المستشرقون والحضارة الاسلامية
ايرفنج والجبرية الاسلامية
تمهيد
واشنجتون ايرفنج من أعلام الكتاب الذين فاخرت بهم الولايات المتحدة الأمريكية غيرها من الأمم في القرن التاسع عشر المسيحي وقد ولد واشنجتون ايرفنج عام 1832 ميلادية مدينة واشطن وتوفي عام 1892 ميلادية
واشنجتون ايرفنج ورأية في الجبرية الاسلامية
قال ايرفنج: " لقد أقام محمد جل اعتماده على هذه القاعدة لنجاح شئونه الحربية. فقد قرر أن كل حادث يقع في الحياة قد سبق تقديره في علم الله. لذا كان المسلمون يخوصون ثمار المعارك دون ان ينال منهم الخوف... فاما النصر أو الشهادة الا ان الجبرية كانت السم الذي قضى على سلطان الاسلام فقد كف خلفاء النبي عن أن يكونوا غزاة فاتحين وأغمدوا سيوفهم وبدأت العقيدة الجبرية تعمل عملها الهدام، وصار المسلم ينظر الى ما يصيبه من بأساء على أنها بعض ما قدر الله عليه وما لا مفر منه
وتخلى أتباع محمد عن قاعدة " أعن نفسك يعنك الله "
واشنجتون ايرفنج وتفضيله للمسيحية على الاسلام
قال ايرفنج: " ان هناك متاعا ماديا أباحة القرآن ويختلف هذا المتاع عن مبادىء ودين المسيح... دين الطهر والايثار لذا محق الصليب الهلال، وبقى الهلال الى اليوم في أوربا حيث كان يوما بالغا غاية القوة انما يرجع الى اختيار الدول المسيحية الكبرى، أو يرجع بالأخرى الى تنافسها ولعل الهلال باق ليكون دليلا جديدا على أن " من أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ "
الرد على ايرفنج في مسألة القضاء والقدر
ان ايرفنج لم يدرس روح الاسلام وأول مسألة القضاء والقدر تأويلا خاطئا فأول عبارة " أعن نفسك يعنك الله " من حيث القوة في الدعوة الى التعويل على الذات فقد قال الله تعالى: " قل يأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها "(1/1)
وقال تعالى: " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ولقد خص الله الناس على أن يسعوا في مناكب الأرض وأن يأكلوا من رزقة وامرهم بالجهاد في سبيل الله بآيات غاية في القوة
الرد على ايرفنج في مسألة التوكل والتواكل
التواكل ليس من التوكل على الله والتوكل ليس بقعود المرء وتخلفه عن أمر الله. بل بلاعمل الجدى لما أمر به. وذلك لقوله تعالى: " فاذا عزمت فتوكل على الله " فالعزم والارادة يجب أن يسبقا التوكل
وانت ما عزمت ثم توكلت على الله بالغ نهاية أمرك بفضل منه وأنت ما ابتغيت وجهه وحده، مهتد الى الخير بحكم سنة الله في الكون، وسنة الله لا تحويل ولا تبديل لها.
الرد على ايرفنج في مقارنته وتفضيله المسيحيه على الاسلام
ان المسيحية والاسلام متفقان غير مختلفين وكثيرا ما تجر الموازنة الى جدل وتنابز لا خير للمسيحية ولا الاسلام فيه لكني ألاحظ وأقف عند الملاحظة، أن بين سيرة عيسى عليه السلام وما ينسب الى المسيحية، من دعوة الى الرواقية والامعان في الزهد اختلافا بينا. فلم يكن المسيح رواقيا، بل كانت أولى معجزاته أن أحال الماء خمرا في عرس " قانا الخليل " حيث كان مدعوا وحيث أراد الا يحرم الناس الخمر بعد نفادها
وهو لم يكن يأبى دعوة الفريسيين الى مآدبهم الفخمة ولا كان يأبى على الناس أن يستمتعوا بأنعم الله. وسيرة محمد في ذلك أشد امعانا في قصد السبيل.
صحيح أن عيسى كان يدعوا الأغنياء " الى البر بالفقراء " ومحبتهم من غير من.
