تركستان “شينجيانغ” (كتيّب تعريفي بشعب الإيغور المسلم و دولة تركستان المحتلة)
شينجيانغ :
? مقاطعةفي الصين تتمتع بنظام إداري خاص.
? تقع في أقصى شمال شرق البلاد.
? اسمها الأصلي هو دولة تركستان الشرقية حيث أنها ذات أغلبيةإسلامية . والاسم ينقسم إلى كلمتين "ترك" و "ستان" ومعناها أرض الترك
? نالت استقلالها عام 1944 ولكن بعد ثورة 1949 في الصين واعلان قيام الشيوعية قام الصين بضمها الى الصين واعتبارها مقاطعة صينية حيث انها غنية بالنفط والغاز الطبيعي وخامات اليورانيوم .
الجغرافيا
دولة محتلة من قبل الصين، يحدها من الشمال الغربي كل من "طاجيكستان"، "قرغيزستان" و"كازاخستان"، من الشمال الشرقي جمهورية "منغوليا"، من الشرق مقاطعتي "قانسو" و"تشينغهاي"، جنوبا منطقة "تبت"، ومن الجنوب الغربي الهند وأفغانستان.
الصناعات
المنطقة غنية بالموارد الطبيعية، البترول، الفحم، الرصاص، النحاس، الزنك واليورانيوم. من بين الصناعات المنتشرة في المنطقة: تكرير النفط، صناعة السكر، الصلب، الكيماويات، الاسمنت، والمنسوجات. مقارنة ببقية مناطق الصين الشرقي.
السكان
تركستان قسم من التركستات عامة ، شرقية وغربية ، ولقد واجهت تركستان الغربية نفس مصير شقيقتها الشرقية ، فمرت بنفس المحنة و تركستان بصورة عامة تشغل حيزا كبيراً من وسط القارة الآسيوية ، حيث كانت موطنا للقبائل التركية ،وتشغل المنطقة برمتها مساحة تزيد على خمسة ملايين ونصف المليون من الكيلومترات المربعة ، وقدر عدد سكان تركستان عامة بخمسين مليونا نصيب التركستان الشرقية من هذا 1،646،555كم وجملة سكانها13،18،000 نسمة في سنة 1404 هـ -1984م ويتكون السكان من جماعات الأيغور والقازاق والقرغيز والأوزبك والناجيك ، ولقد جلبت الصين الملايين من الهان الصنيين وأسكنتهم التركستان الشرقية للتقليل من الأغلبية المسلمة .
مع العلم أن(1/1)
من مدنه البارزة كاشغر التى وصلتها الجيوش الإسلامية في سنة 96 هـ بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي .
التجارب النووية
منذ العام 1961 والصين قد أجرت 46 تجربة نووية في شينجيانغ، التأثيرات النووية خلال أكثر من 47 سنة أدت إلى كارثة بيئية،تلوث الأرض،النبات،الماءوالطعام مما أدى إلى وفاة حوالي 200000 شخص حسب المعارضين الأيغور وتشير دراسة سرية إنكليزية إلى إزدياد كبير في نسبة المصابين بالسرطان نتيجة التأثر بهذه الإشعاعات النووية.
أرض للأشغال الشاقة
أنشأت الحكومة الصينية أحد أكبر معتقلاتها للأعمال الشاقة في شينجيانغ وهو معتقل لاوغاي.
أهم إنتفاضات الأيغور
??5-2-1997م: مظاهرات للمطالبة بحرية ممارسة الشعائر الدينية مع بداية شهر رمضان مما أدى بالسلطات الأمنية والجيش إلى قمع هذه المظاهرة بالقوة مما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والمئات من الجرحى.
??1-1999م: إعتقال تسعة وعشرون ناشط إسلامي بتهمة محاولة القيام بمظاهرة مناهضة لبكين وفي 28-1-1999م تم إعدام 2 منهم.
??12-2-1999م: إصابة 5 من الايغور واعتقال 150 شخص في عاصمة الإقليم أورومتشي على خلفية إطلاق شعارات تطالب بالإنفصال.
??21-7-2004م: إعدام رجلين لأسباب مجهولة وخلال طول ذلك الصيف تم اعتقال العشرات خصوصًا في منطقة خوتان بسبب ممارسة شعائر من الدين الإسلامي.
??5-7-2009م: مظاهرات تعم الإقليم مما يودي بحياة أكثر من 140 شخص.
دخول الإسلام تركستان
وقد وصل الإسلام قديمًا جدًّا في عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما إلى التركستان الغربية، ودخلت هذه الشعوب في دين الله أفواجًا، ومن التركستان الغربية انتقلت قوافل الدعاة والتجار إلى منطقة التركستان الشرقية، وكذلك إلى الصين، ودخل عدد من هؤلاء في الدين الإسلامي.(1/2)
وفي عهد الخلافة الأموية وصل عدد البَعثات الإسلامية المرسلة إلى الصين إلى 16 بعثة تدعوهم إلى الله ، ثم حدث التطور النوعي والنقلة الهائلة عندما وصلت جيوش المسلمين الفاتحين بقيادة القائد المسلم الفذّ قتيبة بن مسلم الباهليّ إلى التركستان الشرقية، ليفتحها بإذن الله، ويدخل عاصمتها كاشغر، وليتعرف أهل البلاد -وهم من الإيجور الأتراك- على الإسلام من قرب، ثم يسارعوا في الدخول إلى دين الله؛ لتصبح منطقة التركستان الشرقية إقليمًا إسلاميًّا خالصًا، وكان هذا الفتح العظيم في سنة 96هـ/ 714م في أواخر أيام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.
