطريق إلى المدينة وهو في طريقه إلى الشام.
فلما قدماها جمع عثمان كبار الصحابة،فقام معاوية وانتهز الفرصة،ناصحا لهم،قائلا: أنتم أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وخِيرَتُهُ في الأرض،وولاةُ أمر هذه الأمة،لا يطمع في ذلك أحدٌ غيرُكم،اخترتم صاحبَكم عن غير غلبة ولا طمع،وقد كَبِرتْ سنُّه،وَوَلَّى عمرُه،ولو انتظرتم به الهَرَمَ كان قريبا؛ مع أني أرجو أن يكون أكرمَ على الله أن يبلغ به ذلك،وقد فَشَتْ (أي: انتشرت) قَالَةٌ خِفْتُها عليكم،فما عتبتم فيها من شيء،فهذه يدي ولا تُطْمِعُوا الناسَ في أمركم،فوالله إنْ طمِعوا فيها لا رأيتم منها أبدا إلا إدبارًا".
فنهره عليّ بن أبي طالب،فقال عثمان: "صدقَ ابنُ أخي،وأنا أخبركم عني وعما وَلِيتُ: إن صاحِبَيَّ اللذَيْنِ كانا قبلي ظلما أنفسَهما ومَنْ كان منهما بسبيلٍ؛ احتسابًا،وإن رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ كان يعطي قرابته،وأنا في رهطٍ أهلِ عَيْلةٍ وقلةِ معاشٍ،فبسطت يدي في شيء من ذلك لما أقوم به فيه،ورأيت أنَّ ذلك لي؛ فإنْ رأيتم ذلك خطأً فرُدُّوه،فأمري لأمركم تَبَعٌ" فقالوا: قد أصبْتَ وأحسنْتَ.
- يا أمير المؤمنين،انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك مَنْ لا قِبَلَ لك به،فأهلُ الشام أهلُ طاعة ونجدة..
- " أنا لا أبيع جوار رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ بشيء،وإن كان فيه قَطْعُ خَيْطِ عُنُقِي".
هكذا جرى الحوارُ بين معاوية بن أبي سفيان والخليفة الصالح عثمان بن عفان،ولعل وجهةَ النظر الأولى كانت تضمن حمايةَ الخليفةِ،لكنها كانت ستُعرّض الدولةَ لخطرِ الانشقاق،وربما أسهمت في إثبات التهم الباطلة الموجهة إلى أمير المؤمنين،والخليفةُ رجل زاهد في البقاء في الحياة،فهو يحمل فوق ظهره أكثر من ثمانين عامًا،ويدري أن الدنيا قصيرٌ أمدُها.. كما داعبَتْ خيالَه بُشرى الشهادةِ التي بشره بها النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فوق جبلِ أُحُد..
ويبدو أن معاوية كان رجلَ هذه اللحظة من الزمن؛ حيث أضحى الناس ـ كثيرٌ منهم ـ في حاجة إلى سلطان يجمعهم بالقوة واللين معا،ويقرّبهم إليه ويحتاط منهم،ويقدم القوةَ في مواضعَ على الِّلين والرفقِ..
وأشار معاوية على الخليفة بأن يرسل إليه من جنود الشام مَنْ يَحْميه،لكن عثمان خشي أن يضيّق على أهل المدينة معايشَهم وأرزاقَهم،فأبَى ذلك أيضا..(1/212)
فقال معاوية بعد أن فاض به الكيل: والله يا أمير المؤمنين،لتُغتَالَنَّ أو لتُغْزَيَنَّ!! فقال بثبات: حسبي الله ونعم الوكيل.. فمضى معاوية إلى الشام بعد أنْ أوصى بخليفته جماعةً من كبار الصحابة..
كأنهم كانوا على موعد،بل هم بكل تأكيد كانوا على موعد،أولئك هم الثائرون في مصر والكوفة والبصرة،إذْ لم يُعجِبْهم قرار الخليفة بالإبقاء على الوُلاة،فاتجهوا إلى المدينة ليعترضوا على عثمان نفسه،وفي نفوسهم ما فيها من البحث عن موضع قدم لهم ولأقوامهم،ومزاحمة قريش ورجالها في الحكم والسلطان..
وجاءوا الحجاز في رجب من سنة خمس وثلاثين من الهجرة يُظهرون أنهم يريدون العمرةَ،وفي نيتهم مناظرةُ الخليفة ومناقشتُه لإثبات خَطَئِهِ ومجاوزته الحقَّ والصوابَ،وبالرغم من أن الخليفة يَدري أن هذه ليست هي الوجوه التي تأتي بخير،فإنه أذن لهم في الحوار معه ومناقشةِ ما عندهم،وأبدى رأيَه أمام جموع الصحابة وسكانِ أهل المدينة،وأقنعهم في جوٍّ من الحرية،ورد على كل شُبهاتهم. وبالرغم من طلبِ جماعةٍ من الصحابة معاقبةَ هؤلاء المتمردين وتأديبَهم،فإن الخليفة صَفَحَ عنهم،فرجعوا إلى بلادهم.
وأمام موقفه هذا،تبددت الموجة الأولى من الهجوم على المدينة،ولكن كان هذا الزحفُ الأولُ على عاصمة الخلافة نذيرًا بزحف آخر،وعاصفةٍ أشدَّ،تسرق من المسلمين الاستقرار والطمأنينةَ الاجتماعية العميقة التي حققها الإسلام لهم،وبادرةً لأعاصير أخرى مدمرة زاحفة.
واقتنع الخليفة من هذه التجربة بأنه لم يَعُدْ من حقه أن يتنازل عن ذرةٍ من هيبة الدولة وسلطانها،ومهما يكن هناك من مآخذ؛ فإن إقرار هذا السلطان هو الواجب الأول والأهم أمام الفوضى الجارفة،التي لم تتمثل في التهجم على شخصِ الخليفة،ومجابهته بقبيح القولِ وفاحشِ السِّبابِ فحسْب،بل تمثلت في تهديد الدولة بقوة السلاح..!!
وعندها تزدحم تمامًا صور الثبات الباهر للخليفة،وناهيك عن مواقفه العظيمة!!
ومع أن صوتَ الفتنة كاد أن يخمد أو يهدأ كثيرًا بعد لقاء الخليفة مع الثائرين،إلا أنهم اتفقوا على أن يعودوا إلى المدينة مع الحجاج في شوال من سنة 35 هـ؛ فعادوا لا ليناقشوا عثمانَ ولكن لحصارِه والاعتداءِ عليه وتَنْحِيَتِهِ..
************************
10- حصار الخليفة عثمان رضي الله عنه واستشهاده
وتمضي الأحداثُ مسرعةً،لا ترحم الناسَ ولو بقليل من البطء؛ فلم تمض ثلاثة أشهر على رجوع الثائرين من المدينة،حتى أعد المنْدَسُّون وسط الصفوف وأصحابُ الأيادي المشبوهة ـ للعودة.
وفي شهر شوال سنة خمس وثلاثين كانت عودتُهم في صفة الحجيج،حتى تلاقى حول المدينة الثُوَّارُ من الأمصار،وعسكروا خارجها،فلما سمع أهلُ المدينة بذلك لم يأذنوا لهم بدخولها،وعسكر الصحابة(1/213)
ليمنعوهم من ذلك،في محاولة لمنع انتشار الحريق،وأرسل كبارُهم أولادَهم ليكونوا قريبين من الخليفة.. فخرجت وفود من الثوار المنحرفين ليكلموا كبار الصحابة في دخول المدينة،فرفضوا جميعًا دخولَهم وزجروهم؛ فلما يَئِسُوا من دخولِها تظاهروا بالانصراف عنها وأنهم راجعون إلى بلدانهم،وبدأوا في الرحيل حتى اطمأن أهل المدينة فانصرفت جموعُهم،وسار الثوار أيامًا راجعين ثم كرّوا عائدين إلى المدينة،ودخلوها على حين غفلةٍ من أهلها،وحاصروا دار عثمان،وسألوا الخليفة عن أمر الكتاب المزعوم،الذي برع ابنُ سبأ وأتباعُه في تَلْفِيقِه،واتهموا الخليفة بأنه أرسله إلى والي مصر يأمر فيه بقتلهم. وبالرغم من أنه تبرأ من ذلك،فإنهم أصروا على المواجهة.
وبدأ الحصار وعثمان يخرج من داره فيصلي بالناس،ويصلون هم وراءَه،ويَغْشَى مَنْ يشاء وهم في عينِه أَدَقُّ من التراب،وظل يصلي بالناس ثلاثين يوما حتى شددوا عليه الحصار ومنعوه من الصلاة في المسجد،وتجرءوا عليه حتى ضربوه بالحَصَى،فأغمي عليه ـ كل هذا ولم يطلب عثمان النجدة من الأمصار،ولم يعمل باقتراحات الصحابة لاستنقاذه من أيدي الثائرين،بل طالب الناسَ بكفِّ أيديهم،ووطَّد نفسَه على الصبر والمحافظة على كرامة الدولة ومبادئ الحكم في الإسلام. ولم يُقَصِّرْ في بذل أيِّ جهدٍ لإقناع هؤلاء المتمردين بإلقاء سلاحهم،فكان لا يَمَلُّ من محاورتِهم لعلهم يتخلَّوْن عن غَيِّهم،ويعودوا إلى رشدهم،لكن الأحداث تصاعدت حتى وقعت الخطيئةُ الكبرى،ونشبت الأنياب الغادرة في جسد الخليفة الشهيد،وقتلوه مظلوما ـ رضي الله عنه.
حرص الثوار على التفريق بين الخليفة وبين أهل المدينة،لينفردوا به وينفّذوا ما يشاءون من مخططاتهم دون اعتراض،فلما ضربوا أمير المؤمنين عثمان بالحَصَى،وشُجَّ رأسُه وهو على المنبر،وسقط مغشيًا عليه،واحتُمِلَ إلى داره ـ تفاقم الأمر وطمع فيه أولئك الأجلاف الأخلاط من الناس،وألجأُوه إلى داره،وضيَّقوا عليه،وأحاطوا بداره محاصِرين له،ولزم كثيرٌ من الصحابة بيوتَهم،خاصة عندما منع البُغاةُ أميرَ المؤمنين من الصلاة،فصلى بالناس أميرُهم الغافقيُّ الذي دان له المنحرفون المصريون والكوفيون والبصريون بعد ثلاثين يوما من بَدْءِ الحصار..
عندئذ تفرق أهل المدينة في مزارعهم،ولزموا بيوتهم،فكان لا يخرج أحد ولا يجلس إلا وعليه سيفُه يمتنع به من القوم،وكانت مدةُ الحصار أربعين يوما،وفيهن كان قَتْلُ البغاة لعثمان،ومَنْ تعرض لهم أَعْمَلُوا فيه السلاحَ،وكانوا قبل ذلك ثلاثين يوما يَكُفُّون أهلَ المدينة ويمنعونهم أن يجتمعوا.
وكانت طائفة من أبناء الصحابة قد سارت إلي أمير المؤمنين عن أمر آبائهم،منهم: الحسن والحسين ابنا الإمام علي،وعبد الله بن الزبير ـ وكان أميرَ الدارِ ـ وعبدُ الله بنُ عمر،وغيرهم،وصاروا يُحَاجُّون عنه ويناضلون دونَه،يمنعون أن يصل إليه أحد منهم. واعتزل الآخرون رجاء أن يجيب عثمانُ أولئك الثوارَ إلى واحدةٍ من مطالبهم،ولم يقعْ في خاطر أحد أنَّ قَتْلَ الخليفة كان في نية الخارجين.(1/214)
لم يكن يَخفى على الخليفة عثمان أن الحوار مع المعترضين واحدٌ من أهم الأساليب التي تكشف الحقائق،وتزيل أسباب الخلاف،لذا كان لا يغلق باب الكلام بينه وبين مَنْ يَعترض عليه حتى يجلِّي له الحقائق؛ فاستدعى الأشْتَرَ النَّخَعيَّ ممثلا عن الثوار،فقال له: يا أَشْتَر،ماذا يريد الناس منِّي؟ قال: ثلاثا ليس من إحداهن بُدٌّ؛ قال: ما هي؟ قال: يخيّرونك بين أن تخلع لهم أمرَهم،فتقول: هذا أمرُكم فاختاروا له مَنْ شئتم،وبين أنْ تَفتديَ مِنْ نفسك مَنْ قد ضربتَه أو جلدتَه أو حبستَه،فإن أبَيْتَ هاتَيْن فإن القومَ قاتِلُوك.
فقال له: لا والله لأَنْ أُقدَّم فتُضْرَبَ عنقي أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أَخْلَعَ قميصا قمَّصنيه اللهُ،وأتركَ أمةَ محمد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يَعْدُو بعضُها على بعض،ويولِّي السفهاءُ مِن الناسِ مَنْ يختارونه هم،فيقع الهَرْجُ (أي: القتل وفساد الأحوال واختلالها)،ويفسد الأمر.
"وأمَّا أنْ أُقِصَّ من نفسي،فوالله لقد علمتُ أن صاحِبَيَّ بين يديَّ (أبا بكر وعمر) قد كانا يعاقبان،وما يقوم بدني بالقصاص ( لضعفه وكبر سنه).
ثم قال: "وأما أنْ تقتلوني؛ فوالله لئن قتلتموني لاتتحابُّون بعدي أبدًا،ولا تُصَلُّون جميعًا بعدي أبدًا،ولا تقاتِلون بعدي عدوًا جميعًا أبدًا.
وطلبوا منه أن يعزل نوابَه عن الأمصار ويولِّي عليها مَنْ يريدون هم ـ وإن لم يعزلْ نفسَه ـ وأن يسلِّم لهم مروانَ بن الحكم ليعاقبوه،وقد اتهموا مروان بأنه هو الذي زوَّر على عثمانَ الكتابَ المزعومَ إلى مصر. فخشِيَ عثمان أن يسلِّم إليهم مروان فيقتلوه،فيكون سببا في قتل امرئ مسلم،وما فعل شيئا يستحق بسببه القتلَ.
وأما تولية مَنْ يريدونه هم على الأمصار،فعاقِبَةُ ذلك أنْ يولِّي السفهاءُ من الناس مَنْ يختارونه هم،فيقع الهَرْجُ ويفسد الأمر بسبب ذلك.
وقال لهم فيما قال: "وأي شيء إليَّ من الأمر إنْ كنتُ كلما كرهتم أميرًا عزلتُه،وكلما رضيتم عنه ولَّيْتُه.."؟!
فقام الأشترُ من عنده،وانطلق بردود عثمان إلى أصحابه من قادة الفتنة،وما هي إلا أيام حتى جاءوا لتنفيذ جريمتهم المشئومة.
وكان الخليفة قد استوثق من صحة موقفه من أحد أجلاء الصحابة،وهو عبد الله بن عمر الذي قال للخليفة: "لا تخلع قميصَ اللهِ عنك،فتكون سنة،كلما كره قوم خليفتَهم خلعوه أو قتلوه".
لم يستسلم عثمان لمطالب الثوار،ولم يسلّم لهم مصاير الإسلام،وأَبَى إلا أن يحفظ كرامة الدولة ومبادئ الحكم في الإسلام .
وطَّنَ أمير المؤمنين عثمان نفسَه على التضحية،وذلك هو ما يتفق مع طبيعة الأحداث،فلم يكن الثائرون على عثمان ممثِّلين للأمة لتجب عليه طاعتُهم وخَلْعُ نفسِه من الخلافة،ولم يكن زعماؤهم من(1/215)
السابقين إلى الإسلام،أو أهل الحَلّ والعَقْدِ الذين لهم حق الخلع والتأمير،بل كانوا جماعاتٍ من رجال القبائل الذين أنكروا تفضيلَ قريش عليهم في الحكم والعطاء،ومن المخدوعين بالدعاية السَّبَئِيّة النشطة التي تبغي الكيد للإسلام من وراء ستار،وتستهدف مسيرتَه في الفتح والجهاد..
وكان زعماؤهم رجالا لم يحسنوا فقه الإسلام في التغيير،أو ممن غاظهم بعضُ اجتهاداتِ عثمانَ أو أحكامه ضد بعض رجال عشائرهم ممن أقام عليهم الحدود الشرعية،ومَنْ أوى إلى هؤلاء وأولئك من الأعراب واللصوص وطلاب الدنيا الذين لا تتحقق أهدافهم في أجواء الاستقرار والأمن.
ولا يستقيم نظامٌ لجماعة ولا لدولة إذا كانت كلما أراد فريق من أبنائها تغيير أمير ثاروا عليه فخلعوه أو قتلوه..
وللإسلام منهجه في تغيير الأمير إذا كان جائرًا،فيتحتّم توافر الرغبة العامة من أولي النُّهَى وأهلِ الحل والعقد في هذا التغيير،ووجودُ القوة القادرة عليه،مع ضرورة ألا يؤدي ذلك إلى إحداث منكر أكبر منه وأشد خطرًا،مثلما حدث في هذه الفتنة الهوجاء.
كان الصحابة من المهاجرين والأنصار ـ رضي الله عنهم ـ يرون أنهم شركاء للخليفة في المسئولية وحماية المجتمع من الشرور والفتن،لذا شاركوا في محاولات تهدئة الأمور،وإبطال أصوات الاحتجاج الباطلة ضد الخليفة،وبذلوا في ذلك جهدا مضنيا،وتحملوا مع خليفتهم فوق طاقتهم.
وكانت الرياح التي يثيرها المتمردون من كل جانب تتحدى زورق الصحابة المستبسل،وتعصف بمحاولاتهم النبيلة.. بَيْد أنهم لم ييأسوا،وظلوا يغالبون العاصفة،ويُهدِّئون بحوارهم المقْنِع عالِيَ صوتِها،ولكن الفتنة كانت قد جاوزت كل الحدود،واستحكمت من قلوبٍ مريضةٍ وعقولٍ معطَّلةٍ،فلم يعد للحكمة ولا للإقناع مكان.
لقد شدد المتمردون حصارهم القاسي حول دار الخليفة؛ فمنعوا عنه زوارَه ومنعوا عنه الماء الذي تتفجر به "بئر رَومة" التي اشتراها ـ رضي الله عنه ـ من خالص ماله في أوائل أيام الهجرة إلى المدينة،وجعلها هدية منه للمسلمين!!
في ظل هذه الغيوم الكثيفة،والخطر المُحْدق بالخليفة،لم يتخلَّ الصحابة عن تقديم العون لخليفتهم،وشاركوه المحنة،وعرضوا عليه حلولاً واقتراحاتٍ لتجنيب الأمة هذا الخطر المحدق بها،فتقدم المغيرة بن شعبة إلى عثمان بهذا الرأي: "يا أمير المؤمنين،لقد نزل بك ما ترى.. وإني أشير عليك بثلاث،اخترْ إحداهن: إما أن تخرج فنقاتلهم،فإن معك قوة وعددا،وأنت على الحق وهم على الباطل،وإما أن نفتح لك من خلف الدار بابا تخرج منه في غفلة منهم حيث تَحملك رواحلُك إلى مكةَ،فإنهم لن يستحلُّوا دمَك وأنت بها،وإما أن تلحق بالشام: فإنهم أهلُ الشامِ،وفيهم معاوية"..
وتزداد شدة الحصار،ويكاد المتآمرون يفعلون جريمتَهم النكراء،فيشير عبد الله بن الزبير بمثل ما أشار به المغيرة بن شعبة؛ والعجيب أن إجابة أمير المؤمنين تكاد تكون متماثلة في كلا الموقفين،ونلمح فيها(1/216)
ضمير المهاجر إلى الله وخلقَه وتصميمَه،ولا نلمح فيها مناورةً ولا حرصًا على الحياة،إذْ قال ـ رضي الله عنه ـ للمغيرة: ".. أما أن أخرج إلى مكة فإنهم لن يستحلُّوني بها؛ فإني سمعت رسولَ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يقول: يُلْحِدُ رجلٌ من قريش بمكة يكون عليه نصفُ عذابِ العالمِ،فلن أكونَ أنا إيّاه".
وأما الخروج إلى الشام،فقال: ".. لا والله،لن أفارق دارَ هجرتي ومجاورةَ رسول الله ما حَيِيتُ...".
وقال: "إني أستحْيِي أن أخرج من بينهم خائفا فيراني أهل الشام،وتسمع الأعداء من الكفار ذلك..".
وأما الخروج لقتالهم فقال: "والله لن أكون أولَ مَنْ يَخْلُف رسولَ الله في أمته بسفك الدماء..!! فإني أرجو أنْ ألقَى اللهَ وليس يُراق بسببي مِحْجَمَةٌ (قدر قليل) من دَمٍ..!!
أيُّ ورعٍ،وأي جلالٍ هذا..؟؟ خليفة تتأجج من حوله الفتن،وتُحاك له المؤامرات،وهو لا يريد مهما تكن العواقبُ أن يواجه هذا التمردَ بقوة السيف،مكتفيا بالزجر والتهديد.. ومع مَنْ؟؟ مع أناس يهاجمونه بألسنة حِدادٍ،ويُحرّضون على خلعه وقتله!.. رجلٌ يحيط به بغاةٌ مسلحون يريدون رأسه،وأمامه فرص النجاة والخلاص،ثم يرفضُها جميعا؛ لأنها ستنال من هيبة الدولة ومكانتها،وستنال أيضا من كرامة هجرتِه وثوابها.. ؟؟!!
وفي أية سِنٍّ كان وهو يحملُ هذا الولاء الفَتِيَّ الشابَّ للهجرة ولِحَقِّها،ويرفعُ هذا اللواء للدفاع عن مكانة الدولة وهيبتها..؟! في سن تجاوزت الثمانين..!! إنه يرفض أيَّ نقص شكلي أو موضوعي للدولة وسلطانها ومبادئها،أو للهجرة وحقها ولو كان ثمن الرفض حياته..!!
وصل إلى مسامع البُغاة تحركُ جيوش الأمصار لنجدة الخليفة،فأصروا على حَصْرِهِ والتضييق عليه،حتى منعوا عنه الطعام والماء،بل والصلاةَ في المسجد،وتهددوه بالقتل،ولهذا ذكّرهم بتوسعتِه للمسجد النبوي من ماله ـ وهو أول من مُنِعَ من الصلاة فيه ـ وأنه وَقَفَ بئرَ رومة على المسلمين ـ ومُنِع الشُّربَ من مائها ـ وذَكَرَ لهم سابقتَه في الإسلام وأعمالَه مع الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ علَّ كلماتِه تنجح في كفِّهم عنه وردِّهم إلى الطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منهم. ولكنهم لجُّوا في طغيانهم يَعْمَهُون،وأبَوْا إلا الباطل والبقاء على ما هم عليه من البغْيِ والعدوان،ومضوا يلتمسون العلل التي يحتجُّون بها لتبرير قتله.
ومنعوا الناس من الدخول إليه والخروج من عنده،حتى اشتد عليه الحال،وضاق المجال،ونَفِدَ ما عنده من الماء،فاستغاث بالمسلمين في ذلك،فكان أسرعَهم نجدةً له عليُّ بن أبي طالب وأم حبيبة بنت أبي سفيان زوجُ النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ التي بادرت بنجدته،فنالها منهم شدةٌ عظيمة،ولم يبق لعثمان وأهله من الماء إلا ما يوصله إليهم آل عمرو بن حزم في خُفْيَةٍ ليلاً.
ولَمَّا وقع هذا أعْظَمَه الناسُ جدًا،ولزِم أكثرُهم بيوتَهم،وجاء وقت الحج فخرجت السيدة عائشة لتبتعد عن جحيم الثائرين وحماقتهم،وأشرف عثمانُ على الناس محاوِلا أنْ يَصرف عنه مَنْ يريد القتال؛ كي لا يراق دَمٌ بسببه،ساعيا للنهوض بحق الأمة وهو محصور؛ فوَلَّى ابنَ عباس إمارة الحج،وأقسم(1/217)
عليه،فخرج بالناس إلى الحج،ورمى عثمانُ إلى الزبير بوصيته،وجمع أهلَ المدينة وودَّعهم،ولم يَدُرْ بِخَلَدِ أحد أن الثوار مُقْدِمون على قتل الخليفة.
لما اشتد الحصار على عثمان ـ رضي الله عنه ـ ورأى الصحابةُ بالمدينة ما آلَ إليه الأمرُ،هَبُّوا لنجدة خليفتِهم،لكن عثمانَ الرحيمَ كان أمرُه عجبًا،يمنع الصحابة من الدفاع عنه،ويرفض النجاةَ من سيوف قاتِلِيه،إذا كان ثمنُ هذه النجاة قطراتِ دمٍ تُرَاقُ من مسلم بريء..!!
يدخل عليه عليّ،متقلِّدًا سيفَه للدفاع عنه ويستأذنه في قتالهم.
ويرسل إليه الزبيرُ والأنصارُ في الإذن لهم بالدفاعِ عنه والقتالِ دونه.
ويبعث كبارُ الصحابة بأبنائهم ليدافعوا عنه ولِيَبْقَوْا في داره يَحْمُونَه.
ويأتي أبو هريرة شاهرًا سلاحَه في اهْتِيَاجٍ شديدٍ،ويُحمِّسُ الناسَ للقتال وللدفاع عنه..
فإذا بعثمان يَصيح في الصحابة الذين تجمّعوا حول دارِه ليواجهوا الثوار بالسلاح قائلا: "إن أعظمَكم عنِّي غناءً،رجلٌ كَفَّ يدَه وسلاحَه..!! "
وحين يَعلم أن عُصْبَةً من شباب المسلمين على رأسهم الحسنُ والحسينُ وابنُ عمر وعبدُ الله بن الزبير ومروان بن الحكم،ما زالوا عند داره قد أخذوا مكانَهم لحِراستِه،وشهروا سلاحَهم ـ يتفطَّر قلبُه أسى،ويدعوهم ويتوسل إليهم قائلاً: أناشِدُكم اللهَ،أسألُكُم بِهِ،ألا يُرَاقَ بسببي مِحْجَمُ دَمٍ..!!!
أحس عثمان ـ رضي الله عنه ـ بقرب أجله،وتيقن مِن تَحَقُّقِ موعودِ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ باستشهاده بين لحظة وأخرى،وهو يَرْقُبُ حضورَ هذا الأجلِ ولا يَرهَبُه؛ لذا أسرع ورمَى من فوق الدار بوصيته إلى أخيه الزبيرِ بن العوام،وكان مكتوبا فيها:
"هذه وصية عثمان: بسم الله الرحمن الرحيم،عثمانُ بنُ عفانَ يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأن محمدًا عبدُه ورسوله،وأن الجنة حق،وأن النَّارَ حقٌّ،وأنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القبور ليومٍ لا ريب فيه،إن الله لا يخلف الميعاد،عليْها يَحْيَا وعليْها يَموتُ وعليْها يُبْعَثُ إنْ شاء الله تعالى".
وجمع عثمانُ الناسَ لمَّا رأى تشديد المتآمرين الحصار عليه،وتيقن من دنُوِّ أجلِه،وعزم على المسلمين أنْ يَنصرفوا فلا يقاتلوا عنه،وعزم له المسلمون على الصبر والامتناع على البغاة بسلطان الله،فقال: اخرُجُوا ـ رَحِمَكُم اللهُ ـ فكُونوا بالباب..
وأرسلَ إلى طلحةَ والزبير وعليّ وعِدَّةِ رجال من الصحابة أن يقتربوا منه،فلما اجتمعوا أشْرَفَ عليهم مِن الدار،وقال: "يا أيها الناس،اجْلِسوا،فجَلَسوا جميعا؛ أهلُ المدينة والطارئون عليها.. فقال: "يا أهل المدينة،إني أستودعُكم اللهَ،وأسألُه أن يُحسِنَ عليكم الخلافةَ من بعدي،وإنِّي والله لا أَدخل على أحدٍ بعد يومي هذا حتى يَقضيَ اللهُ فِيَّ قضاءَه؛ ولأَدَعَنَّ هؤلاء وما وراء بابي غيرَ مُعطِيهم شيئًا يتخذونه عليكم دَخَلاً في دين الله أو دنيا حتى يكون اللهُ ـ عز وجل ـ الصانعَ في ذلك ما أَحَبَّ ..".(1/218)
وأَمَرَ أهلَ المدينة بالرجوع،وأقسم عليهم،فرجعوا إلا الحسن بن علي،ومحمد بن طلحة،وعبد الله بن الزبير،وجماعة أمثالهم من أبناء الصحابة،فجلسوا بالباب عن أمر آبائهم،وعاد إليهم ناسٌ كثيرٌ،ولَزِمَ عثمانُ الدارَ.
أحس عثمان ـ رضي الله عنه ـ بقرب أجله،وتيقن مِن تَحَقُّقِ موعودِ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ باستشهاده بين لحظة وأخرى،وهو يَرْقُبُ حضورَ هذا الأجلِ ولا يَرهَبُه؛ لذا أسرع ورمَى من فوق الدار بوصيته إلى أخيه الزبيرِ بن العوام،وكان مكتوبا فيها:
"هذه وصية عثمان: بسم الله الرحمن الرحيم،عثمانُ بنُ عفانَ يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأن محمدًا عبدُه ورسوله،وأن الجنة حق،وأن النَّارَ حقٌّ،وأنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القبور ليومٍ لا ريب فيه،إن الله لا يخلف الميعاد،عليْها يَحْيَا وعليْها يَموتُ وعليْها يُبْعَثُ إنْ شاء الله تعالى".
وجمع عثمانُ الناسَ لمَّا رأى تشديد المتآمرين الحصار عليه،وتيقن من دنُوِّ أجلِه،وعزم على المسلمين أنْ يَنصرفوا فلا يقاتلوا عنه،وعزم له المسلمون على الصبر والامتناع على البغاة بسلطان الله،فقال: اخرُجُوا ـ رَحِمَكُم اللهُ ـ فكُونوا بالباب..
وأرسلَ إلى طلحةَ والزبير وعليّ وعِدَّةِ رجال من الصحابة أن يقتربوا منه،فلما اجتمعوا أشْرَفَ عليهم مِن الدار،وقال: "يا أيها الناس،اجْلِسوا،فجَلَسوا جميعا؛ أهلُ المدينة والطارئون عليها.. فقال: "يا أهل المدينة،إني أستودعُكم اللهَ،وأسألُه أن يُحسِنَ عليكم الخلافةَ من بعدي،وإنِّي والله لا أَدخل على أحدٍ بعد يومي هذا حتى يَقضيَ اللهُ فِيَّ قضاءَه؛ ولأَدَعَنَّ هؤلاء وما وراء بابي غيرَ مُعطِيهم شيئًا يتخذونه عليكم دَخَلاً في دين الله أو دنيا حتى يكون اللهُ ـ عز وجل ـ الصانعَ في ذلك ما أَحَبَّ ..".
وأَمَرَ أهلَ المدينة بالرجوع،وأقسم عليهم،فرجعوا إلا الحسن بن علي،ومحمد بن طلحة،وعبد الله بن الزبير،وجماعة أمثالهم من أبناء الصحابة،فجلسوا بالباب عن أمر آبائهم،وعاد إليهم ناسٌ كثيرٌ،ولَزِمَ عثمانُ الدارَ.
بعضُ الناس مرضَى النفوس يَفتحون أبواب الفتن على الخَلْقِ،ويموتون وتبقى الفتنُ يَصْلَى عبادُ اللهِ لهيبَها المُحرِقَ؛ وقد نَجِدُ هؤلاء المرضَى يُطوِّحون بسيوف التخويف في وجوه المسالمين في المواقف الحرجة،ظانِّينَ أنَّ ما يفعلونه بطولةٌ لا نظير لها،مع أنهم بذلك يفتحون أبوابا من الجحيم على أنفسهم وعلى الخلق،ويبوءون بإثمهم وآثام الخلق،مَثَلُهم في ذلك كَمَثَلِ الأشْقَى الذي حَمَلَ على ناقة النبي الكريم صالح ـ عليه السلام ـ حتى قتلها،فأهلكه الله هو ومَنْ كفر معه.
وقد نال المكانة البارزة في دنيا الأشقياء هؤلاء الذين امتدَّتْ أيديهم إلى الخليفة الراشد عثمانَ بن عفان ـ رضي الله عنه ـ فقتلوه؛ إذْ أضاعوا على الأمة خيرا كثيرا كانت تَجْنِيهِ في ظلال الخلافة الراشدة،وأوقعوا الشر في صفوفها بسبب هذا الدم الحرام الذي سفكوه..(1/219)
لقد دخلوا عليه الدار جماعةً،وتمالأوا عليه؛ فمِنْهم مَنْ يضربه بنَصْل سيفِه،ومنهم مَنْ يلكزُه،وجاءه رجلٌ بمشاقِص (نصل عريض،أو سهم يُرمى به الوحش عند الصيد)،فضربه في تَرْقُوَتِه،فسالَ الدَّمُ على المصحف،وهُمْ في ذلك يهابون قَتْلَه. وكان عثمان ـ رضي الله عنه ـ شيخا كبيرًا،فغُشِيَ عليه.
ودخل آخرون،فلما رأوه مَغْشِيًّا عليه جَرُّوا بِرِجْلِه،فصاحتْ زوجته نائلةُ،وبناتُه،وجاء كِنانةُ بنُ بِشْرٍ التُّجِيبِيُّ مخترطا سيفَه ليضعَه في بطنه،ففادتْه نائلةُ،فقطَع يدَها،واتَّكأ بالسيف على صدر الخليفة الشهيد.
وقيل: إن كِنانةَ بن بشر ضَرَبَ جبينَه ومُقَدَّمَ رأسِه بعمود حديد،فخَرَّ لجَنْبَيْهِ،فضربَه سُودانُ بنُ حُمرانَ بعدما خَرَّ لجَنْبِه فقتلَه. وأما عمرو بن الحَمِق فوَثَبَ على عثمانَ فجلسَ على صدره،وبه رَمَقٌ،فطعنَه تسعَ طعناتٍ.
**********************
11- الفتنة في عهد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
بعد مقتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ استقبل المسلمون أمرًا له وَجْهٌ وله ألوانٌ،لا تقوم له القلوب،ولا تثبت عليه العقول..
فما زالوا بعليٍّ ـ رضي الله عنه ـ يَعْرِضُون عليه الخلافةَ حتى قَبِلَهَا،فتمَّت البيعةُ في ظل ظروف صعبة وحرجة في تاريخ الأمة الوليدة.
وهكذا حمل الإمام عليٌّ الحِملَ الكبيرَ ـ منصبَ الخلافةِ ـ فجاءتْه الخلافةُ مُثْخَنَةً بالجِراح،مثقلةً بالمتاعب؛ إذْ واجه المشكلاتِ منذ ولِيَهَا،خاصة بسبب رأيه في قسمة العطاء،وتأجيل القِصاص من قَتَلَةِ الخليفة،وعزله عُمَّالَ عثمان.
كل هذا سبَّبَ له المتاعب والمشاقَّ الجسامَ،فتحمَّلها في جَلَدِ الصابرين،وتعامل معها بضميرٍ بلغ الكمال في استقامته وتقواه؛ فأتت الأحداث والأهوال عاصفةً،بدءًا بموقِعَةِ الجَمَلِ،ومرورًا بحرب صِفِّين،وظهور الخوارج،وتغيُّرِ أوضاعِ خلافتِه بعد النهروان،وعصيان أهل الكوفة له وانتهاءً بمقتله ـ رضي الله عنه.
كل هذه الأحداث كافيةٌ أنْ تقتلع الجبال،لكن الإمام عليًا أَبَى أن يَحيد عن الحق برغم الأهوال،أبَى أن يتبع الهوى؛ ولْتَبْذُلِ الدنيا له كلَّ زينتها وبهجتها وإغرائها،فإنه لن يربط بها أملا ولا رجاءً؛ فإن طول الأمل يُنسي الآخرة.
ولقد أحاطت به العواصف والأعاصير لكي تُزِيغَه في ظلامها عن الطريق،أو تُفْقِدَه بعضَ رشدِه،أو تَشْغَلَه عن غاياته ومبادئه.. فما زاغ عن الطريق.. ولا فَقَدَ الرُّشْدَ.. ولا سَئِمَ صحبةَ مبادئِه.. وحين أدركه الموت وجده عملاقًا يحمل رايتَه..!!(1/220)
تمت بيعة عليّ بن أبي طالب في ظل ظروف صعبة،إذْ كان الصحابة عند مقتل عثمان متفرقين في الأمصار،فلم يشهدوا البيعةَ،والذين شهدوا؛ فمنهم مَنْ بايَعَ،ومنهم مَنْ توقف حتى يجتمع الناسُ ويتفقوا على إمام،كسعد بن أبي وقاصٍ وسعيدِ بن زيد وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن سلام وأبي سعيد الخدري وكعب بن مالك والنعمان بن بشير وحسان بن ثابت ومَسْلَمَة بن مُخَلَّد،وأمثالِهم من أكابر الصحابة..
والذين كانوا في الأمصار عَدَلُوا عن بيعته أيضا إلى الطلب بدم عثمان،وتركوا الأمر حتى يكون شورى بين الناس لمن يولُّونه،وظنوا بعليّ سكوتا عن نُصرة عثمان من قاتِلِيه..
ثم اختلفوا في مواقفِهم بعد ذلك؛ فرأى عليٌّ أن بيعتَه قد انعقدتْ ولَزِمتْ مَنْ تأخر عنها باجتماع مَن اجتمع عليها بالمدينةِ؛ دارِ النبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وموطنِ الصحابةِ،وأرْجَأَ الأمر في المطالبة بدم عثمانَ إلى اجتماع الكلمة واتفاقها،ليتمكن حينئذ من ذلك.
ورأى آخرون أن بيعته لم تنعقدْ؛ لافتراق الصحابة أهلِ الحَلِّ والعَقْدِ بالآفاق،فلم يحضر البيعة إلا قليل،وهي لا تكون إلا بعلم واتفاق أهلِ الحَلِّ والعَقْدِ،ولا تلزم بعقْدِ مَنْ تولاها من غيرهم،أو من القليل منهم.. وذهب إلى هذا معاوية وعمرو بن العاص وأمُّ المؤمنين عائشةُ والزبير وابنه عبد الله وطلحة وابنه محمد وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد والنعمان بن بشير..
إلا أن أهل العصر الثاني مِنْ بعدِهم اتفقوا على انعقاد بيعة عليّ ولزومها للمسلمين أجمعين وتصويبِ رأيِه.. مع دفْعِ التأثيم عن كلٍّ من الفريقين.
المناصب عند بعض الناس غنيمةٌ،وعند بعضهم الآخر حِمْلٌ ثقيل.. أما عند علي بن أبي طالب فقد كانت ـ في الظروف التي تولى فيها ـ أكثرَ من حِمْلٍ ثقيل،فالخليفة الشهيد عثمانُ لم تجف دماؤه بعدُ،والناس ـ وعلى رأسهم كثير من الصحابة ـ يَستعجلون قتل الْقَتَلَةِ.. والحزنُ يجتاح النفوسَ على عثمان اجْتِياحًا..
وقد سعى قَتَلَةُ عثمان في إتمام البيعة لعلي،ليُوقِعوا الخلافَ بين الصحابة،فنجحوا في ذلك،إذْ نَفِرَ جماعة من كبار الصحابة من البيعة لعليّ،لا غضًا من شأنه،ولكن تَخَوُّفًا من الدخول تحت سيطرة هذه العصابة دخولاً يتعذَّر الخروجُ منه. ومن هؤلاء الصحابة من المهاجرين والأنصار: عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقَّاص وصهيب بن سنان الرومي وزيد بن ثابت ومحمد بن مسلمة وسلمة بن سلامة بن وقْش وأسامة بن زيد وعبد الله بن سلام والمغيرة بن شعبة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك ومَسْلَمة بن مُخَلَّد وأبو سعيد الخدري والنعمان بن بشير ورافع بن خُدَيج وفُضالة بن عبيد،ناهيك عمن فَرَّ مِنْ بني أميَّة بعد سيطرة الثُّوار على المدينة وقَتْلِ عثمان،مثل مروان بن الحكم والوليد بن عقبة وسعيد بن العاص وآخرين.(1/221)
ولما عَظُمَتْ الفتنةُ وكان القتال بين عليّ وبين أصحاب الجمل،وبينه وبين أهل الشام تخلف عن الحرب كثيرٌ من المهاجرين والأنصار،وجمهورٌ من الصحابة لَزِمُوا بيوتهم.
كان أبو بكر الصدّيق يسوي بين الناس في تقسيم المال؛ الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير،فلما كلَّمه الناس ليفضِّل أصحابَ بدر،قال لهم: فضائلُهم عند الله،وأما هذا المعاش فالسويّة فيه خير من الأَثَرَةِ. فعمل بهذا طوال ولايته.
ولما ولي عمر فضَّل المهاجرين والأنصارَ في تدوين الدواوين وتقسيم العطاء. وسار عثمان من بعده على هذا النهج..
أما عليّ فقد أعاد في خلافته طريقةَ أبي بكر في تقسيم العطاء،فأعطى جميعَ الصحابة والمسلمين بالسويّة دون تفريقٍ بين مَنْ سَبَقَ إلى الإسلام،ومَنْ جاء متأخرا،وقسم ما في بيت المال على الناس،ولم يُفَضِّلْ أحدًا على أحد،وكان لا يدع في بيت المال شيئا يبيت به حتى يقسمه،وكان يكنس بيت المال بعد ذلك بيده،ثم يصلي فيه ركعاتٍ رجاءَ أن يشهد له يوم القيامة أنه لم يحبس فيه مالاً عن المسلمين.
لقد رأى ـ رضي الله عنه ـ أن التفاوتَ في العطاء من شأنه أن يَخلُق فرصًا لتراكم الثروات لدى بعض الأفراد،مما يشكل مع الزمن فتنةً في الدين وفسادا في الدنيا. وقد صار لكثيرٍ من الناس حدائق وممتلكات وتجارة عريضة وثروات وقصور جعلت منهم طبقة متميزة بثرائها ونفوذها عن سائر المسلمين.
ولم يزد عليّ فيما فعل على أن اتبع نَهْجَ أبي بكر،مما أغضب أشراف العرب لمساواتهم بالموالي في العطاء،فأثّر ذلك على علاقته بالناس. واعتبر بعضُ المؤرخين أن ذلك كان سببا في تفرق الناس من حوله،وانتهاج أهل العراق معه نهجًا جديدًا من الخذلان وترك النُّصرة.
كثير من الأعمال تحتاج في القيام بها إلى تَأَنٍّ وانتظارٍ للظرف المناسب،لذلك قد تختلف وجهاتُ النظر كثيرا بين أصحاب الطريقة الواحدة والمنهج الواحد بسبب مثل هذه المسائل،وهذا هو شأن الخلاف بين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وبين العديد من الصحابة،فقد كانوا يقولون بوجوب القصاص من قَتَلَةِ عثمان ويتعجلون تنفيذ ذلك،ولم يكن رأيُه مخالفا لرأيهم،غير أنه كان يرى التأنِّي والانتظارَ حتى تستقر الأمور،وتموت الفتنة في مواضعها،فقد كان أنصارُ البُغَاة قوةً لا يُستهان بها..
لم يكن علي ـ رضي الله عنه ـ أقلَّ من إخوانه الصحابة حرصا على إقامة الحد على القتلة،لكن هذه الخطوة كان يجب ـ فيما يرى هو ـ أن تَسبِقها خطوةٌ أخرى،هي تسكين الفتنة،حتى يستقر الحكم الجديد ويَشْتَدَّ عُودُه ويَقوَى على إقامة الحدود دون أن يتسبب ذلك في فتنة أكبرَ وأشدَّ هَوْلاً.
وإزاء موقفِه هذا من القصاص سَرَتْ في بعض النفوس مخاوفُ من مهادنة هؤلاء الثائرين السبئيّة فتموت القضية،كما هربت جماعات من بني أمية خشية أن ينالهم أذى من القتلة الآثمين،وحَالَ عليٌّ دون خروج قريش من المدينة،فَبِهِمْ يَتَقَوَّى على مَنْ خالَفَهُم،وبهجْرِهم المدينةَ يتركونها لسيطرة(1/222)
المنحرفين،وبدأ في اتخاذ ما يطمئنهم إلى جدّيته في التصدي للقتلة وإضعاف شوكتِهم؛ بإرجاع العبيد إلى مواليهم،والأعراب إلى أماكنهم،لكن الثائرين والأعراب ثاروا واعترضوا وامتنعوا عن ذلك،فأدرك كبارُ الصحابة خطورةَ الموقف وقوةَ بأْسِ السبئيّة في المدينة،وفكروا في حلول جديدة للقضاء عليهم،فاقترح طلحة على عليٍّ أن يوليه البصرة،واقترح الزبير أن يوليه الكوفة ليَقْدموا عليه بالخيل والجُنْدِ الكثيف ليُعيد الأمورَ إلى نصابِها،ولكنه استمْهَلَهُمَا حتى يرى رأيَه في شأن ولاةِ عهدِ عثمان ـ رضي الله عنه ـ والذي انتهى فيه إلى قرارٍ بعزلهم وتولية غيرهم.
أصبح طلحةُ والزبيرُ بعد دخول البصرة وفي أيديهما بيت المال والحرس،والناس معهما،ومن لم يكن معهما فَمَغْمورٌ مُسْتَسِرّ،وبلغ ذلك حُكَيْمَ بنَ جَبَلَةَ،فأقبل في خيْله على رجال فيمن تبعه مِن عبد القيس ومَنْ مال إليهم من ربيعة،ثم توجّهوا نحو دار الرّزق وهو يقول: لستُ بأخيه إن لم أنصرْه (يقصد عثمان بن حنيف)،وجعل يشتم أم المؤمنين عائشة،فسمعتْه امرأةٌ من قومه،فقالت: يا ابنَ الخبيثة،أنت أوْلى بذلك،فطَعنها فقَتَلَها،فغضبتْ عليه عبدُ القيس،ورجعوا وتركوه..
ومضى حُكَيْمُ بن جَبَلَةَ فيمن غزا معه عثمانَ بنَ عفانَ وحاصره من نزَّاع القبائل كلها،وعرفوا أن لا مقام لهم بالبصرة،فاجتمعوا إليه،فانتهى بهم إلى الزَّابوقة عند دار الرزق،وقالت عائشة ـ رضي الله عنها: "لا تقتلوا إلا مَنْ قاتلكم،ونادُوا مَنْ لم يكن من قَتَلَةِ عثمان،فلْيَكْفُفْ عنا،فإنا لا نريد إلا قَتَلَةَ عثمان،ولا نبدأ أحدا".
فأنشَبَ حُكَيْمٌ القتالَ،ولم يهتم بالمنادِي،فقال طلحةُ والزبير: "الحمد لله الذي جمع لنا ثأرَنا من أهل البصرة،اللهمَّ لا تُبْقِ منهم أحدًا،وأَقِدْ منهم اليوم فاقتلهم".
فاقْتتلوا أشدَّ قتال،وقُتِلَ حُكَيْمُ ومَنْ معه،ولم يَنْجُ من الظالمين إلا حُرْقُوصُ بن زُهير في نفرٍ مِن أصحابه،فلجأوا إلى قومهم،ونادَى منادِي الزبير وطلحة بالبصرة: ألا مَنْ كان فيهم من قبائلكم أحدٌ ممن غَزَا المدينةَ فلْيَأْتِنَا بهم،فجيء بهم كما يُجاء بالكلاب فقُتلوا،فما أفلت منهم من أهل البصرة جميعا إلا حُرْقُوص بن زهير،فإنَّ بني سعد قبيلتَه منعوه،فمَسَّهُم في ذلك أمرٌ شديدٌ،حتى اعتزلوا.
وأقام طلحة والزبير ليس معهما بالبصرة ثأر إلا حُرْقُوص،وكتبوا إلى بقية الأمصار أن يفعلوا فعلتَهم،وأن يقتلوا مَنْ عندَهم من قَتَلَةِ عثمان. وقد ترك هذا الثأرُ نقمةً في قلوب القبائل التي قُتل أبناؤها.
وكانت هذه الوقعة لخمس ليالٍ بَقِين من ربيع الآخر سنة ست وثلاثين من الهجرة.
لم يكن الميراث الجاهلي قد انْمَحَى من نفوس القبائل التي دَخلت في الإسلام متأخرةً،لذا علا صوتُ النِّقْمة لديْها على جيش طلحة والزبير حينما قُتل أبناؤهم الذين شاركوا في الخروج على عثمان وحصاره وقَتْلِه..(1/223)
وسيطرت الفوضَى على البصرة،وانْفَرَطَ عِقْدُ النظام بها،وهاج الناس وماجُوا بها،ولم يُفِد الأخذُ بالثأر بهذه الطريقة؛ لأنه لم يَقُمْ به الوالي الشرعيُّ نفسُه،بل قامت به طائفة صالحة من أبناء المجتمع،لا ترى بقيةُ المجتمع حقًا لها في أنْ تقوم به منفردةً عن السلطان.
وقد دفع الحالُ الزبيرَ إلى أن يقول: "إن هذه الفتنةُ التي كنا نتحدث عنها،فقال له خادمه: أتسمِّيها فتنةً وتقاتل فيها؟!! قال: ويْحك!! إنَّا نُبْصِرُ ولا نُبْصِرُ،ما كان أمرٌ قطٌّ إلا علمتُ موضعَ قدمي فيه،غيرَ هذا الأمر،فإني لا أدري أَمُقْبِلٌ أنا فيه أم مُدْبِرٌ!!
كان عزل عليٍّ لعمَّال عثمانَ على البلاد والأمصار شرارةً أشعلت نيران فتن جديدة،وأجَّجَتْها في أرجاء الدولة الإسلامية،حتى لم يعد النزاع بين أهل الفتنة وبين جمهور المسلمين،بل اشتبك أبناء المجتمع الواحد بعضه ببعض،وكان هذا في البداية خلافا في الرأي،ثم تدخلت شياطين الإنس حتى وقع الاقتتال..
لقد عزل عليٌّ عمَّالَ عثمان على الولايات الكبرى؛ مصر والشام والكوفة والبصرة،وقد دفعه إلى اتخاذ هذا القرار افتقادُ الثقة بينه وبين هؤلاء العُمال بفعل الدعاوى السبئيّة،ورغبته في تهدئة الثورة،فوجد أن من اللازم عزل هؤلاء،وإرسال عمال جدد على الأمصار يثق بهم.
وقد نصحه بعض الصحابة بعدم التسرع باتخاذ هذا القرار؛ إذْ سيضيف إلى رصيده مزيدًا من الأعداء في وقت يحتاج فيه إلى كل نصير.
وفي مطلع العام الجديد ـ السادس والثلاثين من الهجرة ـ أرسل عليٌّ وُلاته الجدد،فنجح بعضُهم وأخفق بعضُهم الآخر في تولي ولاياتهم. وحاول عليٌّ علاج الأمر؛ فكتب إلى أبي موسى الأشعري أمير الكوفة وإلى معاوية بالشام كتابَيْن يتعلقان بأمر البَيْعَةِ له،وقد بادر أبو موسى بأخْذِ البيعة له من أهل الكوفة،فأقره عليٌ عليها،لكن معاوية تأخر عن الجواب،ينتظر ما تؤول إليه الأمورُ،خاصة أمر العُصاة بالمدينة. وهكذا خضعت دارُ الهجرة مركزُ الدولة،والأمصارُ كلُّها لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب باستثناء الشام التي كان يُسَيِّرُ أمورَها معاوية الذي امتنع عن البَيْعة.
وأدرك عليٌّ أنَّ حَمْلَ معاوية على البيْعَةِ سِلْمًا غيرُ ممكن،فأخذ يُعِدُّ العُدَّةَ لحمله على البيعة جبرًا باعتباره خارجًا على طاعة الخليفة،وبينما هو يستعد لذلك،جاءتْه أخبارٌ أخرى مفزِعة من مكة تخبره بمَسِير أمِّ المؤمنين عائشةَ وجماعتِها إلى البصرة.رجع عامل عليّ من الشام دون أن يتمكن من تولِّي الأمر،فكتب عليٌّ إلى معاوية يطالبه بالبيعة،فطلب معاوية مُهْلَةً من الرسول،ولم يكتب جواب رسالته،حتى إذا كان الشهر الثالث من مقتل عثمان،أي: في صفر سنة ست وثلاثين،دعا معاوية رجلاً من بني عبس فدفع إليه كتابا مختوما عنوانه: "من معاوية إلى عليٍّ "،ثم أوصاه بما يقول،وسرحه إلى عليّ مع رسوله،فلما دخل المدينة ورفع الكتاب للناس فرأوا عنوانه عَلِمُوا أن معاوية يأبَى البيعةَ،وقال رسوله لعلي: "إني تركتُ قوما لا يرضَوْنَ إلا بالْقَوَدِ،فقال(1/224)
علي: ممن؟ قال: من نفسِك،وتركتُ ستين ألفَ شيْخٍ يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوبٌ لهم؛ قد ألبسوه مِنْبَرَ دمشقَ! فقال علي: منِّي يطلبون دَمَ عثمان؟!.. اللهم إني أَبْرَأُ إليك من دَمِ عثمان،نَجَا والله قَتَلَةُ عثمانَ إلا أنْ يشاء الله..!!
فخرج الرسول فاعترضه السبئيّة (أتباع عبد الله بن سبأ) مُثِيرُو الفتنةِ يَصيحون: هذا الكلبُ،هذا وافدُ الكلابِ،اقتلوه،فنادى الرجل: "يا آلَ مُضَرَ،فحَمَتْه مُضَرُ،وجعل يقول لهم: إني أحلف بالله ـ جلَّ اسمُه ـ ليَرِدَنَّها عليكم أربعةُ آلاف خصِيٍّ،فانظروا كم الفُحولة والرِّكاب"! والمُضَرِيُّونَ يُسكِتونه فلا يسكت. وجعل يَهتف بهم: لا والله لا يفلح هؤلاء أبدا،فلقد أتاهم ما يُوعدون،وقد حل بهم ما يَحْذَرونَ.. فمازال بهم حتى عرف الذل فيهم.
دارت مراسلاتٌ عديدة بين عليٍّ ومعاوية يطلب الأول من الآخر مبايعتَه بالخلافة،والإذعانَ لأوامره،باعتباره الخليفةَ الشرعيَّ الذي بايعه معظمُ الصحابة في المدينة،في حين يطلب الثاني من الأول القصاصَ من قَتَلَةِ عثمانَ ابنِ عمِّه أولاً باعتباره من أولياء دَمِهِ،وبعد ذلك ينظر في أمر بيعته.
ولم يكن موقفُ عليٍّ من القصاص موقفَ المُعَطِّلِ له،ولكنه كان يودُّ إرْجاءَ إقامةِ حدِّ الله الذي سيُقام حتما ـ حتى تتهيَّأ الظروفُ المناسبة،وتخمدَ نارُ الفتنةِ. ولكن معاوية تمسك بالقصاص أولا،وجعله شرطا لازمًا يسبق البيعة؛ لذا امتنع عن مبايعة عليٍّ،وأبَى خلافتَه؛ لأنه ظن فيه عدم الجدِّية في الانتصار لعثمان من قاتِليه،ومعاوية يرى لنفسه حقًا أصيلاً في القصاص من قَتَلَةِ عثمان؛ لأنه من أوليائه،والله ـ تعالى ـ يقول: ( ومَنْ قُتِلَ مظلومًا فقدْ جَعلْنا لِوَلِيِّهِ سُلطانًا فَلا يُسْرِفْ في القتْلِ إنَّه كانَ منصورًا ) [ الإسراء: 33 ]. ولم يَرَ في الامتناع عن البيعة خروجًا على الإمام؛ لأنه اعتقد أن بيعة عليٍّ لم تنعقدْ بعدُ؛ حيث لم تكن بإجماع أهل الحَلِّ والعَقْدِ.
أما أمير المؤمنين عليٌّ فهداه اجتهادُه إلى غير ذلك،إذْ رأى أن بيعته قد انعقدت،وأن الوالي ليس عليه إلا أن يُبايع هو وأهلُ مِصْرِهِ إذا بايع أهلُ المدينة،وقد بايعوا،فلماذا إذًا امتناعُه؟ وهل هو من أهل الشورى ليُؤْخَذَ رأيُه في البيعة؟
وقد عزله الخليفةُ المُبَايَعُ فلم يمتثل؛ فعُدَّ خارجًا على الإمام؛ لذا أخذ عليٌّ يُعِدُّ لقتال أهل الشام.