والقرآن في هذا وفي الدعوة اليه ابلغ ما عرف البشر وقد عرف القارىء ذلك من خلال الزكاة والصدقة
الرد على مزاعم واشنجتون في عبادته " من أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ "
هذه آية الانجيل يوجهها ايرفنج باسم المسيحية الى الاسلام فقد قالها ايرفنج منذ قرن مضى حيث لم يكن الاستعمار الغربي في تعبيرنا.. المسيحي في تعبيره، قد بلغ من الشره والجشع ومن الأخذ بالسيف ما بلغ اليوم(1/2)
فأوربا المسيحيه قد أخذت بالسيف امعانا في الاباحية والقوف مما ينسبه ايرفنج باطلا للاسلام والمسلمين أوربا المسيحيه تقوم اليوم بالدور الذي قام به المغول والتتار حين اتشحوا برداء الاسلام ثم فتحوا الممالك دون أن يبعثوا بتعاليم الاسلام فيها، فحقت عليهم وعلى المسلمين الكلمة، وكان هذا التدهور والانحلال الذى أصاب الشعوب الاسلامية
وأوربا المسيحية اليوم أق فضلا من أولئك التتار والمغول انما هى تريد استعمار أو تريد أن تجعل من العقيدة المسيحية مطية هذه الاستعمار.
لذلك لم تنجح العاية التبشيرية الأوربية لأنها دعاية غير مخلصة
التسامح في روح الاسلام
أرأيت في باب التسامح أفسح من هذا الأفق !!
من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم لا فرق بين المؤمنين ومن لم تبلغهم دعوة الاسلام على حقيقتها من غير تشوبه من اليهود والنصارى
فقد قال تعالى: " وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله دينا أنزل اليكم وما أنزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب " .
ثانياً
الخالدون مائة أعظمهم " محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) "
الكاتب: مايكل هارت – كاتب كاثوليكي أمريكي متجر في في علوم الدين والفلك والرياضة ومحامي.
المترجم: أنيس منصور
المقدمة: أقام المؤلف اختياره لشخصياته الخالدة على عدة أسس، من بينها أن تكون شخصية حقيقة وليست أسطورة، كما استبعد أيضا عددا من المجهولين.. مثل أول من اخترع النار.
? كما أقام أساس الاختيار على أن يكون الشخص عميق الأثر. سواء كان هذا الأثر طيبا أو خبيثا.
? كما أقام أساس الاختيار على أن يكون للشخص أثر عالمي. اذ لا يكفي أن يكون له أثر اقليمي، ولذلك استبعد كل الزعامات السياسية والدينية والمواهب العلمية التي لها أثر " محلي " فقط.(1/3)
? كما أقام أساس الاختيار على أن يكون للشخصية أثر " شخصي " عميق متجدد على شعبها وعلى تاريخ الانسانية. ولذلك فقد اختار محمدا (ص) أول القائمة.
محمد رسول الله(ص).
سبب الاختيار: يقول المؤلف ان البعض قد يندهش كثيرون لهذا الاختيار.. ولكن بلا دهشة فمحمد (ص) هو الانسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي.
1- وهو قد دعا الى الاسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات، وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا، وما يزال أثره قويا حتى بعد 13 قرنا من وفاته.
2- أكثر الذين اختارهم ولدوا وعاشوا في مراكز حضارية ومن شعوب متحضرة الا محمدا (ص). فهو ولد في مكة سنة 570 م في مكة حيث كانت منطقة متخلفة في العالم. مات أبوه وهو لم يولد – وماتت أمه وهو في السادسة وكانت نشأته متواضعة لا يعرف القراءة والكتابة.
؟! 3- لما قارب الأربعين من عمره. كانت هناك أدلة كثيرة على أنه ذو شخصية فذه، وكان اكثر العرب وثنيين. يعبدون الأصنام، وكان في مكة عدد قليل من اليهود والنصارى وكان محمد على علم بها بين الديانيتين
بعثته: 1- في الأربعين من عمره امتلأ قلبه ايمانا بأن الله واحد أحد. وأن وحيا ينزل عليه من السماء. وأن الله قد اصطفاه ليحمل رسالة سامية الى الماس.
2- أمضى محمد (ص) ثلاث سنوات يدعو لدينه الجديد بين أهله وعدد قليل من الناس.
3- في سنة 613 م أذن الله لمحمد (ص) أن يجاهر بالدعوة فتحول قليلون الى الاسلام.
4- في سنة 622 م هاجر الرسول (ص) الى المدينة.
5- كانت هجرة الرسول (ص) نقطة تحول في حياة الرسول (ص).