ومن هذا الإقليم المسلم بدأت قوافل الدعاة تتحرك في المنطقة، فدخلت جنوبًا إلى إقليم التبت، وبدأ أهل التبت يتعرفون على الإسلام ويعتنقونه، بل أرسلوا إلى والي خراسان الجرَّاح بن عبد الله في زمن الخليفة الأمويّ العظيم عمر بن عبد العزيز يطلبون إرسال الفقهاء إلى التبت لتعليمهم الإسلام.
ومن إقليم التركستان الشرقية كذلك انتقلت وفود الدعاة إلى الصين؛ مما زاد من عدد المسلمين في داخل الصين، إضافةً إلى 12 بعثة إسلامية أرسلتهم الخلافة العباسية؛ مما أدى إلى تعريف الناس بالإسلام بشكل أكبر.
والجدير بالذكر أنه في هذه المراحل الأولى كان يتعايش المسلمون في المجتمع الصيني أو في التبت مع البوذيين والديانات الأخرى بشكل سلميّ دون مشاكل دينية أو سياسية، كما كان يُحسِن المسلمون في إقليم التركستان الشرقية إلى الأعداد الكبيرة من الوثنيين الذين كانوا يعيشون معهم في نفس الإقليم من منطلق القاعدة الإسلامية الأصيلة "لا إكراه في الدين".(1/3)
وفي سنة 323هـ/ 943م حدثت طفرة هائلة في إقليم التركستان الشرقية عندما أسلم "ستوق بغراخان خاقان" زعيم القبيلة القراخانية الإيجورية التركية، وبإسلام هذا الرجل العظيم دخلت في الإسلام أكثر من مائتي ألف عائلة تركية، مما يعني أكثر من مليون إنسان في لحظة واحدة! وهو يُذكِّرنا بموقف الصحابي الجليل سعد بن معاذ عندما أسلمت الأوس بإسلامه.
قويت بذلك دولة التركستان الشرقية جدًّا، وبدأت في الارتقاء الحضاري المتميز، وزاد الأمر قوة في عهد حفيد ستوق، وهو هارون بغراخان، الذي تلقب بشهاب الدولة، وكذلك بظهير الدعوة، وقد أوقف خُمس الأراضي الزراعية لإنشاء المدارس لتعليم الإسلام، وأكثر من ذلك فقد كتب اللغة التركستانية -وكذلك اللهجة الإيجورية- بالحروف العربية، وكان هذا تقدمًا عظيمًا في تمسك أهل التركستان بالإسلام، حيث أصبحت قراءة القرآن والأحاديث النبوية والمراجع الإسلامية متيسرة لهم بشكل أكبر. وفي سنة 435هـ/ 1043م استطاع الإيجوريون إقناع عشرة آلاف عائلة من عائلات القرغيز الأتراك بدخول الإسلام، وكانت إضافةً قوية جدًّا لدولة التركستان، وكانت دولة التركستان في ذلك الوقت تخطب للخليفة العباسي القادر بالله على منابر المساجد، وضربوا العملة باسمه، مع أنه لم يكن له سيطرة فعليَّة على البلاد، ولكنهم كانوا يفعلون ذلك من منطلق إسلامي، ورغبة في توحيد الصف المسلم.
شعب الإيغور
الإيغور قومية من آسيا الوسطى ناطقة باللغة التركية( حيث أن اللغة الإيغورية تنحدر من اللغة التركية ويستعملون الحروف العربية في كتابتها ) وتعتنق الإسلام يعيش أغلبها في إقليم سنغيانغ الذي كان يسمى تركستان الشرقية قبل ضمه من قبل الصين.(1/4)
أصل الإيغور: قبل الاستقرار في تركستان الشرقية بغرب الصين (إقليم سنغيانغ حاليا) كان الإيغور قبائل رحلا تعيش في منغوليا, وقد وصلوا إلى هذا الإقليم بعد سيطرتهم على القبائل المغولية وزحفهم نحو الشمال الغربي للصين في القرن الثامن الميلادي.
حملة قمع تحت شعار "تحديد النسل"
تحت شعار "تشديد سياسة تحديد النسل" صدر مرسوم عن حكومة الشعب في (سنجيانغ) عام 1988م بشأن تطبيق سياسة تحديد النسل على الأقليات، وفي منطقة (سنجيانغ) ذات الحكم الذاتي، وصدر بيان يقول: "بسبب نظام الإنجاب التقليدي السائد تشكلت حالة من كثافة السكان، وقلة الوفيات، وسرعة النمو في نسبة الولادة، ونسبة السكان تزيد بكثرة، وقد أصبحت القضية خطيرة"، كما قامت السلطات الصينية في أواسط عام 2000 بحملة عامة في منطقة خوتان في (تركستان الشرقية)، شعارها "اضرب الانفصاليين والعناصر الدينية غير المشروعة بقوة"؛ الأمر الذي أدى إلى زعزعة الاستقرار السياسي والأمني في (تركستان الشرقية) عامة، ومنطقة (خوتان) خاصة؛ حيث لقي المئات من الأيغور الأبرياء مصرعهم واعتقل الآلاف منهم خلال عام واحد تقريبًا.