لما أرسل عليٌّ الولاةَ إلى الأمصار،إذا بواليه سهلِ بنِ حُنيف الذي أرسله إلى الشام ليخلف معاوية ـ يعود إليه وقد فشل في تَوَلِّي الأمر،وعليٌّ الذي عُرف بالشدة والحسم أبَى إلا الحق ـ كما رآه ـ فقرر قتالَ معاوية؛ وعَدَّ خلافَه بَغْيًا وخروجا عن الطاعة بعدما انعقدت بيعته بِمَنْ بايَعَ،فلزمت مَنْ لم يبايعْ.
وأرسل عليّ إلى أهل الأمصار يستنفِرُهم لقتال معاوية،وشرع في التهيُّؤ والتجهّز،وخطب في أهل المدينة ودعاهم إلى النهوض لقتال "أهل الفُرقة"،ولكنه رأى تثاقلا منهم عن الخروج معه،فلم يجبر أحدًا،وإنما سار بِمَنْ نَهَضَ معه.(1/225)
وجاء إليه ابنُه الحسنُ ينصح بعدم الإقدام على القتال صونا لدماء المسلمين،فقال: "يا أبة،دَعْ هذا،فإن فيه سفك دماء المسلمين،ووقوع الاختلاف بينهم"،فلم يقبل منه ذلك،وأصرَّ على القتال،ورتَّبَ الجيشَ،ودفع اللواء إلى ابنه محمد بن الحنفيَّة،وولَّى عبدَ الله بن عباس ميمنتَه،وعمرَ بن أبي سلمة ميسرته،وجعل على مقدمته أبا ليلى بنَ عمرو بنِ الجراح ابنَ أخي أبي عبيدةَ،واستخلف على المدينة قثم بن العباس.
ولم يُوَلِّ أحدًا ممن خرج على عثمانَ،لا على الأمصار ولا على أجناد الجيش،وفيهم الأشِدّاء وذَوُو البأس.
ولم يبق شيء إلا أن يخرج من المدينة قاصدا الشام،حتى جاءه ما شغله عن ذلك كله،وهو خبر خروج عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة،فقرر أن يخرج أولا إلى العراق للقائهم.
قد يختَلِف اثنان في وجهات النظر،لكن ذلك لا يعني بالضرورة وجودَ بغضاء أو كراهية بينهما،وقد يذهبان أبعدَ من ذلك فيتصرّفان بناء على وجهات النظر المختلفة،وهذا أيضا ينبغي ألا يُورث حقدًا أو كراهيةً بين الطرفين..
وقد كان قَتْلُ عثمان ـ رضي الله عنه ـ فاجعةً،زاد من ألمها أنها وقعت في أيام الحج،حين كان أزواج النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يؤدِّين الفريضة قُربَى إلى الله،وفرارا من الفتنة،فلما بلغ الناسَ ـ وفيهم أمهات المؤمنين ـ أن عثمان قُتِلَ،أقاموا بمكة،واستأذن طلحة والزبير عليا في العمرة،فأذِنَ لهما،فخرجا إلى مكة،وتبعهم خلق كثير وجَمٌّ غفيرٌ من بني أمية وكل من أغضبه قَتْلُ عثمان،وتساقَطَ الهُرَّابُ إليها.
وقَدِمَ إلى مكة من اليمن يَعْلَى بنُ أمية،وكان عاملا عليها لعثمان،وقدم إليها أيضا عبد الله بن عامر من البصرة.
والتقت الكلمةُ على الثأْر لعثمان،وكَوَّنوا منهم جيشًا لهذه المُهمة،وقصدوا البصرةَ أقربَ الأمصارِ التي تَولَّى بعضُ أهلِها قَتْلَ عثمان والخروجَ عليه،ولم يتجهوا إلى المدينة لعُلُوِّ أمرِ الغَوْغَاءِ ومثيري الفتن فيها،وإن كان الأمر يستدعي مؤازرة أمير المؤمنين عليٍّ حتى تَقْوَى الدولة على مواجهة كلِّ الخارجين البُغاة.. وتحرك الركبُ المكيُّ خارجا إلى البصرة.
اتفق المتجهون إلى البصرة على تَوْلِيَةِ عبد الرحمن بن عَتَّاب بن أسيد الصلاة،فكان يصلي بهم في الطريق وفي البصرة حتى قُتل،وكان عدلا بينهم. ورجع من الطريق المغيرةُ بن شعبة وسعيد بن العاص وعبد الله بن خالد بن أسيد.
ومضى القوم قاصدين البصرة،ومعهم أَبانُ والوليدُ ابنا عثمانَ،وأعطَى يَعْلَى بن منية أمَّ المؤمنين عائشة جملاً اسمه (عسكر) اشتراه بثمانين دينارا فركِبَتْه،وساروا في طريق غيرِ معهود؛ كي لا يلتقوا بجيش علي،حتى انتهوا إلى جبل أوطاس،فتيامنوا وسلكوا الطريق نحو البصرة.(1/226)
وأوضح الزبيرُ للناس أنهم ما خرجوا إلا ثأْرًا للخليفة المظلوم،وإبقاءً لتماسك الكيان المسلم حتى تبقى هيبة الدولة محفوظة. وخطبت كذلك أم المؤمنين عائشة تؤكِّد هذه الأهداف.
وواصلوا السيرَ حتى اقتربوا من البصرة،فخرج إليهم واليها عثمانُ بنُ حُنَيْفٍ للحوار والمناقشة،لكنها كانت فرصة أمام الذين اعترضوا وتآمروا على عثمان لإثارة الفتن من جديد،مخافة أن تجتمع الكلمة،وتصل إليهم يدُ العدالة والقصاص،فترامَوْا بالتراب والحصى،حتى أَنْشَبَ لص البصرة حُكَيْمُ بن جَبَلَةَ القتالَ ضد الجيش القادم من مكة،وجرى قتال وتفاوضٌ أسفرا عن دخول الجيش المكي البصرة.
لما الْتقى الفريقان من مكة والبصرة بالمِرْبَدِ،وأخذ طلحة والزبير وأم المؤمنين يُفَصِّلون قضيَّتَهم للناس،تبيّنَ لأهل البصرة أن الحق في جانب أم المؤمنين،واتَّبعها جماعةٌ منهم.
فلما رأى حُكَيْمُ بنُ جَبَلَةَ ومَنْ معه من السبئيّة والغوغاء ذلك،ترامَوْا بالحجارة وحث بعضهم التراب على بعض،وأقبل حُكَيْمُ ـ وكان على خيلِ عثمانَ بن حُنيف ـ فأنْشَبَ القتالَ،وأعدَّ أصحابُ عائشة ـ رضي الله عنها ـ رماحَهم وأمسكوا عن القتال حتى يمتنع حُكَيْمُ عن القتال،لكنه أصر عليه حتى حجز الليل بين الفريقين.
فلما كان الصباح خرج حُكَيْمُ يَقْدُمُ جيشَه،فاقتتلوا قتالا شديدا من حين بزغت الشمس إلى أن زال النهار،وقد كَثُرَ القتْلى في أصحاب ابنِ حُنيف،وفَشَت الجراحة بين الفريقين،ومنادِي عائشة ـ رضي الله عنها ـ يناشدهم ويدعوهم إلى الكَفِّ فَيَأْبَوْنَ،حتى إذا مسَّهم الضُّر وعضَّتْهم الحربُ نادَوْا أصحابَ عائشة إلى الصلح والموادعة.
واتفق الفريقان على أن يبعثا رسولاً إلى المدينة لينظر هل بايع طلحةُ والزبيرُ مُكْرَهَيْنِ؟ فإن كان ذلك أخْلى عثمانُ بن حُنيف لهما البصرةَ،ليُدْرِكوا ثأْرَهم من قَتَلَةِ عثمانَ،وإن كانا قد بايعا عن رضا خَرَجَا من البصرة حتى يرى أميرُ المؤمنين رأيَه.
واتفقوا على أن يُبْقِيَ كلُّ فريقٍ على ما تحت يدِه حتى يعودَ الرسول،وأن ينزل طلحة والزبير ومَنْ معهما حيث شاءوا،وأن يصلي عثمان بن حنيف بالناس،وله أمر البصرة،ويبقى بيت المال تحت يده.
وذهب كعب بن ثور إلى المدينة رسولاً،فسأل أهلَها عن بيعة طلحة والزبير فلم يُجِبْهُ أحدٌ،ثم أجابه أسامةُ بن زيد بأنهما بايَعَا مُكْرَهَيْن،وكادت تحدث في المدينة حادثة لهذا الجواب؛ إذْ لا يريد الناس إلا إطفاء النار وإخمادَ جذوتها. وبلغ هذا الخبرُ أميرَ المؤمنين،فأرسل إلى عثمانَ بنِ حُنيف يقول له: "والله ما أُكْرِها إلا كَرْهًا على فُرقة ( أي خوفا من الفرقة )،ولقد أُكرِها على جماعة وفضل،فإن كانا يريدان الخَلْعَ فلا عذر لهما،وإن كانا يريدان غيرَ ذلك نَظَرْنَا ونَظَرَا".
رجع كعب بن ثور إلى البصرة بخبر بيْعة الزبير وطلحة لعليٍّ كَرْهًا،فاختلف القوم بالبصرة،وعاتب عليٌّ عاملَه على البصرة،وقال: "إنما طلحة والزبير لم يُجْبَرَا على البيعة إلا خوفًا من الفُرقة،ولقد أُكرِها على جماعةٍ وفضلٍ".(1/227)
وقلَّ أنصارُ ابنِ حُنيف،وغضب عليه الغوغاء لسوء تصرفه،ووقع من عامة الناس من أهل البصرة كلام وضرب،فقُتل منهم نحوٌ من أربعين رجلاً،ودخل العامَّةُ على عثمان بن حنيف قصرَه فأخرجوه إلى طلحة والزبير ولم يبق في وجهه شعرةٌ إلا نتفوها تحقيرًا له،فاستعظما ذلك وأرسلا إلى عائشة أم المؤمنين بالذي كان،واستطلعا رأيَها،فأرسلت إليهما أنْ خَلُّوا سبيلَه؛ فليذهبْ حيث شاء،ولا تَحبِسُوه.
وبخروج عثمان بن حنيف من البصرة أصبحت تحت إِمْرَةِ الرَّكْبِ المكِّيِّ،فأخرجوا حرس عثمان من القصر ودخلوه،وصلى بالناس عبد الرحمن بن عتاب،وولَّوْا على بيت المال عبد الرحمن بن أبي بكر،وقسم طلحةُ والزبيرُ أموالَ بيت المال في الناس،وفضَّلوا أهل الطاعة،وأَكَبَّ عليهم الناسُ يأخذون أرزاقهم. وحان وقت الثأر ممن شارك في الثورة على عثمان من أهل البصرة،فنقمت لأجل ذلك القبائلُ التي قُتل أبناؤها.
**************************
11- معركة الجمل واسبابها
لما بلغ عليّا نبأُ سير الركب المكّي إلى البصرة غيَّر وجهتَه عن الشام إلى البصرة،فخرج إلى الرَّبَذَةِ مسرعا يريد أن يلحقَ بهم قبل أن يجتازوها،وليَحُولَ دون انطلاقِهم،واستخلفَ على المدينة سهلَ بنَ حُنَيْفٍ،وبَعَثَ قثمَ بن العباس إلى مكة.
ونصحه العديدُ من الصحابة بألا يخرجَ من المدينة،فإنه إنْ خرج منها فلنْ يعود إليها أبدًا،وطلبوا منه أن يُرسل مَنْ نَهَضَ ويمكثَ هو في دار الهجرة،ولكنه أصر على أن يكون على رأس الناهضين،وخرج من المدينة في نحو سبعمائة رجل جُلُّهم من الثائرين على عثمانَ،وأقلهم من أهل المدينة،وما شارك جمهورُ الصحابة في هذه الفتنة،بل اعتزلوا الأمر.
وصل عليٌّ إلى الرَّبَذَةِ فجاءه الخبر بأن الركْبَ قد مضى،فأقام بها أياما وخَطَبَ فيمن معه،وسرَّح منها إلى أبي موسى الرسلَ يستنهض أهلَ الكوفة،ولكن ذلك لم يُفِدْ شيئا،حتى أرسل ابنَه الحسنَ وعمارَ بنَ ياسر إلى الكوفة،وتكلم الحسنُ كلاما طيبًا تأثَّروا به،وأعلن العديدُ منهم الانضمامَ إلى علي.
وواصل علي طريقَه إلى البصرة فوجد عبدَ القيس بأسرها في الطريق بينه وبين أهل البصرة ينتظرون مرورَه بهم ـ وهم آلاف ـ لينضمّوا إليه. وأرسل القَعْقَاعُ بن عمرو إلى طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة مستوضحا الأمر،وطالبا الصلح بين المسلمين.
اختار أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب القعقاعَ بن عمرو ليدْعُوَ أخويْه طلحة والزبير إلى الأُلْفة والجماعة،ويُعَظِّم عليهما الفُرقةَ،فلم يكن أمير المؤمنين عليّ يبغي حربا،وقد صرح بذلك مرارًا لأتْباعه بالرَّبَذَةِ،ولمَنْ جاءوا إليه من أهل الكوفة،وكانت هذه دعوته دائما.(1/228)
وسأل أميرُ المؤمنين القعقاعَ: كيف تصنع فيما جاءك منهما وليس فيه وصاةٌ مِنّي؟ فأجاب قائلا: نلقاهم بالذي أمرتَ به،فإن جاء منهما أمرٌ ليس عندنا منك فيه رأيٌ اجتهدنا الرأْيَ،وكلَّمْناهم على قدر ما نَسْمعُ ونرى أنه ينبغي. قال: أنتَ لها.
فقَدِمَ القعقاعُ البصرةَ،وبدأ بأمِّ المؤمنين عائشةَ،فسلَّمَ عليها،وقال: أيْ أُمَّهْ؛ ما أشْخَصَكِ وما أقْدَمَكِ هذه البلدةَ؟ قالت: أيْ بُنَيّ،إصلاحٌ بين الناس،قال: فابْعَثي إلى طلحة والزبير حتى تسمعي كلامي وكلامَهما،فبعثَتْ إليهما فجاءا،فقال: إني سألْتُ أمَّ المؤمنين ما أشْخَصَها وأقْدَمَها هذه البلاد؟ فقالت: إصلاح بين الناس،فما تقولان أنتما؟ أمُتابِعان أم مُخالِفان؟ قالا: مُتابِعان،قال: فأخْبِرَانِي ما وَجْهُ هذا الإصلاح؟ فوالله لَئِنْ عرفناه لَنُصْلِحنَّ،ولَئِنْ أنْكرناه لا نُصلح.
قالا: قَتَلَةُ عثمان،فإنّ هذا إنْ تُرِكَ كان تَرْكًا للقرآن؛ وإنْ عُمِلَ به كان إحياءً للقرآن.
فقال: قد قَتلْتُما قَتَلَةَ عثمانَ من أهل البصرة،وأنتم قبلَ قَتْلِهم أقربُ إلى الاستقامة منكم اليومَ،قتلتم ستمائة إلا رجلا ـ يعني حُرْقُوص بن زُهير ـ فغضب لهم ستةُ آلافٍ،واعْتَزَلُوكم وخرجوا من بين أظْهُرِكم،وطَلبْتُم حُرْقُوصَ،فمنَعَه منكم ستةُ آلافٍ،فإنْ تركتموه كنتم تاركين لما تقولون،وإن قاتلتموهم والذين اعْتَزَلُوكم فأُدِيلُوا عليكم (أي انتصروا)،فالذي حَذِرْتم وقَرِبْتُمْ به هذا الأمرَ أعظمُ مما أراكم تكرهون (أي: أن الذي تريدونه من قَتْلِ قَتَلَةِ عثمان مصلحة،لكن المفسدة المترتبة عليها أكبر منها)،وكما عجزتم عن الثأر لعثمان من حُرقوص بن زهير لقيام ستةِ آلافٍ في منعه ممن يريد قتله،فعَلِيٌّ أَعْذَرُ في ترْكِهِ الآن قتلَ قَتَلَةِ عثمان،وإنما أخَّر قَتْلَ قَتَلَتِهِ إلى أنْ يتمكن منهم،فإن الكلمة في جميع الأمصار مختلفةٌ". ثم أَعْلَمَهم أن خَلْقًا من ربيعةَ ومُضَرَ قد اجتمعوا لحربهم بسبب هذا الأمر الذي وقع.
فقالتْ أم المؤمنين: فماذا تقول أنت؟ قال: إن هذا الأمر دواؤُهُ التسكين.. فإنْ أنتم بايعتمونا فعلامةُ خيرٍ وتباشيرُ رحمةٍ ودَرَكٌ بثأر،وعافيةٌ وسلامةٌ لهذه الأمة،وإنْ أنتم أبيتم إلا مكابرةَ هذا الأمر واعْتِسَافَه كان علامةَ شرٍّ.. فآثِرُوا العافيةَ تُرْزَقُوها،وكونوا مفاتيحَ الخير كما كنتم،ولا تُعَرِّضونا للبلاء،ولا تَعَرَّضُوا له فيصرعنا وإياكم. وايْمُ الله،إني لأقولُ هذا القولَ وأدعوكم إليه وإني لخائفٌ ألا يتمّ حتى يأخذ الله ـ عز وجل ـ حاجتَه من هذه الأمة التي قلَّ متاعُها ونزل بها ما نزل،فإن هذا الأمر الذي حدث أمرٌ ليس يقدّر،وليس كالأمور،ولا كقَتْلِ الرجُلِ الرجُلَ،ولا النّفرِ الرجُلَ،ولا القبيلةِ الرجلَ.
فقالوا: نعم،إذًا قد أحسنْتَ وأصبتَ المقالةَ،فارْجِعْ فإن قَدِمَ عليٌّ وهو على مِثْلِ رأيِك صَلَحَ هذا الأمرُ.
فرجع إلى أمير المؤمنين عليّ فأخبره الخبر،فأعجبه ذلك،وسُرَّتْ به نفسه،وأشْرَفَ القوم على الصلح،وقام عليّ في الناس خطيبا يُعْلِمُهم بنبأ الصلح. وبعد لقاء عَلَتْهُ رُوحُ أخوَّةِ الإسلام كان اتفاقٌ على الصلح بين عليٍّ وبين الرَّكْبِ المكّي؛ وذلك يوم الخميس نصف جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين من الهجرة.(1/229)
لكنّ المتآمرين ضد الإمام الشهيد عثمان ـ رضي الله عنه ـ من السبئيّة ومثيري الفتن ساءهم ذلك الصلحُ،وأحسّوا خطرًا على أنفسهم في تمامه؛ لذا تآمروا حتى قتلوا اتفاق الصلح قبل أن يتم،ووقع لذلك قتالُ يوم الجمل المشئوم.
كانت مواطنُ الضعف في معسكر الإمام عليّ هي وجودُ كثيرٍ من المُنْدَسِّينَ فيه ممن اشتركوا في قتْلِ عثمان أو التخطيط له،وعلى رأسِهم مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَه عبدُ الله بن سبأ والأشْتَرُ النَّخَعِيّ،ولم تكن لعليّ ـ رضي الله عنه ـ حيلةٌ في وجودهم معه،ولا قدرةٌ على إبعادهم في هذه الظروف؛ إذْ كانوا قوةً كبيرةً تساندُهم عصبيات قَبَلِيّة. وقد أدرك زعماؤهم الذين تولَّوْا تأجيجَ الثورةِ على عثمانَ أن الصلح بين الفريقين سيقوِّي عليّا بانضمام الفريق الآخر إليه،ويجعل من الفريقين جبهةً واحدة قوية يَسْهُلُ أنْ تَثْأَرَ لعثمان من قَتَلَتِه،فعزموا على إفْساد الأمرِ كلِّه،وتداوَلُوا الرأيَ بينهم،حتى انْتَهَوْا إلى ضرورة إشْعال القتال من جديد.
وفي ليلة الصلح؛ وبينما الناسُ في معسكر عليّ ومعسكر طلحة والزبير نائمون،تُداعب رءوسَهم أحلامُ وأمانيُّ العودةِ إلى وحدة الصف واتفاق الكلمة ـ إذا بهم يَفْزَعُونَ لأصواتِ السيوف وَصَيْحات الجنود،وكأنه حُلْمٌ مُزعج،لكنه ـ يا أسَفَا ـ كان قتالاً حقيقيا أشعله السبئيّةُ والثائرون على عثمان ـ رضي الله عنه ـ وقامت الحرب حاميةً على قَدَمٍ وساقٍ،وتبارز الفرسان،وجالت الخيل،وقد اجتمع مع عليّ عشرون ألفا،والتفَّ حول عائشة نحوٌ من ثلاثين ألفا.
وبدأت المعركة ومنادِي عليٍّ ينادي: أيُّها الناس،كُفُّوا فلا شيء،ألا كُفّوا،ألا كُفّوا،فلا يَسمع له أحد.
ودارتْ رَحَى معركةِ الجملِ حاميةً،وخسر المسلمون فيها وحْدَتَهم،كما خلَّفت الكثير من المآسي؛ لعل أبرزها مقتل طلحة والزبير.
إن صوت الفتنة يُلَبِّس على العقلاء أمرَهم،ويتركُهم حَيَارَى؛ لا يَدْرُونَ موضعَ الحق ولا موقعَ الباطل،يُيَمِّمُون جهةَ المشرق فيجدون أن هذا الذي اختاروه خطأ،فإذا اتجهوا صَوْبَ المغرب تبيَّنُوا خطأَ مُخْتَارِهم أيضًا،فلا يجد العاقل إلا أن يضع رأسَه بين يديه،يعتصرُها من فَرْطِ الحيرة..!!
إن الفتن تَنتج كثيرا بسبب الأيدي العابثة من وراء حجاب،وبسبب المطامع الجارفة التي تصيب بعض طوائف المجتمع...
كانت الفتنة التي شَهِدها عصرُ الراشدين بعد عام خمسة وثلاثين للهجرة قَدَرًا أقوى من هؤلاء الصحابة الذين عاصروها،فقد أدى الانقلابُ الهائل الذي أحْدثه التوسعُ الإسلامي في العالم المعمور حينئذ إلى أنْ يَبْرُزَ على صفحة المجتمع أناسٌ أقلّ قدرةً وحرصا على حراسة الدين والقيم..
لقد كان هناك رجال جمعهم أبو بكر حولَه حين برزت المخالب الحادة للردّة التي كانت فتنةً أقْوى من الفتنة التي اشتعلت بقتل الأمير الصالح عثمان بن عفان،لكن الرجال حينها كانوا غيرَ الرجال!!(1/230)
والحقُّ أن العجز عن مغالبة الفتنة وإطفاءِ نيرانِها لم يكن عيبًا في الصحابة الذين عاشوا أحداثَها؛ إذْ كانت سيْلاً جارِفا جاء عقب التغيرات الكبرى،ولم ينجح المجتمع في صَدِّه ومساندةِ هؤلاء الصحابة لاستيعابه.
لقد نجح قَتَلَةُ عثمان؛ مَرْضَى القلوبِ المتآمرون على المجتمع المسلم ـ في إشعال الحرب بين معسكر عليّ بن أبي طالب وبين معسكر طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنهم ـ حينما هاجموا معسكر أهل البصرة تحت ستار الليل،فقام الناسُ إلى سيوفهم.. ومع حرص الصحابة على كَفِّ الأيدي ووقف القتال،ومحاولتِهم السيطرةَ على الحريق الكبير،إلا أنهم وجدوا أنفسهم يُدفَعون إلى الحرب دَفْعًا،حتى لم يجدوا من القتال والدّفاع عن الأنفس بُدًّا..
وكان من رأيهم جميعا في تلك الفتنة العمياء ألا يقاتِلوا حتى يُبْدَأُوا بقتال،يطلبون بذلك الحُجةَ على الآخرين،لا يقتلون مُدْبِرًا،ولا يُجْهِزُون على جريح،ولا يَسْتَحِلُّون سلبا،وكان ذلك مما اجتمع عليه الفريقان ونادَوْا به فيما بينهم.
وكان من الوقائع الكبرى للمعركةِ استبسالُ أهلِ البصرة حول جَمَلِ أمِّ المؤمنين عائشة،دفاعا عنها وحماية لها،حتى قُتل الجملُ فانْفَضُّوا،وانْكَشَفَ القتال عن هزيمة أهل البصرة. وتَرَكَ الزبيرُ الميدانَ وقُتل في طريق عودته،وقُتل طلحة بسهم طائش.
كانت أم المؤمنين راكبةً هَوْدَجَها تحاول وَقْفَ القتال،لكن السبئيّة ما كانوا لِيَفْتُرُوا عن إشعال نارٍ يحتمون بها،وحاول أيضًا أميرُ المؤمنين عليٌّ وقف القتال فما أفْلَحَ.
وثبتَ أهلُ البصرة حول الجمل،ودار القتال هناك مريرا،وتفانَى الناس محيطين بأم المؤمنين مدافعين عنها،ولم تُؤْذِن المعركة بانتهاءٍ إلا بعَقْرِ الجمل،وساعتَها انصرف أهلُ البصرة منهزمين.
ونادى عليّ بالأمان،وضرب أرْوع الأمثلة في سيرته مع مَنْ قاتل يومَ الجمل،فأكرم أُمَّهُ أمَّ جميعِ المؤمنين عائشةَ ـ رضي الله عنها ـ وعاقب من انْتَقَصَها،وتوجَّع على قتلى الجمل،وحزن حزنا شديدا عليهم،وحرّم على أتباعه سَبْيَ أهل الجمل أو أخْذَ أموالهم. وكذلك كسا الحزنُ أمَّ المؤمنين عائشة؛ فكانت تبكي حتى تبل خِمارَها،وندم كبار الصحابة على ما كان يوم الجمل ندمًا شديدا،وأَخَذَ عليّ البَيْعة من أهل البصرة،وأمَّر عليها ابنَ عباس،وانتقل إلى الكوفة واتخذها عاصمة،وهكذا انتهتْ هذه الموقعةُ بهذا الشر المستطير في يومٍ مُظْلِمٍ في تاريخ الأمة.
أشعل قَتَلَةُ عثمان القتالَ فذهب كَعْبُ بن سُور قاضي البصرة إلى أمِّ المؤمنين عائشة يخبرها بالأمر،لعلها تستطيع أنْ تُوقف القتال بما لها من حرمة وتأثير،فقال لها كعب مستغيثا: أدْرِكِي،فقد أَبَى القومُ إلا القتال،لعل اللهَ يُصلِحُ بِكِ. فركِبَتْ،فلما كانت وهي على الجمل بحيث تُسْمِعُ العامةَ ـ وقف رَكْبُهَا.. واقْتتل الناس،فقالت أم المؤمنين لكَعْب بن سُور: خَلِّ عن الجمل وتقدَّمْ بالمصحف(1/231)
فادْعُهُم إليه،وناوَلَتْهُ مصحفًا،فدخل بين الصفَّيْن يناشدهم الله ـ عز وجل ـ في دمائهم،وناوله الناس درعه فرمَى بها تحته،فرشقُوه بالسهام،فكان ـ رضي الله عنه ـ أولَ مقتول بين يدي عائشة..
وجَرَتْ محاولة أخرى لمنع القتال ووقْفِه من أمير المؤمنين عليّ،ولكن السبئية كانوا يُنْهُون كلَّ محاولةٍ بالفشل؛ كي تظل نار الحرب مشتعلة. ولم يكْتَفُوا بذلك بل تجرأوا على هَوْدَجِ أم المؤمنين عائشة ورمَوْه بالنبال،وأشعلوا القتال حول الجمل،فتحركت حميَّةُ جيشِ البصرة لحماية حرم رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فاحْتَدَمَ القتال حول الجمل.
كان أمير المؤمنين عليّ ينادى في الناس: "ألا كُفُّوا،ألا كُفُّوا،لا شيء"،ولا أحد يسمع له،حتى أخذ مصحفا وطاف بين أصحابه،وقال: مَنْ يأخذُ هذا المصحفَ،يدعوهم إلى ما فيه وهو مقتول؟ فقام إليه فتى من أهل الكوفة،فأعرض علي عنه،وكرر ذلك،فإذا هو نفسُ الفتى: مسلمُ بن عبد الله،فدفع إليه المصحف،وأرسله إليهم ليدعوهم إلى ما فيه،فرشَقوه بالسهام فقتلوه،فكان أول مَنْ قُتل بين يدي أمير المؤمنين.
وهكذا كان مراد الصحابة هو الصلح ونبذ الحربِ والشقاقِ،وكان قصد السَّبَئِيّة هو إنشاب القتال وإشاعة الفتنة بين المسلمين،ووَأْد كل محاولة لإخماد جذوتها،فانتصر الهدم والتخريب على البناء والإصلاح!
كانت أم المؤمنين في معركة الجمل محاطةً بجماعة من أهل الشجاعة والبصائر،فكان لا يأخذ أحدٌ بزمام الجمل إلا حمل الراية واللواء لا يريد تَرْكَها،وكان لا يأخذ بالزمام إلا رجل معروف عند المحيطين بالجمل فينتسب إليها: أنا فلان بن فلان.
واشتد سعير القتال حول الجمل،حتى بَدَا الموتُ كاشفا وجهَه للناس،وحمى الشجعانُ عائشة بقوة منقطعة النظير،وما قصد أحدٌ الجملَ من أصحاب عليٍّ إلا قُتِل،أو أفلت ثم لم يَعُدْ.
فكان يقاتل عن يسارها قبيلة الأزْدِ،وعن يمينها بكر بن وائل؛ فاقتتلوا أشدَّ من قتالهم قبل ذلك،وأقبلت كتيبة من بني ناجية كانت تقاتل بين يديْها فجالدوا جلادًا يَهرب منه الشجاع،ثم أطافت بها بنو ضبّة،حتى إذا كثر القتل فيهم خالطهم بنو عديّ،وكثروا حولها،فقالت أم المؤمنين: مازال رأس الجمل معتدلا حتى قُتِلت بنو ضبّة حولي،فأقاموا رأس الجمل.. حتى قُتِل منهم على الخِطَام أربعون رجلا.
ولما كَثُر القتل والجراحات في العسكريْن جميعا وظهر ذلك،قصدوا الجملَ حتى قتلوه،وانتهت المعركة بإحداث صدع نفسي هائل للمسلمين لا يمكن معه أن نقول: انتصر فلان وهُزم فلان،وإن كان التفوق الحربي قد جاء في صف علي بن أبي طالب؛ الذي أمر بدفن القتلى من الطرفين والصلاة عليهم،وأحسن معاملة إخوانِه من الطرف المنهزم؛ فحرَّمَ سَبْيَهم وأخْذَ أموالِهم.
إنه ابنُ عمَّة رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأحدُ مَنْ بكَّروا بالدخول في الإسلام،وشهدوا نمو الإسلام واتساع سلطانه منذ كان نبْتةً صغيرة إلى أنْ أصبح دولة قويةً لها السلطان والغلَبة. وكان للزبير نصيب(1/232)
وافر من الجهاد في سبيل الله حتى عَلَتْ راية الدين،وعدَّه النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ضِمْنَ العشرة الذين بشَّرهم بالجنة،بل منحه مقاما آخر حينما عدَّه حوارِيَّه،أيْ: صاحبه في الجنة..
وقد أعطى الزبير لدينه بعد النبي كما أعطاه والنبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ حيٌّ بين الناس،وجاءت الفتنة لِيُبتَلَى فيها الزبير،فقد رأى ـ كغيره من الصحابة ـ أن عثمان قُتل مظلوما،وأن القصاص من القتلة واجب ديني لا ينبغي التفريطُ فيه.. واختار أن يخرج لقتال هؤلاء المجرمين بنفسه،وكان يشعر بأن الأمر ملتبس لا يَبِينُ فيه الحقُّ جَلِيًّا،فكان يقول: "والله ما أخذ أصحاب محمد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ مُذْ بعث الله ـ عز وجل ـ نبيَّه طريقًا إلا عَلِمُوا أين مواقعُ أقدامِهم،حتى حدث هذا؛ فإنهم لا يَدْرون أمُقْبِلون هم أم مُدْبِرون"!!
وقد لعبت يدُ الفتنة دورا حتى وجد الزبيرُ نفسَه في جيشٍ يواجه ويقاتل جيشَ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب،دون أن يكون أحدهما قاصدًا ظلمَ أخيه...
ولكن حتى في هذه الفتنة الملتهبة لم يكن أصحاب رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يَدَعُون الاعترافَ بالحق والوقوفَ عنده؛ فهذا عليّ بن أبي طالب يأتي إلى الزبير ابن عمته يذكِّره ـ والقتالُ مشتعلٌ ـ بموقفٍ لهما بين يَدَيْ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يقول له: يا زبيرُ،أَنْشُدُكَ اللهَ،أسمعتَ رسولَ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يقول: "إنك تقاتلني وأنت ظالم"؟ قال: نعم،لم أذكرْه إلا في موقفي هذا،ثم انصرف،وتَرَكَ ساحةَ القتال.
وراح الزبيرُ على دابّته مسرعا يشق الصفوف إلى أمِّ المؤمنين عائشة،فقال لها: ما كنتُ في موطن منذ عقلْتُ إلا وأنا أعرِفُ فيه أمري،غيرَ موطني هذا،قالت: ما تريد أنْ تصنع؟ قال: أريد أنْ أدَعَهم وأذهبَ.
وترك ميدان القتال،ومضى،فاتبعه عمرو بن جُرموز،وكان في عسكر للأحنف بن قيس،وحضرت الصلاةُ،فلما سجد الزبير مُسَبِّحًا ربَّه الأعلى،طعنه ابنُ جُرموز،فقتله،وأخذ فرسَه وسلاحَه وخاتمَه،ودفنه بوادي السباع.
وعاد القاتلُ يَستأذن للدخول على أمير المؤمنين عليّ،فقال عليّ: ائذنْ له وبشِّرْه بالنار! وأُحضِرَ سيفُ الزبير عند عليّ،فأخذه،فنظر إليه،وقال: طالما جَلى به الكربَ عن وجه رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - . ثم بعث به إلى عائشة.
وكان استشهادُ الزبير في سنة ست وثلاثينمن الهجرة،وكان عمرُه حينَها سبعًا وستين سنة،وقيل: أكثر.
ذاك رجلٌ آخرُ من الأصفياء الذين سالتْ دماؤُهم الزكيّة في ساحات الفتنة،وهو ممن عملوا للدين منذ دُعِيَ إليه في أيام الإسلام الأولى بمكةَ،وشارك في مواقع الجهاد وساحاته حتى بشره رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بالجنة..(1/233)
وقد خرج طلحةُ والزبيرُ ومعهما أمُّ المؤمنين عائشةُ لِقَتْلِ مَنْ قَتَلَ أميرَ المؤمنين عثمانَ،لكنهم وجدوا أنفسَهم في مواجهة أمير المؤمنين عليٍّ بدلا من القَتَلَةِ ومثيري الفتنة،ورأى طلحةُ أمامَه ساحةً تَمُوجُ بالفتن،لا يُعرف فيها الحق من الباطل،فلما دعاه عليّ وذكَّره بأعمالِه وسوابِقِه رَجع عن القتال،واعتزل في بعض الصفوف،فأتاه سهمٌ لا يُعرَف رامِيه،فأصاب رُكبتَه،وسالَ منه الدمُ غزيرًا،فلما رآه القعقاعُ بن عمرو قال له: "يا أبا محمد،إنك لجريح،وإنك عما تريد لَعَلِيلٌ،فادْخل البيوتَ" فدخل ودمُه يسيل وهو يقول: "اللهمَّ خُذْ لعثمان مِنِّي حتى يرضَى"؛ فلما امتلأ خُفُّه دَمًا وثَقُلَ،قال لغلامه ارْدُفْني وأمْسِكْني وأبْلِغْنِي مكانا أنزل فيه. ومر به رجل من أصحاب عليٍّ،فقال له طلحةُ: أنت من أصحاب أمير المؤمنين؟ قال: نعم،قال: امْدُدْ يَدَكَ أبايِعْك له،فبايَعه مخافةَ أن يموت وليست في عُنُقِهِ بَيْعةٌ.
وحمله غلامُه حتى انتهى به إلى دار خَرِبَةٍ من دُور البصرة،وقال طلحة: "لم أرَ كاليوم شيخا أضْيَعَ دمًا مِنِّي"،وكان إذا أمسكوه فَتَرَ الدَّمُ،وإذا تركُوه انْفَجَرَ،فقال لهم: اتركوه،فإنما هو سهم أرسله الله". فمات في تلك الخَرِبَةِ ـ رضي الله عنه ـ ودُفِنَ في بني سعد،وصُلِّيَ عليه.
أمر عليّ يوم الجمل بعدم الإجْهاز على جرحى أهل البصرة،وعدمِ تتبُّع الفارِّين،لكن قوما معه خالفوا أمره،فدَفع الديات لأولياء القتلى من بيت المال،وجمع في أرض المعركة ما يخص المنهزمين من الأمْتِعَةِ والأموال،ثم بعث به إلى مسجد البصرة،وقال: مَنْ عَرَف شيئا فليأخذْه،إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سِمَةُ السلطان.
ولم يتعرض ـ رضي الله عنه ـ لما في دُور البصرة من المتاع والأموال بعد وقعة الجمل،بل تركها إلى أصحابها،إلا ما كان من خراج بيت مال المسلمين،فإنه أخذه ليضمَّه إلى أموال الدولة.
لكنَّ أمْرَ الجند لم يمكنْ ضبطُه بدقة؛ إذْ تصرف بعضهم بخلاف ما أُمر به الإمام؛ ولذلك كان عليّ ـ رضي الله عنه ـ يدعو البُغَاة بعد القدرة عليهم إلى استرداد ما يجدونه من أموالهم في يد أحد من جنده،وقد وجد رجل من أهل الجمل قِدْرًا له في يَدِ رجُل من أصحاب عليّ كان قد أخذها من بيت ذلك الرجل ليطبخ فيها،فاستردّها.
وكان أمير المؤمنين ـ رضي الله عنه ـ لا يُحِل قتلَ أحدٍ من أسْرى مخالفيه من المسلمين ولا استرقاقَه،ولا يُحل سَبْيَ ذَرارِيهم.
وقد طعن عليه مثيرو الفتنة عقب موقعة الجمل،فقالوا: كيف يُحل دماءَهم ولا يُحل أموالَهم؟ فبلغ ذلك عليّا،فقال: "أيُّكم يحب أن تصيرَ أمُّ المؤمنين في سهْمِه (أي من سباياه)؟!!"،فسكت القوم. ولما دخل البصرة فرَّقَ في أصحابه أموالَ بيت المال.
بعد أن انتهت معركة الجمل أَدْخَلَ أميرُ المؤمنين عليٌّ أُمَّ المؤمنين عائشةَ ـ رضي الله عنها ـ في أعظم دار في البصرة،وأكرم نُزُلَهَا،وعاقب من انْتَقَصها. ولما أرادت الرحيل جهّزها بكل ما تحتاجه من مركب وزاد ومتاع،وأخرج معها كل مَنْ نجا ممن خرج معها،إلا مَنْ أحب المُقام،وأمر لها باثْنَيْ عشرَ(1/234)
ألفًا من المال،واختار لمرافقتها أربعين امرأة من كريمات نساء أهل البصرة المعروفات،وقال لأخيها: تَجَهَّزْ يا محمدُ،فبلِّغْها.
فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه،جاءها حتى وقف لها،وحضر الناس،فخرجت على الناس في حجابها فودّعوها وودّعتهم،وقالت: والله ما كان بيني وبين عليّ في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها (أي: أقارب زوجها)،وإنه عندي ـ على معتبتي ( أي مع عتابي له ) من الأخيار.
وقال علي: يا أيها الناس،صدقَتْ والله وبَرّتْ،ما كان بيني وبينها إلا ذلك،وإنها لزوجةُ نبيِّكم ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في الدنيا والآخرة.
وخرجت يوم السبت غرة رجب سنة ست وثلاثين،وشيّعها عليّ،وأخرج أبناءه معها يوما. فانصرفت إلى مكة وأقامت بها إلى الحج،ثم رجعت إلى المدينة،وكان عُمرها ـ رضي الله عنها ـ وقتئذٍ خمسًا وأربعين سنة.
لما فرغ علي من أمر الجمل بايعه الأحنفُ بن قيس في بني سعد ـ وكانوا قد اعتزلوا القتال وخرجوا من البصرة،ثم عادوا ودخلوها جميعا.
وبعث عليّ إلى الناس أن اخرجوا للبيعة،فبايعه أهل البصرة حتى الجرحى والمستأمنةُ،كما بايعه مروانُ،الذي خرج إلى المدينة ولم يتركها حتى فُرِغ من صِفِّين. وكان عليّ قد بايع أهل البصرة على راياتهم. ولما فرغ من بيعتهم نظر في بيت المال،فقسم ما فيه على مَنْ شهد معه الوقعة،وكتب إلى عُماله على الأمصار بما حدث في وقعة الجمل،وأمّر عبد الله بن عباس على البصرة.
بعدما انتهت معركة الجمل ودخل عليّ البصرة،وأخذ البيعة من أهلها،وشيّع أم المؤمنين عائشة إلى مكة ـ سار من البصرة إلى الكوفة،فدخلَها يوم الإثنين لثنتي عشرة ليلةً خَلَتْ من رجب سنة ست وثلاثين من الهجرة،واتخذها مقرًا له،فقيل له: انزلْ بالقصر الأبيض،فقال: لا،إن عمر بن الخطاب كان يكره نزولَه،فأنا أكرهه لذلك..!!
فنزل في موضع آخر،وصلى في الجامع الأعظم ركعتين،ثم خطب الناسَ فحضَّهم على الخير،ونهاهم عن الشر،وامتدح أهلَ الكوفة.
ولما جاءت عليه أولُ جمعة خطب فيهم وذكَّرهم بالآخرة،ثم بعث إلى جرير بن عبد الله،وكان على هَمَذان من زمان عثمان،وإلى الأشعث بن قيس،وهو على نيابة أذْرَبِيجَان من زمان عثمان ـ بعث إليهما أنْ يأخذا البَيْعةَ ممن هناك من الرّعايا،ثم يُقْبلا إليه،ففعلا ذلك.
وأرسل أميرُ المؤمنين جريرَ بن عبد الله إلى معاوية بدمشق،يدعوه إلى طاعته،فجمع معاوية رؤساءَ الصحابة عنده وقادةَ الجيوش وأعيانَ أهل الشام،واستشارهم فيما يطلب عليّ،فقالوا: لا نبايعُه حتى يَقتل قَتَلَةَ عثمان،أو يسلّمهم إلينا.(1/235)
ورجع جرير إلى الكوفة،وأخبر أميرَ المؤمنين بما قالوا،فخرج عليٌّ من الكوفة عازما على الدخول إلى الشام،فعسكر بالنخيلة،وقدم عليه عبدُ الله بن عباس بمن نَهَضَ معه من أهل البصرة،واستخلف على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر البدري الأنصاري.
*********************
12 – معركة صفين وأسبابها
لما فرغ علي من وقعة الجمل انتقل إلى الكوفة ليتخذَها عاصمةً لخلافته،وأرسل جريرَ بن عبد الله إلى معاوية يدعوه إلى الطاعة،وقد دخلت جميع الأقطار في بيعته عدا الشام،فامتنع معاوية عن البيعة،واشترط قَتْلَ مَنْ قتلوا عثمان أولا،أو تسليمَهم لإقامة الحَدِّ عليهم.
وقد كانت أفاعيلُ هؤلاء القَتَلة تثير الحرب وتبعثها من تحت الرماد.
ولم يبايعْ أهلُ الشام كذلك،وقاموا بنُصْرة معاوية مطالبين بالثأر من قَتَلَةِ عثمان،أو تسليمِهم لإقامة الحدّ عليهم.
ودارت الرسل بين الطرفين،ومعاوية وأهلُ الشام مُصرُّون على القصاص من قَتَلَةِ عثمان قبل البيْعة،فأخذ عليّ يجهز للخروج إليهم،ويحض أهل الكوفة على الاستعداد،فخرج معه كثيرون،وإن كان قُرَّاءُ القرآن من تلاميذ ابن مسعود أبَوْا الخروجَ وسجلوا صورة مضيئة للمؤمن وسط هذه الفتن المظلمة. وفي أثناء ذلك سبَّ بعضُ الناس أهل الشام،فنهاهم عليّ عن ذلك،وأمرهم أن يقولوا: اللهم احقنْ دماءَنا ودماءَهم،وأصلِحْ ذات بيننا وبينهم.
وسار عليّ إلى صِفِّين،ولما علم معاوية بمسيره أسرع إلى هناك،وأقام الفريقان عدةَ أيامٍ يلتقون على الماء،ويسعى بعضُهم إلى بعض دون قتال،ولكنه الجدال والمناقشة.
ولم تُنْتِج المكاتباتُ والرسل نتيجةً،فلم يكن بُدٌّ من القتال،وأخذ علي يُعِدّ جيشه ويُوصِي جنودَه،وكذلك استعد معاوية،وبدأ القتال بين الفريقين،بعدما اجتهد كلاهما ليُصيبَ الحقَّ. وكأنما كان قتالا على اسْتحياءٍ من الطرفين؛ فتتقدم فرقة من هذا الجيش إلى فرقة من الجيش الآخر وتقع مناوشات صغيرة.. واستمر ذلك شهر ذي الحجة،ودخل شهر المحرم فتوقف القتال،وكانت الهُدْنَةُ لعل اللهَ يصلح بينهما على أمر يكون فيه حقنُ دماء المسلمين.
وكثرت السفراء بين الفريقين،وسَعى أبو الدرداء وأبو أُمامة للصلح بينهما،كما قام جماعةٌ من القُرَّاء بمحاولاتٍ للصلح بين الطرفين،ولكن دون جدوى،فاصْطَفُّوا للحرب في شهر صفر،واسْتُؤْنِفَ القتال،ولم يَغْلِبْ أحدٌ أحدًا،وظلوا أياما في حرب بلا حسم،فرأى الطرفان أنه لابد من مواجهة شاملة بين الجيشين لحسم المعركة.
ودارت رَحَى الحرب بينهم،فتقاتل الفُرْسان،وتبارز الشجعان،وقُتل خلق كثير من الأعيان من الفريقين،مثل: عبيد الله بن عمر وذي الكَلاع من الشاميين،وعمار بن ياسر وهاشم بن عتبة من(1/236)
أصحاب عليّ،وطارت أَكُفٌّ ومَعَاصِمُ ورءوسٌ عن أجسادها،فظهرت لذلك بوادر الصلح بين الفريقين قبل رفع المصاحف على أسِنَّةِ الرماح.
لكن الحرب عادت لتشتدَّ في يوم الخميس تاسع صفر،ولم يصدَّهم عن القتال إقبالُ الليل،فما صلَّى الناسُ المغربَ والعشاءَ إلا بالإشارة،واستمر القتالُ هذه الليلةَ كلَّها،وهي من أعظم الليالي شرّا بين المسلمين،وتُسمى "ليلة الهرير"،تكسرت فيها الرماح،ونَفِدت النِّبال،وصار الناسُ إلى السيوف،واستمر القتال إلى ضُحى الجمعة،وكلا الفريقين صابر للآخر،والناس يكاد يُفني بعضُهم بعضًا،فأشار عمرو على معاوية برفْع المصاحف على أسِنَّةِ الرماح،ونادى المنادِي: هذا كتاب الله ـ عز وجل ـ بيننا وبينكم،مَنْ لِثُغُور أهل الشام بعد أهل الشام؟! ومَنْ لِثُغُور أهل العراق بعد أهل العراق؟!
فاستجاب علي ـ رضي الله عنه ـ لنداء الصلح،وأوقف القتال،ولجأ الفريقان إلى التحكيم وضرب عليٌّ أروعَ الأمثلة في سيرته مع مَنْ قاتَلَه يوم صِفِّين.
واعترض مثيرو الفتن على الصلح،لكن رغبةَ أكثر أهل الشام وأهل العراق كانت المصالحة والمسالمة مدة،لعل اللهَ يُحْدِثُ فيها اتفاقا بين المسلمين،وكتب بينهما كتاب القضية. وقد شارك هذا الأمر في تقوية وضع معاوية بن أبي سفيان بصورة أكبر،حتى تمت له السيطرة على مصر.
وهكذا انتهت هذه الفاجعةُ الكبرى،التي راح ضحيتَها آلافٌ من النفوس الطاهرة.
دفع بعضُ الثوار من قتلة عثمان ـ رضي الله عنه ـ بالأمور إلى حافة الهاوية،وأجَّجُوا الفتنة،وأكّدوا في حِسّ معاوية وأهل الشام مسئوليتَهم عن قتل عثمان. وكان معاوية قد أرسل إلى ابنِ خاله محمدِ بنِ أبي حُذيفة عاملِ عليٍّ على مصر،يطلب منه أن يَدفع إليه رجلين شارَكَا في قَتل عثمان،فأرسل إليه ابنُ أبي حذيفة يقول: "لو طلَبْتَ مِنّا جَدْيًا رطْبَ السّرّة بعثمانَ ما دفعناه إليك"!
وكان أحدهم يرتجز يوم صِفِّين،مفتخرا بقتل أمير المؤمنين الشهيد عثمان بن عفان!
وقد بلغ من سيطرة هؤلاء السفهاء على مجريات الأمور بالكوفة أن الناس كانوا إذا سمعوا أحدا يذكر عثمان بخير ضربوه،فزجرهم عليّ لما علم بذلك ونهاهم عنه.
فهل كان في وسع معاوية عندما يسمع صوت البَغْي هذا أن يصم أذنيه؟ هل كان يُقْبَلُ منه أنْ يتجاهل كل ذلك؟!
إنها اليد المؤمنة التي أمسكت بالمصحف وتأْبَى أن تمتد إلى مسلم بسوء،فقد علمهم القرآن أن يكونوا رحماءَ بالمؤمنين،بل أذلةً بين أيديهم،وأن يكونوا أعزةً على من يحارب الحق ويمنع عن الناس ضياءه..
هؤلاء هم قُرَّاءُ القرآن الذين حضّهم علي بن أبي طالب مع أهل الكوفة؛ ليخرجوا معه لقتال أهل الشام،فأجابه جُلّ الناس إلى المسير،إلا أصحاب عبد الله بن مسعود في نحو أربعمائة رجل من القراء.
فقالوا: "يا أمير المؤمنين،قد شكَكْنا في هذا القتال مع معرفتنا فضلَك،ولا غنى بك ولا بالمسلمين عمن يقاتل المشركين،فولِّنا بعضَ هذه الثغور لنقاتل عن أهله".(1/237)
فولاهم ثغرَ قزوين والريّ،وولّى عليهم الربيع بن خُثَيم،وعقد له لواء،وكان أول لواء عقد بالكوفة.
لم يقف الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ موقفَ الصمت إزاءَ ما يحدث بين المسلمين من شقاق ونزاع؛ فقد خرج أبو هريرة وأبو الدرداء لمنع القتال بين المسلمين يوم صفين،وقيل: بل خرج أبو الدرداء وأبو أمامة فدخلا على معاوية،فقالا له: يا معاوية،عَلامَ تقاتل هذا الرجلَ؟ فواللهِ إنه أقدم منك ومن أبيك إسلاما،وأقرب منك إلى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأحقّ بهذا الأمر منك.
فقال: أقاتله على دَمِ عثمان، وأنه آوَى قَتَلَتَه،فاذهبا إليه فقولا له: فلْيُقِدْنَا من قَتَلَةِ عثمان،ثم أنا أولُ مَنْ يبايعه من أهل الشام.
فذهبا إلى عليّ،فقالا له ذلك،فقال: هؤلاءِ الذِينَ تَرَيَانِ، فخرج خلقٌ كثيرٌ فقالوا: كلُّنا قَتَلَةُ عثمان! قال: فرجع أبو الدرداء وأبو أمامة؛ فلم يشهدا لهم حربا.
ومن محاولات الصلح بين الفريقين أيضا أن قراء أهل العراق وقراء أهل الشام من أهل القرآن عسكروا ناحيةً، وكانوا قريبا من ثلاثين ألفا، فجاء جماعة من قراء العراق ـ منهم عَبيدة السلماني وعلقمة بن قيس وعامر بن عبد قيس وعبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم ـ جاءوا للسعي في الصلح بين الفريقين،لكن الخلاف حول أولوية قَتْل قاتِلي عثمان ـ رضي الله عنه ـ حالَ دون نجاح هذه الجهود المخلصة.
وكان القراءُ يَحجزون بين الفريقين إذا زحف بعضهم إلى بعض،فلا يكون قتال،حتى اشتعلت الحرب بعدما فشلت محاولات الإصلاح.
وبات عليّ ليلتَه كلَّها يعبّئ الناسَ،ويكتّب الكتائبَ،ويدور في الناس يحرضهم ويوصيهم،وبرز معاوية صبح تلك الليلة،يجهز جيشه ويحرضهم،وبايع رجال من أهل الشام على الموت، وكانوا يخرجون ويصفون عشرة صفوف، ويخرج أهل العراق أحد عشر صفا،فتواقفوا على هذه الصفة أولَ يوم من صفر،واقتتلوا فكان أول يوم من أيام القتال في صفين بعد الهدنة.
لما عزم أهل الشام على نُصرة معاوية والقيام معه بطلب الثأر لعثمان،أقبل أبو مسلم الخولاني حتى قدم على معاوية،فدخل في أُناس من العباد،فقال له: يا معاوية،قد بلَغَنا أنك تهمّ بمحاربة علي،فكيف تناوئه وليست لك سابقته؟
فقال لهم معاوية: لست أدّعي أني مثله في الفضل،ولكن هل تعلمون أن عثمان قُتل مظلوما؟ قالوا: بلى.
قال: فلْيَدْفَعْ إلينا قَتَلَتَه،حتى نسلم إليه هذا الأمر.
قال أبو مسلم: فاكتبْ إليه بذلك حتى أنطلق أنا بكتابك،فكتب إليه بذلك.
فسار أبو مسلم بكتابه حتى ورد الكوفة،ودخل على أمير المؤمنين فناوله الكتاب،فقرأه. وقال أبو مسلم: يا أبا الحسن،إنك قد قُمْتَ بأمر وَوَلِيتَه،والله ما نحب أنه لغيرك إنْ أعطيتَ الحقَّ من نفسك؛(1/238)
إن عثمان قُتِل مظلوما،فادْفَعْ إلينا قَتَلَتَه،وأنت أميرُنا،فإنْ خالفك أحدٌ من الناس كانت أيدينا لك ناصرةً،وألسنتُنا لك شاهدةً،وكنتَ ذا عذر وحُجة.
فقال له علي: اغْدُ عَلَيَّ بالغداة،وأَمَرَ به فأُنْزِلَ وأُكْرِمَ،فلما كان من الغد،دخل إلى عليّ وهو في المسجد،فإذا هو بزُهاء عشرة آلاف رجل قد لبسوا السلاح وهم ينادون: كلُّنا قَتَلَةُ عثمان.
فقال أبو مسلم لعلي: إني لأرى قوما ما لك معهم أمرٌ،وأحسب أنه بلغهم الذي قَدِمْتُ له ففعلوا ذلك خوفا من أن تدفعَهم إليَّ. ورجع أبو مسلم بذلك إلى معاوية بعد أن كتب له أمير المؤمنين كتابا يدعو معاوية إلى الطاعة ويحذِّرُه من الشقاق.
في يوم الأربعاء أول يوم من صفر كان بدء القتال بين الفريقين، إذْ خرج يومئذ على أهل الكوفة الأشْتَرُ،وعلى أهل الشام حبيب بن مسلمة،فاقتتلوا قتالا شديدا جُلَّ النهار،ثم تراجعوا من آخر يومهم وقد انْتَصَف بعضهم من بعضٍ وتكافأوا في القتال.
ثم أصبحوا من الغد؛ يوم الخميس، وأمير حربِ أهل العراق هاشم بن عتبة في خيل ورجالٍ حسنٍ عددُها وعُدّتُها،وخرج إليه أبو الأعور السلمي، فاقْتتلوا يومَهم ذلك، تحمل الخيل على الخيل،والرجال على الرجال،ثم انصرفوا وقد تساوت الكِفتان.