6- في السنوات التالية، تزايد عدد المهاجرين والأنصار، واشتركوا في معارك كثيرة بين أهل مكة وأهل المدينة من المهاجرين والأنصار.
7- انتهت هذه المعارك سنة 630 م بدخول الرسول (ص) مكة منتصرا.
8- قبل وفاته بسنتين ونصف شهد محمد (ص) الناس يدخلون في دين الله أفواجا(1/4)
9- لما توفي الرسول (ص) كان الاسلام قد انتشر في جنوب الجزيرة العربية.
لماذا – كان محمد (ص) هو أول القائمة؟!!.
- يقول ربما يكون غريبا أن عدد المسيحين ضعف عدد المسلمين ولكن جاء عيسى في المرتبة الثالثة (3) وموسى (16)، ولكن محمد (ص) هو أول القائمة. وذلك لأسباب:-
1- الرسول (ص) كان دوره أخطر وأعظم في نشر الاسلام وارساء قواعد شريعته أكثر مما كان لعيسى في الديانة المسيحية.
_ وان كان عيسى مسئول عن مبادىء الخلاق المسيحية، غير أن القديس " بولس " هو المسئول عن كتابة الكثير مما جاء في كتب العهد الجديد "
2- اما الرسول (ص) فهو المسئول الأول والأوحد عن ارساء الاسلام وأصول الشريعة. والسلوك الاجتماعي والأخلاقي، وأصول المعاملات بين الناس في حياتهم الدينية والدنيوية – والقرآن الكريم قد نزل عليه وحده – وفي القرآن وجد المسلمون كل ما يحتاجون اليه.
3- القرآن الكريم نزل على محمد (ص) كاملا، وسجلت آياته وهو ما يزال حيا. وكان تسجيلا في منتهى الدقة. فلم يتغير منه حرف واحد.
_ وليس في المسيحية شىء من ذلك. فلا يوجد كتاب واحد محكم دقيق لتعاليم المسيحية يشبه القرآن. وكان أثر القرآن بالغ العمق لذلك كان أثر محمد (ص) قويا على الاسلام أكثر من أي نبي آخر.
4- كان الرسول محمد (ص) على خلاف عيسى – رجلا دنيويا – زوجا وأبا وكان يعمل في التجارة وكان يحارب ويصاب في الحروب ويمرض.. ثم مات..
5- من المستحيل أن يكون البر وهذه الامبراطورية – دون أن يكون محمد هناك – فلم يعرف العالم كله رجلا بهذه العظمة وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات الباهرة بغير زعامته وهدايته وايمان الجميع به.
6- هذا الامتزاج بين الدين والدنيا هو الذي جعلني أؤمن بأن محمدا (ص) هو اعظم شخصية أثرا في تاريخ الانسانية كلها..(1/5)
7- بالنسبة لكثير من الأحداث التاريخية الهامة فان من الممكن أن نقول أنه كان في الامكان ان تحدث على أيدي آخرين من غير القواد والسياسيين الذين قاموا بها وعلى سبيل المثال كان من الممكن أن تستقل مستعمرات أمريكا الجنوبية عن أسبانيا بدون " سيمون بوليفارا " وبدون أن يولد على سطح الأرض أصلا. ولكن ذلك لا يمكن أن يقال عن الاسلام والدولة العربية اذ لا يوجد نظير ( لمحمد ) في التاريخ البشري......
وبحق أعطى لمحمد أعظم فرد في التاريخ الانساني أثرا وعطاءا.