واللافت للنظر أن السلطات الصينية تقوم خلال عملية تحديد النسل بممارسة شتى الوسائل الوحشية، كما تسبب سوء الوسائل الطبية في موت كثير من الأمهات خلال عمليات الإجهاض الإجبارية ، وحسب ما ذكرته سيدة أيغورية وصلت إلى (ألمانيا) طالبة اللجوء السياسي فيها أن السلطات الصينية اقتادتها إلى المستشفي بالقوة بسبب حملها سرا وأجرت لها عملية إجهاض حيث تم إسقاط جنينها الذي مضى عليه 6 شهور كما تم إجراء عملية إجهاض لثلاث سيدات معها في نفس اليوم حيث توفيت سيدة بسبب سوء الوضع والمعاملة السيئة من قبل الأطباء، وأيضا عانت بقية السيدات اللاتي أجريت لهن العملية من سوء الصحة والمرض لمدة طويلة.(1/5)
أعلن في البيان الصيني أنه لحل مشكلة الولادة وتحسين عملية تحديد النسل الجارية في ولاية (خوتان) تم اتخاذ عدة قرارات وهي كالتالي :
أولا: تعزيز قيادة حملة تحديد النسل وجعلها مسئولية القيادات المحلية.
ثانيا: تفصيل بشأن العقوبات التي تنتظر من يتهاون في إجراء حملة تحديد النسل من الكوادر الحكومية حيث إنه واعتبارا من عام 2000م يلقى بالمسؤولية على القيادات المحلية في القرى والأرياف بشأن وقائع المواليد خارج النطاق المسموح بها، وسوف يتم خصم 10 أيام من المرتب الشهري منهم إن حدثت واقعة ولادة واحدة غير مسموح بها، كما سوف يتم تشهير المسؤولين بأسمائهم في الصحف والتلفزيون إن حدثت واقعتي ولادة غير مسموح بهما، ويتم إقصاء الكوادر – التي تعطي معلومات خاطئة بشأن المواليد – عن وظائفهم الحزبية والحكومية،وقد يحال أمرهم إلى الدوائر الأمنية للبت فيه.
ثالثًا: نص القرار على "الشخصيات الدينية وظائفها الأساسية تقديم الدعم لسياسة تحديد النسل، ولذا ينبغي توقيع أقصى العقوبات بحق العلماء الذين يعترضون على تلك السياسة".(1/6)
وكان سبب الواقعة ما يلي: اختارت السلطات الصينية بلدة (توقسو) التابعة لولاية (آقسو) كمركز لتجربة سياسة تحديد النسل في عام 1994م وبدأت كوادر المركز عملية " فحص حالات الحمل غير القانونية" في 15 فبراير 1994م، في قرية (خلق طام) بالبلدة وأثناء عملية الفحص تم اكتشاف سيدة أيغورية مضى على حملها "غير القانوني" 9 أشهر، وطلبت مديرة المركز من زوج السيدة – واسمه هاشم – دفع ثلاثة آلاف ين غرامة مالية، وإسقاط الجنين الذي مضى عليه 9 أشهر ،و بالطبع لم يستطع دفع الغرامة فقام عملاء المركز بإرغامه على بيع بقرة وحمار كان يستعملهما في الزراعة وقمحه الذي هو قوته، وهرب هاشم من القرية تاركًا عائلته وأخذ أفراد المركز زوجته جولفيام إلى المستشفي لإسقاط جنينها، ولكنها تمكنت من الهرب قبل إجراء العملية ولجأت إلى إحدى المقابر وولدت هناك بنفسها وتمكنت من المحافظة على ولدها حيًّا، إلا أن الدوائر الأمنية التي كانت تبحث عنها وصلت إليها وأخذتها إلى مركز تحديد النسل؛ وهناك قتلت مديرة المركز الجنين خنقا أمام أمه التي أصيبت بانهيار وتوفيت بعد ذلك بقليل. وأثارت هذه الحادثة مشاعر الغضب والانتقام التي يكنها الأهالي للسلطات الصينية ومراكز تحديد النسل ونتيجة لذلك قامت مجموعة من المجاهدين في 18 يوليو 1994م بالانتقام بسبب إزهاق روح الوليد .
و بسبب عدم وجود المبالغ اللازمة من أجل إنشاء المشروعات الأساسية للتطور كإنشاء سدود المياه وإنشاء الطرق وإنشاء مناطق جديدة للسكن وغيرها تقوم السلطات في القرى بإرغام الفلاحين على العمل في إنشاء تلك المشروعات مجانا، كما تزيد من الضرائب والغرامات التي تثقل كاهل الفلاح حيث زادت تلك الأنواع من الضرائب عن 30 نوعا.
وتزعم السلطات الصينية أن سبب فقر الأيغور هو عدم تنفيذهم لتحديد النسل وذلك أن هذه الأرض التي تمتلئ بالثروات قادرة على إعاشة 100 مليون أيغوري فضلا عن 7 أو 8 ملايين.(1/7)
وعادة ما تكون الأوضاع في الدول التي تشجع على تنظيم النسل سيئة، كمحدودية الأرض الزراعية والثروات الطبيعية، وتركستان ليست من هذه الدول، ولا توجد دولة في العالم ترغم شعبها على تحديد النسل غير (الصين) فقط. حيث تشجع الدول باستثناء (الصين) على تنظيم النسل وليس تحديده.
تسعى السلطات الصينية بشتى الوسائل للقضاء على الشعب الأيغورى؛ فتعامل النساء الأيغوريات في القرى كالمساجين، وتجري لهن عمليات تعقيم، وقد توفي الكثير منهن بسبب نقص الإمكانيات والوسائل الطبية وتواضع مستوى الأطباء في مستشفيات القرى.
وحسب ما أورده مركز (تركستان الشرقية) للمعلومات في (ألمانيا)؛ فقد اقتيدت 28 سيدة أيغورية في (20 يونيو 2000م) إلى مركز تحديد النسل في بلدة (فيزاوات) بولاية (كاشغر)، حيث أجريت لهن عملية إجهاض واستؤصلت أرحامهن، وتوفي على الفور نتيجة لذلك (7) سيدات تتراوح أعمارهن مابين (25 – 34) سنة من مختلف القرى .