وخرج في اليوم الثالث ـ يوم الجمعة ـ عمار بن ياسر من ناحية أهل العراق وخرج إليه عمرو بن العاص في الشاميين،فاقتتل الناس كأشد القتال، وحمل عمار على عمرو بن العاص، فأزاله عن موقفه،وبارز زيادُ بن النضر الحارثي ـ وكان على الخيالة مع عمار ـ رجلاً، فلما تواقفا تعارفا؛ فإذا هما أخوان من أم، فانْصرف كل واحد منهما إلى قومه وترك صاحبه، وتراجع الناس من العشيّ،وقد صبر كل فريق للآخر.
وخرج في اليوم الرابع ـ وهو يوم السبت ـ خرج محمد بن الحنفية،ومعه جمع عظيم، فخرج إليه في كثير من جهة الشاميين عبيدُ الله بن عمر، فاقتتل الناس قتالا شديدا،وتحاجَزَ الناس يومهم ذلك وتراجعوا.
فلما كان اليوم الخامس ـ وهو يوم الأحد ـ خرج عبد الله بن عباس في العراقيين،وخرج إليه جيش الشاميين،ولم يُحسَم أمر الحرب أيضا.
وفي اليوم السادس ـ وهو يوم الإثنين ـ خرج على الناس من جهة العراقيين قيسُ بن سعد الأنصاري، وابنُ ذي الكَلاع الحِمْيَرِيّ من جهة الشاميين؛ فاقتتلوا قتالا شديدا وتصابروا ثم انصرفوا.
ثم خرج الأشْتَرُ النَّخَعِيّ في اليوم السابع ـ وهو يوم الثلاثاء ـ وعاد إليه قِرنه حبيب بن مسلمة،فاقتتلوا قتالا شديدا أيضا، ثم انصرفوا عند الظهر،ولم يَغْلِبْ أحدٌ أحدا في هذه الأيام كلها،فرأى الطرفان أنه لابدَّ من حملةٍ عامَّةٍ لحسم الموقف.(1/239)
بدأ القتال في صفين منذ أول يوم من صفر،واستمر حتى اليوم السابع من الشهر،دون أن يغلب أحد أحدا،فرأى علي أن يقاتل بجميع الجيش ويحمل عليهم حملة عامة،فقام في الناس فخطب فيهم بذلك،فوثبوا إلى سيوفهم ورماحهم ونبالهم يصلحونها،ولما كان من الليل خرج علي فعبّأ الناسَ ليلتَه كلَّها،حتى إذا أصبح زحف بالناس، وخرج إليه معاوية في أهل الشام، وسأل علي عن القبائل من أهل الشام، فعرف مواقفَهم،فقال للأزْد: اكْفُونا الأزْدَ،وقال لخثعم: اكفونا خثعمًا، وأمر كل قبيلة أن تَكفيَه أختَها من الشام، إلا أن تكون قبيلة ليس منها بالشام أحد،فيَصرفها إلى قبيلة أخرى من الشام ليس بالعراق منهم أحد.
وتناهض الناس يومَ الأربعاء فاقتتلوا قتالا شديدا نهارَهم كلَّه،ثم انْصرفوا عند المساء لا يغلب أحدٌ أحدًا،ولا يفر أحد من أحد،وأصبحوا من الغد،فصلَّى بهم عليٌّ الفجرَ،وباكَرَ القتالَ،ثم بدأ أهلُ الشام الخروجَ،فلما رأوه قد أقبل إليهم خرج إليه كبراؤهم،وعلى ميمنته عبد الله بن بديل،وعلى الميْسرة عبد الله بن عباس، والناس على راياتهم ومراكزهم،وعليٌّ في القلْبِ، ثم زحف إليهم بالناس،وأقبل معاوية وقد بايعه أهلُ الشام على الموت،فتواقف الناس في موطن مَهُولٍ وأمرٍ عظيم،وحمل عبد الله بن بديل أميرُ الميمنة على حبيب بن مسلمة أمير ميسرة الشام، فاضطره إلى التراجع حتى ألْجأه إلى القلب وفيه معاوية.
وأمر معاويةُ الشجعانَ أن يعاونوا ابن مسلمة على العودة،وبعث إليه يأمره بالحملة والكَرّة على ابن بديل، فحمل حبيب بمن معه من الشجعان على ميمنة أهل العراق، فأزالُوهم عن أماكنهم،وانكشفوا عن أميرهم، حتى لم يَبْقَ معه إلا زهاء ثلثمائة..
وأمر عليٌّ سهل بن حنيف، فقدم فيمن كان معه من أهل المدينة، فاستقبلتهم جموعٌ لأهل الشام عظيمةٌ، فاحتملتْهم حتى ألجأتهم الهزيمة إلى عليٍّ، فانصرف يتمشى نحو الميسرة، فانْكشفت عنه مُضَرُ من الميسرة،وثبتت ربيعة معه، فأمر الأشْتَرَ أن يَلحق بالمنهزمين فيردَّهم،فسار فأسرع حتى استقبل المنهزمين من العراق، فجعل يؤنّبهم ويوبّخهم،ويحرض القبائل والشجعان منهم على الكَرَّة، فجعل طائفة تتابعه وآخرون يستمرون في هزيمتهم، فلم يزل ذلك دأبَه حتى اجتمع عليه خلقٌ عظيم من الناس،فجعل لا يَلقى قبيلة إلا كشفها، ولا طائفة إلا ردّها،حتى انتهى إلى أمير الميمنة، وهو عبد الله بن بديل،ومعه نحو ثلثمائة قد ثبتوا في مكانهم، فسألوا عن أمير المؤمنين، فقالوا: حي صالح،فالتفوا حوله،فتقدم بهم حتى تراجع كثير من الناس،وذلك ما بين صلاة العصر إلى المغرب.
وتقدم ابنُ بديل إلى أهل الشام وحمل نحو معاوية،فلما انتهى إليه وجده واقفا أمام أصحابه وفي يده سيفان، وحوله كتائبُ أمثالُ الجبال، فلما اقترب ابن بديل تقدم إليه جماعةٌ منهم فقتلوه، وفر أصحابُه منهزمين؛ وأكثرهم جريح ..(1/240)
ثم إن عليا لما رأى الميمنة قد اجتمعت نزل إلى الناس، فعاتب بعضهم وعذر بعضهم،وحرض الناس وثبتهم، ثم تراجع أهلُ العراق فاجْتمع شملُهم،ودارت رَحى الحرب بينهم، وجالُوا في الشاميين وصالوا، وتبارز الشجعان فقتل خلق كثير من الأعيان من الفريقين،مثل عبيد الله بن عمر وذي الكَلاع من الشاميين،وعمار بن ياسر وهاشم بن عتبة من العراقيين، فخرج عليٌّ في اثني عشر ألفا،وتقدمهم على بغلته،فحمل وحملوا معه حملةَ رجلٍ واحدٍ، فلم يَبْقَ لأهل الشام صف إلا انتقض،وقتلوا كل مَن انْتهَوْا إليه، حتى بلغوا معاوية..
ثم قَدَّم عليٌّ ابنَه محمدًا في عصابة كثيرة من الناس،فقاتلوا قتالا شديدا،ثم تَبِعه عليٌّ في عصابة أخرى، فحمل بهم،فقُتل في هذا الموطن خلقٌ كثيرٌ من الفريقين لا يعلمُهم إلا الله،وطارتْ أكُفٌّ ومعاصِمُ ورءوس عن كواهلها ـ رحِمَهم الله تعالى وغَفَرَ لهم.
وكان هذا الحال المؤلم أهم دافع إلى وقف القتال والبحث عن الصلح،حقنا لدماء المسلمين الكثيرة التي سالت في هذه المعركة المشئومة.
ذاق عمار طعم الإيمان مبكرا،حينما أسلم في أيام الإسلام الأولى في مكة،وتحمل أذى السادة من قريش.. وقد كانت أبرز سمات عمار أنه يعمل بالحق متحمسا له بقوة وبسالة،مستعدا بالتضحية من أجله بكل ما يملِك..
كان عمار في معركة صفين يقاتل في جيش عليٍّ،وهو على يقين من أنه على الحق،فكان يقول والحربة في يده: "والذي نفسي بيده،لقد قاتلْت بهذه الراية مع رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ثلاث مرات وهذه الرابعة، والذي نفسي بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات (ورق الأغصان) هَجَر لعرفتُ أن مصلحينا على الحق، وأنهم على الضلالة".
وسئل عمار عن قتاله مع عليٍّ؛ رأيًا رأيتُموه؟ فإن الرأي يصيب ويخطئ، أو عهدا عهده إليكم رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ شيئا لم يعهدْه إلى الناس كافة".
وأُتي عمار في المعركة بشربة لبن فضحك،وقال: "إن رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قال لي: آخر شرابٍ أشربُه لبنٌ حين أموت"،وقال لي: "تقتلُك الفئةُ الباغيةُ". وحمل عليهم وقاتلهم قتالا شديدا،وجاء إلى هاشم بن عتبة، وهو صاحب راية عليٍّ،فقال: يا هاشم تقدمْ،الجنةُ تحت ظلال السيوف، والموت في أطراف الأسِنَّة، وقد فتحت أبواب الجنة،وتزيَّنت الحورُ العِينُ:
اليومَ ألْقى الأحبه محمدا وحِزْبَه
ثم حملا هو وهاشم فقُتلا ـ رحمهما الله تعالى ـ وذاع خبرُ مقتل عمار في أهل الشام،وكان له وقْعٌ وأثرٌ مثبِّط لجُنْدِ معاوية،استطاع أن يتغلب عليه بحنكته السياسية.
امتد القتال العنيف والشامل في صفين إلى ضحى الجمعة،فلما رأى عمرو بن العاص أن أمر أهل العراق قد اشتد،خاف على القوم الهلاك؛ فإن كلا الفريقين صابر للآخر،والناس يتفانَوْن، فقال(1/241)
لمعاوية: ندعوهم لكتاب الله أن يكون حَكَمًا بيننا وبينهم. فأمر معاوية برفع المصاحف على أسِنَّة الرماح،ونادى المنادي: هذا كتاب الله عز وجل بيننا وبينكم،مَنْ لِثُغور أهل الشام بعد أهل الشام! مَنْ لِثُغور أهل العراق بعد أهل العراق!! فلما رأى الناس المصاحف قد رُفعت قالوا: نجيب إلى كتاب الله عز وجل وننيب (أي نرجع) إليه.
وكان ممن دعا إلى ذلك ساداتٌ من الشاميين،فقام عبد الله بن عمرو بن العاص في أهل العراق،فدعاهم إلى الموادعة والكفِّ وترك القتال والائتمارِ بما في القرآن،وذلك عن أمر معاوية له.
وأرسل رجل إلى عليٍّ بذلك، فقال عليٌّ: "نعم،أنا أوْلى بذلك،بيننا وبينكم كتابُ الله". فجاءه السبئيَّة يعترضون على الصلح ويريدون القتال؛ ولكنه أرسل الأشعث بن قيس إلى معاوية ليتحرَّى الأمرَ، فأتاه فقال: يا معاوية،لأيِّ شيءٍ رفعتم هذه المصاحف؟ قال: لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله ـ عز وجل ـ به في كتابه، تبعثون منكم رجلا ترضونه، ونبعث منا رجلا، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يَعْدُوانه،ثم نتبع ما اتفقا عليه، فقال له الأشعث بن قيس: هذا الحق، فانْصرفَ إلى عليّ، فأخبره بالذي قال معاوية؛ فقال الناس: فإنَّا قد رضينا وقبِلْنا، فقال أهل الشام: فإنا قد اخترنا عمرو بن العاص. واختار أهل العراق أبا موسى الأشعري..
فتفرق أهل صِفّين حين حُكِّمَ الحَكَمَان، وكُتب في ذلك كتاب، واشترطا أن يرفعا ما رفع القرآن، ويخفضا ما خفضَ القرآنُ، وأن يختارا لأمة محمد ـ - صلى الله عليه وسلم - ،وأنهما يجتمعان بدُومة الجندل، فإن لم يجتمعا لذلك اجتمعا من العام المقبل بأذْرُح، وكان ذلك لثلاث عشرة ليلةً خلَتْ من صفر سنة سبع وثلاثين من الهجرة.
وخرج الأشعث بن قيس بذلك الكتاب، يقرؤه ويعرضه على الطائفتين،ثم شرع الناس في دفْن قتلاهم وإطلاق الأسرى.
لما حل شهر رمضان سنة سبع وثلاثين أرسل عليٌّ أبا موسى الأشعري حَكَما عنه في أربعمائة رجل،عليهم شريح بن هانئ الحارثي،ومعهم عبد الله بن عباس يصلِّي بهم ويَلي أمورهم،وبعث معاوية عمرَو بن العاص في أربعمائة فارس من أهل الشام وعليهم شُرَحْبِيلُ ابن السّمط،فتوافَوْا بدُومَة الجَنْدَل بأذْرُح،وهي نصف المسافة بين الكوفة والشام،وشهد معهم جماعة من رءوس الناس: كعبد الله بن عمر،وعبد الله بن الزبير،والمغيرة بن شعبة،وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
فلما اجتمع الحَكَمان تراوَضَا على تحقيق ما فيه مصلحة للمسلمين،ونظرا في تقدير أمور،وأخذا يتباحثان.. وقد قرر الحكَمان ومن معهما من كرام الناس عزلَ معاوية عن منصبه في الشام،وأن يُوكَل أمر النظر في إمامة المسلمين إلى كبار الصحابة وأعيانهم،مع استمرار سلطان عليٍّ على ما تحت يده،ويبقى معاوية متصرفا فيما تحت يده حتى يتم نظرُ الصحابة،ولكن لم يَلْتَقِ الصحابة لتنفيذ ما اتفق عليه الحكَمان.(1/242)
وكان للتحكيم نتائج كثيرة؛ أهمها: ظهور الخوارج على مسرح الأحداث.
كانت مصيبة علي بن أبي طالب في جيشه أضخم من مصيبته فيمن خالفه وحاربه في الجمل وصِفِّين،فبينما كانت طائفةٌ كبيرة من هذا الجيش أهلَ شَغبٍ؛ اعترضوا على أميرهم،وأثاروا الفتن إشعالا للقتال بين أمير المؤمنين وبين مَنْ يُخالِفُه ـ كانت الجيوشُ المخالِفةُ لعليٍّ دائما تجنح للصلح وحقن الدماء ولزوم أبواب الحق إذا تبين لها.
وقد انصرف أمير المؤمنين من صفين وجيشُه في شِقاق واختلاف: فريق منه راضٍ بالتحكيم ظنا منهم أنه حاسم للخلاف وجامِع لكلمة المسلمين،وفريق كاره له يقول: كيف نُحكّم في دين الله الرجالَ؟! وهؤلاء اعتزلوا إخوانَهم،يقولون لهم: داهَنْتُم في دين الله،وأولئك يقولون: فارقْتُم إمامَنا.
وسلك عليٌّ من صِفّين طريقَ البرِّ على شاطئ الفرات حتى انتهى إلى هِيت،ثم جاوز النخيلة،فلما دخل الكوفة سمع رجلا يقول: واللهِ ما صنع عليٌّ شيئا،ذهب ثم انصرف في غير شيء!
فقال عليّ: "لَلذين فارقْناهم خيرٌ من هؤلاء".
*********************
13- ظهور فتنة الخوارج في أواخر عهد علي رضي الله عنه
ثم مضى ـ رضي الله عنه ـ فجعل يذكر الله ـ عز وجل ـ حتى دخل دار الإمارة في الكوفة،وقبلها حين قارب دخول الكوفة،اعتزله من جيشه قريبٌ من اثني عشر ألفًا،وهم الخوارج،ورفضوا أن يُساكِنُوه في بلده،ونزلوا بمكان يقال له حَرُوراء،وأنكروا عليه أشياءَ يزعمون أنه أخطأ فيها،فبعث إليهم عبد الله بن عباس،فناظرهم فرجَع أكثرُهم،وبقي بعضهم على الخروج،وظهر أمرُهم واشتدَّ،وأفسدوا في الأرض،وتعاهدوا فيما بينهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،والقيام على الناس في ذلك.
وكانوا يُعلنون عن آرائهم ويَصيحون صيحتَهم: لا حُكْمَ إلا لله،فكان الإمام علي يقول: "كلمة حق أُرِيدَ بها باطلٌ". ثم جعلوا يعرِّضون به في كلامهم،ويُسْمِعُونه شتمًا.
ولما بعث عليّ أبا موسى ومَنْ معه من الجيش إلى دُومَة الجَنْدَل في التحكيم،اشتد أمرُ الخوارج،وبالغوا في النكير على عليٍّ وصرَّحوا بكفره،وفَشَا فيهم ذلك وجاهروا به الناسَ،وتعرضوا لعليٍّ أثناء خُطبة له،وأسمعوه السبّ والشتم والتعريض بآيات من القرآن،فصبر على أذاهم وقال: "إن لكم عندنا ثلاثا: لا نمنعُكم صلاةً في هذا المسجد،ولا نمنعكم نصيبَكم من هذا الفَيْءِ ما كانت أيديكم مع أيدينا،ولا نقاتلُكم حتى تقاتلونا".
ولم يكتفوا بذلك حتى اجتمعوا في منزل أحدهم لاختيار أمير لهم،ثم اجتمعوا بعد ذلك للترتيب لخروجهم من الكوفة ليعتزلوا في مكان آخر؛ فخرجوا إلى موضع يقال له: النهروان،فسار إليهم أمير المؤمنين،ودارتْ موقعةُ النَّهروان على رقاب الخوارج.(1/243)
بعث أمير المؤمنين عليٌّ عبدَ الله بن عباس إلى الخوارج ليناظرَهم،فلما أتى معسكرَهم قام ابنُ الكوَّاء فخطب في الناس،فقال: "يا حَمَلَةَ القرآن،هذا عبد الله بن عباس،فمن لم يكنْ يعرفه فأنا أعَرِّفُه: ممَّنْ يُخاصِم في كتاب الله بما لا يَعرفه،هذا مِمَّنْ نزل فيه وفي قومِه: (..بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) [ الزخرف: 58]،فرُدُّوه إلى صاحبه ولا تُواضِعُوه (أي لا تناقشوه ولا تدارسوه) كتابَ اللهِ.
فقال بعضُهم: واللهِ لَنُوَاضِعَنَّه،فإنْ جاء بحقٍّ نعرفُه لَنَتَّبِعَنَّه،وإن جاء بباطل لَنَكْبِتَنَّه بباطله،فلما كلمهم ابن عباس رجَعَ منهم أربعةُ آلافٍ كلُّهم تائبٌ،فيهم ابنُ الكوّاء،حتى أدخلهم عَلَى عَلِيٍّ الكوفةَ،فبعث عليٌّ إلى بقِيَّتهم،فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم،فَقِفُوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بيننا وبينكم ألا تسفكوا دما حراما،أو تقطعوا سبيلا،أو تظلموا ذمة،فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء (..إن الله لا يحب الخائنين ) [ الأنفال: 58]. لكنهم خالفوا وخرجوا إلى النهروان.
اجتمع الخوارج ووقع اختيارُهم على عبد الله بن وهب الراسبي أميرا لهم،وكانوا يجتمعون كثيرا في بيوتهم لتصريف شئونهم وتحديدِ أهدافِهم والتخطيط لتنفيذِها،وفي أحدِ هذه الاجتماعات قال ابن وهب: اشخصوا بنا إلى بلدة نجتمع فيها لإنْفَاذ حكم الله،فإنكم أهل الحق،فقال أحدهم: نخرج إلى المدائن فننزلها،فنتملكها،ونُخرج منها سكانَها،ونبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيَقْدمون علينا.
فقال آخر: إنكم إنْ خرجْتم مجتمعين اتُّبِعتم ومُنعتم،ولكن اخرجُوا وحدانًا مستَخْفِين لئلا يفطَن بكم،فأما المدائن فإن بها مَنْ يمنعكم،ولكن سيروا حتى تنزلوا جسرَ النَّهْروان،وتُكاتِبُوا إخوانَكم من أهل البصرة،قالوا: هذا الرأيُ.
وكتب عبد الله بن وهب كتابا عاما إلى مَنْ هو على مذهبهم ومَسلكهم من أهل البصرة وغيرِها،وبعثُوا به إليهم ليوافُوهم،ويكونوا يدًا واحدة على الناس.
فلما عزموا على المسير تَعَبَّدُوا ليلتَهم ـ وكانت ليلة الجمعة ـ وساروا يوم السبت،ثم خرجُوا يتسلَّلون فرادى لئلا يعلم أحد بهم فيمنعهم.
وقد تَدَارَكَ جماعة من الناس بعضَ أولادهم وإخوانهم،فرَدُّوهم وأنَّبُوهم ووبَّخُوهم،وذهب الباقون إلى ذلك الموضع،واجتمع إليهم مَنْ كانوا كتبوا إليه من أهل البصرة وغيرها،واجتمع الجميع بالنَّهْروان وصارت لهم شوكة ومنعة،وهم جند مستقلون وفيهم شجاعة ونجدة،وعندهم أنهم متقربون بذلك إلى الله العلي العظيم،مع أنهم ارتكبوا الكثير من الباطل والفساد!
ظن الخوارج أنهم هم الأوصياء على الحق،وأنهم أهله دون الناس،وأعطوا أنفسهم أكثر مما تستحق.. ومع اجتهادهم في العبادة وقراءة القرآن،إلا أنهم لم يكن لهم فقه وعلم يضبط أعمالهم،فعاثُوا في الأرض فسادًا،وسَفَكُوا الدماءَ الحرام،وقطعوا السُّبُلَ،واستحلُّوا المحارمَ،وكان من جملة مَنْ قَتلوه عبد الله بن خبّاب صاحب رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ذبحوه ذبْحَ النِّعاج،وقتلوا زوجته معه،فلما بلغ ذلك(1/244)
عليا أرسل إليهم رسولا،فلمّا قَدِمَ عليهم عاجلوه بالقتل أيضا دون إمهالٍ. فلما بلغ ذلك عليا عزم على المسير إليهم.وقد كان الفهمُ المقلوبُ للدين لدى هؤلاء الخوارج باديًا لكل ذي بصيرة؛ فمن فعالهم أنهم لما خرجوا إلى النهروان أصابوا مسلما ونصرانيا،فقَتَلُوا المسلمَ وأوصَوْا بالنصراني،وقالوا: احفظوا ذمةَ نبيِّكم،ولَقِيَهم عبدُ الله بن خباب بن الأرت،وفي عنقه مصحف ومعه امرأتُه وهي حامل،فقالوا: إن هذا الذي في عنُقِك لَيَأْمُرُنا بقتْلِك،قال: ما أحيا القرآنُ فأحْيُوه وما أماتَه فأمِيتُوه،فوَثَبَ رجلٌ منهم على رطبة فوضعها في فِيهِ فصاحوا به فلفظَهَا تورعًا،وعرض لرجل منهم خِنزير فضربه الرجل،فقتله،فقالوا: هذا فساد في الأرض،فقال عبد الله بن خباب: ما عَلَيَّ منكم بأسٌ،إني لمسلم،قالوا: حدِّثْنا عن أبيك،قال: سمعتُ أبي يقول: سمعت رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يقول: "تكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنُه،يُمْسِي مؤمنًا ويصبح كافرًا،فكُنْ عبدَ الله المقتولَ ولا تكنْ القاتلَ".
قالوا: فما تقول في أبي بكر وعُمر؟ فأثْنى خيرا،فقالوا: ما تقول في عليٍّ قبل التحكيم،وفي عثمان ست سنين؟ فأثْنى خيرًا،فقالوا: فما تقول في الحكومة والتحكيم؟ قال: أقول إن عليا أعلمُ بكتاب الله منكم وأشدُّ تَوَقِّيا على دينه،وأنفذُ بصيرةً،قالوا: إنك لَسْتَ تتبع الهدى،إنك تتبع الرجالَ على أسمائها،ثم قَرَّبُوه إلى شاطئ النهر فذبحوه.
وساوموا رجلاً نصرانيًا في نخلة له،فقال: هي لكم،فقالوا: ما كنا نأخذُها إلا بثمن،فقال: ما أعجبَ هذا! تقتلون مثلَ عبد الله بن خباب،ولا تقبلون مني جني نخلة!! فلما بلغ أميرَ المؤمنين عنهم هذا الفساد عزم على قتالهم.
لما بلغ الناسَ صنيعُ الخوارج وإفسادُهم،خافوا إن هم ذهبوا إلى الشام واشتغلوا بقتال أهلِه أن يَخلُفَهم هؤلاء في أبنائهم وديارهم بهذا الصنع،وأشاروا على أمير المؤمنين بأن يبدأ بهؤلاء،ثم إذا فرغ منهم ذهب إلى أهل الشام بعد ذلك والناس آمنون من شرهم،فاجتمع الرأي على هذا،وفيه خير عظيم لهم ولأهل الشام.
ونادَى منادِي عليٍّ في الناس بالرحيل،فعبَر بهم أميرُ المؤمنين الجسرَ فصلى ركعتين عنده،ثم سلك دير عبد الرحمن،ثم دير أبي موسى،ثم شاطئ الفرات،ثم سلك ناحيةَ الأنْبار،وبعث بين يديْه قيسَ بنَ سعد،وأمَرَه أن يأتي المدائن،وأن يلقاه بنائبها سعد بن مسعود الثقفي في جيش المدائن؛ فاجتمع الناسُ هنالك على عليٍّ،وبعث إلى الخوارج أنْ أخرجوا إلينا قَتَلَةَ إخوانِنا منكم حتى نقتلهم،ثم نحن تارِكُوكم.. ثم لعل الله أن يُقبِل بقلوبكم،ويردَّكم إلى خيرٍ مما أنتم عليه. فبعثوا إلى عليٍّ يقولون:كلُّنا قَتَلَةُ إخوانِكم،ونحن مستحِلُّون دماءَهم ودماءَكم.(1/245)
فتقدم إليهم قيس بن سعد بن عبادة،فوعظهم فيما ارتكبوه من الأمر العظيم،والخطب الجسيم،فلم ينفع،وكذلك أبو أيوب الأنصاري أنَّبَهم ووبَّخَهم فلم ينفع. وتقدم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب فوعظهم وخوفهم،وأنذرهم وحذرهم وتوعدهم،لكن الخوارج أبَوْا إلا ما عزموا عليه،وامتنعوا عن تسليم مَنْ قتلَ عبدَ الله بن خباب،فعبأ لهم أمير المؤمنين جيشه ليقاتلَهم،فجعل على ميمنته حُجرَ بن عدي،وعلى ميسرته شَبَثَ بن ربعي،وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري،وعلى الرَّجَّالة أبا قتادة الأنصاري،وعلى أهل المدينة ـ وهم سبعمائة ـ قيسَ بن سعد،وتقدموا فاصطفّوا للقتال.
وعبّأت الخوارج،فجعلوا على ميمنتهم زيدَ بن حصين الطائي،وعلى الميسرة شُرَيْح بن أوفى العبسي،وعلى خيلهم حمزةَ بن سنان الأسديّ،وعلى الرَّجالة حُرْقُوص بن زهير السعدي،واصطفوا مواجهين أميرَ المؤمنين عليا وأصحابه.
سار الخوارجُ مَعَبَّئين إلى جيش عليٍّ،فقدّم أمير المؤمنين الخيل بين يديه دون الرجال،وصفّ الناس وراءَ الخيل صَفَّيْن،وقدّم منهم الرماة،وقال لأصحابه: كُفُّوا عنهم حتى يبدءوكم. وأقبلت الخوارجُ يقولون: لا حُكْمَ إلا لله،الرَّوَاحَ الرواحَ إلى الجنة! فحملوا على الخَيّالة الذين قدّمهم عليّ ففرّقوهم،حتى أخذت طائفةٌ من الخيالة إلى الميمنة،وأخرى إلى الميسرة،ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف،فصار الخوارج صَرْعَى تحت سنابك الخيول،وقُتل أمراؤهم: عبد الله بن وهب،وحُرْقوص بن زهير،وشُرَيْح بن أوفى،وعبد الله بن شجرة. ولم يقتلْ من أصحاب عليّ إلا سبعة نفر،وجعل عليّ يمشي بين القتلى منهم ويقول: بؤسًا لكم! لقد ضرَّكم مَنْ غرَّكم! فقالوا: يا أمير المؤمنين،ومَنْ غَرَّهم؟ قال: الشيطانُ وأنفسٌ بالسوء أمارةٌ،غرّتْهم بالأمانيّ،وزيّنتْ لهم المعاصيَ،ونبّأتهم أنهم ظاهرون".
وكانت هذه الوقعة في التاسع من صفر سنة ثمان وثلاثين من الهجرة.
ولم يكن هذا آخرَ قتالٍ بين أمير المؤمنين عليٍّ وبين الخوارج،فقد نَدِمَ الذين تخلَّفُوا عن إخوانهم من الخوارج في النهروان،وجدّدوا الحرب ضد الخليفة،فقاتلهم قتالا مريرا،وكان لذلك أثر كبير في عصيان أهل الكوفة لأمير المؤمنين علي.
لما بلغ الناسَ صنيعُ الخوارج وإفسادُهم،خافوا إن هم ذهبوا إلى الشام واشتغلوا بقتال أهلِه أن يَخلُفَهم هؤلاء في أبنائهم وديارهم بهذا الصنع،وأشاروا على أمير المؤمنين بأن يبدأ بهؤلاء،ثم إذا فرغ منهم ذهب إلى أهل الشام بعد ذلك والناس آمنون من شرهم،فاجتمع الرأي على هذا،وفيه خير عظيم لهم ولأهل الشام.
ونادَى منادِي عليٍّ في الناس بالرحيل،فعبَر بهم أميرُ المؤمنين الجسرَ فصلى ركعتين عنده،ثم سلك دير عبد الرحمن،ثم دير أبي موسى،ثم شاطئ الفرات،ثم سلك ناحيةَ الأنْبار،وبعث بين يديْه قيسَ بنَ سعد،وأمَرَه أن يأتي المدائن،وأن يلقاه بنائبها سعد بن مسعود الثقفي في جيش المدائن؛ فاجتمع الناسُ هنالك على عليٍّ،وبعث إلى الخوارج أنْ أخرجوا إلينا قَتَلَةَ إخوانِنا منكم حتى نقتلهم،ثم نحن(1/246)
تارِكُوكم.. ثم لعل الله أن يُقبِل بقلوبكم،ويردَّكم إلى خيرٍ مما أنتم عليه. فبعثوا إلى عليٍّ يقولون:كلُّنا قَتَلَةُ إخوانِكم،ونحن مستحِلُّون دماءَهم ودماءَكم.
فتقدم إليهم قيس بن سعد بن عبادة،فوعظهم فيما ارتكبوه من الأمر العظيم،والخطب الجسيم،فلم ينفع،وكذلك أبو أيوب الأنصاري أنَّبَهم ووبَّخَهم فلم ينفع. وتقدم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب فوعظهم وخوفهم،وأنذرهم وحذرهم وتوعدهم،لكن الخوارج أبَوْا إلا ما عزموا عليه،وامتنعوا عن تسليم مَنْ قتلَ عبدَ الله بن خباب،فعبأ لهم أمير المؤمنين جيشه ليقاتلَهم،فجعل على ميمنته حُجرَ بن عدي،وعلى ميسرته شَبَثَ بن ربعي،وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري،وعلى الرَّجَّالة أبا قتادة الأنصاري،وعلى أهل المدينة ـ وهم سبعمائة ـ قيسَ بن سعد،وتقدموا فاصطفّوا للقتال.
وعبّأت الخوارج،فجعلوا على ميمنتهم زيدَ بن حصين الطائي،وعلى الميسرة شُرَيْح بن أوفى العبسي،وعلى خيلهم حمزةَ بن سنان الأسديّ،وعلى الرَّجالة حُرْقُوص بن زهير السعدي،واصطفوا مواجهين أميرَ المؤمنين عليا وأصحابه.
سار الخوارجُ مَعَبَّئين إلى جيش عليٍّ،فقدّم أمير المؤمنين الخيل بين يديه دون الرجال،وصفّ الناس وراءَ الخيل صَفَّيْن،وقدّم منهم الرماة،وقال لأصحابه: كُفُّوا عنهم حتى يبدءوكم. وأقبلت الخوارجُ يقولون: لا حُكْمَ إلا لله،الرَّوَاحَ الرواحَ إلى الجنة! فحملوا على الخَيّالة الذين قدّمهم عليّ ففرّقوهم،حتى أخذت طائفةٌ من الخيالة إلى الميمنة،وأخرى إلى الميسرة،ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف،فصار الخوارج صَرْعَى تحت سنابك الخيول،وقُتل أمراؤهم: عبد الله بن وهب،وحُرْقوص بن زهير،وشُرَيْح بن أوفى،وعبد الله بن شجرة. ولم يقتلْ من أصحاب عليّ إلا سبعة نفر،وجعل عليّ يمشي بين القتلى منهم ويقول: بؤسًا لكم! لقد ضرَّكم مَنْ غرَّكم! فقالوا: يا أمير المؤمنين،ومَنْ غَرَّهم؟ قال: الشيطانُ وأنفسٌ بالسوء أمارةٌ،غرّتْهم بالأمانيّ،وزيّنتْ لهم المعاصيَ،ونبّأتهم أنهم ظاهرون".
وكانت هذه الوقعة في التاسع من صفر سنة ثمان وثلاثين من الهجرة.
ولم يكن هذا آخرَ قتالٍ بين أمير المؤمنين عليٍّ وبين الخوارج،فقد نَدِمَ الذين تخلَّفُوا عن إخوانهم من الخوارج في النهروان،وجدّدوا الحرب ضد الخليفة،فقاتلهم قتالا مريرا،وكان لذلك أثر كبير في عصيان أهل الكوفة لأمير المؤمنين علي.
بعد موقعة النَّهْروان ندم من الخوارج مَنْ كانوا فارقوا أصحابَهم،ومَنْ لجأوا إلى راية أبي أيوب أثناء المعركة،ومن كان أقام بالكوفة منهم غيرَ مُنْحَازٍ،فتجمعوا آسِفِينَ على خذلانهم أصحابَهم،فقام فيهم أحد كبرائهم وخَطَبهم حاثّا لهم على قتال عليٍّ،فخرجوا إلى النُّخَيْلة،فأرسل إليهم عليّ عبدَ الله بن عباس ناصحا،فأبَوْا،فسار إليهم أمير المؤمنين،وطحنتهم جميعا الحربُ بالنُّخَيْلة،ولم يَنْجُ منهم إلا خمسة فقط.(1/247)
لما انتهى أمير المؤمنين من أمر الخوارج في النهروان أمر أصحابه بالمسير إلى الشام لقتال معاوية ومن معه،فقالوا: يا أمير المؤمنين،نَفِدَتْ نِبالُنا وكَلّتْ سيوفُنا.. فانصرفْ بنا إلى مِصْرِنا (أي بلدنا) حتى نستعد بأحسن عُدّتنا،ولعل أمير المؤمنين يَزيد في عُدتنا عُدة مَنْ فارقنا وهلك منّا،فإنه أقوى لنا على عدوّنا.
فأقبل عليّ بالناس حتى نزلوا بالنُّخَيْلة فعسكر بها،وأمر الناس أن يلزموا مُعسكرَهم ويوطِّنوا أنفسهم على جهاد عدوهم،وأن يُقِلُّوا زيارة نسائهم وأبنائهم.
فأقاموا معه أياما متمسكين برأيه وقوله،ثم تسللوا حتى لم يَبْقَ منهم أحد إلا رءوس أصحابه،وأمسى المعسكر خاليا،فلما رأى ذلك دخل الكوفة،وانكسر عليه رأيه في المسير إلى عدوهم،ووبَّخهم وأنَّبَهم وتَوَعَّدهم،وتلا عليهم آياتٍ في الجهاد من سُوَرٍ متفرقة،وحضّهم على المسير إلى عدوهم،فأبَوْا ذلك وخالفوه ولم يوافقوه،واستمروا في بلادهم،وتفرقوا عنه هنا وهناك.
لقد ضعُفت عزائمُهم،فملوا من القتال،وإذا كانت هذه حال الجيش فلا عجب مما آل إليه حال أمير المؤمنين عليّ نفسِه،فإن سلطانه صار إلى نقصان يوما بعد يوم،وهو كل ساعة يحرّضهم بما آتاه الله من فصاحة اللسان وبلاغة القول،فما ازدادوا إلا فتورا،وقليل منهم الذي أخلص القول والعمل.
وكثرت عليه الخوارج بحجّتِهم التي تَأوّلوها،وهي أنه حكَّم الرجال في دين الله ولا حُكْمَ إلا لله.
بلغ عليا مقتلُ محمد بن أبي بكر،وما انتهى إليه الأمر بمصر،وسيطرة عمرو بن العاص عليها،وتسليم الناس على معاوية بالخلافة،فقام علي في الناس خطيبًا فحضّهم على الجهاد والصبر والمسير إلى أعدائهم من الشاميين والمصريين،فلم يُجيبوه،وانتهى أمر العراقيين إلى الخروج على عليٍّ ومخالفته فيما يأمرهم به وينهاهم عنه،حتى طمع أهل فارس ومنعوا الخراج.
وبعد أن تم لمعاوية أمرُ مصرَ سيَّرَ إلى البصرة عبدَ الله بن الحضرميّ،فاجتمع إليه جمعٌ كثير ممن يطلب بثأر سيدنا عثمان ومن نُكِبَ في الجمل،ولم يصل معاوية بهذه المحاولة إلى نتائج مرضية له،فبدأ يجهز جيشه ليفرقه في الأنحاء الخاضعة لعليٍّ،خاصة بعدما رأى من عصيان جيوش أهل العراق لعلي،وصار معاوية يرى أنه أوْلَى بأمر المسلمين من عليٍّ،فبعث في سنة تسع وثلاثين النعمانَ بن بشير في ألفَيْ فارس إلى عين التمر،فانهزموا ولم يحققوا شيئا،وبعث ستة آلاف إلى هِيت،فلم يجد بها أحدا،فسار إلى الأنبار فأغار عليها واحتمل ما كان بها من أموال ثم عاد،كما بعث عبدَ الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبعمائة فارس إلى تَيْمَاء،فانهزموا أمام جيش عليٍّ وفروا هربا إلى الشام،وصارت السرايا بعد ذلك تتردد بين الجبهتين وكل يريد كَسْبَ أنصار له رغبة في إغلاق الباب في وجه الصراعات الطاحنة،حتى سير معاوية إلى مكة أميرًا على الموسم،ولكن الناس اختاروا غيره أميرًا للحج،فأَمَّهم وقضيت المناسك في سلام.(1/248)
كما سير معاوية إلى اليمن والحجاز بسر بن أرْطَأة،فاستطاع أن يُدخِل اليمن في طاعته،وأَرسَلَ عليٌّ سريةً ردَّتْه عن الحجاز،وأصبحت دولة معاوية تتسع بمرور الوقت،في الوقت الذي تضيق فيه دولة عليٍّ.
وانتهى الأمر بأنْ جَرَتْ بينهما مهادنة بعد مفاوضات طويلة على وضْع الحرب بينهما،وكفِّ السيف عن هذه الأمة حقنا لدماء المسلمين،على أن يكون لعليٍّ العراق وبلاد فارس،ولمعاوية الشام،فلا يدخل أحدهما على صاحبه فيما تحت يده بجيش ولا غارة،وتراضيا على ذلك.
ولكن العراق كله كانت تضطرم فيه نار الخلاف والشقاق؛ ففريق هم شيعة عليّ،وآخرون خوارجُ لا يريدون عليا ولا معاوية،وفريق منافق يُظهر طاعة عليّ ويُخفى عداءه،فمَلَّهم أميرُ المؤمنين وسئِم إمارتَه عليهم،حتى خاطبهم بذلك في كثير من خطبه،وتمنّى أن يستريح منهم بلقاء الله تعالى،فلقي اللهَ شهيدا بأيدي الخوارج البغاة.
ازداد معاوية بن أبي سفيان بعد التحكيم قوة،واختلف الناس بالعراق على عليٍّ،ولم يدخل معاوية بعدَ صِفّين في حروب طاحنة،ولم يمر بالظروف الحرجة التي مر بها جيش عليٍّ في صراعه ضد الخوارج،فلم يعد له همّ إلا مصر التي كان يخشاها وأهلَها لقربهم منه،فأراد أن يضمها إليه كي يأمن خطرها عليه،فأرسل إلى مَنْ لم يبايعْ عليا ولم يأتمر بأمر نُوّابِه يخبرهم بقدوم الجيش عليهم سريعا،وكان واليها من قِبَلِ عليٍّ حينئذٍ محمد بن أبي بكر،وكان يواجه اضطرابات داخلية بسبب معاوية بن خديج ومسلمة بن مخلد ومَن اعتزلوا معهما بخربتا من العثمانية،إذْ كان أمرهم يزداد قوة يوما بعد يوم،خاصة حين انصرف عليٌّ من صِفّين وكان ما كان مِنْ أمْرِ التحكيم،ثم حين نكل أهل العراق عن قتال أهل الشام،فخرج معاوية بن خديج ومن معه مطالبين بدم عثمان،فلما علم أمير المؤمنين عليٌّ بذلك رأى أن محمدا لا تمكنه المقاومة فولّى على مصرَ الأشْتَرَ النَّخَعيّ،فتُوُفِّي في الطريق،وشق على محمد بن أبي بكر عزلُه،فأرسل إليه عليٌّ يثبته عليها،ويأمره بالصبر على أعدائه والاستعانة بالله.
فلما كانت سنة ثمان وثلاثين من الهجرة أرسل معاوية عمرَو بن العاص في ستةِ آلافٍ،فسار بهم حتى نزل أدنى مصر،فجاءه مَنْ خالفَ عليا وطالب بدم عثمان في عشرة آلاف،فكتب محمد إلى عليٍّ بالخبر واستمدَّه،فأرسل إليه أن يضم شِيعتَه إليه،ويأمره بالصبر ويَعِدُه بإنفاذ الجيوش إليه،فقام محمد في الناس وندبهم إلى الخروج معه،فقام معه قليل،لم يصمدوا أمام جيوش الشام وانْهزموا،ودخل عمرو بن العاص الفسطاطَ،وهرب محمد وخرج معاوية بن خديج يطلبه حتى التقى به فقتله.
وبقتل محمد بن أبي بكر اشتد أمر معاوية وصارت مصرُ في طاعته،وبايع له أهلُها،أما المدد الذي أرسله أمير المؤمنين لمساعدة محمد فإنه بَلَغَهُم وهم في الطريق قَتْلُهُ فرجعوا إلى عليٍّ بالخبر!
اختلف الناس على عليٍّ،فطمع أهل فارس وأهل كَرْمان في كَسْر الخراج،فغلب أهلُ كلِّ ناحية على ما يليهم،وأخرجُوا عُمَّالَهم،وطردُوا سهلَ بن حنيف عاملَ عليٍّ هناك،فقال ابن عباس لعليٍّ: أكفيك(1/249)
فارسَ. فقَدِم ابنُ عباس البصرة،ووجه زياد ابن أبيه إلى فارس في أربعة آلاف جندي،فدوّخ تلك البلاد،ولم يزل حتى عادوا بلا قتال إلى ما كانوا عليه من الطاعة والاستقامة،فأدَّوا الخراج وما كان عليهم من حقوق،فسكن الناس إلى ذلك بعدله وعلمه وصرامتِه.
وأتى زياد من قبل ابن عباس إصْطَخْر فنزلها وحصّن قلعة بها ما بين بيضاء إصطخر وإصطخر،فكانت تسمَّى قلعة زياد.
وهكذا أعاد ابن عباس وزياد الأمنَ وضبَطَا المنطقةَ،وأرْجعَاها طواعية إلى حكم أمير المؤمنين عليّ ـ رضي الله عنه.
********************
14- استشهاد علي رضي الله عنه
أراد الله تعالى أن يُلحِق عليا ـ رضي الله عنه ـ بإخوانه السابقين شهيدا في زمرة الصالحين؛ فاجتمع ثلاثة من الخوارج،فتذاكرُوا ما حَلّ بأصحابهم في النهروان وغيرها،وعابوا على ولاتهم،وما صار إليه حال الأمة،ثم ذكروا أهل النهروان،فترحّموا عليهم،وقالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئا،إخوانُنا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم،والذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم،فلو شَرَيْنَا أنفسَنا فأتَيْنا أئمة الضلالة فالْتَمَسْنا قَتْلَهم،فأرحْنا منهم البلادَ وثأرْنا بهم لإخواننا!
ورأوا أن عليا ومعاوية وعَمْرًا من أسباب بلاء الأمة؛ لذا قرروا التخلص منهم،فاتفقوا على أن يذهب عبد الرحمن بن مُلْجَم المراديّ إلى الكوفة فيقتل عليا،ويذهب البرك بن عبد الله التميميّ إلى الشام فيقتل معاوية بن أبي سفيان،ويذهب عمرو بن بكر التميميّ إلى مصر فيقتل عمرو بن العاص.
فتعاهدوا وتواثقوا بالله،أن لا يجبن رجل منهم عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونَه،فأخذوا أسيافهم فسمُّوها،وتواعدوا على صلاة فجر يوم السابع عشر من رمضان لتنفيذ الخطة تَيَمُّنًا بيوم غزوة بدر الكبرى،حسب تصور نفوسهم المريضة وعقولهم الفاسدة،وزين لهم الشيطان أعمالهم،وأقبل كل رجل منهم إلى البلد الذي فيه صاحبه الذي يطلب قتله،ولما حان موعد تنفيذ الجريمة نجح الأول وفشِل الآخران.
ففي الليلة التي اتفقوا فيها على إيقاع القتل بالرجال الثلاثة،أخذ كل واحد منهم يعد سيفَه،ويهيئ نفسه،فخرج البرك بن عبد الله وقعد لمعاوية،فلما خرج ليصلي الفجر شد عليه بسيفه،فوقع السيفُ في إليته ولم يُمِتْه،فأُخذ هذا الخارجي،وأُحضِر إلى معاوية،فأمر به فقُتل،واتّخذ معاوية بعدها المقصورةَ.
وأما عمرو بن بكر فجلس لعمرو بن العاص تلك الليلة،فلم يخرج،وكان اشتكى بطنَه،فأمر خارجةَ بن حذافة بالصلاة،وكان صاحبَ شرطتِه،فخرج ليصلي فشد عليه وهو يرى أنه عمرو فضربه فقتله،فأخذه الناس،فانطلقوا به إلى عمرو،فقال له عمرو: أردْتَني وأراد اللهُ خارجةَ،وقدّمه فقُتل.
وأما علي فراح شهيدا بضربة ابن ملجم.(1/250)
مَلَّ أميرُ المؤمنين عليٌّ أهلَ العراق وسئِم إمارتَه عليهم،حتى صرّح لهم بذلك في كثير من خُطَبِه،وتمنّى من الله الموتَ إذا كان خيرًا له؛ لأن الفتن عظم أمرُها من حوله.
وفي سنة أربعين من الهجرة تحقق ما صَبَتْ إليه نفس الإمام؛ إذ اجتمع ثلاثةٌ من الخوارج وخطَّطوا لقتْله وقتل معاوية وعمرو بن العاص،وبيَّتُوا لذلك،وبينما الخليفة الإمام يقترب من باب المسجد،وقيل: بل وهو يتهيأ للصلاة،بعد أن عبر شوارع الكوفة يُوقِظ أهلَها لصلاة الفجر،ويُنادِيهم بصوته الجليل: "الصلاةَ،أيها الناس،الصلاةَ،يرحمكم الله"! اقترب منه في لجّة الظلام واحد من الخوارج اسمُه عبد الرحمن بن مُلْجَم مُنفِّذًا جريمتَه،وكان الإمامُ بلا حرس،فكان اغتياله عملا يسيرا.
ولم تكن الجريمة تتطلب أي جَلَدٍ أو قوة أو بطولة،إنما كانت تتطلب ضميرا ميتا وتفكيرا ضالا،وقلبا أعمى،وهوى مُتَّبَعًا،وإرادةً سَلِيبةً..!!
وفرغ الناس من صلاة الفجر،وجاءوا إلى أمير المؤمنين مسرعين،وأتوه بقاتلِه ابنِ مُلجم ماثلاً بين يديه،فقال لهم: إن مُتُّ فاقْتُلوه كما قتلني،وإن بقِيتُ رأيتُ فيه رأيي،ونهاهم عن المُثْلة به،ثم سألوه أن يَستخْلِف عليهم،ولكنه أبَى ذلك،ثم دعا بَنِيهِ وعلى رأسهم الحسنُ والحسينُ،وراح يملي عليهم وصيتَه.
كان الاعتداءُ على حياة الإمام قد وقع فجر يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة أربعين من الهجرة،وكانت وفاته يوم الأحد التاسع عشر من شهر رمضان،لتنتهي بذلك دولة الخلفاءِ الراشدين،ولتبدأ دولة المُلك الموروث.
وقد غسّل أميرَ المؤمنين ابناه الحسنُ والحسينُ وعبدُ الله بن جعفر،وكفنوه وصلَّوْا عليه ودُفن،لكن قبره مجهول المكان.
لما احتضر عليٌّ ـ رضي الله عنه ـ جعل يُكثِر من قول لا إله إلا الله،لا يتلفظ بغيرها،وقيل: إن آخر ما تكلم به هو: ( فمَن يعملْ مِثْقَالَ ذرَّةٍ خيرًا يَرَه. ومَن يعملْ مِثْقَالَ ذرَّةٍ شَرًا يَرَه ).
وقد أوصى ولديْه الحسنَ والحسينَ بتقوى اللهِ والصلاةِ والزكاةِ،وكظمِ الغيظِ وصلةِ الرحِمِ،والحِلمِ عن الجاهل،والتفقّهِ في الدين،والتثبّتِ في الأمر،والتعاهدِ للقرآن،وحُسْنِ الجوارِ،والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر،واجتنابِ الفواحش،ووصّاهما بأخيهما لأبيهما محمدِ بنِ الحنفيةِ خيرًا.
ووصّى ابنَه محمدا بما وصّاهما به،وأنْ يعظّمهما،ولا يقطع أمرا دونهما،وكتب وصيته كلَّها في كتاب،ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قُبض في شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة.
وبالرغم من أن عليا أبى أن يوصي بالخلافة من بعده إلى ابنه الحسن أو غيره،إلا أن أهل العراق بايعوا الحسن بالخلافة بعد موت علي ـ رضي الله عنه.
*********************
15- تنازل الحسن بالخلافة لمعاوية رضي الله عنهما(1/251)
قُتِل عليٍّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ولم يُوصِ لأحد من بعده،فاتّجه أهلُ العراق إلى الحسن بن عليٍّ،فبايعوه،وقام أهلُ الشام فبايعوا معاوية بِبَيْتِ المقْدس.
ثم سار الحسن في جنود العراق عن غير حب منه ولا إرادة لذلك،وسار معاوية في أهل الشام،فلما عسكر الحسنُ بإزاء جيش معاوية لاحت بوادر قتال،فكره الحسن حفيد نبي الرحمةِ العودة إلى إراقة دماء المسلمين بأيدي المسلمين،وقام في أهل العراق خطيبا يمهد لأمر الصلح،فلما رأى منه أهل العراق ذلك تطاولوا عليه،لكن نسل بيت النبوة أدرك أنه لابد من الإسراع بأمر الصلح وحقن دماء المسلمين،لإصلاح حال الأمة.
فلما تقابل الفريقان عَرَضَ معاوية على الحسن الصلحَ،وتبادل الحسن ومعاوية الرسل،وانتهى الأمر إلى اتفاق الفريقين،فأعْلَمَ الحسنُ أصحابه بأمر الصلح وتنازُلِه عن الخلافة في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين من الهجرة.
ورجع الحسنُ إلى الكوفة،والْتَقى فيها بمعاوية في غرة جمادى الأولى من هذه السنة،وبايعه الحسن والحسين وأهل العراق،وخطب الحسن في الناس،وتسلم بذلك معاوية بلادَ العراق،وأخذ يراوض قيسَ بن سعد على البيعة حتى بايعه،وترحّل الحسن بن علي ومعه إخوتُه وبقيةُ آلِ البيت المطهرين ـ عليهم رضوان الله ـ من أرض العراق إلى المدينة المنورة.
وجعل كلّما مرَّ بحيٍّ من شِيعتهم يلومُونه على ما صنع من نزوله عن الأمر لمعاوية،وهو في ذلك البارّ الراشد الممدوح،وليس يَجد في صدره حرجًا ولا تلوُّمًا ولا نَدَما،بل هو راضٍ بذلك مستبشر به.
وما فعله الحسَنُ ابن بنت رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ هو عين ما أنبأ به النبي الكريم ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من أن الله مصلح بابنه ذاك بين فئتين عظيمتين من المسلمين،فمدحه رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من قبل على صنيعه هذا،ورغبته عن سلطان الدنيا ومتاعها،وحَقْنِه دماء الأمة المسلمة.
وقد استبشر المسلمون خيرًا بتلك المصالحة،وترك صنيعُ الحسن صدى طيبا في نفوس المسلمين،وأثنى عليه كثير من علماء أهل السنة،ورأوا فيما فعل تحقيقا لبشرى جده النبي محمد ـ - صلى الله عليه وسلم - .
وحمد المسلمون ربَّهم على كشف غمة الفتنة،وأصبح معاوية خليفةً للأمة الإسلامية كلِّها،واستوثقت له الممالك شرقا وغربا،وبُعدا وقُربا،وسمَّى المسلمون هذا العام عامَ الجماعةِ؛ لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد بعد فرقة مُرّة،ونُقلت عاصمة الخلافة من الكوفة إلى دمشق. واستقر الأمر لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ إلى أن مات سنة ستين من الهجرة.
يقول الحسن البصري: لقد سمعتُ أبا بكرة ـ رضي الله عنه ـ يقول: رأيت رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على المنبر والحسن بن عليٍّ إلى جنْبِه،وهو يُقْبِلُ على أصحابه فيحدّثهم،ثم يُقْبِلُ على الحسن فيقبِّلُه،ويقول: "إنَّ ابْنِي هذا سيدٌ،ولعل اللهَ أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" رواه البخاري.(1/252)
ولعل الحسن ـ رضي الله عنه ـ ظل حياتَه كلَّها يتمنى تحقيق هذه البشارة،وظهر هذا من نصائحه المتكررة لوالده بترْكِ القتال.
وعندما بايع الناس الحسن على الخلافة اقتربت هذه البشارة من التحقق،وظهرت ملامح السلام في بيعته،وبوادر تحقيق بشرى النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ له.
وما هي إلا أيام قليلة حتى كان الصلحُ بينه وبين معاوية،وحقْنُ دماء المسلمين،ودخولُ الناس جميعا في الجماعة في ظل بَيْعةِ أميرٍ واحد.
وقد مدحه رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على صنيعه هذا قبل أن يصبح واقعا،إذْ ترك سلطان الدنيا الفانية رغبة في آخرة هي خير وأبقى،وحقنا لدماء هذه الأمة،فنزل عن الخلافة،وجعل المُلْكَ بِيَدِ معاوية حتى تجتمع الكلمة على أمير واحد،وسمي ذلك العام "عام الجماعة".
كان تسليم الحسن الخلافةَ لمعاوية محققا لبشارة النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ له؛ إذْ هو السيد الذي أصلح الله به بين طائفتين عظيمتين،كذلك كان به انقضاء دور الفتن والشقاق الذي كان مبدؤه من النصف الثاني من خلافة عثمان.
وقد استمرت الفتنة مشتعلة بضع سنوات،ولو كانت في أمة أخرى لهدمت أركانها،وقوضت بنيانَها،ولكن الله الرحمن الرحيم نظر إلى دينه القويم بعين عنايته،وبعظيم رحمته،وبجميل لطفه،فألّف قلوب أهله،وحفظه كما وعد.