من أقولا الفلاسفة عنه:-
- " لقد كان محمد روح الرحمة وكان تأثيره قويا دائما بين كل من أحاط به " ( شاند شورما في كتاب " أنبياء الشرق " ) كلكتا – الهند سنة 1935 م
- بعد وفاة قسطنطينيان ب 4 سنوات ولد في الجزيرة سنة 573 م رجل يعتبر بالمقارنة بكل الرجال الأعظم تأثيرا على مدى التاريخ الانساني هذا الرجل هو " محمد " ( جون وليام درابر – كتاب تاريخ التطور العقلي لأوربا )
- أناس قبل باستيرو سالك هم قادة من النظرة الأولى. وأناس مثل غاندي و كونفوشيوس من ناحية والاسكندر وقيصر وهتلر من ناحية اخرى قادة من النظرة الثانية – وربما عيسى ويوزا وحدهم المرتبة الثالثة – ولكن أعظم القادة على مستوى العصور هو ( محمد ) الذي جمع مميزات كل هؤلاء.. ويعتبر موسى من نفس الطراز لكن بدرجة أقل.. برفور جولس ماسرمان
* رأس الدولة والكنيسة في آن واحد. لقد كان القيصر والبابا في شخص واحد، لقد كان البابا بدون مظاهر البابوية. والقيصر بدون مظاهر الحرس القيصري وبغير جيش يحيط به.. بدون شرطة بدون جباية.. انه يحكم بالشريعة الالهية لأنه يحمل بين جبينه كل القوى بدون دعاماتها المادية، ان بساطة حياته كانت مطابقة لبساطة حياة العامة ( القس د. روسوورت سميث.. أستاذ علم اللاهوت بكمبردج )
كتاب محمد صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه " لواشنطن ايرفنغ "(1/6)
هذا الكتاب للمؤلف واشنطن ايرفنغ ترجمة الدكتور هاني يحي نصرى ولم يذكر الكتاب عن واشنطن شيئا لمولده ولا حتى موطنه الأصلي وهذا الكتاب بعنوان محمد –صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه" الناشر المركز الثقافي العربي
بدأ المؤلف هذا الكتاب ببعض الجمل من العهد القديم تذكر النبي- محمد صلى الله عليه وسلم ثم يتناول أوصاف النبي – صلى الله عليه وسلم على لسان علي ابن أبي طالب – كرم الله وجهه – وهلى لسان ام معبد الخزاعية " .
ثم بعد ذلك مقدمة للمترجم دكتور هاني تناول فيها شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وما له من أهمية عظمى للأمة العربية بكل طوائفها وعشائرها وشعوبها هي في كونه صلى الله عليه وسلم الرمز الوحيد لهذه الأمة وانه النبي الخاتم الذي لا نبي بعده وأن الذين ادعوا النبوة أمثال سجاح ومسيلمة لم يكونوا قادرين على صنع دين جديد فقد صدق الله وعده ونصر عبده صلى الله عليه وسلم وجعله خاتما للأنبياء والمرسلين
ولو تسمى نبي بعده لما انتشرت دعوته فهذه شهادة تحدى بها التاريخ وقد تكفل الله تعالى بحفظ هذا القرآن فقال تعالى" انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون "
وصدق دعوته صلى الله عليه وسلم هي عيان واضح بنبوءته كخاتم للأنبياء والمرسلين
وينادى المترجم قائلا " ان المتنادين اليوم لحفظ اللغة العربية عليهم أن يعرفوا أن القرآن الكريم حافظها لهم بكل تعصبهم المقيت ضد أي استعمال اصلاحي
وعلى العرب أن يدركوا ان لكل أمة رمزا يحفظه أبطالها ورمزنا هنا محمد –صلى الله عليه وسلم- فبأي حق يسمح عضاريط العرب بمس رمز هذه الأمة وهو رمز... لكل ناطق بالعربية من العرب والعجم
ملحوظة:
في تنايا الكتاب وللمؤلف يقول وكنت خلال اقامتي الأخيرة في اسبانيا...الخ
هذا يؤكد أنه كتبها أو بعضا منها وهو في أسبانيا فنحن لانعرف أهو أسباني أم لا.
(1) سورة الحجر آية ( )(1/7)
ثم يقول المترجم: وانا أقدم هذه السيرة الشريفة من المصادر الغربية التي جمعها واشنطن ايرفنغ بأسلوبه الأدبي القصصي الشيق وعقلية المسيحي الموضوعي المستنيد أريد بذلك أن أخرق ماداتنا بتعظيم رمزنا الكبير محمد –صلى الله عليه وسلم- مما نكتبه نحن لأظهر للقارىء عظمة هذا الرمز حتى في عيون الآخرين فتناول المترجم شخصية الرسول –صلى الله عليه وسلم- في عصره وبين أن الصراع كان على أشده بين طفاة الشرق الفرس والروم فقد كانت في آثينا بقية شرانق الفكر الاغريقي القديم وفي الاسكندرية التي دمرت مكتباتها...
هكذا كان العالم القديم عشية الهجرة النبوية الشريفة غارقا. بجهالاته وجاهليته العربية
أما اليهود المنتظرون للمخلص المكذبون لمن جاء فقد بقوة العصبية فلعبوا دورا هداما بين الأمم.