وفضلاً عن سياسة تحديد النسل، تمنع الصين سفر الأيغور – خاصة الشباب – إلى الخارج؛ خوفًا من انضمامهم إلى الجماعات والمنظمات التي تكافح ضد الاحتلال الصيني وتسعى للاستقلال، والتي تعمل فيما يقرب من 20 دولة في العالم، مثل (الولايات المتحدة الأمريكية), (كندا), (استراليا), (تركيا), (ألمانيا), (بلجيكا), (قازاقستان), (قيرغيزيا), (اوزبكستان)، (روسيا)، ... وتشتد هذه الجماعات والمنظمات قوة يوما بعد يوم، وتكافح تلك الجماعات سياسيًّا، وبدأت بالأيغور الذين هربوا من جحيم الشيوعيين عام (1949م) بقيادة القائدين (محمد أمين بوغرا) و(عيسى يوسف آلبتكين)، ولجأوا إلى (المملكة العربية السعودية)، والذين هربوا عام (1962م) إلى جمهوريات آسيا الوسطى، والذين هربوا بعد الثمانينيات بذرائع شتى.
الخلط بين العثمانيين والأتراك(1/8)
ويخلط كثير من الناس بين كلمة "الأتراك" وكلمة "العثمانيين"، فيعتقد أنهما مترادفتان، ولكن الحقيقة أن كل العثمانيين أتراك، ولكن العكس ليس صحيحًا؛ فهناك الكثير من الأتراك ليسوا عثمانيين، وما العثمانيون إلا فرع محدود من قبائل الأتراك العظيمة، والتي ظهر منها رموز خالدة في تاريخنا، أمثال ألب أرسلان السلجوقي، وعماد الدين زنكي، ونور الدين محمود، وأحمد بن طولون، وغيرهم.
فالأتراك هم الشعوب التي تعيش في منطقة وسط آسيا وجبال القوقاز وحول بحر قزوين، وقد هاجر بعضها إلى أماكن بعيدة، كالعثمانيين الذين هاجروا إلى آسيا الصغرى (تركيا الآن)، ولكن الجميع ما زال يحتفظ بجذوره التركية الأصيلة، ولعل هذا يوضِّح لنا تفاعل الشعب التركي -على وجه الخصوص- مع قضية المسلمين في الصين؛ وذلك لاتفاق الجذور العرقية معهم، فضلاً عن العاطفة الإسلامية المتزايدة في تركيا في ظل وجود الزعيم الإسلامي الموفَّق أردوجان.
أحداث الحادي عشر من إيلول
بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 كثف النظام الصيني من حملة مطاردته للاستقلاليين الإيغور وتمكن من جلب بعض الناشطين الإيغور خصوصا من باكستان وكزاخستان وقيرغزستان في إطار ما يسمى "الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب".
التاريخ
الاجتياح التتري
ابتُلِي العالم بمصيبة كبرى وهي الطاغية المغولي جنكيز خان سنة 603هـ/ 1206م، وقد توسع بسرعة رهيبة في البلاد المحيطة، وذلك انطلاقًا من منغوليا، وقد تلقت التركستان الشرقية الصدمة التترية الأولى، وحدثت فيها عدة مذابح، ودخلت بسرعة في سلطان التتار، خاصةً أن العالم الإسلامي بشكل عام كان يعاني من الضعف الشديد.(1/9)
وعندما مات جنكيز خان حدثت بعض الصراعات بين أتباعه، وانتهى الأمر إلى تقسيم مملكة التتار الواسعة إلى أجزاء عدة، وما يهمنا الآن من هذه الأجزاء جزآن؛ أما الجزء الأول فهو الذي يضم منغوليا والتركستان الشرقية، وكان على رأسه "أرتق بوقا"، وهو من أسرة أوكيتاي المغولي، وهذا الجزء يضم دولة التركستان الشرقية بكاملها، وقد تحسنت علاقة التتر بالمسلمين مع مرور الوقت، بل وصل الأمر إلى أن اعتنق أحد زعمائهم وهو "طرما تشيبرين" الإسلام، وبالتالي دخلت أعداد كبيرة من المغول في دين الإسلام، وهو من العجائب في التاريخ حيث يدخل المحتلون القاهرون في دين المستضعفين المهزومين، وهذه عظمة الإسلام وقوة حجته، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون! وكان هذا التحول إلى الإسلام في سنة 722هـ/ 1322م.
وبالمناسبة فهذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها المغول إلى الإسلام، فقد دخل قبل ذلك أحد زعمائهم الكبار وهو بركة خان إلى الإسلام، وأسلمت معه قبيلته المعروفة بالقبيلة الذهبية، وكانوا يعيشون في منطقة القوقاز في وسط آسيا.
مسلمو الصين وأسرتا قوبيلاي ومنغ(1/10)
أما الجزء الثاني الذي له علاقة بقصتنا فهو منطقة الصين، حيث دخلت في حكم قوبيلاي بن تولوي المغولي، الذي جعل عاصمته في مدينة خان باليغ الصينية، والتي صارت بكين بعد ذلك. ومن العجيب أن هذه الدولة كانت تقدِّر المسلمين جدًّا وتحترمهم، مع أن جيوش التتار ذبحت قبل ذلك ملايين المسلمين في البلاد الإسلامية، لكن أسرة قوبيلاي في الصين كانت تتعامل مع المسلمين الصينيين أرقى معاملة لما تميزوا به من الكفاءة والأمانة وحسن الأخلاق والقدرة على الإدارة؛ مما دفع أسرة قوبيلاي إلى استخدام المسلمين في الولايات العامة وفي المناصب الكبرى، ولم يكن بالضرورة أن يستخدموا المسلمين من أبناء الصين، بل كانوا يستعملون أيضًا المسلمين القادمين من التركستان الشرقية أو الغربية، ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن القادة المسلمين كانوا يحكمون 8 ولايات من أصل 12 ولاية تتكون منها الصين آنذاك! ومن أشهر المسلمين نفوذًا في هذه الحقبة "شمس الدين عمر" الذي ترقى من كونه ضابطًا بالجيش المغولي الحاكم للصين إلى حاكم عسكري لمدينة تاي يوان، ثم مدينة بنيانغ، ثم صار قاضيًا في مدينة بكين، ثم حاكمًا لمدينة بكين العاصمة! وقد اهتم هذا الحاكم المسلم بإنشاء عدد كبير من المدارس والمعاهد الدينية في الصين، ولعل أكثر المساجد الموجودة الآن في الصين قد أسِّست في "العهد المغولي"، وذلك في ظل المكانة المرموقة التي كان يتمتع بها المسلمون.