وكان عقد البيعة من الحسن لمعاوية في ربيع الأول،أو الآخر سنة إحدى وأربعين،وحرص الصحابة من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان على جمع الكلمة،ونبْذ الفُرقة،والدخول في الجماعة،فسُمّي ذلك العام عامَ الجماعة؛ لدخولهم جميعا في طاعة أمير واحد،واجتماعهم بعد الفُرقة،ولاستئنافهم الجهادَ وتفرغِهم للفتوح ونشر دعوة الإسلام،بعد أن عطّل قَتَلَةُ عثمان سيوفَ المسلمين عن أداء هذه المهمة خمسَ سنوات،كان يستطيع المسلمون أن يسجلوا فيها أمجادا كبعض الذي حققوه من قبل في ظل الخلافة الراشدة.
- - - - - - - - - - - - - - -(1/253)
ثانيا- ترجمة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه
ذو النورين: عثمان بن عفان هو صاحب المناقب والفضائل: ثالث الخلفاء الراشدين،وأول من هاجر إلى الله بعد نبى الله لوط،نعيش مع صفحات من سيرته وحياته ... نتعرف على شخصية عثمان في الجاهلية،ونتعرف على عثمان في حياة النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى أن أصبح وزيرا لأبى بكر وعمر،ثم أصبح عثمان أميرا للمؤمنين،حتى لقى ربه شهيدا مبشَّرا بجنات النعيم.
امتاز عثمان بطبيعة فذة،وغلب على شخصيته صفتا الحياء والكرم،وبينهما كانت حياة عثمان الحافلة بالأحداث التى أثارت المناقشات بين المؤرخين وكُتَّاب السير. ولكن من يفهم هذه الطبيعة الشخصية لعثمان يدرك أن فراسة النبى - صلى الله عليه وسلم - في صحابته كانت تصف كل واحد منهم بما يلخص طبيعة شخصيته،ويفسر مواقفها المختلفة،وذلك عند وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان بأنه أشد الأمة حياءً،فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"أرحم أمتى أبو بكر،وأشدها في دين الله عمر،وأشدها حياء عثمان".. فهيا بنا نتعرف على عثمان الحيى الكريم وثالث الخلفاء الراشدين. بعد عام الفيل بست سنوات،أى فى عام 577 م،شهدت مدينة " الطائف " بالجزيرة العربية مولد ذى النورين عثمان بن عفان - رضى الله عنه.
وعثمان قرشى أموى،يجتمع نسبه مع النبى - صلى الله عليه وسلم - فى عبد مناف.
فهو: عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف،كان والده تاجرًا كبيرًا.
وأما أمه فهى: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف،وهى ابنة عمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وكان عثمان فى الجاهلية يكنىَ أبا عمرو،فلما كان الإسلام ولد له من رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلام سماه عبد الله،فكناه المسلمون أبا عبد الله. عرف عثمان بين قومه بأنه كان جميلا رقيق البشرة،تبدو عليه آثار النعمة.
ووصف بأنه كان ربعة لا بالقصير ولا بالطويل،حسن الوجه،أسمر اللون،كثير الشعر،طويل الذراعين..
ووصفه الحسن بن على فقال: نظرت إلى عثمان فإذا رجل حسن الوجه،وإذا بوجنته نكات،وإذا شعره قد كسا ذراعه. لم تذكر لنا كتب التاريخ والسير الكثير عن حياة عثمان في الجاهلية،غير أنه كان وجيها في قومه،وأهَّله لذلك نسبه فيهم،فهو ينتمى إلى بنى أمية،وكان مولده في الطائف سنة سبع وأربعين قبل الهجرة. وأما وصفه فقد كان جميلا رقيق البشرة تبدو عليه آثار النعمة.
وكان عثمان فى قريش محبوبا،وكانت المرأة من العرب ترقّص ولدها وهي تقول له:(1/254)
أحبك والرحمن حبَّ قريش عثمان أحب عثمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل إسلامه،وزاد حبه له بعد أن أسلم،حتى أصبح حبا ملك عليه حياته،وأحب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان وعرف فيه خلق الحياء والرحمة والكرم،وزوجه من ابنتيه رقية وأم كلثوم،فسمى عثمان لذلك "ذا النورين".
وروت كتب السنة ثناء النبى - صلى الله عليه وسلم - على عثمان،وبشارته له بالجنة،ووصفه له بأنه أصدق الأمة حياء. وقال عن هجرته: "إنه لأول من هاجر إلى الله بعد نبى الله لوط".
وكان عثمان يكتب الوحى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فروى عن رسول الله كثيرا من الأحاديث.
وفى بيعة الرضوان بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عثمان بيده الشريفة،وقال: "هذه عن عثمان"..
وأحب صحابة رسول الله عثمان،وأثنوا عليه،وعلى أهله وأسرته،لمكانته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولسبقه إلى الإسلام،وإنفاقه فى سبيل اللهكان عثمان من السابقين الأولين إلى الإسلام،وكانت سِنُّه يوم أسلم قد تجاوزت الثلاثين،ولم يتردد عثمان فى قبول الإسلام. وكان سبب إسلامه فطرته النقية وأخلاقه النبيلة؛ إذ استجاب للحق عندما دعاه أبو بكر إلى دين الله،وحاول عمه الحكم بن أبى العاص أن يثنى عثمان عن الإسلام،غير أن صلابته فى دينه جعلته يقول لعمه فى ثقة وثبات: والله لا أدعه أبدا. ... كانت صفات عثمان الشخصية وسجاياه وأخلاقه تهيئة لقبول الحق،وكان مقتنعا تماما بأن قومه على باطل فى ديانتهم التى يعبدون فيها أصناما لا تنفع ولا تضر،ولذلك ظل فى شوق إلى دين جديد يعلى من شأن الإنسان.
ولم يتردد عثمان فى قبول الإسلام والإيمان بالله حينما عُرض عليه،خاصة بعد أن رأى فى المنام ذات يوم - وهو قادم من الشام - رؤيا تبشره بهذا الدين،رأى عثمان مناديا يصيح فى النائمين: أن هبوا أيقاظا فإن "أحمد" قد خرج بمكة..!!
وهكذا كان وجدان عثمان مهيئًا للدخول فى الإسلام. ذات يوم مر أبو بكر الصديق على عثمان وقال له: ويحك يا عثمان،والله إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل،هذه الأوثان التى يعبدها قومك أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟
فقال عثمان: بلى،والله إنها كذلك.
فقال أبو بكر: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه الله برسالته إلى جميع خلقه،فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم.
وجاء عثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له الرسول: يا عثمان،أجب الله إلى جنته فإنى رسول الله إليك و إلى جميع خلقه.
يقول عثمان: ما ملكت حين سمعت قوله إلا أن أسلمت،وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأن محمدا عبده ورسوله.
وكان عثمان حين أسلم قد تجاوز الثلاثين عامًا.(1/255)
وكان إسلامه قبل دخول رسول الله دار الأرقم بن أبى الأرقم. فور إسلام عثمان أخذه عمه الحكم بن أبى العاص بن أمية،فأوثقه بالحبال،وقال له فى غضب: أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث؟! والله لا أخليك أبدا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين.
ولم تهز عثمان الكلمات الغاضبة من عمه،ولم يأبه لما أوثقه به،ورد فى ثبات وثقة قائلا:
والله لا أدعه أبدا..
فلما رأى عمه صلابته فى دينه وثباته عليه تركه. وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان بأنه أول من هاجر إلى الله بعد نبى الله لوط.
ويقول أحد كتاب سيرة عثمان عن هذا الوصف: "ألا إن أولى الألقاب به،وأصدقها فى تصوير حقيقته لهو لقب "المهاجر".. لأن الهجرة لم تكن بالنسبة لعثمان مجرد سفر وانتقال من بلد إلى بلد،بل كانت أبعد من ذلك غورًا وعمقًا،لقد كانت سفر روح ونفس وحياة قبل أن تكون مجرد خطا فوق الرمال ... لقد كانت عبورًا لتخوم الذات وحدود المصير،قبل أن تكون عبورا لتخوم جغرافية وحدود إقليمية ".
وعثمان المهاجر نرحل معه فى هجرته إلى الحبشة ثم هجرته إلى المدينة. أول من هاجر إلى الحبشة عثمان وكانت فى صحبته زوجه رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تابعه سائر المهاجرين..
وكان رسول الله يتابع أخبار الزوجين المهاجرين من خلال القادمين من الحبشة. وذات يوم قدمت امرأة من قريش فسألها عنهما،فقالت: رأيتها..
فقال رسول الله: على أى حال رأيتها؟
قالت: رأيتها وقد حملها على حمار من هذه الدواب وهو يسوقها.
فقال رسول الله: صحبهما الله،إن كان عثمان لأول من هاجر إلى الله - عز وجل - بعد لوط. لما أذن الله لرسوله وللمؤمنين فى الهجرة إلى المدينة المنورة،هاجر عثمان إليها،وهناك نزل على أوس بن ثابت فى بنى النجار،وقد آخى بينهما رسول الله. وقيل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف. أحب رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ عثمان أحبه لحيائه وكرمه،وتضحياته فى سبيل الله،وكذلك أحب عثمان رسول الله حبا ملك عليه حياته.
وكان رسول الله يعرف قدر أصحابه،ويعطى لكل واحد منهم من الوصف والثناء ما هو جدير به،فاختار لأبى بكر صفة الرحمة للأمة،واختار لعمر صفة الشدة فى دين الله،أما عثمان فقد اختار له صفة "الحياء".. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أرحم أمتى أبو بكر،وأشدها فى دين الله عمر،وأشدها حياء عثمان".
وذات يوم قال عنه رسول الله: " اللهم ارض عن عثمان؛ فإنى عنه راضى".(1/256)
وعندما جهز عثمان جيش العسرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت،وما هو كائن إلى يوم القيامة". اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان ليكون كاتب سره،ومن كتاب الوحى،فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس جلس أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعثمان بين يديه يكتب له.
وسئلت السيدة عائشة عن عثمان فقالت: لعن الله من لعنه،فوالله لقد كان عند نبى الله - صلى الله عليه وسلم - وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمسند ظهره إلىَّ وإن جبريل ليوحى إليه القرآن،وإنه ليقول له اكتب يا عثيم،فما كان الله لينزل تلك المنزله إلا كريما على الله ورسوله".. بشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة من أصحابه بالفوز بالجنة،وكان منهم عثمان غير أن رسول الله اختص عثمان بأن جعله رفيقه فى الجنة،فعن أبى هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل نبى رفيق فى الجنة،ورفيقى فيها عثمان بن عفان". وهذه مكانة يتوق لها كل مسلم،وتدل على عظيم قدر عثمان عند الله وعند رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عبد الرحمن بن عوف - رضى الله عنه: "أبو بكر فى الجنة،وعمر فى الجنة،وعثمان في الجنة،وعليّ في الجنة،وطلحة في الجنة،والزبير في الجنة،وعبد الرحمن بن عوف في الجنة،وسعد ابن أبي وقاص في الجنة،وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة". عرف صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتفوق كل واحد منهم وعبقريته فى مجال من مجالات الدعوة والجهاد فى سبيل الله،برغم مشاركته فى أكثر أعمال الخير،فنرى فيهم القائد العبقرى مثل خالد بن الوليد،ونرى الشاعر مثل حسان بن ثابت،والعالم المتفوق مثل معاذ بن جبل ... وهكذا كان عثمان بن عفان أكثر الصحابة إنفاقًا وجهادًا بماله فى سبيل الله. وبرغم أن عثمان لم يتخلف إلا عن غزوة "بدر"،فإن جهاده بالمال كان السمة الغالبة عليه فى غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - خاصة تجهيز جيش العسرة فى غزوة تبوك،هذا مع مشاركته في القتال بنفسه في هذه الغزوات.
وغاب عثمان عن غزوة بدر لأنه كان يمرِّض زوجه المريضة رقية بنت رسول الله،والتى توفيت بعد الغزوة،ولهذا العذر ضرب رسول الله لعثمان سهمه وأجره فى بدر،فأصبح من البدريين وإن لم يشهد الغزوة. ومن الأمور المثيرة للاختلاف موقف عثمان فى غزوة أحد،وفراره مع من فروا،قال عبد الله بن عمر: أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له. أن يعد المرء من البدريين.. هذا شرف عظيم،ناله بعض صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أولئك الذين جاهدوا مع رسول الله فى أول معركة بين الحق والباطل،وهى غزوة بدر التي كتب الله فيها النصر للمؤمنين.
تزوج عثمان رقية بنت رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في مكة،وفى شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة،فى أيام غزوة بدر مرضت رقية،فأذن رسول الله لعثمان أن يبقى في المدينة لتمريض زوجته،وحزن عثمان،ليس لمرض زوجه فحسب،بل لتخلفه عن أول لقاء بين الكفر والإيمان فى ساحة القتال.(1/257)
وجاء البشير إلى المدينة بنصر المؤمنين،ففرح عثمان،وزاد من فرحه أن رسول الله ضرب له بسهمه وأجره فى بدر كمن شهدها،أى أنه معدود في البدريين. الحر شديد،والأرض جدباء،والناس فى شدة،فى هذه الظروف جاءت جيوش الروم تهدد المسلمين على مشارف الجزيرة العربية،ووقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فى المسلمين،يدعوهم إلى تجهيز جيش لملاقاة الروم،فقام عثمان فقال: يا رسول الله،على مائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله،ثم تكلم رسول الله وحض على تجهيز الجيش،فمائة بعير لاتكفى،فقام عثمان مرة أخرى فقال: يا رسول الله علىّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها،فخطب رسول الله مرة ثالثة،فقام عثمان وقال: يا رسول الله علىَّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل الله.
وجاء عثمان بألف دينار فى كمه فنثرها فى حجر رسول الله،فقال رسول الله: ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم.
وقال رسول الله: "من جهز جيش العسرة فله الجنة ". في يوم الحديبية أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يختار رجلا من صحابته ليكون سفيرًا إلى قريش،فوقع اختياره على عمر،فقال عمر: يا رسول الله إنى أخاف قريشًا على نفسى،وقد عرفت عداوتى إياها وغلظتى عليها،ولكنى أدلك على رجل أعز بها منى،عثمان بن عفان. فبعث رسول الله عثمان إلى أبى سفيان وأشراف قريش،يخبرهم أنه لم يأت لحربهم،وإنما جاء زائرا للبيت.
وانطلق عثمان فأبلغ قريشًا رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف،فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وظل عثمان في قريش ثلاثة أيام ينتظر الرد،وأبطأ عن الرجوع،فقلق عليه المسلمون،وأشيع أن عثمان قد قتل،فلما بلغ هذا الخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نبرح حتى نناجز القوم"،وأخذ البيعة من المسلمين على ذلك،وبايع رسول الله عن عثمان،فوضع يده اليمنى على يده اليسرى،وقال: "اللهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك"،وهذا مما يدل على تقدير الرسول - صلى الله عليه وسلم - عثمان الذي مثل الدولة المسلمة في هذه الموقف،وسميت هذه البيعة "بيعة الرضوان"،والتى نزل فيها قول الله تعالى: لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة وبعد أن جاء عثمان بايع بنفسه. روى عثمان بن عفان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة وستة وأربعين حديثا،وروى عن أبى بكر وعمر،وروى عنه أولاده وكثير من أعلام الصحابة،منهم عبد الله بن مسعود،وعبد الله بن عباس،وزيد بن ثابت،وأبو هريرة ... وغيرهم كثير.
وكان عثمان يهاب الخطابة والتحديث،وبرغم هذا فكان إذا حدَّث أتم الناس حديثا،وفي هذا يقول أحد الصحابة: ما رأيت أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حدث أتم حديثا ولا أحسن من عثمان بن عفان،إلا أنه كان رجلا يهاب الحديث. تزوج عثمان تسع زوجات،أنجب منهن ستة عشر ولدًا: تسعة ذكور،وسبع إناث،وسمى عثمان بذى النورين لتشرفه بالزواج من رقية بنت رسول(1/258)
الله - صلى الله عليه وسلم - ثم زواجه من أم كلثوم أختها،وقد ماتتا عنده،وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لو كان عندى ثالثة لزوجتها لك".
وأولاده وزوجاته كالتالى:
عبد الله،وأمه رقية.
وعبد الله الأصغر،وأمه فاختة بنت غزوان بن جابر.
ـ وعمرو،وخالد،وأبان،وعمر،ومريم،وأمهم أم عمرو بنت جندب.
ـ والوليد،وسعيد،وأم سعيد،وأمهم فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس.
وعبد الملك،وأمه أم البنين بنت عيينة بن حصن بن حذيفة.
ـ وعائشة،وأم أبان،أم عمرو،وأمهن بنت شيبة بن ربيعة.
ومريم،وأمها نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص.
وأم البنين،وأمها أم ولد. تزوج عثمان رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمُّها خديجةُ بنت خويلد بمكة وهاجرت معه إلى الحبشة،وقال عنهما رسول الله: "إنهما لأول من هاجر إلى الله بعد نبى الله لوط". وفي الحبشة ولدت رقية لعثمان ولدًا سماه "عبد الله"،وكان عثمان يُكْنَى به،ولما بلغ عبد الله ست سنين نقر عينه ديك فمرض ومات. ثم هاجرت رقية مع عثمان إلى المدينة المنورة. وفي العام الثانى للهجرة،مرضت رقية أثناء خروج المسلمين إلى "بدر"،فأذن رسول الله لعثمان أن يمرضها،إلا أنها - رضى الله عنها - ما لبثت أن ماتت،فحزن عليها عثمان. حزن عثمان لوفاة زوجه رقية،فرآه النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ما لى أراك مهموما؟ فقال: يا رسول الله،وهل دخل على أحد ما دخل على،ماتت ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التى كانت عندى،وانقطع ظهرى،وانقطع الصِّهْر بينى وبينك.
فقال رسول الله: هذا جبريل عليه السلام يأمرنى عن الله - عز وجل - أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها.. فزوَّجه إياها.
وكانت أم كلثوم أصغر من رقية،وكان زواجه بها في ربيع الأول من سنة ثلاث للهجرة،وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة نفسها. عاشت أم كلثوم مع عثمان ست سنوات،ولم تلد له حتى توفيت سنة تسع للهجرة،وصلى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: لو أن لنا ثالثة لزوجنا عثمان بها. كان عثمان فى عهد أبى بكر هو الكاتب الأول للخليفة،ومستشاره الثانى بعد عمر،وكان لعثمان دور فى تسيير شئون الدولة مع عمر بن الخطاب وغيره من كبار الصحابة،إذ كانوا يساعدون أبا بكر ويعينونه فى تسيير أمور الحكم.
وفى عهد عمر بن الخطاب استمر عثمان في إعانة أمير الدولة،والإشارة عليه إذا استشاره،فإذا أراد الناس أن يسألوا عمر شيئا لاذوا بعثمان لمكانه منه،وهو الذى أشار على عمر بتسجيل الناس فى(1/259)
سجلات خاصة وإنشاء الدواوين،وهو أيضا الذى أشار عليه بكتابة التاريخ الهجرى بدءًا من شهر المحرم - في بعض الآراء.
ومن الجدير بالذكر أن عثمان هو الذى كتب لأبى بكر عهده باستخلاف عمر وهو الذي أذاعه على الناس. اختير عثمان للخلافة من بين الستة الذين اختارهم عمر وتمت البيعة لعثمان،وبدأ استخلافه فى التاسع والعشرين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة،ليصبح عثمان ثالث الخلفاء الراشدين..
وهو أطول الخلفاء الأربعة بقاء في الحكم،فقد استمرت خلافته اثنى عشر عامًا،حقق خلالها العديد من الإنجازات،ومن أعظم إنجازاته توحيد المصاحف على قراءة واحدة،هذا غير إنشاء الأسطول،والقضاء على الاضطرابات التى حدثت فى المدن المفتوحة عقب وفاة عمر.
وقد أحب الناس عثمان لكرمه وحيائه،وحزنوا عليه كثيرا عندما قتلته الفئة الظالمة،ليلقى ربه شهيدا،فى يوم الجمعة الثامن عشر من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة. في يوم الإثنين التاسع والعشرين من ذى الحجة سنة 23 هـ بويع عثمان بالخلافة،وتمت البيعة في حضور مجلس الشورى السداسى الذى حدده الخليفة الثانى عمر وفي اليوم التالى،الأول من المحرم سنة 24 هـ،بدأت خلافة عثمان وكان عمره آنذاك ثمانية وستين عاما. كان عمر بن الخطاب يخاف أن يستخلف أحدا بعده،فاكتفى بأن حصر الخلافة في الستة الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض،وهم: على بن أبى طالب،والزبير بن العوام،وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان،وطلحة بن عبيد الله،وسعد بن أبى وقاص.
فلما مات عمر أصبحت الأمانة حملا ثقيلا في أعناق كبار الصحابة،ولم يكن أمامهم بد من صيانتها وحسن أدائها،حبا لهذا الدين،وسعيا إلى إعزازه.
اجتمع أهل الشورى،فأخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من دائرة الاختيار،حبا في أن يحمل الأمانة من هو أقدر على ذلك منه،وبدأ يشاور الوجهاء من الصحابة والأمراء ورءوس الناس،ويحاور المرشحين،ثلاثة أيام لم يغمض له فيها جفن،حتى انحصرت دائرة الاختيار في عليّ وعثمان،فأخذ عبد الرحمن الميثاق من علىّ ليسمعنَّ ويطيعن لو اختير عثمان،وأخذ الميثاق من عثمان ليسمعنَّ ويطيعن إذا اختير عليّ،ثم قال عبد الرحمن: ارفع يدك يا عثمان فبايعه،وبايع له على،وبايعه كل من كان في الدار آنذاك.. ثم خرج عثمان إلى الناس فبايعوه.
حفلت فترة خلافة عثمان بالعديد من الإنجازات،كان أعظمها على الإطلاق توحيد المصاحف على قراءة واحدة ومصحف واحد هو ما نعرفه اليوم بـ "مصحف عثمان"،ومن إنجازات عثمان في مجال البناء والتشييد زيادته في المسجد الحرام،وزيادته في المسجد النبوى.(1/260)
وكذلك بناؤه للأسطول الإسلامى الذى شهد أول معركة بحرية في عهده وفي الإسلام،وهى معركة "ذات الصوارى" كما تعددت الفتوح في عهده.
ومن أوليات عثمان أنه أول من حمى الحمى لنَعَم الصدقة،وأول من اتخذ صاحب شرطة ـ فيما يُقال. أعظم إنجاز تم في عهد عثمان بن عفان هو توحيد الناس في العالم الإسلامى على مصحف واحد،وقراءة واحدة،درءا لفتنة كادت تقوم بين المسلمين،شعر بها الصحابى الجليل حذيفة بن اليمان،فأسرع إلى عثمان قائلا: "أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى"،فجمع عثمان الصحابة وأخبرهم برأى حذيفة،فوافقوه عليه،ثم كون لجنة منهم ضمت: زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير،وسعيد بن العاص،وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام،فأمرهم أن ينسخوا المصحف الذى جُمِع في أيام أبى بكر - رضى الله عنه.
وكان محفوظا عند أم المؤمنين حفصة،فنسخوا عدة نسخ أرسلها عثمان إلى البلاد،وأمر بحرق ما سواها من المصاحف وأبقى المصحف الذي أمر بنسخه،وهو المصحف الذى نقرأه اليوم والمعروف بـ "الرسم العثمانى" وصدق الله العظيم إذ يقول "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". كان المسجد الحرام عبارة عن فناء يحيط بالكعبة،ولم يكن له جدار،فلما كثر الناس في عهد عمر رضى الله عنه وسع في المسجد،وبنى له جدارا قصيرا،ثم جاء عهد عثمان فاشترى منازل تحيط بالمسجد فهدمها ووسع المسجد،وبنى المسجد الحرام،وبنى فيه أروقة،فكان عثمان رضى الله عنه أول من اتخذ للمسجد أروقة. وكان يكسو الكعبة القباطى،وهى ثياب من كتان نسجت في مصر. في عهد عثمان ضاق المسجد النبوى بالناس،فكلموه أن يزيد في المسجد كما زاد عمر فشاور عثمان أهل الرأى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجمعوا على أن يهدمه ويزيد فيه. ولم يكتف عثمان بهذا،بل أراد أن يطمئن الناس فخطب فيهم قائلا: " أيها الناس،إنى قد أردت أن أهدم مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزيد فيه،وأشهد أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة"،وقد كان لى فيه سلف وإمام تقدمنى: عمر بن الخطاب..". فاطمأن الناس،ودعوا له. وبدأ عثمان العمل في الهدم والتوسعة،فزاد في المسجد النبوى زيادة كبيرة،وبنى جدرانه بالحجارة المنقوشة والفضة،وجعل أعمدته من حجارة منقوشة،وسقفه بالساج (وهو نوع من الخشب القوي)،وجعل أبوابه على ما كانت أيام عمر ستة أبواب. واستغرق العمل في التوسعة عشرة أشهر. بعد وفاة عمر بن الخطاب انتفضت كثير من البلاد التى فتحها المسلمون في فارس والروم،ونقضت كثير من المقاطعات الفارسية معاهداتها مع المسلمين،فتصدى عثمان لهذه الثورات بحزم وقضى عليها. وحاولت الروم أن تهاجم الشام وتطرد المسلمين منها،فأمر عثمان بتحريك قوات من العراق لنجدة الشام،وهزم المسلمون الروم،وافتتحوا حصونا كثيرة في بلادهم. وهاجم الروم مصر،واستولى قائدها "مانويل" على الإسكندرية،فخرج إليهم فاتح مصر عمرو بن العاص فطردهم نهائيا،وقتل "مانويل".(1/261)
وفي عهد عثمان استمرت الفتوحات الإسلامية في شمال إفريقيا،وتم بناء أول أسطول إسلامى،وكان أول عمل بحرى ناجح قام به الأسطول هو "فتح جزيرة قبرص" سنة 28 للهجرة. والتقى الأسطول الإسلامى مع الأسطول البيزنطى في أول معركة بحرية للمسلمين سنة 31 للهجرة،وهى "ذات الصوارى"،وفيها هُزِم الأسطول البيزنطى هزيمة ساحقة. كان عثمان بن عفان أول من هاجر بأهله من المسلمين،وأول من جمع الناس على حرف واحد في القراءة،وأول من حمى الحمى لنَعَم الصدقة،وأول من فوض إلى الناس إخراج زكاتهم،وأول من اتخذ صاحب شرطة،وأول من قدم الخطبة في العيد على الصلاة،وأول من جعل للمؤذنين رواتب،وأول من ولى الخلافة في حياة أمه.. كان الصحابة يضربون المثل بعثمان في تلاوة القرآن الكريم،وخاصة في قيام الليل،وروى عنه أكثر من واحد أنه ختم القرآن كله في ركعة..
قال عطاء بن أبى رباح: "إن عثمان بن عفان صلى بالناس،ثم قام خلف المقام فجمع كتاب الله في ركعة".
وقالت امرأة عثمان حين قُتِل: "قتلتموه،وإنه ليحيى الليل كله بالقرآن؟". وكان عثمان كثير الصيام،حتى وصف بأنه يصوم الدهر.
وحج عثمان بالناس سنوات خلافته كلها،إلا آخر حجة.
وكان كثير الخوف من الله،قال - رضى الله عنه: "لو أنى بين الجنة والنار،لا أدرى إلى أيتهما يؤمر بى،لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير". بعيدا عن مهام الخلافة وهمومها،نقترب من عثمان لنتعرف على فضائله وأخلاقه ومناقبه،لنرى عبادته وتواضعه،ولنسمع من كلمات عثمان ما يرقق القلوب،ويحث الهمم على السعي للآخرة.
وكان حياؤه وكرمه يفيضان على المسلمين،فقد كان رحيما لين الجانب،يؤثر الناس بماله،وينفق في سبيل الله ما ملكت يداه دون شُحّ أو تقتير. بعيدا عن مهام الخلافة وهمومها،نقترب من عثمان لنتعرف على فضائله وأخلاقه ومناقبه،لنرى عبادته وتواضعه،ولنسمع من كلمات عثمان ما يرقق القلوب،ويحث الهمم على السعي للآخرة.
وكان حياؤه وكرمه يفيضان على المسلمين،فقد كان رحيما لين الجانب،يؤثر الناس بماله،وينفق في سبيل الله ما ملكت يداه دون شُحّ أو تقتير. كان عثمان جوادا كريما،سخى اليد في طاعة الله،وسريع البذل في سبيله وإعلاء دينه،وقد جهز جيش العسرة المتوجه إلى تبوك من ماله،ويومها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ما ضر عثمان ماصنع بعد اليوم". واشترى عثمان بئر رومة - وكانت ملكا ليهودى يبيع المسلمين ماءها - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"من يشترى بئر رومة فيجعلها للمسلمين وله الجنة"،فأتى عثمان اليهودىَّ فساومه،فأبى أن يبيعها كلها،فاشترى نصفها،واتفق معه على أن تكون لعثمان يوما(1/262)
وله يوما،فكان المسلمون في يوم عثمان يستقون ما يكفيهم ليومين،فلما رأى اليهودى ذلك باع لعثمان النصف الآخر،وأصبحت البئر كلها ملكا للمسلمين.
وقحط الناس في زمن أبى بكر،وجاءت لعثمان قافلة محملة بالبضائع،وعرض عليه التجار أغلى الأسعار لشرائها،ولكن عثمان قال لهم: أشهدكم - معشر التجار- أنها صدقة على فقراء المدينة. كان عثمان أصدق الأمة حياء،وصفة الحياء تلازمها دائما صفة التواضع،فكان عثمان متواضعا تواضع الحيى الكريم،وتواضع الأمير الذى يعامل رعيته على أنه واحد منهم.
يروى أحد التابعين فيقول: رأيت عثمان نائما في المسجد ورداؤه تحت رأسه،فيجيء الرجل فيجلس كأنه أحدهم
وسئل الحسن البصرى عن القائلين - أي الذين ينامون وقت القيلولة - في المسجد،فقال: رأيت عثمان بن عفان يقيل في المسجد وهو يومئذ خليفة،ويقوم وأثر الحصى بجنبه فنقول: هذا أمير المؤمنين.. هذا أمير المؤمنين.
وأما في بيته فقد كان عثمان لا يوقظ أحدا من أهله أو خدمه من الليل،إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وَضُوءَه.. بشَّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان بأن الشهادة ستكون ختام حياته،وكرامة من الله وإنعاما.
ذات يوم صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبل أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف الجبل بهم،فقال - صلى الله عليه وسلم - :"اثبت أحد فما عليك إلا نبى وصديق وشهيدان".
وروى عن ابن عباس أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال لعثمان: "تقتل وأنت مظلوم..". كانت الشهادة أمنية في نفس عثمان يشعر أنها سوف تتحقق،خاصة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشره بها،وجاءت الفتنة لتكون سببا في استشهاد عثمان،ولتفتح على المسلمين أبواب الشر واسعة. وقد أثار قتلة عثمان كثيرا من الشبهات حوله،لكن الصحابة دافعوا عن عثمان وردوا الافتراءات على قائليها،وبرغم حراستهم لباب عثمان ومحاولتهم ألا يصل إليه أحد من القتلة،إلا أن ذلك لم يمنع ما قدره الله من قتل عثمان شهيدا،وبين يديه كتاب الله. وكان رثاء عثمان والمطالبة بثأره حارًا وصادقًا من كبار شعراء الإسلام. فوداعا عثمان في الصالحين والصديقين والشهداء في رحاب جنة رب العالمين. جاءت "الفتنة" لتثير الافتراءات على ثالث الخلفاء الراشدين عثمان ولتكون سببا في استشهاده،ولقد حفظ لنا الرواة في كتب السنة والسير،كيف دافع صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عثمان - رضى الله عنه،وكيف ردوا الافتراءات على قائليها.
ذات يوم جاء رجل من أهل مصر إلى مكة حاجا،فرأى قوما جلوسا،وبينهم عبد الله بن عمر فسأله: هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال: نعم،فقال: هل تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهدها؟ قال: نعم،فقال: هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان ولم يشهدها؟ قال: نعم،ففرح الرجل وكبر.(1/263)
عندئذ قال له عبد الله: تعال أبين لك،أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له،وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مريضة،فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه"،وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه إلى مكانه،فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان،وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة،فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده اليمنى " هذه يد عثمان "،فضرب بها على يده،فقال: "هذه لعثمان". قال علي بن أبي طالب: كان عثمان أوصلنا للرحم،وأتقانا للرب.
وسأله سائل عن عثمان بعد مقتله فقال له: إن عثمان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات،ثم اتقوا وآمنوا،ثم اتقوا وأحسنوا،والله يحب المحسنين.
وكان عبد الله بن عمر يتلو قول الله تعالى: أمن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه،ثم يقول: هو "عثمان بن عفان". في يوم الجمعة الثامن عشر من ذى الحجة سنة هـ،جلس عثمان في بيته المحاصر من الفئة الظالمة،وفتح أمامه المصحف يطالع كتاب الله،وكان هذا آخر لقاء بينه وبين المصحف في الدنيا،فقد تسلل ثلاثة من أنصار الفتنة،وقام اثنان منهم بقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان،لينهى بذلك اثنتى عشرة سنة من خلافته،واثنتين وثمانين سنة من عمره.
وصدقت بشرى رسول الله،وهو الصادق دائما،بأن عثمان تقتله فئة باغية،وهو يقرأ في كتاب الله،وكان عثمان صائما ليفطر عند الأحبة محمد وصحبه.
روى عن أحد التابعين قال: أصبح عثمان بن عفان يوم قتل يقص رؤيا على أصحابه رآها،فقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البارحة،فقال لى: يا عثمان،أفطر عندنا.. وأصبح عثمان صائما وقتل في ذلك اليوم،ودفن عثمان في اليوم التالى بالبقيع.
فسلام على ذى النورين في الشهداء والصالحين. حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَرَفِيقِي فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. رواه ابن ماجة 0حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ لَهُ ابْنَ أَخِي أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقُلْتُ لَهُ لَا وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ وَالْيَقِينِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا قَالَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ هَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتُ وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. رواه أحمد.(1/264)
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا عُثْمَانُ هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ عَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْيَشْكُرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أُمِّي تُحَدِّثُ أَنَّ أُمَّهَا انْطَلَقَتْ إِلَى الْبَيْتِ حَاجَّةً وَالْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ لَهُ بَابَانِ قَالَتْ فَلَمَّا قَضَيْتُ طَوَافِي دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَعْضَ بَنِيكِ بَعَثَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ وَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي عُثْمَانَ فَمَا تَقُولِينَ فِيهِ قَالَتْ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَهُ لَا أَحْسِبُهَا إِلَّا قَالَتْ ثَلَاثَ مِرَارٍ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسْنِدٌ فَخِذَهُ إِلَى عُثْمَانَ وَإِنِّي لَأَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّ الْوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَلَقَدْ زَوَّجَهُ ابْنَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى إِثْرِ الْأُخْرَى وَإِنَّهُ لَيَقُولُ اكْتُبْ عُثْمَانُ قَالَتْ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُنْزِلَ عَبْدًا مِنْ نَبِيِّهِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إِلَّا عَبْدًا عَلَيْهِ كَرِيمًا. رواه أحمد. حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي أَبُو أُمِّي أَبُو حَبِيبَةَ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ فِيهَا وَأَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَسْتَأْذِنُ عُثْمَانَ فِي الْكَلَامِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ بَعْدِي فِتْنَةً وَاخْتِلَافًا أَوْ قَالَ اخْتِلَافًا وَفِتْنَةً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالْأَمِينِ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى عُثْمَانَ بِذَلِكَ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِتْنَةً فَقَرَّبَهَا فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ رَأْسُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى فَوَثَبْتُ فَأَخَذْتُ بِضَبْعَيْ عُثْمَانَ ثُمَّ اسْتَقْبَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ هَذَا قَالَ هَذَا. رواه ابن ماجة.
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ دَاوُدَ الْعَطَّارِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ وَالْمَشْهُورُ حَدِيثُ أَبِي قِلَابَةَ. رواه الترمذي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْه عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ جَارِيَةٌ تَضْرِبُ بِالدُّفِّ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْهم فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْه فَأَمْسَكَتْ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْمَاجِشُونُ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لَوْ هَلَكَ عُثْمَانُ وَزَيْدٌ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ لَهَلَكَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَمَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُمَا. رواه الدارمي. حَدَّثَنَا(1/265)
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. رواه البخاري.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهمَا قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رواه البخاري. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ قَالَ قَيْسٌ فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ حِينَ حُصِرَ إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ قَالَ قَيْسٌ فَكَانُوا يَرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. رواه أحمد. حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ زَوَّجَنِيَ ابْنَتَهُ وَحَمَلَنِي إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ وَأَعْتَقَ بِلَالًا مِنْ مَالِهِ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ يَقُولُ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا تَرَكَهُ الْحَقُّ وَمَا لَهُ صَدِيقٌ رَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ تَسْتَحْيِيهِ الْمَلائِكَةُ رَحِمَ اللَّهُ عَلِيًّا اللَّهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ كَثِيرُ الْغَرَائِبِ وَأَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ كُوفِيٌّ وَهُوَ ثِقَةٌ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْهم عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ جَارِيَةٌ تَضْرِبُ بِالدُّفِّ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْهم فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْهم فَأَمْسَكَتْ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو جُمَيْعٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ وَذَكَرَ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَشِدَّةَ حَيَائِهِ فَقَالَ إِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَمَا يَضَعُ عَنْهُ الثَّوْبَ لِيُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ. رواه أحمد. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ. رواه أحمد.(1/266)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يُرِيدُ أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنَ الشَّقِّ الْآخَرِ قَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ. رواه البخاري. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ. رواه البخاري. حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَاوَانَ قَالَ قَالَ الْأَحْنَفُ انْطَلَقْنَا حُجَّاجًا فَمَرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَنْزِلِنَا إِذْ جَاءَنَا آتٍ فَقَالَ النَّاسُ مِنْ فَزَعٍ فِي الْمَسْجِدِ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَصَاحِبِي فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى نَفَرٍ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ فَتَخَلَّلْتُهُمْ حَتَّى قُمْتُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ جَاءَ عُثْمَانُ يَمْشِي فَقَالَ أَهَاهُنَا عَلِيٌّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَهَاهُنَا الزُّبَيْرُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَهَاهُنَا طَلْحَةُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَهَاهُنَا سَعْدٌ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ(1/267)
يَبْتَاعُ مِرْبَدَ بَنِي فُلانٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ فَابْتَعْتُهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُهُ فَقَالَ اجْعَلْهُ فِي مَسْجِدِنَا وَأَجْرُهُ لَكَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ فَابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُهَا يَعْنِي بِئْرَ رُومَةَ فَقَالَ اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَأَجْرُهَا لَكَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ يَوْمَ جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَقَالَ مَنْ يُجَهِّزُ هَؤُلَاءِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ فَجَهَّزْتُهُمْ حَتَّى مَا يَفْقِدُونَ خِطَامًا وَلَا عِقَالًا قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ انْصَرَفَ. رواه أحمد. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ وَاقِعٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَلْفِ دِينَارٍ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ وَاقِعٍ وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِي فِي كُمِّهِ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَيَنْثُرُهَا فِي حِجْرِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ وَيَقُولُ مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. رواه الترمذي. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي الْفَارِسِيَّ قَالَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَهُمَا سَطْرًا بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ عِنْدَهُ يَقُولُ ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الآيَاتُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ فَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهًا بِقِصَّتِهَا فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا وَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرًا بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ. رواه أحمد. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عُبَيْدَاللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِيَغُوثَ قَالَا مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ عُثْمَانَ لِأَخِيهِ الْوَلِيدِ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ فَقَصَدْتُ لِعُثْمَانَ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً وَهِيَ نَصِيحَةٌ لَكَ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ قَالَ مَعْمَرٌ أُرَاهُ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَانْصَرَفْتُ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ فَقُلْتُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ قَالَ(1/268)
أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ لَا وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتَ وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتُهُ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ أَفَلَيْسَ لِي مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَمَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ فَسَنَأْخُذُ فِيهِ بِالْحَقِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِدَهُ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ. رواه البخاري. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرُونَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيْمَانَ ابْنَيْ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَوَّى ثِيَابَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ أَلا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ. رواه مسلم. حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا لَيْثٌ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ لَقِيطٍ التُّجِيبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ مَنْ نَجَا مِنْ ثَلَاثٍ فَقَدْ نَجَا قَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالُوا مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَوْتِي وَمِنْ قَتْلِ خَلِيفَةٍ مُصْطَبِرٍ بِالْحَقِّ يُعْطِيهِ وَالدَّجَّالِ. رواه أحمد. حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَاللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَاللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ أَخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ هَاجَرْتُ هِجْرَتَيْنِ وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتُهُ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَابَعَهُ إِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ مِثْلَهُ. رواه البخاري. حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْيَشْكُرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أُمِّي تُحَدِّثُ أَنَّ أُمَّهَا انْطَلَقَتْ إِلَى الْبَيْتِ حَاجَّةً وَالْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ لَهُ بَابَانِ قَالَتْ فَلَمَّا قَضَيْتُ طَوَافِي دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَعْضَ بَنِيكِ بَعَثَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ وَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي عُثْمَانَ فَمَا تَقُولِينَ فِيهِ قَالَتْ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَهُ لَا أَحْسِبُهَا إِلَّا قَالَتْ ثَلَاثَ مِرَارٍ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسْنِدٌ فَخِذَهُ إِلَى عُثْمَانَ وَإِنِّي لَأَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّ الْوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَلَقَدْ زَوَّجَهُ ابْنَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى إِثْرِ الْأُخْرَى وَإِنَّهُ لَيَقُولُ اكْتُبْ عُثْمَانُ قَالَتْ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُنْزِلَ عَبْدًا مِنْ نَبِيِّهِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إِلَّا عَبْدًا عَلَيْهِ كَرِيمًا. رواه أحمد. حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقُعُودُ قَالُوا هَؤُلَاءِ(1/269)
قُرَيْشٌ قَالَ مَنِ الشَّيْخُ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ أَتُحَدِّثُنِي قَالَ أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا الْبَيْتِ أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَبَّرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ لِأُخْبِرَكَ وَلِأُبَيِّنَ لَكَ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ فَبَعَثَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَمَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِعُثْمَانَ اذْهَبْ بِهَذَا الْآنَ مَعَكَ. رواه البخاري. حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ هَارُونَ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِتْنَةً فَمَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا الْمُقَنَّعُ يَوْمَئِذٍ ظُلْمًا قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله تَعَالَى عَنْهم. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي الْيَعْفُورِ الْعَبْدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَعْتَقَ عِشْرِينَ مَمْلُوكًا وَدَعَا بِسَرَاوِيلَ فَشَدَّهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَلْبَسْهَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ وَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَارِحَةَ فِي الْمَنَامِ وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهمَا وَإِنَّهُمْ قَالُوا لِي اصْبِرْ فَإِنَّكَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا الْقَابِلَةَ ثُمَّ دَعَا بِمُصْحَفٍ فَنَشَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُتِلَ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ كُنَّا مُعَسْكِرِينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَامَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ الْبَهْزِيُّ فَقَالَ لَوْلَا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قُمْتُ هَذَا الْمَقَامَ فَلَمَّا سَمِعَ بِذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْلَسَ النَّاسَ فَقَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ مَرَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله تَعَالَى عَنْهم عَلَيْهِ مُرَجِّلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَتَخْرُجَنَّ فِتْنَةٌ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ أَوْ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْ هَذَا هَذَا يَوْمَئِذٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى الْهُدَى قَالَ فَقَامَ ابْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ مِنْ عِنْدِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنَّكَ لَصَاحِبُ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَحَاضِرٌ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي فِي الْجَيْشِ مُصَدِّقًا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ. رواه أحمد.
حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ أَبِي سَهْلَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ادْعُوا لِي بَعْضَ أَصْحَابِي قُلْتُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ لَا قُلْتُ عُمَرُ قَالَ لَا قُلْتُ ابْنُ عَمِّكَ عَلِيٌّ قَالَ لَا قَالَتْ قُلْتُ عُثْمَانُ قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ تَنَحَّيْ جَعَلَ يُسَارُّهُ وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ فِيهَا قُلْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا تُقَاتِلُ قَالَ لَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا وَإِنِّي صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ. رواه أحمد. روى البخاري ـ حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال أخبرني علقمة بن مرثد سمعت سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال خيركم من(1/270)
تعلم القرآن وعلمه قال وأقرأ أبو عبدالرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج قال وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا.
حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبي عبدالرحمن السلمي عن عثمان بن عفان قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه. روى البخاري ـ حدثني أمية بن بسطام حدثنا يزيد بن زريع عن حبيب عن ابن أبي مليكة قال ابن الزبير قلت لعثمان بن عفان ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ) قال قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها قال يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه.
حدثني عبدالله بن أبي الأسود حدثنا حميد بن الأسود ويزيد بن زريع قالا حدثنا حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة قال قال ابن الزبير قلت لعثمان هذه الآية التي في البقرة ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ) إلى قوله ( غير إخراج ) قد نسختها الأخرى فلم تكتبها قال تدعها يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه قال حميد أو نحو هذا. روى البخاري ـ حدثني أحمد بن شبيب بن سعيد قال حدثني أبي عن يونس قال ابن شهاب أخبرني عروة أن عبيدالله بن عدي بن الخيار أخبره أن المسور بن مخرمة وعبدالرحمن بن الأسود بن عبديغوث قالا ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد فقد أكثر الناس فيه فقصدت لعثمان حتى خرج إلى الصلاة قلت إن لي إليك حاجة وهي نصيحة لك قال يا أيها المرء قال معمر أراه قال أعوذ بالله منك فانصرفت فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان فأتيته فقال ما نصيحتك فقلت إن الله سبحانه بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - فهاجرت الهجرتين وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن الوليد قال أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت لا ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها قال أما بعد فإن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمنت بما بعث به وهاجرت الهجرتين كما قلت وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبايعته فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله عز وجل ثم أبو بكر مثله ثم عمر مثله ثم استخلفت أفليس لي من الحق مثل الذي لهم قلت بلى قال فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم أما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله ثم دعا عليا فأمره أن يجلده فجلده ثمانين.
حدثنا عبدالله بن محمد الجعفي حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري حدثنا عروة بن الزبير أن عبيدالله بن عدي بن الخيار أخبره أن المسور بن مخرمة وعبدالرحمن بن الأسود بن عبديغوث قالا له ما يمنعك أن تكلم خالك عثمان في أخيه الوليد بن عقبة وكان أكثر الناس فيما فعل به قال عبيدالله فانتصبت لعثمان حين خرج إلى الصلاة فقلت له إن لي إليك حاجة وهي نصيحة فقال أيها المرء أعوذ بالله منك فانصرفت فلما قضيت الصلاة جلست إلى المسور وإلى ابن عبديغوث فحدثتهما بالذي قلت لعثمان وقال لي فقالا قد قضيت الذي كان عليك فبينما أنا جالس معهما إذ جاءني رسول(1/271)
عثمان فقالا لي قد ابتلاك الله فانطلقت حتى دخلت عليه فقال ما نصيحتك التي ذكرت آنفا قال فتشهدت ثم قلت إن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وآمنت به وهاجرت الهجرتين الأوليين وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن الوليد بن عقبة فحق عليك أن تقيم عليه الحد فقال لي يا ابن أخي آدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال قلت لا ولكن قد خلص إلي من علمه ما خلص إلى العذراء في سترها قال فتشهد عثمان فقال إن الله قد بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وآمنت بما بعث به محمد - صلى الله عليه وسلم - وهاجرت الهجرتين الأوليين كما قلت وصحبت رسول الله وبايعته والله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله ثم استخلف الله أبا بكر فوالله ما عصيته ولا غششته ثم استخلف عمر فوالله ما عصيته ولا غششته ثم استخلفت أفليس لي عليكم مثل الذي كان لهم علي قال بلى قال فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم فأما ما ذكرت من شأن الوليد بن عقبة فسنأخذ فيه إن شاء الله بالحق قال فجلد الوليد أربعين جلدة وأمر عليا أن يجلده وكان هو يجلده وقال يونس وابن أخي الزهري عن الزهري أفليس لي عليكم من الحق مثل الذي كان لهم قال أبو عبد الله ( بلاء من ربكم ) ما ابتليتم به من شدة وفي موضع ( البلاء ) الابتلاء والتمحيص من بلوته ومحصته أي استخرجت ما عنده يبلو يختبر ( مبتليكم ) مختبركم وأما قوله بلاء عظيم النعم وهي من أبليته وتلك من ابتليته.
حدثني عبدالله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري حدثني عروة ابن الزبير أن عبيدالله بن عدي بن الخيار أخبره دخلت على عثمان وقال بشر بن شعيب حدثني أبي عن الزهري حدثني عروة بن الزبير أن عبيدالله بن عدي بن خيار أخبره قال دخلت على عثمان فتشهد ثم قال أما بعد فإن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن بما بعث به محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم هاجرت هجرتين ونلت صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبايعته فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله تابعه إسحاق الكلبي حدثني الزهري مثله. روى البخاري ـ حدثنا خالد بن مخلد حدثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه قال أخبرني مروان بن الحكم قال أصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصى فدخل عليه رجل من قريش قال استخلف قال وقالوه قال نعم قال ومن فسكت فدخل عليه رجل آخر أحسبه الحارث فقال استخلف فقال عثمان وقالوا فقال نعم قال ومن هو فسكت قال فلعلهم قالوا الزبير قال نعم قال أما والذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت وإن كان لأحبهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثني عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام أخبرني أبي سمعت مروان كنت عند عثمان أتاه رجل فقال استخلف قال وقيل ذاك قال نعم الزبير قال أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم ثلاثا. روى البخاري ـ حدثنا إسحاق بن محمد الفروي حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك ابن أوس بن الحدثان وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكرا من حديثه ذلك فانطلقت حتى أدخل على مالك بن(1/272)
أوس فسألته عن ذلك الحديث فقال مالك بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال أجب أمير المؤمنين فانطلقت معه حتى أدخل على عمر فإذا هو جالس على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش متكئ على وسادة من أدم فسلمت عليه ثم جلست فقال يا مال إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات وقد أمرت فيهم برضخ فاقبضه فاقسمه بينهم فقلت يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري قال اقبضه أيها المرء فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبدالرحمن ابن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون قال نعم فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا ثم جلس يرفا يسيرا ثم قال هل لك في علي وعباس قال نعم فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من مال بني النضير فقال الرهط عثمان وأصحابه يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر قال عمر تيدكم أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه قال الرهط قد قال ذلك فأقبل عمر على علي وعباس فقال أنشدكما الله أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال ذلك قالا قد قال ذلك قال عمر فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله قد خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره ثم قرأ ( وما أفاء الله على رسوله منهم) إلى قوله ( قدير ) فكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم قد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك قالوا نعم ثم قال لعلي وعباس أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك قال عمر ثم توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما عمل فيها أبو بكر والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق ثم جئتماني تكلماني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك وجاءني هذا يريد عليا يريد نصيب امرأته من أبيها فقلت لكما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما عمل فيها أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها فقلتما ادفعها إلينا فبذلك دفعتها إليكما فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك قال الرهط نعم ثم أقبل على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك قالا نعم قال فتلتمسان مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها. روى البخاري ـ حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمرو أن بكيرا حدثه أن عاصم بن عمر بن قتادة حدثه(1/273)
أنه سمع عبيدالله الخولاني أنه سمع عثمان بن عفان يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنكم أكثرتم وإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول من بنى مسجدا قال بكير حسبت أنه قال يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة. روى البخاري ـ حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت أرأيت إذا جامع فلم يمن قال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره قال عثمان سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألت عن ذلك عليا والزبير وطلحة وأبي ابن كعب رضي الله عنه فأمروه بذلك.
حدثنا أبو معمر حدثنا عبدالوارث عن الحسين قال يحيى وأخبرني أبو سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد الجهني أخبره أنه سأل عثمان بن عفان فقال أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن قال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره قال عثمان سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله وأبي بن كعب رضي الله عنه فأمروه بذلك قال يحيى وأخبرني أبو سلمة أن عروة بن الزبير أخبره أن أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . روى البخاري ـ حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال حدثني إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد أخبره أن حمران مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين ثم قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه.
وعن إبراهيم قال قال صالح بن كيسان قال ابن شهاب ولكن عروة يحدث عن حمران فلما توضأ عثمان قال ألا أحدثكم حديثا لولا آية ما حدثتكموه سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لا يتوضأ رجل يحسن وضوءه ويصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة حتى يصليها قال عروة الآية ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات.. ).
حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عطاء بن يزيد عن حمران مولى عثمان بن عفان أنه رأى عثمان بن عفان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل كل رجل ثلاثا ثم قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ نحو وضوئي هذا وقال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله أخبرنا معمر قال حدثني الزهري عن عطاء بن يزيد عن حمران رأيت عثمان رضي الله عنه توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا ثم تمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى(1/274)
ثلاثا ثم اليسرى ثلاثا ثم قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال من توضأ وضوئي هذا ثم يصلي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه.
حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم القرشي قال أخبرني معاذ بن عبدالرحمن أن حمران بن أبان أخبره قال أتيت عثمان بن عفان بطهور وهو جالس على المقاعد فتوضأ فأحسن الوضوء ثم قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ وهو في هذا المجلس فأحسن الوضوء ثم قال من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غفر له ما تقدم من ذنبه قال وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تغتروا. روى البخاري ـ قال أبو عبد الله وقال لنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي حدثنا الزهري عن حميد بن عبدالرحمن عن عبيدالله بن عدي بن خيار أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور فقال إنك إمام عامة ونزل بك ما نرى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج فقال الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم وقال الزبيدي قال الزهري لا نرى أن يصلى خلف المخنث إلا من ضرورة لا بد منها. روى البخاري ـ حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني السائب بن يزيد سمع عثمان بن عفان خطبنا على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - . روى البخاري ـ حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبدالله قال أخبرني يونس عن الزهري قال حدثني أبو عبيد مولى ابن أزهر أنه شهد العيد يوم الأضحى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال يا أيها الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاكم عن صيام هذين العيدين أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم وأما الآخر فيوم تأكلون من نسككم قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فكان ذلك يوم الجمعة فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له قال أبو عبيد ثم شهدته مع علي بن أبي طالب فصلى قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث وعن معمر عن الزهري عن أبي عبيد نحوه. روى البخاري ـ حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن الحكم عن علي بن حسين عن مروان بن الحكم قال شهدت عثمان وعليا رضي الله عنهما وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما فلما رأى علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة قال ما كنت لأدع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد. روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن إسمعيل بن إبراهيم قال أبو بكر حدثنا ابن علية عن خالد قال حدثني الوليد بن مسلم عن حمران عن عثمان قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا بشر بن المفضل حدثنا خالد الحذاء عن الوليد أبي بشر قال سمعت حمران يقول سمعت عثمان يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول مثله سواء. روى مسلم ـ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن(1/275)
العاص أخبره أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وعثمان حدثاه أن أبا بكر استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف قال عثمان ثم استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة اجمعي عليك ثيابك فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت فقالت عائشة يا رسول الله مالي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر رضي الله عنها كما فزعت لعثمان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته وحدثناه عمرو الناقد والحسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد كلهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال أخبرني يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عثمان وعائشة حدثاه أن أبا بكر الصديق استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر بمثل حديث عقيل عن الزهري. روى مسلم ـ حدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد قالا حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ح و حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد واللفظ له حدثني أبي عن جدي عن الحسين بن ذكوان عن يحيى بن أبي كثير أخبرني أبو سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد ابن خالد الجهني أخبره أنه سأل عثمان بن عفان قال قلت أرأيت إذا جامع الرجل امرأته ولم يُمْنِ قال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره قال عثمان سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد حدثني أبي عن جدي عن الحسين قال يحيى وأخبرني أبو سلمة أن عروة بن الزبير أخبره أن أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
روى مسلم ـ حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح وحرملة بن يحيى التجيبي قالا أخبرنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن حمران مولى عثمان أخبره أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات ثم مضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك ثم مسح رأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم غسل اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه قال ابن شهاب وكان علماؤنا يقولون هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة.