أما في عصرنا فلا أحد ينكر أننا وقعنا في مفارقات شتى وأننا ظللنا عبيد المرآة وعبيد الدرهم وعبيد السلطة وأننا نرتكب الموبقات تحت شعار الحريات. يقول المترجم بعد ذلك لولا أن محمدا. صلى الله عليه وسلم- في التاريخ الاجتماعي لما فتحت مغالق الفكر المنطقي الانساني بالحوار بين القصائد والآديان ولولاه لما بنيت بغداد والقاهرة والرباط. ولولاه لما عرف الغرب ما عندنا من علوم ومعارف. لولا محمد لغرق التاريخ والانساني بالمشخصات...
وعلينا أمة الاسلام ألا نخطىء فهم عظمته –صلى الله عليه وسلم- بشكل أسطوري فهو عظيم وعظمته في تلك الذاتية الخالدة له
ثم يلقى المترجم نظرة على مقدمة المؤلف قائلا فيها، لقد اتبع ايرفنغ في هذا الكتاب، اسلوب الايجاز والتحديد لما يريده فهو يؤكد أنه لم يضف أي اضافات جديدة على السيرة النبوية –كما عند المؤلفين الغربيين- ولكنه يترك القارىء يستنتج أن اهمية عمله في منهجة حتى يستطيع القارىء ان يتابع أحداثها دون انقطاع يطمس الحقائق.(1/8)
وهذه المنهجية هي التي دفعت هيكل الى السير على خطاها خطوة في سيرته دون أن يطلع قراءه على أنه انما يترجم لايرفنغ بتصرف.
والمترجم يقول لقد فتنت بمنهجية المؤلف كما فتن بها هيكل لكن هيكل تقمصها ليكتب سيرة من عنده تتوافق مع المتفق عليه عند نقاد الكتاب المعاصرون أيامه.
فهيكل أخذ هذه السيرة عن ايرفنغ دون ان يشعرنا بذلك وقد أخذها ايرفنغ من ابن كثير وهذا لا غبار عليه فابن كثير يعتبر المصدر الرئيسي الذي يمكن الرجوع اليه.
والذي يحسب لهيكل انه كتبها بأسلوب أدبي شيق ممتع بل كان عليه أن يشير الى المصدر الذي نقل منه وهو نقله عن ايرفنغ كاملا.
يقول المترجم أردت أن أضع نص ايرفنغ ثم اتبعه بنص ابن كثير ونص هيكل.
اما هدفي من ذلك كله فهو جر القارىء العربي ليعتاد الأسلوب المنهجي الذي عند ايرفنغ وأمثاله.
وايرفنغ قرر عدم املاء الهواسن فالمراجع وهو هنا يؤكد صفة نقص منهجي عنده قد لا تعوض القرىء الغربي الذي يثق بايرفنغ والذي لا يشكل الرسول –صلى الله عليه وسلم- عنده موضع قداسة أما عندنا –نحن- فهي تشكل يقضى منهجي خطير.
والمترجم لا يرضى من هيكل ما فعل ولكن وضع نص يعد نص ابن كثير ومما أخذه المترجم على ايرفنغ
يقول انه لم يغير لفظ الأسماء العربية كما كانت تلفظ بالانكليزية.