ظلت أسرة قوبيلاي المغولية تحكم الصين حتى سنة 770هـ/ 1368م حين سقطت هذه الأسرة على يد أسرة صينية شهيرة هي "أسرة منغ"، والذي امتد نفوذها خارج الصين ليصل إلى تركستان الشرقية، التي كانت في حوزة المغول من أسرة أوكيتاي.(1/11)
وعلى الرغم من التغير الاستراتيجي الكبير الذي حدث بانتقال الحكم من المغول إلى الصينيين إلا أن وضع المسلمين في دولة الصين، وكذلك في دولة التركستان الشرقية ظل متميزًا؛ حيث سارت أسرة منغ على نفس طريق أسرة قوبيلاي المغولية، وقدَّموا المسلمين البارزين علميًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا إلى المراكز المرموقة في الدولة، وظل هذا الوضع إلى سنة 1052هـ/ 1642م.
اضطهاد المسلمين في عهد المانشوريين
لكن في سنة 1052هـ/ 1642م سقطت دولة منغ لتقوم مكانها دولة صينية جديدة تحت قيادة عائلة مانشو Manchu، وهي المعروفة بالأسرة المانشورية، لتمارس أسلوبًا جديدًا في التعامل مع المسلمين، وهو أسلوب الصدام والصراع؛ فقد خشي المانشوريون من نفوذ المسلمين، فبدءوا في اضطهادهم وقمعهم، وزاد الأمر خطورة عند اكتشاف محاولة لإعادة أحد أمراء أسرة منغ إلى الحكم بمساعدة المسلمين، وذلك في سنة 1058هـ/ 1648م؛ مما أدى إلى تصعيد خطير من الأسرة المانشورية، وقامت بقتل خمسة آلاف مسلم، وامتد هذا التوتر وبشكل أكبر إلى ولاية كانسو، وهي إحدى الولايات القريبة من التركستان الشرقية، والتي تتميز بكثرة إسلامية.(1/12)
حاولت أسرة مانشو عدة مرات أن تحتل إقليم التركستان الشرقية، الذي عاد إسلاميًّا صِرفًا بعد إسلام المغول، ليضم بين جنباته المسلمين من المغول والإيجور الأتراك، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل في البداية، إلى أن نجحت الأسرة المانشورية في احتلال التركستان الشرقية سنة 1172هـ/ 1759م، وقد دام هذا الاحتلال عدة عشرات من السنين، ولكن تحرر لفترة قصيرة ليقيم الأتراك حكمًا إسلاميًّا هناك لمدة 13 سنة، ولكن سقط مجددًا تحت الاحتلال الصيني، وذلك بمساعدة الإنجليز، وهذا في سنة 1292هـ/ 1876م، وقد قامت الأسرة المانشورية فورًا بتغيير اسم التركستان الشرقية إلى إقليم "سنكيانج" أي المقاطعة الجديدة؛ في محاولةٍ لطمس الهوية الإسلامية، ومحو التاريخ العربي لهذا الإقليم.
ولقد قامت الأسرة المانشورية بإجراءات قمعية كبيرة جدًّا في إقليم التركستان الشرقية، وعيَّنتْ حاكمًا مسلمًا عميلاً لها على الإقليم كان أشد ضراوةً على السكان من الصينيين أنفسهم، لكنها في نفس الوقت لم تمارس هذا الضغط بشكل عنيف في الصين نفسها، بل حاولت تهدئة الأمور مع المسلمين، ولكن دون أن تسمح لهم بحرية كبيرة في التعريف بدينهم، ولقد حاول السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله -الخليفة العثماني المشهور- أن يُجرِي علاقات مع المسلمين في الصين، وأرسل لهم عدة بَعثات دينية، ولكن هذه البعثات قوبلت بالمقاومة من الحكومة الصينية؛ مما قلَّص من أعمالها ونتائجها.
الحكم الجمهوري والاعتراف بالمسلمين(1/13)
ثم سقطت الدولة المانشورية في سنة 1329هـ/ 1911م، وساعد المسلمون في سقوطها ليقوم الحكم الجمهوري في الصين، وقد اعترف الحكم الجمهوري في الصين منذ أيامه الأولى بأن المسلمين هم أحد العناصر الرئيسية في دولة الصين، وأن الصين مكوَّنة من خمسة عناصر رئيسية هم الصينيون (وأصولهم قبيلة الهان)، والمانشوريون، والمغول، والمسلمون (ومعظمهم من قبيلة الهوي الصينية)، والتبت. وكان العَلَمُ الصيني مكوَّنًا من خمسة ألوان؛ للدلالة على هذه الأعراق الخمسة، وهي الأحمر والأزرق والأصفر والأبيض والأسود، وكان المسلمون يمثَّلون باللون الأبيض. وهدأت بذلك أوضاع المسلمين كثيرًا في الصين باستثناء التركستان الشرقية التي خشي الجمهوريون من إعطاء مساحة حرية له فينفصلون على الدولة الصينية، ومن ثَمَّ كانت الحرية الدينية للصينيين من قبائل "الهوي" أو المهاجرين، ولكنها ليست للإيجوريين الأتراك في التركستان الشرقية.