حدثني زهير بن حرب حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن حمران مولى عثمان أنه رأى عثمان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرات ثم قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه.(1/276)
- - - - - - - - - - - - - -(1/277)
المبحث الرابع
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
لو قلتَ هو فارس الفرسأن فلن تخطئ،ولو قلت هو من سادة الزهاد فلن تخالف الحقيقة،ولو عدَدْتَه سيدًا بين العلماء فلن تكون مجأوزًا الصواب،ولو قلت هو كل هؤلاء جميعًا فستصيب كبد الحقيقة.. فعلي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين المهديين اجتمع فيه شرف النَّسَب وعظمة الميلاد،وتربى فى حجر النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وبادر بالإيمان بالله ورسوله حينما دعاه ابن عمه محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وراقبت عيناه الصغيرتأن وهو يصعد نحو سن الشباب راقبتا صعود نجم الإسلام وشموخه فى وجه الشرك والمشركين،حتى كانت الهجرة إلى المدينة والفرار بالدين من وجه الكافرين،حيث بقي عليٌّ إلى جانب النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمِّن خطة هجرة الرسول،ثم كانت هجرته هو.
حمل علي لواء الجهاد فى سبيل الله مع من حملوه،وسار على الطريق بأقدام فتية،وعزيمة صُلبة قوية،فشهد مع النبي الخاتم مشاهد الكفاح والجهاد كلها،إلا تبوك التي استخلفه فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل بيته في المدينة،فكان ثوابه كثواب من حضرها.
وتزينت حياة على بالزواج من فاطمة الزهراء بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يتزوج غيرها حتى ماتت.. وبلغ من ثقة النبي - صلى الله عليه وسلم - به أن أرسله وهو شاب إلى اليمن قاضيًا ومعلمًا.
ومع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي وعلي بن أبي طالب فى ريعأن شبابه،إلا أن مسيرة الهدى للفتى المبارك لم تتوقف،فوقف إلى جانب الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان مستشارًا أمينا،وناصحًا خبيرًا. وظهر ذكاؤه ونبوغه فى القضاء،وكذا علمُه بكتاب الله وسنة رسوله اللذين ارتوى منهما اثناء صحبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ثم وقع اختيار الأمة على شيخ قريش الشجاع علي بن أبي طالب ليليَ أمرها،ويتولى الخلافة عليها،فى جو عاصف مضطرب،بعد مقتل الخليفة الصالح عثمان بن عفان. وحأول علىٌّ أن يسير بسفينة الأمة بين الأمواج الصعبة العاتية،وجاهد فى سبيل ربه حتى أتته الشهادة،وساما لحياته كلها،وقدّم أمير المؤمنين لبنيه وصية المودع للدنيا،المقبل على ربه بروح مشتاقة.
سارت فاطمة بنت أسد فى ساحة الكعبة،كما كانت تسير من قبل،غير أنها أحست هذه المرة بآلام الوضع،وإن الجنين الذى يقبع فى رحمها منذ بضعة شهور،يريد أن يغادره ليشم هواء الدنيا،فوضعت غلامًا استبشر الجميع بقدومه،وسجدوا لا لله تعالى،ولكن للأصنام التى خنقوا بها التوحيد حول الكعبة،وما كانوا يدرون أن هذا المولود المبارك سيكون من أعدى أعداء هذه الإلهة المزيفة،وسيشارك في هدمها وتحطيمها بقوة الحق.(1/278)
كان ميلاد ذلك الطفل فى السنة السادسة بعد المائة السادسة من الميلاد،وأرادت أمه أن تختار له اسمًا،فبحثت فى دفاتر عقلها عن اسم يحمل معأنى القوة والهيبة،ليقذف الخوف فى قلوب أعدائه،ويرهبهم باسمه كما يرهبهم بقوته،فسمته "حيدرة"،أى أسدا،كاسم أبيها،إلا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كرم الطفل الصغير،واختار له اسمًا خيرًا من هذا،علا به عن تسميته باسم هذا الحيوإن الشرس،فسماه "عليًا".
وفاطمة بنت أسد والدة علي بن أبي طالب كانت فى موضع قريب من قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ حنت عليه صغيرا،ورعته بعد وفاة أمه وجده،وودّعها - صلى الله عليه وسلم - يوم ماتت بقوله: "رحمك الله يا أمي،كنت أمي بعد أمي".
هو أول هاشمي ولد لهاشميينِ.. فكان نقي النسب،أبوه هو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف،قرشي هاشمي،وكذلك أمه قرشية هاشمية،وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم.. وصاحب هذا النسب النقي ليس غريبا أن ينشأ قويا فتيا. وهو ابن عم رسول الله وصهره،بل كان أخا له فى الدنيا والآخرة.
كان - كرم الله وجهه - يحب أن ينادَى "بأبي تراب"،وهى كنية أطلقها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد غاضب علي زوجته فاطمة الزهراء يوما،فخرج إلى المسجد واضطجع إلى جانب الجدار،وذهب الرسول الكريم إلى ابن ته يسأل عن علي فأخبرته بما حدث،فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - من يبحث عنه،فوجده فى المسجد،فذهب إليه - صلى الله عليه وسلم - فوجد ظهره قد التصق به التراب،فأقبل عليه - صلى الله عليه وسلم - وجعل يمسح التراب عن ظهره،ويقول له: "اجلس أبا تراب".. ومنذ تلك الساعة وكنية "أبى تراب" أحب كنية إليه.
كذلك كان علي يكنى بأبي الحسن،فهو والد السبطين - أي الحفيدين - الحسن والحسين،وهما سيدا شباب أهل الجنة.
أن دوام الحال من المحال.. وقريش أغنى القبائل وسيدتها أصابتها أزمة شديدة،وكان أبو طالب يخرج بتجارة رجال من القوم،ومع هذه الأزمة قل ماله مع كثرة عياله،فرقَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاله (وذلك قبل البعثة)،فذهب إلى عمه العباس يعرض عليه المشاركة فى حمل المسئولية عن أبي طالب،فوافق العباس وأيده،وذهبا إلى أبي طالب،فكفل العباس "جعفرا"،وكان أكبر من علي،وكفل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليا،فقد كان يحبه حبا شديدا،وكان مقربا إليه.
وبذلك نشأ علىٌّ منذ نعومة أظافره،وتربى فى بيت النبوة،فمع نقاء أصله وصفاء سريرته كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قدوته الأولى،فاقتدى به فى كل صفاته ... ولذلك كانت دعوته إلى الإسلام سهلة يسيرة مع حداثة سنه؛ لإنه كان يتمتع منذ صغره برجاحة عقل،وحكمة وذكاء ملحوظين،مع الثقة التامة فى(1/279)
صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - فكان نبتة صغيرة رواها الإسلام بنوره،لتصبح شجرة ثابتة قوية راسخة إلى آخر لحظة.
ما هذا؟! إنه النور يخرج من بيت محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - لينتشر فى أرجاء المعمورة.. فكان أول ما قابل فى طريقه قلبُ هذا الصبي الصغير عليّ،الذي تسرب الخير إليه فملأه بالهدى والنور..
وكان إسلام الصبي الذى لم يتجأوز عمره العاشرة حينها بعد أن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجه خديجة رضي الله عنها يصليأن،فسأل الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - ما هذا؟ فأجابه - صلى الله عليه وسلم - :"إنه دين الله اصطفاه لنفسه وبعث به رسوله". ثم دعاه إلى عبادة الله وحده لا شريك له،فتعجب الصبي من هذا الدين الذي لم يسمع به من قبل،وأراد أن يحدث به أباه،فطلب منه النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - إما أن يُسلم وإما أن يكتم الأمر،فبات الصبي ليلته والنور مازال يتسرب إلى قلبه،حتى أصبح غاديا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأسلم بين يديه،وكتم إسلامه،حتى علم به أبوه فأمر ه بالثبات عليه.
وهنا يبدأ طريق الجهاد،فتتحول تلك الأقدام الصغيرة إلى أقدام فتية تسلك سبيل الجهاد فى سبيل الله والعمل لدينه،فتطويه طيا حتى آخر لحظة فى العمر.
اشتدت المعركة بين الحق والباطل فى مكة،فجاء الأمر الإلهي بهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين إلى المدينة،وبدأت مواكب المؤمنين بالهجرة،تسبق قائدها إلى العش الآمن الذي يعيش فيه الدين والدعوة بلا تضييق ولا فتنة،حتى لم يبق فى مكة من المسلمين سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر قليل من أصحابه،منهم علي بن أبي طالب.
وكان لابد من تضليل الباطل ليهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلف رسول الله عليا بأن ينام فى فراشه،فتظنَّ قريش أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مازال نائما فى فراشه،ثم أمره أن يبقى بمكة ثلاثة أيام يرد فيها الأمأنات إلى أهلها،ثم يهاجر إلى المدينة ويلحق به.
أدى علي المهمة فى دقة،حتى خدع المشركين،ونفذ الوصية،ورد الأمأنات،ثم بدأ رحلة الهجرة غير مفتون فى دينه،فكان يسير ليلا ويستريح نهارًا،حتى وصل إلى بنى عمرو بن عوف من الآنصار،فنزل على كلثوم بن الهِدْم،ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدومه طلب استدعاءه،فقالوا: "لا يقدر أن يمشي"،فذهب إليه - صلى الله عليه وسلم - بنفسه فاعتنقه،وبكى رحمة به؛ لما بقدميه من ورم من أثر السفر.. وتفل النبي - صلى الله عليه وسلم - فى يديه ومسح بها رجلي علي،ودعا له،فلم يشتك منهما حتى استُشهد،بل حملتاه طوال الطريق الطويل دون شكوى ولا تعب.
"إنها ريحأنة أشمها".. كانت فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - أحب بناته - صلى الله عليه وسلم - إليه.. كالزهرة ـ هي ـ تَفُوح عطرًا،وتنثر عبيرًا يسعد قلب أبيها ويسر نفسه.
وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بإنها "سيدة نساء العالمين"،ما عدا مريم بنت عمران.. فمن يا تُرى يستحق هذه الزهرة فيحافظ عليها متفتحة دائما.. ومن هذا الذي يستحق أن يكون زوجا لسيدة نساء العالمين(1/280)
وحبيبة سيد العالمين ؟ ! لابد أن يكون هو الآخر حبيبا لرسول الله،وإن يكون جزءا منه - صلى الله عليه وسلم - كما إنها - رضي الله عنها - قطعة غالية منه.
لابد إنه من قال عنه - صلى الله عليه وسلم - :" إنه مني وإنا منه ".
ذهب علي بعد غزوة أحد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يخطب فاطمة الزهراء،ولكنه جلس بين يدي النبي ولم يستطع الكلام،فعلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمكنون نفسه،فصرح له به.. وكيف لا يعلم بما فى قلبه وهو - صلى الله عليه وسلم - الذى رباه؟!
وعرض النبي الكريم الأمر على ابن ته فاطمة يأخذ رأيها،فلم ترض بعلي زوجا فى البدآية،ولكنها وافقت عليه،ورضيت به عندما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمدحه..
وبهذا اجتمع حبيبا رسول الله،وتم الزواج،وكان سن الزهراء حينها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر،ودعا لهما النبي الكريم بأن يبارك الله فيهما،وإن يبارك عليهما،ويبارك لهما فى نسلهما،فكان ثمرة هذا الزواج أربعة من الأبناء،هم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة،وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى ...
وكان علي يحب فاطمة حبا شديدا،فلم يتزوج عليها فى حياتها.. وبعد زواجٍ دام قرابة تسعة أعوام رحلت الزوجة الوفية والزهرة الجميلة عن الدنيا،بعد وفاة أبيها - صلى الله عليه وسلم - بستة أشهر،فكانت أول من لحق به من أهل بيته،فحزن علىٌّ حزنا شديدا،فقد كانت زينة لداره وحياته.
لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتحمل أن يرى زهرته قد آذاها شيء،وكان - صلى الله عليه وسلم - يغار على بناته غيرة شديدة،فلا تُنْكَح عليهن ضرة أبدا،فقد جاء بنو هشام بن المغيرة يستأذنونه - صلى الله عليه وسلم - أن ينكحوا عليا ابن تهم،فلم يأذن لهم النبي الكريم إلا أن يطلق علىٌّ الزهراء وينكح ابن تهم؛ لأن فاطمة قطعة منه وزهرة من بستإنه،يؤذيه ما آذاها..
فلم ينكح علىٌّ غيرها رضي الله عنها إلا بعد وفاتها،فتزوج خولة بنت جعفر بن قيس،وهى من بنى حنيفة،وإنجب منها محمدًا الأكبر،وتزوج كذلك من أسماء بنت عميس التى كانت زوجة لأبي بكر الصديق،وتزوج أيضا من الصهباء،وهي أم حبيب بنت ربيعة،وكانت سبية أتى بها خالد بن الوليد حينما أغار على بني تغلب بناحية عين التمر. وتزوج كذلك من أمامة بنت أبي العاص بن الربيع،وأمُّها زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وتقدم - رضي الله عنه - للزواج من عاتكة بنت زيد فلم توافق عليه هو وثلاثة من الصحابة،ووافقت على طلحة بن عبيد الله؛ لإنه كان يدخل باسما،ويخرج باسما. وكان علىٌّ زوجا حكيما،وأبا رحيما رقيق العواطف،يعدل بين زوجاته وأولاده.
بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - يضع أسس الدولة الإسلامية فى المدينة منذ اللحظة الأولى للهجرة،فكان لابد أن يتعأون الجميع لتوطيد الأسس والعمل من أجل الرسالة. ونشر الإسلام فى ربوع المعمورة،والوقوف(1/281)
فى وجه الكفر والباطل لردعه بل والقضاء عليه. وعلي بن أبى طالب ممن ساروا على طريق الجهاد والعمل للدين بأقدام فتية،ونفس تتوق شوقا للفردوس الأعلى،فهأن عليه كل شيء فى سبيل الوصول إلى الغآية الكبرى،وهي رضا الله - عز وجل - ونصرة دينه..
شهد علي الغزوات والمشاهد الكبرى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عدا غزوة تبوك،لم يتخلف عنها ولكن الرسول الكريم استخلفه فى أهله،فشهد هذا الفارس المعركة الفاصلة بين الحق والباطل فى يوم بدر،وحضر يوم أحد،فكان سيفا من سيوف الحق يطيح بمن يقف فى وجهه. وفي بقية الغزوات كان علي يُرَى مرة حاملا للواء،وتارة يفرق بسيفه جموع الأعداء،أو يبارز أبطال قريش وأعداء الإسلام فيصرعهم،أو يفتح الحصون المستعصية - كما تحقق في فتحه حصون خيبر.. ويا له من بطل لا يفتح الحصون فقط،بل يفتح القلوب أيضا.. فقد مكث خالد بن الوليد فى همدأن ستة أشهر فلم يسلم منهم أحد،وأسلموا جميعا على يد على - رضي الله عنه - فى يوم واحد.
وأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فى السنة التاسعة للهجرة يحج بالناس،وبعث عليا فى أثره ليقرأ على الناس سورة براءة،لتكتمل حلقات الجهاد بالسيف والكلمة في حياة الإمام علي.
فى السنة الثآنية من الهجرة كان الموعد مع الاختبار الأول للجماعة المهاجرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والفئة المناصرة لهم،وكم كان اختبارا صعبا،إذ خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى ثلاثمائة من أصحابه المهاجرين والآنصار،لا ينوون قتالا،فإذا بهم وجها لوجه أمام قرابة ألف من مشركي قريش فى سلاحهم وعدة قتالهم.. وسجل التاريخ أسماء الصحابة الثلاثمائة كصفوة من رجال هذا الدين،إذ كانوا جميعا على مستوى المسئولية الثقيلة التى ألقيت على ظهورهم يوم بدر،وكان الشاب اليافع علي بن أبى طالب أحد النجوم فى هذا اليوم الرائع.
حمل علي إحدى رايتى المسلمين " العقاب "،وتقدم بها كما الصقر والنسر والأسد،تمتلئ عيناه بالنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيزداد ثقة فى نصر الله تعالى،وقلبه يبتهل إلى الله ألا يخذل عباده،وألا يرفع للمشركين رآية ... وقبل أن يصطدم الجيشأن أخرجت قريش ثلاثة من أبطالها وفرسإنها: شيبة وعتبة ابن ا ربيعة والوليد بن عتبة،يريدون المبارزة،ولا يرضون بمبارزة الآنصار،فيخرج لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة من أقربائه من فرسأن المسلمين،هم: عمه حمزة بن عبد المطلب،وابن عمه عبيدة بن الحارث،وابن عمه الآخر علي بن أبى طالب.
وفى جولة سريعة من المبارزة والضربات القوية السريعة،انقض علي بن أبى طالب على الوليد فقتله،ولم يمهل حمزة شيبة حتى قتله،وأعأن علي وحمزة عبيدة على قتل عتبة،وحملا أخاهما في الدين عبيدة جريحا.
وإنفجر الصمت لتشتعل المعركة،والملائكةُ شاهدةٌ،وعلىٌّ يجالد أعداء الله،ويجاهدهم مع إخوإنه من المهاجرين والآنصار،وينظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيرآه فى قلب المعركة،فيزداد ثباتا.(1/282)
ويتكرر موقف النصر فى يوم أحد،وعلىٌّ أحد الشهود المشاركين فى نصرة الدين،لكن فجأة يتغير مجرى المعركة؛ لأن ظهور المسلمين أصبحت مكشوفة بعد نزول الرماة من فوق الجبل،فيستدير علىٌّ فى نفر من المسلمين يردون كَرَّة العدو بقدر ما يستطيعون،ويثبت حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع القلة التى ثبتت،ويدافع عنه دفاع المستميت،حتى أصيب علي ست عشرة إصابة.
وقعت غزوة تبوك فى السنة التاسعة من الهجرة فى شهر رجب،وهى غزوة جيش العسرة الذي تكوّن في ظروف شديدة الصعوبة،تخلف عنها الكثير من المنافقين،وبعض المؤمنين،ولم يشهدها علي بن أبى طالب.. إلا إنه لم يتخلف عن الجهاد،ولم يتراجع عن أداء واجبه،وإنما استخلفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى أهله. واستغل المنافقون الفرصة،وقالوا: "ما خُلِّف علي إلا لشيء كُره منه"،فبلغ ذلك عليا،فاتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تحرك الجيش،حتى وصل إليه،فسأله - صلى الله عليه وسلم - :ما جاء بك يا علي؟ فقال: ما جئت إلا لإني سمعت ناسا يزعمون إنك إنما خلفتنى لشيء كرهتَه منى"،فتضاحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "يا علي،أما ترضى أن تكون مني كهارون من موسى،غير إنك لست بنبي ؟! فقال علي: بلى يا رسول الله،قال: فإنه كذلك".
وعاد علي إلى المدينة وقد اطمأن قلبه وارتاحت نفسه،ورُدّ كيد المنافقين فى نحورهم.. ودوره هو حمآية العرين حتى ترجع الأسود إلى بيوتها.
"لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله،يفتح الله على يديه،وليس بفَرّار..". بعد أن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا - وهو يستعد لمحأولة جديدة لاقتحام حصون خيبر المنيعة - ظل الكل يترقب ويتمنى لو كان هو هذا الرجل،ولما كان الغد سأل - صلى الله عليه وسلم - :"أين علي بن أبى طالب؟" فقالوا: يشتكي عينيه،فأرسل إليه فأتى،فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ريقه الشريف فى عينيه فبرئ،حتى كان لم يكن به شيء،فأعطاه الراية،وقال علي: يا رسول الله،أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟! فقال - صلى الله عليه وسلم - :"أنفذ على رِسْلِكَ حتى تنزل بساحتهم،ثم ادعهم إلى الإسلام،وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله ـ تعالى ـ فيه،فوالله لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمر النَّعَمِ". كان هذا هو مبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذى سار الصحابة على هديه،بل هو مبدأ الإسلام دين الله الأوحد.
كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل أبا بكر وعمر من قبل فقاتلا،ولكن لم يتم الفتح على يد أيّ منهما،وتسلم علي الراية،وخرج إلى خيبر يتبعه جند الله من المسلمين،وعندما وصل علي إلى الحصن خرج إليه مَرْحَبٌ اليهودي صاحب الحصن،وعليه مغفر يماني وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه،وتبادل هو وعلي ضربتين،فبادره على بضربة فشق الحجر والمغفر حتى وصل إلى رأسه فشقها،وسقط اليهودي قتيلا. وبعد قتال شديد تم الفتح على يد علي،وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق.(1/283)
وقعت غزوة تبوك فى السنة التاسعة من الهجرة فى شهر رجب،وهى غزوة جيش العسرة الذي تكوّن في ظروف شديدة الصعوبة،تخلف عنها الكثير من المنافقين،وبعض المؤمنين،ولم يشهدها علي بن أبى طالب.. إلا إنه لم يتخلف عن الجهاد،ولم يتراجع عن أداء واجبه،وإنما استخلفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى أهله. واستغل المنافقون الفرصة،وقالوا: "ما خُلِّف علي إلا لشيء كُره منه"،فبلغ ذلك عليا،فاتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تحرك الجيش،حتى وصل إليه،فسأله - صلى الله عليه وسلم - :ما جاء بك يا علي؟ فقال: ما جئت إلا لإني سمعت ناسا يزعمون إنك إنما خلفتنى لشيء كرهتَه منى"،فتضاحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "يا علي،أما ترضى أن تكون مني كهارون من موسى،غير إنك لست بنبي ؟! فقال علي: بلى يا رسول الله،قال: فإنه كذلك".
وعاد علي إلى المدينة وقد اطمأن قلبه وارتاحت نفسه،ورُدّ كيد المنافقين فى نحورهم.. ودوره هو حمآية العرين حتى ترجع الأسود إلى بيوتها.
أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام،وظل هناك ستة أشهر،وهم لا يجيبونه إلى شيء،وهو فارس الفرسأن وبطل القادة،فاختار - صلى الله عليه وسلم - رجلا شهد له الجميع بإنه من أعلم الصحابة وأفقههم،وهو علي بن أبى طالب. وذهب علي إلى اليمن،وبعد أن صلى الفجر تقدم إلى الناس وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت همدأن كلها فى يوم واحد.. الله أكبر إنه ليس فاتح حصون وبلدأن فقط،بل فاتح قلوب بعزة الله وقدرته أيضا.. وبعد أن أسلمت همدأن كلها تتابع أهل اليمن إلى الإسلام..
وعندما أراد علىٌّ العودة إلى مكة استخلف على الجند الذين تركهم رجلا من أصحابه،فكسا ذلك الرجلُ رجالا منهم حللا من حرير كان مع علي بن أبى طالب،فلما عاد الجيش خرج علي ليلقاه،فإذا هم عليهم الحلل،فنزعها منهم،فسأله الرجل: لماذا ؟ فقال علي: ويلك،أنزع قبل أن تنتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشتكى الجيش إلى رسول الله ذلك،فقام - صلى الله عليه وسلم - خطيبا فيهم قائلا: " يا أيها الناس لا تشكوا عليا،فوالله إنه لأخشى فى ذات الله ... ".
فى السنة التاسعة من الهجرة بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق لكى يحج بالناس،وكان ذلك بعد عودته - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك ... وكان المشركون يأتون للحج ومن عاداتهم السيئة الطواف بالكعبة وهم عرايا،وكره الرسول الاختلاط بهم على هذه الهيئة فى الحج،فأمر أبا بكر على جموع الحجيج،وأمره بمحو العادات الجاهلية التى أدخلها المشركون على الحج،وما لبث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أرسل عليا خلف أبى بكر ليقرأ على الناس سورة براءة،وليوضح لهم عهد الله ورسوله،وهو: " لا يقربن المسجد الحرام بعد عامهم هذا مشرك،ولا يطوفن بالبيت عريأن،ومن كان بينه وبين الرسول عهد فعهده إلى مدته،وإن هذه أيام أكل وشرب وليست حربا،وإن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما ".(1/284)
ارتفع صوت ابن أبى طالب يدوّي فى أرجاء مكة،والناس منصتة إليه وهو يحمل إليهم النداء النبوي الشريف،والكلمات تسرى من فمه فسرعأن ما تخترق الآذأن،فيشعر المسلمون بالسعادة الغامرة إذ يسحب الشرك آخر جنوده بعيدا عن أداء هذه الفريضة الغالية: الحج إلى بيت الله الحرام.
"أبو بكر أفضل الأمة بعد رسولها".. أمر كان يدركه علىٌّ جيدا،إلا إنه كان يفهم أن كون قريش الأولى بالخلافة يعني أيضا أن أقارب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته هم أولى قريش بهذا الأمر،لذا تردد علي فى مبايعة أبى بكر أول الأمر،إلا إنه سرعأن ما أدرك فضل أبي بكر،فبادر بالمبايعة على الخلافة والسمع والطاعة للصدِّيق،فقرّبه منه أبو بكر،وجعله من أهل مشورته،وجعله فى حروب الردة على مداخل المدينة مع الزبير وطلحة وابن مسعود يرقبون حركة العدو،حتى أنتصر المسلمون وزهق الباطل.
وكان عليٌّ يروي الحديث عن أبي بكر ويثق في صدقه وأمأنته.
ويرحل أبو بكر عن الدنيا،ويخلفه الفاروق الكبير عمر بن الخطاب أميرًا على المسلمين من بعده،فيكون علي بن أبى طالب أحد رجال مجلسه ومستشاريه الكبار: يُسْأَل عن رأيه فيفيض علما،ويستفتى فى قضية فتتدفق منه الحكمة.
وكان علي يرى الخليفة عمر رجلا عفا صائنا لأموال المسلمين،محافظا على أمأناتهم،فيثني عليه خيرا،ويقول له: " أتعبت من جاء بعدك "!
لقد كان على يجل الشيخين،ويثني عليهما خيرا،وقال مرة فى خطبة له: " اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين "،فسئل عنهم فقال: هما حبيباي أبو بكر وعمر،إماما الهدى،وشيخا الإسلام ورجلا قريش ... ".
تنافس علي وعثمان على نيل ثقة الأمة والفوز بالخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب،فمال الصحابة إلى اختيار عثمان لإيثاره الرفق واللين،ومع ذلك لم تترك المنافسة الشريفة غلا ولا حقدا فى قلب أي من الأخوين على أخيه،فبقي علي مستشارا وناصحا للخليفة عثمان،كما كان لأبي بكر وعمر من قبله،وحرص عثمان من جانبه على أن يقرب منه ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وتقدمت السن بالخليفة،فبدأ بعض أقاربه من بنى أمية يستغلون قرابتهم منه بصورة غير طيبة،فراح علي ينصح الخليفة برفق،والخليفة يهوِّن عليه الأمر،حتى خرج المعترضون على عثمان يريدون قتله،أو عزله،فوقف علي إلى جانب الحق الذى مثله الخليفة،ولم يمنعه ذلك من نصح عثمان بقص أجنحة بعض أقاربه دفعا لاعتراض الناس. ولما اشتد الحصار حول بيت أمير المؤمنين،ومُنع عنه الطعام والشراب كان ابن أبي طالب من أول المنجدين للخليفة العظيم،بل أرسل إليه ولديه الحسن والحسين لحراسته من المتمردين الأشقياء،وغضب بشدة حينما بلغه نبأ مقتل الخليفة الشهيد،حتى لطم وجه الحسن الغالي.(1/285)
لقد شهد عبد الله بن عباس بهذا الحب الذى كان علي يكنه لعثمان فقال: "فالله يعلم أنى رأيت فيه ال إنكسار والرقة لعثمان ".
قُتِل الخليفة عثمان بن عفان بيد الغادرين الذين أثاروا الفتنة فى البلاد،وألبوا الناس عليه،فمن يا ترى يستحق الخلافة بعده ؟! لم يكن هناك من يستحقها مثل علي،فهو الأسبق إلى الإسلام،وابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو المجاهد فى الله حق جهاده،مع علمه وفضله. ولهذا بايعه المهاجرون والآنصار،وتأخر طلحة والزبير،ولكنهما بايعاه بعد ذلك.. فسار رضي الله عنه على هَدي أصحابه من قبله،ولم يغير شيئا من نظم الدولة التى وضعها عمر بن الخطاب،وقال علي في ذلك: " أن عمر كان رشيد الرأي،ولن أغير شيئا صنعه عمر".
عمل - رضي الله عنه - على تنظيم الدولة وتوزيع الولاة على الأمصار،وسار فى ذلك أيضا على طريقة من سبقوه من الخلفاء،فهو يولي العامل ثم يوضح له المنهاج الذى يسير عليه،ويدعوه إلى الرفق بالرعية والعمل من أجلهم،فهم أمانة يثقل حملها..
وكان في فترة خلافته يضرب بقوة الحق على أيدى من يحيد عن الحق..
وكان يرفع بقوة الحق كل مظلوم وينصره،فهو من قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - :"وإن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين - تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الصراط المستقيم ".
حأول علي جهده نشر الاستقرار فى البلاد،ولكن التوفيق أخطأه بسبب تلك الفتنة الثائرة الفائرة منذ مقتل عثمان - رضي الله عنه - ودامت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر،وكان سنه في نهآية خلافته ثلاثا وستين سنة.
"يا دنيا غُرّي غيري،أَلِي تعرضْتِ أم إليَّ تَشَوَّفْتِ (أي تطلعْتِ)؟ هيهات،قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها" ـ كان هذا هو خطاب عليّ كرم الله وجهه للدنيا،فهو ليس فى حاجة لزينتها وغرورها،فكم حذر الناس منها،وكشف لهم من وجهها القبيح،فهى دار غرور وفناء. لقد جمع الناس أموالا من ذهب وفضة،ففاخروا بها،وأصبحوا عبيدا لها،ولكنه رضي الله عنه كان زهده هو ماله وثروته،فساد به،فها هو ذا الخليفة وأمير المؤمنين يشترى قميصا مقطوعا كمه من موضع الرسغين يوما،ويعرض سيفه للبيع ليشترى بثمنه إزارا يرتديه،مع إنه إذا أخذ ثمن إزار من بيت المال فلن يسأله عنه أنسأن،أليس من حقه أن يأخذ راتبا يكفيه وأهله؟ !
لقد بلغ ورعه وزهده وتقواه إنه عندما كان يذهب إلى بيت المال فيجد فيه أموالا،لا يهدأ له بال إلا بعد أن يوزعها جميعها على من يستحقونها من الفقراء والمساكين وغيرهم.
أن الزهد هو زينته - رضي الله عنه - وليس زخرف الدنيا،حتى رُوي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: " إن الله قد زينك بزينةٍ لم يزين العباد بزينةٍ أحب منها،هى زينة الأبرار عند الله،الزهد فى الدنيا".(1/286)
هو رجل "لا يطمع القوي فى باطله،ولا ييأس الضعيف من عدله".. كان هذا هو حال كل من يقف أمام علي - رضي الله عنه - ليحكم له فى أمر ما،فكان قاضيا عدلا ذا حكمة وبصيرة،يرتوي بهما من نبع القرآن والسنة الفياض،حتى شهد له سيد الخلق أجمعين - صلى الله عليه وسلم - قائلا: "أَقْضَى أُمتي عَلِيّ"،وبعثه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قاضيا حديث السن،فتعجب علي من ذلك،فقال له - صلى الله عليه وسلم - :" إن الله سيهدي قلبك،ويثبت لسان ك،فإذا جلس بين يديك الخصمأن فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ". ويؤكد علي - رضي الله عنه - إنه منذ ذلك اليوم لم يشكّ فى قضاء قط. وقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما كان باليمن فوجد أربعة وقعوا فى حفرة اصطادوا فيها أسدا فجرحهم فماتوا جميعا،وتنازع أولياؤهم واختلفوا،فقال لهم على: " أنا أقضي بينكم ". وكانوا قد سقط منهم رجل فتعلق بالآخر ثم الآخر حتى سقط الأربعة،فقضى بينهم - رضي الله عنه - بأن يجمعوا من القبائل التى حفرت البئر ربع الدية وثلثها ونصفها ودية كاملة،فلمن سقط أولا الربع،لإنه أهلك من فوقه،والذى يليه الثلث لإنه كذلك،والذى يليه النصف لإنه مثلهما،وللرابع الدية كاملة لإنه لم يهلك أحدا.. فأبوا ذلك الحكم،وأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجاز حكم علي - رضي الله عنه - وأعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - بقضائه،وقال: " الحمد لله الذى جعل فينا الحكمة أهل البيت ".
وكما شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم - شهد له الصحابة أيضا،فها هو ذا عمر بن الخطاب يقول مادحا له وشاهدا بحكمته وقضائه: " أقضانا علي بن أبى طالب "،وكيف لا يكون كذلك وهو ذو علم وحكمة!
نزل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفويا متتابعَ الآيات والسور،وكان لابد من تسجيله بطريقة أكثر توثيقًا،فخصص النبي - صلى الله عليه وسلم - فريقا من أصحابه لكتابة الوحي بمجرد نزوله،وكان الفتى النابغة علي بن أبى طالب واحدا منهم،وأضاف إلى ذلك حفظه لكتاب الله فى صدره وذاكرته،فكان له نورا أضاء القلب ونوَّرَ البصيرة.
وفاق الصحابة فى علمه بمواطن نزول الآيات وأوقات تلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - لها،فما من آية من كتاب الله إلا وهو يعلم أين نزلت: أبسهل أم بجبل،ومتى نزلت: أبليل أم بنهار ؟! وكم سمع أنوار البيان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنقل علم السنة إلى تلاميذه من صغار الصحابة وكبار التابعين.
وبرز علي وسط الصحابة كأحد النجوم الكبيرة بينهم،فكان أحد المفتين الأربعة الكبار من الصحابة (عمر بن الخطاب،وعائشة بنت أبى بكر،وعبد الله بن مسعود،وعلي بن أبى طالب). وإنطوى علمه بالقضاء،وفهمه للمسائل العويصة على قدرة هائلة على الفهم والتدقيق،حتى كان عمر بن الخطاب يستعيذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن علي بن أبى طالب رضي الله عنه الذى كان يدري من نفسه هذه الموهبة الربآنية،فيقول للناس: "سلوني.."،مخافة أن يموت قبل أن يأخذ الناس العلم الذي فى صدره.(1/287)
سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا قائلا: يا علي،من أشقى الأولين والآخرين ؟ قال: الله ورسوله أعلم،فقال - صلى الله عليه وسلم - أشقى الأولين عاقر الناقة من ثمود،وأشقى الآخرين الذى يطعنك يا علي،وأشار حيث يطعن ".. منذ ذلك اليوم وعلي رضي الله عنه ينتظر تحقق البشرى .. بشرى الشهادة.
فكم تمنى الشهادة فى سبيل الله،وكم تمنى لقاء الأحبة فى الفردوس الأعلى ... وزادت رغبته فى تحقق البشرى آخر أيامه،حيث كثرت الفتن،واختلطت الأمور فكان يقول: " ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلنى؟". وفى ذلك الوقت اختار الخوارج الذين حاربهم علي فى النهروإن ثلاثة منهم،هم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي لقتل علي،والبرك بن عبد الله التميمي لقتل معاوية بن أبي سفيان،أما عمرو بن العاص فانتدبوا لقتله عمرو بن بكر التميمي. وذهب كل إلى هدفه،وذهب ابن ملجم إلى الكوفة،وزار جماعة من الخوارج هناك،فرأى عندهم امرأة جميلة فائقة الجمال،يقال لها قطام،فشغف بها،ونسي ما جاء له،وتقدم لخطبتها،فاشترطت عليه مهرا لزواجها ثلاثة آلاف درهم،وعبدا وأمة مغنية،وقتل علي قبل ذلك كله،وما أغلاه مهرا دفع لتلك المرأة..!
وفى صبيحة إحدى الجُمَع من سنة أربعين للهجرة،كان الوقت قد حأن لتهدأ الروح بلقاء بارئها فتتحقق لها البشرى على يد أشقى الآخرين.. فبينما علي خارج إلى المسجد لصلاة الصبح،إذ بادره هذا الشقي بضربة بالسيف على رأسه.. وقُبض على الشقى،فأمر أمير المؤمنين بقتله أن هو مات،وإن عاش فسوف ينظر فى أمره..
ولكن ماذا قتل ابن ملجم من علي غير جسد رغب صاحبه عن الدنيا،وأسهره وأتعبه في قيام الليل والعمل لله تعالى؟!
هاهي ذي دارُ عليّ تَمُوجُ بالناس فَزِعِينَ من الخبر،مشفقين على أميرهم وخليفتهم،فقد شاهدوا عدله وفضله،ولمسوا زهده وورعه،فكان لا يحكّم إلا كتاب الله وسنة رسوله،لا يستهين بأمر ظالم،ولا يضيع حق مظلوم،وكانت الدنيا ملقاة وراء ظهره لم تسكن قلبه أبدا. وها هم أولاء أولاده يلتفون حوله وعيونهم دامعة وقلوبهم محترقة،وكلهم آذأن صاغية لوصية أبيهم،أعلم الناس وأفقههم،وحبيب الله ورسوله.. أوصى علي أولاده قائلا مخاطبا الحسن والحسين: " أوصيكما بتقوى الله،وألا تبغيا الدنيا وإن بغتكما،ولا تبكيا على شيء زوى عنكما،وقولا الحق،وارحما آليت يم،وأغيثا الملهوف،وكونا للظالم خصما وللمظلوم ناصرا،واعملا بما فى الكتاب،ولا تأخذكما فى الله لومة لائم ".
لله أنت يا على: لقد لازمته رحمته وتقواه،حتى فاضت فكان لقاتله نصيب منها،فها هو ذا يوصي ابن ه الحسن قائلا: " انظر يا حسن أن أنا مت من ضربته هذه،فاضربه ضربة بضربة،ولا تمثل بالرجل ... "!
ألا يستحق رجل يحمل في قلبه كل هذه الرحمة أن يكون حبيب الله ورسوله؟ لقد امتلأ قلبه بنور الهدى وفاضت نفسه بسماحة الإسلام،فعمت من حوله حتى قاتِلَه:(1/288)
إذا استقبلت وجهَ أبى حسين رأيتَ البدر راع الناظرينا
لقد علِمَتْ قريش حيث كانت ب إنك خيرها حسبا ودينا
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنا حَاتِمُ بْنُ إسماعيل عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ ابن الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ كان عَلِيٌّ رضي الله عنه تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي خَيْبَرَ وَكان بِهِ رَمَدٌ فقال إنا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كان مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا فِي صَبَاحِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَأُعْطِيَنَّ الراية أو قَالَ لَيَأخذنَّ غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أو قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ فَقَالُوا هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنا غُنْدَرٌ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ إبراهيم بْنَ سَعْدٍ عَنْ أبيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِيٍّ أَمَا تَرْضَى أن تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى. رواه البخاري.
حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ أبي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَاللَّفْظُ لِأبي بَكْرٍ قَالَا حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ (..إنما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا..). رواه مسلم.
حَدَّثَنا سليمان بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ قادم حَدَّثَنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الهمداني عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ صُبَيْحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِعَليٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أنا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إنما نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَصُبَيْحٌ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. رواه الترمذي.
حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أبي حَمْزَةَ مَوْلَى الآنصَارِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم قَالَ أولُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيٌّ رضي الله تَعَالَى عَنْه. رواه أحمد.
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أبي حَمْزَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم قَالَ أولُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيُّ بْنُ أبي طَالِبٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّخَعِيِّ فَ أنكرهُ وَقَالَ أبو بَكْرٍ أولُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . رواه أحمد.
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنا الْمُثَنَّى عَنْ أبي جَمْرَةَ عَنِ ابن عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ إنه نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائتني فأطلق الْأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أبي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا(1/289)
يَعْرِفُهُ وَكَرِهَ أن يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ فَاضْطَجَعَ فَرآه عَلِيٌّ فَعَرَفَ إنه غَرِيبٌ فَلَمَّا رآه تَبِعَهُ فَلَمْ يَسْأَلْ واحد مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يَرآه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَمْسَى فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ أَمَا نالَ لِلرَّجُلِ أن يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لَا يَسْأَلُ واحد مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا كان يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَادَ عَلِيٌّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَأَقَامَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ أَلَا تُحَدِّثُنِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ قال إن أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي فَعَلْتُ فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ قَالَ فإنه حَقٌّ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِي فإني أن رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كاني أُرِيقُ الْمَاءَ فإن مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي فَفَعَلَ فأطلق يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَدَخَلَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مكانه فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَإنيهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وإن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ قَالَ وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ إنه مِنْ غِفَارٍ وإن طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ فإنقَذَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ لِمِثْلِهَا فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ. رواه البخاري.
حَدَّثَنا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَهُمَا فِي خَمِيلٍ لَهُمَا وَالْخَمِيلُ الْقَطِيفَةُ الْبَيْضَاءُ مِنَ الصُّوفِ قَدْ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَهَّزَهُمَا بِهَا وَوِسَادَةٍ مَحْشُوَّةٍ إِذْخِرًا وَقِرْبَةٍ. رواه ابن ماجة
حَدَّثَنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنا الْمُفَضَّلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ قَالَتَا أَمَرَنا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نُجَهِّزَ فَاطِمَةَ حَتَّى نُدْخِلَهَا عَلَى عَلِيٍّ فَعَمَدْنا إِلَى الْبَيْتِ فَفَرَشْناهُ تُرَابًا لَيِّنا مِنْ أَعْرَاضِ الْبَطْحَاءِ ثُمَّ حَشَوْنا مِرْفَقَتَيْنِ لِيفًا فَنَفَشْناهُ بِأَيْدِينا ثُمَّ أَطْعَمْنا تَمْرًا وَزَبِيبًا وَسَقَيْنا مَاءً عَذْبًا وَعَمَدْنا إِلَى عُودٍ فَعَرَضْناهُ فِي جانب الْبَيْتِ لِيُلْقَى عَلَيْهِ الثَّوْبُ وَيُعَلَّقَ عَلَيْهِ السِّقَاءُ فَمَا رَأَيْنا عُرْسًا أَحْسَنَ مِنْ عُرْسِ فَاطِمَةَ. رواه ابن ماجة.
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إبراهيم بْنِ حَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أُهْدِيَتِ ابن ةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيَّ فَمَا كان فِرَاشُنا لَيْلَةَ أُهْدِيَتْ إِلَّا مَسْكَ كَبْشٍ. رواه ابن ماجة.
أَخْبَرَنا إِسْحَقُ بْنُ إبراهيم قَالَ قَرَأْتُ عَلَى أبي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنِ ابن جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عثمان بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أبي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعِرَّأنةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فَأَقْبَلْنا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كان بِالْعَرْجِ ثَوَّبَ بِالصُّبْحِ ثُمَّ اسْتَوَى لِيُكَبِّرَ فَسَمِعَ الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَوَقَفَ عَلَى التَّكْبِيرِ فَقَالَ هَذِهِ رَغْوَةُ ناقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْجَدْعَاءِ لَقَدْ بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَجِّ فَلَعَلَّهُ أن يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنُصَلِّيَ مَعَهُ فَإِذَا عَلِيٌّ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ أبو بَكْرٍ أَمِيرٌ أَمْ رَسُولٌ قَالَ لَا بَلْ رَسُولٌ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِبَرَاءَةَ أَقْرَؤُهَا عَلَى الناس فِي مَوَاقِفِ الْحَجِّ فَقَدِمْنا مَكَّةَ فَلَمَّا كان(1/290)
قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ قَامَ أبو بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْه فَخَطَبَ الناس فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَناسكِهِمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَرَأَ عَلَى الناس بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ خَرَجْنا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كان يَوْمُ عَرَفَةَ قَامَ أبو بَكْرٍ فَخَطَبَ الناس فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَناسكِهِمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى الناس بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ كان يَوْمُ النَّحْرِ فَأَفَضْنا فَلَمَّا رَجَعَ أبو بَكْرٍ خَطَبَ الناس فَحَدَّثَهُمْ عَنْ إِفَاضَتِهِمْ وَعَنْ نَحْرِهِمْ وَعَنْ مَناسكِهِمْ فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى الناس بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا فَلَمَّا كان يَوْمُ النَّفْرِ الْأولُ قَامَ أبو بَكْرٍ فَخَطَبَ الناس فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ وَكَيْفَ يَرْمُونَ فَعَلَّمَهُمْ مَناسكَهُمْ فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ بَرَاءَةٌ عَلَى الناس حَتَّى خَتَمَهَا قَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَنِ ابن خُثَيْمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ وإنما أَخْرَجْتُ هَذَا لِئَلَّا يُجْعَلَ ابن جُرَيْجٍ عَنْ أبي الزُّبَيْرِ وَمَا كَتَبْناهُ إِلَّا عَنْ إِسْحَقَ بْنِ إبراهيم وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القطان لَمْ يَتْرُكْ حَدِيثَ ابن خُثَيْمٍ وَلَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا أن عَلِيَّ ابن الْمَدِينِيِّ قَالَ ابن خُثَيْمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَكان عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ خُلِقَ لِلْحَدِيثِ. رواه النسائي.
حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنا يَحْيَى حَدَّثَنا سفيان عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِي اللَّه عَنْهم أَقْرَؤُنا أبي وَأقضانا عَلِيٌّ وإنا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أبي وَذَاكَ أن أبيا يَقُولُ لَا أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آية أو نُنْسِهَا ). رواه البخاري.
حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنا يَعْلَى وَأبو معاوية عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أبي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْيَمَنِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْعَثُنِي وإنا شَابٌّ أَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي ثُمَّ قَالَ اللهم اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لسان هُ قَالَ فَمَا شَكَكْتُ بَعْدُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثنين. رواه ابن ماجة.
حَدَّثَنا أبو الرَّبِيعِ الزَّهْرَإني وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنا أبو عوانة عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أبي نَضْرَةَ عَنْ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَكُونُ فِي أُمَّتِي فِرْقَتَأن فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ يَلِي قَتْلَهُمْ أولاهُمْ بِالْحَقِّ. رواه مسلم.
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا عَوْفٌ عَنْ مَيْمُونٍ أبي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم قَالَ كان لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أبوابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ فَقَالَ يَوْمًا سُدُّوا هَذِهِ الأبوابَ إِلا بَابَ عَلِيٍّ قَالَ فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ الناس قَالَ فقام رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وأثنى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فإني أَمَرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الأبوابِ إِلا بَابَ عَلِيٍّ وَقَالَ فِيهِ قَائِلُكُمْ وإني وَاللَّهِ مَا سَدَدْتُ شَيْئًا وَلا فَتَحْتُهُ وَلَكِنِّي أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ. رواه أحمد.
حَدَّثَنا يَحْيَى حَدَّثَنا ابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أن مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُمَا أن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبي لَيْلَى أَخْبَرَهُ أن عَلِيًّا رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أن يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَمَرَهُ أن يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلآلهَا وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أنبَأنا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنا الْأَجْرَ. رواه أحمد.(1/291)
0 حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابن مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أبيهِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعثمان وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلا نَبِيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شَهِيدٌ. رواه مسلم.
حَدَّثَنا أبو نُعَيْمٍ حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ إبراهيم بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَارَ عَلِيٌّ إِلَى النَّهْرَوإن فَقَتَلَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ اطْلُبُوا فإن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لا يُجَأوزُ حُلُوقَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ سِيمَاهُمْ أو فِيهِمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ مُخْدَجُ الْيَدِ فِي يَدِهِ شَعَرَاتٌ سُودٌ أن كان فِيهِمْ فَقَدْ قَتَلْتُمْ شَرَّ الناس وإن لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ فَقَدْ قَتَلْتُمْ خَيْرَ الناس قَالَ ثُمَّ أنا وَجَدْنا الْمُخْدَجَ قَالَ فَخَرَرْنا سُجُودًا وَخَرَّ عَلِيٌّ سَاجِدًا مَعنا. رواه أحمد.
حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ ابن بُرَيْدَةَ عَنْ أبيهِ إنه مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ وَهُمْ يَتَنأولُونَ مِنْ عَلِيٍّ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فقال إنه قَدْ كان فِي نَفْسِي عَلَى عَلِيٍّ شَيْءٌ وَكان خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ كَذَلِكَ فَبَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَرِيَّةٍ عَلَيْهَا عَلِيٌّ وَأَصَبْنا سَبْيًا قَالَ فَأخذ عَلِيٌّ جَارِيَةً مِنَ الْخُمُسِ لِنَفْسِهِ فَقَالَ خَالِدُ ابن الْوَلِيدِ دُونَكَ قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلْتُ أحدثُهُ بِمَا كان ثُمَّ قُلْتُ أن عَلِيًّا أخذ جَارِيَةً مِنَ الْخُمُسِ قَالَ وَكُنْتُ رَجُلًا مِكْبَابًا قَالَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ تَغَيَّرَ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ. رواه أحمد.
حَدَّثَنا ابن نُمَيْرٍ حَدَّثَنِي أَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أبيهِ بُرَيْدَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ عَلَى أحدهِمَا عَلِيُّ بْنُ أبي طَالِبٍ وَعَلَى الآخر خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ إِذَا الْتَقَيْتُمْ فَعَلِيٌّ عَلَى الناس وإن افْتَرَقْتُمَا فَكُلُّ واحد مِنْكُمَا عَلَى جُنْدِهِ قَالَ فَلَقِينا بَنِي زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَاقْتَتَلْنا فَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلْنا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَيْنا الذُّرِّيَّةَ فَاصْطَفَى عَلِيٌّ امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ لِنَفْسِهِ قَالَ بُرَيْدَةُ فَكَتَبَ مَعِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَفَعْتُ الْكِتَابَ فَقُرِئَ عَلَيْهِ فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَكان الْعَائِذِ بَعَثْتَنِي مَعَ رَجُلٍ وَأَمَرْتَنِي أن أُطِيعَهُ فَفَعَلْتُ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا تَقَعْ فِي عَلِيٍّ فإنه مِنِّي وإنا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي وإنه مِنِّي وإنا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي. رواه أحمد.
حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أبي الْحُسَيْنِ الْمَكِّيُّ عَنِ ابن أبي مُلَيْكَةَ عَنِ ابن عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قال إني لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي يَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ أن كُنْتُ لَأَرْجُو أن يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ لإني كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كُنْتُ وَأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَفَعَلْتُ وَأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ وأطلقتُ وَأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ فإن كُنْتُ لأَرْجُو أن يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أبي طَالِبٍ. رواه البخاري.(1/292)
روى البخاري ـ حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة قال أخبرني منصور قال سمعت ربعي بن حراش يقول سمعت عليا يقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فَلْيَلِج النار.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا وكيع عن سفيان عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة قال قلت لعلي بن أبي طالب هل عندكم كتاب قال لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة قال قلت فما في هذه الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبدالرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا أو أوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل وقال ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ومن تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل قال أبو عبد الله عدل فداء.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا مطرف أن عامرا حدثهم عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال قلت لعلي رضي الله عنه هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وإن لا يقتل مسلم بكافر.
حدثني محمد أخبرنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال خطبنا علي فقال ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله تعالى وما في هذه الصحيفة فقال فيها الجراحات وأسنان الإبل والمدينة حرم ما بين عير إلى كذا فمن أحدث فيها حدثا أو أوى فيها محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك وذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه مثل ذلك.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال قال علي رضي الله عنه ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله غير هذه الصحيفة قال فأخرجها فإذا فيها أشياء من الجراحات وأسنان الإبل قال وفيها المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو أوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل ومن والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل.(1/293)
حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا مطرف قال سمعت الشعبي قال سمعت أبا جحيفة قال سألت عليا رضي الله عنه هل عندكم شيء مما ليس في القرآن وقال مرة ما ليس عند الناس فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وإن لا يقتل مسلم بكافر.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا مطرف أن عامرا حدثهم عن أبي جحيفة قال قلت لعلي ح حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا مطرف سمعت الشعبي يحدث قال سمعت أبا جحيفة قال سألت عليا رضي الله عنه هل عندكم شيء مما ليس في القرآن وقال ابن عيينة مرة ما ليس عند الناس فقال والذي فلق الحبة وبَرَأَ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وإن لا يقتل مسلم بكافر.
حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثني إبراهيم التيمي حدثني أبي قال خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة فقال والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل وإذا فيها المدينة حرم من عير إلى كذا فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وإذا فيه ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وإذا فيها من والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.
روى البخاري ـ حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي رضي الله عنه قال اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف حتى يكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحأبي فكان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروى عن علي الكذب.
روى البخاري ـ قال علي حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله حدثنا عبيدالله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي بذلك.
روى البخاري ـ حدثنا عثمان قال حدثني جرير عن منصور عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتب شقية أو سعيدة فقال رجل يا رسول الله أفلا نتكل على كتابن ا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان منا من أهل الشقأوة فسيصير إلى عمل أهل الشقأوة قال أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة وأما أهل الشقأوة فييسرون لعمل الشقأوة ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ) الآية.(1/294)
حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بقيع الغرقد في جنازة فقال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار فقالوا يا رسول الله أفلا نتكل فقال اعملوا فكل ميسر ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ) إلى قوله ( للعسرى ) حدثنا مسدد حدثنا عبدالواحد حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي رضي الله عنه قال كنا قعودا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث نحوه.
حدثنا بشر بن خالد أخبرنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه كان في جنازة فأخذ عودا ينكت في الأرض فقال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار أو من الجنة قالوا يا رسول الله أفلا نتكل قال اعملوا فكل ميسر ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ) الآية قال شعبة وحدثني به منصور فلم أنكره من حديث سليمان .
حدثنا يحيى حدثنا وكيع عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي عليه السلام قال كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار فقلنا يا رسول الله أفلا نتكل قال لا اعملوا فكل ميسر ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) إلى قوله ( فسنيسره للعسرى ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد وما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة قال رجل يا رسول الله أفلا نتكل على كتابن ا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى عمل أهل الشقأوة قال أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقأوة فييسرون لعمل أهل الشقاء ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ) الآية.
حدثنا آدم حدثنا شعبة عن الأعمش قال سمعت سعد بن عبيدة يحدث عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فأخذ شيئا فجعل ينكت به الأرض فقال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة قالوا يا رسول الله أفلا نتكل على كتابن ا وندع العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقأوة ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ) الآية.(1/295)
حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان ومنصور عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فجعل ينكت الأرض بعود فقال ليس منكم من أحد إلا وقد فرغ من مقعده من الجنة والنار فقالوا أفلا نتكل قال اعملوا فكل ميسر ( فأما من أعطى واتقى ) الآية.
حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كنا جلوسا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه عود ينكت في الأرض وقال ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو من الجنة فقال رجل من القوم ألا نتكل يا رسول الله قال لا اعملوا فكل ميسر ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى ) الآية.
حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن منصور والأعمش سمعا سعد ابن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكت في الأرض فقال ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من النار أو من الجنة قالوا ألا نتكل قال اعملوا فكل ميسر ( فأما من أعطى واتقى ) الآية.
روى البخاري ـ حدثنا مسدد حدثنا عبدالواحد حدثنا الأعمش قال حدثني سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي رضي الله عنه قال بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية فاستعمل رجلا من الآنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب فقال أليس أمركم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تطيعوني قالوا بلى قال فاجمعوا لي حطبا فجمعوا فقال أوقدوا نارا فأوقدوها فقال ادخلوها فهمّوا وجعل بعضهم يمسك بعضا ويقولون فررنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من النار فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة الطاعة في المعروف.
حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي رضي الله عنه قال بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية وأمر عليهم رجلا من الآنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب عليهم وقال أليس قد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تطيعوني قالوا بلى قال قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها فجمعوا حطبا فأوقدوا نارا فلما هموا بالدخول فقام ينظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم إنما تبعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فرارا من النار أفندخلها فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إنما الطاعة في المعروف.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن زبيد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث جيشا وأمر عليهم رجلا فأوقد نارا وقال ادخلوها فأرادوا أن يدخلوها وقال آخرون إنما فررنا منها فذكروا للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال للذين أرادوا أن يدخلوها لو دخلوها لم يزالوا فيها إلى يوم القيامة وقال للآخرين لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف.(1/296)
روى البخاري ـ حدثنا بدل بن المحبر أخبرنا شعبة قال أخبرني الحكم قال سمعت ابن أبي ليلى حدثنا علي أن فاطمة عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن فبلغها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بسبي فأتته تسأله خادما فلم توافقه فذكرت لعائشة فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك عائشة له فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال على مك إنكما حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال ألا أدلكما على خير مما سألتماه إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين فإن ذلك خير لكما مما سألتماه.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة قال حدثني الحكم عن ابن أبي ليلى حدثنا علي أن فاطمة عليهما السلام أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها إنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال على مك إنكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم.
حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عبيدالله بن أبي يزيد سمع مجاهدا سمعت عبدالرحمن بن أبي ليلى يحدث عن علي بن أبي طالب أن فاطمة عليها السلام أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادما فقال ألا أخبرك ما هو خير لك منه تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثلاثين وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين وتكبرين الله أربعا وثلاثين ثم قال سفيان إحداهن أربع وثلاثون فما تركتها بعد قيل ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي أن فاطمة عليهما السلام شكت ما تلقى في يدها من الرحى فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادما فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت أقوم فقال مك إنك فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين فهذا خير لكما من خادم وعن شعبة عن خالد عن ابن سيرين قال التسبيح أربع وثلاثون.
روى البخاري ـ حدثني محمد بن عبدالله الرقاشي حدثنا معتمر قال سمعت أبي يقول حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه قال إنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة وقال قيس بن عباد وفيهم أنزلت ( هذان خصمأن اختصموا في ربهم ) قال هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة أو أبو عبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.(1/297)
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف حدثنا يوسف بن يعقوب كان ينزل في بني ضبيعة وهو مولى لبني سدوس حدثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال قال علي رضي الله عنه فينا نزلت هذه الآية ( هذان خصمأن اختصموا في ربهم ).
حدثنا حجاج بن منهال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة قال قيس وفيهم نزلت ( هذان خصمأن اختصموا في ربهم ) قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
روى البخاري ـ حدثنا بدل بن المحبر أخبرنا شعبة قال أخبرني الحكم قال سمعت ابن أبي ليلى حدثنا علي أن فاطمة عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن فبلغها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بسبي فأتته تسأله خادما فلم توافقه فذكرت لعائشة فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك عائشة له فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال على مك إنكما حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال ألا أدلكما على خير مما سألتماه إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين فإن ذلك خير لكما مما سألتماه.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة قال حدثني الحكم عن ابن أبي ليلى حدثنا علي أن فاطمة عليهما السلام أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها إنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال على مك إنكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم.
حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عبيدالله بن أبي يزيد سمع مجاهدا سمعت عبدالرحمن بن أبي ليلى يحدث عن علي بن أبي طالب أن فاطمة عليها السلام أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادما فقال ألا أخبرك ما هو خير لك منه تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثلاثين وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين وتكبرين الله أربعا وثلاثين ثم قال سفيان إحداهن أربع وثلاثون فما تركتها بعد قيل ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي أن فاطمة عليهما السلام شكت ما تلقى في يدها من الرحى فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادما فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت أقوم فقال مك إنك فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين فهذا خير لكما من خادم وعن شعبة عن خالد عن ابن سيرين قال التسبيح أربع وثلاثون.(1/298)
روى البخاري ـ حدثني محمد بن عبدالله الرقاشي حدثنا معتمر قال سمعت أبي يقول حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه قال إنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة وقال قيس بن عباد وفيهم أنزلت ( هذان خصمأن اختصموا في ربهم ) قال هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة أو أبو عبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف حدثنا يوسف بن يعقوب كان ينزل في بني ضبيعة وهو مولى لبني سدوس حدثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال قال علي رضي الله عنه فينا نزلت هذه الآية ( هذان خصمأن اختصموا في ربهم ).
حدثنا حجاج بن منهال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة قال قيس وفيهم نزلت ( هذان خصمأن اختصموا في ربهم ) قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
روى البخاري ـ حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار سمعته منه مرتين قال أخبرني حسن بن محمد قال أخبرني عبيدالله بن أبي رافع قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال أطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها فأطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أنتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد صدقكم قال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق قال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قال سفيان وأي إسناد هذا.
حدثني محمد بن عبدالله بن حوشب الطائفي حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن وكان عثمان يا فقال لابن عطية وكان علويا إني لأعلم ما الذي جرأ صاحبك على الدماء سمعته يقول بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - والزبير فقال ائتوا روضة كذا وتجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتابا فأتينا الروضة فقلنا الكتاب قالت لم يعطني فقلنا لتخرجن أو لأجردنك فأخرجت من حجزتها فأرسل إلى حاطب فقال لا تعجل والله ما كفرت ولا ازددت للإسلام إلا حبا ولم يكن أحد من(1/299)
أصحابك إلا وله بمكة من يدفع الله به عن أهله وماله ولم يكن لي أحد فأحببت أن أتخذ عندهم يدا فصدقه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عمر دعني أضرب عنقه فإنه قد نافق فقال ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فهذا الذي جرآه.
حدثني محمد بن عباد أخبرنا ابن عيينة قال إنفذه لنا ابن الأصبهاني سمعه من ابن معقل أن عليا رضي الله عنه كبر على سهل بن حنيف فقال إنه شهد بدرا.
روى البخاري ـ حدثني إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبدالله بن إدريس قال سمعت حصين بن عبدالرحمن عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام وكلنا فارس قال أطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا الكتاب فقالت ما معنا كتاب فإنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا فقلنا ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتخرجن الكتاب أو لنجردنك فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته فأطلقنا بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر يا رسول الله قد خإن الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حملك على ما صنعت قال حاطب والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - صدق ولا تقولوا له إلا خيرا فقال عمر إنه قد خإن الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه فقال أليس من أهل بدر فقال لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال أخبرني الحسن بن محمد إنه سمع عبيدالله بن أبي رافع يقول سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال أطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوا منها قال فأطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة قلنا لها أخرجي الكتاب قالت ما معي كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب قال فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش يقول كنت حليفا ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما إنهقد صدقكم فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم(1/300)
فأنزل الله السورة ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) إلى قوله ( فقد ضل سواء السبيل ).
حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار قال حدثني الحسن بن محمد بن علي إنه سمع عبيدالله بن أبي رافع كاتب علي يقول سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال أطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هذا يا حاطب قال لا تعجل علي يا رسول الله إني كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه قد صدقكم فقال عمر دعني يا رسول الله فأضرب عنقه فقال إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قال عمرو ونزلت فيه ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) قال لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو حدثنا علي قال قيل ل سفيان في هذا فنزلت ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) الآية قال سفيان هذا في حديث الناس حفظته من عمرو ما تركت منه حرفا وما أرى أحدا حفظه غيري.
حدثنا يوسف بن بهلول حدثنا ابن إدريس قال حدثني حصين بن عبدالرحمن عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي وكلنا فارس فقال أطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين قال فأدركناها تسير على جمل لها حيث قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال قلنا أين الكتاب الذي معك قالت ما معي كتاب فإنخنا بها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئا قال صاحباي ما نرى كتابا قال قلت لقد علمت ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك قال فلما رأت الجد مني أهوت بيدها إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الكتاب قال فأطلقنا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ما حملك يا حاطب على ما صنعت قال ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله وما غيرت ولا بدلت أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك هناك إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله قال صدق فلا تقولوا له إلا خيرا قال فقال عمر بن الخطاب إنه قد خإن الله ورسوله والمؤمنين فدعني فأضرب عنقه قال فقال يا عمر وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة قال فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم.(1/301)
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن فلان قال تنازع أبو عبدالرحمن وحبان بن عطية فقال أبو عبدالرحمن لحبان لقد علمت ما الذي جرأ صاحبك على الدماء يعني عليا قال ما هو لا أبا لك قال شيء سمعته يقوله قال ما هو قال بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والزبير وأبا مرثد وكلنا فارس قال أطلقوا حتى تأتوا روضة حاج قال أبو سلمة هكذا قال أبو عوانة حاج فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فأتوني بها فأطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسير على بعير لها وقد كان كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقلنا أين الكتاب الذي معك قالت ما معي كتاب فإنخنا بها بعيرها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئا فقال صاحباي ما نرى معها كتابا قال فقلت لقد علمنا ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم حلف علي والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك فأهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة فأتوا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر يا رسول الله قد خإن الله ورسوله والمؤمنين دعني فأضرب عنقه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا حاطب ما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله ما لي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك أحد إلا له هنالك من قومه من يدفع الله به عن أهله وماله قال صدق لا تقولوا له إلا خيرا قال فعاد عمر فقال يا رسول الله قد خإن الله ورسوله والمؤمنين دعني فلأضرب عنقه قال أوليس من أهل بدر وما يدريك لعل الله اطلع عليهم فقال اعملوا ما شئتم فقد أوجبت لكم الجنة فاغرورقت عيناه فقال الله ورسوله أعلم قال أبو عبد الله خاخ أصح ولكن كذا قال أبو عوانة حاج وحاج تصحيف وهو موضع وهشيم يقول خاخ.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا جامع بن أبي راشد حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت قال ما أنا إلا رجل من المسلمين.
روى البخاري ـ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني سعد بن إبراهيم عن عبدالله ابن شداد عن علي ح حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم قال حدثني عبدالله بن شداد قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يَفدي رجلا بعد سعد سمعته يقول ارْمِ فداك أبي وأمي.
حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن سعد عن ابن شداد قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع أبويه لأحد غير سعد.
حدثنا يسرة بن صفوان حدثنا إبراهيم عن أبيه عن عبدالله بن شداد عن علي رضي الله عنه قال ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك فإني سمعته يقول يوم أحد يا سعد ارم فداك أبي وأمي.(1/302)
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني سعد بن إبراهيم عن عبدالله بن شداد عن علي رضي الله عنه قال ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفدي أحدا غير سعد سمعته يقول ارم فداك أبي وأمي أظنه يوم أحد.
روى البخاري ـ حدثني الوليد بن صالح حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنها قال إني لواقف في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله أن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لإني كثيرا ما كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر وأطلقت وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب.
حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله حدثنا عمر بن سعيد عن ابن أبي مليكة إنه سمع ابن عباس يقول وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وإنا فيهم فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي فإذا علي بن أبي طالب فترحم على عمر وقال ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك وايم الله أن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت إني كنت كثيرا أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر.
روى البخاري ـ حدثني أحمد ابن أبي رجاء حدثنا النضر عن هشام قال أخبرني أبي قال سمعت عبدالله بن جعفر قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول خير نسائها مريم ابن ة عمران وخير نسائها خديجة.
حدثني محمد أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه قال سمعت عبدالله بن جعفر قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ح حدثني صدقة أخبرنا عبدة عن هشام عن أبيه قال سمعت عبدالله بن جعفر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة.
روى البخاري ـ حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن الحكم سمعت ابن أبي ليلى قال حدثنا علي أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى من أثر الرحا فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سبي فأطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته عائشة بمجيء فاطمة فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم فقال على مك إنكما فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري وقال ألا أعلمكما خيرا مما سألتمإني إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين وتسبحا ثلاثا وثلاثين وتحمدا ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم.
روى البخاري ـ حدثنا إسحاق بن محمد الفروي حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك ابن أوس بن الحدثأن وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكرا من حديثه ذلك فأطلقت حتى أدخل على(1/303)
مالك بن أوس فسألته عن ذلك الحديث فقال مالك بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال أجب أمير المؤمنين فأطلقت معه حتى أدخل على عمر فإذا هو جالس على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش متكئ على وسادة من آدم فسلمت عليه ثم جلست فقال يا مال إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات وقد أمرت فيهم برضخ فاقبضه فاقسمه بينهم فقلت يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري قال اقبضه أيها المرء فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبدالرحمن ابن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون قال نعم فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا ثم جلس يرفا يسيرا ثم قال هل لك في علي وعباس قال نعم فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما يختصمأن فيما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من مال بني النضير فقال الرهط عثمان وأصحابه يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر قال عمر تيدكم أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه قال الرهط قد قال ذلك فأقبل عمر على علي وعباس فقال أنشدكما الله أتعلمأن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال ذلك قالا قد قال ذلك قال عمر فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله قد خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره ثم قرأ ( وما أفاء الله على رسوله منهم) إلى قوله ( قدير ) فكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم قد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك قالوا نعم ثم قال لعلي وعباس أنشدكما بالله هل تعلمأن ذلك قال عمر ثم توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما عمل فيها أبو بكر والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق ثم جئتمإني تكلمإني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك وجاءني هذا يريد عليا يريد نصيب امرأته من أبيها فقلت لكما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت أن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملأن فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما عمل فيها أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها فقلتما ادفعها إلينا فبذلك دفعتها إليكما فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك قال الرهط نعم ثم أقبل على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك قالا نعم قال فتلتمسأن مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها.(1/304)
روى البخاري ـ حدثني إسحاق أخبرنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني عبدالله بن كعب بن مالك الأنصاري وكان كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تِيبَ عليهم أن عبدالله بن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ بيده عباس بن عبدالمطلب فقال له أنت والله بعد ثلاث عبد العصا وإني والله لأرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوف يتوفى من وجعه هذا إني لأعرف وجوه بني عبدالمطلب عند الموت اذهب بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلنسأله فيمن هذا الأمر أن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا فقال علي أنا والله لئن سألناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده وإني والله لا أسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا إسحاق أخبرنا بشر بن شعيب حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني عبدالله بن كعب أن عبدالله بن عباس أخبره أن عليا يعني ابن أبي طالب خرج من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ح وحدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبدالله بن كعب بن مالك أن عبدالله بن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ بيده العباس فقال ألا ترآه أنت والله بعد الثلاث عبد العصا والله إني لأرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيتوفى في وجعه وإني لأعرف في وجوه بني عبدالمطلب الموت فاذهب بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسأله فيمن يكون الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا قال علي والله لئن سألناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمنعنا لا يعطيناها الناس أبدا وإني لا أسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبدا.
روى البخاري ـ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى حدثنا هشام عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه قال لما كان يوم الأحزاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس.
حدثنا إسحاق حدثنا روح حدثنا هشام عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه قال يوم الخندق ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس.
حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا يزيد أخبرنا هشام عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ح وحدثني عبدالرحمن حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا هشام قال حدثنا محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الخندق حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم أو أجوافهم شك يحيى نارا.(1/305)
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا الأنصاري حدثنا هشام بن حسان حدثنا محمد بن سيرين حدثنا عبيدة حدثنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق فقال ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس وهي صلاة العصر.
روى البخاري ـ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن محمد بن سوقة عن منذر عن ابن الحنفية قال لو كان علي رضي الله عنه ذاكرا عثمان رضي الله عنه ذكره يوم جاءه ناس فشكوا سعاة عثمان فقال لي علي اذهب إلى عثمان فأخبره إنها صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر سعاتك يعملون فيها فأتيته بها فقال أغنها عنا فأتيت بها عليا فأخبرته فقال ضعها حيث أخذتها قال الحميدي حدثنا سفيان حدثنا محمد ابن سوقة قال سمعت منذرا الثوري عن ابن الحنفية قال أرسلني أبي خذ هذا الكتاب فاذهب به إلى عثمان فإن فيه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال ما كتبنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا القرآن وما في هذه الصحيفة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا فمن أحدث حدثا أو أوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه عدل ولا صرف وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ومن والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل قال أبو موسى حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما فقيل له وكيف ترى ذلك كائنا يا أبا هريرة قال إي والذي نفس أبي هريرة بيده عن قول الصادق المصدوق قالوا عم ذاك قال تنتهك ذمة الله وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيشد الله عز وجل قلوب أهل الذمة فيمنعون ما في أيديهم.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة قال قال علي رضي الله عنه إذا حدثتكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلان أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خُدعة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجأوز إيمان هم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة قال علي رضي الله عنه سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجأوز إيمان هم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.(1/306)
حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا خيثمة حدثنا سويد بن غفلة قال علي رضي الله عنه إذا حدثتكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا فوالله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجأوز إيمان هم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة.
روى البخاري ـ حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال أخبرني عبدالملك بن ميسرة قال سمعت زيد بن وهب عن علي رضي الله عنه قال أَهْدَى إليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء فلبستها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي.
حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال أخبرني عبدالملك بن ميسرة قال سمعت زيد بن وهب عن علي رضي الله عنه قال آتى إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء فلبستها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة ح و حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبدالملك بن ميسرة عن زيد بن وهب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كسإني النبي - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء فخرجت فيها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي.
روى البخاري ـ حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله أخبرنا يونس عن ابن شهاب قال أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي رضي الله عنها أخبره أن عليا عليه السلام قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارفا من الخمس فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فناتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين وأستعين به في وليمة عرسي.
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي عن أبيه حسين بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه قال أصبت شارفا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغنم يوم بدر قال وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شارفا أخرى فإنختهما يوما عند باب رجل من الآنصار وإنا أريد أن أحمل عليهما إذخرا لأبيعه ومعي صائغ من بني قينقاع فأستعين به على وليمة فاطمة وحمزة بن عبدالمطلب يشرب في ذلك البيت معه قينة فقالت ألا يا حمز للشرف النواء فثار إليهما حمزة بالسيف فجب أسنمتهما وبقر خواصرهما ثم أخذ من أكبادهما قلت لابن شهاب ومن السنام قال قد جب أسنمتهما فذهب بها قال ابن شهاب قال علي رضي الله عنه فنظرت إلى منظر أفظعني فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده زيد بن حارثة فأخبرته الخبر فخرج ومعه زيد(1/307)
فأطلقت معه فدخل على حمزة فتغيظ عليه فرفع حمزة بصره وقال هل أنتم إلا عبيد لآبائي فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقهقر حتى خرج عنهم وذلك قبل تحريم الخمر.
روى البخاري ـ حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله أخبرنا يونس عن الزهري أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره أن عليا رضي الله عنه قال فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه ثم أطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن فأذنوا لهم.
روى البخاري ـ حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني مالك بن أوس بن الحدثأن النصري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعاه إذ جاءه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبدالرحمن والزبير وسعد يستأذنون فقال نعم فأدخلهم فلبث قليلا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي يستأذنان قال نعم فلما دخلا قال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما يختصمأن في الذي أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من بني النضير فاستب علي وعباس فقال الرهط يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال عمر اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه قالوا قد قال ذلك فأقبل عمر على عباس وعلي فقال أنشدكما بالله هل تعلمأن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال ذلك قالا نعم قال فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله سبحإنه كان خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره فقال جل ذكره ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) إلى قوله ( قدير ) فكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم لقد أعطاكموها وقسمها فيكم حتى بقي هذا المال منها فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياته ثم توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر فإنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم حينئذ فأقبل على علي وعباس وقال تذكرأن أن أبا بكر فيه كما تقولأن والله يعلم إنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر والله يعلم إني فيه صادق بار راشد تابع للحق ثم جئتمإني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فجئتني يعني عباسا فقلت لكما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت أن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملأن فيه بما عمل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وما عملت فيه منذ وليت وإلا فلا تكلمإني فقلتما ادفعه إلينا بذلك فدفعته إليكما أفتلتمسأن مني قضاء غير ذلك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنه فادفعا إلي فإنا أكفيكماه قال فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول أرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان إلى أبي بكر يسألنه(1/308)
ثمنهن مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فكنت أنا أردهن فقلت لهن ألا تتقين الله ألم تعلمن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه إنما يأكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا المال فانتهى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما أخبرتهن قال فكانت هذه الصدقة بيد علي منعها علي عباسا فغلبه عليها ثم كان بيد حسن بن علي ثم بيد حسين بن علي ثم بيد علي بن حسين وحسن بن حسن كلاهما كانا يتدأولإنها ثم بيد زيد بن حسن وهي صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقا.
روى البخاري ـ حدثنا مسدد قال حدثنا عبدالله بن داود عن الأعمش عن منذر الثوري عن محمد ابن الحنفية عن علي بن أبي طالب قال كنت رجلا مذاء فأمر ت المقداد بن الأسود أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال فيه الوضوء.
حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن الأعمش عن منذر أبي يعلى الثوري عن محمد بن الحنفية قال قال علي كنت رجلا مذّاءً فاستحيَيْتُ أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر ت المقداد بن الأسود فسأله فقال فيه الوضوء ورواه شعبة عن الأعمش.
حدثنا أبو الوليد قال حدثنا زائدة عن أبي حصين عن أبي عبدالرحمن عن علي قال كنت رجلا مذاء فأمر ت رجلا أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابن ته فسأل فقال توضأ واغسل ذكرك.
روى البخاري ـ حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة فقال ألا تصليأن فقلت يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إليّ شيئا ثم سمعته وهو مولّ يضرب فخذه وهو يقول ( وكان الإنسلن أكثر شيء جدلا ).
حدثنا علي بن عبدالله حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره عن علي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة قال ألا تصليأن ( رجما بالغيب ) لم يستبن ( فرطا ) يقال ندما ( سرادقها ) مثل السرادق والحجرة التي تطيف بالفساطيط ( يحأوره ) من المحأورة ( لكنا هو الله ربي ) أي لكن أنا ( هو الله ربي ) ثم حذف الآلف وأدغم إحدى النونين في الآخرى ( وفجرنا خلآلهما نهرا ) يقول بينهما ( زلقا ) لا يثبت فيه قدم ( هنالك الولاية ) مصدر الولي ( عقبا ) عاقبة وعقبى وعقبة واحد وهي الآخرة ( قبلا ) وقبلا وقبلا استئنافا ( ليدحضوا ) ليزيلوا الدحض الزلق.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري ح حدثني محمد بن سلام أخبرنا عتاب بن بشير عن إسحاق عن الزهري أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي رضي الله عنها أخبره أن علي بن أبي طالب قال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمةَ عليها السلام بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم ألا تصلون فقال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -(1/309)
حين قال له ذلك ولم يرجع إليه شيئا ثم سمعه وهو مدبر يضرب فخذه وهو يقول ( وكان الإنسلن أكثر شيء جدلا ) قال أبو عبد الله يقال ما أتاك ليلا فهو طارق ويقال ( الطارق ) النجم و ( الثاقب ) المضيء يقال أثقب نارك للموقد.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري ح وحدثنا إسماعيل حدثني أخي عبدالحميد عن سليمان عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن علي بن حسين أن حسين بن علي عليهما السلام أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمةَ بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقال لهم ألا تصلون قال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول ( وكان الإنسلن أكثر شيء جدلا).
روى البخاري ـ حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبدالله قال أخبرني يونس عن الزهري قال حدثني أبو عبيد مولى ابن أزهر إنه شهد العيد يوم الأضحى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال يا أيها الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاكم عن صيام هذين العيدين أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم وأما الآخر فيوم تأكلون من نسككم قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فكان ذلك يوم الجمعة فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال يا أيها الناس أن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدأن فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ومن أحب أن يرجع فقد آذنت له قال أبو عبيد ثم شهدته مع علي بن أبي طالب فصلى قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث وعن معمر عن الزهري عن أبي عبيد نحوه.
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن الحكم عن علي بن حسين عن مروان بن الحكم قال شهدت عثمان وعليا رضي الله عنها وعثمان ينهى عن المتعة وإن يجمع بينهما فلما رأى علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة قال ما كنت لأدَعَ سنّة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حجاج بن محمد الأعور عن شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب قال اختلف علي وعثمان رضي الله عنها وهما بعسفإن في المتعة فقال علي ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى ذلك علي أهَلّ بهما جميعا.
روى البخاري ـ حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتصدق بجلآل البُدْنِ التي نحرت وبجلودها.
حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتصدق بجلآل البدن التي نحرت وبجلودها.(1/310)
روى البخاري ـ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان قال أخبرني ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقمت على البدن فأمر ني فقسمت لحومها ثم أمرني فقسمت جلآلها وجلودها قال سفيان وحدثني عبدالكريم عن مجاهد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على البدن ولا أعطي عليها شيئا في جزارتها.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج قال أخبرني الحسن بن مسلم وعبدالكريم الجزري أن مجاهدا أخبرهما أن عبدالرحمن بن أبي ليلى أخبره أن عليا رضي الله عنه أخبره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يقوم على بدنه وإن يقسم بدنه كلها لحومها وجلودها وجلآلها ولا يعطي في جزارتها شيئا.
حدثنا أبو نعيم حدثنا سيف بن أبي سليمان قال سمعت مجاهدا يقول حدثني ابن أبي ليلى أن عليا رضي الله عنه حدثه قال أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة بَدَنَةٍ فأمر ني بلحومها فقسمتها ثم أمرني بجلآلها فقسمتها ثم بجلودها فقسمتها.
روى البخاري ـ حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا ابن عيينة إنه سمع الزهري يقول أخبرني الحسن بن محمد بن علي وأخوه عبدالله بن محمد عن أبيهما أن عليا رضي الله عنه قال لابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر.
روى البخاري ـ حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن عبدالملك بن ميسرة عن النزال قال أتى علي رضي الله عنه على باب الرحبة فشرب قائما فقال إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم وإني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل كما رأيتموني فعلت.
حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا عبدالملك بن ميسرة سمعت النزال بن سبرة يحدث عن علي رضي الله عنه إنه صلى الظهر ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتى حضرت صلاة العصر ثم أتي بماء فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه ثم قام فشرب فضله وهو قائم ثم قال إن ناسا يكرهون الشرب قياما وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل ما صنعت.
روى البخاري ـ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني سليمان عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي رضي الله عنه نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدباء والمزفت حدثنا عثمان حدثنا جرير عن الأعمش بهذا.
روى البخاري ـ حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله أخبرنا يونس عن الزهري قال أخبرني علي بن الحسين أن حسين بن علي عليهما السلام أخبره أن عليا قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارفا من الخمس فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فناتي بإذخر أردت أن أبيعه الصواغين وأستعين به في وليمة عرسي فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناختأن إلى جنب(1/311)
حجرة رجل من الآنصار رجعت حين جمعت ما جمعت فإذا شارفاي قد اجتب أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما فقلت من فعل هذا فقالوا فعل حمزة بن عبدالمطلب وهو في هذا البيت في شرب من الآنصار فأطلقت حتى أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده زيد بن حارثة فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهي الذي لقيت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لك فقلت يا رسول الله ما رأيت كاليوم قط عدا حمزة على ناقتي فأجب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه فارتدى ثم أطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن فأذنوا لهم فإذا هم شرب فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوم حمزة فيما فعل فإذا حمزة قد ثمل محمرة عيناه فنظر حمزة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صعد النظر فنظر إلى ركبته ثم صعد النظر فنظر إلى سرته ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال حمزة هل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه قد ثمل فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عقبيه القهقرى وخرجنا معه.
حدثنا عبدان أخبرنا عبدالله أخبرنا يونس ح وحدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن الزهري أخبرنا علي بن حسين أن حسين بن علي عليهم السلام أخبره أن عليا قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاني مما أفاء الله عليه من الخمس يومئذ فلما أردت أن أبتني بفاطمة عليها السلام بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - واعدت رجلا صواغا في بني قينقاع أن يرتحل معي فناتي بإذخر فأردت أن أبيعه من الصواغين فنستعين به في وليمة عرسي فبينا أنا أجمع لشارفي من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناخأن إلى جنب حجرة رجل من الآنصار حتى جمعت ما جمعت فإذا أنا بشارفي قد أجبت أسنمتها وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما فلم أملك عيني حين رأيت المنظر قلت من فعل هذا قالوا فعله حمزة بن عبدالمطلب وهو في هذا البيت في شرب من الآنصار عنده قينة وأصحابه فقالت في غنائها ألا يا حمز للشرف النواء فوثب حمزة إلى السيف فأجب أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما قال علي فأطلقت حتى أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده زيد بن حارثة وعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لقيت فقال ما لك قلت يا رسول الله ما رأيت كاليوم عدا حمزة على ناقتي فأجب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه فارتدى ثم أطلق يمشي واتبعته أنا وزيد ابن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن عليه فأذن له فطفق النبي - صلى الله عليه وسلم - يلوم حمزة فيما فعل فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه فنظر حمزة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صعد النظر فنظر إلى ركبته ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال حمزة وهل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه ثمل فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عقبيه القهقرى فخرج وخرجنا معه.
روى البخاري ـ حدثني يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عبدالله والحسن ابن ي محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الأنسية.(1/312)
حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبدالله والحسن ابن ي محمد بن علي عن أبيهما عن علي رضي الله عنه قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المتعة عام خيبر وعن لحوم حمر الأنسية.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيدالله بن عمر حدثنا الزهري عن الحسن وعبدالله ابن ي محمد بن علي عن أبيهما أن عليا رضي الله عنه قيل له أن ابن عباس لا يرى بمتعة النساء بأسا فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية وقال بعض الناس أن احتال حتى تمتع فالنكاح فاسد وقال بعضهم النكاح جائز والشرط باطل.
روى البخاري ـ حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا سلمة بن كهيل قال سمعت الشعبي يحدث عن علي رضي الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال قد رجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
روى البخاري ـ حدثنا عبدالله بن عبدالوهاب حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سفيان حدثنا أبو حصين سمعت عمير بن سعيد النخعي قال سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنّه.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش إنه سمع عليا رضي الله عنه يخطب قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو كريب جميعا عن أبي معاوية قال أبو كريب حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال خطبنا علي بن أبي طالب فقال من زعم أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة قال وصحيفة معلقة في قراب سيفه فقد كذب فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات وفيها قال النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو أوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ومن ادعى إلى غير أبيه أو أنتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وانتهى حديث أبي بكر وزهير عند قوله يسعى بها أدناهم ولم يذكرا ما بعده وليس في حديثهما معلقة في قراب سيفه و حدثني علي بن حجر السعدي أخبرنا علي بن مسهر ح و حدثني أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع جميعا عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث أبي كريب عن أبي معاوية إلى آخره وزاد في الحديث فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل وليس في حديثهما من ادعى إلى غير أبيه وليس في رواية وكيع ذكر يوم القيامة وحدثني عبيد الله بن عمر القواريري ومحمد بن أبي بكر المقدمي قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث ابن مسهر ووكيع إلا قوله من تولى غير مواليه وذكر اللعنة له.(1/313)
حدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال خطبنا علي بن أبي طالب فقال من زعم أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة قال وصحيفة معلقة في قراب سيفه فقد كذب فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات وفيها قال النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو أوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ومن ادعى إلى غير أبيه أو أنتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش ح و حدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر قال قال علي والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي - صلى الله عليه وسلم - إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن هشام عن محمد عن عبيدة عن علي قال لما كان يوم الأحزاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا يحيى بن سعيد ح و حدثناه إسحق بن إبراهيم أخبرنا المعتمر بن سليمان جميعا عن هشام بهذا الإسناد.
حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبي حسان عن عبيدة عن علي قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب شغلونا عن صلاة الوسطى حتى آبت الشمس ملأ الله قبورهم نارا أو بيوتهم أو بطونهم شك شعبة في البيوت والبطون وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة بهذا الإسناد وقال بيوتهم وقبورهم ولم يشك.
حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي ح و حدثناه عبيد الله بن معاذ واللفظ له قال حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الحكم عن يحيى سمع عليا يقولا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب وهو قاعد على فرضة من فرض الخندق شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم أو قال قبورهم وبطونهم نارا.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو كريب قالوا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل عن علي قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ثم صلاها بين العشاءين بين المغرب والعشاء.
روى مسلم ـ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قال يحيى أخبرنا وقال الآخرأن حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي الهياج الأسدي قال(1/314)
قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعبد الله بن سعيد الأشج جميعا عن وكيع قال الأشج حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة قال قال علي إذا حدثتكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلان أَخِرَّ من السماء أحب إلي من أن أقول عليه ما لم يقل وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرءون القرآن لا يجأوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا عيسى ابن يونس ح و حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي وأبو بكر بن نافع قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد مثله حدثنا عثمان ابن أبي شيبة حدثنا جرير ح و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب قالوا حدثنا أبو معاوية كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد وليس في حديثهما يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرّمِيّة.
وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا ابن علية وحماد بن زيد ح و حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد بن زيد ح و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لهما قالا حدثنا إسمعيل ابن علية عن أيوب عن محمد عن عبيدة عن علي قال ذكر الخوارج فقال فيهم رجل مُخْدَجُ اليد أو مودن اليد أو مثدون اليد لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - قال قلت أنت سمعته من محمد - صلى الله عليه وسلم - قال إي ورب الكعبة إي ورب الكعبة إي ورب الكعبة حدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن محمد عن عبيدة قال لا أحدثكم إلا ما سمعت منه فذكر عن علي نحو حديث أيوب مرفوعا.
حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق بن همام حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان حدثنا سلمة بن كهيل حدثني زيد بن وهب الجهني إنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضي الله عنه الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي رضي الله عنه أيها الناس إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرءون القرآن يحسبون إنه لهم وهو عليهم لا تجأوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لاتكلوا عن العمل وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس(1/315)
فسيروا على اسم الله قال سلمة بن كهيل فنزلني زيد بن وهب منزلا حتى قال مررنا على قنطرة فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء فرجعوا فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف وشجرهم الناس برماحهم قال وقتل بعضهم على بعض وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان فقال علي رضي الله عنه التمسوا فيهم المخدج فالتمسوه فلم يجدوه فقام علي رضي الله عنه بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض قال أخروهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال صدق الله وبلغ رسوله قال فقام إليه عبيدة ال سلمان ي فقال يا أمير المؤمنين ألله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له.
حدثني أبو الطاهر ويونس بن عبد الأعلى قالا أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قالوا لا حكم إلا لله قال علي كلمة حق أريد بها باطل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم وأشار إلى حلقه من أبغض خلق الله إليه منهم أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا فقال ارجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله وإنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم زاد يونس في روايته قال بكير وحدثني رجل عن ابن حنين إنه قال رأيت ذلك الأسود.
روى مسلم ـ حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا ابن إدريس قال سمعت عاصم بن كليب عن أبي بردة عن علي قال قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم و حدثنا ابن نمير حدثنا عبد الله يعني ابن إدريس أخبرنا عاصم بن كليب بهذا الإسناد قال قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل اللهم إني أسألك الهدى والسداد ثم ذكر بمثله.
روى مسلم ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم واللفظ لزهير قال إسحق أخبرنا و قال الآخرأن حدثنا جرير عن منصور عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة قال فقال رجل يا رسول الله أفلا نمكث على كتابن ا وندع العمل فقال من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقأوة فسيصير إلى عمل أهل الشقأوة فقال اعملوا فكل ميسر أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل(1/316)
السعادة وأما أهل الشقأوة فييسرون لعمل أهل الشقأوة ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري قالا حدثنا أبو الأحوص عن منصور بهذا الإسناد في معناه وقال فأخذ عودا ولم يقل مخصرة وقال ابن أبي شيبة في حديثه عن أبي الأحوص ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو سعيد الأشج قالوا حدثنا وكيع ح وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي حدثنا الأعمش ح وحدثنا أبو كريب واللفظ له حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم جالسا وفي يده عود ينكت به فرفع رأسه فقال ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار قالوا يا رسول الله فلم نعمل أفلا نتكل قال لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ) إلى قوله ( فسنيسره للعسرى ) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور والأعمش إنهما سمعا سعد بن عبيدة يحدثه عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه.
27 ـ حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي وأبو الربيع العتكي وأبو كريب محمد بن العلاء واللفظ لأبي كريب قال أبو الربيع حدثنا و قال الآخرأن أخبرنا ابن المبارك عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن ابن أبي مليكة قال سمعت ابن عباس يقولا وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع وإنا فيهم قال فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي فالتفت إليه فإذا هو علي فترحم على عمر وقال ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك وايم الله أن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وذاك إني كنت أُكَثِّرُ أسمعُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول جئت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أو لأظن أن يجعلك الله معهما و حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد في هذا الإسناد بمثله.
روى مسلم ـ حدثنا زهير بن حرب وسريج بن يونس كلاهما عن مروان قال زهير حدثنا مروان بن معاوية الفزاري حدثنا منصور بن حيان حدثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة قال كنت عند علي بن أبي طالب فأتاه رجل فقال ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسر إليك قال فغضب وقال ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسر إلي شيئا يكتمه الناس غير أنه قد حدثني بكلمات أربع قال فقال ما هن يا أمير المؤمنين قال قال لعن اللهُ مَنْ لعن والدَه ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من أوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان عن منصور بن حيان عن أبي الطفيل قال قلنا لعلي بن أبي طالب أخبرنا بشيء أسره إليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ما أسر إلي شيئا(1/317)
كتمه الناس ولكني سمعته يقول لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من أوى محدثا ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من غير المنار.
حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد ابن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت القاسم بن أبي بزة يحدث عن أبي الطفيل قال سئل علي أخصكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء فقال ما خصنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء لم يعم به الناس كافة إلا ما كان في قراب سيفي هذا قال فأخرج صحيفة مكتوب فيها لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله مَنْ سرق منار الأرض ولعن الله من لعن والده ولعن الله من أوى محدثا.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن زبيد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث جيشا وأمر عليهم رجلا فأوقد نارا وقال ادخلوها فأراد ناس أن يدخلوها وقال الآخرون أنا قد فررنا منها فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال للذين أرادوا أن يدخلوها لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة وقال للآخرين قولا حسنا وقال لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف.
وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وزهير بن حرب وأبو سعيد الأشج وتقاربوا في اللفظ قالوا حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل عليهم رجلا من الآنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه في شيء فقال اجمعوا لي حطبا فجمعوا له ثم قال أوقدوا نارا فأوقدوا ثم قال ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا لي وتطيعوا قالوا بلى قال فادخلوها قال فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار فكانوا كذلك وسكن غضبه وطفئت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش بهذا الإسناد نحوه.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي حدثنا شعبة عن أبي عون قال سمعت أبا صالح يحدث عن علي قال أُهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُلّة سِيَرَاء فبعث بها إليّ فلبستُها فعرفت الغضب في وجهه فقال إني لم أبعث بها إليك لتلبسها إنما بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين النساء وحدثناه عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح و حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد يعني ابن جعفر قالا حدثنا شعبة عن أبي عون بهذا الإسناد في حديث معاذ فأمر ني فأَطَرْتُها بين نسائي وفي حديث محمد بن جعفر فأطرتها بين نسائي ولم يذكر فأمر ني.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب واللفظ لزهير قال أبو كريب أخبرنا و قال الآخرأن حدثنا وكيع عن مسعر عن أبي عون الثقفي عن أبي صالح الحنفي عن علي أن أكيدر دومة(1/318)
أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوب حرير فأعطاه عليا فقال شَقِّقْه خُمُرًا بين الفواطم وقال أبو بكر وأبو كريب بين النسوة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن زيد بن وهب عن علي بن أبي طالب قال كسإني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء فخرجت فيها فرأيت الغضب في وجهه قال فشققتها بين نسائي.
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله ابن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القَسِّيّ والمُعصفر وعن تختّم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع.
وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين أن أباه حدثه إنه سمع علي بن أبي طالب يقول نهإني النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القراءة وإنا راكع وعن لبس الذهب والمعصفر.
وحدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال نهإني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التختم بالذهب وعن لباس القَسِّي وعن القراءة في الركوع والسجود وعن لباس المعصفر.
حدثني محمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب جميعا عن ابن إدريس واللفظ لأبي كريب حدثنا ابن إدريس قال سمعت عاصم بن كليب عن أبي بردة عن علي قال نهإني يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أجعل خاتمي في هذه أو التي تليها لم يدر عاصم في أي الثنتين ونهإني عن لبس القَسِّي وعن جلوس على المياثر قال فأما القسي فثياب مضلعة يؤتى بها من مصر والشام فيها شبه كذا وأما المياثر فشيء كانت تجعله النساء لبعولتهن على الرحل كالقطائف الأرجوإن وحدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن ابن لأبي موسى قال سمعت عليا فذكر هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه وحدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم بن كليب قال سمعت أبا بردة قال سمعت علي بن أبي طالب قال نهى أو نهإني يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه.
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو الأحوص عن عاصم بن كليب عن أبي بردة قال قال علي نهإني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتختم في إصبعي هذه أو هذه قال فأومأ إلى الوسطى والتي تليها.
روى مسلم ـ وحدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن عمرو بن قيس الملائي عن الحكم بن عتيبة عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هأنئ قال أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه فقال جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم قال وكان سفيان إذا ذكر عمرا أثنى عليه وحدثنا إسحق أخبرنا زكرياء بن عدي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة(1/319)
عن الحكم بهذا الإسناد مثله وحدثني زهير بن حرب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هأنئ قال سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت ائت عليا فإنه أعلم بذلك مني فأتيت عليا فذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا يوسف الماجشون حدثني أبي عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه كان إذا قام إلى الصلاة قال وجهت وجهي للذي فطر السمأوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وإنا من المسلمين اللهم إنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وإنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئَها لا يصرف عني سيئَها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعآليت أستغفرك وأتوب إليك وإذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وإذا رفع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السمأوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد وإذا سجد قال اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت و حدثناه زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ح و حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا أبو النضر قالا حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عمه الماجشون بن أبي سلمة عن الأعرج بهذا الإسناد وقال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال وجهت وجهي وقال وإنا أول المسلمين وقال وإذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وقال وصوره فأحسن صوره وقال وإذا سلم قال اللهم اغفر لي ما قدمت إلى آخر الحديث ولم يقل بين التشهد والتسليم.
روى مسلم ـ حدثني أبو الطاهر وحرملة قالا أخبرنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين أن أباه حدثه إنه سمع علي بن أبي طالب قال نهإني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ راكعا أو ساجدا.
حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن الوليد يعني ابن كثير حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه إنه سمع علي بن أبي طالب يقول نهإني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قراءة القرآن وإنا راكع أو ساجد.(1/320)
حدثني أبو بكر بن إسحق أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرني زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب إنه قال نهإني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القراءة في الركوع والسجود ولا أقول نهاكم.
حدثنا زهير بن حرب وإسحق قالا أخبرنا أبو عامر العقدي حدثنا داود بن قيس حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن ابن عباس عن علي قال نهإني حبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ راكعا أو ساجدا حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع ح وحدثني عيسى بن حماد المصري أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب قال ح وحدثني هارون بن عبد الله حدثنا ابن أبي فديك حدثنا الضحاك ابن عثمان قال ح وحدثنا المقدمي حدثنا يحيى وهو القطان عن ابن عجلأن ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب حدثني أسامة بن زيد قال ح وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسمعيل يعنون ابن جعفر أخبرني محمد وهو ابن عمرو قال ح وحدثني هناد بن السري حدثنا عبدة عن محمد بن إسحق كل هؤلاء عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي ح إلا الضحاك وابن عجلأن فإنهما زادا عن ابن عباس عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم قالوا نهإني عن قراءة القرآن وإنا راكع ولم يذكروا في روايتهم النهي عنها في السجود كما ذكر الزهري وزيد بن أسلم والوليد بن كثير وداود بن قيس وحدثناه قتيبة عن حاتم بن إسمعيل عن جعفر بن محمد عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن حنين عن علي ولم يذكر في السجود.
روى مسلم ـ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن علي بن حسين أن الحسين بن علي حدثه عن علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة فقال ألا تصلون فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قلت له ذلك ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول ( وكان الإنسلن أكثر شيء جدلا ).
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسمعيل ابن علية عن سفيان عن حبيب عن طأوس عن ابن عباس قال صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات وعن علي مثل ذلك.
روى مسلم ـ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح و حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر واللفظ له حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ إنه قال رإني نافع بن جبير ونحن في جنازة قائما وقد جلس ينتظر أن توضع الجنازة فقال لي ما يقيمك فقلت أنتظر أن توضع الجنازة لما يحدث أبو سعيد الخدري فقال نافع فإن مسعود بن الحكم حدثني عن علي بن أبي طالب إنه قال قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قعد.
حدثني محمد بن المثنى وإسحق بن إبراهيم وابن أبي عمر جميعا عن الثقفي قال ابن المثنى حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد قال أخبرني واقد ابن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري أن نافع(1/321)
بن جبير أخبره أن مسعود بن الحكم الأنصاري أخبره إنه سمع علي بن أبي طالب يقول في شأن الجنائز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام ثم قعد وإنما حدث بذلك لأن نافع بن جبير رأى واقد بن عمرو قام حتى وضعت الجنازة و حدثنا أبو كريب حدثنا ابن أبي زائدة عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.
وحدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن محمد بن المنكدر قال سمعت مسعود بن الحكم يحدث عن علي قال رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقمنا وقعد فقعدنا يعني في الجنازة وحدثناه محمد بن أبي بكر المقدمي وعبيد الله بن سعيد قالا حدثنا يحيى وهو القطان عن شعبة بهذا الإسناد.
روى مسلم ـ حدثني عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن أبي عبيد قال شهدت العيد مع علي بن أبي طالب فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهأنا أن ناكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث.
حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب حدثني يونس عن ابن شهاب حدثني أبو عبيد مولى ابن أزهر إنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب قال ثم صليت مع علي بن أبي طالب قال فصلى لنا قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال فلا تأكلوا وحدثني زهير بن حرب حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن أخي ابن شهاب ح و حدثنا حسن الحلوإني حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح ح و حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر كلهم عن الزهري بهذا الإسناد مثله.
روى مسلم ـ حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي أخبرنا عبثر ح و حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير ح و حدثني بشر بن خالد أخبرنا محمد يعني ابن جعفر عن شعبة كلهم عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينتبذ في الدباء والمزفت هذا حديث جرير وفي حديث عبثر وشعبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدُّبَّاء والمُزَفَّت.
روى مسلم ـ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا سليمان أبو داود حدثنا زائدة عن السدي عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن قال خطب علي فقال يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحدّ مَنْ أحصن منهم ومَنْ لم يحصن فإن أَمَةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زنت فأمر ني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس فخشيت أن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحسنتَ وحدثناه إسحق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن السدي بهذا الإسناد ولم يذكر من أحصن منهم ومن لم يحصن وزاد في الحديث اتركها حتى تماثل.
روى مسلم ـ حدثني محمد بن منهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سفيان الثوري عن أبي حصين عن عمير بن سعيد عن علي قال ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه فأجد منه في نفسي(1/322)
إلا صاحب الخمر لإنه أن مات وَدَيْتُه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنّه حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان بهذا الإسناد مثله.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وعلي بن حجر قالوا حدثنا إسمعيل وهو ابن علية عن ابن أبي عروبة عن عبد الله الدأناج ح وحدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي واللفظ له أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله بن فيروز مولى ابن عامر الدأناج حدثنا حضين بن المنذر أبو ساسأن قال شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران إنه شرب الخمر وشهد آخر إنه رآه يتقيأ فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها فقال يا علي قم فاجلده فقال علي قم يا حسن فاجلده فقال الحسن وَلّ حارها مَنْ تولى قارها فكأنه وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلي يعدّ حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكلٌّ سُنّة وهذا أحب إليّ زاد علي بن حجر في روايته قال إسمعيل وقد سمعت حديث الدأناج منه فلم أحفظه.
روى مسلم ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ومحمد بن العلاء واللفظ لأبي بكر قالوا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي قال قلت يا رسول الله ما لك تَنَوَّقُ في قريش وتدعنا فقال وعندكم شيء قلت نعم بنت حمزة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنها لا تحل لي إنها ابن ة أخي من الرضاعة وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم عن جرير ح و حدثنا ابن نمير حدثنا أبي ح و حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان كلهم عن الأعمش بهذا الإسناد مثله.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَنا سفيان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أبي رَبِيعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أبيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ فَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَأَفَاضَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَرْدَفَ أُسَامَةَ فَجَعَلَ يُعْنِقُ عَلَى بَعِيرِهِ وَالناس يَضْرِبُونَ يَمِينا وَشِمَالًا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ وَيَقُولُ السَّكِينَةَ أيها الناس ثُمَّ أَتَى جَمْعًا فَصَلَّى بِهِمُ الصَّلَاتَيْنِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ أَتَى قُزَحَ فَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ فَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَرَعَ ناقَتَهُ فَخَبَّتْ حَتَّى جَازَ الْوَادِيَ ثُمَّ حَبَسَهَا ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ وَسَارَ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ فَقَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ قَالَ وَاسْتَفْتَتْهُ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ أن أبي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَفْنَدَ وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ فَهَلْ يُجْزِئُ عَنْهُ أن أُؤَدِّيَ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ فَأَدِّي عَنْ أبيكِ قَالَ وَقَدْ لَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ لَوَيْتَ عُنُقَ ابن عَمِّكَ قَالَ رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمن الشيطان عَلَيْهِمَا قَالَ ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَلَقْتُ قَبْلَ أن أنحَرَ(1/323)
قال إنحَرْ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إني أَفَضْتُ قَبْلَ أن أَحْلِقَ قَالَ احْلِقْ أو قَصِّرْ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ أَتَى الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَقَالَ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سِقَايَتَكُمْ وَلَوْلَا أن يَغْلِبَكُمُ الناس عَلَيْهَا لَنَزَعْتُ بِهَا.
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ حَدَّثَنِي أبي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أبيهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ ثُمَّ دَفَعَ يَسِيرُ الْعَنَقَ وَجَعَلَ الناس يَضْرِبُونَ يَمِينا وَشِمَالًا وَهُوَ يَلْتَفِتُ وَيَقُولُ السَّكِينَةَ أيها الناس السَّكِينَةَ أيها الناس حَتَّى جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ وَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ ثُمَّ وَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ ثُمَّ دَفَعَ وَجَعَلَ يَسِيرُ الْعَنَقَ وَالناس يَضْرِبُونَ يَمِينا وَشِمَالًا وَهُوَ يَلْتَفِتُ وَيَقُولُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ أيها الناس حَتَّى جَاءَ مُحَسِّرًا فَقَرَعَ رَاحِلَتَهُ فَخَبَّتْ حَتَّى خَرَجَ ثُمَّ عَادَ لِسَيْرِهِ الْأولِ حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ ثُمَّ جَاءَ الْمَنْحَرَ فَقَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ أن أبي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَقَدْ أَفْنَدَ وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا فَيُجْزِئُ عَنْهُ أن أُؤَدِّيَهَا عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَمْ وَجَعَلَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ ابن الْعَبَّاسِ عَنْهَا ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ فقال إني رَمَيْتُ الْجَمْرَةَ وَأَفَضْتُ وَلَبِسْتُ وَلَمْ أَحْلِقْ قَالَ فَلَا حَرَجَ فَاحْلِقْ ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ فقال إني رَمَيْتُ وَحَلَقْتُ وَلَبِسْتُ وَلَمْ أنحَرْ فَقَالَ لَا حَرَجَ فإنحَرْ ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا بِسَجْلٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ قال إنزِعُوا يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلَا أن تُغْلَبُوا عَلَيْهَا لَنَزَعْتُ قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إني رَأَيْتُكَ تَصْرِفُ وَجْهَ ابن أَخِيكَ قال إني رَأَيْتُ غُلَامًا شَابًّا وَجَارِيَةً شَابَّةً فَخَشِيتُ عَلَيْهِمَا الشيطان.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أبي حَرْبِ بْنِ أبي الْأَسْوَدِ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَوْلُ الْغُلَامِ يُنْضَحُ عَلَيْهِ وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ قَالَ قَتَادَةُ هَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَ بَوْلُهُمَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنا مُطَرِّفٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُوتِرُ فِي أولِ اللَّيْلِ وَفِي وَسَطِهِ وَ في آخرهِ ثُمَّ ثَبَتَ لَهُ الْوَتْرُ في آخرهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ وَهُوَ فِي الرَّحْبَةِ فَأخذ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ ثُمَّ شَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ.(1/324)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا مَعْمَرٌ أنبَأنا الزُّهْرِيُّ عَنْ أبي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ ثُمَّ شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَصَلَّى بِلَا أَذَأن وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يُمْسِكَ أحد مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ أبي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أبي حسان عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نارًا كَمَا شَغَلُونا عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى آبَتِ الشَّمْسُ.
ـ حَدَّثَنا أبو معاوية حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْأَحْزَابِ شَغَلُونا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نارًا ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بَيْنِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا سفيان عَنْ أبي إسحاق عَنْ زَيْدِ بْنِ أُثَيْعٍ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَأن سَأَلْنا عَلِيًّا رضي الله عنه بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ يَعْنِي يَوْمَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أبي بَكْرٍ رضي الله عنه فِي الْحَجَّةِ قَالَ بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَأن وَمَنْ كان بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ وَلَا يَحُجُّ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي زِيَادٍ االقطواني حَدَّثَنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ أَخْبَرَنِي حَرْبٌ أبو سفيان الْمِنْقَرِيُّ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أبو جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي عَمِّي عَنْ أبيهِ إنه رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْمَسْعَى كَاشِفًا عَنْ ثَوْبِهِ قَدْ بَلَغَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُكَرَّمٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ ابن إسحاق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَوْلَا أن أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنا أبو إسحاق عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النعمان الهمداني عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يُضَحَّى بِالْمُقَابَلَةِ أو بِمُدَابَرَةٍ أو شَرْقَاءَ أو خَرْقَاءَ أو جَدْعَاءَ.
ـ حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنا قَتَادَةُ عَنْ جُرَيِّ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يُضَحَّى بِعَضْبَاءِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ.
(عضباء القرن: أي مكسورة القرن).
- حَدَّثَنا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنا زُهَيْرٌ حَدَّثَنا أبو إسحاق عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النعمان قَالَ أبو إسحاق وَكان رَجُلَ صِدْقٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أَمَرَنا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ وإن لَا نُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ وَلَا مُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا شَرْقَاءَ وَلَا خَرْقَاءَ قَالَ زُهَيْرٌ قُلْتُ لِأبي إسحاق أَذَكَرَ عَضْبَاءَ(1/325)
قَالَ لَا قُلْتُ مَا الْمُقَابَلَةُ قَالَ يُقْطَعُ طَرَفُ الْأُذُنِ قُلْتُ مَا الْمُدَابَرَةُ قَالَ يُقْطَعُ مُؤَخَّرُ الْأُذُنِ قُلْتُ مَا الشَّرْقَاءُ قَالَ تُشَقُّ الْأُذُنُ قُلْتُ مَا الْخَرْقَاءُ قَالَ تَخْرِقُ أُذُنَهَا السِّمَةُ.
ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ أبي بُكَيْرٍ حَدَّثَنا زُهَيْرٌ أنبَأنا أبو إسحاق عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النعمان قَالَ وَكان رَجُلَ صِدْقٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أَمَرَنا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ وإن لَا نُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ وَلَا مُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا شَرْقَاءَ وَلَا خَرْقَاءَ قَالَ زُهَيْرٌ فَقُلْتُ لِأبي إسحاق أَذَكَرَ عَضْبَاءَ قَالَ لَا قُلْتُ مَا الْمُقَابَلَةُ قَالَ هِيَ الَّتِي يُقْطَعُ طَرَفُ أُذُنِهَا قُلْتُ فَالْمُدَابَرَةُ قَالَ الَّتِي يُقْطَعُ مُؤَخَّرُ الْأُذُنِ قُلْتُ مَا الشَّرْقَاءُ قَالَ الَّتِي يُشَقُّ أُذُنُهَا قُلْتُ فَمَا الْخَرْقَاءُ قَالَ الَّتِي تَخْرِقُ أُذُنَهَا السِّمَةُ.
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ إنه سَمِعَ جُرَيَّ بْنَ كُلَيْبٍ يُحَدِّثُ إنه سَمِعَ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَضْبَاءِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ. حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنا عَبْدَةُ بْنُ سليمان عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جُرَيِّ بْنِ كُلَيْبٍ النَّهْدِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هلال عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أن تَكُونَ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ مُرْتَفِعَةً.
ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سفيان وَشُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هلال عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنه قَالَ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أن تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.
ـ حَدَّثَنا إسحاق بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنا سفيان عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنه قَالَ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أن تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ قَالَ سفيان فَمَا أَدْرِي بِمَكَّةَ يَعْنِي أو بِغَيْرِهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا إسماعيل حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكانةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الخولإني عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ بَيْتِي فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَجِئْتُهُ بِقَعْبٍ يَأخذ الْمُدَّ أو قَرِيبَهُ حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ بَالَ فَقَالَ يَا ابن عَبَّاسٍ أَلَا أَتَوَضَّأُ لَكَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ بَلَى فِدَاكَ أبي وَأُمِّي قَالَ فَوُضِعَ لَهُ أناءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ أخذ بِيَدَيْهِ فَصَكَّ بِهِمَا وَجْهَهُ وَأَلْقَمَ إِبْهَامَهُ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ قَالَ ثُمَّ عَادَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ثَلَاثًا ثُمَّ أخذ كَفًّا مِنْ مَاءٍ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَهَا عَلَى ناصِيَتِهِ ثُمَّ أَرْسَلَهَا تَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَدَهُ الآخرى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مِنْ ظُهُورِهِمَا ثُمَّ أخذ بِكَفَّيْهِ مِنَ الْمَاءِ فَصَكَّ بِهِمَا عَلَى قَدَمَيْهِ وَفِيهِمَا النَّعْلُ ثُمَّ قَلَبَهَا بِهَا ثُمَّ عَلَى الرِّجْلِ الآخرى مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ فَقُلْتُ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِي النَّعْلَيْنِ قُلْتُ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِي النَّعْلَيْنِ قُلْتُ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِي النَّعْلَيْنِ.(1/326)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو معاوية حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقْرِئُنا القرآن مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا سفيان وَإِسْرَائِيلُ وَأبي عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ سَأَلْنا عَلِيًّا رضي الله عنه عَنْ تَطَوُّعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّهَارِ فَقَالَ إنكمْ لَا تُطِيقُونَهُ قَالَ قُلْنا أَخْبِرْنا بِهِ ناخذ مِنْهُ مَا أَطَقْنا قَالَ كان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ أَمْهَلَ حَتَّى إِذَا كانت الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنا يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مِقْدَارُهَا مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ هَاهُنا مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا كانت الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنا يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مِقْدَارُهَا مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ هَاهُنا يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ قَامَ فَصَلَّى أَرْبَعًا وَأَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَأَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه تِلْكَ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّهَارِ وَقَلَّ مَنْ يُدَأومُ عَلَيْهَا حَدَّثَنا وَكِيعٌ عَنْ أبيهِ قَالَ قَالَ حَبِيبُ بْنُ أبي ثَابِتٍ لَأبي إسحاق حِينَ حَدَّثَهُ يَا أَبَا إسحاق يَسْوَى حَدِيثُكَ هَذَا مِلْءَ مَسْجِدِكَ ذَهَبًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا إسماعيل بْنُ إبراهيم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ شَهِدْتُ جَنازَةً فِي بَنِي سَلِمَةَ فَقُمْتُ فَقَالَ لِي نافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ اجْلِسْ فإني سَأُخْبِرُكَ فِي هَذَا بِثَبْتٍ حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ الزُّرَقِيُّ إنه سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه بِرَحَبَةِ الْكُوفَةِ وَهُوَ يَقُولُ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنا بِالْجُلُوسِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ أَتَيْتُ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه أنا وَرجلان فَقَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِي حَاجَتَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَقْرَأُ القرآن وَيَأْكُلُ مَعنا اللَّحْمَ وَلَا يَحْجِزُهُ وَرُبَّمَا قَالَ يَحْجُبُهُ مِنَ القرآن شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنابَةَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا سفيان عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ الْوَتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ مِثْلَ الصَّلَاةِ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أوتَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أولِ اللَّيْلِ وآخرهِ وَأوسَطِهِ فانتهى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَنَفِيُّ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ جَاءَ أعرابي إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أنا نَكُونُ بِالْبَادِيَةِ فَتَخْرُجُ مِنْ أحدنا الرُّوَيْحَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إن الله عَزَّ وَجَلَّ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ إِذَا فَعَلَ أحدكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ وَقَالَ مَرَّةً فِي أَدْبَارِهِنَّ.(1/327)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا خَلَفٌ حَدَّثَنا أبو جَعْفَرٍ يَعْنِي الرَّازِيَّ وَخَالِدٌ يَعْنِي الطحان عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أبي لَيْلَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَمَّا الْمَنِيُّ فَفِيهِ الْغُسْلُ وَأَمَّا الْمَذْيُ فَفِيهِ الْوُضُوءُ.
ـ حَدَّثَنا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنا ابن لَهِيعَةَ حَدَّثَنا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نُصَلِّي إِذِ انصرف وَنَحْنُ قِيَامٌ ثُمَّ أَقْبَلَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَصَلَّى لَنا الصَّلَاةَ ثُمَّ قال إني ذَكَرْتُ إني كُنْتُ جُنُبًا حِينَ قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ لَمْ أَغْتَسِلْ فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ فِي بَطْنِهِ رِزًّا أو كان عَلَى مِثْلِ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ فَلْيَنْصَرِفْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِهِ أو غُسْلِهِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى صَلَاتِهِ. حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ إسحاق حَدَّثَنا ابن لَهِيعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا سليمان بْنُ داود أنبَأنا شُعْبَةُ عَنْ أبي إسحاق سَمِعَ عَاصِمَ بْنَ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّي مِنَ الضُّحَى.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا سليمان بْنُ داود حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابن أبي الزِّنادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فلان بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إنه كان إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ وَأراد أن يَرْكَعَ وَيَصْنَعُهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ وَكَبَّرَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وإنا وَجِعٌ وإنا أَقُولُ اللهم إن كان أَجَلِي قَدْ حَضَرَ فَأَرِحْنِي وإن كان آجِلًا فَارْفَعْنِي وإن كان بَلَاءً فَصَبِّرْنِي قَالَ مَا قُلْتَ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ فَقَالَ مَا قُلْتَ قَالَ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ اللهم عَافِهِ أو اشْفِهِ قَالَ فَمَا اشْتَكَيْتُ ذَلِكَ الْوَجَعَ بَعْدُ. حَدَّثَنا عفان حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو ابن مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ شَاكِيًا فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ مَعناهُ إِلَّا إنه قَالَ اللهم عَافِهِ اللهم اشْفِهِ فَمَا اشْتَكَيْتُ ذَلِكَ الْوَجَعَ بَعْدُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا سُرَيْجُ بْنُ النعمان حَدَّثَنا أبو عوانة عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَّةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دراهم.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زاذان عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعَرَةٍ مِنْ جَنابَةٍ لَمْ يُصِبْهَا مَاءٌ فَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النارِ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ شَعْرِي.(1/328)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو سَعِيدٍ حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنا سِمَاكٌ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْيَمَنِ فأنتهَيْنا إِلَى قَوْمٍ قَدْ بَنَوْا زُبْيَةً لِلْأَسَدِ فَبَيْنا هُمْ كَذَلِكَ يَتَدَافَعُونَ إِذْ سَقَطَ رَجُلٌ فَتَعَلَّقَ بِآخَرَ ثُمَّ تَعَلَّقَ رَجُلٌ بِآخَرَ حَتَّى صَارُوا فِيهَا أَرْبَعَةً فَجَرَحَهُمُ الْأَسَدُ فانتدب لَهُ رَجُلٌ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ وَمَاتُوا مِنْ جِرَاحَتِهِمْ كُلُّهُمْ فقاموا أولِيَاءُ الْأولِ إِلَى أولِيَاءِ الآخر فَأَخْرَجُوا السِّلَاحَ لِيَقْتَتِلُوا فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى تَفِيئَةِ ذَلِكَ فَقَالَ تُرِيدُونَ أن تَقَاتَلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيٌّ إني أَقْضِي بَيْنَكُمْ قَضَاءً أن رَضِيتُمْ فَهُوَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا حَجَزَ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ حَتَّى تَأْتُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَكُونَ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَكُمْ فَمَنْ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ اجْمَعُوا مِنْ قَبَائِلِ الَّذِينَ حَفَرُوا الْبِئْرَ رُبُعَ الدِّيَةِ وَثُلُثَ الدِّيَةِ وَنِصْفَ الدِّيَةِ وَالدِّيَةَ كَامِلَةً فَلِلْأولِ الرُّبُعُ لِإنه هَلَكَ مَنْ فَوْقَهُ وَلِلثَّإني ثُلُثُ الدِّيَةِ وَلِلثَّالِثِ نِصْفُ الدِّيَةِ فَأبوا أن يَرْضَوْا فَأَتَوُا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عِنْدَ مَقَامِ إبراهيم فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فقال إنا أَقْضِي بَيْنَكُمْ وَاحْتَبَى فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أن عَلِيًّا قَضَى فِينا فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنا بَهْزٌ حَدَّثَنا حَمَّادٌ أنبَأنا سِمَاكٌ عَنْ حَنَشٍ أن عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ وَلِلرَّابِعِ الدِّيَةُ كَامِلَةً.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنا ابن لَهِيعَةَ حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَئِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِىِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَسَنٌ وَأبو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَا حَدَّثَنا ابن لَهِيعَةَ حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ إنه قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ حَسَنٌ يَوْمَ الْأَضْحَى فَقَرَّبَ إِلَيْنا خَزِيرَةً فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ لَوْ قَرَّبْتَ إِلَيْنا مِنْ هَذَا الْبَطِّ يَعْنِي الْوَزَّ فإن الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَكْثَرَ الْخَيْرَ فَقَالَ يَا ابن زُرَيْرٍ إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِلْخَلِيفَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ إِلَّا قصعتان قَصْعَةٌ يَأْكُلُهَا هُوَ وَأَهْلُهُ وَقَصْعَةٌ يَضَعُهَا بَيْنَ يَدَيِ الناس.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُعْتَمِرُ بْنُ سليمان عَنْ أبيهِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أُمِّ مُوسَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ مَا رَمِدْتُ مُنْذُ تَفَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي عَيْنِي.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنا الْمُغِيرَةُ عَنْ أُمِّ مُوسَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَ إنكمْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أبي بُرْدَةَ بْنِ أبي مُوسَى عَنْ أبي مُوسَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ نَهَإني رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن أَجْعَلَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ السَّبَّاحَةِ أو الَّتِي تَلِيهَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو يُوسُفَ الْمُؤَدِّبُ يَعْقُوبُ جَارُنا حَدَّثَنا إبراهيم بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابن الْمُطَّلِبِ عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أبيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.(1/329)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا سفيان عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَا أُعْطِيكُمْ وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَلَوَّى بُطُونُهُمْ مِنَ الْجُوعِ وَقَالَ مَرَّةً لَا أُخْدِمُكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَطْوَى.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا سفيان عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أبي جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْنا عَلِيًّا رضي الله عنه هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْءٌ بَعْدَ القرآن قَالَ لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِلَّا فَهْمٌ يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلًا فِي القرآن أو مَا فِي الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
ـ حَدَّثَنا أبو معاوية حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ إبراهيم التَّيْمِيِّ عَنْ أبيهِ قَالَ خَطَبَنا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ مَنْ زَعَمَ أن عِنْدَنا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلَّا كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ صَحِيفَةٌ فِيهَا أَسْنان الْإِبِلِ وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ فَقَدْ كَذَبَ قَالَ وَفِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ فَمَنْ أحدثَ فِيهَا حَدَثًا أو أوى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالناس أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلًا وَلَا صَرْفًا وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أبيهِ أو تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالناس أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ واحدةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْناهُمْ.
ـ حَدَّثَنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ شَهِدْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه وَهُوَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاللَّهِ مَا عِنْدَنا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ مُعَلَّقَةً بِسَيْفِهِ أخذتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ مُعَلَّقَةً بِسَيْفٍ لَهُ حِلْيَتُهُ حَدِيدٌ أو قَالَ بَكَرَاتُهُ حَدِيدٌ أَيْ حِلَقُهُ.
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَكاني حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ قَالَ خَطَبَنا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ مَا عِنْدَنا شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ أو قَالَ كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةِ الْمَقْرُونَةِ بِسَيْفِي وَعَلَيْهِ سَيْفٌ حِلْيَتُهُ حَدِيدٌ وَفِيهَا فَرَائِضُ الصَّدَقَاتِ .
- حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أبان بْنِ عمران الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ يَعْنِي ابن شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ مَا عِنْدَنا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا فِي القرآن وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ صَحِيفَةٌ كانت فِي قِرَابِ سَيْفٍ كان عَلَيْهِ حِلْيَتُهُ حَدِيدٌ أخذتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ.
ـ حَدَّثَنا بَهْزٌ حَدَّثَنا هَمَّامٌ أنبَأنا قَتَادَةُ عَنْ أبي حسان أن عَلِيًّا رضي الله عنه كان يَأْمُرُ بِالْأَمْرِ فَيُؤْتَى فَيُقَالُ قَدْ فَعَلْنا كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ أن هَذَا الَّذِي تَقُولُ قَدْ تَفَشَّغَ فِي الناس أَفَشَيْءٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا خَاصَّةً دُونَ الناس إِلَّا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهُوَ فِي صَحِيفَةٍ فِي قِرَابِ سَيْفِي قَالَ فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ قَالَ فَإِذَا فِيهَا مَنْ أحدثَ حَدَثًا أو أوى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالناس أَجْمَعِينَ لَا(1/330)
يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ قَالَ وَإِذَا فِيهَا أن إبراهيم حَرَّمَ مَكَّةَ وإني أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَحِمَاهَا كُلُّهُ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمَنْ أَشَارَ بِهَا وَلَا تُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلَّا أن يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ وَلَا يُحْمَلُ فِيهَا السِّلَاحُ لِقِتَالٍ قَالَ وَإِذَا فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ.
ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدم حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ سَيْفٌ حِلْيَتُهُ حَدِيدٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا عِنْدَنا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ أعطاني ها رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ قَالَ لِصَحِيفَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي سَيْفِهِ.
ـ حَدَّثَنا يَحْيَى حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ أبي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قال أطلقتُ أنا وَالْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقُلْنا هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى الناس عَامَّةً قَالَ لَا إِلَّا مَا فِي كِتَأبي هَذَا قَالَ وَكِتَابٌ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ مَنْ أحدثَ حَدَثًا أو أوى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالناس أَجْمَعِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ يَعْنِي الْيَمَامِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْيَمَامِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ حَدَّثَنِي أبي عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنه مَا فَقَالَ يَا عَلِيُّ هذان سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشَبَابِهَا بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابن عَجْلَأن حَدَّثَنِي إبراهيم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أبيهِ عَنِ ابن عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ نَهَإني رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن أَقْرَأَ وإنا رَاكِعٌ وَعَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ.
(القسي: ثياب مخططىة بالحرير).
ـ حَدَّثَنا يَعْقُوبُ حَدَّثَنا أبي عَنِ ابن إسحاق حَدَّثَنِي إبراهيم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أبيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه يَقُولُ نَهَإني رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا أَقُولُ نَهَاكُمْ عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ وَقِرَاءَةِ القرآن وإنا رَاكِعٌ وَكَسَإني حُلَّةً مِنْ سِيَرَاءَ فَخَرَجْتُ فِيهَا فَقَالَ يَا عَلِيُّ إني لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا قَالَ فَرَجَعْتُ بِهَا إِلَى فَاطِمَةَ رَضِي اللهم عَنْهَا فَأَعْطَيْتُهَا ناحِيَتَهَا فَأخذتْ بِهَا لِتَطْوِيَهَا مَعِي فَشَقَّقْتُهَا بِثِنْتَيْنِ قَالَ فَقَالَتْ تَرِبَتْ يَدَاكَ يَا ابن أبي طَالِبٍ مَاذَا صَنَعْتَ قَالَ فَقُلْتُ لَهَا نَهَإني رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُبْسِهَا فَالْبَسِي وَاكْسِي نِسَاءَكِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو معاوية حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى قَالَ جَاءَ أبو مُوسَى إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَعَائِدًا جِئْتَ أَمْ شَامِتًا قَالَ(1/331)
لَا بَلْ عَائِدًا قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه أن كُنْتَ جِئْتَ عَائِدًا فإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مَشَى فِي خِرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ فإن كان غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وإن كان مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو معاوية حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا فلان أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أن أَكْذِبَ عَلَيْهِ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ غَيْرِهِ فإنما أنا رَجُلٌ مُحَارِبٌ وَالْحَرْبُ خَدْعَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَخْرُجُ في آخر الزمان أَقْوَامٌ أحداثُ الْأَسْنان سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ لَا يُجَأوزُ إيمان هُمْ حَناجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فإن قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ـ حَدَّثَنا إسماعيل حَدَّثَنا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ ذُكِرَ الْخَوَارِجُ فَقَالَ فِيهِمْ مُخْدَجُ الْيَدِ أو مُودَنُ الْيَدِ أو مُثَدَّنُ الْيَدِ لَوْلَا أن تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ عَلَى لسان مُحَمَّدٍ قُلْتُ أنت سَمِعْتَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
ـ حَدَّثَنا إسحاق بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان ابن خُثَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِي اللهم عَنْهَا وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ مَرْجِعَهُ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قُتِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَتْ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ هَلْ أنت صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ تُحَدِّثُنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ وَمَا لِي لَا أَصْدُقُكِ قَالَتْ فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ قَالَ فإن عَلِيًّا رضي الله عنه لَمَّا كَاتَبَ معاوية وَحَكَمَ الْحَكَمَأن خَرَجَ عَلَيْهِ ثمانية آلاف مِنْ قُرَّاءِ الناس فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا حَرُورَاءُ مِنْ جانب الْكُوفَةِ وإنهمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا أنسلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ثُمَّ أطلقتَ فَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ فَلَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا أن بَلَغَ عَلِيًّا رضي الله عنه مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ فأمر مُؤَذِّنا فَأَذَّنَ أن لَا يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ حَمَلَ القرآن فَلَمَّا أن امْتَلَأَتِ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ الناس دَعَا بِمُصْحَفٍ إِمَامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ أيها الْمُصْحَفُ حَدِّثِ الناس فَنادَاهُ الناس فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إنما هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رُوِينا مِنْهُ فَمَاذَا تُرِيدُ قَالَ أَصْحَابُكُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ ( وإن خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا أن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - أَعْظَمُ دَمًا وَحُرْمَةً مِنِ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ وَنَقَمُوا عَلَيَّ أن كَاتَبْتُ معاوية كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أبي طَالِبٍ وَقَدْ جَاءَنا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ قَوْمَهُ قُرَيْشًا فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ سُهَيْلٌ لَا تَكْتُبْ بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ(1/332)
الرَّحِيمِ فَقَالَ كَيْفَ نَكْتُبُ فَقَالَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ إنك رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْكَ فَكَتَبَ هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُرَيْشًا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ( لَقَدْ كان لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كان يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخر ) فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا تَوَسَّطْنا عَسْكَرَهُمْ قَامَ ابن الْكَوَّاءِ يَخْطُبُ الناس فَقَالَ يَا حَمَلَةَ القرآن أن هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فإنا أُعَرِّفُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا يَعْرِفُهُ بِهِ هَذَا مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ ( قَوْمٌ خَصِمُونَ ) فَرُدُّوهُ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَا تُوَاضِعُوهُ كِتَابَ اللَّهِ فقام خُطَبَاؤُهُمْ فَقَالُوا وَاللَّهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ كِتَابَ اللَّهِ فإن جَاءَ بِحَقٍّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ وإن جَاءَ بِبَاطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِبَاطِلِهِ فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللَّهِ الْكِتَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلاف كُلُّهُمْ تَائِبٌ فِيهِمُ ابن الْكَوَّاءِ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى عَلِيٍّ الْكُوفَةَ فَبَعَثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِلَى بَقِيَّتِهِمْ فَقَالَ قَدْ كان مِنْ أَمْرِنا وَأَمْرِ الناس مَا قَدْ رَأَيْتُمْ فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ حَتَّى تَجْتَمِعَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أن لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا أو تَقْطَعُوا سَبِيلًا أو تَظْلِمُوا ذِمَّةً فَ إنكمْ أن فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنا إِلَيْكُمُ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ إن الله لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِي اللهم عَنْهَا يَا ابن شَدَّادٍ فَقَدْ قَتَلَهُمْ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ وَسَفَكُوا الدَّمَ وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ الذِّمَّةِ فَقَالَتْ أَاللَّهِ قَالَ أَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كان قَالَتْ فَمَا شَيْءٌ بَلَغَنِي عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَتَحَدَّثُونَهُ يَقُولُونَ ذُو الثُّدَيِّ وَذُو الثُّدَيِّ قَالَ قَدْ رَأَيْتُهُ وَقُمْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَلَيْهِ فِي الْقَتْلَى فَدَعَا الناس فَقَالَ أَتَعْرِفُونَ هَذَا فَمَا أَكْثَرَ مَنْ جَاءَ يَقُولُ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فلان يُصَلِّي وَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فلان يُصَلِّي وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِثَبَتٍ يُعْرَفُ إِلَّا ذَلِكَ قَالَتْ فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَتْ هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ إنه قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ اللهم لَا قَالَتْ أَجَلْ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَرْحَمُ اللَّهُ عَلِيًّا رضي الله عنه إنه كان مِنْ كَلَامِهِ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلَّا قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ.
ـ حَدَّثَنا أبو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَنا إسماعيل بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنا أبو كَثِيرٍ مَوْلَى الآنصَارِ قَالَ كُنْتُ مَعَ سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه حَيْثُ قُتِلَ أَهْلُ النَّهْرَوإن فَكإن الناس وَجَدُوا فِي أنفُسِهِمْ مِنْ قَتْلِهِمْ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَا أيها الناس أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حَدَّثَنا بِأَقْوَامٍ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُونَ فِيهِ أَبَدًا حَتَّى يَرْجِعَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ وإن آية ذَلِكَ أن فِيهِمْ رَجُلًا أَسْوَدَ مُخْدَجَ الْيَدِ إحدى يَدَيْهِ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ لَهَا حَلَمَةٌ كَحَلَمَةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ حَوْلَهُ سَبْعُ هُلْبَاتٍ فَالْتَمِسُوهُ فإني أُرآه فِيهِمْ فَالْتَمَسُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلَى شَفِيرِ النَّهَرِ تَحْتَ الْقَتْلَى فَأَخْرَجُوهُ فَكَبَّرَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وإنه لَمُتَقَلِّدٌ قَوْسًا لَهُ عَرَبِيَّةً فَأخذهَا بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهَا فِي مُخْدَجَتِهِ وَيَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَكَبَّرَ الناس حِينَ رَأوهُ وَاسْتَبْشَرُوا وَذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كانوا يَجِدُونَ.(1/333)
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ أبو يُوسُفَ أَخْبَرَنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ أبي غَنِيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أبي سليمان عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ لَمَّا خَرَجَتِ الْخَوَارِجُ بِالنَّهْرَوإن قَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فِي أَصْحَابِهِ فقال إن هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ الناس وَهُمْ أَقْرَبُ الْعَدُوِّ إِلَيْكُمْ وإن تَسِيرُوا إِلَى عَدُوِّكُمْ أنا أَخَافُ أن يَخْلُفَكُمْ هَؤُلَاءِ فِي أَعْقَابِكُمْ إني سَمِعْتُ رَسُو
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو معاوية عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ تَنَوَّقُ فِي قُرَيْشٍ وَتَدَعنا قَالَ وَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ قَالَ قُلْتُ نَعَمِ ابن ةُ حَمْزَةَ قال إنها لَا تَحِلُّ لِي هِيَ ابن ةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَدْ رَأَيْنا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فَقُمْنا وَقَعَدَ فَقَعَدْنا .
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنِ ابن نُجَيٍّ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ وَلَا صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ.
ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرِكٍ الْجُعْفِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أبيهِ قَالَ قَالَ لِي عَلِيٌّ رضي الله عنه كانت لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْزِلَةٌ لَمْ تَكُنْ لِأحد مِنَ الْخَلَائِقِ إني كُنْتُ آتِيهِ كُلَّ سَحَرٍ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَنَحْنَحَ وإني جِئْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا حَسَنٍ حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكَ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيَّ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَغْضَبَكَ أحد قَالَ لَا قُلْتُ فَمَا لَكَ لَا تُكَلِّمُنِي فِيمَا مَضَى حَتَّى كَلَّمْتَنِي اللَّيْلَةَ قَالَ سَمِعْتُ فِي الْحُجْرَةِ حَرَكَةً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فقال إنا جِبْرِيلُ قُلْتُ ادْخُلْ قَالَ لَا اخْرُجْ إِلَيَّ فَلَمَّا خَرَجْتُ قال إن فِي بَيْتِكَ شَيْئًا لَا يَدْخُلُهُ مَلَكٌ مَا دَامَ فِيهِ قُلْتُ مَا أَعْلَمُهُ يَا جِبْرِيلُ قَالَ اذْهَبْ فانظر فَفَتَحْتُ الْبَيْتَ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئًا غَيْرَ جَرْوِ كَلْبٍ كان يَلْعَبُ بِهِ الْحَسَنُ قُلْتُ مَا وَجَدْتُ إِلَّا جَرْوًا قال إنها ثَلَاثٌ لَنْ يَلِجَ مَلَكٌ مَا دَامَ فِيهَا أَبَدًا واحد مِنْهَا كَلْبٌ أو جَنابَةٌ أو صُورَةُ رُوحٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ سفيان حَدَّثَنِي سليمان عَنْ إبراهيم التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ قَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَنِ سَمِعْت أبي يَقُولُ لَيْسَ بِالْكُوفَةِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه حَدِيثٌ أَصَحُّ مِنْ هَذَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو أُسَامَةَ أنبَأنا زَائِدَةُ حَدَّثَنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةِ آدم حَشْوُهَا لِيفُ الْإِذْخِرِ.
(الخميل: كساء غليظ،الآدم: جلد مدبوغ،الإذخر: نبات طيب الرائحة).
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أبي مَرْيَمَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قال أطلقتُ أنا وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَيْنا الْكَعْبَةَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اجْلِسْ وَصَعِدَ عَلَى(1/334)
مَنْكِبَيَّ فَذَهَبْتُ لِإنهضَ بِهِ فَرَأَى مِنِّي ضَعْفًا فَنَزَلَ وَجَلَسَ لِي نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وقالَ: اصعدْ عَلَى مَنْكِبَيَّ،قال: فَصَعِدْتُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ،قَال: فَنَهَضَ بِي،قَالَ: فإنه يُخَيَّلُ إِلَيَّ إني لَوْ شِئْتُ لَنِلْتُ أُفُقَ السَّمَاء،حَتَّى صَعِدْتُ عَلَى البيْتِ وَعَلَيْهِ تِمْثَالُ صُفْرٍ أو نُحَاسٍ،فَجَعَلْتُ أُزَأولُهُ عَنْ يمِينِهِ وَعَن شِمَالِهِ وَبَيْن يَديْهِ وَمِن خَلْفِهِ،حَتَّى إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ،قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ـ - صلى الله عليه وسلم - :اقْذِفْ بِهِ،فَقذَفْتُ بِهِ فَتَكَسَّرَ كَمَا تَتَكَسَّرُ القَوَارِيرُ،ثُمَّ نَزَلْتُ،فأطلقتُ أنا وَرَسُولُ اللَّهِ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ نَسْتَبِقُ حَتَّى تَوَارَيْنا بِالْبُيُوتِ،خَشْيَةَ أن يَلْقَأنا أحد مِنَ الناس.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يُونُسُ حَدَّثَنا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ أبيهِ قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الرَّأْسِ عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ هَدِبَ الْأَشْفَارِ مُشْرَبَ الْعَيْنِ بِحُمْرَةٍ كَثَّ اللِّحْيَةِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كانما يَمْشِي فِي صُعُدٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ.
ـ حَدَّثَنا عفان وَحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ أبيهِ قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الرَّأْسِ عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ هَدِبَ الْأَشْفَارِ قَالَ حَسَنٌ الشِّفَارِ مُشْرَبَ الْعَيْنَيْنِ بِحُمْرَةٍ كَثَّ اللِّحْيَةِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ إِذَا مَشَى كانما يَمْشِي فِي صُعُدٍ قَالَ حَسَنٌ تَكَفَّأَ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا.
(كث اللحية: أي غزير شعر اللحية،أزهر: أبيض منير،تكفأ: أي قصد في مشيته).
روى أحمد ـ حَدَّثَنا فَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنا يَاسِينُ الْعِجْلِيُّ عَنْ إبراهيم بْنِ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَهْدِيُّ مِنا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ عَنْ أبيهِ إنه سَارَ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَكان صَاحِبَ مِطْهَرَتِهِ فَلَمَّا حَآذى نِينَوَى وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ فَنادَى عَلِيٌّ رضي الله عنه اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ قُلْتُ وَمَاذَا قَالَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ وَعَيْناهُ تَفِيضَأن قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَغْضَبَكَ أحد مَا شَأن عَيْنَيْكَ تَفِيضَأن قَالَ بَلْ قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ قَبْلُ فَحَدَّثَنِي أن الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ قَالَ فَقَالَ هَلْ لَكَ إِلَى أن أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَمَدَّ يَدَهُ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأعطاني ها فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أن فَاضَتَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أَقْرَبُنا إِلَى الْعَدُوِّ وَكان مِنْ أَشَدِّ الناس يَوْمَئِذٍ بَأْسًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا خَلَفٌ حَدَّثَنا قَيْسٌ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أبي ظَبيان عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا عَلِيُّ أن أنت وُلِّيتَ الْأَمْرَ بَعْدِي فَأَخْرِجْ أَهْلَ نَجْرَأن مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.(1/335)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا خَلَفٌ حَدَّثَنا خَالِدٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أبي بُرْدَةَ بْنِ أبي مُوسَى أن عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَلِ اللَّهَ تَعَالَى الْهُدَى وَالسَّدَادَ وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ وَاذْكُرْ بِالسَّدَادِ تَسْدِيدَكَ السَّهْمَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ عَبْد اللَّهِ وَسَمِعْتُهُ أنا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنا إسماعيل بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُلَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ كان قَبْلِي إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُقَبَاءَ وُزَرَاءَ نُجَبَاءَ وإني أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَزِيرًا نَقِيبًا نَجِيبًا سَبْعَةً مِنْ قُرَيْشٍ وَسَبْعَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنا الرَّبِيعُ يَعْنِي ابن أبي صَالِحٍ الْأَسْلَمِيَّ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أبي زِيَادٍ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه يَنْشُدُ الناس فقال أنشد اللَّهَ رَجُلًا مُسْلِمًا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا قَالَ فقام اثنا عَشَرَ بَدْرِيًّا فَشَهِدُوا.
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأودِيُّ أنبَأنا شَرِيكٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ سَعِيدِ ابن وَهْبٍ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالَا نَشَدَ عَلِيٌّ الناس فِي الرَّحَبَةِ مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ إِلَّا قَامَ قَالَ فقام مِنْ قِبَلِ سَعِيدٍ سِتَّةٌ وَمِنْ قِبَلِ زَيْدٍ سِتَّةٌ فَشَهِدُوا إنهمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ أولَى بِالْمُؤْمِنِينَ قَالُوا بَلَى قَالَ اللهم مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهم وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ. حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ أنبَأنا شَرِيكٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَمْرٍو ذِي مُرٍّ بِمِثْلِ حَدِيثِ أبي إسحاق يَعْنِي عَنْ سَعِيدٍ وَزَيْدٍ وَزَادَ فِيهِ وإنصُرْ مَنْ نَصَرَهُ واخذل مَنْ خَذَلَهُ. حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا عَلِيٌّ أنبَأنا شَرِيكٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبي ثَابِتٍ عَنْ أبي الطُّفَيْلِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ.
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ أرقم حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ أبي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى قَالَ شَهِدْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه فِي الرَّحَبَةِ يَنْشُدُ الناس أنشد اللَّهَ مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ لَمَّا قَامَ فَشَهِدَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فقام اثنا عَشَرَ بَدْرِيًّا كاني انظر إِلَى أحدهِمْ فَقَالُوا نَشْهَدُ أنا سَمِعنا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ أَلَسْتُ أولَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجِي أُمَّهَاتُهُمْ فَقُلْنا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهم وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو سَعِيدٍ حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ أن تَأْسِرُوهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فإنهمْ خَرَجُوا كُرْهًا.(1/336)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا هَاشِمٌ وَحَسَنٌ قَالَا حَدَّثَنا شيبان عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ استأذن ابن جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا ابن جُرْمُوزٍ يَسْتَأْذِنُ قَالَ ائْذَنُوا لَهُ لِيَدْخُلْ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ النارَ إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول إن لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيِّي الزُّبَيْرُ.
حَدَّثَنا معاوية بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنا زَائِدَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ استأذن ابن جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه وإنا عِنْدَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بَشِّرْ قَاتِلَ ابن صَفِيَّةَ بِالنارِ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول إن لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيِّي الزُّبَيْرُ سَمِعْت سفيان يَقُولُ الْحَوَارِيُّ الناصِرُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَقَدَّمَ إِلَيْكَ خَصْمَأن فَلَا تَسْمَعْ كَلَامَ الْأولِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الآخر فَسَوْفَ تَرَى كَيْفَ تَقْضِي قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَمَا زِلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ قَاضِيًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنا أبو سَلَّامٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَنَفِيُّ عَنْ عمران بْنِ ظَبيان عَنْ حُكَيْمِ بْنِ سَعْدٍ أبي تِحْيَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أراد سَفَرًا قَالَ بِكَ اللهم أَصُولُ وَبِكَ أَجُولُ وَبِكَ أَسِيرُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أبي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنا فُضَيْلُ بْنُ سليمان يَعْنِي النُّمَيْرِيَّ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ أبي يَحْيَى عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إنه سَيَكُونُ بَعْدِي اخْتِلَافٌ أو أَمْرٌ فإن اسْتَطَعْتَ أن تَكُونَ السِّلْمَ فَافْعَلْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي إسحاق بْنُ إسماعيل حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُهْدِيَتْ لَهُ حُلَّةٌ سِيَرَاءُ فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيَّ فَرُحْتُ بِهَا فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغَضَبَ قَالَ فَقَسَمْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا رَوْحٌ حَدَّثَنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبٌ أن أَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سبحان الله وَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ـ حَدَّثَنا يُونُسُ حَدَّثَنا لَيْثٌ عَنِ ابن عَجْلَأن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ لَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَأَمَرَنِي أن نَزَلَ بِي كَرْبٌ أو شِدَّةٌ أن أَقُولَهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْكَرِيمُ الْحَلِيمُ سبحإنه وَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأودِيُّ أنبَأنا شَرِيكٌ عَنْ عثمان بْنِ أبي زُرْعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ الْخَوَارِجِ فِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ(1/337)
لَهُ الْجَعْدُ بْنُ بَعْجَةَ فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَلِيُّ فَ إنك مَيِّتٌ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بَلْ مَقْتُولٌ ضَرْبَةٌ عَلَى هَذَا تَخْضِبُ هَذِهِ يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ عَهْدٌ مَعْهُودٌ وَقَضَاءٌ مَقْضِيٌّ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى وَعَاتَبَهُ فِي لِبَاسِهِ فَقَالَ مَا لَكُمْ وَلِلِّبَاسِ هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْكِبْرِ وَأَجْدَرُ أن يَقْتَدِيَ بِيَ الْمُسْلِمُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ غُفِرَ لَكَ مَعَ إنه مَغْفُورٌ لَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سبحان الله رَبِّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو أَحْمَدَ حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ عمران بْنِ ظَبيان عَنْ أبي تِحْيَى قَالَ لَمَّا ضَرَبَ ابن مُلْجِمٍ عَلِيًّا رضي الله عنه الضَّرْبَةَ قَالَ عَلِيٌّ افْعَلُوا بِهِ كَمَا أراد رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يَفْعَلَ بِرَجُلٍ أراد قَتْلَهُ فَقَالَ اقْتُلُوهُ ثُمَّ حَرِّقُوهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنا إبراهيم بْنُ طَهْمَأن عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ نُعَيْمِ بْنِ دِجَاجَةَ إنه قَالَ دَخَلَ أبو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأنصاري عَلَى عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أنت الَّذِي تَقُولُ لَا يَأْتِي عَلَى الناس مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ إنما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَأْتِي عَلَى الناس مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ مِمَّنْ هُوَ حَيٌّ الْيَوْمَ وَاللَّهِ أن رَجَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ مِائَةِ عَامٍ.
ـ حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ أنبَأنا وَرْقَاءُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ دِجَاجَةَ قَالَ دَخَلَ أبو مَسْعُودٍ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فقال أنت الْقَائِلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَأْتِي عَلَى الناس مِائَةُ عَامٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ إنما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَأْتِي عَلَى الناس مِائَةُ عَامٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ مِمَّنْ هُوَ حَيٌّ الْيَوْمَ وإن رَجَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ الْمِائَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا معاوية بْنُ عَمْرٍو وَأبو سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنا زَائِدَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ رَضِي اللهم عَنْهَا فِي خَمِيلٍ وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةِ آدم حَشْوُهَا إِذْخِرٌ قَالَ أبو سَعِيدٍ لِيفٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عفان حَدَّثَنا وُهَيْبٌ حَدَّثَنا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يُودَى الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أبيهِ رضي الله عنه قَالَ كُفِّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو سَعِيدٍ حَدَّثَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ وَالْمَاجِشُونُ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان إِذَا كَبَّرَ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ قَالَ وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أنا(1/338)
مِنَ الْمُشْرِكِينَ أن صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وإنا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أبو النَّضْرِ وإنا أولُ الْمُسْلِمِينَ اللهم لَا إِلَهَ إِلَّا أنت أنت رَبِّي وإنا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أنت وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أنت وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أنت تَبَارَكْتَ وَتَعَآليت أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ وَكان إِذَا رَكَعَ قَالَ اللهم لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمنتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعِظَامِي وَعَصَبِي وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ وَإِذَا سَجَدَ قَالَ اللهم لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمنتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ فَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُوَرَهُ فَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ فَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ اللهم اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أنت أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أنت الْمُقَدِّمُ وأنت الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أنت.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا فِطْرٌ عَنِ الْمُنْذِرِ عَنِ ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أن وُلِدَ لِي بَعْدَكَ وَلَدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِكَ وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ قَالَ نَعَمْ فَكانت رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِيٍّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ أَرَى أن بَاطِنَ الْقَدَمَيْنِ أَحَقُّ بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا حَتَّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ ظَاهِرَهُمَا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا سفيان عَنْ عثمان الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه عَنْ سَالِمِ بْنِ أبي الْجَعْدِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ نَهَأنا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ.
ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدم حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ عثمان بْنِ أبي زُرْعَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أبي الْجَعْدِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلٌ أو بَغْلَةٌ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَ بَغْلٌ أو بَغْلَةٌ قُلْتُ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ قَالَ يُحْمَلُ الْحِمَارُ عَلَى الْفَرَسِ فَيَخْرُجُ بَيْنَهُمَا هَذَا قُلْتُ أَفَلَا نَحْمِلُ فلانا عَلَى فلانةَ قَالَ لَا إنما يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
ـ حَدَّثَنا هَاشِمٌ حَدَّثَنا لَيْثٌ يَعْنِي ابن سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي حَبِيبٍ عَنْ أبي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ إنه قَالَ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةٌ فَقُلْنا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أنا أنزَيْنا الْحُمُرَ عَلَى خَيْلِنا فَجَاءَتْنا بِمِثْلِ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إنما يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا الْمَسْعُودِيُّ وَمِسْعَرٌ عَنْ عثمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ نافِعِ ابن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ.(1/339)
ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ أنبَأنا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عثمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ نافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ ضَخْمُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ مُشْرَبٌ وَجْهُهُ حُمْرَةً طَوِيلُ الْمَسْرُبَةِ ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كانما يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَزِيدُ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَأنئٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِي اللهم عَنْهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ سَلْ عَلِيًّا فإنه أَعْلَمُ بِهَذَا مِنِّي كان يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَسَأَلْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ حَدَّثَنا يَزِيدُ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَزِيدُ أنبَأنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ابن هِشَامٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَقُولُ في آخر وِتْرِهِ اللهم إني أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ أنت كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَزِيدُ أنبَأنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ سبحان الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَمَا كُنا لَهُ مُقْرِنِينَ وإنا إِلَى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَكَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ سُبْحَ إنك لَا إِلَهَ إِلَّا أنت قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِمَّ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَعْجَبُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَيَقُولُ عَلِمَ عَبْدِي إنه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَزِيدُ حَدَّثَنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ أن عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ عَادَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَتَعُودُ الْحَسَنَ وَفِي نَفْسِكَ مَا فِيهَا فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو إنك لَسْتَ بِرَبِّي فَتَصْرِفَ قَلْبِي حَيْثُ شِئْتَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَمَا أن ذَلِكَ لَا يَمْنَعنا أن نُؤَدِّيَ إِلَيْكَ النَّصِيحَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ عَادَ أَخَاهُ إِلَّا ابْتَعَثَ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ سَاعَاتِ النَّهَارِ كان حَتَّى يُمْسِيَ وَمِنْ أَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ كان حَتَّى يُصْبِحَ قَالَ لَهُ عَمْرٌو وَكَيْفَ تَقُولُ فِي الْمَشْيِ مَعَ الْجِنازَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا أو خَلْفَهَا فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أن فَضْلَ الْمَشْيِ مِنْ خَلْفِهَا عَلَى بَيْنِ يَدَيْهَا كَفَضْلِ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي جَمَاعَةٍ عَلَى الْوَحْدَةِ قَالَ عَمْرٌو فإني رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنه مَا يَمْشِيَأن أَمَامَ الْجِنازَةِ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إنهمَا إنما كَرِهَا أن يُحْرِجَا الناس.(1/340)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أبي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أبي حَرْبِ بْنِ أبي الْأَسْوَدِ عَنْ أبي الْأَسْوَدِ الدِّيْلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي الرَّضِيعِ يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ قَالَ قَتَادَةُ وَهَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا الطَّعَامَ فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا جَمِيعًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنه قَالَ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ حَتَّى يَشْهَدَ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وإني رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَحَتَّى يُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا سَعِيدٌ يَعْنِي ابن أبي عَرُوبَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن أبيعَ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتُهُمَا وَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَدْرِكْهُمَا فَأَرْجِعْهُمَا وَلَا تَبِعْهُمَا إِلَّا جَمِيعًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنا سفيان وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ الْأوآخر مِنْ رمضان.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنا زُهَيْرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إنه سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أحد مِنَ الآنبِيَاءِ فَقُلْنا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُوَ قَالَ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ .
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدم عَنْ سفيان بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ ابن عَلِيٍّ عَنْ أبيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى الْمَنْحَرَ بِمِنًى فَقَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدم حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هَأنئِ بْنِ هَأنئٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَرُونِي ابن ي مَا سَمَّيْتُمُوهُ قَالَ قُلْتُ حَرْبًا قَالَ بَلْ هُوَ حَسَنٌ فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَرُونِي ابن ي مَا سَمَّيْتُمُوهُ قَالَ قُلْتُ حَرْبًا قَالَ بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَرُونِي ابن ي مَا سَمَّيْتُمُوهُ قُلْتُ حَرْبًا قَالَ بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ ثُمَّ قَالَ سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَّرُ وَشَبِيرُ وَمُشَبِّرٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدم حَدَّثَنا سفيان عَنْ أبي إسحاق عَنْ أبي الْخَلِيلِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأبويْهِ وَهُمَا مُشْرِكان فَقُلْتُ أَيَسْتَغْفِرُ الرَّجُلُ لِأبويْهِ وَهُمَا مُشْرِكان فَقَالَ أولَمْ يَسْتَغْفِرْ إبراهيم لِأبيهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَتْ ( مَا كان لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمنوا أن يَسْتَغْفِرُوا(1/341)
لِلْمُشْرِكِينَ ) إِلَى قَوْلِهِ ( تَبَرَّأَ مِنْهُ ) قَالَ لَمَّا مَاتَ فَلَا أَدْرِي قَالَهُ سفيان أو قَالَهُ إِسْرَائِيلُ أو هُوَ فِي الْحَدِيثِ لَمَّا مَاتَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي عَمِّي إِيَاسُ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ يَقُولُ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَبِّحُ مِنَ اللَّيْلِ وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَجَّاجٌ وَأبو نُعَيْمٍ قَالَا حَدَّثَنا فِطْرٌ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أبي بَزَّةَ عَنْ أبي الطُّفَيْلِ قَالَ حَجَّاجٌ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلًا مِنا يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا قَالَ أبو نُعَيْمٍ رَجُلًا مِنا قَالَ وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً يَذْكُرُهُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ أبي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَجَّاجٌ حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هَأنئٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ الْحَسَنُ أَشْبَهُ الناس بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ وَالْحُسَيْنُ أَشْبَهُ الناس بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا كان أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَجَّاجٌ قَالَ يُونُسُ بْنُ أبي إسحاق أَخْبَرَنِي عَنْ أبي إسحاق عَنْ أبي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَذْنَبَ فِي الدُّنْيَا ذَنْبًا فَعُوقِبَ بِهِ فَاللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أن يُثَنِّيَ عُقُوبَتَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَمَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فِي الدُّنْيَا فَسَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَفَا عَنْهُ فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أن يَعُودَ فِي شَيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا سفيان قَالَ أبو إسحاق عَنْ هَأنئِ بْنِ هَأنئٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ عَمَّارٌ فَاستأذن فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا هَاشِمُ حَدَّثَنا سليمان يَعْنِي ابن الْمُغِيرَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيُّ قَالَ كان أبي الْحَارِثُ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ مَكَّةَ فِي زَمَنِ عثمان فَأَقْبَلَ عثمان رضي الله عنه إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ فَاسْتَقْبَلْتُ عثمان بِالنُّزُلِ بِقُدَيْدٍ فَاصْطَادَ أَهْلُ الْمَاءِ حَجَلًا فَطَبَخْناهُ بِمَاءٍ وَمِلْحٍ فَجَعَلْناهُ عُرَاقًا لِلثَّرِيدِ فَقَدَّمْناهُ إِلَى عثمان وَأَصْحَابِهِ فَأَمْسَكُوا فَقَالَ عثمان صَيْدٌ لَمْ أَصْطَدْهُ وَلَمْ آمُرْ بِصَيْدِهِ اصْطَادَهُ قَوْمٌ حِلٌّ فَأَطْعَمُوناهُ فَمَا بَأْسٌ فَقَالَ عثمان مَنْ يَقُولُ فِي هَذَا فَقَالُوا عَلِيٌّ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فَجَاءَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ فَكاني انظر إِلَى عَلِيٍّ حِينَ جَاءَ وَهُوَ يَحُتُّ الْخَبَطَ عَنْ كَفَّيْهِ فَقَالَ لَهُ عثمان صَيْدٌ لَمْ نَصْطَدْهُ وَلَمْ نامُرْ بِصَيْدِهِ اصْطَادَهُ قَوْمٌ حِلٌّ فَأَطْعَمُوناهُ فَمَا بَأْسٌ قَالَ فَغَضِبَ عَلِيٌّ وَقال أنشد اللَّهَ رَجُلًا شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُتِيَ بِقَائِمَةِ حِمَارِ وَحْشٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أنا قَوْمٌ حُرُمٌ فَأَطْعِمُوهُ أَهْلَ الْحِلِّ قَالَ فَشَهِدَ اثنا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ أُشْهِدُ اللَّهَ رَجُلًا شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُتِيَ بِبَيْضِ النَّعَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أنا قَوْمٌ حُرُمٌ أَطْعِمُوهُ أَهْلَ الْحِلِّ قَالَ فَشَهِدَ دُونَهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ قَالَ فَثَنَى عثمان وَرِكَهُ عَنِ الطَّعَامِ فَدَخَلَ رَحْلَهُ وَأَكَلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ أَهْلُ الْمَاءِ. حَدَّثَنا(1/342)
هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنا هَمَّامٌ حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أن أَبَاهُ وَلِيَ طَعَامَ عثمان قَالَ فَكاني انظر إِلَى الْحَجَلِ حَوَالَيِ الْجِفإن فَجَاءَ رَجُلٌ فقال إن عَلِيًّا رضي الله عنه يَكْرَهُ هَذَا فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ مُلَطِّخٌ يَدَيْهِ بِالْخَبَطِ فَقَالَ إنك لَكَثِيرُ الْخِلَافِ عَلَيْنا فَقَالَ عَلِيٌّ أُذَكِّرُ اللَّهَ مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِعَجُزِ حِمَارِ وَحْشٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فقال إنا مُحْرِمُونَ فَأَطْعِمُوهُ أَهْلَ الْحِلِّ فقام رِجَالٌ فَشَهِدُوا ثُمَّ قَالَ أُذَكِّرُ اللَّهَ رَجُلًا شَهِدَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِخَمْسِ بِيضَاتٍ بَيْضِ نَعَامٍ فقال إنا مُحْرِمُونَ فَأَطْعِمُوهُ أَهْلَ الْحِلِّ فقام رِجَالٌ فَشَهِدُوا فقام عثمان فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ وَتَرَكُوا الطَّعَامَ عَلَى أَهْلِ الْمَاءِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَعْقُوبُ حَدَّثَنا أبي عَنِ ابن إسحاق حَدَّثَنِي أبي إسحاق بْنُ يَسَارٍ عَنْ مِقْسَمٍ أبي الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ مَوْلَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ اعْتَمَرْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي زَمَأن عُمَرَ أو زَمَأن عثمان رضي الله عنه فَنَزَلَ عَلَى أُخْتِهِ أُمِّ هَأنئٍ بِنْتِ أبي طَالِبٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ رَجَعَ فَسُكِبَ لَهُ غُسْلٌ فَاغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالُوا يَا أَبَا حَسَنٍ جِئْناكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرٍ نُحِبُّ أن تُخْبِرَنا عَنْهُ قَالَ أَظُنُّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُحَدِّثُكُمْ إنه كان أحدثَ الناس عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا أَجَلْ عَنْ ذَلِكَ جِئْنا نَسْأَلُكَ قَالَ أحدثُ الناس عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عفان حَدَّثَنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أبي الْمِقْدَامِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْرَقِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وإنا نائِمٌ عَلَى الْمَنامَةِ فَاسْتَسْقَى الْحَسَنُ أو الْحُسَيْنُ قَالَ فقام النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى شَاةٍ لَنا بِكْرٍ فَحَلَبَهَا فَدَرَّتْ فَجَاءَهُ الْحَسَنُ فَنَحَّاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ فَاطِمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كأنه أَحَبُّهُمَا إِلَيْكَ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ اسْتَسْقَى قَبْلَهُ ثُمَّ قال إني وَإِيَّاكِ وَهَذَيْنِ وَهَذَا الرَّاقِدَ فِي مَكان واحد يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عفان حَدَّثَنا حَمَّادٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زاذان أن عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه شَرِبَ قَائِمًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ الناس كأنهم أنكروهُ فَقَالَ مَا تَنْظُرُونَ أن أَشْرَبْ قَائِمًا فَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَشْرَبُ قَائِمًا وإن أَشْرَبْ قَاعِدًا فَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَشْرَبُ قَاعِدًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عفان وَحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ عفان حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أبيهِ أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إبراهيم حَدَّثَنا ابن أَخِي ابن شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِي أبو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ إنه سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ أن يُصْبِحَ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ لَحْمِ نُسُكِهِ شَيْءٌ.(1/343)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنا إسماعيل بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينارٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ أن الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أن تَحِلَّ فَرَخَّصَ لَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ عَبْد اللَّهِ وَسَمِعْتُهُ أنا مِنْ هَارُونَ أنبَأنا ابن وَهْبٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ أن مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ حَدَّثَهُ عَنْ أبيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ثَلَاثَةٌ يَا عَلِيُّ لَا تُؤَخِّرْهُنَّ الصَّلَاةُ إِذَا أَتَتْ وَالْجَنازَةُ إِذَا حَضَرَتْ وَالْأَيِّمُ إِذَا وَجَدَتْ كُفُؤًا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو مُحَمَّدٍ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ قَدِمَ عَلَيْنا مِنَ الْكُوفَةِ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ح قَالَ عَبْد اللَّهِ و حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنا أبي حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ تَمَارَيْنا فِي سُورَةٍ مِنَ القرآن فَقُلْنا خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ آية سِتٌّ وَثَلَاثُونَ آية قَالَ فأطلقنا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْنا عَلِيًّا رضي الله عنه يُناجِيهِ فَقُلْنا أنا اخْتَلَفْنا فِي الْقِرَاءَةِ فَاحْمَرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكُمْ أن تَقْرَءُوا كَمَا عُلِّمْتُمْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنا حَمَّادٌ عَنْ عَاصِمٍ ح وَحَدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنا حَمَّادٌ قَالَ الْقَوَارِيرِيُّ فِي حَدِيثِهِ حَدَّثَنا عَاصِمُ ابن أبي النَّجُودِ عَنْ زِرٍّ يَعْنِي ابن حُبَيْشٍ عَنْ أبي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ أبي بَكْرٍ عُمَرُ رضي الله عنه . حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو صَالِحٍ هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِمَكَّةَ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنافِسِيُّ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ قَالَ خَطَبَنا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ مَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا فَقُلْتُ أنت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَا خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ رضي الله عنه وَمَا نُبْعِدُ أن السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لسان عُمَرَ رضي الله عنه . حَدَّثَنا إسماعيل بْنُ إبراهيم أنبَأنا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الغدإني الْأَشَلَّ عَنِ الشَّعْبِيِّ حَدَّثَنِي أبو جُحَيْفَةَ الَّذِي كان عَلِيٌّ يُسَمِّيهِ وَهْبَ الْخَيْرِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَا أَبَا جُحَيْفَةَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا قَالَ قُلْتُ بَلَى قَالَ وَلَمْ أَكُنْ أَرَى أن أحدا أَفْضَلُ مِنْهُ قَالَ أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بَكْرٍ وَبَعْدَ أبي بَكْرٍ عُمَرُ رضي الله عنه وَبَعْدَهُمَا آخَرُ ثَالِثٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ. حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ أبي شَيْبَةَ حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ أبي جُحَيْفَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بَكْرٍ وَبَعْدَ أبي بَكْرٍ عُمَرُ رضي الله عنه وَلَوْ شِئْتُ أَخْبَرْتُكُمْ بِالثَّالِثِ لَفَعَلْتُ. حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا مَنْصُورُ بْنُ أبي مُزَاحِمٍ حَدَّثَنا خَالِدٌ الزَّيَّاتُ حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أبي جُحَيْفَةَ قَالَ كان أبي مِنْ شُرَطِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَكان تَحْتَ الْمِنْبَرِ فَحَدَّثَنِي أبي إنه صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَعْنِي عَلِيًّا رضي الله عنه فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وأثنى عَلَيْهِ وَصَلَّى(1/344)
عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بَكْرٍ وَالثاني عُمَرُ رضي الله عنه وَقَالَ يَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى الْخَيْرَ حَيْثُ أَحَبَّ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عفان حَدَّثَنا حَمَّادٌ أنبَأنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا زَوَّجَهُ فَاطِمَةَ بَعَثَ مَعَهُ بِخَمِيلَةٍ وَوِسَادَةٍ مِنْ آدم حَشْوُهَا لِيفٌ وَرَحَيَيْنِ وَسِقَاءٍ وَجَرَّتَيْنِ فَقَالَ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةَ رضي الله عنه مَا ذَاتَ يَوْمٍ وَاللَّهِ لَقَدْ سَنَوْتُ حَتَّى لَقَدِ اشْتَكَيْتُ صَدْرِي قَالَ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ أَبَاكِ بِسَبْيٍ فَاذْهَبِي فَاسْتَخْدِمِيهِ فَقَالَتْ وإنا وَاللَّهِ قَدْ طَحَنْتُ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَايَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا جَاءَ بِكِ أَيْ بُنَيَّةُ قَالَتْ جِئْتُ لَأُسَلِّمَ عَلَيْكَ وَاسْتَحْيَا أن تَسْأَلَهُ وَرَجَعَتْ فَقَالَ مَا فَعَلْتِ قَالَتِ اسْتَحْيَيْتُ أن أَسْأَلَهُ فَأَتَيْناهُ جَمِيعًا فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ سَنَوْتُ حَتَّى اشْتَكَيْتُ صَدْرِي وَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِي اللهم عَنْهَا قَدْ طَحَنْتُ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَايَ وَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِسَبْيٍ وَسَعَةٍ فَأَخْدِمْنا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهِ لَا أُعْطِيكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَطْوَ بُطُونُهُمْ لَا أَجِدُ مَا أنفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَكِنِّي أبيعُهُمْ وإنفِقُ عَلَيْهِمْ أَثمانهمْ فَرَجَعَا فَأَتَاهُمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ دَخَلَا فِي قَطِيفَتِهِمَا إِذَا غَطَّتْ رُءُوسَهُمَا تَكَشَّفَتْ أَقْدَامُهُمَا وَإِذَا غَطَّيَا أَقْدَامَهُمَا تَكَشَّفَتْ رُءُوسُهُمَا فَثَارَا فَقَالَ مَك إنكمَا ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمَا بِخَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَإني قَالَا بَلَى فَقَالَ كَلِمَاتٌ عَلَّمَنِيهِنَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ تُسبحان فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا وَتَحمدان عَشْرًا وَتُكَبِّرَأن عَشْرًا وَإِذَا أويْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقَالَ لَهُ ابن الْكَوَّاءِ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ فَقَالَ قَاتَلَكُمُ اللَّهُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ نَعَمْ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ أبي شَيْبَةَ حَدَّثَنا أبو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حيان عَنْ أبي الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْنا لِعَلِيٍّ أَخْبِرْنا بِشَيْءٍ أَسَرَّهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا أَسَرَّ إِلَيَّ شَيْئًا كَتَمَهُ الناس وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ أوى مُحْدِثًا وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ يَعْنِي الْمَنارَ.
- حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو الشَّعْثَاءِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سليمان حَدَّثَنا سليمان بْنُ حيان عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حيان قَالَ سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ قَالَ قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه أَخْبِرْنا بِشَيْءٍ أَسَرَّ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا أَسَرَّ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا وَكَتَمَهُ الناس وَلَكِنَّهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ أوى مُحْدِثًا.
روى أحمد - حَدَّثَنا أَسْوَدُ يَعْنِي ابن عَامِرٍ أنبَأنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هَأنئِ بْنِ هَأنئٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ قَالَ فَقَالَ لِزَيْدٍ أنت مَوْلَايَ فَحَجَلَ قَالَ وَقَالَ لِجَعْفَرٍ أنت أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي قَالَ فَحَجَلَ وَرَاءَ زَيْدٍ قَالَ وَقَالَ لِي أنت مِنِّي وإنا مِنْكَ قَالَ فَحَجَلْتُ وَرَاءَ جَعْفَرٍ.(1/345)
(حجل: أي رفع قدما وقفز على الآخرى من الفرح).
روى أحمد - حَدَّثَنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أبي جَعْفَرٍ يَعْنِي الْفَرَّاءَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أبي إسحاق عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يُؤَمَّرُ بَعْدَكَ قال إن تُؤَمِّرُوا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه تَجِدُوهُ أَمِينا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الآخرة وإن تُؤَمِّرُوا عُمَرَ رضي الله عنه تَجِدُوهُ قَوِيًّا أَمِينا لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وإن تُؤَمِّرُوا عَلِيًّا رضي الله عنه وَلَا أُرَاكُمْ فَاعِلِينَ تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا يَأخذ بِكُمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنا زَكَرِيَّا عَنْ أبي إسحاق عَنْ هَأنئِ بْنِ هَأنئٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان أبو بَكْرٍ رضي الله عنه يُخَافِتُ بِصَوْتِهِ إِذَا قَرَأَ وَكان عُمَرُ رضي الله عنه يَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهِ وَكان عَمَّارٌ رضي الله عنه إِذَا قَرَأَ يَأخذ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَهَذِهِ فَذُكِرَ ذَاكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِأبي بَكْرٍ رضي الله عنه لِمَ تُخَافِتُ قال إني لَأُسْمِعُ مَنْ أناجِي وَقَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه لِمَ تَجْهَرُ بِقِرَاءَتِكَ قَالَ أُفْزِعُ الشيطان وَأوقِظُ الْوَسْنان وَقَالَ لِعَمَّارٍ وَلِمَ تَأخذ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَهَذِهِ قَالَ أَتَسْمَعُنِي أَخْلِطُ بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ قَالَ لَا قَالَ فَكُلُّهُ طَيِّبٌ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ السِّمْطِ عَنْ أبي الْغَرِيفِ قَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِوَضُوءٍ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ ثُمَّ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ القرآن ثُمَّ قَالَ هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلَا وَلَا آية. حَدَّثَنا مروان بْنُ معاوية الْفَزَارِيُّ حَدَّثَنا رَبِيعَةُ بْنُ عُتْبَةَ الكناني عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ مَسَحَ عَلِيٌّ رضي الله عنه رَأْسَهُ فِي الْوُضُوءِ حَتَّى أراد أن يَقْطُرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ.
- حَدَّثَنا مروان حَدَّثَنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَلْعٍ الهمداني عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ عَلَّمَنا عَلِيٌّ رضي الله عنه وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَبَّ الْغُلَامُ عَلَى يَدَيْهِ حَتَّى أنقَاهُمَا ثُمَّ أَدَخَلَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَغَمَرَ أَسْفَلَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَمَسَحَ بِهَا الآخرى ثُمَّ مَسَحَ بِكَفَّيْهِ رَأْسَهُ مَرَّةً ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ اغْتَرَفَ هُنَيَّةً مِنْ مَاءٍ بِكَفِّهِ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ.
- حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا إسحاق بْنُ إسماعيل حَدَّثَنا مُسْهِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ حَدَّثَنا أبي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَلْعٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه إنه غَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَقَالَ هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا إسحاق بْنُ إسماعيل حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ عُقْبَةَ أبو كِبْرَأن عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا.(1/346)
روى أحمد - حَدَّثَنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْيَمَنِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْعَثُنِي إِلَى قَوْمٍ أَسَنَّ مِنِّي وإنا حَدِيثٌ لَا أُبْصِرُ الْقَضَاءَ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ اللهم ثَبِّتْ لسان هُ وَاهْدِ قَلْبَهُ يَا عَلِيُّ إِذَا جَلَسَ إِلَيْكَ الْخَصْمَأن فَلَا تَقْضِ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الآخر كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الْأولِ فَ إنك إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ قَالَ فَمَا اخْتَلَفَ عَلَيَّ قَضَاءٌ بَعْدُ أو مَا أَشْكَلَ عَلَيَّ قَضَاءٌ بَعْدُ.
روى أحمد - حَدَّثَنا أَسْوَدُ حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي بِالنَّهَارِ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
روى أحمد - حَدَّثَنا إسحاق بْنُ إبراهيم الرَّازِيُّ حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يَرْكَبُ حِمَارًا اسْمُهُ عُفَيْرٌ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنِي الْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال إن السَّهَ وِكَاءُ الْعَيْنِ فَمَنْ نامَ فَلْيَتَوَضَّأْ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو بَكْرٍ الْبَاهِلِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ حَدَّثَنا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ وَابن أبي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مَعَهُ بِهَدْيِهِ فأمر هُ أن يَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا.
روى أحمد حَدَّثَنا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ ذَكَرَ خَلَفُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ سَبَقَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّى أبو بَكْرٍ وَثَلَّثَ عُمَرُ رضي الله عنه ثُمَّ خَبَطَتْنا أو أَصَابَتْنا فِتْنَةٌ يَعْفُو اللَّهُ عَمَّنْ يَشَاءُ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي عثمان بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي شَيْبَةَ حَدَّثَنا ابن فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا يُرَى إنه كَذِبٌ فَهُوَ أَكْذَبُ الْكَاذِبِينَ.
روى أحمد - حَدَّثَنا أبو معاوية حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْأَحْزَابِ شَغَلُونا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نارًا قَالَ ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ و قَالَ أبو معاوية مَرَّةً يَعْنِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابن إسحاق عَنْ أبان بْنِ صَالِحٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أَفَضْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ فَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُهُ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ(1/347)
أَفَضْتُ مَعَ أبي مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ فَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُهُ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ أَفَضْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ فَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُهُ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا إسحاق بْنُ إسماعيل حَدَّثَنا سفيان عَنْ أبي السَّوْدَاءِ عَنِ ابن عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ أبيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه تَوَضَّأَ فَغَسَلَ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ وَقَالَ لَوْلَا إني رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ ظُهُورَ قَدَمَيْهِ لَظَنَنْتُ أن بُطُونَهُمَا أَحَقُّ بِالْغَسْلِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنا مُغِيرَةُ عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابن مَسْعُودٍ فَصَعِدَ عَلَى شَجَرَةٍ أَمَرَهُ أن يَأْتِيَهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ حِينَ صَعِدَ الشَّجَرَةَ فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا تَضْحَكُونَ لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَثْقَلُ فِي الْميزان يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أحد.
(حُمُوشَةِ: أي صغر).
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنا مَعْمَرٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَهُ مَرَّةً قَالَ عَبْدُ الرَّازِقِ وَأَكْثَرُ ذَاكَ يَقُولُ أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ عَلِيًّا حِينَ رَكِبَ فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَلَمَّا اسْتَوَى قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَ ( سبحان الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَمَا كُنا لَهُ مُقْرِنِينَ وإنا إِلَى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) ثُمَّ حَمِدَ ثَلَاثًا وَكَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ اللهم لا إِلَهَ إِلَّا أنت ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إنه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أنت ثُمَّ ضَحِكَ قَالَ فَقِيلَ مَا يُضْحِكُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ وَقَالَ مِثْلَ مَا قُلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْنا مَا يُضْحِكُكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ الْعَبْدُ أو قَالَ عَجِبْتُ لِلْعَبْدِ إِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا أنت ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إنه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أنت يَعْلَمُ إنه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا هُوَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَجَّاجٌ حَدَّثَنا لَيْثٌ حَدَّثَنا سَعِيدٌ يَعْنِي الْمَقْبُرِيَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه إنه قَالَ خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كُنا بِالْحَرَّةِ بِالسُّقْيَا الَّتِي كانت لِسَعْدِ بْنِ أبي وَقَّاصٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ائْتُونِي بِوَضُوءٍ فَلَمَّا تَوَضَّأَ قَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ اللهم إن إبراهيم كان عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ دَعَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْبَرَكَةِ وإنا مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَدْعُوكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أن تُبَارِكَ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ مِثْلَيْ مَا بَارَكْتَ لِأَهْلِ مَكَّةَ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا هُشَيْمٌ أنبَأنا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ النائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمُصَابِ حَتَّى يُكْشَفَ عَنْهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا حَجَّاجٌ حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا قَدِمْنا الْمَدِينَةَ أَصَبْنا مِنْ ثِمَارِهَا فَاجْتَوَيْناهَا وَأَصَابن ا بِهَا وَعْكٌ وَكان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَبَّرُ(1/348)
عَنْ بَدْرٍ فَلَمَّا بَلَغَنا أن الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَقْبَلُوا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بَدْرٍ وَبَدْرٌ بِئْرٌ فَسَبَقَنا الْمُشْرِكُونَ إِلَيْهَا فَوَجَدْنا فِيهَا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَمَوْلًى لِعُقْبَةَ بْنِ أبي مُعَيْطٍ فَأَمَّا الْقُرَشِيُّ فإنفَلَتَ وَأَمَّا مَوْلَى عُقْبَةَ فَأخذناهُ فَجَعَلْنا نَقُولُ لَهُ كَمِ الْقَوْمُ فَيَقُولُ هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ إِذْ قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ حَتَّى انتهوا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ كَمِ الْقَوْمُ قَالَ هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ فَجَهَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُخْبِرَهُ كَمْ هُمْ فَأَبَى ثُمَّ أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَهُ كَمْ يَنْحَرُونَ مِنَ الْجُزُرِ فَقَالَ عَشْرًا كُلَّ يَوْمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقَوْمُ أَلْفٌ كُلُّ جَزُورٍ لِمِائَةٍ وَتَبِعَهَا ثُمَّ إنه أَصَابن ا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ فأطلقنا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنَ الْمَطَرِ وَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَقُولُ اللهم إنك أن تُهْلِكْ هَذِهِ الْفِئَةَ لَا تُعْبَدْ قَالَ فَلَمَّا أن طَلَعَ الْفَجْرُ نادَى الصَّلَاةَ عِبَادَ اللَّهِ فَجَاءَ الناس مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ فَصَلَّى بِنا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَرَّضَ عَلَى الْقِتَالِ ثُمَّ قال إن جَمْعَ قُرَيْشٍ تَحْتَ هَذِهِ الضِّلَعِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا دَنا الْقَوْمُ مِنا وَصَافَفْناهُمْ إِذَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ يَسِيرُ فِي الْقَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا عَلِيُّ نادِ لِي حَمْزَةَ وَكان أَقْرَبَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أحد يَأْمُرُ بِخَيْرٍ فَعَسَى أن يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ فَجَاءَ حَمْزَةُ فَقَالَ هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَنْهَى عَنِ الْقِتَالِ وَيَقُولُ لَهُمْ يَا قَوْمُ إني أَرَى قَوْمًا مُسْتَمِيتِينَ لَا تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ يَا قَوْمُ اعْصِبُوهَا الْيَوْمَ بِرَأْسِي وَقُولُوا جَبُنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ إني لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ فَسَمِعَ ذَلِكَ أبو جَهْلٍ فقال أنت تَقُولُ هَذَا وَاللَّهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا لَأَعْضَضْتُهُ قَدْ مَلَأَتْ رِئَتُكَ جَوْفَكَ رُعْبًا فَقَالَ عُتْبَةُ إِيَّايَ تُعَيِّرُ يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَيُّنا الْجَبَأن قَالَ فَبَرَزَ عُتْبَةُ وَأَخُوهُ شَيْبَةُ وَابن هُ الْوَلِيدُ حَمِيَّةً فَقَالُوا مَنْ يُبَارِزُ فَخَرَجَ فِتْيَةٌ مِنَ الآنصَارِ سِتَّةٌ فَقَالَ عُتْبَةُ لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ وَلَكِنْ يُبَارِزُنا مِنْ بَنِي عَمِّنا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُمْ يَا عَلِيُّ وَقُمْ يَا حَمْزَةُ وَقُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَتَلَ اللَّهُ تَعَالَى عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابن يْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ فَقَتَلْنا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنا سَبْعِينَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الآنصَارِ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسِيرًا فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أن هَذَا وَاللَّهِ مَا أَسَرَنِي لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ مِنْ أَحْسَنِ الناس وَجْهًا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ مَا أُرآه فِي الْقَوْمِ فَقَالَ الأنصاري أنا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اسْكُتْ فَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَلَكٍ كَرِيمٍ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَأَسَرْنا وَأَسَرْنا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَبَّاسَ وعَقِيلًا وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا شُعْبَةُ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ أبي بَزَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ أبي الطُّفَيْلِ قَالَ سُئِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه هَلْ خَصَّكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَيْءٍ فَقَالَ مَا خَصَّنا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمَّ بِهِ الناس كَافَّةً إِلَّا مَا كان فِي قِرَابِ سَيْفِي هَذَا قَالَ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مَكْتُوبٌ فِيهَا لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنارَ الْأَرْضِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ أوى مُحْدِثًا.(1/349)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا رَوْحٌ حَدَّثَنا ابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إِذَا رَكَعَ قَالَ اللهم لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمنتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ أنت رَبِّي خَشَعَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَعْقُوبُ حَدَّثَنا أبي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أبي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أُمِّ صُبَيَّةَ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَوْلَا أن أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَأَخَّرْتُ عِشَاءَ الآخرة إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأولِ فإنه إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأولُ هَبَطَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَلَمْ يَزَلْ هُناكَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَيَقُولَ قَائِلٌ أَلَا سَائِلٌ يُعْطَى أَلَا دَاعٍ يُجَابُ أَلَا سَقِيمٌ يَسْتَشْفِي فَيُشْفَى أَلَا مُذْنِبٌ يَسْتَغْفِرُ فَيُغْفَرَ لَهُ حَدَّثَنا يَعْقُوبُ حَدَّثَنا أبي عَنِ ابن إسحاق حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا أبو معاوية حَدَّثَنا الْحَجَّاجُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ سُئِلَ عَنِ الْوَتْرِ أواجِبٌ هُوَ قَالَ أَمَّا كَالْفَرِيضَةِ فَلَا وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ حَتَّى مَضَوْا عَلَى ذَلِكَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مِسْعَرٍ حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ أبي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي أَهْيَاهُ وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ. حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أبي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا فَظُنُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْيَاهُ وَأَتْقَاهُ وَأَهْدَاهُ وَخَرَجَ عَلِيٌّ عَلَيْنا حِينَ ثَوَّبَ الْمُثَوِّبُ فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْوِتْرِ هَذَا حِينُ وِتْرٍ حَسَنٍ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْواحد ابن أبي حَزْمٍ حَدَّثَنا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أبي حسان عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ.
روى أحمد - حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا سفيان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أبيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ.
روى أحمد - حَدَّثَنا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِي الْحَاجَةَ فَيَأْكُلُ مَعنا اللَّحْمَ ويقرأ القرآن وَلَمْ يَكُنْ يَحْجِزُهُ أو يَحْجُبُهُ إِلَّا الْجَنابَةُ.(1/350)
روى أحمد - حَدَّثَنا وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سفيان عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي عَلَى كُلِّ أَثَرِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أبي إسحاق عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ مَا كان فِينا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرُ الْمِقْدَادِ وَلَقَدْ رَأَيْتُنا وَمَا فِينا إِلَّا نائِمٌ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ.
روى أحمد - حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سفيان عَنْ أبي حَصِينٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ أَقَمْتُ عَلَيْهِ حَدًّا فَمَاتَ فَأَجِدُ فِي نَفْسِي إِلَّا الْخَمْرَ فإنه لَوْ مَاتَ لَوَدَيْتُهُ لِأن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسُنَّهُ.
روى أحمد - قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نافِعٍ وَحَدَّثَنا إسحاق يَعْنِي ابن عِيسَى أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ نافِعٍ عَنْ إبراهيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ قَالَ إسحاق عَنْ أبيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ القرآن فِي الرُّكُوعِ. حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبي وَأبو خَيْثَمَةَ قَالَا حَدَّثَنا إسماعيل أنبَأنا أَيُّوبُ عَنْ نافِعٍ عَنْ إبراهيم بْنِ فلان بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ نَهَإني رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَعَنِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ قَالَ أَيُّوبُ أو قال إن أَقْرَأَ وإنا رَاكِعٌ قَالَ أبو خَيْثَمَةَ فِي حَدِيثِهِ حُدِّثْتُ أن إسماعيل رَجَعَ عَنْ جَدِّهِ حُنَيْنٍ.
روى أحمد - حَدَّثَنا وَكِيعٌ عَنْ سفيان عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى رَحْمَوَيْهِ وَحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ وَحَدَّثَنا إسماعيل أبو مَعْمَرٍ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالُوا حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الْأَصَمُّ قَالَ أبو مَعْمَرٍ مَوْلَى قُرَيْشٍ قَالَ أَخْبَرَنِي السُّدِّيُّ وَقَالَ رَحْمَوَيْهِ فِي حَدِيثِهِ قَالَ سَمِعْتُ السُّدِّيَّ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ أبو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ أن عَمَّكَ الشَّيْخَ قَدْ مَاتَ قَالَ اذْهَبْ فَوَارِهِ وَلَا تُحْدِثْ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي فَوَارَيْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ وَلَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهِنَّ حُمْرُ النَّعَمِ وَسُودُهَا و قَالَ ابن بَكَّارٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ السُّدِّىُّ وَكان عَلِيٌّ رضي الله عنه إِذَا غَسَلَ مَيِّتًا اغْتَسَلَ.
ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا سفيان عَنْ أبي إسحاق عَنْ ناجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا مَاتَ أبو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ أن عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ فقال أطلق فَوَارِهِ وَلَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي قَالَ فأطلقتُ فَوَارَيْتُهُ فأمر نِي فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا أُحِبُّ أن لِي بِهِنَّ مَا عَرُضَ مِنْ شَيْءٍ.(1/351)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا وَكِيعٌ حَدَّثَنا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أبي الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبُعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا فَمَا يَنْتَظِرُ بِي الْأَشْقَى قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبِرْنا بِهِ نُبِيرُ عِتْرَتَهُ قَالَ إِذًا تَالَلَّهِ تَقْتُلُونَ بِي غَيْرَ قَاتِلِي قَالُوا فَاسْتَخْلِفْ عَلَيْنا قَالَ لَا وَلَكِنْ أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَكَكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ وَقَالَ وَكِيعٌ مَرَّةً إِذَا لَقِيتَهُ قَالَ أَقُولُ اللهم تَرَكْتَنِي فِيهِمْ مَا بَدَا لَكَ ثُمَّ قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ وأنت فِيهِمْ فإن شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ وإن شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو بَكْرِ بْنُ أبي شَيْبَةَ حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَيْقَظَ أَهْلَهُ وَرَفَعَ الْمِئْزَرَ قِيلَ لِأبي بَكْرٍ مَا رَفَعَ الْمِئْزَرَ قَالَ اعْتَزَلَ النِّسَاءَ. حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سفيان وَشُعْبَةَ وَإِسْرَائِيلَ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ الْأوآخر مِنْ رمضان.
ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي أبو إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ الْأوآخر وَيَرْفَعُ الْمِئْزَرَ. 1060 حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ شُعْبَةَ وَإِسْرَائِيلَ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ.
ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ الْأوآخر مِنْ رمضان.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهلاليُّ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ اطْلُبُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأوآخر مِنْ رمضان فإن غُلِبْتُمْ فَلَا تُغْلَبُوا عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأودِيُّ حَدَّثَنا شَرِيكٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ كُنا مَعَ عَلِيٍّ فَدَعَا ابن ا لَهُ يُقَالُ لَهُ عثمان لَهُ ذُؤَابَةٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو السَّرِيِّ هَنادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنا شَرِيكٌ وَحَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأودِيُّ أنبَأنا شَرِيكٌ عَنْ أبي إسحاق عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ فِي حَدِيثِهِ أَمَا تَغَارُونَ أن يَخْرُجَ نِسَاؤُكُمْ وَقَالَ هَنادٌ فِي حَدِيثِهِ أَلَا تَسْتَحْيُونَ أو تَغَارُونَ فإنه بَلَغَنِي أن نِسَاءَكُمْ يَخْرُجْنَ فِي الْأَسْوَاقِ يُزَاحِمْنَ الْعُلُوجَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أبي جُحَيْفَةَ عَنْ أبيهِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا فلان أَقَعَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أن أَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَمْ يَقُلْ وَلَكِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ.(1/352)
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ حَدَّثَنا عَبْدُ خَيْرٍ قَالَ جَلَسَ عَلِيٌّ بَعْدَمَا صَلَّى الْفَجْرَ فِي الرَّحَبَةِ ثُمَّ قَالَ لِغُلَامِهِ ائتني بِطَهُورٍ فَأَتَاهُ الْغُلَامُ بِأناءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ قَالَ عَبْدُ خَيْرٍ وَنَحْنُ جُلُوسٌ نَنْظُرُ إِلَيْهِ فَأخذ بِيَمِينِهِ الآناءَ فَأَكْفَأَهُ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ أخذ بِيَدِهِ الْيُمْنَى الآناءَ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ فَعَلَهُ ثَلَاثَ مِرَارٍ قَالَ عَبْدُ خَيْرٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الآناءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الآناءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَنَثَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الآناءِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الآناءِ حَتَّى غَمَرَهَا الْمَاءُ ثُمَّ رَفَعَهَا بِمَا حَمَلَتْ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا مَرَّةً ثُمَّ صَبَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى قَدَمِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ غَسَلَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ صَبَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَغَرَفَ بِكَفِّهِ فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ هَذَا طُهُورُ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَنْ أَحَبَّ أن يَنْظُرَ إِلَى طُهُورِ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهَذَا طُهُورُهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بْنُ أبي شَيْبَةَ حَدَّثَنا أبو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابن عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أبيهِ عَنْ جَدِّهِ أن عَلِيًّا رضي الله عنه كان يَسِيرُ حَتَّى إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَأَظْلَمَ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ عَلَى أَثَرِهَا ثُمَّ يَقُولُ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنا شُعْبَةُ وَحَجَّاجٌ أنبَأنا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ مَسْعُودَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنا عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فِي جَنازَةٍ فَقُمْنا وَرَأَيْتُهُ قَعَدَ فَقَعَدْنا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي أبو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ سفيان بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَا حَدَّثَنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ نُعَيْمِ بْنِ دِجَاجَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَدَخَلَ عَلَيْهِ أبو مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ يَا فَرُّوخُ أنت الْقَائِلُ لَا يَأْتِي عَلَى الناس مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ أَخْطَتِ اسْتُكَ الْحُفْرَةَ إنما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَأْتِي عَلَى الناس مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ حَيٌّ وإنما رَخَاءُ هَذِهِ وَفَرَجُهَا بَعْدَ الْمِائَةِ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَزِيدُ أنبَأنا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يقول إنا أولُ رَجُلٍ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أنبَأنا ابن عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ جَاءَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه ناس مِنَ الناس فَشَكَوْا سُعَاةَ عثمان قَالَ فَقَالَ لِي أبي اذْهَبْ بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَى عثمان فَقُلْ لَهُ إن الناس قَدْ شَكَوْا سُعَاتَكَ وَهَذَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّدَقَةِ(1/353)
فَمُرْهُمْ فَلْيَأخذوا بِهِ قَالَ فَأَتَيْتُ عثمان فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ فَلَوْ كان ذَاكِرًا عثمان بِشَيْءٍ لَذَكَرَهُ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي بِسُوءٍ.
(السعاة: هم المكلفون بجمع الخمس والصدقات).
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ أن أَبَا الْوَضِيءِ عَبَّادًا حَدَّثَهُ إنه قَالَ كُنا عَامِدِينَ إِلَى الْكُوفَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمُخْدَجِ قَالَ عَلِيٌّ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ ثَلَاثًا فَقَالَ عَلِيٌّ أَمَا أن خَلِيلِي أَخْبَرَنِي ثَلَاثَةَ إِخْوَةٍ مِنَ الْجِنِّ هَذَا أَكْبَرُهُمْ وَالثاني لَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَالثَّالِثُ فِيهِ ضَعْفٌ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أنبَأنا مَعْمَرٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنا مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَكان إِذَا شَهِدَ مَشْهَدًا أو أَشْرَفَ عَلَى أَكَمَةٍ أو هَبَطَ وَادِيًا قَالَ سبحان الله صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي يَشْكُرَ أطلق بِنا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَسْأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فأطلقنا إِلَيْهِ فَقُلْنا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَأَيْناكَ إِذَا شَهِدْتَ مَشْهَدًا أو هَبَطْتَ وَادِيًا أو أَشْرَفْتَ عَلَى أَكَمَةٍ قُلْتَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهَلْ عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ شَيْئًا فِي ذَلِكَ قَالَ فَأَعْرَضَ عنا وَأَلْحَحْنا عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ وَاللَّهِ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدًا إِلَّا شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَى الناس وَلَكِنَّ الناس وَقَعُوا عَلَى عثمان رضي الله عنه فَقَتَلُوهُ فَكان غَيْرِي فِيهِ أَسْوَأَ حَالًا وَفِعْلًا مِنِّي ثُمَّ إني رَأَيْتُ إني أَحَقُّهُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ فَوَثَبْتُ عَلَيْهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَصَبْنا أَمْ أَخْطَأنا.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ يَعْنِي الصنعاني عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أبي إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ سَرَّهُ أن يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُدْفَعَ عَنْهُ مِيتَةُ السُّوءِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدم حَدَّثَنا زُهَيْرٌ حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ حَدَّثَنا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ رَجُلٍ يُدْعَى حَنَشًا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى عَلِيٌّ رضي الله عنه لِلناس فَقَرَأَ يس أو نَحْوَهَا ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِنْ قَدْرِ السُّورَةِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ قَامَ قَدْرَ السُّورَةِ يَدْعُو وَيُكَبِّرُ ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ قِرَاءَتِهِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ قَامَ أَيْضًا قَدْرَ السُّورَةِ ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ ذَلِكَ أَيْضًا حَتَّى صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثآنية فَفَعَلَ كَفِعْلِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأولَى ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو وَيَرْغَبُ حَتَّى إنكشَفَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ حَدَّثَهُمْ أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَذَلِكَ فَعَلَ.
روى أحمد ـ حَدَّثَنا يَزِيدُ أنبَأنا الْعَوَّامُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أتانا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ فَاطِمَةَ فَعَلَّمَنا مَا نَقُولُ إِذَا أخذنا مَضَاجِعنا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً قَالَ عَلِيٌّ فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ.(1/354)
كان علي ـ رضي الله عنه ـ يضمن الأجير كالخياط والنجار وغيرهما،إذا أتلف ما عنده.
روى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي ـ رضي الله عنه ـ إنه قال: كل عامل مشترك إذا أفسد فهو ضآمن،وبحمل المطلق على المقيد يصبح مذهب علي: أن الأجير العام يضمن ما تلف تحت يده،سواء أتلفه عمدًا أم خطأ ؛ لإنه مظنة التهأون،ففي مصنف عبد الرزاق أن عليًّا ضمن الخياط والصباغ وأشباه ذلك احتياطًا للناس،وفي سنن البيهقي إنه كان يضمن الصباغ والصائغ وقال: لا يصلح للناس إلا ذلك،وفي الروض النضير والمحلى: أن علي بن أبي طالب ضمن الغسال والصباغ والنجار،وفي الروض النضير إنه أتي بحمال كان عليه قارورة عظيمة فيها دهن،فكسرها،فضمنه إياها.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ لا يجيز الاستئجار على تعليم القرآن،والإعأنة على الحق.
فقد أتى رجل إلى علي ـ رضي الله عنه ـ فقال: يا أمير المؤمنين: والله إني لأحبك في الله فقال: ولكني أبضغك في الله،قال: ولم ذاك؟ قال: ل إنك تتغنى بأذ إنك،وتأخذ على تعليم القرآن أجرًا،وقد سمعت رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يقول: "من أخذ على تعليم القرآن أجرًا كان حظه يوم القيامة".
كل من أسقط جنينا ميتًا تم خلقه أو لم يتم،نفخت فيه الروح أو لم تنفخ عوقب بدفع الغُرّة (عبدٌ أو أمةٌ) لورثَةِ الجنين.
فقد قضى علي ـ رضي الله عنه ـ في جنين الحرة بعبد أو أمة.
ورُوي عن علي ـ رضي الله عنه ـ غير ذلك،فقد روي عنه أن الجنين إذا أملص علقة فديتُه عشرون دينارًا،وإذا كان مضغة فأربعون دينارًا،وإذا كان عظامًا فستون،فإذا كان العظم قد كسي لحمًا فثمانون،فإن تم خلقه ونبت شعره فمائة دينار.
الاحتكار هو شراء ما يضرُّ بالناس حبسُه من الطعام والزيت والكتأن ونحو ذلك من أسواق المسلمين،ثم حبسُه عنهم بقصْدِ إغْلاء السِّعْرِ.
ولا يرى الاحتكار فيما جلب من المواد،وهذا واضح من قوله ـ رضي الله عنه: "جالب الرزق مرزوق،والمحتكِرُ عاصٍ ملعونٌ".
وقد كان علي ـ رضي الله عنه ـ يتشدد في الاحتكار وهو واضح من قوله "المحتكر عاص ملعون" ويفرض أشد العقوبات على المحتكرين. فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه أن عليًّا أُخبر برجل احتكر طعامًا بمائة ألف،فأمر به ـ أي بالطعام ـ أن يحرق،وعن عبد الرحمن بن قيس قال: قال حبيش: أحرق لي عليُّ بن أبي طالب بيادر بالسواد كنتُ أحتكرها،لو تركتها لربحْتُ فيها مثلَ عطاء الكوفة.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ يرى عدمَ جواز قتل أسير البُغاة إذا وقع في يد الإمام،وقد صح عنه النهي عن قتل الأسرى في يومَيْ صِفّين والجمل،وقال: "لا يُذفّف على جريح،ولا يقتل أسير،ولا يُتّبع مُدْبِرٌ". وأُتِيَ بأسير يوم صفين،فقال لمن أتى به: "أرسلْه،لا أقتله صبرًا،إني أخاف اللهَ رب العالمين،أفيك خير؟ بايع" وقال للذي جاء به: لك سلبه.(1/355)
كان علي ـ رضي الله عنه ـ يرى إنه لا يحل استرقاق أحد من البغاة،رجالاً كانوا أو نساء أو أطفالاً،وكان يقول ـ رضي الله عنه: لا يُسْبَى أهلُ القبلة،ولما اجتمع الناس حوله وقالوا: اقسِمْ بيننا نساءَهم وذرارِيَّهُمْ،قال لهم عليّ: عنتني الرجال فعنيتها،وهذه ذرية قوم مسلمين في دار هجرة،ولا سبيل لكم عليهم.
كان عليٌّ ـ رضي الله عنه ـ يرى إنه لا يحل للإمام ولا لجنده شيء مما أوته ديار البغاة وبيوتهم من أموالهم،فإن وقع في يده شيء منها رده إليهم بعد الآنتصار عليهم،فقد روى عبد الرزاق وغيره أن عليًّا ـ رضي الله عنه ـ كان لا يأخذ مالاً لمقتول ولذلك فإنه لما دخل البصرة لم يتعرض لما في دورها،وروى عبد الرزاق أن عليًّا عرّف ورثة أهل النهرـ الخوارج ـ فكان آخر ما بقي قدرًا عرّفها فلم تعرف. وذكر ابن قدامة أن عليًّا قال يوم الجمل: " من عرف شيئًا من ماله مع أحد فليأخذه" وكان أحد أصحاب علي قد أخذ قدرًا وهو يطبخ فيها،فجاء صاحبها ليأخذها،فسأله الذي يطبخ فيها إمهاله حتى ينطبخ الطبيخ،فأبى،فأراق الطبيخ وأخذها.
أما ما جلبوه إلى ساحة المعركة من الخيل والسلاح والعتاد الحربي فإن للإمام أخذه واعتباره غنيمة للمسلمين،ولذلك قال للذي أتى بالأسير: لك سلبه،وقال لأصحابه لما اجتمعوا عليه مطالبين بقسم الغنائم "ما أوت الديار من مالهم فهو لهم،وما أجلبوا به عليكم في عسكركم فهو لكم مغنم" وروى أبو يوسف في الخراج أن عليًّا كان إذا أتي بالاسير يوم صفين أخذ دابته وسلاحه،وأخذ عليه أن لا يعود وخلى سبيله.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ لا يرى بأسًا بالشرب قائمًا. فقد أتي بكوز ماء فأخذ منه حفنة واحدة فمسح بها وجهه ويديه ورأسه ورجليه،ثم قام فشرب فضله وهو قائم ثم قال: "أن ناسا يكرهون الشرب قائمًا وإن رسول الله شرب قائمًا" وقد كثر النقل عنه ـ رضي الله عنه ـ إنه شرب قائمًا.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ يرى جواز الأضحية عن الغير،سواء كان ذلك الغير حيًا أم ميتًا،إذا أمر بها،وقد كان علي ـ رضي الله عنه ـ يضحي عن رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بعد وفاته،فعن عاصم بن شريح قال: أتي علي بن أبي طالب يوم النحر بكبش فذبحه وقال: "بسم الله منك ولك ومن محمد لك" ثم أمر به فتصدق به،ثم أتي بكبش آخر فذبحه فقال: "بسم الله منك ولك ومن علي لك" ثم قال: ائتني بطابق منه وتصدق بسائره،فقيل له: يا أمير المؤمنين تضحي عن رسول الله ؟ قال: "أمرني رسول الله أن أضحي عنه،وإنا أضحي عنه أبدًا".
يَشترط علي ـ رضي الله عنه ـ في الأضحية شرائط:
ـ أن تكون ثنيًا فصاعدًا: قال علي ـ رضي الله عنه ـ "ضَحُّوا بِثَنِيٍّ فصاعدًا".
ـ أن تكون سليمة العين والأذن والقوائم: قال علي ـ رضي الله عنه ـ في الأضحية: "وإن تكون سليمة العينين والأذنين والقوائم،لا شرقاء ولا خرقاء ولا مقابلة ولا مدابرة" وتجزئ مكسورة القرن(1/356)
لإنه غير مقصود في الأضحية،ولا أثر له في لحمها،فإذا اشترآها سليمة فأصابها عنده عوار أو عرج فبلغت المذبح صح له أن يضحي بها.
ويستحسن أن يختارها حسنة اللحم،لإنها نسك،فعليه أن يختارها من الخيار،قال علي: "إذا اشتريت أضحية فاستسمن،فإن أكلت أكلت طيبًا،وإن أطعمت أطعمت طيبًا".
إذا ضحى المسلم جاز له أن يأكل من أضحيته قسمًا ويتصدق بقسم،فقد ذبح عليّ ـ رضي الله عنه ـ كبشًا فقال: بسم الله،منكَ ولكَ،ومِن عليٍّ لك" ثم قال: "ائتني بطابق منه وتصدق بسائره" ويجوز له أن يدخر قسمًا،دون حد معين،فقد قدم علي ـ رضي الله عنه ـ من سفر فأتته فاطمة بلحم من ضحايا،فقال: أو لم ينه عنها رسول الله ـ أي عن ادخارها أكثر من ثلاثة أيام ـ قالت: إنه رخص فيها،فدخل علي ـ رضي الله عنه ـ على رسول الله فسأله عن ذلك فقال له: كلها من ذي الحجة إلى ذي الحجة. وفي مسند زيد بن علي أن عليًّا كان يُطْعِمُ ثُلُثًا ويأكل ثلثًا ويدّخر ثلثًا.
وقت الأضحية: اختلفت الرواية عن علي ـ رضي الله عنه ـ في الأيام التي تجزيء فيها الأضحية،مع الاتفاق على أن أول يوم منها أولى من الذي يليه،ففي رواية:إنها ثلاثة أيام يوم الأضحى ويومأن بعده،قال علي:"أيام النحر ثلاثة أيام،يوم العاشر من ذي الحجة ويومأن بعده" وهو الأصح عن علي،وفي رواية ثآنية إنها أربعة أيام يوم العاشر من ذي الحجة وثلاثة أيام بعده،وبذلك يكون آخرها آخر أيام التشريق.
الإعارة هي أخذ عينٍ بإذن صاحبها للأنتفاع بها مع بقاء عينها،وهي من جملة القرابات لما فيها من قضاء حوائج المسلمين.. (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)؛ أي: يمنعون العارية،قال عليٌّ: الماعون: "منع الناس الفأس والقِدْر والدّلْو".
والعارية أمانة تحت يد المستعير،والقاعدة في الأمأنات إنها لا تضمن إلا بالتعدي،قال علي ـ رضي الله عنه:"ليس على صاحب العارية ضمأن" . وقال:"ليست العارية مضمونة إنما هو معروف إلا أن يخالف فيضمن".
كان علي ـ رضي الله عنه ـ يرى أن أمر الأمة لا ينتظم إلا بوجود أمير،مهما يكن أمر هذا الأمير،فقد قال: أن معاوية سيظهر عليكم؟ قالوا: فلم نقاتل إذن؟ قال: لابد للناس من أمير بر أو فاجر.
وكان يرى أن وجود الأمير خير من عدم وجوده؛ لإنه به يستتب الآمن وتقام المصالح،وينصف المظلوم،وإن عدم وجوده يعني الفوضى والخراب،ولذلك كان يقول: لا يصلح الناس إلا أمير بر أو فاجر،قالوا: يا أمير المؤمنين هذا البر فكيف الفاجر؟ قال: أن الفاجر يؤمن الله به السبيل،ويجاهد العدو،ويجيء به الفيء،وتقام به الحدود،ويحج به البيت،ويعبد الله فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله.(1/357)
البيعة تعني الآلتزام والطاعة،وتعني النظام والآنضباط،وهذا أمر لابد منه ليسود الآمن والاستقرار في البلاد،ولذلك كان علي ـ رضي الله عنه ـ يوجب البيعة على كل مسلم ويقول: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية إذا كان الإمام عدلاً برًّا تقيًّا.
كان عليّ ـ رضي الله عنه ـ يَكره للأمير أن يبيع أو يشتري،فإن كان لابد من ذلك فليشْتَرِ من أنسأن لا يَعرف إنه أمير،فعن ابن مطر قال: أتى عليّ دار فرات ـ وهو سوق الكرابيس ـ فقال: يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم،فلما عرفه لم يشترِ منه شيئًا،فأتى غلامًا حدثًا فاشترى منه قميصًا بثلاثة دراهم ولبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين،قال: فجاء أبو الغلام،صاحب الثوب،فقيل له: يا فلان باع ابن ك أميرَ المؤمنين قميصًا بثلاثة دراهم،قال: أفلا أخذت درهمين،فأخذ أبوه درهمًا وجاء إلى أمير المؤمنين،فقال: أمسك هذا الدرهم يا أمير المؤمنين: قال: ما شأن هذا الدرهم؟ قال: كان قميصًا بدرهمين،قال: باعني برضايَ وأخذتُه برضاه.
للأمير أن يبدّل الآنظمة التي وضعها أمير قبله تحقيقًا لمصلحة للمسلمين تحرآها،ولكنه ليس له أن يجعل لهذه الآنظمة الجديدة أثرًا رجعيًّا،فقد كان أبو بكر يسوي بين الناس في العطاء وأعطى العبيد،ولما ولي عمر فاضل بين الناس في العطاء،ولما ولي علي سوى بين الناس في العطاء وحرم العبيد،دون أن ينقض ما فعله من قبله.
المقرر في الشريعة أن البُغاة مسلمون،لا يَخرجون عن الإسلام بخروجهم؛ لأن خروجهم تَأولٌ،وليس استباحة لأحكام الشريعة،فقد أتى رجل عليًّا ـ رضي الله عنه ـ فقال: ياأمير المؤمنين: أَكَفَرَ أهلُ الجمل وصِفِّين وأهل النهروإن؟ قال: لا،هم إخوإننا بَغَوْا علينا،فقاتَلْناهم حتى يفيئوا إلى أمر الله.
وسئل علي ـ رضي الله عنه ـ عن الخوارج أَكُفَّارٌ هُمْ ؟ فقال: من الكفر فروا،قيل: فمنافقون؟ قال: أن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً؟ قيل: فما هم؟ قال: قوم أصابتْهم فتنة فعَمُوا وصَمُّوا،وبَغَوْا علينا وقاتلونا فقاتلْناهم.
يجب على الإمام أن يقاتل البغاة؛ حفاظًا على وحدة الكلمة وتماسك الصف،ولئلا يطمع طامع في سلوك سبيل العنف لخلع الإمام الشرعي القائم بأمر الله،فإن ترك قتالَهم أَثِمَ،فقد نادى حوشب الخيري علي بن أبي طالب يوم صفين فقال: " انصرف عنا يابن أبي طالب،فإنا ننشدك الله في دمائنا ودمك،نخلي بينك وبين عراقك،وتخلى بيننا وبين شآمنا،ونحقن دماء المسلمين،فقال علي: هيهات يابن ظليم والله لو علمت أن المداهنة تسعني في دين الله لفعلت ولكان أهون علي من المؤونة،ولكن الله لم يرض من أهل القرآن بالإدهأن والسكوت،والله يعصى" ولكن لا يحل قتالهم إلا بشرطين:
أ ـ حملهم السلاح وإراقتهم الدماء فعلاً: فلا يجوز قتالهم بطعنهم على الإمام الشرعي،ولا بتكفيره،ولكنهم إذا حملوا السلاح على الإمام الشرعي وأرقوا الدماء حل قتالهم،فقد روى عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم: خرجت الحروراء ـ الخوارج ـ فنازعوا عليًّا(1/358)
وفارقوه وشهدوا عليه بالشرك فلم يهاجمهم،ثم خرجوا إلى حروراء،فأتي فأخبر إنهم يتجهزون من الكوفة فقال: دعوهم ثم خرجوا فنزلوا بنهروإن،فمكثوا شهرًا،فقيل له: اغزهم الآن،فقال: لا،حتى يهرقوا الدماء ويقطعوا السبيل ويخيفوا الآمن،فلم يهاجمهم حتى قتلوا،فغزاهم فقتلوا.
وكان علي يخطب يومًا فقال رجل بباب المسجد: لا حكم إلا لله،فقال علي:كلمة حق أريد بها باطل،ثم قال: لكم على ثلاثة:لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله تعالى،ولا نمنعكم الفيء مادامت أيديكم معنا،ولا نبدأكم بقتال.
ب ـ دعوتهم إلى ترك البغي: قال أبو يوسف في الخراج: أن عليًّا ـ رضي الله عنه ـ لم يقاتل قومًا قط من أهل القبلة ممن خالفه حتى يدعوهم وقد راسل علي أهل البصرة قبل وقعة الجمل،وأرسل إلى الخوارج عبد الله بن عباس يدعوهم إلى العودة إلى طاعة علي ـ رضي الله عنه ـ باعتباره الإمام الشرعي.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ لا يجيز أن يستعين الإمام على قتال أهل البغي بكافر،لقول الله ـ عز وجل ـ (..وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) وعليّ ـ رضي الله عنه ـ لم يستعن بكافر على قتال البغاة رغم شدة وطأتهم عليه.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ لا يجيز للإمام أن يقصد بقتال البغاة إراقة دمائهم،ولكن يقصد ردعهم عن بغيهم،وعودتهم إلى الصف الواحد،فقد سأل الأعور بن نيار المنقري علي بن أبي طالب قبل موقعة الجمل عن غايته من سيره إلى البصرة،فقال علي ـ رضي الله عنه: الاطلاع،وإطفاء الثائرة،ليجتمع الناس على الخير،ويلتئم شمل هذه الأمة.
ليس على أهل البغْيِ ضمأن ما أتلفوه في حال الحرب من نفس أو مال،ولا ما جَبَوْه من أموال؛ لأن تضمينهم يُفضي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة،ومن هنا رأينا عليًّا ـ رضي الله عنه ـ لما استولى على البصرة واستردها من أيدي البغاة لم يطالب البغاة بشيء مما جبوه من خراج ونحوه.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ يرى أن الإمام يصلي على من قتل من أهل البغي في قتالهم لأهل الحق،وقد صلى هو ـ رضي الله عنه ـ على قتلى الفريقين يوم الجمل.
كان علي رضي الله عنه يذهب إلى أن التبول قائمًا أو قاعدًا ليس مقصودًا لذات القيام أو القعود،ولكن لتحاشي النجاسة،فإذا أمكن تحاشيها جاز للأنسأن أن يبول قائمًا أو قاعدًا كيف شاء،وقد بال علي ـ رضي الله عنه ـ قائمًا،فعن أبي ظبيان قال: رأيت عليًّا بال قائمًا.
كان علي ـ رضي الله عنه ـ يوجب على من يريد الاتجار تعلم أحكام التجارة قبل أن يخوض غمارها،فلقد أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إني أريد التجارة فادع الله لي فقال: أفقهت في دين الله؟ قال: أو يكون بعض ذلك؟ قال علي: "ويحك،الفقه ثم المتجر،أن من باع واشترى ولم يسأل في دين الله ارتطم بالربا ثم ارتطم".(1/359)
كان علي ـ رضي الله عنه ـ لا يُعطي التعريضَ حكم التصريح ولذلك:
أ ـ كان يعاقب على التعريض بالزنا وبالتعزير،ولا يقيم على القاذف تعريضًا الحدُّ،ففي مسند زيد بن علي: كان علي يعزّر في التعريض،ويقول: "من عرَّضَ عرَّضْنا له بالسَّوْط" كنآية عن التعزير.
ب ـ أجاز التعريض في خِطبة النكاح والمرأة في العدة عملاً بقول الله تعالى في سورة البقرة (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ..).
فقد كان عليّ إذا وجد في القبيلة أو القوم الرجل الداعر حبسه فإن كان له مال أنفق عليه من ماله،وإن لم يكن له مال أنفق عليه من بيت مال المسلمين وقال:يحبس عنهم شره،وينفق عليه من بيت مالهم.
وكان يقيدهم في السجن بقيود لها أقفال،ويوكل بهم من يحلها لهم في أوقات الصلاة من أحد الجانبين.
وذلك بقلب معالمه أو بوضع الأحاديث على لسان رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ولقد عاقب عليّ من يفعل ذلك بالقتل وقال: من كذب على النبي يضرب عنقه.
أُثِرَ عن عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ إنه قال: "التيممُ لكلِّ صلاةٍ" ولكن هل المراد بذلك أن التيمم واجب لكل فريضة صلاة،أم لكل وقت صلاة؟
ذكر في المغني أن عليًّا كان يذهب إلى إنه يتيمم لكل وقت صلاة،وقال النووي: أن عليًّا كان يذهب إلى إنه يتيمم لكل فريضة صلاة.
قال علي ـ رضي الله عنه: "نهإني رسول الله أن أتختم في أصبعي هذه ـ الإبهام ـ وفي الوسطى،والتى تليها" وفي رواية " السبابة والإبهام والوسطى" وبناء على ذلك فإن التختم لا يكون إلا في الخنصر والبنصر. ورَوَى ابن أبي ليلى وغيره أن عليًّا تَخَتَّمَ في يساره.
- - - - - - - - - - - - - -(1/360)
المبحث الخامس
النظم الإدارية والسياسية في عهد الخلفاء الراشدين
المسجد قطعة من الأرض تنتسب إلى الدنيا وتنتمي إلى الآخرة،وتجتمع في حضنها الدنيا مع الدين،فكما أنه موضع للصلاة فهو أيضا الموضع الذي بويع الخلفاء الراشدون عند منبره بالخلافة بيعة عامة،وكما أنه مكان لذكر المولى سبحانه ودعائه،فهو المكان الذي كان الخليفة الراشد يصعد منبره ليلقي على أمته بياناته العامة،فيذيع أخبار الجيوش المجاهدة هنا وهناك،والمهمَّ من أخبار الولاة،وما يريد أن يوجه الناس إليه من واجبات وحقوق.
وكما كان المسجد بقعة طاهرة تلقى فيها دروس العلم،ويعرف الناس فيها أمور دينهم،فقد كان الخليفة الراشد كثيرا ما يتلقى الوفود القادمة عليه في المسجد..
لقد كان المسجد أيام الراشدين مركز الحياة للخليفة والرعية معا،ففيه أمر أبو بكر أن يديم المسلمون الحضور استعدادا لأي مفاجأة من أهل الردة بالهجوم على المدينة،ومن هناك انطلق بأول جيش كسر المرتدين ومانعي الزكاة في أول جولة معهم،وفيه استقبل عمر كثيرا من الوفود،كالوفد الذى جاء بالهرمزان أسيرا،وصعد عمر المنبر ليحث المسلمين على مناصرة إخوانهم بالعراق،فكانت معركة القادسية الكبيرة،وفي المسجد عقد عمر وعثمان مجالس القضاء،وفيه شوهد عثمان جالسا على المنبر يوم الجمعة والمؤذنون يؤذنون وهو يسأل الناس عن أخبارهم وأسعارهم،ومن فوق المنبر أيضا دافع عثمان عن نفسه ضد المعترضين عليه. وكان علي يأمر شريحا القاضى بأن يجلس للقضاء في المسجد الأعظم؛ ليتيسر وصول الناس إليه...
قطعان الحيوان،وأسراب الطيور تسير في جماعات متناغمة: يقودها قائد،ويرود لها الطريق رائد،في نظام فطري خالص لم تخترع منه شيئا،وتظل أشكال القطعان والأسراب واحدة،فهي اليوم مثلها بالأمس،وفي الغد ستكون على ما هي عليه اليوم.
أما البشر،فهم كغيرهم يميلون فطريا إلى الاجتماع مع أبناء نوعهم،ويحبون الدفء الجماعي.. ولكن ليس هذا هو الشيء الوحيد في تحرك الجماعة البشرية،بل إنه يأخذ أشكالا وصورا مختلفة،وهذه الأشكال وتلك الصور تتطور مع الزمن وتتغير مع الأمم،ولذلك فإن الإسلام لم يفرض على أنظمة الحياة البشرية شكلا معينا لابد منه،ولم يتركها أيضا صريعة الأهواء البشرية،وإنما فرض لها مبادئ عامة وكلية لابد للإنسان المسلم أن يطبقها على نظمه لكى توصف بأنها إسلامية.
وقد اعتمد النظام السياسي في عهد الراشدين على رأس الدولة الممثل في الخليفة،والذى كان اختياره دائما يقوم على الشورى بشكل من الأشكال. ومادة الشورى التى اعتمد عليها الخلفاء الراشدون هم(1/361)