لا ييسرها الا منهجنا بمقارنة النصوص بعضها ببعض
يتألف هذا الكتاب من تسعة وثلاثين بابا في كل باب عدد من الفصول في كل فصل فكره او مجموعة من الأمكان وان كنا نرفض كلمة فكرة هنا وتضع بدلا منها حقيقة لان هذه الأمور مادامت قد وردت عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- وحدثت له نهى حقيقة وليست فكرة فلا يجوز لنا أن نطلق كلمة فكرة مثلا على القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف لان الذي يتناوله النبي- صلى الله عليه وسلم- بمثابة حقيقة ذلك
وهو يقرر بعد ذلك قائلا هذه الفكر تعتمد على حقائق تاريخية ثابته في التاريخ الاسلامي.(1/9)
يقول د. هاني يحي نصرى. ان ايرفنغ قد اعتمد على المراجع الأجنبية كثيرا وقد ظهرت بعد المقارنة مع أبى النداء توافقا الى حد كبير الا ان هناك بعض اللبس أو الخلط فيما يتعلق بالأحداث التاريخية
كذلك ظهرت بعض الاختلافات حول النص وكلماته فكل كلمة لها لوجد من القيم تحكمها الا ان ايرفنغ قد حمل بعض الألفاظ تقديرا أديبا يعلو عنده في بعض الأحيان عن التقدير المنطقي لها كذلك يجيد التلاعب بالألفاظ خاصة التلاعب الأدبي بغموض دقة المعاني فمثلا عند استعماله كلمة
Zeal أو Fury أو Fanatieism Delusive
وسوا هما مما قد يعني المدح أو الذم حسب براعة الاستعمال الأدبي لهذه الكلمات
مما يدفع القارىء الى الأخذ بالمعنى الذي يوافق هواه حسب هواه كذلك ايرفنغ يروج النص ويقبل بمعناه وبغير معناه كذلك وقع ايرفنغ في بعض الاسقاطات منها
1- نسب صاحب قصيرة البردة التى هى لكعب بن زهير الى مكمة واعتبره من شعرائها الباب الثاني والثلاثين الفصل الأول. وكعب ابن زهير شاعر نجدى وليس شاعرا حجازيا
2- تعارضه مع ما جاءت به الحقيقة من أن الزبح كان اسحاق وليس اسماعيل.
3- يقول : ان درقةبن نوفل كان يهوديا قبل ان يصير مسيحيا. ويقول ان درقة بن نوفل قال السيدة خديجة والصحيح هو ابن عمها والوجه يجوز أن تقول له يا خال أو أو تقول له على سبيل التعظيم يا عم!
4- يذكر أن الذي هدم صنم اللات هو أبو سفيان ابن حرب بالرغم من أن الذي هدمه هو المغيرة بن سفية لأن أبا سفيان أراد أن ينآى بنفسه عن ملايات الهدم
والمترجم هنا اختزل أخطاء ايرفنغ عند مقابلتها بالنصوص المعتمدة عن ابن كثير
وكان عليه ان بذكرها لأمانة النقل ثم يعلق عليها وهو الذي يعترف بذلكثم يتناول قصة بناء أول مسجد في الاسلام يقول أن أول مسجد بني في الاسلام تدعى المصادر المسيحيه أن هذا المكان الذي بركت فيه ناقته –صلى الله عليه وسلم- كان قصيرة تظلها أشجار النخيل(1/10)
وهذه الأشياء التي ذكرها ايرفنغ تتعارض والتعاليم التي جاربها صلى الله عليه وسلم. فهو قد دعا على اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور الأنبياء مساجد
وايرفنغ قال: تدعى المصادر المسيحيه فلماذا لم يذكر ما كان من المصادر العربية الاسلامية؟!!
ان ايرفنغ هنا يذكرنا بمسيحين التي تطغى عليه من الحين للآخر. ويورد ان الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أصحابه على الغير وتحمل المصاعب والمتاعب وذكر قوله أى قول ايرفنغ من ضربك على خدك الأيمن أدرله الأيسر. صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نتحمل الأذى وأن نصب ونحتسب ولم يقل لنا يوما ما اجبنوا أولا تردوا العداوة بل الاسلام أصلا هو لرد لعنيف ورد الأذى ولم يأمرنا الاسلام بالاعتداء بل يأمرنا برد الاعتداء قال تعالى " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم " (1)
وهذا الذي ذكره ايرفنغ مثل مسيحي.
وايرفنغ من بين السقطات التي يذكرها في كتابه عندما يتحدث عن غزوة بدر يذكر أن المسلمين لم يكونوا عطاشا كما كان غيرهم من المشركين وأن المشركين كانوا متعبين من شدة السفر والجهد وبالتالي انتصر المسلمون
ويرجع ذلك المؤرخون المسيحيون
ثم يفيق ثانية ويقول: بينما يرجع علماء المسلمين ذلك الى امداد الله تعالى للمؤمنين بالملائكة من السماء
- ويذكر ايرفنغ أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أخضع بقوته وحجته أو حتى سلاحه عددا كبيرا من القبائل وهذه الأسلحة لم يحملها الرسول صلى الله عليه وسلم يوما للأعتداء بل حملها للدفاع وليس كما قال.