استقلال تركستان الشرقية
ثم دخلت الصين في حرب كبيرة جدًّا مع اليابان انتهت بدخول اليابان إلى بكين عاصمة الصين 1325هـ/ 1933م، وقام اليابانيون بعِدَّة مذابح ضد الصينيين، لكنهم -في نفس الوقت- أعطوا مساحة حرية كبيرة للمسلمين؛ لإحداث شيء من التوازن في المنطقة. ولقد استغل الأتراك في التركستان الشرقية الفرصة وقاموا بحركة تحرُّر من الصينيين، ونجحوا في ذلك بالفعل، وأعلنوا دولة التركستان الشرقية المسلمة في سنة 1352هـ/ 1933م، ولكن بعد عام واحد اتحدتْ الحكومة الجمهورية في الصين مع روسيا ليدخلا معًا إلى التركستان الشرقية ليُعِيدا احتلال التركستان الشرقية لصالح الصين، وذلك في سنة 1353هـ/ 1934م، على الرغم من وجود الاحتلال الياباني في الصين، ولقد قام الصينيون بإعدام رئيس دولة التركستان "خوجانياز"، وكذلك رئيس الوزراء "داملا"، إضافةً إلى عشرة آلاف مسلم آخرين.
الاحتلال الشيوعي لتركستان(1/14)
قامت الحرب العالمية الثانية سنة 1358هـ/ 1939م، وانتهت سنة 1364هـ/ 1945م، وقد هُزمت فيها اليابان، وبالتالي خرجت من الصين، ولكن قامت في نفس الوقت الثورة الشيوعية في الصين بقيادة "ماو تسي تونج"، وحدثت بعض التداعيات المؤثِّرة؛ فقد انسحب الجمهوريون الذين كانوا يحكمون الصين أمام الشيوعيين الجدد، وتوجّهوا إلى تايوان واستقلوا بها عن الصين، وتلقوا الدعم الكامل من العالم الغربي، وأيضًا حاول الروس التوسُّع في إقليم التركستان الشرقية على حساب الصين، وتحالفوا مع بعض القوى الإسلامية هناك، وسيطروا بالفعل على شمال إقليم التركستان الشرقية، إلا أن ماو تسي تونج دخل بقواته التركستان الشرقية في سنة 1369هـ/ 1949م؛ لينهي بشكل قاطع كل المحاولات الإسلامية أو الروسية، وليضم إقليم التركستان الشرقية أو ما يسمونه بإقليم سنكيانج إلى الصين. و كان عدد المسلمين في (تركستان الشرقية) عندما سيطر الشيوعيون عليها حوالي 2.3 مليون مسلم، وعدد المساجد يزيد على الألفي مسجد، وبدأ الشيوعيون احتلالهم بارتكاب مذابح رهيبة، أعقبها عملية احتلال استيطاني واسعة؛ وألغى الصينيون الملكية الفردية، واسترقوا الشعب المسلم، وأعلنوا رسميًا أن الإسلام خروج على القانون، ومنعوا السفر خارج البلاد أو دخول أي أجنبي إليها، وألغوا المؤسسات الدينية وهدموا أبنيتها، واتخذوا المساجد أندية لجنودهم، وغيروا الأبجدية الوطنية بحروف أجنبية، وجعلوا اللغة الصينية هي اللغة الرسمية، واستبدلوا بالتاريخ الإسلامي تعاليم (ماوتسي تونج)، وأرغموا المسلمات على الزواج من الصينيين الشيوعيين !!!!، ولما قامت الثورة الثقافية في (الصين) زاد الأمر سوءًا، وزادت حدة اضطهاد المسلمين، وكان ضمن شعارات الثورة: "ألغوا تعاليم القرآن".
موقف الشيوعيين الصينيين من تركستان(1/15)
في 19 مارس ( 1996م ) صدر القرار السري من المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني برئاسة الرئيس الصيني (جيانغ زمين) وبموافقة الأعضاء الدائمين، ومما جاء فيه :
1- (شنجانغ) جزء لا يتجزأ من (الصين) ولكن الانفصاليين في الداخل والخارج يعملون على فصلها ويجمعون قواهم، حتى إن بعض الموظفين في الحزب والحكومة ينتقدون سياسة الحكومة المركزية بشكل مكشوف بينما بعضهم يمارس العنف والإرهاب، وقد حان الوقت لاتخاذ خطوات عاجلة لبذر الشقاق والخلاف بينهم .
2- لا بد من تطهير جميع أجهزة الدولة والحكومة والحزب من الأشخاص المشبوهين بسرعة فائقة، وشغل أماكنهم بالأشخاص الذين يظهرون الولاء للحزب ولا يخشون الموت في سبيله، ولا بد من إرسال وإعداد الموظفين الصينيين الشباب لإسناد المهمة إليهم في (شنجانغ) .
3- يجب أن تسيطر الدولة على النشاط الديني وتمنع جميع النشاطات الدينية الخاصة، ويمنع أعضاء الحزب الشيوعي من ممارسة أي نشاط ديني، ويطرد كل من يفعل ذلك، ويجب حماية الناس من الدعوة الدينية .