وفي الباب السادس والثلاثين يتبادل المؤلف مقتد موت ابراهيم ابن النبي-صلى الله عليه وسلم- وفلذة كبده وبكاء الرسول –صلى الله عليه وسلم- عليه ووقوف عمر بجانبع ومن قبله الصديق يواسيانه
يقول ايرفنغ انه –صلى الله عليه وسلم- ( لقنه الشهادة وهيأه لمقابلة ملكي الموت فيه حسب الشريعة الاسلامية )(1/11)
هنا اختلط الأمر على ايرفنغ فظن منكر ونكير هما الذان سلبا روحه منه وهو في الشريعة الاسلامية ملك الموت واحد فقط وهو عزرائيل. وربما يقصد ايرفنغ منكر ونكير ويقول حسب الشريعة الاسلامية بمعنى أن هذا الأمر ليس موجودا عندهم ولا يعترفون به أصلا.
ثم ختم المؤلف الكتاب بذكر خبر مرضه بعد ولده ابراهيم وأنه مرض بسبب الصراع الذي لازمه وأمر بانفاق المال الموجود عنده في البيت تم موته وما حدث من عمر وتهديده لمن يذكر بموت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم جاء الصديق واستآذن عائشة ودخل عليه وقبله وخطب في الناس ونعى اليهم خبر موته –صلى الله عليه وسلم- وما دار من أمر دفنه فالانصار يريدون أن يدفن في المدينة والمهاجرون يريدون مكة الا أن الصديق حزم الأمر بقوله سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أن الأنبياء حيث يقبضوا يدفنوا فدفن في بيت عائشة بجوار المسجد وذكر المؤلف كيفية الصلاة عليه وانهم لم يصلوا عليه بامام
ثم اختم الكتاب بالنتائج التي توصل اليها ثم الهوامش فالمراجع التي استند اليها والفهرس وان كانت الفهارس والهوامش من المؤلف لأنا ذكرنا ان لم يملى كتابه بالهوامش ونحن هنا نتكلم عن الكتاب بهيئته الحالية أمامنا فالمترجم حذف أشياء وأبقى أخرى وأضاف غير ذلك.
ومن بين الأخطاء التي وقع فيها ايرفنغ أنه نسب الى الرسول صلى الله عليه وسلم الكثير من الأشياء التي لا يجب أن تلحق به –صلى الله عليه وسلم- فمثلا عندما يذكر الأحاديث الوارده في غيرة النساء من قبل سؤال الرسول –صلى الله عليه وسلم- عائشة – رضي الله عنها- مازحا وقد شعرت بدنو أجله-صلى الله عليه وسلم- وما ضرك لوحت قبلى فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك ؟! قالت: والله لكأنى يك لو فعلت ذلك لقد رجعت الى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك!!
قالت: فتبسم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ونام بروجعه"
وما في امثال هذه الأحاديث الصحيحة(1/12)
اذ يصف ذلك ايرفنغ وامثاله ان جانبا من الوحى لم يكن الا تعبير عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهواه ورغبته الشخصية ويجعل ايرفنغ وامثاله اصحاب الفكر السنسطى أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أول من زيف ارادة الله تعالى في القرآن.
انهم عندما يقرؤون هذه الأحاديث يظنون ذلك فهذه الأحاديث تؤكد غيرة عائشة على النبي –صلى الله عليه وسلم- ولها الحق في ذلك أما انهم يطلقون عليها هذا الوصف فهذا أمر يهدم كل مصداقية الاسلام !!!!.
ثم يرجع ايرفنغ ويقع في حيرة من أمره عندما يقول: ان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لم يحصل على اى قائدة شخصية له من عبء النبوة والتي تحمل الصعاب من اجلها. وذلك فى الخاتمة.
اذ يعبر عن المشاعر الانسانية بأنها سقطات قيمية فقط وهو هنا يعارض نفسه أشد المعارضه فيما رمى له الرسول –صلى الله عليه وسلم- من تزييف ارادة الله تعالى!!
ونتج عن ذلك برأى وهو اتكالية الرسول –صلى الله عليه وسلم- على ريد هذه الاتكالية التي تختلف عن غيرها والتي تكون بعد تقديم الجهد والتعب والمشقة وليس الامتناع عن العمل كرراوين القدرية المتخاذلين بع الرسول –صلى الله عليه وسلم-
ويتحدث ايرفنغ عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- بعد كل ماسبق يقوله " انه من الصعب على المنكرين رسالته –صلى الله عليه وسلم- انكار صدمة توجيها قد وسموها أو انكار عظمة ثمار هذه التوجيهات التي قدمها للبشرية.
- يتناول ايرفنغ بين كل حين وآخر في الكتاب كلمة مخلصا فهو عندما يتحدث عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- نبي الاسلام كما يقول زفر الله خان. يذكرنا بمسيحته حيث انهم يطلقون تعبيرات ختصة لهم فهو من الحسن والحسين يطلق هذه اللفظة ولست أدري أهو يقصد ذكرها أم ينس ويذكرها.(1/13)
- هذا الكتاب كما قلنا يتناول فيه المؤلف سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم-كما هي موجودة عند ابن كثير وابن هشام ولكنه يضيف اليها من معارفه التي اكتسبها وهو يقول انه استند الى ابن كثير عند النقل ولم يعتمد على كثير من المصادر الغربية ولم يضف جديدا كما هو وأبهم بل ترك الأمر هكذا حتى لا ينقطع فكر القارىء وحتى تتسلسل الأحداث ويكون القارىء في ارتباط مع الأحداث الا أنه أتى ببعض التعارض الظاهرة خاصة فيما يرتبط بالتاريخ وقد قام دكتور هاني يحى نصرى بمقارنة هذه الأحداث التاريخية من خلال مصادرنا العربية والاسلامية أو اختزال –لما يقول- رواية ايرفنغ وان كنا –نرى- أنه لأمانة الترجمة والنقل ان يذكرها ويعلق عليها.
- والمؤلف يذكرأنه كتب هذا البحث على عدة مرات متقطعه ومن الذين آفادمنهم دكتور غستاف ويل. وهو يتول وآنا لم أضف جديدا ولا أدعى ذلك سواء في الحقائق ام في طرق البحث.
- ويقول ان المؤمن الذي آمن بالله ربا ليس في حاجة الى املاء الهوامش بالمراجع التي استعنت بها
ونحن نقول ان هذا الأمر لا يقيده وامثاله لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- لا يمثل عندهم الرمز المقدس أما نحن فهو يمثل لنا كل شىء فهو الرسول الخاتم والنبي الذي علم المتعلمين وهو شفيعنا وقائدنا.......
بدأ المؤلف الكتاب بملاحظات أساسية حول العرب وجزيرتهم وتناول تقسيمات العرب
وذكر أمر ولادته –صلى الله عليه وسلم- وما صاحب ذلك من فرح وبركة وذكر معجزات التطهير وعندما قدم صلى الله عليه وسلم على حليمة السعديه حدثت معجزات منها تكلم البغل الذي كان يركبه ونطق بأنه يحمل عليه مني وسجدت له الأغنام وتوقف المطر فور نظر الرسول –صلى الله عليه وسلم- وكل هذه الأشياء التي ذكرها المؤلف –أعني المعجزات- لم يرد ذكرها في كتب السيرة النبوية.(1/14)
ومن بين الخرافات والموضوعات التي ذكرها ايرفنغ ان النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما كان يرعى الغنم جاءه ملكان وشقا صدره صلى الله عليه وسلم ووضعا فيه السكينة واستخرجا نصيب الشيطان منه وهو يقول ان السكينه التى وضعت في صدر النبي –صلى الله عليه وسلم- كأنها وجه هرة بيضاء (1) وهذا النصيب هو المتعلق بالخطيئة التي ارتكبها آدم!!!
ويذكر المؤلف بعد ذلك زواجه من خديجة –رضي الله عنها- ومسلكه –صلى الله عليه وسلم- بعد الزواج وانه سمى بالصادق الأمين بين قومه وانه قام بحل النزاع القائم بين بني قومه ووصفه المؤلف بأنه حريق حول الكعبة
والصحيح أنهم أرادوا بتاء الكعبة لأن السيول كانت تاتي من فوقها فلييست هناك حرائق كما يزعم ايرفنغ
والعجيب أن ايرفنغ يذكر اسطورة حبيب بن مالك وهو انه ذهب اليه وأراد أن يأتى بعلامة النبوة منه –صلى الله عليه وسلم- فشفى له نيته والعجيب في ذلك أن ايرفنغ نفسه يسميها أسطورة!!
ثم تتوالى الأحداث ونأتي الى معجزة الاسراء والمعراج نقد دارت حولها مناقشات ساخنه وهل هي كانت بالروح فقط ام بالروح والجسد معا؟
(1) انظر في ذلك دكتور محمد محمد أبو شهبة: الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ص طبعة مكتبة السنة.(1/15)