4-يمنع التبادل الثقافي من مدرسين وطلاب وعلماء حالاً، ولا يسمح لأي شخص أجنبي أن يلقي درساً أيّاً كان نوعه في المؤسسات التعليمية، ويجب اختيار الطلاب المبتعثين من شنجانغ بدقة وحسب التزامهم بتعاليم الحزب الشيوعي، وكذلك تحديد عدد الطلاب الذين يدرسون في الخارج على حسابهم، ويمنع علاقة المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية بمثيلاتها في الخارج، والمدارس التي لا تتقيد بهذه التعليمات تغلق حالاً ويعاقب مدراؤها والمسؤولون عنها بشدة.
5-يطور أداء الأجهزة الأمنية كافة، ويجب اختيار القضاة والمسئولين من الموالين للحزب، وكذلك بث العملاء والجواسيس لجمع المعلومات عن دعاة الانفصال في الداخل والخارج؛ إذ إن هناك علاقة وثيقة بينهم .(1/16)
6-ميلشيات جيش الإنتاج والبناء XPCC تقوم بدور كبير في استقرار الأوضاع في (شنجانغ)، ولا بد من تقويته وحل مشاكله المادية حتى يتمكن من استيعاب الشباب المهجر، ولا بد من تركيز أفراده في مواقع السلطة والإدارة في الحزب والدولة والحكومة ، ولا يقتصر عمله على البناء والإنتاج بل هو جيش كامل الصلاحية في الدفاع عن الحدود والتجاوزات .
7-فصائل جيش التحرير الشعبي PLA لا بد من تحديثه وتسليحه بما يمكنه من صد القوى الأجنبية التي تتطلع إلى التدخل في (شنجانغ)، ولا بد من تعزيز علاقاته بالحزب والجيش والشعب كي يقوم بدوره في حفظ وحماية المدن والقرى من حركات الانفصاليين في (شنجانغ).
8-المراكز الرئيسية لدعاة الانفصال هي (تركيا)، (قازاقستان)، و(قيروغيزستان)، أما (الصين) فهي دولة قوية ولها دور في الشؤون الدولية، ولذا لا بد من العمل بالطرق الدبلوماسية بممارسة الضغوط على هذه الدول لمنع نشاط هؤلاء على أراضيها، ولا بد أن تكون هذه الدول هي أهدافنا الرئيسية، ولا بد من تركيز الجواسيس والعملاء ليمكن بث الفتن والخلافات من خلالهم وضرب بعضهم ببعض، ولا بد من تشتيت قواهم ومنع اتفاقهم حتى لا تتاح لهم فرصة تدويل قضية (شنجانغ).
9-لا بد أن لمكاتب وإدارات الحكومة والدولة والحزب والأمن العام وأمن الدولة والجيش ووحدات جيش التحرير الشعبي وميلشيات جيش الإنتاج والبناء أن تضع خطة مشتركة لإعداد قوة عالية التجهيز والتدريب وسرعة الحركة لقمع أي حركة أو مظاهرة أو أعمال عنف في شنجانغ بقوة ،كما لا بد من وضع خطة أخرى للاستفادة من الوحدات الأخرى في المقاطعات المجاورة .
10- المنتسبون للحزب والدولة والحكومة مسئولون عن تنفيذ هذه القرارات التي اتخذها المكتب السياسي بكامل أعضائه للجنة الدائمة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بدون تقصير.
محاربة الإسلام(1/17)
تدهورت الأوضاع الإسلامية في (تركستان الشرقية)، وتمادت السلطات الصينية الشيوعية في إجراءاتها الاستبدادية، التي زادت عقب انهيار (الاتحاد السوفيتي)، واستقلال (جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية) عام (1991م)؛ حيث خافت الصين من انتقال عدوى التحرر والاستقلال إلى (تركستان الشرقية) بعدما استقلت (تركستان الغربية) عن الحكم الروسي الشيوعي .
واتخذت حكومة (الصين) الشيوعية تدابير صارمة لتشديد قبضتها الحديدية على (تركستان الشرقية) على الصعيدين الداخلي والخارجي،
وعلى الصعيد الداخلي اتخذ المكتب السياسي للجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني – في اجتماعه الطارئ في (28 مارس 1996م) – قرارًا سريًّا للغاية في معالجة قضية (تركستان الشرقية) (شنجانغ) عرف بالوثيقة رقم (7)، وتضمنت تطبيق (10) إجراءات صارمة تبدأ بحظر التعليم الإسلامي، ومنع النشاط الديني، واعتقال وإعدام من يعارض الحكم الشيوعي، أو يدعو إلى استقلال وانفصال (تركستان الشرقية) عن (الصين).
وبدأت السلطات الصينية في تنفيذ هذه السياسة بحملة "اضرب بقوة" في (12 إبريل 1996م) وأدت هذه الحملة الجائرة إلى منع المسلمين من موظفي أجهزة الحكم الصيني والنساء والشباب من ارتياد المساجد ، وحظر التعليم الإسلامي، ومن ذلك ما حدث في مدينة (غولجة) في ليلة السابع والعشرين من رمضان عام (1417هـ)، عندما وقف رجال المباحث والاستخبارات والشرطة أمام أبواب المساجد يمنعون الشباب والنساء من دخول المساجد لأداء صلاة التراويح والتهجد، فاشتبك المسلمون معهم، واندلعت ثورة عارمة في (غولجة) التي تقع في شمال البلاد، وتدخل الجيش الصيني لضرب هؤلاء المسلمين العزل، فقتل منهم أكثر من (300) واعتقل نحو (10 آلاف) مسلم.(1/18)
وقد ذكر سكرتير الحزب الشيوعي لمقاطعة (شنجانغ) في (تركستان الشرقية) في جريدة (شنجانغ) الرسمية اليومية بتاريخ (11 يوليو 1997م): أن السلطات الشيوعية اعتقلت (17 ألف شخص) في معسكرات السخرة لجيش التحرير والبناء، كما ذكرت الجريدة ذاتها بتاريخ (21 يونيو 1997م): أن الحكومة الصينية هدمت (133 مسجدًا)، وأغلقت (105 مدرسة إسلامية)؛ كما قامت بهدم عشرة مساجد في بلدة (قراقاش) في محافظة (خوتن).
وفي الوقت الذي انهار فيه النظام الشيوعي، وتخلصت الشعوب التي منيت به في (الاتحاد السوفيتي) و(أوربا الشرقية)، وحرر الحكم الصيني نفسه نظامه الاقتصادي، إلا أنه لم يغير طريقته الاستبدادية مع المسلمين التركستانيين؛ بهدف تذويبهم ثقافيا واجتماعيا في البوتقة الصينية وقد لاحظت ذلك الهيئات الدولية، فنشر مكتب مباحث الأمن الكندي مقالا بعنوان "اضطراب الإسلام في مقاطعة (شنجانغ) ذات الحكم الذاتي" (كتبه الدكتور باول جورج باحث مستقل في قضايا التنمية السياسية والأمن العالمي ) أشار إلى أن بكين تعمل بشكل منظم على التحكم في النشاط الديني في كافة أنحاء الصين، بدعوى حماية الوحدة الوطنية والاستقرار، ولكن في (شنجانغ)، يظهر الإسلام بشكل ملحوظ في الهوية الوطنية والثقافية المحلية، فتعده بكين تهديدًا مباشرًا لسلطانها، كما تعتبر المساجد والمدارس الإسلامية مراكز استياء لحكمها، ومن ثم تقوم من وقت لآخر باعتقال رجال الدين ومعاقبتهم بعنف.(1/19)
ولا يقتصر الأمر على الاضطهاد الديني فقط، بل بلغ حد سيطرة المستوطنين الصينيين على أمور هذا البلد المسلم؛ فحسب قول أحد الباحثين: "معظم كبار الموظفين وكل قواد الجيش من الصينيين الذين عينتهم (بكين)؛ فالصينيون يسيطرون على كل الصناعات الرئيسة ومراكز الاستثمار الاقتصادي لتحقيق متطلبات السلطة المركزية؛ وأما أغلب المسلمين المحليين، فهم في مهنهم التقليدية في الزراعة والرعي، وفرص العمل لهم في المجالات الأخرى محدودة جدا؛ علاوة على أن الثروات تصدر إلى (الصين)، ثم تستورد منها مصنوعات غالية الثمن".
وقد عرفت (شنجانغ) بـ"سيبريا الصين" لأنها أصبحت معسكرات سخرة لآلاف السجناء السياسيين والمجرمين، وتديرها منظمة (بين توان)، أو (جيش شنجانغ) للإنتاج والبناء، ويبلغ عدد أفراده (2.28 مليون) جندي.
أبرز مظاهر الاضطهاد الديني
مارست السلطات الصينية كافة أنواع الاضطهاد على المسلمين، ومن أبرزها :
1-حظر التعليم الإسلامي في المساجد تماماً؛ حيث أخذت السلطات الصينية تعهدات خطية مشددة من أئمة المساجد بعدم تجميع أطفال المسلمين وتعليمهم علوم الإسلام في المساجد.
2-منع بناء المساجد.
3-منع رفع الأذان من مكبرات الصوت.
5-منع طبع الكتب الإسلامية أو إدخالها إلى (تركستان).
6-منع نشر المقالات الإسلامية في الصحف أو إذاعتها في الراديو والتلفزيون.
7-منع استخدام الأحرف العربية في الكتابة.
8-تطبيق قوانين أحوال شخصية تخالف أحكام الشريعة.
9-إخضاع المدارس للمناهج التعليمية الصينية دون اعتبار للخصوصية الدينية والعرقية .(1/20)
أسباب ما جرى في تركستان الشرقية عام 1430 هـ – 2009: رفضُ الشرطة الصينية للتحقيق في مقتل اثنين من عمّال المسلمين في إحدى المصانع الصينية و على إثر ذلك خرج آلاف المسمين من الإيغور للإحتجاج فقوبلت بالقتل و السجن و التعذيب و ذهب الوكالات الإخبارية إلى أرقام خيالية و لأهمية هذا الموضوع قطع الرئيس الصيني هوجينتاو زيارته خارج البلاد ليعود إلى الصين و يتابع الأحداث المستجدة .
أبرز الحملات الحديثة لدعم إخواننا هناك :
المقاطعة التجارية والاقتصادية للمنتجات و البضائع الصينية و التي تكفل خنق عملاق الصناعة “الصين “ و هذه الحملة موجهة إلى كل المسلمين و خاصة أصحاب العلاقات التجارية الضخمة مع الصين و تهدف هذه الحملة إلى الضغط على الصين حتى ترجع عن ظلمها لشعب الإيغور المظلوم و هي تعد الوسيلة الوحيدة المتاحة الآن و وسيلة لتوعية الشعوب المسلمة إلى ضرورة وجود بديل صناعي عن المنتج الصيني و كان لبعض البلدان تجارب ناجحة جداً في هذا المجال مثل : تركيا و ماليزيا مع العلم أن وزير الصناعة التركي هو الذي أطلق هذه الحملة و هو يعلم وجود البديل و قد يبدوا لنا أنها مستحيلة التنفيذ ولكنها ذات أثر كبير لو قصدنا ذلك ... ..... للإستزادة في هذه الحملة راجع ما جاء في درس للشيخ سالم أبو الفتوح في برنامج فضفضة على قناة الناس حول قضية الإيغور . والحمد لله رب العالمين
فريق حِكَمُ الأيام في 1430 هـ – 2009 م(1/21)